وهذه المسألة تشبه إلى حد كبير مسألة تواتر نقل القرآن الكريم، فإن بعض الروايات تذكر أن عدد من جمع القرآن الكريم كاملا في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربعة فقط، أو سبعة بجمع القراء المذكورين في ثلاث روايات ذكرها البخاري، رحمه الله، في صحيحه، وهذا جمع لا يتحقق به التواتر، فكيف يصح إذن القول بتواتر القرآن؟
والجواب:
أولا: أن النص على من تقدم لا يعني نفي جمع القرآن عن غيرهم، وإنما اتصلت الأسانيد إلى أولئك، (من جهة رواية المصحف كاملا)، ولم تتصل إلى الباقين، وقد تفرق الصحابة، رضي الله عنهم، في الأمصار، وأتم كثير منهم الحفظ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فعدد الحفظة يقينا أكثر من ذلك بكثير، بدليل مقتل سبعين منهم في يوم بئر معونة في عصر الرسالة، ومقتل مثلهم يوم اليمامة، فهذا دليل مؤكد على أن كثيرا من الصحابة، رضي الله عنهم، أتموا حفظ القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعد وفاته، ولكنهم لم يتصدوا لإقراء الناس، ولذلك لم تتصل الأسانيد إليهم اتصالها إلى أولئك الذين تصدوا للإقراء.
وثانيا: وهو الشاهد في هذا الموضع: أن التواتر المقصود هو تواتر حفظ الآيات، وليس من شرط ذلك، كما ذكر الماوردي رحمه الله، أن يكون كل راو حافظا للقرآن بأكمله، بل لو حفظ القرآن الكريم متواترا على التوزيع لكفى، فيحفظ هذا ما لا يحفظ ذاك، ولكن في النهاية يكون لكل آية: جمع من الحفاظ يصل إلى عدد التواتر، وهكذا في مسألة شذوذ بعض ألفاظ القراءات المعروفة، وهي ألفاظ قليلة، فإنه لا يلزم أن يكون اللفظ في جميع القراءات متواترا، بل قد يكون متواترا في قراءة آحادا في قراءة أخرى، وتكون جميع ألفاظ القرآن في آخر الأمر متواترة ولو لم يقع التواتر بأكمله في قراءة واحدة، إذ يكفي أن تكون متواترة من طريق معتبر ولا يشترط اتحاد جهة التواتر، تماما كما قال بعض أهل العلم في مسألة هل البسملة آية من القرآن أو ليست بآية، إذ رجح كونها آية في قراءة وليست بآية في قراءة أخرى، فتكون متواترة في قراءة، غير متواترة، بل ليست قرآنا في قراءة أخرى.
والله أعلم.
*****
ومن مسائل هذا المبحث:
مسألة: هل يجوز الاحتجاج بالقراءات غير المتواترة، بمعنى هل يجوز الاستدلال بها في مسائل الأحكام؟
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة:
فذهب جمع من الأصوليين إلى عدم جواز الاحتجاج بها، لأن راويها رواها على أنها قرآن، فلما ثبت أنها ليست بقرآن، سقط الاحتجاج بها.
وذهب الأحناف، رحمهم الله، إلى جواز الاحتجاج بها كخبر آحاد، لأن عدم ثبوتها متواترة، لا يخرجها عن كونها مروية عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كخبر آحاد، ولكنهم اشترطوا مع ذلك، أن يكون الخبر مستفيضا، كما قرر ذلك السرخسي رحمه الله في "المبسوط"، وعليه استدلوا بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، في إيجاب التتابع في صيام كفارة اليمين، فقيدوا بها مطلق الصوم في القراءة المتواترة: (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)، ولم يأخذوا بقراءة أبي رضي الله عنه: (فعدة من أيام أخر متتابعات)، في صيام القضاء، وعليه يجوز تفريق أيام قضاء رمضان، ولا يشترط تتابعها، وإن كان الأولى أن يقضيها متتابعة لتكون صورة القضاء مماثلة لصورة الأداء.
وذهب المالكية، رحمهم الله، كما نقل ذلك القرطبي رحمه الله، صاحب المفهم، إلى عدم الاحتجاج بالقراءة غير المتواترة، إذا لم يرفعها ناقلها إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا إجماع عندهم، وأما الخلاف بينهم، فقد وقع في القراءة التي رفعها قائلها إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمنهم، من احتج بها كخبر آحاد، ومنهم من ردها، كابن العربي، رحمه الله، الذي أطلق القول بأنها لا تفيد علما ولا عملا، والصحيح عندهم، جواز الاحتجاج بها على أنها خبر آحاد.
وذهب الحنابلة، رحمهم الله، إلى الاحتجاج بها إذا صح رفعها إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما نقل ذلك ابن قدامة رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الشافعي، رحمه الله، فقد نقل عنه النووي، رحمه الله، في شرح مسلم، والآمدي، عدم الاحتجاج بها، بخلاف ما نقل عنه البويطي، رحمه الله، في مختصره من أنه يوافق المالكية في الاحتجاج بها، إن صح السند إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولعل الاختلاف في النقل عنه تبع لاختلاف مذهبيه: القديم في العراق والجديد في مصر، واستدل الشافعية، رحمهم الله، على مذهبهم بعدة أدلة، منها:
أن عائشة، رضي الله عنها، حدت الرضاع المحرم، بخمس رضعات، كما جاء عند مسلم، وأبي داود، والنسائي: (كان فيما نزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن)، فالمعنى: تأخر نسخ هذا الحكم، حتى توفي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهن فيما يقرأ، لعدم العلم بنسخهن، ويظهر من الرواية أن عائشة، رضي الله عنها، نسبت هذا الحكم إلى القرآن، والقرآن لا يسمع إلا من فِيِ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فدل ذلك على اتصال السند، وفي هذا رد على أن من أنكر هذا الحكم، محتجا بأن القرآن لا يثبت إلا متواترا، فهذا صواب، ولكنه لا يمنع من الاحتجاج بهذه القراءة، بعد أن تبين اتصال سندها، مع التسليم بأنها ليست قرآنا، وهذا مذهب عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، وإحدى الروايات عن عائشة، رضي الله عنها، وعبد الله بن الزبير، رضي الله عنه، وعطاء، وطاووس، والشافعي، وأحمد في ظاهر مذهبه، وابن حزم، وأكثر أهل الحديث. رحم الله الجميع.
واستدلوا أيضا بحديث: (لأقضين بينكما بكتاب الله)، حيث قضى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في واقعة الأجير الذي زنى بامرأة مستأجره، بجلده مائة وتغريبه سنة، ورجمها، إن اعترفت، والرجم، كما هو معلوم، منسوخ التلاوة، باقي الحكم، ومع ذلك نسبه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى القرآن.
وأما الماوردي، الشافعي، رحمه الله، فقد قال بأن القراءة الشاذة، قد تأتي لبيان حكم، كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فاقطعوا أيمانهما)، فهي مبينة لقوله تعالى: (فاقطعوا أيديهما)، فهذه يحتج بها، وقد تأتي لابتداء حكم، كقراءة: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، فهذه لا يحتج بها، وهو: قول ضعيف.
وقد تعقب الشافعي، رحمه الله، لأنه لم يقل بوجوب التتابع في كفارة اليمين، مع أن ابن مسعود، رضي الله عنه، نسب ذلك إلى القرآن الكريم، في قراءة: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، ولم يقل بأن الصلاة الوسطى، هي صلاة العصر، مع أن عائشة رضي الله عنها، نسبت هذا الحكم للقرآن، في قراءة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر)، كما عند مسلم، رحمه الله، وعلى الجانب الآخر، أخذ، بقراءة: (لقبل عدتهن)، في الاستدلال على أن القرء هو الطهر، وأخذ بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فاقطعوا أيمانهما)، وقراءة: (إن كان له أخ أو أخت من أم)، في بيان معنى الكلالة، فما الفرق، وكلها قراءات آحاد، نسبها قائلوها إلى القرآن الكريم، فَلِم عمل بالبعض وأعرض عن البعض الآخر؟.
وقد دافع الهرافي، رحمه الله، عن عدم احتجاج الشافعي رحمه الله، بقراءة: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)، باحتمال أن يكون ابن مسعود، رضي الله عنه، قد تراءى له هذا الحكم أثناء القراءة، فتكون هذه القراءة، هي مذهبه، فتجري مجرى القراءة التفسيرية، ورد الأحناف رحمهم الله، على هذا الاعتراض، وهم الذين أخذوا بهذه القراءة لاشتهارها فقالوا: كيف يخلط ابن مسعود، رضي الله عنه، بين ما هو قرآن، وما هو ليس بقرآن؟، فرد عليهم الشافعية رحمهم الله، بقولهم: أنتم تقولون بأنه من المحتمل أن تكون هذه القراءة، قرآنا نسخ واندرست حروفه، وبقي حكمه، فكيف يخلط ابن مسعود بين ما هو منسوخ، وما هو غير منسوخ؟، فهو نفس اعتراضكم علينا، لأنه، على قولكم، يكون، أيضا، قد خلط بين ما هو قرآن، وما هو غير قرآن، فالمنسوخ ليس قرآنا بالإجماع، والله أعلم.
وخلاصة هذه المسألة، كما قررها الماوردي رحمه الله:أن قراءة الآحاد، يحتج بها، كخبر آحاد، في حالتين:
أولا: إن نسبها قائلها إلى القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: أو نسبها إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأما إذا لم ينسبها إلى القرآن، أو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنها تعامل معاملة تفسير الصحابي، وتفسيره موقوف عليه، إلا فيما كان بيانا لسبب نزول فإنه يأخذ حكم الرفع، كما هو مقرر في علم المصطلح.
وقول الصحابي حجة عند بعض العلماء إذا اشتهر ولم يعلم له مخالف فيكون السكوت عنه بمنزلة: "الإجماع السكوتي"، وقد تقرر في الأصول أن: السكوت في موضع البيان بيان، فكذلك السكوت في موضع الإنكار بيان، لأن كتمان العلم لا يجوز في حق أهل التواتر، أيا كانوا، فكيف إذا كان أهل التواتر: الصحابة، رضي الله عنهم، خير طباق الأمة.
والله أعلم.
*****
ومن فوائد القراءات عموما سواء أكانت متواترة أم آحادا:
استنباط الأحكام الشرعية منها، ومن أمثلة ذلك:
قراءة: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما)، فهي مبينة لأحد أوجه الإجمال في قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا).
وسبق ذكر بعض الأمثلة في المشاركة الماضية.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، في "فضائل القرآن": "المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها، كقراءة عائشة وحفصة: والصلاة الوسطى صلاة العصر، وقراءة ابن مسعود: فاقطعوا أيمانهما، وقراءة جابر: فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم. قال: فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن، وقد كان يروى مثل هذا عن التابعين في التفسير فيستحسن، فكيف إذا روى عن كبار الصحابة ثم صار في نفس القراءة فهو أكثر من التفسير وأقوى، (لأن له حكم خبر الآحاد، كما تقدم، وخبر الآحاد مقدم بالإجماع على الاجتهاد بالرأي في تفسير القرآن)، فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل". اهـ
بتصرف نقلا عن الإتقان للسيوطي رحمه الله.
ومن فوائدها أيضا:
استنباط الأحكام النحوية في علم النحو، ومن أمثلة ذلك:
قراءة: (من أوسط ما تطعمون أهاليكم)، بسكون الياء، فالقراءة المشهورة: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)، والقياس في: "أهاليكم"، أن تظهر علامة النصب على الياء، لخفتها، فتكون القراءة: أهالِيَكم"، كما تقول: رأيت القاضيَ، لأن الاسم المنقوص يظهر فيه النصب لخفته، فدلت هذه القراءة على وجه آخر في الاسم المنقوص، وهو: جواز إجراء النصب فيه مجرى الرفع والجر، فيكون بعلامة مقدرة، فكما تقول: جاء القاضي، ومررت بالقاضي، دون إبراز لعلامة إعراب لثقلها على الياء، تقول: رأيت القاضي دون إبراز علامة النصب كما تقدم.
بتصرف من: "منحة الجليل"، (1/ 71).
وقراءة: (من لدني)، في قوله تعالى: (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا)، بتخفيف نون: "لدني"، فقد استدل بها على جواز حذف نون الوقاية، وهي لغة قليلة، والأفصح إثباتها، كما ذكر ذلك ابن عقيل، رحمه الله، في شرح الألفية.
بتصرف من: "منحة الجليل"، (1/ 98).
وقراءة: (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا)، بتشديد نون: "اللذان"، فيكون التشديد عوضا عن الياء المحذوفة في الصيغة الدالة على المفرد: "الذي".
بتصرف من: "منحة الجليل"، (1/ 119).
وقراءة: (ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ)، برفع: "أحسنُ"، وهي قراءة يحيى بن يعمر، رحمه الله، فتكون شاهدا لجواز حذف صدر جملة الصلة مع غير "أي" الموصولة، وإن لم تطل، فيكون تقدير الكلام: تماما على الذي هو أحسنُ، فحذف صدر الصلة أو المبتدأ: "هو"، والقياس: عدم جواز ذلك مع غير "أي" إن لم تطل جملة الصلة.
ومثلها قراءة مالك بن دينار وابن السماك رحمهما الله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً)، برفع: "بعوضةٌ"، فتقدير الكلام: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا الذي هو بعوضة فما فوقها، فحذف: "هو"، مع قصر جملة الصلة.
ومثله قول الشاعر:
لا تنو إلا الذي خير فما شقيت ******* إلا نفوس الألى للشر ناوونا
فتقدير الكلام: إلا الذي هو خير.
وقول الآخر:
من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه ******* ولا يحد عن سبيل المجد والكرم
فتقدير الكلام: لم ينطق بما هو سفه.
(يُتْبَعُ)
(/)
"منحة الجليل"، (1/ 139).
وقراءة أبي جعفر: (لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ): (لِيُجْزَى قوماً بما كانوا يكسبون)، ببناء الفعل "يجزي" لما لم يسم فاعله، ونصب "قوما" على المفعولية، وإقامة الجار والمجرور: "بما كانوا" مقام نائب الفاعل، فقد استدل بها الكوفيون، ومعهم الأخفش، رحمه الله، على جواز إقامة غير المفعول به مقام نائب الفاعل، مع وجوده، خلافا للبصريين الذين منعوا ذلك، فلا يجوز إقامة غير المفعول مع وجوده، وردوا على استدلال الكوفيين والأخفش بوجهين:
الوجه الأول: أن الجار والمجرور ليس هو نائب الفاعل، ولكن نائب الفاعل ضمير مستتر يعود إلى مصدر يجزي وهو "الجزاء"، أي: ليجزى الجزاءُ.
والوجه الثاني: أن هذه القراءة شاذة، والقراءة الشاذة لا تصلح للاحتجاج بها، لأنها تشبه ما قد يكون من ضرورات الشعر، وقد ضعف الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله، هذا القول.
"شرح شذور الذهب مع حاشية منتهى الأرب"، ص194.
فهذه القراءة، وإن كانت شاذة إلا أنها قد صدرت ممن يحتج بكلامه، فهي لا تخرج عن كونها خبر آحاد، والجمهور على جواز الاحتجاج بالحديث الشريف في مسائل علم النحو، على تفصيل في ذلك، فهي لا تخرج من دائرة الاحتجاج، وإن لم تثبت قرآنا.
والخطب في مسائل اللغة أيسر منه في مسائل الأحكام.
وقراءة: (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً)، برفع: "صيحةٌ"، وجعل: "كانت" تامة، فالمعنى: إن وجدت إلا صيحةٌ واحدة، فالقياس: إن كان إلا صيحة واحدة، بتذكير الفعل "كان"، لأن المرفوع "صيحةٌ"، وإن كان مؤنثا إلا أنه مفصول عن الفعل بـ: "إلا"، فهو عند التحقيق بدل من مرفوع مذكر تال للفعل، فتقدير الكلام: إن كان شيء إلا صيحة واحدة، ومع ذلك أُنِث الفعل، فدل ذلك على جواز التأنيث في مثل هذه الصورة، وإن كان مرجوحا، في مقابل التذكير الراجح، على التفصيل المتقدم.
وكذلك قراءة: (فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ)، بتأنيث الفعل "تُرى"، فتقدير الكلام: فأصبحوا لا يرى شيء إلا مساكنهم، فتكون: "مساكنهم" بدلا من المرفوع المذكر: "شيء"، ومع ذلك أُنِث الفعل، فدل ذلك، أيضا، على جواز التأنيث في مثل هذه الصورة، وإن كان مرجوحا، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في المثال السابق.
"شرح شذور الذهب"، ص206.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 11 - 2008, 09:14 ص]ـ
ومع مسألة المحكم والمتشابه:
أولا: تعريفهما:
تعريف المحكم لغة:
ذكر الزركشي، رحمه الله، في "البرهان": أن أصله لغة المنع، فتقول: أحكمت بمعنى رددت، وسمي الحاكم حاكما لأنه يمنع الظالم من ظلمه، ومنه حكمة اللجام، وهي التي تمنع الفرس من الاضطراب.
ومنه قول جرير:
أبني حنيفة أحكموا سفهائكم ******* إني أخاف عليكم أن أغضبا.
أي: امنعوا سفهائكم.
واختار بعض أهل العلم معنى: "الإتقان"، فقال: المحكم: اسم مفعول من أحكم، أي أتقن، يقال: بناء محكم، أي متقن، لا وهن فيه ولا خلل.
تعريف المتشابه لغة:
اسم فاعل من تشابه، أي أشبه بعضه بعضا، وذكر الزركشي، رحمه الله، أن أصله أن يشتبه اللفظ في الظاهر مع اختلاف المعاني.
وأما اصطلاحا، فقد اختلفت آراء العلماء في تعريف المحكم والمتشابه، ومن أبرز ما قيل في هذه المسألة:
أن المحكم: ما عرف المراد منه، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة والحروف المقطعة في أوائل السور، وهذا قول القرطبي رحمه الله.
وقيل المحكم: ما لا يحتمل إلا وجها واحدا، والمتشابه: ما احتمل أوجها. اهـ، فعلى هذا القول يكون لفظ: (ثلاثة) في قوله تعالى: (ثلاثة قروء): محكما لأنه لا يحتمل إلا معنى واحدا، وهو العدد ثلاثة، فهو نص لا يقبل الاحتمال، وأما لفظ (قروء)، فهو، على هذا القول، من المتشابه، لأنه مشترك لفظي يحتمل أكثر من معنى، فهو يأتي بمعنيين متضادين: "الطهر والحيض".
والأضداد من أكثر المواضع إجمالا واشتباها فهي تحتاج إلى بيان واف لاحتمال اللفظ معنيين لا يمكن اجتماعهما أبدا في نفس الوقت من نفس الجهة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والخلاف في هذه المسألة مبسوط في كتب الفقه، حيث رجح الأحناف، رحمهم الله، معنى الحيض، ورجح الجمهور معنى الطهر.
وقيل المحكم: ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره. اهـ، وعليه تكون آيات صفات الله عز وجل: "محكمة المعنى"، وإن كانت كيفيتها، من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، كما أشار إلى ذلك الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، في معرض مناقشته لقول ابن قدامة، رحمه الله، بأن آيات الصفات متشابهة، فإطلاق الاشتباه عليها: إطلاق مجمل يحتاج إلى بيان، وبيانه: أنها محكمة المعنى متشابهة الكيفية، وعلى هذا القول، يكون قوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم)، من المتشابه، لأنه يحتمل الظلم بمعناه العام، ويحتمل الشرك خاصة، فاحتاج هذا اللفظ إلى غيره (وهو تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم، للظلم في هذه الآية بأنه: الشرك، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)، ليظهر معناه المراد.
وقيل المحكم: هو آيات الأحكام، والمتشابه هو: القصص والأمثال.
وقيل المحكم: هو الناسخ، والمتشابه: هو المنسوخ.
وقيل المحكم: هو ما اتصلت حروفه، والمتشابه: ما تقطعت حروفه، كالحروف المقطعة في أوائل السور، ويصف بعض أهل العلم، هذا القول، بأنه رأي ضعيف، فكم من الكلمات التي اتصلت حروفها، ولا معنى لها، فقد يجمع الإنسان حروفا متعددة في لفظ واحد، كـ: "ديز" مقلوب زيد، ولا يظهر من هذا اللفظ معنى مفيد، والله أعلم.
وأما تعريف المحكم عند الأصوليين، فهو: اللفظ الذي ظهرت دلالته بنفسه على معناه ظهورا قويا على نحو أكثر مما عليه "المفسر"، ولا يقبل التأويل ولا النسخ. فهو، كما يقول صاحب "الوجيز" لا يحتمل التأويل، لأن وضوح دلالته بلغ حدا ينتفي معه أي احتمال للتأويل. وهو لا يقبل النسخ، لأنه:
إما أن يدل على حكم أصلي لا يقبل بطبيعته التبديل والتغيير، كالنصوص الواردة في الإيمان بالله واليوم الآخر والرسل، وتحريم الظلم، ووجوب العدل ونحو ذلك، فيكون من المحكم لذاته.
وإما أن يقبله بطبيعته، ولكن اقترن به ما ينفي احتمال نسخه، كحديث عروة البارقي، رضي الله عنه، مرفوعا: (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ)، فهو نص مؤبد لا يقبل النسخ أو التغيير. فالجهاد ماض إلى يوم القيامة وإن خذل المخذلون وأرجف المرجفون، ولكن له، كبقية أحكام الشرع، ضوابط محكمة لا تخضع لعاطفة متقلبة أو هوى جامح.
ثم ذكر صاحب "الوجيز"، تقسيما آخر، للمحكم، فهو إما أن يكون:
محكما لعينه: وهو يشمل النوع السابق (أي الذي اقترن بما يدل على نسخه).
وإما أن يكون محكما لغيره: وهو المحكم لانقطاع الوحي بموته عليه الصلاة والسلام، وهو يعم جميع الأحكام الشرعية لأنه لا نسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والمحكم يأتي في المرتبة الأولى من مراتب واضح الدلالة، ويليه المفسر، ثم النص، ثم الظاهر.
وجدير بالذكر أن الزركشي رحمه الله، قد ذكر الخلاف في هذه المسألة على 13 قولا.
*****
ومع مسألة: الإحكام والتشابه العام:وقد فصل الحسين بن محمد النيسابوري، رحمه الله، القول في هذه المسألة كما حكاه عنه الزركشي فقال:
أولا: وصف الله عز وجل آيات القرآن كلها بأنها محكمة، في مواضع منها قوله تعالى: (كتاب أحكمت آياته). اهـ، أي أتقنت، فيكون معنى الإحكام العام في هذه الآية، الإتقان، الذي يشمل كل آيات القرآن.
ثانيا: وصف الله عز وجل آيات القرآن كلها بأنها متشابهة، في مواضع منها قوله تعالى: (كتابا متشابها). اهـ، أي أنه متشابه في المثلية والإتقان، وهذا هو معنى التشابه العام، فآيات القرآن كلها متشابهة من حيث الإتقان.
ثالثا: أن منه محكما ومنه متشابها، لقوله تعالى: (منه آيات محكمات هن أم الكتاب). اهـ، وعليه وقع الخلاف في تعريف المحكم والمتشابه اصطلاحا.
*****
ومع مسألة: القول في تفسير قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)، وهل الواو في قوله تعالى: (والراسخون في العلم)، عاطفة، أم استئنافية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد رجح ابن قدامة رحمه الله، في "روضة الناظر"، أن الواو استئنافية، وقال بأنه الأصح من جهة السياق وقواعد اللغة، لما يلي:
أولا: أنه لو كانت الواو عاطفة، لوجب أن يكون سياق الكلام: "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، ويقولون آمنا به"، وهو خلاف سياق الآية: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به).
ثانيا: أنه لو كان الراسخون في العلم، يعلمون تأويله، لكان ابتغاء التأويل محمودا، ولكن الله عز وجل ذم ابتغاء التأويل في صدر الآية: (فأما الذين في قلوبهم مرض فيتبعون ما تشابه منه)، فوصف متبعي التأويل بأنهم مرضى القلوب، وكذا ذمه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في حديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم".
وهم الذين قال عنهم ابن عباس، رضي الله عنهما، كما روى الآجري، رحمه الله، في "الشريعة: "يؤمنون بمحكمه، ويضلون عند متشابهه، وقرأ: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به) ". اهـ
"الشريعة"، ص27.
ثالثا: ولأن قولهم: (آمنا به)، يدل على نوع تفويض وتسليم لما لم يقفوا على معناه، لا سيما إذا وقد أتبعوه بقولهم: (كل من عند ربنا) فذكرهم ربَهم هنا يفيد الثقة به والتسليم لأمره، وأنه جاء من عنده كما جاء المحكم.
رابعا: ولأن لفظة (أما) تفريعية لتفصيل المجمل، فذكره لها في الذين في قلوبهم زيغ مع وصفه إياهم بإتباع المتشابه وابتغاء تأويله يدل وجود على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة وهم الراسخون في العلم الذين يؤمنون بالمتشابه ويردونه إلى محكمه.
ومما يؤيد أن الواو استئنافية، لا عاطفة في قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)، دلالة الاستقراء في القرآن، ذلك أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئا وأثبته لنفسه، عز وجل، فقد دل الاستقراء، كما يقول الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، في "أضواء البيان"، أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك، كقوله تعالى: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله)، والقصر في الآيتين قد جاء بأقوى أساليب القصر: (النفي بـ: "ما" في الآية الأولى، و "لا" في الآية الثانية، والاستثناء بـ: "إلا").
ويقول الخطابي رحمه الله: لو كانت الواو في قوله تعالى (والراسخون)، للنسق، أي العطف، لم يكن لقوله تعالى: (كل من عند ربنا) فائدة، فالمعنى، والله أعلم، كيف يفوضون علم ما علموه؟.
ويقول الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، في "أضواء البيان"، بأن القول بأن الوقف تام على قوله تعالى: (إلا الله) وأن قوله تعالى: (والراسخون في العلم) ابتداء كلام، هو قول جمهور العلماء، وممن قال بذلك عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وابن مسعود وأبي بن كعب وغيرهم كثير.
وممن حرر الخلاف في هذه المسألة فأجاد، الشيخ مناع القطان، رحمه الله، في "المباحث"، حيث ذكر الخلاف في هذه المسألة، فقال ما ملخصه:
أولا: ذهب الجمهور، إلى أن الواو في قوله تعالى: (والراسخون في العلم) للاستئناف، وقد سبق في كلام الشنقيطي رحمه الله.
ثانيا: وذهب بعض العلماء وعلى رأسهم مجاهد، رحمه الله، إلى أن الواو عاطفة، فقد روي عنه أنه قال: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، أقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها، واختار هذا القول النووي رحمه الله، فقال في شرح مسلم: "إنه الأصح لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته"، ويَرِدُ على كلام النووي رحمه الله: أن لله عز وجل أن يمتحن خلقه بما شاء، فلا مانع أن يمتحنهم بالإيمان بما لا يعلمون معناه، ولا أدل على ذلك من الحروف المقطعة، في أوائل السور، فالجمهور على أنها مما استأثر الله عز وجل بعلمه. # وأجيب بأن بعض أهل العلم ذكر للحروف المقطعة معان:
ثم حرر، رحمه الله، الخلاف في هذه المسألة بناء على تعريف التأويل، فقد اختلف العلماء في تعريفه، على ثلاثة أقوال:
أولا: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو اصطلاح أكثر المتأخرين.
ثانيا: التفسير، وهو اصطلاح الطبري، رحمه الله، في تفسيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثا: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، فتأويل ما أخبر الله به عن ذاته وصفاته هو حقيقة ذاته المقدسة وما لها من حقائق الصفات، وتأويل ما أخبر الله به عن اليوم الآخر هو نفس ما يكون في اليوم الآخر، ومن ذلك:
قوله تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا)، فالتأويل في هذه الآية هو وقوع المخبر به، وهو يوم القيامة، وساعتها يندم المكذبون للرسل عليهم الصلاة والسلام ويسألون الشفاعة، ويتمنون الرجوع إلى الدنيا ليستكثروا من الصالحات، ولكن هيهات هيهات!!!.
وقوله تعالى: (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ)، فيوسف صلى الله عليه وسلم قال هذا بعد وقوع الرؤيا التي حكاها لأبيه في أول السورة.
ويشمل التأويل بهذا المعنى، أيضا، الامتثال: بالفعل إن كان أمرا، والترك إن كان نهيا، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"، يتأول القرآن، تعني قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا)، فرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، امتثل الأمر بفعل مقتضاه.
وبناءا على ما سبق، يجمع بين القولين، بما يلي:
أولا: من قال بأن الواو للاستئناف، إنما عنى بذلك، المعنى الثالث للتأويل، وهو حقيقة الأمر المخبر به، لأنه غيب لا يعلمه إلا الله.
ثانيا: ومن قال بأن الواو للعطف، فأدخل الراسخين في العلم، إنما عنى المعنى الثاني، وهو التفسير، فتفسير ألفاظ صفات الله عز وجل، ومعرفة معانيها المطلقة التي تدل عليها على سبيل المثال: مما يعلمه العلماء الراسخون في العلم، وإن كانت الكيفية مجهولة، والله أعلم.
*****
ومع مسألة: أنواع المحكم:
فقد أشار إلى ذلك بعض أهل العلم فقال:
المحكم درجات في وضوحه، ومن أجل ذلك يتفاوت الناس في استيعابه كله وفهمه والإحاطة بمعانيه ومدلولاته، فهو ينقسم إلى قسمين:
أولا: الواضح الذي يستطيع كل إنسان فهمه، إذا كان عارفا باللغة العربية، وهو الوجه الأول من أوجه التفسير عند ابن عباس رضي الله عنهما: الوجه الذي تعرفه العربُ من كلامها.
ثانيا: وهناك آيات أخرى لا يدرك مدلولها إلا العلماء الواقفون على أسرار العربية، القادرون على الإفادة من قواعد الاستنباط وأصول الفقه وقواعد البلاغة، فهو عند من ألم بهذه العلوم: محكم، وعند من جهلها: متشابه، فالتشابه فيه: نسبي لا مطلق، فلفظة: "مُدْهَامَّتَانِ"، على سبيل المثال، تكون على هذا التقسيم: محكمة عند من عرف أن معناها: مخضرة شديدة الخضرة ضاربة إلى السواد، وهو معنى لا يفطن إليه كل أحد، وتكون متشابهة عند من لا يعرف معناها، فالتشابه فيها نسبي لا مطلق، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
*****
ومع مسألة: أنواع المتشابه:وهو، أيضا، درجات، كما يقول بعض أهل العلم، فبعضه أشد تشابها من بعض، وقد توسع فيه بعض العلماء، الذين يقولون بأن المتشابه يمكن معرفة معناه، حتى جعلوا، كما سبق، الكلمة الغريبة التي يكشف عن معناها في كتب غريب القرآن، أو معاجم اللغة، من المتشابه، لخفاء معناها عن كثير من الناس.
التقسيم الأول:
وقد ذكروا فيه أن المتشابه ثلاثة أنواع:
أولا: متشابه من جهة اللفظ: وهو الذي أصابه الغموض بسبب اللفظ وهو نوعان:
نوع يرجع إلى الألفاظ المفردة: وذكروا له ضربين:
ضرب يرجع إلى الغرابة: مثل (الأب) في قوله تعالى: (وفاكهة وأبا).
وضرب يرجع إلى الاشتراك اللفظي، وهو: استخدام اللفظ الواحد لأكثر من معنى على سبيل البدل فلا يدل على جميع معانيه دفعة واحدة لتباين حقائقها، كلفظ العين، على سبيل المثال، فهو يطلق على: عين الماء، وعين الإنسان، والذهب، والجاسوس، ومنه: قوله تعالى: (ثلاثة قروء)، فالقرء يطلق على الضدين (الطهر والحيض)، وبناءا عليه حدث الخلاف الشهير بين العلماء في عدة المطلقة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ولا شك أن هذا الضرب، هو من المتشابه عند من توسع في إطلاق التشابه، ولعل هذا الخلاف الفقهي، هو الذي جعلهم يطلقون عليه وصف التشابه، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونوع يرجع إلى جملة الكلام المركب، وذكروا لذلك ثلاثة أضرب:ضرب ينشأ عن اختصار الكلام.
وضرب ينشأ عن بسط الكلام.
وضرب ينشأ بسبب نظم الكلام.
ثانيا: متشابه من جهة المعنى: وهو الذي أصابه الغموض بسبب المعنى نفسه، وقد ذكر الراغب الأصفهاني، رحمه الله، في "مفرداته" أن منه أوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة، وينبغي أن يقيد الأمر في مسألة أوصاف الله، عز وجل، بأنها متشابهة الكيفية، لا المعنى، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فمعناها اللغوي واضح لا إشكال فيه، وممن نبه على ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، حيث ذهب إلى أن اعتبار آيات الصفات من المتشابه غلط، وإن كان قد قرر أن حقيقة ما تدل عليه الآيات من حقائق الأسماء والصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، فقال: "وأما حقيقة ما دل عليه ذلك من حقائق الأسماء والصفات فهذا من تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله". فقيد التشابه بالحقائق لا المعاني الكلية المطلقة التي تدركها العقول بلا إشكال.
التقسيم الثاني:
وذكروا للمتشابه تقسيما آخر من حيث إمكانية معرفته، فقالوا: إنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولا: قسم لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة.
ثانيا: قسم للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة.
ثالثا: وقسم متردد بين الأمرين، يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم ويخفى على من دونهم.
وهذا التقسيم مستفاد من كلام الشيخ الدكتور: محمد لطفي الصباغ في: "لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير".
*****
ومع مسألة: المنحرفين والمتشابه:
وهي تتضح بذكر أمثلة من سلوك المنحرفين في تناول المتشابهات:
أولا: منهج مؤولة الصفات، وجلهم من المتأخرين، الذين اعتمدوا تعريف التأويل على أنه: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، وعليه صرفوا ألفاظ آيات الصفات عن معانيها الظاهرة المتبادرة إلى الذهن، إلى معان أخرى مرجوحة لأمور ظنوها قرائن تصلح في هذا المقام، مبناها تنزيه الخالق عز وجل عن مشابهة خلقه، فقالوا: (استوى) بمعنى: (استولى) وأولوا صفة الوجه على أنها الذات، وصفة اليد على أنها القدرة والقوة والنعمة، وهكذا، ولو التفتوا إلى حقيقة، أن الاشتراك في التسمية لا يلزم منه الاشتراك في المسمى، فليس معنى أن لله عز وجل يد، وللإنسان يد، أنهما متماثلتان، لمجرد إطلاق لفظ "اليد" على كليهما، وحقيقة: أن الكلام في الصفات، فرع على الكلام في الذات، فكما أن ذات الخالق عز وجل لا تشابه ذوات مخلوقاته، فكذا صفاته، لا تشابه صفات مخلوقاته، لو التفتوا إلى هاتين الحقيقتين، لما وقعوا فيما وقعوا فيه من التأويل بداعي التنزيه.
ثانيا: منهج الباطنية: وهؤلاء اعتمدوا على تأويلات باطلة، لا تمت للنصوص الشرعية بصلة، منها:
ما ذكره ابن الجوزي، رحمه الله، نقلا عن غلاة الشيعة الذين يعتقدون بعقيدة التناسخ الباطلة وينكرون القيامة، ونقل عنهم قولهم: "وأما النفوس المنكوسة المغموسة في عالم الطبيعة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة المعصومين فإنها أبدا في النار، على معنى أنها تتناسخ في الأبدان الجسمانية وكلما فارقت جسدا تلقاها آخر واستدلوا بقوله تعالى: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) ".
ونقل عنهم أيضا أنهم يفسرون الصيام بالإمساك عن كشف السر، ويفسرون البعث يوم القيامة بالاهتداء إلى مذاهبهم.
ومما نقل عنهم، أنه يفسرون الجنابة، بأنها إفشاء السر، وليست الجنابة، بمعناها الشرعي، عند جماهير المسلمين، والله أعلم.
بل وذهب بعضهم إلى تفسير الحروف المقطعة على أنها رموز لكلمات يستدلون منها على أحقية علي، رضي الله عنه، بالخلافة، بل استدل بعضهم على أن عليا كان أحق بالرسالة من محمد صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله.
وذهب فريق ثان إلى تفسير هذه الحروف بحساب الجمل واستنتجوا من ذلك وقت قيام الساعة ........ إلخ من الهذيان الباطل.
وأما انحراف الخوارج في اتباع المتشابه فعنه يقول الآجري رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ومما تتبع الحرورية من المتشابه قول الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ويقرأون معها: (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) فإذا رأوا الإمام يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر، ومن كفر عدل بربه فقد أشرك فهؤلاء الأئمة مشركون، فيخرجون فيفعلون ما رأيت؛ لأنهم يتأولون هذه الآية". اهـ
ومثله ضلالهم في اتباع المتشابه من آيات نفي الشفاعة، فيأخذون بقوله تعالى: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)، و: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ)، و: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ)، ويجعلونها في حق أصحاب الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مع أنها وردت في سياق الكلام على الكفار المخلدين في جهنم، فهم الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين يوم القيامة، وهم الذين يقولون حينئذ: فما لنا من شافعين، وسياق الآية الثالثة تحديدا ينقض استدلالهم، فبعدها إثبات الشفاعة في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)، فالشفاعة ثابتة بشرطين: إذن الله عز وجل، والرضا عن المشفوع له. فضلا عن الأحاديث التي تثبت الشفاعة لأصحاب الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهي نصوص محكمة تنقض مقالتهم نقضاً. ولذلك كان من طريقتهم رد السنة بزعم الاكتفاء بالقرآن مع أن القرآن بمفرده ينقض استدلالهم!!!!
ومن سمات أهل البدع استقطاع النصوص فيأخذون بما يوافق أهواءهم ويعرضون عما ينقض مقالاتهم، فنظرتهم انتقائية، وهمهم الأول: تتبع المجملات المشتبهات والإعراض عن البينات المحكمات.
ومثلهم القدرية نفاة القدر، والجبرية، فالأولون يأخذون بقوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)، فينفون مشيئة الرب، جل وعلا، مطلقا، والآخرون يأخذون بقوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، فينفون مشيئة العبد مطلقا، ويجعلون الله، عز وجل، هو الفاعل حقيقة، والصحيح أنه: خالق العبد ومشيئته التي يختار بها دون جبر أو إكراه، ودون خروج عن مشيئة الله، عز وجل، الكونية النافذة، فمشيئة العبد تبع لها، فكلٌ قد أخذ من السياق ما يؤيد مقالته وأعرض عما ينقضها مع أن الآيتين قد وردتا في نفس السياق، ولكن النظرة الانتقائية التي تأخذ من النصوص ما يوافق هوى المستدل وتعرض عما يخالفه هي التي تغلب على مسلكهم في الاستدلال، فلم ينظروا في النصوص نظر المتجرد الطالب للحق، المفتقر إلى الهداية وإنما نظروا نظر من اعتقد رأياً وانتحل مقالة ثم راح يفتش في النصوص عما يشهد لها!!!!، وأما أهل السنة فهم وسط كعادتهم إذ أخذوا بطرفي المسألة فهم وسط بين النفاة الجفاة والمثبتتة الغلاة.
وقل مثل ذلك في أهل التعطيل الذين يتتبعون آيات النفي، فيغلون في نفي الصفات تنزيها لله، عز وجل، بزعمهم، فلا يرون إلا: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، وعلى النقيض يتتبع أهل التمثيل آيات الإثبات، فيغلون في إثبات الصفات حتى يردوا على الأولين، فيجعلونها من جنس صفات المخلوقين، فلا يرون إلا الشق الثاني من الآية: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، فالسمع كسمع المخلوق والبصر كبصره لمجرد الاشتراك في الاسم الكلي الجامع، فنظر كل فريق إلى الشق الذي يؤيد مقالته وأعرض عن الشق الآخر، مع أن كليهما قد جاء في سياق واحد بل آية واحدة، وأهل السنة كعادتهم جمعوا بين الشقين فسلموا من اتباع المتشابه.
وقل مثله أيضا في طريقة الغلاة من السبابة الذين يشتمون أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنهم، كما هو مشاهد في العصر الحاضر وفي كل العصور، مفتونون بتتبع زلات الصحابة، رضي الله عنهم، وتعظيمها، وطمس فضائلهم وتحقيرها، في انتقائية عجيبة تدل على اتباع صاحبها الهوى، فلا يرجى عدل أو إنصاف من أمثالهم، فالهوى يعمي صاحبه، فهم متتبعون للمتشابه من أفعال الصحابة، رضي الله عنهم، معرضون عن محكمها، ولو ردوا متشابه أفعالهم إلى محكمها لسلم لهم دينهم، ولكنهم قوم بهت.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني رحمه الله: "فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم في حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه". اهـ، وصدق رحمه الله، فإن علامة الفتنة في الدين: القدح في حملة الرسالة، فهو ملمح بارز في كل ملة أو نحلة باطلة، فالكفار الأصليون من المستشرقين، وأذنابهم من المستغربين من العلمانيين والليبراليين ومن يسمون أنفسهم بـ: "العقلانيين"، وأهل البدع، كل أولئك مغرمون بتتبع هفوات أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قدحا فيهم وحطا من منزلتهم الرفيعة فهم الصدر الأول الذي نصر الدين وحمى أركان الملة.
وقل مثل ذلك فيمن تتبع نصوصا قد يدل ظاهرها على نفي ما ثبت لله، عز وجل، في محكم الآيات، كمن تتبع نحو:
قوله تعالى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ).
وقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ).
لينفي علو الله، عز وجل، فهو في السماء وفي الأرض، وليس في السماء، بمعنى العلو المطلق!!! كما دلت الآيات والأحاديث المحكمات على ذلك.
فقد وقع ذلك المستدل في الخطأ من وجهين:
الأول: أنه أعرض عن المحكمات التي تدل على علو الله، تبارك وتعالى، على الوجه اللائق بجلاله، فلم يرد إليها المتشابه من تلك الآيات.
والثاني: أن هذه الآيات التي استدل بها ليست متشابهة أصلا، عند تدقيق النظر فيها، فالآية الأولى تدل على أن الله، عز وجل، في السماء وفي الأرض بعلمه لا بذاته، لقرينة: (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ)، فآخر الآية ينقض ما استدلوا له بأولها من كونه، عز وجل، بذاته في كل مكان.
والآية الثانية تثبت ألوهيته، عز وجل، لمن في السماء ومن في الأرض، فلم تتعرض لوجوده، عز وجل، وإنما يصح استدلالهم لو كان نص الآية: وهو الذي في السماء موجود وفي الأرض موجود، ولكن الآية قد دلت على معنى الألوهية لا الوجود والألوهية أمر يتحقق دون حلول الإله في كل مكان، فيقال ولله المثل الأعلى: فلان أمير في نجد وفي الحجاز، مع أنه لا يوجد بذاته في كليهما، فالمعنى: هو الحاكم في كليهما، فكذلك الباري، عز وجل، من باب أولى: إله في السماء وإله في الأرض مع كونه مستويا على عرشه على الوجه اللائق بجلاله.
وللكفار الأصليين نصيب وافر من هذه الطريقة المعوجة في الاستدلال:
فالنصارى يتبعون متشابه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فيستدلون بصيغة الجمع على بدعة التثليث!!!!، ويعرضون عن محكم قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) وغيره من الآيات التي هي نص في توحيد الباري عز وجل، مع أن الآية التي استدلوا بظاهرها لا تدل على صحة مقالتهم الباطلة عقلا ونقلا، فالجمع فيها للتعظيم، وهذا أمر جارٍ على لسان العرب الذي نزل الوحي به. بل إن بعض المخرفين المعاصرين من أهل البدع قد استدل بصيغ الجمع في نحو قوله تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) على أن آل البيت، رضي الله عنهم، يحاسبون العباد مع الله، عز وجل، يوم القيامة!!!!!.
والنصارى أيضا، كعادتهم في تتبع المتشابه يستدلون بنحو قوله تعالى: (وَرُوحٌ مِنْهُ)، على صحة مقالتهم فيقولون: "من" للتبعيض فتكون ذات المسيح عليه الصلاة والسلام جزءا من ذات الباري عز وجل!!!!.
والصحيح أنها لابتداء الغاية من جهة المسبِب وهو: الله، عز وجل، والإضافة فيها للتشريف، فالله، عز وجل، أرسل الروح القدس عليه السلام إلى مريم عليها السلام فتمثل لها بشرا سويا، فنفخ في جيب درعها، فكانت تلك النفخة منه سببا في حملها، والسبب يفتقر إلى مسبِبه، وهو الله، عز وجل، الذي أذن بكلمته التكوينية "كن" بخلق عيسى عليه الصلاة والسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما بعدها: (فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ)، ينقض استدلالهم، فهو: نص قطعي في إبطال بدعة التثليث وإثبات تفرد الله، عز وجل، بالألوهية.
وليس كل ما كان من الله، عز وجل، صفة من صفاته، لتصح مقالة النصارى في عيسى عليه الصلاة والسلام أنه: من الله، أي من صفاته، فإن الله، عز وجل، يقول في موضع تال في نفس السياق الذي وردت فيه الآية السابقة: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا).
فالرحمة التي سيدخل الله، عز وجل، المؤمنين فيها هي: الجنة، كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا وفيه: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي)، والجنة مخلوقة، فإضافتها إلى الله، عز وجل، على جهة الصدور منه في هذا السياق ليست إضافة صفة إلى موصوف، لأنها مخلوق قائم بنفسه، والله، عز وجل، لا يوصف بمخلوق، لأن صفاته كذاته: غير مخلوقة فهي فرع عليها، وإنما هي إضافة مخلوق إلى خالقه.
يقول ابن كثير رحمه الله:
" {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} أي: يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ومضاعفة ورفعا في درجاتهم". اهـ
ومثله قوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
فالسماوات والأرض منه على جهة الخلق لا الوصف فإن الله، عز وجل، لا يوصف بالسماوات والأرض.
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، رحمه الله، في "أضواء البيان":
" قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ}.
ليست لفظة من في هذه الآية للتبعيض، كما يزعمه النصارى افتراء على الله، ولكن "من" هنا لابتداء الغاية، يعني أن مبدأ ذلك الروح الذي ولد به عيسى حياً من الله تعالى. لأنه هو الذي أحياه به، ويدل على أن من هنا لابتداء الغاية.
قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مِّنْهُ} [الجاثية: 13] أي: كائناً مبدأ ذلك كله منه جلَّ وعلا ". اهـ
وإلى ذلك أيضا أشار أبو حيان، رحمه الله، في "البحر المحيط" بقوله:
"ومن هنا لابتداء الغاية، وليست للتبعيض كما فهمه بعض النصارى فادعى أنّ عيسى جزء من الله تعالى، فرد عليه علي بن الحسين بن واقد المروزي حين استدل النصراني بأنّ في القرآن ما يشهد لمذهبه وهو قوله: "وروح منه"، فأجابه ابن واقد بقوله: {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه} وقال: إن كان يجب بهذا أن يكون عيسى جزأً منه وجب أن يكون ما في السموات وما في الأرض جزأً منه، فانقطع النصراني وأسلم". اهـ
ومن العجيب أن يستدل أحد كبار رؤوس النصارى عندنا في مصر بنفس الآية على صحة مقالتهم في المسيح عليه الصلاة والسلام!!!، فما هي إلا شبه يتوارثها القوم جيلا بعد جيل!!!.
فمن كل ما تقدم يظهر أن نظرة أهل الباطل إلى النصوص: نظرة جزئية ناقصة، بخلاف أهل الحق، فإن نظرتهم: كلية كاملة، فالشريعة عندهم صورة واحدة لا يترك جزء منها ويؤخذ الآخر.
يقول الشاطبي رحمه الله: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد وهو: الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين، إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها". اهـ
ويقول ابن القيم، رحمه الله، في معرض بيان طريقة الصحابة والتابعين في الاستدلال:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وَأَمَّا طَرِيقَةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَالشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْبُخَارِيِّ وَإِسْحَاقَ فَعَكْسُ هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ الْمُتَشَابِهَ إلَى الْمُحْكَمِ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ الْمُحْكَمِ مَا يُفَسِّرُ لَهُمْ الْمُتَشَابِهَ وَيُبَيِّنُهُ لَهُمْ، فَتَتَّفِقُ دَلَالَتَهُ مَعَ دَلَالَةِ الْمُحْكَمِ، وَتُوَافِقُ النُّصُوصُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَإِنَّهَا كُلَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَمَا كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَلَا تَنَاقُضَ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ". اهـ
ولذلك كان من طريقة السلف الإنكار على من تتبع المتشابه ابتغاء الفتنة، فعزر عمر، رضي الله عنه، صبيغ بن عسل لما تتبع المتشابه، وراح يبث شبهه بين عوام المسلمين فصار فتنة لهم، ولو سأل أهل الذكر ابتداء ليزيل ما عرض له من شبهٍ ما استحق التعزير، ولكنه أعرض عن السؤال وتمادى في غيه، فاستحق التعزير العمري الذي أذهب ما كان يجده في رأسه!!!!.
يقول الآجري رحمه الله:
"فإن قال قائل: فمن يسأل عن تفسير: (والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا) استحق الضرب، والتنكيل به والهجرة قيل له: لم يكن ضرب عمر رضي الله عنه له بسبب هذه المسألة، ولكن لما تأدى إلى عمر ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه علم أنه مفتون، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به، وتطلب علم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى به، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه، سأل عمر الله تعالى أن يمكنه منه، حتى ينكل به، وحتى: يحذر غيره؛ لأنه راع يجب عليه تفقد رعيته في هذا وفي غيره، فأمكنه الله تعالى منه". اهـ
فقد اشتغل صبيغ بالسؤال عما لا ينفع، وترك الاشتغال بطلب العلم النافع، وتلك مئنة من عدم الفلاح.
ولذلك أيضا، عيب على بعض أهل العلم كالإمام فخرالدين الرازي، رحمه الله، الذي توسع في عرض الشبهات، وكأنه يقررها، فإذا ما جاء أوان الرد: كان رده ضعيفا لا يضاهي توسعه الأول، وإلى ذلك أشار الحافظ، رحمه الله، في ترجمة الفخر، رحمه الله، في "لسان الميزان" بقوله: "وكان يعاب بإيراد الشبه الشديدة ويقصر في حلها حتى قال بعض المغاربة: يورد الشبه نقد ويحلها نسيئة". اهـ
ولذلك كان الأولى بالمكلف أن يشغل نفسه بتحصيل الحق، قبل أن يتصدى للنظر في الشبهات، فإن من نظر في الشبهات ابتداء لم يأمن أن تعلق بقلبه فيصير انتزاعها عسيرا، بخلاف من صرف همته إلى تحصيل المحكم ابتداء، فإن طروء الشبهات على محل محكم لا يضره.
*****
ومع مسألة: فوائد المتشابه:
أولا: فوائد المتشابه الذي يمكن علمه:أولا: حث العلماء على النظر الموجب للعلم بغوامضه والبحث عن دقائقه.
ثانيا: ظهور التفاضل وتفاوت الدرجات إذ لو كان القرآن كله محكما لا يحتاج إلى تأويل لاستوت منازل الخلق ولم يظهر فضل العالم على غيره.
ثالثا: الحصول على الثواب الأكبر، ذلك لأن المتشابه يوجب فهمه التعمق في معرفة النحو والمعاني وغيرهما والوقوف على أساليب العرب والعلوم الأخرى.
ثانيا: فوائد المتشابه الذي لا يمكن علمه:
أولا: ابتلاء العباد بالوقوف عنده، والتوقف فيه، والتفويض والتسليم، والتعبد بالاشتغال به من جهة التلاوة كالمنسوخ وإن لم يجز العمل بما فيه.
ثانيا: استكمال جوانب التأثير في العقيدة، وذلك لتتوافر للعقيدة الصفة المهمة التي تجعلها عقيدة تملأ النفس، وتحوز الإعجاب.
ثالثا: إقامة الحجة على الناس جميعا بهذا الكتاب، الذي جاء بكل ما يتطلع إليه الناس أفرادا وجماعات سواء كان في العقيدة التي تنأى عن الخرافة والباطل، وتدعو إلى الإيمان بحقائق يدرك الناس بعضها ويعجز العقل البشري عن إدراك بعضها، أو كان في التشريع المتكامل أو في الحياة الروحية السامية التي أقامها بين الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
رابعا: إقامة الحجة على العرب البلغاء حيث نزل القرآن بلغتهم، ومع ذلك فقد عجزوا عن الوقوف على معنى بعض الآيات، فدل ذلك على أنه منزل من عند الله تبارك وتعالى.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 11 - 2008, 07:43 ص]ـ
مسألة الإعجاز القرآني:
بداية مع تعريف المعجزة:
فقد عرف كثير من أهل العلم المعجزة بأنها:
"أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة".
وانتقد بعض المحققين، كشيخ الإسلام، رحمه الله، هذا التعريف من جهة أنه: غير جامع مانع.
فوجه كونه غير جامع: أنه لا يشمل معجزات لم تقع للتحدي، وإنما وقعت لأغراض أخرى، كحاجة المسلمين كما وقع من نبع الماء من أصابعه الشريفة، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتكثير الطعام حتى كفى جيشا بأكمله.
ووجه كونه غير مانع: أنه لا يمنع دخول كرامات أظهرها أصحابها للتحدي، ومع ذلك لم تخرج عن حد الكرامة إلى حد المعجزة، كاحتساء خالد، رضي الله عنه، السم، فإن عدم تأثير السم في جسده: أمر خارق للعادة، وقد اقترن بتحدي الكفار، وسلم من المعارضة، فلو شربه خصمه لقضى عليه، ومع ذلك لا يقال بأن ما وقع لخالد، رضي الله عنه، معجزٌ، بالمعنى الاصطلاحي، وإن كان معجزا بالمعنى اللغوي.
وكذلك: خوارق السحرة: فقد يظهر الساحر خارقة أمام من لا يحسن هذا الجنس من الأعمال، ويتحدى بها، فيسلم من المعارضة لعجز كل من حوله عن الإتيان بمثلها!!!!، ومع ذلك لا يطلق عليها بأنها معجزة لأن الله، عز وجل، لا يؤيد كذابا بمعجزة، وإن أجرى على يده خارقة ابتلاء، فمصيره إلى افتضاح، كما وقع لمسيلمة الكذاب وكانت له خوارق شيطانية فكانت الشياطين تخبره بما يقع في بيوت أتباعه فيخبرهم بها على جهة التحدي، فصار المحك: النظر في فحوى الدعوى وحال المدعي، فدعوى النبوة: محالة لذاتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحال مسيلمة وإن اشتبه على بعض من اتبعه ابتداء لما أظهره من خوارق إلا أنه انكشف بعد ذلك بما لا يدع مجالا للشك في كذبه، فبطلت حجة كل من اتبعه، فإن الله، عز وجل، بعدله وحكمته، لا يؤيد الكذاب بما يستمر به أمره، وإلا صحت حجة من اتبعه فاعتذروا بخفاء أمره، بل لا بد أن يظهر، جل وعلا، كذبه، فينقطع أمره، وهذا من أظهر الأدلة على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن أمره إلى الآن في استمرار بل في ازدياد، وكلما راجع أتباعه تعاليم رسالته الخالدة: مكنوا في الأرض ونصروا على عدوهم، ولا يمكن أن يكون ذلك مع بطلان هذه الرسالة في نفس الأمر، وإلا لزم وصف الله، عز وجل، بأنه يريد ضلال عباده شرعا، فترك من ادعى هذه الدعوى العظيمة دون أن يظهر كذبه، بل ونصره وأيده بالمعجزات والدلائل البينات والحجج القاطعات على صحة دعواه، فلا يملك أحد إبطالها، وإن قهر المسلمون بحد السيف، ثم نصر أتباعه فقهروا أعتى قوى العالم القديم: الروم والفرس، ونشروا هذه الرسالة في مشارق الأرض ومغاربها، كل هذا والدعوى في نفسها: باطلة!!!، ذلك بلا شك من أمحل المحال.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في معرض بيان: اتصال أمر النبي الصادق وانقطاع أمر المتنبئ الكاذب: "ولهذا أخبرت الأنبياء المتقدمون أن المتنبىء الكذاب لا يدوم إلا مدة يسيرة وهذه من بعض حجج ملوك النصارى الذين يقال إنهم من ولد قيصر هذا أو غيرهم حيث رأى رجلا يسب النبي صلى الله عليه وسلم من رؤوس النصارى ويرميه بالكذب فجمع علماء النصارى وسألهم عن المتنبىء الكذاب كم تبقى نبوته؟ فأخبروه بما عندهم من النقل عن الأنبياء: إن الكذاب المفتري لا يبقى إلا كذا وكذا سنة لمدة قريبة إما ثلاثين سنة أو نحوها.
فقال لهم: هذا دين محمد له أكثر من خمسمائة سنة أو ستمائة سنة وهو ظاهر مقبول متبوع فكيف يكون هذا كذابا ثم ضرب عنق ذلك الرجل". اهـ
"شرح الأصفهانية"، ص246.
(يُتْبَعُ)
(/)
والناس في المعجزة على ثلاثة أقوال:الأول: منع إجراء الخوارق على أيدي غير الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، لئلا تشتبه خوارق الكهان بمعجزات الأنبياء، وهذا قول المعتزلة، وقد وافقهم عليه بعض أهل العلم كابن حزم، رحمه الله، وحكي عن أبي إسحاق الإسفراييني وأبي محمد بن أبي زيد القيرواني، رحمه الله، صاحب "الرسالة" الشهيرة في الفقه المالكي المعروفة بـ: "رسالة ابن أبي زيد"، وقد ضعف ابن تيمية، رحمه الله، حكاية هذا القول عن الأخيرين في أول كتاب: "النبوات".
والثاني: على النقيض: يجوز وقوع المعجزة على يد الولي، فلا اختصاص للنبي بها، فكل ما جاز وقوعه معجزة لنبي، جاز وقوعه كرامة لولي، وهذا قول كثير من المتكلمين، فليس ثم فرق بين المعجزة والكرامة إلا التحدي، فالنبي يتحدى بها والولي لا يتحدى بها، وسبق الرد على ذلك فمن الأولياء من تحدى بكرامته كخالد رضي الله عنه، وأما الساحر أو الدجال، فإن تحدى بها عندهم: سلب القدرة عليها، وهذا أمر يشهد الواقع بخلافه، فكثير من الدجاجلة لبس على الناس بإظهار خوارق، فلم يسلب القدرة عليها: فتنةً وابتلاءً لمن صدقه، وإن ظهر كذبه بعد ذلك من جهة أخرى، فسنة الله، عز وجل، مطردة في فضح دعوى أولئك ولو بعد حين كما تقدم.
فليست كل خارقة معجزة أو كرامة، بل قد تقع فتنة وابتلاء، وفي الأثر:
قَالَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: إِنَّ صَاحِبَنَا اللَّيْثَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلَا تَغْترُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَصَّرَ اللَّيْثُ رَحِمَهُ اللَّهُ، بَلْ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، وَيَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ، فَلَا تَغْترُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَاب.
ولله در الليث والشافعي، رحمهما الله، فما ذلك التأصيل منهم بمستغرب، فهو كلام من رسخت قدمه في علوم الملة، وامتلأ جوفه بنصوص الكتاب والسنة.
بل إن الخارقة قد تقع إهانة لصاحبها كما وقع لمسيلمة الكذاب، لما بصق في بئر فغاض ماؤها ومسح على رؤوس أطفال فسقطت شعورهم!!!.
والثالث: هو قول أهل السنة: وهو سط بين الفريقين: فقد أثبت أهل السنة معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء، ولكنهم لم يسووا بينهما، فكرامة الولي تابعة لمعجزة النبي، ولذلك كانت كل كرامة تقع لأحد أتباع الأنبياء شاهدة لصحة نبوته، فكل كرامة وقعت لولي من أولياء أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي شاهد على صدق رسالته الخاتمة.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "النبوات":
"إن آيات الأولياء هي من جملة آيات الأنبياء، فإنها مستلزمة لنبوتهم ولصدق الخبر بنبوتهم، فإنه لولا ذلك لما كان هؤلاء أولياء ولم تكن لهم كرامات". اهـ
فنصرة التابع دليل على صدق المتبوع.
والمعجزة، وإن كانت من جنس الكرامة، إلا أنها تباينها من جهة القدر، فقدر المعجزة أعظم من قدر الكرامة:
فإن تكثير الطعام ليكفي جيشا بأكمله معجزة، بينما تكثير الطعام ليكفي أضياف أبي بكر، رضي الله عنه، كرامة، فالجنس واحد: تكثير الطعام، ولكن القدر مختلف، أي اختلاف، فشتان بين إطعام جيش بأكمله وإطعام بضعة نفر.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"ومع هذا فالأولياء دون الأنبياء والمرسلين فلا تبلغ كرامات أحد قط إلى مثل معجزات المرسلين كما أنهم لا يبلغون في الفضيلة والثواب إلى درجاتهم ولكن قد يشاركونهم في بعضها كما قد يشاركونهم في بعض أعمالهم". اهـ
ويقول، رحمه الله، في موضع تال:
"ولا يقدر أحدٌ من مكذبي الرسل أن يأتي بمثل آيات الأنبياء، وأمّا مصدّقوهم فهم معترفون بأن ما يأتون به هو من آيات الأنبياء، مع أنه لا تصل آيات الأتباع إلى مثل آيات المتبوع مطلقاً، وإن كانوا قد يشاركونه في بعضها؛ كإحياء الموتى، وتكثير الطعام، والشراب؛ فلا يشركونه في القرآن، وفلق البحر، وانشقاق القمر؛ لأن الله فضل الأنبياء على غيرهم، وفضل بعض النبيين على بعض. فلا بُد أن يمتاز الفاضل بما لا يقدر المفضول على مثله؛ إذ لو أتى بمثل ما أتى، لكان مثله، لا دونه". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فحتى معجزات الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وإن اشتركت في حد المعجزة الكلي إلا أنها تتفاوت تبعا لتفاوت منازلهم.
يقول القرطبي، رحمه الله، في معرض المقارنة بين انبجاس الماء من حجر موسى عليه الصلاة والسلام ونبوع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
"ما أوتي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من نبع الماء وانفجاره من يده وبين أصابعه أعظم في المعجزة فإنا نشاهد الماء يتفجر من الأحجار آناء الليل وآناء النهار ومعجزة نبينا عليه السلام لم تكن لنبي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم يخرج الماء من بين لحم ودم! ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 401).
وليس من شرط الكرامة أن تكون خارقة، بل إن الخوارق في العصور المتأخرة إنما تكثر في بلاد الترك والهند حيث لا نبوة، وكلما كانت الدار أقرب إلى النبوات قلت فيها خوارق العادات، كما حكى ذلك ابن تيمية، رحمه الله، في "رسالة التوسل"، فالشياطين التي تعين على الخوارق إنما تنشط في الأزمان والأمصار التي يخفت فيها نور الرسالة.
وقد تكون الكرامة بلزوم الاستقامة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
واشترط القرطبي، رحمه الله، للمعجزة خمسة شروط:
الشرط الأول: أن تكون مما لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى.
والشرط الثاني: هو أن تخرق العادة.
والشرط الثالث: هو أن يستشهد بها مدعى الرسالة على الله عز وجل.
وقد يرد على هذا الشرط ما تقدم من أن المعجزة لا يشترط فيها التحدي، بل قد تقع ابتداء، لمصلحة راجحة، كنبوع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عيه وعلى آله وسلم الشريفة وتكثير الطعام.
والشرط الرابع: هو أن تقع على وفق دعوى المتحدي بها المستشهد بكونها معجزة له، وإنما وجب اشتراط هذا الشرط لأنه لو قال المدعى للرسالة: آية نبوتي ودليل حجتي أن تنطق يدى أو هذه الدابة فنطقت يده أو الدابة بأن قالت: كذب وليس هو نبي فإن هذا الكلام الذي خلقه الله تعالى دال كذب المدعى للرسالة، لأن ما فعله الله لم يقع على وفق دعواه.
وكذلك ما يروى أن مسيلمة الكذاب لعنه الله تفل في بئر ليكثر ماؤها فغارت البئر وذهب ما كان فيها من الماء، فما فعل الله سبحانه من هذا، كان من الآيات المكذبة لمن ظهرت على يديه، لأنها وقعت على خلاف ما أراده المتنبئ الكذاب.
وتقدم الكلام على أن الخارقة قد تقع إهانة لصاحبها.
والشرط الخامس: ألا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدي على وجه المعارضة.
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 82، 83).
وأما إعجاز القرآن فقد عرفه بعض أهل العلم المعاصرين بقوله:
"تفرد القرآن الكريم بأسلوب خاص ونظم معين أعجز الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله كله بصفة عامة أو حتى بمثل آية واحدة منه بصفة خاصة".
"التيسير في أصول التفسير"، ص133.
وقد حصر القرطبي، رحمه الله، إعجاز القرآن في عشرة أوجه:
الأول: النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب وفى غيرها، لأن نظمه ليس من نظم الشعر في شيء، وكذلك قال رب العزة الذي تولى نظمه: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له".
والثاني: الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب.
والثالث: الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال، وتأمل ذلك في سورة: "ق والقرآن المجيد" إلى آخرها، وقوله سبحانه: "والأرض جميعا قبضته يوم القيامة" إلى آخر السورة، وكذلك قوله سبحانه: "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون" إلى آخر السورة.
قال ابن الحصار: فمن علم أن الله سبحانه وتعالى هو الحق، علم أن مثل هذه الجزالة لا تصح في خطاب غيره ولا يصح من أعظم ملوك الدنيا أن يقول: "لمن الملك اليوم" ولا أن يقول: "ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء".
قال ابن الحصار: وهذه الثلاثة من: النظم، والأسلوب، والجزالة، لازمة كل سورة، بل هي لازمة كل آية، وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل سورة عن سائر كلام البشر، وبها وقع التحدي والتعجيز.
والرابع: التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربي، حتى يقع منهم الاتفاق من جميعهم على إصابته في وضع كل كلمة وحرف موضعه.
(يُتْبَعُ)
(/)
والخامس: الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا إلى وقت نزوله من أمي ما كان يتلو من قبله من كتاب، ولا يخطه بيمينه، فأخبر بما كان من قصص الأنبياء مع أممها، والقرون الخالية في دهرها، وذكر ما سأله أهل الكتاب عنه، وتحدوه به من قصص أهل الكهف، وشأن موسى والخضر عليهما السلام، وحال ذي القرنين، فجاءهم - وهو أمي من أمة أمية، ليس لها بذلك علم - بما عرفوا من الكتب السالفة صحته، فتحققوا صدقه.
قال القاضي ابن الطيب، (وهو القاضي أبو بكر الباقلاني رحمه الله): ونحن نعلم ضرورة - أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم، وإذا كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار، وحملة الأخبار، ولا مترددا إلى المتعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه، علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي.
والقول بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد تلقى هذه الأخبار عن بحيرى الراهب: ضرب من الهذيان!!!، إذ لم يلازمه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ملازمة الطالب شيخه، وإنما التقاه عرضا، وهو شاب يافع في رحلته الأولى مع عمه أبي طالب، والقصة مشهورة في كتب السير.
والسادس: الوفاء بالوعد، المدرك بالحسن في العيان، في كل ما وعد الله سبحانه، وينقسم:
إلى أخباره المطلقة، كوعده بنصر رسوله عليه السلام، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه.
وإلى وعد مقيد بشرط، كقوله: "ومن يتوكل على الله فهم حسبه"، و: "ومن يؤمن بالله يهد قلبه"، و: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا"، و: "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين" وشبه ذلك.
والسابع: الإخبار عن المغيبات في المستقبل التى لا يطلع عليها إلا بالوحي فمن ذلك: ما وعد الله نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان بقوله تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق" الآية. ففعل ذلك. وكان أبو بكر رضى الله عنه إذا أغزى جيوشه عرفهم ما وعدهم الله في إظهار دينه، ليثقوا بالنصر، وليستيقنوا بالنَجْح، وكان عمر يفعل ذلك: فلم يزل الفتح يتوالى شرقا وغربا، برا وبحرا.
وقد بشر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسلمين يوم الخندق، وقد اشتد حصار المشركين لهم، بكنوز قيصر وكسرى واليمن.
والثامن: ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال والحرام، وفي سائر الأحكام.
وهذا هو: وجه الإعجاز التشريعي للقرآن الكريم، فقد جاء بشريعة كاملة في العبادات والمعاملات، في السلم والحرب، في تنظيم العلاقة بين العبد وربه جل وعلا، في تنظيم العلاقة بين أفراد الجماعة المسلمة، في تنظيم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع الإسلامي سواء أكانوا من رعايا الدولة المسلمة أم من الوافدين عليها من سفراء أو تجار أو صناع ........ إلخ وهو ما يعرف بـ "القانون الدولي الخاص" وهو ما نجح المحتل في مصر في ضربه بإنشاء ما عرف آنذاك بـ "المحاكم المختلطة" التي تكفل للدولة المحتلة مقاضاة رعاياها على أرض الدولة المحتلة وفق قوانينها هي لا قوانين الدولة المحتلة بغض النظر عن كونها سماوية منزلة أو أرضية مستحدثة ولعل ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية الآن في العراق هو أكبر مثال على هذا الانتهاك الصارخ فهي تكفل لجنودها البغاة المعتدين حق عدم الملاحقة القانونية وإن لاحقت بعضهم من باب ذر الرماد في العيون فبموجب قوانينها هي لا بموجب قوانين الدولة العراقية الهزيلة وهو أمر تحرص أمريكا على جعله ضمن بنود الاتفاقية الأمنية المرتقبة مع الحكومة العراقية ذات البنود السرية ليسوغ لجنودها الاعتداء على المسلمين في العراق أو غيرها من دول الجوار دون ملاحقة قضائية ولو صورية!!!، في تنظيم علاقة الدولة المسلمة بالدول الأخرى في أوقات السلم والحرب وهو ما يعرف بـ: "القانون الدولي العام" ............. إلخ من أوجه الإعجاز التشريعي.
والتاسع: الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي.
والعاشر: التناسب في جميع ما تضمنه ظاهرا وباطنا من غير اختلاف: قال الله تعالى: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".
بتصرف واسع من: "الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 85_87).
(يُتْبَعُ)
(/)
وذهب النظام "من المعتزلة"، ومن تابعه، كالمرتضى، من الشيعة، إلى القول بأن إعجاز القرآن كان بـ: "الصرفة"، ومعناها: أن الله قد صرف العرب عن معارضة القرآن مع قدرتهم عليها، وهذا قول لا شك في بطلانه، وممن تصدى للرد عليه:
• شيخ الإسلام، رحمه الله، حيث قال في "الجواب الصحيح": "فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته لا يقدرون على ذلك ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر كما قد أخبر الله به في قوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}.
وأيضا فالناس يجدون دواعيهم إلى المعارضة حاصلة لكنهم يحسون من أنفسهم العجز عن المعارضة ولو كانوا قادرين لعارضوه وقد انتدب غير واحد لمعارضته لكن جاء بكلام فضح به نفسه وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز الخلق عن الإتيان بمثله مثل قرآن مسيلمة الكذاب كقوله: يا ضفدع بنت ضفدعين نقي كم تنقين لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين رأسك في الماء وذنبك في الطين.
وكذلك أيضا يعرفون أنه لم يختلف حال قدرتهم قبل سماعه وبعد سماعه فلا يجدون أنفسهم عاجزين عما كانوا قادرين عليه كما وجد زكريا عجزه عن الكلام بعد قدرته عليه". اهـ
ولما طلب أصحاب الفيلسوف الكندي منه أن يعارض القرآن قال بصلف وكبر الفلاسفة المعروف: نعم أعمل مثل بعضه!!!!، فاحتجب أياما كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت، فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلا عاما، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا.
قال في "مختصر المعارج" معلقا: "وهذا الذي قاله الفيلسوف مقدار فهمه ومبلغ علمه، وإلا فبلاغة القرآن فوق ما يصف الواصفون".
ولما استقرأ الصديق، رضي الله عنه، أصحاب مسيلمة بعض قرآنه فقرؤوا عليه شيئا منه، قال: "ويحكم!! أين يذهب بعقولكم؟!! إن هذا كلام لم يخرج من إل" أي من رب.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"فاستفهم استفهام المنكر عليهم لفرط التباين وعدم الالتباس وظهور الافتراء على هذا الكلام وأن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم بمثل هذا الهذيان". اهـ
"شرح العقيدة الأصفهانية"، ص403.
ومن باب التنزل مع الخصم، ذكر شيخ الإسلام، رحمه الله، أن مجرد صرفهم عن الإتيان بمثله: معجز، فإن صرف قدرتهم عن الإتيان بمثله مع قيام الداعي إلى ذلك، دليل على صدق الوحي المنزل.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
"فإن كانوا قادرين ولم يعارضوه بل صرف الله دواعي قلوبهم ومنعها أن تريد معارضته مع هذا التحدي العظيم أو سلبهم القدرة التي كانت فيهم قبل تحديه فإن سلب القدرة المعتادة أن يقول رجل معجزتي أنكم كلكم لا يقدر أحد منكم على الكلام ولا على الأكل والشرب فإن المنع من المعتاد كإحداث غير المعتاد فهذا من أبلغ الخوارق.
وإن كانوا عاجزين ثبت أنه خارق للعادة فثبت كونه خارقا على تقدير النقيضين النفي والإثبات فثبت أنه من العجائب الناقضة للعادة في نفس الأمر. فهذا غاية التنزل". اهـ
• وتصدى أبو بكر الباقلاني رحمه الله، في "إعجاز القرآن"، للرد على القول بالصرفة فقال: "ومما يبطل ما ذكروه من القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع هو المعجز، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه".
• وتصدى له الحافظ السيوطي رحمه الله، في الإتقان، فأجاد، حيث لخص الرد في أربع نقاط:
o أولا: قوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن …)، يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة لم تبق فائدة لإجتماعهم، لأنهم عندئذ يكونون كالموتى، وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره.
o ثانيا: أن العلماء أجمعوا على أن الإعجاز مضاف إلى القرآن، فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة إعجاز؟ بل المعجز حينئذ، هو الله سبحانه وتعالى، حيث سلبهم القدرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
o ثالثا: يلزم من القول بالصرفة زوال الإعجاز بزوال زمن التحدي، ويخلو القرآن عندئذ من الإعجاز، وفي ذلك خرق لإجماع الأمة على أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم العظمى باقية، ولا معجزة له باقية سوى القرآن. اهـ، (بمعنى أنهم إن صرفوا عن الإتيان بمثله، مع قدرتهم، فلن يصرف من يأتي بعدهم، إذا كان عالما بأسرار اللغة، لأنه غير مخاطب بما خوطبوا به من الصرفة، وهذا لا يقوله عاقل، فضلا عن عالم)، والله أعلم.
o رابعا: لو كانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع معجزا، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه، وهذا مضمون كلام أبي بكر الباقلاني، رحمه الله، كما سبق ذكر ذلك.
• وشدد الإمام أحمد رحمه الله، النكير على من قال بأن القرآن مقدور على مثله، فيما نقله عنه عبد الواحد التميمي رحمه الله في "إعتقاد الإمام المنبل أبي عبد الله أحمد بن حنبل"، حيث قال بأن الإمام أحمد كان يكفر من يقول: إن القرآن مقدور على مثله، ولكن الله تعالى منع من قدرتهم، بل هو معجز في نفسه، والعجز قد شمل الخلق.
• بل إن بعض المعتزلة، رد هذه المقالة، ومن أبرزهم القاضي عبد الجبار، وهو إمام المعتزلة في زمانه، في كتاب "المغني"، كما ذكر ذلك الشيخ: محمود محمد شاكر، رحمه الله، في مقدمته لكتاب "دلائل الإعجاز".
• ومما يؤيد بطلان هذا الرأي، ما ذكره الجاحظ، وهو أيضا من أئمة المعتزلة، من أن قريشا اختارت الحرب، على ما فيها من إزهاق للأرواح وفقد للأحبة، لتنقض قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الأمر أيسر من ذلك بكثير، لو كانت لديهم القدرة على معارضة القرآن بسورة واحدة فقط، وهو الذي كان يتحداهم ليل نهار بذلك، فما استطاعوا، واختاروا القتال على ما فيه من نصب.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"وقد علم أيضا بالتواتر أنه دعا قريشا خاصة والعرب عامة وأن جمهورهم في أول الأمر كذبوه وآذوه وآذوا الصحابة وقالوا فيه أنواع القول مثل قولهم هو ساحر وشاعر وكاهن ومعلم ومجنون وأمثال ذلك وعلم أنهم كانوا يعارضونه ولم يأتوا بسورة من مثله وذلك يدل على عجزهم عن معارضته لأن الإرادة الجازمة لا يتخلف عنها الفعل مع القدرة. ومعلوم أن إرادتهم كانت من أشد الإرادات على تكذيبه وإبطال حجته وأنهم كانوا أحرص الناس على ذلك حتى قالوا فيه ما يعلم أنه باطل بأدنى نظر وفيلسوفهم الكبير الوحيد {فَكَّرَ وَقَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} ". اهـ
"شرح العقيدة الأصفهانية"، ص401.
وقد ذهب بعض أهل العلم المعاصرين إلى أن الإعجاز اللغوي هو المقصود أصالة في هذا الباب، فالعرب لم يكن لهم كبير اشتغال بالعلوم الكونية ليقال بأن إعجاز القرآن الأول في علومه الكونية، ولم يكن لهم اشتغال بالتاريخ يوازي اشتغالهم بفنون اللغة ليقال بأن إعجازه الأول كان فيما أخبر به عن الأمم الغابرة.
وذهب بعض أهل العلم إلى القول بأن القرآن معجز، في كل هذه الأوجه، فلا يقتصر إعجازه على وجه منها دون الآخر.
وأشار القاضي الباقلاني، رحمه الله، إلى بعض أوجه إعجاز القرآن اللغوي، فذكر ثلاثة أوجه ملخصها:
¨ أولا: أن القرآن جاء بأسلوب خارج عن أساليب النظم عند العرب، فما هو بالنثر، وما هو بالشعر، ولذا عجزوا عن معارضته.
¨ ثانيا: أن عجيب نظم القرآن وبديع تأليفه لا يتفاوت ولا يتباين على ما ينصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها، من ذكر وقصص ومواعظ، واحتجاج وحكم وأحكام … إلخ، بمعنى أن بلاغة القرآن لا تتفاوت من باب لآخر، خلاف غيره من الكلام، فكلام الشعراء يتفاوت من غرض إلى آخر، فنجد منهم من برع في الهجاء، على سبيل المثال، ولكنه لم يبرع بنفس الدرجة، في بقية أغراض الشعر، ولهذا ضرب المثل بكل شاعر، بحسب ما برع فيه، فضرب المثل بامريء القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وبزهير إذا رغب، ولم يضرب المثل بأحدهم في كل أجناس الكلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
¨ ثالثا: أن أسلوب القرآن في تكرار القصة أكثر من مرة، لا يصاحبه أي تفاوت في بلاغة عرضها، بخلاف كلام من يعيد حديثا ما، فإن بلاغته في سرده تختلف من حال إلى حال.
مسألة: القدر المعجز من القرآن:
¨ أولا: ذهب المعتزلة إلى أن الإعجاز يتعلق بجميع القرآن لا ببعضه، أو بكل سورة برأسها.
¨ ثانيا: وذهب بعض أهل العلم إلى أن المعجز منه القليل والكثير، دون تقييد بسورة، لقوله تعالى: (فليأتوا بحديث مثله)، وقد استدل الزركشي، رحمه الله، في "البحر المحيط"، بهذه الآية، على أن القرآن هو: الكلام المنزل للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته، حيث قال رحمه الله:
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: "الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ" مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ. وَقُلْنَا بِآيَةٍ مِنْهُ وَلَمْ نَقُلْ بِسُورَةٍ كَمَا ذَكَره الْأُصُولِيُّونَ، لِأَنَّ أَقَصَرَ السُّوَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَالتَّحَدِّي قَدْ وَقَعَ بِأَقَلَّ مِنْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}. اهـ
فالحديث يطلق على ما هو أقل من سورة، والجواب عن ذلك: إن المقصود بالحديث في هذه الآية، هو القرآن كاملا، لأن سياق آيات التحدي يقتضي ذلك، فقد ورد التحدي أولا، بكامل القرآن، ثم بعشر سور، ثم بسورة واحدة، وأشار بعض أهل العلم المعاصرين إلى أن التحدي لم يرد بآية لأن من الآيات ما هو كلمة واحدة فقط مثل (مدهمتان) فهل يعجز البشر عن الإتيان بمثلها؟ ومع ذلك فالآية معجزة في موضعها، فلا أحد يستطيع – مثلا – أن يحذف كلمة (مدهمتان) ويأتي بمرادف لها.
¨ ثالثا: وذهب آخرون إلى أن الإعجاز يتعلق بسورة تامة، ولو قصيرة، أو قدرها من الكلام كآية واحدة أو آيات، وهذا موافق لتعريف الجمهور للقرآن، حيث قالوا بأنه: الكلام المنزل للإعجاز بسورة منه (وليس بآية منه كما ذكر ذلك الزركشي رحمه الله)، المتعبد بتلاوته.
وهذا الرأي هو الأرجح، وقد ذهب الشيخ مناع القطان، رحمه الله، في "المباحث" إلى أن الإعجاز لا ينحصر في قدر معين لأننا نجده في أصوات حروفه ووقع كلماته، كما نجده في الآية والسورة، فالقرآن كلام الله وكفى، وكأن الشيخ، رحمه الله، يميل إلى رأي الزركشي، رحمه الله، والله أعلم.
وتجدر الإشارة إلى أن إعجاز القرآن يشمل: مبناه ومعناه، فالقرآن الكريم هو: اللفظ والمعنى، خلافا لمن غلا في إثبات اللفظ من المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن، ويلزم من قولهم هذا إبطال إعجاز القرآن، إذ الكلام المخلوق مقدور على مثله غالبا، ومن غلا في إثبات المعنى من المتكلمين الذين جعلوا الكلام: معنى قائم بالنفس لا يتعلق بمشيئة الله، عز وجل، فهو قديم النوع والآحاد عندهم، والصحيح أنه: قديم النوع، حادث الأفراد، وفي التنزيل: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ).
وأخرج النسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن ابن عباس أنه قرأ: (وقرآناً فرقناه) مثقلاً قال: نزل القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة، فكان المشركون إذا أحدثوا شيئاً أحدث لهم جواباً، ففرقه الله في عشرين سنة.
فالحدوث هنا بمعنى التجدد، وذلك لا يكون إلا في صفات الأفعال التي تتعلق آحادها بمشيئة الله، عز وجل، وإن كانت أنواعها قديمة قدم الذات القدسية: ذات الحق تبارك وتعالى.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 07:44 ص]ـ
ومع مسألة:
تبيين السنة للقرآن:
فالعمدة في هذه المسألة:
قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فما نزل إليهم هو: الوحي المتلو، الذي وَكَلَ الله، عز وجل، إلى نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيانه، بشتى أوجه البيان من: تخصيص عام، وتقييد مطلق، وتفسير مشكل ......... إلخ،
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول القرطبي رحمه الله: "ثم جعل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بيان ما كان منه مجملا، وتفسير ما كان منه مشكلا، وتحقيق ما كان منه محتملا، ليكون له مع تبليغ الرسالة ظهور الاختصاص به، ومنزلة التفويض إليه، قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) ".
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 18).
وحديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه: (أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ)
وفيه دلالة كما يقول القرطبي، رحمه الله، على أن الحديث إذا ثبت حجة بنفسه، سواء أكان ذلك في العلميات أم العمليات، فهما على حد سواء، فمتى صح الحديث فهو مذهب أهل الحق، ولا يستقل بإدراك صحة الحديث من ضعفه إلا المحدثون أهل الشأن، وأما حديث: (إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه وإن لم يوافقه فردوه)، فهو حديث باطل لا أصل له، كما يقول القرطبي، رحمه الله.
يقول البيهقي، رحمه الله في "معرفة السنن والآثار": "قال الشافعي فقال، (أي المخالف): هذا عندي كما وصفت فتجد حجة على من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فلم أقله» قال الشافعي فقلت له: ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير". اهـ
وقد ضعفه من المعاصرين علامة الشام: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله، في "السلسلة الضعيفة".
وقال بعض أهل العلم: عملنا بمقتضى هذا الحديث فعرضناه على كتاب الله، عز وجل، فلم يوافقه، إذ طاعته، صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الكتاب العزيز مطلقة غير مقيدة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، فوجب رده، فهو راجع على نفسه بالبطلان.
روى صاحب الإبانة الكبرى بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا عمر، لعل أحدكم متكئ على أريكته ثم يكذبني، ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه، فأنا قلته، وإن لم يوافقه فلم أقله». قال ابن الساجي: قال أبي رحمه الله: هذا حديث موضوع عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وبلغني عن علي بن المديني، أنه قال: ليس لهذا الحديث أصل، والزنادقة وضعت هذا الحديث.
قال الشيخ: " «وصدق ابن الساجي، وابن المديني رحمهما الله، لأن هذا الحديث كتاب الله يخالفه، ويكذب قائله وواضعه، والحديث الصحيح، والسنة الماضية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترده قال الله عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)». والذي أمرنا الله عز وجل أن نسمع ونطيع، ولا نضرب لمقالته عليه السلام المقاييس، ولا نلتمس لها المخارج، ولا نعارضها بالكتاب، ولا بغيره، ولكن نتلقاها بالإيمان والتصديق والتسليم إذا صحت بذلك الرواية". اهـ
والبيان منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ضربين:
الأول: بيان مجمل القرآن: كبيان مجمل آيات الصلاة والزكاة، وقد فرع منه بعض أهل العلم: تخصيص العام، وتقييد المطلق ....... إلخ من صور البيان، فجعل كلا منها قسما مستقلا، والخطب يسير، فهي تقسيمات اصطلاحية مؤداها واحد، فالسلف، رحمهم الله، كانوا يطلقون المجمل على كل ما احتاج إلى غيره في بيانه، كما أشار إلى ذلك ابن تيمية، رحمه الله، فيدخل فيه: العام المخصوص، لأن الخاص يقضي على العام، لقطعية الأول وظنية الثاني، والمطلق المقيد، فالقيد بيان، والظاهر المؤول، فالتأويل إذا استند إلى قرينة معتبرة رافع لإبهام الظاهر، إذ قصد به المعنى الراجح بادي الرأي، ولكن
(يُتْبَعُ)
(/)
القرينة رجحت كفة المعنى المرجوح.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وروى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل: إنك رجل أحمق، أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة! ثم عدد عليه الصلاة الزكاة ونحو هذا، ثم قال: أتجد هذا في كتاب الله مفسرا! إن كتاب الله تعالى أبهم هذا، وإن السنة تفسر هذا.
وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك.
وروى سعيد بن منصور: حدثنا عيسى ابن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال: القران أحوج إلى السنة من السنة إلى القران.
وبه عن الأوزاعي قال: قال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة.
قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - وسئل عن هذا الحديث الذي روي أن السنة قاضية على الكتاب فقال: ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكني أقول: إن السنة تفسر الكتاب وتبينه". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 55، 56)، وقد رواه ابن عبد البر، رحمه الله، في "جامع بيان العلم وفضله".
ويقول الآجري، رحمه الله، في معرض بيان منزلة السنة من القرآن:
"ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء قد ثبت عند العلماء، فعارض إنسان جاهل فقال: لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله تعالى، قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرناك النبي صلى الله عليه وسلم، وحذر منك العلماء.
وقيل له: يا جاهل، إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما أنزل إليهم، قال الله عز وجل: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) فأقام الله تعالى نبيه عليه السلام مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، فقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، ثم حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وقال عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) ثم فرض على الخلق طاعته صلى الله عليه وسلم في نيف وثلاثين موضعا من كتابه تعالى وقيل لهذا المعارض لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جاهل قال الله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) أين تجد في كتاب الله تعالى أن الفجر ركعتان، وأن الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وأن العشاء الآخرة أربع؟ أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومثله الزكاة، أين تجد في كتاب الله تعالى من مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاة، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة، أين تجد هذا في كتاب الله تعالى؟ وكذلك جميع فرائض الله، التي فرضها الله في كتابه، لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم مثل ما بينت لك فاعلم ذلك". اهـ
"الشريعة"، ص46، 47.
وحذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذلك الصنف الجاهل المتعالم في نفس الوقت فليته أقر بجهله وكف عن الخلق أذاه، بل هو جاهل مركب يصر على إلزام غيره بجهله، حذر منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال في حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه، مرفوعا: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ".
والحديث عند أبي داود، رحمه الله، في سننه، في باب: "لزوم السنة"، والمراد بها: هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهدي خلفائه الراشدين المهديين في أمر المعتقد، ومع أن المصنف، رحمه الله، قد صنف السنن مرتبة على الأبواب الفقهية، إلا أنه ضمنها هذا الباب لخطورة أمره وعظم شأنه، وأي شأن أعظم من شأن المعتقد؟!!!
والثاني: زيادته على حكم الكتاب، فتستقل السنة بإنشاء الأحكام ابتداء، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور.
فالسنة أصل مستقل بالتشريع، فهي ثاني الأصلين: الكتاب والسنة.
وإنما اعترض أحمد على قضاء السنة على الكتاب لأنه مشعر بتقديمها عليه، والقرآن لا يتقدم عليه غيره فهو أول الأصول، وإليه ترجع بقيتها، فهو الذي دل على صحة السنة، ثم دل كلاهما على صحة الإجماع، كما ذكر ذلك القفال الشافعي رحمه الله.
بل القياس وهو الأصل الرابع، إنما عرفت حجيته من نصوص الكتاب التي وردت فيها أقيسة: الأولى من قبيل قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) وقوله تعالى: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى) فمن قدر على الإيجاد من عدم أولا فهو قادر على الإعادة ثانيا من باب أولى إذ الإعادة أهون من الإنشاء، وكلاهما هين على الباري عز وجل وإنما يقال ذلك تنزلا مع الخصم، والطرد، والعكس في نحو قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ)، فكان ما كان من هلاكهم فمن وافقهم طردا فله الهلاك، ومن خالفهم عكسا فله النجاة ............. إلخ، والسنة التي ورد فيها قياس الأولى في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)، وقياس التمثيل في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ)، فقاس عليه الصلاة والسلام تغير لون ابنه على تغير لون البعير لعامل وراثي متنحٍ، ظهر في هذا الجيل، كما أثبت علم الوراثة بعد ذلك، فهذا الحديث من الإعجاز العلمي في السنة المطهرة، وقياس العكس في نحو حديث أبي ذر رضي الله عنه: (أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا)، فأثبت عكس الحكم لعكس الفعل فمن وضعها في حرام أثم ومن وضعها في حلال فله عكس الإثم وهو الأجر.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "مجموع الفتاوى": "وَالْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ مَرْجِعُهَا كُلُّهَا إلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. فَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي بَلَّغَهُ. وَالسُّنَّةُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهَا. وَالْإِجْمَاعُ بِقَوْلِهِ عُرِفَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ. وَالْقِيَاسُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْفَرْعَ مِثْلَ الْأَصْلِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ. وَقَدْ عَلَّمَنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَاقَضُ فَلَا يَحْكُمُ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْحُكْمِ لِعِلَّةِ تَارَةً وَيَمْنَعُهُ أُخْرَى مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ إلَّا لِاخْتِصَاصِ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِمَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ". اهـ
فتعظيم النبوة، وهو أصل مطرد في كل مسائل الدين، كلمة السر هنا أيضا، فمن استمسك بالنبوة نجا، ومن فرط فيها هلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
واتباع طريقة السلف: دليلا واستدلالا طوق نجاة لا يفرط فيه إلا مغرض أو جاهل، إذ هم، ومن سار على طريقتهم من العلماء الربانيين، أقدر الناس على تمييز صحيح كلام النبوة من ضعيفه، وهم أعلم الناس بمراد صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فنية صادقة، وعلم عميق، ولسان فصيح، فكيف يتصور إجماعهم على ضلالة، أو صحة مقالة حدثت بعدهم كمقالات سائر الفرق التي لا يملك أصحابها سندا واحدا صحيحا يرفعها إلى زمن النبوة، بل التاريخ يشهد بحدوث مقالاتهم، والتاريخ حكم محايد، فإذا ما انتقلت إلى بقية الملل لم تجد سندا من نقل صحيح أو عقل صريح، بل وجدت قصصا دون بعد ارتفاع النبوة بمئات السنين فدخله من التبديل ما دخله سواء أكان الناقل صادقا ولكنه لطول العهد واختلاف اللسان لم يعرف مراد النبوة، أم كاذبا مفتريا، وهو الغالب على متأخريهم من الضلال الذين يتصرفون في كتبهم بالزيادة والنقصان إلى يوم الناس هذا، وفي ملل أخرى لا تجد نبوة أصلا!!!.
يقول الآجري، رحمه الله، في معرض بيان طريق أهل الحق: طريق السلف خير القرون:
"من علامة من أراد الله عز وجل به خيرا من المؤمنين وصحة إيمانهم: محبتهم لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ
فأولئك الأئمة المرضيون والسادة المتبعون فمن سلك طريقهم نجا ومن حاد عنه هلك.
ويقول في كلمة أعم وأجمع:
"علامة من أراد الله به خيرا: سلوك هذا الطريق: كتاب الله، عز وجل، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد إلى آخر ما كان من العلماء مثل: الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والقاسم بن سلام، ومن كان على مثل طريقتهم، ومجانبة كل مذهب يذمه هؤلاء العلماء". اهـ
"الشريعة"، ص18.
فكأنه ذكر الأربعة، رضي الله عنهم، لا تخصيصا لعموم الاتباع وإنما تعريفا له بذكر بعض أفراده على سبيل البيان، وقد تقرر في الأصول أن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، ثم عم بذكر أفراد الطريق مفصلة: الكتاب، السنة، هدي الصحب رضي الله عنهم، هدي من جاء بعدهم من علماء السلف.
وقال في موضع تال بعد إيراد أحاديث تعظم شأن السنة وتحث على التمسك بها:
"فيما ذكرت في هذا الجزء من التمسك بشريعة الحق، والاستقامة على ما ندب الله تعالى إليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وندبهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: ما إذا تدبره العاقل علم أنه قد ألزمه التمسك بكتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين، وجميع الصحابة رضي الله عنهم، وجميع من تبعهم بإحسان، وأئمة المسلمين، وترك الجدال والمراء والخصومة في الدين، ولزم مجانبة أهل البدع، والاتباع، وترك الابتداع، وقد كفانا علم من مضى من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، عن مذاهب أهل البدع والضلالات، والله الموفق لكل رشاد، والمعين عليه". اهـ
"الشريعة"، ص50.
ويقول في موضع رابع:
"من كان له علم وعقل، فميز جميع ما تقدم ذكري له من أول الكتاب إلى هذا الموضع علم أنه محتاج إلى العمل به، فإن أراد الله به خيرا لزم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان من أئمة المسلمين في كل عصر، وتعلم العلم لنفسه، لينتفي عنه الجهل، وكان مراده أن يتعلمه لله تعالى ولم يكن مراده، أن يتعلمه للمراء والجدال والخصومات، ولا للدنيا، ومن كان هذا مراده سلم إن شاء الله تعالى من الأهواء والبدع والضلالة، واتبع ما كان عليه من تقدم من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، وسأل الله تعالى أن يوفقه لذلك". اهـ
"الشريعة"، ص55.
وما تجشمنا سفرا ولا فارقنا أهلا ولا ديارا، ولا بذلنا مالا، ولا أزهقنا أرواحا، وإنما وصلنا هذا الدين ونحن قعود في بيوتنا، فهلا عظمنا هذا الحق الذي بين أيدينا، وهلا عظمنا النبوة وصاحبها صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحفظنا لأولئك السادة جميلهم وعرفنا لهم قدرهم، فإن لم نستطع فهلا أمسكنا ألسنتنا عن الخوض في أعراضهم، على طريقة:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا خيل عندك تهديها ولا مال ******* فليسعد النطق إن لم تسعد الحال!!!!.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 08:47 ص]ـ
ومع مسألة "التفسير والتأويل":فالتفسير لغة: البيان.
قال في "لسان العرب":
الفَسْرُ البيان فَسَر الشيءَ يفسِرُه بالكَسر وتَفْسُرُه بالضم فَسْراً وفَسَّرَهُ أَبانه والتَّفْسيرُ مثله ابن الأَعرابي التَّفْسيرُ والتأْويل والمعنى واحد وقوله عز وجل: (وأَحْسَنَ تَفْسيراً) الفَسْرُ كشف المُغَطّى والتَّفْسير كَشف المُراد عن اللفظ المُشْكل والتأْويل.
فالجامع بينهما: أن فسر المحسوسات الكشف عن أعيانها، وفسر المعقولات الكشف عن معانيها.
وعلى قول ابن الأعرابي رحمه الله: تكون العلاقة بين التفسير والتأويل: الترادف، فكلاهما بمعنى واحد.
وقال بعض أهل العلم: "فسر" مقلوب "سفر"، ومعناه أيضا: الكشف.
ولكن الفسر يختص بكشف المعاني، والفسر يختص بكشف الذوات.
يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله: "الفسر والسفر يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما، لكن جعل الفسر لإظهار المعنى المعقول، وجعل السفر لإبراز الأعيان للأبصار، فقيل سفرت المرأة عن وجهها، وأسفر الصبح". اهـ
وأما التفسير في الاصطلاح فقد عرفه أبو حيان رحمه الله بقوله: "علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك". اهـ
وهو من قبيل تعريف الشيء بذكر أقسامه إذ أشار فيه إشارة موجزة إلى مسائل علم التفسير، بل وعلم القراءات وعلم إعراب القرآن فهو كلف به كما يظهر من تفسيره المعروف: "البحر".
وأما التأويل لغة فهو: الرجوع من آل يؤول أَوْلاً.
قال في "مختصر الصواعق": "هو تفعيل من: آل يؤول إلى كذا إذا صار إليه، فالتأويل: التصيير، وأولته تأويلا إذا صيرته إليه". اهـ
"مختصر الصواعق"، ص18.
واصطلاحا: عرفه أهل العلم من المتقدمين بأنه:
حقيقة الشيء خبرا أو إنشاء، فـ:
حقيقة الخبر: وقوعه، وفي التنزيل: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ)، أي: ما ينظرون إلا وقوع ما كذبوا به.
ومن التأويل بمعنى عاقبة الأمر:
قوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، أي: عاقبة.
ومثله قوله تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).
وقول يوسف الصديق عليه الصلاة السلام: (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا).
وتأويل الشيء: حقيقته في نفس الأمر.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
"وتأويل الصفات هو: الحقيقة التي انفرد اللّه ـ تعالى ـ بعلمها، وهو الكيف المجهول الذي قال فيه السلف ـ كمالك وغيره ـ: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، فالاستواء معلوم ـ يعلم معناه ويفسر ويترجم بلغة أخرى ـ وهو من التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم، وأما كيفية ذلك الاستواء فهو التأويل الذي لا يعلمه إلا اللّه ـ تعالى.
وقد روى عن ابن عباس ـ ما ذكره عبد الرزاق وغيره في تفسيرهم عنه ـ أنه قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا اللّه ـ عز وجل ـ فمن ادعى علمه فهو كاذب". اهـ
"الفتوى الحموية الكبرى": ص28.
ومحل الشاهد من قول ابن عباس، رضي الله عنهما، قوله:
"وتفسير لا يعلمه إلا اللّه ـ عز وجل ـ فمن ادعى علمه فهو كاذب"، فإن هذا هو تأويل الحقائق الغيبية التي لا يعلم كنهها بشر، وإن أدركت العقول معانيها الكلية المجردة.
فهي محكمة المعنى متشابهة الحقيقة من جهة إدراك تلك الحقائق لا من جهة كونها عدما لا وجود لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحقيقة الإنشاء: امتثاله أمرا، واجتنابه نهيا، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ)، أي: يمتثل أمره بالتسبيح والاستغفار.
وفي حديث أسامة رضي الله عنه: (وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ)، أي يمتثل العفو كما أمره الله، عز وجل، في نحو:
قوله تعالى: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)، فأفادت الآية بمفهوم الغاية أن للعفو غاية يثبت لما بعدها نقيض ما قبلها، فقد جاء الأمر بعد ذلك بقتال المشركين وأهل الكتاب، فجعل بعض أهل العلم آيات الصفح كلها من المنسوخ بآيات السيف، وقال آخرون: هي من المنسوء لا المنسوخ، فيعمل بآيات الصفح زمن الضعف، ويعمل بآيات السيف زمن القوة، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما كما قرر الأصوليون.
وللسلف اصطلاح آخر في التأويل فهو: مرادف التفسير والبيان، فيقال: تأويل هذه الآية كذا وكذا، أو: القول في تأويل هذه الآية كذا وكذا، كما كان يصنع شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري، رحمه الله، في تفسيره.
وفي التنزيل: (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ)، أي: تفسير الرؤى قبل وقوعها، فإنها إذا وقعت صار تأويلها نفس وقوعها، لا تفسيرها، فتفسير الرؤيا سابق لوقوعها.
ومثله: (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).
و: (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).
وقول الخضر لموسى عليهما السلام: (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا)، أي: تفسيره، ولا يقال بأنه قصد: نفس وقوعه، فهذا أمر قد انقضى، وإنما عجز موسى، عليه الصلاة والسلام، عن تفسير أفعال الخضر حتى جاءه البيان المفسر على لسانه، فكان بمنزلة: البيان بعد الإجمال، فقد أخر الخضر عليه السلام البيان عن وقت الخطاب لما سأله موسى عليه الصلاة والسلام في كل مرة، وذلك جائز كما قرر الأصوليون، فلما جاء وقت الحاجة لم يسع الخضر تأخير البيان، إذ: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما تقرر في الأصول.
ومنه رؤيا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْعِلْمَ)، فتأويل الرؤيا بالعلم تفسيرها.
وقول أبي بكر رضي الله عنه: "إنكم تقرأون هذه الآية، وتتأولونها على غير تأويلها: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) ".
أي: تفسرونها تفسيرا يباين المراد منها.
وحديث جابر، رضي الله عنه، في الشفاعة، وقد تكلم في إسناده، وفيه: "فوالله لقد شهدت تنزيل هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد شهدت تأويله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الشفاعة في كتاب الله عز وجل لمن عقل ............... ".
وأما الاصطلاح الحادث للتأويل فلم يظهر إلا متأخرا في كلام الأصوليين الذين غلبت عليهم طريقة المتكلمين في أصول الدين، فالتأويل عندهم: صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى ضد مرجوح لقرينة صارفة.
ومحل النزاع مع الأصوليين في هذا التعريف:
أن القرينة إن كانت سياقية، فلا تأويل عند التحقيق، لأن ظاهر الكلام قد دل على المقصود ابتداء، فالمعنى لا يفهم إلا من السياق الذي ورد فيه، فتكون الكلمة واحدة، ولكن معناها يختلف تبعا للسياق الذي ترد فيه، فقولك: زيد ما زيد؟، يحتمل التعظيم ونقيضه من التحقير، وقرائن السياق والحال، هي التي تبين المراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالقرينة السياقية تدل على المعنى المراد إن كان اللفظ محتملا لأكثر من معنى، وهو ما اصطلح الأصوليون على تسميته بـ: "الظاهر" فيكون مجملا يفتقر إلى البيان، فتبينه القرينة بترجيح أحد المعاني على بقيتها، وهذا ما اصطلح بعض أهل العلم على تسميته بـ: "الظاهر المركب"، فهو مركب من: لفظ راجح في معنى مرجوح في آخر، وقرينة لفظية وردت في نفس سياقه كشفت عن مراد المتكلم به، فارتقى بها من مرتبة المحتمل إلى مرتبة القطعي، أو باصطلاح أهل الأصول: صار نصا قاطعا بعد أن كان ظاهرا محتملا، فليس بقطعي ابتداء، وإنما الشأن في القرينة كما تقدم.
ففي نحو قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ): يفسر الإتيان بالإتيان الذي يتبادر إلى ذهن المستمع دون خوض في كيفية، فإن العقول لا تطيق ذلك، أو تكلف تأويل الإتيان بإتيان الأمر، إذ لا قرينة من نفس السياق تدل على هذا التأويل، فيكتفى بإثبات الظاهر على الوجه اللائق بجلال الله، عز وجل، ولا يقال بأن في ذلك تشبيها للخالق، عز وجل، بالمخلوق، إذ الآية قد أثبتت الإتيان مقيدا بالله، عز وجل، لا بالمخلوق، والصفة تتبع موصوفها، إذ هي فرع عليه فلا قيام لها بنفسها خارج الذهن، فالعقل يدرك المعنى الكلي لـ: "الإتيان" وهو معنى مجرد عن الإضافة إلى آت بعينه، وإثبات هذا القدر لا يلزم منه التشبيه أو التكييف، وهو المطلوب في باب الغيبيات: كصفات الله، عز وجل، ونعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار ........... إلخ، فمن رحمة الله، عز وجل، بنا أنه لم يكلفنا البحث بعقولنا القاصرة في حقائق لا تطيقها، فإذا أدرك العقل ذلك المعنى الكلي المطلق انتقل إلى المعنى الجزئي المقيد، وهو المشاهد في الأعيان، فهذا إتيان زيد، وهذا إتيان عمرو ............. إلخ مما يطيق إدراكه، وذلك إتيان الله، عز وجل، وإتيان ملائكته ............. إلخ مما لا يطيق إدراكه، فاستوى الطرفان من جهة إدراك المعنى، واختلفا من جهة إدراك حقيقة الأول دون الثاني، إذ الأول: شهادة، والثاني: غيب، والعقول لا عمل لها في الغيبيات إلا التسليم والانقياد للخبر، إن صح، فمتى صح النقل سلم العقل، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، وأي خبر أصدق من خبر الله، عز وجل، و: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)؟!!.
وإذا كان الإتيان يختلف من آت إلى آخر حتى في عالم الشهادة، فإتيان زيد غير إتيان عمرو، وإن اشتركا في جنس الإنسانية، فكيف يصح في الأذهان تشبيه إتيان الخالق، عز وجل، الذي ليس كمثله شيء، بإتيان المخلوق، وكيف يتوهم متوهم أن في إثبات الإتيان لله، عز وجل، تشبيها بإتيان البشر؟!!، وإنما أتي من قبل قياسه العقلي الفاسد، إذ قاس الله، عز وجل، على خلقه، قياس: غائب على شاهد، وما أفسده من قياس!!!.
وأما في نحو قوله تعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)، فالإتيان: إتيان العذاب، ولا يقال بأن هذا تأويل، بل ذلك إجراء للفظ على ظاهره، ولكن: "المركب" بالنظر إلى السياق، لا "المفرد" بالنظر إلى ذات اللفظ ومعناه الذي وضع له مجردا عن أي قيد، فالسياق: سياق إخبار بهلاك المكذبين من الأمم السابقة، وهو قرينة من ذات السياق ترجح معنى إتيان العذاب، فكأن الإتيان هنا هو إتيان فعل الله، عز وجل، العذابَ بهم، لا إتيان ذاته، فعلى هذا يكون الإتيان جنسا كليا تندرج تحته أنواع: إتيان الذات، كما في الآية الأولى، وإتيان الصفات، كما في هذه الآية، إذ أفعال الله، عز وجل، من صفاته، فإهلاك المكذبين من أوصافه الفعلية المتعلقة بمشيئته النافذة، وخلو السياق من قرينة صارفة في الآية الأولى هو الذي حملنا على إجراء اللفظ على ظاهره كما يليق بالله، عز وجل، ووجودها في الآية الثانية هو الذي حملنا على ترجيح معنى إتيان الفعل أو الصفة الفعلية لا إتيان الذات القدسية لاستحالة ذلك في حق الباري، عز وجل، في هذا السياق
(يُتْبَعُ)
(/)
بعينه، فالظاهر في الآية الأولى: بسيط مجرد عن القرائن، والظاهر في الآية الثانية: مركب مقيد بقرينة صارفة كما تقدم، ودلالته على المعنى المراد في كل منهما دلالة قطعية محكمة لا تشابه فيها، فكل بحسب سياقه الذي ورد فيه.
والقرينة العقلية، التي اعتمدها المتكلمون في تأويل الصفات، لا عمل لها في باب الأخبار أصلا، إذ مدار الأخبار على عدالة الناقل، اللهم إن كان الخبر مستحيلا، كالجمع بين الضدين، أو الإخبار بخلاف ما تواتر النقل بخلافه، كالإخبار بهزيمة المسلمين في غزوة بدر، فإن هذا الصنف من الأخبار باطل في نفسه، بخلاف الأخبار التي لا يحيلها العقل، فيدرك معناها، وإن كان يحتار في معرفة كنهها، كغالب أخبار الغيب من أشراط الساعة ونعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار وصفات الباري، عز وجل، فإن العقل، وإن أدرك المعاني الكلية لها، إلا أنه لا يطيق إدراك كنهها لقصور مداركه، فله حد ينتهي عنده، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
فصار:
إجراء اللفظ على ظاهره المتبادر إلى الذهن بلا قطع له عن سياقه الذي ورد فيه.
وإبطال القرينة العقلية في الغيب الذي لا يدركه العقل كنهه وإن أدرك معناه.
صار هذان الضابطان أصلا في باب الغيبيات تنحل بهما شبه التمثيل والتكييف التي تنفر منها نفوس الموحدين.
العلاقة بين التفسير والتأويل:
إما أن تكون الترادف إن قصد بهما بيان معنى اللفظ.
وإما أن تكون التباين إن قصد بالتفسير بيان معنى اللفظ، وبالتأويل: حقيقة الشيء خبرا أو إنشاء على التفصيل المتقدم.
وقال بعض أهل العلم: التفسير: ما وقع مبينا في الكتاب أو صحيح السنة، والتأويل ما استنبطه العلماء، ولذلك قال بعضهم: التفسير يتعلق بالرواية، والتأويل يتعلق بالدراية، كما أشار إلى ذلك السيوطي، رحمه الله، في "الإتقان".
فتكون العلاقة بينهما أيضا: التباين من جهة اعتماد الأول على النقل والأثر، والثاني على العقل والنظر.
وقال بعض أهل العلم: التفسير يتعلق باللفظ مفردا، والتأويل يتعلق بالسياق كاملا.
فتكون العلاقة أيضا: التباين، وإن اشتركا من جهة بيان المعنى في كليهما، فهو في الأول: جزئي، وفي الثاني: كلي.
وقال بعض أهل العلم: التفسير يكون في الكتب الإلهية وغيرها من النصوص، بينما التأويل يقتصر على الكتب الإلهية، فتكون العلاقة بينهما: العموم والخصوص المطلق، فدائرة التفسير أوسع من دائرة التأويل، فكل تأويل تفسير ولا عكس.
ومن مباحث هذا الباب:
خطورة التأويل بلا ضابط:
وهو أصل في الفرقة، وما ظهر الخلاف وانقسمت الأمة بعد مقتل عثمان، رضي الله عنه، إلا بسبب ذلك، فالخوارج الضلال ما خرجوا على أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلا متأولين نصوصَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى أداهم ذلك إلى قتل خير هذه الأمة بعد رسولها صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصاحبيه: الصديق والفاروق رضي الله عنهما!!!.
ثم عاودوا الكرة زمن أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، فقتلوا رابع المبشرين بالجنة من هذه الأمة أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر!!!.
ويعجب الناظر في حالهم: فهم أصحاب زهد وعبادة، ولكنهم أصحاب جهل مركب، سلكوا الطريق بلا علم يعصمهم، فغلوا في دين الله، عز وجل، فكان منهم ما كان من الإفساد في الأرض وسفك الدم الحرام انتصارا لدين الله عز وجل!!.
يقول الآجري رحمه الله:
"لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء عصاة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وإن صلوا وصاموا، واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس ذلك بنافع لهم؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذرنا الله تعالى منهم، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم، وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان". اهـ
بتصرف يسير من: "الشريعة"، ص23.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن تأويلات المبتدعة من سبابي الصحابة، رضي الله عنهم، فحدث ولا حرج!!!، فهم قوم قد نذروا أنفسهم للطعن في عرض الصحب الكرام، رضي الله عنهم، بتلفيق الأخبار تارة، وهذا الغالب عليهم، أو بتأويل أفعالهم بحملها على أسوأ المحامل، فيفتشون عن متشابه أفعالهم ليردوا بها محكمها، وهذا، أيضا، من صور التأويل الفاسد الذي جنى صاحبه على نفسه بضرب النصوص بعضها ببعض بدلا من الجمع بينها برد متشابهها إلى محكمها، فحاله حال الذباب الذي لا يقع إلا على كل قيح وقذر، فلا يرون في الثوب الناصع إلا البقع، ولا يجنون من الثمر إلا السقط.
ومن ذلك أيضا:
تأويلات المتكلمين الذين يعارضون الوحي بعقولهم، كالمعتزلة قديما، والعقلانيين والعلمانيين حديثا.
وعنهم يقول الآجري رحمه الله:
"والمعتزلة يخالفون هذا كله، لا يلتفتون إلى سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إلى سنن أصحابه رضي الله عنهم وإنما يعارضون بمتشابه القرآن، وبما أراهم العقل عندهم، وليس هذا طريق المسلمين وإنما هذا طريق من قد زاغ عن طريق الحق وقد لعب به الشيطان، وقد حذرنا الله، عز وجل، ممن هذه صفته، وحذرناهم النبي صلى الله عليه وسلم وحذرناهم أئمة المسلمين قديما وحديثا". اهـ
"الشريعة"، ص274.
يقول ابن القيم رحمه الله:
"إن هؤلاء المعارضين للوحي بالعقل بنوا أمرهم على أصل فاسد وهو أنهم جعلوا أقوالهم التي ابتدعوها وجعلوها أصول دينهم ومعتقدهم في رب العالمين هي المحكمة وجعلوا قول الله ورسوله هو المتشابه الذي لا يستفاد منه علم ولا يقين فجعلوا المتشابه من كلامهم هو المحكم والمحكم من كلام الله ورسوله هو المتشابه ثم ردوا تشابه الوحي إلى محكم كلامهم وقواعدهم وهذا كما جعلوا ما أحدثوه من الأصول التي نفوا بها صفات الرب جل جلاله ونعوت كماله ونفوا بها كلامه وتكليمه وعلوه على عرشه ورؤيته في الدار الآخرة محكما وجعلوا النصوص الدالة على خلاف تلك القواعد والأصول متشابهة يُقضى بتلك القواعد عليها وترد النصوص إليها فتارة يحرفون النصوص عن مواضعها ويسمون ذلك التحريف تأويلا في اللفظ وتنزيها في المعنى وتارة يقول من تجمل منهم فأحسن أراد الله ورسوله من هذه النصوص أمورا لا نعرفها ولا ندري ما أراد وتارة يقولون قصد خطاب الجمهور فأفهمهم الأمر على خلاف حقيقته لأن مصلحتهم في ذلك ................ ". اهـ
فإما تأويل، وإما تفويض لازمه تجهيل الوحي، وإما خطاب جمهوري، وكأن الرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا كساسة عصرنا يكذبون على الرعية استصلاحا لها!!!!.
وقانونهم المطرد في ذلك كما ذكر ابن القيم رحمه الله:
"إذا احتج عليكم أهل الحديث بالقرآن فغالطوهم بالتأويل، وإذا احتجوا بالأخبار فقابلوها بالتكذيب". اهـ
فالقرآن لا يقدر أحد على التشكيك في ثبوت ألفاظه، فليطعن فيه إذن من جهة معانيها، بينما الأخبار يمكن ردها بحجة كذبها أو ضعفها، فما أسهل أن يقال بأنها: أخبار موضوعة!!!، وإن كان الحديث في أعلى درجات الصحة، والمكذب به من أجهل الناس بكلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم!!!.
ويفصل ابن القيم، رحمه الله، في موضع ثالث أنواع تأويلاتهم الفاسدة فيقول:
"إن التأويل يتجاذبه أصلان: التفسير والتحريف، فتأويل التفسير هو الحق وتأويل التحريف هو الباطل فتأويل التحريف من جنس الإلحاد فإنه هو الميل بالنصوص عن ما هي عليه إما بالطعن فيها أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها وكذلك الإلحاد في أسماء الله تارة يكون بجحد معانيها حقائقها وتارة يكون بإنكار المسمى بها وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها فالتأويل الباطل هو إلحاد وتحريف وإن سماه أصحابه تحقيقا وعرفانا وتأويلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمن تأويل التحريف والإلحاد تأويل الجهمية قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] أي جرح قلبه بالحكم والمعارف تجريحا ومن تحريف اللفظ تحريف إعراب قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ} في الرفع إلى النصب وقال: "وكلم اللهَ" أي موسى كلم الله ولم يكلمه الله وهذا من جنس تحريف اليهود بل أقبح منه واليهود في هذا الموضع أولى بالحق منهم ولما حرفها بعض الجهمية هذا التحريف قال له بعض أهل التوحيد: فكيف تصنع بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 43] فبهت المحرف". اهـ
ويقرر أربعة أمور تلزم الإجابة عنها قبل التسليم للمتأول بصحة تأويله هي:
"الأمر الأول: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوله في ذلك التركيب الذي وقع فيه وإلا كان كاذبا على اللغة منشئا وضعا من عنده فإن اللفظ قد لا يحتمل ذلك المعنى لغة.
والثاني: أن يبين وجه تعيينه لهذا المعنى.
والثالث: إقامة الدليل الصارف للفظ عن حقيقته وظاهره فإن دليل المدعي للحقيقة والظاهر قائم فلا يجوز العدول عنه إلا بدليل صارف يكون أقوى منه، (فالمتأول: ناقل عن الأصل المستقر فيلزمه الدليل).
والرابع: الجواب عن المعارض فإن مدعي الحقيقة قد أقام الدليل العقلي والسمعي على إرادة الحقيقة". اهـ
بتصرف واسع من "الصواعق المرسلة".
فالحاصل أن التأويل بلا ضابط جناية، أي جناية، على نصوص الشريعة المطهرة.
ولم تكن تلك طريقة الصحابة، رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس بنصوص الوحي: مبنى، فقد نزل بلغتهم، ومعنى، فقد نزل وهم شهود فأفادهم ذلك ما لم يفد من جاء بعدهم من عقل المعنى ومعرفة مراد الشارع عز وجل، وتلك ميزة لا مطمع لمن جاء بعدهم في إدراكها، وإن كان من أهل الدين والفضل والرسوخ في العلم، فكيف إذا كان لا يحسن حتى الوضوء كحال أغلب العلمانيين أدعياء العلم في العصر الحاضر.
وعن خطورة التأويل يقول ابن القيم رحمه الله:
"فَأَصْلُ خَرَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَلَامِهِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرَادُهُ، وَهَلْ اخْتَلَفَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الْأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ فَمِنْ بَابِهِ دَخَلَ إلَيْهَا، وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟. وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، بَلْ سَائِرُ أَدْيَانِ الرُّسُلِ لَمْ تَزَلْ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ حَتَّى دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ". اهـ
وانظر إلى تأويلات النصارى للألفاظ المجملة في كتبهم وحملهم إياها على أفسد المعاني حتى سبوا الله، عز وجل، مسبة، من أشنع ما تتصوره العقول بحجة تعظيم المسيح عليه السلام!!!.
والله أعلى وأعلم.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 12:07 ص]ـ
جزيت خيراً أخى الحبيب.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 09:08 ص]ـ
وجزيت خيرا أيها الحبيب الكريم، وعذرا على التأخر في الرد، وقد بعثت لك من فترة رسالة على الخاص فيها تهنئة بمناسبة العودة إلى المنتدى بعد طول غياب، وفيها تنويه بشأن إحدى النقاشات التي دارت بينك وبين أحد الفضلاء من أعضاء المنتدى، أرجو أن تكون قد اطلعت عليها.
ومع مسألة: اختلاف المفسرين وأسبابه:
فقد أرجعه ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير" إلى سببين:
الأول: التعبير باسم يدل على معنى في المسمى غير المعنى الذي يدل عليه الاسم الآخر، فالمسمى واحد، والاسمان مختلفان، بمنزلة الأسماء المتكافئة، فإنها:
مترادفة: من جهة دلالتها على مسمى واحد.
متباينة: من جهة دلالتها على صفات مختلفة في المسمى الواحد.
كما قال أهل العلم في أسماء الله، عز وجل، فهي:
(يُتْبَعُ)
(/)
مترادفة: من جهة دلالتها على ذات الباري، عز وجل، ولذلك يجاب عن السؤال عن المسمى بـ: "من" بجواب واحد، وإن اختلف الاسم المسئول به، إذ الذات التي تدل عليها كل الأسماء واحدة، فيقال في جواب: من القدوس؟، من السلام؟، من المؤمن؟ ............. إلخ، يقال في جوابها جميعا: الله تبارك وتعالى.
ومتباينة: من جهة دلالتها على المعاني التي اشتقت منها، فهي أعلام وأوصاف في نفس الوقت، خلافا للمعتزلة الذين قصروها على العلمية وأنكروا ما تضمنته من صفات، فيقال في جواب: ما القدوس؟، هو: الذات الإلهية المتصفة بصفة القدسية، ويقال في جواب: ما السلام؟، هو: المتصف بالسلامة من كل عيب ............. إلخ، إذ "ما" يسأل بها عن الصفة، وفي التنزيل: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)، فالمقصود صفة المرأة التي يستطيبها الناكح، بغض النظر عن عين المنكوحة.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير":
"فإذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم، وقد يكون الاسم علمًا وقد يكون صفة كمن يسأل عن قوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي} [طه: 124] ما ذكره؟ فيقال له: هو القرآن مثلا، أو هو ما أنزله من الكتب ........................ وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به، فلا بد من قدر زائد على تعيين المسمى، مثل أن يسأل عن القدوس السلام المؤمن، وقد علم أنه اللّه، لكن مراده ما معنى كونه قدوسًا سلامًا مؤمنًا ونحو ذلك". اهـ
ومن ذلك أيضا:
أسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهي من جهة دلالتها على ذاته الشريفة: مترادفة، ومن جهة دلالتها على صفاته: متباينة، فالذات التي يدل عليها اسم "أحمد" هي نفس الذات التي يدل عليها اسم "محمد"، وإن اختلف الوصفان اللذان يتضمنهما الاسمان.
فأسماء النبي صلى الله عليه وسلم، كما يقول ابن القيم _ رحمه الله _: نعوت، ليست أعلاما محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به توجب له المدح والكمال.
فهي تشبه أسماء الله، عز وجل، من جهة كونها: أعلاما دالة على أوصاف، وليست محض أعلام كبقية أسماء البشر، فقد يسمى أبخل الناس: كريما، فيكون المشتق في حقه بمنزلة الاسم الجامد، حجر أو شجر أو .......... إلخ، الذي يدل على المسمى دون اعتبار للوصف إذ لا دلالة له على وصف أصلا لكونه جامدا غير مشتق.
يقول ابن القيم رحمه الله، في "زاد المعاد" (1/ 30):
وأسماؤه صلى الله عليه وسلم نوعان:
أحدهما: خاص لا يشاركه فيه غيره من الرسل كـ: محمد وأحمد والعاقب والحاشر والمقفي ونبي الملحمة.
والثاني: ما يشاركه في معناه غيره من الرسل ولكن له منه كماله فهو مختص بكماله دون أصله كرسول الله ونبيه وعبده والشاهد والمبشر والنذير ونبي الرحمة ونبي التوبة.
والثاني (من أسباب الاختلاف): أن يكون التعريف بالمثال، فيضرب كل معرِف مثلا يبين المعرَف، من غير حاجة إلى حده: حدا جامعا مانعا، على طريقة المناطقة في صناعة الحدود، فلا يكون ذكر هذا المثل مخصصا لعموم المعرف إذ: "ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه".
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"مثال ذلك: ما نقل في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32]
فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات، والمنتهك للمحرمات، والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات، فالمقتصدون هم أصحاب اليمين {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11]، ثم إن كلاً منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق الذي يصلى في أول الوقت، والمقتصد الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار، ويقول الآخر: السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع. والناس في الأموال إما محسن، وإما
(يُتْبَعُ)
(/)
عادل، وإما ظالم، فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات. والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة. والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة، ولا يأكل الربا، وأمثال هذه الأقاويل.
فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره، فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطلق، والعقل السليم يتفطن للنوع، كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف، فقيل له: هذا هو الخبز". اهـ
ولذلك كان من أبطل صور الاستدلال: تخصيص العام بفرد من أفراده بلا مخصص معتبر، كمن يخصص نصا في عموم مدح أو ذم بفرد بعينه سواء أكان سببَ النزول، أم لم يكن، وإنما حمل الآية على مدلوله حملا، وغاية ما يقال في ذلك إن صح سبب النزول:
أن دخول ذلك الفرد الذي نزل النص فيه في عموم النص: قطعي فلا يخرج بتخصيص أو نسخ، بخلاف بقية الأفراد فدخولها في العام: دخولٌ ظني يحتمل التخصيص إذ الأصل في دلالة العام على أفراده: الظنية، ولذلك كان الخاص قاضيا عليه لأن دلالة الخاص: قطعية، والقطعي يقضي على الظني لأنه أقوى من جهة الدلالة.
أو يقال: إن كان التخصيص جائزا فهو تخصيص بصورة السبب، لا بعينه، فيعم كل من تحققت فيه العلة التي شرع الحكم لأجلها، كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ)، فالعموم مخصوص بصورة من ورد فيه، وهو ذلك الرجل الذي شق عليه الصوم في السفر، فلا يقال بأن النص خاص بعينه، ولا يقال بالعموم المطلق، وإنما العموم مقيد بكل من تحققت فيه علة ورود النص وهي: وجدان المشقة في الصوم أثناء السفر.
ومنه قوله تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ):
يقول القرطبي رحمه الله: "وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: (وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها) قال: (الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبد القيس في الأرض) ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 112).
فالنص على الأنصار وعبد القيس هو من باب التمثيل لأفراد العام فلا يخصصه، إذ قد أطاع الله، عز وجل، غير الأنصار وعبد القيس، فأطاع المهاجرون، وأطاع أهل الأمصار المفتوحة، وأتباع الأنبياء السابقين، بل إن الآية تعم كل مؤمن أطاع أمر الله، عز وجل، الشرعي إلى يوم القيامة.
وقوله تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ):
يقول القرطبي رحمه الله:
"اختلفوا في التعيين، فقال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة.
قلت، (أي: القرطبي رحمه الله): وقول ابن عباس هذا رواه مالك بن سليمان الهروي أخو غسان عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه" قال: (يعني تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة) ذكره أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب (صاحب تاريخ بغداد المتوفى سنة 463 هـ).
وقال فيه: منكر من حديث مالك.
قال عطاء: تبيض وجوه المهاجرين والأنصار، وتسود وجوه بني قريظة والنضير.
وقال أبي بن كعب: الذين اسودت وجوههم هم الكفار، وقيل لهم: أكفرتم بعد إيمانكم لإقراركم حين أخرجتم من ظهر آدم كالذر. هذا اختيار الطبري.
الحسن: الآية في المنافقين.
قتادة: هي في المرتدين.
عكرمة: هم قوم من أهل الكتاب كانوا مصدقين بأنبيائهم مصدقين بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فلما بعث عليه السلام كفروا به، فذلك قوله: "أكفرتم بعد إيمانكم". وهو اختيار الزجاج.
مالك بن أنس: هي في أهل الأهواء.
أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم: هي في الحرورية.
وفي خبر آخر أنه عليه السلام قال: "هي في القدرية"". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 146).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قال بعض أهل العلم بأن كل حديث في ذم الفرق في ثبوته نظر إلا أحاديث ذم الخوارج، ومع ذلك لم يرد فيها تسميتهم بـ: "الحرورية"، لأنها تسمية اصطلاحية حدثت بعد وقوع الفتنة، ولعل أبا أمامة، رضي الله عنهم، أراد بقوله: من اتصف بالخروج على جماعة المسلمين أيا كان اسمه، وإنما سمي الأولون بذلك لأنهم سكنوا "حروراء" لا لمعنى في ذات التسمية.
وقد تلخص من كلام القرطبي، رحمه الله، تسعة أقوال، وكلها من باب التمثيل، إذ النص على أحدها لا ينفي دخول بقيتها في عموم الموصول: "الذين"، فتكون من باب التفسير بالمثال.
ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ):
ففي تفسير "البطانة" أقوال منها: الكفار، واليهود منهم خاصة، وأهل الأهواء، والخوارج منهم خاصة، والنص على أحد هذه الأقوال لا ينفي دخول بقيتها في عموم النكرة: "بطانة" في سياق نفي الاتخاذ، فتكون، أيضا، من باب التمثيل لا الحد الجامع المانع.
ومنه أيضا: قوله تعالى: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ):
يقول القرطبي رحمه الله: "واللفظ عام في كل ما يحسن ويسوء. وما ذكره المفسرون من الخصب والجدب واجتماع المؤمنين ودخول الفرقة بينهم إلى غير ذلك من الأقوال أمثلة وليس باختلاف". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 160).
فهو اختلاف تنوع لا تضاد فصح نفي صفة الاختلاف عنه من جهة الاختلاف الذي تتضاد فيه الأقوال أو تتناقض.
وقوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ):
يقول القرطبي رحمه الله:
"قال أنس ابن مالك ومكحول في تفسير: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم): معناه: إلى تكبيرة الإحرام.
وقال علي بن أبي طالب: إلى أداء الفرائض.
عثمان بن عفان: إلى الإخلاص.
الكلبي: إلى التوبة من الربا.
وقيل: إلى الثبات في القتال.
وقيل غير هذا.
والآية عامة في الجميع". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 179).
فذكر أحد الأقوال لا يمنع دلالة اللفظ على غيره.
&&&&&
ويلتحق بذلك: أسباب النزول، فهي أفراد ورد عموم النص عليها، كورود نص الظهار على سبب: ظهار أوس بن الصامت، رضي الله عنه، من زوجه، فلا يقال بأن العام مقصور على هذا الفرد بعينه، إذ العبرة بـ: "عموم اللفظ لا بخصوص السبب"، كما قرر الأصوليون، وقصر العموم على فرد بعينه: تخصيص بلا مخصص يهدر عموم النص، والأصل في العمومات: الإعمال لا الإهمال.
فمن ذلك:
قوله تعالى: (يأيها الناس كلوا مما في الأرض حللا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين):
يقول القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: "يأيها الناس" قيل: إنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني مدلج فيما حرموه على أنفسهم من الأنعام، واللفظ عام". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 184).
وفي قوله تعالى: (خطوات الشيطان)، يقول القرطبي رحمه الله:
"والمعنى على قراءة الجمهور: ولا تفقوا أثر الشيطان وعمله، وما لم يرد به الشرع فهو منسوب إلى الشيطان.
قال ابن عباس: "خطوات الشيطان" أعماله.
مجاهد: خطاياه.
السدي: طاعته.
أبو مجلز: هي النذور في المعاصي". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 185).
وكلها أفراد يجمعها عموم واحد.
وقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ):
يقول القرطبي رحمه الله:
"لما بين الله تعالى أن ما جرى يوم أحد كان امتحانا يميز المنافق من الصادق، بين أن من لم ينهزم فقتل له الكرامة والحياة عنده.
والآية في شهداء أحد. وقيل: نزلت في شهداء بئر معونة. وقيل: بل هي عامة في جميع الشهداء .......................
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أبو الضحى: نزلت هذه الآية في أهل أحد خاصة. وقال بعضهم: نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلا، ثمانية من الأنصار، وستة من المهاجرين.
وقيل: نزلت في شهداء بئر معونة، وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق وغيره". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 236، 237).
فهذه الأقوال، وإن ورد العام عليها، كأسباب نزول، إلا أنها لا تخصصه، فهي من قبيل: المثال، وذكر المثال لا يخصص العام، فإن الحكم في الآية قد علق على وصف القتل في سبيل الله، الذي اشتقت منه جملة الصلة: "الذين قتلوا"، وهو وصف لا يختص بالمذكورين بل يعم كل من قتل في سبيل الله.
ومنه أيضا: قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ):
فقد ورد في أسباب نزول هذه الآية أنها نزلت في النجاشي، رحمه الله، وهو معدود في طبقة المخضرمين الذين أسلموا زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يلقوه.
يقول القرطبي رحمه الله:
"قال جابر بن عبد الله وأنس وابن عباس وقتادة والحسن: نزلت في النجاشي، وذلك أنه لما مات نعاه جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي)، فقال بعضهم لبعض: يأمرنا أن نصلي على علج من علوج الحبشة، فأنزل الله تعالى: "وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم" .............. وقال مجاهد وابن جريج وابن زيد: نزلت في مؤمني أهل الكتاب، وهذا عام والنجاشي واحد منهم". اهـ بتصرف.
"الجامع لأحكام القرآن"، (4/ 285).
فذكر النجاشي، رحمه الله، وهو فرد من أفراد عموم المركب الإضافي: "أهل الكتاب" لا يخصصه، إذ هو من باب التعريف بالمثال، فتعم الآية كل من تحققت فيه الأوصاف المذكورة في الآية من أهل الكتاب من لدن نزولها إلى قيام الساعة.
ويشير إلى ذلك قول أبي السعود رحمه الله:
"قيل هم عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ وأصحابُه وقيل هم أربعون من أهل نجرانَ واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانيةٌ من الروم كانوا نصارى فأسلموا، وقيل المرادُ به أصحْمةُ النجاشيُّ فإنه لما مات نعاه جبريلُ إلى النبي عليه فقال عليه السلام: «أخرُجوا فصلُّوا على أخٍ لكم ماتَ بغير أرضكم»، فخرج إلى البقيع فنظر إلى أرض الحبشةِ فأبصر سريرَ النجاشيِّ وصلى عليه واستغفر له، فقال المنافقون انظُروا إلى هذا يصلي على عِلْج نصراني لم يرَه قطُّ وليس على دينه، فنزلت". اهـ
فاختلاف الأفراد المذكورين: عبد الله بن سلام، رضي الله عنه، وأهل نجران، والنجاشي: دليل على عدم اختصاص النجاشي، رحمه الله، بعموم هذه الآية، وإن وردت عليه، فدخوله فيها قطعي لا يقبل التخصيص، لأنه سببها، بخلاف بقية الأفراد فدخولها فيه ظني يقبل التخصيص، وإن كان الأصل في العام: حمله على العموم حتى يرد دليل التخصيص، كما تقدم، فلا يتوقف فيه حتى يرد المخصِص، وإنما يعمل به حتى يرد المخصِص، على الراجح من أقوال الأصوليين، فيخرج المخصَص من الحكم بدليل معتبر، لا بتخرص أو تحكم لا دليل عليه.
ومنه قوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ):
يقول ابن الجوزي، رحمه الله، في "زاد المسير":
" {الذين آتيناهم الكتاب} وفيهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم مؤمنو أهل الكتاب، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.
والثاني: مسلمو أهل الإنجيل، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أُحُداً، فنزلت فيهم هذه الآية.
والثالث: مسلمو اليهود، كعبد الله بن سلام وغيره، قاله السدي". اهـ
ولا مانع من دخول أولئك، ودخول كل مؤمن من أهل الكتاب عرف الحق فاتبعه، فذكر أولئك من باب التمثيل للعام ببعض أفراده، كما تقدم.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول النيسابوري رحمه الله: "والتحقيق أن كل من حصل في حقه هذه الصفة يكون داخلا في الآية، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب". اهـ
وقوله تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ):
يقول أبو السعود رحمه الله: "وقيلَ: نزلتْ في الأخنسِ بْنِ شُرَيقٍ فإنَّهُ كانَ ضارياً بالغِيْبةِ والوقيعةِ، وقيلَ: في أميةَ بنِ خَلَفٍ، وقيلَ: في الوليدِ بْنِ المغيرةِ واغتيابه لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم غضةً مِنْ جنابِه الرفيعِ واختصاصُ السببِ لا يستْدِعي خصوصَ الوعيدِ بهمِ بلْ كلُّ منْ اتصفَ بوصفهِم القبيحْ فلَهُ ذنوبٌ منْهُ مثلُ ذنوبِهم". اهـ
وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ):
يقول أبو السعود رحمه الله: "قيل: نزلت في الأخنس بنِ شُرَيقٍ الثقفي وكان حسنَ المنظر حلوَ المنطق يوالي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ويدعي الإسلامَ والمحبة وقيل: في المنافقين". اهـ
فذكر الأخنس، أو: المنافقين، لا يعني قصر الحكم عليهما بل هو عام في كل من تحقق فيه الوصف المذكور في الآية، فيكون ذكرهما من باب التمثيل للعام: "من" الموصولة في: (من يعجبك).
وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ):
فقد ورد أنها نزلت في صهيب الرومي، رضي الله عنه، وقيل: في علي، رضي الله عنه، كما في ذكر ذلك الثعلبي، رحمه الله، في تفسيره، وقد حكم ابن تيمية، رحمه الله، في "منهاج السنة"، على هذه الرواية بالوضع، وردها من وجوه، وقد علم تساهل الثعلبي، رحمه الله، في رواية كل ما وقع له، وإلى ذلك أشار ابن تيمية، رحمه الله، بقوله:
"أجمع أهل العلم بالحديث أن الثعلبي يروي طائفة من الأحاديث الموضوعات كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة عن أبي أمامة في فضل تلك السورة وكأمثال ذلك ولهذا يقولون هو كحاطب ليل وهكذا الواحدي تلميذه وأمثالهما من المفسرين زيادة ينقلون الصحيح والضعيف ولهذا لما كان البغوي عالما بالحديث أعلم به من الثعلبي والواحدي وكان تفسيره مختصر تفسير الثعلبي لم يذكر في تفسيره شيئا من الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي ولا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها الثعلبي مع أن الثعلبي فيه خير ودين لكنه لا خبرة له بالصحيح من الأحاديث زيادة ولا يميز بين السنة والبدعة في كثير من الأقوال". اهـ
وسواء قيل بنزولها في صهيب أو علي، رضي الله عنهما، فإن ذكرهما قائم مقام التمثيل لعموم الاسم الموصول: "من يشري"، فلا يخصصه.
وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا).
يقول القرطبي رحمه الله:
"روى يزيد بن زريع عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم، لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم، فلما اختلفا اجتمعا على أن يحكما كاهنا في جهينة، فأنزل الله تعالى في ذلك: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم امنوا بما أنزل إليك) يعني المنافق، (وما أنزل من قبلك) يعني اليهودي، (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) إلى قوله: (ويسلموا تسليما) وقال الضحاك: دعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف وهو (الطاغوت). ورواه أبو صالح عن ابن عباس"
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 231).
(يُتْبَعُ)
(/)
فسبب النزول أحد أفراد عموم الآية فلا يخصصه، وإن كان قطعي الدخول فيه، كما تقدم، فإن الطاغوت كل ما عبد من دون الله، عز وجل، أيا كانت عينه، أو هو مشتق من الطغيان، فحده كما ذكر بعض أهل العلم: ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، وتلك أوصاف عامة لا تختص بكعب بن الأشرف أو ذلك الكاهن من جهينة، بل تعم كل من تحققت فيه.
ومنه قوله تعالى: (وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)
فسبب نزولها: ما كتمه اليهود من نبأ محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حرصا على مكاسبهم ومطاعهم.
ولا يختص النص بسبب النزول، فهو فرد من أفراد عمومه: فلا يخصصه، فيعم كل كاتم للعلم حرصا على عرض الدنيا الزائل.
يقول القرطبي رحمه الله:
"نهاهم عن أن يكونوا أول من كفر وألا يأخذوا على آيات الله ثمنا أي على تغيير صفة محمد صلى الله عليه وسلم رشى.
وكان الأحبار يفعلون ذلك فنهوا عنه قاله قوم من أهل التأويل منهم الحسن وغيره.
وقيل: كانت لهم مآكل يأكلونها على العلم كالراتب فنهوا عن ذلك.
وقيل: إن الأحبار كانوا يعلمون دينهم بالأجرة فنهوا عن ذلك.
وفى كتبهم: يابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا أي باطلا بغير أجرة قاله أبو العالية.
وقيل: المعنى ولا تشتروا بأوامري ونواهي وآياتي ثمنا قليلا يعني الدنيا ومدتها والثمن الذي هو نزر لا خطر له فسمي ما اعتاضوه عن ذلك ثمنا لأنهم جعلوه عوضا فانطلق عليه اسم الثمن وإن لم يكن ثمنا .............. قلت (أي: القرطبي رحمه الله): وهذه الآية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل فهي تتناول من فعل فعلهم. فمن أخذ رشوة على تغيير حق أو إبطاله أو امتنع من تعليم ما وجب عليه أو أداء ما علمه وقد تعين عليه حتى يأخذ عليه أجرا فقد دخل في مقتضى الآية. والله أعلم.
وقد روى أبو داود عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) يعنى ريحها". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 321).
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
يقول القرطبي رحمه الله: "وهذه الآية نزلت في النجاشي وأصحابه لما قدم عليهم المسلمون في الهجرة الأولى - حسب ما هو مشهور في سيرة ابن إسحاق وغيره - خوفا من المشركين وفتنتهم، وكانوا ذوي عدد". اهـ
ونزولها في الموحدين من النصارى من أمثال النجاشي لا يعني قصر عمومها عليهم، فالعام الوارد على سبب لا يختص بسببه، إذ هو فرد من أفراده، وذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، كما تقدم، فتشمل كل من ثاب إلى دين الإسلام من النصارى في كل زمان ومكان.
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ).
يقول القرطبي رحمه الله:
"قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون) أخبر أن قوما ممن أوتوا الكتاب من بني إسرائيل من قبل القرآن يؤمنون بالقرآن، كعبد الله بن سلام وسلمان.
ويدخل فيه من أسلم من علماء النصارى، وهم أربعون رجلا، قدموا مع جعفر بن أبي طالب المدينة، اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة، وثمانية نفرا أقبلوا من الشام وكانوا أئمة النصارى: منهم بحيراء الراهب وأبرهة والأشرف وعامر وأيمن وإدريس ونافع. كذا سماهم الماوردي. وأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية والتي بعدها: "أولئك يوتون أجرهم مرتين بما صبروا"، قاله قتادة.
وعنه أيضا: أنها أنزلت في عبد الله بن سلام وتميم الداري والجارود العبدي وسلمان الفارسي، أسلموا فنزلت فيهم هذه الآية.
وعن رفاعة القرظي: نزلت في عشرة أنا أحدهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عروة بن الزبير: نزلت في النجاشي وأصحابه ووجه باثني عشر رجلا فجلسوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم، فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه، فقال لهم: خيبكم الله من ركب، وقبحكم من وفد، لم تلبثوا أن صدقتموه، وما رأينا ركبا أحمق منكم ولا أجهل، فقالوا: (سلام عليكم) لم نأل أنفسنا رشدا، (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) ". اهـ
فتعدد الأقوال في سبب نزول الآيات بتعدد من قيل بأنها نزلت فيه: دليل على عدم اختصاصها بأفراد بعينهم، وإنما هي في حق نوع من البشر تحقق فيهم وصف الكتابيين ابتداء، والمسلمين انتهاء، فوقع لهم الأجران، وفي البخاري من حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، مرفوعا: (ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ).
ومنه قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ):
فقد ورد في سبب نزولها: أنها نزلت في بني سلمة لما أرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فقال لهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، مرفوعا: (إِنَّ آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلَا تَنْتَقِلُوا)، كما عند الترمذي رحمه الله.
ولا يمنع خصوص السبب من إعمال عموم اللفظ، فإن آثار العباد لا تقتصر على خطاهم إلى المساجد بل تعم كل آثارهم سواء أكانت أمورا محسوسة، كالخطى والبنايات و .............. إلخ، أم أمورا معلومة كصنوف العلوم التي خلفها العلماء، وعند مسلم، رحمه الله، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)، فتلك أيضا من: آثار العباد.
وعلى النقيض قد يترك المرء آثارا سيئة فتكون: سيئة جارية يناله حظه منها، كما في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، مرفوعا: (لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا)، وحديث: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ)، أصل في هذا الباب.
فتحصل أن سبب النزول لا يعدو كونه فردا من أفراد الآثار التي يتركها المكلف حسنة كانت أو سيئة، فمن فسر الآية بسبب النزول فقد فسرها بأحد أفراد عمومها، وهو الأولى، إذ التزام النص: تأصيلا وتمثيلا، أولى، وإن كان غيره صحيحا، ومن ذكر في تفسير عمومها: أفرادا أخرى، فتفسيره صحيح، لأن الاختلاف في التمثيل لأصل واحد من باب: اختلاف التنوع السائغ.
وإلى ذلك أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: " {وَءاثَارَهُمْ} التي أبقوها من الحسناتِ كعلمٍ علمُوه أو كتابٍ ألَّفُوه أو حبيسٍ وقفُوه أو بناءٍ بنوَه من المساجدِ والرِّباطاتِ والقناطرِ وغيرِ ذلك من وجوهِ البرِّ ومن السَّيئاتِ كتأسيسِ قوانينِ الظُّلمِ والعُدوانِ وترتيبِ مبادِىء الشَّرِّ والفسادِ فيما بين العبادِ وغيره ذلكَ من فُنون الشُّرور التي أحدثُوها وسنُّوها لمن بعدهم من المُفسدين. وقيل هي آثارُ إلى المشَّائينَ إلى المساجدِ ولعلَّ المرادَ أنَّها من جُملةِ الآثارِ". اهـ
ومنه قوله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
فقد نزلت في أحبار يهود: كانوا يأمرون الأنصار بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكفرون به.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال بعض أهل العلم: كانوا يحضون على الطاعة ويواقعون المعاصي.
وقال آخرون: كانوا يأمرون بالصدقة ويبخلون.
وكل هذه المعاني صحيحة، فالاختلاف: اختلاف تنوع، فلا يمتنع الجمع بينها.
يقول القرطبي رحمه الله: "قال ابن عباس: كان يهود المدينة يقول الرجل منهم لصهره ولذي قرابته ولمن بينه وبينه رضاع من المسلمين اثبت على الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل يريدون محمدا صلى الله عليه وسلم فإن أمره حق فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.
وعن ابن عباس أيضا: كان الأحبار يأمرون مقلديهم وأتباعهم باتباع التوراة وكانوا يخالفونها في جحدهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن جريج كان الأحبار يحضون في طاعة الله وكانوا هم يواقعون المعاصي وقالت فرقة كانوا يحضون على الصدقة ويبخلون والمعنى متقارب". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 354).
ومنه قوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)
فقد ورد أنها نزلت في ثابت بن رفاعة، رضي الله عنه، وكان في حجره ابن أخيه، فجاء يسأل: ماذا أنفق عليه، ومتى أدفع إليه ماله.
فلا يقال بأن سبب النزول يخصص عموم اللفظ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وغاية ما هناك أن يقال: التخصيص: تخصيص نوع لا فرد، فيخص بصورة السبب لا بعينه، وهذا نوع عموم يشمل السبب وما وجدت فيه علة الحكم من بقية الصور، فعموم العلة، مع كونه معنويا والأصل في العموم أن يكون لفظيا، إلا أنه قد يفيد في بيان تعدي الحكم إلى غير صورة السبب.
ومنه قوله تعالى: (وَلَتَسمعُنّ مِنَ الّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذينَ أشْركُوا أذىً كثِيراً)
فقد نزلت في عدو الله: كعب بن الأشرف الذي آذى الله ورسوله وحرض على حربهما، وشبب بنساء المسلمين.
فيقال والله أعلم: الأمر بالصبر في آخر الآية: منسوء، فإذا كانت المصلحة في التجاوز تعين الصفح، وإن كانت المصلحة في الأخذ بالذنب تعين العقاب، والمصلحة الشرعية المعتبرة أصل في هذا الباب، فلا يؤمر بمعروف يكون ذريعة إلى منكر أعظم، ولا ينهى عن منكر إلا إذا غلب على ظن الناهي ارتفاع المنكر، أو زواله قدر الاستطاعة مع عدم فوات مصلحة أعظم، أو وقوع منكر أعظم، لأن الفقه: دفع أعظم المفسدتين بأصغرهما، لا استجلاب العظمى برفع الصغرى، فإن ذلك ليس من الفقه في شيء.
فإذا تقرر ذلك بان أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكعب داخل في الآية دخولا قطعيا، وغيره ممن آذى المسلمين وكانت المصلحة في قتله: داخل في عموم لفظ الآية إما دخولا أوليا، وإما دخولا ثانويا بالقياس على صورة السبب، فلا يقال بأن السبب مخصص لعموم النص فلا يجري حكم الآية إلا على كعب.
ومنه قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)
فقد نزلت في قريش لما أجمعت أمرها واستنهضت رجالها لحرب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا يقال بأن الآية خاصة بقريش بل هي عامة في كل من نصب العداء للإسلام وأهله.
يقول ابن هشام رحمه الله:
"لَمّا أُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ كُفّارِ قُرَيْشٍ أَصْحَابِ الْقَلِيبِ، وَرَجَعَ فَلّهُمْ إلَى مَكّةَ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِعِيرِهِ مَشَى عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ، فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، مِمّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَكَلّمُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ مِنْ قُرَيْشٍ تِجَارَةٌ فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إنّ مُحَمّدًا قَدْ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَتَرَكُمْ، وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ فَلَعَلّنَا نُدْرِكُ مِنْهُ ثَأْرَنَا بِمَنْ أَصَابَ مِنّا، فَفَعَلُوا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَفِيهِمْ كَمَا ذَكَرَ لِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَزَلَ اللّهُ تَعَالَى: {إِنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمّ تَكُونُ - عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمّ يُغْلَبُونَ وَالّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنّمَ يُحْشَرُونَ} ". اهـ
"سيرة ابن هشام"، (3/ 14).
ومنه قوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
فقد نزلت هذه الآية في الأنصار وكان لهم طمع في إسلام حلفائهم من اليهود. فلا يقال بأن سبب النزول مخصص لعموم معنى الآية، إذ العموم المعنوي يشمل كل من حرص وطمع في هداية ضال معاند، وفي التنزيل: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"، والناس في هذا المقام ثلاثة أقسام:
الضال الذي يسأل مسترشدا فإن لصاحب الحق أن يطمع فيه أيما طمع.
والضال الذي يعتقد صحة ما هو عليه فهو يتعصب له لأنه يعتقده حقا لا لمجرد العناد، فهذا، أيضا، ممن يطمع فيه، وإن كان الجهد المبذول معه أكبر، مع وجوب تصدي أهل العلم الراسخين له، فلن يقتنع بأي قول يلقى له.
والمعاند الذي يعرف الحق ويعدل عنه ففيه فهو يهودي المسلك، فتعمه هذه الآية بمعناها، وإن نزل مبناها في غيره. وهذا ممن يناظر لتقام عليه الحجة ويبين للناس بطلان مقالته فلا يغتر بها أحد، فتكون مناظرته من باب دفع الصائل.
وعنهم يقول القرطبي رحمه الله: "إن العالم بالحق المعاند فيه بعيد من الرشد، لأنه علم الوعد والوعيد ولم ينهه ذلك عن عناده". اهـ بتصرف.
ويقول رحمه الله: "قوله تعالى: "أفتطمعون أن يؤمنوا لكم" هذا استفهام فيه معنى الإنكار، كأنه أيأسهم من إيمان هذه الفرقة من اليهود، أي إن كفروا فلهم سابقة في ذلك، والخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك أن الأنصار كان لهم حرص على إسلام اليهود للحلف والجوار الذي كان بينهم. وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، عن ابن عباس". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (6/ 3، 4).
والأصل في خطابات الشارع، عز وجل، العموم، فضلا عن كون الخطاب واردا بصيغة الجمع: الواو في "أفتطمعون"، والأصل فيه حقيقة الجمع إلا أن يقال بأن الخطاب خاص به صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد ورد بصيغة الجمع تعظيما له، وفي ذلك عدول عن الأصل من جهتين:
من جهة عموم الخطاب.
ومن جهة العدول عن معنى الجمع الحقيقي إلى معناه الكنائي.
والأمثلة في ذلك كثيرة، وهي تصلح مادة بحث، بتتبع أمثلة الاختلاف في أحد التفاسير المطولة كتفسير الطبري أو القرطبي أو ابن كثير رحمه الله الجميع.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 01 - 2009, 08:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عذرا على هذا الانقطاع الطويل.
ومع بقية أسباب الاختلاف بين المفسرين:
فمن صور الاختلاف التي ذكرها أهل العلم:
الاختلاف الناشئ من الاشتراك اللفظي، فإن المشترك اللفظي يدل على كل معانيه على سبيل البدل لا الشمول، إذ عمومه: بدلي لا شمولي، فلا يدل على كل معانيه في سياق واحد، إذ لا رابط، ولو من جهة المعنى الكلي المطلق، بين أفراد المشترك اللفظي، فأفراده متباينة الحقائق لا يجمعها أصل كلي.
فـ: "العين" إذا أطلقت على الباصرة وعلى الذهب وعلى عين الماء، فلا تصح إرادة تلك الحقائق في نفس الوقت لتمام التباين بينها، فلا جامع بينها إلا المادة اللفظية، والاشتراك في المبنى لا يلزم منه الاشتراك في المعنى.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين؛ إما لكونه مشتركًا في اللفظ كلفظ {قَسْوَرَةٍ} الذي يراد به الرامي، ويراد به الأسد، ولفظ {عَسْعَسَ} الذي يراد به إقبال الليل وإدباره". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
"شرح مقدمة أصول التفسير"، ص33.
وخالف بعض أهل العلم في ذلك، بل جعله ابن تيمية، رحمه الله، قول جمهور فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة، رحم الله الجميع، فقالوا بجواز حمل المشترك على معنييه، إذا احتمل السياق كليهما.
&&&&&
ومن صور الاشتراك التي أشار إليها شيخ الإسلام، رحمه الله، في "رسالة أصول التفسير":
الاشتراك في الضمائر:
في نحو قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى).
فمرجع الضمائر في "دنا" و: "تدلى" و: "كان": يحتمل: الله، عز وجل، فيكون دنوه على الوجه اللائق بجلاله بكيفية لا تدركها عقولنا وإن كانت تدرك معناها الكلي المطلق، ويحتمل: جبريل عليه الصلاة والسلام.
وكذلك الضمائر في قوله تعالى: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى):
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"فعلى ما ذكرناه، (من كون الضمائر في قوله تعالى: " ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى" ترجع إلى جبريل عليه السلام)، يكون قوله: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} معناه: فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى. أو: فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى بواسطة جبريل وكلا المعنيين صحيح". اهـ
فالضمير في: "أوحى": يحتمل بدلالة الاشتراك الرجوع إلى: جبريل عليه الصلاة والسلام، فيكون راجعا إلى أقرب مذكور، على القول بأن الضمائر في قوله تعالى: "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى" ترجع إلى جبريل عليه السلام.
ويحتمل الرجوع إلى الله، عز وجل، على القول بأن الضمائر في قوله تعالى: "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى" ترجع إلى الله عز وجل.
وعند النظر في تلك الضمائر يتبين أنه لا مانع من حمل الاشتراك فيها على معنييه، فيصح أن يكون الدنو: دنو جبريل، عليه السلام، أو دنو الله، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله.
ويصح أن يكون الوحي من:
جبريل عليه السلام بوصفه الواسطة بين الله، عز وجل، ورسله، على وزان قوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)، وقوله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)، وكلام الرسول إنما هو كلام مرسِله، فليس له من الأمر شيء إلا بلاغ ما أمر بتبليغه.
أو من: الله، عز وجل، بتكليمه نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة المعراج كما في حديث فرض الصلاة خمسين وتخفيفها إلى خمس.
وأما الضمير في: "عبده" على كلا المعنيين فإنه راجع إلى الله، عز وجل، فلا اشتراك فيه، لدلالة السياق على ذلك بداهة، إذ العبودية العامة: عبودية الذل والتسخير، عبودية الانقياد للأمر الكوني العام، لا تكون إلا لله، عز وجل، فكيف بعبودية الخاصة: عبودية العباد الذين انقادوا للأمر الشرعي الخاص، بل كيف بعبودية خاصة الخاصة: عبودية الرسل عليهم الصلاة والسلام، أعلم الناس بربهم، عز وجل، وأعظم الناس انقيادا لأمره الشرعي، وأعلمهم به وأعظمهم انقيادا لشرعه خاتمهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ? [الانشقاق: 6]، فالضمير في "ملاقيه"، إما أن يكون راجعا إلى الله، عز وجل، أو إلى "الكدح"، فيكون دالا عليهما دلالة المشترك على أحد معنييه. ولا مانع هنا، أيضا، من الجمع بينهما لعدم التعارض.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وقوله: {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} أي: ساع إلى ربك سعيا، وعامل عملا {فَمُلاقِيهِ} ثم إنك ستلقى ما عملتَ من خير أو شر.
ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي، عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال جبريل: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الناس من يعيد الضمير على قوله: {رَبِّك} أي: فملاق ربك، ومعناه: فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك. وعلى هذا فكلا القولين متلازم". اهـ
فرجوع الضمير إلى: (ربك) رجوع إلى أقرب مذكور، ورجوع الضمير إلى: "الكدح" رجوع إلى غير أقرب مذكور.
وقوله تعالى: ?لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ?، ثم قال: ?وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ? [الفتح: 9]
فالضمير في: ? وَتُسَبِّحُوهُ ? راجع إلى الله، عز وجل، بلا خلاف، بينما الضمير في "تعزروه" و "توقروه"، إما أن يكون راجعا إلى الله، عز وجل، أو إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولا مانع، هنا، أيضا، من الجمع بين المرجعين في: "تعزروه" و "توقروه" فكلاهما يصح إطلاقه في حق الله، عز وجل، وفي حق نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخلاف مرجع الضمير في: "تسبحوه" فإنه راجع إلى الله، عز وجل، قولا واحدا، إذ التسبيح، كما تقدم، لا يكون إلا لله، عز وجل.
وقوله تعالى: ?وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ?، ثم قال: ?مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ? [الحج: 78]، فالضمير "هو"، إما أن يرجع على الله، عز وجل، وإما أن يرجع على إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ).
فالضمير في: "يرضوه" إما أن يكون راجعا إلى الله، عز وجل، فيكون راجعا إلى غير أقرب مذكور وإما أن يكون راجعا إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيكون راجعا إلى أقرب مذكور، ولا إشكال في الجمع بين المعنيين لتلازمهما، فطاعة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم من طاعة الله، عز وجل، وفي التنزيل: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ).
ومنه قوله تعالى: (إنا أنشأنهن إنشاء):
قال قتادة رحمه الله: هو راجع إلى الحور العين المذكورات قبل، أي في قوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ). واستبعده ابن هشام، رحمه الله، لأن تلك قصة قد انقضت جملة، وقد يقال برجوعه إليهن من باب: رجوع الضمير إلى غير مذكور لنباهة ذكره، وقال أبو حيان، رحمه الله، هو راجع إلى الفرش في قوله تعالى: (وفرش مرفوعة)، والمقصود بالفرش إما:
النساء، فيكون الضمير عائدا على الفرش، وإن أريد بها المجاز وهو: النساء، فيقال فلانة فراش فلان.
وإما ذات الفرش، فيكون المراد هو النساء، أيضا، من باب إطلاق المحل، وهو الفرش، وإرادة الحال فيه، وهو: النساء، فيكون مجازا مرسلا علاقته: المحلية، أو من باب المجاورة، لأن النساء يجاورن الفرش، فيكون مجازا مرسلا علاقته: المجاورة.
ولا مانع هنا أيضا، من رجوع الضمير على كليهما لتلازمهما.
ومنه قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)
فالضمير في "إليه" راجع إلى:
الحق: فهو الذي يُهْدى إليه، فيكون راجعا إلى المعنى المفهوم من إنزال النور المبين، في الآية السابقة، ولازمه الهداية، فهو على هذا القول: راجع إلى غير أقرب مذكور.
أو القرآن: فالهداية إليه مراد الشارع، عز وجل، فيكون الضمير في هذا القول: راجعا إلى غير أقرب مذكور، أيضا، وهو منطوق الآية السابقة: "نورا مبينا".
أو: الفضل المذكور قبله مباشرة في قوله تعالى: (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ)، فيكون راجعا في على القول إلى أقرب مذكور.
أو: الله، عز وجل، بتقدير: ويهديهم إلى ثواب الله، أو فضل الله، ومن ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه مضمرا، وهذا القول يرجع تأويله، عند التحقيق، إلى القول السابق.
فصار الضمير مشتركا من جهة تعدد الأقوال في مرجعه، ولا مانع من الجمع بينها، فيكون المشترك في هذا السياق عاما يدل على جميع معانيه.
وإلى ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"والهاء في "إليه" قيل: هي للقرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقيل: للفضل، وقيل: للفضل والرحمة، لأنهما بمعنى الثواب.
وقيل: هي لله عز وجل على حذف المضاف كما تقدم من أن المعنى ويهديهم إلى ثوابه.
قال أبو علي: الهاء راجعة إلى ما تقدم من اسم الله عز وجل، والمعنى ويهديهم إلى صراطه". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (6/ 24)
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)
فقد اختلف في مرجع الضمير في "به" على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه عيسى عليه السلام.
والثاني: أنه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيكون راجعا على غير مذكور.
والثالث: أنه الله، عز وجل، فيكون، أيضا، على هذا القول راجعا على غير مذكور.
ولا مانع من الجمع بين هذه الأقوال إذ لا تعارض بينها، فالإيمان برسالة عيسى عليه الصلاة والسلام لازمه: الإيمان بمرسِله، عز وجل، والإيمان بما بشر به من صفة النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
واختلف، أيضا، في مرجع الضمير في "موته" على قولين:
الأول: أنه الكتابي الذي يؤمن بعيسى عليه الصلاة والسلام عند معاينة الملك فلا ينفعه إيمانه.
والثاني: أنه عيسى عليه السلام، فكل كتابي بعد نزوله يؤمن برسالته.
وإلى هذه الأقوال أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة: المعنى ليؤمنن بالمسيح: "قبل موته" أي الكتابي، فالهاء الأولى عائدة على عيسى، والثانية على الكتابي، وذلك أنه ليس أحد من أهل الكتاب اليهود والنصارى إلا ويؤمن بعيسى عليه السلام إذا عاين الملك، ولكنه إيمان لا ينفع، لأنه إيمان عند اليأس وحين التلبس بحالة الموت، فاليهودي يقر في ذلك الوقت بأنه رسول الله، والنصراني يقر بأنه كان رسول الله .............
وقيل: إن الهاءين جميعا لعيسى عليه السلام، والمعنى ليؤمنن به من كان حيا حين نزوله يوم القيامة، قاله قتادة وابن زيد وغيرهما واختاره الطبري.
وروى يزيد بن زريع عن رجل عن الحسن في قوله تعالى: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" قال: قبل موت عيسى، والله إنه لحي عند الله الآن، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون، ونحوه عن الضحاك وسعيد بن جبير.
وقيل: "ليؤمنن به" أي بمحمد عليه السلام وإن لم يجر له ذكر، لأن هذه الأقاصيص أنزلت عليه والمقصود الإيمان به، والإيمان بعيسى يتضمن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام، أيضا، إذ لا يجوز أن يفرق بينهم.
وقيل: "ليؤمنن به" أي بالله تعالى قبل أن يموت ولا ينفعه الإيمان عند المعاينة.
والتأويلان الأولان أظهر". اهـ
بتصرف من: "الجامع لأحكام القرآن"، (6/ 10، 11).
ومنه مرجع الضمير في "يقولون" في قوله تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا)
فإنه يحتمل:
الرجوع إلى الملائكة، وهو الأظهر من جهة رجوع الضمير إلى أقرب مذكور: "الملائكة".
ويحتمل أيضا: الرجوع إلى المشركين.
وإليه أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
" {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: وتقول الملائكة للكافرين حَرَام محرم عليكم الفلاح اليوم ............
والغرض أن الضمير في قوله: {وَيَقُولُونَ} عائد على الملائكة. هذا قول مجاهد، وعكرمة، والضحاك، والحسن، وقتادة، وعطية العوفي، وعطاء الخراساني، وخُصَيف، وغير واحد. واختاره ابن جرير.
وقد حكى ابن جرير، عن ابن جُرَيْج أنه قال: ذلك من كلام المشركين: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ}، أي: يتعوذون من الملائكة؛ وذلك أن العرب كانوا إذا نزل بأحدهم نازلة أو شدة يقولون: {حِجْرًا مَحْجُورًا}.
وهذا القول - وإن كان له مأخذ ووجه - ولكنه بالنسبة إلى السياق في الآية بعيد، لا سيما قد نص الجمهور على خلافه. ولكن قد روى ابنُ أبي نَجِيح، عن مجاهد؛ أنه قال في قوله: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: عوذاً معاذا ً. فيحتمل أنه أراد ما ذكره ابن جريج. ولكن في رواية ابن أبي حاتم، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد أنه قال: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي: عوذا معاذا، الملائكة تقُوله. فالله أعلم". اهـ
"تفسير القرآن العظيم"، (6/ 110، 111).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا)
فالضمير في: "لها" يحتمل الرجوع إلى: جهنم، ويحتمل الرجوع أيضا إلى خزنتها فوقع الاشتراك من هذا الوجه، ولا مانع من حمل المشترك على كلا المعنيين في هذا السياق لعدم التعارض.
يقول القرطبي رحمه الله:
"قيل: المعنى إذا رأتهم جهنم سمعوا لها صوت التغيظ عليهم.
وقيل: المعنى إذا رأتهم خزانها سمعوا لهم تغيظا وزفيرا حرصا على عذابهم. والأول أصح"
"الجامع لأحكام القرآن"، (13/ 8)
وقوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)
فالضمير المستكن في: "ليكون" إما أن يرجع إلى:
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الأقرب، لأن فيه رجوع الضمير على أقرب مذكور: "عبده".
أو: إلى "الفرقان".
ولا مانع من الجمع بينهما إذ لا تعارض، فالفرقان الذي نزل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نذير للعالمين، فالوحي في نفسه نذير، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نذير بمعنى: منذر بالوحي، مصداق قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ)
يقول القرطبي رحمه الله:
" (على عبده) يريد محمدا صلى الله عليه وسلم.
(ليكون للعالمين نذيرا) اسم "يكون" مضمر يعود على "عبده" وهو أولى لأنه أقرب إليه.
ويجوز أن يكون يعود على: (الفرقان) ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (13/ 4).
ومنه قوله تعالى: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
والضمير في: "يعرفونه": عائد على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ففيه على أحد الأقوال الإضمار قبل الذكر للإشعار بفخامة شأنِه عليه الصلاة والسلام، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، ويزيد ذلك المعنى رسوخا: الالتفات إلى الغيبة في: "يعرفونه" فكان الخطاب في الآية السابقة موجها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومقتضى ذلك أن يكون السياق: يعرفونك ليطرد الخطاب، ولكنه التفت عنه إلى الغيبة.
وقيل مرجع الضمير إلى العلم أو سببِه الذي هو الوحيُ أو القرآنُ أو التحويل عن بيت المقدس إلى البيت الحرام، فتكون المسألة من باب الاشتراك الراجع إلى تعدد الأقوال في مرجع الضمير، وقد يقال هنا، أيضا، بجواز حمل المشترك على كل معانيه، إذ لا تعارض بينها، فكلها تصلح مرجعا للضمير دون فساد في المعنى.
وقوله تعالى: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا).
يقول ابن كثير رحمه الله:
" قال ابن جرير: وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك بمعنى: والنهار إذا جلا الظلمة، لدلالة الكلام عليها.
قلت، (أي: الحافظ ابن كثير رحمه الله): ولو أن هذا القائل تأول ذلك بمعنى {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا} أي: البسيطة، لكان أولى، ولصح تأويله في قول الله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} فكان أجود وأقوى، والله أعلم. ولهذا قال مجاهد: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا} إنه كقوله: {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 2].
وأما ابن جرير فاختار عود الضمير في ذلك كله على الشمس، لجريان ذكرها". اهـ
ويقول رحمه الله في موضع تال:
"وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} يحتمل أن يكون المعنى: قد أفلح من زكى نفسه، أي: بطاعة الله - كما قال قتادة - وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل. ويُروَى نحوه عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير. وكقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15].
{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} أي: دسسها، أي: أخملها ووضع منها بخذلانه إياها عن الهُدَى، حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عز وجل.
وقد يحتمل أن يكون المعنى: قد أفلح من زكى الله نفسه، وقد خاب من دَسَّى الله نفسه، كما قال العوفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فالضمير المستكن في: "زكى" إما أن يرجع إلى المكلف فهو الذي يزكي نفسه بالطاعات أو إلى الله، عز وجل، فهو الذي يزكي من شاء من عباده فضلا ومنة، ويضل من يشاء بقطع أسباب التزكية عنه فلا تحصل له عدلا وحكمة.
وقوله تعالى: (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا)
فالضمير في: "به" راجع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو أعلم الناس بربه، عز وجل، أو راجع إلى القرآن الكريم ففيه أصدق الأخبار عن الله عز وجل.
وإلى طرف من ذلك أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} أي: استعلم عنه من هو خبير به عالم به فاتبعه واقتد به، وقد عُلِم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به من عبده ورسوله محمد، صلوات الله وسلامه، على سيد ولد آدم على الإطلاق، في الدنيا والآخرة، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى - فما قاله فهو حق، وما أخبر به فهو صدق، وهو الإمام المحكم الذي إذا تنازع الناس في شيء، وجب ردّ نزاعهم إليه، فما يوافق أقواله وأفعاله فهو الحق، وما يخالفها فهو مردود على قائله وفاعله، كائنا من كان، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ................. وقال شمر بن عطية في قوله: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} قال: هذا القرآن خبير به". اهـ بتصرف.
"تفسير القرآن العظيم"، (6/ 128، 129).
وأشار أبو السعود، رحمه الله، إلى وجهين آخرين فقال:
"التَّقديرُ: إنْ شئتَ تحقيقَ ما ذُكر أو تفصيلَ ما ذُكر فاسألْ معنيًّا بهِ {خَبِيراً} عظيمَ الشَّأنِ محيطاً بظواهرِ الأمورِ وبواطِنها وهو الله سبحانَه يُطلعك على جليَّةِ الأمرِ. وقيل: فاسألْ به مَن وجدَهُ في الكتبِ المتقدِّمةِ ليصدُقكَ فيه فلا حاجةَ حينئذٍ إلى ما ذَكرنا". اهـ
وهي كلها معان متقاربة، فالله، عز وجل، أعلم بنفسه وما يليق به من أوصاف الكمال المطلق، ونبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعلم الخلق به، والوحي أصدق الأخبار عنه، وأهل الذكر أعلم الناس بالوحي المنزل بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فصار المعنى في هذا الموضع على وزان قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
&&&&&
ومن هذا الباب أيضا: الاشتراك في آيات تحتمل أكثر من معنى لإطلاق ألفاظها، فلو قيدت لزال إجمالها، ولكنها وردت مطلقة فاحتملت أكثر من معنى لا يمكن الجمع بينها، كما في قوله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، فهي تحتمل: ليالي العشر الأواخر من رمضان، وليالي العشر من ذي الحجة.
وكذلك إذا كان اللفظ من قبيل المشترك المعنوي أو المتواطئ الذي يجمع المعنيين فيه أصلٌ كلي مشترك كما في لفظ "مع":
فالمعية في اللغة: مطلق المصاحبة، وهذا هو الأصل الكلي الجامع لكل مواردها، فهي جنس تحته أنواع، فإذا ما قيدت بأحد أنواعها: صار المعنى الخاص مقيدا بذلك، فمعية الاطلاع، غير معية النصرة والتأييد، غير معية المخالطة والامتزاج ............ إلخ.
وهذا باب يستحق، أيضا، الاستقراء والإفراد بالبحث.
&&&&&
وقد يتعذر حمل المشترك على كل معانيه، لاسيما إن كان من "الأضداد" كـ:
"القرء" في قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ)، فالقرء في اللغة يطلق على المدة المعتادة، وفي الاصطلاح: الطهر على قول الجمهور، والحيض على قول الأحناف، رحمهم الله، وهما متناقضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإما طهر وإما حيض، وإن جمعهما المعنى الكلي المطلق من جهة كون كليهما: مدة معلومة معتادة تعلمها كل امرأة من نفسها.
وكذلك: الفعل: "عسعس": في قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ)، فـ: "عسعس" بمعنى: أقبل وأدبر، فهو من الأضداد أيضا.
قال في "لسان العرب":
"عَسْعَسَ الليل إِذا أَقبل بظلامه وإِذا أَدبر فهو من الأَضداد ومنه حديث قُسّ حتى إِذا الليل عَسْعَسَ وكان أَبو عبيدة، (وهو: معمر بن المثنى)، يقول عَسْعَس الليل أَقبل وعَسْعَسَ أَدبر". اهـ بتصرف.
وقد يدخل في مثل هذا النوع:
الحروف التي تدل على عدة معان لا يمكن الجمع بينها:
كـ: "من" فهي من أشهر المشتركات الحرفية، إن صح التعبير، فلها من المعاني، ما حمل بعض أهل العلم على إفرادها بمبحث مستقل، كما صنع ابن هشام، رحمه الله، في نهاية الجزء الأول من "مغني اللبيب".
وإن كانت كلها، عند التحقيق، ترجع إلى معنى واحد هو: ابتداء الغاية، مع اختلافها، فقد تكون غاية: مكانية، كقولك: سافرت من مكة، أو زمانية: كقول الفقهاء: وقت صلاة كذا من وقت كذا إلى وقت كذا.
وحتى "من" التي لا تدل على ابتداء الغاية مطابقة، فإنها تدل عليها لزوما، من قبيل:
"من" التبعيضية: كقولك: أكلت من الطعام، فهي تبعيضية نصا، غائية لزوما، لوجوب ابتداء غاية الأكل من الطعام المأكول نفسه إذا مدت الأيدي إليه، ورفعت إلى الأفواه به.
و "من" السببية: كقوله تعالى: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)، أي: من أجل أمر الله، أو به، فتكون مرادفة لباء السببية كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فابتداء الأمر بحفظ المكلف من الله، عز وجل، فيكون معنى ابتداء الغاية فيها من هذا الوجه.
و: "من" التي لبيان الجنس: كقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ)، أي: من جنسهم، ففيها، أيضا، منى ابتداء الغاية، لأن ابتداء غاية المغفرة لا يقع إلا على هذا الجنس المغفور له.
الشاهد من ذلك أن الإجمال بالاشتراك قد يقع في الحروف أيضا، كوقوعه في "من" في قوله تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)، فتحتمل "من": التبعيض، فيلزم أن يعلق باليد شيء من الصعيد، وتحتمل مجرد ابتداء الغاية فلا يلزم أن يعلق باليد شيء من الصعيد، فيكفي تحقق الصورة الحكمية، لأن التيمم في حد ذاته، طهارة حكمية غير معقولة المعنى.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 02 - 2009, 08:24 ص]ـ
ومن أسباب الاختلاف أيضا:
التعبير بألفاظ متقاربة أو مترادفة، عند من يقول بوقوع الترادف بين لفظين من كل وجه:
وقد حقق بعض أهل العلم هذه المسألة فأثبت التقارب بين المعنيين ونفى الترادف من كل وجه إذ لا بد لكل لفظ منهما من معنى يستقل به، وإن دق، كـ:
الريب والشك، فإنهما يتقاربان من جهة: وقوع الشك في كليهما، ولكن الريب يمتاز بوقوع الاضطراب والحركة فيه، فهو شك وزيادة.
وكذلك تفسير "المور" بالحركة، إذ فيه نوع تجوز، لأن المور حركة فيها سرعة وخفة، فصار المور حركة وزيادة أو حركة مقيدة بالسرعة والخفة.
قال ابن تيمية رحمه الله:
"الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم، وقل أن يعبر عن لفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من أسباب إعجاز القرآن فإذا قال القائل: {يوم تمور السماء مورا}: إن المور هو الحركة كان تقريبا إذ المور حركة خفيفة سريعة، (فليس مجرد الحركة وإنما هي حركة مقيدة بالخفة والسرعة وهذا معنى زائد ينفي ترادف لفظي "الحركة" و "المور"، إذ استقل أحدهما بمعنى لا يوجد في الآخر)، وكذلك إذا قال الوحي: الإعلام أو قيل: (أوحينا إليك): أنزلنا إليك، أو قيل: {وقضينا إلى بني إسرائيل} أي أعلمنا وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق فإن الوحي هو إعلام سريع خفي والقضاء إليهم أخص من الإعلام فإن فيه إنزالا إليهم وإيحاء إليهم". اهـ
بتصرف من "مقدمة ابن تيمية في التفسير"، ص36.
ويقول في موضع تال: "ومن قال: لا ريب: لا شك، فهذا تقريب وإلا فالريب فيه اضطرب وحركة كما قال: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وفي الحديث: أنه مر بظبي حاقف فقال: لا يريبه أحد فكما أن اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة ولفظ الشك وإن قيل إنه يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل عليه". اهـ
بتصرف من "شرح: مقدمة ابن تيمية في التفسير"، ص38.
ومن ذلك لفظ: "الإبسال" الذي اشتق منه الفعل: "تبسل" في قوله تعالى: (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ)، فإنه يفيد بأصل وضعه: مطلق "المنع" كما أشار إلى ذلك الطاهر بن عاشور، رحمه الله، في تفسيره، وقد ورد في تفسيره أنه بمعنى: تحبس، أو: ترتهن، ومعنى المنع الكلي مشترك بينهما، فهما متواطآن، وإن زاد الرهن على الحبس معنى الارتهان، فكل مرهون محبوس، ولا عكس، فالرهن أخص من الحبس، فهو حبس وزيادة، فبينهما: عموم وخصوص مطلق.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير":
"فإذا قال أحدهم: {أَن تُبْسَلَ}: أي تحبس، وقال الآخر: ترتهن، ونحو ذلك، لم يكن من اختلاف التضاد، وإن كان المحبوس قد يكون مرتهنًا وقد لا يكون، إذ هذا تقريب للمعنى كما تقدم، وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدًا، فإن مجموع عباراتهم أدل على المقصود من عبارة أو عبارتين". اهـ
فإن كل عبارة تؤدي جزءا من المعنى الكلي، فبجمعها تكتمل صورة المعنى، كما تكتمل صورة الاستدلال بجمع أدلة الباب الواحد، فلا يقبل البعض ويرد البعض الآخر تشهيا، وإنما ينظر فيها جميعا نظرة الافتقار إلى الدليل، لا الاستغناء عنه بمقالة سابقة، فنظرة طالب الحق: نظرة احتجاج للتأصيل، لا استشهاد للتأييد.
ومنه أيضا:
نيابة الحروف عن بعضها عند من يقول بجواز ذلك، كما في قوله تعالى: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)، فـ: "إلى" بمعنى: "مع"، فهما مترادفان في هذا الموضع عند من يقول بالترادف، متقاربان، وإن استقل كل منهما بمعنى ليس في الآخر، عند من ينفي الترادف، والبصريون يأبون ذلك، فينكرون نيابة الحروف عن بعضها مطلقا ويخرجون هذه الصورة على: "التضمين" في الفعل لا في الحرف، فيكون السؤال هنا بمعنى: "الضم" و "الجمع".
يقول ابن تيمية رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"والعرب تُضَمِّنُ الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض، كما يقولون في قوله: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [ص: 24] أي: مع نعاجه و {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصف: 14] أي: مع اللّه ونحو ذلك. والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمين، فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلى نعاجه، وكذلك قوله: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء: 73] ضمن معنى يزيغونك ويصدونك، وكذلك قوله: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [الأنبياء: 77]، ضمن معنى نجيناه وخلصناه، وكذلك قوله: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] ضمن يروى بها، ونظائره كثيرة". اهـ
ومن الترادف النسبي: الترادف في الأسماء الدالة على مسمى واحد لجواز قيام أكثر من معنى به كما في:
قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، فالقرآن: من القرء وهو الجمع، فحروفه مجموعة نطقا، والإشارة إليه باسم الإشارة "هذا" وهو للقريب صحيح من جهة قرب معاني القرآن إلى أذهان السامعين، فيسهل عليهم تدبره، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
وقوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، فالكتاب: من الكتب وهو الجمع، أيضا، فحروفه مجموعة خطا، والإشارة إليه باسم الإشارة "ذلك" للبعيد صحيح من جهة علو منزلته.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
" وكذلك إذا قيل: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}: هذا القرآن، فهذا تقريب؛ لأن المشار إليه وإن كان واحدًا، فالإشارة بجهة الحضور غير الإشارة بجهة البعد والغيبة، ولفظ الكتاب يتضمن من كونه مكتوبًا مضمونًا ما لا يتضمنه لفظ القرآن من كونه مقروءًا مظهرًا باديًا. فهذه الفروق موجودة في القرآن". اهـ
وهذا النوع راجع عند التحقيق إلى التكافؤ اللفظي: إذ الترادف والتباين متحقق فيه، فالترادف من جهة الاسم، والتباين من جهة الوصف، وإن كان الوصفان عند التأمل يدلان على معنى كلي واحد اشتقا منه وهو: مطلق الجمع.
ومنه أيضا تسمية التنزيل بـ:
"القرآن": باعتبار كونه مقروءا يتلى باللسان.
و "الكتاب": باعتبار كونه مكتوبا يخط بالبنان.
وجمع هذه العبارات غير المتعارضة مما يزيد المعنى قوة وبهاء.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدًا، فإن مجموع عباراتهم أدل على المقصود من عبارة أو عبارتين". اهـ
"مقدمة في أصول التفسير"، ص39.
فالمعنى قد يكون مركبا بحيث تتوزع أجزاؤه على عبارات السلف، فيؤدي كل منها وجها من المعنى لا يؤديه الآخر.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 02 - 2009, 09:16 ص]ـ
وينقسم الخلاف في التفسير إجمالا إلى:
أولا: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الرواية:وغالبا ما يقع فيما لا تمس الحاجة إلى معرفته، كتفاصيل القصص القرآني التي أخذها المسلمون عن أهل الكتاب، فإن ما تمس الحاجة إلى معرفته قد أقام الله، عز وجل، عليه الدليل البين، فضلا منه ومنة، وإن خفي على بعض المكلفين فإنه لا يخفى على عمومهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل عليهم السلام، فالحجة الرسالية قائمة بأبلغ عبارة وأوفى بيان.
والنقل في التفسير عموما ينقسم إلى:
ما يمكن معرفة درجته.
و: ما لا يمكن معرفة درجته، كالإسرائيليات التي سكت عنها شرعنا، فلم يشهد لها باعتبار أو إلغاء، فإنه يجوز التحديث بها دون الجزم بصحتها أو ضعفها، عملا بحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ)، وهذا لفظ أبي داود، رحمه الله، في سننه.
ونقل الصحابة، رضي الله عنهم، ما لا يقال بالرأي إن لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أولى بالقبول من نقل التابعين، لأن نقلهم عن أهل الكتاب، أقل من نقل التابعين.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحًا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى؛ ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، ومع جزم الصاحب فيما يقوله، فكيف يقال: إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟ ". اهـ
فلا يستجيز الصحابي رفع الإسرائيليات إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذ ذلك غير متصور في حق آحاد الرواة فكيف بخير طباق الأمة؟، وإنما وقع الغلط ممن أتى بعدهم، فرفع أقوالا رواها بعض الصحابة الذين أخذوا عن بني إسرائيل كعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، عملا بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ)، فذلك محمول على ما سكت عنه شرعنا فلم يتعرض له بتصديق أو تكذيب.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فهي على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته؛ لما تقدم. وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا. ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسي من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها اللّه لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم اللّه منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه اللّه في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز". اهـ بتصرف.
والإسرائيليات لا تخرج في أحسن أحوالها عن دائرة الاستشهاد، فلا يحتج بها كأصل في أي باب من أبواب الدين إذ في شريعتنا غنية عنها، فما صح منها، فعندنا ما يغني عنه.
بل إن منقولنا أصح من منقولهم في نفس الخبر، فخبرنا أليق بالنقل الصحيح والعقل الصحيح، واعتبر بنحو نقلهم عن المسيح عليه السلام:
فيما حكي في إنجيل متى من حصر الشيطان للمسيح عليه السلام أربعين يوما يمتحنه!!!! فقال له في بعض أحواله معه:
"إن كنت ابن الله فقل لهذه الصخور تصير خبزا فقال له المسيح مجيبا له إنه مكتوب أن حياة الإنسان لا تكون بالخبز بل بكل كلمة تخرج من الله ثم ساقه الشيطان إلى مدينة بيت المقدس وأقامه على قرنة الهيكل وقال له إن كنت ابن الله فارم بنفسك من هاهنا فإنه مكتوب إن الملائكة توكل بك لئلا تعثر رجلك بالحجر قال يسوع ومكتوب أيضا لا تجرب الرب إلهك ثم ساقه إلى جبل عال وأراه جميع مملكات الدنيا وزخارفها وقال له إن خررت على وجهك ساجدا لي جعلت هذا الذي ترى كله لك قال لة المسيح اغرب أيها الشيطان فإنه مكتوب اسجد للرب إلهك ولا تعبد شيئا سواه ثم بعث الله عز وجل ملكا اقتلع العدو من مكانه ورمى به في البحر وأطلق السبيل للمسيح"
"الجواب الصحيح"، (2/ 364).
وقد أورده اللالكائي، رحمه الله، في "شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة" من طريق:
"محمد بن الحسين الفارسي قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي قال: ثنا محمد بن يحيى الذهلي قال: ثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، وعن ابن طاوس، عن أبيه قالا: لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال: أما علمت أنه لا يصيبك إلا ما قدر لك؟ فقال إبليس: فأوف بذروة هذا الجبل فترد منه فانظر أتعيش أم لا؟ قال ابن طاوس عن أبيه قال: أما علمت أن الله تعالى قال: لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت، قال: فقال الزهري: إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده. قال: فخصمه". اهـ
"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، (4/ 341).
وهي رواية اقرب إلى المعقول والمنقول من حال الرسل عليهم الصلاة والسلام إذ هم مؤيدون غالبون، لا ممتنحون بحصار إبليسي، فيتسلط الشيطان عليهم تسلطا لا يتسلطه على آحاد البشر!!!.
وغالب المنقول في التفسير كالمنقول في المغازي، (أي: السير)، والملاحم، (أي: الفتن وأشراط الساعة).
(يُتْبَعُ)
(/)
فمعظمها مراسيل، ولذلك أثر عن أحمد، رحمه الله، قوله: "ثلاثة ليس لها أصل: التفسير، والملاحم، والمغازي"، أي: ليس لها إسناد تقوم به الحجة، فالغالب عليها الإرسال، كما تقدم، وإنما تساهل أهل العلم في قبولها ما لم يتساهلوا في العقائد ومسائل الحلال والحرام، لكون معظمها مما لا ينبني عليه عمل فالغالب عليها الخبر لا الإنشاء.
ومن مسائل هذا النوع:
تعسر إثبات ألفاظ كثير من روايات التفسير والمعازي والملاحم، فيكفي في الجزم بصحتها: ورودها من جهات مختلفة مع انتفاء احتمال المواطأة، فيثبت بذلك معناها الكلي وإن اختلفت دقائقها.
والناس في قبول الأحاديث وردها طرفان ووسط:
طرف بالغ في رد الأحاديث: وإن كانت صحيحة مقطوعا بها عند أهل العلم، باحتمالات عقلية، لو فتح الباب لها لردت بها السنة كلها، فالتجويز العقلي لا حد له، وهذا حال أغلب المتكلمين ممن ردوا كثيرا من السنة في باب الأخبار بدعوى أنها: أخبار آحاد لا تفيد اليقين!!!.
وطرف بالغ في قبول الأحاديث: فمتى وجد حديثا ظاهر إسناده الصحة قبله دون الرجوع إلى أقوال أئمة هذا الفن، وهذا غالب على المتعبدة الذين جفوا في طلب العلم، فضلا عن متأخري الفقهاء الذين غلب عليهم التقليد فاستدلوا بأحاديث ضعيفة بل موضوعة أحيانا لفروعهم مذهبهم الفقهية.
ووسط هو: أهل الحديث والأثر: أصحاب الطريقة المثلى في نقد الأخبار والحكم عليها قبولا أو ردا، فهم أمثل الناس في باب تحرير الأدلة: صحة واستدلالا. فأدلتهم أصح أدلة، واستدلال المحققين منهم أصح استدلال.
وقد يحتف بالحديث مع ضعف إسناده: من القرائن ما ترتقي به إلى مرتبة الاحتجاج إن كان ضعفه محتملا.
وعلى العكس: قد يحتف بحديث ظاهر إسناده الصحة: من القرائن ما يقطع ببطلانه.
ولا يستقل بإدراك هذه القرائن إلا أئمة الحديث وجهابذته.
ولذلك غلب على كثير المفسرين، ممن ليسوا من أهل الأثر، إيراد الضعيف والمنكر والموضوع، سواء أبرزوا إسناده، فيكون العذر في حقهم آكد ممن جمع ما وقعت يده عليه من روايات دون تمحيص فضمنها تفسيره، ولذلك كانت هذه الكتب، مع جودة مادتها العلمية في فنون أخرى، مصدر أساسيا لأهل البدع في تأييد بدعهم العلمية أو العملية بروايات منكرة ذكرها أولئك المفسرون في كتبهم، بلا أسانيد أصلا، أو بأسانيد لا تقوم بها حجة، لاسيما في الفضائل التي يتساهل فيها أصحاب الأصول الذين تصدوا لجمع السنة، مع كونهم ممن يعنى بنقد المرويات، فما الظن بتساهل من ليس من أهل هذا الشأن أصلا؟!!.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
"وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة، مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة، فإنه موضوع باتفاق أهل العلم.
والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع، والواحدي صاحبه كان أبصر منه بالعربية، لكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف، والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة.
والموضوعات في كتب التفسير كثيرة، مثل الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة، وحديث علي الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة، فإنه موضوع باتفاق أهل العلم،ومثل ما روى في قوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] أنه علي {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12] أذنك يا علي". اهـ
"شرح مقدمة أصول التفسير"، ص57، 58.
ولم يكذب على أحد مثلما كذب على علي وآل بيته، رضي الله عنهم، وفيما ثبت لهم من فضائل غنية عما انتحل لهم من فضائل هي إلى المثالب أقرب، إذ وضعها قوم جهال لا يحسنون حتى المدح، بل لا يحسنون الكذب الذي احترفوه!!!.
فمن أبرز معالم الانحراف في هذا الباب:
رواية ما يقطع ببطلانه من جهة:الغلو: كأحاديث فضائل الأعمال التي فيها النص على ثواب عظيم على عمل صغير.
(يُتْبَعُ)
(/)
أو: قصر عموم ألفاظ القرآن على أفراد بعينهم، بلا دليل مخصص، فتهدر دلالات النصوص، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكيف إذا كان السبب في نفسه باطلا لم يصح، وهذا هو الغالب على تفاسير أهل البدع ممن غلا في علي، رضي الله عنه، كما تقدم ذكر أمثلة على ذلك في كلام شيخ الإسلام، فضلا عن الباطنية الذين يخرجون باللفظ عن دلالته السياقية والوضعية فيصرفونه إلى معان لا يدل عليها نقل أو عقل، حتى وصل بهم الأمر إلى تأويل أحكام الشريعة الظاهرة مما لم يقع فيه خلاف بين أهل القبلة إلى معان باطنة تدل على زندقة قائلها، كما هو غالب على تفاسير الإسماعيلية والنصيرية والدروز ....... إلخ من الفرق الباطنية.
وينبغي التنبه في هذا النوع من الخلاف إلى الفرق بين:
نقل الضعيف عن غيره، فهو مردود، والقول المنسوب إليه، فإنه لا يلزم رده، لاسيما إن كان على جهة الدراية، فقد يكون ضعيفا من جهة روايته، ولكنه إمام في اللغة أو الأصول أو الفقه، فيفسر اللفظ تفسيرا درائيا صحيحا بما أوتي من علوم الآلة.
ثانيا: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الدراية:
وتفسير الدراية لا يتصدى له إلا المبرزون في فنون من العلم أوصلها بعض أهل العلم إلى: 15 علما.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى حظره، وذهب آخرون إلى جوازه، إذا توفرت في المفسر أهلية النظر في آي الكتاب العزيز: مبنى ومعنى، فيكون متقنا لعلوم اللغة والشريعة، واستدلوا على ذلك بنحو قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)، يقول القرطبي رحمه الله:
"ودلت هذه الآية، (أي: قوله تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا")، وقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه.
فكان في هذا رد على فساد قول من قال: لا يؤخذ من تفسيره إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب.
وفيه دليل على الأمر بالنظر والاستدلال وإبطال التقليد، وفيه دليل على إثبات القياس". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 253، 254).
وقد عزاه ابن تيمية، رحمه الله، إلى سببين:
أولا: اعتقاد معنى أولا، ثم النظر في القرآن ثانيا لتأييد هذا المعنى، ولو كان باطلا في نفس الأمر، فتثار المتشابهات وتلوى أعناق المحكمات بتخصيص عموماتها أو حملها على أوجه لغوية بعيدة تجعلها أقرب إلى الإلغاز منها إلى الإفهام، وهذا حال أصحاب البدع لاسيما أصحاب المقالات العلمية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فضلا عن بقية الملل التي تلتقط المتشابهات من بطون الكتب بالمناقيش، حتى استدل الشيوعيون في أوج دولتهم على صحة مذهبهم الإلحادي بنصوص إلهية!!!!.
وأصحاب هذا المسلك على نوعين:
الأول: قوم أخطأوا في الدليل والمدلول، فالمعنى باطل ابتداء، والاستدلال باطل انتهاء، كمن استدل على إمامة علي، رضي الله عنه، بقوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا)، فالمعنى باطل: لأن دعوى كون الإمامة ركنا من أركان الدين غلو وزيادة في الدين لا دليل عليها، بل الدليل من القرآن والسنة شاهد على بطلانها.
والاستدلال باطل من جهات منها:
قصر عموم الاسم الموصول "الذين"، وهو نص في العموم، على فرد بعينه.
وتفسير الولي بالحاكم، والصحيح أنه مشترك لفظي ازدحمت فيه المعاني فيأتي بمعنى: الناصر والمحب والعتيق والوالي ......... إلخ، وما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال، إذا كان الاحتمال معتبرا، كما قرر الأصوليون، والاحتمال هنا معتبر لازدحام معان كثيرة في لفظ واحد ازدحاما يقطع بعدم حصول البيان في مسألة جليلة هي ركن من أركان الدين عند قائلها، فلو كان قوله صحيحا لورد النص عليها: صراحة بلفظ قطعي الدلالة يقطع أي احتمال للتأويل في أصل من أصول الدين لا يقبل العمل إلا به، كما ادعى أصحاب هذه المقالة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والإجمال في مقام البيان: إلغاز وعي من القول يتنزه عنه آحاد المكلفين، فكيف بالرب، جل وعلا، والحاجة إلى البيان في موضع كهذا ماسة فلا يجوز تأخيرها، والإشارة إليه بلفظ مجمل كهذا، تأخير له، فلم يحصل به علم قطعي، بل إن الدلالة السياقية تأباه، فالآية جاءت في سياق التحذير من موالاة غير المسلمين، ثم جاء النص على من يستحق ذلك، فولاية المؤمن: بفتح الواو، لا تكون إلا لله ورسول والمؤمنين الذين يتصفون بإقامة شعائر الدين من صلاة وزكاة مع خضوعهم وانقيادهم ظاهرا وباطنا لله رب العالمين، وعطف "الذين آمنوا" على "الله" و "رسوله": قرينة سياقية أخرى تقطع بعدم صحة هذا التأويل المتكلف إذ الله، عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليسا: إمامين معصومين.
وكذلك: ما قيل في سبب نزولها في علي، رضي الله عنه، ضعيف، ولو صح لم يمنع دخول غيره معه من عامة أهل الإيمان ممن أقام الشعائر وانقاد لرب العالمين، فتخصيصه بهذا المعنى دون غيره: تخصيص بلا مخصص، فهو محض تحكم، ولو سلمنا بصحته، فالقصر في صدر الآية يمنع دخول غير الثلاثة: "الله" و "رسوله" و "علي" فتبطل إمامة من جاء بعده ممن يعتقد أصحاب هذه المقالة إمامتهم وعصمتهم.
ويكفي لبطلان هذه التأويلات أنها لم تؤثر عن أحد من السلف، أهل القرون الفاضلة المرضية. وهذا أصل مطرد في رد كل قول محدث في الدين.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في كلمة جامعة في ذلك الشأن:
"وفي الجملة من عَدَل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئًا في ذلك، بل مبتدعًا، وإن كان مجتهدًا مغفورًا له خطؤه. فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب. ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث اللّه به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعًا. ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية". اهـ
والثاني: قوم أخطأوا في الاستدلال لا المدلول، فالمعنى الذي ذهبوا إليه صحيح، ولكن الدليل الذي استدلوا به على صحته لا يدل على ذلك إلا على وجه بعيد فيه من التكلف ما فيه، كغالب استدلالات الصوفية والزهاد، يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
"وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم، يفسرون القرآن بمعان صحيحة، لكن القرآن لا يدل عليها، مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في حقائق التفسير، وإن كان فيما ذكروه ما هو معان باطلة، فإن ذلك يدخل في القسم الأول، وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعًا، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدًا". اهـ
شرح "مقدمة في أصول التفسير"، ص77.
ومن أمثلة ذلك:
تفسير من فسر النهر في قصة "طالوت" بالدنيا، فالمعنى صحيح، ولكن الاستدلال غير صحيح إذ فيه صرف لظاهر اللفظ عن معناه الأصلي إلى معنى آخر لا يدل عليه بلا قرينة معتبرة، وهذا عين التأويل المذموم الذي اعتمده المتكلمون في باب الصفات الإلهية، فصرفوا ظواهر النصوص بقرائن عقلية في باب خبري محض لا عمل للعقل فيه أصلا إلا الانقياد والتسليم لخبر الوحي المعصوم.
ومنه:
تفسير قوله تعالى: (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)، بتذليلها بالطاعات وكفها عن الشهوات.
يقول القرطبي رحمه الله:
"قال أرباب الخواطر: ذللوها بالطاعات وكفوها عن الشهوات. والصحيح أنه قتل على الحقيقة هنا"
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 385).
ومنه تفسير البعث بـ: "العلم"، و الموت بـ: "العلم" في قوله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
فالعلم حياة الأرواح، وفي التنزيل: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
يقول الشوكاني رحمه الله:
"ومعناه: القرآن، لأنه يهتدى به، ففيه حياة من موت الكفر". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
والجهل موت، ولكن السياق يجعل هذا المعنى الإشاري اللطيف غير وارد وإن كان صحيحا في نفسه.
ومثله قول القرطبي، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا):
"وقال من صرف هذه الآية عن ظاهرها من أهل المعاني: لا يليق بمن أضافهم الرحمن إليه إضافة الاختصاص، وذكرهم ووصفهم من صفات المعرفة والتشريف وقوع هذه الأمور القبيحة منهم حتى يمدحوا بنفيها عنهم لأنهم أعلى وأشرف، فقال: معناها لا يدعون الهوى إلها، ولا يذلون أنفسهم بالمعاصي فيكون قتلا لها.
ومعنى "إلا بالحق": أي إلا بسكين الصبر وسيف المجاهدة فلا ينظرون إلى نساء ليست لهم بمحرم بشهوة فيكون سفاحا، بل بالضرورة فيكون كالنكاح.
قال شيخنا أبو العباس: وهذا كلام رائق غير أنه عند السبر مائق. وهى نبعة باطنية ونزعة باطلية وإنما صح تشريف عباد الله باختصاص الإضافة بعد أن تحلوا بتلك الصفات الحميدة وتخلوا عن نقائض ذلك من الأوصاف الذميمة، فبدأ في صدر هذه الآيات بصفات التحلي تشريفا لهم، ثم أعقبها بصفات التخلي تقعيدا لها، والله أعلم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (13/ 64).
ومنه أيضا:
قول الزمخشري، غفر الله له، في تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى): "ومن بدع التفاسير: أنه من قولهم: «درّة يتيمة» وأن المعنى: ألم يجدك واحداً في قريش عديم النظير فآواك". اهـ
ثانيا: تفسير القرآن بمجرد اللغة دون الرجوع إلى القرائن المحتفة من دلالة سياقية وأسباب نزول ............. إلخ.
كما فسر عروة، رحمه الله، نفي الجناح في آية الصفا والمروة، بمجرد اللغة دون رجوع إلى سبب نزولها حتى أوقفته عائشة، رضي الله عنها، عليه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 02 - 2009, 08:44 ص]ـ
وأما طرق تفسير القرآن المعتمدة فأبرزها:
أولا: تفسير القرآن بالقرآن: وهو أصحها، إذ كلام الله، عز وجل، يفسر بعضه بعضا تفسيرا لا يتطرق إليه احتمال الخطأ، إذ المتكلم أعلم الناس بمراده، ولله المثل الأعلى، فإن ما أجمل في موضع بين في آخر، كما في:
قوله تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، فالكلمات مجملة، وبيانها في قوله تعالى: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وما ورد عاما ظنيا في موضع، خص في موضع آخر، كما في قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ)، فعموم: "المشركات" المحلى بـ: "أل" الموصولة التي تدل على تعلق الحكم بعموم الوصف الذي اشتقت منه صلتها: وهو وصف: "الشرك"، وهو وصف يصدق في حق الكتابيات فهن مشركات، هذا العموم الظني قد خص بقوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، خلافا لما أثر عن ابن عمر، رضي الله عنه، من تحريم نكاح الكتابيات. وبعض أهل العلم يجريها مجرى النسخ الجزئي لصورة المخصوص من العام، والخلاف، عند التحقيق، لفظي، لأن مؤدى القولين واحد، لا سيما عند المتقدمين الذين يسوون بين التخصيص والنسخ، فيطلقون النسخ على كل صور البيان من: تخصيص وتقييد ......... إلخ.
وما ورد مطلقا في موضع قيد في موضع آخر، كما في:
قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
فالدم في الآية مطلق قيد بوصف "السفح" في قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
(قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). فلا يحرم إلا الدم المسفوح بخلاف الدم المتبقي في العروق فإنه مما يعفى عنه رفعا للحرج والمشقة بتتبعه في العروق.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجْمِلَ في مكان فإنه قد فُسِّرَ في موضع آخر، وما اخْتُصِر من مكان فقد بُسِطَ في موضع آخر". اهـ
ومن أبرز من نهج هذا النهج في التصنيف الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، رحمه الله، في تفسيره: "أضواء البيان".
ولعل نظرة في تفسير أول آية من الكتاب العزيز في "أضواء البيان" تفصح عن منهج المصنف، رحمه الله، في استقراء آي التنزيل: استقراء متدبر قد أحكم أصول العلم، إذ يقول فيها:
"قوله تعالى: {الْحَمْدُ للهِ}.
لم يذكر لحمده هنا ظرفاً مكانياً ولا زمانياً. وذكر في سورة الروم أن من ظروفه المكانية: السماوات والأرض في قوله: {وَلَهُ الحمد فِي السماوات والأرض} [الروم: 18] الآية - وذكر في سورة القصص أن من ظروفه الزمانية: الدنيا والآخرة في قوله: {وَهُوَ الله لا إله إِلاَّ هُوَ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة} [القصص: 70] الآية - وقال في أول سورة سبأ {وَلَهُ الحمد فِي الآخرة وَهُوَ الحكيم الخبير} [سبأ: 1] .............
وقوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
لم يبين هنا ما العالمون، وبين ذلك في موضع آخر بقوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين قَالَ رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ} [الشعراء: 23 - 24] الآية". اهـ
&&&&&
ثانيا: تفسير القرآن بالسنة:فالسنة هي الشارحة للكتاب العزيز، فهي الذكر الذي أنزل لبيان آي التنزيل مصداق قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، وقد اختار بعض أهل العلم، كـ: ابن كثير والشنقيطي، رحمهما الله، أن الذكر في هذه الآية هو القرآن، وهذا القول لا يعارض القول الأول من جهة أن المبلغ عن الرب جل وعلا هو أعلم الناس بمراده، فالبيان حاصل من جهته، ومرجع البيان عند التحقيق هو: الكتاب المنزل، إذ هو الدال على حجية السنة، كما قرر الأصوليون، فضلا عن أن فهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما هو وحي: تحقيقا أو تقريرا، فلا يقر على خلاف الأولى، كما في حادثة فداء أسرى بدر.
فمرجع تفسيره، وتفسير القرآن بالقرآن واحد، فكلاهما من مشكاة الوحي المعصوم فصار ذكرا كالذكر المنزل من هذا الوجه، فهو مثله في الاحتجاج، وإن كان يليه في الفضل فلا يتعبد بتلاوته ولا تنعقد به صلاة ............ إلخ من أوجه الاختلاف بين القرآن والسنة.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد اللّه محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال اللّه تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، وقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وقال تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]، ولهذا قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" يعني السنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والسنة أيضًا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة .......... والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب اللّه. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول اللّه. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. قال: فضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رَسُولِ اللّه لما يرضى رسولَ اللّه"، وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد". اهـ بتصرف
وبيان السنة للقرآن:
بيان زيادة: فتستقل السنة بإنشاء أحكام مكملة لأحكام الكتاب العزيز، كما في حديث: (لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا)، فهو مكمل لجملة المحرمات المذكورة في آية المحرمات، وهو مخصص من جهة أخرى، لما جاء بعدها من إباحة حل ما عداها، في قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)، فـ: "ما" نص في عموم أوصاف المنكوحات سوى المذكورات لا أعيانهن، كما في قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)، فعموم "ما" هنا أيضا: عموم أوصاف لا أعيان. وهو مخصوص بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.
وكما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ)، فهو مكمل لجملة المحرمات المذكورة في آية المائدة: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)
وبيان تخصيص: كما في حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ)، فهو مخصص لعموم قوله تعالى: (وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، خلافا للأحناف، رحمهم الله، الذين قالوا بوجوب الصدقة في كل ما تخرج الأرض أيا كان نوعه أو مقداره، إلا أصنافا استثنوها على تفصيل ليس هذا موضعه.
وبيان تقييد: كتقييد اليد المطلقة في قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا)، بالبيان النبوي إذ تقطع من مفصل الكف، وقال بعض أهل العلم: اليد إذا أطلقت في الكتاب العزيز فإنها تعني ابتداء الكف، فلا يكون فيها إجمال يحتاج إلى بيان السنة، فهي مبينة ابتداء.
وقوله تعالى: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) (النساء:11).
فقد جاء تقييد ذلك بالثلث كما، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كبير، أو كثير.
قال ابن حجر، رحمه الله، في "الفتح": "وَفِيهِ تَقْيِيد مُطْلَق الْقُرْآن بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهُ قَالَ سُبْحَانه وَتَعَالَى: (مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن) فَأَطْلَقَ، وَقَيَّدَتْ السُّنَّة الْوَصِيَّة بِالثُّلُثِ". اهـ
وفي هذا الرابط مزيد بيان لهذه المسألة الجليلة:
http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=1919&Itemid=34
&&&&&
ثالثا: تفسير القرآن بأقوال الصحابة رضي الله عنهم:
فهم أعلم الناس بالوحي: مبنى ومعنى، فبلسانهم ورد، وعليهم نزل، فأفادهم ذلك من عقل المعنى ما لم يستفده من جاء بعدهم، فهم أدنى منهم رتبة في الفصاحة والفهم، ولذلك كانت روايتهم الحديث بالمعنى أولى بالقبول من رواية من جاء بعدهم، وخلاف الصحابة، رضي الله عنهم، أقل من خلاف من جاء بعدهم، فلم يختلف رجال الصدر الأول، ولله الحمد والمنة، في مسألة واحدة من مسائل أصول الدين، وإنما اختلفوا في فروع من العلم والعمل يسوغ الخلاف فيها، بخلاف من جاء بعدهم، فإن من خلافهم ما لا يسوغ، بل ينكر على المخالف فيه، وقد يبدع ويفسق، بل وقد يكفر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وخلافهم أولى بالاعتبار، لبلوغهم في الجملة: درجة الاجتهاد، فهم أفضل وأعلم طباق الأمة.
يقول الشافعي رحمه الله:
"وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَسَبَقَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُمْ، فَرَحِمَهُمْ اللَّهُ وَهَنَّأَهُمْ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِبُلُوغِ أَعْلَى مَنَازِلِ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، أَدَّوْا إلَيْنَا سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَاهَدُوهُ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فَعَلِمُوا مَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامًّا وَخَاصًّا وَعَزْمًا وَإِرْشَادًا، وَعَرَفُوا مِنْ سُنَّتِهِ مَا عَرَفْنَا وَجَهْلِنَا، وَهُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ وَاجْتِهَادٍ وَوَرَعٍ وَعَقْلٍ وَأَمْرٍ اُسْتُدْرِكَ بِهِ عِلْمٌ وَاسْتُنْبِطَ بِهِ، وَآرَاؤُهُمْ لَنَا أَحْمَدُ، وَأَوْلَى بِنَا مِنْ رَأْيِنَا عِنْدَ أَنْفُسِنَا، وَمَنْ أَدْرَكْنَا مِمَّنْ يَرْضَى أَوْ حُكِيَ لَنَا عَنْهُ بِبَلَدِنَا صَارُوا فِيمَا لَمْ يَعْلَمُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ سُنَّةً إلَى قَوْلِهِمْ إنْ اجْتَمَعُوا، أَوْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنْ تَفَرَّقُوا، وَهَكَذَا نَقُولُ، وَلَمْ نَخْرُجْ عَنْ أَقَاوِيلِهِمْ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ وَلَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِ". اهـ
"التوحيد"، ص267.
وعن تفسيرهم يقول ابن تيمية رحمه الله:
"إنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا قَالَ هَذِهِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ وَلَا قَالَ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ: إنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٍ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا وَلَا يَفْهَمُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعُهُمْ وَإِنَّمَا قَدْ يَنْفُونَ عِلْمَ بَعْضِ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ". اهـ
ومما يشهد بأوليتهم في هذا الباب:
قول ابن مسعود، رضي الله عنه، وهو من كبار مفسري الصحابة رضي الله عنهم: "والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب اللّه إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلمُ مكان أحد أعلمَ بكتاب اللّه مني تناوله المطايا لأتيته"
وقال مسروق رحمه الله: "كان عبد الله، (أي: ابن مسعود رضي الله عنه)، يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار".
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "نعم ترجمان القرآن ابن عباس".
وقال مجاهد رحمه الله: "عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها".
&&&&&
رابعا: تفسير القرآن بأقوال التابعين:
ومن أبرزهم أصحاب ابن عباس، رضي الله عنهما، بمكة، كمجاهد وعكرمة وطاووس.
وأصحاب أبي بن كعب، رضي الله عنه، بالمدينة، كزيد بن أسلم.
وأصحاب عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، بالكوفة كعلقمة والأسود.
واختلاف التابعين، كما تقدم، أغلبه: اختلاف تنوع:
"فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عنده اختلافًا، فيحكيها أقوالا وليس كذلك. فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره، ومنهم من ينص على الشىء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن". اهـ من كلام ابن تيمية رحمه الله.
وقد اتسعت دائرة الخلاف في عهد التابعين، لظهور المقالات المحدثة في أصول الدين في زمانهم، وبعد العهد بالوحي بانقراض جيل الصحابة، رضي الله عنهم، وفشو اللحن بدخول غير العرب في الإسلام.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"قال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشىء فلا يرتاب في كونه حجة؛ فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك". اهـ
وأما التفسير بالرأي فقد شدد فيه جمع من السلف، ومحل ذمه: الرأي العقلي المجرد بمعزل عن قانون اللسان وفهم السلف، أعلم طباق الأمة، فيعرض المستدل عن تفسيرهم، ويحدث أقوالا لا مستند لها من نقل أو عقل، انتصارا لمقالة حادثة، كحال أغلب أهل الأهواء ممن نصروا مقالاتهم بتتبع متشابه التنزيل، فحملوه على أوجه بعيدة ليصح استدلالهم به، فأعرضوا عن فهم السلف المتقدمين إلى فهم الخلف المتأخرين: زمانا ورتبة، فالخارجي يجعل القرآن خارجيا، والرافضي يجعل القرآن رافضيا ......... إلخ.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام. حدثنا مُؤَمَّل، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن بغير علم، فليتبوأ مقعده من النار". حدثنا وَكِيع، حدثنا سفيان،عن عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن بغير علم، فليتبوأ مقعده من النار". وبه إلى الترمذي قال: حدثنا عبد بن حميد، حدثني حبان بن هلال، قال: حدثنا سهيل أخو حزم القطعي قال: حدثنا أبو عمران الجَوْنِي، عن جُنْدُب، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ "، قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل ابن أبي حزم.
وهكذا روى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أنهم شددوا في أن يفسر القرآن بغير علم. وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم: أنهم فسروا القرآن، فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن وفسروه بغير علم أو من قبل أنفسهم. وقد روى عنهم ما يدل على ما قلنا، أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم. فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به. فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرمًا ممن أخطأ، واللّه أعلم". اهـ
وأما الاستنباط الفقهي وفق أصول معتبرة، فهو، وإن دخل في حد الرأي، إلا أنه رأي سائغ، ولا يكون ذلك إلا لآحاد العلماء الذين رسخت أقدامهم في علوم الملة، ولعل تفسير القرطبي، رحمه الله، خير شاهد على ذلك.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 07:06 ص]ـ
ومع اتجاهات المفسرين وأولها:
أولا: الاتجاه الأثري:
وهو أول الاتجاهات ظهورا، لأن مستند الدين: النقل عن المعصوم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد اختلفت أقوال أهل العلم في القدر الذي فسره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
فذهب ابن تيمية، رحمه الله، إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام، قد فسر القرآن كاملا، امتثالا لنحو:
قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فـ: "ما": موصولة تفيد العموم، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مأمور ببيان كل آيات الكتاب العزيز، فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة في حقه، فلا يعقل أنه أخر بيان شيء من الوحي، ولو كان فاعلا لكتم نحو قوله تعالى: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)، وعند أحمد، رحمه الله، من حديث مسروق عن عائشة رضي الله عنها: ( ................ وَمَنْ أَخْبَرَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}).
يقول ابن تيمية رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان، وعبد اللّه بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا". اهـ، ثم ذكر آثارا في ذلك.
"شرح مقدمة أصول التفسير"، ص16، 17.
وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أنه، عليه الصلاة والسلام، فسر جملة من آي الكتاب العزيز، ولكنه لم يستوعب القرآن تفسيرا، ومن أدلة أصحاب هذا القول:
ما رواه الطبري، رحمه الله، من طريق: جعفر بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لم يكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم يفسر شيئًا من القرآن، إلا آيًا بعَددٍ، علمهنّ إياه جبريل عليه السلام.
قال الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله، في حاشية تفسير الطبري رحمه الله:
"الحديث 90، 91 – (أي: الحديث المتقدم): هو بإسنادين، ونقلهما ابن كثير في التفسير 1: 14 - 15 عن الطبري، وقال: (حديث منكر غريب. وجعفر هذا: هو ابن محمد بن خالد بن الزبير العوام القرشي الزبيري، قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث) ". اهـ
واستدلوا أيضا بأن تفسير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لآي الكتاب كلها يغلق باب الاجتهاد بعده، فلا يكون لأمثال ابن عباس، رضي الله عنهما، فضل على بقية المفسرين ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
فلم يكن صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفسر الآيات تباعا كما يفعل المصنفون المتأخرون، وإنما فسر ما أشكل على الصحابة، رضي الله عنهم، وقامت الحاجة إلى بيانه، إما:
ابتداء: كما في حديث عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}: أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ.
فوقع بيان القوة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابتداء على اصطلاح من لا يشترط في البيان: تقدم إشكال، وهو مذهب جماعة من أهل الأصول.
وقد وقع البيان هنا بأوفى عبارة: فاستفتح الكلام بـ: "ألا" تنبيها، وأكد الكلام بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتعريف جزأيها: "القوة" و "الرمي"، وتكرارها ثلاث مرات، فأي بيان أوفى من ذلك؟!!.
أو بعد ورود إشكال: وهذا محل إجماع بين أهل الأصول، كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ: {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}: بِشِرْكٍ أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
فالصحابة، رضي الله عنهم، وهم أهل اللسان حملوا الظلم في الآية على حقيقته اللغوية المعهودة، وهي تشمل كل صور الظلم: من ظلم الإنسان نفسه بالشرك والمعاصي وظلم غيره، فخص صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الحقيقة اللغوية ببعض أفرادها، فالظلم في هذا السياق هو فرد بعينه من أفراد عموم الظلم، وهو أعلاها: الشرك بالله، فحقيقته الشرعية في هذا السياق أخص من حقيقته اللغوية، وقد تقرر في الأصول أن: الحقيقة الشرعية: حقيقة لغوية مقيدة، ولا يصح تخصيص الحقائق اللغوية في الشرعيات إلا بتوقيف منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو المبلغ عن ربه، عز وجل، تماما، كما يقال في الحقائق العرفية العامة أو الخاصة، فإن المرجع في بيانها إلى العرف العام أو الخاص، فمن أراد بيان معنى "الفاعل" في علم النحو، على سبيل المثال، فإنه لا
(يُتْبَعُ)
(/)
يعتد بغير قول النحاة، أصحاب الشأن، فكذلك الحقائق الشرعية لا يحصل بيانها إلا من جهة صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فبيان مثل ذلك واجب في حقه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من باب أولى، وإليه أشار في "مراقي السعود" بقوله:
تصيير مشكل من الجلي ******* وهو واجب على النبي
وجمع بعض أهل العلم، كالشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله، بين القولين فقال بأن بيان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لآي الكتاب العزيز قد وقع:
بالقول وبالفعل: كما في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، المتقدم، وكما في بيانه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مجملات الكتاب من صلاة وزكاة وصيام وحج بالقول والفعل، فوقع بيان الصلاة على سبيل المثال بـ:
القول: كما في حديث مالك بن الحويرث، رضي الله عنه، مرفوعا: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
يقول ابن حبان، رحمه الله، معلقا: " «صلوا كما رأيتموني أصلي» لفظة أمر تشتمل على كل شيء كان يستعمله صلى الله عليه وسلم في صلاته، فما كان من تلك الأشياء خصه الإجماع أو الخبر بالنقل فهو لا حرج على تاركه في صلاته وما لم يخصه الإجماع أو الخبر بالنقل فهو أمر حتم على المخاطبين كافة لا يجوز تركه بحال". اهـ
والفعل: كما في حديث سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه، وفيه: (إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي).
بل وقع بيان بعض مجملات الشريعة بالإشارة، كما في حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَخَنَسَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ).
ووقع أيضا: بالإقرار سواء أكان الإقرار منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مباشرة إما بوقوع الفعل في مجلسه وسكوته عنه كأكل الضب على مائدته، وإما ببلوغه وسكوته، وإما بوقوع الفعل في زمنه، وسكوت الوحي وإقراره، فإنه لا يقر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على خلاف الأولى، ولا يقر أمته على خطأ، وبذلك استدل بعض أهل العلم على مشروعية أمور بوقوعها زمن الرسالة وسكوت الوحي عنها وإقراره لها، وإن لم تحدث في مجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل وإن لم تحدث في المدينة، كإمامة عمرو بن سلمة، رضي الله عنه، قومه، وكان صغيرا لما يبلغ، وعزل الصحابة، رضي الله عنهم، كما في حديث جابر، رضي الله عنه، فلكلٍ حكم الرفع، لوقوعه زمن الرسالة، ولو كان شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ لَنَهَى عَنْهُ الْقُرْآنُ، كما قال جابر رضي الله عنه.
وقد بين عليه الصلاة والسلام كثيرا من معاني القرآن، ولم يبينها كلها، لأن منها ما لا يحتاج إلى بيان لوضوح معناه ابتداء، ومنها ما يتعذر بيانه لاستئثار الباري، عز وجل، بعلمه، كالحروف المقطعة، على تفصيل في ذلك، فقد ذهب بعض أهل العلم، كابن عباس، رضي الله عنهما، إلى نفي وجود ما يتعذر بيانه في القرآن، فأثبتوا معان للحروف المقطعة.
ويؤيد هذا القول ما رواه الطبري، رحمه الله، من طريق: أبي الزناد عن الأعرج قال: قال ابن عباس: "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله".
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
قال ابن جرير: وقد روى نحوه في حديث في إسناده نظر: حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أنبأنا ابن وهب قال: سمعت عمرو بن الحارث يحدث عن الكلبي، عن أبي صالح، مولى أم هانئ، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام، لا يعذر أحد بالجهالة به. وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء. ومتشابه لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب".
والنظر الذي أشار إليه في إسناده هو من جهة محمد بن السائب الكلبي؛ فإنه متروك الحديث؛ لكن قد يكون إنما وهم في رفعه. ولعله من كلام ابن عباس، كما تقدم، والله أعلم بالصواب". اهـ
وفي إسناده أيضا:
أبو صالح باذام: قال في "ميزان الاعتدال":
باذام، أبو صالح ......... : تابعي.
ضعفه البخاري.
وقال النسائي: باذام ليس بثقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن معين: ليس به بأس، (وهذه عبارة توثيق من ابن معين رحمه الله)، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه تفسير ...............
وقال ابن معين: إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء". اهـ بتصرف.
فغالب الأقوال على ضعفه، ومن وثقه كابن معين، رحمه الله، وإن كانت عبارته مشعرة بنوع جرح وإلا لما عدل عن التوثيق الصريح إليها، فإنما كان ذلك في غير رواية الكلبي عنه، والحديث محل البحث: من رواية الكلبي، فهو ضعيف مرفوعا كما ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله، وقول ابن عدي، رحمه الله، مشعر بالجرح، لأن الغالب على روايات التفسير الإرسال، فيتساهل المفسرون في إيرادها ما لا يتساهله أصحاب الأصول من جوامع وسنن ومسانيد ............. إلخ.
وقد قسم بعض أهل العلم: البيان النبوي إلى خمسة أوجه:
أولا: بيان المجمل:
وبيانه عند السلف يشمل كل أنواع البيان من:
بيان المجمل الاصطلاحي عند المتأخرين: كبيان مجملات آيات الصلاة والزكاة والصوم والحج، بالقول والفعل والتقرير على التفصيل المذكور في كتب الفروع.
وتوضيح مشكل: كما في قوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ)، إذ أشكل ذلك على عدي بن حاتم، رضي الله عنه، حتى ورد البيان النبوي: (إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ)، كما عند البخاري، رحمه الله، وقد جاء البيان في نفس السياق القرآني في قوله تعالى: (من الفجر)، وعند البخاري، رحمه الله، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه: سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} وَلَمْ يَنْزِلْ: {مِنْ الْفَجْرِ} فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ {مِنْ الْفَجْرِ} فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
وتخصيص عام: كما في قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وسبق بيانه، إذ خصص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عموم الظلم بفرد من أفراده، وفي ذلك دليل لقول من قال من الأصوليين بجواز تخصيص العام إلى أن يبقى منه فرد واحد فقط، وقال آخرون: يصح التخصيص إلى أن يبقى أقل الجمع سواء أكان اثنين أم ثلاثة، على خلاف في أقل الجمع ليس هذا موضع بيانه.
وتقييد مطلق: كتقييد مطلق اليد في قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، بالكف اليمنى، فتقطع من الرسغ، كما جاء البيان النبوي العملي بذلك، وقال بعض أهل العلم: لا إجمال في هذه الآية لأن اليد إذا أطلقت في التنزيل فإنما يراد بها الكف، وإن أريد بها غيره قيدت بغاية، كالمرفق: في آية الوضوء.
ولقائل أن يقول: إنما وقع البيان النبوي من جهة تحديد أي الكفين يقطع: اليمنى أو اليسرى، كما دلت على ذلك أيضا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: (فاقطعوا أيمانهما).
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وروى الثوري عن جابر بن يزيد الجُعْفي، عن عامر بن شراحيل الشعبي؛ أن ابن مسعود كان يقرؤها: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما". وهذه قراءة شاذة، وإن كان الحكم عند جميع العلماء موافقًا لها، لا بها، بل هو مستفاد من دليل آخر". اهـ
فهي مما يستشهد به لا مما يحتج به انفرادا. وقال بعض أهل العلم: تلاوة الصحابي لها قرآنا، يدل على أنها صدرت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فينظر في إسنادها، فإن صح إلى الصحابي، فله حكم الرفع، لأن ذلك مما لا يقال بالرأي، فتثبت خبرَ آحاد، ولا تثبت قرآنا لتخلف شرط التواتر، وخبر الآحاد حجة في العقائد والأحكام على تفصيل ليس هذا موضعه.
ثانيا: بيان لفظ أو متعلقه:
كبيان لفظ: "المغضوب عليهم": بـ: اليهود، و: "الضالين" بـ: النصارى، وبيان معنى التطهير في قوله تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ)، بأنه التطهير من الحيض والبزاق والنخامة ......... إلخ.
ثالثا: بيان مؤكد لما جاء في القرآن:
(يُتْبَعُ)
(/)
كبيان قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ)، فهو مؤكد لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ).
رابعا: بيان النسخ:
فالنسخ لا يثبت إلا بالنص، إذ لا نسخ بعد زمن النبوة، وإذا قيل: نسخ الإجماع كذا وكذا من الأحكام، فإن الناسخ عند التحقيق نص آخر استند إليه هذا الإجماع كما تقرر في الأصول.
يقول النووي، رحمه الله، في "التقريب": "والإجماع لا ينسخ، ولا يُنْسَخْ، ولكن يدل على ناسخ". اهـ
ومن ذلك بيان نسخ قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)، بآيات المواريث إذ دل عليه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله قد أعطى كلّ ذي حق حقه، فلا وصية لوارث)، وقال بعض أهل العلم: إن الحديث ناسخ بنفسه، ومنع ذلك جمهور أهل العلم لعدم جواز نسخ المتواتر بالآحاد، وأجاب المجيزون بأن هذا الحديث قد بلغ حد التواتر، ولا إشكال في نسخ المتواتر بالمتواتر، وعلى فرض كونه آحادا، فلا إشكال أيضا، عند التحقيق، في نسخ المتواتر بالآحاد لأن محل النسخ: الحكم الذي دل عليه النص لا لفظه، والحكم ظني، فجاز رفع الظني بالظني، وإن ثبت الأول بقطعي الثبوت، والثاني بظني الثبوت.
خامسا: بيان أحكام زائدة على ما جاء في الكتاب:
كتحريم نكاح المرأة على عمتها، والمرأة على خالتها، وهو داخل في تخصيص عموم قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)، من جهة أخرى.
بتصرف واسع من مذكرة "المدخل إلى علم التفسير"، ص75_77.
فضلا عن وقوع بيان مجملات القرآن بالقرآن نفسه، وهو أول ما يلجأ إليه المفسر، والوحي المعجز يدخل في حد "الأثر" من جهة اعتماده الروايةَ في نقله، وإن كان لا يدخل من جهة كونه كلام رب البشر، جل وعلا، والأثر اصطلاحا: كلام أثر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو عن أصحابه رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم، وهو الأشهر.
ومن صور البيان القرآني:
تفسير مجمل قوله تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، بمفصل قوله تعالى: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وتقييد مطلق اليد في آية التيمم باليد المقيدة إلى المرافق، في آية الوضوء، وهذا قول جمع من الشافعية، رحمهم الله، لاتحاد السبب وهو: الطهارة، وإن اختلف الحكمان: المسح في التيمم والغسل في الوضوء، وقد ورد في ذلك آثار لا تخلو أسانيدها من مقال.
والمثال الذي لا خلاف فيه بين أهل العلم على هذه الصورة:
حمل مطلق "الدم" في قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ)، على الدم المقيد في قوله تعالى: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا)، لاتحاد السبب: وهو النجاسة، والحكم: وهو التحريم، فيحرم المسفوح دون ما بقي في العروق.
وتخصيص عموم نفي الخلة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ)، بالخلة المستثناة في قوله تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)، والشفاعة المنفية في قوله تعالى: (وَلَا شَفَاعَةٌ)، بالشفاعة المستثناة في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يقال بأن هذا الاستثناء مخصص لعموم قوله تعالى: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ)، لأن هذه في حق الكفار، وعموم نفي الشفاعة عنهم لا مخصص له، فلا يأذن الله، عز وجل، في الشفاعة لكافر، وإنما الشفاعة لأصحاب الكبائر من أمة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما في حديث أنس وجابر رضي الله عنهما مرفوعا: (شَفاعتي لأهْلِ الكبائرِ من أمتي)، إلا أن يقال بمخصص واحد هو شفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمه أبي طالب في تخفيف العذاب وهي من خصائصه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن صور تفسير القرآن بالقرآن: الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض، كآيات خلق آدم من تراب، وطين، وحمأ مسنون، وصلصال.
ومنه أيضا: حمل بعض القراءات على بعض، فالقراءات تفيد المستدل أحكاما تبعا لتغير النطق، كما في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)، فلفظ: (يَطْهُرن): حجة من قال بجواز وطء من طهرت من حيضها وإن لم تغتسل، فتغسل أثر الدم، ويحل لزوجها وطؤها، وهذا قول ابن حزم رحمه الله.
بخلاف قراءة: (يَطَهَرن)، بالتشديد، فهي حجة من أوجب الغسل.
فاتضح بهذا المثال ما للقراءات من فائدة جليلة في تفسير ألفاظ التنزيل.
يقول مجاهد رحمه الله: "لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابن عباس ما احتجت أن أسأله عن كثير مما سألته عنه". والأثر عند الترمذي، رحمه الله، في جامعه.
بتصرف واسع من "مذكرة المدخل إلى علم التفسير"، ص65_67.
وقسم بعض أهل العلم البيان باعتبار المنطوق والمفهوم إلى:
أولا: بيان منطوق بمنطوق: كبيان منطوق قوله تعالى: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)، بمنطوق قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)، فـ: "ما يتلى عليكم"، هو: "الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ................ ".
ثانيا: بيان منطوق بمفهوم: كبيان منطوق قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)، بمفهوم قوله تعالى: (أو دما مسفوحا)، فيعفى عن الدم في العروق لمشقة الاحتراز منه، والمشقة تجلب التيسير كما قرر علماء مقاصد الشريعة.
ثالثا: بيان مفهوم بمنطوق: كبيان مفهوم قوله تعالى: (هدى للمتقين)، بمنطوق قوله تعالى: (وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)، فإن تخصيص هدى القرآن بالمتقين إثباتا، والذي استفيد من سياق النص، إذ اللام في "للمتقين" للاختصاص، والاختصاص مظنة النفي عمن دون المخصوص، يفيد بمفهومه: نفي الهدى عن غير المتقين الذين ورد ذكرهم صراحة في منطوق الآية الثانية فلا يزيدهم إلا خسارا، إما بتتبع متشابهه، أو بالتكذيب به ورده صراحة فيكون خسارا لهم من جهة زيادة إثمهم بذلك.
رابعا: بيان مفهوم بمفهوم.
بتصرف من: "التيسير في أصول التفسير"، ص86، 87.
والله أعلى وأعلم.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[01 - 03 - 2009, 01:08 ص]ـ
جهد متميز
جعله الله في ميزان حسناتك
بارك الله فيك
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 03 - 2009, 09:24 ص]ـ
والآثار التي يفسر بها الكتاب العزيز إجمالا تشمل:
الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذه حجة بلا خلاف.
وأقوال الصحابة، رضي الله عنهم، وتارة يكون لها حكم الرفع، إذا لم يكن للرأي فيها مجال، ولم يكن الراوي ممن عرف بالنقل عن أهل الكتاب، أو كانت أمرا توقيفيا بحتا لا يمكن تلقيه عن أهل الكتاب، ولا يعرف إلا بالنقل، كأسباب النزول ووقائع المغازي التي نزل فيها قرآن ........... إلخ، كما قرر أهل الاصطلاح.
وتارة يكون لها حكم الوقف إذا كان الصحابي أو التابعي يفسر القرآن بالنقل عن لسان العرب، فهم، لا سيما الصحابة، أعلم الناس بلغة الوحي ومقاصد الشريعة، كما قرر أهل العلم، فيقدم تفسيرهم على تفسير غيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الزركشي، رحمه الله، في "البرهان": "ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه". اهـ
فمرجع ترجيج تفسيرهم النقلي: أنهم شهدوا نزول الوحي، ومرجع ترجيح تفسيرهم اللغوي: أنهم أهل اللسان.
ويقول ابن كثير رحمه الله: "فَإنْ قَالَ قَائِلٌ: فمَا أحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ؟ فَالْجوابُ: إنَّ أصَحَّ الطُّرُقِ في ذلك أنْ يُفَسَّرَ القرآنُ بالقرآنِ، فما أُجْمِلَ في مكَانٍ فإنه قد بُسِطَ في مَوْضِعٍ آخرَ، فإن أعْياكَ فَعَلَيْكَ بالسُّنَّة؛ فإنها شَارِحةٌ للقُرْآنِ وَمُوَضِّحةٌ له، وحِينَئذٍ إذا لم نَجِدِ التفْسِيرَ فِي القُرآنِ ولا في السُّنةِ رَجَعْنا في ذلك إلى أَقْوالِ الصَّحابةِ؛ فإنهم أدْرَى بذلك لما شَاهَدُوا من القَرائِنِ والأحْوالِ التي اخْتُصُّوا بها، ولِما لهم مِنَ الفَهْمِ التَّامِ والعِلْم الصَّحِيح والعَمَلِ الصَّالِحِ، لاسيَّما عُلَماءَهُم وكُبَراءَهُمْ كالأئمَّةِ الأربعةِ الخُلَفاءِ الرّاشِدين، والأئمة المهتدِينَ الْمهدِيِّينَ، وعَبْدَ الله بن مَسْعودٍ - رضي الله عنهم أجمعين - وإذا لم تَجِدِ التفْسِيرَ في القُرآنِ ولا في السُّنةِ ولا وَجَدْتَهُ عنِ الصَّحابةِ فقد رَجَعَ كَثير من الأئمةِ في ذلك إلى أقوالِ التَّابِعينَ". اهـ
والإلمام بلغة العرب أمر لا غنى عنه في تفسير آي الكتاب العزيز، فبه ظهر التفاوت بين أئمة التفسير المتقدمين، فكلما كان المفسر ملما بلهجات العرب، صار تفسيره في أعلى مراتب الاعتبار.
يقول مجاهد رحمه الله: "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب". اهـ
والأثر عند صاحب: "البرهان"، وصاحب: "الإتقان" رحمهما الله.
ويقول ابن خلدون رحمه الله: "إن القرآن نزل بلغة العرب، وعلى أساليب بلاغتهم، فكانوا كلهم يفهمونه، ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه". اهـ
ويقول القرطبي رحمه الله:
"وقال ابن عطية: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القران على سبعة أحرف": أي فيه عبارة سبع قبائل بلغة جملتها نزل القران، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظ، ألا ترى أن "فطر" معناه عند غير قريش: ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس، حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها، قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موضع قوله تعالى: "فاطر السموات والأرض".
وقال أيضا: ما كنت أدري معنى حينئذ موضع قوله تعالى: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق"، حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: "تعال أفاتحك، أي: أحاكمك".
وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قوله تعالى: "أو يأخذهم على تخوف"، أي: على تنقص لهم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 60، 61).
فوقع لابن عباس، رضي الله عنهما، مع كونه ترجمان القرآن، ولعمر، رضي الله عنه، من اللبس ما وقع حتى جاء البيان من لغة العرب، ممن قولهم حجة، فهم أهل اللسان، وإن كانوا أعراباً من أهل الوبر.
يقول ابن قتيبة رحمه الله: "إن العرب لا تستوي في المعرفة بجميع ما في القرآن من الغريب والمتشابه، بل إن بعضها يفضل في ذلك عن بعض". اهـ
واختلاف الصحابة، رضي الله عنهم، غالبه من: اختلاف التنوع، فيستفاد من كل قول وجه من أوجه المعنى الكلي، كالتعريف بالمثال، فإن تعدد الأمثلة مما يثري المعنى، إذ لا تعارض بين أمثلة النوع الواحد، فهي بمنزلة الأفراد التي يجمعها معنى كلي مشترك، فتكون دلالتها الكلية واحدة، وإن اختلفت دلالاتها الجزئية، كتفسير الطاعة مثلا: بالصلاة، أو الزكاة، أو الصيام ........ إلخ، فإن معنى الطاعة الكلي متحقق فيها وإن اختلفت معانيها الجزئية.
والقاعدة أن: إعمال الأقوال أولى من إهمالها فمتى صح العمل بجميع الأقوال دون تعارض لم نحتج إلى ترجيح بينها.
وإن وقع اختلاف التضاد بين أقوالهم بحيث لا يمكن الجمع بينها، فلا مناص من الترجيح، فيختار المفسر أقربها إلى كليات الشريعة ومقاصدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والاختلاف بين الصحابة أقل من الاختلاف بين التابعين، والاختلاف في القرن الثاني أقل من الاختلاف في القرن الثالث وهكذا كلما قرب الزمان: ضاق الخلاف، وكلما بعد اتسع وانتشر، ولذلك يظهر من البدع أولا ما كان أخف، فإذا طال الزمان ظهر الأغلظ فالأغلظ.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلاً جدًا، وهو وإن كان في التابعين أكثر منه في الصحابة، فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر". اهـ
"شرح مقدمة أصول التفسير"، ص18.
&&&&&
وأما تفسير التابعين فهو حجة فيما أجمعوا عليه، فإن اختلفوا على وجه لا يمكن الجمع فيه بين الأقوال المتعارضة، فلا مناص من الترجيح بينها من باب أولى.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"قال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة؛ فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك". اهـ
"شرح مقدمة أصول التفسير"، ص85.
&&&&&
وأما تفسير أتباع التابعين فقد أدخله بعض أهل العلم في مصادر التفسير بالأثر، بوصفهم خاتمة القرون المفضلة، فلأقوالهم من الاعتبار ما يجعلها مصدرا معتمدا لهذا الاتجاه.
وقد انتصر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، رحمه الله، إلى القول بوجوب الأخذ بأقوال الصحابة، رضي الله عنهم، فهي في حكم المرفوع، على التفصيل السابق، فمنزلتها منزلة: زيادة الثقة، وهي مقبولة مطلقا عند جمهور الفقهاء والأصوليين، بخلاف أهل الحديث والأثر، وإلى ذلك أشار صاحب "مراقي السعود"، رحمه الله، بقوله:
والرفع والوصل وزيد اللفظ ******* مقبولة عند إمام الحفظ
وإمام الحفظ: هو مالك رحمه الله.
وألحق بهم: التابعين وتابعيهم استدلالا بقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
"التيسير في أصول التفسير"، ص58.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 03 - 2009, 07:21 ص]ـ
ومن مصادر التفسير الأثري:
الإسرائيليات:
فقد روى بعض الصحابة، رضي الله عنهم، وكثير ممن تلاهم، بعض أخبار أهل الكتاب عمن أسلم منهم، ولم يكن مقصودهم الاحتجاج بها، أو رفعها إلى صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهم أجل من أن ينسبوا إليه، عليه الصلاة والسلام، ما لم يقله، وإنما رووها على سبيل الموعظة والاستئناس.
يقول الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله، في حاشية "الباعث الحثيث" على "اختصار علوم الحديث": "وأما ما يحكيه بعض الصحابة من أخبار الأمم السابقة، فإنه لا يعطى حكم المرفوع أيضا، لأن كثيرا منهم رضي الله عنهم كان يروي الإسرائيليات عن أهل الكتاب، على سبيل الذكرى والموعظة، لا بمعنى أنهم يعتقدون صحتها، أو يستجيزون نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاشا وكلا".
"الباعث الحثيث"، حاشية ص66، 67.
وعليه يحمل سماع عمر، رضي الله عنه، من كعب الأحبار، في بعض الأوقات، وإليه أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله: "وهذه الأقوال - والله أعلم -، (أي: الأقوال في كون الذبيح هو إسحاق عليه الصلاة والسلام)، كلها مأخوذة عن كعب الأحبار، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر، رضي الله عنه عن كتبه، فربما استمع له عمر، رضي الله عنه، فترخص الناس في استماع ما عنده، ونقلوا عنه غثها وسمينها، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده ". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فلم يكن سماع عمر، رضي الله عنه، منه، دائما، وإنما أشار إليه الحافظ ابن كثير، رحمه الله، بقوله: "ربما"، ولم يكن سماعه منه اعتمادا وإنما استشهادا في مسائل لا تقوم حاجة إلى بيانها، فهي من المُلَحِ لا من الأصول، فليست هذه الأمة بحاجة إلى حرف واحد مما عند غيرها، فقد كفاها الله، عز وجل، أمر دينها أصولا وفروعا، وكل من اعتقد حاجته إلى ما عند الأمم الأخرى من العقائد والشرائع والأخلاق فإنما ذلك لنقص في علمه لا لنقص في الرسالة الخاتمة.
وفي التنزيل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
وكان عمر، رضي الله عنه، يقول لكعب: "إن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها"، والأثر عند ابن عبد البر، رحمه الله، في "جامع بيان العلم وفضله": «إن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلها الله عز وجل على موسى بن عمران عليه السلام فاقرأها آناء الليل والنهار»، وهذا أمر متعذر، بتعذر معرفة مواضع التحريف تحديدا، وإن كنا نعرف وقوعه إجمالا، اللهم إلا في المواضع التي يقطع بوقوع التحريف فيها كتنقص الذات الإلهية والطعن في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .......... إلخ من الأقوال المستشنعة.
وعند البغوي، رحمه الله، في تفسيره: "وقال قتادة وعكرمة والسدي: كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أرض بأعلى المدينة وممرها على مدارس اليهود فكان إذا أتى أرضه يأتيهم ويسمع منهم كلاما , فقالوا له: ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك، إنهم يمرون علينا فيؤذوننا وأنت لا تؤذينا وإنا لنطمع فيك فقال عمر: والله ما آتيكم لحبكم ولا أسألكم لأني شاك في ديني وإنما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأرى آثاره في كتابكم وأنتم تكتمونها فقالوا: من صاحب محمد الذي يأتيه من الملائكة؟ قال: جبريل فقالوا: ذلك عدونا يطلع محمدا على أسرارنا وهو صاحب كل عذاب وخسف وسنة وشدة، وإن ميكائيل إذا جاء جاء بالخصب والمغنم، فقال لهم عمر: تعرفون جبريل وتنكرون محمدا؟ قالوا: نعم قال: فأخبروني عن منزلة جبريل وميكائيل من الله عز وجل؟ قالوا: جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره قال عمر: فإني أشهد أن من كان عدوا لجبريل فهو عدو لميكائيل، ومن كان عدوا لميكائيل فإنه عدو لجبريل، ومن كان عدوا لهما كان الله عدوا له، ثم رجع عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال: "لقد وافقك ربك يا عمر" فقال عمر: لقد رأيتني بعد ذلك، في دين الله أصلب من الحجر". اهـ
فكيف يصغي عمر، رضي الله عنه، إلى كعب أو غيره إصغاء المتعلم الناقل، لا المعلم الناقد، وهو الذي أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ: أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي.
وهذه رواية أحمد، رحمه الله، في "مسنده"، وهي من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه.
ومجالد هو: مجالد بن سعيد، وهو: لين، لا يحتج به، كما نقل ذلك الذهبي، رحمه الله، في ترجمته في "ميزان الاعتدال" عن ابن معين رحمه الله.
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله، في "ظلال الجنة في تخريج السنة": "حديث حسن إسناده ثقات غير مجالد وهو ابن سعيد فإنه ضعيف ولكن الحديث حسن له طرق أشرت إليها في المشكاة ثم خرجت بعضها في الإرواء". اهـ
فنهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث إنما توجه إلى سؤالهم قصدا، لا إلى السماع منهم عرضا، فجعلهم مصدرا من مصادر التلقي يفزع إليه عند الحاجة شيء، والاستئناس بحكاية ما عندهم شيء آخر كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما حديث إبراهيم بن أبي يحيى: حدثنا معاذ بن عبد الرحمن، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني قد قرأت القرآن والتوراة. فقال: "اقرأ بهذا ليلة، وبهذا ليلة".
فإسناده ضعيف، كما ذكر الذهبي، رحمه الله، في "سير أعلام النبلاء".
قال المحقق في الحاشية:
"لأن إبراهيم بن أبي يحيى وهو الأسلمي المدني متروك الحديث، وبعضهم اتهمه، فالحديث ضعيف جدا، بل يكاد يكون موضوعا، فإنه مخالف لحديث جابر بن عبد الله أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: "أمتهوكون (أي متحيرون) كما تهوكت اليهود والنصارى، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي" وهو حديث حسن، أخرجه أحمد 3/ 338 و 378، وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد عند أحمد 3/ 470، 471، وآخر من حديث عمر عند أبي يعلى. انظر "مجمع الزوائد" 1/ 173، 174". اهـ
قال الحافظ الذهبي، رحمه الله، معلقا: "فإن صح، ففيه رخصة في التكرار على التوراة التي لم تبدل، فأما اليوم، فلا رخصة في ذلك ; لجواز التبديل على جميع نسخ التوراة الموجودة، ونحن نعظم التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام، ونؤمن بها.
فأما هذه الصحف التي بأيدي هؤلاء الضلال، فما ندري ما هي أصلا. ونقف، فلا نعاملها بتعظيم ولا بإهانة، بل نقول: آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله. ويكفينا في ذلك الإيمان المجمل، ولله الحمد". اهـ
والأصل في التوقف الذي أشار إليه الذهبي، رحمه الله، بقوله: "ونقف" هو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبونه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقونه)، وفي معناه: حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، موقوفا: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم إما أن يحدثوكم بصدق فتكذبونهم أو بباطل فتصدقونهم).
قال الحافظ نور الدين الهيثمي، رحمه الله، في "مجمع الزوائد": "رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون". اهـ
ومن ترجمة عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، في "سير أعلام النبلاء":
"قال أحمد في "مسنده": حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت فيما يرى النائم كأن في أحد أصبعي سمنا، وفي الأخرى عسلا، فأنا ألعقهما، فلما أصبحت، ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "تقرأ الكتابين، التوراة والفرقان"، فكان يقرأهما.
يقول الحافظ الذهبي، رحمه الله، معلقا على هذه الرواية:
ابن لهيعة ضعيف الحديث، (ومن اعتبر بروايته فإنما اعتبر برواية العبادلة: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وإليه أشار ابن حبان، رحمه الله، فيما نقله عنه الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال": "وكان أصحابنا يقولون: سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة: عبد الله بن وهب، وابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن مسلمة القعنبى - فسماعهم صحيح"، وهذه الرواية من طريق قتيبة بن سعيد، رحمه الله، فلا تصلح احتجاجا أو اعتبارا)، وهذا خبر منكر، ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل، قد اختلط فيها الحق بالباطل، فلتجتنب.
فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود، فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلا، والإعراض أولى.
فأما ما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعبد الله أن يقوم بالقرآن ليلة وبالتوراة ليلة، فكذب موضوع قبح الله من افتراه.
وقيل: بل عبد الله هنا هو ابن سلام.
وقيل: إذنه في القيام بها أي يكرر على الماضي لا أن يقرأ بها في تهجده". اهـ
وقد عرف عمر، رضي الله عنه، بالشدة في هذا الأمر، فأثر عنه حرق كتب المجوس: عباد النار، التي عثر المسلمون عليها في بلاد فارس، وليس هذا مسلك من يتلقى عن غيره تلقي المقلد الجاهل.
يقول ابن خلدون، رحمه الله، في مقدمته الشهيرة:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ولما فتحت أرض فارس ووجدوا فيها كتباً كثيرة كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب ليستأذنه في شأنها ونقلها للمسلمين، فكتب إليه عمر: أن اطرحوها في الماء، فإن يكن فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله فطرحوها في الماء أو في النار وذهبت علوم الفرس فيها عن أن تصل إلينا". اهـ
وما عكرت المقالات الضالة صفو عقيدة المسلمين إلا بعد ترجمة كتب اليونان زمن الخليفة عبد الله المأمون غفر الله له.
فإن بطارقة الروم قد أشاروا على ملكهم بإخراج كتب اليونان التي أفسدت دين النصرانية إلى بلاد المسلمين لتفسد ملتهم كما أفسدت ملة النصارى، فما دخلت تلك العلوم الوثنية على دولة شرعية إلا أفسدتها، إذ لا عناية لأربابها بعلوم النبوات، فهم من أبعد الناس عنها، فاستجاب لهم الملك وأرسلها إلى يحيى بن خالد البرمكي الذي جمع عليها كل زنديق وفيلسوف فنقلوها إلى لسان العرب، فوقع الشر بين المسلمين، وأطلت البدعة برأسها.
ومن تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، حدثنا علي بن مُسْهِر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عُرْفَطة قال: كنت جالسا عند عمر، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم. قال: وأنت النازل بالسوس، قال: نعم. فضربه بقناة معه، قال: فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: اجلس. فجلس، فقرأ عليه: {بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} إلى قوله: {لَمِنَ الْغَافِلِينَ} فقرأها ثلاثا، وضربه ثلاثا، فقال له الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال! قال: مرني بأمرك أتبعه. قال: انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ثم لا تقْرأه ولا تُقرئه أحدا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنّك عقوبة، ثم قال له: اجلس، فجلس بين يديه، فقال: انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا في يدك يا عمر؟ ". قال: قلت: يا رسول الله، كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرّت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار: أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم؟ السلاح السلاح. فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا أيها الناس، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختُصِر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تَتهوَّكوا، ولا يغرنكم المتهوِّكون". قال عمر: فقمت فقلت: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبك رسولا. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرا، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، به. وهذا حديث غريب من هذا الوجه. وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شَيبَة الواسطي، وقد ضعفوه وشيخه. قال البخاري: لا يصح حديثه.
قلت، (أي: الحافظ ابن كثير رحمه الله): وقد روي له شاهد من وجه آخر، فقال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: أخبرني الحسن بن سفيان، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، حدثني عمرو بن الحارث، حدثنا عبد الله بن سالم الأشعري، عن الزبيدي، حدثنا سليم بن عامر: أن جُبَير بن نُفَير حَدّثهم: أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر، رضي الله عنه، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص، وكانا قد اكتتبا من اليهود صلاصفة فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين ويقولون: إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة. وإن نهانا عنها رفضناها، فلما قدما عليه قالا إنا بأرض أهل الكتابين، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا، أفنأخذ منه أو نترك؟ فقال: لعلكما كتبتما منه شيئا. قال: لا. قال: سأحدثكما، انطلقت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت خيبر، فوجدت يهوديا يقول قولا أعجبني،
(يُتْبَعُ)
(/)
فقلت: هل أنت مكتبي ما تقول؟ قال: نعم. فأتيت بأديم، فأخذ يملي علي، حتى كتبت في الأكرُع. فلما رجعت قلت: يا نبي الله، وأخبرته، قال: "ائتني به". فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون أتيت رسول الله ببعض ما يحب، فلما أتيت به قال: "اجلس اقرأ عليّ". فقرأت ساعة، ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو يتلوّن، فتحيرت من الفَرق، (أي: الخوف من "فَرَقَ")، فما استطعت أجيز منه حرفا، فلما رأى الذي بي دَفَعه ثم جعل يتبعه رسما رسما فيمحوه بريقه، وهو يقول: "لا تتبعوا هؤلاء، فإنهم قد هَوكوا وتَهَوَّكوا"، حتى محا آخره حرفًا حرفا. قال عمر، رضي الله عنه: فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئًا جعلتكما نكالا لهذه الأمة! قالا: والله ما نكتب منه شيئًا أبدا. فخرجا بصلاصفتهما فحفرا لها فلم يألُوا أن يعمِّقَا، ودفناها فكان آخر العهد منها.
وكذا روى الثوري، عن جابر بن يزيد الجُعْفي، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت الأنصاري، عن عمر بن الخطاب، بنحوه.
وروى أبو داود في المراسيل، من حديث أبي قِلابة، عن عمر نحوه. والله أعلم". اهـ
فقد وعى عمر، رضي الله عنه، نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن سؤال بني إسرائيل والكتابة عنهم، فكان يزجر عن ذلك ويعاقب عليه، وأما السماع منهم عرضا، فهذا أمر آخر، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعليه يحمل جواز التحديث عنهم.
والمشهور من سيرة عمر، رضي الله عنه، أيضا: تحريه الشديد في الرواية عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما في واقعة الاستئذان المشهورة، فلم يتوقف في قبول خبر أبي موسى، رضي الله عنه، ابتداء حتى يأتيه بشاهد يشهد له، لطعن في عدالة أو ضبط أبي موسى، وإنما أراد أن يسن طريقة في تحمل الأخبار وأدائها، فإن الناس إذا رأوا الصحابة، رضي الله عنهم، مع عظم منزلتهم وتعديل الوحي لهم، يخوفون في الرواية، كان ذلك زاجرا لغيرهم عن التساهل فيها من باب أولى.
وعند مسلم، رحمه الله، من حديث معاوية رضي الله عنه: إِيَّاكُمْ وَأَحَادِيثَ إِلَّا حَدِيثًا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ يُخِيفُ النَّاسَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
فلم يكن أمره بالإقلال من الرواية حجبا لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما زعم بعض أهل البدع، وإنما كان احتياطا لها، فإن المكثر من الرواية بلا حاجة غالبا ما يقع له الوهم، فضلا عن كون الإكثار من الرواية بلا حاجة مظنة قلة فقه المروي.
يقول الحافظ ابن عبد البر الأندلسي المالكي، رحمه الله، المتوفى سنة 463 هـ في "جامع بيان العلم وفضله":
"احتج بعض من لا علم له ولا معرفة من أهل البدع وغيرهم الطاعنين في السنن بحديث عمر هذا: أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما ذكرنا في هذا الباب من الأحاديث وغيرها وجعلوا ذلك ذريعة إلى الزهد في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا توصل إلى مراد كتاب الله عز وجل إلا بها والطعن على أهلها ولا حجة في هذا الحديث ولا دليل على شيء مما ذهبوا إليه من وجوه، قد ذكرها أهل العلم منها:
أن وجه قول عمر هذا إنما كان لقوم لم يكونوا أحصوا القرآن فخشي عليهم الاشتغال بغيره عنه إذ هو الأصل لكل علم، هذا معنى قول أبي عبيد في ذلك، واحتج بما رواه عن حجاج عن المسعودي عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا، فأنزل الله عز وجل: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم ....... إلى آخر الآية قال: ثم ملوا ملة أخرى، فقالوا: يا رسول الله حدثنا شيئا فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص فأنزل الله: (الر تلك آيات الكتاب المبين) ......... إلى قوله: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) الآية، قال: فإن أرادوا الحديث دلهم على أحسن الحديث وإن أرادوا القصص دلهم على أحسن القصص.
وقال غيره: إن عمر رضي الله عنه إنما نهى من الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وطعن غيرهم في حديث قرظة هذا وردوه؛ لأن الآثار الثابتة عن عمر رضي الله عنه خلافه، منها ما روى مالك ومعمر وغيرهما عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث السقيفة أنه خطب يوم جمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها، من وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته، ومن خشي أن لا يعيها فإني لا أحل له أن يكذب علي إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل معه الكتاب فكان مما أنزل معه آية الرجم، وذكر الحديث. وهذا يدل على أن نهيه عن الإكثار وأمره بإقلال الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان خوف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوفا أن يكون مع الإكثار أن يحدثوا بما لم يتقنوا حفظه ولم يعوه؛ لأن ضبط من قلت روايته أكثر من ضبط المستكثر وهو أبعد من السهو والغلط الذي لا يؤمن مع الإكثار؛ فلهذا أمرهم عمر بالإقلال من الرواية ولو كره الرواية وذمها لنهى عن الإقلال منها والإكثار، ألا تراه يقول: فمن حفظها ووعاها فليحدث بها فكيف يأمرهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وينهاهم عنه؟ هذا لا يستقيم بل كيف ينهاهم عن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرهم بالإقلال منه وهو يندبهم إلى الحديث عن نفسه؟ بقوله: «من حفظ مقالتي ووعاها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته» ثم قال: «ومن خشي أن لا يعيها فلا يكذب علي» وهذا يوضح لك ما ذكرنا، والآثار الصحاح عنه من رواية أهل المدينة بخلاف حديث قرظة هذا، وإنما يدور على بيان عن الشعبي وليس مثله حجة في هذا الباب؛ لأنه يعارض السنن والكتاب، قال الله عز وجل: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، وقال في النبي: (النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون)، وقال: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله)، ومثل هذا في القرآن كثير ولا سبيل إلى اتباعه والتأسي به والوقوف عند أمره إلا بالخبر عنه، فكيف يتوهم أحد على عمر رضي الله عنه أنه يأمر بخلاف ما أمر الله به وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها»، الحديث .......... وفيه الحض على التبليغ عنه صلى الله عليه وسلم وقال: «خذوا عني» في غير ما حديث، و «بلغوا عني» .............. وهذا يدلك أنه إنما أمرهم بذلك خوف مواقعة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخوف الاشتغال عن تدبر السنن والقرآن؛ لأن المكثر لا تكاد تراه إلا غير متدبر ولا متفقه ............................. ثم قال بعد ذلك بمواضع: وقد يحتمل عندي أن تكون الآثار كلها عن عمر صحيحة متفقة، ويخرج معناها على أن من شك في شيء تركه، ومن حفظ شيئا وأتقنه جاز له أن يحدث به، وأن الإكثار يحمل الإنسان على التقحم أن يحدث بكل ما سمع من جيد ورديء وغث وسمين ......... وقال في موضع تال: «الذي عليه جماعة فقهاء المسلمين وعلمائهم ذم الإكثار دون تفقه ولا تدبر، والمكثر لا يأمن مواقعة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لروايته عمن يؤمن وعمن لا يؤمن»، وذكر آثارا تدل على ذلك من قبيل حديث أبي قتادة، رضي الله عنه، مرفوعا: «إياكم وكثرة الحديث ومن قال عني فلا يقولن إلا حقا»، وقول ابن شبرمة رحمه الله: «أقلل الرواية تفقه» ". اهـ بتصرف.
وكان عمر، رضي الله عنه، شديدا على من اتبع المتشابه، صيانة للدين، كما في واقعة صبيغ بن عسل، فقد شبه على المسلمين بسؤاله، فلم يكن سؤاله: سؤال الطالب المستبصر، وإنما كان سؤال المشبه الملبس، فلم يكن بد من عقابه، لئلا يخوض فيما نهي عن الخوض فيه، فتعزيره من باب حفظ الدين، وهو أول الضروريات الخمس، وإليه تؤول بقيتها، فهي بمنزلة المكمل له، إذ هو غاية الله، عز وجل، من خلق عباده: إنسهم وجنهم.
فمسلكه في النهي عن الإكثار من الرواية خشية الغلط أو الكذب يجري مجرى نهيه عن تتبع متشابهات القرآن تلبيسا على عموم المسلمين، فكلاهما: صيانة للملة.
يقول الآجري رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"فإن قال قائل: فمن يسأل عن تفسير: (والذاريات ذروا فالحاملات وقرا)، استحق الضرب، والتنكيل به والهجرة؟.
قيل له: لم يكن ضرب عمر رضي الله عنه له بسبب عن هذه المسألة، ولكن لما بلغ عمر، رضي الله عنه، ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه علم أنه مفتون، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به، وتطلب علم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى به، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه، سأل عمر رضي الله عنه الله ربه أن يمكنه منه، حتى ينكل به، وحتى: يحذر غيره؛ لأنه راع يجب عليه تفقد رعيته في هذا وفي غيره، فأمكنه الله عز وجل منه.
وقد قال عمر رضي الله عنه: سيكون أقوام يجادلونكم بمتشابه القرآن فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل". اهـ
"الشريعة"، ص65.
وكان عمر، رضي الله عنه، دؤوباً عظيم الهمة في: تعلم السنة وأحكامها، فسلك مسلك التناوب مع جاره الأنصاري، فكان يغدو إلى مجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوما، ويغدو صاحبه يوما، لئلا يفوته من حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شيء.
وبوب البخاري، رحمه الله، في صحيحه: "باب التناوب في العلم"، وأورد حديث عمر رضي الله عنه: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ .............. الحديث.
وكان يوصي بتعلم السنة، فأثر عنه قوله: «تعلموا الفرائض والسنة واللحن كما تعلمون القرآن».
وهو الذي حذر مما وقع فيه المتأخرون من معارضة السنن بالرأي، فأثر عنه، كما عند الدارقطني رحمه الله في "السنن"، قوله: (إِيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الرَّأْىِ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاءُ السُّنَنِ أَعْيَتْهُمُ الأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا فَقَالُوا بِالرَّأْىِ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)، وليس هذا مسلك من يقدم علوم الأوائل نقلية كانت أو عقلية على علوم الإسلام الأثرية.
فضلا عن كونه من المكثرين من رواية الحديث فهو من أصحاب المئين، (روى نحو: 539 حديثا)، وهذا مما يدل على اهتمامه بتحصيل سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليس ذلك من سمات من يديم النظر في علوم الأوائل فإنه يكتفي بما عندهم، وإن كان غثا، فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، كحال أرباب الفلسفة والكلام أصحاب البضاعة النقلية المزجاة، فإن النفوس إذا تغذت بغير علوم الإسلام زهدت فيها فلا تتعاطاها إلا بتجشم، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام، رحمه الله، في مواضع من كتبه.
ولم يلزم عمر، رضي الله عنه، أحدا برأيه، إذ قوله، وإن كان مقدما لسعة علمه وعظم منزلته، كقول بقية المجتهدين: يحتمل الخطأ، لعدم بلوغ الدليل، أو بلوغه وعدم ثبوته، أو ............ إلخ.
فعن عُمَرَ أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا فَقَالَ: مَا صَنَعْت؟ قَالَ: قَضَى عَلِيٌّ وَزَيْدٌ بِكَذَا، قَالَ: لَوْ كُنْت أَنَا لَقَضَيْت بِكَذَا، قَالَ: فَمَا مَنَعَك وَالْأَمْرُ إلَيْك؟ قَالَ: لَوْ كُنْت أَرُدُّك إلَى كِتَابِ اللَّهِ أَوْ إلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَعَلْت، وَلَكِنِّي أَرُدُّك إلَى رَأْيٍ، وَالرَّأْيُ مُشْتَرَكٌ". اهـ
قال أبو عمر بن عبد البر، رحمه الله، في "جامع بيان العلم وفضله":
"ولم ينقض ما قال علي وزيد وهو يرى خلاف ما ذهبا إليه فهذا كثير لا يحصى". اهـ
فلم يدع عمر، رضي الله عنه، لنفسه عصمة، ولم ينقض رأي غيره برأيه، فإن قوله ليس حجة بنفسه حتى يوافق نص الوحي المنزل، فهو الذي يحتج به مطلقا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اعترض جمع من الصحابة، رضي الله عنهم، على رأسهم: الزبير وعبد الرحمن بن عوف وبلال، رضي الله عنهم، على رأي عمر، رضي الله عنه، في وقف الأرض المفتوحة على أبناء المسلمين وعدم قسمتها بين الفاتحين، فلم يمض عمر، رضي الله عنه، رأيه لأنه ملهم محدث، وإنما استشار أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المهاجرين الأولين، فأيده عثمان وعلي وطلحة ومعاذ وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم، وعارضه من تقدم ذكرهم، فاحتكموا إلى عشرة من الأنصار: خمسة من الأوس، وخمسة من الخزرج، فاجتمع أهل الشورى أخيرا على رأي عمر رضي الله عنه.
وقال رضي الله عنه:
"لا يقولّن أحد قضيت بما أراني الله تعالى فإنّ الله تعالى لم يجعل ذلك إلاّ لنبيّه وأمّا الواحد منّا فرأيه يكون ظنّا ولا يكون علماً". اهـ
وعند البيهقي في "السنن الكبرى":
(أخبرنا) أبو بكر الأصبهاني أنبأنا أبو نصر العراقي ثنا سفيان بن محمد الجوهري ثنا علي بن الحسن ثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن الشيباني عن أبي الضحى عن مسروق قال: كتب كاتب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر فانتهره عمر رضى الله عنه وقال: لا بل اكتب هذا ما رأى عمر فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن عمر.
وعند البخاري رحمه الله:
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ فَقَالَ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}، وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ.
وهذا حال المحدث المسدد فإنه ليس براج عصمة، فلزمه رد قوله وفعله إلى الوحي المعصوم، فإذا صح النقل سلم العقل.
ولم يمنعه مكانه من الخلافة أن يرجع إلى السنة إذا استبانت له:
وعند "البيهقي"، رحمه الله، في "السنن الكبرى":
أخبرنا أبو حازم الحافظ أنبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن حمزة الهروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي قال: خطب عمر بن الخطاب رضى الله عنه الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال. ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك قال: بل كتاب الله تعالى فما ذاك؟، قالت: نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء والله تعالى يقول في كتابه: (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) فقال عمر رضى الله عنه: كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا ثم رجع إلى المنبر فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له.
قال الحافظ البيهقي رحمه الله: هذا منقطع. اهـ
لأن رواية الشعبي عن عمر منقطعة، وقد تكلم في حفظ مجالد كما في ترجمته في "ميزان الاعتدال". والقصة مشهورة في كتب السير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومحل الشاهد منها أن عمر، رضي الله عنه، لم يتمسك برأيه لأنه ملهم محدث، بل عدل عنه لما استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلم يكن بد من الرجوع إليها.
ونسي عمر، رضي الله عنه، مشروعية تيمم الجنب، كما في حديث عمار رضي الله عنه: فلم يجعل عمر، رضي الله عنه، عدم علمه دليلا، إذ: عدم العلم ليس علما بالعدم، كما تقرر في الأصول، ولذلك لم يمنع عمارا، رضي الله عنه، من التحديث به، بل قال: (بَلْ نُوَلِّيك مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْت)، فمعه زيادة علم، ومن معه زيادة علم فخبره أولى بالقبول، كما تقرر في الأصول في مبحث الترجيح بين الأدلة المتعارضة.
قال ابن تيمية، رحمه الله، في "رفع الملام":
"فَهَذِهِ سُنَّةٌ شَهِدَهَا عُمَرُ ثُمَّ نَسِيَهَا حَتَّى أَفْتَى بِخِلَافِهَا وَذَكَّرَهُ عَمَّارُ فَلَمْ يَذْكُرْ وَهُوَ لَمْ يُكَذِّبْ عَمَّارًا بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ. وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: لَا يَزِيدُ رَجُلٌ عَلَى صَدَاقِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنَاتِهِ إلَّا رَدَدْته. فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَ تَحْرِمُنَا شَيْئًا أَعْطَانَا اللَّهُ إيَّاهُ؟ ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فَرَجَعَ عُمَرُ إلَى قَوْلِهَا وَقَدْ كَانَ حَافِظًا لِلْآيَةِ وَلَكِنْ نَسِيَهَا. وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ذَكَّرَ الزُّبَيْرَ يَوْمَ الْجَمَلِ شَيْئًا عَهِدَهُ إلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ حَتَّى انْصَرَفَ عَنْ الْقِتَالِ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ". اهـ
وأما حديث فاطمة بنت قيس، رضي الله عنها، في نفقة المطلقة ثلاثا، فإن عمر، رضي الله عنه، لم يرد قولها: ردا للسنة أو قدحا في عدالتها فهي صحابية، والصحابة كلهم عدول كما تقرر في الأصول، وإنما شك في حفظها، فقال: "لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ"، ولم يحمل أحدا على قوله، فحكي الخلاف عن علي، وابن عباس، وجابر رضي الله عنهم.
ولذلك أخذ أحمد، رحمه الله، بحديث فاطمة بنت قيس، رضي الله عنه، ورد قول عمر، رضي الله عنه، لأنه قول صحابي عارض حديثا صحيحا، فالحجة في الصحيح، وهذا أصل في مذهب أحمد، رحمه الله، فهو يقدم الحديث إذا صح، وإن كان آحادا خالف القياس أو كان فيما تعم به البلوى أو عارض إجماع أهل المدينة ............. إلخ.
وعمر هو عمر في حكمته، في بعد نظره، في أوبته إلى الحق إذا استبان له.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 03 - 2009, 02:46 م]ـ
والإسرائيليات على ثلاثة أنواع:
"أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا. ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدتهم، وعصا موسي من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها اللّه لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم اللّه منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه اللّه في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم، ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز، كما قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
أَحَدًا} [الكهف: 22] "
"شرح رسالة أصول التفسير"، ص81، 82.
ويشير البغوي، رحمه الله، إلى هذا التقسيم إشارة موجزة بقوله:
"ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام: فمنها ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله ومنها ما علمنا كذبه بما دل على خلافه من الكتاب والسنة أيضا، ومنها: ما هو مسكوت عنه، فهو المأذون في روايته بقوله عليه السلام: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، وهو الذي لا يصدق ولا يكذب لقوله: (فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم) ". اهـ
ورواية الإسرائيليات على وجه الاستئناس شيء، والاحتجاج بها وجعلها أصلا في التفسير أو الأحكام شيء آخر، فليس معنى تجويز الرواية عن بني إسرائيل: الاحتجاج بأقوالهم، تماما كالرواية عن الراوي المتكلم في عدالته أو ضبطه، فإن المحدثين قد يروون عنه استشهادا لا احتجاجا، فتكون روايته تبعا لا أصلا، وكذلك الحال في تجويز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، فإن من أجاز العمل به اشترط ألا يكون أصلا في بابه، فيصح الأصل بحديث صحيح أولا، ثم يستشهد بالضعيف ثانيا.
وقد اشترط أهل العلم في الحكم برفع ما يرويه الصحابي مما ليس من قبيل الرأي، ألا يكون ممن يروي الإسرائيليات، فإن مِن الصحابة، رضي الله عنهم، مَن أخذ عن أهل الكتاب، كعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، الذي وجد يوم اليرموك زاملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكر والمردود كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية"، فكانوا يروون الإسرائيليات من باب الاستئناس لا الرفع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهم أجل من أن يفعلوا ذلك كما سبقت الإشارة إليه تفصيلا.
ومن الشبه التي أثارها "جولدزيهر" المستشرق اليهودي النمساوي في كتابه "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن":
شبهة إكثار ابن عباس، رضي الله عنهما، من رواية الإسرائيليات، وهي شبهة ساقطة يردها فعل ابن عباس نفسه، فقد كان من أشد الناس نكيرا على من أكثر من سؤال أهل الكتاب، وفي البخاري: من حديث: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكِتَابَ فَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنْ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ.
فهل هذا قول من يترخص في رواية الإسرائيليات؟!!.
يقول الشيخ مناع القطان رحمه الله:
"وإجمالا لم يأخذ الصحابة عن أهل الكتاب شيئا في تفسير القرآن من الأخبار الجزئية سوى القليل النادر، فلما جاء عهد التابعين وكثر الذين دخلوا في الإسلام من أهل الكتاب كثر أخذ التابعين عنهم، ثم عظم شغف من جاء بعدهم من المفسرين بالإسرائيليات. قال ابن خلدون رحمه الله: "وإذا تشوفوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات، وبدء الخليقة، وأسرار الوجود، فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم، ويستفيدونه منهم، وهم أهل التوراة من اليهود، ومن تبع دينهم من النصارى ........... فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم ............... ".
ولم يكن المفسرون يتحرون صحة النقل فيما يأخذونه من هذه الإسرائيليات، ومنها ما هو فاسد باطل، لذا كان على من يقرأ في كتبهم أن يتجاوز عما لا طائل تحته، وألا ينقل منها إلا ما تدعو إليه الضرورة وتتبين صحة نقله، ويظهر صدق خبره". اهـ
"مباحث في علوم القرآن"، ص324، 325.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما ظهرت مدرسة الحديث الفقهية في أرض الحجاز مهد الرسالة وموطن الآثار النبوية، ظهرت مدرسة التفسير الأثرية، فعمدة كليهما ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحبه الكرام رضي الله عنهم.
وكانت الرواية في أولها: شفوية، فلم يكتب الصحابة، رضي الله عنهم، في أول الأمر غير القرآن، كما في حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، ثم نسخ النهي كما ذكر ذلك ابن قتيبة، رحمه الله، وصارت الكتابة جائزة، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ)، وانعقد الإجماع العملي المتواتر، كما حكاه ابن الصلاح رحمه الله في مقدمة علوم الحديث، من لدن صدر الأمة إلى يومنا هذا على جواز تدوين العلوم، بل على وجوبه في بعض الأحيان.
ومن ترجمة عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، في "سير أعلام النبلاء":
"يحيى بن أيوب، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنا عند رسول الله نكتب ما يقول.
هذا حديث حسن غريب رواه سعيد بن عفير عنه.
وهو دال على أن الصحابة كتبوا عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض أقواله، وهذا علي رضي الله عنه، كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في صحيفة صغيرة، قرنها بسيفه.
وقال عليه السلام: "اكتبوا لأبي شاه".
وكتبوا عنه كتاب الديات.
وفرائض الصدقة وغير ذلك.
ابن إسحاق: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله! أكتب ما أسمع منك؟ قال: "نعم" قلت: في الرضى والغضب؟ قال: "نعم، فإني لا أقول إلا حقا"
وثبت عن عمرو بن دينار، عن وهب بن منبه، عن أخيه همام، سمع أبا هريرة يقول: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب .................
أبو النضر هاشم بن القاسم، وسعدويه، قالا: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن مجاهد، قال: دخلت على عبد الله بن عمرو، فتناولت صحيفة تحت رأسه، فتمنع علي. فقلت: تمنعني شيئا من كتبك؟ فقال: إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد، فإذا سلم لي كتاب الله وهذه الصحيفة والوهط، لم أبال منا ضيعت الدنيا". اهـ بتصرف.
ولم تكن الكتابة في هذا العصر مرادة لذاتها، بل كانت لمجرد الحفظ والإتقان، ولذلك حرق من حرق من السلف كتبهم، لأنهم حفظوا ما دونوه، فلم يعد للكتب حاجة، فحرقوها خشية أن تقع في يد محرف يعبث بها.
وكان هذا التصرف، تصرفا فرديا من آحاد الصحابة والتابعين، فلم يلزم أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، على سبيل المثال، وهو ممن حرق كتبه، أحدا بذلك، رغم أنه كان الخليفة المطاع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يصلنا إنكاره على أحد من الصحابة كتابته، وهذا يؤكد أن الكتابة في هذه الفترة كانت، كما تقدم، للحفظ فقط، فبمجرد إتقان ما فيها من أحاديث تزول الحاجة إليها، وبالتالي يصبح إحراقها أمرا سائغا، وهذا يعني أن ما فيها لم يفقد كما يدعي البعض، وإنما انتقل من حفظ السطور إلى حفظ الصدور، وهو أقوى، كما قرر ذلك علماء الحديث والأصول، فقد أجمع المحدثون على أن الرواية المأخوذة عن حفظٍ (مع عدالة الناقل) أعلى مرتبة من الرواية بالمكاتبة.
كما اتفق الأصوليون عند الكلام على طرق ترجيح الأخبار أنه إذا تعارض خبران وكان أحدهما مرويا بالسماع والآخر مرويا بالكتابة ترجح الخبر المروي سماعا.
وحديث إحراق أبي بكر، رضي الله عنه، لصحفه، ذكره الحافظ الذهبي، رحمه الله، في "تذكرة الحفاظ" في آخر ترجمته فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نقل الحاكم فقال حدثني بكر بن محمد الصيرفي بمرو أنا محمد ابن موسى البربري أنا المفضل بن غسان أنا علي بن صالح أنا موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي حدثني القاسم بن محمد قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا قالت: فغمني فقلت أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال أي بنية: هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها، فقلت: لم أحرقتها؟ قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذاك.
وعلق بقوله:
فهذا لا يصح والله أعلم. اهـ
وعلى التسليم بصحة الخبر: هل كان حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: 500 حديث فقط، أو هي الأحاديث التي جمعها الصديق، رضي الله عنه، ليحفظها، ثم أحرقها خشية أن يكون الراوي الذي روى عنه لم يتقنها، فلم يشكك الصديق، رضي الله عنه، في عدالة من تحمل عنه، وإنما أراد بقوله: (ولم يكن كما حدثني): احتمال ورود الخطأ أو النسيان على الراوي فهو بشر يعتريه ما يعتري البشر من الخطأ والنسيان.
وإلى ذلك أشار الحافظ: عماد الدين بن كثير في مسند الصديق: فيما رواه من طريق الحاكم أبو عبد الله النيسابوري حدثنا بكر بن محمد بمرو حدثنا موسى بن حماد ثنا المفضل ابن غسان ثنا علي بن صالح حدثنا موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن عن إبراهيم بن عمرو عن عبيد الله التيمي حدثنا القاسم بن محمد قال: قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، قالت: فغمني فقلت تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها وقال، خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك.
وقد رواه القاضي أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي عن أبيه عن علي بن صالح عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي حدثني القاسم بن محمد أو ابنه عبد الرحمن بن القاسم شك موسى فيهما قال: قالت عائشة - فذكره وزاد بعد قوله: فأكون قد تقلدت ذلك ويكون قد بقي حديث لم أجده فَيُقال: لو كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبي على أبي بكر إني حدثتكم الحديث ولا أدري لعلي لم أتتبعه حرفا حرفا.
قال ابن كثير: "هذا غريب من هذا الوجه جدا وعلي بن صالح لا يعرف والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من هذا المقدار بألوف ولعله إنما اتفق له جمع تلك فقط ثم رأى ما رأى لما ذكرت". اهـ
قال الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: "أو لعله جمع ما فاته سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وحدثه عنه به بعض الصحابة كحديث الجدة ونحوه والظاهر أن ذلك لا يزيد على هذا المقدار لأنه كان أحفظ الصحابة وعنده من الأحاديث ما لم يكن عند أحد منهم كحديث: (ما دفن نبي إلا حيث يقبض) ثم خشي أن يكون الذي حدثه وهم فكره تقلد ذلك وذلك صريح في كلامه". اهـ
فكأنه كتب ما فاته حفظه ليحفظه، فالكتابة بمثابة المكمل للحفظ، فالأصل: الحفظ، والفرع: الكتابة، ولما خشي أن يرد الناس الحديث إذا لم يجدوه في هذه الصحف، بحجة أن أبا بكر، رضي الله عنه، أكثر الصحابة ملازمة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك لم يدون ذلك الحديث فهذا مئنة من بطلانه، لما خشي ذلك: أمر بإحراقها، لأنه لم يرد بها جمع كل حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنما قصد جمع ما فاته كما تقدم.
وكذلك كان الحال زمن التابعين، فكانت الكتابة: مسلكا شخصيا لا جماعيا منظما، وظهر في تلك الفترة باكورة التفاسير، وهو: تفسير سعيد بن جبير، رحمه الله، الذي صنفه للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 86 هـ.
ثم دون التفسير كباب من أبواب المصنفات الحديثية التي سبقت التفاسير إلى الظهور، لأن الحاجة إلى حفظ السنة أمس، فكان التفسير يعتمد على النقل المحض.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد ذلك بدأ التفسير في الاستقلال، وكان كالحديث وسائر علوم الشريعة في ذلك الوقت، أثريا يروى بالإسناد، وظهر في تلك الآونة أشهر وأجمع تفسير أثري، وهو: تفسير الطبري، رحمه الله، وهو عمدة في رواية آثار السلف في تفسير الكتاب العزيز، وإن لم ينقحه صاحبه من الروايات الضعيفة، لأنه قصد الجمع لا التحقيق كما صرح في مقدمة كتابه.
وبعد ذلك ظهرت مصنفات أثرية عني أصحابها بتنقيح تراث الأولين كما فعل الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في تفسيره، فإنه يعتبر بمنزلة الاختصار والتجريد لصحيح تفسير الطبري.
وقد عد بعض أهل العلم: تفسير الطبري، وتفسير البغوي، وتفسير ابن كثير، رحم الله الجميع، عمدة تفاسير أهل السنة الأثرية.
ثم ظهر في مرحلة متأخرة: تفاسيرعنيت بجمع الأقوال بلا أسانيد فوقع فيها من الدغل ما وقع.
يقول الشيخ مناع القطان رحمه الله:
"ثم انتصبت طبقة بعدهم، (أي بعد المفسرين الذين يرون بالإسناد): صنفت مشحونة بالفوائد اللغوية، ووجوه الإعراب، وما أثر في القراءات بروايات محذوفة الأسانيد، وقد يضيف بعضهم شيئا من رأيه، مثل أبي إسحاق الزجاج، وأبي علي الفارسي، وأبي بكر النقاش، وأبي جعفر النحاس.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين: فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال: فدخل من هنا الدخيل، والتبس الصحيح بالعليل.
ثم صار كل من سنح له قول يورده: ومن خطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانا أن له أصلا، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن هم القدوة في هذا الباب _ قال السيوطي رحمه الله: رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) نحو: عشرة أقوال، وتفسيرها باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة والتابعين وأتباعهم، حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في ذلك اختلافاً بين المفسرين". اهـ
"مباحث في علوم القرآن"، ص315.
وإلى ذلك أشار القرطبي رحمه الله بقوله: "اختلف في: "المغضوب عليهم"، و "الضالين" من هم:
فالجمهور أن المغضوب عليهم اليهود، والضالين النصارى، وجاء ذلك مفسرا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم وقصة إسلامه، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والترمذي في جامعه، (من حديث عدي بن حاتم، رضي الله عنه، وفيه: فَإِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ النَّصَارَى ضُلَّالٌ، ولفظ الطيالسي رحمه الله: فإن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون)، وشهد لهذا التفسير أيضا قوله سبحانه في اليهود: "وباءوا بغضب من الله" [البقرة: 61 وآل عمران: 112].
وقال: "وغضب الله عليهم" [الفتح: 6] وقال في النصارى: "قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل" [المائدة: 77].
وقيل: "المغضوب عليهم": المشركون، و: "الضالين" المنافقون.
وقيل: "المغضوب عليهم" هو من أسقط فرض هذه السورة في الصلاة، و: "الضالين" عن بركة قراءتها.
حكاه السلمي في حقائقه والماوردي في تفسيره، وليس بشيء.
قال الماوردي: وهذا وجه مردود، لأن ما تعارضت فيه الأخبار وتقابلت فيه الآثار وانتشر فيه الخلاف، لم يجز أن يطلق عليه هذا الحكم.
وقيل: "المغضوب عليهم" باتباع البدع، و: "الضالين" عن سنن الهدى.
قلت، (أي: القرطبي رحمه الله): وهذا حسن، وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأعلى وأحسن". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 157).
فإن الرواية مقدمة على الرأي في هذا الباب، فلا اجتهاد مع النص، فإذا صح النقل سلم العقل.
ومن مهمات هذا الباب:
دفع شبه من قبيل:
أولا: اتهام جولدسيهر ابن عباس، رضي الله عنهما، بالأخذ عن بني إسرائيل، والإكثار من نقل أخبارهم في مادته التفسيرية، وهو الاتهام الذي تابعه عليه الأستاذ: أحمد أمين في "فجر الإسلام".
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب: أن ابن عباس، رضي الله عنهما، كان كغيره من الصحابة، لا يأخذ عن الإسرائيليات ما ثبت في شريعتنا نسخه أو كذبه، وإنما كان يمتثل الأمر النبوي في حديث: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ)، فما ذكر في الإسرائيليات ولم يشهد له شرعنا بصدق أو كذب، فتجوز روايته من باب الاستئناس لا الاعتماد، ولا يجوز تصديقه أو تكذيبه، لعدم قيام الدليل المعتبر من شريعتنا على ذلك، فيحكى كما تحكى القصص، وغالب هذه الأخبار مما لا تتعلق به عقيدة ولا شريعة، وإنما هي تفاصيل جزئية مبينة لقصص قرآني مجمل، وسبقت الإشارة إلى ذلك تفصيلا.
وابن عباس، رضي الله عنهما، نفسه، كان ممن ينهى عن التوسع في الأخذ عن بني إسرائيل لعدم احتياج الأمة إلى ذلك، فإن رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كافية لأمته: أصولا وفروعا، وعند البخاري من طريق أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَغَيَّرُوا فَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكُتُبَ قَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِذَلِكَ ثَمَنًا قَلِيلًا أَوَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنْ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ.
ومن الشبه أيضا:
محاولة جولدسيهر الإيحاء بوجود تضارب كبير في الروايات المنقولة في تفسير بعض الآيات، كتعيين الذبيح على سبيل المثال: هل هو إسحاق أو إسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، فهناك روايات مختلفة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في هذه المسألة:
منها روايات مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ذكر في بعضها أن الذبيح هو إسحاق عليه الصلاة والسلام، وفي بعض آخر ذكر أن الذبيح هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
ومنها روايات موقوفة منها مل ذكر فيه أن الذبيح هو إسحاق عليه الصلاة والسلام، وهو ما يخالف ما تقرر عند جماهير المسلمين من كون الذبيح هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وآيات الصافات نص في محل النزاع، وآية هود: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ): مما يستأنس به في ترجيح كون الذبيح هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام، إذ بشر الله، عز وجل، سارة، عليها السلام، بإسحاق ومن ورائه يعقوب، عليهما السلام، لتقدم ذلك في علمه الأول، ولا يجوز أن يبشرها بحياة إسحاق عليه السلام وخروج يعقوب عليه السلام من صلبه، ثم يأمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبحه وهو غلام لما يحتلم، فخبر البشارة بيعقوب: لا يقبل النسخ، إذ الأخبار لا تقبل النسخ كما تقرر في الأصول إلا إن كانت تفيد الإنشاء، كالخبر المراد به الأمر، على تفصيل ليس هذا موضعه، فلا يعارض هذا الخبر بأمر، فترجح أن الخبر في حق إسحاق عليه الصلاة والسلام، والأمر في حق إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"ومن ها هنا استدل من استدل بهذه الآية، على أن الذبيح إنما هو إسماعيل، وأنه يمتنع أن يكون هو إسحاق؛ لأنه وقعت البشارة به، وأنه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده. ووعد الله حق لا خُلْفَ فيه، فيمتنع أن يؤمر بذبح هذا والحالة هذه، فتعين أن يكون هو إسماعيل وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه وأبينه، ولله الحمد". اهـ
وإذا رجعنا إلى الروايتين المرفوعتين اللتين حاول جولدسيهر الإيحاء بوقوع التعارض بينهما ليضعف ثقة القارئ في التفسير المنقول، وهذه حلقة من حلقات سلسلة خبيثة في التشكيك في السنة المنقولة إلينا بأسانيدها سواء أكانت مرفوعة أم موقوفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا رجعنا إليهما وحاولنا السير على طريقة الجمهور في التعامل مع الروايات المتعارضة اتضح أنه:
لا يمكن الجمع بينهما، لأنه يستحيل أن يكون الذبيح: إسماعيل وإسحاق عليهما الصلاة والسلام معا.
ولا يمكن القول بنسخ أحدهما للآخر، لأنهما خبران، والخبر، كما تقدم، لا يقبل النسخ.
فلم يبق إلا الترجيح، وهو الصواب في هذه المسألة، فإن الرواية المرفوعة التي ورد فيها أن الذبيح هو إسحاق السلام ضعيفة جدا إذ هي من طريق: الحسن بن دينار عن علي بن زيد. والحسن بن دينار متروك، وعلي بن زيد منكر الحديث كما ذكر الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في تفسيره.
مذكرة: "المدخل إلى علم التفسير"، ص178.
ونص كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو؟:
ذكر من قال: هو إسحاق عليه السلام: ثم ذكر آثارا في ذلك عقبها بقوله: وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر، رضي الله عنه عن كتبه، فربما استمع له عمر، رضي الله عنه، فترخص الناس في استماع ما عنده، ونقلوا عنه غثها وسمينها، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده ................ وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين، ولكن لم يصح سنده - قال ابن جرير:
حدثنا أبو كريب، حدثنا زيد بن حباب، عن الحسن بن دينار، عن علي بن زيد بن جدعان، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال: هو إسحاق.
ففي إسناده ضعيفان وهما: الحسن بن دينار البصري، متروك. وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحدث. وقد رواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، به مرفوعا. ثم قال: قد رواه مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن الأحنف، عن العباس من قوله، وهذا أشبه وأصح". اهـ
ومن ترجمة الحسن بن دينار في "ميزان الاعتدال":
"قال ابن حبان: تركه وكيع، وابن المبارك، فأما أحمد ويحيى فكانا يكذبانه.
قال عباس، (وهو: الدوري): سمعت يحيى، (وهو: ابن معين) يقول: الحسن بن دينار ليس بشيء.
وحدث عنه أبو داود بأصبهان، فجعل يقول: حدثنا الحسن بن واصل، (وهو نفسه ابن دينار)، وما هو عندي من أهل الكذب، لكن لم يكن بالحافظ.
وقال ابن المبارك: اللهم لا أعلم إلا خيرا، ولكن وقف أصحابي فوقفت". اهـ بتصرف.
ولا شك أن قول ابن معين، رحمه الله، إمام الجرح والتعديل عمدة في مثل هذه المواضع فلا يعارض بقول أبي داود وابن المبارك، رحمهما الله، مع أن في كلامهما إشعارا بالجرح من جهة الضبط.
ومن ترجمة علي بن زيد في "ميزان الاعتدال":
"وقال شعبة: حدثنا علي بن زيد - وكان رفاعا، (أي: يخطئ برفع الموقوفات).
وقال مرة: حدثنا علي قبل أن يختلط.
وكان ابن عيينة يضعفه.
وقال حماد بن زيد: أخبرنا على بن زيد - وكان يقلب الأحاديث، (والقلب إن فعله صاحبه عمدا فهو سارق، وإن فعله سهوا فهو مما يقدح في حفظه سواء أوقع ذلك في المتن أم في السند).
وقال الفلاس: كان يحيى القطان يتقي الحديث عن على بن زيد. (وقد علم تشدد يحيى، رحمه الله، وتحريه في الرجال).
وقال أحمد: ضعيف.
وروى عثمان بن سعيد، عن يحيى: ليس بذاك القوي.
وروى عباس - عن يحيى: ليس بشيء.
وقال في موضع آخر: هو أحب إلى من ابن عقيل ومن عاصم بن عبيد الله.
وقال أحمد العجلي: كان يتشيع، وليس بالقوي.
وقال البخاري، وأبو حاتم: لا يحتج به.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، هو أحب إلى من يزيد بن أبي زياد.
وقال الفسوي: اختلط في كبره.
وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه". اهـ
فالأقوال شبه مجمعة على ترك الاحتجاج به، وإنما أشار أبو حاتم، رحمه الله، بقوله: "يكتب حديثه" إلى كون روايته مما يستشهد بها فلا يحتج بها ابتداء حتى يرد ما يعضدها، فترتقي إلى درجة الحسن لغيره بالمتابعة.
ثم عقد ابن كثير، رحمه الله، بابا في: " [ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل - عليه السلام - وهو الصحيح المقطوع به]
قد تقدمت الرواية عن ابن عباس أنه إسحاق. قال سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، ويوسف بن مهران، ومجاهد، وعطاء، وغير واحد، عن ابن عباس، هو إسماعيل عليه السلام.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال: المفدي إسماعيل، عليه السلام، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود.
وقال إسرائيل، عن ثور، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: الذبيح إسماعيل". اهـ بتصرف.
فهذا نص ممن اختلف عليه يقطع بأن الذبيح هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام، فما ورد عن ابن عباس، رضي الله عنهما، موقوفا، من أن الذبيح هو: إسحاق، عليه الصلاة والسلام، محمول على أنه كان يرى ذلك في أول الأمر ثم رجع عنه إلى قول الجمهور.
ورواية الحسن بن دينار كلا رواية، فلا تعارض أصلا، كما حاول جولدسيهر أن يوهم، لأن التعارض لا يقع إلا بين روايتين صحيحتين، لا بين رواية صحيحة يؤيدها صريح القرآن وأخرى واهية.
ومن الملامح الأصيلة في منهج أهل البدع والأهواء: الاستشهاد بضعيف الحديث المتشابه، والإعراض عن صحيحه المحكم.
واتباع نهج أهل العلم في التعامل مع الروايات المتعارضة، أو التي ظاهرها التعارض أصل في مثل هذه المضائق:
فالجمع أولا: ما استطعنا إلى ذلك سبيلا إذ إعمال الأدلة أولى من إهمالها.
فإن تعذر فالنسخ ثانيا: إذا علم المتقدم من المتأخر، فالمتأخر ينسخ المتقدم.
فإن لم يعلم المتقدم من المتأخر: فالترجيح بأحد أوجه الترجيح التي قررها أهل العلم، وصنف فيها أمثال الحازمي رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 03 - 2009, 08:53 ص]ـ
ومن مباحث هذا الاتجاه:
معرفة أعلام المفسرين التي ترجع إليهم معظم الروايات المنقولة إلينا بالأسانيد ومعرفة الطرق إليهم والحكم عليها صحة أو ضعفا:
أولا: ابن عباس رضي الله عنهما:
وهو ممن تعددت الطرق إليه فنسب إليه كثير من الأقوال في التفسير، لكونه ممن أوتي علم التأويل ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
وأبرز الطرق إليه:
أولا: طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة وهذه أجود الطرق وفيها قال الإمام أحمد:
"إن بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا". اهـ
وقد رواها أبو صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح، فكانت عنده، وأبو صالح: صحيح الكتاب على غفلة فيه، وهذه الطريق هي التي اعتمدها البخاري، رحمه الله، فيما يعلقه عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في صحيحه، وقد اعتمد عليها ابن جرير، رحمه الله، كثيرا في تفسيره، وكذلك: ابن أبي حاتم وابن المنذر ومسلم.
وكعادة جولدسيهر: حاول التشكيك في صحة هذه الطريق لأن علي بن أبي طلحة، رحمه الله، لم يسمع من ابن عباس، رضي الله عنهما، فتكون روايته عنه منقطعة.
والرد على ذلك:
أن الساقط من الإسناد قد علمت عينه فهو: "مجاهد بن جبر"، رحمه الله، وهو إمام لا يحتاج إلى تعديل، فلا يضر إرسال علي عن ابن عباس بعد أن علمت الواسطة بينهما وتبينت عدالتها، بل وإمامتها في هذا الشأن.
قال في "الإتقان":
"وقال قوم: لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير. قال ابن حجر: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك". اهـ
ثانيا: طريق قيس بن مسلم الكوفي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وهذه صحيحة على شرط الشيخين وكثيرا ما يخرج منها الحاكم، رحمه الله، في "مستدركه".
ثالثا: طريق ابن إسحاق صاحب السير عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس وهي جيدة وإسنادها حسن، فمحمد بن إسحاق، رحمه الله، حسن الحديث، إذا صرح بالتحديث.
وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا، وأكثر منها، أيضا، الطبراني، رحمه الله، في معجمه.
رابعا: طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، تارة عن أبي مالك، وتارة عن أبي صالح عن ابن عباس، وإسماعيل السدي: مختلف في توثيقه، وحديثه عند مسلم وأهل السنن، وهو: تابعي شيعي.
وقد أكثر من هذه الطريق: ابن جرير، رحمه الله، في تفسيره، ولم يخرج منها ابن أبي حاتم، رحمه الله، شيئا في تفسيره لأنه التزم تخريج أصح ما ورد.
ومن ترجمة السدي في "ميزان الاعتدال" يظهر تعارض أقوال النقاد فيه توثيقا وتضعيفا:
"قال يحيى القطان: لا بأس به.
وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت أحدا يذكر السدى إلا بخير، وما تركه أحد.
(وهذه شهادة مهمة من ناقد متشدد كيحيى بن سعيد القطان).
وقال أحمد: ثقة.
وقال ابن معين: في حديثه ضعف.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به. (وأبو حاتم، رحمه الله، من المتشددين في هذا الباب).
وقال ابن عدى: هو عندي صدوق.
ورمى السدي بالتشيع.
وقال الجوزجاني: حدثت عن معتمر، عن ليث، قال: كان بالكوفة كذابان، فمات أحدهما: السدي والكلبي، (والجوزجاني معروف بتحامله على رواة الكوفة).
وقال حسين بن واقد المروزي: سمعت من السدي فما قمت حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر، فلم أعد إليه. (فيكون على هذه الرواية: رافضيا غاليا يقع في الشيخين رضي الله عنهما).
قلت (أي: الذهبي رحمه الله): وهو السدي الكبير، فأما السدي الصغير فهو محمد بن مروان، يروي عن الأعمش: واه بمرة". اهـ
يقول السيوطي رحمه الله: "وتفسير إسماعيل السدي يورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عباس. وروى عن السدي الأئمة مثل الثوري وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر، وأسباط لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي". اهـ
وأسباط ممن احتج بهم مسلم، رحمه الله، فيما وافقوا عليه الثقات لعلو إسناده.
(يُتْبَعُ)
(/)
خامسا: طريق عبد الملك بن جريج عن ابن عباس، وهي طريقة تحتاج إلى دقة في البحث ليعرف صحيحها من سقيمها. فعبد الملك بن جريج لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما.
سادسا: طريق الضحاك بن مزاحم الهلالي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وهي غير مرضية، لأن الضحاك، وإن كان ثقة، إلا أنه لم يسمع من ابن عباس، فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك، فهي أشد ضعفا لضعف بشر، فإن كان الراوي عن الضحاك: جويبر، فهو أدهى وأمر، لكون جويبر متروكا.
يقول السيوطي، رحمه الله، في "الدر المنثور":
"ومنهم جويبر بن سعيد وهو واه روى التفسير عن الضحاك بن مزاحم وهو صدوق عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يسمع منه شيئاً". اهـ
ومن ترجمة "الضحاك" في "ميزان الاعتدال":
"قال يحيى القطان: كان شعبة ينكر أن يكون الضحاك لقي ابن عباس قط.
وقال الطيالسي: حدثنا شعبة، سمعت عبد الملك بن ميسرة يقول: الضحاك لم يلق ابن عباس، إنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
(ولقائل أن يقول: إذا علم أن عين الساقط بينه وبين ابن عباس: سعيد بن جبير، رحمه الله، فللرواية حكم الاتصال لأن الساقط: ثقة).
وقال شعبة: قلت لمشاش: سمع الضحاك من ابن عباس؟ قال: ما رآه قط.
وقال يحيى بن سعيد: الضحاك ضعيف عندنا.
ووثقه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة.
وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: الضحاك بن مزاحم ثقة مأمون.
(وقد علم تشدد يحيى القطان، رحمه الله، في الرجال، فيقدم قول الموثقين، لاسيما إن كانوا أئمة من طبقة أحمد وابن معين وأبي زرعة رحمهم الله).
وقال ابن عدي: الضحاك بن مزاحم إنما عرف بالتفسير، فأما رواياته عن ابن عباس وأبي هريرة، وجميع من روى عنه ففي ذلك كله نظر". اهـ
سابعا: طريق عطية العوفي عن ابن عباس، وهي طريق غير مرضية فعطية ضعيف ليس بواه، وربما حسن له الترمذي، رحمه الله، وقد وقع بعض التساهل من الترمذي، رحمه الله، كما ذكر ذلك بعض أهل العلم.
وعطية: شيعي مدلس، وقد اشتهر بالتدليس عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، فيقول: عن أبي سعيد، وإنما يقصد: الكلبي المتروك، كما أشار إلى ذلك الذهبي، رحمه الله، في "ميزان الاعتدال" في ترجمة "عطية" بقوله:
"وقال أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخد عنه التفسير، وكان يكنى بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد.
قلت (أي: الحافظ الذهبي رحمه الله): يعني يوهم أنه الخدري. (وهذا من تدليس الشيوخ المضر، إذ يوهم ثقة شيخه وهو ضعيف في نفس الأمر، فليس الأمر انتقالا من ثقة إلى ثقة ليهون الخطب، وإنما هو انتقال من ثقة إلى ضعيف) ". اهـ
ثامنا: طريق مقاتل بن سليمان الأزدي الخراساني، فهو إمام في التفسير، كما أثر عن الشافعي، رحمه الله، ولكنه مع ذلك ضعيف. قال بعض أهل العلم: يروي عن مجاهد والضحاك ولم يسمع منهما وقد كذبه غير واحد ولم يوثقه أحد واشتهر عنه التجسيم والتشبيه.
ومن ترجمته في "ميزان الاعتدال":
"وقال البخاري: سكتوا عنه، (وهذه من عبارات الجرح الشديدة عند البخاري رحمه الله).
وروى عباس، عن يحيى، قال: ليس حديثه بشيء.
وقال ابن حبان: كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذى يوافق كتبهم، وكان يشبه الرب بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث". اهـ
وقد اتهمه النسائي، رحمه الله، بالوضع.
تاسعا: طريق محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: وهذه أوهى الطرق لا سيما إن كان الراوي عن محمد بن السائب: محمد بن مروان السدي الصغير.
يقول السيوطي رحمه الله:
"والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب، ومع ضعف الكلبي قد روي عنه تفسير مثله أو أشد ضعفاً وهو محمد بن مروان السدي الصغير، ورواه عن محمد بن مروان مثله، أو أشد ضعفاً وهو صالح بن محمد الترمذي". اهـ
ومن ترجمة أبي صالح "باذام" من "ميزان الاعتدال":
"قال ابن المديني، سمعت يحيى بن سعيد يذكر عن سفيان، قال: قال الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك كذب.
وقال ابن معين: إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء". اهـ
وأما "باذام" نفسه فقد جاء في ترجمته:
"ضعفه البخاري.
وقال النسائي: باذام ليس بثقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن معين: ليس به بأس، (وهذا توثيق من ابن معين، رحمه الله، كما نص على ذلك، ومع ذلك فقد ضعف رواية الكلبي عنه فيكون الجرح مقيدا بتلك الطريق، لئلا يتعارض الجرح مع التعديل، فمطلق التعديل محمول على مقيد الجرح برواية الكلبي عنه، وهذا أمر مطرد في هذا الفن فقد يكون الراوي ثقة، ومع ذلك تضعف روايته عن شيخ بعينه، أو تضعف رواية تلميذ بعينه عنه، أو تضعف رواية أهل بلد بعينهم عنه، أو يضعف في أهل بلد بعينهم .......... إلخ من صور الجرح المقيد).
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه تفسير". اهـ
&&&&&
ثانيا: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
وأشهر الطرق إليه:
أولا: طريق الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود: وهذه أصح الطرق وأسلمها وقد اعتمدها البخاري، رحمه الله، في صحيحه.
ومن الطرق الأخرى التي بلغت غاية الصحة طريق:
الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود، كما أشار إلى ذلك الحافظ العراقي، رحمه الله، في ألفيته.
ثانيا: طريق مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود، وهذه صحيحة لا يعتريها ضعف وقد اعتمدها البخاري، رحمه الله، أيضا.
ثالثا: طريق الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود، وهي صحيحة اعتمدها البخاري، رحمه الله، أيضا.
ورجح بعض أهل العلم بين هذه الطريق الثلاثية، والطريق الأولى وهي: رباعية، وراويهما الأدنى واحد: وهو الأعمش رحمه الله.
فقال بعض أهل العلم: الأولى أصح من جهة كون الرواة فقهاء، فهم ممن حرروا المتون: مبنى ومعنى: تحريرهم الأسانيدَ، فاحتمال الخطأ في روايتهم أبعد، بخلاف الطريق الثانية فهي، وإن كانت أعلى، إلا أن رواتها شيوخ لم يحرروا المتون وفقهها تحريرهم الأسانيدَ.
وأشار بعض المتكلمين إلى وجه لطيف آخر، إذ جعل طول الإسناد مظنة البحث والتحري عن أحوال رجاله فيقل الخطأ بخلاف الأسانيد القصيرة، فإن قصرها قد يحمل الناظر على الحكم بالصحة دون تروٍ، فيكون في الإسناد سقط لم يفطن له، أو يكون مما سلك فيه الراوي الجادة، والصحيح خلافه .................. إلخ.
قال الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في "اختصار علوم الحديث": "وأما النزول فهو ضد العلو، وهو مفضول بالنسبة إلى العلو. اللهم إلا أن يكون رجال الإسناد النازل أجل من رجال العالي، وإن كان الجميع ثقات. كما قال وكيع لأصحابه: أيما أحب إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود، أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود فقالوا: الأول: فقال: الأعمش عن أبي وائل: شيخ عن شيخ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود: فقيه عن فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء أحب إلينا مما يتداوله الشيوخ". اهـ
"اختصار علوم الحديث"، ص233.
رابعا: طريق السدي الكبير عن مرة الهمداني عن ابن مسعود وهذه يخرج منها الحاكم، رحمه الله، في "مستدركه" ويصحح ما يخرجه وابن جرير يخرج منها في تفسيره كثيرا وللسدي الكبير قيمته في باب الرواية.
وسبق من ترجمة السدي الكبير أنه قد رمي بالتشيع، فالقدح فيه من جهة العدالة لا الحفظ.
خامسا: طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن مسعود، وابن جرير، رحمه الله، يخرج منها في تفسيره، أيضا. وهي غير مرضية لأن الضحاك لم يلق ابن مسعود فهي طريق منقطعة.
&&&&&
ثالثا: أمير المؤمنين: علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وأشهر الطرق إليه:
أولا: طريق هشام عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي، وهذه أصح الطرق إلى علي، رضي الله عنه، كما ذكر ذلك الحافظ العراقي، رحمه الله، في ألفيته.
ثانيا: طريق ابن أبي الحسين عن أبي الطفيل عن علي وهذه طريق صحيحة يخرج منها ابن عيينة في تفسيره.
ثالثا: طريق الزهري عن علي زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي وهذه طريق صحيحة جدا. حتى عدها بعضهم أصح الأسانيد مطلقا، وأشار إليها الحافظ العراقي، رحمه الله، أيضا، في ألفيته.
رابعا: وحكى الحاكم، رحمه الله، ونقله عنه السيوطي، رحمه الله، في "تدريب الراوي" أن أصح الطرق إلى علي، رضي الله عنه، طريق: جعفر الصادق عن محمد الباقر عن علي زين العابدين عن الحسين عن علي.
والإشكال في الطريقين الثالثة والرابعة:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن رجال إسناديهما: من آل البيت، رضي الله عنهم، لا سيما الطريق الرابعة فهي مسلسلة بالأئمة من لدن جعفر، رحمه الله، إلى علي، رضي الله عنه، وقد علم أن الكذب في النقل عنهم قد كثر كثرة فاحشة لم تعرف في الإسلام عن غيرهم، إذ انتحل محبتهم وموالاتهم أقوام من الزنادقة، أرادوا الطعن في دين الإسلام فنسبوا طعونهم إلى آل البيت، رضي الله عنهم، لتروج على المسلمين المعظمين للعترة النبوية.
وعند مسلم، رحمه الله، في مقدمته من طريق: الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ لَمَّا أَحْدَثُوا تِلْكَ الْأَشْيَاءَ بَعْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَيَّ عِلْمٍ أَفْسَدُوا.
وقال أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ يَصْدُقُ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ إِلَّا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
وقال طَاوُسٍ قَالَ أُتِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِكِتَابٍ فِيهِ قَضَاءُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَحَاهُ إِلَّا قَدْرَ وَأَشَارَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِذِرَاعِهِ.
ولذلك فإن أصح الروايات عن علي، رضي الله عنه، ما نقلها أصحاب عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، لأنهم عدول ضابطون تقبل روايتهم إذا صح الإسناد إليهم.
ولذلك فإنه يلزم قبل قبول الروايات المسلسلة بآل البيت، رضي الله عنهم، التحري عن حال الراوي عنهم، فقد يكون الإسناد صحيحا في ظاهره، ولكنه مركب على متن منكر، فتكون العلة من أعلى، كما يقول أهل العلم، إذ وضع كذابٌ المتن ثم ركب عليه هذا الإسناد، أو سرقه من كذاب مثله ثم ركب عليه هذا الإسناد الناصع ليروج على عموم المسلمين ممن لا علم لهم بهذه الصناعة.
وفي "التدريب":
"قال الحاكم: وأصح أسانيد أهل البيت: جعفر بن محمَّد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عن علي , إذا كان الرَّاوي عن جعفر ثقة". اهـ
"تدريب الراوي"، (1/ 57).
&&&&&
رابعا: أبي بن كعب رضي الله عنه:
وأشهر الطرق إليه:
أولا: طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي رضي الله عنه.
وهذه طريق صحيحة وقد ورد عن أبي نسخة كبيرة في التفسير يرويها أبو جعفر الرازي بهذا الإسناد إلى أبي، وقد خرج ابن جرير وابن أبي حاتم منها كثيرا، وأخرج الحاكم منها أيضا في مستدركه والإمام أحمد في مسنده.
وأبو جعفر الرازي، رحمه الله، هو: عيسى بن ماهان، وقد وثقه ابن سعد، رحمه الله، في "الطبقات". ويرد على ذلك: قول الحافظ، رحمه الله، في "التقريب": صدوق سيئ الحفظ. وقال ابن حبان، رحمه الله، كما نقل عنه الحافظ، رحمه الله، في "التهذيب": "كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير لا يعجبني الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات"، وقال ابن حبان، رحمه الله، في "المجروحين": "سمعت محمد بن محمود بن عدي يقول: سمعت علي بن سعيد بن جرير يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو جعفر الرازي مضطرب الحديث"، وفي: "من له رواية في الكتب الستة": "قال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال: النسائي ليس بالقوي، ووثقه أبو حاتم "، وعند العقيلي، رحمه الله، في "الضعفاء": "حدثنا عبد الله بن أحمد قال سمعت أبي يقول: أبو جعفر الرازي ليس بالقوي في الحديث". اهـ
فالقول بصحة هذه الطريق فيه نظر. والله أعلم.
ثانيا: طريق وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي عن أبي بن كعب وهذه يخرج منها الإمام أحمد في مسنده وهي على شرط الحسن، لأن عبد الله بن محمد بن عقيل: صدوق تكلم فيه من جهة حفظه.
وفي "ميزان الاعتدال"، (2/ 484):
"روى جماعة عن ابن معين: ضعيف.
وقال ابن المدينى: لم يدخل مالك في كتبه ابن عقيل، واحتج به أحمد وإسحاق.
وقال أبو حاتم وغيره: لين الحديث. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به، (وهي: شهادة مهمة من إمام عرف عنه نوع تساهل في التعديل ومع ذلك لم يمرر حديث عبد الله بن محمد).
وقال الترمذي: صدوق، (وقد علم تساهل الترمذي في التعديل).
وتكلم فيه بعضهم من قبل حفظه.
وقال ابن حبان: ردئ الحفظ، يجئ بالحديث على غير سننه، فوجبت مجانبة أخباره، (وهذا جرح شديد من ابن حبان، رحمه الله، وقد علم تشدده في الجرح فلزم التأني والتحري قبل قبوله).
وروى الترمذي عن البخاري قال: كان أحمد، وإسحاق، والحميدي يحتجون بحديثه، وقال علي: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن ابن عقيل، (ويحيى، رحمه الله، من النقاد الذين غلب عليهم التعنت في الرجال، كما أشار إلى ذلك الذهبي، رحمه الله، في مواضع كقوله في ترجمة حرب بن شداد في "السير" وقد تكلم فيه يحيى: هذا من تعنت يحيى في الرجال، وله اجتهاده، فلقد كان حجة في نقد الرواة).
وقال آخر: كان ابن عقيل خيرا عابدا فاضلا في حفظه شيء".
فالقول بأن حديثه حسن فيه نوع توسع إلا إن قصد بالحسن: الحسن لغيره، فيعتضد بغيره ليرتقي إلى مرتبة الاحتجاج كما قرر أهل الاصطلاح.
والله أعلى وأعلم.
وبذلك تنتهي هذه النبذة عن الاتجاه الأول من اتجاهات المفسرين: "الاتجاه الأثري" ولله الحمد والمنة.
يتبع إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 04 - 2009, 08:15 ص]ـ
ثانيا: الاتجاه الفقهي:
وقد ظهر هذا الاتجاه متأخرا، لأن الاختلافات الفقهية لم تتبلور إلا متأخرا بعد تدوين المذاهب المتبوعة، فكانت كتب التفسير بمنزلة الشارح لأدلة المذهب، ولذلك ظهر من التكلف في حمل الآيات على فروع المذهب ورد استدلال المخالف بها ما ظهر، فأبو بكر الجصاص الحنفي، رحمه الله، ينتصر لمذهب الأحناف، رحمهم الله، في "أحكامه"، ويرد على المخالف بشدة لا تخلو من تعصب، وقد انقسمت مصنفات هذا الاتجاه إلى قسمين:
الأول: قسم عني بتفسير آيات الأحكام فقط كـ: "أحكام القرآن" للجصاص الحنفي، رحمه الله، ولم يعن فيه بذكر الأقوال المتعارضة والترجيح بينها، و: "أحكام القرآن" لابن العربي المالكي، رحمه الله، وآيات الأحكام الصريحة تبلغ نحو: 500 آية، وعند التحقيق لا يلزم المفسر الاقتصار عليها إذ بقية آي الكتاب يمكن استنباط أحكام فقهية منها، ولو بطريق الإشارة والتنبيه، وإنما قصد من قصد تفسير آيات الأحكام في هذا القسم: آيات الأحكام الصريحة، كآيات الطلاق والرضاع والظهار والدين .............. إلخ.
والثاني: قسم عني بتفسير القرآن كاملا، ولكنه أولى آيات الأحكام عناية كبيرة، بل واستنبط من بقية الآيات أحكاما فقهية دقيقة المسلك، فكان تفسيره أشبه بالجامع الفقهي منه بالتفسير الشارح لمعاني الكتاب، وأشهر مصنفات هذا القسم: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي المالكي، رحمه الله، وهو عمدة في التفسير الفقهي، لا سيما وقد تجرد مصنفه من التعصب المذهبي فذكر أقوال غير المالكية وتصدى لعرض المسائل في نزاهة وتجرد مرجحا ما دل عليه الدليل، وإن خالف مذهبه، ولعل من أشهر الأمثلة على ذلك:
ترجيحه غير قول مالك، رحمه الله، في مسألة: فطر الناسي في نهار رمضان:
فالجمهور على صحة صومه فلا يلزمه القضاء لحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ)، وهو نص في محل النزاع، بخلاف المالكية، رحمهم الله، الذين اطرد عندهم أصل: فساد العبادة بسقوط أحد أركانها، ولو سهوا، فمن نسي سجودا في ركعة سهوا، بطلت الركعة، وإن لم يأثم لنسيانه، فالناسي غير مكلف.
والجواب: أن قولهم يصح في غير ما ورد النص بخلافه، فالنص: أصل بنفسه لا يعارض بأصل مستنبط، وقياس الصوم على الصلاة في هذه الصورة: قياس فاسد الاعتبار لمعارضته نصا في محل النزاع، وإلى ذلك أشار في المراقي بقوله:
والخلف للنص أو إجماع دعا ******* فساد الاعتبار كل من وعا
يقول القرطبي، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ): "وعند غير مالك: ليس بمفطر كل من أكل ناسيا لصومه.
قلت: وهو الصحيح، وبه قال الجمهور: إن من أكل أو شرب ناسيا فلا قضاء عليه وإن صومه تام، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله تعالى إليه ولا قضاء عليه - في رواية - وليتم صومه فإن الله أطعمه وسقاه).
أخرجه الدارقطني. وقال: إسناد صحيح وكلهم ثقات". اهـ
ومن ذلك أيضا:
اختياره لرواية الشافعي، رحمه الله، في وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وهي خلاف الرواية المشهورة عن مالك رحمه الله:
التي قال فيها بعدم القراءة فيما يجهر فيه الإمام، لأنه سكوته حينئذ: سكوت إلى بدل، بخلاف سكوته في السرية فهو سكوت إلى غير بدل، فتلزمه القراءة.
يقول القرطبي، رحمه الله، في بيان مذهب المالكية، رحمهم الله، في هذه المسألة:
"وأما إذا جهر الإمام ................. فلا قراءة بفاتحة الكتاب ولا غيرها في المشهور من مذهب مالك، لقول الله تعالى: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" [الأعراف: 204]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لي أنازع القرآن)، وقوله في الإمام: (إذا قرأ فأنصتوا)، وقوله: (من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة) ". اهـ
بتصرف من: "الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 126).
ويقول في موضع تال مرجحا قول الشافعي وأحمد:
(يُتْبَعُ)
(/)
"الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر، وأن الفاتحة متعينة في كل ركعة لكل أحد على العموم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب)، وقوله: (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القران فهي خداج) ثلاثا". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 127).
ومنه أيضا: ترجيح قول الجمهور في مسألة الرهن إذا اختلف الراهن والمرتهن في قيمة الدين، فأيهما يقبل قوله بيمينه؟
فالجمهور على أن القول قول الراهن بيمينه لأنه غارم، والأصل: أن القول قول الغارم، ما لم يدع ما يخالف الظاهر كأن يكون الرهن مائة ألف والدين مائة، فإن العادة لم تجر برهن دين كهذا في ضآلته، برهن كهذا في عظمته، فتلزمه إقامة بينة على ذلك، لأن قوله بما يخالف العادة هو في حد ذاته: دعوى تفتقر إلى بينة إذ هي خلاف الأصل المطرد، وما كان خلاف الأصل المطرد يجري مجرى الناقل عن الأصل، فيقدم لزيادة العلم فيه بشرط أن يقيم البينة على ذلك، وإلا كان قوله محض دعوى، وللمخالف أن يعارضها بمحض دعوى مثلها، فـ: دعوى في مقابل دعوى.
وقد خالف مالك، رحمه الله، فقال بأن القول: قول المرتهن.
وتجرد القرطبي، رحمه الله، كعادته، فرجح قول الجمهور لأنه اعتضد بالدليل وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر).
يقول القرطبي رحمه الله:
"لما قال الله تعالى: (فليملل الذى عليه الحق) دل ذلك على أنه مؤتمن فيما يورده ويصدره، فيقتضى ذلك قبول قول الراهن مع يمينه إذا اختلف هو والمرتهن في مقدار الدين والرهن قائم، فيقول الراهن رهنت بخمسين والمرتهن يدعى مائة، فالقول قول الراهن والرهن قائم، وهو مذهب أكثر الفقهاء: سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، واختاره ابن المنذر قال: لأن المرتهن مدع للفضل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه".
وقال مالك: القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن ولا يصدق على أكثر من ذلك. فكأنه يرى أن الرهن ويمينه شاهد للمرتهن، وقوله تعالى: "فليملل الذى عليه الحق" رد عليه. فإن الذى عليه الحق هو الراهن". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (3/ 341).
ومنه أيضا:
ما أشار إليه في مسألة: إمامة ولد الزنا: فقد حكى الخلاف، وذكر قول مالك، رحمه الله، بكراهة ذلك ثم ذكر آراء المخالفين، وختم بقول ابن عبد البر، رحمه الله، وهو من محققي المالكية، فقد ذهب إلى جواز ذلك إذا استوفى الإمام شروط الإمامة وليس منها صحة النسب، وذلك مشعر باختياره ما خالف قول مالك رحمه الله.
يقول القرطبي رحمه الله:
"واختلفوا في إمامة ولد الزنى فقال مالك أكره أن يكون إماما راتبا وكره ذلك عمر بن عبد العزيز وكان عطاء بن أبي رباح يقول له أن يؤم إذا كان مرضيا وهو قول الحسن البصري والزهري والنخعي وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وتجزئ الصلاة خلفه عند أصحاب الرأي وغيره أحب إليهم وقال الشافعي أكره أن ينصب إماما راتبا من لا يعرف أبوه ومن صلى خلفه أجزأه وقال عيسى بن دينار لا أقول بقول مالك في إمامة ولد الزنى وليس عليه من ذنب أبويه شيء ونحوه قال ابن عبد الحكم إذا كان في نفسه أهلا للإمامة قال ابن المنذر: يؤم لدخوله في جملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم).
وقال أبو عمر، (وهو: ابن عبد البر رحمه الله)، ليس في شيء من الآثار الواردة في شرط الإمامة ما يدل على مراعاة نسب وإنما فيها دلالة على الفقه والقراءة والصلاح في الدين". اهـ
بتصرف من: "الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 342، 343).
وقوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، مما يؤيد ما ذهب إليه القرطبي رحمه الله.
ومنه أيضا:
إشارته إلى نوع تناقض في قول من أجاز للعبد أن ينكح أربعا، مع قوله بتشطير الحد في حقه وكذلك الطلاق، فيحد خمسين في الزنا وأربعين في القذف وليس له من الطلاق إلا مرتان: والقول بإباحة نكاح العبد أربعا هو قول إمامه مالك، رحمه الله، ومع ذلك لم يمنعه اختيار مالك ذلك القول من التنكيت عليه بما سبق.
يقول القرطبي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"تعلق بهذه الآية من أجاز للمملوك أن يتزوج أربعا، لأن الله تعالى قال: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) يعني ما حل، (مثنى وثلاث ورباع) ولم يخص عبدا من حر.
وهو قول داود والطبري وهو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه على ما في موطئه، وكذلك روى عنه ابن القاسم وأشهب.
وذكر ابن المواز أن ابن وهب روى عن مالك أن العبد لا يتزوج إلا اثنتين، قال وهو قول الليث.
قال أبو عمر: قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والليث بن سعد: لا يتزوج العبد أكثر من اثنتين، وبه قال أحمد وإسحاق.
وروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف في العبد لا ينكح أكثر من اثنتين، ولا أعلم لهم مخالفا من الصحابة.
وهو قول الشعبي وعطاء وابن سيرين والحكم وإبراهيم وحماد.
والحجة لهذا القول القياس الصحيح على طلاقه وحده.
وكل من قال حده نصف حد الحر، وطلاقه تطليقتان، وإيلاؤه شهران، ونحو ذلك من أحكامه فغير بعيد أن يقال: تناقض في قوله (ينكح أربعا) والله أعلم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 21).
ومن ملامح انصافه في عرض الأقوال في المسألة الواحدة:
عرضه لأقوال أهل العلم في مسألة جعل صداق المرأة عتقها:
فقد أشار إلى قول الجمهور بعدم الجواز لأن العتق ليس بمال إذ لا يمكن للمرأة هبته.
وأشار إلى قول أحمد وإسحاق ويعقوب بالجواز وذكر دليلهم وهو حديث أم المؤمنين صفية بني حيي، رضي الله عنها، وفيه أن النبي صلى الله عليه وعلى وآله وسلم تزوجها وجعل عتقها صداقها، وأجاب الأولون بأن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد اختصه الله، عز وجل، بجواز النكاح بلا مهر، ويرد على ذلك أن: الأصل عدم الاختصاص إذا لم يتعين، إذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أصدق بقية نسائه، كما في حديث عمرو بن أمية الضمري، رضي الله عنه، لما بعثه إلى النجاشي، رحمه الله، في زواج أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان، رضي الله عنهما، وكان صداقها أربعمائة دينار. فالقول باطراد إصداقه نساءَه أولى من القول بالاختصاص إذ هو، كما تقدم، غير متعين. والله أعلم.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وفي الآية، (أي: قوله تعالى: "وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا")، دليل على أن العتق لا يكون صداقا، لأنه ليس بمال، إذ لا يمكن المرأة هبته ولا الزوج أكله.
وبه قال مالك وأبو حنيفة وزفر ومحمد والشافعي.
وقال أحمد ابن حنبل وإسحاق ويعقوب: يكون صداقا ولا مهر لها غير العتق، على حديث صفية رواه الأئمة - أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها.
وروي عن أنس أنه فعله، وهو راوي حديث صفية. (والصحابي أعلم بمرويه، ففعله ما يوافق الحديث هو بمنزلة البيان العملي له، وفعله بخلافه يقدم عند بعض أهل العلم، وهم الأحناف رحمهم الله، فهو الأعلم بمرويه، وعند الجمهور: إذا تعارض فعله مع قوله قدم مرويه إذ العبرة بما روى لا بما رأى).
وأجاب الأولون بأن قالوا: لا حجة في حديث صفية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا في النكاح بأن يتزوج بغير صداق". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 23).
ومنه اختيار قول الأحناف والشافعية، رحمهم الله، في مسألة بلوغ الجارية الرشد، ليدفع إليها مالها إن كانت يتيمة فقد اختار المالكية، رحمهم الله، حصول الرشد بالنكاح، واختار الشافعية والأحناف: اختبار اليتيم ذكرا كان أو أنثى ليعلم تمام رشده الموجب دفع ماله له.
يقول القرطبي رحمه الله:
"إلا أن علماءنا شرطوا في الجارية، (في مسألة دفع المال لها)، دخول الزوج بها مع البلوغ، وحينئذ يقع الابتلاء في الرشد.
ولم يره أبو حنيفة والشافعي، ورأوا الاختبار في الذكر والأنثى .... وفرق علماؤنا بينهما بأن قالوا: الأنثى مخالفة للغلام لكونها محجوبة لا تعاني الأمور ولا تبرز لأجل البكارة فلذلك وقف فيها على وجود النكاح، فبه تفهم المقاصد كلها.
والذكر بخلافها، فإنه بتصرفه وملاقاته للناس من أول نشئه إلى بلوغه يحمل له الاختبار، ويكمل عقله بالبلوغ، فيحصل له الغرض.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما قاله الشافعي أصوب، فإن نفس الوطء بإدخال الحشفة لا يزيدها في رشدها إذا كانت عارفة بجميع أمورها ومقاصدها، غير مبذرة لمالها". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 34).
ومنه اختياره القول بعدم قسمة ما تفوت مصلحة الانتفاع به بقسمته، خلافا لمالك، رحمه الله، الذي قال بوجوب ذلك لقوله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا).
فـ "ما" في "مما": نص في العموم فيشمل الجليل والحقير من المال أو الأرض أو العقار الموروثة.
يقول القرطبي رحمه الله: "استدل علماؤنا بهذه الآية في قسمة المتروك على الفرائض إذا كان فيه تغيير عن حاله، كالحمام والبيت وبيدر الزيتون والدار التي تبطل منافعها بإقرار أهل السهام فيها.
فقال مالك: يقسم ذلك وإن لم يكن في نصيب أحدهم ما ينتفع به، لقوله تعالى: (مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) ....................... وقال في آخر كلامه: والأظهر سقوط القسمة فيما يبطل المنفعة وينقص المال مع ما ذكرناه من الدليل". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 41، 42).
ومن ذلك أيضا:
اختيار قول الشافعي، رحمه الله، في حكم السعي، فهو فرض بخلاف قول أبي حنيفة وأصحابه، رحمهم الله، وقول مالك، رحمه الله، في العتبية، فقد قالوا بأنه سنة.
انظر: "الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 163)، في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).
ولم يرتض، رحمه الله، قول مالك، رحمه الله، في إنكار تقليد الغنم.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وأما القلائد فهي كل ما علق على أسنمة الهدايا وأعناقها علامة أنه لله سبحانه، من نعل أو غيره، وهي سنة إبراهيمية بقيت في الجاهلية وأقرها الإسلام، وهي سنة البقر والغنم.
قالت عائشة رضي الله عنها: أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة إلى البيت غنما فقلدها، أخرجه البخاري ومسلم، وإلى هذا صار جماعة من العلماء: الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن حبيب، وأنكره مالك وأصحاب الرأي وكأنهم لم يبلغهم هذا الحديث في تقليد الغنم، أو بلغ لكنهم ردوه لانفراد الأسود به عن عائشة رضي الله عنها، فالقول به أولى". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (6/ 35).
واختيار قول الشافعي، رحمه الله، في مسألة: أقل المهر: فلا حد له عنده تمسكا بعموم قوله تعالى: (بأموالكم)، في حين ذهب مالك، رحمه الله، إلى أن أقله: ربع دينار، أي: ثلاثة دراهم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: أقله دينار أو عشرة دراهم.
انظر: "الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 110، 111). في تفسير قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
ومخالفة مالك وأحمد، رحمهما الله، في مسألة: استباحة العاصي الميتة حال الضرورة إذا اقترن بها معصية:
يقول القرطبي رحمه الله:
"واختلف العلماء إذا اقترن بضرورته معصية، بقطع طريق وإخافة سبيل، فحظرها عليه مالك والشافعي في أحد قوليه لأجل معصيته، لأن الله سبحانه أباح
ذلك عونا، والعاصي لا يحل أن يعان، فإن أراد الأكل فليتب وليأكل.
وأباحها له أبو حنيفة والشافعي في القول الآخر له، وسويا في استباحته بين طاعته ومعصيته.
قال ابن العربي: وعجبا ممن يبيح له ذلك مع التمادي على المعصية، وما أظن أحدا يقوله، فإن قاله فهو مخطئ قطعا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت، (أي: القرطبي رحمه الله): الصحيح خلاف هذا، فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم" [النساء: 29] وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان.
وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار، إلا أن يعفو الله عنه.
قال أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا: وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة بل هو عزيمة واجبة، ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيا، وليس تناول الميتة من رخص السفر أو متعلقا بالسفر بل هو من نتائج الضرورة سفرا كان أو حضرا، وهو كالإفطار للعاصي المقيم إذا كان مريضا، وكالتيمم للعاصي المسافر عند عدم الماء.
قال: وهو الصحيح عندنا". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 207).
ومنه اختياره قول الشافعي وأحمد، رحمهما الله، في خيار المجلس:
يقول القرطبي، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا):
"وكان أحمد بن حنبل يقول: هما بالخيار أبدا ما لم يتفرقا بأبدانهما، وسواء قالا: اخترنا أو لم يقولاه حتى يفترقا بأبدانهما من مكانهما، وقاله الشافعي أيضا.
وهو الصحيح في هذا الباب للأحاديث الواردة في ذلك.
وهو مروي عن ابن عمر وأبي برزة وجماعة من العلماء.
وقال مالك وأبو حنيفة: تمام البيع هو أن يعقد البيع بالألسنة فينجزم العقد بذلك ويرتفع الخيار". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 132).
فقد روى مالك، رحمه الله، حديث: "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ"، وعقب بقوله: "وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ"، فحمل التفرق على التفرق بلفظ العقد لا بأبدان المتعاقدين.
ومنه مسألة الدلك في الغسل:ومذهب المالكية، رحمهم الله، فيه: الوجوب.
فقد أومأ إلى قول الجمهور بإجزاء صب الماء على الجسد أو الانغماس فيه دون دلك.
يقول القرطبي رحمه الله:
"والمشهور من مذهبه أنه لا يجزئه حتى يتدلك، قياسا على غسل الوجه واليدين. وحجة الجماعة أن كل من صب عليه الماء فقد اغتسل. والعرب تقول: غسلتني السماء.
وقد حكت عائشة وميمونة صفة غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكرا تدلكا، ولو كان واجبا ما تركه، لأنه المبين عن الله مراده، ولو فعله لنقل عنه، كما نقل تخليل أصول شعره بالماء وغرفه على رأسه، وغير ذلك من صفة غسله ووضوئه عليه السلام". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 184).
ومسألة قضاء قضاء رمضان أي: من أفسد صيام يوم قضاء، فقضاه بعد ذلك:يقول القرطبي رحمه الله:
"وروى ابن القاسم عن مالك أن من أفطر في قضاء رمضان فعليه يومان، وكان ابن القاسم يفتي به ثم رجع عنه ثم قال: إن أفطر عمدا في قضاء القضاء كان عليه مكانه صيام يومين، كمن أفسد حجه بإصابة أهله، وحج قابلا فأفسد حجه أيضا بإصابة أهله كان عليه حجتان.
قال أبو عمر: قد خالفه في الحج ابن وهب وعبد الملك، وليس يجب القياس على أصل مختلف فيه.
والصواب عندي - والله أعلم - أنه ليس عليه في الوجهين إلا قضاء يوم واحد، لأنه يوم واحد أفسده مرتين". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 253).
ومسألة الخروج لصلاة العيد في اليوم التالي له:
يقول القرطبي رحمه الله:
"روى الدارقطني عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم لأهلا الهلال أمس عشية، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلاهم. قال الدارقطني: هذا إسناد حسن ثابت.
قال أبو عمر: لا خلاف عن مالك وأصحابه أنه لا تصلى صلاة العيد في غير يوم العيد ولا في يوم العيد بعد الزوال، وحكي عن أبي حنيفة ....... ثم قال في آخر المسألة مرجحا ما دلت عليه السنة:
(يُتْبَعُ)
(/)
والقول بالخروج إن شاء الله أصح، للسنة الثابتة في ذلك، ولا يمتنع أن يستثني الشارع من السنن ما شاء فيأمر بقضائه بعد خروج وقته ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 272).
ومنه اختيار القرطبي، رحمه الله، جواز إصلاح الحاكم بين المتخاصمين وإن ظهر الحق خلافا لمالك رحمه الله:
يقول القرطبي رحمه الله:
"وفي هذا الحديث إرشاد الحاكم إلى الإصلاح بين الخصوم وإن ظهر الحق. ومنعه مالك، واختلف فيه قول الشافعي. وهذا الحديث حجة واضحة على الجواز". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 234).
ومن ذلك اختياره قول الشافعي، رحمه الله، في مسألة قدر الدية:
يقول القرطبي رحمه الله:
"وقال المزني: قال الشافعي الدية الإبل، فإن أعوزت فقيمتها بالدراهم والدنانير على ما قومها عمر، ألف دينار على أهل الذهب واثنا عشر ألف درهم على أهل الورق ............ وقال في ختام المسألة: واختلفت الروايات عن عمر رضي الله عنه في أعداد الدراهم وما منها شيء يصح عنه لأنها مراسيل، وقد عرفتك مذهب الشافعي وبه ونقول". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 276).
ومسألة إثبات وقوع القتل شبه العمد:
يقول القرطبي رحمه الله:
"ذكر الله عز وجل في كتابه العمد والخطأ ولم يذكر شبه العمد وقد اختلف العلماء في القول به، فقال ابن المنذر: أنكر ذلك مالك، وقال: ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ.
وذكره الخطابي أيضا عن مالك وزاد: وأما شبه العمد فلا نعرفه.
قال أبو عمر: أنكر مالك والليث بن سعد شبه العمد، فمن قتل عندهما بما لا يقتل مثله غالبا كالعضة واللطمة وضربة السوط والقضيب وشبه ذلك فإنه عمد وفيه القود. (وهذا جار على أصول المالكية، رحمهم الله، في التغليظ في العقوبات).
قال أبو عمر: وقال بقولهما جماعة من الصحابة والتابعين.
وذهب جمهور فقهاء الأمصار إلى أن هذا كله شبه العمد.
وقد ذكر عن مالك وقاله ابن وهب وجماعة من الصحابة والتابعين.
قال ابن المنذر: وشبه العمد يعمل به عندنا.
وممن أثبت شبه العمد الشعبي والحكم وحماد والنخعي وقتادة وسفيان الثوري وأهل العراق والشافعي، وروينا ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
قلت، (أي القرطبي رحمه الله): وهو الصحيح، فإن الدماء أحق ما احتيط لها إذ الأصل صيانتها في أهبها، فلا تستباح إلا بأمر بين لا إشكال فيه، وهذا فيه إشكال، لأنه لما كان مترددا بين العمد والخطأ حكم له بشبه العمد، فالضرب مقصود والقتل غير مقصود، وإنما وقع بغير القصد فيسقط القود وتغلظ الدية". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 286، 287).
ومنه الاستدراك على رواية ابن القاسم عن مالك قصر قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)، على صورة: تشميت العاطس:
يقول القرطبي رحمه الله:
"واختلف العلماء في معنى الآية وتأويلها، فروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أن هذه الآية في تشميت العاطس والرد على المشمت. وهذا ضعيف، إذ ليس في الكلام دلالة على ذلك، أما الرد على المشمت فمما يدخل بالقياس في معنى رد التحية، وهذا هو منحى مالك إن صح ذلك عنه.
والله أعلم.
وقال ابن خويز منداد: وقد يجوز أن تحمل هذه الآية على الهبة إذا كانت للثواب، فمن وهب له هبة على الثواب فهو بالخيار إن شاء ردها وإن شاء قبلها وأثاب عليها قيمتها .......... ثم قال في ختام المسألة:
والصحيح أن التحية ههنا السلام، لقوله تعالى: (وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله).
وقال النابغة الذبياني:
تحييهم بيض الولائد بينهم ******* وأكسية الإضريج فوق المشاجب.
أراد: ويسلم عليهم.
وعلى هذا جماعة المفسرين". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 259، 260).
ومنه: استدراكه على قياس علماء المالكية، رحمهم الله، إجزاء رد الواحد من الجماعة على إجزاء سلام الواحد:
يقول القرطبي رحمه الله:
"ولما أجمعوا على أن الواحد يسلم على الجماعة ولا يحتاج إلى تكريره على عداد الجماعة، كذلك يرد الواحد عن الجماعة وينوب عن الباقين كفروض الكفاية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وروى مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم)، (وهو من مراسيل مالك رحمه الله).
قال علماؤنا: وهذا يدل على أن الواحد يكفي في الرد، لأنه لا يقال أجزأ عنهم إلا فيما قد وجب. والله أعلم.
قلت: هكذا تأول علماؤنا هذا الحديث وجعلوه حجة في جواز رد الواحد، وفيه قلق". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (5/ 260، 261).
وتتبع وجمع هذه الأمثلة يصلح موضوعا لبحث فقهي ثري إذ منها ما خالف القرطبي، رحمه الله، فيه إمام المذهب، رحمه الله، صراحة، ومنها ما اعتذر فيه عنه، ومنها ما خالف فيه علماء المذهب رحمهم الله .......... إلخ. والقرطبي، رحمه الله، علم من أعلام الفقه الإسلامي، بتجرده واختياراته الفقهية السديدة.
وكذلك كان حال أبي بكر بن العربي، رحمه الله، في تفسيره "أحكام القرآن"، فمن ذلك ما نقله عنه القرطبي، رحمه الله، في "جامعه" في مسألة الاستعاذة: هل تكون قبل القراءة أو بعدها؟، ونصه:
"ومن أغرب ما وجدناه قول مالك في المجموعة في تفسير هذه الآية: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم". قال: ذلك بعد قراءة أم القرآن لمن قرأ في الصلاة، وهذا قول لم يرد به أثر، ولا يعضده نظر، فإن كان هذا كما قال بعض الناس: إن الاستعاذة بعد القراءة كان تخصيص ذلك بقراءة أم القرآن في الصلاة دعوى عريضة، ولا تشبه أصل مالك ولا فهمه، فالله أعلم بسر هذه الرواية". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 98).
فلم يمنعه ذكر هذه الرواية عن مالك، رحمه الله، من نقدها، وهو الذي شدد النكير قبلها على من تمسك بظاهر الآية، فقال بالاستعاذة بعد القراءة، وهم الظاهرية، رحمهم الله، فقال مستنكرا مقالتهم: "انتهى العي بقوم إلى أن قالوا: إذا فرغ القارئ من قراءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم". اهـ
نقلا عن: "الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 97).
ومنه:
ما اعترض به على رواية ابن القاسم، رحمه الله، وهو من متقدمي المالكية، ومن قلده، في سقوط الطمأنينة في أركان الصلاة الفعلية، وهو قول الأحناف، رحمهم الله، الذين قالوا بوجوب الطمأنينة دون ركنيتها، فقال ناقضا تلك الرواية: "وقد تكاثرت الرواية عن ابن القاسم وغيره بوجوب الفصل وسقوط الطمأنينة وهو وهم عظيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها وعلمها.
فإن كان لابن القاسم عذر أن كان لم يطلع عليها فما لكم أنتم وقد انتهى العلم إليكم وقامت الحجة به عليكم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 334).
وأشار القرطبي، رحمه الله، في نفس الموضع إلى الخلاف في مسألة الطمأنينة فقال:
"قال بعض علمائنا وغيرهم يكفي منها ما يسمى ركوعا وسجودا، وكذلك من القيام.
ولم يشترطوا الطمأنينة في ذلك فأخذوا بأقل الاسم في ذلك وكأنهم لم يسمعوا الأحاديث الثابتة في إلغاء الصلاة.
قال ابن عبد البر: ولا يجزي ركوع ولا سجود ولا وقوف بعد الركوع ولا جلوس بين السجدتين حتى يعتدل راكعا وواقفا وساجدا وجالسا.
وهو الصحيح في الأثر وعليه جمهور العلماء وأهل النظر وهي رواية ابن وهب وأبي مصعب عن مالك". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 334).
فاختار ما ذهب إليه أبو بكر بن العربي، رحمه الله، لموافقته الدليل الصحيح الصريح وهو حديث المسيء صلاته.
ثالثا: الاتجاه الأصولي:
وهو اتجاه مكمل للاتجاه السابق، فالأصول أدوات الفقيه في استنباط الأحكام من الأدلة، وتخريج الفروع على الأصول سواء أكانت: أصولا عامة تشترك فيها المذاهب كلها، أو أصولا خاصة بمذهب بعينه، فتكون الصورة صورة: تخريج فرع غير منصوص عليه على أصل من أصول إمام المذهب، وأما قياس المذهب فيكون: في فرع غير منصوص عليه بتخريجه على فرع آخر منصوص عليه.
بتصرف من: "الإشارات النافعات"، (1/ 88)، مقدمة المحقق.
ومن أبرز من صنف في هذا الاتجاه من المتقدمين:
الفخر الرازي، رحمه الله، المتوفى سنة 606 هـ، فقد كان، رحمه الله، من أئمة الأصول خاصة، والعلوم العقلية عامة، فضمن تفسيره من المباحث الفلسفية والعقلية ما ضمن، ومنها: المباحث الأصولية، التي ذكرها في ثنايا مسائل كتابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المعاصرين: الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، رحمه الله، المتوفى سنة 1393 هـ، وكتابه عمدة في هذا الاتجاه، فقد تصدى للتفسير الأصولي ابتداء، وضمن كتابه جملة نافعة من مسائل علوم اللسان العربي، لاسيما البلاغة، فهي وثيقة الصلة بعلم الأصول.
وبذلك تنتهي هذه النبذة عن الاتجاهات المتعلقة بعلم الفقه: "أصولا وفروعا" ولله الحمد والمنة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 04 - 2009, 07:02 ص]ـ
رابعا: الاتجاه اللغوي:
والاتجاه اللغوي يمكن تقسيمه إلى اتجاهين رئيسين:
أولا: اتجاه يدرس مباني الألفاظ وتراكيب الجمل ويشمل:
ما يتعلق بمعاني المفردات ومن أبرز ما ألف فيها: كتب غريب القرآن، سواء أكانت الغرابة ناشئة من نفس اللفظ، أم من اقتصار قبيلة بعينها على استعمالها، فالغرابة: غرابة لفظ أو غرابة قبيلة، يقول الخطابي رحمه الله:
"الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد عن الفهم، كما أن الغريب من الناس إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل.
والغريب من الكلام يقال به على وجهين:
أحدهما: أن يراد به أنه بعيد المعنى غامضه، لا يتناول الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر.
والآخر: أن يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب، فإذا وقعت إلينا الكلمة من لغاتهم استغربناها". اهـ
ومن أمثلة ذلك:
ما خفي على عمر، رضي الله عنه، من معنى "التخوف" في قوله تعالى: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)، وهو التنقص في لغة هذيل.
يقول أبو السعود رحمه الله:
"وقيل: التخوّفُ التنقّص، قال قائلهم
تخوّفَ الرحلُ منها تامكاً قردا ******* كما تخوّفَ عودَ النبعة السفن
أي يأخذُهم على أن يَنْقُصَهم شيئاً بعد شيءٍ في أنفسهم وأموالِهم حتى يهلِكوا". اهـ
وقال الطبري، رحمه الله، في تفسيره: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عباس: (عَلَى تَخَوُّفٍ) قال: التنقص، والتفزيع.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ): على تنقص.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (عَلَى تَخَوُّفٍ) قال: تنقص.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) فيعاقب أو يتجاوز.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) قال: كان يقال: التخوّف: التنقُّص، ينتقصهم من البلدان من الأطراف". اهـ
ومنه ما خفي على أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، من معنى "الأب" تحديدا في قوله تعالى: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)، وإن علم بدلالة الآية التالية أنه طعام للدواب، كما أن الفاكهة طعام للآدميين، ففي السياق: لف ونشر مرتب: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)، فالفاكهة للآدميين، والأب للأنعام بمقتضى اللف والنشر المرتب.
فما خفي عليهما: نوع الطعام لا جنسه.
روى الطبري، رحمه الله، في "تفسيره" من طريق:
"يونس عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس وعمرو بن الحارث، عن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أنه سمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: قال الله: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا) كلّ هذا قد علمناه، فما الأبّ؟ ثم ضرب بيده، ثم قال: لعمرك إن هذا لهو التكلف، واتبعوا ما يتبين لكم في هذا الكتاب، قال عمر: وما يتبين فعليكم به، وما لا فدعوه".
وقال شيخ الإسلام رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة، عن سليمان، عن عبد اللّه بن مُرَّة، عن أبي مَعْمَر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تُقلّني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كتاب اللّه ما لم أعلم؟!. وقال أبو عبيد القاسم ابن سلام: حدثنا محمود بن يزيد، عن العَوَّام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي؛ أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] فقال: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إن أنا قلت في كتاب اللّه ما لا أعلم؟. إسناده منقطع، (بين إبراهيم التيمي وأبي بكر الصديق، رضي الله عنه، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في تفسيره).
وقال أبو عبيد أيضًا: حدثنا يزيد، عن حميد، عن أنس؛ أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأبُّ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر".
"شرح مقدمة أصول التفسير"، ص 87، 88.
وجدير بالذكر أن الغريب من جهة بعد القبيلة وغرابة لسانها: قليل في الكتاب المنزل، فأغلبه قد نزل بلغة قريش، كما أثر ذلك عن عثمان رضي الله عنه.
ومن أبرز الكتب المصنفة في هذا النوع:
غريب القرآن لابن قتيبة الدينوري، رحمه الله، المتوفى سنة 276 هـ، وهو إمام مدرسة بغداد النحوية.
وغريب القرآن لأبي بكر السجستاني، رحمه الله، المتوفى سنة 330 هـ.
وأجمعها: "المفردات في غريب القرآن"، للراغب الأصفهاني، رحمه الله، المتوفى سنة 502 هـ.
وقد عني الراغب الأصفهاني، رحمه الله، ببيان الفروق الدقيقة بين الألفاظ، ففرق، على سبيل المثال بين:
الحمد والمدح والشكر:
فالحمد يكون على الأمر الاختياري فتقول: حمدته على كرمه، ولا تقول حمدته على قسامة وجهه أو طول قامته لأنها أمور تسخيرية جبلية لا كسب له فيها.
بينما المدح يكون بالأمور الاختيارية والجبلية، فيمدح المرء بكرمه، كما يمدح بوسامته.
فيكون بينهما: عموم وخصوص مطلق، فكل حمد مدح، ولا عكس، فالمدح أعم من الحمد.
وأما الشكر فهو أعم من جهة آلته: فيكون بالقلب واللسان والجوارح، وفي التنزيل: (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا)، أخص من جهة أحواله فيكون على النعمة فقط، فلا يحمد على المكروه إلا الله عز وجل.
بينما الحمد أعم من جهة أحواله فيكون على المحبوب والمكروه، وأخص من جهة آلته فلا يكون إلا بالقلب.
فيكون بين الحمد والشكر: عموم وخصوص وجهي.
وهذا باب جدير بالتتبع في لغة العرب فمن ذلك:
"الرُوع" و: "الرَوْع": فـ: "الرُوع" بالضم هو: القلب، وفي "لسان العرب": "والرُّوع موضع الرَّوْع"، و "الرَوْع" بالفتح: الخوف والفزع، وفي اللسان أيضا: "الرَّوْعُ والرُّواع والتَّرَوُّع: الفَزَعُ".
و: "الرُوح" و: "الرَوْح":
فـ: "الرُوح": التي تسكن البدن، و "الرَوْح": الراحة والنعيم، ومنه قوله تعالى: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ)، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ قَالَ سَلَمَةُ فَرَوْحُ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا)
يقول صاحب عون المعبود رحمه الله: " (الرِّيح مِنْ رَوْح اللَّه): بِفَتْحِ الرَّاء بِمَعْنَى الرَّحْمَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْح اللَّه إِنَّهُ لَا يَيْأَس مِنْ رَوْح اللَّه إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ} ". اهـ
و: "الفصم" و: "القصم":
فالفصم: انقطاع تعقبه عودة، وفي "اللسان": "الفَصْم الكسر من غير بينونة فَصَمه يَفْصِمُه فَصْماً فانْفَصَم كسره من غير أن يبين". اهـ
ومنه حديث صفة الوحي: (فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ)، فهو ينقطع ليعود مرة أخرى إذا شاء الله، عز وجل، إنزال نجم قرآني آخر.
والقصم: انقطاع لا تعقبه عودة، وفي اللسان: "القَصْمُ كسر الشيء الشديد حتى يَبين".
و: "الخضم" و: "القضم":
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي اللسان: "والخَضْم الأكل بجميع الفم وقيل هو أَكل الشيء الرَّطْب والقَضْمُ دون ذلك".
و: "القبض" و: "القبص":قالقبض بالكف كلها، والقبص بأطراف الأصابع.
وفي اللسان: القَبْصُ التناوُلُ بالأَصابع بأَطْرافِها قَبَصَ يَقْبِصُ قَبْصاً تناوَلَ بأَطراف الأَصابع وهو دون القَبْصِ وقرأَ الحسن فقَبَصْت قُبْصةً من أَثَر الرسول وقيل هو اسم الفعل وقراءَة العامة فقَبَضْت قَبْضةً الفراء القَبْضةُ بالكفِّ كلها.
وقد يورد الراغب، رحمه الله، أحيانا، الاشتقاق الكبير كما في مادة: "فكر":
يقول الراغب رحمه الله: "قال بعض الأدباء: الفكر مقلوب عن الفرك لكن يستعمل الفكر في المعاني وهو فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها". اهـ
ومثله مادة "فسر": فـ: "فسر": كشف المعاني، و "سفر": كشف الذوات.
يقول الراغب، رحمه الله، في "المفردات": "سفر: السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالأعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه". اهـ
ومصنفات اهتمت بقضايا النحو والإعراب:
وعلى رأسها: "البحر المحيط" لأبي حيان الغرناطي، رحمه الله، وهو كلف بعرض قضايا النحو الخلافية، مع ميله إلى فقه الشافعية، رحمهم الله، في الفروع.
وقد تتبع أبو حيان، رحمه الله، كثيرا من اعتزاليات الزمخشري، رحمه الله، مع التسليم بإمامته في البلاغة، فمن ذلك:
قوله في تفسير قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ):
يقول أبو حيان رحمه الله:
"وقال الزمخشري: الجنة اسم لدار الثواب كلها، وهي مشتملة على جنان كثيرة مرتبة مراتب على حسب استحقاق العاملين، لكل طبقة منهم جنة من تلك الجنان، انتهى كلامه.
وقد دس فيه مذهبه الاعتزالي بقوله: على حسب استحقاق العاملين. وقد جاء في القرآن ذكر الجنة مفردة ومجموعة، فإذا كانت مفردة فالمراد الجنس، واللام في لهم للاختصاص، وتقديم الخبر هنا آكد من تقديم المخبر عنه لقرب عود الضمير على الذين آمنوا، فهو أسر للسامع، والشائع أنه إذا كان الاسم نكرة تعين تقديمه: {أئن لنا لأجراً} ولم يذكر في الآية الموافاة على الإيمان فإن الردة تحبطه، وذلك مفهوم من غير هذه الآية. وأما الزمخشري فجرى على مذهبه الاعتزالي من أنه يشترط في استحقاق الثواب بالإيمان والعمل، أن لا يحبطهما المكلف بالكفر والإقدام على الكبائر، وأن لا يندم على ما أوجده من فعل الطاعة وترك المعصية، وزعم أن اشتراط ذلك كالداخل تحت الذكر.
وقد علم من مذهب أهل السنة أن من وافى على الإيمان فهو من أهل الجنة، سواء كان مرتكباً كبيرة أم غير مرتكب، تائباً أو غير تائب". اهـ
فمذهب أهل السنة أن مرتكب الكبيرة، إن مات مصرا عليها غير تائب، فهو تحت المشيئة، إن شاء الله، عز وجل، عفا عنه بفضله، وإن شاء عذبه بعدله عذابا غير مؤبد، فمصيره الجنة بعد تطهيره من جنس الذنب، إذ لا يدخل الجنة إلا طاهر، فحكمه في الدنيا: أنه مؤمن ناقص الإيمان، فقد خرج من دائرة الإيمان المطلق إلى دائرة مطلق الإيمان، أو انتفى عنه كمال الإيمان الواجب دون أصله، أو خرج من دائرة الإيمان إلى دائرة الإسلام كما أثر عن أبي جعفر محمد الباقر، رحمه الله، فيما رواه عبد الله بن أحمد، رحمه الله، في كتاب "السنة"، من طريق:
أبيه أحمد بن حنبل رحمه الله، نا سليمان بن حرب، نا جرير بن حازم، عن الفضيل بن يسار، قال: قال محمد بن علي: «هذا الإسلام ودور دائرة في وسطها دائرة أخرى، وهذا الإيمان التي في وسطها مقصور في الإسلام، قال: فقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"، "يخرج من الإيمان إلى الإسلام ولا يخرج من الإسلام، فإذا تاب تاب الله عليه قال: رجع إلى الإيمان"
"السنة"، (1/ 87).
(يُتْبَعُ)
(/)
بينما يرى الخوارج كفره ظاهرا وباطنا، وخلوده في النار إن مات مصرا غير تائب، فمذهبهم أشد المذاهب غلوا، وهم أصرح المخالفين لأهل السنة عبارة، فقد قالوا بالكفر والخلود في النار صراحة.
خلافا لأهل الاعتزال الذين استعاروا مقالة: "الوسط الذهبي" من فلاسفة اليونان، كما أشار إلى ذلك بعض الباحثين المعاصرين، فأحدثوا مقالة: "المنزلة بين المنزلتين"، فمرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر، فقد خرج من الإيمان بكبيرته، ولم يصر كافرا في الدنيا، فاستحق اسم الفاسق، ومآله إلى الخلود في النار إن مات مصرا غير تائب، وهذا عين قول الخوارج، فهم، عند التحقيق، يوافقون أهل السنة في اسم مرتكب الكبيرة في الدنيا، ويوافقون الخوارج في حكمه يوم القيامة، وهذا تناقض بين، بخلاف أهل السنة الذين اطردت مقالتهم، بل والخوارج الذين اطردت مقالتهم، أيضا، مع فسادها، ومخالفتها نصوص الكتاب والسنة.
ومنه أيضا: قوله في قوله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا):
يقول أبو حيان رحمه الله:
"وذهب الزمخشري إلى أن التقدير أمرناهم بالفسق ففسقوا ورد على من قال أمرناهم بالطاعة فقال: أي أمرناهم بالفسق ففعلوا، والأمر مجاز لأن حقيقة أمرهم بالفسق أن يقول لهم افسقوا وهذا لا يكون، فبقي أن يكون مجازاً، ووجه المجاز أنه صب عليهم النعمة صباً فجعلوها ذريعة إلى المعاصي واتباع الشهوات، فكأنهم مأمورون بذلك لتسبب إيلاء النعمة فيه، وإنما خوَّلهم إياها ليشكروا ويعملوا فيها الخير ويتمكنوا من الإحسان والبر كما خلقهم أصحاء أقوياء وأقدرهم على الخير والشر، وطلب منهم إيثار الطاعة على المعصية، وآثروا الفسوق فلما فسقوا حق عليهم القول، وهي كلمة العذاب فدمرهم ................ أما ما ارتكبه من المجاز وهو أن {أمرنا مترفيها} صببنا عليهم النعمة صباً فيبعد جداً. وأما قوله وأقدرهم على الخير والشر إلى آخره فمذهب الاعتزال ................. ". اهـ بتصرف.
فمذهب المعتزلة في أفعال العباد: أنها مخلوقة لهم، فنسبتها إلى الله، عز وجل، ولو على جهة الخلق: نسبة مجازية، فقد اطرد عندهم تسليط المجاز على النصوص التي تنقض مقالاتهم في الصفات والقدر ......... إلخ، ومن اعتدل منهم قال: خلق الله طاقة الفعل ولم يخلق الفعل، أو خلق الخير ولم يخلق الشر، والصحيح أن الله، عز وجل، خلق: طاقة الفعل، وخلق الفعل نفسه، وأنه خلق الخير والشر، وإنما وقع أولئك فيما وقعوا فيه بعدم التفريق بين الإرادتين:
الشرعية: فلا تكون إلا فيما يحب الله، عز وجل، ويرضى، ولا يلزم منها وقوع الفعل.
والكونية: وتكون فيما يحب الله، عز وجل، وفيما يكره، ويلزم منها وقوع الفعل.
فالله، عز وجل، لم يرد الشر شرعا، وإن أراده كونا لحكمة تفوق مفسدة وقوعه.
وأبو حيان، رحمه الله، معظم لسيبويه، رحمه الله، وخلافه مع ابن تيمية، رحمه الله، في ذلك معروف مشهور في كتب أهل العلم.
وثانيا: الاتجاه البلاغي: ويمثله الزمخشري، غفر الله له، في "كشافه" فقد أولى قضايا البيان والمعاني جل اهتمامه حتى صار كتابه عمدة في هذا الباب على اعتزاليات دسها في ثنايا كلامه دس السم في العسل ببراعة تخفى على كثير من العلماء فضلا عن عموم المسلمين.
وقد سار على طريقته: أبو السعود، رحمه الله، وللفخر الرازي، رحمه الله، مشاركة جليلة في هذا الباب.
ومن المعاصرين: صاحب "التحرير والتنوير": الطاهر بن عاشور رحمه الله.
وبذلك تنتهي هذه النبذة الموجزة عن الاتجاهات المتعلقة بعلوم اللغة: "غريبا ونحوا وبلاغة" ولله الحمد والمنة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 04 - 2009, 07:22 ص]ـ
ومن المباحث الأدبية المهمة:
مبحث علم المناسبات: وهو علم دقيق المسلك لطيف المأخذ تظهر بمباشرة مسائله روائع القرآن البلاغية من نسج محكم وسبك متقن، فالوحدة الموضوعية للسورة الواحدة، والوحدة الموضوعية بين السورة وتاليتها.
يقول الزركشي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"والمناسبة في اللغة: المقاربة وفلان يناسب فلانا أي يقرب منه ويشاكله ومنه النسيب الذى هو القريب المتصل كالأخوين وابن العم ونحوه وإن كانا متناسبين بمعنى رابط بينهما وهو القرابة ومنه المناسبة في العلة في باب القياس الوصف المقارب للحكم لأنه إذا حصلت مقاربته له ظن عند وجود ذلك الوصف وجود الحكم، (فالعلة من جهة مناسبتها للحكم: ملزوم يؤدي إلى لازمه، فيدور معه وجودا وعدما، فإذا وجدت العلة وجد الحكم، وإذا انتفت انتفى، وبعض أهل العلم يقول: العلة: فاعلية: تقوم مقام السبب أو العلة، وغائية: تقوم مقام المسَبَب أو المعلول، فالمناسبة بينهما: التلازم إذ لا انفكاك بينهما، كالسبب الكوني فإنه ملزوم مسبَبه، فالنار سبب الإحراق، وكالسبب الشرعي فهو، أيضا، ملزوم مسَببه، فملك النصاب سبب الزكاة ......... إلخ)، ولهذا قيل المناسبة أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول وكذلك المناسبة في فواتح الآي وخواتمها ومرجعها والله أعلم إلى معنى ما رابط بينهما عام أو خاص عقلي أو حسي أو خيالي وغير ذلك من أنواع العلاقات أو التلازم الذهني كالسبب والمسبَب، والعلة والمعلول والنظيرين والضدين ونحوه أو التلازم الخارجي كالمرتب على ترتيب الوجود الواقع في باب الخبر.
وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض فيقوى بذلك الارتباط ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء". اهـ
وأشار إليه أبو بكر بن العربي المالكي، رحمه الله، في "سراج المريدين" بقوله: "ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم". اهـ
والمبالغة في هذا الفن مظنة التكلف بتحميل الآي ما لا تحتمل، وإلى ذلك أشار العز بن عبد السلام، رحمه الله، بقوله:
"المناسبة علم حسن ولكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره فإن وقع على أسباب مختلفة لم يشترط فيه ارتباط أحدهما بالآخر.
قال: ومن ربط ذلك فهو متكلف بما لا يقدر عليه إلا برباط ركيك يصان عنه حسن الحديث فضلا عن أحسنه فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة ولأسباب بعد مختلفة وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض إذ لا يحسن أن يرتبط تصرف الإله في خلقه وأحكامه بعضها ببعض مع اختلاف العلل والأسباب كتصرف الملوك والحكام والمفتين وتصرف الإنسان نفسه بأمور متوافقة ومتخالفة ومتضادة وليس لأحد أن يطلب ربط بعض تلك التصرفات مع بعض مع اختلافها في نفسها واختلاف أوقاتها". اهـ
وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
والمناسبات قد تكون من باب توكيد الجمل لفظا أو معنى، أو عطف المتلازمين، أو التذييل: لفظا أو معنى، أو الجمع بين المتقابلات إمعانا في البيان ............. إلخ وغالبها: مباحث بلاغية.
وقد تكون بمراعاة أحوال المخاطبين كما في قوله تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)
فذلك مما يلائم العربي الذي نزل عليه الوحي، فدعوته إلى تأمل ما تباشره الأنظار ليل نهار آكد من دعوته إلى تأمل ما لا يراه في بيئته الصحراوية
بتصرف من: "مباحث في علوم القرآن"، ص90.
وقد تكون المناسبة كما تقدم بين آي السورة الواحدة، كما في قوله تعالى في سورة القصص: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ)، فذكر من أمر موسى عليه السلام خروجه وتبرؤه من مظاهرة الكافرين ثم ختم السورة بذكر أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ)، وقبل ذلك البشرى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)، فكما عاد موسى عليه السلام إلى مصر فاستنقذ بني إسرائيل وأهلك الله عدوهم، فكذلك حالك فالعاقبة لك في الأولى والآخرة، ورجوعك إلى مكة ظاهرا بعد أن أخرجك أهلها منها واقع لا محالة، مصداق قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْأَشْهَادُ).
بتصرف من: "مباحث في علوم القرآن"، ص91.
وقد تكون المناسبة بين ختام سورة وافتتاح أخرى، كما في ختام سورة المائدة وافتتاح الأنعام:
ففي قوله تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ): تقرير لعموم أوصاف ربوبيته، عز وجل، أتبع بلازمه من الحمد الذي صدرت به سورة الأنعام: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)
فهو المحمود بكمال الربوبية ومع ذلك: (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)!، فقرر ألوهيته المرادة شرعا بالتعريض بمنكرها الذي يخضع لربوبيته كونا، فأمره عجب! يتقلب في نعمته السابغة ويبارزه بالمعاصي الظاهرة والباطنة!.
ومن مآخذ البحث الأدبي المعاصر للكتاب العزيز: ما سلكه بعض الأدباء بحجة البحث العلمي المتجرد، من نزع لقداسة الوحي المنزل، فأجروه مجرى المأثور من المنظوم والمنثور، بل وتجرأ بعضهم فادعى وقوع بعض الأخطاء فيه، مع أن القرآن حاكم على اللغة، فكيف صار المحكوم حاكما، والتابع متبوعا إلا عند أقوام لا خلاق لهم فغاية أمرهم التغذي على فتات موائد المستشرقين، فليت إفكهم من رؤوسهم، وإنما تشبعوا بما لم يعطوا حتى في الباطل!.
خامسا: الاتجاه الفلسفي:
وهو يهتم بالقضايا العقلية والفلسفية التي أثارها الفلاسفة والمتكلمون في العصور المتأخرة، لاسيما المتكلمون من أمثال الرازي، رحمه الله، وهو كلف بالرد على أصحاب المقالات، كالغلاة في آل البيت رضي الله عنهم، وأهل السنة الذين يرد عليهم من منطلق كونه على طريقة المتكلمين المنتسبين إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله. وبينهم وبين أهل السنة خلافات عميقة الجذور في كثير من أبواب الإلهيات.
سادسا: الاتجاه الصوفي:
وهو اتجاه يقارب الاتجاه الفلسفي، وإن غلا في التفسير الإشاري، من قبيل إشارات أبي عبد الرحمن السلمي، وقد تطور هذا الاتجاه تطورا غير مرضي وصل إلى حد الزندقة التي طفحت بها مصنفات ابن عربي الطائي الأندلسي، نزيل دمشق، المتوفى سنة 638 هـ، وهو من حمل لواء بدعة الاتحاد العام الذي فاق الاتحاد الخاص عند النصارى قبحا وغلوا، فلجأ أصحاب هذا الاتجاه إلى تأويل ظواهر الشريعة تأويلات فلسفية باطنية تشبه إلى حد كبير تأويلات إخوان الصفا في رسائلهم، فتسلط طاغوت التأويل في كلامهم على كل نصوص الشريعة سواء أكانت أخبارا أم أحكاما.
والتأويل: تأويلان:
تأويل محمود:
بمعرفة معاني ألفاظ التنزيل ومواقعه، وللصدر الأول، رضي الله عنهم، منه أوفى نصيب، وإليه أشار ابن القيم رحمه الله بقوله: "وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ، وَظَفِرُوا مِنْ الْعِلْمِ بِمَا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ مَنْ بَعْدَهُمْ؛ فَهُمْ الْمُقَدَّمُونَ فِي الْعِلْمِ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، كَمَا هُمْ الْمُقَدَّمُونَ فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ، وَعَمَلُهُمْ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي لَا يُخَالَفُ". اهـ
وقال في موضع تال:
"وَكَيْفَ يَطِيبُ قَلْبُ عَالِمٍ يُقَدِّمُ عَلَى أَقْوَالِ مَنْ وَافَقَ رَبَّهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ حُكْمٍ فَقَالَ وَأَفْتَى بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِمُوَافَقَةِ مَا قَالَ لَفْظًا وَمَعْنًى قَوْلَ مُتَأَخِّرٍ بَعْدَهُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الرُّتْبَةُ وَلَا يُدَانِيهَا؟ وَكَيْفَ يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ آرَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَرْجَحُ مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ فَتَاوَى السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ شَاهَدُوا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ وَكَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ خِلَالَ بُيُوتِهِمْ وَيَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
قَالَ جَابِرٌ: وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، فَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فِي حَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمُسْتَنَدُهُمْ فِي مَعْرِفَةِ مُرَادِ الرَّبِّ تَعَالَى مِنْ كَلَامِهِ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِهِ وَهَدْيِهِ الَّذِي هُوَ يُفَصِّلُ الْقُرْآنَ وَيُفَسِّرُهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ بَعْدَهُمْ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ؟ هَذَا عَيْنُ الْمُحَالِ". اهـ
فهم السادة الذين يرجع لأقوالهم، ولا يتعصب لأعيانهم، فالحق لا يخرج عن مجموعهم، وإن فات آحادهم، في مسائل فرعية تحتمل الخلاف ولا يخرج الحق فيها عن دائرتهم، فإجماعهم معصوم، بخلاف من جاء بعدهم، فإن فئاما منهم، لا سيما أصحاب المقالات الحادثة، قد حكوا الإجماع على باطلهم!، ولا ترى لمقالتهم أثرا في الصدر الأول، بل لم يستعلنوا بها إلا بعد انقضاء القرن الأول، فادعوا ما لم تدعه الأوائل، ولسان حالهم الاستدراك على مقام النبوة، ومقام الخلافة الراشدة، ولذلك كان المعتبر في الإجماع في كلام المحققين من أهل العلم: الإجماع زمن الشيخين، رضي الله عنهما، إذ بعدهما تفرق الصحابة، رضي الله عنهم، أهل الرأي والمشورة في الأمصار.
ولذلك أيضا: كان كل تأويل حادث بعدهم على خلاف ما تقرر عندهم من حمل النصوص على ظاهرها: باطلا، إذ لو كان خيرا لسبقوا إليه، فهم أعلم الناس بمباني التنزيل ومعانيه، فلا يتصور أن يفوتهم من أمر الملة ما يظهر لمن جاء بعدهم ممن نزل إسناده وخالطت العجمة لسانه، فمنزلته في الدين أدنى، وإنما يحمد بما وافقهم عليه، واتبع طريقتهم فيه، وأكمل الناس حالا أتبعهم للأمر الأول: أمر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحبه رضوان الله عليهم جميعا.
ومنه تأويل الأحكام امتثالا بالفعل واجتنابا بالترك:
كما في حديث عائشة رضي الله عنها: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ)، أي: يمتثل أمره بالتسبيح والاستغفار.
وفي حديث أسامة رضي الله عنه: (وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ)، أي يمتثل العفو كما أمره الله، عز وجل، في نحو:
قوله تعالى: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)
وأما التأويل المذموم فهو حمل الألفاظ على غرائب المجازات وشواذ اللغات انتصارا للمقالات الحادثات في العلوم والأعمال.
وعن حال أهل التأويل في العقائد العلمية يقول ابن القيم رحمه الله:
"فَأَصْلُ خَرَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَلَامِهِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرَادُهُ، وَهَلْ اخْتَلَفَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الْأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ فَمِنْ بَابِهِ دَخَلَ إلَيْهَا، وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، بَلْ سَائِرُ أَدْيَانِ الرُّسُلِ لَمْ تَزَلْ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ حَتَّى دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْبِشَارَاتُ بِصِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَكِنْ سَلَّطُوا عَلَيْهَا التَّأْوِيلَاتِ فَأَفْسَدُوهَا، كَمَا أَخْبَرَ - سُبْحَانَهُ - عَنْهُمْ مِنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْكِتْمَانِ، فَالتَّحْرِيفُ تَحْرِيفُ الْمَعَانِي بِالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي لَمْ يُرِدْهَا الْمُتَكَلِّمُ بِهَا، وَالتَّبْدِيلُ تَبْدِيلُ لَفْظٍ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَالْكِتْمَانُ جَحْدُهُ.
وَهَذِهِ الْأَدْوَاءُ الثَّلَاثَةُ مِنْهَا غُيِّرَتْ الْأَدْيَانُ وَالْمِلَلُ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ دِينَ الْمَسِيحِ وَجَدْتَ النَّصَارَى إنَّمَا تَطَرَّقُوا إلَى إفْسَادِهِ بِالتَّأْوِيلِ بِمَا لَا يَكَادُ يُوجَدُ قَطُّ مِثْلُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَدْيَانِ، وَدَخَلُوا إلَى ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ.
وَكَذَلِكَ زَنَادِقَةُ الْأُمَمِ جَمِيعُهُمْ إنَّمَا تَطَرَّقُوا إلَى إفْسَادِ دِيَانَاتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ بِالتَّأْوِيلِ، وَمِنْ بَابِهِ دَخَلُوا، وَعَلَى أَسَاسِهِ بَنَوْا، وَعَلَى نُقَطِهِ خَطُّوا". اهـ
ويقول في موضع آخر:
"وَيَكْفِي الْمُتَأَوِّلِينَ كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي لَمْ يُرِدْهَا، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا كَلَامُ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِرَأْيِهِمْ عَلَى اللَّهِ، وَقَدَّمُوا آرَاءَهُمْ عَلَى نُصُوصِ الْوَحْيِ، وَجَعَلُوهَا عِيَارًا عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ عَلِمُوا أَيَّ بَابِ شَرٍّ فَتَحُوا عَلَى الْأُمَّةِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ، وَأَيَّ بِنَاءٍ لِلْإِسْلَامِ هَدَمُوا بِهَا، وَأَيَّ مَعَاقِلَ وَحُصُونٍ اسْتَبَاحُوهَا لَكَانَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَكُلُّ صَاحِبِ بَاطِلٍ قَدْ جَعَلَ مَا تَأَوَّلَهُ الْمُتَأَوِّلُونَ عُذْرًا لَهُ فِيمَا تَأَوَّلَهُ هُوَ، وَقَالَ: مَا الَّذِي حَرَّمَ عَلَيَّ التَّأْوِيلَ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ؟ فَتَأَوَّلَتْ الطَّائِفَةُ الْمُنْكِرَةُ لِلْمَعَادِ نُصُوصَ الْمَعَادِ، وَكَانَ تَأْوِيلُهُمْ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلِ مُنْكِرِي الصِّفَاتِ، بَلْ أَقْوَى مِنْهُ لِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ يَعْرِفُهَا مَنْ وَازَنَ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ، وَقَالُوا: كَيْفَ نَحْنُ نُعَاقِبُ عَلَى تَأْوِيلِنَا وَتُؤْجَرُونَ أَنْتُمْ عَلَى تَأْوِيلِكُمْ؟ قَالُوا: وَنُصُوصُ الْوَحْيِ بِالصِّفَاتِ أَظْهَرُ وَأَكْثَرُ مِنْ نُصُوصِهِ بِالْمَعَادِ، وَدَلَالَةُ النُّصُوصِ عَلَيْهَا أَبْيَنُ فَكَيْفَ يَسُوغُ تَأْوِيلُهَا بِمَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا وَلَا يَسُوغُ لَنَا تَأْوِيلُ نُصُوصِ الْمَعَادِ". اهـ
وعن حال أهل التأويل في الشرائع الحكمية يقول رحمه الله:
"أَعْجَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مِنْ شَأْنِكُمْ مَعَاشِرَ الْمُقَلِّدِينَ أَنَّكُمْ إذَا وَجَدْتُمْ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تُوَافِقُ رَأْيَ صَاحِبِكُمْ أَظْهَرْتُمْ أَنَّكُمْ تَأْخُذُونَ بِهَا، وَالْعُمْدَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا قَالَهُ، لَا عَلَى الْآيَةِ، وَإِذَا وَجَدْتُمْ آيَةً نَظِيرَهَا تُخَالِفُ قَوْلَهُ لَمْ تَأْخُذُوا بِهَا، وَتَطَلَّبْتُمْ لَهَا وُجُوهَ التَّأْوِيلِ وَإِخْرَاجَهَا عَنْ ظَاهِرِهَا حَيْثُ لَمْ تُوَافِقْ رَأْيَهُ، وَهَكَذَا تَفْعَلُونَ فِي نُصُوصِ السُّنَّةِ سَوَاءً، وَإِذَا وَجَدْتُمْ حَدِيثًا صَحِيحًا يُوَافِقُ قَوْلَهُ أَخَذْتُمْ بِهِ، وَقُلْتُمْ: " لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْت وَكَيْت "، وَإِذَا وَجَدْتُمْ مِائَةَ حَدِيثٍ صَحِيحٍ بَلْ وَأَكْثَرَ تُخَالِفُ قَوْلَهُ لَمْ تَلْتَفِتُوا إلَى حَدِيثٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ مِنْهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَتَقُولُونَ: لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا وَجَدْتُمْ مُرْسَلًا قَدْ وَافَقَ رَأْيَهُ أَخَذْتُمْ بِهِ وَجَعَلْتُمُوهُ حُجَّةً هُنَاكَ، وَإِذَا وَجَدْتُمْ مِائَةَ
(يُتْبَعُ)
(/)
مُرْسَلٍ تُخَالِفُ رَأْيَهُ أَطَرَحْتُمُوهَا كُلَّهَا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، وَقُلْتُمْ: لَا نَأْخُذُ بِالْمُرْسَلِ". اهـ
فعليهم يصدق قوله تعالى: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ).
وهذا غالب على مقلدة المذاهب من المتأخرين ممن فاتهم ما ظفر به المتقدمون من التجرد والتحقيق فاكتفوا بالحفظ والاستظهار دون التأمل والاعتبار، والانتصار لدليل الوحي المعصوم قرآنا وسنة.
سابعا: الاتجاه التاريخي:
ويمثله تفاسير كتفسير الخازن وتفسير الثعلبي، رحمهما الله، وقد أغربا بسرد القصص التاريخي، وإن وهت أسانيده، فكانوا كحاطبي ليل يجمعون كل ما وقع لهم من روايات، وإن أبرزوا رجال أسانيدها، ومن أسند فقد أحال، إلا أن عدم تحرير هذه الروايات صحة وضعفا قد قلل استفادة عموم المسلمين من هذه المصنفات، فاقتصرت فائدتها على المتخصصين ممن لهم دراية بمناهج المصنفين وعلوم المصطلح تصحيحا وتضعيفا، والرجال تجريحا وتعديلا.
ثامنا: الاتجاه الاجتماعي:
ويمثله تفاسير كـ: "ظلال القرآن" للأستاذ: سيد قطب، رحمه الله، وهو أقرب ما يكون إلى الخواطر الأدبية منه إلى التفسير المنهجي، مع التزام المصنف، رحمه الله، بترتيب المصحف، فلم تكن خواطره متناثرة، وإنما سارت وفق ترتيب منهجي، اهتم فيه بربط الآيات بواقع أمة الإسلام في النصف الثاني من القرن الماضي، وهي فترة شهد فيها المد الإسلامي انحسارا لا زلنا نعاني من آثاره نتيجة ما يربو على قرنين من الجمود العلمي انعكس على كافة مناحي الحياة: سياسيا، بتراجع دور الدولة العثمانية حتى سقوطها في النصف الأول من القرن الماضي، وعسكريا بسلسلة من الهزائم التي منيت بها الدولة وانتهت بتقسيم ولاياتها بين انجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، واجتماعيا، بطغيان الحضارة الغربية بقيمها الأخلاقية النفعية المادية على الشرق المسلم المهزوم نفسيا أمام مدنية الثورة الصناعية الأوروبية، وقبل كل ذلك: دينيا، بتراجع دور الدين في حياة الأفراد والشعوب، واختزاله في مجموعة من الشعائر فرط فيها كثير من المسلمين فصار الدين سلوكا فرديا لا علاقة له بالجماعة المسلمة، وتنحية الشريعة عن منصب القيادة، واستبدالها بشرائع أرضية سنها بشر غير معصوم، يسن ما استحسنه عقله وإن خالف الوحي المعصوم، ويعرض عما استقبحه عقله وإن وافق الوحي المعصوم، في مسلك اعتزالي غال طال مسائل: الأحكام العملية بعد أن ظل طيلة قرون مضت مقصورا على مسائل: الأخبار العلمية من قبيل: الأسماء والصفات، وخلق القرآن، والتحسين والتقبيح، والعدل، وما تفرع عليه من مسائل: إيجاب الصالح والأصلح، واللطف .......... إلخ.
وكتاب الظلال من أنفع الكتب من جهة الوحدة الموضوعية، وإن سبق قلم المصنف، رحمه الله، في مسائل لا يتابع عليها كبعض مسائل الإلهيات وبعض الكلمات المستهجنة في حق بعض أفراد الصدر الأول، رضي الله عنهم، خير طباق الأمة، وليس، كغيره من أهل الإسلام، براج عصمة، ولعل الله، عز وجل، أن يغفر له تلك الزلات بما قدمه في سبيل نصرة دينه، حتى دفع حياته ثمن ذلك، نحسبه كذلك والله حسبه ولا نزكي على الله أحدا، فلم يرضخ لطغيان الزعيم الهالك المقلب كذبا وزورا بالزعيم الخالد!.
تاسعا: الاتجاه العلمي:
ويمثله تفاسير كتفسير الشيخ طنطاوي جوهري، رحمه الله، وقد عني فيه برصد الظواهر الكونية والربط بينها وبين الآيات القرآنية، لبيان إعجاز القرآن في علوم الطبيعيات، فليس إعجازه مقصورا على علوم الإلهيات من أخبار وأحكام، وقد عيب على هذا المنهج أمور منها:
وقوع أصحابه في تكلف غير مرضي في بعض المواضع، ما بين مقل ومكثر، فتحمل الآيات ما لا تحتمل، وربما أدى ذلك إلى سقوط هيبة الآيات إذا طوعت لتوافق نظرية كونية ثم ثبت بعد ذلك بطلانها، فيتطرق الشك إلى الكتاب المهيمن، لأن المفسر جعل النظرية الأرضية غير المعصومة مهيمنة على الوحي المعصوم، فقلب المسألة بأن جعل الأصل وهو: الوحي المعصوم، فرعا، والفرع، وهو: العلم البشري غير المعصوم أصلا.
ومنها أيضا: إبراز الإعجاز العلمي على أنه أهم أوجه الإعجاز القرآني، في محاولة لدعوة الغرب المادي إلى دراسة علوم الإسلام بإنصاف، فصار الفرع أصلا، والأصل فرعا، فالإعجاز العلمي فرع، إذ لم ينزل الوحي ليقرر مسائل الطب وعلم الأجنة والزراعة والهندسة الوراثية ........... إلخ أصالة، وإنما نزل معجزا للعرب، أهل اللسان وأصحاب السليقة، ومقررا لمسائل الشرع أخبارا وأحكاما، ومع جاء بعد ذلك فهو نافلة بعد الفريضة، فلا يصح تقديم نفل على فرض، على أقل تقدير في خطاب المسلمين، فالأصل فيهم أنهم مقرون بدين الإسلام، فليسوا بحاجة ابتداء إلى خطاب علمي يوجه عادة إلى المنكر الجاحد لا المعترف المستيقن، فدعوة المستجيب ابتداء: تحصيل حاصل.
وأشهر المبرزين في هذا الاتجاه من العلماء المعاصرين: الشيخ الدكتور زغلول النجار، حفظه الله وبارك في عمره وعلمه وعمله، وهو ممن يتسم طرحه بالموضوعية وعدم التكلف في حمل آي الكتاب المنزل على مكتشفات الحضارة المعاصرة. وله جهود دعوية مشكورة يعرفها كثير من المصريين ممن استفاد من كتاباته وتأثر بسمته وأخلاقه ولا نزكيه على ربه.
والله أعلى وأعلم.
وبهذه الكلمات تنتهي هذه النبذ، من علوم القرآن، ولله الحمد والمنة على ما تفضل به من صواب فيها، وما كان من خطأ فهو من الكاتب ومن الشيطان، ودين الإسلام منه براء، وأسأل الله، عز وجل، أن ينفع بها كاتبها وقارئها.
والله من وراء القصد.(/)
من سورة النور
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 11:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم:
كل عام وأنتم بخير أيها الكرام.
هذه بعض المقالات حول آي سورة النور، جمعها كاتبها، بأمر من أحد الشيوخ الفضلاء، كبحث مفصل بعض الشيء في كيفية تناول جملة من آي الكتاب بالشرح اللغوي والأصولي والفقهي بالدرجة الأولى، فلن تخلو من فائدة، إن شاء الله، أردت المشاركة بها تباعا طوال أيام الشهر الكريم: شهر القرآن، أسأل الله، عز وجل، أن ينفع بها الكاتب والقارئ.
فبداية:
سورة النور، مدنية، بالإجماع، كما أشار إلى ذلك القرطبي، رحمه الله، في بداية تفسيرها من كتابه: "الجامع لأحكام القرآن"، ومقصود هذه السورة: ذكر أحكام العفاف والستر، فهي بحق: "سورة الأحكام والآداب".
*****
ومع: قوله تعالى: (سورة أنزلناها):
فتقدير الكلام: هذه سورة أنزلناها، فهي خبر مبتدأ محذوف، أو: تكون: "سورة": مبتدأ، وخبرها: "أنزلناها"، كما قال أبو عبيدة معمر بن المثنى والأخفش، رحمهما الله، ويرجح القول الأول أن: "سورة": نكرة محضة، ولا يجوز الابتداء بالنكرة المحضة، كما قرر النحاة، فإن دلت على: عموم، كأن يسبقها استفهام أو نفي، أو: خصوص، كأن توصف أو تعمل فيما بعدها، جاز الابتداء بها، كما أشار إلى ذلك ابن مالك، رحمه الله، في "الخلاصة" بقوله:
ولا يجوز الابتدا بالنكرة ******* ما لم تفد: كعند زيد نمره
وهل فتى فيكم؟ فما خل لنا ******* ورجل من الكرام عندنا
ورغبة في الخير خير وعمل ******* بر يزين وليقس ما لم يقل
فـ: "فتى" في: "هل فتى فيكم": نكرة سوغ الابتداء بها تقدم الاستفهام بـ: "هل".
و: "خل" في: "ما خل لنا": نكرة سوغ الابتداء بها تقدم النفي بـ: "ما".
و: "رجل" في: "رجل من الكرام عندنا": نكرة سوغ الابتداء بها وصفها بمتعلق شبه الجملة: "من الكرام".
و: "رغبة" في: "رغبة في الخير خير": نكرة سوغ الابتداء بها عملها في: "في الخير".
ولذا أشار القرطبي، رحمه الله، إلى وجه ثالث تكون فيه: "سورة": مبتدأ، سوغ الابتداء بها مع كونها نكرة، وصفها بجملة: "أنزلناها"، لأن: الجمل بعد النكرات المحضة صفات، كما قرر النحاة، ويكون الخبر في: "الزانية والزاني".
وأشار إلى وجه رابع: قرئت فيه "سورةً" بالنصب، على الاشتغال، فيقدر لها عامل من جنس ما بعدها، فتقدير الكلام: أنزلنا سورة أنزلناها، فحذف العامل: "أنزلنا" لذكر العوض: "أنزلناها"، وقد قرر النحاة أنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه في سياق واحد، لأن فيه تكرارا معيبا يتنزه عنه كلام آحاد الفصحاء، فكيف بكلام رب العالمين؟!!!، وعليه تكون جملة: "أنزلناها": مفسرة لا محل لها من الإعراب، وهذا الوجه، إن صحت القراءة به، أبلغ من جهة استرعاء انتباه السامع، لما فيه من التوكيد بالعامل: محذوفا مقدرا، ومثبتا مقررا.
وقد يكون النصب بإضمار فعل أي: اتل سورةً.
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 132).
ومعنى السورة في كلام العرب:
"الإبانة" من: أبان الشيء إذا فصله، ومنه سمي سور البستان سورا، لأنه يحجز بين داخله وخارجه.
والسورة هي: "المنزلة العالية"، ومن ذلك قول النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ******* ترى كل ملك دونها يتذبذب
وقيل هي من: "الارتفاع"، ومنه قيل لـ: السور: سور، لأنه يكون عادة مرتفعا ليحجب ما وراءه، وفي لسان العرب، مادة "سور":
"وتَسَوَّرْتُه إِذا عَلَوْتَهُ وتَسَوَّرَ الحائطَ تَسَلَّقَه ................. وفي حديث كعب بن مالك: "مَشَيْتُ حتى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ أَبي قتادة" أَي: عَلَوْتُه. ومنه حديث شيبة: "لم يَبْقَ إِلا أَنَّ أُسَوِّرَهُ" أَي: أَرتفع إِليه وآخذه. وفي الحديث: "فَتَساوَرْتُ لها" أَي: رَفَعْتُ لها شخصي يقال تَسَوَّرْتُ الحائط وسَوَّرْتُه وفي التنزيل العزيز: (إِذ تَسَوَّرُوا المِحْرَابَ) ". اهـ
وقيل هي: من "السؤر"، ومن ثم خففت الهمزة، كما هي لغة أهل الحجاز، والسؤر هو البقية، وسميت بذلك لأنها قطعت من القرآن على حدة، كما يقطع سؤر الشارب في الإناء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي لسان العرب:
"ومنه سُورَةُ القرآن لأَنها منزلةٌ بعد منزلة مقطوعةٌ عن الأُخرى". اهـ
وقيل هي من "الكمال"، ومنه قيل للناقة التامة: سورة.
ولا مانع من الجمع بين كل هذه المعاني إذ لا تنافي بينها، فسورة القرآن: تامة محكمة، مقطوعة عما قبلها وما بعدها من السور، عالية المنزلة.
واللفظ الواحد قد يحتمل أكثر من معنى، وهذا مما جعله بعض أهل العلم من أوجه إعجاز القرآن، فالكلمة الواحدة تنصرف إلى أكثر من وجه، مع اتحاد المبنى.
يقول السيوطي، رحمه الله، في "الإتقان" في النوع التاسع والثلاثين: "في معرفة الوجوه والنظائر":
"وذكر مقاتل في صدر كتابه حديثاً مرفوعاً: "لا يكون الرجل فقيهاً كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة".
قلت (أي السيوطي رحمه الله): هذا أخرجه ابن سعد وغيره عن أبي الدرداء موقوفاً، ولفظه لا يفقه الرجل كل الفقه وقد فسره بعضهم بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معاني متعددة فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ولا يقتصر به على معنى واحد". اهـ
وهذا الأمر مقيد بأن تكون هذه الأوجه: سائغة من جهة اللغة، موافقة للشرع من جهة المعنى، فلا تخرج ألفاظ التنزيل على الأوجه اللغوية الشاذة، كما فعل المتكلمون في نصوص الصفات، ولا تخرج على معان باطنية باطلة، كما فعل غلاة الفلاسفة وغلاة الباطنية من: الرافضة والمتصوفة.
وقوله: "أنزلناها" لا ينافي إنزال غيرها، وإنما فيه تنبيه على الاعتناء بها، فإثبات الحكم لها لا يوجب نفيه عما سواها، لأن سياق الكلام: غير حاصر، فلا يفيد مفهوما، بخلاف ما لو قيل: سورة ما أنزلنا إلا هي، فإن السياق حاصر، فيفيد بدلالة المنطوق: إنزالها، ويفيد بدلالة المفهوم: عدم إنزال سواها، فالحاصل: أن إسناد الفعل إلى المسند إليه لا يعارض إسناده إلى مسند إليه آخر، إلا إذا كان السياق حاصرا حصرا حقيقيا.
ومن ذلك: قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ)، فالنص على المساكين لا يعني عدم دخول الفقراء، بل هم داخلون، من باب أولى، فالنص غير حاصر ليفيد بدلالة المفهوم: انتفاء الحكم عن غير المنصوص.
وقوله تعالى: (وفرضناها):
أي بينا فيها أحكام الحلال والحرام، فهي، كما تقدم،: "سورة الآداب والأحكام"، لكثرة ما ورد فيها من أحكام وآداب تدل على أن هذه الشريعة: شريعة كاملة محكمة، تغطي بأحكامها كل مناحي الحياة من: عقائد وشرائع سواء أكانت: عبادات أم معاملات، أم أخلاق، أم سياسات، فهي منهاج حياة صالح لكل زمان ومكان.
وقوله تعالى: (وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون):
البينة: هي الحجة الواضحة، فالقرآن الكريم قد احتوى المسائل العلمية والعملية مقررة بأدلتها وحججها الفطرية والعقلية، لا كما يزعم المتكلمون الذين قالوا بأن القرآن: كتاب يقرر المسائل ولا يقيم الحجج عليها، فراحوا يقيمون الحجج العقلية التي تلقوها عن فلاسفة الأمم الغابرة، نصرة للدين، بزعمهم، فوقع منهم ما وقع من الزلل، لاسيما في المسائل العلمية التي لا عمل للعقل فيها إلا التسليم والانقياد للنقل الصحيح، فتأول منهم من تأول: صفات الباري، عز وجل، وزاد بعضهم فتأول بعض أحوال الدار الآخرة كالصراط والميزان ........ إلخ، ووصل الأمر بغلاة الباطنية إلى تأول الأحكام الشرعية العملية كما هو مقرر في كتب الفرق والمذاهب الإسلامية.
قوله تعالى: (لعلكم تذكرون):
أي لتتذكروا، فـ: "لعل": في القرآن الكريم تفيد التعليل.
وبهذا تنتهي: (الآية: 1)، ولله الحمد والمنة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 09:55 ص]ـ
ومع: قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ): [/ u][/color]
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد قدر بعض النحاة السياق بـ: "ومما يتلى عليكم": الزانية والزاني فاجلدوا ........... ، فتكون: "الزانية": مبتدأ، والخبر محذوف وهو متعلق الجار والمجرور المقدر: "ومما يتلى عليكم"، وجملة: "فاجلدوا": مستأنفة، ولا يلزم على هذا الوجه الإخبار بالجملة الإنشائية الطلبية: "فاجلدوا" عن المبتدأ: "الزانية"، مع كون ذلك جائزا، على الراجح من أقوال النحاة، فيصح نحو: زيدٌ اضربه، برفع: "زيد" على الابتداء، والجملة بعده خبر عنه، ومنه قول العذري:
وجد الفرزدق أتعس به ******* ودق خياشيمه الجندل.
فـ: "جد الفرزدق": مبتدأ، وجملة: "أتعس به" الإنشائية الدعائية: خبر.
بتصرف من "شرح ابن عقيل مع حاشية منحة الجليل"، (1/ 132).
ولكن حمل الكلام على وجه أجمع النحاة عليه أولى من حمله على وجه مختلف فيه، خروجا من الخلاف، فالخروج من الخلاف سنة كما قرر أهل العلم.
وقال آخرون: الزانية: مبتدأ، وخبره: "فاجلدوا ................ "، وإنما اقترن الخبر بالفاء، لأنه أشبه أسلوب الشرط في ترتب الجزاء على الشرط، فـ: "أل" في "الزانية" و "الزاني": موصولة بمعنى: "الذي" و "التي" لأنها اتصلت باسم وصف مشتق: اسم الفاعل: "الزانية" و "الزاني"، فآل الكلام إلى: والتي زنت والذي زنى فاجلدوا ............. ، ولما كان الموصول شبيها بأداة الشرط من جهة توقف ما بعد صلته عليها: توقف جواب الشرط على الشرط، نزلت: "من" الموصولة منزلة: "من" الشرطية، فعلق حكم الجلد على اسم: "الزانية" و "الزاني"، وعلق الاسم بدوره على الوصف المستفاد من الصلة وهو وصف الزنا، وقد تقرر في الأصول: أن الأحكام الشرعية معلقة على الأسماء، والأسماء معلقة على الأوصاف، فإذا وجد الوصف صح إطلاق الاسم، وعليه يصح إطلاق الحكم، فمن وقع في فاحشة الزنا، صح إطلاق اسم: "الزاني" عليه، أيا كان، فالموصول من صيغ العموم، كما قرر الأصوليون، وعليه يصير حكم الجلد في حقه واجبا، فآل الكلام إلى: من زنت ومن زنى فاجلدوهما مائة جلدة، وقد تقرر أن الفاء تربط جواب الشرط بالشرط إذا كان أمرا، ومن هنا صح دخول الفاء على خبر الموصول.
ونظيره: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
بتصرف واسع من: "شرح قطر الندى مع حاشية سبيل الهدى"، ص194.
ومن زعم بأن "أل" في مثل هذا السياق، وفي مثل سياق قوله تعالى: (السارق والسارقة)، هي "أل" العهدية، ليخصص عموم الآية بمعهود هو: سارق أو زان بعينه، متوصلا بذلك إلى إبطال الحد، بقصره على فرد واحد من أفراد العام، فقد غلط غلطا بينا، لأن "أل" في "الزاني" و "السارق" كما تقدم: موصولة لاتصالها باسم وصف، كما قرر ذلك ابن مالك، رحمه الله، في "الألفية" بقوله:
وصفة صريحة صلة أل *******وكونها بمعرب الأفعال قل
والموصول من أقوى صيغ العموم، والأصل في نصوص الوحي: أنها عامة في حق جميع المكلفين إلا ما ورد الدليل بتخصيصه، فلا يعدل عن الأصل إلا بدليل ناقل عنه، ولا دليل هنا على اختصاص هذا الحكم بسارق أو زان بعينه، فالعبرة بـ: عموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما قرر الأصوليون، وصورة السبب، وإن كانت داخلة في الحكم أصالة، إلا أن ذلك لا يمنع دخول غيرها في نفس الحكم إذا تحقق فيها الوصف الذي علق عليه الحكم.
وقدمت: "الزانية" على "الزاني"، لأن المرأة أصل في هذه الجريمة، والرجل فرع عليها.
يقول الزمخشري، غفر الله له، في "كشافه":
"والمرأة هي المادة التي منها نشأت الجناية، (أي: جناية الزنا)، لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمكنه لم يطمع ولم يتمكن. فلما كانت أصلاً وأولاً في ذلك بدئ بذكرها". اهـ بتصرف يسير.
ويقول القرطبي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"قدمت {الزَّانِيَةُ} في الآية من حيث كان في ذلك الزمان زنى النساء فاش وكان لإماء العرب وبغايا الوقت رايات، وكن مجاهرات بذلك. وقيل: لأن الزنا في النساء أعر وهو لأجل الحبل أضر. وقيل: لأن الشهوة في المرأة أكثر وعليها أغلب فصدرها تغليظا لتردع شهوتها وإن كان قد ركب فيها حياء لكنها إذا زنت ذهب الحياء كله. وأيضا فإن العار بالنساء ألحق إذ موضوعهن الحجب والصيانة فقدم ذكرهن تغليظا واهتماما". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 133، 134).
يقول ابن كثير رحمه الله:
"ثم قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} هذه الآية الكريمة فيها تشريع حكم حد الزاني، وللعلماء فيه تفصيل ونزاع، فإن الزاني لا يخلو إما أن يكون بكرًا، وهو الذي لم يتزوج، أو محصنا، وهو الذي قد وَطِئَ في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل. فأما إذا كان بكرًا لم يتزوج، فإن حدَّه مائة جلدة كما في الآية ويزاد على ذلك أن يُغرّب عاما عن بلده عند جمهور العلماء، خلافا لأبي حنيفة، رحمه الله، فإن عنده أن التغريبَ إلى رأي الإمام، إن شاء غَرَّب وإن شاء لم يغرِّب". اهـ بتصرف يسير.
وذلك بناء على أصل أبي حنيفة، رحمه الله، في زيادات أخبار الآحاد على القرآن المتواتر، فهو يرى أن: أي زيادة في خبر الآحاد على القرآن المتواتر: "منسوخة"، لأن الزيادة عنده: ناسخة مطلقة، فلو عمل بزيادة الآحاد على المتواتر، لآل الأمر إلى نسخ المتواتر بالآحاد، وهو أمر يمنعه جمهور الأصوليين، وإن كان للمخالف في ذلك حجة قوية، لأن النسخ إنما يقع في الأحكام لا الألفاظ، ودلالة اللفظ على الحكم، سواء أكان متواترا أم آحادا: دلالة ظنية، فلا مانع من رفع هذه الدلالة الظنية بدلالة أقوى منها، وإن جاءت في خبر آحاد، وقد رد الجمهور على أبي حنيفة، رحمه الله، في هذه الصورة فقالوا بأن: النسخ غير لازم في هذه الصورة، لأن زيادة التغريب لا تنافي الجلد، ومن شروط النسخ: أن يتعارض الناسخ مع المنسوخ على وجه لا يمكن فيه الجمع بينهما، والسياق غير حاصر، فلو كان سياق الكلام: لا تعاقبوهم إلا بالجلد مائة جلدة، لصح قول أبي حنيفة، رحمه الله، لأن الحصر يثبت الحكم للمحصور وينفيه عما سواه، فيكون، كما تقدم، دالا بالمنطوق: على ثبوت الحكم للمحصور، ودالا بالمفهوم: على انتفائه عمن سواه، فلا تشرع زيادة التغريب عندئذ، مع أن الأحناف، رحمهم الله، لا يقولون بمفهوم المخالفة أصلا.
بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص90، 91.
وقد سرد ابن كثير، رحمه الله، أدلة الباب، فذكر منها:
ما ثبت في الصحيحين، من رواية الزهري، عن عُبَيْد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهَنيّ، في الأعرابيين اللذين أتيا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: يا رسول الله، إن ابني كان عَسِيفا - يعني أجيرا - على هذا فزنى بامرأته، فافتديت ابني منه بمائة شاة وَوَليدَة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريبَ عام، وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله: الوليدة والغنم رَدٌّ عليك، وعلى ابنك جَلْدُ مائة وتغريبُ عام. واغد يا أنيس - لرجل من أسلم - إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها". فغدا عليها فاعترفت، فرجمها". اهـ
ثم علق ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"ففي هذا دلالة على تغريب الزاني مع جلد مائة إذا كان بكرا لم يتزوج". اهـ
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، دليل لمن يحتج بقراءة الآحاد في الأحكام، لأن آية الرجم، لما نسخت تلاوتها، صارت خبر آحاد، وخبر الآحاد يحتج به مطلقا في: العلميات والعمليات، على الصحيح من أقوال المحققين من أهل العلم، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن عبد البر المالكي، رحمه الله، في "التمهيد" بقوله: "وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعا ودينا في معتقده، وعلى ذلك جماعة أهل السنة". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وابن أبي العز الحنفي، رحمه الله، في "شرح الطحاوية" بقوله: "وَخَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا تَلَقَّتْه الْأُمَّة بِالْقَبُولِ، عَمَلًا به وَتَصْدِيقًا له، يُفِيدُ الْعِلْمَ الْيَقِينِي عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأُمَّة، وَهُوَ أَحَدُ قِسْمَي الْمُتَوَاتِرِ". اهـ
والاحتجاج بقراءة الآحاد في الأحكام: مسألة خلافية، حاصل القول فيها:
أن الراوي إذا أسندها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو إلى القرآن الكريم، كما أسند النبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم حكم الرجم، مع كونه منسوخا، إلى كتاب الله، بقوله: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، فهي تنزل منزلة خبر الآحاد، فتكون آية: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله ورسوله): منسوخة التلاوة، متصلة الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كخبر آحاد تلقته الأمة بالقبول، فعملت بمقتضاه، فلا يحل لأحد أن يحتج بنسخ تلاوة آية الرجم على إبطال حد الرجم، لأن نسخ التلاوة وبقاء الحكم أحد صور النسخ المعتبرة عند الأصوليين، فلا مانع من أن ينزل اللفظ فيتلى، حتى يستقر الحكم، ومن ثم يرفع اللفظ، ويبقى الحكم، فيكون نزوله ابتداء لتثبيته في أفئدة المخاطبين، فإذا ما ثبت واستقر، رفع اللفظ، ولله، عز وجل، أن يبتلي عباده بالتصديق والعمل بحكم لفظه منسوخ ليتحقق كمال انقياد المكلفين.
بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص86.
وآية رجم المحصن والمحصنة قد رواها الطيالسي، رحمه الله، في "مسنده" من طريق: أبي داود قال: حدثنا ابن فضالة، عن عاصم، عن زر، قال: قال لي أبي بن كعب: "يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ " قال: قلت: كذا وكذا آية قال: "إن كانت لتضاهي سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله ورسوله، فرفع فيما رفع".
كما ذكر ابن كثير رحمه الله:
رواية الإمام مالك، رحمه الله، في "الموطأ": حدثني ابن شهاب، أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن ابن عباس أخبره أن عمر، رضي الله عنه، قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإن الله بعث محمدًا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها وَوَعَيْناها، وَرَجمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَرَجمْنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو الحبل، أو الاعتراف".
ثم علق، رحمه الله، بقوله:
"أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولا وهذا قطعة منه، فيها مقصودنا هاهنا". اهـ
ثم سرد أخبارا أخرى، وقال في آخر كلامه:
"وهذه طرق كلها متعددة ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها وبقي حكمها معمولا به ولله الحمد". اهـ
وقد اختلف العلماء في مسألة الجمع بين الجلد والرجم، فذهب الجمهور إلى أن الزاني المحصن لا يجلد، وإنما يكتفي الحاكم برجمه، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أنيسا برجم المرأة إذا اعترفت، ولم يأمره بجلدها، ورجم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ماعزا والغامدية، ولم يجلدهما.
وذهب الإمام أحمد، رحمه الله، إلى الجمع بين الجلد والرجم، فيجلد الزاني المحصن بدلالة الكتاب ثم يرجم بدلالة السنة، واستدل بحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه لما أتي بشُرَاحة، (وهي امرأة همدانية)، وكانت قد زنت وهي مُحْصَنَةٌ، فجلدها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ثم قال: "جلدتهُا بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وذكر ابن كثير، رحمه الله، أيضا:
رواية الإمام أحمد ومسلم، وأهل السنن الأربعة، من حديث قتادة، عن الحسن، عن حِطَّان بن عبد الله الرَّقَاشِيّ، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا البِكْر بالبِكْر، جَلْد مائة وتغريب سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فكانت هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)، فالسبيل هو: الجلد والتغريب لغير المحصن، والجلد والرجم للمحصن، وهذا نص في الجمع بين الجلد والرجم وهو: نص في محل النزاع.
وأشار القرطبي، رحمه الله، إلى اتفاق العلماء على نسخ آيتي الحبس والأذى اللتين في النساء بهذه الآية.
وقال بعض أهل العلم: لا نسخ في هذه الصورة، وإنما الآية الأولى: (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا): مغياة، وغايتها: آية الجلد، وهو اختيار الشيخ السعدي، رحمه الله، ونص كلامه: "وهذه الآية ليست منسوخة، وإنما هي مغياة إلى ذلك الوقت، فكان الأمر في أول الإسلام كذلك حتى جعل الله لهن سبيلا وهو رجم المحصن وجلد غير المحصن". اهـ
والخلاف يسير، لأن كلا القولين يثبت حكم الجلد بالكتاب والرجم بالسنة على التفصيل السابق.
والأمر في قوله تعالى: (فاجلدوا): للإمام أو من يقوم مقامه، فليس لآحاد الناس استيفاء الحدود.
وختم الله، عز وجل، الآية بقوله: (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ):
فالمنهي عنه هنا: الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك إقامة الحد لا الرأفة الطبيعية.
وقوله تعالى: (فِي دِينِ اللَّهِ):
يقول القرطبي رحمه الله:
" {فِي دِينِ اللَّهِ} أي في حكم الله، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: 76] أي في حكمه. وقيل: {فِي دِينِ اللَّهِ} أي في طاعة الله وشرعه فيما أمركم به من إقامة الحدود". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 138).
والشرط في قوله: (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ)، للإلهاب والتهييج على امتثال الحكم، فلا مفهوم له، ليقال بأن المنطوق: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، والمفهوم: وإن كنتم لا تؤمنون بالله واليوم الآخر فلا جناح عليكم أن تأخذكم بهم رأفة في دين الله.
وإلى ذلك أشار الشيخ ابن هشام، رحمه الله، عند كلامه على قول الشاعر:
أتغضَبُ إن أذُنا قُتيبة حُزَّتا ******* جِهاراً ولمْ تغضب لقتل ابن خازم؟
فقال: "وأجاب الجمهور عن قوله تعالى: (إن كنتم مؤمنين) بأنه شرط جيء به للتهييج والإلهاب، كما تقول لابنك: إن كنت ابني فلا تفعل كذا". اهـ
بتصرف يسير من "مغني اللبيب"، (1/ 48).
وكذا القرطبي، رحمه الله، فقال في تفسير هذه الآية:
"ثم قررهم على معنى التثبيت والحض بقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. وهذا كما تقول لرجل تحضه: إن كنت رجلا فافعل كذا، أي هذه أفعال الرجال". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 138).
وقوله تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ):
أي ليشهد عذابهما من يصدق عليه وصف "الطائفة"، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن الطائفة: الرجل فما فوقه، وقال الإمام أحمد رحمه الله: "إن الطائفة تصدق على واحد"، ويؤيده: تبويب البخاري رحمه الله:
"بَاب مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ فِي الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.
وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}
فَلَوْ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}
(يُتْبَعُ)
(/)
وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ". اهـ
وهذا من أدلة من عمل بخبر الواحد كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
ومن مسائل هذا الباب:
زنا المسلم في دار الحرب، وهو أمر عمت به البلوى في هذا الزمان، فإليه أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"حرم الله تعالى الزنا في كتابه، فحيثما زنى الرجل فعليه الحد. وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور. وقال أصحاب الرأي في الرجل المسلم إذا كان في دار الحرب بأمان وزنى هنالك ثم خرج لم يحد.
قال ابن المنذر: دار الحرب ودار الإسلام سواء، ومن زنى فعليه الحد على ظاهر قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 142).
وهذا أصل مطرد عند أبي حنيفة، رحمه الله، في عدم سريان أحكام الشريعة في دار الحرب، فلا ربا عنده في دار الحرب، استدلالا بحديث مكحول، رحمه الله، مرفوعا: (لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب)، يقول النووي، رحمه الله، في "المجموع":
"والجواب عن حديث مكحول: أنه مرسل ضعيف فلا حجة فيه ولو صح لتأولناه على أن معناه لا يباح الربا في دار الحرب جمعا بين الأدلة". اهـ
فلو صح الحديث لحملت: "لا" على أنها: نافية، بمعنى: الناهية، فيكون السياق: خبرا أريد به الإنشاء، فظاهره الخبر، وتأويله: النهي عن التعامل بالربا في دار الحرب، وهذا أبلغ في الدلالة على النهي، لأنه جاء بصيغة الخبر، فكأنه صار أمرا واقعا لا جدال فيه، فنزل منزلة الخبر الإبتدائي الخالي من المؤكدات، ومنه:
قوله تعالى: (لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ)، فإن قصد بها:
الكلمات الكونية: فهي خبر، على أصله، لأنه لا مبدل لقضاء الله وقدره، فما شاءه كونا واقع لا محالة.
وإن قصد بها: الكلمات الشرعية: فهي خبر أريد به الإنشاء، تأويله: لا تبدلوا كلمات الله الشرعية بتحريف ألفاظها أو معانيها أو تعطيل أحكامها.
وبهذا تنتهي: (الآية: 2)، ولله الحمد والمنة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 06:23 ص]ـ
ومع:
قوله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ):
يقول ابن كثير رحمه الله:
"هذا خَبَر من الله تعالى بأن الزاني لا يَطأ إلا زانية أو مشركة. أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة، لا ترى حرمة ذلك، وكذلك: {الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ} أي: عاص بزناه، {أَوْ مُشْرِكٌ} لا يعتقد تحريمه".
فالمقصود بالنكاح هنا: الجماع، كما أثر عن ابن عباس، رضي الله عنهما، والنكاح في اللغة: الضم، وفي الاصطلاح: إما أن يطلق على العقد، فيقال: نكح فلان فلانة، أي عقد عليها وإن لم يطأها، وإما أن يطلق على الوطء، فيقال: نكح الرجل زوجه، إذا كان الوطء حلالا، أو: نكح الزاني الزانيةَ إذا كان حراما، كما في هذه الآية، فالاصطلاح: حقيقة لغوية مقيدة، لأن الحقائق الثلاثة تشترك في معنى الضم الكلي، اشتراكا معنويا، ولكن الحقيقة اللغوية تدل على مطلق الضم دون تقييد، وإنما يأتي التقييد بالسياق الذي يدل على صورة بعينها، فيقال: تناكحت الأغصان إذا انضم بعضها إلى بعض، فَقُيِد الضم بحقيقة انضمام الأغصان، وهي أمر له وجود خارج الذهن، بينما النكاح بمعنى العقد: حقيقة شرعية، تشترك مع الحقيقة اللغوية في انضمام الإيجاب والقبول في العقد، والنكاح بمعنى الجماع: حقيقة عرفية في الفعل المعهود، لأن الانضمام واقع فيه، أيضا، ولكنه انضمام جسدي مادي، بخلاف العقد، فالانضمام فيه معنوي، فاختلف المدلولان، تبعا للسياق الذي يردان فيه، وإن اشتركا في المعنى الكلي، فالسياق هو الذي يحدد المعنى المراد، والسياق في هذه الآية يدل على معنى الوطء، لأن الخبر عُلِق بوصف الزنا في اسمي الفاعل المشتقين: "الزاني" و "الزانية"، وحقيقة الزنا: الوطء بالأجساد، ومن هنا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى نفي وقوع المجاز في
(يُتْبَعُ)
(/)
اللغة، لأن الكلمة، وإن استعملت في غير ما وضعت له، إلا أن قرينة السياق قد دلت على المعنى المراد دون حاجة إلى اللجوء إلى علاقات المجاز العقلية، فكأن السياق: مرجح خارجي رجح أحد المعنيين، فصيره حقيقة في هذا الموضع بعينه.
وقوله تعالى: (وحرم ذلك على المؤمنين):
يفيد تحريم تزوج العفيف بالزانية، وتزويج العفيفة بالزاني.
وذكر ابن كثير، رحمه الله، عدة أخبار في هذا الباب منها:
ما رواه أحمد، رحمه الله، عن: عارم، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان قال: قال أبي: حدثنا الحضرمي، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عَمْرو، رضي الله عنهما، أن رجلا من المسلمين استأذنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها: "أم مهزول" كانت تسافح، وتشترط له أن تنفق عليه – قال: فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم – أو: ذكر له أمرها – قال: فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ".
وذكر أحاديث تذم الديوث الذي يقر في أهله الخبث، فلا يغار عليهم، ونكاح البغايا مظنة ذلك، فمن ذلك:
ما رواه أحمد، رحمه الله، عن: يعقوب، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أخيه عمر بن محمد، عن عبد الله بن يسار - مولى ابن عمر - قال: أشهد لسمعت سالما يقول: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة - المتشبهة بالرجال - والديوث. وثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، ومُدْمِن الخمر، والمنَّان بما أعطى". اهـ
وما رواه، أيضا، عن: يعقوب، حدثنا أبي، حدثنا الوليد بن كثير، عن قَطَن بن وهب، عن عُوَيْمر بن الأجدع، عمن حدثه، عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: حدثني عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والدَّيُّوث الذي يقر في أهله الخبث". اهـ
وفي الحديث: تفصيل بذكر الأصناف الثلاثة بعد الإجمال في قوله: "ثلاثة حرم الله عليهم الجنة"، وهو ما يعرف في علم البلاغة بـ: "التوشيح"، وفائدته: تشويق المخاطب إلى بيان المجمل، فيرد اللفظ على سمعه مجملا، فيشتاق إلى معرفة تفصيله، فيحصل له ذلك بالبيان التالي.
بتصرف من "جواهر البلاغة"، ص188.
وقد فسرت هذه الرواية معنى "الديوث" الذي ورد في الرواية الأولى مجملا، فحصل البيان من طريق آخر، وهذا من فوائد جمع طرق الحديث، إذ يستفيد الناظر فيها زوائد في السند، كتعيين مبهم أو تقييد مهمل، وزوائد في المتن كبيان معنى لفظ، كما في هاتين الروايتين.
ومما ذكره ابن كثير، رحمه الله، أيضا، حديث أبي داود الطيالسي في مسنده: حدثنا شعبة، حدثني رجل - من آل سهل بن حُنَيْف - عن محمد بن عَمَّار، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة دَيُّوث".
ثم عقب بقوله:
"يستشهد به لما قبله من الأحاديث". اهـ
وهذا مشعر بضعف هذا الحديث إذ أورده متابعة لا أصلا في الباب، وهو بذلك يحاكي صنيع المتقدمين من أئمة الحديث الذين يصدرون أبواب كتبهم بأقوى ما جاء فيها ثم يتبعونها بروايات أدنى مرتبة من جهة الدراية، ولا يلزم من ذلك أنها ضعيفة، استشهادا، لا احتجاجا، وهذا أمر بارز في صنيع مسلم، رحمه الله، في كتابه، ومن عباراتهم الشهيرة في هذه المسألة: "يغتفر في الشواهد والمتابعات ما لا يغتفر في الأصول"، وإليها أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"ويُغتفر في باب "الشواهد والمتابعات" من الرواية عن الضعيف القريب الضعف -: ما لا يُغتفر في الأصول، كما يقع في الصحيحين وغيرهما مثل ذلك. ولهذا يقول الدارقطني في بعض الضعفاء: "يصلح للاعتبار"، أو "لا يصلح أن يعتبر به". والله أعلم". اهـ
"الباعث الحثيث"، ص83.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما سبق من الأحاديث ذهب الإمام أحمد، رحمه الله، إلى تحريم تزوج العفيف بالزانية حتى تتوب، وتزويج العفيفة بالزاني حتى يتوب توبة صحيحة، وهذا قول ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم رحمهم الله.
بينما ذهب الجمهور إلى كراهية ذلك، وإلى سبب الاختلاف أشار ابن رشد، رحمه الله، بقوله:
"وسبب اختلافهم: اختلافهم في مفهوم قوله تعالى: (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرم ذلك على المؤمنين) هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم؟ وهو الإشارة في قوله: (وحرم ذلك على المؤمنين) إلى الزنا أو إلى النكاح؟ وإنما صار الجمهور لحمل الآية على الذم لا على التحريم لما جاء في الحديث أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في زوجته أنها لا ترد يد لامس، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: طلقها، فقال له إني أحبها، فقال له: فأمسكها". اهـ
وهذا الحديث مما اختلف الأئمة في تصحيحه وتضعيفه، فقد رواه أبو عبد الرحمن النسائي، رحمه الله، في "سننه" في موضعين:
الموضع الأول في كتاب "النكاح" في باب "تزويج الزانية": من طريق: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَارُونُ لَمْ يَرْفَعْهُ قَالَا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً هِيَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ قَالَ طَلِّقْهَا قَالَ لَا أَصْبِرُ عَنْهَا قَالَ اسْتَمْتِعْ بِهَا".
ثم عقب بقوله: قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، أي النسائي رحمه الله، هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَهَارُونُ بْنُ رِئَابٍ أَثْبَتُ مِنْهُ وَقَدْ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ وَهَارُونُ ثِقَةٌ وَحَدِيثُهُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْكَرِيمِ. اهـ
فقد تعارضت رواية: عبد الكريم بن أبي المخارق المتصلة، وهو ضعيف، كما ذكر الحافظ، رحمه الله، في "التقريب"، مع رواية هارون بن رئاب المرسلة، وهو ثقة، فآلت الصورة إلى: تعارض الإرسال مع الاتصال، وتعارض رواية الثقة مع الضعيف، فتكون رواية عبد الكريم، وإن كان فيها زيادة اتصال: "منكرة بقيد المخالفة"، لأنه ضعيف خالف حديثه حديث الثقة، وهذا أحد قسمي المنكر عند أهل الاصطلاح، فلو روى الحديث متصلا دون أن يعارضه ثقة، لما قبل منه لضعفه، ولكان حديثه: "منكرا بقيد التفرد"، فكيف وقد عورضت روايته برواية من هو أوثق منه، فلا يلتفت إلى زيادته، ويكون الصواب: هو الإرسال، بغض النظر عن كون الإرسال قادحا في صحة الحديث عند جمهور أهل العلم باستثناء من احتج به كالأحناف والمالكية رحمهم الله، فالبحث الآن في: تحديد الرواية الصحيحة من جهة الإسناد، لا الصحة الاصطلاحية التي توجب العمل بالحديث.
فتبين أن الصحيح هو: الإرسال، كما نص على ذلك النسائي، رحمه الله، في الموضع الثاني الذي روى فيه الحديث من طريق: إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَنْبَأَنَا هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ تَحْتِي امْرَأَةً لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ قَالَ طَلِّقْهَا قَالَ إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهَا قَالَ فَأَمْسِكْهَا.
ثم عقب بقوله:
"قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ هَذَا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ". اهـ
وقد عهد من صنيع المحدثين أنهم يخرجون بعض الروايات للتنبيه على ضعفها، لا للاحتجاج بها، وفي معلقات البخاري، رحمه الله، شيء من ذلك، كـ:
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله: وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ. أي: من أراد الصلاة في ثوب واحد فليزره ولو بشوكة لئلا تنكشف عورته.
وقوله: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَصِحَّ.
فالحديث ضعيف لا يحتج به، وقد أنكره، أحمد، رحمه الله، وذكره ابن الجوزي، رحمه الله، في "الموضوعات"، وهو معروف بتساهله في الحكم على الأحاديث بالوضع وإن كانت معظم أحكامه صحيحة، وأورد أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله، على هذا الحديث أنه خلاف الكتاب والسنة المشهورة، لأن الله، عز وجل، إنما أذن في نكاح المحصنات دون البغايا، وسن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التفريق بين المتلاعنين، فكيف يأمر بالإقامة على عاهر لا تمتنع ممن أرادها، وقال ابن القيم رحمه الله: "عورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحة في المنع من تزوج البغايا".
بتصرف من "فقه السنة"، حاشية (1/ 63).
وهذا أصل جليل في النظر في أدلة الأحكام سواء أكانت: علمية أم عملية، فلا يترك المحكم لمتشابه، ولا يعارض الصحيح بالضعيف، وإنما يرد المتشابه إلى المحكم، ويقدم الصحيح على الضعيف، وتتبع المتشابه والاستشهاد بالغرائب والمنكرات، ونصرة الأقوال المهجورة سمة أهل البدع والأهواء.
وقد ذكر ابن كثير، رحمه الله، بعض تخريجات أهل العلم لهذا الحديث، إن صح، فمن ذلك:
"قول ابن قتيبة رحمه الله: إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلا. وحكاه النسائي في سننه، عن بعضهم فقال: وقيل: "سخية تعطي"، ورُدّ هذا بأنه لو كان المراد لقال: لا تَرُدّ يد ملتمس.
وقيل: المراد أن سجيتها لا تَرُدّ يد لامس، لا أن المراد أن هذا واقع منها، وأنها تفعل الفاحشة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها. فإن زوجها - والحالة هذه - يكون دَيّوثا، وقد تقدم الوعيد على ذلك. ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد، أمره رسولُ صلى الله عليه وسلم بفراقها. فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها، لأن محبته لها محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم فلا يُصَار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل، والله سبحانه وتعالى أعلم". اهـ
فاليقين لا يزول بالشك، كما قرر ذلك أهل العلم، فلا يزول يقين عفتها، وإن كانت غير متحرزة، إلا بيقين وقوعها في الفاحشة، فتصير عشرتها عندئذ محرمة.
فالحاصل: أن دليل الإمام أحمد، رحمه الله، أقوى من أدلة الجمهور، فقوله هو الراجح في هذه المسألة لموافقته النصوص الصحيحة الصريحة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 02:55 م]ـ
ومع:
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ):
يقول القرطبي رحمه الله:
"ذكر الله تعالى في الآية النساء من حيث هن أهم، ورميهن بالفاحشة أشنع وأنكى للنفوس. وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى، وإجماع الأمة على ذلك. وهذا نحو نصه على تحريم لحم الخنزير ودخل شحمه وغضاريفه، ونحو ذلك بالمعنى والإجماع. وحكى الزهراوي أن المعنى: والأنفس المحصنات، (فيكون من باب: حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، كما سيأتي إن شاء الله، في قوله تعالى: "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ") فهي بلفظها تعم الرجال والنساء، ويدل على ذلك قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}. [النساء: 24]، (لأن تخصيص النساء بالذكر بعد وصف الإحصان دليل على أنه جنس تندرج تحته أنواع: فتكون نفس الرجل المحصن نوعا، ونفس المرأة المحصنة نوعا ثانيا). وقال قوم: أراد بالمحصنات الفروج كما قال تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}
(يُتْبَعُ)
(/)
[الأنبياء: 91] فيدخل فيه فروج الرجال والنساء". اهـ
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 143).
فتكون المسألة من باب وقوع الإجماع استنادا إلى قياس، وهي إحدى صور الإجماع الصحيحة، خلافا لداود الظاهري وابن جرير الطبري، رحمهما الله، اللذين منعا استناد الإجماع إلى الاجتهاد أو القياس، فكما حرم شحم الخنزير، بالإجماع، قياسا على لحمه، ألحق الرجل بالمرأة، بالإجماع، في حكم هذه الآية.
بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص188.
ولفظ: "المحصنات": من الألفاظ المشتركة في نصوص الشارع، عز وجل، فتفيد عدة معان على سبيل البدل لا الشمول، كما تقرر في تعريف المشترك اللفظي، فيكون اللفظ مجملا لازدحام المعاني فيه، فلا تتضح دلالته على معنى بعينه إلا بقرينة مرجحة، فالسياق الذي يرد فيه المجمل هو الذي يبين المعنى المراد، فيأتي "الإحصان" بمعنى:
الحرية: كما في قوله تعالى: (إِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، فحد الأمة إذا زنت على النصف من حد البكر الحرة إذا زنت: خمسون جلدة، فسياق الآية هو الذي رجح هذا المعنى، ولا يتصور أن يكون المقصود بالإحصان هنا: الزواج، لأن حد الحرة المتزوجة إذا زنت الرجم، والرجم لا يتصور تنصيفه بخلاف الجلد فإن تنصيفه أمر متصور.
و: الزواج: كما في قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)، فيحرم نكاح المحصنة، إلا إذا وقعت في السبي، فيجوز نكاحها بعد استبراء رحمها، لأن عقد النكاح الأول ينفسخ بسبيها.
و: العفة: كما في هذه الآية، فالعفيفة هي التي يحد قاذفها، فالوصف المشتق: "المحصنات" يدل على حد قاذف المحصنة: دلالة منطوق، ويدل على عدم حد قاذف الفاجرة: دلالة مفهوم.
و: الوطء: كما في قوله تعالى: (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ)، بدليل إتباعه بضده وهو: السفاح، فعكس السفاح: الوطء في نكاح صحيح.
ويأتي أيضا بمعنى: الإسلام، والبلوغ، والعقل.
بتصرف من "فقه السنة"، حاشية (2/ 264).
ولا مانع من الجمع بين معاني المشترك اللفظي في هذا الموضع، مع أن الراجح خلافه، فالأصل في المشترك اللفظي أنه لا يعم جميع معانيه، لاختلاف ماهيتها، ولكن هنا: قد تجتمع أوصاف: الحرة والزوجة والعفيفة والموطوءة والمسلمة والبالغة والعاقلة في امرأة واحدة دون تعارض بينها.
والقذف عند أهل العلم ينقسم إلى:
قذف صريح: كأن يقول: يا زانية، أو: يا زاني، أو: يا بنت الحرام، أو: يا ابن الحرام .......... إلخ من الألفاظ الصريحة في هذا الباب.
وقذف بالكناية: كأن يقول: لست بزان، معرضا بالمقذوف، فيكون قذفا عند مالك، رحمه الله، ولا يكون كذلك عند أبي حنيفة والشافعي، رحمهما الله، حتى يقول أردت القذف. وللمالكية، رحمهم الله، من التشديد في باب العقوبات والكفارات ما ليس لغيرهم.
وإلى ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"اتفق العلماء على أنه إذا صرح بالزنا كان قذفا ورميا موجبا للحد فإن عرض ولم يصرح فقال مالك: هو قذف. وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يكون قذفا حتى يقول أردت به القذف. والدليل لما قال مالك هو أن موضوع الحد في القذف إنما هو لإزالة المعرة التي أوقعها القاذف بالمقذوف، فإذا حصلت المعرة بالتعرض وجب أن يكون قذفا كالتصريح والمعول على الفهم وقد قال تعالى مخبرا عن شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] أي السفيه الضال فعرضوا له بالسب بكلام ظاهر المدح في أحد التأويلات. وقال تعالى في أبي جهل: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49]. وقال حكاية عن مريم: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم: 28]، فمدحوا أباها ونفوا عن أمها البغاء، أي الزنا، وعرضوا لمريم بذلك، ولذلك قال تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً} [النساء: 156]، وكفرهم معروف، والبهتان العظيم هو التعريض لها، أي ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا، أي أنت بخلافهما وقد أتيت بهذا الولد. وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سبأ:24]، فهذا اللفظ قد فهم منه أن المراد به أن الكفار على غير هدى، وأن الله تعالى ورسوله على الهدى ففهم من هذا التعريض ما يفهم من صريحه، (وهو أسلوب استدراج للمخاطب، ليقر على نفسه بالحق، فليست "أو" هنا للتشكيك، وإنما هي على سَننِ الإنصاف المُسكتِ للخَصمِ الألدِّ). وقد حبس عمر رضي الله عنه الحطيئة لما قال يهجو الزبرقان رضي الله عنه:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ******* واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
لأنه شبهه بالنساء في أنهن يطعمن ويسقين ويكسون.
ولما سمع قول النجاشي:
قبيلته لا يغدرون بذمة ******* ولا يظلمون الناس حبة خردل
قال: ليت الخطاب كذلك، وإنما أراد الشاعر ضعف القبيلة ومثله كثير". اهـ
بتصرف يسير من: "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 143، 144)، و: تفسير أبي السعود لقوله تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
فقد أخرج الذم في صورة المدح، فالوفاء بالذمة مما يمدح فاعله، ولكن لما كان ذلك منهم ضعفا وعجزا عن ظلم غيرهم صار ذما، لأن عدم الظلم إنما يكون كمالا في حق من يقدر عليه، ولكنه لا يقترفه تورعا، بخلاف العاجز، فقد يكون المانع من ظلمه: العجز، فإذا قدر ظلم وافترى كما هو حال كثير من الناس.
وسبب الخلاف في هذه المسألة:
أن مالكا، رحمه الله، عمل بـ: "سد الذرائع"، وهو أصل مطرد عنده، فقال بحد من قذف كناية، لئلا تتخذ ذريعة إلى القذف، فيتجرأ الناس على التعريض بالمحصنات، فإذا ما استفهموا عن مرادهم تنصلوا من إرادة القذف.
وأما من منع الحد بالقذف كناية، فقد عمل بأصل: "درء الحدود بالشبهات"، فالكناية ليست نصا صريحا في القذف، فيحتمل أنه ما أراد القذف، فيكون هذا الاحتمال، ولو كان ضعيفا، شبهة يدرأ بها الحد.
بتصرف من "الوجيز في أصول الفقه"، ص337.
وقد ذكر الله، عز وجل، في هذه الآيات حد القذف، فالقاذف إن لم يأت بأربعة شهداء ذكور عدول، جلد حد القذف: ثمانين جلدة، وحكم ببطلان شهادته وفسقه إلا أن يتوب، فيزول حكم الفسق عنه، بمفهوم الاستثناء في قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، لأن التوبة تجب ما قبلها، فتزول علة الحكم بفسقه، و: "الأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما"، كما قرر الأصوليون، فمتى وجد سبب الفسق، حكم به، ومتى زال: زال الحكم تبعا له، ولا خلاف بين الجمهور في زوال وصف الفسق بالتوبة، وإنما وقع الخلاف في قبول شهادته بعد التوبة:
فمن ذهب إلى أن الاستثناء بعد عدة جمل متعاطفة، يعود عليها جميعا، قبل شهادته، وإن حكم بجلده، فالتوبة لا ترفع الحد بعد ثبوته، على الراجح من أقوال أهل العلم.
ومن قال بأن الاستثناء لا يعود إلا على الجملة الأخيرة: رد شهادته، وإن زال حكم الفسق عنه، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله.
وقد أشار القرطبي، رحمه الله، إلى سبب هذا الخلاف فقال:
"وسبب الخلاف في هذا الأصل سببان:
أحدهما: هل هذه الجمل في حكم الجملة الواحدة للعطف الذي فيها، أو لكل جملة حكم نفسها في الاستقلال وحرف العطف محسن لا مشرك، وهو الصحيح في عطف الجمل، لجواز عطف الجمل المختلفة بعضها على بعض، على ما يعرف من النحو. (وإن منع البيانيون عطف الجمل المختلفة: خبرا وإنشاء، كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، بقوله: "منعه، (أي: عطف الخبر على الإنشاء، وبالعكس) البيانيون، وابن مالك في شرح باب المفعول معه من كتاب التسهيل، وابن عصفور في شرح الإيضاح، ونقله عن الأكثرين". اهـ، "مغني اللبيب"، (2/ 142)).
(يُتْبَعُ)
(/)
والجمل هنا: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً): وهي إنشائية، و: (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا): وهي إنشائية أيضا، و: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ): وهي خبرية، ولعل هذا مما يؤيد قول أبي حنيفة، رحمه الله، لأنه أعاد الاستثناء على الجملة الأخيرة فقط، فلقائل أن يقول: إن اختلاف الجملتين الأخيرتين: خبرا وإنشاء، مانع من اشتراكهما في حكم الاستثناء الواقع بعدهما).
ويواصل القرطبي، رحمه الله، فيقول:
السبب الثاني: يشبه الاستثناء بالشرط في عوده إلى الجمل المتقدمة، فإنه يعود إلى جميعها عند الفقهاء، أو لا يشبه به، لأنه من باب القياس في اللغة وهو فاسد على ما يعرف في أصول الفقه. (فالإجماع حاصل على رجوع الشرط على الجمل المتقدمة قبله في نحو: أدخل زيدا الدار وأطعمه واكسه وأعطه درهما إن جاء، فيعود الشرط على كل ما تقدم، وكذا في الغاية، فإنها ترجع إلى الجمل المتقدمة في نحو: أنفق على زيد وأطعمه واكسه حتى يبلغ الحلم، فتعود الغاية على كل ما تقدم، والاستثناء أو الشرط أو الغاية بعد كل جملة عي ولكنة، فلو قيل في غير القرآن الكريم: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِين جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا، إلا الذين تابوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إلا الذين تابوا، ولو قيل: أدخل زيدا الدار، إن جاء، وأطعمه، إن جاء، واكسه، إن جاء، وأعطه درهما إن جاء، ولو قيل: أنفق على زيد، حتى يبلغ الحلم، وأطعمه، حتى يبلغ الحلم، واكسه حتى يبلغ الحلم، لعد ذلك تطويلا معيبا، يتنزه عنه آحاد الفصحاء، فكيف برب العالمين؟!!!، وقد علم من استقراء كلام العرب في هذه المواضع أنهم يكتفون بقيد واحد فيثبتون ويحذفون اتكالا على المثبت كما في قول قيس بن الحطيم:
نحن بما عندنا وأنت بما ******* عندك راض والرأي مختلف
فهذا البيت من شواهد النحاة على جواز حذف الخبر إذا دل عليه السياق، فتقدير الكلام: نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وإن كان هذا خلاف الأصل، فحذف المتأخر لدلالة المتقدم عليه هو الأصل، لأن تقدم ذكره يسوغ حذفه لسبق الإشارة إليه.
وقول الآخر:
رماني بأمر كنت منه ووالدي ******* بريئا ومن أجل الطوى رماني.
فتقدير الكلام: رماني بأمر كنت منه بريئا وكان منه والدي بريئا.
بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص275، 276، 280).
ويواصل القرطبي، رحمه الله، فيقول:
"وقال الشعبي للمخالف في هذه المسألة: يقبل الله توبته ولا تقبلون شهادته! ثم إن كان الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة عند أقوام من الأصوليين فقوله: "وأولئك هم الفاسقون" تعليل لا جملة مستقلة بنفسها، أي لا تقبلوا شهادتهم لفسقهم، فإذا زال الفسق فلم لا تقبل شهادتهم؟.
ثم توبة القاذف إكذابه نفسه، كما قال عمر لقذفة المغيرة بحضرة الصحابة من غير نكير، مع إشاعة القضية وشهرتها من البصرة إلى الحجاز وغير ذلك من الأقطار. (فينزل منزلة الإجماع السكوتي وقد وقع في الزمن الأول حيث أمكن ضبط الإجماع بخلاف الأزمان التالية التي انتشر فيها الخلاف بتعدد المجتهدين وتعذر حصر أعيانهم لمعرفة أقوالهم)، ولو كان تأويل الآية ما تأوله الكوفيون، (أي: أبو حنيفة، رحمه الله، وأصحابه)، لم يجز أن يذهب علم ذلك عن الصحابة، ولقالوا لعمر: لا يجوز قبول توبة القاذف أبدا، ولم يسعهم السكوت عن القضاء بتحريف تأويل الكتاب، فسقط قولهم، والله المستعان". اهـ
بتصرف يسير من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 150).
فلو كان كلام الكوفيين راجحا في هذا الخلاف، لما خفي على الصحابة، رضي الله عنهم، وهم أعلم بلغة الوحي ومقاصده من كل من جاء بعدهم، وقد تقرر في الأصول أنه: "لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة"، فلو كان البيان في كلام الكوفيين لسبقهم إليه الصحابة، رضي الله عنهم، فلما سكتوا عن قبول عمر، رضي الله عنه، لشهادة من تاب من قذفة المغيرة، رضي الله عنه، صار سكوتهم إقرارا بصحة فعله، و: "السكوت في موضع البيان بيان" كما قرر الأصوليون.
فالحاصل أن الكل مجمع على:
(يُتْبَعُ)
(/)
ثبوت الحد في حق القاذف وإن تاب، إلا خلافا يسيرا حكاه القرطبي عن الشعبي، رحمه الله، فقال: "ويروى عن الشعبي أنه قال: الاستثناء من الأحكام الثلاثة، إذا تاب وظهرت توبته لم يحد وقبلت شهادته وزال عنه التفسيق، لأنه قد صار ممن يرضى من الشهداء، وقد قال الله عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: 82] الآية". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 148)، وتصديره القول بصيغة التمريض: "ويروى" مشعر بضعف النقل.
وزوال حكم الفسق عنه إن تاب.
وإنما وقع الخلاف في: قبول شهادته على التفصيل السابق، ورأي الجمهور أرجح، كما تقدم، والله أعلم.
واختلف العلماء في صورة توبة القاذف:
"فمذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه والشعبي وغيره، أن توبته لا تكون إلا بأن يكذب نفسه في ذلك القذف الذي حد فيه. وهكذا فعل عمر، فإنه قال للذين شهدوا على المغيرة: من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل، ومن لم يفعل لم أجز شهادته، فأكذب الشبل بن معبد ونافع بن الحارث بن كلدة أنفسهما وتابا، وأبى أبو بكرة أن يفعل فكان لا يقبل شهادته. وحكى هذا القول النحاس عن أهل المدينة.
وقالت فرقة - منها مالك رحمه الله تعالى وغيره -: توبته أن يصلح ويحسن حاله وإن لم يرجع عن قوله بتكذيب وحسبه الندم على قذفه والاستغفار منه وترك العود إلى مثله، وهو قول ابن جرير الطبري رحمه الله". اهـ
بتصرف يسير من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 148).
وينبغي التنبيه في هذا الموضع إلى الفرق بين: شهادة المجلود وروايته:
فالمجلود إن كان قاذفا: فشهادته وروايته مردودتان لسقوط عدالته بالفسق، فإذا تاب، فإن شهادته تقبل عند الجمهور، على التفصيل السابق، وروايته تقبل عند الجميع، لرجوع وصف العدالة إليه بالتوبة، والكافر إذا أسلم قبلت روايته، فمن باب أولى تقبل رواية الفاسق إذا تاب.
وأما إن كان مجلودا لعدم اكتمال نصاب الشهادة: كما في واقعة أبي بكرة، رضي الله عنه، لما شهد هو واثنان معه، على المغيرة، رضي الله عنه، أنه زنى بامرأة لما انكشف الستر عنهما، فروايته لا ترد، وإن ردت شهادته إن لم يكذب نفسه على مذهب عمر رضي الله عنه، لأن عدالته باقية لم تزل، فالحد إنما وجب عليه من جهة عدم اكتمال نصاب الشهادة لا من جهة كونه قاذفا فاسقا ساقط العدالة، وفي هذا رد على من رد حديث أبي بكرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأَةٌ) والحديث عند أحمد رحمه الله في مسنده، من أهل الأهواء المعاصرين، محتجا بواقعة جلد أبي بكرة رضي الله عنه.
على أن المغيرة، رضي الله عنه، لم يقع منه ما يستوجب حد الزنا، وإنما كانت المرأة التي خالطها زوجته، وإنما وقعت الشبهة لأبي بكرة، رضي الله عنه، من جهة أنها كانت تشبه امرأة كانت تدخل على المغيرة، رضي الله عنه، قصر الإمارة طلبا لقضاء بعض حوائجها، والله أعلى وأعلم.بتصرف من "مذكرة في أصول الفقه"، ص152.
وعموم هذه الآية مخصوص بمن: سب أمهات المؤمنين: زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا تقبل توبته أبدا، لدخوله في عموم قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، فهذه الآية في عائشة، رضي الله عنها، خاصة، وقد ألحقت بها بقية أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، بجامع كونهن فراش النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمن طعن في عرضهن، فقد طعن في عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والطاعن في عرضه الشريف، كافر بالإجماع، وحكمه: القتل، وإن تاب، فيقتل ردة إن لم يتب، ويقتل حدا إن تاب، كما قرر ذلك أهل العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تقرر في الأصول أن: "دخول صورة السبب في عموم اللفظ قطعية"، فلا تخرج بتخصيص أو قياس، فلا يقال بأن عموم قبول التوبة في الآية الأولى مخصص لصورة عائشة، رضي الله عنها، في الآية الثانية، لأنها صورة السبب الذي نزلت الآية الثانية فيها، فدخولها فيها قطعي، فلا يخرج بتخصيص عمومها بعموم قبول التوبة في الآية الأولى، وقد دخلت معها أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، على التفصيل السابق، فلا يخرج قاذفهن بعموم قبول التوبة في الآية الأولى.
ولهذا ذكر مالك، رحمه الله، أن ساب عائشة، رضي الله عنها، إن سبها بما برأها الله، عز وجل، منه، فهو كافر، وإن سبها بغير ذلك، فهو فاسق يؤدب، وإلى هذا أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"قال هشام بن عمار سمعت مالكا يقول: من سب أبا بكر وعمر أدب، ومن سب عائشة قتل لأن الله تعالى يقول: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فمن سب عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل.
قال ابن العربي: قال أصحاب الشافعي من سب عائشة رضي الله عنها أدب كما في سائر المؤمنين، وليس قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} في عائشة لأن ذلك كفر، وإنما هو كما قال عليه السلام: "لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه". ولو كان سلب الإيمان في سب من سب عائشة حقيقة لكان سلبه في قوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" حقيقة. قلنا: ليس كما زعمتم، فإن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله تعالى فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر، فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر. ولو أن رجلا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 169، 170).
وقد ذكر، شيخ الإسلام، رحمه الله، في آخر "الصارم المسلول" تفصيلا لحكم ساب الصحابة، رضي الله عنهم، من أهل البدع، فقال:
"وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم.
وأما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد. (وهذا ضابط مهم في مسألة اللعن، فإن من لعنهم لأجل اعتقادهم، أو لأجل نصرتهم الدين وقضاءهم على ملل المشركين، كما هو حال كثير من الزنادقة المتسترين بثوب الإسلام كالباطنية ومن لف لفهم، من لعنهم لأجل ذلك فهو كافر زنديق، بخلاف من لعنهم أو سبهم غيظا، كمن يسب أحدهم لأنه اقتص منه إن كان أميرا أو قاضيا، أو قتل أباه أو أخاه في فتنة كفتنة الجمل وصفين ........... إلخ من الأمور الشخصية التي لا تتعلق بأصل الملة، فهذا لا يكفر، وإن كان مستحقا للتعزير والتأديب).
ويواصل ابن تيمية، رحمه الله، فيقول:
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى عنهم والثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم وقد ظهرت لله فيهم مثلات وتواتر النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك وممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الأصحاب وما جاء فيه من الإثم والعقاب.
وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره ومنهم من لا يحكم بكفره ومنهم من يتردد فيه". اهـ
"الصارم المسلول"، ص 406، 407.
فيفرق، كما تقدم، بين من سب: سب غيظ، ومن سب: سب اعتقاد، وهذا فارق دقيق في الحكم على مرتكب هذه الكبيرة، ولهذا لم يكفر أهل العلم: النواصب الذين أبغضوا عليا، رضي الله عنه، وآل بيته، وناصبوهم العداء، وأظهروا سبهم، مع تلبسهم بهذه البدعة القبيحة، لأن بغضهم لم يكن من جهة دينه: ككونه، رضي الله عنه، من السابقين الأولين، أو كونه من العشرة المبشرين، وإنما كان من جهة دنيوية: وهي ما أوقعه علي، رضي الله عنه، بهم من مقتلة عظيمة يوم صفين، فظهرت بدعة النصب أول ما ظهرت في بلاد الشام التي قاتل علي، رضي الله عنه، أهلها في صفين، ولو كان بغضهم له من جهة دينية لكفروا بذلك، كما كفر من يسب الشيخين: أبا بكر وعمر، رضي الله عنهما، على جهة التدين بذلك، طاعنا في دينهم، فالأولون لم يطعنوا في الدين، والآخرون طعنوا في دين من تواترت النصوص في تزكيتهم، بل وجعلوا ذلك من القرب التي يثاب فاعلها!!!!.
على أنه يتوقف في تكفير آحادهم، لاسيما عامتهم، فلا يكفرون بأعيانهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم، وهذا أمر لا يقوم به إلا من أوتي علما وبيانا، بحيث تزول بحجته كل شبهة، فإن أنكر الساب، أو أظهر التوبة، قبلت منه ووُكل أمره الله عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
وبهذا ينتهي تفسير: (الآية: 4، 5)، ولله الحمد والمنة.
يتبع إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:57 م]ـ
ومع قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ):
هذه الآيات مخصصة لعموم حكم القاذف في الآيات السابقة، فيستثنى من عموم جلد القاذف: من قذف امرأته بالزنا، فيثبت في حقهما: حكم الملاعنة، وقد جعله الأحناف، رحمهم الله، من صور النسخ الجزئي، كمن قال من الشافعية رحمهم الله بنسخ عشر رضعات بخمس معلومات فنسخ جزءا من الحكم وأبقى الآخر، فيصير حكم هذه الصورة بعينها منسوخا بآيات الملاعنة، وعند التحقيق، لا فرق الآن بين: النسخ والتخصيص، من جهة العمل، بعد ثبوت الأحكام الشرعية في حق عموم المكلفين بوفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانقطاع الوحي، فمؤدى القولين واحد، فمن قال بالنسخ فإنه يعمل بحكم الملاعنة وكذا من قال بالتخصيص.
وصورة اللعان كما يقول ابن كثير رحمه الله:
"فيها فَرَج للأزواج وزيادة مخرج، إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة، أن يلاعنها، كما أمر الله عز وجل وهو أن يحضرها إلى الإمام، فيدعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء، {إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} أي: فيما رماها به من الزنا، {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} فإذا قال ذلك، بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وحرمت عليه أبدًا، ويعطيها مهرها، ويتوجه عليها حد الزنا، ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن، فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به، {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ولهذا قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} يعني: الحد، {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به. ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها. والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه". اهـ
فالمغضوب عليهم هم اليهود من جهة كونهم عرفوا الحق فأعرضوا عنه بخلاف من لم يعرفه من النصارى فضل عنه ابتداء، فأشبهت الملاعِنةُ اليهودَ من هذا الوجه.
وقرئ: (أن غَضِب الله عليها)، بتخفيف "أن" فيكون اسمها: ضمير الشأن المحذوف، ويكون ما بعدها: خبرا أريد به الإنشاء، فيؤول المعنى إلى الدعاء بأن يحل عليها غضب الله، عز وجل، إن كان من الصادقين، كما تقول: فلان رحمه الله، قاصدا الدعاء له بالرحمة، فيكون تأويل كلامك: اللهم ارحمه.
ويواصل ابن كثير، رحمه الله، فيقول:
"ثم ذكر تعالى لطفه بخلقه، ورأفته بهم، وشرعه لهم الفرج والمخرج من شدة ما يكون فيه من الضيق، فقال: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} أي: لحرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم، {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ} أي: على عباده - وإن كان ذلك بعد الحلف والأيمان المغلظة - {حَكِيمٌ} فيما يشرعه ويأمر به وفيما ينهى عنه". اهـ
ثم ذكر ابن كثير، رحمه الله، سبب نزول هذه الآية وهو:
(يُتْبَعُ)
(/)
حديث هلال بن أمية، رضي الله عنه، أحد الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، لما رمى امرأته بشريك بن سحماء، فهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإقامة حد القذف عليه، فنزلت هذه الآيات، فتلاعن هلال وامرأته، وفرق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينهما، وقضى ألا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى ألا بيت لها عليه ولا قوت لها، من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا مُتَوَفى عنها، والملاعنة تحرم على الملاعِن حرمة مؤبدة.
وذكر أيضا:
حديث عويمر، أخو بني عجلان، لما جاء إلى عاصم بن عدي فقال: "أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ قَالَ فَلَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قَالَ مَا صَنَعْتُ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَابَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأَسْأَلَنَّهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِمَا قَالَ فَدَعَا بِهِمَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا قَالَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ لَئِنْ انْطَلَقْتُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَصَارَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا قَالَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوه".
وهو عند أحمد، رحمه الله، في "مسنده".
وقد جمع أهل العلم بين الواقعتين فقالوا بأنه: مما تعدد سبب نزوله، فيكون للنازل أكثر من سبب نزول، كما يتعدد النازل والسبب واحد.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 08:29 م]ـ
ومع قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ):
يقول أبو السعود رحمه الله:
"الإفك: أبلغَ ما يكونُ من الكذبِ والافتراءِ وقيلَ البُهتانُ لا تشعرُ به حتَّى يفجأكَ وأصلُه الإفكُ وهو القلبُ لأنه مأفوكٌ عن وجهه وسننهِ والمرادُ به ما أُفكَ بهِ الصِّدِّيقةُ أمُّ المؤمنينَ رضي الله عنها، وفي لفظ المجيءِ إشارةٌ إلى أنَّهم أظهرُوه من عندِ أنفسِهم من غير أنْ يكونَ له أصلٌ". اهـ
فهو أمر اختلقوه من عند أنفسهم طعنا في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
والعصبة هي: الجماعة، والمقدم فيهم: عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، فهو الذي ابتدأه ونشره حتى دخل على بعض المسلمين، فجلدوا حد القذف بعد نزول براءة أم المؤمنين، رضي الله عنها، وجاء في رواية أبي داود، رحمه الله، في سننه تسميتهم: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاتة، وحمنة بنت جحش، أخت أم المؤمنين: زينب بنت جحش رضي الله عنهم جميعا.
ونص الرواية في باب "حد القذف" من كتاب "الحدود" في "سنن أبي داود":
(يُتْبَعُ)
(/)
"حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ وَهَذَا حَدِيثُهُ أَنَّ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ حَدَّثَهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَاكَ وَتَلَا تَعْنِي الْقُرْآنَ فَلَمَّا نَزَلَ مِنْ الْمِنْبَرِ أَمَرَ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَةِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ.
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ قَالَ فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِالْفَاحِشَةِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ قَالَ النُّفَيْلِيُّ وَيَقُولُونَ الْمَرْأَةُ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ". اهـ
ولا ينفي ذلك كونهم أولياء لله، عز وجل، فليس من شرط الولاية: العصمة، بل قد يقع الولي في الصغائر، بل والكبائر، فإذا حُدَ، وأظهر التوبة، رجع خيرا مما كان.
وقد بوب النووي، رحمه الله، في شرح مسلم: بَاب الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا.
وذكر حديث: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ
وفي قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ" رد على الخوارج والمعتزلة الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، ورد على المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، فمرتكب الكبيرة، إن لم يتب منها في الدنيا: تحت المشيئة، إن شاء الله، عز وجل، عفا عنه فضلا، وإن شاء عذبه عدلا.
وعلق الحافظ، رحمه الله، فقال:
"وَيُسْتَفَاد مِنْ الْحَدِيث أَنَّ إِقَامَة الْحَدّ كَفَّارَة لِلذَّنْبِ وَلَوْ لَمْ يَتُبْ الْمَحْدُود، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور. وَقِيلَ لَا بُدّ مِنْ التَّوْبَة، وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْض التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْل لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَوَافَقَهُمْ اِبْن حَزْم وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ الْبَغَوِيّ وَطَائِفَة يَسِيرَة". اهـ
"فتح الباري"، (1/ 86).
وقد أظهر أولئك النفر، رضي الله عنهم، التوبة، بعد إقامة الحد عليهم، وندموا على ما كان منهم، ولم يتولوا كبره ابتداء، كما فعل ابن سلول: رأس المنافقين، فرجعوا، إن شاء الله، خيرا مما كانوا.
فهم على كلا القولين: الحد بمفرده، أو الحد مع التوبة، قد زال عنهم أثر تلك المعصية.
قال ابن تيمية، رحمه الله، في "مجموع الفتاوى":
"وَالذُّنُوبُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَقَدْ تَرْتَفِعُ دَرَجَتُهُ بِالتَّوْبَةِ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانَ داود بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ كَانَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ} ". اهـ
قوله تعالى: (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ):
(يُتْبَعُ)
(/)
"لا تحسبوه": أي لا تظنوه، فهو من أفعال القلوب التي تتعدى إلى مفعولين، فالهاء: المفعول الأول، و: "شرا" المفعول الثاني، و "بل": إضراب إبطالي لما سبق، لأنه وإن كان ظاهره الشر إلا أن فيه من الحكم والمصالح ما يرجح مفسدته.
يقول ابن كثير رحمه الله:
" {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ} أي: يا آل أبي بكر {بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} أي: في الدنيا والآخرة، لسان صدق في الدنيا ورفعة منازل في الآخرة، وإظهار شرف لهم باعتناء الله بعائشة أم المؤمنين، حيث أنزل الله تعالى براءتها في القرآن العظيم الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] ولهذا لما دخل عليها ابن عباس، رضي الله عنه، وهي في سياق الموت، قال لها: أبشري فإنك زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحبك، ولم يتزوج بكرًا غيرك، وأنزل براءتك من السماء". اهـ
فالشر إنما يكون في المقدور لا في قدر الله، عز وجل، فقدره، جل وعلا، كله خير، وإن ظهر خلاف ذلك، بادي الرأي، وفي حديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، مرفوعا: (وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ)، فالشر ليس إلى الله شرعا، وإن صحت نسبته إليه كونا، فهو خالقه، وإن أبغضه، فلا شيء من الموجودات يخرج عن قدرته، وأمره الكوني نافذ، بخلاف أمره الشرعي فكم له من مخالف، ولا يقدح ذلك في عموم قدرته، لأن الطائع لا يطيع إلا بتوفيقه، فضلا منه ومنة، والعاصي لا يعصي إلا بخذلانه، عدلا منه وحكمة، فكم من معصية استخرجت بها طاعة، ولولا الكفر لما ظهر شرف الإيمان، ولولا البدعة لما نشرت أعلام السنة، ولولا أهل الباطل لما خطت الأقلام وسُلت السيوف ذبا عن دين الإسلام وشريعة الرحمن.
وفي "سنن البيهقي":
"قال النضر بن شميل رحمه الله: "والشر ليس إليك" تفسيره والشر لا يتقرب به إليك". اهـ، فجعله النضر، رحمه الله، متعلقا بمفعول العبد.
وفي "معرفة السنن والآثار":
"وقال المزني: مخرج هذه الكلمة صحيح، وهو موضع تعظيم، كما لا يقال: يا خالق العذرة، وكذلك لا يقال: يا خالق الخنزير، ولا ينبغي أن يضاف إليه التقصير". اهـ
فلا ينسب الشر إلى الرب، جل وعلا، تنزيها، وإن كان مخلوقا بأمره الكوني النافذ، وفي التنزيل: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، فدخل الشر في عموم خلقه، وإن كان غير مراد لذاته، فالله، عز وجل، لا يرضى بالكفر والمعاصي، وفي التنزيل: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)، ولما وجد الجن السماء قد ملئت حرسا شديدا وشهبا قالوا: (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)، فجاءوا بالمبني لما لم يسم فاعله: "أريد"، في الشر، تأدبا مع الله، عز وجل، وجاءوا بالمبني لما سمي فاعله في الخير، فالخير ينسب إلى الله، عز وجل، شرعا وكونا، والشر لا ينسب إليه، جل وعلا، إلا كونا.
وفي التنزيل: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)
فكل من عند الله، عز وجل، كونا، ولكن الحسنة منه شرعا، والسيئة من العبد كسبا، فلا تنسب إلى الله، عز وجل، إلا كونا، على التفصيل السابق.
يقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:
"فإن قيل: كيف يريد الله أمرا ولا يرضاه ولا يحبه؟ وكيف يشاؤه ويكونه؟ وكيف تجتمع إرادته له وبغضه وكراهته؟
قيل: هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقا، وتباينت طرقهم وأقوالهم. فاعلم أن المراد نوعان:
مراد لنفسه، ومراد لغيره.
فالمراد لنفسه: مطلوب محبوب لذاته وما فيه من الخير، فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمراد لغيره: قد لا يكون مقصودا لما يريد، ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته، وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده، فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته، مراد له من حيث قضاؤه وإيصاله إلى مراده، فيجتمع فيه الأمران: بغضه وإرادته، ولا يتنافيان، لاختلاف متعلقهما. وهذا كالدواء الكريه، إذا علم المتناول له أن فيه شفاءه، وقطع العضو المتآكل، إذا علم أن في قطعه بقاء جسده، وكقطع المسافة الشاقة، إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه. بل العاقل يكتفي في إيثار هذا المكروه وإرادته بالظن الغالب، وإن خفيت عنه عاقبته، فكيف بمن لا يخفى عليه خافية، فهو سبحانه يكره الشيء، ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره، وكونه سببا إلى أمر هو أحب إليه من فوته". اهـ
"شرح الطحاوية"، ص229.
ففي حادثة الإفك ما هو مفسدة باعتبار الخلق: وأي مفسدة أعظم من الطعن في عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟، ولكن لما كانت هذه المفسدة مغمورة في مصالح: تبرئة أم المؤمنين، رضي الله عنها، وإظهار شرفها، ورفع درجة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بصبره على أذى المنافقين .......... إلخ، أرادها الله، عز وجل، كونا فكانت: من المراد لغيره على التفصيل الذي ذكره ابن أبي العز رحمه الله.
قوله تعالى: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ):
"لولا": حرف امتناع لوجود، كما في قولك: لولا زيد لأكرمتك، فامتنع الإكرام لوجود زيد، فإن دخلت على الفعل، كما في هذه الآية: أفادت: الحض على الفعل، فالمعنى: هلا إذ سمعتم هذا الكلام قستموه على أنفسكم، فإن كان لا يليق بكم، بل لا يليق بآحاد المؤمنين من بعدكم، فأم المؤمنين، رضي الله عنها، أولى بالبراءة منكم، وأنتم أولى بالتهمة منها، وإن كنتم جميعا براء، فاستعمل: "قياس الأولى" في تبرئة أم المؤمنين، رضي الله عنها، وهو حجة عقلية ملزمة، وردت في عدة مواضع من القرآن، لاسيما في جدال المنكرين للبعث والنشور، كما في قوله تعالى: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)، فمن خلق أولا، قادر على الإعادة ثانيا، من باب أولى، فالإعادة أهون من ابتداء الخلق، وكلاهما هين، عليه، عز وجل، فلا شيء يعجزه في الأرض ولا في السماء.
ووردت، أيضا، في إثبات صفات الكمال للباري، عز وجل، فقياس الأولى هو القياس الوحيد الجائز في مسائل الاعتقاد الخبرية، فكل كمال مطلق لا نقص فيه ثبت للمخلوق، فالخالق، عز وجل، أولى به، بشرط النص عليه قرآنا أو سنة، وفي التنزيل: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وقوله تعالى: (بِأَنْفُسِهِمْ):
أي: بإخوانهم، قاله النحاس، رحمه الله، كما أشار إلى ذلك القرطبي، رحمه الله، في "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 165)، فيكون في السياق مزيد عناية بالمؤمنين، إذ نزلهم منزلة الأنفس، فكما يكره الإنسان أن يخوض غيره في عرضه، أو يظن به سوءا، فعليه أن يكره ذلك، أيضا، من نفسه، في حق أخيه مصداق قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).
قوله تعالى: (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ):
حض آخر، فهلا جاءوا على ما قالوه بأربعة شهداء، فإذ لم يأتوا بهم فأولئك هم الكاذبون، فأكد الحكم بـ:
تعريف الجزأين: "أولئك" و "الكاذبون".
و: ضمير الفصل: "هو"، إمعانا في ذمهم على ما رموا به أم المؤمنين رضي الله عنها.
وضمير الفصل في مثل هذه المواضع يفيد:
تمييز الخبر من النعت: فبدونه تحتمل لفظة: "الكاذبون": كونها: نعتا أو خبرا، فلما جيء بضمير الفصل صار ما بعده خبرا قولا واحدا.
والتوكيد: كما تقدم.
(يُتْبَعُ)
(/)
والاختصاص: فكأن هذا الوصف القبيح قد اختص بهم، لعظم جرمهم، وإن وُجِدَ كاذبون غيرهم، فيكون من باب الحصر الإضافي في نحو: زيد الرجل، فلا ينفي ذلك رجولة غيره، ولكنه يخصه بأعلى سماتها.
وفي "مغني اللبيب":
"وذكر الزمخشري الثلاثة في تفسير: (وأولئك همُ المُفلحون) فقال:
فائدته الدلالة على أن الواردَ بعده خبر لا صفة، والتوكيد، وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره". اهـ
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 01:10 ص]ـ
ومع:
قوله تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ):
"لولا" هنا على أصلها: حرف امتناع لوجود، فامتنع العذاب العظيم لوجود الفضل من الله، عز وجل، والرحمة في الدنيا والآخرة، وهذا إنما يثبت في حق من خاض في هذا الأمر من المؤمنين كحسان ومسطح وحمنة، رضي الله عنهم، فالوعيد في حق المؤمنين مطلق، لا يجب نفاذه، خلافا للمعتزلة الذين قالوا بوجوب نفاذ الوعد والوعيد، فقاسوا أفعال الخالق، عز وجل، على أفعال المخلوقين، فهم: "مشبهة الأفعال" كما سماهم بعض أهل العلم كشيخ الإسلام، رحمه الله، والله، عز وجل، كريم يجوز في حقه إخلاف الوعيد فضلا منه ومنة، فيكون العبد مستحقا للوعيد، باقتراف معصية أو كبيرة، فيقابل ذلك ما يعادله أو يرجح عليه من مكفرات الذنوب كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة ........ إلخ، وقد جمعها ابن أبي العز، رحمه الله، في أحد عشر سببا، فقال ما ملخصه:
"وأيضا: فإنه قد يعفى لصاحب الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره، فإن فاعل السيئات يسقط عنه عقوبة جهنم بنحو عشرة أسباب، عرفت بالاستقراء من الكتاب والسنة:
السبب الأول: التوبة.
السبب الثاني: الاستغفار، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
السبب الثالث: الحسنات. فإن الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، فالويل لمن غلبت آحاده عشراته. وقال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}. وقال صلى الله عليه وسلم: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها".
السبب الرابع: المصائب الدنيوية، قال صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا غم ولا هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من خطاياه».
السبب الخامس: عذاب القبر.
السبب السادس: دعاء المؤمنين واستغفارهم في الحياة وبعد الممات.
السبب السابع: ما يهدى إليه بعد الموت، من ثواب صدقة أو قراءة أو حج، ونحو ذلك.
السبب الثامن: أهوال يوم القيامة وشدائده.
السبب التاسع: ما ثبت في الصحيحين: أن المؤمنين إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
السبب العاشر: شفاعة الشافعين.
السبب الحادي عشر: عفو أرحم الراحمين من غير شفاعة، كما قال تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.
بتصرف من "شرح الطحاوية"، ص 307_311.
فقد يتجاوز الله، عز وجل، عن الذنب، بغير شفاعة، فيتخلف الوعيد مع انعقاد السبب الموجب، فلا أحد يوجب على الله، عز وجل، شيئا، وإنما هو الذي يكتب على نفسه ما شاء، مصداق قوله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)، وقد أخبر عن نفسه، جل وعلا، أنه لا يخلف الميعاد، فعلمنا وجوب نفاذ وعده، وجواز إخلاف وعيده، وهذه صفة الكريم، كما قال الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ******* لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فإذا كان هذا كمالا يمدح به المخلوق، فالله، عز وجل، أحق وأولى به، فهو أكرم الأكرمين، فآل الأمر إلى: "قياس الأولى" الذي سبقت الإشارة إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي خوض من خاض من المؤمنين في هذا الأمر دليل على أن الصحابة، رضي الله عنهم، يجوز في حقهم ارتكاب المعاصي، لانتفاء العصمة عن آحادهم، وإن ثبتت لمجموعهم، فلا يخرج الحق عن أقوالهم، سواء أكان: خبراً أم إنشاءً، وطريقة أهل السنة في هذه المسألة هي: الإعراض عن ذكر ما شجر بينهم، فهو مغمور في بحار حسناتهم، فلهم من السبق والمنزلة، ما يغفر زلاتهم، وما ذكر عنهم لا يخلو إما أن يكون:
كذبا: كغالب أخبار الفتن التي وقعت بينهم.
أو: مما كانوا فيه معذورين باجتهاد أو تأويل.
أو: مما كان صدقا، فعارضه من الحسنات الماحية والمصائب المكفرة ........ إلخ، ما يمنع نفاذ الوعيد في حقهم، فهم أولى بأسباب المغفرة ممن جاء بعدهم.
على أن القرطبي، رحمه الله، قد أشار إلى تبرئة أم المؤمنين، رضي الله عنها، حسان، رضي الله عنه، فقال:
"قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} .......... روي عن عائشة أنه حسان، وأنها قالت حين عمي: لعل العذاب العظيم الذي أوعده الله به ذهاب بصره، رواه عنها مسروق. وروي عنها أنه عبد الله بن أبي، وهو الصحيح، وقال ابن عباس. وحكى أبو عمر بن عبد البر أن عائشة برأت حسان من الفرية، وقالت: إنه لم يقل شيئا. وقد أنكر حسان أن يكون قال شيئا من ذلك في قوله:
حصان رزان ما تزن بريبة ******* وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
وذكر أبياتا ..............
ثم قال:
وقد روي أنه لما أنشدها: حصان رزان، قالت له: لست كذلك، تريد أنك وقعت في الغوافل. وهذا تعارض، ويمكن الجمع بأن يقال: إن حسانا لم يقل ذلك نصا وتصريحا، ويكون عرض بذلك وأومأ إليه فنسب ذلك إليه، والله أعلم". اهـ
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 165).
فائدة:
في بيت حسان رضي الله عنه استعارتان:
في: "غرثى"، إذ شبه إعراضها عن الخوض في أعراض الناس بالجوع، وحذف المشبه: "الإعراض"، واستعار له اسم الفاعل المشتق: "غرثى".
وفي: "لحوم الغوافل"، إذ شبه الأعراض باللحوم، وحذف المشبه، وأتى بالمشبه به صراحة، وقد وقعت الاستعارة في الاسم الجامد: "لحوم" فكانت أصلية من هذا الوجه.
وتجدر الإشارة إلى بطلان القول بأن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، هو الذي تولى كبر هذا الأمر، حاشاه، رضي الله عنه، أن يخوض في عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وأخرج البخاري من حديث معمر عن الزهري قال: قال لي الوليد بن عبد الملك: أبلغك أن عليا كان فيمن قذف؟ قال: قلت لا، ولكن قد أخبرني رجلان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عائشة قالت لهما: كان عليٌّ مُسَلًّما في شأنها. وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في كتابه المخرج على الصحيح من وجه آخر من حديث معمر عن الزهري، وفيه: قال كنت عند الوليد بن عبد الملك فقال: الذي تولى كبره منهم علي بن أبي طالب؟ فقلت: لا، حدثني سعيد بن المسيب وعروة وعلقمة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة كلهم يقول، (فجمع شيوخه دون أن يميز رواية بعضهم من بعض ولا ضير في ذلك طالما كانوا ثقات كلهم بخلاف ما لو كان في بعضهم ضعف)، سمعت عائشة تقول: والذي تولى كبره عبد الله بن أبي. وأخرج البخاري أيضا من حديث الزهري عن عروة عن عائشة: والذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي". اهـ
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 163).
وقريبا منه، في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة الزهري رحمه الله:
"يعقوب السدوسي: حدثني الحلواني، حدثنا الشافعي، حدثنا عمي، قال: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك، (وكان فيه انحراف عن آل البيت رضي الله عنهم)، فقال: يا سليمان: من الذي تولى كبره منهم؟ قال: عبد الله بن أبي ابن سلول، قال: كذبت، هو علي، فدخل ابن شهاب، فسأله هشام، فقال: هو عبد الله بن أبي، قال: كذبت هو علي، فقال: أنا أكذب لا أبا لك، فوالله لو نادى مناد من السماء، إن الله أحل الكذب ما كذبت، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص، عن عائشة: أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي". اهـ
بتصرف من "سير أعلام النبلاء"، (5/ 339).
(يُتْبَعُ)
(/)
والسند في الواقعتين واحد: سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص عن عائشة، مع اختلاف السائل، فهو في الأولى: الوليد بن عبد الملك، وفي الثانية: هشام بن عبد الملك، ولا مانع عقلا من تكرار السؤال في واقعتين مختلفتين.
وفي "تاريخ الطبري":
ولما ظهر علي، رضي الله عنه، يوم الجمل جاء إلى أم المؤمنين رضي الله عنها، فقال: "غفر الله لك"، قالت: "ولك، ما أردت إلا الإصلاح". اهـ بتصرف.
وصدقت رضي الله عنها، فما خرجت إلا رجاء الإصلاح بين المؤمنين، ولم يكن في خروجها أي مخالفة شرعية، إذ خرجت برفقة محرمها: "عبد الله بن الزبير"، رضي الله عنهما، ابن اختها أسماء ذات النطاقين، رضي الله عنها، ولم تتبذل، أو تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، وإنما سارت في هودجها، كالملكة المصونة لا يطلع عليها أحد من الجيش إلا من جاز له ذلك من محرم أو جارية ........... إلخ، وما كان القوم ليهتكوا ستر أمهم.
وفي موضع آخر من تاريخ الطبري:
"أن عليا، رضي الله عنه، أنزلها بعد ذلك، دار عبد الله بن خلف، وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عندها، فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كلا منهما مئة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل. (وهذا فعله، رضي الله عنه، مع من نال منها، فكيف بمن قذفها بما برأها الله، عز وجل، منه ممن يدعي موالاته من أهل البدع في زماننا).
ولما أرادت الخروج من البصرة بعث إليها بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وأرسل معها أربعين امرأة وسير معها أخاها محمدا.
ولما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي، رضي الله عنه، فوقف على الباب وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس ودعت لهم، وقالت: "يا بني لا يغتب بعضكم بعضا، إنه والله ما كان بيني وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه من الأخيار"، فقال علي رضي الله عنه: "صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة"، ثم سار معها مودعا أميالا وسرح بيته معها بقية ذلك اليوم.
وفي هذا أبلغ رد على أهل الأهواء الذين طعنوا في أم المؤمنين، رضي الله عنها، لمرض في قلوبهم، فاستندوا إلى حادثة الإفك تقريرا لباطلهم.
بتصرف واسع نقلا عن "العواصم من القواصم"، طبعة "مكتبة السنة"، ص 128، 129. من تعليقات الشيخ: محمود مهدي الإستانبولي.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"وأما الحديث الذي رواه، (أي: صاحب: "منهاج الكرامة")، وهو قوله لها: تقاتلين عليا وأنت ظالمة له، فهذا لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة ولا له إسناد معروف وهو بالموضوعات المكذوبات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة بل هو كذب قطعا فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها.
وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم فإنه لما تراسل علي وطلحة والزبير وقصدوا الاتفاق على المصلحة وأنهم إذا تمكنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة وكان علي غير راض بقتل عثمان ولا معينا عليه كما كان يحلف فيقول: "والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله"، وهو الصادق البار في يمينه، فخشي القتلة أن يتفق علي معهم على إمساك القتلة فحملوا على عسكر طلحة والزبير فظن طلحة والزبير أن عليا حمل عليهم فحملوا دفعا عن أنفسهم فظن على أنهم حملوا عليه فحمل دفعا عن نفسه فوقعت الفتنة بغير اختيارهم وعائشة رضي الله عنها راكبة لا قاتلت ولا أمرت بالقتال هكذا ذكره غير واحد من أهل المعرفة بالأخبار". اهـ
"منهاج السنة"، (4/ 316، 317).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفرية قتال عائشة، رضي الله عنها، علياً، رضي الله عنه، فرية شهيرة على الألسن تجدها على ألسن كثير من المسلمين عندنا في مصر، سواء أكانوا متعلمين ممن ينتمون إلى ما اصطلح على تسميته: "طبقة المثقفين"، أم غير متعلمين وقد صارت عند كثيرٍ: من المُسَلَمَات التي لا تقبل النقاش مع كونها كذبا محضا لا إسناد له أصلا!!!!.
*****
قوله تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ):
يقول ابن كثير رحمه الله: "قال مجاهد، وسعيد بن جبير: أي: يرويه بعضكم عن بعض، يقول هذا: سمعته من فلان، وقال فلان كذا، وذكر بعضهم كذا.
وقرأ آخرون: "إِذْ تَلقُونَه بِأَلْسِنَتِكُمْ". وفي صحيح البخاري عن عائشة: أنها كانت تقرؤها كذلك وتقول: هو مِنْ وَلَق القول. يعني: الكذب الذي يستمر صاحبه عليه، تقول العرب: وَلَق فلان في السير: إذا استمر فيه، والقراءة الأولى أشهر، وعليها الجمهور، ولكن الثانية مَرْويَّة عن أم المؤمنين عائشة".
قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا أبو أسامة، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة أنها كانت تقرأ: "إِذْ تَلقُونَه" وتقول: إنما هو وَلَق القول – والوَلَق: الكذب. قال ابن أبي مليكة: هي أعلم به من غيرها". اهـ
فتكون قراءتها: قراءة آحاد تنزل منزلة خبر الآحاد من جهة الاحتجاج بها في اللغة والأحكام وإن لم تثبت قرآنا، لتخلف شرط التواتر.
وقوله تعالى: (وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ)، أي: بألسنتكم، فهو مجاز مرسل مفرد عند من يقول بالمجاز علاقته: "المحلية"، فأطلق المحل: "الفم"، وأراد الحال فيه: "اللسان"، كما في:
قوله تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ)، أي: أهل ناديه، فأطلق محل اجتماعهم وأراد الحال فيه.
وقوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)، أي: أهل القرية، فأطلق محل سكنهم وأراد الحال فيه.
بتصرف من "جواهر البلاغة"، ص244.
فيكون في ذكر الأفواه مزيد إنكار على من خاض في هذا الأمر من جهة تكلفه ما ليس له، حتى أعمل فمه بأكمله في الأمر، فلم يكتف بلسانه، فمعنى المبالغة والتوكيد مقصود إنكارا على الفاعل، وأما من ينكر المجاز فإنه يقول: المعنى المقصود حاصل بلا تكلف ادعاء وقوع المجاز، فالسياق قد دل على أن في المبالغة معنى الإنكار، والقرينة الحسية تؤيد ذلك، فالكلام لا يكون إلا باللسان.
ومثله:
قوله تعالى: (أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ)، فالأكل لا يكون إلا في البطون، ولكنه ذكرها توكيدا ورفعا للمجاز عند من يقول به، وإليه أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"قوله تعالى: "في بطونهم" ذكر البطون دلالة وتأكيدا على حقيقة الأكل، إذ قد يستعمل مجازا في مثل أكل فلان أرضى ونحوه، وفي ذكر البطون أيضا تنبيه على جشعهم وأنهم باعوا آخرتهم بحظهم من المطعم الذي لا خطر له". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 209).
ومثله:
قوله تعالى: (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ)، و"السقف": لا يكون إلا فوق، ولكنه ذكر جهته توكيدا.
وقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)، و"النكاح" لا يكون إلا للنساء، ولكنه ذكره توكيدا، فتحرم زوجة الأب على الابن سواء أدخل بها أم لم يدخل.
وقولك: رأيته بعيني وسمعته بأذني وتناولته بيدي ومشيت إليه بقدمي ............. إلخ.
*****
قوله تعالى: (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ):
حض آخر على ترك الإنسان ما لا يعنيه، فلا يتكلف قولا لا دليل عليه، وإن خطر بباله ما لا ينبغي، فلا يحدث به.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن كثير رحمه الله: "هذا تأديب آخر بعد الأول: الآمر بالظن خيرا أي: إذا ذكر ما لا يليق من القول في شأن الخيرة فأولى ينبغي الظن بهم خيرا، وألا يشعر نفسه سوى ذلك، ثم إن عَلِق بنفسه شيء من ذلك - وسوسةً أو خيالا - فلا ينبغي أن يتكلم به، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدَّثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل) ". اهـ
*****
قوله تعالى: (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ):
قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ): إلهاب آخر لحملهم على امتثال الموعظة.
وقوله تعالى: (وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ):
الآيات: جمع محلى بـ: "أل" يفيد العموم، فالآيات: شرعية كانت أو كونية قد بينها الله، عز وجل، في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: صاحب الشريعة المبلغ عن ربه عز وجل.
فبيان الآيات الكونية: واضح، فقد يسر الله، عز وجل، التفكر فيها، وحض وأرشد إلى ذلك في أكثر من موضع في كتابه نحو:
قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
وقوله تعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ).
وقوله تعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ).
وقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
وأما بيان الآيات الشرعية، فإما أن يكون:
في الكتاب المنزل: فما أجمل في موضع بين في آخر، كما في:
تبيين معنى الظلم في قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، بقوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
وقوله تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، فقد جاء بيان تلك الكلمات في قوله تعالى: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وقوله تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، فقد جاء بيان هذا القول مفسرا في قوله تعالى: (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى).
وهذا أمر مطرد حتى في علوم اللغة، فتقدير المحذوف، في علم النحو، على سبيل المثال، إن كان الشاهد آية من التنزيل، إنما ينظر فيه أول ما ينظر إلى آي الكتاب، فإن وجد له نظير، حُمِل عليه، وإن صح حمله على غيره، كما في:
قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)، فالفعل "زعم" يتعدى:
بنفسه إلى مفعولين: فيصح أن يقال في غير القرآن: أين شركائي الذين كنتم تزعمونهم شركاءَ لي.
أو تسد جملة: "إن" واسمها وخبرها محلهما، فيقال: أين شركائي الذين كنتم تزعمون أنهم شركائي.
والتقدير الثاني أولى لمجيء التنزيل به، في قوله تعالى: (وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ).
وربما حصل البيان في نفس الموضع كما في:
قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ)، فلفظ "الطارق" بين بعدها مباشرة بقوله تعالى: (النَّجْمُ الثَّاقِبُ)، فجاء البيان بعد الإجمال.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ)، فبين إجمال "سقر" بذكر بعض أوصافها.
وقوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ)، فبين إجمال العقبة بذكر بعض أسباب اقتحامها.
وربما حصل البيان في السنة:
كما في تبيين أحاديث الصلاة والزكاة لمجمل قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ)، فبينت السنة: عدد ركعات الصلاة وأوقاتها وشروطها وواجباتها وسننها ....... إلخ، وبينت شروط الزكاة، وأصنافها، وأنصبتها، ومقاديرها ......... إلخ.
وربما كان الإجمال في السنة، فبينته السنة: في نفس الموضع، كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والدَّيُّوث الذي يقر في أهله الخبث". اهـ
ففي الحديث: تفصيل بذكر أصناف الثلاثة بعد الإجمال في قوله: "ثلاثة حرم الله عليهم الجنة"، وهو ما يعرف في علم البلاغة بـ: "التوشيح"، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وقد يحصل البيان في موضع آخر، كما في:
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ)، فهو: مجمل من جهة النصاب والأصناف، مبين من جهة المقدار.
فبين إجمال نصابه بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ).
وبين إجمال أصنافه بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر).
وقد يكون الإجمال في السنة والبيان في القرآن، كما في حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه: (مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ)، فهو عام مجمل، خص باستثناء الأصواف والأوبار والأشعار، في قوله تعالى: (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ)، مع كونها مما يقطع من البهيمة وهي حية ومع ذلك جاز استعماله، لأن حياته نباتية لا حيوانية كحياة اللحم والعظم والعصب على تفصيل ليس هذا موضعه.
*****
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ):
فعذاب الدنيا هو: الحد، فيكون عذابا مخصوصا قدره الشارع، عز وجل، وعذاب الآخرة هو: النار، كما ذكر ابن كثير، رحمه الله، وقد يقال بأن العذاب في الدنيا عام، لاسيما إذا عطلت الحدود، فيكون المعنى: لهم عذاب أليم بما يقدره الله، عز وجل، عليهم من العقوبات في الدنيا قبل الآخرة، والآية عامة في حق كل من سعى أو رضي بشيوع الفواحش والمنكرات في الذين آمنوا، فيدخل فيها: كل ديوث أو داعر ماجن، لا يقيم لشريعة الرحمن وزنا، والأصل في نصوص الشارع، عز وجل: عموم اللفظ لا خصوص السبب.
*****
قوله تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ):
أي: ولولا ذلك لكان أمر آخر، من المؤاخذة بالذنب، فجواب "لولا" محذوف لدلالة السياق عليه، وهذا أمر مطرد في الكتاب المنزل، وهو أحد أوجه إعجازه، فهو معجز بلفظه، وأحد أوجه إعجاز لفظه: إيجاز عبارته مع حصول المعنى المراد في الأذهان.
*****
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ):
(يُتْبَعُ)
(/)
يعني: طرائقه ومسالكه إلى المعصية، فلا يأمر بمعصية إلا زخرفها، فيرى العاصي: القبيح حسنا، فيقع فيه مع ما فيه من المفسدة الآجلة وإن حصلت به لذة عاجلة سرعان ما تنقضي ويعقبها حسرة في القلب وضيق في الصدر وهم وحزن فتكون سبب شقائه في الدنيا والآخرة.
يقول ابن كثير رحمه الله:
"قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}: عمله. وقال عكرمة: نزغاته. وقال قتادة: كل معصية فهي من خطوات الشيطان. وقال أبو مِجْلَز: النذور في المعاصي من خطوات الشيطان.
وقال مسروق: سأل رجل ابن مسعود فقال: إني حرمت أن آكل طعامًا؟ فقال: هذا من نزعات الشيطان، كَفِّر عن يمينك، وكُل.
وقال الشعبي في رجل نَذَر ذَبْح ولده: هذا من نزغات الشيطان، وأفتاه أن يذبح كبشًا". اهـ
فتفسير عبد الله بن مسعود وأبي مجلز والشعبي، من باب التفسير بـ: "المثال" فيذكر أحد أفراد عموم اللفظ، لا على سبيل التنصيص، وإنما على سبيل المثال، وبـ: "المثال يتضح المقال"، وقد تقرر أن: ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، فعموم قوله تعالى: (خطوات الشيطان)، وهو جمع مضاف إلى محلى بـ: "أل"، لا يخصصه قول أبي مجلز: النذور في المعاصي من خطوات الشيطان، بدليل قوله: "من"، أي أن: نذر المعصية من جنس خطوات الشيطان فـ: "من" في هذا السياق: لبيان الجنس، وقد يصح القول بأنها للتبعيض.
فليس نذر المعصية وحده من خطوات الشيطان، وإنما: النظر إلى المحرم خطوة إلى الزنا، وربا الفضل خطوة إلى ربا النسيئة، وشرب القليل من المسكر خطوة إلى شرب الكثير، والصلاة عند القبور خطوة إلى تعظيمها ......... ، إلخ، ولهذا جاءت الشريعة بسد الذرائع، وهو أصل عند المالكية، رحمهم الله، فحرمت أعيان المعاصي كالزنا، وحرمت وسائلها: كالنظر، فالأول: محرم تحريم مقاصد، فتحريمه مراد لذاته، والثاني: محرم تحريم وسائل فتحريمه مراد لغيره، وقد قرر أهل العلم أن لـ: "الوسائل أحكام المقاصد" إيجابا أو استحبابا أو كراهة أو تحريما.
وفي قوله تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا):
تأكيد على أن التزكية لا تكون إلا شرعية، فنص على العموم بـ: "من" في: "من أحد" المؤكدة لعموم النفي: "ما زكا"، وأكده ثانية بقوله: "أبدا".
فلا يحل لأحد أن يحدث من التزكية ما لم يأذن به الشارع، عز وجل، كما فعل أهل التصوف الذين غلوا في هذا الباب، فعبدوا الله، عز وجل، بالجوع والعطش، وجعلوا المشقة: أصلا، مع أن: "المشقة تجلب التيسير" كما قرر أهل العلم، والمشقة إنما تكون تبعا لا أصلا، فليست مقصودة لذاتها، فالله، عز وجل، غني عن تعذيب عباده لأنفسهم.
وفي الصحيح من حديث أنس، رضي الله عنه، مرفوعا: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا بَالُ هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ).
وقد بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحنيفية السمحة، مصداق حديث أبي أمامة، رضي الله عنه، مرفوعا: (إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ).
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:23 ص]ـ
ومع قوله تعالى: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ):
"يأتل": فعل مضارع مصدره: "ألية" وهو: الحلف، ومنه:
قول الشاعر:
تألى ابن أوس حلفة ليردني ******* إلى نسوة كأنهن مفائد
أي: حلف حلفة، فـ: "حلف": مصدر معنوي لـ: "تألى".
وقول الآخر:
علي ألية إن كنت أدري ******* أينقص حب ليلى أم يزيد
أي: علي يمين.
وقوله تعالى: (أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى):
أي: على أن يؤتوا.
وقوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا):
أمر إرشاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ):
حض لهم على الإتيان بأسباب المغفرة من الإنفاق على أولي القربى.
و "ألا" من الأعلى إلى الأدنى: حض، ومن الأدنى إلى الأعلى: طلب برفق، كمن يقول للخليفة أو الوالي: ألا تنظر في حاجتي، وقد يقال مثل ذلك في الطلب من المساوي كمن يقول لصاحبه: ألا تزورني.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وهذه الآية نزلت في الصدِّيق، حين حلف ألا ينفع مِسْطَح بن أثاثة بنافعة بعدما قال في عائشة ما قال، كما تقدم في الحديث. فلما أنزل الله براءةَ أم المؤمنين عائشة، وطابت النفوس المؤمنة واستقرت، وتاب الله على مَن كان تكلم من المؤمنين في ذلك، وأقيم الحد على مَن أقيم عليه شَرَع، تبارك وتعالى، وله الفضل والمنة، يعطفُ الصدِّيق على قريبه ونسيبه، وهو مِسْطَح بن أثاثة، فإنه كان ابن خالة الصديق، وكان مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر، رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله، وقد وَلَق وَلْقَة تاب الله عليه منها، وضُرب الحد عليها. وكان الصديق، رضي الله عنه، معروفًا بالمعروف، له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب. فلما نزلت هذه الآية إلى قوله: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: فإن الجزاء من جنس العمل، فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك. فعند ذلك قال الصديق: بلى، والله إنا نحب - يا ربنا - أن تغفر لنا. ثم رَجَع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا، في مقابلة ما كان قال: والله لا أنفعه بنافعة أبدًا، فلهذا كان الصدّيق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته". اهـ
بل وذكر ابن حجر من رواية الطبراني: "أن أبا بكر، رضي الله عنه، صار يعطي مسطحا ضعف ما كان يعطيه قبل ذلك". اهـ
وفي قول ابن كثير رحمه الله: "وتاب الله على مَن كان تكلم من المؤمنين في ذلك، وأقيم الحد على مَن أقيم عليه".
إشارة إلى توبة الله، عز وجل، على حسان ومسطح وحمنة، رضي الله عنهم، فالحدود كفارات لأهلها، كما ذكر النووي، رحمه الله، في تبويبه على حديث عبادة بن الصامت، رضي الله عنه، مرفوعا، وفيه: "تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ". اهـ
فليس من شرط الولاية: العصمة، وقد كان حسان، رضي الله عنه، ينافح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشعره، وقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فلما تكلم في حادثة الإفك بما تكلم، حده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم تسقط عدالته بذلك، وتأييد جبريل عليه السلام له إنما يكون حال منافحته عن الله ورسوله، فإن زال الوصف زال الحكم، وإن ثبت الوصف ثبت الحكم، فـ: "الحكم يدور مع علته وجودا أو عدما"، كما تقرر في الأصول، وقد ثبت الوصف في حقه مرة أخرى، لما ذب عن عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمدح أم المؤمنين الطاهرة المطهرة بقوله:
حَصَان رَزَانٌ ما تُزَنّ بريبة ******* وتُصْبح غَرْثَى من لُحوم الغَوَافل
وسبقت الإشارة إلى هذا البيت.
ومما يستفاد من هذه الحادثة:
(يُتْبَعُ)
(/)
"درء المفسدة العظمى بالمفسدة الصغرى"، كما قرر أهل العلم، فقد ترك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حد عبد الله بن أبي، مع أنه هو الذي تولى كبر هذا الأمر، لمنزلته بين قومه من الخزرج، فلو حده، لأدى ذلك إلى أن تحمل الحمية بعضهم على نصرته، فيقع الخلاف بين المسلمين، وهي مفسدة أعظم من مفسدة ترك حده، فدرئت المفسدة العظمى بالصغرى، وقد كاد ذلك يقع فعلا، كما جاء في حديث الإفك: ( .................. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذُرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ).
وهذا من عظيم فقه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحسن سياسته، والرسل عليهم الصلاة ولسلام إنما بعثوا بتحصيل المصالح الدينية والدنيوية وتكميلها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وإلى ذلك أشار ابن تيمية، رحمه الله، بقوله:
"والرسل بعثوا بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها وتقديم خير الخيرين على أدناهما حسب الإمكان ودفع شر الشرين بخيرهما". اهـ
"الجواب الصحيح"، (1/ 394).
يقول القرطبي رحمه الله:
"قال علماؤنا، أي المالكية رحمهم الله: وإنما لم يحد عبد الله بن أبي لأن الله تعالى قد أعد له في الآخرة عذابا عظيما، فلو حد في الدنيا لكان ذلك نقصا من عذابه في الآخرة وتخفيفا عنه مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله عنها وبكذب كل من رماها، فقد حصلت فائدة الحد، إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف، كما قال الله تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}. وإنما حد هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحدود: "إنها كفارة لمن أقيمت عليه"، كما في حديث عبادة بن الصامت. ويحتمل أن يقال: إنما ترك حد ابن أبي استئلافا لقومه واحتراما لابنه، وإطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه، كما في صحيح مسلم. والله أعلم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 166، 167).
ويقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:
"وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ رَتَّبَه وُلَاة الْأُمُورِ، لَيْسَ في تَرْكِ الصلاة خَلْفَه مَصْلَحَة شَرْعِيَّة، فَهُنَا لَا يَتْرُكُ الصلاة خَلْفَه، بَلِ الصلاة خَلْفَ الأفضل أَفْضَلُ، فَإِذَا أَمْكَنَ الْإِنْسَانُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ مظْهرًا لِلْمُنْكَرِ في الْإِمَامَة، وَجَبَ عليه ذَلِكَ، لَكِنْ إِذَا وَلَّاه غيره، وَلَمْ يُمْكِنْه صَرْفُه عَنِ الْإِمَامَة، أَوْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِه عَنِ الْإِمَامَة إِلَّا بِشَرٍّ أَعْظَمَ ضَرَرًا مِنْ ضَرَرِ مَا أَظْهَرَ مِنَ الْمُنْكَرِ - فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْفَسَادِ الْقَلِيلِ بِالْفَسَادِ الْكَثِيرِ، وَلَا دَفْعُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ
(يُتْبَعُ)
(/)
بِحُصُولِ أَعْظَمِهِمَا، فَإِنَّ الشَّرَائِعَ جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. فَتَفْوِيتُ الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِيهِمَا بِالْإِمَامِ الْفَاجِرِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ التَّخَلُّفُ عَنْهَا لَا يَدْفَعُ فُجُورًا، فَيَبْقَى تَعْطِيلُ الْمَصْلَحَة الشَّرْعِيَّة بِدُونِ دَفْعِ تِلْكَ الْمَفْسَدَة". اهـ
"شرح الطحاوية"، ص361.
*****
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ):
تقدم في آية: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ .............. )، أنها مخصوصة بهذه الآية، لأنها في حق أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، خاصة، فلا تقبل توبة قاذفهن، فإن لم يتب قتل ردة لتكذيبه صريح القرآن، وإن تاب قتل حدا، فحكم سبهن كحكم سب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأن سبهن من سبه، فهن فراشه، فمن طعن في عرضهن الشريف، فقد طعن لزوما في عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يقول ابن كثير رحمه الله: "هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات - خُرِّج مخرج الغالب – المؤمنات. فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة، ولاسيما التي كانت سبب النزول، وهي عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما.
وقد أجمع العلماء، رحمهم الله، قاطبة على أن مَنْ سَبَّها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه كافر، لأنه معاند للقرآن. وفي بقية أمهات المؤمنين قولان: أصحهما أنهن كهي، والله أعلم". اهـ
فعلة الحكم متعدية إلى بقية أمهات المؤمنين بجامع علة الزوجية المتحققة في كل واحدة منهن.
ويشهد لعدم قبول توبة قاذفهن ما ذكره ابن كثير، رحمه الله، من رواية ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا هُشَيْم، أخبرنا العوام بن حوشب، عن شيخ من بني أسد، عن ابن عباس – قال: فسر سورة النور، فلما أتى على هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا} الآية – قال: في شأن عائشة، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مبهمة، وليست لهم توبة، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} إلى قوله: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} الآية [النور: 4، 5]، قال: فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لمن قذف أولئك توبة، قال: فهمّ بعضُ القوم أن يقوم إليه فيقبل رأسه، من حسن ما فسَّر به سورة النور". اهـ
ويواصل ابن كثير، رحمه الله، فيقول:
فقوله: "وهي مبهمة"، أي: عامة في تحريم قذف كل محصنة، ولَعْنته في الدنيا والآخرة
وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "هذا في عائشة، ومن صنع مثل هذا أيضًا اليوم في المسلمات، فله ما قال الله، عز وجل، ولكن عائشة كانت إمامَ ذلك".
وقد اختار ابن جرير عمومها، وهو الصحيح، ويعضد العموم ما رواه ابن أبي حاتم:
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن - ابن أخي ابن وهب - حدثنا عمي، حدثنا سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن أبي الغَيث عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات". قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فـ: "أل" في "المحصنات": "أل" الموصولة التي تفيد العموم، فيشمل الحكم كل من اتصف بصلتها، فآل الكلام إلى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ اللاتي أحصن، فلم يفرق بين محصنة وأخرى، على أن لأمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، من المكانة ما ليس لغيرهن، بحكم قربهن من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونزول براءة إحداهن، فلا يسوى بينهن وبين بقية النساء، فقذف غيرهن: كبيرة، وقذفهن: كفر، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
*****
قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ):
فـ: "يوم": ظرف وقوع العذاب الأليم، فهو واقع بهم يوم يختم الله، عز وجل، على أفواههم، وتتكلم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كسبت.
يومئذ: أي يوم إذ يوفيهم الله، عز وجل، حسابهم، فالتنوين في: "إذ": تنوين عوض عن جملة يضاف إليها الظرف: "إذ".
والدين يطلق على:
ما يتدين به الإنسان.
والخُلُق: ومنه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِطُ)، والحديث عند أحمد، رحمه الله، في مسند أبي هريرة رضي لله عنه.
والجزاء والحساب: وهو المقصود في هذه الآية، وسمي يوم القيامة: يوم الدين، لوقوع الحساب والجزاء فيه.
يقول ابن كثير رحمه الله:
"وقوله: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} قال ابن عباس: {دِينَهُمُ} أي: حسابهم، وكل ما في القرآن {دِينَهُمُ} أي: حسابهم. وكذا قال غير واحد.
ثم إن قراءة الجمهور بنصب {الْحَقَّ} على أنه صفة لدينهم، وقرأ مجاهد بالرفع، على أنه نعت الجلالة، أي: اللهُ الحقُ، وقرأها بعض السلف في مصحف أبي بن كعب: (يومئذ يوفيهم الله الحقّ دينهم) ". اهـ
وقراءة أبي، رضي الله عنه، مخالفة لمصحف عثمان، رضي الله عنه، فلا تجوز القراءة بها الآن، فإما أن تكون من الأحرف التي اندثرت، وإما أن تكون مما نسخ، فلم يعارض به جبريلُ عليه السلام النبيَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في العرضة الأخيرة التي شهدها زيد بن ثابت رضي الله عنه.
وقوله: (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ):
فيه توكيد بتصدير الجملة بفعل العلم القلبي الجازم، و: "أن"، و: ضمير الفصل: "هو"، وتعريف الجزأين: "الله" و "الحق"، ففيها من المؤكدات ما يبطل إنكار المنكر، وتردد المتردد من باب أولى.
واسم "المبين" له جذران:
لازم من "بان": فيكون دالا على صفة ذات، هو عز وجل، بين لذوي العقول، كما أشار إلى ذلك البيهقي، رحمه الله، في "شعب الإيمان" بقوله: "المبين: وله معان منها أنه بين لذوي العقول، ومنها أن الفضل يقع به ومنها أن التحقيق، والتمييز إليه، ومنها أن الهداية به". اهـ
ومتعد من "أبان" المتعدي بهمزة التعدية: فيدل على صفة الإبانة، فهو مبين في ذاته، جل وعلا، مُبَيِنٌ لغيره طريق الهداية، فلا يحصل البيان المنجي في: العلميات والعمليات، إلا من جهة الشارع عز وجل.
والأولى: صفة ذات، والثانية: صفة فعل متعلقة بمشيئة الباري عز وجل.
*****
قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ):
ذكر أهل العلم لهذه الآية تفسيرين:
الأول: الكلمات الخبيثات للخبيثين، والخبيثون من الرجال للكلمات الخبيثات والكلمات الطيبات للطيبين، والطيبون من الرجال للكلمات الطيبات، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما.
والثاني: النساء الخبيثات للخبيثين، والخبيثون من الرجال للنساء الخبيثات والنساء الطيبات للطيبين، والطيبون من الرجال للنساء الطيبات، وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله.
فيكون في الكلام حذف للموصوف وإقامة للصفة مقامه، نظير:
قوله تعالى: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ)، أي: دروعا سابغات.
وقول الشاعر:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا سابغات ولا جأواء باسلة ******* تقي المنون لدى استيفاء آجال
أي: لا دروع سابغات.
وقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ)، أي: عملا صالحا.
وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ)، أي: وصنف مختلف ألوانه، فحذف الموصوف وأنيب عنه الوصف: "مختلف".
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ)، أي: النسوة المؤمنات، فحذف اسم الجمع: "النسوة" الذي يجوز معه تأنيث الفعل أو تذكيره، وناب عنه الوصف: "المؤمنات" فساغ تذكير الفعل معه، في أحد تخريجات هذه الآية.
وعلى كلا القولين فإن براءة عائشة، رضي الله عنها، ثابتة، إما بـ:
دلالة المطابقة في القول الثاني: لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، طيب، فلا يختار الله، عز وجل، له إلا أطيب النساء.
أو بـ: دلالة اللزوم في القول الأول: لأن الله، عز وجل، لا يختار لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا أطيب الكلمات وأشرفها، ولا أخبث من الطعن في عرض الرجل، فإنه يعود عليه بالذم لزوما، فتلحقه معرة السب بالخبيث من القول، وهو أمر نزه الباري، عز وجل، عنه، نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وإلى ذلك أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"وهذا - أيضًا -، (أي: القول الثاني: قول عبد الرحمن بن زيد رحمه الله)، يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم، أي: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له، لا شرعا ولا قدرا، ولهذا قال: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} أي: هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أي: بسبب ما قيل فيهم من الكذب، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: عند الله في جنات النعيم. وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة". اهـ
ولهذا ذهب بعض أهل العلم، كابن حزم رحمه الله، إلى أن زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أفضل الأمة بعده، لأنهن رفيقاته في الجنة، ولا منزلة أعلى من منزلته، وأجيب بأنهن تبع له في المنزلة، فما يكون لهن من الشرف وعلو المنزلة إنما يكون برفقته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإن كن شريفات في أنفسهن، بخلاف: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ......... رضي الله عنهم جميعا، فإن منزلتهم إنما تكون بما ثبت لهم من الخصائص والفضائل التي ترجع إلى شرف صحبتهم له، فهي أعلى من شرف الزوجية.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:31 ص]ـ
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ):
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"هذه آداب شرعية، أدّب الله بها عباده المؤمنين، وذلك في الاستئذان أمر الله المؤمنين ألا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتى يستأنسوا، أي: يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده. وينبغي أن يستأذن ثلاثًا، فإن أذن له، وإلا انصرف، كما ثبت في الصحيح: أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا، فلم يؤذن له، انصرف. ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له. فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما رَجَعَك؟ قال: إني استأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا، فلم يؤذن له، فلينصرف". فقال: لَتَأتِيَنَّ على هذا ببينة وإلا أوجعتك ضربًا. فذهب إلى ملأ من الأنصار، فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلا أصغرنا. فقام معه أبو سعيد الخُدْريّ فأخبر عمر بذلك، فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
ألهاني عنه الصَّفْق بالأسواق". اهـ
وقد استدل بعض أهل الأهواء بهذا الحديث على عدم جواز العمل بخبر الواحد، لأن عمر، رضي الله عنه، لم يقبل خبر أبي موسى بمفرده حتى أتى بشاهد يشهد له، والجواب على ذلك:
أن شهادة أبي سعيد لأبي موسى، رضي الله عنهما، لم تعل بها مرتبة الحديث من: الآحاد إلى المتواتر، فرواية الاثنين من: "العزيز"، و العزيز من أقسام الآحاد، كما قرر علماء المصطلح، فسقط استدلالهم، لأن دليلهم شاهد على ضد دعواهم من عدم العمل بخبر الآحاد.
وأيضا: لم يرد عمر، رضي الله عنه، رواية أبي موسى، رضي الله عنه، لطعن فيه، فهو عنده عدل، وإنما أراد عمر، رضي الله عنه، أن يحتاط الناس في رواية الحديث، كما علم من سيرته، فإن الناس إذا علموا بما وقع لأبي موسى، رضي الله عنه، مع عظم منزلته، كان ذلك أدعى لغيره إلى الاحتياط، فيكون فعل عمر، رضي الله عنه، من باب التنبيه على الأدنى بالأعلى، فثبوت الاحتياط في حق من لم يصحب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مع كونهم أدنى منزلة من أبي موسى، رضي الله عنه، أولى من ثبوته لمن صحب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأبي موسى رضي الله عنه.
والاستئذان: حكم يتكرر سببه كثيرا، وقد كان عمر، رضي الله عنه، ملازما للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أغلب أحواله، ومع ذلك لم يعلم بهذه السنة، فصادف خبر أبي موسى، رضي الله عنه، شكا في نفس عمر، فأراد أن يستوثق لاحتمال ورود الخطأ على أبي موسى، رضي الله عنه، لا أنه طعن في خبره ابتداء، فلو كان مما لا تعم به البلوى، لقبله دون طلب بينة عليه.
وقد علم أن من أنواع الخبر:
الخبر الابتدائي: الذي يصادف خالي الذهن فلا يحتاج إلى مؤكد أو بينة.
والخبر الطلبي: الذي يصادف شكا في نفس المستمع، فيحتاج إلى مؤكد أو بينة، تزيل الشك، وعلى هذا النوع يُنَزَلُ خبر أبي موسى رضي الله عنه.
وإلى ذلك أشار الحافظ، رحمه الله، في "الفتح" بقوله:
"وَتَعَلَّقَ بِقِصَّةِ عُمَر مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْبَل خَبَر الْوَاحِد، وَلَا حُجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ قَبِلَ خَبَر أَبِي سَعِيد الْمُطَابِق لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَلَا يَخْرُج بِذَلِكَ عَنْ كَوْنه خَبَر وَاحِد، وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ اِدَّعَى أَنَّ خَبَر الْعَدْل بِمُفْرَدِهِ لَا يُقْبَل حَتَّى يَنْضَمّ إِلَيْهِ غَيْره كَمَا فِي الشَّهَادَة، قَالَ اِبْن بَطَّال: وَهُوَ خَطَأ مِنْ قَائِله وَجَهْل بِمَذْهَبِ عُمَر، فَقَدْ جَاءَ فِي بَعْض طُرُقه أَنَّ عُمَر قَالَ لِأَبِي مُوسَى " أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ لَا يَتَجَرَّأ النَّاس عَلَى الْحَدِيث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قُلْت: وَهَذِهِ الزِّيَادَة فِي الْمُوَطَّأ عَنْ رَبِيعَة عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ أَبَا مُوسَى. . . فَذَكَرَ الْقِصَّة وَفِي آخِره " فَقَالَ عُمَر لِأَبِي مُوسَى: أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك، وَلَكِنِّي خَشِيت أَنْ يَتَقَوَّل النَّاس عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا آنِفًا " فَقَالَ عُمَر لِأَبِي مُوسَى وَاَللَّه إِنْ كُنْت لَأَمِينًا عَلَى حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَحْبَبْت أَنْ أَسْتَثْبِت " وَنَحْوه فِي رِوَايَة أَبِي بُرْدَة حِين قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب لِعُمَر " لَا تَكُنْ عَذَابًا عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سُبْحَان اللَّه، إِنَّمَا سَمِعْت شَيْئًا فَأَحْبَبْت أَنْ أَتَثَبَّت " قَالَ اِبْن بَطَّال: فَيُؤْخَذ مِنْهُ التَّثَبُّت فِي خَبَر الْوَاحِد لِمَا يَجُوز عَلَيْهِ مِنْ السَّهْو وَغَيْره، وَقَدْ قَبِلَ عُمَر خَبَر الْعَدْل الْوَاحِد بِمُفْرَدِهِ فِي تَوْرِيث الْمَرْأَة مِنْ دِيَة زَوْجهَا وَأَخْذ الْجِزْيَة مِنْ الْمَجُوس إِلَى غَيْر ذَلِكَ، لَكِنَّهُ كَانَ يَسْتَثْبِت إِذَا وَقَعَ لَهُ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ". اهـ
ومن فوائد هذا الحديث:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن الفاضل قد يخفى عليه ما لا يخفى على المفضول، فقد خفيت هذه السنة على عمر، رضي الله عنه، وعلمها أبو موسى، رضي الله عنه، مع كون عمر أفضل منه بالإجماع.
وإلى ذلك أشار الحافظ، رحمه الله، بقوله:
"وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِم الْمُتَبَحِّر قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ الْعِلْم مَا يَعْلَمهُ مَنْ هُوَ دُونه وَلَا يَقْدَح ذَلِكَ فِي وَصْفه بِالْعِلْمِ وَالتَّبَحُّر فِيهِ. قَالَ اِبْن بَطَّال: وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ عَلَى عُمَر فَمَا ظَنّك بِمَنْ هُوَ دُونه". اهـ
ومن آداب الاستئذان ألا يستقبل المستأذن بوجهه تلقاء الباب، ولكن لينحرف يمينا أو يسارا، وإلى ذلك أشار ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"ثم ليُعْلمْ أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل ألا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليَكن البابُ، عن يمينه أو يساره، لما رواه أبو داود: حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل الحراني - في آخرين – قالوا: حدثنا بَقيَّة، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن بُسْر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: "السلام عليكم، السلام عليكم". وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور. تَفَرد به أبو داود.
وقال أبو داود أيضًا: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، (ح) قال أبو داود: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص، عن الأعمش، عن طلحة، عن هُزَيل قال: جاء رجل - قال عثمان، (أي: ابن أبي شيبة شيخ أبي داود في الطريق الأولى): سعد - فوقف على باب النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن، فقام على الباب - قال عثمان: مستقبل الباب - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هكذا عنك – أو: هكذا - فإنما الاستئذان من النظر"". اهـ
فقوله: "فإنما الاستئذان من النظر": تنصيص على العلة، فعلة الاستئذان: النظر، و "من" في قوله: "من النظر": سببية، كقوله تعالى: (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ)، أي: خاشعين بسبب ما يعلوهم من ذلة، فآل الكلام إلى: إنما جعل الاستئذان بسبب النظر.
وذكر ابن كثير، رحمه الله، في تفسير هذه الآية رواية:
ابن جرير: حدثنا ابن بَشَّار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذه الآية: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} قال: إنما هي خطأ من الكاتب، "حَتَّى تَسْتَأذنُوا وَتُسَلِّمُوا".
وهكذا رواه هُشَيم، عن أبي بشر - وهو جعفر بن إياس – به. وروى معاذ بن سليمان، عن جعفر بن إياس، عن سعيد، عن ابن عباس، بمثله، وزاد: وكان ابن عباس يقرأ: "حَتَّى تَسْتَأذنُوا وَتُسَلِّمُوا"، وكان يقرأ على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه.
ثم علق بقوله:
"وهذا غريب جدًّا عن ابن عباس". اهـ
وإليه أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"وروي عن ابن عباس وبعض الناس يقول عن سعيد بن جبير: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} خطأ أو وهم من الكاتب، إنما هو {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}. وهذا غير صحيح عن ابن عباس وغيره، فإن مصاحف الإسلام كلها قد ثبت فيها: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}، وصح الإجماع فيها من لدن مدة عثمان، فهي التي لا يجوز خلافها. وإطلاق الخطأ والوهم على الكاتب في لفظ أجمع الصحابة عليه قول لا يصح عن ابن عباس، وقد قال عز وجل: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] " اهـ.
ومثله ما نُسب إلى عثمان، رضي الله عنه، من قوله: "إن في القرآن لحنا وستقيمه العرب بألسنتها"!!!، وإلى عائشة، رضي الله عنها، من قولها في قوله تعالى: (والمقيمين الصلاة)، و: (لكن الراسخون)، و: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون)، و: (إن هذا لساحران): "يا ابن أخي هذا خطأ من الكاتب"!!!!.
وقد أجاب ابن تيمية، رحمه الله، عن الخبر الأول بقوله:
وهذا خبر باطل لا يصح من وجوه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدها: أن الصحابة، رضي الله عنهم، كانوا يتسارعون إلى إنكار أدنى المنكرات، فكيف يقرون اللحن في القرآن، مع أنهم لا كلفة عليهم في إزالته؟
والثاني: أن العرب كانت تستقبح اللحن غاية الاستقباح في الكلام، فكيف لا يستقبحون بقاءه في المصحف.
والثالث: أن الاحتجاج بأن العرب ستقيمه بألسنتها غير مستقيم، لأن المصحف الكريم يقف عليه العربي والعجمي، (فإذا كان العربي قادرا على إقامته فكيف بالعجمي الذي لا يحسن العربية).
والرابع: أنه قد ثبت في الصحيح أن زيد بن ثابت أراد أن يكتب: (التابوت) بالهاء على لغة الأنصار فمنعوه من ذلك، ورفعوه إلى عثمان، رضي الله عنه، وأمرهم أن يكتبوه بالتاء على لغة قريش، (لأنه نزل بلغتهم ابتداء وإنما نزل بعد ذلك ببقية الأحرف تيسيرا على الناس فلما ذلت به ألسنتهم زالت الرخصة فردوا إلى حرف قريش)، ولما بلغ عمر، رضي الله عنه، أن ابن مسعود، رضي الله عنه، قرأ: "عتى حين" على لغة هذيل أنكر ذلك عليه، وقال: أقرئ الناس بلغة قريش، فإن الله تعالى إنما أنزله بلغتهم، ولم ينزل بلغة هذيل. اهـ ملخصا.
بتصرف نقلا عن: "شرح شذور الذهب"، ص79، 80.
وأما أثر عائشة، رضي الله عنه، فقد أجاب عنه ابن هشام، رحمه الله، بقوله:
"روى هذه القصة الثعلبي وغيره من المفسرين، وهذا، أيضا، بعيد الثبوت عن عائشة، رضي الله عنها، فإن هذه القراءات كلها موجهة". اهـ
وقد أجاب عنها ابن هشام، رحمه الله، في مواضع من "شرح الشذور"، فيبعد أن يخفى ذلك عن عائشة، رضي الله عنها، وهي من هي في الفصاحة وحسن البيان.
والثعلبي، رحمه الله، ممن يورد كل ما وقع له من روايات في تفسيره دون تدقيق، وإلى ذلك أشار ابن تيمية، رحمه الله، في "مقدمة أصول التفسير" بقوله: "والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع". اهـ
وهذا شأن أغلب المفسرين، لأن كتب التفسير ليست كتب رواية، كالصحيحين والسنن، فيتساهل مصنفوها في إيراد الروايات، ما لا يتساهل من يصنف في العقائد والأحكام من أصحاب الأصول، كالجوامع والسنن.
وقد أخرج الأثر المنسوب إلى عائشة، رضي الله عنها، أيضا، الطبري، رحمه الله، في تفسيره، وهو تفسير بالمأثور، يروي مصنفه بالسند، ولكنه لم يشترط الصحة في كل ما يرويه، بل قصد جمع الروايات، فأبرز رجال أسانيدها، فخرج بذلك من عهدتها، فليس مجرد روايته الأثر كافيا في الحكم بصحته، بل ينظر في رجال السند، وقد روى هذا الأثر من طريق: شيخه ابن حميد، قال: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه سأل عائشة ............... الأثر.
ومحمد بن حميد الرازي: متهم بالكذب مع كونه حافظا واسع الرواية، كما أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي، رحمه الله، في "ميزان الاعتدال"، ترجمة: 7453 بقوله:
"عن يعقوب القمى، وابن المبارك: من بحور العلم وهو، (أي: ابن حميد) ضعيف.
قال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير.
وقال البخاري: فيه نظر، (وهذا اللفظ من البخاري يدل على الجرح الشديد).
وكذبه أبو زرعة.
وقال فضلك الرازي: عندي عن ابن حميد خمسون ألف حديث، ولا أحدث عنه بحرف". اهـ بتصرف.
فالخبر مروي بإسناد واه، فسقط الاحتجاج به.
وأما الطريق الآخرى لهذه الرواية الضعيفة فهي: ما رواه الفراء عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
فهي، بادي الرأي، بمنزلة المتابعة التامة للطريق الأولى في محمد بن حميد الرازي، ولكنهما يرجعان، عند التحقيق، إلى طريق واحدة، لأن مدار الحديث على أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، فلا يقال بأن إحداهما تقوي الأخرى، لأنهما تَؤُولان إلى: طريق واحدة مخرجها واحد، والطريق لا تتقوى بنفسها، وإنما تتقوى بطريق تخالفها المخرج.
ومحمد بن خازم الضرير قال عنه:
الإمام أحمد رحمه الله: "أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظا جيدا".
وقال أبو داود: قلت لأحمد: كيف حديث أبي معاوية عن هشام ابن عروة قال: فيها أحاديث مضطربة يرفع منها أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ
من ترجمة أبي معاوية من "تهذيب التهذيب".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أبو حاتم الرازي رحمه الله: "أثبت الناس في الأعمش سفيان ثم أبو معاوية ومعتمر بن سليمان أحب إلي من أبي معاوية يعني في غير حديث الأعمش".
وقال ابن خراش: يقال: هو في الأعمش ثقة، وفى غيره فيه اضطراب، وكذلك قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: هو في غير الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظا جيدا.
من ترجمة أبي معاوية من "ميزان الاعتدال"، ترجمة: 10618 في الكنى.
فحاصل القول: أن أبا معاوية ثقة في الأعمش مضطرب في غيره، وفي روايته عن هشام بن عروة، بعينها، اضطراب نص عليه أحمد رحمه الله.
والرواية محل البحث من طريق غير الأعمش، بل هي من طريق هشام بن عروة التي تكلم فيها أحمد، رحمه الله، فلا حجة فيها.
فضلا عن كون هذه الرواية اللقيطة لم ترد في كتاب معتمد من كتب السنة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فالفراء، رحمه الله، من أئمة اللغة، فلم يكن له اختصاص بالرواية، فالغالب عليه، كما يقول الحافظ رحمه الله في "التهذيب": الأدب، ولم يرو له البخاري إلا تعليقا في موضعين في تفسير الحديد والعصر ولم يذكره المزي، رحمه الله، في "تحفة الأشراف"، لندرة روايته في كتب الأصول فليس له فيها إلا هاتان الروايتان المعلقتان.
ومحمد بن حميد سبق بيان حاله.
فكيف يعتمد على رواية كهذه في إثبات أمر جليل كهذا، فالاستدلال بمثل هذه الروايات في الطعن على كتاب الله، عز وجل، هو دأب أهل الباطل من أهل الملل الأخرى، كما هو حاصل من بعض النصارى المعاصرين، (لاسيما نصارى مصر أدعياء العلم والتحقيق، مع أن بعضهم لا يعرف أصلا مواضع الآيات التي يحتج بها على المسلمين!!!)، وأهل الأهواء من النحل التي تنتسب إلى القبلة، وعلى رأسهم الرافضة الغلاة، فيعرض أولئك المغرضون عن المحكمات إلى المتشابهات والمنكرات والموضوعات ليشيدوا بها بدعهم.
وإذا نظرت إلى مستنداتهم وجدتها:
إما ألفاظا صحيحة غير صريحة أساءوا فهمها، لعظيم جهلهم، أو تعمدوا ذلك، فحملوها على وجه باطل، ولم يردوها إلى محكمها.
أو: ألفاظ باطلة، وهو الغالب على استدلالاتهم، التقطوها من كتب التواريخ المشبوهة كتواريخ: اليعقوبي والمسعودي، أو كتب الأسمار ككتاب الأصفهاني، "الأغاني"، وكتاب ابن عبد ربه، "العقد الفريد"، أو التفاسير وكتب اللغة التي يروي أصحابها ما وقع في أيديهم، سواء أسندوه أم لم يسندوه.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"ولهذا تجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولهم وما تأولوه من اللغة ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين فلا يعتمدون لا على السنة ولا على إجماع السلف وآثارهم وإنما يعتمدون على العقل واللغة وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التى وضعتها رؤوسهم وهذه طريقة الملاحدة أيضا إنما يأخذون ما في كتب الفلسفة وكتب الأدب واللغة، وأما كتب القرآن والحديث والآثار فلا يلتقون إليها. هؤلاء يعرضون عن نصوص الأنبياء إذ هى عندهم لا تفيد العلم وأولئك يتأولون القرآن برأيهم وفهمهم بلا آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه". اهـ
"الإيمان"، ص76، 77.
ويقول في "مجموع الفتاوى":
"وَالْمُصَنِّفُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ: كالبغوي وَابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَنَحْوِهِمَا: كَالْمُصَنِّفِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ: هُمْ بِذَلِكَ أَعْلَمُ وَأَصْدَقُ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُمْ يُسْنِدُونَ مَا يَنْقُلُونَهُ عَنْ الثِّقَاتِ أَوْ يُرْسِلُونَهُ عَمَّنْ يَكُونُ مُرْسِلُهُ يُقَارِبُ الصِّحَّةَ بِخِلَافِ الْإِخْبَارِيِّينَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِمَّا يُسْنِدُونَهُ عَنْ كَذَّابٍ أَوْ مَجْهُولٍ. وَأَمَّا مَا يُرْسِلُونَهُ فَظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَهَؤُلَاءِ لَعَمْرِي مِمَّنْ يَنْقُلُ عَنْ غَيْرِهِ مُسْنَدًا أَوْ مُرْسَلًا. وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَنَحْوُهُمْ: فَيَعْتَمِدُونَ عَلَى نَقْلٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ قَائِلٌ أَصْلًا لَا ثِقَةٌ وَلَا مُعْتَمَدٌ. وَأَهْوَنُ شَيْءٍ عِنْدَهُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْكَذِبُ الْمُخْتَلَقُ. وَأَعْلَمُ مَنْ فِيهِمْ لَا يَرْجِعُ فِيمَا يَنْقُلُهُ إلَى عُمْدَةٍ بَلْ إلَى سماعات عَنْ الْجَاهِلِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَرِوَايَاتٍ عَنْ أَهْلِ الْإِفْكِ الْمُبِينِ". اهـ
ويقول في "الوصية الكبرى": "إن الأحاديث الضعيفة والموضوعة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يجوز الاحتجاج بها، بل ولا تجوز روايتها أصلا إلا لبيان حالها، وإنما ينبغي الإعراض عنها، لأن العقيدة لا تثبت بالأحاديث الضعيفة، والأخبار الضعيفة والمكذوبة، وبناء الاعتقاد عليها، وبخاصة فيما يتعلق بمباحث الألوهية والصفات ونحوها". اهـ بتصرف نقلا عن "المبتدعة وموقف أهل السنة والجماعة منهم" للشيخ الدكتور أبي عبد الله محمد بن يسري.
ويقول في "مجموع الفتاوى":
"فَالْوَاجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْحَدِيثِ الْكَذِبِ فَإِنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْحَقُّ دُونَ الْبَاطِلِ؛ وَهِيَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ دُونَ الْمَوْضُوعَةِ: فَهَذَا "أَصْلٌ عَظِيمٌ" لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عُمُومًا وَلِمَنْ يَدَّعِي السُّنَّةَ خُصُوصًا". اهـ
وعن مصادر التلقي يقول في آخر من "الفتاوى":
"الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَبِإِزَائِهِ لِقَوْمٍ آخَرِينَ الْمَنَامَاتُ والإسرائيليات وَالْحِكَايَاتُ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي لَا بَاطِلَ فِيهِ هُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنْ اللَّهِ وَذَلِكَ فِي حَقِّنَا وَيُعْرَفُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا مَا لَمْ تَجِئْ بِهِ الرُّسُلُ عَنْ اللَّهِ؛ أَوْ جَاءَتْ بِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ مُوَصِّلَةٌ إلَى الْعِلْمِ بِهِ فَفِيهِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ فَلِهَذَا كَانَتْ الْحُجَّةُ الْوَاجِبَةُ الِاتِّبَاعَ: لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَإِنَّ هَذَا حَقٌّ لَا بَاطِلَ فِيهِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِحَالِ عَامُّ الْوُجُوبِ لَا يَجُوزُ تَرْكُ شَيْءٍ مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأُصُولُ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْخُرُوجُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَالثَّانِي: أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ". اهـ
وديننا هذا، كما يقول أحد الفضلاء المعاصرين هو: "دين الدليل"، فلا ينبغي لأحد أن يقبل قولا أو رأيا حتى يعرف دليل صاحبه ليطمئن قلبه وليكون على بينة من أمره.
وعودة بعد هذا الاستطراد:
فالاستئذان على المحارم أدب قد هجره كثير من الناس، وقد روى ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، رضي الله عنه، قال: ثلاث آيات جَحَدها الناس: قال الله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، قال: ويقولون: إن أكرمهم عند الله أعظمهم بيتًا. قال: والإذن كله قد جحده الناس. قال: قلت: أستأذن على أخواتي أيتام في حجري، معي في بيت واحد؟ قال: نعم. فرددت ليرخِّص لي، فأبى. قال: تحب أن تراها عريانة؟ قلت: لا. قال: فاستأذن. قال: فراجعته أيضًا، فقال: أتحب أن تطيع الله؟ قلت: نعم. قال: فاستأذن.
قال ابن جُرَيْج: وأخبرني ابن طاوس عن أبيه قال: ما من امرأة أكره إلي أن أرى عريتها من ذات محرم. قال: وكان يشدد في ذلك.
وقال ابن جريج، عن الزهري: سمعت هُزَيل بن شُرَحْبِيل الأوْدِيّ الأعمى، أنه سمع ابن مسعود يقول: عليكم الإذن على أمهاتكم.
وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا.
يقول ابن كثير رحمه الله:
"وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به، لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها".
(يُتْبَعُ)
(/)
فليس نفي أمر الوجوب بناف لأمر الاستحباب، فنفي الأعلى لا يستلزم نفي الأدنى، كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ)، فنفي أمر الإيجاب الأعلى لا يستلزم نفي أمر الاستحباب الأدنى، فانتفى وجوب السواك وثبت استحبابه، فكذا الأمر في الاستئذان على الزوجة، فهو، وإن كان غير واجب إلا أنه مستحب لئلا يطلع عليها في هيئة تكرهها.
ويشهد لذلك ما رواه الطبري، رحمه الله، من طريق القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا محمد بن حازم، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن أخي زينب - امرأة عبد الله بن مسعود -، عن زينب، رضي الله عنها، قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب، تنحنح وبزق، كراهية أن يهجُم منا على أمر يكرهه.
قال ابن كثير رحمه الله:
"إسناد صحيح". اهـ
وفي حديث جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، مرفوعا: (أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا أَيْ عِشَاءً لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ)، وفي رواية: (إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الْغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا).
فيشرع للرجل ألا يطرق أهله ليلا بعد طول غيبة قبل أن يعلمها، وإلى ذلك أشار الحافظ، رحمه الله، بقوله: "التَّقْيِيد فِيهِ بِطُولِ الْغَيْبَة يُشِير إِلَى أَنَّ عِلَّة النَّهْي إِنَّمَا تُوجَد حِينَئِذٍ، فَالْحُكْم يَدُور مَعَ عِلَّته وُجُودًا وَعَدَمًا، فَلَمَّا كَانَ الَّذِي يَخْرُج لِحَاجَتِهِ مَثَلًا نَهَارًا وَيَرْجِع لَيْلًا لَا يَتَأَتَّى لَهُ مَا يَحْذَر مِنْ الَّذِي يُطِيل الْغَيْبَة كَانَ طُول الْغَيْبَة مَظِنَّة الْأَمْن مِنْ الْهُجُوم، فَيَقَع الَّذِي يَهْجُم بَعْد طُول الْغَيْبَة غَالِبًا مَا يُكْرَه، إِمَّا أَنْ يَجِد أَهْله عَلَى غَيْر أُهْبَة مِنْ التَّنَظُّف وَالتَّزَيُّن الْمَطْلُوب مِنْ الْمَرْأَة فَيَكُون ذَلِكَ سَبَب النَّفْرَة بَيْنهمَا، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث الْبَاب الَّذِي بَعْده بِقَوْلِهِ " كَيْ تَسْتَحِدّ الْمُغِيبَة، وَتَمْتَشِط الشَّعِثَة " وَيُؤْخَذ مِنْهُ كَرَاهَة مُبَاشَرَة الْمَرْأَة فِي الْحَالَة الَّتِي تَكُون فِيهَا غَيْر مُتَنَظِّفَة لِئَلَّا يَطَّلِع مِنْهَا عَلَى مَا يَكُون سَبَبًا لِنَفْرَتِهِ مِنْهَا، وَإِمَّا أَنْ يَجِدهَا عَلَى حَالَة غَيْر مُرْضِيَّة وَالشَّرْع مُحَرِّض عَلَى السَّتْر وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " أَنْ يَتَخَوّنَهُم وَيَتَطَلَّب عَثَرَاتهمْ " فَعَلَى هَذَا مَنْ أَعْلَم أَهْله بِوُصُولِهِ وَأَنَّهُ يَقْدُم فِي وَقْت كَذَا مَثَلًا لَا يَتَنَاوَلهُ هَذَا النَّهْي، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه، ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر قَالَ " قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَة فَقَالَ: لَا تَطْرُقُوا النِّسَاء، وَأَرْسَلَ مَنْ يُؤَذِّن النَّاس أَنَّهُمْ قَادِمُونَ " قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة نَفَعَ اللَّه بِهِ: فِيهِ النَّهْي عَنْ طُرُوق الْمُسَافِر أَهْله عَلَى غِرَّة مِنْ غَيْر تَقَدُّم إِعْلَام مِنْهُ لَهُمْ بِقُدُومِهِ، وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ مَا وَقَعَتْ إِلَيْهِ الْإِشَارَة فِي الْحَدِيث قَالَ: وَقَدْ خَالَفَ بَعْضهمْ فَرَأَى عِنْد أَهْله رَجُلًا فَعُوقِبَ بِذَلِكَ عَلَى مُخَالَفَته". اهـ
*****
قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ):
فالمعنى: فإن لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم، فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم، فالغاية: "حتى"، تدل بمفهومها على إباحة الدخول إذا أذن للطارق، فحكم ما بعدها يخالف حكم ما قبلها، كما في قوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، فحكم ما بعد الغاية: "إلا" بخلاف حكم ما قبلها، فدخول الليل: كاشف عن انتهاء زمن عبادة الصوم، فيصير الإفطار مباحا بعد أن كان محظورا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ):
في قوله تعالى: (فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ):
مرجع الضمير: "هو" هو: المصدر المتصيد من السياق، فالمعنى: ارجعوا فالرجوع أزكى لكم، ونظيره:
قوله تعالى: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، أي: اعدلوا فالعدل أقرب للتقوى.
وقوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا)، أي: ولا يحسبن أولئك البخل خيرا لهم.
وقوله تعالى: (نْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، أي: فالإعطاء خفية خير لكم ويكفر عنكم .......... إلخ.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وأسند الطبري عن قتادة قال: قال رجل من المهاجرين: لقد طلبت عمري هذه الآية فما أدركتها أن أستأذن على بعض إخواني فيقول لي ارجع فارجع وأنا مغتبط، لقوله تعالى: {هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} ". اهـ
وهذا من تمام فقهه، رضي الله عنه، بخلاف ما عليه الحال في زماننا، فإن رد الزائر، لظرف طارئ، مما يوغر الصدور ويورث البغضاء، مع أن الشارع، عز وجل، قد أباح له ذلك، ولو بلا عذر، لأن وقته ملك له، يصرفه كيف شاء، طالما لم يرتكب إثما.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم):
فيه: تقديم ما حقه التأخير، فأصل الكلام: والله عليم بما تعملون، وفي ذلك دلالة على توكيد علم الله، عز وجل، لخائنة الأعين، ليحترز أهل التجسس على البيوت من النظر إلى ما لا يحل.
يقول القرطبي رحمه الله:
"قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} توعد لأهل التجسس على البيوت وطلب الدخول على غفلة للمعاصي والنظر إلى ما لا يحل ولا يجوز، ولغيرهم ممن يقع في محظور". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 184).
قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ):
يقول القرطبي، رحمه الله، في سبب نزول هذه الآية:
"روي أن بعض الناس لما نزلت آية الاستئذان تعمق في الأمر، فكان لا يأتي موضعا خربا ولا مسكونا إلا سلم واستأذن، فنزلت هذه الآية، أباح الله تعالى فيها رفع الاستئذان في كل بيت لا يسكنه أحد لأن العلة في الاستئذان إنما هي لأجل خوف الكشفة على الحرمات فإذا زالت العلة زال الحكم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 184).
والمتاع في لغة العرب هو: المنفعة، كما قال أبو جعفر النحاس، ومنه قوله تعالى: (فمتعوهن).
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 10 - 2008, 07:19 ص]ـ
ومع:
قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ):
فعل القول محذوف للدلالة عليه، فتقدير الكلام: قل للمؤمنين غضوا يغضوا، فالفعل: "يغضوا" مجزوم في جواب الطلب المحذوف، إما بنفس الطلب، أو بتقدير شرط محذوف فيكون تقدير الكلام: قل للمؤمنين غضوا من أبصاركم، إن تقل لهم غضوا يغضوا، وإلى ذلك أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "ومفعولُ الأمر أمرٌ آخرُ قد حُذف تعويلاً على دلالة جوابه عليه أي قُل لهم غُضُّواً {يَغُضُّواْ مِنْ أبصارهم} عمَّا يحرُم ويقتصروا به على ما يحلُّ". اهـ، فحذف المتقدم: "غضوا" لدلالة المتأخر عليه: "يغضوا"، والمطرد في هذا الباب: حذف المتأخر لدلالة المتقدم عليه، لا العكس.
وفي الإتيان بالأمر على هذه الصيغة: مدح للمؤمنين، من جهة سرعة الامتثال، فكأن الأمر قد صار جازما بمجرد صدوره فصح وروده بصيغة الشرط المقتضي لجوابه بتحقق شرطه، فبمجرد حصول فعل الشرط: وهو قوله لهم: "غضوا"، فإن المشروط: وهو غضهم، سيحصل لا محالة.
ومنه قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ):
(يُتْبَعُ)
(/)
فتقدير الكلام: قل لهم يقيموا الصلاة، إن تقل لهم ذلك يقيموا الصلاة، واعترض ابن مالك، رحمه الله، بأن التخلف واقع، فليس كل من توجه إليه الخطاب ممتثلا، فمن المكلفين من يترك الصلاة، وصيغة الشرط، كما تقدم، تفيد الجزم بوقوع المشروط إذا تحقق الشرط، ومع ذلك تخلف المشروط هنا مع تحقق الشرط بتوجه الخطاب إلى عموم المكلفين.
وأجاب ابنه "ابن الناظم رحمه الله" عن ذلك بأن المقصود: أكثر المكلفين لا كلهم، فيكون في الكلام مجاز، علاقته الجزئية، فأطلق الكل: عموم المكلفين، وأراد الجزء: أكثرهم أو بعضهم، أو يكون المراد: المخلصين منهم لا من اتصف بمطلق الإيمان، فيكون من العام الذي أريد به الخاص، وهو، أيضا، من صور المجاز عند من يقول به، فأطلق عموم الإيمان، وأراد خصوص الإخلاص والانقياد.
بتصرف من "مغني اللبيب"، (1/ 242، 243).
وحذف الشرط على القول بتقديره بـ: "إن تقل لهم: غضوا يغضوا" من صور: "إيجاز الحذف"، فإن المرء إذا سمع الأمر ابتداء تطلعت نفسه إلى ما بعده من تكليف أو وعد أو وعيد .......... إلخ، فحسن إيراد جواب الشرط وهو محط الفائدة مباشرة دون تطويل بذكر الشرط، فهو مما قد يصيب السامع بالسآمة والملل لعلمه به بداهة، ففي ذكره تطويل معيب يتنزه عنه كلام آحاد الفصحاء، فكيف بكلام رب الأرباب جل وعلا؟!!.
ونظيره قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهرقل: "أسلم تسلم"، فتقدير الكلام: "أسلم إن تُسْلِمْ تَسْلَم"، فذكر الجواب مباشرة وفيه البشرى بالسلامة مما يحمل السامع على سرعة الاستجابة بخلاف التطويل بذكر الشرط فقد يعرض للذهن ما يشغله أثناء ذكره، فتضيع الفائدة المرجوة من تعجيل البشرى.
والأمر للوجوب، على أصله، كما قرر جمهور الأصوليين، فلا يعدل عنه إلا بقرينة صارفة، ولا قرينة صارفة هنا، وهو: مراد لغيره، من جهة أن غض البصر وسيلة لحفظ الفرج، فيكون النهي عن إطلاق البصر من باب: "سد الذرائع" الموصلة إلى الوقوع في الحرام، و هو أصل اعتمده المالكية، رحمهم الله، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعمل به فقهاء المذاهب الأخرى، وكثير من فروع الشريعة تشهد له، فما أمر به الشارع، عز وجل، فقد أمر بمكملاته، فالأمر بأخذ الزينة عند كل مسجد يستلزم الأمر بمكملاته من: شراء ونحوه، وما نهى عنه فقد نهى عن ذرائعه، فنهيه عن عبادة الشمس وسائر الكواكب، يستلزم النهي عن ذرائعها، من الصلاة في أوقات النهي، التي يسجد فيها عبدة الشمس لها، فنهى عن مجرد مشابهتهم في الصورة الظاهرة سدا لذريعة مشابهتهم في الصورة الباطنة.
وفي قوله: (مِنْ أَبْصَارِهِمْ): "من" للتبعيض، لاستحالة غض البصر كلية، وقد سبق أن النهي عن إطلاقه سد لذريعة الوقوع في الحرام، و: "ما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة"، كما قرر أهل العلم، والمصلحة في إرساله بالضوابط الشرعية عند السعي في الأرض، والبيع والشراء .............. إلخ، مصلحة راجحة تبيح إرساله، وإلا لزم من إطلاق القول بغضه أن يستوي الأعمى والبصير ولا قائل بذلك.
وإلى ذلك أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: " وتقييدُ الغضِّ بمن التبعيضيَّةِ دونَ الحفظ لما في أمر النَّظر من السَّعةِ". اهـ
وأشار القرطبي، رحمه الله، إلى وجهين آخرين لـ: "من" بالإضافة إلى التبعيض، فقال:
"قوله تعالى: {مِنْ أَبْصَارِهِمْ} {مِنْ} زائدة، كقوله: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47]. وقيل: {مِنْ} للتبعيض، لأن من النظر ما يباح. وقيل: الغض النقصان، يقال: غض فلان من فلان أي وضع منه، فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو موضوع منه ومنقوص. فـ {مِنْ} صلة للغض، وليست للتبعيض ولا للزيادة".اهـ
فإما أن تكون زائدة، فتفيد بزيادة المبنى: زيادة المعنى، فتكون مؤكدة للأمر بغض الأبصار.
وإما أن تكون صلة للغض، فيكون المعنى: قل للمؤمنين ينقصوا من أبصارهم ويضعوا منها.
قوله: (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ):
ذلك: أي الكلام المتقدم، جريا على طريقة بعض العرب في الإشارة إلى ما تقدم، إشارة البعيد، ولو كان قريبا، كما حكاه البخاري عن أبي عبيدة معمر بن المثنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو تنصيص على علة ما تقدم، فكأن المراد: قل لهم يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، فتساءل المخاطبون عن علة ذلك بـ: "لماذا أو لِم أو ........ إلخ من الأدوات التي يستفهم بها عن علة الحكم"، فيكون الجواب: قوله تعالى: (ذلك أزكى لهم)، والله أعلم.
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ): أي خبير بالذي يصنعونه، فـ: "ما" موصولة اسمية، وصلتها: "يصنعون"، وعائد الصلة محذوف لدلالة السياق عليه، ويصح أن تكون موصولة حرفية، فيكون تقدير الكلام: إن الله خبير بصنعهم، و: "الخبير" هو العليم ببواطن الأمور فهو أخص من: "العليم"، فكل خبير عليم ولا عكس.
ومن المواضع التي يتأكد فيها الأمر بغض البصر:
نظرة الفجأة، كما في حديث جَرِيرٍ بن عبد الله البجلي، رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ. اهـ
والحديث عند أبي داود، رحمه الله، في سننه.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وفي رواية لبعضهم: فقال: "أطرقْ بصرك"، يعني: انظر إلى الأرض. والصرف أعم، فإنه قد يكون إلى الأرض، وإلى جهة أخرى، والله أعلم". اهـ
فتكون رواية الإطراق من باب: ذكر بعض أفراد العام، وهو: صرف البصر، وذكر بعض أفراد العام على سبيل التمثيل لا يخصصه، فالناظر مأمور بصرف بصره مطلقا، سواء أكان إلى الأرض، أم إلى يمينه، أم إلى شماله ........... إلخ.
وأما الزوجة فإنه يحل له النظر إلى ما شاء منها، فلا عورة بين الزوجين، وكذا يحل له النظر إلى مواضع الزينة من محارمه، كالعنق والساعدين والقدمين، وكذا ما يظهر أثناء المهنة كأطراف الساقين، كما سيأتي إن شاء الله.
ومع ذلك لا تخلو إدامة النظر إليهن من مفاسد. يقول القرطبي رحمه الله:
"ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمانه خير من زماننا!!!!! هذا وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمة نظر شهوة يرددها". اهـ
والشعبي، رحمه الله، يكره النظر إلى ذوات المحارم سدا لذريعة الافتتان بهن، وهو من القرون المفضلة، بل من رجال المائة الهجرية الأولى، والقرطبي، رحمه الله، يشكو فساد الأحوال في زمانه، وهو من رجال المائة الهجرية السابعة، فكيف بزماننا؟!!!، وقد فشا زنا المحارم في كثير من الأمم، بل وسطر في الكتب التي يزعم أصحابها أنها مقدسة وكلام الشيخ أحمد ديدات، رحمه الله، في مناظراته مع أهل التثليث والتحريف خير شاهد على ذلك فهو كلام من استقرأ بضاعتهم فميز غثها من سمينها، وقد امتد أثر ذلك إلى المجتمعات الإسلامية لاسيما مع ازدهار صناعة الإعلام الذي لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة.
وأما النظر إلى الأمرد، فقد شدد أهل العلم في أمره، فنهوا الرجل أن يحد النظر إليه، لما فيه من الافتتان بصورته، و "عشق الصور" هو: داء قوم لوط، الذي أوقعهم فيما وقعوا فيه من الرذيلة، فزين لهم الشيطان الصور المحرمة، حتى تمكن العشق المحرم من قلوبهم، ففسدت وفسدت فطرتهم تبعا لها، فالقلوب: ملوك، والجوارح: جند، ولا صلاح للجند إذا فسدت الملوك، وقد توسع ابن القيم، رحمه الله، في "الداء والدواء" في بيان هذا الداء العضال.
فالنهي عن النظر إليه، أيضا، من باب سد ذريعة الافتتان بصورته.
وأما النظر إلى القواعد من النساء اللاتي لا تخشى الفتنة بالنظر إليهن، فقد أجازه بعض أهل العلم، كما أجازوا إلقاء السلام ورده عليها، لأمن الفتنة، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فلما انتفت علة التحريم وهي: الفتنة، انتفى الحكم، فإذا كانت كبيرة تشتهى حرم النظر والسلام، وإن كانت كبيرة لا يشتهيها الصغير ويشتهيها الكبير مثلها، أبيح النظر والسلام للأول وحَرُمَ على الثاني، والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ):
هذا أمر للمؤمنات بعد أمر المؤمنين، فإما أن يقال بأنه جاء تأسيسا، أو توكيدا على القول بأنهن داخلات في عموم خطاب المؤمنين، كما في قوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وهو قول جمهور الأصوليين استدلالا بنحو: قوله تعالى: (وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)، وقوله تعالى: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)، فيكون ذكرهن من باب ذكر الخاص بعد العام، والقول الأول أرجح من جهة: أنه إذا دار الكلام بين التأسيس والتوكيد، فحمله على التأسيس أولى، لتجدد الفائدة، بخلاف التوكيد، فإنه وإن أفاد، إلا أنه لا يفيد معنى جديدا، وإنما يؤكد ما تقدم ذكره.
وذكر ابن كثير، رحمه الله، في سبب نزول هذه الآية:
قول: مقاتل بن حيَّان قال: بلغنا - والله أعلم - أن جابر بن عبد الله الأنصاري حَدَّث: أن "أسماء بنت مُرْشدَة" كانت في محل لها في بني حارثة، فجعل النساء يدخلن عليها غير مُتَأزّرات فيبدو ما في أرجلهن من الخلاخل، وتبدو صدورهن وذوائبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا. فأنزل الله: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} الآية.
فالمرأة مأمورة بغض البصر كالرجل، لتحقق علة الحكم في حقها تحققها في حق الرجل، فكما أن الرجل يشتهي النظر إلى المرأة، فالمرأة تشتهي النظر إلى الرجل، لما فطر الله، عز وجل، عليه كلا الجنسين من الميل إلى الآخر.
وإلى ذلك أشار الحافظ ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه: لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا. واحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي، من حديث الزهري، عن نبهان - مولى أم سلمة - أنه حدثه: أن أم سلمة حَدَّثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابنُ أمّ مكتوم، فدخل عليه، وذلك بعدما أُمِرْنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احتجبا منه" فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو عمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه".
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وذهب آخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة، كما ثبت في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد، وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه، وهو يسترها منهم حتى مَلَّت ورجعت". اهـ
على أن الإجماع منعقد على حُرمة النظر إن كان بشهوة، فصار محل النزاع: النظر إذا أمنت الفتنة، هل ينهى عنه سدا لذريعة الافتتان، أم يرخص فيه بقاء على الأصل؟
وقوله تعالى: (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ):
أي: ليحفظنها من الزنا، وقال أبو العالية رحمه الله: "كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج، فهو من الزنا، إلا هذه الآية: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} ألا يراها أحد". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
والقول الأول أرجح من جهة عموم معناه، فالأمر بحفظ الفروج أمر بسترها وزيادة.
وقوله: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ):
روى الأعمش عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: "وجهها وكفيها والخاتم". اهـ
وهذا مذهب الجمهور، كما أشار إلى ذلك ابن كثير، رحمه الله، بقوله: "ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين، وهذا هو المشهور عند الجمهور، ويستأنس له بالحديث الذي رواه أبو داود في سننه: حدثنا يعقوب بن كعب الإنطاكي ومُؤَمَّل بن الفضل الحَرَّاني قالا حدثنا الوليد، عن سعيد بن بَشِير، عن قتادة، عن خالد بن دُرَيك، عن عائشة، رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرَى منها إلا هذا" وأشار إلى وجهه وكفيه.
لكن قال أبو داود وأبو حاتم الرازي: هذا مرسل، خالد بن دُرَيك لم يسمع من عائشة، فالله أعلم". اهـ
وقد ضعف جمهور أهل العلم هذا الحديث سندا ومتنا.
والجمهور، كما تقدم، على جواز كشف الوجه والكفين، خلافا للحنابلة، رحمهم الله، الذين قالوا بوجوب ستر الوجه، بينما استحبه الجمهور، ووافقوا الحنابلة في إيجابه إذا كان الزمان زمان فتن، أو كانت المرأة جميلة تُخْشى الفتنة من كشف وجهها، أو كان عليه زينة.
يقول القرطبي رحمه الله:
"فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها، والله الموفق لا رب سواه. وقد قال ابن خويز منداد من علمائنا (أي المالكية رحمهم الله): إن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 193).
فصار الإجماع منعقدا على:
أولا: وجوب ستر سائر البدن عدا الوجه والكفين.
ثانيا: وجوب ستر الوجه في الصور الثلاثة المتقدمة، (زمن الفتن، أو إذا كانت المرأة جميلة، أو كان على وجهها زينة).
ثالثا: مشروعية ستر الوجه، ابتداء، إما على سبيل الوجوب، أو على سبيل الاستحباب.
ومحل النزاع: هل تؤمر المرأة بستر وجهها ابتداء، كما قال الحنابلة، رحمهم الله، أم يستحب لها ستره ولا تأثم بكشفه إذا أمنت الفتنة، كما قال الجمهور رحمهم الله.
فالقول بأن ستر الوجه لا أصل له في الشريعة، أو أنه عادة لا معنى للتعبد فيها كما قال بعض المفتين المعاصرين، قول محدث لا أصل له، والله أعلم.
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (لَا تَنْتَقِبُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ)، وهو عند مالك في "الموطأ" وأبي داود في "سننه"، دليل على أن النساء كن يلبسن النقاب زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسكوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم على لبس النساء له إقرار بمشروعيته، فالسكوت في موضع البيان: بيان.
وأما حديث أسماء رضي الله عنها: ففي إسناده: خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها، قال الذهبي، رحمه الله، في "ميزان الاعتدال": ت: 2419:
"عن عائشة منقطع لم يسمع منها، قاله عبد الحق الحافظ، (أي: عبد الحق الإشبيلي، صاحب "الأحكام")، وشيخنا المزي (أي: أبو الحجاج المزي، صاحب "تحفة الأشراف").
روى سعيد بن بشير، عن قتادة، عنه، عنها في أن الأمة لا تستر وجهها.
رواه أبو داود بمعناه، وقال المزني: روى عن ابن عمر، ولم يدركه، ........... وثقه ابن معين، والنسائي، لكن روايته عن الصحابة مرسلة". اهـ
فالحديث معل بالإرسال، كما تقدم، والله أعلم.
قوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ):
يقول ابن كثير رحمه الله: "وقال في هذه الآية الكريمة: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} والخُمُر: جمع خِمار، وهو ما يُخَمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع.
قال سعيد بن جبير: {وَلْيَضْرِبْن}: وليشددن {بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يعني: على النحر والصدر، فلا يرى منه شيء". اهـ
فالجيب هو: الفتحة التي يدخل الرأس منها في الثوب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم عدد الله، عز وجل، المحارم الذين يجوز للمرأة أن تكشف زينتها أمامهم، فقال: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ)، واختص الزوج بجواز كشف الزينة الظاهرة والباطنة أمامه، بمقتضى عقد النكاح الذي يبيح له النظر إلى عورة زوجته.
ثم عطف على المذكورين: (أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ).
واختلف العلماء في مرجع الضمير في: "نسائهن":
فذهب جمهور المفسرين إلى أن مرجعه: نساء المؤمنين، فلا يحل للمسلمة أن تنكشف بين يدي المشركة، واختاره القرطبي، رحمه الله، في تفسيره، فقال:
"قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يعني المسلمات، ويدخل في هذا الإماء المؤمنات، ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم، فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئا من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ). وكان ابن جريج وعبادة بن نسي وهشام القارئ يكرهون أن تقبل النصرانية المسلمة، (أي: تكون قابلة لها في الولادة، والله أعلم)، أو ترى عورتها، ويتأولون "أو نسائهن". وقال عبادة بن نسي: وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بن الجراح: أنه بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع من ذلك، وحل دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة. قال: فعند ذلك قام أبو عبيدة وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية، لئلا تصفها لزوجها. وفي هذه المسألة خلاف للفقهاء". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 196).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن مرجعه: جنس النساء مطلقا سواء أكن مسلمات أم مشركات.
قوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ):
يقول ابن كثير رحمه الله: "وقال الأكثرون: بل يجوز لها أن تظهر على رقيقها من الرجال والنساء، واستدلوا بالحديث الذي رواه أبو داود:
حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا أبو جميع سالم بن دينار، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها. قال: وعلى فاطمة ثوب إذا قَنَّعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال: "إنه ليس عليك بأس، إنما هو أبوك وغلامك". اهـ
قوله تعالى: (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ):
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هو المغفل الذي لا شهوة له".
فإن كان يعرف أمور النساء ويعيها، فحكمه حكم الأجنبي، كما في الصحيح من عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ قَالَ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً قَالَ إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَاهُنَا لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ قَالَتْ فَحَجَبُوهُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول النووي، رحمه الله، في "شرح مسلم": "وَأَمَّا دُخُول هَذَا الْمُخَنَّث أَوَّلًا عَلَى أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ بَيَّنَ سَبَبه فِي هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ غَيْر أُولِي الْإِرْبَة، وَأَنَّهُ مُبَاح دُخُوله عَلَيْهِنَّ، فَلَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْكَلَام عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَة، فَمَنَعَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّخُول. فَفِيهِ مَنْع الْمُخَنَّث مِنْ الدُّخُول عَلَى النِّسَاء، وَمَنْعهنَّ مِنْ الظُّهُور عَلَيْهِ، وَبَيَان أَنَّ لَهُ حُكْم الرِّجَال الْفُحُول الرَّاغِبِينَ فِي النِّسَاء فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَا حُكْم الْخَصِيّ وَالْمَجْبُوب ذَكَرَهُ. وَاللَّه أَعْلَم ..................... وقَالَ الْعُلَمَاء: وَإِخْرَاجه وَنَفْيه كَانَ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ: أَحَدهَا الْمَعْنَى الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث أَنَّهُ كَانَ يَظُنّ أَنَّهُ مِنْ غَيْر أُولَى الْإِرْبَة، وَكَانَ مِنْهُمْ، وَيَتَكَتَّم بِذَلِكَ. وَالثَّانِي وَصْفه النِّسَاء وَمَحَاسِنهنَّ وَعَوْرَاتهنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَال، وَقَدْ نَهَى أَنْ تَصِف الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا، فَكَيْف إِذَا وَصَفَهَا الرَّجُل لِلرِّجَالِ؟ وَالثَّالِث أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَطَّلِع مِنْ النِّسَاء وَأَجْسَامهنَّ وَعَوْرَاتهنَّ عَلَى مَا لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ كَثِير مِنْ النِّسَاء، فَكَيْف الرِّجَال لَا سِيَّمَا عَلَى مَا جَاءَ فِي غَيْر مُسْلِم أَنَّهُ وَصَفَهَا حَتَّى وَصَفَ مَا بَيْن رِجْلَيْهَا أَيْ فَرْجهَا وَحَوَالَيْهِ. وَاللَّه أَعْلَم". اهـ بتصرف يسير.
قوله تعالى: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ):
أي: الأطفال: فـ: "أل" في "الطفل": جنسية تفيد استغراق جنس ما دخلت عليه، وإليه أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "والطِّفلُ جنسٌ وُضع موضعَ الجمعِ اكتفاءً بدلالةِ الوصفِ"، فمناط الحكم وصف الطفولة مقيدة بقوله تعالى: (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)، ومثله قوله تعالى: (وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ)، أي: الكتب التي أنزلها من قبل.
يقول ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} يعني: لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهنّ من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك، فلا بأس بدخوله على النساء. فأما إن كان مراهقا أو قريبا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكن من الدخول على النساء". اهـ
فعلة الإباحة في صورة غير أولي الإربة، وصورة الطفل الصغير: أمن الفتنة، فمتى انتفت العلة بأن كانا يدركان من أمور النساء ما تقع به الفتنة، انتفى حكم الإباحة وصار دخولهما على النساء محرما، وهو الغالب على أطفال هذا الزمان: زمان الفضائيات والإنترنت!!!!.
وقوله تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ):
إحدى الصور المنهي عنها، ولا يعني تخصيصها بالذكر قصر حكم التحريم عليها، وإنما ذكرت بيانا لما كانت النساء عليه في الجاهلية، وتقدم أن: ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، فلا يقتصر النهي على هذه الصورة، وإنما يتعداها لكل صورة تحقق فيها المعنى الذي شرع النهي من أجله، وهو: الفتنة، فالعلة متعدية إلى كل صور الفتنة بقول أو فعل أو زينة ........... إلخ، وإلى ذلك أشار الحافظ ابن كثير، رحمه الله، بقوله: "ومن ذلك أيضا أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها ليَشْتَمَّ الرجال طيبها، فقد قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد القَّطَّان، عن ثابت بن عُمَارة الحنفي، عن غُنَيْم بن قيس، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس فهي كذا وكذا، (يعني: زانية) ". اهـ
قوله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ):
(يُتْبَعُ)
(/)
فيه أمر بالتوبة ليحصل الفلاح بها، فـ: "لعل": للتعليل، فعلة الفلاح: التوبة، يقول النووي، رحمه الله، في "شرح مسلم": "وَالْفَلَاح الْفَوْز وَالنَّجَاة وَإِصَابَة الْخَيْر. قَالُوا: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كَلِمَة أَجْمَع لِلْخَيْرِ مِنْ لَفْظَة (الْفَلَاح)، وَيَقْرُب مِنْهَا النَّصِيحَة .......................... وَالْفَلَاح وَالْفَلَح تُطْلِقهُمَا الْعَرَب أَيْضًا عَلَى الْبَقَاء". اهـ بتصرف.
يقول أبو السعود رحمه الله: " {وَتُوبُواْ إِلَى الله جَمِيعاً} تلوينٌ للخطابِ وصرفٌ له عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى الكُلِّ بطريق التَّغليبِ لإبراز كمال العنايةِ بما في حيِّزه من أمرِ التوبةِ وأنَّها من معظمات المهمَّاتِ الحقيقيَّةِ بأنْ يكونَ سبحانَهُ وتعالى هو الآمرَ بها لما أنَّه لا يكادُ يخلُو أحدٌ من المكلَّفين عن نوعِ تفريطٍ في إقامة مقتضى التَّكاليفِ كما ينبغي". اهـ بتصرف يسير.
فالخطاب في أول الآية موجه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بوصفه المبلغ عن ربه، عز وجل، وفي آخرها موجه إلى عموم المؤمنين، وهذا هو التلوين الذي قصده أبو السعود رحمه الله.
ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ)، فخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالخطاب ثم عم المؤمنين بقوله: (إِذَا طَلَّقْتُمُ).
وقوله تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ)، فخص بقوله عز وجل: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ)، ثم عم بقوله عز وجل: (َولَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ)، ثم خص مرة أخرى بقوله عز وجل: (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ).
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 10 - 2008, 08:29 ص]ـ
قوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ):
أمر بالتزويج، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، فيكون الأمر على أصله، واحتجوا بظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ".
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الزواج يدور على الأحكام الشرعية الخمسة:
فيكون واجبا: إذا تاقت نفسه إليه وقدر عليه وخشي الوقوع في الحرام.
ويكون مستحبا: إذا تاقت نفسه إليه وقدر عليه، وأمن على نفسه الفتنة.
ويكون مباحا: إذا انتفت الدواعي والموانع.
ويكون مكروها: في حق من يخل بالزوجة في الوطء والإنفاق حيث لا يقع ضرر بالمرأة، بأن كانت غنية وليس لها رغبة قوية في الوطء، فإن انقطع بذلك عن شيء من الطاعات أو الاشتغال بطلب العلم اشتدت الكراهة، فيكون الأمر من باب تعارض المصالح: فتقدم مصلحة طلب العلم المتعدية على مصلحة النكاح القاصرة، وتقدم مصلحة الطاعة المستحبة على مصلحة النكاح المباحة.
ويكون محرما: إذا أخل بالزوجة في الوطء والإنفاق، أو عقد على خامسة، أو عقد على من لا تحل له ......... إلخ من صور النكاح المحرم.
بتصرف كبير من "فقه السنة"، (2/ 9_11).
وإلى تفصيل قريب مما سبق أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"اختلف العلماء في هذا الأمر على ثلاثة أقوال:
فقال علماؤنا: يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المؤمن من خوف العنت، ومن عدم صبره، ومن قوته على الصبر وزوال خشية العنت عنه.
وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما فالنكاح حتم.
وإن لم يخش شيئا وكانت الحال مطلقة:
فقال الشافعي: النكاح مباح. وقال مالك وأبو حنيفة: هو مستحب. تعلق الشافعي بأنه قضاء لذة فكان مباحا كالأكل والشرب.
وتعلق علماؤنا بالحديث الصحيح: (من رغب عن سنتي فليس مني) ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 201).
(يُتْبَعُ)
(/)
والحديث بتمامه عند البخاري، رحمه الله، طريق حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه:
"جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". اهـ
ورأي الأحناف والمالكية، رحمهم الله، أرجح من جهة موافقة النص الصحيح الصريح، فالرغبة عن سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مظنة الهلاك، إلا لمن خشي التفريط في حق الزوجة، أو الانشغال عما هو أنفع من أمر الدين، على التفصيل السابق، والله أعلم.
والأمر في الآية للأولياء، لأن الفعل: "أنكحوا" من: "أنكح" الرباعي المتعدي إلى مفعولين بالهمزة، فتقول: أنكح محمد أحمدَ فاطمةً، ولو كان الأمر للأزواج، لقال: "وانكحوا" من: نكح الثلاثي المتعدي إلى مفعول واحد، فتقول: نكح أحمدُ فاطمةَ.
قوله تعالى: (الْأَيَامَى):
جمع أيم: وهو من بلا زوج، سواء أكان رجلا أم امرأة، تزوج قبل ذلك أم لم يتزوج، فالعبرة بحاله، وهو مما يستوي فيه الذكر والأنثى، فيقال: رجل أيم وامرأة أيم، كـ: "فعيل" بمعنى: مفعول، نحو: جريح وقتيل فيقال: رجل جريح وامرأة جريح، و: رجل قتيل وامرأة قتيل، و: "فعول" بمعنى: فاعل، نحو: غضوب، فيقال: رجل غضوب وامرأة غضوب.
قوله تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ):
وعد من الله، عز وجل، كتبه على نفسه، كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ).
وقال عمر رضي الله عنه: "ابتغوا الغنى في الباءة"، والأثر عند عبد الرزاق وابن أبي شيبة، رحمهما الله، في مصنفيهما.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاما من معاصيه. وقال ابن مسعود: "التمسوا الغنى في النكاح"، وتلا هذه الآية.
وقال عمر رضي الله عنه: "عجبي ممن لا يطلب الغني في النكاح"، وقد قال الله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. وروي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 203).
يقول أبو السعود رحمه الله: "وفيه إزاحةً لما عسى يكونُ وازعاً من النِّكاحِ من فقرِ أحدِ الجانبينِ أي: لا يمنعنَّ فقرُ الخاطبِ أو المخطوبةِ من المُناكحةِ فإنَّ في فضل اللَّهِ عزَّ وجلَّ غُنيةً عن المالِ فإنَّه غادٍ ورائحٌ يرزق مَن يشاء مِن حيثُ لا يحتسبُ ................ لكنَّه مشروطٌ بالمشيئةِ كما في قولهِ تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَاء} ". اهـ بتصرف يسير
فعموم آية النور مخصص بالمشيئة في آية النساء.
وقوله تعالى: (والله واسع عليم): يرزق من يشاء بغير حساب، ويعلم من حال عبده ما يخفى على غيره، فإن كان مخلصا في طلب العفة أعانه فضلا، وإلا خذله عدلا.
والتذييل بهذين الاسمين يناسب ما تقدم، إذ خوف الناكح من الفاقة يقابله: وصف الله، عز وجل، بالسعة، التي اشتق منها اسم الفاعل "واسع"، وصدق نيته يقابله وصف الله، عز وجل بالعلم الذي اشتقت منه صيغة المبالغة: "عليم"، فالله، عز وجل، عليم بنيته.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ):
أمر بالعفة لمن لم يجد النكاح حتى يجد مئونته، فالألف والسين والتاء تدل على طلب الفعل كما تقرر في الصرف، وهذه الآية مطلقة يقيدها قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)، وقد أخذ بمفهوم الشرط في الآية الثانية بعض أهل العلم فحرم نكاح الأمة لمن يستطيع نكاح الحرة لئلا تسترق ذريته، وفيها: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ)، فهي بمنزلة الرخصة فتفيد بمفهومها: تقييد نكاح الإماء بحال الضرورة وهو: خشية الوقوع في الزنا، وفي آخرها: (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فالصبر بالاستعفاف في آية النور خير من نكاح الأمة، وإن كان جائزا.
والاستعفاف يكون بما أمكن، ولو بالصوم، وإلى ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"من تاقت نفسه إلى النكاح فإن وجد الطول فالمستحب له أن يتزوج، وإن لم يجد الطول فعليه بالاستعفاف ما أمكن ولو بالصوم فإن الصوم له وجاء، كما جاء في الخبر الصحيح. ومن لم تتق نفسه إلى النكاح فالأولى له التخلي لعبادة الله تعالى. وفي الخبر: (خيركم الخفيف الحاذ الذي لا أهل له ولا ولد) ". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 205)
والخبر الأخير قال عنه أبو حاتم رحمه الله: "هذا حديث باطل"، كما أشار المحقق في الحاشية، وقد أورده العقيلي، رحمه الله، في "الضعفاء الكبير"، والصغاني، رحمه الله، في "موضوعاته" بلفظ: "خير الناس بعد المائتين الخفيف الحاذ الذي لا أهل له ولا ولد"، ومحكم النصوص بخلافه، ولعله من صنع بعض الزهاد الذين ضلوا في مفهوم الزهد، وشريعة الإسلام: وسط بين الشرائع، فلا يهودية جافية ولا نصرانية غالية، وإنما حنيفية سمحة.
وعند أحمد، رحمه الله، في "مسنده" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ: الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ.
وعنده، أيضا، في المسند من حديث أبي أمامة الباهلي، رضي الله عنه، مرفوعا: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ".
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا):
أمر بمكاتبة العبد إن علم من حاله أنه: صاحب حيلة وكسب، لئلا يكون عالة على غيره إذا أعتق وكان أخرق لا يجيد صناعة، فمفهوم الشرط في قوله تعالى: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا): معتبر، فإن لم تعلموا فيهم كفاية فلا تكاتبوهم لئلا تحملوهم ما لا يطيقون.
والأمر في قوله تعالى: (فكاتبوهم): أمر إرشاد واستحباب، على قول كثير من أهل العلم، وإيجاب على قول بعض آخر.
يقول ابن كثير رحمه الله:
"وقال الثوري، عن جابر، عن الشعبي: إن شاء كاتبه وإن شاء لم يكاتبه.
وقال ابن وهب، عن إسماعيل بن عياش، عن رجل، عن عطاء بن أبي رَبَاح: إن يشأ يكاتبه وإن لم يشأ لم يكاتبه، وكذا قال مُقاتل بن حَيَّان، والحسن البصري.
وذهب آخرون إلى أنه يجب على السيد إذا طلب منه عبدُه ذلك، أن يجيبه إلى ما طلب، أخذًا بظاهر هذا الأمر. قال البخاري: وقال روح، عن ابن جُرَيْج قلت لعطاء: أواجب عليّ إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبًا. وقال عمرو بن دينار: قلت لعطاء، أتأثُرُه عن أحد؟ قال: لا". اهـ
وأشار القرطبي، رحمه الله، إلى الخلاف بقوله:
"ولها حالتان:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: أن يطلبها العبد ويجيبه السيد: فهذا مطلق الآية وظاهرها.
الثانية: أن يطلبها العبد ويأباها السيد:
وفيها قولان:
الأول: لعكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينار والضحاك بن مزاحم وجماعة أهل الظاهر أن ذلك واجب على السيد.
وقال علماء الأمصار: لا يجب ذلك.
وتعلق من أوجبها بمطلق الأمر، والفعل بمطلقه على الوجوب حتى يأتي الدليل بغيره. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس، واختاره الطبري. واحتج داود أيضا بأن سيرين أبا محمد بن سيرين سأل أنس بن مالك الكتابة وهو مولاه فأبى أنس، فرفع عمر عليه الدرة، وتلا: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}، فكاتبه أنس. قال داود: وما كان عمر ليرفع الدرة على أنس فيما له مباح ألا يفعله.
وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك، ولم يجبر عليه وإن ضوعف له في الثمن". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 206).
والراجح: أن المكاتبة مندوبة، لأن كسب العبد لسيده، فلا يجبر السيد على إخراج بعض ملكه من ذمته مقابل بعضٍ آخر، فالعبد المكاتب: ملك له، ومال العبد: ملك له أيضا، فكيف يجبر على بيع ماله بماله؟!. والله أعلم.
وفي وقت نرى فيه تجاوزات الغرب الصليبي في العراق بتعمد إذلال المسلمين، بهتك الأعراض، وهو أمر يجيد القوم استعماله بكفاءة، لعلمهم بقيمة العرض عند المسلمين، بخلاف أعراضهم التي صيرتها المدنية الحديثة كلأً مباحا لمن أراد رعيه، ومن قبله رأينا تجاوزاتهم في البلقان، في تسعينيات القرن الماضي، والإحصائيات الرسمية، تتحدث عن نحو ستين ألف امرأة تعرضت للاغتصاب في تلك الحرب الصليبية بعد أن أفتت الكنيسة الصربية الأرثوذكسية الحاقدة بحل انتهاك أعراض المسلمات من قبل الجنود الصرب الذين يتبعونها، فانطلق أولئك الهمج، في سياسة مدروسة، لاغتصاب حرائر المسلمات، نكاية في الموحدين من أبناء البوسنة، ونفس المشاهد تتكرر تقريبا، مع اختلاف حجم الكارثة في: بلاد القفقاز، وبلاد الأفغان، والهند، وكشمير ............. إلخ.
في هذا الوقت نرى من يثير شبهة الرق في الإسلام، من اليهود والنصارى وأذنابهم من المستغربين، فيزعم أن الإسلام قد انتهك حقوق البشر بإباحة الرق، وهي شبهة باردة تردها الحقائق التاريخية:
فالرق كان أمرا معهودا قبل الإسلام، سواء أكان ذلك في: جزيرة العرب، أم في الممالك المجاورة لها، كفارس والروم، ونقلت إلينا الدراسات التاريخية: مخازي الرومان في معاملة الرقيق، حتى صاروا مادة للترفيه، في المناسبات العامة التي يحضرها الإمبراطور وحاشيته، فيلقى العبد فريسة لوحش كاسر، ليصارعه وسط هتافات الجماهير المتحمسة، أو يصارع آدميا مثله حتى الموت في مشاهد وحشية تقطر دما.
فجاء الإسلام ليواجه هذا الأمر الواقع بتشريع حكيم من لدن رب العالمين، فأقر ما تقدم من رق، وشرع إعتاق العبيد، وجعله من أجل القرب، فهو من خصال الكفارة الواجبة على التخيير، وهو من الواجب المعين، على قول بعض العلماء كما سبقت الإشارة إلى ذلك، في صورة: المكاتب القادر على الكسب، لئلا يصير عالة على الجماعة المسلمة إن كان أخرقا لا يجيد صناعة، فبقاؤه في ملك سيده أنفع له في دينه ودنياه.
وحرم الإسلام التفريق بين الأم وولدها إذا وقعا في السبي، وعند الترمذي، رحمه الله، من حديث أبي أيوب الأنصاري، رضي الله عنه، مرفوعا: (مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، وكانت الأمة إذا ولدت لسيدها صارت: أم ولد، لا يجوز بيعها، فتعتق بعد وفاة سيدها على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو اختيار عمر، رضي الله عنه، الذي أجمع عليه أهل الفتوى في زمانه.
ولم يغلق الإسلام باب الرق، وإنما شرع استرقاق نساء وذريات المحاربين الذين جهروا بعداوة الإسلام، ولم يقبلوا الدخول فيه أو دفع الجزية عن يد وهم صاغرون، وشتان بين رق الإسلام ورق الفرس والرومان:
(يُتْبَعُ)
(/)
فرق الإسلام هو الذي قدم طبقة الموالي: تلك الطبقة العلمية التي أثرت الحياة الفكرية الإسلامية، فصار الموالي من أمثال: نافع وعكرمة وابن سيرين، رحمهم الله، أئمة هدى، بينما قدم رق الفرس والرومان مآسي تقشعر لها الأبدان.
ورق الإسلام هو رق: (إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ)
ورق الإسلام هو رق: حديث أبي مسعود رضي الله عنه: (كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ فَلَمْ أَفْهَمْ الصَّوْتَ مِنْ الْغَضَبِ قَالَ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ قَالَ فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي فَقَالَ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ قَالَ فَقُلْتُ لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا)
ورق الإسلام هو رق: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَليُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلَاجَهُ)
ورق الإسلام هو رق: حديث مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، رضي الله عنه، وفيه: (وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ).
ورق الإسلام هو رق: عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، إذ يقول عن مولاه نافع رحمه الله: لقد من الله علينا بنافع، فكان نافع، رحمه الله، أوثق الناس في ابن عمر، رضي الله عنهما، بل قدمه بعض النقاد على سالم بن عبد الله، رحمه الله، الذي قال فيه ابن عمر:
يلومونني في سالم وألومهم ******* وجلدة بين العين والأنف سالم
وما ظنك بسيد يقدم فتاه على ابنه!!!!.
ومالك عن نافع عن ابن عمر: سلسلة الذهب!!!.
ورق الإسلام هو رق: عكرمة مولى ابن عباس، رضي الله عنهما، الذي قيل لعلي بن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، لما باعه: تبيع علم أبيك؟ فاسترده، كما ذكر الحافظ الذهبي، رحمه الله، في ترجمة "عكرمة" من "السير" من طريق يحيى بن معين رحمه الله.
ورق الإسلام هو الذي نشأ في كنفه أمثال نصير، أبو موسى بن نصير، رحمه الله، القائد الشهير، وكان من سبي عين التمر، فخرج من نسله ذلك القائد العظيم الذي بعث طارق بن زياد، رحمه الله، إلى الأندلس فاتحا مجيدا، لتعرف أوروبا النور بعد قرون من الظلمات.
وأما رقهم فعنه يقول صاحب رسالة "العلمانية" حفظه الله وأتم شفاءه:
"أباحت الكنيسة استرقاق المسلمين والأوروبيين الذين لم يعتنقوا الدين المسيحي، وكان آلاف من الأسرى الصقالبة أو المسلمين يوزعون عبيداً على الأديرة ... وكان القانون الكنسي يقدر ثروة أراضي الكنيسة في بعض الأحيان بعدد من فيها من العبيد لا بقدر ما تساوي من المال، فقد كان العبد يعد سلعة من السلع كما يعده القانون الزمني سواء بسواء، وحرم على عبيد الكنائس أن يوصوا لأحد بأملاكهم ... وحرم البابا جريجوري الأول على العبيد أن يكونوا قساوسة، أو أن يتزوجوا من المسيحيات الحرائر ... وكان القديس توماس أكويناس يفسر الاسترقاق بأنه نتيجة لخطيئة آدم، وإذا كان هذا هو نظر الكنيسة التي تنادي بالمحبة والرحمة فما بالك بمعاملة السيد رجل الدنيا لعبيد إقطاعيته ... ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وما فتئ القوم يدعون المحبة والتسامح، ويرموننا بالكراهية والتعصب وصدق من قال: رمتني بدائها وانسلت!!!!
وأما رقيق الأرض: فلم يكن عبداً بمعنى الكلمة، لكن حاله لا يختلف عن العبد في شيء، والفارق بينهما أن العبد - في الأصل - إما أسير مغلوب وإما مخالف للسيد في الدين أو الجنس أو المذهب، بعكس الرقيق الذي هو أصيل في الإقطاعية، وينتمي إلى الدين والجنس اللذين ينتمي إليهما سيده.
والأصل في رقيق الأرض أنه رجل يفلح مساحة من الأرض يمتلكها سيد أو بارون، وكان في وسع المالك أن يطرده متى شاء، وكان من حقه في فرنسا أن يبيع الرقيق مستقلاً عن الأرض ... أما في إنجلترا فقد حرم من مغادرة الأرض، وكان الذين يفرون من أرقاء الأرض يعاد القبض عليهم بنفس الصرامة التي يعاد بها القبض على العبيد، وهذا الصنف هو الصنف الغالب في الإقطاعيات، بل هو في الحقيقة يمثل مجموع سكان أوروبا تقريباً باستثناء النبلاء ورجال الدين , والمدهش – حقاً - هو تلك القائمة الطويلة من الواجبات التي يؤديها الرقيق للمالك، عدا خضوعه المطلق لسلطته وارتباطه المحكم بإقطاعيته:
1 - ثلاث ضرائب نقدية في العام.
2 - جزء من محصوله وماشيته.
3 - العمل سخرة كثيراً من أيام السنة.
4 - أجر على استعمال أدوات المالك في طعامه وشرابه.
5 - أجر للسماح بصيد السمك أو الحيوان البري.
6 - رسم إذا رفع قضية أمام محاكم المالك.
7 - ينضم إلى فيلق المالك إذا نشبت حرب.
8 - يفتدي سيده إذا أسر.
9 - يقدم الهدايا لابن المالك إذا رقي لمرتبة الفرسان.
10 - ضريبة على كل سلعة يبيعها في السوق.
11 - لا يبيع سلعة إلا بعد بيع سلعة المالك نفسها بأسبوعين.
12 - يشتري بعض بضائع سيده وجوباً.
13 - غرامة إذا أرسل ابنه ليتعلم أو وهبه للكنيسة، (فلا بد أن يبقى جاهلا لكي يسهل على سيده التحكم فيه كيف شاء).
14 - ضريبة مع إذن المالك إذا تزوج هو أو أحد أبنائه من خارج الضيعة.
15 - حق الليلة الأولى! وهي أن يقضي السيد مع عروس رقيقه الليلة الأولى، وكان يسمح له أحياناً أن يفتديها بأجر، وقد بقي بصورته هذه في بافاريا إلى القرن الثامن عشر.
16 - وراثة تركته بعد موته.
17 - ضريبة سنوية للكنيسة، وضريبة تركات للقائد الذي يدافع عن المقاطعة". اهـ
بتصرف من رسالة "العلمانية"، ص 265 _ 267.
وكل هذا باسم الدين!!!!، ومرة أخرى: هذا رقنا وهذا رقهم.
ولما أراد الشعب الأمريكي أن يكفر عن خطيئة استرقاق العبيد السود الذين اخْتُطِفُوا من غرب إفريقية، جاء رد الفعل عاطفيا غير مدروس، فأطلق الرئيس الأمريكي "أبراهام لينكولن": حملة تحرير العبيد، فاشتهر بـ: "محرر العبيد"، فسبب ذلك أزمة في المجتمع الأمريكي الذي فوجئ بجيش من العاطلين: تضخمت أداة الطاعة عنده، في مقابل تقلص أداة اتخاذ القرار وتحمل المسئولية، فنادى أحرار اليوم بالعودة إلى رق الأمس، فأين هذا التخبط من سياسة الإسلام الحكيمة في علاج الرق؟!!!!.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 08:36 ص]ـ
قوله تعالى: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ):
يقول ابن كثير رحمه الله:
"وقوله: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية: كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة، أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كلّ وقت. فلما جاء الإسلام، نهى الله المسلمين عن ذلك.
وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة - فيما ذكره غير واحد من المفسرين، من السلف والخلف - في شأن عبد الله بن أبي بن سلول المنافق فإنه كان له إماء، فكان يكرههن على البِغاء طلبا لخَراجهن، ورغبة في أولادهن، ورئاسة منه فيما يزعم قبحه الله ولعنه". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وقيد: "إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا": لا مفهوم له، فلا يقال بأن الشرط يفيد بدلالة المنطوق: تحريم ذلك إذا كانت الأمة تريد تحصنا، وبدلالة المفهوم: جوازه إن كانت بغيا لا تريد تحصنا، وإنما هو من قبيل: "الوصف الكاشف" الذي خرج مخرج الغالب بيانا للواقع آنذاك، كما في:
قوله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ)، فإن وصف: "في حجوركم"، لا مفهوم له، فتحرم البنت على زوج أمها التي دخل بها، سواء أربيت في حجره أم لم ترب فيه، وإنما ذكر هذا الوصف لأن الغالب أن البنت تكون مع أمها، فتربى في حجر زوج أمها، وفي المسألة خلاف مرجوح يعتبر المفهوم في هذه الصورة، فلا تحرم إلا إن ربيت في حجره، وتحل إذا ربيت في حجر غيره.
وقوله تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)، فقيد: "لا برهان له به": لا مفهوم له، فلا يقال بأن المعنى: فإن كان له به برهان، فهو غير داخل في حكم الذم، فإن الكلام إنما خرج بيانا للواقع، فكل ما دعي من دون الله، عز وجل، فهو مما لا برهان له.
وقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
فإن الإثم والبغي لا يكون إلا بغير الحق، فلا يقال بأن الإثم والبغي إن كانا بحق فهما غير محرمان، لأن الكلام إنما خرج بيانا للواقع، وكذلك في قوله تعالى: (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا)، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الآية السابقة.
وقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
فتقييد ذلك بالسفر، لا مفهوم له، فيجوز الرهن في السفر وفي الحضر، خلافا لمجاهد، رحمه الله، الذي قصر ذلك على الصورة المذكورة في الآية: صورة السفر، وإنما ذكرت لأن الحاجة إلى الرهن في السفر أعظم من الحاجة إليه في الحضر، فذكرها من باب: ذكر بعض أفراد العام، وقد تقرر في الأصول: أن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه.
وكذا قوله تعالى: (فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ): فوصف القبض غير معتبر عند بعض أهل العلم: فيثبت الرهن بمجرد اشتراطه في العقد، وإن لم يقبضه المرتهن، لأن المعنى المقصود في الآية أن القبض من: كمال التوثقة، لا أنه شرط في لزوم الرهن. كما أشار إلى ذلك الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، في "الشرح الممتع".
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ): فوصف: "أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً" لا مفهوم له، لأنه خرج مخرج الغالب، فربا النسيئة يؤول إلى مضاعفة الدين، بالزيادة على أصله مع كل تأجيل، فيتضاعف أضعافا مضاعفة، فلا يقال بأنه لو لم يكن أضعافا مضاعفة فلا حرج فيه لأن الآية إنما نصت على صورة: الأضعاف المضاعفة، لا يقال ذلك لأنها، كما تقدم، بيان للواقع فتنزل منزلة الوصف الطردي الذي لا يعلق عليه الحكم.
وقوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ)، فالمقصود بـ: "ما أهل لغير الله به"، ما نوى به الإنسان التقرب لغير الله، ولو لم يهل رافعا صوته، فوصف الإهلال برفع الصوت لا مفهوم له، وإنما يكفي للحكم بتحريم ذبيحته كونها مما ينوى به التقرب إلى غير الله، عز وجل، سواء أهل أم لم يهل.
يقول ابن تيمية، رحمه الله، في "اقتضاء الصراط المستقيم":
(يُتْبَعُ)
(/)
"هذه الآية تعم كل ما نطق به لغير الله. فيقال: أهللت بكذا، إذا تكلمت به، وإن كان أصله الكلام الرفيع، فإن الحكم لا يختلف برفع الصوت وخفضه، وإنما لما كانت عادتهم رفع الصوت في الأصل، خرج الكلام على ذلك، فيكون المعنى: وما تكلم به لغير الله، وما نطق به لغير الله". اهـ بتصرف يسير.
وهذا باب واسع يحل كثيرا من الإشكالات في تقييد النصوص وإطلاقها، فليس كل قيد معتبرا، وإنما القرائن قد تحتف بالنص، فتشهد له بالاعتبار تارة، وبالإلغاء تارة أخرى.
قوله تعالى: (وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ):
دليل على عدم مؤاخذة المكره بأفعاله، فلا يقع بيعه أو طلاقه، خلافا للأحناف، رحمهم الله، الذين قاسوا حاله على حال الهازل بجامع أن كليهما لا يقصد ما يقول، وهو قياس مع الفارق، لأن الهازل، وإن كان لا يقصد ما يقوله إلا أن اختياره صحيح، بينما المكره: له اختيار، أيضا، ولكنه اختيار فاسد، لا يصح اعتباره في نفاذ أقواله وأفعاله.
يقول ابن كثير رحمه الله:
"وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا يحيى بن عبد الله، حدثني ابن لَهِيعَة، حدثني عطاء، عن سعيد بن جُبَيْر قال: في قراءة عبد الله بن مسعود: "فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" وإثمهن على من أكرههن.
وفي الحديث المرفوع، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رُفِع عن أمَّتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) ". اهـ
وقراءة ابن مسعود، رضي الله عنه، قراءة آحاد، لم تثبت قرآنا متواترا، فلا يقرأ بها، وإن صح الاستئناس بها في تفسير الآيات وتبيين الأحكام.
قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ):
فالآيات هنا هي: الآيات الشرعية بقرينة: الإنزال، وقوله تعالى: (وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ)، تنبيه على سنن الله، عز وجل، الكونية والشرعية في المكذبين، فيقاس عليها طردا وعكسا، فمن وافقهم في علة التكذيب استحق ما حل بهم طردا، فالتسوية بين المتماثلين أمر مطرد في نصوص الشريعة، ومن خالفهم فيها: نجا ولم يحل به ما حل بهم عكسا، فالتفرقة بين المختلفين أمر مطرد، أيضا، في نصوص الشريعة.
وقياس الطرد والعكس برهان عقلي مطرد في آي الكتاب.
وقوله تعالى: (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ):
تعليق لحكم الاتعاظ بآيات القرآن العظيم على وصف التقوى الذي اشتق منه اسم الفاعل: "المتقين" فليس كل من قرأ القرآن اتعظ، وإنما يتعظ بقراءته من تحقق فيه وصف التقوى دون من سواه، فدلت الآية بمفهوم الوصف: أن غير المتقي لا يتعظ بهذا القرآن، مصداق قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا).
ومثله قوله تعالى: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)، فعلق حكم التعقل، بأقوى أدوات الحصر: "الاستثناء والنفي" على الوصف الذي اشتق منه اسم الفاعل: "العالمون"، فدلت الآية بالمنطوق على: تعقل العالم، وبالمفهوم على: إعراض الجاهل وعدم انتفاعه.
وهذا أمر مطرد، أيضا، في نصوص الشريعة، يمكن المستدل من إدراك علل الأحكام، ليقيس عليها، ما يماثلها، طردا وعكسا، وقد صاغه بعض أهل العلم بقولهم: "تعليق الحكم على وصف مشتق مؤذن بعلية ما منه الاشتقاق".
يقول ابن كثير رحمه الله: " {وَمَوْعِظَةً} أي: زاجرًا عن ارتكاب المآثم والمحارم {لِلْمُتَّقِينَ} أي: لمن اتقى الله وخافه.
قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في صفة القرآن: فيه حكم ما بينكم، وخبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وهو الفَصْل ليس بالهَزْل، مَنْ تركه من جَبَّار قَصَمَه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ):
اختار ابن جرير الطبري، رحمه الله، أن نور الله، عز وجل، هو هداه، فالهدى هدى الله، مصداق قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ).
ونص كلامه: "يعني تعالى ذكره بقوله: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) هادي من في السماوات والأرض، فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة يعتصمون". اهـ
وهدى الله، عز وجل، إما أن يكون:
هدى دلالة وإرشاد: ببعث الرسل وإقامة الحجج، ومنه: قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
أو: هدى توفيق وإلهام: بتوفيق العبد إلى التزام طريق الحق، ومنه قوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
أو: هدى معرفة تفاصيل الحق: فقد يعلمه إجمالا فيحتاج إلى من يفصله، وهذا النوع فرع على سابقه، لأن بيان مجمل فطرة التوحيد المركوزة في النفوس، إنما يستقل به الرسل، عليهم الصلاة والسلام، فإنهم إنما بعثوا لأمرين: تفصيل مجمل الفطرة، و: إصلاح ما فسد منها سواء أكان ذلك في: التوحيد أم في: أفعال المكلفين.
أو: هدى تثبيت في الدنيا: على طريق الحق.
أو: هدى تثبيت في الآخرة: على الصراط المستقيم، وهو لازم ما قبله.
وقد جمعها قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، فالمصلي لما حصل له: هدى الدلالة فهو حاصل لكل البشر: مؤمنهم وكافرهم، و: هدى التوفيق إلى إقام الصلاة، دعا الله، عز وجل، أن يتم له الهدى بتثبيته على طريق الحق في الدنيا لتثبت قدمه على الصراط في الآخرة، والله أعلم.
يقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:
"وَلِهَذَا كَانَ أَنْفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعْظَمُه وَأَحْكَمُه دُعَاءَ الْفَاتِحَة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}. فإنه إِذَا هَدَاه هَذَا الصِّرَاطَ أَعَانَه على طَاعَتِه وَتَرْكِ مَعْصِيَتِه، فَلَمْ يُصِبْه شَرٌّ، لَا في الدُّنْيَا وَلَا في الْآخِرَة لَكِنَّ الذُّنُوبَ هي لَوَازِمُ نَفْسِ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلى الْهُدَى كُلَّ لَحْظَة، وَهُوَ إلى الْهُدَى أَحْوَجُ منه إلى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. لَيْسَ كَمَا يَقُولُه بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: أنه قَدْ هَدَاه! فَلِمَاذَا يَسْأَلُ الْهُدَى؟! وَأنَّ الْمُرَادَ التَّثْبِيتُ، أَوْ مَزِيدُ الْهِدَايَة! بَلِ الْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إلى أَنْ يُعَلِّمَه الله مَا يَفْعَلُه مِنْ تَفَاصِيلِ أَحْوَالِه، وإلى مَا يَتْرُكُه مِنْ تَفَاصِيلِ الْأُمُورِ، في كُلِّ يَوْمٍ، وإلى أَنْ يُلْهِمَه أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ. فإنه لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ عِلْمِه إِنْ لَمْ يَجْعَلْه مُرِيدًا لِلْعَمَلِ بِمَا يَعْلَمُه، وَإِلَّا كَانَ الْعِلْمُ حُجَّة عليه، وَلَمْ يَكُنْ مُهْتَدِيًا. وَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إلى أَنْ يَجْعَلَه الله قَادِرًا على الْعَمَلِ بِتِلْكَ الْإِرَادَة الصَّالِحَة، فَإِنَّ الْمَجْهُولَ لَنَا مِنَ الْحَقِّ أَضْعَافُ الْمَعْلُومِ، وَمَا لَا نُرِيدُ فِعْلَه تَهَاوُنًا وَكَسَلًا مِثْلُ مَا نُرِيدُه أَوْ أَكْثَرُ منه أَوْ دُونَه، وَمَا لَا نَقْدِرُ عليه مِمَّا نُرِيدُه كَذَلِكَ، وَمَا نَعْرِفُ جُمْلَتَه وَلَا نَهْتَدِي لِتَفَاصِيلِه فَأَمْرٌ يَفُوتُ الْحَصْرَ. وَنَحْنُ مُحْتَاجُونَ إلى الْهِدَايَة التَّامَّة، فَمَنْ كَمُلَتْ له هذه الْأُمُورُ كَانَ سُؤَالُه سُؤَالَ تَثْبِيتٍ، وهي آخِرُ الرُّتَبِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَبَعْدَ ذَلِكَ كله هِدَايَة أخرى، وهي الْهِدَايَة إلى طَرِيقِ الْجَنَّة في الْآخِرَة. وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ مَأْمُورِينَ بِهَذَا الدُّعَاءِ في كُلِّ صلاة، لِفَرْطِ حَاجَتِهِمْ إليه، فَلَيْسُوا إلى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إلى هَذَا الدُّعَاءِ". اهـ
"شرح الطحاوية"، ص350، 351.
والنور المضاف إلى الله، عز وجل، على نوعين:
النوع الأول: ما هو صفة له، عز وجل، فهو من صفات ذاته القدسية، فليس نورا مخلوقا، بل هو نور أزلي أبدي، فيضاف إلى الله، عز وجل، إضافة الصفة إلى الموصوف، ومنه حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، مرفوعا، وفيه: (حِجَابُهُ النُّورُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، النَّارُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ).
فنور الحجاب: نور مخلوق، وسبحات وجهه الكريم: نور غير مخلوق لأنه صفة من صفاته القدسية.
والنوع الثاني: ما هو من خلقه، عز وجل، كنور السماوات والأرض المذكور في الآية، فهو نور مخلوق، وإنما أسند إلى الله، عز وجل، إسناد تشريف، كما في:
قوله تعالى: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً): فهي ناقة مخلوقة، ولكنها مفضلة على بني جنسها بكونها معجزة صالح عليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: (وَرُوحٌ مِنْهُ): فـ: "من" لابتداء الغاية، أي: روح من الأرواح التي ابتدأ الله، عز وجل، خلقها، وإنما خصها بالذكر والإضافة إليه تشريفا لها، فهي روح رسول كريم من أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ): فأضاف البيت إليه: إضافة تشريف وتكريم، فهو بيته الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمنا.
بتصرف من "الفتوى الحموية مع شرحي الشيخين: صالح آل الشيخ، و: عبد العزيز الراجحي"، حاشية: ص236_238.
يقول القرطبي رحمه الله:
"واختلف العلماء في تأويل هذه الآية، فقيل: المعنى أي به وبقدرته أنارت أضواؤها، واستقامت أمورها، وقامت مصنوعاتها. فالكلام على التقريب للذهن، كما يقال: الملك نور أهل البلد، أي به قوام أمرها وصلاح جملتها، لجريان أموره على سنن السداد. فهو في الملك مجاز، وهو في صفة الله حقيقة محضة، إذ هو الذي أبدع الموجودات وخلق العقل نورا هاديا، لأن ظهور الموجود به حصل كما حصل بالضوء ظهور المبصرات، تبارك وتعالى لا رب غيره. قال معناه مجاهد والزهري وغيرهما.
قال ابن عرفة: أي منور السموات والأرض. وكذا قال الضحاك والقرظي. كما يقولون: فلان غياثنا، أي مغيثنا. وفلان زادي، أي مزودي. قال جرير:
وأنت لنا نور وغيث وعصمة ******* ونبت لمن يرجو نداك وريق
أي: ذو ورق، (ويشهد لهذا القول قراءة: "الله نَوَرَ السماوات والأرض"، بفتح النون، وتشديد الواو، وهي قراءة سبعية صحيحة وأصح ما يفسر به القرآن: القرآن).
وقال ابن عباس وأنس: المعنى الله هادي أهل السموات والأرض. والأول أعم للمعاني وأصح مع التأويل". اهـ
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 216).
فرجح، رحمه الله، القول الأول: من جهة عموم معناه فهو، عز وجل، الذي هدى البشر، وخلق فيهم أسباب النظر، وبعث إليهم الرسل بالكتاب المنير.
ويشبه ذلك إلى حد كبير: "رحمة الله عز وجل"، فهي، أيضا، على نوعين:
رحمة غير مخلوقة: وهي صفة من صفات ذاته القدسية، كما في قوله تعالى: (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، فـ: رحمة "الرحمن" العامة الواسعة، و: رحمة "الرحيم" الخاصة الواصلة كلاهما من صفات ذاته القدسية، فهما غير مخلوقتين.
و: رحمة مخلوقة: كما في: حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي).
(يُتْبَعُ)
(/)
وحديث أبي هريرة ن رضي الله عنه، الآخر، مرفوعا، وهو عند أحمد، رحمه الله، في "مسنده"، وفيه: (إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ قَسَمَ مِنْهَا رَحْمَةً بَيْنَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وضابط هذه المسألة أن:
"المضاف إلى الله نوعان فإن المضاف:
إما أن يكون: صفة لا تقوم بنفسها كالعلم والقدرة والكلام والحياة.
وإما أن يكون: عينا قائمة بنفسها.
فالأول: إضافة صفة كـ:
قوله: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.
وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}.
وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح حديث الاستخارة: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك).
وقوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً}.
وقوله: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}.
وقوله: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ}.
والثاني: إضافة عين كـ:
قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}.
وقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}.
وقوله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}.
فالمضاف في الأول: صفة لله قائمة به ليست مخلوقة له بائنة عنه.
والمضاف في الثاني: مملوك لله مخلوق له بائن منه لكنه مفضل مشرف لما خصه الله به من الصفات التي اقتضت إضافته إلى الله تبارك وتعالى كما خص ناقة صالح من بين النوق وكما خص بيته بمكة من بين البيوت وكما خص عباده الصالحين من بين الخلق ومن هذا الباب قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}.
فإنه وصف هذا الروح بأنه تمثل لها بشرا سويا وأنها استعاذت بالله منه إن كان تقيا وأنه قال: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ} ".
بتصرف يسير من "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، لشيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، (1/ 359).
قوله تعالى: (مثل نوره):
اختلف في مرجع الضمير في: "نوره" كما أشار إلى ذلك ابن كثير، رحمه الله، بقوله:
"وقوله: {مَثَلُ نُورِهِ} في هذا الضمير قولان:
أحدهما: أنه عائد إلى الله، عز وجل، أي: مثل هداه في قلب المؤمن، قاله ابن عباس {كمشكاة}.
والثاني: أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام: تقديره: مثل نور المؤمن الذي في قلبه، كمشكاة. فشبه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى، وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه، كما قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: 17]، فشبه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل، الذي لا كدر فيه ولا انحراف". اهـ
فيكون الضمير على القول الثاني: راجعا على غير مذكور صراحة في السياق.
والنور في نصوص الشريعة على ثلاثة معان:
الأول: صفة الله، عز وجل، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
والثاني: الكتاب المنزل، ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا).
والثالث: الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنه قوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ).
يقول ابن القيم رحمه الله:
"وسمّاه اللّه، (أي: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، سِراجاً منيراً، وسمى الشمس سراجاً وهاجاً.
والمنير هو الذي ينير من غير إحراق بخلاف الوهاج، فإن فيه نوعَ إحراق وَتَوَهُج".
"زاد المعاد"، (1/ 35).
يقول القرطبي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وقد سمى الله تعالى كتابه نورا فقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [النساء: 174] وسمى نبيه نورا فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15]. وهذا لأن الكتاب يهدي ويبين، وكذلك الرسول. ووجه الإضافة إلى الله تعالى أنه مثبت الدلالة ومبينها وواضعها".
"الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 216، 217).
فإطلاقه على الله، عز وجل، من هذه الوجه: إطلاق للسبب، وهو: النور الهادي، وإرادة للمُسَبِبِ، وهو: الله عز وجل.
قوله تعالى: (كَمِشْكَاةٍ):
هي موضع الفتيلة من القنديل، كما رجح ذلك ابن كثير، رحمه الله، وهي من الألفاظ الحبشية، وقد وقع الخلاف بين أهل العلم في مسألة الألفاظ الأعجمية:
فالإجماع منعقد على:
أنه ليس في القرآن أسلوب أعجمي، فأساليب القرآن: عربية فصيحة.
وعلى أن في القرآن أعلاما أعجمية كـ: أسماء الملائكة: كجبريل وميكائيل.
وأسماء الأنبياء عدا: محمد وصالح وهود وشعيب عليهم الصلاة والسلام.
ولذلك تمنع هذه الأسماء من الصرف لعلة: العلمية والعجمة.
وأما الخلاف فهو منحصر في: وجود ألفاظ أعجمية غير الأعلام:
فمن أثبت وجودها استدل بورود ألفاظ من قبيل: "اليم" و "قسورة" و "مشكاة" و "سرادقها" و "كفلين" و "تبرج" (فأصلها فارسي من برج الشيء إذا ظهر وارتفع لأن المرأة المتبرجة تظهر محاسنها)، ولا مانع من ورود هذه الألفاظ في القرآن الكريم، لأن العرب استعملتها في كلامها، فصارت من مفردات لغتها، فهي ألفاظ: عربية: "معربة" إن صح التعبير.
ومن نفى وجودها قال بأن هذه الألفاظ مما تواردت عليه الألسن، فتكون من مفردات أكثر من لغة، وهذا اختيار الطبري، رحمه الله، أو تكون عربية قد أخذها العجم من لغة العرب فصارت من مفردات لسانهم، فليس الدعوى الأولى أولى بالقبول من هذه الدعوة، ودخول مفردات لغة في لغة أخرى أمر مشاهد في اللغات المعاصرة، فاللغة الإسبانية على سبيل المثال تحوي عددا كبيرا من مفردات اللغة العربية، وتوارد اللغات على لفظ واحد أمر مشاهد أيضا، فـ "الدينار"، على سبيل المثال، يشترك فيه اللسان العربي واللسان الصربي مع بعد ما بينهما.
وقوله تعالى: (فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ):
"أل" في: "المصباح" و: "الزجاجة": للعهد الذكري، لتقدم ذكرها، كما في قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا)، فـ: "أل" في "الرسول" راجعة على قوله: "رسولا" في الآية السابقة.
وفي قوله تعالى: (كأنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ): "كوكب": خبر "كأن"، و "دري": نعت مفرد، و: "يوقد": إما أن يكون نعتا ثانيا، فيكون جاريا على قياس العربية في تقديم النعت المفرد على النعت بالجملة إذا اجتمعا، أو: النعت الصريح على النعت غير الصريح، وقد جاء كلا الأمران في التنزيل:
فقدم النعت المفرد على النعت بالجملة كما في هذه الآية.
وقدم النعت بالجملة على النعت بالمفرد، كما في قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ)، فـ:
"كتاب": خبر مبتدأ محذوف تقديره: "هو"، و: "أنزلناه": نعت أول، و: "مبارك": نعت ثان.
وقول أعشى قيس:
وقصيدةٍ تأتي الملوك غريبة ******* قد قلتُها ليقال من ذا قالها
فـ: "تأتي الملوك": نعت أول، و: "غريبة": نعت ثان.
وإما أن تكون النكرة: "كوكب" قد اكتسبت تخصيصا بالنعت: "دري"، والتخصيص نوع تعريف يجيز وقوع الحال من النكرة، فتكون جملة: "يوقد": حالا.
وفي الآية تشبيه مرسل: طرفاه:
نور الله، عز وجل، الذي يقذفه في قلب عبده المؤمن.
و: المشكاة التي تضيء إضاءة الكوكب الدري المضيء الذي يستمد وقوده من زيت زيتون شجرة مباركة.
وأداة التشبيه: الكاف في: "كمشكاة".
وقوله تعالى: (زيتونة):
(يُتْبَعُ)
(/)
بدل أو عطف بيان لمجمل الشجرة، فهي شجرة زيتون لا شرقية ولا غربية، فزيتها أجود وأصفى.
يقول ابن جرير الطبري رحمه الله:
"وقال بعضهم: إنما قيل لهذه الشجرة: لا شرقية ولا غربية: أي ليست شرقية وحدها حتى لا تصيبها الشمس إذا غربت، وإنما لها نصيبها من الشمس بالغداة ما دامت بالجانب الذي يلي الشرق، ثم لا يكون لها نصيب منها إذا مالت إلى جانب الغرب، ولا هي غربية وحدها، فتصيبها الشمس بالعشيّ إذا مالت إلى جانب الغرب، ولا تصيبها بالغداة، ولكنها شرقية غربية، تطلع عليه الشمس بالغداة، وتغرب عليها، فيصيبها حرّ الشمس بالغداة والعشيّ، قالوا: إذا كانت كذلك، كان أجود لزيتها". اهـ
وقد بلغ صفاء الزيت حدا يكاد معه يضيء إضاءة ذاتية كما في قوله تعالى: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ)، والفعل: كاد يدل على قرب الوقوع، فلا تأتي: "أن" المصدرية في خبره، على الوجه الأشهر، لأن: "أن" المصدرية تمحض الفعل للاستقبال، والخبر، كما تقدم، قريب الوقوع، فقد بلغ الزيت حدا من الصفاء جعله على وشك الاشتعال.
وقوله تعالى: (نُورٌ عَلَى نُورٍ):يقول ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} قال العوفي، عن ابن عباس: يعني بذلك إيمان العبد وعمله.
وقال مجاهد، والسدي: يعني نور النار ونور الزيت.
وقال أبي بن كعب: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} فهو يتقلب في خمسة من النور، فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة". اهـ
وقوله تعالى: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ):
أي: هداية التوفيق، كما في حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ نُورِهِ مَا شَاءَ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَصَابَ النُّورُ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصِيبَهُ وَأَخْطَأَ مَنْ شَاءَ فَمَنْ أَصَابَهُ النُّورُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَ يَوْمَئِذٍ ضَلَّ فَلِذَلِكَ قُلْتُ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ).
والحديث عند أحمد، رحمه الله، في مسنده.
وفي قوله تعالى: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ):
إظهار في مقام الإضمار، فيصح في غير القرآن: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ الْأَمْثَالَ، على أن يكون فاعل: "يضرب" ضميرا مستترا تقديره: "هو" راجعا على لفظ الجلالة المتقدم الذكر، وفائدته كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله: (الإيذانِ باختلاف حال ما أُسند إليه تعالى من الهدايةَ الخاصَّةَ وضربِ الأمثالِ الذي هو من قبيلِ الهداية العامَّةِ كما يُفصح عنه تعليقُ الأُولى بمن يشاءُ والثَّانيةِ بالنَّاس كافَّة". اهـ بتصرف يسير.
فالهداية التوقيفية لا تحصل إلا لمن شاء الله هدايته، بخلاف الهداية الإرشادية بضرب الأمثال فهي للناس كافة.
وفي الآية: "تخلص"، وهو: وجه بلاغي لطيف، أشار إليه الزركشي، رحمه الله، بقوله: "ومن أحسن أمثلته، (أي: التخلص)، قوله تعالى: (الله نور السموات والأرض) الآية فإن فيها خمس تخلصات: وذلك أنه جاء بصفة النور وتمثيله ثم تخلص منه إلى ذكر الزجاجة وصفتها ثم رجع إلى ذكر النور والزيت يستمد منه ثم التخلص منه إلى ذكر الشجرة ثم تخلص من ذكرها إلى صفة الزيت ثم تخلص من صفة الزيت إلى صفة النور وتضاعفه ثم تخلص منه إلى نعم الله بالهدى على من يشاء". اهـ
"البرهان في علوم القرآن"، (1/ 43).
فالتخلص: انتقال بديع بين المعاني لا تكلف فيه، فينتقل ذهن السامع من معنى إلى آخر لعلاقة لطيفة بينهما.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 11 - 2008, 08:07 ص]ـ
ومع:
قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ):
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"لما ضرب الله تعالى قلب المؤمن، وما فيه من الهدى والعلم، بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقّد من زيت طيب، وذلك كالقنديل، ذكر محلها وهي المساجد، التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض، وهي بيوته التي يعبد فيها ويُوَحّد". اهـ
والإذن في الآية هو: الإذن الشرعي، فالله، عز وجل، قد أذن بإرادته الشرعية بأن تقام المساجد التي يذكر فيها اسمه، والأحاديث الدالة على فضل عمارة المساجد كثيرة، وقد ذكر الحافظ ابن كثير، رحمه الله، جملة منها، فمن ذلك:
حديث عثمان، رضي الله عنه، مرفوعا: "من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة". أخرجاه في الصحيحين.
وحديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله، بنى الله له بيتا في الجنة"، والحديث عند ابن ماجه، رحمه الله، في سننه.
وقيد الله، عز وجل، البيوت بقوله: (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ)، فجملة: "أذن الله": نعت أول، وجملة: "ويذكر فيها اسمه": عُطِفَتْ عليها فتأخذ حكمها، و: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ رجال): نعت ثان، والنعت مخصص للنكرات موضح للمعارف، كما قرر النحاة، فخرج بهذه القيود: المساجد التي بنيت ليشرك فيها بالله، عز وجل، أو ليعظم ويدعى فيها غيره، أو ليكاد للمؤمنين فيها، كمسجد الضرار الذي نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن القيام فيه، مع أن ظاهره: أنه بيت أقيم لذكر الله، عز وجل، فيه، ولكن لما كانت العبرة بالمقاصد، صارت الوسيلة، وإن كانت مستحبة، بل واجبة أحيانا، محرمة، لأنها تؤدي إلى مقصد فاسد، وللوسائل أحكام المقاصد، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
فكذلك المساجد التي بنيت ليشرك فيها مع الله، عز وجل، فإنها وسيلة تأخذ حكم مقصدها، فتتعين إزالتها، أو إزالة ما يشرك بالله فيها، ومع أن في هدمها مفسدة، إلا أن هذه المفسدة أهون من مفسدة الشرك الحاصل فيها، فتدفع المفسدة العظمى بارتكاب المفسدة الصغرى، وهذا أصل تشهد له فروع كثيرة.
وقد قال الحنابلة، رحمهم الله، بهدم المسجد الذي أقيم فوق قبر، إن كان المسجد هو الأحدث، أو نبش القبر ونقل الرفات إلى مقابر المسلمين وطمس معالمه لئلا يعظم، إن كان هو الأحدث، كأن يوصي فلان من الناس بدفنه في المسجد، فيكون ذلك من باب سد الذريعة إلى تعظيم المقبور وهو بدوره ذريعة إلى تحري الدعاء والصلاة عنده مظنة الزياة في الأجر وهذا ابتداع لا مستند له من الشريعة إذ فضائل الأزمنة والأمكنة لا تثبت إلا بنص فيكون ذلك بدوره ذريعة إلى طلب الدعاء منه وهو شرك أصغر فيفضي ذلك في آخر الأمر إلى دعائه من دون الله كما هو مشاهد اليوم في كثير من الأضرحة والمشاهد التي يطلب قضاء الحوائج من ساكنيها، إن كانوا قد دفنوا فيها أصلا وليس الأمر مجرد وهم يتكسب به سدنة تلك الأوثان فهي سلسلة من الذرائع المتصلة يفضي السابق منها إلى اللاحق، فينهى عن أولها سدا لذريعة الوقوع في آخرها، وهو أصل معتبر في شريعة المسلمين، اعتمده كثير من أهل العلم لا سيما المالكية، رحمهم الله، فهم من أكثر الناس مراعاة لمقاصد المكلف.
وأما حكم بناء المساجد فإنه من باب: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فإذا كانت صلاة الجماعة: واجبة، على الراجح من أقوال أهل العلم، فإن بناء المساجد التي تقام فيها، واجب، وإن كانت الجماعة جائزة في غير المساجد، ولكن الأصل فيها أن تؤدى في المساجد، فهي إحدى شعائر الإسلام الظاهرة، التي يقاتل أهل المحلة إذا تركوها، فضلا عن كون المساجد محل الأذان، وهو، أيضا، من شعائر الإسلام التي يقاتل من هجرها، فهما علامتان فارقتان بين: دار الإسلام ودار الحرب.
ومن مسائل هذا الباب:
مسألة النوم في المساجد:
يقول القرطبي رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وأما النوم في المسجد لمن احتاج إلى ذلك من رجل أو امرأة من الغرباء ومن لا بيت له فجائز، لأن في البخاري: وقال أبو قلابة عن أنس: قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا في الصفة، وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: كان أصحاب الصفة فقراء. وفي الصحيحين عن ابن عمر: أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. لفظ البخاري: وترجم: [باب نوم المرأة في المسجد] وأدخل حديث عائشة في قصة السوداء التي اتهمها أهلها بالوشاح، قالت عائشة: وكان لها خباء في المسجد أو حفش ... " الحديث. (و: "الحفش": البيت الصغير). ويقال: كان مبيت عطاء بن أبي رباح في المسجد أربعين سنة". اهـ
بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن"، (12/ 230).
وتفرع على هذه المسألة:
مسألة: مكث الجنب والحائض في المسجد:
فالجمهور على منعه، استدلالا بـ:
قوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
وحديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا: "وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنْ الْمَسْجِدِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ".
وأجاب المجيزون بأن المقصود من الآية كما يقول البغوي، رحمه الله، في "شرح السنة":
"هم المسافرون تصيبهم الجنابة فيتيممون ويصلون، وقد روي ذلك عن ابن عباس".
وعن زِرّ بن حُبَيش، عن علي رضي الله عنه: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} قال: لا يقرب الصلاة، إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة، فلا يجد الماء فيصلي حتى يجد الماء.
وأما الحديث ففي سنده: جسرة بنت دجاجة:
قال عنها الحافظ، رحمه الله، في "التقريب":
"مقبولة من الثالثة ويقال إن لها إدراكا". اهـ
وقال الذهبي، رحمه الله، في "ميزان الاعتدال"، ترجمة: 1481:
"جسرة بنت دجاجة:
عن عائشة.
قال البيهقى: فيها نظر.
وقال ابن حبان - فيما نقله أبو العباس البناني: عندها عجائب.
وقال البخاري في تاريخه: عندها عجائب.
وأما أحمد فقال في صاحبها: الأفلت العامري: لا أرى به بأسا.
وقال أحمد العجلى: جسرة تابعية ثقة، فقوله: عندها عجائب ليس بصريح في الجرح، وللأفلت عنها عن عائشة حديث: (لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض) ". اهـ
والمقبول لا يحتج بحديثه إلا حيث يتابع، ومدار الحديث على جسرة، رحمها الله، فقد رواه:
الأفلت بن خليفة: كما عند: أبي داود في "سننه"، و: البيهقي في "السنن الكبرى"، و: ابن خزيمة في "صحيحه" عنها عن عائشة رضي الله عنها.
ومحدوج الذهلي: كما عند: ابن ماجة في "سننه"، و: الطبراني في "معجمه الكبير"، و: البيهقي في "السنن الكبرى" عنها عن أم سلمة رضي الله عنها.
فآل الطريقان إلى طريق واحد لاتحاد مخرجيهما، فلا يحتج بتقوي أحدهما بالآخر.
وأما قول العجلي رحمه الله: "فقوله: عندها عجائب ليس بصريح في الجرح"، فلا يقوى على معارضة بقية أقوال أهل الجرح والتعديل، لاسيما وهو من المتساهلين في التوثيق.
يقول ابن حزم، رحمه الله، في "المحلى": "وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم جماعة كثيرة ولا شك في أن فيهم من يحتلم، فما نهوا قط عن ذلك". اهـ
فلما سكت الوحي عن ذلك، عُلِم جوازه، لأن الوحي لا يقر الأمة على باطل، فصار: السكوت في موضع البيان بيان.
ولم يسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوليدة التي سكنت المسجد: هل بلغت المحيض أم لا، ولم يأمرها بمغادرة المسجد إذا حاضت، فنزل سكوته عن ذلك منزلة الإقرار، و: "ترك الاستفصال في موارد الاحتمال يتنزل منزلة العموم من المقال".
بتصرف من "تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة"، كتاب: الطهارة، للشيخ عادل بن يوسف العزازي، ص225.
(يُتْبَعُ)
(/)
والتسبيح هو: التنزيه والتقديس، وفي لسان العرب: مادة: "سبح": "والتَّسبيح التنزيه وسبحان الله معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد وقيل تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف ............... وقال ابن شميل، (أي: النضر بن شميل رحمه الله)، رأَيت في المنام كأَنَّ إِنساناً فسر لي سبحان الله فقال أَما ترى الفرس يَسْبَحُ في سرعته؟ وقال سبحان الله السرعةُ إِليه والخِفَّةُ في طاعته وجِماعُ معناه بُعْدُه تبارك وتعالى عن أَن يكون له مِثْلٌ أَو شريك أَو ندٌّ أَو ضدّ". اهـ
والتسبيح هنا هو: الصلاة، ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأَسْتَحِبُّهَا وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ).
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وقوله: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} أي: في البُكَرات والعَشِيَّات. والآصال: جمع أصيل، وهو آخر النهار.
وقال سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: كل تسبيح في القرآن هو الصلاة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعني بالغدو: صلاة الغداة، ويعني بالآصال: صلاة العصر، وهما أول ما افترض الله من الصلاة، فأحب أن يَذْكُرهما وأن يُذَكِّر بهما عباده.
وكذا قال الحسن، والضحاك: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} يعني: الصلاة". اهـ
فأول ما فرضت الصلاة: فُرِضت صلاتان: صلاة في أول النهار، وصلاة في آخره، ثم فرضت الصلوات ركعتين، ثم زِيد في صلاة الحضر في السنة الأولى من الهجرة، كما في حديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا: (فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ).
يقول الحافظ، رحمه الله، في "الفتح":
"وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي - وَبِهِ تَجْتَمِع الْأَدِلَّة - أَنَّ الصَّلَوَات فُرِضَتْ لَيْلَة الْإِسْرَاء رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِب، ثُمَّ زِيدَتْ بَعْد الْهِجْرَة عَقِب إِلَّا الصُّبْح، كَمَا رَوَى اِبْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: "فُرِضَتْ صَلَاة الْحَضَر وَالسَّفَر رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَاطْمَأَنَّ زِيدَ فِي صَلَاة الْحَضَر رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ صَلَاة الْفَجْر لِطُولِ الْقِرَاءَة، وَصَلَاة الْمَغْرِب؛ لِأَنَّهَا وِتْر النَّهَار" اهـ. ثُمَّ بَعْد أَنْ اِسْتَقَرَّ فَرْض الرُّبَاعِيَّة خُفِّفَ مِنْهَا فِي السَّفر". اهـ بتصرف يسير
وفي قوله تعالى: (يُسَبِّحُ)، قرئ بـ: البناء لما سمي فاعله، فيكون: "رجال" هو الفاعل، وقرئ بـ: البناء لما لم يسم فاعله، فيكون: "رجال": نائب فاعل، وكأنه قيل: يُسَبَحُ لله فيها، فتطلعت نفس السامع إلى معرفة المسبِح، فسأل: من المسبِح؟، فأجيب بقوله تعالى: (رجال ............. )، فعلى قراءة البناء لما سمي فاعله، لا يكون في الكلام محذوف مقدر، ولا يحسن الوقف إلا على الفاعل: "رجال" لتكتمل الجملة بذكر ركنيها: الفعل: "يسبح" والفاعل: "رجال"، وعلى قراءة البناء لما لم يسم فاعله يكون في الكلام محذوف مقدر، ويصح الوقف على قوله: "بالغدو والآصال"، ثم يستأنف الكلام جوابا على السؤال المقدر.
والقراءة الأولى: أرجح من جهة عدم تقدير محذوف وهو الأصل.
وفي القراءة الثانية: وجه بلاغي لطيف، وهو استثارة السامع واسترعاء انتباهه، ليتساءل عن أولئك المسبحين، ومنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (خافضة رافعة): فـ: "خافضة": خبر لمبتدأ محذوف، فتقدير الكلام: هي خافضة رافعة، فكأن في الكلام سؤالا مقدرا، بعد ذكر بعض أوصافها التي تحمل السامع على الاستفسار عن كنهها، فما هي هذه التي لا شك في وقوعها؟، فجاء الجواب: هي الخافضة الرافعة التي تخفض أقواما وترفع آخرين.
وهو أمر مطرد في القرآن الكريم، فيسترعي انتباه السامع، ابتداء، بذكر المجمل الذي تشتاق النفوس إلى معرفة بيانه، فيأتي البيان شفاءً للغليل، كما في:
قوله تعالى: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)، فيتساءل السامع من أولئك؟، فيأتيه الجواب مباشرة: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
وقوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)، فيتساءل السامع: من أولئك؟، فيأتي الجواب: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ).
وقوله تعالى: (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)، فيتساءل السامع في لهفة: من أولئك الذين زكاهم الله، عز وجل، فأثنى على عقولهم؟، فيأتي الجواب: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)
وقوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، فجواب السؤال المقدر: من هم أولئك المتقون؟، هو: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
وقوله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فيتساءل طالب الولاية: من هم الأولياء حقا؟، فيأتيه الجواب: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ).
وقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، فمن هم أولئك الصابرون المبشرون؟: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون).
وقوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) , فمن أولئك المتقون؟: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
وقوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)، فمن أولئك؟: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
فهو تفصيل بعد إجمال، والبيان حاصل في جواب السؤال المقدر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، فمن أولئك المتقون؟، (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ).
وليس بعد بيان القرآن بيان!!!.
وقوله تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)، فأجمل الفاحشة في الآية الأولى ثم بينها في الآية الثانية، وتكرار ذكرها إشعار بفرط قبحها وشناعتها، كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
والعمدة في هذا الباب: الرواية، فالقراءة سنة متبعة، فلا تُوَجَهُ القراءة إلا بعد ثبوت تواترها.
وفي قوله تعالى: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ):
بيان لإجمال السؤال المقدر، فصفة المسبحين أنهم: رجال: (لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)، (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)، فنعتوا بهاتين الخصلتين.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"فقوله: {رِجَال} فيه إشعار بهممهم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عُمَّارا للمساجد، التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وشكره، وتوحيده وتنزيهه، كما قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] ". اهـ
وعمارة المساجد إنما تكون بـ: "الأبدان"، إظهارا للشعيرة، وبـ: "الأموال" رفعا للبنيان.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وقال عمرو بن دينار الأعور: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخَمَّروُا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا سالم هذه الآية: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ثم قال: هم هؤلاء.
وكذا قال سعيد بن أبي الحسن، والضحاك: لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها.
وقال مطر الوَرَّاق: كانوا يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانُه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة". اهـ
فيكون قول سالم بن عبد الله، رحمه الله، من باب: "التعريف بالمثال"، وهو أقرب إلى ذهن السامع من التعريف بالحد وبيان الوصف، فلم يقصد سالم، رحمه الله، حصر المذكورين في الآية بأولئك، وإنما قصد أنهم من جنس المذكورين في الآية، فهم بعض أفراده، وذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وإلى ذلك أشار ابن تيمية، رحمه الله، في رسالة "مقدمة في أصول التفسير" بقوله:
"فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره، فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطلق، والعقل السليم يتفطن للنوع، كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف، فقيل له: هذا هو الخبز". اهـ
فلو طلب منك أعجمي أن تعرف له مسمى لفظ: "الخبز"، فرحت تحده بالحد المنطقي: الجامع المانع، فقلت: هو ذلك القرص المستدير من الدقيق .............. إلخ، لكان ذلك أشق عليه من إشارتك إلى أحد أفراد "الخبز"، فتقول: هو هذا الرغيف، ولا يعني ذلك أن الخبز مقصور على ذلك الرغيف بعينه، وإنما هو مثال لتقريب حقيقة الشيء إلى ذهن السامع، فالحصر في قولك: حصر أوصاف، لا أعيان، فأوصاف الخبز لا تخرج عن أوصاف هذا الرغيف، وإن كانت أعيانه في الخارج كثيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ):
يقول أبو السعود رحمه الله:
" {لِيَجْزِيَهُمُ الله} متعلِّق بمحذوفٍ يدلُّ عليه ما حُكي من أعمالهم المرضيَّةِ أي يفعلُون ما يفعلُون من المُداومة على التَّسبيح والذِّكرِ وإيتاءِ الزَّكاةِ والخوفِ من غير صارفٍ لهم عن ذلك ليجزيهم الله تعالى {أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ} ". اهـ
فتكون اللام في: ليجزيهم": لام التعليل. ويكون المحذوف في الآية قد عُلِمَ بـ: "دلالة الاقتضاء"، فالسياق يقتضي ذلك المقدر لكي يتم المعنى.
وفي قوله تعالى: (أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ)، استعمال لأفعل منزوعة الدلالة على التفضيل، فليس التفضيل مقصودا، لأن سياق الثناء مئنة من كون أعمالهم كلها حسنة، وإن وقع فيها ما وقع من التقصير الذي لا يسلم منه أحد، ونظيره:
قوله تعالى: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)، فما أنزله الله، عز وجل، من الشرائع حسن كله فيكون معنى التفضيل هنا أيضا: غير مراد. والله أعلم
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ):
"أعمال": بدل اشتمال من "الذين كفروا"، كما تقول: أعجبتني الفتاة حياؤها، فالمشبه هو: أعمالهم لا ذواتهم.
وفي الآية: تشبيه مرسل مجمل، فذكر الله عز وجل:
المشبه: وهو أعمال الذين كفروا.
والمشبه به: وهو: السراب.
وأداة التشبيه: الكاف في "كسراب".
ووجه الشبه المقدر: كون كل منهما لا حقيقة له.
فأعمال الذين كفروا كالسراب في الأرض المستوية المتسعة بعد نصف النهار، لا حقيقة لها، وإن ظنوا أنهم على شيء، فإن المحتاج إلى الماء إذا رأى السراب من بعيد ظنه ماء، فإذا اقترب منه لم يجده شيئا، فكذا الكافر، يحتاج إلى عمل صالح خالص ينجيه يوم العرض على الجبار، عز وجل، فإذا وافى عمله يوم الحساب، لم يجده شيئا، لكونه: غير خالص، وإن كان صوابا في نفسه، كما نرى كثيرا من الكفار يتصدقون ويصلون ويبكون خشية ويتورعون عن كثير من المحارم تدينا، ولكن فساد الأصل لا ينفع معه صلاح الفرع، مصداق قوله تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)، فأكد عموم "ما" الموصولة بـ: "من"، فكل عملهم بلا استثناء يكون يوم القيامة هباء منثورا.
وقد يدخل في عموم هذه الآية: أهل البدع والأهواء، فأعمالهم، أيضا، كالسراب، وإن كان معهم أصل الإيمان المنجي إن كانوا مسلمين في الباطن، ومع ذلك حبط عملهم من جهة كونه: محدثا لا أصل له، فلا يقبل منهم، وإن أخلصوا فيه، لكونه غير صواب، والعمل لا يقبل إلا إذا كان صوابا خالصا كما قال الفضيل بن عياض، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
فـ: (فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا): متابعة.
و: (وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا): إخلاص.
قوله تعالى: (والله سريع الحساب):
يحاسب عباده في يوم، كما جاء في الأثر، فكما يرزقهم جميعا في آن واحد، فإنه يحاسبهم جميعا في آن واحد، كما أثر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو قياس صحيح، فإنه، عز وجل، ليس كمثله شيء في صفاته وأفعاله.
يقول القرطبي رحمه الله:
"قال الحسن: حسابه أسرع من لمح البصر، وفى الخبر: "إن الله يحاسب في قدر حلب شاة".
وقيل: هو أنه إذا حاسب واحدا فقد حاسب جميع الخلق.
وقيل لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه: كيف يحاسب الله العباد في يوم؟ قال كما يرزقهم في يوم! ومعنى الحساب: تعريف الله عباده مقادير الجزاء على أعمالهم، وتذكيره إياهم بما قد نسوه، بدليل قوله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه) ". اهـ
وقد قيل: نزلتْ في عُتبةَ بنِ أبي ربيعةَ بنِ أُميَّة كان قد تعبَّد في الجاهليَّةِ ولبس المسوحَ والتمسَ الدِّينَ فلمَّا جاء الإسلامُ كفرَ.
والعبرة، كما تقدم في أكثر من موضع، بـ: عموم اللفظ لا بخصوص السبب، فصورة السبب داخلة قطعا في الحكم، وغيرها داخل إما بدلالة نفس اللفظ، وهو رأي الجمهور، لأن الأصل في خطاب الشارع، عز وجل، العموم، وإما بدلالة القياس على صورة السبب، فالخلاف عند التحقيق: لفظي، لأن مؤدى القولين واحد.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 02:53 ص]ـ
قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ):
البحر اللجي هو: العميق، فكذا قلب الكافر في ظلمته، والتشبيه هنا، أيضا: مرسل مجمل، فوجه الشبه المقدر هو: الظلمة.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وهذا المثال، أي المثال في آية السراب، مثال لذوي الجهل المركب. فأما أصحاب الجهل البسيط، وهم الطَّماطم الأغشام المقلدون لأئمة الكفر، الصم البكم الذين لا يعقلون، فمثلهم كما قال تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ}: قال قتادة: وهو العميق.
{يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي: لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام، فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يدري أين يذهب، ولا هو يعرف حال من يقوده، بل كما يقال في المثل للجاهل: أين تذهب؟ قال: معهم. قيل: فإلى أين يذهبون؟ قال: لا أدري". اهـ
فمن علم خلاف الحق فجهله: جهل مركب من جهة أنه لم يعلم الحق أولا، وعلم خلافه ثانيا، وقد يلحقه وصف الجهل المركب من جهة أنه مع ما فيه من ضلال، يظن نفسه على الحق، فهو جاهل بالحكم وجاهل بحال نفسه أنه جاهل.
ومن أقوال الشعراء:
جهلت وما تدري بأنك جاهل ******* ومن لي بأن تدري بأنك لا تدري.
ومن نوادرهم:
قال حمار الحكيم يوما ******* لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط ******* وصاحبي جاهل مركب
والحكيم هنا: من اشتغل بالفلسفة وحكمة الأوائل التي هي عند التحقيق: جهل مركب، فالخوض في الغيبيات بالعقل القاصر: جهل فاضح، وإنما السبيل فيها: كمال التسليم لخبر الوحي الصادق، وإنما حُمِد القوم بما صنفوه في الطبيعيات التي تدركها العقول، وليتهم اقتصروا على ذلك.
والشيء لا يعرف إلا بـ: رؤيته، أو رؤية نظيره، أو خبر صادق عنه، كما قرروا هم أنفسهم في: "نظرية المعرفة" التي بنوها على العلوم الضرورية المستفادة من الحواس الظاهرة، فمن أين لهم أحدها في مسائل الغيب المطلق التي لا تستقل العقول بإدراكها، فمن ذا الذي اطلع على الغيب المطلق، أو رأى نظيره، أو جاءه خبر صادق عنه؟!!!.
وأما الجاهل البسيط، فهو من لم يعرف الحق ابتداء، وهذا حال المقلد، سواء أكان في الأصول أم في الفروع، وهو مع عظيم جهله، من أشد الناس تعصبا، فالكافر الذي أسلم عقله لأئمة الضلال، كالآلة الصماء التي لا إرادة لها، والمبتدع الذي تعصب لرأي محدث، من أشد الناس قتالا دون بدعته، واستحلالا لدم مخالفه، مصداق ما رواه الدارمي، رحمه الله، من طريق: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ: "مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلاَّ اسْتَحَلَّ السَّيْفَ". اهـ
والمقلد في الفروع لا يعرف دليل إمامه، وإنما يتعصب لأقوال الرجال، فيقدمها على الدليل، فهو ليس عالما بالحكم لأن العلم: معرفة الحق بدليله لا استظهار أقوال الرجال وإن علت أقدارهم.
قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ):
عموم لم يدخله التخصيص، فالشرط: "من": يفيد العموم، و: "نور" في جوابه: نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم، فضلا عن توكيد هذا العموم بـ: "من" الجارة، التي تفيد استغراق جنس ما دخلت عليه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أكثر من موضع.
فأي أحد أيا كان، لم يجعل الله له نورا، فليس له نور، أي نور، فالنور إنما يستمد من الوحي المعصوم.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} أي: من لم يهده الله فهو هالك جاهل حائر بائر كافر، كما قال تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ} [الأعراف: 186] وهذا في مُقابلة ما قال في مثل المؤمنين: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} ". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو أمر مطرد في القرآن الكريم، فحيث يذكر الخير يقرن به الشر، وحيث يذكر النعيم يقرن به العذاب، وحيث يذكر المؤمن يقرن به الكافر، وحيث يقرن النور تقرن به الظلمات ......... إلخ على سبيل المقابلة، كما في:
قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)، فذكر المؤمنين ثم أتبع ذكرهم بذكر الكفار المستنكفين عن عبادته عز وجل.
يقول الزركشي رحمه الله:
"وقد تكون العلاقة بينهما، (أي: بين الآيتين المتتاليتين)، المضادة وهذا كمناسبة ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب والرغبة بعد الرهبة وعادة القرآن العظيم إذا ذكر أحكاما ذكر بعدها وعدا ووعيدا ليكون ذلك باعثا على العمل بما سبق ثم يذكر آيات التوحيد والتنزيه ليعلم عظم الآمر والناهي وتأمل سورة البقرة والنساء والمائدة وغيرها تجده كذلك". اهـ
"البرهان في علوم القرآن"، (1/ 40).
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ):
الاستفهام: تقريري، لأنه دخل على نفي، كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ)، وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ).
وقد تعدى الفعل: "تر" بحرف الجر: "إلى"، مع أنه مما يتعدى بنفسه إلى مفعول، إن كانت الرؤية بصرية، وإلى مفعولين، إن كانت الرؤية علمية، وسبب ذلك أنه قد ضمن معنى الفعل: "تنظر"، والنظر مما يتعدى بـ: "إلى"، إن كان نظر عين، وإليه أشار الزركشي، رحمه الله، بقوله:
"فإن قلت من أين جاءت إلى ورأيت يتعدى بنفسه أجيب لتضمنه معنى تنظر". اهـ
"البرهان في علوم القرآن"، (1/ 46).
والتضمين باب واسع: فقد يضمن الفعل المتعدي معنى فعل لازم، فلا يعمل في مفعول أو اثنين، كما في هذا الموضع.
وعلى العكس: قد يضمن الفعل اللازم معنى فعل متعد، فيتعدى بنفسه، بعد أن كان قاصرا لا يتعدى إلا بواسطة، كما في قوله تعالى: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، فالفعل: "عزم" لا يتعدى إلا بواسطة حرف الجر: "على"، فتقول: عزمت على فعل كذا، ولكنه ضمن في هذا الموضع معنى الفعل: "نوى"، فتعدى بنفسه، كما تقول: نويت الصلاةَ.
وقد أشار القرطبي، رحمه الله، إلى جانب من هذه المسألة في تفسير قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ)، فقال:"وتعدى " الرفث " بـ "إلى" في قوله تعالى جده: "الرفث إلى نسائكم"، وأنت لا تقول: "رفثت إلى النساء"، ولكنه جئ به محمولا على الإفضاء الذي يراد به الملابسة في مثل قوله: "وقد أفضى بعضكم إلى بعض". [النساء
: 21].
ومن هذا المعنى: "وإذا خلوا إلى شياطينهم" [البقرة: 14] كما تقدم، (يقصد: تضمين: "خلا" معنى: "ذهب" و "انصرف").
وقوله: "يوم يحمى عليها" [التوبة: 35] أي: يوقد، لأنك تقول: أحميت الحديدة في النار، ومنه قوله: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره" [النور: 63] حمل على معنى ينحرفون عن أمره أو يروغون عن أمره، كما سيأتي إن شاء الله، لأنك تقول: خالفت زيدا.
ومثله قوله تعالى: "وكان بالمؤمنين رحيما" [الأحزاب: 43] حمل على معنى رءوف في نحو: "بالمؤمنين رءوف رحيم" [التوبة: 128]، ألا ترى أنك تقول: رؤفت به، ولا تقول رحمت به، ولكنه لما وافقه في المعنى نزل منزلته في التعدية.
ومن هذا الضرب قول أبي كبير الهذلي:
حملت به في ليلة مزءودة ******* كرها وعقد نطاقها لم يحلل
عدى: "حملت" بالباء، وحقه أن يصل إلى المفعول بنفسه، كما جاء في التنزيل: "حملته أمه كرها ووضعته كرها" [الأحقاف: 15]، ولكنه قال: حملت به، لأنه في معنى حبلت به". اهـ
بتصرف يسير من "الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 283).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يقع التضمين في الأسماء كما يقع في الأفعال، فمن ذلك:قوله تعالى: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ):
فقد ضمنت: "الرحمة" معنى: "الإحسان"، على أحد التخريجات فصح الإخبار عنها باللفظ المذكر: "قريب"، وقيل اكتسبت التذكير اللفظي من إضافتها إلى لفظ الجلالة: "الله"، وقيل: صيغة "فعيل" مما يستوي فيه المذكر والمؤنث.
وقوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ):
يقول القرطبي رحمه الله:
"إن قيل: لم قال "كتب" ولم يقل كتبت، والوصية مؤنثة؟ قيل له: إنما ذلك لأنه أراد بالوصية الإيصاء". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 229).
ويرد على إطلاق القول بتضمين الفعل "تر" معنى الفعل: "تنظر" المتعدي بـ: "إلى"، قصر النظر على: نظر البصر، مع أن النظر قد يكون: قلبيا، فيتعدى بـ: "في"، فتقول: نظرت في أمري، وهو الأرجح في هذا الموضع، لأن التسبيح معنى، والمعاني لا تدرك بالحواس الظاهرة، فالأقرب أن المعنى: ألم تنظر في تسبيح الخلائق نظر تأمل واعتبار؟، أو يقال بأنها: من المجزوم به، فنزلت منزلة المشاهَد المحسوس، فصارت الرؤية: رؤية بصر مجازا.
وعلى القول ببقاء الرؤية في الآية على أصلها فهي إما أن تكون:
علمية:
فتتعدى إلى مفعولين، وتكون الجملة بعدها قد سدت مسد المفعولين، فيكون المعنى: ألم تعلم بأن الله يسبح له .......
أو: بصرية:
مع أن تسبيح كثير من الكائنات غير مدرك بالحواس، ولكن لما كان ذلك أمرا مجزوما به، نُزَل منزلة المُدرك بالحواس، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
ومنه قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)، فيصح حمل الرؤية فيه على الرؤية البصرية، مع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن موجودا آنذاك، ولكن لما كان قريب عهد بها، وقد تواترت عنده أنباؤها، صارت في حكم المُشَاهَد، تماما، كالشهادتين: فالمقر بهما موقن جزما حتى كأنه يرى ما شهد به رأي عين.
ويرد على ما سبق: أن إدراك تسبيح الجمادات بالحواس قد يحصل لنبي أو ولي: معجزة أو كرامة، كما في حديث الحسن عن أنس رضي الله عنه: "تَنَاوَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْع حَصَيَات فَسَبَّحْنَ فِي يَده حَتَّى سَمِعْت لَهُنَّ حَنِينًا، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَد أَبِي بَكْر فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَد عُمَر فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَد عُثْمَان فَسَبَّحْنَ"، وقد عزاه صاحب "كنز العمال" إلى ابن عساكر، رحمه الله، وقال المحقق في الحاشية: "أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 298) باب تسبيح الحصى وأورد هذه الأحاديث وغيرهما وقال: رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما ثقات". اهـ
وحديث ابن مسعود رضي الله عنه: (وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ)، فالأولى: معجزة لنبي، والثانية: كرامة لولي من جنس الأولى، وإن كانت مرتبة الكرامة أدنى من مرتبة المعجزة فهي تابعة لها، تبع الولي للنبي، فلا يسع الولي الخروج عن شريعة النبي، خلافا لمن جوز ذلك من غلاة المتصوفة.
وقوله تعالى: (مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ):
"من": موصولة، فهي من صيغ العموم، والأصل فيها أن تكون للعاقل، ولكنها في هذا السياق: تعم العاقل وغير العاقل، فيكون الكلام على: "التغليب"، كما في:
قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ): فـ: "العالمين": اسم جمع لا مفرد له، وضع لمن يعقل، ولكنه في هذا السياق: يفيد عموم الموجودات، بقرينة عموم ربوبية الله، عز وجل، لكل الكائنات، سواء أكانت عاقلة أم غير عاقلة.
وقوله تعالى: (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ):
ذكر الطير في حال طيرانها، من باب "التغليب"، أيضا، فهي تسبح في كل أحوالها:
حال الصف: وهو الطيران، وهو الغالب على حالها، ولذا جاء الحال اسما: "صافات"، ليفيد الثبوت والاستمرار.
وحال القبض: إذا غيرت مسارها، وهو الطارئ على حالها، ولذا جاء بصيغة الفعل في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)، ليفيد: التجدد والحدوث.
(يُتْبَعُ)
(/)
فذكر الحال الغالب عليها ودخل فيه الحال الطارئ تغليبا.
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ):
اللام في: "لله": للملكية والاستحقاق، فهو، عز وجل، مالك الأعيان، وملك الأوصاف، فله المُلْكُ والمِلْك، وقد أكد هذا الأمر بـ:
تقديم ما حقه التأخير، وهو لفظ الجلالة: "لله"، فيفيد الحصر، فلا مالك ولا ملك إلا الله عز وجل.
وعموم المبتدأ المؤخر: "ملك السماوات والأرض"، فهو مضاف إلى محلى بـ: "أل" تفيد استغراق عموم ما دخلت عليه، وهو عموم لا مخصص له، فلا شيء من أعيان أو أحوال الكون يخرج عن عموم مشيئته الكونية النافذة.
وقوله تعالى: (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ):
قصر آخر بتقديم ما حقه التأخير، فالأصل: المصير إلى الله، فلما تقدم شبه الجملة أفاد قصر مصير الكائنات كلها إلى الله، عز وجل، ولم يضف المصير إلى غيره، وإنما عرفه بـ: "أل" الجنسية، ليدل على العموم الذي لا يتطرق إليه تخصيص، كما في قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ)، فحذف معمول: "يدعو" لبيان عموم دعوة الدلالة والإرشاد فهي لا تختص بأحد دون آخر، بخلاف: هداية التوفيق والإلهام، فالله، عز وجل، (يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ):
الاستفهام للتعجب، كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا).
وهو يفيد التقرير في نفس الوقت، لأن جوابه: "نعم"، فقد تقرر أن الاستفهام:
إن كان جوابه: "نعم" فهو تقريري.
وإن كان جوابه: "لا"، فهو إنكاري، كما في:
قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)، فالجواب: لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، فيفيد توبيخ من أثبت الشفاعة الباطلة، كشفاعة المعبودات الباطلة لعابديها، أو الشفاعة عند الله، عز وجل، بلا إذنه، قهرا، تعالى عز وجل عن أن يقهره أحد، كما يقبل ملوك الدنيا الشفاعة وإن لم تطب نفوسهم بها، تأليفا لقلب الشافع، أو كسبا لوده، أو افتقارا إلى ما عنده ............ إلخ، والله، عز وجل، الغني عن خلقه، فكل ما سواه مفتقر إليه، ففي الاستفهام أيضا: معنى الإبطال لما تقدم.
وقوله تعالى: (أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، فالجواب: "لا"، وما بعده غير حاصل، فالاستفهام: إنكاري إبطالي.
والشواهد على ذلك كثيرة في القرآن الكريم.
والإزجاء، كما يقول أبو السعود رحمه الله:
"سوقُ الشَّيءِ برفقٍ وسهولة غلبَ في سوقِ شيءٍ يَسيرٍ أو غيرِ معتدَ به، ومنه البضاعةُ المُزجاة ففيه إيماءٌ إلى أنَّ السَّحابَ بالنسبة إلى قُدرته تعالى ممَّا لا يعتدُّ به". اهـ
وقوله: {ثُمَّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ} أي بين أجزائِه بضمِّ بعضِها إلى بعضٍ. وقُرىء وقوله: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً} أي مُتراكماً بعضُه فوقَ بعضٍ.
وقوله: {فَتَرَى الودق} أي المطرَ، ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها ******* ولا أرض أبقل إبقالها
أي: فلا سحابة أمطرت مطرها.
وجملة: (يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ): في محل نصب حال، لأن الرؤية هنا بصرية فلا تتعدى إلا إلى مفعول واحد، فآل الكلام إلى: ألم تر كيف ساق الله، عز وجل، السحاب، وجمعه، فترى الماء حال كونه نازلا منه، ورؤية الماء حال نزوله أبلغ في التدبر، وأدعى إلى شكر النعمة.
قوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ):
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وقوله: {وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}: قال بعض النحاة: "من" الأولى: لابتداء الغاية، والثانية: للتبعيض، والثالثة: لبيان الجنس وهذا إنما يجيء على قول من ذهب من المفسرين إلى أن قوله: {مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} معناه: أن في السماء جبالَ بَرَد ينزل الله منها البرد. وأما من جعل الجبال ههنا عبارة عن السحاب، فإن "من" الثانية عند هذا لابتداء الغاية أيضا، لكنها بَدَل من الأولى، والله أعلم". اهـ
فـ: "من": الأولى كـ: "من" في قولك: سافرت من القاهرة إلى الإسكندرية، أي: كان ابتداء سفري من القاهرة، ومثله قوله تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، فابتداء النصر لا يكون إلا من عند الله، عز وجل، وكذا ابتداء نزول المطر إنما يكون من السماء، والسماء هنا:
إما أن تكون بمعنى العلو المطلق، فكل ما علا الإنسان فهو سماء.
وإما أن تكون بمعنى: "السحاب"، فيكون مجازا، عند من يقول به، علاقته: الحالية، إذ أطلق: المحل، وأراد الحال فيه، كـ: "الغائط" فهو: حقيقة في الأرض المطمئنة، مجاز في الخارج من البدن، علاقته الحالية، لأن العرب كانت تقضي حوائجها في الأماكن المنخفضة طلبا للستر، فأطلق المحل على الحال فيه تنزها بالكناية عما يستقبح ذكره، وكذا السحاب فإنه يحل في السماء.
يقول أبو حيان رحمه الله:
"وتقول العرب: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم، يريدون المطر وقال الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم ******* رعيناه وإن كانوا غضابا". اهـ
و"من": الثانية: إما أن تكون للتبعيض، فيكون النازل بعضا من جبال من البرد موجودة في السماء، أو لابتداء الغاية، أيضا، على القول بأن الجبال هي السحاب، فتكون هذه الغاية مبدلة من الغاية الأولى، إذ هي المقصودة بالحكم ابتداء، لأن المطر إنما ينزل من السحاب، فهو أخص به من السماء، وإن صح إطلاق نزوله من السماء لكونها تحوي السحاب على التفصيل المتقدم. والبلاغيون يقولون إن في الإتيان بالمبدل منه أولا ثم التثنية بالبدل: بيانا بعد إجمال، ففيه نوع تشويق إلى الخاص بذكر العام، فتشتاق النفس إلى مزيد بيان، إذ العام ظني محتمل، فيأتي البدل ليقطع ذلك الاحتمال ويرفع كل إشكال.
و "من" الثالثة: لبيان جنس النازل، وهو البرد، كما في:
قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ)، أي: من جنس الأوثان.
وقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)، أي: الذين آمنوا من جنسكم، فالمقصود بيان استخلاف جنس المؤمنين في الأرض.
وقوله تعالى: (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ):
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "أي: يكاد ضوء برقه من شدته يخطف الأبصار إذا اتبعته وتراءته". اهـ
قوله تعالى: (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ):
فيه إثبات: صفة تقليب الليل والنهار، للباري، عز وجل، فهي صفة فعل متعلقة بمشيئته، عز وجل، فهو الذي يقلب الليل والنهار، رحمة بعباده، مصداق قوله تعالى: (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقدم الليل، لأنه الأصل، مصداق قوله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ)، فالليل: أصل، والنهار فرع عليه.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ):
تنصيص على العلة، من تقليب الليل والنهار، وإن كان لذلك علل أخرى، كابتغاء الرزق وصلاح الثمار وراحة الأبدان ......... إلخ، وتعليل الحكم بأكثر من علة لا إشكال فيه.
وقد أكدها بـ:
"إن" المؤكدة.
و: تقديم شبه الجملة متعلق الخبر: "في ذلك"، وتقديم ما حقه التأخير مشعر بالتوكيد.
ودخول اللام المزحلقة على اسم "إن" المؤخر: "لعبرة" لئلا يجتمع مؤكدان في صدر الجملة، فضلا عن اسمية الجملة، التي تدل على الثبوت والاستمرار.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 07:41 ص]ـ
ومع:
قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ):
"كل": نص في العموم، فالله، عز وجل، خلق كل الدواب من جنس الماء، فـ "من": لبيان الجنس، والمقصود بـ: "الدابة"، هنا: الحقيقة اللغوية وهي: كل ما يدب على الأرض، لا الحقيقة العرفية وهي: ذوات الأربع، لأن تخصيص الآية بذوات الأربع: تخصيص بلا مخصص، يرده سياق العموم الذي ورد فيه اللفظ، فالتفصيل في قوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ)، يدل على أن المراد: كل الدواب، ما زحف على بطنه، وما سار على اثنتين، وما سار على أربع ............. إلخ، ما دق وما جل، وهذا أمر شهد له العلم الحديث، فغالب الكائنات الحية، وإن كانت دقيقة لا ترى بالعين المجردة، تمتلك أجهزة تناسلية، تنتج ماء مذكرا ومؤنثا، وإن كان بدائيا، يتكون منه الجنين.
وفي قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ):
استعمال: "من" لغير العاقل، وهو خلاف الأصل، وعلة ذلك أن: "من" تستعمل لغير العاقل، إذا اقترن غير العاقل بالعاقل في عموم فصل بـ: "من" الجارة، فالعموم الذي دخلا فيه هو عموم: "كل"، ومن ثم فصل هذا العموم بـ: "من" الجارة إلى غير عاقل: "مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ" و: "وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ"، وعاقل: " وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ"، ومن المستعملة فيما لا يعقل مجاز مرسل، عند من يقول بالمجاز، علاقته المجاورة في هذا الموضع، لأن غير العاقل جاور العاقل في الذكر، فأخذ حكمه.
بتصرف من "شرح ابن عقيل مع حاشية: (منحة الجليل) للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله"، (1/ 124، 125).
قوله تعالى: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ):
الآيات هنا هي: الآيات الشرعية، فهي آيات مقرونة بأدلتها التي تبينها، فليست مسائل مجردة، كما ادعى الفلاسفة والنظار، بل أقام الله، عز وجل، عليها الأدلة العقلية الصريحة، فلا تعارض بين النص الصحيح والعقل الصريح، وفي التنزيل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، ففيه: الهدى والبينة عليه، فهو الشاهد والمشهود له وهو الدليل والمدلول عليه، كما يقول ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.
والله، عز وجل، (يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ): هداية توفيق وإلهام، زلذلك قيدها بالمشيئة الكونية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ):
في الآية: دعوى مجردة، لا دليل عليها سوى قول اللسان، بل الفعل يكذبها، فهم يتولون إذا ما دعوا إلى حكم الله ورسوله، مصداق قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)، وهذا حال المنافقين في كل زمان، و:
الدعاوى إذا لم يقيموا ******* عليها بينات فأصحابها أدعياء.
فكيف إذا أقاموا البينة العملية على ضدها، ولذا نفى الله، عز وجل، عنهم الإيمان، لتلبسهم بما يدل على ضده، وأشار إليهم باسم الإشارة: "أولئك" الدال على البعد، تحقيرا لشأنهم، وإعلاما بانحطاط رتبتهم.
قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ):
(يُتْبَعُ)
(/)
فحالهم حال جميع أهل الأهواء، لا يقبلون الحق إلا إن وافق قياس عقولهم وهوى قلوبهم، فإن عارضه، تركوه إلى غيره، وهذا حال كل مقلد ينتصر لمذهبه وإن خالف الحق، فهو يقبل الدليل إن أيد قوله، ويضعفه، أو يؤوله، أو يعرض عنه، أو يزعم نسخه بلا بينة، وإن كان محكما، ليتمسك بمتشابه ينصر به باطله.
وانظر إلى استدلالات العلمانيين بنصوص الوحي: كتابا وسنة، لترى تحريف التصوص تحت ستار: التأويل والقراءة الجديدة للنصوص ومواكبة العصر ........... إلخ.
قوله تعالى: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ):
الاستفهام: إنكاري توبيخي، لأن ما بعده حاصل، فقلوبهم مريضة، وهم مرتابون، يخشون، بظنهم الفاسد، أن يحيف الله عليهم ورسوله.
وفي قوله: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ):
"مرض": إما مبتدأ مؤخر، أو فاعل اعتمد على الجار والمجرور، أو، عند التحقيق، على متعلق الجار والمجرور، فيكون المعنى: أفي قلوبهم استقر شك، أو: مستقر شك، والأول أولى: لأن رفع الفاعل بالفعل هو الأصل، فلا يعدل عنه إلى تقدير مشتق، اسم الفاعل: مستقر، يرفع الفاعل، مع إمكان البقاء على الأصل.
وتقديم الجار والمجرور يدل على أن الإشكال ليس في وقوع المرض، فكم من أناس مرضت أبدانهم وصحت قلوبهم، وإنما الإشكال في موضع الداء، فالشبهة أو الشهوة قد استولت على ملك الأعضاء ففسدت الجند تبعا لفساده، فتقديم ما حقه التأخير لا يكون إلا لزيادة معنى لا تتحقق إلا بذلك.
ونظيره: قوله تعالى: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ)، فالإشكال، أيضا، ليس في مجرد وقوع الشك، فهو أمر قد يطرأ على أي إنسان، وإنما الإشكال في الشك في الله، عز وجل، إذ كيف يشك عاقل صحيح الفطرة في وجود الله، عز وجل، أو استحقاقه تمام العبودية فرعا على كمال ربوبيته، فناسب أن يقدم الجار والمجرور، أيضا، ليؤكد على هذا المعنى.
ثم أضرب الله، عز وجل، عما سبق: "إضرابا انتقاليا"، فلم ينفه، وإنما ضم إليه شيئا آخر من شنائعهم، وهو أنهم: (هُمُ الظالمون)، وقد أكد على هذه العلة بـ:
الإضراب الذي يقرع السمع مؤذنا ببيان حكم جديد بعده، سواء أكان مبطلا لما قبله أم موافقا له.
وتعريف الجزأين: "أولئك"، و: "الظالمون".
وضمير الفصل: "هم".
وأشار إليهم باسم الإشارة: "أولئك"، الذي يشار به إلى البعيد، بيانا لانحطاط شأنهم كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وقد جعله أبو السعود رحمه الله: "إضرابا إبطاليا"، فكأن ما تقدم ليس علة كفرهم وإعراضهم، وإنما هو أمر أعظم من ذلك وهو وصف الظلم الذي اشتق منه اسم الفاعل: "الظالمون".
ثم ذكر الله، عز وجل، حال المؤمنين على وجه المقابلة لحال الكافرين، فقال:
(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ):
فحصر قولهم إذا دعوا إلى حكم الله ورسوله في قولهم: "سمعنا وأطعنا"، فتقدير الكلام: إنما كان السمعُ والطاعةُ قولَ المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالمصدر المؤول من: "أن يقولوا سمعنا وأطعنا" في محل رفع اسم كان المؤخر، وتقدم، مرارا، أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد، فالحصر حاصل في هذا السياق بـ: "إنما"، وتقديم الخبر على الاسم.
ثم ذكر من حالهم أنهم: (هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، فأكده أيضا: بتعريف الجزأين، وضمير الفصل، وأشار إليهم بـ: "أولئك" بيانا لرفعة شأنهم على العكس من حال الكافرين في الآية السابقة، فالسياق قد دل في الأولى على ضعة المشار إليه، وفي الآية الثانية على رفعته.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ):
في الآية جملة شرطية:
شرطها: طاعة الله ورسوله وخشية الله، عز وجل، على ما مضى من ذنوبه، وتقواه فيما هو آت من مستقبل أمره، فالطاعة لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والخشية لا تكون إلا من الله، عز وجل، مصداق قوله تعالى: (فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ).
وجوابها: الفوز برضوان الله عز وجل.
قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ):
فهذا دأب المنافقين، في كل زمان، مصداق قوله تعالى: (فكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)، وقوله تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ)، وقوله تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ)، وقوله تعالى: (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)، بل إنهم يحلفون لله، عز وجل، يوم القيامة، مصداق قوله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ).
وقسمهم مؤكد بالمصدر المبين لنوع عامله: (جهد أيمانهم)، وهو مصدر معنوي، من غير لفظ عامله: "أقسموا"، وجعله أبو السعود رحمه الله: مصدرا في موقع الحال أي أقسموا به تعالى جاهدين في أيمانهم، فيكون في ذلك كناية عن غلظ أيمانهم، حتى صح أن توصف حالهم بالمصدر، فكأنها هي نفس الجهد، كما تقول: محمد عدل، أو: محمد فضل، والقياس: محمد عادل، و: محمد فاضل، فتعدل عن الإخبار بالوصف المشتق إلى الإخبار بالمصدر كناية عن شدة تلبس المسند إليه بالمعنى الذي يدل عليه المسند، فكأنه قد بلغ منزلة من العدل أو الفضل صح معها أن يخبر عنه به، كما في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)، فالمعنى: ائتيا طائعتين أو مكرهتين، وإنما جاء المصدر محل الحال كناية عن تمام انقيادهما.
وقوله تعالى: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ):
اللام: موطئة للقسم، فتقدير الكلام: والله لئن أمرتهم، فحذف واو القسم والمقسم به اكتفاء باللام الدالة عليهما، فهي بمنزلة العوض عنهما، وقد قرر النحاة: أنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه، لأن في ذلك تطويلا مستقبحا يتنزه عنه آحاد المتكلمين فكيف برب العالمين؟!!.
ومثله أيضا: أن جواب القسم: "ليخرجن"، قد سد مسد جواب القسم وجواب الشرط: "إن"، فهو دال عليه، فلا يحسن، أيضا، ذكر المحذوف إذا قامت القرينة على حذفه.
قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ:
لَا تُقْسِمُوا: نهي للتوبيخ.
يقول أبو السعود رحمه الله:
"وقوله تعالى: {طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ} خبرُ مُبتدأٍ محذوفٍ والجملةُ تعليلٌ للنَّهيِ أي لا تقسمُوا على ما تدَّعُون من الطَّاعةِ لأنَّ طاعتَكم طاعةٌ نفاقيةٌ واقعةٌ باللِّسان فَقَط من غيرِ مُواطأةٍ من القلبِ، وإنَّما عبر عنها بمعروفةٌ للإيذانِ بأنَّ كونَها كذلك مشهورٌ معروفٌ لكلِّ أحدٍ". اهـ
وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ): تذييل يناسب السياق، فالله، خبير بكنه تلك الطاعة المزيفة.
قوله تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ):
(يُتْبَعُ)
(/)
فيه أمر بطاعة الله، عز وجل، وطاعة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صاحب الشريعة، طاعة مطلقة، ولذا كرر الفعل في حقه، لينبه على أن طاعته مطلقة في أمور الشريعة: أصولا وفروعا، بخلاف طاعة أولي الأمر في نحو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، فهي فرع على طاعة الله ورسوله، بدليل رد الأمر عند التنازع إلى الله ورسوله دونهم.
وقوله تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا):
شرط يفيد بدلالة المنطوق: تحقق الهداية بطاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبدلالة المفهوم: ضلال من عصى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وخرج عن أمره.
وقوله تعالى: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ):
قصر إضافي، فمهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام في أمر الرسالة: هداية الدلالة والإرشاد، فإذا بلغوا فقد برئت ذممهم، والتوفيق بيد الله، عز وجل، يهدي من يشاء فضلا، ويضل من يشاء عدلا.
قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ):
فيه عطف الصالحات على الإيمان: عطف خاص على عام، فالأعمال الصالحة: من الإيمان، وهما الوصفان اللذان علق الله، عز وجل، حصول الاستخلاف والتمكين والأمن عليهما.
يقول أبو السعود رحمه الله:
" {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرض} جوابٌ للقسم إمَّا بالإضمار أو بتنزيل وعدِه تعالى منزلةَ القسمِ لتحقُّق إنجازِه لا محالةَ أي ليجعلنَّهم خلفاءَ مُتصرِّفين فيها تصرُّفَ الملوكِ في ممالكهم أو خَلَفاً من الذين لم يكونُوا على حالهم من الإيمانِ والأعمالِ الصَّالحة". اهـ
فقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ): يحتمل القسم فتقول: وعد الله لأفعلن، ويحتمل الخبر، فتقول: وعد الله لا يتخلف، فليس نصا صريحا في القسم، ولكن السياق هنا يرجح كونه قسما، من جهة أن القسم إنما يؤتى به توكيدا على المقسم عليه، والمراد في الآية التوكيد على نصر الله، عز وجل، لمن تحقق فيه وصف: (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، ويرجح ذلك دخول اللام على: "ليستخلفنهم"، وتوكيد الفعل بنون التوكيد المثقلة، فاجتمعت في السياق ثلاثة مؤكدات: القسم المقدر واللام ونون التوكيد في جوابه، وتكرر التوكيد في: (وَلَيُمَكِّنَنَّ)، و: (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ)، لأنها داخلة في حد الجزاء، من جهة الصناعة النحوية: فهي معطوفة على: "لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ".
ومن جهة المعنى: فهي من لوازم نصر الله، عز وجل، من أخلص له الدين وعمل بالتنزيل.
ثم ذكر، عز وجل، مآل الكافرين على جهة المقابلة، فقال: (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، وأشار إليهم باسم الإشارة للبعيد: "أولئك" تحقيرا وإهانة كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أكثر من موضع.
قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ):
أمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وهو على أصله: للوجوب، فلا صارف له، وبيان إجماله في سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبنحو هذا استدل الصديق، رضي الله عنه، في حربه لمانعي الزكاة، فهي قرينة الصلاة، وقد أجمعت الأمة على قتل تارك الصلاة: حدا أو ردة، على تفصيل في كتب الفروع، وقتالهم إذا كانوا جماعة لهم شوكة، فكذا الزكاة: تؤخذ قهرا من مانعها، ونصفُ ماله عقوبة، كما في حديث بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، مرفوعا، وفيه: ( ............................ وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ)، ويقاتل تاركوها إن كانوا جماعة لهم شوكة.
وقوله تعالى: (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ): عموم بعد خصوص، فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من أفراد عموم طاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلة ذلك: (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، أي: لترحموا، فـ: "لعل" في الكتاب العزيز تفيد التعليل.
قوله تعالى: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ):
قوله: (لا تحسبن): نهي مؤكد بنون التوكيد المثقلة، فبني المضارع معها على الفتح.
وفي قوله: (ولبئس المصير): اللام: توكيد على مصيرهم المذموم، والمخصوص بالذم محذوف لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: ولبئس المصير النار، ومثله في المدح: قوله تعالى: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، أي: نعم العبد أيوب عليه الصلاة والسلام، لدلالة السياق عليه، وحذف ما دل السياق عليه أمر مطرد في كلام البلغاء، فكلام الباري، عز وجل، أولى به من كلام البشر، كما سبق التنبيه على ذلك في أكثر من موضع.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 12 - 2008, 07:52 ص]ـ
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ):
فيه بيان لأحكام الاستئذان، وتصدير الخطاب بـ: "يا أيها الذين آمنوا": دليل على مدنية السورة، أو الآية، كما يقول كثير من أهل العلم، وهو منتقض بنحو:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فسورة الحج التي جاءت فيها: مكية، وقد يجاب عن ذلك بأن الحكم: أغلبي، لا كلي، أو أن: وصف السورة بأنها مكية لا يمنع وقوع بعض الآيات المدنية فيها، كما في قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)، فالآية قد نزلت في الرجل الذي أصاب من امرأة قبلة، وكان ذلك في المدينة، وسورة هود التي وردت فيها الآية: مكية.
ومثله:
قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)، فهي آية مدنية، كما جاء في سبب نزولها من حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، وسورة الإسراء التي وردت فيها: مكية.
والعكس صحيح، فقد تكون السورة مدنية ولا يمنع ذلك وقوع بعض الآيات المكية فيها، كما في قوله تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ): فهي آية مكية تشير إلى حادثة الهجرة وقد وردت في سورة الأنفال المدنية.
ويجوز أن يخاطب الله، عز وجل، المؤمنين بصفتهم، ويخاطب غيرهم بإنشاء العبادة ابتداء، كما يؤمر المؤمنون بالمداومة عليها، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ)، فالأمر لهم: أمر تجديد واستمرار لا إنشاء، وإلا كان في الكلام تكرارا، لأن أمر المؤمن بتحصيل الإيمان على جهة الإنشاء: تحصيل حاصل.
يقول السيوطي، رحمه الله، في "الإتقان":
وقال القاضي: إن كان الرجوع في هذا، (أي: في ضابط المكي والمدني استنادا إلى نداء المؤمنين في المدني، ونداء الناس في المكي)، إلى النقل فمسلم، وإن كان السبب فيه حصول المؤمنين بالمدينة على الكثرة دون مكة فضعيف، إذ يجوز خطاب المؤمنين بصفتهم وباسمهم وجنسهم، ويؤمر غير المؤمنين بالعبادة كما يؤمر المؤمنين بالاستمرار عليها والازدياد منها، نقله الإمام فخر الدين في تفسيره". اهـ
وعليه خرج قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ)، فلا يتصور أن المقصود هو: أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإنشاء التقوى من العدم، لأنه، عليه الصلاة والسلام: أتقى الخلق لربه، وإنما المقصود: خطاب أمته في شخصه الكريم، فيكون من الخاص الذي أريد به عام، أو: خطابه بالثبات على التقوى والازدياد منها.
بتصرف من:
"مباحث في علوم القرآن"، ص: 55، 81، 210.
و: "امتاع الجنان بعلوم القرآن": ص155.
والنداء بـ: "يا": تنبيه للمؤمنين، ليمتثلوا ما بعدها.
وقوله تعالى: (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ):
الأمر فيه للوجوب، فاللام: لام الأمر، بدليل جزم الفعل بعدها، ولا صارف لهذا الأمر عن الوجوب.
فالاستئذان واجب في الأوقات الثلاثة المذكورة في الآية:
(يُتْبَعُ)
(/)
(مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ)، لأنها مظنة النوم، ومداعبة الأهل والتبسط معهم، فلا يليق الاطلاع عليهم في هذه الحال.
يقول ابن كثير رحمه الله:
"فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنَهم خَدَمُهم مما ملكَت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال:
الأول: من قبل صلاة الغداة، لأن الناس إذ ذاك يكونون نيامًا في فرشهم.
و: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} أي: في وقت القيلولة، لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله.
و: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} لأنه وقت النوم، فيُؤمَرُ الخدمُ والأطفال ألا يهجمُوا على أهل البيت في هذه الأحوال، لما يخشى من أن يكون الرجل على أهله، ونحو ذلك من الأعمال، ولهذا قال: {ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} أي: إذا دخلوا في حال غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم من ذلك، ولا عليهم إن رأوا شيئا في غير تلك الأحوال، لأنه قد أذن لهم في الهجوم، ولأنهم {طَوَّافُونَ} عليكم، أي: في الخدمة وغير ذلك، ويغتفر في الطوافين ما لا يغتفر في غيرهم، ولهذا رَوَى الإمام مالك وأحمد بن حنبل وأهل السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهِرَّة: (إنها ليست بنجَس، إنها من الطوافين عليكم - أو - والطوافات) ". اهـ
وهذا مندرج في قاعدة: "المشقة تجلب التيسير"، فيغتفر في حقهم ما لا يغتفر في حق غيرهم، لأن في إلزامهم بالاستئذان في غير هذه الأوقات الثلاثة، حرجا، فالخادم يحتاج إلى ملازمة سيده، ومجاورته، ما لا يحتاجه الزائر.
وورد في سبب نزول هذه الآية:
قول مقاتل بن حَيَّان: "بلغنا - والله أعلم - أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مُرْشدة صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما، فجعل الناس يدخلون بغير إذن، فقالت أسماء: يا رسول الله، ما أقبح هذا! إنه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد، غلامهما بغير إذن! فأنزل الله في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} الآية". اهـ
وقوله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ):
يقول ابن كثير رحمه الله: "يعني: إذا بلغ الأطفال الذين إنما كانوا يستأذنون في العورات الثلاث، إذا بلغوا الحلم، وجب عليهم أن يستأذنوا على كل حال، يعني بالنسبة إلى أجانبهم وإلى الأحوال التي يكون الرجل على امرأته، وإن لم يكن في الأحوال الثلاث.
قال الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير: إذا كان الغلام رباعيا فإنه يستأذن في العورات الثلاث على أبويه، فإذا بلغ الحلم فليستأذن على كل حال. وهكذا قال سعيد بن جبير". اهـ
فالاستئذان في الأوقات الثلاثة فقط معلق على وصف الصغر، فإذا زال الوصف زال الحكم، وانتقل إلى عموم الأحوال المعلق على وصف البلوغ.
وقوله تعالى: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ):
دليل على الآية محكمة غير منسوخة، كما يقول الحافظ ابن كثير، رحمه الله، فالبيان مظنة الإحكام.
وقوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ):
(يُتْبَعُ)
(/)
استثناء من عموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)، فآية النور مخصصة لعموم آية الأحزاب، أو ناسخة لصورة القواعد من النساء من عموم آية الأحزاب، فيكون نسخا، باصطلاح المتقدمين الذين يطلقون النسخ على أي زيادة، ولو لم تناف الحكم الأول، وهي مسألة أصولية يظهر فيها أثر الاصطلاح الحادث فالنسخ عند المتقدمين ليس هو النسخ الاصطلاحي عند المتأخرين، وإليه أشار ابن تيمية، رحمه الله، بقوله:
"وأما تسمية المتأخرين تخصيصا وتقييدا ونحو ذلك مما فيه صرف الظواهر فهو داخل في مسمى النسخ عند المتقدمين وعلى هذا الاصطلاح فيدخل النسخ في الأخبار كما يدخل في الأوامر". اهـ
"الاستقامة"، ص47.
أو: نسخا جزئيا، باصطلاح الأحناف، رحمهم الله، لأن الحكم زال عن صورة بعينها دون بقية الصور، وسبقت الإشارة إلى ذلك في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).
والقواعد: جمع قاعد، ولا تلحقها تاء التأنيث كـ: "حائض"، لأنه من الأوصاف التي تختص بها النساء، فلا حاجة إلى إلحاق علامة تأنيث لفظية بها، إلا إن قصد بها وصف: القعود الذي هو ضد القيام، فهو وصف مشترك بين الذكور والإناث، فيصح دخول التاء عليه تمييزا بين المذكر والمؤنث.
والتخصيص أو النسخ في هذه الآية للوجوب دون الاستحباب، فيجوز للمرأة الطاعنة أن تضع من ثيابها غير متبرجة بزينة، وإن كان المستحب في حقها ألا تضعها، إمعانا في الستر، وقد يجب ذلك في حقها أمام كبير مثلها قد يشتهيها، فعلة الحكم: وقوع الفتنة، فمتى وقعت الفتنة بها وجب عليها الستر.
ويشبه ذلك: نسخ وجوب الوضوء مما مست النار، فهو نسخ للوجوب دون الاستحباب، فيستحب لمن أكل شيئا مسته النار أن يتوضأ، ولا يجب عليه إلا إن أكل: لحم إبل، ففيه نص بعينه يوجب الوضوء من أكله.
وفي الآية من فنون البلاغة ما اصطلح على تسميته بـ: "عكس الظاهر"، في قوله تعالى: (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ)، فتقدير الكلام: غير متبرجات بزينة إن كان لهن زينة، ولكن لا زينة لهن أصلا ليبرزنها، ومثله:
قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ).
وهم لا يسألون أصلا بإلحاف أو غير إلحاف، فتقدير الكلام: إن كان منهم سؤال فبلا إلحاف، ولكن لا سؤال منهم أصلا.
يقول الطبري رحمه الله:
"فإن قال قائل: أفكان هؤلاء القوم يسألون الناس غيرَ إلحاف؟
قيل: غير جائز أن يكون كانوا يسألون الناس شيئًا على وجه الصدقة إلحافًا أو غير إلحاف، وذلك أن الله عز وجل وصفهم بأنهم كانوا أهل تعفف، وأنهم إنما كانوا يُعرفون بسيماهم. فلو كانت المسألة من شأنهم، لم تكن صفتُهم التعفف، ولم يكن بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى علم معرفتهم بالأدلة والعلامة حاجة، وكانت المسألة الظاهرة تُنبئ عن حالهم وأمرهم". اهـ
وقوله تعالى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)، ولا شفيع لهم أصلا ليطاع.
وقوله تعالى: (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ)، ولا شفاعة لهم أصلا لتغني.
وقول الشاعر:
بأرض فضاء لا يسد وصيدها ******* علي ومعروفي بها غير منكر
ولا وصيد للأرض الفضاء أصلا، فإن الباب لا يكون لأرض مفتوحة، وإنما يكون للغرف المغلقة. فيكون تقدير الكلام: لا يسد وصيدها إن كان لها وصيد، ولكن لا وصيد لها أصلا ليسد.
وقول الشاعر:
عَلَى لاَحِبٍ لاَ يُهْتَدَي بِمَنَارِهِ ******* إِذَا سَافَهُ العَوْدُ النُّبَاطِيُّ جَرْجَرا
فلا يهتدى بمناره إن كان له منار، ولكن ليس به منار فيهتدى به أصلا.
وقد اصطلح المناطقة على الإشارة إلى هذا الفن بقولهم: "السالبة لا تقتضي وجود الموضوع"، فنفي الشيء لا يستلزم وجوده أصلا، تماما كالشرط، فإنه لا يلزم من إيراده جوازه فضلا عن وجوبه، كما في قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)، وذلك محال لذاته فليس جائزا أصلا فضلا عن كونه واجبا، وإنما سيق مساق التنزل مع الخصم.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.(/)
التناقض ... فن عربي بامتياز!!
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 02:40 م]ـ
(الصورة الأولى)
تقوم الدنيا ولا تقعد إذا رأينا عابثا كتب على خريطة الخليج الفارسي (وهو الاسم العالمي لهذا الخليج) بدلا من الخليج العربي
ولكننا لا نستحي أن نضع اسم إسرائيل بدل فلسطين في الخارطة ورايات اسرائيل ترفرف في غير عاصمة عربية
وبعرفنا الأعوج لا يجوز أن نفرط بتسمية الخليج ولكننا فرطنا بالاسم والمسمّى
في فلسطين ... !!!
الصورة الثانية
تلعب طائرات إسرائيل وتمرح على هواها في الأجواء اللبنانية
وقد صار الأمر طبيعيا بل أن غياب هذه الطائرات هو الأمر غير الطبيعي
ولكنني لا أستطيع أن أتصور ماذا سيحدث لو أن طيارا سوريا أصابه العمى ودخل مترا واحدا من الأجواء اللبنانية خطأ ..
بالتأكيد ستتهم سوريا بزعزعة أمن المنطقة والاعتداء على بلد آمن مطمئن
وربما تتهم بتشكيل الأعاصير في خليج المكسيك وإرسالها لضرب سواحل الولايات الأمريكية
وغير بعيد أن تتهم بهزيمة البرازيل من الأرجنتين في المباراة الأخيرة ... !!
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 10:02 م]ـ
يبدو أن كلامي لم يعجب أحدا ... !!
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 10:34 م]ـ
تصويب
بلد آمن مطمئنا.!!
أعتذر عن هذا الخطأ الصواب:بلد أمن مطمئنٍ
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 02:56 ص]ـ
نحن نتحدث عن السياسة في مجالسنا وبيوتنا لكن لانحب أن نعلن ذلك رغم أنك على حق لكني لاأؤيدك على طرح القضايا السياسية في الفصيح لماتسببه من خلافات بين الأعضاء
لك التحية ودمت في رعاية الله(/)
أربع خصال ..
ـ[أم أسامة]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 03:36 م]ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... فا ستكثروا فيه من أربع خصال:
خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لاغناء بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم:
فشهادة أن لاإله إلا الله وتستغفرونه،
وأما اللتان لا غناء بكم عنهما:
فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار) رواه ابن خزيمة البيهقي وغيرهما.
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 05:11 م]ـ
أشهد أن لا إله إلا الله , وأن محمدا عبده ورسوله،
وأستغفر الله.
اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 09:11 م]ـ
ولتكن لنا في رمضان عادة جديدة نضيفها إلى عاداتنا الحسنة لعلها تبقى معنا في رمضان وغيره مثلا:
نحاول اجتناب الكذب مطلقًا، وننتبه لأنفسنا إذا كنا عند أحد طوال هذا الشهر مع الإخلاص لله، وسوف تكون عادة عند الإنسان تبقى معه إلى الأبد، ولقد جربتها بنفسي؛ فاسترحت وأرحت.
وحينما يفكر الإنسان بنفسه مع نفسه:
لماذا تكذبين يا نفسي؟
وانظر بماذا تجيبك نفسك. ستجدها أشياء لا تستحق أبدًا غضب الواحد القهار، ولا تستحق أبدًا أن تأتي يوم القيامة، ويختم على جبهتك كذاب، والعياذ بالله.
وأشكر أختي الفضلى على مشاركاتها الحسنة.
ـ[أم أسامة]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 09:40 م]ـ
أذكر أنني قرأت بأن الدليل على قبول العمل إستمرار صاحبه عليه بعد رمضان ..
وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإستمرار على العمل ولو كان قليل ..
دمتم في رعاية الله ..
وشكراً لمروركم ..
ـ[أم أسامة]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 10:11 م]ـ
ولتكن لنا في رمضان عادة جديدة نضيفها إلى عاداتنا الحسنة لعلها تبقى معنا في رمضان وغيره مثلا:
نحاول اجتناب الكذب مطلقًا، وننتبه لأنفسنا إذا كنا عند أحد طوال هذا الشهر مع الإخلاص لله، وسوف تكون عادة عند الإنسان تبقى معه إلى الأبد، ولقد جربتها بنفسي؛ فاسترحت وأرحت.
وحينما يفكر الإنسان بنفسه مع نفسه:
لماذا تكذبين يا نفسي؟
وانظر بماذا تجيبك نفسك. ستجدها أشياء لا تستحق أبدًا غضب الواحد القهار، ولا تستحق أبدًا أن تأتي يوم القيامة، ويختم على جبهتك كذاب، والعياذ بالله.
وأشكر أختي الفضلى على مشاركاتها الحسنة.
صدقت أخي الكريم كلام من ذهب وما أكثر العادات التي نريد التخلص منها
ومن أبرزها (الغيبة)(/)
ألغاز
ـ[أم يوسف2]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 04:40 م]ـ
[ B][I][COLOR="Magenta"][I][B] السلام عليكم رحمة الله وبركاته
نرجو التأمل والمساعدة
سورة الفاتحة ورد فيها21 حرف عدا 7 أحرف وهى
(ث ج خ ز ش ظ ف)
في أي آية جمعت تلك الحروف؟؟
وما هو سيد الحمد؟؟
ومن هى التى صبرت علي طغيان زوجها وسكنت بجوار ربها؟؟
شكرا
والسلام
ـ[أم أسامة]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 04:47 م]ـ
ومن هى التى صبرت علي طغيان زوجها وسكنت بجوار ربها؟؟
أعتقد أنها أسية زوجة فرعون-رضي الله عنها-.
ـ[أم يوسف2]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 12:22 ص]ـ
سلمت يداك أيها الثلوج الدافئة
ألا من مساعد أرجو التفاعل
والسلام
ـ[طالبه طموحه]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 12:51 ص]ـ
قال تعالى وهاي الحروف بهاي الايه ((انا انزلنه في ليلة القدر و ما ادريك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر
تنزل الملئكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلم هي حتى مطلع الفجر))
ـ[طالبه طموحه]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 12:55 ص]ـ
التأمل والمساعدة
سورة الفاتحة ورد فيها21 حرف عدا 7 أحرف وهى
(ث ج خ ز ش ظ ف) قال تعالى وهاي الحروف بهاي الايه ((انا انزلنه في ليلة القدر و ما ادريك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر
تنزل الملئكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلم هي حتى مطلع الفجر))
في أي آية جمعت تلك الحروف؟؟
وما هو سيد الحمد؟؟
اعتقد الاستغفار
ومن هى التى صبرت علي طغيان زوجها وسكنت بجوار ربها؟؟
اسيا
شكرا
والسلام
ـ[أم يوسف2]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 12:46 ص]ـ
سلمت يداك
ولكن سيد الحمد اعتقد (يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك)
سأتأكد عما قريب
والسلام(/)
فائدة التمر بصفته غذاء صحيا
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 06:25 ص]ـ
يمكن اجمال فوائد التمر في النقاط التالية:
- خفض نسبة الكوليسترول بالدم والوقاية من تصلب الشرايين لاحتوائه على البكتين.>
2 - منع الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة والوقاية من مرض البواسير وتقليل تشكل الحصيات بالمرارة ولتسهيل مراحل الحمل والولادة والنفاس لاحتوائه على الألياف الجيدة والسكريات السريعة الهضم
3 - منع تسوس الأسنان لاحتوائه على الفلور
4 - الوقاية من السموم لاحتوائه على الصوديوم والبوتاسيوم وفيتامين ج>
> 5 - علاج لفقر الدم (الأنيميا) لاحتوائه على الحديد والنحاس وفيتامين ب2
6 - علاج للكساح ولين العظام لاحتوائه على الكالسيوم والفسفور وفيتامين أ.>
> 7 - علاج لفقدان الشهية وضعف التركيز لاحتوائه على البوتاسيوم
8 - علاج للضعف العام وخفقان القلب لاحتوائه على المغنيسيوم والنحاس
9 - علاج للروماتزم ولسرطان المخ لاحتوائه على البورون.>
10 - مضاد للسرطان لاحتوائه على السلينيوم وقد لوحظ أن سكان الواحات لا يعرفون مرض السرطان.>
11 - علاج للضعف الجنسي لاحتوائه على البورون وفيتامين أ.>
12 - علاج لجفاف الجلد وجفاف قرنية العين ومرض العشى الليلي لاحتوائه على فيتامين أ.>
13 - علاج لأمراض الجهاز الهضمي العصبي لاحتوائه على فيتامين ب1.>
14 - علاج لسقوط الشعر وإجهاد العينين والتهاب الأغشية المخاطية لتجويف الفم والتهاب الشفتين لاحتوائه على فيتامين ب2
14 - علاج لسقوط الشعر وإجهاد العينين والتهاب الأغشية المخاطية لتجويف الفم والتهاب الشفتين لاحتوائه على فيتامين ب2
اتمنى ان افيدكم .......... رمضانكم كريم
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 10:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه المعلومات.
وقد سمعت أحد الأساتذة عندنا في مصر يؤكد على فائدة التمر في مقاومة الأثر السلبي للعناصر الثقيلة كالرصاص والكادميوم ........ إلخ، حيث يعمل، بقدر الباري عز وجل، على امتصاص هذه العناصر من الأحشاء وتجميعها في طبقة تحت الجلد تعمل عمل "سلة النفايات" التي يطرد الجسم إليها مخلفاته، ولذلك ينصح العاملون في الصناعات الثقيلة بتناول التمر باستمرار، تطبيقا لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: سبع تمرات كل صباح كما جاء في السنة، تنقيةً لأجسادهم أولا بأول من هذه العناصر السامة.
وهذا الحديث يعتبر من أدلة الإعجاز العلمي في السنة، فمقاومة التمر لأثر تلك العناصر تصديق لنصه، والسنة قاضية على علوم البشر، فهي وحي يوحى، وإنما ذلك من باب الاستئناس بالعلوم التجريبية وإقامة الحجة على أرباب الحضارات المادية المحضة.
عافانا الله وإياكم وكل المسلمين.
والله أعلى وأعلم.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 03:46 م]ـ
شكرا لك اخي مهاجر على مرورك الطيب ............... وشهية طيبة ورمضانك كريم(/)
السواك (الاراك).
ـ[أم أسامة]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 04:32 م]ـ
السواك (الاراك) ..
عشرون فائدة للسواك.
قال ابن القيم في فوائد السواك عدة منافع:
1_ طيب الفم.
2_ يشد اللثة.
3_ يقطع البلغم.
4_ يجلو البصر.
5_ يذهب بالحفر.
6_ يصح المعدة.
7_ يصفي الصوت.
8_ يعين على هضم الطعام.
9_ يسهل مخارج الكلام.
10_ ينشط للقرآءة والذكر والصلاة.
11_ يطرد النوم.
12_ يعجب الملائكة.
13_ يكثر الحسنات.
14_ أفضل علاج وقائي لتسوس أسنان الأطفال لإحتوائه لمادة الفلورايد.
15_ يزيل الصبغ والبقع لإحتوائه لمادة الكلور.
16_ تبيض الأسنان لإحتوائه لمادة السيلكا.
17_ تحمي الأسنان من البكتريا المسببة للتسوس لإحتوائه لمادة الكبريت والمادة القلوانية.
18_ يفيد في إلتآم الجروح وشقوق اللثة.
19_ يفيد في نمو اللثة نموا سليما لإحتوائه لمادة تراي مثيل أمين وفيتامين ج.
20_ أفضل عللاج لترك التدخين.
متى يُستحب استعمال السواك؟؟؟ ....
1_ عند الوضوء.
2_ عند الصلاة.
3_ عند قراءة القرآن.
4_ عند تغير رائحة الفم بترك الأكل اوأكل ماله رائحه أو طول سكوت أو كثرة الكلام.
5_ عند إرادة النوم.
6_ عند الإستيقاظ من النوم.
7_ عند الدخول الى المنزل وملاقاة الأهل.
8_ بعد الأكل (فقد اجمع اطباء الأسنان على اهمية تنظيف الفم بعد الطعام بالمضمضة واستخدام السواك.
9_ عند سكرات الموت.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 09:30 م]ـ
جزيت خيرا ياثلوج كم أنت رائعة ..
ـ[أبو طارق]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 09:48 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله أخية , وأجزل الله لك الثواب
ولي طلب أخية:
أرجو أن تفيدنا بمصدر هذه المعلومات الطيبة لنستزيد
وجزاكِ الله خيرًا
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 10:00 م]ـ
الحمدلله على السلامة أستاذ أبو طارق ..
اشرق الفصيح بعودتك ..
ـ[أم أسامة]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 10:51 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله أخية , وأجزل الله لك الثواب
ولي طلب أخية:
أرجو أن تفيدنا بمصدر هذه المعلومات الطيبة لنستزيد
وجزاكِ الله خيرًا
أخذتها في الحقيقة من نشرة وزعت لدينا منذ زمن في الجامعة ..
وحتماً ستجد ما يسرك في المنتديات الطبية ..
وعوداً حميداً أستاذ أبو طارق
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 10:04 ص]ـ
بارك الله لك أخيتي على هذه المعلومات اللطيفة في باب السواك، وأجزل لك العطاء.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 02:45 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك ...
ـ[أبو طارق]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 09:51 م]ـ
الأخت مبحرة:
سلمكِ الله من كل سوء
الأخت الثلوج الدافئة:
أشكرك لكِ سعة صدركِ
وجزى الله الجميع خير الجزاء
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 03:14 ص]ـ
شكرا عزيزتى
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
جزاك الله خير الجزاء أخيتي ثلوج
وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك
السواك ولم لا فالسواك من الأشياء التي
كانت يلزمها رسول الله صلى الله عليه
وسلم فمشى على نهجه صحابته وتابعيهم
وجل المُسلمين تقريباً ولم لا وقد قال
الله عز وجل عن رسوله
"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى "
فهذا شىء تحل به البركة والخير لأنه
من نهج رسول الرحمة مُحمدا
ـ[أم أسامة]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 01:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
جزاك الله خير الجزاء أخيتي ثلوج
وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك
السواك ولم لا فالسواك من الأشياء التي
كانت يلزمها رسول الله صلى الله عليه
وسلم فمشى على نهجه صحابته وتابعيهم
وجل المُسلمين تقريباً ولم لا وقد قال
الله عز وجل عن رسوله
"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى "
فهذا شىء تحل به البركة والخير لأنه
من نهج رسول الرحمة مُحمدا
جزيت خيراً أخي ورق وشوق ومفترق ...
لك جزيل الشكر على مرورك وإفادتك ...
ـ[أم أسامة]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 01:17 ص]ـ
بارك الله لك أخيتي على هذه المعلومات اللطيفة في باب السواك، وأجزل لك العطاء.
بوركت أخي الكريم أحمد الغنام ..
أحسنت بارك الله فيك ...
جزيت خيراً
شكرا عزيزتى
ولك عزيزتي ..
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:04 ص]ـ
مشكورا كثيرا عزيزتي الدافئة على هذه المعلومات القيمة
ـ[فاطمة النايلي]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 11:44 م]ـ
حياك الله وجزاك خير الجزاء. والخير كله في إمتثال السنة النبوية مشكووووووووورة
ـ[أم أسامة]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:04 ص]ـ
بوركتم أخواتي الكريمات ...(/)
الزجاجتان
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 06:53 م]ـ
' بسم الله الرحمن الرحيم '
' الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات
و ما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولايحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم '
صدق الله العظيم
سأل بنو إسرائيل رسولهم موسي هل ينام ربك؟؟؟؟
فقال موسي: اتقوا الله!!!
فناداه ربه عز و جل: سألوك يا موسي هل ينام ربك؟؟
فخذ زجاجتين في يديك و قم الليل ..
ففعل موسي،
فلما ذهب منه الليل ثلثه نعس فوقع لكبتيه،
ثم انتعش فضبطهما حتى إذا كان أخر الليل نعس موسي فسقطت الزجاجتان عنه
فانكسرتا.
قال تعالى: يا موسى لو كنت أنام لسقطت السماوات و الأرض فهلكن كما هلكت
الزجاجتان في يديك.
ولهذا السبب أنزلت أية الكرسي.
و يستحب قراءة أية الكرسي عقب كل صلاة،
و قبل النوم وعند الاستيقاظ!
ـ[أم أسامة]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 07:50 م]ـ
جزيتي خيراً ..
وبوركت ..
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 02:23 ص]ـ
شكرا لمرورك عزيزتى(/)
آية من كتاب الله ... خشع لها قلبك وهملت لها عينك
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 06:59 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
"أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) "
القرآن فيه من الوعد والوعيد ما يقرع القلوب ويهز الفؤاد ويستنزف دموع العين
وما منا من أحد إلا وتستوقفه الكثير من هذه الآيات
لكن ما هي أعظم آية في كتاب الله أثرت فيك فخشع لها قلبك وهملت لها عينك؟
ـ[أم أسامة]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 07:52 م]ـ
جزيت خيراً ..
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 08:41 م]ـ
وعليكم السلام والرحمة والإكرام
قال تعالى في سورة آل عمران:
(وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {189} إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {191} رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {192} رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ {193} رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ {194} فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {195})
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 08:55 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 11:17 م]ـ
قال تعالى: " قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة "
ـ[آنسة قواعد]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 12:00 ص]ـ
القرآن كله يقرع القلوب ويهز الفؤاد ويستنزف دموع العين ولكني كلما قرأت هذه الآية أحسست برجفة في قلبي، قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولايكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون "
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 02:44 ص]ـ
قال تعالى
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر53
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:05 ص]ـ
تكفى من القرآن "بسم الله الرحمن الرحيم"
اللهم ارزقنا قلوبا خاشعة
ـ[غنْد]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. صوما مقبولا إن شاء الله ..
هذه هي مصافحتي الأولى لكم بعد أن كنت من الزائرين الدائمين لكم ....
قوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}.
روى الترمذي وغيره عن عائشة قالت: {سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر , ويسرقون؟ قال: لا , يا بنت الصديق أو يا بنت أبي بكر , ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون , وهم يخافون ألا يقبل منهم , أولئك الذين يسارعون في الخيرات.}
لا أخفيكم أني دُهشت بعد معرفتي لتفسير هذه الآيه ... (اللهم عاملنا برحمتك ولا تعاملنا بعدلك) آميين ...
جزيتم خيراً ..
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:23 ص]ـ
أهلا بك أختى ... حقا إنها رحمة الله
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 06:48 ص]ـ
كثيرا ما يوقفني قوله تعالى:
" إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله صالح]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:07 م]ـ
ٹ ٹ ژ بسم الله الرحمن الرحيم الآية التي تأثرت بها هي قوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) صدق الله العظيم font] [font="qcf_bsml"] الطلاق الآية 2
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 07:17 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ونفعنا الله وإياكم بالقرآن العظيم
ومن أعظم ما يأخذ بالقلوب قوله تعالى
"قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) "
ـ[تيما]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 02:39 م]ـ
تدمع عيني حين أمر على قوله جل وعلا:
"كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ" (القيامة: 26 - 30)
.
.(/)
رمضان
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 07:02 م]ـ
عن طلحة بن عبيد الله أن أعرابياً جاء إلى رسوالله رضي الله ثائر الرأس فقال: يارسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة، فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً، فقال: أخبرني ما فرض الله علي من الصيام، فقال شهر رمضان إلا أن تطوع شيئاً فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة، فقال: فأخبره رسول الله رضي الله شرائع الاسلام. قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا انقص مما فرض الله شيئاً. فقال رسوالله رضي الله أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين).
· عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رايتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له).
· عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي رضي الله أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي رضي الله القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
· قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شهران لا ينقصان شهراً عيد رمضان وذو الحجة).
· عن أبي هريرة رضي الله عن النبي رضي الله قال (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم).
·· عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان.
· عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة ابي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما.
· عن أبي سلمة بن عبدالرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يارسول الله أتنام قبل أن توتر قال ياعائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.
· عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
· عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى).
· عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده.
· عن أبي هريرة رضي الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً.
· عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر).
· عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.
· وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة رمضان على الحر والعبد والذكر والأنثى صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير قال فعدل الناس به نصف صاع من بر.
· عن أنس t قال واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين فبلغه ذلك فقال لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم إنكم لستم مثلي أو قال إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني.
والوصال: بمعنى وصل أيام الصيام بدون افطار
(يُتْبَعُ)
(/)
· عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل في رمضان وهو صائم.
· عن عائشة وام سلمة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما قالتا إن كان رسول الله e ليصبح جنباً من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم.
· عن أبي سعيد رضي الله قال كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فما يعاب على الصائم صومه ولا على المفطر إفطاره ..
· وعن أبي سعيد رضي الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يصلح الصيام في يومين، يوم الأضحى ويوم الفطر من رمضان).
· عن عمران بن حصين رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (هل صمت من سرر هذا الشهر شيئاً، قال لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه).
· عن أبي هريرة رضي الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل).
· عن علي t قال سأله رجل فقال أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان قال له ما سمعت أحد يسأل عن هذا إلا رجلاً سمعته يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقال يا رسول الله اي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان قال إن كنت صائماً بعد شهر رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله فيه يوم تاب فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين.
· عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكيناً).
· عن أبي هريرة رضي الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه).
· عن أبي هريرة رضي الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أكل أو شرب ناسياً فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله).
· عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوماً من غير شهر رمضان إلا بإذنه).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كنت أقضي ما يكون علي من رمضان إلا في شعبان حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن علي رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان.
عن ابن عباس رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: (إذا كان رمضان فاعتمري فيه فإن عمرة فيه تعدل حجة).
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 07:16 م]ـ
بوركت أخية على ماكتبت أناملكم ...
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 02:23 ص]ـ
شكرا لمرورك أختى مبحرة(/)
الصلاة
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 02:36 ص]ـ
من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمسة عشرة عقوبة ستة منها في الدنيا وثلاثة عند الموت وثلاثة في القبر وثلاثة عند خروجه من القبر.
أما الستة التي تصيبه في الدنيا
1 - ينزع الله البركة من عمره
2 - يمسح الله سيم الصالحين من وجهه
3 - كل عمل لا يؤجر من الله
4 - لا يرفع له دعاء إلى السماء
5 - تمقته الخلائق في دار الدنيا
6 - ليس له حظ في دعاء الصالحين
أما الثلاثة التي تصيبه عند الموت
1 - إنه يموت ذليلا
2 - إنه يموت جائعا
3 - إنه يموت عطشانا ولو سقي مياه بحار الدنيا ماروى عنه عطشه
الثلاثة التي تصيبه في قبره
1 - يضيق الله عليه قبره ويعصره حتى تختلف ضلوعه
2 - يوقد الله علي قبره نارا في حمرها
3 - يسلط الله عليه ثعبانا يسمى الشجاع الأقرع
الثلاثة التي تصيبه يوم القيامة
1 - يسلط الله عليه من يصحبه الي نار جهنم على جمر وجهه
2 - ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة بعين الغضب يوم الحساب حتى يقع لحم وجهه
3 - يحاسبه الله عز وجل حسابا شديدا ما عليه من مزيد ويأمره الله به إلى النار وبئس القرار
من ترك صلاة الصبح فليس في وجهه نور
من ترك صلاة الظهر فليس في رزقه بركة
من ترك صلاة العصر فليس في جسمه قوة
من ترك صلاة المغرب فليس في أولاده ثمره
من ترك صلاة العشاء فليس في نومه راحة
استنكار:
لماذا يصعب علينا قول الحقيقة بينما لا يوجد أسهل من قول الباطل؟
لماذا نشعر بالنعاس ونحن نصلي ولكننا نستيقظ فجأة ونشعر بالنشاط فور انتهائنا من الصلاة؟
لماذا يصعب علينا الكلام عن الله تعالى وأمور الدين ويسهل علينا الكلام عن باقي الأشياء؟ >
لماذا نحس بالملل عند قراءة مقال ديني ونشعر بالفضول عند قراءة مقال عن أي شيء آخر؟
لماذا نمسح الرسائل الإلكترونية (الإيميلات) التي تتحدث عن الأمور الدينية ونقوم بإعادة إرسال الرسائل العادية؟
لماذا نشعر أن المساجد أصبحت مهجورة وأن المراقص والملاهي أصبحت عامرة؟
اللهم أجرنا من النار وارزقنا الهدى والتقى والعفاف والنغى
ـ[غنْد]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:30 ص]ـ
عقوبة تارك الصلاة
وسئل فضيلة الشيخ: عما ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمسة عشر عقوبة ست منها في الدنيا وثلاث عند الموت، وثلاث في القبر، وثلاث يوم القيامة ".
أما التي تصيبه في الدنيا فهي:
1 - ينزع الله البركة من عمره.
2 - يمسح الله سيم الصالحين من وجهه.
3 - كل عمل لا يؤجر عليه من الله.
4 - لا يرفع الله له دعاءً إلى السماء.
5 - تمقته الخلائق في دار الدنيا.
6 - ليس له حظ في دعاء الصالحين.
وأما التي تصيبه عند الموت فهي:
1 - أنه يموت ذليلاً.
2 - أنه يموت جائعاً.
3 - أنه يموت عطشاناً لو سقي مياه بحار الدنيا ما روي من عطشه.
وأما التي تصيبه في قبره فهي:
1 - يضيق الله عليه قبره ويعصره حتى تختلف ضلوعه.
2 - يدق الله عليه في قبره ناراً في جمرها.
3 - يسلط الله عليه ثعبان يسمى الشجاع الأقرع يضربه على ترك صلاة الصبح من الصبح إلى الظهر. وعلى تضييع صلاة الظهر من الظهر إلى العصر. وهكذا كلما ضربه يغوص في الأرض سبعون ذراعاً.
وأما التي تصيبه يوم القيامة فهي:
1 - يسلط الله عليه من يسحبه على وجهه إلى نار جهنم.
2 - ينظر الله تعالى إليه بعين الغضب وقت الحساب فيقع لحم وجهه.
3 - يحاسبه الله عز وجل حساباً شديداً ما عليه من مزيد ويأمر الله به إلى النار وبئس القرار.
فهل هذا الحديث صحيح؟ وهل يجوز نشره بين الناس؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحل لأحد نشره إلا مقروناً ببيان أنه موضوع حتى يكون الناس على بصيرة منه.
أجاب عليه العلامة ابن عثيمين
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:35 ص]ـ
إذا فآسفة على ما حدث لم أكن أعلم بهذا وجزاك الله خيرا أختى
ـ[غنْد]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:37 ص]ـ
وإياك اللهم فقهنا في الدين ... ولا يخفى حرصك على تعريف الناس بأهمية الصلاة ..
دمتي ...
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 05:02 ص]ـ
يجب التثبت عند نقل الأمور الشرعية حتى لا نقع في مثل هذا أختي الكريمة
ـ[أم أسامة]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 05:20 ص]ـ
وإن كان غير صحيح نشكر لك جهدك أخيتي ..
بارك الله فيك ..
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 03:05 ص]ـ
شكرا لكم جميعا لمروركم(/)
استفسار
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:08 ص]ـ
هل جملة "لا حياء فى الدين " حرام
أفيدونى
ـ[غنْد]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:26 ص]ـ
ما تنامى إلى سمعي عزيزتي أن الأصح قول (لا حرج في الدين) ..
هذا والله أعلم
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 06:53 ص]ـ
هل جملة "لا حياء فى الدين " حرام
أفيدونى
الجواب حول الحلال والحرام لن يأتيك من غيرأهل العلم من العلماء وعليك أن تتوجهي بهذا السؤال لهم
لكن الكلمة غيرمستساغة بالعقل وفيها نظر
لأن الدين الإسلامي هو دين الحياء
ومن ظاهرالكلمة كأن القائل يقول لاحياء في الدين وهذا على العكس تماماً من تعاليم ديننا وهوتعاليم الآدآب والأخلاق الفضيلة ومن أهمهاالحياء
والحبيب عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث المتفق عليه
(والحياء شعبة من الإيمان)
وهذه الجملة تقاس على مايقوله البعض:
لاحياء في الطب , لاحياء في العلم , وزادوا عليها الجملة التي عنها سألتي
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 12:08 ص]ـ
سمعت أحد المشايخ - أظنه العريفي - ذات يوم يتحدث عن عبارة (لا حياء في العلم)
قال: الأولى أن نقول " لا حياء في طلب العلم " , و يمكنك أن تقيسي عليها الجملة السابقة كأن تقولي: (لا حياء في تعلم الدين) مثلاً ..... و الأمثلة على ذلك كثيرة .. فربما يتحرج البعض من طرح بعض الأسئلة التي يراها محرجة أو غير لائقة لكنها ربما تكون من الأساسيات التي يجب تعلمها ...
و لكن كما قال الاستاذ نعيم لابد من الرجوع لأهل الاختصاص ...
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 02:51 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أفدتمونى:)
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 01:10 م]ـ
الحمد لله وبعد
أحببت أن أنقل لكم هذا الرد
" لا حياء في الدين " هل هو حديث أم مقولة؟
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" لا حياء في الدين " هل هو حديث أم مقولة؟
وإذا كان حديثا فهل هو صحيح أم ضعيف؟
وكيف نفرق بين هذا الحديث وبين لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء؟
بارك الله فيكم
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
هذا ليس بِحديث بل هو من كلام الناس.
وهم يَقصدون به: أن الدِّين لا يَمنع من السؤال، هذا مقصود من يُطلق هذا القول.
والأولى أن يُستبدل باللفظ الشرعي، وهو قول أم سلمة رضي الله عنها حيث قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: إذا رأت الماء. فَغَطّتْ أم سلمة - تعني وجهها - وقالت: يا رسول الله! وتحتلِم المرأة؟! قال: نعم. ترِبت يمينك. فبِمَ يشبهها ولدها؟ رواه البخاري ومسلم.
والحياء صِفة من صفات رب العزة سبحانه وتعالى، فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربّه بذلك فقال: إن الله عز وجل حليم حيي ستير، يُحِبّ الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي.
وقال عليه الصلاة والسلام: إن ربكم حي كريم يستحيي من عبده أن يَرفع إليه يديه فيردّهما صفرا - أو قال -: خائبتين. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه.
والحياء من أخلاق الأنبياء، فقد وُصِف موسى رضي الله عنها بأنه كثير الحياء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى كان رجلا حييا ستيراً، لا يُرى من جلده شيء استحياء منه. رواه البخاري ومسلم.
ووُصِف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه أشدّ حياء من العذراء في خدرها، كما في الصحيحين.
والحياء خير كله.
قال صلى الله عليه وسلم: الحياء خير كله.
وقال: الحياء كله خير.
وقال: الحياء لا يأتي إلا بخير. رواه البخاري ومسلم.
فالحياء كله خير، ولا يأتي إلا بخير.
وينبغي أن يُفرّق بين الحياء والخجل.
والله تعالى أعلم.
(من موقع صيد الفوائد)
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:29 م]ـ
جزاك الله خيرا يا اسداسير وشكرا لمررك(/)
أرجو تفسير هذه العبارة
ـ[ورقة وقلم]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:44 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أكيد الجميع علم بموضوع قرار مجلس الوزراء والذي نص على مجموعة بنود خاصة بأعضاء هيئة التدريس الجامعيين،
وأريد تفسير عبارة غامضة لدي وهي:
2 - بدل الندرة:
صرف بدل ندرة شهري من (20 في المائة إلى 40 في المائة) حداً أعلى يحسب من الراتب الأساسي للدرجة الأولى من السلم
مامعنى ندرة؟
جزاكم الله خيراً،،
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:59 ص]ـ
أظن - والله أعلم - أن المراد بالندرة: التخصصات النادرة.
أسأل الله في هذا الشهر الفضيل، وهذه الساعة المباركة أن يتغمد والدك برحمته عزيزتي.
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 09:44 ص]ـ
الأخت الكريمة،
ندرة الشيء: أن يكون الشيء نادرا أو فريدا أو قليلا من نوعه.
وأما عبارة "بدل ندرة" الواردة في السياق المذكور فالمقصود بها "بدل ندرة التخصص" وهو البدل الذي يصرف لأصحاب التخصصات الأكاديمية النادرة في الجامعات.
ودمتم،
منذر أبو هواش(/)
رمضان في أرض الرباط
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:29 م]ـ
من رمضان في غزة والضفة:
صورتان متباينتان عرضتهما قناة المجد:
صورة أسواق غزة في رمضان، وما تشهده الساحة الغزية من نقص كبير في السلع الأساسية فضلا عن السلع الرمضانية مع تقلص حركة البيع والشراء نتيجة الحصار الظالم.
وصورة أسواق الضفة، وقد شهدت إقبالا كبيرا من المواطنين على شراء سلع رمضان، في استهلاكية واضحة تعاني منها المجتمعات الإسلامية عموما.
ولا يفصل بين الجناحين مسافة كبيرة، ولكن البون بينهما شاسع، كالحال عندنا في مصر فلا يفصل بيننا وبينهم إلا ممر مغلق، وشتان بين الحالين!!!.
ومن الفلبين:
أنهت الحكومة المركزية مفاوضات الحكم الذاتي مع المسلمين في الجنوب، وزعم الجيش الفلبيني أنه سيخفض من عملياته في شهر رمضان ليتمكن المسلمون من أداء الصوم في راحة!!!!، مع أن الحكومة هي التي ألغت الاتفاقية التي كانت على وشك الإبرام لما احتجت أطراف نصرانية في الجنوب بحجة عدم عرض الاتفاقية عليهم.
ومن بلاد الأفغان:
كشر "الناتو" عن أنيابه القذرة بعد العمليات النوعية الأخيرة لقوات إمارة الطالبان الإسلامية التي انحازت بعد هجوم 2001، ليقصف المدنيين في عشوائية، أوقعت بحسب المصادر الرسمية نحو: 500 قتيل في الشهر الماضي فقط، وقد أحرجت هذه الضربات الخسيسة عميلهم "قرضاي" فخرج في "شجاعة نادرة"!!!! لينتقد القصف.
ومن العراق:
بعثت إحدى النساء العراقيات رسالة إلى برنامج فضائي تناشد الحكومة العراقية الطائفية بامتياز!!!، تناشدها أن تمد زقاقها بالكهرباء، لأنها لا تأتي إلا نحو ساعة أو أقل، وأهل العراق أدرى بشعابها، ورمضان سيأتي هذا العام في الصيف، وصيف بغداد كما قد علم، فهذا حال امرأة مسلمة من دولة تملك احتياطيا من أكبر احتياطيات العالم من البترول، وهذا أحد إنجازات حرب التحرير: 2003!!!!.
ومن الصومال:
استهلت القوات الإثيوبية شهر رمضان في بلدة "بلدوين" بإغلاق المساجد في شهر رمضان، وحفر الخنادق حولها لمنع المصلين من التدفق عليها في هذه الأيام المباركات في رد فعل خسيس لضربات المقاومة الأخيرة التي كان آخر إنجازاتها تحرير ميناء "كسمايو" جنوب الصومال.
ومن كشمير:
مددت قوات الهنود الهندوس حظر التجول مع بداية رمضان في خطوة أثارت استياء العائلات المسلمة التي وقعت في حرج شديد لعدم استطاعتها التحرك بحرية لتوفير احتياجاتها في هذا الشهر الكريم، وهو ما أثار إعجاب الهندوس المقيمين في "كشمير" في شماتة واضحة!!!.
وإلى الله المشتكى.
لا تنسوا الموحدين في هذه البقاع من دعائكم أيها الكرام لاسيما في هذه الأيام المباركات.(/)
هل تريد ثوابا أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار؟
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي في الله
هل تريدون ثوابا أكثر من ذكركم الله الليل مع النهار؟!
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُحَرِّكُ شَفَتَيَّ، فَقَالَ:"مَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟ "قُلْتُ: أَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ:"أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّهَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ؟ تَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللَّهَ مِثْلَهُنَّ"، ثُمَّ قَالَ:"تُعَلِّمُهُنَّ عَقِبَكَ مِنْ بَعْدَكَ". أخرجه النسائى (6/ 50، رقم 9994)، وابن خزيمة (1/ 371، رقم 754)، والطبرانى (8/ 238، رقم 7930) وصححه الألباني (صحيح الجامع، رقم: 2615).
ليتنا نتعلمه ونعلمه غيرنا
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 08:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا!
و تعلمون ما ثواب الذكر؟!
فكيف إذا كان متصلا؟!
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 09:52 ص]ـ
لتسهيل حفظ هذا الذكر العظيم , وغيره من الأذكار و النصوص؛ إليكم طريقة تخطيط اللغة (التماثل و التغاير و التقابل):
أنْ تحصي التراكيب المتآلفة المكررة و التراكيب أو الكلمات المتغايرة؛ و تفقه تنسيق العبارات وتراتبها في الذكر؛ثم تضع في عقلك لكل جملةٍ مكانًا من ذلك التراتب.
ولحفظ هذا الذكر ـ على سبيل المثال:
"الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللَّهَ مِثْلَهُنَّ "
التراكيب المتآلفة و المتغايرة:
1 - الحمد لله , سبحان الله , الله أكبر, ... (متغاير أكبر)
2 - عدد ... (متماثل مكرر1)
- ما خلق,
- ما في السموات و الأرض,
- ما أحصى كتابه,
- كلّ شيء.
(متغايرات متقابلة1)
3 - و ملء ... (متماثل مكرر2)
- ما خلق,
- ما في السموات و الأرض,
- ما أحصى كتابه,
- كلّ شيء.
(متغايرات متقابلة 2)
قد تبدو الطريقة ـ بكتابتها ـ صعبة؛ لكنّي كتبتها على هذا النسق للدلالة على عمل عقلي يسهل حفظها!
ستجدها قد خُطّت في عقلك كما وردت في الحديث:
الْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ /مَا خَلَقَ/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ/ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ / (و ملء ما ... ) * لم ترد مع المتماثل المكرر2.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ/ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ/ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ/ كُلِّ شَيْءٍ/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ/ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ،
المتغيرات الكبرى: الحمد لله , سبحان الله , الله أكبر.
المتماثلات المكررة: عدد ... , و ملء ... , تكررهما مع كل مذكور من المتقابلات التالية:
- ما خلق.
- ما في السماوات والارض.
- ما أحصى كتابه.
- كل شيء.
هذا مثالٌ لعملٍ يصعب تمثيله, لكنْ يسهل به الحفظ, وخاصة للنصوص الطويلة!
ملحوظة: رسم خارطة للمثال غير ممكن لي تقنيًا؛ فعذرا!
ـ[سمية ع]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 10:41 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أم أسامة]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 02:54 م]ـ
لتسهيل حفظ هذا الذكر العظيم , وغيره من الأذكار و النصوص؛ إليكم طريقة تخطيط اللغة (التماثل و التغاير و التقابل):
أنْ تحصي التراكيب المتآلفة المكررة و التراكيب أو الكلمات المتغايرة؛ و تفقه تنسيق العبارات وتراتبها في الذكر؛ثم تضع في عقلك لكل جملةٍ مكانًا من ذلك التراتب.
ولحفظ هذا الذكر ـ على سبيل المثال:
(يُتْبَعُ)
(/)
"الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ اللَّهَ مِثْلَهُنَّ "
التراكيب المتآلفة و المتغايرة:
1 - الحمد لله , سبحان الله , الله أكبر, ... (متغاير أكبر)
2 - عدد ... (متماثل مكرر1)
- ما خلق,
- ما في السموات و الأرض,
- ما أحصى كتابه,
- كلّ شيء.
(متغايرات متقابلة1)
3 - و ملء ... (متماثل مكرر2)
- ما خلق,
- ما في السموات و الأرض,
- ما أحصى كتابه,
- كلّ شيء.
(متغايرات متقابلة 2)
قد تبدو الطريقة ـ بكتابتها ـ صعبة؛ لكنّي كتبتها على هذا النسق للدلالة على عمل عقلي يسهل حفظها!
ستجدها قد خُطّت في عقلك كما وردت في الحديث:
الْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ /مَا خَلَقَ/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ/ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ / (و ملء ما ... ) * لم ترد مع المتماثل المكرر2.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ/ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ/ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ /عَدَدَ/ كُلِّ شَيْءٍ/ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ/ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ،
المتغيرات الكبرى: الحمد لله , سبحان الله , الله أكبر.
المتماثلات المكررة: عدد ... , و ملء ... , تكررهما مع كل مذكور من المتقابلات التالية:
- ما خلق.
- ما في السماوات والارض.
- ما أحصى كتابه.
- كل شيء.
هذا مثالٌ لعملٍ يصعب تمثيله, لكنْ يسهل به الحفظ, وخاصة للنصوص الطويلة!
ملحوظة: رسم خارطة للمثال غير ممكن لي تقنيًا؛ فعذرا!
جزيت خيراً د. علي الحارثي ..
طريقة إبداعية رائعة
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 05:52 م]ـ
لتسهيل حفظ هذا الذكر العظيم , وغيره من الأذكار و النصوص؛ إليكم طريقة تخطيط اللغة (التماثل و التغاير و التقابل):
جزاك الله خيرا أستاذنا، وأسأله عز وجل أن يجعل لك نصيبا من الأجر
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:27 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله!
جزاكما الله خيرًا أيها الأحباب.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:43 م]ـ
ومن هذا الباب الجامع ما أخرجه مسلم
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ
سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ
تقبل الله منا ومنكم(/)
فرصة لا تعوض ..
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:31 ص]ـ
أحبتي عائلة " الفصيح "
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مع حلول شهر رمضان المبارك
الآن يمكنكم تفطير صائم في ساحات الحرم المكي ..
بضغطه زر واحدة " والحسنة بعشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء "
حسابات المستودع الخيري في مصرف الراجحي
- الإطعام الخيري - الصدقات العامة - كسوة العيد - سقيا الماء -الحقيبة المدرسية - الأجهزة الكهربائية - دعم طالب علم
201608010370051
إفطار صائم
201608010350558
الزكاة
201608010263504
الكفارات والفدية
201608010000955
الوقف الخيري
201608010370044
رابط الموقع
المستودع الخيري بمكة المكرمة ( http://www.makkah-khairi.com/index.php)
هاتف المستودع الخيري
5666666
0505555081
وكل رمضان والجميع بخير ..
===============
منقول
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 08:35 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
جزاك الله خيرًا أخي مغربيا!
و أزيد على ما قلت ـ أخي الحبيب ـ أنّ الجود و كثرة الإنفاق في هذا الشهر الكريم ـ و الجود مطلقًا في غيره ـ من سنن المصطفى:=؛ففي الصحيح ممّا رواه ابن عباس رضي الله عنه:
" كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، و أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة "
المصدر: الجامع الصحيح - الرقم: 3554.
فضلًا عمّا ورد في الحثّ على الإنفاق والصدقات في كتاب الله تعالى!
فاستجيبوا لربكم و اقتدوا بنبيكم:=؛ ففي هذا العمل الصالح طلب الأجر من وجوه!
وفق الله المنفقين و أعطاهم خلفا!
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 05:55 م]ـ
بارك الله فيك، وأجزل لك الخير العميم
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:26 م]ـ
جزاك الله خيرًا أخي مغربيًا.(/)
مُلتَقى البلاغيين و النُّقاد العرب
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 10:56 ص]ـ
:::
الحمد لله منزل الكتاب بلسان عربي مبين, والصلاة والسلام على أفصح العرب وسيّد البلاغيين, وبعد؛
فإنّ كلّ محبٍّ لهذه العربية الشريفة ـ يتهلّل بشرًا وسرورا كلما شُيِّد على الشابكة صرحٌ يعلي بنيانها, ويعظّم شانها!
و اليوم أزفّ إليكم بشرى افتتاح:
ملتقى البلاغيين والنقاد العرب ( http://bn-arab.com/vb/index.php)
بإشراف
الزميل العزيز الأستاذ الدكتور/ يوسف الأنصاري
و إدارة
الزميل العزيز الدكتور/ ظافر العمري
و الأمل فيكم أيها الفصحاء الكرام أن تقفوا مع هذا الملتقى؛ حتى يأخذ مكانه اللائق بشرف موضوعه!
سائلًا الله تعالى أن يوفّق المخلصين العاملين لنصرة دينه ولغة كتابه!
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 12:35 م]ـ
بوركت أخي الحبيب د. الحارثي على هذا الخبر المفرح وفق الله القائمين على الصرح العامر.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 05:58 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
سأسجل الآن هناك
وهذا الموضوع مثبت
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 06:18 م]ـ
بارك لله لكم ا المنتدى
وتلبية لدعوة أخي د. علي الحارثي يشرفنا أن نكون من أعضاء هذا المنتدى
ـ[معالي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 11:30 م]ـ
هذه والله بشرى، وأي بشرى!
شكر الله لكم شيخنا الكريم.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 11:35 م]ـ
شرف للجميع - يا دكتور علي - أن يكون فاعلا متفاعلا متفاعلن:) معكم.
وبسم الله أسجل عضويتي.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 11:38 م]ـ
شكر الله سعيك، ورزقت الخير
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 03:03 ص]ـ
ما أسعدنا بهذا الملتقى!
بشرك الله بكل ما يسرّك شيخنا الفاضل.
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 10:44 م]ـ
الأفاضل الفصحاء الكرام:
أحمد الغنام
محمد التويجري
محمد سعد
معالي
عبدالعزيز بن حمد العمار
مغربي
ندى الرميح
بارك الله فيكم أهل الفصيح, و زادكم شرفا؛ و جزاكم الله خيرًا؛ هذا هو المؤمّل فيكم!
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 11:02 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
سأسجل الآن هناك
وهذا الموضوع مثبت
جزاك الله خيرًا أخي الحبيب محمدًا , ورفع قدرك؛فهكذا أنت!
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
أخي عليًّا، لم يفعل حسابي بعدُ.
علمًا بأن رسالة الموقع وصلتني، وفعلتها.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 03:03 ص]ـ
بارك الله في الجهود المخلصة
ـ[أحاول أن]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 03:52 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله.
موقع رائع جزاك الله خيرا أستاذنا الجليل وجعلك دوما دالا على كل خير ..
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:05 ص]ـ
أخي عليًّا، لم يفعل حسابي بعدُ.
علمًا بأن رسالة الموقع وصلتني، وفعلتها.
بارك الله فيك أخي العزيز: عبد العزيز؛ فاعلًا متفاعلا!
و أنا مثلك سجّلتُ؛فلم أُمكّن من المشاركة بعد, غير أنّي لم أتلق رسالة تفعيل!
لعلّ الإخوة الكرام هناك ينظرون في الأمر بعد اطلاعهم عليه!
على أنّهم في خطوات التفعيل الأولى.
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:07 ص]ـ
بارك الله فيك أخي زين الشباب!
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دكتورنا الحبيب شاعرنا والأديب أسعدك الله وكل عام وأنت والأهل بخير
وأحتاج إلى واسطتكم للتسجيل في هذا الموقع وأن يحتمل الجميع هناك كثرة أخطائي الإملائية ودمت في رعاية المولى ساعياً لمايخدم لغة القرآن
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:17 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله.
موقع رائع جزاك الله خيرا أستاذنا الجليل وجعلك دوما دالا على كل خير ..
آمين , ولك بمثل ما دعوت!
و تقبل الله منّا ومنكم!
لا غنى للفصيح و غيره من مواقع اللغة و الأدب ـ عن نقداتك الماتعة, و لفتاتك البارعة!
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:23 ص]ـ
هذا أوان سحوري أيها الحبيب نعيم.
قد جئتك بشفيع لتأخير الردّ؛ لا تملك ردَّه (ابتسامة).
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:42 ص]ـ
هذا أوان سحوري أيها الحبيب نعيم.
قد جئتك بشفيع لتأخير الردّ؛ لا تملك ردَّه (ابتسامة).
بالعافية وبيننا ثلاث دقائق:)
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 07:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دكتورنا الحبيب شاعرنا والأديب أسعدك الله وكل عام وأنت والأهل بخير
وأحتاج إلى واسطتكم للتسجيل في هذا الموقع وأن يحتمل الجميع هناك كثرة أخطائي الإملائية ودمت في رعاية المولى ساعياً لمايخدم لغة القرآن
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته , وبعد؛ فأنعم الله عليك ـ أخي الحبيب نعيما ـ بنعيم الآخرة و الأولى , و أسعدك بدوام الإيمان والعافية؛ فما أُعطي عبدٌ ـ بعد اليقين ـ خيرًا من العافية!
وأسأل الله لي و لك و للمسلمين ـ الإخلاص و القبول, و كلّ عامٍ و أنتم بخيرٍ و إلى خير!
أمّا الأخطاء؛ فكلُّ ابن آدم خطّاء, و خير الخطّائين التوّابون:) , و ما أراك إلا توّابًا أوّابا:)؛فلغتك في تقدُّمٍ مستمر, و الفضل ـ بعد فضل الله تعالى ـ لهذه المنتديات المباركة التي نتعلّم فيها و نُعلِّم, ثمّ لحرصك و مثابرتك ,و ليس من قبيل التواضع أنْ أقول لك: إنّي أتعلَّمُ و أصحّح أخطائي إلى هذه اللحظة , و سأظلُّ كذلك؛ فلن ينال العلمَ من ظنّ أنّه عَلِم!
اللهم علمنا ما جهلنا , وانفعنا بما علمتنا!
وفقنا الله جميعًا للعمل الصالح!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 08:03 ص]ـ
وفقك الله يادكتورنا الحبيب وجزاك خيراً على دعاءك ولك بمثل
وقدسجلنا على بركة الله
ويبدوأنه لم يتم تفعيل المشاركات بالموقع وليتهم يفتتحون الموقع بوليمة حتى يتبارك الموقع كمانسميه في القرية (نزالة) للمسكن الجديد:)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 10:10 ص]ـ
ونحن قبلنا الدعوة
بارك الله فيهم
ـ[د/ظافر العمري]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 07:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة وبركاته:
شكر الله لأخي العزيز الدكتور علي الحارثي على قيامه بالتعريف بالملتقى
هكذا عهدته سباقا للخير مبادرا بالجميل. وفقه الله وأجزل له الثواب
وإن أنس فلا أنس الأخ المفضال الأستاذ محمد التويجري مؤسس هذه الشبكة على عطائه
المبارك بالإعلان عن الملتقى على جبين هذه الشبكة الغراء. ثم هو كذلك يعد بالتعاون
والإسهام بجهده ووقته. فجزاه الله خيرا ونفع به.
وليس بغريب على من هدفه خدمة هذا اللسان الشريف.
وأشكركم جميعا، وكل من عني بلغة القرآن وحمل في نفسه هماً لها ولأهلها.
والملتقى يرحب بكم جميعا وهو منكم ولكم.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 08:24 م]ـ
دكتورظافرحفظك الله
حياك الله وبياك في الفصيح وأشرقت الصفحة بحضورك والشكرموصول للحبيب د. علي الذي لايأتي إلابالخير
وجزاكم الله كل الخيروكل ساعي ودال على هذا الموقع الذي نحن بحاجة له ولأمثاله للحفاظ على لغة القرآن
ومتى العزومة؟:)
ودمتم في رعاية الله
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:31 ص]ـ
حياك الله يا دكتور ظافر بين أهلك وإخوانك
ـ[د/ظافر العمري]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 08:00 م]ـ
شكر الله لك أخي القدير الأستاذ محمد التويجري مؤسس هذا الصرح الشامخ
لقد غمرتنا بحسن صنيعك
وفقك الله وبارك فيك
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 11:47 م]ـ
:::
الحمد لله منزل الكتاب بلسان عربي مبين, والصلاة والسلام على أفصح العرب وسيّد البلاغيين, وبعد؛
فإنّ كلّ محبٍّ لهذه العربية الشريفة ـ يتهلّل بشرًا وسرورا كلما شُيِّد على الشابكة صرحٌ يعلي بنيانها, ويعظّم شانها!
و اليوم أزفّ إليكم بشرى افتتاح:
فكرة ممتازة انا قد سجلت في هذا المنتدى.بارك الله فيك دكتور على التجديد
ملتقى البلاغيين والنقاد العرب ( http://bn-arab.com/vb/index.php)
بإشراف
الزميل العزيز الأستاذ الدكتور/ يوسف الأنصاري
و إدارة
الزميل العزيز الدكتور/ ظافر العمري
و الأمل فيكم أيها الفصحاء الكرام أن تقفوا مع هذا الملتقى؛ حتى يأخذ مكانه اللائق بشرف موضوعه!
سائلًا الله تعالى أن يوفّق المخلصين العاملين لنصرة دينه ولغة كتابه!
تحية عطرة ورمضانكم كريم
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 10:25 م]ـ
وفقك الله يادكتورنا الحبيب وجزاك خيراً على دعاءك ولك بمثل
وقدسجلنا على بركة الله
ويبدوأنه لم يتم تفعيل المشاركات بالموقع وليتهم يفتتحون الموقع بوليمة حتى يتبارك الموقع كمانسميه في القرية (نزالة) للمسكن الجديد:)
دكتورظافرحفظك الله
حياك الله وبياك في الفصيح وأشرقت الصفحة بحضورك والشكرموصول للحبيب د. علي الذي لايأتي إلابالخير
وجزاكم الله كل الخيروكل ساعي ودال على هذا الموقع الذي نحن بحاجة له ولأمثاله للحفاظ على لغة القرآن
ومتى العزومة؟:)
ودمتم في رعاية الله
و لك بمثل ما سألت أخي الحبيب النعيم؛ جمعنا الله و إياك والمسلمين في دار النعيم!
وجزاك الله خيرًا على تسجيلك و مبادرتك بالخير!
أمّا الوليمة فخبرها عند الدكتور ظافر:).
لكن يغلب على ظنّي أنّها ستكون (وليمة شبكيّة):).
ونحن قبلنا الدعوة
بارك الله فيهم
بارك الله فيك أخي الفاضل (محمد سعد) , وجعلك من المقبولين!
السلام عليكم ورحمة وبركاته:
شكر الله لأخي العزيز الدكتور علي الحارثي على قيامه بالتعريف بالملتقى
هكذا عهدته سباقا للخير مبادرا بالجميل. وفقه الله وأجزل له الثواب
وإن أنس فلا أنس الأخ المفضال الأستاذ محمد التويجري مؤسس هذه الشبكة على عطائه
المبارك بالإعلان عن الملتقى على جبين هذه الشبكة الغراء. ثم هو كذلك يعد بالتعاون
والإسهام بجهده ووقته. فجزاه الله خيرا ونفع به.
وليس بغريب على من هدفه خدمة هذا اللسان الشريف.
وأشكركم جميعا، وكل من عني بلغة القرآن وحمل في نفسه هماً لها ولأهلها.
والملتقى يرحب بكم جميعا وهو منكم ولكم.
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
أخي الحبيب الدكتور ظافر:
ما فعلتُه هنا هو واجب كلِّ فصيحٍ يحب لغته ويؤمن بشرفها و جلالها!
وبارك الله في أخينا الحبيب محمد التويجري؛ فما رأيتُه إلا محبًا لهذا اللسان, مُعليًا لهذا الشان!
نسأل الله أنْ يجعلنا جميعًا كذلك؛ على إخلاصٍ وقبول!
فكرة ممتازة انا قد سجلت في هذا المنتدى.بارك الله فيك دكتور على التجديد ...
تحية عطرة ورمضانكم كريم
جزاك الله خيرًا أختي الفاضلة سهى على إشادتك و تسجيلك , و زادك توفيقا!
و حيّاك الله و بيّاك!
و تقبّل الله منّا و منك صالح الأعمال, و كتب لنا و لك و لوالدينا و للمسلمين العتق من النّار!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنوار]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 01:25 ص]ـ
أشكر القائمين على هذا الملتقى ..
جعله الله في موازين حسناتهم ..
.... في ترقُّب جديدكم
ودمتم بخير
ـ[د/ظافر العمري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:23 ص]ـ
دكتورظافرحفظك الله
حياك الله وبياك في الفصيح وأشرقت الصفحة بحضورك والشكرموصول للحبيب د. علي الذي لايأتي إلابالخير
وجزاكم الله كل الخيروكل ساعي ودال على هذا الموقع الذي نحن بحاجة له ولأمثاله للحفاظ على لغة القرآن
ومتى العزومة؟:)
ودمتم في رعاية الله
عذرا أخي نعيم على تأخر الرد
بارك الله فيك وشكر لك
أما سؤالك عن مأدبة فما زلنا ضيوفا على الشبكة وننتظر من قدماء الشبكة أن يقدموا لنا الضيافة:)
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:48 ص]ـ
أمّا الوليمة فخبرها عند الدكتور ظافر:).
لكن يغلب على ظنّي أنّها ستكون (وليمة شبكيّة):).
!
أسعدك الله وأضحك سنك والله لقدضحكت من كلمة عزومة شبكية ولم يقبلها أوتقبلها (بطني) ولكن بعدرد صاحبها قبلتها وسابتلعها بالسواك بعد أن قرأت رد صاحبك الذي ذكرني بقصة الذي جاءلرجل وقال له هات قصة لا أصدقها وأعطيك درهم
قال: قبل أن يموت أبي قال لي إن له عند أبيك عشرة دراهم فهل تصدقها قال لاخذ هذا الدرهم خيرمن العشرة
.........
ولا شك أن دكتورنا الحبيب علي أعلم منا بمنفعة العزومة الشبكيه ولولم تكن هي الخيرلما فضلها لنا وعلى هذا نؤيدك ولانقبل بغيرها وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام
.............
بالمناسبة كلمة بطن وصحن الا يمكن أن نجعلها مذكر لأنها لا تصلح معي إلا مذكر وقد تناقشت فيها مع معلم للنحو فلم يقنعني بقوله لأنه يقول القاعدة كل شيء مدورمؤنث.
فهل هذه القاعدة هي عامة أم هي مجرد رؤية فردية لأحد أهل الإختصاص؟
ولا تنسونا من الدعاء
ـ[الحامدي]ــــــــ[12 - 01 - 2009, 10:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سجلت فيه قبل أن أطلع على هذا الموضوع، وأتمنى أن أرى هذا الموقع يزداد نشاطا وتفاعلا.
وقد دخلت على منتدى الترحيب والاستضافات طمعا في وليمة (ولكن شبكية)، وتسترتُ بدثار التطفيل، فاستقبلوني بالموائد الشبكية العامرة!.
أين أنت يا نعيم؟؟.
http://www.bn-arab.com/vb/showthread.php?p=721#post721
ـ[بل الصدى]ــــــــ[13 - 01 - 2009, 12:56 ص]ـ
و الله ما ضحكت من أمرٍ كضحكي من أستاذ السيد نعيم الذي يجعل كل مدور مؤنث!!!(/)
رمضان كريم
ـ[حمدان/أبو مريم]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 05:52 م]ـ
السلام عليكم جميعاً ومرحباً بكم في اجمل منتدى
ـ[المصباح في اللغة]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 09:57 م]ـ
كل عام وأنت بخير.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 10:03 م]ـ
وكل عام أنتما بخير، واسمحا لي بنقل النافة إلى منتدى الأعضاء؛ ليراها الجميع.(/)
مهزلة جديدة!!!!
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 06:40 م]ـ
مهزلة جديدة:
http://www.islammemo.cc/akhbar/arab/2008/09/04/69020.html
هدد أحد قساوسة الضلال عندنا في مصر بشن حملة "دنماركية"!!، على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في ظل غياب اليد الشرعية التي تأخذ على أيدي السفهاء من أمثاله، فليس ثم اليوم إلا أيدي تعطي الدنية في دينها قتتقاطر على كنائسهم لتهنئتم في عيد القيامة: بقيام الرب من قبره بعد صلبه!!!!.
وهذه طريقة المفلس الذي يخشى الحوار، فهو يتظاهر بالسماحة والموضوعية واحترام الآخر "المزعوم"!!!، وما ثم إلا: مؤمن وكافر، رغم أنف، دعاة إعطاء الدنية في الدين تحت شعار: احترام معتقد الآخر، الذي يجاهر بسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويدشن فضائيات مشبوهة، تتلقى تمويلها من جهات أجنبية، لسب الإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإذا ما دعوا إلى حوار علمي هادئ لمناقشة أقوالهم: أثاروا الضجة وتدثروا بشعارات:
"الوحدة الإسلامية": إن كانوا من مبتدعة أهل القبلة ممن اتخذوا السب واللعن دينا، ومع ذلك يرمون مخالفهم بالتعصب وعدم تقبل الآخر، وهم الذين أراقوا دمه وانتهكوا عرضه كما هو مشاهد اليوم!!!.
أو شعارات: "الوحدة الوطية" و "التعايش السلمي" و "احترام الأديان" .......... إلخ من الشعارات البراقة، إن كانوا كفارا أصليين، وهل جرح المسلمون عموما، وأهل السنة خصوصا، في أشخاص الآخرين، وهل اتخذوا سب المسيح عليه الصلاة والسلام دينا، ليرد ذلك السفيه بالمثل؟!!!، أو: أن مجرد مناقشة أفكار تأباها الفطر السوية والعقول الصريحة من قبيل: عجز الرب، جل وعلا، عن غفران ذنب آدم إلا بعد فداء مقدس يطهره من ذنبه تمثل في ذات الرب، جل وعلا، التي تجسدت في هيئة مولود في رحم امرأة، يتغذى من دمها، ثم ينزل من فرجها، ليأكل ويشرب وينام ويحدث الحدث ......... إلخ من العوارض البشرية، ثم يصلب فداء للنوع الإنساني، فإذا ما جاء إبليس الذي سلط على ذرية آدم ليأخذ روحه إلى الجحيم كأرواح بقية ذرية آدم، عليه الصلاة والسلام، التي أخذت بجريرة أبيها!!!!، إذا ما جاء لذلك أقام الله، عز وجل، الحجة عليه، لأن ذاته قدسية لم تتدنس بخطيئة كبقية أرواح بني آدم، فسقط في يد إبليس، وعلم أن الرب، جل وعلا، قد أفحمه بإقامة الحجة عليه، فتحررت ذرية آدم من الأسر لما افتداها الرب جل وعلا بذاته القدسية!!!!!!.
هل مناقشة مثل هذه الأقوال وتفنيدها، وفيها من وصف الرب، جل وعلا، بالنقائص من: العجز والظلم والحاجة .......... إلخ ما فيها، تعتبر تعديا على معتقدات الآخرين، وهل في تفنيدها إساءة إلى المسيح صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو إلى أمه مريم البتول، عليها السلام، ليسوغ لهم الرد بالمثل؟!!، وهل الانتصار للرب، جل وعلا، بتنزيهه عن تلك النقائص إهانة لمعتقد الآخرين، أو هو العجز عن إقامة الحجة والبرهان على هذا الهراء، فيلجأ العاجز إلى رفع عقيرته وإثارة الضجة على طريقة: "خدوهم بالصوت ليغلبوكم"!!!!.
ما أشبه هذا التهديد بحركة القس الأندلسي: "إيلوخيو" الذي كان يجهر هو وأتباعه بسب دين الإسلام ونبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عهد عبد الرحمن الأوسط، رحمه الله، بحجة الانتصار للمسيح عليه الصلاة والسلام ودينه، فقتلهم عبد الرحمن، رحمه الله، وأطفأ نار فتنتهم بحزم وحكمة في نفس الوقت، واليوم لا أوسط بيننا ليطفئ نار هذه الفتنة الجديدة!!!!.
ولماذا يخشى أولئك القساوسة العباقرة الذين قتلوا العلوم اللاهوتية بحثا وتحقيقا من نقد أمثال: الدكتور زغلول النجار، حفظه الله، لكتبهم التي دخلها من الزيادة والتحريف ما دخلها، بشهادة المحققين من علمائهم، فاختلاف نسخها: زيادة ونقصانا، وتعارض أقوالها، وانقطاع أسانيدها، ولغتها الأرضية التي تشبه لغة كُتَاب السيرة، وتعليقات جامعيها التي تشبه تعليقات الشراح على المتون، كل ذلك يجعل الناظر فيها، إن تجرد، يقطع بأنها مما عملت أيدي البشر، و: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي ظل غياب القوة الرادعة، والضعف السياسي والاقتصادي الذي تعيشه مصر الآن، فقيادتها السياسية غارقة في مستنقع:
سياسة خارجية آسن: تتعرض فيه لضغوط شديدة شلت فكرها وحجمت نفوذها وصادرت قرارها السياسي.
وسياسة داخلية: يقضي فيها المواطنون أمام المخابز شهداء في سبيل "رغيف خبز" ............. إلخ.
في ظل كل تلك المعضلات، يتحرك أولئك بحرية كاملة للصيد في الماء العكر، وتتعالى أصواتهم القبيحة طعنا وسبا، في تهديد صريح للسلم الاجتماعي في مصر، فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، فإذا ما انبرى بعض الفضلاء من أمثال الدكتور زغلول، حفظه الله، لرد باطلهم، ردا علما رصينا بعيدا عن الصخب والضجيج، اتهم بأنه هو الذي يثير الفتنة، أما سب الجرذ "زكريا بطرس" للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على شاشات فضائية "الحياة" المشبوهة، وخطف النساء المسلمات ممن كن نصرانيات من أزواجهن، وإيداعهن أماكن مجهولة، وتصفيتهن نفسيا وجسديا في تحد سافر لسيادة الدولة التي لم يعد لها منها إلا الاسم فقط فهي عاجزة عن حماية مواطنيها بل إنها تشارك أحيانا في تسليمهم إلى: محاكم التفتيش المعاصرة ليلقوا ذلك المصير المجهول!!!!، كل ذلك لا يثير الفتنة، وتعليقات الدكتور زغلول، حفظه الله، هي التي تثير الفتنة، بأي ميزات توزن الأمور في مصر الآن؟!!!!.
ولو تأملت حال المبتدعة ممن يسبون الأصحاب، رضي الله عنهم، على شاشات الفضائيات المشبوهة، أيضا، لوجدتهم يتبعون نفس الأسلوب وكأن بعضهم ينقل عن بعض فالهدف واحد: الطعن في دين الإسلام وثوابته ورجالاته، إما تصريحا بالطعن في أصله وإما تلميحا بالطعن في نقلته، فإذا ما انبرى أحد علماء أهل السنة الغيورين للذب عن الأصحاب، رضي الله عنهم، تتالت عليه سهام النقد، حتى من بني جلدته، فهو الذي يثير الفتن الطائفية، ويتوقف أمام مسائل خلافية يمكن تجاوزها من قبيل: تكفير الخلفاء الثلاثة: أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم!!!!!، والطعن في راوية الإسلام الأول: أبي هريرة رضي الله عنه ................ إلخ، فلا مانع من تجاوز هذه الأمور حفاظا على الوحدة الإسلامية، وعجبا لهذه الوحدة التي تقوم على هدم دين الإسلام نفسه واستباحة دماء وأعراض أتباعه كما حدث في أرض الرافدين أخيرا، ولكن ماذا نفعل: هذه ضريبة الوحدات الإسلامية والوطنية والإنسانية .......... إلخ المفروضة علينا "بالعافية"!!!!!.
ورغم نشاط الاتجاهين في الآونة الأخيرة:
الاتجاه التنصيري: الذي ترعاه مؤسسات تنصيرية عالمية تنفق مليارات الدولارات على الأنشطة التنصيرية في الدول الإسلامية الكبرى كدول الشمال الأفريقي، كما هو مشاهد الآن في المغرب، وفي الجزائر، التي نجح أولئك المغرضون في استغلال ظروفها الاقتصادية والاجتماعية المتردية في ظل غياب الوعي الديني الكافي كحال معظم الدول الإسلامية، فضلا عن إثارة النعرات الطائفية وتأليب البربر على إخوانهم في الدين من العرب، وتقديم المغريات المادية، وفرص الهجرة، والمنح الدراسية إلى شباب مناطق القبائل الفقيرة في مقابل الردة، وقد رجع كثير منهم، كما ذكرت مجلة البيان بعد سفرهم إلى دول غربية، فلا عاقل يقبل مثل تلك المعتقدات التي لا سند لها من نقل صحيح أو عقل صريح، والحال عندنا في مصر لا يختلف كثيرا، فلا يملك القوم أي سلاح فكري لمجابهة دين الإسلام الراسخ، وإنما محض شبهات تلقفوها من هنا وهناك وراحوا يرددونها ترديد البغبغان الذي لا يفقه ما يردده، مع سلاح مادي وجهوه إلى نحور المسلمين الفقراء، وما أكثرهم في مصر!!!، فجواز السفر جاهز، وفرصة الهجرة والدراسة، والمسكن إن كنت لا تجد مسكنا لتتزوج فيه، والوظيفة، وربما وفروا لك الزوجة أيضا!!!!، كل ذلك في مقابل أن تكفر بدين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ورقيق الدين الذي لم ينشأ على عقيدة سليمة ستراوده نفسه كثيرا ليقبل هذه الصفقة الخاسرة، عافانا الله وإياكم من الكفر والفقر، فالفقر داء عضال حمل كثيرا من المسلمين على بيع دينهم بأرخص ثمن!!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
والاتجاه الآخر: الاتجاه البدعي الذي ترعاه الدولة الفارسية المصابة الآن بجنون العظمة بعد تمكنها من العراق، وجنوب لبنان، فهي تنفق ملياراتٍ هي الأخرى، لنشر معتقدها الباطل، مع أن جبهتها الداخلية تعاني فقرا شديدا، ولكنها الحمية للمعتقد، ولو كان باطلا، في مقابل ضعف شديد وتخاذل كبير من أهل الحق عن نصرة الدين الحق.
رغم نشاط هذين الاتجاهين إلا أن أعداد العائدين إلى الحق، لاسيما من الديانات الأخرى في ازدياد مستمر، سواء في الدول الإسلامية التي تعيش فيها جاليات غير مسلمة، كما هو الحال عندنا في مصر، أو الدول الغربية التي يشكل فيها المسلمون أقلية مطاردة، والحادث العنصري الأخير الذي قتل فيه أحد الشباب القطريين في العاصمة البريطانية "لندن" خير شاهد على ذلك.
ولعل ذلك هو ما أثار حفيظتهم إذ من عاش في الظلام الدامس طيلة عمره لابد أن يصرخ إذا غشيه النور، وفي انتشار نور الإسلام انحسار لسلطانهم الكهنوتي الذي يمارسونه في تسلط عجيب على أتباعهم، وصاحب كل ذي سلطان من أهل الباطل عدو تقليدي لدعوة الحق التي تسلبه ذلك السلطان الزائل، ولذلك كان أعدى أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام ومن سار على طريقهم من الدعاة: الملوك أصحاب العروش ورهبان السوء الذين أفسدوا الدين باسم الدين.
وهذا دليل على كون هذا الدين هو الدين الحق الذي تستجيب له الفطرة السوية دونما تكلف، بخلاف سائر الأديان والمذاهب الأخرى فلابد أن تطلى بطبقة زائفة من المقالات الجذابة، لتروج على السامع، ولابد أن يكتم أصحابها كثيرا من أقوالها الحقيقية، في كهنوتية صارخة، لئلا تنكشف مثالبها، وفي الإسلام: لا أسرار ولا وصايا ولا مسائل فوق المناقشة ولو خالفت المنقول والمعقول، بل دين يسير واضح يستوعبه عقل: العالم والعابد، المتعلم والجاهل، الذكر والأنثى ......... إلخ، وصاحب الحق ليس عنده ما يخفيه خجلا.
وقد أعد أحد الباحثين المتخصصين عندنا في مصر، مادة صوتية، رد فيها على افتراءات ذلك الجرذ الذي تستضيفه قناة "الحياة" المشبوهة باستمرار، ليطعن في الإسلام وثوابته ونبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونسبه الشريف، فليس ثم إلا بتر للنصوص، ولو نقلها كاملة لأبطل عجزها استدلاله بصدرها، مع ضحالة في النظر في الأسانيد، وربما لا علم لأمثاله بالأسانيد أصلا، وهم الذين يتلقون دينهم من أفواه كبرائهم دون نقاش على طريقة: "اللي يعترض ينطرد"!!!، فأمام القس لابد أن تلغي عقلك، وتسلمه لمن يعيد برمجته كيفما شاء، فتتحول من إنسان مكرم بالعقل إلى بهيمة مسلوبة العقل والإرادة.
الشاهد أنه: ينقل من كتب لم يشترط أصحابها الصحة أصلا، ككتب دلائل النبوة لأبي نعيم والبيهقي، رحمهما الله، ........ إلخ، دون نظر في إسناد أصلا، كما تقدم، وأنى له ذلك وهو الذي لا يملك إسنادا لكتابه المقدس فضلا عن كتب الآخرين، فينتقي متشابهات مروية بأسانيد واهيات ليعارض بها المحكمات في كتب الأمهات على طريقة: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ).
والمادة على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=130091
ومعظم الفائدة في المداخلة 7، وهي مداخلة العضو: أبو إسلام عبد ربه، فمنها يمكن تحميل المادة الصوتية ونشرها، لعل الله، عز وجل، أن ينفع بها معدها، ومن ساهم في نشرها، ومن استمع إليها.
ولا نملك في الوقت الراهن إلا جهادهم بالحجة والبرهان، فلا سلاح لنا إلا سلاح الوعي، بالحرص على تلقي العلم الشرعي كل بحسب ظروفه وتعليمه، والنصح للمسلمين ولو بكلمة في مجلس العائلة، أو الأصدقاء، أو أهل الحي، أو المسجد، أو منتدى حواري ............. إلخ، مع الحرص على تتبع أحوال إخواننا الفقراء في هذه الأيام المباركات: أيام رمضان، وقد حل هذا العام مع بدء العام الدراسي فصارت أعباء الأسرة المسلمة مزدوجة، فلابد أن يقدم من يملك: يد العون لمن لا يملك ابتغاء مرضات الله، وتثبيتا لأهل الحق على الحق، لئلا يتركوا فريسة لأهل الباطل.
والله من وراء القصد.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 03:13 ص]ـ
مهزلة جديدة:
http://www.islammemo.cc/akhbar/arab/2008/09/04/69020.html
وهذه طريقة المفلس الذي يخشى الحوار، فهو يتظاهر بالسماحة والموضوعية واحترام الآخر "المزعوم"!!!.
أهلا بك أخي مهاجر
إن من أعظم ما دهينا به (الرأي والرأي الآخر)
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:06 ص]ـ
يا ربنا اهدي من سار على طريق الحق.وانصرنا على القوم الظالمين
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:23 ص]ـ
لا يضر السحاب نبح الكلاب(/)
أي من هذه العبارات .... تؤلمك أكثر؟؟؟!!!!
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 10:10 م]ـ
:::
هناك عبارت عندما نقرأها او نسمعها
نشعر انها تخاطبنا نحن دون غيرنا
هناك كلمات تسعدنا .. وهناك كلمات تجرحنا
هناك كلمات تؤلمنا ... وهناك كلمات تواجهنا باشياء نتجاهلها
والآن
أي من هذه العبارات التاليه تؤلمك اكثر ... ؟؟؟؟
* عندما أفتح عيني يوماً على واقع لا أريده
* عندما أتمنى أن يعود زمان جميل انتهى!
* عندما أتذكر إنسان عزيز رحل بلا عودة ..
* عندما أكتشف لا أحد حولي سواي ..
* عندما أقف أمام المرآة فلا أتعرف على نفسي
* عندما أنادي بصوت مرتفع ولا يصل صوتي ..
* عندما أشعر بالظلم وأعجز عن نصر نفسي ..
* عندما أبدأ أتنازل عن أشياء أحتاج إليها باسم " الحب "
* عندما أضطر إلى تغيير بعض مبادي لتساير حياتي
* عندما أضطر يوماً إلى القيام بدور لا يناسبني ..
* عندما أضع أجمل مالدي تحت قدماي كي أرتفع عالياً وأصل إلى القمة
* عندما اصافح بحرارة يداً أدرك مدى تلوثها
* عندما أنحني لذل العاصفة كي لا تقتلعني من مكاني الذي أحرص على بقائي فيه
* عندما اشعر بأن هناك أناس فرضت علي الحياة وجودهم معي.
منقول
ـــــــــ
ـ[أم أسامة]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 10:40 م]ـ
لك جزيل الشكر أخي أنس ...
* عندما أفتح عيني يوماً على واقع لا أريده
* عندما أتذكر إنسان عزيز رحل بلا عودة ..
* عندما أكتشف لا أحد حولي سواي ..
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 11:01 م]ـ
سأبين لك ..
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 09:02 م]ـ
يا الله ... لا واحدة منها بالنفس رحمية!! كل واحدة منها لها وقعها الخاص في النفس .. ولكني أجد أعتاها في
* عندما أقف أمام المرآة فلا أتعرف على نفسي
أصعب ما في الحياة أن تقف أمام المرآة وتنظر إليها نظرات حيرى!! من هذا الذي أبصر أهذا الوجه وجهي أم أنه وجه استعير لي؟؟!! أهذا أنا أم أن ما أبصره شخصية أخرى تتقمصني وتسكنني من حيث لا أدري!!
من الصعب أن يجهل المرء نفسه .. فإذا جهلت نفسك ماذا عرفت وإذا عرفت نفسك ماذا جهلت؟؟ فإذا جهلنا أنفسنا أنكرتنا ولربما لفظتنا!! ولئن عرفناها أغنتنا عن كل شيء
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 01:59 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
رمضانك كريم واعاده الله عليك وعلينا بالصحة والعافية ان شاء الله ..
موضوعك ممتاز استاذ انس بارك الله فيك.
اكثر عبارة تؤلمني:* عندما أضطر يوماً إلى القيام بدور لا يناسبني *
فهذا قد حصل لي مؤقتا اي لمدة كنت لا اعلم الى متى ستدوم ولكن بفضل دعواتي الى الله ونعمته علي بان سلمت الامر ايه وتوكلت عليه صار الدور الذي العبه وكاني تمنيته من قرارة نفسي الى درجة اني ندمت اني مررت بذلك الموقف يوما ما. فالحمد لله.وللتذكير اخي انس ان هذا الامر او الموقف الذي مرت به فيه من الخير الكثير والكثير.واني لم انتبه اليه في حينه *ربما * لقلة خبرتي بالحياة وجهلي.ان صح التعبير. بمكنوناتها*
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 11:25 م]ـ
أشكركم على مروركم العطر أيها الأعضاء ....
أمّا أنا فتؤلمني كثيراً عبارة:
* عندما اشعر بأن هناك أناس فرضت علي الحياة وجودهم معي.
و تؤلمني أكثر:
* عندما اصافح بحرارة يداً أدرك مدى تلوثها
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 02:36 ص]ـ
* عندما أشعر بالظلم وأعجز عن نصر نفسي ..
* عندما أضطر إلى تغيير بعض مبادي لتساير حياتي
والله كلها مؤلمة أشد الألم لكن هاتان هما ما تعرضت لهما فعلا
لكن عندى رأى
" عندما أبدأ أتنازل عن أشياء أحتاج إليها باسم " الحب " "
أعتقد أنه إن كان حبا حقيقيا من كلا الطرفين والطرف الآخر يستحق فلا مانع إن اضطررت لذلك
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 02:53 ص]ـ
أخي أنسًا، سبحان الخالق العظيم!
ما يؤلمك هو الذي يؤلمني.
ـ[فاطمة النايلي]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 11:38 م]ـ
حياك الله يا أنس اكثر عبارة تؤلمني هي: * عندما اصافح بحرارة يداً أدرك مدى تلوثها لأنني لا أجيد التملق ولاالتظاهر .. موضوعك جميل وروحك أجمل مشكووووووور
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 12:13 ص]ـ
أخي أنسًا، سبحان الخالق العظيم!
ما يؤلمك هو الذي يؤلمني.
:):):)
ربما نشترك في بعض الجينات الوراثية
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:45 ص]ـ
:::
* عندما أتذكر إنسان عزيز رحل بلا عودة ..
* عندما أتمنى أن يعود زمان جميل انتهى!
* عندما أفتح عيني يوماً على واقع لا أريده
* عندما أضطر يوماً إلى القيام بدور لا يناسبني ..
* عندما اصافح بحرارة يداً أدرك مدى تلوثها
* عندما اشعر بأن هناك أناس فرضت علي الحياة وجودهم معي.
ـــــــــ
جميع ماذكر أخي أنس مؤلما
ولكن أشدها إيلاما ماتم اختياره
أسأل الله أين يداوي جراح الجميع
ويبعد عنهم البلاء
لأن ماذكر من أنواع البلاء
نسأل الله السلامة والعافية
لك تحياتي وتقديري(/)
توخ الحذر .... !!!
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 01:02 م]ـ
وصلتني اليوم رسالة على بريدي الالكتروني وقرأت فيها العجب وأحببت أن أنقل مضمونها إليكم لما في الأمر من خطورة بالغة ومضمونها:
"
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع لن يأخذ الكثير من الوقت لكنه مهم،
الحادثة حصلت في باريس، وقد تحصل في اي وقت بأي مكان أخر
قبل بضعة من الاسابيع وبالتحديد في السينما في باريس، احست احدى الفتيات بوخز
في المقعد، وعندما قامت، وجدت ابرة مغروزة في المقعد، ملصق بها ورقه مكتوب
عليها (لقد حقنت بفايروس الايدز)
مركز الحماية من الامراض أو السيطرة على الأمراض أبلغ عن وقوع هذه الحادثة في
مدن أخرى غير باريس، وبعد فحص الابر وجد انها حاملة فعلا لفايروس الايدز.
كما أنها حصلت في لبنان
كما ابلغ المركز بان هذا النوع من الابر وجد في الصراف الآلي، ونطالب من الجميع
توخي الحذر عند مواجهة مثل هذه المواقف، يجب التمعن والتدقيق في المقاعد قبل
الجلوس عليها، كما يجب ايصال هذه الرسالة إلى جميع من تعرفونه، وكل من يهمكم
امرهم وخاصة أفراد العائلة الصغير قبل الكبير.
مؤخراً، صرح دكتور في الهند، حيث أن هذه الحادثة حصلت لأحدى مرضاه، أيضاً في
السينما بنيودلهي، كانت فتاه مخطوبة، على وشك الزواج، وجدت الابرة بعد أن
وخزتها وقد كان ملصق بها ورقة مكتوب عليها (اهلاً بك في عالم الإيدز)
الدكتور اخبر عائلتها بأن مفعول الفايروس لن يبدأ إلا بعد 6 أشهر، وعادةً
المصاب يعيش مابين 5 إلى 6 سنوات، ولكن الفتاة توفت بعد 4 أشهر.
يجب جميعاً أن نتوخى الحذر، تخيل بأنك بإرسالك هذه الرسالة قد تنقذ حياة شخص
غافل عن هذا الموضوع ... رجاءً خذ من وقتك بعض الثواني وليس الدقائق وقم
بتمريرها لكل من تعرفه ولا تعرفه
الايدز مرض العصر فحافظ على نفسك كى تامن منه"
انتهت الرسالة
ما رأيكم دام فضلكم .. !!
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 01:49 م]ـ
رأيناحفظك الله أن لاتصدق هذه الأخباروأن تحذف هذه الرسالة ولاتنشرها
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 07:21 م]ـ
بصراحة لاتصدق كل مايقال هذة خرافات ..
أنا وصلتني رسالة على الجوال .... إلخ
في نهاية الرسالة ارسلها لعشرة اشخاص ..
وإلا في نهاية الأسبوع ستموت ويحصل لك حادث ...
كما حصل لشخص اهملها ..
وغير ذلك ..
لذلك أخي لاتأثم بنشرها
ـ[مُسلم]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 09:49 م]ـ
لن تخسر شيئا إن نشرتها .... !
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 12:59 م]ـ
ورأيي أنه يجب أن تنوخى الحذر فكل شيء جائز في هذا الزمن ... !!
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:41 م]ـ
وصلتنى هذه الرسالة من قبل وأرسلتها فهى لن تضر
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 08:08 م]ـ
بارك الله فيك مشكور.فعلا امر خطير.فعلا كما هو معروف انه كلما كان هناك شيء كان معة ضده.او ان الانسان له بلا منازع خياله.فكذلك كما ان هناك اجابيات للتكنولوجيا لا محالة لها سلبيات.الامر نفسه مع قضية الايدز هذه.
وصلت الرسالة.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 10:04 م]ـ
بصراحة، الدنيا الآن - والله - تخيف.
وكل شيء جائز.
والمستعان الله. (انتبه من أماكن الريبة) هذه أحسن نصيحة سمعتها.
وقال رسولنا - صلى الله عليه وسلم - (وليسعك بيتك، وابك ِ على خطيئتك).(/)
من طرائف رمضان والصيام
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 05:41 م]ـ
طرائف حول رمضان
نحاول أن نجمع هنا ما يصل لأيدينا من طرائف نستروح بها ونحن نعيش في رحاب هذا الشهر الفضيل!
ونبدأ ..
صوموا لرؤيته:
جاء رجل إلى القاضي حسين وهو من فقهاء الشافعية فقال له الرجل: لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
في المنام فقال لي: (إن الليلة بداية رمضان) فقال له القاضي: إن الذي تزعم أنك رأيته في المنام قد رآه الصحابة في اليقظة وقال لهم " صوموا لرؤيته ".
قيل لبعض الحمقى: كيف صنعتم في رمضان؟
فأجاب: اجتمعنا ثلاثين رجلا فصمناه يوما واحدا.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 05:43 م]ـ
حلوى فاسدة:
أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقاً له نوعاً من الحلوى قد فسد مذاقها لقدمها, وبعث معها بطاقة كتب فيه: إني اخترت لهذه الحلوى السكر المدائني والزعفران الأصفهاني , فأجابه صديقه بعد أن ذاق طعمها: والله ماأظن حلواك هذه صنعت إلا قبل أن تفتح المدائن وتبنى أصفهان!!
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 05:47 م]ـ
قيل لأحدهم: رمضان قادم على الأبوب. فقال: لأبددنه بالأسفار!!
ـ[أم أسامة]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 07:52 م]ـ
بوركت أستاذي أحمد ..
ـ[مُسلم]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 09:45 م]ـ
قيل لبعض الحمقى: كيف صنعتم في رمضان؟
فأجاب: اجتمعنا ثلاثين رجلا فصمناه يوما واحدا
رائعة هذه ... بارك الله فيك ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 11:01 م]ـ
بوركت أستاذي أحمد ..
بوركت على المرور الكريم أخيتي الثلوج الدافئة نفع الله بك ..
أفطرت في رمضان
جاء رجل إلى فقيه:
فقال: أفطرت يوماً في رمضان. فقال له الفقيه: اقض يوماً مكانه , قال: قضيت , وأتيت أهلى وقد صنعوا مأمونية (نوع من الحلوى الفاخرة) فسبقتني يدي إليها , فأكلت منها , قال الفقية: اقض يوماً مكانه , قال الرجل: قضيت , وأتيت أهلي وقد صنعوا هريسة , فسبقتني يدي إليها , فقال الفقيه: أرى ألا تصوم بعد ذلك إلا ويدك مغلولة إلى عنقك؟
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
رائعة هذه ... بارك الله فيك ..
أخي الكريم مسلم جزيت خيراً على كريم المرور ..
الموت قبل الإفطار:
رؤي أعرابي وهو يأكل فاكهة في نهار رمضان فقيل له:ما هذا؟ فقال الأعرابي على الفور: قرأت في كتاب الله: (وكلوا من ثمره إذا أثمر .. ) والإنسان لا يضمن عمره وقد خفت أن أموت قبل وقت الإفطار فأكون قد مت عاصياً
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:47 ص]ـ
.رائعة بارك الله فيك.
**فأجاب: اجتمعنا ثلاثين رجلا فصمناه يوما واحدا **خاصة هذه
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:43 ص]ـ
.رائعة بارك الله فيك.
**فأجاب: اجتمعنا ثلاثين رجلا فصمناه يوما واحدا **خاصة هذه
أخت سهى الجزائرية، شكر الله لك كريم المرور وأدام البسمة عليك ..
رغيف لا عروس:
وقف سائل بباب بخيل يطلب إحسانا
فقال له البخيل: النساء لسن في المنزل يرزقك الله
فرد السائل: إنني أسألك رغيفاً وليس عروساً
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:48 ص]ـ
ادام الله البسمة على فاه اهل الفصيح فردا فردا. وادام اجتماعنا وجلساتنا العلمية الحميمية ان شاء الله.وادام الايمان في قلوبنا يارب
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:04 ص]ـ
أضحك الله سنك ياأباتسنيم وأسعدك في الدارين
ولتعذرني الأستاذة سهى على تعديل بعض الأحرف المكرره
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:13 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:54 م]ـ
أضحك الله سنك ياأباتسنيم وأسعدك في الدارين
ولتعذرني الأستاذة سهى على تعديل بعض الأحرف المكرره
أضحك الله كل أسنانك أخي نعيم ولكن خارج أوقات الأكل:).
بوركت.
البخلاء والصوم!!
دخل شاعر على رجل بخيل فامتقع وجه البخيل وظهر عليه القلق والاضطراب، ووضع في نفسه إن أكل الشاعر من طعامه فإنه سيهجوه .. غير أن الشاعر انتبه إلى ما أصاب الرجل فترفق بحاله ولم يطعم من طعامه .. ومضى عنه وهو يقول:
تغير إذ دخلت عليه حتى .. .. فطنت .. فقلت في عرض المقال
عليَّ اليوم نذر من صيام .. .. فأشرق وجهه مثل الهلال.
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:01 م]ـ
رائعة وأري هذه أروعها
جاء رجل إلى فقيه:
فقال: أفطرت يوماً في رمضان. فقال له الفقيه: اقض يوماً مكانه , قال: قضيت , وأتيت أهلى وقد صنعوا مأمونية (نوع من الحلوى الفاخرة) فسبقتني يدي إليها , فأكلت منها , قال الفقية: اقض يوماً مكانه , قال الرجل: قضيت , وأتيت أهلي وقد صنعوا هريسة , فسبقتني يدي إليها , فقال الفقيه: أرى ألا تصوم بعد ذلك إلا ويدك مغلولة إلى عنقك؟
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:33 م]ـ
رائع سلمت يداك أستاذى
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
رائعة وأري هذه أروعها
مرورك هو الرائع سيادة الوزير!!
نفع الله بك ..
جيد المضغ سريع البلع:
قال بعضهم لبخيل:لم لا تدعوني يوما؟
قال: لأنك جيد المضغ،سريع البلع،إذا أكلت لقمة هيأت أخرى
قال: أتريد مني إذا أكلت لقمة أن أصلي ركعتين ثم أعود إلي الثانية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 11:07 م]ـ
رائع سلمت يداك أستاذى
شكر الله لك المرور الكريم أختي الطالبة نفعنا الله بك ..
لولا المضمضة متنا من العطش:
سئل أعرابي في يوم حار وكان يصوم للمرة الأولى،كيف وجدت الصيام؟ فأجاب:
انظروا الى رحمة الله بالعباد فلولا المضمضة في الوضوء لكنا متنا من العطش
ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 12:44 ص]ـ
الأستاذ أحمد الغنام:
لقد كسبت ثواباً في إضحاك إخوتك، إن شاء الله؛ ففرج الله همومك،وأضحك سنك وجعلك من المسرورين في الدنيا والآخرة ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 10:17 ص]ـ
الأستاذ أحمد الغنام:
لقد كسبت ثواباً في إضحاك إخوتك، إن شاء الله؛ ففرج الله همومك،وأضحك سنك وجعلك من المسرورين في الدنيا والآخرة ..
أخي الكريم عبد القادر بارك الله لك وأدام البسمة عليك ونفعنا الله بك.
اجتمع الناس ليلة لرؤيته فكانوا يحدقون في الأفق ولا يرون
شيئا فصاح رجل من بينهم لقد رأيته! لقد رأيته! فتعجب الناس
من قوة إبصاره وهتفوا: كيف أمكنك أن تراه دوننا فطرب الرجل
لهذا الثناء وصاح وهذا هلال آخر بجواره! فضحك الحاضرون منه.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 10:32 ص]ـ
ابن لنكك البصري:
حزيرانٌ وتمّوزٌ وآبُ=ثلاثةُ أشهُرٍ فيها العَذابُ
فإنْ قُرِنتْ بشهر الصومِ صرنا= (سَبائكَ) في (بَواتِقها) نُذابُ
أسعدك الله يا أخي الحبيب أحمد الغنام.
__________________
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 11:19 ص]ـ
ابن لنكك البصري:
حزيرانٌ وتمّوزٌ وآبُ=ثلاثةُ أشهُرٍ فيها العَذابُ
فإنْ قُرِنتْ بشهر الصومِ صرنا= (سَبائكَ) في (بَواتِقها) نُذابُ
أسعدك الله يا أخي الحبيب أحمد الغنام.
__________________
غواص كعادتك أخي الحبيب د. عمر خلوف بوركت وجزاك الله خيراً ..
قال ابن عبد ربه:
طعامُ مَن لستُ لهُ ذاكراً=دقَّ كما قد دقَّ أن يذكرا
لا يُفطرُ الصَّائمُ من أكله=لكنَّهُ صومٌ لمنْ أفطرا
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 11:46 م]ـ
صالح الشرنوبي (كل عمره رمضان)!:
ويا جاري أتى الشهرُ الـ =لَذي أعرِفُهُ وحدي
فعمْري كلُّهُ رمْضا=نُ، حرمانٌ بلا حَدِّ
وللأخرس:
فلو أنّ شهرَ الصومِ طافَ بمنزلي=تبسّمَ مما راعَهُ وتعجّبا
ويقول:
منزلي قَفْرٌ، ودهري جائرٌ=فأجِرْني سيّدي منْ رمضانِ
محسن الخضري (هل يصوم المفلس؟):
*مسألةٌ أتعبَني حلُّها=وأنتَ فيها سيدي أخبَرُ
رمْضانُ شهْرٌ جاءَنا مسرعاً=يصومهُ المفلسُ أم يفطرُ
ويُجيب (الصيام واجب إلا على ذي عذر)!:
رمْضانُ شهْرٌ واجبٌ صَومُهُ=وغيرُ ذات العذْرِ لا يُعذرُ
الصومُ إمساكٌ، وكفٌّ، ومَنْ= أفلَسَ في إحرازِهِ أجدَرُ
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 03:21 ص]ـ
الشكر يتجدد أخي الدكتور عمر بارك الله لك ..
قال عبد الله بن فرح في طفيلي:
أفديكَ من مُتوجِّدٍ غضبانِ = حتَّى يلوحَ له ضبابُ دُخانِ
يقتادُهُ شمُّ القتارِ بأنفهِ = مثلَ اقتيادِ النَّجمِ للحيرانِ
وعلا الدخانُ بِشنت بولةَ مربياً = ينبيهِ أينَ مطابخُ الإخوانِ
فترى الإماميين حولَ ركابه = كالخيلِ صائمةً ليومِ رهانِ
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 09:59 ص]ـ
الشكر لك أستاذ أحمد على إثرائك لهذا الموضوع ..
لي سؤال حول مشاركتك الأخيرة ..
هل لها علاقة برمضان، أم أنها من باب الطرافة؟
مع خالص المحبة
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 10:30 ص]ـ
بوركت أخي الحبيب د. عمر خلوف
انما هي من باب الطرافة ليس الا ..
يروى أنه كان ثعلب يمر في احدى الغابات ورأى قطعة لحم معلقة على شجرة ولكن بداخلها قنبلة ففكر ثم تنحى جانباً ينتظر ... فمر الذئب ونظر فرأى قطعة اللحم هذه فقال للثعلب أم ترى اللحم هذا؟! فقال له الثعلب انا اليوم صائم ... فانزل الذئب قطعة اللحم وعند اول لقمة انفجرت القنبلة ... فجرح جرحاً بليغا وتنحى جانباً، فعندها تقدم الثعلب وبدأ يأكل اللحم والذئب ينظر اليه بحنق وقال له أما قلت انك صائم؟! قال له بلى ولكن أنت اما سمعت صوت مدفع الافطار ...
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 03:15 م]ـ
بوركت
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 12:24 ص]ـ
عبد الملك الحارثي:
شهرُ الصيامِ وإنْ عظّمْتُ حُرمتَهُ=شهرٌ طويلٌ، بطيءُ السيرِ والحرَكَهْ
يمشي الهُوَينا إذا ما رامَ فرقَتَنا=كأنّه (بطّةٌ) تَنجَرُّ في شَبَكَهْ
لا يستقِرُّ، فأمّا حينَ يطلبُنا=فلا (سُلَيكٌ) يُدانيهِ ولا (سُلَكَهْ)!!
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخي أحمد أسعدك الله وكل الأخوة والأخواة ..
ومن لطائف المنقول عن المغفلين من الشعراء أن بعضهم دخل مسجد الكوفة يوم الجمعة
وقد نما خبر المهدي أنه مات وهم يتوقعون قراءة الكتاب عليهم بذلك فقال رافعا صوته:
مات الخليفة أيُّها الثقلانِ
فقالوا هذا أشعر الناس فإنه نعى الخليفة إلى الإنس والجن في نصف بيت ومدت الناس أبصارهم وأسماعهم إليه فقال:
فكأنني أفطرتُ في رمضان
قال فضحك الناس وصار شهرة في الحمق.
بوركتم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 08:37 م]ـ
**فكأنني أفطرتُ في رمضان**
رائعة بارك الله فيك
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 10:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعدك الله أخي أحمد وأعمر الله أيام الأخوة والأخوات بالأفراح
ومن لطائف المنقول عن المغفلين من الشعراء أن بعضهم دخل مسجد الكوفة يوم الجمعة
وقد نما خبر المهدي أنه مات وهم يتوقعون قراءة الكتاب عليهم بذلك فقال رافعا صوته:
مات الخليفة أيُّها الثقلانِ
فقالوا هذا أشعر الناس فإنه نعى الخليفة إلى الإنس والجن في نصف بيت ومدت الناس أبصارهم وأسماعهم إليه فقال:
فكأنني أفطرتُ في رمضان
قال فضحك الناس وصار شهرة في الحمق
مودتي
ـ[طارق العليمى]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 12:15 ص]ـ
رائعة تلك الطرائف
ـ[محمد سعد]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 06:45 ص]ـ
أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقاً له نوعاً من الحلوى قد فسد مذاقها بسبب قدمها .. وبعث معها بطاقة كتب فيها: إني اخترت لهذه الحلوى السكر المدائني والزعفران الأصفهاني .. فأجابه صديقه بعد أن ذاق طعمها والله ما أظن حلواك هذه صنعت إلا قبل أن تفتح المدائن وتبنى أصفهان ....
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 01:33 م]ـ
يوم الشك ..
يقول ابن الرومي:
رأيتُكَ تدّعي رمضانَ دعْوَى=وأنتَ نظيرُ يومِ الشكِّ فيهِ
ليلة القدر ..
يقول ابن قلاقس:
كَرُموا، وزِدْتَ عليهمُ فكأنّهم=شهرُ الصيامِ، وأنتَ ليلةُ قَدْرِهِ
الصوم عن الدنايا ..
يقول الشريف الرضي:
تَهَنَّ قدومَ صَومِكَ يا إماماً=يصومُ على الزمانِ منَ الأَثامِ
إذا ما المرءُ صامَ عنِ الدنايا=فكلُّ شهورِهِ شهرُ الصيامِ
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:24 م]ـ
أشكرك على هذه الطرائف ...
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:24 م]ـ
رائعة تلك الطرائف
أخي الكريم طارق العليمي مرور منك كريم بارك الله ونفع بك.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:25 م]ـ
أهدى أحد الأدباء في شهر رمضان صديقاً له نوعاً من الحلوى قد فسد مذاقها بسبب قدمها .. وبعث معها بطاقة كتب فيها: إني اخترت لهذه الحلوى السكر المدائني والزعفران الأصفهاني .. فأجابه صديقه بعد أن ذاق طعمها والله ما أظن حلواك هذه صنعت إلا قبل أن تفتح المدائن وتبنى أصفهان ....
مرور ومشاركة جميلين أخي محمد بوركت.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:27 م]ـ
يوم الشك ..
يقول ابن الرومي:
رأيتُكَ تدّعي رمضانَ دعْوَى=وأنتَ نظيرُ يومِ الشكِّ فيهِ
ليلة القدر ..
يقول ابن قلاقس:
كَرُموا، وزِدْتَ عليهمُ فكأنّهم=شهرُ الصيامِ، وأنتَ ليلةُ قَدْرِهِ
الصوم عن الدنايا ..
يقول الشريف الرضي:
تَهَنَّ قدومَ صَومِكَ يا إماماً=يصومُ على الزمانِ منَ الأَثامِ
إذا ما المرءُ صامَ عنِ الدنايا=فكلُّ شهورِهِ شهرُ الصيامِ
أخي الكريم د. عمر خلوف عطاء بلا حدود بارك الله لك جهدك ووقتك وعلمك.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:28 م]ـ
أشكرك على هذه الطرائف ...
أشكرك على المرور الكريم أخي بحر الرمل نفع الله بك.
ـ[بكري البكري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:52 ص]ـ
أسعدتني أخي أسعدك الله
وتقبل منك الصيام والقيام
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:42 ص]ـ
أسعدتني أخي أسعدك الله
وتقبل منك الصيام والقيام
أدام الله السعادة على قلبك أخي بكري وحفظك من كل سوء وتقبل الله الطاعات.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:43 ص]ـ
و من الأشعار الجميلة التي قيلت في ذم بخلاء الصائمين قول الشاعر:
أتيت عمرًا سحرًا فقال إني صائم
فقلت إني قاعد فقال إني قائم
فقلت آتيك غدًا فقال صومي دائم
ومن ذلك ما قال أبو نواس يهجو الفضل قائلاً:
رأيت الفضل مكتئبًا يناغي الخبز والسمكا
فأسبل دمعة لما رآني قادمًا وبكى
فلما أن حلفت له بأني صائم ضحكا
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[13 - 08 - 2009, 01:12 م]ـ
قال أبو الفرج الاصبهاني: كان الرشيد كثيراً ما ينزل في دير العذارى، وكان به ديراني ظريف؛ قال الرشيد للديراني: لم سمي بهذا الاسم فقال: يا أمير المؤمنين، كانت المرأة من النصارى في سالف الزمان إذا وهبت نفسها لله تعالى سكنت في هذا الدير، فرفع إلى بعض ملوك الفرس أنه اجتمع فيه عذراى في نهاية الحسن والجمال، فوجه إلى عامله بتلك الناحية أن يحمل جميعهن إليه؛ وبلغهن ذلك فجزعن وقلقن وبتن ليلتهن تلك فأحيينها صلاة وتقديساً وتضرعاً وبكاء ودعاء إلى الله أن يكفيهن أمره، فأصبح ميتاً وبقين على حالهن فأصبحن صياماً شكراً لله تعالى، وجعل النصارى صيام ذلك اليوم فرضاً واجباً يصومونه من كل سنة. وهذا الدير بسر من رأى
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[14 - 08 - 2009, 03:21 م]ـ
ومن الشعر
نبئت أن فتاة كنت أخطبها = عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول(/)
هناك من يصوم لاجل الصوم .. وهناك من يصوم لاجل الناس؟ ارجوك اعتبر ..
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:41 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لاحظوا يا جماعة الخير يا اهل الفصيح.انه من الناس اليوم مسلمين بالذات يا سبحان الله يتخذ من حرمة رمضان غطاء لاسلامه وبرهان على انه يقوم بشعائره.ولكن شتان فهناك انواع منهم من يصوم من اجل تثقيل ميزانه ليوم لا ريب فيه من خلال اشياء كثيرة بغض النظر عن صيام البطن.من صيام الاذن والنفس واليد والعين .......... وما الى ذلك من الحواس
فهذا لا يعني فقط ان صيامها مقصور على شهر فقط في السنة على حد ظن البعض من غير العارفين بامور الدين الحنيف. نجد البعض الاخر من الناس من يصوم لاجل شيء واحد ليس الا. ألا وهو الصيام من اجل الناس والبطن فان صح التعبير انهم يصومو ن من اجل المظهر على انهم يعبدون الله ويلتزمون والا انهم من خلف الستار يقومون عفاكم الله بكل شيء .... ولك ان تتخيل؟. هذا من جهة ومن جهة اخرى من اجل الطعام وتزيين الموائد فان قلنا هذا فهو لا يعني ان لا نحضر الفطور وانما ان نعطيه ما يستحق من الوقت.
حيث نلاحظ في بعض البلدان العربية ومنها الجزائر من وقت نهوضهم من النوم صباحا يتجهون مباشرة الى السوق سواء رجالا او نساء لاجل اقتناء مختلف المقادير والوصفات ويبقون هناك العديد من الساعات.هذا بالنسبة للنهار اما بعد الفطور فالامر سيان مثل النهار يتجه الرجال الى المقاهي.اغلبهم ان لم اقل كلهم.اما معشر النسوة فبمجرد الانتهاء من الفطور فلا يظهر لهن الا زيارة الاقارب فذلك لايكون لمدة قصيرة وانما يطول الى اخر الليل ............
......... فاين نصيب كتاب الله من ذلك.انه شهر التقرب من الله ام التقرب من الناس والمقاهي وتجاذب اطراف الحديث؟
ـ[أم أسامة]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:46 ص]ـ
جزيتي خيراً أخيتي سهى وبوركت ..
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:03 ص]ـ
بارك الله فيك أخيتي سها + سهى (ابتسامة يجوز الوجهان أليس كذلك؟!)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش).
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:25 ص]ـ
وهو كذلك ........ بارك الله فيك على المرور الطيب.
رمضانك كريم اخي العزيز عبد العزيز
ـ[رحيل2007]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:01 ص]ـ
بارك الله فيك موضوع رائع.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 04:49 م]ـ
شكرا عزيزتي(/)
*خاص بكافة اعضاء الفصيح .. *
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:57 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
اود التطرق لموضوع اتمنى من كافة الاعضاء المشاركة فيه.
لمن يريد المشاركة اوجه هذا السؤال العام لكل واحد فينا *وانا ايضا اجيب عليه* واتمنى ان تكون الاجابات بكل صراحة وعفوية تامة.
*نحن نعلم ان كل واحد فينا يضع اسما مستعارا في تسجيل في منتديات او الدخول الى الدردشات.او اي شيء اخر والقليل النادرمن يدخل باسمه الحقيقى.
* فيا ترى كيف اخترت اسمك المستعار الذي دخلت به؟
ساكون انا اول من يجيب: بكل صراحة انا اسمي ليس سهى فهو غير ذلك.
فقد اخترته اولا لخفته وثانيا لان اسمي الحقيقي يختوي على حرف السين.وخلاصة ذلك انا من محبي حروف الهمس وخاصة السين نظرا لصفات الخفة التي يحويها.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:02 ص]ـ
ماذا أقول أنا، وقد كتبت اسمي صراحة؟
أنا أنتظر الأحباب إذا.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:05 ص]ـ
معرّفي من هذه الزمرة:
والقليل النادرمن يدخل باسمه الحقيقى.
موضوع لطيف عزيزتي سها.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:18 ص]ـ
شكرا عزيزتي ندى
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 01:24 م]ـ
لا أدري
ربما لأحتج بها علي عجزي وتقصيري
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:37 م]ـ
أما أنا فاخترته كى يعرف الجميع سنى فيعذرون خطأى ويغفرون لى دخولى بينهم
وبالمناسبة اسمى الحقيقى به حرف همس بما أنك تحبينه:)
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 08:03 م]ـ
مشكورة عزيزتي الطالبة على هذه الصراحة
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:01 م]ـ
موضوع رائع أختي سها .. وطرح جميل ..
اخترت لنفسي اسم صاحبة القلم لا لأنني أكره اسمي الحقيقي بالعكس أنا أحبه جدا وأفتخر به .. ولكني اخترت هذا اللقب لقناعتي التامة أنه لا صديق في الحياة أوفى من القلم ولا رفيق أصدق منه فهو الصديق الصادق الصدوق في أحلك الظروف وأعتاها .. وهو الصاحب في زمن غابت فيه معاني الإنسانية فلكم من إنسان تظنه سيفا بيدك ما أن تبصر حتى تراه سيفا يطعنك في ظهرك وكم من صاحب تحسبه ذراعا تستند إليها ولكنها يد حديدية تبطش بك .. فما أصدق من القلم ولا أوفى من القلم
...
..
.
هي مجرد وجهة نظر
بانتظار ما لدى إخوتنا وأخواتنا
ـ[ذات النطاقين]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:30 م]ـ
أما أنا فاسمي أسماء
واخترت لنفسي ذات النطاقين لأنني سميتها ..
أسماء بنت أبي بكر
حتى أقتبس من نورها، وأذكر عظيم فعالها فتشعل فيّ الهمة ..
ـ[مُسلم]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 11:44 م]ـ
موضوع رائع أختى سهى، لأنه يزيد من التواصل بين أعضاء المنتدي كثيراً ..
أما عن موضوع اختياري لاسمي، فقد كنتُ - أعاذني الله وإياكم - خارجاً من معصية تكاد تقارب الكبيرة فندمتُ عليها واستغفرتُ الله ثم دخلت على بعض المواقع الدينية كي أنهل منها فقادتني المواقع إلى أختها حتى وصلتُ إلى موقع الفصيح وكانت أول مرة أدخل على موقع للغة العربية ولم أكن أعرف من قبل أن هناك مواقع للغة العربية فاشتركتُ باسم (مُسلم) حتى استحي منه إن فكرتُ في الوقوع في معصية جديدة ..
أما عن الضمة على حرف الميم فقد اخترتها لأشعر نفسي فعلا أني في موقع للغة عربية ...
وشكراً على الموضوع أختى، سهى ...
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 12:20 ص]ـ
جميلة صراحتك أخى مسلم والأجمل توبتك لا أوقعك الله فى معصية أخرى:)
ـ[ضاد]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 12:25 ص]ـ
هل يحتاج معرفي إلى توضيح؟:)
ـ[أم مصعب1]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 12:43 ص]ـ
أمُّ مُصْعب
هي كُنية تكنيتُ بها منذ أن كُنت في المرحلة المتوسطة ..
في هذه المرحلة كنت عاشقة للقراءة كأي فتاة و فتى في مثل سنّي!
و أكثرت من القراءة في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم و صحابته
و كان من أوائل الصحابة الذين قرأتُ عنهم هو مصعب بن عمير رضي الله عنه ..
فأحببته , و تكنّيت باسمه
ثمّ أصبحت هذه الكنية ملازمة لي , فاتخذتها عباءة لي عند دخول المنتديات ..
بالمناسبة أمّي إن كانت راضية عنّي دعتني بأم مصعب:): D
و إن غضبت منّي دعتني باسمي مصغّرا: p
و عندما علمت أنّي أدخل المنتديات بهذه الكنية غضبت وقالت صارخة: أتدخلين باسمك الحقيقي .. !: D:)
،
،
(يُتْبَعُ)
(/)
بوركتم
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 01:43 ص]ـ
السلام عليكم
هل يسمح لي بالمشاركة؟
حسنا , جزكم الله خيرا
أبو العبّاس المقدسي
أبو العبّاس , هي كنيتي الحقيقيّة , والعبّاس هو ولدي البكر , وقد تكنّيت بهذه الكنية منذ عهد الدراسة الجامعيّة , حيث درست عن حياة شيخ الإسلام أبي العبّاس أحمد بن عبدالحليم بن تيمية الدمشقي الحرّاني ,رحمه الله , فقد أعجبت به , وتأثّرت من سيرته وعلمه وجهاده , ودفاعه عن سنّة النبيّ:= فقررت أن أكنّي نفسي بكنيته (أبو العبّاس) , وكم كنت أترنّم وأطرب في نفسي , عندما كنت أقرأ , عبارة ابن قيّم الجوزيّة عند حديثه عن شيخه ابن تيميّة حيث يقول: " سمعت شيخنا أبا العبّاس قدّس الله سرّه ... "
والعجيب أنّ ابن تيمية رحمه الله لم يتزوّج وكان من العلماء العزّاب , لأنّه قضى عمره في جهاد أعداء الله التتار , وفي مقارعة أهل الباطل من أصحاب الملل , والفرق الضالّة , وهو بين هجرة , ودعوة وجهاد وسجن إلى أن قُبض في سجنه رحمه الله ونفعنا به.
أمّا إضافة "المقدسيّ " إلى معرّفي فلأنّي أسكن في أكناف بيت المقدس في فلسطين الحبيبة أسأل الله أن يعجّل في خلاصها , ورفع الكرب عن أهلها., وإنّي لأحمد الله تعالى أن حبانا بسكنى بيت المقدس التي جعلها الله أرض الرباط , وأهلها مرابطون مجاهدون إلى يوم القيامة:
"من حديث # ثوبان # مرفوعا: " لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين , لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله و هم كذلك , قالوا: و أين هم ? قال: ببيت المقدس و أكناف بيت المقدس ". رواه عبد الله بن الإمام أحمد في " المسند
وأضيف:
أنّ أصولنا - أي العائلة - ترجع إلى قبيلة الزيدان التي كانت تسكن في أرض الحجاز, ثمّ انتقل جدّي الأوّل الشيخ صالح الزيدان للسكن في فلسطين , والحمد لله أننا انتقلنا للسكن من الأرض المباركة إلى أرض مباركة.
أسأل الله حسن الختام والوفاة على الإسلام
وعذرا على الإطالة
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 03:30 ص]ـ
شكرا يا أخت سهى والشكر موصول للجميع
أما أنا فأخذته من أبي فراس الحمداني في قوله:
زين الشباب أبو فراس لم يمتع بالشباب
وكنت أترنم بأبياته تلك حين سجلت بالمنتدى فسجلت المعرف هكذا
وأظن المعرف لا يناسبني وأفكر بالتسجيل باسمي الحقيقي وربما.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 03:52 ص]ـ
بارك اللله فيكم اعزائي على التفاعل الطيب مع الموضوع وعلى هذه الصراحة كذلك ...... زين الشباب زاد الله شبابا نافعا. ابو العباس فان شاء الله يرفع عنكم الاسر ويحرر اراضيكم.وام مصعب.والاخ ضاد كذلك فتحية طيبة لك وشكرا بالمناسبة على جل توجيهاته لي وللكل فللعلم انت فطن جدا زادك الله فطنة وعلو همة. طالبة انت كذلك زادك الله رقيا وعلما نافعا.مسلم فعلا اسمك يزيد من التذكرة والوعظ شكرا على الصراحة والتحكم في النفس فقليل امثالك.ذات النطاقين يا ايتها الرائعة. وطاحبة القلم فعلا يكون القلم هو الصديق او بالاحرى هو الوحيد من يقف الى جنب صاحبه في زمن الرداءة هذا.انجانا الله من شروره.
تحية عطرة .....
ـ[فارس]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 05:09 ص]ـ
اسمي فارس و معرفي فارس فلا قصة هناك:)
ـ[غنْد]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
موضوع بنكهة خاصة .. أشكرك عليه ..
بالنسبة لهذا اللقب أعجبني رسم حروفه وخفته وأكثر شيء .. معناه معنى غند قوالب السكر .. أما الأخ زين الشباب فقد توقعت أن يكون هذا البيت هو سبب تسميتك .. ولكن لا أتمنى لك الشطر الثاني .... أطال الله عمرك في طاعته .. والجميع آمين ...
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 07:02 ص]ـ
السلام عليكم
الحقيقة إني كنت ولا أزال معارض مثل هذا الموضوع لأن في الأسماءالصريحة بعض الخصوصية والبعض خاصة من النساءلايصلح لهن الكشف عن أسمائهن لأسباب كثيرة لاحاجة لنا بالخوض فيها
وهذا حق مشروع لهن بل إني ممن ينادي بالإسم المستعارلهن والخصوصية التامة
وقبل عام تقريباً كان هناك موضوع شبيه بهذا ذهب وأنحنى لإتجاه غيرصحيح فتم حذفه أوإغلاقه نسيت ماحدث له
بالتأكيد هناك من يوافق كلامي أويعارض وهذا حق مشروع للجميع:)
..................
أما أنا فقد إخترت إسم نعيم لأني جئت في شهرالنعيم وهوشهررمضان
وسكنت في بيت جدي رحمه الله في القرية المحاصرة بين سلسلة من الجبال من ثلاث جهات
وصارت القرية كأنها (ركن /زاوية)
أوكمانسميها بلهجتنا القروية (الحده) فقلت الحداوي نسبة للحده أونسبة لـ (بني حده) بعدتطورالإسم:)
وكان يمكنني التسجيل بأي إسم آخرلكن هذا هو الأقرب إلى نفسي
ويبقى السؤال هل هذا هو إسمي الصريح أم لا؟
وعلى كل حال سأبقى به ماشاءالله
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 08:58 ص]ـ
شاكرة لك أختي سهى على هذا الموضوع
أما عن سبب اختياري لهذا اللقب
وذلك لأنني أحببت أن أتخلص من اليأس والألم
الذي كان مسيطر عليَّ
وأحببت ان أنظر إلى الحياة من زاوية جميلة
رغم ما تحويه من صنوف البلاء
فغرستُ بأعماقي أنني سأكون أسعد إذا وضعت الأمل
نصب عيني
وبالفعل شرعت في البحث عن لقب يكون قلادةً مضيئةً في نحري
ووفقت لإختيار هذا اللقب
ومن ذلك الزمن خرجت بشخصية أخرى غيرالتي كنت عليها
والحمدلله أتمتع بالأمل والفأل الحسن والإبتسام
وكلما ادلهمت الخطوب
أعلم أن هناك باب للفرج سيفتح عن قريب
فينبثق أملي ويذهب ألمي
وإن كان قلمي يرتدي أحياناً لباس الألم
ولكن ذلك من باب البوح والتنفيس
فلاتعارض مع اللقب
لأن لقبي يسكن بالأعماق
ملأ الله حياتكم بعبق الأمل
وأبعد عنكم الحزن والألم
لكم تحياتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 01:28 م]ـ
بكل تأكيد اسمي ليس بحر الرمل ...
ولكن اخترته بسبب طول اسمي الحقيقي فهو من الاسماء المركبة
ايضا بسبب حبي الشديد لبحر الرمل والقصائد المنظومة عليه وهي كثيرة
ـ[ضاد]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 01:44 م]ـ
... والاخ ضاد كذلك فتحية طيبة لك وشكرا بالمناسبة على جل توجيهاته لي وللكل فللعلم انت فطن جدا زادك الله فطنة وعلو همة.
بارك الله فيك وجزاك خيرا وآمين. كأنك تتحدثين عن شخص غيري, غفر الله لي ولك.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 02:59 م]ـ
بارك الله فيكِ أختنا سهى الجزائرية ....
أمّا أنا فكان اسمى أبو إسكندر سابقاً ثم صرحت باسمى الحقيقى ليكون ناجى اسكندر وقد يستغرب الجميع هل أنا من ورثة الاسكندر الأكبر أقول لكم أنه قد يكون ونحن لا نعرف فنحن بانتظار الوثائق التى تبين ذلك:) حيث من الممكن أن نقسم التركة التى خلفها الاسكندر!!!
ولن أنساكم حينها ببعض الملاليم القديمة التى صدأت:)
أبو اسكندر هذا اسم العائلة فأنا اسمى الحقيقى ناجى أحمد عبد السلام اسكندر ....
واسمى واضح ولا يحتاج لتفسير ....
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 04:15 م]ـ
تحية عطرة .......
جزيل الشكر لكم على التفاعل مع الموضوع.الاخ فارس شكرا على الاختصار وان شاء الله تكون فارسا حقيقيا في فعل الخيرات.وان تكون الطريق فيها الكثير من الاختصار لفعل ذلك وجني الكثير من الخير والثواب.العزيز غند فعلا اسمك خفيك على اللسان سهل يسير على اليد في الكتابه زادك الله خفة دم.الاخ نعيم صراحة رائعة وقصة اسمك اروع.ولكن يبق لي سؤال فقط اوجهه لك لماذا تلقب المراة مادام لها اسم خاصة مثلا في البيت.حبيبتي ضياء فعلا قد بعث كلامك في داخلي رونقا خاصا من الامل والراحة فعلا كتابتك فيها الكثير من البراعة في الاسلوب.اما الاستاذ بحر الرمل فعلا اسم على مسمى فعلا فخفتك تتجلى في هذا البحر فالمتامل له يجد انه ليس فيه الامر ما يدعو للشك او العجب ... رمل الابحر يرويه الثقات ... فاعلاتن x3 ...
الاخ ناجي اولا اهلا بعودتك بعد الغياب فعلا قد افتقدناك ومشاركاتك الرائعة.وكذا جل توجيهاتك ومراحاتك القيمة.شيء واحد فقط اوصيك به لا تنسانا اهل الفصيح اهلك وبيتك من نصيبنا من التركة التي هي من نصيبك.
بارك الله فيكم .....
ـ[ذات النطاقين]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 05:19 م]ـ
أضحكـ الله سنكم:)
لا أعرف ما إذا كنت أخطأت بالإفصاح عن اسمي الحقيقي!!
ما رأيك أخي نعيم الحداوي؟!
كنت قد سجلت في منتدى آخر باسمي "ثلاثي" ثم "ثنائي" أي "اسمي واسم العائلة" بعد اعتراض الوالد على ذلك، ولكن لم أزل حيرى بهذا الأمر!!
مع العلم أن الكثير من أعضاء المنتدى هم أعضاء جمعية أنتسب إليها ...
أفيدوني غفر الله لي ولكم!!
فقد كان رأيي هو أن التسجيل بالاسم الحقيقي يكون أكثر ثقة بالنفس، حيث يخشى المرء منا أن ينسب إليه إلا ما يُرضي الله ويسر العالمين ..
ـ[ضاد]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 05:56 م]ـ
أنا على رأي الأخ نعيم, إلا إذا تعلق الأمر ببحوث علمية تنشر في المنتدى فوجب معرفة الاسم الحقيقي من أجل نسبة العلم إلى أهله.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 12:07 ص]ـ
بما أنّ الموضوع يتّسم بالصراحة ....... فسأفشي لكم سراً؟ ;) ;)
سر يتعلق بهذا الصرح العلمي الشامخ "الفصيح" .... فقد عرفت الفصيح منذ خمس سنوات تقريباً ... لم أسجل فيه و لكن كنت أنهل مما فيه من العلوم و أستأنس بما فيه من المواضيع و أرقص طرباً على أنغام الشعر و أغوص في بحاره ... لمدة ستة أشهر تقريباً ... ثمّ سجلت باسم (هل غادر الشعراء؟) لا أدري لماذا اخترت هذا الاسم ربما لإعجابي بتلك المعلقة ... بقيت على هذا الحال لمدة سنة تقريباً أخذت فيها من الفصيح أكثر مما أعطيت ... فقد كانت أغلب مشاركاتي عبارة عن أسئلة متعلقة باللغة العربية إما واجبات أو معلومات أخذتها في الجامعة و لم تتضح لي ... استحييت من كثرة الأخذ و قلة العطاء ( ops(ops(ops
و هكذا دواليك حتّى هجرت عالم الانترنت لمدة عام أو أكثر ....
و بعد مرور ذلك العام عدت إلى عالم الانترنت و سجلت في الفصيح باسمي الصريح .... و قررت أن أعطي الفصيح أكثر من أن آخذ ....
(يُتْبَعُ)
(/)
و صدقوني أني أفتح الانترنت فتظهر لي نافذة الفصيح ... قبل أن أغلق الانترنت أفتح الفصيح ... أثناء تجولي في صفحات النت أتردد بين الفينة و الأخرى على الفصيح ....
جزى الله خيراً مؤسس الفصيح و أعضاء الفصيح و زوّار الفصيح و أسكنهم فسيح جنّاته ... آمين
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 04:17 ص]ـ
احسنت على الصراحة الاخ انس.بارك الله فيك ورمضانك كريم
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:53 ص]ـ
الاخ نعيم صراحة رائعة وقصة اسمك اروع.
ولكن يبقى لي سؤال فقط اوجهه لك لماذا تلقّب المرأة مادام لها إسم خاصة مثلا في البيت. بارك الله فيكم .....
الكنية مطلب للجميع على حدِ سواء والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعرفون بالكنية ولاحاجة للإستشهاد فكفانا منهم أبوبكررضي الله عنه فكم من الناس لايعرف إسمه؟
وعندي أن يكتب الجميع بالكنية أواللقب عدا ماكان من موضوعات علمية وبحوث أومايستلزم الإسم الصريح كالشعروما إلى ذلك ...
وأدعو دأئماً لأن يكون للشخص أكثرمن إسم أحدهمايكون صريح والآخركنية الصريح: للموضوعات الجادة والآخرلغيرها.
طبعاً هذا كلام عام أما عن تحديد السؤال
فنحن مجتمعات إسلامية العربية منها خاصة محافظة ولايزال لدينا بعض العادات والتقاليد التي تمنع إعلان أوظهورإسم المرأة بأي شكل من الأشكال
ولدينا مع الأسف بالمقابل بعض الشباب الذين لاهمّ لهم سوى ملاحقة الأسماءالصريحة وقد يتسببون لهن ببعض المضايقات وأعرف ممن تأثرن بتلك الملاحقات ومنهن من كانت معنا في الفصيح.
وبفضل الله الفصيح بشكل عام يعتبرمن أنضف المواقع من هذه الناحية فأهل الفصيح كالأسرة الواحدة إما أساتيذ وإماطلاب مثلي ولم تجمعهم سوى محبة لغة القرآن. أ. هـ
...............
أحد الإخوة قبل أيام يقول لي أتمنى أن أجدلك مشاركة جادة لاينزلق فيها لسانك وأقول له خذ هذه المشاركة على الهواء مباشرة من شبكة الجدية (دوت كوم)
حفظكم الله وتقبل صيامكم وقيامكم
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:56 ص]ـ
أضحكـ الله سنكم:)
لا أعرف ما إذا كنت أخطأت بالإفصاح عن اسمي الحقيقي!!
ما رأيك أخي نعيم الحداوي؟!
كنت قد سجلت في منتدى آخر باسمي "ثلاثي" ثم "ثنائي" أي "اسمي واسم العائلة" بعد اعتراض الوالد على ذلك، ولكن لم أزل حيرى بهذا الأمر!!
مع العلم أن الكثير من أعضاء المنتدى هم أعضاء جمعية أنتسب إليها ...
أفيدوني غفر الله لي ولكم!!
فقد كان رأيي هو أن التسجيل بالاسم الحقيقي يكون أكثر ثقة بالنفس، حيث يخشى المرء منا أن ينسب إليه إلا ما يُرضي الله ويسر العالمين ..
وفقك الله أستاذتنا ذات النطاقين وجمعك بها في الفردوس الأعلى فالمرء يحشرمع من أحب
ورأيي كتبته في الأعلى:)
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:59 ص]ـ
أنا على رأي الأخ نعيم, إلا إذا تعلق الأمر ببحوث علمية تنشر في المنتدى فوجب معرفة الاسم الحقيقي من أجل نسبة العلم إلى أهله.
أستاذي الحبيب نزار وفقك الله وجمعنا بك على المحبة ولي كبيرالشرف أن توافقني الرأي
ـ[ذات النطاقين]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:39 م]ـ
وفقك الله أستاذتنا ذات النطاقين وجمعك بها في الفردوس الأعلى فالمرء يحشرمع من أحب
ورأيي كتبته في الأعلى:)
اللهم آمين،،
حياكـ الله وبياك أستاذنا نعيم، وزادك الله من فضله، إنما أنا تلميذتكم، ومنكم نتعلم ..
((فنحن مجتمعات إسلامية العربية منها خاصة محافظة ولايزال لدينا بعض العادات والتقاليد التي تمنع إعلان أوظهور إسم المرأة بأي شكل من الأشكال))
بحمد الله ومنِّه، المنتدى الذي سجلت فيه إسلامي وملتزم، كما أنني عضو معروف في الجمعية، ولي إسهامات عديدة في مشاريع دعوية وفكرية، لذلك لم ألق بالاً للمضايقات التي يمكن أن أتعرض لها؛ لأنني كما قلت لكم سابقاً أنني موجودة بين بيئة ملتزمة -في المنتدى-، وغالبيتهم من صديقات الدراسة، وأساتذة وأستاذات في الجامعات ممن علموني، وكذلك الأخوة الآخرون معروفون، وهناك متابعة جيدة من قبل المشرفين للمشاركات والرسائل الخاصة، كما أنني -ولله الحمد- لم ألق أي مضايقة من أحد لا من المنتدى ولا من خارجه، لأن سمتي الجدية، حتى نعتني البعض بـ"الجدية والرسمية" ..
ووجدت في بيئتكم تلكـ ((الفصيح)) خير مرتع لطفولتي الأدبية واللغوية فتأقلمت معها:)، ولا أنكر أن مما شدني أكثر لأسرتكم هو الالتزام الذي يزين مشاركات الأعضاء ..
لا أزايد عليكم أستاذنا، ولكن مجرد توضيح موقف لا أكثر ..
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:46 م]ـ
اللهم آمين،،
حياكـ الله وبياك أستاذنا نعيم، وزادك الله من فضله، إنما أنا تلميذتكم، ومنكم نتعلم ..
((فنحن مجتمعات إسلامية العربية منها خاصة محافظة ولايزال لدينا بعض العادات والتقاليد التي تمنع إعلان أوظهور إسم المرأة بأي شكل من الأشكال))
بحمد الله ومنِّه، المنتدى الذي سجلت فيه إسلامي وملتزم، كما أنني عضو معروف في الجمعية، ولي إسهامات عديدة في مشاريع دعوية وفكرية، لذلك لم ألق بالاً للمضايقات التي يمكن أن أتعرض لها؛ لأنني كما قلت لكم سابقاً أنني موجودة بين بيئة ملتزمة -في المنتدى-، وغالبيتهم من صديقات الدراسة، وأساتذة وأستاذات في الجامعات ممن علموني، وكذلك الأخوة الآخرون معروفون، وهناك متابعة جيدة من قبل المشرفين للمشاركات والرسائل الخاصة، كما أنني -ولله الحمد- لم ألق أي مضايقة من أحد لا من المنتدى ولا من خارجه، لأن سمتي الجدية، حتى نعتني البعض بـ"الجدية والرسمية" ..
ووجدت في بيئتكم تلكـ ((الفصيح)) خير مرتع لطفولتي الأدبية واللغوية فتأقلمت معها:)، ولا أنكر أن مما شدني أكثر لأسرتكم هو الالتزام الذي يزين مشاركات الأعضاء ..
لا أزايد عليكم أستاذنا، ولكن مجرد توضيح موقف لا أكثر ..
أكرمك الله أختنا الفاضلة , ذات النطاقين , ونحن نكبر فيك هذه الروح الإيمانيّة العالية , ونرجو لك أن تكوني كذات النطاقين خُلقا وجزاءً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ذات النطاقين]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 12:32 ص]ـ
وأكرمكـ أخي الكريم أبا العباس المقدسي ..
جزيت الفردوس أنت وجميع أسرتكم القديرة من أعضاء الفصيح الأفاضل ..
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 03:03 ص]ـ
اهلا بك اختنا الفاضلة ذات النطاقين في بيتك الفصيح.فانت منا والينا تنتمي.
ـ[ضاد]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 06:12 ص]ـ
اهلا بك اختنا الفاضلة ذات النطاقين في بيتك الفصيح.فانت منا والينا تنتمين.
للتذكير فقط.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 10:55 ص]ـ
بارك الله فيك وجزيت كل الخير والثواب(/)
المصحف أمامك
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:19 ص]ـ
المصحف على هذا الرابط ( http://www.quranflash.com/#)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:27 ص]ـ
جزيت خيراً
ـ[ثلجية اللبانة]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 04:37 ص]ـ
جزاك الله خيرًا ..
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:09 ص]ـ
بارك الله فيك عمل قيم
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 01:19 م]ـ
اختيار موفق
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 01:34 م]ـ
في ميزان حسناتك.
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:04 م]ـ
جزيت خيرا أخي نعيم ..
بارك الله فيك ... جعله في ميزان حسناتك
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 03:38 ص]ـ
وفقكم الله وجزاكم كل الخير وجعل القرآن نورقلوبنا وربيع صدورنا
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[01 - 09 - 2009, 04:41 م]ـ
للرفع
ـ[رحمة]ــــــــ[01 - 09 - 2009, 04:45 م]ـ
جزاكم الله خيراً اخي الكريم و جعله في ميزان حسناتك
ـ[ضمائر مستترة]ــــــــ[01 - 09 - 2009, 06:07 م]ـ
جزاك الله خيرا وعظم الله أجرك.
ـ[النابغة الحضرمي]ــــــــ[02 - 09 - 2009, 06:52 ص]ـ
شكراً لك أخي نعيم,,
بارك الله فيك.
ـ[ضاد]ــــــــ[02 - 09 - 2009, 08:40 ص]ـ
أستاذي الحداوي. كيف حالك يا رجل؟ والله اشتقت إليك وإلى مسامراتك على المسنجر. أين أين؟ قبل يومين أو أكثر سألت عنك أستاذي المغربي فطمأنني عنك. لا تقطعنا, فلك في القلب معزّة خاصة.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[03 - 09 - 2009, 06:03 ص]ـ
النابغة , ضمائر , الرحمه
حفظكم الله وبارك فيكم وكل عام وأنتم بخير
أستاذي الحداوي. كيف حالك يا رجل؟ والله اشتقت إليك وإلى مسامراتك على المسنجر. أين أين؟ قبل يومين أو أكثر سألت عنك أستاذي المغربي فطمأنني عنك. لا تقطعنا, فلك في القلب معزّة خاصة.
مرحباً بالحبيب وكل عام وأنت بصحة وعافية وتمام القافية
وأحمد الباري بخيروعافية ولتعذرني لندرة دخولي (المسنجربل النت) عامة وأسعدك الله وبارك فيك ولكم من القلب (حتة) كما يقول أشقاءنا وبالمناسبة أتصلت عليك هاتفياً أكثرمن مرة لكن لم نحظ بصوتك واليوم إن شاء المولى سأتصل
لك التحية ودمت في رعاية الله
ـ[ابو حاتم]ــــــــ[03 - 09 - 2009, 11:37 ص]ـ
جزيت خيرا كثيرا(/)
كتب ثمينه
ـ[واثق الخطا]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الخير
احبتي اتيت لكم بمشروع سنربح منه ربح عظيم، كلنا قرأنا عدد كبير
من الكتب منها ما استفدنا منه كله ومنها من نصفه ومنها ما قلنا بعد الفراغ
منه انه درة ثمينه و مشروعي هو الكتاب الدره فعلى كل عضو ان يذكر لنا اسم
كم كتاب قرأه واحس انه بالفعل ثمين ولا تنسوا ذكر مؤلفه لننتفع بها كلنا.
وجزاكم الله الجنه
ـ[أوراق]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيه ..
أما إن موضوعك لجميل .. وأجمل منه لو انك زينته بإعراب كلامك،، ودرر ألفاظك
ومما قرأته وأثر في هو كتاب صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل
للشيخ / عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله برحمته الواسعة
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:52 ص]ـ
فكرة طيبة اخي واثق.انا واثقة انه مشروع طيب.0 و ازيد على كلامك.ان الذي يذكر اسم الكتاب المطلع عليه.اضافة الى كافة المعلومات المتعلقة به ان يذكر اهم النقاط المتعلقة بذلك الكتاب او اهم الافكار التي يعالجها ذلك الكتاب. كما اتمني من السادة الكرام الشرفين على هذا المنتدى الراقي ان تكون هذه الصفحة مثبة.وللاعضاء الكرام ابداء ارائهم.
اتمنى ان يلقى الموافقة.
لك عظيم التقدير اخي العزيز على الاختيار.
اختك سهى .............. رمضانك كريم ادامك الله في صحة وعافية(/)
العارف الأول
ـ[حسن نور]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:44 ص]ـ
سلام عليك المحترم. أنا من ماليزيا. وأنا أول المرة في إشتراك هذا المنتدى المفضل. لو سمحت أخي الكربم، أشارني عن العلوم المفيدة عليّ خاصة في الدراسات اللغوية. شكرا ...
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 01:47 م]ـ
مرحبا بك أخي الكريم من أرض الإسلام الحبيبة ماليزيا؛
يسعدنا تواجدك معنا؛ وحيثما قلّبتَ نظرك في هذا المنتدى الرائع فسوف تجد الفائدة والنقاش الجاد.
أمامك دروب الفصيح فسر على بركة الله واقطف ما يحلو لك من درر الفوائد، وغرر المسائل، ولا تنسى الدعاء لإخوانك.
والسلام.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:21 م]ـ
أهلا بك أخي الكريم سعداء بانضمامك إلينا ...(/)
التعارف
ـ[اسياف العدل من ماليزيا]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:54 ص]ـ
:السلام عليك ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم
انا اريد ان يتعرف الشخص الذي يرشدوني في تعلم اللغة العربية سهلة:)
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 02:46 ص]ـ
صراحة أنا لم أفهم ما تريد .. آسفة
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 02:51 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله ... يبدو أن حبيبنا الغالي يريد هذه الجملة فخانه التعبير:
أنا أريد أن أتعرف على شخص يعلمني اللغة العربية بسهولة:).
حياك الله أخي وبياك، حللت أهلا ووطأت سهلا.
كلنا سنعلمك العربية بسهولة.:)(/)
الأهداف الكبيرة
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:16 ص]ـ
قام أستاذ جامعي في قسم إدارة الأعمال بإلقاء محاضرة عن أهمية تنظيم وإدارة الوقت حيث عرض مثالا حيا أمام الطلبة لتصل الفكرة لهم. كان المثال عبارة عن اختبار قصير، فقد وضع الأستاذ دلوا على طاولة ثم أحضر عددا من الصخور الكبيرة وقام بوضعها في الدلو بعناية، واحدة تلو الأخرى، وعندما امتلأ الدلو سأل الطلاب: هل هذا الدلو ممتلئا؟ قال بعض الطلاب: نعم. فقال لهم: أنتم متأكدون؟ ثم سحب كيسا مليئا بالحصيات الصغيرة من تحت الطاولة وقام بوضع هذه الحصيات في الدلو حتى امتلأت الفراغات الموجودة بين الصخور الكبيرة .... ثم سأل مرة أخرى: هل هذا الدلو مملتئ؟ فأجاب أحدهم: ربما لا .. استحسن الأستاذ إجابة الطالب وقام بإخراج كيس من الرمل ثم سكبه في الدلو حتى امتلأت جميع الفراغات الموجودة بين الصخور .. وسأل مرة أخرى: هل امتلأ الدلو الآن؟ فكانت إجابة جميع الطلاب بالنفي. بعد ذلك أحضر الأستاذ إناء مليئا بالماء وسكبه في الدلو حتى امتلأ. وسألهم: ما هي الفكرة من هذه التجربة في اعتقادكم؟ أجاب أحد الطلبة بحماس: أنه مهما كان جدول المرء مليئا بالأعمال، فإنه يستطيع عمل المزيد والمزيد بالجد والاجتهاد. أجابه الأستاذ: صدقت .. ولكن ليس ذلك هو السبب الرئيسي .. فهذا المثال يعلمنا أنه لو لم نضع الصخور الكبيرة أولا، ما كان بإمكاننا وضعها أبدا. ثم قال: قد يتساءل البعض وما هي الصخور الكبيرة؟ إنها هدفك في هذه الحياة أو مشروع تريد تحقيقه كتعليمك وطموحك وإسعاد من تحب أو أي شيء يمثل أهمية في حياتك. تذكروا دائما أن تضعوا الصخور الكبيرة أولا .. وإلا فلن يمكنكم وضعها أبدا.فاسأل أخي الحبيب نفسك الليلة أو في الصباح الباكر .. ما هي الصخور الكبيرة في حياتنا؟ وقم بوضعها من الآن.
منقول
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:46 ص]ـ
صدق هذا الأستاذ الحكيم؛
لقد شغلتنا الأمور الهامشية في حياتنا عن التخطيط لأهداف كبيرة؛ والله المستعان.
اشكرك أخي الكريم على هذا الانتقاء الرائع.
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:43 م]ـ
جميل جزاك الله خيرا
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 06:11 م]ـ
بارك الله فيك احسنت الاختيار
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 06:23 م]ـ
ارى ان هذه الصخور الكبيرة او بالاحرى اللبنات الاساسية التي يجب على المرء وضعها في صدارة برنامجه الحياتي وهي استحضار العقل في اي اي عمل يريد المرء التخطيط له +التوكل على الله *والتيقن انه عزوجل حاضر معه في كل خطوة *+وضع هدف عام وهو المشروع الاساسي والذي تندرج تحته الاهداف الاخرى. وبع ذلك العمل بجد واجتهاد للوصول الى الهدف.
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 06:24 م]ـ
جميلة جدا
فعلا يجب أن ننظر إلى الصخور الكبيرة أولا
و يجب أن نفكر جيدا لتكون صخورا راسخة بطاعة الله
لا صخورا هشة تؤدي بنا إلى الهاوية
جزاك الله عنا كل خير(/)
سؤالان لمؤسس المنتدى
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 03:03 ص]ـ
أولا هناك رسالتان فى صفحة العضو الخاصة ببياناتى حذفتا فلم هذا؟
ثانيا: ظهرت لى رسالة بأنى العضو الرابح فعلام أربح؟ كما أنى عند دخولى للوحة تحكم العضو وضغطت على (إرسال للجوال) ظهرت لى رسالة إدارية بأنى غير مسموح لى بالدخول!!!!!!!!!!!!
وأعتذر لك عن تلك الأسئلة وشكرا لك
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 09:32 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
1 - الرسالتان فيهما مخالفة من قبل المرسل
2 - العضو الرابح ميزة جديدة سنعلن عنها وهي في طور التجربة الآن
ويؤسفني القول أنك لم تربحي شيئا:) من هذه الرسالة
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 11:29 م]ـ
أما عن الرسالتين فأنا لم أعرف مخالفتهما ولو أن الفضول أثارنى وأريد أن أعرف ما كان بهما
وأما عن العضو الرابح فجزاكم الله كل الجزاء على "الهدية مع إيقاف التنفيذ "
واعذرنى لإزعاجك أستاذى:)(/)
فوائد و فرائد
ـ[بحر الدموع]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:15 م]ـ
:::
من وصايا لقمان الحكيم لابنه:
1. يابني: لتكن ذنوبك بين عينيك وعملك خلف ظهرك.
2. يا بني: لا يكن الديك أكيس منك؛إذا انقضى الليل خفق جناحيه وصرخ إلى الله بالتسبيح.
3. يا بني: تعلم الخير وعلمه، وأعلم أن الناس بخير ما بقي الأول يعلم الآخر.
4. يا بني: لا تعجبن بما تعمل وإن كثر فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا؟
5. يا بني: لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بحبها؛ فإنك لم تخلق لها وما خلق الله خلقاً أهون عليه منها؛ لأنه لم يجعل نعيمها ثواباً للمطيعين ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
في ضيافة الأحنف بن قيس رحمه الله:
1. إني لأجالس الأحمق الساعة فأتبين ذلك في عقلي.
2. ما عرضت الإنصاف على أحد فقبله إلا هبته؛ ولا أباه إلا طمعت فيه.
3. ألا أدلكم على المحمدة بلا مرزئة؟ الخلق السجيح والكف عن القبيح. ألا أخبركم بأدوأ الداء؟ الخلق الدنيء واللسان البذيء.
4. عجبت لمن يجري مجرى البول مرتين كيف يتكبر؟!
5. لا مروءة لكذوب ولا سؤدد لبخيل ولا ورع لسيء الخلق.
6. المؤمن بين أربع: مؤمن يحسده، ومنافق يبغضه، وكافر يجاهده، وشيطان يفتنه. وأربع ليس أقل منهن: اليقين والعدل ودرهم حلال وأخ في الله.
7. قيل للأحنف: ما المروءة؟ فقال: العفة والحرفة.
8. استجيدوا النعال فإنها خلاخيل الرجال.
9. أسرع الناس إلى الفتنة أقلهم حياءً من الفرار.
10. رب غيظ تجرعته مخافة ماهو أشد منه.
شؤم المعصية:
· " لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر ". رواه مسلم.
· " لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم ". رواه مسلم.
· كانت غلة العراق في عهد الحجاج قريباً من خمسة وعشرين ألف درهم؛ بينما كانت في عهد معاوية رضي الله عنه تبلغ مائة وعشرين مليون درهم.
· إن الضب في جحره يموت هزلاً بذنب ابن آدم. أنس بن مالك.
· إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم. أبو هريرة.
· إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم. مجاهد.
· إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم قد كبلتك الخطايا والآثام. الحسن البصري.
· سئل وهب بن منبه: هل يجد لذة الطاعة من يعصي؟ فقال: لا، ولا من هَمَّ.
· لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا. بعض السلف.
· قلت لرجل: يا مفلس فأفلست. محمد بن سيرين.
ثلاثيات:
1. ثلاثة يجب ضبطها: اللسان، الأعصاب؛ الهوى.
2. إن الله يحتج على الأغنياء بسليمان عليه السلام؛ وعلى الأرقاء بيوسف عليه السلام؛ وعلى أهل البلاء بأيوب عليه السلام. مجاهد.
3. " من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء ". رواه البخاري.
4. العقل مكيال ثلثه فطنه وثلثاه تغافل. معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
5. ثلاثة تعود على فاعلها: البغي والمكر والنكث.
6. ثلاثة تنفع في الدنيا مع ثوابها في الآخرة: الحج ينفي الفقر، والصدقة تطرد البلاء، والبر يزيد في العمر.
7. ثلاث يؤدين للبر والفاجر: الأمانة والعهد وصلة الرحم. ميمون بن مهران.
8. لا مروءة لكذوب ولا أخ لملول ولا سؤدد لسيء الخلق. الأحنف بن قيس.
9. البلاغة وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الإشارة.
10. خصائص من تشاور في ثلاث فخذ منها جميعاً بالوثيقة
وداد خالص و وفور عقل ومعرفة بحالك والحقيقة
فمن حصلت له هذه المعاني فتابع رأيه والزم طريقه
رباعيات:
· أربعة لا يلحق غبارهم: الملوك عيال على عمر إذا ساس، والفقهاء عيال على أبي حنيفة إذا قاس، والمحدثون عيال على ابن حنبل إذا أسند، والبلغاء عيال على الجاحظ إذا أعرب.
· الراحة أربعة انواع: راحة الجسم في قلة الطعام، وراحة النفس في قلة الآثام، وراحة القلب في قلة الاهتمام، وراحة اللسان في قلة الكلام.
· أربعة تؤدي إلى أربع: الصمت إلى السلامة؛ والبر إلى الكرامة، والجود إلى السيادة، والشكر إلى الزيادة.
· الناس في الخير أربعة أقسام: منهم من يفعله ابتداء وهو الكريم، ومنهم من يفعله اقتداء وهو الحكيم، ومنهم من يتركه حرماناً وهو الشقي، ومنهم من يتركه استحساناً وهو الدني.
654321:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. البلية التي لا يؤجر عليها أحد: العجب.
2. المرهفان: السيف والقلم.
3. من طلب المال بالكيمياء لم يسلم من الإفلاس، ومن طلب الدين بالفلسفة لم يسلم من الزندقة، ومن طلب الفقه بغرائب الحديث لم يسلم من الكذب. أبو يوسف القاضي.
4. وللحب آيات إذا هي صرحت تبدت علامات لها غرر صفر
فباطنه سقم وظاهره جوى وأوله ذكر وآخره فكر
5. من تزود بخمس خلال آنسته في كل غربة وقربن له البعيد وأكسبته المعاش والإخوان: كف الأذى وحسن الأدب ومجانبة الريب وكرم الخلق والنبل في العمل. ابن المقفع.
6. أخي لن تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان
مقولة ومدلول:
· حياك الله وبياك: حياك: ملكك الله؛ بياك: اعتمدك الله بالملك والخير. وقال ابن الأعرابي:بياك أي جاء بك؛ وروي في بياك: أضحكك.
· ماله ثاغية ولا راغية: الثاغية: الشاة، والراغية: الناقة؛ وهو كناية عن الفقر.
· هم بين حاذف وقاذف: الحذف بالعصا والقذف بالحجر؛ والمعنى تكالب العدى.
· هو أكذب من دب ودرج: أي أكذب من الأحياء والأموات، وقيل: أكذب من الكبار والصغار.
· لا يدالس ولا يؤالس: أي لا يخدع ولا يخفي شيئاً ولا يخون.
· هم في أمر لا ينادى وليده: أي أنهم في أمر شديد.
· حلب فلانٌ الدهرَ أشطرَه: أي أنه مجرب.
· أدركت فلان حرفة الأدب: أي افتقر لملازمة الفقر للأدباء غالباً.
· هو على يدي عدْل: قال ابن الكلبي: هو العدْل بن جزء بن سعد العشيرة ولي شرطة تبع، وكان التبع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه؛ ثم قيلت لكل شيء قد يُئس منه.
القلم:
1. ورد ذكر القلم في ثلاث سور من القرآن هي: العلق، القلم، لقمان.
2. القلم: ما أعجب شأن القلم؛ يشرب ظلمة، ويلفظ نوراً، وقد يكون قلم الكاتب أمضى من سيف المحارب. القلم سهم ينفذ في المقاتل، وشفرة تطيح بها المفاصل. أبو حفص بن برد.
3. الأقلام مطايا الفطن. عمر بن مسعدة.
4. القلم بريد القلب؛ يخبر بالخبر وينظر بلا نظر. عبد الله بن المقفع.
5. قالت العرب: عقول الرجال تحت أقلامها.
6. القلم أنف الضمير؛ إذا رعف أعلن أسراره وأبان آثاره. سهل بن هارون.
7. وأهيف مذبوح على صدر غيره يترجم عن ذي منطق وهو أبكم
تراه قصيراً كلما طال عمره ويضحي بليغاً وهو لايتكلم
قانون؛ سياسة؛ اقتصاد؛ محاسبة؛ إحصاء؛ إدارة = كلية العلوم الإدارية:
· حيث يعم الجوع لا يرعى للقانون حرمة، وحيث لا يرعى للقانون حرمة يعم الجوع!
· ما تريد نيله بالإرهاب قد يسهل عليك بالابتسام.
· حين تصل المعارضة إلى كرسي الحكم: تنسى لماذا عارضت!
· التضخم: تضاؤل القيمة الشرائية للنقود بسبب ارتفاع أسعار الخدمات والسلع.
· الميزانية: الحسابات الماضية.
· الموازنة: الحسابات المستقبلية.
· مقابل كل طبيب في العالم الثالث هناك ثمانية عساكر.
· النشاطات الرئيسية للإدارة:
1. التخطيط: أي تحديد الأهداف ورسم السياسات وإعداد البرامج.
2. التنظيم: أي تقسيم العمل وتحديد السلطة والمسؤولية.
3. التوجيه: أي إرشاد المرؤوسين لتنفيذ العمل وتحسين علاقاتهم البينية.
4. المراقبة: أي تحديد المعايير الرقابية لقياس نتائج العمل.
جولة في دنيا العاشقين:
1. قيل لبعض البصريين:إن ابنك قد عشق! فقال: أي بأس به؟! إنه إذا عشق نظف وظرف ولطف.
2. قال ابن الأعرابي: العشقة شجرة يقال لها اللبلابة تخضر ثم تدق ثم تصفر؛ ومن ذلك اشتقاق العاشق.
3. سأل أعرابي عن الهوى فقال: الهوى هو الهوان؛ ولن يعرف ما أقول إلا من أبكته المنازل والطلول.
4. نون الهوان من الهوى محذوفة فإذا هويت فقد لقيت هواناً
5. وقال العباس بن الأحنف _ وأكثر شعره في الغزل _:
أشكو الذين أذاقوني مودتهم حتى إذا أيقظوني بالهوى رقدوا!
6. وقال آخر:
خيالك في عيني وذكرك في فمي ومثواك في قلبي فأين تغيب؟
أمثال وحكم:
· من لم يعرف الشر أجدر أن يقع فيه. عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
· سيرة الشخص تنبىء عن سريرته. علي بن أبي طالب.
· شيبك ناعيك. حكمة عربية.
· شر الشدائد ما يضحك. عربية.
(يُتْبَعُ)
(/)
· شرار الأمراء أبعدهم عن العلماء، وشرار العلماء أقربهم للأمراء " حين لا يستغلون قربهم من الأمراء في خير ". عربية.
· أربعة نهايتها سيئة: خدمة الملوك؛ وتكديس الأموال؛ والاستسلام إلى الغضب؛ وممارسة السحر. هندية.
· السراء تكشف عيوبنا، والضراء تكشف فضائلنا. إنكليزية.
· الشعب؛ الماء؛ النار؛ قوى يصعب ترويضها. يونانية.
· العقل أقوى أساس والتقوى أفضل لباس. عربية.
· عندما يقرع الشيطان الباب: اعمل!. ألمانية.
· ما أتعس الغسيل الذي ليس فيه قميص رجل. إيرلندية.
· لا تقس عمق الماء بقزم. صينية.
· فم يسبح ويد تذبح.عربية.
· كل شكر وإن قل كفاء كل معروف وإن جل. عربية.
· قد يدفع الشر بمثله إذا أعياك غيره. عربية.
· عرِّض للكريم ولا تباحث. عربية.
· رب عالم مرغوب عنه؛ وجاهل مستمع منه. عربية.
· رب رأس حصيد لسان. عربية.
· غاية الزهد قصر الأمل وحسن العمل. عربية.
· فقد الإخوان غربة. عربية.
· لا عيش لمن يضاجع الخوف. عربية.
· ليس لما قرت به العين ثمن. عربية.
· مع الخواطىء سهم صائب. عربية.
· من لانت كلمته وجبت محبته. عربية.
· من لم يغنه ما يكفيه أعجزه ما يغنيه. عربية.
· من غلى دماغه في الصيف غلت قدره في الشتاء. عربية.
· من بلغ غاية ما يحب فليتوقع غاية ما يكره. عربية.
· لكي تبلغ المجد لاداعي لأن تسهر الليل وإنما يكفي أن تستيقظ في النهار. إنجليزية.
صفحة في اللغة:
· يقولون: أمر هام، والصواب: أمر مهم.
· يقولون: منح إجازة اعتباراً من، والصواب: ابتداءً من.
· يقولون: جاء الطالب فوراً، والصواب: جاء الطالب من فوره.
· يقولون:هذا أمر ملفت للنظر، والصواب: هذا أمر لافت للنظر.
· يقولون: جاء المشائخ، والصواب: جاء المشايخ.
· يقولون: مبررات العمل، والصواب: مسوغات العمل.
· يقولون: قمصان حمراء، والصواب: قمصان حمر.
لذة المشاهير:
1. سأل عبد الملك بن مروان عن الباقي من لذته فقال: محادثة الإخوان في الليالي القمر على الكثبان العفر.
2. وقال سليمان بن عبد الملك: قد أكلنا الطيب ولبسنا اللين وركبنا الفاره وامتطينا العذراء فلم يبق من لذتي إلا صديق أطرح بيني وبينه مؤونة التحفظ.
3. وقال المهلب بن أبي صفرة: العيش كله في الجليس الممتع، وقال: ألذ المجالس وخيرها ما بعد فيه مدى الطرف وكثرت فيه فائدة الجليس.
4. وقيل لشيخ كبير: أي شيء تشتهي؟ قال: أسمع بالأعاجيب. وقال آخر: ماكنت أريد أن اجلس إلى قوم إلا وفيهم من يحدث عن الحسن وينشد للفرزدق.
5. وقال طرفة بن العبد: أطيب عيش الدنيا مطعم شهي وملبس دفي ومركب وطي.
6. وقال امرؤ القيس: أطيب عيش الدنيا بيضاء رُعبُوبة بالطيب مشبوبة بالشحم مكروبة. رُعبوبة =البيضاء الحسنة الرطبة الحلوة؛ مشبوبة = قد ظهر حسنها وأشرق لونها؛ مكروبة = المفتولة المشدودة.
جد وهزل:
· سأل يوزويل أستاذه يوماً: ألا تعتقد أن طباخاً ماهراً ألزم للمجتمع من شاعر عظيم؟ فأجابه على الفور: ما من كلب في المدينة يجهل ذلك!
· وقف جدي على سطح فمر به ذئب فأقبل الجدي على الذئب يشتمه فقال له الذئب: لست أنت الذي تشتمني! إنما يشتمني الموضع الذي أنت فيه.
· رأت امرأة في رأس زوجها شعيرات بيض فقالت له: ماهذه؟! فأجابها: رغوة الشباب.
· كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إذا وزن بين يديه مسك بيت المال يأخذ أنفه بيديه حتى لايشمه ويقول: وهل يُنتفع إلا برائحته؟.
· قيل لإبراهام لنكولن: لماذا تحاول دائماً أن تجعل من أعدائك أصدقاء وكان ينبغي أن تسعى لتحطيمهم؟ فأجاب: أولست أحطمهم حين أجعلهم أصدقائي؟
· كان يُكتب على الخاتم الذي يُختم به على البر وغيره من الحبوب: اللهم احفظه ممن يحفظه!
الأجوبة المسكتة:
1. التقى جرير والفرزدق في منى وهما حاجان؛ فقال الفرزدق مخاطباً جرير:
فإنك لاق بالمنازل من منى فخاراً فأخبرني بما أنت فاخر؟
فقال له جرير: بلبيك اللهم لبيك.
2. جادل أعرابي هشام بن عبد الملك فعاتبه هشام على مجادلته؛ فقال الأعرابي: " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " الآية، أفنجادل الله ولا نجادلك!
(يُتْبَعُ)
(/)
3. دخل هشام بن عبد الملك البيت الحرام وفيه سالم بن عبد الله بن عمر فقال هشام: سلني حاجتك، فقال سالم:أكره أن أسأل في بيت الله غيره!
4. قيل لبحر بن الأحنف بن قيس: ما يمنعك أن تكون مثل أبيك؟ قال: الكسل.
5. شرد بعير لهبنقة القيسي فقال: من جاء به فله بعيران، فقيل له: أتجعل في بعير بعيرين؟ فقال:إنكم لا تعرفون فرحة الوجدان.
6. قال رجل للأحنف بن قيس: اخبرني الثقة عنك بسوء! فقال الأحنف: الثقة لا ينم.
7.سأل سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم قائلاً: أفترى الحجاج بلغ قعر جهنم بعد؟ قال يزيد:ياأمير المؤمنين يجيء الحجاج يوم القيامة قابضاً على يمين أبيك وشمال أخيك فضعه من النار حيث شئت.
8. مر سفيهان برجل مهذب فأرادا أن يسخرا منه؛ فوقف أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وسألاه: أمغفل أنت أم أحمق؟ فقال لهما: أنا بين الاثنين.
الوجودية:
وهي نوعان:
1 - وجودية نصرانية: تعتمد على نظرية الإنسان الخاطىء في النصرانية وعلى عدد من آراء مارتن لوثر؛ وترى أن وراثة الإنسان لخطيئة أبيه آدم تشعره بالإثم وتدفعه لتحقيق وجوده أمام الله.
2 - وجودية ملحدة: زعمائها هيدجر الألماني وسارتر الفرنسي وترى أن وجود الإنسان في هذه الحياة هو الحقيقة الوحيدة ولا يوجد شيء سابق لها ولا لاحق بعدها؛ ومن ثم فلا يوجد إله ولا قيم ولا عقائد. وتدور قضايا الوجوديين بين الولادة والموت؛ ويقيمونها على ثلاثة محاور رئيسة هي: الحرية؛ المسؤولية؛ الالتزام. فالمرء حر في أن يفعل ما يشاء ومسؤول عن إنشاء القيم التي تنظم حياته ويلتزم بالعمل وفق مبادئه لتحقيق أهدافه. وميدانهم الأكبر القصة والمسرحية وأشهر الوجوديين العرب د. أنيس منصور.
هل تعلم؟:
1 - أن الاتحاد السوفيتي هو الدولة الوحيدة في العالم التي صدرت النفط للمملكة العربية السعودية.
2 - أن المملكة أكبر مستورد للدخان من أمريكا على مستوى الشرق الأوسط وهي الثالثة على مستوى العالم.
3 - أن المأمون أول خليفة للمسلمين ليس على مذهب أهل السنة والجماعة.
4 - أن أبا جعفر المنصور أب لكل خلفاء بني العباس من بعده.
5 - أن حركة الطيران تتوقف في إسرائيل يوم السبت.
6 - أن فرنسا تعاقب من يحاضر أو يكتب ويستخدم كلمة أجنبية مع وجود مرادف فرنسي لها بدفع غرامة قدرها 3500 دولار.
7 - أن عدد نجوم العلم الأمريكي يساوي عدد ولاياتها.
8 - أن دولة جزر القمر استقلت منذ خمس وعشرين عاماً وحدث فيها سبعة عشر انقلاباً خلال هذه المدة.
9 - أن في فنزويلا وزارة لتنمية الذكاء؛ وفي ماليزيا مجلس أعلى للذوق العام.
10 - أن اسم " محمد " هو أكثر أسماء الرجال انتشاراً في العالم العربي؛ بينما اسم " أمل " هو أكثر أسماء النساء انتشاراً.
طرائف ونوادر وملح:
· قال هشام بن عبد الملك ذات يوم لجلسائه: أي شيء ألذ؟ فقال الأبرش بن حسان:هل أصابك جرب قط فحككته؟! قال هشام: مالَك! أجرب الله جلدك ولا فرج الله عنك!
· صعد رجل المنبر فلما استوى قائماً وقابل بوجهه وجوه الناس وقعت عينه على صلعة رجل فقال: اللهم العن هذه الصلعة.
· صعد عدي بن أرطأة على المنبر فلما رأى جماعة الناس حصر فقال: الحمد لله الذي يطعم هؤلاء ويسقيهم.
· قيل لطفيلي: كم اثنان في اثنين؟ قال: أربعة أرغفة.
· نظر أعرابي إلى رجل جيد الكُدْنة _ أي غليظ الجسم كثير اللحم _ فقال: ياهذا إني لأرى عليك قطيفة محكمة من نسج أضراسك.
· مات لابن مقرن غلام فحفر لهم أعرابي قبره بدرهمين – وذلك في بعض الطواعين – فلما أعطوه الدرهمين قال: دعوهما حتى يجتمع لي عندكم ثمن ثوب.
· قال رجل لابن سيرين: رأيت في المنام كأني أسبح في غير ماء وأطير بغير جناح، فقال ابن سيرين: أنت رجل تُكثر الأماني.
· سأل برنارد شو: لماذا تتكلم كثيراً عن المال وزميلك ويلز يتكلم كثيراً عن الأخلاق؟ فقال كل واحد منا يتحدث عن الشيء الذي ينقصه.
· سأل الجاحظ: ممن تعلمت الأدب؟ قال: من قليل الأدب.
· قيل: ينبغي للمرء أن ينظر إلى وجهه في المرآة فإن كان حسناً استقبح أن يشينه بفعل قبيح؛ وإن كان قبيحاً استقبح أن يجمع بين قبيحين.
(يُتْبَعُ)
(/)
· مر أعرابي بمرآة ملقاة في مزبلة فنظر وجهه فيها فإذا هو سمج بغيض فرمى بها وقال: ما طرحك أهلك من خير.
· قرأ رجل عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله تعالى: "فخر عليهم السقف من فوقهم"، فقرأها "فخر عليهم السقف من تحتهم" فالتفت شيخ الإسلام وقال: سبحان الله! لا عقل ولا دين؟
· صلى أحدهم خلف أحمق فقرأ: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ثم أتممناها بعشر فتمّ ميقات ربه خمسين ليلة" فصاح المأموم: ما تحسن تقرأ .. ما تحسن تحسب؟!
الشعر بين الآباء والأبناء:
1 - قال شاعر وقد استقبل ابنه الوحيد وهو يودع شبابه إلى المشيب:
إلى مهدك الميمون يمناي تمتد رجاءً .. ويثنيها مشيبي .. فترتد
دعاك شبابي قبل أن يزمع النوى ولكن أراد الله أن يبطىء الرد
وجئت على شيبي فلم أدر هل أنا أب لك ياحلم الأماني أم جد؟
بني وشيبي هل سيضعف فيكما رجائي أم يقوى بضعفي ويشتد؟
2 - وقال عمر أبو قوس وقد حُرم الذرية:
ولو كان لي طفل على الشيب واحد لكان لنفسي في دُجى الخطب كوكبا
أرى فيه ريحاني ورَوْحي وراحتي وبهجة أحلامي وعمري المخصبا
3 - ويقول بدوي الجبل في حفيده:
يجور وبعض الجور منه محبب ولم أرَ قبل الطفل جوراً محببا
ويغضب أحياناً ويرضى وحسبنا من الصفو أن يرضى علينا ويغضبا
يزف لنا الأعيادَ عيداً إذا خطا وعيداً إذا ناغى وعيداً إذا حبا
4 - وقال البارودي يرثي ابنه علياً:
بكيت علياً إذ مضى لسبيله بعين تكاد الروح في دمعها تجري
وإني لأدري أن حزني لا يفي برزئي ولكن لا سبيل إلى الصبر
وكيف أذود القلب عن حسراته وأهون ما ألقاه يصدع في الصخر
إذا المرء لم يفرح ويحزن لنعمة وبؤس فلا يُرجى لنفع ولا ضر
لقد خفف البلوى وإن هي أشرفت على النفس ما أرجوه من موعد الحشر
5 - ويقول ابن الرومي في إحدى مرثياته:
أبني إنك والعزاء معاً بالأمس لُف عليكما كفنْ
تالله لا تنفك لي شجناً يمضي الزمان وأنت لي شجنْ
ما أصبحت دنياي لي وطناً بل حيث دارك عندي الوطنْ
عَلَم وقَلَم:" مقتطفات من قلم الإمام محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله ":
· ألا إن في الاستعمار لفحة من جهنم، وإن في المستضعفين سمات من أهلها أظهرها أنهم لا يموتون ولا يحيون.
· إن هذه الأمة أنجبت الجندي الذي يحرس الحق لا الجندي الذي يُخرس الحق.
· وإن بعض القضاة أعوان للقضاء على القضاء.
· إن الوطنية لعقيلة كرام؛ لايساق في مهرها بهرج الكلام، وكريمة بيت لاتنال بلو وليت.
· إن ظلم الكلمات بتغيير دلالتها كظلم الأحياء بتشويه خلقتهم؛ كلاهما منكر وكلاهما قبيح، وإن هذا النوع من الظلم يزيد على القبح بأنه تزوير على الحقيقة وتغليط للتاريخ.
· ومن عادة الاستعمار أن يحيي المعاني الميتة ليقتل بها المعاني الحية.
· إن الإسلام لا يرى الكتابي إلا ذمياً له كل ما للمسلم من حقوق وليس عليه كل ما على المسلم من واجبات، أو معاهداً يوفى له بعهده، أو مستأمناً يبلغ به مأمنه، أو محارباً ينبذ إليه على سواء؛ بلا ظلم في الأولى؛ ولا نقض في الثانية؛ ولا نكث في الثالثة؛ ولا غدر في الرابعة.
· وإن الدين الذي يطوي المناهل بلا سائق ولا حاد، ويقتحم المجاهل بلا دليل ولا هاد، وينتشر بين أقوام عاكفين على أصنامهم؛ أو مغرورين بأوهامهم، لايمده ركاز، ولا يسنده عكاز؛ لحقيق أن يُخشى منه وأن تمتلىء من رهبته قلوب ذئاب البشر رعبا، ولو أن للدعوة المحمدية عشر ما للدعوة المسيحية من أسناد وأمداد؛ وهمم راعية وألسنة داعية، لغمر المشرقين؛ وعمر القطبين، ولو أن ديناً لقي من الأذى والمقاومة عشر ما لقي الإسلام لتلاشى وأندثر؛ ولم تبق له عين ولا أثر.
أحمد بن عبد المحسن العساف
ahm_assaf***********
الأربعاء؛ ثاني أيام عيد الفطر المبارك سنة 1424
الرياض؛ أمنها الله.
* قال صاحب تاج العروس " ومنه الكناشة: الأوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد للضبط.هكذا يستعمله المغاربة ".أما الخفاجي فيضبطه بلفظ كُنَاش بضم الكاف وتخفيف النون بزنة غراب، ويقول: إنه لفظ سرياني معناه المجموعة والتذكرة. وقد وقع هذا اللفظ كثيرا في كلام الحكماء، وسموا به بعض كتبهم. (منقول بتصرف يسير من عبد السلام محمد هارون؛ كناشة النوادر ص 10؛الطبعة الثانية بدون تاريخ؛دار الطلائع؛ القاهرة).
ـ[خالد الطرابيشي]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 02:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 02:13 م]ـ
ما أروعها من كلمات
بارك الله فيك.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 02:19 م]ـ
أخي بحر الدموع
كنت أتمنى عليك لو وضعت الرابط فقط
لنطلع عليه، لأن هذا يزيد الضغط على قاعدة البيانات
شكرا لك(/)
أمر عاجل
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 08:26 م]ـ
أرجو الدخول
http://sport4ever.maktoob.com/t560919/
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 10:41 م]ـ
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين.
وجزاك الله خيرًا مشرفنا المفضال أبا ذكرى.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 11:43 م]ـ
لم يفتح لي الرابط(/)
*فوائد التمر بوصفه غذاء صحيا .. *
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 08:41 م]ـ
يمكن اجمال فوائد التمر في النقاط التالية:
- خفض نسبة الكوليسترول بالدم والوقاية من تصلب الشرايين لاحتوائه على البكتين.>
2 - منع الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة والوقاية من مرض البواسير وتقليل تشكل الحصيات بالمرارة ولتسهيل مراحل الحمل والولادة والنفاس لاحتوائه على الألياف الجيدة والسكريات السريعة الهضم
3 - منع تسوس الأسنان لاحتوائه على الفلور
4 - الوقاية من السموم لاحتوائه على الصوديوم والبوتاسيوم وفيتامين ج>
> 5 - علاج لفقر الدم (الأنيميا) لاحتوائه على الحديد والنحاس وفيتامين ب2
6 - علاج للكساح ولين العظام لاحتوائه على الكالسيوم والفسفور وفيتامين أ.>
> 7 - علاج لفقدان الشهية وضعف التركيز لاحتوائه على البوتاسيوم
8 - علاج للضعف العام وخفقان القلب لاحتوائه على المغنيسيوم والنحاس
9 - علاج للروماتزم ولسرطان المخ لاحتوائه على البورون.>
10 - مضاد للسرطان لاحتوائه على السلينيوم وقد لوحظ أن سكان الواحات لا يعرفون مرض السرطان.>
11 - علاج للضعف الجنسي لاحتوائه على البورون وفيتامين أ.>
12 - علاج لجفاف الجلد وجفاف قرنية العين ومرض العشى الليلي لاحتوائه على فيتامين أ.>
13 - علاج لأمراض الجهاز الهضمي العصبي لاحتوائه على فيتامين ب1.>
14 - علاج لسقوط الشعر وإجهاد العينين والتهاب الأغشية المخاطية لتجويف الفم والتهاب الشفتين لاحتوائه على فيتامين ب2
14 - علاج لسقوط الشعر وإجهاد العينين والتهاب الأغشية المخاطية لتجويف الفم والتهاب الشفتين لاحتوائه على فيتامين ب2
اتمنى ان افيدكم .......... رمضانكم كريم(/)
*وانت على ارضية الفصيح استمع لاذاعة نجوم الاسلام ... *
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:07 ص]ـ
اليك عزيزي عذا الرابط اتمنى ان يعجبك:
http://www.muslimz.com/live/rad.ram
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:09 ص]ـ
لا تنسوني من صالح الدعاء
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 03:32 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك خيرا ...
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 03:35 م]ـ
تعرفين شيئا ...
إن من بين الأسباب التي جذبتني إلى الفصيح هو النماذج الأنثوية التي تقدم الصورة الصحيحة للمرأة المسلمة ربما يكون كلامي هذا مخالف بعرف المشرفين ولكنني مضطر للتصريح به بالفعل أنت وجميع الأخوات هنا تقدمن مثالا ناصعا للمرأة المسلمة
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 06:00 م]ـ
تعرفين شيئا ...
إن من بين الأسباب التي جذبتني إلى الفصيح هو النماذج الأنثوية التي تقدم الصورة الصحيحة للمرأة المسلمة ربما يكون كلامي هذا مخالف بعرف المشرفين ولكنني مضطر للتصريح به بالفعل أنت وجميع الأخوات هنا تقدمن مثالا ناصعا للمرأة المسلمة
سلام عليكم استاذ** بحرالرمل** لست ادري ماذا اقول.ولكن ما حضر على ذهني اللحضة هو بارك الله فيك ودامت اخوة الاسلام بيننا وبين اخواننا هنا بالفصيح.
فعلا فكلامك زاد من تشجيعي للمضي قدما ورفع راية ديننا وضادنا قدما مهما كانت العوائق. فانا لا اجاملك من جهتي صدقني فعلا قد وجدت نعم فيك الاخ الذي لم ارزق به يوما ...... دامت اخوة الدين.و اقدر لك ذلك.
كما اقول ادام الله حسن التفاهم والنقاش السلمي بيننا نحن اهل الفصيح وذلك ان دل على شيء انما يدل على حسن نيتنا في تقديم اجمل هدية للاسلام وهي ترقية لغته ****العربية بكل فخر واعتزاز***(/)
بوابة الفصيح لإرسال الرسائل القصيرة إلى الجوال
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 08:50 ص]ـ
http://www.alfaseeh.com/vb/images/misc/thread_bst.gif بوابة الفصيح لإرسال الرسائل القصيرة ( http://www.alfaseeh.com/vb/smsport.php)http://www.alfaseeh.com/vb/images/misc/thread_bst.gif
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 06:04 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
رائع جدًّا أخي محمدًا من جميل إلى أجمل.
ليتك تشرح لنا طريقة الإرسال.
مع المودة القلبية.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 06:09 م]ـ
ومتى يمتك العضو تصريحًا لدخول صفحة (إرسال للجوال)؟
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 06:35 م]ـ
شئ جميل ورائع
نعم نريد شرح
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 07:50 م]ـ
شكرا لك أخي ابا يزن
خطوة جديدة تضاف
لكن هل الاردن غير مشمول بالخدمة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 09:48 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
رائع جدًّا أخي محمدًا من جميل إلى أجمل.
ليتك تشرح لنا طريقة الإرسال.
مع المودة القلبية.
شئ جميل ورائع
نعم نريد شرح
أدرجت شرحا في صفحة الإعلان فأعيدا النظر فيها
ومتى يمتك العضو تصريحًا لدخول صفحة (إرسال للجوال)؟
بعد طلب التسجيل
شكرا لك أخي ابا يزن
خطوة جديدة تضاف
لكن هل الاردن غير مشمول بالخدمة
تتغير قائمة الدول من حين لآخر حسب مزود الخدمة والأردن للأسف غير مشمول
أنت تستطيع الإرسال لكنك لا تستطيع الاستقبال
وأجمل ما في هذه الخدمة هو إتاحة الفرصة للإرسال لأهل فلسطين التي كنا نفتقدها مع بعض المزودين
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 09:54 م]ـ
والأردن للسف
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخي الحبيب محمد سعد لاحظ العبارة:
والأردن للسيف!:).
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 10:24 م]ـ
لقد سبقت الجميع، وستكون أول رسالة ترسل من الموقع من نصيبي.
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 06:54 ص]ـ
مزيّةٌ أخرى تنضاف إلى الفصيح؛ بارك الله فيكم , و زادكم توفيقا!
و هذا اقتراحٌ ـ إن كان يمكن تطبيقه ـ:
ألا يمكن الإفادة من هذه الخدمة لمن أراد أن يُرسَلَ على هاتفه المحمول تنويهٌ عن الموضوعات المهمة, أو الخدمات الجديدة في الفصيح, أو أخبار اللغة العربية ـ على سبيل المثال, ويكون ذلك بالتعاون و التنسيق بين الأعضاء الراغبين في تلقّي تلك الرسائل, أو تتولّى إدارة الفصيح ذلك؟!
أي أنّ العضو يمكنه ـ بالتعاون والتنسيق مع إدارة الفصيح أو مع عضو آخر ـ استقبال الرسائل المهمة؛ فيتحقق بهذا جزئيًا مزيّة الاستقبال؛ فيمكن لأي عضو تبادل الرسائل مع العضو الذي اتفق معه ليكونا على اتّصال بالفصيح.(/)
من هنا وهناك!!!
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 06:54 م]ـ
من مصر:
مع بداية شهر رمضان المبارك انهار جزء من جبل المقطم، في واقعة نادرة، تعرض فيها المسلمون في تلك المنطقة لابتلاء عظيم، وسط تجاهل شديد من عموم المسلمين في مصر: حكومة وشعبا، فالحكومة على أصلها الذي لا تنتقل عنه إلا نادرا: "ودن من طين وودن من عجين"!!، والشعب المصري ما بين:
منهمك في تحصيل أسباب المعاش في شهر رمضان الذي تحول إلى شهر الموائد المتخمة.
وغارق في "الدراما الرمضانية" فمن مسلسل إلى آخر في استرخاء يسهل تسلل الأفكار التي تعرضها تلك المسلسلات إلى عقل وقلب المشاهد.
وانهيار كتلة صخرية: 25 في 30 متر، إن لم تخني الذاكرة، نتيجة ذوبان الصخر، مع احتمال انهيار أجزاء أخرى، كما حذر الخبراء من زمن طويل، أمر يدعو إلى التوبة ومراجعة النفس حتى يرفع الباري، عز وجل، عنا مثل تلك الكوارث الكونية: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، وهو أمر يكشف مدى الإهمال والفساد الذي أصاب الجهاز الحكومي في مصر.
اللهم اغفر لمن قضى من الموحدين تحت الأنقاض، واستنقذ من حوصر تحتها، وصبر ذويهم على ذلك الابتلاء العظيم.
*****
ومن فضائية الجزيرة:
عرضت أحد البرامج الحوارية نقاشا حول "الدراما الرمضانية" في التليفزيون المصري، ومما استوقفني في ذلك الحوار قول أحد المتحاورين: إن الجرائم الأخلاقية من قبيل: زنا المحارم!!!، قد صارت أمرا واقعا لا يمكن تجاهله، ومهمة الدراما: مناقشة هذه القضايا الشائكة، ولا توجد فرصة لمتابعة هذه "المناقشات الجادة" إلا شهر رمضان ليصير شهر رمضان: شهر مناقشة الفواحش ونشر الفضائح الأخلاقية والمجاهرة بالمعاصي المغلظة!!!، وعلى أمثال أولئك يتنزل قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، ومتى كان التلفاز مكانا مناسبا لمناقشة هذه القضايا الشائكة، ومتى كان الممثلون، وأغلبهم ممن يتسبب بشكل مباشر في شيوع تلك الفواحش، متى كان أولئك أهلا لمناقشة هذه القضايا، وماذا عن كتاب السيناريو الجدد، وقد أصبح التنافس في "السفالة" سمة ظاهرة في كتاباتهم أيكون أولئك أهلا لتوصيف الأزمات الاجتماعية والأخلاقية في المجتمع المسلم وتقديم الحلول المناسبة لها؟!!!.
وفي التنزيل: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)، فهل صار أولئك أولي الأمر الذين يرجع إليهم في تلك القضايا؟!!!.
وفيه أيضا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).
وغياب الرؤية الشرعية للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية .............. إلخ هو سبب ما نعيشه من هزيمة وانحسار.
والإعلام المصري الآن يستعمل سياسة "العقل الجمعي" في طرح أفكاره على المشاهد المسكين، فإنك إن سمعت أو رأيت ما يخجل، انقبضت نفسك، أول مرة انقباضا شديدا، ثم إذا سمعته أو رأيته ثانيا: هان الخطب ثم إذا سمعته أو رأيته ثالثا ............... إلخ، إلى أن يصير أمرا معتادا في حياتك، فيصبح الحديث عن "زنا المحارم" و "الشذوذ الجنسي" .......... إلخ أمرا مألوفا لديك، ولسان حالك: "وإيه يعني؟!!! "، لقد انتشر هذا الأمر وصار ظاهرة تناقش على شاشات التلفاز علانية!!!.
وهل وصل الأمر في بلد مسلم كمصر إلى ذلك الحد فعلا، أو أنه يراد للمجتمع المسلم في مصر أن يصل إلى هذه المرحلة من الاستخفاف بمحارم الله، عز وجل، فيصبح الوقوع في مثل تلك الكبائر أمرا عاديا لا جديد فيه، فقد تم التمهيد له إعلاميا بشكل جيد، وصارت العقول والفطر لا تأنف منه بعد تقليم أظافرها الإيمانية بل والجبلية التي فطر عليها الإنسان السوي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولذلك نصح أهل العلم بعدم الاستماع لما يخدش دين المرء في مجلس، أو وسيلة إعلامية، أو غرفة حوارية على الشبكة العنكبوتية ........... إلخ، ولو كان منكرا بقلبه، فإنه لن يسلم من ثلم في قلبه لشبهة أو شهوة علقت به، لاسيما إن لم يكن ممن تحصن بدينه: علما وعملا، وإذا دخل الإنسان غرفة حوارية ليسمع سب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأقذع الألفاظ، وهو أمر لم يكن يتخيله أصلا، فإنه قد يصدم ابتداء، ثم إذا تابع، اعتاد سمعه ذلك الأمر الشنيع، وإن أنكره بقلبه، وهذا في حد ذاته مكسب لأعداء الدين، وكذلك حال من يدخل الغرف الحوارية التي يسب فيها الصحب الكرام، رضي الله عنهم، وتلعن فيه أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، فإنه قد يعتاد، على سبيل المثال، سماع صوت زنديق يطعن في فراش النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحجة الانتصار لآل بيته، رضي الله عنهم، كما هو مشاهد الآن على الشبكة العنكبوتية.
فلا يكون الدخول إلى تلك المواقع إلا لمن لديه أهلية الرد وإقامة الحجة، أو لمن احتاج فعلا أن يتثبت مما ينسب لأعداء الدين ليكون على بينة من أمره، فيحرر ولاءه وبراءه تحريرا شرعيا بعيدا عن شعارات الوحدة الإنسانية والإسلامية ............. إلخ من الأوهام التي بثها أهل الباطل في صفوف أهل الحق، أو احتاج أن ينبه غافلا مخدوعا بإطلاعه على تلك الحقائق، وهذا أمر يتحقق بأدنى قدر، فالزيادة فيه: زيادة على الضروري، و: الضرورات تقدر بقدرها، فما زاد فهو تعد من صاحبه.
وإعلامنا المصري الرائد هو الإعلام الذي ينفذ تعليمات العم سام بدقة متناهية وأدب جم!!!! فيغلق قناة المقاومة العراقية: الزوراء التي لا تمتلك إلا مذيعا واحدا!!!، ويأبى أن يغلق قناة الحياة التنصيرية التي يتعرض فيها الجرذ: زكريا بطرس لمقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونسبه الشريف بحجة أنه لا يمكن الحجر على الأفكار في زمن السماوات المفتوحة فهلا نشر ذلك الجرذ سفالاته على قمر آخر غير "النايل سات"، وإذا كان سب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيصل لا محالة إلى الأسماع، فلا أقل من أن نمنع وصوله عن طريقنا، فليصل عن طريق غيرنا، معذرة إلى ربنا بأننا بذلنا ما نستطيع لمنع وصوله، ولكن الظالمين أبوا إلا نشره على أقمار وقنوات لا نملك سيطرة عليها.
*****
ومن مصر ثالثا:
منعت الحكومة المصرية قافلة مكونة من شرائح شتى من المجتمع المصري من المرور إلى غزة في خطوة رمزية كخطوة الوفد الذي انطلق من قبرص ونجح في الوصول إلى شواطيء غزة في خطوة أحرجت الحكومات العربية والإسلامية، فلم يتقدم لهذه المبادرة مسلم أو حتى عربي، وإنما تقدم لها وفد أغلبه من نصارى الغرب، فهل أولئك أغير على الموحدين في غزة من إخوانهم في الدين؟!!!.
والحكومة المصرية كعادتها في السياسة الخارجية في منتهى: الطاعة والأدب!!!، فلم تأتها التعليمات بعد بفتح المعابر.
*****
ومن الصين:
http://www.islammemo.cc/akhbar/Asia-we-Australia/2008/09/10/69300.html
وتطرف الشيوعية في حرب الأديان عموما، والإسلام خصوصا أشهر من أن يذكر، وإذا كنت تعيش في مجتمع قمعي كالمجتمع الشيوعي الصيني فلا تسأل عن حقوقك الدينية أو الشخصية فأنت عضو في جماعة متحجرة المشاعر لا قيمة للإنسان فيها إلا بقدر إنتاجه المادي، وقتل الموحدين في "تركستان الشرقية" أمر يسير جدا على الجيش الصيني، بل وقتل أي معارض أيا كان.
*****
ومن باكستان:
حصد آصف علي زرداري، الإسماعيلي الباطني، ثمرة اغتيال زوجته بنظير بوتو في ديسمبر من العام الماضي، فأدى اليمين الدستورية كرئيس جديد لباكستان، بعد استقالة الجنرال المحترق تحت الضغوط الداخلية والنذالة الأمريكية المعتادة مع حلفاء الأمس، وقد تنصل آصف من وعوده لنواز شريف الذي يمثل قمة الهرم السياسي السني في باكستان في مسائل عدة من أبرزها: عودة القضاة المعزولين إلى مناصبهم خشية أن يلاحقوه قضائيا لفضائحه المالية الشهيرة التي كلفته: 11 عاما من عمره وراء القضبان فرئيس باكستان: الدولة النووية الإسلامية الوحيدة: "سوابق" أو "رد سجون" كما يقال عندنا في مصر فضلا عن معتقده الغالي المنحرف، واضطراباته النفسية التي جعلت بعض الأطباء يشكك في مدى صلاحيته لقيادة
(يُتْبَعُ)
(/)
دولة محورية كباكستان.
ولم يرحب بمقدم هذا الرئيس الجديد إلا: الحليف الأمريكي في الحرب على الإرهاب التي أعلن آصف التزامه بمواصلتها بمجرد أدائه اليمين، فضلا عن العميل المجاور: قرضاي، وآيات قم التي تسعد دوما بإقصاء أهل السنة عن قيادة الدول الكبيرة كالباكستان، وإن تولاها إسماعيلية غلاة يخالفونهم المعتقد فالحقد على أهل السنة عموما، وصدر الأمة خصوصا، رباط وثيق يجمع طوائف من الغلاة من أمثال: الإسماعيلية والنصيرية والدروز ........... إلخ، وإن اختلفت مقالاتها، فهم ممن يتنزل عليهم قوله تعالى: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى).
*****
ومن أمريكا ومع ذكرى ضربة: 11 سبتمبر:
http://almoslim.net/node/99046
ومن البداية: شكك كثير من العقلاء في الرواية الرسمية، فإن تنظيما لا يملك الخبرة التقنية والتدريب الكافي إلا في أندية الطيارين الهواة في ألمانيا!!!، لا يمكن أن يقوم بضربة محكمة كتلك التي جرت في 11 سبتمبر إلا إذا كانت المخابرات الأمريكية قد تعرضت لتنويم مغناطيسي أفقدها القدرة على متابعة الأحداث!!!!.
وفي هذا الرابط مادة صوتية ذات صلة وثيقة بهذا الأمر.
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=54810
*****
وأخيرا من العراق الحبيب:
http://www.islammemo.cc/akhbar/arab/2008/09/09/69253.html
وهو خبر لا يحتاج إلى تعليق يكشف النقاب مجددا عن أحد أبرز إنجازات حرب التحرير فضلا عن غل من حملتهم الدبابات الأمريكية على ظهورها ليقتحموا بيوت الموحدين الآمنين ويخطفوا أطفالهم، ولمن كان بمعزل عن هذه الابتلاءات الجسام أن يحمد الله، عز وجل، على نعمة الأمن والسلامة في دينه وبدنه وأهله وولده، فإنها نعمة لا تعدلها نعمة، ولا يدرك قدرها إلا من حرمها في البقاع التي تنتهك فيها حرمات المسلمين، ولا ينسى إخوانه بدعوة في ظهر الغيب، وعلى من تعرض لها أن يصبر على قضاء الله، عز وجل، الكوني، وأن يدعوه ليرفع المحنة، فإن لم نكن نحن أهلا لنجدته، فالله، عز وجل، أهل لنجدته ونجدتنا.
والحزن في الإسلام ليس مقصودا لذاته، بل هو أمر قد يعرض فيثاب الإنسان على مجرد ميله القلبي إلى إخوانه في الدين، وما يتبع ذلك من شعور بالألم لما يتعرضون له من ابتلاء، مع عجز في كثير من الأحيان عن نصرتهم، فلا يكون الحزن في حد ذاته هدفا، فقد أمرنا بالاستعاذة منه، وإنما يكون باعثا على التحرك لنصرة دين الله، عز وجل، تحركا مبنيا على علم وفهم، لا عاطفة غير منضبطة تصلح أكثر مما تفسد، فإن هذا الدين لا ينتصر بالهتافات أو الاعتصامات أو الأعمال التخريبية، أو إراقة الدماء التي عصمها الشارع، عز وجل، وإنما لكل زمان فقهه، فزمان الاستضعاف له فقه، وزمان التمكين له فقه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 08:34 م]ـ
كان الله في عونكم.وما كان منا المشاركة الا باضعف الايمان
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 03:31 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ......
صدقت أخى وحبيبى مهاجر:
وكم من مآسى آخرى لم نسمع عنها شيئاً وإنما لم تسنح لها الفرصة لتتكشف أمام العالم وما ُخفى كان أعظم ....
نسأل الله العظيم أن يمكّن لهذه الأمة فى الأرض وأن ُيعزها بالإسلام وأن يصلح أمور دنيانا وأن يحسن خواتيمنا جميعاً وأن يثبتنا على الإيمان، كما نسأله تعالى أن ينصرنا على أعدائنا فى مشارق الأرض ومغاربها إنه ولى ذلك والقادر عليه واللهم تقبل منّا رمضان واجعله حجة لنا لا حجة علينا يارب ....
وبارك الله فيك أخى المهاجر وجزاك خير الجزاء ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
الحب و ما فعل ...
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:02 ص]ـ
:::
الحُب ... تلك الكلمة الجميلة المكونة من حرفين فقط .... ماذا يمكن أن تفعل؟
أترككم مع هذه المقتطفات التي تبين ما يفعله الحب بصاحبه إن لم يكن خالصاً لله عزّ و جلّ ....
الحب قد يصيب صاحبه بالجنون ... و لا أدلّ على ذلك من قول المجنون:
أمر على الديار ديار ليلى=أقبل ذا الجدار و ذا الجدار
و ما حب الديار شغفن قلبي=و لكن حب من سكن الديار
فمن يمشي و يقبل الجدران .... هل يسمى عاقلاً؟؟!!!
بل إنه أبصر ذئباً في الفلاة ... فما كان منه إلا أن قدّم له من ممّا لذّ و طاب من صنوف الطعام ... لماذا؟ لأنه رآه يوماً في حيّ ليلى!!!
و قد يفعل الحب بصاحبه أكثر من ذلك - أترككم مع الأصمعي و فتى البادية-ليحدثكم:
يقول الأصمعي:بينما كنت أسير في البادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:
أيا معشر العشاق بالله خبروا=إذا حل عشق بالفتى كيف يصنعفكتبت تحته البيت التالي:
يداري هواه ثم يكتم سره=ويخشع في كل الامور ويخضعيقول ثم عدت في اليوم التالي فوجدت مكتوبا تحته هذا البيت:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتىى=وفي كل يوم قلبه يتقطعفكتبت تحته البيت التالي:
إذا لم يجد صبرا لكتمان سره=فليس له شيء سوى الموت ينفعيقول الاصمعي: فعدت في اليوم الثالث فوجدت شاباً ملقى تحت الحجر ميتا ,
ومكتوب تحته هذان البيتان:
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا=سلامي إلى من كان بالوصل يمنع
هنيئا لأرباب النعيم نعيمهم=وللعاشق المسكين ما يتجرع
و من ضحايا الحب من زلّت به القدم ومات أسوء ميتة عياذاً بالله و يروي لنا ابن القيم حكاية ذلك الشاب:
هذا شاب كان واقفا مرة عند باب داره فمرت امرأة في الطريق ثم قالت له أين حمام منجاب؟ وكانت الحمامات في السابق يجعلونها بيوتا يعني يكون بيت من طابق واحد يجعل فيه مثل البركة الصغيرة تأتي النساء وتغتسل فيها وتقضي حاجاتها ثم تذهب فكان الناس يأتون إلى هذه شيء للرجال وشيء للنساء، مرت امرأة ذات صورة حسنة فأعجبت هذا الرجل فلما مرت به قالت له أين حمام منجاب؟ فرأى حسنها وجمالها وما غض بصره عنها رأى حسنها وجمالها فأعجبته وكان وقفا عند باب داره هو فأشار إلى باب داره وقال هذا حمام منجاب وأنا حارس على الباب فدخلت المرأة إلى داره ثم دخل وراءها وأغلق عليها الباب فلما علمت المرأة أنها مأخوذة لا محالة وأنه قادر عليها وأنها لا حول لها طول ولا قوة ولا تصرف فلما رأت ذلك نظرت إليه قال هاه أريدك على نفسك دعاها إلى الزنا أعوذ بالله فقالت له نعم أنا أريد ذلك المرأة تريد أن تحتال عليه قالت أنا أريد ذلك ولكن ينبغي أن يكون عندنا طعام وشراب نأكله ونفرح به ونسهر الليلة قال نعم من شدة الفرح هذا الرجل تولى خارجا من داره إلى السوق ليشتري طعاما وشرابا ونسي أن يقفل الباب عليها فلما خرج الرجل خرجت المرأة ثم مضت إلى دارها، عاد الرجل بطعامه وشرابه وحلوياته ينظر أين تلك المرأة فلم يجدها عندها تمكن عشقها من قلبه من تلك النظرة من ذلك السهم المسموم فلما تمكن عشقها من قلبه بدأ يصيح في الطرقات ويقول
يا رب سائلة يوما وقد تعبت=كيف الطريق إلى حمام منجاب
يا رب سائلة يوما وقد تعبت=كيف الطريق إلى حمام منجاب
ويسير في الطرقات وقد أصابه شيء من الخبل في عقله بسبب هذا التعلق والعشق الذي سببه الأول والداهية العظمى الكبرى هي تلك النظرة المشؤومة حتى مر يوما في طريق وكانت هذه المرأة ساكنة في هذه الطريق فلما سمعت صوته يقول
يا رب سائلة يوما وقد تعبت=كيف الطريق إلى حمام منجاب نظرت من خلال شرفة في دارها ثم قالت:
هلا جعلت سريعا إذ ظفرت بها=حرزاً على الدار أو قفلاً على الباب
لماذا ما أقفلت الباب أو جعلت حرسا على الدار فلما سمع صوتها صاح وأخذ يردد
كيف الطريق إلى حمام منجاب، كيف الطريق إلى حمام منجاب، حتى أخذ يشهق ومات على هذا الحال.
هذا حال العشق إن لم يكن خالصاً لله و هذا حال العاشقين:
وليس على الأرض أشقى من محب=و إن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكياً في كل حين=مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم=و يبكي إن دنوا خوف الفراق
إني داعٍ فأمنوا:
اللهمّ ارزقنا حبك .. و حب من يحبك .. و حب كل عمل يقربنا إلى حبك
اللهمّ اجعلنا ممن قيل فيهم: ((يحبهم و يحبونه)) ... و ممن يظلون في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك بتحابّنا فيك
آمين ... آمين ... آمين
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:17 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله ... أهلا بالحبيب أنس عبدالله.
وعلى الإنسان ألا ينقاد لمشاعره وأهوائه في كل شيء.
فكل شيء بالتوسط جميل.
ألم يكن الغلو في الدين مضيعة كما كان الإفراط فيه كذلك؟
بل التوسط محمود حتى في المأكل والمشرب، فقد قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا). قال بعضهم: (هذه الآية جمعت الطب كله).
أعود، وأقول: رائع أخي أنسًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:22 ص]ـ
جميل جدا جزيت خيرا
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:45 ص]ـ
العشق وهم لا وجود له بل هو من تخيلات العاشقين
ولن تجد العشق في مكان إلا وجدت الشيطان معه
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 03:02 ص]ـ
وعذلت أهل العشق حتى ذقته * فعجبت كيف يموت من لم يعشق!
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 06:34 ص]ـ
ما ترك رسولنا:= خيرا إلا دلنا عليه ولا شرا إلا نهانا عنه.
إن الهوى يهوي بالحر إلى قيد العبودية ويشغله عن ذكر الله ويحثه على المعصية ويعمي العين ويطفئ بهاء الوجه.
يرخص الهاوي روحه في سبل لا قيمة لها ويواجه أخطارا لا قبل له بها ويمرض نفسه ويشغلها عما خلقت له ويندفع لخرق الحياء والتعدي على الحرمات.
ولم يملأ الهوى قلبا إلا إذا خلا من حب الله والاشتغال بكتابه والتفكر في عظيم صنعه.
أما ما بين الزوجين فهو مودة ورحمة لا عشق وهوى ولم يكن شرطا لعقد الزواج وجود المحبة قبل ذلك فالمحبة بعد الزواج لا قبله.
وما زلنا مذ أسلافنا حتى وقتنا لم نعرف زوجاتنا قبل الزواج ولا أحببناهن إلا بعده.
هذا من مشاركة لي هنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showpost.php?p=224929&postcount=14)
وإن عدتم عدنا:)
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 02:38 م]ـ
أشكركم على هذا النقاش لي رأي ولكنني سأحتفظ به لنفسي فهو لن يعجب البعض ...
ـ[مُسلم]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 03:32 م]ـ
لماذا تحتفظ به أخى ,,, ألسنا أولى به؟
كن كما عهدتك جواداً كريماً:)
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 04:49 م]ـ
العشق أعلى درجات الحب، وهو كالسحر سبب لطيف يوثر في صاحبه من حيث لا يدري، وربما تمكن من القلب تمكنا قويا فيؤدي بصاحبه إلى الهذيان، والعياذ بالله.
سلو الله العفو العافية.
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 10:32 م]ـ
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=272003#post272003
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 03:04 ص]ـ
أشكركم على هذا النقاش لي رأي ولكنني سأحتفظ به لنفسي فهو لن يعجب البعض ...
لا تحتفظ به سيدى: p قل ما لديك
أما عنى فأنا أعتقد أنه ليس عيبا أو حراما ما دام خلا من الأفعال المحرمة وأعتقد أن المشاعر ليست بأيدينا ;)
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 09:57 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء أخي الكريم أنس
و رزقنا الله حبه و حب من يحبه و حب عمل يقربنا لحبه
رأيي أن المشاعر ليست بيد الإنسان و الحب ليس عيبا أو حراما لو اقتصر على مجرد المشاعر و لم يقترن بما هو عيب أو حرام
و في نفس الوقت يجب أن يقترن الحب بالعقل حتى لا يجر الإنسان لظلمات لا خروج منها
و ليس بالضرورة أن يكون الحب سببا للإنشغال عن كتاب الله و التدبر و التأمل في بديع صنعه
بل قد يكون العكس
إذا صحبته إرادة و إيمان بالله و نية صادقة في أن يكون هذا الحب في الله و باعثا للخير لا داعيا للشر
ـ[أم أسامة]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:34 ص]ـ
اللهمّ ارزقنا حبك .. و حب من يحبك .. و حب كل عمل يقربنا إلى حبك
آمين
جزاك الله خيراً(/)
حتى تغتنموا الحياة و الأوقات .. ؟ .. استمعوا إلى هذه الكلمات العجيبات!!
ـ[فصيح الزمان]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 04:47 م]ـ
في الانسان وجهان:
الاول: جهة الانانية المقصورة على الحياة الدنيا.
والآخر: جهةُ العبودية الممتدة الى الحياة الأبدية.
فهو على اعتبار الوجه الاول مخلوقٌ مسكينٌ. إذ رأسماله من الارادة الجزئية جزءٌ ضيئل كالشعرة، وله من الاقتدار كسبٌ ضعيف، وله من الحياة شعلةٌ لا تلبث أن تنطفئ، وله من العمر فترةٌ عابرة خاطفة، وله من الوجود جسمٌ يبلى بسرعة. ومع هذا فالانسان فردٌ لطيف رقيق ضعيف من بين الأفراد غير المحدودة والأنواع غير المعدودة المتراصة في طبقات الكائنات.
أما على اعتبار الوجه الثاني وخاصة من حيث العجز والضعف المتوجهين الى العبودية، فهو يتمتع بفسحة واسعة، وأهمية عظيمة جداً؛ لأن الفاطرَ الحكيم قد أودع في ماهيته المعنوية عجزاً عظيماً لا نهاية له، وفقراً جسيماً لا حد له، وذلك ليكون مرآةً واسعة جامعة جداً للتجليات غير المحدودة (للقدير الرحيم) الذي لا نهاية لقدرته ورحمته و (للغني الكريم) الذي لا منتهى لغناه وكرمه.
نعم، ان الانسان يشبه البذرة، فلقد وُهبت للبذرة اجهزةٌ معنوية من لدن (القُدرة) واُدرجت فيها خطةٌ دقيقة ومهمة جداً من لدن (القَدَر) لتتمكن من العمل داخل التربة، ومن النمو والترعرعِ والانتقالِ من ذلك العالم المظلم الضيق الى عالم الهواء الطليق والدنيا الفسيحة، وأخيراً التوسل والتضرع لخالقها بلسان الاستعداد والقابليات لكي تصير شجرةً، والوصولِ الى الكمال اللائق بها. فاذا قامت هذه البذرةُ بجلب المواد المضرة بها، وصرفِ أجهزتها المعنوية التي وُهبت لها الى تلك المواد التي لا تعنيها بشئ وذلك لسوء مزاجها وفساد ذوقها، فلاشك ان العاقبةَ تكون وخيمةً جداً؛ اذ لا تلبث أن تتعفن دون فائدة، وتبلى في ذلك المكان الضيق. أما اذا اخضَعتْ أجهزتَها المعنوية لتتمثل أمر] فالق الحبِّ والنَّوى [(الانعام:95) التكويني واحسنتْ استعمالَها، فانها ستنبثق من عالمها الضيق لتكتملَ شجرةً مثمرةً باسقة، ولتأخذ حقيقتُها الجزئية، وروحُها المعنوية الصغيرة صورتَها الحقيقية الكلية الكبيرة.
فكما ان البذرة هكذا فالانسانُ كذلك. فقد اُودعتْ في ماهيته اجهزةٌ مهمةٌ من لدن القدرة الإلهية، ومُنحَ برامجَ دقيقة وثمينة من لدن القَدَر الإلهي. فاذا أخطأ هذا الانسانُ التقديرَ والاختيار، وصَرَف اجهزتَه المعنوية تحت ثرى الحياة الدنيا وفي عالم الارض الضيق المحدود، الى هوى النفس، فسوف يتعفّنُ ويتفسّخ كتلك البذرة المتعفنة، لأجل لذةٍ جزئيةٍ ضمن عمرٍ قصيرٍ وفي مكانٍ محصور وفي وضع متأزم مؤلم، وستتحمل روحُه المسكينة تبعات المسؤولية المعنوية فيرحلُ من الدنيا خائباً خاسراً.
أما اذا ربّى الانسانُ بذرةَ استعداده وسقاها بماءِ الأسلام، وغذّاها بضياءِ الايمان تحت تراب العبودية موجهاً أجهزتَها المعنوية نحو غاياتها الحقيقية بامتثال الأوامر القرآنية. فلابد أنها ستنشقّ عن أوراقٍ وبراعم واغصانٍ تمتدّ فروعُها وتتفتّح أزاهيرُها في عالم البرزخ وتولّد في عالم الآخرة وفي الجنة نِعَماً وكمالاتٍ لا حد لها. فيصبح الانسان بذرةً قيّمةً حاوية على أجهزة جامعة لحقيقة دائمة ولشجرة باقية، ويغدو آلةً نفيسة ذات رونق وجمال، وثمرةً مباركة منورة لشجرة الكون.
نعم ان السموَّ والرقي الحقيقي انما هو بتوجيه القلب، والسرِ، والروح، والعقل، وحتى الخيال وسائر القوى الممنوحة للانسان، الى الحياة الأبدية الباقية، وأشتغال كلٍّ منها بما يخصّها ويناسبها من وظائف العبودية. أما ما يتوهمه أهلُ الضلالة من الانغماس في تفاهات الحياة والتلذّذِ بملذاتها الهابطة والإنكباب على جزئيات لذاتها الفانية دون الالتفات الى جمال الكليات ولذائذها الباقية الخالدة مسخّرين القلب والعقل وسائر اللطائف الانسانية تحت إمرةِ النفس الأمارة بالسوء وتسييرها جميعاً لخدمتها، فان هذا لا يعني رقياً قط، بل هو سقوطٌ وهبوط وانحطاط.
...
من الكلمة 23 من رسائل النور العالمية
.
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 03:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[فصيح الزمان]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 07:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا
و إياكم أختي الفاضلة ... و هذه تتمة:
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد رأيت هذه الحقيقة في واقعة خيالية سأوضحها بهذا المثال:
دخلتُ في مدينة عظيمة، وجدت فيها قصوراً فخمة ودُوراً ضخمة، كانت تُقام أمام القصور والدور حفلات ومهرجانات وأفراح تجلب الانظار كأنها مسارحُ وملاهٍ، فلها جاذبية وبهرجة. ثم امعنت النظر فاذا صاحبُ قصر واقفٌ أمام الباب وهو يداعب كلبه ويلاعبه. والنساء يرقصن مع الشباب الغرباء، وكانت الفتيات اليافعات ينظّمن العابَ الأطفال. وبوّاب القصر قد اتخذ طورَ المشرف يقودُ هذا الحشد. فأدركت ان هذا القصر خالٍ من أهله وأنه قد عُطلّت فيه الوظائف والواجبات. فهؤلاء السارحون من ذويه السادرون في غيّهم قد سقطت أخلاقُهم وماتت ضمائرهم وفرغت عقولُهم وقلوبُهم فأصبحوا كالبهائم يهيمون على وجوههم ويلعبون أمام القصر. ثم مشيتُ قليلاً ففاجأني قصرٌ آخر. رأيت كلباً نائماً امام بابه. ومعه بوّاب شهمٌ وقور هادئ، وليس امام القصر ما يثير الانتباه، فتعجبت من هذا الهدوء والسكينة واستغربت! واستفسرتُ عن السبب، فدخلت القصرَ فوجدته عامراً بأهله، فهناك الوظائف المتباينة والواجبات المهمة الدقيقة ينجزها أهلُ القصر، كلٌّ في طابقه المخصص له في جوّ من البهاء والهناء والصفاء بحيث يبعث في الفؤاد الفرحة والبهجة والسعادة. ففي الطابق الأول هناك رجالٌ يقومون بإدارة القصر وتدبير شؤونه، وفي طابقٍ أعلى هناك البناتُ والاولاد يتعلمون ويتدارسون. وفي الطابق الثالث السيداتُ يقمن بأعمال الخياطة والتطريز ونسج الزخارف الملونة والنقوش الجميلة على انواع الملابس، أما الطابق الأخير فهناك صاحبُ القصر يتصل هاتفياً بالملكِ لتأمين الراحةِ والسلامةِ والحياة الحرّة العزيزة المرضية لأهل القصر، كلٌّ يمارس اعماله حسب اختصاصه وينجز وظائفه اللائقة بمكانته الملائمة بكماله ومنزلته. ونظراً لكوني محجوباً عنهم فلم يمنعني أحدٌ من التجوّل في انحاء القصر؛ لذا استطلعت الأمور بحرّية تامة. ثم غادرتُ القصر وتجولت في المدينة فرأيتُ انها منقسمةٌ الى هذين النوعين من القصور والبنايات، فسألت عن سبب ذلك ايضاً فقيل لي: "ان النوع الاول من القصور الخاليةِ من أهلها والمبهرجِ خارجُها والمزينةِ سطوحُها وافنيتُها ما هي الاّ مأوى ائمة الكفر والضلالة. أما النوع الثاني من القصور فهي مساكن أكابر المؤمنين من ذوي الغيرة والشهامة والنخوة". ثم رأيت أن قصراً في زاوية من زوايا المدينة مكتوبٌ عليه اسم (سعيد) فتعجبت، وعندما أمعنت النظر أبصرت كأن صورتي قد تراءت لي، فصرختُ من دهشتي واسترجعت عقلي وافقتُ من خيالي.
واريد أن أفسر بتوفيق الله هذه الواقعة الخيالية:
فتلك المدينة هي الحياة الاجتماعية البشرية ومدنية الحضارة الانسانية، وكل قصر من تلك القصور عبارة عن انسان، أما أهلُ القصر فهم جوارحُ الانسان كالعين والاذن، ولطائفُه كالقلب والسر والروح، ونوازعُه كالهوى والقوة الشهوانية والغضبية. وكلُّ لطيفةٍ من تلك اللطائف معدّةٌ لأداءِ وظيفةِ عبوديةٍ معينة ولها لذائذُها وآلامُها، أما النفس والهوى والقوة الشهوانية والغضبية فهي بحكم البوّاب وبمثابة الكلب الحارس. فإخضاع تلك اللطائف السامية اذن لأوامر النفس والهوى وطمس وظائفها الاصلية لا شك يعتبر سقوطاً وانحطاطاً وليس ترقياً وصعوداً .. وقس أنت سائر الجهات عليها.
...
ـ[فصيح الزمان]ــــــــ[16 - 06 - 2009, 07:15 ص]ـ
ألا تريدون اغتنام الحياة؟!؟
كل الحياة؟!؟
فيتحول الفاني القليل المضطرب المؤلم إلى البقاء السعيد العظيم الجليل الدائم؟!؟(/)
كان لا يبغي ولا يبخل
ـ[محمد سعد]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 12:35 ص]ـ
روي أن هشام بن عبد الملك قال لخالد بن صفوان يوما: بم بلغ فيكم الأحنف ما بلغ؟
قال: إن شئت أبلغتك بخلة وإن شئت بخلتين وإن شئت بثلاث
قال هشام: فما الخلة؟
فال: كان أقوى الناس على نفسه.
قال: فما الخلتان؟
قال: كان موقى للشر، ملقى الخير
قال: فما الثلاث؟
قال: كان لا يجهل، ولا يبغي، ولا يبخل في موقف قط
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 01:55 ص]ـ
رزقنا الله مثل ما رزقه من الصفات ... مشكور أستاذى:)(/)
العزلة النافعة
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 01:46 ص]ـ
في العزلة .. البعد عن مواطن الرياء؛ وهو من محبطات الأعمال فإن من جلس وحده لايجد من يرائي له، أما من خالط الناس؛ فإن نفسه تدعوه إلى التصنع وإظهار الفضيلة، فإن الإنسان من طبيعته إظهار الحسن من نفسه، وستر السيء ...
وفي العزلة .. السلامة من الكذب؛ فإن النفس أمارة بالسوء، وحب التزيد في الحديث عادة، وجلب الانتباه بغرائب الحكايات، وعجائب المنقولات ...
وفي العزلة .. الأمان من التهديد والوعيد الذي ينقله الغاوون؛ فإنهم يحبون الأراجيف، وينشطون للشائعات، ويرتاحون لبث الأخبار المخيفة من قتل وحبس وحروب ودمار وجوع، وتخطيط لكارثة، وتدبير لحادثة؛ حتى يبقى قلب السامع في مزعجات، وتعيش نفسه في خيالات، ولو كان وحده لرضي بموعود الله من الكفاية، وتفويض الأمر إليه والتوكل عليه والقرب منه.
وفي العزلة .. السلامة من صلف المتكبرين، وإعراض المتجبرين، وزهو المختالين؛ فإن من الناس من يستهين بمن خالطه أو صادقه بغلظته وفظاظته وزهوه ...
وفي العزلة .. النجاة من عيون الحاسدين، وأبصار الكائدين؛ فإن في حدق العيون رصاص يقتل، وسهام تجرح، وقذائف تدمر ...
وفي العزلة .. تذكر الذنوب، والتفكر في العيوب، والاشتغال بنقص النفس عن نقص الناس؛ فإن من اعتزل ظهرت له أخطاؤه .. وبدت له عيوبه؛ لأنه شغل بها عن عيوب العالمين، فتجده بين ندم على ما فات يستفرغ دموع عيونه، وآهات قلبه، وبين عمار لوقته في الطاعة، وتدبير لمستقبله، واستعداد لرحيله، وتهيؤ لانتقاله.
وفي العزلة .. إسقاط الحقوق عن النفس، والواجبات عن الشخص، فإن الناس لايعذرون؛ لأنك إن زرت فلانا، وتركت علانا،عتب عليك، ونفر منك، ولكن لو عودت الجميع ترك فضول الزيارة إلا في الواجبات الشرعية عذرك الجميع، وعفوا عنك.
منقول من كتاب: (هكذا حدثنا الزمان) للشيخ الأديب: د/عائض القرني.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 01:51 ص]ـ
نعم بارك الله فيك ...
ـ[بثينة]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 01:52 ص]ـ
وفي العزلة .. تذكر الذنوب، والتفكر في العيوب، والاشتغال بنقص النفس عن نقص الناس؛ فإن من اعتزل ظهرت له أخطاؤه .. وبدت له عيوبه؛ لأنه شغل بها عن عيوب العالمين، فتجده بين ندم على ما فات يستفرغ دموع عيونه، وآهات قلبه، وبين عمار لوقته في الطاعة، وتدبير لمستقبله، واستعداد لرحيله، وتهيؤ لانتقاله.
حقا صدق شيخنا الفاضل
العزلة لها فوائد جمة
شكرا لك أخية على هذا النتقاء الرائع
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 07:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذا النقل النافع المنتقى بعناية تحقق المقصود.
ومن "مجموع فتاوى ابن تيمية رحمه الله":
"وَقَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ الْأَفْضَلُ لِلسَّالِكِ الْعُزْلَةُ أَوْ الْخُلْطَةُ؟ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا؟ إمَّا نِزَاعًا كُلِّيًّا وَإِمَّا حَالِيًّا. فَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ: أَنَّ الْخُلْطَةَ تَارَةً تَكُونُ وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً وَالشَّخْصُ الْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ مَأْمُورًا بِالْمُخَالَطَةِ تَارَةً وَبِالِانْفِرَادِ تَارَةً. وَجِمَاعُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمُخَالَطَةَ إنْ كَانَ فِيهَا تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى فَهِيَ مَأْمُورٌ بِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَعَاوُنٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ فَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَالِاخْتِلَاطُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي جِنْسِ الْعِبَادَاتِ: كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ. وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَاطُ بِهِمْ فِي الْحَجِّ وَفِي غَزْوِ الْكُفَّارِ وَالْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ وَإِنْ كَانَ أَئِمَّةُ ذَلِكَ فُجَّارًا وَإِنْ كَانَ فِي تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ فُجَّارٌ وَكَذَلِكَ الِاجْتِمَاعُ الَّذِي يَزْدَادُ الْعَبْدُ بِهِ إيمَانًا: إمَّا لِانْتِفَاعِهِ بِهِ وَإِمَّا لِنَفْعِهِ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ أَوْقَاتٍ يَنْفَرِدُ بِهَا بِنَفْسِهِ فِي دُعَائِهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَذِكْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَتَفَكُّرِهِ وَمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ وَإِصْلَاحِ قَلْبِهِ وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَشْرَكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ فَهَذِهِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى انْفِرَادِهِ بِنَفْسِهِ؛ إمَّا فِي بَيْتِهِ، كَمَا قَالَ طاوس: نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ يَكُفُّ فِيهَا بَصَرَهُ وَلِسَانَهُ، وَإِمَّا فِي غَيْرِ بَيْتِهِ. فَاخْتِيَارُ الْمُخَالَطَةِ مُطْلَقًا خَطَأٌ وَاخْتِيَارُ الِانْفِرَادِ مُطْلَقًا خَطَأٌ. وَأَمَّا مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ هَذَا وَهَذَا وَمَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ فَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ خَاصٍّ كَمَا تَقَدَّمَ". اهـ
فهو أمر يرجع إلى ذات المكلف، فهو طبيب نفسه، وأدرى بما يصلح حاله، بعد أن يستوفي الواجب شرعا من الخلطة في الجمعة والجماعات ........... إلخ، كما ذكر الشيخ رحمه الله.
وعلى المستوى الشخصي: أعرف أناسا لو اختلطوا في غير الواجب لفسدت حياتهم، فقوتهم في عزلتهم كما يقول أحد الفضلاء عندنا، وأعرف آخرين على النقيض، لو لم يختلطوا لفسدت حياتهم، فلا غنى لهم عمن حولهم، ولكل مسألة نظر خاص كما حقق الشيخ رحمه الله، وليس ما يصلح زيدا عينَ ما يصلح عمرا، بل لكل ما يصلحه، وسبحان من نوع الأخلاق والفِكَر، كما نوع الهيئات والصور.
وفي قول الشيخ حفظه الله ونفع به:
"وفي العزلة .. إسقاط الحقوق عن النفس، والواجبات عن الشخص، فإن الناس لايعذرون؛ لأنك إن زرت فلانا، وتركت علانا، عتب عليك، ونفر منك، ولكن لو عودت الجميع ترك فضول الزيارة إلا في الواجبات الشرعية عذرك الجميع، وعفوا عنك". اهـ
إصابة لكبد الحقيقة فغالب تلك الزيارات: زيارات دبلوماسية باردة يغلب عليها التكلف والتصنع والمجاملات الكاذبة، فهي تستهلك من روح الإنسان ما تستهلك دون طائل.
والله أعلى وأعلم.
ـ[سهى الجزائرية]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 07:31 ص]ـ
جميلة هذه
ـ[أم أسامة]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 01:43 ص]ـ
بوركت أيتها الكريمة ..
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 01:59 ص]ـ
شكر الله الجميع على طيب المرووووور ...
وشكر الله لك أخي -المهاجر - على إثرائك الموضووووع ...
صدقت .. تختلف فوائد العزلة من شخص لآخر؛ فمنهم من يجد فائدته في العزلة، ومنهم من يجد فائدته في الاختلاط ..
والاعتدال في كليهما هو المخرج والدواء لمن به داء ..
ـ[أبو شهاب]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 01:53 م]ـ
وفي العزلة
أنهيار عصبي وتحطمٌ كياني ومدعاة لرتكاب المعاصي .....
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:19 م]ـ
أنا شخصيا أحب أن أبقى وحيدا لفترات طويلة ولا أحب الاختلاط بالناس كثيرا
أشكرك على هذا الموضوع
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:15 م]ـ
وفي العزلة حفظ السمع والبصر واللسان والفؤاد: " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا "(/)
كيف نقرأ؟
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 03:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
موضوع واسع متشعب يهم الكثير من الإخوة - وكاتب هذه السطور في طليعتهم -.
أرجو أن يكون هذا الموضوع دوحة لتناقل الأفكار وتبادل الآراء بين الإخوة، وكلي أمل بأن يشارك الجميع في هذا الموضوع لتعم الفائدة ونخرج بالفوائد القيمة التي استفادها الأساتذة بعد السنين الطويلة التي قضوها بين دفات الكتب.
لن أقيد أحدًا من الإخوة بعناصر محددة، فالمجال مفتوح لطرح ما يثري الموضوع، ولكن لعلي أطرح بعض العناصر التي تعتبر تمهيدًا للموضوع:
** كيف أنظم وقتي؟
** ما الطريقة المثلى للخروج بأكبر فائدة عند قراءة كتاب لغوي؟
** كيف أختار كتبي؟
** شراء الكتب وآفة التحقيق.
وبانتظار مشاركات الأحبة،،
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 03:57 ص]ـ
بارك الله فيك أخي
أضيف بأن القراءة فعل إنساني حضاري، ولولا القراءة ما تفتقت الأفكار وبرع المبدعون
والقراءة أمر رباني قبل ذاك، وما كان ذلك ليكون إلا لأن الفعل القرائي يوسع مدارك المرء ويتناقل الخبرات ويتعايش مع الأمم والخلائق ..
أضيف إلى قائمتك السؤال التالي: ماذا نقرأ؟؟
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 05:05 ص]ـ
بارك الله فيك مشرفنا الكريم، وكنتَ أحد المعنيين بطرح آرائهم عن القراءة، فرأيك يهمنا كثيرًا كونك أحد نجوم الفصيح الساطعة.
بانتظارك ..
ـ[أم أسامة]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 05:14 ص]ـ
جزيت خيراً وننتظر رأي الأساتذه من خبراتهم نستفيد ...
ونتمنى أن نجد تفاعل ... الموضوع مهم ومفيد(/)
هديتي لكم بمناسبة الشهر الفضيل
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 08:36 م]ـ
وإن كانت معروفة ولا أطيل الكلام عليكم ودون مقدمات ...
http://www.alaqsa-online.com/Vedio/3d.htm
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 09:10 م]ـ
المسجد الأقصى ... حبيب القلوب والنفوس!!
والله حرقت قلوبنا برؤيته يا شيخنا .. كيف لا .. وهو أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين .. ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم
لا تزال بذكراتي محراب الأقصى وقبابه وزواياه وأزقة البلدة المقدسة لاتزال صورة كنيسة القيامة ورهبانها في الذاكرة على الرغم من أن آخر مرة زرت القدس فيها في أيار 1998 كان أبي يقول لي حينذاك متعي عينيك بالنظر للقدس يا بنيتي فلعلك لا ترينها بعد اليوم من يدري فلعلنا نشهد يوما تتوق أرواحنا فيه للتحليق هنا ... وبالفعل صدقت مقولة والدي فلم نرها بعد ذلك اليوم ... وها أنا أنظر لها الآن كما ينظر الطائر المبعد إلى عش له سيجته الأشواك والنيران .. فليس بقادر على اخماد نار تحرق بيته وليس بقادر على اقتحامها له ...
ياربنا هو بيتك يا ربنا هو مسرى نبيك فرحماك رحماك يا رب العالمين
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 10:38 م]ـ
جزيت خيراً استاذ نائل ....
كما يسعدني أن أزف لكم البشرى , وهي:
نقلٌ حيٌ و مباشر لأذان المغرب و فترة الإفطار و صلاة التراويح يومياً خلال شهر رمضان المبارك على قناة القدس الفضائية (حصرياً).
التردد:
عرب سات
27500
11804 mhz
H ( أفقي)(/)
تفريغ [فتوى] معالي العلامة / صالح بن محمد اللحيدان [المحرفة]!
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 10:10 م]ـ
الحمد لله القائل: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. [النور: 24].
يتعرض معالي رئيس " مجلس القضاء الأعلى " فضيلة العلامة صالح بن محمد اللحيدان - حفظه الله ورعاه - لهجمة خبيثة تشنها [بعض] وسائل الإعلام -[الرافضية والعلمانية والليبرالية] المرئية منها والمكتوبة -، والتي تناقلت [تحريف] فتوى - لمعاليه - صدرت حول [ملاك القنوات الفضائية]، فيما تبثه قنواتهم [الساقطة] في شهر رمضان الفضيل من فتن أخلاقية ونزعات جاهلية.
وقد حذف - أولئك الأنجاس وأراذل الناس - كلمة [قضاءً] حينما كان يستدل - حفظه الله ورعاه - في حديثه بقول الله تعالى: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. [المائدة: 33].
وكان الواضح من استدلاله: هو الربط بين الحكم وتطبيقه بما يصدر من [القضاء الشرعي]. إلا أن تلك [القنوات]- الخبيثة - حاولت أن توهم مشاهديها ومتابعيها أنه [أهدر دمائهم] من دون اللجوء للقضاء؛ وإليكم تفريغ فتواه - جعله الله شوكة في خاصرة الحركيين والعلمانيين والليبراليين -:
السؤال: أحسن الله إليكم. [أ. ع. س] يقول: الفتن الكبيرةة التي يجلب [أصحاب القنوات الفضائية] بها في شهر رمضان على وجه الخصوص تكثر برامجهم السيئة، ويركزون في فترة المغرب وفترة العشاء على المسلمين.
ما نصيحتكم سواء كان للمشاهدين أو لأصحاب هذه القنوات!؟
الجواب: لا شك أن هذه بلاءٌ وشرٌ وفتنةٌ، لكن أصحاب القنوات يكون عليهم وزرُ ما يدعون إليه، ومثل أوزار من تأثروا بدعوتهم ودعايتهم؛ فالخطر عليهم عظيم.
فأنا أنصح أصحاب هؤلاء القنوات الذين يبثون الدعوة للخناعة والمجون، أو للفكاهة والضحك، وإضاعة الوقت بغير فائدة ولا أجر، وأحذرهم من مغبة آثار من يقتدون بما يعرض هؤلاء، وما يقعون فيه، فمن وقع في شيء مما يُعرض من هذه الفتن بسبب ما عُرض وشاهد؛ يكون عليه وزر عمله، ويكون على دعاة ذلك الشر والبلاء مثل أوزار هؤلاء دون أن يُنقص من أزر هؤلاء.
فما الظن إذا كانت بعض هذه القنوات تكون سببًا في انحراف آلاف الناس.
ماذا يُفكر مالك القناة والموفر لها دعايات الإغراء، ودعوات الفُحش والمُجون، أو ما يجلبه من الشكوك والتشكيك!؟
فقد تفسد عقائد، وتنقلب فِطر، وتجترح قضايا كبار بسبب هذه الفساد ليجني مادة قليلة، وهو لا يدري هل يستمتع بتلك المادة من هذه العروض الخبيثة الخطيرة!؟
إن من يدعون إلى الفتن: إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحل قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاءً.
فالأمر خطير لأن الله - جل وعلا - لما ذكر قتل النفس قال: أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ. [المائدة: 32].
فالإنسان يُقتل بالنفس أو بالفساد في الأرض، وإفساد العقائد، وإفساد الأخلاق والدعوة لذلك نوع من الفساد العريض في الأرض.
فلعل أصحاب هؤلاء القنوات: أن يتقوا الله - جل وعلا - ويتوبوا، ويجعلوا قنوات بثهم مذكرة بخير، محذرة المسلمين من الشر، داعية لهم أن يستعدوا للمحافظة على إسلامهم وحراسة دينهم، وأن يكفوا عن نشر الفساد والإلحاد، والدعوة إلى السحر والمجون؛ والله المستعان.
إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية
برنامج: " نور على الدرب "
الأربعاء: 10 رمضان 1429 هـ
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 10:32 م]ـ
أقسم بالله أنني رأيت صورة أمرأة عارية في فيلم للأطفال (أو ما يسمى بـ فاميلي موفيز) على قناة للأفلام الأجنبية في نهار رمضان
يحكي الفيلم قصة بطله وهو طفل صغير عاش يتيما ووجد مجلة فتصفحها فإذا هي إباحية , المصيبة أن المخرج ركز الكاميرا على الصورة التي في المجلة
وتحت ستار (الفاميلي موفيزوالتشيلدرن بروغرامز) تندس قناة خبيثة جدا وهذه القناة أيضا للأطفال وقد شاهدت فيها عريا وتقبيلا , لكن بالرسوم المتحركة
وتحت ستار (التشليدرن بروغرامز) تندس الكثير من القنوات , وسبب تركيزهم على الأطفال هو أن الكبار قد يقاومون ويفهمون أما (التشليدرن) فهم المتأثرون بسرعة
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 10:45 م]ـ
حفظ الله الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان
وإن كان تعرّض للنقد والهجوم الأرعن من قبل أهل الفساد وأتباع الشيطان , ودعاة الباطل فقد , تعرّض كل دعاة الحق قبله لمثل هذه الحملات , وعلى رأس هؤلاء العظماء , إمام أهل السنّة أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله , ومثله شيخ الإسلام وحامي سنّة النبيّ ,أبو العبّاس أحمد ابن تيميّة , ومثلهما خلق لا يحصيهم إلاّ الله من أهل العلم المجاهديبن بلسانهم وسنانهم.
وكل الحب والتقدير لفضيلة الشيخ , وكما يقال عندنا في فلسطين:
"يا جبل ما يهزّك ريح "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 06:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذ كرم على النقل والتعليق.
صاغتها إذاعة لندن كالتالي:
أفتى الشيخ صالح اللحيدان بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية التي تعرض مشاهد تتنافى مع الآداب العامة، (أو كلمة نحوها)، ثم انتقلت إلى الخبر التالي مباشرة لتترك المستمع في حيرة من أمره، أيمكن أن يفتي أحد في القرن الحادي والعشرين: قرن السماوات المفتوحة والإنترنت و ........... إلخ بهذه الفتوى الرجعية المتشددة التي تعيد البشر إلى عصر شريعة الغاب، وتوصد الأبواب أمام الأفكار التقدمية المستنيرة التي لا ترى حرجا من عرض "العري" الهادف الذي يخدم الدراما؟!!!، هكذا أرادتها إذاعة لندن في حرفية إعلامية في عرض وجهة نظر أحادية، وعن الرأي والرأي الآخر لا تسأل!!!!، فحتى الرأي محل النقد لم يعرض كاملا وإنما بتر بترا ليخدم السياق الي أريد أن يقحم فيه.
ولا إشكال في هذه الفتوى لأنها تتمشى مع أصول أهل العلم وتدل على تضلع صاحبها من علوم الشريعة المنزلة، لاسيما المقاصد التي لا يتقنها إلا آحاد العلماء، فهي تندرج تحت حكم: "دفع الصائل" الذي يدفع بالعقوبة الدنيا فإن لم يندفع تدرج القاضي في دفع شره شيئا فشيئا، فإن اندفع شره فبها ونعمت، وإن لم يندفع شره إلا بالقتل، جاز للحاكم، وليس لآحاد الناس كما قد يوحي ظاهر السياق المبتور في تعمد واضح للتلبيس على السامع، جاز له أن يحكم بقتله دفعا لشره فتدرء المفسدة العظمى المترتبة على تركه يفسد في الأرض فسادا عاما، بالمفسدة الصغرى بإزهاق روحه وهو فساد خاص، فدفع الفساد الأعم مقدم على دفع الفساد الأخص.
وللشيخ اللحيدان، حفظه الله، سلف في هذه الفتوى، كما في فتوى شيخ الإسلام، رحمه الله، بالعمل بالحديث الذي رواه الترمذي، رحمه الله، في قتل شارب الخمر إن شربها في الرابعة، بعد جلده ثلاث مرات، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الحديث أحد حديثين في جامع الترمذي، رحمه الله، أجمع أهل العلم على ترك العمل بهما، وخالف ابن حزم، رحمه الله، على عادته في الأخذ بظاهر النص، وظاهر النص القتل مطلقا، وحمله شيخ الإسلام، رحمه الله، كما حمل الشيخ اللحيدان في المسألة محل البحث، على صورة "دفع الصائل"، فقال بأنه إن لم يندفع شر مدمن الخمر وإفساده إلا بالقتل: قتل تعزيرا، وهذا أولى من القول بإهمال الحديث وادعاء الإجماع على تركه، و إعمال الأدلة أولى من إهمالها كما قرر أهل العلم فيعمل بالحديث بالقيد المتقدم، فليس كل شارب لها يقتل في الرابعة.
وإذا كانت الشريعة قد حكمت بقتل الصائل على "الأبدان" الفانية تعزيرا، إن لم يندفع إلا بذلك، فكيف بالصائل على "الأخلاق"، بل كيف بالصائل على "الأديان"، كالمبتدع الذي يدعو إلى بدعته، فيفتن الناس في دينهم، ولا ينزجر بالعقوبات الدنيا، فإن على الحاكم، عندئذ، وهو ما أشار إليه الشيخ اللحيدان حفظه الله بقوله: قضاء فليس لآحاد الناس كما تقدم الحكم بذلك، عليه عندئذ أن يحكم بقتله إن لم يندفع شره إلا بذلك، ولذلك حكم الشارع، عز وجل، بقتل المرتد حسما لمادة شره فإنه يفتن الناس بردته ولسان حاله: دعوة الناس إلى الكفر بعد الإيمان، فهو عند التحقيق: صائل على الأديان، ولو ترك لتجرأ الناس على الكفر، وتلك مفسدة عظمى تدرء بإزهاق روحه فهو مفسدة صغرى، وارتكاب الصغرى درءا للكبرى أمر أقرته شريعتنا المحكمة كما تقدم.
وانظروا إخواني الكرام إلى التدليس في هذه الفتوى، والتدليس في الفتوى الموجودة على الرابط التالي لتعلموا أن الأسلوب واحد، وإن اختلفت القضايا وأعيان المفتين:
http://www.darcoran.net/modules.php?taraf=Splatt_Forums&file=viewtopic&topic=19389&forum=19
وفي هذا الرابط: عدة روابط تغطي تلك الفتوى:
http://www.darcoran.org/modules.php?name=Splatt_Forums&file=viewtopic&topic=19385&forum=19
والله أعلى وأعلم.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 06:24 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أوضح فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رداً على سؤال لتلفزيون المملكة العربية السعودية حول ما أثير على لسان فضيلته عبر إذاعة القرآن الكريم وتناقلته بعض وسائل الإعلام عن ما تعرضه بعض القنوات الفضائية في شهر رمضان المبارك أنه بداية لا يحب الحديث عن نفسه ولا يحرص على المظاهر الإعلامية ولا الكتابات الصحفية رغبة في الانشغال بغير ذلك ومع هذا فعندما تدعو حاجة إلى ما عليه الإنسان يكون مثل ذلك من باب المصلحة العامة.
وقال فضيلته إن ما نشر في الفضائيات والقنوات والمغرضين كأنهم معنيون بتاريخ حياتي، وذكروا بدئي في القضاء بعد أن كنت في الإفتاء، أنا كما يعلم العارفون بي وليعلم من لم يكن يعرف أنا من المتخرجين من كلية الشريعة عام 1379هـ، وفي أوائل سنة 80 تعينت مع سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه سكرتيرا له في الإفتاء وبقيت معه، وكنت والحمد لله والمنة والفضل له كنت محل الثقة وتقديرهم واحترام رأيهم، وفي عام 83 نقلني رحمة الله عليه إلى محكمة الرياض ليهيئني لرئاستها وذلك في أول رجب عام 83 وجلست فيها، وفي أوائل عام 84 توليت رئاسة المحكمة وبقيت فيها إلى 5 محرم عام91 ثم انتقلت إلى الهيئة القضائية العليا وتحولت فيما بعد إلى مجلس القضاء الأعلى واستمريت في هذا العمل في حياتي القضائية في الإفتاء وفي القضاء بما يتجاوز 50 عاما، كل هذا العمل في أعمال هامة، فيما يتعلق بالتحصيل العلمي تخرجت من الشريعة وقرأت قراءة وشرحا وتعليقا موطأ الإمام مالك في المسجد على الجماعة وصحيحي البخاري ومسلم وسنن الترمذي وأبي داود والنسائي طيلة هذه السنين التي مضت، وترتيب مسند الإمام أحمد بن عبدالرحمن البنا الساعاتي، كل هذه الكتب العظيمة الهامة قرأتها على الناس في المسجد إماما وتكلمت عن معانيها مع ما يحتاجها القضاء من مراجعة لكتب الفقه والأصول والقواعد الفقهية.
وأضاف // وفي حياتي لم أكن أتمتع في إجازة طيلة حياتي الماضية الإ بشهر واحد كما لم أكن أتمتع بإجازات خاصة، ومن فضل الله علي وعلى العمل أنني لم أتغيب عن العمل لمرض الإ مرتين في أمر خفيف والحمد الله على منه وكرمه وجوده.
ولقد تعاملت مع العلماء الذين هم كبار علماء المملكة ومن يتصل بهم، فكنت والحمد لله محل تقدير العلماء على رأسهم الشيخ محمد بن إبراهيم ويليه تلامذته ومن في طبقتهم الشيخ عبدالرزاق عفيفي وأستاذنا الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالله بن حميد وتلك الطبقة وكنت عضواً في هيئة كبار العلماء من أول عام 1391هـ ولا أزال فيها، وفيما يتعلق مع الملوك تملك المملكة بعد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه الملك سعود وكنت وقت وفاة الملك عبدالعزيز في الثالثة والعشرين عاماً ثم مع الملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمة الله عليهم أجمعين ومع الملك عبدالله وسمو ولي عهده وكبار المسئولين في الدولة من أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء الذين لهم صلة بي ولي بهم صلة.
كنت في كل ذلك والحمد لله أتمتع بحسن الصلة والتقدير منهم والذين كان كثير منهم في الوقت الحاضر دوني في السن والذين يمكن أن يكونوا قريبين في السن هم كبار الأمراء وقلة فيما أظن من الوزراء، هذه بالنسبة لي للحياة، بالنسبة للمشاكل منذ عام 85 لا تعرض قضية هامة تمس أمن الدولة وتضايق المواطنين والمجتمع إلا وفي الغالب أنا داخل فيها قضاء ودراسة بعد القضاء وأمثال ذلك، فهذه الحياة لا تدل على أن الإنسان يتكلم في فتوى عن جهل أو عدم رويه أو إدراك //.
وأشار إلى تاريخه في الفتيا وقال // وأما الفتيا فأنا من عام 80 فأنا مكلف بالفتيا في الحرم في الحج، عام 80 كلفني الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه و 20 رجلا من الزملاء أهل العلم ندرس في الحرم موسم الحج بكامله واستمريت على الفتيا بالنسبة لمناسك الحج طيلة هذه المدة مشاركا ومن عام 1404هـ كلفت بدروس الحرم في رمضان وما بعده والحج وإن كنت تخلفت أنا عن المواصلة في الحج للانشغال والازدحام وفي الدروس الصيفية عدة سنوات فكنت والحمد لله محل رضا المستمعين وأهل العلم ومن يتصل بي من داخل المملكة وخارجها وهذا فضل الله جل وعلا واحتمال قادح لا يستغرب تأثر شيخ الإسلام بن تيميه،
(يُتْبَعُ)
(/)
كما كثر المعترضون عليه، أنشد ابياتا أذكر واحداً منها يعرفها المتعاطون للأدب يقول فيها:
لو لم تكن لي في القلوب مهابة
لم تكثر الأعداء في تقدح
فلا ألوم من يتضايق من أن يكون إنسان موفق لأي عمل من الأعمال وإذا صار الشنئان والإزدراء ممن هم دون المستوى فأستشهد إشارة أولا تكلم في أهل العلم وانتقد الرسل من قبلهم وأما من جانب الأدب فيقول أبو الطيب المتنبي في قصيدته مطلعها:
لك في القلوب منازل.
وإذا أتتك مذمتي من ناقص=فهي الشهادة لي بأني كامل
فإذا جاءت المذمة من نقص في عقله أو إيمانه أو حسبه لا يضير يكفيني ما يقول الشاعر الأول:
إذا رضيت عني كرام عشيرتي=فلا زال غضبانا علي لئامها
فأنا إذا كنت أتمتع فيما أظن برضى الله جل وعلا ثم برضى ملوك بلادي وكبار رجالهم من إخوانهم ونوابهم فلا أبالي فيمن دونهم إلا إنني أحب لكل مسلم أن يوفقه الله للصواب في أموره كلها وأن يهديه سواء السبيل، وأنا ما أقول لمن يسيئني إلا حسبنا الله ونعم الوكيل //.
وأفاد أن هذا مجمل خلاصة أحب أن يقولها في بداية الحديث، وأما ما يتعلق بالسؤال فقد كان تسجيله فيما يظهر أنه في شهر 6 لهذا العام أو في أواخر شهر 5 في الرياض لما سجلت حلقات رمضان فأجبت عليه إجابة من ينفع المستمعين بداية بمن يكونون معنيين في السؤال وهم أصحاب البث في القنوات الفضائية ومن يستمع لهم لأن الخطاب الذي يراد به أن يكون نافعاً يوجه لأكبر عدد ممكن رجاء ان ينفع الله به وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ـ رب مبلغ أوعى من سامع ـ قد ينقل الواحد ما سمعه لغيره ولا يكون وهو ينقله فاهماً أبعاد ما نقل فينقله لمن هو أفقه منه وأكثر إيضاحاً لمراميه وهذا ما كنت أرجو وأهدف له حين أبديت ما أبديت.
وقال فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى // ما كنت أظن أن أحداً جريئا على التجريح والتشويش وقطع الكلام من مبدئه أو من منتهاه أو من وسطه لحاجة في نفسه ما كنت أتوقع هذا لأنني لا أسعى لغيض أحد ولا للإساءة إلى أحد، ويسرني كثيرا أن يصل إحساني باللسان أو بالشفاعة أو نحو ذلك بالنصح والإرشاد إلى أكبر عدد ممكن وأنا إن لم أكن مفتياً أتلقى الفتاوى عبر الهاتف وفي مقري في العمل وفي منزلي وفي الدروس التي ألقيها والمحاضرات، وأن وقتي كما يعرف كل من يعرف أنني في القضاء وفي دراسة القضايا ـ القتل والرجم والأموال والتعزيرات والحدود وغير ذلك ـ يستدعي من الواحد أن يكون باذلا جل ما يبذله من وقته في خدمة هذا الجهاز الذي أعتبره ولله الحمد أميز قضاء في العالم وإن لم يرض المغرضون لأن هذا القضاء إنما يعتمد على مفهوم من كتاب الله جل وعلا ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومما أجمع عليه سلف الأمة من عهد القرون الثلاثة التي شهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون كما في حديث عمران بن الحصين وعبدالله بن مسعود المخرجين في الصحيح حيث قال / خير القرون الذي بعثت فيهم / وهؤلاء الصحابة ثم الذين يلونهم وهؤلاء أتباع التابعين الذين لم ينقرضوا إلا في حدود منتصف المائة الثانية من الهجرة، وما جاء بعدهم من أهل العلم فهو إنما هو تفريع واستنباط وإيضاح ما فهموه من كلام أولئك أو ما نقلوه فالحمد لله على كل حال//.
وتابع يقول // ثم أني تكلمت عن هذه المحطات ولا شك أنني لست راضيا عن كثير من القنوات الفضائية وإن كنت ألقيت كلمات في قنواتنا وفي قناة المجد واعتذرت عن غيرها.
أما تسجيلات التلفاز فأنا من تأسيس التلفاز في المملكة وأنا ألقي فيه في بعض السنوات حلقات رمضان التفسيرية كلها كنت أتولى ذلك ,أتذكر في بداية الملك خالد أو في أوائل الملك فهد ثم بعد كثر الشغل عندي فكنت لا أستطيع أن أسجل.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الحلقة التي أثارت واستثارت من حرف فيها ولم ينقل الكلام الذي قلته نصا، أنا بدأتها بالنصح لأصحاب القنوات بأن يتقوا الله ويخافوا وأن لا يسعوا لبث شيء مما يفسد عقائد الناس كما يتعلق بالسحر وأنواعه وتمثيليات فيها شركيات ظاهرة وما يتعلق بنشر الخلاعة والمجون وما يتعلق بمضحكات لا تليق برمضان واستهزاء برجالات علم أو رجالات أمر بمعروف أو نهي عن المنكر أو غير ذلك مما لا يليق ببسيط الناس أن يتعناها فكيف بمحطات تبث على الهواء فنصحت هؤلاء عليهم أن يتقوا الله ولا يسعوا لإفساد الناس وأن من قلدهم أو تأثر بفسادهم وتضرر باعتناق بعض الأفكار التي يسلكونها أنه يتحمل وزره لكنهم يتحملون مثل أوزاره لأن من دعا سنة سيئة تحمل وزر دعوته وتحمل أمثال أوزار من يتبعونه عليها فكنت في كلامي أنصح لأولئك القنوات أن يتقوا الله في الأمة الإسلامية ألا يسعوا لبث ما يشوه أخلاقها أو يدعوها للتساهل في أمر دينها أو يجرها على الخلط في أمر العقائد بالسفاهة والسحر والشعوذة وغير ذلك.
وأن هؤلاء المسؤولين والباثين إذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وعادوا في ذلك أنهم يعاقبون ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث أنه يجوز للسلطة قتلهم قضاء، ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة للادعاء لهيئة الادعاء العام و يسمع القاضي ويصدر أحكامه إذا ظهر له أن المدعى عليه ممن يستحقون العقوبة القاسية ثم يرفع هذا للجهات المختصة في تدقيق الأحكام ثم يرفع بعد ذلك للجهة التي هي أعلى منها فإن مراحل القضاء في المملكة ليست درجة واحدة الدرجة الأولى تأتي الثانية إذا اقتضت الحال منها الاحتياط للقضاء والاحتياط للأحكام التي تصدر أو إذا لم يرض المحكوم عليه ترفع إلى جهة تدقق وهيئة تدقق الأحكام، والقضايا الكبار التي تصل إلى القتل أو ما في حكمه ترفع إلى هيئة أخرى، أعلى الهيئات تلك تدرس وكل ذلك على منهاج الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة //.
وبين أن هذه الفتوى التي تعرضت لأمر السحر والشعوذة وأمر العقيدة وأمر الأخلاق والنهي وأشرت فيها إلى الاستدلال بالآيات الكريمة التي فيها إشارة إلى أن من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا فأشرت إلى ذلك إشارة لم أكن أتوقع أن الأمر سيؤول بعد أربعة أشهر أو حولها إلى تناقل قنوات الفضاء أو ربما محطات أجنبية أو يتلقفه أناس من داخل المملكة وما يسمعون كامل الجواب فيظنون في رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء الذي أمضى فيها قرابة أربعين سنة في هيئة كبار العلماء راح من راح و لازلت والحمد لله باقيا بل إن التشكيلة الأولى لهيئة كبار العلماء لم يبق منهم على قيد الحياة إلا أنا الآن فإن تشكيلهم الأول في حياة الشيخ محمد بن إبراهيم كانوا من 14 نفرا كنت أحدهم ولم يبق منهم إلا سواي وأنا في الطريق كما يقول الشاعر العربي / وأراني طرادة في إثرهم طرد أنوار/ إلى آخره.
وأكد فضيلته أن هذه سنة الله في الأشياء لا يتوقع من عاش هذه المدة ساد في هذه الحياة العملية وعايش هذه المراحل العملية وآخى وزامن وعاش تحت رئاسة كبار العلماء في هذه البلاد لا يتوقع أن يكون متسرعا كالتسرع الذي حرفوا أو قلبوا وقالوا إنه حكم على ملاك الفضائيات بالقتل لكني لا أقول إلا أسأل الله أن يهدي المغرضين سواء السبيل وأن يصلح أفهامهم جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم العباد كما أسأل الله سبحانه وتعالى لهذه المملكة بالخصوص أن يزيدها الله ثباتا على الهدى وحسن التمسك به وصلابة في الوقوف في وجه المغرضين لإعزاز أمر هذا الدين فإن هذه البلاد ما عاشت هذه المدة وحصلت تلك التقلبات على الدول المجاورة من ثورات واضطرابات وترد وبقيت هذه الدولة بحمد الله ثابتة سائرة على المنهج التي هي عليه إلا لأنها ولله الحمد على الحق ولم تكن على الباطل وتلتمس رضا الله والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول / من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس/ وفي لفظ / عاد ذاموه من الناس حامدين له/ وفي لفظ /عادوا راضين له/.
(يُتْبَعُ)
(/)
وسأل الله جل وعلا أن يزيدها ثباتا وأن يملأ صدر خادم الحرمين وصدر ولي عهده وصدر أصحاب السمو الأمراء والمسؤولين في هذه الدولة على مختلف مجالسهم وأعمالهم وسائر من في هذه البلاد أن يملأ قلوبهم بالإيمان.
كما سأل الله جل وعلا أن يوفق ولاة المسلمين في كل مكان في هذا الشهر المبارك وعلى رأسهم في ذهني وقلبي ولي أمرنا وأعوانه أن يوفقهم جميعا لنصرة هذا الدين وإيضاح الحقائق لأعداء الإسلام وبيان أن هذا الدين الإسلامي هو الدين الحق الذي قال الله عنه- (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) - الآية (إن الدين عند الله الإسلام) وأن يديم علينا شرف هذا الانتساب وأن يبارك في قيادتنا ويرزقها حسن تقدير الأمور وجودة الاختيار لأهل العمل وأن يمتعنا بصحة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده و سائر المسلمين في هذه الدولة وأن يديم ثبات هذا الملك لأسرة آل سعود التي قامت أول قيامها مع شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب على نصرة العقيدة وتحكيم الشريعة وحراسة الأخلاق و أن يديم ثبات هذه الدولة وتوارث حكمها لأحفاد ذلك الإمام الذي قام يوم قام ولم يكن أعز من في البلاد ولا أقواهم قوة وجيشا ومنعة ولكن صاحبه وتمسك بما هو أقوى شيء في الوجود صافح العقيدة الصافية وصاحب الشريعة الحنيفية السمحة ودافع عن الملة الحنيفية فأعلى الله قدره وثبته وأورثه هذا الملك العظيم.
وأختتم فضيلة الشيخ صالح اللحيدان بالسؤال من الله جلت قدرته وعلا مكانه واستوى على العرش أن يهدي ضال المسلمين ويفرج كرباتهم وينصرهم على أعدائهم ويقضي دين كل مدين من المسلمين ويشفي كل مريض من المسلمين ويحقق للأمة الإسلامية في هذا الشهر المبارك العزة والشرف والمجد للارتقاء كما أسأل الله جل وعلا أن يحفظ المسلمين في كل مكان وأن يصون هذه الدولة ويحفظها من كيد الأعداء وتربص المجرمين وأن يصلح شعبها كلهم إنه جل وعلا مجيب الدعاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.(/)
زيت و تفاح
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 10:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أتيت لكم اليوم بمثلين رائعين في مراقبة النفس و مخافة الله عز و جل و مراقبته في كل الأحوال صغيرها و كبيرها
القصة الأولى لفاروق الأمة عمر بن الخطاب: r
و الثانية لحفيده عمر بن عبد العزيز
عمر بن الخطاب و قِرَب الزيت
ذكر أن عمر بن الخطاب: r بعث إليه أميره في الشام زيتا في قرب ليبيعه و يجعل المال في بيت مال المسلمين, فجعل عمر يفرغه للناس في آنيتهم, و كان كلما فرغت قربة من قرب الزيت قلبها ثم عصرها و ألقاها بجانبه, و كان بجوارة ابن صغير له, فكان الصغير كلما ألقى أبوه قربة من القرب أخذها ثم قلبها فوق رأسه حتى يقطر منها قطرة أو قطرتان فعل ذلك بأربع قرب أو خمس, فالتفت إليه عمر فجأة, فإذا شعر الصغير حسن و وجهه حسن فقال: أدهنت؟ .. قال: نعم .. قال: من أين؟ .. قال: مما يبقى في هذه القرب .. فقال عمر: إني أرى رأسك قد شبع من زيت المسلمين من غير عِوَض .. لا و الله لا يحاسبني الله على ذلك .. ثم جره بيده إلى الحلاق و حلق رأسه خوفا من قطرة أو قطرتين
عمر بن عبد العزيز و التفاح
كان عمر بن عبد العزيز يقسم تفاحا أفاءه الله على المسلمين, فتناول ابن له صغير تفاحة, فأخذها من فمه و أوجع فمه فبكى الطفل الصغير و ذهب لأمه فاطمة فأرسلت من اشترى له تفاحاً. و عاد عمر إلى البيت و ليس معه تفاحة واحدة فقال لفاطمة هل في البيت تفاح؟ إني أشم الرائحة .. قالت: لا و قصت عليه القصة فذرفت عيناه الدموع و قال: و الله لقد انتزعتها من فمه و كأنما أنتزعها من قلبي لكني كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فَيْئ المسلمين قبل أن يُقَسَّم الفَيْئ
فمن منا اليوم على هذه الخلق و على هذا الخوف و هذه المراقبة؟
رحمهما الله و رزقنا من حسن خلقهما و تقواهما و ورعهما
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 01:54 ص]ـ
اللهم آمين ... جزاك الله خيرا يا سما الإسلام
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 04:02 ص]ـ
غاليتي ..
جزاك الله خيراً على كل حرف سطرتية هنا
ماأروعها من كلمات تبين صدق إيمانهم وحلاوتة في نفوسهم وشدة خوفهم من الله
رحمنا الله بواسع رحمتة ..
ـ[أنوار]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 04:35 ص]ـ
كل الشكر لك أخيتي سما الإسلام ..
على هذه القصص الرائعة والسير العطرة ..
بوركتِ .........
ـ[ثلجية اللبانة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 05:38 ص]ـ
جزاك الله خيرًا أختي سما الأسلام على هذه القصص الخيرة .. :)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 01:36 ص]ـ
بوركت أخيتي ...
دام نبضك ..
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:39 م]ـ
جزانا و إياكم أخيتي الجميلة
اللهم آمين ... جزاك الله خيرا يا سما الإسلام
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:40 م]ـ
جزانا و إياكِ أختي الكريمة
أسأل الله العظيم أن يستجيب لجميل دعائك و يرحمنا برحمته
غاليتي ..
جزاك الله خيراً على كل حرف سطرتية هنا
ماأروعها من كلمات تبين صدق إيمانهم وحلاوتة في نفوسهم وشدة خوفهم من الله
رحمنا الله بواسع رحمتة ..
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:43 م]ـ
الشكر لله وحده أختي الكريمة
فهو الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
نسأل الله العظيم أن تكون قصصهم و سيرتهم قدوة نقتدي بها و عظة و عبرة للمؤمنين
بورك فيكِ مرورك الجميل
كل الشكر لك أخيتي سما الإسلام ..
على هذه القصص الرائعة والسير العطرة ..
بوركتِ .........
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:44 م]ـ
جزانا و إياكِ أخيتي ثلجية
جزاك الله خيرًا أختي سما الأسلام على هذه القصص الخيرة .. :)
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:48 م]ـ
جزاك الله خيرا أختي الكريمة
دُمتِ بكل ود
بوركت أخيتي ...
دام نبضك ..(/)
كيف نعزز الإبداع اللغوي؟
ـ[عز السعودية]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 04:48 ص]ـ
ما تزال لغتنا العربية تعاني من القصور والتقصير في مدارس معظم الدول العربية!!
مدارس البنين والبنات ..
قصور في الاهتمام الرسمي .. والنظرة المنهجية .. والتخطيط التربوي والتعليمي .. و ..............
وتقصير في المسؤولية .. والأداء .. والفهم ..
وللأسف في الإيمان بهذه اللغة وحقها في اهتمامنا وحبنا ورعايتنا ..
معلموا اللغة العربية يُدرسون فروعها تدريسا جافا .. بأسلوب أجوف ..
لا يترك في أعماق الطلبة والطالبات حصيلة لغوية ..
القاعدة اللغوية تُدرس بلا تطبيق ..
النص الأدبي يشرح بمعزل عن اللغة وعن العاطفة وعن الجمال الأدبي والبلاغي .. فقط يشرح البيت الشعري كتفسير للمفردات!!!!!
والنتيجة كما ذكرت تعلم أجوف .. بلا حصيلة لغوية تذكر ..
والسؤال الذي أطرحه هنا وأتمنى مشاركة الجميع لمناقشته والاستفادة منه:
كيف نعزز الإبداع اللغوي لدى الطلبة والطالبات؟
كيف ينبغي أن يكون تدريس القاعدة اللغوية , والنص الأدبي , وموضوع القراءة بما يحقق للمتعلم ثروة لغوية؟ ويُوظف هذه الثروة في تكوين مهارات لغوية متنوعة كتابيّة وإلقائية وحوارية و ...........
كيف يتحقق هذا الإبداع من خلال دراسة المهارة التعبيرية والوظيفية؟
والسؤال الأكبر:
ما الذي يشمله الإبداع اللغوي؟
أسئلة عدة نطرحها بالتأكيد ونحن نتوخّى ونتطلع لغرس اللغة العربية وإثراء الجانب اللغوي بمهارات إبداعية عديدة ..
ما رأيكم: هل تناقشون الموضوع؟
آمل ذلك .. شاكرة تجاوبكم.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 02:44 ص]ـ
موضوع رائع بالفعل يستحق النقاش رغم أنه ليس بالجديد في الفصيح نقاشه
وأتمنى من الأعضاءالمشاركة فيه
ـ[عز السعودية]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 05:35 ص]ـ
تحياتي أخي / نعيم الحداوي ..
أشكر لك مداخلتك .. ويؤسفني أنه لم يسبق لي الاطلاع على طرح صميم الموضوع في الفصيح سابقا ..
فأنا جديدة على المنتدى ..
أسعد بالفعل بمناقشة الجميع في هذا الموضوع فهو تربوي لغوي يثري المعلم والطالب في آن واحد ..
أتمنى فتح باب الحوار لمناقشته ...
ويسعدني أن تبدأ بمسك زمام المبادرة ..
لك التحية .. وكل التقدير ..
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 11:54 م]ـ
متى يتحقق الإبداع إذا كان الطالب يحفظ لأجل الامتحان ...... و في نهاية السنة يذهب ما تعلمه هباءً منثوراً ...
المسيرة التعليمية بحاجة إلى إعادة نظر ... هناك تقصير من الأطراف الثلاثة المدرسة و المنزل و الطالب
بوركت(/)
الأسئلة الثلاث
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 08:32 ص]ـ
قصة الأسئلة الثلاث
* كان هناك غلام أرسل إلى بلاد بعيدة للدراسة وظل هناك بضعاً من الزمن .. رجع إلى أهله وطلب منهم أن يحضروا له معلم ديني ليجيب على أسئلته الثلاثة، ثم أخيراً وجدوا له معلم ديني مسلم و دار بينهما الحوار التالي:
- الغلام: من أنت؟ و هل تستطيع الإجابة على أسئلتي الثلاث؟
المعلم: أنا عبد من عباد اللله ... و سأجيب على أسئلتك بإذن الله.
الغلام: هل أنت متأكد؟ الكثير من الأطباء و العلماء قبلك لم يستطيعوا الإجابة على أسئلتي!
المعلم: سأحاول جهدي ... و بعون من الله.
* الغلام لدي ثلاث أسئلة؟
- هل الله موجود فعلاً؟ و إذا كان كذلك أرني شكله؟
- ما هو القضاء و القدر؟
- إذا كان الشيطان مخلوقاً من نار ... فلماذا يلقى فيها بعد ذلك و هي لن تؤثر عليه؟
- صفع المعلم الغلام صفعة قوية على وجهه ..
فقال الغلام وهو يتألم: لماذا صفعتني؟ وما الذي جعلك تغضب مني؟
- أجاب المعلم: لست غاضباً و إنما الصفعة هي الإجابة على أسئلتك الثلاث!
الغلام: و لكني لم أفهم شيئاً؟
- المعلم: ماذا تشعر بعد أن صفعتك؟
الغلام: بالطبع اشعر بالألم!
- المعلم: إذاً هل تعتقد أن هذا الألم موجود؟
الغلام: نعم.
- المعلم: ارني شكله!
الغلام: لا أستطيع.
- المعلم: هذا هو جوابي الأول .. كلنا نشعر بوجود الله و لكن لا نستطيع رؤيته.
ثم أضاف .. هل حلمت البارحة بأني سوف أصفعك؟
الغلام: لا.
- المعلم: هل خطر ببالك أني ساصفعك اليوم؟
الغلام: لا.
- المعلم: هذا هو القضاء و القدر.
ثم أضاف .. يدي التي صفعتك بها مما خلقت؟
الغلام: من الطين.
- المعلم: و ماذا عن وجهك؟
الغلام: من طين.
- المعلم: ماذا تشعر بعد أن صفعتك؟
الغلام: أشعر بالألم.
- المعلم: تماماً .. فبالرغم من أن الشيطان مخلوق من نار .. و لكن إذا شاء الله فستكون النار مكاناً أليماً للشيطان.
ــــــــــ
منقول
ـ[أم أسامة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 08:21 م]ـ
جزيت خيراً أخي أنس تتحفنا حقيقة بروائعك بين الفينة والأخرى ..
بوركت ..
قصة رائعة ..
ـ[تيما]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 12:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أنس.
قرأت مرة شيئا مشابها وهو رد على كل من يسأل: أين الله جلّ وعلا؟
أنقله هنا بتصرف:
قال الملحدون لأبي حنيفة: في أي سنة وجد ربك؟
فقال: الله موجود قبل التاريخ والأزمنة لا أول لوجوده ...
ولتقريب الصورة لأذهانهم سأل: ماذا قبل الأربعة؟
فأجابوا: ثلاثة ..
- وماذا قبل الثلاثة؟
- إثنان ..
- وقبلها؟
قالوا: واحد ..
- وما قبل الواحد؟
فكان جوابهم أن لا شيء قبله ..
فقال لهم: إذا كان الواحد الحسابي لا شئ قبله فكيف بالواحد الحقيقي وهو الله؟!
سألوه: في أي جهة يتجه ربك؟
قال: لو أحضرتم مصباحا في مكان مظلم إلى أي جهة يتجه النور؟
قالوا: في كل مكان ..
فرد عليهم قائلا: إذا كان هذا النور الصناعي فكيف بنور السماوات والأرض؟!
قالوا: عرّفنا شيئا عن ذات ربك؟ أهي صلبة كالحديد أم سائلة كالماء أم غازية كالدخان والبخار؟
بادرهم بالسؤال: هل جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير؟
أجابوا: جلسنا ..
قال: هل كلمكم بعدما أسكته الموت؟
قالوا: لا
قال: هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك؟
فكان جوابهم نعم.
وتابع سائلا: ما الذي غيره؟
قالوا: خروج روحه.
- أخرجت روحه؟
- نعم
قال: صفوا لي هذه الروح، هل هي صلبة كالحديد أم سائلة كالماء أم غازية كالدخان والبخار؟
قالوا: لا نعرف شيئا عنها!
فقال: إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنكم الوصول إلى كنهها فكيف تريدون مني أن أصف لكم الذات الإلهية؟
.
.
ـ[أم أسامة]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 01:39 ص]ـ
بوركت أيتها الرائعة تيما ,,,
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:17 م]ـ
جميل جدا جزاكما الله خيرا(/)
أرسل إلى جوالي
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 09:15 ص]ـ
أرسل إلى جوالي ( http://www.alfaseeh.com/vb/smsport.php#cms)
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 09:26 ص]ـ
استاذي ..
كيف نقاط مافهمت؟؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 09:29 ص]ـ
النقطة = رسالة(/)
رجل يضحك على النساء عبر منتدى اسلامى
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 11:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع مهم جدا ونقلته لكم من ملتقى أهل السنة والجماعة ومايلي نص كاتبه في الملتقى
وهو عبارة عن فتوى طلبتها إحدى النساء من أحد المشايخ فى منتدى الحور العين
فآثرت نقل الفتوى
واحتفظت بقول الشيخ لأطرحه فى نهاية النقاش
وما فتحت هذا الموضوع لنعرف رأي الشرع فبفضل الله يكفينا قول الشيخ أبى الحارث - حفظه الله وبارك الله فى عمره -
وإنما فتحت هذا الموضوع للنقاش لتتضح بعض الخفايا عن كثير من نسائنا وفتياتنا
نسأل الله لنا ولهم السلامة
فأسألكم المشورة فى هذا السؤال
ما هى نقاط القوة والضعف فى نظرك فى هذه القصة وهذه الحكاية
لا أريد أن أقيد الأفكار
كل يدلى برأيه ورأي الشيخ - أكرمه الله - مسك الختام بإذن الله تعالى
وهذه الفتوى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
شيخى الكريم
أعرف رجلا يضحك على النساء عبر منتدى اسلامى
يدخل باسماء نساء اليهن فى الاقسام الخاصة
يستطيع ان يحصل على معلومات عن الاخوات ويضيفهم على ايميلة
ومن ثم يتواصل معهن
فهل اخذر منه وافضحة امام الناس كلها
ام لا
علما بانة صاحب منتدى
وفى يدة كل الصلاحيات لروية غرف الاخوات الخاصة اللى مغلقة بباسورد
رجاء اجابتى فى اقرب وقت
أتمنى التفاعل مع الموضوع
ـ[نور*]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 11:55 ص]ـ
حسبي الله ونعم الوكيل
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 01:13 م]ـ
لم أقرا فتوى الشيخ جزاه الله خيرا
لكنّي لا أشك لحظة أنّ جوابه هو أنّه يجب فضحه , والتحذير منه لأنّ مثل هذا الذي لا يراعي حرمات المسلمات , ويستهتر بحدود الله لا حرمة له
ويبدو لي أنّ هذا الشخص مريض وساديّ وخطره جسيم على الأمّه يجب تعريته , بل ورفع أمره للقضاء , لينال عقابه , وليكون عبرة لمن يعتبر , والله المستعان , وعليه التكلان
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 01:54 م]ـ
هذا شخص خائن خبيث يجب أن يُفضح ويؤدب ليحذر الناس من أذيته، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم {من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو بجوف رحله}، قال: ونظر ابن عمر يوماً إلى البيت، أو إلى الكعبة، فقال: " ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك " أخرجه الترمذي
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم
{من استمع إلى حديث قوم , وهم له كارهون , صُب في أذنه الآنك يوم القيامة} أخرجه البخاري، والآنك هو الرصاص المذاب
ـ[ضاد]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 02:13 م]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
مثل إن قدر عليه يجب أن يقام له كمين فيمسّك بشخصه.
ملحوظة فقط: لا نقول رأي الشرع بل نقول حكم الشرع.
ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 02:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....
حسبى الله ونعم الوكيل فيه وفى أمثاله وأنا رأيى وهو بإذن الله الصواب من رأيى إخوانى الكرام العباس المقدسى وابن القاضى فهذا ما يستحقه أمثاله .....
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 02:31 م]ـ
نسمع مثل هذه القصص الكثير وللأسف في عالم النت فهناك مريضي النفوس ممن يستغلون الشابكة لأغراض دنيئة، ولكن يجب أن ننتبه الى أمر ..
فالمشكلة ككل مشكلة فيها طرفان مشتركان في هذه العملية والجهل لايعذر أي من الطرفين
ففي عالم النت لاشك أن غالبية روادها من ذوي الثقافات العالية نوعاً ما.
فمعالجة المشكلة بالتربية المبكرة،والتربية هنا لاتختلف عن التربية المعهودة، في البيت وفي المدرسة لأي شخص،طفل كان أم كبير، وأرى أن تبدأ بسن مبكرة ايضاً ..
فكما ترون الموضوع ممكن الاستفاضة فيه الى ما شاء الله.
أما عن فضح هذا الانسان المريض، فيجب أن يكون هناك التنويه والتناصح والتذكير بالله وتجربة أكثر من وسيلة قبل الفضيحة والله أعلم.
نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أعراضنا من سوء العاقبة!
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 03:20 م]ـ
تجب عليه العقوبة والمحاسبة فالدين ليس أداة بيده ....
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 08:03 م]ـ
ربما هذه مكيدة هدفها التضييق على أصحاب المنتديات الإسلامية، لأن هذه المنتديات أصبحت تستقطب من أبناء وبنات الأمة من يتوسم فيه الخير.
والله تعالى أجلّ وأعلم
ـ[أم أسامة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 08:15 م]ـ
بوركت أخيتي ضياء الأمل ...
ولا أزيد على ما أضاف أخوتي حرفاً .... بارك الله فيهم ..
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 08:21 م]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
وشر البلية ما يضحك ... أكل هذا مرض نفسي؟؟؟ أيصل المرض النفسي للإنسان لأن يضل لهذا المستوى!!
رحماك ربنا بأمة ضاعت عن دينها!!
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 09:56 م]ـ
السلام عليكم ...
غاليتي نسأل الله السلامة والعفوا ..
وأن يحفظ بنات المسلمين من كل شر ويحفظ عروضهم ويسترنا في الدنيا والأخرة اللهم آمين ...
لكن لا أقول إلا قول الشاعر:
بيني وبين الشعر عهد ii صادق= أن نجعل الإسلام مبدأنا الأغر
عفواً بني قومي فلست بشاعر=يملي على الكلمات أمزجة البشر
هذه جراحكم التي أصلى بها اشدوا=بها شدواَ يخالطه الكدر
سأظل اعزفها على وتر الأسى =حتى أرى في الأفق تلويح الظفر
من أين تبتسم القصائد في فمي=والحزن يملؤها بأصناف العبر؟؟
وأيضاً قولة:
عرضي يدنس أين شيمتكم؟! = أما فيكم أبيٌّ قلبه خفَّاق
أختاه أمتنا التي تدعينها =صارت على درب الخضوع تُساق
أودت بها قومية مشؤومة =وسرى بها نحو الضياع رفاق
إن كنت تنتظرينها فسينتهي =نفق، وتأتي بعده أنفاق
مُدي إلى الرحمن كفَّ تضرع =فلسوف يرفع شأنك الخلاق
لا تيأسي فأمام قدرة ربنا =تتضاءل الأنساب والأعراق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تيما]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 11:46 م]ـ
تحياتي عزيزتي ضياء الأمل:
يستطيع ان يحصل على معلومات عن الاخوات ويضيفهم على ايميلة
ومن ثم يتواصل معهن
أتمنى التفاعل مع الموضوع
نتفاعل مع الموضوع، وليه لأ؟:)
بداية، هل لي أن أسأل عن طبيعة هذا التواصل عزيزتي ضياء؟
ألا تقول الأخت السائلة أن هذا الرجل يدخل بهيئة امرأة؟ ألا يتواصل مع النساء ويضيفهن إلى الماسنجر على هذا الأساس؟
يفترض أن يكون النقاش الذي يدور في هذه الحالة نقاش المرأة للمرأة. يعني نقاشا نقيا لا مجال فيه لتحقيق مآرب أخرى. حتى يتمكن هذا الذئب البشري من تحقيق غاياته- والعياذ بالله- لا بد له من التكشير عن أنيابه، وقتها ما الذي يمنع الفتاة من التوقف عن محادثته؟ ستقولين المعلومات التي جمعها عنها، فأقول: وما طبيعة هذه المعلومات؟ ألا يجدر بكل فتاة تدخل عالم النت أن تحرص على نفسها وتصونها؟ ألا يجدر بها أن تراعي طبيعة المعلومات التي تصرح بها عن نفسها حتى لصديقة النت التي تضمن أنها أنثى؟؟
علما بانة صاحب منتدى
وفى يدة كل الصلاحيات لروية غرف الاخوات الخاصة اللى مغلقة بباسورد
وهنا أسأل سؤالا بريئا كعادتي:
غرف خاصة بالفتيات ومغلقة بباسورد!!
شو يعني "باسورد"؟ أتكفل لك كلمة السر هذه الأمان اللازم للخوض في نقاشات قد تعرضك للفضيحة فيما بعد؟
أرى أن على كل من تدخل غرف الفتيات الخاصة:) أن تتذكر قول الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة ... فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فلإن ندمت على سكوتك مرة ... فلتندمن على الكلام مرارا
ثم هذا ذئب وانكشف أمره، من يعرف عدد الذئاب المتسترة بهيئة امرأة في هذه الغرف الخاصة تلك التي لم ينكشف أمرها بعد.
وبخصوص فضح هذا الإنسان أم لا، أعجبني رد أخي أحمد هنا:
أما عن فضح هذا الانسان المريض، فيجب أن يكون هناك التنويه والتناصح والتذكير بالله وتجربة أكثر من وسيلة قبل الفضيحة
والله أعلم
.
.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 12:06 ص]ـ
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) الأحزاب72
لا أزيد على قولي بأن الرجل مريض نفسيا، فادعوا له بالشفاء العاجل، والهداية
ـ[ضاد]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 12:56 ص]ـ
ذكرتني أستاذي الفاضل بخرافة ذات القبعة الحمراء للأخوين "غريم" الألمانيين, لما ابتلع الذئب الجدة ولبس ثيابها ثم تمدد في فراشها وتظاهر بالمرض حتى يخدع البنت الصغيرة ذات القبعة الحمراء. الشاهد أن الذئب ذئب وإن لبس ثيابا غير ثيابه وادعى المرض. فالشهوة والشيطان لا يدعان مريضا ولا سليما. وأنا واحدا من الناس لا أقبل أن يتهاون المرء مع مثل هذا الشخص بدعوى المرض, لأن المسألة فيها أعراض, ولعله أحد المخترقين فيخترق حواسيب بنات المسلمين ويسرق صورهن ليبتزهن بها, وما أدرانا؟ وتحدث مثل هذه الأشياء في مجتمعاتنا كثيرا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 05:33 ص]ـ
أسعدتموني اخوتي الكرام بهذا التفاعل
وهذا إنما يدل على أن أمتنا لازالت بخير
وفيها ذووا المروءة والشهامة
هكذا أبناء أمتي غيورين على حرمات الله أن تنتهك
حفظكم الله إخوتي وأخواتي المحترمين والمحترمات
وحفظ أعراضكم وأعراضنا
لكم شكري وتقديري وامتناني
أختكم ضياء الأمل
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 05:44 ص]ـ
حسبي الله ونعم الوكيل
مشكورة أختي نور*
على المرور وفعلا مالنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل
لك تحياتي
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:11 ص]ـ
شاكرة لك أستاذي الفاضل أبو العباس
مرورك يثلج الصدر
وتعقيبكم يدل على حرقة المسلم
حفظكم الله ولكم تحياتي
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:15 ص]ـ
لك الشكر والعرفان أستاذي ابن القاضي
فتعقيبكم بالنصوص أثرى الموضوع
وزاده هيبة وعظمة
حفظكم الله وبارك فيكم
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:21 ص]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
مثل إن قدر عليه يجب أن يقام له كمين فيمسّك بشخصه.
ملحوظة فقط: لا نقول رأي الشرع بل نقول حكم الشرع.
حياك الله أستاذي الفاضل الضاد
ونشكر لكم هذا المرور والتعقيب
وملاحظتك على العين والرأس وفي مكانها
ولكني ذكرت لكم أنني نقلت لكم الموضوع برمته فلم
أعدل في صياغة الكاتب
لك التحية والتقدير
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:30 ص]ـ
أخوتي الأفاضل
ناجي اسكندر
بحر الرمل
الثلوج الدافئة
شاكرة لكم هذا المرور العاطر
وذلك التعقيب الزاكي وجعل ماسطرتموه
في ميزان حسناتكم
حفظكم الله
تقبلوا تحياتي
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 06:59 ص]ـ
نسمع مثل هذه القصص الكثير وللأسف في عالم النت فهناك مريضي النفوس ممن يستغلون الشابكة لأغراض دنيئة، ولكن يجب أن ننتبه الى أمر ..
فالمشكلة ككل مشكلة فيها طرفان مشتركان في هذه العملية والجهل لايعذر أي من الطرفين
ففي عالم النت لاشك أن غالبية روادها من ذوي الثقافات العالية نوعاً ما.
فمعالجة المشكلة بالتربية المبكرة،والتربية هنا لاتختلف عن التربية المعهودة، في البيت وفي المدرسة لأي شخص،طفل كان أم كبير، وأرى أن تبدأ بسن مبكرة ايضاً ..
فكما ترون الموضوع ممكن الاستفاضة فيه الى ما شاء الله.
أما عن فضح هذا الانسان المريض، فيجب أن يكون هناك التنويه والتناصح والتذكير بالله وتجربة أكثر من وسيلة قبل الفضيحة والله أعلم.
نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أعراضنا من سوء العاقبة!
مرحبا بك أستاذنا الفاضل
لقد سطرتم دررا مستفاضة
نفعكم الله بما قلتم وكتب لكم الأجر
وبارك فيكم
فوالله لقد حكمت فعدلت
فربنا أرسل النذر على الأقوام ثم أنزل العقاب
وأأمن على دعوتك
حفظكم الله
تقبلوا تحياتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:08 ص]ـ
ربما هذه مكيدة هدفها التضييق على أصحاب المنتديات الإسلامية، لأن هذه المنتديات أصبحت تستقطب من أبناء وبنات الأمة من يتوسم فيه الخير.
والله تعالى أجلّ وأعلم
أهلا بك أختي سارة
قد أوافقك الرأي فلا أنكر أن هنالك من يكيد للإسلام وأهله
ولكن لاأستطيع انكار أن هنالك أناس تميزوا بالخبث والدهاء
نسأل الله السلامة والعافية لنا ولكم ولجميع المسلمين
تقبلي تحياتي وشكري
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:16 ص]ـ
أهلا بك أخيتي صاحبة القلم
صدقتي والله شر البلية مايضحك
ونسأل الله جل شأنه أن يعافينا وإياكم
أمراض القلوب
تقبلي تحياتي وشكري
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:26 ص]ـ
أهلا أهلا بغاليتي ورفيقة دربي
مبحرة
أسعدني مرورك
وأأمن على دعواتك
وجميل بل رائع ما أوردت
من استشهاد بأبيات تقطر شهدا
بورك ذلك المرور وأهله
وحفظك الله من كل سوء وبلاء
تقبلي تحياتي وتقديري
محبتك
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:44 ص]ـ
تحياتي عزيزتي ضياء الأمل:
نتفاعل مع الموضوع، وليه لأ؟:)
بداية، هل لي أن أسأل عن طبيعة هذا التواصل عزيزتي ضياء؟
ألا تقول الأخت السائلة أن هذا الرجل يدخل بهيئة امرأة؟ ألا يتواصل مع النساء ويضيفهن إلى الماسنجر على هذا الأساس؟
يفترض أن يكون النقاش الذي يدور في هذه الحالة نقاش المرأة للمرأة. يعني نقاشا نقيا لا مجال فيه لتحقيق مآرب أخرى. حتى يتمكن هذا الذئب البشري من تحقيق غاياته- والعياذ بالله- لا بد له من التكشير عن أنيابه، وقتها ما الذي يمنع الفتاة من التوقف عن محادثته؟ ستقولين المعلومات التي جمعها عنها، فأقول: وما طبيعة هذه المعلومات؟ ألا يجدر بكل فتاة تدخل عالم النت أن تحرص على نفسها وتصونها؟ ألا يجدر بها أن تراعي طبيعة المعلومات التي تصرح بها عن نفسها حتى لصديقة النت التي تضمن أنها أنثى؟؟
وهنا أسأل سؤالا بريئا كعادتي:
غرف خاصة بالفتيات ومغلقة بباسورد!!
شو يعني "باسورد"؟ أتكفل لك كلمة السر هذه الأمان اللازم للخوض في نقاشات قد تعرضك للفضيحة فيما بعد؟
أرى أن على كل من تدخل غرف الفتيات الخاصة:) أن تتذكر قول الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة ... فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فلإن ندمت على سكوتك مرة ... فلتندمن على الكلام مرارا
ثم هذا ذئب وانكشف أمره، من يعرف عدد الذئاب المتسترة بهيئة امرأة في هذه الغرف الخاصة تلك التي لم ينكشف أمرها بعد.
وبخصوص فضح هذا الإنسان أم لا، أعجبني رد أخي أحمد هنا:
والله أعلم
.
.
أهلا بك أخيتي تيما
شاكرة لك ذلك التفاعل الراقي
والطرح المميز
صدقتي والله فيما قلتي فلو كل فتاة
أخذت حذرها لما وقعنا في شباك المخادعين
نسأل الله أن يحفظنا واياكم وجميع بنات المسلمين
رائع ما ذكرت من بيتين
ليتنا نتمثل بهما
فعلا حكم استاذنا الفاضل أحمد أعجبني أيضا
تقبلي تحياتي وتقديري
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:52 ص]ـ
تحياتي عزيزتي ضياء الأمل:
نتفاعل مع الموضوع، وليه لأ؟:)
بداية، هل لي أن أسأل عن طبيعة هذا التواصل عزيزتي ضياء؟
ألا تقول الأخت السائلة أن هذا الرجل يدخل بهيئة امرأة؟ ألا يتواصل مع النساء ويضيفهن إلى الماسنجر على هذا الأساس؟
يفترض أن يكون النقاش الذي يدور في هذه الحالة نقاش المرأة للمرأة. يعني نقاشا نقيا لا مجال فيه لتحقيق مآرب أخرى. حتى يتمكن هذا الذئب البشري من تحقيق غاياته- والعياذ بالله- لا بد له من التكشير عن أنيابه، وقتها ما الذي يمنع الفتاة من التوقف عن محادثته؟ ستقولين المعلومات التي جمعها عنها، فأقول: وما طبيعة هذه المعلومات؟ ألا يجدر بكل فتاة تدخل عالم النت أن تحرص على نفسها وتصونها؟ ألا يجدر بها أن تراعي طبيعة المعلومات التي تصرح بها عن نفسها حتى لصديقة النت التي تضمن أنها أنثى؟؟
وهنا أسأل سؤالا بريئا كعادتي:
غرف خاصة بالفتيات ومغلقة بباسورد!!
شو يعني "باسورد"؟ أتكفل لك كلمة السر هذه الأمان اللازم للخوض في نقاشات قد تعرضك للفضيحة فيما بعد؟
أرى أن على كل من تدخل غرف الفتيات الخاصة:) أن تتذكر قول الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة ... فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فلإن ندمت على سكوتك مرة ... فلتندمن على الكلام مرارا
ثم هذا ذئب وانكشف أمره، من يعرف عدد الذئاب المتسترة بهيئة امرأة في هذه الغرف الخاصة تلك التي لم ينكشف أمرها بعد.
وبخصوص فضح هذا الإنسان أم لا، أعجبني رد أخي أحمد هنا:
والله أعلم
.
.
أهلا بك أخيتي تيما
شاكرة لك ذلك التفاعل الراقي
والطرح المميز
صدقتي والله فيما قلتي فلو كل فتاة
أخذت حذرها لما وقعنا في شباك المخادعين
نسأل الله أن يحفظنا واياكم وجميع بنات المسلمين
رائع ما ذكرت من بيتين
ليتنا نتمثل بهما
فعلا حكم استاذنا الفاضل أحمد أعجبني أيضا
تقبلي تحياتي وتقديري
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:59 ص]ـ
شاكرة لك أستاذي الفاضل مغربي
هذا المرور والتعقيب
وإن كنت لست معك في كوننا نلتمس له عذر مرضه
فهذا لايعفيه من المسئولية
فلابد من ايقاع الجزاء والعقاب طبعا بعد الإنذار والزجر
وكفاني مؤنة ماعقب به عليك الأستاذ ضاد
حفظه الله فهذه حمية وغيرة المسلم المبتغاة
حفظكم الله جميعا وشاكرة لكم ذلك التفاعل
وكثر الله من أمثالكم
تقبلوا تحياتي وتقديري
أختكم ضياء الأمل
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 08:02 ص]ـ
والآن اخوتي الأفاضل بعد هذا التفاعل وإثرائكم للموضوع إليكم
فتوى الشيخ حفظه الله
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 08:29 ص]ـ
رد الشيخ حفظه الله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الحارث
والصلاة والسلام على رسول الله ...
ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال:
" المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،
ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كُربة من كُرب يوم القيامة،
ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة "
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث:
(وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم
ممن ليس معروفا بالأذى والفساد،
فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يُستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر
إن لم يخف من ذلك مفسدة،
لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله،
هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت، وأما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها
فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك، ولا يحل تأخيرها،
فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة) انتهى من " شرح مسلم "
وروى أبو داود بإسناد صحيح من حديث عائشة أن النبي قال:
" أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود "
قال ابن القيم رحمه الله في بيان معنى ذوي الهيئات:
(قال ابن عقيل: المراد بهم الذين دامت طاعتهم وعدالتهم،
فزلت بعض الاحايين أقدامه بورطة،
قلت (القائل ابن القيم رحمه الله):
ليس ما ذكره بالبين؛ فإن النبي لا يعبرعن أهل التقوى والطاعة والعبادة بأنهم ذوو الهيئات، ولا عُهد بهذه العبارة في كلام الله ورسوله للمطيعين المتقين،
والظاهر أنهم ذوو الأقدار بين الناس من الجاه والشرف والسؤدد،
فإن الله تعالى خصهم بنوع تكريم وتفضيل على بني جنسهم،
فمن كان منهم مستورا مشهورا بالخير حتى كبا به جواده ونبا عَضَب صبره وأُديل عليه شيطانه فلا تسارع إلى تانيبه وعقوبته، بل تُقال عثرته، ما لم يكن حدا من حدود الله،
فإنه ينبغي استيفاؤه من الشريف) انتهى من " بدائع الفوائد "
قال الفقير إلى عفو ربه:
فالستر على المسلم واجب بعد تحقق شروط أربعة:
الأول: أن يكون من ذوي الهيئات
الثاني: أن يكون من المشهورين بالخير والصلاح
الثالث: ألا يكون من المجاهرين بالمعاصي
الرابع: ألا يكون ذنبه في حد من حدود الله ما لم يرفع أمره للسلطان
وعليه فإن كان صاحب هذا المنتدى من ذوي الهيئات المشهورين بالصلاح وفعل الخيرات
فستره أولى، ولكن مع زجره ووعظه، وتحذيره من إفشاء سره وفضح امره،
فإن لم يرتدع عن فعله، وتؤمن فتنته وتعديه على أخواته،
فالواجب على السائلة حفظها الله أن تحذر منه في الحال،
لئلا يتسبب في فتنة أخواتنا في الله بأنواع المراوغة والاحتيال،
والله أسأل أن يهدينا وإياه إلى ما يحب ويرضى،
وأن يحفظ أخواتنا في الله من ضعاف القلوب والمرضى،
فإنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه،
ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه.
جزى الله شيخنا خيرالجزاء(/)
ماذا تقرأ في شهر رمضان ...
ـ[باشلار]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 03:14 م]ـ
شهر مبارك على الجميع
إن أفضل كتاب يقرأه المرء في هذا الشهر الكريم هو كتاب الله سبحانه وتعالى (القرآن الكريم).
وهو أمر يكون جميلا اذا جعلت برنامجاً كبيرا لذلك:
كالاستعانة بكتب التفسير كتفسير ابن كثير والطبري والفخر الرازي وغيرها.
وقراءة قصص الأنبياء والمرسلين الموجودة في الكتب المتخصصة.
والرجوع إلى معاني الكلمات، وأسباب النزول.
محاولة الاستماع إلى قراءات بعض القراء والمشايخ في تلاوة السور.
الرجوع إلى الكتب والأبحاث المحكمة المتعلقة بقضايا القراءات والتجويد.
شرح القصص القرآني لمن لديهم أطفال كنوع من تحبيبهم لكتاب الله عز وجل.
هذا والله اعلم
جعلنا الله من الذين يحسنون قراءته وتجويده وختمه
وجعلنا الله ممن سيكتب لهم الأجر في هذا الشهر المبارك.
ـ[أم أسامة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 08:18 م]ـ
صدقت أخي الكريم رمضان شهر القرآن ...
جزيت خيراً ...
ـ[باشلار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:45 م]ـ
صدقت أخي الكريم رمضان شهر القرآن ...
جزيت خيراً ...
اشكرك على المرور
وجعله الله شهر خير وبركة على الجميع(/)
هذا ماأبكى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 10:43 م]ـ
]:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم، أب كبير السن، يشكو إليه عقوق ولده
فقال:
يا رسول الله كان ضعيفا ًوكنت قوياً، وكان فقيراً وكنت غنياً، فقدمت له كل ما يقدم الأب الحاني للابن المحتاج.
ولما أصبحت ضعيفاً وهو قوي، وكان غنياً وأنا محتاج، بخل علي بماله، وقصّر عني بمعروفه ...
ثم التفت إلى ابنه منشداً: [/ center]
غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً =تعلُّ بما أدني إليك وتنهلُ
إذا ليلة نابتك بالشكو لم أبت = لشكواك إلا ساهراً أتململُ
كأني أنا المطروق دونك بالذي = طرقتَ به دوني وعيني تهملُ
فلما بلغت السن والغاية التي =إليها مدى ما كنتُ منك أؤمِّلُ
جعلت جزائي منك جبهاً وغلظةً= كأنك أنت المنعم المتفضلُ
فليتك إذ لم تَرعَ حق أبوتي = فعلت كما الجار المجاور يفعلُ
فأوليتني حق الجوار ولم تكن =عليّ بمال دون مالك تبخلُ
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال: للولد: أنت ومالك لأبيك ...
أخواني أوصيكم ونفسي بتقوى الله وبرِ الوالدين ......
ـ[أم أسامة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 10:54 م]ـ
جزيتي خيراً وبوركتي أيتها المبدعة ... الرائعة ..
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 11:07 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك أختنا مبحرة
لا شك أنّ بر الوالدين من أعظم القربات وأو جب الواجبات , وأرفع الحسنات , وأنّ عقوقهما وأذيتهما من أفحش الفواحش , وأكبر الكبائر , وقد تظافرت النصوص والآثار في ذلك , ويكفي ما جاء في كتاب الله تعالى تدليلا على هذه القضيّة وتأكيدا لها وقد قال تعالى في سورة لقمان: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)
والقصّة التي أوردتِها أخيّتي استشهد بها الشيخ عائض القرني حفظه الله في دروسه , وقد ذكر أنّها وردت في الطبرانيّ , وفي إسنادها نظر.
وقد علّق الشيخ على هذه القصّة في أحد دروسه فقال:
" وحق للقلوب اللينة، وللعيون الرقراقة بالدموع أن تدمع لهذه المآسي التي وجدت في بلاد الإسلام، والتي شكت قلوب الوالدين إلى بارئها هذا الظلم الفظيع، وهذا الجرم الشنيع، فهل أظلم وهل أكبر، وهل أشنع من أن تربي ابنك؛ فإذا قوي واشتد ساعده، وأصبح في مصاف الرجال -بعد أن أعطيته شبابك، وزهرة عمرك، ولذة روحك، وشجا نفسك- رد عليك الجميل منكراً؟! فإذا صوته صائلٌ في البيت، لا يجيب لك دعوة، ولا ينفذ لك أمراً، ولا يخفض لك جناحاً.
إنها -يا عباد الله- مأساة ما بعدها مأساة؛ ولذلك عدّ الإسلام بر الوالدين من أعظم الحقوق.
ثمّ قال:
عباد الله: إن العقوقَ مأساة وجدت في المجتمعات، وانتشرت في البيوت، وأصبحت أكبر المشكلات على الآباء، وفي بعض الآثار: يود المؤمن في آخر الزمان أن يربي كلباً ولا يربي ابناً.
نعم، وجد هذا ورأينا ورأى غيرنا الآباء الذين طعنوا في السن وأصابتهم الشيخوخة، وهم يتباكون ويتضرعون ويتوجعون لهذه الذرية الظالمة العاتية، فهل من عودة يا شباب الإسلام إلى الله؟ وهل من عطف وحنان؟ وهل من خفض جناح؟ وهل من بر وجودة مع الآباء والأمهات؟ "
حفظ الله شيخنا القرني , ونفع الأمّة به وبعلمه
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 12:43 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ...
وجعلة الله في موازين حسناتكم ...
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 08:01 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخت مبحرة على حرصك و بارك فيك و جعلك من البارّين ....
للفائدة يمكن الاطلاع على هذا الرابط:
http://www.khayma.com/da3wah/57.html
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:05 ص]ـ
اللهم آمين ...
وجميع المسلمين ....
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:39 ص]ـ
بر الوالدين وما أدراكم مابرهما ..
كم من كافر ومن ملحد تأثر بهذا الخلق الانساني العميق، وكان سبباً لدخوله في الاسلام
بوركت أخيتي الكريمة المبحرة على النافع من تراثنا المجيد، نفع الله بك وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[عبدالدائم مختار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:45 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
اللهم صل وسلم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه
شكرا لك أختاه على نقلك
وحري بكل ولد ذكرا كان أم أنثى، أن يلزم أقدام والديه فيبرهما، وإن كانا ميتين فالدعاء والصلة
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:52 ص]ـ
هذا نص الرابط السابق
ما صحة الحديث الذي فيه: غَذَوتُكَ مولوداً .. وفيه: أنت ومالك لأبيك؟
السؤال:
ما صحة هذا الحديث؟؟؟؟؟
لقد وجدت هذا الحديث في الساحه المفتوحه فما صحته يا أخوان
ارجوا ممن لديه علم في هذا ان يبين لنا وجزاكم الله خيرا.
جاءَ رجلٌ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله إنَّ أبي أخذَ مالي، فقال (صلى الله عليه وسلم): فأتني بأبيك، فنزلَ جبريلُ (عليهِ السلام) فقالَ لرسولِ الله (صلى الله عليه وسلم): إذا جاءَكَ والدهُ الشيخ فاسألهُ عن شيءٍ قاله في نفسه ولم تسمعه أذناه، فلمّا جاءَ الشيخ قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): ما بال ابنكَ يشكوكَ أَن أخذت لهُ ماله؟ فقال: سَلهٌ يا رسول الله هل أنفقتُه على نفسي أم على إحدى عمّاته؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): فأخبرني عن شيءٍ قُلتَهُ في نفسكَ ولم تسمعه أذناك وأنتَ قادمٌ إليّ؟ فقال الشيخ: واللهِ يا رسولَ الله ما زال اللهُ يزيدُنا بكَ يقيناً، لقد قُلتُ في نفسي ولم تسمعه أذناي:
غَذَوتُكَ مولوداً وعِلتُكَ يافعاً -
تُعَلُّ بما أُدني إليكَ وتَنهلُ
إذا ليلةُ ضافتكَ بالسُّقمِ لم أبِتْ -
لسُقمِكَ إلاّ ساهراً أتملّملُ
كأنّي أنا المطروقُ دونكَ بالذي-
طُرقتَ به دوني فعينيَ تَهمِلُ
فلمّا بلغتَ السِنَّ والغايةَ التي -
إليها مدى ما كُنتُ فيكَ أُؤمّلُ
جَعَلتَ جزائي غِلظَةً وفظاظَةً -
كأنّكَ أنتَ المُنعِمُ المتَفضّلُ
فليتَكَ إذ لم تَرْعَ حَقَّ أبوَّتي -
فَعَلتَ كما الجارُ المصاقِبُ (1) يفعلُ
فأوليتَني حَقَّ الجوارِ ولم تَكُن -
عَليَّ بمالٍ دونَ مالِكَ تبخَلُ
فبكى النبي (صلى الله عليه وسلم): حتّى ابتلَّتْ لحيتُه الشريفةُ، ثُمَّ أمْسَكَ (صلى الله عليه وسلم) بتلابيبِ (2) الوَلدِ وقال: ((أنتَ ومالُكَ لأبيك)).
الجواب:
بينما كنت أُقلّب صفحات المشكاة وجدت هذا السؤال لأخي الفاضل القاطع
فأحببت الإفادة
الحديث بتمامه ضعيف
قال الهيثمي: روى ابن ماجة طرفاً منه، ورواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه: من لم أعرفه، والمنكدر بن محمد ضعيف، وقد وثقه أحمد، والحديث بهذا التمام منكر، وقد تقدمت له طريق مختصرة رجال إسنادها رجال الصحيح.
والطريق المختصرة هي ما أشار إليها الأخ مسك وفقه الله.
وقال العجلوني في كشف الخفا: وله طريق أخرى عند البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير بسند فيه المكندر ضعفوه عن جابر. ثم ذكره بتمامه.
وأورده الزيلعي في نصب الراية ونسبه للطبراني في الصغير وللبيهقي في دلائل النبوة من طريق المنكدر بن محمد.
فمدار إسناد الحديث على المنكدر هذا.
وهو ليّن الحديث، ولم أر من تابعه عليه بهذا التمام.
أي بهذا اللفظ بتمامه.
والله أعلم.
الشيخ عبد الرحمن السحيم
.................
جزاكم الله كل الخير وقد دخلت للموضوع للتنبية بضعف الحديث ووجدت الأحبة سبقوني بهذا
والحقيقة إني ضدهذه العناوين العاطفية خاصة إذا ماكانت تحوي أحاديث ضعيفة وبعضها موضوعة وأذكرإني وقعت على حديث موضوع ولفت الإنتباه لذلك وقال لي البعض وماالمانع أن نأخذبما فيه طالما أنه يحث على الخير
فقلت سبحان الله نترك القرآن الذي قال لنا كذا وكذا في ذلك الموضوع وتلك الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن ذلك ونتبع الموضوع
وعلى كل حال القصيدة هي قصيدة رائعة لأميه بن أبي الصلت إن صدقتني الذاكرة
وكان الحبيب عليه الصلاة والسلام يحب شعره
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:34 ص]ـ
بارك الله فيك أخي نعيمًا.
أحبك في الله أخي ليتك تعلم.
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 08:44 ص]ـ
رائع غاليتي
لو يعلم الإبناء بقيمة الكنز الذي لديهما
لما فرطوا فيه ولا لحظة
فببرالوالدين سعادة الدارين
رزقنا الله واياك برهما
أحياءً وأمواتا
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:49 م]ـ
بر الوالدين وما أدراكم مابرهما ..
(يُتْبَعُ)
(/)
كم من كافر ومن ملحد تأثر بهذا الخلق الانساني العميق، وكان سبباً لدخوله في الاسلام
بوركت أخيتي الكريمة المبحرة على النافع من تراثنا المجيد، نفع الله بك وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
شاكرة لك طيب المرور ...
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:51 م]ـ
اللهم صل وسلم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه
شكرا لك أختاه على نقلك
وحري بكل ولد ذكرا كان أم أنثى، أن يلزم أقدام والديه فيبرهما، وإن كانا ميتين فالدعاء والصلة
جزاك الله خيراَ ...
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:56 م]ـ
هذا نص الرابط السابق
ما صحة الحديث الذي فيه: غَذَوتُكَ مولوداً .. وفيه: أنت ومالك لأبيك؟
السؤال:
ما صحة هذا الحديث؟؟؟؟؟
لقد وجدت هذا الحديث في الساحه المفتوحه فما صحته يا أخوان
ارجوا ممن لديه علم في هذا ان يبين لنا وجزاكم الله خيرا.
جاءَ رجلٌ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله إنَّ أبي أخذَ مالي، فقال (صلى الله عليه وسلم): فأتني بأبيك، فنزلَ جبريلُ (عليهِ السلام) فقالَ لرسولِ الله (صلى الله عليه وسلم): إذا جاءَكَ والدهُ الشيخ فاسألهُ عن شيءٍ قاله في نفسه ولم تسمعه أذناه، فلمّا جاءَ الشيخ قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): ما بال ابنكَ يشكوكَ أَن أخذت لهُ ماله؟ فقال: سَلهٌ يا رسول الله هل أنفقتُه على نفسي أم على إحدى عمّاته؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): فأخبرني عن شيءٍ قُلتَهُ في نفسكَ ولم تسمعه أذناك وأنتَ قادمٌ إليّ؟ فقال الشيخ: واللهِ يا رسولَ الله ما زال اللهُ يزيدُنا بكَ يقيناً، لقد قُلتُ في نفسي ولم تسمعه أذناي:
غَذَوتُكَ مولوداً وعِلتُكَ يافعاً -
تُعَلُّ بما أُدني إليكَ وتَنهلُ
إذا ليلةُ ضافتكَ بالسُّقمِ لم أبِتْ -
لسُقمِكَ إلاّ ساهراً أتملّملُ
كأنّي أنا المطروقُ دونكَ بالذي-
طُرقتَ به دوني فعينيَ تَهمِلُ
فلمّا بلغتَ السِنَّ والغايةَ التي -
إليها مدى ما كُنتُ فيكَ أُؤمّلُ
جَعَلتَ جزائي غِلظَةً وفظاظَةً -
كأنّكَ أنتَ المُنعِمُ المتَفضّلُ
فليتَكَ إذ لم تَرْعَ حَقَّ أبوَّتي -
فَعَلتَ كما الجارُ المصاقِبُ (1) يفعلُ
فأوليتَني حَقَّ الجوارِ ولم تَكُن -
عَليَّ بمالٍ دونَ مالِكَ تبخَلُ
فبكى النبي (صلى الله عليه وسلم): حتّى ابتلَّتْ لحيتُه الشريفةُ، ثُمَّ أمْسَكَ (صلى الله عليه وسلم) بتلابيبِ (2) الوَلدِ وقال: ((أنتَ ومالُكَ لأبيك)).
الجواب:
بينما كنت أُقلّب صفحات المشكاة وجدت هذا السؤال لأخي الفاضل القاطع
فأحببت الإفادة
الحديث بتمامه ضعيف
قال الهيثمي: روى ابن ماجة طرفاً منه، ورواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه: من لم أعرفه، والمنكدر بن محمد ضعيف، وقد وثقه أحمد، والحديث بهذا التمام منكر، وقد تقدمت له طريق مختصرة رجال إسنادها رجال الصحيح.
والطريق المختصرة هي ما أشار إليها الأخ مسك وفقه الله.
وقال العجلوني في كشف الخفا: وله طريق أخرى عند البيهقي في الدلائل والطبراني في الأوسط والصغير بسند فيه المكندر ضعفوه عن جابر. ثم ذكره بتمامه.
وأورده الزيلعي في نصب الراية ونسبه للطبراني في الصغير وللبيهقي في دلائل النبوة من طريق المنكدر بن محمد.
فمدار إسناد الحديث على المنكدر هذا.
وهو ليّن الحديث، ولم أر من تابعه عليه بهذا التمام.
أي بهذا اللفظ بتمامه.
والله أعلم.
الشيخ عبد الرحمن السحيم
.................
جزاكم الله كل الخير وقد دخلت للموضوع للتنبية بضعف الحديث ووجدت الأحبة سبقوني بهذا
والحقيقة إني ضدهذه العناوين العاطفية خاصة إذا ماكانت تحوي أحاديث ضعيفة وبعضها موضوعة وأذكرإني وقعت على حديث موضوع ولفت الإنتباه لذلك وقال لي البعض وماالمانع أن نأخذبما فيه طالما أنه يحث على الخير
فقلت سبحان الله نترك القرآن الذي قال لنا كذا وكذا في ذلك الموضوع وتلك الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن ذلك ونتبع الموضوع
وعلى كل حال القصيدة هي قصيدة رائعة لأميه بن أبي الصلت إن صدقتني الذاكرة
وكان الحبيب عليه الصلاة والسلام يحب شعره
السلام عليكم ..
تحية طيبة ..
أستاذ نعيم ..
والله لم أعلم بضعف الحديث إلا الآن والله على ماأقول شهيد ..
أبي حفظة الله دائماً يرددها على مسامعنا حتى حفظت القصيدة عن ظهر قلب ..
ولم أعلم بذلك إلا الآن ..
شاكرة لك التنبية
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:59 م]ـ
أستاذي عبدالعزيز العمار ..
وغاليتي ضياء الأمل
شاكرة لكم طيب المرور
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته, وبعد؛
فخُلاصةُ ما عليه السَّلفُ ـ رحمهم الله ـ أنّ الحديث الضعيف لا يُحتَجُّ به في العقائد و الأحكام، ويجوز روايته و العمل به في غير ذلك كالقصص وفضائل الأعمال والمواعظ و الرقائق؛ على تفصيلٍ في ذلك و شروطٍ عند أهل الحديث.
و جزاكم الله خيرا!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:21 ص]ـ
السلام عليكم ..
تحية طيبة ..
أستاذ نعيم ..
والله لم أعلم بضعف الحديث إلا الآن والله على ماأقول شهيد ..
أبي حفظة الله دائماً يرددها على مسامعنا حتى حفظت القصيدة عن ظهر قلب ..
ولم أعلم بذلك إلا الآن ..
شاكرة لك التنبية
وضعتُ لك هذا التنبيه على (التنبية) فما قبله؛ لمّا رأيت خطأك كَثُرُ فيه؛ فتنبّهي يا رعاك الله!
وقد تواصينا في الفصيح على جبر عثرات الفصحاء؛ حتى يسلم لنا هذا اللسان الشريف, و أرانا قصّرنا في هذا زمنا؛ لِما رأينا من تبرّم بعض إخواننا من ذلك! لكن ذلك أهون علينا من ترك التنبيه!
بارك الله فيكم جميعا!
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته, وبعد؛
فخُلاصةُ ما عليه السَّلفُ ـ رحمهم الله ـ أنّ الحديث الضعيف لا يُحتَجُّ به في العقائد و الأحكام، ويجوز روايته و العمل به في غير ذلك كالقصص وفضائل الأعمال والمواعظ و الرقائق؛ على تفصيلٍ في ذلك و شروطٍ عند أهل الحديث.
و جزاكم الله خيرا!
جزاك الله خيراً ..
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:26 م]ـ
وضعتُ لك هذا التنبيه على (التنبية) فما قبله؛ لمّا رأيت خطأك كَثُرُ فيه؛ فتنبّهي يا رعاك الله!
وقد تواصينا في الفصيح على جبر عثرات الفصحاء؛ حتى يسلم لنا هذا اللسان الشريف, و أرانا قصّرنا في هذا زمنا؛ لِما رأينا من تبرّم بعض إخواننا من ذلك! لكن ذلك أهون علينا من ترك التنبيه!
بارك الله فيكم جميعا!
كم أنا سعيدة بذلك التصويب جزاك الله خيراً ...
وجعلة الله في موازين حسناتك ...(/)
إلى أي سورة استمع الجن وأسئلة أخرى
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 10:23 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
ما السورة التي استمع إليها الجن كما ورد في القرآن الكريم.
من أجاب فله جائزة
من أجاب مرة لا يحق له الإجابة ثانية
هنا خدعة , كل شخص يرى اسمه في العنوان:)
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 10:32 م]ـ
السلام عليكم قائد المسيرة
يسعدني أن أكون أوّل المجيبين لعلّي أحظى بالجائزة
قيل هي سورة العلق وقيل هي سورة الرحمن
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 10:35 م]ـ
أحسنت ولك الجائزة خمس رسائل جوال
في آية من كتاب الله ينهى الله عباده المؤمنين أن يتخذوا بطانة من المنافقين من أهل الكتاب وغيرهم يظهرونهم على سرائرهم وذلك لأنهم أعداء الإسلام ... اذكر اسم السورة ورقم الآية
من أجاب لا يحق له الإجابة ثانية
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 10:43 م]ـ
أحسنت ولك الجائزة خمس رسائل جوال
لو جعلتها "كاش" لضمنّا لحمة العيد:):):)
من أجاب لا يحق له الإجابة ثانية
قد عقلت بناني:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 10:58 م]ـ
أبا العباس أتأكلون اللحم:)
سؤال آخر لأني سأخرج بعد قليل
كل علاقة ومحبة تزول يوم القيامة وتتبدل عداوة إلا محبة واحدة وهي ما كانت لله تعالى, أين ورد ذلك في القرآن الكريم ... اذكر اسم السورة ورقم الآية؟
وسأضع الثالث أيضا إن شاء الله
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:01 م]ـ
الثالث
لقد جعل الله سبحانه وتعالى للمؤمنين أسوة وقدوة حسنة في جميع شؤون حياتهم فأين ورد ذلك ... اذكر اسم السورة ورقم الآية؟
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:01 م]ـ
آية 118 من آل عمران مارأيكم؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
آية 118 من آل عمران مارأيكم؟
أحسنت ولك مثل جائزة أبي العباس
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:29 م]ـ
الثالث
الأحزاب 21
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:35 م]ـ
الأحزاب 21
أحسنت ولك مثل ما لهما
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:36 م]ـ
كل علاقة ومحبة تزول يوم القيامة وتتبدل عداوة إلا محبة واحدة وهي ما كانت لله تعالى, أين ورد ذلك في القرآن الكريم ... اذكر اسم السورة ورقم الآية؟
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 11:57 م]ـ
(الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) الزخرف67
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 12:27 ص]ـ
أحسنت نلت الجائزة
للصحابة الكرام رضي الله عنهم حق كبير بالترضي عنهم وذكر محاسنهم والكف عما بدر منهم, وقد أثنى الله تعالى عليهم وذكر شيئا من صفاتهم ... اذكر اسم السورة ورقم الآية
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 12:44 ص]ـ
رضي الله عنهم آجمعين
سأعد إلى 10، وإن لم يجب أحد سأتصدر .. :)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:26 ص]ـ
غريبة
توقعت أن آتي فأجد السؤال قد أجيب
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:57 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هذه (قَطَّة) مغربي:)!
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (10) سورة الحشر
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:11 ص]ـ
ربما يحسن تبديل العنوان أو الإضافة عليه.
كأن يصبح مثلا (إلى أي سورة استمع الجن وأسئلة أخرى)
واصلوا يرحمكم الله.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:15 ص]ـ
جزاك الله خيرًا.
ننتظر المؤسس.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:26 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هذه (قَطَّة) مغربي:)!
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (10) سورة الحشر
نأسف الإجابة خطأ
هذه الآية في الذين جاؤوا من بعدهم
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:34 ص]ـ
خسرنا (القطَّة) يا ابن العمار!:)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:36 ص]ـ
أضحك الله سنك؛ فلقد تقطعت من الضحك.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 07:06 ص]ـ
ٹ ٹ ژ ? ? ?? ? پ پ پ پ ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ?? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ژ الفتح
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 07:08 ص]ـ
في يوم القيامة في ذلك الموقف المهيب, في ذلك اليوم العصيب, يوجد صنف من الناس تراه يتحسّر ويتمنى أن لو أطاع رسوله الذي أرسل إليه من ربه ويصيح بالويل على من أضله عن ذكر ربه وطاعة مولاه أين ذكر الله ذلك .. اذكر اسم السورة ورقم الآية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 07:19 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله ... هذه هي بإذن الله، وإنها لآية تصدع القلب، فقل: نعم.
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} (27) سورة الفرقان
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 07:54 ص]ـ
انصرفت عنك مولانا، ألم تقرأ الفرمان:
من أجاب مرة لا يحق له الإجابة ثانية
يبدو أنك ستبدد أموالنا على القارعة:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 08:27 ص]ـ
للأسف يا عبد العزيز ضاعت فرصتك
السؤال البديل
سورة انتهت بكلمة بدأت بها أخرى
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 08:34 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخي محمدًا، آلإجابة الماضية صحيحة؟
إجابة السؤال الجديد:
سورة العلق انتهت بقوله تعالى (واقترب)، والسورة الثانية سورة الأنبياء بدأت بقوله
(اقترب).
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 08:38 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخي محمدًا، آلإجابة الماضية صحيحة؟
إجابة السؤال الجديد:
سورة العلق انتهت بقوله تعالى (واقترب)، والسورة الثانية سورة الأنبياء بدأت بقوله
(اقترب).
من أجاب مرة لا يحق له الإجابة ثانية
أخطأت في الأولى
فلم تقبل لا الثانية ولا الثالثة:)
متى ستنام حتى أضع السؤال الجديد بعد نومك:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 08:40 ص]ـ
السؤال البديل
(عبدالعزيز بن حمد العمار ممنوع من الإجابة عليه:))
تسبيح وحمد واستغفار وتوبة في آية واحدة
ـ[تيما]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:48 م]ـ
تسبيح وحمد واستغفار وتوبة في آية واحدة
سورة النصر الآية رقم 3، يقول جل وعلا:
"فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا"
.
.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:47 م]ـ
أحسنت ولك الجائزة:)
عفوا، كنت أحسبني التويجري، لا عليك أختاه ;)
سيقول لك المؤسس، أحسنت ولك الجائزة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 09:37 م]ـ
سورة النصر الآية رقم 3، يقول جل وعلا:
"فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا"
.
.
أحسنت ولك الجائزة:)
عفوا، كنت أحسبني التويجري، لا عليك أختاه ;)
سيقول لك المؤسس، أحسنت ولك الجائزة
القول ما قال المغربي
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 09:46 م]ـ
أمران أمرنا بالاستعانة بهما كما أُمر بنو إسرائيل بنفس الأمر في سورة واحدة وآيتين مختلفتين
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:06 م]ـ
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) سورة البقر
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:08 م]ـ
هذه لبني إسرائيل
أين الآية الثانية لتحصلي على الجائزة
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:15 م]ـ
سأجيب لا أحد يجيب ..
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:17 م]ـ
يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} (البقرة:153
ـ[أم مصعب1]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:23 م]ـ
المعذرة لم أنتبه لإجابة الأخت الكريمة مبحرة ..
أمران أمرنا بالاستعانة بهما كما أُمر بنو إسرائيل بنفس الأمر في سورة واحدة وآيتين مختلفتين
،
،
الصبر، و الصلاة
في سورة البقرة
الآية الأولى في الجزء الأول جاءت في سياق كان موجّه إلى بني إسرائيل:
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) (البقرة:45)
الآية الثانية موجّه إلى المؤمنين
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:153)
،
،
بوركتم ..
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:53 م]ـ
أحسنتما ولكن الجائزة لمن سبقت
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:01 م]ـ
زعمت أمة أن الله اصطفاها وجعل الجنة لها فأعجزهم الله وبين كذبهم بطلب ما
هذا الطلب تكرر في القرآن فما هو واذكر موضعا واحد فقط ورد فيه
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:08 م]ـ
أأستطيع الإجابة أم ما زلت محظورًا؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:12 م]ـ
لا سبيل كل من أجاب ينتهي أمره ولا يجوز أن يجيب ثانية خاصة إن كان في الأمر (تدخل مغربي):)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:14 م]ـ
(يايها لذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنو الموت إن كنتم صادقين) آية6 سورة الجمعة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:19 م]ـ
أحسنت
أرجو كتابة الآيات سليمة من الأخطاء أو نسخها من المصحف
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:25 م]ـ
أعوذ بالله بلا النافية للجنس!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:31 م]ـ
وصية الله لكل الأمم
اذكر الآية والسورة
ـ[أم مصعب1]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:34 م]ـ
أحسنتما ولكن الجائزة لمن سبقت
لا بأس!
زعمت أمة أن الله اصطفاها وجعل الجنة لها فأعجزهم الله وبين كذبهم بطلب ما
هذا الطلب تكرر في القرآن فما هو واذكر موضعا واحد فقط ورد فيه
،
،
(قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:94)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:37 م]ـ
يا أم مصعب سبقت ثانية
http://www.alfaseeh.com/vb/showpost.php?p=273328&postcount=43
أجيبي على هذا قبل أن تسبقي
وصية الله لكل الأمم
اذكر الآية والسورة
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:37 م]ـ
(وَلَقَد? وَصَّي?نَا ?لَّذِينَ أُوتُواْ ?ل?كِتَـ?بَ مِن قَب?لِ?ُم? وَإِيَّاكُم? أَنِ ?تَّقُواْ ?للَّهَ ? وَإِن تَك?فُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِى ?لسَّمَـ?وَ?تِ وَمَا فِى ?ل?أَر?ضِ ? وَكَانَ ?للَّهُ غَنِيًّا حَمِيدً?ا)
الآية 131 من سورة النساء
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:40 م]ـ
لا يا سما الإسلام
أهل الكتب ونحن لسنا كل الأمم
كل الأمم
من البحر إلى البحر أو من الشاطئ إلى الشاطئ
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:49 م]ـ
هل لي أن أجيب أم لا؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 12:18 ص]ـ
لا
من أجاب فلن يجيب ثانية للأسف
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 12:26 ص]ـ
على نفس السؤال أم على كل الأسئلة؟
لا
من أجاب فلن يجيب ثانية للأسف
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 05:31 ص]ـ
على كل الأسئلة
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 06:08 ص]ـ
قال تعالى في سورة الأنعام:
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)
.......................
أو
قوله تعالى:
(ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 06:22 ص]ـ
لا يا أستاذ نعيم
كلمة السر في (كل الأمم) ليس في كلمة (وصية)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:35 م]ـ
ٹ ٹ ژ ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ ژ النحل
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:37 م]ـ
توعد الله الذين ينشرون الفساد بين المؤمنين ويساعدون على ذلك ويفضلونه بعذاب شديد في هذه الحياة وفي الآخرة
فما السورة وما الآية.
ـ[ربا 198]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:47 م]ـ
قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور: 19]
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:54 م]ـ
أحسنت ولك الجائزة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
خير ما يتزود به المرء
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 06:55 ص]ـ
سلام عليكم ... أسعدك الله أيها المؤسس
أما زلت محظورًا؟:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:15 ص]ـ
ما عندك حق نقض:)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:22 ص]ـ
حتى لو أحضرت واسطة!
ـ[أم مصعب1]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:29 ص]ـ
خير ما يتزود به المرء
،
،
) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة:197)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:37 ص]ـ
أضحك الله سنك أيها المؤسس.
يعني سمحت لي بالمشاركة إلى الأبد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:11 ص]ـ
،
،
) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة:197)
أحسنت ولك الجائزة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:13 ص]ـ
أضحك الله سنك أيها المؤسس.
يعني سمحت لي بالمشاركة إلى الأبد.
لا ما سمحت لك
أي عضو أجاب (أي عضو) لن يشارك ثانية
انظر أول مشاركة لتعرف
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:14 ص]ـ
لماذا خلق الله الموت والحياة
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:19 ص]ـ
لا تخافوا يا أحباب؛
(كل شخص يرى اسمه في العنوان)
وهذه من إبداعات المؤسس.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:48 ص]ـ
أخي ابن العمار، إذا أردت واسطة فهناك العم صالح التكروني، لا عليك سيشفع لك
مقابل أن تشتري من "سوبياه " الرمضانية .. كل عام وأنت بخير:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:58 ص]ـ
لماذا خلق الله الموت والحياة
--[ you] , أجب
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:02 ص]ـ
سمعا وطاعة سيدي:)
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} الملك2
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:04 ص]ـ
لماذا خلق الله الموت والحياة
-- أبو العباس المقدسي , أجب
السلام عليكم
ليس لي رأي بعد قول الله تعالى وحكمه
وليس بعد بيان الله تعالى بيان
قال جلّ وعلا:
"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " (2) الملك
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:05 ص]ـ
ليس لك شيء بل سأسحب الجائزة التي أعطيتك إياها:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:07 ص]ـ
أبو العباس:)
انظر إلى اقتباسي وانظر إلى المكتوب جيدا:)
لماذا خلق الله الموت والحياة
-- محمد التويجري , أجب
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:08 ص]ـ
سمعا وطاعة سيدي:)
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} الملك2
لعلّك توهمت: d, فأنت أبو أنمار , لا أبو العبّاس المقدسي:)
أم
أنا أنت وأنت أنا- نحن روحان حللنا بدنا
تحيّاتي أخي الحبيب
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:10 ص]ـ
لم يعرف بعد:)
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:11 ص]ـ
آنسك ربك، كما آنستنا
لعبت بنا، وبعقولنا في هذا الصباح
بالمناسبة، لعبة غاية في " الإمتاع والمؤانسة ":)
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:12 ص]ـ
أبو العباس:)
انظر إلى اقتباسي وانظر إلى المكتوب جيدا:)
هناك
أبو العباس- أجب
وهنا محمّد التويجري - أجب
هل المقصود واحد ;)
لا أدري: rolleyes:
أشعر بدوار في عقلي:) ( ops
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:14 ص]ـ
وعند مغربي مكتوب مغربي أجب:)
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:16 ص]ـ
لكم ضحكت عليك وعلى نفسي أبا العباس، لله درنا ما أعجلنا يارجل!!:)
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:17 ص]ـ
هل هي خدعة فنيّة
تظهر اسم من يشاهدها فقط
وهي ليست كذلك؟
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:18 ص]ـ
أي نعم!!:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:18 ص]ـ
هو ذاك
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:19 ص]ـ
وعند مغربي مكتوب مغربي أجب:)
هههههه
لله درّك
أوقعت بنا , ها
أضحك الله سنّك
ـ[تيما]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:20 ص]ـ
لماذا خلق الله الموت والحياة
-- تيما , أجب
تحياتي أستاذ محمد
هذه الدعوة الموجهة لكل عضو في الفصيح ستسبب لك إزعاجا ...
كل من يرى السؤال يدعوه للإجابة سيجيب، وقد كنت سأفعل لكن يكفيني السيارة التي ربحتها عن السؤال الماضي:)، متى سأستلمها؟؟
أستاذ المقدسي
كما يظهر اسمك في العنوان في هذه النافذة، سيظهر لك مع كل سؤال (أجب ... ).
ادخل كزائر وشاهد العبارة التي ستكتب لك.
.
.
ـ[تيما]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:22 ص]ـ
عفوا تزامن إرسال
حلّت المشكلة أستاذي المقدسي قبل تدخلي ... فاعذرني
.
.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:24 ص]ـ
تحياتي أستاذ محمد
هذه الدعوة الموجهة لكل عضو في الفصيح ستسبب لك إزعاجا ...
كل من يرى السؤال يدعوه للإجابة سيجيب، وقد كنت سأفعل لكن يكفيني السيارة التي ربحتها عن السؤال الماضي:)، متى سأستلمها؟؟ هنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/sendsms.php?do=showform) سيارتك:)
أستاذ المقدسي
كما يظهر اسمك في العنوان في هذه النافذة، سيظهر لك مع كل سؤال (أجب ... ).
ادخل كزائر وشاهد العبارة التي ستكتب لك.
.
.
(تيما أجب ;))
للأسف انكشفنا أمام النساء
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:27 ص]ـ
لو كان النساء كمثل هذي .. لفضّلت النساء على الرجال
صدقت أختنا تيما
هذ ما هو مكتوب للزائر:
لماذا خلق الله الموت والحياة
-- غير مسجل , أجب
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:27 ص]ـ
(تيما أجب ;))
للأسف انكشفنا أمام النساء
إذن تغط، وخذ لك ساترا:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:31 ص]ـ
السؤال الجديد
بدون جائزة لأنكم أخذتم جوائز
الخِطْءُ الكبير ما هو.
لم أخطئ في الكتابة وقد شكلتها لكم
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:49 ص]ـ
حركة بديعة ... عجيبة!
السؤال الجديد
بدون جائزة لأنكم أخذتم جوائز
الخِطْءُ الكبير ما هو.
لم أخطئ في الكتابة وقد شكلتها لكم
الخِطء الكبير هو ما عبر عنه الحق - تبارك وتعالى - بقوله: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خِطئًا كبيرا " (الإسراء: 31)
ملاحظة: لا أذكر أني أخذت جائزة من قبل!: rolleyes:
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:51 ص]ـ
أحسنت
الجائزة لمن يجيب أول مرة جوابا صحيحا
تستحقين الجائزة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:53 ص]ـ
السؤال الجديد
ما الذي منع الناس أن يؤمنوا بالرسل؟
تذكير: من أجاب مرة لا يحق له الإجابة ثانية
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:10 ص]ـ
" وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا "
الإسراء:94
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:17 ص]ـ
أحسنت
تستحقين الجائزة
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:23 ص]ـ
شكرا ..
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:28 ص]ـ
ضرب الله مثلا للمشركين أبطل به شركهم
هذا المثل المضروب كان فيهم
اذكر السورة والآية
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ...
عذراً إليكم ... لم أتمكن من دخول النت صباحاً ... ويكنكم توجيه سؤال آخر
لي ... بشرط أن يرفق بجائزة وقدْرُها .... :)
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:01 م]ـ
بسم الله ... سأجيب ..
والله أعلم - آية (78) من سورة يس ..
(وضربَ لنا مثلاً ونسيَ خلْقه قال من يُحي العظام وهيَ رَميم).
ـ[هند111]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:30 م]ـ
ضرب الله مثلا للمشركين أبطل به شركهم
هذا المثل المضروب كان فيهم
اذكر السورة والآية
سورة النحل
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى? شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ? هَلْ يَسْتَوُونَ ? الْحَمْدُ لِلَّهِ ? بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى? شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى? مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ? هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ? وَهُوَ عَلَى? صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)
والله أعلم
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:10 م]ـ
ما سر معرفي في عنوان الموضوع؟
ـ[لخالد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:35 م]ـ
ما سر معرفي في عنوان الموضوع؟
متغير variable
ـ[أم أسامة]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:53 م]ـ
لا تخافوا يا أحباب؛
(كل شخص يرى اسمه في العنوان)
وهذه من إبداعات المؤسس.
لم أخف بس أرتعت .. تفاجأت .. وقلت: بسم الله ... ;)
حركة رائعة ...
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:55 م]ـ
متغير variable
حركات.
ـ[أم مصعب1]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:46 م]ـ
: p
:D
:)
بعد المشاركة الأخيرة لي في الصباح ..
رأيتُ معرّفي يظهر في عنوان الموضوع ..
فقلت: يا الله ماذا فعلتُ؟ أي زرِّ ضغطت!!؟
ثمّ قلت ربّما هي حركة!
لأني رأيتها في بعض المنتديات
لكن الأعجب من هذا:
-- أم مصعب1 , أجب
:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:21 م]ـ
سورة النحل
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى? شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ? هَلْ يَسْتَوُونَ ? الْحَمْدُ لِلَّهِ ? بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى? شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى? مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ? هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ? وَهُوَ عَلَى? صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)
والله أعلم
ليس هذا
المثل المضروب كان في المشركين أنفسهم
بسم الله ... سأجيب ..
والله أعلم - آية (78) من سورة يس ..
(وضربَ لنا مثلاً ونسيَ خلْقه قال من يُحي العظام وهيَ رَميم).
ليس هذا
متغير variable
$output = str_replace('[variable]', $vbulletin->userinfo['username'], $output);
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:11 م]ـ
ضرب الله مثلا للمشركين أبطل به شركهم
هذا المثل المضروب كان في المشركين أنفسهم
اذكر السورة والآية
ـ[أنوار]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:24 ص]ـ
جئتكم من سبأ بخبر يقين ..
هل لي أن أجيب يا أستاذ ...
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:27 ص]ـ
جئتكم من سبأ بخبر يقين ..
هل لي أن أجيب يا أستاذ ...
إن أشرقت الشمس ولم يجب أحد فأجيبي
أي بعد 4 ساعات حسب توقيت كرسيي الجاثم أمام الجهاز:)
ـ[الجوهر الفرد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:04 ص]ـ
السلام عليكم:
((ضَرَبَ لَكُم مَّثَلا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) الروم (28)
ـ[أحمد أبو فهر]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:15 ص]ـ
أرى أن هذا هو الجواب الصحيح
جزاك الله خيرا
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 04:55 ص]ـ
أحسنت
بارك الله فيك ولك الجائزة
ـ[أمجاد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 05:49 ص]ـ
يا لها من خدعة!!
رأيت اسمي فسارعت بالدخول،
ثم اكتشفت خدعتكم الرائعة.
أين سؤالكم التالي لأجيب عنه؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 05:50 ص]ـ
السؤال الجديد
أخبر سبحانه أن الإنسان هو مشكلة الأرض وسبب ما فيها من مصائب
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:02 ص]ـ
قال تعالى:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
...............
وجائزة السؤال إن كانت صحيحة لأكثرمشارك غيرموفق في الجواب
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:08 ص]ـ
أحسنت
ولكنك سبق أن أجبت فلا جائزة
من أجاب مرة فلا يجب مرة أخرى
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:16 ص]ـ
أحسن الله إليك
أعلم أنك (ديكتاتور) لكنهم لايعلمون:)
على كل حال قرأتها من الوهلة الأولى قبل الديكتاتورية وقبلنا الثانية:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:20 ص]ـ
لا أحد يغضب من الحق:)
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:21 ص]ـ
لا أحد يغضب من الحق:)
أما أنا فلا أحبه:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:25 ص]ـ
السؤال الجديد
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
وصف سبحانه صنفا من عباده المؤمنين حين يستمعون ما نزّله من الكتاب
اذكر السورة والآية.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 09:16 م]ـ
وصف سبحانه صنفا من عباده المؤمنين حين يستمعون ما نزّله من الكتاب
اذكر السورة والآية.
الجواب:
الآية الثامنة و الخمسون من سورة مريم , قال تعالى: ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً)) [مريم: 58]
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 10:43 م]ـ
أحسنت
ونلت الجائزة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 10:46 م]ـ
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه, فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
وصف سبحانه الذين يخشونه حين يستمعون ما نزّله من الكتاب بأوصاف جسدية ومعنوية
اذكر السورة والآية.
ـ[أحمد أبو فهر]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 11:06 م]ـ
سورة الزمر 23
لو ممكن تغيروا الجائزة لأنى من مصر
ممكن تجعلوها كتاب مفيد في النحو؟؟؟؟؟؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 11:11 م]ـ
ٹ ٹ ژ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چچ چ ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ژ ژ ڑ ژ الزمر
أحسنت
أما الجائزة فهي محددة مسبقا
لك أن تهديها لأحد الأعضاء إن شئت
أو تراسل بها أحدا من الدول المغطاة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 11:18 م]ـ
أين ذكر الأسد في القرآن الكريم
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه, فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
ـ[أحمد أبو فهر]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 11:21 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء
أذن أعطيها لك
على أن تيجبني على سؤالى
توجد في القرآن (لي/لي بالفتح)
وأنا لا أقدر على التفرقة بينهم وكثيرما أخطئ
فأرجو منكم توضيح ذلك
وجزاكم الله خير الجزاء
عذرا على ركاكة الأسلوب
أبو فهر المصري
ـ[معالي]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 11:39 م]ـ
أين ذكر الأسد في القرآن الكريم
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه, فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
في سورة المدثر.
الجائزة هدية إلى الغالية الأستاذة القديرة أحاول أن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحاول أن]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 02:10 ص]ـ
في سورة المدثر.
الجائزة هدية إلى الغالية أحاول أن.
سأعايدك إن شاء الله منها .. وفرت علي الله يجزاك خيرا وفيرا ..
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 05:30 ص]ـ
السؤال الجديد
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
أول أسماء الله التي ذكرت في القرآن حسب النزول
اذكر السورة والآية.
تنبيه: أنا سأسافر الآن وقد أعود في الليل
فليتسلم الزمام أحد منكم حتى أرجع إن شاء الله
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 05:31 ص]ـ
نسيت أن أقول
أحسنت يا معالي
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 05:47 ص]ـ
سوف أستلم زمام النافذة، وسأعيث بها مفسدًا انتقامًا من إخراجي.:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 09:21 م]ـ
عدت ورد الله ما أزمعت صنعه:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 09:21 م]ـ
السؤال الجديد
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
أول أسماء الله التي ذكرت في القرآن حسب النزول
اذكر السورة والآية.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 04:53 ص]ـ
ٹ ٹ ژ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ ژ العلق
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 04:55 ص]ـ
متى افترق أهل الكتاب
تذكير: من أجاب سواء أخطأ أم أصاب فليس له أن يجيب ثانية
تذكير: لكل سؤال جائزة
تذكير: كل عضو يرى اسمه فلا ينخدع ويظن أنه المقصود:)
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 05:01 ص]ـ
ٹ ٹ ژ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ ژ العلق
ٹ ٹ ژ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ ژ العلق
ماهذا أرى رموز ومربعات مبهمة فهل هذا عندي والمشكلة في نظارتي أم مع غيري:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 05:02 ص]ـ
عليك بتركيب خطوط الرسم العثماني الجميل للمصحف ( http://www.qurancomplex.org/Downloads/Fonts/AllPartsFonts.zip)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 06:34 ص]ـ
ألما تسمح لي أيها المؤسس؟:)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 11:13 م]ـ
يبدو أني سأوقف الأسئلة(/)
كم هائل من جذور العربية
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:00 ص]ـ
http://www.angelfire.com/tx4/lisan/roots1.htm
تجدون على هذا الرابط كم هائل من جذور اللغة العربية نرجو أن تجدوا فيه الفائدة.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:03 ص]ـ
دائماً تنقلنا إلى المفيد والممتع جزاك الله خير الجزاء ...
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:17 ص]ـ
اقول لك بصراحة عندما وقفت أمام ذلك الكم لم اتذكر إلا قول الشاعر:
حروف الشعر تنتحب=فلا فكر ولا أدب
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:46 ص]ـ
دائماً تنقلنا إلى المفيد والممتع جزاك الله خير الجزاء ...
اقول لك بصراحة عندما وقفت أمام ذلك الكم لم اتذكر إلا قول الشاعر:
حروف الشعر تنتحب=فلا فكر ولا أدب
بوركت أختي الكريمة على مرورك الكريم نفع الله بك على الدوام، وان شاء الله انتحابها يبدده شعراؤنا الأفاضل، شكر الله لك غيرتك.(/)
لنرتع في رياض الفلاسفة
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:04 ص]ـ
سنطوف هنا ونرتع في رياض الفلاسفة وماعند القوم لايملّ وفيه من الطرافة مع جليل الفوائد ماتسر النفس به ..
وهذه طائفة من نوادرهم وطرائفهم اخترتها لكم من كتاب"نثر الدر" للآبي:
* نظر فيلسوف إلى امرأة قد خنقت على شجرة فقال: ليت كل شجرة تحمل مثل هذه الثمرة!
* نظر سقراط إلى امرأة حين أريد قتله، وهي تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: وكيف لا أبكي وأنت تقتل ظلماً؟ فقال لها: فكأنك أردت أن أقتل بحق!
* وقال له تلميذ له: كيف لا أرى أيها الحكيم فيك أثر حزن؟ قال: لأني لا أملك شيئاً إن فقدته أحزنني.
فقال له آخر: فإن انكسر هذا الحب الذي أنت فيه فماذا تفعل؟ - وكان سقراط يأوى إذ ذاك في كنف حب - فقال سقراط إن انكسر الحب لم ينكسر المكان.
وقال: " إن اخترت أن تحيا له فمت دونه "!
* خطب رجلان إلى ديمانوس بنته، وكان أحدهما فقيراً والآخر غنياً، فاختار الفقير، فسأله الاسكندر عن ذلك، فقال: لأن الغني كان جاهلاً فكنت أخاف عليه الفقر، والفقير كان عاقلاً فرجوت له الغنى.
* قيل لبعضهم: إن فلاناً يحكي عنك كل سوء، فقال: لأنه لا يهتدي إلى الخير فيحكي.
* قيل لديوجانس: لمَ تأكل في السوق؟ قال: لأني جعت في السوق.
* وقيل لآخر: ما الفضل بينك وبين الملك؟ قال: هو عبد الشهوات وأنا مولاها!
* قيل لسقراط: لم لا تذكر في شرائعك عقوبة من قتل أباه؟ قال: لم أعلم أن هذا يكون.
* وقال الإسكندر: ليس من الإنصاف أن يقاتل أصحابي عني، ولا أقاتل عن نفسي.
يتبع تابعونا ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:10 ص]ـ
* قيل لفيلسوف: ما بال الثمرة غشاؤها مر المأكول منها والنواة في جوفها، والجوزة بخلاف ذلك؟ قال: لم تكن العناية بما يؤكل في حال الأكل، إنما كانت العناية ببقاء النوع، فحفظت النواة بالغشاء، والجوزة بالقشرة.
* قال بقراط: سلوا القلوب عن المودات فإنها شهود لا تقبل الرشى.
* رأى الإسكندر سمياً له لا يزال ينهزم في الحروب، فقال: أيها الرجل، إما أن تغير فعلك، وإما أن تغير اسمك.
* رأى فيلسوف مدينة حصينة بسور محكم فقال: هذا موضع النساء لا موضع الرجال.
* جاء بعض الكلبيين، وهو جنس من اليونانيين، إلى الإسكندر فقال: هب لي مثقالاً واحداً، فقال الإسكندر: ليس هذا عطاء ملك، قال: فهب لي قنطارا. فقال الإسكندر: ليس هذا سؤال كلبيّ.
* قيل لأرسطاطاليس: ما بال الحسدة يحزنون أبداً؟ فقال: لأنهم لا يحزنون لما ينزل بهم من الشر فقط، بل لما ينال الناس أيضاً من الخير.
* قيل لفيلسوف: ما صناعة الخطيب؛ قال: أن يعظِّم شأن الأشياء الحقيرة، ويصغِّر شأن الأشياء العظيمة.
* قال آخر: العشق جهل عارض وافق قلباً فارغاً.
* قال أفلاطون: تُعرف خساسة المرء بكثرة كلامه بما لا ينفعه، وإخباره بما لا يسأل عنه.
* وقال: إن تعبت في البر فإن التعب يزول والبر يبقى، وإن تلذذت بالآثام فإن اللذة تزول والآثام تبقى.
* وقال: كفاك موبخاً على الكذب علمك بأنك كاذب، وكفاك ناهياً عنه خوفك إذا كذبت.
يتبع تابعونا ..
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:37 ص]ـ
أسعدك الله ياأبا تسنيم ولانمل من متابعتك
ماشاءالله كلما دخلنا لموضع لك وجدناه لايقل عن سابقه جمالاً وحسن إختيار
بارك الله فيك ونفعنا وإياك بما تقدم
ونعتذرفقد قطعناعليك
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:51 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ما شاء الله!
لأنت في اختيارك أروع منك في مشاركتك! (هذه جملة بعد قراءتي للمنصف لابن جني فسامحني فقد قلب المنصف عقلي)!. واسمح لي بمشاركتك بما جادت به الذاكرة الجافة:
و (هذه الواو معطوفة على ماذكرت) رأى حكيم أحمق َ جالسًا على حجر فقال: حجر على حجر!
وقالوا: من السهل أن تضحي من أجل صديقك، ولكن من الصعب جدا أن تجد مَن يستحق التضحية.
وقيل لأحد الملوك - وهو ذاهب لحرب -: إن الأعداء كثر. فقال الملك:
القصاب لا تهوله كثرة الغنم.
وقيل لأحد الملوك: إن فلانا يحب ابنك؛ فاقتله. فقال: إن قتلنا من يحبنا، وقتلنا من يبغضنا يوشك لا يبقى على ظهرها أحد.
- ويقال (والعهدة على الراوي): أن الخنفساء - يومًا - قالت لأمها: ما بالي الناس يبصقون عليّ يا أمي؟!
فقالت الأم: هذه تعويذة لحسنك!
إلى هذا المكان أمسك العنان، وأعتذر للمقاطعة أخي.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:28 م]ـ
أسعدك الله ياأبا تسنيم ولانمل من متابعتك
ماشاءالله كلما دخلنا لموضع لك وجدناه لايقل عن سابقه جمالاً وحسن إختيار
بارك الله فيك ونفعنا وإياك بما تقدم
ونعتذرفقد قطعناعليك
أخي نعيم مرورك يشجع على المضي قدماً مع الفلاسفة ومع الأحباب ..
العفو فأنت صاحب البيت أخي الحبيب.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:33 م]ـ
* كان على خاتم فيثاغورس " شر لا يدوم خير من خير لا يدوم ".
* قال آخر: العالم يعرف الجاهل؛ لأنه كان جاهلاً، والجاهل لا يعرف العالم؛ لأنه لم يكن عالماً.
* قال آخر: أعجب ما في الإنسان أن ينقص ماله فيقلق، وينقص عمره فلا يقلق.
* قال رجل لسقراط، ورآه يأكل العشب: لو خدمت الملك لم تحتج أن تأكل الحشيش، فقال له: لو أكلت الحشيش لم تحتج أن تخدم الملوك.
* حكي عن الإسكندر أنه لما احتضر كتب إلى أمه وهي بالإسكندرية: إذا قرأت كتابي يا أمه فاصنعي طعاماً كثيراً وأطعميه للناس، ولا تطعمي منه إلا من لم تصبه مصيبة، فعرفت موته.
* قيل لآخر ألا تخوض معنا في حديثنا؟ فقال: الحظ للمرء في أذنه، والحظ في لسانه لغيره.
* قيل لسقراط: أي السباع أحسن؟ قال: المرأة.
* صعد إيدجانس إلى موضع عال ثم صاح، معاشر الناس، فاجتمعت العامة إليه من كل جانب، فقال: ما بالكم؟ لم أدعكم، إنما دعوت الناس.
* وسئل: ما أصعب الأشياء على الإنسان؟ فقال: أن يعرف نفسه، ويكتم سره.
يتبع تابعونا ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:39 م]ـ
بوركت أستاذي الكريم أحمد ...
أنتقاء رائع .. وأكثرمن رائع ..
من السهل أن تضحي من أجل صديقك، ولكن من الصعب جدا أن تجد مَن يستحق التضحية
فعلاً في هذا الزمان ...
* وسئل: ما أصعب الأشياء على الإنسان؟ فقال: أن يعرف نفسه، ويكتم سره.
يتبع تابعونا
هذا مما لاشك فيه ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 07:01 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ما شاء الله!
لأنت في اختيارك أروع منك في مشاركتك! (هذه جملة بعد قراءتي للمنصف لابن جني فسامحني فقد قلب المنصف عقلي)!. واسمح لي بمشاركتك بما جادت به الذاكرة الجافة:
و (هذه الواو معطوفة على ماذكرت) رأى حكيم أحمق َ جالسًا على حجر فقال: حجر على حجر!
وقالوا: من السهل أن تضحي من أجل صديقك، ولكن من الصعب جدا أن تجد مَن يستحق التضحية.
وقيل لأحد الملوك - وهو ذاهب لحرب -: إن الأعداء كثر. فقال الملك:
القصاب لا تهوله كثرة الغنم.
وقيل لأحد الملوك: إن فلانا يحب ابنك؛ فاقتله. فقال: إن قتلنا من يحبنا، وقتلنا من يبغضنا يوشك لا يبقى على ظهرها أحد.
- ويقال (والعهدة على الراوي): أن الخنفساء - يومًا - قالت لأمها: ما بالي الناس يبصقون عليّ يا أمي؟!
فقالت الأم: هذه تعويذة لحسنك!
إلى هذا المكان أمسك العنان، وأعتذر للمقاطعة أخي.
بوركت اخي الحبيب عبد العزيز على المرور وعلى المشاركة الجميلة كروحك، نفعنا الله بك
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 09:43 م]ـ
أريد أن أقف بكم بعالم فيلسوف وهو: طاليس.
فقد ذكر القدامى في سيرتة نوادر كثيرة، وهذه النّوادر هذه أفضلها:
أيّام أن صار طاليس شابّا، كانت أمّه ما تنفكّ تلحّ عليه بأن يقترن بزوج، فكان هو يجيبها " أمّاه، أما ترين أنّ الأمر لم يأن بعد "؛ فاستمّر على هذه الحال حتّى غدا كهلا شارف على الشّيخوخة. لكنّها ما فترت أمّه تلحّ عليه بذاك الإلحاح، إلاّ أنّه كان جوابه لها عندئذ " أمّتاه، أو لم تري أنّي قد كبرت الآن عن الزّواج!؟ ".
سأله رجل ذات يوم " أي طاليس، ما بالك لا تتزوّج، أما تحبّ أن يكون لك أبناء!؟ " فقال طاليس " ويحك، أ وغير حبّي لهم قد منعني ممّا تنصحني به!؟ "
يروى أيضا أنّه كان قد سُخِرَ كثيرا من طاليس و أنّه قد قيل له بأنّ علمه لا نفع تحته، و لاطائل منه. وإذ كان طاليس عالما في آثار السّماء، و كان قد أدرك أنّ العام القابل سيكون كثير الإمطار، وأنّ شجر الزّيتون سيكون وافر الانتاج، فبادر بأن اكترى بثمن بخس كلّ معاصر مدينته من قبل دخول الموسم بأشهر. وبعد أن تحقّق ما تنبّأ به، وصار ذا مال كثير، وأخذ أهل الصّناعة، وأصحاب التّجارة والسّمسرة يتذمّرون، أرجع طاليس كلّ ما اكتسب من مال لأصحابه، وفسخ عقده؛ ثمّ بادرهم بالقول، " أرأيتم كيف أنّني بهذا العلم، قد أصير ذا يسار متى شئت."
ويُرْوَى أيضا أنّه بَيْنَا كان ذات يوم يسلك طريقه وهو ينظر في السّماء يحقّق فيها، إذ وقع في هُوَّةٍ لم تبصرها عيناه؛ واتّفق أن كانت تسير بقرب منه جارية عجوز، فلمّا رأت هذه كيف وقع لطاليس، أغرقت في القهقهة والضّحك منه، ثمّ صرخت فيه "واسوأتاك أي طاليس، أتنظر في السّماء تبحث عن سرّها، وأنت عجزت عن أن تعرف مابين قدميك فتتجنّبه، ولا يحيق بك ما قد حاق!؟ ".
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 04:34 ص]ـ
بوركت أستاذي الكريم أحمد ...
أنتقاء رائع .. وأكثرمن رائع ..
فعلاً في هذا الزمان ...
.
هذا مما لاشك فيه ..
مرورك كريم اختي الثلوج الدافئة واختيارك لطيف نفع الله بك وتابعينا اخية.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 05:28 ص]ـ
* هم الإسكندر بأن يوجه رسولاً إلى الفرس ثم تخوَّف أن يغدر به، فقال له الرسول: أيها الملك إن نفسي طيبة بأن أُقتل فيما تحب، فقال له الإسكندر: والواجب أن أشفق على مثلك.
* سئل ديوجانس عن رجل يعرفه هل هو غني؟ فقال: أنا أعلم أن له مالاً، ولكني لا أعلم أغنيٌّ هو أم لا؟ لأني لست أدري كيف عمله في ماله.
* قيل لبعض الحكماء: إنه يصعب أن ينال الإنسان ما لا يشتهي، فقال: أصعب من ذلك أن يشتهي ما لا يناله.
* وسئل أفلاطون ما أصلح حالات المدن؟ فقال: أن يتفلسف ملوكها، ويملك فلاسفتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
* وسئل بماذا ينتقم الإنسان من عدوه؟ قال: بأن يتزيد فضلاً في نفس
* سئل أرسطاطاليس: أي شيء أصعب على الإنسان تحملاً؟ فقال: السكوت.
يتبع تابعونا ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 04:35 م]ـ
أريد أن أقف بكم بعالم فيلسوف وهو: طاليس.
فقد ذكر القدامى في سيرتة نوادر كثيرة، وهذه النّوادر هذه أفضلها:
أيّام أن صار طاليس شابّا، كانت أمّه ما تنفكّ تلحّ عليه بأن يقترن بزوج، فكان هو يجيبها " أمّاه، أما ترين أنّ الأمر لم يأن بعد "؛ فاستمّر على هذه الحال حتّى غدا كهلا شارف على الشّيخوخة. لكنّها ما فترت أمّه تلحّ عليه بذاك الإلحاح، إلاّ أنّه كان جوابه لها عندئذ " أمّتاه، أو لم تري أنّي قد كبرت الآن عن الزّواج!؟ ".
سأله رجل ذات يوم " أي طاليس، ما بالك لا تتزوّج، أما تحبّ أن يكون لك أبناء!؟ " فقال طاليس " ويحك، أ وغير حبّي لهم قد منعني ممّا تنصحني به!؟ "
يروى أيضا أنّه كان قد سُخِرَ كثيرا من طاليس و أنّه قد قيل له بأنّ علمه لا نفع تحته، و لاطائل منه. وإذ كان طاليس عالما في آثار السّماء، و كان قد أدرك أنّ العام القابل سيكون كثير الإمطار، وأنّ شجر الزّيتون سيكون وافر الانتاج، فبادر بأن اكترى بثمن بخس كلّ معاصر مدينته من قبل دخول الموسم بأشهر. وبعد أن تحقّق ما تنبّأ به، وصار ذا مال كثير، وأخذ أهل الصّناعة، وأصحاب التّجارة والسّمسرة يتذمّرون، أرجع طاليس كلّ ما اكتسب من مال لأصحابه، وفسخ عقده؛ ثمّ بادرهم بالقول، " أرأيتم كيف أنّني بهذا العلم، قد أصير ذا يسار متى شئت."
ويُرْوَى أيضا أنّه بَيْنَا كان ذات يوم يسلك طريقه وهو ينظر في السّماء يحقّق فيها، إذ وقع في هُوَّةٍ لم تبصرها عيناه؛ واتّفق أن كانت تسير بقرب منه جارية عجوز، فلمّا رأت هذه كيف وقع لطاليس، أغرقت في القهقهة والضّحك منه، ثمّ صرخت فيه "واسوأتاك أي طاليس، أتنظر في السّماء تبحث عن سرّها، وأنت عجزت عن أن تعرف مابين قدميك فتتجنّبه، ولا يحيق بك ما قد حاق!؟ ".
الحياة مع الفلاسفة لها طعم خاص ..
فهم يجمعون الحكمة مع الطرافة والفائدة،
تطواف رائع أختي مبحرة في علم لاينتهي، جزيت خيراً ننتظر مرورك اللطيف على الدوام ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 08:28 م]ـ
* قال أرسطاطاليس: لا ينبغي للملك أن يرغب في الكرامة التي ينالها من العامة طوعاً أو كرهاً، ولكن في التي يستحقها بحُسن الأثر، وصواب التدبير.
* أُهدي إلى الإسكندر أوانٍ من فخار فاستحسنها ثم أمر بكسرها، فسئل عن ذلك فقال: علمت أنها تُكسر على أيدي الخدم واحداً واحدا فيهيج في الغضب، فأرحت نفسي منها مرةً واحدة.
* وعيّر آخر سقراط بنسبه فقال سقراط: نسبي مني ابتدأ، ونسبك إليك انتهى.
* قيل لأفلاطون: لم لا تكاد تجتمع الحكمة والمال؟ فقال: لعزة وجود الكمال.
* قيل لبعضهم: ما الشر المحبوب؟ فقال: الغنى.
* قيل لبعضهم: إن فلاناً يشتمك بالغيب، فقال: لو ضربني بالغيب لم أبال.
يتبع تابعونا ..
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:14 م]ـ
كل الشكر لك أخي الفاضل الغنام ...
على هذه الكلمات الرائعة ... وأكثر ..
ولكن أخي الفاضل .. أنت لم ترجـ~ح كفة الميزان .. فعندما ذكر التاريخ قصصاً عن المرأة ...
ألم يكن للرجل نصيب منها .. أرجوا أن يكون ذلك في الحلقة القادمة ...
................................. دمتم بخير
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:27 م]ـ
لا يمل ..
وستكون لي عودة للمشاركة، لكنني أحببت تسجيل حضوري
بوركت أبا تسنيم
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 04:04 م]ـ
كل الشكر لك أخي الفاضل الغنام ...
على هذه الكلمات الرائعة ... وأكثر ..
ولكن أخي الفاضل .. أنت لم ترجـ~ح كفة الميزان .. فعندما ذكر التاريخ قصصاً عن المرأة ...
ألم يكن للرجل نصيب منها .. أرجوا أن يكون ذلك في الحلقة القادمة ...
................................. دمتم بخير
مرور كريم أخيتي نور الأمل ..
كل هذه الطائفة من الأقوال والانتقادات من قبل الفلاسفة هي في حقيقتها عن الرجال ولايوجد عن النساء سوى حديثان أو ثلاثة حتى الآن!!
دمت بخير أخية.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 04:12 م]ـ
* قال أرسطاطاليس: يمنع الجاهل أن يجد ألم الحمق المستقر في قلبه ما يمنع السكران من أن يجد مس الشوكة تدخل في يده.
* وقيل لآخر أراد سفراً: تموت في الغربة، فقال: ليس بين الموت في الوطن والموت في الغربة فرق؛ لأن الطريق إلى الآخرة واحد.
* وصف للإسكندر حسن بنات دارا وجمالهن، فقال: من القبيح أن نغلب رجال قوم، ويغلبنا نساؤهم.
* تحاكم إلى الإسكندر رجلان من أصحابه فقال لهما: الحكم يرضي أحدكما ويسخط الآخر، فاستعملا الحق ليرضيكما جميعاً.
* وسافر سقراط مرة مع بعض الأغنياء، فقيل له: في الطريق صعاليك يأخذون سلب الناس ويطالبونهم بالمال، فقال الغني: الويل لي إن عرفوني، فقال سقراط: الويل لي إن لم يعرفوني.
يتبع تابعونا ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:13 م]ـ
* رأى ديوجانس رجلين لا يفترقان، فسأل عنهما، فقيل: إنهما صديقان، فقال: فما بال أحدهما فقير والآخر غني؟.
* قيل لأفلاطون: لم يخضب فلان بالسواد؟ قال: يكره أن يؤخذ بحنكة الشيخ.
* نظر فيلسوف إلى رجل يرمي، وسهامه تذهب يميناً وشمالا، فقعد موضع الهدف، فقيل له في ذلك، فقال: لم أر موضعاً أسلم منه.
* قال سقراط: ليس ينبغي أن يقع التصديق إلا بما يصح، ولا العمل إلا بما يحل، ولا الابتداء إلا بما تحمد فيه العاقبة.
* دخل رجل على بعضهم وهو يأكل خبزاً يابساً قد بله في الماء فقال: كيف تشتهي هذا؟ قال: أدعه حتى أشتهيه.
يتبع تابعونا ...
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:17 م]ـ
لا يمل ..
وستكون لي عودة للمشاركة، لكنني أحببت تسجيل حضوري
بوركت أبا تسنيم
بوركت أخي رائد على المرور الكريم والذي يؤنسنا.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 03:05 م]ـ
* قال فيلسوف لأهل مدينته: ليت طبيبكم كان صاحب جيشكم فإنه قد قتل الخلق وليت صاحب جيشكم كان طبيبكم؛ فإنه لم يقتل أحداً قط.
* قال أفلاطون: من جهل الشيء ولم يسأل عنه جمع على نفسه فضيحتين.
* وقال: أشرف الناس من بذل مع الإضاقة، وصدق عند الغضب.
* قال بقراط: ينبغي للعاقل إذا أصبح ونظر في المرآة، فإن كان وجهه حسناً لم يشنه بقبيح، وإن كان قبيحاً لم يجمع بين قبيحين.
* ذكر المال عند أفلاطون فقال: ما أصنع بما يعطيه الحظ، ويحفظه اللؤم، ويهلكه الكرم. بقبيح، وإن كان قبيحاً لم يجمع بين قبيحين.
*قال بعضهم لسقراط: ما أفقرك! فقال: لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجع لنفسك عن التوجع لي، فالفقر ملك ليس عليه محاسبة.
يتبع تابعونا ...
ـ[واصل1]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 05:12 م]ـ
بارك الله فيك
أحمد الغنام
سؤال تبادر إلى ذهني حين رأيت عبارات الفلاسفة
لماذا دائما نرى عبارات الأقدمين ولا نرى عبارات للمعاصرين
وهل هناك روائع يمكن أن توازي في حكمتها ما قاله الأولون.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 08:52 م]ـ
بارك الله فيك
أحمد الغنام
سؤال تبادر إلى ذهني حين رأيت عبارات الفلاسفة
لماذا دائما نرى عبارات الأقدمين ولا نرى عبارات للمعاصرين
وهل هناك روائع يمكن أن توازي في حكمتها ما قاله الأولون.
أخي واصل مرورك أسعدني واصل معنا ..
فملاحظتك بمكانها أخي الكريم وعلى قول عنترة الذي قال:
هل غادر الشعراء من متردم ...
فلو أخذنا انموذج مما قاله المتأخرين لما وجدنا أي حكمة في ذلك سوى كلام لافائدة منه بل أكثره نقد الواقع فقط واليك طائفة من أقوالهم:
* لاينبغي للمرء أن يغامربالكذب، مالم يكن يشعر أن له ذاكرة قوية /مونتاين
* أي أحمق يمكنه أن يقول الحقيقة، ولكن لابد من مزايا عديدة لإتقان الكذب/صمويل بتلر
* تستحيل الرؤية في صميم القلب، فالشمعة هناك تنطفئ لانعدام الهواء النقي/جول روتار
* هناك أناس يتكلمون ويتكلمون حتى يجدوا شيئاً يقولونه/ساشا غيتري
* سر النجاح لايعرفه أبداً إلا الذين لم ينجحوا /مارسيل آشار
وهكذا ..(/)
أخلاقيات .. !!
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:07 ص]ـ
(1)
بعد خضم العمل اليومي الشاق يرجع عماد إلى سكن العزوبية حيث يسكن مع آخرين في غرفة مشتركة ..
فؤاد وسامي معه في الغرفة على الحلوة والمرة - هكذا يقولون -
فلم يمروا بتجربة المرة هذه حتى يتيقنوا من مصداقياتها على الأقل ..
كان الجميع هم وبقية ساكني الغرف الأخرى يقضون الليل في الصالة المخصصة للجميع حيث يشاهدون التلفزيون ويلعبون الطاولة أو الدومينا أو يتسامرون بأحاديث تخفف عنهم آلام الغربة
اشترى عماد جهاز حاسوب وسحب خط الأنترنت الشامل لكي يكون على اتصال دائم بزوجته وأطفاله عبر الماسنجر
لا يجد عماد وقتاً للدخول إلا بعد صلاة العشاء، وتعهد عماد أن يغلق الجهاز بمجرد أن يغلق أحدهم النور طلباً للنوم ..
قبل أن يأتي الجهاز كان زملاء السكن الثلاثة يسهرون حتى الواحدة بعد منتصف الليل كل في حاله وما يهواه ..
بدأ عماد في الاتصال بأهله ومحادثتهم عبر النت وهو في قمة السعادة
أما سامي فلم يكن يعنيه الأمر فهو أصلاً أعزب هنا وفي بلده ورأس ماله في هذه الدنيا أمه التي تنتظر اتصاله كل جمعة ...
أما فؤاد فلم يكن يعرف في الحاسوب شيئاً ولم يكن يملك في بيته في بلده أيضاً جهازاً لكي يتصل بأهله ..
وما كان عماد ليمانع في استخدام أحدهما لجهازه فقد كان حريصاً على أن يسعدهما كما أسعد نفسه ...
الشيء الملفت للنظر أن فؤاد بعد أسبوع من دخول الجهاز إلى الغرفة كان يتعشى قبل الصلاة ويغلق النور ويتظاهر بالنوم بعدها مباشرة لا كعادته في السهر ... !!!!!
أصبح جهاز عماد من يومها خارجاً عن العمل احتراماً لتعهده ....
يبدو أن ذلك كان يسعد قلب فؤاد!!!
ولله في خلقه شؤون!!
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:16 ص]ـ
(2)
في أحد المطاعم التي تقع على كورنيش إحدى الإمارات، دخل زوجان من الجنسية الأوربية الغربية ...
طلبا طعاماً وجلسا يأكلان ..
فرغ الرجل قبل المرأة وتقدم لدفع الفاتورة ...
قدم إليه العامل الفاتورة الإجمالية، دفع الرجل ما طلبه هو فقط ثم جاءت المرأة ودفعت ما عليها وخرجا معاً ... !!
بعد لحظات دخل شخصان - رجل وامرأة – كان واضحاً أنهما من بلاد أوروبا الشرقية
طلبا كأس عصير واحد وساندويتشين
شرب الاثنان من كأس العصير بالتناوب مع ساندويتشة لكل منهما
عند الدفع اختلفا ...
الرجل: في المرة الأخيرة أنا الذي دفعت والآن جاء دورك
المرأة: صحيح أنت الذي دفعت ولكننا هناك تشاركنا في ساندويتشة واحدة والآن أنت طلبت واحدة أخرى، ونحن لم نتفق على هذا، ثم إن هذا المطعم أغلى من ذاك ..
الرجل: اسمعي إن لم تدفعي لن أسمح لك بركوب سيارتي، وعودي إلى منزلك بسيارة أجرة ...
رضخت المرأة ودفعت كارهة وجلست في السيارة بجانبه غاضبة وانطلقا ..
بعد فترة، دخل المطعم ثلاثة من الشباب، خميس وعبيد وسعيد ...
طلبوا وأكلوا ...
استأذن عبيد قبلهم ليذهب إلى دورة المياه
لما فرغ الجميع توجه سعيد وخميس إلى العامل وكل منهما يسابق أخيه ليدفع ..
فاجأهما العامل بقوله: الفاتورة دفعها زميلكم هذا، وأشار إلى عبيد
وهنا صاح سعيد بغضب:
عبيد، والله عيب عليك لو ما تأخذ فلوسك ما أخليك تركب سيارتي وارجع بيتك بسيارة الأجرة!!!
يتبع
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:27 ص]ـ
سلام عليكم أيها الكرم المبارك ... صباحك سكر في رمضان، ولكن بدون أكل
(ابتسامة).
رائع أيها الكرم المبارك.
أكرمك الله، وبارك الله فيك.
ولكن الأولى ظلت في عقلي كثيرًا، وهمست في أذن قلبي أن اسمع وع ِ.
جزاك الله خيرًا أيها المشرف الأستاذ كرم مبارك.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 06:45 م]ـ
صباحك سكر في رمضان
شكّلها يا عبد العزيز
تحيّة محبة وأخوة
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:53 م]ـ
تحياتي وتقديري لكل من رد على هذا الموضوع
بارك الله فيكم وجزيتم خيراً
- 3 -
دخل المصلون إلى المسجد الكبير في قريتهم الصغيرة ليصلوا الجمعة ..
جاء وقت الخطبة والخطيب جالس لايتحرك!!
مضى أكثر من خمسة عشر دقيقة والكل ينتظر أن يتحرك الخطيب
هم يعرفونه جيداً، فهو إمام المسجد وخطيب الجمعة المفوه ..
تقدم إليه أحدهم بكل أدب:
يا شيخ لعلك نسيت الخطبة، لقد أدركنا الوقت ..
رد بغضب: أنا لن أخطب، شوفوا لكم خطيب آخر؟؟
رد الرجل: لماذا ياشيخ مالذي حصل، هل أغضبك أحد؟؟!!
هنا رفع الخطيب صوته وأسمع جميع من في المسجد:
والله لن أخطب في هذا المسجد حتى تدفع هيئة الأوقاف مكافأتي، لقد تأخروا عن دفع المكافأة 200 درهم لي هذا الشهر ... !!
سكت الجميع ونظروا بتعجب إلى بعضهم البعض!!
هنا تطوع أحد الشباب وصعد على المنبر ..
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:10 ص]ـ
تحياتي وتقديري لكل من رد على هذا الموضوع
بارك الله فيكم وجزيتم خيراً
- 3 -
دخل المصلون إلى المسجد الكبير في قريتهم الصغيرة ليصلوا الجمعة ..
جاء وقت الخطبة والخطيب جالس لايتحرك!!
مضى أكثر من خمسة عشر دقيقة والكل ينتظر أن يتحرك الخطيب
هم يعرفونه جيداً، فهو إمام المسجد وخطيب الجمعة المفوه ..
تقدم إليه أحدهم بكل أدب:
يا شيخ لعلك نسيت الخطبة، لقد أدركنا الوقت ..
رد بغضب: أنا لن أخطب، شوفوا لكم خطيب آخر؟؟
رد الرجل: لماذا ياشيخ مالذي حصل، هل أغضبك أحد؟؟!!
هنا رفع الخطيب صوته وأسمع جميع من في المسجد:
والله لن أخطب في هذا المسجد حتى تدفع هيئة الأوقاف مكافأتي، لقد تأخروا عن دفع المكافأة 200 درهم لي هذا الشهر ... !!
سكت الجميع ونظروا بتعجب إلى بعضهم البعض!!
هنا تطوع أحد الشباب وصعد على المنبر ..
عجبا!
ولم العجب؟
أعرف إماما في قرية من القرى , جعلت له الوزارة يوما في الأسبوع يوم عطلة , فكان ينقطع عن الصلاة في المسجد استغلالا لحقّه الذي منحته له الوزارة!!
لكن أقول , هذا النوع من الأئمّة من الشاذ الذي لا يقاس عليه , فغالبية أئمّتنا , جزاهم الله خيرا , مخلصون في عملهم , يدعون إلى الله على بصيرة , ويتفانون في خدمة دينهم ودعوتهم , جزاهم الله خير الجزاء
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:23 م]ـ
أحسنت أخي أبو العباس
أوضحت وأفدت بارك الله فيك وبك
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:05 م]ـ
بارك الله فيك أخي مبارك على كرم أخلاقك
وحفي بهذه الإبداع ..
فما رأيك؟
بوركت
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 04:15 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ...
ما أجمل ما تقدمت به أستاذ كرم
لما فرغ الجميع توجه سعيد وخميس إلى العامل وكل منهما يسابق أخيه ليدفع ..
فاجأهما العامل بقوله: الفاتورة دفعها زميلكم هذا، وأشار إلى عبيد
وهنا صاح سعيد بغضب:
عبيد، والله عيب عليك لو ما تأخذ فلوسك ما أخليك تركب سيارتي وارجع بيتك بسيارة الأجرة!!!
ذكرتني بموقف كان أمامي في إحدى السيارات .. إذ ركب تلك السيارة صديقان وعند دفع الأجرة تشارجا من يدفع الأجرة لدرجة أن الشجار أوشك أن يكون بالأيدي وبالأسلحة الثقيلة والخفيفة: d:d... فخشي السائق على زجاج سيارته من أن يكسر من جشارهما فأعفا كليهما من الدفع .. : d:d
>>> لو عرف القصة رجلان بخيلان لاتخذا الشجار على الدفع عادة في السيارت: d
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 06:21 م]ـ
شكراً أخي رائد
ومشاركة رائعة وقيمة أخيتي صاحبة القلم وأتمنى أن تتابعوا معي
- 4 -
نظراً لوظيفة الأستاذ عبدالله وموقعه الهام في قبول الطلاب في المدرسة الخيرية التي هو مديرها العام
تعاطف جداً مع أحد الأشخاص الفقراء بعد أن درس حالته وفي خلال سنوات قليلة قبل له خمسة من أولاده البنين والبنات، مع أن النظام لايسمح بأكثر من ثلاثة طلاب من نفس العائلة ...
لم يكن الأستاذ عبدالله يريد من وراء ذلك إلا الأجر والثواب من الله في قضاء حاجات هؤلاء الأشخاص وتيسير أمورهم، حتى وإن خالف أحياناً لوائح مدرسته ...
في السنة التالية تقدم نفس الرجل بطالب جديد للمدرسة فرفضت اللجنة طلبه لوجود خمسة من أخوته في المدرسة، ولإفساح المجال لعائلات أخرى
غضب الرجل غضباً شديداً بعد علمه بقرار اللجنة ودخل إلى مكتب الأستاذ عبدالله وهو يهدد ويتوعد!!
أراد الأستاذ عبدالله تهدئة الرجل ولكن الرجل زاد في صراخه
الأستاذ عبدالله: اهدأ يا أخي، فالأمور لا تؤخذ بالصراخ والصياح!!!
الرجل: أنتم لاتعرفون إلا لغة الصراخ فكيف ترفضون ولدي الأخير هذا؟
الأستاذ عبدالله: اللوائح لاتسمح يا أخي والحمدلله أن لك خمسة في المدرسة
الرجل: أية لوائح وأية خرابيط، أنتم لا تمشون إلا بالواسطات
الأستاذ عبدالله: وهل أنت كانت لديك واسطات يوم أن سجلنا لك أولادك السابقين؟؟!!
فأنت رجل معدم وفقير وكانت هذه الصفات هي واسطتك فقط
الرجل: والله إن لم تسجلوا لي ولدي هذا لأقيم عليكم الدنيا ولأشكيكم وزارة التربية
الأستاذ عبدالله: سبحان الله، ماهذا الكفران للفضل السابق ألا يشفع لنا وجود أولادك الخمسة يتعلمون في مدرستنا مجاناً ودون مقابل لسنين مضت .. ؟
الرجل: وهل هذا المال مال أبيك أو أمك؟؟
الأستاذ عبدالله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لن أتجادل معك حتى لا أفقد صوابي، سأذهب فعندي اجتماع هام وأتمنى أن تهدأ وتخفض من صوتك فقد أزعجت من في المدرسة كلها
الرجل:ستذهب اذهب و أسأل الله أن تذهب ولا تعود
الأستاذ عبدالله: لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 10:22 م]ـ
شكّلها يا عبد العزيز
تحيّة محبة وأخوة
أعتذرُ عن تأخري بسبب ِ عدم ِ علمي، وإليك ما طلبتَ:
سلامٌ عليكم أيُّها الكرمُ المباركُ.
صباحُكَ سكرٌ في رمضان َ، لكنْ بدون ِ أكل ٍ. (ابتسامة ٌ).
رائعٌ أيُّها الكرمُ المباركُ.
أكرمَكَ اللهُ، وباركَ اللهُ فيكَ.
ولكنّ الأولى ظلّتْ في عقلي كثيرًا، وهمستْ في أذن ِ قلبي أن ِ اسمعْ، و ع ِ.
جزاكَ اللهُ خيرًا أيُّها المشرفُ الأستاذ ُ كرمٌ مباركٌ.
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 01:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا جميل جدا
ـ[الوافية]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 09:19 م]ـ
أعتذرُ عن تأخري بسبب ِ عدم ِ علمي، وإليك ما طلبتَ:
سلامٌ عليكم أيُّها الكرمُ المباركُ.
صباحُكَ سكرٌ في رمضان َ، لكنْ بدون ِ أكل ٍ. (ابتسامة ٌ).
رائعٌ أيُّها الكرمُ المباركُ.
أكرمَكَ اللهُ، وباركَ اللهُ فيكَ.
ولكنّ الأولى ظلّتْ في عقلي كثيرًا، وهمستْ في أذن ِ قلبي أن ِ اسمعْ، و ع ِ.
جزاكَ اللهُ خيرًا أيُّها المشرفُ الأستاذ ُ كرمٌ مباركٌ.
رائع جدا أخي كرما, سلمت يمينك,,,
ما توقعتها منك أستاذنا أبا العباس!!! ;)
تعامَلَ أخي عبدالعزيز مع الموقف ببراءة شديدة!!
قصدت الكاف أساكنة هي أم مشددة؟!
أليس كذلك؟؟
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 12:12 ص]ـ
رائع جدا أخي كرما, سلمت يمينك,,,
ما توقعتها منك أستاذنا أبا العباس!!! ;)
تعامَلَ أخي عبدالعزيز مع الموقف ببراءة شديدة!!
قصدت الكاف أساكنة هي أم مشددة؟!
أليس كذلك؟؟
هو ذاك أختاه
إذا كان اللفظ محتملا , وجب أخذ الحيطة
مع يقيننا بالبراءة التامّة التي ذكرتِ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 03:41 ص]ـ
والذي رفع السماء بلا عمد، وبسط الأرض بلا وتد أن ما تقصدونه عرفته الآن منكم.
سبحان الله!
قالت العرب: ربَّ شَد ٍّ في الغَرْز ِ.
أخشى أن تفهم خطأ أيضًا.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:53 ص]ـ
والذي رفع السماء بلا عمد، وبسط الأرض بلا وتد أن ما تقصدونه عرفته الآن منكم.
سبحان الله!
قالت العرب: ربَّ شَد ٍّ في الغَرْز ِ.
أخشى أن تفهم خطأ أيضًا.
صدقت أخي الحبيب
فنحن لا نشك بنقاء سريرتك , وطيبة قلبك , مقدار ذرّة
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 05:35 م]ـ
أما من جديد أيّها الكريم المبارك
ـ[رحمة]ــــــــ[02 - 07 - 2010, 09:58 م]ـ
للرفع
مميز
ـ[**ينابيع الهدى**]ــــــــ[02 - 07 - 2010, 10:27 م]ـ
بارك الله في الأستاذ كرم مبارك على هذه المواقف الجميلة والطرح الراقي.
وبارك الله فيكِ أختي رحمة على رفع الموضوع.(/)
صوم مودّع: وفاة الشيخ الدحيم: الكاتب في مجلة البيان!
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:04 ص]ـ
:::
وفاة الشيخ: إبراهيم بن صالح الدحيم، الكاتب في مجلة البيان ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=61281#post61281)
كتب الشيخ أبو الوليد التويجري في شبكة أهل التفسير (في موضوعٍ مضافٍ قبل خمس عشرة ساعة):
" اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا ..
إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها ..
جاءني خبر وفاة الشيخ: إبراهيم بن صالح الدحيم، الكاتب المعروف في مجلة البيان، المقيم في المذنب بمنطقة القصيم، مساء اليوم من إمام مسجدنا الشيخ أبي عمر الرواف.
وكانت - لي - صدمة كبيرة؛ لم أتصورها، ولكنه الموت؛ مصير كل حي.
سبب الوفاة كما قال شيخنا حادث مروري، حدث له ولبعض طلابه أثناء ذهابهم لآداء العمرة، ولا أدري كم هم المتوفون معه.
وسيُصلى عليهم بعد صلاة التراويح من هذا اليوم الاثنين، الخامس عشر من شهر رمضان، من عام ألف وأربعمئة وتسعة وعشرين.
إذا ما مات ذو علم وتقوى * فقد ثلمت من الإسلام ثلمة
لا أزال أذكر تلك المقالات التي يكتبها في مجلة البيان؛ ويعلم الله كيف كنت أرتقبها بفارغ الصبر، فقد كانت تتميز بخصلة لم أجدها في بقية المقالات، كانت تحوي القصص المعبّرة، وكان - رحمه الله - يكثر من سرد الابيات؛ حتى أني أرى نفسي مجبرًا على قراءة المقال كاملاً، هذا غير ما كانت تتناوله المواضيع التربوية التي يطرحها، والتي كانت تحظى باهتمامي.
كتب آخر مقال له في عدد رمضان الحالي، وكان بعنوان: معالم في طريق التوبة.
أسأل الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويحسن إليه بجميل عطاءه وفضله، ويبدلنا مكانه، وأن يصبر أهله وذويه، اللهم آمين.
والله المستعان".
إنّا لله و إنّا إليه راجعون!
رحم الله الشيخ, وجزاه خير الجزاء على ما قدّم, وجعل الجنة مثواه, وأحسن الله عزاء أهله و ذويه!
*****
و مما يوجب التأمّل أن للشيخ ـ رحمه الله ـ مقالًا كتبه مطلع هذا الشهر و نشره موقع المسلم في 3 - 9 - 1429هـ؛ عنوانه: صَوْمُ مُوَدِّع؛ يحثُّ فيه كل مسلمٍ على اغتنام أيام هذا الشهر الكريم؛ فإنّه لا يدري أيدرك غيره, بل آخره؟!
و يعلّق الشيخ الدكتورعمر المقبل ـ صديق الشيخ رحمه الله ـ بقوله:
"الحمد لله على قضائه وقدره ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
الحمد على ما قضى وقدر ..
إنني لم أكن أتصور أن أكتب في هذه الأوقات عن أخي .. ورفيق من رفقاء الدرب ..
صديق الطفولة .. وزميلي في الحلقة .. وشريكي في الدعوة ..
الشيخ الداعية الصادق ـ ولا أزكيه على الله ـ .. الذي قضى نحبه فجر اليوم في حادث بين منطقة البجادية وعفيف،وقضى معه ثلاثة من الشباب،والرابع منهم في العناية المركزة ..
إن العين لتدمع ..
وإن القلب ليحزن ..
وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون ..
اللهم اغفر له ولمن معه من الشباب
ولجميع موتى المسلمين،،،
ولي عودة ـ إن فسح الله في الأجل وشاء الرحمن ـ
أن أكتب عنه ..
فلقد كان من الأخفياء ـ ولا أزكيه على الله ـ
فهذا أحد حقوقه عليّ ... ".
و يقول في مشاركةٍ أخرى ـ و يشير إلى مقال: صوم مودّع:
" هل كان الشيخ أبو حذيفة ـ رحمه الله ـ يُحسُّ بدنو أجله؟!
الله أكبر ..
هذا المقال كأنه يقول: نعم!
http://www.almoslim.net/node/99299 "
و إليكم المقال:
صَوْمُ مُوَدِّع
[لكأن الشيخ كان يدرك قرب منيته فسطر هذه الكلمات الرائعات قبل فترة .. نعم، لقد كان الموت على موعد مع المربي الفاضل الذي لفت إلى مسألة عدم إتمام رمضان فحث على تنسم ما تيسر للمرء وما تبقى له في عمره من هذه الأيام المباركات الطيبات .. رحم الله شيخنا الجليل ولا عدمنا في الأمة من يقتفي أثره ويعمل بما ترك من أثر .. (المحرر)]
لو كشف لك من علم الغيب عن خفي أجلك، فأخبرت أن ما تدركه من رمضان هذه السنة هو آخر رمضان لك في الحياة .. ثم أنت لا تدري أتتمه أم تنقطع بالموت دونه، لو قيل لك ذلك ... كم سيكون الخير فيك؟!
وكم ستجهد في استغلال أيامه ولياليه، وتحقيق الإخلاص والصدق فيه؟!
وكم هي أعمال البر التي سنقوم بها؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الشعور بالوداع وتضايق الفرص يبعث في النفس من الاهتمام والجد والتوجه شيئاً لا يبعثه التسويف وطول الأمل .. جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله علمني و أوجز. فقال: إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع)) (رواه بن ماجة وحسنه الألباني 4171).
تصور أنك تصلي صلاة تنتظر بعدها الموت، كم ستخشع فيها ويحضر قلبك؟!
وكم ستتمها وتحقق الإخلاص فيها؟!. لماذا لا نستحضر روح الوداع في عباداتنا كلها؟! ونستشعر أننا نصوم رمضان هذه السنة صوم مودع؟ وننظر إلى إقبالة رمضان هذه السنة على أنها إقبالة ملوح بالوداع ..
كم كنت تعرف ممن صام في سلف * * * من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستقباك بعدهم * * * حياً فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها * * * فأصبحت في غدٍ أثواب أكفان
فكم من مستقبل يوماً لا يكمله، ومؤملاً لغدٍ لا يدركه، وقد روي في الحديث (افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده) (نداء الربان 1/ 166).
فتعال معي أيها الحبيب نستحضر أحاسيس الوداع، ولوعة الفراق، علَّنا نودع بها دعة أتلفت أيامنا، وكسلاً أذهب أعوامنا، وأمانٍ أضعت أيماننا .. تعال معي: نخص هذا الشهر الكريم بمزيد عناية وكأنا نصومه صوم مودع، دعنا نخرجه من إلف العادة المستحكمة، إلى روح العبادة المشرقة .. والله يتولانا وإياك بعونه ورعايته ..
نصوم رمضان في كل عام وهم أكثرنا أن يبرئ الذمة ويؤدي الفريضة ... فليكن همنا هذا العام تحقيق معنى الصيام (إيماناً واحتساباً)) ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا .. وكم هي كثيرة.
نحرص كل عام على ختم القرآن في شهر القرآن مرات عديدة .. فلتكن إحدى ختمات هذا العام ختمة تدبر وتأمل بنية إقامة حدوده قبل سرد حروفه.
نتنقل للقيام بين المساجد كل عام طلباً لصوت الأجمل، والوقت الأخصر .. فليكن سعينا هذا العام في طلب الصلاة الأكمل ..
نخص رمضان بمزيد من التوسعة على النفس والأهل من أطايب الدنيا، فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية الأرواح والأنفس. من خلال جلسات الإيمان التي تشرق بها أركان البيت.
إذا أدخلنا السرور على أسرنا بهذا وذاك فلنوسع الدائرة هذا العام فندخل السرور على أسر أخرى .. أسرتها الحاجة وكبلتها الأعباء.
نتصدق كل عام بقصد مساعدة المحتاجين، لنجعل قصدنا هذا العام بهذه المساعدة مساعدة أنفسنا بتخليصها من نار الخطيئة بصدقة تطفئ غضب الرب.
نحرص على العمرة في رمضان لفضلها .. فلنجعلها هذا العام لعمرنا كله نغسل بها ما مضى من ذنوب .. نطوف بها في أفياء الرحمة إذ قد يكون آخر العهد بالبيت الطواف.
نحرص على اكتساب العمل النافع في رمضان، فليكن هذا النفع متعدياً للغير بكتاب يُهدي أو نصيحة تُسدي أو إصلاحٍ بين الناس.
لنفسك من دعائك النصيب الأوفى، فلنتخل عن هذا (البخل) في شهر الكرم، فملايين المسلمين في حاجة إلى نصيب من دعائك الذي تؤمن عليه الملائكة وتقول ولك بمثل، فيبقى نصيبك محفوظ.
الجود محمود في رمضان وأنت من أهله، فليمتد جودك إلى الإحسان لمن أساء عليك، ووصل من قطعك (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا).
لنكف عن الاعتكاف إلى الناس، ولنكتف بالعكوف مع النفس لمحاسبتها، فربما يفجأنا الموت فنحاسب داخل القبر قبل أن نتمكن من محاسبة أنفسنا ونحن أحياء (أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله).
نحب التعبد بتفطير الصائمين، فلنجرد هذه العبادة من حب المحمدة أو دفع المذمة، فذلك رياء لا يثب صاحبه بل يصيب مقاتله.
تفطير الصائمين من جوعة البطن مستحب مندوب، ولكن إشباع جياع القلوب فرض مطلوب، فليكن لنا جهد في هذا مع جهدنا في ذلك. فكم ضامئ من الموعظة يحتاج السقيا، وكم غارق في الشهوات يحتاج طوق النجاة
تصف قدميك مع مصلين لا تعرفهم ... فهلا تعرفت على ما يوحد قلبك معهم ويضم صفك إليهم، فإن تسوية الصفوف خلف الإمام ما جُعلت إلا لتوحيد القلوب مع الإيمان؟
لنا ولك أعداء، فانتصر عليهم بالدعاء إن كانوا كافرين، وانتصف منهم بالدعاء إن كانوا مسلمين فكم من دعاء حول العداء إلى ولاء. والله يتولى الصالحين
في رمضان، يذكرك الضعفاء أنفسهم على نواصي الطرقات وعند أبواب المساجد، فلا تنس المستضعفين الذي استغنوا عن السؤال، أو قطع طريقهم إليك رتل الدبابات وأزيز الطائرات، أو أعياهم الجوع في المجاهل والأحراش الموحشة.
يتوارد على سمعك في كل عام ما يعرفك بقدر رمضان، فاجعل هم هذا العام أن تتعامل مع رمضان بمقدار قدره.
قدر رمضان يتضاعف ليلة القدر، فهل قدَّرت في نفسك أنها ربما فاتتك في أعوام خالية؟!
فاغتنمها اليوم فقد لا تأتي بها ليال تالية.
إذا ودعت رمضان .. أو ودعك .. فاستحفظه ربك، واستودعه عملك .. فإن لم تجد ما تودعه فذاك لخيبة نفسك، وذهاب عمرك (والمحروم من حرم) ..
هذه خطرات على أبواب هذا الموسم العظيم، فهلا عقدنا العزم على أن يكون الشهر لنا (مغتسل بارد وشراب) نغسل فيه أدران الذنوب فنتوب، ونشرب من مواعظه ما تحيا به القلوب، فليكن بداية جديدة لنا ومحطة للعودة الصادقة إلى ربنا. فها قد اقتربت أيام رمضان وهبت رياحه فاغتنمها. فيا غيوب الغفلة عن القلوب تقشعي، ويا همم المسلمين أسرعي، فطوبي لمن أجاب فأصاب، وويل لمن طرد عن الباب وما أناب، اللهم سر بنا في سَرْب النجابة، ووفقنا للتوبة والإنابة، وافتح لأدعيتنا أبواب الإجابة،
اللهم بارك لنا في رمضان، وأعنا على صيامه وقيامه، واجعلنا من عتقائك من النيران.
نشر هذا المقال بالموقع يوم 3/ 9/1428 هـ
سبحان الله و بحمده عَدَدَ خَلْقه , و زِنَة عَرْشِهِ, و رِضا نَفْسِهِ, و مِدَادَ كلماته!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:43 ص]ـ
رحم الله الشيخ وجعل الجنة مأواه وغفر له ولنا ..
ولك الشكر أخي الحبيب د. الحارثي على تذكيرنا.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 12:02 م]ـ
رحم الله الشيخ إبراهيم بن صالح الدحيم وأسكنه فسيح جنّاته , وجزاه الله خيرا عن أمّة الإسلام , لما قدّم من علم ودعوة وجهاد بلسانه وقلمه
وحقّا:
إذا ما مات ذو علم وتقوى * فقد ثلمت من الإسلام ثلمة
والشكر موصول لأستاذنا د. عليّ الحارثي
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 12:20 م]ـ
استدراك:
"صوم مودّع" نُشر في 3 - 9 - 1428هـ وليس في 1429هـ.
ـ[أحاول أن]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 12:41 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون .. غفر الله له وأسكنه فسيح جناته، وأحسن عزاء أهله، وجبر مصاب المسلمين بوفاة علمائهم ..
نسأل الله الغفور الودود أن يجعل وفاته في هذه الأيام في ذلك الطريق من بشائر حسن الخاتمة وأن يعوض المسلمين خيرا ..
ما أجدرنا بتأمل هذا الكلم النافع الطيب المبارك ونشره!، كتبه الله شاهدا له يوم لا ينفع مال ولا بنون!
جزاكم الله خيرا أستاذنا وعظم أجركم، وغفر لموتاكم وموتى المسلمين،ولا أراكم مكروها فيمن تحبون ..
ـ[أم أسامة]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:55 م]ـ
رحمه واسكنه فسيح جناته ...
إنا لله وإنا إليه راجعون
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:44 م]ـ
رحمه الله وغفر له ولأموات المسلمين
ـ[باشلار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:50 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون
عليه رحمة الله
ـ[أم مصعب1]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 12:37 ص]ـ
الله المستعان , ولا حول ولا قوة إلابالله ..
غفر الله للشيخ و للشباب الذين معه ..
مات وخلّف علماً يتناقله الدعاة ..
فللتو .. سمعت أحد الدعاة في التلفاز يستشهد بأقواله رحمه الله!!
،
،
و شكر الله لك د. علي الحارثي
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 01:21 ص]ـ
لا إله إلا الله ..
إنا لله وإنا إليه راجعووون ..
رحم الله موتانا، وموتى المسلميين، ورحمنا إذا صرنا لما صاروا إليه ..
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 06:50 ص]ـ
إنالله وإنا إليه راجعون
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجمعه بمن يحب في الفردوس
وسبحان الله من يقرأ المقال يتعجب من الدنيا
نسأل الله أن يغفرلنا ولكم ويحسن لنا ولكم الختام
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 08:25 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون؛
رحمهم الله تعالى جميعا وغفر لهم وجعل الجنة مثوانا ومثواهم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:37 ص]ـ
رحم الله الشيخ، وجعلها خاتمة خير له، وبعثه على ما مات عليه قاصدا بيته ملبيا نداءه.(/)
أيهما يُولد أولاً لديك؟؟؟؟
ـ[أبو شهاب]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:16 ص]ـ
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم ..
أيهما يُولد أولاً لديك: الفكرةُ أم الكلمة .. ؟؟
يزمجرُ أحيانا عقل الإنسان رعودًا وأباريق .. فيستل سيف كلماته من غمد فكره المحدود .. ليجابه تلك الرعود
التي باتت مفزعةً عقله بترسه المغوار .. فيلقي بكلماتهِ مقالاتٍ وأحاديث ما بين مكلومٍ قد داسهُ الهلعُ
أو قضيةٌ أرّقت مضجعَ مجتمعه أو بسطة فرحٍ فيتكرمُ الملأ بمشاركته .. أو استقاءً من آلهةِ
شعره أو ... أو ... والأحاديث والنوازلَ قد تطول قائمتها ..
فيولّد من الكلمةِ كلماتٍ قد تتواءم وقد تختلف .. ليشكل بعدها موضوعا ترامت أطرافه كان قبلئذٍ
فكرةٌ وليدة عقله ..
تساؤلاتٌ قد فُقئتْ عينها علّها ترقأ بفيضِ حواركم ..
أيهما يتسابق أولا لديكم قبل أوانه ويتبوأ المقعد: الفكرة التي هي أمّ الموضوع ثم إضافة تلك الكلمات
والمشاهد المتصلة بها .. أم الكلمة التي ستحسن بعد ذلك من هندام الفكرة ويكون مسهلاً لمجيئها ..
وبأي أسلوبٍ تصبغُ كتابتك: بأسلوبٍ عادي سهل العبارة بعيدا عن المصطلحات الفنية والفلسفية يطغى عليه سمة التواضع فالمستهم لديك هو إيصال ما تريد بلا حشوٍ ولا تعقيدٍ ..
.. أم بالإكثار من خلطِ ألوان البلاغة واستعمال الحس والتنوع في الحركة والإثارة والترتيب ..
أين ومتى تحصل على أفضل ومضاتك الفكرية والإبداعية؟؟
صومًا مقبولاً وذنبًا مغفورًا
ـ[أم أسامة]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:12 م]ـ
أيهما يُولد أولاً لديك: الفكرةُ أم الكلمة .. ؟؟
مؤكد الفكرة تسبق الكلمة ...
استقاءً من آلهةِ شعره.
لم ترق لي هذه الجملة ألشعر آلهة!
وبأي أسلوبٍ تصبغُ كتابتك: بأسلوبٍ عادي سهل العبارة بعيدا عن المصطلحات الفنية والفلسفية يطغى عليه سمة التواضع فالمستهم لديك هو إيصال ما تريد بلا حشوٍ ولا تعقيدٍ ..
.. أم بالإكثار من خلطِ ألوان البلاغة واستعمال الحس والتنوع في الحركة والإثارة والترتيب ..
أحب رداء البساطة في جميع كتاباتي لأني لا أكتب لفئة خاصة بل هي رسالة للجميع .....
مع جزيل الشكر لك
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 06:54 ص]ـ
مرحبا بكما أيها الكريمان الفاضلان.
وجزاكما الله خيرا وتقبل منكما.
ويقع الإشكال إذا ما تولد القول أولا، فتصبح الفكرة تابعا لا متبوعا، فيقع من التكلف في تطويعها لتناسب الكلمات المعدة سلفا ما يقع.
وهذا غالب في كلام المتأخرين الذين أفرطوا في استعمال المحسنات البديعية فصار السجع غاية بعد أن كان وسيلة، بخلاف كلام المتقدمين، لاسيما السلف، رحمهم الله، أهل القرون الفاضلة، فكلامهم كما قيل: قليل المبنى عظيم المعنى، يسير المئونة عظيم البركة.
ويشبه ذلك إلى حد كبير: من اعتقد أولا ثم نظر في النصوص ثانيا ليجد ما ينصر قوله، ولو متشابها أو منكرا، فيعدل عن المحكم إلى المتشابه، وهذا ديدن أهل البدع من أصحاب المقالات المحدثة، فالنص عندهم تابع لا متبوع، فرع على أصل أحدثوه.
وقالوا عن أهل الحق: إنهم قدموا النصوص على أقوالهم وأذواقهم، فعزلوا العقل والذوق وولوا النقل، فهو الأصل الذي عنه يصدرون، فأقوالهم فرع على الوحي المعصوم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:32 م]ـ
للفكرة البقاء
وللقول الهباء ..
فالفكرة عمل .. والقول قول
وأنتم بحاجة إلى رجل فعال، أكثر من رجل قوَّال ..
وأرى:
الدوام للفكرة وإن لم تلبس كلمات منمقة
مودتي لكم جميعا(/)
هل تستطيع أن تعضّ أنفك؟
ـ[ضاد]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 02:48 م]ـ
إذا كان الجواب بلا, فغيرك يستطيع, والصورة دليل.
http://img213.imageshack.us/img213/4897/79717655me6.jpg
للدعابة فقط.
دمتم بود.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:06 م]ـ
أضحك الله سنك أخي الحبيب
كنت أظنك ستروي لنا قصة الرجل الذي تراهن مع صديق له فقال: هل تراهن أنني أستطيع أن أعض عيني اليمنى فقال له ان فعلتها فلك كذا وكذا ..
فأخرج الرجل عينه وكانت اصطناعية وعضها وربح الرهان!
فقال له صديقه والآن مارأيك لو عضضت عيني اليسرى فزاد من ثمن الرهان وقال لك هذا إن فعلته!! لعلمه أن صديقه قد يكون أعوراً ولكنه متأكد أنه ليس أعمى ..
فما كان من الرجل الا أن أخرج طاقم أسنانه وعض عينه اليسرى وضاعف ربحه من الرهان ..
ولله في خلقه شؤون.(/)
الملك ووزراؤه الثلاثة
ـ[ضاد]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 02:56 م]ـ
في يوم من الأيام استدعى الملك وزراءه الثلاثة وطلب منهم أمرا غريبا. طلب من كل وزير أن يأخذ كيسا ويذهب إلى بستان القصر وأن يملأ الكيس للملك من مختلف طيبات الثمار والزروع, كما أنه طلب منهم أن لا يستعينوا بأحد في هذه المهمة و أن لا يسندوها إلى أحد آخر. استغرب الوزراء من طلب الملك و أخذ كل واحد منهم كيسه وانطلق إلى البستان.
فأما الوزير الأول فقد حرص على أن يرضي الملك فجمع من كل الثمرات من أفضل وأجود المحصول وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملأ الكيس. أما الوزير الثاني فقد كان مقتنعا بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه وأنه لن يتفحص الثمار فجمع الثمار بكسل وإهمال فلم يتحر الطيب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار مثلما أُمر. أما الوزير الثالث فلم يعتقد أن الملك سوف يهتم بمحتوى الكيس أصلا, فملأه بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار.
وفي اليوم التالي أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها, فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك الجنود بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة
ويسجنوهم كل على حدة, كل واحد منهم مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل أليهم فية أحد كان, وأن يمنع عنهم الأكل والشراب. فأما الوزير الأول فضلّ يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة. وأما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمدا على ما صلح فقط من الثمار التي جمعها. أما الوزير الثالث فقد مات جوعا قبل أن ينقضي الشهر الأول.
وهكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت فأنت الآن في بستان الدنيا لك حرية أن تجمع من الأعمال الطيبة أو الأعمال الخبيثة, ولكن غدا عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك, في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك, ماذا تعتقد سوف ينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا.
منقولة من أحد المنتديات بعد التهذيب.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:38 م]ـ
أحسنت بالفعل عبرة ....
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:50 م]ـ
نقل وتهذيب لطيف أخي ضاد نفعنا الله بك ودمت للفصيح وللغة ذخراً.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 09:52 م]ـ
جزيت خيراً على النقل و على التهذيب .....
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 11:56 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مبدعة بلا حدود]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 11:50 م]ـ
هذان الإخلاص والأمانة ..
وفقك الرحمن لما يحبه ويرضاه.(/)
لمن يرغب في التقدم ...
ـ[أم أسامة]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 04:45 م]ـ
في البداية الموضوع طويل قليلاً على الذين يملون بسرعة ..
أما الباحثين عن الفائدة فلن تضرهم دقيقتين أو أقل .. يقرؤن فيها شي
أعتقد أنه سوف يفيدنا كلنا ..
هذه مجموعة من الأفكار الإبداعية والسهلة .. أردت أن أوصلها في الشهر الكريم .. و أريد منكم أن تشاركوني فيها .. وتضيفوا إليها ..
- تبرع بتفطير صائم في شهر رمضان .. مراكز الدعوة والإرشاد .. تساعدك في هذا الموضوع .. واجعل نية هذا التبرع لك ولعائلتك ..
- اجعل لك في كل يوم مبلغ تتصدق به يزيد في العشر الأواخر ..
مثال: كل يوم ريال
- لا تترك عبادة إلا وتكون من أهلها .. افعلها في الشهر وبعد الشهر .. الصلاة .. أكيد راح تصلي .. قرآن راح تقرأ .. وأنا لا أقصد هذه الأشياء الأساسية
.. أنا أقصد مثلا ..
1) .. تقول <لا إله إلا الله> ألف مرة في يوم واحد .. ليس كل الأيام .. ولو فعلتها في كل الأيام فأبشر والله بالأجر من الله الكريم.
2) .. تستغفر الله .. ألف مرة في يوم واحد.
3) .. تقوم ولو ليلة واحدة في أول عشرين يوم.
4) .. كن من أهل الصدقة ولو بريال واحد في هذا الشهر الكريم .. يمكن يقول واحد
ماذا يفعل ريال؟ .. أقول له ريالك مع نيتك الصادقة لله خير وأفضل من مليار بنية فاسدة ..
هذا شيء ..
الشيء الثاني, من هو الأفضل أنت بهذا الريال أو ذاك الذي ما تصدق أبداُ في هذا الشهر .. ؟؟
5) .. صل على محمد –صلى الله عليه وسلم- ألف مرة في يوم ..
تفرغ في هذا اليوم للصلاة على النبي –صلى الله علية وسلم- وما أحسنها وما أعظم
أجرها لو كانت أيام الجمعة في رمضان ..
6) .. لا تنس أن تدعو لنفسك وأهلك (والديك, زوجتك, أبنائك, ومن تحب) وللمسلمين مع كل إفطار ..
نريد دعوات صادقة .. تخيل لو مارسنا هذا الأمر بصدق – كل المسلمين -عالمنا و جاهلنا .. المستقيم وأصحاب المعاصي .. الذكر و الأنثى .. الصغير و الكبير ..
لو فعلنا ذلك كلنا بصدق فإن الله لن يردنا خائبين .. وبإذن الله نستطيع أن نغير من وضع الأمة ..
والثمن الذي يتوجب علينا دفعه .. هي دعوات صادقة على الفطور من كل مسلم ..
حث أهلك عليها .. وخصوصا الصغار فهم أحرى باستجابة الدعاء ..
7) .. حاول إنك تذكر الله وحدك وتبكي من قلبك .. لعل الله أن يجعل لك بها رحمة
تحت ظل عرشه يوم القيامة بهذا العمل .. فتدخل ضمن السبعة
الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله
8) اجعل رمضان هذه السنة شهر التغيير في حياتك .....
أمثلة:
1) اكتب الأشياء الي تنقصك الآن .. وتتمنى إنك تمتلكها .. مثال:
معصية تريد أن تبتعد عنها .. جاهد نفسك في تركها بعد رمضان .. ابدأ بالتقليل منها
بقوة الشهر حتى لا ينتهي الشهر إلا وأنت الشخص اللي تريد مع هذه المعصية ...
- الصدق مع الله .. بأن تتركها له سبحانه وتعالى
- الرغبة القوية منك .. والأقتناع بتركها
- التدرج في محاول ترك المعصية
2) .. كرر رسائل إيجابية في الموضوع الذي ينقصك
نقص في الثقة بالنفس: ((أنا واثق من نفسي .. انا أحب نفسي .. أنا مبدع .. ))
خلافات زوجية: ((أنا أحب زوجتي / زوجي .. أنا أمتلك أغلى إنسان/ـة .. أنا ربي منحني أحلى هدية زوجي/تي .. ))
وكل شخص وما يعاني منه – ضعف في الذاكرة .. الخوف بأنواعه, إلخ ..
كرر هذه الرسائل بكثرة طوال الشهر .. وأحسن شيء لكي تغرسها بقوة ..
أن تكررها 20 مرة .. بعد كل صلاة لكي لا تنسى وقتها .. ويرتبط عندك
أن الصلاة مرتبطة بتغييرك لنفسك ..
ملاحظة مهمة
أهم شيء في هذه الأفكار وتطبيقها .. وما يتعلق برمضان وصيامه وقيامه والطاعات بشكل عام ..
النية الصادقة الخالصة لوجهه ..
يقول الشيخ صالح المغامسي –بتصرف-
فلو علم الله صدق نيتك وسريرتك .. وأنها خالصة له-سبحانه وتعالى-
فإنه سيسر لك العمل ولو كان صعبا .. وسيبارك لك في عبادتك ولو كانت بسيطة ..
أما لو كانت النية لغير الله –والعياذ بالله- فوالله لو قرأت الكتب والمقالات كلها
التي تتحدث عن رمضان .. واستمعت إلى الأشرطة جميعها في هذا الموضوع ..
فلن تنتفع بها شيئا وسيكون عملك وللأسف هباء منثورا ..
فأدع الله من الآن أن يجعل نيتك له سبحانه وتعالى في كل قول أو عمل سواء في رمضان أو غيره ..
فما تفاضل الناس عند الله بحسب أو نسب أو كثرة طاعة وإنما بنية صادقة علم بها الله سبحانه وتعالى ..
اللهم إن لكل من قرأ هذه الأفكار وطبقها أو طبق بعضها أو قام بنشرها
حاجات دنيوية و أخروية اللهم فحققها له .. فإن ضعفنا يحول دون إيصالنا لك ما في أنفسنا ..
ولكنك سبحانك أعلم بما فيها فأعط كل سائل ما تمنى ..
أرجو منك دعوة في الغيب صادقة
منقول(/)
مقالة "أهل القرآن" *
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 09:28 م]ـ
مقالة "أهل القرآن"
رسالة عتب ومحبّة للهيئة الكريمة "أبو ظبي للثقافة والتراث"
"مليون درهم" لأمير الشعراء .. فكم للقرآن، ومن للقرّاء!؟.
?اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ?
احتفل الأهل والأشقاء أمس، أرضاً وفضاءً، بـ"أمير الشعراء"؛ واصطبغ الحفل بكثير من الدلالات المرسلة في البديع من الأداء والعطاء؛ وكنّا ممن سمع وشاهد.
فنشكر على ذلك أولا؛ هيئة "أبوظبي للثقافة والتراث"، في دولة الإمارات، ثم نشكر لمن أراد لهذا الحفل إفادة وزيادة لخزين اللسان الأم الفصيح، بتنشيط المواهب وجذب المدارك ورفع الهمم، فلا انفكاك عندنا نحن الساعين لمنافع القرآن، بين القرآن وبين اللسان العربي الثَّقِف القويم.
فما عرفناه عن غايات "المسابقة" وأهدافها من الحسنات المعلنة في خدمة العربية، لساناً وإنساناً، ومدينة وعالَماً مؤتلفاً متعارفاً، يدعونا للشكر مع الشاكرين.
ولكن لنا وقفة سائلة ناصحة ..
فلا يخفى ما لمثل هذه الأحفال من الجذب والاستقطاب والتوجيه، خاصّة على ما تلقاه من الحفاوة والسخاوة وحسن التدبير، وما يلفّها من "الإبداع" والتخلّق والبريق.
ثم ما يكال لها بكيل البذل المفتوح، مالاً ورجالاً وجهداً جهيداً، يخطف أبصار النظّار وأفئدة المُقْبلين.
ففي هذا كلّه ما فيه من الحَسَن البديع، ثمّ فيه ما فيه كذلك، من مثار العتب والنصح الجميل ..
فهي هي الدولة الراعية، لأمير الشعراء، ومن قبله "شاعر المليون"، هي هي التي تستضيف تباعاً مستمراً، جوائز "الحفّاظ"، وشخوص العِلْم المكرمين.
فالظرف والحدث والصبغة المتلألئة البهيّة لمسابقة "الأمير"، تثير في المؤمنين الجاهدين لخير هذا القرآن ثائرة الغَيْرة والعُتبى، أن لو كان للقرآن ما كان لـ"الأمير" لكان ثمّة ما يقال!.
فيا أهلنا في الهيئة الراعية، إن كان الحفل لأجل صالحة الشعر، وكان الشعر لأجل صالحة اللسان، ولأجل ميراث شعب عريق، وأمّة منتشرة، فالقرآن فوق ذلك كلّه، فهو للّسان أقوم، وللميراث أحفظ وأجمع، وللخير كلّه أسبق وأسرع.
ولا نقول بدعوى النفي والشطب، بل ندعو إلى تقديم المنازل وحفظ الدرجات لما هو أجلّ وأعلى، أن تكون له المكانة الأسمى، قولاً وشهادة وحفلاً كريماً، دونها كل الذي هو دون!.
فعَلِم الله أن "أهل القرآن" في الأرض كلها غاروا، وتمنّوا للقرآن ما بدا لـ"الأمير"!.
فحولنا نشءٌ من الفتيان والبنين، ملأناهم بالفخر لمن أخذ بالقرآن، نحضّهم عليه حضّا يشرفون به، أنهم حملة "الكتاب"!.
فيا أهلنا الراعين، ويا أخانا الأمير " هزاع بن زايد آل نهيان " ماذا نقول لمن حولنا من الفتية والبنين، حين يسألوننا بعدما رأوا الزينة والبهاء، وسمعوا الفخر والفخامة للفتية الشعراء، وقد بدا على لسانهم السؤال:
أيّهما أرغب للفتى؟، قصيدة بمليون، وصوت وتصويت، وضوء وصُوَر، وهالة وبريق، أم القرآن بأقلّ القليل!؟.
إن من حضر وتابع، ورأى الفوارق والدرجات الآسرات للناس عقولَها، لابدّ أن يهفوَ لذات الجمع المزخرف منهما، ولو حدّثه "الميراث" أن القرآن خير للزاهدين!.
وستسمع النفس المؤمنة ذات العين والأذن والجسد المشترك مع التراب، داعياً خفيّاً يهمس فيها: لقد رأيتَ، فكن شاعراً لا تكن قارئاً؛ كن شعراً لا تكن قرآناً!.
ألم تر كيف أكرموا "القارئ" بِربُع مقسوم، وأكرموا "الشاعر" بالمليون الكاملة!؟.
فنخشى يا أخانا الأمير أن نُغلب أمام البنين، فينفضّوا عنّا رغبة بوشاح "الشاعر الأمير"!.
ولن نعجب إن سمعنا بعضهم يقول بعدها:
كن شعراً لا تكن قرآناً، فالقارئ في النهاية "ولد ٌصالح"، والشاعر هو "الأمير"!.
صلاح الدين أبو عرفة
"أهل القرآن" – بيت المقدس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أكثر من مرة نشرت وتحت عنوان قرأت لك ما هو مختلف ومختلف فيه والهدف منه تعرف القارىء بما يجري على الساحة والحق أحق أن يتبع والنقل منقول كما هو دون زيادة أو نقصان.
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:55 م]ـ
مقالة "أهل القرآن"
رسالة عتب ومحبّة للهيئة الكريمة "أبو ظبي للثقافة والتراث"
"مليون درهم" لأمير الشعراء .. فكم للقرآن، ومن للقرّاء!؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أكثر من مرة نشرت وتحت عنوان {قرأت لك} ما هو مختلف ومختلف فيه والهدف منه تعريف القارىء بما يجري على الساحة والحق أحق أن يتبع والنقل منقول كما هو دون زيادة أو نقصان.
للرفع والتذكير ...(/)
خواطر في الأسفار والأوطان
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 01:16 ص]ـ
فقراء
كنت أستريح من عناء سفر طويل في مدينة السعيدية الشاطئية الواقعة في شمال شرقي المغرب، بإزاء الحدود الجزائرية. وذات صباح نهضت مبكراً وأخذتُ "أَتَقَهْونُ" [1] في حديقة المنزل الذي كنت اكتريته فيها، المطلة على الشارع، فإذا بي أسمع أصواتاً غاية في الحسن، تنشد أناشيد دينية محببة إلى القلوب .. وما إن اقترب الصوت حتى بدا أصحابه، وكانوا خمسة رجال معتمّين بعمائم زهرية اللون مطرزة .. وكان بيد أحدهم راية عجيبة الهيئة والألوان. فلحظوني واقتربوا مني وعرّفوني بنفسهم على أنهم "فقراء إلى الله" من أتباع إحدى الطرق الصوفية، وأن عندهم بعيد أيام حضرة عظيمة بمناسبة التئام شمل "الفقراء" العائدين من ديار الهجرة إلى أرض الوطن في إجازة الصيف، ودعوني لحضور تلك الحضرة التي ستنعقد في محيط مدينة بركان قرب السعيدية ..
فذهبت إلى الحضرة، وكان هنالك أكثر من ثلاثمائة "فقير"، اجتمعوا في صالة دار كبيرة جدا، مزخرفة بالزِّلِّيج [2] المغربي، بعضهم من "فقراء" المنطقة، وبعضهم من "فقراء" إسبانيا وفرنسا وألمانيا وهولندة وبلجيكا .. اجتمعوا حول شيخ الطريقة "مولاي سعيد"، الذي أتى متأخراً بعض الشيء راكباً "سفينة نوح" .. و"سفينة نوح" هذه هي سيارة مرسيدس 500، من نوع "الشبح"، كان "الفقراء" المهاجرون إلى أوروبا قد أهدوها إلى الشيخ الصيف الماضي ..
بدأ الحديث بالتعارف، فقدم كل واحد نفسه، فعرفت بنفسي على أني "فقير سوري" يسوح في بلاد المغرب .. فاعتنت الجماعة بي أيما اعتناء، وقرَّبني الشيخ منه، وسألني أسئلة كثيرة عن أحوال "الفقراء" في بلاد الشام، فأجبته بما أعرف من أحوالهم، وخلصت إلى أنه شخص متطور جداً، بل داهية!
وبينما نحن في الحديث، دعيت الجماعة إلى الطعام: حوالي مائة دجاجة مشوية مزينة بالزيتون والزبيب، فهجم الفقراء عليها هجوماً، فأحالوها في لحظات إلى عظيمات رُفِعَت ليُقدم مكانها حوالي عشرين خروفاً حَولياً [3] مشوياً. فعاود "الفقراء" الكرة؛ وما هي إلا لحظات حتى أحالوا الخرفان فيها إلى هياكل عظمية! وربما جفَّ مورد الكلأ في موضع "فقير" ما، فظعن إلى موضع آخر بعدما دعاه إليه أحدهم بقوله: "اِجْبِدْ مِ هْنا"! [4]
وبعد "الزَّرْدَة" [5] الدسمة، بدأت الحضرة! فاصطف الفقراء وبدأ الشَّطْح. [6] وربما "أخذ الحالُ" بعضهم بمجرد رؤيتهم الشيخ يميل .. وربما استغرق الأمر بالنسبة إلى بعضهم الآخر ساعة أو أكثر قبل أن بلوغ درجات التَّشَوُّف فالفناء .. ودامت الحضرة حوالي ساعتين، برع فيها "فقير" يرتدي لباساً أسود وعمامة سوداء، فأتى بالعجب أثناء "وَجْدِه" .. ثم أعلن الشيخ نهاية الحضرة، وما إن جلسنا حتى أنزلت خرفان مشوية أخرى .. فقلت لذي اللباس الأسود والعمامة السوداء، وقد جلست إلى جانبه لغاية في نفسي، "أيش هذا الفقر يا أخا الفقر"؟! فأعلمني أن فقراءَ كانوا تأخروا في المجيء، وصلوا لتوهم، وأنه لا بد من إطعامهم ..
ثم تحدثت مع ذي اللباس الأسود، وكان شكله الغريب قد أثار فضولي، فعلمت أنه من نواحي الناضور، وأنه من أشهر "الفقراء" في المنطقة، الذين وهبهم الله "أَيدٍ شافية" من كل الأمراض المعروفة والمجهولة، الكائنة والتي لم تكن .. وذكر لي نماذج من شفائه العجيب، وختم بقوله: "إذا شئت أن أنقل لك الكعبة الشريفة إلى هنا، فعلت"!
غادرت الجماعة عائداً إلى السعيدية وأنا أتعجب من صنيع هؤلاء "الفقراء". وعادت بي الذاكرة كثيراً إلى الوراء، إلى رمضان المعظم سنة 1975، وهي السنة التي كنت فيها ابن ثلاث عشرة سنة. تعرفت وقتها على الصوفية في مدينة حماة وسط سورية، و"خرجت" معهم إلى مدينة حلب شمالي سورية، حيث قضيت بمعيتهم الشهر الفضيل في أحد مساجدها درساً واعتكافاً. لم يكن أهل حلب وقتها يختلفون في عادت الكرم عن أهل المغرب، فكانوا يملؤون ساحات المسجد بالطيبات من الأطعمة والمشروبات قبيل الإفطار ـ على عادة أهل الشام في رمضان المعظم. ولكن "أهل الله"، الذين خرجت معهم، ما كانوا يطعمون إلا وجبتهم الوحيدة التي يعرفونها، والتي كنا نحضّرها كل يوم: باذنجان وطماطم وبصل وزيت. كانوا زاهدين في الدنيا وما عليها، وكانوا يدخرون الطيبات لدار البقاء، في اجتهاد لهم على مذاهب أهل الزهد .. وكنا، نحن المريدون، نشتهي ما نرى من طيبات حضرتها نساءُ حلب المشهورات بفن الطبخ العالي ـ ونفسُ الصائم تشتهي كما يقال ـ ولكنا كنا نستحيي ونمسك ونحن نرى المشايخ يمسكون عن اللحم وغيره من لذيذ الطعام ..
ولكني لا أظن أن جميع متصوفة المغرب مثل "فقراء مولاي سعيد"، وأن جميع متصوفة الشام مثل "أحباب الله" الذين وصفتهم، بل أعتقد أن أكثرهم على مذهب "الفقراء" الذين رأيتهم في المغرب، أكلاً ورقصاً، وإلا لما كان أبو العلاء المعري قال فيهم:
أرى جِيلَ التَّصَوُّف شَرَّ جيل ***** فَقُل لهم وأَهْوِن بِالحُلول
أَقالَ الله حينَ عَشِقْتُموه ***** كُلُوا أَكلَ البَهائِم وَارْقُصُوا لي!
وكان أبو العلاء من معرة النعمان. ومعرة النعمان بلدة تقع بين حماة وحلب ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح الكلمات المغربية:
[1] تَقَهْونَ: تناولَ القهوة.
[2] الزِّلِّيج: البِلاط.
[3] الحَوْلي: الخروف الذي دار عليه الحَوْل، أي الذي تجاوز عمره العام. ويسميه أهل تونس: عَلُّوش! (وعَلُّوش في بلاد الشام: اسم الدلع لكل شخص اسمه "عَلي").
[4] اِجْبِدْ: فعل أمر من "جَبَذَ"، ويعني في الدارجة المغربية: "أخذَ، سَحَبَ، جذبَ إليه، أعملَ يدَه في الشيء"، وهو فعل فصيح لا يزال يستعمل في اللهجة المغربية دون سواها من اللهجات العربية.
[5] الزَّرْدَة: كناية عن الوليمة العامة التي يحضرها الطفيليون.
[6] شَطَحَ: رَقَصَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 01:29 ص]ـ
إن لم أفهمك أنا ولم أتخيل تلك الزردة حاضرة أمامي رأي العين فمن ذا؟ إيه! ذكرتني بالزِّرَد والأولياء الصالحين والفقراء إلا إلى الأكل و"العلوش" المشوي والدجاج "الروتي" (المحمّر) , وذكرتني بأيام طه حسين في وصفه لفقراء زمانه وتعليمهم إياه لنا على أن ذلك هو الدين, "شوية فقرا وشيخ طريقة وزردات وشطيح". هذا هو "الدين" الذي يريده من لا يريد دين الله, حتى لا أقول أكثر من ذلك.
بوركت أستاذي الفاضل على ما سردت.
جبد: تستعمل في اللهجات المغربية, وتعني كما ذكرت "اسحب" ومجازا "هلمّ", ومنها اشتقوا "الجبّاد" وهو الخرطوم في النارجيلة (الشيشة) الذي يسحبون به التبغ إلى صدورهم.
ـ[لخالد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 02:05 ص]ـ
أضحك الله سنك
و أنا أقرأ كنت أنتقل من الضحك إلى الحزن ثم الفرح ...
[ b][font=comic sans ms]
[align=center] فقراء
ولكني لا أظن أن جميع متصوفة المغرب مثل "فقراء مولاي سعيد"، وأن جميع متصوفة الشام مثل "أحباب الله" الذين وصفتهم، بل أعتقد أن أكثرهم على مذهب "الفقراء" الذين رأيتهم في المغرب، أكلاً ورقصاً،
أكثر "الفقراء" شأنهم كما رأيتَ بين طيب ساذج و انتهازي و لا أزيد , فليس المقام مناسبا للتفصيل , و رحم الله أسلافهم المرابطين الذين طافوا القارة حاملين الراية ما استكانوا للقصعة و الثريد.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:36 ص]ـ
سرد جميل أخي الحبيب د. عبد الرحمن بارك الله لك ..
ذكريات تبعث في النفس شجون مخلوطة بفقر الألم الذي أصابنا
وللأسف مثل هذه القصص سمعتها كثيرا وكثيراً ولكن لم أعشها ولله الحمد.
وأدعو الله أن يباعد بيني وبين مثل هؤلاء" المتفيقرين"
والحالة التي وصفتها في حلب تنطبق على حال أهل الدعوة أكثر منها على المتصوفة أخي
الحبيب.
ليتك تأتينا بالخواطر السليمانية لنستفيد منها!
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 03:00 م]ـ
وصفهم أحد الظرفاء المعاصرين بقوله:
وفقيرٍ جاءَهُ في الذّكْرِ (حالْ)!!
وعلى الجَنْبِ تلَوّى ثُمّ مالْ
أكلَ (المَحْشي) و (بالرزّ) استجارْ
وعَلى صحْنِ (البَغاجا) قد عَكَفْ
يا حبيبي! إنّ مَنْ ذاقَ عرَفْ
زدنا من خواطرك الحسان، يا (شيخ) عبد الرحمن ..
أحسن الله إليك ..
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:22 م]ـ
أسعدك الله دكتورناالحبيب وأضحك سنك
وقدأعجبتني هدية فقراءأوربا ودخلت برأسي فكرة تكوين جماعة فقراء لأكون رئيساً عليهم طالما الأمرفيه حوليات
خاصة أن الشعوب العربية شعوب عاطفية من السهل إستدراجهم وإستنزاف مافي جيوبهم
ويبدو لي أن مولاي سعيد يستغل هذه الجماعة لمصالح شخصية مادية أوغيرذلك
وكلمة أجبد هي من كلامنا في القرية وهي كلمة أمربمعنى (شُدّ. إسحبْ)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:37 م]ـ
بوركت أستاذي الكريم عبدالرحمن أتحفتنا حقيقة ....
اسلوبك رائع في سرد الخاطرة وشيق ....
في أنتظار المزيد ...
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:49 م]ـ
لك الشكر بعد التحية المموسقة أيها السليماني الباذخ العبارة
وإن كانت فكرة الهدية إلى مولاهم سعيد قد راقت لأخينا نعيم، فالعبد الفقير إلى ربه - أنا - يروق له الضحك على المستضعفين في الأرض " فقراء الذهن والبصيرة "، الذين يبتكرون مولى يمنحهم البركات .. ويسلب في المقابل ما لذ وطاب - إن حبا وإن كرها - كتلك الهدية ..
إيهٍ أخي، زدنا حكايا، لنتنفس الصعداء بعدها، ونرجع الحوقلة بين آونة وأخرى
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:41 م]ـ
أحسنت يا دكتور عبد الرحمن
وزدنا من حديثك ففيه جمال وفائدة
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:02 م]ـ
إن لم أفهمك أنا ولم أتخيل تلك الزردة حاضرة أمامي رأي العين فمن ذا؟ إيه! ذكرتني بالزِّرَد والأولياء الصالحين والفقراء إلا إلى الأكل و"العلوش" المشوي والدجاج "الروتي" (المحمّر) , وذكرتني بأيام طه حسين في وصفه لفقراء زمانه وتعليمهم إياه لنا على أن ذلك هو الدين, "شوية فقرا وشيخ طريقة وزردات وشطيح". هذا هو "الدين" الذي يريده من لا يريد دين الله, حتى لا أقول أكثر من ذلك.
بوركت أستاذي الفاضل على ما سردت.
جبد: تستعمل في اللهجات المغربية, وتعني كما ذكرت "اسحب" ومجازا "هلمّ", ومنها اشتقوا "الجبّاد" وهو الخرطوم في النارجيلة (الشيشة) الذي يسحبون به التبغ إلى صدورهم.
شكرا الله لك أخي الأستاذ ضاد على هذه المشاركة الماتعة. ويبدو أنك ــ مثل أخينا لخالد ــ من المنطقة!
ثقافة "الزرد" ثقافة عربية وأمازيغية أصيلة فيما يبدو من نازلة الحال ومن عادات عرب بلجيكا وأمازيغهم .. فما أن يكون اجتماع حتى يرفق بـ "زردة" معتبرة .. حتى ليلة القدر التي يحييها المسلمون في بلجيكا في المساجد، أصبحت ليلة القِدر ــ بكسر القاف ــ كما قال أحد الأئمة في بلجيكا ــ وهو الشيخ الطاهر التجكاني ــ وقد قطعوا عليه الدرس بالخراف المشوية .. شاهدت ذلك بأم عيني، وسمعت تعليقه الطريف بسندان أذني أيضا!
أما الزاردون .. فيسمون في سورية (سليتة) بفتح السين وكسر اللام مع تشديدها وكسر التاء. ويجانس قول المغاربة (اجبد م هنا) في الشام قولهم (مِدّ إيدك) أي "هلم وأعمل يدك في القصعة"!
بالنسبة إلي: فليأكلوا ما شاؤوا من الطيبات التي رزقهم إياها الكريم، بشرط ألا يتهرطقوا!
شكر الله لك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:09 م]ـ
ورحم الله أسلافهم المرابطين الذين طافوا القارة حاملين الراية ما استكانوا للقصعة و الثريد.
آمين أخي لخالد. أين (زرِّيدَة الطلبة) من المرابطين يا عافاك الله! وصدق القائل (وإخاله أستاذ التربية الدينية في المرحلة الإعدادية، المرحوم عدنان الزعيم): أمة البطون لا تبني أمجادها!
شكر الله لك.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:15 م]ـ
وللأسف مثل هذه القصص سمعتها كثيرا وكثيراً ولكن لم أعشها ولله الحمد. وأدعو الله أن يباعد بيني وبين مثل هؤلاء "المتفيقرين".
ليتك تأتينا بالخواطر السليمانية لنستفيد منها!
الحبيب أحمد،
عاش محسوبك قصصا كثيرة من هذا الجنس، ليس تطفلا منه بل لأن الظروف كانت تحتم عليه ذلك. والفائدة الوحيدة المجنية من مجالسة هؤلاء "المتفيقرين" هي سرعة هضم الأكل من كثرة الضحك! ولو كان معي من يفهم من حركاتهم مثل ما أفهم أنا لقتلنا الضحك، "ولكن ضحك من يضحك لوحده ليس مثل ضحك من يضحك مع الأقران" كما كان الجاحظ يقول!
ورغبتك أمر إن شاء الله.
آنسك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:24 م]ـ
وصفهم أحد الظرفاء المعاصرين بقوله:
وفقيرٍ جاءَهُ في الذّكْرِ (حالْ)!!
وعلى الجَنْبِ تلَوّى ثُمّ مالْ
أكلَ (المَحْشي) و (بالرزّ) استجارْ
وعَلى صحْنِ (البَغاجا) قد عَكَفْ
يا حبيبي! إنّ مَنْ ذاقَ عرَفْ
زدنا من خواطرك الحسان، يا (شيخ) عبد الرحمن ..
أحسن الله إليك ..
أستاذي الحبيب الدكتور عمر خلوف،
ما أروع هذه القطعة! وما أصدق قوله "إن من ذاق عرف"!
وفي الحقيقة أثارت هذه القطعة فضولا لدي جعلني أتساءل: كيف استقبل الشعراء العرب الظرفاء أشعار الحلاج وابن عربي وغيرهما التي فيها معان مثل: أنا المحبوب والمحبوب أنا .. وأنا المقصود والمقصود أنا .. وأنا المعشوق والمعشوق أنا .. والحبيب يمشي على خدي .. ويسكن في عباءتي الخ؟ أظن أن هذه مادة غنية جدا لظرفاء الشعراء، أليس كذلك؟!
آنسك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:59 م]ـ
وقد أعجبتني هدية فقراء أوربا ودخلت برأسي فكرة تكوين جماعة فقراء لأكون رئيساً عليهم طالما الأمر فيه حوليات خاصة أن الشعوب العربية شعوب عاطفية من السهل إستدراجهم وإستنزاف ما في جيوبهم. ويبدو لي أن مولاي سعيد يستغل هذه الجماعة لمصالح شخصية مادية أوغيرذلك.
وكلمة أجبد هي من كلامنا في القرية وهي كلمة أمربمعنى (شُدّ. إسحبْ)
فكرة جيدة أخي الأستاذ نعيم، سجلني مستشارا وشريكا في الربح الصافي من الآن! وشر البلية ما يضحك: أعرف عربيا مشرقيا فتح "عيادة روحانية" في مدينة أنتورب ــ حيث أسكن ــ يشفي يها في اليوم حوالي خمسين مريضا (أو بالأحرى: مريضة!). ويزعم متخرصا أن النبي صلى الله عليه وسلم تجلى له في الحلم وطلب منه أن يذهب إلى بلجيكا ليشفي مرضى المسلمين فيها، وأكثر الناس يصدقونه!!! والمهم أن دخله في اليوم من "عيادته" أكثر من ألف يورو، وربما بلغ الألفي يورو! فهو يربح أكثر من المترجم .. وعدته في عمله هي عباءة إيرانية وخواتم يمنية وعمامة هندوسية وزعفران اصطناعي وبخور ومسطرة فقط!
هجمت عليه مرة وقت "العيادة" ورأيت العجب .. وكتبت في ذلك خاطرة بعنوان "رزق الهبل على المجانين" سأنشرها قريبا إن شاء الله. ما رأيت دجالا مثله!
أما (جبذ) فظننتها تستعمل في المغرب فقط لأن اللهجة العربية المغربية غير الملوثة بالفرنسية تحتوي على ألفاظ عربية فصيحة كثيرة أهملت في المشرق. فشكرا على المعلومة المفيدة.
آنسك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:12 ص]ـ
بوركت أستاذي الكريم عبدالرحمن أتحفتنا حقيقة ....
أسلوبك رائع في سرد الخاطرة وشيق ....
في أنتظار المزيد ...
بارك الله فيك أختنا المكرمة. وشكرا جزيلا على مرورك الطيب.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:28 ص]ـ
لك الشكر بعد التحية المموسقة أيها السليماني الباذخ العبارة
وإن كانت فكرة الهدية إلى مولاهم سعيد قد راقت لأخينا نعيم، فالعبد الفقير إلى ربه - أنا - يروق له الضحك على المستضعفين في الأرض " فقراء الذهن والبصيرة "، الذين يبتكرون مولى يمنحهم البركات .. ويسلب في المقابل ما لذ وطاب - إن حبا وإن كرها - كتلك الهدية ..
إيهٍ أخي، زدنا حكايا، لنتنفس الصعداء بعدها، ونرجع الحوقلة بين آونة وأخرى
حياك الله أيها الحبيب وشكرا على مرورك العطر.
وهل تفرعن فرعون أو تنمرد نمرود أو حاز "مولاي سعيد" على مرسيدس 500 إلا بسبب جهل الجماعة؟!
دعيت منذ عام إلى عقيقة في أمستردام فذهبت غير راغب بسبب المسافة لأن بيني وبين صاحبها رحم، فإذا بالعقيقة تصبح "حضرة" لأن الرجل "فقير" جمع "الفقراء" عليه .. لم تكن حضرة حامية الوطيس لأن "الفقراء" بقوا جالسين .. ولكنهم أنشدوا لابن الفارض وابن عربي وشطحوا في القول .. فنصحتهم فأنكروا ذلك علي إنكارا شديدا وقالوا لصاحب العقيقة (من أين أتيت بهذا الزبون؟!) فتدخل فقلت له ما شاء الله على هذا الفقر وزن الواحد منكم مائة كيلو على الأقل ويخزن من الشحم والماء ما يكفيه لعبور الربع الخالي دون أن يتعرض للجفاف!
ولكني أظن أن "الفقر" لجماعة أمستردام وبلجيكا تسلية لا أكثر ولا أقل! وفي الحقيقة هم بحاجة ماسة إلى فقهاء يعلمونهم أصول دينهم. وقد أرسلت الحكومة المغربية هذا العام أئمة يفقهون الناس في دينهم في رمضان فقط. وعلى الرغم مما قيل في هذا الإجراء فإن فوائده تبقى كبيرة.
ومن عجيب أمر هذا الدين في بلجيكا وهولندة أن بلجيكيين وهولنديين يسلمون (حوالي ألف سنويا في بلجيكا) ويتفقهون في الإسلام ويعلمون المسلمين الأصليين أصول الدين! برع منهم في بلجيكا الدكتور (عمر فان دن بروك) وفي هولندة الإمام (عبدالواحد فان بومل)، وللاثنين كتب كثيرة جليلة (باللغة الهولندية).
وهلا وغلا!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:33 ص]ـ
أحسنت يا دكتور عبد الرحمن
وزدنا من حديثك ففيه جمال وفائدة
أحسن الله إليك أخي زين الشباب وزادك الله جمالا.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:26 ص]ـ
خاطرة ذات صلة بالموضوع: "رزق الهبل على المجانين"، على الرابط التالي:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=14918&page=3
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:34 ص]ـ
أنسك الله أخي الحبيب اللوذعي
والشيء بالشيء يذكر، فـ"رزق الهبل على المجانين " يكاد يصدق على رقعتنا العربية من جميع المسامات والأوردة .. أتذكر قصة مهبولين مشردين لقيا حمارا على القارعة منفوخ الأوداج متشنج الأطراف، فقد كان ميتا منذ أيام .. فحملاه على كره ليدفناه.
فعنت لأحدهما فكرة إبليسية، وهي أن يصنع لصاحب القبر ضريحا لائقا، ومن ثم يخلع عليه لقبا ملفتا .. فعمدا إلى الفكرة تحقيقا وواقعا .. ثم ما لبث أن تجمهر على الضريح فقراء الأرض يتوسلون ويذرفون، طبعا بعد أن كتب المهبولان على القبر: ضريح مولانا فلانا، وأذاعا في الأرض خبره.
المهم في الأمر سيدي، أن المهبولين أصبحا في رغد من العيش، نتيجة العطايا والهبات من فقراء الذهن والبصيرة .. وفي يوم أراد أحدهما سفرا، فاستودع صاحبه أمانة (الضريح) كما استودعه فيوضات المال والعطايا .. ومرت الأيام .. وعندما رجع من السفر، أقام عند صاحبه فترة وبعدها سأله عن الفيوضات والعطايا، وكم وصل حد المال، فانبرى صاحبه أن الفقراء "شحوا"، ولم يعودوا كسابق عهدهم .. !
فالتزمه الآخر آخذا بلحيته مهددا متوعدا، فما كان من المهبول إلا أن أقسم بمولاه صاحب الضريح!!
فقال له: أيها المهبول، ألا تدري بمن تقسم؟! أنسيت أمر صاحب القبر؟!
لقد " دفناه سويا "!!:)
وأصبحت الجملة مثلا سائرا
تحياتي إليك
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:49 م]ـ
فقال له: أيها المهبول، ألا تدري بمن تقسم؟! أنسيت أمر صاحب القبر؟!
لقد " دفناه سويا "!!:)
وأصبحت الجملة مثلا سائرا
أخي الحبيب مغربي،
تذكرني هذه القصة الجميلة بالمثل السائر: (على هامان يا فرعون)!
آنسك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:54 م]ـ
لحسة عسل!
لا أشتهي العسل رغم فوائده العظيمة، ولا أكاد أن أتناوله، إلا أني أتذكره فطرةً وقت المرض، فأشتهي لحسةً منه يكون فيها الشفاءُ مصداقاً لقول الصادق الصدوق: "ما للنفساء عندي مثل الرطب، ولا المريض مثل العسل".
حرصت، في أحد أسفاري، على اقتناء عسل طبيعي. ومر بنا بائع عسل، وذقنا العسل، وكان جد لذيذ، فاشترينا.
وفي بلجيكا، أردت أن أتناول لحسة من العسل الذي اشتريناه، فإذا هو قطر: سكر وماء .. أذاقنا البائع عسلاً حقيقياً لذيذاً؛ ولما اشترينا، أعطانا قطرميز قطر بلون العسل، ربما كان صبغه بقشر البصل!
لا بارك الله له!(/)
حقيقة رمز السلام ... !!
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 03:32 م]ـ
رمز السلام المتعارف عليه عالميا حمامة تحمل بمنقارها غصن زيتون
ولكن هل سألنا أنفسنا من اين جاء هذا الرمز .. ؟!
هذا الرمز يا سادتي الكرام رمز مأخوذ من العهد القديم
من الرواية التوراتية لقصة الطوفان في سفر التكوين وإليكم المقطع الذي يشير إلى ذلك بجلاء:
"???? ???? ????? ??? ??? ??? ??????? ??? ???? ???? ?? ?? ??? ???? ??? ????"
"فأتت الحمامة عند المساء وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها فعلم نوح أن المياه قد غادرت الأرض"
الرواية القرآنية لم تأت على ذكر هذه الحادثة فيما أعلم فنحن نعرف -بحسب القرآن الكريم- أن سفينة نوح استقرت على جبل الجودي عند ذاك علم القوم أن الطوفان انتهى
والرمز بالطيور من العادات الوثنية الأصيلة فالإغريق يرمزون لأحد الآلهة عندهم بالبوم
وكذلك يستعمل عند القدماء من الأوربيين كرمز للحكمة
ثم أن استعمال هذا الرمز بالذات تغليب للرواية التوراتية
وكما تعلمون أن كتابهم المقدس محرف وهنالك كثير من التناقضات مع كتابنا
أذكر منها قصة الذبيح ابن إبراهيم فالرواية التوراتية تقول أنه إسحاق عليه السلام وليس إسماعيل -جد العرب- كما أخبرنا الله في القرآن الكريم.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:43 م]ـ
وأصبحت الحمامة رمزا عالميا للسلام!
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:59 م]ـ
هل أزيدك بيتا
يقول كتابهم المحرف
(التكوين) ( Gn-8-4)( واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال اراراط.)
والاكتشاف العلمي يثبت أنها استقرت على الجودي
http://www.noahsarksearch.com/graphics/urartu2.gif
إلا أن الصلف الصليبي اليهودي يقول ما كتب زمن موسى:= من أسماء يمكن أن يتغير في زمن محمد:=
للمزيد ( http://www.noahsarksearch.com/index.htm)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:51 م]ـ
بوركت أخي بحر الرمل ....
للأسف أصبحنا نُؤتى من حيث لا نحتسب ... فهناك الكثير من الشعارات التي نراها في حياتنا ليل نهار و لا ندري ما أصلها ..
لا أدري هل شعار الأفعى الذي يوضع في الصيدليات له أصل كهذا؟
ـ[مُسلم]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:02 م]ـ
شكراً أخى بحر الرمل على هذه المعلومة ,,
لا أدري هل شعار الأفعى الذي يوضع في الصيدليات له أصل كهذا؟
أذكر أن أصله رومانى أيضاً لإله على هيئة الأفعى ...
ـ[أم أسامة]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:13 ص]ـ
للأسف أصبحنا نُؤتى من حيث لا نحتسب ... فهناك الكثير من الشعارات التي نراها في حياتنا ليل نهار و لا ندري ما أصلها ..
السبب التقليد في كل شيء بدون تفكير ...
ولو دخلو جحر ضب لدخلتموه ..
والشكر موصول لك أخي بحر الرمل ..
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:54 م]ـ
أشكرك الجميع على المشاركة ...
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:13 م]ـ
لفتة رائعة لم أكن أعرفها ..
فبوركت أيها الهمام ..
مودتي
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:35 م]ـ
أهلا بك سيدي الكريم(/)
الرمضان الكريم
ـ[حسن نور]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:06 م]ـ
سلام عليك يا شيخ الكريم.
لو سمحت أود السؤال منك، ما رؤيك لو لا نقابل بالليلة القدر ولكن نحن نصلي الترواح أو النوافل في تلك الليل. هل نستحق الثواب أو الأجرة ما يسمى خير ألف شهر؟
الرجاء الإجابة!!!(/)
النية
ـ[حسن نور]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ...
نقابل مرة أخرى، بنسبة في الشهر الرمضان المبارك، أريد أن أسئلك بإذنك هل سمحنا النية في أول الصوم أي في بداية الرمضان يعني نحن نؤدي النية تاما لكامل الشهر للصيام؟
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:55 م]ـ
أنقل لك من بحث حول الصيام:
من أحكام النية في الصيام:
تُشترط النية في صوم الفرض, وكذا كلّ صوم واجب, كالقضاء والكفارة, لحديث حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ”مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ.“، ويجوز أن تكون النية في أي جزء من الليل ولو قبل الفجر بلحظة. والنية عزم القلب على الصيام من الغد، والتلفظ بها بدعة, وكل من علم أن غدا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى.
من نوى الإفطار أثناء النهار ولم يُفطر: فقال بعض أهل العلم أن صيامه لم يفسد, وهو بمثابة من أراد الكلام في الصلاة ولم يتكلم. وذهب آخرون من أهل العلم - وهو الصحيح - إلى أنه يُفطر بمجرد قطع نيته، فالواجب عليه أن يقضي؛ وقد يفرق بين من نوى القطع ثم تاب من وقته, فهو متردد؛ وبين من نوى القطع ثم لم يجد ما يفطر عليه, فهو مفطر بلا ريب لأنه عازم.
أما الردّة فإنها تُبطل النية بلا خلاف، كمن سب ربه جل وعلا أو نبيه صلى الله عليه وسلم أو دينه, أو قال عن نفسه أنه نصراني أو يهودي, أو أنه كافر بدين الله, أو سجد لغير الله, أو فعل أي فعل يستوجب الكفر الأكبر والعياذ بالله. قال ابن قدامة رحمه الله: ”لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام. سواء أسلم في أثناء اليوم، أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئا أو غير مستهزئ، قال الله تعالى: ? وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ? (التوبة:66 - 65). وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج، ولأنه عبادة محضة، فنافاها الكفر، كالصلاة.“
صائم رمضان يحتاج إلى تجديد النية في كلّ ليلة من ليالي رمضان, ويكفي أن يخطر بقلبه أنه من الغد صائم, وهذا هو الأصل في كل مسلم.
ويظهر أثر الخلاف بين أهل العلم في هذه المسألة فيمن نام من قبل المغرب واستفاق بعد الفجر, فالراجح أن يومه الذي استفاق فيه لا يصح صيامه منه, لعدم النية.
والنية محلها القلب والتلفظ بها بدعة, ويكفي أن تعرف أن الغد رمضان وتريد صومه, فبذلك نويت, أو أن تنوي أن تقوم لتتسحر, فذلك نية, حتى وإن لم تقم للسحور أو فاتك الوقت. والله تعالى أعلم.
ـ[حسن نور]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
شكرا على حسنك.
وسأل الله سبحانه وتعالى السداد فى القول والعمل. وأما أتمنى لي ولكم بالنجاح الفائق والله يهدكم بالإسلام والإيمان والاستقامة في العمل. وعلى كل اكتساب وجهد نستحق الثواب والأجرة من الله تعالى مأمول في الدنيا والآخرة.
جزاءكم الله خير جزاء وبرك الله لي ولكم، شكرا ...
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:10 م]ـ
أهلا بك أخي حسن نور في الفصيح ..
أرى أن اللغة العربية طغت عليها الماليزية .. فأهلا بك عربيا ماليزيا
مودتي(/)
لقاء مع مغترب - فكرة تنتظر آراءكم
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:05 م]ـ
:::
ما رأيكم في إقامة لقاء "افتراضي" مع أعضاء المنتدى المغتربين, يحدثوننا فيه عن غربتهم وعن تجاربهم فيها وعن أحوال المسلمين هناك. ونختار كل مرة عضوا نتجاذب معه أطراف الحديث. ماذا ترون؟ (إذا وافقتم فلا تختاروني أول عضو, لأني صاحب الفكرة:))
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:38 م]ـ
رأي سديد وفقك الله ولتكن البادئ لترسم الطريق
وأرى أن يُترك للعضو المتحدث المجال للحديث سردا
ومن بعد ذلك الأسئلة
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:38 م]ـ
استلم العمل وابدأ
ـ[مسعود]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:44 م]ـ
جميل جدا.
سوف أنتظر ..
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:47 م]ـ
أشكركم كثيرا.
عرضت على الأستاذ السليمان أن يكون أول ضيف, وننتظر قبوله.
من هم الأعضاء المغتربون؟
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:52 م]ـ
على بركة الله وفقك الله وهذه الفكرة الرائعة كروعتك أيها الحبيب
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:57 م]ـ
جهد مشكور ولك الأجر أخي الحبيب ضاد.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:08 م]ـ
أشكركم كثيرا.
عرضت على الأستاذ السليمان أن يكون أول ضيف, وننتظر قبوله.
من هم الأعضاء المغتربون؟
أخي العزيز الأستاذ ضاد،
أكرمك الله. لم أقرأ عرضك إلا هنا، صدفة. فهل أرسلته إلي عبر رسالة خاصة أو إلى بريدي الإلكتروني لأني لم أستلم شيئا.
من جهة أخرى: جاء في مداخلتك الأولى أن تكون أنت الأول! لذلك أقترح أن تتقدم أنت أولا ثم ندعو أساتذتنا الأفاضل (الدكتور مروان، الدكتور عمر خلوف، الأستاذ أحمد الغنام وغيرهم من الأفاضل)، على أن أكون أنا "احتياط" أدخل المعمعان إذا لم يترشح أحد بعدك!
ما رأيك؟
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:15 م]ـ
حياك الله دكتورنا الفاضل. أرسلتها إليك عبر رسائل الزوار.
جاء في مداخلتي الأولى أن لا أكون أنا الأول لأني صاحب الفكرة.
هل الأساتذة الذين ذكرتهم مغتربون؟ نحن نريد المغتربين (ليس انتقاصا من الآخرين) لأننا نريد الحديث عن الغربة وأحوال المسلمين هناك, وقد جاءتني الفكرة بعد موضوعك عن "فقراء" المغرب وبلجيكيا.
ماذا ترى؟
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:44 م]ـ
حياك الله دكتورنا الفاضل. أرسلتها إليك عبر رسائل الزوار.
جاء في مداخلتي الأولى أن لا أكون أنا الأول لأني صاحب الفكرة.
هل الأساتذة الذين ذكرتهم مغتربون؟ نحن نريد المغتربين (ليس انتقاصا من الآخرين) لأننا نريد الحديث عن الغربة وأحوال المسلمين هناك, وقد جاءتني الفكرة بعد موضوعك عن "فقراء" المغرب وبلجيكيا.
ماذا ترى؟
آسف أخي العزيز لعل ذلك من تأثير الفاكهة المسماة بـ "كرمُوس النصارى" فهذه فاكهة أحبها وعهدي بها بعيد وأهديت "سحارة" منها هذا اليوم فهجمت عليها بعد الإفطار فأثرت على ملكة القراءة!
للاغتراب حدان: واحد يشمل كل مقيم خارج بلده، وآخر يقتصر على المقيم خارج الوطن العربي. وأنا لا أعتبر المصري المقيم في السعودية، أو السعودي المقيم في مصر، غريبين.
وكان زين العابدين رحمة الله عليه يقول:
ليس الغريب غريب الشام واليمن === إن الغريب غريب اللحد والكفن.
وما رأيك بكلمة "مهاجر"؟ (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).
شكر الله لك.
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:50 م]ـ
ما اسمها بالفرنسية "كرموس النصارى"؟ وكأني أعرفها. "الكرموس" هو التين باللغة البربرية.
أنا كذلك فكرت في "مهاجر" وما فتحت هذا الموضوع إلا لتلقي أفكاركم وتصويباتكم. هل نعتبر ردك قبولا الاستضافة؟ من تعرف في الفصيح من الأساتذة والأعضاء المهاجرين؟
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:02 ص]ـ
ما اسمها بالفرنسية "كرموس النصارى"؟ وكأني أعرفها. "الكرموس" هو التين باللغة البربرية.
أنا كذلك فكرت في "مهاجر" وما فتحت هذا الموضوع إلا لتلقي أفكاركم وتصويباتكم. هل نعتبر ردك قبولا الاستضافة؟ من تعرف في الفصيح من الأساتذة والأعضاء المهاجرين؟
"كرموس النصارى": الفاكهة التي يسميها المشارقة "الصبّار" أو "تين الصبار"، ويسميها المغاربة "كرموس النصارى" و"هندية" أيضا.
وظننت أن كل المغاربة، العرب والأمازيغ، يسمون التين "كرموس". وكذلك أهل ليبيا لأن كلمة "تين" عندهم مقذعة!
أقترح استضافة الدكتور مروان فهو سوري مهاجر إلى الإمارات فيما أظن. وأنا كما ذكرت، أخي الكريم، "احتياط" فلا أتقدم على من هم أكبر مني سنا وقدرا وعلما. فلنفاتح الدكتور مروان أو الدكتور عمر خلوف أو الأستاذ أحمد الغنام، وكلهم أدباء مهاجرون ذوو علم وفضل، أولا ثم نرى كيف يكون رأي حضراتهم الكريمة.
ما رأيك؟!
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:10 ص]ـ
سأعرض عليهم الأمر ونرى بماذا يردون. (ولو أني لا أعتبر العربي في بلاد عربية مهاجرا, وربما يحرج أحدهم من الحديث عن الوضع في بلد الهجرة حتى لا تستفيق نعرات في المنتدى)
أما "كرموس النصارى" فنسميه في تونس "الهندي" ويقال في المثل "يحب على الهندي المقشر" لمن يريد الأمور جاهزة ولا يتعب نفسه فيها. أما الكلمات البربرية فما زال منها في التونسية البعض مثل الكرموس (التين) والفكرون (السلحفاة) والعتروس (العجل) والحلّوف (الخنزير أجلكم الله) والبركوس (الحمل الذكر - صغير الخروف).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:36 ص]ـ
سأعرض عليهم الأمر ونرى بماذا يردون. (ولو أني لا أعتبر العربي في بلاد عربية مهاجرا, وربما يحرج أحدهم من الحديث عن الوضع في بلد الهجرة حتى لا تستفيق نعرات في المنتدى)
والعتروس (العجل)
ننتظر رأي الأساتذة ثم نقرر على بركة الله.
(العتروس) في المغرب: الجدي الصغير. فسبحان من صيّره عجلا في تونس!
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:54 ص]ـ
صح لسانك, هو الجدي الصغير. خلطت بينه وبين "العاصي" الذي هو العجل. بوركت.
ننتظر معا ردود الأساتذة.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 12:58 ص]ـ
أخي ضاد فكرة رائدة ورائعة
أرى أن يشمل الأمر كل من هو خارج وطنه
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:12 ص]ـ
أستاذي محمد, وهل أنت منهم؟
ـ[أم أسامة]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:51 ص]ـ
موضوع جميل أستاذي الكريم ...
وأحسنت الأختيار بأن يكون الضيف الأول د. عبد الرحمن السليمان ..
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 04:52 ص]ـ
سأعرض عليهم الأمر ونرى بماذا يردون. (ولو أني لا أعتبر العربي في بلاد عربية مهاجرا, وربما يحرج أحدهم من الحديث عن الوضع في بلد الهجرة حتى لا تستفيق نعرات في المنتدى)
أما "كرموس النصارى" فنسميه في تونس "الهندي" ويقال في المثل "يحب على الهندي المقشر" لمن يريد الأمور جاهزة ولا يتعب نفسه فيها. أما الكلمات البربرية فما زال منها في التونسية البعض مثل الكرموس (التين) والفكرون (السلحفاة) والعتروس (العجل) والحلّوف (الخنزير أجلكم الله) والبركوس (الحمل الذكر - صغير الخروف).
جزاكم الله خيرا
هو عندنا في سوريا؛ وخاصة في دمشق الفيحاء
يسمى: (التين الصبار)
وينتشر في شوارع دمشق، وعلى أرصفتها، وخاصة في
منطقة الروضة والمالكي، وما أحلاه وهو مرصوف على قوالب
الثلج البيضاء، ويقوم البائع بتقشيره، وما ألذه يا أخي الغالي
الدكتور عبد الرحمن عندما تتناوله من يد البائع مقشورا باردا مثلجا
وشكرا لكم
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:16 ص]ـ
عندما وصلتني هذه المشاركة الكريمة من الأخ الكريم ضاد
فزعت إلى كتاب:
(أدب الغرباء؛ لأبي الفرج الأصبهاني، المتوفى بعد سنة 362 هـ، خلافا لما هو متعارف عليه في وفاته؛ لأنه يذكر فيه خبرا رآه مكتوبا على أحد الجدران، وذلك سنة 362 هـ، وهذا ماناقشته في كتابي:
لمحاتٌ من تراثنا ... ).
ووجدت أن الفكرة أكثر من رائعة!!!
وشكرا لأخي الحبيب الأديب اللبيب، واللغوي المتميز
الدكتور الغالي عبد الرحمن ..
ولو أنني أعتبر الغرباء؛ هم الذين يعيشون في بلدان أعجمية:
(غريبة اليد واللسان، على رأي عمنا الشاعر المتنبي)؛ هؤلاء هم أحق بالدراسة والحديث عن تجاربهم ومعاناتهم ..
وشكرا لكم
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:49 ص]ـ
لاتجعلونا نستأثر لوحدنا ببركة الحديث " ... طوبى للغرباء ... ".
لو وسعتم دائرة الأجر.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:22 ص]ـ
أحبتي الكرام ..
الغربة النفسية أقسى من غربة الأوطان ..
في رثاء والدي الحبيب، الذي توفاه الله وأنا بعيد عنه آلاف الأميال قلت:
أنَا إنْ بِتُّ في البلادِ غَريباً**فسِوانَا رغْمَ الثَّوَى غُرَباءُ
أنا في السعودية لا أشعر حقيقةً بمثل هذه الغربة، وقد أمضيتُ فيها ما يقرب من ثلاثين سنة ..
لكنني على يقين بأن ما عند أستاذينا (عبد الرحمن السليمان) و (ضاد) من تجارب الغربة الروحية والمكانية ما سيثري هذه المساحة البيضاء، التي تنتظر تفاعلهما بكل شوق ..
فهيّا يا (د. عبد الرحمن)، فأنت من ورّط نفسه بموضوعك البديع ..
وليكن التالي بعده الأستاذ (ضاد)، وبذلك لا تكون الأول أستاذنا الكريم ..
بورك فيكما ..
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:37 ص]ـ
"كرموس النصارى": الفاكهة التي يسميها المشارقة "الصبّار" أو "تين الصبار"، ويسميها المغاربة "كرموس النصارى" و"هندية" أيضا.
وظننت أن كل المغاربة، العرب والأمازيغ، يسمون التين "كرموس". وكذلك أهل ليبيا لأن كلمة "تين" عندهم مقذعة!
في السعودية، كثيراً ما يطلقون اسم (البرشومي) أو (الصبار) على التين الصبار، وهو منتشر عندنا هذه الأيام، ومن كانَ قرباً منّي (وأنتم جميعاً قريبون إليّ) فهو مدعوّ إلى وجبة لذيذة منه!
(يُتْبَعُ)
(/)
أما (الكرموس)، أو (الهندية)، فقد تبادرت إلى ذهني فاكهة أخرى لذيذة يدعونها هنا (الكرمسيّة) أو (التين الهندي)، أو (الكاكا) ..
وهي فاكهة حلوة تشبه في شكلها (الطماطم=البندورة)، إلاّ أن لونها يميل إلى البرتقالي .. فهل من متذوق؟
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:16 م]ـ
هدية لأخي الحبيب الغالي الأديب الدكتور عبد الرحمن؛ تذكرة له في غربته:
تين الصبّار:
تين .. لكنْ شوكي!!؟
http://www.zira3a.net/wp-content/uploads/2007/10/opuntia_prickly_pear2.jpg
قد يستغرب البعض أننا نطلق إسم “التين الشوكي” على نبات تعارف الناس بتسميته “الصبار”. نعم الحقيقة مرة, فالنبات الذي تشاهدوه وستقرؤون عنه هو التين الشوكي: نبات عشبي صالح للأكل, شائع زراعته في المكسيك, و الشرق الأوسط, و بعض المناطق من أوروبا, و الهند, و أستراليا, و شمالي أفريقيا. هناك أنواع عديدة منه (أكثر من 200 صنف) , منها ما هو صالح للأكل (التين الشوكي) ومنها يستخدم للزينة (الصبار) , بيد أن طريقة زراعتها متشابهة. إن أنواع الصبار الصالحة للأكل تكون أوراقها لحمية, و عادة ما تسمى أوراقها بالكفوف: جمع كف. تحتوي كفوف التين الشوكي على مادة البيتا كاروتين, و المعادن, و بعض الفيتامينات من “فئة ب”, و الكالسيوم, و الفيتامين ج ( vitamin C). يمكن طهو هذه الكفوف بعد أن ننزع عنها الأوبار أو الأشواك. ينمو عادة على الكفوف ثمار تشبه حبات الأفوكادو بالحجم. و عادة ما تكون قشرة الثمار سميكة. يتراوح طول حبات الثمار بين 3 سم إلى 6 سم بالطول. كما يتراوح لون الحبات بين الأصفر أو الليموني إلى الأحمر. يوجد على الحبات عادة أوبار صغيرة الحجم مجتمعة مع بعضها في أمكان متقاربة. ما يؤكل من الحبات هو اللب و ليس القشرة بالطبع, فإن طعمه لذيذ و يحتوي على بذور قاسية و صغيرة. تحتوي ثمرة التين الشوكي بداخلها على تسعون بالمئة من الماء …
http://www.zira3a.net/wp-content/uploads/2007/10/pricklypearcactus.jpg
طريقة الزرع: إن زراعة التين الشوكي سهلة جدا و ننصح كل منزل فيه حديقة متواضعة بزراعته, لأنه يتحمل الجفاف بشكل غير عادي. ليس هذا فقط, بل إنه يحب الطقس الحار و الجاف, و لكنه يتحمل الصقيع. ما عليكم فعله هو الحصول على كف من الكفوف الموجودة على نبتة التين الشوكي - يمكن قصه بالسكين - و حفظه لمدة أسبوع أو أكثر لكي تظهر الجذور, أو يمكن أيضا زرعه مباشرة بعد قطعه. يستحسن زراعة الكف في التراب بشكل عامودي. لا يجب طمر الكف بأكمله في التراب لأن هذا يشجع على تعفن النبتة. التين الشوكي يحب الشمس, فلا تزرعه في مكان مظلّل كلّيا. عادة ما تكون الكفوف مخزنة بداخلها ماء كافي لكي تكوّن جذورا في التربة, فلا نحتاج إلى السقاية فور غرس الكفوف. بعد زرع الكف و في غضون أشهر, تظهر كفوف أخرى عليه, و بعد أن يصبح عدد الكفوف ثلاثة تبدأ النبتة بإنتاج الثمار. و لكن هذا غير ثابت, فهناك إحتمال لتكوين الثمار من أول كف (إعتمادا على عمر النبتة التي أتينا الكف منها). يمكن لكل كف أن يحمل أكثر من ثمرة (كما يظهر في الصورة) , و المستحسن أن لا تتركها تزيد عن ثماني ثمرات لأن ذلك يؤثر على حجم الحبات.
http://www.zira3a.net/wp-content/uploads/2007/10/prickly-pear.jpg
يمكن زراعة التين الشوكي من بذور بدلا من الكفوف, ولكن المسألة ستتطلب وقت وعناية كبيرة. الفرق أيضا يتجلى في ضرورة توفير منطقة مظلّلة للبذور لكي نزرعها فيها. كما يجب معاملتها من ناحية السقاية كالنباتات العادية, فرجاءا لا تبخلو على البذور بالماء ولا تعتبوا عليها لمجرد عدم تميّزها بخصائص الشتلات الكبيرة. و عندما تكبر الشتلات يتم سقايتها مرة واحدة كل ثلاثة أشهر.
http://www.zira3a.net/wp-content/uploads/2007/10/pricklypear.jpg
والجدير ذكره هو إمكانية زراعة أنواع الصبار المستخدمة في الزينة في مكان داخلي أو مغلق - شرط أن نسمح بوصول أشعة الشمس و الهواء إليها. يجب سقاية التين الشوكي بشكل منتظم و لكن خلال فترات متباعدة. ولو كنت تود البدأ بتربية أو زرع شتلة في وعاء في غرفة مغلقة فلا يجب سقاية النبتة خلال الأيام الأولى لأن هذا يساعد على تعفن الجذور, و ننصح أن يكون الوعاء المستخدم مصنوع من الفخار لأنه يسمح بتسرب الماء الفائض بشكل أفضل. وبالنسبة للتراب أو البيئة التي ستستخدمها في الأوعية فهي تربة الحقل, و لكن ينصح خلطها بالحصى أو الرمل لكي نحسن من مستوى الصرف فيها. أما بالنسبة للتسميد, فالتين الشوكي أيضا لا يحتاج إلى كميات كبيرة من السماد, والأفضل أن نسمّده مرة في السنة (خلال الربيع).
إستخدامات أخرى: يستخدم الصبار في بعض الأحيان كشبك عازل حول المنزل أو حول منطقة معينة. تزرع الكفوف في هذه الحالة على مسافات متقاربة (30 سم) , فتنمو لكي تكوّن شريط شائك أمام الحيوانات المزعجة.
ومن الأشياء التي يشيع إستخدامها في التين الشوكي هي العصارة الموجودة داخل الكفوف. فلو قطعنا كف عن النبتة و عصرناه بأيدينا فإن العصارة التي تخرج صالحة لمعالجة الحروق والجروح. كما تدخل العصارة في صناعة السكاكر, والشموع, وغيرها من الأمور.
أما الكفوف فلو افترضنا أنك تنوي التخلص من نباتات التين الشوكي عندك دع الكفوف للماشية و الأبقار و الدواجن لانها العلف المناسب لها - وأرجوك لا تقدمها لها مع الوبر!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:55 م]ـ
هذا الذي نأكله نحن:
http://images.digicamfotos.de/media/208/tunos_0001.jpg
http://fotowelt.chip.de/imgserver/communityimages/114300/114356/545x.JPG
وربما تصيب من يأكل منه كل يوم ولمدة تفوق أربعة أيام ولا يأكل شيئا غيره "حَصْرة", وهي انحباس الأمعاء فلا يستطيع أن يقضي المرء حاجته, فإذا ما وقع ذلك, وفي ريفنا الذي لا تخفى على أصحابه من الفضائح خافية, فتلك فضيحة تتوارثها الأبناء عن الأجداد حتى يصل الأمر إلى التأريخ بعام "حصر فلان". والأمرّ من ذلك طريقة العلاج التي كانت متبعة قديما, وأذكر لكم الأدوات وأترك لكم التصور, وهي عصا خاصة وزيت زيتون. ومع دخول الطب إلى الأرياف صار يذهب إلى المستوصفات. ويسمونه في تونس "سلطان الغلة" (الغلة والغلال تعني في التونسية الفواكه) , وونحبه كثيرا, وهو تجارة مربحة للفلاحين, لا يتكلفون في زراعته شيئا وفي جنيه يجندون البنات والنساء بأبخس الأجور, ثم يبيعونه في المدن. ولإطالة الموسم أكثر ما يمكن فإنهم يعمدون إلى "خصي" شجره, وهي عملية قطع الثمار الأولى التي تظهر في أواخر شهر 5 وبدايات شهر 6 حتى تثمر أشجار الصبار من جديد فيكون ثمرها أكبر وألذ ويكون في شهر 9 فيبيعونه بأثمان أغلى. تلك هي نبذة عن الريف التونسي وتينه الشوكي.
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:00 م]ـ
في السعودية، كثيراً ما يطلقون اسم (البرشومي) أو (الصبار) على التين الصبار، وهو منتشر عندنا هذه الأيام، ومن كانَ قرباً منّي (وأنتم جميعاً قريبون إليّ) فهو مدعوّ إلى وجبة لذيذة منه!
أما (الكرموس)، أو (الهندية)، فقد تبادرت إلى ذهني فاكهة أخرى لذيذة يدعونها هنا (الكرمسيّة) أو (التين الهندي)، أو (الكاكا) ..
وهي فاكهة حلوة تشبه في شكلها (الطماطم=البندورة)، إلاّ أن لونها يميل إلى البرتقالي .. فهل من متذوق؟
هذا الكاكا أو الكاكي عرفته في ألمانيا كغيره من الثمار التي لم أعرفها إلا فيها. ولم يعجبني مذاقه.
http://www.atlanta.de/media/0/11744028926970/kaki.jpg
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:02 م]ـ
أحبتي الكرام ..
الغربة النفسية أقسى من غربة الأوطان ..
في رثاء والدي الحبيب، الذي توفاه الله وأنا بعيد عنه آلاف الأميال قلت:
أنَا إنْ بِتُّ في البلادِ غَريباً**فسِوانَا رغْمَ الثَّوَى غُرَباءُ
أنا في السعودية لا أشعر حقيقةً بمثل هذه الغربة، وقد أمضيتُ فيها ما يقرب من ثلاثين سنة ..
لكنني على يقين بأن ما عند أستاذينا (عبد الرحمن السليمان) و (ضاد) من تجارب الغربة الروحية والمكانية ما سيثري هذه المساحة البيضاء، التي تنتظر تفاعلهما بكل شوق ..
فهيّا يا (د. عبد الرحمن)، فأنت من ورّط نفسه بموضوعك البديع ..
وليكن التالي بعده الأستاذ (ضاد)، وبذلك لا تكون الأول أستاذنا الكريم ..
بورك فيكما ..
رحم الله أباك وأموات المسلمين أستاذنا الفاضل. نحن وددنا أن نقدم أساتذنا تبجيلا لهم وتقديرا.
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:04 م]ـ
لاتجعلونا نستأثر لوحدنا ببركة الحديث " ... طوبى للغرباء ... ".
لو وسعتم دائرة الأجر.
ليتنا أولائك الغرباء المذكورون في الحديث.
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:58 م]ـ
أراكم عكفتم عن الموضوع الأصلي إلى الفاكهة ..
فما رأيكم بالحديث عن الفاكهة (ههههههههههههه) ..
بوركتم جميعا ..
الصبار: أكلة محببة عندنا في الشام كما ذكر الأخ الغالي الدكتور مروان .. وأنا سأصف لكم طريقة أكلها (مع أنني أكلتها وندمت، لم وجدت فيها من "الحباشات")
يؤثر بائع الصبار أن يضعه في ماء مع الثلج حتى يبقى الصبار باردا، ثم أنه يرتدي القفازات ويقوم بتقشير النبته، ويا ويله من يجرب أن يقشر الصبار دون قفازات، سيهجر النوم، والقوم .. ).
لمحة بسيطة
فكرة رائعة أخي الحبيب نزار ..
وأقترح أن نبدأ بالمغتربين خارج الوطن العربي .. ثم المغتبرين داخل الوطن العربي، لأننا سمعت أكثر من شخص في المملكة يقول لي هل أنت: (أجانبي) ..
بوركتم ..
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:04 م]ـ
بارك الله فيك أخي رائد. أرى الأساتذة كل يقدم الآخر. ما رأيكم في التصويت أو القرعة؟
أما الصبار أو التين الشوكي فتسمى الورقة الحاملة للثمر بالتونسية "ظلفة" (أو ربما ضلفة) ويسمى الكثيف منها المجتمع "دُخشة" وتستعمل في الريف قديما مكانا للتستر عند الحاجة لكثافة الأوراق وغلظها. وإذا كانت مزروعة في شكل مستقيم وعادة للحد بين أرض وأرض أو بين بستان وبستان, فإن ذلك يسمى "سطر". وقد وقعت صغير في أحد "السطور" وشبعت شوكا مكثت أسبوعا أتنكشه شوكة شوكة.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 04:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
التين الذي جئتنا بصورته نسميه في القرية التين ولم أكن أتوقع أن هناك من يسميه مثلنا
وفي الطائف يسمونه (البرشومي)
والأوراق الكبيرة جداً التي تحمل التين نسميها (الدغابيس) وقدذكرها الدكتورمروان بإسم الكفوف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:29 م]ـ
لأنني سمعت أكثر من شخص في المملكة يقول لي هل أنت: (أجانبي) ..
بوركتم ..
السلام عليكم ورحمة الله ...
أستاذي الكريم رائد قد تكون الكلمة جديدة عليك فاستنكرتها ولكن في السعودية إذا ذهبت لطائف وأنت من الرياض سألوك هل أنت أجنبي!!
وعادة ما يكون أي شخص ليس من أفراد العائلة ... أجنبي
مع خالص الشكر ...
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 06:21 م]ـ
ولكن في السعودية إذا ذهبت لطائف وأنت من الرياض سألوك هل أنت أجنبي!!
وفي سورية كذلك .. إذا تزوج الحموي من حمصية أو حلبية، يتمثلون له بالمثل السلبي: "زيوان البلد ولا قمح الغريب"!!! والمعنى: أقبح امرأة في حماة خير من أجمل امرأة في حمص أو حلب! وإذا سكن الواحد في مدينة أخرى داخل الوطن، يقولون: "تغرّب المسكين"، فتأمل!
ولكن هنالك آراء أجود، مثل قولهم: "مسكين الذي لم يتغرّب في عز الصبا"! ويعجبني جدا قولهم: "لا غريب إلا الشيطان" في كناية رائعة عن أخوة الإيمان.
وهلا وغلا!
ـ[مسعود]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:16 م]ـ
السلام عليكم،
لم أكن أظن أن (البرشومي) أو التين الصبار بهذا الانتشار.
وهو كثير جدا في الطائف، وتشاهده هناك أينما كنت، وهو أحد رموز الطائف.
كنت وأنا صغير أصعد الطائف، وكان كثيرا ما يصيبني أنا وإخوتي شوك (البرشومي) في أيدينا، إذا ذهبنا إلى البساتين، التي في منطقة الشفا.
تحية طيبة:)
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:31 م]ـ
لله دركم قلبناها مقامة برشومية.:)
أخبروني أنعتمد التصويت في اختيار الضيف الأول؟
القائمة: الأساتذة
الدكتور مروان
الدكتور عمر خلوف
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:32 م]ـ
وفي سورية كذلك .. إذا تزوج الحموي من حمصية أو حلبية، يتمثلون له بالمثل السلبي: "زيوان البلد ولا قمح الغريب"!!!
وهلا وغلا!
الزيوان عندنا هو أكل العصافير.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:52 م]ـ
السلام عليكم،
لم أكن أظن أن (البرشومي) أو التين الصبار بهذا الانتشار.
وهو كثير جدا في الطائف، وتشاهده هناك أينما كنت، وهو أحد رموز الطائف.
كنت وأنا صغير أصعد الطائف، وكان كثيرا ما يصيبني أنا وإخوتي شوك (البرشومي) في أيدينا، إذا ذهبنا إلى البساتين، التي في منطقة الشفا.
تحية طيبة:)
لازالت آثارشوك التين في يدي ولساني منذ أيام الطفولة فكم عانينا منه لكثرته ومحبتنا له وكانوا يعطوننا الزيت مسخن قليل لتدليك المكان المصاب بشوب التين لأنه يكون على شكل مجموعات تتجمع مكان الإصابة به
وقبل عدة أمسك إبني بواحدة من التين وتألم لذلك وأشغلنا بنزع الشوك ونقول (التنقيش .. نقش الشوك)
ومن الطريف أن أذكرلكم قصة لأحد زوار القرية وكان هذا الزائرمن سوريا جاء مع خالي لزيارة القرية في الصيف وهو موسم التين قبل عدة أعوام
فقلنا له: هذا التين قال: أعرفه
وأخذبيده حبه وقشرها ونحن ننظرإليه في ذهول ونقول له هذا سيؤذي يدك قال لابأس
المهم أنه أكل عدة حبات بنفس الطريقة ونحن في غاية الذهول ونقول ماذا تحس في يدك قال: (حاسس إني بيحاجة لكرتوني من هالحلو) وكانت يده ماشاءالله مصفّحة كسيارة وزيرالزراعة
وقد سألت عنه قبل فترة فقال لي خالي لقد مات رحمه الله
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:01 م]ـ
وفي سورية كذلك .. إذا تزوج الحموي من حمصية أو حلبية، يتمثلون له بالمثل السلبي: "زيوان البلد ولا قمح الغريب"!!! والمعنى: أقبح امرأة في حماة خير من أجمل امرأة في حمص أو حلب! وإذا سكن الواحد في مدينة أخرى داخل الوطن، يقولون: "تغرّب المسكين"، فتأمل!
ولكن هنالك آراء أجود، مثل قولهم: "مسكين الذي لم يتغرّب في عز الصبا"! ويعجبني جدا قولهم: "لا غريب إلا الشيطان" في كناية رائعة عن أخوة الإيمان.
وهلا وغلا!
مع الأسف لازلنا نعاني من بعض العادات السيئة ولدينا عوائل لاتزوج أحد من خارج أسوار العائلة وتكثربين تلك العوائل العنوسة وخلاف ذلك من الأمورالسلبية
والمصيبة الأكبرأن هذه العادات متوارثة وحتى هذه اللحظة لم يفكرأحد في تركها عدا المهاجرين من تلك القرى والذين سكنوا المدن وعرفوا الناس واختلطوا بغيرهم وعلموا جهل آبآئهم في ذلك الموروث
أما الغربة فهي حياة جميلة رغم مافيها من الأسى والحنين
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:03 م]ـ
لله دركم قلبناها مقامة برشومية.:)
أخبروني أنعتمد التصويت في اختيار الضيف الأول؟
القائمة: الأساتذة
الدكتور مروان
الدكتور عمر خلوف
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان
بدأت أغضب.: mad:
أمزح معكم. أخواني, اختاروا الضيف الأول حتى ننطلق.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:10 م]ـ
بدأت أغضب.: mad:
أمزح معكم. أخواني, اختاروا الضيف الأول حتى ننطلق.
أسعدك الله يانزارأعجبتني المقامة البرشومية
والعمل الأول هو تسجيل أسماء المغتربين وبالتأكيد أنت بهم أعرف مني
حتى يتم جمع أكبرعدد منهم وبعدها يتم الإختيارفمارأيكم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:13 م]ـ
حياك الله أستاذ الحداوي,
القائمة الأولية تحتوي أربعة أسماء:
الدكتور مروان
الدكتور عمر خلوف
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان
دعونا نبدأ بأحدهم ثم نضيف مع الوقت الأعضاء المهاجرين.
ـ[مسعود]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:14 م]ـ
حلوة هذي، المقامة البرشومية.
لي صديق من الطائف، اسمه هشام، وهو يعشق البرشومي من صغره، فكان أهله يدعونه (هشّومي برشومي)
: p
ـ[مسعود]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:19 م]ـ
حسنا. فلتنتهي المقامة حتى لا يغضب علينا ضاد:)
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:23 م]ـ
نزلت فيه أسئلة يا نعيم. ههههه
ما زلنا لم نختر اسما بعد, دعونا نختر اسما من القائمة ثم نفتح له موضوعا مستقلا يجيب فيه عن أسئلتنا.
القائمة:
الدكتور مروان
الدكتور عمر خلوف
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان
الأستاذ الأول الذي يتحصل على 5 أصوات هو الضيف الأول.
أنا أصوت للأستاذ السليمان.
النتيجة:
الدكتور مروان
الدكتور عمر خلوف
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 1
أرجو من كل مصوت أن يختار اسما ويضع النتيجة.
بوركتم.
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:32 م]ـ
لقد تم إختياري بناء على ترتيبك:)
ولك وللجميع التحية
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:54 م]ـ
الدكتور مروان 1
الدكتور عمر خلوف
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 1
هيا يا إخوة, تحركوا.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:13 م]ـ
اقترح د. عمر خلوف ريثما يتم حصر المغتربين، وعلى الأقل في البلاد غير العربية كبداية.
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:16 م]ـ
الدكتور مروان 1
الدكتور عمر خلوف 1
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 1
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:20 م]ـ
فلتعذروني اليوم وغداً .. لأنني في شغل شاغل ..
أنا أقترح الدكتور عبد الرحمن أولاً
ثم أستاذنا (ضاد) ثانياً، على الرغم من تنصله من القائمة الأولية.
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:22 م]ـ
الدكتور مروان 1
الدكتور عمر خلوف 1
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 2
ـ[مسعود]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:35 م]ـ
أختار الدكتور عبد الرحمن السليمان ثم الأستاذ ضاد، كما قال الدكتور عمر خلوف.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:35 م]ـ
أحقّ واحد في الاختيار هو حبيبنا الغالي
اللغويّ الأديب الدكتور عبد الرحمن
لأن تجربته غنية، وغربته قوية
ونحن ليس عندنا شيء يذكر
أو ذو أهمية تعتبر، إلا اللهم ما سوف يجرنا
إلى متاعب نحن في غنى عنها في الوقت الحاضر
ودمتم سالمين
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:37 م]ـ
الدكتور مروان 1
الدكتور عمر خلوف 1
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 4
صوت آخر ويكون الدكتور عبد الرحمن ضيفنا الأول.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:57 م]ـ
الدكتور مروان 1
الدكتور عمر خلوف 1
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 4
صوت آخر ويكون الدكتور عبد الرحمن ضيفنا الأول.
أخي الكريم ضاد ..
بوركت أخي الحبيب لتفاؤلك بالدكتوراة لأخيكم العبد الفقير، حشرنا الله في زمرة الصالحين منهم.
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:01 م]ـ
ما ذلك على الله بعزيز. وفقك الله لكل ما هو خير.
ـ[الوافية]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:10 م]ـ
سلام المولى عليكم
فكرة رائعة أستاذنا الفاضل.
أرشح الدكتور عبدالرحمن.
على أن نثني بك!
ولاتنسوا المشاغب, أقصد فارسا, فتجربة اغترابه ثرية على مايبدو!
دمتم جميعا بخير, وتقبل المولى صيامكم.
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:14 م]ـ
الدكتور مروان 1
الدكتور عمر خلوف 1
الدكتور أحمد الغنام
الدكتور عبد الرحمن السليمان 5
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:16 م]ـ
وقع الاختيار على الأستاذ عبد الرحمن السليمان.
القائمة الاحتياطية:
الدكتور مروان
الدكتور عمر خلوف
الأستاذ أحمد الغنام
ضاد
المشاغب
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:22 ص]ـ
ونحن ليس عندنا شيء يذكر
أو ذو أهمية تعتبر، إلا اللهم ما سوف يجرنا
إلى متاعب نحن في غنى عنها في الوقت الحاضر
ودمتم سالمين
غبت سويعات لدرس ثم عدت فإذا بالماء تجري من تحتي ولست بحاسس (هذه جملة عامية فصحتها)!
أخي الحبيب وشيخي الجليل الدكتور مروان،
ما هذا التواضع يا رعاك الله! وقد أضحكتني جدا جملة المتاعب المقتبسة أعلاه حتى سقطت على ظهري من شدة الضحك، أضحك الله سنك وسن الجماعة!
وألف شكر لحضرتك وللدكتور عمر خلوف وجميع الإخوة والأخوات على حسن ظنهم بأخيهم محسوبهم. أما المشاغل فوالله عندي ملفات ترجمة دولية خطيرة يجب أن أنهيها ضمن شهر من الآن، فأعمل حوالي عشرين ساعة في اليوم .. أستريح من عناء الترجمة بزيارتكم والتزود منكم.
فإذا قبلتم عذري في التأخر قليلا عن الإجابة على الأسئلة، وذلك لكثرة المشاغل والضغط هذه الأيام، بدأنا على اسم الله.
وهلا وغلا وأكرمكم الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضاد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:32 ص]ـ
أعانك الله أستاذنا الفاضل وجعل الفرج من بين أصابعك وريشتك.:)
نحن نفتح الموضوع وأنت كلما وجدت وقتا اكتب فيه ما تستطيع. على راحتك القصوى.
ماذا ترى؟
ـ[ضاد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:42 ص]ـ
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=38368
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 04:34 ص]ـ
غبت سويعات لدرس ثم عدت فإذا بالماء تجري من تحتي ولست بحاسس (هذه جملة عامية فصحتها)!
أخي الحبيب وشيخي الجليل الدكتور مروان،
ما هذا التواضع يا رعاك الله! وقد أضحكتني جدا جملة المتاعب المقتبسة أعلاه حتى سقطت على ظهري من شدة الضحك، أضحك الله سنك وسن الجماعة!
وألف شكر لحضرتك وللدكتور عمر خلوف وجميع الإخوة والأخوات على حسن ظنهم بأخيهم محسوبهم. أما المشاغل فوالله عندي ملفات ترجمة دولية خطيرة يجب أن أنهيها ضمن شهر من الآن، فأعمل حوالي عشرين ساعة في اليوم .. أستريح من عناء الترجمة بزيارتكم والتزود منكم.
فإذا قبلتم عذري في التأخر قليلا عن الإجابة على الأسئلة، وذلك لكثرة المشاغل والضغط هذه الأيام، بدأنا على اسم الله.
وهلا وغلا وأكرمكم الله.
أخي الحبيب الغالي الدكتور عبد الرحمن
عندنا مثل شعبي في دير الزور، يقول:
(الطير النكري؛ ما ينصاد إلا من منقاره)!!!
وهذا الذي وقعت به أخي الكريم الفاضل المفضال
على كل نحن نلتمس لك عذرا ..
خذ وقتك وحريتك
ونحن بانتظارك على نار هادئة جدا جدا
كان الله في عونك
ودمت من السالمين
ـ[الوافية]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 07:10 م]ـ
للرفع.(/)
يا أهل العربية، لا يفوتكم ذلك
ـ[مسعود]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جعلتُ أُنْزل من الموقع، وأنا لا أكاد أصدق، كتبا لم أسمع بها قط أو أظن أني أجدها.
وهذه بعض تلك الكتب:
ديوان زهير بن أبي سلمى، شرح ثعلب
الصبح المنير في شعر أبي بصير (الأعشى)، شرح ثعلب
ديوان أبي محسن الثقفي، شرح أبي هلال الحسن بن عبد الله
مختلف القبائل و مؤتلفها، ابن حبيب، 245 هـ
أشعار الحماسة، شرح التبريزي
ديوان الشنفرى
ديوان بشر الأسدي
ديوان الهذليين
ديوان تأبط شرا
ديوان منزل الأقنان، دراسة أسلوبية، رسالة ماجستير
قصيدة قذى بعينيك للخنساء، دراسة أسلوبية، رسالة ماجستير
روميات أبي فراس الحمداني، دراسة جمالية، رسالة ماجستير
رسائل مصطفى صادق الرافعي
كتاب بغداد، ابن طيفور، 280 هـ
الحلل في إصلاح الخلل من كتاب الجمل، البطليوسي، 521 هـ
صفة جزيرة العرب، لسان اليمن الهمداني
المذكر والمؤنث، ابن التستري الكاتب
البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث، ابن الأنباري، 577 هـ
التطور النحوي للغة العربية، الألماني برجشتراسر (هذا قد يكون إهداء خاص مني لأخي ضاد:))
غرائب اللغة العربية، رفائيل اليسوعي
رقم الحلل في نظم الدول، لسان الدين بن الخطيب
مجمل اللغة، أحمد بن فارس، 395 هـ
الأخبار الموفقيات، الزبير بن بكار
علم التعمية واستخراج المعمّى عند العرب، (جزءان)
رسائل بن قرة، ثابت بن قرة
الممدود والمقصور، أبو الطيب الوشاء، 325 هـ
التنوير في الاصطلاحات الطبية، الحسن القمري
الشهاب في الشيب والشباب، الشريف المرتضى
نسب الخيل في الجاهلية والإسلام وأخبارها، هشام الكلبي
أخلاق الطبيب، أبو بكر الرازي
العرب والعربية، عبد الحق الأعظمي
المنظومة النحوية، منسوبة إلى الخليل بن أحمد
قواعد الشعر، ثعلب، 291 هـ
ديوان الشماخ الغطفاني، شرح أحمد الشنقيطي
الصادح والباغم، ابن الهباريه، 490 هـ
ديوان حسان بن ثابت، شرح البرقوقي
بعض طبعات هذه الكتب عتيقة جدا، بعضها طُبع قبل 1900 م، فلذلك بعض الطبعات غير واضحة.
الكتب على موقع مركز ودود للمخطوطات ( http://www.wadod.net/) .
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 09:33 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء
ـ[مسعود]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 06:48 م]ـ
حيّاكم الله
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 07:16 م]ـ
كل الشكر لك أخي الفاضل ....... جوزيت خيرا ..
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:15 م]ـ
جزيت خيرا.
ـ[مسعود]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 07:03 م]ـ
حيّاكم الله
ـ[مروان الأدب]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 11:06 م]ـ
بارك الله فيك وثبّت أجرك(/)
عندما سمعت هذه الآية ...
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
و أنا اصلي صلاة التراويح , و عندما وصل الإمام لقوله تعالى:
((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)) [الأنفال: 60]
تذكرت الوضع السياسي الحالي:
إيران تُعدّ المفاعل النووي لترهب به عدو الله و عدوها أمريكا ....... أما الآخرون فهم ... أظنهم دول الخليج
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:20 م]ـ
ومن قال أن إيران ترهب أمريكا
بل هي ترهب الأقربين
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 11:32 م]ـ
أما الآخرون فهم ... أظنهم دول الخليج
ما حزرت أخي الفاضل لسببين:
1 - بنيت قولك على الظّن.
2 - أثبتَّ لنفسك علما استأثر به الله سبحانه وتعالى.(/)
من هو ذو المشورة
ـ[سلة الجود]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:29 ص]ـ
هذا سؤالي لمن لديه العلم
من هو الملقب بذي المشورة؟
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:47 م]ـ
لم أهتد إليه، لكن أعرف الملقب بذي النورين سيدنا عثمان
وذي العمامة: سعد بن أبي وقاص(/)
الجمال الوافر
ـ[تيما]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:42 ص]ـ
جاء في أحد الكتب أن رجلا من قريش كان إذا اتسعت عليه الأحوال لبس أرثّ ثيابه وإذا ضاق الحال لبس أحسنها .. فسئل عن ذلك فقال:
"إذا اتسعت الأحوال تزيّنت بالجود وإذا ضاقت تزيّنت بالهيئة"
وفي هذا يقول ابن الرومي:
وما الحِليُ إلا زينة لنقيصةٍ ... يُتَمّمُ من حسنٍ إذ الحسن قصّرا
فأما إذا كان الجمال موفّرا ... لحُسنِك لم يحتج إلى أن يُزوّرا
وإذا أجرينا مقارنة سريعة بين حال هذا الرجل وحال الناس في هذا الزمان نستنتج أنهم كثيرا ما يتزينون بالهيئة .. وعليه لا يسعني إلا أن أقول:
أعانهم الله على ضيق الحال التي لا تفرج أبدا:) ...
.
.
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:11 م]ـ
كل الشكر لك أختي الفاضلة تيما ...
على هذا الموضوع الطريف ...
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:01 م]ـ
الأخت تيمة
أحسنت على هذه اللمحة الرائعة والمقارنة الحاذقة
لا فض فوك
ـ[أم أسامة]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:35 م]ـ
بوركتي أخيتي تيما ...
موضوع رائع ..
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:59 م]ـ
موضوع راائع أخ تي تيما ...
سلمت يمناك:)
ـ[تيما]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 11:49 ص]ـ
عزيزتي أنوار
أستاذي رائد عبد اللطيف
حبيبتي الثلوج الدافئة
أختي العزيزة صاحبة القلم
لكم شكري على المرور، سعدت بحضوركم.
.
.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 12:31 م]ـ
موعظة بثياب الحكمة، بوركت أخيتي ونفع الله بك.
ـ[تيما]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 09:22 ص]ـ
وبارك الله فيك أستاذ أحمد
.
.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 01:02 م]ـ
أحسنت يا تيما بارك الله فيك
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 01:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا عزيزتى(/)
أترك لكم التعليق
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بدون مقدمات
انظروا
http://up5.m5zn.com/photos/00254/xmggmd4nsvvm.jpg (http://up5.m5zn.com/photos/00254/xmggmd4nsvvm.jpg)
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:34 م]ـ
أضحك الله سنّك أخي
ولكن أليست الصورة مفبركة , وهي صورة لدجاجة لا لجمل
أنظر تحت السدر (الوعاء الكبير الذي يحوي الجمل أقصد الدجاحة)
على ماذا يتّكيء السدر؟!!!
ـ[مُسلم]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:44 م]ـ
بعد أن رأيتُ أنّ مَن سيأكل عربيٌّ،، جادتْ علىّ القريحة ببيتين لا أرى سواهما تعليقاً:
وَنَحْنُ نأكُلُ مِنْ شاةٍ ومِنْ جَمَلٍ = وَطِفلُ غزّةَ في الظلمَاءِ جَوْعَانُ
وَنَحْنُ نشرَبُ مِنْ خمْرٍ ومِنْ عَسَلٍ = بَيْنَا فرَاتُ عِرَاقِ العِزِّ ظمْآنُ
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:51 م]ـ
لله في خلقه شؤون وللناس فيما يعشقون مذاهب ..... !!!
ـ[ضاد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:16 م]ـ
يا لطيف!
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:45 م]ـ
ههههه ..
شيء مخيف ..
اللهم إنا نسألك العافية ..
ـ[أم أسامة]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:40 م]ـ
كيف سيأكلونه؟
ومن أين تأتي الشهية لمن يرى هذا المنظر .. !
وأنا أعتقد صاحب العزيمة قصده ترويع ضيوفه!
هههههههههههه
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:55 م]ـ
هههههه الله يخرب عقله ... من أين وكيف سيبدأ ;) ;)
أعان الله جهازه الهضمي على ما لاقى من حمولة لا تطاق: d
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 05:56 م]ـ
بعد أن رأيتُ أنّ مَن سيأكل عربيٌّ،، جادتْ علىّ القريحة ببيتين لا أرى سواهما تعليقاً:
وَنَحْنُ نأكُلُ مِنْ شاةٍ ومِنْ جَمَلٍ = وَطِفلُ غزّةَ في الظلمَاءِ جَوْعَانُ
وَنَحْنُ نشرَبُ مِنْ خمْرٍ ومِنْ عَسَلٍ = بَيْنَا فرَاتُ عِرَاقِ العِزِّ ظمْآنُ
لا فض فوك أخي مسلم ... قلت فأجدت
ـ[لخالد]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 06:23 م]ـ
ثم بعد ذلك قبيل صلاة المغرب يُفطر صائما على شق ثمرة ... : d
الصحن معلق في الصورة ... أكيد فوتوشوب
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 08:30 م]ـ
أضحك الله سنك أخي الأديب
وليتها كانت حقيقة وأنا ذلك الجالس بجوارالسفرة التي رأيتها أصغرمن الصحن ولاأري كيف دخل الصحن إلى الغرفة؟
أسعدك الله وجعلنا نجتمع على مائدتكم العامرة
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا
أسعدتموني بمشاركتم إياي
وأنا مثلكم أحس أن في الموضوع شيئا، ولكن إن كانت حقيقة فوالله كيف تأتي النفس منظرا كهذا، نعم هي نعمة الله، ولكن بالمنظر هذا أعتقد أن لها دورا في إشباع الشخص قبل أن يأكل، وإن كنت أعتقد أنها حقيقة إلا أنها في هذا الموضع مركبة، فالصورة قد يكون هناك من فعلها ولكن في هذه الغرفة لا أعتقد، فقد سبقتني أخي نعيم، لأننا كما نرى الغرفة ضيقة، وإن كانت كذلك فالباب أضيق.
والله أعلم.
وأشكركم مجددا.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:42 م]ـ
الصورة حقيقية
ولا تستغربوا من الإسراف في الموائد فقد عرفت عن مثل هذا وأعظم
أما الصحن فإن له قاعدة ترفعه عن الأرض وهو معروف في السعودية
لم أجد له صورة لكن نفس الفكرة في هذا الصحن
http://www.lakii.com/img/all/Mar08/cbzrBp03240235.jpg
وهذه صور
http://www.b7r11.com/a/tbtheeer.jpg
http://www.lail-alsahara.com/2007/03/415.jpg
http://uaesm.maktoob.com/up/uploads/7d05918e81.jpg
http://uaesm.maktoob.com/up/uploads/96d345432e.jpg
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 09:56 م]ـ
أخي محمد بارك الله فيك
ونحن استغربنا من وجود الصحن في تلك الغرفة الضيقة، أما عن وجود مثل ذلك فأنت أزلت الشك باليقين، عندما عرضت تلك الصور، فبوركت ووفقت.
ـ[لخالد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 01:34 ص]ـ
يا لطيف
صحيح هناك أناس يعملون بصمت.
أعجبني كثيرا عبوات المشروب الغازي في مدار:) الصحن العملاق.
و أنا من كان يفتخر بالإنجاز الذي حققه كبار العلماء عندنا (لاحظ رواد الفضاء بزيهم الأبيض) حين حققوا رقما قياسيا بالصعود فوق أكبر قصعة على وجه الأرض!
http://5a.img.v4.skyrock.net/5a9/9mm--flow/pics/1768003306.jpg
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 03:06 ص]ـ
بعد أن رأيتُ أنّ مَن سيأكل عربيٌّ،، جادتْ علىّ القريحة ببيتين لا أرى سواهما تعليقاً:
وَنَحْنُ نأكُلُ مِنْ شاةٍ ومِنْ جَمَلٍ = وَطِفلُ غزّةَ في الظلمَاءِ جَوْعَانُ
وَنَحْنُ نشرَبُ مِنْ خمْرٍ ومِنْ عَسَلٍ = بَيْنَا فرَاتُ عِرَاقِ العِزِّ ظمْآنُ
صدقت .. ربنا لاتؤاخذنا بمافعل الجهلاء منا ..
المشكلة .. سؤال البعض عن السبب في ارتفاع أسعار الأرز والأغذية .. وما علموا أن السبب في التبذير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 03:55 ص]ـ
صحيح أن الموضوع قديم بعض الشيء، ولكني رأيت صورا جديدة فتذكرت الموضوع، فأحببت أن تطلعوا على ما رأيته.
هذه هي الصورة التي كانت في المشاركة الأولى:
http://bsmlh.net/up/uploads/bsmlh_0c44b28f7e.jpg (http://bsmlh.net/up/)
وهذه هي الصورة الجديدة:
[ url=http://bsmlh.net/up/]http://bsmlh.net/up/uploads/bsmlh_d7a0093026.jpg[/url
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 04:22 ص]ـ
بوركت أخي الأديب فانتقاءاتك ومشاركاتك دائماً رائعة، كيف لم أر هذه المشاركة من قبل؟؟
أود أن أسألك أخي اللبيب: في الصورة الأولى:
من الذي سيأكل الآخر؟؟؟:)
وفي الصورة الثانية: هل هذا طبق للأكل أم للصورة فقط؟؟:)
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 07:53 ص]ـ
أما أنا
فالصور لم تظهر عندي أصلا: (
و قد فتحتم شهيتي لأراها، أيا كانت:)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 09:01 م]ـ
بوركت أخي الأديب فانتقاءاتك ومشاركاتك دائماً رائعة، كيف لم أر هذه المشاركة من قبل؟؟
أود أن أسألك أخي اللبيب: في الصورة الأولى:
من الذي سيأكل الآخر؟؟؟:)
وفي الصورة الثانية: هل هذا طبق للأكل أم للصورة فقط؟؟:)
بارك الله فيك أختي الباحثة عن الحقيقة
أما عن سؤالك الأول: فأعتقد أن من بداخل الصحن هو من سيأكل من سيجتمع عليه:).
وأما عن السؤال الثاني:
فإني أظنه للأكل سيجلس عليه علية القوم في الزواج.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 09:03 م]ـ
أما أنا
فالصور لم تظهر عندي أصلا: (
و قد فتحتم شهيتي لأراها، أيا كانت:)
مرحبا بأبي دجانة
حدد الصورة التي لم تظهر معك، أجميعها أم في المشاركة الأخيرة؟
لترى ما نراه من العجب:).
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 09:26 م]ـ
لم يظهر أمامي أي صورة: (
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 09:40 م]ـ
لم يظهر أمامي أي صورة: (
لا إله إلا الله، بيدو أن السبب من عندك:)، حتى لا تذهب عند رؤيتها في خبر كان:)، سنجعل الحكم أول من يأتي لنرى هل يرى ما أرى أم يرى ما ترى؟ ما رأيك؟:)
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 09:58 م]ـ
الرأي ما ترى، لننتظر أول القادمين، لنرى هل يرى ما ترى، أم لن يرَ ما لم أرَ؟؟ ;)
ـ[تيما]ــــــــ[30 - 12 - 2008, 12:01 ص]ـ
سنجعل الحكم أول من يأتي لنرى هل يرى ما أرى أم يرى ما ترى؟ ما رأيك؟
الرأي ما ترى، لننتظر أول القادمين، لنرى هل يرى ما ترى، أم لن يرَ ما لم أرَ؟؟
ما كل هذه الراءات؟:)
سأفتيكم في أمركم ..
أخي أبا دجانة، الصور تظهر أمامي على جهازي وأظن أن الخلل من عندك.
.
.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[30 - 12 - 2008, 09:43 ص]ـ
ما كل هذه الراءات؟:)
سأفتيكم في أمركم ..
أخي أبا دجانة، الصور تظهر أمامي على جهازي وأظن أن الخلل من عندك.
.
.
هذه الراءات لتدل على أننا احترنا في أمرنا، حتى لكأننا نردد الأحرف عجبا مما يحدث فلا تستطيع الكلمات أن تخرج:).
ونعم ما قلتيه، بارك الله فيك.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 01 - 2009, 12:05 ص]ـ
صورة جديدة
http://www12.0zz0.com/2009/01/02/21/733907738.gif (http://www.0zz0.com)
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[03 - 01 - 2009, 01:34 ص]ـ
الصورة حقيقية
ولا تستغربوا من الإسراف في الموائد فقد عرفت عن مثل هذا وأعظم
أما الصحن فإن له قاعدة ترفعه عن الأرض وهو معروف في السعودية
لم أجد له صورة لكن نفس الفكرة في هذا الصحن
http://www.lakii.com/img/all/mar08/cbzrbp03240235.jpg
وهذه صور
http://www.b7r11.com/a/tbtheeer.jpg
http://www.lail-alsahara.com/2007/03/415.jpg
http://uaesm.maktoob.com/up/uploads/7d05918e81.jpg
http://uaesm.maktoob.com/up/uploads/96d345432e.jpg
قد تكفي تلك الموائد لسد رمق أهالي غزة أجمعين ..
بارك الله فيك أخي أبا يزن.
ـ[بل الصدى]ــــــــ[03 - 01 - 2009, 03:58 ص]ـ
كلماتك دامية يا أخي رعد أبكتني و الله يشهد!
أهل غزة يدخرون مأكلا و مشربا خير من هذا في الدار الآخرة بإذن الله
و ما متاع الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
اللهم آمن روعهم و أشبع جوعهم و أدفئهم و احمهم بحصنك الحصين الذي لا يرام اللهم آمين
ـ[بل الصدى]ــــــــ[03 - 01 - 2009, 04:21 ص]ـ
الرأي ما ترى، لننتظر أول القادمين، لنرى هل يرى ما ترى، أم لن يرَ ما لم أرَ؟؟ ;)
لم حذفت حرف العلة هاهنا؟!
ـ[أبو سارة]ــــــــ[03 - 01 - 2009, 05:00 ص]ـ
هل هذا صحيح؟
لاحول ولا قوة إلا بالله
والله إنه إسراف وتبذير ولا علاقة له بالكرم.
لاينقص هذا الكريم إلا أن يضع (تلفريك) ليمر به الأكلة على منتصف الصحن.
نسأل الله العفو والعافية(/)
في ضيافة المهاجر الدكتور عبد الرحمن السليمان
ـ[ضاد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:41 ص]ـ
:::
نبدأ على بركة الله وبعونه جولاتنا حول العالم من خلال إخواننا المهاجرين, حيث ننزل ضيوفا عليهم ليحدثونا عن أنفسهم وهجرتهم وبلد إقامتهم وأحوال المسلمين هناك.
وقع الاختيار في المرة الأولى على أستاذنا الفاضل خبير اللغات السامية والمترجم الفذ
الدكتور عبد الرحمن السليمان.
http://www9.0zz0.com/2008/09/19/02/760715275.jpg (http://www9.0zz0.com/2008/09/19/02/760715275.jpg)
ونحن نترك له حرية البدء بما يريد فيقص علينا من وحي خواطره, ثم بعد ذلك للأعضاء أن يطرحوا أسئلتهم على الأستاذ.
لا نحتاج أن نذكر أنفسنا وإياكم أن الاحترام والتوقير هما القانون الرئيس في هذا الموضوع وأن الأستاذ حر في عدم الإجابة عن أي سؤال يرى أنه لا يريد أن يجيب عنه, دون الحاجة إلى تبرير ذلك.
بوركتم ونشكر للأستاذ قبول البادرة.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 01:11 ص]ـ
بوركتم على اللقاء وعلى الضيف الحبيب ننتظر صفارة البدء منه.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 01:27 ص]ـ
كنتُ على يقين من كرم أخينا د. عبد الرحمن
أعانك الله أستاذنا الكريم .. (ولتأخذ راحتك) في الحديث، فأمامنا متسع من الوقت!!!
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 01:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أكرمكم الله، أستاذي الفاضل الدكتور "ضاد"، وأخي الحبيب الأستاذ أحمد الغنام، وأخي المكرم الدكتور عمر خلوف، وأحسن إليكم.
للسفر والتغرب عن الأطان فوائد كثيرة ومضار كثيرة أيضا، وأعتقد تجربة أن فوائدهما أكثر من مضارهما بكثير، ولكن الانسان مسير وليس مخير.
ومن أروع ما قيل في فضائل السفر والتغرب عن الأوطان قول الإمام الشافعي رضي الله عنه:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا === وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة === وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الاسفار ذل وغربة === وقطع فيافٍ وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته === بدار هوان بين واش وحاسد
ومما قيل في النهي عنه قول القاضي الطرطوشي:
تخلف عن الأسفار ان كنت طالبا === نجاة ففي الاسفار سبع عوائق
تنكر إخوان وفقد أحبة === وتشتيت أموال وخيفة سارق
وكثرة إيحاش وقلة مؤنس === وأعظمها يا صاح سكنى الفنادق!!
فان قيل في الأسفار كسب معيشة === وعلم وآداب وصحبة فائق
فقل ذاك دهر تقادم عهده === وأعقبه دهر كثير العوائق
وهذا مقالي والسلام مؤبد === وجرب ففي التجريب علم الحقائق!
وقول الإمام الشافعي أكثر حكمة من قول القاضي الطرطوشي الذي يبدو من قوله أن تجربته في السفر كانت غير موفقة والله أعلم.
تختلف أسباب التغرب عن الأوطان من زمان لزمان، ومن شخص لآخر. فمنا من يهاجر طلبا للرزق بعدما ضنت عليه بلاده بأسباب المعيشة (مثال ذلك الفلسطينيون في لبنان فهم ممنوعون فيه من ممارسة مهن كثيرة فيهاجرون إلى بلاد أخرى لتحصيل الرزق والعيش الكريم فيها) .. ومنا من يتغرب لتحسين مستوى معيشته وقد توفرت له فرص في هذا البلد العربي الغني أو ذاك .. ومنا من يتغرب لطلب العلم .. ومنا من يهاجر بدينه .. ومنا من يفر بروحه!
أما أنا فلم أكن أفكر بالهجرة قط، ولكنها الظروف أوصلتني إلى آخر الدنيا، وعرفتي بالداهية أم صبّار، فشرقت وغربت، وأقمت في بلاد كثيرة، وزرت نصف الأرض تقريبا، وأقمت في الأردن والعراق ولبنان، وحاولت في مطلع الثمانينات من القرن الماضي "التسلل" إلى السعودية إلا أنه ألقي القبض عليّ على الحدود ورجعت بخفين لا أدري لمن هما .. فذهبت إلى اليونان، حيث عشت قرابة ست سنوات، ومنها إلى بلجيكا، حيث أعيش منذ ثلاث وعشرين سنة. ولم أكن في ذلك كله مخيرا، بل أنا مسير .. ولو كنت مخيرا لأقمت في أي بلد عربي، ولكن الله قدر ما شاء فعل، ولا اعتراض على حكمه، جلت قدرته.
تنقلت بين أعمال ووظائف كثيرة، فعملت مستشارا في الحكومة، وفي وزارة الخارجية، ونجحت في امتحانات السلك الدبلوماسي بداية التسعينيات، وكنت أنوي ولوج هذا الباب، إلا أن زواجي قضى على البدوي بداخلي، فتحضرت وأقمت! وأنا الآن متفرغ كليا للعمل في التدريس الجامعي، والترجمة، والكتابة، وبعض العمل الاستشاري (مستشار غير متفرغ لوزير الازدهار والثقافة البلجيكي مارينو كولن ــ Marino Keulen).
للغربة في بيئة غير عربية فوائد ومضار .. أما الفوائد فتتلخص في الفرص الكثيرة، العلمية والمادية، وفي تحقيق وجود إيجابي. وأما مضارها فتتلخص عندي في القطيعة مع الماضي، خصوصا فيما يتعلق بالأولاد، فهؤلاء لا يعرفون من ماضي أبيهم شيئا، وهذا لعمري غائظ لي. فالهجرة البعيدة تخلق قطيعة، وتضطرك إلى عدم النظر إلى الوراء، دون الاطمئنان إلى ما يخبئه لك المستقبل من مفاجآت نفسية .. فهي شر لا بد منه، ولا أعرف مهاجرا في ديار أجنبية سلم منه .. وعزاؤنا هو أننا أنشأنا قبيلة سليمانية في بلجيكا! وأفكر في صنع ناعورة في مدينة أنتورب حيث أسكن، مثل ناعورة عبدالرحمن الداخل في قرطبة، والحديث جد!
وهلا وغلا!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لخالد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:25 ص]ـ
حياك الله أستاذنا عبد الرحمن
لعلك سمعت بالمثل السائر عندنا الذي يمدح السفر (اللي ما دار ,ما جال , ما عرف بحق الرجال).
لي سؤال أخشى أن أكون طرحته من قبل:
في مسابقة مشهورة على القناة الخامسة الفرنسية كان السؤال حول الدين في بلجيكا فكانت إجابة المتسابق أنه الإسلام!
في البداية ضحكت من الجواب لكنه كان صائبا.
لا أذكر بالظبط هل هو دين الدولة أم الدين الرسمي أم الأكثر اعتناقا ...
و في انتظار أن تنيرونا أقول لك:
(جبد م هنا) ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=38356) :D
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 03:45 ص]ـ
مرحبا بك يا دكتور عبد الرحمن
حديث ساحر ونحن نعشق التفاصيل
تلذذا بالقراءة والتأمل
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 04:13 ص]ـ
مرحباً بدكتورنا الحبيب البعيد القريب وسنتابع بصمت
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 04:29 ص]ـ
هلا وغلا بأخي الحبيب الغالي الأديب اللبيب
الدكتور عبد الرحمن
أولا: أشكرك على الاستجابة بكل أريحية
ثانيا: بسبب مشاغلك الكثيرة ـ أعانك الله عليها ـ
وياليتني كنت معك!!!
أقول: خذ الحرية،، فلسنا على عجل ..
ثالثا: وهو لجميع الأخوة والأحباب:
نتمنى هنا أن تكون الأسئلة شخصيية .. وسياحية ..
وعن تجارب الأخ خلال سياحته وعمله .. بعيدة عن قضايا العلم؛
لأن هذه لها بابتها الخاصة في المنتدى ..
وشكرا للجميع
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 04:48 ص]ـ
حياك الله أستاذنا عبد الرحمن
لعلك سمعت بالمثل السائر عندنا الذي يمدح السفر (اللي ما دار ,ما جال , ما عرف بحق الرجال).
لي سؤال أخشى أن أكون طرحته من قبل:
في مسابقة مشهورة على القناة الخامسة الفرنسية كان السؤال حول الدين في بلجيكا فكانت إجابة المتسابق أنه الإسلام!
في البداية ضحكت من الجواب لكنه كان صائبا.
لا أذكر بالظبط هل هو دين الدولة أم الدين الرسمي أم الأكثر اعتناقا ...
و في انتظار أن تنيرونا أقول لك:
(جبد م هنا) ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=38356) :d
هلا وغلا بك أخي الحبيب لخالد. وفي الشام يقال مثل القول المغربي: (مسكين ياللي ما تغرب بعز الصبا)! وهذه الأقوال صادرة عن معين واحد: حكمة العرب وتجاربهم!
إداريا: الإسلام هو الدين الثاني في بلجيكا بعد الكاثوليكية وقبل اليهودية والبروتستانتية. وبلجيكا هي أول دولة غربية اعترفت بالإسلام إداريا وجعلت منه دينا رسميا. وهذا الاعتراف من بركة زيارة المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمة الله عليه، ذلك أنه عندما زار بلجيكا سنة 1967، نشأ حريق كبير في متجر الإينوفاسيون الشهير في بروكسيل، فتدخل الملك فيصل وعوض ضحايا الحريق بمكرمة ملكية سامية. فقام مضيفه، الملك البلجيكي الراحل باودوان، بتقديم مكرمة ملكية مقابلة لمكرمة الملك فيصل، تمثلت بإهداء "القصر الشرقي" الواقع وسط بروكسيل، مع حديقته الكبيرة، إلى الجالية الإسلامية في بلجيكا، والتي لم يكن عددها آنذاك يتجاوز الخمسة وعشرين ألف نسمة. وكان بعض الطلاب المسلمين قد طالبوا الحكومة البلجيكية بمنحهم "القصر الشرقي" الموجود في بروكسيل ــ وهو تحفة معمارية كانت تستعمل متحفا ــ لأنه يشبه المسجد كثيرا. فرد الملك بودوان جميل الملك فيصل بتلبية طلب المسلمين البلجيكيين، وزاد أن اعترف بالإسلام إداريا دينا رسميا، فتمت مأسسته رسميا واجتماعيا (بناء المساجد، تنظيم دروس التربية الإسلامية واللغة العربية في المدارس، تخصيص مقابر للمسلمين، تدريس أساتذة التربية الإسلامية، تكوين الأئمة .. ).
أقول قولي هذا وأتحسر على أيام الملك فيصل، رحمة الله عليه، الذي أصر على لقاء الجالية الإسلامية عندما زار بلجيكا، واستمع إلى همومهم، فالحالة مختلفة اليوم .. ومنذ ثلاث سنوات كانت تظاهرة خليجية كبيرة جدا في بلجيكا، حضرها ممثلون عن كل الدول الخليجية وعلى مستويات عالية جدا، استمرت ثلاثة أيام، شاركت فيها مترجما فوريا لذلك ما كنت أستطيع حشر نفسي في الحديث لأني كنت أترجم وقت الحديث .. والله ما زاروا أحدا من المسلمين هنا (وأصبح عددهم نصف مليون ولهم ممثل في القصر الملكي وفي الحكومة .. )، ولا دعوا أحدا منهم علما أن موضوع التظاهرة كان "حوار الحضارات" .. ومسلمو بلجيكا ــ وفيهم الوزير والبرلماني والسفير والمحامي والطبيب والتاجر والأستاذ الجامعي ــ هم خير جسر بين الشرق والغرب في مثل هذه التظاهرات .. وقد عاتبت أحد المسؤولين أثناء الغداء فظنني طفيليا .. "ففشيت خلقي" بالقصعة الدسمة! ثم عاتبت رئيس البرلمان البلجيكي (وهو أستاذ جامعي وزميل سابق في جامعة لوفان الكاثوليكية، تفرغ للعمل في البرلمان)، فاستدرك الأمر ودعا في اليوم الثاني "رئيس الدين الإسلامي" كما يسمى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في بلجيكا وبعض البرلمانيين المسلمين، فكان معمعان حرمت من المشاركة فيه بسبب الترجمة الفورية!
وهلا وغلا!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 05:22 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الأستاذ ضاد وبارك الله في الدكتور عبد الرحمن
لا أزال أستمتع بأحاديثك وأحرص على قراءة موضوعاتك أستاذنا الفاضل
ونشكر الله على نعمة التواصل والاتصال بين الناس في أرجاء الأرض ومن
زواياها الأربع
لعل الكلمة المقتبسة تجرك لحديث ما إن كنت قد قرأتها:)
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 09:30 ص]ـ
أخي الحبيب د. عبد الرحمن السليمان ..
نستغل وجودك هنا ونستغل وقت رمضان لتصف لنا يوماً كاملاً من رمضان بين الجالية المسلمة هناك ويفضل أن يكون في أحد المراكز الاسلامية النشطة عندكم.
بارك الله لك في وقتك ونفع في علمك.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 12:21 م]ـ
أهلا وسهلا بالدكتور عبد الرحمن
وهذه فرصة جميلة أن نلتقي بك على كثرة مشاغلك
سؤالي: كيف تقيم تجربة الإغتراب للإخوة العرب
مع الشكر الجزيل
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 01:56 م]ـ
أستاذي الكريم ..
لا زلتُ في مقعدي الأمامي، أجلسُ منتصِتاً إلى حديثكم الشائق الشجي ..
ـ[محمد ماهر]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:26 م]ـ
رائع أخي الفاضل الدكتورعبد الرحمن:
أحاديثك شيقة ورائعة تشدني إلى قراءتها شداً فبارك الله فيكم وزادكم رفعة وقوة وأعانكم في مشاغلكم وفي غربتكم .... سؤالي هو:
هل تحققت فوائد الغربة [الاضطرارية] التي ذكرت، ولو خيرت بين الإقامة في بلدك وبين الغربة فأيهما تختار بعد هذه السنوات الطويلة في الاغتراب:
فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة === وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الاسفار ذل وغربة === وقطع فيافٍ وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته === بدار هوان بين واش وحاسد
________________________
وبارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:27 م]ـ
مرحبا بك يا دكتور عبد الرحمن
حديث ساحر ونحن نعشق التفاصيل
تلذذا بالقراءة والتأمل
هلا وغلا بالزين زين الشباب أحسن الله إليك وجعل أيامك كلها زينة.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 02:30 م]ـ
مرحباً بدكتورنا الحبيب البعيد القريب وسنتابع بصمت
رحبت بك ملائكة السماء أخي الحبيب الأستاذ نعيم الحداوي، أكرمك الله وأحسن إليك.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 03:08 م]ـ
ثانيا: بسبب مشاغلك الكثيرة ـ أعانك الله عليها ـ
وياليتني كنت معك!!!
وشكرا للجميع
ليت ذلك شيخنا الحبيب، عندها لن نغلب من قلة!
يبدأ العام الجامعي عندنا الاثنين المقبل، ولكن الدروس "الجدية" تبدأ الاثنين الواقع في التاسع والعشرين من رمضان، فلا أزال أحضر وأترجم وأقوم ببعض الأشغال. كما أنني مشغول بطالب أريد أن أتحدث فيه، هو أخونا الأستاذ حسين إيديوس، أبو علي البصير!
وحسين طالب مغربي في السادسة والعشرين من عمره، مكفوف البصر، زارنا العام الجامعي الماضي ضمن برنامج تبادل بين جامعتنا ومدرسة الملك فهد العليا للترجمة في طنجة، التابعة لجامعة عبدالمالك السعدي في تطوان (التي أنشأها الملك فهد رحمة الله عليه، فسميت باسمه)، وقضى معنا ستة أشهر، ثم عاد في حزيران لينهي دراسته ويتخرج من الجامعة وينال درجة الماجستير في الترجمة التحريرية للتشكيلة اللغوية: العربية والإنجليزية والفرنسية. أضف إلى ذلك أنه يتقن اللغة الأمازيغية وقليلا من اللغة الهولندية الذي سيتقنها هذا العام إن شاء الله.
حسين محطة كبيرة من المحطات التي وقفت عندها في غربتي الطويلة. عندما قال لي عميد الجامعة المغربية إن بين المبتعثين مكفوفا، تساءلت كيف سنتدبر الأمر لأن الدروس التي سيتابعها الطلاب المغاربة لدينا هي دروس تكنولوجيا الترجمة وبالتحديد: تقنية ترجمة مواقع العنكبية، الترجمة الآلية، تقنية توطين البرامج الحاسوبية، تقنية الترجمة التلفزيونية الحديثة .. وتساءلت: كيف؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
حسين رجل مؤمن صادق "بركته معه" أينما حل وارتحل. نشأ في منطقة نائية جدا من جبال الأطلس لم تصل الكهرباء إليها بعد .. ولكنه يتمتع بذكاء خارق لا يوصف، عوضه عن الكهرباء وما ينتج عنها .. تابع دروسه عندنا ولم يؤثر عليه أمر البصر في شيء، فهو يتقن استعمال الحاسوب أفضل من المبصرين .. وله برنامج يقرأ له الصفحات باللغات الأجنبية دون العربية، لأن البرنامج الأجنبي متاح في العنكبية بالمجان بينما يكلف البرنامج العربي (برنامج إبصار) حوالي ألف دولار.
تابع حسين الدروس التقنية التي لا ينجح المبصرون فيها لتعقيدها، وبرع فيها براعة لفتت نظر جميع أساتذته، وتفوق على جميع أقرانه، وصار حديث الجامعة، الأساتذة والطلاب، فاتصلت الصحافة المحلية به وأجرت مقابلة صحفية معه .. وجعلت أفكر كيف أحصل له على منحة للحصول على ماجستير ثان في تكنولوجيا الترجمة، وهذا تخصص غير موجود في الجامعات العربية، فقلت في نفسي يحصل عليه ثم يعود لتدرسيه في المغرب، فنضرب عصفورين بحجر: تأمين فرصة عمل كريمة له، وإدخال تكنولوجي الترجمة الحديثة في الجامعة التي تخرج منها ..
ولكني وجدت جميع زملائي الذين درسوا حسين يسبقونني في الأمر، فلقد أرسل كل واحد منهم، على حدة ودون تشاور مع بعضهم بعضا، إلى رئاسة الجامعة يطلبون منها تخصيص منحة دكتوراة لحسين، واستجابت رئاسة الجامعة بسرعة، ومنح حسين منحة دكتوراة مدتها سبع سنوات ..
عاد حسين إلى المغرب بعد انتهاء التبادل في حزيران الماضي، وتخرج، ثم عاد إلينا قبل عشرة أيام، وشرع في التحضير لموضوع الدكتوراة، وهو: "علم اللغة الحاسوبي المخصوص بذوي الاحتياجات الخاصة" .. أنا متأكد بأن حسين سيطور برنامجا حاسوبيا مخصوصا بالمكفوفين وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، أفضل من البرامج الموجودة الآن، لأنه فلتة لغوية وتكنولوجية غير طبيعية، خصوصا وأن الميزانية المالية المخصصة للبحث العلمي غير محدودة في بلجيكا ..
ليت شباب العرب الذين أكرمهم الله بنعمة البصر يتعلمون من حسين، ومن سيرة حسين، ومن تجربة حسين، ومن ثقة حسين بربه .. لله دره من رجل فلقد أضاف إلى هذه الفضائل مواهب في الطبخ والغسيل وكوي الملابس فهو كما قال لي ذات إن الله أغناه من كل شيء!
صورة تذكارية لحسين، أبي علي البصير كما كناه أصحابه في بلجيكا، في مكتب عبد ربه، في حزيران الماضي:
http://www.wataonline.net/images/abied/hussein.JPG
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 05:21 م]ـ
ونشكر الله على نعمة التواصل والاتصال بين الناس في أرجاء الأرض ومن
لعل الكلمة المقتبسة تجرك لحديث ما إن كنت قد قرأتها:)
شكر الله لك أخي الحبيب أبا يزن، وجعل ثواب هذا التواصل العلمي والأخوي في الفصيح في صحيفة أعمالك. فشكرك واجب على ما تقدم، والدعاء لك بظهر الغيب واجب أيضا على كل ذي دين ومروءة.
عصرت فكري التعبان كي أفهم إشارتك اللطيفة في "الزوايا الأربع" ولم أفلح، وأنا حريص على تلبية طلبك، فإذا رأيت تزيدني إشارة كي يتسنى لي الحديث فيما تقصد إن شاء الله.
أكرمك الله وأحسن إليك.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 07:24 م]ـ
نستغل وجودك هنا ونستغل وقت رمضان لتصف لنا يوماً كاملاً من رمضان بين الجالية المسلمة هناك ويفضل أن يكون في أحد المراكز الاسلامية النشطة عندكم.
أخي الحبيب أحمد، سلمه الله،
رمضان في هذه البلاد يختلف لأنها بلاد غير إسلامية. والعمل في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص والمصانع يبدأ في التاسعة صباحا وينتهي في الخامسة مساء. والإفطار هذا العام متأخر نسبيا، وبعد عامين أو ثلاثة يحين المغرب في العاشرة والربع مساء، والعشاء في الواحدة والنصف ليلا، والصبح والإمساك في الثانية ليلا! وهذا فلك بلجيكي أنتيكا!
وهذا يعني أن الشعائر الرمضانية التي تطلب مني أن أحكيها لك إنما تكون أيام العطل الأسبوعية (السبت والأحد). طبعا هنالك استثناءات، فأنا ـ على سبيل المثال ـ لم أباشر عملي في الجامعة بعد ولست متقيدا ببرنامج زمني .. إن الكثيرين من المسلمين يأخذون عطلهم السنوية في رمضان فيتفرغون له. أما التلاميذ والطلاب ومن لا يستطيع أخذ عطلة الشهر في رمضان، فحالتهم مختلفة وصعبة، نسأل الله أن يضاعف لهم الأجر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثمة في المدينة التي أسكن فيها حوالي مائة مصلى .. بعضها يمكن تسميته مساجد كبيرة نسبيا. وفي بعضها أئمة أهل علم وفقه وفضل، وفي بعضها الآخر "أئمة" غير متفقهين في الدين وأداؤهم متواضع جدا.
ترى المساجد عامرة يومي السبت والأحد، وترى الناس فيها يتلون القرآن الكريم، وتراهم يقيمون الدروس بعد صلاة المغرب، ويصلون التراويح وهي ثماني ركع عند جمهور مغاربة بلجيكا! أقول "مغاربة بلجيكا" لأن ثلثي المصليات والمساجد في بلجيكا من بنائهم. ويمولها المصلون فيها، فكل واحد منا يلتزم بالصلاة في مسجد معين يدفع له سنويا مبلغا مقطوعا (حوالي 200 يورو) بالإضافة إلى مبلغ 100 يورو في السنة على كل طفل يدرس العربية ويتعلم القرآن الكريم. وهكذا تعمر المصليات والمساجد في هذه البلاد. ومساجد المغاربة ناطقة بالعربية، بعكس مساجد الأتراك والبلجيكيين الأصليين والباكستانيين والسنغاليين، وهذا مهم بالنسبة إلى خطبة الجمعة والدروس. وأكثر المصليات والمساجد المغربية تقدم ترجمة فورية بالهولندية لخطبة الجمعة وبعض الدروس المهمة كي يتمكن المسلمون الناطقون بالهولندية من الفهم والمتابعة وبالتالي التفقه في الدين. وسنويا يسلم في بلجيكا حوالي ألف شخص وأصبح لهم مساجد ناطقة بالهولندية أيضا تقدم فيها الخطب والدروس بالهولندية وتستقطب خلقا كثيرا بما في ذلك أبناء المهاجرين العرب والأمازيغ والأتراك غير المتمكنين من لغات آبائهم ..
أحكي لك عن ليلة القدر: يحييها الناس حتى الصباح، وغالبا ما يقدم الطعام في أثنائها .. وتقدم مساجد بلجيكا كلها حساء وتمرا وطعاما وقت المغرب للناس صدقات، فيفيد منها غير المتزوجين من الطلاب وعابري السبيل والمسلمين البلجيكيين الأصليين. أقول المسلمين البلجيكيين الأصليين لأن معظم هؤلاء هم أفراد أسلموا ولم تسلم أسرهم معهم فيصنع القائمون على المساجد الطعام ويدعونهم إلى الإفطار في المسجد (وفي بيوتهم كذلك) كي يشعروا بالانتماء الإيماني ..
ومن بركة ذلك هذا العام أن كل المطاعم العربية في بلجيكا تقدم وجبة إفطار مجانية مكونة من حساء وتمر وقطعة لحم أو دجاج أو سمك. وليس هذا العمل دعاية تجارية أو ما أشبه ذلك، بل شيء متواطأ عليه بين الجماعة.
هذا ما لدي على عجالة، أرجو أن يكون فيه بعض الجواب على سؤالك.
آنسك الله.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 05:10 ص]ـ
شكر الله لك أخي الحبيب أبا يزن، وجعل ثواب هذا التواصل العلمي والأخوي في الفصيح في صحيفة أعمالك. فشكرك واجب على ما تقدم، والدعاء لك بظهر الغيب واجب أيضا على كل ذي دين ومروءة.
عصرت فكري التعبان كي أفهم إشارتك اللطيفة في "الزوايا الأربع" ولم أفلح، وأنا حريص على تلبية طلبك، فإذا رأيت تزيدني إشارة كي يتسنى لي الحديث فيما تقصد إن شاء الله.
أكرمك الله وأحسن إليك.
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل ولك مثل ما دعوت به لنا
أما الزوايا الأربع فتجدها في حزقيال 7 - 2
:)
ـ[الوافية]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 06:57 م]ـ
أستاذي الكريم ..
لا زلتُ في مقعدي الأمامي، أجلسُ منصِتاً إلى حديثكم الشائق الشجي ..
وهذا حالي أنا أيضا أساتذتي الكرام.
ولكني في القاعة النسائية:)
ولا أدري لم هي خالية هكذا؟ ;)
أفتقد بعضا ممن توقعت وجودهم في الصفوف الأمامية,,,,
أين الأساتذة صاحب النافذة, ومغربي والعمار ووضحاء؟؟!!!
بارك الله همتكم أستاذنا السليمان, ومتعكم بالصحة والعافية.
أسعد الله الجميع.
ـ[ضاد]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 12:17 ص]ـ
حياك الله أستاذي الفاضل.
حضرت الساعة في الراحة منتصف صلاة التروايح إسلام أخويين من روسيا. مشهد يقشعر منه الجسم مع أصوات التكبير والفرحة لهذين اللذين أنقذهما الله بفضله.
أستاذي, هل تذكر لنا بعض المواقف التي وقفت فيها موقف المقارن بين حضارتين, بين عالمين, عالم عربي إسلامي وعالم غربي نصراني؟
بوركت.
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 12:51 ص]ـ
أستاذي الفاضل
هل لك أن تصف لنا تعليم العربية في المهجر؟ ولماذا يتخلى عن العربية أهلها في حين يقبل عليها الغرب؟ وهل لكم تواصل مع المؤسسات التي تعنى بنشر العربية في البلاد العربية مثل مشروع (العربية للجميع) الرائد في السعودية؟ وما رأيك فيه؟
شكر الله لك.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 02:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل ولك مثل ما دعوت به لنا
أما الزوايا الأربع فتجدها في حزقيال 7 - 2
:)
أكرمك الله أخي أبا يزن، فهمت، وسأعود إلى ذلك إن شاء الله.
آنسك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 02:53 ص]ـ
وهذا حالي أنا أيضا أساتذتي الكرام.
ولكني في القاعة النسائية:)
ولا أدري لم هي خالية هكذا؟ ;)
أفتقد بعضا ممن توقعت وجودهم في الصفوف الأمامية,,,,
أين الأساتذة صاحب النافذة, ومغربي والعمار ووضحاء؟؟!!!
بارك الله همتكم أستاذنا السليمان, ومتعكم بالصحة والعافية.
أسعد الله الجميع.
أحسن الله إليك أختي المكرمة الأستاذة الوافية. وشكرا لك على هذا المرور الطيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 03:25 ص]ـ
وهذا حالي أنا أيضا أساتذتي الكرام.
ولكني في القاعة النسائية:)
ولا أدري لم هي خالية هكذا؟ ;)
أفتقد بعضا ممن توقعت وجودهم في الصفوف الأمامية,,,,
أين الأساتذة صاحب النافذة, ومغربي والعمار ووضحاء؟؟!!!
بارك الله همتكم أستاذنا السليمان, ومتعكم بالصحة والعافية.
أسعد الله الجميع.
سلام عليكم ... نحن هنا في المقاعد الخلفية:).
أخي الدكتور عبدالرحمن السليمان.
بصراحة أنت تلفت نظري دائمًا (بسم الله ما شاء الله!) في إبداعك ومعلوماتك وجهدك ونشاطك؛ فأسأل الله أن يزيدك من فضله، ويحقق لك الأماني، ويدخلك ووالديك الفردوس الأعلى، ومن يقرأ. السؤال - طالما أعطتنا المكبر أختنا الوافية -، وأريد إجابة صادقة:
- هل مر بك يوم تمنيت فيه أنك بلجيكي الجنسية؟
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 03:37 ص]ـ
سؤالي هو:
هل تحققت فوائد الغربة [الاضطرارية] التي ذكرت، ولو خيرت بين الإقامة في بلدك وبين الغربة فأيهما تختار بعد هذه السنوات الطويلة في الاغتراب:
فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة === وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الاسفار ذل وغربة === وقطع فيافٍ وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته === بدار هوان بين واش وحاسد
________________________
وبارك الله فيكم
أخي الحبيب الأستاذ محمد ماهر، سلمه الله،
بالنسبة إلى فوائد الغربة من حيث هي تفريج واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد، اللهم إن أكثرها تحقق سوى أني لا أزال طالبا علما. أما الذل فقد وقاني ربي منه، وقد لطف بي أينما حللت وارتحلت.
وأما قطع الفيافي وارتكاب الشدائد، اللهم نعم .. كانت حالة شديدة في جميع الأحوال ..
وقوله إن موت الفتى خير له من حياته بدار هوان بين واش وحاسد، حق. والحق أيضا أن "دار الهوان" لم تتبدل .. وأنا قررت عدم العودة إليها، لا في حياتي، ولا في مماتي، فأرض الله واسعة، مثل رحمته الواسعة. وقد نزع الله حبها من قلبي، دون حب أهلها فحبي لهم عظيم، خصوصا أهل حماة، ليس لأني منهم فحسب، بل لأسباب كثيرة لا أفصلها الآن، لا علاقة لها بالعصبية الجاهلية في جميع الأحوال.
وتعجبني الإقامة في بلجيكا، فلقد قضيت فيها أكثر عمري، ودرست فيها كثيرا وتطورت كثيرا، وتعودت عليها، واكتسبت جنسيتها، وتملكت فيها .. وأشعر أحيانا أني أقوم بعمل مفيد فيها، خصوصا فيما يتعلق بتدريس اللغة العربية ونشر الثقافة العربية، والحوار الثقافي مع الآخرين، فلي في ذلك حضور .. ، وكتبي في اللغة أصبحت هي المراجع المعتمدة في كل الجامعات والمعاهد في بلجيكا وهولندة، وقد ترجمت العام الماضي إلى الفرنسية بطلب من زملاء فرنسيين، وباتت تستعمل في جامعات ومعاهد فرانكوفونية كثيرة، في فرنسا وكندا وغيرهما. وهذا يجعلني أطمئن ــ نسبيا ــ لجدوى ما أفعل، فلقد تضاعف عدد دارسي العربية في الغرب حوالي عشر مرات في عشر سنوات .. وزاد الإقبال على الثقافة العربية، وعلى الإسلام أيضا، علما أني لا أعمل في مجال الدعوة، رغم اهتمامي واشتغالي بالحوار الحضاري بشكل عام ..
ولكني أنوي إلقاء عصا التسيار في بلد عربي معين، ومهدت لذلك من الآن بشراء دار فيه، أرحل إليها عندما يكبر الأولاد .. فأتفرغ للكتابة وإنهاء بعض المشاريع الكتابية الكبيرة نسبيا. وأرجو أن يمد الله في عمري ليتحقق ذلك.
آنسك الله أينما كنت.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 04:30 ص]ـ
حياك الله أستاذي الفاضل.
حضرت الساعة في الراحة منتصف صلاة التروايح إسلام أخويين من روسيا. مشهد يقشعر منه الجسم مع أصوات التكبير والفرحة لهذين اللذين أنقذهما الله بفضله.
أستاذي, هل تذكر لنا بعض المواقف التي وقفت فيها موقف المقارن بين حضارتين, بين عالمين, عالم عربي إسلامي وعالم غربي نصراني؟
بوركت.
أخي الكريم، حياك الله.
مشهد مؤثر بلا شك، إسلام هذين الرجلين الروسيين.
غالبا ما يسلم الناس في بلجيكا يوم الجمعة عقب صلاة الجمعة، أو يسلمون بالجملة في "يوم الإسلام"! و"يوم الإسلام" هذا هو موضة غربية (بلجيكية) لأن لكل شيء في بلجيكا يوما: يوم الأم، يوم الأب، يوم السلام، يوم العشاق .. فقامت جمعية نسوية بلجيكية تتكون من مسلمات جدد باختراع "يوم الدخول في الإسلام" وذلك قبل ثلاثة أعوام .. وقد أسلم فيه هذا العام (أو العام الماضي) خلق كثير بعدما عملوا له "طنة ورنة" في الإعلام المحلي بما في ذلك التفلزيون .. ولله في خلقه شؤون.
وقد سمعت من مخبر صادق صدوق أن اثني عشر رجلا أسلموا في الجمعة الأولى من رمضان في مسجد واحد من مساجد المدينة. الإحصائيات الرسمية تقول إن ألفا يسلمون كل عام في بلجيكا. هنالك فراغ روحي كبير جدا في الغرب، تتنافس على ملئه معتقدات كثيرة مثل البوذية والهندوسية والطاوية، إلا أن الإقبال على الإسلام ملفت للنظر.
المواقف التي تجعلني أقارن بين الشرق المسلم والغرب العلماني (وليس النصراني لأن النصرانية في الغرب تكاد تنقرض) كثيرة، وعسى أن أستحضر أحدها قريبا إن شاء الله.
حياك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 04:33 ص]ـ
دكتور، متى يأتي دوري؟:)
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 05:08 ص]ـ
أستاذي الفاضل
هل لك أن تصف لنا تعليم العربية في المهجر؟ ولماذا يتخلى عن العربية أهلها في حين يقبل عليها الغرب؟ وهل لكم تواصل مع المؤسسات التي تعنى بنشر العربية في البلاد العربية مثل مشروع (العربية للجميع) الرائد في السعودية؟ وما رأيك فيه؟
شكر الله لك.
أخي الكريم،
ازداد الإقبال على دراسة العربية في العالم كثيرا كما أسلفت. وقد بدأت تدريس العربية سنة 1991 وكان عدد الطلاب في مدينة أنتورب حيث أسكن (يبلغ عدد سكانها نصف مليون) وقتها حوالي 250 طالبا، واليوم قرابة الألفين .. وعليه قس في المدن الأخرى والدول الأخرى.
أما لماذا يتخلى أهلها عنها فلأن ثمة مؤامرة عليها في عقر دارها بدأت تأتي أكلها .. وجميع وزراء التربية والتعليم في العالم العربي شركاء في التآمر على اللغة العربية تخطيطا وتنفيذا .. هذا ليس رأيا بل وصف حال قائمة وأنا مستعد لشرحه إذا كان ثمة حاجة إلى ذلك!
مشروع (العربية للجميع) مشروع جيد جدا وكنت أتمنى أن تكون الكتب المقدمة فيه مجانية ..
أما المناهج فلم أطلع عليها بالتفصيل بعد ولكن مبادرة الموقع ضرورية وواعدة. وفي الحقيقة لم أتواصل في الماضي مع مؤسسات تعنى بنشر العربية في العالم لأنها لم تكن موجودة .. ولكنها وجدت الآن وهذه خطوة مباركة وسأتصل بها بإذن الله فنحن بحاجة إلى مادة رقمية قبل كل شيء يرخص لنا باستخدامها لأننا جامعة ولا يحق لنا استعمال مادة دون ترخيص مسبق من صاحبها صونا للحقوق، فلدينا الآن في الجامعة مشروع كبير سميناه "عرابيسك" قوامه ترجمة مواد رقمية (أفلام وثائقية ثقافية دينية حضارية) تحتوي على معلومات علمية موضوعية دقيقة عن العالم الإسلامي والعالم العربي للتأثير إيجابيا في الرأي العام .. ، يقوم بترجمتها الطلاب وينشرونها في موقع المشروع (تحت الإنشاء) ويتناقشون في مواضيعها، بالهولندية لأن المادة النهائية المنشورة ستكون بالهولندية للتواصل مع الجمهور العام .. ولأجل ذلك نحتاج إلى أفلام وثائقية جيدة مع تراخيصها. ولقد راسلنا الجزيرة من أجل الحصول على بعض الأفلام الوثائقية الممتازة. كما نحتاج إلى أفلام وثائقية تعرف بمدن عربية وتقاليد عربية عريقة من شرق الوطن العربي إلى مغربه. ومشروع مثل مشروع (العربية للجميع) مهم ومفيد في هذا السياق وأفكر بدعوة القائمين عليه لزيارتنا في جامعتنا لتبادل الرؤى، ذلك أن تدريس العربية لغة ثانية أمر مختلف ويتطلب اختصاصا وتجارب كثيرة، خصوصا وأن لي كتابا من ثلاثة مجلدات كتبته بمعية زميل لي يعتبر من أفضل المناهج الحديثة لتدريس العربية لغة ثانية، استغرق تأليفه عشر سنوات وأصبح المنهج المتبع في كل جامعات بلجيكا وهولندة ومعاهدها وترجم إلى الفرنسية وأصبح يستعمل في العالم الناطق بالفرنسية أيضا، وأعيدت طباعته ثلاث مرات في خمس سنوات عدلنا فيه في كل مرة شيئا، فهذا الموضوع معقد ومتشعب والتعديل المستمر بناء على تقييم النتائج أمر ضروري جدا.
هذا ما لدي الآن، أكرمك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 05:51 ص]ـ
دكتور، متى يأتي دوري؟:)
هلا وغلا بالحبيب أخي المكرم الأستاذ عبدالعزيز! يدي تؤلمني من دهان الصالون هذا اليوم ذلك أن مولاة المنزل قررت تغيير اللون بمناسبة العيد السعيد، فضلا عن الكتابة والترجمة! فاعذرني أخي الحبيب.
وشكر الله لك حسن ظنك بي وكلامك الطيب. وأما سؤالك:
هل مر بك يوم تمنيت فيه أنك بلجيكي الجنسية؟
فأجيب عليه بما كان .. بلجيكا دولة تشجع الأجانب على اكتساب جنسيتها. ولقد أصدر وزير العدل السابق (منتصف التسعينيات) قرارا جنس بموجبه ــ تلقائيا ــ كل الأطفال المولودين في بلجيكا من أبوين أجنبيين يقيمان في بلجيكا لأكثر من عشر سنوات .. وهكذا تم تجنيس أكثر من خمسين ألف طفل مغربي وتركي في يوم واحد. أما الحصول على الجنسية بالنسبة إلى المهاجرين التقليديين الذين وفدوا في السيتينيات من القرن الماضي، فهو إجراء إداري لا يستغرق أكثر من أسبوع واحد!
(يُتْبَعُ)
(/)
بالنسبة إلي، تجنست قضاء وقدرا! فما أن تخرجت حتى عينتني الجامعة التي تخرجت منها (وهي غير الجامعة التي أعمل فيها الآن) مساعدا. وبعد أشهر من العمل فيها، لم أتقاض راتبي، فاكتشفت الجامعة أن التعيين كان غير قانوني، ذلك لأن العمل في الجامعات كان وقتها يقتضي أن يكون العامل بلجيكيا (وقد تغير هذا القانون الآن وأصبح بمقدور الأجنبي أن يعمل في أية دائرة رسمية) .. فجنسوني بين ليلة وضحاها استدراكا للخطأ! كان ذلك سنة 1992. وبعد سنة استلمت رسالة تفيد أن علي الالتحاق بخدمة العلم .. فأيقنت بالداهية وفكرت بـ "تشكيل فرار" كما يقول السوريون! إلا أنه، لحسن طالعي، ألغي التجنيد الإجباري في بلجيكا سنة 1993، فحمدت الله الذي ألغى التجنيد الإجباري في بلجيكا، وكفاني مصيبة أنتيكا!
وهكذا مرت الأمور بسرعة دون أن أتمنى شيئا! وفي الحقيقة لم تترك لي الظروف وقتا للتمني، لأن هجرتي كانت من جنس "العدو من ورائكم والبحر من أمامكم" .. لذلك كافحت كفاحا مريرا في العقد الأول من هجرتي، فلقد كنت أعمل وأمول دراستي، ولم يكن لي أنيس إلا الله، ونعم الأنيس. وعانيت كثيرا في أثناء دراستي في اليونان، فربما مر الأسبوع بلا دخل ولا إيدام .. لأن فرصة العمل كانت غير متوفرة، بعكس بلجيكا، إذ كان يكفي عمل يومين في الأسبوع لتمويل السكن والمأكل ومصاريف الدراسة .. وكانت الأمور الأخرى ميسرة دائما بحمد الله. ومن فضل الله علي أني لم أترشح ــ بعد تخرجي ــ ولا مرة واحدة ـ لوظيفة من الوظائف التي مارستها، بل كنت استقطب إليها استقطابا، وبشروط أضعها أنا. وقد استقطبتني الجامعة للتدريس وسلمتني رئاسة القسم لخبرتي في الترجمة، وهي الخبرة التي اكتسبتها في شركة ترجمة دولية أنشأتها وطورتها وعملت فيها عشر سنوات وبعتها قبل عامين من الآن لشريكي فيها وتفرغت كليا للتدريس والترجمة والبحث العلمي (أدرّس بنسبة 40 بالمائة وأشتغل في البحث العلمي بنسبة 50 بالمائة وأنسق مشاريع جامعية بنسبة 10 بالمائة).
وقد لا أبالغ إذا قلت إني لم ألتقط أنفاسي إلا قبل عامين من الآن .. فكأن الزمان لم يترك لي فرصة اختيار شيء، وقد قلت إني كنت في جميع أمري مسيرا لا مخيرا، ولا اعتراض على حكم الله.
آنسك الله في علاه.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 06:28 ص]ـ
أسأل الله أن يحفظك، ويحقق مناك، وأن يجعلك تعيش هانئًا سعيدًا بأولادك وصحتك.
وأتعبناك في كثرة الأسئلة (ابتسامة).
ـ[مسعود]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 06:33 ص]ـ
دكتور عبد الرحمن،
حديث شيّق جدا.
وفّقك الله وأعانك وحفظك.
لي عودة إن شاء الله.
:)
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 07:37 ص]ـ
اسمح لي أستاذي الفاضل بهذا السؤال:
بما أنك متخصص في الترجمة، فما أفضل ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية؟
متعك الله بالصحة والعافية على طاعته.
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 12:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته, وبعد؛
فالفكرة بديعةٌ؛ فشكرًا لأخي الكريم الدكتور عبد الرحمن السليمان أنْ بدأها تطبيقًا في حديثه عن فقراء المغرب ... ,بأسلوبه الجميل, وشكرًا للأخ ضاد الذي جعلها فكرةً عامّة تستنطق المهاجرين ما في تجاربهم من بدائع الأفكار, و غرائب الأحداث!
وأُحبُّ أن يحدثنا أخونا الحبيب الدكتور عبد الرحمن عن التقارير التي تتحدث عن إقبال الأوربيين على الدخول في الإسلام في العقد الأخير خاصّة ـ إنْ لم يسبق تناول شيءٍ من ذلك فإنّي لم أقرأ كلَّ ما كُتب في هذه النافذة؛ و يتحدثون عن شيوع ذلك على نحوٍ خاصّ في ألمانيا و فرنسا وإيطاليا وبريطانيا, و ربما ذكروا بلجيكا و غيرها, وهو بخلاف ما يظنّه كثيرٌ من النّاس من نفور الأوربيين عن الدين الإسلاميّ!
مع خالص شكري وتقديري لشخصك الكريم د. عبد الرحمن!
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 07:56 م]ـ
دكتورنا الحبيب
متعك الله بالصحة والعافية فقد اطلعتنا على جوانب مضيئة من حياتك جعلها الله مشرقة بنورالإيمان
قرأت لك في إحدى المشاركات أنك تنوي تعليق عصا الترحال ولم تحدد البلد
فهل تحدثنا عنه ولماذا تخيرته عن غيره؟
ولماذا العداء العالمي على الإسلام هل نحن السبب؟
دمت والجميع في رعاية الله
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:12 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ...
شكر الله لكما صاحب الفكرة و ضيفها ....
دكتورنا الفاضل حديثك شيّق و ذو شجون ... أعانكم الله و سدّد خطاكم لكل خير ...
سؤالي هو:
ما التخصصات الأكثر طلباً التي يمكن لدارس العربية أن يلتحق بها في أوروبا عموما و روسيا خصوصاً. بحيث ثلقى هذه التخصصات رواجاً في سوق العمل؟ ... أعني الطالب العربي الذي أكمل مرحلة البكالوريس -تخصص لغة عربية- و أراد مواصلة الماجستير ...
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:26 م]ـ
أسأل الله أن يحفظك، ويحقق مناك، وأن يجعلك تعيش هانئًا سعيدًا بأولادك وصحتك.
وأتعبناك في كثرة الأسئلة (ابتسامة).
جعل لك من الدعاء نصيبا أخي الحبيب. وتعب الحبيب زبيب كما يقول المثل النادر:)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:27 م]ـ
دكتور عبد الرحمن،
حديث شيّق جدا.
وفّقك الله وأعانك وحفظك.
لي عودة إن شاء الله.
:)
أهلا بك وبعودك الطيبة في أي وقت أخي المكرم، أحسن الله إليك.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 10:35 م]ـ
اسمح لي أستاذي الفاضل بهذا السؤال:
بما أنك متخصص في الترجمة، فما أفضل ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية؟
متعك الله بالصحة والعافية على طاعته.
بارك الله فيك أخي المكرم فصحويه،
بداية أدعوك إلى قراءة هذا المقال العام في ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوربية:
http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=277
لست متخصصا تخصصا دقيقيا في الترجمة من العربية إلى الإنكليزية وبالعكس، لكن المتخصصين يثقون كثيرا بترجمة المرحوم يوسف علي لمعاني القرآن الكريم إلى الإنكليزية. وهي متوفرة بكثرة.
حياك الله.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
وأُحبُّ أن يحدثنا أخونا الحبيب الدكتور عبد الرحمن عن التقارير التي تتحدث عن إقبال الأوربيين على الدخول في الإسلام في العقد الأخير خاصّة ـ إنْ لم يسبق تناول شيءٍ من ذلك فإنّي لم أقرأ كلَّ ما كُتب في هذه النافذة؛ و يتحدثون عن شيوع ذلك على نحوٍ خاصّ في ألمانيا و فرنسا وإيطاليا وبريطانيا, و ربما ذكروا بلجيكا و غيرها, وهو بخلاف ما يظنّه كثيرٌ من النّاس من نفور الأوربيين عن الدين الإسلاميّ!
مع خالص شكري وتقديري لشخصك الكريم د. عبد الرحمن!
وعليكم السلام ورحمة الله،
أخي الحبيب الدكتور علي الحارثي،
أحسن الله إليك.
ثمة إقبال كبير على الإسلام في الغرب، نتيجة للفراغ الروحي الذي يعاني منه الغرب الذي يعيش اليوم "عهد ما بعد النصرانية" كما يسميه بعض المؤرخين الغربيين ( Post-Christian Era). وثمة معتقدات وديانات كثيرة تتنافس على ملء هذا الفراغ، أهمها: الديانة البروتستانتية (وهي غربية)، والديانات البوذية والهندوسية وغيرهما من ديانات الشرق. وكذلك حركات مثل البهائية والقاديانية.
أما الإسلام فلا ينافس أحدا منافسة دعوية، إنما يجد الناس طريقهم إليه فيستأثر بأكبر عدد من الغربيين، ولا يمكن الحديث عن منافسة تذكر في هذا السياق. وفي الحقيقة سمعت قبل أسبوع بإسلام زميل، عالم لاهوتي كبير، له شهادتا دكتوراة واحدة في اللاهوت المسيحي وأخرى حصل عليها حديثا في الإسلام، ويعمل في جامعة كاثوليكية ويشرف على تنظيم التعليم الكاثوليكي .. ثم أسلم، لا زال أتأمل في واقعة إسلامه لأنها "لخبطتني" جملة وتفصيلا! وهذا الرجل عالم تربوي كبير يشرف على مؤسسات تعليمية كاثوليكية قدم استقالته منها بعد إسلامه الذي يبدو أنه كان قبل عام من الآن ولم يعلن عنه إلا حديثا، فرفضت المؤسسات استقالته وطلبت منه متابعة عمله، حتى بعد إسلامه، ثقة بعلمه وموضوعيته وكلمته!
وهنالك ظاهرة الإسلام وعدم الإعلان عنه إلا بعد سنوات كثيرة! وأشهر من مثل ذلك في بلجيكا الراقص:) الشهير المرحوم موريس بيجار، والأستاذ الكبير المرحوم فان دام، أستاذ الفلسفة في جامعة غاند، فقد أعلن عن إسلامه بعد ثلاثين سنة كتبت خلالها عشرات الكتب بلسان المسلم! ولا أدري ما رأيكم بهذه الظاهرة.
وكنت كتبت كلمات تعريفية مختصرة في هذا الموضوع، فيها بينات وإحصائيات، أدعوكم جميعا إلى قراءتها على رابط ملتقى الأدباء والمبدعين العرب وهو:
http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=14297
وهلا وغلا!
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 11:30 م]ـ
أخي الحبيب د. عبد الرحمن السليمان مازال صبرك كعهدي بك!
بارك الله لك على هذه المواقف والذكريات الجميلة والممتعة ..
وأريد أن أتعبك بسؤال كلاسيكي:
ماهو رأيك بمصطلح التحاور بين الأديان باعتبارك تعايش مثل هذه المواقف عن قرب ومن قلب الحدث؟
ـ[فصيحويه من جديد]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 01:20 ص]ـ
اسمح لي يا أستاذي بآخر سؤال لأني أحس أنني أرهقتك فهذا هو السؤال الثالث:
(يُتْبَعُ)
(/)