قلت: بل عدد المضعفين أكثر إن اعتبر قول النسائي تضعيفا وليس كذلك, فقد قال فيه ابن عدي في الكامل: يكتب حديثه, وهذا لا يقال في مقبول الرواية, ومعنى قوله ذاك: يكتب حديثه للمتابعات لا للاحتجاج.
ثم إني أعيب على الأستاذ أن يذكر توثيق ابن حبان ولا يذكر عبارة له في الثقات في ترجمة عمر, وهي: (وكان ممن يخط) , وهي عبارة تعكر عليه ما يدعيه. وخلاصة البحث أن الرجل ضعيف كما قال الحافظ في التقريب, وهو أولى بالفهم منك يا فتى.
وأما أن مسلما أخرج له في الأصول فكذب أو جهل: فقد نص الإمام الذهبي وهو من أهل الشأن حقا لا الفتى ابن الأزرق أنه روى له متابعة كما في المغني في الضعفاء. وهذا يبطل دعوى توثيق مسلم له.
وأما أن المضعفين لم يفسروا جرحهم لعمر, فمكابرة, وسوء فهم, فقول أحمد: أحاديثه مناكير مفسر مبين, وكذلك الآخرون, وأعتقد أن الأستاذ لا يعرف معنى جرح مفسر وجرح غير مفسر, فعلى فهمه ستصح مئات الأحاديث بهذه الدعوى.
قال: كل من درس علم الجرح والتعديل يعرف أن الإمام يطلق النكارة ويقصد بها التفرد بالحديث حينا والتجريح حينا آخر, والاحتمال يبطل الاستدلال, فلا يصح ذكر أحمد بين المجرحين, إلا إذا وجدت قرينة تثبت أنه يقصد تجريح الرجل, وهو ما لم يثبت لدينا.
قلت: هذا الكلام صحيح في قول الإمام أحمد وغيره: منكر الحديث, وهذا أمر مشهور يعرفه من درس علم الجرح والتعديل كما قال الأستاذ, لكن الذي لا يعرفه الأستاذ أن كل من درس علم الجرح والتعديل يعرف أن الإمام إذا قال في الراوي: أحاديثه مناكير, فإنه يقصد تضعيفه والسلام. هذا ما لا يعرفه الأستاذ.
قال: احتج بهذا المنام بعض الفقهاء على كراهة القبلة للصائم, فدل صنيعهم على أنهم لا يرون في الاحتجاج بالرؤى أي بأس
قلت: هؤلاء الفقهاء سلف ابن الأزرق هم من الصوفية, وليس فعلهم حجة على غيرهم من العقلاء, وقد رد ابن حزم والطحاوي هذا الصنيع منكرين عليهم احتجاجهم بمنام لا يصح. فقال ابن حزم في المحلى (6/ 144/دار النفائس): (الشرائع لا تؤخذ بالمنامات, لا سيما وقد أفتى رسول الله r عمر في اليقظة حيا بإباحة القبلة للصائم, فمن الباطل أن ينسخ ذلك في المنام ميتا! نعوذ بالله من هذا).
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار [2/ 89]: (قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد قامت به الحجة على عمر ,وحديث عمر بن حمزة إنما هو على قول حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم وذلك مما لا تقوم به الحجة فما تقوم به الحجة أولى مما لا تقوم به الحجة.)
وردا هذا الأثر الغريب بما رواه أبو داود (2385) عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب:
هششت (هش لهذا الأمر: إذا خرج به واستبشر) فقبلت وأنا صائم فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم قال: "" أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم "" قال عيسى بن حماد في حديثه: قلت: لا بأس به، ثم اتفقا قال: "" فمه ". وهذا الحديث الصحيح دليل على بطلان رواية المنام.فإنه لا يعقل أن يرد عمر بن الخطاب رواية اليقظة برواية المنام ولو كان الآمر النبي r! ولا يفعل هذا إلا ابن الأزرق وأمثاله, وهم الذين أنكر عليهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام فقال: (و أضعف هؤلاء احتجاجا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات و أقبلوا وأعرضوا بسببها و هو خطأ لأن الرؤيا لا يحكم بها شرعا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية). وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: (رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي).الفتح [2/ 283]
قال: وبعد, فقد كان عمر لا يرى بقبلة الصائم بأسا, ثم إنه غير اجتهاده بعد تلك الرؤيا, فصار يكرهها وينهى عنها كما يدل عليه هذان الأثران, ثم ذكر أثرين فيهما فتوى عمر بالمنع من القبلة للصائم معللا نهيه بأنه لا يؤمن على أحد أن تغلبه شهوته.
¥(13/273)
قلت: هذه دعاوى عريضة, فمن أين لك هذا الترتيب العجيب, وأين وجدت ذلك, ومن قاله من العلماء قبلك, إن هو إلا كذب والله المستعان على ما يصف ابن الأزرق. والأعجب أن في هذه الآثار ما ينقض فهمه من أصله, فإنه لو كان ثبت منام عمر, وصح أخذه به , لكان الأولى أن يعلل نهيه عن القبلة للصائم بما سمعه من النبي r في المنام وهذا دليل على أن عمر ما كان يرى الاحتجاج بالرؤى, إلا أن يكون أخذه بالمنام ورعا واستئناسا, هذا على فرض صحة المنام, وإلا فقد ذكرنا بطلانه بحديثه جابر, وضعف أحد رواته.
خلاصة هذا المبحث أن المنام المنسوب إلى عمر رضي الله عنه لا يصح, لأجل حديث جابر من حديثه هو عن النبي r في جواز قبلة الصائم ولأجل ضعف عمر بن حمزة العمري أحد رواة المنام, ولشيء آخر غاب عن ابن الأزرق بحمد الله تعالى , ليقضي الله أمرا كان مفعولا, وهو فضيحته. فقد روى عبد الرزاق [7429] وابن سعد في الطبقات (1/ 292) عن يحيى بن سعيد القطان عن أبي بكر بن حزم عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أن عاتكة بنت زيد قبلت عمر بن الخطاب وهو صائم فلم ينهها. وفي الموطأ والطبقات أيضا أنها كانت تقبل رأسه, فانظر رعاك الله نظر منصف عاقل, كيف ينهى عن قبلة الصائم, ثم يترك زوجته تقبله وهو صائم. ولا يقولن أحد إنها هي التي قبلته لا هو. فإن العبرة بالأثر التي تحدثها القبلة عنده سواء كانت منه أو من زوجته.
ثم إنه لو كانت الرؤيا حجة, لما خالف ثلة من الصحابة عمر, والله أعلم.
وإني لأستغرب وما ينقضي عجبي من الأزرق , فإنه اشترط لجواز الاحتجاج بالمنامات أن لا تعارض حكما شرعيا محكما وها هو هنا وفي غيره يخالف ذلك, فيعارض المعروف من سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمنام لعمر.
الشاهد الثامن: عمر يعزل أحد القضاة
ذكر رواية ابن أبي الدنيا في الإشراف عن محارب بن دثار أن عمر قال ... الأثر.
قال: بقيت علي واحدة وهي أن محاربا لم يدرك عمر بن الخطاب, فالسند منقطع, لكن القصة ثابتة بالقرائن الآتية:
شيوخه الذين استقصاهم المزي في التهذيب كلهم ثقات رجال الصحيحين أو أحدهما, وغالبهم ممن أدركوا عمر رضي الله عنه
2ـ محارب تابعي كبير, أدرك جماعة من الصحابة, ومنهم عبد الله بن عمر, فالغالب أنه سمع القصة منهم
3ـ محارب كان قاضيا فهو ملم بأخبار القضاة
4ـ نص بعض الأئمة على أن القصة مشهور وذكر منهم ابن عبد البر وقوله: يقال إن حابس بن سعد الطائي هو الذي ولاه عمر ... القصة.
5ـ ثم تشهد لها أخبار استناد عمر بن الخطاب إلى الرؤى وعمله بها ... فأنت ترى الخليفة الراشد بنى عزل أحد قضاته على منام.
قلت: محارب بن دثار لم يدرك عمر كما قال ابن الأزرق, وهذا سبب كاف للحكم على القصة بالضعف. وأما ما ساقه من قرائن فكلها ساقط
أما قوله:إن شيوخه الذين استقصاهم المزي كلهم رجال الصحيح فدليل على كثافة جهله, وبعده عن علم الحديث كبعد الأرض عن جو السماء, فكل مشتغل بالحديث وعلومه يعلم أن المزي لا يذكر في تهذيبه إلا شيوخ الراوي الذين روى عنهم في الكتب التي رمز لها , وكذلك تلامذته, ومعنى هذا أنه لا يستقصي كل شيوخه, فإن له شيوخا آخرين روى عنهم في غير تلك الكتب, قال ابن حجر في مقدمة التهذيب: إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة, واستيعاب الرواة عنه, وحصل من ذلك على الأكثر, لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره, وسببه انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها وسعتها) أي في كتب أخرى لم يلتزمها الشيخ رحمه الله. وبهذا يظهر أن ابن الأزرق حجر واسعا لضيق في تفكيره والله المستعان.
وأما أن غالبهم ممن أدركوا عمر, فيكفي أنك قلت: غالبهم لا كلهم, فيبقى احتمال أنه سمعه ممن لم يدرك عمر, والاحتمال يسقط الاستدلال.
وأما أن الغالب أنه سمع القصة منهم فلا سبيل له إلى إثباته إلى المشاغبة والسفسطة. فمن أدراك أنه لم يسمعه من غير الصحابة, ودونك ذلك لو تستطيع.
وأما أن محاربا كان قاضيا فهو ملم بأخبار القضاة, فقول يضحك الثكلى, , فإن من كان عنده عقل فسيعلم أن اطلاع محارب على أخبار القضاة لا يكون إلا بسماعها من رواتها, وهنالك وقف حمير ابن الأزرق, إذ لم يقدر على بيان صاحب القصة عن عمر.
¥(13/274)
وأما أن بعض الأئمة نص على شهرة القصة, فالكل يعلم أن شهرة قصة ما لا تدل على صحتها, بله جواز الاحتجاج بها, ولو لاحظ القارئ الكريم قول ابن عبد البر: (يقال) لعلم أنه يشير إلى عدم ثبوتها عنده والله أعلم, كما هو المعلوم من صيغ التمريض.
وأما القرينة الخامسة فلا حاجة تدعو لردها لأني وجدتها لا تزن شيئا.
الشاهد التاسع: عمر يخرج كنزا من بيت المال
ذكر قصة رواها الطبري في التاريخ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين وأوردها ابن حبان في الثقات والحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
قلت: كذب ابن الأزرق, فلم يسنده الطبري القصة إنما قال: (وقد كان فيما ذكر لي) , وليس هذا من الإسناد في شيء, وسند القصة في الطبقات: حدثنا محمد بن عمر بن حفص قال ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثني النهاس بن قهم القيسي عن القاسم بن عوف عن أبيه أو عن رجل عن السائب بن الأقرع عن عمر.
وهذا الإسناد ضعيف, النهاس القاص ضعيف, والرجل الذي يروي عن السائب مبهم, والقاسم بن عوف هو الشيباني روى له مسلم ووثقه ابن حبان وضعفه شعبة و أبو حاتم والنسائي وقال ابن عدي: يكتب حديثه.
الشاهد العاشر عثمان يختار الموت بدل النصر
ذكر رواية عن نائلة زوج عثمان رضي الله عنهما في رؤياه أبا بكر وعمر يبشرانه بالشهادة. وقال في الهامش: مصنف ابن أبي شيبة ومسند أحمد ومنامات ابن أبي الدنيا وفضائل الصحابة ومستدرك الحاكم وصححه.
قلت: على هذا مؤاخذتان
الأولى: أن في إسناد الرواية المذكورة زياد بن عبد الله بن حدير الأسدي عن أم هلال بنت وكيع. وهما مجهولان, قال الحافظ في زياد في تعجيل المنفعة: (روى عنه داود بن أبي هند فقط وفيه نظر) وقال في أم هلال: (لا تعرف) ولذلك قال الهيثمي في المجمع (7/ 232): فيه من لم أعرفهم.
الثانية: أن الحاكم لم يروه بهذا السياق ولا بهذا الإسناد, فالذي عنده من طريق كثير بن الصلت قال: (أغفي عثمان ... ) ,وليس فيه (ليقتلنني القوم) أو ما يشبهه. وهذا تزوير قبيح. وخلاصة هذا أن عثمان لم يجزم بتحقق الشهادة, ولكنه طابت نفسه لتلك البشرى, ولم يجعلها سببا لترك الدفاع عن نفسه, إنما خاف الفتنة على الناس.
قال: بل إنه استند إليها فصام يوم قتله وقرر أمرا عظيما وهو الاستسلام للثوار.
فانظر كيف أنهى الخلافة لرؤيا رآها, ثم يأتي شرذمة من ذراري المسلمين فيبدعون من يعظم الرؤيا ويعمل بها فيما لا خطر له ولا شأن
قلت: عجبا لابن الأزرق, من أين له أن عثمان أنهى الخلافة لأجل الرؤيا, مشكلة ابن الأزرق تسرعه, فإنه لو سأل أهل العلم لأفادوه عكس ذلك, فقد روى سعيد بن منصور في سننه (رقم 2936) بإسناد جيد عن أبى هريرة قال: (كنت محصورا مع عثمان بن عفان في الدار فرمي رجل منا فقتل فقلت لعثمان: يا أمير المؤمنين أم طاب الضراب؟ , قتلوا رجلا منا فقال: عزمت عليك يا أبا هريرة إلا طرحت سيفك, فإنما تراد نفسي, وسأقي المؤمنين اليوم بنفسي, قال أبو هريرة: فرميت بسيفي فما أدري أين هو حتى الساعة).
وهذا فاصل في المسألة, فاستسلام عثمان كان حرصا منه على دماء المسلمين رحمه الله تعالى, لا لرؤيا رآها في منامه. وقد روى ابن عساكر في تاريخه أن عليا أرسل إلى عثمان: (إن معي خمسمائة دارع فأذن لي فأمنعك من القوم, فإنك لم تحدث شيئا يستحل به دمك, قال: جزيت خيرا ما أحب أن يهراق دم في سببي).
وهذا هو فقه الصحابة الذي طرحه ابن الأزرق وأصحابه وحادوا عنه إلى الأخذ بالرؤى والهلوسات في كبائر الأمور. قدم عثمان نفسه لهم وهي مفسدة دفعا لمفسدة أعظم منها في نظره, وهي فشو القتل في بقية الصحابة.
وقد ورد عند ابن أبي الدنيا في المنامات أيضا وابن عساكر من طريقه في تاريخه عن كثير بن الصلت قال: (دخلت على عثمان بن عفان وهو محصور ,فقال لي عثمان: يا كثير بن الصلت, ما أراني إلا مقتولا يومي هذا, قال: قلت: ينصرك الله على عدوك يا أمير المؤمنين. قال: ثم أعاد علي, فقال لي: يا كثير ما أراني إلا مقتولا من يومي هذا ,قال: قلت: وُقت لك في هذا اليوم شيء, أو قيل لك شيء؟ قال: لا, ولكني شهدت في ليلتي هذه الماضية, فلما كان عند السحر أغفيت إغفاءة, فرأيت فيما يرى النائم رسول الله وأبا بكر وعمر ,ورسول الله يقول لي: يا عثمان, إلحقنا, لا تحبسنا فإنا ننتظرك , قال: فقتل من يومه ذلك.)
¥(13/275)
وهي صريحة في أنه ما كان يجزم بها وأن كثير بن الصلت لم يعتبرها فقد سأله عن ما عنده مسموعا من النبي ,صلى الله عليه وسلم ولكن الرواية ساقطة فإن فيها إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر النخعي وهو منكر الحديث, ولسنا ممن يستبيح الاستشهاد بمثل هذا, ولا ممن يبادر إلى تصحيح الرواية بالتدليس والتزوير عافانا الله من ذلك.ويغني عنها ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: (وددت أن عندي بعض أصحابي) قلنا: (يا رسول الله, ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا ألا ندعو لك عثمان؟ قال: (نعم) فجاء فخلا به, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه ووجه عثمان يتغير) قال قيس: فحدثني أبو سهلة مولى عثمان أن عثمان بن عفان قال يوم الدار: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا فأنا صائر إليه وقال علي في حديثه وأنا صابر عليه) قال قيس: (فكانوا يرونه ذلك اليوم) والحديث صحيح. وفيه دليل على أن عثمان كان عنده علم بما سيؤول إليه الأمر في يوم الدار.
لطيفة:
أشار إلى ما ذكرت بعض الفضلاء فقال:
وبلغ بشرى الهاشمي بأنه من الجنة العليا بأكرم مقعد
ولكن على بلوى وقال سأرتضي وأصبر صبر الطائع المتجلد
فأظهر يوم الدار صبر أولي النهى ولو شاء لم تظفر به يد معتد
ولم يرض صونا للدماء بحربهم وكان متى يستنجد القوم ينجد
فمات شهيدا صابرا فهو خير من على نفسه في غير حق قد اعتدي
وأما قوله: ثم يأتي شرذمة من ذراري المسلمين ... فظلم وافتراء وتكبر على الناس, فإن الذين وصفهم ابن الأزرق لا ينكرون تعظيم أمر الرؤيا في ما لا خطر له ولا شأن كما قال , ولكن ينكرون عليه وعلى جماعته استعمالهم الرؤى في الأحكام والعقائد والجزم بالغيبيات, وتساهلهم في قبول دعاوى المدعين دون النظر في عدالتهم, وبين الأمرين فرق كبير, أفلا يتقي ابن الأزرق الله تعالى.
الشاهد الحادي عشر: عامر يقوم الليل
ذكر فيه أن عامر بن ربيعة قام الليل بعد رؤيا رآها تحضه على الطاعة.
قلت: ليس في هذا شيء, فاستعمال الرؤيا في مثل هذه الأمور مرغوب فيه. لأن قيام الليل مشروع أصلا.
الشاهد الثاني عشر: ابن خارجة يعتزل الفتنة
ذكر فيه أن ابن خارجة اعتزل لرؤيا رآها
قلت: يقال هنا مثل ما قيل في بيان حقيقة الشاهد الحادي عشر. لأن اعتزال الفتنة مرغب فيه في أحاديث.
الشاهد الثالث عشر: تحويل قبر طلحة
ذكر رواية ابن أبي شيبة وابن سعد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم. وقال: إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين
قلت: هذا كلام سليم سوى من شيء واحد لم ينتبه إليه, وهو أن قيسا كبر حتى أدرك المائة من العمر, قال إسماعيل بن أبي خالد الراوي عنه هنا: جاوز المائة بسنين كثيرة حتى خرق وذهب عقله. وذكره من جملة المختلطين من الرواة صاحبا الاغتباط والكواكب النيرات.
قال في رواية ابن أبي الدنيا: والشاهد هنا هو أن التحويل المستند إلى الرؤيا تم في زمن الصحابة من غير إنكار.
قلت: وقوع فعل ما زمن الصحابة لا يدل على إقرارهم له, فقد يقع الفعل ولا يطلعون عليه, فما أدرى ابن الأزرق أن التحويل وقع زمن الصحابة بعلمهم, عليه بدليل لكل قيد من هذين القيدين.
قال: بل وقع في بعض الطرق أن الأصحاب هم الذين أفتوا بذلك ثم ذكر رواية ابن عبد البر في الاستيعاب.
قلت: فيها علي بن زيد وهو ابن جدعان وهو ضعيف وكان اختلط.وبهذا تسقط الدعوى.
قال: ومن فوائد الحديث إمكان الاطلاع على الغيب بواسطة الرؤى, فحال طلحة في قبره من الغيب.
ما استند إليه ابن الأزرق لم يصح ولله الحمد. ثم إنه لا بد من التنبيه إلى مسألة, وهي حكم نبش القبر لغير ضرورة, وقد أشار ابن الأزرق إلى حكم ذلك فقال: قد تقرر أن نبش القبر لا يجوز إلا لضرورة, وهذا شيء مختلف فيه, فقد روى البخاري عن جابر قال: (دفن مع أبي رجل, فلم تطب نفسي حتى أخرجته ,فجعلته في قبر على حدة) وبوب له بقوله: (باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة).قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (في حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي, لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه, وقد بين ذلك جابر بقوله: ((فلم تطب نفسي))) فأمام ابن الأزرق شيئان, إما أن يأخذ بأثر جابر وقصة عائشة بنت طلحة, ويكون الكلام فيهما واحدا , وهو ما ذكره ابن حجر, فلا
¥(13/276)
يبقى له في أثرها متمسك, وإما أن يقول: ليس فعل جابر حجة, فيكون قد أجاب بنفسه على قصة عائشة بنت طلحة وهي دون جابر في الفقه والعلم. وعلى فرض صحة القول بأنه لا يجوز نبش القبر إلا للحاجة, فقد ذكر العلماء أن مما يجيز ذلك الخوف من تأذي جسد الميت بسيل أو رطوبة أو غيرها, ودليل ذلك ما رواه الإمام مالك في الموطأ أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما, وكان قبرهما مما يلي السيل ,وكانا في قبر واحد. وهما ممن استشهد يوم أحد, فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما, فوجدا لم يتغيرا, كأنهما ماتا بالأمس, وكان أحدهما قد جرح ووضع يده على جرحه, فدفن وهو كذلك, فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت, فرجعت كما كانت, وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة) وفيه انقطاع. لكن قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (19/ 239): (هكذا هذا الحديث في الموطأ مقطوعا لم يختلف على مالك فيه, وهو يتصل من وجوه صحاح بمعنى واحد متقارب)
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن مثل ذلك فقال كما في الفتاوى (24/ 303): (لا ينبش الميت من قبره إلا لحاجة مثل أن يكون المدفن الأول فيه ما يؤذى الميت فينقل إلى غيره, كما نقل بعض الصحابة في مثل ذلك)
وقد ذكر ابن قتيبة في المعارف أن من رآه في المنام ابنته كما قال النووي في المجموع والتهذيب. وبعد هذا كله أقول لابن الأزرق: بناء على الإلزام الذي ألزمته, إن كنت اخترت الاحتجاج بهما معا, فإن فعل عائشة لا شيء فيه, ويجوز لها ذلك, رأت مناما أو لا, والأخذ بالمنامات في ما يشرع أصلا جائز. وإن كنت أسقطت الاحتجاج بهما معا فقد أرحتنا وأرحت نفسك. والله تعالى أعلا وأعلم.
فائدة
نظم بعضها الفقيه محمد بن عبد الولي بن جعمان الصور التي يجوز فيها نبش الميت وقد يجب في بعضها كما (إعانة الطالبين 2/ 122):
يحرم نبش الميت إلا في صور فهاكها منظومة ثنتي عشر
من لم يغسل والذي قد بليا أي صار تربا وكذا إن ووريا
في أرض أو ثوب كلاهما غصب و بالع مال سواه وطلب
أو خاتم ونحوه قد وقعا في القبر أو لقبلة ما أضجعا
أو يدفن الكافر في أرض الحرم أو يتداعى اثنان ميتا يطم
أو يلحق الميت سيل أو ندى و من على صورته قد شهدا
أو جوفها فيه جنين يرتجى حياته فواجب أن يخرجا
أو قال إن كان جنينها ذكر طلقها والضعف للأنثى استقر
فيدفن المولود قبل العلم بحاله هذا تمام النظم
والحمد لله وصلى دائما على النبي أحمد وسلما
والآل والصحب جميعا ما همى غيث ولاح البرق في جو السما
الشاهد الرابع عشر
ذكر ابن الأزرق قصة الصعب بن جثامة وعوف بن مالك ووصيته له في المنام. وقال: إسناده حسن رجاله رجال مسلم , شهر بن حوشب تكلم فيه بعضهم بما لا يوجب جرحه وهو صدوق من رجال مسلم
قلت: شهر مختلف فيه كما قال ابن الأزرق. ولو سلمنا بثقته, فأين الإسناد إليه من أحد المصنفين. وسوف تعلم بعد قليل أن ما سماه من مصادره لا يوجد فيه ذكر الوصية. فليس له من معتمد فيها إلا نقله عن ابن القيم, ولا يكفيه.
قال في الهامش: أخرج بعضه البخاري في الصغير عن شيخه موسى بن إسماعيل
قلت: هذا تدليس , فليس في رواية البخاري ذكر للوصية وهذا نص ما في الرواية: عن شهر بن حوشب قال: (آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين عوف بن مالك والصعب بن جثامة فمات صعب, قال عوف: فرأيته فيما يرى النائم قال: غفر لنا بعد أيهات). اهـ
قال: وقد أخرجه البيهقي عن ثابت البناني وهو من كبار التابعين فلعله سمعه من شهر مرة ومن الصحابة أخرى فكان أحيانا يذكر شهرا وحينا لا يفعل فيكون متابعا قويا له.
قلت: هذا كذب فليس في رواية البيهقي ذكر للوصية أيضا. ونص ما فيها: (فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلك يا أخي فتراء لي قال فمات صعب قبله فتراء له عوف فرآه فقال كيف أنت يا أخي قال بخير ما صنعت قال غفر لنا يوم دعونا عند حانوت فلان ولم يكن في أهلي مصيبة إلا لحقني أجرها حتى هرة لنا ماتت منذ ثلاثة أيام).اهـ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
¥(13/277)
ثم يقال لابن الأزرق: في إسناد البيهقي الخضر بن أبان فإن كان الهاشمي فهو ضعيف, وفيه أيضا جعفر بن سليمان الضبعي وهو صالح في نفسه وقد وثق, ولكن في روايته عن ثابت شيء. قال علي بن المديني: أكثر جعفر يعنى بن سليمان عن ثابت وكتب مراسيل, وفيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال: وقد حسنه المحدث عبد الله بن الصديق في الحجج البينات.
قلت: قد ظهر لك ضعف الرواية المتضمنة للوصية والله أعلم.
وقال: طريق آخر , وذكر رواية ابن المبارك في الزهد عن عطية بن قيس عن عوف.
قلت: هذا كذب أيضا, وقد تستغرب جدا إذا علمت أن القصة مختلفة تماما وليس فيها ذكر للوصية. وهاك نصها: عن عطية بن قيس عن عوف ابن مالك الأشجعي (أنه كان مواخيا لرجل من قيس يقال له محلم ... ) فأين الصعب بن جثامة يا ابن الأزرق. ومع هذا فإن في إسناد الرواية أبا بكر بن أبي مريم الغساني وهو ضعيف لا يحتج به. كان يغلط كثيرا.
قال في إسناد ابن المبارك:عطية فيه ضعف, لكن طريقه حسن بما سبق
قلت: عجبا منك يا ابن الأزرق, تضعف عطية التابعي الذي قال فيه أبو حاتم صالح الحديث. ولا تنتبه لضعف الغساني, وتحسن قصة عوف مع الصعب بقصة عوف مع محلم, وهكذا يكون التحقيق على طريقة ابن الأزرق الذي يسميه أخونا الدكتور العلمي (منظر الجماعة).ومن تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب كما قيل.
قال: وقد علق عليه ابن القيم فقال: وذكر كلامه إلى قوله: (…وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام.؟)
قلت: قال ابن القيم مباشرة بعد هذا بعد علامة الاستفهام!!!: (ونظير هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس)!! فما قول ابن الأزرق الآن.؟
الشاهد الخامس عشر أبو موسى يعلم بموت عمر.
قال: وفيه أن أبا موسى الأشعري جزم بقرب وفاة عمر بناء على منامه, ويقينه واضح من استرجاعه, وفيه أن أنسا صدقه واقترح عليه كتابة ذلك إلى عمر حتى يهيء نفسه.
والجواب بعون الملك الوهاب أن هذا الفهم من ابن الأزرق مردود, ويرده قوله تعالى: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت). والجزم بوقوع التأويل فرع عن الجزم بمطابقته للمنام. ولا يشك أحد أن أبا موسى لا يجزم بتأويل رؤيا, وهو يعلم أنه عرضة للخطأ والصواب, فكيف يجزم بحصوله وهو لا يجزم بصحته, وقد فسر أبو بكر الصديق صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار رؤيا, فأصاب في بعضها وأخطأ في بعضها. وغاية ما يقال أن أبا موسى بالغ في ذلك لما حصل عنده من قرائن لا نعرفها والله أعلم.
الشاهد السادس عشر: عمير بن وهب يستخرج كنزا
قلت: نقله عن ابن القيم في كتاب الروح ولم يذكر له إسنادا, وهذا يعفينا من كلفة الرد. ولو صح ذلك فلا دليل فيه, فإن أحدنا لو رأى مثل ذلك ما تأخر طمعا في المال , فإن لم يجده ما ضره.
الشاهد السابع عشر: أم سلمة تبكي الحسين
قال: إسناده حسن, رجاله كلهم ثقات إلا سلمى البكرية فلم يرو عنها سوى رزين, ولم يرد فيها جرح ولا تعديل, فهي تابعية مستورة, فلا ينزل حديثها عن رتبة الحسن, فإن أهل الاستقراء نصوا على أنه لا يوجد بين التابعيات امرأة مضعفة
قلت: هذا كذب, لم يقل أحد هذا, بل قالوا: (لا يعرف في النساء امرأة متهمة بالكذب) , وهذا يعني أنه فيهن من رميت بالضعف, ونفي الكذب لا يلزم منه نفي الضعف, فنفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم. وهكذا يكون التدليس, أما أن إسناد الحديث حسن, فغلط, بل هو ضعيف, لجهالة سلمى , ولذلك قال الترمذي: حديث غريب, ويقصد ضعيف, وهذا اصطلاحه المعروف عنه. وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان, قال فيه يحيى بن معين: صدوق ليس بحجة وقال ابن عدي: هو كما قال يحيى, وإنما أتي من سوء حفظه, ووثقه علي بن المديني وقال أبو حاتم: صدوق والله أعلم.
الشاهد الثامن عشر الحسن بن علي يعتزل القتال.
قال: وهو أثر حسن كما حققته في رفع الملام وله أربعة طرق.
قلت: ذكر في رفع الملام رواية أبي مريم عن الحسن وقال:
(قلت: رجاله ثقات إلا البراء والحضرمي فإني لم أعرفهما لكنه حسن بالطرق الآتية)
ثم ذكر رواية أبي يعلى من طريق طحرب العجلي عن الحسن, ورواية ابن أبي الدنيا في المنامات من طريق الحارث العجلي عن الحسن ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد فضائل الصحابة لأبيه من طريق فلفلة الجعفي عن الحسن دون ذكر ألفاظها
¥(13/278)
قلت: الرجل لا يعرف في علم الحديث شيئا يعتبر. ألم ينتبه لأبي مريم الرافضي الكذاب, المجمع على تركه. فروايته ساقطة.
ورواية أبي يعلى ساقطة أيضا, فطحرب مولى الحسن مجهول ,قال فيه الأزدي: لا يقوم إسناد حديثه. وسفيان بن وكيع شيخ أبي يعلى ليس بشيء, كان يلقن , واتهمه أبو زرعة بالكذب, وقال ابن حبان: يستحق الترك.
ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل واهية, فيها سعيد بن محمد الوراق , قال فيه الذهبي: واه, وقال مرة: ضعفوه بمرة. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. ولينه أحمد وتكلم فيه بشيء. فلم يبق لابن الأزرق متمسك لتحسين هذا المنام.
الدليل الخامس
عمل الأئمة بالمنامات
قلت: قال الإمام مالك رضي الله عنه:
(ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبيصلى الله عليه وسلم) الجامع لابن عبد البر (2/ 91)
ـ الإمام الحسن البصري
ساق خبرا عن الحسن يثبت فيه الإمام الساعة التي يستجاب فيها للعبد يوم الجمعة بمنام.
قلت: إسناد الخبر عند عبد الرزاق هكذا: (عن معمر قال: أخبرني من سمع الحسن يقول: ... ) وظاهر جدا أن في الإسناد إبهاما, وله حكم الانقطاع, فالخبر ضعيف لا يثبت به شيء. والمعروف عن الحسن أنه اختار كون ساعة الإجابة ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة رواه عنه ابن المنذر.وروى عنه أيضا أنها حين تقام الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه. وما رأيت أحدا نسب إليه ما ورد في قصة المنام!
ـ الإمام يحيى بن معين
ذكر أن يحيى بن معين أقام بالمدينة أياما ثم خرج منها فسمع هاتفا يقول له: أترغب عن جواري فرجع وبعد أيام مات بها.
قلت: ليس في الخبر أنه صدق بالمنام أو لا, ليس فيه سوى أخذه بما فيه , ذلك لأن قصد المدينة للإقامة فيها والموت بها مشروع. ومع هذا فإن في القصة نكارة ,فقد قال الخطيب في التاريخ (14/ 186): (الصحيح أن يحيى توفي في ذهابه قبل أن يحج, أخبرني الحسن بن محمد الخلال حدثنا يوسف بن عمر (الزاهد) القواس حدثنا حمزة بن القاسم (ابن عبد العزيز أبو عمر الهاشمي) حدثنا عباس هو الدوري قال: مات يحيى بن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريد مكة) , وهذا إسناد صحيح, رجاله أئمة ثقات. ورواية ابن الأزرق في كتابه تذكر أنه حج ثم دخل المدينة ثم خرج منها ثم عاد إليها.
وذكر الذهبي في السير (11/ 90) ما يزيد من وهن قصة المنام فقال: (قال مهيب بن سليم البخاري حدثنا محمد بن يوسف البخاري الحافظ قال: كنا في الحج مع يحيى بن معين, ودخلنا المدينة ليلة الجمعة, ومات من ليلته).ورواية ابن الأزرق تذكر أنه توفي بعد دخولها بيومين أو ثلاثة.
ـ الإمام عبد الله بن كثير المقرئ
ذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقرأ (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال) (البقرة: من الآية98) فقال: فلا أقرأهما إلا هكذا يقول: بغير همز.
قلت. وهذا دليل آخر على عقلية هذا الولد, حيث جعل المنامات من طرق رواية القراآت. فلا حول ولا قوة إلا بالله. ومع ذلك فإني أقول لابن الأزرق: لا حجة لك في هذا, فإن الأخذ بالمنام اسئناسا في أمر مباح مباح, وابن كثير لم ينكر القراآت الأخر, إنما اختار واحدة منها بالمنام ولا محذور في ذلك. هذا على فرض صحة الخبر عنه فإن في إسناده شيئا. وهو هكذا: حدثنا أبو يعقوب حدثني محمد بن صالح (المدني الأزرق القارئ) حدثني شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير قال: ...
وشبل بن عباد هو المكي المقرئ المعروف, ومحمد بن صالح هو المدني الأزرق القارئ ,ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه , قال الذهبي في الميزان: (قال ابن حبان:لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ,وقال غير ابن حبان: لا بأس به).ولذلك قال ابن حجر في التقريب: (مقبول) , أي عند المتابعة كما هو معروف من اصطلاح الحافظ. ولم يتابع على هذه القصة على حد علمي وأبو يعقوب لا يعرف, والله أعلم.
ـ الإمامان علي بن مسهر وحمزة الزيات
ذكر رواية مفادها أن حمزة الزيات رحمه الله رأى في المنام أنه عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبان بن عياش فلم يعرف منه إلا شيئا يسيرا, فقال حمزة وعلي: فتركنا الحديث عنه.
¥(13/279)
قلت: إن كان يقصد ابن الأزرق الاحتجاج بهذا على جواز التصحيح والتضعيف بالرؤى والكشف فقد كشف عن مستوى عقله إن كان عنده. وقد رجعت إلى شرح النووي على مسلم فوجدت له كلاما كأنه الذهب السبيك, فأحببت نقله هنا نصيحة, وليعلم القارئ من هو ابن الأزرق.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم , عند شرح هذا الخبر من مقدمة الصحيح: (قال القاضي عياض رحمه الله: هذا ومثله استئناس واستظهار على ما تقرر من ضعف أبان, لا أنه يقطع بأمر المنام, ولا أنه تبطل بسببه سنة ثبتت, ولا تثبت به سنة لم تثبت, وهذا بإجماع العلماء اهـ هذا كلام القاضي, وكذا قاله غيره من أصحابنا وغيرهم, فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع, وليس هذا الذي ذكرناه مخالفا لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فقد رآني) , فإن معنى الحديث أن رؤيته صحيحة, وليست من أضغاث الأحلام, وتلبيس الشيطان, ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي به, لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي, وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظا, لا مغفلا ولا سيء الحفظ, ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط, والنائم ليس بهذه الصفة, فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه, هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة, أما إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل تقرر من أصل ذلك الشيء والله أعلم) اهـ. وليس لي من تعليق سوى إنصافك أيها القارئ الكريم.
وأنبه القارئ إلى أني آثرت ترك الرد على المنامات الأخرى لأنه لا حجة في عملهم , على أن كثيرا منهم لم يخالف شرعا. واقتصرت على هؤلاء الخمسة.
فائدة
في الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر رحمه الله (4/ 268) من ترجمة الفقيه فرج بن عبد الله المغربي الصفدي الشافعي العثماني قاضي صفد حكى أنه توجه لزيارته الشيخ تاج الدين المقدسي فجرت مسألة النظر إلى الأمرد, وأن الرافعي يحرم بشرط الشهوة, والنووي يقول: يحرم مطلقا. فقال الشيخ فرج:رأيت النبي في المنام , فقال لي: الحق في هذه المسألة مع النووي. فصاح الشيخ تاج الدين وقال: صار الفقه بالمنامات!.فخضع الشيخ فرج وقال: أستغفر الله, أنا حكيت ما رأيت.
الخاتمة
قال: عليك أن تجيب على هذه الأسئلة بعد طرح الهوى والتزام التقوى.
أولا: هل تفيد الأحاديث المعروضة في الدليل الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفيد الأحكام من مناماته ومنامات أصحابه أم لا.
قلت: نعم, وانتبه أيها القارئ إلى قوله: (يستفيد الأحكام).
إذا كان الجواب (نعم) فهل يصح الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أم لا علما أنه لم يرد ما يدل على أن العمل بالرؤى خاص بالمعصوم
قلت: ـ انتبه أيها القارئ لقوله سابقا (يستفيد الأحكام!!) ـ لا يصح الاقتداء بالنبيصلى الله عليه وسلم في العمل بالرؤى في الأحكام مطلقة. وقوله: لم يرد ما يدل على أن العمل بالرؤى خاص بالمعصوم مجازفة, فهل قرأ ابن الأزرق كل كتب العلم, أم عنده استقراء تام لكل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنن والأحاديث؟! والنافي ليس معه إلا الجهل بوجود دليل. وحديث ابن عباس: (رؤيا الأنبياء وحي) وما ذكرناه في فصل عمل النبي بالرؤى شاهد.
ثانيا: لست تشك أن أخبار الصحابة المذكورة في الدليل الثالث صريحة في أنهم كانوا يعملون برؤاهم, فهل يدل على أن العمل بالمنامات الصالحة خاصا بالرسل أم لا؟ ومن الأعلم ...
ما نقله ابن الأزرق عنهم فيه الضعيف من حيث الثبوت, والضعيف من حيث دلالته على مقصوده. وقد مر بيان ذلك.
ثالثا: ألا يدل عمل عشرات الأئمة برؤاهم على أن المنكرين يهرفون بما لا يعرفون عندما يزعمون أن الاسترشاد بالمبشرات أمر أنكره العلماء وحاربوه.
قلت: ليس في قول أو فعل أحد حجة على أحد. ولا تؤسس الأحكام على ذلك, فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا النبي المعصوم.
وهذا آخره ما سطرته كشفا لحقيقة دلائل ابن الأزرق الذي يعتبر نفسه حامي حمى جماعته, وتبين لي بعد قراءة رسالتين من رسائله أنه إن كان ابن الأزرق بهذا المستوى الهزيل فكيف بباقي أفراد جماعته. وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق ويرزقنا اتباعا ويفضح الباطل ويرزقنا اجتنابه والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى الآل والصحب أجمعين.
تنبيه: هذه محاولة متواضعة, قصدي من وضعها في الملتقى أن يخلص الإخوان في نصحها وتصحيح ما فيها من خطأ , وأنا شاكر جدا لكل من نبهني على خطأ وجزاكم الله خيرا. وبريدي الإلكتروني في انتظار مساهماتكم.
كتبه أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي التطواني.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[27 - 08 - 06, 03:51 ص]ـ
ماشاء الله، بارك الله فيك وأحسن إليك.
¥(13/280)
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 06:35 ص]ـ
احسنت وجزاك الله خيرا ...
ـ[العدناني]ــــــــ[27 - 08 - 06, 08:25 ص]ـ
سددك الله
ـ[أبو الوليد المغربي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 05:27 م]ـ
السلامن عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخونا الفاضل طارق بارك الله فيك وفيما خطته يمناك ..... جزاك الله خيرا
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 05:28 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا فهل من ناصح لاحظ خطأ ما لأصححه.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[09 - 11 - 06, 04:22 م]ـ
سددك الله ..(13/281)
رد على كاتب صوفي يحتج بالرؤى
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 04:46 م]ـ
التحقيقات الفاضحة
لحقيقة الدلائل الواضحة
رد على رسالة المدعو محمد بن الأزرق المسماة:
(الدلائل الواضحة على سنة
الاستدلال والعمل بالرؤى الصالحة)
قال الإمام مالك: (الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة.)
كتبها
أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن
الحمودي التطواني
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فهذه رسالة كاشفة لحقيقة كتاب (الدلائل الواضحة على سنة () الاستدلال والعمل بالرؤيا الصالحة) لمحمد بن الأزرق الطنجي المنسوب إلى جماعة العدل والإحسان الصوفية عندنا بالمغرب, ولأتباعهم بمدينة طنجة صلة قوية بالطائفة الدرقاوية التي ينسب إليها السقاف وصاحبه المصري, قصدت فيها إلى أدلته التي زعم أنها حجج على استحباب العمل بالرؤى في الأحكام, وتصديق ما فيها من غيبيات, فرددت عليها بإنصاف إن شاء الله, وما أفلح الأخ في انتقاء أدلته , إذ غالبها ضعيف, وباقيها لا تقوم به الحجة لما ادعاه, وسأحاول بيان ذلك إن شاء الله, ولست أدعي عصمة في ذلك, فكلنا خطاء, وقد نظمت ردي موافقا ترتيب أدلته في كتابه, كي يكون أبلغ في بيان حقيقة كل دليل من أدلته على حدة, وأود نصيحة مقدم كتابه هذا أحمد بوعود في ما يخص مقدمته فأقول له: غفر الله لي ولك , قد كان الأولى أن تنزه نفسك عن توريطها في تبعات ما ورد من تجاوزات في هذه الرسالة, فكونك مفكرا إسلاميا كما وصفك الأزرق لا يسوغ لك الحديث في هذه المسألة بالطريقة التي تناولتها بها, فإن هذا مضمار يخص أهل العلم لا المفكرين, فكلنا مفكر يا أستاذ, ولا أدل على ذلك من حديث رواه الترمذي أوردته في أواخر المقدمة وهو حديث أم سلمة وفيه (أنها رأت النبي ? في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقال لها: شهدت قتل الحسين)
ولا أخفيك استغرابي منك, كيف يرى النبي ? على رأسه التراب وهو سيد ولد آدم ولو مناما , فقد كان هذا كافيا ليثنيك عن إيراده في مقدمتك, الحديث ضعيف يا أستاذ , ضعفه الترمذي نفسه فقال: حديث غريب, والمعروف عند المحدثين وطلبة الحديث أن قوله ذاك تضعيف منه للحديث, وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (3771) ,ولا حول ولا قوة إلا بالله, ولو سكت من لا يعلم لقل الخلاف كما قيل.
ومن الإنصاف أن أذكر كلمة جميلة للأستاذ قالها صادقا إن شاء الله, وهي تخالف ما تضمنه كتاب الأزرق ونصها: (الرؤيا من مبشرات النبوة, وقصها والسؤال عنها سنة نبوية, كما أن مضمونها , كما لا يضيف تشريعا, فهو مما يحمل بشرى للمؤمن تستحثه على الزيادة في الخير, وتبين له أمر الأعمال الصالحة, أو تحذير عن المضي في أمر ليس له حسن عاقبة وآل عند الله عز وجل ومصيره عنده, أو مصير ذلك في مجتمعه).
هذه عقيدتنا
الحمد لله أما بعد:
فهذا تنبيه بين يدي الرد ,كي لا يظن أحد أننا لا نسوغ العمل بالرؤى مطلقا, فالصحيح أننا ممن يرى ذلك بشروط فإنه: (لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر وبشر ,وأنذر وندب وتصرف بمقتضى الخوارق من الفراسة الصادقة والإلهام الصحيح والكشف الواضح والرؤيا الصالحة كان من فعل مثل ذلك ممن اختص بشيء من هذه الأمور على طريق من الصواب وعاملا بما ليس بخارج عن المشروع لكن مع مراعاة شرط ذلك ومن الدليل على صحته زائدا إلى ما تقدم أمران:
أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عمل بمقتضى ذلك أمرا ونهيا وتحذيرا وتبشيرا وإرشادا مع أنه لم يذكر أن ذلك خاص به دون أمته فدل على أن الأمة حكمهم في ذلك حكمه شأن كل عمل صدر منه () ولم يثبت دليل على الاختصاص به دون غيره ويكفي من ذلك ما ترك بعده في أمته من المبشرات وإنما فائدتها البشارة والنذارة التي يترتب عليها الإقدام والإحجام ().
والثاني عمل الصحابة رضى الله عنهم بمثل ذلك من الفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي.
¥(13/282)
ويكثر نقل مثل هذا عن السلف الصالح ومن بعدهم من العلماء والأولياء نفع الله بهم, ولكن يبقى هنا النظر في شرط العمل على مقتضى هذه الأمور ,وذلك أن هذه الأمور لا يصح أن تراعى وتعتبر إلا بشرط أن لا تخرم حكما شرعيا ولا قاعدة دينية () فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه بل هو إما خيال أو وهم وإما من إلقاء الشيطان وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام لا خاص كما تقدم في المسألة قبل هذا وأصله لا ينخرم ولا ينكسر له اطراد ولا يحاشى من الدخول تحت حكمه مكلف وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده مضادا لما تمهد في الشريعة فهو فاسد باطل).
قاله الإمام أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات (2/ 200 إلى 203)
الدليل الأول
رؤيا المؤمن وحي
قلت: قال ابن عباس: (الرؤيا الحسنة بشرى من الله)
الدليل الأول
ذكر الأزرق قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب, أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء, إنه علي حكيم) وقال: (وحيا) أي مناما عند كثير من أهل التفسير , فالرؤيا من طرق تكليم الحق تعالى لعباده.
قلت: ذكر الأزرق كلاما ونقلا عن ابن تيمية وابن القيم في أن الله يوحي لغير الأنبياء بطريقة مجملة لا تسمن ولا تغني من جوع, ولذلك رأيت أن أفرد الرد على ما أورده هناك في رسالة مستقلة حرصا على الموضوعية في الرد. سميتها: (إتحاف السادة النبلاء بحقيقة الوحي لغير الأنبياء).وسأخرجها قريبا عن شاء الله.
الدليل الثاني
قال: قال النبي ?: (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ?: (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت, فلا رسول بعدي ولا نبي. قال: فشق ذلك على الناس, فقال: لكن المبشرات, قالوا: وما المبشرات؟ قال: رؤيا المسلم, وهي جزء من أجزاء النبوة. قال في الهامش: رواه الترمذي وصححه.
قال: فقد أثبتت هذه الأحاديث أن الرؤيا الصالحة جزء من النبوة, أي طريق من طرق الوحي للأنبياء , شاركهم فيه المؤمنون, فتأكد عموم الآية.
قلت: كلام ابن الأزرق هزيل المبنى, فليس للوحي الخاص بالأنبياء وجود بعد وفاة النبي ?, لأنه لازم للنبوة طردا وعكسا, إيجابا وسلبا. فنفي النبوة يستلزم نفي الوحي, ونفيه يستلزم نفي النبوة. وقد قال النبي ?: (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت) , فدل ذلك أن الوحي انقطع. وبهذا تعلم خطأ قول ابن الأزرق: (شاركهم فيه المؤمنون) , لأنه لو أثبت الوحي بعد رسول الله ? للزمه أن يثبت نبوة بعده, وهذا مردود شرعا. فبقي أن رؤيا المؤمن ليست من ذاك الوحي, إنما هي مبشرات كما قال النبي ?. فالحديث يدل على أن الرؤيا بالنسبة للأنبياء أخص من الوحي, فالوحي أنواع, الرؤيا نوع وتكليم الملك نوع وكلام الله نوع. وإثبات الأخص بالنسبة لهم يستلزم إثبات الأعم. بخلاف غيرهم, فالرؤيا بالنسبة لهم أعم من الوحي, فالرؤيا تنقسم إلى نوعين, رؤيا وحي وهي رؤيا الأنبياء, ورؤيا غيرهم وهي الرؤى المبشرات, وإثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص.
وقد يقول قائل: إذا كانت الرؤيا جزءا من الوحي, فهي أيضا وحي. والجواب أن هذا صحيح بالنسبة للأنبياء لما سبق ذكره, أما بالنسبة لغيرهم فلا. فإنك لو قلت في من هو دون النبي ?: الرؤيا وحي, والوحي نبوة, لكانت النتيجة: (الرؤيا نبوة) , وهذا خطأ. وستقول: هذا صحيح بالنسبة للنبي. وهذا هو المقصود. لأن رؤيا الأنبياء حق. ورد الحافظ هذا بطريقة أخرى فقال في الفتح (12/ 375/دار المعرفة): (ظاهر الاستثناء أن (الرؤيا نبوة) وليس كذلك لما تقدم أن المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة أو لأن جزء الشيء لا يستلزم ثبوت وصفه له, كمن قال أشهد أن لا إله إلا الله رافعا صوته لا يسمى مؤذنا ولا يقال أنه أذن وإن كانت جزءا من الأذان وكذا لو قرأ شيئا من القرآن وهو قائم لا يسمى مصليا وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة)
هذا في الوحي الخاص بالأنبياء, أما الوحي الأعم والذي تحته وحي الإلهام وغيره فلا محل له من الكلام هنا. ولا ينبغي ذلك.
الدليل الثالث
¥(13/283)
قال: عن عبادة بن الصامت أن النبي ? قال: (رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبدَ ربَه في المنام) وهو حديث صحيح, صححه الألباني , وقد خرجته وتكلمت على أسانيده في (رفع الملام)
قلت: ذكر الحديث وذكر مصادره ثم ذكر تضعيف الشيخ الألباني لرواية ابن أبي عاصم بحمزة بن عبد الله بن الزبير وترجيحه أنه حمزة بن الزبير.
وقال: أما حمزة فليس كما قال الشيخ رحمه الله, بل هو حمزة بن الزبير بن العوام.
وثقه العجلي فقال في معرفة الثقات: حمزة بن الزبير مدني تابعي ثقة
ثم هو مشهور في كتب السنة والفقه بحديث في الرضاع, فعن زينب بنت أبي سلمة ... وذكر الحديث
ثم قال:وهذا الحديث يدل على أن الزبير كان من سادات التابعين, معروفا لدى الصحابة الأطهار, فهو وإن لم يرو عنه إلا جنيد, في عداد المستورين, الذين يحسن حديثهم إذا لم يكن منكرا.
قال في الجنيد بن ميمون: صوابه سعيد بن ميمون.فقد قال المناوي في تخريج الحديث في فيض القدير (4/ 12):ورواه عنه الحكيم في نوادره, قال الحافظ:وهو من روايته عن شيخه عن ابن أبي عمر, وهو واه, وفي سنده سعيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة.
حكم عليه بالجهالة الحافظ ابن حجر في التقريب (241) ,وهذا حكم غير مقبول, فقد روى عنه غير واحد, وترجمه البخاري في الكبير, وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل بما يدل على أنه معروف , وسكتا عنه ,وأورده ابن حبان في الثقات, ولذلك سكت عنه الذهبي في الكاشف والمزي ,فكان رأيهما أسلم من حكم الحافظ رحمه الله (ص41)
قلت:
غفر الله لي ولك. وطهرني وإياك من العمى. والذي حصل لك أيها الأستاذ أنك وقعت في أحد أكثر الأخطاء التي يقع فيها المتطفلون على علم الحديث. فلا عليك واحذر هذا مرة أخرى.
إن تصحيحك كون جنيد سعيد بن ميمون اعتمادا على نقل المناوي عن الحافظ خطأ, فإنك لو راجعت كلام الحافظ في الفتح (14/ 376) في شرح كتاب التعبير من صحيح البخاري, لوجدت أن الذي وقع في كلامه هو جنيد بن ميمون, لا سعيد, وهذا من الأخطاء التي تقع بسبب الاعتماد على الوسائط تقليدا دون الرجوع إلى الأصول, وما كان ينبغي لك أن تقع في هذا وأنت المنابذ للتقليد, والمجتهد الناقد بمنظار المحدثين, وخريج دار الحديث. وعلى كل فجَلَّ من لا يسهو.
وأنبهك إلى الخطأ الثاني الذي وقع لك عافاني الله وإياك من مرض الخلط بين الرواة, وهو أن سعيد بن ميمون رجلان, أحدهما يروي عن نافع عن ابن عمر حديث الدم عند ابن ماجة ولا يعرف إلا بهذا الحديث
قال المزي في تهذيب الكمال: روى له بن ماجة هذا الحديث الواحد ,وقال الحافظ في تهذيب التهذيب: هو مجهول وخبره منكر جدا في الحجامة. وقال في التقريب: مجهول من الثامنة, وقال الذهبي في الميزان (3/ 234): سعيد بن ميمون (ق) عن نافع تفرد عنه عبد الله بن عصمة في الحجامة.
وبناء على القواعد التي لا أحتاج إلى تذكيرك بها, فإن سعيدا هذا مجهول كما قال الحافظ ولا ينكر عليه.
وأما سعيد الآخر فهو الذي ترجم له ابن حبان فقال: سعيد بن ميمون ,كوفي يروي عن البراء بن عازب عداده في أهل الكوفة روى عنه شريك
وقال ابن أبي حاتم: سعيد بن ميمون كوفي روى عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:من غشنا فليس منا روى عنه شريك سمعت أبي يقول ذلك. وكذلك قال البخاري في التاريخ
وأنت ترى معي جيدا أنه يروي عن البراء, يعني أنه تابعي كما تعلم حفظني الله وإياك
ثم إنك أيها الأستاذ نقلت كلام الحافظ في التقريب, ولم تنتبه إلى كلمة كتبها الحافظ بعد ذلك وهي: (من الثامنة) ولست ألومك, فلعلك لا تعرف منهج الحافظ في التقريب, ولا تعرف التفرقة بين الطبقات ,فعلمني الله وإياك ذلك, وأقول لك: إن معنى من الثامنة ,أي أنه من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين, وهذا يدل على أنهما رجلان لا رجل واحد , فكان الأولى بخريج دار الحديث أن يتأنى ويحتاط, ولكنه النقد بمنظار المحدثين الذي يفعل هذا بك, ولست ألومك.
وانظر الصحيحة رقم (215)
ولا يفوتني أن أنبه إلى خطأ لعله من الأخطاء المطبعية وهو نصبهم لكلمتي العبد والرب, وصورتها: (رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبدَ ربَه في المنام, والصحيح ربُه بضم الباء.
قال ابن الأزرق:ورواه ابن أبي عاصم وابن منده في ترجمة الطبراني من طريق صفوان عن حميد بن عبد الرحمن عن عبادة
¥(13/284)
وذكر ترجيح الألباني كونه خطأ من الناسخ وأن الصواب حميد بن عبد الله بأربعة مرجحات وردها مجوزا كون ابن عبد الرحمن يروي الحديث أيضا معللا ذلك بأنه في نفس طبقة ابن عبد الله المدني أو المزني وهذا مجرد تخمين لا يقوم على ساق.
وأعيد صياغة مرجحات الشيخ الألباني مع مرجحات أخرى.
سمي الراوي عن عبادة في رواية عبد الوهاب بن نجدة الحوطي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو (حميد بن عبد الرحمن) عند ابن منده وابن أبي عاصم
وعند الطبراني في مسند الشاميين عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي أيضا عن إسماعيل بن عياش عن صفوان عن حميد بن عبد الله. وتابع إسماعيل بن عياش الوليد بن مسلم, وتابع صفوان على ذلك الأحموسي عند الطبري.وتابع ابن عياش أبو المغيرة عند الطبري أيضا في جميعها عن حميد بن عبد الله.
أن السيوطي أورده في الدر المنثور من رواية الحكيم الترمذي وابن مردويه عن حميد بن عبد الله.
الدليل الثاني والثالث
عمل الأنبياء والنبي ? بالرؤى
قلت: قال ابن عباس: (رؤيا الأنبياء وحي)
قال: فإن قلت: إن دليل تخصيص النبي بجواز العمل بالرؤى هو قول ابن عباس (رؤيا الأنبياء وحي) , فهو دال بمفهومه على أن رؤيا غيرهم ليست وحيا:
قلنا: هذا فهم لا تحسد عليه, وليس لك فيه سلف ولا خلف ... ومفهوم المخالفة يا عزيزي لا يحتج به إذا كان يقابله المنطوق, وهو الأحاديث الدالة على أن المبشرات جزء من النبوة.
قلت: بل هو فهم يغبط عليه, ولا ينتبه إليه مثلك. فقد قال به جمع من الأذكياء. ومن أدلتهم على خصوصية كون الرؤيا حقا بالأنبياء ما رواه عبد الرزاق في تفسيره (2/ 294) عن معمر عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال:قال رسول الله فلا أدري أقال في المنام أم لا ,و (كان منامه وحيا): رأيت كأن رجلا شق أحد شدقيه ... ) وقوله ?: (إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا) .. قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 73) عقب ذكره لهذا الحديث: (ولهذا قال ابن عباس وغيره من العلماء: (رؤيا الأنبياء وحي).وقال الزرقاني فيه أيضا في شرحه للموطأ (1/ 352): (ولذا قال ابن عباس وغيره من العلماء: (رؤيا الأنبياء وحي) ولو سلط النوم على قلوبهم كانت رؤياهم كرؤيا من سواهم, ولذا كان ينام حتى ينفخ ويسمع غطيطه ثم يصلي ولا يتوضأ لأن الوضوء إنما يجب بغلبة النوم على القلب لا على العين).قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح حديث رؤيا النبي ? صورة عائشة في سرقة من حرير: (رؤيا الأنبياء وحي, وعصمتهم في المنام كاليقظة).
وقول ابن عباس تعليل لوجوب تصديقهم لرؤاهم. وقد روى البخاري عن عائشة قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح).أي أن ما كانوا يرونه في منامهم وحي كوحي اليقظة. وقد قال النبي ? كما في صحيح مسلم: (لست كمثلكم). قال ابن العربي في أحكامه: (اِعلم أن رؤيا الأنبياء وحي فما ألقي إليهم ونفث به الملك في روعهم وضرب المثل له عليهم فهو حق).
وأما قولك: (ومفهوم المخالفة يا عزيزي لا يحتج به إذا كان يقابله المنطوق, وهو الأحاديث الدالة على أن المبشرات جزء من النبوة).فخطأ. فليس هناك تعارض بينهما. إذ شرط صحة القول بتعارضهما اتحاد موردهما, وهذا مالم ينتبه إليه ابن الأزرق, فمفهوم أثر ابن عباس يدل على أن رؤيا غير الأنبياء ليست وحيا. ومنطوق تلك الأحاديث يدل على أن الرؤيا جزء من النبوة. وقد بينا أن هذا لا يعني كون الرؤيا نبوة مطلقا, وأظنك لا تعرف ما تقول, فقصد ابن عباس بقوله (وحي) أي حق يعمل به لصدقه لأنه من الله, ولا يجوز لأحد غيرهم أن يعتبر رؤياه مجردة في الأحكام والغيبيات. ويفسر هذا قول قتادة في قوله تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك) (الصافات: من الآية102): (رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا في المنام شيئا فعلوه).فهل يجوز لأحد ذبح ابنه لرؤيا رآها تشبه رؤيا إبراهيم عليه السلام, اللهم لا, وهذا هو الفرق بين رؤيا الأنبياء ورؤيا غيرهم. قال ابن حزم رحمه الله تعالى في الفصل (3/ 190): (وأما رؤيا غير الأبياء فقد تكذب وقد تصدق, إلا أنه لا يقطع على صحة شيء منه إلا بعد ظهور صحته, حاشى الأنبياء فإنها كلها مقطوع على صحته).
¥(13/285)
وساق ابن الأزرق أمثلة كثيرة فيها أخذ النبي ? برؤاه ورؤى الصحابة, ثم قاس على ذلك غيره , وخلص إلى جواز أخذ غير النبي ? بالرؤى في العقائد والأحكام, ولم يلحظ الفرق بينه وبين غيره. فالنبي ? مؤيد بالوحي, ولا يقر على خطأ, وتصديقه برؤى أصحابه معصوم بوحي الله تعالى, فإقرار الله تعالى له دليل على صدقها. فكيف يعلم غيره ذلك, وقد انقطع الوحي. هذا مربط الفرس كما يقال. والله الموفق.
الدليل الرابع
عمل الصحابة بالرؤى
قلت: (قال ابن القيم: (هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس) الروح (ص24))
الشاهد الأول: إنفاذ وصية ثابت بن قيس
قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري , رواه ابن أبي عاصم في الآحاد [3/ 465] والطبراني في الكبير [2/ 65] والحاكم [3/ 260] وابن حجر في التغليق [3/ 436] , وأصله في صحيح البخاري [3/ 1046]
أما قوله: (على شرط البخاري) فكذب, فإنه من المعلوم عند المبتدئين في علم الحديث أن البخاري لم يرو له في صحيحه لأجل أنه ساء حفظه بأخرة, وإنما روى له مسلم من حديثه انتقاء, قال البيهقي رحمه الله كما في التهذيب: (لما كبر ساء حفظه, فلذلك تركه البخاري, وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره). وهذا من أمثلة التزوير من ابن الأزرق.
وقوله: (رواه ابن أبي عاصم) كذب, فابن أبي عاصم لم يرو الحديث بهذا اللفظ من طريق حماد عن ثابت, إنما رواه من طريق عطاء عن بنت ثابت بن قيس كما سيذكر هو بعد هذا.
وأما قوله: (وأصله في صحيح البخاري) فتدليس, فإنه كان ينبغي له أن يبين أن هذا الأصل الذي أشار إليه من رواية موسى بن أنس عن أنس, وأنه ليس فيه ذكر للوصية, فتأمل.
قال: وله شاهد صحيح مطول فعن عطاء الخراساني ... وذكر الرواية كلها
قلت: الصحة متوقفة على معرفة شيخ الحاكم أبي العباس محمد بن يعقوب. ولم أجد من ترجم له, وفي هذه الرواية زيادة عجيبة, وهي كلمة قالها ثابت بن قيس لمن رآه في المنام بعد وصيته, ولفظها إن صحت: (وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه).فباعتبار هذه الكلمة, فإن الرائي له في المنام لم يذكر لأبي بكر وخالد أنها وصية منامية, وعلى هذا , فإنهما لم ينفذا الوصية المنامية, بل أنفذا ما أوهمهما الرائي أنها وصية أوصى بها ثابت قبل موته, فالرواية إن صحت حجة عليه لا له, فإن ثابتا أوصى الرجل أن لا يخبرهم بأنها وصية منامية خوف أن لا تنفذ, وهذا يدل على أنه كان معلوما عنده أن الوصية المنامية لا تنفذ, فلا يبقى لابن الأزرق متمسك بها وقد صححها أو حسنها. فعجبا من فهمك يا ابن الأزرق. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الفهم في دينه.
ومما يدل على نكارة هذه الرواية أنها ذكرت أن ثابتا أمر الرائي له بكتم كون الوصية مناما كذبا وتدليسا وزورا, وهو محال في حق صحابي كثابت إن كان المرئي ثابتا. وقد ذكر ابن بشكوال في الغوامض (2/ 834) أن الرائي هو بلال بن رباح, فهل يجوز لبلال أو غيره أن يوافق على الكذب.
فيلزم ابن الأزرق شيئان: إما أن يتراجع عن تصحيح الرواية ليسلم من تبعاتها, وإما أن يصححها فيبطل استدلاله.
قال: فانظر رحمك الله إلى عمل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأصحابه برؤيا رجل من المسلمين, إنهم تصرفوا بناء عليها في ميراثه , وهو من أخطر الأمور.
قلت: هيهات يا ابن الأزرق, قد فاتك شيء مهم جدا, وهو أننا نجهل ظروف إنفاذ أبي بكر للوصية المنامية إن صح أنه أنفذها على أنها منامية, وإلا فقد صحح ابن الزرق رواية عطاء. قال الشاطبي في الموافقات (2/ 203): (ما روي أن أبا بكر رضي الله عنه أنفذ وصية رجل بعد موته برؤيا رؤيت فهي قضية عين لا تقدح في القواعد لاحتمالها, فلعل الورثة رضوا بذلك, فلا يلزم منها خرم أصل.)
ووجه شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الصنيع بتوجيه آخر فقال في الفتاوى الكبرى (4/ 519): (وتصح الوصية بالرؤيا الصادقة المقترنة بما يدل على صدقها ... لقصة ثابت بن قيس التي نفذها الصديق.) فاشترط شيخ الإسلام وجود القرائن الدالة على صدقها, وفهم من كلامه هذا أنه لا يجيز ذلك إذا عريت عن قرائن شاهدة. وهذا ما يفهم من كلام ابن القيم رحمه الله الذي شهره ابن الأزرق في وجه مخالفيه. فقد قال رحمه الله بعد تقريره جواز الاعتماد على القرائن في أحكام تخص الدماء والأموال وغيرها, كاللوث في القتل والقيافة في إلحاق النسب: (والمقصود أن
¥(13/286)
القرائن التي قامت في رؤيا عوف بن مالك وقصة ثابت بن قيس لا تقصر عن كثير من هذه القرائن)
قال بعد ذكره للروايتين وإيراده كلاما لابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الروح:
شد يدك على هذا فإنه كلام الراسخين في العلم والتقوى لا هدر المتطفلين أنصاف العلماء, وكأني بمن يدعي السلفية والوقوف مع ظواهر النصوص يتغيظ من نطق ابن القيم بمثل هذا وهو الرمز والسلف.
أخطأت يا ابن الأزرق مرة أخرى في تقدير منهج خصومك, ألا تعلم أنه ليس للسلفيين متبوع بحق إلا النبي e, وأنهم لا يستدلون بكلام أحد سوى كلام الله وكلام رسوله e, وأنهم يأخذون ويتركون من كلام من هو دون النبي e كما قال الإمام مالك رضي الله عنه, ومثل ابن القيم رحمه الله تعالى يخطأ ويصيب عندهم, فمخالفتهم له اتباعا للصواب لا يسقط من قدره ولا يدل على استهانتهم به, وأنهم لا يجدون في أنفسهم حرجا من قبول الحق على حساب أحد. وهذا خلافكم معشر العدل والإحسان, فإنكم لا تردون لشيخكم حكما ولا أمرا نسأل الله العافية.
قال: وابنة ثابت بن قيس لا يعرف اسمها, لكنها صحابية أو تابعية, وقد رجح الأول الحافظ الهيثمي في المجمع, وسياق حديثها في الآحاد والمثاني يشعر بذلك, فإن كانت صحابية فهي معدلة ولا بد, وإن كانت تابعية فلا يعلم فيها جرح ولا تعديل, وقد نص النقاد على أنه لا يوجد في التابعيات امرأة مجروحة, فحديثها حسن ولا بد, ويعتضد بحديث أنس
قلت: أخطأ ابن الأزرق مرة أخرى كعادته, فإنه لو راجع ترجمة عطاء الخراساني لوجد ما يلي: قال المزي: روى عن الصحابة مرسلا, وقال الطبراني: لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أنس, ومعناه أن من ثبت سماعه منه لا يكون صحابيا, ومنهم ابنة ثابت, وإلا لاستثنوها. فليت الله تعالى رزقك ذرة ذكاء , ولكن الله يهدي من يشاء. وقد وقفت على كلام الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في رسالة له في الرؤيا فوجدته اختار كونها صحابية باستدلال وجيه كان الأولى أن يتبناه ابن الأزرق. وعلى فرض صحة كونها صحابية فقد علمت ما في الرواية من جهة المعنى.
الشاهد الثاني: ذكر فيه رد معاذ المال إلى بيت المال بسبب رؤيا
قلت: خاف معاذ متأولا الرؤيا وقوي عنده ذلك بقدوم عمر ناصحا فرد المال ورعا.وليس الشاهد في محل النزاع.
الشاهد الثالث: عائشة تتصدق بعد قتل جني
قال: فانظر إلى عمل أم المؤمنين برؤياها وتصديقها بالغيب الوارد فيها. وانظر إلى سكوت الأصحاب, بل جاء في بعض طرق الحديث أن أباها رضي الله عنه هو الذي أفتاها ثم ساق رواية عبد الله بن المؤمل عن عبد الله بن أبي مليكة عن بنت طلحة عن عائشة وقال: أما عبد الله بن مؤمل فمختلف فيه, قال أبو حاتم وأبو زرعة: ليس بالقوي, وقال أحمد: أحاديثه مناكير, وقال يحيى , ضعيف الحديث, وقال مرة ليس به بأس, ينكر عليه, وقال مرة: صالح الحديث, وقال النسائي والدارقطني: ضعيف, وقال علي بن الجنيد , شبه المتروك, وقال ابن عدي, عامة حديثه الضعف عليها بين, ليس بذاك, وقال أبو داود: منكر الحديث. ثم ذكر توثيق ابن نمير وابن سعد وابن حبان وتصحيح الحاكم لحديث له وقول الهيثمي: ثقة وفيه كلام. ثم انتصب لتأويل تضعيف الأئمة له فقال:
أما قول الأولين فيعنيان به أحيانا أن الراوي لم يصل إلى الدرجة العليا في الضبط
قلت: كذب ابن الأزرق كعادته, فالذي في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم عنهما: (ليس بقوي) , بتنكير كلمة (قوي) والفرق بينها وبين (القوي) معروف. فقولهم: ليس بقوي يعنون به ضعيف, وقولهم ليس بالقوي أي ليس بأعلى درجات القوة أي أنه مقارب الحديث أو حسنه. ولذلك حرف ابن الأزرق العبارة في محاولة ساقطة للتدليس ولكن الله بالمرصاد.
قال: وأما ابن معين فاضطرب فيه.
قلت: ليتق الله هذا الشاب المتهور في أئمة المسلمين, وليحذر انتقام الله عز وجل منه لسوء أدبه مع الأولياء. إنما يقال: اختلفت أقواله فيه, ولا يقال اضطرب, تأدبا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: وأما أحمد وأبو داود فيقصدان بالنكارة التفرد والغرابة
¥(13/287)
قلت: هذا أيضا كذب, لم يقل بهذا أحد, وأتحداه أن يجد إماما واحدا معتبرا يقول بما قال ابن الأزرق وأمهله حياته كلها. فمعنى قول الإمام أحمد: (أحاديثه مناكير) , أي ضعيفة ,وهو خلاف قوله: (منكر الحديث) , فهذا اللفظ يحتمل أن يكون معناه: يتفرد بأحاديث لا يرويها إلا هو, ويحتمل أن يكون بمعنى: ضعيف الحديث يخالف الثقات, ولعل ابن الأزرق وقع له الخلط بينهما وهذا هو المظنون به. وهذا شيء معروف لا يحتاج إلى شرح, ولكن صاحبنا معذور, فإنه لا يجد طريقة يرد بها الحق إلا اللعب والتشويش.
قال: ثم إن أبا داود غالبا ما يقلد أحمد في الحكم على الرجال
قلت: اتق الله , من أين لك هذا الفهم الغريب, وإن صح كلامك هذا ,فإن العلماء يعتبرون كلام الإمام أبي داود رحمه الله في الرجال, ولو وافق كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال: وأما عبارة ابن الجنيد فتحتمل معنيين: فالترك قد يعني عدم الأخذ عن الراوي, وقد يعني التضعيف , فلا يصح نسبة التضعيف إليهم بحال.
قلت: الاحتمالان كلاهما مسقط للاحتجاج بابن المؤمل. أم أن ابن الأزرق لم ينتبه!
قال: ثم وجدت ما يدل على أن الرجل موثق عند أحمد, فقد قال في نافع بن عمر الجمحي: ثيت ثبت صحيح الحديث, وقال مرة: نافع بن عمر الجمحي ثبت من عبد الله بن المؤمل. فصيغة (أثبت) تدل على اشتراك الرجلين في وصف الثبات
قلت: ابن الأزرق لا يعرف اصطلاحات أهل الحديث, وهذا سبب أخطائه الكثيرة, فقوله: (أثبت) يستعملها علماء الحديث كما يستعملون كلمات مثل أقوى وأصح ولا يعنون ظاهرها. فكثيرا ما يطلق أحدهما عبارة: هذا حديث أصح من هذا وكلاهما ضعيف.
وقد ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 175) عن أحمد أنه قال في ابن المؤمل: ليس هو بذاك, وهي من ألفاظ التجريح كما ذكر ابن الصلاح وأقره العراقي في التقييد.
أما توثيق ابن حبان ففيه كلام, فإنه ضعفه جدا في كتابه المجروحين (2/ 27) , فقال: (قليل الحديث منكر الرواية, لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد).وسبب هذا أنه جعلهما رجلين, قال الحافظ في التقريب: (ذكره ابن حبان في الثقات وقال: (هو غير الذي قبله ـ يقصد المكي ـ) فوهم, هو هو).فضعف زعمُه أن أباها أمرها بذلك, وعلى فرض صحة الخبر, فإن عائشة تصدقت تورعا.قال ابن حزم رحمه الله في المحلى: (ليس في هذا الخبر أنها قصدت بذلك قصد دية وجبت عليها فزيادة ذلك عليها كذب لا يحل وإنما هي صدقة تصدقت بها) وقال: (إنما هي أحلام نائم, لا يجوز أن تشرع بها الشرائع, والأظهر أنها من حديث النفس, فصح أنها صدقة تطوع منها رضي الله عنها فقط, لا يجوز غير ذلك أصلا).
وقال ابن الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/ 197) في رواية ابن المؤمل: (رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عفيف وهو ثقة, وابن المؤمل فيه ضعف, والإسناد الأول أصح, وما أعلم أحدا اليوم يقول بوجوب دية في مثل هذا).
الشاهد الرابع: ذكر قصة عائشة مع المدبرة التي سحرتها نقلا عن ابن القيم في كتاب الروح قال: ذكر مالك عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة
قلت: من روى هذه القصة من طريق مالك, فإن لم يكن عندك جواب فلا عبرة بهذه الرواية حتى يعرف مصدرها.
قال: وقد تابع الإمام يحيى بن سعيد مالكا على هذا الحديث ولم يذكر المنام
قلت: أحسنت بقولك: (ولم يذكر المنام) وأرحتنا من روايتك هذه.
الشاهد الخامس عمر يكره التقبيل في الصوم.
قال: هذا حديث حسن رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح
قلت:كيف يكون حسنا ورجاله كلهم ثقات. فإن كانوا كذلك فالحديث صحيح لا حسن, وأظنك لا تعرف قواعد التصحيح بل أعتقد ذلك جزما.
قال: الذي ترجحه القواعد هو أنه موثق لسببين:
الأول: وهو أن عدد المضعفين أقل من الموثقين, فقد وثقه ثلاثة أئمة هم: مسلم حيث أخرج له في الأصول من صحيحه وابن حبان والحاكم وقال: أحاديثه كلها مستقيمة
الثاني: هو أن المضعفين لم يذكروا سبب الجرح, والقاعدة أن التعديل مقدم على الجرح إذا كان المجرحون أقل عددا, أو لم يفسروا علة جرح الراوي
قلت: بل عدد المضعفين أكثر إن اعتبر قول النسائي تضعيفا وليس كذلك, فقد قال فيه ابن عدي في الكامل: يكتب حديثه, وهذا لا يقال في مقبول الرواية, ومعنى قوله ذاك: يكتب حديثه للمتابعات لا للاحتجاج.
¥(13/288)
ثم إني أعيب على الأستاذ أن يذكر توثيق ابن حبان ولا يذكر عبارة له في الثقات في ترجمة عمر, وهي: (وكان ممن يخط) , وهي عبارة تعكر عليه ما يدعيه. وخلاصة البحث أن الرجل ضعيف كما قال الحافظ في التقريب, وهو أولى بالفهم منك يا فتى.
وأما أن مسلما أخرج له في الأصول فكذب أو جهل: فقد نص الإمام الذهبي وهو من أهل الشأن حقا لا الفتى ابن الأزرق أنه روى له متابعة كما في المغني في الضعفاء. وهذا يبطل دعوى توثيق مسلم له.
وأما أن المضعفين لم يفسروا جرحهم لعمر, فمكابرة, وسوء فهم, فقول أحمد: أحاديثه مناكير مفسر مبين, وكذلك الآخرون, وأعتقد أن الأستاذ لا يعرف معنى جرح مفسر وجرح غير مفسر, فعلى فهمه ستصح مئات الأحاديث بهذه الدعوى.
قال: كل من درس علم الجرح والتعديل يعرف أن الإمام يطلق النكارة ويقصد بها التفرد بالحديث حينا والتجريح حينا آخر, والاحتمال يبطل الاستدلال, فلا يصح ذكر أحمد بين المجرحين, إلا إذا وجدت قرينة تثبت أنه يقصد تجريح الرجل, وهو ما لم يثبت لدينا.
قلت: هذا الكلام صحيح في قول الإمام أحمد وغيره: منكر الحديث, وهذا أمر مشهور يعرفه من درس علم الجرح والتعديل كما قال الأستاذ, لكن الذي لا يعرفه الأستاذ أن كل من درس علم الجرح والتعديل يعرف أن الإمام إذا قال في الراوي: أحاديثه مناكير, فإنه يقصد تضعيفه والسلام. هذا ما لا يعرفه الأستاذ.
قال: احتج بهذا المنام بعض الفقهاء على كراهة القبلة للصائم, فدل صنيعهم على أنهم لا يرون في الاحتجاج بالرؤى أي بأس
قلت: هؤلاء الفقهاء سلف ابن الأزرق هم من الصوفية, وليس فعلهم حجة على غيرهم من العقلاء, وقد رد ابن حزم والطحاوي هذا الصنيع منكرين عليهم احتجاجهم بمنام لا يصح. فقال ابن حزم في المحلى (6/ 144/دار النفائس): (الشرائع لا تؤخذ بالمنامات, لا سيما وقد أفتى رسول الله r عمر في اليقظة حيا بإباحة القبلة للصائم, فمن الباطل أن ينسخ ذلك في المنام ميتا! نعوذ بالله من هذا).
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار [2/ 89]: (قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد قامت به الحجة على عمر ,وحديث عمر بن حمزة إنما هو على قول حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم وذلك مما لا تقوم به الحجة فما تقوم به الحجة أولى مما لا تقوم به الحجة.)
وردا هذا الأثر الغريب بما رواه أبو داود (2385) عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب:
هششت (هش لهذا الأمر: إذا خرج به واستبشر) فقبلت وأنا صائم فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم قال: "" أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم "" قال عيسى بن حماد في حديثه: قلت: لا بأس به، ثم اتفقا قال: "" فمه ". وهذا الحديث الصحيح دليل على بطلان رواية المنام.فإنه لا يعقل أن يرد عمر بن الخطاب رواية اليقظة برواية المنام ولو كان الآمر النبي r! ولا يفعل هذا إلا ابن الأزرق وأمثاله, وهم الذين أنكر عليهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام فقال: (و أضعف هؤلاء احتجاجا قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات و أقبلوا وأعرضوا بسببها و هو خطأ لأن الرؤيا لا يحكم بها شرعا على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية). وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: (رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي).الفتح [2/ 283]
قال: وبعد, فقد كان عمر لا يرى بقبلة الصائم بأسا, ثم إنه غير اجتهاده بعد تلك الرؤيا, فصار يكرهها وينهى عنها كما يدل عليه هذان الأثران, ثم ذكر أثرين فيهما فتوى عمر بالمنع من القبلة للصائم معللا نهيه بأنه لا يؤمن على أحد أن تغلبه شهوته.
قلت: هذه دعاوى عريضة, فمن أين لك هذا الترتيب العجيب, وأين وجدت ذلك, ومن قاله من العلماء قبلك, إن هو إلا كذب والله المستعان على ما يصف ابن الأزرق. والأعجب أن في هذه الآثار ما ينقض فهمه من أصله, فإنه لو كان ثبت منام عمر, وصح أخذه به , لكان الأولى أن يعلل نهيه عن القبلة للصائم بما سمعه من النبي r في المنام وهذا دليل على أن عمر ما كان يرى الاحتجاج بالرؤى, إلا أن يكون أخذه بالمنام ورعا واستئناسا, هذا على فرض صحة المنام, وإلا فقد ذكرنا بطلانه بحديثه جابر, وضعف أحد رواته.
¥(13/289)
خلاصة هذا المبحث أن المنام المنسوب إلى عمر رضي الله عنه لا يصح, لأجل حديث جابر من حديثه هو عن النبي r في جواز قبلة الصائم ولأجل ضعف عمر بن حمزة العمري أحد رواة المنام, ولشيء آخر غاب عن ابن الأزرق بحمد الله تعالى , ليقضي الله أمرا كان مفعولا, وهو فضيحته. فقد روى عبد الرزاق [7429] وابن سعد في الطبقات (1/ 292) عن يحيى بن سعيد القطان عن أبي بكر بن حزم عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أن عاتكة بنت زيد قبلت عمر بن الخطاب وهو صائم فلم ينهها. وفي الموطأ والطبقات أيضا أنها كانت تقبل رأسه, فانظر رعاك الله نظر منصف عاقل, كيف ينهى عن قبلة الصائم, ثم يترك زوجته تقبله وهو صائم. ولا يقولن أحد إنها هي التي قبلته لا هو. فإن العبرة بالأثر التي تحدثها القبلة عنده سواء كانت منه أو من زوجته.
ثم إنه لو كانت الرؤيا حجة, لما خالف ثلة من الصحابة عمر, والله أعلم.
وإني لأستغرب وما ينقضي عجبي من الأزرق , فإنه اشترط لجواز الاحتجاج بالمنامات أن لا تعارض حكما شرعيا محكما وها هو هنا وفي غيره يخالف ذلك, فيعارض المعروف من سنة النبي ? بمنام لعمر.
الشاهد الثامن: عمر يعزل أحد القضاة
ذكر رواية ابن أبي الدنيا في الإشراف عن محارب بن دثار أن عمر قال ... الأثر.
قال: بقيت علي واحدة وهي أن محاربا لم يدرك عمر بن الخطاب, فالسند منقطع, لكن القصة ثابتة بالقرائن الآتية:
شيوخه الذين استقصاهم المزي في التهذيب كلهم ثقات رجال الصحيحين أو أحدهما, وغالبهم ممن أدركوا عمر رضي الله عنه
2ـ محارب تابعي كبير, أدرك جماعة من الصحابة, ومنهم عبد الله بن عمر, فالغالب أنه سمع القصة منهم
3ـ محارب كان قاضيا فهو ملم بأخبار القضاة
4ـ نص بعض الأئمة على أن القصة مشهور وذكر منهم ابن عبد البر وقوله: يقال إن حابس بن سعد الطائي هو الذي ولاه عمر ... القصة.
5ـ ثم تشهد لها أخبار استناد عمر بن الخطاب إلى الرؤى وعمله بها ... فأنت ترى الخليفة الراشد بنى عزل أحد قضاته على منام.
قلت: محارب بن دثار لم يدرك عمر كما قال ابن الأزرق, وهذا سبب كاف للحكم على القصة بالضعف. وأما ما ساقه من قرائن فكلها ساقط
أما قوله:إن شيوخه الذين استقصاهم المزي كلهم رجال الصحيح فدليل على كثافة جهله, وبعده عن علم الحديث كبعد الأرض عن جو السماء, فكل مشتغل بالحديث وعلومه يعلم أن المزي لا يذكر في تهذيبه إلا شيوخ الراوي الذين روى عنهم في الكتب التي رمز لها , وكذلك تلامذته, ومعنى هذا أنه لا يستقصي كل شيوخه, فإن له شيوخا آخرين روى عنهم في غير تلك الكتب, قال ابن حجر في مقدمة التهذيب: إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة, واستيعاب الرواة عنه, وحصل من ذلك على الأكثر, لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره, وسببه انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها وسعتها) أي في كتب أخرى لم يلتزمها الشيخ رحمه الله. وبهذا يظهر أن ابن الأزرق حجر واسعا لضيق في تفكيره والله المستعان.
وأما أن غالبهم ممن أدركوا عمر, فيكفي أنك قلت: غالبهم لا كلهم, فيبقى احتمال أنه سمعه ممن لم يدرك عمر, والاحتمال يسقط الاستدلال.
وأما أن الغالب أنه سمع القصة منهم فلا سبيل له إلى إثباته إلى المشاغبة والسفسطة. فمن أدراك أنه لم يسمعه من غير الصحابة, ودونك ذلك لو تستطيع.
وأما أن محاربا كان قاضيا فهو ملم بأخبار القضاة, فقول يضحك الثكلى, , فإن من كان عنده عقل فسيعلم أن اطلاع محارب على أخبار القضاة لا يكون إلا بسماعها من رواتها, وهنالك وقف حمير ابن الأزرق, إذ لم يقدر على بيان صاحب القصة عن عمر.
وأما أن بعض الأئمة نص على شهرة القصة, فالكل يعلم أن شهرة قصة ما لا تدل على صحتها, بله جواز الاحتجاج بها, ولو لاحظ القارئ الكريم قول ابن عبد البر: (يقال) لعلم أنه يشير إلى عدم ثبوتها عنده والله أعلم, كما هو المعلوم من صيغ التمريض.
وأما القرينة الخامسة فلا حاجة تدعو لردها لأني وجدتها لا تزن شيئا.
الشاهد التاسع: عمر يخرج كنزا من بيت المال
ذكر قصة رواها الطبري في التاريخ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين وأوردها ابن حبان في الثقات والحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
¥(13/290)
قلت: كذب ابن الأزرق, فلم يسنده الطبري القصة إنما قال: (وقد كان فيما ذكر لي) , وليس هذا من الإسناد في شيء, وسند القصة في الطبقات: حدثنا محمد بن عمر بن حفص قال ثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثني النهاس بن قهم القيسي عن القاسم بن عوف عن أبيه أو عن رجل عن السائب بن الأقرع عن عمر.
وهذا الإسناد ضعيف, النهاس القاص ضعيف, والرجل الذي يروي عن السائب مبهم, والقاسم بن عوف هو الشيباني روى له مسلم ووثقه ابن حبان وضعفه شعبة و أبو حاتم والنسائي وقال ابن عدي: يكتب حديثه.
الشاهد العاشر عثمان يختار الموت بدل النصر
ذكر رواية عن نائلة زوج عثمان رضي الله عنهما في رؤياه أبا بكر وعمر يبشرانه بالشهادة. وقال في الهامش: مصنف ابن أبي شيبة ومسند أحمد ومنامات ابن أبي الدنيا وفضائل الصحابة ومستدرك الحاكم وصححه.
قلت: على هذا مؤاخذتان
الأولى: أن في إسناد الرواية المذكورة زياد بن عبد الله بن حدير الأسدي عن أم هلال بنت وكيع. وهما مجهولان, قال الحافظ في زياد في تعجيل المنفعة: (روى عنه داود بن أبي هند فقط وفيه نظر) وقال في أم هلال: (لا تعرف) ولذلك قال الهيثمي في المجمع (7/ 232): فيه من لم أعرفهم.
الثانية: أن الحاكم لم يروه بهذا السياق ولا بهذا الإسناد, فالذي عنده من طريق كثير بن الصلت قال: (أغفي عثمان ... ) ,وليس فيه (ليقتلنني القوم) أو ما يشبهه. وهذا تزوير قبيح. وخلاصة هذا أن عثمان لم يجزم بتحقق الشهادة, ولكنه طابت نفسه لتلك البشرى, ولم يجعلها سببا لترك الدفاع عن نفسه, إنما خاف الفتنة على الناس.
قال: بل إنه استند إليها فصام يوم قتله وقرر أمرا عظيما وهو الاستسلام للثوار.
فانظر كيف أنهى الخلافة لرؤيا رآها, ثم يأتي شرذمة من ذراري المسلمين فيبدعون من يعظم الرؤيا ويعمل بها فيما لا خطر له ولا شأن
قلت: عجبا لابن الأزرق, من أين له أن عثمان أنهى الخلافة لأجل الرؤيا, مشكلة ابن الأزرق تسرعه, فإنه لو سأل أهل العلم لأفادوه عكس ذلك, فقد روى سعيد بن منصور في سننه (رقم 2936) بإسناد جيد عن أبى هريرة قال: (كنت محصورا مع عثمان بن عفان في الدار فرمي رجل منا فقتل فقلت لعثمان: يا أمير المؤمنين أم طاب الضراب؟ , قتلوا رجلا منا فقال: عزمت عليك يا أبا هريرة إلا طرحت سيفك, فإنما تراد نفسي, وسأقي المؤمنين اليوم بنفسي, قال أبو هريرة: فرميت بسيفي فما أدري أين هو حتى الساعة).
وهذا فاصل في المسألة, فاستسلام عثمان كان حرصا منه على دماء المسلمين رحمه الله تعالى, لا لرؤيا رآها في منامه. وقد روى ابن عساكر في تاريخه أن عليا أرسل إلى عثمان: (إن معي خمسمائة دارع فأذن لي فأمنعك من القوم, فإنك لم تحدث شيئا يستحل به دمك, قال: جزيت خيرا ما أحب أن يهراق دم في سببي).
وهذا هو فقه الصحابة الذي طرحه ابن الأزرق وأصحابه وحادوا عنه إلى الأخذ بالرؤى والهلوسات في كبائر الأمور. قدم عثمان نفسه لهم وهي مفسدة دفعا لمفسدة أعظم منها في نظره, وهي فشو القتل في بقية الصحابة.
وقد ورد عند ابن أبي الدنيا في المنامات أيضا وابن عساكر من طريقه في تاريخه عن كثير بن الصلت قال: (دخلت على عثمان بن عفان وهو محصور ,فقال لي عثمان: يا كثير بن الصلت, ما أراني إلا مقتولا يومي هذا, قال: قلت: ينصرك الله على عدوك يا أمير المؤمنين. قال: ثم أعاد علي, فقال لي: يا كثير ما أراني إلا مقتولا من يومي هذا ,قال: قلت: وُقت لك في هذا اليوم شيء, أو قيل لك شيء؟ قال: لا, ولكني شهدت في ليلتي هذه الماضية, فلما كان عند السحر أغفيت إغفاءة, فرأيت فيما يرى النائم رسول الله وأبا بكر وعمر ,ورسول الله يقول لي: يا عثمان, إلحقنا, لا تحبسنا فإنا ننتظرك , قال: فقتل من يومه ذلك.)
¥(13/291)
وهي صريحة في أنه ما كان يجزم بها وأن كثير بن الصلت لم يعتبرها فقد سأله عن ما عنده مسموعا من النبي ,? ولكن الرواية ساقطة فإن فيها إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر النخعي وهو منكر الحديث, ولسنا ممن يستبيح الاستشهاد بمثل هذا, ولا ممن يبادر إلى تصحيح الرواية بالتدليس والتزوير عافانا الله من ذلك.ويغني عنها ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة أن النبي ? قال في مرضه: (وددت أن عندي بعض أصحابي) قلنا: (يا رسول الله, ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت قلنا: ألا ندعو لك عمر؟ فسكت. قلنا ألا ندعو لك عثمان؟ قال: (نعم) فجاء فخلا به, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه ووجه عثمان يتغير) قال قيس: فحدثني أبو سهلة مولى عثمان أن عثمان بن عفان قال يوم الدار: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا فأنا صائر إليه وقال علي في حديثه وأنا صابر عليه) قال قيس: (فكانوا يرونه ذلك اليوم) والحديث صحيح. وفيه دليل على أن عثمان كان عنده علم بما سيؤول إليه الأمر في يوم الدار.
لطيفة:
أشار إلى ما ذكرت بعض الفضلاء فقال:
وبلغ بشرى الهاشمي بأنه من الجنة العليا بأكرم مقعد
ولكن على بلوى وقال سأرتضي وأصبر صبر الطائع المتجلد
فأظهر يوم الدار صبر أولي النهى ولو شاء لم تظفر به يد معتد
ولم يرض صونا للدماء بحربهم وكان متى يستنجد القوم ينجد
فمات شهيدا صابرا فهو خير من على نفسه في غير حق قد اعتدي
وأما قوله: ثم يأتي شرذمة من ذراري المسلمين ... فظلم وافتراء وتكبر على الناس, فإن الذين وصفهم ابن الأزرق لا ينكرون تعظيم أمر الرؤيا في ما لا خطر له ولا شأن كما قال , ولكن ينكرون عليه وعلى جماعته استعمالهم الرؤى في الأحكام والعقائد والجزم بالغيبيات, وتساهلهم في قبول دعاوى المدعين دون النظر في عدالتهم, وبين الأمرين فرق كبير, أفلا يتقي ابن الأزرق الله تعالى.
الشاهد الحادي عشر: عامر يقوم الليل
ذكر فيه أن عامر بن ربيعة قام الليل بعد رؤيا رآها تحضه على الطاعة.
قلت: ليس في هذا شيء, فاستعمال الرؤيا في مثل هذه الأمور مرغوب فيه. لأن قيام الليل مشروع أصلا.
الشاهد الثاني عشر: ابن خارجة يعتزل الفتنة
ذكر فيه أن ابن خارجة اعتزل لرؤيا رآها
قلت: يقال هنا مثل ما قيل في بيان حقيقة الشاهد الحادي عشر. لأن اعتزال الفتنة مرغب فيه في أحاديث.
الشاهد الثالث عشر: تحويل قبر طلحة
ذكر رواية ابن أبي شيبة وابن سعد عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم. وقال: إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين
قلت: هذا كلام سليم سوى من شيء واحد لم ينتبه إليه, وهو أن قيسا كبر حتى أدرك المائة من العمر, قال إسماعيل بن أبي خالد الراوي عنه هنا: جاوز المائة بسنين كثيرة حتى خرق وذهب عقله. وذكره من جملة المختلطين من الرواة صاحبا الاغتباط والكواكب النيرات.
قال في رواية ابن أبي الدنيا: والشاهد هنا هو أن التحويل المستند إلى الرؤيا تم في زمن الصحابة من غير إنكار.
قلت: وقوع فعل ما زمن الصحابة لا يدل على إقرارهم له, فقد يقع الفعل ولا يطلعون عليه, فما أدرى ابن الأزرق أن التحويل وقع زمن الصحابة بعلمهم, عليه بدليل لكل قيد من هذين القيدين.
قال: بل وقع في بعض الطرق أن الأصحاب هم الذين أفتوا بذلك ثم ذكر رواية ابن عبد البر في الاستيعاب.
قلت: فيها علي بن زيد وهو ابن جدعان وهو ضعيف وكان اختلط.وبهذا تسقط الدعوى.
قال: ومن فوائد الحديث إمكان الاطلاع على الغيب بواسطة الرؤى, فحال طلحة في قبره من الغيب.
ما استند إليه ابن الأزرق لم يصح ولله الحمد. ثم إنه لا بد من التنبيه إلى مسألة, وهي حكم نبش القبر لغير ضرورة, وقد أشار ابن الأزرق إلى حكم ذلك فقال: قد تقرر أن نبش القبر لا يجوز إلا لضرورة, وهذا شيء مختلف فيه, فقد روى البخاري عن جابر قال: (دفن مع أبي رجل, فلم تطب نفسي حتى أخرجته ,فجعلته في قبر على حدة) وبوب له بقوله: (باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة).قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (في حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي, لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه, وقد بين ذلك جابر بقوله: ((فلم تطب نفسي))) فأمام ابن الأزرق شيئان, إما أن يأخذ بأثر جابر وقصة عائشة بنت طلحة, ويكون الكلام فيهما واحدا , وهو ما ذكره ابن حجر, فلا يبقى له في أثرها متمسك, وإما أن
¥(13/292)
يقول: ليس فعل جابر حجة, فيكون قد أجاب بنفسه على قصة عائشة بنت طلحة وهي دون جابر في الفقه والعلم. وعلى فرض صحة القول بأنه لا يجوز نبش القبر إلا للحاجة, فقد ذكر العلماء أن مما يجيز ذلك الخوف من تأذي جسد الميت بسيل أو رطوبة أو غيرها, ودليل ذلك ما رواه الإمام مالك في الموطأ أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما, وكان قبرهما مما يلي السيل ,وكانا في قبر واحد. وهما ممن استشهد يوم أحد, فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما, فوجدا لم يتغيرا, كأنهما ماتا بالأمس, وكان أحدهما قد جرح ووضع يده على جرحه, فدفن وهو كذلك, فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت, فرجعت كما كانت, وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة) وفيه انقطاع. لكن قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (19/ 239): (هكذا هذا الحديث في الموطأ مقطوعا لم يختلف على مالك فيه, وهو يتصل من وجوه صحاح بمعنى واحد متقارب)
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن مثل ذلك فقال كما في الفتاوى (24/ 303): (لا ينبش الميت من قبره إلا لحاجة مثل أن يكون المدفن الأول فيه ما يؤذى الميت فينقل إلى غيره, كما نقل بعض الصحابة في مثل ذلك)
وقد ذكر ابن قتيبة في المعارف أن من رآه في المنام ابنته كما قال النووي في المجموع والتهذيب. وبعد هذا كله أقول لابن الأزرق: بناء على الإلزام الذي ألزمته, إن كنت اخترت الاحتجاج بهما معا, فإن فعل عائشة لا شيء فيه, ويجوز لها ذلك, رأت مناما أو لا, والأخذ بالمنامات في ما يشرع أصلا جائز. وإن كنت أسقطت الاحتجاج بهما معا فقد أرحتنا وأرحت نفسك. والله تعالى أعلا وأعلم.
فائدة
نظم بعضها الفقيه محمد بن عبد الولي بن جعمان الصور التي يجوز فيها نبش الميت وقد يجب في بعضها كما (إعانة الطالبين 2/ 122):
يحرم نبش الميت إلا في صور فهاكها منظومة ثنتي عشر
من لم يغسل والذي قد بليا أي صار تربا وكذا إن ووريا
في أرض أو ثوب كلاهما غصب و بالع مال سواه وطلب
أو خاتم ونحوه قد وقعا في القبر أو لقبلة ما أضجعا
أو يدفن الكافر في أرض الحرم أو يتداعى اثنان ميتا يطم
أو يلحق الميت سيل أو ندى و من على صورته قد شهدا
أو جوفها فيه جنين يرتجى حياته فواجب أن يخرجا
أو قال إن كان جنينها ذكر طلقها والضعف للأنثى استقر
فيدفن المولود قبل العلم بحاله هذا تمام النظم
والحمد لله وصلى دائما على النبي أحمد وسلما
والآل والصحب جميعا ما همى غيث ولاح البرق في جو السما
الشاهد الرابع عشر
ذكر ابن الأزرق قصة الصعب بن جثامة وعوف بن مالك ووصيته له في المنام. وقال: إسناده حسن رجاله رجال مسلم , شهر بن حوشب تكلم فيه بعضهم بما لا يوجب جرحه وهو صدوق من رجال مسلم
قلت: شهر مختلف فيه كما قال ابن الأزرق. ولو سلمنا بثقته, فأين الإسناد إليه من أحد المصنفين. وسوف تعلم بعد قليل أن ما سماه من مصادره لا يوجد فيه ذكر الوصية. فليس له من معتمد فيها إلا نقله عن ابن القيم, ولا يكفيه.
قال في الهامش: أخرج بعضه البخاري في الصغير عن شيخه موسى بن إسماعيل
قلت: هذا تدليس , فليس في رواية البخاري ذكر للوصية وهذا نص ما في الرواية: عن شهر بن حوشب قال: (آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين عوف بن مالك والصعب بن جثامة فمات صعب, قال عوف: فرأيته فيما يرى النائم قال: غفر لنا بعد أيهات). اهـ
قال: وقد أخرجه البيهقي عن ثابت البناني وهو من كبار التابعين فلعله سمعه من شهر مرة ومن الصحابة أخرى فكان أحيانا يذكر شهرا وحينا لا يفعل فيكون متابعا قويا له.
قلت: هذا كذب فليس في رواية البيهقي ذكر للوصية أيضا. ونص ما فيها: (فقال أحدهما لصاحبه: إن مت قبلك يا أخي فتراء لي قال فمات صعب قبله فتراء له عوف فرآه فقال كيف أنت يا أخي قال بخير ما صنعت قال غفر لنا يوم دعونا عند حانوت فلان ولم يكن في أهلي مصيبة إلا لحقني أجرها حتى هرة لنا ماتت منذ ثلاثة أيام).اهـ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم يقال لابن الأزرق: في إسناد البيهقي الخضر بن أبان فإن كان الهاشمي فهو ضعيف, وفيه أيضا جعفر بن سليمان الضبعي وهو صالح في نفسه وقد وثق, ولكن في روايته عن ثابت شيء. قال علي بن المديني: أكثر جعفر يعنى بن سليمان عن ثابت وكتب مراسيل, وفيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
¥(13/293)
وقال: وقد حسنه المحدث عبد الله بن الصديق في الحجج البينات.
قلت: قد ظهر لك ضعف الرواية المتضمنة للوصية والله أعلم.
وقال: طريق آخر , وذكر رواية ابن المبارك في الزهد عن عطية بن قيس عن عوف.
قلت: هذا كذب أيضا, وقد تستغرب جدا إذا علمت أن القصة مختلفة تماما وليس فيها ذكر للوصية. وهاك نصها: عن عطية بن قيس عن عوف ابن مالك الأشجعي (أنه كان مواخيا لرجل من قيس يقال له محلم ... ) فأين الصعب بن جثامة يا ابن الأزرق. ومع هذا فإن في إسناد الرواية أبا بكر بن أبي مريم الغساني وهو ضعيف لا يحتج به. كان يغلط كثيرا.
قال في إسناد ابن المبارك:عطية فيه ضعف, لكن طريقه حسن بما سبق
قلت: عجبا منك يا ابن الأزرق, تضعف عطية التابعي الذي قال فيه أبو حاتم صالح الحديث. ولا تنتبه لضعف الغساني, وتحسن قصة عوف مع الصعب بقصة عوف مع محلم, وهكذا يكون التحقيق على طريقة ابن الأزرق الذي يسميه أخونا الدكتور العلمي (منظر الجماعة).ومن تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب كما قيل.
قال: وقد علق عليه ابن القيم فقال: وذكر كلامه إلى قوله: (…وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام.؟)
قلت: قال ابن القيم مباشرة بعد هذا بعد علامة الاستفهام!!!: (ونظير هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس)!! فما قول ابن الأزرق الآن.؟
الشاهد الخامس عشر أبو موسى يعلم بموت عمر.
قال: وفيه أن أبا موسى الأشعري جزم بقرب وفاة عمر بناء على منامه, ويقينه واضح من استرجاعه, وفيه أن أنسا صدقه واقترح عليه كتابة ذلك إلى عمر حتى يهيء نفسه.
والجواب بعون الملك الوهاب أن هذا الفهم من ابن الأزرق مردود, ويرده قوله تعالى: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت). والجزم بوقوع التأويل فرع عن الجزم بمطابقته للمنام. ولا يشك أحد أن أبا موسى لا يجزم بتأويل رؤيا, وهو يعلم أنه عرضة للخطأ والصواب, فكيف يجزم بحصوله وهو لا يجزم بصحته, وقد فسر أبو بكر الصديق صاحب النبي ? في الغار رؤيا, فأصاب في بعضها وأخطأ في بعضها. وغاية ما يقال أن أبا موسى بالغ في ذلك لما حصل عنده من قرائن لا نعرفها والله أعلم.
الشاهد السادس عشر: عمير بن وهب يستخرج كنزا
قلت: نقله عن ابن القيم في كتاب الروح ولم يذكر له إسنادا, وهذا يعفينا من كلفة الرد. ولو صح ذلك فلا دليل فيه, فإن أحدنا لو رأى مثل ذلك ما تأخر طمعا في المال , فإن لم يجده ما ضره.
الشاهد السابع عشر: أم سلمة تبكي الحسين
قال: إسناده حسن, رجاله كلهم ثقات إلا سلمى البكرية فلم يرو عنها سوى رزين, ولم يرد فيها جرح ولا تعديل, فهي تابعية مستورة, فلا ينزل حديثها عن رتبة الحسن, فإن أهل الاستقراء نصوا على أنه لا يوجد بين التابعيات امرأة مضعفة
قلت: هذا كذب, لم يقل أحد هذا, بل قالوا: (لا يعرف في النساء امرأة متهمة بالكذب) , وهذا يعني أنه فيهن من رميت بالضعف, ونفي الكذب لا يلزم منه نفي الضعف, فنفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم. وهكذا يكون التدليس, أما أن إسناد الحديث حسن, فغلط, بل هو ضعيف, لجهالة سلمى , ولذلك قال الترمذي: حديث غريب, ويقصد ضعيف, وهذا اصطلاحه المعروف عنه. وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان, قال فيه يحيى بن معين: صدوق ليس بحجة وقال ابن عدي: هو كما قال يحيى, وإنما أتي من سوء حفظه, ووثقه علي بن المديني وقال أبو حاتم: صدوق والله أعلم.
الشاهد الثامن عشر الحسن بن علي يعتزل القتال.
قال: وهو أثر حسن كما حققته في رفع الملام وله أربعة طرق.
قلت: ذكر في رفع الملام رواية أبي مريم عن الحسن وقال:
(قلت: رجاله ثقات إلا البراء والحضرمي فإني لم أعرفهما لكنه حسن بالطرق الآتية)
ثم ذكر رواية أبي يعلى من طريق طحرب العجلي عن الحسن, ورواية ابن أبي الدنيا في المنامات من طريق الحارث العجلي عن الحسن ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد فضائل الصحابة لأبيه من طريق فلفلة الجعفي عن الحسن دون ذكر ألفاظها
قلت: الرجل لا يعرف في علم الحديث شيئا يعتبر. ألم ينتبه لأبي مريم الرافضي الكذاب, المجمع على تركه. فروايته ساقطة.
ورواية أبي يعلى ساقطة أيضا, فطحرب مولى الحسن مجهول ,قال فيه الأزدي: لا يقوم إسناد حديثه. وسفيان بن وكيع شيخ أبي يعلى ليس بشيء, كان يلقن , واتهمه أبو زرعة بالكذب, وقال ابن حبان: يستحق الترك.
¥(13/294)
ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل واهية, فيها سعيد بن محمد الوراق , قال فيه الذهبي: واه, وقال مرة: ضعفوه بمرة. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. ولينه أحمد وتكلم فيه بشيء. فلم يبق لابن الأزرق متمسك لتحسين هذا المنام.
الدليل الخامس
عمل الأئمة بالمنامات
قلت: قال الإمام مالك رضي الله عنه:
(ليس أحد بعد النبي ? إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي?) الجامع لابن عبد البر (2/ 91)
ـ الإمام الحسن البصري
ساق خبرا عن الحسن يثبت فيه الإمام الساعة التي يستجاب فيها للعبد يوم الجمعة بمنام.
قلت: إسناد الخبر عند عبد الرزاق هكذا: (عن معمر قال: أخبرني من سمع الحسن يقول: ... ) وظاهر جدا أن في الإسناد إبهاما, وله حكم الانقطاع, فالخبر ضعيف لا يثبت به شيء. والمعروف عن الحسن أنه اختار كون ساعة الإجابة ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة رواه عنه ابن المنذر.وروى عنه أيضا أنها حين تقام الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه. وما رأيت أحدا نسب إليه ما ورد في قصة المنام!
ـ الإمام يحيى بن معين
ذكر أن يحيى بن معين أقام بالمدينة أياما ثم خرج منها فسمع هاتفا يقول له: أترغب عن جواري فرجع وبعد أيام مات بها.
قلت: ليس في الخبر أنه صدق بالمنام أو لا, ليس فيه سوى أخذه بما فيه , ذلك لأن قصد المدينة للإقامة فيها والموت بها مشروع. ومع هذا فإن في القصة نكارة ,فقد قال الخطيب في التاريخ (14/ 186): (الصحيح أن يحيى توفي في ذهابه قبل أن يحج, أخبرني الحسن بن محمد الخلال حدثنا يوسف بن عمر (الزاهد) القواس حدثنا حمزة بن القاسم (ابن عبد العزيز أبو عمر الهاشمي) حدثنا عباس هو الدوري قال: مات يحيى بن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريد مكة) , وهذا إسناد صحيح, رجاله أئمة ثقات. ورواية ابن الأزرق في كتابه تذكر أنه حج ثم دخل المدينة ثم خرج منها ثم عاد إليها.
وذكر الذهبي في السير (11/ 90) ما يزيد من وهن قصة المنام فقال: (قال مهيب بن سليم البخاري حدثنا محمد بن يوسف البخاري الحافظ قال: كنا في الحج مع يحيى بن معين, ودخلنا المدينة ليلة الجمعة, ومات من ليلته).ورواية ابن الأزرق تذكر أنه توفي بعد دخولها بيومين أو ثلاثة.
ـ الإمام عبد الله بن كثير المقرئ
ذكر أنه رأى النبي ? في المنام وهو يقرأ (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال) (البقرة: من الآية98) فقال: فلا أقرأهما إلا هكذا يقول: بغير همز.
قلت. وهذا دليل آخر على عقلية هذا الولد, حيث جعل المنامات من طرق رواية القراآت. فلا حول ولا قوة إلا بالله. ومع ذلك فإني أقول لابن الأزرق: لا حجة لك في هذا, فإن الأخذ بالمنام اسئناسا في أمر مباح مباح, وابن كثير لم ينكر القراآت الأخر, إنما اختار واحدة منها بالمنام ولا محذور في ذلك. هذا على فرض صحة الخبر عنه فإن في إسناده شيئا. وهو هكذا: حدثنا أبو يعقوب حدثني محمد بن صالح (المدني الأزرق القارئ) حدثني شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير قال: ...
وشبل بن عباد هو المكي المقرئ المعروف, ومحمد بن صالح هو المدني الأزرق القارئ ,ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه , قال الذهبي في الميزان: (قال ابن حبان:لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ,وقال غير ابن حبان: لا بأس به).ولذلك قال ابن حجر في التقريب: (مقبول) , أي عند المتابعة كما هو معروف من اصطلاح الحافظ. ولم يتابع على هذه القصة على حد علمي وأبو يعقوب لا يعرف, والله أعلم.
ـ الإمامان علي بن مسهر وحمزة الزيات
ذكر رواية مفادها أن حمزة الزيات رحمه الله رأى في المنام أنه عُرض على النبي ? حديث أبان بن عياش فلم يعرف منه إلا شيئا يسيرا, فقال حمزة وعلي: فتركنا الحديث عنه.
قلت: إن كان يقصد ابن الأزرق الاحتجاج بهذا على جواز التصحيح والتضعيف بالرؤى والكشف فقد كشف عن مستوى عقله إن كان عنده. وقد رجعت إلى شرح النووي على مسلم فوجدت له كلاما كأنه الذهب السبيك, فأحببت نقله هنا نصيحة, وليعلم القارئ من هو ابن الأزرق.
¥(13/295)
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم , عند شرح هذا الخبر من مقدمة الصحيح: (قال القاضي عياض رحمه الله: هذا ومثله استئناس واستظهار على ما تقرر من ضعف أبان, لا أنه يقطع بأمر المنام, ولا أنه تبطل بسببه سنة ثبتت, ولا تثبت به سنة لم تثبت, وهذا بإجماع العلماء اهـ هذا كلام القاضي, وكذا قاله غيره من أصحابنا وغيرهم, فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع, وليس هذا الذي ذكرناه مخالفا لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فقد رآني) , فإن معنى الحديث أن رؤيته صحيحة, وليست من أضغاث الأحلام, وتلبيس الشيطان, ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي به, لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي, وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظا, لا مغفلا ولا سيء الحفظ, ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط, والنائم ليس بهذه الصفة, فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه, هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة, أما إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل تقرر من أصل ذلك الشيء والله أعلم) اهـ. وليس لي من تعليق سوى إنصافك أيها القارئ الكريم.
وأنبه القارئ إلى أني آثرت ترك الرد على المنامات الأخرى لأنه لا حجة في عملهم , على أن كثيرا منهم لم يخالف شرعا. واقتصرت على هؤلاء الخمسة.
فائدة
في الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر رحمه الله (4/ 268) من ترجمة الفقيه فرج بن عبد الله المغربي الصفدي الشافعي العثماني قاضي صفد حكى أنه توجه لزيارته الشيخ تاج الدين المقدسي فجرت مسألة النظر إلى الأمرد, وأن الرافعي يحرم بشرط الشهوة, والنووي يقول: يحرم مطلقا. فقال الشيخ فرج:رأيت النبي في المنام , فقال لي: الحق في هذه المسألة مع النووي. فصاح الشيخ تاج الدين وقال: صار الفقه بالمنامات!.فخضع الشيخ فرج وقال: أستغفر الله, أنا حكيت ما رأيت.
الخاتمة
قال: عليك أن تجيب على هذه الأسئلة بعد طرح الهوى والتزام التقوى.
أولا: هل تفيد الأحاديث المعروضة في الدليل الثاني أن النبي ? كان يستفيد الأحكام من مناماته ومنامات أصحابه أم لا.
قلت: نعم, وانتبه أيها القارئ إلى قوله: (يستفيد الأحكام).
إذا كان الجواب (نعم) فهل يصح الاقتداء بالنبي ? في ذلك أم لا علما أنه لم يرد ما يدل على أن العمل بالرؤى خاص بالمعصوم
قلت: ـ انتبه أيها القارئ لقوله سابقا (يستفيد الأحكام!!) ـ لا يصح الاقتداء بالنبي? في العمل بالرؤى في الأحكام مطلقة. وقوله: لم يرد ما يدل على أن العمل بالرؤى خاص بالمعصوم مجازفة, فهل قرأ ابن الأزرق كل كتب العلم, أم عنده استقراء تام لكل ما ورد عن النبي ? من السنن والأحاديث؟! والنافي ليس معه إلا الجهل بوجود دليل. وحديث ابن عباس: (رؤيا الأنبياء وحي) وما ذكرناه في فصل عمل النبي بالرؤى شاهد.
ثانيا: لست تشك أن أخبار الصحابة المذكورة في الدليل الثالث صريحة في أنهم كانوا يعملون برؤاهم, فهل يدل على أن العمل بالمنامات الصالحة خاصا بالرسل أم لا؟ ومن الأعلم ...
ما نقله ابن الأزرق عنهم فيه الضعيف من حيث الثبوت, والضعيف من حيث دلالته على مقصوده. وقد مر بيان ذلك.
ثالثا: ألا يدل عمل عشرات الأئمة برؤاهم على أن المنكرين يهرفون بما لا يعرفون عندما يزعمون أن الاسترشاد بالمبشرات أمر أنكره العلماء وحاربوه.
قلت: ليس في قول أو فعل أحد حجة على أحد. ولا تؤسس الأحكام على ذلك, فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا النبي المعصوم.
وهذا آخره ما سطرته كشفا لحقيقة دلائل ابن الأزرق الذي يعتبر نفسه حامي حمى جماعته, وتبين لي بعد قراءة رسالتين من رسائله أنه إن كان ابن الأزرق بهذا المستوى الهزيل فكيف بباقي أفراد جماعته. وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق ويرزقنا اتباعا ويفضح الباطل ويرزقنا اجتنابه والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى الآل والصحب أجمعين.
تنبيه: هذه محاولة متواضعة, قصدي من وضعها في الملتقى أن يخلص الإخوان في نصحها وتصحيح ما فيها من خطأ , وأنا شاكر جدا لكل من نبهني على خطأ وجزاكم الله خيرا. وبريدي الإلكتروني في انتظار مساهماتكم.
كتبه أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي التطواني.
ـ[المقدادي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 05:27 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا طارق الحمودي
ـ[أبو محمد التطواني]ــــــــ[03 - 04 - 07, 04:53 م]ـ
تابع أخي طارق تابع(13/296)
طلب عن شروح البخاري
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 07:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي اهتمام في تتبع المباحث البلاغية في شروح صحيح البخاري ومسلم، فأرجو منكم بما أنكم متخصصون في دراسة الحديث أن تفيدوني بشروح البخاري ومسلم التي اهتمت بالمسائل البلاغية من خلال اطلاعاتكم.
بارك الله فيكم
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[02 - 09 - 06, 06:53 م]ـ
أما البخارى فشرح الكرمانى والفيروز آبادى
والله أعلم
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 07:45 م]ـ
أما البخارى فشرح الكرمانى والفيروز آبادى
والله أعلم
هل اطلعت على شرح الفيروز آبادي ومتى طبع، أم هو رجم بالغيب.
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[03 - 09 - 06, 03:44 ص]ـ
أين نجد شرح الكرماني على الانترنت؟ نرجو ممن يعلم من الأخوة الكرام أن يرشدنا إليه وجزاه الله خيرا.
أما شرح الفيروزآبادي، فهل هو شرح جديد تم الوقوف عليه مؤخراً؟
ـ[أبو المعتز القرشي]ــــــــ[03 - 09 - 06, 09:06 ص]ـ
مما يفيدك في ما طلبت كتاب معاصر لعالم بلاغي جليل وهو الدكتور محمد محمد أبو موسى (أستاذ ورئيس قسم البلاغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر) والكتاب هو:
شرح أحاديث من صحيح البخاري
ط. مكتبة وهبة الأولى 1421 هـ، ويقع في 768 صفحة
ـ[عزام الالباني]ــــــــ[03 - 09 - 06, 11:21 ص]ـ
انا لا اعرف ماذا تعني المباحث البلاغية
و لكن اعرف ان من افضل شروح البخاري: عمدة القاري لبدر الدين العيني، و فتح الباري للحافظ ابن حجر، و اسمع ان هناك شرح للقسطلاني، و للكرماني، و لابن بطال، و لابن التين، و للحافظ الدمياطي ينقل عنهم العيني و العسقلاني في شروحهما كثيرا و الله اعلم
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 09 - 06, 07:08 م]ـ
هل اطلعت على شرح الفيروز آبادي ومتى طبع، أم هو رجم بالغيب.
لم أطلع عليه ولا أدرى هل طبع أم لا
لكن أنا بنيت كلامى على ما ذكر فى ترجمته
والله أعلم(13/297)
إلى الأساتذة الكرام الذين يدرسون الحديث في الجامعات
ـ[العجيل]ــــــــ[26 - 08 - 06, 11:00 م]ـ
ارجوا من الاساتدة الكرام أن يتحفونا بمنهج تام للدراسات العليا في قسم الحديث الشريف.
ولهم الشكر
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 01:19 ص]ـ
http://www.iu.edu.sa/edu/kuliah/hadith.htm
ـ[العجيل]ــــــــ[28 - 08 - 06, 09:36 م]ـ
السلام عليكم بارك الله فيكم أهل المدينة المنورة
أين باقي جامعات العالم الإسلامي
اين هم
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:40 ص]ـ
لعلها ستأتيك تباعاً إن شاء الله(13/298)
غالب من يدرس علم الحديث لايلتفت لمناهج المتقدمين
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[27 - 08 - 06, 05:48 م]ـ
قال الشيخ رياض السعيد في مقدمة كتابه (سؤالات حديثية لمجدد السنة النبوية) وهو كتاب يسأل فيه الشيخ الألباني سؤالات حديثية عندما رحل إليه في الأردن. ومما جاء في مقدمة الكتاب وهو من كلام الشيخ رياض: (من أهم المهمات لطالب علم الحديث أن يوفق في شيوخ لهم اهتمام بالغ بمناهج الأئمة النقاد حيث أن الغالب على من يشتغل بعلم الحديث من أساتذة الجامعات ومن يدرس هذا العلم في المساجد الغالب عليهم عدم الإلتفات لمناهج الأئمة النقاد من جهة مصطلحاتهم وتفسيرها، والتعليل، والتصحيح والتضعيف، ورأيهم في المسائل المهمة في مصطلح الحديث مثل زيادة الثقة والشذوذ، ومعرفة مراتب و تقاسيم من يروون عن بعض الأئمة الحفاظ المكثرين ومن يقدم منهم، كل هذا صراحة يجهله بعض من يشتغل بعلم الحديث في هذا العصر، وجل اهتمامهم البالغ الإغراق والتكرار في قراءة وتدريس كتب مصطلح الحديث، فكلما انتهى من كتاب بدأ بالآخر وهكذا، وهذا طبعاً على حساب الناحية العلمية المغيبة، أما من جهة علم الرجال والحكم عليهم فيقتصر على تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب، والحكم على الرواة يقتصر في الغالب على التقريب فقط، وهذا كله على حساب كتب الأئمة النقاد وأحكامهم المغيبة، أما من جهة تعليل الأحاديث والحكم عليها فهو قائم في الغالب على ظواهر الأسانيد، وفلان صدوق فحديثه حسن، وفلان ضعيف فحديثه ضعيف وهكذا فهي كمسألة الرياضيات 1+1= 2، وجائت سلاسل الشيخ الألباني ففرحوا بها لأنها كفتهم عن القراءة والحكم على الأحاديث وموقفهم مع سلاسل الشيخ الألباني هو نفس موقفهم مع تقريب التهذيب التقليد والجمود، ومن قرأ عندهم النكت على ابن الصلاح لابن حجر فقد وصل القمة، بينما هو لايعرف شرح علل الترمذي لابن رجب. ومن النادر عندهم أن يحيلوا من يتتلمذ عليهم لشرح علل الترمذي، وعلل الحديث لابن أبي حاتم، وعلل الدارقطني، وكتب السؤلات، وكتب الرجال للأئمة النقاد، ومما يبرهن على عدم التفاتهم لمناهج وكتب الأئمة النقاد عدم فهمهم لقراءة كتب العلل وكتاب التنكيل للمعلمي، فعلى طالب علم الحديث أن يتعرف على مناهج الأئمة النقاد 00000
ـ[عبد المتين]ــــــــ[27 - 08 - 06, 07:02 م]ـ
لفتة طيبة أخي العزيز .... وفقك الله لكل خير ...
ـ[عبدالله أبوحمد]ــــــــ[27 - 08 - 06, 08:32 م]ـ
جزاك الله خير على اللفته الطيبه
وبارك الله فيك وجعل ذالك في ميزان حسناتك
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[28 - 08 - 06, 07:52 ص]ـ
كلام نفيس .... جزاك الله خيراً
ـ[أبوسعد التميمي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 08:17 ص]ـ
كلام نفيس، وماذكره الشيخ رياض السعيد هو حقيقة مايفعله الأساتذة في الجامعات وبعض أهل العلم في المساجد.
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[19 - 11 - 06, 11:42 م]ـ
قال الشيخ رياض السعيد في مقدمة كتابه (سؤالات حديثية لمجدد السنة النبوية) وهو كتاب يسأل فيه الشيخ الألباني سؤالات حديثية عندما رحل إليه في الأردن. ومما جاء في مقدمة الكتاب وهو من كلام الشيخ رياض: (من أهم المهمات لطالب علم الحديث أن يوفق في شيوخ لهم اهتمام بالغ بمناهج الأئمة النقاد حيث أن الغالب على من يشتغل بعلم الحديث من أساتذة الجامعات ومن يدرس هذا العلم في المساجد الغالب عليهم عدم الإلتفات لمناهج الأئمة النقاد من جهة مصطلحاتهم وتفسيرها، والتعليل، والتصحيح والتضعيف، ورأيهم في المسائل المهمة في مصطلح الحديث مثل زيادة الثقة والشذوذ، ومعرفة مراتب و تقاسيم من يروون عن بعض الأئمة الحفاظ المكثرين ومن يقدم منهم، كل هذا صراحة يجهله بعض من يشتغل بعلم الحديث في هذا العصر، وجل اهتمامهم البالغ الإغراق والتكرار في قراءة وتدريس كتب مصطلح الحديث، فكلما انتهى من كتاب بدأ بالآخر وهكذا، وهذا طبعاً على حساب الناحية العلمية المغيبة، أما من جهة علم الرجال والحكم عليهم فيقتصر على تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب، والحكم على الرواة يقتصر في الغالب على التقريب فقط، وهذا كله على حساب كتب الأئمة النقاد وأحكامهم المغيبة، أما من جهة تعليل الأحاديث والحكم عليها فهو قائم في الغالب على ظواهر الأسانيد، وفلان صدوق فحديثه حسن، وفلان ضعيف فحديثه ضعيف وهكذا فهي كمسألة الرياضيات 1+1= 2، وجائت سلاسل الشيخ الألباني ففرحوا بها لأنها كفتهم عن القراءة والحكم على الأحاديث وموقفهم مع سلاسل الشيخ الألباني هو نفس موقفهم مع تقريب التهذيب التقليد والجمود، ومن قرأ عندهم النكت على ابن الصلاح لابن حجر فقد وصل القمة، بينما هو لايعرف شرح علل الترمذي لابن رجب. ومن النادر عندهم أن يحيلوا من يتتلمذ عليهم لشرح علل الترمذي، وعلل الحديث لابن أبي حاتم، وعلل الدارقطني، وكتب السؤلات، وكتب الرجال للأئمة النقاد، ومما يبرهن على عدم التفاتهم لمناهج وكتب الأئمة النقاد عدم فهمهم لقراءة كتب العلل وكتاب التنكيل للمعلمي، فعلى طالب علم الحديث أن يتعرف على مناهج الأئمة النقاد 00000
هذا ومن يقتصر في طلبه لعلم الحديث على قراءة كتب المصطلح فقط لابد في كثير من المباحث يقع في القصور والحيرة وذلك عند مقارنة ما قرأه بعمل وكلام الأئمة النقاد ومن ذلك مبحث المنكر وزيادة الثقة والمزيد في متصل الأسانيد والشذوذ والعلل وقرائن الترجيح وتقوية الأحاديث بتعدد الطرق، فلابد من التنبه.
¥(13/299)
ـ[عبد الله آل صالح]ــــــــ[03 - 07 - 07, 03:16 ص]ـ
قال الشيخ رياض السعيد في مقدمة كتابه (سؤالات حديثية لمجدد السنة النبوية)
كاتب الموضوع هو الأخ رياض السعيد
ثم يلقب نفسه بالشيخ!!!!!!! في لقاء مع مجدد السنة النبوية الذي يقول عن نفسه بأنه طويلب علم
الله المستعان!!!
صحيح أن كتابته لهذا الموضوع قديمة نوعا ما عندما كان اسمه في الملتقى (أبو الفلاح) لكن لما رأيت هذا في موضوعين له وهما هذا وموضوع " الدرر السنية في ذكر الحديث والمحدثون في الديار السعودية والمحدثون " لم يعجبني هذا الأمر
ـ[منصور الكعبي]ــــــــ[03 - 07 - 07, 04:00 م]ـ
هل لك أن تعرفنا بالشيخ رياض السعيد، و كيف نحصل على كتابه سؤالات حديثية لمجدد السنة النبوية.
ـ[إسماعيل الشرقاوي]ــــــــ[07 - 07 - 07, 03:49 ص]ـ
هل لك أن تعرفنا بالشيخ رياض السعيد، و كيف نحصل على كتابه سؤالات حديثية لمجدد السنة النبوية.
ـ[أبو عبدالله العنزي]ــــــــ[29 - 08 - 07, 02:41 ص]ـ
يا اخوة يبدو انه ثمة شخص وكله الشيخ رياض ان يكتب بهذا المعرف , و لهذا الاخ يتكلم عن الشيخ السعيد و تستغربون و تقولون كيف يتكلم عنه وهو هو , و لكن الظاهر ما قلت لكم و الله اعلم.
ـ[المحب الأثري]ــــــــ[29 - 08 - 07, 03:59 ص]ـ
رحم الله الألباني ..................................... رحمة واسعة
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[11 - 09 - 07, 04:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
جزاكم الله خير على هذا الموضوع المهم جدا,
ودراسة الحديث تحتاج إلى معرفة مناهج المحدثين والإنتباه ينبغي أن ينصب في دقائق مناهجهم وصنيعهم بتتبع والإستقراء. وكتب المصطلح لا تكفي طالب العلم لتصدي في علم التصحيح و التضعيف. ربما هي تكفي في تخريج الأحاديث فقط.
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[11 - 09 - 07, 05:10 م]ـ
والتصدي لعلم التصحيح والتضعيف ينبغي فيه امور:
-اولها واهمها التكثير من الإستفادة من المحدثين اهل هذه الصنعة المعاصرين وينبغي السؤال عنهم وحضور دروسهم.
-تتبع المراجع المهمة لهاذا الفن من كتب السنة وكتب الرجال وكتب علل الحديث وكتب السؤالات والمسانيد وكتب التواريخ ككتاب التاريخ الكبير للبخاري وكتاب التاريخ الصغير (هو نفسه التاريخ الأوسط عند بعضهم) له ايضا. وكتب تواريخ البلدان ككتاب تاريخ بغداد ودمشق. وايضا المعاجم وكتب معرفة الصحابة والتابعين وكتب الطبقات وكتب الموضوعات وكتب الأجزاء.
- يجب النضر في كتب الشروحات لكتب السنة فإنها مهمة جدا في علم الحديث.
- التأكد من سلامة الكتب من سوء طباعتها لأنها للأسف كثيرة جدا في الأسواق, وايضا التأكد من محققيها ومناهجهم في التحقيق لان بعضهم يتصرف في مادة الكتاب وربما حذف علم يستفاد منه. وعليكم بالطبعات القديمة فإنها اجود لأن القائمين عليها حين طباعتها علماء كطبعة بولاق. وهي موجودة في المكتبات الرسمية.
- وايضا علم التصحيح والتضعيف يحتاج إلى عمل فريق واحد من الزملاء والأقران (وهذا الذي افتقده في بلدي) والمذاكرة والمناقشة وهذا صنيع المتقدمين.
-ويحتاج ايضا من التكثير في التفتيش والمقارنة والتحليل لأقوال الأوائل من المتقدمين.
-ولا يمنع من اللإستفادة من الرسائل الجامعية للمعاصرين لعله يجد فائدة كبيرة منها. والله اعلم.(13/300)
ما هو الفرق بين طريقة المتقدمين والمتأخرين؟
ـ[عبدالله بن أسامة]ــــــــ[28 - 08 - 06, 02:54 ص]ـ
ما هو الفرق بين طريقة المتقدمين والمتأخرين؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[28 - 08 - 06, 03:05 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=523
ـ[عبدالله بن أسامة]ــــــــ[28 - 08 - 06, 03:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا(13/301)
حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في كفارة الإفطار في رَمَضَان: دراسة حديثية تعليلية فقهية
ـ[ماهر]ــــــــ[28 - 08 - 06, 02:25 م]ـ
الاختلاف في رِوَايَة حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في كفارة الإفطار في رَمَضَان
اختُلِفَ عَلَى الزهري في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث، إذ رَوَاهُ بعضهم عن الزهري،
عن حميد بن عَبْد الرَّحْمَان 1، عن أبي هُرَيْرَةَ، أنّ رجلاً أفطر في رَمَضَان، فأمره
رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين
مسكيناً، فَقَالَ: لا أجد فأُتِي رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر، فَقَالَ: ((خذ هَذَا فتصدق
بِهِ))، فَقَالَ: ((يا رَسُوْل الله! ما أجد أحداً أحوج إِلَيْهِ مني)) فضحك رَسُوْل اللهصلى الله عليه وسلم حَتَّى بدت أنيابه، ثُمَّ قَالَ: ((كُلْهُ)). والذي رَوَاهُ بهذه الرِّوَايَة مالك 2، ويحيى بن سعيد3، وابن جريج4، وأبو5 أويس6، وعبد الله 7 بن أبي بكر 8،
وفليح9 بن سليمان 10، وعمر بن عثمان 11 المخزومي 12، ويزيد 13 بن عِيَاض14، و15 شبل 16، وعبيد الله 17 بن أبي زياد 18، والليث بن سعد في رِوَايَة أشهب بن عَبْد العزيز19 عَنْهُ 20، وسفيان بن عيينة في رِوَايَة نعيم بن
حماد 21 عَنْهُ 22، وإبراهيم بن سعد في رِوَايَة عمار بن مطر 23 عَنْهُ 24، كلهم عن الزهري، بِهِ. وروي مِثْل ذَلِكَ من طريق مجاهد 25 ومُحَمَّد 26بن كعب27، عن أبي هُرَيْرَةَ. وفي هَذِهِ الروايات الكفارة عَلَى التخيير: عتق أو صيام أو إطعام، وخالفهم من هم أكثر مِنْهُمْ عدداً فرووه، عن الزهري، عن حميد بن عَبْد الرَّحْمَان، عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: ((جاء رجل إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: هلكت يا رَسُوْل الله، قَالَ: وما أهلكك؟ قَالَ: وقعت عَلَى امرأتي فِي رَمَضَان …))، وجعلوا الكفارة فِيْهِ مقيدة بالترتيب، والذي رَوَاهُ بهذا اللفظ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ 28، والليث بن سعد 29، ومعمر 30، ومنصور بن المعتمر 31، والأوزاعي 32، وشعيب33، وإبراهيم بن سعد34، وعراك 35 بن مَالِك 36، وعبد الجبار 37 بن عُمَر 38، وعبد الرَّحْمَان 39ابْن المسافر 40، والنعمان 41 بن راشد 42، وعقيل 43، ومُحَمَّد بن
أبي حَفْصَة 44، ويونس45، وحجاج46 بن أرطاة 47، وصالح 48 بن أبي
الأخضر 49، ومُحَمَّد بن إسحاق 50، وعبيد الله بن عُمَر 51، وإسماعيل 52 بن
أمية 53، ومُحَمَّد 54 بن أبي عتيق55، وموسى 56 بن عُقْبَةَ 57، وعبد الله 58بن عيسى 59، وهَبَّار 60 بن عقيل 61، وإسحاق بن يَحْيَى 62 العوضي 63،
وثابت64 بن ثوبان 65، وقرة بن عَبْد الرَّحْمَان 66، وزمعة 67 بن صَالِح 68، وبحر69 السقاء 70، والوليد71 بن مُحَمَّد 72، وشعيب بن خَالِد 73، ونوح 74 بن أبي مريم 75، جميعهم عن الزُّهْرِيّ، بِهِ قَالَ البُخَارِيّ: ((وحديث هَؤُلاَءِ أبين)) 76، وَكَذَلِكَ هَذِهِ اللفظة في رِوَايَة الوليد بن مُسْلِم، عن مالك والليث 77، وفي رِوَايَة حماد بن مسعدة 77 عن مالك 78، وتابع هَذِهِ الروايات هشام بن سعد؛ إلاّ أنَّهُ رَوَاهُ عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ 79، وروى هَذَا الْحَدِيْث بهذا اللفظ عن أبي هُرَيْرَةَ سعيد بن المسيب80 أيضاً.
وَقَالَ البيهقي: ((ورواية الجماعة، عن الزهري مقيدة بالوطء ناقلة للفظ صاحب الشرع أولى بالقبول لزيادة حفظهم، وأدائهم الْحَدِيْث عَلَى وجهه)) 81.
أثر حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في اختلاف الفقهاء
اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً بغير الجماع
جمهور الفقهاء 82 يرون وجوب الكفارة عَلَى مَن جامع عامداً في نهار
رَمَضَان؛ وَلَكِنْ حكى العبدري82 وغيره: أن سعيد بن جبير 83، والشعبي84، ومُحَمَّد بن سيرين 85، وقتادة86، والنخعي 87، قالوا: لا كفارة عَلَيْهِ في الوطء أو غيره، وذهب الزيدية إِلَى أنّ الكفارة مندوبة 88.
وَلَكِنَّ الفقهاء اختلفوا في الإفطارِ عامداً في رَمَضَان بغير الجماع، هَلْ يوجِب الكفارة أم لا؟
¥(13/302)
فذهب أبو حَنِيْفَةَ 89 إِلَى أنّ الكفارة تجب عَلَى مَن جامع فِي نهار رَمَضَان وَهُوَ صائم وعلى مَن أفسد صومه بأكل أو شرب مَا يتغذى أو يتداوى بِهِ، بمعنى أنّه: متى مَا حصل الفطر بِمَا لاَ يتغذى أو يتداوى بِهِ عادة فعليه القضاء دُوْنَ الكفارة؛ وذلك لأنّ وجوب الكفارة يوجب اكتمال الجناية، والجناية تكتمل بتناول ما يتغذى أو يتداوى بِهِ (90.
في حِيْن ذهب الحسن91، وعطاء 92، والزهري 93، والأوزاعي94، والثوري 95، ومالك 96، وعبد الله بن المبارك97، وإسحاق 98، وأبو ثور99، إِلَى أن مَن أفطر عامداً في رَمَضَان بأكل أو شرب أو جماع، فإنّ عَلَيْهِ القضاء والكفارة؛ وذلك لأنهم استدلوا بظاهر لفظ الْحَدِيْث (أنّ رجلاً أفطر في رَمَضَان) فليس فِيْهِ تخصيص فطر بشيء دُوْنَ الآخر كَمَا يمكن قياس الأكل أو الشرب عَلَى الجماع؛ بجامع مَا بَيْنَهُمَا من انتهاك لحرمة الصوم 100.
وذهب سَعِيد بن المُسَيَّبِ 101، وَالشَّافِعِيّ 102، والصحيح من مذهب أحمد 103، والظاهرية 104، إِلَى عدم وجوب الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً فِي رَمَضَان إلا عَلَى المجامع، وحملوا الإفطار فِي الرِّوَايَة الأولى للحديث عَلَى تقييد الرِّوَايَة الثانية بالجماع فَقَطْ. أما القياس، فَقَدْ قَالَ البغوي: ((يختص ذَلِكَ بالجماع؛ لورود الشرع بِهِ، فَلاَ يقاس عَلَيْهِ سائر أنواع الفطر كَمَا لا يقاس عَلَيْهِ سائر أنواع الفطر؛ كَمَا لا يقاس عَلَيْهِ القيء وابتلاع الحصاة مَعَ استوائهما في بطلان الصوم، ووجوب
القضاء)) 105.
وفي رِوَايَة عن أحمد: أنَّهُ تجب الكفارة عَلَى المجامع في نهار رَمَضَان عامداً أم
ناسياً 106.
ويتفرع عَلَى هَذَا أيضاً
اختلاف الفقهاء في الكفارة هَلْ هِيَ عَلَى الترتيب أَمْ عَلَى التخيير؟
اختلف الفقهاء في تحديد الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً في رَمَضَان هَلْ هِيَ مقيدة بالترتيب أم أنها عَلَى التخيير؟
فذهب أبو حَنِيْفَةَ107، والأوزاعي 108، والثوري 109، وَالشَّافِعِيّ110، وأحمد فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ 112، إِلَى أنّ الكفارة مقيدة عَلَى الترتيب الوارد فِي الْحَدِيْث، فهي عتق رقبة، فإن لَمْ يجد فصيام شهرين متتابعين 113، فإن لَمْ
يستطع، فإطعام ستين مسكيناً، وَهُوَ مذهب الظاهرية 114، والزيدية 115.
في حِيْن ذهب مالك وأصحابه 116، وأحمد في رِوَايَة عَنْهُ 117 إِلَى أنّ الكفارة عَلَى التخيير، أي: أنَّهُ مخيّر بَيْنَ العتق أو الصيام أو الإطعام بأيِّها كفّر فَقَدْ أوفى، واستدلوا برواية مالك وابن جريج ومَن تابعهم لحديث أبي هُرَيْرَةَ (أمره رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً)،
و (أو) هنا تقتضي التخيير، واختار مالك الإطعام؛ لأنَّهُ يشبه البدل من الصيام، فَقَالَ مالك: ((الإطعام أحب إليَّ في ذَلِكَ من العتق وغيره)) 118، وَعَنْهُ في رِوَايَة أخرى – جواباً لسائله –: ((الطعام، لا نعرف غَيْر الطعام لا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام)) 120.
وذهب الحسن البصري 121 إِلَى التخيير بَيْنَ العتق، ونحر بدنة، واستدل بحديث أرسله هُوَ ((أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ في الَّذِي وطئ امرأته في رَمَضَان: رقبة ثُمَّ
بدنة)) 122.
وروي عن الشعبي 123، والزهري 124 أنّ مَن أفطر في رَمَضَان عامداً فإنّ عَلَيْهِ عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكيناً، أو صيام شهرين متتابعين مَعَ قضاء اليوم. قَالَ ابْن عَبْد البر: ((وفي قَوْل الشعبي والزهري ما يقضي لرواية مالك بالتخيير في هَذَا
الْحَدِيْث)) 125.
...............................................
1 هُوَ أبو إبراهيم حميد بن عَبْد الرحمان بن عوف القرشي الزهري المدني، أخو أبي سلمة بن عَبْد الرحمان: ثقة، توفي سنة (95 ه)، وَقِيْلَ: إنه توفي (105 ه) وغلّطه ابن سعد. الطبقات 5/ 153 و155، والثقات 4/ 146، وتهذيب الكمال 2/ 305 - 306 (1516)، والتقريب (1552).
2 هُوَ في الموطأ (349) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني، (30) برواية عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم،
¥(13/303)
(802) برواية أبي مصعب الزهري، (464) برواية سويد بن سعيد، (815) برواية يَحْيَى الليثي. وأخرجه الشَّافِعِيّ (651) بتحقيقي، وأحمد 2/ 516، والدارمي (1724)، ومسلم 3/ 139
(1111) (83)، وأبو داود (2392)، والنسائي في الكبرى (3115) و (3119)، وابن خزيمة (1943)، والطحاوي 2/ 60، وابن حبان (3523)، والدارقطني 2/ 209، وفي العلل 10/ 236، والبيهقي 4/ 225.
3 أخرجه البُخَارِيّ في التاريخ الصغير 1/ 290، والنسائي في الكبرى (3114).
4 أخرجه أحمد 2/ 273، ومسلم 3/ 139 (1111) (84)، وابن خزيمة (1943)، والطحاوي 2/ 60، والدرقطني في العلل 10/ 236، والبيهقي 4/ 225.
5 هُوَ عَبْد الله بن عَبْد الله بن أويس بن مالك الأصبحي، أبو أويس المدني: صدوق يهم، توفي سنة (67 ه).
انظر: تهذيب الكمال 4/ 179 (3348)،وتاريخ الإسلام:534 وفيات (167ه)،والتقريب (3412).
6 أخرجه الدارقطني 2/ 210، والبيهقي 4/ 226، وزاد في هَذِهِ الرِّوَايَة: ((أنّ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أمر الَّذِي يفطر يوماً في رَمَضَان أن يصوم يوماً مكانه))، قَالَ الدارقطني: ((تابعه عَبْد الجبار بن عمر عن ابن شهاب))، وَقَالَ البَيْهَقِيّ: ((ورواه أيضاً عَبْد الجبار بن عَمْرو الأيلي، عن الزهري وَلَيْسَ بالقوي))، ورواية عَبْد الجبار سيأتي تخريجها، كَمَا أنّ هَذِهِ الزيادة موجودة في أحد الطرق عن الليث بن سعد أيضاً كَمَا سيأتي، وفي رِوَايَة هشام بن سعد أيضاً.
7 هُوَ الإِمَام أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أَبِي بكر بن عَمْرو بن حزم الأنصاري: ثقة، توفي سنة (135 ه)، وَقِيْلَ: (130 ه).
تهذيب الكمال 4/ 97 و 98 (3178)، وسير أعلام النبلاء 5/ 314 - 315، والتقريب (3239).
8 ذَكَرَ هَذا الطريق الدارقطني في سننه 2/ 209.
9 هُوَ أَبُو يَحْيَى المدني فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي، أو الأسلمي ويقال فليح لقب واسمه عَبْدالملك: صدوق كَثِيْر الخطأ، توفي سنة (168 ه).
انظر: الأنساب 2/ 330، وسير أعلام النبلاء 7/ 351، والتقريب (5443).
10 ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
11 وَقِيْلَ اسمه عَمْرو بن عثمان بن عَبْد الرحمان بن سعيد القرشي المخزومي، وَقِيْلَ فِيْهِ: عمر بن عثمان، ويقال: إنَّهُ الصواب: مقبول. انظر: تهذيب الكمال 5/ 443 (5000)، والتقريب (5076).
12 أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل10/ 236.
13 هُوَ أَبُو الحكم المدني يزيد بن عِيَاض بن جعدبة الليثي، كذّبه مالك وغيره، مات في زمن المهدي.
انظر: تهذيب الكمال 8/ 145 (7630)، وميزان الاعتدال 4/ 436، والتقريب (7761).
14 ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
15 شبل بن حامد، ويقال ابن خالد، ويقال ابن خليد، ويقال ابن معبد المزني: مقبول.
انظر: التاريخ الكبير 4/ 257، وتهذيب الكمال 3/ 360 (2672)، والتقريب (2736).
16ذَكَرَ هَذا الطريق الدارقطني في سننه 2/ 209.
17هُوَ عبيد الله بن أَبِي زياد الشامي الرصافي؛ صدوق.
انظر: تهذيب الكمال 5/ 35 (4223)، والتقريب (4291).
18 ذَكَرَ هَذا الطريق الدارقطني في سننه 2/ 209، وَقَالَ الدارقطني: ((إلا أنَّهُ أرسله عن الزهري)).
19 الإمام أشهب بن عَبْد العزيز بن داود القيسي، ولد سنة (140 ه)، وَقِيْلَ سنة (150 ه)، وتوفي سنة (204 ه).
انظر: وفيات الأعيان 1/ 238، وتهذيب الكمال 1/ 276 و 277، وسير أعلام النبلاء 9/ 500 و 501.
20 أخرجه النسائي في الكبرى (3115)، وَهُوَ في المدونة الكبرى 1/ 219، قَالَ ابن عَبْد البر: ((وَهُوَ خطأ من أشهب عَلَى الليث، والمعروف فِيْهِ عن الليث كرواية ابن عيينة ومعمر وإبراهيم بن سعد ومن تابعهم)). الاستذكار 3/ 194.
21 هُوَ أَبُو عَبْد الله نُعَيْم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي نزيل مصر: صدوق يخطئ كثيراً، فقيه عارف بالفرائض، توفي سنة (228 ه).
التاريخ الكبير 8/ 100، وتهذيب الكمال 7/ 350 و 353 (7046)، والتقريب (7166).
¥(13/304)
22 كَمَا ذكره الدارقطني في سننه 2/ 209، وفي العلل 10/ 225، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((رَوَاهُ نُعَيْم بن حماد، عن ابن عيينة، فتابعهم عَلَى أن فطره كَانَ مبهمَّا، وخالفهم في التخيير)).
23 هُوَ أبو عثمان عمّار بن مطر العنبري الرهاوي: ضعيف لايعتبر بِمَا يرويه إلا للاستئناس.
المجروحين 2/ 189 (839)، والكامل 6/ 137، والضعفاء، للعقيلي 3/ 327.
24كَمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
25 أخرجه الدارقطني 2/ 190 – 191 وَقَالَ الدارقطني: ((المحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن سالم، عن مجاهد مرسلاً عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعن الليث، عن مجاهد، عن أبي هُرَيْرَةَ، وليث لَيْسَ بقوي)).
وروي من طريق الليث، عن عطاء ومجاهد، عن أبي هُرَيْرَةَ بنحو رِوَايَة سُفْيَان ومن تابعه، عن الزهري، أخرجه الدار قطني في " العلل " 10/ 246.
ورواه الليث بن أَبِي سليمان، عن مجاهد، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وجعل الفطر بالمواقعة وخيره بَيْنَ أن ينحر بدنة أو التصدق بعشرين صاعَّا أو واحد وعشرين صاعَّا من تمر، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " 10/ 247.
26 هُوَ أَبُو حمزة مُحَمَّد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي المدني: ثقة عالم، توفي سنة (108 ه)، وَقِيْلَ: (117 ه)، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ.
الثقات 5/ 351، وتهذيب الكمال 6/ 489 و 490 (6164)، والتقريب (6257).
27 أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ 2/ 191 من طريق أبي معشر، عن مُحَمَّد بن كعب القرظي، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وَقَالَ الدارقطني: ((أبو معشر هُوَ نجيح وَلَيْسَ بقوي)). وفي هَذِهِ الرِّوَايَة: ((أن رجلاً أكل في رَمَضَان…)).
28 أخرجه الحميدي (1008)،وابن أبي شيبة (9786)، وأحمد 2/ 241، والبخاري 8/ 180 (6709) و (6711)، ومسلم 3/ 138 (1111) (81)، وأبو داود (2390)، وابن ماجه (1671)، والترمذي (724)، والنسائي (3117)، وابن الجارود (384)، وابن خزيمة (1944)، وأبو عوانة في الجزء المفقود: 143، والطحاوي 2/ 61، وابن حبان (3524)، والدارقطني 2/ 209 – 210، والبيهقي 4/ 221، والبغوي (1752)، قَالَ الدارقطني: ((تفرد بِهِ أبو ثور، عن معلى بن مَنْصُوْر، عن ابن عيينة بقوله: ((وأهلكت)) وكلهم ثقات)). وسيأتي كلام البيهقي عَلَى هَذِهِ الزيادة من طريق الأوزاعي.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عن حَدِيْث سُفْيَان: ((حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ: حَدِيْث حسن صَحِيْح)).
29 أخرجه البُخَارِيّ 8/ 206 (6821)، ومسلم 3/ 138 (1111) (82)، والنسائي (3116)، وأبو عوانة في الجزء المفقود: 145، والبيهقي 4/ 222 من طرق عن الليث بن سعد بِهِ. ورواه البيهقي 4/ 226 من طريق إبراهيم بن سعد عن الليث، وفيه زيادة: ((اقض يوماً مكانه))، وَقَالَ البيهقي عقب الْحَدِيْث: ((وَكَذَلِكَ رَوَى عن عَبْد العزيز الدراوردي، عن إبراهيم بن سعد، وإبراهيم سَمِعَ الْحَدِيْث عن الزهري، وَلَمْ يذكر عَنْهُ هَذِهِ اللفظة فذكرها الليث بن سعد، عن الزهري. ورواها أيضاً أبو أويس المدني، عن الزهري)) كَمَا مَرَّ توضيحه من طريق أبي أويس، وسيأتي من رِوَايَة عَبْد الجبار بن عمر …
30 أخرجه عَبْد الرزاق (7457)،وأحمد2/ 281،والبخاري 3/ 210 (2600)،و 8/ 180 (6710)، ومسلم 3/ 139 (1111) عقب (84)، وأبو داود (2391)، وأبو عوانة في الجزء المفقود من المسند:143، والدارقطني في العلل 10/ 238،والبيهقي 4/ 222–223.
31 أخرجه البُخَارِيّ 3/ 42 (1937)، ومسلم 3/ 139 (1111) عقب (81)، والنسائي في الكبرى (3118)، وابن خزيمة (1945) (1950)، وأبو عوانة: 144، والطحاوي 2/ 61، والدارقطني 2/ 210، وفي العلل 10/ 239، والبيهقي 4/ 221و222، وابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 166 – 167 من طرق عن مَنْصُوْر بِهِ.
¥(13/305)
قَالَ ابن حجر: ((قوله: (عن الزهري عن حميد) كَذَا الأكثر من أصحاب مَنْصُوْر عَنْهُ، وكذا رَوَاهُ مؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مَنْصُوْر، وخالفهم مهران بن أبي عمر فرواه عن الثوري بهذا الإسناد فَقَالَ: عن سعيد بن المسيب بدل حميد بن عَبْد الرَّحْمَان. أخرجه ابن خزيمة (1951) والدارقطني في العلل 10/ 239، وَهُوَ قَوْل شاذ، والمحفوظ الأول)). فتح الباري 4/ 173، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((ووهم فِيْهِ عَلَى الثوري)) العلل 10/ 228.
32 أخرجه البخاري 8/ 47 (6164)، وأبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61، وابن حبان (3526) (3527)، والدارقطني 2/ 190، وفي العلل 10/ 238، والبيهقي 4/ 222، وابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 173 – 174 من طرق عن الأوزاعي. وأخرجه البَيْهَقِيّ 4/ 227 من طريق مُحَمَّد بن المسيب الأرغياني، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عقبة، حَدَّثَنِي أبي، قَالَ ابن المسيب. وحدثني عَبْد السلام يعني: ابن عَبْد الحميد، أَنْبَأَنَا عمر والوليد، قالوا: أَنْبَأَنَا الأوزاعي، حَدَّثَنِي الزهري وزاد في الرِّوَايَة ((فَقَالَ: يا رَسُوْل الله هلكت وأهلكت))، وَقَالَ البَيْهَقِيّ عقب الْحَدِيْث: ((ضعف شَيْخُنَا أبو عَبْد الله الحَافِظ – رَحِمَهُ اللهُ – هَذِهِ اللفظة، وأهلكت وحملها عَلَى أنها أدخلت عَلَى مُحَمَّد بن المسيب الأرغياني، فَقَدرَوَاهُ أبو عَلِيّ الحَافِظ، عن مُحَمَّد بن المسيب بالإسناد الأول دُوْنَ هَذِهِ اللفظة. ورواه العباس بن الوليد، عن عقبة بن علقمة دُوْنَ هَذِهِ اللفظة ورواه دحيم وغيره عن الوليد بن مُسْلِم دونها ورواه أصحاب الأوزاعي كافة عن الأوزاعي دونها، وَلَمْ يذكرها أحد من أصحاب الزهري، عن الزهري إلاّ ما روي عن أبي ثور، عن معلى بن مَنْصُوْر، عن سُفْيَان بن عيينة، عن الزهري، وَكَانَ شَيْخُنَا يستدل عَلَى كونها في تِلْكَ الرِّوَايَة أيضاً خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن مَنْصُوْر بخط مشهور فوجد فِيْهِ هَذَا الْحَدِيْث دُوْنَ هَذِهِ اللفظة، وإن أصحاب سُفْيَان كافة رووه عَنْهُ دونها، والله أعلم)).
33 أخرجه البُخَارِيّ 3/ 41 (1936)، وأبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61، وابن حبان (3529)، والدارقطني في العلل 10/ 237، والبيهقي 4/ 224.
34 أخرجه الدارمي (1723)، والبخاري 7/ 86 (5368)، و8/ 29 (6087)، وأبو عوانة: 142
و146.
35 عراك بن مالك الغفاري المدني، ثقة فاضل، توفي في خلافة يزيد بن عَبْد الملك.
تهذيب الكمال 5/ 149 و150 (4482)، والكاشف 2/ 16 - 17 (3765)، والتقريب (4549).
36 أخرجه النسائي في الكبرى (3119)، وأبو عوانة: 146، وابن حبان (3525)، والدارقطني في العلل 10/ 236، وابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 165 – 166.
37 هُوَ أَبُو عمر عَبْد الجبار بن عمر الأيلي القرشي الأموي، مولى عثمان بن عفان: ضعيف.
تهذيب الكمال 4/ 342 (3683)، والكاشف 1/ 612 (3086)، والتقريب (3742).
38أخرجه أبو عوانة: 145، والبيهقي 4/ 226، وفيه زيادة: (واقضِ يوماً مكانه).
39 عَبْد الرحمان بن خالد بن مسافر، ويقال اسم جده ثابت بن مسافر، أَبُو خالد ويقال أبو الوليد الفهمي المصري: صدوق، مات سنة (127 ه).
40 أخرجه الطحاوي 2/ 60.
41 هُوَ أبو إسحاق الرَّقي النعمان بن راشد الجَزري، مولى بني أمية: صدوق سيئ الحفظ.
انظر: الثقات 7/ 532، وتهذيب الكمال 7/ 345 (7035)، والتقريب (7154).
42 أخرجه أبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61.
43 أخرجه ابن خزيمة (1949)، وأبو عوانة: 145، والدارقطني في العلل 10/ 237.
44 أخرجه أحمد 2/ 516، وأبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61، والدارقطني 2/ 210 وفي العلل 10/ 241 من طرق عن مُحَمَّد بن أبي حفص، وروي من طريق عَبْد الوهاب بن عطاء عن مُحَمَّد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن أبي سلمة بدلاً من حميد بن عَبْد الرَّحْمَان أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 10/ 241، وَقَالَ ابن حجر: ((والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة)). فتح الباري 4/ 163، وانظر: علل الدَّارَقُطْنِيّ 10/ 230.
45 أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 10/ 237، و البَيْهَقِيّ 4/ 224.
¥(13/306)
46 هُوَ الإمام حجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة،أبو أرطأة النخعي الكوفي: صدوق كَثِيْر الخطأ والتدليس، توفي سنة (145 ه).
سير أعلام النبلاء 7/ 68 و 73، والكاشف 1/ 311 (928)، و التقريب (1119).
47 أخرجه أحمد 2/ 208، وأبو عوانة: 147، والدارقطني 2/ 190، وفي العلل10/ 238، والبيهقي4/ 226.
48 صالح بن أبي الأخضر اليمامي مولى هشام بن عَبْد الملك نزل بالبصرة: ضعيف يعتبر به، توفي بَعْدَ سنة (140 ه).
انظر: تهذيب الكمال 3/ 418 (2781)، وسير أعلام النبلاء 7/ 303، والتقريب (2844).
49 أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 10/ 240 من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن حميد بن
عَبْد الرحمان، وأبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وانظر: علل الدَّارَقُطْنِيّ 10/ 230.
50 ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209، وذكر ابن حجر أن هَذِهِ الرِّوَايَة عِنْدَ البزار.
51 ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
52 إسماعيل بن أمية بن عَمْرو الأموي، ثقة ثبت، مات سنة (144 ه)، وَقِيْلَ قبلها.
انظر: التاريخ الكبير 1/ 345، وتهذيب الكمال 1/ 221 و 222 (419)، والتقريب (425).
53 ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
54 هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أبي عتيق القرشي التيمي المدني: مقبول.
تهذيب الكمال 6/ 386 (5964)، والكاشف 1/ 189 (4974)، والتقريب (6047).
55 ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
56 الثقة الفقيه أبو مُحَمَّد المدني موسى بن عقبة بن أَبِي عياش الأسدي مولى آل الزبير ثقة فقيه إمام في المغازي،توفي سنة (141 ه).
انظر: تهذيب الكمال 7/ 271 (6876)، وتاريخ الإسلام: 499 وفيات (141 ه)، والتقريب (6992).
57ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
58عَبْد الله بن عيسى بن عَبْد الرحمان، أبو مُحَمَّد الكوفي: ثقة، توفي سنة (230 ه).
انظر: تهذيب الكمال 4/ 235و236 (3460)،وميزان الاعتدال 2/ 470 (4495)،والتقريب (3523).
59ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
60 هبّار بن عقيل بن هبيرة الحراني الحضرمي، يروي عن الزهري.
المؤتلف والمختلف 3/ 1580 و 4/ 2303، والإكمال 7/ 310، تبصير المنتبه 4/ 1448.
61ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
62 إسحاق بن يَحْيَى بن علقمة الكلبي، الحمصي العوضي: صدوق.
انظر: تهذيب الكمال 1/ 202 (384)، وميزان الاعتدال 1/ 204، والتقريب (391).
63ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
64 هُوَ ثابت بن ثوبان العنسي الشامي الدمشقي، والد عَبْد الرحمان بن ثابت: ثقة.
تهذيب الكمال 1/ 404 (798)، والكاشف 1/ 281 (682)، والتقريب (811).
65ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
66ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
67 أبو وهب زمعة بن صالح الجندي اليماني، سكن مكة: ضعيف.
انظر: تهذيب الكمال 3/ 31 (1988)، وميزان الاعتدال 2/ 81، والتقريب (2035).
68ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
69 بحر بن كنيز الباهلي، البصري، أَبُو الفضل المعروف بالسقاء؛ لأنَّهُ كَانَ يسقي الحجاج في المفاوز: ضعيف، مات سنة (160 ه).
تهذيب الكمال 1/ 327و328 (628)،وميزان الاعتدال 1/ 298 (1127)، والتقريب (637).
70هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
71الوليد بن مُحَمَّد الموقري، أبو بشر البلقاوي، والموقر حصن بالبلقاء: متروك، مات سنة (182 ه).
التاريخ الكبير 8/ 155 (2542)، وتهذيب الكمال 7/ 483 و 485، والتقريب (7453).
72هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
73هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.
74أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزي، القرشي مولاهم، يعرف بالجامع؛ لجمعه العلوم: كَانَ يضع الْحَدِيْث، توفي سنة (173 ه).
الكامل 8/ 292، وتهذيب الكمال 7/ 368 و 369 (7090)، والتقريب (7210).
75هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. . وَقَالَ الدارقطني: ((وغيرهم)).
76التاريخ الصغير 1/ 290.
¥(13/307)
77 ذكره ابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 162، وَقَالَ: ((هكذا قَالَ الوليد، وَهُوَ وهم مِنْهُ عَلَى مالك، والصواب: عن مالك ما في الموطأ: أن رجلاً أفطر فخيره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يعتق أو يصوم أو يطعم)).
78 هُوَ أَبُو سعيد البصري حماد بن مسعدة التميمي: ثقة، توفي سنة (202 ه).
انظر: سير أعلام النبلاء 9/ 356، وتاريخ الإسلام: 130 وفيات (202 ه)، والتقريب (1505).
79 أخرجه البيهقي 4/ 225 – 226، وَقَالَ: ((وَقَدْ رَوَى حماد بن مسعدة هَذَا الْحَدِيْث عن مالك، عن الزهري نحو رِوَايَة الجماعة)).
80قَالَ ابن حجر: ((وخالفهم هشام بن سعد، فرواه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هُرَيْرَةَ أخرجه أبو داود وغيره، قَالَ البزار، وابن خزيمة، وأبو عوانة: أخطأ فِيْهِ هشام بن سعد)). وانظر: صَحِيْح ابن خزيمة 3/ 224، ومسند أبي عوانة الجزء المفقود: 146، والكامل لابن عدي 8/ 411، كَمَا أن الرُّوَاة عن هشام بن سعد قدِ اختلفوا في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث أيضاً فَقَدْ رَوَاهُ ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ: ((قَالَ: جاء رجل إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أفطر في رَمَضَان)). أخرجه أبو داود (2393)، وابن عدي في الكامل 8/ 411، والدارقطني 2/ 190، في حِيْنَ رَوَاهُ الْحُسَيْن بن حفص أخرجه ابن خزيمة (1954)، والبيهقي 4/ 226، وأبو عامر العقدي، أخرجه أبو عوانة في الجزء المفقود: 146، والدارقطني 2/ 211 وفي العلل 10/ 241، كلاهما عن هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: ((أن رجلاً أتى إِلَى رَسُوْل اللهصلى الله عليه وسلم فحدثه أنَّهُ وقع بأهله في رَمَضَان)).
ورواه سليمان بن بلال، عن هشام بن سعد بالإسناد نفسه، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " 10/ 241، وابن عَبْد البر في " التمهيد " 7/ 175، وَلَمْ يذكر سبب الإفطار ولكنه جعل الكفارة عَلَى الترتيب.
ورواه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " 10/ 242 من طريق أَبِي نُعَيْم، عن هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، بِهِ مرسلاً. وفي جَمِيْع الروايات عن هشام زيادة: أن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يصوم يوماً مكانه.
81 أخرجه أحمد 2/ 208، وابن ماجه (1671)، وابن خزيمة (1951)، والدارقطني 2/ 190، وفي العلل 10/ 245، والبيهقي 4/ 225 و 226.
82 السنن الكبرى 4/ 225.
83 انظر: الجامع الكبير للترمذي 2/ 95، والمجموع 6/ 344.
84 هُوَ الإمام الناقد، أَبُو عامر مُحَمَّد بن سعدون بن مُرجّى بن سعدون القرشي العبدري الميورفي المغربي الظاهري، توفي سنة (524 ه). انظر: سير أعلام النبلاء 19/ 579 و 583، وتاريخ الإسلام: 103 وفيات (524 ه)، ومرآة الجنان 3/ 177.
85 انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344.
86انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344.
87انظر: المحلى 6/ 188.
88 انظر: المجموع 6/ 344.
89 انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344.
90 انظر: البحر الزخار 3/ 249 و 254، والسيل الجرار 2/ 120.
91 انظر: بدائع الصنائع 2/ 97 – 98، والهداية 1/ 124، والاختيار لتعليل المختار 1/ 131، وتبيين الحقائق 1/ 327، ورد المحتار 2/ 409.
92 انظر: المبسوط 3/ 138.
93 انظر: المجموع 6/ 330.
94 كَذَلِكَ.
95 كَذَلِكَ.
96 كَذَلِكَ، وانظر: فقه الأوزاعي 1/ 389.
97 انظر: الجامع الكبير للترمذي 2/ 95، والمجموع 6/ 330.
98 انظر: المدونة الكبرى 1/ 218 و 220، والتمهيد 7/ 162، والاستذكار 3/ 194، والمنتقى 2/ 52، وبداية المجتهد 1/ 221، والقوانين الفقهية: 117–118، وأسهل المدارك إِلَى فقه الإمام مالك 1/ 421.
99انظر: الجامع الكبير 2/ 95.
100 انظر: الجامع الكبير 2/ 95، والمجموع 6/ 330.
101 انظر: المجموع 6/ 330.
102 انظر: فتح الباري 4/ 165.
103 وَهُوَ ما استنتجه الدكتور هاشم جميل من الروايات عن سعيد بن المسيب.انظر: فقه سعيد 2/ 216.
104 انظر: الأم 2/ 100 – 101، والحاوي الكبير 3/ 276 و 289، والتهذيب 3/ 167 و 170، والمجموع 6/ 329 و 644، وروضة الطالبين 2/ 377.
¥(13/308)
105انظر: مسائل الإمام أحمد، برواية أبي داود: 93، وبرواية ابن هانئ 1/ 128 (621) و 1/ 129 (630) و 1/ 133 (654)، وبرواية عَبْد الله بن أحمد 2/ 655 (884)، والروايتين والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 64، والمغني 3/ 55، والمحرر 1/ 229.
106 انظر: المحلى 6/ 185.
107التهذيب 3/ 170، وكذا ورد النص في المطبوع مِنْهُ!! وأظن أنّ فِيْهِ تكراراً.
108 انظر: الروايتين والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 64، والمحرر 1/ 229.
109 انظر: الهداية 1/ 125، والاختيار لتعليل المختار 1/ 131، وتبيين الحقائق 1/ 328، ورد المحتار 2/ 411.
110 انظر: المغني 3/ 65، والمجموع 6/ 345، وفقه الأوزاعي 1/ 385.
111 انظر: المغني 3/ 65، والمجموع 6/ 345.
112 انظر: الحاوي الكبير 3/ 286، والتهذيب 3/ 167، والمجموع 6/ 345،وروضة الطالبين 2/ 379.
113 انظر: مسائل الإمام أحمد برواية عَبْد الله بن أحمد 2/ 652 (882)، والروايتين والوجهين:
47/ أ، والمغني 3/ 65، وشرح الزركشي 2/ 32.
114 أجمع الفقهاء عَلَى أنّ صيام الشهرين متتابع وَلَكِنْ روي عن ابن أبي ليلى جواز تفريق الصيام؛ وذلك لورود الْحَدِيْث بصيام الشهرين، وَلَمْ يذكر الترتيب. قَالَ ابن عَبْد البر: ((وَقَدْ ذكرنا في التمهيد من ذَكَرَ التتابع في الشهرين بإسانيد حسان)). الاستذكار 3/ 195، وانظر: التمهيد 7/ 162 و 165 و166، والمغني 3/ 66، والمجموع 6/ 345.
115 انظر: المحلى 6/ 197.
116 انظر: البحر الزخار 3/ 349.
117 انظر: الاستذكار 3/ 195، والتمهيد 7/ 162، والمنتقى 2/ 54، وبداية المجتهد 1/ 223، والقوانين الفقهية: 121، وأسهل المدارك 1/ 423.
118 انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 65، والهادي: 54، والمحرر 1/ 230.
119 انظر: الاستذكار 3/ 195.
120 انظر: المدونة الكبرى 1/ 218، والاستذكار 3/ 195.
121 انظر: المحلى 6/ 189 – 190، والمجموع 3/ 345.
122 أخرجه عبد الرزاق (7463) وللحديث طريق آخر مرسل أيضاً، ذكره ابن حزم في المحلى 6/ 190، وَقَالَ النووي: ((حَدِيْث الحسن ضعيف جداً)). المجموع 6/ 345.
123 انظر: الاستذكار 3/ 194، وهذه الرِّوَايَة معارضة لما سبق ذكره عن الشعبي أن لا كفارة في الوطء وغيره.
124 انظر: الاستذكار 3/ 195.
125 كَذَلِكَ. وذكر النووي روايات أخرى عن بَعْض الصَّحَابَة والتابعين والفقهاء في ما عَلَى من أفطر في رَمَضَان عامداً بغير جماع. المجموع 6/ 329 – 330، وانظر: المحلى 6/ 189 – 191.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[29 - 08 - 06, 04:52 م]ـ
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ ماهر وبارك الله فيك
استفيد كثيرا مما تطرحونه من دراسات لبعض الاحاديث فااحسن الله اليك
وَقَالَ البَيْهَقِيّ عقب الْحَدِيْث: ((ضعف شَيْخُنَا أبو عَبْد الله الحَافِظ – رَحِمَهُ اللهُ – هَذِهِ اللفظة، وأهلكت وحملها عَلَى أنها أدخلت عَلَى مُحَمَّد بن المسيب الأرغياني، فَقَدرَوَاهُ أبو عَلِيّ الحَافِظ، عن مُحَمَّد بن المسيب بالإسناد الأول دُوْنَ هَذِهِ اللفظة. ورواه العباس بن الوليد، عن عقبة بن علقمة دُوْنَ هَذِهِ اللفظة ورواه دحيم وغيره عن الوليد بن مُسْلِم دونها ورواه أصحاب الأوزاعي كافة عن الأوزاعي دونها، وَلَمْ يذكرها أحد من أصحاب الزهري، عن الزهري إلاّ ما روي عن أبي ثور، عن معلى بن مَنْصُوْر، عن سُفْيَان بن عيينة، عن الزهري، وَكَانَ شَيْخُنَا يستدل عَلَى كونها في تِلْكَ الرِّوَايَة أيضاً خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن مَنْصُوْر بخط مشهور فوجد فِيْهِ هَذَا الْحَدِيْث دُوْنَ هَذِهِ اللفظة، وإن أصحاب سُفْيَان كافة رووه عَنْهُ دونها، والله أعلم)).
بارك الله فيكم
ما مراده ب"خط مشهور"?وما علاقة ذلك بتخطئة الرواية
فقد اشكل علي ايرادها?
ـ[ماهر]ــــــــ[30 - 08 - 06, 07:02 م]ـ
قال البيهقي في السنن الكبرى 4/ 227: ((نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن منصور بخط مشهور فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة)).
فقوله: ((بخط مشهور)) قد يعني والله أعلم أنه وجد الكتاب منسوخاً بخط ناسخ مشهور بنسخ الكتب الموثوقة المسندة عن أصحابها.
ـ[القرشي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 08:23 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبوصالح]ــــــــ[19 - 09 - 06, 06:50 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك.
ـ[ماهر]ــــــــ[19 - 09 - 06, 09:00 م]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم، وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.(13/309)
مذيع يطلب المشورة والنصح
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[29 - 08 - 06, 02:34 ص]ـ
أحبتنا في الملتقى المبارك وفقهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محب لكم من المذيعين يطلب منكم المشورة والنصح والدعاء بأن يوفقه الله فهو يرغب في تسجيل
أكبر قدر من الأحاديث الصحيحة على سيديهات وبعد مراجعتها سيقوم بإذن الله بتزويد بعض الإذاعات
والتسجيلات ومن يطلبها بنسخ منها وستكون حقوقها محفوظة لكل مسلم وملخص ماكتبه لي طالبا
عرضه عليكم:
أحبتي حفظهم الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
1 - سأبدأ بإذن الله بقراءة الصحيحين فماهي النسخة والطبعة التي تشيرون بها
2 - هل توجد طبعة من رياض الصالحين تنصحون بها
3 - إطلعت على كتاب (جمع الفوائد) تحقيق أبي علي سليمان بن دريع وأعجبني جدا
لشموله واستيعابه ولكنني أحتاج إلى رأيكم
وبعد إخوتي الأفاضل فأقول بكل صدق إنني ربما أحسن قراءة الأحاديث ولكنني لايمكن أن أقدم
على تسجيل سوى الصحيحين لذلك أتمنى عليكم مساعدتي وتوجيهي والدال على الخير كفاعله
أسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يستعملنا وإياكم فيما يخدم ديننا الحنيف
والسلام عليكم ورحمة الله.
أتمنى من أساتذتنا الفضلاء مساعدة أخينا المذيع ومن سيحذو حذوه من إخوته المذيعين نفع الله بهم.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[29 - 08 - 06, 03:44 ص]ـ
يسر الله أمره وجزاكما خير الجزاء، أنبه إلى أن اللؤلؤ والمرجان مسجل ....
والذي أراه أن يبدأ بتسجيل السنن إذا وجد الصحيحان مسجلان، هذا مع اهمية الكتب الجامعة كصحيح الجامع الصغير و جمع الفوائد (وهو جيد فيما أرى مع التنبيه على ضعيفه)؛ اعني أنهما مجالات يخدمان فئتان، وانهما مطلوبان معا، اما الترجيح بينهما فليس من شأني وتقاس الفائدة والمصلحة والفئة التي ينوي خدمتها. مع الاهتمام بانتقاء الطبعات المعتمدة الصحيحة، والمراجعة اللغوية والشرعية التامة من قِبَل متخصصين في الحديث واللغة. والله أعلم
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[31 - 08 - 06, 06:10 م]ـ
إلى أبي عبدالحمن حفظه الله
شكر الله لك تجاوبك ونصحك وكان الأخ المذيع حريصا على تسجيل صحيح جمع الفوائد ولكنه كان مترددا لعدم خبرته فجاء توجيهكم مشجعا ومحفزا على البدء بالتسجيل بإذن الله
لاحرمكم الله الأجر ووفقكم لمايحبه ويرضاه.(13/310)
يا اهل الحديث افتونا فى رواية الحديث بالمعنى
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[29 - 08 - 06, 07:19 ص]ـ
الاخوه الاحباب السلام عليكم ما قول السادة العلماء فى رواية الحديث بالمعنى مع ذكر الادلة وجزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[29 - 08 - 06, 09:33 ص]ـ
لست من العلماء ... ولكن, أقتبس لك كلام الشيخ عبدالله الجديع الموجود في كتاب ((تحرير علوم الحديث)):
حكم الرواية بالمعنى
اختلف المتقدمون في شأن جواز رواية الحديث بالمعنى على مذهبين مشهورين:
المذهب الأول: جواز الرواية بالمعنى
وثبتت الرواية به عن أكثر الأئمة من السلف، منهم: واثلة بن الأسقع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد المكي، وعامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، وعمرو بن دينار، والزهري، وجعفر الصادق، والشافعي، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، ووكيع بن الجراح، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل، وغيرهم.
وروي عن عبد الله بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وعائشة، ولم بثبت عنهم.
وروي مرفوعاً في جواز الرواية بالمعنى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: عن واثلة بن الأسقع، وعبد الله بن عمرو، وسليمان بن أكيمة الليثي، وأبي هريرة، وعبد الله بن مسعود، ورجل من الصحابة، ولا يثبت منها شيء، وليس فيها ما تتقوى به (552).
ومن دليل أصحاب هذا المذهب:
ما جاء عن يحيى بن سعيد القطان، قال: " أخاف أن يضيق على الناس تتبع الألفاظ؛ لأن القرآن أعظم حرمة، ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحداً " (553).
وقال الرامهرمزي: " ومن الحجة لمن ذهب إلى هذا المذهب: أن الله تعالى قد قص من أنباء ما قد سبق قصصاً، كرر ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربي، وهو مخالف لها في التقديم والتأخير، والحذف والإلغاء، والزيادة والنقصان، وغير ذلك " (554).
كذلك قال الخطيب: " اتفاق الأمة على أن للعالم بمعنى خبر النبي صلى الله عليه وسلم، وللسامع بقوله، أن ينقل معنى خبره بغير لفظه، وغير اللغة العربية، وأن الواجب على رسله وسفرائه إلى أهل اللغات المختلفة من العجم وغيرهم أن يرووا عنه ما سمعوه وحملوه مما أخبرهم به وتعبدهم بفعله على ألسنة رسله، سيِّما إذا كانوا السفير يعرف اللغتين، فإنه لا يجوز أن يكل ما يرويه إلى ترجمان وهو يعرف الخطاب بذلك اللسان؛ لأنه لا يأمن الغلط وقصد التحريف على الترجمان، فيجب أن يرويه بنفسه.
وإذا ثبت ذلك صح أن القصد برواية خبره وأمره ونهيه إصابة معناه وامتثال موجبه، دون إيراد نفس لفظه وصورته.
وعلى هذا الوجه لزم العجم وغيرهم من سائر الأمم دعوة الرسول إلى دينه , والعلم بأحكامه.
ويدل على ذلك: أنه إنما ينكر الكذب والتحريف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتغيير معنى اللفظ، فإذا سلم راوي الحديث على المعنى من ذلك، كان مخبراً بالمعنى المقصود من اللفظ وصادقاً على الرسول الله صلى الله عليه وسلم " (555).
وابن حزم يعيد ما يكون من اختلاف الألفاظ في بعض الروايات إلى سبب آخر، فيقول: " ليس اختلاف الروايات عيباً في الحديث إذا كان المعنى واحداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه إذا كان يحدث بحديث، كرره ثلاث مرات، فنقل كل إنسان بحسب ما سمع، فليس هذا الاختلاف في الروايات مما يوهن الحديث إذا كان المعنى واحداً " (556).
قلت: لكن هذا الاستدلال ضعيف لما يقع من الاختلاف في الرواية المتحدة المخرج عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو الشأن في الحديث الذي قصده ابن حزم بهذا التنبيه، فإنه حديث واحد، مخرجه رواية أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابنه أبو بردة، وعنه بريد بن عبد الله، ووقع في روايات الرواة عنه اختلاف في بعض الألفاظ، فهذا لا يحسن الاستدلال لمثله بمثل ما صنع ابن حزم.
وأحسبه ألجأه إلى ذلك تشديده في منع رواية الحديث بالمعنى أصلاً، فإنه قال: " من حدث وأسند القول إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقصد التبليغ لما بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحل له إلا أن يتحرى الألفاظ كما سمعها، لا يبدل حرفاً مكان آخر، وإن كان معناهما واحداً، ولا يقدم حرفاً ولا يؤخر آخر " (557).
¥(13/311)
والمذهب الثاني: التمسك باللفظ
وثبتت الرواية به عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، ونافع مولى ابن عمر، والقاسم بن محمد، ومحمد بن سيرين، ورجاء بن حيوة، وأبي معمر الأزدي، وعبد الله بن طاوس، ومالك بن أنس، وعبد الرحمن بن مهدي، وغيرهم.
وأصله من السنة حديثان صحيحان:
الأول: عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نضر (558) الله امرأً سمع منا حديثاً، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع " (559).
وهذا المعنى مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه.
ومما يتعلق به منا أيضاً في هذا الباب مما ثبت إسناده:
حديث أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نضر الله امرأً سمع قولي، ثم لم يزد فيه " وذكر سائر الحديث (560).
والحديث الثاني: عن البراء بن عازب، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آ منت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهم آخر ما تتكلم به ".
قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: " اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت " قلت: ورسولك، قال: " لا، ونبيك الذي أرسلت " (561).
تحرير القول في دلالة هذين الحديثين:
أجاب الرامهرمزي بقوله: " قوله: (فأداها كما سمعها) فالمراد منه حكمها لا لفظها، لأن اللفظ غير معتبر به، ويدلك على أن المراد من الخطاب حكمه قوله: (فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) " (562).
وأقول: كذلك فإن هذا في حق من لم يكن بفقيه، فهو إذا روى بالمعنى فربما حرف فيه، وشرط جواز الرواية بالمعنى: أن يكون عالما ً بما رواه بالمعنى.
ثم إن هذا الحديث نفسه قد نقله الناقلون الثقات فاختلفوا في لفظه، واتفقوا في معناه، فذلك في نفسه دليل على صحة الرواية بالمعنى، ومبطل للاستدلال به على منع ذلك بإطلاق (563).
وأما رده عليه السلام الرجل من قوله: (برسولك) إلى قوله: (وبنبيك)، فإن النبي أمدح، ولكل نعت من هذين النعتين موضع، ألا ترى أن اسم الرسول يقع على الكافة، واسم النبي لا يستحقه إلا الأنبياء عليهم السلام؟ وإنما فضل المرسلون من الأنبياء؛ لأنهم جمعوا النبوة والرسالة جميعاً، فلما قال: (وبنبيك الذي أرسلت) جاء بالنعت الأمدح، وقيده بالرسالة بقوله: (الذي أرسلت). وبيان آخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو المعلم للرجل الدعاء، وإنما القول في اتباع اللفظ إذا كان المتكلم حاكياً لكلام غيره، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نقل الرجل من قوله: (وبرسولك) إلى قوله: (وبنبيك) ليجمع بين النبوة والرسالة، ومستقبح في الكلام أن يقول: (هذا رسول عبد الله الذي أرسله)، و (هذا قتيل زيد الذي قتله)؛ لأنك تجتزئ بقولك: (رسول فلان) و (قتيل فلان) عن إعادة اسم المرسل والقاتل، إذ كنت لا تفيد به إلا المعنى الأول، وإنما يحسن أن تقول: (هذا رسول عبد الله الذي أرسله إلى عمرو)، و (هذا قتيل زيد الذي قتله بالأمس) أو: (في وقعة كذا) " (564).
قلت: وهذا الجواب محقق للغرض في الإبانة عن دلالة هذين الخبرين، وليس فيهما مقابلة لما استدل به الجمهور على الجواز.
ثم إن جميع المنقول عمن ذهب هذا المذهب من السلف ليس فيه قول واحد مقتضاه المنع للرواية بالمعنى، وإنما على معنى الاجتهاد في الإتيان بالحديث على لفظه ما أمكن، وهذا مقصد لم يتجاوزه المجوزون، بل المعروف عنهم الاجتهاد في الألفاظ، لكن للمشقة سهلوا أن يؤدى الحديث على المعنى، وليس ذلك عندهم بإطلاق، وإنما بشرط أن يكون مؤديه على هذا الوجه فقيها ً عالماً بما يحيل المعاني، لئلاَّ يقع في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأصل الذي لا يختلف فيه: أن يؤديه بلفظه، وهذا بلا ريبة أبرأ للذمة، وأنفع للأمة، وأبعد عن التهمة.
كما قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: " من سمع حديثاً، فحدث به كما سمع، فقد سلم " (565).
¥(13/312)
والأداء باللفظ محقق لصاحبه ثواب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في الحديث المتقدم.
لكن ذلك لا يتجاوز درجة الاستحباب، وقد كان محمد بن سيرين من أشد من كان يبالغ في الألفاظ، ومع ذلك كان يقول: " كنت أسمع الحديث من عشرة، اللفظ مختلف والمعنى واحد " (566).
فلم يمنعه تشدده في أداء الحديث بلفظه الذي سمع، أن يكون سمعه ممن فوقه على المعنى.
وحيث إن العبرة في نصوص السنة ما تدل عليه من الأحكام والشرائع، فإن الأداء للحديث بمعناه عند مشقة الإتيان بلفظه، محقق للغرض، ما دام المعنى صحيحاً موافقاً لدلالة أصل لفظه.
نعم، الرواية بالمعنى استعمال الراوي لاجتهاده في الألفاظ في سياقه الحديث، وهذا قد يقع له فيه الغلط، ولذا، فإن من صور العلل الواردة على الأحاديث النبوية: التعليل بالخطأ بسبب الرواية بالمعنى.
وتتفرع عن هذا المبحث مسائل:
المسألة الأولى: هل يجوز اختصار الحديث؟
عن عبد الله بن المبارك، قال: " علَّمنا سفيان اختصار الحديث " (567).
وذهب بعض أئمة الحديث إلى المنع من ذلك.
قال يحيى بن آدم: " ما رأيت أحداً يختصر الحديث إلا وهو يخطئ، إلا ابن عيينة " (568).
وقال العباس بن محمد الدوري: سئل أبو عاصم النبيل: يكره الاختصار في الحديث؟ قال: " نعم؛ لأنهم يخطئون المعنى " (569).
قال الخطيب وقد ذكر اختلافاً لأهل العلم بالحديث في ذلك جوازاً ومنعاً: " الذي نختاره في ذلك: أنه إن كان فيما حذف من الخبر معرفة حكم وشرط وأمر لا يتم التعبد والمراد بالخبر إلا بروايته على وجهه، فإنه يجب نقله على تمامه، ويحرم حذفه؛ لأن القصد بالخبر لا يتم إلا به، فلا فرق بين أن يكون ذلك تركاً لنقل العبادة، كنقل بعض أفعال الصلاة، أو تركاً لنقل فرض آخر هو الشرط في صحة العبادة، كترك نقل وجوب الطهارة ونحوها، وعلى هذا الوجه يحمل قول من قال: لا يحل اختصار الحديث " (570).
ثم بين الخطيب بما لا مزيد عليه الصورة التي يجوز معها الاختصار للحديث، أو تقطيعه، بما يجمع بين مذاهب العلماء ويجري على المعقول الصحيح، فقال:
" فإن كان المتروك من الخبر متضمناً لعبارة أخرى، وأمراً لا تعلق له بمتضمن البعض الذي رواه، ولا شرطاً فيه؛ جاز للمحدث رواية الحديث على النقصان، وحذف بعضه، وقام ذلك مقام خبرين متضمنين عبارتين منفصلتين وسيرتين وقضيتين لا تعلق لإحداهما بالأخرى، فكما يجوز لسامع الخبر فيما تضمنه مقام الخبرين اللذين هذه حالهما رواية أحدهما دون الآخر، فكذلك يجوز لسامع الخبر فيما تضمنه مقام الخبرين المنفصلين رواية بعضه دون بعض " (571).
قال الخطيب: " وإن كان النقصان من الحديث شيئاً لا يتغير به المعنى، كحذف بعض الحروف والألفاظ، والراوي عالم واع محصل لما يغير المعنى وما لا يغيره من الزيادة والنقصان، فإن ذلك سائغ له على قول من أجاز الرواية على المعنى، دون من لم يجز ذلك " (572).
وفي اختلاف الفقهاء مسائل عديدة، يعود سبب اختلافهم فيها إلى اختلاف روايات الحديث اختصاراً وإتماماً، فيستدل كل فريق بما وقع له من الرواية، والواجب في هذا أن تعاد الرواية المختصرة للمطولة التامة، لتفسر ما أبهم منها.
المسألة الثانية: تقطيع متن الحديث من أجل تفريقه في الأبواب:
إذا كان المتن متضمناً لما يمكن أن يستقل عن غيره مما جاء في نفس سياقه، فلا حرج في فصل الجزء المستقل منه ليوضع فيما يناسبه من بابه، فإن السورة من القرآن تستل الآية منها للاستدلال بها في الباب من الأبواب، وكذلك ينبغي أن يكون الحديث، إذا صح وجود معنى الاستقلال للجزء المقطوع منه.
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري: سألت أبا عبد الله (يعني أحمد) عن الرجل يسمع الحديث، وهو إسناد واحد، فيقطعه ثلاثة أحاديث؟ قال: " لا يلزمه كذب، وينبغي أن يحدث بالحديث كما سمع، ولا يغيره " (573).
قلت: ولا ريب أن اعتبار هذا المعنى الذي ذكره أحمد إنما هو عند أداء الحديث من قبل الراوي، أما الاستدلال منه بقصد الاستدلال فالفسحة فيه أظهر.
والواقع التطبيقي في مصنفات الحديث، خصوصاً تلك التي اعتنت بالأبواب، كثرة وقوع ذلك فيها، و (صحيح البخاري) من أكثرها استعمالاً لذلك.
¥(13/313)
المسألة الثالثة: إحالة الرواية على سياق مذكور:
المقصود به: أن يسوق مخرج الخبر حديثاً بإسناده ومتنه، ثم يخرج بعده متابعة أو شاهداً، فلا يسوق اللفظ، ويقول بعد الفراغ من الإسناد مثلاً: (مثله) أو (نحوه)، يحيل على اللفظ المتقدم.
وهذا لا حرج فيه، ويكثر عند أهل الحديث استعماله، لكن يجب الاحتياط في حكاية لفْظ الرواية المحالة.
قال الحاكم: " مما يلزم الحديثي من الضبط والإتقان إذا روى حديثاً وساق المتن، ثم أعقبه بإسناد آخر: أن يُفرَّق بين أن يقول: (مثله)، (أو نحوه)، فإنه لا يَحل له أن يقول: (مثله) إلا بعد أن يقف على المتنين جميعاً، فيعلم أنهما على لفظٍ واحد، وإذا لم يُميز ذلك، جاز أن يقول: (نحوه)، فإذا قال: (نحوه) بين أنه مثل معانيه " (574).
ويتفرغ عن هذه المسألة: هل يصح سياق نفس المتن المذكور للرواية الأولى للإسناد الثاني؟
الجواب: اختلف في ذلك المتقدمون، فوسع فيه سفيان الثوري في (مثله) و (نحوه)، ووافقه النقل عن يحيى بن معين في (مثله) خاصة، ومنع شعبه بن الحجاج من ذلك فيهما (575).
والاحتياط فيه أولى، وذلك بأن يقول مثلاً: (مثل حديث قبله متنه كذا وكذا) أو (نحو حديث قبله متنه كذا وكذا)، وهو اختيار الخطيب.
ومما يقويه ما ذكر ه ابن حجر عن صنيع مسلم في " صحيحه " إذا قال: (مثله)، وقد كان من أدق الناس في تمييز الألفاظ: " الذي يظهر أن مسلماً لا يقصر لفظ المثل على المساوي في جميع اللفظ والترتيب، بل هو في المعظم إذا تساويا في المعنى " (576).
وفي باب الاعتبار، لا مانع من الاعتبار بالإسناد الثاني في تقوية الأول، اعتماداً على المحدث فيما ادعاه من المثلية أو النحوية، وإن كان الأولى الاجتهاد للوقوف على متن ذلك الإسناد في مصادر السنن والأخبار.
* * *
الحواشي:
(552) كما شرحت ذلك في " تنقيح النقول من نوادر الأصول " (رقم: 98 _ 101).
(553) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (316) وإسناده جيد. كما روى معناه من وجهٍ آخر.
(554) المحدث الفاصل (ص: 530)، وذكر أن مثل هذا الاستدلال قد حُكي عن الحسن البصري، وساقه، لكن في إسناده نظرٌ.
(555) الكفاية (ص: 303 _ 304).
(556) الإحكام في أصول الأحكام (1/ 139).
(557) الإحكام في أصول الأحكام (2/ 86).
(558) بالتخفيف أصح.
قال الرامهرمزي: " قوله صلى الله عليه وسلم: نضَر الله امرأً، مُخففٌ، وأكثر المحدثين يقوله بالتثقيل إلا من ضبط منهم، والصواب التخفيف، ويحتمل معناه وجْهين: أحدهما: يكون في معنى ألبسه الله النضرة، وهي الحُسنُ وخلوصُ اللون، فيكون تقديره: جمَّله الله وزينه.
والوجه الثاني: أن يكون في معنى أوْصله الله إلى نضرة الجنة، وهي نِعمتها ونضارتها " ثم استدل لذلك (المحدث الفاصل، ص: 167)، وانظُر كذلك: تَصحيفات المحدثين، لأبي أحمد العَسكري (1/ 358).
(559) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (رقم: 2657) وأبو يعلى (9/ 198 رقم: 5296) والبزار (5/ 382 رقم: 2014) وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/ 1 / 9، 10) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: 166) والهيثم الشاشي في " مسنده " (رقم: 276) وابن حبان (رقم: 66، 68) وأبو عمرو المديني في " جزء حديث: نضَر الله امرأ سمع مقالتي " (رقم: 1، 2) والخليلي في " الإرشاد " (2/ 698 _ 699) من طُرق عِدة عن سِماك بن حربٍ، قال: سمعت عبدَ الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، به. رواه عن سماك من الثقات: شُعبة بن الحجاج، وعلي بن صالح، وحماد بن سلمة، وإسرائيل بن يونس، وعمرْو بن أبي قيس.
وسماك صدوق جيد الحديث في غير روايته عن عكرمة مولى ابنِ عباس.
تابعه عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه، به.
أخرجه البزار (5/ 385 رقم: 2019) وابن عدي في " الكامل " (8/ 223) من طريقين عن مِهران بن أبي عُمر، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الملك.
قلت: وهذه طريقٌ حسنة، طريق البزار عن مِهران صحيح، ومِهران صدوق فيه لين، ومن فوقه ثقات، وإن كانَ قد أغرب بهذا عن إسماعيل بن أبي خالد.
¥(13/314)
ورواه إسحاق بن منصور السلولي عن هُريم بن سفيان، وجعفرِ بن زياد الأحمر، كلاهما عن عبد الملك، به.
أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2/ 179 _ 180 رقم: 1326 وفي سنده سقط) والسهمي في " تاريخ جُرجان " (ص: 199 _ 200) والخطيب في " الكفاية " (ص: 267).
كما أخرجه مُقتصراً على (هُريم) فقط: البيهقي في " دلائل النبوة " (1/ 23) من طريق إسحاق بن منصور، وابن جُميع في " مُعجمه " (ص: 315) من طريق يحيى بن أبي بُكير، كلاهما عن هُريم.
قلت: وإسناده صحيح، هريم وجعفرٌ ثقتان.
وقد قال الترمذي: " حديث حسنٌ صحيح ".
(560) حديث حسنٌ.
أخرجه أبو عمْرو المديني في " جزئه في هذا الحديث " والحاكم في " المدخل إلى الصحيح " (ص: 85 _ 86) وفي إسناده تحريف) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (رقم: 199) من طُرقِ عن عبد الجبار بن عاصم، قال: حدثنا هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلةَ، عن إبراهيم بن أبي عبلةَ، حدثني عقبة بن وَساج، عن أنس، به.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله غيرُ هانئ ثقات، أما هوَ فلا بأس به.
(561) حديث صحيح. مُتفق عليه: أخرجه البُخاري (رقم: 244، 5952) ومُسلم (رقم: 2710) من طريق سعْد بن عبيدة، حدثني البراء، به. ورواه غيره عن البراء.
(562) هذا السياق الذي علَّق عليه الرامهرمزي للحديث، جاءَ من رواية أبي الحويْرث عبْد الرحمن بن معاوية، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " نضر الله امرأً سمع مقالتي، فحفظها، فأداها كما سمعها، فرُب حامل فِقه إلى من هو أفقه منه، وربَّ حاملِ فقه غيرُ فقيه ". أخرجه البزار (8/ 342 رقم: 3416) وإسناده حسن. وهو مُخرَّجٌ في غير موضعٍ نحوه، كما رواه كذلك غيرُ أبي الحويرث عن مُحمد بن جبير.
(563) وانظر: الكفاية، للخطيب (ص: 305).
(564) المحدث الفاصل (ص: 531 _ 532)، ومعناه في " الكفاية " (ص: 306).
(565) أثرٌ صالح. أخرجه مسلم في " التمييز " (رقم: 9) والرامهرمزي (ص: 538) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 267) وإسناده صحيح، فيه الرديني بن أبي مجلز وهو شيخ ليس بالمشهور، وسائر الإسناد إما ثقةٌ وإما صدوقٌ.
(566) أثرٌ صحيح. أخرجه عبد الرزاق (11/ 327، 451، رقم 20672، 20977) ومن طريقه: ابن سعد (7/ 194) والترمذي في (العلل) في آخر " الجامع " (6/ 239) ويعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " (2/ 64) والخطيب في " الكفاية " (ص: 311) وابن عبد البر في " بيان العلم " (رقم: 464، 465) _ أخبرنا مَعْمرٌ، عن أيوب، عن ابن سيرين، به. قلت: هذا إسناد صحيح. وأخرجه الرامهرمزي (ص: 534) من طريق الواقدي، حدثنا مَعمر، به.
(567) أخرجه الرامهرمزي (ص: 543) من طريق ابن عائشة عن ابن المبارك، به. وفي إسناده شيخ الرامهرمزي وهُو أبوه لم أقف على بيان أمْره.
(568) أخرجه ابن أبي خيثمة في (أخبار المكيين) من " تاريخه " (ص: 382) بإسناد صالح.
(569) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 291) وإسناده صحيح.
(570) الكفاية (ص: 290).
(571) الكفاية (ص: 292).
(572) الكفاية (ص: 293).
(573) مسائل الإمام أحمد، رواية ابن هانئ (2/ 166).
(574) سؤالات مسْعود السجزي للحاكم (النص: 123، 322).
(575) خرَّج الروايات بذلك عنهم الخطيب في " الكفاية " (ص: 319، 320) بأسانيد صحيحة. وكذلك النقل عن ابن معين موجود في " تاريخه " (النص: 2264).
(576) فتح الباري (2/ 146).
ـ[باسم الشافعي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 02:44 م]ـ
من كتاب الامام السمرقندي " بستان العارفين "
(الباب السادس في رواية الحديث بالمعنى)
(قال الفقيه) رحمه اللَّه: اختلف الناس في رواية الحديث بالمعنى. قال بعضهم: لا يجوز إلا بلفظه، وقال بعضهم: يجوز وهو الأصح. أما حجة الطائفة الأولى فما روى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "رحم اللَّه أمرأ سمع مني حديثاً فبلغه كما سمع" وروى البراء بن عازب أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم علم رجلاً دعاء وكان في آخر دعائه "آمنت بكتابك الذي نزلت ونبيك الذي أرسلت" فقال الرجل وبرسولك الذي أرسلت، فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم قل ونبيك الذي أرسلت فنهاه عن تغيير اللفظ" وأما حجة من قال إنه يجوز بالمعنى فلأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "ألا فليبلغ الشاهد الغائب" فقد أمرنا بالتبليغ عاماً. وروى عن واثلة بن الأسقع وكان من الصحابة قال: إذاً حدثنا كم حديثاً بالمعنى فحسبكم. وقال ابن عوف: كان إبراهيم النخعي والشعبي والحسن البصري يؤدون الحديث بالمعنى. وقال وكيع: لو لم يكن بالمعنى واسعاً لهلك الناس. وقال سفيان الثوري: إني لو قلت لكم إني أحدثكم كما سمعت فلا تصدّقوني، ولأن اللَّه تعالى قال {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} بلفظ العربية، ولو كان قومهم لا يفقهون بلفظ العربية فلابدّ له من البيان والتفسير، فثبت أن العبرة للمعنى لا اللفظ.(13/315)
هل ضعف الألبانى أحاديث أبى الزبير عن جابر عند مسلم؟
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[29 - 08 - 06, 08:27 م]ـ
منتظر إتحافاتكم.
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 02:55 ص]ـ
قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1/ 157) حديث رقم (65)
( ........... وجملة القول أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن و نحوها
و ليس من رواية الليث بن سعد عنه، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به، حتى يتبين
سماعه، أو ما يشهد له، و يعتضد به.
هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق، فطالما غفل عنها عامة الناس، و قد كنت
واحدا منهم، حتى تفضل الله علي فعرفني بها، فله الحمد و الشكر، و كان من
الواجب علي أن أنبه على ذلك، فقد فعلت، و الله الموفق لا رب سواه ............ ).
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[30 - 08 - 06, 04:49 ص]ـ
نقل طيب يا أخى، و لكنه لا يعنى أن الشيخ ضعف أحاديث جابر التى أخرجها مسلم أو البخارى من غير رواية الليث عن أبى الزبير عنه، بل أريد فى ذلك نصا صريحا أخى الحبيب. لأن ا أعلمه يقول أنه قد يقبلها عند مسلم و لا يقبلها عند غيره.
ـ[عبد]ــــــــ[30 - 08 - 06, 08:17 ص]ـ
السلام عليكم. لو طالعت كتاب "طليعة فقه الإسناد" للشيخ طارق عوض الله ونظرت في الجزء الملحق به "ردع الجاني المتعدي على الألباني" فإن فيه جوباً مفصلاً عن سؤالك ولا يسعفني الوقت الآن بنقله.
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 01:09 م]ـ
لو أنكم تنقلونها أخى بارك الله فيكم. س
ـ[أبو هاشم]ــــــــ[01 - 09 - 06, 03:17 م]ـ
الذهبي سبق الألباني في هذا انظر سير أعلام النبلاء ولكن على تفصيل فليراجع
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 05:35 م]ـ
حديث (لا تذبحوا إلا مسنة ..... )
قال في الضعيفة 1/ 142
استدراك: ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحو خمس سنوات، و كان محور اعتمادي في
ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه مرفوعا: " لا
تذبحوا إلا مسنة ... "، و تصحيح الحافظ ابن حجر إياه، ثم بدا لي أني كنت
واهما في ذلك، تبعا للحافظ، و أن هذا الحديث الذي صححه هو و أخرجه مسلم كان
الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة
ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس، و قد عنعنه، و من المقرر في " علم المصطلح " أن
المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث، و هذا هو الذي صنعه أبو الزبير
هنا، فعنعن، و لم يصرح، و لذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها
أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد
عنه، فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث، فقال الحافظ الذهبي في ترجمة
أبي الزبير - و اسمه محمد بن مسلم بن تدرس بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما
لا يقدح في عدالته: و أما أبو محمد بن حزم، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن
جابر و نحوه لأنه عندهم ممن يدلس، فإذا قال: سمعت، و أخبرنا احتج به،
و يحتج به ابن حزم إذا قال: عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، و ذلك لأن
سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث قال: جئت أبا الزبير، فدفع إلى كتابين،
فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أننى عاودته فسألته أسمع هذا من جابر؟
فسألته، فقال: منه ما سمعت، و منه ما حدثت به، فقلت: أعلم لي على ما سمعت
منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي، ثم قال الذهبي: و في " صحيح مسلم " عدة
أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر، و لا هي من طريق الليث
عنه، ففي القلب منها شيء، و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": صدوق إلا
أنه يدلس، و أورده في المرتبة الثالثة من كتابه " طبقات المدلسين (ص 15)
و قال: مشهور بالتدليس، و وهم الحاكم في " كتاب علوم الحديث " فقال في سنده:
و فيه رجال غير معروفين بالتدليس! و قد وصفه النسائي و غيره بالتدليس، و قال
في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه: الثالثة من أكثر من التدليس، فلم يحتج
الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، و منهم من رد حديثهم مطلقا،
و منهم من قبلهم، كأبي الزبير المكي.
قلت: و الصواب من ذلك المذهب الأول و هو قبول ما صرحوا فيه بالسماع و عليه
الجمهور خلافا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقا و لو صرحوا بالتحديث كما نص عليه
في أول كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " على ما أذكر، فإن يدي لا تطوله الآن
و أرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي
آنفا أن ابن حزم يحتج به إذا قال: سمعت، و هذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته
فقال في " المحلى " في صدد الرد على المخالفين له (7/ 363 - 364): هذا حجة
على الحاضرين من المخالفين، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن، مع وجود المسنات،
فقد خالفوه، و هم يصححونه، و أما نحن فلا نصححه، لأن أبا الزبير مدلس ما لم
يقل في الخبر أنه سمعه من جابر، هو أقر بذلك على نفسه، روينا ذلك عنه من طريق
الليث بن سعد.
انظر " الإحكام " (1/ 139 ـ 140)، و مقدمتي لـ" مختصر مسلم " (المكتبة
الإسلامية).
و جملة القول: أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن و نحوها
و ليس من رواية الليث بن سعد عنه، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به، حتى يتبين
سماعه، أو ما يشهد له، و يعتضد به.
هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق، فطالما غفل عنها عامة الناس، و قد كنت
واحدا منهم، حتى تفضل الله علي فعرفني بها، فله الحمد و الشكر، و كان من
الواجب علي أن أنبه على ذلك، فقد فعلت، و الله الموفق لا رب سواه.
¥(13/316)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:21 م]ـ
تضعيف الشيخ الألباني لرواية أبي الزبير عن جابر بالعنعنة
لا يعني تضعيفه لأحاديث أبي الزبير عن جابر في صحيح مسلم
لأنه قد يجد لهذا شواهداً
او يجد رواية فيها تصريح ابي الزبير بالتحديث
أو يجدها من رواية الليث عن أبي الزبير في غير صحيح مسلم
ـ[أبو إلياس]ــــــــ[02 - 09 - 06, 04:09 ص]ـ
أخي الكريم حديث أَبي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». قد سمعها جابر من أبي الزبير كما في مُسْتَخْرَج أَبِي عَوَانَةَ ففيه: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنَادِي، قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَحَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، قَالَ: ثَنَا زُهَيْرٌ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ وَذَكَرَ الْحَدِيثُ * وهذه من فوائد المستخرجات.
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 04:50 ص]ـ
أخي الكريم حديث أَبي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ «لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». قد سمعها جابر من أبي الزبير كما في مُسْتَخْرَج أَبِي عَوَانَةَ ففيه: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنَادِي، قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، وَحَدَّثَنَا الصَّغَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، قَالَ: ثَنَا زُهَيْرٌ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ وَذَكَرَ الْحَدِيثُ * وهذه من فوائد المستخرجات.
أحسنت أخي أبو إلياس
لكن أبا عوانة أخرجه معلقا فقال (رواه محمد بن بكر عن ابن جريج حدثني ابو الزبير أنه سمع جابرا) وقد قال هذا الألباني رحمه الله
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[08 - 09 - 06, 09:44 ص]ـ
جزاكم الله خيرا و بارك فيكم.
ـ[عبد]ــــــــ[08 - 09 - 06, 01:50 م]ـ
نقل الشيخ طارق في الطليعة،ص68، كلام الألباني من الضعيفة: "وجملة القول .. أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو عن غيره بصيغة "عن" ونحوها، وليس من رواية الليث بن سعد عنه، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به حتى يتبين سماعه أو نجد ما يشهد له، ويعتضد به" (الضعيفة 1/ 93) ".
ثم علق على هذا:
"فأولاً: إن الشيخ لم يضعف هذه الرواية وإنما توقف فيها لحين يتبين له الأمر، وهذاواضح من كلامه.
ثانياً: إن الشيخ قيد ذلك التوقف لما لم يأت من طريق الليث بن سعد عن أبي الزبير)) ".
===============================
قلت: وزاد على ذلك إن وجد ما يشهد له ويعتضد به حتى ولو كان بصيغة العنعنة من غير رواية الليث.(13/317)
عاجل (الروض) و (عمدة الاحكام)؟
ـ[معمر الشرقي]ــــــــ[29 - 08 - 06, 08:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هل هناك تحقيق لكتاب الروض المربع حيث الطبعة التي امتلكها طبعة الرسالة وتحقيقها ضعيف للغاية
وهل ايضا يوجد تحقيق جيد ل عمدة الاحكام
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[30 - 08 - 06, 12:08 ص]ـ
(الموضوع مكرر فليتك بحثت أولاً ثم سألت)
الروض المربع: طبعة دار الوطن تحقيق المشايخ: الغصن ومن معه.
العمدة: طبعة نظر الفريابي جيدة في الجملة (الكبيرة وليست الجيب).
ـ[معمر الشرقي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 12:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا اخي(13/318)
هل اطلع أحد على حاشية على فتح الباقي للشيخ زكريا الأنصاري على ألفية المراقي
ـ[أبو المعالي الحلبي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 03:04 ص]ـ
هل اطلع أحد على حاشية على فتح الباقي للشيخ زكريا الأنصاري على ألفية المراقي
و للشيخ علي بن احمد بن مكرم الصعيدي العدوي الملاكي المتوفى بمصر سنة تسع وثمانين ومائة والف حاشية عليه
هل يعرفها أحد؟ مطبوع أو مخطوط؟ أو يعرف أي حاشية على فتح الباقي
الرجاء إرسال نصيحة
ولكم جزيل الشكر
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:38 ص]ـ
كتاب فتح الباقي شرح ألفية العراقي طبع عدة طبعات
ـ[الرايه]ــــــــ[04 - 09 - 06, 02:47 م]ـ
الاخ المكرم
ابو المعالي الحلبي
لعل أقرب من يفيدك هو الدكتور ماهر
فقد حقق فتح الباقي
ولقد رجعت الى مقدمة تحقيقه فلم اجد شيئا عن سؤالك، ورجعت أيضا الى طبعة اخرى بتحقيق حافظ ثناء الله الزاهدي فلم اجده ذكر في مقدمة تحقيقه شيئا.(13/319)
حكم رواية أبي الزبير عن جابر في صحيح مسلم
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[30 - 08 - 06, 08:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم رواية أبي الزبير عن جابر في صحيح مسلم
بقلم: عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، له الحمد كله وله الشكر كله وإليه يرجع الأمر كله، منَّ على عباده ببعثة المرسلين سيد المرسلين وإمام المتقين محمد صلى الله عليه وسلم:" لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" (آل عمران:) ومنّ على نبيه خصوصا بإنزال الوحيين عليه وتعليمه فقال:"وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم" (النساء:113)، وذلك كله استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام:" ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" (البقرة:231)، وصلى الله على نبينا محمد الذي خاطبه تعالى بقوله:"وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" (النحل:44)، فصار نطقه وحيا:"وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" (النجم:)، وفعله أسوة وقدوة:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" (الأحزاب:)، وسكوته تقريرا، قال صلى الله عليه وسلم:"ذروني ما تركتكم ... "، وطاعته طريق الفوز والرحمة:" ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" (الأحزاب: 71،" وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون" (آل عمران:132)، بل إن الله أنزل آية المحنة في وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" (آل عمران:31)، فصلوات اله وسلامه عليه عدد ما صلى عليه المصلون وغفل عن الصلاة عليه الغافلون، ثم أما بعد:
فلما كانت السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع كما قال صلى الله عليه وسلم:"ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه"، وقال صلى الله عليه وسلم:" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي"، اتجه علماء الإسلام إلى هذا العلم الشريف دراسة وحفظا وتصنيفا وكان أشهر وأصح المصنفات في السنة صحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، فقد تلقتهما الأمة بالقبول، وتناولهما العلماء بالشرح والاستخراج والاختصار والترجمة للرواة. وكان من أبرز المسائل التي كثر حولها الجدل مسألة: هل يجوز النظر في أسانيدهما والحكم عليهما بتطبيق قواعد مصطلح الحديث أم لا؟
وتحت هذه المسألة مسألة عنعنة المدلس في الصحيحين هل هي محمولة على السماع.
وفي هذا البحث أردت أخذ مثال على هذه المسألة وهي رواية أبي الزبير عن جابر في صحيح مسلم هل هي محمولة على السماع أم نحكم عليها بالانقطاع.
والله أسأل أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ترجمة أبي الزبير:
هو محمد بن مسلم بن تدرس، الإمام الحافظ الصدوق، أبو الزبير القرشي الأسدي، مولى حكيم بن حزام رضي الله عنه، من أوساط التابعين.
شيوخه من الصحابة:
1 - عائشة رضي الله عنها، قال البيهقي في السنن الكبرى: وفي سماعه من عائشة نظر، قاله البخاري. وقال أبو حاتم: أبو الزبير لم يسمع من عائشة. وقال الذهبي في السير: وحديثه عن عائشة أظنه منقطعا. وذكر الذهبي في الميزان أن رواية أبي الزبير في الكتب الستة إلا البخاري.وفي تحفة الأشراف نجد أنه لم يرد في الكتب الستة عنها من طريق أبي الزبير إلا حديث واحد مقرون مع ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل. قال ابن القيم: هذا الحديث غلط بين ... "، وضعفه أبو الحسن ابن القطان فيما نقله ابن القيم فقال: وأبو الزبير مدلس ولم يذكر هاهنا سماعا من عائشة، وقد عهد أنه يروي عنها بواسطة".
¥(13/320)
2 - عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، ورمز له المزي بأن روايته عنه في الكتب الستة إلا البخاري، وقال الذهبي في الميزان: وروايته عن ابن عباس في الكتب إلا البخاري، والذي في تحفة الأشراف أن البخاري روى له معلقا، وروى له ابن ماجه حديثا آخر.وسأل الترمذي محمد بن إسماعيل البخاري عن سماع أبي الزبير من ابن عباس فقال: أما ابن عباس فنعم. وذكر أبو الحسن ابن القطان فيما نقله ابن القيم في الزاد: أن أبا الزبير عهد عنه أنه يروي عن ابن عباس بواسطة وإن كان قد سمع منه فيجب التوقف فيما يرويه أبو الزبير عنه مما لا يذكر فيه سماعه منه لما عرف به من التدليس. وفي المراسيل قال سفيان بن عيينة: يقولون لم يسمع من ابن عباس.
3 - عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، ورمز المزي له بأن روايته عنه في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي، وقد ذكر الذهبي في الميزان أن رواية أبي الزبير عن ابن عمر في صحيح مسلم، ومما يدل على أنه سمع منه ما رواه مسلم عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الجر والدباء والمزفت". وقد قال ابن معين: لم يسمع –يعني أبا الزبير- من ابن عمر ولم يره، وتقدمت الرواية الدالة على ثبوت سماعه منه.
4 - عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وروايته عنه في سنن ابن ماجه. وقال أبو حاتم: إنه لم يلق عبدالله بن عمرو. وقال الترمذي: سألت محمدا قلت له: أبو الزبير سمع من عبدالله بن عمرو؟ قال: قد روى عنه، ولا أعرف له سماعا. ونفى السماع أيضا ابن معين.
5 - عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما. وروايته عنه في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي.
6 - أبو الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه، وروايته عنه عند مسلم والأربعة.
7 - جابر بن عبدالله رضي الله عنه، وقد أكثر عنه، وروايته عنه في الكتب الستة، وكان له به مزيد اختصاص ففي تحفة الأشراف من رواية أبي الزبير عن جابر ثلاثمائة وستين حديثا فهو أكثر الرواة عن جابر، وحيث أن هذا البحث مخصص لهذه الرواية فنرجئ التفصيل فيها إلى موضعها.
شيوخه من غير الصحابة:
روى أبو الزبير عن كبار التابعين مثل ابن جبير وعكرمة وطاووس وغيرهم.
تلاميذه:
روى عنه جمع كبير من أقرانه من أوساط التابعين وصغارهم وأتباع التابعين، مثل عطاء- وهو من شيوخه، والزهري وأيوب والأعمش وابن جريج ومالك وهشيم والثوري وخلق كثير.
قوة حفظه: روى الإمام أحمد في العلل عن ابن عيينة عن أبي الزبير قال: كان عطاء يقدمني إلى جابر أحفظ لهم الحديث. وقال في رواية ابن سعد: أسأل لهم الحديث، وقال عطاء لأيضا: كان أبو الزبير أحفظنا. وعن يعلى بن عطاء قال: حدثني أبو الزبير، وكان أكمل الناس عقلا وأحفظهم. وقال الإمام أحمد عندما سأل أبو داود عن أبي الزبير وهل أخذ أحاديث صحيفة سليمان اليشكري من الصحيفة؟ فقال أحمد: كان أبو الزبير يحفظ.
ثقته وإمامته: نجد أن أبا الزبير وثقه جمع من الحفاظ، فممن وثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وابن المديني والعجلي والدولابي في الكنى وابن حبان في الثقات. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال الساجي: صدوق حجة في الأحكام، قد روى عنه أهل النقل وقبلوه واحتجوا به. وروى عنه مالك في الموطأ وهو لا يروي إلا عن الثقات، ووثقة العجلي وهو الذي عليه المتأخرون كابن حجر والذهبي.
وقد ضعفه جمع من أهل العلم لتصرفات حصلت منه فممن ضعفه:
1 - أيوب السختياني، فقد كان إذا روى عنه قال: حدثنا أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير، قال أحمد: كأنه يضعفه بذلك. وقال ابن حجر: ولما ذكر الترمذي رواية سفيان عن أيوب حمله على أنه عنى حفظه وإتقانه، وقد رواه ابن عدي من طريقه وزاد: قال سفيان بيده، يضعفه. وهذا جرح محتمل ولم يفسر سبب الجرح فلا يناقض من عدله.
¥(13/321)
2 - ابن عيينة، فقد قال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: حدثنا أبو الزبير وهو أبو الزبير- أي كأنه يضعفه. وهذا أيضا غير صريح. وقد يفسره قول ابن عيينة: كان أبو الزبير عندنا بمنزلة خبز الشعير إذا لم نجد عمرو بن دينار ذهبنا إليه، وهذا يدل على أنه لا يضعفه بل يفضل ابن دينار عليه. وقال أيضا: ما تنازع أبو الزبير وعمرو بن دينار قط عن جابر إلا زاد عليه أبو الزبير، وهذا محتمل لأن يكون ثناء عليه وقد يكون أراد القدح في قوة حفظه.
3 - أبو حاتم، فقد سأله ابنه عن أبي الزبير فقال: يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلي من سفيان.
4 - أبو زرعة، فقد سأله ابن أبي حاتم عن أبي الزبير فقال: روى عنه الناس، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: إنما يحتج بحديث الثقات.
5 - الشافعي، فقد قال عندما احتج عليه رجل بحديث عن أبي الزبير فقال: أبو الزبير يحتاج إلى دعامة.
6 - البخاري، فقد ذكر الذهبي في السير عنه أنه قال: لا يحتج به، وقد أخرج له البخاري في صحيحه مقرونا بغيره، وأخرج له تعليقا.
7 - شعبة، فقد نقل العقيلي أنه قال: ما كان أحد أحب إلي أن ألقه من أبي الزبير، حتى لقيته، ثم سكت. وأما أسباب ترك شعبة لأبي الزبير فأربعة أسباب هي:
• أنه يرجح في الوزن، فقد سأله ورقاء فقال: لم تركت حديث أبي الزبير؟ فقال: رأيته يزن ويسترجح في الميزان.
• افتراؤه على رجل مسلم حال غضبه، فقد روى أبو داود عن شعبه قال: لم يكن شيء أحب إلي من رجل يقدم من مكة فأسأله عن أبي الزبير. قال: فقدمت مكة، فسمعت من أبي الزبير فبينا أنا عنده إذ سأله رجل عن مسألة فرد عليه فافترى عليه، فقلت: تفتري يا أبا الزبير على رجل مسلم؟ فقال: إنه أغضبني. قلت: ومن يغضبك تفتري عليه! لا رويت لك أبدا. فكان شعبة يقول: في صدري لأبي الزبير أربع مئة حديث.
• لأنه رآه يسيء في صلاته، فقد قيل لشعبة: لم تركت أبا الزبير؟ قال: رأيته يسيء الصلاة فتركت الرواية عنه.
ولعل شعبة رأى منه ما لا يليق بالمحدث من الأمور التي مرت فترك الرواية عنه، بل إنه رأى مع هشيم كتابا سمعه من أبي الزبير فأخذه ومزقه.
الراجح في حال أبي الزبير:
الذي استقر عليه عمل المحدثين توثيق أبي الزبير لأنه جمع بين قوة الحفظ والصدق، وأما من جرحه كأيوب وابن عيينة فمحتمل وكأنهم عنوا أنه ليس فس الدرجة العالية من الحفظ، ولم يجرح مجرح مفسر إلا شعبة، والتصرفات التي جعلت شعبة يترك أبا الزبير لا تستدعي الترك، وقد قال ابن حبان:" لم ينصف من قدح فيه لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك. وأما الشافعي فإنه قال ما قال في معرض المناظرة والغضب.
ذكر من حكم على أبي الزبير بالتدليس"
1. نص ابن القطان وأحمد بن حنبل على أن ما لم يقل فيه: حدثنا جابر، لكن: عن جابر، بينهما فياف.
2. قال النسائي: ذكر المدلسين: الحجاج بن أرطاة والحسن وقتادة وأبو الزبير.
3. قال الحافظ العلائي: محمد بن مسلم أبو الزبير المكي مشهور بالتدليس، وبعد أن ذكر قصة الليث بن سعد مع أبي الزبير قال: ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير.
4. وابن حزم رحمه الله يرد من حديث أبي الزبير ما يقول فيه: عن جابر ونحره، لتدليسه، فإذا قال: سمعت وأخبرنا احتج به، ويقبل ما جاء معنعنا من طريق الليث.
5. قال ابن حجر في طبقات المدلسين في أبي الزبير: مشهور بالتدليس.
6. قال عنه الذهبي في الكاشف: كان مدلسا واسع العلم.
7. قال عنه ابن عبدالهادي في طبقات علماء الحديث: وقد كان أبو الزبير حافظا كثير الحديث مدلسا.
8. ووصفه بالتدليس عبدالحق الإشبيلي.
مستند من حكم على أبي الزبير بالتدليس:
أشهر دليل على تدليس أبي الزبير قصة الليث بن سعد معه، فقد قال الليث: قدمت مكة، فجئت أبا الزبير فدفع إلي كتابين، وانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو عاودته فسألته أسمع هذا كله من جابر، فرجعت فسألته فقال: منه ما سمعت منه ومنه ما حُدِّثت عنه. فقلت له: أعلم لي على ما سمعت فأعلم لي على هذا الذي عندي.
¥(13/322)
وهناك دليل ثان وهو ما رواه الترمذي في سننه بعد ذكره لحديث قراءة السجدة وتبارك قبل النوم. فقال زهير بن معاوية لأبي الزبير: سمعت من جابر يذكر هذا الحديث؟ فقال أبو الزبير: إنما أخبرنيه صفوان أو ابن صفوان، وكأن زهيرا أنكر أن يكون هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر.
والدليل الثالث المثبت لتدليس أبي الزبير ما رواه أبو داود الطيالسي حدثنا زهير عن أبي الزبير، قلت له: أحدثك جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي قحافة غيروا وجنبوه السواد؟ قال: لا. وفي المسند بعد ذكر هذا الحديث قال: غيروا هذا الشيب، قال حسن: قال زهير: قلت لأبي الزبير: قال جنبوه السواد؟ قال: لا. ومثله في مسند أبي عوانه المسمى: المستخرج على صحيح مسلم. وهو في مسلم من رواية أبي خيثمة عن أبي الزبير بدون ذكر السواد ثم عن ابن جريج عن أبي الزبير بلفظ: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد.
وهذا يدل على أنه لم يسمع هذه اللفظة من جابر وإنما هي زيادة من الواسطة بينه وبينه.
الدليل الرابع: أنه يروي عمن لم يلقهم مثل عائشة وعبدالله بن عمرو رضي الله عنهم.
مستند من نفى التدليس عن أبي الزبير:
احتج من نفى التدليس عن أبي الزبير بعدة حجج منها:
1 - أن المتقدمين من أئمة الجرح والتعديل كابن المديني والبخاري وأبو حاتم وأحمد وابن معين ومسلم والعجلي وابن سعد وابن أبي حاتم والدولابي والحاكم وابن حبان وابن عدي كلهم ذكروا أبا الزبير ولم يشيروا إلى اتهامه بالتدليس، مما يدل على عدم شهرته بالتدليس عندهم، وأول من ذكره بالتدليس النسائي كما في نقل العلائي والذهبي وابن حجر فيما تقدم.
2 - من المعروف عن شعبة تشدده في نقد التدليس والمدلسين وعدم الأخذ عنهم، وقد أخذ عن أبي الزبير أربع مئة حديث كما في الميزان، ثم رأى من تصرفات أبي الزبير ما دعاه إلى ترك الرواية عنه، ومع ذلك لم يشر من قريب ولا بعيد إلى أنه مدلس.
3 - قد روى البخاري لأبي الزبير مقرونا في الصحيح ومعلقا مجزوما به، واستشهد به مسلم في صحيحه، كما أن الإمام أحمد استشهد بإسناد فيه أبو الزبير عن جابر، حيث أنه سئل عن البثرة فقال: ليس فسه وضوء ... ثم قال: وابن أبي أوفى تنخع دما وجابر- يرويه أبو الزبير عن جابر. وسنده عند ابن أبي شيبة عن وكيع عن عبدالله بن أبي حبيب بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر أنه أدخل اصبعه في أنفه فخرج عليه دم فمسحه بالأرض أو التراب ثم صلى.
4 - نقل الحافظ ابن حجر عن الساجي أنه قال: وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال: استحلف ليث أبا الزبير بين الركن والمقام أنك سمعت هذه الأحاديث من جابر؟ فقال: والله إني سمعتها من جابر، يقول ثلاثا. ولكن الساجي لم يدرك ابن معين.
5 - أنه إن ثبت تدليسه، فتدليسه من جنس تدليس السلف الذين لا يدلسون عن الضعفاء. قال ابن القيم: وأبو الزبير وإن كان فيه تدليس فليس معروفا بالتدليس عن المتهمين والضعفاء، بل تدليسه من جنس تدليس السلف، لم يكونوا يدلسون عن متهم ولا مجروح، وإنما كثر هذا النوع من التدليس في المتأخرين.
الترجيح في ثبوت التدليس عند أبي الزبير:
الذي يترجح مما سبق ثبوت التدليس عند أبي الزبير، وأما أدلة النافين لتدليس أبي الزبير فيمكن أن يجاب عنها بالتالي:
الجواب عن الدليل الأول والثاني أن من علم حجة على من لم يعلم، وعدم العلم بالشيء ليس دليلا على العلم بعدمه.
وأما استشهاد مسلم بروايته وكذا أحمد وتعليق البخاري لحديث في سنده أبو الزبير عن جابر، فيقال لعلهم اطلعوا على التصريح بالتحديث في طرق أخرى.
وما نقله ابن حجر عن الساجي فإنه بلاغ وليس بالمتصل.
وأما النقل عن ابن القيم فقد نقل في موضع آخر عن ابن القطان أن أبا الزبير مدلس وغلَّط أبا الزبير في روايته عن عائشة وابن عباس.
منزلة صحيح مسلم عند العلماء
مدح صحيح مسلم وصحة أحاديثه:
أكثر العلماء المدح والثناء على صحيح مسلم وحكموا بصحة أحاديثه، فنذكر طرفا من ذلك بشكل مختصر يدل على المقصود.
1. قال الإمام مسلم رحمه الله عن أحاديث صحيحه: ليس كل حديث صحيح أودعته هذا الكتاب وإنما أخرجت ما أجمعوا عليه.
2. وقال مسلم أيضا: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته، وكل ما قال أنه صحيح وليس له علة خرجته.
¥(13/323)
3. قال الحافظ ابن كثير: ثم حكى-أي ابن الصلاح- أن الأمة تلقت هاذين الكتابين- يعني البخاري ومسلم- بالقبول، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ، كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيها من الأحاديث لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنت صحته ووجب عليه العمل به لا بد وأن يكون صحيحا في نفس الأمر، وهذا جيد.
4. وحكى النووي كلام ابن الصلاح في تصحيح ما حكم مسلم بصحته، وأقره النووي.
5. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله:" الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، ومن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها. فلا يهولنك إرجاف الرجفين، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانتقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم واحكم على بينة.
6. وأما شيخ الإسلام فكان دقيقا في حكمه كعادته رحمه الله فقال: أكثر متون الصحيحين متيقنة تلقاها أهل العلم بالحديث بالقبول والتصديق، وقال أيضا: كثير من متون الصحيحين متواتر اللفظ عند أهل العلم في الحديث، وإن لم يعرف غيرهم أنه متواتر، ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، تارة لتواتره عندهم وتارة لتلقي الأمة له بالقبول.
هل رواية مسلم عن راو يعتبر توثيقا له:
لما تقرر صحة متون صحيح مسلم في الجملة، كان من المناسب الحديث عن مسألة رواة مسلم وهل نحكم بتوثيق الراوي بمجرد وجوده في مسلم.
فنقول أما المقدمة فليست على شرط الصحيح أصلا حيث أن فيها آثارا ضعيفة وأسانيد منقطعة، قال ابن القيك في تقرير هذا الأمر: ولا يشك أهل الحديث في ذلك.
وأما الصحيح نفسه فإننا نجد فيه مائة وستين رجلا متكلما فيه إما لبدعة أو جهالة أو لمخالفة أو تدليس أو إرسال أو اختلاط. وهؤلاء الرواة انفرد مسلم بإخراج حديثهم دون البخاري. كما أن العلماء تكلموا في صحف أكثر منها مسلم في صحيحه كصحيفة أبي الزبير عن جابر، وسهيل عن أبيه عن أبي هريرة وحما بن سلمة عن ثابت عن أنس، والعلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.
وأما أسباب وجود الرواة المتكلم فيهم في صحيح مسلم فهي:
السبب الأول: أن الأنظار تختلف فقد يضعف راو عند عالم ويرى آخر أنه ليس بضعيف، فالإمام مسلم إذا ترجح له توثيق راو فلا ينتقد عليه إذا أخرج له في صحيحه. قال العيني: في الصحيح جماعة جرحهم بعض المتقدمين وهو محمول على أنه لم يثبت جرحهم بشرطه، فإن الجرح لا يثبت إلا مفسرا مبين السبب عند الجمهور، ومثل ذلك ابن الصلاح بعكرمة وإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم. قال: واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم. قال: وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يقبل إلا إذا فسر سببه. ويحتمل أيضا أن يكون ذلك فيما بين الجارح سبب الجرح واستبان لمسلم بطلانه والله أعلم.
السبب الثاني: أن الإمام مسلم نص في مقدمة صحيحه أنه خرج في صحيحه عن القسم الأول: أهل الاستقامة في الحديث والإتقان لما نقلوا، قال: فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس اتبعناها أخبارا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المتقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم وأضرابهم. فدل هذا على أن رواة الشواهد والمتابعات لم يشترط فيهم أن يكونوا في الثقة والحفظ كأهل الأصول.
¥(13/324)
السبب الثالث: قد يكون الراوي فيه ضعف في حفظه لكنه متقن لرواية شيخ من شيوخه مثل حماد بن سلمة فإنه لم يخرج مسلم إلا رواياته عن المشهورين نحو ثابت البناني وأيوب السختياني وذلك لكثرة ملازمته ثابتا وطول صحبته إياه حتى بقيت صحيفة ثابت على ذكره وحفظه بعد اختلاطه كما كانت قبل الاختلاط. وأما أحاديثه عن آحاد البصريين فإن مسلما لم يحرج منها شيئا لكثرة ما يوجد في رواياته عنهم في الغرائب وذلك لقلة ممارسته لحديثهم.
السبب الرابع: نجد أن مسلما انتقى صحيحه من ثلاث مئة ألف حديث، فقد يثبت الحديث عنده من طريق نازل، فيختار طريقا عاليا وإن لم يكن رجاله في الغاية من الحفظ. وهذا معنى رد مسلم على شيخه أبي زرعة عندما قال عن مسلم: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوقون به. ألفوا كتابا لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها. وأتاه رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال أبو زرعة: ما يعد هذا من الصحيح! يدخل في كتابه أسباط بن نصر؟! ثم رأى في الكتاب قطن بن نسير فقال: وهذا أطم من الأول، قطن بن نسير وصل أحاديث ثابت جعلها عن أنس، ثم نظر فقال: يروي عن أحمد بن عيسى المصري في كتاب الصحيح؟! قال أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى- وأشار أبو زرعة إلى لسانه كأنه يقول الكذب ... ثم قال الراوي وهو أبو عثمان بن سعيد بن عمرو: فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه وروايته في كتاب الصحيح عن أسباط بن نصر وقطن بن نسير وأحمد بن عيسى المصري. فاقل مسلم: إنما قلت صحيح، وإنما أدخلت من حديث أسباط بن نصر وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية من هو أوثق منهم بنزول فأقتصر على أولائك وأصل الحديث معروف من رواية القات.
السبب الخامس: وهو خاص بأهل الاختلاط كعبدالرزاق وابن أبي عروبة وأحمد الوهبي، فإن مسلما روى عنهم قبل اختلاطهم. فقد سئل مسلم عن سبب روايته عن أحمد بن عبدالرحمن الوهبي فقال: إنما نفموا عليه بعد خروجي من مصر.
والخلاصة مما تقدم أن رواية مسلم عن رجل لا يعتبر توثيقا له وأن هذا هو الذي عليه جمهور المحدثين.
فتبين مما سبق أن جمهور العلماء يأخذون ما في صحيح مسلم ولا يعلون أسانيده بالانقطاع لتلقي الأمة له بالقبول ولأن مسلما رحمه الله كان ينتقي من أحاديث المدلسين ما ثبت عنده أنه متصل. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[30 - 08 - 06, 04:13 م]ـ
أتمنى أن أجد فرصة لتتبع الروايات التي انفرد بروايتها أبو الزبير عن جابر في صحيح مسلم
ولم يرد لها شاهد
حتى نعلم أثر الخلاف في المسألة
ـ[القرشي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 08:24 ص]ـ
بحث قيم
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:38 ص]ـ
بحث قييم
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 12:44 م]ـ
بحث قيم أخى الحبيب.
و لكن لى سؤال، إذا كان إخراج مسلم للحديث لا يعد توثيقا لرجاله، فهل هذا ينسحب أيضا على صحيح البخارى؟
فى مكالمة هاتفية مع الشيخ أحمد شحاته، أذكر أنه قال " فى البخارى 105 نفس من المجاهيل "؟ فأسأل هل إخراج البخارى لهم لا يعد توثيقا؟ فإن كان، فهل نصحح روايتهم من خارج الصحيحين؟ أفيدونا مشكورين.
و سؤال آخر: إذا كان مسلم قد أقر أنه قد يخرج عن الضعفاء لعلو الإسناد ما دام الحديث ثابتا من رواية الآخرين، فما توجيه كلامه فى المقدمة من أنه لا يخرج إلا عن الثقات من أهل الحفظ و الإتقان، ثم عمن هم أقل منهم إلا أنهم فى الجملة مستورين بالصدق و العدالة؟
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[06 - 09 - 06, 06:27 م]ـ
أخي الكريم القرشي
شكر الله لك لطفك ..
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 03:53 م]ـ
شكر الله لك أخي الراجحي ثناءك.
وأما استفسار الأخ محمد البيلي
فكون الإمام البخاري رحمه الله روى عن مجاهيل لم يوثقهم أحد من الأئمة محل نظر ويحتاج إلى تثبت، فلعلك تفيدنا في هذا ..
وأما قول الإمام مسلم في مقدمته، فإنه عند التطبيق نجد رواة في مسلم ضعفهم بعض الأئمة بإطلاق أو في أحوال، فيكون الراوي ثقة عند مسلم ضعيف عند آخرين، والله أعلم.
ولعل الإخوة الذين سبقونا في علم الحديث لديهم ما يفيد ..
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:50 م]ـ
أخى الحبيب ابن سعد، جزاكم الله خيرا.
أرجو من الإخوة عدم اعتبار كلامى الذى نقلته عن الشيخ أحمد شحاته، كلام يقينىّ، لأنى الآن متشكك إن كنت نقلت كلامه كما سمعته أم أن هناك التباس عندى، و لو أن أحدا من تلامذة الشيخ يفيدنا، فجزاه الله خيرا.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:52 م]ـ
فى انتظار التتبع والاستقصاء لروايات ابى الزبير فى صحيح مسلم حتى لا يكون الكلام نظريا وبحث ممتع يا استاذ عبد العزيز وهل من معقب من الاخوة واتمنى من الاخوة تعقب روايات المدلسين فى الصحيحين اقصد التى رووها بالعنعنة واريد منكم التعقب لكلامى
¥(13/325)
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 07:00 م]ـ
شكرا لمحمد البيلى وسوف نسال الشيخ عن ذلك والله الموفق
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[10 - 09 - 06, 01:36 ص]ـ
أثابكم الله,,هل راجعتم أسانيد ما نقلتموه عن الأئمة من الجرح و التعديل؟
نفع الله بكم ..
واسلم لمحبك.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[10 - 09 - 06, 04:10 م]ـ
الأخ محمد والأخ مصطفى
شكرا لمروركما.
الشيخ نبيه
لا يخلو النقل عن الإمام المحدث من أحوال:
أن يوجد في كتاب ثابت عنه
أن ينقله الثقة عنه بسند
أن ينقله بدون سند أو بسند فيه انقطاع ..
والذي أعرفه - ولعلك تصوبني- أن العلماء يقبلون ما نقل الأئمة وما وجدوه في كتبهم الصحيحة في الجملة ..
ولا ينظرون بعين التشكيك في ثبوت النقل إلا عند التعارض،
وكل نقل في البحيث موثق موجود، ولكنني أنقله للملتقى فلا ينقل إلا ما في المتن، والهوامش تختفي ...
وشكرا لإضافتك ...
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[10 - 09 - 06, 11:09 م]ـ
الأخ محمد والأخ مصطفى
شكرا لمروركما.
الشيخ نبيه
لا يخلو النقل عن الإمام المحدث من أحوال:
أن يوجد في كتاب ثابت عنه
أن ينقله الثقة عنه بسند
أن ينقله بدون سند أو بسند فيه انقطاع ..
والذي أعرفه - ولعلك تصوبني- أن العلماء يقبلون ما نقل الأئمة وما وجدوه في كتبهم الصحيحة في الجملة ..
ولا ينظرون بعين التشكيك في ثبوت النقل إلا عند التعارض،
...
الشيخ العزيز: عبد العزيز
لا أعتقد أن هذا مسلم به على إطلاقه ...
ومن المهم عند البحث في حال الرواة التأكد من صحة نسبة العبارة إلى الإمام الناقد, والتأكد من عدم اختصارها, فبعض المتأخرين ينقل لك أو يختصر عبارات الأئمة في الجرح و التعديل , وهذا الإختصار قد يكون مخلاً يحرف العبارة عن معناها ..
- إذا وجد النقل عن الإمام في كتاب ثابت عنه ,فلا يحتاج إلى مراجعة لإسناده إذا كان الرواي عنه ثقة , وصحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه .... مثل ما يكون في بعض العبارات التي نقلها تلامذة يحي بن معين عنه ...
- إذا نقله الثقة عنه بسند فهذا يحتاج إلى تثبت لأن من دونه قد يكون غير ثقة , و تجد بعض من هذا فيما ساقه الخطيب في تاريخ بغداد , فتجد في السند من الخطيب إلى الإمام المنقول عنه, بعض الكذابين أحيانا, أو الضعفاء أو الخ ... ومن أسند فقد أحال.
-أن ينقله بدون سند أو بسند فيه انقطاع ...
في تقديري هذا يحتاج إلى مراجعة أسانيده, والبحث عن العبارة مسندة, لأنها في أحيان كثيرة قد تكون غير ثابتة, و إذا كانت العبارة غير ثابتة فهي بمنزلة المعدوم , وقد وقفت على شيء من هذا ..
فتحتاج عند النظر في الكتب التي جمعت الجرح و التعديل البحث عن الأسانيد, كتهذيب الكمال و توابعه .. وإلا لكان الأمر سهل بالمره ..
ولا تنسى أن كلام الناقد قد ينبني عليه الحكم بصحة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ضعفه, ..
وهذه ضريبة التحقيق و التحرير.
دمت متألقاً ...
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:24 ص]ـ
بارك الله فيكم.
في تقديري هذا يحتاج إلى مراجعة أسانيده, والبحث عن العبارة مسندة, لأنها في أحيان كثيرة قد تكون غير ثابتة, و إذا كانت العبارة غير ثابتة فهي بمنزلة المعدوم , وقد وقفت على شيء من هذا ..
فتحتاج عند النظر في الكتب التي جمعت الجرح و التعديل البحث عن الأسانيد, كتهذيب الكمال و توابعه .. وإلا لكان الأمر سهل بالمره ..
قال المزي في مقدمة كتابه تهذيب الكمال (1/ 152، 153): "واعلم أن ما كان في هذا الكتاب من أقوال أئمة الجرح والتعديل ونحو ذلك، فعامته منقول من كتاب "الجرح والتعديل" لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الحافظ ابن الحافظ، ومن كتاب "الكامل" لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، ومن كتاب "تاريخ بغداد" لأبي بكر محمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي الحافظ، ومن كتاب "تاريخ دمشق" لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي الحافظ.
وما كان فيه من ذلك منقولاً من غير هذه الكتب الأربعة، فهو أقل مما كان فيه من ذلك منقولاً منها، أو من بعضها.
ولم نذكر إسناد كل قول من ذلك فيما بيننا وبين قائله خوف التطويل.
وقد ذكرنا من ذلك الشيء بعد الشيء لئلا يخلو الكتاب من الإسناد على عادة من تقدمنا من الأئمة في ذلك.
وما لم نذكر إسناده فيما بيننا وبين قائله:
- فما كان من ذلك بصيغة الجزم، فهو مما لا نعلم بإسناده عن قائله المحكي ذلك عنه بأسًا،
- وما كان منه بصيغة التمريض، فربما كان في إسناده إلى قائله ذلك نظر، فمن أراد مراجعة شيء من ذلك أو زيادة اطلاع على حال بعض الرواة المذكورين في هذا الكتاب، فعليه بهذه الأمهات الأربعة، فإنا قد وضعنا كتابنا هذا متوسطًا بين التطويل الممل، والاختصار المخل" ا. هـ.
وإن قيل: إن من الممكن أن يخالف الباحثُ المزيَّ في تصحيح قول الإمام، فيمكن الجواب عنه:
- بأن المزي إمام ثقة عارف بأصول هذا العلم، واعتماد تصحيحه مما لا ينتقد،
- وأن هذه النصوص من أقوال العلماء ينبغي أن لا يُتشدَّد فيها التشدُّد الذي تعامل به المرويات المرفوعة ونحوها، فإن كان في تصحيح المزي شيء، فيحمل على هذا التساهل الذي تُعامَلُ به المرويات عن الأئمة.
# ويستفاد من النقل أن من منهج العلماء النظر في أسانيد المحكيِّ عن الأئمة من أقوال الجرح والتعديل حتى ولو لم يحصل تعارض بينها.
والله أعلم.
¥(13/326)
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:50 ص]ـ
الأخ النبيه الشيخ نبيه
لا أظن أن منهج أئمة الحديث تطبيق قواعد دراسة أسانيد الحديث على أقوال الأئمة، فقد يتساهلون في الراوي الضعيف والسند المنقطع، وأما إذا وجد راو كذاب أو متهم بالكذب، فإنهم يطرحونه. وهذا هو الأصل، وأما عند التعارض فيبحثون السند للترجيح.
وهذا هو منهج الذهبي وابن حجر وغيرهم من المؤلفين في الرجال فيما أفهم- ولعلك تصوب فهمي.
الأخ الشيخ محمد بن عبدالله
إضافتك أثرت الموضوع فشكر الله لك ..
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:54 ص]ـ
بارك الله فيكم.
قال المزي في مقدمة كتابه تهذيب الكمال (1/ 152، 153): "واعلم أن ما كان في هذا الكتاب من أقوال أئمة الجرح والتعديل ونحو ذلك، فعامته منقول من كتاب "الجرح والتعديل" لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الحافظ ابن الحافظ، ومن كتاب "الكامل" لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، ومن كتاب "تاريخ بغداد" لأبي بكر محمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي الحافظ، ومن كتاب "تاريخ دمشق" لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي الحافظ.
وما كان فيه من ذلك منقولاً من غير هذه الكتب الأربعة، فهو أقل مما كان فيه من ذلك منقولاً منها، أو من بعضها.
ولم نذكر إسناد كل قول من ذلك فيما بيننا وبين قائله خوف التطويل.
وقد ذكرنا من ذلك الشيء بعد الشيء لئلا يخلو الكتاب من الإسناد على عادة من تقدمنا من الأئمة في ذلك.
وما لم نذكر إسناده فيما بيننا وبين قائله:
- فما كان من ذلك بصيغة الجزم، فهو مما لا نعلم بإسناده عن قائله المحكي ذلك عنه بأسًا،
- وما كان منه بصيغة التمريض، فربما كان في إسناده إلى قائله ذلك نظر، فمن أراد مراجعة شيء من ذلك أو زيادة اطلاع على حال بعض الرواة المذكورين في هذا الكتاب، فعليه بهذه الأمهات الأربعة، فإنا قد وضعنا كتابنا هذا متوسطًا بين التطويل الممل، والاختصار المخل" ا. هـ.
وإن قيل: إن من الممكن أن يخالف الباحثُ المزيَّ في تصحيح قول الإمام، فيمكن الجواب عنه:
- بأن المزي إمام ثقة عارف بأصول هذا العلم، واعتماد تصحيحه مما لا ينتقد،
- وأن هذه النصوص من أقوال العلماء ينبغي أن لا يُتشدَّد فيها التشدُّد الذي تعامل به المرويات المرفوعة ونحوها، فإن كان في تصحيح المزي شيء، فيحمل على هذا التساهل الذي تُعامَلُ به المرويات عن الأئمة.
# ويستفاد من النقل أن من منهج العلماء النظر في أسانيد المحكيِّ عن الأئمة من أقوال الجرح والتعديل حتى ولو لم يحصل تعارض بينها.
والله أعلم.
الشيخ:محمد حفظه الله و نفع به
لك جزيل الشكر على هذا النقل الماتع المفيد,
قلتم: وإن قيل: إن من الممكن أن يخالف الباحثُ المزيَّ في تصحيح قول الإمام، فيمكن الجواب عنه:
- بأن المزي إمام ثقة عارف بأصول هذا العلم، واعتماد تصحيحه مما لا ينتقد،
- وأن هذه النصوص من أقوال العلماء ينبغي أن لا يُتشدَّد فيها التشدُّد الذي تعامل به المرويات المرفوعة ونحوها، فإن كان في تصحيح المزي شيء، فيحمل على هذا التساهل الذي تُعامَلُ به المرويات عن الأئمة ....
أقوا ما ذكرتم فد يكون فيه غنية, ولكن الباحث المحقق لا ترضى نفسه بهذا, حتى يستقي من المعين الأول, و يزول كثير من التعارض بفحص أسانيد الآثار, وتقع على فوائد نفيسة, و يكفيك معرفة نفس المتقدمين و منهجهم.
على أن مخالفة المزي في تصحيح الإسناد أو تضعيفه, أمر وارد وبقوة.
زد على ذلك أن المزي قد يغفل بعض المرويات أو الآثار التي تفيد معرفة الرواي أو تفسر الجرح الذي ذكره, فيفوت على الباحث قرائن مهمة في الجرح و التعديل.
وما ينقله الإمام المزي عليه شآبيب الرحمة, لايتبين فيه أحيانا صيغة الجزم من عدم الجزم.
و أنا دائما أبدأ بكتاب المزي في معرفة حال الراوي الإجمالية , ثم أنتقل إلى كتب الأئمة المسندة.
و على أية حال أخشى أننا قد أزعجنا الشيخ عبدالعزيز في هذه الإستطرادات ...
واسلم لمحبك
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[11 - 09 - 06, 01:02 ص]ـ
[ quote= عبدالعزيز بن سعد;471593] الأخ النبيه الشيخ نبيه
لا أظن أن منهج أئمة الحديث تطبيق قواعد دراسة أسانيد الحديث على أقوال الأئمة، فقد يتساهلون في الراوي الضعيف والسند المنقطع، وأما إذا وجد راو كذاب أو متهم بالكذب، فإنهم يطرحونه. وهذا هو الأصل، وأما عند التعارض فيبحثون السند للترجيح.
وهذا هو منهج الذهبي وابن حجر وغيرهم من المؤلفين في الرجال فيما أفهم- ولعلك تصوب فهمي.
Quote]
الذي أعرفه من منهجهم (و لا تنسى أن المناهج و الأفهام تختلف) ... أنه يطلب نقد رواة الآثار كما يطلب نقد رواة الحديث مع مراعاة اختلاف مقدار التشديد في الأمرين .. ولعلي هنا أستحضر ما ذكره الشيخ: عبد الله الجديع في كتابه الماتع (تحرير علوم الحديث) 1\ 477
الأصل السادس: يطلب نقد رواة الآثار كما يطلب نقد رواة الحديث.
على هذا رأينا أئمة هذا الشأن، لا يفرقون في تحقيق أهلية الراوي بين من يروي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن يروي الآثار عن الصحابة والتابعين.
لكن ليس هذا على معنى المساواة في قدر التشديد بين الصورتين، فإنهم إذا كانوا يفرقون فيما يرويه الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام وما يرويه في الرقائق، فتفريقهم بين ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يروى عن غيره أولى بالاعتبار.
وإنما المقصود أنهم يخضعون الجميع للنقد، ولا يستسهلون نسبة رأي إلى صحابي أو عالم بمجرد أن وجد منسوباً إليه، بل كانوا يحققون إسناده.
فهذا مثلاً (بزيع أبو خازم الكوفي) صاحب الضحاك بن مزاحم، ضعفوه، وقال ابن عدي: " لا يعرف في الرواة، إلا في روايته عن الضحاك بن مزاحم بحروف في القرآن، ولا أعرف له شيئاً من المسند، وإنما أنكروا عليه ما يحكي عن الضحاك في التفسير، فإنه يعرف عن الضحاك بتفسير لا يأتي به غيره، ولا أعرف له مسنداً " (الكامل2\ 241).".
واسلم لمحبك
¥(13/327)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - 09 - 06, 01:31 ص]ـ
بارك الله فيكما شيخينا الفاضلين.
الشيخ نبيه ..
أنا لم أقصد بكلامي ترك الرجوع إلى كلام الأئمة في مصادره الأصلية أبدًا، وإنما مقصودي أن المزي - رحمه الله - كفاك - إلى حدٍّ - مؤونة الرجوع إلى سند الرواية والنظر فيه.
أما الرجوع إلى المصادر الأصلية، فمما لا غُنية عنه في بحث أي راوٍ - في نظري -، ولهذا فوائد ذكرتَ - أحسن الله إليك - شيئًا منها، وأذكر أن الشيخ إبراهيم اللاحم - حفظه الله - أشار إلى فوائد ذلك في سلسلته في دراسة الأسانيد، وأكّد عليه.
على أن مخالفة المزي في تصحيح الإسناد أو تضعيفه, أمر وارد وبقوة.
صحيح، وسبق الجواب عن ذلك.
وغالب المرويات عن الأئمة محفوظة في الكتب الأصلية المتقدمة، وما يسنده الخطيب وابن عساكر وغيرهما فالغالب أنه يسنده عن تلك المصنفات، وما دامت المصنفات ثبتت عن مصنفيها، فالنظر في أسانيدها كلَّ مرةٍ = قد يضيع جهدًا لو وُضع في غير ذلك لكان أولى.
وهذا وجهٌ آخر في الجواب عن إشكال مخالفة المزي، فما دام الغالب النقل عن المصنفات الثابتة عن مصنفيها، فليس بمؤثرٍ كثيرًا ما لو تساهل المزي في التصحيح، أو مشّى بعض الرواة في أسانيد هذه المصنفات، لأن المصنَّف ثابت عن المصنِّف، ولا يتوقف ثبوته (ثم ثبوت ما فيه من أقوال) على هذه الطريق التي فيها بعض الرواة المتكلَّم فيهم.
----------
بالنسبة لاستشهادكم بكلام الشيخ الجديع، فالذي يبدو لي أن المرويات عن أئمة الجرح والتعديل في جرح الرواة وتعديلهم لا تعامل معاملة الآثار عن الصحابة والتابعين في آرائهم وفقههم، فالاختلاف بين هذين الأمرين ظاهر.
وبالنسبة للتساهل في الموقوفات، وهل تُعامَلُ معاملة المرفوعات، يُنظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5438
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[11 - 09 - 06, 01:36 ص]ـ
----------
بالنسبة لاستشهادكم بكلام الشيخ الجديع، فالذي يبدو لي أن المرويات عن أئمة الجرح والتعديل في جرح الرواة وتعديلهم لا تعامل معاملة الآثار عن الصحابة والتابعين في آرائهم وفقههم، فالاختلاف بين هذين الأمرين ظاهر.
وبالنسبة للتساهل في الموقوفات، وهل تُعامَلُ معاملة المرفوعات، يُنظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5438[/QUOTE]
لعل الجديع أشار إلى التفريق بينهما في درجة التشدد
على هذا رأينا أئمة هذا الشأن، لا يفرقون في تحقيق أهلية الراوي بين من يروي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن يروي الآثار عن الصحابة والتابعين.
لكن ليس هذا على معنى المساواة في قدر التشديد بين الصورتين، فإنهم إذا كانوا يفرقون فيما يرويه الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام وما يرويه في الرقائق، فتفريقهم بين ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يروى عن غيره أولى بالاعتبار.
وإنما المقصود أنهم يخضعون الجميع للنقد، ولا يستسهلون نسبة رأي إلى صحابي أو عالم بمجرد أن وجد منسوباً إليه، بل كانوا يحققون إسناده.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - 09 - 06, 02:03 ص]ـ
لعل الجديع أشار إلى التفريق بينهما في درجة التشدد
إن عنيتَ التفريق بين المرفوعات والموقوفات؛ فقد علمتُ ذلك، وهو ظاهر في كلامه، لكنْ في الرابط رأيٌ آخر يُخالف ما فهمتُ أن الجديع ذهب إليه، من أنَّ ما يُروى عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - (الصحابة والتابعين) لا يُعامَلُ معاملة ما يُروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأوردتُ الرابط للفائدة إذ أُشِيرَ إلى تلك القضية.
أعتذر للشيخ عبد العزيز عن هذا الاستطراد في موضوعه المبارك، أحسن الله إليه.
وبالنسبة لتدليس أبي الزبير، فلنُفاتِهِ أجوبةٌ عن أدلة المثبتين، وللشيخ عمرو عبد المنعم جوابٌ في ذلك في كتابه (الأجوبة الوافرة)، وللشيخ عبد الله السعد والشيخ عبد العزيز الطريفي، ثم للإخوة والمشايخ = كلامٌ في ذلك ونقاشٌ طويل تراه - إن لم تكن رأيتَهُ قبلُ - هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=522
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[11 - 09 - 06, 02:18 م]ـ
سلمت لأخيك ...
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:12 م]ـ
ذلك ما كنا تبغِ ........
استفدنا من حوار الشيخين: نبيه المنسي ومحمد بن عبدالله
وكأننا متفقون على ما يلي:
1 - عدم الاحتجاج بالروايات المنقولة عن الأئمة في الجرح والتعديل إذا نقلها كذاب أو متهم بالكذب أو الضعف الشديد.
2 - أن الروايات عنهم رحمهم الله لا يتشدد في دراسة أسانيدها كما هو الحال في النصوص المنقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3 - وجوب إعمال الدراسة للسند فيما إذا تعارض النقل عن الإمام المحدث، أو كان النقل عنه فيه غرابة، أو خالف الأئمة الباقين في جرح من عدلوه أو توثيق من جرحوه.
وانحصر الخلاف فيما إذا نقلت الرواية بسند فيه انقطاع يسير، أو نقلها راو ضعيف في الحديث ولكنه غير متهم في دينه، ولم يخالف بقية النقول عن الأئمة.
ولكل وجهة هو مولويها. والحمد لله(13/328)
السُّنّةُ وَحْيٌ مِن رَّبِّ العَالَمِين ... الشريف حاتم العوني (1)
ـ[أبوصالح]ــــــــ[30 - 08 - 06, 06:32 م]ـ
http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=7843
السُّنّةُ وَحْيٌ مِن رَّبِّ العَالَمِين
فِيْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ [1/ 2]
د. الشريف حاتم العوني 6/ 8/1427
30/ 08/2006
الحمد الله على أفضاله, والصلاة والسلام على رسول الله وآله.
أما بعد: فإن للسنة النبويّة شأنًا عظيمًا في دين الإسلام, وعند علماء المسلمين:
فلقد أجمع المسلمون, والفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة منهم, والسلفُ الصالح كلّهم: على أنّ السنّة النبويّة المصدر التشريعي لدين الإسلام مع القرآن الكريم, وأنّ القرآن والسنة هما أساس هذا الدين, فبحفظها حُفِظ, وببقاء وجودهما بقي موجوداً. وهذا مبنيٌّ ولا شك على اعتقاد عصمة السنّة, وأنها وحيٌ من الله تعالى, كما أن القرآن وحي.
وقد دلّ القرآن الكريم على أن السنة النبوية وحي:
قال الله تعالى: "مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" [النجم: 2 - 4]. فالضمير في قوله "إِنْ هُوَ" يعود إلى المنطوق منه –صلى الله عليه وسلم، والمعنى: إن منطوق النبيّ –صلى الله عليه وسلم- ليس إلا وحياً يُوحى به إليه من ربّه عز وجل (1).
وقال تعالى: "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" [يونس: 15]. فبيّن ربّنا عز وجل أن رسوله –صلى الله عليه وسلم- لا يتكلّم إلا بالوحي الذي يوحي به إليه.
وقال تعالى: "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ" [الشورى: 52 - 53].
فهذا الثناء البالغ على هداية النبيّ –صلى الله عليه وسلم-, وأنها هداية ربَّانيّة: "صِرَاطِ اللَّهِ"، دليلٌ على عصمة السنة, وأنها وحي من الله تعالى.
وقال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً" [الأحزاب:36]. فـ (أَمْراً) نكرةٌ في سياق الشرط, فتعمّ, ويكون المعنى: ما كان ليوجد مؤمنٌ ولا مؤمنة يرى له حقّ الاختيار في أيّ أمرٍ من أموره بعد أمر الله تعالى أو أمر رسوله –صلى الله عليه وسلم-, فإن جعل لنفسه حق الاختيار بعد ذلك فهو عاصٍ لله تعالى ولرسوله –صلى الله عليه وسلم-, وهو بذلك قد ضل الضلال الواضح الذي لا عُذر له فيه.
وأعود وأؤكد أنّ هذه الآية شاملةٌ لكل أوامر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، بلا استثناء أيّ نوع منها, لدلالة العموم في قوله تعالى: "إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً" فإذا رجعنا إلى سبب نزولها، زاد هذا المعنى تأكيدًا, حيث إنها نزلت في قصّة تزويج زينب بنت جحش من زيد بن حارثة, وَتَأَبِّيْهَا على هذا التزويج, إلى أن نزلت هذه الآية, فأطاعت ورضيت (2). فهذا أمرٌ دنيويٌّ, وهو أمرٌ من خاصّة الإنسان وشؤونه المتعلّقة بحياته الشخصية. ومع ذلك جاء الأمر فيه بالطاعة والتسليم، وعلى هذا الأسلوب الجازم القاطع المُهَدِّد المتوعِّد.
وقال تعالى: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء: 65]. فهذا نفيٌ للإيمان مؤكَّدٌ بالقسم لكل من لم يُحكِّم النبيَّ –صلى الله عليه وسلم- في كل (3) نزاع وخلاف يقع بين المسلمين، وأنه لا يَثْبُتُ الوَصْفُ بالإيمان إلا لمن تحاكم إلى النبيّ –صلى الله عليه وسلم- في كل نزاع, ثم لم يضق صدره من حكمه, ثم أن يُسلّم لهذا الحُكْمِ التسليمَ الكامل.
ويدخل في الدلالة على أن السنة وحيٌ من الله تعالى سوى ما سبق:
¥(13/329)
كل الآيات الآمرة بالطاعة المطلقة للنبي –صلى الله عليه وسلم-, إذ لو لم تكن السنة معصومةً بالوحي, لما أُمر المؤمنون بالطاعة المطلقة لها.
وذلك كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59]. وكقوله تعالى: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" [آل عمران: 132].
وكقوله تعالى: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ" [التغابن: 12].
وهذا الآيات توجب الطاعة (التي هي تصديقٌ وعَمَلٌ) لكل ما صدر عن النبي –عليه الصلاة والسلام- , سواءً أكان وحيًا ابتداءً , أو كان اجتهادًا ابتداءً ثم أُقِرّ (بعدم تصويبه) من ربّنا عز وجل.
وفي هذا المعنى كل الآيات المُثْنِيَةِ على طائعي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، والتي تَعِدُهُم الجزاءَ الحسن:
كقوله تعالى: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً" [النساء: 69].
وكقوله تعالى: "يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" [الأحزاب: 71].
ومن ذلك التحذير من معصية النبيّ –صلى الله عليه وسلم-, من أي معصية لأمره:
كقوله تعالى: "تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ" [النساء: 13 - 14].
وكقوله تعالى: "وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" [النساء: 115].
وكقوله تعالى: "لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور: 63].
وكقوله تعالى: "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً" [الجن: 23].
ومن ذلك جَعْلُ طاعة الرسول من طاعة الله تعالى, وهذا نصٌّ مؤكدٌ على أن أوامره-صلى الله عليه وسلم- هي أوامر الله تعالى:
قال الله تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً" [النساء:80]. ومن التصريح بوجوب اتّباع كل ما يصدر عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم-: من الأقوال والأفعال, أمرًا أو نهيًا، ممّا يدل على أن كل ما صدر منه –صلى الله عليه وسلم- معصومٌ بالوحي:
قَوْلُ الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" [الحشر: 7].
وفي فهم فقهاء الصحابة لهذه الآية: ما صحّ أن عبدالله بن مسعود –رضي الله عنه قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمِّصات, والمتفلّجاتِ للحُسْن: المغيِّراتِ خلق الله. فبلغ ذلك امرأةً من بني أسد, يقال لها: أم يعقوب, وكانت تقرأ القرآن, فأتته, فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمِّصات، والمتفلّجات للحسن: المغيّرات خلق الله؟ فقال عبدالله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدتُه؟! فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه: قال الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
¥(13/330)
فَانْتَهُوا" [الحشر: 7] أخرجه البخاري ومسلم.
ومن ذلك: الحثّ على اتّباع النبيّ –صلى الله عليه وسلم-: بالثناء على المتّبعين، أو بالثناء على سيرته بأنها قدوة حسنة، أو على خُلُقه بأنه خلق عظيم:
قال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [آل عمران:31].
وقال تعالى:"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب: 21].
وقال تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" [ن: 4].
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً" [الأحزاب: 45 - 46].
ومن ذلك وصف سنة النبيّ –صلى الله عليه وسلم- بالحكمة، وما يوجبه هذا الوصف من التعظيم والإجلال لسنّته –صلى الله عليه وسلم-، الذي يزيد على مجرّد الأمر بالطاعة:
قال الله تعالى: "وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ" [الأحزاب: 34].
وقال تعالى: "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [البقرة: 231].
وقال تعالى: "وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً" [النساء:113].
وتنبّه إلى ما جاء في هذه الآيات من وقوع الحكمة متعلقةً بإنزال الله تعالى, مما يعني أنها وحي منه سبحانه.
ومن ذلك تكليف النبيّ –صلى الله عليه وسلم- من قِبل ربِّه عز وجل بأن لا يبلّغ إلا وحيه, وأن لا يتّبع هوىً لأحدٍ من العالمين؛ مما يعني أنّ تبليغ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يكون إلا عن الله تعالى مطلقًا:
قال تعالى: "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" [الجاثية:18].
وقال تعالى: "وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ" [البقرة: 120].
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً" [الأحزاب: 1 - 2].
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" [المائدة: 67].
وقال تعالى: "فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ" [النمل: 79].
ومن ذلك بيانه -سبحانه وتعالى- أن أعظم وظائف رسوله –صلى الله عليه وسلم- هي بيان القرآن وتوضيحه، فلولا أن هذا البيانَ معصومٌ لما كان فيه بيانٌ للقرآن؛ لأن البيان الخاطئ ليس بيانًا، إنما البيان هو الصواب، ولا يكون صوابًا مطلقًا إلا بوحي:
قال تعالى: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [النحل: 44].
وكما أوكَلَ الله –عز وجل- إلى رسوله –صلى الله عليه وسلم- بيانَ القرآن بوحيه إليه في هذه الآية، فقد أوضح سبحانه لنبيه أنه هو الذي سيبيّن له القرآن، فقال تعالى: "لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" [القيامة: 16 - 17].
والآيات المثبتة أن السنة وحيٌ من الله تعالى كثيرةٌ جدًّا، ووجوه إثباتها وطرائق تناولها لهذا الأمر كثيرةٌ أيضًا.
¥(13/331)
وما دُمنا نقيمُ هذا الجواب لمن كان لا ينازع في حجّيّة السنّة إجمالًا، وإنما ينازع في حُجّية قِسْمٍ منها، فيصحّ أن نحتجّ عليه بما صحّ من السنة في الدلالة على كونها وحيًا من الله تعالى أيضًا، ومن ذلك:
حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص ا، قال: "كنت أكتب كُلّ شيءٍ أسمعه من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، أُريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كلَّ شيء تسمعه من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-, و رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم- بَشَرٌ، يتكلَّم في الغضب والرضا! فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق [وأشار إلى شفتيه صلى الله عليه وسلم] " (4).
وفي هذا الحديث إقرارٌ بكتابة (كل شيءٍ) يتفوه به النبي –صلى الله عليه وسلم-، بل هو أمرٌ وحثٌّ على ذلك من النبي –صلى الله عليه وسلم-، دون استثناء شيء. وليس هذا فقط، بل مع و صف (كل شيءٍ) نطق به النبي –صلى الله عليه وسلم- بأنه حق. وليس هذا فقط, بل إن هذا الوصف (وهو الحق) مع شموله لـ (كل شيءٍ) نطق به النبيّ –صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء الحديث ليؤكّد أنه وصفٌ لا يتخلّف حتى في حالة غضبه –صلى الله عليه وسلم-، وهي أَوْلى الحالات البشريّة التي قد يجتهد فيها الإنسان فيخطئ.
بل في الحديث: أنّ الاستدلال ببشريّة النبيّ –صلى الله عليه وسلم- لزعم أنّ بعض ما يقوله –صلى الله عليه وسلم- ليس بوحي استدلالٌ باطلٌ، لا من جهة نفي البشريّة عنه –صلى الله عليه وسلم-، بل هو بشر –صلى الله عليه وسلم-، لكنه معصومٌ بالوحي عن قول ما سوى الحق, ومعصومٌ اجتهاده عليه الصلاة والسلام عن الإقرار على الخطأ.
وبذلك يكون هذا الحديث من أقوى الأحاديث دلالةً على وجوب اعتقاد عصمة كل ما نطق به النبيّ –صلى الله عليه وسلم-، لكونه وحيًا من الله تعالى: ابتداءً أو مآلًا.
وفي حديث المقدام بن مَعْدِي كَرِب الكندي –رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "ألا إني أُوْتيتُ القرآن ومثلَه معه، ألا إني أُوْتِيتُ القرآن ومثلَه معه. ألا يوشك رجلٌ ينثني شبعانًا على أريكته، يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فَأَحِلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحَرِّموه ... " (5).
وفي الحديث: نصٌّ على أن السنة مثل القرآن، في أنهما إيتاءٌ من الله عز وجل، وأنهما وحي مُنزَّل. وفيه أيضًا: أن دعوى الاكتفاء بالقرآن دون النظر إلى السنة، بحجّة الاستغناء بالقرآن عن السنّة = دعوى باطلة؛ لأنها ظنّت السنة ليست وحيًا، والواقع أنها مثل القرآن في ذلك.
ومن لطيف ما يُستَأْنَسُ به في هذا المجال، من أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لا يتكلّم إلا بالوحي: أنّ هذه هي صفته –صلى الله عليه وسلم- التي بشّر بها عيسى –عليه السلام-، كما هو في الإنجيل الذي يعترف به النصارى إلى اليوم!!
فقد جاء في إنجيل يوحنا، وأثناء وداع عيسى عليه السلام للحواريين، ذكر لهم (الفِيرقليط)، وهي كلمةٌ يونانيّة قديمة تعني الذي له حمدٌ كثير، أي (أحمد)، مصداقًا لقوله تعالى عن عيسى -عليه السلام-: "وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" [الصفّ:6]. وأثناء كلامه –عليه السلام- عن الفيرقليط، والذي حُرّف في الترجمات المعاصرة إلى (المحامي، والمدافع، والمعزّي، والشفيع، والمؤيَّد ... إلى غير ذلك من التحريف والتخبُّط الدالّ على الحيرة ومحاولة طمس الحقيقة)، قال -عليه السلام-: "لا يزال عندي أشياء كثيرةٌ أقولها لكم، ولكنكم لا تُطيقون حَمْلها. فمتى جاء هو، أيْ روحُ الحق، أرشدكم على الحقِّ كُلِّه؛ لأنه لن يتكلّم من عنده، بل يتكلّم بما يسمع" (6).
فهذا وصفه –صلى الله عليه وسلم- في القرآن والإنجيل، أفلا يخجل المعترضون؟!!
وبذلك نخرج بالنتيجة القاطعة التالية: أن سنة النبيّ –صلى الله عليه وسلم- وحي، ومعنى ذلك أنها لازمةُ التصديق .. والطاعة .. بلا استثناء.
ومن سنة النبيّ –صلى الله عليه وسلم-: ما يتعلق بأمور الدنيا من: آداب، ومعاملات، وغيرها ممّا سوى العبادات.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) انظر: الإجماع في التفسير: لمحمد بن عبد الرحمن الخضيري (396 – 398).
(2) صَحّ من مرسل مجاهد وقتادة, ويؤيدهما سياق الآيات.
فانظر: تفسير عبد الرزاق (2/ 117)، وتفسير الطبري (19/ 113).
(3) هذا العموم مأخوذٌ من قوله تعالى: "فِيمَا شَجَرَ" فـ (ما) اسمٌ موصول، وهو من ألفاظ العموم.
(4) أخرجه الإمام أحمد (رقم6510، 6802، 6930، 7018،7020)، وأبو داود (رقم3641)، والدارمي (رقم501)، وابن خزيمة (رقم2280)، والحاكم وصححه (1/ 104 –105، 105 – 106). وهو حديث صحيح.
(5) أخرجه الإمام أحمد (رقم 17174، 17193،17194،) وأبو داود (رقم 3798، 4594) والترمذي (رقم 2664)، وابن ماجه (رقم 12، 3193)، والدارمي (رقم 606)، وابن حبان (رقم 12) والحاكم وصححه (1/ 109) من وجوه، وهو حديث صحيح.
(6) إنجيل يوحنا (16/ 12 – 13).
¥(13/332)
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:30 م]ـ
جزى الله شيخنا الشريف حاتم خير الجزاء ونفع به
ـ[أبوصالح]ــــــــ[31 - 10 - 06, 09:25 م]ـ
بارك الله فيكم ..
هذا هو الجزء الثاني .. للشيخ حاتم العوني.
السُّنّةُ وَحْيٌ مِن رَّبِّ العَالَمِين ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=7893)
ثم عقّب عليه الشيخ سعد الدين العثماني المغربي .. ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=7994)
وفق الله الجميع.
ـ[أبو الحارث الأثري]ــــــــ[31 - 10 - 06, 10:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
ونفعنا الله وإياكم بالعلم النافع في الدنيا والآخرة
ـ[أبوصالح]ــــــــ[09 - 12 - 06, 06:31 م]ـ
بارك الله فيكم
وهنا تعقيب الشيخ حاتم ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8331) على الشيخ سعد الدين
مساجلة علمية موفقة يعتريها ما يعتري البشر ..
جزى الله الشيخين خير الجزاء وأجزله.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[23 - 01 - 07, 03:06 م]ـ
بارك الله فيكم.
قال الامام الشافعي – رحمه الله – في الرسالة ص93 في معرض ذكر أقوال العلماء في ما كان سنن رسول (الله صلى الله عليه وسلم) وليس فيه نص كتاب.
(( .. ومنهم من قال ألقي في روعه كل ما سن وسنته الحكمة الذي القي في روعه عن الله فكان ما ألقي في روعه سنته (306) أخبرنا عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب قال قال رسول الله " إن الروح الامين قد ألقي في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فاجملوا في الطلب "
(307) فكان مما ألقي في روعه سنته وهي الحكمة التي ذكر الله وما أنزل به عليه كتاب فهو كتاب الله وكل جاءه من نعم الله كما أراد الله وكما جاءته النعم تجمعها النعمة وتتفرق بأنها في أمرو بعضها غير بعض ونسأل الله العصمة والتوفيق، (308) وأي هذا كان فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله ولم يجعل لاحد من خلقه عذرا بخلاف أمر عرفه من أمر رسول الله وان قد جعل الله بالناس الحاجة إليه في دينهم وأقام عليهم حجته بما دلهم عليه من سنن رسول الله معاني ما أراد الله بفرائضه في كتابه ليعلم من عرف منها ما وصفنا أن سنته صلى الله عليه إذا كانت سنة مبينة عن الله معنى ما أراد من مفروضه فيما فيه كتاب يتلونه وفيما ليس فيه نص كتاب أخرى فهي كذلك أين كانت لا يختلف حكم الله ثم حكم رسوله بل هو لازم بكل حال. اهـ
وقال الشافعي (نقلاً عن البيهقي في معرفة السنن):
فقد قيل ما لم يتل به قرآنا فإنما ألقاه جبريل عليه السلام في روعه بأمر الله عز وجل، فكان وحيا إليه، وقد قيل: جعل الله إليه لما شهد له به من أنه يهدي إلى صراط مستقيم أن يسن، وأيهما كان فقد ألزمه الله خلقه، ولم يجعل لهم الخيرة من أمرهم فيما سن وفرض عليهم اتباع سنته.
ـ[ابو بكر عطون]ــــــــ[25 - 01 - 07, 05:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا(13/333)
نرجوا توضيح هذه الشبهه
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[30 - 08 - 06, 06:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة بعض الناس يثير شبهة حول صحيح البخاري بأن فية الضعيف وليس الحسن ويستشهدون بأن الامام الالباني رحمة الله ضعف عشرة احاديث من البخاري واذكر احدها (((زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من ميمونة وهو محرم ويقولون انه اي الالباني قال حديث ابن عباس لايحتج به لانه كان صغيرا في ذلك الوقت ارجوا من له علم بهذا الشي ان يفدنا افادة الله لان العامي مثلي عندما تعرض عليه هذه الشبة يشك في صحة البخاري
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 07:08 م]ـ
أخي الكريم أحمد الشمري .. سلمه الله
العامي لا يمكنه الرد على هذه الشبه بالتفصيل، ولكن عليه أن يرد بالإجمال مثل تلقي الأمة له بالقبول وفتاوى الأئمة وعمل المحدثين .. ولكن لا يشفي الرد عليها إلا بتتبع الأحاديث التي انتقدوها والجواب عنها ..
وأما إثارة هذه الأمور فهي ليست حديثة اليوم، بل هي قديمة جدا
وإليك هذه الروابط:
دعوى وجود أحاديث ضعيفة في البخاري
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=71603&highlight=%D6%DA%ED%DD%C9+%C7%E1%C8%CE%C7%D1%ED
هل في البخاري أحاديث ضعيفة د. الشريف حاتم العوني
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16828&highlight=%D6%DA%ED%DD%C9+%C7%E1%C8%CE%C7%D1%ED
هل صحيح البخاري به أحاديث ضعيفة؟؟! أبو إسحاق الحويني
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=47124
ـ[المستشار]ــــــــ[30 - 08 - 06, 07:17 م]ـ
للأسف الشديد أن هذه الشبهة قد بدأت الآن بالانتشار خاصة بين التيار الليبرالي الإسلامي، وهم أكثر خطورة من المعتزلة القدماء، فإنهم جمعوا في أصولهم بين مذاهب المعتزلة وغيرهم من الفرق الضالة، وأكثرهم يصدق عليهم قول البعض (مهاوييس) لا ناقة لهم ولا جمل في العلم.
ولهذا لابد من التصدي لمثل هذه الأمور ببيان طبيعة إخراج البخاري أو مسلم لهذه الأحاديث؟ هل هي في الأصول أو الشواهد؟ وهل اعتمدا عليها أم ذكراها تعليقا مُمَرَّضًا أيضًا؟ بمعنى أنهما قد سبق وبيَّنا ما فيها.
كذلك ما هي حيثيات كلام مثل الشيخ الألباني رحمه الله أو غيره على هذه الأحاديث.
لابد من الكلام عن هذه الأمور من هذه الجهات جميعًا.
وقبل هذا وبعده: فالأمة مجمعةٌ على تلقي كتابي البخاري ومسلم بالقبول إلا أحرفًا يسيرة تكلم عليها بعض الحفاظ، فينبغي وضع الأمر في نصابه وعدم التهويل به لصالح أعداء الدين.
نعم؛ ولم ندع لأحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم العصمة.
وستجد في كلام العلماء هذه العبارات (إلا أحرفا يسيرة) (عدة أحرف) وغيرها من الألفاظ الدالة على ندرة المتنازع عليه في الصحيحين.
أضف إلى ذلك أن هذا النادر المتنازع عليه أكثره متنازعٌ على بعض أسانيده لا على صحة وضعف متونه.
فالمُتَنَازَع عليه من المتون أقل من النادر بالنسبة لحجم الكتابين، ويستطيع العاد إحصاؤه، بخلاف الأسانيد فربما تنازع العلماء على أسانيد معينة ويصح الحديث من أسانيد أخرى غير المتنازع عليها.
ومع كل هذا: فالأسانيد والمتون المتنازع عليها كلها أقل من النادر بالنسبة لحجم الكتابين كما سبق وذكرته.
ولك أن تطلع على عدد أحاديث الكتابين من غير المكرر ستجده بالآلاف ثم تطلع على كتاب (التتبع) للدارقطني الذي تكلم فيه على بعض أحاديث في الصحيحين فلن تجد وجها للمقارنة بين هذه وتلك، ثم بعد ذلك يمكنك استبعاد ما نازعهما الدارقطني في بعض أسانيده دون بعض، بما لا تأثير له على متونه، وتستبعد ما لم يصح فيه انتقاد الدارقطني لهما.
فماذا يصفو لك بعد ذلك؟! بالنسبة لحجم الكتابين؟!
ستجد ما تأرجحت فيه الأدلة بين قبوله ورده بعد هذه التصفية أندر من النادر نفسه، فما بالك بما تم فيه الانتقاد؟ بالنسبة لحجم الكتابين الذي فاق الآلاف؟!
وكما أنه لا وجه أبدا للتشكُّك في طهارة ماء المحيط لعبث رضيع في بعض أركانه.
فلا وجه أيضًا للتشكُّكِ في صحة آلالاف كثيرة لاحتمال صحة انتقاد بُعَيْض ألفاظ أندر من الكبريت بالنسبة لهذه الآلاف، وأكثرها قد أخرج البخاري ومسلم لها أسانيد أخرى أو بدائل لمتونها أيضًا.
فلا مجال للشكِّ بكل حالٍ.
ولا يتسع الوقت الآن لأكثر من هذا، وأرجو أن يفصِّل لك الأفاضل الأمر لتستفيد وأستفيد معك من علمهم، لا حرمنا الله منهم أبدا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[المستشار]ــــــــ[30 - 08 - 06, 07:19 م]ـ
الأستاذ الحائلي بارك الله فيكم
الظاهر أننا كنا نكتب معًا فقد رأيتُ مشاركتكم بعد أن أرسلتُ مشاركتي السابقة وجزاكم الله خيرا على هذه الروابط المفيدة لنا جميعًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[خالد صالح]ــــــــ[30 - 08 - 06, 07:24 م]ـ
الظاهر أننا كنا نكتب معًا
يفرق بينكما 9 دقائق فقط.
¥(13/334)
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[30 - 08 - 06, 09:32 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 01:42 ص]ـ
أخي الفاضل المستشار حفظك ربي على إفادتك ونفع بك(13/335)
هل علم الحديث دراية هو ذاته علم مصطلح الحديث؟
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[30 - 08 - 06, 08:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن إتبع هداه. أما بعد:
فعلم الحديث رواية هو علم يبحث فيما يُنقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوال أو أفعال أو تقريرات أو صفه.
وعلم الحديث دراية هو علم بأصول وقواعد يُعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.
فإذا قارنت بين تعريف علم الحديث دراية وعلم مصطلح الحديث في كتاب من كتب المصطلح تجد أن التعريف واحد.
فهل يصح أن يُقال أن علم الحديث دراية هو ذاته علم مصطلح الحديث؟ أم أنه يوجد فرق؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[30 - 08 - 06, 10:56 م]ـ
علم الرواية كما يرجح الشيخ العلامة عبدالمحسن العباد ... هو علم السند وأحواله.
وعلم الدراية ... هو فقه الحديث ومعانيه.
وتجد هذا الكلام في ضمن هذه المحاضرة الصوتية التي أضع رابطها:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=55460
استمع اليها فانها مفيدة ان شاء الله تعالى
ـ[أبو زرعة البيضاوي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 12:01 ص]ـ
هذا التعريف الذي ذكرت للتقسيمين ذكره ابن الأكفاني و تبعه عليه جميع من ألف في الاصطلاح.
و الصواب في تعريف الحديث دراية ما قاله طاش كبري زادة في " مفتاح دار السعادة " بقوله:
علم يبحث فيه عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث، و عن المعنى المراد منها، مبنيا على قواعد العربية و ضوابط الشريعة ...
و انظر للفائدة رسالة " توجيه العناية لتعريف علم الحديث رواية و دراية "
و الله الموفق
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[31 - 08 - 06, 12:25 ص]ـ
هذا التعريف الذي ذكرت للتقسيمين ذكره ابن الأكفاني و تبعه عليه جميع من ألف في الاصطلاح.
و الصواب في تعريف الحديث دراية ما قاله طاش كبري زادة في " مفتاح دار السعادة " بقوله:
علم يبحث فيه عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث، و عن المعنى المراد منها، مبنيا على قواعد العربية و ضوابط الشريعة ...
و انظر للفائدة رسالة " توجيه العناية لتعريف علم الحديث رواية و دراية "
و الله الموفق
هل ما ذكرت هو صحيح بارك الله فيك ... أم هناك مزيد فائدة في كلامكم؟
لأني أرى أنك تؤيد ما رجحه العلامة عبدالمحسن العباد ... مع فائدة العزو للمصادر ... أم أني لم أفهم كلامك جيدا حفظك الله؟
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[31 - 08 - 06, 04:17 ص]ـ
الذي كتبته أنا في المشاركة الأولى هو ما ذكره ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للبيقونية
ـ[أبو زرعة البيضاوي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 02:34 م]ـ
هل ما ذكرت هو صحيح بارك الله فيك ... أم هناك مزيد فائدة في كلامكم؟
لأني أرى أنك تؤيد ما رجحه العلامة عبدالمحسن العباد ... مع فائدة العزو للمصادر ... أم أني لم أفهم كلامك جيدا حفظك الله؟
نعم ماذكرت صحيح بارك الله فيك، و أنا كلامي كان موجها للأخ الشمري.
و نسيتُ أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور (ابتسامة)
نسأل الله حسن البيان
وفقكم الله جميعا
و الله الموفق
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[31 - 08 - 06, 02:55 م]ـ
ينظر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=79856
من بداية المشاركة الثامنة .......
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 04:09 م]ـ
ذكر العلامة الدكتور عبد الكريم الخضير والدكتور محمد عبد الله الفهيد في مقدمة تحقيقهما لفتح المغيث 1/ 7 أن علم مصطلح هو علم الحديث دراية، وهو محض خطأ.
فعلم مصطلح الحديث علم يتكلم عن مصطلحات المحدثين، وعلم الحديث دراية هو علم يتعلق بأحوال المتن والسند والعلل والجرح والتعديل والفوائد الفقهية والحديثية والعلمية(13/336)
سؤال لطلبة علم الحدبث
ـ[على بن محمد كمال]ــــــــ[31 - 08 - 06, 01:47 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة:
هل أحد من الأخوة الأفاضل يعلم حديث ثابت فى الدعاء عند الأفطار فى رمضان؟ و جزاكم الله خيرا.
العلم هو صلاة السر و طاعة القلب
ـ[خالد صالح]ــــــــ[31 - 08 - 06, 03:16 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=80800
ـ[الأثري22]ــــــــ[22 - 09 - 06, 04:23 م]ـ
ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله
وادع قبل إفطارك بما شئت من خيري الدنيا والآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم (للصائم عند فطره دعوة لا ترد).
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[22 - 09 - 06, 05:19 م]ـ
ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله
وادع قبل إفطارك بما شئت من خيري الدنيا والآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم (للصائم عند فطره دعوة لا ترد).
كل هذه الأحاديث لا تصح.
انظر إلى هذا الرابط.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4258&highlight=%C7%E1%DA%D1%E6%DE
ـ[أبو ذر المغربي]ــــــــ[11 - 02 - 07, 02:02 ص]ـ
كل هذه الأحاديث لا تصح.
انظر إلى هذا الرابط.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4258&highlight=%C7%E1%DA%D1%E6%DE
بل هو ثابث إن شاء الله، وغير الثابث فيه هو الشق الأول منه، وهي قول: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت " فهذه الزيادة لم تثبث، والله أجل وأعلم
ـ[محمد عمرو]ــــــــ[12 - 02 - 07, 02:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لو تكرم الأخ السائل فجوابك في الارواء 4/ 39
فقد أثبث شيخنا الحديث وحسنه.
وحياك الله(13/337)
"رفع اللبس عن حديث سجود الشمس": نسخة منقحة ومصححة مع فوائد علمية
ـ[عبد]ــــــــ[31 - 08 - 06, 02:11 ص]ـ
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد
فإني كنت قد كتبت هذا البحث قديماً، ولكني كتبته على عجل، جواباً على سؤال منشأه شبهة استشرت عبر المنتديات وأثارت الريب في نفوس البعض من الناس، فرقمت هذه الكلمات ساعتئذٍ، ولكني منذ ذلك الحين وأنا أجيل النظر في مواطن الخلل وإصلاحها قدر المستطاع، والمواضع المفتقرة إلى مزيد تحرير فحررتها، وكذا المقاطع التي رأيت قلة الحاجة إليها فقمت بحذفها أو تهذيبها وتشذيبها، ولا أزعم أن جوابي هو القول الفصل وشفاء الصدور من هذه الشبهة، استغفر الله من ذلك، فمن كان عنده توجيه سديد فليسديه بألطف عبارة ومن أزمع على النقد فلا يضرسني بأنياب ويطأني بمنسم فإنه لا يخلو عمل آدمي من زلل أو سقط والكمال عزيز وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه:
عبدالله بن سعيد بن علي الشهري
waleedione@hotmail.com
رفع اللبس عن حديث سجود الشمس
مع زيادات وتصحيحات واستدراكات وفوائد علمية.
((أقول من أنعم النظر في الرواة والمرويات ومساعي أئمة الحديث في الجمع والتنقيب والبحث والتخليص والتمحيص عرف كيف يثني عليهم، وأبقى الله من بعدهم ما يتم به الابتلاء وتنال به الدرجات العلى ويمتاز هؤلاء عن هؤلاء وقد أسلفت أن الاستشكال لا يستلزم البطلان. بدليل استشكال كثير من الناس كثيراً من آيات القرآن، والخلل في ظن البطلان أكثر جداً من الخلل في الأحاديث التي يصححها الأئمة المتثبتون)).
"الأنوار الكاشفة، عبدالرحمن المعلمي اليماني "
=======================================
سأل سائل فقال: قد أشكل علي معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن سجود الشمس تحت عرش الرحمن. كيف تسجد؟ ومالنا لا نرى ذلك؟ ثم إن الحديث الشريف يذكر أنها تصنع ذلك بعد غروبها مع أنها تغرب عن أهل كل بلد فإذا كان الأمر كذلك فإنها تسجد في كل وقت لأنها غاربة في كل وقت عن بلد من البلاد. فما العمل؟ أفيدونا رحمكم الله وزادكم الله علماً.
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، لا حول ولا قوة إلا بالله و ما توفيقي إلا بالله وما أصابني من خذلان فمن نفسي والشيطان، فاغفر لي اللهم خطئي وعمدي وجدي وهزلي وكل ذلك عندي:
الحديث الذي ذكر فيه سجود الشمس حديث صحيح وأصله في الصحيحين من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه:
أخرجه البخاري رحمه الله في بدء الخلق عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس أتدري أين تذهب؟ قلت الله ورسوله أعلم؟ قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقديرالعزيز العليم.
وأخرجه أيضاً في باب تفسير القرآن عن أبي ذر رضي الله عنه بلفظ:" كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟ قلت الله ورسوله أعلم؟ قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى: والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم.
وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ قالوا الله ورسوله أعلم؟ قال إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون متى ذاكم ذاك حين يوم لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
وكذا أخرجه الترمذي في جامعه وأحمد في مسنده بألفاظ متقاربة.
¥(13/338)
واعلم أن الغرض من هذا البحث ليس إثبات صحة الحديث فهو صحيح بلا ريب، وإنما الغرض نفي الامتناع، أي امتناع حصول سجود الشمس واستئذانها مع كون الناس لا يستنكرون من أمر سيرها وجريها شيئا. أما من يرمي جاهداً إلى إثبات الامتناع فيلزمه – قبل أن يمشي خطوة واحدة - الإحاطة بحقائق ثلاث أمور عليها يدور معنى الحديث فإذا أحاط بحقائقها وتيقن من ذلك حق اليقين فليأتنا بالدليل القاطع على ما حصلّه من علم (وما أظنه قادر على ذلك) وهذه الحقائق هي:
1 - حقيقة العرش.
2 - حقيقة حركة الشمس.
3 - حقيقة سجود الشمس.
أولاً: حقيقة العرش: فالذي يمكن قوله هنا هو أن نقص الإحاطة بحقائق هذه الثلاث مؤثر ولا بد في مقدار الفهم و طريقة الإدراك، فما بالك إذا كان المرء يجهل أكثر حقيقتها وعلى رأس هذه الأشياء حقيقة العرش الذي لا يعلم حقيقة كيفيته و هيئته و حجمه وصفته إلا الله وحده. وليس لنا أن نتكلف للعرش من الأوصاف ما لم يجيء بها القرآن والسنة. فنؤمن بأنه عظيم القدر حجماً و وزناً. أما عظم حجمه فقد جاء في الحديث (ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، و فضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة) السلسلة الصحيحة رقم:109، وأما عظم وزنه فقد جاء عند مسلم من حديث جويرية بنت الحارث (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وكانت تسبح بالحصى من صلاة الصبح إلى وقت الضحى فقال: لقد قلت بهدك أربع كلمات لو وزنت بما قلتيه لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله رضى نفسه). قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة العرشية (فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان).
وللعرش قوائم ففي الصحيحين عن أبي سعيد قال (جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه؛ فقال: يا محمد رجل من أصحابك لطم وجهي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادعوه فدعوه فقال: لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفى موسى على البشر فقلت: يا خبيث وعلى محمد؟ فأخذتني غضبة فلطمته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذا بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقته).
قال شيخ الاسلام ابن تيمية (فهذا فيه بيان أن للعرش قوائم). أما إذا شغبنا بطلب الإيغال في معرفة حقيقة حجم العرش وحقيقة قوائمه وسائر أحواله وصفاته فهذا مما لا علم لنا به، و هو الحد الفاصل الذي يستوي عنده العالم والجاهل ع فيبقى الكل عاجزاً حسيراً عن تصور ماهيته ومعرفة أصل حقيقته، والخوض في حقيقة ذلك تكلف منهي عنه ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال (فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم و اختلافهم على أنبيائهم)
ثانياً: حقيقة حركة الشمس: وكذا حقيقة حركة الشمس. فالحديث صريح في أن الشمس هي التي تتحرك وأنها غير ثابتة ولا يقولن مسلم: لكن الحق الذي لا مرية فيه أن الشمس ثابتة لأن هذا غير ثابت بطريق القطع الحسي كما سنرى ولا يوجد إجماع كامل من كل العلماء على ذلك بل يوجد فريق كبير من العلماء المعاصرين على خلاف هذا الرأي كما سيتبين لاحقاً. وأنبه هنا على أني لست بصدد بعث استنهاض النقاش حول ثبوت دوران الشمس من عدمها أو دوران الأرض من عدمها وإنما القصد الأهم عندي هو التأكيد على أن هذه النظريات ليست محل اتفاق كلي أبدي سرمدي وأن حقيقة حركة الشمس أمر لم يحسم حسماً تاماً كما سيظهر إن شاء الله. أعود فأقول لم يطبق على أمر ثبات الشمس كل علماء الفلك والفيزياء ولم يتفقوا عن بكرة أبيهم على ضد ذلك وإن اتفق أكثر الناس لشهرة المعلومة لا لثبوتها لديهم من طريق حسي يقيني. لم يقل أحد من العلماء المعتبرين أن القول بثبات الشمس يستند إلى شاهدٍ قطعي من الواقع الملموس. غاية ما هنالك أن هذا النموذج الذي يسمونه النموذج الشمسي ( heliocentric) والذي وضعه كوبرنيكس استحسنه وفضله العلماء لأنه أنسب من جهة الحساب في تفسير دوران الكواكب وحركة الأجرام. وقد نص كثير من كبار علمائهم مثل "فرد هويلي" و "بول ديفس" و "برتراند رسل" على احتمالية هذه المسألة وخضوعها لمبدأ النسبية أكثر من كونها نظرية أضحت
¥(13/339)
حتماً مقضياً. وصرح آخرون مالفيسلوف الأمريكي والتر ستيس بأنه لو قال أحد أن الشمس هي التي تدور لا يمكن لأحدٍ أياً كان أن يبرهن (بطريق الحس) على خطأه إلا إذا استطاع أن ينظر للكون كله من الخارج ويرى ذلك وهذا مستحيل في الوقت الراهن. ولذلك يؤكد الفيزيائي المعاصر بول ديفس على أنه لن نتمكن أبدًا من التأكد من صحة هذا التصور مهما بدا دقيقًا وعليه (فليس لنا أن نستبعد كليٌّا أن صورة أكثر دقة قد تُكتشف في المستقبل).
ومن هنا دافع مؤيدوا كوبرنيكس نفسه عنه أمام الكنيسة – التي عارضته - وقالوا (بأن النموذج الذي قدمه كان مجرد تحسين رياضي مفيد لتحديد أماكن الكواكب في المجموعة الشمسية، وليس تمثيلاً حقيقيٌّا لواقع العالم).
وقد ظهر الآن فريق من العلماء يعرفون ب ( Neo-geocentric scientists) أي "علماء النموذج الأرضي المتأخرين/ المعاصرين" و يؤيدون في نموذجهم بأدلتهم الجديدة النموذج الأرضي القائل بثبات الأرض ودوران الشمس. ولذلك لم يجرؤ عالم معتبر على زعم ثبوت النموذج الشمسي بطريق الحس وإن كان لديهم قرائن ليست بأفضل من استحسانهم الرياضي للنموذج. ومع كونه رياضيا فإنهم لم يجعلوا الحساب فيصلاً يقينياً لأن جمهورهم متفقون على أنه لا يلزم من صحة النتيجة الرياضية مطابقتها للحقيقة الفيزيائية الخارجية من كل وجه، وقد اشتغل الفيزيائي ستيفن هوكنغ ردحاً من الزمن بتفسير ما أسماه الثقوب السوداء بالاعتماد على الرياضيات والمعادلات حتى اغتر هو وكثير من العلماء – فضلاً عن عوام الناس - وكادوا يقطعون بوجود هذه الثقوب لولا أن هذا العالم أعلن قبل عدة أشهر أنه لم يتوصل إلى نتيجة مرضية وأنه لا يوجد ما يمكن الاعتماد عليه للقطع بوجود هذه الظاهرة سوى التخمينات الرياضية. ولنضرب على ذلك مثلاً من فيزياء الكم أو الفيزياء الكمومية والتي اعتبرها العالم الألماني البرت أينشتاين ضرباً من الخرافة لما انطوت عليه من أمور يظن السامع لها أنها تخالف صريح المعقول، ومع ذلك فالعلماء الملاحدة يؤمنون بأعاجيبها وغراباتها ويستميتون في الدفاع عنها، أفلا نؤمن نحن بقدرة العزيز الحكيم الخبير العليم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟
النظرية التي أوردها مثالاً هنا تتعلق بالتجربة المشهورة التي اقترحها شرودنجر وأسموها فيما بعد بتجربة قطة شرودنجر. وهذه التجربة مثال مشهور على الانفصام بين الصحة الرياضية والواقع الفيزيائي لظاهرة ما ولذلك قال عنها العالم البريطاني ستيفن هوكنج:"كلما سمعت عن قطة شرودنجر مددت يدي نحو المسدس!! " أي يريد أن يقتل نفسه لأن المعادلة تبدو صحيحة رياضياً ولكنها مستحيلة في الواقع فكيف يحصل هذا التناقض المحير؟
وتجربة شرودنجر هذه مبنية على مبدأ الاحتمالات الرياضية وذلك بافتراض وجود قطة داخل حاوية مغلقة بها علبة غاز سام وهناك خطاف يتدلى منه مطرقة معلقة فوق هذه العلبة فلو افترضنا أن نسبة احتمال تحرك هذا الخطاف هي النصف 50% بحيث يرخي المطرقة لضرب علبة السم ومن ثم موت القطة لبقي هناك نسبة أخرى كذلك هي 50% تضمن سلامة القطة من موتها بهذا الغاز السام وبالتالي يكون الاستنتاج الرياضي الصحيح هو وجود الاحتمالين معاً لأنه لا يوجد سبب منطقي لإهمال أحدهما وبالتالي فالقطة حية وميتة في نفس اللحظة!! ولكن الشيء المبهر من حيث الواقع الفيزيائي هو أنه لا يمكن أن يكون هناك إلا احتمالا واحدا من احتمالين: إما حية أو ميتة!! فأي التفسيرين أصوب: الرياضي (العقلي) أم الفيزيائي (الحسي)؟
ومما يجدر التنبيه عليه هو أن اختلاف زمان ومكان الملاحظين مؤثر في الحكم على الأعيان المتحركة التي تشغل زماناً ومكاناً مختلفين كذلك. وهو ما يسمى "بالإطار المرجعي" للأشياء أو ( frame of reference). ومن الأمثلة البسيطة التي يضربها أصحاب النظرية النسبية للتمثيل عليها هو وجود ملاحظين يشاهدان قطاراً واحداً هذا في الجهة الأولى من سكة القطار والمشاهد الآخر في الجهة المقابلة من سكة القطار. فالأول يقول القطار متجه إلى اليسار أما الآخر فيجزم باتجاه القطار إلى اليمين، فأثّر اختلاف مكان الملاحظين في الحكم على الجهة. ومثال أجود منه هو ما لو كان على القطار المتحرك راكب وأطلق رصاصة في اتجاه سير القطار مع وجود من يلاحظه من خارج القطار من فوق جبل أو شاهق – أي في
¥(13/340)
إطار مرجعي مختلف. فالراكب الذي أطلق الرصاصة يجزم بأن سرعة الرصاصة ثابتة وأما الملاحظ الذي يشاهد الحدث من خارج القطار فيجزم بأن سرعة الرصاصة تجاوزت سرعتها الطبيعية بسبب إضافة سرعتها إلى سرعة القطار الذي يسير في ذات الاتجاه، فتصير السرعة سرعة مركبة. ومنشأ الخلاف هنا هو أن أحدهما متحد مع الحدث في إطاره المرجعي والآخر منفصل عن الحدث في إطار مرجعي مباين، ولذلك فالثاني يشاهد مالا يشاهده الأول.
وهكذا الأمر بالنسبة لحركة الشمس. فالعلماء المؤيدين للنموذج الأرضي يشترطون التواجد في إطار مرجعي منفصل عن المجموعة الشمسية بأسرها للوقوف على حقيقة حركتها ومن ثم الحكم عليها حساً بالإثبات أو النفي. وهذا الأمر غير متأت وتبقى الحقيقة الكونية مجهولة. أما الحقيقة الشرعية فظواهر النصوص دالة على حركة الشمس ولكنها لا تنفي حركة الأرض. والآيات والأحاديث دالة على ذلك أوضح دلالة، ولا يمنع أن يكون كل من الشمس والأرض يدوران حول بعضهما بحيث تتكامل سرعة دورانهما حول بعضهما في سرعة مركبة يظنها المشاهد على الأرض سرعة كوكب الأرض، وهو رأي لبعض علماء الفلك. يقول الفيلسوف والتر ستيس إنه: (ليس من الأصوب أن تقول إن الشمس تظل ساكنة، وإن الأرض تدور من حولها من أن تقول العكس. إلا أن كوبرنكس قد برهن على أنه من الأبسط رياضيٌّا أن نقول إن الشمس هي المركز، ومن ثم فلو أراد إنسان في يومنا الراهن أن "يشذّ" ويتفوه بأنه لا يزال يؤمن بأن الشمس تدور حول أرض ساكنة فلن يكون هناك من يستطيع أن يثبت أنه على خطأ).
والذي اضطرني لوضع هذه المقدمة أمر واحد: ألا وهو أننا لا نزال نجهل الكثير عن ما نعتقد في أذهاننا أننا قد بلغنا النهاية والغاية في إدراك حقيقته، مع أن هذه الأشياء هي المقدمات التي يترتب على كمال إدراكها صحة النتيجة العقلية الحاكمة على تلك القضية، ولكن كثير من الناس لفرط استجابتهم لبادي الرأي من أنفسهم يحكمون بالنتيجة قبل استصلاح المقدمات و اكتمالها، وقد قال الله تعالى (وكان الإنسان عجولا).
ثالثاً: حقيقة سجود الشمس: فباعتمادنا على الحساب وحده نحن نجهل حقيقة الواقع "الحسي" لحركة الشمس فصار عندنا الآن جهلين بحقيقة شيئين: جهل بحقيقة العرش الذي يحصل السجود تحته وجهل بحقيقة حركة الشمس الفاعلة للسجود. وبناءً على هاتين المقدمتين يقال: يكفي في سجود الشمس واستئذانها القول بأن عدم العلم ليس بدليل على العدم وهي قاعدة مشهورة وأكثر عمل الجهال على خلافها، فعدم الوقوف على حقيقة سجودها واستئذانها لا يلزم منه نفي إمكان السجود والاستئذان، ولذلك يقال لمن ارتاب: إذا أوضحت لنا حقيقة سجود الشمس والقمر والنجوم والشجر في قوله تعالى: (الم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب) نقول إذا استطعت أن توضح لنا حقيقة ذلك فانتقل إلى إيضاح حقيقة الأخص وهو سجود الشمس تحت العرش ذلك أن تفسير الأعم في الأغلب أيسر من تفسير الأخص لما يكتنف الأخص من التقييدات والتحرزات التي لا يتفطن لها كثير من أرباب العلوم فضلاً عن عوام الناس. فالجاهل يراها من المستحيلات الممتنعات، والأعلم منه يراها من المحارات الممكنات، والناس بين هؤلاء وهؤلاء درجات. والحق أن الله قد اختص كل مخلوق بسجود يناسب هيئته وخِلقته لا يشترك فيه مع غيره إلا بموجب الاشتراك اللفظي لا الاشتراك الفعلي الحقيقي المطابق للفعل والهيئة، وقد أخبرنا الله تعالى أن الشجر يسجد مع كونه أمام ناظرنا صباحاً ومساءً بل يقطف ثمره ويجلس في ظله ومع ذلك لا نقول الشجر لا يسجد. مع أن هذا أدعى للاستنكار لقرب الشجر منا وملامستنا له و رؤيتنا له على الدوام وأكلنا من ثمره. فدل هذا على جهل بني آدم بحقيقة سجود هذه المخلوقات و حقيقة تسبيحها لله عز وجل، قال تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) فحسم الخلاف وقطع الريب والجدال بنفي قدرتنا على إدراك حقيقة التسبيح، فيصبح السؤال عن ذلك من أشد التكلف. فإذا استقرت هذه المسألة في الأذهان انقطع المستشكل عن بحث ما وراء ذلك والخوض فيه إذ كيف يُتوصل إلى نتيجة صحيحة دون القطع بفهم حقيقة مقدمات تلك النتيجة وهو الأمر المنتفي هنا. ومن المعلوم أن
¥(13/341)
صحة النتيجة هو ملزوم صحة المقدمات و صحة المقدمات هو ملزوم صحة إدراك وفهم المقدمات. فاتهام الرأي البشري المحدود المتقلب يأتي قبل اتهام الحقائق الخارجية التي لا تتغير ولا تتبدل (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا).
ما المراد بالغروب المذكور في الحديث؟
الذي يظهر أن معنى "الغروب" قد التبس على قوم فظنوا أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم (أتدري أين تغرب) هو التواري التام عن نظر جميع أهل الأرض وأن هذا من لوازم السجود المذكور ولفظ الحديث لا يومئ إلى هذا ولا يدل عليه فضلاً عن أن يكون من لوازم لفظ الغروب. والحق أن المراد بالغروب الذهاب لا الغياب التام كما فسرته لفظة الرواية الأخرى وهو قوله صلى الله عليه وسلم (أتدري أين تذهب) وهذا معنى صحيح من حيث اللغة وهو مستعمل عند العرب، قال ابن منظور "غرب القوم غرباً (أي) ذهبوا"، كما أن باقي الحديث في روايات فيه "إنها تذهب ... " وفائدة لفظة الذهاب أنها تتضمن معنى الحركة فما من ذاهب إلا وهو متحرك. صحيح أن الشمس "تغرب" عن نظر قوم ولكن هذا بالنسبة إليهم ولذلك يجب التفريق بين حقيقة "الغروب" ومجرد "رأي العين"، كما في قوله تعالى (حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة) وهذا صحيح برأي البصر ولذلك نسب المرئي إلى من يراه فقال "وجدها". قال الإمام القرطبي – رحمه الله: ((قال القفال قال بعض العلماء: ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا وصل إلى جرمها ومسها ; لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض , وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض , بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة , بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق , فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة , كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ; ولهذا قال: " وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم , بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم. وقال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر , ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها , فيقام حرف الصفة مقام صاحبه والله أعلم)) أ. هـ.
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله: ((وقوله: " وجدها تغرب في عين حمئة " أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه)) أ. هـ.
قلت: ومثله قول الناس "غابت الشمس في الأفق" مع أنها لا تغيب في الأفق حقيقة وإنما تتوارى عنا من وراء الأفق لا فيه لأن الشمس أكبر من الأرض بمئات المرات فكيف تغيب في أفق الأرض الصغير جداً؟ كما أنها خارج محيط الأرض بل تبعد عنها آلاف الكيلومترات فكيف تغيب في الأفق؟ ومع ذلك نقول غابت في الأفق من باب التجوز لا على وجه الحقيقة.
فالخلاصة أن المراد بلفظ "الغروب" في الحديث الذهاب والسير والجريان كما هو مفسر في الرواية الأخرى وكما هو مستعمل في لغة العرب وكما جاء في قوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها)، فالغروب في حقيقته ليس إلا جريان الشمس وليس للشمس مغرب حقيقي ثابت، قال الإمام ابن عاشور – رحمه الله: ((والمراد بـ {مَغْرِبَ الشَّمْسِ} مكان مغرب الشمس من حيث يلوح الغروب من جهات المعمور من طريق غزوته أو مملكته. وذلك حيث يلوح أنه لا أرض وراءه بحيث يبدو الأفق من جهة مستبحرة، إذ ليس للشمس مغرب حقيقي إلا فيما يلوح للتخيل)). أ. هـ.
و قد بين ذلك عليه الصلاة والسلام فقال:" فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش" كما عند البخاري وغيره. ولم يقل عليه الصلاة والسلام أنها "تغرب تحت العرش" أو يقل "حتى تغرب تحت العرش"، وهذا وهم توهمه بعض الناس الذين أشكل عليهم معنى هذا الحديث وهو مردود لأن ألفاظ الحديث ترده. فقوله:"تذهب" دلالة على الجريان لا دلالة على مكان الغروب لأن الشمس لا تغرب في موقع حسي معين وإنما تغرب في جهة معينة وهي ما اصطلح عليه الناس باسم الغرب والغروب في اللغة التواري والذهاب كما ذكره ابن منظور وغيره يقال غرب الشيء أي توارى وذهب وتقول العرب أغرب فلان أي أبعد وذهب بعيداً عن المقصود.
¥(13/342)
إذا تقرر هذا اتضح معنى آخر وهو أن الشمس لا تسجد تحت العرش عند كل غروب تغربه عن أنظار كل بلد، فإن هذا هو اللبس الذي ينشأ عند من فهم أن الشمس تسجد عند كل غروب يراه أهل كل قطر، ولو كان الأمر كذلك لكانت ساجدة على الدوام ولاستنكر أهل الأرض ذلك، ولذلك جاءت فائدة الاحتراز من هذا الاحتمال في رواية مسلم (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا). والشمس إنما تسجد مرة واحدة وذلك عند محاذاتها لباطن عرش الرحمن، كما أشار إلى ذلك ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية. ويؤيد هذا قول الحافظ ابن حجر في الفتح (قلت (الحافظ): وظاهر الحديث أن المراد بالاستقرار وقوعه في كل يوم وليلة عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجري. والله أعلم).
قلت: وقول الحافظ (كل يوم وليلة) أي كل أربع وعشرين ساعة وهي فترة دوران الشمس حول الأرض دورة كاملة (أو على قول من يؤول الأدلة ويرى ثبات الشمس: فترة دوران الأرض حول نفسها دورة كاملة).
ولذلك قال الإمام الخطابي – كما نقله الحافظ في الفتح - رحمه الله (يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنها تستقر تحته استقرارا لا نحيط به نحن ... وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها).
وعند محاذاتها لباطن العرش فإنها تكون عندئذٍ مقابل سمت أو حد من الأرض يحدث عند مواجهته السجود المذكور. ولكن هذا السمت أو الحد أو المنتهى - كما قال الإمام ابن عاشور- لا قِبَل للناس بمعرفة مكانه. قال رحمه الله في "التحرير والتنوير" في تفسير قوله تعالى "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم": ((وقد جعل الموضع الذي ينتهي إليه سيرها هو المعبر عنه بتحت العرش وهو سمت معيّن لا قبل للناس بمعرفته، وهو منتهى مسافة سيرها اليومي، وعنده ينقطع سيرها في إبان انقطاعه وذلك حين تطلع من مغربها، أي حين ينقطع سير الأرض حول شعاعها لأن حركة الأجرام التابعة لنظامها تنقطع تبعاً لانقطاع حركتها هي وذلك نهاية بقاء هذا العالم الدنيوي)) ا. هـ.
وقال الحافظ – رحمه الله - في الفتح في شأن المحاذاة التحتية (وأما قوله " تحت العرش " فقيل هو حين محاذاتها. ولا يخالف هذا قوله: (وجدها تغرب في عين حمئة) فإن المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب)
وقال الطيبي رحمه الله - كما نقله صاحب تحفة الأحوذي - بشأن حقيقة الاستقرار (وأما قوله مستقرها تحت العرش فلا يُنكَر أن يكون لها استقرار تحت العرش من حيث لا ندركه ولا نشاهده , وإنما أخبر عن غيب فلا نكذبه ولا نكيفه. لأن علمنا لا يحيط به (.
وهذا السمت أو الحد أو المنتهى المعبر عنه في الحديث بحرف "حتى" للدلالة على الغاية والحد فهو كالسمت (ولا أقول هو السمت الذي في الحديث) الذي نصبه الجغرافيون على الخارطة الأرضية ويسمونه خط الطول الممتد من أقصى شمال الأرض إلى أقصى جنوبها فإذا حاذت الشمس هذا السمت الذي هو منتهى سيرها اليومي مع محاذاتها في ذات الوقت لمركز باطن العرش فإنها تسجد سجودا على الكيفية التي لا يلزم منها أن توافق صفة سجود الآدميين وعلى هيئة لا تستلزم استنكار الناس من أمرها شيئا كما جاء في الحديث (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا).
فائدة من كتاب "الأنوار الكاشفة":
وجدت للعلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله في كتابه الثمين "الأنوار الكاشفة" توجيهاً مفيداً لمعنى الحديث، وحديث سجود الشمس قد طعن فيه أبو ريّة في كتابه المسمى ب "أضواء على السنة"، وكان مما سطره المعلمي ضمن ردّه هذه الفائدة الحديثية، قال رحمه الله (وهناك رواية البخاري عن الفرباني عن الثوري عن الأعمش بنحو رواية أبي معاوية إلا أنه قال ((تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن .. )) ونحوه بزيادة في رواية لمسلم من وجه آخر عن إبراهيم التيمي وقال ((حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة .. .))، فقد يقال لعل أصل الثابت عن أبي ذر الحديثان الأولان، ولكن إ براهيم التيمي ظنّ اتفاق معناها فجمع بينهما في الرواية الثالثة، وقد يقال: بل هو حديث واحد اختصره وكيع على وجه وأبو معاوية على آخر، والله أعلم)
¥(13/343)
إلى أن قال في آخر كلامه (أقول: فلم يلزم مما في الرواية الثالثة من الزيادة غيبوبة الشمس عن الأرض كلها، ولا استقرارها عن الحركة كل يوم بذاك الموضع الذي كتب عليها أن تستقر فيه متى شاء ربها سبحانه).أ. هـ.
وأما من جهة الدلالة اللغوية و الشرعية للحديث فإن السجود في اللغة يأتي بمعنى الخضوع كما ذكره ابن منظور وغيره. وحمّله – بتشديد الميم - بعض المفسرين المذكور في قوله تعالى في آية الحج:" ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فماله من مكرم إن الله يفعل ما يشاء " قال ابن كثير رحمه الله:" يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعا وكرها وسجود كل شيء مما يختص به" ا. هـ. وعليه فسجود الشمس مما يختص بها ولا يلزم أن يكون سجودها كسجود الآدميين كما أن سجودها متحقق بخضوعها لخالقها وانقيادها لأمره وهذا هو السجود العام لكل شيء خلقه الله.
ولكن لو قال قائل:"هل تنتفي صفة السجود عن الشمس إذا كانت لا تسجد إلا تحت العرش فلا تكون خاضعة إلا عند سجودها تحت العرش وفي غير ذلك من الأحايين لا تكون؟
والجواب أن الشمس لها سجدتان: سجود عام مستديم وهو سجودها المذكور في آية الحج السابقة و آية النحل (ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) مع سائر المخلوقات، وسجود خاص يتحقق عند محاذاتها لباطن العرش فتكون ساجدة تحته وهو المذكور في الحديث وفي كلا الحالتين لا يلزم من سجودها أن يشابه سجود الآدميين لمجرد الاشتراك في لفظ الفعل الدال عليه. ومن أمثلة ذلك أن مشي الحيوان ليس كمشي الآدمي وسباحة السمك والحوت ليست كسباحة الإنسان وهكذا، مع أنهم يشتركون في مسمى الفعل وهما المشي والسباحة.
ومع أن الشمس و المخلوقات بأجمعها تحت العرش في كل وقت إلا أنه لا يلزم أن تكون المخلوقات بأجمعها مقابلة لمركز باطن العرش لأن العرش كالقبة على السماوات والمخلوقات، والشمس في سجودها المخصوص إنما تحاذي مركز باطن العرش فتكون تحته بهذا الاعتبار كما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية بشأن المحاذاة التحتية للعرش، وكما قرره ابن تيمية رحمه الله في فتاواه وسائر أئمة أهل السنة من حيث أن العرش كالقبة وهو معلوم من حديث الأعرابي الذي أقبل يستشفع بالرسول صلى الله عليه وسلم وقصته مشهورة ثابتة.
والخلاصة أن سجود الشمس على المعنى الذي ذكرناه غير ممتنع أبدا ولا يخالف الحديث صريح العقل إنما قد يخالف ما اعتاد عليه العقل ومألوفه وهذا ليس معياراً تقاس به الممكنات الكونية فضلاً عن الممكنات الشرعية لأن الله على كل شيء قدير ولأن المألوفات نسبية باعتبار منشأ الناس واختلاف عقولهم وعلومهم. والسامع مثلاً لما تخرج به فيزياء الكم من العجائب والأسرار كمبدأ اللاحتمية لهايزنبرج وتجربة شرودنجر ونظرية العوالم المتناظرة وغيرها من الظواهر المحيرة للعقول – وإن كان هذا ليس موضع تفنيدها - يوقن بأن لله حكم بالغة يطلع من يشاء عليها ويستأثر بما يشاء عنده، قال تعالى:"ويخلق ما لا تعلمون"، وقال تعالى:"والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، وقال:"وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً". والإنسان الأصل فيه الضعف والجهل، قال تعالى:"وخلق الإنسان ضعيفا" وقال في آية الأحزاب:"إنه كان ظلوما جهولا" ولذلك فابن آدم يسعى على الدوام لدفع ذلك عن نفسه بطلب ضديهما وهما القوة والعلم، فإن انكشف له بموجب ذلك شيء فهذا بتوفيق الله وما استغلق و خفي ودق فلله الأمر من قبل ومن بعد. وكما قدمنا فإن سجود الشمس لا يستلزم توقفها ووقوفاً يحصل بسببه استنكار الناس و هو اللبس الذي أزاله صلى الله عليه وسلم بقوله:" فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا" وحرف "الفاء" في قوله "فتصبح" للتعقيب الذي بدوره يفيد معنى السرعة ومن لوازم السرعة تقلص الوقت وضآلته فيكون سجودها حاصل في وقت قصير للغاية ولو في جزء من الثانية يضمحل في فرق الثمان دقائق الذي تستغرقه رحلة الضوء من الشمس إلى الأرض، والثمان دقائق عبارة عن 480 ثانية فهل يمتنع حصول سجود من الشمس في هذه الفترة؟ بل إن سجودنا في جميع الصلوات الخمس لا يبلغ مجموع فترته
¥(13/344)
180 ثانية في غالب الأحوال مع أنه يصح أن يحصل فعل السجود بإيقاع سجدة واحدة ويسمى فاعلها ساجداً ولو لم يسجد إلا بتسبيحة واحدة صح أن يسمى سجوداً عند الحنابلة، بل حتى ولو لم يطمئن في سجوده ذلك لصح أن يسمى سجودا وفاقاً للحنفية.
ولو قال قائل:"نقبل منك صحة السجود دون أن يلزم منه وقوف الشمس ولكن الشمس لابد أن تقف لأن هذا لازم الخرور والاستئذان وإن لم يكن لازم السجود؟ " والجواب عليه:
حتى لو لزم من الخرور والاستئذان توقف الشمس فإنه لا يلزم من ذلك وقوفها وقوفاً يلاحظه الناس كما قدّمنا ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا ". كما أن في الحديث نكتة ربما خفيت على البعض وهي أن مقدار وقوفها لم ينص عليه الحديث ولذلك فلا يمنع أن يكون وقوفها للخرور والاستئذان حاصل في ثوانٍ أو أجزاء من الثانية وهذه الثوان تضمحل في فرق الثمان دقائق الذي يفصل بيننا وبين الشمس فلا يمكن ملاحظة فترة السجود حينئذٍ، هذا للشخص الملاحظ، فكيف بالبشرية المشغولة بضيعات الدنيا، النائمة في النهار المستيقظة في الليل!. وهذا ممكن و صحيح شرعاً وعقلاً وطبعاً. فنجد أن الذي يسجد بتسبيحة واحدة قد صح منه السجود وأجزأه كما لو سجد آخر وأتى بأكثر من ألف تسبيحة، والشاهد أن السجود وما يترتب عليه من خرور ويتبعه من استئذان لا يلزم من ذلك كله أن نبتدع له مقداراً معيناً من الوقت أو هيئة مجعولة اعتماداً على المستقر في معهودنا الذهني لأن الحديث أبهم وأطلق المقدار الزمني لهذه الأفعال ولذلك فلا يمنع حدوثها في وقت قصير للغاية كما ذكرنا. وعلى الذين يتوقعون من سجود الشمس تطويلاً ملحوظاً أن يأتوا بالدليل المقيد لإطلاق الحديث، مع أن الدليل يعوزهم ولا دليل عندهم سوى الظن المجرد من القرائن الصحيحة وهو الظن المذموم الذي ذمه الله في القرآن (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس).
هذه مسألة، أما المسألة الثانية فهي أنه لا يلزم من خرور الشمس وكذا الارتفاع كما في الحديث عند مسلم:"حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت"، أقول لا يلزم من خرور الشمس أن تنزل نزولاً أو ترتفع ارتفاعاً يحصل بسببه استنكار الناس، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نفى هذا اللازم المتوهم بنفي ملزومه فقال (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا) فلما نفى المُسبَب – بضم الميم وفتح الباء المعجمة الأولى – الذي هو استنكار الناس استلزم ذلك نفي ما يسببه وهو ظهور ما يسبب الاستنكار من أمر سجود الشمس.
إذاً فالحديث أطلق كما هو ظاهر ولم يذكر مقدار مسافة الخرور ولم يعين مقدار مسافة الارتفاع بل لم يتعرض لوصف كيفية الخرور كما أنه لم يعين مقدار زمن سجودها. ولنضرب على ذلك مثالاً: أليس يصح السجود بالإيماء البسيط الذي لا يكاد يرى من المريض الذي لا يستطيع الحراك؟ فهذا الذي يوميء بالسجود إيماء حتى ولو كان يسيراً جداً يصح سجوده ويقع منه ويسمى سجوداً مع أنه مخالف للأصل الذي هو مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، و اليدين، و الركبتين، و أطراف القدمين، و لا نكفت الثياب، و لا الشعر)، فكيف إذا علمنا أن سجود الشمس بطبعه مختلف ويرد على صفته وهيئته من الممكنات والاحتمالات ما لا يرد ولا ينطبق على سجود الآدمي وما يباين ويغاير به سجود غيرها من المخلوقات، وقد قال الله تعالى عن مخلوقاته (ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) والشاهد منه قوله تعالى (كلٌ قد علم صلاته وتسبيحه) تنبيهاً على اختلاف طرق مخلوقاته في العبادة وذلك أنه لما أضاف صلاةً وتسبيحاً لكل واحد من مخلوقاته وجعلها نكرات مضافة دل ذلك على اختصاص كل نوع منهم بصلاة وتسبيح يمتاز به عما سواه من المخلوقات، قال ابن كثير رحمه الله (أي كل قد أرشده إلى طريقته ومسلكه في عبادة الله عز وجل). والآية تتضمن الشمس وقد أرشدها الله إلى طريقها ومسلكها في عبادتها إياه عز وجل، فالشمس أعلم بأمر عبادتها كما أن ابن آدم أعلم بأمر عبادته، قال الطبري رحمه الله (قد علم كل مصل ومسبح منهم صلاة نفسه وتسبيحه الذي كلفه وألزمه)، ولذلك ختم الآية بعلم الله لكل ذلك وفيه إشارة إلى أن الله تعالى هو العالم بحقائق
¥(13/345)
هذه الأمور دون غيره فقال (والله عليم بما يفعلون). قال الإمام الشنقيطي رحمه الله (والظاهر أن الطير تُسبِّح وتصلي صلاة وتسبيحاً يعملهما الله، ونحن لا نعلمهما كما قال تعالى:
(وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
[الإسراء: 44]. ومن الآيات الدالة على أن غير العُقلاء الله ونحن لا نعلمه. قوله تعالى في الحجارة (وإن منها لما يهبط من خشية الله) فأثبت خشية للحجارة، والخشية تكون بإدراك. وقوله تعالى (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله) وقوله تعالى:
(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها)
[الأحزاب: 72] الآية. والإباء والإشفاق إنما يكونان بإدراك، والآيات والأحاديث واردة بذلك، وهو الحق. وظاهر الآية أن للطير صلاة وتسبيحاً، ولا مانع من الحمل على الظاهر) أ. هـ.
فائدة منهجية معرفية بقلم العلامة عبدالرحمن المعلمي اليماني، قال - رحمه الله - في "الأنوار الكاشفة":
(واعلم أن الناس تختلف مداركهم وأفهاميهم وآراؤهم ولا سيما في ما يتعلق بالأمور الدينية والغيبية لقصور علم الناس في جانب علم الله تعالى وحكمته، ولهذا كان في القرآن آيات كثيرة يستشكلها كثير من الناس وقد ألفت في ذلك كتب وكذلك استشكل كثير من الناس كثيراً من الأحاديث الثابتةعن النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما هو رواية كبار الصحابة أو عدد منهم كما مر، وبهذا يتبين أن استشكال النص لا يغني بطلانه. ووجود النصوص التي يستشكل ظاهرها لم يقع في الكتاب والسنة عفواً وإنما هو أمر مقصود شرعاً ليبلو الله تعالى ما في النفوس ويمتحن ما في الصدور. وييسر للعلماء أبو أبا من الجهاد يرفعهم الله به درجات).
إلى هنا ينتهي البحث و أسأل العلي القدير أن يتقبله وينفع به. فما كان من صواب فمن الله وحده فله الحمد كله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان ومن شرهما استعيذ.
ـ[عبد]ــــــــ[31 - 08 - 06, 12:57 م]ـ
الملف للراغبين في تحميله.
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 01:31 ص]ـ
أحسن الله اليكم ونفع بكم على هذا البحث القيم غير أنني اعتفد أن نقطة الضعف فيه هي في قولكم
كما أن في الحديث نكتة ربما خفيت على البعض وهي أن مقدار وقوفها لم ينص عليه الحديث ولذلك فلا يمنع أن يكون وقوفها للخرور والاستئذان حاصل في ثوانٍ أو أجزاء من الثانية وهذه الثوان تضمحل في فرق الثمان دقائق الذي يفصل بيننا وبين الشمس فلا يمكن ملاحظة فترة السجود حينئذٍ، هذا للشخص الملاحظ، فكيف بالبشرية المشغولة بضيعات الدنيا، النائمة في النهار المستيقظة في الليل
أولا: أنه اذا كانت البشرية مشغولة بضيعات الدنيا فإن علماء الفلك مع ما هيأ الله لهم من وسائل علمية غير مشغولين ولايمكن أن يفوتهم هذا الأمر
ثانيا: لوسلمنا باستنتاجك هذا وأن السجود يتم في جزء من الثانية من بين الدقائق الثمان فإن هذه الأجزاء _التراكمية بالطبع_ ستكون خلال سنوات معدودة كما من ا لساعات والدقائق
وكما نعلم فإن موعد الإشراق _مثلا_ محدد بالدقة لسنوات قادمة
أتمنى على شيخي الفاضل مراجعة هذه الجزئية وحبذا لو تمت الإستعانة باحد الفضلاء المتخصصين في مدينة الملك عبد العزيز وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبد]ــــــــ[03 - 09 - 06, 09:48 ص]ـ
بسم الله والحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد
جزاك الله خيرا على هذه الملاحظة، وقد كانت حاضرة في ذهني والجواب عليها موجود ولكني لم أرد تشعيب البحث وتفريعه لغير المتخصص، أما الآن وقد أشرت إليها فلا بد من الجواب عن هذا الإشكال الذي قد ينطلي على البعض وترك مثل هذه الأمور دون جواب قد يضر أكثر مما لو تركت بلا جواب. أقول وبالله أستعين:
قد استشكلت أيها السائل الفاضل أمر إمكانية سجود الشمس في أجزاء من الثانية وأن النتيجة التراكمية لهذه الأجزاء ستظهر مع مرور الوقت وانقضاء الأزمان.
أقول: استشكال صحيح. ولكن هنا ثلاثة أمور ينبغي التنبه لها:
1 - أني لم أجزم بأن هذا هو المخرج الوحيد لحل هذا لإشكال، وإنما وضعته لبيان عدم الامتناع وإلا فقد تسجد باعتبار آخر غير اعتبار الثوان وأجزاءها.
¥(13/346)
2 - عن أي جزء من الثانية نتحدث؟ اعلم أيها الفاضل أن أجزاء الثانية لم تكتشف كلها بعد ولذلك لما اكتشفت وحدة "النانو" ثانية لم يكن يخطر ببال من في ذلك الوقت إمكانية اكتشاف وحدة "الفمتو" ثانية وهي الوحدة التي توصل إليها مؤخراً العالم المصري أحمد زويل وزملائه، فلا يمنع أن يكون هناك وحدات زمنية أقل وأقل ولكن يمنع من اكتشافها ضعف الإمكانات البشرية. ومن المعلوم أن الملائكة تقطع المسافة الهائلة بين السماء والأرض في وحدات زمنية قصيرة جداً قد يستحيل على العقول اكتشافها مما يدل على وجود وحدات زمنية أقل بكثير من وحدة "الفمتو" الثانية وكما قال الله تعالى {وفوق كل ذي علم عليم}.
3 - تقرر في علم الفلك مسألة مهمة - و هي أهم ما في الموضوع - تتعلق بسرعة دوران الأرض (أو الشمس) وهو أنها تتباطأ بأجزاء ضئيلة للغاية من من الثانية كل يوم وهذا التباطؤ وإن عبر عنه العلماء بأنه كل كذا عدد من السنين إلا أنه يمكن توزيع هذا العدد وتقسيمه على عدد الأيام، ولذلك فهذا التباطؤ المستمر مع مرور الوقت يمنع إمكانية إدراك الآثار التراكمية لأجزاء الثانية، فيكون هناك تناسباً طردياً بين الإثنين: كلما تباطأ الدوران كلما زاد فرق المسافة الضوئية التي تساعد على اضمحلال فرق الثوان بين الشمس والأرض. ويسمي العلماء هذه الظاهرة ( Earth's rotation slowing down) ، ونقلاً عن إحدى المواقع المتخصصة يقولون ( The rotation has slowed roughly only by 2 milliseconds since 1820) أي منذ عام 1820 تباطأت سرعة دوران الأرض بمقدار 2 ميللي ثانية. [1] ولذلك يكون استنتاجك صحيحاً في حالة ثبات سرعة دوران كل من الشمس أو الأرض، فعند الثبات يظهر الفرق مع مرور الوقت أما مع وجود هذا التفاوت الذي يلغي إمكانية مشاهدة الفرق فحتى العلماء لا يستطيعون ملاحظته بالحس والتجربة لأن عملية التعويض بسبب التفاوت مستمرة لا تنقطع وكأنه يخيّل إلى الملاحظ المتابع أنه لا يوجد أي فرق على الإطلاق.
ولذلك فسجود الشمس لا بد وأن يحصل ولا بد أن يكون في زمن معين ولكن من شرط هذا الزمن المعين ألاّ يتسبب في حصول "استنكار الناس" - كما في الحديث - فلا مناص إذاً من القول بأنها وحدة زمنية ضئيلة للغاية وتبقى مشكلة أن الناس يريدوه سجوداً مرئياً مشهوداً واضحاً كما يسجد الآدمي المطمئن في الصلاة المفروضة. ولذلك قرر بعض العلماء أن الشمس تسجد وهي "سائرة" دون توقف، كالحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، واستدل بقراءة ابن عباس ((والشمس تجري لا مستقر لها) والقراءة المشهورة هي ((والشمس تجري لمستقر لها)). فقال: على القراءة الأولى تسجد وهي سائرة، إلا أن البعض أشار إلى شذوذ هذه القراءة.
وقد بينت لك أخي الكريم الظاهرة الفلكية - على ما أدّاني إليه اجتهادي- التي تمنع من مشاهدة هذا الفرق المتراكم للزمن عبر الوقت.
أستغفر الله من الزلل والخلل، والحمد لله رب العالمين.
========================================
[1] http://novan.com/earth.htm
ـ[عزام الالباني]ــــــــ[03 - 09 - 06, 02:14 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي عبد علي هذا البحث القيم
اهم نقطة نبهت اليها هي قول الله تعالي الم تر ان الله يسجد له من في السموات و من في الارض و الشمس و القمر و النجوم و الشجر و الجبال و الدواب و كثير من الناس
فالشجر قريب منا و لا نستطيع ان ني او نحكم كيف سجوده و هذا ما يفرض علينا ان نوقن بسجود الشمس البعيدة عنا بالطريقة التي خصها الله عز وجل بها
ـ[عزام الالباني]ــــــــ[03 - 09 - 06, 02:40 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي عبد علي هذا البحث القيم
اهم نقطة نبهت اليها هي قول الله تعالي الم تر ان الله يسجد له من في السموات و من في الارض و الشمس و القمر و النجوم و الشجر و الجبال و الدواب و كثير من الناس
فالشجر قريب منا و لا نستطيع ان ني او نحكم كيف سجوده و هذا ما يفرض علينا ان نوقن بسجود الشمس البعيدة عنا بالطريقة التي خصها الله عز وجل بها
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 05:11 م]ـ
بارك الله فيك اخي عبد على هذا الإيضاح وجزاك عني خيرا فقد شفيت وكفيت
ـ[المعلمي]ــــــــ[03 - 09 - 06, 07:12 م]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
بارك الله فيك أخي عبد ونفع بك وفي علمك وفهمك، وجعل ما سطرته يمينك في ميزان حسناتك ..
¥(13/347)
أخي الكريم:
علّ في الرابط خللا، نرجو أن تصلحه!!
ـ[عبد]ــــــــ[03 - 09 - 06, 08:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا ورزقني الله وإياكم مع العلم إيماناً صادقا ويقيناً راسخا.
الأخ الفاضل المعلمي، بودي أن أصلح الرابط ولكنه أمر ليس بيدي، ومع ذلك فهو يعمل عندي.
ـ[محمد الاثري]ــــــــ[05 - 09 - 06, 09:49 م]ـ
بسم الله والحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد
جزاك الله خيرا على هذه الملاحظة، وقد كانت حاضرة في ذهني والجواب عليها موجود ولكني لم أرد تشعيب البحث وتفريعه لغير المتخصص، أما الآن وقد أشرت إليها فلا بد من الجواب عن هذا الإشكال الذي قد ينطلي على البعض وترك مثل هذه الأمور دون جواب قد يضر أكثر مما لو تركت بلا جواب. أقول وبالله أستعين:
قد استشكلت أيها السائل الفاضل أمر إمكانية سجود الشمس في أجزاء من الثانية وأن النتيجة التراكمية لهذه الأجزاء ستظهر مع مرور الوقت وانقضاء الأزمان.
أقول: استشكال صحيح. ولكن هنا ثلاثة أمور ينبغي التنبه لها:
1 - أني لم أجزم بأن هذا هو المخرج الوحيد لحل هذا لإشكال، وإنما وضعته لبيان عدم الامتناع وإلا فقد تسجد باعتبار آخر غير اعتبار الثوان وأجزاءها.
2 - عن أي جزء من الثانية نتحدث؟ اعلم أيها الفاضل أن أجزاء الثانية لم تكتشف كلها بعد ولذلك لما اكتشفت وحدة "النانو" ثانية لم يكن يخطر ببال من في ذلك الوقت إمكانية اكتشاف وحدة "الفمتو" ثانية وهي الوحدة التي توصل إليها مؤخراً العالم المصري أحمد زويل وزملائه، فلا يمنع أن يكون هناك وحدات زمنية أقل وأقل ولكن يمنع من اكتشافها ضعف الإمكانات البشرية. ومن المعلوم أن الملائكة تقطع المسافة الهائلة بين السماء والأرض في وحدات زمنية قصيرة جداً قد يستحيل على العقول اكتشافها مما يدل على وجود وحدات زمنية أقل بكثير من وحدة "الفمتو" الثانية وكما قال الله تعالى {وفوق كل ذي علم عليم}.
3 - تقرر في علم الفلك مسألة مهمة - و هي أهم ما في الموضوع - تتعلق بسرعة دوران الأرض (أو الشمس) وهو أنها تتباطأ بأجزاء ضئيلة للغاية من من الثانية كل يوم وهذا التباطؤ وإن عبر عنه العلماء بأنه كل كذا عدد من السنين إلا أنه يمكن توزيع هذا العدد وتقسيمه على عدد الأيام، ولذلك فهذا التباطؤ المستمر مع مرور الوقت يمنع إمكانية إدراك الآثار التراكمية لأجزاء الثانية، فيكون هناك تناسباً طردياً بين الإثنين: كلما تباطأ الدوران كلما زاد فرق المسافة الضوئية التي تساعد على اضمحلال فرق الثوان بين الشمس والأرض. ويسمي العلماء هذه الظاهرة ( Earth's rotation slowing down) ، ونقلاً عن إحدى المواقع المتخصصة يقولون ( The rotation has slowed roughly only by 2 milliseconds since 1820) أي منذ عام 1820 تباطأت سرعة دوران الأرض بمقدار 2 ميللي ثانية. [1] ولذلك يكون استنتاجك صحيحاً في حالة ثبات سرعة دوران كل من الشمس أو الأرض، فعند الثبات يظهر الفرق مع مرور الوقت أما مع وجود هذا التفاوت الذي يلغي إمكانية مشاهدة الفرق فحتى العلماء لا يستطيعون ملاحظته بالحس والتجربة لأن عملية التعويض بسبب التفاوت مستمرة لا تنقطع وكأنه يخيّل إلى الملاحظ المتابع أنه لا يوجد أي فرق على الإطلاق.
ولذلك فسجود الشمس لا بد وأن يحصل ولا بد أن يكون في زمن معين ولكن من شرط هذا الزمن المعين ألاّ يتسبب في حصول "استنكار الناس" - كما في الحديث - فلا مناص إذاً من القول بأنها وحدة زمنية ضئيلة للغاية وتبقى مشكلة أن الناس يريدوه سجوداً مرئياً مشهوداً واضحاً كما يسجد الآدمي المطمئن في الصلاة المفروضة. ولذلك قرر بعض العلماء أن الشمس تسجد وهي "سائرة" دون توقف، كالحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، واستدل بقراءة ابن عباس ((والشمس تجري لا مستقر لها) والقراءة المشهورة هي ((والشمس تجري لمستقر لها)). فقال: على القراءة الأولى تسجد وهي سائرة، إلا أن البعض أشار إلى شذوذ هذه القراءة.
وقد بينت لك أخي الكريم الظاهرة الفلكية - على ما أدّاني إليه اجتهادي- التي تمنع من مشاهدة هذا الفرق المتراكم للزمن عبر الوقت.
أستغفر الله من الزلل والخلل، والحمد لله رب العالمين.
========================================
[1] http://novan.com/earth.htm
جزاك الله أخ عبد الله
فقد أحسنت في بيانك وعرضك ولعلي على عدم معرفتي بعلوم الافلاك اضيف في ذلك ما لعله يكون حلا وان كان بعبارات بسيطة جدا
أقول نحن نعلم ان مدة دوران الشمس حول الارض أو ما يقوله الفلكيون
بدوران الارض حول نفسها
قلت وليس في هذا مشكلة
لماذا لا نقول ان هذه السجدة هي جزء من هذه الاربع وعشرين ساعة وليست زيادة عليها؟
فان الساعة معلومة مقدارها وهو دورة كاملة للارض حول نفسها عند من يقول به ودورة كاملة للشمس حول الارض وبما فيه فترة السجود؟؟
وبارك الله فيك
واعذرني تتدخلت فيما لا علم لي به
¥(13/348)
ـ[عبد]ــــــــ[05 - 09 - 06, 09:57 م]ـ
الأخ محمد الأثري، جزاه الله خيرا. آمل منكم مراجعة البريد الخاص بكم.
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 11:40 م]ـ
قرات الكلام على الشبهة في ما لااحصيه من المنتديات مسلمها و كافرها و لم أر أجوبة اكثر عمقا و لااقطع للحيرة و لاأكثر نضارة مثلما وجدتها في هذا المنتدى و هذا الجواب بالذات
فأين من ينبز اهل الحديث بالجمود و الجهل وقلة الفهم و سطحية التفكير و قلة الاطلاع من الجهمية و الحلولية و الرافضة و الفلاسفة و الملاحدة و الحداثية و المتعلمنة و كل من رموهم من قوس واحدة لم يجمعهم الا الحسد و الحقد أن آتاهم الله من فضله و أكسبهم قربهم من نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحكمة الموعودة في الكتاب و الميزان المنزل من السماء ميزوا به بين حق كل قول و باطله
و الله أخي الحبيب ملأ بحثك صدري فرحا و لو كنت أحسن الشعر لمدحته و لكن أكتفي بنص لشيخ الاسلام قرأناه جميعا و لا ضير من اعادته
"من المعلوم أن أهل الحديث يشاركون كل طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال ويمتازون عنهم بما ليس عندهم. فإن المنازع لهم لا بد أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقا أخرى؛ مثل المعقول والقياس والرأي والكلام والنظر والاستدلال والمحاجة والمجادلة والمكاشفة والمخاطبة والوجد والذوق ونحو ذلك. وكل هذه الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها: فهم أكمل الناس عقلا؛ وأعدلهم قياسا وأصوبهم رأيا وأسدهم كلاما وأصحهم نظرا وأهداهم استدلالا وأقومهم جدلا وأتمهم فراسة وأصدقهم إلهاما وأحدهم بصرا ومكاشفة وأصوبهم سمعا ومخاطبة وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا. وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل. فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحد وأسد عقلا وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين. وذلك لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى} وقال: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا} {وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما} {ولهديناهم صراطا مستقيما}. وهذا يعلم تارة بموارد النزاع بينهم وبين غيرهم فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلا وقد تبين أن الحق معهم. وتارة بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم أو بشهادتهم على مخالفيهم بالضلال والجهل. وتارة بشهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض. وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى وتشهد بالضلال على كل من خالفها أعظم مما تشهد به عليهم. فأما شهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض: فهذا أمر ظاهر معلوم بالحس والتواتر لكل من سمع كلام المسلمين لا تجد في الأمة عظم أحد تعظيما أعظم مما عظموا به ولا تجد غيرهم يعظم إلا بقدر ما وافقهم فيه كما لا ينقص إلا بقدر ما خالفهم. حتى إنك تجد المخالفين لهم كلهم وقت الحقيقة يقر بذلك كما قال الإمام أحمد: " آية ما بيننا وبينهم يوم الجنائز " فإن الحياة بسبب اشتراك الناس في المعاش يعظم الرجل طائفته فأما وقت الموت فلا بد من الاعتراف بالحق من عموم الخلق."
كثر الله من خير هذا المنتدى العظيم
و الله أعلم بالحال و المآل
ـ[عبد]ــــــــ[06 - 09 - 06, 02:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، ولا يخلو عمل آدمي من زلل .. قد يخفى وقد يظهر.
ـ[عبد]ــــــــ[08 - 09 - 06, 11:56 م]ـ
السّراج الوهّاج
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}
http://umbra.nascom.nasa.gov/images/eit_19970914_0121_304.gif
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 12:20 ص]ـ
سبحان خالقها وجاعلها ضياء
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[09 - 09 - 06, 07:24 ص]ـ
زادك الله أخي نورا على نورا فقط أحببت أن أثري هذا البحث القيم بملاحظتين
غاية ما هنالك أن هذا النموذج الذي يسمونه النموذج الشمسي ( heliocentric) والذي وضعه كوبرنيكس استحسنه وفضله العلماء لأنه أنسب من جهة الحساب في تفسير دوران الكواكب وحركة الأجرام.
الحق أن كوبرنيكس لم يفعل أكثر من سرقة مجهودات فلكيي مرصد مراغة الذي كان تحت اشراف نصير الدين الطوسي و خاصة أعمال ابن الشاطر فقد وجد أن غالب النماذج الرياضية و الهندسية التي وضعها كوبرنيكس مطابقة تمام المطابقة لنماذج ابن الشاطر و زيجاته و لم تغير فيها الا الحروف العربية باللاتينية و تم اثباث ترجمة كتب ابن الشاطر بل و وجودها في أسواق الكتب بالبندقية قبل تأليف كوبرنيكس لكتابه
ومع كونه رياضيا فإنهم لم يجعلوا الحساب فيصلاً يقينياً لأن جمهورهم متفقون على أنه لا يلزم من صحة النتيجة الرياضية مطابقتها للحقيقة الفيزيائية الخارجية من كل وجه.
و هذه قد تفاجئ بعض الناس أيضا لما اشتهر من أن علم الفيزياء لا يقوم الا على الرياضيات بينما نجد أكابر الفيزيائيين كغبرييل فينزيانو و عامة الساعين الى توحيد النظرة الفيزيائية للكون حين يعارضون بتعقبات الرياضيين لا يترددون في التصريح بجرأة بأن الفيزياء لم تعتمد قط على الرياضيات و أن الفيزيائيين الكبار لم يكونوا يعيرون الرياضيات و خاصة الرياضيات النظرية أي اهتمام و ما ذلك الا لوجود بقايا من رواسب المنهج الأرسطي الوسطوي في أصول هذا العلم و هو ما نبه عليه قديما شيخ الاسلام ابن تيمية قائلا أن أفاضل علماء الطبيعيات لم يكونوا يأخذون بالمنطق و فروعه في ابحاثهم الطبيعية و لعل في هذا عبرة يعرف منها لم ضل من ضل و لم نجا من نجا
"فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ "غافر83
و الله أعلم بالحال و المآل
¥(13/349)
ـ[عبد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 10:28 م]ـ
و هذه قد تفاجئ بعض الناس أيضا لما اشتهر من أن علم الفيزياء لا يقوم الا على الرياضيات بينما نجد أكابر الفيزيائيين كغبرييل فينزيانو و عامة الساعين الى توحيد النظرة الفيزيائية للكون حين يعارضون بتعقبات الرياضيين لا يترددون في التصريح بجرأة بأن الفيزياء لم تعتمد قط على الرياضيات و أن الفيزيائيين الكبار لم يكونوا يعيرون الرياضيات و خاصة الرياضيات النظرية أي اهتمام و ما ذلك الا لوجود بقايا من رواسب المنهج الأرسطي الوسطوي في أصول هذا العلم و هو ما نبه عليه قديما شيخ الاسلام ابن تيمية قائلا أن أفاضل علماء الطبيعيات لم يكونوا يأخذون بالمنطق و فروعه في ابحاثهم الطبيعية و لعل في هذا عبرة يعرف منها لم ضل من ضل و لم نجا من نجا
"فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ "غافر83
و الله أعلم بالحال و المآل
أشكرك على هذه الإفادة، فجزاك الله خيرا. كنت للتو أقرأ كلاماً قريباً من هذا للعلامة المتفنن الشيخ الشنقيطي رحمه الله حيث قال مقرراً هذه المسألة:
(( ... أما الهندسة والحساب: فكلاهما مبني على مقدمات عقلية يقينية، وقواعد حقيقة منطبقة لا يشك فيها عاقل، فهي علوم مبنية على مقدمات عقلية وأساس يقيني، ولذلك لا يتطرقها خطأ إلا من جهة الناظر فيها، ولذا لاتجد فيلسوفاً يأتي فيقول: فكرة الفيلسوف الفلاني في الحساب خاطئة. أو فكرته في الهندسة خاطئة [1]، لأن الحساب والهندسة من الفلسفة الرياضية كلاهما مركب من مقدمات عقلية صحيحة لا خطأ فيها.
أما النوع الثالث من الفسلفة الرياضية - وهو الهيئة - (الفلك باصطلاح العصر) فقد أطبق أهله على أنه لم يكن مبنياً على مقدمات عقلية، ولا قواعد يقينية، وإنما مبناه تخمينات، وظنون أكثرها ما تكون كاذبة، وربما صدقت، ولذا تجد الفيلسوف يقول: نظرة الفيلسوف الفلاني كذا في الشمس، أو في القمر، أو في طبقلت الجو، أو في كذا - نظرة خاطئة، بل الحق كذا وكذا، لأنها لم تبن على مقدمات يقينية، ولا قوانين عقلية، بل مبناها ظنون وتخمينات. وهذه الظنون والتخمينات أضلت كثيرا من الرعاع المتسمين باسم المسلمين، يكذبون نصوص القرآن ونصوص السنة نظراً إلى أقوال كفرة فجرة في شيء لا أساس لهم فيه، فقضية الفلسفة الهيئية من الفلسفة الرياضية كل دليلها ما يسمونه في المنطق: شرطية متصلة لزومية يستثنون فيها نقيض التالي فينتجون نقيض المقدَّم أو عين المقدم، فينتجون عين التالي في زعمهم، والربط بين اللازم والملزوم أعني المقدم والتالي قد يكون ربطاً منفكاً، فيقولون: لو لم تكن الشمس تدور حول نفسها لكان كذا وكذا، أو لم يكن كذا وكذا. وهي أمور لا طائل تحتها)).
العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير، (3/ 1254).
=====================================
[1] أنا متردد في قبول هذا التقرير لأنه قد وُجد من قال بذلك ولعل الشيخ أراد شيئاً آخر غير ظاهر ما صرّح به.
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[10 - 09 - 06, 01:33 ص]ـ
[1] أنا متردد في قبول هذا التقرير لأنه قد وُجد من قال بذلك ولعل الشيخ أراد شيئاً آخر غير ظاهر ما صرّح به.
بارك الله فيك اخي و يبدو لي و الله أعلم أن ترددك صادق فالامام الشنقيطي مع أنه له اليد الطولى في المعقول و المنقول الا أنه لم يبلغ النقطة التي بلغها شيخ الاسلام فيهما بحيث تسنى للأخير وضع يده على المفصل الذي ينسف المنهج الأرسطي من أساسه (و الذي لم تختف آثاره لحد الآن في جميع مناهج تفكير أهل الضلال رغم محاولات هيغل و المدرسة الوضعية و يمكن ملاحظة نفس النظرة التلبيسية مثلافي فلسفة النسبية أو الاحتمالية و غيره) ربما ذلك راجع لتكوين الشيخ الأمين العملي فالسمة التي غلبت على المتأخرين من الدارسين للعلوم العقلية دعواهم تنقيح المنطق و لم يتنبهوا الى ان العيوب المنهجية فيه هي عيوب أصلية أساسية كما بينه أئمة السلف اجمالا و شيخ الاسلام تفصيلا
و أكرر أخي الشكر الجزيل على هذا البحث القيم و أعانك الله على المزيد ...
و الله أعلم بالحال و المآل
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[10 - 09 - 06, 04:13 م]ـ
مركز الرائد للخدمات الإعلامية بأكرانيا
¥(13/350)
تعود المصلون في المركز الإسلامي بكييف أن لا يمر أسبوع أو أسبوعان بالكثير دون أن يشهر أحد الأوكرانيين، رجلاً كان أو امرأة، إسلامه أمامهم .. ولكن هذه المرة لم يكن الأمر عادياً ... جاء الشاب الأوكراني ديميتري بولياكوف، الفيزيائي الشغوف بالبحوث العلمية ودخل المسجد وجلس بجوار الإمام بعد انتهاء الصلاة ومعه أحد الشباب النشطين في مكتب التعريف بالإسلام في المركز الإسلامي .. تحدث الإمام ممهداً ليجلب انتباه المصلين وليمهد للأمر ثم بعد لحظات ردد خلفه ديميتري ألفاظ الشهادتين " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله" .. إذاً ما الذي جعل الأمر يبدو غير عادي؟! .. حينما بدأ ديمتري يشرح رحلته للإيمان قال إن مدخله كان علمياً فيزيائياً بحتاً .. أصغى المصلون له بانتباه ليعلموا كيف قادت الفيزياء هذا الفتي الأشقر إلى الإسلام.
قال ديميتري إنه يعمل ضمن فريق أبحاث علمية في مجال الفيزياء الفراغية ( vaccum physics) بقيادة البروفسور نيكولاي كوسينيكوف أحد العلماء الأفذاذ في هذا المجال وإنهم قاموا بعمل نماذج أجروا عليها اختبارات معملية لدراسة نظرية حديثة تفسر دوران الأرض حول محورها واستطاعوا إثبات هذه النظرية ولكنه علم أن هناك حديثاً نبوياً يعرفه جميع المسلمون ويدخل في صلب عقيدتهم يؤكد فرضية النظرية ويتطابق مع خلاصتها، أيقن أن معلومة كهذه عمرها أكثر من 1400 عام المصدر الوحيد الممكن لها هو خالق هذا الكون.
النظرية التي أطلقها البروفسور كوسينيكوف تعتبر الأحدث والأجرأ في تفسير ظاهرة دوران الأرض حول محورها. قامت المجموعة بتصميم النموذج وهو عبارة عن كرة مملوءة بالقصدير المذاب يتم وضعها في مجال مغناطيسي تم تكوينه بفعل إلكترودين متعاكسي الشحنات، وحينما يمرر التيار الكهربائي الثابت في الإلكترودين يتكون المجال المغنطيسي وتبدأ الكرة المملوءة بالقصدير في الدوران حول محورها هذه الظاهرة سميت " بالفعل التكاملي الإلكتروماغنوديناميكي" وهو في شكله العام يحاكي عملية دوران الأرض حول محورها. وفي عالمنا الحقيقي تمثل الطاقة الشمسية القوة المحركة حيث تولد مجالاً مغناطيسياً يدفع الأرض للدوران حول محورها. وتتناسب حركة الأرض سرعة وبطئاً مع كثافة الطاقة الشمسية. وعلى ذلك يعتمد وضع واتجاه القطب الشمالي.
وقد لوحظ أن القطب المغنطيسي للأرض حتى عام 1970 كان يتحرك بسرعة لا تزيد عن 10 كيلومترات في العام، ولكن في السنوات الأخيرة زادت سرعته حتى بلغت40 كم في السنة، بل إنه عام 2001 إنزاح القطب المغنطيسي للأرض 200 كم مرة واحدة. وهذا يعني أنه وتحت تأثير هذه القوى المغنطيسية فإن قطبي الأرض المغنطيسيين سيتبادلان موقعيهما مما يعني أن حركة الأرض ستدور في الاتجاه المعاكس، حينها ستخرج الشمس من مغربها.
هذه المعلومات لم يقرأها ديميتري في كتاب أو يسمع بها وإنما توصل إليها بيديه عبر البحث والتجربة والاختبار. وحينما بحث في الكتب السماوية وفي الأديان المختلفة لم يجد ما يشير إلى هذه المعلومة سوى في الإسلام وجد الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. حينئذ لم يحل بين ديميتري وبين أن يعتنق الإسلام إلا أن يأتي إلى المركز الإسلامي وينطق بالشهادتين وهو ما فعله. ترى هل استحضر هذه النظرية في ذهنه وهو ينطق بالشهادتين؟ .. بالطبع لا .. لقد كانت آية وعلامة يسرها الله له لتدله إلى الطريق وقد وصل إليه .. وهو الآن أمام نبع ذاخر يغترف منه فيملأ روحه وعقلة.
لم ينقطع ديميتري عن مركز الأبحاث بعد إسلامه فأمامه رسالة دكتوراه يود إكمالها .. ولكنه إن شاء الله سيكملها بروح جديدة هي روح العالم الفيزيائي المسلم الذي يدرك في مختبره عظمة الخالق فيسبح بحمده.
المصدر: موقع مركز الرائد للخدمات الإعلامية بأكرانيا ((احببت ان اشارك اخي عبد بهذا الموضوع المهم))
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[10 - 09 - 06, 11:05 م]ـ
التوثيق أولا لمثل هذه المعلومات سواء لمضمونها العلمي أو الدعوي
و الله أعلم بالحال و المآل
ـ[عبد]ــــــــ[03 - 11 - 06, 10:43 م]ـ
المشايخ الكرام الإخوة الفضلاء، لقد أزمعت على تهيئة هذا البحث للنشر، آمل منكم التفضل بما ترونه من تعديل أو تحرير قد يحتاجه البحث، قبل إخراجه للناس لتعم الفائدة، والله يوفقني وإياكم لكل خير.
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[04 - 11 - 06, 10:02 م]ـ
راجع وتوكل على الله
ـ[عبد]ــــــــ[05 - 11 - 06, 01:11 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
و أود التنبيه على أن البحث قد خضع لمزيد تفكر وتدبر وأطلعني الله على ما تيسر من الفوائد والنكت منها فائدتان مهمتان جداً للمعلمي اليماني، وفائدة مماثلة للإمام الخطابي لم أضعها في المنتدى لأني أريدها في البحث المنشور، ولو وضعتها على الشبكة لبردت عزيمتي عن نشر البحث.
أشكر كل الفضلاء الذين كانوا خير رفيق على الطريق لكتابة هذا البحث، ومتعهم الله بالصحية والعافية.
¥(13/351)
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[05 - 11 - 06, 02:24 م]ـ
اخي عبد ربما تستفيد بعض المعلومات من موقع الاعجاز العلمي في القران
ـ[محمد عبد العزيز]ــــــــ[15 - 11 - 06, 06:18 م]ـ
الأخ الكريم
مجهودك طيب، بارك الله فيك، وهذا الحديث أثار تساؤلاتي كثيرا، والحمد لله وجدت رد مقنع ومنطقي جدا
- أولا: ليس هناك محل للتساؤل عن كيف تسجد الشمس، فسجودها حقيقة شرعية مقررة بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} الحج18
فكيفية سجودها ليس محل شبهة، ولا إشكال فيه
ثانيا: أيضا حركة الشمس وجريانها ليس محل شبهة ولا إشكال فهذه هي الأخرى حقيقة شرعية وكونية، فمن الشرع قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} يس38
وقوله كذلك: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} الأنبياء33
و"سرعة" جريان الشمس محسوبة الآن بدقة، وهي 217 كيلو متر في الثانية الواحدة، ولا نقول سيرانها إلا بالنسبة لشيء آخر.
ثالثا: المشكل هو ما قد يُفهم من الحديث أن الشمس هي التي تدور حول الأرض (يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها) فهذا النص يحتمل القول بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض ... لكن الحمد لله توصلت إلى أن:-
انعكاس حركة الشمس يؤدي إلى إنعكاس دوران الأرض حول محورها (راجع التجربة العلمية في مشاركة 19)
وإنعكاس حركة الأرض يؤدي بكل تأكيد إلى طلوع الشمس من المغرب وليس من المشرق، وبالتالي فلا يوجد إلزام في نص الحديث أن الشمس هي التي تدور حول الأرض، بل المؤكد من الحديث أن حركة الشمس ستنعكس، وهذا سيؤدي في النهاية إلى طلوعها من مغربها.
يرجى ملاحظة الآتي:
الذين يقولون بثبات الأرض ودوران الشمس من الغربيين دافعهم الأساسي هو رفع الحرج عن الكتاب المقدس، وستجد هذا واضحا في الرباط http://en.wikipedia.org/wiki/Modern_geocentrism
هذه روابط مفيده في ذات الموضوع، من موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة:
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=1028&select_page=12
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det_bot&id=48&select_page=rodod
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[15 - 11 - 06, 06:33 م]ـ
اخ محمد بارك الله فيك
هل تستطيع أن تتاكد من سرعة الشمس التي هي ((217))
هل المصود هنا دوران الشمس حول نفسها ام جريانها في الفضاء لان بينهما فرق
ـ[محمد عبد العزيز]ــــــــ[16 - 11 - 06, 10:13 م]ـ
الأخ أحمد
بحسب موقع الموسوعة، مرة قال أن سرعة الشمس 217 أو (220) كيلو متر في الثانية، أو هي 540 ألف "ميل" في " الساعة " هذه سرعة جريان الشمس في مسارها حول مركز المجرة، أي السرعة المدارية للشمس.
وكذلك فهي تجري بسرعة تبلغ 43 ألف ميل في الساعة نحو نجم يسمى نجم " النسر"، أظنه أقرب النجوم لها.
أما سرعة دورانها حول نفسها فهي: 7174 كيلو متر في الساعة عند خط إستوائها
كما أنها تتم دورة واحدة حول نفسها كل 27.28 يوم أرضي
والموقع يقول أن حركة الشمس معقدة للغاية، ولم يتم التوصل لمعرفة كامل حركتها حتى الآن
وهذا مقتطف من الموقع:
تبين أيضاً أن الشمس تتحرك حركة دورانية وتتذبذب يميناً وشمالاً، مثل إنسان يجري فتجده يميل يميناً ويساراً، ولذلك فهي ترسم مساراً متعرجاً في الفضاء. إن الشمس تسبح حول فلك محدد في المجرة وتستغرق دورتها 226 مليون سنة، وتسمى هذه المدة بالسنة المجرية galactic year وهي تجري بسرعة 217 كيلو متر في الثانية [1]. وتندفع الشمس مع النجوم المجاورة لها بنفس السرعة تقريباً ولكن هنالك اختلاف نسبي بحدود 20 كيلو متر في الثانية بين الشمس وبين النجوم المحيطة بها.
وعند دراسة المسار الذي يجب أن تسلكه المراكب الفضائية للخروج خارج النظام الشمسي تبين أن الأمر ليس بالسهولة التي كانت تظن من قبل. فالشمس تجري بحركة شديدة التعقيد لا تزال مجهولة التفاصيل حتى الآن. ولكن هنالك حركات أساسية للشمس ومحصلة هذه الحركات أن الشمس تسير باتجاه محدد لتستقر فيه، ثم تكرر دورتها من جديد، وقد وجد العلماء أن أفضل تسمية لاتجاه الشمس في حركتها هو "مستقر الشمس". يدرس العلماء اليوم الحركة المعقدة للشمس وحركة الريح الشمسية وحركة الغاز الذي بين النجوم، وذلك بهدف الإطلاق الناجح لمركبات الفضاء [3]
هنالك إعجاز آخر في الآية الكريمة وهو أن الله تعالى لم يقل: والشمس تسير، أو تتحرك، أو تمشي، بل قال: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي)، وهذا يدل على وجود سرعة كبيرة للشمس، ووجود حركة اهتزازية وليست مستقيمة أو دائرية، ولذلك فإن كلمة (تجري) هي الأدق لوصف الحركة الفعلية للشمس.
الله أعلم قد يكون هذا الإهتزاز في حركة الشمس هو سجودها للعزيز الجبار.
سبحان الله
¥(13/352)
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[17 - 11 - 06, 06:15 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[عبد]ــــــــ[17 - 11 - 06, 12:51 م]ـ
أشكر جميع الإخوة وجزاهم الله خيرا. والغرض هو بيان عدم الامتناع، بحسب ما نوفق إليه من الصواب.
ـ[طارق أبو عبد الله]ــــــــ[23 - 12 - 06, 11:22 ص]ـ
الأخ الكريم / عبد
هناك ملاحظة أخرى قد تكون مفيدة حول موضوع سجود الشمس و هو اختلاف مرور الزمن في السماء عن الأرض بطريقة لا نعلمها حتى الآن إلا ما نقرأه في القرآن في الآيات " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون" - "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون" فإذا كان المعنى المراد باليوم هو دورة الشمس الكاملة حول الأرض وأنه يقابل في السماء ألف سنة كاملة فهذا يخفف من إشكال متى تسجد الشمس أو متى تستقر تحت العرش وهي دائما في السماء لإن الزمن عند الشمس سيكون مختلفا عن زمننا ودورتها الكاملة حول الأرض ستقابل عندها زمنا أكبر من أربع وعشرين ساعة ... هذا إذا كان فهمي صحيحا والعلم عند الله
ـ[شبيب القحطاني]ــــــــ[27 - 12 - 06, 07:55 ص]ـ
ما شاء الله بحث نافع ماتع
بارك الله في جهود الجميع
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[21 - 05 - 07, 12:52 ص]ـ
للرفع
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[29 - 11 - 07, 07:52 م]ـ
جزاك الله خيراً وفرج الله تعالى عنك كرب الدارين كما أرحتنا من ذلك اللبس رفع الله تعالى قدرك وغفر ذنبك وجعل لك لسان صدق في الآخرين
ـ[عبد]ــــــــ[02 - 12 - 07, 12:26 ص]ـ
... آمين، ولكم بأكثر مما ترجون والله يتولاني وإياكم برحمته وعفوه وإحسانه.
ـ[عبدالله ناصر]ــــــــ[16 - 02 - 08, 09:02 ص]ـ
سجود الشمس تحت العرش
عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حين غربت الشمس (أتدري أين تذهب هذه؟) قلت: الله ورسوله أعلم. قال (فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها. وذلك قوله تعالى ? والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ?) رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ لهما (فتستأذن في السجود فيؤذن لها، وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت).
وقد ظنت طائفة أن هذا الحديث يدل على أن الشمس تغيب عن الأرض في وقت وتذهب لتسجد تحت العرش، فكذبوا الحديث، وقدحوا في روايته ورواته، وهم عدول. قالوا: إننا نعلم بالضرورة والمشاهدة والحس أن الشمس لا تفارق الأرض لحظة، وإنما تغيب عن قسم منها وتطلع على قسم آخر حتى تقطع الأرض كلها كذلك. قالوا: ولا حديث الذي يخالف المشاهدة والحس لا يصدق.
وقالت طائفة: إن الحديث صحيح، وإن الشمس تذهب كل يوم وتسجد تحت العرش، وتغيب عن الأرض. ولم يعبأوا بأن يعاندوا الضرورة والمشاهدة.
والطائفتان غلطتان غلطاً مبيناً. يتبين لك ذلك بتفسير الحديث كلمة كلمة. فنقول الذي في هذا الحديث ما يأتي:
أولاً ـ إن الشمس تغرب.
ثانياً ـ إنها تذهب وتجري.
ثالثاً إنها تسجد تحت العرش.
رابعاً ـ إنها تستأذن فيؤذن لها.
خامساً ـ إنها تجري حتى تستقر تحت العرش، وإن العرش مستقرها.
سادساً ـ إنها تطلع أخيراً من مغربها.
-111 -
هذا جملة ما في هذا الحديث. فلننظر أفيه ما يخالف المشاهدة والحس.
أما الأول وهو أنها تغرب، فلا إشكال فيه. لأن الغروب هو الإختفاء. والشمس تختفي. ولا يضرنا أن يكون الغروب أي الإختفاء ناشئاً من سير الأرض، أو من سيرها هي. فالعرب تقول غرب الجبل وغاب. إذا ما أبعدوا عنه حتى إختفى عنهم. والجبل ثابت مكانه لا يزول. والذين يقولون إن الشمس ثابتة يقولون لها غربت وطلعت. وغروبها مذكور في القرآن.
أما الثاني , وهو أنها تذهب وتجري، فلا شك فيه أيضاً. لأن علماء الفلك اليوم يقولون: إنها تدور حول نفسها، ويقولون إن لها دورة أخرى حول نجم آخر. والدوران لا يكون إلا من جري بالضرورة، لأن الجري هو المشي. ثم إن الجري له استعمال آخر مجازي، كما تقول الآن: إن الحكومة السعودية العربية تجري إلى الأخذ بأطراف الكمال والمدنية الفاضلة بجد ونشاط، وكما يقال جرى قلم القضاء بما يكون، وأمثال ذلك. ولا يراد به الحركة والإنتقال حقيقة.
¥(13/353)
وأما الثالث، وهو أنها تسجد تحت العرش، فنقول: قد اخبر القرآن أن كل شيء في السموات والأرض يسجد لله، كما قال ? ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال ?، وقال: ? ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس، وكثير حق عليه العذاب ?، وقال: ? النجم والشجر يسجدان ? والآيات في هذا كثيرة. كما قد أخبر أن كل شيء قد أسلم له، وكل شيء يسبحه ? وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ?، ? سبح لله ما في السموات وما في الأرض ?، ولا يراد بذلك سجود كسجود العقلاء. وإنما يعنى به أحد ما يأتي: -
إما أن يكون ذلك عبارة عن الانقياد والخضوع. والناس يسمون هذا سجوداً. كما قال الشاعر:
أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني فلا أعاتبه صفحاً وإهوانا
وكما قال آخر:
فكيف بمن لو أنني لحت واقفاً هوى ساجداً من خشيتي وقضى النحبا
-112 -
وكما قال عمرو بن كلثوم:
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدينا
والمراد بهذا السجود الخشوع والإنقياد. ويقوي هذا التفسير قوله في الآية ? طوعاً وكرهاً ?، وقوله: ? وظلالهم بالغدو والآصال ?.
وإما أن يكون المراد بالسجود الدلالة على الله. يعني أن هذه المخلوقات تدل على الله، وعلى أنه يستحق أن يسجد له كل شيء، وأن يعبده كل شيء. وهذا مجاز مشهور في اللغة. والتفسير الأول في السجود هو التفسير.
وأما تقييد السجود بأنه يكون تحت العرش فهو مبالغة في الإنقياد وعبارة عن تمام ذلك. كما يقال: فلان يسجد تحت قدمي فلان، ويسجد تحت سريره، وتحت عرش الملك. والمعنى في ذلك المبالغة، ولا تراد الحقيقة. فقوله إنها تسجد تحت العرش يعنى أنها خاضعة له أكمل الخضوع وأتمه.
وأما الأمر الرابع، وهو أنها تستأذن فيؤذن لها، فنقول: غاية ذلك ان يكون مجازاً يراد به طاعتها لخالقها، وطلوعها وغروبها بمشيئته وإرادته، حتى كأنه يأمرها وينهاها فتعقل عنه، وحتى كأنها تستأذنه في رواحها وغدوها. وهذا كله يعبر عن الخضوع. فإن الخاضع يستأذن المخضوع له عادة , ويستأمره فيما يأتي وما يذر، ويسير حسب إذنه. فأطلق الإستئذان وأراد به ما يتبعه عادة، وهو ما ذكرنا. وهذا النوع من التوسع شائع في الكلام. فهم يقولون: هذه الرسوم البالية تخبرنا أن كل شيء بال، وان كل جديد فإلى البلى والزوال. ويقولون: هذه السيوف تشكو طول مكثها في الأغماد، ويقول القائل منهم: شكا إلى جملي وناقتي طول السرى، وشكت هذه الدابة إليّ الجوع والتعب، ويقولون: هذا البيت يخبرنا أن بانيه حاذق بناء، وهذه الصورة تقول إن من رسمني لراسم ماهر. ويقولون: قالت عينا الحبيب سمعاً وطاعة وأمثال ذلك لا يحصى. وطائفة من المفسرين يقولون: إن كل ما نسب إلى الجماد والسماء، والأرض من المقال، والخطاب بينها وبين الله محمول على ذلك. وذلك كقوله في السماء والأرض ? قالتا أتينا طائعين ? ونظائرها المعروفة في القرآن. ومثله استئذان الشمس وسجودها.
-113 -
وأما الخامس، وهو أنها تجري حتى تستقر تحت العرش فيقال: أما الجري فقد ذكرنا معناه. وأما أنه يكون تحت العرش، فيقال: هذا كناية عن رجوعها إلى الله. إذ ليس وراء الله لمخلوق مرجع ولا مذهب فهو كقوله تعالى ? ألا إلى الله تصير الأمور ?، ويقول الناس: " خطاب العرش " وهم يريدون خطاب من على العرش. أو يكون المراد بذلك أنها تستقر تحت العرش أخيراً عندما يأذن الله للساعة بأن تقوم.
وأما الأمر السادس، وهو أنها تطلع من مغربها، فيقال: هذا عندما يأذن الله تعالى للعالم بالخراب والفناء، ليخلق عالماً من أنقاضه أصلح للسكنى وأكثر إراحة لعباده. وهذا من علامات الساعة. والأخبار بأن الشمس تطلع من مغربها في الصحاح.
هذا جملة ما في الحديث مما قد يعد مشكلا قد بان لك أيها القارئ أنه لا يقضي برد الحديث الصحيح. فإن قلت: إن كل ما ذكرت جميل لولا أن قوله ? تذهب حتى تسجد تحت العرش ? يدل على أن السجود غير الذهاب، وغير التصريف والإنقياد. لأنه قد جعل السجود نهاية ذلك وغايته. فلا بد أن يكون السجود المذكور غير ما عبرت عنه بالخضوع.
قلت عن هذا جوابان:
أحدهما ـ أن المراد بالسجود تحت العرش هو وقوعها تحته حقيقة في آخر الدنيا عند إنقضاء مهمتها، وسكون حركتها. والمعنى أن الشمس تبقى في شأنها إلى أن يأذن الله بفساد العالم، فتقع تحت العرش ساجدة. وكل شيء إلى إنقضاء إلا وجه ربنا تعالى.
وثانيهما ـ ان هذا مثل أن تقول: سار فلان حتى سار سيراً متعباً. وسار حتى أجد في السير. وسار حتى إنقطع ظهره من الإعياء. وأمثال هذه الكلمات. وليس جنس الذي قبل (حتى) غير الذي بعدها فيه. على أن (حتى) قد تكون للعطف المطلق كالفاء والواو. وهذا قول مشهور لطائفة من علماء النحو. وعليه يكون سياق الحديث " تذهب فتسجد تحت العرش " إلى آخره. وعلى هذا يخلص الحديث من هذه الشبهة.
وعلى كل حال فالحديث عبارة عن أن الشمس مسخرة لله، خاضعة لأمره الكوني، سائرة على حسب ما أراد وقدر، حتى كأنها عاقلة، تسمع خطابه. والرواية الأخيرة وهي تقول " حتى كأنها قيل لها أرجعي من حيث جئت " تشهد لهذا وتقوي أن يكون الحديث تمثيلاً
-114 -
لحالة الشمس. فالحديث صحيح المعنى مع تدبره ومع إعطائه ما يليق به من التفهم والتعقل
منقول
¥(13/354)
ـ[عبد]ــــــــ[14 - 11 - 08, 09:40 ص]ـ
قال ابن تيمية - رحمه الله: ((والسجود من جنس القنوت، فإن السجود الشامل لجميع المخلوقات هو المتضمن لغاية الخضوع والذل، وكل مخلوق فقد تواضع لعظمته وذل لعزته واستسلم لقدرته، ولا يجب أن يكون سجود كل شيء مثل سجود الإنسان على سبعة أعضاء، ووضع الجبهة في رأس مدور على التراب، فإن هذا سجود مخصوص من الإنسان، ومن الأمم من يركع ولا يسجد، وذلك سجودها، كما قال تعالى (وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة) وإنما قيل ادخلوه ركعاً، ومنهم من يسجد على جنب كاليهود، فالسجود اسم جنس، ولكن لما شاع سجود الآدميين المسلمين صار كثير من الناس يظن أن هذا هو سجود كل أحد كما في لفظ القنوت)) أ. هـ. [1]
======================================
[1] رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى، ص 27 - 28، ضمن جامع الرسائل، ت. د. محمد رشاد سالم - رحمه الله، دار العطاء
ـ[عبد]ــــــــ[14 - 11 - 08, 09:46 ص]ـ
هذا رابط للبحث أكمل مما هو عليه في هذا الملتقى المبارك، موثقاً مع تعليقات وفوائد حديثية والنقولات معزوة لمصادرها في حاشية مرقمة.:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1995&highlight=%D3%CC%E6%CF+%C7%E1%D4%E3%D3
ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[28 - 11 - 08, 10:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا , و أدام فضلكم.
وكلامهم غاية في الضعف , إذ كيف يُزعم وقوع التضاد في كيفية حركة الشمس (حركتها المعلومة بالحس , وحركتها وسجودها في ظاهر الحديث) مع جهلنا بكيفية الحركة الثانية , كيف يعقل تضاد كيفيتان , الأولى معلومة والثانية مجهولة!!
ـ[عبد]ــــــــ[02 - 12 - 08, 09:34 ص]ـ
جزاك الله خيرا. ولو كانوا يعقلون لكفتهم حجتك، ولكن أسنان المشط ليست سواء.
ـ[محمود إبراهيم الأثري]ــــــــ[27 - 04 - 09, 07:18 م]ـ
ماشاء الله تبارك الله مبحث قيم والردود ساهمت في إثرائه بشكل رائع
بارك الله في الأخ الكريم صاحب الموضوع
وفي الإخوة المشاركين أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[راشدالشمري]ــــــــ[28 - 04 - 09, 07:19 ص]ـ
الحديث على ظاهره وأن الشمس كلما غربت على قوم فإنها تخر ساجدة تحت العرش وذلك مستقرها
فإن قيل فإنها تكون في حال سجود دائم؟
فالجواب وما الذي يمنع ذلك ولا يوجد نص شرعي ينفي أو يستحيل ذلك
وهذا كالقول في نزول الرب سبحانه وتعالى في الثلث الأخير من الليل
فإنه ينزل في ثلث ليل كل بلد
فإذا كان هذا غير ممتنع على الرب لأنه (ليس كمثله شيء)
فكذلك السجود الدائم للشمس غير ممتنع على الرب لأنه (على كل شيء قدير) والله أعلم(13/355)
ما أهم المصنفات في أسباب ورود الأحاديث؟
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[31 - 08 - 06, 10:25 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ظهر الاهتمام بالأسباب التي وردت عليها الأحاديث بعد ذيوع الكتب في أسباب النزول للقرآن العظيم.
و السؤال:
ما أهم المصنفات و الكتب في أسباب ورود الأحاديث؟ سواء كانت مفردةً للموضوع أو كانت مظنةً للتفصيل فيه.
و جزاكم الله خيرا
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[31 - 08 - 06, 10:59 ص]ـ
ملاحظة وقفت على بعض الروابط في الملتقى و هي لا تؤدي الغرض، فهل من مفيد؟
الروابط هذه:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31197&highlight=%C3%D3%C8%C7%C8+%E6%D1%E6%CF
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19794&highlight=%C3%D3%C8%C7%C8+%E6%D1%E6%CF
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37515&highlight=%C3%D3%C8%C7%C8+%E6%D1%E6%CF
ـ[افتخار أحمد]ــــــــ[31 - 08 - 06, 12:13 م]ـ
الأخ الفاضل هناك كتابان في اسباب ورود الحديث
1 - جلال الدين السيوطي: أسباب ورود الحديث أو اللمع فى أسباب الحديث وقد نشر بتحقيق: الدكتور يحيى اسماعيل, الطبعة الأولى سنة 1988م دارالوفاء , المنصورة.
2 - لابن حمزة الحسيني الحنفي: البيان والتعريف فى أسباب ورود الحديث الشريف وقدنشر بتحقيق: الدكتور حسين عبد المجيد هاشم , المكتبة العصرية – بيروت.
ويمكنكم قراءة مقالى الذي نشر في الملتقى بعنوان أسباب ورود الحديث. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[افتخار أحمد]ــــــــ[31 - 08 - 06, 12:15 م]ـ
الأخ الفاضل هناك كتابان في اسباب ورود الحديث
1 - جلال الدين السيوطي: أسباب ورود الحديث أو اللمع فى أسباب الحديث وقد نشر بتحقيق: الدكتور يحيى اسماعيل, الطبعة الأولى سنة 1988م دارالوفاء , المنصورة.
2 - لابن حمزة الحسيني الحنفي: البيان والتعريف فى أسباب ورود الحديث الشريف وقدنشر بتحقيق: الدكتور حسين عبد المجيد هاشم , المكتبة العصرية – بيروت.
ويمكنكم قراءة مقالى الذي نشر في الملتقى بعنوان أسباب ورود الحديث. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[04 - 09 - 06, 04:47 م]ـ
بارك الله فيك.
أحتاج إلى المزيد من الأسماء لكتب هذا العلم، فهل من مفيد بالمزيد؟
ـ[زوهير الباتني الجزائري]ــــــــ[29 - 04 - 07, 03:20 ص]ـ
لقد اطلعت على طلبك وأريد ان اخبرك اني اعددت رسالة الماجستير التي نلت بها الشهادة بتقدير مشرف جدا ... وهي الموسومة بـ"أثر معرفة اسباب الورود في التعامل مع الحديث فقها وتنزيلا" عام 1423هـ/2002م.
وهناك بحث آخر منشور بدار ابن حزم بعنوان "علم أسباب ورود الحديث وتطبيقاته عند المحديثين والأصوليين -وجمع طائفة مما لم يصنف من أسباب الحديث-" للدكتور طارق أسعد حلمي الأسعد.
وبحث منشور ضمن سلسلة كتاب الأمة رقم 37 بدولة قطر تحت عنوان"أسباب ورود الحديث -تحليل وتأسيس -" للدكتور محمد رأفت سعيد.
والسلام عليكم ورحمة الله(13/356)
سؤال عن المتفق عليه
ـ[أبو سمية السلفي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 11:13 ص]ـ
هل ما رواه مسلم ـ في مقدمة صحيحه ـ والبخاري في صحيحه يعد من المتفق عليه؟ خاصة مع
القول بأن مقدمة صحيح مسلم ليست على شرطه؟
برجاء الإفادة مع عدم الاستشهاد باللؤلؤ والمرجان.
وجزاكم الله خيراً
ـ[ابوسلمان السلفي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 08:03 ص]ـ
.. وأنا أيضا أنتظر
___________________________________
وهذه للفائدة
الفرق بين قولهم: متفق عليه، و قولهم: رواه الشيخان.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فقد وجدت جملة من طلاب العلم لا يستطيعون التفرقة بين قول أهل الحديث عن حديث ما: متفق عليه، وعن آخر: رواه الشيخان، فأحببت أن أكون عونًا لهم بعد الله تعالى في الوقوف على الفرق بين هذين المصطلحين اللذين يُكثر استعمالهما، فأقول – وبالله الإعانة والتوفيق-:
الحديث المتفق عليه: هو ما أخرجه الشيخان بنفس المتن والسند، ولو اشتركا في الصحابي فقط.
وأما إذا روي البخاري متنًا من طريق أبي هريرة - مثلاً -، ورواه مسلم من طريق أنس فلا يقال هنا متفق عليه، بل يقال: أخرجه الشيخان.
ولمزيد الإيضاح في ذلك أنظر: النكت على ابن الصلاح للحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - (1/ 298،364) ط: دار الراية.
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[05 - 09 - 06, 11:50 ص]ـ
الحديث المتفق عليه: هو ما أخرجه الشيخان بنفس المتن والسند، ولو اشتركا في الصحابي فقط ((وصح هذه النقطة \ بنفس المتن والسند ولو اشتركا في صحابي))
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[05 - 09 - 06, 12:04 م]ـ
الأحاديث التي يذكرها الإمام مسلم في مقدمته ليست على شرطه في الصحيح، فعلى هذا يكون الحديث المخرج في مقدمة مسلم مع إخراج البخاري له لايكون متفقا عليه على الاصطلاح المذكور سابقا.
وحول مقدمة مسلم رحمه الله فقد ذكر الحاكم في المستدرك (1/ 112)
(حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا محمد بن نعيم ثنا محمد بن رافع ثنا علي بن جعفر المدائني ثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع
قد ذكر مسلم هذا الحديث في أوساط الحكايات التي ذكرها في خطبة الكتاب عن محمد بن رافع ولم يخرجه محتجا به في موضعه من الكتاب)
وقال كذلك (1/ 103)
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن أبي هانئ الخولاني عن مسلم بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيكون في آخر الزمان ناس من أمتي يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم
هذا حديث ذكره مسلم في خطبة الكتاب مع الحكايات ولم يخرجاه في أبواب الكتاب وهو صحيح على شرطهما جميعا ومحتاج إليه في الجرح والتعديل ولا أعلم له علة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=13618#post13618
ـ[أبو سمية السلفي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 07:33 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[حسام السمنودي]ــــــــ[06 - 09 - 06, 08:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عد بعض العلماء أحاديث المقدمة من شرط الصحيح ومن هؤلاء
1 - الحافظ ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح فقد ذكر حديث علي رضي الله عنه (لا تكذبوا علي) في قسم الأحاديث المتفق عليها المذكورة في آخر كتابه
2 - الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء فقال عن حديث من كذب علي متعمدا متفق عليه من حديث أبي هريرة وعلي وأنس
3 - الحافظ السخاوي قال في المقاصد الحسنة عن حديث من كذب علي متعمدا متفق عليه عن علي
ويستشف من صنيع الإمام الدارقطني فقد انتقد في كتابه التتبع حديث كفى بالمرء كذبا الذي رواه مسلم في المقدمة
وأيضا من صنيع الإمام البيهقي في دلائل النبوة فقد قال عقب حديث (سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا) رواه مسلم في الصحيح عن ابن نمير وزهير عن المقرئ
تنبيهات
1 - الحديث موضوع البحث وهو من كذب علي متعمدا أخرجه مسلم داخل الصحيح من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه منفردا بهذه الرواية عن البخاري
2 - ذكر الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله في اللؤلؤ والمرجان
حديثين لا يصح ادخالهما في المتفق عليه وهما-
1 - حديث أبي الجهم رضي الله عنه أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام
وهذا الحديث إنما أخرجه مسلم معلقا ولم يصله في أي موضع من كتابه
2 - حديث عائشة رضي الله عنها سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء وهو يقول والله لا أفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما فقال أين المتألي على الله لا يفعل المعروف قال أنا يا رسول الله فله أي ذلك أحب
فهذا الحديث ذكر الشيخ عبد الرحمن السديس على هذا الرابط أن الإمام مسلما لم يسم شيوخه فيه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=17780&highlight=%E3%DA%E1%DE%C7%CA
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥(13/357)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 09 - 06, 09:22 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحسنت بارك الله فيك على هذه الإفادة القيمة
وما ذكرته حفظك الله من كون ابن دقيق العيد عد أحاديث المقدمة من شرط الصحيح فيحتاج إلى تأمل، فالنقل السابق عنه إنما هو في حكمه على الحديث بأنه متفق عليه وكذلك صنيع العراقي، فليس ذلك بصريح في كون مقدمة مسلم على شرطه في الصحيح، وقد يحمل تصرفهم هذا على التوسع في مصطلح المتفق عليه فيدخلون أحاديث المقدمة في ذلك أو على الوهم أو عدم الاستحضار أثناء الحكم أو غير ذلك من المحامل
فالقصد حفظك الله أن هذه النقول لاتعتبر صريحة في نسبة القول لهم بكون أحاديث مقدمة مسلم على صحيحه على شرطه
وفي هذا الرابط نقولات مفيدة حول ذلك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=13618#post13618
وأما الدارقطني رحمه الله فقد ترك روايات متعددة في مقدمة مسلم وهي منقطعة ولم يتعقبها، وربما أرد بالتنبيه على حديث أبي هريرة رضي الله عنه لكون مسلم رحمه الله خرجه متصلا ومرسلا ولم يرجح الإرسال مع ظهوره فأراد التنبيه على ذلك، والله أعلم.
وكذلك لم ينقد الدارقطني هذا الحديث ولاغيره من المقدمة في كتابه المفرد عن علل مسلم كما في كتاب الأجوبة للشيخ أبي مسعود عما أشكل الشيخ الدار قطني على صحيح مسلم بن الحجاج
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=73056#post73056
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[12 - 09 - 06, 07:36 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
لقائل أن يقول
كون الحديث على شرط مسلم أم لا
لا تأثير له هنا
لأن المصطلح عليه أن المتفق عليه هو ما رواه الشيخان بنفس المتن عن نفس الصحابى
فإذا توفر:
1_ إتحاد المتن 2_ إتحاد الصحابى
حكم على الحديث بأنه من المتفق على تخريجه بين الشيخين
فلا ذكر لشرط الشيخين فى مطلح المتفق عليه
والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 09 - 06, 08:16 ص]ـ
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم
لامشاحة في الاصطلاح، فإذا رأى بعض أهل العلم إدخال الأحاديث التي في مقدمة مسلم في دائرة المتفق عليه إذا رواها البخاري بنفس السند والمتن فلاحرج.
ويشكل على كلامك بارك الله فيك أن بعض الأحاديث قد تكون معلقة مثلا في البخاري وموصولة في مسلم أو العكس فلا تكون على شرط بعضهم وتدخل في دائرة المتفق عليه على تفصيلك
مثل حديث الحارث بن الصمة في التيمم لرد السلام وغيرها.
ولبعض أهل العلم كذلك مصطلح خاص بالمتفق عليه، مثل أبي نعيم في الحلية، والمجد بن تيمية في المنتقى، وابن عساكر في معجم الشيوخ وغيرهم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=46413#post46413(13/358)
من ولد قبل وفاته صلى الله عليه و سلم بأيام
ـ[محمد الأمين الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 06, 03:06 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سؤال لأهل الحديث
من ولد من أبناء الصحابة قبل وفاة النبي صلى الله عليه و سلم بأيام فهل يحكم بصحبته و ما حكم ما رفع من الحديث؟
و أحسن الله إليكم
ـ[محمد الأمين الجزائري]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:55 م]ـ
قال الشيخ عبد الله السعد كان الله له في الدنيا و الآخرة في شرحه على الموقظة
[مسألة: ضابط الصحابي الذي يحكم على إرساله بالوصل]
ضابط الصحابي الذي يقبل إرساله، أن يصل إلى سن التمييز والتحمل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يشترط أن يصل إلى سن البلوغ، خلافا لمن اشترط البلوغ، كرواية عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، والحسن والحسين رضي الله عنهما، وأما من قيل فيه، بأن له رؤية أو إدراك كمحمد بن أبي بكر وعبد الله بن أبي طلحة رضي الله عنهما فيثبت له شرف الصحبة ولكن روايته تعامل معاملة مرسل التابعي، وقد فرق الشيخ الألباني بين من قيل بأن له رؤية أو إدراك وبين من قيل بأنه صحابي صغير حيث قال بأن الإدراك والرؤية أقل إفادة من القول بأن له صحبة فمن وصفوا بأن لهم رؤية أو إدراك ربما رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لا ينسحب عليهم معنى الصحبة ولو ضيق فروايتهم مرسلة خلاف الصحابي الصغير فروايته موصولة ومرسله مقبول مطلقا.(13/359)
هل للأئمة الدعوة الإصلاحية جهود حديثية
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[31 - 08 - 06, 04:17 م]ـ
أئمة الدعوة الإصلاحية بداية من الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى الشيخ سعد بن عتيق لهم معرفة ومشاركة في علم الحديث، وهل لهم جهود حديثية.
ـ[عبدالله بن أسامة]ــــــــ[01 - 09 - 06, 01:34 ص]ـ
كيف ذلك وحفيد الامام محمد بن عبدالوهاب هو العلامة المحدث سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ولك أن تطلع على ترجمته
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[01 - 09 - 06, 01:52 ص]ـ
الشيخ عبد الله بن سليمان صاحب (التيسير) له رواية عن الشوكاني.
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[01 - 09 - 06, 01:53 ص]ـ
الأخ عبد الله من الواهم في الاسم أنا أم أنت؟
ـ[ابو سليمان الوهبي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 03:04 م]ـ
من طالع كتب الإمام محمد بن عبد الوهاب عرف مدى اطلاعه وعنايته بالحديث رواية وفقها.
وفي مجموع مؤلفات الشيخ المطبوع بجامعة الإمام كتاب كبير في أحاديث الأحكام يدل على إمامته في هذا العلم.
وفي كتب أئمة الدعوة كلام كثير على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا مما يدل على تمكنهم في هذا الباب وإنما قل تأليفهم فيه لانشغالهم بدعوة الناس للتوحيد وكشف الشبهات حوله والجهاد والدعوة.
ـ[عبدالله بن أسامة]ــــــــ[02 - 09 - 06, 05:12 ص]ـ
يبدو الوهم منك اخي الكريم ابو محمد(13/360)
ما مدى صحة اعتراف الأعمش بالوضع؟!
ـ[أبومحمد الحسني]ــــــــ[31 - 08 - 06, 04:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين،، وبعد:
سألت أكرمكم الله عن ما يحتجّ به بعض أهل البدع وهي ما جاء في:
أحوال الرجال للجوزجاني ج:1 ص:192 قوله
حدثني أحمد بن فضالة وإبراهيم بن خالد عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن زيد قال قال الأعمش حين حضرته الوفاة أستغفر الله وأتوب إليه من أحاديث وضعناها في عثمان
فهل تفيدونا في هذه مشكورين .. وتقبّلوني أخًا لكم في الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 03:17 ص]ـ
الجوزجانى ناصبى والاعمش فيه تشيع ولا تقبل شهادته فيه والله اعلم
ـ[أبومحمد الحسني]ــــــــ[02 - 09 - 06, 11:28 ص]ـ
هل هكذا يكون الجواب؟!
ـ[محمد بن حسن أبو خشبة]ــــــــ[02 - 09 - 06, 11:30 ص]ـ
نعم، وهذا معروف لكل من اشتغل بعلم الحديث.
ـ[محمد بن حسن أبو خشبة]ــــــــ[02 - 09 - 06, 11:37 ص]ـ
قال الشيخ المحدث عبد الله الجديع في تحرير علوم الحديث (1/ 217 - 219):
ومن أكثر ما وقعت به مجاوزة الإنصاف: الكلام بسبب اختلاف العقائد والمذاهب، وقليل بسبب الغضب، ونادر منه ما قد يحمل على الحسد، فتفطن لذلك.
وهذه أمثلة منقسمة على هذه الوجوه المختلفة:
[1] الحافظ إبراهيم بن يعقوب الجوزاجاني (المتوفى سنة: 259)، له مصنف في جرح الرواة تحامل فيه على طائفة من ثقات الكوفيين واصفاً لهم بالزيغ والانحراف وغير ذلك، بسبب ما كان يميل إليه الكوفيون من التشيع، والجوزجاني كان قد سكن الشام، وكان أهلها يميلون إلى النصب، وهو الانحراف عن أهل البيت، فصدرت عباراته في الجرح واضحة التأثر بذلك؛ لذا فإنه لا يقبل كلامه في كوفي إلا أن يوافق من ناقد لم يوصم بذلك.
قال ابن عدي: " كان مقيماً بدمشق، يحدث على المنبر، ويكاتبه أحمد بن حنبل فيتقوى بكتابه ويقرأه على المنبر، وكان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في التحامل على علي رضي الله عنه " (388).
وقال ابن حبان كان حريزيَّ المذهب، ولم يكن بداعية إليه، وكان صلباً في السنة حافظاً للحديث، إلا أنه من صلابته كان يتعدى طوره " (389).
و (حريزي) نسبة إلى حريز بن عثمان، وقد اتهم بالنصب، فصار طائفة ينسبون إليه لقولهم بهذا المذهب.
وقال الدارقطني: " كان فيه انحراف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه " (390).
ونقول: يصح ما يذكره الجوزجاني من البدعة عن كثيرين من أهل الكوفة، ولكنه تجاوز في الجرح وبالغ في الحط، ولم يفرق بين تشيع غال وغير غالٍ.
[2] الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي (المتوفى سنة: 310).
صاحب كتاب " الكنى والأسماء " وغيره، له كلام في الرجال ونقل كثير، لكنه كان حنفياً متعصباً (391)، وحمله ذلك على المبالغة في الجرح للمخالف لمذهبه، كما حمله على الانتصار للمذهب في موضع الغلط.
ومن الدليل عليه ما يأتي:
نقل عنه ابن عدي _ وهو تلميذه _ شدة طعنه على نعيم بن حماد الخزاعي الذي كان من أشد الناس خلافاً لأهل الرأي الحنفية، ثم قال ابن عدي: " وابن حماد متهم فيما يقوله لصلابته في أهل الرأي " (392).
وكان حدث برواية أبي حنيفة عن منصور بن زاذان عن الحسن عن معبد بحديث إعادة الوضوء والصلاة من القهقهة، ثم قال: " هو معبد بن هوذة الذي ذكره البخاري في كتابه في تسمية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "، فتعقبه ابن عدي فقال: " وهذا الذي ذكره ابن حماد غلط، وذلك أنه قيل: معبد الجهني، فكيف يكون جهنياً أنصارياً؟ ومعبد بن هوذة أنصاري، وله حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكحل، إلا أن ابن حماد اعتذر لأبي حنيفة فقال: هو معبد بن هوذة؛ لميله إلى أبي حنيفة، ولم يقله أحد (عن معبد) في هذا الإسناد إلا أبو حنيفة " (393).
فأقول: من كان هذا وصفه فيخشى من جرحه لمخالفه أن لا يكون صدر منه ذلك على وجه الإنصاف، كما يخشى من تعديله لموافقه لنفس المعنى، فلا يجوز أن يقبل منه هذا ولا ذاك في راو علمنا كونه على مذهبه أو على خصام لمذهبه.
ويجب أن لا تغفل ما للخلاف في المذهب من التأثير في المتكلمين في الرجال، فراقب ذلك، خصوصاً في حال تعارض الجرح والتعديل.
وأكثر ما كان شائعاً من العصبية للمذهب في القرون الأولى ما كان بين أهل الحديث وأهل الرأي، فلا يقبل كلام بعضهم في بعض إلا من أهل وبحجة.
واعلم أن المثالين المتقدمين (الجوزجاني والدولابي) قد اختلت فيهما صفة الناقد، فنزل عن كونه أهلاً للاعتماد عليه بيناً انحرافه فيه، لا مطلقاً.
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:27 م]ـ
ذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان (2/ 403): أن هشام بن عبدالملك بعث إلى الأعمش يقول له: أكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علي رضي الله عنهما، فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: يا أمير المؤمنين، فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي مساوئ أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك، والسلام
¥(13/361)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 09 - 06, 08:24 ص]ـ
التذرع باتهام الجوزجاني بالنصب جواب ضعيف. فالجوزجاني لم يصح أنه ناصبي كما بينا هنا: http://www.ibnamin.com/Manhaj/nasiba.htm وعلى التسليم بذلك جدلاً، فهذا يؤثر على رأيه وليس على نقله. فهو ثقة في النقل بغير خلاف.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[17 - 09 - 06, 12:24 م]ـ
الأعمش أحد كبار الحفاظ الثقات، وهو من أبعد الناس عن وضع الحديث واختلاقه؛ وكلمته المذكورة تحتمل أن يكون المراد بها أن بعض الوضاعين من أهل عصره أو ممن قبله وضعوا أحاديث في ذم عثمان رضي الله تعالى عنه، فرواها الأعمش في شبابه - أو أولِ أمرِه - مدلسةً تدليس إسنادٍ أو تدليس تسوية، مع علمه بأنها موضوعة أو غير صحيحة، فهو يرى أنه شريك لواضعها في الإثم، فندم واستغفر وحذَّر من تلك المرويات وتاب؛ والله أعلم.
ـ[أبو إبراهيم التميمي]ــــــــ[21 - 09 - 06, 09:32 م]ـ
الأعمش أحد كبار الحفاظ الثقات، وهو من أبعد الناس عن وضع الحديث واختلاقه؛ وكلمته المذكورة تحتمل أن يكون المراد بها أن بعض الوضاعين من أهل عصره أو ممن قبله وضعوا أحاديث في ذم عثمان رضي الله تعالى عنه، فرواها الأعمش في شبابه - أو أولِ أمرِه - مدلسةً تدليس إسنادٍ أو تدليس تسوية، مع علمه بأنها موضوعة أو غير صحيحة، فهو يرى أنه شريك لواضعها في الإثم، فندم واستغفر وحذَّر من تلك المرويات وتاب؛ والله أعلم.
بارك الله فيكم.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[21 - 09 - 06, 09:48 م]ـ
حماد بن زيد لم يذكر الأعمش في شيوخه
فهل هذه الرواية متصلة
أفتونا يا مشايخ الملتقى
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[05 - 08 - 07, 07:24 ص]ـ
بارك الله فيكم.
وفيكم بارك الله.
ـ[هادي آل غانم]ــــــــ[08 - 08 - 07, 04:12 م]ـ
إخواني الأفاضل:
قال الدكتور الفاضل: عبد العليم البستوي، محقق كتاب أحوال الرجال للجوزجاني تعليقا على هذا الخبر.
" رحم الله الإمام الجوزجاني لم يكن يليق به أن يذكر مثل هذه الرواية في كتابه، فالأعمش ثقة حجة لم يؤخذ عليه سوى التدليس، ومثل هذه الرواية الواهية لا تقدح فيه بعد أن اتفق الأئمة على توثيقه، والجوزجاني نفسه بدأ كتابه هذا برواية رواها من طريق الأعمش وقد سبق أن شهد له بصدق اللسان وعده في رؤوس محدثي أهل الكوفة.
وهذه الرواية وإن كان رجالها ثقات لكنها لا تثبت عن الأعمش لأن حماد بن زيد بصري والأعمش كوفي، ولم يذكر حماد أنه حضر وفاة الأعمش إذن فلا بد من أنه سمعها من شخص آخر لم يصرح به هنا فالرواية منقطعة غير ثابتة.
وعلى فرض صحتها عن الأعمش يكون معنى (وضعناها) أي جمعناها وألفناها، هذا ما جاء في نسختنا، ولا نعرف للكتاب نسخة أخرى حتى نتمكن من المقارنة والتأكد، والذي يغلب على ظني أن صحة الرواية هي (وضعنا بها من عثمان) يقال: وضع منه فلان أي حط من درجته (لسان العرب 8: 397) ووضع عنه: حط من قدره، (تربيب القاموس 4: 623)، وكأن الأعمش ندم على بعض رواياته التي رواها عن غيره وفيها نيل من عثمان رضي الله عنه، ويؤيد ذلك أني لم أجد أحدا من أئمة هذا الشأن من مترجمي الأعمش ذكر هذه الرواية عن الجوزجاني لا إقرارا ولا إنكارا رغم اطلاعهم على الكتاب وكثرة اقتباسهم منه، وسكوتهم عن مثل هذا مستبعد جدا لأنهم ردوا على الجوزجاني وعلى غيره ما هو أقل من هذا بكثير في حق من هو أقل من الأعمش بكثير. انتهي النقل منه.
قلت: وهذا كلام محرر جيد وهو موافق في الجملة لكلام الأخ محمد سلامة خلف.(13/362)
اشكال خطير فى فهم حديث شريف اريد معاونتكم لفهم المراد
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[31 - 08 - 06, 06:43 م]ـ
الاخوة الاحباب السلام عليكم كثير من العوام لايبالون لا اقول بحفظ شىء من كتاب الله بل بتعلم قراءته قراءه صحيحه فيقرؤنه ويخطئون فى التلاوه اخطاء فاحشه وما يطمئنهم ويجعلهم مصرين سماعهم لحديث النبى صلى الله عليه وسلم الذى يقرا القران وهو عليه شاق له اجران فظنوا ان شاق هنا بمعنى عدم اجادة القراءه والخطا فى نطق الكلمات وتغيير معناها وبذلك قعدوا عن طلب العلم مع كثرة مشايخ التجويد والمحفظين وللاسف مازادهم تمسكا بهذا فتاوى بعض المتساهلين من اشباه اهل العلم وقد تتبعت روايات الحديث فوجدت مايلى ففى البخارى 00 مثل الذى يقرا القران وهو حافظ له مع السفره الكرام البرره ولا اشكال فى فهم الفقره الاولى هذه قال النووى الماهر الحاذق الكامل الحفظ الذى لايتوقف ولايشق عليه القراءه لجودة حفظه واتقانه انما الاشكال فى فهم الفقره الثانيه وتعالو نتتبعها فى كتب السنه ففى البخارى ومثل الذى يقرا القران وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله اجران ولفظ مسلم والذى يقرا القران ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له اجران وفى لفظ المسند والذى يقرؤه وهو عليه شاق فله اجران وروايه اخرى للمسند والذى يقرؤه تشتد عليه قراءته فله اجران وفى لفظ ابى داود والذى يقرؤه وهو يشتد عليه 00 شاق 00 فله اجران وعند الترمذى والذى يقرؤه وهو شديد عليه وروايه وهو عليه شاق فله اجران وعند ابن ماجه والذى يقرؤه يتتعتع فيه وهو عليه شاق له اجران اثنان قال صاحب عون المعبود شارحا لهذه الفقره الثانيه من الحديث والذى يقرؤه وهو يشتد عليه هو الذى يتردد فى تلاوته لضعف حفظه له اجر القراءه واجر لتشدده وتردده وسؤالى ايها الاحباب هل قال احد من اهل العلم قولا يفهم منه ان الجاهل يقرا ويخطىء ولا يتعلم ويغير المعنى ورغم هذا يكافىء باجرين نرجو الافاده وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو جعفر الشامي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 07:58 م]ـ
السلام عليكم أخي الفاضل من المعلوم أن الحديث صحيح و المقصود به أن من يحاول تعلمه وهو عليه شاق له أجران و ليس من لا يتعلمه و لاينوي ذلك قريباً .....
بل قل لهم اقرؤا الحديث من أوله:
((الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، و الذي يقرؤه و يتعتع فيه و هو عليه شاق له أجران))
لاحظتم الماهر بالقرآن له أعلى درجه فهو مع الملائكة الكرام و بدرجتم و شتان بينه وبين من له أجران من أجر القارئ العادي!!
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[02 - 09 - 06, 04:56 ص]ـ
ظاهر الحديث ان الاول طبعا لا اشكال فية اما الثاني فهو من يحرص ان لا يخطي ولا يغلط في قرأته لانه ليس مثل الاول فهو يجد صعوبه في قراءته مع ذلك فهو يعتاد القران بحرص شديد ولم يهجره بحجة عدم الاجادة له ((والله اعلم))(13/363)
هل سمع الحسن البصري من عمران بن حصين؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[01 - 09 - 06, 09:11 ص]ـ
1 - الذي يظهر من هذا النقل أنّ البزار يرى سماعه منه:
مسند البزار ج9/ص43
حدثنا ابراهيم بن المستمر العروقي قال نا أبو همام محمد بن محبب قال نا جسر بن فرقد عن يحيى بن سعيد ابن أخي الحسن عن الحسن قال: لقيت عمران بن حصين وأبا هريرة رضي الله عنهما فسألتهما عن تفسير هذه الآية .... إلخ، إلى أن قال البزار:
وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن النبي بهذا اللفظ إلا عمران بن حصين وأبا هريرة ولا نعلم لهما طريقاً يروى عنهما إلا هذا الطريق. وجسر بن فرقد: لين الحديث وقد روى عنه أهل العلم وحدثوا عنه، والحسن فلا يصح سماعه من أبي هريرة من رواية الثقات عن الحسن. انتهى
يلاحَظ أنّ البزار نفى سماع الحسن من أبي هريرة، ولم يتطرق إلى عمران، فكأنه يرى سماعه منه.
وقال في موضع آخر بعد روايته لحديثٍ للحسن عن عمران:
مسند البزار ج9/ص50
وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن النبي متصل الإسناد إلا من هذا الوجه عن عمران بن حصين وقد رواه غير واحد عن الحسن مرسلاً.
2 - المستدرك على الصحيحين ج4/ص211
فإن مشايخنا وإن اختلفوا في سماع الحسن عن عمران بن حصين فإن أكثرهم على أنه سمع منه
المستدرك على الصحيحين ج4/ص611
وقد قال الحاكم رحمه الله تعالى: والذي عندي أن الحسن قد سمع من عمران بن حصين
3 - وكذلك ابن خزيمة يرى سماعه منه:
صحيح ابن خزيمة ج1/ص3
مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في أثناء الإسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار التي نذكرها بمشيئة الله تعالى.
أقول: ثم روى من طريق الحسن عن عمران.
فما رأي الإخوة الأفاضل / أيهما أرجح: وقوع السماع أم عدمه؟
(استغنيت عن ذكر أقوال النفاة لشهرتها)
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[01 - 09 - 06, 04:05 م]ـ
الظاهر والله العلم انه سمع من عمران ((ترجمة الحسن البصري في تهذيب الكمال للمزي))
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[01 - 09 - 06, 04:39 م]ـ
أخي أحمد لا يكفيني هذا الجواب، فالذين نفوا أئمةٌ أيضاً.
أريد من يوضّح لي كيفية الترجيح في مثل هذا الخلاف.
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[01 - 09 - 06, 10:49 م]ـ
اخي حمد بارك الله فيك على حرصك الدقيق لاكن انضر الى النقاط المذكورة في كلامك (2\ 3) والتراجم التي قرأت تدل على السماع
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[02 - 09 - 06, 01:03 ص]ـ
جزاك الله خيراً، انقل لنا التراجم التي تدل على السماع ليُفيدنا المشايخ فيها.
أنا عندي موسوعة مكتبة التراث، ولكن للأسف استلفها قريب لي اليوم. فلا أستطيع نقل غير ما نقلته.
والله أخي أحمد أهاب مخالفة أولئك الأئمة النافين بمجرّد مخالفة غيرهم من المتأخرين عنهم. أنا في الحقيقة لم أنقل هذه النقولات لإثبات السماع
وإنما ليوضّح لي إخواني كيف أرجّح بين خلاف أهل العلم في هذا.
ولذا سألتُ، أسأل الله التوفيق وأن يزيدني علماً.
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:53 ص]ـ
ادعلي معك بارك الله فيك
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[02 - 09 - 06, 10:28 ص]ـ
ثَلاثَةُ أَحَادِيثَ فِي الْمُسْنَدِ يُذْكَرُ فِيهَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
لَكِنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْهُ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ!!
وَالرَّاجِحُ نَفْيُ سَمَاعِهِ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
ــ
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ (4/ 440): حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ثَنَا الْمُبَارَكُ عَنِ الْحَسَنِ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ وَنَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ.
حَدَّثَنَا هَاشِمٌ ثَنَا الْمُبَارَكُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ: أُتِيَ بِرَجُلٍ أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَأَقْرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً.
¥(13/364)
وقال (4/ 445): حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا الْمُبَارَكُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً - أُرَاهُ قَالَ مِنْ صُفْرٍ -، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟، قَالَ: مِنْ الْوَاهِنَةِ؟، قَالَ: أَمَا إِنَّهَا لا تَزِيدُكَ إِلا وَهْنَاً، انْبِذْهَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدَاً.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ عَنْهُ: «كَانَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ يَرْفَعُ حَدِيثَاً كَثِيْرَاً، وَيَقُولُ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَصْحَابُ الْحَسَنِ لا يَقُولُونَ ذَلِكَ».
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى نَفْي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ قَتَادَةَ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ حَدِيثٍ «هَيَّاجَ بْنَ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِيَّ».
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ (4/ 428): حَدَّثَنَا بَهْزٌ وَعَفَّانُ قَالا ثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ حَدَّثَهُمْ عَنْ هَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِيِّ: أَنَّ غُلامًا لأَبِيهِ أَبَقَ، فَجَعَلَ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، قَالَ: فَقَدَرَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَبَعَثَنِي إِلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: فَقَالَ: أَقْرِئْ أَبَاكَ السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ غُلامِهِ، قَالَ: وَبَعَثَنِي إِلَى سَمُرَةَ، فَقَالَ: أَقْرِئْ أَبَاكَ السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ غُلامِهِ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ هَيَّاجٍ ذَكَرَ مَعْنَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ «الْمَرَاسِيلُ» (ص38): سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَلَيْسَ يَصِحُّ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِِيِّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَعِدَّةٌ.
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[02 - 09 - 06, 12:07 م]ـ
بيض الله وجهك ماعدا عيونك ولحيتك
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 12:34 م]ـ
اختلف أهل العلم في سماع الحسن من عمران بن حصين رضي الله عنه، فمنهم من نفاه، ومنهم من أثبته:
قول من نفى سماع الحسن من عمران:
وقال علي بن المديني (العلل لابن المديني: 51): الحسن لم يسمع من عمران بن حصين، وليس يصح ذلك من وجه يثبت.
وقال أبو حاتم الرازي (المراسيل: 122): لم يسمع الحسن من عمران بن حصين، وليس يصح من وجه يثبت.
ونسب الحاكم (المستدرك 4/ 567) إلى البخاري ومسلم نفيهما لسماع الحسن من عمران.
قول من أثبت سماع الحسن من عمران:
قال البزار (نصب الراية 1/ 90): سمع الحسن من عمران بن حصين.
وأخرج ابن خزيمة في صحيحه (رقم 994) حديث الحسن عن عمران، وهذا يعني أن رواية الحسن عن عمران عنده متصلة، لأن من شرط الصحيح اتصال السند.
وقال ابن حبان (المجروحين (2/ 163) وقد سمع (أي الحسن) من معقل بن يسار، وعمران بن حصين.
وأخرج أيضا له في صحيحه (رقم 1804) وقال بعده: الحسن لم يسمع من سمرة شيءا، وسمع من عمران بن حصين هذا الخبر، واعتمادنا فيه عن عمران بن حصين.
قال الدكتور مبارك الهاجري في كتابه (التابعون الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة) (ص: 319) بعد أن أورد هذه الأقوال وغيره مفصلا:
الحسن البصري رحمه الله أدرك عمران بن حصين رضي الله عنه، إدراكا بيّنا وعاصره في بلد واحد مدة طويلة يمكنه السماع منه بلا شك، .... وحديث الحسن البصري، عن عمران بن حصين أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وله عن عمران عندهم خمسة عشر حديثا، وليس في شيء منها تصريح الحسن بالسماع، ... وقد تتبعت أحاديث الحسن عن عمران، فبلغت بصحيحها وسقيمها ستين حديثا تقريبا، وقد ذكر الذهبي أن مسند عمران بن حصين بلغ مئة وثمانين حديثا، وبهذا يظهر كثرة ما رواه الحسن عن عمران، وقد جاء في بعضها تصريح الحسن بالسماع.
فهذه الأسانيد المتقدمة التي جاء فيها سماع الحسن من عمران ولقاؤه إياه لا يخلو إسناد منها من مطعن، ولهذا أنكر جماعة من أهل العلم صحة سماع الحسن من عمران، وأنه لم يثبت بإسناد صحيح، ولكن الحسن عاصر عمران بن حصين وكانا جميعا في الببصرة، فسماعه منه ممكن جدا، ولهذا اعتمدتُ رواية هشام بن حسان المتقدمة في إثبات السماع، وقد جاء نحو هذا عن سماك بن حرب.
والخلاصة: أن الحسن البصري أدرك عمران بن حصين إدراكا بيّنا، وكان معه في البصرة مدة خمس عشرة سنة تقريبا، منذ قدم الحسن البصرة، إلى أن مات عمران بن حصين، وقد اختلف أهل العلم في سماعه منه، والأظهر أنه سمع منه.
¥(13/365)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:05 م]ـ
أكرمكم الله إخواني المشايخ، ألا يُثبت هذا السند سماعه منه:
السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلْبَيْهقِيِّ:
..... وَرَوَاهُ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ حَدَّثَهُ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بَيَانٍ الْمُقْرِئُ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُهَلَّبِ، ثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، فَذَكَرَهُ *
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:14 م]ـ
أكرمكم الله إخواني المشايخ، ألا يُثبت هذا السند سماعه منه:
السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلْبَيْهقِيِّ:
..... وَرَوَاهُ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ حَدَّثَهُ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بَيَانٍ الْمُقْرِئُ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُهَلَّبِ، ثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، فَذَكَرَهُ *
الحديث رواه أحمد أيضا في المسند (4/ 441): ثنا معاوية، ثنا زائدة، عن هشام، قال: زعم الحسن أن عمران بن حصين حدثه، قال: ....
ورواه أيضا البيهقي في الكبير (2/ 217) من طريق معاوية به.
وهذا إسناد جيد، هشام هو ابن حسان القردوسي البصري، أحد الثقات، إلا أنهم تكلموا في سماعه من الحسن، والراجح أن سماعه منه صحيح، لكنه دون قتادة ويونس ونحوهما، ممن عرف بمزمته للحسن.
وأخرج ابن خزيمة في صحيحه (رقم 994) هذا الحديث، فقال: ثنا محمد بن يحيى، نا يزيد بن هارون، أخبرنا هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين ...
قال اللباني (في تعليقه على ابن خزيمة) إسناده صحيح لو عنعنة الحسن، وهو البصري.
قلتُ: قد تقدم عند أحمد والبيهقي تصريحه بالسماع، وهذا الحديث دليل على إثبات سماع الحسن من عمران، ولذا اعتمد ابن خزيمة هذا الحديث، وأخرجه في صحيحه. (التابعون الثقات المتكلم في سماعهم عن الصحابة (ص: 322).
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:23 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي سلمان على هذه الإفادة القيمة، أنتظر تعليق الشيخ أبو محمد الألفي على هذا السند لتتضح صورة الخلاف إن شاء الله.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[02 - 09 - 06, 04:58 م]ـ
الحسن البصري رحمه الله أدرك عمران بن حصين رضي الله عنه إدراكا بيّنا، وعاصره في بلد واحد مدة طويلة يمكنه السماع منه بلا شك، ....
والخلاصة: أن الحسن البصري أدرك عمران بن حصين إدراكا بيّنا، وكان معه في البصرة مدة خمس عشرة سنة تقريبا، منذ قدم الحسن البصرة، إلى أن مات عمران بن حصين، وقد اختلف أهل العلم في سماعه منه، والأظهر أنه سمع منه.
هَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَبِيْرَةٌ مُفِيدَةٌ مُفَادُهَا:
الإدْرَاكُ وَالرُّؤْيَةُ هَلْ يَقْتَضِيَانِ ثُبُوتَ السَّمَاعِ؟
ـــــ
[أوَّلاً] كُبَرَاءُ الأَئِمَّةِ وَرُفَعَاؤُهُمْ يُفَرِّقُوَن بَيْنَ الإدْرَاكُ وَالسَّمَاعِ، وَلا يَجْعَلُونَ أَوَّلَهُمَا مُسْتَلْزِمَاً لِلثَّانِي
قَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ طَاوُسٍ وَلا حَرْفَاً، وَيَقُولُ: رَأَيْت طَاوُسَاً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الزُّهْرِيُّ لا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، رَآهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَرَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
وَأَثْبَتَ دُخُولَ مَكْحُولٍ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَرُؤْيَتَهُ لَهُ وَمُشَافَهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَصِحَّ لَهُ مِنْهُ سَمَاعٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، مِنْ أَيْنَ سَمِعَ مِنْهُ؟، وإِمْكَانُ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُهُ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ، مَعَ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
¥(13/366)
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزُّهْرِيُّ أَدْرَكَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ، كَمَا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ مِنْ عُرْوَةَ، وَقَدْ سَمِعَ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ.
[ثَانِيَاً] الإمَامُ أحْمَدُ يَسْتَنْكِرُ دُخُولَ التَّحْدِيثِ فِي كِثَيْرِ مِنَ الأَسَانِيدُ، وَيَقُولُ: هَذَا خَطَأٌ.
وتأتِي هَذِهِ الْفَائِدَةُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَي.
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 08:01 م]ـ
هَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَبِيْرَةٌ مُفِيدَةٌ مُفَادُهَا:
الإدْرَاكُ وَالرُّؤْيَةُ هَلْ يَقْتَضِيَانِ ثُبُوتَ السَّمَاعِ؟
ـــــ
[أوَّلاً] كُبَرَاءُ الأَئِمَّةِ وَرُفَعَاؤُهُمْ يُفَرِّقُوَن بَيْنَ الإدْرَاكُ وَالسَّمَاعِ، وَلا يَجْعَلُونَ أَوَّلَهُمَا مُسْتَلْزِمَاً لِلثَّانِي
قَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ طَاوُسٍ وَلا حَرْفَاً، وَيَقُولُ: رَأَيْت طَاوُسَاً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الزُّهْرِيُّ لا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، رَآهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَرَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
وَأَثْبَتَ دُخُولَ مَكْحُولٍ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَرُؤْيَتَهُ لَهُ وَمُشَافَهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَصِحَّ لَهُ مِنْهُ سَمَاعٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، مِنْ أَيْنَ سَمِعَ مِنْهُ؟، وإِمْكَانُ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُهُ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ، مَعَ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزُّهْرِيُّ أَدْرَكَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ، كَمَا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ مِنْ عُرْوَةَ، وَقَدْ سَمِعَ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ.
[ثَانِيَاً] الإمَامُ أحْمَدُ يَسْتَنْكِرُ دُخُولَ التَّحْدِيثِ فِي كِثَيْرِ مِنَ الأَسَانِيدُ، وَيَقُولُ: هَذَا خَطَأٌ.
وتأتِي هَذِهِ الْفَائِدَةُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَي.
ولا أظن أن يغفل طالب علم يشتغل بالحديث هذا الفرق، ولكن ثبت سماع الحسن من عمران بن حصين عند أحمد والبيهقي، وهما من أئمة الحديث، كما ثبت سماع الحسن من عمران عند الترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه، فاعتراضك وارد لمن يكتفي بمجرد الرؤية، ويثبت السماع على مجرد الرؤية، ولكن هنا ثبت سماع الحسن من عمران بن الحصين بروايته بصيغة التحديث، وأنا لم أثبت له السماع بمجرد الإدراك فقط.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[02 - 09 - 06, 10:52 م]ـ
[ثَانِيَاً] الإمَامُ أحْمَدُ يَسْتَنْكِرُ دُخُولَ التَّحْدِيثِ فِي كِثَيْرِ مِنَ الأَسَانِيدُ، وَيَقُولُ: هَذَا خَطَأٌ.
وتأتِي هَذِهِ الْفَائِدَةُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
جزاكم الله خيراً أبا محمد، أنتظر الفائدة التي أستطيع بها إثبات الخطأ في سندنا بإذن الله.
أسأل الله أن يعينك ويسددك
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[03 - 09 - 06, 12:38 ص]ـ
الاخ سلمان بارك الله فيك ونفع ((عند ذكرك في ان الحديث ذكر عند احمد والبيهقي قلت ان اسناده جيد لكن ما اريد معرفته هو لو لم يثبت سماع الحسن من عمران هل ينزل الحديث الى منزلة الضعيف مع السبب)) كما ان سؤال الاخ حمد لا يزال معلقا وهو عن الترجيح بين من قال انه سمع ومن قال انه لم يسمع فبيهما نأخذ ولكم الشكر
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[03 - 09 - 06, 01:06 ص]ـ
لي طلب من الإخوان في الإدارة، سؤالي في مشاركتي الأخيرة وُجِّه إلى أبي محمد، فأرجو أن يضعوا حاجزاً للمناوشات الذي يظهر أنها ستشتعل.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[03 - 09 - 06, 02:22 ص]ـ
الحمد لله وحده ..
أعتذر عن التقدم بين يدي المشايخ، لكني وددت أن أبين خطأ الاعتماد على ظاهر الإسناد المذكور خاصةً في إثبات سماع الحسن من عمران:
¥(13/367)
الحديث رواه أحمد أيضا في المسند (4/ 441): ثنا معاوية، ثنا زائدة، عن هشام، قال: زعم الحسن أن عمران بن حصين حدثه، قال: ....
ورواه أيضا البيهقي في الكبير (2/ 217) من طريق معاوية به.
وهذا إسناد جيد، هشام هو ابن حسان القردوسي البصري، أحد الثقات، إلا أنهم تكلموا في سماعه من الحسن، والراجح أن سماعه منه صحيح، لكنه دون قتادة ويونس ونحوهما، ممن عرف بمزمته للحسن.
وأخرج ابن خزيمة في صحيحه (رقم 994) هذا الحديث، فقال: ثنا محمد بن يحيى، نا يزيد بن هارون، أخبرنا هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين ...
قال اللباني (في تعليقه على ابن خزيمة) إسناده صحيح لو عنعنة الحسن، وهو البصري.
قلتُ: قد تقدم عند أحمد والبيهقي تصريحه بالسماع، وهذا الحديث دليل على إثبات سماع الحسن من عمران، ولذا اعتمد ابن خزيمة هذا الحديث، وأخرجه في صحيحه. (التابعون الثقات المتكلم في سماعهم عن الصحابة (ص: 322).
لعلّ هذا التصريح بالسماع لا يصح.
فقد رواه الإمام أحمد (4/ 441) وابن خزيمة (994) - وعنه ابن حبان (1461) - من طريق يزيد بن هارون،
وأحمد (4/ 441) وابن المنذر في الأوسط (1127) والطحاوي (1/ 400) والدارقطني (1/ 385، 387) من طريق روح بن عبادة،
وابن المنذر في الأوسط (1136) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري،
والبزار (3564) وابن حبان (2650) وابن عبد البر في التمهيد (5/ 256) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى،
والبيهقي (2/ 217) من طريق مكي بن إبراهيم،
خمستهم - يزيد وروح والأنصاري وعبد الأعلى ومكي - عن هشام بن حسان عن الحسن عن عمران بن حصين به بدون ذكر السماع.
فهم خمسة ثقات متقنون حفاظ، وخالفهم زائدة بن بن قدامة؛ فذكر السماع عن هشام بن حسان، وهو واحد ثقة ثبت، فروايتهم أقوى من روايته كما هو ظاهر.
وحتى لو صحت الرواية عن هشام بن حسان، فقد خالفه في ذكر السماع اثنان:
1 - فأخرجه أحمد (4/ 431، 444) وأبو داود (443) والطحاوي (1/ 400) والطبراني في الكبير (18/ 152) والدارقطني (1/ 383) والحاكم
(1016) والبيهقي (1/ 404) من طريق يونس بن عبيد،
2 - وأخرجه الدارقطني (1/ 387) من طريق إسماعيل - لعله ابن مسلم المكي -،
كلاهما - يونس وإسماعيل - عن الحسن عن عمران به بدون ذكر السماع، ويونس ثقة ثبت فاضل، من كبار أصحاب الحسن، وقدَّمه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان على هشام بن حسان، وتابعه إسماعيل - إن صحّت الرواية عنه -، وإن كان هذا المكيَّ، فإنه ضعيف، وتقوى روايته برواية يونس.
وقد خالفهما أبو حرة واصل بن عبد الرحمن، فرواه عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً لم يذكر عمران، وقد تُكُلِّم في رواية أبي حرة عن الحسن، فهذا الوجه منكر.
فتبيّن أن ذكر السماع خطأ عن هشام بن حسان، وإن صحَّ عنه؛ فخطأ عن الحسن، وعليه فلا يصح إثبات سماع الحسن من عمران بهذا السند.
وأبو حاتم الرازي - رحمه الله - يعرف هذا الحديث، إذ هو راويه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن هشام بن حسان، ونفى مع ذلك أن يكون السماع صحَّ من وجه يثبت، وكأنه يشير إلى هذا الحديث وأضرابه.
وقد اتفق الأئمة الحفاظ يحيى القطان وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي وأبو بكر البيهقي - رحمهم الله - على نفي صحة وجهٍ يثبت فيه ذكر السماع، ومثل اتفاقهم هذا يُقدَّم على الأسانيد التي تُكُلِّم في بعض رواتها، أو خولف بعض رواتها في ذكر السماع فيها، أو وُجدت في كتب الغرائب والأفراد، أو جاءت بأسانيد متأخرة فيها تفرد، ونحو ذلك، والله أعلم.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 03:31 ص]ـ
قال محمد بن عبدالله:
الحمد لله وحده ..
لعلّ هذا التصريح بالسماع لا يصح.
فقد رواه الإمام أحمد (4/ 441) وابن خزيمة (994) - وعنه ابن حبان (1461) - من طريق يزيد بن هارون، وأحمد (4/ 441) وابن المنذر في الأوسط (1127) والطحاوي (1/ 400) والدارقطني (1/ 385، 387) من طريق روح بن عبادة، وابن المنذر في الأوسط (1136) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، والبزار (3564) وابن حبان (2650) وابن عبد البر في التمهيد (5/ 256) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والبيهقي (2/ 217) من طريق مكي بن إبراهيم، خمستهم - يزيد وروح والأنصاري وعبد الأعلى ومكي - عن هشام بن حسان عن الحسن عن عمران بن حصين به
¥(13/368)
بدون ذكر السماع.
فهم خمسة ثقات متقنون حفاظ، وخالفهم زائدة بن قدامة؛ فذكر السماع عن هشام بن حسان، وهو واحد ثقة ثبت، فروايتهم أقوى من روايته كما هو ظاهر.
ـــــــــــــــ
مَا شَاءَ اللهُ، هَذَا وَاللهِ النَّظَرُ الْمُحَرَّرُ الْمُتْقَنُ
وَقَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُ الْجَوَابَ مُقْتَصِرَاً عَلَى كَلامِ الشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ هَكَذَا:
ذِكْرُ الْحَدِيثِ وَالاخْتِلافِ عَلَيْهِ مِنَ «الْمُسْنَدِ»
ـــــــــ
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ (4/ 441): حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ وَرَوْحٌ قَالَ ثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: سَرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسْنَا، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى أَيْقَظَنَا حَرُّ الشَّمْسِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَقُومُ دَهِشَاً إِلَى طَهُورِهِ قَالَ: فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْكُنُوا، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَمَرَ بِلالاً فَأَذَّنَ، ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّيْنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلا نُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا مِنْ الْغَدِ، قَالَ: «أَيَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ!».
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: زَعَمَ الْحَسَنُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ حَدَّثَهُ قَالَ: أَسْرَيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
شُذُوذُ رِوَايَةِ زَائِدَةَ لِمُخَالَفَتِهِ لِجَمْعٍ مِنْ أَثْبَاتِ أَصْحَابِ هِشَامٍ
رَوَوْهُ عَلَى الْجَادَّةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ
ــــ
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ «السِّلْسِلَةُ الصَّحِيحَةُ»: «وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ - يَعْنِي رِوَايَةَ زَائِدَةَ - صَرِيْحَةٌ فِي سَمَاعِ الْحسنِ مِنْ عِمْرَانَ، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدَاً تَعَرَّضَ لِذِكْرِهَا فِي هَذَا الصَّدَدِ، وَلَكِنِّي أَعْتَقِدُ أَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، فَإِنَّ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، فَقَدْ خَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، فَرَوَيَاهُ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بِهِ، فَعَنْعَنَاهُ عَلَى الْجَادَّةِ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (4/ 441)، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ (5/ 431) مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الْحَسَن ِعَنْ عِمْرَانَ بِهِ.
وَوَقَعَ التَّصْرِيْحُ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَحَدُنَا آخِذٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ، فَمَرَرْنَا بِسَائِلٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَاحْتَبَسَنِي عِمْرَانُ، وَقَالَ: قِفْ نَسْتَمِعْ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: انْطَلِقْ بِنَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ، فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (4/ 436)، وَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ لأَنَّ شَرِيكَاً سَيْئُ الْحِفْظِ مَعْرُوفٌ بِذَلِكَ، وَقَدْ خُولِفَ، فَرَوَاهُ الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بِهِ مُعَنْعَنَاً، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (4/ 439 و445).
وَخُلاصَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ».
¥(13/369)
قُلْتُ: واقتصر الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ عَلَى ذِكْرِ اثْنَيْنِ مِنْ مُخَالِفِي زَائِدَةَ، وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا: عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ (2650)، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ عِنْدَ ابْنِ الْمُنْذِرِ «الأَوْسَطُ» (1127)، وَمَكِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلَخِيُّ عِنْدَ الْبَيْهَقِِيِّ «الْكُبْرَى» (2/ 217). فَهَؤُلاءِ - مَعَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ - خَمْسَةٌ مِنَ الرُّفَعَاءِ رَوَوْهُ عَلَى الْجَادَّةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ، وَهُمْ أَوْلَى بِالْحِفْظِ وَالضَّبْطِ مِنْ زَائِدَةَ وَحْدَهُ.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 04:06 ص]ـ
الأخ الفاضل سلمان الكندي. أيَّدَهُ اللهُ تَعَالَى بِتَوْفِيقِهِ.
قُلْتَ: ولا أظن أن يغفل طالب علم يشتغل بالحديث هذا الفرق، ولكن ثبت سماع الحسن من عمران بن حصين عند أحمد والبيهقي، وهما من أئمة الحديث، كما ثبت سماع الحسن من عمران عند الترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه، فاعتراضك وارد لمن يكتفي بمجرد الرؤية، ويثبت السماع على مجرد الرؤية، ولكن هنا ثبت سماع الحسن من عمران بن الحصين بروايته بصيغة التحديث، وأنا لم أثبت له السماع بمجرد الإدراك فقط.
ـــــــــــــــــــ
الْحَمْدُ للهِ الْهَادِي مَنْ اسْتَهَدَاهُ مَنَاهِجَ الْعِرْفَانِ. الْوَاقِي مَنْ اتَّقَاهُ مَزَالِقَ الشَّيْطَانِ. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى أَشْرَفِ وَأَكْرَمِ بَنِي الإِنْسَانِ. الَّذِي بَعَثَهُ رَبُّهُ بَأَصْدَقِ لَهْجَةٍ وَأَنْصَعِ بَيَانٍ.
إِنْ صَدَقَ ظَنُّكَ أَنَّهُ لَيْسَ يَغْفَلُ طَالِبُ الْعِلْمِ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنِ الإِدْرَاكِ وَالسَّمَاعِ، وَأَنَّ أَوَّلَهُمَا لا يَسْتَلْزِمُ الثَّانِي وَلا يَقْتَضِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الضَّرُورَاتِ لَدِى الطَّالِبِ الْفَهِمِ، فَلَيْسَ مِنَ الْمَقْبُولِ أَنَّ نَحْتَجَّ فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: «الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَدْرَكَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ إدْرَاكَا بَيِّنَاً، وَعَاصَرَهُ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ مُدَّةً طَوِيلَةً يُمْكِنُهُ السَّمَاعَ مِنْهُ بِلا شَكٍّ». إِذْ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا الاحْتِجَاجُ مَعَ الْعِلْمِ الضَّرُورِي الآنِفِ ذِكْرُهُ.
وَلا يَخْفَاكَ أنَّ فِي النُّقُولاتِ السَّابِقَةِ نَفْيُ السَّمَاعِ مَعَ ثُبُوتِ الرُّؤْيَةِ وَتَحَقُّقِهَا، وَكَذَلِكَ قَدْ يَثْبُتُ الإِدْرَاكُ وَتَنْتَفِى الرُّؤْيَةُ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الإِدْرَاكُ بِالْمُعَاصِرَةِ مِنْ غَيْرِ لِقَاءٍ، كَقَوْلِهِمْ «فُلانٌ أَدْرَكَ زَمَنَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَلْقَهْ وَلَمْ يَرَه». وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تُحْمَلُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِي تَرَاجِمِ هَذِهِ الْعُشَارِيَّةِ:
[1] الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[2] أبُو عُذْرَةَ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[3] أَوْسَطُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَجَلِيًُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[4] ثُمَامَةُ بْنُ حَزَنٍ الْقُشَيْرِيُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[5] شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍّ الْمِذْحَجِيُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[6] شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ أبُو وَائِلٍ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[7] عَبْدُ اللهِ بْنُ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[8] أبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[9] غُنَيْمُ بْنُ قَيْسٍ أبُو الْعَنْبَرِ الْمَازِنِيُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
[10] مُرَّةُ بْنُ شَرَاحِيلَ الْهَمْدَانِيُّ أَدْرَكَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَه!.
ففي هَذَا التَّرْكِيبُ «أَدْرَكَه وَلَمْ يَرَه» يَبِينُ بِوُضُوحٍ أنَّ الرُّؤْيَةَ أَعْلَى مِنَ الإِدْرَاكِ الْحَاصِلِ بِمُجَرْدٍ الْمُعَاصَرَةِ وَالْمُزَامَنَةِ، وَبِانْتِفَائِهَا مَعَ ثُبُوتِهِ يَنْتَفِي السَّمَاعُ قَطْعَاً.
وَأَمَّا إِذَا حَصَلَ الإِدْرَاكُ وَالرُّؤْيَةُ مَعَاً، فَهَاهُنَا يَقَعُ التَّرَدُّدُ فِي إِثْبَاتِ السَّمَاعِ، وَلا يُمْكُنُ الْجَزَمَ بِثُبُوتِهِ إِلا بِدَلِيلٍ صَرِيحٍ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ. وَمَسْأَلَةُ سَمَاعِ الْحَسَن ِمِنْ عِمْرَانَ بِهَذِهِ السَّبِيلِ.
وَاللهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ.
¥(13/370)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[03 - 09 - 06, 08:54 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أيها الأفاضل، أكرمكم الله على فوائدكم.
لدي أيضاً سؤال عن قول الحاكم في مستدركه: (وأكثر أئمة البصرة على أن الحسن قد سمع من عمران).
يلاحظ هنا أنّه يتحدث عن أكثر أئمة البصرة، والذي أعرفه أنّ المنهج البصري أكثر تشدّداً من المنهج الكوفي في ذلك.
أفلا يكون ذلك حُجّة قوية على السماع؟ أم أني لم أفهم جيّداً المنهج البصري.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 01:36 م]ـ
حمد أحمد.
أيَّدَهُ اللهُ بِتَوْفِيقِهِ
لدي أيضاً سؤال عن قول الحاكم في مستدركه: (وأكثر أئمة البصرة على أن الحسن قد سمع من عمران).
يلاحظ هنا أنّه يتحدث عن أكثر أئمة البصرة، والذي أعرفه أنّ المنهج البصري أكثر تشدّداً من المنهج الكوفي في ذلك.
أفلا يكون ذلك حُجّة قوية على السماع؟ أم أني لم أفهم جيّداً المنهج البصري.
ــــــــــــــ
أَرِحْ خَاطِرَكَ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَنْهَجَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَالْكُوفِيِّ، فَلَيْسَ ذَا مَوْضَعَهُمَا، فَإِنَّ الْحَاكِمَ لا يَعْنِى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ وَهَلُكَ، وَأَرْهَقْتَ فِيهِ فِكْرَكَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ «أَكْثَرُ أئِمَّةِ الْبَصْرَةِ» يَعْنِي أَكْثَرَ الرُّوَاةِ الْمُثْبِتِينَ لِلسَّمَاعِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ.
وَأَقُولُ: لَمَّا كَانَ أبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ مِنْ أَكْثَرِهِمْ ذِكْرَاً لِمَنْ نَفَى سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ مِنْ كُبَرَاءِ الأَئِمَّةِ، فَلا بَأْسَ بِإِعَادَةِ ذِكْرِ كَلامِهِ فِي «الْمَرَاسِيلِ» (ص39،38):
[119] حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ وَقِيلَ لَهُ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، فَقَالَ: أَمَّا عَنْ ثِقَةٍ فَلا.
[120] حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ قَالَ أَبِي: الْحَسَنُ قَالَ بَعْضُهُمْ حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ - يَعْنِي إنْكَارَاً عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ-.
[121] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِي: الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَلَيْسَ يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ.
[122] سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَلَيْسَ يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ.
[123] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَلَجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَرِيرَاً يَسْأَلُ بَهْزَاً يَعْنِي ابنَ أَسَدٍ عَنِ الْحَسَنِ: مَنْ لَقِي مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: سَمِعَ مِنْ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثَاً، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ شَيْئَاً.
[124] سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: الْحَسَنْ لا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، يُدْخِلُ قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ «هَيَّاجَ بْنَ عِمْرَانَ البرجمي» عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَسَمُرَةَ.
[125] ذَكَرَ أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لِيَحْيَى يَعْنِي ابْنَ مَعِينٍ: ابْنُ سِيرِينَ وَالْحَسَنُ سَمِعَا مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ؟، قَالَ: ابْنُ سِيرِينَ نَعَمْ. قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: يَعْنِي أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.
[126] أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ نَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: الْحَسَنُ لَقِيَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ؟، قال: أَمَّا فِي حَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ فَلا، وَأَمَّا فِي حَدِيثِ الْكُوفِيِّينَ فَنَعَمْ.
Question وَقَدْ بَانَ مِمَّا سَبَقَ:
¥(13/371)
[أوَّلاً] أَكْثَرُ مَا يَجْئ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ رُفَعَاءِ الأَئِمَّةِ وَكُبَرَائِهِمِ: الْقَطَّانِ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَأَحْمَدَ وَابْنِ مَعِينٍ وَأبِي حَاتِمٍ خَلافَ قَوْلِ الْحَاكِمِ وَرَأْيِهِ.
[ثَانِيَاً] لَمَّا ثَبَتَ لِتِلْمِيذِهِ أبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ صِحَّةُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ، لَمْ يَتَحَرَّجْ مِنْ مُخَالَفَةِ شَيْخِهِ أبِي عَبْدِ اللهِ، وَالأَخْذِ بِأَقْوَالِهِمْ، فَقَدَ قَالَ «السُّنُنُ الْكُبْرَى» (10/ 70): «وَلاَ يَصِحُّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ سَمَاعٌ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِىَّ بْنَ الْمَدِينِىِّ يَقُولُ: لَمْ يَصِحَّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ سَمَاعٌ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ يَثْبُتُ».
[ثَالِثَاً] قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيمَنْ نَقَلُوا سَمَاعَ الْحَسَنِ بِخِلافِ قَوْلِ الْحَاكِمِ، فَالأَوَّلُ يَجْعَلُهُمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَالثَّانِي يَجْعَلُهُمْ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ، وَهَذَ بِتَأْوِيلِ قَوْلِ الْحَاكِمِ «أَئِمَّة الْبَصْرَةِ» عَلَى مَعْنَى الرُّوَاةِ عَنِ الْحَسَنِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ.
وَكَلامُ الْحَاكِمِ مُطَابِقٌ لِلرُّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ السَّمَاعِ وَأَكْثَرُهَا عَنِ الْبَصْرِيِّينَ، وَكَلامُ ابْنِ مَعِينٍ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْي صِحَّتِهَا. فَقَدْ ذَكَرَ السَّمَاعَ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَثَلاثَتُهُمْ بَصْرِيُّونَ، وَلَكِنْ لا يَثْبُتُ ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِيمَا رُوِي عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ.
وَتْأتِيكَ رِوَايَةُ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ البْصَرِيٍّ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ بِدُونِ تَخْرِيْجٍ فِي كَلامِهِ السَّابِقِ نَقْلُهُ.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[03 - 09 - 06, 03:16 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا محمد على جهودك لنفعنا،
إذاً معنى: (وأكثر أئمة البصرة)
أي: أكثر أئمة البصرة - ممن حدث عن الحسن (الرواة) - يُثبتون السماع في السند.
والأقل من أئمة البصرة (الرواة) لا يُثبتون ذلك في السند عنه.
سامحني يا شيخ أبو محمد إن كان فهمي خاطئا، فهذا ما استطعتُ أن أحمل عليه معنى الجملة من غير ابتعاد عن ظاهرها.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 05:30 م]ـ
حمد أحمد
أَرْشَدَهُ اللهُ لِلصَّوَابِ، وَرَزَقَهُ فَهْمَ أَولِي الأَلْبَابِ.
ـــــــــــ
إذاً معنى (وأكثر أئمة البصرة) أي: أكثر أئمة البصرة - ممن حدث عن الحسن (الرواة) - يُثبتون السماع في السند، والأقل من أئمة البصرة (الرواة) لا يُثبتون ذلك في السند عنه.
سامحني يا شيخ أبو محمد إن كان فهمي خاطئا، فهذا ما استطعتُ أن أحمل عليه معنى الجملة من غير ابتعاد عن ظاهرها.
ـــــــــــــ
سَامَحَكَ اللهُ تَعَالَى وَإِيَّايَّ، وَرَزَقَنَا رَضَاهُ وَرَحْمَتَهُ.لَيْسَ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ، فَقَدْ عَلِمْتَ أنَّ الرُّوَاةَ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ الذين ذُكِرَ السَّمَاعُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِمْ عَنِ الْحَسَنِ ثَلاثَةٌ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَمَّا سَائِرُ الرُّوَاةِ الْبَصْرِيِّينَ، فإنهم يروون أحاديث الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ مُعَنْعَنَةً، وَلا يَذْكُرُونَ لَهُ سَمَاعَاً مِنْ عِمْرَانَ.
وَقَدْ اسْتَقْصَى الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ فِي «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» أَصْحَابَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّينَ الَّذِينَ رَوَوْا أَحَادِيثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِالْعَنْعَنَةِ، إِلا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى «مُسْنَدِ أَحْمَدَ»، فَعَدَّ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَاوِيَاً:
(1) جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ أبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ.
(2) حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ.
(3) خَالِدُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَذَّاءُ.
(4) خَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أبُو نَصْرٍ الْبَصْرِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ عَنْهُ.
(5) سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ أبُو قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ.
(6) عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ.
(7) قَتَادَةُ بْنُ دَعَامَةَ السَّدُوسِيُّ.
(8) مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيُّ.
(9) مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ أبُو الْمُغِيرَةَ الْبَصْرِيُّ.
(10) يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَمِمَّنْ فَاتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ:
(11) كَثِيْرُ بْنُ شِنْظِيْرٍ أبُو قُرَّةَ الْبَصْرِيُّ.
¥(13/372)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[03 - 09 - 06, 05:41 م]ـ
شكراً لكم شيخي الكريم،
لا أخفيكم أني أرهقت فكري في التأويل الذي ذكرتموه لكلام الحاكم
ولا يعني هذا أنّ ما ذهبتم إليه مخالف للصواب. بل اعتضدتم بكبار الأئمة على هذا.
قد يكون تفكيري فيه بعض القصور.
أسأل الله أن يفتح عليّ.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[03 - 09 - 06, 09:41 م]ـ
ذِكْرُ حَدِيثِ خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيِّ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ مُرَافَقَةَ الْحَسَنِ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ وَمُلازَمَتَهُ إِيَّاهُ
ــــــ
قَالَ الإمَامُ أحمدُ (4/ 436): حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَحَدُنَا آخِذٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ، فَمَرَرْنَا بِسَائِلٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَاحْتَبَسَنِي عِمْرَانُ، وَقَالَ: قِفْ نَسْتَمِعْ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: انْطَلِقْ بِنَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ، فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ».
وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ الآجُرِّيُّ «أَخْلاقُ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ» (43) وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ مِثْلَهُ، وَالطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (18/ 167/372) وَلَمْ يَذْكُرْ سِيَاقَهُ، مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بِهِ.
وَتَابَعَهُ عَلَى إسْنَادِهِ وَسِيَاقِهِ عَنْ مَنْصُورٍ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ صُهَيْبٍٍ، وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكَّائِيُّ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ «السُّنُنُ» (45): أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: كُنْتُ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَمَرَّ بِهَذَا السَّائِلَ، فَقَامَ، فَاسْتَمَعَ لِقِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ سَأَلَ، فَقَالَ عِمْرَانُ: إنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اذْهَبْ بِنَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ سَيَجِئُ قَوْمٌ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ».
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (18/ 166/370) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ ثَنَا سُهَيْلُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الله وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بِالْبَصْرَةِ، فَمَرَّ بِإِنْسَانٍ أَعْمَى يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقُمْنَا نَسْمَعُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ سَأَلَ، فَاسْتَرْجَعَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنِ، ثُمّ قَالَ: امْضِ بِنَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللهَ بِهِ، فَإِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمَاً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ».
وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ الْبَزَّارُ (3553) عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، وَالْعُقَيْلِيُّ (2/ 29)، وَالرُّويَانِيُّ (81)، وَالْبَيْهقِيُّ «شُعُبُ الإِيْمَانِ» (2/ 534/2629) عَنْ جَرِيرٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بِنَحْوِهِ.
¥(13/373)
قُلْتُ: فَهَؤُلاءِ أَرْبَعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْكُوفِيِّينَ عَنْ مَنْصُورٍ يَذْكُرونَ مُرَافَقَةَ الْحَسَنِ عمْرَانَ وَمُلازَمَتَهُ إِيَّاهُ: شَرِيكٌ يَقُولُ عَنْهُ «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَحَدُنَا آخِذٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ»، وَجَرِيرٌ وَعَبِيدَةُ وَزِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ يَقُولُونَ عَنْهُ «كُنْتُ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِالْبَصْرَةِ»، وَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ عَنَاهُمْ يَحْيَى بْنُ مَعِين بِقَوْلِهِ آنفاً «وَأَمَّا ذِكْرُ السَّمَاعِ فِي حَدِيثِ الْكُوفِيِّينَ فَنَعَمْ».
قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ بِهَذِهِ الأَسَانِيدِ مُنْكَرٌ، وَلا يَثْبُتُ بِهِ سَمَاعَ الْحَسَنِ. وَلَيْسَ تَعْصِيبُ الْجِنَايَةِ بِشَرِيكٍ وَسُوءِ حِفْظِهِ بِكَافٍ، كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ آنفاً، فَإِنَّ شَرِيكَاً لَمْ يَتَفَرَّدْ، بَلْ تَابَعَهُ ثَلاثَةٌ أَوْثَقُهُمْ جَرِيرٌ. وَإِنَّمَا الْمُتَّهَمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ: خَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ، مِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، قَالَهُ أبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ.
قَالَ أبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: «وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُ أَحَدَاً يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ عِمْرَانُ، وَلاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عِمْرَانَ إِلاَّ الْحَسَنُ، وَلاَ عَنِ الْحَسَنِ إِلاَّ خَيْثَمَةُ، وَهُوَ خَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ رَوَى عَنْهُ مَنْصُورٌ».
وَقَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ: «خَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أبُو نَصْرٍ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ، وَبِلالُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيُّ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ. قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ».
قُلْتُ: ثُمَّ أَعَادَ ابْنُ حِبَّانَ ذِكْرَهُ فِي «الْمَجْرُوحِينَ» (1/ 287) فَقَالَ: «خَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ شَيْخٌ يَرْوِى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَوَى عَنْهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ. مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عَلَى قِلَّتِهِ ; لا تَتَمَيَّزُ كَيْفِيَةُ ضَعْفِهِ فِي النَّقْلِ لأَنَّ رَاوِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، فَمَا يَلْزَقُ بِهِ مِنَ الْوَهَنِ فَهُوَ لِجَابِرٍ مُلْزَقٌ أَيْضَاً، فَمِنْ هَاهُنَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ وَوَجَبَ تَرْكُهُ».
قُلْتُ: الرُّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا عَنْ مَنْصُورٍ، وَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ الأَعْمَشُ، وَفِي الْكَلامِ عَنْ رِوَايَتِهِ إِطَالَةٌ.
ـ[أبو أحمد الهمام]ــــــــ[03 - 09 - 06, 11:56 م]ـ
والامام ابن تيمية قي (الاقتضاء) ذكر حديثا من رواية الحسن عن عمران أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لا أركب الأرجوان ولا ألبس المعصفر ولا ألبس القميص المكفف بالحرير قال وأومأ الحسن إلى جيب قميصه قال وقال ألا وطيب الرجال ريح لا لون له ألا وطيب النساء لون لا ريح له قال سعيد أره قال إنما حملوا قوله في طيب النساء على أنها إذا خرجت فأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت ثم قال اسناده صحيح
فكأنه يرى سماع الحسن من عمران
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[04 - 09 - 06, 05:06 ص]ـ
أبو أحمد الهمام
والامام ابن تيمية قي (الاقتضاء) ذكر حديثاً من رواية الحسن عن عمران ... ثم قال: إسناده صحيح. فكأنه يرى سماع الحسن من عمران.
ـــــــــــ
الْحَمْدُ للهِ الْكَرِيْمِ الْمَنَّانِ. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى الْمَبْعُوثِ بِالْهِدَايَةِ وَالإِيْمَانِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي «مَجْمُوعِ الْفَتَاوَي»:
¥(13/374)
«رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «سَارِعُوا إلَى الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ اللهَ يَبْرُزُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ، فَيَكُونُونَ فِي قُرْبٍ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إلَى الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا».
وَأَيْضًا بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ إلَى شَبَّابَةَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «سَارِعُوا إلَى الْجُمُعَةِ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْرُزُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ أَبْيَضَ، فَيَكُونُونَ فِي الدُّنُوِّ مِنْهُ عَلَى مِقْدَارِ مُسَارَعَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا إلَى الْجُمُعَةِ، فَيُحْدِثُ لَهُمْ مِنْ الْكَرَامَةِ شَيْئًا لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ فِيمَا خَلا»، قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ لا يَسْبِقُهُ أَحَدٌ إلَى الْجُمُعَةِ قَالَ: فَجَاءَ يَوْمَاً وَقَدْ سَبَقَهُ رَجُلانِ فَقَالَ: رَجُلانِ وَأَنَا الثَّالِثُ، إنَّ اللهَ يُبَارِكُ فِي الثَّالِثِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ، وَزَادَ فِيهِ: «ثُمَّ يَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ فَيُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا قَدْ أَحْدَثَ لَهُمْ مِنْ الْكَرَامَةِ شَيْئًا لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ فِيمَا خَلا» هَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ» اهـ.
قُلْتُ: كَذَا حَكَمَ شَيْخُ الإِسْلامِ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى هَذَا الإِسْنَادِ «أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ» أَنَّه إسْنَادٌ صَحِيحٌ، مَعَ جَزْمِهِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعِ مِنْ كُتُبِهِ «أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ». فَإِنَّ قِيلَ: لِمَاذَا حَكَمَ لِمِثْلِ هَذَا الإِسْنَادِ بِالصِّحَةِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ؟.
أَجَابَ شَيْخُ الإِسْلامِ: «وَيُقَالُ: إنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ؛ لَكِنْ هُوَ عَالِمٌ بِحَالِ أَبِيهِ مُتَلَقٍّ لآثَارِهِ مَنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ أَبِيهِ وَهَذِهِ حَالٌ مُتَكَرِّرَةٌ مِنْ عَبْدِ اللهِ، فَتَكُونُ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَصْحَابِهِ، فَيَكْثُرُ الْمُتَحَدِّثُ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ مَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخَافَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْوَاسِطَةَ، فَلِهَذَا صَارَ النَّاسُ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَةِ ابْنِهِ عَنْهُ، وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ». اهـ
وَلَنَا أَنْ نَقُولَ: هَلْ يُقْبَلُ هَذَا الْقَوْلِ بِإطْلاقٍ فِي تَصْحِيحِ الأَسَانِيدِ الْمُنْقَطِعَةِ؟!.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[04 - 09 - 06, 07:28 ص]ـ
في الحقيقة بعد التأمل ليس لديّ إشكال من إثبات هؤلاء الأئمة السماع.
فلعل مذهبهم: إثبات السماع إذا روى عنه بمجرّد = المعاصرة ووجود احتمال قوي للّقاء = مثل المعايشة في نفس البلد لفترة طويلة ..
*ولا يرون أنّ الحسن يؤثر تدليسه في ذلك
فلعل الاختلاف لأجل المنهجية.
ولكن الإشكال الذي عندي هو نسبة أبي عبدالله الحاكم لأكثر أئمة البصرة إثباتَ السماع.
نعم، أنا مع الشيخ أبو محمد أنّ الحاكم لم يذكر أهل البصرة لأجل منهجهم.
ولكن ألا يمكن الاستفادة من معرفتنا السابقة مثلاً لمنهجهم في مثل ذلك - إذا ثبت أنّ أكثرهم يرون إثبات السماع - ?
أليسوا مشهورين بالتدقيق في مثل ذلك؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[04 - 09 - 06, 05:58 م]ـ
أم أنّ منهجهم في البصرة قد تغير في زمن الحاكم المتأخر؟
فلا يمكن الاستدلال بأكثريتهم في هذه الحال.
(هذه كلها أفكار)
وهذه خلاصتي لأصل الموضوع:
1 - وجود احتمالٍ قويٍ للّقاء، واردٌ لأن يكون هو سبب إثبات المثبتين للسماع من الأئمة. (فالاختلاف قد يكون منهجياً) لا لأجل نقول مثبتة للسماع.
2 - لعلّ الإمام مسلم نفى السماع - مع أنه يقبل بالمعاصرة وبالاحتمال القوي للّقاء، ليس كالبخاري أشدّ - لأجل ما اشتهر عن الحسن من تدليس.
3 - نحتاج إلى معرفة تاريخ بقاء منهج مدينة البصرة، إلى متى استمر عامّاً في هذه المدينة؟؟
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[05 - 09 - 06, 12:48 ص]ـ
اخ حمد بارك الله فيك والله اني مافهمت من كلامكم شي ما عليه فأنا عامي واريد خلاصة الكلام هل سمع الحسن ام لا \لأن كل تراجم الحسن التي قرأت تقول انه ((روى)) عن عمران فلا ادري هل ما بين القوسين تفيد السماع ام لا وتكون مشكورا
¥(13/375)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[05 - 09 - 06, 01:34 ص]ـ
أخي أحمد الحبيب
(روى عن فلان) في كتب التراجم مثل: التهذيب، لا تفيد السماع كما استفدت من الشيخ عبد الرحمن الفقيه في إحدى مناقشاته في المنتدى
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[05 - 09 - 06, 02:31 ص]ـ
اخ حمد بارك الله فيك ما لم افهمه في هذه الامور \مثال ((روى زيد عن عمر)) اذا لم يكن سماعا فماذا يكون هل هو بواسطة ام لا اذا كان بواسطة لماذا لم يذكر لان ما اعرفة عن شرط مسلم هو المعاصرة وهذا ما اشكل علي الى الان لانه اذا لم يسمع زيد من عمر كيف روى عنه
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[05 - 09 - 06, 03:05 ص]ـ
خلينا في كتب التراجم (ولو أننا خرجنا من الموضوع، ولكن لا مشكلة في ذلك أخي الحبيب أحمد، فلا أظن أنّ أحداً سيضيف شيئاً إلا إن كان سيفيدني أحد عن مدة ظهور منهج البصريين في مدينتهم)
خلينا في كتب التراجم، مثلاً:
4728 _ الحسن بن أبي الحسن
روى عن فلان وفلان وفلان ولم يسمع منه.
لاحظ هنا: (روى عن فلان ولم يسمع منه). ستجد ذلك في كتب التراجم.
نستخلص من هذا أنّ الرواية قد حصلت في السند مباشرة مثل:
(الحسن البصري عن أبي بكر)
فسُمّيت (رواية الحسن عن أبي بكر) أو (روى الحسن عن أبي بكر)؛ لأنه لا يوجد في السند واسطة. (لاحظ: أقول في السند لا في واقع الحال)
فلا يعني هذا أنه سمع منه مباشرة؛ لأن الحسن لم يعاصر أبا بكر أو لشيء آخر.
وقد يكون سمع من الشخص إذا روى عنه.
الخلاصة: هم إذا قالوا (روى عنه) أي في السند.
هذا بالنسبة لكتب التراجم، أما شرط مسلم في صحيحه فهو موضوع آخر، أرى أن تفتح موضوع جديد له أو تستخدم خاصية البحث أو تستمع لأشرطة المشايخ الذين شرحوا كتب المصطلح.(13/376)
تقيم بحث ودراسة "خلدون الأحدب" حول اختلاف المحدثين؟
ـ[عبد]ــــــــ[02 - 09 - 06, 02:38 ص]ـ
... خاصة في كتابه "أسباب اختلاف المحدثين "، أرجو الإفادة .. برأي الأفاضل نتسنير.
ـ[مسلم2003]ــــــــ[02 - 09 - 06, 02:44 ص]ـ
قرأته منذ سنوات، رائع جداً ومفيد ..
ـ[عبد]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:14 م]ـ
جزاك الله خيرا. وهل يوجد من فاقه في هذا الجانب؟
ـ[تركي مسفر]ــــــــ[16 - 04 - 08, 12:17 ص]ـ
انتبه لما فيه من التعصب للحنفية(13/377)
ليس هناك أحاديث على شرط الشيخين إلا التي ف
ـ[العدناني]ــــــــ[02 - 09 - 06, 02:40 ص]ـ
الصحيح أن عبارة على شرط الشيخين في الحكم على الحديث عبارة خاطئة
لأن هناك أحاديث حكم عليها البخاري بالضعف مع أن رجاله رجال الصحيح
وعلى هذا فيقال رجاله رجال الصحيح
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:10 ص]ـ
سؤال: لمن ينسب هذا الكلام؟
ـ[أحمد الصدفي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:18 ص]ـ
لأن هناك أحاديث حكم عليها البخاري بالضعف مع أن رجاله رجال الصحيح
[/ color]
هل هذا هو الدليل على عدم وجود أحاديث على شرط الشيخين إلا التي في الصحيحين!!
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[02 - 09 - 06, 06:46 م]ـ
لا
والدليل هو أن أئمة النقد والعلل لهم فى كل حديث نقد خاص به
ولأن طرقة جمع الصحيحين طريقة انتقائية
روى أهل البصرة عن معمر عن الزهرى عن سالم عن أبيه حديث غيلان فى إمساك أربع نسوة من عشرة
فهذا الحديث رجاله رجال الصحيحين وهو برمته بهذا السياق والتركيب فى الصحيحين ورويت به متون كثيرة
ولكنه ليس على شرطهما لما؟
لأنه معلول بالإرسال
والله أعلم
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[02 - 09 - 06, 07:00 م]ـ
وأنظر هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=11493&highlight=%E3%DA%E4%EC+%DA%E1%EC+%D4%D1%D8%E5%E3%C 7
ـ[أحمد الصدفي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 11:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
لكن وقع الإشكال عندي لأن الأخ العدناني عنون لموضوعه بقوله (ليس هناك أحاديث على شرط الشيخين إلا التي في الصحيحين) ثم قال في المشاركة (الصحيح أن عبارة على شرط الشيخين في الحكم على الحديث عبارة خاطئة)
وبين العبارتين فرق، فالأولى تقتضي عدم وجود أحاديث على شرط الشيخين إلا التي في الصحيحين وهو منقوض بقول البخاري: و تركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب.
انظر (طبقات الحنابلة 1/ 274، تاريخ بغداد 2/ 9)
أما الثانية فتقتضي تخطئة من قال أن الحديث على شرطهما؛ فقد لا يكون كذلك.
ـ[عزام الالباني]ــــــــ[03 - 09 - 06, 02:44 م]ـ
ان شرط الشيخين معروف و ليس مما يخفي او مما اسروه
و لذا فمن الممكن ان تجد احاديث كثيرة علي شرط الشيخين لم يخرجاها ثم ها قالا ان ما تركا من الصحيح اكثر
مثلا
البخاري في الصحيح ذكر حديثا فقال حدثنا ابو اليمان انا شعيب ثنا ابو الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صي الله عليه وسلم قال مثلي و مثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فجعل الفراش و هذه الدواب تقع في النار .... و وقف الي هنا و لم يكمل الحديث مع انه الي هنا لا يمكن فهم الحديث و لم يخرجه في اي موضع اخر من كتابه و انما ساق هذا الاسناد ليروي حديثا اخر بعده و هو حديث ان امراتين في بني اسرائيل جاء الذئب فذهب بابن احدهما فتحاكمتا الي داود و سليمان عليه السلام ....... فهو سمع هذين الحديثين متتاليين فذكر الاسناد في الاول منهما و لم يسمع الاسناد في الثاني فذكر الاسناد ثم جزء من الاول ثم بدا في محل الشاهد
اذن لا نستطيع ان نقول ان البخاري اخرج هذا الحديث و لكن نقول انه علي شرطه
ايضا حديث مسدد عن ابي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش سمعت عقبة بن عمرو قال لحذيفة رضي الله عنهما الا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكر حديث الدجال انه اذا خرج كان معه ماء و نارا فاتي يري الناس انها النار فماء بارد و التي يري الناس انه ماء بارد فنار تحرق فمن ادرك ذلك منكم فليقع في التي يري انها نار فانه عذب بارد انتهي الي هنا
هذا الحديث اخرجه بنفس السند ابو عبد الله الحاكم في المستدرك فاكمل بعده الحديث و ذكر ان الدجال يقتل ثلث الؤمنين ...... اذن البخاري اختصره ...... و لكن الحاكم قال بعد حديثه الطويل صحيح و لم يخرجاه مع ان اول الحديث خرجه البخاري و لكن الحاكم اكمله فقط بنفس سند البخاري ................
و قس علي ذلك الكثير علي ان الحاكم يري ان شرط الشيخين غير العدالة و الضبط و المعاصرة او المشافهة هو ورود الحديث من اكثر من طريق و تعدد مخارجه
¥(13/378)
كن اذا وجدت اسنادا في سنن ابي داود مثلا نفس الاسناد موجود في البخاري فاذا تاكدنا من ان ليس في السند مدلسا و قد عنعن لانك في البخاري قد تجد مدلسا يعنعن لكن يصرح بالتحديث في رواية اخري فيصح ان نقول اذن علي شرط الشيخين
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[04 - 09 - 06, 08:11 م]ـ
ان شرط الشيخين معروف و ليس مما يخفي او مما اسروه
جزاك الله خيرا
أولا: لم يقل أحد ولم يثبت أن الشيخان قد صرحا بشرطهما راجع مقدمة الفتح
ثانيا: هذا الشرط الذى ذكره العلماء مأخوذ من إستقراء الصحيحين
ثالثا: محل النزاع هو أنهم قد ذكروا فى شرطهما أن لا يكون الحديث معللا
والعلل كثيرة
والشيخان اطلعا على ما لم تطلع عليه أنت من العلل
وقد تكون العلة قادحة عندهم غير قادحة عندك
فإذا وقع لنا إسناد لحديث رجاله رجال الصحيح وبنفس التركيب كما تقدم فى المثال السابق
فإن ظاهر هذا السند أنه على شرطهما لكن قد تكون فيه علة لم تطلع عليها أنت واطلع عليها الشيخان أو أحدهما
فكيف تزعم أن هذا السند على شرطهما وهو عندهما معلل وقد زعمت من قبل أن من شرطهما خلو السند من العلة يعنى عندهما
و لذا فمن الممكن ان تجد احاديث كثيرة علي شرط الشيخين لم يخرجاها ثم ها قالا ان ما تركا من الصحيح اكثر
صحيح لكن كيف ستعلم أنه صحيح على شرطهما
هذا مما لا سبيل إليه الى بعد سؤالهما لما ذكرت لك من أمر العلل
مثلا
البخاري في الصحيح ذكر حديثا فقال حدثنا ابو اليمان انا شعيب ثنا ابو الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صي الله عليه وسلم قال مثلي و مثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فجعل الفراش و هذه الدواب تقع في النار .... و وقف الي هنا و لم يكمل الحديث مع انه الي هنا لا يمكن فهم الحديث و لم يخرجه في اي موضع اخر من كتابه و انما ساق هذا الاسناد ليروي حديثا اخر بعده و هو حديث ان امراتين في بني اسرائيل جاء الذئب فذهب بابن احدهما فتحاكمتا الي داود و سليمان عليه السلام ....... فهو سمع هذين الحديثين متتاليين فذكر الاسناد في الاول منهما و لم يسمع الاسناد في الثاني فذكر الاسناد ثم جزء من الاول ثم بدا في محل الشاهد
اذن لا نستطيع ان نقول ان البخاري اخرج هذا الحديث و لكن نقول انه علي شرطه
أولا: مادام أن البخارى خرجه فى صحيحه مسندا فيجوز أن نقول أخرجه البخارى إلا إذا كانت فيه علة ظاهرة مثل حديث عروة البارقى فى بيع الفضولى
لأن هذا معنا قول العلماء أخرجه البخارى فى صحيحه أن البخارى أسنده فى الصحيح
ثانيا: هذه نسخة كانت عند البخارى فهو للإختصار ذكر الحديث ناقصا لأنه غير المراد هنا ولكن المراد هو الحديث الذى بعده كما أخرج فى الوضوء حديث لا يبولن أحدكم فى الماء .... وأخرج قبله حديث نحن الأولون والآ خرون
والحديث له تكملة ولكن ليس هذ موضعه
فلم يقل أحد أن البخارى لم يخرجه
ثالثا: الحديث أخرجه البخارى تاما وبنفس السند فى كتاب الرقاق باب الإنتهاء عن المعاصى
فلا شك أن الحديث ليس بمعلول عنده
ايضا حديث مسدد عن ابي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش سمعت عقبة بن عمرو قال لحذيفة رضي الله عنهما الا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكر حديث الدجال انه اذا خرج كان معه ماء و نارا فاتي يري الناس انها النار فماء بارد و التي يري الناس انه ماء بارد فنار تحرق فمن ادرك ذلك منكم فليقع في التي يري انها نار فانه عذب بارد انتهي الي هنا
هذا الحديث اخرجه بنفس السند ابو عبد الله الحاكم في المستدرك فاكمل بعده الحديث و ذكر ان الدجال يقتل ثلث الؤمنين ...... اذن البخاري اختصره ...... و لكن الحاكم قال بعد حديثه الطويل صحيح و لم يخرجاه مع ان اول الحديث خرجه البخاري و لكن الحاكم اكمله فقط بنفس سند البخاري ................
و قس علي ذلك الكثير علي ان الحاكم يري ان شرط الشيخين غير العدالة و الضبط و المعاصرة او المشافهة هو ورود الحديث من اكثر من طريق و تعدد مخارجه
قد يكون إختصار الحديث دليل على أن باقى الحديث معلول عند المختصر وقد لايكون
هذا أولا وثانيا هذا لا يقاس عليه السند الذى لم يخرجه البخارى أصلا
كن اذا وجدت اسنادا في سنن ابي داود مثلا نفس الاسناد موجود في البخاري فاذا تاكدنا من ان ليس في السند مدلسا و قد عنعن لانك في البخاري قد تجد مدلسا يعنعن لكن يصرح بالتحديث في رواية اخري فيصح ان نقول اذن علي شرط الشيخين
العلل غير مقتصرة على علة التدليس قد تكون هناك علة أخرى لم تطلع عليها أنت واطلع عليها الشيخان أو أحدهما(13/379)
سيرة الحافظ عبدالغني الجماعيلي المقدسي
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 09:34 م]ـ
الامام العالم الحافظ الكبير الصادق القدوة العابد الاثري المتبع عالم الحفاظ تقي الدين ابو محمد عبدالغني بن عبدالواحد بن سرور ابن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي المنشأ الصالحي الحنبلي صاحب < الاحكام الكبرى > و <الصغرى >
قال الحافظ ضياءالدين المقدسي:
ولد سنة احدى و اربعين و خمس مئة بجماعيل اظنه في ربيع الاخر، قالت والدتي < يعني والدت الضياء المقدسي >: هو اكبر من أخيها الشيخ الموفق بأربعة أشهر،و الموفق ولد في شعبان.
سمع الكثير بدمش،و الاسكندرية، وبيت المقدس،و مصر،و بغداد، و حران، و الموصل،و اصبهان، و همذان، وكتب الكثير.
سمع ابا الفتح ابن البطي،و اباالحسن علي بن رباح الفراء، و الشخ عبدالقادر الجيلي، و هبة الله بن هلال الدقاق، و ابا زرعة المقدسي < بضم الزاي و تسكين الراء >، و معمر بن الفاخر،و احمد بن المقرب، و يحيى بن ثابت، و ابا بكر بن النقور، و احمد بن عبد الغني الباجسرائي،و عدة ببغداد، و الحافظ ابا طاهر السلفي،فكتب عنه نحوا من ألف جزء، و بدمش ابا المكارم بن هلال،، وسلمان بن علي الرحبي، وابا المعالى بن صابر، وعدة. و بمصر محمد بن علي الرحبي، و عبدالله بن بري < بتضعيف الراء >، وطائفة، و بأصيهان الحافظ ابا موسى المديني، و ابا الوفاء محمود بن حكما < بفتح الحاء و الكاف و الميم >، و ابا الفتح الخرقي، ابن ينال الترك < ابو العباس احمد بن ابي منصور احمد احمد بن محمد بن ينال >، و محمد بن عبدالواحد الصائغ، و حبيب بن ابراهيم الصوفي،، و بالموصل أبا الفضل الطوسي، و طائفة. و لم يزل يطلب و يسمع و يكتب، و يسهر، ويدأب، و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و يتقى الله، و يتعبد و يصوم، ويتهجد، و ينشر العلم الى ان مات، رحل الى بغداد مرتين، و الى مصر مرتين.
تصانيفه يرحمه الله:
كتاب < كتاب المصباح في عيون الاحاديث الصحاح > مشتمل على احاديث الصحيحين، فهو مستخرج عليهما بأسانيده، في ثمانية و أربعين جزءا < يعني الجز الحديثي >، كتاب < نهاية المراد من كلام خير العباد > في السنن، نحو مئتي جزء، كتاب < اليواقيت >، وكتاب < تحفة الطالبين في الجهاد و المجاهدين >، و كتاب < فضائل خير البرية >، و كتاب < الروضة >، و كتاب < التهجد >، و كتاب < الفرج >، و كتاب الصلات الى الاموات >، و كتاب < الصفات >، و كتاب < محنة الامام احمد بن حنبل >، و كتاب < ذم الرياء >، < وذمة الغيبة >، < و الترغيب في الدعاء، و < فضائل مكة >،، <و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر >، < فضل رمضان >، < فضل الصدقة >، و غيرها من الكتب النافعة.
ـ[عزام الالباني]ــــــــ[02 - 09 - 06, 10:50 م]ـ
استفتاه رجل رحمه الله: رجل حلف بالطلاق انك تحفظ مائة الف حديث فقال لو حلف علي اكثر من ذلك لم يقع الطلاق
و كان يقرا الحديث من كتاب دائما مع حفظه للحديث فقيل له في ذلك فقال اني اخاف العجب
و كان يصلي في كل يوم ثلاثمائة ركعة نفس ورد الامام احمد بن حنبل و من قبله ابي مسلم الخولاني فلما مات رئي في المنام فقال ان الله اجري علي وردي فعمله لا ينقطع
و اختلف معه رجل في حديث فقال الرجل هذا في البخاري قال ليس هذا فيه فسالا شيخيهما عن هذا الحديث فسال الحافظ عبد الغني هل هذا في البخاري فاستحيا الرجل
و من مصنفاته غير ما ذكر اخونا محمود غنام اشهر كتب الرجال علي الاطلاق الكمال في اسماء الرجال
ـ[أبو تراب البغدادي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 10:53 م]ـ
جزاك الله خيرا ....
أين أجد هذا الكتاب ((تحفة الطالبين في الجهاد و المجاهدين))
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[03 - 09 - 06, 01:28 ص]ـ
لفضيلة الدكتور خالد بن مرغوب بن محمد أمين، رسالة علمية نال بها بها درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية، وعنوانها: (الحافظ عبد الغني المقدسيّ محدّثا)، طبع المكتبة الإمدادية، مكة المكرمة، ومكتبة الحرمين، دبي، في (450) صفحة.
قال عن: (تحفة الطالبين في الجهاد والمجاهدين، ص: 229): مجلد، يروي فيه بالأسانيد، ويوجد جزء منه باسم: (فضل الجهاد) يقع في (9) أوراق فيه نقص بأوله، ووسطه، وآخره، الظاهرية برقم (1329) ومنه صورة بالجامعة الإسلامية، بالمدين النبوية، برقم (545).
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 04:11 م]ـ
و من مصنفاته يرحمه الله:
كتاب {فضل الصدقة}، و كتاب {فضل عشرة ذي الحجة}، و كتاب {فضائل الحج}، و كتاب {فضل رجب}، و كتاب {وفاة النبي صلى الله عليه و سلم}، و كتاب {الاقسام التى اقسم بها النبي صلى الله عليه و سلم}، و كتاب {الاربعين}، و كتاب {اربعين من كتاب رب العالمين}، و كتاب {اعتقاد الشافعي}، و كتاب {الحكايات}، و كتاب {تحقيق مشكل الالفاظ}، و كتاب {الجامع الصغير في الاحكام} لم يتم هذا الكتاب، و كتاب {ذكر القبور}، و كتاب {الاحاديث و الحكايات}، و كتاب {مناقب عمر بن عبدالعزيز}، و كتاب {مناقب الصحابة}، و كتاب {الاحكام الكبر}، و كتاب {الاحكام الصغرى}، و كتاب {درر الاثر}، و كتاب {السيرة}، و كتاب {الادعية الصحيحة}، و كتاب {تبين الاصابة لاوهام حصلت لابي نعيم في معرفة الصحابة}، و كتاب {الكمال في معرفة رجال الكت الستة}.
¥(13/380)
ـ[عمربن محمد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 01:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
هل يوجد كتاب اعتقاد الشافعى(13/381)
سؤال في التدليس؟؟؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[04 - 09 - 06, 10:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اذا كان هناك من يدلس في الراوية ... فهل يلزم من ذلك أن يكون كل من روى عنه أحاديث أن يكونوا في أعلى مراتب الضبط ... بحيث نأمن أن الراوي الذي روى عن هذا الملدلس لم يخلط بين كلمة (عن) و (حدثنا) ... أي يخلط بين التصريح بالسماع و غيره.
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[أبو ذر المغربي]ــــــــ[11 - 02 - 07, 02:07 ص]ـ
لا يا أخي، لا يلزم منه ذلك، وحبذا لو بينت مرادك بشيء من التفصيل والبيان، فعبارتك غير واضحة جدا. والله أجل وأعلم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[11 - 02 - 07, 02:53 ص]ـ
لا يا أخي، لا يلزم منه ذلك، وحبذا لو بينت مرادك بشيء من التفصيل والبيان، فعبارتك غير واضحة جدا. والله أجل وأعلم
قصدي بارك الله فيك ...
هل يشترط في التلميذ الذي يروي عن شيخ مدلس أن يكون ((تام الضبط)).
الاشكال عندي بارك الله فيك ... ما الذي يمنع التلميذ أن يخطيء في صيغة الأداء عن شيخه المدلس؟ فيقول بدلاً من ((حدثنا)) ... ((عن)).
أو يقول بدلاً من ((عن)) ... ((أخبرنا)) , وعلى هذا فقس ...
*******
اذا كان الراوي يهم في أصل الراوية ومتنها, ويقلب الاسناد, فما المانع من أن يأتي بصيغة تفيد التصريح بالسماع بدلاً من صيغة لا تفيد السماع؟ والعكس بالعكس؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 02 - 07, 02:29 م]ـ
نعم يا أخي بلال، وقد أحسنت بهذا السؤال
وكثير من الرواة الضابطين - فضلا عن غير الضابطين - يغير في الرواية بين (عن) و (حدثنا)
ولذلك تجد أهل العلم يكتفون بثبوت السماع فقط في رواية جاء بها ثقة حتى وإن كانت الروايات الأخرى بالعنعنة، باستثناء أن يخشوا وهمه في تغيير ذلك.
ومعنعنات المدلسين في الصحيحين من هذا الباب اكتفاء بثبوت السماع في رواية أخرى.
ولكن الأصل في الراوي الثقة أنه يأتي بالرواية على وجهها، ولا يوهَّم الثقة بمجرد الظن الذي لا يستند لشيء، ولكن إن كان له متابعون ينظر في مخالفتهم أو موافقتهم له.
وباب القرائن في ذلك واسع، والمتقدمون هم أصحاب النظر في هذا، فهم يعرفون أن الرواة درجات، فمنهم من يضبط الأسانيد ويهم في المتون، ومنهم من يهم في المتون ويضبط الأسانيد، ومنهم من يهم في أحاديث راو دون راو، أو أحاديث بلد دون بلد، وبعض المتأخرين ينظر في ذلك فيظن أن بعض أقوالهم تناقض بعضا، ولا يفهم النكتة في ذلك.
ولذلك كان الأئمة المتقدمون لا يردُّون كثيرا من عنعنة المدلس نفسه التي ثبت أنه عنعن فيها إلا إن كانوا في شك من سماعه وذلك بثبوت الواسطة مثلا في رواية أخرى أو قلة روايته عن هذا الراوي بلا واسطة أو نحو ذلك.
والله أعلم
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[11 - 02 - 07, 04:07 م]ـ
جزاك الله خيرا
قال ابن رجب فى شرح العلل:
فإنه كثيراً ما يرد التصريح بالسماع، ويكون خطأ، وقد روى ابن مهدي عن شعبة سمعت أبا بكر بن محمد بن حزم، فأنكره أحمد وقال: ((لم يسمع شعبة من أحد من اهل المدينة من القدماء ما يستدل به على أنه سمع من أبي بكر إلا سعيداً المقبري فإنه روى عنه حديثاً، فقيل له: فإن المقبري قديم؟ فسكت أحمد.
وهذا رابط يفيد فى المسألة:
تساهل المصريين والشاميين في السماع
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=540
وقد أنكر أحمد ويحى سماع عطاء من ابن عمر مع ورود التصريح بالسماع فى بعض الطرق
لكن الخطأ ممن هو دون عطاء
والله أعلم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - 02 - 07, 04:51 م]ـ
بارك الله فيكم.
أسند ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح (ص243) عن علي بن المديني قال: سمعت يحيى - هو ابن سعيد القطان - وقيل له: كان الحسن يقول: سمعت عمران بن حصين. فقال: "أما عن ثقة؛ فلا".
ويُنظر: الاتصال والانقطاع، للشيخ إبراهيم اللاحم، ص278 - 301.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[11 - 02 - 07, 05:01 م]ـ
شكر الله لكم وغفر لنا جميعاً
يعني ان التصريح بالتحديث ليس شرطاً في اثبات اتصال الاسناد؟
وأن الأصل التثبت من حال الرواة, فان وجد من ثبت تدليسه فينظر للقرائن, من خلال الرجوع الى كتب العلل, جمع الطرق ومقارنت بعضها مع بعض, ومعرفت من تصح روايته عنهم.
مع الرجوع الى كلام الحفاظ الذين حكموا على الأحاديث بلا شك حتى يستفيد من ترجيحاتهم.
فهل هذا الفهم مني صحيح أم هناك استدراك بارك الله فيكم؟
ولعل شيخنا ماهر يخرج لنا من كنوز معرفته كي أستفيد واخواني
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[11 - 02 - 07, 10:38 م]ـ
جزاك الله خيرا
يعني ان التصريح بالتحديث ليس شرطاً في اثبات اتصال الاسناد؟
الأصل عدم تخطأة الثقة إلا بدليل كما تقدم فى مشاركة الشيخ العوضى
فإذا وجدنا التصريح بالسماع من ثقة زالت وصمة التدليس عن السند أو الرواية إلا إذا دلت القرائن على وهم هذا الثقة والله أعلم
¥(13/382)
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[11 - 02 - 07, 10:45 م]ـ
بارك الله فيك أخي أمجد ... ونفعنا بعلمك
ـ[محمد عمرو]ــــــــ[12 - 02 - 07, 01:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لو تكرم اخواني الافاضل بسعة الصدر وطول البال.
نحصر الكلام في سؤال الاخ الحبيب هل يشترط تمام الضبط والاتقان في الراوي الذي أسند عن شيخه المدلس؟ وبصيغة أخرى كيف نعرف أن عنعنة أو تصريح شيخه المدلس لم يقع فيها وهم من تلميذ الراوي المدلس؟
رأيي المتواضع أن الأصل في الباحث الاكثفاء بظاهر الصيغة بمعنى لو كان الراوي مدلسا فنرى هل صرح بالتحديث أم لم يصرح الا اذ تبين لنا أن تصريحه (وعلى العكس) عنعنته وهم من الراوي عنه. وهذا سيظهر مع مزيد توسع في الطرق والمتابعات. والخطأ في التحديث يقع كما يقع عكسه والائمة النقاد يصرحون في كثير من أقوالهم وصنائعهم بالالتزام الصيغة التي سمعها الراوي كما كان امام السنة يردد كثيرا (أحب الي أن يبين كما كان) وقال شعبة (أحب الي أن يبين).
وهذا نلمسه جليا في صيغ العرض والمناولة والاجازة. مثاله قول الوليد بن مزيد قلت للأوزاعي كتبت عنك حديثا كثيرا فما أقول فيه؟ قال ما قرأته عليك وحدك فقل فيه حدثني وما قرأته على جماعة أنت فيهم فقل فيه ثنا وما قرأته علي وحدك فقل فيه أخبرني ... شرح العلل ج1ص 104.
وهذا ليس حيدة عن السؤال لكن الشاهد هو ابراز حرص المشايخ على بيان الصيغة.
وتطبيقيا لو عملنا على أساس عدم اشتراط التحديث في الراوي المدلس الا اذ نص امام على التدليس فسنقع في خلل كبير والله أعلم.
ولا أنس القاء التحية على أخي أمجد.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 02 - 07, 02:49 م]ـ
(للإفادة)
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني في (النافلة):
((هنا قاعدة هامة، فقد سألت شيخنا الألباني حفظه الله تعالى: ما وجه الحجة في قولكم في (الضعيفة) (محمد بن سيرين لم يسمع من عمران بن حصين كما قال الدارقطني خلافاً لأحمد). مع أن محمد بن سيرين صرح بالتحديث عن عمران – كما في ((صحيح مسلم)) – في حديث: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب .... )؟
فقال حفظه الله:
(عهدي بعيد بهذا الأمر، غير أننا نلاحظ كيفية رواية مسلم لهذا الحديث هل أورده في الأصول، أم في الشواهد والمتابعات، لأنه إن أورده في الشواهد والمتابعات فحينئذ لا يحتج فيها بمسألة التحديث لأن في رواة الشواهد والمتابعات ضعفًا، والإمام مسلم إنما يسوق الشواهد والمتابعات لتقوية حديث الباب، وليس بغرض إثبات سماع راو من راو، والراوي الضعيف قدْ يهم في هذا البحث فيقلب العنعنة إلى تصريح بالسماع، وهذا معروف مشهور).
قلت [الحويني]: وهذه قاعدة هامة جدًا، لم أر من نبه عليها قبل الشيخ فجزاه الله خيرًا)).
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[12 - 02 - 07, 05:01 م]ـ
جزاكم الله خيراً استاذنا أبا مالك ... لا حرمك الله الأجر
وبارك في أخي الحبيب محمد عمرو وأثابه على مشاركته ...
وفق الله الجميع الى كل خير
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[12 - 02 - 07, 06:05 م]ـ
جزاك الله خيرا
قلت [الحويني]: وهذه قاعدة هامة جدًا، لم أر من نبه عليها قبل الشيخ فجزاه الله خيرًا
قد نبّه عليها أحمد وقررها ابن رجب فى شرح العلل
ذكرته للفائدة فقط
ـ[أبوصالح]ــــــــ[12 - 02 - 07, 06:11 م]ـ
والراوي الضعيف قدْ يهم في هذا البحث فيقلب العنعنة إلى تصريح بالسماع، وهذا معروف مشهور
[/ indent]
هذه فائدة جليلة جدا
غفر الله لك واحسن اليك يا ابا مالك
وتندرج تحت اخطاء المحدثين في التصريح بالتحديث ويتفرع منه ايضا اخطاء النساخ في ذلك
وقد بسط الشيخ ابراهيم اللاحم في كتابه الاتصال والانقطاع في هوامش صفحة
بذكر قرابة العشرة امثلة متنوعة وجديرة بان يراجعها طالب العلم
رحم الله الامام الالباني
وبارك الله في عمر الشيخ ابي اسحاق الحويني
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[24 - 02 - 07, 12:49 ص]ـ
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,فقد ألحقت بحثاً فى المنتدى للرد على ذلك السؤال وارجوا ان اكون قد بينته ,واسمه التأسيس فى قواعد التدليس
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[18 - 03 - 07, 11:05 م]ـ
أخي الفاضل أعزك الله تعالى لنا بحث في المنتدى عن التدليس بعنوان:"الوجيز النفيس في معرفة التدليس "فانظره اذا احببت وفقك الله.
ـ[حامد الاندلسي]ــــــــ[28 - 03 - 07, 01:06 ص]ـ
احسن الله اليكم اخي أمجد فكلامك درر
ـ[حامد الاندلسي]ــــــــ[28 - 03 - 07, 01:07 ص]ـ
احسن الله اليكم اخي أمجد فكلامك درر. وبحثك بحر
ـ[أبو جعفر المدني]ــــــــ[29 - 03 - 07, 10:41 م]ـ
جزيتم خيرا جميعا على هذه الفوائد(13/383)
الاحتجاج بحديث عمر رضي الله عنه في رد خبر الآحاد
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 12:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
الأخوة الأفاضل أهل الملتقى .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض من يقول برد الأخذ بأحاديث الآحاد يحتجون بأثر عمر رضي الله عنه مع فاطمة بنت قيس في النفقة السكنى " لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ "
فإذا قلنا لهم أن ذلك من باب الترجيح بين الأدلة .. قالوا أن سبب الرد ليس الترجيح بل قوله "لا ندري لعلها حفظت أم نسيت" .. فجعل عمر رضي الله عنه الشك في ثبوت الحديث هو سبب الرد .. وإذا وقع الشك من الصحابة فالأولى وقوعه بين المتأخرين.
فما الرد على ذلك بارك الله بكم؟؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 09 - 06, 12:37 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لفظ (سنة رسوله) شاذة وغير ثابتة
في المعتبر في تخريج أحاديث المختصر للزركشي ص 169
(وبعد ففي صحة أصل هذا الخبر عن عمر نظر، وإن رواه مسلم في الصحيح فإن أباداود بعد أن أخرجه قال سمعت أحمد بن حنبل ذكر له قول عمر لاندع كتاب ربنا وسنة نبينا، قلت: صحيح عن عمر؟ قال:لآ
وقال ابن أبي حاتم في العلل: سئل أبي عن حديث عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا فقال الحديث ليس بمتصل وقيل له حديث الاسود عن عمر قال رواه عمار بن رزيق عن ابي اسحق وحده لم يتابع عليه
وقال الدارقطني ليست هذه اللفظة محفوظة، أعني قوله وسنة نبينا، وجماعة من الثقات لم يذكروها
قال القاضي عياض والصحيح سقوطها بدليل بقية الحديث، والاستشهاد بالآية، ولأنه لايوجد في الباب سوى حديث فاطمة هذا) انتهى.
وقال الإمام الدارقطني في العلل الواردة في الأحاديث النبوية ج:2 ص:140
164 وسئل عن حديث الأسود بن يزيد عن عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة يعني فاطمة بنت قيس ثم قال لها السكنى والنفقة
فقال رواه أشعث بن سوار عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن الأسود ورواه المحاربي عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود
ورواه أبو أحمد الزبيري عن عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن الأسود
وليست هذه اللفظة التي ذكرت فيه محفوظة وهي قوله وسنة نبينا لأن جماعة من الثقات رووه عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود أن عمر قال لا نجيز في ديننا قول امرأة ولم يقولوا فيه وسنة نبينا
وكذلك رواه يحيى بن آدم وهو أحفظ من أبي أحمد الزبيري وأثبت منه عن عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن الأسود عن عمر لم يقل فيه وسنة نبينا وهو الصواب
وكذلك رواه أبو كريب ومحمد بن عبد الله بن نمير عن حفص بن غياث عن الأعمش وخالفهم طلق بن غنام فرواه عن حفص عن الأعمش فقال فيه وسنة نبينا ووهم على حفص في ذلك لأن محمد بن عبد الله بن نمير وأبا كريب أحفظ منه وأثبت روياه عن حفص عن الأعمش ولم يذكرا ذلك والله أعلم) انتهى.
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله في شرح تهذيب السنن
قال أبو داود في المسائل سمعت أحمد بن حنبل وذكر له قول عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة فلم يصحح هذا عن عمر وقال الدارقطني هذا الكلام لا يثبت عن عمر يعني قوله سنة نبينا ثم ذكر أحاديث الباب ثم قال بعد انتهاء آخر الباب اختلف الناس في المبتوتة هل لها نفقة أو سكنى على ثلاثة مذاهب وعلى ثلاث روايات عن أحمد أحدها أنه لا سكنى لها ولا نفقة وهو ظاهر مذهبه
وهذا قول علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وجابر وعطاء وطاوس والحسن وعكرمة وميمون بن مهران وإسحاق بن راهويه وداود بن علي وأكثر فقهاء الحديث وهو مذهب صاحبة القصة فاطمة بنت قيس وكانت تناظر عليه
والثاني ويروى عن عمر وعبد الله بن مسعود أن لها السكنى والنفقة
وهو قول أكثر أهل العراق وقول بن شبرمة وبن أبي ليلى وسفيان الثوري والحسن بن أبي صالح وأبي حنيفة وأصحابه وعثمان البتي والعنبري
وحكاه أبو يعلى القاضي في مفرداته رواية عن أحمد وهي غريبة جدا والثالث أن لها السكنى دون النفقة وهذا قول مالك والشافعي وفقهاء المدينة السبعة وهو مذهب عائشة أم المؤمنين
¥(13/384)
وأسعد الناس بهذا الخبر من قال به وأنه لا نفقة لها ولا سكنى وليس مع رده حجة تقاومه ولا تقاربه
قال بن عبد البر أما من طريق الحجة وما يلزم منها فقول أحمد بن حنبل ومن تابعه أصح وأرجح لأنه ثبت عن النبي نصا صريحا فأي شيء يعارض هذا إلا مثله عن النبي الذي هو المبين عن الله مراده ولا شيء يدفع ذلك ومعلوم أنه أعلم بتأويل قول الله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم
وأما قول عمر ومن وافقه فقد خالفه علي وبن عباس ومن وافقهما والحجة معهم ولو لم يخالفهم أحد منهم لما قبل قول المخالف لقول رسول الله فإن قول رسول الله حجة على عمر وعلى غيره
ولم يصح عن عمر أنه قال لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة فإن أحمد أنكره وقال أما هذا فلا
ولكن قال لا نقبل في ديننا قول امرأة وهذا أمر يرده الإجماع على قبول المرأة في الرواية فأي حجة في شيء يخالفه الإجماع وترده السنة ويخالفه فيه علماء الصحابة
وقال إسماعيل بن إسحاق نحن نعلم أن عمر لا يقول لا ندع كتاب ربنا إلا لما هو موجود في كتاب الله تعالى والذي في الكتاب أن لها النفقة إذا كانت حاملا لقوله تعالى وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن وأما غير ذوات الحمل فلا يدل إلا على أنهن لا نفقة لهن لاشتراطه الحمل في الأمر بالإنفاق
آخر كلامه
والذي ردوا خبر فاطمة هذا ظنوه معارضا للقرآن فإن الله تعالى قال أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم وقال لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن وهذا لو كان كما ظنوه لكان في السكنى خاصة وأما إيجاب النفقة لها فليس في القرآن إلا ما يدل على أنه لا نفقة لهن كما قال القاضي إسماعيل لأن الله سبحانه وتعالى شرط في وجوب الإنفاق أن يكن من أولات الحمل وهو يدل على أنها إذا كانت حاملا فلا نفقة لها كيف وإن القرآن لا يدل على وجوب السكنى للمبتوتة بوجه ما فإن السياق كله إنما هو في الرجعية
يبين ذلك قوله تعالى لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وقوله فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وهذا في البائن
مستحيل ثم قال (أسكنوهن) واللاتي قال فيهن فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف قال فيهن أسكنوهن و لا تخرجوهن من بيوتهن وهذا ظاهر جدا
وشبهة من ظن أن الآية في البائن قوله تعالى وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن قالوا ومعلوم أن الرجعية لها النفقة حاملا كانت أو حائلا وهذا لا حجة فيه فإنه إذا أوجب نفقتها حاملا لم يدل ذلك على أنه لا نفقة لها إذا كانت حائلا بل فائدة التقييد بالحمل التنبيه على اختلاف جهة الانفاق بسبب الحمل قبل الوضع وبعده فقبل الوضع لها النفقة حتى تضعه فإذا وضعته صارت النفقة بحكم الإجارة ورضاعة الولد وهذه قد يقوم غيرها مقامها فيه فلا تستحقها لقوله تعالى وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى وأما النفقة حال الحمل فلا يقوم غيرها مقامها فيه بل هي مستمرة حتى تضعه
فجهة الإنفاق مختلفة
وأما الحائل فنفقتها معلومة من نفقة الزوجات فإنها زوجة ما دامت في العدة فلا حاجة إلى بيان وجوب نفقتها
وأما الحامل فلما اختلف جهة النفقة عليها قبل الوضع وبعده ذكر سبحانه الجهتين والسببين وهذا من أسرار القرآن ومعانيه التي يختص الله بفهمها من يشاء
وأيضا فلو كان قوله تعالى وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن في البوائن لكان دليلا ظاهرا على أن الحائل البائن لا نفقة لها لا شتراط الحمل في وجوب الإتفاق والحكم المعلق بالشرط يعدم عند عدمه وأما آية السكنى فلا يقول أحد إنها مختصة بالبائن لأن السياق يخالفه ويبين أن الرجعية مرادة منها فإما أن يقال هي مختصة بالرجعية كما يدل عليه سياق الكلام وتتحد الضمائر ولا تختلف مفسراتها بل يكون مفسر قوله فأمسكوهن هو مفسر قوله أسكنوهن وعلى هذا فلا حجة في سكنى البائن
وإما أن يقال هي عامة للبائن والرجعية وعلى هذا فلا يكون حديث فاطمة منافيا للقرآن بل غايته أن يكون مخصصا لعمومه وتخصيص القرآن بالسنة جائز واقع هذا لو كان قوله (أسكنوهن) عاما فكيف ولا يصح فيه العموم لما ذكرناه وقول النبي لا نفقة لك ولا سكنى وقوله في اللفظ الآخر إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة رواه الإمام أحمد والنسائي وإسناده صحيح
وفي لفظ لأحمد إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما
¥(13/385)
كانت عليها الرجعة فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى وهذا يبطل كل ما تأولوا به حديث فاطمة فإن هذا فتوى عامة وقضاء عام في حق كل مطلقة فلو لم يكن لشأن فاطمة ذكر في المبين لكان هذا اللفظ العام مستقلا بالحكم لا معارض له بوجه من الوجوه
فقد تبين أن القرآن لا يدل على خلاف هذا الحديث بل إنما يدل على موافقته كما قالت فاطمة بينى وبينكم القرآن
ولما ذكر لأحمد قول عمر لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة تبسم أحمد وقال أي شيء في القرآن خلاف هذا وأما قوله في الحديث وسنة نبينا فإن هذه اللفظة وإن كان مسلم رواها فقد طعن فيها الأئمة كالإمام أحمد وغيره
قال أبو داود في كتاب المسائل سمعت أحمد بن حنبل وذكر له قول عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة قلت أيصح هذا عن عمر قال لا
وروى هذه الحكاية البيهقي في السنن والآثار عن الحاكم عن ابن بطة عن أبي حامد الأشعري عن أبي داود
وقال الدارقطني هذا اللفظ لا يثبت يعني قوله وسنة نبينا ويحيى بن آدم أحفظ من أبي أحمد الزبيري وأثبت منه وقد تابعه قبيصة بن عقبة فرواه عن عمار بن رزيق مثل قول يحيى بن آدم سواء والحسن بن عمارة متروك وأشعت بن سوار ضعيف ورواه الأعمش عن إبراهيم دون قوله وسنة نبينا والأعمش أثبت من أشعت وأحفظ وقال البيهقي هذه اللفظة أخرجها مسلم في صحيحه
وذهب غيره من الحفاظ إلى أن قوله وسنة نبينا غسر محفوظة في هذا الحديث فقد رواه يحيى بن آدم وغيره عن عمار بن رزيق في السكنى دون هذه اللفظة وكذلك رواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمر دون قوله وسنة نبينا وإنما ذكره أبو أحمد عن عمار وأشعث عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن الأسود عن عمر والحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن الخليل الحضرمي عن عمر ثم ذكر كلام الدارقطني أنها لا تثبت
فقد تبين أنه ليس في السنة ما يعارض حديث فاطمة كما أنه ليس في الكتاب ما يعارضه
وفاطمة امرأة جليلة من فقهاء الصحابة غير متهمة في الرواية
وما يرويه بعص الأصوليين لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت غلط ليس في الحديث وإنما الذي في الحديث حفظت أم نسيت هذا لفظ مسلم
قال هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد أنه ذكر عند الشعبي قول عمر هذا حفظت أم نسيت فقال الشعبي امرأة من قريش ذات عقل ورأي تنسى قضاء قضى به عليها قال وكان الشعبي يأخذ بقولها
وقال ميمون بن مهران لسعيد بن المسيب تلك امرأة فتنت الناس لئن كانت إنما أخذت بما أفتاها رسول الله ما فتنت الناس وإن لنا في رسول الله أسوة حسنة
ثم رد خبرها بأنها امرأة مما لا يقول به أحد وقد أخذ الناس برواية من هو دون فاطمة وبخبر الفريعة وهي امرأة وبحديث النساء كأزواج النبي وغيرهن من الصحابيات بل قد احتج العلماء بحديث فاطمة هذا بعينه في أحكام كثيرة
منها نظر المرأة إلى الرجل ووضعها ثيابها في الخلوة وجواز الخطبة على خطبة الغير إذا لم تجبه المرأة ولم يسكن إليها وجواز نكاح القرشية لغير القرشي ونصيحة الرجل لمن استشاره في أمر يعيب من استشاره فيه وأن ذلك ليس بغيبة ومنها الإرسال بالطلاق في الغيبة
ومنها التعريض بخطبة المعتدة البائن بقوله لا تفوتيني بنفسك
ومنها احتجاج الأكثرين به على سقوط النفقة للمبتوتة التي ليست بحامل
فما بال حديثها محتجا به في هذه الأحكام دون سقوط السكنى فإن حفظته فهو حجة في الجميع وإن لم يكن محفوظا لم يجز أن يحتج به في شيء
والله أعلم
وقال الشافعي في القديم فإن قال قائل فإن عمر بن الخطاب اتهم حديث فاطمة بنت قيس وقال لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة قلنا لا نعرف أن عمر اتهمها وما كان في حديثها ما تتهم له ما حدثت إلا بما يجب وهي امرأة من المهاجرين لها شرف وعقل وفضل ولو رد شيء من حديثها كان إنما يرد منه أنه أمرها بالخروج من بيت زوجها فلم تذكر هي لم أمرت بذلك وإنما أمرت به لأنها استطالت على أحمائها فأمرت بالتحول عنهم للشر بينها وبينهم فكأنهم أحبوا لها ذكر السبب الذي له أخرجت لئلا يذهب ذاهب إلى أن النبي قضى أن تعتد المبتوتة حيث شاءت في غير بيت زوجها
وهذا الذي ذكره الشافعي هو تأويل عائشة بعينه وبه أجابت مروان لما احتج عليها بالحديث كما تقدم
ولكن هذا التأويل مما لا يصح دفع الحديث به من وجوه
¥(13/386)
أحدها أنه ليس بمذكور في القصة ولا علق عليه الحكم قط لا باللفظ ولا بالمفهوم وإن كان واقعا فتعليق الحكم به تعليق على وصف لم يعتبره النبي ولا في لفظه قط ما يدل على إسقاط السكنى به وترك لتعليق الحكم بالوصف الذي اعتبره وعلق به الحكم وهو عدم ثبوت الرجعة
الثاني أنكم لا تقولون به فإن المرأة ولو استطالت ولو عصت بما عسى أن تعصى به لا يسقط حقها من السكنى كما لو كانت حاملا بل كان يستكري لها من حقها في مال زوجها وتسكن ناحية
وقد أعاذ الله فاطمة بنت قيس من ظلمها وتعديها إلى هذا الحد كيف والنبي لم يعنفها بذلك ولا نهاها عنه ولا قال لها إنما أخرجت من بيتك بظلمك لأحمائك بل قال لها إنما السكنى والنفقة للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة وهذا هو الوجه الثالث وهو أن النبي ذكر لها السبب الذي من أجله سقط حقها من السكنى وهو سقوط حق الزوج من الرجعة وجعل هذا قضاء عاما لها ولغيرها فكيف يعدل عن هذا الوصف إلى وصف لو كان واقعا لم يكن له تأثير في الحكم أصلا وقد روى الحميدي في مسنده هذا الحديث وقال فيه يا ابنة قيس إنما لك السكنى والنفقة ما كان لزوجك عليك الرجعة ورواه الأثرم فأين التعليل بسلاطة اللسان مع هذا البيان ثم لو كان ذلك صحيحا لما احتاج عمر في رده إلى قوله لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة بل كان يقول لم يخرجها من السكنى إلا بذاؤها وسلطها ولم يعللها بانفراد المرأة به وقد كان عمر رضي الله عنه يقف أحيانا في انفراد بعض الصحابة كما طلب من أبي موسى شاهدا على روايته وغيره
وقد أنكرت فاطمة على من أنكر عليها وردت على من رد عليها وانتصرت لروايتها ومذهبها
رضي الله عنهم أجمعين
وقد قضى النبي في المتلاعنين أن لا يبت لها عليه ولا قوت ولو لم يكن في المسألة نص لكان القياس يقتضي سقوط النفقة والسكنى لأنها إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع والبائن قد فقد في حقها ذلك ولهذا وجبت للرجعية لتمكنه من الاستمتاع بها وأما البائن فلا سبيل له إلى الاستمتاع بها إلا بما يصل به إلى الأجنبية وحبسها لعدته لا يوجب نفقة كما لو وطئها بشبهة وكالملاعنة والمتوفى عنها زوجها
والله أعلم) انتهى.
طريقة تخريج الإمام مسلم للحديث في صحيحه، وبيان أنه لالوم عليه في ذكر هذه اللفظة وإنما ذكرها ليبين علتها على طريقة المحدّثين كما ذكر في المقدمة
قال الإمام مسلم رحمه الله
صحيح مسلم ج:2 ص:1117
1480 حدثني زهير بن حرب حدثنا هشيم أخبرنا سيار وحصين ومغيرة وأشعث ومجالد وإسماعيل بن أبي خالد وداود كلهم عن الشعبي قال دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله عليها فقالت طلقها زوجها البتة فقالت فخاصمته إلى رسول الله في السكنى والنفقة قالت فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت بن أم مكتوم
1480 وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن حصين وداود ومغيرة وإسماعيل وأشعث عن الشعبي أنه قال دخلت على فاطمة بنت قيس بمثل حديث زهير عن هشيم
1480 حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد بن الحارث الهجيمي حدثنا قرة حدثنا سيار أبو الحكم حدثنا الشعبي قال دخلنا على فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب بن طاب وسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاثا أين تعتد قالت طلقني بعلي ثلاثا فأذن لي النبي أن أعتد في أهلي
1480 حدثنا محمد بن المثنى وبن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي في المطلقة ثلاثا قال ليس لها سكنى ولا نفقة
1480 وحدثني إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوجي ثلاثا فأردت النقلة فأتيت النبي فقال انتقلي إلى بيت بن عمك عمرو بن أم مكتوم فاعتدى عنده
1480 وحدثناه محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا أبو أحمد حدثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق قال كنت مع الأسود بن يزيد جالسا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم أخذ الأسود كفا من حصى فحصبه به فقال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة قال الله عز وجل لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
1480 وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق بهذا الإسناد نحو حديث أبي أحمد عن عمار بن رزيق بقصته
فذكر هذه الرواية من طريق الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في بداية ذكره لطرق الحديث عن جمهور الرواة عن الشعبي ثم ذكر بعد ذلك الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي رحمه الله في ذكر هذه اللفظة فذكر أولا رواية من لم يذكرها عنه ثم ذكر رواية من ذكرها عنه
فالإمام مسلم رحمه الله إنما ذكرها ليبين علة هذه اللفظة ولذلك لم يصدر بها الباب
وهذا ما ذكره الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه أنه سيشرح العلل في مواضعها، وهذا منها، والله أعلم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=78685#post78685
¥(13/387)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 09 - 06, 12:40 م]ـ
وحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قد وهمتها فيه عائشة رضي الله عنها كذلك
وأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلا يصح نسبة رده لخبر الآحاد، وإنما كان رضي الله عنه بعض التشدد في التحري والتثبت لمصلحة عظيمة وهي الحفاظ على السنة النبوية وتنبيه المسلمين على شدة هذا الأمر حتى لايتساهلوا فيه، فالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شديد.
ومن أعظم الأمور التي تدل على قبول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخبر الآحاد قصة طاعون عمواس، فهو حديث لم يعرفه المهاجرون ولا الأنصار ولم يحدث به إلا صحابي واحد ومع ذلك أخذ به عمر رضي الله عنه وأرضاه.
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 01:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً شيخنا الفقيه وأعظم أجرك .. هل يمكننا من ذلك أن نلخص أنه لا يجوز الاحتجاج بقول عمر رضي الله لأن هذا كان اجتهاداً من عمر رضي الله عنه ولم يحصل الإجماع عليه من الصحابة .. بل خالفه في فتواه تلك غيره من الصحابة؟؟
وما الرد على قولهم " إذا كان الشك قد حصل في ثبوت الحديث في عهد الصحابة .. فالأولى وقوع ذلك عند المتأخرين .. فلا تفيد الآحاد العلم للشك في ثبوتها "
جزاكم الله خيراً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[05 - 09 - 06, 05:27 م]ـ
بارك الله فيكم
وحول ما يتعلق بالمسألة الفقهية فهي مبسوطة في كتب الفقه، وأما اجتهاد عمر رضي الله عنه فهو اجتهاد قوي وله وجهه لقوله تعالى ({أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (6) سورة الطلاق
وقد وافقه غيره من الصحابة ومن بعدهم.
وعمر رضي الله عنه لم يحصل منه رد الحديث حاشا وكلا، وإنما قامت عنده قرائن حول حفظها للقصة وعدم ضبطها له، وكذلك حصل من عائشة رضي الله عنها كما في البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما لفاطمة،ألا تتقي الله؟ يعني في قولها: لا سكنى ولا نفقة.
وفي صحيحه أيضاً - عنها: قالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها النبي صلى الله عليه وسلم.
فعدم أخذهم بقولها ليس تكذيبا لها أو طعنا فيها وإنما قامت عندهم قرينة معينة حول قولها بسقوط النفقة والسكنى للمبتوتة، ولاشك أن عمر رضي الله عنه وعائشة من فقهاء الصحابة وفهمهم للنص مقدم على فهمها ورأيها.(13/388)
الاختلاف في وفاة: عمرو بن يحيى المازني
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 05:13 م]ـ
الاختلاف في وفاة: عمرو بن يحيى المازني
قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 113) وتوفي عمرو بن يحيى سنة أربعين ومئة. وقال برهان الدين سبط ابن العجمي، في حاشيته على الكاشف (2/ 91، رقم 4252) نقلا عن الدمياطي أنه قال: توفي سنة (145هـ).
وقال الذهبي في التاريخ (3/ 718) قيل: توفي سنة بضع وثلاثين ومئة.
وقال ابن حجر في التقريب (5139): مات بعد الثلاثين.
وفي حاشية تذهيب الذهبي (7/ 219): قال الحافظ محمد بن طاهر: مات في الأربعين ومئة، حكاه الغافقي وهذا لفظه.
وفي هامش الجمع لابن القيسراني (1/ 370): قال الحافظ رشيد الدين: توفي عمرو بن يحيى المازني: سنة أربعين ومئة، قاله ابن الحذاء وغيره.
وقال السخاوي في التحفة (3/ 311): يقال: توفي سنة بضع وثلاثين [في الأصل: ثمانين، وهو خطأ]، وقال ابن عبد البر: مان سنة أربعين ومئة، ... ويحرر ذلك، وهو في التهذيب.(13/389)
خاتمة رسالة (جهود الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ في علم الحديث)
ـ[أبوسعد التميمي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 01:17 ص]ـ
هذه خاتمة نتائج رسالة (جهود الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ في علم الحديث) للشيخ رياض بن عبد المحسن بن سعيد والرسالة في 700 ص
الخاتمة
فيما يلي إيراد لأهم النتائج والتوصيات:
1 - اهتمام أئمة الدعوة البالغ بالتوحيد والفقه، حتى أصبحوا أهل اختصاص فيهما، وأما علم الحديث فلم يكن أئمة الدعوة ـ بدءاً من عصر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، إلى عهد قريب ـ لهم اهتمام بالحديث وعلومه؛ وذلك لانشغالهم بالتوحيد والفقه، وشدة الحاجة إليهما.
2 - إن عدم اهتمام أئمة الدعوة بعلم الحديث، وعدم بروز أئمة منهم في هذا العلم، هذا لا يعني أنهم لا يعرفون هذا العلم، بل لهم معرفة بهذا العلم و أُصوله، ولهم مشاركة فيه، ومما يدل على ذلك، ما يظهر في تطبيقاتهم العملية عند أجوبتهم لبعض المسائل، وشرحهم للأحاديث، ومعرفتهم وقراءتهم على كبار المحدثين، في بعض الأمصار، وتدريس بعضهم لكتب الحديث، على طريقة المحدثين، لا على طريقة الفقهاء.
3 - إن علم الحديث في منطقة نجد ـ في عصرنا هذا ـ أصبح علماً تبذل له عناية خاصة، وله أهله الذين يختصون به، على خلاف ما كان في السابق، وهذا له أسباب تقدم ذكرها.
4 - عناية الشيخ سليمان بنسخ كتب الحديث، وكتب الرجال، ومن ذلك نسخه لـ (صحيح البخاري)،و (التاريخ الأوسط)،و (تاريخ الإسلام) للذهبي.
وإذا نظرنا إلى تاريخ نسخ الشيخ لبعض كتب الحديث، نرى أنه قد نسخها في زهرة شبابه فمثلاً (تاريخ الإسلام)، نسخه الشيخ عام (1220هـ) أي يكون له من العمر عشرون سنة.
5 - تدريس الشيخ لكتب الحديث على طريقة المحدثين، ومن ذلك تدريسه في قصر الإمام سعود بن عبد العزيز لـ (صحيح البخاري).
6 - اثبتُ بعد التحقيق، أن للشيخ سليمان حاشية على (المغني في الضعفاء) وحاشية على (ميزان الاعتدال) وهذا مما لم أسبق إليه، والفضل في هذا لله سبحانه، والحاشيتان هما أهم ما كتبه الشيخ، ضمن مؤلفاته الحديثية، وإثباتهما للشيخ، فيه استدراك على كل من كتب، حول مؤلفات الشيخ.
7 - عناية الشيخ سليمان بالمخطوطات الواردة إلى نجد، وقد تمثلت هذه العناية بتملكه لأجود النسخ، والتحشية عليها، ومن ذلك تملكه لنسخة من (المغني في الضعفاء)،و (ميزان الاعتدال) والتحشية عليهما، وتصحيحهما.
8 - عناية الشيخ التامة بنسخ الكتب، وكان يعتني أن يكون ما نسخه من أجود النسخ، زيادة على ضبطه، وتوثيقه، وتحشيته، مع جمال خطه، وعنايته في كتابة العنوان، بالشكل والتزويق، واستخدامه الألوان المختلفة عند النسخ، وخير شاهد على هذا، نسخه لـ (زاد المعاد).
9 - كان للشيخ في تخريجه للحديث طريقة في العزو للمصادر وهي كما يلي:
أولاً: كثرة العزو للمصادر.
ثانياً: ذكره في الغالب، لبعض أحكام الأئمة عند عزو الحديث إليهم.
ثالثاً: عدم عزو الحديث، إلى المصدر الأدنى رتبة والأبعد شهرة، مع وجوده في الكتب المتقدمة رتبة وشهرة.
رابعاً: يعتمد في الغالب، عند العزو للمصادر، على الرجوع إلى الأصول دون الاعتماد على الوسائط.
خامساً: ترتيبه لمصادر التخريج.
10 - عناية الشيخ سليمان عند عزوه الحديث إلى مصادره، ببيان فروق المتن، وذلك عند الحاجة.
11 - للشيخ سليمان أغراض في إبراز الإسناد أو بعضه ـ عند تخريج الحديث ـ وهي كما يلي:
أولاً: إبرازه الإسناد أو بعضه، لبيان ضعف بعض رواته.
ثانياً: إبرازه الإسناد أو بعضه، للحكم عليه بالصحة.
12 - للشيخ أغراض في جمعه لطرق الحديث ـ عند تخريج الحديث ـ وهي كما يلي:
أولاً: جمع طرق الحديث لتقويته.
ثانياً: جمع طرق الحديث لبيان ضعفه.
ثالثاً: جمع طرق الحديث للترجيح عند المعارضة.
13 - للشيخ سليمان في (تيسير العزيز) تعقبات حديثية، على شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب في كتابه (التوحيد) وهي كما يلي:
أولاً: تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث والآثار، غير معزوة إلى من أخرجها.
ثانياً: تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث والروايات، إلى بعض المصادر وهم لم يخرجوها.
ثالثاً: تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث والآثار، إلى بعض الصحابة، وهي لغيرهم.
رابعاً: تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، دون ذكر رواتها من الصحابة.
¥(13/390)
خامساً: تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، من غير بيان هل هي موقوفة أو مرفوعة.
سادساً: تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث إلى بعض المصادر، وهي غير المرادة عند الإطلاق.
سابعاً: تعقبه في إيراده لبعض الروايات، عقب بعض الأحاديث، وهي واردة في أحاديث أخرى. وهذه التعقبات غالبها من باب التكميل لا التعقب.
14 - بيان خطأ نقد الشيخ الألباني، للشيخ سليمان في التخريج، وذلك بقوله: «… وله من مثل هذا التخريج أوهام كثيرة، يجعل الاعتماد عليه في التخريج، غير موثوق به».
وبيان دقة الشيخ سليمان وعنايته، في تخريج الأحاديث والآثار، وعزوها إلى مصادرها.
15 - من خلال منهج الشيخ في الجرح والتعديل، كانت له طريقة في إيراد التراجم، وهي على طريقة أهل الحديث، وبيان ذلك على ما يلي:
أ – ذكره لاسم الراوي، واسم أبيه، وجده، ونسبه، وكنيته، ومنزلته، ووفاته.
ب – ضبطه لبعض أسماء الرواة، مما يحتاج إلى ضبط.
ج – ذكره للخلاف في اسم الراوي.
د – ذكره للخلاف، في صحبة الراوي الأعلى.
هـ – ذكره لبعض الفوائد الحديثية، أثناء الترجمة.
16 - مصادر الشيخ في تراجمه للصحابة وباقي الرواة، ليست بتلك المصادر الكثيرة، علماً أنه ينقل في بعض التراجم، من مصادر عزيزة جداً. وبيان الشيخ لمصادره في التراجم،كان على ما يلي:
أ – تارة يذكر تسمية الكتاب والمؤلف.
ب – تارة يذكر تسمية الكتاب دون المؤلف.
ج – تارة يذكر تسمية المؤلف دون الكتاب.
د – تارة لا يذكر تسمية الكتاب ولا المؤلف.
17 - للشيخ منهج في كلامه على الرواة جرحاً وتعديلاً،وهو على ما يلي:
أولاً: عنايته في كلامه على الرواة، بنقل أقوال الأئمة المتقدمين.
ثانياً: عنايته في كلامه على الرواة، بنقل أقوال الإمامين الذهبي، وابن حجر.
ثالثاً: إذا كان الراوي ثقة مشهور، أو شديد الضعف، فإن الشيخ في الغالب لا يُفصِّل القول فيه، بل يُوجز.
رابعاً: من عادة الشيخ في الغالب، أنه لا يتصرف في عبارات الجرح والتعديل التي ينقلها، بل يذكرها كما جاءت في مصادرها.
18 - للشيخ اجتهاد في الحكم على الرواة، وهو على قسمين:
أولاً: يذكر الشيخ أقوال الأئمة في الراوي، ثم يذكر ما يرجحه، وهذا كثير.
ثانياً: لا يذكر الشيخ أقوال الأئمة في الراوي، بل يحكم مباشرة، وهذا في الغالب.
19 - مناقشة الشيخ لبعض القضايا المتعلقة بالجرح والتعديل، وهي على ما يلي:
أولاً: مناقشته لقاعدة (شعبة لا يروي إلا عن ثقة).
ثانياً: تعقبه على الإمام ابن حزم، في تجهيله لبعض الرواة.
ثالثاً: تعقبه على الإمام ابن القيم، في تجهيله لبعض الرواة.
20 - للشيخ عبارات في الحكم على الحديث تصحيحاً، وتضعيفاً.
21 - للشيخ مصادره في الحكم على الحديث، ومما ينبغي التنبيه عليه، أن الشيخ عند نقله لحكم بعض الأئمة تارة ـ وهو الغالب ـ يصرح بتسمية المؤلف دون الكتاب، وقد لا يصرح بتسمية المؤلف، ولا بتسمية الكتاب، ويخلط قوله بقول غيره، وهذا قليل.
22 - للشيخ اجتهاد في الحكم على الحديث، وهو على ما يلي:
أولاً: حكمه على الحديث بالصحة، من خلال تصحيح إسناده.
ثانياً: حكمه على الحديث بالصحة، لأن إسناده على شرط البخاري.
ثالثاً: حكمه على الحديث بالصحة، لأن إسناده على شرط مسلم.
رابعاً: حكمه على الحديث بالضعف، من خلال تضعيف إسناده.
خامساً: حكمه على حديث بالضعف، لأنه من قبيل المعضل، ولعلل أخرى.
سادساً: حكمه على الحديث بالبطلان، لتفرد راويه عن بقية الحفاظ.
سابعاً: حكمه على حديث جاء موقوفاً ومرفوعاً، بالوقف لكون من وقفه ثقة ثبت، ومن رفعه ضعيف.
ثامناً: حكمه على حديث، دون الوقوف على إسناده بالوضع، لمخالفته القرآن والسنة.
تاسعاً: حكمه على حديث، دون النظر في إسناده، بأنه باطل، وذلك لمخالفته الواقع.
عاشراً: حكمه على حديث، بأنه غير ثابت، وإن صححه الترمذي، وتوجيهه لذلك.
23 - يرى الشيخ في مسألة أصح الأسانيد، أن الصواب عدم التعميم مطلقاً، بل ينبغي تخصيص القول فيها بصحابي، أو بلد مخصوص، وهذا قول الجمهور.
¥(13/391)
24 - فصَّل الشيخ الكلام في مسألة من أهم مسائل الحكم على الحديث، فقال: «أهل العلم يروون الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لبيان حالها وإسنادها، لا للاعتماد عليها واعتقادها، وكتب المحدثين مشحونة بذلك، فبعضهم يذكر علة الحديث، ويبين حاله وضعفه، إن كان ضعيفاً، ووضعه إن كان موضوعاً، وبعضهم يكتفي بإيراد الحديث بإسناده، ويرى أنه قد برئ من عهدته، إذ أورده بإسناده لظهور حال رواته، كما يفعل ذلك الحافظ أبو نعيم، وأبو القاسم بن عساكر، وغيرهما. فليس في رواية من رواه وسكوته عنه دليل على أنه صحيح، أو حسن أو ضعيف، بل قد يكون موضوعاً عنده، فلا يدل سكوته عنه على جواز العمل به عنده».
25 - قمت بمناقشة الشيخ سليمان، في بعض المسائل المتعلقة بالحكم على الحديث، وهي ما يلي:
المسألة الأولى: ذهب الشيخ إلى أن جمع العالم بين حديثين، يُستدل به على ثبوت الحديث عنده،وصلاحيته للحجة، وهذا خلاف الصواب.
المسألة الثانية: ذهب الشيخ إلى أن الإمام الترمذي، يتساهل في التصحيح كالحاكم، وإن كان الترمذي أحسن نقداً، وهذا هو الراجح.
المسألة الثالثة: ذهب الشيخ، إلى أن صحة الإسناد، دليل على صحة الحديث، وهذا فيه نظر؛ ذلك أنه لا يلزم من صحة الإسناد، صحة الحديث.
المسألة الرابعة: ذهب الشيخ، إلى أن عدم تعقب الإمام الذهبي في كتابه (مختصر المستدرك) على ما يصححه الحاكم من أحاديث، يعد موافقة منه وإقراراً بصحة ذلك الحديث، وهذا ليس بصواب.
26 - اعتنى الشيخ في (تيسير العزيز) بشرح الأحاديث الواردة في (كتاب التوحيد) وعنايته جاءت في جوانب متعددة، منها:
أولاً: يشرح الحديث، مستعيناً بآيات القرآن الكريم.
ثانياً: يشرح الحديث، مستعيناً بالحديث نفسه.
ثالثاً: يشرح الحديث، مستعيناً بالأحاديث الأخرى الشاهدة على معناه.
رابعاً: يشرح الحديث، مستعيناً بالآثار.
خامساً: يشرح الحديث، مستعيناً ببعض الشعر.
سادساً: يشرح الحديث، مستعيناً بالنقل عن كبار العلماء المحققين.
27 - اعتنى الشيخ في كتابه (تيسير العزيز) بضبط ألفاظ الحديث، وبيان الغريب ومختلف الحديث.
28 - تميزت (حاشية الشيخ سليمان على المغني) بعدة مزايا، هي كما يلي:
أولاً: تعقباته الحديثية على الإمام الذهبي، وهي متنوعة كما يلي:
1 - تعقبه على الإمام الذهبي، في الإخلال ببعض شرطه الذي نص عليه في مقدمة الكتاب.
2 - تعقبه على الإمام الذهبي، في عدم رمزه لـ (سنن ابن ماجة) في مقدمة الكتاب.
3 - تعقبه على الإمام الذهبي، في عدم تفريقه بين رجلين في كتابه (تاريخ الإسلام) وفرق بينهما في (المغني).
4 - تعقبه على الإمام الذهبي، في حكمه على بعض الرواة بالجهالة، وهم بخلاف ذلك.
5 - تعقبه على الإمام الذهبي، في سياقه لترجمة راوٍ بما يوهم أنه ثقة، وليس كذلك.
6 - تعقبه على الإمام الذهبي، في كلامه على راوٍ بما لا يوجب ضعفه.
7 - تعقبه على الإمام الذهبي في تضعيفه لأحد الرواة، وهو بخلاف ذلك.
8 - تعقبه على الإمام الذهبي، في نسبته لجرح أحد الأئمة لراوٍ، والجرح إنما هو لراوٍ آخر.
ثانياً: تعقبه على الحافظ ابن حجر، في توثيقه لراوٍ مجهول.
ثالثاً: تعقبه على أبي حاتم الرازي، في تضعيفه لراوٍ أخرج له البخاري.
رابعاً: تعقبه على الحافظ ابن عدي، في تقويته لراوٍ رمي بالكذب.
خامساً: تعقبه على الإمام الدارقطني، في مبالغته في الحكم على راوٍ له أوهام، بطرح حديثه وإسقاطه، وضمنه تعقب على الذهبي.
سادساً: ذُكر الشيخ سليمان، لكثير من تراجم الرواة المجاهيل، زيادة على ما ذكر في (المغني).
سابعاً: ذكر الشيخ سليمان، لكثير من تراجم الرواة ممن تُكلِّم فيهم، زيادة على ما ذُكر في (المغني).
ثامناً: ذكر الشيخ، سليمان لبعض أقوال أئمة الجرح، فيمن ترُجم له في (المغني) زيادة على ما ذكره الذهبي.
تاسعاً: زيادة الشيخ، في ذكره وفاة بعض الرواة، ممن تُرجم لهم في (المغني).
عاشراً: زيادة الشيخ في تعريف بعض الرواة، ممن تُرجم له في (المغني).
الحادي عشر: تنبيه الشيخ، على بعض مناهج المحدثين.
الثاني عشر: ضبط الشيخ، بالحرف والشكل لبعض الأسماء الغريبة، ممن تُرجم له في (المغني).
الثالث عشر: تصويب الشيخ، لبعض ما وقع في نسخته من (المغني) من خطأ وتصحيف.
¥(13/392)
29 - تميزت (حاشية الشيخ سليمان على ميزان الاعتدال) بعدة مزايا، هي كما يلي:
أولاً: تعقباته الحديثية، على الإمام الذهبي، وهي متنوعة على ما يلي:
1 - تعقبه على الإمام الذهبي، في تجهيله لبعض الرواة، وهم بخلاف ذلك.
2 - تعقبه على الإمام الذهبي، في وهمه في نقل عبارة جرح لأبي حاتم في حق راوٍ، والصحيح عنه خلاف هذه العبارة، وأنه وثقه.
3 - تعقبه على الإمام الذهبي، في عدم معرفته لراوٍ، وهو قد ترجم له في ميزانه.
4 - تعقبه على الإمام الذهبي، في إيهامه تضعيف راوٍ،وذلك باكتفائه بذكر جرح أحد الأئمة له، دون ذكر من وثقه، وهذا فيه قصور.
5 - تعقبه على الإمام الذهبي، في نقله لروايتين عن ابن معين، في توثيق راوٍ وتضعيفه، ورواية التضعيف، قد حكم عليها بعض الحفاظ بالخطأ.
6 - تعقبه على الإمام الذهبي، في ذكره لراوٍ من الصحابة ولا وجه لذكره؛ حيث قد خالف ما شرطه في كتابه، من عدم ذكر الصحابة.
ثانياً: تعقبه على الإمام ابن حزم، في غلوه الزائد، في جرح الحافظ أبو الحسين عبد الباقي بن قانع.
ثالثا: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة، في طعنه على الإمام الذهبي، بأنه يتعمد في (الميزان) تضعيف ما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، وتصحيح ما ورد في فضائل غيره.
رابعاً: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة، في طعنه على الإمام الذهبي، بأنه دلَّس تسمية الحافظ الجوزجاني، وكنَّاه ليُروِّج باطله.
خامساً: ذكر الشيخ سليمان، لبعض أقوال الأئمة، مما يتعلق بجرح الراوي، زيادة على ما ذُكر في (الميزان).
سادساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض الرواة ممن تُكلِّم فيهم، زيادة على ما ذُكر في (الميزان).
سابعاً: تنبيه الشيخ، فيما قد يقع من الوهم والخطأ، في تراجم الرواة، كأن يُترجم لراويين، وهما راوٍ واحد.
ثامناً: إتمام الشيخ، لبعض ما سقط من نسخته ـ من الميزان ـ بعد عرضها ومقابلتها، بنسخ أخرى متميزة، وذلك كسقوط بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة.
تاسعاً: وقوف الشيخ، على نسخة من (الميزان) عليها خط الحافظ ابن حجر، ونسخة أخرى، عليها خط الحافظ الحسيني.
30 - حاشية الشيخ سليمان، على (المغني) و (الميزان) وما أفاده في تراجم الرجال أثبت عملياً، صدق مقالة الشيخ عن نفسه: «معرفتي برجال الحديث أكثر من معرفتي برجال الدرعية».
ومن أهم التوصيات التي أراها جديرة بالذكر ما يلي:
1 - ضرورة الاهتمام بجمع، ودراسة جهود أئمة الدعوة ـ في العلم، والدعوة خاصة في عصرنا هذا ـ وذلك لسلامتهم عقيدة، ومنهجاً.
2 - هناك شبهات ودعاوى تثار ـ في الداخل والخارج ـ على منهج أئمة الدعوة، علماً ودعوة، ولا سبيل لردها، إلا بالدراسة والمناقشة.
3 - ضرورة الاهتمام بجمع وإخراج، ما تبقى من تراث أئمة الدعوة، والذي ما زال بعضه في مكتبات خارجية، وبعضه حَبيس مكتبات شخصية في منطقة نجد، والشيخ سليمان بن عبد الله، له نصيب من هذا التراث المفقود.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[05 - 09 - 06, 01:00 م]ـ
هل تتكرم أخي بشيء من التفصيل عن حاشية الشيخ سليمان على" الميزان "و"المغني" للذهبي
وأين توجد وكيف الحصول عليها ومنهجه فيها؟
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[05 - 09 - 06, 02:52 م]ـ
هل تتكرم أخي بشيء من التفصيل عن حاشية الشيخ سليمان على" الميزان "و"المغني" للذهبي
وأين توجد وكيف الحصول عليها ومنهجه فيها؟
ستنشر قريباً على الملتقى بعد موافقة الشيخ رياض بن سعيد
ـ[سليل الأكابر]ــــــــ[06 - 09 - 06, 02:09 ص]ـ
حاشية الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ على كتابي "الميزان" و"المغني" للذهبي هي في الحقيقة تعليقات وتعقبات مختصرة وهي قليلة ليست بالكثيرة لعلها لا تتجاوز الثلاثين أو الأربعين موضعاً.
ونسختها الخطية في مصر فيما أذكر، والله أعلم
ولعل الشيخ رياض يزيد هذا الأمر إيضاحاً وتبياناً.
ودمتم بخير وعافية
محبكم السليل(13/393)
معنى " الطبقة " في عرف المحدثين
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[05 - 09 - 06, 04:23 م]ـ
الطبقة
الطبقة لها عند المحدثين والمؤرخين مَعان بينها في الأصل كثير من التقارب؛ وإليك أهم وأشهر معانيها عندهم واستعمالاتها الشائعة بينهم:
المعنى الأول: جماعة من الناس متعاصرون يشتركون في بعض ما له شأنٌ من أوصافهم وأحوالهم.
ومن أمثلة ذلك هذه الطبقات:
طبقة الصحابة، يشتركون في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حال إيمانهم به، بشرط موتهم على ذلك.
طبقة البدريين، وهم الصحابة الذين قاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في معركة بدر.
طبقة المهاجرين، وهم الصحابة الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.
طبقة التابعين، وهم المسلمون الذين لقوا الصحابة وليسوا منهم.
طبقة الكوفيين من التابعين، يشتركون في معنيين هما كونهم تابعين، وكونهم من أهل الكوفة.
وأكثر كتب الطبقات التي ألفها القدماء كخليفة بن خياط وابن سعد وغيرهما، أُلفت لمثل هذا المعنى الأول من معاني الطبقات.
المعنى الثاني – وهو أخص من المعنى الأول -: وهو الأقران، فيقال: زيدٌ من طبقة شيوخ البخاري، ويقال: عمرو من طبقة سفيان الثوري، أي يصلح لمشاركة سفيان في معظم شيوخه وتلامذته.
وهذا التعبير شهير عند المحدثين وشائع في استعمالهم؛ فهم يطلقون الطبقة على الرواة الذين يتعاصرون ويتقاربون في السن ويشتركون في غالب شيوخهم، ويشترك في السماع منهم غالب تلامذتهم، وهؤلاء هم الأقران؛ فتراهم يقولون: فلان من طبقة شيوخ زيد ولكن زيداً لم يسمع منه؛ ويقولون: فلان من طبقةِ شيوخِ شيوخِ عمرو فكيف يسمع منه عمرو؟! وهذا المعنى هو الغالب في استعمالهم لهذه الكلمة (1).
وهذا الاصطلاح كثير عند المحدثين متكرر في تواريخهم وسائر كتبهم في الرجال والعلل.
فابن حجر - مثلاً – قسم رجال الكتب الستة ومؤلفات أصحابها الأخرى في كتابه (تقريب التهذيب) إلى اثنتي عشرة طبقة، بيَّن شروطه فيها في مقدمته، فذكر هناك أنه يذكر فيما يذكره في الترجمةِ التعريفَ بعصر الراوي بحيث يكون قائماً مقام ما حذفه مِن ذِكْر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمَن لبسه، وذكر أن طبقاتهم انحصرت - باعتبار ذلك - في اثنتي عشرة طبقة، ثم بينها بقوله:
(وأما الطبقات:
فالأولى الصحابة على اختلاف مراتبهم، وتمييز من ليس له منهم الا مجرد الرؤية، من غيره.
الثانية: طبقة كبار التابعين كابن المسيب، فإن كان مخضرماً صرحت بذلك.
الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين كالحسن وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تليها جل روايتهم عن كبار التابعين كالزهري وقتادة.
الخامسة: الطبقة الصغرى منهم، الذين رأوا الواحد والاثنين ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش.
السادسة: طبقة عاصروا الخامسة، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج.
السابعة: كبار أتباع التابعين كمالك والثوري.
الثامنة: الطبقة الوسطى منهم كابن علية وابن علية.
التاسعة: الطبقة الصغرى من أتباع التابعين كيزيد بن هارون والشافعي وابي داود الطيالسي وعبد الرزاق.
العاشرة: كبار الآخذين عن تبع الأتباع ممن لم يلق التابعين كاحمد بن حنبل.
الحادية عشرة: الطبقة الوسطى من ذلك كالذهلي والبخاري.
الطبقة الثانية عشرة: صغار الآخذين عن تبع الأتباع كالترمذي وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة الذين تأخرت وفاتهم قليلاً كبعض شيوخ النسائي.
قال: وذكرت وفاة من عرفت سنة وفاته منهم، فإن كان من الأولى والثانية فهم قبل المئة، وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة فهم بعد المئة؛ وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات فهم بعد المئتين، ومن ندر عن ذلك بينته).
قلت: وبهذا يعلم اصطلاح ابن حجر في هذه الكلمات التي يستعملها في تراجم (التقريب) مثل قوله (من الثانية) أو (من الثالثة)، وما بعد ذلك، وكذلك يعلم اصطلاحه في تواريخ الوفيات في ذلك الكتاب، فإنه يحذف فيما يذكره من ذلك ذكر المئات غالباً ويقتصر على ما زاد عليها، مثل أن يقول فيمن توفي في سنة مئة وثمانين: (توفي سنة ثمانين)، مستغنياً عن ذلك بما يبينه من طبقات الرواة.
¥(13/394)
المعنى الثالث – وهو أخص من المعنى الثاني -: وهو مراتب الأقران في الحفظ والإتقان، في شيخ من شيوخهم، مثل ما ورد في كلامهم على شروط الأئمة أصحاب الصحيحين والسنن، فقسموا أصحاب الزهري وغيره إلى طبقات متفاوتة في الحفظ والإتقان والملازمة، ثم ذكروا من كان يخرج لبعض الطبقات دون بعضها وبينوا شروطهم في الاحتجاج بتلك الطبقات، ورد ذلك في (شروط الأئمة) للحازمي وفي (شرح علل الترمذي) لابن رجب وفي (نكت ابن حجر) و (فتح المغيث) و (تدريب الراوي) وكتب أخرى.
المعنى الرابع: المتعاصرون الذين تقاربت أوقات وفياتهم، واعتاد بعض المؤرخين في بعض كتبهم – منهم الإمام الذهبي في (تاريخ الإسلام) - أن يشترط في ذلك التقارب أن لا يزيد على عشر سنين، وهي عقد من الزمن؛ فالطبقة في ذلك الكتاب تدل على طائفة من المترجمين تقاربت وفياتهم فلم يكن بينها من الفروق أكثر من عشر سنين (2)؛ فمثلاً الطبقة الرابعة والستون من الكتاب مختصة بتراجم الأعلام الذين ماتوا في سنة (631هـ) أو سنة (640هـ)، أو بين هاتين السنتين.
ويظهر أن أهم الأمور التي ألجأت الذهبيَّ إلى هذا الاصطلاح هو عدم وقوفه، على وجه التعيين أو التحديد، على تاريخ وفيات كثير من قدماء المترجَمين ممن توفي قبل القرن الرابع، ولكنه علم ذلك على سبيل التخمين والتقريب، فرأى أن يتدارك هذه العقبة بهذا الترتيب الإجمالي (3).
وبعبارة أخرى فيها زيادة في المعنى أقول: استعمل الذهبي ذلك التقسيم والاصطلاح، لأمرين:
الأول: تبويب الكتاب وتفصيله وترتيبه، أي الترتيب الزمني.
والثاني: تيسُّر إدخال كل مترجم في طبقته، فإن جماعاتٍ من المترجمين، ولا سيما ممن كان من المتقدمين، لا تُعلم سنة وفياتهم على وجه الضبط والتعيين؛ فلو رتب كتابه على السنوات لما تهيأ له ذكر هؤلاء في سنوات معينة، ولاضطره ذلك إلى إدخالهم في بعض السنوات على سبيل الظن والتخمين، أو يذكرهم في ذيول خاصة بهم، أو يصنع غير ذلك، فاختار الذي هو أولى وأليق.
وأما المترجَمون ممن توفي في مطلع القرن الرابع وما بعده، فتواريخ وفياتهم معلومة في الغالب، فلذلك كان الذهبي هنا يرتب التراجم ضمن الطبقة الواحدة على سني الوفيات، سنة فسنة، ولكنه بقي – مع ذلك – يحتاج أحياناً أن يذكر في نهاية الطبقة من لم يقف على تاريخ وفاته من المترجمين؛ وهذا من فوائد ترتيب كتابه على الطبقات العَشرية.
فائدة: التصنيف على الطبقات الزمنية المذكورة صعبٌ لا يتيسر إلا لكبار الحفاظ؛ قال المنذري في (التكملة) (2/ 352 طبعة بغداد) في ابن بصيلة أبي محمد عبد الله بن خلف بن رافع القاهري المتوفى سنة (598هـ):
(أحسن فيه [أي في كتابه الدر المنظم في فضل من سكن المقطم] ما شاء وجعله على الطبقات مع أنه لا يصنف في الطبقات إلا الواثق بحفظه فإن الغلط فيها يكثر ----). انتهى.
وبقي بعد هذه المعاني الأربعة لكلمة (الطبقة) معنيان آخران مجازيان:
أولهما وهو المعنى الخامس: التسميع أي كتابة السماع، ويطلق على ذلك أيضاً (السماع) من غير أن يضاف إليه كلمة (كتابة).
فالطبقة بهذا المعنى هي ما يُكتب في أول أو آخر صفحات الكتاب، أو في أي موضع من صفحاته الأخرى، ببيان أسماء من حضر مجلس الحديث واسم الكاتب، وتُعرض تلك الكتابة على المُسمِع فيوقَّع عليها بخطه ويؤرخها، ويُكتب عادة اسم المكان الذي عقد فيه مجلس السماع، وتكون هذه الطبقة مستنداً في الرواية لمن أثبت اسمه فيها، وشهادة له بالسماع.
لما كان المذكورون في التسميع معدودين طبقةً واحدة، إما لاتفاقهم في السماع من الشيخ، فهم طبقة واحدة في ذلك المسموع، أو لأنهم في الغالب أقران، فهم من طبقة واحدة، أقول: لما كانوا كذلك سُمّوا طبقةً؛ ثم حصل تجوز فأطلقوا هذا الاسم على كتابة أسماء مثل تلك الطبقة على أصولهم أو بعض أصولهم، لأنها يذكر فيها طبقة السامعين ويشهد فيها لسماعها؛ وانظر (التسميع).
تنبيه: الطبقة بهذا المعنى تُجمع على طباق.
وثانيهما، وهو المعنى السادس: وبيانه أن كلمة الطبقة تستعمل أحياناً استعمالاً مجازياً، اسماً للكتاب من كتب التراجم، ولو كان ترتيب ذلك الكتاب على الأسماء لا على الوفَيات.
ونظير ذلك التجوز أن يسمى كتاب التراجم المصنف على حروف المعجم كتاب وفيات.
************************************************** **************************************************
(1) ومنهم من يكتفي في جعل الرجلين من طبقة واحدة بأن يشتركا في اللقي، ولو كان أحدهما شيخاً للآخر، وهو اصطلاح غير جيد لأنه شاذ وموهم.
(2) استعمل الذهبي (الطبقة) في طائفة من كتبه الرجالية المرتبة على الطبقات، لتدل على خصائص اللقيا ونحوها من المعاني، موافقاً في ذلك جمهور علماء الرجال والأسانيد.
(3) انظر تفاصيل هذه المسألة في (الذهبي ومنهجه في كتابه "تاريخ الإسلام") للدكتور بشار عواد معروف.
¥(13/395)
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[05 - 09 - 06, 04:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 04:46 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
بارك الله في الشيخ الفاضل البحاثة محمد خلف سلامة، ونفعنا به
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 06:38 م]ـ
الأخ محمد خلف سلامة
بارك الله فيك وزادك علماً وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك ..
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:41 ص]ـ
وأنتم جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[02 - 11 - 06, 12:10 ص]ـ
السلام عليكم، بارك الله فيك، شيخنا لو سمحت من المصادر ممكن اعتمد على هذه التقسيمات والحديث عن الطبقات
ـ[أسامة]ــــــــ[02 - 11 - 06, 02:26 ص]ـ
عذرا مكرر
ـ[أسامة]ــــــــ[02 - 11 - 06, 02:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذراً ياشيخ فأنا طالب مبتدئ في طلب العلم الشرعي، ولدي بعض الأسئلة جزاكم الله خير ..
# شيخنا الفاضل في المعنى الثاني والذي تم تقسيم الطبقات فيه الى أثني عشر طبقة، هل من الممكن ان أحدد السنوات لكل طبقة؟
# أيضاً للتوضيح أكثر مثال طبقة الصحابة رضوان الله عليهم تنتهي أي عام؟ والتداخل مع طبقة التابعين يبدأ من أي عام؟ ولو على وجه التقريب. كذلك التابعين مع تابع التابعين، كيف استطيع ان اعرف ان هذا تابعي بناء على سنة وفاته؟ وهذا تابع التابعي؟
# يعني لو وجدت ان أحد من الرواة في الكتب التي أعتمدت المعنى الرابع (حسب طرحكم الكريم في هذا الموضوع) وكانت سنة وفاته 359، فإلى أي طبقة أضعه بناء على المعنى الثاني
# ما هي الفوائد التي أجنيها كطالب علم من دراسة الطبقات (وليس الرجال)؟ وماذا بشأن السنوات التي تلت هذا الكتب؟
# وهل تؤثر طبقة هذا الرجل في موضوع الجرح والتعديل (خلا الصحابة طبعاً فهم كلهم عدول)؟
مثل هل طبقة التابعين أرفع في العدالة من طبقة تبع أتباع؟
# ماذا تعني الطبقة الكبرى والوسطى والصغري؟ وكم تستمر الطبقة بالسنوات؟
أرجوا التكرم والتوضيح أكثر ..
وجزاك الله خير ..
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[15 - 11 - 06, 11:39 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكما ووفقكما إلى كل خير.
أخي الفاضل أسامة هذه عجالة لعلك تجد فيها جواباً عن بعض ما استفسرتَه:
1 - قضية تحديد الطبقات مستندة إلى صفات التحمل والأداء، من حيث اعتبار طبقة شيوخ الراوي وطبقة الآخذين عنه، وليست مستندة إلى سنة وفاة الراوي ولا سنة ولادته، وأن كانت هاتان السنتان لا تخلوان في الغالب من أن يكون لهما بعض الدخْل في مسألة تعيين طبقة الراوي.
2 - قولك (ما هي الفوائد التي أجنيها كطالب علم من دراسة الطبقات (وليس الرجال)؟ وماذا بشأن السنوات التي تلت هذا الكتب؟).
الجواب عن هذا يأتي مفصلاً بإذن الله.
3 - قولك (وهل تؤثر طبقة هذا الرجل في موضوع الجرح والتعديل - خلا الصحابة طبعاً فهم كلهم عدول -؟ مثل هل طبقة التابعين أرفع في العدالة من طبقة تبع أتباع؟)
الجواب: أما في الجملة فنعم، وأما على التفصيل فلا؛ فمثلاً ينبغي أن يكون التثبت في توثيق رجل مقل أو فيه بعض الجهالة وهو من معاصري الإمام أحمد أو الإمام النسائي أكثر من التثبت في توثيق رجل مثله ولكنه من التابعين.
4 - وهذه تكملة أرى فيها زيادة في الإيضاح لبعض ما تقدم من المسائل؛ وإن كانت هذه الكلمة غير مستغنية عن مزيد من التحرير والتوضيح؛ ولكن الوقت الآن لا يتسع لأكثر من هذا؛ فأقول:
طبقات الرواة (الزمنية) العامة يراد بها معرفة صلاحيتهم في الجملة لأن يكونوا من الرواة عن زيد وعن طبقته، ولأن يكونوا أيضاً ممن روى عنهم عمرو أو غيره من أهل طبقته.
فتعيين طبقة الراوي الزمنية تاريخ مجمل له؛ وذلك نظير كون الحكم على الراوي بكلمة نقدية اصطلاحية حكماً مجملاً على حاله، أي من حيث قوته وضعفه في مروياته.
فمثلاً إذا حكمنا على فلان من الرواة بأنه ثقة فمعلوم أنه لا يلزم من ذلك الحكم أن يكون مصيباً في كل ما رواه، بل قد تُرَدّ بعض أفراده أو متابعاته، وقد يذكر العلماء له جملة من الأحاديث التي وهم فيها، ولكن لا بد أن تكون تلك الأوهام من القلة بحيث لا تمنع من إطلاق توثيقه.
¥(13/396)
وكذلك إذا قلنا: (فلان من الطبقة الفلانية) فلا يلزم أن يكون مؤهلاً للسماع من كل الرواة الذين سمع منهم أهل طبقته؛ وهذا أوضح من الذي قبله؛ فموانع السماع من المعاصرين كثيرة جداً، والمعاصرة وحدها بعيدة عن أن تكون كافية لحصول السماع، ولكن المعاصرة المعتبرة تكون سبباً لإمكانية السماع، أو شرطاً من شروطِ تحققه.
والحقيقة أن تعيين طبقة الراوي الزمنية هو محاولة لتحديد عمره الحديثي (إذا استقامت العبارة)، أي تحديد بداية ونهاية تحملِه، وتحديد بداية ونهاية أدائه لما تحمله.
ولما كان تعيين تواريخ هذه الحدود الأربعة غير ممكن أو غير متيسر، في كثير من الأحيان، احتاج العلماء إلى معرفة ما يدل على تلك الحدود دلالة تقريبية تخمينية، فلذلك استعانوا في هذا الباب بما يلي:
1 - معرفة تاريخ ولادة الراوي.
2 - معرفة تاريخ وفاته.
3 - معرفة بلده وتواريخ رحلاته وكل ما يدل على الطلب أو على عدمه.
4 - معرفة وفيات شيوخه ومن روى عنهم.
5 - معرفة تواريخ ولادات تلامذته.
6 - معرفة بلدان ورحلات هؤلاء التلامذة وأولئك الشيوخ.
7 - معرفة عرف أهل ذلك البلد في بدء التحمل وبدء التحديث.
وأعبر عن بعض ما تقدم بعبارة أخرى:
يحتاج النقاد، من أجل نقد الأسانيد، إلى معرفة ما سمعه كل راو من شيوخه، مما لم يسمعه، وكذلك معرفة مكان السماع أو وقته، إذا كان الشيخ ممن اختلط في آخر عمره أو تغير حاله في الرواية.
ولما كان ذلك غير متيسر في كثير من الأوقات تطلبوا معرفةً هي أقل تفصيلاً مما تقدم، مثل أن يعلموا أن الراوي سمع من شيخه الفلاني في بغداد فقط، أو سمع منه الكتاب الفلاني فقط، أو سمع منه ثلاثة أحاديث فقط.
فإن لم يتيسر ذلك أحياناً احتاجوا إلى تمييز شيوخه الذين سمع منهم في الجملة، أعني تمييزهم عن غيرهم ممن لم يسمع منهم، وقد وردت له عنهم روايات من غير واسطة، أو غيرهم ممن قد يُظن أنه سمع منهم بسبب المعاصرة مثلاً؛ واحتاجوا أيضاً إلى معرفة حاله من حيث تعاطيه التدليس أو انعدام ذلك عنده.
فإن لم تتيسر معرفة كونه سمع في الجملة من شيخ روى عنه، أو لم يسمع منه، ظهرت حينئذ الحاجة إلى معرفة طبقة ذلك الراوي بين المحدثين، إذ فيها دلالة مجملة على تعيين طبقة شيوخه وطبقة تلامذته.
فإن لم يتيسر ذلك أيضاً أو لم يكن كافياً احتيج إلى معرفة تاريخ ولادة الراوي، لتكون معرفتها بدلاً مما تقدم وأهمه وأفضله وأقربه معرفة تاريخ شروعه بسماع الحديث.
وبهذا يتبين أن معرفة تاريخ ولادة الراوي ووفاته ليست مطلوبة لذاتها بل لتدل دلالة تقريبية على طبقته أو على إمكانية اتصال السند بينه وبين غيره من الرواة فوقه أو دونه.
فإذن لا نستغني بمعرفة تاريخ ولادة الراوي عن معرفة تاريخ بدئه بسماع الحديث، إلا عند عدم تيسر معرفة هذا التاريخ، أي تاريخ البدء؛ وكذلك لا نستغني بمعرفة تاريخ وفاة الراوي عن معرفة تاريخ توقفه عن إسماع الحديث وأدائه إلا إذا لم يتيسر لنا الوقوف على ذلك التاريخ، أي تاريخ التوقف.
ولكن الأغلب في الواقع هو عدم معرفة تواريخ البدء بالسماع والتحديث، والانتهاء منهما أو التوقف عنهما، فاستعاض المؤرخون عن هذه المطالب بما تقدم لأنه من أسباب الدلالة عليها، وإنما قلت: (من أسباب الدلالة---)، ولم أقل (يدل) لأنه لا يدل وحده، بل يدل مع ضمائم أخرى أهمها العرف العام أو عرف أهل البلد في عمر الطالب عند بدء الطلب واختتامه وعمر الشيخ عند بدء التحديث وانتهائه.
تمثيل افتراضي لبعض ما تقدم:
لو اتفق علماء الحديث أن زيداً من الرواة لم يسمع إلا من أبيه، ولم يسمع منه إلا ابنه، فهل توجد ضرورة أو حاجة ملحة إلى معرفة سنة وفاته؟
الجواب: لا؛ ولكن معرفة سنة الولادة أو الوفاة قد تكون نافعة جداً في دفع حجج المعاندين، أو بيان أوهام الواهمين؛ فلو زعم بعض الناس أن زيداً المذكور سمع من فلان من المشايخ غير أبيه، رُدّ قوله بأنهما لم يتعاصرا فإن زيداً ولد بعد وفاة ذلك الشيخ، كما يدل عليه التاريخ؛ فهذا كما ترى أقطع لذلك القول وأوضح إبطالاً له من أن نحاول رده بقول من قال من العلماء أن زيداً لم يسمع إلا من أبيه.
تنبيه:
العلم المجمل يحتاجه أهل العلم في كثير من الأحيان فلا يستغنى عنه في تلك الأحوال بالعلم المفصل، مثل أن يكون المقام مقام إجمال أو مقام تعليم المبتدئين في ذلك العلم أو نحو ذلك من المقامات التي لا يناسبها التفصيل.
وأخيراً، فهذا ما تيسر الآن، ولعل الله تعالى ييسر على يدي أو يد غيري من إخواننا توسعاً أو زيادة في الإفادة؛ ومن الله التوفيق.
ـ[أسامة]ــــــــ[20 - 11 - 06, 11:34 م]ـ
شيخنا الفاضل (محمد خلف)
اسأل الله ان يرزقني وإياك الفردوس الأعلى من الجنة .. الحمد لله ان هيء لهذه الأمة أمثالكم .. واسأله كذلك ان ينفعني بما ذكرت
أسامة
¥(13/397)
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[17 - 07 - 07, 12:07 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل، والحمد لله الذي هيأ لهذه الأمة من هو خير مني بمئات المرات، ونسأل الله أن يصلحنا ويغفر لنا.(13/398)
لقطع هذا البلعوم
ـ[الأثري22]ــــــــ[05 - 09 - 06, 09:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة أرفق لكم في هذا الموضوع دراسة أثر أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وِعَاءَيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ)
حيث أنه قد أشكل على بعض الأخوه مع أثره الآخر (وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا).
وأرجو منكم تقويم ما ترونه وإعلامي بذلك أولاً بأول.
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[07 - 11 - 06, 10:47 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بعلمك
لقد إنتفعت بهذه الدراسه وأرسلتها إلى من أعرف أن لديه مثلي إشكالا.(13/399)
هل يؤخذ بالحديث حسن السند في مسائل العقيد
ـ[علي بن المسلم]ــــــــ[06 - 09 - 06, 12:30 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*******************************
الاخوة الافاضل طلبة العلم في المنتدى
في احد المنتديات وضعت توقيعي هذا الحديث
قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نبز يسمون الرافضة قاتلوهم فإنهم مشركون) رواه والطبراني واسناده حسن
فسألني احد الاخوة سؤالاً
قال لي:
اعزنا الله و اياكم بإقامة شرعه ... و تمكين دينه ... و اقامة سنة نبيه ...
و لي استدراك لمداخلتك و هو:- هل في الشرع الاعتماد علي الحديث الحسن سنده في امور الغيبيات (العقيدة) جائز؟
في الحقيقة ... لم اجبه لاني لم اطلع قبل على المسألة .. فياليت احد الاخوة يجيبني .. بارك الله فيكم
ـ[حسان خادم الأربعين]ــــــــ[06 - 09 - 06, 01:40 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أخي الكريم .. لا يقبل في مسائل العقيدة إلا الحديث الصحيح الذي استكمل شروط الصحة المعروفة .. سواء كان آحاداً أم متواتراً .. أما الحسن فيقبل في الأحكام العملية ولا يقبل في العقائد والله أعلم ..
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[06 - 09 - 06, 01:58 ص]ـ
وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أخي الكريم .. لا يقبل في مسائل العقيدة إلا الحديث الصحيح الذي استكمل شروط الصحة المعروفة .. سواء كان آحاداً أم متواتراً .. أما الحسن فيقبل في الأحكام العملية ولا يقبل في العقائد والله أعلم ..
مَنْ الذي قال بهذا يا حسان؟!
هذه مصنفات أئمة السنة لم يشترطوا مثل هذا الشرط الغريب! والذي يحضرني الآن: العقيدة الواسطية، كان شيخ الإسلام يورد الحديث ويعقّب: (حديث حسن)!
وما الدليل على التفريق بين الأحكام العملية والعقائد في الحديث الحسن؟ ومَنْ قال به؟
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[06 - 09 - 06, 02:03 ص]ـ
ولا أعني أن حديث الرافضة حديثٌ حسن، بل هو حديثٌ منكرٌ لا يصح ..
ـ[وائل عاشور]ــــــــ[06 - 09 - 06, 02:03 ص]ـ
......
قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نبز يسمون الرافضة قاتلوهم فإنهم مشركون) رواه والطبراني واسناده حسن
من حسّنه يا أخي .. ؟
فجميع أسانيده واهية ومنكرة.
ـ[أبو عمر]ــــــــ[06 - 09 - 06, 02:12 ص]ـ
قال الشيخ عمر المقبل حفظه الله تعالى:
لا يصح في الفرق حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في الخوارج،أما غيرهم من
الفرق،فلا يثبت شيء،والله أعلم.
وقد سمعت الشيخ عبد الله السعد حفظه الله وعافاه يقرر هذه الكلية في شرحه لكتاب "الإلزامات".
للاستزادة حول هذا الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=25094.
ـ[علي بن المسلم]ــــــــ[06 - 09 - 06, 10:28 ص]ـ
وعليكم السلام
**************
جزاكم الله خيرا اخواني الفضلاء
طيب .. لي
ليطمئن قلبي ... هل من الممكن ان يحيلني احد الاخوة على كتاب فيه ما استشهد
الاخ اسامة عباس .. بارك الله فيك ... ولك فضلاً ... ارجع الى سؤالي ... قصدت الحديث حسن الاسناد ... ولم اقصد الحديث الحسن (متناً واسناداً)
الفاضل ابن عاشور الحنبلي
إسناده ضعيف الحجاج بن تميم ضعيف وعمران بن زيد وهو التغلبي كما في التقريب وسائر رجاله ثقات رجال مسلم وإسماعيل بن سالم هو الصائغ البغدادي والحديث أخرجه أبو يعلى من طريق أخرى عن عمران بن زيد به وقال الهيثمي رواه ابو يعلى والبزار والطبراني ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف ثم ساقه بلفظ آخر عنه يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نبز يسمون الرافضة قاتلوهم فإنهم مشركون وقال رواه الطبراني وإسناده حسن .....
بانتظار ردودكم .. جزاكم الله خيراً
ـ[علي بن المسلم]ــــــــ[06 - 09 - 06, 10:32 ص]ـ
بارك الله فيك اخي ابو عمر ........ اطمئن قلبي ...... بشأن الحديث
وما زال سؤالي يراودني ...
هل يحتج بالحديث الحسن السند في مسائل الغيبيات (العقيدة)(13/400)
حديث واحد فقط أورده البخاري في صحيحه نقلاً عن شيخه الإمام أحمد؟؟؟
ـ[عبدالرحمن بن طالب]ــــــــ[06 - 09 - 06, 03:25 ص]ـ
هل هذا صحيح فقد ذكره لي بعض الإخوة نقلاً عن العلامة العثيمين رحمه الله والحديث هو:
"وقال لنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ (حرمت عليكم أمهاتكم) " ..
ويذكر بعض طلبة العلم أن سبب ذلك هو أن البخاري رحمه الله سمع مبكراً فأدرك شيوخ شيخه الإمام أحمد رحمهما الله جميعاً أفيدونا حفظكم الله ..
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:04 ص]ـ
قرأت لاحد اهل العلم ان البخارى لقى احمد وكان قد ترك الجلوس للتحديث فأخذ عن بعض اصحابه والله تعالى اعلم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 09 - 06, 09:27 ص]ـ
عبد الرحمن السديس المشاركات: n/a
سبب قلة رواية البخاري عن الإمام أحمد
--------------------------------------------------------------------------------
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري 9/ 154
وليس للمصنف – البخاري - في هذا الكتاب رواية عن أحمد إلا في هذا الموضع – رقم 5105 - وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة وكأنه لم يكثر عنه لأنه في رحلته القديمة لقي كثيرا من مشايخ أحمد؛ فاستغنى بهم، وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قد قطع التحديث؛ فكان لا يحدث إلا نادرا فمن ثم أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=269556#post269556
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 09 - 06, 09:31 ص]ـ
وفي رسالة الحكمة من رواية البخاري بالإسناد النازل
طالب حماد أبو شعر *
كلية أصول الدين- الجامعة الإسلامية - غزة
أخرجه البخاري في المغازي من صحيحه؛ عن أحمد بن الحسن الترمذي، صاحب الإمام أحمد بن حنبل، عن أحمد. فوقع بدلاً، فكأنه سمعه من مسلم".
الحكمة من رواية البخاري بالإسناد النازل
سبب نزول البخاري في إسناده فوات سماع الحديث عليه من الإمام أحمد بن حنبل، فنزل درجة ليحصل له سماع الحديث بواسطة شيخ آخر. والبخاري سمع من أحمد بن حنبل.
قال الإمام محمد بن إسحاق بن مندة: "سمع منه وروى عنه في كتابه عن أحمد بن الحسن الترمذي عنه حديثاً واحداً".
ونظرت في حديث البخاري عنه في الصحيح؛ فوجدت أنه روى عنه إضافة لهذا الحديث، حديثا ثانياً قال فيه: "وزادني أحمد، حدثنا… "، وحديثاً ثالثاً قال فيه: "وقال لنا أحمد بن حنبل حدثنا…"،
ورجح ابن حجر أنهما موقوفان، وأضاف: "وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة، وكأنه لم يكثر عنه لأنه في رحلته القديمة لقى كثيراً من مشايخ أحمد فاستغنى بهم , وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قد قطع التحديث فكان لا يحدث إلا نادراً، فمن ثم أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد".
ـ[عبدالرحمن بن طالب]ــــــــ[07 - 09 - 06, 11:18 ص]ـ
بارك الله فيكم مشايخنا الكرام ... وقد وجدت هذا الحديث بعد البحث في الشاملة:
5540 - حدثني محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة عن أنس
: أن أبا بكر رضي الله عنه لما استخلف كتب له وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر محمد سطر ورسول سطر والله سطر
قال أبو عبد الله وزادني أحمد حدثنا الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة عن أنس قال كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده وفي يد أبي بكر بعده وفي يد عمر بعد أبي بكر فلما كان عثمان جلس على بئر أريس قال فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط قال فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فننزح البئر فلم نجده
[ر 2939]
[ش (زادني أحمد) هو ابن حنبل الإمام المشهور رحمه الله تعالى] ...
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[07 - 09 - 06, 01:42 م]ـ
جزاك الله خيرا
والجزم بأن أحمد هنا هو الإمام أحمد بن حنبل يحتاج لبحث أكثر
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (قوله: (وزادني أحمد حدثنا الأنصاري إلى آخره)
هذه الزيادة موصولة، وأحمد المذكور جزم المزي في " الأطراف " أنه أحمد بن حنبل، لكن لم أر هذا الحديث في " مسند أحمد " من هذا الوجه أصلا).
ـ[ابو مسهر]ــــــــ[07 - 09 - 06, 07:48 م]ـ
عبد الرحمن السديس المشاركات: n/a
سبب قلة رواية البخاري عن الإمام أحمد
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/401)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري 9/ 154
وليس للمصنف – البخاري - في هذا الكتاب رواية عن أحمد إلا في هذا الموضع – رقم 5105 - وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة وكأنه لم يكثر عنه لأنه في رحلته القديمة لقي كثيرا من مشايخ أحمد؛ فاستغنى بهم، وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قد قطع التحديث؛ فكان لا يحدث إلا نادرا فمن ثم أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=269556#post269556
وفي تغليق التعليق
2108 حدثنا حفص بن عمر ثنا همام عن قتادة عن أبي
الخليل عن عبدالله بن الحارث عن حكيم بن حزام رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار
ما لم يتفرقا وزاد أحمد حدثنا بهز قال قال همام فذكرت ذلك لأبي
التياح فقال كنت مع أبي الخليل لما حدثه عبدالله بن الحارث بهذا
الحديث انتهى أحمد هذا لم يذكره أبو علي الجياني في التقييد
البتة
وقد قال أبو عوانة النيسابوري في صحيحه حدثنا أبو جعفر
الدارمي ثنا بهز بهذا الحديث واسم أبي جعفر أحمد بن سعيد فيظهر لي
أنه الذي عناه البخاري هنا لأنه علق عنه في هذا
وعلق عنه في التاريخ أحاديث ولم أجد هذا الحديث في مسند أحمد بن حنبل
عن بهز قوله باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
وقد قال أبو عوانة النيسابوري في صحيحه حدثنا أبو جعفر الدارمي
ثنا بهز بهذا الحديث واسم أبي جعفر أحمد بن سعيد فيظهر لي أنه الذي
عناه
البخاري هنا لأنه علق عنه في هذا وعلق عنه في التاريخ أحاديث ولم أجد
هذا الحديث في مسند أحمد بن حنبل عن بهز
وكأن الحافظ غفل عن البحث في السؤالات وغيرها واقتصر على المسند والا ففي العلل ومعرفة الرجال
290 حدثني أبي قال حدثنا بهز قال قال همام فذكرت لأبي
التياح يعني حديث أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث
عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار
ما لم يتفرقا قال أبو التياح كنت مع أبي
الخليل لما حدثه عبد الله بن الحارث هذا الحديث
ـ[ابو مسهر]ــــــــ[08 - 09 - 06, 01:47 ص]ـ
في هدي الساري
قال البخاري في الشهادات حدثنا أبو الربيع سليمان
بن داود وأفهمني بعضه أحمد قال حدثنا فليح بن سليمان
عن الزهري قال فذكر حديث الإفك
قلت لم يبين أبو علي
الجياني من هو أحمد هذا ووقع في كتاب خلف الواسطي في الأطراف
وأفهمني بعضه أحمد بن يونس وبهذا جزم الدمياطي وقال بن عساكر
والمزي أنه وهم قلت ورأيته في نسخة الحافظ أبي الحسين اليونيني
وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا رواية واحدة فإنه كتب
عليها علامة ق ونسبه فقال أحمد بن يونس وقال الذهبي في طبقات القراء
في ترجمة أحمد بن النضر هو الذي أبهمه البخاري في حديث
الإفك يعني هذا " وقال في السير
ولما روى البخاري حديث الإفك عن أبي
الربيع الزهراني قال وثبتني أحمد في بعضه
فأحمد هنا ابن النضر وما هو بابن حنبل "
وجوز أبو عبد الله بن خلفون أن يكون هو
أحمد بن حنبل وأما أبو نعيم في المستخرج فإنه أخرجه من طريق
عن أبي الربيع الزهراني عن فليح وقال في آخره أخرجه البخاري
عن أبي الربيع ولم يتعرض لذكر أحمد ولم أره في المصافحة للبرقاني
مع أنه وقع له عاليا عن أبي الربيع وهو على شرطه لو كان عنده أن
أحمد المهمل الذي ثبت في البخاري في بعضه ممن سمعه من أبي الربيع
الزهراني كما قال الذهبي وغيره فتركه لإخراجه يدل على أنه اعتمد على
أنه أحمد بن يونس
وعلى تقدير أن لا يكون هو أحمد بن يونس
فالذين سمعوا من أبي الربيع ممن يسمى أحمد"ليس المقصود من روى عنه هذا الحديث"
جماعة منهم أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى "وقد رواه عنه في مسنده"
وأحمد بن عمرو بن
أبي عاصم النبيل أبو بكر وأحمد بن النضر
انتهى كلامه
وقال في شرحه الفتح
وقع في أطراف خلف حدثنا أبو ربيع وأفهمني بعضه
أحمد بن يونس فإن كان محفوظا فلعل لفظ قالا سقط من الأصل
كما جرت العادة
باسقاطها كثيرا في الأسانيد فأثبت بعضهم بدلها قال بالافراد وبما
قال خلف جزم الدمياطي وأما جزم المزي بأن الذي ذكره خلف وهم
فليس
هذا الجزم بواضح
قلت إن شاء الله هو أحمد بن حنبل كما قال ذلك ابن خلفون
أخرج عبد الله عن ابيه في كتاب السنة عن أبيه
1/ 143
114 حدثني أبو الربيع الزهراني ثنا فليح بن
سليمان عن ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير
وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد الله
بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله عنها قالت
والله ما ظننت أنه ينزل في شأني وحيا يتلى وأنا أحقر
في نفسي
من أن يتكلم بالقرآن في أمري فذكر حديث الإفك
والصواب من الرواية في صحيح البخاري ان احمد بن حنبل كان رفيق البخاري
في الرواية
فاصل الرواية هكذا حدثنا ابو الربيع وثبتني احمد قال حدثنا فليح
قال الحافظ في الفتح
و يحتمل أن يكون أحمد رفيقا لأبي الربيع في الرواية
عن فليح وان يكون البخاري حمله عنهما جميع على الكيفية المذكورة
ويحتمل أن يكون أحمد رفيقا للبخاري في الرواية عن أبي الربيع وهو
الأقرب إذ لو كان المراد الأول لكان يقول قالا حدثنا فليح بالتثنية
ولم أر ذلك في شيء من الأصول ويؤيد الأول أيضا صنيع البرقاني فإنه أخرج
الحديث في المصافحة ومقتضاه أن القدر المذكور عند البخاري عن أحمد عن
أبي الربيع عن فليح(13/402)
حاشية الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ على (ميزان الإعتدال)
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[06 - 09 - 06, 03:45 ص]ـ
حاشية الشيخ سليمان على ميزان الاعتدال: تحقيق ودراسة (الجزء الأول)
ألف الحافظ في أسماء الضعفاء و المُتكلَّم فيهم كتباً كثيرة، ومن أجمع ما أُلف في ذلك كتاب (ميزان الاعتدال)، قال عنه الذهبي:
«فهذا كتاب جليلٌ مبسوط، في إيضاح نقلة العلم النبوي،وحملة الآثار، ألفته بعد كتابي المنعوت بالمغني،وطولت العبارة، وفيه أسماء عدة من الرواة زائداً على من في المغني ()، زدت معظمهم من الكتاب الحافل () المذيَّل على الكامل لابن عدي».
وزيادة على ما ذكره الذهبي، فيه قواعد وضوابط حديثية لا بد أن ينظر إليها من يعتني بعلم الرجال وتراجمهم.
ولجلالة قدر هذا الكتاب، جعله أهل العلم أصلاً لمعرفة المُتكلَّم فيهم، بل اعتبر بعضهم أن عدم وجود راوٍ في (ميزان) الذهبي،دليل على توثيقه!.
كما فعل الهيثمي (ت 807هـ) في كتابه (مجمع الزوائد)، حيث قال فيه: «ومن كان من مشايخ الطبراني في (الميزان) نبهت إلى ضعفه، ومن لم يكن في (الميزان) ألحقته بالثقات الذين بعده» ().
وبما أن (ميزان الاعتدال) صار العمدة عند المتأخرين، في معرفة ضعفاء الرجال، عكف على دراسته و الاستدراك عليه، وتذييله، أكابر الأئمة الحفاظ منهم:
1 – الحافظ الحسيني (ت 765هـ) في كتابه (ذيل الميزان) قال الحافظ ابن حجر: «له تعليق على الميزان بيَّن فيه كثيراً من الأوهام، واستدرك عليه عدة أسماء» ().
2 – الحافظ ابن كثير (ت 774هـ) في كتابه (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) جمع فيه بين (تهذيب الكمال) للمزي و (ميزان الاعتدال) مع بعض الزيادات ().
3 – الحافظ سليمان بن يوسف اليَاسُوفي (ت 789هـ) في (حاشيته على الميزان) ().
4 – الحافظ زين الدين العراقي (ت 806) في كتابه المعروف (ذيل الميزان).
5 – الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي الحلبي (ت 841هـ) في كتابه
(نَثْل الهِمْيان في معيار الميزان) ().
6 – ثم الحافظ ابن حجر العسقلاني، حيث ألف على (الميزان) ثلاثة كتب هي: (ذيل الميزان) يشتمل على نحو من ألفي ترجمة، زيادة على الأصل،بيَّض الحافظ أوائله. و (تحرير الميزان) ويشتمل على إصلاح ما وقع للذهبي من وهم،وما فاته من تراجم. و (لسان الميزان) و هو أحفلها وأوفاها.
هذا وقد جرى على منوال هؤلاء الأئمة، في خدمة (الميزان) الشيخ الحافظ المحدث سليمان بن عبد الله ـ رحمه الله ـ فقد كتب حاشية نفيسة على
(ميزان الاعتدال) وتميزت هذه الحاشية بعدة مزايا، لهذا قمت بتحقيقها ودراستها، مرتباً ما فيها من المزايا، على عناوين متعددة، لتسهل الاستفادة منها لأهل العلم، وأهل الحديث خاصة.
هذا وأسأل الله التوفيق والسداد.
مزايا حاشية الشيخ سليمان على (ميزان الاعتدال):
أولاً: تعقبات الشيخ الحديثية على الإمام الذهبي:
وهذه التعقبات جاءت متنوعة على ما يلي:
أ – تعقبه على الإمام الذهبي في تجهيله لبعض الرواة، وهم بخلاف ذلك. وأمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «عبد الله بن مُنَينْ، مصري،ما روى عنه سوى الحارث بن سعيد، له في سجود القرآن، عن عمرو بن العاص» ().
قال الشيخ: «عبد الله بن مُنَينْ، وثقه يعقوب بن سفيان، على ما قاله الحافظ ابن حجر، فهو إذاً ثقة» ().
قلت: «عبد الله بن مُنَينْ اليَحْصُبِي المصري، من بني عبد كِلال، روى عن: عمرو بن العاص، في: «سجود القرآن».
وقيل: عن عبد الله بن عمرو، وعنه: الحارث بن سعيد العُتَقِي، وقيل: سعيد بن الحارث، وقيل: الحارث بن يزيد» ().
وقد ذهب الإمام الذهبي إلى أنه مجهول، كما في (ميزان الاعتدال) و (تذهيب تهذيب الكمال) ()، و (الكاشف) ().
وصرَّح بذلك في (ديوان الضعفاء) ()، فقال: «تابعي مجهول».
ولا يعرف له توثيق، إلا ما جاء عن يعقوب بن سفيان الفسوي، حيث وثقه في (المعرفة والتاريخ) () تحت عنوان:
«هؤلاء ثقات التابعين من أهل مصر» وذكره وساق حديثه، وهو ما نقله الحافظ ابن حجر وارتضاه في (تهذيب التهذيب) () و (تقريب التهذيب ()) ومنه نقل الشيخ سليمان.
¥(13/403)
وعلى هذا يظهر رجحان ما تعقب به الشيخ سليمان، على الإمام الذهبي في كونه، ثقة مقبول الحديث، وكأن الشيخ سليمان في توثيقه لهذا الراوي، يذهب إلى قبول تعديل الإمام الواحد للراوي، وأن فيه كفاية.
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، حيث قال بعضهم، لا بد من تعديل اثنين، وذلك لأن التزكية صفة فتحتاج في ثبوتها، إلى عدلين كالرشد والكفاءة، وقياساً على الشهادة في حقوق الآدميين.
والراجح أنه يكفي تعديل الإمام الواحد؛ قياساً على قبول خبر الراوي الثقة عند تفرده ()، قال الخطيب البغدادي:
«وقال قوم من أهل العلم: يكفي في تعديل المحدث، والشاهد، تزكية الواحد، إذا كان المزكي، بصفة من يجب قبول تزكيته. والذي نستحبه أن يكون من يزكي المحدث اثنين للاحتياط، فإن اقتصر على تزكية واحد أجزأ، يدل على ذلك أن عمر بن الخطاب، قبل في تزكية سُنَيْن أبي جميلة قول عَرِيفه، وهو واحد» ().
وعبد الله بن مُنَينْ ليس له في الكتب سوى حديث واحد.
أخرجه أبو داود ()، وابن ماجه ()، والبيهقي ()، والفسوي ()، والمزي () وابن عبد الحكم () عن سعيد بن أبي مريم، عن نافع بن يزيد، عن الحارث بن سعيد العُتَقِي، عن عبد الله بن مُنَينْ، عن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المُفصَّل، وفي الحج سجدتان».
قلت: هذا إسناد ضعيف، الحارث بن سعيد العُتَقِي مجهول الحال، قال ابن القطان الفاسي: لا يُعرف له حال ()، وقال الذهبي:
لا يعرف ()، ورواه ابن لهيعة، وخالف في إسناده ومتنه، فقد أخرج الطبراني () وعنه الحافظ المزي ()،عن سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن سعيد بن الحارث العُتَقِي، عن عثمان اليَحْصُبِي، عن عمرو بن العاص، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في (اقرأ باسم ربك) و (إذا السماء انشقت)».
وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن الحارث العُتقي، مجهول الحال، وابن لهيعة ضعيف، وبهذا يعرف، أن الحديث من طريقيه ضعيف.
2 – قال الإمام الذهبي: «عبد الحكم بن مَيْسَرة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: «مارُئي رسول الله صلى الله عليه وسلم ماداً رجيله بين أصحابه». رواه محمد بن أسلم الطُوسي عنه. قال أبو موسى المديني: لا أعرفه بجرح ولا تعديل» ().
قال الشيخ سليمان: «حدث عبد الحكم بن مَيْسَرة، أبو يحيى المروزي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً:
«الناس شُركاء في الماءِ والكلأ والملحِ» قال الدارقطني في (الغرائب): «يحدث بما لا يتابع عليه، أخرجه أبو عبد الرحمن ـ يعني النسائي ـ في كتاب الضعفاء» ().
قلت: الإمام الذهبي لم يتعقب أبو موسى المديني،وكأنه منه إقرار، وقد قال الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) بعد نقله لكلام الذهبي، ومتعقباً على أبي موسى المديني: «وقد عَرَفه غيره، قال الدارقطني في (غرائب مالك):
حدثنا الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفُرات، حدثنا محمد بن موسى بن يعقوب، حدثنا النسائي، أخبرنا محمد بن علي بن حرب المروزي، حدثنا أبو يحيى عبد الحكم المروزي، وكان ضعيفاً، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رفعه:
«الناس شُركاءُ في الماءِ والكَلأ والملحِ والنارِ» ثم قال:
هو عبد الحكم بن مَيسرة أبو يحيى، يحدث بما لا يتابع عليه، أخرجه أبو عبد الرحمن ـ يعني النسائي ـ في كتاب (الضعفاء)» ().
وبهذا النقل النفيس من الحافظ، يعرف أن عبد الحكم بن مَيسرة ضعيف ويحدث بما لا يتابع عليه على ما قاله الدارقطني.
وبهذا أيضاً، يُعرف صواب ما تعقب به الشيخ سليمان، على الإمام الذهبي، ويظهر أن الشيخ سليمان نقل من (لسان الميزان).
واشتراك الناس في الماء والكلأ والنار، وردت فيه أحاديث صحيحة وضعيفة.
فمن الأحاديث الصحيحة، ما أخرجه ابن أبي شيبة ()، وأحمد () وأبو داود ()، والبيهقي ()، وأبو عُبيد ()، من طرق عن حريز بن عثمان، عن أبي خِداس حِبَّان بن زيد الشَّرْعَبي، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكَلأ، والنار» وإسناده صحيح.
¥(13/404)
ومنها ما أخرجه ابن ماجه () قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال «ثلاث لا يُمْنَعنْ: الماء، والكلأ، والنار».
قال الحافظ العراقي ()، وابن حجر (): «إسناده صحيح».
وقال ابن الملقن: «هذا إسناد على شرط الشيخين، قال الضياء في «أحكامه»: إسناد جيد» ().
3 – قال الإمام الذهبي: «عبد المُزنِي أرسل في العقيقة، ما روى عنه سوى ولده يزيد، لا يُعرف» ().
قال الشيخ سليمان: «قوله: عبد المُزَنِي: قرأت بخط الحسيني صحابي، وحديثه رواه ابن ماجه، من رواية ابنه يزيد،ولم يقل عن أبيه، فإرساله من جهة ابنه لا من جهته والله أعلم» ().
قلت: عبد المُزَنِي،والد يزيد، اختلف في صحبته، فأثبتها الحسيني كما نقله الشيخ سليمان، وجزم بها الحافظ في (تقريب التهذيب) () فقال:
«عبد المُزَنِي، والد يزيد، صحابي» ولم يُثبت صحبته الإمام البخاري حيث نقل الحافظ ابن حجر عنه أنه قال عند ترجمة يزيد بن عبد المزني:
«إنما روى هذا الحديث عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تثبت صحبة أبيه أيضاً» ().
وقال العلائي: «ليست له صحبة» ().
وحديثه رواه ابن ماجة قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال حدثنا عبد الله بن وهب، قال حدثني عمرو بن الحارث، عن أيوب بن موسى، أنه حدثه أن يزيد بن عبد المُزَني، حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُعَقٌّ عن الغلام، ولا يُمسُّ رأسه بدمِ» ().
قال الحافظ ابن حجر: «أخرجه ابن ماجه، وسقط قوله «عن أبيه» من كتابه، وثبت «عن أبيه» في (المعجم الأوسط) من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه وهو عند أحمد أيضاً» ().
قلت: والصحيح أنه عن يزيد بن عبد المُزَني، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرجه كذلك الطبراني ()، وابن أبي عاصم ()،والبزار ()، وهكذا قال البخاري ()،وأبو حاتم ()، وتردد الهيثمي فقال:
«وقد رواه ابن ماجه عن يزيد بن عبد الله المُزَنِي ولم يقل عن أبيه، وهنا يزيد بن عبد الله عن أبيه، فالله أعلم» ().
وقد جزم أبو حاتم الرازي في (المراسيل) () بأن حديث
عبد المُزنِي في العقيقة مرسل، لكنه في (الجرح والتعديل) () قال:
«أُراه مرسل» فلم يَجزم،وقال مثله أبو أحمد العسكري في كتاب (الصحابة ()): «أُراه مرسل» وقال ابن عبد البر: «قيل إنه مرسل» (). وجزم البخاري () والذهبي بأنه مرسل،والإرسال وقع من جهة عبد المُزَني، لا من جهة ابنه يزيد.
وعبد المُزَني، لا تصح صحبته البتة، بل هو مجهول تفرد بالرواية عنه ابنه يزيد ()، ويزيد بن عبد المُزني مجهول العين؛ تفرد بالرواية عنه أيوب بن موسى القرشي،وقال الحافظ ():مجهول الحال، ولم يُصب.
إذاً الحديث ضعيف لإرساله وجهالة رواته، والعجب كيف اثبت الحسيني وابن حجر الصحبة لعبد المزني. بحديث هذا حاله.
ومما ينبه عليه عزو الحافظ في (تهذيب التهذيب ()) الحديث لمسند الإمام أحمد،ولم أجده فيه بعد البحث،وقد عزاه الهيثمي في (مجمع الزوائد ()) إلى (المعجم الكبير) و (المعجم الأوسط) ولم يعزه لمسند الإمام أحمد.
ولعل الحافظ وهم، حيث قد جاء في مسند الإمام أحمد، حديث العقيقة إلا أنه من حديث أم كُرْز الكعبية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة ()».
وهو حديث صحيح.
وبعد هذا البحث نعلم أن ما تعقب به الحسيني على الحافظ الذهبي، وإقرار الشيخ سليمان لما قاله، غير صواب، وأن الصواب مع ما قرره الإمام الذهبي.
4 – قال الإمام الذهبي: «العَلاء بن أبي حكيم، سَيَّاف معاوية، ما علمت روى عنه سوى الوليد بن أبي الوليد، له حديث» ().
قال الشيخ سليمان: «قال الحافظ في التقريب ثقة» ().
قلت: العلاء بن أبي حكيم، اسمه يحيى الشامي، روى عنه معاوية وكان سيَّافه،وشُفَي بن مَاتع،وعن رجل، عن أبي هريرة، روى عنه: أبو عثمان الوليد بن أبي الوليد، أخرج له البخاري في أفعال العباد، والترمذي، والنسائي ().
قال العجلي: «شامي تابعي ثقة» (). وذكره ابن حبان في الثقات ().
¥(13/405)
وبناء على توثيق العجلي وابن حبان، قال الحافظ في (التقريب) (): «ثقة»، وهو ليس بصواب، بل هو مجهول؛ تفرد بالرواية عنه الوليد بن أبي الوليد، وهو ما يشير إليه الإمام الذهبي، وتوثيق ابن حبان والعجلي لا ينفي جهالته؛ فإنهما يوثقان كل أحد، وهما متساهلان في توثيق المجاهيل.
وبهذا يتبين لنا عدم صواب ما تعقب به الشيخ سليمان على الإمام الذهبي، بنقله عن الحافظ وإقراره له.
ب – تعقبه على الإمام الذهبي في وهمه في نقل عبارة جرح لأبي حاتم في حق راو ٍٍ، والصحيح عنه خلاف هذه العبارة وأنه وثقة.
قال الإمام الذهبي: «عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري المدني، عن أبيه، ونافع، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وعنه يحيى القطان، وأبو عاصم،وعدة.
قال النسائي: ليس به بأس،وكذا قال أحمد،وقال ابن معين: ثقة،وقال أبو حاتم: لا يحتج به، قال علي بن المديني: كان يقول بالقدر، وكان عندنا ثقة، قال: وكان سفيان يضعفه» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: الذي في كتاب ابن أبي حاتم: محله الصدق» ().
قلت: نقل الذهبي هنا عن أبي حاتم الرازي أنه قال في عبد الحميد ابن جعفر: «لا يحتج به» وهكذا نقل عنه في (المغني ()) وهذا خطأ ووهم وسبق قلم من الإمام الذهبي رحمه الله.
والصحيح عن أبي حاتم أنه قال: «محله الصدق» وهو ما نقله ابن أبي حاتم حيث قال: «سألت أبي عن عبد الحميد بن جعفر فقال: محله الصدق ()».
وهكذا نقله الحافظ المزي ()، وابن حجر ()، وغيرهما.
وفرق كبير بين العبارتين، وذلك أن عبارة (محله الصدق) هي من مراتب التعديل، و (لا يحتج به) من مراتب التجريح.
وقد يقع الوهم والخطأ من بعض الأئمة، أو النُسَّاخ عند نقلهم لألفاظ الأئمة في الجرح والتعديل، وهذا مما ينبغي التنبه له، وفي ذلك يقول الإمام المعلمي: «من أحب أن ينظر في كتب الجرح والتعديل للبحث عن حال رجل وقع في سند، فعليه أن يراعي أموراً:…
الثالث: إذا وجد في الترجمة كلمة جرح أو تعديل منسوبة إلى بعض الأئمة فلينظر أثابتة هي عن ذاك الإمام أم لا.
الرابع: ليستثبت، أن تلك الكلمة قيلت في صاحب الترجمة فإن الأسماء تتشابه، وقد يقول المحدث كلمة، في راوٍ فيظنها السامع في آخر، ويحكيها كذلك، وقد يحكيها السامع فيمن قيلت فيه، ويخطئ بعض من بعده فيحملها على آخر» ().
وما ذكره الإمام المعلمي قد اتصف به الشيخ سليمان، ولهذا أصاب الشيخ في تعقبه على الإمام الذهبي، ونقله للعبارة الصحيحة التي ذكرها أبو حاتم.
هذا وعبد الحميد بن جعفر ثقة، فقد وثقه أكثر الأئمة كما نقله الذهبي، ووثقه الذهبي () أيضاً. وأخرج له مسلم والأربعة.
ج – تعقبه على الإمام الذهبي في عدم معرفته لراو ٍ وهو قد ترجم له في ميزانه.
قال الإمام الذهبي: «عبد الوهاب، عن ابن عمر، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري، لا يدرى من هو» ().
قال الشيخ سليمان: «قرأت بخط الحسيني على نسخة من الميزان، ما صورته: هو ابن بُخْت المتقدم» ().
قلت: الإمام الذهبي ترجم في (ميزان الاعتدال) لـ (عبد الوهاب ابن بُخْت) فقال: «عبد الوهاب بن بُخْت المكي، من صغار التابعين، مات قبل الزهري، حدث عنه مالك، كثير الأوهام، وثقه ابن معين، وقال بعضهم: يخطئ ويهم شديداً، وقال أبو حاتم: صالح الحديث» ().
ثم بعد ذلك جاء الذهبي، فقال في ترجمة عبد الوهاب الراوي عن ابن عمر: «عبد الوهاب، عن ابن عمر، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري، لا يدرى من هو».
وهكذا لم يعرفه في (المغني ()) حيث قال: «لا يُعرف» مع أنه ترجم () أيضاً لـ (عبد الوهاب بن بُخْت).
وعلى هذا تعقبه الحسيني فقال: «هو ابن بُخْت المتقدم».
وقال الحافظ بن حجر متعقباً على الإمام الذهبي بعد أن أورد ترجمته لـ (عبد الوهاب عن ابن عمر): «هذا ذكره ابن أبي حاتم وقال: سألت عنه أبا زرعة فقال: لا أعرفه، فكان عزوه إليه أولى. وهذا هو ابن بُخْت فيما أظن، وهو من رجال (التهذيب) ()».
قلت: ومن خلال ما ذكره الحافظ في (لسان الميزان) يتبين أن الإمام الذهبي أخذ ترجمة (عبد الوهاب عن ابن عمر) والحكم عليه من أبي زرعة، فكان عزوه إليه أولى، كما قرره الحافظ.
¥(13/406)
والصحيح أن عبد الوهاب الراوي عن ابن عمر، هو جزماً عبد الوهاب بن بُخْت، ويتبين ذلك من خلال النظر في ترجمة عبد الوهاب بن بُخْت، فقد ذكر المزي () في ترجمته أنه روى عن ابن عمر، وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعليه فقول الحافظ:
«هو ابن بُخْت فيما أظن» هذا فيه تردد وشك منه، بل هو جزماً على ما قاله الحسيني.
وبهذا يتبين لنا أن عبد الوهاب الراوي عن ابن عمر، قد خفيت معرفته على أبي زرعة، وتبعه الذهبي في ذلك، مع أنه ابن بُخْت.
وبهذا يظهر صواب ما تعقب به الحسيني على الإمام الذهبي، وهو ما أقره الشيخ سليمان، إلا أنه فات الشيخ سليمان في حاشيته على (المغني) أن يتعقب الذهبي في ذلك.
وأما حال عبد الوهاب بن بُخْت الأموي المكي، فقد وثقه الأئمة، ابن معين، وأبو زرعة، ويعقوب بن سفيان، والنسائي، وأبو حاتم، ذكره الحافظ ابن حجر ().
هذا وقول الشيخ: «قرأت بخط الحسيني على نسخة من الميزان…».
هذا فيه دلالة صريحة على وقوف الشيخ على خط الحسيني وذيله وتعليقه على الميزان، وقد قال الحافظ: «له تعليق على الميزان بينَّ فيه كثيراً من الأوهام، واستدرك عليه عدة أسماء، وقفت على قدر يسير منه، قد احترقت أطرافه لما دخلت دمشق سنة ست وثلاثين» ().
وقد نقل الحافظ مواضع كثيرة منه في كتابه (لسان الميزان) () يقول فيها «قرأت بخط الحسيني» وفيها يستدرك الحسيني على الذهبي، ويزيد عليه بعض الأسماء.
وقد بحثت عن ذيل الحسيني وتعليقه على الميزان ولم أجده.
د – تعقبه على الإمام الذهبي في إيهامه تضعيف راو ٍ، وذلك باكتفائه بذكر جرح أحد الأئمة له، دون ذكر من وثقه، وهذا فيه قصور.
قال الإمام الذهبي: «عثمان بن عبد الرحمن التَّيمِي، قال الدارقطني: ليس بالقوي» ().
قال الشيخ سليمان: «الظاهر أن عثمان التيمي هذا، هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، وأبوه عبد الرحمن صحابي معروف، و ابنه هذا روى عن أبيه وأنس بن مالك، وربيعة بن عبد الله بن الهُدَير وغيرهم، وروى عنه فُليح بن سليمان وغيره، قال أبو حاتم ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، انتهى» ().
قلت: عثمان بن عبد الرحمن التيمي، هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، المدني، أخرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي ().
ومما يدل على ذلك أن الحافظ في (تهذيب التهذيب) عند ترجمته لـ عثمان بن عبد الرحمن التيمي، قال:
«قال أبو حاتم: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، قلت: قال الحاكم عن الدارقطني: ليس بالقوي» ().
هذا وقد أوهم الذهبي في (ميزان الاعتدال)، وكذا في (المغني ()) في سياقه للترجمة أنه ضعيف، وذلك بذكره فقط لجرح الدارقطني، بينما قال في (الكاشف) (): «وثقه أبو حاتم»!.
والراجح أن عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقه؛ فقد وثقه أبو حاتم الرازي مع تشدده، وخرَّج له البخاري، ووثقه الحافظ ()، وذكره ابن حبان في الثقات، وجرح الدارقطني لا يُقدم على توثيق أبو حاتم، ويظهر أن الدارقطني قد تفرد بجرحه.
وبهذا يظهر صواب ما استظهره الشيخ سليمان، وما تعقب به على الإمام الذهبي.
هذا الجزء الأول من الملف و يليه الجزء الثاني
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:09 ص]ـ
هـ - تعقبه الإمام الذهبي في نقله لروايتين عن ابن معين في توثيق راو ٍ وتضعيفه، ورواية التضعيف قد حكم عليها بعض الحفاظ بالخطأ وكأنه قد خفي عليه ذلك.
قال الإمام الذهبي: «عثمان البَتِّي الفقيه، هو ابن مسلم ثقة إمام، وقيل اسم أبيه أسلم، وقيل سليمان، روى عن أنس بن مالك والشعبي، وعنه شعبة ويزيد بن زريع وابن علية وخلق، وثقه أحمد، والدارقطني، وهو كوفي استوطن البصرة، وجاء عن ابن معين توثيقه، وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى يقول: عثمان البَتِّي ضعيف، ووثقه ابن سعد» ().
قال الشيخ: «قال النسائي في الكنى لما ذكر رواية معاوية بن صالح: «هذا عندي خطأ، ولعله أراد عثمان البُرِّي» ().
قلت: عثمان البَتِّي الفقيه، جاء توثيقه وتصعيفه عن ابن معين، فقد قال الدوري () عن ابن معين: ثقه، وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: «عثمان البَتِّي ضعيف».
¥(13/407)
والذهبي نقل هنا في (ميزان الاعتدال) رواية الدوري، ورواية معاوية بن صالح، ولم يرجح بينهما أو ينقل حكم الإمام النسائي على رواية معاوية بن صالح. وهكذا فعل في (تذهيب تهذيب الكمال) ()، و (سير أعلام النبلاء) () وقال في (معرفة الرواة المُتكلَّم فيهم بما لا يوجب الرد):
«عثمان البَتِّي ثقة مشهور، اختلف قول ابن معين فيه، وثقه الدارقطني وغيره» ().
وقال في (الكاشف ()): «وثقه أحمد وغيره، و ابن معين في قول»
وقال في (المغني ()): «وثقوه، إلا ابن معين في قول» وقال في (ديوان الضعفاء ()): «صدوق، ضعفه يحيى بن معين».
وهذا فيه تقصير مُخل؛ إذ يُوهم أن ابن معين ضعفه، وليس له رواية أخرى في توثيقه، كما في رواية الدُّوري عنه.
وأما ما جاء في رواية معاوية بن صالح أن يحيى بن معين قال:
«عثمان البَتَّي ضعيف» فهذا خطأ، فقد قال الحافظ ابن حجر:
«قال النسائي في «الكنى»: عثمان البَتَّي، أخبرنا معاوية بن صالح، عن ابن معين، قال: عثمان البَتِّي ضعيف» وقال النسائي: «هذا عندي خطأ، ولعله أراد عثمان البُرِّي ()».
وعثمان البُرَّي هو عثمان بن مِقْسَم البُرِّي، قال الذهبي: «كذَّبه جماعة ()».
وأيضاً مما يُرجح أن ابن معين وثقه ولم يضعفه توثيق الأئمة له، قال الحافظ: «قال أحمد: صدوق ثقة، وقال الدارقطني: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة له أحاديث ()».
وما تقدم من قول الذهبي: «وثقوه إلا ابن معين في قول ()» وقوله: «ثقة مشهور» ().
وأيضاً مما يرجح توثيقه عن ابن معين وعدم تضعيفه، أن رواية الدوري مقدمة على رواية معاوية بن صالح، فهو أكثر ملازمة ومعرفة ليحيى بن معين.
ويلاحظ من خلال النظر في كتب الإمام الذهبي التي نقلت عنها، أنه قد خفي عليه حكم الإمام النسائي، على رواية معاوية بن صالح بالخطأ، وهذا مما يحرص عليه الذهبي.
وبهذا يظهر صواب ما تعقب به الشيخ سليمان، على الإمام الذهبي، وقد استفاده الشيخ من «من تهذيب التهذيب» وإن لم يصرح بتسمية الحافظ وكتابه.
و – تعقبه على الإمام الذهبي في ذكره لراو ٍ من الصحابة، ولا وجه لذكره، حيث قد خالف ما شرطه في كتابه من عدم ذكر الصحابة.
قال الذهبي: «عُجَيْر بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المُطَّلِبي، أخو رُكَانة، قيل له صحبة، وله حديث عن علي، تفرد عنه ولده نافع» ().
قال الشيخ سليمان: «عُجَيْر، ذكره ابن سعد في مسلمة الفتح، وقال الزبير بن بَكَّار: أطعمه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين وَسْقاً بخيبر، وقال ابن عبد البر: كان من مشايخ قريش، وممن بعثه عمر لتجديد أعلام الحرم، فعلى هذا لا وجه لذكره» ().
قلت: عُجَيْربن عبد يزيد، أثبت صحبته ابن سعد ()، والحافظ المزي () وابن الأثير ()، وابن عبد البر ()، وابن حجر ().
ولم يجزم بصحبته الإمام الذهبي كما في (الميزان)، وترجم له في (الكاشف ()) فقال: «عُجَيْر بن عبد يزيد بن هاشم، أخو رُكَانة، المُطَّلِبي، عن علي، وعنه ابنه نافع، أخرج له أبو داود».
هكذا ترجمه ولم يذكر ما يتعلق بصحبته.
هذا وفي ترجمة الشيخ سليمان، لـ عُجَيْر بن عبد يزيد،وقوله بعد ذلك متعقباً على الإمام الذهبي:
«فعلى هذا لا وجه لذكره» هذا التعقب أصاب فيه الشيخ سليمان، ويريد أنه صحابي كما في ترجمته، فلا وجه لذكره في كتاب (ميزان الاعتدال) الذي صنِّف لمن تُكلِّم فيه، وقد خالف الذهبي شرطه الذي صرح به في مقدمته، حيث قال:
«وفيه من تُكلِّم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح،… ولم أر من الرأي أن أحذف اسم أحدٍ، ممن له ذكر بتليين مّا، في كتب الأئمة المذكورين خوفاً من أن يُتعقَّبَ عليَّ، لا أني ذكرته لضعفٍ فيه عندي، إلا ما كان في كتاب البخاري وابن عدي و غيرهما من الصحابة، فإني أُسقطهم لجلالة الصحابة ولا أذكرهم في هذا المُصنَّف، فإن الضعف، إنما جاء من جهة الرواة إليهم» ().
إذاً الذهبي صرح في مقدمته، أنه سيسقط ذكر الصحابة لجلالتهم، وعُجَيْر ابن عبد يزيد صحابي، فلا وجه لذكره، وإن لم يُجْزَم بصحبته فلا وجه لذكره أيضاً، وذلك أنه لم يُتَكلَّم فيه بأدنى لين، وبأقل تجريح.
وقد استفاد الشيخ في ترجمته، لـ عجير من كتاب (تهذيب التهذيب) () وإن لم يصرح بتسمية الحافظ وكتابه.
¥(13/408)
هذا وقد تعقب الحافظ في (لسان الميزان)،على الإمام الذهبي في ذكره لتراجم بعض الصحابة،مخالفاً بذلك ما شرطه في عدم ذكرهم، ففي ترجمة (الأغر الغِفاري) قال الذهبي: «الأغر الغفاري، تابعي. قال ابن منده: فيه نظر» ().
قال الحافظ متعقباً: «وهذا صحابي، ذكره البغوي والطبراني وابن منده وغيرهم في الصحابة،… وأظن قول ابن منده: فيه نظر، من أجل الاختلاف في تسميته وفي نسبته، ولم يقل إنه تابعي بل هي من عند الذهبي؟ ولو تدبر سياق حديثه، لجزم بأنه صحابي،وقد اشترط أنه لا يذكر الصحابة، فذهل في ذكر هذا،و الله أعلم ()».
وفي ترجمة الحكم بن عُمَير قال الذهبي:
«الحكم بن عُمَير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في أحاديث منكرة، لا صحبة له، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث» ().
قال الحافظ متعقباً: «ما رأيت تضعيفه في كتاب ابن أبي حاتم، وقد سقت لفظه في ترجمة موسى بن أبي حبيب ثم إن الدارقطني قال: كان بدرياً، وكذا ذكره في الصحابة أبو منصور الباوردي،و ابن عبد البر، وابن منده، وأبو نعيم. ووصفه بالصحبة الترمذي، وابن أبي حاتم، والبَرقي، والعسكري، وخليفة، والطبري، والطبراني، والبغوي، وابن قانع، وابن حبان، والخطيب.
وقد شرط المؤلف أن لا يذكر صحابياً، فناقض شرطه، فإن الآفة في نكارة الأحاديث المذكورة من الراوي عنه» ().
ومن نظر في (لسان الميزان) وجد أمثلة أخرى ().
ثانياً: تعقبه على الإمام ابن حزم في غلوه الزائد في جرح الحافظ أبو الحسين عبدالباقي بن قانع.
قال الإمام الذهبي: «عبد الباقي بن قانع، أبو الحسين الحافظ، قال الدارقطني:كان يحفظ لكنه يخطئ ويُصِر،وقال البرقاني: هو عندي ضعيف، ورأيت البغداديين يوثقونه، وقال أبو الحسن بن الفُرات: حدث به اختلاط قبل موته بسنتين، وقال الخطيب: لا أدري لماذا ضعفه البرقاني؟ فقد كان ابن قانع من أهل العلم والدراية، ورأيت عامة شيوخنا يوثقونه، وقد تغير في آخر عمره، مات سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة» ().
قال الشيخ سليمان: «قال ابن حزم في حديث أبي هريرة:
«الحج جهاد والعمرة تطوع»: «إنه كذب بحت، من بلايا عبد الباقي ابن قانع التي انفرد بها» ().
قلت: هذا غلو زائد منه، و ابن قانع، وإن ضُعِّف، فلا يصل إلى هذا الحد، وقد اعترض صاحب الإمام عليه، بأن ابن قانع من كبار الحفاظ، أكثر عنه الدارقطني ()، وهذا الرد ليس بشيء، فيما هو قد تَكلَّم فيه، وقال في حديث آخر، إنه: «اختلط عقله قبل موته بسنة، وهو منكر الحديث، وتركه أصحاب الحديث جملة ()».
قلت: وهذا أيضاً غلو زائد من أبي محمد، فإنه رحمه الله كثيراً ما يُضعِّف الثقات بغير دليل» ().
قلت: أسرف ابن حزم كعادته، في رمي بعض الرواة بالترك والسقوط، وهم في حقيقة الحال ضعفاء، ولا يصل بهم الحد إلى الترك، ومن ذلك الحافظ عبد الباقي بن قانع، فقد أسرف ابن حزم في رميه بالترك،وهذا في مواطن كثيرة في كتابه (المحلى)، فقال كما نقله الشيخ سليمان: «اختلط عقله قبل موته بسنة، وهو بالجملة منكر الحديث، وتركه أصحاب الحديث جملة» ().
وقال في موضع: «أطبق أصحاب الحديث على تركه، وهو راوي كل بلية وكذبة» () وقال في موضع: «راوي كل كذبة، المنفرد بكل طامة، وليس بحجة لأنه تغير بآخره ()» وقال في موضع: «راوي كل بلية، وترك حديثه بآخره، لا شيء ()» وقال في موضع وهو يتكلم عن ابن شعبان محمد بن القاسم: «وابن شعبان في المالكيين نظير عبدالباقي بن قانع في الحنفيين، قد تأملنا حديثهما فوجدنا فيه البلاء البين والكذب البحت، والوضع اللائح، وعظيم الفضائح، فإما تغير حفظهما، أو اختلطت كتبهما، وإما تعمدا الرواية عن كل من لا خير فيه من كذاب، ومغفل يقبل التلقين، وإما الثالثة وهي ثالثة الأَثافي أن يكون البلاء من قبلهما، ونسأل الله العافية» ().
وهذا كله كما ذكره الشيخ سليمان من ابن حزم إسراف وغلو زائد، وابن قانع وإن ضُعِّف فلا يصل إلى هذا الحد، وابن حزم كثيراً ما يشذ ويغلو في حكمه على الرواة. وقد تقدم بيان ذلك ().
وقول الشيخ بعد نقله لاعتراض ابن دقيق العيد على ابن حزم:
«وهذا الرد ليس بشيء فيما هو قد تَكلَّم فيه».
¥(13/409)
أي أن رد الإمام ابن دقيق العيد، ليس بذاك الرد القوي المُفصَّل، أمام غلو ابن حزم الزائد في جرح ابن قانع،وحكمه على حديث أبي هريرة، أنه كذب بحت من بلايا عبد الباقي بن قانع.
وكون ابن قانع من كبار الحفاظ، وأكثر عنه الدارقطني، هذا الأمر يشترك فيه بعض الرواة ولا يلزم منه أن يكون من أهل الضبط والثقة.
هذا وقد اختلف في عبد الباقي بن قانع، قال الحافظ متعقباً قول ابن حزم: «تركه أصحاب الحديث جملة».
«قلت: ما أعلم أحداً تركه، وإنما صح أنه اختلط فتجنبوه» () وقول الحافظ يؤيد قول الشيخ سليمان في تعقبه على ابن حزم:
«وابن قانع وإن ضُعف فلا يصل إلى هذا الحد».
وقال حمزة السهمي: «سألت أبا بكر بن عبدان، عن ابن قانع فقال: لا يدخل في الصحيح» ().
وقال الحافظ: «قال ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب»: لم أر أحداً ممن يُنسب إلى الحفظ، أكثر أوهاماً منه، ولا أظلم أسانيد، ولا أنكر متوناً، وعلى ذلك فقد روى عنه الجلِةَّ، ووصفوه بالحفظ، منهم أبو الحسن الدارقطني فمن دونه ()» وقال البرقاني: «في حديثه نكرة» (). وقال أيضاً: «هو عندي ضعيف، ورأيت البغداديين يوثقونه» (). وقال الخطيب: «لا أدري لماذا ضعفه البرقاني؟ فقد كان ابن قانع من أهل العلم والدراية،ورأيت عامة شيوخنا يوثقونه، وقد تغير في آخر عمره» ().
قلت: والراجح أن ابن قانع ضعيف لاختلاطه،وكونه يخطئ ويُصر على الخطأ، ولا يصل إلى حد الترك.
وكأن الشيخ سليمان يميل إلى تضعيفه دون ترك حديثه.
ثالثاً: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة في طعنه على الإمام الذهبي بأنه يتعمد في (الميزان) تضعيف ما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، وتصحيح ما ورد في فضائل غيره.
قال الإمام الذهبي: «عَبَّاد بن سعيد الجُعفِي، قال: حدثنا محمد ابن عثمان بن بهلول، حدثنا صالح بن أبي الأسود، عن ابي المطهر، عن الأعشى الثقفي، عن سَلاَّم الجُعفي، عن أبي برزة مرفوعاً:
«إن الله عهد إليَّ في علي أنه راية الهدى وإمام أوليائي،وهو الكلمة التي ألزمها المتقين، من أحبه أحبني» فهذا باطل، والسند إليه ظلمات» ().
قال الشيعي الغالي متعقباً: «لو ورد في غير علي كرم الله وجهه، لقال صحيح والراوي ثقة، نعوذ بالله من الهوى الذي أضلك وأغوى» ().
قال الشيخ سليمان متعقباً على الشيعي الغالي:
«كذب هذا المُحشي على المصنف، بل المعروف من سيرته وعادته العدل والقول بالحق، والحكم على الحديث بما يقتضيه نقده ونظره، من غير إخلال بالواجب من القول بالحق، فكم من حديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قد حكم بوضعه واختلاقه، كما لا يخفى، ولكن أنت بجهلك وحمقك تريد أن يكون كل ما رُوي في علي رضي الله عنه صحيحاً، من غير نظر إلى جرح أو تعديل، فأنت كما رُوي في الحديث «حُبُّك الشيء يُعْمِي وُيصِمُّ» ().
قلت: صدق الشيخ سليمان في دفاعه عن الإمام الذهبي، وكذب هذا الشيعي الغالي، فكم من حديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قد حكم الذهبي بوضعه واختلاقه، وهذا في كل كتبه، واكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة من (ميزان الاعتدال) قال الإمام الذهبي:
«خلف بن عمر الهمداني، عن الزبير بن عبد الواحد الأسدأباذي، متهم، وهو المدائني الخياط أبو بكر، روى عنه أبو منصور مُحتسب همدان، … عن زِرّ بن عبد الله ـ مرفوعاً ـ: «أبو بكر تاج الإسلام وعمر حُلَّة الإسلام، وعثمان إكليل الإسلام،وعلي طِيب الإسلام، وهذا كذب» ().
وقال الإمام الذهبي: «كَادِح بن رحمة الزاهد، قال الأزدي وغيره: كذاب، …سليمان بن الربيع ـ أحد المتروكين ـ حدثنا كَادِح، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر ـ مرفوعاً ـ:
«أبو بكر وزيري، والقائم في أمتي من بعدي، وعمر حبيبي ينطق على لساني، وعثمان مِنِّي، وعلي أخي وصاحب لوائي» ().
وقال الإمام الذهبي: «علي بن صالح بيَّاع الأنماط، لا يُعرف، وله خبر باطل، … عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أئمة الخلافة من بعدي أبو بكر وعمر» المتهم بوضعه علي، فإن الرواة ثقات سواه» ().
وقال الإمام الذهبي: «جعفر بن محمد الأنطاكي، ليس بثقة، قال ابن حبان: وله خبر باطل، متنه: يُبعث معاوية عليه رداء من نور» ().
¥(13/410)
وهذه الأمثلة تدل على أن هذا الرافضي، قد كذب عمداً، فهو قد اطلع على هذه الأمثلة، ولكنه أعرض عنها، وأوهم لمن يطلع على كلامه أن الإمام الذهبي يعادي علي بن أبي طالب، وأهل البيت تبعاً، ولهذا لا يصحح ما ورد في فضائله،ويصحح ما ورد في فضائل غيره!.
والرافضة بسبب جهلهم وحمقهم وغلوهم في علي بن أبي طالب، وأهل البيت،يتعمدون في سبيلهم إلى تحريف الآيات، واختلاق الأحاديث والآثار، بل ومعاداة ومعارضة من يضعف بعض ما ورد في فضائلهم، والتي قد حكم عليها أئمة الحديث بالوضع والبطلان، فهم يريدون كما قال الشيخ سليمان أن كل ما ورد في فضل علي بن أبي طالب، وأهل البيت صحيحاً، من غير نظر إلى جرح وتعديل، فهم إذاً كما رُوي في الحديث «حبك الشيء يُعْمِي ويُصِمُّ».
وهذا الحديث رواه عبد بن حميد ()، والإمام أحمد ()، والبخاري في تاريخه ()،وأبو داود ()، والطبراني () وغيرهم، من طرق عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وذكر الحديث.
وهذا إسناد ضعيف، ففي سنده أبو بكر بن أبي مريم اختلط () وساء حفظه، وقد اختلفوا عليه في إسناده، فرواه جماعة عنه هكذا مرفوعاً، ورواه بعضهم عنه موقوفاً، والمرفوع ضعيف.
وأورده السيوطي وقال: «الوقف أشبه» () وقال الشيخ الألباني: «الموقوف أقوى من المرفوع» ().
وأخرجه أيضاً البيهقي () من طريق حريز بن عثمان عن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه، موقوفاً، وإسناده صحيح.
رابعاً: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة في طعنه على الإمام الذهبي بأنه دلَّس تسمية الحافظ الجوزجاني وكناه ليُروِّج باطله.
قال الإمام الذهبي في ترجمة (عَبَّاد بن صُهيب البصري):
«… وقال أبو إسحاق السَّعِدي: عَبَّاد بن صُهيب، غالٍ في بدعته مخاصم بأباطيله» ().
قال الشيعي الغالي: «هذا المشار إليه هو الجوزجاني الناصبي، المعروف بعداوة علي وشيعته،وصحبه معاوية وشيعته، وقد دَلَّسه المصنف بهذه العبارة لترويج باطله».
قال الشيخ سليمان متعقباً على الشيعي الغالي:
«كذبت لم يُدلَّسه المصنف، بل هو مشهور بكنيته، معروف من حفاظ الحديث الثقات الأثبات، وإن كان فيه بعض النصب» ().
قلت: أبو إسحاق السَّعدي، هو: الإمام الحافظ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، إمام الجرح والتعديل في وقته، وصاحب كتاب
(أحوال الرجال)، وهو مشهور بكنيته عند أئمة الحديث بأنه أبو إسحاق السَّعدي، وقد كذب هذا الشيعي الغالي كما قال الشيخ سليمان، وذلك في زعمه بأن الإمام الذهبي دَلَّس اسم الجوزجاني وكنَّاه لترويج باطله، والإمام الذهبي لا يُعرف بتدليس الأسماء لترويج الأباطيل، بل هذا من دين الرافضة وما يقوم عليه علمهم، نسأل الله السلامة.
وأما ميل الجوزجاني إلى النَّصب، فقد قال الإمام المعلمي رحمه الله: «الجوزجاني حافظ كبير، متقنٌ عارف، وثقه تلميذه النسائي جامع «خصائص علي» وقائل تلك الكلمات في معاوية،ووثقه آخرون، فأما ميل الجوزجاني إلى النصب، فقال ابن حبان في «الثقات»:
«كان حَرِيْزِي المذهب ولم يكن بداعية إليه وكان صلباً في السنة … إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره» وقال ابن عدي: «كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي» ().
وليس في هذا ما يُبين درجته في الميل.
فأما قصة الفروجة فقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب ()»:
«قال السُّلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه: «لكن فيه انحراف عن علي اجتمع على بابه أصحاب الحديث، فأخرجت جارية له فروجة لتذبحها، فلم تجد من يذبحها، فقال: سبحان الله فروجة لا يوجد من يذبحها، وعليٌ يذبح في ضحوة نيفاً وعشرين ألف مسلم» فالسُّلمي هو محمد بن الحسين النيسابوري ترجمته في «لسان الميزان» ().
¥(13/411)
تكلموا فيه حتى رموه بوضع الحديث،والدارقطني إنما ولد بعد وفاة الجوزجاني ببضع وأربعين سنة، وإنما سمع الحكاية على ما في «معجم البلدان» () (جُوزْجَانان) من عبد الله بن أحمد بن عَدَبَّس، ولابن عَدَبَّس ترجمة في «تاريخ بغداد» () و «تهذيب تاريخ ابن عساكر ()» ليس فيهما ما يُبين حاله فهو مجهول الحال فلا تقوم بخبره حجة، وفوق ذلك فتلك الكلمة ليست بالصريحة في البغض، فقد يقولها من يرى أن فعل علي رضي الله عنه، كان خلاف الأولى أو أنه اجتهد فأخطأ،… ولا يعد مثل هذا نصباً، إذ لا يستلزم البغض بل لا ينافي الحب.
فأماحط الجوزجاني على أهل الكوفة، فخاص بمن كان شيعياً يبغض الصحابة أو يكون ممن يُظنُّ به ذلك.
وبالنظر في حط الجوزجاني على الشيعة، اتضح أنه لا يجاوز الحد، وليس فيه ما يسوغ اتهامه بتعمد الحكم بالباطل، أو يخدش في روايته ما فيه غض منهم أو طعن فيهم، وتوثيق أهل العلم له يدفع ذلك البتة» ().
وقد كتب في هذا الشيخ عبد العليم البستوي، في دراسته لمنهج الجوزجاني في الجرح والتعديل فقال:
«هناك شبهات شاعت عنه تقول إنه: كان يتحامل على علي رضي الله عنه، أو كان ناصبياً أو حرورياً…» ().
ثم ذكر الشيخ أدلة القائلين بذلك، وناقشها بدراسة علمية مفصلة، ورجح أن الجوزجاني لا يتحامل على علي رضي الله عنه، وليس ناصبياً أو حرورياً.
خامساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال الأئمة،مما يتعلق بجرح الراوي، زيادة على ما ذكر في (الميزان).
وأمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «شَبِيب بن سُلَيم، عن الحسن البصري، ضعفه الدارقطني، وقيل ابن سليمان،وغمزه الفلاس، وروى عنه هو ومحمد ابن المثنى» ().
قال الشيخ: «قال ابن عرَّاق: قال العقيلي: كان يكذب» ().
قلت: شَبيب بن سُليم ضعيف كذاب.
وقول ابن عرَّاق نقله الشيخ من (تنزيه الشريعة ())، وهذا النقل من الشيخ فيه فائدة، وهي أن هذا الراوي، قد يُظنُّ فيه كما في ترجمته من (الميزان) أنه ضعيف فقط، وليس بشديد الضعف،ولأهمية قول العقيلي نقله الحافظ في (لسان الميزان) ().
2 – قال الذهبي: «شُجَاعْ بن أسلم الحَاسِبْ، عن أبي بكر بن مُقاتل، قال الحافظ الخطيب: مجهولان» ().
قال الشيخ: «قال ابن عرَّاق في «تنزيه الشريعة» (): شُجَاعْ بن أسلم الحَاسِبْ، عن أبي بكر بن مقاتل، مجهولان بخبر باطل آفته أحدهما» ().
قلت: أورد الخطيب لشُجاع بن أسلم حديثاً، من رواية محمد بن الحسن ابن إسماعيل الأنباري، عن شجاع، عن ابن مقاتل، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه: «إن الرجل ليصلي ويحج وما يُعْطى يوم القيامة إلا بقدر عقله» ().
قال الحافظ: «وأورده الدارقطني في «غرائب مالك» من طريق الحسين ابن يوسف بن يعقوب الفَحَّام، عن شُجَاع بن أسلم أبي كامل، عن أبي بكر، به.
وقال: لا يصح، وأبو بكر مجهول، وأبو كامل إنما هو صاحب تصنيف في أبواب الحِساب، والتدقيق فيه وفي حدوده، ولا أعلم له حديثاً مسنداً غير هذا» ().
وقد قال الذهبي في ترجمة أبي بكر بن مقاتل: «أبو بكر بن مقاتل الفقيه، له عن مالك خبر، وضعه هو أو صاحبه شُجَاع بن أسلم» ().
3 – قال الذهبي: «صخر بن محمد المَنْقَرِي الحَاجِبِي،المروزي، عن مالك، قال ابن طاهر: كذاب.
قلت: هو أبو حَاجِبْ، وهو: صخر بن عبد الله، كوفي نزل مرو، وهو صخر بن حَاجِب، قال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن عدي: حدث عنه الثقات بالبواطيل…» ().
قال الشيخ: «وقال أبو سعد السمعاني: يروي عن مالك والليث وغيرهما المنكرات، وما لا يرويه الثقات والحمل فيها عليه، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه» ().
قلت: قال الحافظ في ترجمته لصخر الحَاجِبي:
«قال الدارقطني: متروك الحديث، وقال في موضع آخر: يضع الحديث على مالك والليث، وعلى نظرائهما من الثقات، وقال أبو سعيد النقَّاش، وأبو نعيم الأصبهاني: روى عن مالك، والليث،وغيرهما موضوعات،وقال الخليلي: حديث الطير وضعه كذاب على مالك، يقال له: صخر الحَاجِبي، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه مناكير، أو من موضوعاته، ورأيت أهل مَرْو مجمعين على ضعفه وإسقاطه» ().
¥(13/412)
قلت: وعلى ما نقله الأئمة هو كذَّاب وضَّاع، وما نقله الشيخ عن السمعاني وابن حبان، هو من كتاب (الأنساب) () لأبي سعد السمعاني، حيث ترجم السمعاني لصخر الحاَجِبِي، وجرحه بما ذكره الشيخ، ثم أورد قول ابن حبان.
والجدير بالذكر أن قول السمعاني لم يُذكر في (ميزان الاعتدال)، ولا في (لسان الميزان) مع أن الحافظ يزيد على ما يذكره الذهبي.
4 – قال الذهبي: «عبد الله بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم بن الثَّلاَّج، سمع البغوي،وجماعة» ().
قال الشيخ: «هكذا ترجمة ابن الثَّلاَّج في الأصل المقابل عليه، وقد قال الدارقطني في رواية السُّلمي: لا يشتغل به، وقال العَتِيقِي: كان كثير التخليط» ().
قلت: سقط من نسخة (ميزان الاعتدال) التي عليها حاشية الشيخ، وكذا الأصل الذي يُقابل عليه الشيخ، قرابة سطر من ترجمة ابن الثَّلاَّج، وإكماله كما في (لسان الميزان):
«… سمع البغوي و جماعة. قال الأزهري: كان يضع الحديث،روى عنه التنوخي، مات سنة 387هـ، وكذَّبه جماعة» ().
وهو هكذا في المطبوع من (الميزان ()) مع نقص يسير.
وتمام قول الدارقطني الذي نقله الشيخ هكذا:
قال أبو عبد الرحمن السُّلمي: «وسألته عن أبي القاسم بن الثَّلاَّج، فقال: لا تشتغل به، فوالله ما رأيته في مجلس من مجالس العلم إلا بعد رجوعي من مصر، رأيته أولاً في مجلس أبي حام الهمداني المروزي،ولا رأيت له سماعاً في كتاب أحد. ثم لا يقتصر على هذا،حتى يضع الأحاديث والأسانيد، ويُركِّب، وقد حَدَّثت بأحاديث فأخذها، وترك اسمي، واسم شيخي، وحدث عن شيخ شيخي» ().
وقال الحافظ: «قال حمزة بن يوسف: كان معروفاً بالضعف،قال الخطيب: وكان أبو الفتح بن أبي الفوارس يكذِّبه، وكذلك أبو سعد الإدريسي، وقال العَتيقِي: كان يحفظ،وكان كثير التخليط» ().
وعلى ما نقلته من كلام أهل العلم ابن الثَّلاَّج كذاب وضاع.
5 – قال الذهبي: «عبد الله بن مُرَّة الزُّرَقِي، عن أبي سعيد الأنصاري في العَزْل، وعنه أبو الفيض الشامي فقط» ().
قال الشيخ: «قال الحافظ ابن حجر: مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الحافظ ()، وقد أخرج له النسائي.
6 – قال الذهبي: «عبد الرحمن بن خالد بن نَجِيْح،عن أبيه. قال ابن يونس: منكر الحديث» ().
قال الشيخ: «حدَّث عبد الرحمن بن خالد بن نَجِيْح، عن سعيد بن أبي مريم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بحديث منكر جداً، في قراءة آخر الكهف عند النوم، رواه الدارقطني في «غرائب مالك».
وقال: ابن أبي مريم ثقة، لكن عبد الرحمن بن خالد بن نَحِيح، ضعيف الحديث،ولا يصح عن مالك ولا غيره، انتهى» ()
قلت: قال الحافظ: «وقال الدارقطني: متروك الحديث، له عن حبيب كاتب مالك،وسعيد بن أبي مريم، وقال في موضع آخر: ضعيف» ().
7 – قال الذهبي: «عبد الكريم بن أبي المُخَارِقْ، أبو أُمية، واسم أبيه قيس فيما قيل، البصري المُعلِّم.
روى عن الحسن، وطاووس، وعنه الثوري، ومالك، وجماعة قال معمر: قال لي أيوب: لا تحمل عن عبد الكريم أبي أُمية فإنه ليس بشيء. وقال الفلاَّس: كان يحيى وابن مهدي لا يحدثان عن عبد الكريم المُعلَِم.
وروى عثمان بن سعيد، عن يحيى: ليس بشيء، وقال أحمد بن حنبل: قد ضربت على حديثه، هو شبه المتروك، وقال النسائي والدارقطني: متروك.
قلت: وقد أخرج له البخاري تعليقاً،ومسلم متابعة،وهذا يدل على أنه ليس بِمُطَّرح،…» ().
قال الشيخ: «قال المصنف في «التاريخ»: وكان أحد الفقهاء العلماء، إلا أنه يقول بالإرجاء، وفي حديثه ضعف، قال أبو حاتم وغيره ضعيف» ().
قلت: الأرجح أنه ضعيف جداً،وقد أخرج له البخاري، وأبو داود في كتاب المسائل، والنسائي، وابن ماجه.
وقد وهم الذهبي فرمز له في ترجمته هكذا (خت) أي أن البخاري أخرج له تعليقاً، وقد تبع في هذا الحافظ المزي، وقد نبه على هذا الوهم الحافظ ابن حجر في كتبه الثلاثة: (الفتح) ()، و (مقدمته) ()، و (التهذيب) ()، و (التقريب ()) فرمز له «خ» وهي رمز من روى له البخاري في (صحيحه) موصولاً مسنداً، فضلاً عن التعليق.
¥(13/413)
قال الحافظ: «وما رقم المؤلف ـ أي المزي ـ على اسمه علامة التعليق فليس بجيد، لأن البخاري لم يُعلِّق له شيئاً، بل هذه الكلمة الزائدة التي أشار إليها هي مُسندة عنده إلى عبد الكريم.
وأما مسلم فقال المؤلف: روى له في المتابعات، وهذا الإطلاق يقتضي أنه أخرج له عدة أحاديث، وليس كذلك، ليس له في كتابه سوى موضع واحد، وقد قيل: إنه ليس هو أبا أُمية وإنما هو الجَزَري، وقد قال الحافظ أبو محمد المنذري: لم يُخرج له مسلم شيئاً أصلاً لا متابعة ولا غيرها، وإنما أخرج لعبد الكريم الجَزَري» ().
وقد صرَّح الحافظ في (التقريب ()) فقال: «وله ذكر في مقدمة مسلم، وقد شارك الجزري في بعض المشايخ، فربما التبس به على من لافهم له».
8 – قال الذهبي: «عبد الواحد بن قيس، عن نافع، وقال العقيلي:
عبد الواحد بن قيس، عن أبي هريرة، قال البخاري: روى عنه الأوزاعي، وكان الحسن بن ذكوان يحدث عنه بعجائب، وقال ابن المديني: سمعت يحيى وذكر عنده فقال: كان شبه لاشيء، … و قال عثمان الدارمي، عن يحيى، عبد الواحد بن قيس: ثقة، وقال العجلي: ثقة شامي، وروى الغَلاَّبي، عن يحيى: لم يكن بذاك ولا قريب، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، لأن في روايات الأوزاعي عنه استقامة، وتركه البرقاني، وقال أبو أحمد الحاكم: منكر الحديث … قلت: له عند ابن ماجه حديث عن نافع عن ابن عمر: كان عليه السلام إذا توضأ عَرَك عارضه شيئاً» ().
قال الشيخ: «قال النسائي: ليس بالقوي،وقال مرة: ضعيف» ().
قلت: ترجم الحافظ الذهبي في (الميزان) لعبد الواحد بن قيس وأكثر من ذكر أقوال الأئمة فيه جرحاً وتعديلاً، وكذا ترجم له الحافظ ابن حجر في (التهذيب) ()، وزاد كثيراً على ما نقله الذهبي، إلا أنه فاتهما أن يذكرا في ترجمة عبد الواحد بن قيس، حكم النسائي وجرحه له، وهو ما نقله الشيخ سليمان، مما يدل على سعة اطلاعه، وحرصه الشديد، على نقل أقوال للأئمة النقاد، لم تذكرها بعض كتب الرجال.
وقد نقل الشيخ قول النسائي، بواسطة (تاريخ الإسلام ()) للذهبي إلا أنه لم يصرح باسمه، ولا باسم الكتاب.
وقال الحافظ في عبد الواحد بن قيس السُّلَمي، أبو حمزة الدمشقي: «صدوق له أوهام ومراسيل» ().
قلت: بل ضعيف، يعتبر به في المتابعات والشواهد.
9 – قال الذهبي: «عثمان بن عمرو بن سَاج، عن سهيل بن أبي صالح، قال أبو حاتم: لا يحتج به، روى عنه أهل الجزيرة، وله ترجمة في تهذيب الكمال» ().
قال الشيخ: «قال الحافظ ابن حجر، على نسخة من الميزان:
أورد له العقيلي حديث مسدد، عن معتمر ()، عن خُصَيْف، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «خذ مثقالاً من كَندر، ومثقالاً من سكر للحفظ على الريق».
وحديثه عن خُصَيف، عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «ذَكر المسح على الخفين، عند عمر: سعد،و عبد الله بن عمر .. الحديث، وفيه، فقال ابن عباس: إنا لا نُنْكِر أنه مَسَحَ، ولكن هل مسح منذ نزلت المائدة، أو بعد ذلك؟ فلم يتكلم أحد».
وحديثه هذا لا يُتابع عليه في كلام ابن عباس، وأما الأول، فرواه عَتَّاب بن بشير عن خُصَيف، عن بعض أصحابه، وهو أولى» ().
قلت: حديث: «خذ مثقالاً من كَندر …»، وحديث المسح على الخفين» أخرجهما العقيلي ().
وترجيح الحافظ في الحديث الأول، رواية عَتَّاب بن بشير، عن خُصَيف، عن بعض أصحابه، هو الصحيح، وهو عين ما رجحه الحافظ العقيلي بقوله: «هذا أولى» ().
ومما يجدر التنبيه عليه أن الذهبي لم يُفرق بين عثمان بن عمرو بن سَاج، وعثمان ابن سَاج، حيث قال في ترجمة عثمان بن سَاج:
«عثمان بن سَاج، عن خُصَيف، لا يُتابع، هو ابن عمرو، وسيأتي، وهو مُقارب الحديث» ().
ثم ترجم لعثمان بن عمرو بن سَاج على أنهما واحد.
وقال الحافظ في (لسان الميزان) بعد نقله لترجمة الذهبي لعثمان بن سَاج:
«… وقد فَرَّق غيره بين عثمان بن سَاج، وعثمان بن عمرو بن سَاج» ().
وقد ذهب الحافظ إلى التفرقة بينهما وفَصَّل في ذلك، فقال في تهذيبه في ترجمة عثمان بن عمرو بن سَاج:
«… و قول المصنف: وقد يُنسب إلى جده، يُوهم الجزم بأنه عثمان ابن ساج، الراوي عن خُصَيف ومِقسم وغيرهما. وقد تردد فيه بعد ذلك.
¥(13/414)
وقد أكثر التخريج الفاكهي في «كتاب مكة» عن عثمان بن سَاج، من غير ذكر عمرو بينهما، وأما النسائي والعقيلي وغيرهما، فما زادوا في نسب عثمان بن عمرو شيئاً، إلا أنهم قالوا: إنه حَرَّاني، ولا يسمي أحد منهم جده، فيدل مجموع ذلك على المغايرة بينهما» ().
قلت: والعجب أن الحافظ ابن حجر لم يُفرق بينهما في تعليقه على (ميزان الاعتدال) فيما نقله الشيخ سليمان، وذلك أن الحافظ نقل ما ذكره عن العقيلي في ترجمة عثمان بن عمرو بن سَاج، والعقيلي إنما ذكر ذلك في ترجمة عثمان بن سَاج، وما في (اللسان) و (التهذيب) هو رأي الحافظ.
قلت: وعثمان بن عمرو بن سَاج، قال فيه أبو حاتم: «يكتب حديثه ولا يحتج به» ()، وقال الحافظ: «فيه ضعف» ().
فهو على هذا ضعيف يعتبر به في الشواهد والمتابعات، وقد أخرجه له النسائي.
سادساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض الرواة ممن تكلم فيهم، زيادة على ما ذكر في (الميزان).
وأمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «طلحة بن صالح، شيخ لإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْرِي» ().
قال الشيخ: «طلحة بن صالح، عن عجلان بن سمعان، مجهول، فلعله شيخ الزُّبَيِري الذي ذكره المصنف» ().
قلت: قال ابن أبي حاتم في ترجمة، طلحة بن صالح شيخ الزُّبَيرِي:
«طلحة بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي المدني، روى عن أبيه، وشرحبيل رجل من الموالي، روى عنه إبراهيم بن حمزة الزُّبيري، سمعت أبي يقول ذلك، سمعت أبي يقول: هو مجهول ()» وهكذا ترجم له البخاري ().
قلت: وما ذكره الشيخ، قد أخذه من ترجمة الذهبي، لعجلان بن سَمعان، قال الذهبي: «عجلان بن سَمعان، عن أبي هريرة. وعنه طلحة بن صالح، مجهول كصاحبه» ().
وقال الحافظ في زيادته على ما ذكر الذهبي:
«وذكره ابن حبان في «الثقات» () وقال: روى عنه أبو سفيان طلحة بن نافع، وصالح بن صالح. هذه عبارته، وهي الصواب» ().
قلت: لكن جاء في (الجرح والتعديل) قال ابن أبي حاتم:
«عجلان بن سَمْعان، سمع أبا هريرة، روى عنه طلحة بن صالح، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: هو مجهول، وطلحة مجهول» ().
وهو هكذا في تاريخ البخاري ().
قلت: وقول الشيخ: ولعل طلحة بن صالح الراوي عن عجلان بن سَمعان، هو شيخ الزُّبيري الذي ذكره الذهبي، مُتجه.
2 – قال الشيخ: «عبد الله بن سلمة الرَّبَعِي، عن عقبة بن شداد، منكر الحديث، قاله العقيلي، ذكره المصنف في ترجمة عقبة» ().
قلت: نعم ذكره الذهبي في ترجمة عقبة، قال الذهبي:
«عقبة بن شداد بن أُمية، عن ابن مسعود، وعنه عبد الله بن سَلمة الرَّبَعِي، لا يُعرف، والرَّبَعِي منكر الحديث، قاله العقيلي» ().
قلت: قال العقيلي في ترجمة عقبة بن شداد:
«عقبة بن شداد بن أُمية، عن عبد الله بن مسعود، روى عنه عبد الله بن سلمة الرَّبَعِي، ليس يُعرف عقبة إلا بهذا،وعبد الله بن سلمة منكر الحديث» ()، ثم أسند له حديثاً.
قلت: قوله: «ليس يُعرف عقبة إلا بهذا».
هذا فيه نظر، فقد رد هذا الحافظ، بتخريج أبي داود عنه حديثاً آخر في سننه، في الأدب، من طريق يحيى بن سُليم بن يزيد، عن عقبة بن شداد، ثم قال الحافظ: «وهذا الحديث الذي ذكره أبو داود، يرد على إطلاق العقيلي. وقد خرج عُقبة عن الجهالة، برواية اثنين عنه» ().
وهذا أيضاً فيه رد على الحافظ الذهبي بقوله عنه: «لا يُعرف».
ومما ينبه عليه أن الحافظ المزي لم يترجم لعقبة بن شداد، قال الحافظ: «وأخرج أبو داود لعقبة بن شداد، ولم يترجم له المزي، بل أحال به على ترجمة الراوي عنه يحيى بن سُلَيم بن يزيد، ثم لم يترجمه في ترجمة يحيى! وقد استدركته في «تهذيب التهذيب» ().
ومما ينبه عليه أيضاً أن الحافظ في (تهذيب التهذيب) () و كذا في (تقريب التهذيب) () وهم؛ حيث جعل قول العقيلي «منكر الحديث» في حق عقبة بن شداد، وهو إنما قاله في عبد الله بن سَلَمة الرَّبَعِي، علماً أن الحافظ لم يَهم في (اللسان) ().
3 – قال الشيخ: «عبد الله بن مالك بن سليمان السَّعدِي، آخر. عن أبيه، عن أبي الأحوص عن سلمة بن وَرْدان، عن أنس بن مالك مرفوعاً:
¥(13/415)
«صنفان من أُمتي لا تنالهما شفاعتي: «المرجئة والقدرية…» () الحديث أورده ابن الجوزي في «الموضوعات» ونقل عن الدارقطني، أنه قال: ما حدث بهذا الحديث سَلَمة، ولا يُعرف عنه، إلا من رواية عبد الله بن مالك، عن أبيه،
وعبد الله وأبوه من خبثاء المرجئة. قال أبو حاتم بن حبان: مالك يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات (). انتهى».
قلت: حديث: «صِنفانِ من أُمتي لا تنالهما شَفاعتي…».
أخرجه ابن حبان ()، والجورقاني ()، وابن الجوزي ()، من طريق عبد الله ابن مالك بن سليمان السَّعدي، عن أبيه، عن أبي الأحوص سَلاَّم بن سليم به.
وأورده السيوطي ()،وابن عرَّاق ()، والشوكاني ()، في الموضوعات. وتمام الحديث:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«صنفان من أُمتي لا تنالهما شفاعتي: المرجئة والقدرية، قيل يا رسول الله فمن القدرية؟ قال: قوم يقولون: لا قدر، قيل: فمن المرجئة؟ قال: قوم يكونون في آخر الزمان، إذا سئلوا عن الإيمان، يقولون:نحن مؤمنون إن شاء الله» هذا لفظ الجورقاني.
ثم قال الجورقاني عقبه:
«هذا حديث باطل، وفي إسناده ظلمات، منها سلمة بن وَرْدان، قال محمد بن المثنى:كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي: لا يحدثان عن سفيان، عن سلمة بن وردان، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال أبي: سَلمة بن وَردان منكر الحديث، ضعيف الحديث، وقال يحيى بن معين: سَلمة بن وَردان مدني ليس بشيء، وعبد الله بن مالك، وأبوه مالك بن سليمان مجهولان…» ().
وقال ابن حبان عن سلمة بن وردان:
«كان يروي عن أنس بأشياء لا تشبه حديثه، وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات، كأنه كان كبر وحطمه السن، فكان يأتي بالشيء على التوهم حتى خرج عن حد الاحتجاج به» ().
4 – قال الشيخ: «عبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، روى عنه عمر بن أحمد ابن نعيم وكيل المُتَّقِي، مجهولان، ذكرهما ابن كثير» ().
قلت: حَكَمَ الشيخ عليهما بالجهالة أخذاً من عدم معرفة الحافظ المزي لهما، عندما سأله الحافظ ابن كثير في تفسيره.
قال الحافظ ابن كثير: «قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ـ أي الحاكم ـ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نُعيم ـ وكيل المُتَّقِي ببغداد ـ حدثنا أبو محمد عبد الله بن هَلاَّل النحوي الضرير، حدثنا علي بن عمرو الأنصاري حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط، إلا بيتاً واحداً.
تَفَاءلْ بما تَهْوَى يَكُنْ فَلَقَلَّمَا
يُقَالُ لشيءٍ كان إلا تَحَقَّقا
سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث، فقال: هو منكر. ولم يَعرف شيخ الحاكم، ولا الضرير» ().
وعبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، لعله هو عبد الله بن هَلاَّل الأزدي، حيث ترجم له الذهبي فقال:
«عبد الله بن هَلاَّل الأزدي، عن ابن وهب. ضعفه الدارقطني» ().
وقد أورد الحافظ في (اللسان) ترجمة الذهبي هذه، ثم ذكر إسناد الحاكم لحديث عائشة رضي الله عنها: «ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَيت شعرٍ قط، إلا بيتاً واحداً …».
ثم قال: «وعبد الله بن هَلاَّل أظنه المترجم في «الأصل» أي في «ميزان الاعتدال»، ووجدت عن المزي قال: هذا خبر موضوع على ابن عيينة والله أعلم» ().
5 – قال الشيخ: «د ت س: عبد الحميد بن محمود المِعْوَلِي البصري، وقيل الكوفي، عن أنس، وعنه يحيى بن هانئ وغيره، قال عبد الحق في «الأحكام»: ليس ممن يحتج بحديثه، قال ابن القطان: لم أر احداً ممن صنَّف في الضعفاء ذكره، وقد قال النسائي إنه: ثقة،وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وأخرج روايته في صحيحه» ().
قلت: هذه الترجمة وجميع ما ذكر نقله الشيخ سليمان من (تهذيب التهذيب) ()،وزيادة على ما ذكره الشيخ قال المزي:
«روى عن أنس بن مالك،وعبد الله بن عباس، وروى عنه: ابناه حمزة ابن عبد الحميد،وسيف بن عبد الحميد، وعمرو بن هَرِم …وقال الدارقطني: كوفي يحتج به».
وقد قال الذهبي (): ثقة، وقال الحافظ (): «ثقة مُقِل».
وأخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
¥(13/416)
6 – قال الشيخ: «عثمان بن نَجَيْح،علَّق له البخاري أثراً من روايته عن سعيد ابن المسيب، وروى عنه ابن أبي ذئب،ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم راوياً عنه غيره، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا صنع ابن حبان،وقال: روى عن الحجازيين،ولم يُسمهم، فعلى هذا هو مجهول» ().
قلت: هذه الترجمة وجميع ما ذكر فيها. نقله الشيخ من (تهذيب التهذيب ()) وفيه أخرج له البخاري تعليقاً.
وهو مجهول كما قال الشيخ، وهذا الحكم يفيد بأن الشيخ، لا يرى أن الراوي إذا سكت عنه البخاري في (التاريخ الكبير)، أو ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، أنه عندهما ثقة مقبول، وهو الصحيح.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا يعد توثيقاً للراوي، ذهب إلى ذلك صراحة العلامة الحنفي ظفر أحمد العثماني التهانوي، حيث قال:
«كل من ذكره البخاري في «تواريخه» ولم يَطعن فيه، فهو ثقة، فإن عادته ذكر الجرح والمجروحين» وقال أيضاً: «سكوت ابن أبي حاتم أو البخاري عن الجرح في الراوي: توثيق له ()».
وذهب إلى ذلك من المعاصرين الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، بل كتب في ذلك بحثاً وهو: «سكوت المتكلمين في الرجال عن الراوي الذي لم يُجرح،ولم يأت بمتنٍ منكر: يعد توثيقاً له» ().
قلت: يكفي في رد هذا الرأي، وإن كتب فيه بحث، أن البخاري وابن أبي حاتم لم يُصرحا في كتابيهما، أن سكوتهما عن الراوي يعد عندهما ثقة مقبولاً، وعلم الحديث مبني على الاحتياط.
7 – قال الشيخ: «علي بن أحمد المقدسي، عن أحمد بن علي بن سهل المروزي، ذكر ابن حزم أنه مجهول،وكذا شيخه، فقال هما مجهولان» ().
قلت: نقل الشيخ ما ذكره من (التلخيص الحبير) ولم يذكر تسمية المؤلف أو الكتاب،وهذا نص كلام الحافظ في تخريجه لحديث ابن عباس:
«من نَسِيَ من نُسكِه شيئاً أو تَركهُ، فَليُهرِق دماً».
قال الحافظ: «… وأما المرفوع فرواه ابن حزم من طريق علي بن الجعد عن ابن عيينة، عن أيوب به، وأعله بالراوي عن علي بن الجعد: أحمد بن علي ابن سهل المروزي، فقال: إنه مجهول،وكذا الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي،قال: هما مجهولان» ().
وأورد الحافظ في (اللسان) في زيادته على تراجم (الميزان) ترجمة أحمد بن علي بن سهل، المروزي، وقال: «…أورده ابن حزم وقال: أحمد مجهول».
قلت: وهذان الراويان مجهولان كما قال ابن حزم.
وهما مما فاتا مؤلف (تجريد أسماء الرواة الذين تَكلَّم فيهم ابن حزم جرحاً وتعديلاً ())، فيستدرك عليه،وقد ذكر مؤلف (الجرح والتعديل عند ابن جزم الظاهري ()) أحمد بن علي بن سهل المروزي، نقلاً عن (اللسان) ولكن فاته الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي، فيستدرك عليه.
8 – قال الشيخ: «عمر بن أحمد بن نُعيم، أبو حفص وكيل المُتَّقِي، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نُعيم ـ وكيل المُتَّقِي ببغداد ـ حدثنا أبو محمد عبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، ثنا علي بن عمرو الأنصاري، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتَ شعرٍ قط، إلا بيتاً واحداً.
تَفَاءل بما تَهْوَى يَكُنْ، فَلَقَلَّمَا
يُقَال لشيءٍ كان إلا تَحَقَّقَا
قال الحافظ أبو الحجاج المزي: هذا الحديث منكر، وشيخ الحاكم، والضرير: مجهولان» ().
قلت: هذه الترجمة، وما ذكر فيها نقله الشيخ من (تفسير ابن كثير ())،ولم يذكر الشيخ تسمية الكتاب أو المؤلف.
وقد تقدم في المثال التاسع، عند ترجمة الشيخ لـ عبد الله بن هَلاَّل النَحَوِي، تصريحه بالنقل من ابن كثير.
ونقل الشيخ أن المزي قال: «وشيخ الحاكم والضرير مجهولان» ليس بدقيق؛ وذلك أن المزي لم يعرفهما لا أنه حكم عليهما بالجهالة، قال ابن كثير: «… سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث، فقال: هو منكر. ولم يعرف شيخ الحاكم، ولا الضرير» ().
قال شيخنا أبو الحسن المأربي: «معلوم أن قول أحد الأئمة:
«فلان لا أعرفه» الظاهر منه أنه لا يَعرف عينه فضلاً عن حاله، ويكون هذا الراوي مجهولاً عند القائل فقط لا عند غيره، لأن قولهم: «فلان مجهول» أشد جهالة من قول أحدهم: «فلان لا أعرفه» ().
¥(13/417)
قلت: وعمر بن أحمد بن نُعيم مجهول.
9 – قال الشيخ: «عمر بن مُضَرِّس، مجهول، ذكره في ترجمة عثمان بن مُضَرِّس» ().
قلت: نعم ذكره الذهبي في ترجمة عثمان بن مُضَرِّس، قال الذهبي:
«عثمان بن مُضَرِّس، وأخوه عمر، شيخان حدث عنهما حرملة بن
عبد العزيز. لا يُعرفان» ().
قلت: قال الحافظ معلقاً على ترجمة الذهبي لعثمان:
«وهذه عبارة يحيى بن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي عنه ()، حكاها ابن عدي في ترجمة عثمان في «الكامل» ().
وعثمان ذكره ابن حبان في «الثقات» () وكذا ذكر عمر» ().
قلت: وعمر بن مُضَرِّس مجهول، كما قال الشيخ؛ تفرد بالرواية عنه حرملة بن عبد العزيز، وقد ذكره الحافظ في (اللسان ()) زيادة على (الميزان).
سابعاً: تنبه الشيخ فيما قد يقع فيه الوهم والخطأ في تراجم الرواة، كأن يُترجم لراويين وهما راو ٍ واحد.
مثاله: قال الذهبي: «العلاء بن زيد، بصري، روى عن أنس، كذا سماه بعضهم ابن زيد، وزَيْدَل بزيادة لام، وقال الدارقطني: متروك.
والعلاء بن زَيْدَل الثقفي، بصري، روى عن أنس بن مالك، يكني أبا محمد، تالف، قال ابن المديني: كان يضع الحديث، وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن حبان: روى عن أنس نسخة موضوعة … وقد فرَّق ابن حبان فوهم بين العلاء بن زَيْدَل، وبين العلاء أبي محمد الثقفي» ().
قال الشيخ: «هذه الترجمة مكرر، والعلاء بن زيد هو العلاء بن زَيْدَل، ذكره الحسيني» ().
قلت: العلاء بن زيد هو العلاء بن زَيْدَل، وما ذكره الشيخ عن الحسيني هو من كتابه (التذكرة) وهذه عبارته: «العلاء بن زيد، ويعرف بابن زَيْدَل الثقفي …» ().
والإمام الذهبي لا يُفرق بينهما، بدليل تعقبه على ابن حبان.
وقد وهم العقيلي فيه أيضاً، قال الذهبي في ترجمة العلاء بن يزيد:
«العلاء بن يزيد أبو محمد الثقفي الواسطي، هكذا أفرده العقيلي، عن العلاء بن زَيْدَل الثقفي، وهو هو …، فقد وهم فيه العقيلي وَهمين: لكونه أفرده عن ابن زَيْدل،ولكونه قال: ابن يزيد، والصواب ابن زيد، وكذا هو ابن زيد في الضعفاء للبخاري وغير مكان» ().
وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة العلاء بن زيد:
«وفرَّق العقيلي بين العلاء بن زيد و العلاء بن زَيْدل، فقال في الأول: ثقفي واسطي، لكن وقع عنده العلاء بن يزيد، … ثم ساق ترجمة العلاء بن زَيْدل ولم ينسبه، فالراجح أنه العلاء بن زَيْدل، وربما خفف بحذف اللام، وأما يزيد فزيادة الياء أوله خطأ» ().
وقد تناقض الحسيني، فذهب كما تقدم في (التذكرة) أن العلاء بن زيد هو ابن زَيْدل، بينما نقل عنه الحافظ بعد نقله لترجمة الذهبي للعلاء بن يزيد وتوهيمه العقيلي، قال:
«وقد وافق العقيلي ابن حبان، وتبعهما ابن الجوزي، وقال الحسيني فيما قرأت بخطه: ليس هو ابن زَيْدل، ذاك بصري،وهذا واسطي قلت:
وليس هذا كافياً في دفع قول الذهبي، وقد وجدت له حديثاً في «الدعاء» للطبراني قال فيه: عن العلاء بن زياد، عن أنس» ().
قلت: وما نقله الحافظ عن الحسيني هو في ذيل الحسيني، وتعليقه على الميزان، بينما في (التذكرة) خلاف هذا.
والعلاء بن زيد متروك الحديث، ويروي عن أنس أحاديث موضوعة، وقد أخرج له ابن ماجه.
وهذه الترجمة تدل على معرفة الشيخ فيما يقع فيه الوهم والخطأ، في تراجم الرواة، حيث قد يقع التشابه في أسماء الرواة، فيُترجم لراويين، وهما راوٍ واحد.
هذا وزيادة على ما ذكرناه، مما تميزت به حاشية الشيخ سليمان على (الميزان)، إتمام الشيخ لبعض ما سقط من نسخته، بعد عرضها ومقابلتها بنسخ أخرى، وذلك كسقوط بعض التراجم، وبعض أقوال أئمة الجرح والتعديل، إلى غير ذلك ().
ملخص لبعض النتائج من خلال دراسة حاشية الشيخ على (ميزان الاعتدال).
وهي ما يلي:
أولاً: تعقبات الشيخ الحديثية على الإمام الذهبي، وهذه التعقبات جاءت متنوعة على ما يلي:
1 – تعقبه على الإمام الذهبي، في تجهيله لبعض الرواة، وهم بخلاف ذلك.
2 – تعقبه على الإمام الذهبي، في نقله عبارة جرح لأبي حاتم في حق راوٍ والصحيح عنه خلاف هذه العبارة، وأنه وثقه.
3 – تعقبه على الإمام الذهبي، في عدم معرفته لراوٍ، وهو قد تَرجم له في (الميزان).
¥(13/418)
4 – تعقبه على الإمام الذهبي، في إيهامه تضعيف راوٍ، وذلك باكتفائه بذكر جرح أحد الأئمة له، دون ذكر من وثقه.
5 – تعقبه على الإمام الذهبي في نقله لروايتين، عن ابن معين في توثيق راوٍ وتضعيفه، ورواية التضعيف قد حكم عليها بعض الحفاظ بالخطأ.
6 – تعقبه على الإمام الذهبي، في ذكره لراوٍ من الصحابة، ولا وجه لذكره؛ حيث قد خالف ما شرطه في كتابه من عدم ذكر الصحابة.
ثانياً: تعقبه على الإمام ابن حزم، في غلوه الزائد في الجرح، وذلك في مجاوزته الحد في جرح الحافظ أبي الحسين عبد الباقي بن قانع.
وهذا فيه دلالة على معرفة الشيخ بمناهج المحدثين، وما شذَّ فيه بعضهم، مما يتعلق بالجرح والتعديل كالإمام ابن حزم.
ثالثاً: تعقبه على بعض غلاة الشيعة، وتكذيبه في طعنه على الإمام الذهبي، بأنه يتعمد في (الميزان) تضعيف ما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، وتصحيح ما ورد في فضائل غيره.
وكذلك أيضاً تعقب بعض غلاة الشيعة وكذَّبه، في طعنه على الإمام الذهبي، بأنه في (الميزان) دَلَّس اسم الحافظ الجوزجاني، وكنَّاه ليُروِّج باطله.
رابعاً: ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال الأئمة مما يتعلق بجرح الراوي، زيادة على ما ذُكر في (الميزان).
خامساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض الرواة، ممن تُكلِّم فيهم، زيادة على ما ذُكر في (الميزان).
سادساً: تنبه الشيخ فيما قد يقع فيه الوهم والخطأ، في تراجم الرواة، كأن يُترجم لراويين وهما راوٍ واحد.
سابعاً: نرى أن من منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان)، أنه ينقل صراحة من (تاريخ الإسلام) للذهبي، فقد نقل بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان)، ولا شك أن في هذا دلالة على سعة اطلاعه، وما يبذله من الجهد والبحث، فيما يتعلق بتراجم الرواة وما قيل فيهم؛ حيث لم يقتصر على كتب الرجال القريبة وغير المطولة، مثل (تقريب التهذيب)، و (الكاشف)، و (المغني)، بل ذهب للبحث في (تاريخ الإسلام) وهو أضخم كتاب ألفه الذهبي.
ولا غرابة في نقل الشيخ من هذا الكتاب الكبير، فقد نسخه وعلَّق عليه.
ثامناً: نرى أن منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان) أنه ينقل من كتب (الموضوعات)، فقد نقل من كتاب (الموضوعات) لابن الجوزي، ونقل من (تنزيه الشريعة) لابن عرَّاق، نقل منهما بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة، مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان)، ولا شك أن نقل الشيخ من بعض كتب الموضوعات، فيه دلالة على معرفته بمناهج كتب الموضوعات، وأنها لا تتعلَّق فقط بإيراد الموضوعات والأباطيل، بل تذكر بعض تراجم الوضاعين ومن اتهم بالكذب، وقد عقد ابن عرَّاق في (تنزيه الشريعة) فصلاً في سرد أسماء الوضاعين والكذابين، ومن كان يسرق الأحاديث ويقلب الأخبار.
تاسعاً: نرى أن من منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان)، أنه ينقل من كتب (التخريج) فقد نقل من (التلخيص الحبير) بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة، مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان).
عاشراً: نرى أن من منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان)،أنه ينقل من كتب (التفسير)، فقد نقل من (تفسير ابن كثير) بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان).
الحادي عشر: إن نقل الشيخ في تعليقه على (الميزان) من كتب الموضوعات، وكتب التخريج، وكتب التفسير، وعدم اقتصاره في النقل من كتب الرجال، فيه دلالة على سعة اطلاع الشيخ، وفقهه الدقيق في البحث عن الرجال.
الثاني عشر: إن عدم اكتفاء الشيخ في حاشيته على (الميزان) بالنقل من الكتب المختصة بالرجال، ونقله من بعض كتب الموضوعات، وكتب التخريج، وكتب التفسير، ليعكس ما عليه غالب طلبة العلم، بل من ينتسب لعلم الحديث، حيث لا يتعدى بعضهم، عند بحثه عن تراجم الرواة والحكم عليهم، كتب الرجال المشهورة مثل (تهذيب الكمال) ومختصراته، وهذا إذا لم يكن يكتفي فقط بالنقل من (تقريب التهذيب). ولا شك أن هذا فيه قصور بالغ في البحث عن تراجم الرواة، والحكم عليهم.
¥(13/419)
الثالث عشر: وقوف الشيخ على نسخة من (ميزان الاعتدال) عليها خط الحافظ ابن حجر، وأيضاً وقف على نسخة أخرى، عليها خط الحافظ الحسيني، ولا شك أن ما وقف عليه الشيخ، هو تعليق وتذييل الحسيني على (الميزان)، وهو الذي وقف عليه الحافظ ابن حجر، ونقل منه في (اللسان)، وهذه فائدة نفيسة وتدل على حرص الشيخ واهتمامه بتملك، أو استعارة النسخ الفريدة والجيدة من كتب الرجال.
الرابع عشر: اجتهاد الشيخ، في إتمامه لبعض ما سقط من نسخته من (الميزان)، وذلك بعد عرضها ومقابلتها، بنسخ أخرى متميزة.
نقله لروايتين عن ابن معين في توثيق راو ٍ وتضعيفه، ورواية التضعيف قد حكم عليها بعض الحفاظ بالخطأ وكأنه قد خفي عليه ذلك.
قال الإمام الذهبي: «عثمان البَتِّي الفقيه، هو ابن مسلم ثقة إمام، وقيل اسم أبيه أسلم، وقيل سليمان، روى عن أنس بن مالك والشعبي، وعنه شعبة ويزيد بن زريع وابن علية وخلق، وثقه أحمد، والدارقطني، وهو كوفي استوطن البصرة، وجاء عن ابن معين توثيقه، وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى يقول: عثمان البَتِّي ضعيف، ووثقه ابن سعد» ().
قال الشيخ: «قال النسائي في الكنى لما ذكر رواية معاوية بن صالح: «هذا عندي خطأ، ولعله أراد عثمان البُرِّي» ().
قلت: عثمان البَتِّي الفقيه، جاء توثيقه وتصعيفه عن ابن معين، فقد قال الدوري () عن ابن معين: ثقه، وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: «عثمان البَتِّي ضعيف».
والذهبي نقل هنا في (ميزان الاعتدال) رواية الدوري، ورواية معاوية بن صالح، ولم يرجح بينهما أو ينقل حكم الإمام النسائي على رواية معاوية بن صالح. وهكذا فعل في (تذهيب تهذيب الكمال) ()، و (سير أعلام النبلاء) () وقال في (معرفة الرواة المُتكلَّم فيهم بما لا يوجب الرد):
«عثمان البَتِّي ثقة مشهور، اختلف قول ابن معين فيه، وثقه الدارقطني وغيره» ().
وقال في (الكاشف ()): «وثقه أحمد وغيره، و ابن معين في قول»
وقال في (المغني ()): «وثقوه، إلا ابن معين في قول» وقال في (ديوان الضعفاء ()): «صدوق، ضعفه يحيى بن معين».
وهذا فيه تقصير مُخل؛ إذ يُوهم أن ابن معين ضعفه، وليس له رواية أخرى في توثيقه، كما في رواية الدُّوري عنه.
وأما ما جاء في رواية معاوية بن صالح أن يحيى بن معين قال:
«عثمان البَتَّي ضعيف» فهذا خطأ، فقد قال الحافظ ابن حجر:
«قال النسائي في «الكنى»: عثمان البَتَّي، أخبرنا معاوية بن صالح، عن ابن معين، قال: عثمان البَتِّي ضعيف» وقال النسائي: «هذا عندي خطأ، ولعله أراد عثمان البُرِّي ()».
وعثمان البُرَّي هو عثمان بن مِقْسَم البُرِّي، قال الذهبي: «كذَّبه جماعة ()».
وأيضاً مما يُرجح أن ابن معين وثقه ولم يضعفه توثيق الأئمة له، قال الحافظ: «قال أحمد: صدوق ثقة، وقال الدارقطني: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة له أحاديث ()».
وما تقدم من قول الذهبي: «وثقوه إلا ابن معين في قول ()» وقوله: «ثقة مشهور» ().
وأيضاً مما يرجح توثيقه عن ابن معين وعدم تضعيفه، أن رواية الدوري مقدمة على رواية معاوية بن صالح، فهو أكثر ملازمة ومعرفة ليحيى بن معين.
ويلاحظ من خلال النظر في كتب الإمام الذهبي التي نقلت عنها، أنه قد خفي عليه حكم الإمام النسائي، على رواية معاوية بن صالح بالخطأ، وهذا مما يحرص عليه الذهبي.
وبهذا يظهر صواب ما تعقب به الشيخ سليمان، على الإمام الذهبي، وقد استفاده الشيخ من «من تهذيب التهذيب» وإن لم يصرح بتسمية الحافظ وكتابه.
و – تعقبه على الإمام الذهبي في ذكره لراو ٍ من الصحابة، ولا وجه لذكره، حيث قد خالف ما شرطه في كتابه من عدم ذكر الصحابة.
قال الذهبي: «عُجَيْر بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المُطَّلِبي، أخو رُكَانة، قيل له صحبة، وله حديث عن علي، تفرد عنه ولده نافع» ().
قال الشيخ سليمان: «عُجَيْر، ذكره ابن سعد في مسلمة الفتح، وقال الزبير بن بَكَّار: أطعمه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين وَسْقاً بخيبر، وقال ابن عبد البر: كان من مشايخ قريش، وممن بعثه عمر لتجديد أعلام الحرم، فعلى هذا لا وجه لذكره» ().
قلت: عُجَيْربن عبد يزيد، أثبت صحبته ابن سعد ()، والحافظ المزي () وابن الأثير ()، وابن عبد البر ()، وابن حجر ().
¥(13/420)
ولم يجزم بصحبته الإمام الذهبي كما في (الميزان)، وترجم له في (الكاشف ()) فقال: «عُجَيْر بن عبد يزيد بن هاشم، أخو رُكَانة، المُطَّلِبي، عن علي، وعنه ابنه نافع، أخرج له أبو داود».
هكذا ترجمه ولم يذكر ما يتعلق بصحبته.
هذا وفي ترجمة الشيخ سليمان، لـ عُجَيْر بن عبد يزيد،وقوله بعد ذلك متعقباً على الإمام الذهبي:
«فعلى هذا لا وجه لذكره» هذا التعقب أصاب فيه الشيخ سليمان، ويريد أنه صحابي كما في ترجمته، فلا وجه لذكره في كتاب (ميزان الاعتدال) الذي صنِّف لمن تُكلِّم فيه، وقد خالف الذهبي شرطه الذي صرح به في مقدمته، حيث قال:
«وفيه من تُكلِّم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح،… ولم أر من الرأي أن أحذف اسم أحدٍ، ممن له ذكر بتليين مّا، في كتب الأئمة المذكورين خوفاً من أن يُتعقَّبَ عليَّ، لا أني ذكرته لضعفٍ فيه عندي، إلا ما كان في كتاب البخاري وابن عدي و غيرهما من الصحابة، فإني أُسقطهم لجلالة الصحابة ولا أذكرهم في هذا المُصنَّف، فإن الضعف، إنما جاء من جهة الرواة إليهم» ().
إذاً الذهبي صرح في مقدمته، أنه سيسقط ذكر الصحابة لجلالتهم، وعُجَيْر ابن عبد يزيد صحابي، فلا وجه لذكره، وإن لم يُجْزَم بصحبته فلا وجه لذكره أيضاً، وذلك أنه لم يُتَكلَّم فيه بأدنى لين، وبأقل تجريح.
وقد استفاد الشيخ في ترجمته، لـ عجير من كتاب (تهذيب التهذيب) () وإن لم يصرح بتسمية الحافظ وكتابه.
هذا وقد تعقب الحافظ في (لسان الميزان)،على الإمام الذهبي في ذكره لتراجم بعض الصحابة،مخالفاً بذلك ما شرطه في عدم ذكرهم، ففي ترجمة (الأغر الغِفاري) قال الذهبي: «الأغر الغفاري، تابعي. قال ابن منده: فيه نظر» ().
قال الحافظ متعقباً: «وهذا صحابي، ذكره البغوي والطبراني وابن منده وغيرهم في الصحابة،… وأظن قول ابن منده: فيه نظر، من أجل الاختلاف في تسميته وفي نسبته، ولم يقل إنه تابعي بل هي من عند الذهبي؟ ولو تدبر سياق حديثه، لجزم بأنه صحابي،وقد اشترط أنه لا يذكر الصحابة، فذهل في ذكر هذا،و الله أعلم ()».
وفي ترجمة الحكم بن عُمَير قال الذهبي:
«الحكم بن عُمَير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في أحاديث منكرة، لا صحبة له، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث» ().
قال الحافظ متعقباً: «ما رأيت تضعيفه في كتاب ابن أبي حاتم، وقد سقت لفظه في ترجمة موسى بن أبي حبيب ثم إن الدارقطني قال: كان بدرياً، وكذا ذكره في الصحابة أبو منصور الباوردي،و ابن عبد البر، وابن منده، وأبو نعيم. ووصفه بالصحبة الترمذي، وابن أبي حاتم، والبَرقي، والعسكري، وخليفة، والطبري، والطبراني، والبغوي، وابن قانع، وابن حبان، والخطيب.
وقد شرط المؤلف أن لا يذكر صحابياً، فناقض شرطه، فإن الآفة في نكارة الأحاديث المذكورة من الراوي عنه» ().
ومن نظر في (لسان الميزان) وجد أمثلة أخرى ().
ثانياً: تعقبه على الإمام ابن حزم في غلوه الزائد في جرح الحافظ أبو الحسين عبدالباقي بن قانع.
قال الإمام الذهبي: «عبد الباقي بن قانع، أبو الحسين الحافظ، قال الدارقطني:كان يحفظ لكنه يخطئ ويُصِر،وقال البرقاني: هو عندي ضعيف، ورأيت البغداديين يوثقونه، وقال أبو الحسن بن الفُرات: حدث به اختلاط قبل موته بسنتين، وقال الخطيب: لا أدري لماذا ضعفه البرقاني؟ فقد كان ابن قانع من أهل العلم والدراية، ورأيت عامة شيوخنا يوثقونه، وقد تغير في آخر عمره، مات سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة» ().
قال الشيخ سليمان: «قال ابن حزم في حديث أبي هريرة:
«الحج جهاد والعمرة تطوع»: «إنه كذب بحت، من بلايا عبد الباقي ابن قانع التي انفرد بها» ().
قلت: هذا غلو زائد منه، و ابن قانع، وإن ضُعِّف، فلا يصل إلى هذا الحد، وقد اعترض صاحب الإمام عليه، بأن ابن قانع من كبار الحفاظ، أكثر عنه الدارقطني ()، وهذا الرد ليس بشيء، فيما هو قد تَكلَّم فيه، وقال في حديث آخر، إنه: «اختلط عقله قبل موته بسنة، وهو منكر الحديث، وتركه أصحاب الحديث جملة ()».
قلت: وهذا أيضاً غلو زائد من أبي محمد، فإنه رحمه الله كثيراً ما يُضعِّف الثقات بغير دليل» ().
¥(13/421)
قلت: أسرف ابن حزم كعادته، في رمي بعض الرواة بالترك والسقوط، وهم في حقيقة الحال ضعفاء، ولا يصل بهم الحد إلى الترك، ومن ذلك الحافظ عبد الباقي بن قانع، فقد أسرف ابن حزم في رميه بالترك،وهذا في مواطن كثيرة في كتابه (المحلى)، فقال كما نقله الشيخ سليمان: «اختلط عقله قبل موته بسنة، وهو بالجملة منكر الحديث، وتركه أصحاب الحديث جملة» ().
وقال في موضع: «أطبق أصحاب الحديث على تركه، وهو راوي كل بلية وكذبة» () وقال في موضع: «راوي كل كذبة، المنفرد بكل طامة، وليس بحجة لأنه تغير بآخره ()» وقال في موضع: «راوي كل بلية، وترك حديثه بآخره، لا شيء ()» وقال في موضع وهو يتكلم عن ابن شعبان محمد بن القاسم: «وابن شعبان في المالكيين نظير عبدالباقي بن قانع في الحنفيين، قد تأملنا حديثهما فوجدنا فيه البلاء البين والكذب البحت، والوضع اللائح، وعظيم الفضائح، فإما تغير حفظهما، أو اختلطت كتبهما، وإما تعمدا الرواية عن كل من لا خير فيه من كذاب، ومغفل يقبل التلقين، وإما الثالثة وهي ثالثة الأَثافي أن يكون البلاء من قبلهما، ونسأل الله العافية» ().
وهذا كله كما ذكره الشيخ سليمان من ابن حزم إسراف وغلو زائد، وابن قانع وإن ضُعِّف فلا يصل إلى هذا الحد، وابن حزم كثيراً ما يشذ ويغلو في حكمه على الرواة. وقد تقدم بيان ذلك ().
وقول الشيخ بعد نقله لاعتراض ابن دقيق العيد على ابن حزم:
«وهذا الرد ليس بشيء فيما هو قد تَكلَّم فيه».
أي أن رد الإمام ابن دقيق العيد، ليس بذاك الرد القوي المُفصَّل، أمام غلو ابن حزم الزائد في جرح ابن قانع،وحكمه على حديث أبي هريرة، أنه كذب بحت من بلايا عبد الباقي بن قانع.
وكون ابن قانع من كبار الحفاظ، وأكثر عنه الدارقطني، هذا الأمر يشترك فيه بعض الرواة ولا يلزم منه أن يكون من أهل الضبط والثقة.
هذا وقد اختلف في عبد الباقي بن قانع، قال الحافظ متعقباً قول ابن حزم: «تركه أصحاب الحديث جملة».
«قلت: ما أعلم أحداً تركه، وإنما صح أنه اختلط فتجنبوه» () وقول الحافظ يؤيد قول الشيخ سليمان في تعقبه على ابن حزم:
«وابن قانع وإن ضُعف فلا يصل إلى هذا الحد».
وقال حمزة السهمي: «سألت أبا بكر بن عبدان، عن ابن قانع فقال: لا يدخل في الصحيح» ().
وقال الحافظ: «قال ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب»: لم أر أحداً ممن يُنسب إلى الحفظ، أكثر أوهاماً منه، ولا أظلم أسانيد، ولا أنكر متوناً، وعلى ذلك فقد روى عنه الجلِةَّ، ووصفوه بالحفظ، منهم أبو الحسن الدارقطني فمن دونه ()» وقال البرقاني: «في حديثه نكرة» (). وقال أيضاً: «هو عندي ضعيف، ورأيت البغداديين يوثقونه» (). وقال الخطيب: «لا أدري لماذا ضعفه البرقاني؟ فقد كان ابن قانع من أهل العلم والدراية،ورأيت عامة شيوخنا يوثقونه، وقد تغير في آخر عمره» ().
قلت: والراجح أن ابن قانع ضعيف لاختلاطه،وكونه يخطئ ويُصر على الخطأ، ولا يصل إلى حد الترك.
وكأن الشيخ سليمان يميل إلى تضعيفه دون ترك حديثه.
ثالثاً: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة في طعنه على الإمام الذهبي بأنه يتعمد في (الميزان) تضعيف ما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، وتصحيح ما ورد في فضائل غيره.
قال الإمام الذهبي: «عَبَّاد بن سعيد الجُعفِي، قال: حدثنا محمد ابن عثمان بن بهلول، حدثنا صالح بن أبي الأسود، عن ابي المطهر، عن الأعشى الثقفي، عن سَلاَّم الجُعفي، عن أبي برزة مرفوعاً:
«إن الله عهد إليَّ في علي أنه راية الهدى وإمام أوليائي،وهو الكلمة التي ألزمها المتقين، من أحبه أحبني» فهذا باطل، والسند إليه ظلمات» ().
قال الشيعي الغالي متعقباً: «لو ورد في غير علي كرم الله وجهه، لقال صحيح والراوي ثقة، نعوذ بالله من الهوى الذي أضلك وأغوى» ().
قال الشيخ سليمان متعقباً على الشيعي الغالي:
¥(13/422)
«كذب هذا المُحشي على المصنف، بل المعروف من سيرته وعادته العدل والقول بالحق، والحكم على الحديث بما يقتضيه نقده ونظره، من غير إخلال بالواجب من القول بالحق، فكم من حديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قد حكم بوضعه واختلاقه، كما لا يخفى، ولكن أنت بجهلك وحمقك تريد أن يكون كل ما رُوي في علي رضي الله عنه صحيحاً، من غير نظر إلى جرح أو تعديل، فأنت كما رُوي في الحديث «حُبُّك الشيء يُعْمِي وُيصِمُّ» ().
قلت: صدق الشيخ سليمان في دفاعه عن الإمام الذهبي، وكذب هذا الشيعي الغالي، فكم من حديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قد حكم الذهبي بوضعه واختلاقه، وهذا في كل كتبه، واكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة من (ميزان الاعتدال) قال الإمام الذهبي:
«خلف بن عمر الهمداني، عن الزبير بن عبد الواحد الأسدأباذي، متهم، وهو المدائني الخياط أبو بكر، روى عنه أبو منصور مُحتسب همدان، … عن زِرّ بن عبد الله ـ مرفوعاً ـ: «أبو بكر تاج الإسلام وعمر حُلَّة الإسلام، وعثمان إكليل الإسلام،وعلي طِيب الإسلام، وهذا كذب» ().
وقال الإمام الذهبي: «كَادِح بن رحمة الزاهد، قال الأزدي وغيره: كذاب، …سليمان بن الربيع ـ أحد المتروكين ـ حدثنا كَادِح، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر ـ مرفوعاً ـ:
«أبو بكر وزيري، والقائم في أمتي من بعدي، وعمر حبيبي ينطق على لساني، وعثمان مِنِّي، وعلي أخي وصاحب لوائي» ().
وقال الإمام الذهبي: «علي بن صالح بيَّاع الأنماط، لا يُعرف، وله خبر باطل، … عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أئمة الخلافة من بعدي أبو بكر وعمر» المتهم بوضعه علي، فإن الرواة ثقات سواه» ().
وقال الإمام الذهبي: «جعفر بن محمد الأنطاكي، ليس بثقة، قال ابن حبان: وله خبر باطل، متنه: يُبعث معاوية عليه رداء من نور» ().
وهذه الأمثلة تدل على أن هذا الرافضي، قد كذب عمداً، فهو قد اطلع على هذه الأمثلة، ولكنه أعرض عنها، وأوهم لمن يطلع على كلامه أن الإمام الذهبي يعادي علي بن أبي طالب، وأهل البيت تبعاً، ولهذا لا يصحح ما ورد في فضائله،ويصحح ما ورد في فضائل غيره!.
والرافضة بسبب جهلهم وحمقهم وغلوهم في علي بن أبي طالب، وأهل البيت،يتعمدون في سبيلهم إلى تحريف الآيات، واختلاق الأحاديث والآثار، بل ومعاداة ومعارضة من يضعف بعض ما ورد في فضائلهم، والتي قد حكم عليها أئمة الحديث بالوضع والبطلان، فهم يريدون كما قال الشيخ سليمان أن كل ما ورد في فضل علي بن أبي طالب، وأهل البيت صحيحاً، من غير نظر إلى جرح وتعديل، فهم إذاً كما رُوي في الحديث «حبك الشيء يُعْمِي ويُصِمُّ».
وهذا الحديث رواه عبد بن حميد ()، والإمام أحمد ()، والبخاري في تاريخه ()،وأبو داود ()، والطبراني () وغيرهم، من طرق عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وذكر الحديث.
وهذا إسناد ضعيف، ففي سنده أبو بكر بن أبي مريم اختلط () وساء حفظه، وقد اختلفوا عليه في إسناده، فرواه جماعة عنه هكذا مرفوعاً، ورواه بعضهم عنه موقوفاً، والمرفوع ضعيف.
وأورده السيوطي وقال: «الوقف أشبه» () وقال الشيخ الألباني: «الموقوف أقوى من المرفوع» ().
وأخرجه أيضاً البيهقي () من طريق حريز بن عثمان عن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه، موقوفاً، وإسناده صحيح.
رابعاً: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة في طعنه على الإمام الذهبي بأنه دلَّس تسمية الحافظ الجوزجاني وكناه ليُروِّج باطله.
قال الإمام الذهبي في ترجمة (عَبَّاد بن صُهيب البصري):
«… وقال أبو إسحاق السَّعِدي: عَبَّاد بن صُهيب، غالٍ في بدعته مخاصم بأباطيله» ().
قال الشيعي الغالي: «هذا المشار إليه هو الجوزجاني الناصبي، المعروف بعداوة علي وشيعته،وصحبه معاوية وشيعته، وقد دَلَّسه المصنف بهذه العبارة لترويج باطله».
قال الشيخ سليمان متعقباً على الشيعي الغالي:
«كذبت لم يُدلَّسه المصنف، بل هو مشهور بكنيته، معروف من حفاظ الحديث الثقات الأثبات، وإن كان فيه بعض النصب» ().
¥(13/423)
قلت: أبو إسحاق السَّعدي، هو: الإمام الحافظ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، إمام الجرح والتعديل في وقته، وصاحب كتاب
(أحوال الرجال)، وهو مشهور بكنيته عند أئمة الحديث بأنه أبو إسحاق السَّعدي، وقد كذب هذا الشيعي الغالي كما قال الشيخ سليمان، وذلك في زعمه بأن الإمام الذهبي دَلَّس اسم الجوزجاني وكنَّاه لترويج باطله، والإمام الذهبي لا يُعرف بتدليس الأسماء لترويج الأباطيل، بل هذا من دين الرافضة وما يقوم عليه علمهم، نسأل الله السلامة.
وأما ميل الجوزجاني إلى النَّصب، فقد قال الإمام المعلمي رحمه الله: «الجوزجاني حافظ كبير، متقنٌ عارف، وثقه تلميذه النسائي جامع «خصائص علي» وقائل تلك الكلمات في معاوية،ووثقه آخرون، فأما ميل الجوزجاني إلى النصب، فقال ابن حبان في «الثقات»:
«كان حَرِيْزِي المذهب ولم يكن بداعية إليه وكان صلباً في السنة … إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره» وقال ابن عدي: «كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي» ().
وليس في هذا ما يُبين درجته في الميل.
فأما قصة الفروجة فقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب ()»:
«قال السُّلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه: «لكن فيه انحراف عن علي اجتمع على بابه أصحاب الحديث، فأخرجت جارية له فروجة لتذبحها، فلم تجد من يذبحها، فقال: سبحان الله فروجة لا يوجد من يذبحها، وعليٌ يذبح في ضحوة نيفاً وعشرين ألف مسلم» فالسُّلمي هو محمد بن الحسين النيسابوري ترجمته في «لسان الميزان» ().
تكلموا فيه حتى رموه بوضع الحديث،والدارقطني إنما ولد بعد وفاة الجوزجاني ببضع وأربعين سنة، وإنما سمع الحكاية على ما في «معجم البلدان» () (جُوزْجَانان) من عبد الله بن أحمد بن عَدَبَّس، ولابن عَدَبَّس ترجمة في «تاريخ بغداد» () و «تهذيب تاريخ ابن عساكر ()» ليس فيهما ما يُبين حاله فهو مجهول الحال فلا تقوم بخبره حجة، وفوق ذلك فتلك الكلمة ليست بالصريحة في البغض، فقد يقولها من يرى أن فعل علي رضي الله عنه، كان خلاف الأولى أو أنه اجتهد فأخطأ،… ولا يعد مثل هذا نصباً، إذ لا يستلزم البغض بل لا ينافي الحب.
فأماحط الجوزجاني على أهل الكوفة، فخاص بمن كان شيعياً يبغض الصحابة أو يكون ممن يُظنُّ به ذلك.
وبالنظر في حط الجوزجاني على الشيعة، اتضح أنه لا يجاوز الحد، وليس فيه ما يسوغ اتهامه بتعمد الحكم بالباطل، أو يخدش في روايته ما فيه غض منهم أو طعن فيهم، وتوثيق أهل العلم له يدفع ذلك البتة» ().
وقد كتب في هذا الشيخ عبد العليم البستوي، في دراسته لمنهج الجوزجاني في الجرح والتعديل فقال:
«هناك شبهات شاعت عنه تقول إنه: كان يتحامل على علي رضي الله عنه، أو كان ناصبياً أو حرورياً…» ().
ثم ذكر الشيخ أدلة القائلين بذلك، وناقشها بدراسة علمية مفصلة، ورجح أن الجوزجاني لا يتحامل على علي رضي الله عنه، وليس ناصبياً أو حرورياً.
خامساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال الأئمة،مما يتعلق بجرح الراوي، زيادة على ما ذكر في (الميزان).
وأمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «شَبِيب بن سُلَيم، عن الحسن البصري، ضعفه الدارقطني، وقيل ابن سليمان،وغمزه الفلاس، وروى عنه هو ومحمد ابن المثنى» ().
قال الشيخ: «قال ابن عرَّاق: قال العقيلي: كان يكذب» ().
قلت: شَبيب بن سُليم ضعيف كذاب.
وقول ابن عرَّاق نقله الشيخ من (تنزيه الشريعة ())، وهذا النقل من الشيخ فيه فائدة، وهي أن هذا الراوي، قد يُظنُّ فيه كما في ترجمته من (الميزان) أنه ضعيف فقط، وليس بشديد الضعف،ولأهمية قول العقيلي نقله الحافظ في (لسان الميزان) ().
2 – قال الذهبي: «شُجَاعْ بن أسلم الحَاسِبْ، عن أبي بكر بن مُقاتل، قال الحافظ الخطيب: مجهولان» ().
قال الشيخ: «قال ابن عرَّاق في «تنزيه الشريعة» (): شُجَاعْ بن أسلم الحَاسِبْ، عن أبي بكر بن مقاتل، مجهولان بخبر باطل آفته أحدهما» ().
قلت: أورد الخطيب لشُجاع بن أسلم حديثاً، من رواية محمد بن الحسن ابن إسماعيل الأنباري، عن شجاع، عن ابن مقاتل، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه: «إن الرجل ليصلي ويحج وما يُعْطى يوم القيامة إلا بقدر عقله» ().
¥(13/424)
قال الحافظ: «وأورده الدارقطني في «غرائب مالك» من طريق الحسين ابن يوسف بن يعقوب الفَحَّام، عن شُجَاع بن أسلم أبي كامل، عن أبي بكر، به.
وقال: لا يصح، وأبو بكر مجهول، وأبو كامل إنما هو صاحب تصنيف في أبواب الحِساب، والتدقيق فيه وفي حدوده، ولا أعلم له حديثاً مسنداً غير هذا» ().
وقد قال الذهبي في ترجمة أبي بكر بن مقاتل: «أبو بكر بن مقاتل الفقيه، له عن مالك خبر، وضعه هو أو صاحبه شُجَاع بن أسلم» ().
3 – قال الذهبي: «صخر بن محمد المَنْقَرِي الحَاجِبِي،المروزي، عن مالك، قال ابن طاهر: كذاب.
قلت: هو أبو حَاجِبْ، وهو: صخر بن عبد الله، كوفي نزل مرو، وهو صخر بن حَاجِب، قال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن عدي: حدث عنه الثقات بالبواطيل…» ().
قال الشيخ: «وقال أبو سعد السمعاني: يروي عن مالك والليث وغيرهما المنكرات، وما لا يرويه الثقات والحمل فيها عليه، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه» ().
قلت: قال الحافظ في ترجمته لصخر الحَاجِبي:
«قال الدارقطني: متروك الحديث، وقال في موضع آخر: يضع الحديث على مالك والليث، وعلى نظرائهما من الثقات، وقال أبو سعيد النقَّاش، وأبو نعيم الأصبهاني: روى عن مالك، والليث،وغيرهما موضوعات،وقال الخليلي: حديث الطير وضعه كذاب على مالك، يقال له: صخر الحَاجِبي، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه مناكير، أو من موضوعاته، ورأيت أهل مَرْو مجمعين على ضعفه وإسقاطه» ().
قلت: وعلى ما نقله الأئمة هو كذَّاب وضَّاع، وما نقله الشيخ عن السمعاني وابن حبان، هو من كتاب (الأنساب) () لأبي سعد السمعاني، حيث ترجم السمعاني لصخر الحاَجِبِي، وجرحه بما ذكره الشيخ، ثم أورد قول ابن حبان.
والجدير بالذكر أن قول السمعاني لم يُذكر في (ميزان الاعتدال)، ولا في (لسان الميزان) مع أن الحافظ يزيد على ما يذكره الذهبي.
4 – قال الذهبي: «عبد الله بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم بن الثَّلاَّج، سمع البغوي،وجماعة» ().
قال الشيخ: «هكذا ترجمة ابن الثَّلاَّج في الأصل المقابل عليه، وقد قال الدارقطني في رواية السُّلمي: لا يشتغل به، وقال العَتِيقِي: كان كثير التخليط» ().
قلت: سقط من نسخة (ميزان الاعتدال) التي عليها حاشية الشيخ، وكذا الأصل الذي يُقابل عليه الشيخ، قرابة سطر من ترجمة ابن الثَّلاَّج، وإكماله كما في (لسان الميزان):
«… سمع البغوي و جماعة. قال الأزهري: كان يضع الحديث،روى عنه التنوخي، مات سنة 387هـ، وكذَّبه جماعة» ().
وهو هكذا في المطبوع من (الميزان ()) مع نقص يسير.
وتمام قول الدارقطني الذي نقله الشيخ هكذا:
قال أبو عبد الرحمن السُّلمي: «وسألته عن أبي القاسم بن الثَّلاَّج، فقال: لا تشتغل به، فوالله ما رأيته في مجلس من مجالس العلم إلا بعد رجوعي من مصر، رأيته أولاً في مجلس أبي حام الهمداني المروزي،ولا رأيت له سماعاً في كتاب أحد. ثم لا يقتصر على هذا،حتى يضع الأحاديث والأسانيد، ويُركِّب، وقد حَدَّثت بأحاديث فأخذها، وترك اسمي، واسم شيخي، وحدث عن شيخ شيخي» ().
وقال الحافظ: «قال حمزة بن يوسف: كان معروفاً بالضعف،قال الخطيب: وكان أبو الفتح بن أبي الفوارس يكذِّبه، وكذلك أبو سعد الإدريسي، وقال العَتيقِي: كان يحفظ،وكان كثير التخليط» ().
وعلى ما نقلته من كلام أهل العلم ابن الثَّلاَّج كذاب وضاع.
5 – قال الذهبي: «عبد الله بن مُرَّة الزُّرَقِي، عن أبي سعيد الأنصاري في العَزْل، وعنه أبو الفيض الشامي فقط» ().
قال الشيخ: «قال الحافظ ابن حجر: مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الحافظ ()، وقد أخرج له النسائي.
6 – قال الذهبي: «عبد الرحمن بن خالد بن نَجِيْح،عن أبيه. قال ابن يونس: منكر الحديث» ().
قال الشيخ: «حدَّث عبد الرحمن بن خالد بن نَجِيْح، عن سعيد بن أبي مريم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بحديث منكر جداً، في قراءة آخر الكهف عند النوم، رواه الدارقطني في «غرائب مالك».
وقال: ابن أبي مريم ثقة، لكن عبد الرحمن بن خالد بن نَحِيح، ضعيف الحديث،ولا يصح عن مالك ولا غيره، انتهى» ()
قلت: قال الحافظ: «وقال الدارقطني: متروك الحديث، له عن حبيب كاتب مالك،وسعيد بن أبي مريم، وقال في موضع آخر: ضعيف» ().
¥(13/425)
7 – قال الذهبي: «عبد الكريم بن أبي المُخَارِقْ، أبو أُمية، واسم أبيه قيس فيما قيل، البصري المُعلِّم.
روى عن الحسن، وطاووس، وعنه الثوري، ومالك، وجماعة قال معمر: قال لي أيوب: لا تحمل عن عبد الكريم أبي أُمية فإنه ليس بشيء. وقال الفلاَّس: كان يحيى وابن مهدي لا يحدثان عن عبد الكريم المُعلَِم.
وروى عثمان بن سعيد، عن يحيى: ليس بشيء، وقال أحمد بن حنبل: قد ضربت على حديثه، هو شبه المتروك، وقال النسائي والدارقطني: متروك.
قلت: وقد أخرج له البخاري تعليقاً،ومسلم متابعة،وهذا يدل على أنه ليس بِمُطَّرح،…» ().
قال الشيخ: «قال المصنف في «التاريخ»: وكان أحد الفقهاء العلماء، إلا أنه يقول بالإرجاء، وفي حديثه ضعف، قال أبو حاتم وغيره ضعيف» ().
قلت: الأرجح أنه ضعيف جداً،وقد أخرج له البخاري، وأبو داود في كتاب المسائل، والنسائي، وابن ماجه.
وقد وهم الذهبي فرمز له في ترجمته هكذا (خت) أي أن البخاري أخرج له تعليقاً، وقد تبع في هذا الحافظ المزي، وقد نبه على هذا الوهم الحافظ ابن حجر في كتبه الثلاثة: (الفتح) ()، و (مقدمته) ()، و (التهذيب) ()، و (التقريب ()) فرمز له «خ» وهي رمز من روى له البخاري في (صحيحه) موصولاً مسنداً، فضلاً عن التعليق.
قال الحافظ: «وما رقم المؤلف ـ أي المزي ـ على اسمه علامة التعليق فليس بجيد، لأن البخاري لم يُعلِّق له شيئاً، بل هذه الكلمة الزائدة التي أشار إليها هي مُسندة عنده إلى عبد الكريم.
وأما مسلم فقال المؤلف: روى له في المتابعات، وهذا الإطلاق يقتضي أنه أخرج له عدة أحاديث، وليس كذلك، ليس له في كتابه سوى موضع واحد، وقد قيل: إنه ليس هو أبا أُمية وإنما هو الجَزَري، وقد قال الحافظ أبو محمد المنذري: لم يُخرج له مسلم شيئاً أصلاً لا متابعة ولا غيرها، وإنما أخرج لعبد الكريم الجَزَري» ().
وقد صرَّح الحافظ في (التقريب ()) فقال: «وله ذكر في مقدمة مسلم، وقد شارك الجزري في بعض المشايخ، فربما التبس به على من لافهم له».
8 – قال الذهبي: «عبد الواحد بن قيس، عن نافع، وقال العقيلي:
عبد الواحد بن قيس، عن أبي هريرة، قال البخاري: روى عنه الأوزاعي، وكان الحسن بن ذكوان يحدث عنه بعجائب، وقال ابن المديني: سمعت يحيى وذكر عنده فقال: كان شبه لاشيء، … و قال عثمان الدارمي، عن يحيى، عبد الواحد بن قيس: ثقة، وقال العجلي: ثقة شامي، وروى الغَلاَّبي، عن يحيى: لم يكن بذاك ولا قريب، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، لأن في روايات الأوزاعي عنه استقامة، وتركه البرقاني، وقال أبو أحمد الحاكم: منكر الحديث … قلت: له عند ابن ماجه حديث عن نافع عن ابن عمر: كان عليه السلام إذا توضأ عَرَك عارضه شيئاً» ().
قال الشيخ: «قال النسائي: ليس بالقوي،وقال مرة: ضعيف» ().
قلت: ترجم الحافظ الذهبي في (الميزان) لعبد الواحد بن قيس وأكثر من ذكر أقوال الأئمة فيه جرحاً وتعديلاً، وكذا ترجم له الحافظ ابن حجر في (التهذيب) ()، وزاد كثيراً على ما نقله الذهبي، إلا أنه فاتهما أن يذكرا في ترجمة عبد الواحد بن قيس، حكم النسائي وجرحه له، وهو ما نقله الشيخ سليمان، مما يدل على سعة اطلاعه، وحرصه الشديد، على نقل أقوال للأئمة النقاد، لم تذكرها بعض كتب الرجال.
وقد نقل الشيخ قول النسائي، بواسطة (تاريخ الإسلام ()) للذهبي إلا أنه لم يصرح باسمه، ولا باسم الكتاب.
وقال الحافظ في عبد الواحد بن قيس السُّلَمي، أبو حمزة الدمشقي: «صدوق له أوهام ومراسيل» ().
قلت: بل ضعيف، يعتبر به في المتابعات والشواهد.
9 – قال الذهبي: «عثمان بن عمرو بن سَاج، عن سهيل بن أبي صالح، قال أبو حاتم: لا يحتج به، روى عنه أهل الجزيرة، وله ترجمة في تهذيب الكمال» ().
قال الشيخ: «قال الحافظ ابن حجر، على نسخة من الميزان:
أورد له العقيلي حديث مسدد، عن معتمر ()، عن خُصَيْف، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «خذ مثقالاً من كَندر، ومثقالاً من سكر للحفظ على الريق».
¥(13/426)
وحديثه عن خُصَيف، عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «ذَكر المسح على الخفين، عند عمر: سعد،و عبد الله بن عمر .. الحديث، وفيه، فقال ابن عباس: إنا لا نُنْكِر أنه مَسَحَ، ولكن هل مسح منذ نزلت المائدة، أو بعد ذلك؟ فلم يتكلم أحد».
وحديثه هذا لا يُتابع عليه في كلام ابن عباس، وأما الأول، فرواه عَتَّاب بن بشير عن خُصَيف، عن بعض أصحابه، وهو أولى» ().
قلت: حديث: «خذ مثقالاً من كَندر …»، وحديث المسح على الخفين» أخرجهما العقيلي ().
وترجيح الحافظ في الحديث الأول، رواية عَتَّاب بن بشير، عن خُصَيف، عن بعض أصحابه، هو الصحيح، وهو عين ما رجحه الحافظ العقيلي بقوله: «هذا أولى» ().
ومما يجدر التنبيه عليه أن الذهبي لم يُفرق بين عثمان بن عمرو بن سَاج، وعثمان ابن سَاج، حيث قال في ترجمة عثمان بن سَاج:
«عثمان بن سَاج، عن خُصَيف، لا يُتابع، هو ابن عمرو، وسيأتي، وهو مُقارب الحديث» ().
ثم ترجم لعثمان بن عمرو بن سَاج على أنهما واحد.
وقال الحافظ في (لسان الميزان) بعد نقله لترجمة الذهبي لعثمان بن سَاج:
«… وقد فَرَّق غيره بين عثمان بن سَاج، وعثمان بن عمرو بن سَاج» ().
وقد ذهب الحافظ إلى التفرقة بينهما وفَصَّل في ذلك، فقال في تهذيبه في ترجمة عثمان بن عمرو بن سَاج:
«… و قول المصنف: وقد يُنسب إلى جده، يُوهم الجزم بأنه عثمان ابن ساج، الراوي عن خُصَيف ومِقسم وغيرهما. وقد تردد فيه بعد ذلك.
وقد أكثر التخريج الفاكهي في «كتاب مكة» عن عثمان بن سَاج، من غير ذكر عمرو بينهما، وأما النسائي والعقيلي وغيرهما، فما زادوا في نسب عثمان بن عمرو شيئاً، إلا أنهم قالوا: إنه حَرَّاني، ولا يسمي أحد منهم جده، فيدل مجموع ذلك على المغايرة بينهما» ().
قلت: والعجب أن الحافظ ابن حجر لم يُفرق بينهما في تعليقه على (ميزان الاعتدال) فيما نقله الشيخ سليمان، وذلك أن الحافظ نقل ما ذكره عن العقيلي في ترجمة عثمان بن عمرو بن سَاج، والعقيلي إنما ذكر ذلك في ترجمة عثمان بن سَاج، وما في (اللسان) و (التهذيب) هو رأي الحافظ.
قلت: وعثمان بن عمرو بن سَاج، قال فيه أبو حاتم: «يكتب حديثه ولا يحتج به» ()، وقال الحافظ: «فيه ضعف» ().
فهو على هذا ضعيف يعتبر به في الشواهد والمتابعات، وقد أخرجه له النسائي.
سادساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض الرواة ممن تكلم فيهم، زيادة على ما ذكر في (الميزان).
وأمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «طلحة بن صالح، شيخ لإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْرِي» ().
قال الشيخ: «طلحة بن صالح، عن عجلان بن سمعان، مجهول، فلعله شيخ الزُّبَيِري الذي ذكره المصنف» ().
قلت: قال ابن أبي حاتم في ترجمة، طلحة بن صالح شيخ الزُّبَيرِي:
«طلحة بن صالح بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي المدني، روى عن أبيه، وشرحبيل رجل من الموالي، روى عنه إبراهيم بن حمزة الزُّبيري، سمعت أبي يقول ذلك، سمعت أبي يقول: هو مجهول ()» وهكذا ترجم له البخاري ().
قلت: وما ذكره الشيخ، قد أخذه من ترجمة الذهبي، لعجلان بن سَمعان، قال الذهبي: «عجلان بن سَمعان، عن أبي هريرة. وعنه طلحة بن صالح، مجهول كصاحبه» ().
وقال الحافظ في زيادته على ما ذكر الذهبي:
«وذكره ابن حبان في «الثقات» () وقال: روى عنه أبو سفيان طلحة بن نافع، وصالح بن صالح. هذه عبارته، وهي الصواب» ().
قلت: لكن جاء في (الجرح والتعديل) قال ابن أبي حاتم:
«عجلان بن سَمْعان، سمع أبا هريرة، روى عنه طلحة بن صالح، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: هو مجهول، وطلحة مجهول» ().
وهو هكذا في تاريخ البخاري ().
قلت: وقول الشيخ: ولعل طلحة بن صالح الراوي عن عجلان بن سَمعان، هو شيخ الزُّبيري الذي ذكره الذهبي، مُتجه.
2 – قال الشيخ: «عبد الله بن سلمة الرَّبَعِي، عن عقبة بن شداد، منكر الحديث، قاله العقيلي، ذكره المصنف في ترجمة عقبة» ().
قلت: نعم ذكره الذهبي في ترجمة عقبة، قال الذهبي:
«عقبة بن شداد بن أُمية، عن ابن مسعود، وعنه عبد الله بن سَلمة الرَّبَعِي، لا يُعرف، والرَّبَعِي منكر الحديث، قاله العقيلي» ().
قلت: قال العقيلي في ترجمة عقبة بن شداد:
¥(13/427)
«عقبة بن شداد بن أُمية، عن عبد الله بن مسعود، روى عنه عبد الله بن سلمة الرَّبَعِي، ليس يُعرف عقبة إلا بهذا،وعبد الله بن سلمة منكر الحديث» ()، ثم أسند له حديثاً.
قلت: قوله: «ليس يُعرف عقبة إلا بهذا».
هذا فيه نظر، فقد رد هذا الحافظ، بتخريج أبي داود عنه حديثاً آخر في سننه، في الأدب، من طريق يحيى بن سُليم بن يزيد، عن عقبة بن شداد، ثم قال الحافظ: «وهذا الحديث الذي ذكره أبو داود، يرد على إطلاق العقيلي. وقد خرج عُقبة عن الجهالة، برواية اثنين عنه» ().
وهذا أيضاً فيه رد على الحافظ الذهبي بقوله عنه: «لا يُعرف».
ومما ينبه عليه أن الحافظ المزي لم يترجم لعقبة بن شداد، قال الحافظ: «وأخرج أبو داود لعقبة بن شداد، ولم يترجم له المزي، بل أحال به على ترجمة الراوي عنه يحيى بن سُلَيم بن يزيد، ثم لم يترجمه في ترجمة يحيى! وقد استدركته في «تهذيب التهذيب» ().
ومما ينبه عليه أيضاً أن الحافظ في (تهذيب التهذيب) () و كذا في (تقريب التهذيب) () وهم؛ حيث جعل قول العقيلي «منكر الحديث» في حق عقبة بن شداد، وهو إنما قاله في عبد الله بن سَلَمة الرَّبَعِي، علماً أن الحافظ لم يَهم في (اللسان) ().
3 – قال الشيخ: «عبد الله بن مالك بن سليمان السَّعدِي، آخر. عن أبيه، عن أبي الأحوص عن سلمة بن وَرْدان، عن أنس بن مالك مرفوعاً:
«صنفان من أُمتي لا تنالهما شفاعتي: «المرجئة والقدرية…» () الحديث أورده ابن الجوزي في «الموضوعات» ونقل عن الدارقطني، أنه قال: ما حدث بهذا الحديث سَلَمة، ولا يُعرف عنه، إلا من رواية عبد الله بن مالك، عن أبيه،
وعبد الله وأبوه من خبثاء المرجئة. قال أبو حاتم بن حبان: مالك يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات (). انتهى».
قلت: حديث: «صِنفانِ من أُمتي لا تنالهما شَفاعتي…».
أخرجه ابن حبان ()، والجورقاني ()، وابن الجوزي ()، من طريق عبد الله ابن مالك بن سليمان السَّعدي، عن أبيه، عن أبي الأحوص سَلاَّم بن سليم به.
وأورده السيوطي ()،وابن عرَّاق ()، والشوكاني ()، في الموضوعات. وتمام الحديث:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«صنفان من أُمتي لا تنالهما شفاعتي: المرجئة والقدرية، قيل يا رسول الله فمن القدرية؟ قال: قوم يقولون: لا قدر، قيل: فمن المرجئة؟ قال: قوم يكونون في آخر الزمان، إذا سئلوا عن الإيمان، يقولون:نحن مؤمنون إن شاء الله» هذا لفظ الجورقاني.
ثم قال الجورقاني عقبه:
«هذا حديث باطل، وفي إسناده ظلمات، منها سلمة بن وَرْدان، قال محمد بن المثنى:كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي: لا يحدثان عن سفيان، عن سلمة بن وردان، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال أبي: سَلمة بن وَردان منكر الحديث، ضعيف الحديث، وقال يحيى بن معين: سَلمة بن وَردان مدني ليس بشيء، وعبد الله بن مالك، وأبوه مالك بن سليمان مجهولان…» ().
وقال ابن حبان عن سلمة بن وردان:
«كان يروي عن أنس بأشياء لا تشبه حديثه، وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات، كأنه كان كبر وحطمه السن، فكان يأتي بالشيء على التوهم حتى خرج عن حد الاحتجاج به» ().
4 – قال الشيخ: «عبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، روى عنه عمر بن أحمد ابن نعيم وكيل المُتَّقِي، مجهولان، ذكرهما ابن كثير» ().
قلت: حَكَمَ الشيخ عليهما بالجهالة أخذاً من عدم معرفة الحافظ المزي لهما، عندما سأله الحافظ ابن كثير في تفسيره.
قال الحافظ ابن كثير: «قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ـ أي الحاكم ـ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نُعيم ـ وكيل المُتَّقِي ببغداد ـ حدثنا أبو محمد عبد الله بن هَلاَّل النحوي الضرير، حدثنا علي بن عمرو الأنصاري حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط، إلا بيتاً واحداً.
تَفَاءلْ بما تَهْوَى يَكُنْ فَلَقَلَّمَا
يُقَالُ لشيءٍ كان إلا تَحَقَّقا
سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث، فقال: هو منكر. ولم يَعرف شيخ الحاكم، ولا الضرير» ().
¥(13/428)
وعبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، لعله هو عبد الله بن هَلاَّل الأزدي، حيث ترجم له الذهبي فقال:
«عبد الله بن هَلاَّل الأزدي، عن ابن وهب. ضعفه الدارقطني» ().
وقد أورد الحافظ في (اللسان) ترجمة الذهبي هذه، ثم ذكر إسناد الحاكم لحديث عائشة رضي الله عنها: «ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَيت شعرٍ قط، إلا بيتاً واحداً …».
ثم قال: «وعبد الله بن هَلاَّل أظنه المترجم في «الأصل» أي في «ميزان الاعتدال»، ووجدت عن المزي قال: هذا خبر موضوع على ابن عيينة والله أعلم» ().
5 – قال الشيخ: «د ت س: عبد الحميد بن محمود المِعْوَلِي البصري، وقيل الكوفي، عن أنس، وعنه يحيى بن هانئ وغيره، قال عبد الحق في «الأحكام»: ليس ممن يحتج بحديثه، قال ابن القطان: لم أر احداً ممن صنَّف في الضعفاء ذكره، وقد قال النسائي إنه: ثقة،وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وأخرج روايته في صحيحه» ().
قلت: هذه الترجمة وجميع ما ذكر نقله الشيخ سليمان من (تهذيب التهذيب) ()،وزيادة على ما ذكره الشيخ قال المزي:
«روى عن أنس بن مالك،وعبد الله بن عباس، وروى عنه: ابناه حمزة ابن عبد الحميد،وسيف بن عبد الحميد، وعمرو بن هَرِم …وقال الدارقطني: كوفي يحتج به».
وقد قال الذهبي (): ثقة، وقال الحافظ (): «ثقة مُقِل».
وأخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
6 – قال الشيخ: «عثمان بن نَجَيْح،علَّق له البخاري أثراً من روايته عن سعيد ابن المسيب، وروى عنه ابن أبي ذئب،ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم راوياً عنه غيره، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا صنع ابن حبان،وقال: روى عن الحجازيين،ولم يُسمهم، فعلى هذا هو مجهول» ().
قلت: هذه الترجمة وجميع ما ذكر فيها. نقله الشيخ من (تهذيب التهذيب ()) وفيه أخرج له البخاري تعليقاً.
وهو مجهول كما قال الشيخ، وهذا الحكم يفيد بأن الشيخ، لا يرى أن الراوي إذا سكت عنه البخاري في (التاريخ الكبير)، أو ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، أنه عندهما ثقة مقبول، وهو الصحيح.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا يعد توثيقاً للراوي، ذهب إلى ذلك صراحة العلامة الحنفي ظفر أحمد العثماني التهانوي، حيث قال:
«كل من ذكره البخاري في «تواريخه» ولم يَطعن فيه، فهو ثقة، فإن عادته ذكر الجرح والمجروحين» وقال أيضاً: «سكوت ابن أبي حاتم أو البخاري عن الجرح في الراوي: توثيق له ()».
وذهب إلى ذلك من المعاصرين الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، بل كتب في ذلك بحثاً وهو: «سكوت المتكلمين في الرجال عن الراوي الذي لم يُجرح،ولم يأت بمتنٍ منكر: يعد توثيقاً له» ().
قلت: يكفي في رد هذا الرأي، وإن كتب فيه بحث، أن البخاري وابن أبي حاتم لم يُصرحا في كتابيهما، أن سكوتهما عن الراوي يعد عندهما ثقة مقبولاً، وعلم الحديث مبني على الاحتياط.
7 – قال الشيخ: «علي بن أحمد المقدسي، عن أحمد بن علي بن سهل المروزي، ذكر ابن حزم أنه مجهول،وكذا شيخه، فقال هما مجهولان» ().
قلت: نقل الشيخ ما ذكره من (التلخيص الحبير) ولم يذكر تسمية المؤلف أو الكتاب،وهذا نص كلام الحافظ في تخريجه لحديث ابن عباس:
«من نَسِيَ من نُسكِه شيئاً أو تَركهُ، فَليُهرِق دماً».
قال الحافظ: «… وأما المرفوع فرواه ابن حزم من طريق علي بن الجعد عن ابن عيينة، عن أيوب به، وأعله بالراوي عن علي بن الجعد: أحمد بن علي ابن سهل المروزي، فقال: إنه مجهول،وكذا الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي،قال: هما مجهولان» ().
وأورد الحافظ في (اللسان) في زيادته على تراجم (الميزان) ترجمة أحمد بن علي بن سهل، المروزي، وقال: «…أورده ابن حزم وقال: أحمد مجهول».
قلت: وهذان الراويان مجهولان كما قال ابن حزم.
وهما مما فاتا مؤلف (تجريد أسماء الرواة الذين تَكلَّم فيهم ابن حزم جرحاً وتعديلاً ())، فيستدرك عليه،وقد ذكر مؤلف (الجرح والتعديل عند ابن جزم الظاهري ()) أحمد بن علي بن سهل المروزي، نقلاً عن (اللسان) ولكن فاته الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي، فيستدرك عليه.
¥(13/429)
8 – قال الشيخ: «عمر بن أحمد بن نُعيم، أبو حفص وكيل المُتَّقِي، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نُعيم ـ وكيل المُتَّقِي ببغداد ـ حدثنا أبو محمد عبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، ثنا علي بن عمرو الأنصاري، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتَ شعرٍ قط، إلا بيتاً واحداً.
تَفَاءل بما تَهْوَى يَكُنْ، فَلَقَلَّمَا
يُقَال لشيءٍ كان إلا تَحَقَّقَا
قال الحافظ أبو الحجاج المزي: هذا الحديث منكر، وشيخ الحاكم، والضرير: مجهولان» ().
قلت: هذه الترجمة، وما ذكر فيها نقله الشيخ من (تفسير ابن كثير ())،ولم يذكر الشيخ تسمية الكتاب أو المؤلف.
وقد تقدم في المثال التاسع، عند ترجمة الشيخ لـ عبد الله بن هَلاَّل النَحَوِي، تصريحه بالنقل من ابن كثير.
ونقل الشيخ أن المزي قال: «وشيخ الحاكم والضرير مجهولان» ليس بدقيق؛ وذلك أن المزي لم يعرفهما لا أنه حكم عليهما بالجهالة، قال ابن كثير: «… سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث، فقال: هو منكر. ولم يعرف شيخ الحاكم، ولا الضرير» ().
قال شيخنا أبو الحسن المأربي: «معلوم أن قول أحد الأئمة:
«فلان لا أعرفه» الظاهر منه أنه لا يَعرف عينه فضلاً عن حاله، ويكون هذا الراوي مجهولاً عند القائل فقط لا عند غيره، لأن قولهم: «فلان مجهول» أشد جهالة من قول أحدهم: «فلان لا أعرفه» ().
قلت: وعمر بن أحمد بن نُعيم مجهول.
9 – قال الشيخ: «عمر بن مُضَرِّس، مجهول، ذكره في ترجمة عثمان بن مُضَرِّس» ().
قلت: نعم ذكره الذهبي في ترجمة عثمان بن مُضَرِّس، قال الذهبي:
«عثمان بن مُضَرِّس، وأخوه عمر، شيخان حدث عنهما حرملة بن
عبد العزيز. لا يُعرفان» ().
قلت: قال الحافظ معلقاً على ترجمة الذهبي لعثمان:
«وهذه عبارة يحيى بن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي عنه ()، حكاها ابن عدي في ترجمة عثمان في «الكامل» ().
وعثمان ذكره ابن حبان في «الثقات» () وكذا ذكر عمر» ().
قلت: وعمر بن مُضَرِّس مجهول، كما قال الشيخ؛ تفرد بالرواية عنه حرملة بن عبد العزيز، وقد ذكره الحافظ في (اللسان ()) زيادة على (الميزان).
سابعاً: تنبه الشيخ فيما قد يقع فيه الوهم والخطأ في تراجم الرواة، كأن يُترجم لراويين وهما راو ٍ واحد.
مثاله: قال الذهبي: «العلاء بن زيد، بصري، روى عن أنس، كذا سماه بعضهم ابن زيد، وزَيْدَل بزيادة لام، وقال الدارقطني: متروك.
والعلاء بن زَيْدَل الثقفي، بصري، روى عن أنس بن مالك، يكني أبا محمد، تالف، قال ابن المديني: كان يضع الحديث، وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن حبان: روى عن أنس نسخة موضوعة … وقد فرَّق ابن حبان فوهم بين العلاء بن زَيْدَل، وبين العلاء أبي محمد الثقفي» ().
قال الشيخ: «هذه الترجمة مكرر، والعلاء بن زيد هو العلاء بن زَيْدَل، ذكره الحسيني» ().
قلت: العلاء بن زيد هو العلاء بن زَيْدَل، وما ذكره الشيخ عن الحسيني هو من كتابه (التذكرة) وهذه عبارته: «العلاء بن زيد، ويعرف بابن زَيْدَل الثقفي …» ().
والإمام الذهبي لا يُفرق بينهما، بدليل تعقبه على ابن حبان.
وقد وهم العقيلي فيه أيضاً، قال الذهبي في ترجمة العلاء بن يزيد:
«العلاء بن يزيد أبو محمد الثقفي الواسطي، هكذا أفرده العقيلي، عن العلاء بن زَيْدَل الثقفي، وهو هو …، فقد وهم فيه العقيلي وَهمين: لكونه أفرده عن ابن زَيْدل،ولكونه قال: ابن يزيد، والصواب ابن زيد، وكذا هو ابن زيد في الضعفاء للبخاري وغير مكان» ().
وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة العلاء بن زيد:
«وفرَّق العقيلي بين العلاء بن زيد و العلاء بن زَيْدل، فقال في الأول: ثقفي واسطي، لكن وقع عنده العلاء بن يزيد، … ثم ساق ترجمة العلاء بن زَيْدل ولم ينسبه، فالراجح أنه العلاء بن زَيْدل، وربما خفف بحذف اللام، وأما يزيد فزيادة الياء أوله خطأ» ().
وقد تناقض الحسيني، فذهب كما تقدم في (التذكرة) أن العلاء بن زيد هو ابن زَيْدل، بينما نقل عنه الحافظ بعد نقله لترجمة الذهبي للعلاء بن يزيد وتوهيمه العقيلي، قال:
¥(13/430)
«وقد وافق العقيلي ابن حبان، وتبعهما ابن الجوزي، وقال الحسيني فيما قرأت بخطه: ليس هو ابن زَيْدل، ذاك بصري،وهذا واسطي قلت:
وليس هذا كافياً في دفع قول الذهبي، وقد وجدت له حديثاً في «الدعاء» للطبراني قال فيه: عن العلاء بن زياد، عن أنس» ().
قلت: وما نقله الحافظ عن الحسيني هو في ذيل الحسيني، وتعليقه على الميزان، بينما في (التذكرة) خلاف هذا.
والعلاء بن زيد متروك الحديث، ويروي عن أنس أحاديث موضوعة، وقد أخرج له ابن ماجه.
وهذه الترجمة تدل على معرفة الشيخ فيما يقع فيه الوهم والخطأ، في تراجم الرواة، حيث قد يقع التشابه في أسماء الرواة، فيُترجم لراويين، وهما راوٍ واحد.
هذا وزيادة على ما ذكرناه، مما تميزت به حاشية الشيخ سليمان على (الميزان)، إتمام الشيخ لبعض ما سقط من نسخته، بعد عرضها ومقابلتها بنسخ أخرى، وذلك كسقوط بعض التراجم، وبعض أقوال أئمة الجرح والتعديل، إلى غير ذلك ().
ملخص لبعض النتائج من خلال دراسة حاشية الشيخ على (ميزان الاعتدال).
وهي ما يلي:
أولاً: تعقبات الشيخ الحديثية على الإمام الذهبي، وهذه التعقبات جاءت متنوعة على ما يلي:
1 – تعقبه على الإمام الذهبي، في تجهيله لبعض الرواة، وهم بخلاف ذلك.
2 – تعقبه على الإمام الذهبي، في نقله عبارة جرح لأبي حاتم في حق راوٍ والصحيح عنه خلاف هذه العبارة، وأنه وثقه.
3 – تعقبه على الإمام الذهبي، في عدم معرفته لراوٍ، وهو قد تَرجم له في (الميزان).
4 – تعقبه على الإمام الذهبي، في إيهامه تضعيف راوٍ، وذلك باكتفائه بذكر جرح أحد الأئمة له، دون ذكر من وثقه.
5 – تعقبه على الإمام الذهبي في نقله لروايتين، عن ابن معين في توثيق راوٍ وتضعيفه، ورواية التضعيف قد حكم عليها بعض الحفاظ بالخطأ.
6 – تعقبه على الإمام الذهبي، في ذكره لراوٍ من الصحابة، ولا وجه لذكره؛ حيث قد خالف ما شرطه في كتابه من عدم ذكر الصحابة.
ثانياً: تعقبه على الإمام ابن حزم، في غلوه الزائد في الجرح، وذلك في مجاوزته الحد في جرح الحافظ أبي الحسين عبد الباقي بن قانع.
وهذا فيه دلالة على معرفة الشيخ بمناهج المحدثين، وما شذَّ فيه بعضهم، مما يتعلق بالجرح والتعديل كالإمام ابن حزم.
ثالثاً: تعقبه على بعض غلاة الشيعة، وتكذيبه في طعنه على الإمام الذهبي، بأنه يتعمد في (الميزان) تضعيف ما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، وتصحيح ما ورد في فضائل غيره.
وكذلك أيضاً تعقب بعض غلاة الشيعة وكذَّبه، في طعنه على الإمام الذهبي، بأنه في (الميزان) دَلَّس اسم الحافظ الجوزجاني، وكنَّاه ليُروِّج باطله.
رابعاً: ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال الأئمة مما يتعلق بجرح الراوي، زيادة على ما ذُكر في (الميزان).
خامساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض الرواة، ممن تُكلِّم فيهم، زيادة على ما ذُكر في (الميزان).
سادساً: تنبه الشيخ فيما قد يقع فيه الوهم والخطأ، في تراجم الرواة، كأن يُترجم لراويين وهما راوٍ واحد.
سابعاً: نرى أن من منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان)، أنه ينقل صراحة من (تاريخ الإسلام) للذهبي، فقد نقل بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان)، ولا شك أن في هذا دلالة على سعة اطلاعه، وما يبذله من الجهد والبحث، فيما يتعلق بتراجم الرواة وما قيل فيهم؛ حيث لم يقتصر على كتب الرجال القريبة وغير المطولة، مثل (تقريب التهذيب)، و (الكاشف)، و (المغني)، بل ذهب للبحث في (تاريخ الإسلام) وهو أضخم كتاب ألفه الذهبي.
ولا غرابة في نقل الشيخ من هذا الكتاب الكبير، فقد نسخه وعلَّق عليه.
ثامناً: نرى أن منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان) أنه ينقل من كتب (الموضوعات)، فقد نقل من كتاب (الموضوعات) لابن الجوزي، ونقل من (تنزيه الشريعة) لابن عرَّاق، نقل منهما بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة، مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان)، ولا شك أن نقل الشيخ من بعض كتب الموضوعات، فيه دلالة على معرفته بمناهج كتب الموضوعات، وأنها لا تتعلَّق فقط بإيراد الموضوعات والأباطيل، بل تذكر بعض تراجم الوضاعين ومن اتهم بالكذب، وقد عقد ابن عرَّاق في (تنزيه الشريعة) فصلاً في سرد أسماء الوضاعين والكذابين، ومن كان يسرق الأحاديث ويقلب
¥(13/431)
الأخبار.
تاسعاً: نرى أن من منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان)، أنه ينقل من كتب (التخريج) فقد نقل من (التلخيص الحبير) بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة، مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان).
عاشراً: نرى أن من منهج الشيخ في تعليقه على (الميزان)،أنه ينقل من كتب (التفسير)، فقد نقل من (تفسير ابن كثير) بعض التراجم، وبعض أقوال الأئمة مما يتعلق بجرح الراوي، وذلك في زيادته على ما ذُكر في (الميزان).
الحادي عشر: إن نقل الشيخ في تعليقه على (الميزان) من كتب الموضوعات، وكتب التخريج، وكتب التفسير، وعدم اقتصاره في النقل من كتب الرجال، فيه دلالة على سعة اطلاع الشيخ، وفقهه الدقيق في البحث عن الرجال.
الثاني عشر: إن عدم اكتفاء الشيخ في حاشيته على (الميزان) بالنقل من الكتب المختصة بالرجال، ونقله من بعض كتب الموضوعات، وكتب التخريج، وكتب التفسير، ليعكس ما عليه غالب طلبة العلم، بل من ينتسب لعلم الحديث، حيث لا يتعدى بعضهم، عند بحثه عن تراجم الرواة والحكم عليهم، كتب الرجال المشهورة مثل (تهذيب الكمال) ومختصراته، وهذا إذا لم يكن يكتفي فقط بالنقل من (تقريب التهذيب). ولا شك أن هذا فيه قصور بالغ في البحث عن تراجم الرواة، والحكم عليهم.
الثالث عشر: وقوف الشيخ على نسخة من (ميزان الاعتدال) عليها خط الحافظ ابن حجر، وأيضاً وقف على نسخة أخرى، عليها خط الحافظ الحسيني، ولا شك أن ما وقف عليه الشيخ، هو تعليق وتذييل الحسيني على (الميزان)، وهو الذي وقف عليه الحافظ ابن حجر، ونقل منه في (اللسان)، وهذه فائدة نفيسة وتدل على حرص الشيخ واهتمامه بتملك، أو استعارة النسخ الفريدة والجيدة من كتب الرجال.
الرابع عشر: اجتهاد الشيخ، في إتمامه لبعض ما سقط من نسخته من (الميزان)، وذلك بعد عرضها ومقابلتها، بنسخ أخرى متميزة.
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:37 ص]ـ
هل هي مطبوعة؟
و أين نحصل عليها؟
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 12:37 ص]ـ
حاشية الميزان ستنشر قريباً(13/432)
تلخيص كتاب الاتصال والانقطاع للشيخ إبراهيم اللاحم
ـ[الوسمي]ــــــــ[06 - 09 - 06, 01:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة والأخوات رواد هذا الموقع المبارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المشاركة الفعلية الأولى لي في هذا الموقع المبارك، نسأل الله أن يثيب القائمين عليه ويجزيهم خير الجزاء.
أقدم بين يدي طلبة العلم الكرام هذا الملف المضغوط والذي هو عبارة تلخيص واختصار لكتاب "الاتصال والانقطاع" للشيخ الفاضل الدكتور إبراهيم اللاحم حفظه الله ورعاه.
آملاً منهم الدعاء بالخير والسداد.
أخوكم في الله
خالد الجاسم
الدراسات العليا
جامعة الملك سعود
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[08 - 09 - 06, 07:00 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[08 - 09 - 06, 08:30 م]ـ
أثابكم الله, ونفع بكم. و ليتكم تكملون في بقية كتب الشيخ
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[20 - 07 - 07, 07:58 م]ـ
أخي هلا أعدت وضع الرابط لأنه لا يعمل
بارك الله فيك
ـ[ابن صادق المصري]ــــــــ[21 - 07 - 07, 08:53 ص]ـ
أخي الرابط لا يعمل, و هل أخبرتنا عن أسماء كتب الشيخ؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[28 - 07 - 07, 11:29 م]ـ
الرابط لا يعمل يا أخي الكريم
ـ[أشرف بن صالح العشري]ــــــــ[29 - 07 - 07, 01:44 ص]ـ
أخي الكريم الرابط لا يعمل ...
ـ[الوسمي]ــــــــ[02 - 11 - 08, 04:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر للإخوة جميعاً بلا استثناء على هذا التأخير الطويل في تحميل مختصر كتاب الاتصال والانقطاع للشيخ الدكتور الفاضل إبراهيم اللاحم حفظه الله ورعاه
أخوكم خالد
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[03 - 11 - 08, 05:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو تراب السلفى الاثري]ــــــــ[03 - 11 - 08, 03:16 م]ـ
جزاك المولى خيرا
ـ[إبراهيم محمد زين سمي الطهوني]ــــــــ[23 - 10 - 09, 07:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أسامة أبو المنذر]ــــــــ[23 - 10 - 09, 07:43 م]ـ
جزاك الله خيرا(13/433)
تعقب نقد الشيخ الألباني للشيخ سليمان في التخريج
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 01:07 ص]ـ
عقد الشيخ رياض بن عبدالمحسن بن سعيد فصلاً في رسالته (جهود الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ في علم الحديث) فقال وهو يتكلم عن منهج الشيخ سليمان في التخريج:
(تعقب نقد الشيخ الألباني للشيخ سليمان في التخريج):
من خلال بحثي ودراستي لكتب ورسائل الشيخ سليمان، رأيت أن له اهتماماً ومعرفة بعلم الحديث، وظهر هذا في بعض مؤلفاته؛ ولهذا قمت بدراسة كتب الشيخ ورسائله، لأستخرج بذلك جهود الشيخ في علم الحديث، وبيان منهجيته في تخريج الحديث، والجرح والتعديل،والحكم على الحديث إلى غير ذلك، وقد رأيت أن من أعظم ما يتميز به الشيخ، هو دقته وعنايته في تخريج الأحاديث والآثار، وعزوها إلى مصادرها، ولمَّا توصلت إلى هذه النتيجة تعجبت كل العجب أن يأتي شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ ويحكم على تخريج الشيخ سليمان بقوله: «الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به»!.
وقد ذكر الشيخ الألباني هذا الحكم في حاشية كتابه (تحذير الساجد) حيث قال في الحاشية، تعليقاً على حديث أبي مَرْثَد الغَنَوِي، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها»: «… وقول الشيخ سليمان حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في حاشيته على (المقنع) (1/ 125): «متفق عليه» وهم منه. ثم عزاه (ص281) لمسلم وحده، فأصاب وله من مثل هذا التخريج أوهام كثيرة جداً، يجعل الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به، وأنا أضرب على ذلك بعض الأمثلة الأخرى تنبيهاً لطلاب العلم ونصحاً لهم، وإنما الدين النصيحة:
1 - قال «ص20»: (روى جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتفعوا من الميتة بشيء» رواه الدارقطني بإسناد جيد) () قلت: وهذا حديث ضعيف، وفي الصحيح ما يعارضه، وعزوه للدارقطني وهم لم أجد من سبقه إليه.
2 - قال «ص228»: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «من استنجى من ريح فليس منَّا» رواه الطبراني في (معجمه الصغير ()) قلت: وليس هذا في (المعجم) وأنا أخبر الناس به – والحمد لله – فإني خدمته ورتبته على مسانيد الصحابة وخرجت أحاديثه ووضعت فهرساً جامعاً لأحاديثه ..
3 - قال «ص29»: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لخَلُوفُ فم الصائم…» () رواه الترمذي) () قلت: وهو في (صحيح البخاري) () و (صحيح مسلم)» () انتهى كلام الشيخ الألباني ().
قلت: تسرع الشيخ الألباني ـ عفا الله عنه ورحمه ـ في حكمه على الشيخ سليمان، بأن له أوهاماً كثيرة جداً تجعل الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به،وقد رد عليه بعض أهل العلم، منهم مفتي الديار النجدية الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله،وكذا الشيخ العلامة إسماعيل الأنصاري، حيث أفرد الشيخ إسماعيل رسالة مستقلة في الرد عليه، إلا أنه فاته أن يرد على حديث أبي مَرْثَد الغَنَوِي، وتحميل الوهم فيه على الشيخ سليمان.
هذا وسأذكر رد الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ إسماعيل الأنصاري، بعد مناقشة الشيخ الألباني في حديث أبي مَرْثَد الغَنَوِي، فأقول: عزو الشيخ سليمان في حاشيته على (المقنع) لحديث أبي مَرْثَد الغَنَوِي بأنه (متفق عليه) () وعزوه له في موضع آخر بقوله (رواه مسلم) () الشيخ في هذا العزو، تبع ونقل من كتاب (الشرح الكبير) لشمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي، حيث قد عزاه شمس الدين ابن أبي عمر في كتابه (الشرح الكبير) في كتاب الصلاة بأنه (متفق عليه) () وعزاه في موضع آخر في الجنائز بأن (رواه مسلم) () فالشيخ سليمان في حاشيته، نقل بالنص في شرحه لبعض المسائل من كتاب (الشرح الكبير) ووقع في هذا الوهم تبعاً لما جاء في (الشرح الكبير) إذن العهدة في ذلك الوهم، على ابن أبي عمر، فهو الذي وَهِمَ بأنَّ الحديث (متفق عليه) ثم صَوَّبَ ذلك في موضع آخر فقال: (رواه مسلم) فليست المسئولية في هذا الوهم خاصة بالشيخ سليمان، وإن كان الأولى أن يتتبع ما ينقله، والحديث رواه مسلم () وليس متفقاً عليه.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – رداً على سؤال من سأله عن اعتراض الشيخ الألباني على الشيخ سليمان في حاشيته:
¥(13/434)
«الشيخ سليمان إنما صنَّفها على اصطلاح الأصحاب، ثم الأحاديث التي ذكرت، يذكرون أحاديث وهناك ما هو أصح منها. أما قوله: ما رواه فلان؟ فهو لم يذكر في اصطلاحه أني تتبعت ما نقلوه منه () …»
وهذه رسالة الشيخ إسماعيل الأنصاري في رده على الشيخ الألباني، وعنون لها بقوله: (تعقب لبعض أغلاط الألباني):
«قرأنا في رسالة (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) للألباني، كلمة حول صنيع الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في (حاشية المقنع)، رأينا من أداء واجب ذلك الإمام أن نتعقبها بعد سردها بما هو الصواب، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل، فنقول وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل: …وأما حديث «لا تَنتفعوا من الميتة بشيء» ففي (المغني ()) للموفق و (الشرح الكبير ()) لشمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن ما نصه «روى أبو بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزُّبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتفعوا من الميتة بشيء» وإسناده حسن، وقد أقرهما الحافظ ابن حجر على هذا التحسين في (التلخيص الحبير ()) وتبعه الشوكاني في (نيل الأوطار ()) وذكر له رواية عند ابن وهب فيها زمعة، وهو ضعيف.
فليس من اللائق تضعيف حديث حسن، بوجود طريق له أُخرى ضعيفة، فإن ذلك خلاف ما قرره أئمة الفن! وأما دعوى معارضة الحديث المذكور لما في (الصحيح)، فغير قائمة على أساس ما دام هذا الحديث عاماً، والأحاديث التي ظنَّها الألباني مخالفة له خاصة، ولا ينبغي الإقدام على الأحاديث الثابتة، بمجرد دعوى المعارضة للأحاديث الصحيحة، كما بينه الحافظ ابن حجر في (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد)، قال:
«كيف يدعي الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد هذا التوهم؟! ولو فتح هذا الباب لرد الأحاديث لادُّعِي في كثير من الأحاديث البطلان، ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون ()»
وقال أيضاً: «لا ينبغي الإقدام على الحكم بالوضع، إلا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذر الجمع في الحال ألا يمكن بعد ذلك، وفوق كل ذي علم عليم. وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم على الحديث بالبطلان، بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له» ().
وأما عزو الحديث إلى الدارقطني فإنما نقله الشيخ سليمان عن (المبدع) () واستناد الألباني في توهيم ذلك إلى أنه لم يجد من سبقه إليه غير ناهض، إذ لا يخفى ما بين عدم وجود الشيء وعدم الشيء من البون الكبير، لا سيما ومؤلفات الدارقطني كثيرة، ليس في وسع الألباني تتبعها حتى يُقابل نفيه بإثبات صاحب (المبدع).
مع أن حديث ابن عَكِيْم عن الدارقطني ()، يشهد لهذا الحديث، وقد صححه ابن حبان () وابن حزم في (المحلى) ()، ونقل ابن القيم عن طائفة من أهل العلم أنه محفوظ، وتعقب الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) () أهم العلل التي عُلل بها.
وارتضى هو ومن قبله الجمع بينه وبين أحاديث الدباغ، بأن الإِهَاب هو الجلد الذي لم يُدبغ، وأحاديث الدباغ تدل على الاستمتاع بعد الدبغ والمقصود أن حديث ابن عَكِيْم عند الدارقطني، وأن معناه ومعنى حديث جابر واحد.
فما دام الأمر كذلك، فلنا أن نقول: إن من عزا حديث جابر إلى الدارقطني، إنما أراد الأصل إن لم يكن موجوداً عند الدارقطني بهذا اللفظ، كما أجيب بمثله عن الإمام البيهقي، فيما وقع له في ذلك من عزو كثير من ألفاظ أحاديث لا توجد في (الصحيحين) إليهما ().
وأما حديث «من استنجى من ريح فليس منّا» فقد قال الموفق في (المغني ()): «رواه الطبراني في (معجمه الصغير)، وتبعه شمس الدين في (الشرح الكبير ()) فليست المسئولية خاصة بالشيخ سليمان في شيء سبقه إليه هذان الإمامان، كما لا نستجيز رد إثبات أئمة العلم بمجرد سقوطه في نسخة لم تعرض على الأُصول الصحيحة، ولا على حافظ متقن. وطريقة العالم المنُصف في مثله أن يقول: ليس في النسخة التي وقفت عليها، لا أن ينفيه نفياً جازماً! وقد روى ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) عن معمر أنه قال: «لو عُورض الكتاب مائة مرة، ما كاد يسلم من أن يكون فيه سقط أو خطأ ()» وأما حديث «لخَلُوفُ فم الصائم» فعزوه إلى الترمذي غير قادح، فإن التقيد بهذه القيود الإصطلاحية، مما لا تبلغ درجته أن يكون سبباً في الطعن على إمام من أئمة الدعوة إلى الله
¥(13/435)
تعالى، ولو أخذنا بهذه القيود لاستدركنا على الألباني اقتصاره على البخاري دون مسلم ()، فإن الحديث متفق عليه، ودرجة المتفق عليه حسب قواعد المصطلح، فوق درجة ما انفرد به البخاري، فلماذا يقتصر على قوله «وهو في البخاري» ولم يتعرض لكونه متفقاً عليه.
فبهذا يتبين أن الحق مع الشيخ سليمان في هذه الأحاديث التي انتقد الألباني صنيعه فيها، مع أنا لو فرضنا أنه وهم في أربعة أحاديث، فليس من اللائق التعبير فيه بأنه غير موثوق به!! فإن ما غلط فيه كثير من أئمة العلم أكثر من ذلك، وكل قائل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس تتبع المسائل المستشنعة من عادة أهل العلم! كما بينه ابن القيم في (جلاء الأفهام) وقال في (المدارج): «لو كان كل من أخطأ أو غلط تُرك جملة وأهدِرت محاسنه، لفسدت العلوم والصناعات والحِكم، وتعطلت معالمها» هذا لو فرضنا أنه أخطأ فكيف والصواب معه؟! وبهذا ينتهي الكلام على هذه الأحاديث» ().
ثم بعد ذلك استحسن الشيخ إسماعيل الأنصاري، أن يذكر ترجمة للشيخ سليمان – رحمه الله – نقلاً من (عنوان المجد) لابن بشر، وفي نهاية الرسالة نقل الشيخ عن (طبقات الشافعية) للتاج عبد الوهاب ابن السبكي، بعض أوهام في العزو، كانت في كتاب (الإمام) لابن دقيق العيد، ومع ذلك قال التاج ابن السبكي الذي ذكرها: «لم ندرك أحداً من مشايخنا، يختلف في أن ابن دقيق العيد، هو أُستاذ زمانه علماً وديناً ()».
قلت: وزيادة على ما ذُكر في رسالة الشيخ إسماعيل الأنصاري أقول: إن حكم الشيخ الألباني على الشيخ سليمان بأن الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به فيه نظر بالغ، وذلك من عدة وجوه:
الأول: مبالغة الشيخ الألباني ومجاوزته الحد حيث حكم على منهج الشيخ سليمان في التخريج بحكم عام، وذلك أن الشيخ الألباني اقتصر في الحكم على تخريج الشيخ من كتاب واحد وهو (حاشية المقنع) وأيضاً الأمثلة التي ذكرها الشيخ الألباني من الحاشية أربعة أمثلة وهي قليلة جداً و لا يبنى عليها حكم عام أيضاً، وبأنَّ الشيخ سليمان في (حاشية المقنع) له أوهام كثيرة جداً في التخريج، تجعل الاعتماد عليه في التخريج غير موثوق به.
الثاني: لم أجد الشيخ الألباني عَمَّم الحكم على تخريج الشيخ سليمان إلا في كتابه (تحذير الساجد) بينما لم يذكر هذا الحكم على الشيخ في كتبه الأُخرى، حيث خَرَّجَ الشيخ الألباني في (السلسلة الضعيفة)، حديث «لا تنتفعوا من الميتة بشيء» ثم قال: «ومما سبق تعلم أن قول الشيخ سليمان حفيد محمد ابن عبد الوهاب رحمهما الله في حاشيته على (المقنع) (1/ 20): «رواه الدارقطني بإسناد جيد» غير جيد، على أنني في شك كبير من عزوه للدارقطني فإني لم أره في «سننه» وهو المراد عند إطلاق العزو عليه، ولم أجد من عزاه إليه غير الشيخ هذا …. ()» وقال أيضاً في (إرواء الغليل) عند تخريجه لحديث «كنت رَخَصَّت لكم في جلود الميتة، فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عَصَبْ»:
«وعزاه بهذا اللفظ في حاشية (المقنع) (1/ 20) نقلاً عن (المبدع) للدارقطني أيضاً، ولم أره في سننه ()» وبالنقل من (السلسلة الضعيفة) و (إرواء الغليل) يظهر تلطف الشيخ الألباني في رده لعزو الشيخ سليمان، بخلاف ما جاء في (تحذير الساجد) من التجوز في إصدار حكم عام على تخريج الشيخ سليمان.
الثالث: أكاد أجزم أن الشيخ الألباني لو نظر، نظرة تأمل إلى كتاب (تيسير العزيز الحميد) ورسالة (الطريق الوسط) ورأى عناية الشيخ سليمان ودقته في تخريج الأحاديث والآثار، خاصة تعقباته لعزو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب للأحاديث والآثار، في كتاب (التوحيد) لكان له حكم آخر، وكيف يكون للشيخ سليمان أوهام كثيرة جداً في التخريج، تجعل الاعتماد عليه في التخريج، غير موثوق به، وهو القائل عند تخريج حديث طارق بن شهاب: «دخل الجنة رجل في ذباب …»: «هذا الحديث ذكره المصنف معزواً لأحمد، وأظنه تبع ابن القيم في عزوه لأحمد… وقد طالعت (المسند) فما رأيته فيه، فلعل الإمام رواه في كتاب (الزهد) أو غيره ()».
¥(13/436)
وعند تخريج الحديث تبين أنه في كتاب (الزهد) للإمام أحمد، وليس في (المسند)،وهو القائل عند عزو الحافظ في (فتح الباري) أثراً إلى (المحلى) لابن حزم: «قلت: وقد طالعت (المحلَّى) فلم أر هذا القول فيه» ().
الرابع: من خلال النظر إلى موقف الشيخ الألباني من تخريج الشيخ سليمان، نرى أن الشيخ الألباني أنزل الحكم مباشرة على تخريج الشيخ سليمان، ولم يعتذر له كما هي عادة أهل العلم الكبار في تعقب بعضهم على بعض، حيث تراهم يقولون عند الوقوف على بعض الأوهام في العزو إلى المصادر:
«لعلة نقله من غيره» أو «لعله أراد أصل الحديث لا لفظه» أو «لعله ذهول وسبق قلم» أو «لعله لم يُحرر ما كتبه» وهذا الاعتذار من أهل العلم يراه من ينظر في كتب أئمة الحديث، كالحافظ ابن الملقن، والعراقي، وابن حجر، والسخاوي، وغيرهم وهذا أيضاً منهج الشيخ سليمان، كما هو ظاهر في تعقباته الحديثية على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
وهذا المنهج هو الذي ينبغي أن يسلكه طالب العلم تجاه ما يجده من أوهام وأخطاء لكبار أئمة الإسلام.
الخامس: إن (حاشية المقنع) التي كتبها الشيخ سليمان، قد تتبعتها فوجدت أن الشيخ سليمان مجرد ناقل، وإن كان نقله عن فهم وجودة اختيار، فهو في الحاشية ينقل بالنص من كتاب (المغني) و (الشرح الكبير) و (المبدع)، ليس له في ذلك مناقشة للمسائل، أو تخريج للأحاديث والحكم عليها، فهو قد كتبها لتكون حاشية على (المقنع) من كلام كبار أئمة الحنابلة، يستفيد منها طلاب العلم في عصره، خاصة أن كتب أهل العلم، قد يَعِزُّ توفرها لأهل العلم وطلبته في عصر الشيخ، فهو قد كتبها في زمن له ظروفه الخاصة التي تنعكس وتؤثر على منهج الشيخ سليمان، وعلى الحركة العلمية في عصره، فمطالبة الشيخ بعد هذا أن يقوم بمراجعة وتتبع ما يعزوه صاحب (المغني) و (الشرح الكبير) و (المبدع) من الأحاديث والآثار والحكم عليها، هذا بحد ذاته يكون عملاً آخر، وهو لم يقصده الشيخ البتة. ولو قصده لخرجت (حاشية المقنع) في مجلدات!
ولا يَظنُّ القارئ بأن هذا التعقب على الشيخ الألباني، هو تنقص له، وبحث عن مَغمزٍ يُغمز به الشيخ، أو أن الشيخ بنقده وحكمه على تخريج الشيخ سليمان، هو بذلك ينتقد أئمة الدعوة، ولا يميل إليهم، كما يقول ذلك من يصطاد في الماء العكر، ممن هم في الدعوة والعلم، على خلاف منهج السلف الصالح، كلا فمنهج اشيخنا الألباني، هو منهج أئمة الدعوة، ودعوتهم واحدة.
ولا زال الشيخ الألباني في كتبه ورسائله ناصراً للسنة وقامعاً للبدعة، ويكفيه فخراً كونه ـ فيما نظن ـ مجدد الحديث وعلومه في قرننا، بعد اندراس ذلك مدة من الزمن، فرحمة الله عليه، وجمعنا وإياه في جنات النعيم.
ـ[السليماني]ــــــــ[26 - 01 - 08, 05:14 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أبو جعفر الزهيري]ــــــــ[27 - 01 - 08, 05:02 ص]ـ
كون الشيخ سليمان رحمه الله اعتمد على غيره في تخريجه ذلك ليس عذرا إذ الحافظ العراقي مثلا كان يخرج هو بنفسه والألباني إنما عرض أمثلةً ولا يمكن انتقاد عدد ألأمثلة لأن الأمثلة إنما هي عادة ما تكون علامات قليلة ولكن الأمر يحتاج بحث أكثر ولا شك أن الألباني أعلم من الشيخ سليمان رحمهما الله في علم الحديث عند الإنصاف
ـ[يبناوي]ــــــــ[02 - 02 - 08, 12:52 م]ـ
حُذف
## المشرف ##(13/437)
أريد أبحاثاً في رد أدلة منكري الأخذ بخبر الآحاد
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 11:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو ممن تفضل منكم أن يمدني أو يدلني على بعض الأبحاث المتخصصة في الرد على أدلة من ينكر الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد.
عندي بعض الأبحاث في هذا الموضوع .. ولكنني أرى أنها ليست متكاملة بالشكل الكافي.
جزاكم الله خيراً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل من رد يا إخواني بارك الله بكم؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:55 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
راجع المرفقات
ـ[عبدالله بن حسين الراجحي]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:56 م]ـ
1/ أخبار الآحاد في الحديث النبوي , لشيخنا العلامه عبدالله بن جبرين , وهذا رابط الكتاب:
http://saaid.net/book/open.php?cat=91&book=715
2/ قدوم كتائب الجهاد لغزو أهل الزندقه والإلحاد القائلين بعدم الأخذ بحديث الآحاد في مسائل الإعتقاد ,
للشيخ: عبدالعزيز بن فيصل الراجحي, تقديم معالي الشيخ: صالح الفوزان ,نشر دار الصميعي بالرياض
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[11 - 09 - 06, 01:53 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34635&highlight=%C2%CD%C7%CF
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[11 - 09 - 06, 05:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم بلال خنفر .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً كثيراً
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[13 - 09 - 06, 12:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بعض أدلة من يقولون " بما أن حديث الآحاد لا يفيد العلم اليقيني .. فلا يجوز الأخذ به في العقائد "
أ- أدلة من القرآن الكريم
1 - {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (البقرة 282)
والشاهد من الآية أن الله تعالى لم يقبل لإثبات الدين بشهادة العدل الواحد ... فهل نقبل شهادته لإثبات عقيدة في الدين، بحيث يكفر منكرها؟ وأيهما أعظم شأنا لنستوثق منه؟ المعاملات المالية؟ أم العقائد الغيبية؟
2 - {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوَهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} (النور4)
والشاهد من الآية أن الله تعالى لم يقبل بقول ثلاث ثقات عدول في إثبات جريمة الزنا وإقامة الحد، فلئن شهد ثلاثة عدول برؤيتهم لهذه الجريمة ولم يأتوا بشاهد رابع، أقيم عليهم حد القذف واعتبروا فاسقين .... وهذا لحماية الأعراض ...
فأيهما أولى بالحماية والاستيثاق؟ العرض أم الدين والعقيدة؟ وهل لا نقبل قول ثلاثة عدول في إثبات حد، ثم نقبله في إثبات عقيدة يكفر منكرها؟ (أو على أقل تقدير يتهم في دينه؟!!)
ب- أدلة من السنة النبوية
1 - صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر. فسلم في ركعتين. فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله! أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل ذلك لم يكن " فقال: قد كان بعض ذلك، يا رسول الله! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال " أصدق ذو اليدين؟ " فقالوا: نعم. يا رسول الله! فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة. ثم سجد سجدتين. وهو جالس. بعد التسليم
¥(13/438)
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 573
والشاهد من الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل كلام الصحابي ذي اليدين في أنه صلى ركعتين فقط، وسأل الناس ليتيقن من صدق الخبر ... ولو كان خبر الواحد يفيد العلم، لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بخبر ذي اليدين، ولم يسأل الناس ..
ملاحظة: قد يورد بعضهم هنا أمثلة على قبول الرسول صلى الله عليه وسلم لخبر الواحد، لكن مع وجود أدلة على الرد وأدلة على القبول، نعلم أن المسألة إذن على الخيار لا على الوجوب، فالمسلم إذا أتاه خبر العدل الواحد ليس ملزما بتصديقه إن لم يطمئن قلبه له لأسباب مختلفة، ولو أخذ به فلا تثريب عليه على أن الاستوثاق دوما أفضل وأحوط ....
2 - لا نكاح إلا بولي، و شاهدي عدل
الراوي: عمران بن حصين و عائشة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7557
والشاهد أيضا هنا أن الزواج وهو من أمور الدنيا لا يعتبر عقده صحيحا بشهادة العدل الواحد، بل لا بد له من شاهدين .. وإذن كلما زاد عدد العدول الشهود اطمأنت النفس وتيقن القلب ..
كذلك الأمر بالنسبة للوصية والطلاق ورؤية هلال الفطر والبينة في الدعاوى وغيرها من أمور الدين والدنيا، يطلب فيها على الأقل شاهدان .. ولا يقبل خبر أو شهادة الواحد وإن كان عدلا .. لأنه لا يفيد العلم واليقين وان أفاد العمل .. ولو كان خبر الواحد ملزما للزم منه إثبات الزواج والوصية والشهادة في القضاء.
ج - أدلة من فعل الصحابة رضوان الله عليهم:
أولاً- رفض الصحابة إثبات شيء من القرآن ما لم يتواتر، ومعلوم أن القرآن هو ركن العقيدة المتين، وحصنها الحصين، ولو كان خبر الآحاد الثقات يحصل به علم يقيني لكانوا أثبتوا به القرآن.
ثانياً - اختلاف الصحابة في العمل بحديث الآحاد:
1 - رد عمر رضي الله عنه لخبر فاطمة بنت قيس في السكنى والنفقة
2 - إنكار عائشة رضي الله عنها لخبر تعذيب الميت ببكاء أهله
3 - ردها رضي الله عنها لحديث البول قائماً
4 - ردها رضي الله عنها للرؤية في المعراج
5 - ردها رضي الله عنها لحديث يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب.
6 - طلب عمر رضي الله عنه البينة في بعض الأخبار
فإن قيل: بأنهم قبلوا كثيراً من الروايات دون طلب البينة عليها مما يدل على أنها يقينية عندهم ولو كانت أخبار آحاد.
الجواب: أن قبولهم للروايات دون طلب البينة يدل على أنها ثابتة عندهم، إما سماعا مباشرة من فيّ رسول الله .. وهذه بالنسبة لسامعها تفيد اليقين عنده، وإما أنها تواترت بينهم تلك الرواية ولو بالمعنى، ولذلك لم يسألوا البينة عليها، ولا تسمى هذه الروايات أخبار آحاد عندهم ولا تنطبق عليها أحكامها.
هذه بعض أدلتهم .. وعندي معظم الرد عليها .. ولكنني أردت الإستزادة .. فدماغين يفكران خير من واحد .. وثلاثة خير من إثنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[18 - 09 - 06, 06:07 ص]ـ
علك أخي تراجع كلام الإمام العلامة أبي محمد بن حزم في كتابه ((الإحكام في أصول الأحكام)) ففيه حجج عقلية ونقلية فريدة.
وقد نقل عنه ابن القيم في كتابه ((اجتماع الجيوش الإسلامية)).
فإن راجعته كفاك.
بإذنه تعالى.
ومن النافلة هنا أن اقول لك بأن للبخاري باب كامل في صحيحه لإثبلت خبر الواحد, وللإمام الشافعي في الرسالة كلام عن ذلك أيضاً, كما أن للشيخ الألباني رسالة مفردة في ذلك.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[19 - 09 - 06, 09:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[22 - 09 - 06, 04:24 م]ـ
ومن الكتب المفيدة الحديث الصحيح حجة بنفسه للشيخ الالبانى رحمه الله
ـ[عبد الحليم قاسم محمد]ــــــــ[03 - 10 - 06, 06:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب عليك بكتاب الرسالة للإمام الشافعي فإني لم أر بحثاً في موضوع خبر الآحاد بنفاسة ما كتبه الإمام الشافعي رحمه الله فعليك به وبالتعليقات القيمة للعلامة أحمد شاكر رحمه الله
علماً أن الشبخ الدكتور ماهر ياسين فحل له تحقيق لكتاب الرسالة مطبوع ومتداول
ـ[القرشي]ــــــــ[05 - 10 - 06, 08:29 ص]ـ
والحافظ ابن حجر تناول شبه منكري العمل بخبر الآحاول وناقشها نقاشلاً علمياً في كتابه النافع الماتع " النكت على كتاب ابن الصلاح " فليراجع فهو مهم للغاية.(13/439)
تعقبات الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ الحديثية على كتاب (التوحيد)
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 01:16 م]ـ
قال الشيخ رياض بن عبدالمحسن السعيد في رسالته: جهود الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ في علم الحديث:
(تعقبات الشيخ سليمان الحديثيةعلى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد) (غالبها من باب التكميل لا التعقب):
إنّ كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، من أفضل كتب التوحيد في هذه الأزمان المتأخرة، من حيث بيان التوحيد، وما ينافيه من الشرك؛ فقد جمع فيه كثيراً من الآيات والأحاديث والآثار الدالة على ذلك، وقد ظهر على الكتاب براعة تأليفه وجودة تصنيفه،وحسن اختياره وتبويبه للأدلة الدالة على التوحيد وما ينافيه من الشرك، فلقد أحسن فيه ما شاء، وأَبدع فوق ما أَراد، وأربى على الغاية وزاد، ودل منه ذلك على حفظه وإتقانه، وسعة فهمه واطلاعه، ولم يكن ذلك كله إلا بتوفيق الله له، مع صلاح نيته ومقصده. ولجلالة كتاب التوحيد وإمامته، لا تجد عالماً، أو داعية، أو طالب علم شرقاً وغرباً، ممن عرفوا حقيقية التوحيد، إِلاَّ وكتاب التوحيد ـ في الغالب ـ مشروحاً في دروسهم، ومتعلقة به نفوسهم، فقد عَكَفَ على خدمته العلماء جيلاً بعد جيل، فقاموا بشرحه وبيان مسائله، والتعليق عليه، ونظمه،وقد حَاز قَصَبَ السَّبْقِ في شرحه حفيد شيخ الإسلام، الإمام المحدث سليمان بن عبد الله، فهو أول شارح له على الإطلاق، وأوسعه بالاتفاق، وكل من جاء بعده ممن شرح كتاب التوحيد عيال عليه، ولقد توسَّع الشيخ وأَبدع في شرحه للآيات والأحاديث، وبيان المسائل، وذكر الفوائد، ومما أَبدع فيه الشيخ تعقبه على كتاب (التوحيد) في مسائل في الحديث، وهذه التعقبات غالبها من باب التكميل لا التعقب.
ولا يضر كتاب «التوحيد» ما استدركه عليه الشيخ سليمان، فقد قفز هذا الكتاب القنطرة، واتعب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب من بعده، في أن ينسجوا كتاباً على مِنْوَاله، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
وما زال أهل العلم يتعقب،ويستدرك بعضهم على بعض، فكل يُكمِّلُ عمل من سَبقه، فهذا الحافظ علاء الدين مُغْلَطاي، يُكمل كتاب شيخه الحافظ المِزِّي (تهذيب الكمال) في كتابه الذي أسماه (إكمال تهذيب الكمال) وهذا الحافظ أبو الحسن ابن القطان الفاسي، يتعقب في كتابه (بيان الوهم والإيهام) على (الأحكام الوسطى) للحافظ أبي محمد عبد الحق الأَشبيلي، وهذا الحافظ برهان الدين النَّاجِي، يتعقب على الحافظ المنذري في كتاب أسماه (عُجالة الإِملاء المتيسرة من التذنيب على ما وقع للحافظ المنذري من الوهم وغيره في الترغيب والترهيب)، إلى غير ذلك مما لا حصر له.
إن استدراك الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، يكفي فيه فائدة، أنه يظهر بجلاء أن أئمة الدعوة لا يتعصبون لمشايخهم، ولا لمؤلفاتهم، فكما أنهم أهل توحيد،فهم أيضاً أهل تجريد، بخلاف أهل البدع والأهواء، الذين يتعصبون، ويغلون في مشايخهم، ويرون في مؤلفاتهم الكمال، فلا يعتريها نقص ولا خطأ.
هذا وقد جاءت تعقبات الشيخ سليمان الحديثية على شيخ الإسلام على ما يلي:
1 - تعقبه في إيراده لبعض الأَحاديث، والآثار، غير معزوة إلى من أَخرجها.
2 - تعقبه في عزوه لبعض الأَحاديث والروايات، إلى بعض المصادر وهم لم يخرجوها.
3 - تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث والآثار إلى بعض الصحابة، وهي لغيرهم.
4 - تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، دون ذكر رواتها من الصحابة.
5 - تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، من غير بيان هل هي موقوفة أو مرفوعة.
6 - تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث، إلى بعض المصادر، وهي غير المرادة عند الإطلاق.
7 - تعقبه في إيراده لبعض الروايات، عَقِب بعض الأحاديث، وهي واردة في أحاديث أخرى.
وهنا نورد تفصيل هذه التعقبات:
الأول: تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، والآثار غير معزوة إلى من أخرجها.
وهذا له أمثلة كثيرة منها:
¥(13/440)
1 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب من حقَّق التوحيد دخل الجنة بغير حساب، فقال: (… ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عُرِضتْ عليَّ الأُممُ فرأيتُ النَّبيَّ ومعهُ الرَّهْطُ ()، والنَّبيِّ ومعهُ الرجلَ والرجُلانِ، والنبيِّ وليسَ معهُ أحدٌ، إذ رُفِعَ لي سوادٌ عظيمٌ، فَظننتُ أَنَّهم أُمَّتي فقيل لي: هذا موسى وقَومهُ، فنَظرتُ فإذا سوادٌ عظيمٌ، فقيل لي: هذه أُمتُكَ ومعهم سبعونَ ألفا، ً يدخلونَ الجنةَ بلا حِسابٍ ولا عذابٍ…) الحديث.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا أورد المصنف هذا الحديث غير معزو ()، وقد رواه البخاري مختصراً ومطولاً، ومسلم واللفظ له، والترمذي والنسائي) ().
2 – أورد الشيخ حديثاً في كتاب التوحيد، باب الخوف من الشرك فقال: (وفي الحديث «أَخوفُ ما أَخافُ عليكمُ الشركُ الأصغرُ فسئلَ عنه، فقال: «الرِّياءُ»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا أَورد المصنف هذا الحديث مختصراً غير معزو ()، وقد رواه الإمام أحمد، والطبراني، وابن أبي الدنيا، والبيهقي في (الزهد) وهذا لفظ أحمد قال: حدثنا يونس ()،
ثنا الليث ()، عن يزيد ()، يعني ابن الهاد، عن عمرو ()، عن محمود بن لَبِيد، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ» قالوا: وما الشركُ الأصغرُ يا رسول الله؟ قال: «الرِّياءُ، يقولُ يومَ القيامةِ إذا جَزَى الناسَ بأعمالهم: اذْهبَوُا إلى الذين كنتم تُراؤونَ في الدنيا، فانظُروا هل تجدونَ عندهم جَزاءً».
قلت: هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد ()، عن يونس، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن الهَاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن محمود بن لَبِيد.
وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح إلا أنه منقطع؛ عمرو بن أبي عمرو لم يسمعه من محمود بن لَبِيد، بينهما عاصم بن عمر بن قتادة، وهو ثقة (). وقال ابن حجر: إسناده حسن ()، وقال المنذري: () إسناده جيد.
وأخرجه البغوي () من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد.
وهذا إسناد حسن لأَجل عمرو بن أبي عمرو؛ فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه الطبراني ()، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خَدِيْج مرفوعاً، وسنده ضعيف جداً، فيه عبد الله بن شَبيب بن خالد الرَّبَعِي، قال الذهبي (): (واه. قال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث)، وقال ابن حبان (): (يقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به، لكثرة ما خالف أقرانه في الروايات عن الأَثبات).
قال المنذري (): (قيل إن حديث محمود هو الصواب دون ذكر رافع ابن خَدِيْج فيه).
وهذا هو الصحيح. والحديث أَخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا، والبيهقي في الزهد كما قاله المنذري ()، والشيخ سليمان نقل تخريج هذا الحديث من الحافظ المنذري، فيما ظهر لي بالمقارنة.
والخلاصة: حديث محمود بن لبيد حديث حسن، وقد صححه الألباني ()، وقال الشيخ جاسم الدوسري: حديث حسن ().
3 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: «حتى إذا فُزِّعَ عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير» فقال: (وعن النَوَّاسْ بن سَمعان () قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أرادَ اللهُ تعالى أن يُوحيَ بالأمرِ تَكلمَ بالوحيِ، أخذتِ السماواتِ منهُ رَجْفةٌ أو قال: رَعْدةٌ شديدةٌ خوفاً من الله عز وجل، فإذا سمعَ ذلك أهلُ السماواتِ صَعِقُوا وَخرَّوا للهِ سجداً، فيكونُ أولَ من يَرفعُ رأسهُ جبريلُ، فيكلمُهُ اللهُ من وحيهِ بما أرادَ، ثم يَمُرُّ جبريلُ على الملائكةِ، كلما مَرَّ بسماءٍ يسألهُ ملائكتُهَا، ماذا قال ربنُّا يا جبريلُ؟ فيقولُ جبريلُ: قال الحقَّ وهو العليَّ الكبيرُ قال: فيقولون كُلُّهُم مثلَ ما قال جبريل، فينتهِي جبريلُ بالوحيِ إلى حيثُ أمرَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ»).
¥(13/441)
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قوله «ثم ينتهي جبريلُ بالوحيِ إلى حيثُ أمرهُ اللهُ عزَّ وجلَّ». قد بيَّض المصنف رحمه الله بعد هذا، ولعله أراد أن يكتب تمام الحديث ومن رواه. وتمامه: «إلى حيثُ أمرهُ اللهُ عزَّ وجلَّ من السماءِ والأرضِ» ورواه ابن جرير، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم، والطبراني) (). قلت: هذا الحديث أخرجه ابن أبي عاصم ()، وابن خزيمة ()، وابن جرير ()
وابن أبي حاتم ()، والطبراني ()، والبغوي ()، من طريق نُعيم بن حماد، عن الوليد مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عبد الله بن أبي زكرياء، عن رجاء بن حَيْوَة، عن النَوَّاس بن سَمْعان، وذكر الحديث.
قلت: هذا إسناد ضعيف لسببين، الأول: ضعف نُعيم بن حمَّاد الخُزَاعِي؛ فقد ضعفه النسائي ويحيى بن معين ()، وقال الذهبي: (لا تَركن النفس إلى رواياته … ولا يجوز لأحد أن يَحتج به) ().
الثاني: الوليد بن مسلم، يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه، وقد عرض أَبو زرعة الدمشقي، على دُحيم هذا الحديث، فقال: (لا أصل له) () والحديث بهذا الإسناد ضعيف.
4 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغُلُوُّ في الصالحين فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِياكم والغُلُوُّ، فإنما أَهلكَ من كَانَ قَبلكُمُ الغُلُوُّ».
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا ثبت هذا البياض في أصل المصنف، وذكره أيضاً غير معزو (). والحديث رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، عن ابن عباس،وهذا لفظ ابن ماجه حدثنا…) ().
5 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في السحر، فقال: (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السَّبْعَ المُوبقات. قالوا: يا رسول الله وما هُنَّ؟ قال: الشركُ باللهِ، والسحرُ، وقتلُ النفسِ التي حرَّمَ اللهُ قَتلهَا إلا بالحقِ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتَّولِّي يومَ الزحفِ، وقذفُ المُحْصَناتِ الغَافِلاتِ المؤمناتِ»).
قال الشيخ سيلمان بن عبد الله: (هكذا أورد المصنف هذا الحديث غير معزو ()، وقد رواه البخاري ومسلم) ().
6 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في منكري القدر، فقال: (عن عُبادة بن الصَّامت ()، أنه قال لابنه: يا بُني إنَّك لن تَجدَ طَعْمَ الإِيمان حتى تَعلم أن ما أَصابكَ لم يكن ليُخطِئكَ،وما أَخْطأكَ لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أَوّلَ ما خَلَقَ الله القلم، فقال: اكتب قال: رَبِّ وماذا أكتب؟ قال أكتب مقاديرَ كل شيء حتى تَقوم الساعة» يا بُني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من مات على غير هذا فليس مِنِّي»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قد بَيَّض المصنف آخر هذا الحديث ليعزوه، وقد رواه أَبو داود وهذا لفظه، ورواه أحمد والترمذي وغيرهما) ().
قلت: هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو داود ()، والطبراني ()، وأبو نُعيم ()، والبيهقي ()، من طريق يحيى بن حسان التّنِّيسِي، عن رَباح بن الوليد، عن إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن أبي حفصة، عن عُبادة بن الصامت.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أبو حفصة، وهو حُبَيش بن شُريح الحَبْشي مقبول على ما ذكره الحافظ ().
وأخرجه أحمد ()، وابن أبي عاصم ()، من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه. وهذا إسناد ضعيف؛ فيه عبد الله بن لهيعة ضعيف.
وأخرجه الطيالسي ()، ومن طريقه الترمذي ()، عن عبد الواحد بن سُلَيم، عن عطاء بن أبي رباح، عن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، وهذا إسناد ضعيف، فيه عبد الواحد بن سُلَيم ضعفه، ابن معين، والنسائي، والبخاري، وغيرهم كما نقله الحافظ ().
والحديث له طرق كثيرة جداً، وبعضها فيها ضعف يسير، وهذه الطرق بمجموعها، يقوي بعضها بعضاً،والحديث على هذا حسن بمجموع طرقه.
وقد صححه الشيخ الألباني ().
7 – أورد شيخ الإسلام أثراً في كتاب التوحيد، باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله، فقال عند قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزَّى) (): قال أبو الجَوْزَاءَ ()،عن ابن عباس: كان يَلِتُّ السَّوِيق للحاج).
¥(13/442)
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الأثر ذكره المصنف ولم يعزه، وقد رواه البخاري) ().
قلت هذا الأثر أخرجه البخاري، () وابن جرير، () وابن أبي حاتم ()، ورواه كما في الدر المنثور ()، عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وإسناده صحيح.
8 – أورد شيخ الإسلام أثراً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الكُهَّان ونحوهم، فقال: (قال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جَاد، وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الأثر ذكره المصنف عن ابن عباس، ولم يعزه ()، وقد رواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعاً،وإسناده ضعيف، ولفظه «رب معلم حروف أبي جاد () دارس في النجوم ليس له عند الله خلاق يوم القيامة» ورواه أيضاً حُميد بن زَنْجَويه عنه بلفظ «رب ناظر في النجوم ومتعلم حروف أبي جاد ليس له عند الله خلاق») ().
قلت: هذا الأَثر أخرجه عبد الرزاق ()، وابن أبي شيبة () والبيهقي ()، وحرب ()، من طريق عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس موقوفاً.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الطبراني () من طريق خالد بن يزيد العُمَري، عن محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس، مرفوعاً.
وهذا إسناد ساقط، ففيه خالد بن يزيد العُمَري (قال يحيى بن معين: كذاب، وقال أبو حاتم: كذاب ذاهب الحديث) ()،وقال ابن حبان: (لا يشتغل بذكره لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات ()).
وعليه فقول الشيخ سليمان: (وإسناده ضعيف) فيه قصور ظاهر، ولعله تبع السيوطي ()، فقد رمز له بالضعف، والحديث لا يصح مرفوعاً عن ابن عباس فهو موضوع، والصحيح فيه الوقف.
9 – أورد شيخ الإسلام أثراً في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون)، فقال: (قال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذباً، أحبُّ إليَّ من أن أحلف بغيره صادقاً).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا ذكر المصنف هذا الأثر عن ابن مسعود ولم يعزه، … وقد رواه الطبراني بإسناده موقوفاً هكذا. قال المنذري ورواته رواة الصحيح) ().
قلت: هذا الأثر رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن أَبي سلمة، عن وَبْرَة ابن عبد الرحمن قال عبد الله … فذكره ().
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ورواه ابن أبي شيبة، عن وكيع عن مِسعر، عن عبد الله بن مَيسرة، عن أبي بُردة قال: قال عبد الله … فذكره ().
قال الشيخ الألباني: (وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أَبي بُردة فلم أعرفه، ويحتمل أن في سند النسخة شيئاً من التحريف، و الله أعلم) ().
قلت: ولم أعرفه أيضاً، فلعل ما ذكره الشيخ صحيح.
وأخرجه الطبراني قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم وحدثنا أبو مسلم الكِشِّي، ثنا الحكم بن مروان الضرير قال: ثنا مِسعر بن كِدَام، عن وَبْرَة بن عبد الرحمن، قال: قال عبد لله … فذكره ().
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقال المنذري: (ورواته رواة الصحيح) ()، وقال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) () وعليه فالأثر عن عبد الله بن مسعود صحيح.
إنَّ ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام في إيراده لبعض الأحاديث والآثار، غير معزوة إلى من أَخرجها هذا في نظري من باب التكميل لا التعقيب، وإن كان فيه دلالات كثيرة، وهي على ما يلي:
أولاً: عناية الشيخ بتخريج الأحاديث والآثار وعزوها إلى مصادرها،وهذا شأن المحدث؛ وذلك أن الغالب على الفقهاء عدم الاهتمام بذلك، حيث إن غايتهم متن الحديث وما فيه من الفقه.
ثانياً: تخريج الشيخ سليمان لكل الأحاديث والآثار الواردة في كتاب (التوحيد)، سواء خرَّجها شيخ الإسلام، أو أورد بعضها دون تخريج كما في هذه الأمثلة السابقة. وهذا فيه دلالة على همة الشيخ العالية، وإكماله لتخريج ما لم يُخرِّجه شيخ الإسلام.
ثالثاً: فيه دلالة على أنّ الشيخ سليمان يرى أن من النقص والخطأ إيراد الأحاديث والآثار، غير معزوة إلى من أخرجها، وهذا هو الصحيح.
رابعاً: فيه دلالة على عناية الشيخ بتخريج الآثار وعزوها إلى مصادرها، فكما أنه يعتني بتخريج الأحاديث، كذلك يعتني بتخريج الآثار لا فرق بينهما، وهذا هو شأن المحدثين.
¥(13/443)
خامساً: إن ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام في إيراده لبعض الأحاديث والآثار، غير معزوة إلى من أخرجها، هذا لا يقلل من إمامة شيخ الإسلام، ومنزلة (كتاب التوحيد) وذلك أن شيخ الإسلام قد يُعتذر له في ذلك، فهذا حفيده وشارح كتابه الشيخ سليمان يعذره في ذلك، فيقول كما في المثال الثالث: (قد بَيَّض المصنف رحمه الله بعد هذا، ولعله أراد أن يكتب تمام الحديث ومن رواه …)، ويقول أيضاً كما في المثال السادس: (قد بَيَّض المصنف آخر هذا الحديث ليعزوه) فالشيخ سليمان إذن بَيّنَ أن شيخ الإسلام قد بَيَّض لبعض الأحاديث ليعزوها إلى من أخرجها، ويلاحظ أن الشيخ سليمان عند تعقبه على شيخ الإسلام، لم يبُين السبب، في إيراد شيخ الإسلام لبعض الأحاديث والآثار غير معزوة، مع أنه اعتذر له، ومن عادة الشيخ سليمان أنه عندما يعتذر لشيخ الإسلام في بعض الأَمثلة، نراه يظهر أَسباب ذلك.
وأقول: لعل السبب في ذلك، هو أن شيخ الإسلام لم تتوفر عنده بعض المراجع الحديثية وقت كتابته لهذه الأحاديث والآثار؛ وذلك أن الشيخ صنَّف (كتاب التوحيد) وجمع مادته في مدينة البصرة، يقول الإمام عبد الرحمن بن حسن: (صنَّف في البصرة كتاب التوحيد أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة من كتب الحديث) ()، أو لعل السبب في ذلك أن شيخ الإسلام كتب بعض الأحاديث والآثار من حفظه، إلا أنه ذهل عَمَّن أخرجها أو نَسي ذلك، فبيَّض لها لإتمام ذلك لاحقاً، إلا أنَّ المنية اخترمته قبل إِتمام هذا.
وهذه الأحاديث التي أوردها شيخ الإسلام غير معزوة ليست بتلك الأحاديث الكثيرة، بل هي قليلة جداً، فهي مع ما ذكرنا تسعة أحاديث فقط ()، وكذلك هذا بالنسبة للآثار هي قليلة أَيضاً، فبلغت مع ما ذكرنا أحد عشر أثراً ().
وكما أسلفنا هذا لا ينقص من إمامة شيخ الإسلام، ومنزلة (كتاب التوحيد) وقد وقع كثير من الأئمة في مثل هذا، فتجدهم في كثير من مصنفاتهم قد يوردون بعض الأحاديث أو الآثار، غير معزوة إلى من أخرجها، فقد وَقَعَ هذا للإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، في كتابه (عمدة الأحكام الكبرى) () وكذلك وقع هذا للإمام ابن دقيق العيد في كتابه (الإمام في معرفة أحاديث الأحكام) () وأيضاً وَقَعَ في هذا الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني في كتابه (إرواء الغليل) ().
الثاني: تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث والروايات، إلى بعض المصادر وهم لم يخرجوها.
وهذا له أمثلة منها:
1 – أورد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حديثاً في كتاب (التوحيد) باب: ما جاء في السحر، فقال: (وفي «صحيح البخاري» عن بَجَالَة بن عَبَدَة () قال: كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كلَّ ساحرٍ وساحرة. قال: فقتلنا ثَلاَثَ سَواحِرٍ).
قال الشيخ سليمان: (هذا الأثر رواه البخاري كما ذكره المصنف، لكنه لم يذكر قتل السحرة. وعلى هذا فعزو المصنف إلى البخاري يحتمل أنه أراد أصله لا لفظه…) ().
قلت: ما ذكره الشيخ سليمان في تعقبه على شيخ الإسلام، بأَنَّ هذا الأثر رواه البخاري لكنَّه لم يذكر (قتل السحرة) هذا هو الصحيح، ولتأكيد هذا عملياً أورد الشيخ سليمان لفظ البخاري بتمامه.
ولإجلال الشيخ سليمان لأهل العلم الكبار، ومعرفته لقدرهم ومكانتهم، اعتذر في هذا لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، فقال: (وعلى هذا فعزو المصنف إلى البخاري يحتمل أنه أَراد أَصله لا لفظه).
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد أن ينبه على ذلك ().
إنَّ اعتذار الشيخ سليمان لشيخ الإسلام، فيه وجاهة ودراية، ومعرفة بأصول التخريج ومناهج القوم.
ومن نظر في بعض مصنفات أَئمة الحديث وجد أَنَّ بعضهم عند عزوه للبخاري، أو لمسلم، أو لبعض أصحاب السنن، قد يريد بذلك أصل الحديث ومعناه، لا أنهم أخرجوه بلفظه؛ ولذلك نجد بعض الزيادة والاختصار، أو اختلاف في الألفاظ، وهذا يراه البصير، كما في (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري، و (شرح السنة) للبغوي، و (السنن الكبير)، و (معرفة السنن والآثار) للبيهقي، و (جامع الأُصول) لابن الأثير، بل بعض أهل الحديث، يصرِّح في بعض كتبه أنه عند عزوه الحديث لمن خَرَّجه، فإنما يريد أصل الحديث لا لفظه، فهذا الحافظ العراقي يقول في بعض كتبه: (وحيث عزوت الحديث لمن خَرَّجه فإنما أُريد أصل الحديث لا ذلك اللفظ، على قاعدة
¥(13/444)
المستخرجات) () ويقول في موضع آخر: (وحيث عزوت الحديث لمن خَرَّجه من الأَئمة فلا أريد ذلك اللفظ بعينه بل قد يكون بلفظه، وقد يكون بمعناه، أو باختلاف على قاعدة المستخرجات) ().
ويقول ابن الأثير في بعض كتبه: (وعَوَّلت في المحافظة على ألفاظ البخاري ومسلم، أكثر من غيرهما من باقي الأئمة الأربعة) () يعني أنه قد يروي ألفاظ السنن الأربعة بلفظها، أو بنحوها، أو فيها اختلاف.
ولقد اعتنى أهل الحديث في مصنفاتهم ببيان ذلك، وهذا عند ذكرهم للمستخرجات، قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح: (ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة، كالسنن الكبير للبيهقي، وشرح السنة لأبي محمد البغوي، وغيرهما مما قالوا فيه «أخرجه البخاري أو مسلم» فلا يستفاد بذلك أكثر من أن البخاري أو مسلماً، أخرج أصل ذلك الحديث، مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ، وربما كان تفاوتاً في بعض المعنى، فقد وجدت في ذلك ما فيه بعض التفاوت من حيث المعنى، وإذا كان الأمر في ذلك على هذا، فليس لك أن تنقل حديثاً منها وتقول هو على هذا الوجه في كتاب البخاري، أو كتاب مسلم، إلا أن تُقَابل لفظه، أو يكون الذي خَرَّجه قد، قال أخرجه البخاري بهذا اللفظ) (). وإذا كان الشيخ سليمان قد اعتذر لشيخ الإسلام، بأن عزوه إلى البخاري يحتمل أنه أراد أصله لا لفظه، فإن بعض أهل الحديث يشدد في هذا ولا يرى عذراً للفقيه، أن يَستدل بلفظة من الحديث، وقد عزا الحديث إلى أحد الكتب، وعند النظر لا نجد تلك اللفظة قد ذكرت في ذلك الكتاب الذي عُزِيَ إليه، وصنيع شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في هذا الحديث قريبٌ من هذا، وقد تكلَّم الإمام ابن دقيق العيد بكلام نفيس حول هذا، فقال رحمه الله:
(ينبغي للفقيه المُستدل بلفظة من الحديث، ونَسَبَ الحديث إلى كتاب أن تكون تلك اللفظة التي تدل على ذلك الحكم، موجودة في ذلك الكتاب بعينها، فلا يُعذر في هذا كما يعذر المحدث؛ لأن صناعته تقتضي النظر إلى مدلول الألفاظ، وأكثر نَظر المحدث فيها يتعلق بالأسانيد ومخارج الحديث، فالفقيه إذا قال: أَخرجه فلان ولم تكن تلك اللفظة التي هي عمدة دليله، موجودة في تلك الكتب، كان مُتسامحاً أو مخطئاً) ().
وقد يعتذر لشيخ الإسلام في وهمه في هذا الحديث، بأنه ربما نقل هذا من غيره، وهذا يقع كثيراً لبعض أهل العلم، فترى بعض العلماء قد يقلد أو ينقل من عالم آخر في تخريجه للأحاديث، بل والحكم عليها فيقع هذا الناقل في بعض الأَوهام والأخطاء دون أن يشعر؛ وذلك لنقله من غيره دون التحقيق والبحث. ومما يعتذر لشيخ الإسلام أيضاً، هو أن (قتل السحرة) جاء في مسند الإمام أحمد، وسنن أَبي داود، ومسند أبي يعلى، والسنن الكبير للبيهقي وغير ذلك، فلعل شيخ الإسلام ظنَّ على الجادة، بأن ذلك أيضاً قد أخرجه البخاري، وهذا يقع كثيراً لأهل العلم، خاصة إذا ذكروا الأحاديث من حفظهم.
2 – أورد شيخ الإسلام حديثاً، فقال: (روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من أتى عَرَّافاً فسأَله عن شيءٍ فَصدَّقه، لم تُقبل له صلاةٌ أَربعينَ يوماً».
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث رواه مسلم كما قال المصنف، ولفظه: عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى عَرَّافاً فسأَله عن شيءٍ، لم تقبل له صلاةٌ أربعينَ يوماً وليلة» () هكذا رواه، وليس فيه «فصدقه») ().
في هذا المثال أظهر الشيخ سليمان دقته في تتبع ألفاظ الحديث، ومقابلتها بما جاء في الكتب التي عُزيت إليها، ولهذا تعقب الشيخ على شيخ الإسلام في هذا الحديث، فأورد لفظ مسلم، ثم بيَّن أنه ليس في (صحيح مسلم) لفظة (فصدَّقه) وهذا هو الصحيح.
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد أن ينبه على ذلك ()،ووافق شيخ الإسلام.
وقد جاءت هذه اللفظة عند الإمام أحمد، قال رحمه الله: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عُبيد الله قال: حدثني نافع، عن صفيَّة، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى عَرَّافاً فصَدَّقهُ بما يقول، لم تُقبل له صلاةٌ أَربعينَ يوماً» ().
¥(13/445)
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير صَفَّية، فقد روى لها مسلم وحده.
3 – أورد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حديثاً في كتاب (التوحيد) باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب فقال: (عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال موسى: يا رب، علِّمني شيئاً أذكرك وأدعوك به. قال: يا موسى: لا إله إلا الله. قال: كل عِبادك يقولون هذا. قال يا موسى، لو أنَّ السموات السَّبع وعَامِرُهُنَّ غيري، والأَرَضِيْنَ السَّبع في كِفة، ولا إله إلا الله في كِفة، مالت بِهنَّ لا إله إلا الله» رواه ابن حبان،والحاكم وصححه).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قوله: «كل عِبادك يقولون هذا» هكذا ثبت بخط المصنف: (يقولون) بالجمع؛ مراعاة لمعنى (كُل) والذي في الأُصول: (يقولُ) بالإفراد؛ مراعاة للفظها دون معناها، لكن قد روى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو، هذا الحديث بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف أطول منه) ().
قلت: حديث أبي سعيد الخدري، رواه أبو يعلى ()، والنسائي ()، والطبراني ()، وابن حبان ()، والحاكم ()، والبغوي ()، من طريق دَرَّاج أَبي السَّمْح، عن أبي الهيثم سليمان بن عمرو العَتْوَارِي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وبلفظ (كل عِبادَكَ يقول هذا) ولم أر بعد التتبع من أخرج الحديث بلفظ (كل عبادك يقولون هذا) بالجمع، مراعاة لمعنى (كل) إِلا الحافظ ابن رجب في بعض كتبه ().
فظهر بهذا صحة ما ذكره الشيخ سليمان في تعقبه على شيخ الإسلام بقوله: (والذي في الأُصول: (يقول) بالإِفراد مراعاة للفظها دون معناها).
وهذا يدل على دقة نظر الشيخ سليمان في أَلفاظ الحديث ومقابلتها بما في الأصول التي عُزِيَ الحديث إليها.
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد أن ينبه على ذلك ().
أما قول الشيخ سليمان: (لكن قد روى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو.
هذا الحديث بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف أطول منه) و في نقل الشيخ عبد الرحمن بن حسن، عن الشيخ سليمان، جاءت العبارة هكذا: (وهو في المسند من حديث عبد الله بن عمرو، بلفظ الجمع، كما ذكره المصنف على معنى كل) ().
قلت: وهم الشيخ سليمان رحمه الله في نسبة الحديث لعبد الله بن عمرو وأنه في (مسند أحمد) وقد تبع في ذلك الحافظ ابن رجب، حيث عزاه الحافظ ابن رجب في بعض كتبه لمسند أحمد، عن عبد الله بن عمرو ()، وكل هذا وهم منهما، فالحديث ليس في (المسند) ولا هو من حديث عبد الله بن عمرو، بل هو من حديث أبي سعيد الخدري.
ولعل السبب في وهم الحافظ ابن رجب، هو ورود شاهد في (مسند أحمد) عن عبد الله بن عمرو، يشهد لمعنى حديث أبي سعيد، فلعل الحافظ ابن رجب ظنَّ أن عبد الله بن عمرو رواه بمثل لفظ أبي سعيد الخدري. وسيأتي ذكر هذا الشاهد.
وحديث أبي سعيد الخدري إسناده ضعيف، فيه دَرَّاج أبو السَّمْح، (قال النسائي: ليس بالقوي، وقال في موضع: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: في حديثه ضعف، وقال الدارقطني: ضعيف) نقله الحافظ ابن حجر ()، وقد حكى ابن عدي، عن أحمد بن حنبل قال: (أحاديث دَرَّاج، عن أبي الهَيثم، عن أبي سعيد فيها ضعف) () وهكذا قال أبو داود ().
وقد صحح بعض الأَئمة إسناده، قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد) ()، وقال الحافظ ابن حجر (سنده صحيح) () وقال الذهبي: (صحيح) () وللحديث شواهد كثيرة، منها حديث عبد الله بن عمرو، وقد أخرجه أحمد ()، والبخاري ()، والحاكم ()، من طريق الصَّقْعَب بن زُهير، عن زيد بن أَسْلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ نبي الله نوحاً صلى الله عليه وسلم، لما حضرته الوفاة قال لابنه: «إني قَاصٌّ عليك الوصية: آمُرك باثنتين، وأَنهاك عن اثنتين، آمرك بـ «لا إله إلا الله»، فإن السماوات السَّبع، والأَرضِينَ السَّبع، لو وضعت في كِفَّة، ووضعت «لا إله إلا الله» في كِفَّة، رجحت بِهِنَّ «لا إله إلا الله» الحديث مختصراً.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال الذهبي: صحيح الإسناد () وقال الحافظ ابن كثير: وإسناده صحيح ولم يخرجوه ()، وصححه الألباني ()، وله شاهد أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو، وهو المعروف
¥(13/446)
بحديث (البطاقة) وقد أخرجه أحمد ()، والترمذي ()، وابن ماجه ()، والحاكم ()، من طرق عن الليث بن سعد، عن عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن المعَافِري الحُبلِي، قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يَستخلصُ رجلاً من أُمتي، على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سِجِلا، ً كل سِجِلٍ مَدُّ البصر … فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السِّجلات؟! فيقال: إنَّك لا تُظلم، فتوضع السِّجِلاتُ في كِفَّة. قال فطاشت السِّجِلاتُ، وثَقُلت البطاقة، ولا يُثقل مع اسم الله شيء» الحديث مختصراً.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح وهو على شرط مسلم، وقال في موضع: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح ().
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه الشيخ الألباني (). والحديث بشاهديه يرتقي إلى الحسن.
4 – أورد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حديثاً في كتاب التوحيد، باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما، فقال: (عن أبي وَاقِدٍ الليْثِي: خَرجنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنينٍ، ونحنُ حُدثاءُ عهدٍ بكُفرٍ، وللمشركينَ سِدْرةٌ يَعكُِفُونَ عندها، وَيَنوُطونَ بها أَسلحًتهُم يُقال لها: ذَاتُ أنواطٍ فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنَا ذاتَ أنواطٍ كما لهُم ذاتُ أنواطٍ: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبرُ إنها السُّنَنُ، قُلتم: والذي نفسي بيدهِ كما قالت بَنُو إسرائيلَ لموسى: (اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف الآية 138]، «لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم» رواه الترمذي وصححه).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: «الحديث رواه الترمذي كما قال المصنف: ولفظه: …. عن أبي واقدٍ الليثي () أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمَّا خَرج إلى حُنين مرَّ بشجرةٍ للمشركينَ يقالُ لها: ذاتُ أنواطٍ يُعلِّقونَ عليها أسلحَتهُم، قالوا يا رسول الله اجعل لنا ذاتَ أنواطٍٍ () كما لهم ذَاتُ أنواطٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى (اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) والذي نفسي بيده لَتَرْكبُنَّ سُنَّةَ من كان قبلكم» () هذا حديث حسن صحيح. وأبو واقد الليثي اسمه الحارث بن عوف، وفي الباب عن أبي سعيد، وأبي هريرة، هذا لفظ الترمذي بحروفه. وفيه مخالفة لما في الكتاب لفظاً لا معنى) ().
في هذا المثال نرى أنَّ الشيخ سليمان، قد أورد حديث الترمذي بحروفه سنداً ومتناً، ثم قابله باللفظ الذي ذكره شيخ الإسلام فقال:
(وفيه مخالفة لما في الكتاب لفظاً لا معنى) وهذا هو الصحيح، فلفظ الترمذي الذي ذكره شيخ الإسلام، لم يخرجه الترمذي بهذا اللفظ، بل أخرجه بما ساقه الشيخ سليمان تماماً، وقد كان بإمكان الشيخ سليمان بعد ذكر شيخ الإسلام لحديث الترمذي، أن يقول: (الحديث أخرجه الترمذي كما قال المصنف)، ويكتفي بذلك، ولكن لما كان من منهج الشيخ سليمان الدقة في عزو الأحاديث بلفظها إلى من أخرجها، ومقارنة ذلك بما يذكره شيخ الإسلام، تعقب عليه، بأن ما أورده (فيه مخالفة لما في الكتاب لفظاً لا معنى).
وقد يعتذر لشيخ الإسلام في هذا بأنه أراد أصل الحديث، لا لفظه، أو لعله نقل ذلك من غيره، والشيخ سليمان يعتذر لشيخ الإسلام بمثل هذا.
5 – أورد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء أن بعض هذه الأُمة يعبدون الأَوثان، فقال: (عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لتَتَبِعُنَّ سَنَنَ ()، من كان قبلكم، حَذو القُذَّةِ () بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبٍٍّ لدخلتُموهُ».
قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: «فَمَنْ»؟! أخرجاه).
¥(13/447)
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث أورده المصنف بهذا اللفظ معزواً «للصحيحين» ولعله نقله عن غيره، ولفظهما والسياق لمسلم، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم شبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ، حتى لو دَخلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لا تَّبعتُموهُم» قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال «فَمَنْ» ()؟ ويحتمل أن يكون مروياً عند غيرهما باللفظ الذي ذكره المصنف، وأراد أصله لا لفظه) ().
في هذا المثال نرى أنَّ الشيخ سليمان تعقب على شيخ الإسلام بأن لفظ حديث أبي سعيد الخدري الذي أورده معزواً للصحيحين، ليس هو بهذا اللفظ في (الصحيحين) بل هو بلفظ آخر، وللدلالة على ذلك أورد الشيخ سليمان لفظهما بتمامه والسِّياق لمسلم، وهذا هو الصحيح، وإن كان ما أورده شيخ الإسلام هو بنحوه في (الصحيحين)، لكن لما كان من منهج الشيخ الدقة التامة في تخريج الأَحاديث، ومراعاته لهذه الألفاظ هل أُخرجت من مصادرها التي عُزِيَت إليها بلفظها، أو بنحوها، أو فيها اختلاف، تَعقب على شيخ الإسلام بما تَعقب به، وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد أن ينبه على ذلك ().
هذا وقد اعتذر الشيخ سيلمان لشيخ الإسلام فقال: (لعله نقله من غيره) وهذا هو الأقرب، بل هو الصحيح؛ وذلك أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أورد هذا الحديث بل وكرره في أكثر كتبه، بمثل ما ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وهذا لفظ الحديث الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، قال رحمه الله: (في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لتَتَبِعُنّ سَنَنَ من كان قبلكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّة، حتى لو دَخلُوا جُحرَ ضبٍّ لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فَمَنْ» ().
ولعل شيخي الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، أرادا أن أصل الحديث ومعناه في الصحيحين لا أنه بلفظه، وهذه طريقة بعض أهل العلم في بعض مصنفاتهم، وقد تقدم بيان هذه المسألة وتفصيلها في المثال الأَول.
وقد أورد هذا اللفظ بتمامه القاضي ابن أبي العز الحَنفي ()، وعزاه للصحيح، وأيضاً أورده الحافظ ابن كثير، إلا أنه بدل أن يقول: (لتَتَبِعُنَّ سَنَنَ) قال (لتَركَبُنَّ سَنَنَ) () ولعلهما أرادا أَصل الحديث لا لفظه.
إن اعتذار الشيخ سليمان لشيخ الإسلام في هذا الحديث بقوله: (لعله نقله من غيره) يدل دلالة واضحة على ما يتحلى به الشيخ سليمان، من المنهجية والتأصيل في طرق التعامل مع كتب أهل العلم وما ينقلونه، فالشيخ لم يتسرع في إيقاع الوهم والخطأ، ونسبته لشيخ الإسلام، بل اعتذر له، وكان اعتذاره في محله، حيث تبين لنا أن شيخ الإسلام نقل هذا اللفظ من شيخ الإسلام ابن تيمية. وأما قول الشيخ سليمان: (ويُحتمل أن يكون مروياً عند غيرهما، باللفظ الذي ذكره المصنف).
قلت: بعد البحث والتقصي، وحسب ما اطلعت عليه من كتب الحديث، لم أجد أحداً خَرَّج هذا اللفظ الذي ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والذي نقله من شيخ الإسلام ابن تيمية، مع أن الحديث أخرجه أكثر الأئمة وبألفاظ متغايرة.
وأما لفظ (حَذو القُذَّةِ بالقُذَّة) فقد أخرجه أحمد ()، وأبو القاسم البغوي ()،والطبراني ()، من طريق عبد الحميد بن بَهْرَام، عن شَهر بن حَوشب، عن عبد الرحمن بن غُنْم، عن شدَّاد بن أوَس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْحِملَنَّ شِرارُ هذه الأُمة، على سَنَنِ الذين خَلوا من قبَلِهم، أَهلَ الكتابِ حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة».
وإسناده حسن، من أجل شهر بن حوشب، فقد اختلف فيه، والأقرب أنه صدوق كثير الإرسال والأوهام، كما ذكره الحافظ ابن حجر ()، وباقي رجاله ثقات، ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري الذي في الصحيحين.
6 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله فقال: (عن ابن عباس قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زَائراتِ القُبُورِ، والمتَّخِذينَ عليها المسَاجِدَ والسُّرَج» رواه أهل السنن).
قال الشيخ سيلمان بن عبد الله: (قوله: رواه أهل «السنن» يعني هنا أبا داود، وابن ماجه، والترمذي فقط، ولم يروه النسائي) ().
¥(13/448)
قلت: هذا الحديث أخرجه بهذا اللفظ الطيالسي ()، وأحمد ()، وأبو داود ()، والترمذي ()، والنسائي ()، وابن ماجه ()، مختصراً ولفظه: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زَوَّارات القبور»، من طريق محمد بن جُحَادة، عن أبي صالح، عن ابن عباس مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف لأمرين، الأول أبو صالح واسمه بَاذَانْ ويقال: بَاذَانْ مولى أم هانئ بنت أبي طالب، (فقد ترك حديثه ابن مهدي، وقال النسائي: ليس بثقة، وكذَّبه غير واحد، وقال الحافظ ابن حجر: وثقه العجلي وحده) ().
والثاني: أنه لم يسمع من ابن عباس، قال الحافظ ابن رجب (): (قال مسلم في «كتاب التفصيل»: هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح بَاذَانْ قد اتقى الناس حديثه، ولا يثبت له سماع من ابن عباس) وقال ابن حبان (): (يحدث عن ابن عباس ولم يسمع منه).
والحديث على هذا ضعيف جداً، وفي الأحاديث الثابتة ما يغني عنه، فقد جاء لعن زائرات القبور في كثير من الأحاديث، منها ما رواه الترمذي ()، وابن ماجه ()، وغيرهما، من طريق عمر بن أبي سَلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زَوَّاراتِ القُبورِ» وهذا إسناد حسن لأجل عمر بن أبي سلمة، فقد اختلف فيه، والأرجح ما قاله الحافظ ابن حجر، بأنه (صدوق يخطئ) ()، وقد قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح،وحسَّنه الشيخ الألباني ().
وأما لعن المُتَّخذينَ على القبور مساجد، فهو متواتر عنه صلى الله عليه وسلم، ويكفي فيه ما رواه البخاري ()، ومسلم ()، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قالت: لولا ذَاك لأَبرزُوا قَبرهُ، غير أنه خَشِيَ أن يُتَّخذَ مسجداً».
إن في تعقب الشيخ سليمان على شيخ الإسلام بأن هذا الحديث لم يروه النسائي، هو وهم كما تقدم بيانه عند تخريج الحديث، ولعل الشيخ سليمان نقل ذلك من غيره، أو أنه ذهل عن ذلك،واشتبه عليه الأمر؛ وذلك أن أحاديث نهي النساء عن زيارة القبور، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد كثيرة، وقد أخرجها عدد من الأئمة في الصحيح والسنن والمسانيد، فالباحث قد يذهل و يشتبه عليه الأمر في بعض من أخرج الحديث، وهذا الشيخ الألباني على سعة علمه يقول في تخريجه لهذا الحديث: (أخرجه أصحاب «السنن الأربعة» إلا ابن ماجه) ()، وهذا وهم من الشيخ، فقد أخرجه ابن ماجه، ولكن مختصراً، كما تقدم بيانه.
7 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الكُهَّان ونحوهم، فقال: (وللأربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما عن… «من أتى عَرَّافاً أو كاهناً فَصَدَّقهُ بما يقولُ، فقد كَفَرَ بما أُنزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم» ().
قال الشيخ سليمان: (… عزو المصنف إلى الأَربعة ليس كذلك، فإنه لم يروه أحدٌ منهم، وأَظنُّه تبع في ذلك الحافظ، فإنه عَزاه في (الفتح) إلى أصحاب السنن والحاكم فوهم، ولعله أراد الذي قبله) ().
قلت: هذا الحديث لم يخرجه أصحاب (السنن الأربعة) كما تقدم بيانه في تخريج الحديث، وعلى هذا يتبين لنا صحة ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، في قوله: (عزو المصنف إلى الأربعة ليس كذلك، فإنه لم يروه أحد منهم) ثم اعتذر الشيخ سليمان في هذا – كعادته – لشيخ الإسلام فقال: (وأَظنُّه تبع في ذلك الحافظ فإنه عزاه في «الفتح» إلى أصحاب السنن والحاكم فَوِهم) وهذا هو الصحيح، وهذه عبارة الحافظ ابن حجر بتمامها، حيث قال وهو يتكلم عن الكَهَانة:
(وورد في ذم الكَهَانة، ما أخرجه أصحاب السنن، وصححه الحاكم، من حديث أبي هريرة رفعه «من أتى كاهناً أو عَرَّافاً، فصدَّقهُ بما يقولُ، فقد كَفَرَ بما أُنزلَ على محمدٍ» ().
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد، أن ينبه على ذلك، ووافق الإمام محمد بن عبد الوهاب ().
إن تعقب الشيخ سليمان في هذا الحديث على شيخ الإسلام محمد بن
عبد الوهاب والحافظ ابن حجر، فيه دلالات كثيرة منها:
أ - عدم تقليد الشيخ سليمان لما يعزوه شيخ الإسلام، وهذا هو شأن العالم المحدث، ولم أجد حسب علمي، من يشارك الشيخ في هذا من أئمة الدعوة، وذلك أنَّ كثيراً من أئمة الدعوة يقلدون شيخ الإسلام في تخريج الأحاديث.
¥(13/449)
ب - التأكيد على ما أسلفناه من اعتذار الشيخ سليمان لشيخ الإسلام، بعذر فيه وجاهة ودراية حيث قال: (وأظنه تبع في ذلك الحافظ) فلم يقل أخطأَ شيخ الإسلام، بل اعتذر له مما يدل على معرفة الشيخ لمنزلة العلماء وقدرهم.
ج - فيه دلالة على عدم تقليد الشيخ سليمان للحافظ ابن حجر، في تخريج الأحاديث، مع أنه أكثر النقل عنه في كثيرٍ من المواضع. وهذا يدل على المنهجية التي يسير عليها الشيخ في نقله من الحافظ ابن حجر، فليس مجرد ناقل، بل ناقل وناقد.
8 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الاستسقاء بالأَنواء، فقال: (ولهما من حديث ابن عباس معناه. وفيه قال بعضهم: لقد صدق نَوءُ كذا وكذا، فأَنزل الله هذه الآية: (فلا أقُسم بمواقع النجوم) إلى قوله: (تُكذبون).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قوله:ولهما. الحديث لمسلم فقط ()، ولفظه عن ابن عباس قال: «مُطِرَ الناسُ على عهدِ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَصْبَحَ من الناس شَاكرٌ ومنهم كافرٌ، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نَوءُ () كذا، قال فنزلت هذه الآية (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) حتى بلغ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) () (الواقعة 75 - 82).
قلت: أصاب الشيخ سليمان في تعقبه على شيخ الإسلام، بأَنَّ هذا الحديث ليس متفقاً عليه بل أخرجه مسلم فقط، ولعل شيخ الإسلام لما أَورد الحديث الذي قبل هذا، وهو حديث زيد بن خالد،وقوله: (ولهما عن زيد بن خالد…) ظَنَّ أَنَّ حديث ابن عباس، الذي هو بمعنى حديث زيد بن خالد متفق عليه أيضاً، وهذا قد يقع فيه بعض أهل العلم، بالنسبة للأحاديث المشتركة في معنى واحد.
وهذا التعقب يدل على استحضار الشيخ لصحيح البخاري ومسلم، والدقة في معرفة ما اتفقا على إخراجه،وما تفرَّد به كل واحد منهما.
هذا وقد تعقب الشيخ عثمان بن منصور، في شرحه على كتاب التوحيد، عزو شيخ الإسلام الحديثَ للصحيحين فقال: «ذكر هنا الشيخ، أنه أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولم أره في الصحيحين ولا معناه من حديث ابن عباس، وإنما روى معناه إمام المفسرين محمد بن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، بسند صحيح إليه، فالظاهر أن نسبة حديث ابن عباس، هذا الذي عزاه المصنف إلى الصحيحين وَهْم ممن نقله عنه، لأن غالب ما يورد في هذا الكتاب إنما هو نقل عن غيره ممن يثق به، وذلك جائز عند جمهور العلماء رحمهم الله تعالى» ().
قلت: وهم الشيخ عثمان بن منصور – رحمه الله – وتكلَّف، فالحديث أخرجه مسلم، كما ذكره الشيخ سليمان.
9 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في مُنكري القدر، فقال: (وفي المسند) و (السنن) عن ابن الدَّيْلَمِي () قال: «أتيتُ أُبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيءٌ من القدر، فحدثني بشيءٍ لعل الله يُذهبهُ من قلبي. فقال: لو انفقت مِثْلَ أُحدٍ ذهباً ما قَبله الله منكَ حتى تؤمنَ بالقدرِ، وتَعلمَ أن ما أَصابكَ لم يكن ليُخطئكَ، وما أَخطأكَ لم يكن ليصيبكَ، ولو مِتَّ على غير هذا لكنتَ من أَهلِ النارِ. قال: فأَتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد ثابت، كلهم حَدَّثني بمثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قوله: وفي «المسند» أي «مسند الإمام أحمد» و «السنن» أي «سنن أبي داود» وابن ماجه فقط) ().
قلت: هذا الحديث جاء موقوفاً من حديث أبُي بن كعب وابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، ومرفوعاً من حديث زيد بن ثابت، وقد أَخرجه أحمد ()، وعبد بن حميد ()،وأبو داود ()،وابن ماجه ()،وابن حبان ()،والبيهقي ()، من طرق عن أبي سِنَان، عن وهب بن خالد الحِمْصِي، عن ابن الدَّيْلَمِي، وذكر الحديث.
¥(13/450)
وهذا إسناد صحيح ورجاله ثقات، وأبو سِنَان هو سعيد بن سِنَان البُرجُمِي، قال الحافظ (): (قال ابن معين ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق ثقة وقال أبو داود: ثقة من رفعاء الناس، وقال النسائي: ليس به باس، ووثقه يعقوب بن سفيان والدراقطني) وعليه فقول الحافظ بأنه (صدوق له أوهام) () فيه نظر. ورواه الآجري () من طريق عبد الله بن صالح عن أبي الزَاهِريَّة، عن كثير بن مُرَّة، عن ابن الدَّيلَمِي، أنه لقي زيد بن ثابت، وذكر الحديث مختصراً.
هذا إسناد حسن، لأجل عبد الله بن صالح كاتب الليث، فهو صدوق كثير الغلط، كما قاله الحافظ ()، ولكن لا بأس به في الشواهد والمتابعات، وقال الهيثمي: (رواه الطبراني بإسنادين ورجال هذا الطريق ثقات) ().
والحديث بمجموع هذه الطرق صحيح.
وبعد تخريج هذا الحديث تَبين لنا صحة ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، في أَنَّ هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن إلا أبو داود وابن ماجه.
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور، في شرحه لكتاب التوحيد، أَن ينبه على ذلك، ووافق شيخ الإسلام بأَنَّ الحديث أَخرجه أصحاب السنن ().
الثالث: تعقبه في عزوه لبعض الأحاديث والآثار إلى بعض الصحابة وهي لغيرهم، وهذا له أمثلة:
1 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في التطير، فقال: (ولأبي داود بسند صحيح، عن عُقبة بن عامر قال: ذكرت الطِّيَرَة () عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أحسنها الفأَلُ، ولا تَرُدُّ مُسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يَكرهُ فليقل: اللهم لا يَأَتي بالحسناتِ إلا أنتَ، ولا يَدفعُ السيئاتِ إلا أنتَ، ولا حول ولا قوةَ إلا باللهِ»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قوله: عن عُقبة بن عامر، هكذا وقع في نسخ التوحيد، وصوابه عروة بن عامر ()، كذا أخرجه أحمد، وأبو داود وغيرهما) () ثم أورد الشيخ ترجمته.
قلت: هذا الحديث أخرجه أبو داود ()،وابن أبي شيبة ()،وابن السُنِّي ()، والبيهقي ()، من طريق حَبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن عامر قال: وذكر الحديث.
وهذا إسناد ضعيف، لسببين، الأول: حبيب بن أبي ثابت، وإن كان ثقة، إلا أنه كثير الإرسال والتدليس، ولم يصرح بالتحديث، والثاني: الاختلاف في صحبة عروة بن عامر، قال يحيى بن معين ()، وعلاء الدين مُغْلطاي ()، والمزي () وغيرهم: ليس له صحبة، وقال بعضهم له صحبة.
ولعل الأرجح أنه ليس له صحبة؛ لقول الأكثر. وقال الحافظ (): (الظاهر أَنَّ رواية حبيب عنه منقطعة) وعلى هذا فالحديث ضعيف، ووَهِم الشيخ سليمان في عزوه الحديث لأحمد.
ومن خلال تخريج هذا الحديث، يتبين لنا صحة ما استدركه الشيخ سيلمان على (كتاب التوحيد)، وأن الصواب في راوي الحديث أنه (عروة ابن عامر) لا (عُقبة بن عامر)،واستدل الشيخ على ذلك بواسطة تخريجه للحديث، وهذا يدل على دقة الشيخ، والمنهج الحديثي الذي يسير عليه، عند تخريجه للأحاديث.
وأيضاً من دقة الشيخ سليمان أنه لم ينسب الوهم لشيخ الإسلام مباشرة، بل قال (هكذا وقع في نسخ التوحيد) وهذا يشعر بأَنَّ هذا الوهم أو التصحيف، وقع من بعض النُّسَاخ، فقد جاء عند ابن السُنِّي، وعند النووي في الأذكار () (عقبة بن عامر)، وهذا يدل على أن هذا الوهم وقع في بعض المصادر، فليس هو فقط في نُسخ (كتاب التوحيد)، بل هو متقدم.
وقد يقول قائل ما الذي يَترتب على أن راوي هذا الحديث هو (عقبة بن عامر) أو (عروة بن عامر) قلت: الذي يترتب على هذا، هو أَنَّ عُقبة بن عامر الجُهنِي صحابي مشهور، أما عروة بن عامر، فهو مختلف في صحبته، وهذا له أَثره في درجة حديثهما.
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد أن يُنبه على ذلك، ووافق الإمام محمد بن عبد الوهاب بأَنَّ راوي الحديث هو عقبة بن عامر، بل قد ترجم له ()!!
2 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون) [البقرة: 23].
فقال: (وعن عمر بن الخطاب، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حَلَفَ بغير الله فقد كفر أو أَشرك» رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم).
¥(13/451)
قال الشيخ سيلمان بن عبد الله: (قوله: عن عمر بن الخطاب. هكذا وقع في الكتاب، وصوابه عن ابن عمر؛ كذلك أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم، وصححه ابن حبان، وقال الزَّين العراقي في «أماليه» (): إسناده ثقات) ().
قلت: الحديث أخرجه الطيالسي ()، وأحمد ()، وأبو داود ()، والترمذي ()، وابن حبان ()، والحاكم ()، والبيهقي ()، من طرق عن سعد بن عُبيدة:
«أن ابن عمر سَمِعَ رجلاً يقول: لا والكعبة فقال ابن عمر: لا يُحْلَفُ بغير اللهِ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ….» وذكر الحديث.
وإسناده صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن» وقال الحاكم: «صحيح» على شرط الشيخين»، وقال الذهبي: إسناده على شرط مسلم ().
لكن قد أعلَّه البيهقي بالانقطاع، فقال: «وهذا مما لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر» واستدل على ذلك بما رواه هو في سننه ()، وما رواه أحمد () والطحاوي ()، عن سعد بن عُبيدة قال: كنت جالساً عند عبد الله بن عمر، فجئت سعيد بن المسيِّب، وتركت عنده رجلاً من كِندة، فجاء الكِندي مُرَوَّعاً، فقلت: ما وراءك؟! فقال: جاء رجل إلى عبد الله ابن عمر آنفاً، فقال: أحلفُ بالكعبة؟ فقال: إحلف بربِ الكعبةَ، فإِنَّ عمر كان يَحلفُ بأبيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَحْلِف بأبيك، فإنه من حَلَفَ بغير الله أَشرك» ووقع في رواية عند أحمد ()، تسمية الكِندي بـ «محمد» وهو مجهول كما قال أبو حاتم ()،وَيُردُّ على دعوى الانقطاع، ما أَخرجه أحمد ()،من طريق الأَعمش، وابن حبان ()،من طريق الحسن بن عُبيد الله، وهما – ثقتان – عن سعد بن عُبيدة قال: كنت عند ابن عمر فَحَلَف رجل بالكعبة فقال ابن عمر…» وذكر الحديث واللفظ لابن حبان.
فهذه الرواية الصحيحة صريحة في سماع سعد هذا الحديث من ابن عمر، وأيضاً لا يبعد رجوع سعد لابن عمر وسؤاله إياه. وأيضاً سعد غير معروف بالتدليس، فإذا روى بالعنعنة حمل على الاتصال.
وعلى هذا فالحديث صحيح، وقد صححه بعض الأئمة كما سبق، وأيضاً صححه الشيخ الألباني ()، والشيخ جاسم الدوسري ().
ومن خلال تخريج هذا الحديث، يتبين لنا صحة ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، في أنَّ راوي هذا الحديث هو عبد الله بن عمر لا عمر بن الخطاب، ثم استدل الشيخ على ذلك، بأَنَّ هذا هو الذي أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم.
ويلاحظ أن الشيخ سليمان لمعرفته بقدر أهل العلم الكبار، لم ينسب الوهم مباشرة إلى شيخ الإسلام بل قال: «هكذا وقع في الكتاب» فأتى بهذه العبارة التي قد تفيد أن هذا الوهم ربما وقع من بعض النُسَّاخ، لا من شيخ الإسلام.
وقد نبه الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد على هذا الوهم فقال: «هذا الحديث عزوه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهم، ولعل الشيخ رحمه الله وجده معزواً كذلك فنقله كما وجده، وإلاَّ فالحديث عن ابنه عبد الله بن عمر، وهو في خط الشيخ بيده عن عمر» ().
3 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب قول: ما شاء الله وشئت، فقال: (ولابن ماجه عن الطُّفَيل أخي عائشة لأُمها قال: رأيت كأَنِّي أتيت على نفرٍ من اليهود، فقلت: إنَّكم لأَنتمُ القومُ لولا أَنَّكم تقولونَ: ما شاء اللهُ، وشاء محمدٌ. ثم مررت بنفرٍ من النصارى فقلت: إنكم لأنتمُ القومُ لولا أنكم تقولون: المسيحُ ابن اللهِ. قالوا: وإنكم لأنتمُ القومُ لولا أنكم تقولونَ: ما شَاءَ اللهُ وشاء محمدٌ …).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث لم يروه ابن ماجه بهذا اللفظ عن الطفيل، إنما رواه عن حذيفة ولفظه: حدثنا هشام بن عمار، هذه رواية ابن عيينة، ثم ذكر ابن ماجه حديث الطُّفَيل هذا، فساق إسناده، ولم يذكر اللفظ، فقال: حدثنا … هذا لفظ ابن ماجه.
وقد تبيَّن أن هذا الحديث المذكورلم يروه ابن ماجه بهذا اللفظ، لكن رواه أحمد، والطبراني، بنحو مما ذكره المصنف) ().
¥(13/452)
في هذا المثال استدرك الشيخ، على شيخ الإسلام في قوله: (ولابن ماجه عن الطُّفَيل…) وذكر الحديث مطولاً، بيَّن الشيخ في استدراكه هذا أن الحديث لم يروه ابن ماجه بهذا اللفظ عن الطُّفيل، إنما رواه عن حذيفة، ثم أَورد الشيخ سليمان حديث حذيفة بن اليمان سنداً ومتناً، ثم بيَّن الشيخ بعد هذا كيف أخرج ابن ماجه حديث الطُّفَيل، وأنه ساق إسناده دون متنه، ومن دقة الشيخ أيضاً زيادة على ما ذكره، أَنَّه بيَّن أن هذا الحديث الذي ذكره شيخ الإِسلام، وعزاه لابن ماجه، لم يخرجه ابن ماجه بهذا اللفظ، لكن أخرجه الإمام أحمد والطبراني، بنحوٍ مما ذكره شيخ الإسلام. وكل هذا يدل على دقة الشيخ سليمان في استدراكه على شيخ الإسلام.
وقد فات الشيخ عثمان بن منصور، في شرحه لكتاب التوحيد أن ينبه على ذلك ()، ووافق الإمام محمد بن عبد الوهاب، بأَنَّ هذا الحديث رواه ابن ماجه بهذا اللفظ عن الطُّفَيل.
4 – أورد شيخ الإسلام أثراً في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (ولله الأَسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه) [الأعراف:180] فقال: (ذكر ابن أبي حاتم، عن ابن عباس: يُلحِدون في أسمائه: يُشركون).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الأثر لم يروه ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، إنما رواه عن قتادة، فاعلم ذلك) ().
قلت: هذا الأثر مشهور في كتب التفاسير المسندة وغيرها، أنه من قول قتادة، لا من قول ابن عباس، وقد أَخرجه عبد الرزاق ()، وعبد بن حميد ()، وابن جرير ()، وابن أبي حاتم ()، وهذا إسناد ابن جرير، وابن أبي حاتم قالا: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قوله (يُلحِدون) قال: يُشركون.
وهذا إسناد صحيح ورجاله ثقات.
وقد أَخرج ابن جرير ()،وابن المنذر ()،وابن أبي حاتم ()،من طريق عبد الله ابن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة ()، عن ابن عباس: قوله: (الذين يُلحِدون في أسمائه): التكذيب، فهذا هو الذي ذكره ابن عباس.
وهذا الإسناد فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، وإن كان ثبتاً في كتابه، وأيضاً قال العلائي: (قال دُحيم: لم يَسمع علي بن أبي طلحة التفسير من ابن عباس، وقال أبو حاتم علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس مرسل إنما يروي عن مجاهد، والقاسم بن محمد) () وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي: (أجمع الحفاظ على أَنَّ ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس) () ومع انقطاع صحيفة علي بن أبي طلحة، إلا أن أهل العلم اعتمدوها.
إن ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام في هذا الأَثر، بأن راويه هو قتادة، لا عبد الله بن عباس هو الصحيح، وهذا المثال يدل على المنهجية الحديثية التي يسير عليها الشيخ، فكما أن الشيخ له عنايته التامة بتخريج الأحاديث وعزوها إلى مصادرها، كذلك هذا في الآثار لا فرق عند الشيخ بينهما، ولهذا استدرك على شيخ الإسلام، والشيخ في هذا يسير على منهج أهل الحديث، إذ أن الغالب على الفقهاء عدم العناية بتخريج الآثار، والتدقيق في صحة نسبتها إلى قائلها.
وقد يقول قائل ما الفرق بين أن يكون قائل هذا الأثر قتادة، أو عبد الله بن عباس؟ فنقول: الفرق كبير جداً وله أهميته البالغة، قال أبو عبد الله الحاكم: (ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند) () يعني له حكم المرفوع، وقال الحافظ: (وتفاسير الصحابة عند جمهور الأئمة المتقدمين على ما نقله الحاكم أبو عبد الله محمولة على الرفع، وبعض المحققين حمل ذلك على ما يتعلق بأسباب النزول وما أشبهها) ().
وبهذا يظهر الفرق بين قول الصحابي، والتابعي في تفسير الآيات، فقول الصحابي قد يُحمل على الرفع، وأما قول التابعي فيستأنس به.
هذا وقد فات الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد، أن ينبه على أن هذا الأثر رواه ابن أبي حاتم عن قتادة، لا عن عبد الله بن عباس، وتبع في هذا الوهم الإمام محمد بن عبد الوهاب ().
الرابع: تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، دون ذكر رواتها من الصحابة:
وهذا له أمثلة:
1 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب الخوف من الشرك، فقال: (وفي الحديث «أخوفُ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ، فسُئل عنهُ، فقال: «الرِّياء») ().
¥(13/453)
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (أورد المصنف هذا الحديث مختصراً غير معزو، وقد رواه الإمام أحمد، والطبراني، وابن أبي الدنيا، والبيهقي في «الزهد» وهذا لفظ أحمد، قال: حدثنا …عن محمود بن لبيد () أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال …) () وذكر الحديث.
2 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب من الشرك أن يَستغيث بغير الله أو يَدعو غيره، فقال:
(وروى الطبراني بإسناده، أَنَّه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نَستغيثُ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من هذا المُنافِقِ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يُستغاثُ بِي وإنمَّا يُستغاثُ باللهِ»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (قد بَيَّضَ المصنف لاسم الراوي، وكأنه والله أعلم نقله عن غيره، أو كتبه من حفظه ()،والحديث عن عُبادة بن الصَّامِت () رضي الله عنه).
قلت: هذا الحديث رواه الطبراني () بهذا اللفظ، ورواه أحمد ()،وابن سعد () بسياق آخر، من طريق ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رَباح، أَنَّ رجلاً سمع عُبادة بن الصَّامِت يقول: خَرَجَ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: قوموا نَسْتَغِيثُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم من هذا المُنافِقِ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُقَامُ لِيْ، إِنَّما يُقَامُ لله».
وهذا إسناد ضعيف، لسببين: الأول: عبد الله بن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه، والثاني: إبهام الراوي عن عُبادة، فهو في حَيزِ المجهول حيث لم يُسمَ، وبهذا أعله الهيثمي فقال: (رواه أحمد، وفيه راوٍ لم يُسم، وابن لهيعة) () وعليه فالحديث ضعيف.
3 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغُلو في الصالحين.
فقال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إيِّاكم والغُلُّوَّ، فإنما أَهْلَكَ من كان قبلكم الغُلُّوُّ») ().
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا ثَبَتَ هذا البياض في أصل المصنف، وذكره أيضاً غير معزو. والحديث رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، عن ابن عباس…) ().
4 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الكُهَّان ونحوهم فقال: (وللأَربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، عن …
«من أتى عَرَّافاً أو كاهناً فصدَّقه بما يقول، فقد كَفَرَ بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم») ().
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا بَيَّض المصنف اسم الراوي. وقد رواه أحمد، والبيهقي، والحاكم، عن أبي هريرة مرفوعاً…) ().
إن ما تَعقَّبَ به الشيخ سليمان على الإمام محمد بن عبد الوهاب، في إيراده لبعض الأحاديث دون ذكر من رواها من الصحابة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا فيه دلالة على عناية الشيخ بتخريج الأحاديث، وأنه يرى أن من النقص في التخريج، إيراد الأحاديث دون ذكر رواتها من الصحابة؛ وذلك أن ذكر صحابي الحديث، له فوائده المهمة من جهة تخريج الحديث، فمعرفة صحابي الحديث، هي أحد الطرق الخمسة لتخريج الحديث، من كتب الأَطراف والمسانيد، ومن فوائد ذكر صحابي الحديث، أَننا قد ننظر في حال هذا الصحابي، فقد يكون مُختلفاً في صحبته، ولا تصح له صحبة، فحينئذ يكون الحديث الذي يرويه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، من قَبيل المرسل لا المتصل، إلى غير ذلك من الفوائد التي يعرفها أهل هذا الشأن.
إن إيراد الإمام محمد بن عبد الوهاب لبعض الأحاديث، دون ذكره لرواتها من الصحابة، قد اعتذر له الشيخ سليمان في ذلك، فقال كما في المثال الثاني: (قد بَيَّض المصنف لاسم الراوي،وكأنه والله أعلم نقله من غيره، أو كتبه من حفظه…).
وهذا الاعتذار من الشيخ سليمان فيه وجاهة،وذلك أننا قد نجد بعض العلماء، إذا ألَّف كتاباً في بعض المسائل، وأورد فيه بعض الأحاديث، فنراه قد يَنشط فيذكر الحديث بلفظه من (صحيح البخاري) مثلاً، مع ذكر صحابي الحديث، ومن أخرجه من الأئمة غير البخاري، وتارة في بعض المواضع نراه لا ينشط، فقد يذكر الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتعدى ذلك، فَيُغْفِل ذِكرَ صَحَابِي الحديث، ومن أخرج الحديث من الأَئمة.
¥(13/454)
وقد يُعتذر لهم في ذلك إلى أنَّهم كتبوا هذه الأحاديث من حفظهم، ولم يُسعفهم الحفظ على ذكر الصحابي، ومن أَخرج الحديث، أو ربما نقلوا ذلك من كتب بعض أهل العلم، وكل هذا يعرفه من نظر في كتب أهل العلم.
وزيادة على ما ذكره الشيخ سليمان أقول: قد يعتذر للإمام محمد بن عبد الوهاب، بأنه أراد مراجعة كل ما نقص في الأحاديث، من جهة التخريج وغيره، إلا أن المنية اخترمته قبل إتمام هذا، ولذلك بَيَّض في بعض المواضع، وقد تقدم الإعتذار لشيخ الإسلام بنحوٍ من هذا، مبسوطاً في التعقب الأول ().
الخامس: تعقبه في إيراده لبعض الأحاديث، من غير بيان هل هي موقوفة أو مرفوعة:
مثاله: أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب بيان شيءٍ من أنواع السحر، فقال: (وللنسائي من حديث أبي هريرة «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثم نَفَثَ فيها، فقد سَحَرْ، ومن سَحَرَ، فقد أَشْرَكْ، ومن تَعَلَّقَ شيئاً، وُكِلَ إِليه»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث ذكره المصنف من حديث أبي هريرة، وعزاه للنسائي ولم يُبيِّن هل هو موقوف أو مرفوع؟، وقد رواه النسائي مرفوعاً، وذكر المصنف عن الذهبي أنه قال: لا يصح، وحسنه ابن مفلح) ().
قلت: هذا الحديث أخرجه النسائي ()، والطبراني ()، والمزي ()، وابن عدي ()، لكن بدون قوله (ومَنْ تَعَلَّقَ شيئاً وُكِلَ إليه) من طريق عَبَّاد بن مَيْسَرة المَنْقَرِي، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعاً.
قلت: هذا إسناد ضعيف لسببين: الأول: ضعف عَبَّاد بن مَيْسَرة؛ قال الحافظ: (ضعفه أحمد، وقال أبو داود: ليس بالقوي) ()، وقال الحافظ في موضع: (لين الحديث) ()،والثاني: الانقطاع؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، قال العلائي: (قال أيوب وعلي، وبَهْز بن أسد، لم يَسمع الحسن من أبي هريرة، وقال يونس بن عبيد: ما رآه قط، وذكر أبو زرعة، وأبو حاتم: أن من قال عن الحسن حدثنا أبو هريرة فقد أخطأ) ().
وعلى هذا فالحديث ضعيف.
وقد قال الذهبي: (هذا حديث لا يصح للِين عَبَّاد، وانقطاعه) ()، وتعقبه ابن مُفلح ولم يصب، فقال: (وقال في الميزان: لا يصح للين عَبَّاد، وانقطاعه. كذا قال! وَيُتَوجَّه أنه حديث حسن) ().
ورواه عبد الرزاق، عن أبَان بن يزيد العطار، عن الحسن، يَرفع الحديث قال: (من عَقَدَ عُقْدةً فيها رُقْيَةٌ فقد سَحَرْ، ومن سَحَرَ فقد كَفر،ومن عَلَّق عَلَقَةً وُكِلَ إليها) ().
وهذا إسناد صحيح، فثبت بهذا أن أصل الحديث مُرسل، عن الحسن، ولعل عَبَّاداً أخطأ فوصله، وهكذا قال الشيخ جاسم الدوسري ().
إن ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام بقوله:
(هذا الحديث ذكره المصنف من حديث أبي هريرة، وعزاه للنسائي، ولم يُبِّين هل هو موقوف أو مرفوع؟ وقد رواه النسائي مرفوعاً…).
هذا التعقب فيه نظر، وذلك أن شيخ الإسلام لم يَهِمْ في هذا؛ وذلك أن المتُبادر إلى الذهن، بل ومن سياق كلام شيخ الإسلام أنه يريد أن هذا الحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ عبد الله الجديع: «ما يضاف إلى صحابي أو تابعي، أو من بعدهم من الأخبار، يسمى «حديثاً» من حيث اللغة، لكن الاصطلاح جرى غالباً على إرادة ما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، حتى صار يتبادر إلى الذِهن عند الإطلاق حين يقال مثلاً: «في المسألة حديث» أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدفعاً للإيهام، لا ينبغي إطلاق لفظ «حديث» على غير ما وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم» ().
وعلى ذلك فقول شيخ الإسلام: (والنسائي، من حديث أبي هريرة) هو مثل قوله: «في المسألة حديث» أو «دليل هذا حديث أبي هريرة» فكل هذا يُقصدُ به أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الإصطلاح جرى غالباً على هذا، فليس فيه إيهام بأنه موقوف أو نحوه.
وهذا التعقب من الشيخ سليمان لعل فيه دليلاً، على أنَّ الشيخ سليمان يرى أن «الحديث» لا يُطلق فقط على المرفوع، بل يطلق على المرفوع والموقوف، والمقطوع، ودليل هذا أنَّ الشيخ سليمان قال في تخريجه لهذا الحديث: (هذا الحديث ذكره المصنف من حديث أبي هريرة …) وقد ذهب إلى هذا بعض أهل الحديث.
قال السيوطي في ألفيته:
والمتنُ ما انتهى إليه السَّندُ
من الكلام والحديثَ قَيدُوا
بما أُضيف للنَّبيْ قولاً أو
¥(13/455)
فعلاً وتقريراً ونحوها حكوا
وقِيلَ لا يَخْتَصُ بالمرفوعِ
بل جاء للموقُوف والَمقطوعِ
ثم قال في شرحه لها: (ذهبت طائفة إلى أنَّ الحديث يُطلق على غير المرفوع أيضاً من الموقوف والمقطوع،وذهب آخرون إلى اختصاص الحديث بالمرفوع،والخبر بغيره) ().
السادس:تعقبه في عزوه بعض الأحاديث إلى بعض المصادر، وهي غير المرادة عند الإطلاق:
وهذا له أمثلة:
1 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الذبح لغير الله، فقال: (عن طارق بن شهاب ()، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخل الجنة رجل في ذُباب، ودخل النار رجل في ذباب». قالوا وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «مَرَّ رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يُقَرِّبَ له شيئاً. فقالوا لأحدهما: قَرِّبْ. قال: ما عندي شيء. قالوا: قَرِّب ولو ذُباباً فَقَرَّبَ ذباباً فَخلَّوا سبيله، فدخل النار وقالوا للآخر: قَرِّبْ. قال: ما كنتُ لأُقرِّبَ لأحدٍ شيئاً دون الله عز وجل. فضربوا عنقه، فدخل الجنة» رواه أحمد).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث ذكره المصنف معزواً لأحمد، وأظنَّه تبع ابن القيم في عزوه لأحمد.
قال ابن القيم (): قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية ()، حدثنا الأعمش، عن سليمان بن مَيْسَرة ()، عن طارق بن شهاب يرفعه قال: «دخل رجل الجنة في ذباب …» الحديث. وقد طالعت «المسند» فما رأيته فيه، فلعل الإمام رواه في كتاب الزهد أو غيره) ().
قلت: هذا الحديث رواه الإمام أحمد في (الزهد) () ومن طريقه الخطيب البغدادي () عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن سليمان بن مَيسَرة، عن طارق بن شهاب، عن سلمان، موقوفاً، ورواه أبو نُعيم ()، من طريق جرير بن حازم، وأبي معاوية، عن الأعمش به موقوفاً، وكلا الإسنادين صحيح.
ورواه البيهقي () من طريق مُحَاضِر بن المُوَرِّع، عن الأعمش، عن الحارث ابن شُبَيْل، عن طارق بن شِهاب، عن سلمان موقوفاً، وقد وهم مُحَاضِر بن المُوَرِّع، في جعل الواسطة بين الأعمش وطارق، الحارث بن شُبَيل، ومُحَاضِر، مع أنه صدوق، إلا أن له أوهاماً وفيه غفلة ()، وقد خالف أبا معاوية وجرير بن حازم، وأبو معاوية أوثق الناس في الأعمش.
وأيضاً رواه ابن أبي شيبة ()، عن وكيع، عن سفيان، عن مُخَارِق بن خليفة، عن طارق بن شهاب، عن سلمان، موقوفاً. وهذا إسناد صحيح.
والراجح في هذا الحديث وقفه على سلمان الفارسي، وليس له حكم الرفع، فقد أخرجه عدد من الأئمة بعدة طرق، وبأسانيد صحيحة وكلهم يَقِفُهُ على سلمان الفارسي ولا يرفعه، وقد وَهِمَ الإمام ابن القيم في رفع هذا الحديث، وذلك عند نقله لسند الإمام أحمد لهذا الحديث فقال: (… عن طارق بن شهاب يرفعه) والذي في كتاب الزهد للإمام أحمد: (عن طارق بن شهاب، عن سلمان) موقوفاً. فلعل ابن القيم كتبه من حفظه فَوِهم.
إن في تعقب الشيخ سليمان على شيخ الإسلام في هذا الحديث له دلالات كثيرة منها:
أولاً: من طريقة أهل الحديث والمتعارف عليه بين أهل العلم، أن إطلاق العزو في تخريج الحديث للنسائي، يُقصد به سننه الصغرى المسماة (المجتبى) لا (السنن الكبير) وهكذا إطلاق العزو للطبراني، يُقصد به (المعجم الكبير) لا المعجم (الأوسط) أو (الصغير) وهكذا العزو للإمام أحمد يقصد به (المسند)، والشيخ سليمان عندما عزا شيخ الإسلام الحديث لأحمد، ذهب الشيخ سليمان مباشرة، لجرد المسند ومطالعته والبحث عن الحديث فيه؛ وذلك لأنه مستقر ومتعارف عند الشيخ سليمان أن إطلاق العزو لأحمد يُراد به (المسند) بداهة.
ولمَّا لم يجد الشيخ الحديث في (المسند) قال: (فلعل الإمام رواه في كتاب الزهد أو غيره) وكأن الشيخ يشير بهذا إلى أن عزو شيخ الإسلام محمد بن
عبد الوهاب تبعاً لابن القيم، الحديث لأحمد، وهو ليس في (المسند) هذا فيه شيء من التقصير؛ إذ يعتقد الباحث أن الحديث في المسند، فيبحث فيه فلا يجده، فينفي على هذا رواية أحمد للحديث، بينما هو في كتاب (الزهد) أو غيره.
¥(13/456)
ثانياً: إن قول الشيخ (فلعل الإمام رواه في كتاب الزهد أو غيره) هذا فيه دلالة على معرفة الشيخ لقدر الأئمة الأعلام، ومنزلتهم العلمية، و الاعتذار لهم بعذر فيه وجاهة ودراية؛ وذلك أن الشيخ لم يتعجل، فينسب الوهم والخطأ للإمامين ابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب.
ثالثاً: هذا المثال يدل دلالة واضحة على سعة اطِّلاع الشيخ؛ حيث نقل عن ابن القيم، وذلك من كتابه (الداء والدواء)، رواية أحمد لهذا الحديث سنداً ومتناً. والعجيب كيف استدل الشيخ سليمان على أن ابن القيم أورد هذا الحديث في كتابه هذا، مع أن هذا الكتاب ليس من مَظانِّ وجود هذا الحديث فيه.
رابعاً: هذا المثال فيه ردٌ صريح، على ما قد يظنُّه البعض من أن الشيخ سليمان في تخريجه للأحاديث والآثار، هو مجرد ناقل من بعض أئمة الحديث كالحافظ ابن كثير، وابن القيم، وابن حجر، والمنذري، والسيوطي، وغيرهم، وليس له اجتهاد وبحث في تخريج الأحاديث.
خامساً: هذا المثال فيه دلالة على همة الشيخ العالية؛ وذلك لمطالعته وبحثه في (المسند)، ليتحقق من وجود الحديث فيه، ومن المعلوم أن استخراج الحديث من (المسند) مباشرة، كان في فترة من الفترات فيه صعوبة ومشقة، فمن أراد أن يُخَرِّج الحديث منه، لا بد له من قراءة (المسند) والبحث فيه، وفي فترة الشيخ سليمان لا توجد فهارس، ولا وسائل مُعِينة، تساعد على استخراج الحديث من (المسند) والاستفادة منه، وصعوبة الاستفادة من (المسند) واستخراج الحديث منه، هي إلى وقت قريب من عصرنا، فهذا العلامة المحدث أحمد شاكر، يقول عند عزمه لتحقيق (المسند): «(كتاب المسند) لإمام الأئمة، ناصر السنة وقامع البدعة، الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه. وجدته بحراً لا ساحل له، ونوراً يُستضاء به، ولكن تنقطع الأعناق دونه، بأن رُتب على مسانيد الصحابة، وجُمعت فيه أحاديث كل صحابي متتالية دون ترتيب، فلا يكاد يفيد منه إلا من حفظه، كما كان القدماء الأولون يحفظون، وهيهات، وأنَّى لنا ذلك، فشغفت به وشُغلت، ورأيت أن خير ما تخدم به علوم الحديث، أن يوفق رجل لتقريب هذا المسند الأعظم للناس، حتى تعم فائدته، وحتى يكون للناس إماماً، وتمنيت أن أكون ذلك الرجل. ثم وجدت أن أكابر المحدثين وأئمة الشراح والمؤلفين، كان شأنهم بالنسبة للمسند قريباً من شأننا، فما كان ليقدم على النقل منه، أو على تحقيق رواية فيه، إلا فرد بعد فرد،وعامتهم ينقلون عمن قبلهم، ويقلدون في نسبة الحديث إليه من سبقهم، إلا بضعة رجال كانوا كأن المسند كله على أطراف ألسنتهم، كانوا يعرفونه حقاً. ولا أكاد أجزم بتسمية أحد من هؤلاء إلا ثلاثة: شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية، وتلميذاه الحافظان الكبيران، شمس الدين ابن القيم، وعماد الدين ابن كثير) ()، ومن خلال النظر في كلام الشيخ أحمد شاكر، نعرف قدر منزلة الشيخ سليمان في العلم، والبحث، والهمة.
سادساً: هذا المثال فيه دلالة على سلوك الشيخ لمنهج المحدثين، في العناية بتخريج الأحاديث؛ وذلك أن الغالب على الفقهاء عدم العناية بهذا الجانب.
هذا وقد وهم الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد، حيث قال في تخريجه لهذا الحديث: «ذكره الإمام أحمد في الجزء الرابع من مسند الكوفيين، من ترتيب ابن عساكر ()، وعده في جزئه في الصحابة، من رواة المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم ()».
وعزو ابن منصور لترتيب ابن عساكر فيه نظر؛ فإن الإمام أحمد لم يخرج هذا الحديث في المسند كما تقدم بيانه.
2 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب (التوحيد) باب: قول: ما شاء الله وشئت. فقال: (وللنسائي عن ابن عباس، أنَّ رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت. قال: «اجعلتني لله نِدَّاً ما شاء وحده» ().
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث رواه النسائي، كما قال المصنف لكن في (اليوم والليلة) وهذا لفظه …) ().
¥(13/457)
في هذا المثال نرى أن الشيخ سليمان عند تخريجه لهذا الحديث، لم يقل كعادته: (هذا الحديث رواه النسائي كما قال المصنف، ولفظه…) بل قال: (رواه النسائي كما قال المصنف، لكن في اليوم والليلة) وهو بهذا يريد أن إطلاق شيخ الإسلام العزو للنسائي مشعر بأنه في (السنن الصغرى) إذ هو المتبادر عند الإطلاق، بينما النسائي أخرجه في (عمل اليوم والليلة)، فكأن الشيخ سيلمان يستدرك في هذا على شيخ الإسلام، وأيضاً يريد الشيخ في تخريجه هذا تنبيه طالب العلم، بأَنَّ كل حديث يقال فيه (رواه النسائي) المراد بذلك (السنن الصغرى) دون (السنن الكبير) أو (عمل اليوم والليلة) إذ هو المصطلح والمُتبادر عليه عند الإطلاق.
وقد نبه على ذلك بعض العلماء قال العلامة المسند محمد بن جعفر الكتاني: «وإذا أطلق أهل الحديث أن النسائي روى حديثاً، فإنما يعنون في السنن الصغرى وهي (المجتبى)، لا في (السنن الكبير) ().
السابع: تعقبه في إيراده لبعض الروايات عقب بعض الأحاديث، وهي واردة في أحاديث أُخرى.
مثاله: أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه فقال: (ولأحمد عن عُقبة بن عامر مرفوعاً: «من تَعَلَّقَ تَمِيمَة فلا أَتم الله له، ومن تَعَلَّقَ وَدَعَةً ()،فلا وَدَعَ الله له» وفي رواية: «من تَعَلَّقَ تَمَيمَة فقد أشرك»).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (الحديث الأول: رواه أحمد كما في المصنف، ورواه أيضاً أبو يعلى، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي وقوله: (وفي رواية): هذا يُوهم أنَّ هذا في بعض روايات الحديث المذكور، وليس كذلك، بل المراد أنه في حديث آخر رواه أحمد أيضاً، فقال: حدثنا عبد الصمد بن الوارث ()، ثنا عبد العزيز بن مسلم ()، ثنا يزيد بن أبي منصور ()، عن دُخَيْن الحَجْرِي ()، عن عُقبة بن عامر الجُهني ()، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رَهْطٌ، فبايع تسعة وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله، بايعت تسعة وأمسكت عن هذا؟ قال: «إن عليه تَمِيمة» فأدخل يده فقطعها، فبايعه وقال: «من عَلَّقَ تَمِيمة فقد أشرك» ورواه الحاكم بنحوه، ورواته ثقات) ().
قلت: حديث (من تَعَلَّقَ تميمة فلا أَتمَّ الله له، ومن تَعَلَّق وَدَعَةً، فلا وَدَعَ الله له).
أخرجه أحمد ()، وأبو يعلى ()، والحاكم ()، وابن حبان () والطبراني ()، والبيهقي ()، من طريق حَيْوة بن شُريح، عن خالد بن عبيد المَعَاَفِري، عن مِشْرَح بن هَاعان، عن عقبة بن عامر مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة خالد بن عبيد المَعَاَفِرِي، لم يرو عنه غير حَيوة بن شُريح،ولم يوثقه غير ابن حبان ()، ومِشْرَح بن هَاعَان، فيه خلاف، والراجح أنه صدوق حسن الحديث، كما قاله الذهبي ()، ورواه ابن
عبد الحكم ()، عن أبي الأسود النَّضر بن عبد الجبار، عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان به. وابن لهيعة وإن كان سيئ الحفظ، إلا أنه يصلح في المتابعات والشواهد، وهو هنا قد تابع خالد بن عبيد المَعَاَفِرِي.
وقد قال الحافظ بعد كلامه على خالد بن عبيد: (ورجال حديثه موثقون) () وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وسكت الذهبي ()، وقال الهيثمي:
(رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، ورجالهم ثقات) () وقال المنذري: (إسناده جيد) ().
والحديث الراجح فيه أنه حسن.
وأما حديث: (من عَلَّقَ تميمةً فقد أشركَ) فقد أخرجه أحمد () والطبراني () دون قوله «من عَلَّقَ تميمةً فقد أشركَ» والحاكم () بنحوه. من طريق يزيد ابن أبي منصور، عن دُخَيْن الحَجْرِي، عن عقبة بن عامر مرفوعاً.
وهذا إسناد صحيح، وقال الهيثمي، والمنذري: رواة أحمد ثقات (). وقد صححه الشيخ الألباني ().
إن ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، في هذا المثال له وجه من الصحة؛ وذلك أنه إذا ذكر الباحث حديثاً ليستشهد به، ثم قال عقبه مباشرة (وفي رواية) هذا يوهم أن هذه الرواية، هي في بعض هذا الحديث المذكور، وقد يقول قائل: إن بعض أهل العلم قد يُورد في بعض كتبه مثل هذا، ويقصدون حديثاً آخر، لأن هذه الرواية هي في بعض هذا الحديث المذكور، ولعل الإمام محمد بن عبد الوهاب يريد بقوله: (وفي رواية) أي (في حديث آخر).
قلت: نعم قد يسير في مثل هذا بعض أهل العلم، إلا أن الأولى من حيث الصناعة الحديثية، من جهة التخريج ونحوه، أن الباحث، إذا أَورد حديثاً ثم قال عقبه: (وفي رواية) ويقصد بذلك إيراد حديث آخر، عليه في هذا البيان والتصريح؛ لئلا يقع الوهم والاشتباه، وعلى هذا نقول: إن ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، فيه وجاهة من جهة التخريج وطرقه، وهذا يدل على دقة الشيخ، ومعرفته بأُصول التخريج.
انتهى.(13/458)
إشكال في إختلاف متن الحديث الواحد مع تفرد صحابي بروايته .. ؟
ـ[محمد علي قنديل]ــــــــ[07 - 09 - 06, 04:37 م]ـ
الحمد لله الرحيم الرحمن ...
إخواني الفضلاء قد أشكل علي أمر ألا و هو أن كثير من الأحاديث تجد أنها تَرِدُ بعدة ألفاظ و ربما كان بعضها يختلف في إسناده و لكنهم يلتقون في الصحابي , و ربما التقى السند في بعض رواته , و لكن تجد متن الحديث يختلف؟؟ , و لنضرب مثالا على ذلك بحديث النيات الذي تفرد به عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقد رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه بعدة ألفاظ أذكر بعضها هنا:
الحديث رقم (1) و فيه: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
الحديث رقم (52) و فيه: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
الحديث رقم (4682) و فيه: حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم العمل بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
الحديث رقم (4639) و فيه: حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن هاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
لو تأملت الأحاديث السابقة لوجدت الرواة نقلو الحديث عن يحي بن سعيد الأنصاري عن محمد بن ابراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فكيف أختلف المتن و راوي الحديث واحد ... ؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 06:37 م]ـ
لأن المكان الذي تعدَّد فيه الرواة - وهم من فوق يحيى - اختلفوا.
فروى بعضهم بالمعنى: سفيان قال: (بالنيات)
مالك وحماد قالا: (بالنية)
- الراويان عن مالك: أحدهما قال: (الأعمال)
والآخر: (العمل)
والأحاديث التي تُروى بالمعنى كثيرة أخي محمد.
ـ[محمد علي قنديل]ــــــــ[07 - 09 - 06, 11:38 م]ـ
و هل تصح الرواية بالمعنى , يعني لو روى أحدهم بالمعنى مما أدى إلى اختلاف حكم فقهي فأي الحديثين نأخذ؟؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[08 - 09 - 06, 12:50 ص]ـ
تفضل أخي محمد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9172&highlight=%D1%E6%C7%ED%C9+%C7%E1%CD%CF%ED%CB+%C8%C 7%E1%E3%DA%E4%EC
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29777&highlight=%D1%E6%C7%ED%C9+%C7%E1%CD%CF%ED%CB+%C8%C 7%E1%E3%DA%E4%EC(13/459)
دراسات تجديدية في أصول الحديث: تعارض الاتصال والانقطاع
ـ[ماهر]ــــــــ[07 - 09 - 06, 09:27 م]ـ
تعارض الاتصال والانقطاع
الاتصال شرط أساسيٌّ لصحة الحديث النبوي، وعلى هذا فالمنقطع ضعيف لفقده شرطاً أساسياً من شروط الصحة، وقد أولى المحدثون عنايتهم في البحث والتنقير في الأحاديث من أجل البحث عن توافر هذا الشرط من عدمه؛ وذلك لما له من أهمية بالغة في التصحيح والتضعيف والتعليل. ونحن نعلم يقيناً أن ليس كل ما ورد فيه التصريح بالسماع فهو متصل؛ إذ قَدْ يقع الخطأ في ذلك فيصرح بالسماع في غير ما حديث، ثم يكشف الأئمة النقاد بأن هذا التصريح خطأ، أو أن ما ظاهره متصل منقطع، وهذا ليس لكل أحد إنما هو لأولئك الرجال الذين أفنوا أعمارهم شموعاً أضاءت لنا الطريق من أجل معرفة الصحيح المتصل من الضعيف المنقطع.
إذن فليس كل ما ظاهره الاتصال متصلاً، فقد يكون السند معللاً بالانقطاع.
وعليه فقد يأتي الحديث مرة بسند ظاهره الاتصال، ويُروى بسند آخر ظاهره الانقطاع، فيرجح تارة الانقطاع وأخرى الاتصال، ويجري فيه الخلاف كما في زيادة الثقة. وأمثلة ذلك كثيرة.
منها: ما رواه أحمد بن منيع 1، قال: حدثنا كثير بن هشام 2، قال: حدثنا جعفر بن برقان3، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كنت أنا
وحفصة4 صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة، وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله، إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، قال: ((اقضيا يوماً آخر مكانه)).
أخرجه الترمذي 5، والبغوي 6، وأخرجه غيرهما من طريق جعفر 7.
هكذا روى هذا الحديث جعفر بن برقان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، متصلاً.
وقد توبع على روايته، تابعه سبعة من أصحاب الزهري على هذه الرواية وهم:
1. صالح بن أبي الأخضر 8، وهو ضعيف يعتبر به عند المتابعة 9.
2. سفيان بن حسين 10، وهو ثقة في غير الزهري باتفاق العلماء 11.
3. صالح بن كيسان12، وهو ثقة 13.
4. إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة 14، وهو ثقة 15.
5. حجاج بن أرطأة 16، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس 17.
6. عبد الله بن عمر العمري 18، وهو ضعيف 19.
7. يحيى بن سعيد 20.
فهؤلاء منهم الثقة، ومنهم من يصلح حديثه للمتابعة، قَدْ رووا الحديث أجمعهم، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، متصلاً، إلا أنه قَدْ تبين بعد التفتيش والتمحيص والنظر أن رواية الاتصال خطأ، والصواب: أنّه منقطع بين الزهري وعائشة، وذكر عروة في الإسناد خطأ.
لذا قال الإمام النسائي عن الرواية الموصولة: ((هذا خطأ)) 21، وقد فسّر المزي مقصد النسائي فقال: ((يعني أن الصواب حديث الزهري، عن عائشة وحفصة
مرسل)) 22.
وقد نص كذلك الترمذي على أن رواية الاتصال خطأ، والصواب أنه منقطع وذكر الدليل القاطع على ذلك، فقال: ((روي عن ابن جريج، قال: سألت الزهري، قلت له: أَحدَّثَكَ عروة، عن عائشة؟، قال: لم أسمع عن عروة في هذا شيئاً، ولكني سَمِعتُ في خلافة سليمان بن عبد الملك23 من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث)) 24.
ومن قبل سأل الترمذي شيخه البخاري فَقَالَ: ((سألت محمد بن إسماعيل
البخاري عن هذا الحديث، فقال: لا يصح حديث الزهري، عن عروة، عن
عائشة)) 25.
وحكم أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان بترجيح الرواية المنقطعة على الموصولة 26.
قلت: قَدْ رواه الثقات الأثبات من أصحاب الزهري منقطعاً، وهم ثمانية أنفس:
1. مالك بن أنس27، وهو ثقة إمام أشهر من أن يعرف.
2. معمر بن راشد 28، وهو ثقة ثبت فاضل 29.
3. عبيد الله بن عمر العمري 30، وهو ثقة ثبت 31.
4. يونس بن يزيد الأيلي 32، وهو ثقة أحد الأثبات33.
5. سفيان بن عيينة 34، وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجة 35.
6. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج 36، وهو ثقة 37.
7. محمد بن الوليد الزبيدي 38، وهو ثقة ثبت 39.
8. بكر بن وائل 40، وهو صدوق 41.
فهؤلاء جميعهم رووه عن الزهري، عن عائشة منقطعاً، وروايتهم هذه هي المحفوظة، وهي تخالف رواية من رواه متصلاً. وهذا يدلل أن المحدّثين ليس لهم في مثل هذا حكم مطرد، بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيحات المحيطة بالرواية.
¥(13/460)
وللحديث طريق أخرى 42، فقد أخرجه النسائي 43، والطحاوي 44، وابن حبان 45، وابن حزم في المحلى 46، من طريق جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة 47، عن عائشة.
هكذا الرواية وظاهرها الصحة، إلا أن جهابذة المحدّثين قَدْ عدوها غلطاً من
جرير بن حازم، خطّأه في هذا أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والبيهقي 48، قال البيهقي: ((والمحفوظ عن يحيى بن سعيد، عن الزهري، عن عائشة، مرسلاً)) 49.
ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن منصور الرمادي50 قال: قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين. فقال لي: من روى هذا؟ قلت: ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك، فقال: مثلك يقول هذا!، حدثنا: حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري: أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين.
وقد أشار النسائي كذلك إلى خطأ جرير 51.
فهؤلاء أربعة من أئمة الحديث أشاروا إلى خطأ جرير بن حازم في هذا الحديث، وعدم إقامته لإسناده.
ولم يرتض ابن حزم هذه التخطئة، وأجاب عن ذلك فقال: ((لم يتحقق علينا قول من قال أن جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر إلا أن هذا ليس بشيء؛ لأن جريراً ثقة، ودعوى الخطأ باطل إلا أن يقيم المدعي له برهاناً على صحة دعواه، وليس انفراد جرير بإسناده علة؛ لأنه ثقة)) 52.
ويجاب عن كلام ابن حزم: بأن ليس كل ما رواه الثقة صحيحاً، بل يكون فيه الصحيح وغير ذلك؛ لذا فإن الشذوذ والعلة إنما يكونان في حديث الثقة؛ فالعلة إذن هي معرفة الخطأ في أحاديث الثقات، ثم إن اطباق أربعة من أئمة الحديث على خطأ جرير، لم يكن أمراً اعتباطياً، وإنما قالوا هذا بعد النظر الثاقب والتفتيش والموازنة والمقارنة. أما إقامة الدليل على كل حكم في إعلال الأحاديث، فهذا ربما لا يستطيع الجهبذ الناقد أن يعبر عنه إنما هو شيء ينقدح في نفسه تعجز عبارته عنه 53.
ثم إن التفرد ليس علة كما سبق أن فصلنا القول فيه في مبحث التفرد، وإنما هو مُلقٍ لِلضوءِ على العِلّة ومواقع الخلل وكوامن الخطأ، ثم إنا وجدنا الدليل على خطأ جرير ابن حازم، إذ قَدْ خالفه الإمام الثقة الثبت حماد بن زيد 54، فرواه عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمرة 55.
وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه الطبراني 56 من طريق: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، قال: حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمان، عن الحارث بن هشام، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
قال الطبراني عقب روايته له: ((لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا هشام ابن عكرمة. تفرد به يعقوب بن مُحَمَّد الزهري)).
قلت: هذه الرواية ضعيفة لا تصلح للمتابعة، إذ فيها علتان:
الأولى: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، فيه كلام ليس باليسير، فقد قال فيه الإمام أحمد: ((ليس بشيء))، وَقَالَ مرة: ((لا يساوي حديثه شيئاً))، وَقَالَ الساجي:
((منكر الحديث)) 57.
والثانية: هشام بن عبد الله بن عكرمة، قال ابن حبان: ((ينفرد عن هشام بن عروة بما لا أصل له من حديثه –كأنه هشام آخر–،لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد)) 58.
وللحديث طريق أخرى، فقد أخرجه ابن أبي شيبة 59 من طريق خصيف بن
عبد الرحمان، عن سعيد بن جبير: أن عائشة وحفصة … الحديث. وهو طريق ضعيف لضعف خصيف بن عبد الرحمان، فقد ضعّفه الإمام أحمد، وأبو حاتم، ويحيى القطان، على أن بعضهم قَدْ قواه 60.
وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه البزار 61، والطبراني 62 من طريق حماد بن الوليد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر … الحديث. وهو طريق
ضعيف، قال الهيثمي: ((فيه حماد بن الوليد ضعفه الأئمة)) 63.
وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه العقيلي64، والطبراني65 من طريق مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي، عن مُحَمَّد بن عمرو66، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أهديت لعائشة وحفصة … الحديث. وهو طريق ضعيف، قال الهيثمي: ((فيه مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي، وقد ضُعِّفَ بهذا الحديث)) 67.
خلاصة القول: إن الحديث لم يصح متصلاً ولم تتوفر فيه شروط الصحة؛ فهو حديث ضعيف لانقطاعه؛ ولضعف طرقه الأخرى 68.
أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع)
¥(13/461)
وما دمنا قَدْ تكلمنا بإسهاب عن حديث الزهري متصلاً ومنقطعاً، وذكرنا طرقه وشواهده، وبيّنا ما يكمن فيها من ضعف وخلل، فسأتكلم عن أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء، فأقول: من شَرَعَ في صوم تطوع، أو صلاة تطوع ولم يتم نفله، هل يجب عليه القضاء أم لا؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
ذهب بعض العلماء إلى أن النفل يجب على المكلف بالشروع فيه، فإذا أبطل وجب عليه قضاؤه صوماً كان أم صلاةً أم غيرهما.
وهو مروي عن: ابن عباس 69، وإبراهيم النخعي 70، والحسن البصري 71، وأنس72 بن سيرين (73، وعطاء 74، ومجاهد 75، والثوري 76، وأبي ثور 77.
وهو مذهب الحنفية 78، والمالكية 79، والظاهرية 80.
والحجة لهذا المذهب:
1. قوله تَعَالَى: ((وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)) 81: قال الجصاص الحنفي: ((يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها؛ لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره)) 82.
وللشافعي جواب عن هذا فقال: ((المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض، فنهي الرجل عن إحباط ثوابه. فأما ما كان نفلاً فلا؛ لأنه ليس واجباً عليه، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع، والتطوع يقتضي تخييراً)) 83.
2. جعلوا عمدة قولهم حديث الزهري السابق، وكأنهم رجحوا الاتصال على الانقطاع، أو أخذوا بالحديث لما له من طرق، وجعل ابن حزم الظاهري عمدة قوله حديث جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. ودافع عن زيادة جرير84. وقد تقدم الكلام بأن جريراً مخطئٌ في حديثه، وقد ذكرنا كلام ابن حزم وأجبنا عنه.
القول الثاني:
ذهب فريق من الفقهاء إلى استحباب الإتمام ولا قضاء عليه، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وهو مروي عن: علي 85، وعبد الله بن مسعود 86، وعبد الله بن عمر 87،
وابن عباس 88، وجابر بن عبد الله 89.
وإبراهيم النخعي 90، ومجاهد 91، والثوري 92، وإسحاق 93.
وهو مذهب الشافعية 94، والحنابلة 95.
والحجة لهم: وهو أن حديث الزهري لم يصح، فهو ضعيف منقطع، ولم يروا الآية دليلاً لذلك، فقد احتجوا بجملة من الأحاديث، منها:
1. حديث عائشة بنت طلحة 96، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: دخل عَلَيَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيءٌ؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم. ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس 97، فقال: أَرينيه، فلقد أصبحت صائماً، فأكل)). رواه مسلم 98.
2. عن أبي جحيفة 99 قال: ((آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان100 وأبي الدرداء، فزار سلمان
أبا الدرداء، فرآى أم الدرداء101 متبذلة 102، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء لَيْسَ لَهُ حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع لَهُ طعاماً، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فإني صائم، قَالَ: ما أنا بآكل حَتَّى تأكل، قَالَ: فأكل، فَلَمَّا كَانَ الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فنام، ثُمَّ ذهب يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ من آخر الليل، قَالَ سلمان: قم الآن، فصليا، فَقَالَ لَهُ سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فاعطِ كُلّ ذي حق حقه، فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر لَهُ، فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ((صدق سلمان)). أخرجه البُخَارِيّ 103، والترمذي 104، وابن خزيمة105، والبيهقي106.
فهذه أحاديث صحيحة أجازت لصائم النفل الإفطار، ولم تأمره بقضاء.
3. حديث أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصائم المتطوع أمين نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر)). أخرجه الإمام أحمد 107، والترمذي 108، والنسائي 109، والدارقطني 109،
والبيهقي 111. قال الترمذي: ((في إسناده مقال)) 112.
القول الثالث:
التفصيل وهو مذهب المالكية، قالوا: إن أفطر بعذر جاز، وإن أفطر بغير عذر لزمه القضاء 113.
.....................................
1 هو أحمد بن منيع بن عبد الرحمان، أبو جعفر البغوي، الأصم، (ثقة، حافظ)، مات سنة
(244 ه)، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. التقريب (114).
¥(13/462)
2 هو كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، نزيل بغداد، (ثقة)، مات سنة (207 ه)، وقيل: (208ه)، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. التقريب (5633).
3 هو جعفر بن برقان الكلابي، مولاهم، أبو عبد الله الجزري الرقي، كان يسكن الرقة، وقدم الكوفة، قال عنه الإمام أحمد: ((ثقة، ضابط لحديث ميمون وحديث يزيد بن الأصم، وهو في حديث الزهري يضطرب. تهذيب الكمال 1/ 455،وتذكرة الحفاظ 1/ 171، وشذرات الذهب 1/ 236.
4 هِيَ أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، زوجة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، توفيت سنة (41ه)، وَقِيْلَ: (45ه).
تهذيب الكمال 8/ 526 (4812)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 259، والإصابة 4/ 273.
5 في الجامع (735)، وفي العلل الكبير (203).
6 شرح السنة (1814).
7 رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (658)، وأحمد بن حنبل 6/ 263، والنسائي في الكبرى (3291)، عن كثير بن هشام، به.
وأخرجه البيهقي 4/ 280 من طريق عبيد الله بن موسى عن جعفر، به.
8 عند إسحاق بن راهويه (660)، والنسائي في الكبرى (3293)، والبيهقي 2/ 280، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 68 - 69، والاستذكار 3/ 237.
9 التقريب (2844).
10 عند أحمد 6/ 141 و 237، والنسائي في الكبرى (3292).
11التقريب (2437).
12 عند النسائي في الكبرى (3295).
13 التقريب (2884).
14 عند النسائي في الكبرى (3294). وانظر: تحفة الأشراف 11/ 343 (16413)، وتهذيب الكمال 1/ 215 (408).
15تهذيب الكمال 1/ 215 (408).
16 عند ابن عبد البر في التمهيد 12/ 68.
17 التقريب (1119).
18 عند الطحاوي في شرح المعاني 2/ 108.
19التقريب (3489).
20 عند النسائي في الكبرى (3295)، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 68.
21 تحفة الأشراف 11/ 343 (16413).
22 تحفة الأشراف 11/ 343 (16413).
23 هُوَ الخليفة الأموي أبو أيوب سليمان بن عَبْد الملك بن مروان القرشي الأموي، توفي سنة (99 ه).
الجرح ولتعديل 4/ 130 - 131، ووفيات الأعيان 2/ 420، والعبر 1/ 118.
24 الجامع الكبير (735 م) وأخرجه البَيْهَقِيّ 4/ 280.
25العلل الكبير للترمذي (203).
26 العلل لعبد الرحمان بن أبي حاتم 1/ 265 (782).
27 هكذا رواه عامة الرواة عن مالك، محمد بن الحسن الشيباني (363)، وسويد بن سعيد (471)، وأبو مصعب الزهري (827)، ويحيى بن يحيى الليثي (848)، وعبد الله بن وهب عند الطحاوي في شرح المعاني 2/ 108، والبيهقي 4/ 279،وعبد الرحمان بن القاسم عند النسائي في الكبرى (3298)، وخالف سائر الرواة عن مالك: عبد العزيز بن يحيى عند ابن عبد البر في التمهيد 12/ 66 - 67 فرواه عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وهو خطأ، قال ابن عبد البر: ((لا يصح ذلك عن مالك)). التمهيد 12/ 66.
28 عند: عبد الرزاق (7790)، وإسحاق بن راهويه (659)، والنسائي في الكبرى (3296).
29 التقريب (6809).
30 عند النسائي في الكبرى (3297).
31 التقريب (4324).
32 عند البيهقي 4/ 279.
33 الكاشف 2/ 404.
34 عند: إسحاق بن راهويه (659)، والبيهقي 4/ 280.
35 التقريب (2451).
36 عند: الشافعي في مسنده (636) بتحقيقي، وعبد الرزاق (7791)، وإسحاق بن راهويه (885)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 109، والبيهقي 4/ 280، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 69.
37 التقريب (4193).
38 ذكر هذا الطريق البيهقي في السنن الكبرى 4/ 279.
39 التقريب (6372).
40 ذكر هذا الطريق البيهقي في السنن الكبرى 4/ 279.
41التقريب (752).
42 الطريق يذكر ويؤنث، انظر القصيدة الموشحة لالاسماء المؤنثة السماعية 116.
43 في السنن الكبرى (3299).
44 شرح معاني الآثار 2/ 109.
45 صحيح ابن حبان (3516)، وفي طبعة الرسالة (3517).
46المحلى 6/ 270.
47 هي: عمرة بنت عبد الرحمان بن سعد بن زرارة الأنصارية، مدنية أكثرت عن عائشة، (ثقة).
التقريب (8643).
48 السنن الكبرى 4/ 281.
49 المصدر السابق.
50 هُوَ أحمد بن مَنْصُوْر بن سيار البغدادي الرمادي أبو بكر: ثقة، توفي سنة (265 ه).
تهذيب الكمال 1/ 83 (110)، والعبر 2/ 36، والتقريب (113).
¥(13/463)
51 انظر: تحفة الأشراف 11/ 873 (17945).
52 المحلى 6/ 270.
53 انظر: معرفة علوم الحديث: 112 - 113.
54 هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي، الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، (ثقة، ثبت، فقيه)، أخرج لَهُ أصحاب الكتب الستة. التقريب (1499).
55 عند الطحاوي في شرح المعاني 2/ 109، والبيهقي 4/ 281.
56 المعجم الأوسط (7388) طبعة الطحان و (7392) الطبعة العلمية.
57 ميزان الاعتدال 4/ 454.
58 المجروحين 2/ 429 (1156). وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 300.
59 المصنف (9092).
60 ميزان الاعتدال 1/ 653 - 654.
اضطرب فيه فقد أخرجه النسائي في الكبرى (3301) عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن عائشة وحفصة …؛ لذا قال النسائي: ((هذا الحديث منكر، وخصيف ضعيف في الحديث، وخطّاب لا علم لي، به)).
ملاحظة: قول النسائي في هذا جاء مبتوراً في المطبوع من الكبرى، وهو بتمامه في تحفة الأشراف 4/ 565 (6071).
61 كما في مجمع الزوائد 3/ 202.
62 المعجم الأوسط (5391) طبعة الطحان، (5395) الطبعة العلمية، وسقط من طبعة الطحان ذَكَرَ حماد بن الوليد واستدركته من الطبعة العلمية ومجمع البحرين.
63 مجمع الزوائد 3/ 202.
64 الضعفاء، للعقيلي 4/ 79.
65 في الأوسط (8008) طبعة الطحان و (8012) الطبعة العلمية.
66 هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (144 ه)، وَقِيْلَ: (145 ه).
تهذيب الكمال 6/ 459 و460 (6104)، وميزان الاعتدال 3/ 673 (8015)، والتقريب (6188).
67مجمع الزوائد 3/ 202.
68 هنا مسألة أود التنبيه عليها، وهو أنه قَدْ يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ هذا الحديث ربما يتقوى بكثرة الطرق، والجواب عن هذا:
بأن ليس كل ضعيف يتقوى بمجيئه من طريق آخر، فالعلل الظاهرة؛ وَهِيَ الَّتِي سببها انقطاع في السند، أو ضعف في الرَّاوِي، أو تدليس، أو اختلاط تتفاوت ما بَيْنَ الضعف الشديد والضعف اليسير، فما كَانَ يسيراً زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن مِنْهُ، وما كَانَ ضعفه شديداً فَلاَ تنفعه كثرة الطرق. وبيان ذَلِكَ: أن ما كَانَ ضعفه بسبب سوء الحفظ أو اختلاطٍ أو تدليسٍ أو انقطاع يسير فالضعف هنا يزول بالمتابعات والطرق، وما كَانَ انقطاعه شديداً أو كَانَ هناك قدحٌ في عدالة الراوي فلا يزول. وانظر في ذلك بحثاً موسعاً في: " أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء ": 34 - 43.
69المصنف، لابن أبي شيبة (9094)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 281.
70 المصنف لعبد الرزاق (7788).
71المصنف لعبد الرزاق (7789)، والمصنف، لابن أبي شيبة (9096).
72 هُوَ أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى، وَقِيْلَ: أبو حمزة، وَقِيْلَ أبو عَبْد الله البصري: ثقة، توفي سنة (118 ه).
الثقات 8/ 48، وتهذيب الكمال 1/ 287 (557)، والتقريب (563).
73 المصنف، لابن أبي شيبة (9093).
74 المصنف، لابن أبي شيبة (9097).
75 المصنف، لابن أبي شيبة (9097).
76 الاستذكار 3/ 238، إلا أنه قال بالاستحباب لا الوجوب.
77 الاستذكار 3/ 238، والتمهيد 12/ 72.
78 بدائع الصنائع 2/ 102، وحاشية رد المحتار 2/ 430، وتبيين الحقائق 1/ 337، والاختيار 1/ 135.
79 الموطأ (849) و (850) رواية الليثي، وبداية المجتهد 1/ 227، والقوانين الفقهية: 120، وأسهل المدارك 1/ 431، وشرح منح الجليل 1/ 400.
80 المحلى 6/ 268.
81 محمد: 33.
82 أحكام القرآن 3/ 393.
83 الجامع لأحكام القرآن 7/ 6075.
84 المحلى 6/ 270 - 271.
85 مصنف عبد الرزاق (7772)، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336.
86 مصنف عبد الرزاق (7784)، ومصنف ابن أبي شيبة (9084)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، وانظر: الحاوي 3/ 336.
87 مصنف ابن أبي شيبة (9088)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، والمحلى 6/ 270، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336.
88 عند عبد الرزاق في المصنف (7767) و (7768) و (7769) و (7770) و (7778)، ومصنف ابن أبي شيبة (9080)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277. وهي إحدى الروايتين عنه، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336، والاستذكار 3/ 239 و 240.
¥(13/464)
89 مصنف عبد الرزاق (7771)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، والمحلى 6/ 270، وانظر: الاستذكار 3/ 240.
90 مصنف ابن أبي شيبة (9085).
91 مصنف ابن أبي شيبة (9086).
92 انظر: الحاوي الكبير 3/ 336، والمجموع 6/ 394.
93 المصدر نفسه.
94انظر: الأم 2/ 103، ومختصر المزني: 59، والتهذيب 3/ 187، والمجموع 6/ 394، وروضة الطالبين 2/ 386، ونهاية المحتاج 3/ 210.
95 انظر: المغني 3/ 89، والهادي: 55، والمحرر 1/ 231، وشرح الزركشي 2/ 45.
ونقل حنبل عن الإمام أحمد: ((إذا أجمع على الصيام، وأوجب على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد
يوماً، ولكن حمله على الاستحباب أو النذر)). انظر: المصادر السابقة.
96 هِيَ أم عمران عَائِشَة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية المدنية: ثقة، قَالَ أبو زرعة: امرأة جليلة، حدث الناس عَنْهَا لفضائلها وأدبها.
الثقات 5/ 289، وتهذيب الكمال 8/ 555 (8483)، والتقريب (8636).
97 الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت. وقيل: التمر البرني والأقط يدقان ويعجنان بالسمن عجناً شديداً حتى يندر النوى منه نواة نواة، ثم يسوى كالثريد. انظر: النهاية 1/ 467، ولسان العرب 6/ 61، وتاج العروس 15/ 568 مادة (حيس).
98 صحيح مسلم 3/ 159 (4454) (169) (170)، وأخرجه مطولاً ومختصراً غيره. انظر: تخريج رواياتهم في تحقيقي للشمائل (182).
99 الصَّحَابِيّ وهب بن عَبْد الله بن مُسْلِم أبو جحيفة السوائي، توفي سنة (64 ه).
أسد الغابة 5/ 157، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 154، والإصابة 3/ 642.
100 الصَّحَابِيّ الجليل مولى رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أبو عَبْد الله سلمان الخير الفارسي، توفي سنة (35 ه).
معجم الصَّحَابَة 5/ 2098، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 230 (2400)، والإصابة 2/ 62.
101 هِيَ هجيمة أو جهيمة، أم الدرداء الأوصابية الدمشقية، وَهِيَ الصغرى: ثقة فقيهة، توفيت سنة (81 ه).
تهذيب الكمال 8/ 593 و 594 (8569)، وسير أعلام النبلاء 4/ 277، والتقريب (8728).
102 التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيأة الحسنة الجميلة. انظر: النهاية 1/ 111، ولسان العرب 11/ 50 (بذل).
103 صحيح البخاري 3/ 49 (1968) و 8/ 40 (6139).
104 جامع الترمذي (2413).
105 صحيح ابن خزيمة (2144).
106 في السنن الكبرى 4/ 275 - 276.
107 في مسنده 6/ 341 و 343.
108 جامع الترمذي (732).
109 السنن الكبرى (3302) و (3303).
110 سنن الدارقطني 2/ 175.
111 السنن الكبرى 4/ 276.
112 جامع الترمذي عقيب (732).
113 انظر: المدونة 1/ 25، والاستذكار 3/ 238، والبيان والتحصيل 2/ 342، وبداية المجتهد 1/ 227، والمنتقى 2/ 68، وشرح منح الجليل 1/ 412.
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 01:23 ص]ـ
نفع الله بكم يا فضيلة الشيخ.
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 04:07 م]ـ
نفعك الله و نفع بك .. و إلى الأمام ..
ـ[بن سالم]ــــــــ[26 - 09 - 06, 02:55 م]ـ
... جَزَاكَ اللهُ خَيراً.
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[27 - 09 - 06, 07:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على خير من صلى وصام سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
شيخنا الكريم: د. ماهر، من خلال الدراسة السابقة يظهر لي أنه:
إذا كان من وصل الحديث أتى بزيادة ثقة، فإن زيادة الثقة لاتقبل إلا إذا:
1 - لم يقل الأئمة النقاد بعدم صحتها.
2 - ولم تعارضها القرائن.
والقرائن هنا هي:
* أن الزهري نفى سماعه لهذا الحديث من عروة.
** رواية أكثر أصحاب الزهري الثقات لهذا الحديث مقطوعا.
... مخالفة جرير الثقة لمن هو أوثق منه وهو حماد بن زيد.
وقول الزهري:
" سمعت في خلافة سليمان بن عبدالملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث"
لماذا لم يذكر الزهري من هم؟ وهل يؤكد الزهري بالقول السابق صحة الحديث أم ضعفه؟
وجزاك الله خير يا شيخنا الكريم عل هذه الدراسة الرائعة،متعك الله بالصحة والعافية.
ـ[ماهر]ــــــــ[11 - 07 - 07, 07:21 ص]ـ
آمين
أجزل الله لكم الثواب وأدخلكم الجنة بغير حساب وجمعنا ووالدينا وإياكم في الفردوس الأعلى
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[13 - 07 - 07, 10:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل.
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[14 - 07 - 07, 01:18 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ ماهر.
ـ[أم حنان]ــــــــ[14 - 07 - 07, 03:42 ص]ـ
شرح واضح ومفيد، جزاك الله خيرا
ـ[ماهر]ــــــــ[27 - 07 - 07, 05:51 ص]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم وزادكم من فضله
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[27 - 07 - 07, 08:15 ص]ـ
جزاكم الله خيراً،، ونفع الله بكم، وحرر أرضكم، وحفظ آباءكم وأمهاتكم وذرياتكم ..
اللهم آمين.
ـ[ماهر]ــــــــ[28 - 07 - 07, 05:47 م]ـ
آمين جزاكم الله كل خير ونفع بكم وستر عليكم وزادكم الله علماً وفضلاً وخيراً
¥(13/465)
ـ[علاءالدين]ــــــــ[28 - 07 - 07, 06:20 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ماهر]ــــــــ[25 - 12 - 07, 07:28 م]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم وزادكم من فضله.(13/466)
حديث: " الهديه لا تهدى ولا تباع " ..
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[08 - 09 - 06, 03:21 م]ـ
"الهديه لا تهدى ولا تباع"؟؟
هل هو حديث؟؟
واذا كان حديث .. ما مدى صحته؟؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 09 - 06, 04:02 م]ـ
لا أظن أنه حديث.
ومعناه باطل.
فالهدية يمكلها الإنسان وتكون كبقية ماله له أن يتصرف فيها بما شاء.
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 06:36 م]ـ
ليس له أصل في الشرع
ومخالف لإحاديث صحيحة تبين أنه يمكن أن يهدى من الهدية ..
ـ[محمد العامر]ــــــــ[08 - 09 - 06, 11:59 م]ـ
لا أظن أنه حديث.
ومعناه باطل.
فالهدية يمكلها الإنسان وتكون كبقية ماله له أن يتصرف فيها بما شاء.
هذا ما سمعته من سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في حياته في أحد دروسه لما سئل عن هذه المقولة(13/467)
المستدرك على الاصابة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 09 - 06, 06:21 م]ـ
هذا باب لطيف
وأظن أن طلاب العلم خصوصا المهتمين بالوحدان وبكتب النسب وأيضا بكتب الفوائد
عندهم استداركات لا بأس بها على الإصابة
استفتح ذلك
بذكر
ريحانة بنت أبي العاص أخت الحكم
لها ذكر في ترجمة ولدهامحمد بن عثمان وفيه أنها أسلمت
ولها ذكر في نسب قريش لمصعب الزبيري
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[08 - 09 - 06, 06:33 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
المستدرك على (الإصابة في تمييز أسماء الصحابة)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ورضي الله عن أصحابه
ولعلي أذكر هنا بعض من فات الحافظ ابن حجر رحمه الله ذكره في كتاب الإصابة، وننتظر مشاركة الإخوة
1 - بقيرة امرأة سلمان (حاشية تهذيب الكمال (5/ 245))
2 - فلانة بنت القاسم (مصنف عبدالرزاق (11/ 73).
ومرّ علي في ترجمة الغماري أنه استدرك صحابي روى له الحاكم في المستدرك حديثا بإسناد صحيح لم يذكر في كتب الصحابة، ولاأذكر الموضع الآن ولكن هو في ترجمة أحمد الغماري
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=284748#post284748
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[09 - 09 - 06, 11:18 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه التحف القيمة.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:45 م]ـ
بارك الله فيكم
فائدة:
ذكر شيخنا الفقيه - أيده الله -
فلانة بنت القاسم (مصنف عبدالرزاق (11/ 73)))
وهذه فائدة جليلة
وفلانة بنت القاسم هذه هي أخت مخرمة بن القاسم المطلبي
وصاحبتها هي هند بنت هبيرة المخزومي
وقد جاء ذكرها في رواية النسائي كما قال ابن حجر إلا أنها لم ينسبها مخزومية
ولكنها عندي هي المخزومية
فهما من بنات قريش
والقصة يبدو انها في مكة في بيت أم هانىء رضي الله عنها
وهند هي ابنة أم هانىء
ولها ابنة أخرى اسمها فاختة
والعجيب أن أم هانىء اسمها إما فاختة أو هند
فلعها سمت احدى بناتها باسمها
فإن قال قائل كيف جزمت أنها مخزومية وكيف جزمت بأنها ابنة ام هانىء
فالجواب
أن هذه قصة عائلية فالبنات يكن من بنات العائلة أو الأسرة
هنا فوائد وتنبيهات
زينب بنت قيس بن مخرمة وهي ابنة عم بنت القاسم الواردة في الحديث
نسبها الطبراني زهرية
وأخطأ في ذلك
فهذه زينب بنت قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف
وكأن الطبراني ظن أنها من أسرة المسور بن مخرمة الزهري
وأخطأ في ذلك
وأما ابن حجر العسقلاني فلم يشر إلى كونها المطلبية
بل ذكرها كما جاء في الرواية
ولكن هنا إشكال
وهو أن زينب بنت قيس ذكروا أنها صلت القبلتين وهذه يدل على هجرتها وقدم إسلامها
وهذه يعني انها هاجرت مع زوجها لأن أهل بيتها تأخر اسلامهم
وعلى هذا تكون قد تزوجت في سن مبكرة نوعا ما
إلا أنها لم تذكر ضمن المهاجرات
فالله أعلم
في جميع الأحوال هي ابنة عم راويتنا فلانة بنت القاسم
وهنا ك أخت لزينب هذه
هي جمال بنت قيس بن مخرمة
وهنا أمر آخر
وهو أننا نستدرك امراة اخرى بهذه الطريقة
وهي
فاختة بنت هبيرة
إلا أن الاشكال في أمرها كبير
وسيأتي بيان ذلك
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:46 م]ـ
فاختة بنت هبيرة
وهي ابنة أم هانىء
وقد ذكروا أن هبيرة مات بعد الفتح كافرا هاربا فهذا يقتضي أن فاختة لها رؤية
لتوضيح هذا الأمر
انظر ما ذكره ابن حجر في ترجمة هانىء بن أم هانىء
وفي ترجمة يوسف وجعدة و أبناء هبيرة
فائدة
ذكر ابن حجر أن الزبير ذكر لهبيرة 3 من الأولاد وأن ابن سعد ذكر له 4 من الذكور
إلا أن مصعبا وهو مصدر الزبير بن بكار في الغالب لأنه عم الزبير ذكر في نسب قريش
لهبيرة 4 من الأولاد
فأخشى أن يكون سقط من نسخة ابن حجر من كتاب الزبير اسم ولد من الأولاد
والله أعلم بالصواب
الاشكال
الذي في فاختة هذه أنها صغيرة وهي أم الحسن بن محمد وقد ذكروا أنه أول من تكلم في الارجاء
وهذه يعني أنها تزوجت محمدا
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:59 م]ـ
شكرا لابن وهب وللشيخ عبدالرحمن الفقيه لقبا وصفة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 09 - 06, 08:03 م]ـ
تعجلت
فاختة هي أم محمد بن عبدالرحمن بن عبيد الله بن شيبة
أما ام الحسن بن محمد فهي جمال بنت قيس
كتبت أعلاه من الذاكرة فالمعذرة
وسيأتي بيان الاشكاتل في فاختة(13/468)
ما هو رأي الشيخ السعد بكتاب إجماع المحدثين
ـ[محمد السوقي]ــــــــ[09 - 09 - 06, 12:50 ص]ـ
ما رأي الشيخ العلامة المحدث عبد الله السعد حول شرط الشيخان فقد سمعت في أحد دروسه و كأنه يقرُّ وجود هذا الشرط؛ و هل تكلم عن كتاب الشيخ العلامة الشريف حاتم العوني (إجماع المحدثين)؟ أرجو الإفادة و جزاكم الله عنا كل خير.
ـ[أبو عبد الغفور]ــــــــ[30 - 10 - 06, 12:21 ص]ـ
السلام عليكم ...
معذرة على التدخل ...
قال الشيخ أبو اسحاق الحويني حفظه الله: نحن نوافقه بالنتيجة ولكن نخالفه في اسم الكتاب ... اه
يعني ان العلماء لم يجمعوا على هذا ..
ـ[محمد السوقي]ــــــــ[30 - 10 - 06, 02:20 ص]ـ
جزاك الله عنا كل خير.
ـ[ماهر]ــــــــ[01 - 11 - 06, 07:09 م]ـ
الكتاب فيه نظر من أوله إلى آخره، ونتيجته وعنوانه محض خطأ.
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[02 - 11 - 06, 02:26 ص]ـ
الكتاب فيه نظر من أوله إلى آخره، ونتيجته وعنوانه محض خطأ.
لو يفيدنا الشيخ الفاضل ماهر بتفصيل أكثر.
ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 11 - 06, 06:03 ص]ـ
سيصدر لي كتاب بمشيئة الله تعالى في مقدمته نقد لبعض جوانب هذا الكتاب.
ـ[محمد السوقي]ــــــــ[02 - 11 - 06, 03:40 م]ـ
جزاكم الله خيراً. و لكن هل هذا هو رأي الشيخ السعد أيضاً؟
ـ[محمد السوقي]ــــــــ[02 - 11 - 06, 03:46 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .....
لقد أتاني الجواب من شيخنا هشام الحلاّف جزاه الله عنا كل خير؟ و ها قد حصلنا على رأي شيخنا الفاضل ماهر الفحل. و الحمد لله رب العالمين.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[13 - 11 - 06, 04:11 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليك ..
لا أدري بالضبط رأي أبي عبدالرحمن السعد.
لكن لعلّ في هذه الإضافة فائدة:
في تمام الخامسة والخمسين دقيقة وخمسين ثانية تعليقٌ للشيخ على رأي ابن رجب في الفرق بين أن يُحتجّ بخبر حُفّت به قرائن تدل على السماع وبين عدم قبوله إسناداً لأنّّه لم يُثبت السماع .. ( http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=11160&scholar_id=372&series_id=487)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[17 - 11 - 06, 07:01 م]ـ
ماهر سيصدر لي كتاب بمشيئة الله تعالى في مقدمته نقد لبعض جوانب هذا الكتاب [/
QUOTE]
حبذا لو نقل لنا الشيخ ماهر ملخصا لمقدمته وفقه الله
[ QUOTE] أبوصالح وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليك ..
لا أدري بالضبط رأي أبي عبدالرحمن السعد.
لكن لعلّ في هذه الإضافة فائدة:
في تمام الخامسة والخمسين دقيقة وخمسين ثانية تعليقٌ للشيخ على رأي ابن رجب في الفرق بين أن يُحتجّ بخبر حُفّت به قرائن تدل على السماع وبين عدم قبوله إسناداً لأنّّه لم يُثبت السم
ماهي الفائدة؟ لايوجد عندي سماعات
وهذا رابط للموضوع للفائدة والمشاركة والتعقيب والنقد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=50127
ـ[ماهر]ــــــــ[16 - 02 - 07, 02:45 م]ـ
جزاكم الله خيراً ونشكركم لحسن ظنكم.
الكتاب الذي أتحدث عن مقدمته هو مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لإمام الأئمة ابن خزيمة - رحمه الله تعالى -
والكتاب منذ أكثر من سنتين في دار الميمان وهو ذو مجلدات عدة في 3508 صفحة من الحجم الكبير (6 مجلدات)، وقد ضمنت مقدمة الكتاب دراسات مستفيضة بخصوص ابن خزيمه وكتابه العظيم، ومما تناولته ضمناً تعقب كتاب الفاضل الدكتور حاتم بن عارف، وفقه الله للخير.
والذي أرجوه منك الدعاء حتى يظهر هذا الكتاب وينزل، ولعله يسر كل محب للسنة، إذ كان العمل فيه متميزاً فيما أحسب، وأسأل الله أن يبيض به وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، وأن ينفعني به يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ـ[أبو عاصم العتيبي]ــــــــ[17 - 02 - 07, 06:00 ص]ـ
ياشيخ ماهر ما رأيك في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في البخاري؟
علما بأن البخاري نفى سماع أخيه سليمان من أبيه، وقد مات أباهما وهما في سنة الثامنة والاربعين تقريبا، وقد نفى بعض الائمة سماع عبد الله بن بريدة من أبيه كما نفى البخاري سماع سليمان، فإذا كان البخاري يشترط السماع كيف أخرج لعبد الله بن بريدة؟
حقيقة هذا أمر أتعبني علما بان سليمان أوثق من أخيه عبد الله ومات بعده بعشر سنين، والمصيبة أنهما ماتا في المكان الذي مات فيه والدهما، وقد أدركا عمر فكيف لا يكون لهما سماعا من أبيهما، مع أن مسلم أخرج لهما جميعا
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[19 - 02 - 07, 02:37 م]ـ
لاأعلم قول شيخنا المحدث عبدالله السعد ولكن سوف أسأله بإذن الله.
ـ[أبو عاصم العتيبي]ــــــــ[22 - 02 - 07, 01:38 ص]ـ
الشيخ ماهر ما زلنت انتظر جوابك على مسألة أبناء بريدة بارك الله فيك وفي علمك
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[28 - 02 - 07, 06:11 م]ـ
أنا ما أنصر قول الشيخ حاتم العوني، ولكن وجدت الشيخ ناصر العلوان ينصر هذا القول أيضا -أي قول الشيخ حاتم- في شرح الموقظة
¥(13/469)
ـ[رجل من أقصى المدينة]ــــــــ[08 - 03 - 07, 04:31 ص]ـ
أحب التنبيه إلى أن للشيح حاتم في كتابه (الإجماع) نحواً من أربعة عشر دليلاً على قوله. وعليه فإبطال بعضها لا يعني إبطال القول لبقاء ما يدل على صحته.
فإما أن يجاب عن جميع الأدلة، وإما ألا يقول قائل انه أبطل قول الشيخ حاتم وللشيخ دليل قائم لم يُجِب عنه مخالفه.
ـ[أبو صهيب الحجازي]ــــــــ[08 - 03 - 07, 04:55 م]ـ
أحب التنبيه إلى أن للشيح حاتم في كتابه (الإجماع) نحواً من أربعة عشر دليلاً على قوله. وعليه فإبطال بعضها لا يعني إبطال القول لبقاء ما يدل على صحته.
فإما أن يجاب عن جميع الأدلة، وإما ألا يقول قائل انه أبطل قول الشيخ حاتم وللشيخ دليل قائم لم يُجِب عنه مخالفه.
أحسنت بارك الله فيك وزد على ذلك ربما يضيف أدلة جديدة أو ذكر شيئا منها في الانتفاع
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[24 - 07 - 07, 02:54 ص]ـ
أنا ما أنصر قول الشيخ حاتم العوني، ولكن وجدت الشيخ ناصر العلوان ينصر هذا القول أيضا -أي قول الشيخ حاتم- في شرح الموقظة
أخي في الله أسامة بارك الله فيك على هذه المعلومة العظيمة ((عندي))
هلا نقلت كلامه في هذه المسألة جزاك الله خيرا و هل شرحه على الموقظة موجود على الشبكة؟؟
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[24 - 07 - 07, 07:50 ص]ـ
كنت قد سألت الشيخ سليمان العلوان بارك الله في علمه وعمله عن الكتاب فأثنى عليه وأثنى على الشيخ حاتم وفقه الله وعلى كتبه وبحوثه.
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[24 - 07 - 07, 01:46 م]ـ
أخي طالب علوم الحديث
لما رجعت كلام الشيخ العلوان رأيت كأنه متردد في المسألة، كأنه يشك فيما نسب إلى البخاري
يقول حفظه الله
قوله [أي قول الذهبي] "فمن الناس من قال: لا يثبت - أي حديث المعنعن - حتى يصح لقاء الراوي بشيخه يوماً ما":
وهذا يُحكَى عن الإمام البخاري, ذكره عنه القاضي عياض, وتتابع الناس بعد ذلك. فهؤلاء يحكون عن البخاري, وعن علي بن المديني, أنهما لا يقبلان الحديث حتى تثبت المعاصرة, ويصح لقاء الراوي بشيخه ولو مرة واحدة.
الإمام البخاري رحمه الله تعالى لم يذكر في كتبه, لا في صحيحه, ولا في تاريخه, ولا في شيء من ذلك, هذا الكلام, وإنما قال ذلك القاضي عياض, وتبعه على ذلك جمع غفير, استقراءً لمنهج البخاري رحمه الله تعالى.
ومنهم من نازع القاضي عياض في هذا, وأن هذا الاستقراء وهذا التتبع وهذا الحكم غير صحيح, فلم يقله أحد من الأئمة الذين هم أعرف بمنهج البخاري من القاضي عياض. والأمثلة الواردة عن البخاري المفيدة لهذا المعنى لا تقتضي بأن هذا شرط, بدليل أنه في أحاديث كثيرة في صحيحه وفي غيره يكتفي بمجرد المعاصرة, وانتفاء القرائن على أنه ما هناك عدم سماع.
وقد ذهب الإمام مسلم رحمه الله تعالى إلى قبول الحديث المعنعن بثلاثة شروط: الشرط الأول: المعاصرة, وهذا لا يخالف فيه أحد.
الشرط الثاني: ألاَّ يكون الراوي الذي عنعن مدلساً لا تُقبَل عنعنته.
الشرط الثالث: ألاَّ تكون هناك قرينة تدل على عدم السماع.
وقد رد الإمام مسلم رحمه الله تعالى في مقدمة صحيحه على المخالفين في هذا, وحكى رحمه الله الإجماع على صحة مذهبه, وأنه لا يعلم أحداً من الأئمة ينازع ويخالف في هذا, وذكر رحمه الله جمعاً غفيراً من الأئمة ومن المحدثين ومن الأكابر ما كانوا يشترطون اللُّقِي, وأنه إذا كان فيه معاصرة, كفت هذه المعاصرة عن اللُّقِي, ما لم تدل قرينة على عدم السماع.
وقد علَّق على هذا الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في العلل فقال: والصواب أن ما لم يَرِدْ فيه السماع من الأسانيد, لا يُحكَم باتصاله, ويُحتَج به مع إمكان اللُّقِي, كما يُحتَج بمراسيل أكابر التابعين. فمعنى هذا أنه يُعَل الخبر بالانقطاع, ويُحتَج به, ويُقبَل في العمل.
نظير هذا الاحتجاج بمراسيل أكابر التابعين. ومنهم من أنكر هذا, وأن الخلاف في مسألة السماع, وليس في مسألة الاحتجاج والعمل. فهل يقال بما نُسِبَ للبخاري؟ أم يُصَار إلى ما صار إليه مسلم وحكى عليه الإجماع؟
العلماء مختلفون في هذا اختلافاً كثيراً, منهم من نصر ما نُسِبَ إلى البخاري, كابن عبد البر, ومنهم من نصر ما نُسِبَ إلى الإمام مسلم.
انتهى كلامه
لكن مشاركة الأخ عبد الرحمن الحجري تفيدك أنه يميل إلى ثبوت الإجماع
و هل شرحه على الموقظة موجود على الشبكة؟؟
لا يوجد شرحه صوتيا على الشبكة، وإنما يوجد مكتوبا
http://saaid.net/book/open.php?cat=91&book=2964
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[26 - 07 - 07, 02:42 ص]ـ
جزا الله الأخوان عبد الرحمن و أسامة على ما أفادا به
ـ[ابوهادي]ــــــــ[10 - 08 - 07, 01:32 ص]ـ
وأسأل الله أن يبيض به وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، وأن ينفعني به يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
والمسلمين أجمعيناللهم آمين
¥(13/470)
ـ[أبو مصعب القصيمي]ــــــــ[10 - 08 - 07, 08:47 م]ـ
أسأل الله أن ينفع بالجميع ..
ـ[ابوهادي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 02:06 م]ـ
الكتاب الذي أتحدث عن مقدمته هو مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لإمام الأئمة ابن خزيمة - رحمه الله تعالى -
هل صدر الكتاب؟ وهل المختصر هو الشيخ ماهر؟
ـ[أبو عبد الله المليباري]ــــــــ[20 - 08 - 07, 03:59 م]ـ
أيها الإخوة الكرام: بالنسبة لنقد كتاب: إجماع المحدثين، أعتقد أنه لا ينتقد الكتاب في بعض جوانبه، لأن الشيخ أتى بأدلة كثيرة!! وأما ما قاله الشيخ ماهر: سيصدر لي كتاب بمشيئة الله تعالى في مقدمته نقد لبعض جوانب هذا الكتاب. أقول: هذا لا يسلم له حتى ينقض جميع الأدلة. وأنا بهذه المناسبة أنقل لكم عبارة الشيخ الفاضل النقاد حول هذا الموضوع:
(واعلم أيها الأخ الموفّق أنه لا يمكن نقض هذا القول إلا بالردّ على جميع أدلّته، وإن سلامة دليلٍ واحدٍ ليعني سلامة طريقٍ موصلٍ إلى المطلوب بيقين!
فلا يستقيم القول ببطلان هذا القول مع بقاء أدلّته، بل مع بقاء دليلٍ واحدٍ له).
ـ[ابوهادي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 05:54 م]ـ
أخي الحبيب أبا عمار
على رسلك حتى يصدر الكتاب فإن كان ما فيه حق فليس بضارك أن تقول به إن كنت تريد الحق وكذا نحب لك
وإن كان ما في الكتاب ليس صوابا فالأمر فيه متسع حينها لردكم
وفقنا الله وإياك لرضاه اللهم آمين
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 07:33 م]ـ
في الحقيقة سند عبدالله بن بريدة الذي اخرجه البخاري لم اجد الى الآن جوابا شافيا عنه وكأنه في نظري الى الآن قاصمة الظهر ولوتأملنا رسالة الشيخ خالد الدريس لوجدناه يثبت أن البخاري يأخذ بالقرائن في بعض اسانيده فاتفقا هو والشيخ حاتم وكذلك سمعت الشيخ سعد ال حميد يثبت هذا واجاب بان القرينة هنا قوية فهو ابن له وعاش معه في منزل واحد فلا يستدرك بهذا السند على البخاري في شرطه ولكنه جواب لاينفي الاخذ بالقرائن ولكن السؤال الذي لا اعرف جوابه هل البخاري اخرج حديثا غيره اكتفى فيه بالقرائن ام لا فان لم يخرج غيره فربما يكون الاحتجاج به ضعيف وان وجد غيره قويت الحجه وبانت وعلت واشرقت انوارها
وقد حاول الشيخ الفاضل ابراهيم اللاحم ان يبين انهم يتكلمون عن القرائن حتى اذا ثبت السماع صححوا الحديث اقول وما جوابه عن حديث عبدالله بن بريدة
وعلى كل حال فالمسالة في نظري صعبة المنال
وما كتبته هنا انما هي استشكالات لا ردود على اهل العلم لعل تلاميذهم يردوا عنهم باقوالهم فنستفيد فائدة عظيمة لعل الله ان يشكف الصواب في المسألة
وسوف احاول ان شاء الله ان اكتب اهم ما جاء في بحوث المشايخ الثلاثة اختصارا اقصد الشيخ خالد وحاتم وابراهيم بعد استخارة الله جل في علاه
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[10 - 03 - 09, 12:06 ص]ـ
السلام عليكم ...
معذرة على التدخل ...
قال الشيخ أبو اسحاق الحويني حفظه الله: نحن نوافقه بالنتيجة ولكن نخالفه في اسم الكتاب ... اه
يعني ان العلماء لم يجمعوا على هذا ..
وهل عنوان الكتاب مخالفا لنتيجته؟
العنوان: اجماع المحدثين ...
النتيجة: إجماع المحدثين ....
فما الفرق بين النتيجة والعنوان؟
مجرد سؤال
ـ[ابو عبد الله الثور ي]ــــــــ[10 - 03 - 09, 01:10 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
اما بعد
فعلا كلام الشيخ ابا اسحاق محتاج للاستفسار من الشيخ وما يقصد به
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 - 03 - 09, 11:46 ص]ـ
كلام الشيخ أبي إسحاق تقليدي يقوله غيره ولا طائل تحته ..
فمرادهم بالنتيجة أن الصواب الذي عليه أكثر المحدثين هو شرط مسلم
لكن ليس هناك إجماع عليه .. وغالبهم يقرون أن مخالفه هو شرط البخاري ..
والشيخ حاتم لم يؤلف كتابه لتصحيح شرط مسلم وإنما ألفه لتقرير هذا الإجماع ورفع ذاك التوهم فمن لم يوافقه في هذا = فلم يوافقه.
وتبقى عبارة الشيخ وغيره المتضمنة لنفس المعنى = شئ لا طائل تحته.(13/471)
هل يعمل بهذا الحديث فى فضائل الأعمال
ـ[محمد بن الحسن المصري]ــــــــ[09 - 09 - 06, 03:49 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وربركاته
الحديث هو .. (إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إنى أسالك خير المولج وخير المخرج , بسم الله ولجنا , وبسم الله خرجنا وعلى ربنا توكلنا ثم ليسلم على أهله) ..
هذا الحديث رواه أبو داود فى سننه وقد صححه الشيخ الألبانى فى كتب أذكار اليوم والليلة ولكن تراجع الشيخ عن تقويه الحديث , حين تبين للشيخ وجود انقطاع فى سند الحديث بين شريح بن عبيد وأبى مالك الأشعرى رضى الله عنه
هل هذا الحديث يعمل به فى فضائل الأعمال؟؟ وهل إذا كان يعمل به فى فضائل الأعمال ما الدليل على ذلك؟ وإن لم يعمل به فى فضائل الأعمال من الدليل أيضا على عدم ذلك؟
يعلم الله يا إخوة أنا فى حاجة إلى الرد بأسرع وقت كان
وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[09 - 09 - 06, 07:31 ص]ـ
الاخ محمد السلام عليكم (1) الحديث لم اجده في سنن ابي داود (2) شريح بن عبيد ((ثقه مدلس)) والله اعلم (3) لم اسمع بصحابي اسمه ابي مالك الاشعري ((ابو موسى الاشعري رضي الله عنه)) ربما هذا الصحيح وللمشايخ التصحيح
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 07:52 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في المسألة خلاف أخي محمد:
ويترجح عند البعض، أنه لا يُعمل بأحاديث الترغيب الضعيفة ولا يُنكَر على من عمل بها إذا كان معناها صحيحاً.
وهذا الدعاء معناه صحيح فلا ننكر على من دعا به،
إضافة:
ورد الترغيب في ذكر الله عند دخول البيت في صحيح مسلم، فينبغي أن يسمي الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله، وعند طعامه؛ قال الشيطان: لا مبيت لكم، ولا عشاء.
وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله؛ قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله عند طعامه؛ قال: أدركتم المبيت والعشاء).
(أخي أحمد لا تعرف هذا الصحابي الطيب! (بسمة))
ـ[محمد بن الحسن المصري]ــــــــ[09 - 09 - 06, 05:52 م]ـ
جزاك الله خيرا أخى الفاضل / أحمد الشمرى ...
ولكنى راجعت الحديث فوجدته موجود فعلا فى سنن أبى داود .. أما بالنسبة للصحابى فهناك صحابى أيضا بهذا الاسم (أبى مالك الأشعرى)
أما الحديث فقد صححة الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع برقم 839
إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، باسم الله و لجنا، و باسم الله خرجنا، و على الله ربنا توكلنا، ثم يسلم على أهله. [ثم تراجع الشيخ وحكم بانقطاع سنده، انظر "الكلم الطيب" رقم:62 والمقدمة]
ـ[محمد بن الحسن المصري]ــــــــ[09 - 09 - 06, 05:54 م]ـ
جزاك الله خيرا أخى حمد أحمد وبارك الله فيك ونفع بك
لكنى كنت أقصد أن هذا الحديث تتطابق عليه شروط الأخذ بالحديث الضعيف أم لا
والسلام عليكم
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:14 م]ـ
لا أدري والله أخي محمد، أتمنى أحد الإخوة يساعدك.(13/472)
علم الحديث في منطقة نجد
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 04:01 م]ـ
قال الشيخ رياض السعيد في مقدمة رسالته (جهود الشيخ سليمان آلشيخ في علم الحديث) (علم الحديث في منطقة نجد)
كانت منطقة نجد قبل دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ تعج بالشرك والبدع والمعاصي، والتقليد الأعمى المخالف لأصول الإسلام؛ ولهذا بدأ أئمة الدعوة وعلى رأسهم الإمام محمد بن عبد الوهاب، بالدعوة إلى التوحيد والسنة، واجتناب ماعداهما من الشرك والبدع والمعاصي، وقاموا إلى جانب ذلك بنشر العلم بين الناس، فعقدوا الدروس لتدريس التوحيد والفقه والحديث والتفسير واللغة، إلا أن اهتمامهم البالغ وتركيزهم الدائم كان على تدريس التوحيد والفقه، فأما التوحيد فكان شغلهم الشاغل؛ ولهذا عكفوا على تدريسه ونشره بين الناس، حفظاً وفهماً، وتأليفاً للرسائل والردود.
وفي ذلك ألف شيخ الإسلام كتاب (التوحيد) و (كشف الشبهات) وجرى على منواله في ذلك أئمة الدعوة، فألف شيخ الإسلام عبد الرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ (فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد) وألف ردوداً على بعض أعداء التوحيد كأمثال داود بن جرجيس وغيره.
وأما اهتمامهم البالغ بتدريس الفقه ونشره بين الناس، فسببه جهل الناس، في زمن أئمة الدعوة، بفقه العبادة وغيره من أحكام البيوع والفرائض، وخير شاهد على ذلك هو تأليف شيخ الإسلام لـ (آداب المشي إلى الصلاة) و (شروط الصلاة)، والمسائل الفقهية الكثيرة التي أجاب عنها أئمة الدعوة من خلال كتبهم ورسائلهم، ومن نظر في (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) عرف ذلك.
ولاهتمام أئمة الدعوة البالغ بالتوحيد والفقه، نرى ـ كما هو مشاهد ـ أنهم بلغوا درجة عالية في علمي التوحيد والفقه، حتى أصبحوا أهل اختصاص في هذين العلمين،ويشهد لهم بذلك من كان منصفاً.
وأما علم الحديث في منطقة نجد فلم يكن أئمة الدعوة ـ بدءاً من عصر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، إلى عهد قريب ـ لهم اهتمام بالحديث وعلومه؛ وذلك لانشغالهم بالتوحيد والفقه، وشدة حاجة الناس إليهما في تلك الفترة، ومصداقاً لهذا يقول شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين: «لا بد من تعب في إثبات ما يُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثمَّ احتجنا إلى مصطلح الحديث وقواعده، وإلى مراجعة كتب العلماء فيما يتعلق بالمصطلح، وهو باب واسع مُتعب، ولقد كان الناس في برهة من الزمن طويلة لا يعتنون بهذا كثيراً، لأَنهم انهمكوا في تحرير المذاهب وتنقيحها والتفريع عليها…» ().
وعدم اهتمام أئمة الدعوة بعلم الحديث، وعدم بروز أَئمة منهم في هذا العلم لهم عناية بالجرح والتعديل، ومعرفة الرجال، وتعليل الأحاديث، كل هذا لا يعني أنهم لا يعرفون هذا العلم، بل لهم معرفة بهذا العلم وأُصوله، ولهم مشاركة فيه، إلا أنهم شغلوا عنه بما هو الأهم في زمنهم، وهو نشر التوحيد والفقه بين الناس.
ومما يدل على أنهم كانوا يعرفون أُصول هذا العلم وقد شاركوا فيه، هو ما يظهر في تطبيقاتهم العملية، في أجوبتهم لبعض المسائل وشرحهم للأحاديث، فقد تكلموا في بعض اصطلاحات المحدثين ومناهجهم، وتقويم بعض المؤلفات، وإليك نماذج من ذلك قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ت1242هـ): «المسند أقوى من المرسل؛ وذلك أن المسند ما اتصل سنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان السند كلهم ثقات، وليس فيهم شذوذ، فأجمع العلماء على الاحتجاج به إذا لم يعارضه مثله أو أقوى منه، وأما المرسل فهو ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وكثير من أهل العلم لا يحتج بالمرسل، إلا إذا اتصل وأُسند من وجه صحيح» () وقال رحمه الله إجابة عن مسائل في المرجئة والقدرية: «المسألة الأولى وهي ما يذكر في الحديث:
¥(13/473)
«صنفان من أُمتي لا تنالهما شفاعتي يوم القيامة المرجئة والقدرية» () الخ كلام السائل، فنقول: إن الحديثين ليسا بثابتين عند أهل العلم وعند أهل الحديث، وليسا في الكتب الستة المعتمدة المسماة دواوين الإسلام، وإنما يذكر هذا بعض المصنفين الذين يروون الغث والسمين، ولا يميزون بين الصحيح والضعيف، والحسن والموضوع، فلا ينبغي للسائل رحمه الله تعالى أن يعبر بمثل هذه العبارة في مثل هذه الأحاديث وما شاكلها، وإنما ينبغي له أن يقول: يُذْكر في الحديث، أو يُروى في بعض الكتب، وأشباه هذه العبارات التي يفعلها أهل التحقيق والعرفان، من أهل الفقه والحديث و الإيمان؛ وذلك لأنه لا ينبغي أن يجزم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إلا فيما ثبت إسناده وصححه أهل العلم بهذا الشأن؛ لأنه ثبت في الأحاديث الصحيحة، من رواية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» () ... فلهذا كان كثير من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، يهابون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والجزم به، إلا فيما ثبت عندهم وقطعوا عليه…» ().
وذكر الشيخ حمد بن معمر معنى الغريب وحكمه بقوله: «الغريب: الذي ليس له إلا إسناد واحد، كما يقول الترمذي في بعض الأحاديث: هذا غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد يكون صحيحاً إذا كان رواته مُوثقين، وقد يكون ضعيفاً، فعلى كل تقدير هو ضعف في الحديث» ().
وسئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، عن الفرق بين المرفوع والمسند والمتصل، وأيها أصح؟ فأجاب جواباً مفصَّلاً، بذكر أقوال أهل العلم، كالخطيب وابن عبد البر ثم قال: «وأما قولك أيها أصح؟ فأعلم أن الصحة غير راجعة لهذه الأوصاف باعتبار حقيقتها، وإنما الصحة والحسن والضعف أوصاف تدخل على كل من المرفوع والمسند والمتصل، فمتى وجدت حكم بمقتضاها لموصوفها…» ().
وقال أيضاً في تعريف الضعيف: «والضعيف عندهم ما قصرت رتبته عن الصحيح والحسن» ()، وبيَّن عدم حُجية الحديث الضعيف في الأحكام، فقال: «الحديث الضعيف لا تقوم به حجة ولا تثبت به أحكام شرعية عند المحققين» ()، وذكر أن سكوت البيهقي وغيره عن الحديث لا يفيد الصحة فقال: «والبيهقي وغيره إذا ذكروا الحديث وسكتوا عنه لا يحكم عليه بالصحة عندهم ولا بأنه حجة إلا إذا بيّنوا ذلك وصححوه» ().
وفصَّل الشيخ عثمان بن منصور (ت1282هـ) ـ صاحب (فتح الحميد في شرح التوحيد) ـ في المراد بقولهم: «على شرطهما» ونقل عن محمد بن طاهر المقدسي، والعراقي، والنووي، وابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والذهبي، وابن كثير، ثم قال: «وصرَّح الحاكم في خطبته ـ في المستدرك ـ بأوسع من ذلك فقال: «وأنا استعين الله على إخراج أحاديث رُواتها ثقات، قد احتج بمثلها الشيخان أو أحدهما» وهذا لا يحتمل ردَّ الضمير إلا على السند، لا المتن، أي بمثل رواتها، لا بهم أنفسهم» ().
وفصَّل في معنى قول الترمذي: (حسن صحيح) حيث نقل عن ابن الصلاح ثم قال: «قال ابن كثير: «والذي يظهر أنه يشوب الحكم بالصحة على الحديث بالحسن، كما يشوب الحسن بالصحة، فعلى هذا يكون ما يقول فيه «حسن صحيح» أعلى رتبة عنده من الحسن، ودون الصحيح، ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه عليه بالصحة مع الحسن» قلت: ولا يمكن أن يركب صنيعه في جامعه، إلا على ما قاله عماد الدين ابن كثير رحمه الله هنا» () ثم فصَّل في تعريف أهل الحديث للحديث الحسن.
وقال الشيخ سليمان ابن سحمان (ت1349هـ) بعد أن تعقب الحاكم في تصحيح حديث: «وتصحيح الحاكم له لا يجدي شيئاً فإنه جمع في مستدركه من الأحاديث الضعيفة والمنكرة والموضوعة جملة كثيرة، وقد روى فيه لجماعة من المجروحين في كتابه الضعفاء» ().
¥(13/474)
ومما يدل أيضاً على معرفة أئمة الدعوة لعلم الحديث، هو معرفتهم وقراءتهم على كبار المحدثين في بعض الأمصار، ولهذا عندما سمع بعض أئمة الدعوة بوجود أعلام من المحدثين في بعض الأمصار، عقدوا العزم على الرحلة إليهم، مع ما في هذا من المشقة وبعد الشٌّقَّة، فقد رحل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب إلى المدينة، وقرأ فيها على العلامة المحدث محمد حياة السندي، وأجازه بكتب الحديث ()، ورحل الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن (ت 1319هـ) إلى الهند لطلب علم الحديث والقراءة على كبار المحدثين، قال شيخ مشايخنا سليمان ابن حمدان ـ رحمه الله ـ في ترجمته للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن:
«ثم سافر بعد وفاة والده إلى (هندستان) لطلب الحديث في رجب سنة (1309هـ) كما وجدت ذلك بخطه على بعض كتبه، وقال أيضاً: وفي قدومي بلد (بمبي) حضرت مجالس تحتوي على الأدب والغزل وشيء من فنون اللغة، والقلب إذ ذاك متوقد إلى لقاء علماء الحديث الأفاضل، ومشتاق إلى مجالسة الفحول الأماثل. ثم مَنَّ الله بملاقاتهم، فأولهم: السيد نذير حسين، المقيم في بلدة دهلي، قرأت عليه «شرح نخبة الفكر» بالتأمل والتأني، ثم شرعت في
قراءة الصحيحين، وقرأت أطرافاً من الكتب الستة والمشكاة وغيرها، وحصل لي منه السماع والإجازة والقراءة. ثم ارتحلت في رمضان سنة (1309هـ) إلى (بهوبال)، فقرأت فيها على الشيخ حسين بن محسن الأنصاري، وحصل لي منه القراءة والإجازة، وذكر الشيخ حسين في إجازته العامة أنه أخذ من علم الحديث بحظ وافر، … وقال: حضرت عند المولوي سلامة ابن المدرس في (بهوبال) وسمعت منه شيئاً من سنن ابن ماجه وغيرها، وحصل لي منه الإجازة، … وقدمت بلد (كلي شهير) وافداً على الشيخ العالم العامل المحدث، الشيخ محمد الهاشمي الجعفري، سنة (1310هـ) لطلب الحديث، فأول حديث سمعته منه الحديث المسلسل بالأولية، وقال الهاشمي: أجزته أن يروي عني جميع مروياتي، فإنه أهل لذلك» ().
ورحل شيخ شيوخنا العلامة سعد بن حمد بن عتيق (ت 1349هـ) ـ رحمه الله ـ إلى الهند لطلب علم الحديث وملاقاة كبار المحدثين فيه، يقول تلميذه العلامة سليمان بن حمدان: «ثم إنه تاقت نفسه إلى الرحلة في طلب العلم أُسوة بالأئمة الأعلام، فسافر إلى الهند لطلب الحديث والأخذ عن علمائها، فقدم (بهوبال) واجتمع فيها بالعلامة صديق حسن خان، صاحب التفسير المسمى (جامع البيان). وأخذ عن غيره من العلماء المقيمين بأرض الهند، مثل الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني، والشيخ نذير حسين، وغيرهما، وقرأ عليهما في علم الحديث، وطلب منهما الإجازة، فأجازاه بما تجوز لهما روايته، كما هو مذكور في إجازته» ().
ورحل أيضاً الشيخ العلامة عبد العزيز بن حمد بن عتيق (ت1359هـ) إلى الهند لطلب علم الحديث، يقول عنه الشيخ عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ: «ثم سافر إلى الرياض عدة سنين طويلة، جاداً مجتهداً في طلب العلم على علماء نجد من ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم. ثم طمحت نفسه إلى طلب علم الحديث من مظانه في ذلك الوقت في (الهند) مع بُعد المسافة، وخوف الطريق وكثرة الأعداء، فسافر إلى الهند وأخذ الحديث الشريف بالأسانيد المتصلة، ومن أجلِّ من روى عنه الحديث، إمام المحدثين في وقته نذير حسين الدهلوي» ().
ورحل أيضاً الشيخ العلامة علي بن ناصر بن وادي ـ رحمه الله ـ
(ت1361هـ) إلى الهند أيضاً لطلب علم الحديث، يقول عنه الشيخ عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ: «ثم رحل إلى الهند، ويرافقه في رحلته العلمية الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ،والشيخ فوزان السابق، وشرع في قراءة الحديث على علمائه، ومنهم العلامة المحدث الشيخ نذير حسين في (دلهي) ـ عاصمة الهند ـ فأخذ عنه سند المسانيد، كمسند الإمام أحمد، ومسند الطبراني وغيرهما. ثم رحل من عاصمة الهند إلى بلدة (بهوبال) للأخذ على علاَّمتها السلفي الشيخ صديق حسن…» ().
إن رحلة أهل العلم في نجد إلى بلاد الهند أو غيرها لطلب علم الحديث وملاقاة أهله، لها أثرها على طلبة العلم في منطقة نجد؛ فهي دافع للإلتفات إلى هذا العلم والعناية به.
ومما يدل أيضاً على معرفة أئمة الدعوة لعلم الحديث، تدريس بعضهم لكتب الحديث على طريقة المحدثين لا على طريقة الفقهاء.
¥(13/475)
وقد تمثل هذا في شخصية شيخنا الإمام المحدث عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ حيث كان الشيخ في دروسه شديد العناية بتدريس الكتب الستة، وكتب السنن والمسانيد، وغيرها من كتب الحديث وعلومه، وقد كانت طريقته في شرح هذه الكتب على طريقة أئمة الحديث، فمثلاً: إذا قُرئ عليه من (سنن النسائي) أو (جامع الترمذي)،يبدأ الشيخ بالكلام على منهج الكتاب، ثم يتكلم عن رجال الإسناد توثيقاً وتضعيفاً، ثم يحكم على الإسناد بالصحة أو الضعف، ويعتني ببيان درجة الحديث، وذكر العلل، وذكر الشواهد والمتابعات، إن احتاج إليها، وكل هذا من حفظه!
وإذا عرض للشيخ حديث فيه كلام، وأراد أن يتوسع في تخريجه، كلَّف بعض الطلاب ليقوم بذلك، فإذا انتهى الباحث من تخريج الحديث، أمره الشيخ بقراءته، ثم إذا انتهى ذكر الشيخ ما ترجح له في حال هذا الحديث.
وكذا يُقرأ على الشيخ (تقريب التهذيب) أو (تهذيب التهذيب)، إذا أشكل عليه الحكم على راوٍ من الرواة.
وهذه (الصناعة الحديثية) التي تحلت بها دروس الشيخ، قد تفرَّد بها على من كان في طبقته.
وبجانب عناية الشيخ بتدريس كتب الحديث وعلومه، ألف مؤلفات حديثية لها أهميتها، فقد ألف (حاشية على بلوغ المرام)، و (التحفة الكريمة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة والسقيمة)، وعلَّق على (تقريب التهذيب) وعلى غيره من كتب الحديث وعلومه.
واهتمام الشيخ وعنايته بعلم الحديث أمر ظاهر يعرفه من لازم الشيخ وحضر دروسه.
إن مما يجدر التنبيه إليه، أن علم الحديث في عصرنا هذا، أصبح علماً له من يختص به من أهل العلم في (نجد) وليس كما كان في السابق، وفي هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ: «…في الآونة الأخيرة ـ والحمد لله ـ بدأ الناس يهتمون بعلم الحديث، والنظر في سند الحديث ومتنه، والنظر في كلام أهل العلم فيه، فأصبح هناك اهتمام كبير في طلب علم الحديث، وهو أمر لا بد منه» ().
هذا ومن أهم أسباب عناية أهل العلم في (نجد) بعلم الحديث ـ خاصة في هذا العصر ـ ما يلي:
1 - أن أُصول منهج أئمة الدعوة يعتمد على الاجتهاد وعدم التقليد، وعلم الحديث أهم علوم الاجتهاد.
2 - اتصال أهل العلم ـ في منطقة نجد ـ بكبار المحدثين الذين يفدون إليهم من بعض الأمصار.
3 - ظهور كتب الحديث وعلومه، وانتشارها بين أواسط أهل العلم، وهذا بخلاف ما كان في السابق.
4 - تأثر طلبة العلم بالشخصية الحديثية عند الشيخ عبد العزيز بن باز، وبجانبه تأثرهم بالشيخ الألباني وقراءتهم لمؤلفاته.
هذا ومن ينظر بعين الإنصاف إلى الحركة العلمية في الديار النجدية، يرى أن حلقات العلم في المساجد، وفي بعض المؤسسات العلمية، لها عناية تامة بالحديث وعلومه، ودراسة بعض مسائله المشكلة، في الجرح والتعديل، وتعليل الأحاديث، والحكم عليها.
وقد ظهرت مؤلفات وردود حديثية لبعض أهل العلم، تدل صراحة على تمكنهم من هذا العلم.
وهذا كله ـ بإذن الله ـ مؤذن بخروج أكابر من المحدثين، وعسى أن يكون قريباً ().
ثانياً: ترجمة موجزة للشيخ:
وفيها مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، ومولده:
هو الشيخ الإمام الحافظ المحدث الفقيه البارع شيخ الإسلام ومحدث
الديار النجدية سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرَّف الوهيبي التميمي النجدي ().
ولد في بلدة الدرعية عاصمة الدولة الس
منطقة نجد.
كانت منطقة نجد قبل دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ تعج بالشرك والبدع والمعاصي، والتقليد الأعمى المخالف لأصول الإسلام؛ ولهذا بدأ أئمة الدعوة وعلى رأسهم الإمام محمد بن عبد الوهاب، بالدعوة إلى التوحيد والسنة، واجتناب ماعداهما من الشرك والبدع والمعاصي، وقاموا إلى جانب ذلك بنشر العلم بين الناس، فعقدوا الدروس لتدريس التوحيد والفقه والحديث والتفسير واللغة، إلا أن اهتمامهم البالغ وتركيزهم الدائم كان على تدريس التوحيد والفقه، فأما التوحيد فكان شغلهم الشاغل؛ ولهذا عكفوا على تدريسه ونشره بين الناس، حفظاً وفهماً، وتأليفاً للرسائل والردود.
¥(13/476)
وفي ذلك ألف شيخ الإسلام كتاب (التوحيد) و (كشف الشبهات) وجرى على منواله في ذلك أئمة الدعوة، فألف شيخ الإسلام عبد الرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ (فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد) وألف ردوداً على بعض أعداء التوحيد كأمثال داود بن جرجيس وغيره.
وأما اهتمامهم البالغ بتدريس الفقه ونشره بين الناس، فسببه جهل الناس، في زمن أئمة الدعوة، بفقه العبادة وغيره من أحكام البيوع والفرائض، وخير شاهد على ذلك هو تأليف شيخ الإسلام لـ (آداب المشي إلى الصلاة) و (شروط الصلاة)، والمسائل الفقهية الكثيرة التي أجاب عنها أئمة الدعوة من خلال كتبهم ورسائلهم، ومن نظر في (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) عرف ذلك.
ولاهتمام أئمة الدعوة البالغ بالتوحيد والفقه، نرى ـ كما هو مشاهد ـ أنهم بلغوا درجة عالية في علمي التوحيد والفقه، حتى أصبحوا أهل اختصاص في هذين العلمين،ويشهد لهم بذلك من كان منصفاً.
وأما علم الحديث في منطقة نجد فلم يكن أئمة الدعوة ـ بدءاً من عصر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، إلى عهد قريب ـ لهم اهتمام بالحديث وعلومه؛ وذلك لانشغالهم بالتوحيد والفقه، وشدة حاجة الناس إليهما في تلك الفترة، ومصداقاً لهذا يقول شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين: «لا بد من تعب في إثبات ما يُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثمَّ احتجنا إلى مصطلح الحديث وقواعده، وإلى مراجعة كتب العلماء فيما يتعلق بالمصطلح، وهو باب واسع مُتعب، ولقد كان الناس في برهة من الزمن طويلة لا يعتنون بهذا كثيراً، لأَنهم انهمكوا في تحرير المذاهب وتنقيحها والتفريع عليها…» ().
وعدم اهتمام أئمة الدعوة بعلم الحديث، وعدم بروز أَئمة منهم في هذا العلم لهم عناية بالجرح والتعديل، ومعرفة الرجال، وتعليل الأحاديث، كل هذا لا يعني أنهم لا يعرفون هذا العلم، بل لهم معرفة بهذا العلم وأُصوله، ولهم مشاركة فيه، إلا أنهم شغلوا عنه بما هو الأهم في زمنهم، وهو نشر التوحيد والفقه بين الناس.
ومما يدل على أنهم كانوا يعرفون أُصول هذا العلم وقد شاركوا فيه، هو ما يظهر في تطبيقاتهم العملية، في أجوبتهم لبعض المسائل وشرحهم للأحاديث، فقد تكلموا في بعض اصطلاحات المحدثين ومناهجهم، وتقويم بعض المؤلفات، وإليك نماذج من ذلك قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ت1242هـ): «المسند أقوى من المرسل؛ وذلك أن المسند ما اتصل سنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان السند كلهم ثقات، وليس فيهم شذوذ، فأجمع العلماء على الاحتجاج به إذا لم يعارضه مثله أو أقوى منه، وأما المرسل فهو ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وكثير من أهل العلم لا يحتج بالمرسل، إلا إذا اتصل وأُسند من وجه صحيح» () وقال رحمه الله إجابة عن مسائل في المرجئة والقدرية: «المسألة الأولى وهي ما يذكر في الحديث:
«صنفان من أُمتي لا تنالهما شفاعتي يوم القيامة المرجئة والقدرية» () الخ كلام السائل، فنقول: إن الحديثين ليسا بثابتين عند أهل العلم وعند أهل الحديث، وليسا في الكتب الستة المعتمدة المسماة دواوين الإسلام، وإنما يذكر هذا بعض المصنفين الذين يروون الغث والسمين، ولا يميزون بين الصحيح والضعيف، والحسن والموضوع، فلا ينبغي للسائل رحمه الله تعالى أن يعبر بمثل هذه العبارة في مثل هذه الأحاديث وما شاكلها، وإنما ينبغي له أن يقول: يُذْكر في الحديث، أو يُروى في بعض الكتب، وأشباه هذه العبارات التي يفعلها أهل التحقيق والعرفان، من أهل الفقه والحديث و الإيمان؛ وذلك لأنه لا ينبغي أن يجزم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إلا فيما ثبت إسناده وصححه أهل العلم بهذا الشأن؛ لأنه ثبت في الأحاديث الصحيحة، من رواية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» () ... فلهذا كان كثير من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، يهابون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والجزم به، إلا فيما ثبت عندهم وقطعوا عليه…» ().
¥(13/477)
وذكر الشيخ حمد بن معمر معنى الغريب وحكمه بقوله: «الغريب: الذي ليس له إلا إسناد واحد، كما يقول الترمذي في بعض الأحاديث: هذا غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد يكون صحيحاً إذا كان رواته مُوثقين، وقد يكون ضعيفاً، فعلى كل تقدير هو ضعف في الحديث» ().
وسئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، عن الفرق بين المرفوع والمسند والمتصل، وأيها أصح؟ فأجاب جواباً مفصَّلاً، بذكر أقوال أهل العلم، كالخطيب وابن عبد البر ثم قال: «وأما قولك أيها أصح؟ فأعلم أن الصحة غير راجعة لهذه الأوصاف باعتبار حقيقتها، وإنما الصحة والحسن والضعف أوصاف تدخل على كل من المرفوع والمسند والمتصل، فمتى وجدت حكم بمقتضاها لموصوفها…» ().
وقال أيضاً في تعريف الضعيف: «والضعيف عندهم ما قصرت رتبته عن الصحيح والحسن» ()، وبيَّن عدم حُجية الحديث الضعيف في الأحكام، فقال: «الحديث الضعيف لا تقوم به حجة ولا تثبت به أحكام شرعية عند المحققين» ()، وذكر أن سكوت البيهقي وغيره عن الحديث لا يفيد الصحة فقال: «والبيهقي وغيره إذا ذكروا الحديث وسكتوا عنه لا يحكم عليه بالصحة عندهم ولا بأنه حجة إلا إذا بيّنوا ذلك وصححوه» ().
وفصَّل الشيخ عثمان بن منصور (ت1282هـ) ـ صاحب (فتح الحميد في شرح التوحيد) ـ في المراد بقولهم: «على شرطهما» ونقل عن محمد بن طاهر المقدسي، والعراقي، والنووي، وابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والذهبي، وابن كثير، ثم قال: «وصرَّح الحاكم في خطبته ـ في المستدرك ـ بأوسع من ذلك فقال: «وأنا استعين الله على إخراج أحاديث رُواتها ثقات، قد احتج بمثلها الشيخان أو أحدهما» وهذا لا يحتمل ردَّ الضمير إلا على السند، لا المتن، أي بمثل رواتها، لا بهم أنفسهم» ().
وفصَّل في معنى قول الترمذي: (حسن صحيح) حيث نقل عن ابن الصلاح ثم قال: «قال ابن كثير: «والذي يظهر أنه يشوب الحكم بالصحة على الحديث بالحسن، كما يشوب الحسن بالصحة، فعلى هذا يكون ما يقول فيه «حسن صحيح» أعلى رتبة عنده من الحسن، ودون الصحيح، ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه عليه بالصحة مع الحسن» قلت: ولا يمكن أن يركب صنيعه في جامعه، إلا على ما قاله عماد الدين ابن كثير رحمه الله هنا» () ثم فصَّل في تعريف أهل الحديث للحديث الحسن.
وقال الشيخ سليمان ابن سحمان (ت1349هـ) بعد أن تعقب الحاكم في تصحيح حديث: «وتصحيح الحاكم له لا يجدي شيئاً فإنه جمع في مستدركه من الأحاديث الضعيفة والمنكرة والموضوعة جملة كثيرة، وقد روى فيه لجماعة من المجروحين في كتابه الضعفاء» ().
ومما يدل أيضاً على معرفة أئمة الدعوة لعلم الحديث، هو معرفتهم وقراءتهم على كبار المحدثين في بعض الأمصار، ولهذا عندما سمع بعض أئمة الدعوة بوجود أعلام من المحدثين في بعض الأمصار، عقدوا العزم على الرحلة إليهم، مع ما في هذا من المشقة وبعد الشٌّقَّة، فقد رحل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب إلى المدينة، وقرأ فيها على العلامة المحدث محمد حياة السندي، وأجازه بكتب الحديث ()، ورحل الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن (ت 1319هـ) إلى الهند لطلب علم الحديث والقراءة على كبار المحدثين، قال شيخ مشايخنا سليمان ابن حمدان ـ رحمه الله ـ في ترجمته للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن:
«ثم سافر بعد وفاة والده إلى (هندستان) لطلب الحديث في رجب سنة (1309هـ) كما وجدت ذلك بخطه على بعض كتبه، وقال أيضاً: وفي قدومي بلد (بمبي) حضرت مجالس تحتوي على الأدب والغزل وشيء من فنون اللغة، والقلب إذ ذاك متوقد إلى لقاء علماء الحديث الأفاضل، ومشتاق إلى مجالسة الفحول الأماثل. ثم مَنَّ الله بملاقاتهم، فأولهم: السيد نذير حسين، المقيم في بلدة دهلي، قرأت عليه «شرح نخبة الفكر» بالتأمل والتأني، ثم شرعت في
¥(13/478)
قراءة الصحيحين، وقرأت أطرافاً من الكتب الستة والمشكاة وغيرها، وحصل لي منه السماع والإجازة والقراءة. ثم ارتحلت في رمضان سنة (1309هـ) إلى (بهوبال)، فقرأت فيها على الشيخ حسين بن محسن الأنصاري، وحصل لي منه القراءة والإجازة، وذكر الشيخ حسين في إجازته العامة أنه أخذ من علم الحديث بحظ وافر، … وقال: حضرت عند المولوي سلامة ابن المدرس في (بهوبال) وسمعت منه شيئاً من سنن ابن ماجه وغيرها، وحصل لي منه الإجازة، … وقدمت بلد (كلي شهير) وافداً على الشيخ العالم العامل المحدث، الشيخ محمد الهاشمي الجعفري، سنة (1310هـ) لطلب الحديث، فأول حديث سمعته منه الحديث المسلسل بالأولية، وقال الهاشمي: أجزته أن يروي عني جميع مروياتي، فإنه أهل لذلك» ().
ورحل شيخ شيوخنا العلامة سعد بن حمد بن عتيق (ت 1349هـ) ـ رحمه الله ـ إلى الهند لطلب علم الحديث وملاقاة كبار المحدثين فيه، يقول تلميذه العلامة سليمان بن حمدان: «ثم إنه تاقت نفسه إلى الرحلة في طلب العلم أُسوة بالأئمة الأعلام، فسافر إلى الهند لطلب الحديث والأخذ عن علمائها، فقدم (بهوبال) واجتمع فيها بالعلامة صديق حسن خان، صاحب التفسير المسمى (جامع البيان). وأخذ عن غيره من العلماء المقيمين بأرض الهند، مثل الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني، والشيخ نذير حسين، وغيرهما، وقرأ عليهما في علم الحديث، وطلب منهما الإجازة، فأجازاه بما تجوز لهما روايته، كما هو مذكور في إجازته» ().
ورحل أيضاً الشيخ العلامة عبد العزيز بن حمد بن عتيق (ت1359هـ) إلى الهند لطلب علم الحديث، يقول عنه الشيخ عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ: «ثم سافر إلى الرياض عدة سنين طويلة، جاداً مجتهداً في طلب العلم على علماء نجد من ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم. ثم طمحت نفسه إلى طلب علم الحديث من مظانه في ذلك الوقت في (الهند) مع بُعد المسافة، وخوف الطريق وكثرة الأعداء، فسافر إلى الهند وأخذ الحديث الشريف بالأسانيد المتصلة، ومن أجلِّ من روى عنه الحديث، إمام المحدثين في وقته نذير حسين الدهلوي» ().
ورحل أيضاً الشيخ العلامة علي بن ناصر بن وادي ـ رحمه الله ـ
(ت1361هـ) إلى الهند أيضاً لطلب علم الحديث، يقول عنه الشيخ عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ: «ثم رحل إلى الهند، ويرافقه في رحلته العلمية الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ،والشيخ فوزان السابق، وشرع في قراءة الحديث على علمائه، ومنهم العلامة المحدث الشيخ نذير حسين في (دلهي) ـ عاصمة الهند ـ فأخذ عنه سند المسانيد، كمسند الإمام أحمد، ومسند الطبراني وغيرهما. ثم رحل من عاصمة الهند إلى بلدة (بهوبال) للأخذ على علاَّمتها السلفي الشيخ صديق حسن…» ().
إن رحلة أهل العلم في نجد إلى بلاد الهند أو غيرها لطلب علم الحديث وملاقاة أهله، لها أثرها على طلبة العلم في منطقة نجد؛ فهي دافع للإلتفات إلى هذا العلم والعناية به.
ومما يدل أيضاً على معرفة أئمة الدعوة لعلم الحديث، تدريس بعضهم لكتب الحديث على طريقة المحدثين لا على طريقة الفقهاء.
وقد تمثل هذا في شخصية شيخنا الإمام المحدث عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ حيث كان الشيخ في دروسه شديد العناية بتدريس الكتب الستة، وكتب السنن والمسانيد، وغيرها من كتب الحديث وعلومه، وقد كانت طريقته في شرح هذه الكتب على طريقة أئمة الحديث، فمثلاً: إذا قُرئ عليه من (سنن النسائي) أو (جامع الترمذي)،يبدأ الشيخ بالكلام على منهج الكتاب، ثم يتكلم عن رجال الإسناد توثيقاً وتضعيفاً، ثم يحكم على الإسناد بالصحة أو الضعف، ويعتني ببيان درجة الحديث، وذكر العلل، وذكر الشواهد والمتابعات، إن احتاج إليها، وكل هذا من حفظه!
وإذا عرض للشيخ حديث فيه كلام، وأراد أن يتوسع في تخريجه، كلَّف بعض الطلاب ليقوم بذلك، فإذا انتهى الباحث من تخريج الحديث، أمره الشيخ بقراءته، ثم إذا انتهى ذكر الشيخ ما ترجح له في حال هذا الحديث.
وكذا يُقرأ على الشيخ (تقريب التهذيب) أو (تهذيب التهذيب)، إذا أشكل عليه الحكم على راوٍ من الرواة.
وهذه (الصناعة الحديثية) التي تحلت بها دروس الشيخ، قد تفرَّد بها على من كان في طبقته.
وبجانب عناية الشيخ بتدريس كتب الحديث وعلومه، ألف مؤلفات حديثية لها أهميتها، فقد ألف (حاشية على بلوغ المرام)، و (التحفة الكريمة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة والسقيمة)، وعلَّق على (تقريب التهذيب) وعلى غيره من كتب الحديث وعلومه.
واهتمام الشيخ وعنايته بعلم الحديث أمر ظاهر يعرفه من لازم الشيخ وحضر دروسه.
إن مما يجدر التنبيه إليه، أن علم الحديث في عصرنا هذا، أصبح علماً له من يختص به من أهل العلم في (نجد) وليس كما كان في السابق، وفي هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ: «…في الآونة الأخيرة ـ والحمد لله ـ بدأ الناس يهتمون بعلم الحديث، والنظر في سند الحديث ومتنه، والنظر في كلام أهل العلم فيه، فأصبح هناك اهتمام كبير في طلب علم الحديث، وهو أمر لا بد منه» ().
هذا ومن أهم أسباب عناية أهل العلم في (نجد) بعلم الحديث ـ خاصة في هذا العصر ـ ما يلي:
1 - أن أُصول منهج أئمة الدعوة يعتمد على الاجتهاد وعدم التقليد، وعلم الحديث أهم علوم الاجتهاد.
2 - اتصال أهل العلم ـ في منطقة نجد ـ بكبار المحدثين الذين يفدون إليهم من بعض الأمصار.
3 - ظهور كتب الحديث وعلومه، وانتشارها بين أواسط أهل العلم، وهذا بخلاف ما كان في السابق.
4 - تأثر طلبة العلم بالشخصية الحديثية عند الشيخ عبد العزيز بن باز، وبجانبه تأثرهم بالشيخ الألباني وقراءتهم لمؤلفاته.
هذا ومن ينظر بعين الإنصاف إلى الحركة العلمية في الديار النجدية، يرى أن حلقات العلم في المساجد، وفي بعض المؤسسات العلمية، لها عناية تامة بالحديث وعلومه، ودراسة بعض مسائله المشكلة، في الجرح والتعديل، وتعليل الأحاديث، والحكم عليها.
وقد ظهرت مؤلفات وردود حديثية لبعض أهل العلم، تدل صراحة على تمكنهم من هذا العلم.
وهذا كله ـ بإذن الله ـ مؤذن بخروج أكابر من المحدثين، وعسى أن يكون قريباً ().
¥(13/479)
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[04 - 10 - 06, 12:17 م]ـ
الان تزخر نجد بثلة طيبة من هؤلاء المحديثين
منهم:
الشيخ عبد الكريم الخضير
الشيخ عبد الله السعد
الشيخ سلمان العلوان
الشيخ الطريقي
الشيخ دبيان الدبيان
و غيرهم كثير(13/480)
هل هناك فرق بين التواتر اللفظي والتواتر المعني من ناحية ........
ـ[عمر]ــــــــ[09 - 09 - 06, 08:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وركاته
اخواني الكرام
هل هناك فرق بين التواتر اللفظي والتواتر المعني من ناحية الاحتجاج؟؟
انتظر ردكم وحبذا لو كان مذيلا بمصدر بارك الله فيكم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[09 - 09 - 06, 09:13 م]ـ
أخي الحبيب عمر حفظه الله ورعاه ...
العبرة أخي الحبيب بقبول وحجية الحديث ليست بتواتر الحديث ان كانت لفظية أو كانت بالمعنى ... بل العبرة هي بتطبيق الشروط الخمسة للحديث الصحيح.
فاذا توفرت هذه الشروط قبلنا الحديث وكان حجة, وان نزل الحديث الى مرتبة الحسن فهو مقبول أيضا.
فالحديث اذا تواتر برواية من يقدح في عدالتهم بالكذب مثلاً ... فان هذا التواتر لا يفيد الحديث ... بل يزيد هذا التواتر من ضعف الحدبث.
******
ولاثبات حجية حديث الآحاد ارجع أخي الكريم الى هذه الروابط:
الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام: http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=30&book=198
أخبار الآحاد في الحديث النبوي: http://www.saaid.net/book/open.php?cat=91&book=715
******
وفي المرفقات تجد أخي الكريم كتاب صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام للعلامة الألباني رحمه الله تعالى ... وفي مقدمة الكتاب نقولات مهمة فراجعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عمر]ــــــــ[09 - 09 - 06, 09:22 م]ـ
بارك الله فيك اخي بلال خنفر
ـ[المستشار]ــــــــ[10 - 09 - 06, 09:34 ص]ـ
أدام الله توفيقكم لكل خير.
ومع هذا فلا فرق بين التواتر اللفظي أو المعنوي عند القائلين بالتواتر من حيث الاحتجاج، والإجماع قائم على إفادة التواتر (بغير تفريق) للقطع واليقين، ولم يخالف في ذلك سوى بعض الزنادقة كالسُمَنية والبراهمة (عبدة الأوثان ومنكري الرسالات) وتبعهم النَّظَّام في قول اعتبره أبو منصور البغدادي من فضائح النظام، والنظام زنديق قبيح يؤلف في تفضيل التثليث على التوحيد! قاتله الله.
والقصد أنه لا خلاف في الاحتجاج بالمتواتر بقسميه.
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:21 م]ـ
بارك الله فيكم(13/481)
هل هناك كتاب القواعد الحديثية
ـ[احمد محمود الشيخ]ــــــــ[09 - 09 - 06, 10:28 م]ـ
السلام عليكم ...... هل هناك علم اسمه القواعد الحديثية؟ وما ضوابطه؟
ـ[احمد محمود الشيخ]ــــــــ[09 - 09 - 06, 11:21 م]ـ
ارجو تعديل العنوان: هل هناك علم اسمه القواعد الحديثية؟
ـ[محمد ياسر عرفات]ــــــــ[09 - 09 - 06, 11:53 م]ـ
لعلك تقصد المصطلحات الحديثية!!
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[10 - 09 - 06, 12:27 ص]ـ
اذهب بارك الله فيك الى المكتبة الوقفية: http://www.waqfeya.com
وفي قسم الحديث وعلومه تجد هناك كتاب باسم ((قواعد حديثية ويليها تحصيل ما فات التحديث)) للشيخ عمرو عبد المنعم سليم.
والسلام عليكم(13/482)
حول كتاب (غرائب السنن) لابن شاهين
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:43 م]ـ
للحافظ الكبير الإمام الزاهد (ابن شاهين) - رحمه الله
كتاب عظيم النفع كثير الفائدة
اسم كتابه
غرائب السنن
وهذا الكتاب مفيد جدا للفقهاء
ولعلنا نقف فيه على كثير من الأحاديث التي يحتج بها الفقهاء في كتبهم
ولعصريه الدارقطني - رحمه الله كتاب السنن جمع فيه الكثير من غرائب السنن
كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم
إلا أن المتوقع أن كتاب ابن شاهين أوسع وأشمل
خصوصا أنه سمى كتابه غرائب السنن
وهو فن لطيف
ثم إنه من الأهمية بمكان
ومما يزيد من أهمية الكتاب سعة مرويات ابن شاهين
وابن شاهين يعتمد في كتابه هذا على الكثير من كتب الفوائد والغرائب
وأيضا كتب الفقهاء أو الكتب الفقهية
فيعتمد على كتاب المترجم للجوزجاني على سبيل المثال
وهو كتاب فقهي مسند جليل النفع سبق الكلام عنه
ويعتمد على كتب أخرى
من ذلك مرويات ابن أبي داود وهو حافظ كبير
الى غير ذلك
ونحن يمكننا أن نحاول معرفة منهج ابن شاهين في كتابه غرائب السنن من خلال استقراء منهج ابن شاهين في كتبه التي وصلت إلينا
فابن شاهين حافظ كبير ولكنه في التحقيق دون غيره من العلماء
سواء أكان في الفقه أو في الحديث
فهو في الدارية دون كبار الحفاظ
وهذا لا يعني أنه لم يكن من كبار الحفاظ
ولكن من باب أنزلوا الناس منازلهم
فالعلم مراتب ودرجات
ولو تأملنا منهجه نجده يقول عن حديث غريب الاسناد
هذا حديث صحيح الاسناد حسن المتن .. الخ
ونحو ذلك وتجد هذا الحديث غير صحيح الاسناد
وعلى هذا قس منهج ابن شاهين
والكلام هنا ليس عن منهج ابن شاهين
وإنما الكلام عن أهمية هذا الكتاب المفقود
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:46 م]ـ
والكتاب نقل عنه الحافظ الكبير الإمام أبو العباس الحراني الدمشقي - رحمه الله -
في موضعين
وهو من مصادر الحافظ الواعظ ابن الجوزي - رحمه الله - في كتبه و لا أظنه صرح باسم الكتاب
أما أبو العباس فقد صرح باسم الكتاب في موضعين
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:52 م]ـ
هنا فائدة حول سنن الدارقطني
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=396908#post396908
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:57 م]ـ
وابن شاهين يكاد يستوعب الباب
وكتابه في التفسير كبير
وكتابه في الافراد جليل حافل
وهكذا
فنحسب أن هذا الكتاب من الأهمية بمكان
ـ[ابن وهب]ــــــــ[10 - 09 - 06, 11:03 م]ـ
قال أبو العباس الحراني الدمشقي - رحمه الله
(فإن قيل: ما ذكرتموه معارض بما روى أبو حفص بن شاهين في > غرائب السنن < بإسناده عن موسى بن مطين عن أبيه عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن فلاناً تزوج فلانة ولا نراه إلا يريد أن يحلها لزوجها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: > أشهد على النكاح <. قالوا: نعم قال: > ومهر <. قالوا: نعم. قال: > ودخل < يعني الجماع. قالوا: نعم. قال: > ذهب الخداع)
انتهى
كذا موسى بن مطين وهو خطأ من النسخة السقيمة
بل هو موسى بن مطير
وهذا الكتاب فيه من الأخطاء الفاحشة المطبعية والتي من الناشر أو الطابع الشيء الكثير
والله المستعان
وفي موضع آخر
(المسلك الثاني: ما روى أبو إسحق الجوزجاني: ثنا ابن مريم: أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحلل فقال: > لا إلا نكاح رغبة نكاح دلسة
ولا استهزاء بكتاب الله ثم يذوق العُسَيلة < ورواه ابن شاهين في > غرائب السنن
)
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[13 - 09 - 06, 06:34 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 11 - 06, 10:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا
الدر المنثور ج8/ص402
وأخرج عبد بن حميد وابن شاهين في كتاب العجائب الغرائب عن أبي الزناد قال إذا قضى بين الناس وأمر بأهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار قيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن عودوا ترابا فيعودوا ترابا فعند ذلك يقول الكافر حين يراهم قد عادوا ترابا يا ليتني كنت ترابا(13/483)
الدرر من السير
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:02 ص]ـ
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده
أما بعد
فهذه بعض الدرر التى استوقفتنى اثناء تقلبى هذا السفر العظيم
سير أعلام النبلاء
جزى الله صانعه خير الجزاء
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:09 ص]ـ
ترجمة مكحول
يونس بن بكير عن ابن اسحاق سمعت مكحول يقول طفت الأرض كلها فى طلب العلم
قلت _ الذهبى _ هذا القول منه على سبيل المبالغة
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:14 ص]ـ
تابع
وروى مروان بن محمد عن الأوزاعى قال لم يبلغنا أن أحدا من التابعين تكلم فى القدر إلا هذين الرجلين الحسن ومكحول فكشنا عن ذلك فإذا هو باطل
قلت يعنى رجعا عن ذلك
ـ[المستشار]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:18 ص]ـ
أدام الله توفيقكم لكل خير، ولعلك تراجع كتاب ((تحفة النبلاء في ترتيب سير أعلام النبلاء)) تقديم الشيخ صفوت نور الدين رحمة الله عليه، وتأليف الشيخ أحمد سليمان أيوب.
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:27 ص]ـ
ترجمة عمرو بن شعيب
وقال الترمذى عن البخارى رايت أحمد وعليا واسحاق واباعبيدة وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين فمن الناس بعدهم؟
قلت أناأستبعد صدور هذه الألفاظ من البخارى
أخاف أن يكون أبوعيسى وهم
وإلا فالبخارى لا يعرج على عمرو أفتراه يقول. فمن الناس بعدهم .. ؟
ثم لا يحتج به أصلا ولا متابعة
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:42 ص]ـ
تابع
قال الحافظ _ المغيرة _ اعتبرت حديثه فوجدت أن بعض الرواة يسمى عبدالله وبعضهم يروى ذلك الحديث بعينه فلا يسميه.
ورايت بعضها قد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده محمد , عن عبدالله.
وفى بعضها عمرو عن جده محمد
قلت جاء هذا فى حديث واحد مختلف.
وعمرو لم يلحق جده محمدا أبدا
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:59 ص]ـ
تابع
ثم إن أبا حاتم بن حبان تحرج من تلين عمرو بن شعيب وأداه اجتهاده إلى توثيقه فقال:
والصواب فى عمرو بن شعيب أن يحول من هنا إلى تاريخ الثقات لأن العدالة قد تقدمت
فأما المناكير فى حديثه إذا كانت فى روايته عن أبيه عن جده فحكمه حكم الثقات إذا رووا المقاطيع والمراسيل بأن يترك من حديثهم المرسل والمقطوع ويحتج بالخبر الصحيح
يتبع
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 09 - 06, 05:05 ص]ـ
المستشار
بارك الله فيكم
سأفعل إن شاء الله
والمستشار مؤتمن
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 03:02 ص]ـ
ترجمة حماد بن سليمان
قال الذهبى رحمه الله: فأفقه أهل الكوفة على وابن مسعود وأفقه أصحابهما علقمة وأفقه أصحاب إبراهيم وأفقه أصحاب إبراهيم حماد وأفقه أصحاب حماد أبو حنيفة وأفقه أصحابه أبو يوسف وانتشر أصحاب أبى يوسف فى الأفاق
وأفقههم محمد وأفقه أصحاب محمد أبو عبدالله الشافعى رحمهم الله تعالى
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 03:20 ص]ـ
ترجمة سماك بن حرب
وقال يعقوب الدوسى:
روايته عن عكرمة خاصة مضطربة وهو فى غير عكرمة صالح , وليس من المتثبتين , ومن سمع منه قديما مثل شعبة وسفيان , فحديثهم عنه صحيح مستقيم
وقال صالح بن محمد: يضعف ,قال النسائى: ليس به بأس وفى حديثه شيئ , و قال عبدالرحمن بن خراش: فى حديثه لين.
قلت: ولهذا تجنب البخارى إخراج حديثه وقد علق له البخارى استشهادا به.
فسماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس نسخة عدة أحاديث.
فلا هى على شرط مسلم لإعراضه عن عكرمة , ولا هى على شرط البخارى لإعراضه عن سماك ولا ينبغى أن تعد سماكا إنما تكلم فيه من أجلها
قال أبو عمرو:يراجع الباعث وكلام العلامة أحمد شاكر فى انتقاده على الحاكم
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 03:29 ص]ـ
ترجمة سماك بن حرب
وقال يعقوب الدوسى:
روايته عن عكرمة خاصة مضطربة وهو فى غير عكرمة صالح , وليس من المتثبتين , ومن سمع منه قديما مثل شعبة وسفيان , فحديثهم عنه صحيح مستقيم
وقال صالح بن محمد: يضعف ,قال النسائى: ليس به بأس وفى حديثه شيئ , و قال عبدالرحمن بن خراش: فى حديثه لين.
قلت: ولهذا تجنب البخارى إخراج حديثه وقد علق له البخارى استشهادا به.
فسماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس نسخة عدة أحاديث.
فلا هى على شرط مسلم لإعراضه عن عكرمة , ولا هى على شرط البخارى لإعراضه عن سماك ولا ينبغى أن تعد سماكا إنما تكلم فيه من أجلها
قال أبو عمرو:يراجع الباعث وكلام العلامة أحمد شاكر فى انتقاده على الحاكم
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 03:31 ص]ـ
ذكر الذهبى رحمه الله سماك بن حرب وسماك بن الفضل وسماك بن الوليد وسماك بن عطية
ثم ذكر فى ترجمة الاخير فقال: فهؤلاء الأربعة متعاصرون أقوياء.وما فى تهذيب الكمال من اسمه سماك غيرهم.
قال أبوعمرو: فهل من مجتهد يستدرك على إمامنا
ومعلوم أن باب الإجتهاد مفتوح إلى يوم الدين
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 03:38 ص]ـ
ترجمة عبد الله بن دينار
وقد أساء ابوجعفر العقيلى بإيراده فى كتاب الضعفاء له فقال: -
فى رواية المشايخ عن عبد الله بن دينار اضطراب , ثم إنه أورد له حديثين مضطربى الاسناد ولا ذنب لعبدالله وإنما الإضطراب من الرواة عنه. فقد وثقه الناس.
¥(13/484)
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 03:52 ص]ـ
قاعدة فى قبول
رواية المبتدع
ـ[العكاشى]ــــــــ[13 - 09 - 06, 04:02 ص]ـ
نكملها غدا
نسالكم الدعاء
ـ[العكاشى]ــــــــ[14 - 09 - 06, 01:36 ص]ـ
قاعدة فى قبول
رواية المبتدع
ترجمة قتادة بن دعامة
قال الذهبى رحمه الله:-
وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع , فإنه مدلس معروف بذلك.
وكان يرى القدر , نسأل الله العفو , ومع هذا فما توقف أحد فى صدقه وعدالته وحفظه , ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم البارى وتنزيهه وبذل وسعه
والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل.
ثم إن الكبير من ائمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق اتسع
علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله ولا نطرحه وننسى محاسنه.
نعم ولا نقتدى به فى بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك
ـ[العكاشى]ــــــــ[14 - 09 - 06, 01:38 ص]ـ
قاعدة فى قبول
رواية المبتدع
ترجمة قتادة بن دعامة
قال الذهبى رحمه الله:-
وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع , فإنه مدلس معروف بذلك.
وكان يرى القدر , نسأل الله العفو , ومع هذا فما توقف أحد فى صدقه وعدالته وحفظه , ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم البارى وتنزيهه وبذل وسعه
والله حكم عدل لطيف بعباده ولا يسأل عما يفعل.
ثم إن الكبير من ائمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق اتسع
علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله ولا نطرحه وننسى محاسنه.
نعم ولا نقتدى به فى بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك
ـ[العكاشى]ــــــــ[14 - 09 - 06, 02:53 ص]ـ
كلام الاقران
............................. ,؟
ـ[العكاشى]ــــــــ[15 - 09 - 06, 01:31 ص]ـ
كلام الأ قران
عن أبان العطار , قال: ذكر يحي بن ابى كثير عند قتادة فقال: متى كان العلم فى السماكين.
فذكر قتادة عند يحيى فقال: لا يزال أهل البصرة بشر ما كان فيهم قتادة.
قلت: كلام الأقران يطوى ولا يروى فإن ذكر تأمله المحدث فإن وجد له متابعا وإلا أعرض عنه.
ـ[العكاشى]ــــــــ[15 - 09 - 06, 08:09 م]ـ
كبار التابعين
.......................................... ,,,؟
ـ[العكاشى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 01:40 ص]ـ
كبار التابعين
ترجمة عبد الله بن دينار
ذكر الحاكم فى كتاب مزكى الأخبار فقال: هو من كبار التابعين كذا قال!
ولم يصب فإن كبار التابعين علقمة والاسود وقيس بن أبى حازم وعبيدة بن عمير المكى وسعيد بن المسيب وكثير بن مرة وأبو إدريس الخولانى وأمثالهم.
وأوساط التابعين كعروة والقاسم وطاوس والحسن وابن سيرين وعطاء بن أبى رباح.
فبالجهد حتى يعد عمرو بن دينار فى هذه الطبقة وإلا فالأولى أنه من طبقة تابعة لهم كثابت البنانى وأبى إسحاق السبيعى ومكحول وأبى قبيل المعافرى ونحوهم إلا أن يكون أبو عبدالله عنى بقوله إنه من كبارهم فى الفضل والجلالةفهذا مكن.
ثم قال: وكان من الحفاظ المقدمين أفتى بمكة ثلاثين سنة
ـ[العكاشى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 07:07 ص]ـ
مراسيل الزهرى
................................... ,,,؟؟؟
ـ[العكاشى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 02:43 م]ـ
مراسيل الزهرى
ترجمة الزهرى
قال يحيى بن سعيد القطان: مرسل الزهرى شر منمرسل غيره , لأنه حافظ , وكل ما قدر أن يسمى سمى , وإنما يترك من لا يحب أن يسميه.
قلت: مراسيل الزهرى كالمعضل , لأنه يكون قد سقط منه اثنان , ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابى فقط , ولو كان عنده صحابى لأوضحه ولما عجز عن وصله , ولو أنه يقول: عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , ومن عد مرسل الزهرى كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما , فأنه لم يدر ما يقول.
نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه.
ـ[العكاشى]ــــــــ[17 - 09 - 06, 07:54 ص]ـ
جاء ليسرق فسرقناه ............... ,,,؟؟؟
ـ[العكاشى]ــــــــ[18 - 09 - 06, 01:18 ص]ـ
ترجمة مالك بن دينار
وقيل: دخل عليه لص فما وجد ما يأخذ , فناداه مالك: لم تجد شيئا من الدنيا فترغب فى شئ من الأخرة؟
قال: نعم.
قال توضأ وصل ركعتين.
ففعل ثم جلس وخرج إلى المسجد فسئل من ذا؟
قال: جاء ليسرق فسرقناه.
ـ[العكاشى]ــــــــ[21 - 09 - 06, 02:36 ص]ـ
تولى القضاء عند العلماء
........................................... ؟؟؟؟
ـ[العكاشى]ــــــــ[21 - 09 - 06, 08:41 ص]ـ
تولى القضاء عند العلماء
ترجمة منصور بن المعتمر
قال زائدة: امتنع منصور من القضاء فدخلت عليه وقد جئ بالقيد ليقيد , فجاءه خصمان فقعدا فلم يسألهما ولم يكلمهما
فقيل ليوسف بن عمر: لو نثرت لحمه لم يل القضاء فتركه.
قال ابو عمرو: ذاك هم العلماء ..................... !!!
ـ[العكاشى]ــــــــ[23 - 09 - 06, 05:42 ص]ـ
منصور بن المعتمر
ماذا قال عنه الذهبى ................ ,,؟؟
رحمة الله على الجميع
ـ[العكاشى]ــــــــ[23 - 09 - 06, 07:12 م]ـ
قال الذهبى رحمه الله:-
وما علمت له رحلة ولا رواية عن أحد من الصحابة , وبلا شك كان عنده بالكوفة بقايا الصحابة , وهو رجل شاب مثل عبد الله بن أبى أوفى , وعمرو بن حريث.
إلا أنه كان من أوعية العلم. صاحب إتقان وتأله وخير.
وينزل فى الرواية إلى الزهرى , وخالد الحذاء , ويفضلونه على الأعمش.
قال أبو عمرو: درر ليست فى كتب أخرى.
¥(13/485)
ـ[العكاشى]ــــــــ[24 - 09 - 06, 06:20 م]ـ
أبو إسحاق السبيعى ...................... !!!!
ـ[العكاشى]ــــــــ[27 - 09 - 06, 05:37 ص]ـ
نعتذر عن عدم المواصلة
ونكمل بعد انتهاء شهر رمضان(13/486)
رأي المحدث سليمان آل الشيخ في سكوت الأئمة في مصنفاتهم عن الأحاديث الضعيفة دون بيان
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[11 - 09 - 06, 09:50 ص]ـ
قال الشيخ رياض بن عبد المحسن بن سعيد في رسالته عن الشيخ سليمان:
رأي الشيخ المحدث سليمان بن عبدالله آل الشيخ في (سكوت الأئمة في مصنفاتهم عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة دون بيان)
قال الشيخ وهو يرد على بعض شبه عبَّاد القبور:
«فإن قيل: كيف يكون شركاً، وقد روى أبو داود ذلك في» (مراسيله)، وغيره من العلماء يروون الحديث ولم ينكروه؟
قيل: أهل العلم يروون الأحاديث الضعيفة، والموضوعة، لبيان حالها وإسنادها، لا للاعتماد عليها واعتقادها، وكتب المحدثين مشحونة بذلك، فبعضهم يذكر علة الحديث، ويبين حاله، وضعفه إن كان ضعيفاً، ووضعه إن كان موضوعاً، وبعضهم يكتفي بإيراد الحديث بإسناده، ويرى أنه قد برئ من عهدته إذ أورده بإسناده، لظهور حال رواته، كما يفعل ذلك الحافظ أبو نعيم، وأبو القاسم بن عساكر، وغيرهما.
فليس في رواية من رواه، وسكوته عنه دليل على أنه عنده صحيح، أو حسن، أو ضعيف، بل قد يكون موضوعاً عنده، فلا يدل سكوته عنه على جواز العمل به عنده» ().
قلت: من نظر في كتب أئمة الحديث وما ألفوه في السنن، والمسانيد، والمعاجم، والمصنفات، وكتب التفسير،والفضائل، والزهد،والرقائق والأجزاء، لا شك أنه سيجد عند نظره إليها، أنهم يروون فيها بعض الأحاديث الضعيفة، والموضوعة، وهم في ذلك ما بين مقل ومستكثر، وما يهم ذكره، هل روايتهم لهذه الأحاديث الضعيفة، والموضوعة، يريدون بذلك تصحيحها، والعمل بها واعتقادها؟
أقول: أجاب الشيخ سليمان على ذلك، جواباً كافياً مفصلاً، فقال: «أهل العلم يروون الأحاديث الضعيفة، والموضوعة لبيان حالها وإسنادها، لا للاعتماد عليها واعتقادها، وكتب المحدثين مشحونة بذلك، فبعضهم يذكر علة الحديث،ويبين حاله، …».
قلت: وممن يعتني في مؤلفاته بذكر علة الحديث، وبيان حاله ضعيفاً كان أو موضوعاً، أبو داود في (السنن)، والبيهقي في (السنن الكبير)، و (معرفة السنن والآثار)، و (الجامع المصنف في شعب الإيمان)، والبغوي في (شرح السنة)، وابن حزم في (المحلى)، وابن عبد البر في (التمهيد)، وابن كثير في (تفسير القرآن)، و (البداية والنهاية)، وكذا في مصنفات الحافظ الذهبي، وابن حجر،وغيرهم كثير.
وعناية هؤلاء الأئمة بذكر درجة الحديث في مصنفاتهم، زاد من منزلة هذه الكتب عند أهل العلم، بل وتفضيلها على بعض الكتب الأخرى، ولا شك أن انتفاع طلبة العلم والناس عامة، بالكتب التي تعتني بذكر درجة الحديث، هو أكثر من انتفاعهم بمن لا يعتني بذلك.
وقول الشيخ: «وبعضهم يكتفي بإيراد الحديث بإسناده، ويرى أنه قد برئ من عهدته؛ إذ أورده بإسناده لظهور حال رواته، كما يفعل ذلك الحافظ أبو نعيم،وأبو القاسم بن عساكر وغيرهما، فليس في رواية من رواه وسكوته عنه، دليل على أنه عنده صحيح، أو حسن، أو ضعيف، بل قد يكون موضوعاً عنده، فلا يدل سكوته عنه، على جواز العمل به عنده».
قلت: بعض أئمة الحديث فيما صنفوه من السنن، والمسانيد، والمعاجم، وكتب التفسير، والزهد والرقائق وغيرها، نراهم يذكرون الحديث بسنده، ويرون أنهم بذلك، قد برئوا من عهدته، من وجود حديث ضعيف، أو موضوع، فعلى الناظر أن يبحث في حال الإسناد الذي ذكر، وهذا تحقيق لقولهم:
«من أسند فقد أحالك، ومن أرسل فقد تكفَّل لك»،وكثير منهم يريدون بذلك، أن يُعرف كل ما رُوي في ذلك الباب، لا أن يحتج بكل ما رُوي، وبعضهم يجعل العهدة في ذلك على الناقل، وما ذكرته يراه الناظر في تصانيف الحافظ أبو نعيم، وأبو القاسم بن عساكر، وابن منده، والطبراني، والضياء المقدسي، والخطيب البغدادي، ومن جرى مجراهم.
وقد نبه أهل الحديث على ذلك،وذكروه في مواضع كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «مصنفات الفقهاء، فيها من الأحاديث والآثار ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما هو موضوع، وكتب الرقائق والتصوف، فيها الصحيح، وفيها الضعيف، وفيها الموضوع.
¥(13/487)
وهذا أمر متفق عليه بين جميع المسلمين، لا يتنازعون في أن هذه الكتب فيها هذا،وفيها هذا، بل نفس الكتب المصنفة في الحديث والآثار، فيها هذا وهذا، وكذلك الكتب المصنفة في التفسير، فيها هذا وهذا، مع أن أهل الحديث أقرب إلى معرفة المنقولات،وفي كتبهم هذا وهذا، فكيف غيرهم؟
والمصنفون قد يكونون أئمة في الفقه، أو التصوف، أو الحديث، ويروون هذا تارة، لأنهم لم يعلموا أنه كذب، وهو الغالب على أهل الدين، فإنهم لا يحتجون بما يعلمون أنه كذب، وتارة يذكرونه وإن علموا أنه كذب، إذ قصدهم رواية ما رُوي في ذلك الباب.
ورواية الأحاديث المكذوبة، مع بيان أنها كذب، جائز، وأما روايتها مع الإمساك عن ذلك، رواية عمل فإنه حرام عند العلماء، وقد فعل ذلك كثير من العلماء متأولين أنهم لم يكذبوا، وإنما نقلوا ما رواه غيرهم،وهذا يسهل؛ إذ رووه ليعرف أنه رُوي، لا لأجل العمل به والاعتماد عليه» ().
وقال أيضاً: «وما يرويه أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو موسى المديني، وأبو القاسم ابن عساكر، والحافظ عبد الغني، وأمثالهم ممن لهم معرفة بالحديث، فإنهم كثيراً ما يروون في تصانيفهم، ما رُوي مطلقاً على عادتهم الجارية؛ ليعرف ما رُوي في ذلك الباب، لا ليحتج بكل ما رُوي، وقد يتكلم أحدهم على الحديث، ويقول: غريب،ومنكر،وضعيف، وقد لا يتكلم» ().
وقال أيضاً وهو يتكلم عن ما يرويه أبو نعيم في «الحلية»:
«هو وأمثاله يروون ما في الباب، لأن يُعرف أنه قد رُوي، كالمفسر الذي ينقل أقوال الناس في التفسير، والفقيه الذي يذكر الأقوال في الفقه، والمصنف الذي يذكر حجج الناس ليذكر ما ذكروه،وإن كان كثير من ذلك لا يعتقد صحته، بل يعتقد ضعفه، لأنه يقول: إنما نقلت ما ذكر غيري، فالعهدة على القائل، لا على الناقل» ().
وقال أيضاً وهو يتكلم عن الحافظ أبو عبد الله الضياء المقدسي:
«وهو أيضاً ممن يروي في الباب على عادة أمثاله، و يجعلون العهدة في ذلك على الناقل» ().
وقال الإمام ابن جرير الطبري في مقدمة «تاريخه»:
«وليعلم الناظر في كتابنا هذا، أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه، إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه،والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين، مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يَعرف له وجهاً في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يُؤتَ في ذلك من قبلنا، وإنما أُتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنما أَدَّينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا» ().
وقال الحافظ ابن حجر وهو يترجم للطبراني:
«وقد عاب عليه إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي، جمعه الأحاديث الأفراد، مع ما فيها من النكارة الشديدة والموضوعات، وفي بعضها القدح في كثير من القدماء من الصحابة وغيرهم.
وهذا أمر لا يختص به الطبراني، فلا معنى لإفراده باللَّوم، بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مئتين وهلُمَّ جَرا، إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته» ().
وقال الحافظ العراقي بعد أن ذكر حديثاً باطلاً لأُبي بن كعب:
«وكل من أودع حديث أُبي المذكور تفسيره، كالواحدي،والثعلبي، والزمخشري، مخطئ في ذلك، لكن من أبرز إسناده منهم، كالثعلبي والواحدي، فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيانه، وأما من لم يُبرز سنده، وأورده بصيغة الجزم، فخطؤه أفحش كالزمخشري» ().
قال الحافظ ابن حجر معلقاً على كلام شيخه العراقي:
«قلت: والاكتفاء بالحوالة على النظر في الإسناد، طريقة معروفة لكثير من المحدثين، وعليها ما صدر من كثير منهم، من إيراد الأحاديث الساقطة معرضين عن بيانها صريحاً،وقد وقع هذا لجماعة من كبار الأئمة،وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان» ().
¥(13/488)
وما أحسن ما قاله الأستاذ السلفي محب الدين الخطيب ـ رحمه الله ـ في كلمة له حول هذا: «إن مثل الطبري ومن في طبقته من العلماء الثقات المثبتين ـ في إيرادهم الأخبار الضعيفة ـ كمثل رجال النيابة ـ القضاء ـ الآن إذا أرادوا أن يبحثوا في قضية، فإنهم يجمعون كل ما تصل إليه أيديهم من الأدلة والشواهد المتصلة بها، مع علمهم بتفاهة بعضها أو ضعفه، اعتماداً منهم على أن كل شيء سَيُقدر قَدْره.
وهكذا الطبري وكبار حملة الأخبار من سلفنا، كانوا لا يفرطون في خبر مهما علموا من ضعف ناقله، خشية أن يفوتهم بإهماله شيءٌ من العلم، ولو من بعض النواحي، إلا أنهم يوردون كل خبر معزواً إلى راويه؛ ليعرف القارئ قوة الخبر من كون رواته ثقات، أو ضعفه من كونه رواته لا يُوثق بهم،وبذلك يرون أنهم أدوا الأمانة، ووضعوا بين أيدي القراء، كل ما وصلت إليه أيديهم» ().
وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ـ رحمه الله ـ:
«المتقدمون من المحدثين والمفسرين والمؤرخين، جرت عادتهم أن يوردوا كل ما في الباب من الأحاديث والأخبار، ولو كان غير صحيح الإسناد،أو كان إسناده باطلاً يعلمون بطلانه، اتكالاً منهم على ذكر سنده، فإنَّ ذكر السند يبرئ الذمَّة من المؤاخذة في إيراده، إذ قد كان «علم الإسناد» يعيش فيهم على أتم وجه» ().
وكما ذهب بعض أهل الحديث بأن ذكر بعض الأئمة للإسناد، يبرئ ذمتهم من مؤاخذتهم في إيراد بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة، كذلك ذهب بعض أهل الحديث إلى خلاف هذا، ورأوا أنهم لا يعذرون بذلك.
قال الحافظ العراقي:
«إن من أبرز إسناده به فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيان» ().
وقال الذهبي في ترجمته للخطيب البغدادي:
«تكلَّم فيه بعضهم، وهو وأبو نعيم، وكثير من علماء المتأخرين، لا أعلم لهم ذنباً، أكبر من روايتهم الأحاديث الموضوعة، في تآليفهم غير محذِّرين منها، وهذا إثم وجناية على السنن، فالله يعفو عنَّا وعنهم» ().
وقال الحافظ ابن حجر في أبي نعيم الأصبهاني وابن منده:
«هما عندي مقبولان، لا أعلم لهما ذنباً، أكبر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها» ().
وقال الحافظ السخاوي:
«لا يبرأ من العهدة في هذه الأعصار، بالاقتصار على إيراد الإسناد، لعدم الأمن من المحذور به، وإن صنعه أكثر المحدثين في الأعصار الماضية في سنة مائتين، وهَلُمَّ جَرا خصوصاً الطبراني، وأبو نعيم، وابن منده، فإنهم إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته» ().(13/489)
حاشية الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ على (المغني في الضعفاء)
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[11 - 09 - 06, 10:13 ص]ـ
قال الشيخ رياض بن عبد المحسن بن سعيد في رسالته عن الشيخ سليمان:
حاشية الشيخ سليمان على (المغني في الضعفاء): تحقيق ودراسة
إن علم الرجال من أهم علوم الحديث، إذ به يُفرَّق بين الثقات والضعفاء، وبه يعرف من وصف من الرواة بالتدليس، والاختلاط، والجهالة، ومن جَهله لا يميز بين صحيح الإسناد وضعيفه.
وقد ألف في هذا الفن جمع من الحفاظ، فمنهم من ألف في المؤتلف والمختلف، ومنهم من ألف في الألقاب، ومنهم من ألف في الأنساب،ومنهم من ألف في رواة الكتب الستة، ومنهم من لم يتقيد بكتاب دون كتاب، فهؤلاء منهم من أفرد الثقات كابن حبان، ومنهم من أفرد الضعفاء، ومنه (الضعفاء الصغير) للبخاري، و (الضعفاء والمتروكين) للنسائي، و (الضعفاء) للعقيلي، و (المجروحين) لابن حبان، وغيرهم كثير.
هذا وقد جاء بعد هؤلاء الأئمة، الحافظ الذهبي، فصنف في الضعفاء كتباً حافلة، كان من أهمها وأنفسها (المغني في الضعفاء)، وفي وصفه يقول الذهبي:
«أما بعد: فهذا كتاب صغير الحجم كبير القدر كثير النفع، هذَّبته وقرَّبته، وبالغت في اختصاره، تيسيراً على طلبة العلم المعتنين بالحديث في معرفة الضعفاء. قد احتوى على ذكر الكذابين الوضاعين، ثم على ذكر المتروكين الهالكين، ثم على الضعفاء من المحدثين والناقلين، ثم على الكثيري الوهم من الصادقين، ثم على الثقات الذين فيهم شيء من اللين، أو تعنَّت بذكر بعضهم أحد من الحافظين،ثم على خلق كثيرٍ من المجهولين، …وقد جمعت في كتابي هذا أُمماً لا يحصون، فهو مُغْنٍ عن مطالعة كتب كثيرة في الضعفاء…» ().
ولأهمية هذا الكتاب الجليل، عكف على دراسته، وخدمته والرجوع إليه أهل العلم، فهذا الحافظ السيوطي يقول عن (المغني):
«كتاب صغير الحجم نافع جداً، من جهة أنه يحكم على كل رجل بالأصح فيه بكلمة واحدة، على إعواز فيه، سأجمعه إن شاء الله تعالى في ذيل عليه» ().
ومن بين من خَدَمَ هذا الكتاب وعلَّق عليه الشيخ المحدث سليمان بن عبد الله حفيد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحم الله الجميع ـ فقد كتب حاشية نفيسة عليه، وتميزت هذه الحاشية بعدة مزايا، لهذا قمت بتحقيقها ودراستها، مرتباً ما فيها من المزايا على عناوين متعددة، تسهيلاً لطلبة علم الحديث، وأسأل الله التوفيق والسداد، وأن يجزي الشيخ سليمان خير الجزاء على ما قدمه في خدمة هذا العلم ونشره.
مزايا (حاشية الشيخ سليمان على المغني):
تميزت هذه الحاشية بعدة مزايا، وهي على ما يلي:
أولاً: تعقباته الحديثية على الإمام الذهبي،وهي متنوعة على ما يلي:
1 – تعقبه على الإمام الذهبي في الإخلال ببعض شرطه، الذي نص عليه في مقدمة الكتاب:
قال الإمام الذهبي: «وكذا لم اعتن بمن ضُعِّفَ من الشيوخ، ممن كان في المائة الرابعة وبعدها، ولو فتحت هذا الباب، لما سلم أحد إلا النادر من رواة الكتب والأجزاء» ().
قال الشيخ سليمان: «قوله: وكذا لم اعتن بمن ضُعِّف من الشيوخ إلى آخره، قد أخل بهذا، فإنه ذكر فيه أُناساً من أهل القرن السادس، كالزمخشري، وابن الزَّاغُوني، وغيرهما، فما أدري ما حمله على ذلك؟! رحمه الله» ().
قلت: صدق الشيخ سليمان، فقد ترجم الإمام الذهبي، للزمخشري، فقال: «محمود بن عمر الزمخشري، المفسر، داعية إلى الاعتزال» ().
وقد ولد سنة (467هـ) وتوفي سنة (538هـ).
وكذا ترجم لابن الزَّاغُونِي، فقال: «علي بن عبيد الله، أبو الحسن بن الزَّاغُوِني، إمام، انفرد بمسائل كلامية بُدِّع بها» ().
وقد ولد سنة (455هـ) وتوفي سنة (527هـ).
2 – تعقبه على الإمام الذهبي في عدم رمزه لـ (سنن ابن ماجه) في مقدمة الكتاب:
جاء في نسخة (المغني) والتي عليها حاشية الشيخ سليمان، قول الإمام الذهبي: «وقد رمزت على من له رواية في كتب الإسلام الستة كما تراه، فالبخاري خ، ومسلم م، وأبو داود د، والترمذي ت، والنسائي س، والجماعة كلهم ع، والسنن الأربعة عه» ().
قال الشيخ سليمان: «لم أر لابن ماجه رقماً، وكأنه سهوٌ من المصنف أو الناسخ، فيلحق، والذي يظهر لي أنه سهوٌ من الناسخ؛ كأنه قد رُمز له فما رآه» ().
¥(13/490)
قلت: صدق الشيخ، هو سهوٌ من الناسخ، حيث قد رمز الذهبي لـ (سنن ابن ماجه) كما يظهر من النسخ الأخرى للكتاب.
3 – تعقبه على الإمام الذهبي في عدم تفريقه بين رجلين في كتابه (تاريخ الإسلام) وفرَّق بينهما في (المغني):
قال الإمام الذهبي: «الحسن بن علي بن صالح، أبو سعيد البصري الذئب. قال الدارقطني: «متروك». وفرَّق بينه وبين العَدَوي» ().
قال الشيخ سليمان: (ذكره المصنف في «تاريخ الإسلام» ولم يُفرَّق بينه وبين العَدَوي، بل قال: «الحسن بن علي بن زكريا بن صالح، أبو سعيد، البصري العَدَوي، الملقب بالذئب. نزيل بغداد، حدث بافترائه عن: عمرو بن مرزوق، ومسدد، وغيرهما، قال ابن عدي: كان يضع الحديث،وقال الدارقطني: متروك» () وقد فَرَّق بينهما في هذا الكتاب، فذكر ترجمة العدوي) ().
قلت: نقل الإمام الذهبي تفريق الدارقطني بين الرجلين في (المغني) وكذا في (ميزان الاعتدال) () حيث قال فيه «قال الدارقطني: متروك، وفَرَّق بينه وبين سَمِيَّه العدوي».
وقد جاء هذا عن الدارقطني، كما في (سؤالات حمزة السهمي للدارقطني) حيث قال السهمي: «وسألت الدارقطني، عن الحسن بن علي بن صالح أبي سعيد البصري، ببغداد فقال: ذا متروك، قلت له: كان يسمي الذئب؟ قال: نعم» ().
وقال أيضاً: «وسألت الدارقطني، عن الحسن بن علي العدوي؟ فقال: كتب وسمع، ولكنه وضع أسانيد ومتوناً» ().
قلت: من ظاهر (سؤالات حمزة للدارقطني): يبدو أن الدارقطني قد فرَّق بين الحسن بن علي أبو سعيد، وبين الحسن العدوي. ولكن المتأمل لترجمة الحسن بن علي بن صالح أبو سعيد، في مصادر ترجمته في (الكامل) ()، و (تاريخ بغداد) ()، و (المجروحين) ()، لابن حبان و (لسان الميزان) ()، و (الوافي بالوفيات) () يتبين له أنه هو العدوي نفسه، حيث تذكر شخصاً واحداً باسم الحسن بن علي بن صالح أبو سعيد العدوي، كما أن الدارقطني في تعليقه على كتاب (المجروحين) () لابن حبان، لم يُفرِّق بينهما، مع أنه من عادته التنبيه على ما يقع لابن حبان، من وهم التجميع والتفريق بين الرواة.
وقد أفاد الشيخ سليمان في تعقبه على الإمام الذهبي، أن الذهبي قد تناقض، حيث لم يُفرِّق بينهما في (تاريخ الإسلام) وكذا في (ميزان الاعتدال) وفَرَّق بينهما في (المغني) حيث ذكر ترجمة العَدَوي، فقال: «الحسن بن علي أبو سعيد العَدَوي، بعد الثلاثمائة، كان يضع الحديث» ().
ولعل الشيخ سليمان لا يرى التفرقة بينهما؛ وذلك من خلال سياق تعقبه، وأيضاً لعل الغالب أن الحافظ الذهبي في آخر أمره، لا يرى التفرقة بينهما؛ وذلك أن (تاريخ الإسلام) و (ميزان الاعتدال)، ألفهما بعد (المغني).
4 – تعقبه على الإمام الذهبي في حكمه على بعض الرواة بالجهالة، وهم بخلاف ذلك:
وأمثلته ما يلي:
1 – قال الإمام الذهبي: «الحسن، عن واصل الأحدب، نكرة لا تتعرف» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: بل هو الحسن بن عُمَارة كما ذكره الحافظ ابن حجر، وهو ضعيف مشهور» ().
قلت: الحافظ الذهبي تردد في تعيين الحسن، الراوي عن واصل الأحدب، ففي (المغني) قال: «الحسن، عن واصل الأحدب، نكرة لا تتعرف» وقال في (ميزان الاعتدال) (): «الحسن، عن واصل الأحدب، نكرة».
وقال في (ديوان الضعفاء) (): «الحسن، عن واصل الأحدب، لا يدرى من هو» بينما في موضع آخر في (ميزان الاعتدال) () في ترجمة «رَزِين بن عقبة» قال: «رَزِين بن عقبة، عن الحسن لعله ابن عُمَارة» وقال في (تذهيب تهذيب الكمال) () في ترجمة «رَزِين بن عقبة»: «رزين بن عقبة، عن الحسن، قيل: الحسن هو ابن عُمَارة».
هذا وقول الشيخ سليمان، في تعقبه على الذهبي: (بل هو الحسن بن عُمَارة، كما ذكره الحافظ ابن حجر، وهو ضعيف مشهور).
فيه نظر من وجوه:
الأول: جَزَمَ الشيخ سليمان بأن الحسن الراوي عن واصل الأحدب، هو الحسن ابن عُمَارة، وبأن هذا ما ذكره الحافظ ابن حجر، وعبارة الشيخ بهذا السياق توهم أن الحافظ ابن حجر، جزم بأن الحسن هذا، هو ابن عُمَارة، وليس كذلك؛ حيث إن عبارة الحافظ ابن حجر،والتي وقف عليها الشيخ في (تقريب التهذيب) () هي:
¥(13/491)
«الحسن، عن واصل الأحدب، يقال هو ابن عمارة» وفرق كبير بين صيغة الجزم في عبارة الشيخ سليمان، وصيغة الشك والظن في عبارة الحافظ، ولو قال الشيخ سليمان في تعقبه: «يقال هو الحسن بن عمارة، كما ذكره الحافظ ابن حجر…» لكان أصح.
وحسب ما اطلعت عليه من كتب الرجال، لم أجد من جزم بأن الحسن الراوي عن واصل الأحدب، هو ابن عُمَارة، والحافظ الذهبي وابن حجر، تبع كل منهما الإمام النسائي، في الشك في تعيين الحسن الراوي عن واصل الأحدب هل هو ابن عُمَارة.
قال الحافظ المزي، في ترجمة رَزِين بن عُقبة:
«رَزِين بن عُقبة: عن الحسن، عن واصل الأحدب، عن شَقِيقْ بن سَلمة، قال: حضرنا علياً حين ضربه ابن مُلجم … الحديث. روى له النسائي في (مسند علي) هذا الحديث، وقال: ما آمن أن يكون هذا الحسن هو ابن عُمَارة، والحسن بن عُمَارة متروك الحديث» ().
الثاني: قول الشيخ: «وهو ضعيف مشهور».
فيه نظر، فلو سلمنا جزماً أنه الحسن بن عُمَارة، فهو ليس بضعيف، بل متروك الحديث، قاله أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، ومسلم، والنسائي، والدارقطني، بل قال الساجي: أجمع أهل الحديث على تركه، نقله الحافظ المزي ().
2 – قال الإمام الذهبي: «الحسين بن المنذر الخراساني، شيخ معاصر للثوري، مجهول» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: قال ابن حجر: صوابه الحسين بن واقد، فهو مشهور على قول ابن حجر» ().
قلت: لعل الإمام الذهبي قد ذهل فقد قال في (المغني):
«الحسين بن المنذر الخراساني، شيخ معاصر للثوري، مجهول».
وهكذا تماماً قال في (ميزان الاعتدال ()) و (ديوان الضعفاء) () بينما قال في (تذهيب تهذيب الكمال) (): «الحسين بن المنذر، هو حسين بن واقد» وهكذا في (الكاشف) ().
وهذا هو الصواب، وهو ما صوَّبه الحافظ ابن حجر.
قال في (تقريب التهذيب) (): «الحسين بن المنذر الخراساني، صوابه: الحسين بن واقد» وما صوَّبه الحافظ الذهبي في (التذهيب) و (الكاشف) وكذا الحافظ ابن حجر، والحافظ المزي أيضاً، نقلوه جميعهم من تصويب أبي داود، فقد نقل الحافظ المزي وابن حجر، عن أبي داود قال:
(… ذا وهم هو حسين بن واقد) ().
والحسين بن واقد هو: الحسين بن و اقد المروزي، أبو عبد الله القاضي، ثقة أنكر أحمد بعض حديثه، مات سنة (159هـ) أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم والأربعة ().
وبهذا التفصيل، يظهر صواب تعقب الشيخ سليمان على الحافظ الذهبي، والذي استند فيه، إلى قول ابن حجر في (تقريب الهذيب).
3 – قال الإمام الذهبي: «ربيعة بن نَاجِد، عن علي، فيه جهالة» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: قال العجلي كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر في تقريبه: ثقة» ().
قلت: كأن الشيخ سليمان في نقله هذا، يصرِّح بتوثيق ربيعة بن نَاجِد، وهو في هذا يتعقب على الإمام الذهبي في تجهيله.
قلت: هذا ليس بصواب، بل الصواب أن ربيعة بن نَاجِد الأزدي الكوفي مجهول، تفرد بالرواية عنه، أبو صادق الأزدي.
وقال الذهبي في (ميزان الاعتدال) (): «لا يكاد يُعرف».
ولم يوثقه سوى ابن حبان ()، والعجلي ()، وهما متساهلان في توثيق المجاهيل، ولم يصب الحافظ في (تقريب التهذيب) () بأنه: «ثقة».
4 – قال الإمام الذهبي: «عمرو بن عيسى، عن ابن جريج، لا يعرف» ():
قال الشيخ سليمان: «قال المصنف في «مختصر المستدرك»:
«عمرو بن عيسى منكر الحديث» () قال الحافظ ابن حجر (): «كذا قال فأوهم أن لغيره كلاماً، وليس كذلك» ثم قال: «ولا يلزم من ذلك القدح فيما رواه، بل يتوقف فيه» ().
قلت: ما ذكره الإمام الذهبي في (المغني) هو عين ما ذكره في (ميزان الاعتدال) () حيث قال: «عمرو بن عيسى، عن ابن جريج، لا يُعرف».
والإمام الذهبي قد تناقض وذهل؛ فقد قال في موضع آخر من (المغني) (): «عمر بن عيسى الأسلمي، عن ابن جريج، قال البخاري: منكر الحديث».
وقال أيضاً في موضع آخر من (ميزان الاعتدال ()):
¥(13/492)
«عمر بن عيسى الأسلمي، عن ابن جريج، قال البخاري: منكر الحديث ()، وقال ابن حبان (): يروي الموضوعات عن الإثبات …، وذكر حديثه ابن عدي والعقيلي، عمر بن عيسى، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: جاءت جارية إلى عمر، فقالت: إن سيدي اتهمني، فأقعدني على النار حتى أحرق فرجي، فقال عمر: هل رأى عليك ذلك؟
قالت: لا، قال: فاعترفت؟ قالت: لا، فقال: عليَّ به … والذي نفسي بيده، لو لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«لا يُقَادُ مملوكٌ من مالكهِ، ولا ولدٌ من والدهِ» () لأقَدْتُها منك، ثم أبرَزَه فضربه مائة سوط، ثم قال: اذهبي فأنت حرة».
وتناقض أيضاً فقال في (مختصر المستدرك) (): «عمرو بن عيسى، منكر الحديث».
وقد نبه على تناقض الذهبي وذهوله، الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) كما نقله عنه الشيخ سليمان، إلا أني ذاكر هنا كلام الحافظ بتمامه، حيث اختصره الشيخ سليمان، قال الحافظ بعد ذكره لحديث: «لا يُقَاد مملوك من مالكه …»:
«قال الحاكم صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عمرو بن عيسى، شيخ الليث وفيه منكر الحديث، كذا قال فأوهم أن لغيره كلاماً، وليس كذلك، فإنه ذكره في (الميزان) فقال: لا يُعرف، لم يزد على ذلك، ولا يلزم من ذلك القدح فيما رواه، بل يتوقف فيه» ().
وقد نبه الحافظ وبسط في بيان وهم الذهبي في كتابه (لسان الميزان) () حيث قال في ترجمة «عمر بن عيسى الأسلمي»:
«وقد أخرج الحاكم هذا الحديث في (المستدرك) من طريق أبي صالح كما قال العقيلي، وقال: صحيح الإسناد، ووقع في السند عمرو بن عيسى بفتح العين، فقال الذهبي في (تلخيص المستدرك) (): عمرو بن عيسى: منكر الحديث. وترجم له في هذا الكتاب (ميزان الاعتدال) فقال: عمرو بن عيسى، عن ابن جريج، لا يُعرف. وقد نبهت على غلطه فيه كما سيأتي،ونشأ من تصحيف اسمه، ان الحاكم صححه لظنِّه أنه غير عمر بن عيسى، وعمر كما ترى قد ضعفوه».
وقال أيضاً في (لسان الميزان) متعقباً الذهبي لقوله في (ميزان الاعتدال) (): «عمرو بن عيسى، عن ابن جريج، لا يُعرف».
قال الحافظ: «هذه الترجمة خطأ نشأ عن تصحيف، وإنما هو عمر بن عيسى بضم العين، وهو معروف.
وقد قال الذهبي في (تلخيص المستدرك):عمرو بن عيسى منكر الحديث. كذا قال، فأوهم أنه معروف، فإن كان عرفه وهو بضم العين، فقد تناقض فيما ذكره هنا، وإن كان ما عرفه فكان ينبغي أن يقتصر على ما ذكر في (الميزان)» ().
قلت: والغالب أن هذا نشأ عن تصحيف وقع للذهبي، من عمر بن عيسى إلى عمرو بن عيسى.
ولا يسلم من هذا كبار الأئمة، وليس من شرط الثقة أن لا يهم.
وبهذا التحقيق يظهر صواب ما تعقب به الشيخ سليمان على الإمام الذهبي.
وعمر بن عيسى منكر الحديث، وقد رماه ابن حبان بوضع الحديث.
5 –قال الإمام الذهبي: «أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لينه الدارقطني، وهو نكرة» ().
قال الشيخ سليمان: «قوله: «وهو نكرة» هذا غير مسلم، بل هو معروف، وثقه ابن معين وغيره، والعجب من المصنف أنه ذكر في (الميزان) و (الكاشف) توثيقه عن غير واحد، فلو أن المصنف هنا، سلك مسلك البزار في جعلهما اثنين: الراوي عن أبي هريرة والراوي عن ابن عباس، وجهَّل أحدهما لكان له وجه.
وإلا فقد أخرج لأبي غَطَفَان مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه» ().
قلت: جاء في (المغني) نسخة (مكتبة الأزهر) والتي تملكها الشيخ سليمان وعليها حاشيته هكذا:
«أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لينه الدارقطني، وهو نكرة».
وجاء في نسخة الحافظ (السَّفَاقِسي) تلميذ الذهبي، هكذا:
«أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لينه الدارقطني، وهو نكرة، إن لم يكن المُرِّي الذي أخرج له مسلم» ().
وعلى هذا أقول: بناء على ما جاء في نسخة (مكتبة الأزهر) يصح للشيخ سليمان ما تعقب به على الإمام الذهبي، وهو تعقب دقيق، كما سيظهر عند التحقيق، وبناءً على ما جاء في نسخة الحافظ (السَّفَاقِسي) وهي المعتمدة أقول:
تردد الإمام الذهبي في (المغني) في تعيين أبي غَطَفَان فقال:
¥(13/493)
«هو نكرة إن لم يكن المُرِّي الذي أخرج له مسلم» وقد رجح في (ميزان الاعتدال) () ـ وقد ألفه بعد (المغني) ـ بأنه المُرِّي، ورد تجهيل الدارقطني له فقال: «أبو غَطَفَان، عن أبي هريرة، لا يدرى من هو، قال الدارقطني (): مجهول، والظاهر أنه أبو غَطَفَان ابن طريف المُرِّي، وماذا بالمجهول، وثقه غير واحد».
وقال في (الكاشف) (): «أبو غَطَفَان المُرِّي، يقال: سعد، عن خزيمة بن ثابت، وأبي هريرة، وعنه إسماعيل بن أُميَّة، وعمر بن حمزة، ثقة، كتب لمروان، اخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه».
وهكذا ذكر في (تذهيب تهذيب الكمال) () وهو الصواب.
وقال الحافظ ابن حجر: «ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة، وقال: كان قد لزم عثمان وكتب له، وكتب أيضاً لمروان. وقال النسائي في (الكنى): «أبو غَطَفَان ثقة، قيل: اسمه سعد» وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال الدوري، عن ابن معين: أبو غَطَفَان ثقة.
وفرَّق البزار بين الراوي عن أبي هريرة، وبين الراوي عن ابن عباس؛ جعلهما اثنين» ().
وقال في (تقريب التهذيب): «ثقة» ().
5 – تعقبه على الإمام الذهبي في سياقه لترجمة راو ٍبما يُوهم أنه ثقة وليس كذلك.
قال الإمام الذهبي: «خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي. قال النسائي: «ليس بثقة»، ووثقه أحمد بن صالح وأبو زرعة الدمشقي» ().
قال الشيخ سليمان: «كلام المصنف يوهم أن خالداً ثقة، بسبب اختلاف الجرح والتعديل، مع أن الجرح لم يُفسر، والمعدلين أكثر.
وليس كذلك؛ فإن المصنف لم ينقل جرحه إلا عن النسائي، وقد جرحه غيره، فقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: «ينبغي أن يدفن كتاب الديات لخالد، لم يرض أن يكذب على أبيه، حتى كذب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم». وقال الدارقطني: «ضعيف» وقال أبو داود: «متروك الحديث». وقال يعقوب بن سفيان: «هو ضعيف» وقال ابن حبان: «هو من فقهاء الشام. كان صدوقاً في الرواية، لكنه كان يخطئ كثيراً، وفي حديثه مناكير، لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد عن أبيه، وما أقربه ممن ينسبه إلى التعديل») ().
قلت: جاء في نسخة من (المغني) وهي التي عليها حاشية الشيخ هكذا: «خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي قال النسائي: ليس بثقة، ووثقه أحمد بن صالح وأبو زرعة الدمشقي» ().
وعلى هذا يصح ما تعقب به الشيخ سليمان على الحافظ الذهبي.
وما نقله الشيخ سليمان من أقوال المجرحين هو من (تهذيب التهذيب) () هذا وقد جاء في نسخة أخرى من (المغني) كتبها بخطه وقرأها على الذهبي، الإمام الحافظ محمد القَيسي السَّفَاقِسي، هكذا:
«خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي، قال النسائي: ليس بثقة، ووثقه غيره، ولينه غير واحد» ().
وعلى هذه النسخة لا يكون في كلام الذهبي ما يُوهم أن خالداً ثقة، وإن كان الذهبي قد قَصَّر في قوله (ولينه غير واحد)، حيث إن هذا يشعر بأن ضعفه يسير وليس كذلك، بل (قال أحمد ويحيى بن معين: «ليس بشيء» وقال أبو داود: «متروك الحديث» ()).
علماً بأن الذهبي قال في (ديوان الضعفاء) (): «ليس بثقة» والراجح في خالد بن يزيد أنه ضعيف جداً.
6 – تعقبه على الإمام الذهبي في كلامه على راو ٍ بما لا يوجب ضعفه.
قال الإمام: الذهبي: «دَغْفَل بن حَنْظَلة النسَّابة، شيخ للحسن، خالفه الصحابة في سِن النبي صلى الله عليه وسلم» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: المخالفة في سِن النبي صلى الله عليه وسلم لا توجب ضعفه، وقد عدَّه بعضهم في المجهولين، وقيل إن له صحبة، وهو مشهور، جُمع له الأنساب وأيام العرب، وهو مخضرم، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم» ().
قلت: قول الذهبي: «دَغْفَل بن حَنْظَلة، خالفه الصحابة في سن النبي صلى الله عليه وسلم».
أي أن أكثر الصحابة اتفقوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.
¥(13/494)
وخالفهم دَغْفَل بن حَنْظَلة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين سنة، فقد أخرج البخاري في (التاريخ الكبير) ()، والترمذي في (الشمائل المحمدية) () وأبو يعلى ()، والطبراني () وغيرهم، عن معاذ بن هشام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة عن الحسن، عن دَغْفَل به. قال البخاري عقب إخراجه الحديث:
«لا يتابع عليه، ولا يُعرف سماع الحسن من دَغْفَل، ولا يُعرف لدَغْفَل إدراك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس وعائشة ومعاوية: «توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، و هذا أصح» ().
وقال الترمذي أيضاً عقب إخراجه الحديث:
«ودَغْفَل لا نعرف له سماعاً من النبي، وكان في زمن النبي رجلاً» ().
وقال الحافظ ابن حجر: «قال عمرو بن علي: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم، قُبض وهو ابن خمس وستين سنة، وليس بصحيح أنه سمع منه، وعدَّه ابن المديني في المجهولين من شيوخ الحسن» (). والحسن البصري روى عن دَغْفَل بن حَنْظَلة هذا الحديث، وحديث: «كان على النصارى صوم رمضان …» قال الإمام أحمد: «لا أعلم رُوي عن دَغْفَل غيرهما» ().
هذا ولعل الشيخ سليمان قد أصاب في تعقبه على الذهبي، بأن مخالفة الصحابة لدِغْفَل بن حَنْظَلة في سِن النبي صلى الله عليه وسلم، لا توجب ضعفه، بل قد قال الذهبي نفسه في (ميزان الاعتدال):
«دَغْفَل بن حَنْظلة النسَّابة. روى عنه الحسن البصري شيئاً في سِن النبي صلى الله عليه وسلم، خولف فيه، ولم يضعفه أحد» ().
وهذا صحيح فلم يضعفه أحد من الأئمة، إلا ما سبق عن علي بن المديني في تجهيله.
ولم يصب الذهبي في (ميزان الاعتدال) () عندما عقَّب قول الإمام أحمد عن دَغْفَل: «ما أعرفه» بقوله:
«يكفي في جهالته كون أحمد ما عرفه، و هو ذهلي شيباني».
وأصاب مقصد الإمام أحمد، ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) () عندما تعقبه بقوله: «يعني لا يَعْرف له صحبة أم لا» وهذا هو ظاهر المقصود من السؤال وجوابه، فقد قال السائل للإمام أحمد ـ كما في (الجرح والتعديل): «دَغْفَل بن حَنْظَلة له صحبة؟ قال: ما أعرفه».
هذا ولم يصب الشيخ سليمان في أن دَغْفَلاً أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقد تبع في ذلك قول ابن حبان حيث قال:
«دَغْفل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم» ().
وهذا ليس بصحيح، بل الصحيح أن دَغْفل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تصح له صحبة، كما قرر ذلك أكثر الأئمة كأحمد، والبخاري، والترمذي، وعمرو بن علي الفلاس وابن سعد، وابن أبي خيثمة، كما نقله الحافظ عنهم ()، وهو ما قرره الحافظ الذهبي () وابن حجر ().
وأحسن أحواله أنه مستور «وقد رُوي في حديث طويل لقاء دَغْفل بن حَنْظلة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في حديث عَرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل في الموسم بمكة. فتذكر الرواية أن دَغْفلاً كان غلاماً، فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن أبا بكر أخذ يسأل عن الأنساب سؤال الخبير، فكان دَغْفل يجيبه، ثم أخذ دَغْفل يسأل أبا بكر، حتى أسكت أبا بكر رضي الله عنه، فقال أبو بكر: «البلاء مُوكَّل بالمنطق» …والحديث بالغ الطول، كثير الغرائب، منكر اللفظ جداً.
ودلائل الوضع بادية عليه، من تكلف وتصنع وتطويل. وأعلم من تكلم عن هذا الحديث الحافظ العقيلي، حيث قال عنه في (الضعفاء): «ليس لهذا الحديث أصل، ولا يروى من وجه يثبت، إلا شيء يروى في مغازي الواقدي وغيره مرسلاً» ().
وهذا الحديث الوحيد الذي ذكر فيه لقاء دَغْفل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا الحديث شديد الضعف موضوعاً، فلا تثبت به الصحبة لدَغْفل بن حَنْظلة» ().
7 – تعقبه على الإمام الذهبي في تضعيفه لأحد الرواة وهو بخلاف ذلك.
قال الإمام الذهبي: «الربيع بن حبيب الكوفي، عن نَوفل بن عبد الملك، ضعيف الحديث، قال أحمد، والبخاري، و النسائي: منكر الحديث» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: ووثقه يحيى بن معين، وقال ابن حجر صدوق، ضُعف بسبب روايته عن نوفل، قال الحاكم أبو أحمد: الحمل على نَوفل» ().
¥(13/495)
قلت: نقل الشيخ سليمان توثيق ابن معين للربيع بن حبيب، ثم نقل قول الحافظ ابن حجر، وقد أخذه نصاً من (تقريب التهذيب) ().
وكأن الشيخ سليمان يتعقب على الإمام الذهبي في تضعيفه،ويميل إلى رأي الحافظ بن حجر، وهذا ليس بصواب، فقد قال الحافظ ابن حجر:
«قال أحمد: حدث عنه عبيد الله بن موسى مناكير، وقال البخاري، وأبو حاتم، والنسائي، منكر الحديث، وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: يكتب حديثه؟ قال: من شاء كتب، هو ضعيف» ().
وقال الدارقطني: «ضعيف» () وقال الذهبي في (الكاشف) ():
«منكر الحديث وقد وثقه ابن معين» وقال في (ديوان الضعفاء) (): «منكر الحديث» وذكره أبو زرعة الرازي في أسامي الضعفاء ().
وعلى كلام الأئمة النقاد هو ضعيف منكر الحديث، ويقدم قولهم على قول أبي أحمد الحاكم وابن حجر، لأنهم أعرف.
8 – تعقبه على الإمام الذهبي في نسبته لجرح أحد الأئمة لراو ٍ، والجرح إنما هو لراو ٍ آخر.
قال الإمام الذهبي: «صالح بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، له عن أبيه» ().
قال الشيخ سليمان: «إنما قاله يحيى بن معين في صالح بن موسى الطَلحي» ().
قلت: ما ذكره الإمام الذهبي في «المغني» هو عين ما ذكره في (ميزان الاعتدال) () حيث قال: «صالح بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله. عن أبيه، قال يحيى بن معين: ليس بشيء».
وقول الشيخ سليمان متعقباً على الذهبي: «إنما قاله يحيى بن معين في صالح بن موسى الطَلحي».
هذا التعقب لعل الشيخ وقف عليه مباشرة من كلام الإمام محمد بن أحمد ابن عبد الهادي، والغالب أن الشيخ وقف عليه من كلام الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان) حيث قال الحافظ معقباً على كلام الذهبي في (ميزان الاعتدال):
«قرأت بخط ابن عبد الهادي: إنما قال ابن معين ذلك في صالح بن موسى. قلت: وفي الحصر نظر؛ فإنَّ الذهبي تبع في ذلك ابن عدي، فنقل عن ابن معين ذلك في صالح بن موسى، وفي صالح بن إبراهيم، ونبه على ذلك النباتي» ().
قلت: كلام الحافظ ابن حجر فيه نظر ومناقشة:
أولاً: إن الإمام الذهبي عندما ترجم في (ميزان الاعتدال) لـ (صالح بن إبراهيم» () و «صالح بن موسى ()» ونقل عن ابن معين أنه قال في كل منهما «ليس بشيء» لم يتبع في ذلك الحافظ ابن عدي، بل تبع في ذلك الحافظ ابن الجوزي؛ حيث ترجم ابن الجوزي في كتابه (الضعفاء والمتروكين) لـ «صالح ابن إبراهيم ()» و «صالح بن موسى» () ونقل عن ابن معين أنه قال في كل منهما «ليس بشيء» والحافظ ابن عدي لم يترجم في (الكامل) لـ «صالح بن إبراهيم» بل ترجم فقط لـ «صالح بن موسى الطَلحي» ().
ثانياً: قول الحافظ ابن حجر متعقباً على الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي: «قلت: وفي الحصر نظر، فإن الذهبي تبع في ذلك ابن عدي…».
قلت: ليس في الحصر نظر؛ وذلك أنني على حسب ما اطلعت عليه من كلام يحيى بن معين في الرجال من رواية عباس الدوري، وأبي خالد الدَّقاق بن طِهمان، وابن مِحْرز، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن الجنيد، وأبي سعيد هاشم بن مرثد الطبراني، لم أجد في هذه الروايات أن يحيى بن معين ترجم لـ «صالح بن إبراهيم» وإنما ترجم لـ «صالح بن موسى الطلحي» كما في (تاريخ يحيى بن معين) () لعباس الدوري، و (سؤالات ابن الجنيد) () حيث سئل عنه فقال: «ليس بشيء».
وهذا في الغالب يؤكد صحة ما ذهب إليه، الحافظ ابن عبد الهادي في أن يحيى بن معين قال: «ليس بشيء»، في «صالح بن موسى»، وليس في «صالح بن إبراهيم»، ومما ينبه عليه أن ابن أبي حاتم، أورد في (الجرح والتعديل) ()، ترجمة «صالح بن إبراهيم» وقال:
«قرئ على العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت: يحيى بن معين يقول: «صالح الطَلحي ليس حديثه بشيء».
¥(13/496)
قلت: لعل ابن أبي حاتم ظنَّ أن «صالح الطَلحي» هو صالح بن إبراهيم، وليس كذلك، نعم وقع في رواية الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: «صالح الطَلحي ليس حديثه بشيء» () إلا أن هذا هو في الغالب في «صالح بن موسى الطلحي» ودليل ذلك أنه جاء في موضع، في نفس رواية الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: «صالح بن موسى ليس بشيء» () وهكذا أيضاً جاء منسوباً في (سؤالات ابن () الجنيد) حيث قال: «سألت يحيى بن معين عن صالح بن موسى الطلحي فقال: «ليس بشيء».
وأيضاً البخاري في (التاريخ الكبير) () وأبو حاتم الرازي في (الجرح والتعديل) () وابن حبان في (الثقات) () قد ترجموا لـ «صالح ابن إبراهيم بن محمد بن طلحة»،ولم يذكروا في ترجمته إلا أنه قد روى عن أبيه، وروى عنه ابن طلحة.
وعلى هذا فالأقرب أن صالح بن إبراهيم مجهول، وصالح بن موسى معروف مشهور إلا أنه متروك.
وبهذا التحقيق يظهر في الغالب وهم ابن الجوزي،وابن حجر، وابن أبي حاتم، وصواب ما تعقب به الشيخ سليمان على الإمام الذهبي.
ثانياً: تعقبه على الحافظ ابن حجر في توثيقه لراو ٍمجهول.
قال الإمام الذهبي: «حُجَيْر بن عبد الله الكِندي، تابعي مجهول حسَّن الترمذي حديثه» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت: قد ذكر ابن حجر في تقريبه: أنه ثقة، وما علمت أحداً وثقه أو جرحه، فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه، وسكوت أبي داود عليه، وليس له عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، إلا حديث واحد، وهو حديثه، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النَّجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم خُفين أسودين سَاذَجَينْ… الحديث» ().
قلت: حُجَيْر بن عبد الله الكندي، تفرد بالرواية عنه، دَلْهم بن صالح الكندي، ودَلْهم ضعيف ()، وحُجَير بن عبد الله، حكم بجهالته ابن عدي، فقال كما في ترجمة دَلْهم بن صالح:
«حُجَيْر ليس بالمعروف» () وقال الذهبي في (ميزان الاعتدال) ():
«حُجَير بن عبد الله، يُجهل، وحسن له الترمذي» وقال في (ديوان الضعفاء ()): «تابعي مجهول».
والعجب أن الحافظ ابن حجر نقل في (تهذيب التهذيب ()) تجهيل ابن عدي لحُجَير بن عبد الله، ثم يقول في (تقريب التهذيب ()): «مقبول».
فلعل السبب في ذلك ما قاله الشيخ سليمان: «فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه، وسكوت أبي داود عليه».
والراجح في حُجَير بن عبد الله الكِندي، أنه مجهول، ولم يوثقه سوى ابن حبان ()،وهو معروف بتساهله في توثيق المجاهيل.
وبه يعلم مقدار معرفة الشيخ سليمان بعلم الرجال، فقد قال:
«ما علمت أحداً وثقه أو جرحه» وبه يعرف أيضاً مقدار معرفة الشيخ سليمان، بقواعد أئمة الحديث، ومن ذلك قوله: «فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه وسكوت أبي داود عليه».
وهذا يعرف بـ (التعديل الفعلي)، أو (التوثيق الضمني) وهذا يحتاجه الأئمة في الراوي، إذا كان تابعياً، ولا يُعرف بجرح ولا تعديل، وقد صحح حديثه الترمذي، أو النسائي، أو ابن خزيمة، فيوثق بناءً على ذلك، و هذا من التوثيق المعتد به.
وحُجَير بن عبد الله كما قال الشيخ سليمان:
«ليس له عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، إلا حديث واحد، وهو حديثه عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النَّجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم خُفين أسودين سَاذَجَين … الحديث».
وهذا الحديث أخرجه أحمد ()، وأبو داود ()، والترمذي ()، وابن ماجه ()، وابن أبي شيبة ()،من طرق عن وكيع، عن دَلْهم بن صالح، عن حُجَير بن عبدالله عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النَّجاشي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم خُفين أسودين سَاذَجَين ()، فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما».
وهذا إسناد ضعيف، دَلهم بن صالح الكندي ضعيف، وحُجَير بن عبد الله الكندي مجهول، وتساهل الترمذي فقال: «هذا حديث حسن» ().
وأخرج البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن العباس بن محمد الدوري، عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خُفيه، قال: فقال رجل عند المغيرة بن شعبة: يا مغيرة، ومن أين كان للنبي صلى الله عليه وسلم خُفَّان؟ قال: فقال المغيرة: أهداهما إليه النَّجاشي ()» قال البيهقي: «وهذا شاهد لحديث دَلْهم بن صالح».
¥(13/497)
قلت: وإسناده رجاله ثقات كلهم. وصححه الشيخ الألباني ().
والمسح على الخفين ثابت عن جمعٍ من الصحابة.
ثالثاً: تعقبه على أبي حاتم الرازي في تضعيفه لراو ٍأخرج له البخاري.
قال الإمام الذهبي: «حسَّان بن حسَّان، عن عبد العزيز بن الماجشون، قال أبو حاتم: منكر الحديث» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت حسَّان بن حسَّان هذا شيخ البخاري، وقد أخرج عنه في صحيحه، ولا التفات إلى قول أبي حاتم فيه؛ فقد جاز القنطرة، وهذا شيخ آخر يقال له حسَّان بن حسَّان الواسطي، وهو معاصر لشيخ البخاري لكنه ضعيف، فقد خَلطه ابن منده بشيخ البخاري، وفَرَّق بينهما الحافظ ابن حجر، والله أعلم» ().
قلت: حسَّان بن حسَّان، أبو علي بن أبي عبَّاد البصري، روى عنه البخاري وأبو زرعة وغيرهما، وهو ضعيف، قال أبو حاتم الرازي:
«منكر الحديث» وقال الدارقطني في (الجرح والتعديل) (): «ليس بقوي» ولا أعلم أحداً وثقه، ولم يصب الحافظ ابن حجر في قوله: «صدوق يخطئ» ولا أعلم مستنداً له في ذلك.
وأما قول الشيخ سليمان: «وقد أخرج عنه في صحيحه، ولا التفات إلى قول أبي حاتم فيه، فقد جاز القنطرة».
هذا الكلام فيه نظر من وجوه:
أولاً: ما ذهب إليه الشيخ سليمان، من أن حسَّان بن حسَّان، أخرج عنه البخاري في الصحيح، وهو بهذا قد جاز القنطرة، هذه القاعدة أخذها الشيخ من كلام بعض أئمة الحديث، قال الحافظ ابن حجر:
«وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي، يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح هذا جاز القنطرة، يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه، قال الشيخ أبو الفتح القشيري في مختصره، وهكذا نعتقد وبه نقول، ولا نَخرج عنه إلا بحجة ظاهرة وبيانٍ شافٍ» ().
وقال الحافظ الذهبي: «فكل من خُرِّج له في (الصحيحين) فقد قفز القنطرة، فلا مَعدِلَ عنه إلا ببرهان بيَّن» ().
قلت: «لكن الواجب أن لا تجعل هذه قاعدة مطردة، في كل ما روى ذلك الراوي؛ لأن الشيخين كان من منهجهما الانتقاء من حديث من عُرِفَ بضعف من أهل الصدق، فالصواب أن يستفاد من احتجاج الشيخين أو أحدهما براوٍ، أنه مقبول من حيث الجملة، لكن حديثه المُعيَّن غير المُخَرَّج في الصحيح، يجب الاحتياط في قبوله حتى يثبت أنه محفوظ، ليوافق منهج صاحب (الصحيح) في الانتقاء» ().
وأما حديث حسَّان بن حسَّان في (صحيح البخاري) فقد قال الحافظ ابن حجر:
«روى عنه البخاري حديثين فقط، أحدهما في المغازي عن محمد بن طلحة، عن حميد، عن أنس، أن عمَّه غاب في قتال بدر، ولهذا الحديث طرق أخرى عن حميد، والآخر عن همام، عن قتادة، عن أنس، في اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه عنه في كتاب الحج، وأخرجه أيضاً، عن هُدبة وأبي الوليد الطيالسي بمتابعته عن همَّام» ().
ثانياً: عند النظر في حال حسَّان بن حسَّان، لا نجد فيه إلا جرح أبي حاتم والدارقطني، فلم يوثقه أحد سوى الحافظ ابن حجر، ولا مستند له في ذلك، وعليه أقول:
يستعمل ذلك الجرح ويقبل، ما دام استعماله في حق ذلك الراوي ممكناً، بل إعماله أولى من إهماله، ولصدوره من ناقدين، وقد قال الحافظ ابن حجر:
«إن خلا المجروح عن التعديل قُبل الجرح فيه مجملاً، غير مُبيَّن السبب إذا صدر من عارف» ().
هذا وللفائدة والتمييز، ذكر الشيخ سليمان شيخاً آخر وهو حسَّان بن حسان الواسطي فقال: «هو معاصر لشيخ البخاري لكنه ضعيف، وقد خلطه ابن منده بشيخ البخاري، وفَرَّق بينهما الحافظ ابن حجر».
وهذه الفائدة أخذها الشيخ سليمان نصاً من (تقريب التهذيب) وقد قال فيه الحافظ: «حسَّان بن حسَّان الواسطي، خَلطه ابن منده بالذي قبله فوهم، وهذا ضعيف» ().
رابعاً: تعقبه على الحافظ ابن عدي في تقويته لراو ٍرُمي بالكذب.
قال الإمام الذهبي: «الحسن بن عمرو بن سيف العبَدي، عن شعبة، كذَّبه ابن المديني والبخاري، وقال أبو حاتم متروك الحديث، وأما ابن عدي فقوَّاه، وذكره ابن عدي في الثقات» ().
قال الشيخ سليمان: «ويقال إنه باهلي أو هُذلي بصري، متروك، ولا التفات إلى تقوية ابن عدي له، ولأن الجرح إذا فُسر مقدم على التعديل، وهذا ابن المديني والبخاري قد فسراه بالكذب، ولا جرح أعظم منه، و الله أعلم» ().
¥(13/498)
قلت: الحسن بن عمرو بن سيف، أبو علي البصري، قيل إنه عبدي أو هُذلي أو باهلي، وقال الحافظ ابن حجر:
«قال البخاري: كذاب، وقال أبو أحمد الحاكم: متروك الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث، وكذَّبه ابن المديني» () وقواه ابن عدي فقال:
«له غرائب، وأحاديثه حِسان، وأرجو أنه لا بأس به» ().
قلت: ومن خلال النظر إلى رمي الأئمة النقاد للحسن بن عمرو، بالكذب والترك، يظهر بلا شك صواب ودقة قول الشيخ سليمان إنه:
«متروك ولا التفات إلى تقوية ابن عدي له، ولأن الجرح إذا فُسر مقدم على التعديل، وهذا ابن المديني والبخاري، قد فسراه بالكذب ولا جرح أعظم منه».
فالشيخ هنا جرى على الأصل المعتبر، وهو إذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح المفسر على التعديل، وهذا الأصل تقيده ضوابط متعددة، توجد في ثنايا كلام الأئمة عند الموازنة بين الآراء المختلفة في توثيق الراوي وتضعيفه ().
والعجب من تقوية الحافظ ابن عدي، للحسن بن عمرو، مع رمي الأئمة النقاد له بالكذب والترك، ولعل ابن عدي لم يعلم من حاله ما علمه الأَئمة، ولم يطلع على كلامهم، ودليل ذلك أنه عندما ترجم للحسن بن عمرو في (الكامل) () ذكر له أحاديث كثيرة وغرائب، ولم يذكر قولاً واحداً لمن جَرَّحه، مع أن من عادته، أنه يذكر أقوال الجارحين بسنده ويعتني بها.
خامساً: تعقبه على الإمام الدارقطني في مبالغته في الحكم على راو ٍ له أوهام بطرح حديثه وإسقاطه، وضمنه تعقب على الذهبي.
قال الإمام الذهبي: «الربيع بن يحيى الأُشْنَانِي، عن شعبة، صدوق، روى عنه البخاري، وفيه بعض اللين. والعجب أن أبا حاتم ـ مع تعنته ـ قال: «ثقة ثبت» وقال الدارقطني: «ضعيف يخطئ كثيراً، وقد أَتى عن الثوري بخبر منكر» ().
قال الشيخ سليمان: «قلت ما رواه عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر جَمَعَ النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين، قال الدارقطني: «وهذا حديث ليس لابن المنكدر فيه ناقة ولا جمل، وهذا يسقط مائة ألف حديث».
قلت: هذا مبالغة من الحافظ رحمه الله تعالى، فمع تقدير وهمه في هذا الحديث لا يوجب إطِّراح حديثه، إذ ما من حافظ إلا وقد ضُبط عنه من الوهم ما يشبه هذا إلا ما شاء الله، ومع هذا فما اطَّرح العلماء أحاديثهم، بل رووها واحتجوا بها.
فكيف وقد روى عنه البخاري في صحيحه عن زائدة بن قدامة، وكفى بذلك تعديلاً له، ومع هذا فلا يمتنع أن يكون الحديث عن ابن المنكدر كما رواه الربيع، إذ قد يكون قد رواه عن الثوري كما ذكر.
بقي أنه انفرد به، فهذا لا يوجب شيئاً مما قال الدارقطني. والعجب من المصنف أنه ترجم له في كاشفه، ونقل عن أبي حاتم أنه «ثقة ثبت»،ولم يتعرض له كما صنع في هذا. و الله أعلم» ().
قلت: لعل الشيخ سليمان، أصاب في تعقبه على الحافظ الدارقطني بقوله: «هذا مبالغة من الحافظ رحمه الله تعالى، فمع تقدير وهمه في هذا الحديث، لا يوجب اطَّراح حديثه؛ إذ ما من حافظ إلا وقد ضُبط عنه من الوهم ما يشبه هذا، إلا ما شاء الله، ومع هذا فما اطَّرح العلماء أحاديثهم، بل رووها واحتجوا بها».
وقد وافق الشيخ سليمان في هذا التعقب الإمام الذهبي نفسه، فقد قال في (سير أعلام النبلاء) معقباً على قول الدارقطني: «هذا يسقط مائة ألف حديث»: قال:
«يعني: من أتى بهذا ممن هو صاحب مائة ألف حديث أَثَّر فيه ليناً، بحيث تنحط رتبة المائة ألف عن درجة الاحتجاج، وإنما هو على سبيل المبالغة، فكم ممن قد روى مائتي حديث، ووهم منها في حديثين وثلاثة وهو ثقة» ().
هذا ومما ينبغي أن يعلم «أن السلامة من الغلط والوهم ليست واردة على أحد من رواة الحديث وإن وصف بكونه «أمير المؤمنين في الحديث» لذا فالخطأ النادر المتميز من الثقة، في راوٍ أو إسناد أو متن، لا يسقط به الثقة، إنما يُرد من روايته ذلك الخطأ …واعلم أن ورود مظنة الغلط، على كل راوٍ أوجبت التَحرِّي والتثبت في قبول الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفحص أحوال النقلة وتمييز ضبطهم من عدمه، وتمامه من نقصه، ومقدار غلطهم بالنسبة إلى جملة ما رووا، فراوٍ حدَّث بمئة حديث، وأخطأ في بضعة أحاديث، فرفع ما هو موقوف أو وصل ما هو مرسل، فلا تُطرح المئة لأجل البضعة، وإنما يُمَيَّز ما أخطأ فيه بالحجة، ويقبل سائره، وآخر
¥(13/499)
روى عشرة أحاديث فأخطأ في بعضها، فقلة ما روى مع الخطأ تورد الريبة في سائر العشرة، فمثله لا يقبل منه التفرد ويوصف بعدم الضبط أو خفته، وقد يبقى في درجة من يستشهد به، وقد يُطرَحُ كليةً» ().
قال عبد الرحمن بن مهدي: قيل لشعبة: متى يترك حديث الرجل؟ قال: «إذا حدَّث عن المعروفين ما لا يَعرفه المعرفون، وإذا أكثر الغلط، وإذا اتهم بالكذب، وإذا روى حديثاً غلطاً مجتمعاً عليه فلم يتهم نفسه فيتركه لذلك طُرح حديثه، وما كان غير ذلك فارووا عنه» ().
وأما قول الشيخ سليمان: «فكيف وقد روى عنه البخاري في صحيحه عن زائدة بن قدامة، وكفى بذلك تعديلاً له».
قلت: هذا فيه نظر، فقد قال الحافظ ابن حجر:
«الربيع بن يحيى الأُشْنَاني، قال الدارقطني: يخطئ في حديثه عن الثوري وشعبة.
قلت: ما أخرج عنه البخاري إلا من حديثه عن زائدة فقط» ().
وهذا يدل على أن البخاري تجنب إخراج ما أخطأ فيه، وانتقى من حديثه ما كان عن زائدة فقط، فالحكم بتوثيقه وقبول روايته مطلقاً، لأن البخاري أخرج له، فيه نظر؛ إذ لا بد من النظر إلى كيفية إخراج البخاري لحديثه لا أن البخاري أخرج له فقط، فليس هذا كافياً في تعديله.
وأما قول الشيخ سليمان: «ومع هذا فلا يمتنع أن يكون الحديث عن ابن المنكدر كما رواه الربيع، إذ قد يكون قد رواه الثوري كما ذكر».
قلت: لم يُصب الشيخ سليمان في تعقبه على الدارقطني؛ وذلك أن سفيان الثوري لم يرو هذا الحديث، قال ابن أبي حاتم:
«سمعت أبي، وقيل له: حديث محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في الجمع بين الصلاتين، فقال: حدثنا الربيع بن يحيى، عن الثوري، غير أنه باطل عندي، هذا خطأ، لم أدخله في التصنيف، أراد: أبا الزبير، عن جابر، أو أبا الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، والخطأ من الربيع» ().
«قلت: والربيع هذا، قد قال فيه أبو حاتم نفسه: «ثقة ثبت»،وقد قضى بأن حديثه هذا «حديث باطل»، وأنه هو المخطئ فيه، وهذا يدل على أن الثقة الثبت إذا أخطأ الخطأ الفاحش كان ما أخطأ فيه «باطلاً»، ولا يشفع له كون المخطئ ثقة ثبتاً.
وقوله: «لم أدخله في التصنيف» يدل على أن الحديث عنده، لا يصلح للاستشهاد، لأن الحديث إنما يدخل في التصنيف، إما للاحتجاج أو للاستشهاد، وما لا يصلح لذلك لا يدخل في التصنيف.
والخطأ الذي وقع فيه الربيع ـ كما يرى أبو حاتم ـ، هو أنه دخل عليه حديث في حديث، أو إسناد في إسناد، وهذا يدل على أن هذا الخطأ من الخطأ الفاحش، والذي إذا وقع في الرواية كان موجباً لإنكارها، والحكم عليها بالبطلان، مهما كان المخطئ ثقة أو غير ثقة» ()، وقد قال البرقاني:
قال أبو الحسن (الدارقطني): «حدث الربيع بن يحيى الأُشْنَانِي، عن الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر: «جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين» () وهذا حديث ليس لمحمد بن المنكدر فيه ناقة ولا جمل».
وسأل الحاكم أبو عبد الله الدارقطني، عن الربيع بن يحيى، صاحب هذا الحديث فقال:
«ليس بالقوي، يروي عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر «الجمع بين الصلاتين» هذا يسقط مائة ألف حديث» ().
فتبين لنا بعد هذا كله أن هذا الحديث ليس لمحمد بن المنكدر فيه ناقة ولا جمل.
وقول الشيخ سليمان في تعقبه على الإمام الذهبي:
«والعجب من المصنف أنه ترجم له في عاشفه، ونقل عن أبي حاتم أنه «ثقة ثبت»، ولم يتعرض له كما صنع في هذا».
قلت: صدق الشيخ سيلمان، فقد رجعت إلى (الكاشف) () فلم ينقل الذهبي في ترجمة الربيع بن يحيى، إلا قول أبي حاتم أنه «ثقة ثبت» ولم يتعرض له كما صنع في (المغني) من تعجبه من توثيق أبي حاتم له مع تعنته، وإيراده لقول الدارقطني، إلا أن هذا لا يلزم أنه لم يتعرض له في كتبه الأخرى، فقد ترجم الذهبي للربيع بن يحيى في (ميزان الاعتدال ()) بمثل ما ترجم له في (المغني) حيث قال:
«الربيع بن يحيى الأُشْنَانِي، عن شعبة وغيره، صدوق، روى عنه البخاري، وقد قال أبو حاتم مع تعنته: «ثقة ثبت» وأما الدارقطني فقال: «ضعيف يخطئ كثيراً، قد أتى عن الثوري بخبر منكر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر في «الجمع بين الصلاتين» قال بعض الحفاظ (الدارقطني): هذا يسقط مائة ألف حديث».
¥(13/500)
وهكذا جاء في (تاريخ الإسلام) () و (سير أعلام النبلاء) () و (تذهيب التهذيب) ().
وحديث الربيع بن يحيى في الجمع بين الصلاتين، قد أخرجه أبو حاتم الرازي ()، والطحاوي ()، من طرق عن الربيع بن يحيى الأُشْنَانِي، حدثنا سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة للرُّخص، من غير خوف ولا علة).
وهو باطل كما تقدم عن أبي حاتم الرازي والدارقطني.
سادساً: ذكر الشيخ سليمان لكثير من تراجم الرواة المجاهيل، زيادة على ما ذكر في (المغني).
وأمثلة ذلك كثيرة جداً، وهي على ما يلي:
1 – قال الشيخ: «الحارث بن عمرو، ابن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي، ويقال ابن عون، مجهول من السادسة» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، وقد نقل الشيخ هذه الترجمة بحروفها من (تقريب التهذيب) ().
2 – قال الشيخ: «حُصَين الحِمْيَري ثم الحُبْرَانِي، مجهول، من الطبقة السادسة» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، نقلاً عن الحافظ ()، وقد أخرج له أبو داود وابن ماجه.
3 – قال الشيخ: «حمزة بن دينار، عن الحسن، مجهول، قال المصنف: لا أعرفه» ().
قلت: حمزة بن دينار، روى عن الحسن البصري، وروى عنه هشيم بن بشير، وهو مجهول كما قال الشيخ سليمان، وهو ما قاله الحافظ ()، ونقل الشيخ سليمان هنا عن الإمام الذهبي من (ميزان الاعتدال ()) في قوله: «لا أعرفه» وقد أخرج له أبو داود في كتاب القدر.
4 – قال الشيخ: «ق، روح بن عَنْبَسة بن سعيد، عن أبيه، مجهول، روى عنه ابنه عبد الكريم بن رَوح» ().
قلت: روح بن عَنْبَسة بن سعيد بن أبي عياش، الأموي مولاهم، البصري، مجهول كما قال الشيخ، وهو ما قاله الحافظ ()، وقد أخرج له ابن ماجه حديثاً واحداً.
5 – قال الشيخ: «حسَّان، عن وائل بن مُهَانَة، عن ابن مسعود:
«ما رأيت من ناقصات عقل ودين …» الحديث، رواه النسائي، روى عنه ذَر بن عبد الله، وهو مجهول» ().
قلت: حسَّان مجهول كما قال الشيخ، تفرد بالرواية عنه ذر بن عبد الله المُرْهِبي، وهو ثقة عابد أخرج له الجماعة، كما قال الحافظ ().
والحديث الذي ذكره الشيخ موقوفاً من قول ابن مسعود، أخرجه النسائي ()، والمزي ()، واللفظ له، من طريق منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن ذر، عن حسان، عن وائل بن مُهَانة قال:
قال عبد الله ـ ولم يرفعه ـ: «يا معشر النساء تَصَّدْقَن، فإنَّكن أكثر أهل النار»، قال: فقامت امرأة، فقالت: لم نحن أكثر أهل النار؟ قال: لأَنُكنَّ تُكثِرن اللعن، وتَكفُرنَ العَشِير، وما رأيت من ناقص العقل والدِّين أغلب لذوي العقولِ على عقولهم منِكُنَّ، قيل: وما نُقصان عقولهنَّ؟ قال: شهادة امرأتين برجل، قيل: وما نُقصان دينهنَّ؟ قال: تحيض ولا تصلي».
وخالف منصور بن أبي الأسود في عدم وقفه على ابن مسعود، وعدم ذكر حسان، شعبة، حيث أخرج النسائي () من طريق شعبة، عن الحكم، قال سمعت ذراً يحدث، عن وائل بن مُهَانَة، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: «تَصَدَّقْنَ، فإنكنَّ أكثر أهل النار…» الحديث.
وتابع شعبة على ذلك سفيان بن عيينة، حيث أخرج النسائي () من طريق سفيان، عن منصور بن المعتمر، سمع من ذرٍ يحدث، عن وائل بن مُهَانة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقْنَ يا معشرَ النساء، ولو من حُلِيكنَّ، فإنكنَّ أهل النار….» الحديث.
قال المزي (): «شعبة، عن الحكم، عن ذرٍ، عن وائل نفسه، مرفوعاً، هو المحفوظ، تابعه سفيان، عن منصور، عن ذرٍ» وهو الصحيح.
وسند النسائي المرفوع ضعيف، ففيه وائل بن مُهَانَة التيمي مجهول، تفرد بالرواية عنه ذر بن عبد الله المُرْهِبي،وقال الذهبي (): «لا يعرف» وذكره ابن حبان وحده في «الثقات ()» وتساهل الحافظ ()، فقال: «مقبول».
وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وزينب الثقفية امرأة ابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وهي أحاديث صحيحة ().
6 – قال الشيخ: «حيَّان، عن سليمان التيمي، مجهول» ().
قلت: هو كما قال الشيخ، وقد أخرج له ابن ماجه.
وقد نقل الشيخ هذه الترجمة من (تقريب التهذيب) ().
¥(14/1)
7 – قال الشيخ: «الحارث بن عُبيد بن الطُّفَيل بن عامر التميمي، البصري، مجهول، من الثامنة، من (التقريب)» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، نقلاً عن الحافظ ()، لم يرو عنه إلا الوليد بن صالح النَخَّاس ().
8 – قال الشيخ: «الحارث بن مُخَلَّد، بتشديد اللام، الزرقي الأنصاري، مجهول الحال، من الثالثة، أخطأ من زعم أن له صحبة» ().
قلت: الأرجح أن مجهول الحال، كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ()، حيث لم يرو عنه إلا بُسْر بن سعيد، وسهيل بن أبي صالح ()، وقد قال البزار: ليس بمشهور، وقال ابن القطان: مجهول الحال، نقله عنهما الحافظ ()، ومن العجب قول الذهبي بأنه «صدوق» ().
روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه حديثاً واحداً في إتيان المرأة في دبرها.
وقد ذكره عَبدان الأهوازي، وأبو حفص ابن شاهين في الصحابة، وخطأهما الحافظ () في ذلك.
9 – قال الشيخ: «حَرِيْز، ويقال أبو حَرِيْز، مولى معاوية، شامي، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ().
وقال الحافظ: «روى عن مولاه، وعنه: عبد الله بن دينار البَهْراني، روى له ابن ماجه حديثاً واحداً في الجنائر،… سماه ابن عساكر في «التاريخ»: كيسان أبو حَرِيز مولى معاوية، وكذا صنع الطبراني في «المعجم الكبير»، وقال الدارقطني: أبو حَرِيز مولى معاوية مجهول» ().
10 – قال الشيخ: «حَرِيْز، أو أبوحَرِيْز، عن ابن عمر، مجهول» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ().
وقال الحافظ: «روى عن ابن عمر في التجارة في الحج، روى عنه ابن جريج» (). وقد أخرج له أبو داود.
11 – قال الشيخ: «الحسين بن طَلْحة، مجهول، روى له أبو داود في كتاب القدر» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ (). تفرد بالرواية عنه أبو توبة الربيع بن نافع ()، وقال الذهبي: «لا يعرف» ().
12 – قال الشيخ: «الحسين بن محمد المروزي، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ()؛ تفرد بالرواية عنه أحمد بن نصر الخُزَاعي ().
13 – قال الشيخ: «الحسين بن المنذر، أبو المنذر، البصري، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ().
وقال الحافظ: «روى عنه معتمر بن سليمان، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال الدولابي في «الكنى» عن البخاري: لم تصح روايته» ().
14 – قال الشيخ: «عس ـ حُصَين بن صفوان، أو ابن مَعْدَان، أبو قَبِيصَة، مجهول، من الثالثة، من (التقريب)» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ()، تفرد عنه بيان بن بشر البَجَلِي ()، قال الحافظ المزي: «وهو شيخ مجهول» وكذا قال أبو حاتم ()، وقال الذهبي: «لا يُعرف» ().
روى له النسائي في (مسند علي) حديثاً واحداً، وهو:
«كنت غلاماً مَذّاءً» ().
15 – قال الشيخ: «حُصَين بن نُمَير الكِندي ثم السَّكُونِي الحمصي، يروي عن بلال، مجهول، من الثانية، من التقريب» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ().
16 – قال الشيخ: «حُصَين بن نُمير السَّكُونِي، أحد أمراء يزيد في محاصرة المدينة، لا رواية له» ().
قلت: حُصَين بن نُمَير السَّكُونِي، خلطه بعضهم بحصين بن نُمَير الكندي السَّكُوني، المجهول والذي يروي عن بلال.
قال الحافظ: «حُصَين بن نُمَير السَّكُونِي، أحد أمراء يزيد بن معاوية في محاصرة المدينة، مشهور، لا رواية له، خلطه بعضهم بالذي قبله، والصواب أنه غيره، كما صنع البخاري وابن حبان» ().
قلت: وقد خلطه بالذي قبله الحافظ المزي ()، والذهبي ()، والصواب، التفرقة بينهما، وهو ما صنعه الشيخ سليمان، حيث ترجم لكل منهما.
17– قال الشيخ: «حفص بن هاشم بن عُتبة بن أبي وقَّاص الزهري، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()، وقد تفرد بالرواية عنه ابن لهيعة، وقال الحافظ في موضع: «حفص مجهول، لم يذكره البخاري، ولا ابن أبي حاتم، … وليس له ذكر في شيءٍ من كتب التواريخ، ولا ذكر أحد أن لابن عُتبة ابناً يسمى حَفْصاً» ().
18 – قال الشيخ: «حماد بن تُحْيَّى، يروي عن عون ابن أبي جُحَيفة، مجهول لا يُعرف» ().
¥(14/2)
قلت: هكذا ضبط الشيخ (تُحْيَّى) بضم التاء وسكون الحاء، وتشديد الياء، وقال الحافظ في ضبطه: «(تُحَيَّى) بضم المثناة، وفتح المهملة، وتشديد الياء الأخيرة بعدها أخرى» ().
وهو مجهول لا يُعرف كما قال الشيخ، وقال الذهبي: «كوفي لا يُعرف» ().
19 – قال الشيخ: «حماد بن نَجِيحْ العَصَّاب الرازي، روى عن طلحة بن عمرو المكي ()، ذكره أبو حاتم ()، وقال ابن حجر: مجهول، من السابعة».
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ سليمان، نقلاً عن الحافظ ().
20 – قال الإمام الذهبي: «حمزة بن عبد الله، عن أبيه، معاصر لقتادة، مجهول» ().
قال الشيخ سليمان في حاشيته على هذه الترجمة:
«حمزة بن عبد الله القرشي، شيخ الحسن بن عمرو الفُقَيمِي، روى عن أبيه، عن ابن عباس، مجهول. وهو غير الذي ذكره المصنف، كما أفرده عنه أبو حاتم، وقيل بل هما واحد، كما صنع البخاري» ().
قلت: قول الشيخ أن حمزة بن عبد الله القرشي مجهول، و أنه غير الذي ذكره المصنف ـ أي الذهبي ـ صحيح، وقد تبع الشيخ في هذا أبو حاتم الرازي ()، حيث أفرد لكل منهما ترجمة، وقيل بل هما واحد كما صنع ذلك البخاري ()،حيث ذكرهما في ترجمة واحدة، وكأن الحافظ يميل إلى التفرقة بينهما ().
21 – قال الشيخ: «حمزة بن عبد الله الدارمي، عن شهر بن حوشب، وعنه يعقوب الحضرمي، مجهول» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ().
22 – قال الشيخ: «حُمَيد بن زَاذَويْه، مجهول، من الخامسة» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ، تبعاً للحافظ ()، فقد قال الحافظ: «روى عنه عبد الله بن عون، قال ابن المديني: لم يرو عنه غيره، وقال البخاري كذلك، وقال ابن حبان في «الثقات»: ليس هو بحميد الطويل. وقال ابن ماكولا: هو مجهول.
وقد خلطه المزي بحميد الطويل، فإنه ذكر في الاختلاف في اسم أبيه قول من قال: إن اسمه زَاذَوْيه،وكذا أورد أبو جعفر الحنيني في «مسنده» الحديث في ترجمة حُميد الطويل، عن أنس» ().
23 – قال الشيخ: «حُمَيد بن زياد، دمشقي، مجهول، من السادسة» ().
قلت: حُميد بن زياد، دمشقي، هو حُميد بن زياد الأصبحي، مصري، روى عنه ضِمَام بن إسماعيل، وأرطأة بن المنذر، ومعاوية بن صالح، وقد جعلهما واحداً الحافظ الذهبي ()، عند ترجمته لحُميد بن زياد الأصبحي، وكذلك الحافظ في (تهذيب التهذيب) ().
بينما فَرَّق بينهما في (التقريب) فترجم لكل منهما، فقال في ترجمة حميد بن زياد الأصبحي: مقبول ()، وقال في ترجمة حُميد بن زياد: مجهول ()، وتبعه في ذلك الشيخ سليمان، وهو ليس بمجهول قال الذهبي:
«شيخ محله الصدق ما علمت به بأساً» ().
24 – قال الشيخ: «حَنْظَلة بن أبي حمزة، مجهول، من السادسة» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()، وقد تفرد بالرواية عنه حماد بن سلمة، وقال أبو حاتم الرازي (): «وليس هو السدوسي» أخرج له أبو داود في كتاب القدر.
25 – قال الشيخ: «د. خالد بن اللَّجْلاَجْ السُّلَمِي، مجهول من الثالثة» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، وقال الحافظ ():
«خالد بن اللَّجلاَجْ السُّلَمِي، والد محمد، مجهول، أخرج له أبو داود ولم يُسمِّ أباه، لكن سَمَّاه ابن منده، وخلطه المزي بخالد بن اللَّجْلاَجْ العَامري، والصواب التفرقة، أخرج له أبو داود».
26 – قال الشيخ: «خالد بن يزيد بن عمر بن هُبَيَرة، معروف النسب، مجهول الحال» ().
قلت: هو مجهول الحال مع أنه معروف النسب، كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()، وقد قال الذهبي (): «روى عن عطاء بن السائب، وعن بَقِية ليس إلاّ،ففيه جهالة)».
27– قال الشيخ: «قد. خالد بن يزيد، روى عنه الحسين بن طلحة، مجهول الحال» ().
قلت: هو مجهول لم يَرو عنه إلا الحسين بن طلحة، كما قال الحافظ ()، وليس بمجهول الحال كما قال الشيخ.
وقد أخرج له أبو داود في كتاب القدر.
28 – قال الشيخ: «خُبَيب بن سليمان بن سَمُرَة بن جُنْدَب، أبو سليمان الكوفي، مجهول من السابعة» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()؛ تفرد بالرواية عنه ابن عمه جعفر بن سعد بن سَمُرَة بن جُنْدَب، وقال الذهبي ():
¥(14/3)
«خُبَيب بن سليمان بن سَمُرَة يُجهل حاله عن أبيه، قال ابن القطان: ما من هؤلاء من يُعرف حاله،وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وقال ابن حزم: مجهول» وقد أخرج له أبو داود.
29 – قال الشيخ: «خُزَيمة، عن عائشة بنت سعد، لا يُعرف».
قلت: هو مجهول العين، لا يُعرف، كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()، فقد تفرد بالرواية عنه سعيد بن أبي هلال، وقال الذهبي: «لا يعرف» () أخرج له أبو داود والترمذي.
30 – قال الشيخ: «خَلاَّد بن يزيد بن حَبيب، التميمي، البصري، نزيل مصر، مجهول، مات سنة 214» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()؛ فقد تفرد عنه ابن سَيَّار ()، وقال الذهبي: «لا يُعرف».
31 – قال الشيخ: «خلف بن سالم، أبو الجَهْم، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()، فقد تفرد بالرواية عنه الحسن بن يَزْدَاد الرَّسْعَنِي ()،وقال الذهبي: «لا يُدرى من ذا، وخبره منكر في الحلية» ().
32 – قال الشيخ: «داود بن عُبيد الله، عن خالد بن مَعْدَان، مجهول» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ، وكذا قال الحافظ ()، وقال الذهبي: «لا يُعرف، تفرَّد بالحديث عنه العلاء،وكأنه ابن الحارث، أخرج له النسائي» ().
33 – قال الشيخ: «ق: داود بن مُدْرِك، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، تبعاً للحافظ ()،وقال الذهبي:
«نكرة لا يُعرف، له عن عروة بن الزبير، تَفرَّد عنه موسى بن عُبيدة» () أخرج له ابن ماجه.
34 – قال الشيخ: «ق: ذُهَيْل بن عوف، عن أبي هريرة، مجهول» ().
قلت: ذُهَيْل بن عوف بن شَمَّاخ التميمي الطُّهَوِي، مجهول كما قال الشيخ، تبعاً للحافظ ()، تفرد بالرواية عنه سَليط بن عبدا لله الطُّهَوِي، أخرج له ابن ماجه، وقال الذهبي: «قد روى ابن ماجه حديثاً لحجاج بن أرطأة عن سَليط بن عبد الله، عن ذُهَيل بن عوف، قال البخاري: إسناده مجهول» ().
35 – قال الشيخ: «ق: راشد، عن وَابِصة، ويقال: راشد بن أبي راشد، مجهول، حديثه عند ابن ماجه» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، تبعاً للحافظ ()، تفرد بالرواية عنه طلحة بن زيد الرَّقَّي، وقال الحافظ (): «ويحتمل أنه راشد بن سعد المَقْرَئي» وراشد بن سعد المَقْرَئي الحمصي، قال فيه ابن معين، وأبو حاتم،والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسائي، بأنه «ثقة»، نقله الحافظ ().
وقد ترجم له الحافظ الذهبي في (المغني) () ووثقه.
وليس هناك دليل صريح من الحافظ ابن حجر بأن هذا المجهول، هو راشد المَقْرَئي، وإنما هو مجرد ظنٌ واحتمال.
36 – قال الشيخ: «(: رَبَاحْ الكوفي، عن عثمان بن عفان، مجهول» ().
قلت: هو مجهول، كما قال الشيخ تبعاً للحافظ ()، تفرد بالرواية عنه الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي ()، أخرج له أبو داود.
37 – قال الشيخ: «(: الربيع بن محمد، أرسل حديثاً، روى عنه يحيى بن أبي كثير، مجهول» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ،تبعاً للحافظ ()،وقد أخرج له أبو داود.
38 – قال الشيخ: «رُزَيْق بن سعيد بن عبد الرحمن المدني، ويقال: رِزْق، مجهول، من الثامنة» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ، تبعاً للحافظ ()،تفرد بالرواية عنه موسى بن يعقوب الزَّمَعِي ()، أخرج له أبو داود.
39 – قال الشيخ: «رجاء بن أبي رجاء، عن مجاهد، قال الدارقطني: مجهول، وقيل إنه: رجاء بن الحارث» ().
قلت: رجاء بن أبي رجاء، الراوي عن مجاهد، مجهول () كما قال الشيخ، تبعاً للدارقطني،وقال الدارقطني: «وقيل: إنه رجاء بن الحارث» ()، وهو أحد الضعفاء، ضعفه ابن معين وغيره ()، وقد ترجم له الحافظ الذهبي في (المغني) () فقال: «رجاء بن الحارث، عن مجاهد، ضعفه ابن معين، وهو أبو سعيد بن عَوْذ».
والشيخ سليمان، وضع هذه الحاشية أمام ترجمة الذهبي لرجاء بن الحارث، ليفيد أن رجاء بن أبي رجاء قيل إنه: رجاء بن الحارث.
40 – قال الشيخ: «رَزِينْ بن عُقبة، عن الحسن، مجهولان، والحديث عند النسائي في مسند علي» ().
¥(14/4)
قلت: رَزِينْ بن عُقبة، مجهول كما قال الشيخ، وهو ما قاله الحافظ ()، وتناقض الشيخ في حكمه على شيخ رَزِينْ بن عُقبة وهو (الحسن) فهنا حكم بأنه (مجهول)، وفي موضع آخر قال: «ضعيف مشهور» حيث ترجم الذهبي في (المغني) للحسن شيخ رَزِينْ بن عُقبة فقال:
«الحسن، عن واصل الأحدب، نكرة لا تتعرَّف» ().
فقال الشيخ متعقباً: «قلت: بل هو الحسن بن عُمَارة، كما ذكره الحافظ ابن حجر، وهو ضعيف مشهور» ().
والأقرب أن الحسن مجهول، ونكرة لا يُدرى من هو، قال الذهبي: «الحسن، عن واصل الأحدب، نكرة» ().
وقال في موضع: «لا يُدرى من هو» ().
ولعله الحسن بن عُمَارة، وقد تقدم تفصيل ذلك ()، حيث قد تعقبت الشيخ سليمان في جزمه بأن الحسن ـ الذي يروي عنه رَزين بن عُقبة ـ هو ابن عُمارة، ونسبته ذلك للحافظ ابن حجر.
وقال الحافظ المزي، في ترجمة رَزِينْ بن عُقبة:
«رَزِيْن بن عُقبة: عن الحسن، عن واصل الأحدب، عن شَقيق بن سلمة، قال: حضرنا علياً حين ضربه ابن مُلجم … الحديث، روى له النسائي في «مسند علي» هذا الحديث، وقال: ما آمن أن يكون هذا الحسن هو ابن عُمَارة،والحسن بن عُمَارة، متروك الحديث» ().
41 – قال الشيخ: «محمد بن عَمَّار بن سعد، قال ابن معين: لا أعرفه.
محمد بن عَمَّار، الذي يروي عنه مَعْن، قال ابن معين: لا أعرفه. من مسائل عثمان بن سعيد ليحيى» ().
قلت: جاء النص في (تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي» () هكذا، قال عثمان ليحيى بن معين: «قلت: فمحمد بن عَمَّار، الذي يروي عنه مَعْن، فقال: لا أعرفه.
قلت: فمحمد بن عَمَّار بن سعد. فقال: لا أعرفه».
قلت: محمد بن عَمَّار الذي يروي عنه مَعْن ()، قد جاء في ترجمة محمد بن عَمَّار بن حفص بن عمر بن سعد القَرْظ، أبو عبد الله المدني، المؤذن، الذي يقال له كُشَاكِش قول ابن حجر في ترجمته: «روى عنه: ابن أبي فُدَيك، ومعن بن عيسى، وابن زَبَالة، … و آخرون.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: ما أرى به بأساً. وقال الدُّوري، عن ابن معين: لم يكن به بأس. وقال ابن المديني ثقة، …» ().
قلت: محمد بن عَمَّار، الذي يروي عنه مَعْن بن عيسى، والذي قال فيه ابن معين: «لا أعرفه» كما في (تاريخ الدارمي) ليس هو محمد بن عَمَّار بن حفص المؤذن المدني، وإن روى عنه مَعْن بن عيسى، بدليل أن يحيى بن معين قال في محمد بن عمَّار بن حفص:
«لم يكن به بأس» كما في رواية الدوري ()، وعلى هذا فحمد بن عَمَّار الذي جاء في (تاريخ الدارمي) مجهول لا يُعرف.
وأما محمد بن عَمَّار بن سعد، الذي قال فيه ابن معين «لا أعرفه» فهو: محمد بن عَمَّار بن سعد القَرظ، المؤذن المدني، روى عنه ابنه عبد الله،وابن أخيه عبد الرحمن بن سعد بن عمَّار، وسبطه محمد بن عمَّار بن حفص، وصهره عمَّار بن حفص بن سعد، وجماعة على ما نقله الحافظ المزي ()، وقال الحافظ ابن حجر: «مستور» ().
قلت: بل هو صدوق وممن يُحسَّن حديثه، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في (الثقات) ()، وحسن الترمذي حديثه، حيث روى له الترمذي، حديث أبي هريرة: «ضرس الكافر يوم القيامة مثل أُحد» () وقال: حسن غريب.
ومما ينبه عليه أن هذا المترجم محمد بن عَمَّار بن سعد، قد تحرف اسمه إلى محمد بن عَبَّاد بن سعد، عند ابن عدي ()، وتبعه على ذلك الحافظان، الذهبي كما في (المغني) () و (ميزان الاعتدال) ()، وابن حجر كما في (لسان الميزان) ()، وتحرَّف اسمه أيضاً على ابن أبي حاتم كما في (الجرح والتعديل) ()، مع العلم أن ابن أبي حاتم والذهبي ()، قد ترجما لـ محمد بن عَمَّار بن سعد.
سابعاً: ذكر الشيخ سليمان لكثير من تراجم الرواة ممن تكلم فيهم، زيادة على ما ذكر في (المغني).
ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الشيخ: «الحسن بن عمران العَسْقلاني، لين الحديث، روى له أبو داود حديثاً واحداً، عن ابن عبد الرحمن بن أَبزَى، عن أبيه، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لا يُتم التكبير، قال أبو داود الطيالسي: هذا عندنا لا يصح» ().
قلت: الحسن بن عمران العَسْقلاني لين الحديث كما قال الشيخ، وهو ما حكم به الحافظ ابن حجر، وقال الحافظ:
¥(14/5)
«له عند أبي داود () حديث واحد في تمام التكبير، أخرجه من حديث أبي داود الطيالسي، عن شعبة، وقال فيه: عن ابن عبد الرحمن بن أَبزَى، ولم يُسمِّه، وسماه أبو عاصم، ويحيى بن حماد في روايتهما عن شعبة، عبد الله، وسماه محمود بن غَيلان وغيره، عن أبي داود، عن شعبة سعيداً، والحديث معلول.
قال أبو داود الطيالسي والبخاري: لا يصح.
قلت: نقل البخاري عن الطيالسي أنه قال: هذا عندنا باطل» ().
2 – قال الشيخ: «داود بن راشد الطُّفَاوِي البصري الصائغ، لين الحديث» ().
قلت: بل ضعيف جداً، قال يحيى بن معين (): ليس بشيء، وقال الدارقطني (): يترك، وقال العقيلي (): حديثه باطل لا أصل له (يعني: حديثه في القرآن الذي رواه عنه عمرو بن مرزوق المُقرئ).
وقد تبع الشيخ سليمان الحافظ ابن حجر () في حكمه عليه.
3 – قال الشيخ: «بخ، حماد بن بشير الجَهْضَمِي البصري ()، روى عن عمارة ابن مِهران وغيره، وعنه محمد بن المثنى، روى له البخاري حديثاً واحداً في كتاب «الأدب المفرد» وذكره ابن حبان في «الثقات» () وقال ابن حجر: لين الحديث» ().
قلت: بل هو مجهول؛ تفرد بالرواية عنه أبو موسى محمد بن المثنى، ولم يوثقه سوى ابن حبان، وحديثه الواحد الذي أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) () عن أبي هريرة قال: «يكون في آخر الزمان مجاعة، من أدركته فلا يَعدِلنَّ بالأكباد الجائعة» ضعيف.
قال الذهبي: حديث منكر ()، وقال الشيخ الألباني: «ضعيف الإسناد، فيه حماد بن بشير الجَهْضَمِي، مجهول ()»
4 – قال الشيخ: «خالد بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص الأموي، أبو سعيد الكوفي، رماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح بن محمد إلى الوضع» ().
قلت: قال أحمد بن حنبل،والبخاري، والساجي، وأبو زرعة وابن عدي:
«منكر الحديث» على ما نقله الحافظ ابن حجر ()، وقال الذهبي: «تركوه» ().
وقد نقل الشيخ سليمان ترجمته من (تقريب التهذيب) ().
5 – قال الشيخ: «الحسين بن المتوكل، أبو عبد الله بن أبي السَّري، العسقلاني، روى عنه ابن ماجه، وهو ضعيف» ().
قلت: هو ضعيف، وقد كُذِّب، قال الحافظ:
«قال جعفر بن محمد القَلاَنسي: سمعت محمد بن أبي السَّرِي يقول: لا تكتبوا عن أخي، فإنه كذاب، وقال أبو عروبة: كذاب، هو خال أمي، وقال: أبو داود: ضعيف» ().
6 – قال الشيخ: «رُؤبة بن العَجَّاج التميمي، الرَاجز المشهور، قال النسائي: ليس بالقوي، نقل عنه البخاري في الصحيح في بدء الخلق ()، قوله:
«الحَرُورُ بالليل، والسَّمومُ بالنهار» ().
قلت: قال الحافظ في ترجمة رُؤبة بن العَجَّاج:
«قال يحيى القطان: أما إنه لم يكذب، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال العقيلي: لا يتابع عليه، وقال ابن معين: دَعهُ، وذكره ابن حبان في الثقات» ().
قلت: والراجح أنه لين الحديث، وهو ما قاله الحافظ ()، وقد أخرج له البخاري تعليقاً.
قال الحافظ: «لم يذكره المزي، وهو من شرطه» ().
7 – قال الشيخ: «حَرْب بن عبيد الله بن عُمَيْر الثقفي، لين الحديث» ().
قلت: بل ضعيف الحديث، روى له أبو داود حديثاً واحداً.
قال البخاري: «حَرْب بن عُبيد الله، عن رجل من أخواله، سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المسلمين عُشور» لا يُتابع عليه، وقد فرض النبي صلى الله عليه وسلم العُشْرَ فيما أخرجت الأرض» ().
وقد تابع الشيخ الحافظ ابن حجر () في قوله: «لين الحديث».
8 – قال الشيخ: «(: الحسن بن أبي الحَسْنَاء، روى له أبو داود، وهو صدوق، ضعفه الأزدي فما أصاب، والله أعلم» ().
قلت: الحسن بن أبي الحسناء، أبو سهل البصري، القَوَّاس، قال الحافظ: «قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: محله الصدق،وقال العجلي: بصري ثقة، وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال الأزدي: منكر الحديث» ().
والراجح أنه: صدوق لم يُصب الأزدي في تضعيفه، وهو ما قاله الشيخ تبعاً للحافظ ().
ومما ينبه عليه أن الذهبي جعل الحسن بن أبي الحسَنْاَء اثنين، فقال: «الحسن بن أبي الحَسْناء،عن شريك، قال الأزدي: منكر الحديث. فأما: الحسن بن أبي الحَسْناء، عن أبي العالية البراء وغيره، وعنه وكيع وابن مهدي، فهذا شيخ قديم، وثقه ابن معين، وهو بصري» ().
¥(14/6)
وتعقبه الحافظ فقال: «وفَرَّق الذهبي فيما قرأت بخطه في «الميزان» بين القَوَّاس، وبين الذي ذكره الأزدي، وقال: إن القَوَّاس قديم. والظاهر أنهما واحد، وسبب الاشتباه، أن الأزدي قال: روى عنه شريك، فَحرَّفه الذهبي، فقال: روى عن شريك، وظنَّ أنه لهذا متأخر الطبقة» ().
ومما ينبه عليه أيضاً أن الحسن بن أبي الحَسْناء لم يرو له أبو داود، كما قال الشيخ سليمان ورمز له، بل روى له البخاري في جزء القراءة، ورمز الحافظ في ترجمته (ر) فلعله تَصحَّف على الشيخ حرف الراء بالدال.
9 – قال الشيخ: «الحسن بن يحيى بن السَّكَن ْالرَّمْلِي،ضعيف، مات سنة 257» ().
قلت: لم يذكره المزي في (تهذيب الكمال) لأنه ليس له رواية في الكتب الستة، وذكره الحافظ في (تقريب التهذيب) تمييزاً،وقال: «ضعيف» () كما نقله عنه الشيخ، وقال ابن أبي حاتم: «محله الصدق، كتبت عنه بالرملة ()» ولعله الأقرب.
10 – قال الشيخ: «الحسين بن يزيد بن يحيى الطحان، كوفي أنصاري، لين الحديث، روى عنه أبو داود والترمذي، ضعفه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات» ().
قلت: قول الشيخ: «لين الحديث» هو متابعة منه للحافظ ()، وقد تابع الحافظ في هذا أبو حاتم الرازي، قال ابن أبي حاتم: «سمعت أبي يقول: هو لين الحديث» ().
قلت: لعله حسن الحديث، فقد روى عنه جمع منهم أبو داود وأبو زرعة ()، وهما لا يرويان إلا عن ثقة، وروى عنه مسلم خارج الصحيح، كما نقله الحافظ ()، وذكره ابن حبان في الثقات ()، وأبو حاتم الرازي معروف بتشدده.
11 – قال الشيخ: «ت: خِدَاش بن عَيَّاش العَبدي، البصري،لين الحديث» ().
قلت: قول الشيخ: «لين الحديث» متابعة منه للحافظ ()، ولا أعلم مستند الحافظ بقوله هذا، وروى عنه: أبو حفص جُهير بن يزيد العبدي، وسليمان التَّيمي، ومحمد بن ثابت العبدي ().وذكره ابن حبان في (الثقات) ()، وروى له الترمذي حديثين، وقال: «لا نعرف خِدَاشاً هذا من هو، وقد روى عنه سليمان التيمي غير حديث» ().
وذهب بعض المحققين إلى أنه مقبول ().
وهذه الترجمة لا توجد في النسخة الأزهرية، التي قد تملَّكها الشيخ، لذلك زادها الشيخ، وهي موجودة في نسخة أخرى ().
12 – قال الشيخ: «(: خليفة المخزومي، والد فِطْر، لين الحديث» ().
قلت: خليفة القرشي، المخزومي الكوفي، مولى عمرو بن حُرَيث، روى عن مولاه، وعنه:ابنه فطر، مجهول، وليس بلين الحديث، كما قال الشيخ نقلاً عن الحافظ ().
قال الذهبي: «ما روى عنه سوى ابنه فِطْر بن خليفة، ذكره ابن حبان على قاعدته في الثقات. وخبره عن عمرو بن حُرَيث منكر، وهو: «خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم داراً بالمدينة، لأن عمرو بن حُرَيث يَصْغُر عن ذلك، مات النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن عشر سنين أو نحوها» ().
قال الحافظ: «هذا الكلام تلقَّفه الذهبي من أبي الحسن بن القطان، فإنه ضَّعف هذا الحديث لما تعقبه على عبد الحق، وأعلَّه بأن خليفة مجهول الحال» ().
13 – قال الشيخ: «عثمان بن أبي العَاتِكة ()، قال الدارمي في مسائله ليحيى: قلت له: فعثمان بن أبي العَاتِكة، فقال: ليس بشيء، قال عثمان: سمعت دحيماً ينسب عثمان بن أبي العاتكة إلى الصدق ويثنى عليه» ().
قلت: عثمان بن أبي العَاتِكة سليمان الأزدي أبو حفص الدمشقي، القاص،وقول يحيى بن معين فيه: «ليس بشيء» هو في تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي، وتاريخ عباس الدوري ()، وسؤالات ابن الجنيد ()، وابن مِحْرِز ()، والغَلابي ().
وعثمان بن أبي العاتكة اختلف فيه، والراجح فيه ما قاله أبو حاتم الرازي، قال ابن أبي حاتم: «سألت أبي عنه، فقال: لا بأس به، بَلِيته من كثرة روايته عن علي بن يزيد، فأما ما روى عن غير علي بن يزيد فهو مُقَارب، يكتب حديثه» ().
أخرجه له البخاري في «الأدب المفرد» وأبو داود وابن ماجه، مات
سنة (152هـ).
تنبيه: سقط من نسخة (الأزهرية) التي تملكها الشيخ، ترجمة عثمان بن أبي العَاتِكة، فكتبها الشيخ زيادة من عنده لأنها على شرط (المغني) وهي مثبتة في نسخة (الحافظ السَّفَاقِسي) () تلميذ الحافظ الذهبي.
¥(14/7)
14 – قال الشيخ: «محمد بن إبراهيم بن زياد، أبو عبد الله الرازي الطيالسي، كان جوالاً في الآفاق، حدث ببغداد ومصر، وسكن قَرمِيسين ()،وحدَّث عن يحيى بن معين، وعنه جماعة، قال الدارقطني: متروك يضع الحديث، مات سنة 313» ().
قلت: هو متروك يضع الحديث، كما قال الدارقطني.
وهذه الترجمة نقلها الشيخ بحروفها من (تاريخ الإسلام) () للإمام الذهبي، وهذه الترجمة لا توجد في النسخة الأزهرية، التي تملكها الشيخ، لذلك زادها الشيخ، وهي موجودة في نسخة أخرى، قال الذهبي:
«محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، عن ابن معين، قال الدارقطني، متروك» ().
15 – قال الشيخ: «محمد بن أحمد بن عثمان، أبو طاهر المديني، نزيل مصر، عن يحيى الجُعْفِي وحَرْملة.
قال ابن عدي: كتبت عنه، وكان يُحْمَل على حفظه،وقد أُصيب بكتبه، وحدث بمناكير، قلت: روى عنه ابن يونس» ().
قلت: قال الذهبي: «قال ابن عدي: يغلط ويَثبُت عليه ولا يَرجع، ذكره ابن يونس في «الغرباء» وقال: كان يحفظ ويفهم، روى مناكير، أُراه كان أُختلط، لا تجوز الرواية عنه» () وقال الحافظ: «وقال الدارقطني: لم يكن بالقوي» ().
وبالجملة هو ضعيف، لما قال عنه ابن عدي.
وهذه الترجمة نقلها الشيخ بحروفها من (تاريخ الإسلام) () للإمام الذهبي.
وهذه الترجمة لا توجد في النسخة الأزهرية، التي تملكها الشيخ، لذلك زادها الشيخ، وهي موجودة في نسخة أخرى، قال الذهبي:
«محمد بن أحمد بن عثمان، أبو الطاهر المديني، عن حرملة وغيره، قال ابن عدي: يَغلط ويَثْبُت» ().
16 – قال الشيخ: «محمد بن أحمد بن يزيد، أبو عبد الله البَلْخِي، يعرف بالأزرق، حدث عن علي بن المديني، وعنه ابن عدي ()، ومن وضعه:
«إن الله ائتَمَنَ على وحيه جبريل ومحمد ومعاوية» ().
قلت: حدث عنه ابن عدي وقال: «يسرق الحديث،حدثنا بأشياء منكرة، ولم يكن من أهل الحديث» () وقال أيضاً: «ضعيف،ولقبه كُدَيْن» ().
وهذه الترجمة نقلها الشيخ من (تاريخ الإسلام) ()، للإمام الذهبي، وهذه الترجمة موجودة في النسخة الأزهرية ()، التي تملكها الشيخ.
ووهم الشيخ فظنَّ أن الذهبي لم يترجم لهذا الراوي،وقد ترجم له، قال الذهبي: «محمد بن أحمد بن يزيد البَلخِي، عن عبد الأعلى بن حماد النَرْسِي، قال ابن عدي: يسرق الحديث» ().
17 – قال الشيخ: «عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن غَزْوان، أبو بكر الخُزَاعِي المؤدب المقرئ، بغدادي، روى عن عبد الله بن هاشم الطُّوسي، قال الدارقطني: متروك يضع الحديث» ().
قلت: أبو بكر الخُزَاعِي روى أيضاً عن محمود بن خِدَاش، ويوسف بن موسى، وعنه ابن المُظفر، وعلي الحربي وغيرهما ().
وهذه الترجمة زادها الشيخ على أن الذهبي لم يترجم له في (المغني) وهو وهم من الشيخ، فقد ترجم له، قال الذهبي:
«عبد الله بن محمد أبو بكر الخُزَاعِي، عن محمود بن خِدَاشْ، وضاع متروك» ().
والعجب أن الشيخ نقل هذه الترجمة من (تاريخ الإسلام) () مع أنها في (الميزان) () وهو أقرب إليه، وهذا يدل على علو همته وسعة اطلاعه.
18 – قال الشيخ: «محمد بن عبد الله بن ثابت، أبو بكر الأُشْنَانِي، بغدادي ()، حدث عن أحمد بن حنبل وغيره، قال الدارقطني: هو دجال».
«محمد بن عبد الله بن إبراهيم، أبو بكر الأُشْنَانِي ()، حدث عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وهذه الطبقة، وعنه: علي بن الحسن الجَرَّاحِي وغيره، قال الدارقطني: دجال، وقال الخطيب: يضع الحديث» ().
قلت: هاتان الترجمتان نقلهما الشيخ بحروفهما من (تاريخ الإسلام) للإمام الذهبي، وسبب نقل الشيخ للترجمتين، يريد بذلك أنهما لراوٍ واحد.
وترجمة محمد بن عبد الله بن ثابت مثبتة في النسخة الأزهرية ()، والتي تملَّكها الشيخ، فلعل الشيخ وهم فظنَّ أن الذهبي لم يترجم لهذا الراوي فترجم له أو لعل الشيخ أراد زيادة بيان في حال ترجمة هذا الراوي وهذا بعيد.
قال الذهبي في ترجمته: «محمد بن عبد الله بن ثابت الأُشْنَانِي، عن علي ابن الجعد، دجال وضاع» ().
19 – قال الشيخ: «مَيْسَرة المُتَوَكِّلِي، أبو شاكر الخادم، روى عن أبي زرعة وغيره، قال الخطيب: كان غير ثقة، وضع على أبي زرعة، مات سنة 322» ().
¥(14/8)
قلت: صحف الشيخ اسم (مَسَرَّة) إلى (مَيسَرة) ولهذا وضع هذه الترجمة بعد ترجمة الذهبي لـ ميسرة بن عبد ربه، وعلى أنها ترجمة زائدة على شرط الذهبي، وكل هذا وهم وتصحيف، وقد نقل الشيخ هذه الترجمة بحروفها من (تاريخ الإسلام) () وعنده (مَسَرَّة) لا (مَيسَرة)، وفي نسخة الأزهرية التي عليها حاشية الشيخ، مترجم لمَسَرَّة، قال الذهبي:
«مَسَرَّة بن عبد الله الخادم، قال الخطيب: ليس بثقة» ().
ثامناً: ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال أئمة الجرح، فيمن ُترجم له في (المغني) زيادة على ما ذكره الذهبي:
ومن أمثلته ما يلي:
1 – قال الذهبي: «أحمد بن عبد الله بن خالد الجُوْبَارِي ويقال: «الجُوَيْبَارِي» في عصر شيوخ الأئمة، كذاب، جبل» ().
قال الشيخ: «وقال ابن حبان: كان دجالاً من الدجاجلة، وقال المصنف في التاريخ: روى عن ابن عيينة وأبي ضَمْرة وغيرهما من ثقات أصحاب الحديث، أُلوفاً من الحديث ما حدثوا منها بشيء» ().
قلت: قول الشيخ: «قال المصنف في التاريخ: روى عن ابن عيينة…».
هذا وهم فليس في ترجمة أحمد بن عبد الله بن خالد من (تاريخ الإسلام) () هذا الكلام. بل هذا كله من كلام ابن حبان، وهذا نص كلامه: «دجال من الدجاجلة كذاب، يروي عن ابن عيينة ووكيع وأبي ضَمْرة وغيرهم من ثقات أصحاب الحديث،ويضع عليهم ما لم يحدثوا، وقد روى عن هؤلاء الأئمة ألف حديث ما حدثوا بشيء منها….» ().
2 – قال الذهبي: «أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب، أبو بشر المروزي الفقيه، بعد الثلاثمائة، عُرف بالوضع» ().
قال الشيخ: «قال الدارقطني: كان حافظاً عَذْب اللسان، مجرداً في السنة والرد على المبتدعة، لكنه كان يضع الأحاديث، قلت: مات سنة 323» ().
قلت: نقل الشيخ هذا من (تاريخ الإسلام) ().
3 – قال الذهبي: «دينار، أبو عمر، عن محمد بن الحَنَفِية، قال الأزدي، متروك» ().
قال الشيخ: «وقال وكيع: ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور، وذكره ابن حبان في الثقات» ().
قلت: هو دينار بن عمر الأسدي، أبو عمر البزَّار وهذا الراوي مختلف فيه، قال الحافظ: «قال وكيع: أبو عمر البزَّار ثقة، وقال الأزدي: متروك، وقال الخليلي: كذاب، كان مختارياً من شُرط المختار بن أبي عبيد» ().
وقال الحافظ: «صالح الحديث، رُمي بالرفض» ().
والراجح أنه: متروك، وقد أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وابن ماجه.
تنبيه: خَلط محقق (المغني) نور الدين عتر، بين ترجمة (دينار أبو يحيى القتات) وبين هذا الراوي (دينار أبو عمر) حيث جعلهما راوياً واحداً، فجاء في (المغني) من تحقيقه: «دينار أبو يحيى القَتَّات، كذا سماه ابن أبي حاتم، وإنما اسمه: عبد الرحمن بن دينار أبو عمر، عن محمد بن الحنفية، قال الأزدي: متروك» ()!!
والصحيح في الترجمتين هكذا: «دينار، أبو يحيى القَتَّات، كذا سماه ابن أبي حاتم، وإنما اسمه عبد الرحمن، لين» () ثم بعده ترجم الذهبي لدينار أبو عمر، فقال: «دينار، أبو عمر، عن محمد بن الحنفية، قال الأزدي متروك» ().
وبسبب هذا الخلط العجيب ظنَّ من ينظر في (المغني) أن الذهبي لم يُترجم لدينار بن عمر الأسدي. وقد ترجم له في (ديوان الضعفاء) ().
4 – قال الذهبي: «عثمان بن الخَطَّاب، أبو الدُّنيا الأَشَجَّ، حدث بعد الثلاثمائة عن علي، فكذبوه» ().
قال الشيخ: «قال المصنف في تاريخه في ترجمة أبي الدُّنيا: يدَّعي أنه ولد في خلافة أبي بكر الصديق، وأنه سمع من علي بن أبي طالب، وأنه مُعمَّر، وأنه أمسك بركابه يوم صِفِّين،وحدث عنه ببغداد بالبواطيل، فكتب عنه: محمد بن أحمد المفيد، أحد الضعفاء وغيره، ليس والله بثقة ولا صادق، وعلى قوله يكون قد عاش ثلاثمائة سنة أو أكثر ()، مات سنة 327» ().
قلت: هو عثمان بن الخَطَّاب، أبو عمرو البَلَوِي المغربي، أبو الدُّنيا الأَشَجَّ، ويقال ابن أبي الدُّنيا، قال الذهبي:
«طير طرأ على أهل بغداد، وحدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة، عن علي ابن أبي طالب، فافتَضحَ بذلك،وكذَّبه النقاد، قال الخطيب: علماء النقل لا يثبتون قوله» ().
وقال في موضع آخر: «طَرْقِيٌ كذاب جريء» () وقال الحافظ ابن حجر: «قال منصور بن سليم في «تاريخه»:… وهذا المُعمَّر لا يصح وجوده عند علماء النقل» ().
¥(14/9)
وقد أطال الحافظ في (لسان الميزان) في ذكر ترجمته، وأخباره، ورواياته، ثم ختم ترجمته بقوله:
«فإذا تأملت هذه الروايات، ظَهَرتَ على تخليط هذا الرجل في اسمه ونسبه ومولده،وقدر عمره،وأنه كان لا يستمر على نمط واحد في ذلك، فلا يُغترَّ بمن حَسَّن الظنَّ به» ().
تاسعاً: زيادة الشيخ في ذكر وفاة بعض الرواة ممن ُترجم لهم في (المغني).
ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «ق: حِبَّان بن علي العَنَزِي، عن التابعين، ضعفه النسائي وجماعة،ولم يترك» ().
قال الشيخ: «قلت: مات سنة إحدى وسبعين،وله ستون سنة» ().
2 – قال الذهبي: «طَرِيف بن عُبيد الله الموصلي، كان بعد الثلاثمائة، ضعفه الدارقطني» ().
قال الشيخ: «قلت: مات سنة أربع وثلاثمائة» ().
عاشراً: زيادة الشيخ في تعريف بعض الرواة ممن ُترجم له في (المغني).
ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «ت ق: خالد بن إِيَاس المدني، عن عامر بن سعد، وعنه القعنبي، ضعفوه» ().
قال الشيخ: «قلت: هو إمام مسجد المدينة المنورة، وهو متروك الحديث» ().
قلت: هو خالد بن إليَاس، أو إِيَاسْ، بن صخر بن أبي الجَهْم بن حذيفة، أبو الهيثم العَدَوي، المدني، متروك الحديث كما قال الشيخ، وهو ما قاله الحافظ ().
وقال الحافظ: «قال أبو داود: كان يؤم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، نحواً من ثلاثين سنة» ().
2 – قال الذهبي: «ت: خالد بن أبي بكر العُمَرِي، شيخ للنُفَيْلِي، قال أبو حاتم: «يكتب حديثه» وقال البخاري: «له مناكير» ().
قال الشيخ: «تمام النسب: ابن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب» ().
قلت: هكذا نسبه الحافظ ابن حجر، وقال: «فيه لين» ().
3 – قال الذهبي: «ت: حمزة بن أبي حمزة، عن عطاء، متهم واه» ().
قال الشيخ: «قلت: هو الذي يقال له النَّصِيْبِي من كبار الضعفاء المتهمين» ().
قلت: هو حمزة بن أبي حمزة الجُعْفِي، الجزري النَّصِيْبِي، واسم أبيه ميمون، متروك متهم بالوضع، قاله الحافظ ().
4 – قال الذهبي: «ت: رُمَيْح، عن أبي هريرة، لا يُعرف» ().
قال الشيخ: «هذا يقال: الجُذَاِمي» ().
قلت:هو رُمَيْح الجُذَامِي كما قال الشيخ، وقد نقله الشيخ من الحافظ ()،وقال الذهبي: «روى عنه حديثه مُسْتَلم بن سعيد «إذا اتُّخِذ الفيءُ دِولاً».
قال الترمذي: «غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه» ().
وقال الحافظ: «مجهول» ()، تفرد بالرواية عنه مُستلم بن سعيد، وقال ابن القطان: «رُمَيْح لا يُعرف» ().
5 – قال الذهبي: «الحارث بن عبد الله الأَعور، من كبار علماء التابعين، قال ابن المديني: كذاب، وقال الدارقطني: ضعيف،وقال النسائي: ليس بالقوي، وكذَّبه الشعبي» ().
قال الشيخ: «قلت: لم يرو النسائي في (السنن) للحارث إلا حديثين» ().
قلت: قال الذهبي: «وحديث الحارث في (السنن الأربعة) والنسائي مع تعنته في الرجال، فقد احتج به وقوَّى أمره، والجمهور على توهين أمره، مع روايتهم لحديثه في الأبواب، فهذا الشعبي يكذِّبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه يُكِّذب حكاياته، لا في الحديث» ().
قال الحافظ متعقباً على الذهبي: «قلت: لم يحتج به النسائي، وإنما أخرج له في «السنن» حديثاً واحداً مقروناً بابن مَيسرة، وآخر في «اليوم والليلة» متابعة، هذا جميع ما له عنده» ().
6 – قال الذهبي: «خ: الحسن بن شَاذَانْ الواسطي، واسم أبيه خلف، ثقة، تُكلِّم فيه، وعنه البخاري، ووثقه الخطيب وأبو حاتم» ().
قال الشيخ: «قلت: روى عنه البخاري حديثاً واحداً قد توبع عليه» ().
قلت: قال الحافظ في (التقريب): «كأن شَاذَانْ لقب أبيه، صدوق له أوهام، له عند البخاري حديث واحد توبع عليه» ().
وقوله: «صدوق له أوهام» ناقضه في (الفتح) فقال:
«الحسن بن خلف هو الواسطي، ثقة من صغار شيوخ البخاري، وما له عنه في «الصحيح» سوى هذا الموضع» ().
والصواب أن يقال فيه: إنه صدوق حسن الحديث؛ قال الحافظ:
«قال أبو حاتم: شيخ، وقال الخطيب: كان ثقة، وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال ابن عدي: يُحتمل ولا أعلم له شيئاً منكراً» ().
والذهبي وثقه كما في (المغني) وقال في (الكاشف): «صدوق» ().
والبخاري روى عنه،ومع ذلك قال: «الحسن بن شَاَذانْ يتكملون فيه» ().
¥(14/10)
7 – قال الذهبي: «محمد بن تَمَّامْ البَهْرَانِي، قال ابن منده: حدث عن محمد بن آدم المِصِّيْصِي بمناكير» ().
قال الشيخ: «وقد روى ابن تَمَّامْ عن المسيب بن وَاضِح ومحمد بن مُصفَّى،وعنه ابن عدي، مات سنة 313» ().
قلت: ما ذكره الشيخ قد نقله من (تاريخ الإسلام) () مختصراً، ولم يصرِّح الذهبي بالحكم على محمد بن تَمَّام البَهْرَانِي في (المغني) وكذا في (ميزان الاعتدال) ()، و (تاريخ الإسلام)، وصرح بالحكم عليه في (سير أعلام النبلاء) حيث نقل قول ابن منده ثم قال:
«قلت: لا أظنُّ به بأساً،ويُكشف هل خَرَّج له ابن حبان في صحيحه؟» ().
قلت: لم يخرج له ابن حبان في صحيحه.
إن حكم الذهبي على هذا الراوي في (سير أعلام النبلاء) دون باقي كتبه، هذا فيه دلالة على أن (السير) فيها زيادات على باقي كتب الذهبي الأخرى، وذلك من جهة الحكم على الراوي، فكم من راوٍ يذكره الذهبي في كتبه ولا يصرح بالحكم عليه، بل يكتفي بالنقل عن الأئمة، ومع ذلك تجده قد صرح بالحكم عليه في (السير)، وبعض من يشتغل بعلم الرجال قد يغفل عن هذا.
8 – قال الذهبي: «م ت فق: حَربْ بن ميمون أبو الخطَّاب، ثقة غلط من تكلَّم فيه،وهو صدوق» و «حَربْ بن ميمون، أبو عبد الرحمن، صاحب الأَغْمِية، عن عوف،ضعفه الفلاَّس، تأخر» ().
قال الشيخ معلقاً على ترجمة حَربْ بن ميمون صاحب الأَغْمِية:
«قلت: الذي قبله يقال له الأكبر، وهو ثقة مشهور،وهذا يقال له الأصغر،وهو متروك» ().
قلت: حَرب بن ميمون الأكبر الأنصاري، أبو الخطاب البصري، قال الحافظ: «قال الخطيب في «المُتفق والمفترق»: كان ثقة،وقال الساجي: الأكبر صدوق ()» وقال علي بن المديني: «حَرب بن ميمون الأنصاري: ثقة» ().
وقال الذهبي في موضع: «ثقة» وقال الحافظ: «صدوق» () والأرجح أنه صدوق.
وقد أخرج له مسلم والترمذي وابن ماجه في التفسير.
وأما حرب بن ميمون الأصغر العبَدي، أبو عبد الرحمن البصري العابد، صاحب الأَغْمِية، فقد قال الحافظ: «قال علي بن المديني: حَرب بن ميمون: ضعيف، وحَرب بن ميمون الأنصاري: ثقة».
وقال عمرو بن علي: الأصغر ضعيف، والأكبر: ثقة، وقال البخاري: قال سليمان بن حَرب: هو أكذب الخلق، وقال أبو زرعة: لين» (). وضعفه الذهبي ()، وقال الحافظ: «متروك الحديث مع عبادته» ().
والأرجح أنه ضعيف جداً واهٍ لا يحتج به.
قلت: ومما ينبه عليه أن بعض الأئمة الحفاظ، قد خلط بين حرب بن ميمون الأكبر، وحرب بن ميمون الأصغر، وجعل الإثنين واحداً، قال عبد الغني ابن سعيد: «حرب بن ميمون الأكبر أبو الخطاب، وحرب بن ميمون الأصغر أبو عبد الرحمن صاحب الأَغْمِية، هذا مما وهم فيه البخاري، وأول من نبهني على ذلك علي بن عمر ـ الدارقطني ـ وقال لي: إن مسلم بن الحجاج تبعه على ذلك، وجعل الاثنين واحداً،وقال لي: من هاهنا نستدل على أن مسلماً تَبع البخاري، وأنه نظر في علمه فعمل عليه» ().
وقال الذهبي في ترجمة حرب بن ميمون الأصغر:
«وقد خلطه البخاري وابن عدي بالذي قبله ـ أي الأكبر ـ وجعلهما واحداً، والصواب أنهما اثنان…» ().
9 – قال الذهبي: «ق: حَجَّاج بن عُبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، أحد التابعين، مجهول» ().
قال الشيخ: «قلت: ويقال ابن أبي عبد الله» ().
قلت: حَجَّاج بن عُبيد، ويقال: ابن أبي عبد الله، ويقال ابن يسار، تفرد بالرواية عنه ليث بن أبي سليم أخرج له أبو داود وابن ماجه ().
10 – قال الذهبي: «د ق: داود بن جميل، عن كثير بن قيس، وثق، وأما الأزدي فضعفه» ().
قال الشيخ: «قلت: يقال اسمه الوليد» ().
قلت: قال الحافظ: «داود بن جميل،ويقال: الوليد ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال الدارقطني: مجهول، وقال مرة: هو ومن فوقه إلى أبي الدرداء ضعفاء،وقال في «العلل»: لا يصح داود.
وقال الأزدي: ضعيف مجهول» ().
وقال الذهبي في موضع: «داود بن جميل، عن كثير بن قيس، …. داود لا يعرف كشيخه» (). وقال في موضع: «مجهول» ().
والأرجح أنه ضعيف كما قاله الحافظ ()، وقد أخرج له أبو داود وابن ماجه.
11 – قال الذهبي: «عبد الله بن محمد بن جعفر أبو القاسم القَزْوِينِي، الفقيه، مشهور، كذَّبه الدارقطني» ().
¥(14/11)
قال الشيخ: «قلت: قال الدارقطني: وضع لعمرو بن الحارث أكثر من مائة حديث، قلت: ولي الحكم بدمشق، ثم ولي قضاء الرَّملة، ثم سكن مصر، وحدث عن: يونس بن عبد الأعلى وغيره» ().
قلت: من العجب أن هذه الترجمة نقلها الشيخ من (تاريخ الإسلام) () وهي في (ميزان الاعتدال) ()، وما في (التاريخ) مما نقله الشيخ لا يوجد في (الميزان).
وهذا كما تقدم مراراً يدل على علو همته وسعة اطلاعه.
12 – قال الذهبي: «إسماعيل بن أبان الكوفي الغَنَوِي الخياط، لا الوَرَّاق، كذاب، عن هشام بن عروة» ().
قال الشيخ: «قال يحيى بن معين: كذاب، وضع حديثاً عن علي: «السابع من ولد العباس، يلبس الخضرة» يعني المأمون» ().
قلت: قال الخطيب: أخبرني الحسين بن علي الصَيْمَري، حدثنا علي بن الحسن الرازي، حدثنا محمد بن الحسين الزَّعفراني، حدثنا أحمد بن زهير، قال سمعت يحيى بن معين، يقول: وضع إسماعيل بن أبان الغَنَوي، حديثاً عن فِطر، عن أبي الطُّفيل، عن علي، قال:
«السابع من ولد العباس يلبس الخضرة» حديثاً لم يكن منه شيء» ().
وقد ذكر هذا الحديث من صنَّف في الموضوعات كالسيوطي ()، وابن عرَّاق () وغيرهما.
وقد أجمع أهل الحديث على أن إسماعيل بن أبان الغَنَوي متروك الحديث، ويضع الحديث على الثقات ().
الحادي عشر: تنبيه الشيخ على بعض مناهج المحدثين.
مثاله: قال الذهبي: «ق: دَارِمْ، عن سعيد بن أبي بردة، لا يُعرف، وثقه ابن حبان» ().
قال الشيخ: «قلت: هو مجهول، وابن حبان يقبل رواية المجهولين، لأن عنده أن الأصل العدالة، قاله: سليمان» ().
قلت: هو مجهول كما قال الشيخ؛ تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي، قال الحافظ: «له في ابن ماجه حديث واحد» ().
وتوثيق ابن حبان لهذا الراوي ليس بغريب، فقد عرف عنه توثيق المجاهيل، وفي ذلك يقول: «من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبَّر، ولو كان ممن يروي المناكير، ووافق الثقات في الأخبار، لكان عدلاً مقبول الرواية، إذ الناس أقوالهم على الصلاح والعدالة، حتى يتبين منهم ما يُوجب القدح، هذا حُكم المشاهير من الرواة. فأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء، فهم متروكون على الأحوال كلها» ().
قال الحافظ ابن حجر متعقباً عليه: «قلت: وهذا الذي ذهب إليه ابن حبان، من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه، كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه، مذهب عجيب،والجمهور على خلافه.
وهذا هو مسلك ابن حبان في كتاب «الثقات» الذي ألفه، فإنه يذكر خلقاً ممن ينص أبو حاتم وغيره، على أنهم مجهولون، وكأن عند ابن حبان: أن جهالة العين ترتفع برواية واحدٍ مشهور، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره ().
وقد أفصح ابن حبان بقاعدته فقال: العدل من لم يُعرف فيه الجرح، إذ التجريح ضد التعديل، فمن لم يُجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه، إذ لم يُكلَّف الناس ما غاب عنهم» ().
وقد تكلم الشيخ المعلمي، على توثيق ابن حبان بكلام نفيس، حيث قال: «والتحقق أن توثيقه على درجات:
الأولى: أن يصرح به كأن يقول: «كان متقناً»،أو «مستقيم الحديث» ونحو ذلك.
الثانية: أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم.
الثالثة: أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث، بحيث يُعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة.
الرابعة: أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عَرَفَ الرجل معرفة جيدة.
الخامسة: ما دون ذلك.
فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم،والثانية قريب منها، والثالثة مقبولة، والرابعة صالحة، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل، والله أعلم» ().
قال شيخنا الألباني معلقاً: «هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف رحمه الله، وتمكنه من علم الجرح والتعديل، وهو مما لم أره لغيره، غير أنه قد ثبت لديَّ بالممارسة، أن من كان منهم من الدرجة الخامسة، فهو على الغالب مجهول لا يُعرف،ويشهد بذلك صنيع الحفاظ، كالذهبي، وابن حجر، وغيرهما من المحققين، فإنهم نادراً ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة، بل والتي قبلها أحياناً» ().
والخلاصة أن توثيق ابن حبان، يجب أن يُتلقَّى بكثيرٍ من التحفظ والحذر، لمخالفته العلماء في توثيقه للمجهولين ().
¥(14/12)
الثاني عشر: ضبط الشيخ بالحرف والشكل لبعض الأسماء الغريبة، ممن ترجم له في (المغني).
ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: حبيب بن أبي حبيب الخَرْطَطِي، عن إبراهيم الصائغ، كذاب، خَرْطَطْ من مَرُو» ().
قال الشيخ: «الخَرْطَطِي، بفتح المعجمة، وسكون الراء وبمهملتين الأولى مفتوحة» ().
قلت: هكذا ضبطه الحافظ في (التقريب) ().
وقال الحافظ: «قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل القدح فيه، وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة» ().
قلت: ليس له رواية في الكتب الستة.
2 – قال الذهبي: «حَرِيشْ بن الخِرَّيتْ، أخو الزبير بن الخِرِّيتْ، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو زرعة: واهي الحديث» ().
قال: الشيخ في ضبط (حَرِيشْ): «بفتح ثم كسر وآخره معجمة» وضبط الشيخ «الخِرِّيتْ» بالحركات هكذا: «الخِرِّيتْ» ().
قلت: وهكذا ضبطه الحافظ في (التقريب) () وهذا الراوي ضعيف جداً، وقد أخرج له ابن ماجه.
الثالث عشر: تصويب الشيخ لبعض ما وقع في نسخته من (المغني) من خطأ وتصحيف.
مثاله: قال الذهبي: «ق: رَوَّاد بن الجَرَّاح العَسْقلاني، سمع الأوزاعي، وثقه ابن معين بالشِّدة،وضعفه الدارقطني،وقال أبو حاتم: محله الصدق، وقواه أحمد، وقال النسائي: روى حديثاً منكراً» ().
قال الشيخ: «الذي في «تهذيب الكمال»: قال النسائي روى غير حديثٍ منكر» ().
قلت: ما صوَّبه الشيخ صحيح؛ فقد جاء في (تهذيب الكمال) في ترجمة رَوَّاد بن الجَرَّاح هكذا:
«… وقال النسائي: ليس بالقوي، روى غير حديث منكر،وكان قد اختلط» ().
وهكذا في (تهذيب التهذيب) ()، وقول النسائي نقله الحفاظ من كتابه (الضعفاء والمتروكين) ().
وهذا الراوي: صدوق اختلط بأخره فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد،وقد أخرج له ابن ماجه، قاله الحافظ ().
ملخص لبعض النتائج من خلال دراسة حاشية الشيخ على (المغني):
وهي على ما يلي:
1 – تعقبات الشيخ الحديثية على الإمام الذهبي، وهذه التعقبات جاءت متنوعة كالآتي:
أولاً: تعقبه على الإمام الذهبي في الإخلال ببعض ما شرطه في مقدمة (المغني).
ثانياً: تعقبه على الإمام الذهبي، في حكمه على بعض الرواة بالجهالة، وهم بخلاف ذلك.
ثالثاً: تعقبه على الإمام الذهبي في تفريقه بين رجلين في كتابه (المغني) وتناقض حيث لم يفرق بينهما في (تاريخ الإسلام).
رابعاً: تعقبه على الإمام الذهبي في سياقه لترجمة راوٍ بما يوهم أنه ثقة، وليس كذلك.
خامساً: تعقبه على الإمام الذهبي في كلامه على راوٍ بأمر لا يوجب ضعفه.
سادساً: تعقبه على الإمام الذهبي، في تضعيفه لأحد الرواة،وهو بخلاف ذلك.
سابعاً: تعقبه على الإمام الذهبي في نسبته لجرح أحد الأئمة لراوٍ، والجرح إنما هو في حق راوٍ آخر.
2 – تعقبه على الحافظ ابن حجر في توثيقه لراوٍ مجهول.
3 – تعقبه على أبي حاتم الرازي في تضعيفه لراوٍ أخرج له البخاري، وأنه بهذا جاز القنطرة.
4 – تعقبه على الحافظ ابن عدي،في تقويته لراوٍ قد رُمي بالكذب.
5 – تعقبه على الإمام الدارقطني، في مبالغته في الحكم على راوٍ له أوهام بطرح حديثه وإسقاطه.
6 – ذكر الشيخ سليمان لكثيرٍ من تراجم الرواة المجاهيل، زيادة على ما ذكر في (المغني).
7 – ذكر الشيخ سليمان لكثير من تراجم الرواة المُتكلم فيهم، زيادة على ما ذكر في (المغني).
8 – ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال أئمة الجرح،فيمن تُرجم له في (المغني) زيادة على ما ذكره الذهبي.
9 – زيادة الشيخ سليمان في ذكر وفاة بعض الرواة، ممن تُرجم له في (المغني).
10 – زيادة الشيخ سليمان في تعريف بعض الرواة، ممن تُرجم له في (المغني).
11 – تنبيه الشيخ على بعض مناهج المحدثين، ومن ذلك بيانه أن ابن حبان يقبل رواية المجهولين، لأن عنده أن الأصل العدالة.
12 – ضبط الشيخ سليمان بالحرف والشكل، لبعض الأسماء الغريبة، ممن تُرجم له في (المغني).
13 – تصويب الشيخ لبعض ما وقع في نسخته من (المغني) من خطأ وتصحيف.
¥(14/13)
14 – معرفة الشيخ بالقواعد الحديثية خاصة المتعلقة بالجرح والتعديل، ولا أدل على ذلك من تطبيقه لبعض القواعد المتعلقة بجرح الرواة و تعديلهم، فقد طبَّق الشيخ عملياً في حاشيته على (المغني) قاعدة (التعديل الفعلي أو التوثيق الضمني). وذلك أثناء تعليله على توثيق ابن حجر لأحد الرواة حيث قال: «فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه، وسكوت أبي داود عليه» ()، وقوله وهو يدافع عن راوٍ ضعفه أبو حاتم الرازي، «أخرج عنه البخاري، … فقد جاز القنطرة» ()، وقوله: «الجرح إذا فُسر مقدم على التعديل» ().
وقوله في رده على الحافظ الدارقطني عند كلامه على بعض الرواة:
«من قُدِّر له أوهام في الحديث، لا يوجب ذلك اطِّراح حديثه؛ إذ ما من حافظ إلا وقد وَهِم» ().
15 – من منهج الشيخ في هذه الحاشية أنه ينقل من (ميزان الاعتدال) و و (الكاشف) وهذا قليل وقد أكثر النقل من (التقريب).
والأهم من هذا كله نقله من (تاريخ الإسلام)، وهذا يعكس لنا مقدار الجهد والبحث الذي بذله الشيخ تجاه هذه الحاشية.
16 – إن مما يدل على نفاسة حاشية الشيخ على (المغني) أن بعضاً ممن حقق (المغني) قد نقل واستعان بهذه الحاشية، بل واثنى عليها،وهو الدكتور نور الدين عتر، حيث قال وهو يتكلم على نسخة (مكتبة الأزهر) التي عليها حاشية الشيخ: «… وتمتاز النسخة بما في حاشيتها من التعليقات المفيدة، وأكثرها تراجم منقولة من الميزان للإمام الذهبي، أو من «تقريب التهذيب» للحافظ ابن حجر، رحمهما الله.
وفي بعض هذه التعليقات تحقيقات حديثية قيمة أثبتناها في تعليقاتنا على الكتاب وعزوناها إلى النسخة،وفاء لصاحبها الذي بذل فيها جهداً ملحوظاً» ().
17 – اعتناء الشيخ بتملك النسخ الصحيحة و الجيدة من كتب الرجال، دون ما سواها من النسخ التي ليس لها مزية.
ومن ذلك تملكه لنسخة من (المغني) وهي نسخة «مكتبة الأزهر»، يقول الدكتور نور الدين عتر في وصف هذه النسخة، وذلك بعد أن تكلم على أصح نسخ (المغني) وهي نسخة الحافظ السَّفَاقِسي ـ تلميذ الذهبي ـ وجعلها النسخة الأولى والأصل قال:
«النسخة الثانية: وهي محفوظة في «مكتبة الأزهر» … وتدل مطالعة النسخة على صحتها وأنها نسخة جيدة، حيث نجد بهامشها تصحيحات، وبلاغات بمقابلتها على الأصل المنقولة عنه.
وهذه النسخة أقرب ما عثرنا عليه من نسخ المغني إلى النسخة الأصل السابقة …» ().
ولا يقتصر الشيخ على النسخ الصحيحة والمتميزة فقط عند تملكه لكتب الرجال، بل حتى عند نسخه لهذه الكتب فإنه يتحرى النسخ الجيدة والمتميزة، ولا أدل على ذلك من نسخه لـ (تاريخ الإسلام) حيث قال بعد أن نسخه: «أكمله مالكه الفقير إلى الله تعالى سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، من خط شيخ الإسلام خاتمة الحفاظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
رحمه الله تعالى، وهو أكملها أعني نسخته من مسودة المؤلف رحمه الله تعالى والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، سنة 1220».
انتهت الحاشية .....(14/14)
كَيْفَ بَانَ لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ أَنَّ ابْنَ عَجْلانَ مُدَلِّسٌ؟
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[12 - 09 - 06, 12:08 ص]ـ
الْحَمْدُ للهِ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً وَهِدَايَةً لِلْعَالَمِينَ.
وَبَعْدُ ..
كَيْفَ بَانَ لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيِّ أَنَّ ابْنَ عَجْلانَ مُدَلِّسٌ؟
ـــــــــ
قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي مَنْظُومَةِ الْمُدَلِّسِينَ:
عَبَّادٌ مَنْصُورٌ قُلِ ابْنُ عَجْلانِ ... وَابْنُ عُبَيْدٍ يُونُسُ ذُو الشَّانِ
فَمَنْ وَصَفَ ابْنَ عَجْلانَ بِالتَّدْلِيسِ، فَاعْتَمَدَ الْحَافِظُ قَوْلَهُ، وَتَأَكَّدَ لَدَيْهِ الْحُكْمُ بِذَا وَثَبَتَ؟.
عَلَى أنَّ الشَّيْخَ الأَلْبَانِي كَانَ يَتَعَجَّبُ كَثِيْرَاً، وَيَقُولُ: لَمْ أَرَ مَنْ رَمَى ابْنَ عَجْلانَ بِالتَّدْلِيسِ!.
فَائِدَةٌ لأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ
ـــــ
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ «مُشْكَلُ الآثَارِ»: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ «وَإِيَّاكَ وَاللَّوَّ فَإِنَّهَا تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»
حَدَّثَنَا يُونُسُ ثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلا تَعْجِزْ، فَإِنْ فَاتَك شَيْءٌ فَقُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ، فَإِنَّهَا تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».
فَتَأَمَّلْنَا إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ: هَلْ هُوَ مَوْصُولٌ، أَوْ قَدْ دَخَلَهُ تَدْلِيسٌ مِنْ ابْنِ عَجْلانَ أَتَاهُ بِهِ عَنْ الأَعْرَجِ، يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ سَمَاعٍ مِنْهُ إيَّاهُ!، فَوَجَدْنَا: ما قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الذُّهْلِيُّ أَبُو الْعَلاءِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيِّ ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلا تَعْجِزْ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ صَنَعَ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ، فَإِنَّهَا تَفْتَحُ مِنْ الشَّيْطَانِ»، ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِيعَةَ وَحِفْظِي لَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ.
وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَوَّلِهِ رَبِيعَةُ، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلانَ إنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ الأَعْرَجِ تَدْلِيسَاً مِنْهُ بِهِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْهُ.
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ رَبِيعَةَ عَنْ الأَعْرَجِ هَلْ هُوَ سَمَاعُهُ إيَّاهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى التَّدْلِيسِ بِهِ عَنْهُ.
فَوَجَدْنَا فَهْدَاً قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ خَتْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللهِ وَلا تَعْجِزْ، فَإِنْ فَاتَك شَيْءٌ فَقُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا
¥(14/15)
شَاءَ فَعَلَ، وَإِيَّاكَ وَلَوْ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»، فَوُفِّقْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إسْنَادِهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الأَعْرَجِ.
قُلْتُ: وَيُنْظَرُ فِي تَقْرِيرِهِ بِتَقَصِّي طُرُقِ الْحَدِيثِ وَالاخْتِلافِ عَلَيْهِ.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[12 - 09 - 06, 01:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الذهبي رحمه الله تبع في ذلك ابن أبي حاتم وابن حبان في وصف ابن عجلان بالتدليس قال ابن حبان في الثقات (7/ 386): (محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي من أهل المدينة يروى عن أبيه وسعيد المقبري روى عنه الثوري ومالك عنده صحيفة عن سعيد المقبري بعضها عن أبيه عن أبى هريرة وبعضها عن أبى هريرة نفسه قال يحيى القطان سمعت محمد بن عجلان يقول كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه عن أبي هريرة وعن أبى هريرة فاختلط على فجعلتها كلها عن أبى هريرة قال أبو حاتم رضي الله عنه وقد سمع سعيد المقبري من أبى هريرة وسمع عن أبيه عن أبى هريرة فلما اختلط على بن عجلان صحيفته ولم يميز بينهما اختلط فيها وجعلها كلها عن أبى هريرة وليس هذا مما يهى الإنسان به لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة فما قال بن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبى هريرة فذاك مما حمل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته عليه وما قال عن سعيد عن أبى هريرة فبعضها متصل صحيح وبعضها منقطع لأنه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروى الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبى هريرة وإنما كان يهى أمره ويضعف لو قال في الكل سعيد عن أبى هريرة فإنه لو قال ذلك لكان كاذبا في البعض لأن الكل لم يسمعه سعيد عن أبى هريرة فلو قال ذلك لكان الاحتجاج به ساقطا على حسب ما ذكرناه) أ. هـ
قال العلائي في جامع التحصيل (1/ 109): (ذكر ابن أبي حاتم حديثه عن الأعرج عن أبي هريرة حديث المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف فقال إنما سمعه من ربيعة بن عثمان عن الأعرج قلت رواه عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن عثمان بن حبان عن الأعرج وذكر غير ابن أبي حاتم أيضا أنه كان يدلس أعني ابن عجلان) أ. هـ
ثم تتابع أهل الحديث على ذلك فوصفه بالتدليس المقدسي في قصيدته والحلبي في التبيين وابن حجر في تعريف أهل التقديس وجعله في المرتبة الثالثة، والله الموفق
ينظر: قصيدة المقدسي في المدلسين (ص 38) التبيين لأسماء المدلسين (ص 52) تعريف أهل التقديس (ص 106)
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[12 - 09 - 06, 02:13 م]ـ
بَارَكَ اللهُ فِيكَ. وَجَزَاكَ خَيْرَاً.
لَيْسَ فِي كَلامِ ابْنِ حِبَّانَ ذِكْرٌ لِلتَّدْلِيسِ، وَلا هُوَ مِمَّنْ يَتَّهِمُونَ ابْنَ عَجْلانَ بِهِ!. بَلْ نَفَاهُ عَنْهُ صَرَاحَةً فِي «صَحِيحِهِ»، فَقَدْ رَوَى حَدِيثَ «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ» مِنَ الْوَجْهَيْنِ: «ابْنُ عَجْلانَ عَنْ الأَعْرَجِ» و «رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الأَعْرَجِ».
قَالَ (5721): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلانَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ أَحَبُّ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَكُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَلا تَعْجِزْ، فَإِنْ غَلَبَكَ شَيْءٌ، فَقُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ، فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».
وَقَالَ (5722): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْفَارِسِيُّ بِدَارَا مِنْ دِيَارِ رَبِيعَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
ثُمَّ تَأَوَّلَهُمَا عَلَى ثُبُوتِهِمَا مَعَاً، وَنَفَى أَنْ يَكُونَ إِسْنَادُ ابْنِ عَجْلانَ مُنْقَطِعَاً، حَيْثَ قَالَ «يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَجْلانَ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ الأَعْرَجِ، وَسَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الأَعْرَجِ، فَمَرَّةً كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ الأَعْرَجِ مُفْرَدَاً، وَتَارَةً يَرْوِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ الأَعْرَجِ مُفْرَدَاً».
ـــــ
فَالْكَلامُ عَلَى تَدْلِيسِ ابْنِ عَجْلانَ وَادٍ، وَكَلامُ ابْنِ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ» فِي وَادٍ آخَرَ.
¥(14/16)
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله فيك أخي أرجو أن تعيد النظر في كلام ابن حبان وتتمعن فيه لاسيما قوله: (فما قال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبى هريرة فذاك مما حمل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته عليه وما قال عن سعيد عن أبى هريرة فبعضها متصل صحيح وبعضها منقطع لأنه أسقط أباه منها فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروى الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبى هريرة)
ثم ينبغي أن نفرق بين الحكم على حديث خاص وبين التقعيد العام في الحكم على الراوي.
ثم إن ابن أبي حاتم وصفه بذلك كما نقل عنه العلائي في جامع التحصيل. والله أعلم(14/17)
فوائد من كتاب الأمالي المستظرفة على الرسالة المستطرفة لأحمد بن الصديق الغماري (2)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 09 - 06, 09:32 ص]ـ
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
فقد سبق ذكر بعض الفوائد من هذا الكتاب في موضوع سابق على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=472392#post472392
وحيث أن الموضوع السابق قد تشعب وخرج عن مقصوده رأيت إفراد بقية الفوائد في موضوع مستقل، ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 09 - 06, 09:35 ص]ـ
ولعلي أبدأ هذا الموضوع بما ذكره الشيخ الفاضل لطفي بن محمد الزغير حفظه الله في الموضوع السابق
بارك الله غي جهودكم شيخنا الفاضل عبد الرحمن الفقيه، وأتمنى لو أنكم واصلتم ذكر ما عندكم من فوائد، ولكن ما رايكم وجميع الأعضاء بمقولة الغماري في الكتاب المذكور بأنه لولا الحاكم لاراح البيهقي ولا جاء، وأن البيهقي لا يكاد يعتمد على غير الحاكم إلا في القليل النادر؟
هذه الكلمة ليست بحروفها ولكن بمعناها لأن الأمالي المستظرفة ليس تحت يدي الآن وإنما أتذكرها منذ قرأت الكتاب.
وهذا كلام الغماري الذي أشار إليه الشيخ لطفي سابقا
قال في الأمالي المستظرفة ص 86 - 89
((فجل أحاديث البيهقي رواها عن شيخه الحاكم، فهو لايروي عن غيره حديثا، حتى يروي عنه عشرة تقريبا.
بل لولا الحاكم لما ذهب البيهقي ولاجاء في هذا الفن، ولولا أحاديث خرجها من المستخرجات على الصحيحين، والتاريخ الكبيرللبخاري، وسنن أحمد بن عبيد، لكانت جميع مصنفاته مأخوذة عن الحاكم، إلا ما كان في الزهديات، فأكثرها أيضا عن أبي عبدالرحمن السلمي.
ولهذا قال الذهبي: إنه قليل الحديث، وإنما وقعت له البركة في حديثه.
وبالجملة فكونه أشد تحريا من شيخه الحاكم لاحقيقة له ولانصيب من الصحة) انتهى.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 09 - 06, 10:08 م]ـ
بارك الله فيكم
وقول الغماري
(وبالجملة فكونه أشد تحريا من شيخه الحاكم لاحقيقة له ولانصيب من الصحة)
هو في الحقيقة لا حقيقة له ولا نصيب له من الصحة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 09 - 06, 10:25 م]ـ
نعم البيهقي جل اعتماده على الحاكم
الا ان البيهقي - رحمه الله رزق حسن التصنيف
فصنف كتبا مبوبة حسنة التبويب
وانتصر فيها لما راه الحق وانتصر فيها للشافعي - رحمه الله وخالفه في مسائل
واعتمد على مصادر كثيرة
وفي كتاب مصار البيهقي ذكر شيء منها وان كان فات المؤلف بعض مصادر البيهقي
فهو بالنسبة للحاكم قليل الرواية
ولكنه بالنسبة لغيره مكثر جدا
يكفي كتابه السنن الكبرى
لتعرف كثرة مروياته
والعلم بالفهم والدراية لا بالكثرة فحسب
والحاكم أعلم من البيهقي بلا شك
إلا أن كلام الحاكم في المستدرك فيه خلل كثير
بل وكلامه في المستخرج على البخاري ومسلم فيه أخطاء
وهناك أخطاء في كتب الحاكم الأخرى
وقد سبق أن ذكرت أمثلة على أخطاء الحاكم - رحمه الله
ولكن المقصود أن كلام الغماري غير صحيح
ـ[عبدالكريم الشهري]ــــــــ[17 - 09 - 06, 11:20 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
ثم انه لا تلازم بين التحري وسعة الرواية
فان الراوي قد يكون قليل الحديث قليل الشيوخ ولم يرحل في طلبه ويكون اعظم تحريا في روايته ممن كثر حديثه وشيوخه ورحل في طلبه
والامام البيهقي يظهر تحريه في كتبه في الجمله في شرطه في بعض كتبه وكلامه على كثير من اسانيدها ومتونها وان كان يقع له الوهم احيانا والسكوت عما فيه علة احيانا.
والذي غض من منزلة الحاكم وادى الى الكلام في تحرية تساهله المفرط واستدراكه على الشيخين بكثير من الاحاديث الباطله والموضوعه.
وهو الذي جعل بعض العلماء يسرف في القول فيه والله الموفق.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[30 - 09 - 06, 02:19 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
وكما ذكر الشيخ عبدالكريم الشهري حفظه الله أن العبرة بالفقه والفهم وليس بكثرة الرواية.
فاتفاع الناس بكتب البيهقي أكثر من انتفاعهم بكتب الحاكم مع سعة روايته.
ـ[أبوعبدالرحمن الأثري]ــــــــ[30 - 09 - 06, 09:55 م]ـ
فانتفاع الناس بكتب البيهقي أكثر من انتفاعهم بكتب الحاكم مع سعة روايته.
وهذا واقعٌ ملموسٌ، فكتب الإمام البيهقي رحمة الله عليه فيها الكثير من الفوائد والفرائد التي لا توجد في كتب شيخه الحاكم رحمه الله.
¥(14/18)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 10 - 08, 12:38 م]ـ
وقال الغماري ص 88
(ص 24 وقال في الكلام على الأحاديث المختارة للضياء المقدسي، وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها، وقد سلم له فيها إلا أحاديث يسيرة جدا تعقبت عليه، وذكر ابن تيمية والزركشي وغيرهما أن تصحيحه أعلا مزية من تصحيح الحاكم، وفي اللآلئ: ذكر الزركشي في تخريج الرافعي أن تصحيحه أعلا من تصحيح الحاكم، وأنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان. انتهى. وذكر ابن عبدالهادي في الصارم المنكي نحوه وزاد: فإن الغلط فيه قليل، ليس هو مثل تصحيح الحاكم فإن فيها أحاديث كثيرة يظهر أنها كذب موضوعة. اهـ.
قلت: لا أصل لهذا , فإن في كتاب " المختارة " للضياء , أحاديث موضوعة ومنكرة وواهية , وهي كثيرة جداً , لعلها تبلغ خمسه بل ربعه , هذا مع أن كتابه في الحجم أقل من ربع مستدرك الحاكم , فإن المختارة في مجلد وسط , كما رأيت منه نسخة بالمكتبة الظاهرية بدمشق وعليه خطه , وهو لا يجئ قدر مجلد من مجلدات المستدرك الأربعة.
وهذا الكلام مصدره ابن تيمية , ومن جاء بعده إنما يقوله تقليداً له.
وابن تيمية صاحب دسائس ومقاصد سيئة بعيدة الغور والمرمى؟!
فالضياء حنبلي شامي , والحاكم شافعي فيه تشيُّع , وقد أخرج أحاديث كثيرة في فضل علي , فلذلك يتقصده ابن تيمية وابن عبدالهادي بالطعن والحط , ويرفع من قدر المختارة.
ومن رأى الأحاديث الموضوعة الساقطة الظاهرة النكارة والبطلان التي يخرجها الضياء , سخر من هذا الكلام , وعلم أنه عصبية ظاهرة.
انتهى كلام الغماري.
وكلامه هذا ظاهر البطلان لاسيما تشنيعه على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فحسبنا الله ونعم الوكيل
وسأذكر إن يسر الله تعالى بعض مقارنات بين الكتابين (المستدرك والمختارة) وموقف العلماء من التفضيل بينهما، والرد على مزاعم الغماري ..........
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[21 - 10 - 08, 02:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا ونفع الله بك
ـ[إبراهيم الأبياري]ــــــــ[21 - 10 - 08, 08:50 م]ـ
فاتفاع الناس بكتب البيهقي أكثر من انتفاعهم بكتب الحاكم مع سعة روايته.
بارك الله فيكم، ونفع بكم.
فائدة حول الإمام البيهقي:
قال السيوطي وهو يتحدث عن البيهقي:
فإنه قصد جمع الأحاديث كلها في تصانيفه، ولم يكرر فيها شيئا في الغالب، فصارت كالمصنف الواحد، فجمع في السنن أحاديث الأحكام، والحلال والحرام، وفي الشعب أحاديث الفضائل والترغيبات، وفي الدلائل أحاديث النبوات والمعجزات والسير والمغازي، وفي الأدب المفرد أحاديث الأدب، وفي الاعتقاد أحاديث العقائد، وفي عذاب القبر أحاديث البرزخ، وفي البعث أحاديث الآخرة، وفي الدعوات أحاديث الأذكار والدعاء.
وهكذا في سائر تصانيفه، فلم يفت كتبه منها إلا القليل. اهـ
البحر الذي زخر (3/ 765 - 768).(14/19)
ما المقصود بقول أبي حاتم فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 - 09 - 06, 04:55 ص]ـ
ذكر المزي في ترجمة إسحاق بن راهويه أن أبا حاتم الرازي قال " ذكرت لأبي زرعة إسحاق وحفظه للأسانيد والمتون، فقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق، قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط، مع ما رزق من الحفظ.
وقال أحمد بن سلمة: قلت لأبي حاتم: أنه أملى التفسير عن ظهر قلبه فقال أبو حاتم: وهذا أعجب فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها " تهذيب الكمال 2/ 386.
ما المقصود بقول أبي حاتم
فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها؟
وهل لهذا أثر في طريقة التعامل مع أسانيد المفسرين؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[15 - 09 - 06, 07:15 ص]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[16 - 09 - 06, 01:01 م]ـ
لا شك أن من عادة طلبة الحديث أنهم إذا بدأوا بتحفُّظ الأحاديث قدموا المسند (أي المرفوع) على غيره؛ وقدموا من المرفوع الأصحَّ، في الجملة؛ هذا معروف ومعقول جداً وهو مقتضى صحة طريقة طالب العلم.
فيظهر - والله أعلم - أن المراد بعبارة أبي حاتم هذه هو أن أحاديث التفسير يغلب عليها أن تكون موقوفة غير مرفوعة، وأنها أيضاً يغلب أن تكون من رواية غير المتقنين، كالمتروكين والضعفاء والمدلسين والمختلطين وأشباههم، وأسانيد هؤلاء في الجملة كثيراً ما يقع فيها الغلط والاضطراب والاختلاف وتبديل الأسماء وتغيير الأسانيد وتركيبها ونحو ذلك؛ وهذا كله يكون في أغلب الأوقات سبباً في إعراض الأئمة وثقات الرواة عن تلك المرويات، فيقل تداولها بين أهل الحديث، وتقل عنايتهم بها وبتحفظها، أي لكونها موقوفة أولاً، ولكونها غير ثابتة ثانياً، ولكثرة ما فيها من اضطرابات واختلافات وإرسال ونحو ذلك من أسباب الضعف وأوهام الضعفاء، فتبقى تلك المرويات بسبب ذلك كله محصورة غير مشهورة، فلا يحفظها إلا حافظ كبير، ولا يعتني بها إلا متبحر؛ ولذلك قل نصيب مرويات التفسير من اهتمام الحفاظ وأئمة الحديث؛ وقد أسند الخطيب البغدادي في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) (2/ 162) إلى الإمام أحمد قال: (ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير).
قال الخطيب: (وهذا الكلام محمول على وجه، وهو أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمَدٍ عليها ولا موثوق بصحتها لسوء أحوال مصنفيها وعدم عدالة ناقليها وزيادات القُصّاص فيها؛ فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة، وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة اتصلت أسانيدها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوه مرضية وطرق واضحة جلية.
وأما الكتب المصنفة في تفسير القرآن فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان).
ثم أسند إلى أحمد أنه سئل عن تفسير الكلبي فقال: من أوله إلى آخره كذب، فقيل له: فيحل النظر فيه؟ قال: لا. ثم ذكر الخطيب كذب مقاتل.
ثم قال: (ولا أعلم في التفسير كتاباً مصنفاً سلم من علة فيه أو عري من مطعن عليه).
ثم قال:
(وأما المغازي فمن المشتهرين بتصنيفها وصرفِ العناية إليها محمد بن إسحاق المطلبي ومحمد بن عمر الواقدي؛ فأما ابن إسحاق فقد تقدمت منا الحكاية عنه أنه كان يأخذ عن أهل الكتاب أخبارهم ويضمنها كتبه؛ وروي عنه أيضاً أنه كان يدفع إلى شعراء وقته أخبار المغازي ويسألهم أن يقولوا فيها الأشعار ليلحقها بها----.
وأما الواقدي فسوء ثناء المحدثين عليه مستفيض وكلام أئمتهم فيه طويل عريض----). انتهى النقل عن الخطيب.
والله أعلم.(14/20)
الفرق بين قيام الحجة وحصول العلم - إشكالات
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[13 - 09 - 06, 12:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأفاضل .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك بعض الإشكالات في مسألة حديث الآحاد التي أرجو أن نطرحها للنقاش وهي:
1 - الاحتجاج بحديث الآحاد مع عدم إفادته للعلم اليقيني وإفادته للظن إلا إذا احتفت به القرائن .. فالمنكرون للأخذ بالآحاد يقولون " إذا كان يفيد الظن فكيف يتم العمل به في العقيدة وهي لا تحتمل الظن .. بل تثبت باليقين "
وبعض ممن ينكرون يستدلون بأدلة على عدم إفادة حديث الآحاد القطع ليبطلون بها الاحتجاج به.
2 - الحديث الصحيح الذي ليس له معارض ولم يطعن فيه أحد من أهل العلم ولو لم يخرج في الصحيحين ألا يعتبر مما تلقته الأمة بالقبول وبالتالي هو مما احتف بالقرائن؟؟
3 - هل هناك فرق بين إقامة الحجة وحصول العلم الضروري؟؟ وأوضح بمثال:
إذا أتى رجل مسلم على أهل بلد غير مسلمين .. فدعاهم إلى الإسلام .. وبين لهم الإسلام الصحيح .. هل هؤلاء القوم قامت عليهم الحجة أم حصل لهم العلم الضروري؟؟
وإذا لم يكن هناك فرق بين إقامة الحجة وحصول العلم فهذا يعني إفادة خبر الواحد للعلم القطعي دونما نظر لموضوع القرائن.
ومثل ذلك دعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للسابقين من الصحابة .. ومثل ذلك في دعوات رسل رسول الله إلى أهل البلاد كاليمن وغيرها.
وإذا كان هناك فرق .. فما هو؟؟
أرجو طرح الموضوع للمناقشة العلمية إخواني .. وجزاكم الله خيراً كثيراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[13 - 09 - 06, 12:57 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يمكن الإجابة عما سبق بأن يقال للشخص هل تقبل خبر الآحاد إذا صح أم لاتقبله؟ فإن كان قبله وثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فليس هناك فرق بين التحليل والتحريم وبين غيرها من الغيبيات، فمن حرم حلالا أو أحل حراما فقد نسبه إلى الله تعالى وأنه من عند الله تعالى
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} (116) سورة النحل.
فمن أخذ بخبر الآحاد في الأحكام فقد نسب هذا الأمر لله تعالى وجعله من حكمه
يقول تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33) سورة الأعراف
فإذا قال مثلا من ضحك في الصلاة فقد وجب عليه الوضوء، فقد نسب هذا إلى الله تعالى وجعله من حكمه وهذا مثل العقيدة تماما، فمثل ما تعتقد في صفة الله كذلك تعتقد في حكم الله، وحكم الله صفة من صفاته وهي من العقيدة.
فالأحكام الشرعية عقيدة من عقائد الإسلام. (وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
فإما أن يقبل خبر الآحاد في الجميع أو يردها في الجميع.
ومثل هذه الوساوس التي أحدثها علماء الكلام ومن تبعهم في تفريقهم بين العقيدة والحكم الشرعي في خبر الآحاد أقوال فاسدة مناقضة لدين الإسلام وعمل الصحابة الكرام، فلم يثبت عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أنه لم يقبل خبر الآحاد في العقيدة وقبله في الأحكام، وكم كانوا يسمعون من الآحاديث من الصحابة الآخرين ولم يفصلوا هذا التفصيل المحدث.
وبعد أن دخل علم الكلام ظهرت هذه الوساوس، وأصبح بعضهم يفرق بين العقيدة والأحكام ليتسنى له رد أحاديث الصفات التي لاتوافق تأويلاتهم.
وهذا جزء من المصائب التي جرها علم الكلام إلى بعض من ينتسب للعلم الشرعي.
والسؤال المهم هو: من أول من فرق بين قبول خبر الآحاد في الأحكام وبين قبوله في العقيدة؟ وما هو دليله؟ وهل ثبت عن أحد من الصحابة أو من تبعهم بإحسان هذا التفريق؟
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 10:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيراً شيخنا الفقيه .. وبالنسبة للنقطة الثانية: الحديث الصحيح الذي ليس له معارض ولم يطعن فيه أحد من أهل العلم ولو لم يخرج في الصحيحين ألا يعتبر مما تلقته الأمة بالقبول وبالتالي هو مما احتف بالقرائن؟
ثم وقفت أمس على عبارة لابن الأثير في جامع الأصول (1/ 122) وشرحها الشيخ الخضير في شرح النخبة حيث قال:
" ينقسم عدد المخبرين إلى ناقص فلا يفيد العلم .. وإلى كامل فيفيد العلم .. وإلى زائد يحصل العلم ببعضه .. والكامل وهو أقل عدد يورث العلم ليس معلوماً لنا .. لكننا بحصول العلم الضروري نتبين كمال العدد .. لا أنا بكمال العدد نستدل على حصول العلم "
وفي مختصر التحرير وشرحه يقول الفتوحي: " ولا ينحصر التواتر في عدد عند أصحابنا والمحققين .. ويعلم حصول العدد إذا حصل العلم ولا دور .. إذ حصول العلم معلول الإخبار ودليله كالشبع والري معلول المشبع والمروي ودليلهما وإن لم يعلم ابتداءاً القدر الكافي منهما .......
إذ الظن يتزايد بتزايد المخبرين تزايداً خفياً تدريجياً كتزايد النبات وعقل الصبي ونمو بدنه ونور الصبح فلا يدرك "
وما فهمته من تلك العبارة أن حصر التواتر بعدد معين باطل .. بل متى حصل العلم الضروري بصدق المخبرين وعدم إمكانية تواطؤهم على الكذب كان عددهم كافياً لإثبات التواتر ولو كانوا اثنين أو ثلاثة أو أربعة.
نرجو الإفادة لتأييد هذا الفهم أو نقضه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥(14/21)
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 01:55 م]ـ
أخي الكريم أبا محمود الراضي:
هناك فرق بين العلم الحاصل بخبر الآحاد، بين العمل به، فخبر الآحاد اختلف فيه العلماء من الناحية الأولى على أقوال سيأتي بيانها قريبا، واما العمل به فهو قطعي، ويعمل به في العقائد وغيرها.
قال العلامة الشنقيطي في المذكرة (ص/103) وما بعدها: (اختلف الرواية عن إمامنا رحمه الله في حصول العلم بخبر الواحد الخ … حاصل كلام أهل الأصول في هذه المسألة التي هي يفيد خبر الآحاد اليقين أو لا يفد الا الظن أن فيها للعلماء ثلاثة مذاهب:
الأول: هو مذهب جماهير الأصوليين أن أخبار الآحاد إنما تفيد الظن فقط ولا تفيد اليقين وهو مراد المؤلف بالعلم فالعلم هو اليقين في الاصطلاح وحجة هذا القول انك لو سئلت عن أعدل رواة خبر الآحاد أيجوز في حقه الكذب والغلط لاضطررت ان تقول نعم فيقال قطعك اذن بصدقة مع تجويزك عليه الكذب والغلط لا معنى له.
المذهب الثاني: انه يفد اليقين ان كان الرواة عدولا ضابطين واحتج القائلون بهذا بأن العمل بخبر الآحاد واجب والظن ليس من العلم حتى يجب العمل به لأن الله تعالى يقول: ((ان الظن لا يغني من الحق شيئاً)). والنبي صلى الله عليه وسلم يول: (إياكم والظن فإن الظن أكذب. الحديث.) وهذا القول بافادته العلم رواية عن أحمد وحكاه الباجي عن ابن خويز منداد من المالكية وهو مذهب الظاهرية.
المذهب الثالث: هو التفصيل بأنه احتفت به قرائن دالة على صدقة أفاد اليقين والا أفاد الظن ومثال ما احتفت به القرائن اخبار رجل بموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء واحضار الكفن والنعش. ومن أمثلته أيضاً أحاديث الشيخين لأن القرائن دالة على صدقها لجلالتها في هذا الشأن وتقديمهما في تمييز الصحيح على غيرهما وتلقي العلماء لكتابهما بالقول وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق كما قاله غير واحد واختار هذا القول ابن الحاجب وإمام الحرمين والامدي والبيضاوي قاله صاحب الضياء اللامع وممن اختار هذا القول أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى وحمل بعضهم الرواية عن أحمد على ما قامت القرائن على صدقة خاصة دون غيره.
قال مقيده عفا الله عنه: -
الذي يظهر لي أنه هو التحقيق في هذه المسألة والله جل وعلا أعلم ان خبر الآحاد أي الذي لم يبلغ حد التواتر ينظر اليه من جهتين هو احداهما قطعي ومن الأخرى ظني ينظر اليه من حيث أن العمل به واجب وهو من هذه الناحية قطعي لأن العمل بالبينات مثلا قطعي منصوص في الكتاب والسنة وقد أجمع عليه المسلمون وهي أخبار آحاد. وينظر إليه من ناحية أخرى وهي هل ما أخبروا به مطابق للواقع في نفس الأمر فلو قتلنا رجلا قصاصاً بشهادة رجلين فقتلنا له هذا قطعي شرعاً لا شك فيه وصدق الشاهدين فيما أخبرا به مظنون في نفس الأمر لا مقطوع به لعدم العصمة. ويوضع هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة المتفق عليه: (انما أنا بش وأنكم تختصمون إلى فلعل بعضكم أن يكون الحن , بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليأخذها أو ليتركها). فعمل النبي صلى الله عليه وسلم في قضائه قطعي الصواب شرعاً مع أنه صرح بأنه لا يقطع بحقيقة الواقع في نفس الأمر كما ترى , وأشار في المراقي إلى الأقوال في هذه المسألة بقوله في خبر الآحاد:
ولا يفيد العلم بالاطلاق ... عند الجماهير من الحذاق
وبعضهم يفيد ان عدل روى ... واختير ذا ان القرينة احتوى
وفي الشهادة وفي الفتوى العمل ... به وجوبه اتفاقاً قد حصل
كذاك جاء في اتخاذ الأدوية ... ونحوها كسفر والأغذية
ويوضحه أيضاً قول علماء الحديث في تعريف الصحيح أن المراد صحته في ظاهر الأمر.
تنبيه:-
اعلم أن التحقيق الذي لا يجوز العدول عنه أن أخبار الآحاد الصحيحة كما تقبل في الأصول. فما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحيحة من صفات الله يجب اثباته واعتقاده على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله على نحو ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
وبهذا تعلم أن ما أطبق عليه أهل الكلام ومن تبعهم ن أن أخبار الآحاد لا تقبل في العقائد ولا يثبت بها شئ من صفات الله زاعمين أن أخبار الآحاد لا تفيد اليقين وأن العقائد لا بد فيها من اليقين باطل لا يعول عليه. ويكفي من ظهور بطلانه أنه يستلزم رد الروايات الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد تحكيم العقل.
والعقول تتضاءل أمام عظمة صفات الله , وقد جرت عادة المتكلمين أنهم يزعمون أن ما يسمونه الدليل العقلي وهو القياس المنطقي الذي يركبونه من مقدمات اصطلحوا عليها أنه مقدم على الوحي. وهذا من أعظم الباطل لأن ما يسمونه الدليل العقلي ويزعمون أن إنتاجه للمطلوب قطعي هو جهل وتخبط في الظلمات.
ومن أوضح الأدلة وأصرحها في ذلك أن هذه الطائفة تقول مثلا: ان العقل يمنع كذا من الصفات ويوجب كذا منها وينفون نصوص الوحي بناء على ذلك فيأتي خصومهم من طائفة أخرى ويقولون هذا الذي زعمتم أن العقل يمنعه كذبهم فيه بل العقل يوجبه. وما ذكرتم بأنه يجيزه أو يوجبه كذبتم فيه بل هو يمنعه وهاذ معروف في الكلام في مسائل كثيرة معروفة , كاختلافهم ي أفعال العبد وجواز رؤية الله بالأبصار وهل العرض يبقى زمانيين إلى غير ذلك.
فيجب على المسلم أن يتقبل كل شئ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح ويعلم أنه ان لم يحصل له الهدى والنجاة باتباع ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فانه لا يحصل ذلك بتحكيم عقله التائه في ظلمات الحيرة والجهل وعلى كل حال فاثبات صفات الله بأخبار الآحاد الصحيحة واعتقاد تلك الصفات كالعمل بما دلت عليه من أوامر الله ونواهيه كما أنها تثبت بها أوامره ونواهيه وكذلك تثبت بها صفاته , وقد بينا أنها من احدى الجهتين قطعية ... )
يتبع بإذن الله =
¥(14/22)
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 04:31 م]ـ
3 - هل هناك فرق بين إقامة الحجة وحصول العلم الضروري؟؟ وأوضح بمثال:
إذا أتى رجل مسلم على أهل بلد غير مسلمين .. فدعاهم إلى الإسلام .. وبين لهم الإسلام الصحيح .. هل هؤلاء القوم قامت عليهم الحجة أم حصل لهم العلم الضروري؟؟
أخي الكريم معذرة أرى أن هناك خلطاً بين مسألة إقامة الحجة وفهم الحجة، وسوف اذكر لك فهمي للمسألة، والله المستعان.
إن إقامة الحجة أعم وأشمل من فهم الحجة، فالمراتب ثلاث:
أولاً: بلوغ الحجة، وهنا محل الكلام على العلم النظري أو الضروري أو بمعنى آخر هذا البند يتعلق بالأدلة لا بالدلالات.
ثانياً: فهم الحجة، وهذا يتعلق بدلالات الدليل هل هي قطعية أم ظنية.
فاجتمع عندنا هنا أربع حالات: دليل قطعي ودلالة قطعية، ودليل قطعي ودلالة ظنية، ودليل ظني ودلالة قطعية، ودليل ظني ودلالة ظنية.
وهذه المسألة أساس في قيام العذر بالجهل أم عدمه.
والمقصود هنا أخي الكريم بيان أن فهم الحجة – أي فهم الدلالة والإرشاد لا فهم الهداية والتوفيق بالطبع.
ثالثاً: قيام الحجة، فمن بلغته الحجة، وفهمها فهما صحيحا يزيل عنه الإشكالات الواردة على الدليل - إن لم يكن قطعي الدلالة -، فقد قامت عليه الحجة.
وعليه فمن لم تبلغه الحجة، أو من لم يفهم الحجة فهما صحيحا، فما قامت عليه الحجة.
قال الشيخ يوسف بن عبد الله الأحمد في رسالته مسائل الإيمان وضوابط التكفير: (قيام الحجة هل تكون ببلوغ الحجة أو بفهم الحجة؟
قال بعض أهل العلم: إن قيام الحجة تكون ببلوغها لأنهم لو فهموها لاستجابوا. والأظهر والله أعلم أن قيام الحجة إنما يكون بفهمها.
ولكن الفهم المقصود هنا فهم الدلالة والإرشاد لا فهم الهداية والتوفيق.
قال تعالى: ((وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ)) (الأنفال:23). قال ابن القيم في تفسير هذه الآية: ". . فلم يسمعهم سماع إفهام ينتفعون به، وإن سمعوه سماعاً تقوم به عليهم حجته ". (شفاء العليل لابن القيم ص97). وقال أيضاً: " فالهدى في حق هؤلاء هدى بيان، وإقامة حجة، لا هدى توفيق وإرشاد ". (إغاثة اللهفان 2/ 171 - 172).
والإمام أحمد يقول بكفر من قال بخلق القرآن، لكنه لم يكفر الخليفة الذي دعاه للقول بخلق القرآن مع أنه جالدهم وبين لهم.
ولم يكفرشيخ الإسلام الجهمية مع أنه جالدهم وبين لهم أن قولهم كفر وكان مما قال:"كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال، وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم، وأصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور من معرفة المنقول الصحيح والمعقول الصريح الموافق له ". (الرد على البكري ص259). (وانظر في هذه المسألة ضوابط التكفير للقرني 241 - 247).) اهـ
وبهذا التقرير يكون قد ظهر لكم ما في تسويتكم بين إقامة الحجة وحصول العلم الضروري، فحصول العلم الضروري إنما هو أحد مراتب بلوغ الحجة، وقد تكلم الغزالي في المستصفى عن أنواع العلم الضروري وقسمه إلى أولي وغير أولي، وقد بينت في شرحي للحديث المتواتر من النزهة أن حصول العلم الضروري إنما هو نتيجة لتوفر شروط التواتر الأخرى.
وهذا فهمي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطئا فمن نفسي ومن الشيطان، والله بريء منه ورسوله.
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[04 - 10 - 09, 05:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
فقط تعقيب على كلام الاخ أبي المنذر واستيضاح
يقول وفقه الله (ثالثاً: قيام الحجة، فمن بلغته الحجة، وفهمها فهما صحيحا يزيل عنه الإشكالات الواردة على الدليل - إن لم يكن قطعي الدلالة -، فقد قامت عليه الحجة.
وعليه فمن لم تبلغه الحجة، أو من لم يفهم الحجة فهما صحيحا، فما قامت عليه الحجة)
سمعت من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير سورة غافر كلاما أقوله بتعبيري (إذا قلنا فهم الحجة فإننا نقصد غير العربي أما العربي فتقوم الحجة عليه ببلوغها) هذا ماأذكره ومافهمته من الشيخ رحمه الله
وبعض العلماء ذكر انه وإن لم يفهم الحجة فهما يزيل الإشكالات فقد قامت عليه واستدلوا بقوله تعالى (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه)
كتبت هذا الرد للإستفادة من التعليقات والردود(14/23)
س: هل مصطلح " مصطلح الحديث " حادث، وماذا يعني تفصيلا؟
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[14 - 09 - 06, 12:11 ص]ـ
س: هل مصطلح " مصطلح الحديث " حادث، وماذا يعني تفصيلا؟
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[14 - 09 - 06, 01:35 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6674&highlight=%C7%E1%E3%D5%D8%E1%CD(14/24)
الحديث الحسن عند الإمام الشافعي
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[14 - 09 - 06, 05:46 م]ـ
الحديث الحسن عند الإمام الشافعي
إن من المسائل المتعلقة بحجية أخبار الآحاد، البحث عن حجية ما اصطلح المحدثون المتأخرون على تسميته حديثا حسنا، وهو رواية من خف ضبطه من الرواة، وكذا ما ضعف إسناده وتعددت طرقه، أعني الحسن لذاته والحسن لغيره، والمسألة وإن كان حديثية لم أر من أهل الأصول من تعرض لها، إلا أني رأيت لربطها بالأصول وجها، وذلك من حيث كونها متعلقة بالحجية، وقد وجدت للشافعي فيها آراء ونصوصاً كان لزاما تجلية ما خفي منها كموقفه من رواية من خف ضبطه، وتوضيح ما التبس منها كلفظ " الحسن " الوارد على لسانه، وقد جعلت البحث في المبحثين الآتيين.
المبحث الأول: مفهوم لفظ الحسن عند الشافعي
المبحث الثاني: حجية الحديث الحسن الاصطلاحي عند الشافعي
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:13 م]ـ
المبحث الأول: مفهوم لفظ "الحسن" عند الشافعي
مما ينبغي البحث فيه وتحقيق معناه "لفظ الحسن " الذي وصف به الشافعي رحمه الله تعالى بعض الأحاديث، هل هو موافق لما اصطلح عليه المتأخرون أم هو مباين له، وللوصول إلى ذلك فإنه لابد من استحضار المواضع التي ورد فيها هذا الاصطلاح جميعها.
المطلب الأول: نصوص الشافعي
قد ورد ذكر الحسن على لسان الشافعي في عدة مواضع من مصنفاته هذا ما تيسر لي جمعه.
الفرع الأول: ما قبِله من الأخبار
أولا: قال الشافعي: «وسمعت من يرويه بإسناد حسن أن أبا بكرة ذكر للنبي ? أنه ركع دون الصف فقال له النبي ? زادك الله حرصا ولا تعد» (1).
قال البيهقي: «أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا تمتام قال حدثنا أبو عمر قال حدثنا همام عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة أنه دخل المسجد والنبي ? راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف. فقال النبي ?: «زادك الله حرصا ولا تَعد». رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل وعن همام» (2).
ثانيا: قال الشافعي: «وحديث ابن عمر عن النبي ? مسند حسن الإسناد أولى أن يثبت منه لو خالفه». يعني أن حديث ابن عمر أرجح سندا لو ثبت التعارض بين اللفظين، لكن الحديث المخالف إسناده مرسل ولفظه عام.
وحديث ابن عمر كان أسنده قبلُ: «فقال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: «إن أناسا يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس». قال ابن عمر: «لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله ? على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته» (3). والحديث في الصحيحين (4).
ثالثا: قال الشافعي: «أخبرني مطرف بن مازن وهشام بن يوسف بإسناد لا أحفظه غير أنه حسن أن النبي ? فرض على أهل الذمة من أهل اليمن ديناراً كل سنة» (5).
ومن المحتمل أن يكون المقصود بهذا الخبر خبر أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ ابن جبل قال: «بعثني رسول الله ? إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافر». فقد رواه الشافعي في القديم -كما نص عليه البيهقي - من طريق الأعمش عن أبي وائل (6).
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:14 م]ـ
الفرع الثاني: ما لم يقبله من هذه الأخبار
أولا: قال الشافعي: «أما أحد الحديثين فليس مما يثبت أهل العلم بالحديث لو انفرد، وأما الحديث الآخر فحسن الإسناد ولو كان منفرداً ثبت والذي يخالفه أكثر وأثبت منه. وإذا كان هكذا كان أولى ومع الذي خالفه ظاهر القرآن كما وصفت وهو قول الأكثر من العامة».
وهذا الحديث هو حديث الرش على ظهور القدمين في الوضوء وقد وصفه قبل ذلك بأنه صالح الإسناد (7).
قال البيهقي: «وأراد الشافعي بالحديث الثاني ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا أبو الجماهر قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قال: «توضأ رسول الله ? فأدخل يده في الإناء فاستنشق ومضمض مرة واحدة، ثم أدخلها فصب على وجهه مرة، وعلى يده مرة ومسح برأسه وأذنيه مرة، ثم أخذ بملء كفه ماء فرَّش على قدميه وهو منتعل». ثم أسنده من طريق هشام بن سعد قال: «حدثنا زيد بن أسلم». وبين أنه رواه جماعة أخرى عن ز يد بن أسلم، ثم قال: «قال ذكر كل واحد منهم في حديثه أنه أخذ غرفة من ماء فغسل رجله اليمنى ثم أخذ غرفة أخرى فغسل رجله اليسرى أو ما في معنى الحديث». ثم قال: «وهشام بن سعد وعبد العزيز بن محمد ليسا من الحفظ بحيث يقبل ما ينفردان به، وكيف وقد خالفهما عدد ثقات» (8).
ثانيا: قال الشافعي: «أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول ? قال: (وذكر فاجلدوه……الحديث». قال الشافعي: «وقد بلغني عن الحارث بن عبد الرحمن فضل وعنده أحاديث حسان، ولم يحفظ عن أحد من أهل العلم بالرواية عنه إلا ابن أبي ذئب ولا أدري هل كان يحفظ الحديث أو لا؟ وقد روى من حديث عمرو بن شعيب …وروي من حديث أبي الزبير ……»، ثم قال: «فإن كان شيء من هذه الأحاديث ثبت عن النبي ? فقد روي عن النبي نسخُه بحديث أبي الزبير، وقد روى عن النبي ? مثلها بنسخه مرسلا «(9).
ثالثا: نقل الحافظ ابن حجر أن الشافعي أطلقه على حديث منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود في السهو (10)، أي الذي فيه أن السجود بعدي، والشافعي يقول إن سجود السهو قبلي. ولم أقف على كلام الشافعي (11).
¥(14/25)
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:15 م]ـ
المطلب الثاني: بيان مفهوم لفظ "الحسن" عند الشافعي
إنَّ بيان مفهوم الخبر الحسن عند الشافعي أو عند أي إمام من الأئمة لا بد أن يناقش فيه أمران مهمان: الأول هل كان يطلق على المقبول أم على المردود أم على كليهما؟ ثم في كل الأحوال ما هو الوصف الذاتي المقتضي للحسن؟ فإن كان يطلقها مثلا على المقبول فلماذا فرق بينه وبين الصحيح، وإن كان مردوداً فلِمَ فرق بينه وبين الضعيف وإن أطلقه على المقبول والمردود معا فما فائدة هذا الوصف إن لم يكن القبول والرد؟
الفرع الأول: المنقول عن الشافعي وغيره من الأئمة المتقدمين
من الناس من حمل كلام الأئمة المتقدمين جميعا على الاصطلاح الحادث بمعنييه (12) ولا شك أن هذا غير جائز إلا بعد إثبات ذلك بالاستقراء والتتبع والدراسة المتأنية لكلام كل إمام بمفرده، أما حمل كلام المتقدمين على اصطلاحات المتأخرين من دون ذلك فغلط واضح.
وقد وجد من أطلق وصف الحسن وأراد غرابة الإسناد وانفراد رواته، ولهذا أطلقه على المقبول والمردود، ووجد من أطلقه على غير الاصطلاح وأراد المعنى اللغوي أو حسن المتن وذلك عند المتقدمين والمتأخرين أيضا، ووجد غير هذا (13).
وقد نقل الحافظ العراقي عن الشافعي إطلاق الحسن، وظاهر كلامه أن الشافعي يريد به الحسن الاصطلاحي الذي توصل إليه ابن الصلاح (14).
أما الحافظ ابن حجر فقال: «لكن منهم من يريد بإطلاق ذلك المعنى الاصطلاحي، ومنهم من لا يريده. أما ما وجد في عبارة الشافعي ومن قبله، بل في عبارة أحمد بن حنبل فلم يتبين لي منهم إرادة المعنى الاصطلاحي، بل ظاهر عبارتهم خلاف ذلك؛ فإن حكم الشافعي على حديث ابن عمر رضي الله عنهما في استقبال بيت المقدس حال قضاء الحاجة بكونه حسنا خلاف الاصطلاح، بل هو صحيح متفق على صحته. وكذا قال الشافعي رضي الله عنه في حديث منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود في السهو» (15).
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:16 م]ـ
الفرع الثاني: توضيح هذا اللفظ في مصطلح الشافعي
إن الجزم بما أراد الشافعي بهذا اللفظ الذي قلَّ استعماله له صعب جداً، ومع ذلك هذه كلمات أقولها وآراء أدلي بها، وقد كلفنا الحكم بغلبة الظن.
أولا: كل الأحاديث التي وصفها الشافعي رحمه الله تعالى بالحسن صححها وأثبتها، فمنها ما قبِل لعدم المعارض ومنها ما ردَّ لا لعدم ثبوتها عنده، ولكن لكونها مرجوحة ومنسوخة أو متأولة. قال الشافعي عن أحد الأحاديث التي ردَّ: «أما الحديث الآخر فحسن الإسناد لو كان منفرداً ثبت والذي يخالفه أكثر وأثبت» وقال عن الثاني: «فإن كان شيء من هذه الأحاديث ثبت، فقد روي عن النبي ? نسخه». ويشكل على ما قررته حكمه على أحاديث الحارث بن عبد الرحمن بالحسن مع أنه قال: «لا أدري أكان يحفظ أولا». فيبقى هنا مجال للتأمل.
ثانيا: اعتراض ابن حجر على كلام الشافعي بأنه على غير المعنى الاصطلاحي بأن حديث ابن عمر وابن مسعود المذكورين متفق عليهما صحة بإخراج البخاري ومسلم اعتراض غير وجيه. ففي الصحيحين أحاديث لم تبلغ الشافعي بأسانيد صحيحة فردَّها أو توقف عن الأخذ بها إلى أن تصح كأحاديث الصيام عن الميت (16).
ولو فرضنا إطلاقه الحسن على أحاديث أدخلها من صنف الصحيح بعده في كتبهم بنفس أسانيد الشافعي. فلا اعتراض عليه من جهتين:
-أن أكثر هؤلاء المصنفين -إن لم يكونوا جميعهم- يدخلون رواية من خف ضبطه في الصحيح.
-وأن من يكون عند الشافعي خفيف الضبط قد يكون عند البخاري ثقة ثبتا أو عند الإمام مسلم.
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:17 م]ـ
المبحث الثاني: حجية الحديث الحسن الاصطلاحي عند الشافعي
بغض النظر عما أراد الشافعي بلفظ الحسن الذي جرى على لسانه، أبحث الآن في الحسن الاصطلاحي أعني الحسن لذاته -أي رواية من خف ضبطه- والحسن لغيره -أي رواية الضعيف المنجبر- هل كان يحتج بهما أم لا؟
المطلب الأول: حجية الحسن لذاته عند الشافعي
الذي يظهر لي أن الشافعي مثله مثل الأئمة الذين كانوا يحتجون بالحسن كما كانوا يحتجون بالصحيح، وربما أطلقوا على كلا النوعين اسم الصحيح وأطلقوا عليهما اسم الثابت.
وطبعا لن أذهب إلى أحاديث حسنها بعض الأئمة المتأخرين لأبحث هل احتج بها الشافعي أم لا؟ وكذلك لن أنظر في رواية من قال فيهم ابن حجر أو غيره: «صدوق» لأنظر هل رد الشافعي روايتهم أم قبلها؟ فيدل ذلك على موقفه من الحسن . وإنما الطريق الصواب أن ينظر في الرواة الذين وثقهم الشافعي نفسه توثيقا خفيفا، ثم يُبحث عن أحاديثهم، هل اعتمد عليها أم لا؟ وأكتفي هنا بهذا المثال: فقد وثق بعض الرواة بقوله: «ثقة»، ولما تكلم عن أسامة بن زيد الليثي قال: «لا بأس به» (17)، فهذه عبارة لا شك في إفادتها التوثيق ولا شك أنها دون لفظ الثقة، وقد احتج به في عدة مواضع في كتابه الأم (18). وقال أيضا: «وأهل الحديث متباينون، فمنهم المعروف بعلم الحديث… وطول مجالسة أهل التنازع فيه، ومن كان هكذا كان مقدما في الحديث، إن خالفه من يقصر عنه كان أولى أن يقبل حديثه ممن خالفه .. » (19). وقال عن تشهد ابن عباس: «فكان هذا الذي علمنا من سبقنا بالعلم من فقهائنا صغارا، ثم سمعناه بإسناده وسمعنا ما يخالفه، فلم نسمع إسناداً في التشهد يخالفه ولا يوافقه أثبت عندنا منه وإن كان غيره ثابتا» (20)، وإذا كان غالب الظن أن الحسن المذكور على لسان الشافعي هو فيما صح عنده أو كان ظاهره الصحة فما عَدَل عن عبارة التصحيح إلا لشيء يفيد التفاوت في درجة الإسناد وهو ضبط الرواة.
¥(14/26)
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:18 م]ـ
المطلب الثاني: حجية الحسن لغيره عند الشافعي
أما هذا فموقف الشافعي منه غير خاف إن شاء الله تعالى فهو يحتج به، ويجعله في رتبة أدنى من الحديث الذي ثبت بنفسه ويظهر ذلك مما يأتي:
أولا: تنصيصه على اعتبار المرسل إذا اعتضد بشروط تفصيلها في موضعها من البحث، ثم قال: «وإذا وجدنا الدلائل بصحة حديثه بما وصفت، أحببنا أن نقبل مرسله ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالموتصل» (21).
ثانيا: قوله في حديث: «وهذه رواية صالحة ليست بالقوية ولا الساقطة ولم أجد أحداً من أهل العلم يخالف في القول بهذا، مع أنها قد رويت من غير هذا الوجه وإن لم تكن قوية» (22).
ثالثا: قول الشافعي في أبي الزبير: «يحتاج إلى دعامة» أي لا يحتج به إذا انفرد، وكذلك تضعيفه لرواية عمرو بن شعيب في موضع، ثم احتجاجه بها مقرونة بغيرها في موضع آخر (23).
رابعا: انطباق لفظ الحديث الحسن في كلام الشافعي على الحسن لغيره في بعض المواضع كقوله عن مرسل سعيد بن المسيب إنه حسن (24).
خامسا: قال الشافعي فيما رواه عنه يونس: «والله لو صح الإسناد عن أصحاب العراق غاية ما يكون من الصحة، ثم لم أجد له أصلا يعني بالمدينة ومكة على أي وجه كان مرسلا عن النبي ? أو متصلا أو قال به واحد من علماء الحجاز. .لم أكن أعبأ بذلك الحديث على أي صحة كان» (25). فقد كان يتوقف في حديث العراقيين حتى يجد له ما يشده من حديث الحجازيين، وإن كان ضعيفا عنده فهذا هو الحسن لغيره. والله أعلم.
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:18 م]ـ
/1 اختلاف الحديث للشافعي (130 - 131).
2/ معرفة السنن والآثار للبيهقي (2/ 381) وهو في البخاري برقم (750).
3/ اختلاف الحديث للشافعي (165).
4/ البخاري (145) ومسلم (266).
5/ الأم للشافعي (4/ 254).
6/ معرفة السنن والآثار للبيهقي (3/ 443) الحديث أخرجه أحمد (5/ 230) وأبو داود (1576) وصححه ابن خزيمة (4886).
7/ اختلاف الحديث للشافعي (124).
8/ معرفة السنن والآثار للبيهقي (1/ 170) وأخرجه في السنن الكبرى (1/ 72) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 35).
9/ اختلاف الحديث للشافعي (148 – 149) انظر المعرفة للبيهقي (2/ 449 – 450).
10/ النكت على ابن الصلاح لابن حجر (1/ 425).
11/ قال ابن عبد الحكم سمعت الشافعي وسأله يونس بن عبد الأعلى: «إذا روى الحديث منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أتقوم به حجة؟». قال: «لا حتى يروي بالحجاز، وإن كان منقطعا مع ذلك إن بالعراق قوما صالحين ما يستظهر عليهم بأحد».
12/ قواعد علوم الحديث للتهانوي (100 - 107) تعليق أبو غدة ومحمد عوامة.
13/ وانظر تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف للربيع بن هادي المدخلي.
14/ التقييد والإيضاح للعراقي (19– 52).
15/ النكت لابن حجر (1/ 424 – 425).
16/ انظر معرفة السنن والآثار للبيهقي (3/ 83 – 84) واختلاف الحديث (214) وحديث الشفعة في اختلاف العراقيين (7/ 177) وحديث قطع الصلاة في اختلاف الحديث (102).
17/ المناقب للبيهقي (1/ 547).
18/ الأم للشافعي (1/ 296،308،448).
19/ الرسالة للشافعي (382).
20/ الرسالة للشافعي (268).
21/ الرسالة للشافعي (464).
22/ معرفة السنن والآثار للبيهقي (7/ 459).
23/ الأم للشافعي (4/ 320،358) المناقب للبيهقي (1/ 535).
24 مختصر المزني (9/ 88).
25/ المناقب للبيهقي (1/ 526).
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[18 - 09 - 06, 01:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا
واصل
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[20 - 09 - 06, 12:46 ص]ـ
أَحْسَنَ اللهُ مَثُوبَتَكُمْ. وَبَارَكَ فِيكُمْ
هُنَاكَ نُصُوصٌ أُخْرَى لِلشَّافِعِيِّ غَيْرُ الْمَذْكُورَةِ آنِفَاً، فَمِنْهَا:
قَوْلُهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُرْوَةُ أَحْسَنُ مُرْسَلاً عَنْ عُمَرَ مِنَ الْحَسَنِ الْبَصْرِِيِّ عَنْهُ
ــــــ
¥(14/27)
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي «الأمِّ»: «خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْقَافَةِ، فَقَالَ: الْقَافَةُ بَاطِلٌ. فَذَكَرْنَا لَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ , وَنَظَرَ إلَى أَقْدَامِ أُسَامَةَ , وَأَبِيهِ زَيْدٍ , وَقَدْ غَطَّيَا وُجُوهَهُمَا، فَقَالَ: «إنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ»، فَحَكَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ مَسْرُورَاً بِهِ. فَقَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا حُكْمٌ. فَقُلْنَا: إنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُكْمٌ، فَإِنَّ فِيهِ دَلاَلَةً عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَهُ , وَرَآهُ عِلْمَاً، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمَاً مَا سَرَّهُ مَا سَمِعَ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَلَنَهَاهُ أَنْ يَعُودَ لَهُ.
فَقَالَ: إنَّك , وَإِنْ أَصَبْت فِي هَذَا فَقَدْ تُخْطِئُ فِي غَيْرِهِ، فَهَلْ فِي هَذَا غَيْرُهُ؟.
قُلْنَا: نَعَمْ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ شَكَّ فِي ابْنٍ لَهُ، فَدَعَا الْقَافَةَ.
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا وَلَدَاً، فَدَعَا لَهُ عُمَرُ الْقَافَةَ، فَقَالُوا: قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَالِ أَيَّهُمَا شِئْت. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَرَ مِثْلَ مَعْنَاهُ.
أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَ مَعْنَاهُ.
قَالَ: فَإِنَّا لاَ نَقُولُ بِهَذَا , وَنَزْعُمُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: هُوَ ابْنُكُمَا تَرِثَانِهِ , وَيَرِثُكُمَا , وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْكُمَا. قُلْت: فَقَدْ رَوَيْتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ دَعَا الْقَافَةَ، فَزَعَمْتَ أَنَّك لاَ تَدْعُو الْقَافَةَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْك فِي شَيْءٍ مِمَّا وَصَفْنَا إلا أَنَّك رَوَيْتَ عَنْ عُمَرَ شَيْئَاً فَخَالَفْته فِيهِ كَانَتْ عَلَيْك.
قَالَ: قَدْ رَوَيْتُ عَنْهُ أَنَّهُ ابْنُهُمَا , وَهَذَا خِلاَفُ مَا رَوَيْتُمْ.
قُلْنَا: وَأَنْتَ تُخَالِفُ أَيْضَاً هَذَا.
قَالَ: فَكَيْفَ لَمْ تَصِيرُوا إلَى الْقَوْلِ بِهِ؟.
قُلْنَا: هُوَ لاَ يَثْبُتُ عَنْ عُمَرَ، لأَنَّ إسْنَادَ حَدِيثِ هِشَامٍ مُتَّصِلٌ , وَالْمُتَّصِلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا وَعِنْدَك مِنْ الْمُنْقَطِعِ، وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُرْوَةُ أَحْسَنُ مُرْسَلاً عَنْ عُمَرَ مِمَّنْ رَوَيْتَ عَنْهُ».
قُلْتُ: وَالَّذِي عَنَاهُ الشَّافِعِيُّ بِمَا رَوَاهُ الْمُخَالِفُ عَنْ عُمَرَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ «الْكُبْرَى» (10/ 264) قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِىٍّ الأَصْبَهَانِىُّ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِىُّ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانُ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: دَعَا عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ الْقَافَةَ فِى رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِى امْرَأَةٍ، ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَلَدَ، فَقَالُوا اشْتَرَكَا فِيهِ فَجَعَلَهُ عُمَرُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَتَدْرِى مَنْ يَرِثُهُ؟، قَالَ: آخِرُهُمَا مَوْتَاً يَرِثُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وأَبُو سَعِيدٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ثَنَا يَحْيَى أنَا يَزِيدُ عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: فِى رَجُلَيْنِ وَطِئَا جَارِيَةً فِى طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَجَاءَتْ بِغُلاَمٍ، فَارْتَفَعَا إِلَى عُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ، فَدَعَا لَهُ ثَلاَثَةً مِنَ الْقَافَةِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعَاً، وَكَانَ عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ قَائِفًا يَقُوفُ، فَقَالَ: قَدْ كَانَتِ الْكَلْبَةُ يَنُزُو عَلَيْهَا الْكَلْبُ الأَسْوَدُ وَالأَصْفَرُ وَالأَنْمَرُ فَتُؤَدِّى إِلَى كُلِّ كَلْبٍ شَبَهَهُ، وَلَمْ أَكُنْ أَرَى هَذَا فِى النَّاسِ حَتَّى رَأَيْتُ هَذَا، فَجَعَلَهُ عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ لَهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا، وَهُوَ لِلْبَاقِى مِنْهُمَا.
قَالَ أبُو بَكْرٍ: هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ رِوَايَةُ الْبَصْرِيِّيْنَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ، وَرِوَايَتُهُمْ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ كِلْتَاهُمَا مُنْقَطِعَةٌ.
¥(14/28)
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[05 - 02 - 07, 05:34 م]ـ
للرفع
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[15 - 03 - 07, 07:02 م]ـ
هُنَاكَ نُصُوصٌ أُخْرَى لِلشَّافِعِيِّ غَيْرُ الْمَذْكُورَةِ آنِفَاً، وَمِنْهَا:
قَوْلُهُ عنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ لأَهْلِهَا»: لَمْ أَسْمَعْ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ (1439): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: «تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا وَلا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا قَرَأَ عَلَيْهِمْ الْآيَةَ فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَاً، فَعُوقِبَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَاً فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ إِلَى اللهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَه ُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ».
قَالَ أَبُو عِيسَى: «حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ أَسْمَعْ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْحُدُودَ تَكُونُ كَفَّارَةً لأَهْلِهَا شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ».
وَالْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِنْ أَصَحِّ أَسَانِيدِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ. وَعَلَيْهِ فَإِنَّ مَنْ حَمَلَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ هَاهُنَا: أَحْسَنَ عَلَى مَعْنَي أَصَحِّ فَهُوَ مُتَّجَهٌ، سِيَّمَا وَقَدْ رَوَاهُ شَيْخُهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَهَذِهِ مِنْ أَصَحِّ رِوَايَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
[إيْضَاحٌ] رِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، أخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ (4894) قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَاهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئَاً، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَسْرِقُوا، وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ، وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ: قَرَأَ الآيَةَ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَاً فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئَاً مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ، فَهُوَ إِلَى اللهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ.
ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[14 - 04 - 07, 08:24 م]ـ
أولا: جزى الله أخانا أبا محمد الألفى كل خير على هذين النصين الذين لم أقف عليهما في دراستي.
ثانيا: كنت أود أن يحظى هذا البحث بمناقشة طائفتين من الناس:
-من يرى أن الأئمة المتقدمين لا يرون تقوية الأحاديث الضعيفة وإرتقائها.
-وكذا من يزعم أن جميع الأئمة المتقدمين لم يستعملوا لقب الحسن في المعنى الذي اصطلح عليه المتأخرون.
لكن لا أدري لم لم تتحرك الأقلام في هذا الاتجاه؟؟
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 09:20 ص]ـ
للرفع ..(14/29)
مجموعة من الأسئلة الحديثية وردتني تم الإجابة عليها
ـ[ماهر]ــــــــ[15 - 09 - 06, 11:39 ص]ـ
س: ما هي الطرق في ترتيب مصادر التخريج؟
ج: اختلفت مناهج المخرجين في ترتيب مصادر التخريج فمنهم من يقدم العزو إلى المصنفات التي اشترط أصحابها الصحة، وعلى هذا الاختيار يكون ترتيب الكتب على النحو الآتي:
صحيح البخاري (ت 256 ه)، ثم صحيح مسلم (ت 261 ه)، ثم صحيح ابن خزيمة (ت 311 ه)، ثم صحيح ابن حبان (ت 354 ه)، ثم مستدرك الحاكم (ت 405 ه)، (الحاكم أشترط في كتابه الصحة ولا يوفق على كثير من الأحكام) وهؤلاء قد جاءت وفياتهم مرتبة أيضاً بما ينسجم مع ترتيب مصنفاتهم في الصحة عند جمهور علماء الحديث.
ومنهم من يقدم الكتب الستة، ولهؤلاء ترتيب لا يتعلق بالتاريخ، ولا بالصحة، وإنما صلته بقيمة كل مصنف، هكذا قالوا، وفي بعض ما قالوه نظر وترتيب الكتب الستة عندهم على النحو الآتي: صحيح البخاري (ت 256 ه)، ثم صحيح مسلم (ت 261 ه)، ثم سنن أبي داود (ت 275 ه)، ثم جامع الترمذي (ت 279 ه)، ثم سنن النسائي (ت 303 ه)، ثم سنن ابن ماجه ((275 هـ)).
ومنهم من يعتمد التاريخ، فيقدم متقدم الوفاة على من توفي بعده. وبهذا يتقدم موطأ مالك (ت 179 ه (، ثم مصنف عبد الرزاق (ت 211 ه (، ثم مسند الحميدي (ت 219 ه (، ثم مصنف ابن أبي شيبة (ت 235 ه (، ثم مسند أحمد (ت 241 ه)، ثم سنن الدارمي (ت 255 ه) على الكتب الستة كلها. وهذه الطريقة هي الطريقة الصحيحة الأسلم التي نسير عليها في تخريجاتنا في كتب السنة؛ لأن هذه الطريقة تجنبنا أمرين:
أولاً: الاضطراب في ترتيب المصادر الأخرى.
ثانياً: قد يكون أحد أصحاب الكتب الستة قد روى من طريق المتقدم فتأخير المتقدم عليه شذوذ.
: ما معنى المسند عند المحدثين؟
ج: قال الزركشي في نكته 1/ 405: ((وهو مأخوذ من السند، وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل؛ لأن المسنِّد يرفعه إلى قائله، ويجوز أن يكون مأخوذاً من قولهم: فلان سند، أي: معتمد. فسمِّي الإخبار عن طريق المتن مسنداً؛ لاعتماد النقّاد في الصحة والضعف عليه، وفي أدب الرواية للحفيد: أسندت الحديث أسنده وعزوته أعزوه وأعزيه، والأصل في الحرف راجع إلى المسند وهو الدهر، فيكون معنى إسناد الحديث اتِّصاله في الرواية اتِّصال أزمنة الدهر بعضها ببعض. وحاصل ما حكاه المصنِّف في تعريفه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه المتصل إسناده وإن لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يتصل.
والثالث: أنه المتصل المرفوع.
ويتفرع على هذه الأقوال أن المرسل هل يسمّى مسنداً؟ فعلى الأول: لا يسمّى؛ لأنه ما اتصل إسناده، وعلى الثاني: يسمّى مسنداً؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعاً. وعلى الثالث: لا يسمّى مسنداً أيضاً؛ لأنه فاته شرط الاتصال ووجد فيه الرفع. وينبني عليه أيضاً الموقوف –وهو المروي عن الصحابة – أنه هل يسمى مسنداً؟ فعلى الأول: نعم؛ لاتصال إسناده إلى منتهاه، وعلى الثاني والثالث: لا. وكذلك المعضل – وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر – فعلى الأول والثالث: لا يسمى مسنداً، وعلى الثاني يسمى)) وانظر عن معنى المسند لغة: لسان العرب 3/ 221، والتاج 8/ 215، والبحر الذي زخر 1/ 315.
س: هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين؟
ج: هو ما رواه ابن سعد 2/ 310، وابن أبي شيبة 14/ 291، وأحمد 1/ 223 و 266 و 279 و294 و312 و 359، ومسلم 7/ 89 (2353)، والترمذي (3650)، وفي الشمائل (381)، وأبو يعلى (2452) و (2614)، والطحاوي في شرح المشكل (1944)، والطبراني في الكبير (12843) و (12844) من حديث عمَّار ابن أبي عمار مولى بني هاشم، قال: سمعت ابن عباس يقول: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين.
¥(14/30)
وهذه رواية شاذة تفرد بها عمار ابن أبي عمار، وأخطأ فيها فإن المتقنين من أصحاب ابن عباس رووا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين منهم عكرمة بن عمار وعمرو بن دينار وعروة بن الزبير وغيرهم، وقد ساق البخاري في تاريخه الصغير 1/ 27 – 29، رواياتهم، ثم ساق رواية عمار، وقال: ((ولا يتابع عليه، وكان شعبة يتكلم في عمار. وقال الحافظ ابن كثير في السيرة 4/ 515: ((ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح، فهم أوثق وأكثر، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة عن عائشة وإحدى الروايتين عن أنس، والرواية الصحيحة عن معاوية.
وكذلك قد سبقه إلى مثل هذا البيهقي في دلائل النبوة 7/ 241، فقد قال: ((ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح فهم أوثق وأكثر)).
وانظر: بلا بد كتابي كشف الإيهام الترجمة (405).
س: ذكرتم في إحدى تعاليقكم أن كتاب العين ليس للخليلي، ما هو الدليل على ذلك؟
ج: الكتاب في نسبته إلى الخليل كلامٌ، قال ابن جني: ((أما كتاب العين، ففيه من التخليط والخلل والفساد ما لا يجوز أن يحمل على أصغر أتباع الخليل فضلاً عن نفسه)) الخصائص 3/ 288.
وقدِ اتُّهِمَ الليث بن المظَفَّرِ – راوية الخليل وتلميذه – بأنه هو الذي (نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب العين جملة لينفقه باسمه، ويرغب فيه مَنْ حوله) التهذيب 1/ 28 غير أن الأزهري يضيف قائلاً: ((ولم أرَ خلافاً بين اللغويين أن التأسيس المجمل في أول كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد … وعلمت أنه لا يتقدم أحدٌ الخليلَ فيما أسسه ورسمه …)) التهذيب 1/ 401.
والذي جعل العين مداراً للشك كثرة الخلل الواقع فيه؛ لذلك جوبه بنقد كثير وجهه إليه أبو حاتم السجستاني وابن دريد وأبو علي القالي وأبو بكر الزبيدي وأبو منصور الأزهري وأحمد بن فارس، وغيرهم. ينظر: نقاش ذلك في المعجم العربي: حسين نصار 1/ 280، وقارن بمقدمة محقق كتاب العين 1/ 18 – 27.
وعدم ظهور الكتاب إلاَّ بعد خمسين سنة من وفاة الخليل، وما قيل منه إنَّ الخليل بدأه في أواخر حياته (بعد 170 ه)، وهي في الأغلب السنة التي مرض فيها وتوفي بعدها (175 أو 177 ه)، وقد كان عرض منهج الكتاب على تلميذه الليث بن المظَفَّرِ الذي عاد من الحج فأكمله بعد، أو وصل فيه الخليل إلى آخر حرف العين، وقيل: إنه أتمَّه ثمَّ أحرقه وألَّفهُ بعده الليث؛ لأنه كان قد قرأه، وقيل: غير ذلك.
ينظر: مشكلات في التأليف اللغوي، د. رشيد العبيدي، فصل (كتاب الجيم).
س: ما هو تخريج رواية الخطيب منْ طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ عنْ وائلِ بنِ داودَ عنِ ابنِهِ بكرٍ، عنِ الزُّهريِّ، عنْ سعيدِ بنِ المسيبِ، عنْ أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَخِّرُوا الأَحمالَ فإنَّ اليدَ معلَّقةٌ، والرِّجلَ مُوثقةٌ)).
ج: هذا الحديث أخرجه الترمذي في العلل الكبير (706)، والبزار (1081) كشف الأستار وأبو يعلى في مسنده (5852)، والطبراني في الأوسط (4508)، والبيهقي في الكبرى 6/ 122، والخطيب في تاريخ بغداد 13/ 45، كلهم من طريق قيس ابن الربيع، عن بكر بن وائل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرجه أبو طاهر المخلّص في فوائده ل (9 / ب) و (188 / أ)، وأبو القاسم ابن الجراح في المجلس السابع من أماليه 2/ 1، وأبو محمد المخلدي في فوائده (285/ 1 / 2) عن وائل بن داود، عن ابنه بكر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. كما في السلسلة الصحيحة (1130) والتعليقات على المقنع 2/ 535.
وروي عن سفيان بن عيينة، فاختلف عليه فيه: فأخرجه أبو داود في المراسيل (294) من طريق أحمد بن عبدة، عن سفيان، عن وائل أو بكر – هكذا على الشك – عن الزهري مرسلاً.
ورواه من سبق في الفقرة الثانية على ذلك النحو عن سفيان، من طريق عبد الله بن عمران العابدي عن سفيان به.
¥(14/31)
أقول: العابدي هذا ذكره ابن حبان في ثقاته 8/ 363، وقال: ((يخطئ ويخالف)) وعلى هذا فليس هو ممن لا يحتمل تفرده بوصل هذا الحديث، فإن في حفظه شيئاً، زيادة على أنه قد خالف أحمد بن عبدة الثقة (تقريب التهذيب 74) الذي رواه عن سفيان مرسلاً. ثم إن ابن عيينة من المكثرين المشهورين بكثرة تلامذته، فَلِمَ ينفرد بوصل هذه السنة العزيزة العابديُّ هذا دون عامة أصحاب سفيان؟
لذا قال البزار–وإليه المفزع في معرفة المفاريد– بعد أن رواه (1081) من طريق قيس بإسنادين اثنين: ((لا نعلم روى بكر إلا هذا بهذا الإسناد)). وقال الطبراني: ((لَمْ يروه عن الزهري إلا بكر)).
وطريق قيس ابن ربيع ضعيف بسبب ضعفه، قال الحافظ في التقريب (5573): ((صدوق، تغير لمَّا كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدَّث به)). وانظر: تهذيب الكمال 6/ 133 (5492)، لذا قال الهيثمي في المجمع 3/ 216 بعد أن نسبه إلى البزار والطبراني في الأوسط: ((وفيه قيس بن ربيع، وثَّقه شعبة والثوري، وفيه كلام))، وقال في 8/ 109 بعد نسبته إلى أبي يعلى: ((وفيه الحسين بن علي ابن الأسود وقيس بن الربيع، وقد وثِّقا وفيهما ضعف)).
فمن هذا يتبين أن المحفوظ رواية أحمد بن عبدة، عن الزهري مرسلاً، ولذا قال الإمام الترمذي في علله الكبير (706): ((سألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال: أنا لا أكتب حديث قيس بن الربيع، ولا أروي عنه)). وضعَّف إسناده البيهقي في الكبرى 6/ 122. وبهذا يظهر خطأ العلامة محدث الشام الشيخ ناصر الدين الألباني – رحمه الله – بتصحيحه الحديث في صحيح الجامع (228)، وفي الصحيحة (1130).
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً عليه، أخرجه البيهقي في الكبرى 6/ 121–122. وبه يتقوَّى القول بضعف رواية من وصله مرفوعاً، والله أعلم.
س: لماذا يسوق ابن حبان بعض الرواة في التابعين ثم يسوقهم في الصحابة، وما هو القول الفصل في محمود بن لبيد وهل هو صحابي أم تابعي؟
ج: ابن حبان يكرر الراوي في التابعين وفي الصحابة إذا كان هذا الراوي مختلفاً في صحبته، أما محمود بن لبيد ترجمه البخاري في تاريخه الكبير 7/ 402 الترجمة (1762) وساق له خبراً مفاده أن له صحبة فقال: ((قال لنا أبو نعيم عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، قال: أسرع النبيُّ حتى تقطَّعت نعالنا يوم مات سعد بن معاذ)).
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/ 289 الترجمة (1329): ((قال البخاري: له صحبة، فخط أبي عليه، وقال: لا تعرف له صحبة)).
وقد أثبت صحبته الترمذي في الجامع 3/ 560 عقيب (2036 م) فقال: ((ومحمود بن لبيد قد أدركَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ورآهُ وهو غلامٌ صغيرٌ)).
وكذا فعل ابن عبد البرِّ حيث رجَّحَ قول البخاري في الاستيعاب 3/ 423، وقالَ ابن حجر في التقريب (6517): ((صحابيٌّ صغير)). وعدَّهُ تابعياً أبو حاتم وأبو زرعة الجرح 8/ 289 الترجمة (1329).
والعجلي في ثقاته 2/ 266، قال: ((مدني تابعي ثقة))، ويعقوب بن سفيان. المعرفة والتاريخ 1/ 356 لذا قالَ الذهبي في تجريد أسماء الصحابة (2/ 63 الترجمة 687): ((في صحبته خُلْفٌ)).
أقول: ذكر ابن عبد البر في استيعابه 3/ 224: أن ابن لبيد أسنُّ من ابن الربيع، فإذا عُدَّ ابن الربيع صحابياً، فابن لبيد أولى بالعدِّ، والله أعلم.
ما هي واجبات المحقق؟
واجبات وضوابط المحقق
1 - تخريج الآيات، يكتب اسم السورة، ثم نقطتان، ثم رقم الآية. هكذا البقرة: 43.
2 - تخريج الأحاديث من الكتب المسندة.
3 - التخريج يرتب على حسب الوفيات.
4 - صحيح البخاري، وصحيح مسلم، تكتب لهما الجزء والصفحة ورقم الحديث. للطبعات المشهورة.
5 - الجزء والصفحة للكتب التي لم ترقم أحاديثها ورقم الحديث فقط للكتب التي رقمت أحاديثها، أما إذا كان الكتاب مجلداً واحداً ولم ترقم أحاديثه فكتب نقطتان قبل رقم الصفحة. هكذا: 571.
6 - عند التخريج يستفاد من الكتب التي تجمع أسانيد كتب متعددة. مثل تحفة الأشراف، وجامع المسانيد، وإتحاف المهرة، والمطالب العالية والمسند الجامع. وكذلك يستأنس بجامع الأصول، وموسوعة أطراف الحديث، والكتب المحققة المخرجة.
¥(14/32)
7 - الاعتناء بعلامات التفريز.
8 - كتب التخريج القديمة يستفاد منها كثيراً عند تخريجنا للأحاديث. مثل نصب الراية للزيلعي، والتلخيص الحبير، وتخريج أحاديث الإحياء، وتحفة المحتاج، وتخريج أحاديث الكشاف.
9 - للتخريج خمس طرق:
الطريقة الأولى: عن معرفة راوي الحديث من الصحابة، وهذه الطريقة نرجع إليها حينما نعرف اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث. وعند تخريجنا لهذه الطريقة نستفيد من مجموعة من الكتب وهي: المسانيد، والمسانيد هي الكتب التي تجمع أحاديث مسند كل صحابي على حدة. مثل مسند أحمد والحميدي، والطيالسي، وأبي يعلى. وكذلك المعاجم مثل معاجم الطبراني الثلاثة. فهي أيضاً على المسانيد إلا إن مسانيد الصحابة رتبت على حروف المعاجم. وكذلك كتب الأطراف مثل تحفة الأشراف، وإتحاف المهرة.
الطريقة الثانية: فهي على طريقة معرفة أول لفظ من متن الحديث. وهذه طريقة نلجأ إليه حينما نعرف أول متن الحديث. وأفضل كتاب لهذه الطريقة هو كتاب موسوعة أطراف الحديث. وكذلك فيها فهارس الكتب المطبوعة حديثاً. وهناك كثير من الكتب ألفت مرتبة على الفهارس المعجمية مثل صحيح الجامع الصغير، وضعيف الجامع الصغير، والمقاصد الحسنة. وكشف الخفاء.
أما الطريقة الثالثة: فهي عن طريق معرفة كلمة مشتقة من فعل ثلاثي. مثل
((إنما الأعمال بالنيات)) فالأعمال أصلها ((عمل)) والنيات أصلها ((نوى)) ونستعين على هذه الطريقة بفهارس صحيح مسلم للمرصفي. والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث لونسك. ولمسند أبي يعلى لحسين سليم أسد فهرس في مجلدين.
أما الطريقة الرابعة: فهي عن طريق معرفة موضوع الحديث. وهو أن نبحث عن الحديث في بابه الفقهي. ونلجأ إليها بالكتب المؤلفة على هذه الطريقة. مثل الجوامع والمستخرجات والمستدركات والسنن. وأحسن شيئ لهذه الطريقة. الرجوع لكتب شملت عدة كتب. مثل جامع الأصول، ومجمع الزوائد والمطالب العالية.
أما الطريقة الخامسة: فهي النظر إلى نوع الحديث فإذا كان الحديث مرسلاً. بحثنا عنه في كتب المراسيل. وإذا كان متواتراً بحثنا عنه في الكتب التي ألفت في المتواتر. وإذا كان الحديث ضعيفاً نبحث عنه في الكتب المتخصصة في ذلك. مثل السلسلة الضعيفة. وإذا كان مشتهراً على السنة الناس نبحث عنه في المقاصد الحسنة وكشف الخفاء. وإذا كان الحديث من أحاديث الأحكام نبحث عنه في الكتب التي تعتني في هذا. مثل إرواء الغليل والتلخيص الحبير. و نصب الراية. وإذا كان الحديث من أحاديث التفسير يبحث عنه في كتب التفاسير المسندة مثل تفسير الطبري، وابن أبي حاتم، والبغوي، وكتب الواحدي.
فعلى المخرج أن يخرج على إحدى هذه الطرق حسب الحال.
10 – عند تخريج الحديث يحكم على الأحاديث؛ لأنا لا نستطيع أن نعمل بالحديث حتى نعرف صلاحيته من عدمها ونحن نبحث عن حكم المتقدمين فإذا كان الحديث في الصحيحين، أو في واحد منهما، فهو صحيح. وما دون ذلك يبحث عن أقوال أهل العلم في تصحيح الأحاديث وتعليلها. من ذلك كتب العلل. وكتب التخريج القديمة. وبعض الكتب التي شملت أحكاماً مثل جامع الترمذي، وسنن الدارقطني. أما إذا لم نجد لأهل العلم تصحيحاً ولا تضعيفاً في ذلك الحديث المبحوث عنه. فنعمل قواعد الجرح والتعديل وقواعد المصطلح. وهو أمر صعب. نحن نعلم أن شروط صحة الحديث الاتصال، والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة. فإذا تخلف شرط من هذه الشروط عن الحديث فالحديث ضعيف. والشروط الثلاثة الأولى تكون في الإسناد ونستطيع أن نبحث عنها بمراجعة كتب الرجال. أما الشرطان الأخيران فهما يحتاجان إلى الحفظ. ولمعرفة عدالة الراوي وضبطهم نستفيد أكثر شيئ من تهذيب الكمال، وميزان الاعتدال، والتقريب، وغيرها من كتب الرجال.
والحكم على الأسانيد على النحو الآتي:
أولاً: إسناده صحيح، إذا كان السند متصلاً بالرواة الثقات، أو فيه من هو صدوق حسن الحديث وقد توبع، فهو يشمل السند الصحيح لذاته والسند الصحيح لغيره.
¥(14/33)
ثانياً: إسناده حسن إذا كان في السند من هو أدني من رتبة الثقة وهو الصدوق الحسن الحديث ولم يتابع، أو كان فيه ((الضعيف المعتبربه)) أو ((المقبول)) أو ((اللين الحديث)) أو ((السيئ الحفظ)) ومن وصف بأنه ((ليس بالقوي)) أو ((يكتب حديثه وإن كان فيه ضعف))، إذا تابعه من هو بدرجته أو أعلى منزلة منه، فهو يشمل السند الحسن لذاته والحسن لغيره.
ثالثاً: إسناده ضعيف إذا كان في السند من وصف بالضعف، أو نحوه ويدخل فيه: المنقطع، والمعضل، والمرسل، والمدلس رابعاً.
رابعا إسناده ضعيف جداً، إذا كان في السند أحد المتروكين أو من اتهم بالكذب.
11 - من أول واجبات المحقق، رجوعه إلى النسخ الخطية العتيقة، وإلى الكتب المساعدة مثل موارد صاحب المخطوط، ومن استقى منه.
12 – الاعتناء بشرح ما لا بد من شرحه من غريب أو غيره.
13 - ضبط الأسماء المشكلة بالحروف بالهامش مع شكلها بالشكل في المتن.
14 - التخريج يكون بجمع الموارد على الصحابي أو تفصيله عند الحاجة.
15 - تخريج النقولات عن العلماء من الكتب القديمة.
16 - تتبع المذاهب سواء كانت لغوية أم فقهية أم غيرها وتوثيقها من المصادر التي تعنى بها.
17 - ترجمه بعض المهملين الذين يرد ذكرهم بترجمة بسيطة.
18 – التعليق على المواطن التي يحتاج فيها إلى التعليق.
19 - ينبغي وضع خطة خاصة عند تحقيق أي كتاب.
20 - عند التحقيق يجب السير على منهج واحد. والإشارة إليه قبل بدأ العمل.
21 - ينبغي شكل ما يشكل.
22 - لا بد في التخريج من ذكر الصحابي.
23 - عند تخريج أحاديث من في حفظه شيء، يرجع إلى الكامل والضعفاء للعقيلي والميزان واللسان خشية أن تكون هذه الأحاديث مما أنكرت عليهم.
24 - لا بد من معرفة مناهج المخطوطات عند تحقيق أي مخطوطة.
25 - يستعان في ضبط المدن في معجم البلدان، ومراصد الاصطلاح.
26 - ويستفاد في ضبط الأنساب في كتاب الأنساب للسمعاني أو اللباب لابن الأثير.
27 - ينبغي صنع الفهارس لأي كتاب يحقق. والمنهج السديد لصنع الفهارس فيما يأتي:
أ: اعتبار المدة (آ) أول حرف
ب: عدم التفريق بين (أن) و (أنّ) و (إن) وكذلك بين (أما) (أمّا) (إمّا)، أي: لا يعتد بحركة الهمزة، ولا تخفيف النون، والميم، وتشديدها.
ج: عدم التفريق بين همزة الوصل والقطع، وعد الهمزة التي كتبت على الواو، والألف همزة.
ء: عدم الاعتداد بـ ((أل)) التعريف في الترتيب، ويستثنى من ذلك لفظ الجلالة ولفظ اسم الموصول، فتعدُ همزتها همزة أصلية.
ذ: عدم الاعتداد بجملة ((صلى الله عليه وسلم)).
ه: عد الألف المقصورة ياءً في الترتب فتجئ ((صلّى)) مثلاً بعد ((صلوا)).
ف: عد ((لا)) حرفاً مستقلاً. وضع بين الواو والياء.
ما هو تخريج حديث: ((مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتعمِّداً -ليُضِلَّ بهِ الناسَ- فلْيَتبوَّأْ مَقْعدَهُ من النارِ))؟
الجواب: هذا الحديث بهذه الزيادة منكر لا يصحّ؛ وهو معلول بـ (يونس بن بُكير)؛ فقد ضعّفه أبو داود والنسائي، وهو ليس ممن يحتمل تفرّده في مثل هذا المقام، وفيه من هذا الوجه ثلاث علل:
الأولى: تفرّده بهذه اللفظة المنكرة، وهي تخالف أصل الحديث المتواتر الذي رواه أكثر من ستين صحابياً بدونها.
الثانية: أنّه معلول بالإرسال، فقد أخرجه البزار (كشف الأستار 209)، والطحاوي في شرح المشكل (418)، وابن عدي في الكامل (1/ 20)، وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 97) من طريق يونس بن بكير، عن الأعمش، عن طلحة بن مُصرّف، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود، به، موصولاً.
وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل (419) من طريق أبي معاوية الضرير محمد بن خازم، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، به، مرسلاً ليس فيه ابن مسعود.
الثالثة: أنه معلول بالانقطاع؛ فإن طلحة بن مصرف لم يدرك عمرو بن شرحبيل كما نص عليه الطحاوي (1/ 371).
وقال الطحاوي (1/ 371): ((هذا حديث منكر))، وقال ابن عدي في الكامل (1/ 20):
((هذا الحديث اختلفوا فيه على طلحة بن مصرف))، وقال ابن حجر في نكته (2/ 855): ((اتفق أئمة الحديث على أنّها زيادة ضعيفة)). ومن عجبٍ أن الهيثمي لما أورده في " كشف الأستار "
¥(14/34)
(1/ 114 حديث 209) قال: ((قلت: أخرجته لقوله: ((ليضلّ به الناس)). لكنه لم يتنبّه إلى شيء من علل الحديث في المجمع (1/ 144) فقال: ((رجاله رجال الصحيح))، ومعلوم أنّ إطلاق الهيثمي هذا لا يستفاد منه صحة المتن، فكلامه هذا لا يجامع الصحة، فإنّ شروط الصحة عدالة الرواة وضبطهم والسلامة من الانقطاع والعلة وكثيراً ما يغترُّ بعضُ مَنْ ينتحلُ العلمَ بمثل قول الهيثمي هذا فيقع في الخطأ.
هل العلة تطلق فقط على الامر الخفي؟
إنّ إطلاق العلة على الأمر الخفي القادح: قيد أغلبي، لأنا وجدنا كثيراً من الأقوال عن العلماء الجهابذة الفهماء إطلاق لفظ العلة على غير الخفي، وقد وجدنا في " علل الحديث " لابن أبي حاتم مائتين وسبعة وأربعين حديثاً أعلّت بالجرح الظاهر. (انظر أرقامها في أثر علل الحديث: 15 - 16)، وانظر إلى قول الحافظ ابن حجر حين قال: ((العلّة أعمّ من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة)) (النكت 2/ 771) وقال: ((إنّ الضعف في الراوي علّة في الخبر والانقطاع في الإسناد علة الخبر، وعنعنة المدلس علة في الخبر وجهالة حال الراوي علة في الخبر)) (النكت 1/ 407) وفي حوار لنا مع شيخنا العلاّمة الدكتور هاشم جميل تنبهنا إلى أمر آخر، وهو أنّ المحدّثين إذا تكلّموا على العلة باعتبار أن خلو الحديث منها يعدّ قيّداً لابدّ منه لتعريف الحديث الصحيح. فإنّهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاصّ، وهو: السبب الخفي القادح. وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فإنّهم في الحالة يطلقون العلة ويريدون بها: السبب الذي يعلّ الحديث به: سواء أكان خفياً أم ظاهراً قادحاً أم غير قادح. وهذا توجد له نظائر عند المحدّثين، منها: المنقطع: فهو بالمعنى الخاص: ما حصل في إسناده انقطاع في موضع أو في أكثر من موضع لا على التوالي.
وهذا المصطلح نفسه يستعمله المحدّثون أيضاً استعمالاً عاماً فيريدون: كلّ ما حصل فيه انقطاع في أيّ موضع في السند كان، فيشمل المعلق، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أول السند، والمرسل، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في آخر السند والمعضل، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أثناء السند باثنين فأكثر على التوالي. ويشمل أيضاً المنقطع بالمعنى الخاص الذي ذكرناه.
وهكذا نرى أنّ مصطلح المنقطع يستعمله المحدّثون استعمالاً خاصاً في المنقطع الاصطلاحي، ويستعملونه استعمالاً عاماً في كلّ ما حصل فيه انقطاع فيشمل المنقطع الاصطلاحي، والمعلق، والمرسل، والمعضل، وعلى هذا المنوال جرى استعمالهم لمصطلح العلّة، فهم يستعملونه بالمعنى الاصطلاحي الخاص، وهو: السبب الخفي القادح، ويستعملونه استعمالاً عاماً، ويريدون به: كل ما يعلّ الحديث به فيشمل العلة بالمعنى الاصطلاحي، والعلة الظاهرة، والعلة غير القادحة)). وانظر: أثر علل الحديث: 17 - 18.
هل العلة تكون فقط بالمتن؟
العلّة تكون أحياناً في الإسناد، وتكون أحياناً في المتن، فإذا وقعت العلة في الإسناد: فأما أنْ تقدح في السند فقط أو فيه وفي المتن أو لا تقدح مطلقاً. وهكذا إذا وقعت العلة في المتن، فعلى هذا يكون للعلة خمسة أقسام نشير إليها فيما يأتي:
1 – تقع العلة في الإسناد ولا تقدح مطلقاً.
مثاله: ما رواه المدلّس بالعنعنة، فهذا يوجب التوقف عن قبوله، فإذا وجد من طريق آخر قد صرّح فيها بالسماع تبين أنّ العلة غير قادحة. النكت 2/ 747، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 40، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
2 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه دون المتن
مثاله: ما رواه يَعْلَى بن عُبيد الطَّنَافسي، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ?: ((البيِّعان بالخيار)). (انظر تفصيل الروايات في جامع الأصول 1/ 574 حديث 407، والتلخيص الحبير 3/ 23، ومسند أبي يعلى 10/ 192 – 193، وإتحاف المهرة 8/ 528 حديث 9890، والمسند الجامع 10/ 439 حديث 7730). فغلط يعلى في قوله: عمرو بن دينار، إنّما هو عبد الله بن دينار كما رواه الأئمة المتقنون من أصحاب سفيان الثوري مثل: الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد، وغيرهم. علوم الحديث لابن الصلاح: 82 – 83، وتدريب الراوي 1/ 254،
¥(14/35)
ومقدمة علل الدارقطني 1/ 40، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
3 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه وفي المتن معاً
وذلك كأنّ يوجد في الحديث إرسال أو وقف، أو إبدال راوٍ ضعيف براوٍ ثقة.
مثال ذلك: ما وقع لأبي أسامة – حماد بن أسامة الكوفي، وهو ثقة (تقريب التهذيب 1487) – في روايته عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر – وهو من ثقات الشاميين (تقريب التهذيب 4041) – قدم عبد الرحمن الكوفة فكتب عنه أهلها، ولم يسمع منه أبو أسامة، ثم قدم بعد ذلك الكوفة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم – وهو من ضعفاء الشاميين (تقريب التهذيب 4040) – فسمع منه أبو أسامة، وسأله عن اسمه فقال: عبد الرحمن بن يزيد، فظن أبو أسامة أنّه ابن جابر فصار يحدث عنه وينسبه من قبل نفسه فيقول: حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر، ولم يفطن إلا أهل النقد فيميزوا ذلك ونصّوا عليه كالبخاري، وأبي حاتم، وغير واحد. النكت 2/ 748، وتوضيح الأفكار 2/ 32، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 41، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
4 - تقع العلة في المتن ولا تقدح فيه ولا في الإسناد
مثاله: كلّ ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث الصحيحين إذا أمكن الجمع رد الجميع إلى معنى واحد فإن القدح ينتفي عنهما. النكت 2/ 748، وتوضيح الأفكار 2/ 32، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 41، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
5 – تقع العلة في المتن وتقدح فيه دون الإسناد
مثاله: ما انفرد مسلم (صحيحه 2/ 12 رقم 399) بإخراجه في حديث أنس ? من اللفظ المصرّح بنفي قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم)، فعلّل قومٌ روايةَ اللفظ المذكور لمّا رأو الأكثرين إنّما قالوا فيه: ((فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين)) من غير تعرّض لذكر البسملة وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه (صحيح البخاري 1/ 189 رقم 743، وصحيح مسلم 2/ 12 رقم 399).
ورأوا أنّ من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له ففهم من قوله: ((كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين)) أنّهم كانوا لا يبسملون فرواه على فهم وأخطأ فيه؛ لأنّ معناه أنّ السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيها تعرض لذكر البسملة. علوم الحديث: 83، والنكت 2/ 748، والباعث الحثيث: 67، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 42، ومقدمة البحر الزخار 1/ 20.
ما هو القول الفصل في زيادة الثقة؟
زيادة الثقة من القضايا التي كَثُرَ الخلافُ فيها واتّسع النقاش لها، وهي من القضايا الخفية المهمة في علل الحديث، بل إنّ العمود الفقري لعلم العلل هو الزيادة من الرواة الثقات، وقد عُرِّفت زيادة الثقة: بأنّها ما انفرد به الراوي من زيادة – في المتن أو في السند – عن بقيّة الرواة عن شيخ لهم (اختصار علوم الحديث: 61) وصوّرها ابن رجب (شرح العلل 2/ 635): ((أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد ومتن واحد، فيزيد بعض الرواة فيه زيادة، لم يذكرها بقية الرواة)).
فالزيادة فنٌّ عظيم من فنون الحديث، ومرجعه إلى الاختلاف بالروايات، ومن الطبيعي أنْ يختلف الرواة في بعض الأحيان سنداً أو متناً ولا غرابة في ذلك. إذ يبعد عادة أن يكون الجميع في مستوى واحد من الاهتمام والتيقظ والتثبت والدقة والضبط منذ تلقي الأحاديث من أصحابها إلى حين أدائها؛ لأن المواهب متفاوتة فمنهم من بلغ أوج مراتب الثقات، ومنهم من هو أدنى هذه المراتب، ومنهم من هو بين الحدين، وهذا الفريق على درجات متفاوتة، وهؤلاء الثقات كثيراً ما يشتركون في سماع الحديث من شيخ لهم، فإذا حدّثوا به بعد مدّة من الزمن في جملة من الأحاديث المسموعة من مصادر شتى فإن مدى الاتفاق بينهم والاختلاف يتوقف على مقدار تيقظهم واهتمامهم ومذاكرتهم ودقتهم وحفظهم، وبما أنّهم مختلفون في ذلك فإنهم قد يختلفون في أداء الرواية، والزيادة لون من ألوان الاختلاف. والذي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هذا الشأن يراهم لا يقبلونها مطلقاً ولا يردونها مطلقاً بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيح فتقبل تارة وتردّ أخرى، ويتوقف فيها أحياناً. وهذا هو الرأي المختار المتوسط الذي هو بين القبول والردِّ فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بها حسب ما يبدو للناقد العارف
¥(14/36)
بعلل الحديث وأسانيدها وأحوال الرواة بعد النظر في ذلك، أما الجزم بوجه من الوجوه من غير نظر إلى عمل النقاد فذلك فيه مجازفة. وانظر بلابد (أثر علل الحديث ص 254 – 280).
هل إن مراسيل سعيد بن المسيب مقبولة؟
قال الإمام النوويّ: ((اشتهر عند فقهاء أصحابنا أنّ مرسل سعيد بن المسيّب حجّة عند الشافعيّ، حتى أنّ كثيراً منهم لا يعرفون غير ذلك، وليس الأمر على ذلك، وإنّما قال الشافعي – رحمه الله – في مختصر المُزني: وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حَسَنٌ، فذكر صاحب المهذب وغيره من أصحابنا في أصول الفقه في معنى كلامه وجهين لأصحابه.
منهم من قال: مراسيله حجة لأنّها فتشت فوجدت مسانيد.
ومنهم من قال: ليست بحجة عنده بل هي كغيرها على ما نذكره، وإنّما رجّح الشافعي به، والترجيح بالمرسل صحيح. وحكى الخطيب أبو بكر هذين الوجهين لأصحاب الشافعي، ثم قال: الصحيح من القولين عندنا الثاني؛ لأنّ في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسنداً بحال من وجهٍ يصحّ، وقد جعل الشافعي لمراسيل كبار التابعين مزية على غيرهم كما استحسن مرسل سعيد.
وروى البيهقي في مناقبه بإسناده عن الشافعي كلاماً طويلاً، حاصله: أنّه يقبل مرسل التابعي إذا أسنده حافظ غيره أو أرسله من أخذ عن غير رجال الأول أو كان يوافق قول بعض الصحابة، أو أفتى عوام أهل العلم بمعناه.
ثم قال البيهقي: فالشافعي يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها، فإن لم ينضم إليها ما يؤكدها لم يقبلها، سواء كان مرسل ابن المسيب أو غيره. قال: وقد ذكرنا مراسيل لابن المسيب لم يقل بها الشافعي حين لم ينضم إليها ما يؤكدها، ومراسيل لغيره قال بها حين انضم إليها ما يؤكدها.
قال: وزيادة ابن المسيب على غيره في هذا أنّه أصحّ التابعين إرسالاً فيما زعم الحفّاظ فهذا كلام الخطيب والبيهقي وإليهما المنتهى في التحقيق ومحلهما من العلم. بنصوص الشافعي ومذهبه وطريقته معروف. وأما قول الإمام أبي بكر القفال المروزي في أول شرح التلخيص: قال الشافعي في الرهن الصغير: مرسل ابن المسيب عندنا حجة. فهو محمول على ما ذكره البيهقي والخطيب)). انتهى كلام الإمام النووي.
ولكن! اعترض عليه العلائي في " جامع التحصيل " على قوله بالتسوية بين مراسيل سعيد بن المسيب ومراسيل غيره، وتكلّم بكلام نفيس، لا يسع المقال لنقله هنا، فراجعه تجد فائدة –إن شاء الله تعالى-. ينظر: الكفاية: (571 – 572 ت 404 – 405 ه)، ومناقب الشافعي 2/ 31، ومختصر المزني 8/ 78 في آخر كتاب الأم للشافعي، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 175 – 178، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 221، وجامع التحصيل: 46.
ما هو القول الفصل في تعريف الحديث الحسن؟
الحديث الحسن: وسطٌ بين الصحيح والضعيف، قال ابن القطّان في " بيان الوهم والإيهام " (1118): ((الحسن معناه الذي له حال بين حالي الصحيح والضعيف وبنحوه قال عقيب (1173). وقال عقيب (1432): ((ونعني بالحسن: ما له من الحديث منْزلة بين منْزلتي الصحيح والضعيف، ويكون الحديث حسناً هكذا؛ إما بأن يكون أحد رواته مختلفاً فيه، وثقّه قوم وضعّفه آخرون، ولا يكون ما ضعّف به جرحاً مفسراً، فإنّه إن كان مفسراً قدّم على توثيق من وثّقه، فصار به الحديث ضعيفاً))؛ ولما كان كذلك عَسُر على أهل العلم تعريفه.
قال الحافظ ابن كثير: ((وذلك لأنّه أمر نسبيٌ، شيءٌ ينقدح عند الحافظ، ربّما تقصر عبارته عنه)) (اختصار علوم الحديث: 37).
وقال ابن دقيق العيد: ((وفي تحرير معناه اضطرابٌ)). (الاقتراح: 162).
وذلك لأنّه من أدق علوم الحديث وأصعبها؛ لأنّ مداره على من اخُتلف فيه، وَمَن وهم في بعض ما يروي. فلا يتمكن كل ناقدٍ من التوفيق بين أقوال المتقدّمين أو ترجيح قولٍ على قولٍ إلا من رزقه الله علماً واسعاً بأحوال وقواعد هذا الفن ومعرفةٍ قوية بعلم الجرح والتعديل، وأمعن في النظر في كتب العلل، ومارس النقد والتخريج والتعليل عمراً طويلاً، ومارس كتب الجهابذة النقاد حتى اختلط بلحمه ودمه، وعرف المتشددين والمتساهلين من المتكلمين في الرجال، ومن هم وسطٌ في ذلك؛ كي لا يقع فيما لا تحمد عقباه؛ ولذلك قال الحافظ الذهبي: ((ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل الأحاديث الحسان فيها
¥(14/37)
؛ فأنا على إياسٍ من ذلك، فكم من حديثٍ تردد فيه الحفاظ هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ؟)). (الموقظة: 28).
وللحافظ ابن حجر محاولةٌ جيّدةٌ في وضعه تحت قاعدة كليةٍ فقد قال في النخبة: ((وخبر الآحاد بنقل عدلٍ تامّ الضبط، متصل السند غير معللٍ ولا شاذٍ: هو الصحيح لذاته … فإن خفّ الضبط، فالحسن لذاته)). (النخبة 29، 34).
وهي محاولةٌ جيدةٌ. وقد مشى أهل المصطلح على هذا من بعده. وحدّوا الحسن لذاته: بأنه ما اتصل سنده بنقل عدلٍ خف ضبطه من غير شذوذٍ ولا علةٍ)). وشرط الحسن لذاته نفس شرط الصحيح، إلا أنّ راوي الصحيح تامّ الضبط، وراوي الحسن لذاته خفيف الضبط. وسمّي حسناً لذاته؛ لأنّ حسنه ناشئ عن توافر شروط خاصّة فيه، لا نتيجة شيء خارج عنه.
وقد تبين لنا: أنَّ راوي الحسن لذاته هو الراوي الوسط الذي روى جملة من الأحاديث، فأخطأ في بعض ما روى، وتوبع على أكثر ما رواه؛ فراوي الحسن: الأصل في روايته المتابعة والمخالفة وهو الذي يطلق عليه الصدوق، لأنّ الصدوق هو الذي يهم بعض الشيء فنزل من رتبة الثقة إلى رتبة الصدوق. فما أخطأ فيه وخولف فيه فهو من ضعيف حديثه، وما توبع عليه ووافقه من هو بمرتبته أو أعلى فهو من صحيح حديثه. أما التي لم نجد لها متابعة ولا شاهداً فهي التي تسمّى بـ (الحسان)؛ لأنّا لا ندري أأخطأ فيها أم حفظها لعدم وجود المتابع والمخالف؟
وقد احتفظنا بهذه الأحاديث التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً وسمّيناها حساناً؛ لحسن ظننا بالرواة؛ ولأنّ الأصل في رواية الراوي عدم الخطأ، والخطأ طارئٌ؛ ولأنّ الصدوق هو الذي أكثر ما يرويه مما يتابع عليه. فجعلنا ما تفرد به من ضمن ما لم يخطأ فيه تجوزاً؛ لأنَّ ذلك هو غالب حديثه، ولاحتياجنا إليه في الفقه. وبمعنى هذا قول الخطّابي: ((… وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء)). ولا بأس أن نحد ذلك بنسبة مئوية فكأنّ راوي الحسن من روى – مثلاً لا حصراً – مائتي حديث، فأخطأ في عشرين حديثاً وتوبع في ثمانين. فالعشرون التي أخطأ فيها من ضعيف حديثه. والثمانون التي توبع عليها من صحيح حديثه. أما المائة الأخرى وهي التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً فهي من قبيل
(الحسن). ومن حاله كهذا: عاصم بن أبي النجود، فقد روى جملة كثيرة من الأحاديث فأخطأ في بعض وتوبع على الأكثر فما وجدنا له به متابعاً فهو صحيح، وما وجدنا له به مخالفاً أوثق منه عدداً أو حفظاً فهو من ضعيف حديثه. وما لم نجد له متابعاً ولا مخالفاً فهو (حسن) خلا روايته عن أبي وائل، وزر بن حبيش. وانظر: كتابنا كشف الإيهام الترجمة (328). وممن حاله كحال عاصم: ((عبيدة بن حميد الكوفي، وسليمان بن عتبة وأيوب ابن هانئ، وداود بن بكر بن أبي الفرات، ومحمد بن عمرو بن علقمة، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، ويونس بن أبي إسحاق، وسماك بن حرب)).
وهذا الرأي وإن كان بنحو ما انتهى إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلا أننا لم نجد من فصّله هكذا. وهو جدير بالقبول والتداول بين أهل العلم. وقد يتساءل إنسانٌ بأن من قيل فيهم: صدوق أو حسن الحديث قد اختلف المتقدمون في الحكم عليهم تجريحاً وتعديلاً. وجواب ذلك: أنّ الأئمة النقاد قد اطّلعوا على ما أخطأ فيه الراوي وما توبع عليه فكأنَّ المُجَرِّح رأى أن ما خولف فيه الراوي هو الغالب من حديثه، والمُعَدِّل كذلك رأى أن ما توبع عليه هو غالب حديثه فحكم كلٌّ بما رآه غالباً، غير أنا نعلم أنَّ فيهم متشددين يغمز الراوي بالجرح وإن كان خطؤه قليلاً، ومنهم متساهلين لا يبالي بكثرة الخطأ، وعند ذلك يؤخذ بقول المتوسطين المعتدلين.
ولذا نجد الحافظ ابن عدي في الكامل، والإمام الذهبي في الميزان يسوقان أحياناً ما أنكر على الراوي الوسط ثم يحكمان بحسن رواياته الأخرى. والله أعلم.
هل حديث: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) متواتر؟
نعم وقد ورد عن عدّة من الصحابة – رضي الله عنهم -، منهم:
جابر بن عبد الله، عند أحمد (3/ 280)، والدارمي (237)، وابن ماجه (33).
وخالد بن عرفطة، عند أحمد (5/ 292).
وزيد بن أرقم، عند أحمد (4/ 366).
¥(14/38)
وأبو سعيد الخدري، عند أحمد (3/ 12 و 21 و 39 و 44 و 46 و 56) ومسلم (8/ 229 عقيب 3004).
وسلمة بن الأكوع، عند أحمد (4/ 47 و 50)، والبخاري (1/ 38 عقيب 109).
وابن عبّاس، عند أحمد (1/ 233 و 269)، والدارمي (238)، والترمذي (2950) و (2951).
وعبد الله بن عمرو، عند أحمد (2/ 171).
وابن مسعود، عند أحمد (1/ 402 و 405 و 454)، والترمذي (2659).
وعقبة بن عامر، عند أحمد (4/ 156).
وعلي بن أبي طالب، عند أحمد (1/ 130).
ومعاوية بن أبي سفيان، عند أحمد (4/ 100).
ويعلى بن مرّة، عند الدارمي (240).
والمغيرة بن شعبة عند البخاري (2/ 102)، ومسلم (1/ 10 عقيب 4).
وأبو هريرة، عند أحمد (2/ 413)، والدارمي (599)، والبخاري (1/ 38 و 7/ 54)، ومسلم (1/ 8 حديث 3).
وقد رواها جميعها، ابن الجوزي في تقدمة الموضوعات (1/ 55 – 93) وبسط الكلام في تخريجها اللكنوي في الآثار المرفوعة: 21 – 36.
ماهو القول الفصل في حماد بن سلمة؟
حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة له أوهام. قال أحمد: هو أعلم الناس بحديث خاله حميد الطويل. وقال ابن معين: هو أعلم الناس بثابت – يعني: ثابت البُناني – (الميزان 1/ 590 وما بعدها، تهذيب التهذيب 3/ 11 وما بعدها). وقال الحافظ في التقريب: ((ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، تغير حفظه بأخرة)) (التقريب 1499).
إذن: فحمّاد بن سلمة في أول أمره ثقة له أوهام، وهذا التعبير يشير إلى خفة في الضبط، لكن خفة الضبط تنجبر بطول الملازمة للشيخ وشدة العناية بحديثه. وحماد – كما ذكرنا – كثير الملازمة لثابت البناني، شديد العناية بحديثه، إذن: فما حدّث به حماد قبل اختلاطه، عن ثابت يعدّ من الحديث الصحيح. وحديثه عن غيره من قبيل الحسن، ثم تغير حماد لما كبر فساء حفظه، فكان حديثه في هذه المرحلة ضعيفاً. إذا عرفنا هذا: لننظر ماذا فعل الشيخان بحديث حماد بن سلمة: أما البخاري: فقد أخرج له في التاريخ، لكن ترك الحديث عنه في الصحيح. وأما مسلم: فقد غربل حديثه، وميّز منه أحاديث حدّث بها قبل الاختلاط.
ثم قسم هذه الأحاديث إلى قسمين:
القسم الأول: الأحاديث التي حدّث بها حماد عن ثابت، وهذه أخرجها مسلم في الصحيح أصولاً محتجاً بها.
القسم الثاني: الأحاديث التي حدّث بها عن غير ثابت، وهذه لم يخرّجها مسلم في الأصول، وإنّما أخرجها في الشواهد.
يقول الذهبي: ((احتجَّ مسلمٌ بحمّاد بن سلمة في أحاديث عدّة في الأصول. وتحايده البخاري)).
ويوضّح ما أجمله الذهبي هنا: كلام نقله الحافظ ابن حجر عن البيهقي يتحدث فيه عن حماد بن سلمة، قال البيهقي: ((أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت – لا يبلغ اثني عشر
حديثاً – أخرجها في الشواهد)). (ميزان الاعتدال 1/ 590 وما بعدها، وتهذيب التهذيب 3/ 11 والتقريب 1499، والكواكب النيرات: 460، وانظر لزاماً: أثر علل الحديث: 20 – 21).
الرسالة: أرجو تخريج الحديث التالي:
عن ميسرة قال:قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قال: (لما خلق الله الأرض واستوى فسواهن سبع سماوات، وخلق العرش: كتب على ساق العرش: محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنة التي اسكنها آدم وحواء،فكتب اسمي على الأبواب والأوراق،والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد،فلما أحياه الله تعالى:نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله انه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه).
الجواب: هذاأخرجه ابن الجوزي في الوفاء بأحوال المصطفى: 331 بهذا المتن من طريق إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة، عن عبد الله بن سفيان،عن ميسرة، به.
وذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 2/ 95 ونسبه لابن الجوزي في الوفاء بفضائل المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
وقد ورد مختصراً على: ((متى كنت نبياً؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((وآدم بين الروح والجسد)).
¥(14/39)
أخرجه أحمد 4/ 66 و5/ 379، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني: (2918) من طريق حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل.
وأخرجه ابن سعد 1/ 148 عن طريق ابن علية، عن وهب بن خالد، عن خالد الحذاء، به.
وأخرجه أحمد 5/ 59، وابن أبي عاصم في السنة (410)، والطبري في المنتخب من التذيل المذيل11/ 569 والطبري 20/ (834) عن طريق عبد الرحمن بن المهدي عن منصور بن سعد، عن بديل، عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة.
وأخرجه ابن سعد 7/ 60 والطحاوي في شرح المشكل (5977) والطبري 20/ (833)، والحاكم 2/ 608، والبيهقي في دلائل النبوة 1/ 84 – 85 و2/ 129 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بديل به.
وأخرجه ابن سعد 1/ 148 و الطحاوي شرح المشكل (5976) من طريق خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن أبي الجدعاء، به.
كلهم اقتصروا على قوله: ((قلت: يا رسول الله، متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بن الروح والجسد)).
بارك الله في الأخ العزيز خالد أهل السنة على إحضار الشيخ للمنتدى والذي سيعطيني فرصة في طرح أسئلة له ومن مدة وأنا أتمنى أن تقوم الشبكة أعني شبكة الدفاع عن السنة باستضافة المشائخ والدعاة للاستفادة منهم والتعريف بهم
كلامي الآن للشيخ الفحل وفقه الله
أقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أحب أن أشكر لك جهودك في مجال السنة وأسأل الله أن يبارك في علمك ووقتك وجهدك وأن يطيل عمرك على طاعته.
سؤالي في مجال المصطلح
فقد وقع بيني وبين أحد المخالفين - وأظنه حبشي أو كوثري - نزاع حول الألباني رحمه الله.
فهو ينكر كون الألباني محدثا وعليه لا ينبغى له أن يتناول الأحاديث بالنقد فسارعت ببيان ماهو المحدث عبر كتابي المتواضع تيسير علوم الحديث للطحان وأنه من اهتم بالحديث رواية ودراية.
وانجر النقاش بيني وبينه في مواضيع لا داعي لذكرها
لكن في النهاية.
قرر الذي أناقشه قاعدة
ألا وهي
أنه لا يتناول التصحيح والتضعيف أحد إلا الحافظ
ثم نقل نقولات عن علماء أهاب أن أنتقدهم أو أعترض عليهم
وأنا طويلب علم ومكتبتي هزيلة ونفسي في البحث ليس بذاك.
كما أنني لا أعرف المواطن التي تكلم العلماء فيها في هذه المسألة
فرمت بمكر أن أنقل من كتابي السابق أن الحافظ له اصطلاحان عند أهل الفن
1 - بمعنى المحدث.
2 - أنه الذي حفظ الأحاديث حتى ما يفوته منها إلا النزر القليل.
لكن لم أشأ وضع هذه المعلومة لشعوري أنها لا تساعد في الحوار
فأردت أن أنشيء كلاما عاطفيا يستدر الدموع
ولكن كما تعرف أن أي شيء يفتقد العلمية لا يساوي الهباء المنثور.
ولذلك أحب أن تعطيني نصوص لأهل العلم تثبت أن الحفظ ليس شرطا لمن يصحح الأسانيد والمتون.
وأحب أن أبين أنني على يقين هذا المحاور يجوزها لمن هم على نحلته وإذا واجهناه بتصحيحات أهل السنة للأحاديث الواهية التي يستدل بها يقول:
تصحيح الأحاديث لا يقبل إلا من الحفاظ.
وهذا نص استدلاله على هذه المسألة:
اقتباس:
قال الحافظ السيوطي في ألفيته (10) في علم الأثر:
وخذه حيث حافط عليه نص ومن مصنف بجمعه يخص
وقال الحافظ سراج الدين البلقيني كما في "التدريب" (11): "الحسن لما توسط بين الصحيح والضعيف عند الناظر كان شيئا ينقدح في نفس الحافظ، وقد تقصر عبارته عنه كما قيل في الاستحسان فلذلك صعب تعريفه وسبقه إلى ذلك ابن كثير" اهـ
ففيه كما ترى اشتراط الحفظ في التحسين وأنه من خصائص الحافظ وبالأولى التصحيح (12).
وقال النووي في مختصر علوم الحديث (13): "وقولهم: حديث حسن الإسناد أو صحيحه دون قولهم حديث صحيح أو حسن، لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة، فإن اقتصر على ذلك حافظ معتمد فالظاهر صحة المتن وحسنه " اهـ.
وقال السيوطي من التدريب تفريعا على قول النووي في المتن المذكور ءانفا ما نصه: "من رأى في هذه الأزمان حديثا صحيح الإسناد في كتاب أو جزء ولم ينص على صحته حافظ معتمد، قال الشيخ:- يعني ابن الصلاح-: لا يحكم بصحته لضعف أهلية أهل هذه الأزمان، والأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت معرفته" انتهى كلام النووي (14) ما نصه (15): "ولم يتعرض المصنف ومن بعده كابن جماعة وغيره ممن اختصر ابن الصلاح، والعراقي في الألفية، والبلقيني، وأصحاب النكت إلا للتصحيح فقط وسكتوا عن التحسين" اهـ.
¥(14/40)
ثم قال (16): "ثم تأملت كلام ابن الصلاح فرأيته سوى بينه وبين التصحيح حيث قال: "فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في كتبهم " وقد منع فيما سيأتي، ووافقه عليه المصنف وغيره، أن يجزم بتضعيف الحديث اعتمادا على ضعف إسناده لاحتمال أن يكون له إسناد صحيح غيره. ولا شك أن الحكم بالوضع أولى بالمنع قطعا إلا حيث لا يخفى كالأحاديث الطوال الركيكة التي وضعها القصاص أو ما فيه مخالفة للعقل أو الإجماع " اهـ.
فهذا صريح في دفع ما صنع الألباني وأشياعه من الإقدام على التضعيف للأحاديث التي نص الحفاظ على تصحيحها من غير أن يكون لهه في ذلك سلف صرح بذلك، وهو يعلمون من أنفسهم أنه ليسوا بحافظ بل ولا
عشر الحافظ في المعنى، ألا فاعجبوا لهم، ثم اعجبوا.
الجواب: أخي الكريم بارك الله فيك على حرصك على السنة، ونفع بك الإسلام.
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله محدث علامة معاصر خدم الإسلام والسنة النبوية ونصرت به عقيدة التوحيد، ومؤلفاته النافعة الماتعة ينتفع بها كل أحد. وما ذكر من اشتراط الحفظ فهذا يختلف حسب كل زمان، والشيخ ناصر قد توفر به آلات الحكم على الأحاديث، ولا تغتر بأقوال المخالفين الحاقدين الذين يريدون أن ينالوا من الإسلام عن طريق النيل من علماء الأمة. والحافظ ابن الصلاح لم يرد غلق باب التصحيح والتضعيف أنما أراد التعسير وأنه لا يستطيعه كل أحد.
أما عن السؤال حول الفرق بين الاضطراب والاختلاف
الفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف
الْحَدِيْث المضطرب: هُوَ ما اختلف راويه فِيْهِ، فرواه مرة عَلَى وجه، ومرة عَلَى وجه آخر مخالف لَهُ. وهكذا إن اضطرب فِيْهِ راويان فأكثر فرواه كُلّ واحد عَلَى وجه مخالف للآخر.
ومن شرط الاضطراب: تساوي الروايات المضطربة بحيث لا تترجح إحداها عَلَى الأخرى.
أما إذا ترجحت إحدى الروايات فلا يسمى مضطرباً، بَلْ هُوَ مطلق اختلافٍ، قَالَ العراقي: ((أما إذا ترجحت إحداهما بكون راويها أحفظ، أو أكثر صُحْبَة للمروي عَنْهُ، أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيح؛ فإنه لا يطلق عَلَى الوجه الراجح وصف الاضطراب ولا لَهُ حكمه، والحكم حينئذ للوجه الراجح)). وهذا أمر معروف بَيْنَ الْمُحَدِّثِيْنَ لا خلاف فِيْهِ؛ لذا نجد المباركفوري يَقُوْلُ: ((قَدْ تقرر في أصول الْحَدِيْث أنّ مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب، بَلْ من شرطه استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّمَ)).
فعلى هَذَا شرط الاضطراب تساوي الروايات، أما إذا ترجحت إحداهما
عَلَى الأخرى فالحكم للراجحة، والمرجوحة شاذة أَوْ منكرة. وعليه فإن كَانَ أحد الوجوه مروياً مِنْ طريق ضعيف والآخر من طريق قوي فلا اضطراب والعمل بالطريق القوي، وإن لَمْ يَكُنْ كذلك، فإن أمكن الجمع بَيْنَ تِلْكَ الوجوه بحيث يمكن أن يَكُوْنَ المتكلم باللفظين الواردين عَنْ معنى واحد فلا إشكال أَيْضاً؛ مِثْل أن يَكُوْنَ في أحد الوَجْهَيْنِ قَدْ قَالَ الرَّاوِي: عَنْ رجل، وفي الوجه الآخر يسمي هَذَا الرجل، فَقَدْ يَكُوْن هَذَا المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم؛ فَلاَ اضطراب إذن ولا تعارض، وإن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بأن يسمي مثلاً الرَّاوِي باسم معينٍ في رِوَايَة ويسميه باسم آخر في رِوَايَة أخرى فهذا محل نظر وَهُوَ اضطراب إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران:
أحدهما: أنه يجوز أن يَكُوْن الْحَدِيْث عَنْ الرجلين معاً.
والثاني: أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد واختلف فِيْهِ. فههنا لا يخلو أن يَكُوْن الرجلان كلاهما ثقة أو لا، فإن كانا ثقتين فهنا لا يضر الاختلاف عِنْدَ الكثير؛ لأنّ الاختلاف كيف دار فهو عَلَى ثقة، وبعضهم يقول: هَذَا اضطراب يضر؛ لأنه يدل عَلَى قلة الضبط.
إذن شرط الاضطراب الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية التوفيق بَيْنَ الوجوه المختلفة والترجيح عَلَى منهج النقاد وعلى ما تقدم يتبين لنا أنّ بَيْنَ الاضطراب والاختلاف عموماً وخصوصاً، وَهُوَ أن كُلّ مضطرب مختلف فِيْهِ، ولا عكس. فالاختلاف أعم من الاضطراب إِذْ شرط الاضطراب أن يَكُوْن قادحاً، أما الاختلاف فربما كَانَ قادحاً وربما لَمْ يَكُنْ قادحاً.
¥(14/41)
ثُمَّ إنه ليس كُلّ اختلاف يؤدي إلى وجود الاضطراب، إِذْ إن ما يشبه أن يَكُوْن اضطراباً ينتفي عَنْ الْحَدِيْث إذا جمع بَيْنَ الوجوه المختلفة أو رجح وجه مِنْهَا عَلَى طريقة النقاد لا عَلَى طريقة التجويز العقلي.
أما عن السؤال بأن الحديث إذا روي مرسلاً وروي مرة أخرى موصولاً .... فالجواب عنه على هذا التفصيل:
الوَصْل هنا بمعنى الاتصال، والاتصال هُوَ أحد الشروط الأساسية في صِحَّة الحَدِيْث، بَلْ هُوَ أولها،
وكل من عرّف الصَّحِيح أبتدأ أولاً بذكر الاتصال، والاتصال: هُوَ سَمَاع الحَدِيْث لكل راوٍ من الرَّاوِي الَّذِي يليه.
ويعرف الاتصال بتصريح الرَّاوِي بإحدى صيغ السَّمَاع الصريحة، وَهِيَ حَدَّثَنَا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت، وَقَالَ لَنَا، وغيرها من الصيغ.
وهذا هُوَ الأصل. وربما حصل التصريح في السَّمَاع في بَعْض الأسانيد، لَكِنْ صيارفة الحَدِيْث ونقاده يحكمون بخطأ هَذَا التصريح، ثُمَّ الحكم عَلَى الرِّوَايَة بالانقطاع، قَالَ ابن رجب: ((وَكَانَ أحمد يستنكر دخول التحديث في كَثِيْر من الأسانيد، ويقول: هُوَ خطأ، يعني ذكر السَّمَاع)). وَقَدْ بحث ابن رجب ذَلِكَ بحثاً واسعاً، ثُمَّ قَالَ: ((وحينئذٍ ينبغي التفطن لهذه الأمور، وَلاَ يغتر بمجرد ذكر السَّمَاع و التحديث في الأسانيد، فَقَدْ ذكر ابن المديني: أن شُعْبَة وجدوا له غَيْر شيء يذكر فِيهِ الإخبار عن شيوخه، ويكون منقطعاً)).
وأعود إلى التفصيل السابق ثُمَّ أقول: أما إذا كَانَتِ الرِّوَايَة بصيغة من الصيغ المحتملة، مِثْل: عن، أو أن أو حدث، أو أخبر، أو قَالَ، فحينئذٍ يَجِبُ توفر شرطين في الرَّاوِي لحمل هذِهِ الصيغة عَلَى الاتصال:
الشرط الأول: السلامة من التَّدْلِيْس، أي: أن لا يَكُون من رَوَى هكذا مدلساً.
الشرط الثاني: المعاصرة وإمكان اللقاء، وَقَدِ اكتفى بهذين الشرطين كثيرٌ من المُحَدِّثِيْنَ، وأضاف عَلَي بن المديني و البُخَارِيّ وآخرون شرطاً ثالثاً، وَهُوَ: ثبوت اللقاء وَلَوْ مرة وَاحِدَة.
والاتصال في السَّنَد لا يشترط أن يَكُون في طبقة وَاحِدَة فَقَطْ، بَلْ يشترط أن يَكُون من أول السَّنَد إلى آخره؛ فإذا اختل الاتصال فِي مَوْضِع من المواضع سمي السَّنَد منقطعاً، وَكَانَ يطلق عَلَيْهِ فِي القرون المتقدمة مرسلاً، ثُمَّ استقر الاصطلاح بعد عَلَى أن المُرْسَل هُوَ: مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ ?.
ولما كَانَ الاتصال شرطاً للصحة فالانقطاع ينافي الصِّحَّة، إذن الانقطاع أمارة من أمارات الضعف؛ لأن الضَّعِيف مَا فَقَدْ شرطاً من شروط الصِّحَّة.
والانقطاع قَدْ يَكُون فِي أول السَّنَد، وَقَدْ يَكُون فِي آخره، وَقَدْ يَكُون فِي وسطه، وَقَدْ يَكُون الانقطاع براوٍ واحد أو أكثر. وكل ذَلِكَ من نَوْع الانقطاع، والذي يعنينا الكلام عَلَيْهِ هنا هُوَ الكلام عن الانقطاع فِي آخر الإسناد، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالمرسل عِنْدَ المتأخرين، وَهُوَ مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ ?.
لِذلِكَ فإن الحَدِيْث إذ روي مرسلاً مرة، وروي مرة أخرى موصولاً، فهذا يعد من الأمور الَّتِي تعلُّ بِهَا بَعْض الأحاديث، ومن العلماء من لا يعدُّ ذَلِكَ علة، وتفصيل الأقوال في ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي:
القَوْل الأول: ترجيح الرِّوَايَة الموصولة عَلَى الرِّوَايَة المرسلة؛ لأَنَّهُ من قبيل زيادة الثِّقَة.
القَوْل الثَّانِي: ترجيح الرِّوَايَة المرسلة.
القَوْل الثَّالِث: الترجيح للأحفظ.
القَوْل الرابع: الاعتبار لأكثر الرواة عدداً.
القَوْل الخامس: التساوي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ و التوقف.
هَذَا ما وجدته من أقوال لأهل العِلْم في هذِهِ المسألة، وَهِيَ أقوال متباينةٌ مختلفة، وَقَدْ أمعنت النظر في صنيع المتقدمين أصحاب القرون الأولى، وأجلت النظر كثيراً في أحكامهم عَلَى الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها، فوجدت بوناً شاسعاً بَيْنَ قَوْل المتأخرين وصنيع المتقدمين، إذ إن المتقدمين لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث أول وهلة، وَلَمْ يجعلوا ذَلِكَ تَحْتَ قاعدة كلية تطرد عَلَيْهَا جَمِيْع الاختلافات، وَقَدْ ظهر لي من خلال دراسة مجموعة من الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها: أن الترجيح
¥(14/42)
لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية، لَكِنْ يختلف الحال حسب المرجحات والقرائن، فتارة ترجح الرِّوَايَة المرسلة وتارة ترجح الرِّوَايَة الموصولة. وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية وأكثر التصحيح و التعليل، وحفظ جملة كبيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرِّجَال وعرف دقائق هَذَا الفن وخفاياه حَتَّى صار الحَدِيْث أمراً ملازماً لَهُ مختلطاً بدمه ولحمه.
ومن المرجحات: مزيد الحفظ، وكثرة العدد، وطول الملازمة للشيخ. وَقَدْ يختلف جهابذة الحديث في الحكم عَلَى حَدِيث من الأحاديث، فمنهم: من يرجح الرِّوَايَة المرسلة، ومنهم: من يرجح الرِّوَايَة الموصولة، ومنهم: من يتوقف.
س: هل تعطى الزكاة في بناء المساجد، وهل يدخل ضمن في سبيل الله؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة فأجابت:
س17: أجاز بعض العلماء صرف الزكاة في بناء المساجد والمستشفيات والمؤسسات الخيرية، وراح البعض يستجيز صرفها إلى النوادي الرياضية والجمعيات الثقافية الرياضية التي لا تحمل أي طابع إسلامي.
ج17: لا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد والمستشفيات والمؤسسات الخيرية وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذا الموضوع وهذا مضمونه:
(بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم، في بيان المراد بقوله الله تعالى في آية مصارف الزكاة: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ)، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها، ولم يحصرها في الغزاة؛ فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين، إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه. رأى أكثر الأعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء: أن المراد بقوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) في آية مصارف الزكاة: الغزاة المتطوعين بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء المساجد وقناطر وأمثالها إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم)
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 10) صفحة (39 - 40). الفتوى (2909)
ج18: سبق أن بحثت كبار العلماء بالمملكة السعودية هذا الموضوع، وأصدرت قراراً بينت فيه الحكم، فتكتفي اللجنة بذكر مضمونه فيما يلي لاشتماله على الإجابة عن هذا الاستفتاء:
(بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم في بيان المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ)، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها، ولم يحصرها في الغزاة، فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه، ورأى أكثر أعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء أن المراد بقوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) في آية مصارف الزكاة الغزاة المتطوعين بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء مساجد وقناطر وأمثالها، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 10) صفحة (47 - 48). الفتوى (1071)
س: لمن تصرف الزكاة ونأمل تفسير كل نوع من مستحقيها؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
ج16:تصرف للأصناف الثمانية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
¥(14/43)
الفقير: الذي يجد بعض ما يكفيه. والمسكين: الذي لا شيء له، وقال بعض العلماء بالعكس، وهو الراجح. والمراد بالعاملين عليها: السعادة الذي يبعثهم إمام المسلمين أو نائبه لجبايتها، ويدخل في ذلك كاتبها وقاسمها. والمراد بالمؤلفة قلوبهم: من دخل في الإسلام وكان في حاجة إلى تأليف قلبه لضعف إيمانه. والمراد بقوله تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ): عتق المسلم من مال الزكاة، عبداً كان أو أمة، ومن ذلك فك الأسارى ومساعدة المكاتبين. والمراد بالغارمين: من استدان في غير معصية، وليس عنده سداد لدينه، ومن غرم في صلحٍ مشروع. والمراد بقوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ): إعطاء الغزاة والمرابطين في الثغور من الزكاة ما ينفقونه في غزوهم ورباطهم. والمراد بابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله، فيعطي ما يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده ولو كان غنياً في بلده. وإذا أردت التوسع في ذلك فراجع تفسير البغوي وابن كثير.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 10) صفحة (6).
الفتوى (6375)
س: ما هي أحكام زكاة الفطر؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
الفتوى رقم (2675)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من مدير صوامع الغلال بالرياض إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إليها من الأمانة برقم 1953/ 2 وتاريخ 11/ 10 / 1399 ه ونصه:
نرجو من سماحتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية في مدى جواز إخراج زكاة الفطر من الحبوب غير القمح ومن الطعام ونقداً. حيث أن الدولة جرياً على عادتها في مساعدة المزارعين تقوم بشراء القمح منهم عن طريق المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق بأسعار تشجيعية، تبلغ ثلاث ريالات ونصف للكيلو جرام الواحد؛ ليتم طحنه بمطاحن المؤسسة وإنتاج الدقيق الأبيض الذي يباع للمواطنين بأسعار رمزية تبلغ أحد عشر ريالاً، وثلاثة عشر ريالاً للكيس، حسب النوعية، غير أن تكلفة الإنتاج تبلغ أكثر من خمسة أضعاف هذا السعر وذلك مساعدة من الدولة للمواطنين وتخفيف غلاء المعيشة عنهم.
ولكن إذا ما تطلب الأمر بيع القمح للمواطنين فإنه لا يمكن للمؤسسة أن تبيعه بأقل من سعر مشتراه أي 3,5 ريالاً حتى لا يستفيد البعض بشراء القمح بأقل من 3,5 ريال ثم إعادة بيعه إلى المؤسسة بهذا السعر المرتفع، وذلك كنوع من الرقابة والمحافظة على الأموال العامة التي تقع مسئوليتها علينا أمام الله سبحانه وتعالى.
وأجابت بما يلي:
تخرج زكاة الفطر من البر والتمر والزبيب والأقط والأرز ونحو ذلك مما يتخذه الإنسان طعاماً لنفسه وأهله عادة ولا يجوز إخراجها من النقود.
وقد صدرت فتوى مفصلة من اللجنة الدائمة فيها بيان حكم زكاة الفطر وما تخرج منه ومن تخرج عنه مع الأدلة، هذا نصها:
زكاة الفطر عبادة، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تخرج منه، وذلك فيما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الناس في رمضان: صاعاً من التمر أو صاعاً من الشعير، على كل حر وعبد، ذكر أو أنثى من المسلمين)، وما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من الطعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط أو صاعاً من التمر أو صاعاً من الزبيب) متفق على صحته. ولا شك أن الفقراء والمساكين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان منهم من يحتاج إلى كسوة ولوازم أخرى سوى الأكل، لكثرتم وكثرة السنوات التي أخرجت فيها زكاة الفطر، ومع ذلك لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتبر اختلاف نوع الحاجة في الفقراء، فيفرض لكل ما يناسبه من طعام لأكله صغيراً أو كبيراً، ولم يعرف ذلك عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، بل كان المعروف الإخراج مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوات، ومن لزمه شيء غير الطعام ففي إمكانه أن يتصرف فيما بيده حسب ما تقتضي مصلحته.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 9) صفحة (382 - 384).
س: ما حكم زكاة عروض التجارة؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
الفتوى رقم (2324)
¥(14/44)
س12: أتانا سائل من المغرب فذكر أنه حصل خلاف ونزاع ين علماء المغرب حول زكاة عروض التجارة، منهم من يوجب فيها الزكاة، ومنهم من لا يوجب فيها الزكاة؛ احتجاجاً بالآية، وأنها لم تذكر إلا الذهب والفضة، ويقول: إن غير الذهب والفضة من النقود والعروض لا تلحق لا بالذهب ولا بالفضة، وأما البقية من زكاة الحبوب والثمار والإبل والغنم والبقر فلا خلاف فيها، فنأمل الكتابة في هذا الموضوع ليقنع الخصم. أثابكم الله.
ج12:أولاً: اختلف الفقهاء في وجوب الزكاة في عروض التجارة، فأوجبها الجمهور، ولم يوجبها داود بن علي الظاهري وجماعة، وقد استدل الجمهور بما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً فقال: منع العباس وخالد وابن جميل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم تظلمون خالداً، إن خالداً احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)) فدل ذلك على أن الزكاة طلبت منه في دروعه وأعتاده وهي لا زكاة فيها، إلا أن تكون عروضاً جعلت للتجارة، وخالد لم يجعلها عروضاً للتجارة، وإنما احتبسها في سبيل الله، وبما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع)، وبما رواه الدار قطني عب أبي ذر رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته))) ولا خلاف في أنها لا تجب في عين البز، فثبت أنها واجبة في قيمته، وذلك إنما يكون إذا جعل للتجارة، وبما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرني عمر قال: أد زكاة مالك، فقلت: ما لي مال إلا جعاب وأدم، فقال: قومها ثم أد زكاتها. وبما ثبت عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارَّي قال: كنت على بيت المال زمان عمر بن الخطاب، فكان إذا خرج العطاء جمع أموال التجارة ثم حسبها غائبها وشاهدها، ثم أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد. وبما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: (لا بأس بالتربص حتى المبيع والزكاة واجبة فبه)، وصح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة)، وقد اشتهر ما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر فكان إجماعاً، وتأويل ما ذكر بحمله على صدقة التطوع خلاف الظاهر، بل خلاف لما صرح به من تسميته زكاة في بعض الأحاديث والآثار.
واستدل من لم يوجب الزكاة في عروض التجارة. بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة))، وثبت أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من الحب والثمر صدقة))، وثبت أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر))، وثبت أنه لما بين حق الله تعالى في الإبل والبقر والغنم والكنز سئل عن الخيل، فقال: ((الخيل لثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر)) فسئل عن الحمر، فقال: ((ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ))) فدل عموم ذلك على أنها ليس فيها زكاة، سواء أعدت للتجارة أم لا، ويجاب عن ذلك بحمله على عدم وجوب الزكاة في أعيانها، وهذا لا ينافي وجوب الزكاة في قيمتها من الذهب والفضة، فإنها ليست مقصودة لأعيانها فإنما هي مقصودة لقيمتها، فكانت قيمتها هي المعتبرة، وبذلك يجمع بين أدلة ونفي وجوبها في العروض وإثباتها فيها.
هل يزكى الذهب المعد للاستعمال؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
الفتوى رقم (1797)
س10: إنني أرغب من فضيلتكم إفادتي وإخواني عن موضوع زكاة الذهب أو الحلي الذهبية والفضية المعدة للاستعمال، وليس للبيع والشراء، حيث أن البعض يقول: إن المعد منها للبس ليس فيه زكاة، والبعض الآخر يقول: فيها زكاة سواء للاستعمال أو للتجارة، وأن الأحاديث الواردة في زكاة المعدة للاستعمال أقوى من الأحاديث الواردة بأنه لا زكاة فيها، آمل من سعادتكم التكرم بإجابتي خطياً على ذلك إجابة واضحة جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير جزاء؟
¥(14/45)
ج10: أجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في حالي الذهب والفضة إذا كان حلياً محرم الاستعمال، أو كان معداً للتجارة أو نحوها. أما إذا كان حلياً مباحاً معداً للاستعمال أو الإعارة كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح، فقد اختلف أهل العلم في وجوب زكاته؛ فذهب بعضهم إلى وجوب زكاته لدخوله في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، الآية، قال القرطبي في تفسيره ما نصه: وقد بين ابن عمر في صحيح البخاري هذا المعنى، قال له أعرابي: أخبرني عن قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّة)، قال ابن عمر: (من كنزها ولم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهراً للأموال) ولورود أحاديث تقضي بذلك ومنها ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟))، فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله، وما روى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه والدارقطني والبيهقي في سننهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: ((ما هذا يا عائشة؟)) فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: ((أتؤدين زكاتهن؟)) قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: ((هو حسبك من النار))، وما رووا عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب فقلت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن يؤدي زكاته فزكي فليس بكنز))، وذهب بعضهم إلى أنه لا زكاة فيه؛ لأنه صار بالاستعمال المباح من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، وأجابوا عن عموم الآية الكريمة بأنه مخصص بما جرى عليه الصحابة رضوان الله عنهم، فقد ثبت بإسناد صحيح أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة، وروى الدارقطني بإسناده عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها كانت تحلي بناتها بالذهب ولا تزكيه نحواً من خمسين ألفاً، وقال أبو عبيد في كتابه الأموال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزوج المرأة من بناته على عشرة آلاف فيجعل حليها من ذلك أربعة آلاف، قال فكانوا لا يعطون عنه يعني الزكاة، وقال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عمرو بن دينار قال: سئل جابر بن عبد الله: أفي الحلي زكاة؟ قال لا، قيل: وإن بلغ عشرة آلاف قال: كثير، وأجابوا عن الأحاديث الواردة نصاً في وجوب الزكاة فيه بأن في أسانيدها ما يضعف الأحتجاج بها، فقد وصفها ابن حزم في المحلى بأنها آثار واهية لا وجه للاشتغال بها، وقال الترمذي بعد روايته حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وقال ابن بدلر الموصلي في كتابه المغني عن الحفظ والكتاب فيما لم يصح فيه شيء من الأحاديث في الباب: باب زكاة الحلي، قال المصنف لا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء عن الشوكاني في السيل الجرار تعليقاً على كتاب المغني عن الحفظ والكتاب، لم يرد في زكاة الحلي حديث صحيح وقال بعضهم زكاته عاريته.
والأرجح من القولين قول من قال بوجوب الزكاة فيها، إذا بلغت النصاب، أو كان لدى مالكيها من الذهب والفضة أو عروض تجارة ما يكمل النصاب؛ لعموم الأحاديث في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وليس هناك مخصص صحيح فيما نعلم، ولأحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وأم سلمة المتقدم ذكرها، وهي أحاديث جيدة الأسانيد، لا مطعن فيها مؤثر، فوجب العمل بها. أما تضعيف الترمذي وابن حزم لها والموصلي فلا وجه له فيما نعلم من العلم بأن الترمذي رحمه الله معذور فيما ذكره؛ لأنه ساق حديث عبد الله بن عمرو من طريق ضعيفة وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق أخرى صحيحة، ولعل الترمذي لم يطلع عليها.
س ماهي مقادير أنصبة الزكاة؟
¥(14/46)
سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت بتفصيل موسع:
أولاً: وجوب الزكاة بأدلتها:
هي فرض بل هي أحد أركان الإسلام الخمسة، والأصل في فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فمنه قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون)، وقوله عز وجل: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)، وقوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)، فكل مال زكوي لم تؤد زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة. والآيات الدالة على فريضتها كثيرة اكتفينا بما ذكرنا.
وأما السنة فالأحاديث الواردة في فريضتها كثيرة: منها ما ورد في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: ((أخبرهم – وفي لفظ: أعلمهم – أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم)) رواه البخاري ومسلم في الصحيحين. وثبت عن رسول الله أنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)) متفق في صحته.
وأما الإجماع: فإن الأمة مجمعة على فريضتها.
ثانياً: الأنصباء ومقدار ما يخرج:
تجب الزكاة في بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والنقدين، وعروض التجارة.
أما بهيمة الأنعام فهي الإبل والبقر والغنم، ولا تجب إلا في السائمة منها، وهي التي ترعى في أكثر الحول، فالإبل لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً، فتجب فيها شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشر ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه،فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض وهي التي لها سنة، فإن عدمها أجزأه ابن لبون، وهو الذي له سنتان، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حقة، وهي التي لها ثلاث سنين، وفي إحدى وستين جذعة، وهي التي لها أربع سنين، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان، إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، فإذا بلغت مئتين اتفق الفرضان؛ فإن شاء أخرج أربع حقاق، وإن شاء خمس بنات لبون، وليس فيما بين الفريضتين من شيء، ومن وجب عليه سن فعدمها أخرج السن التي تليها من أسفل ومعها شاتان أو عشرون درهماً، وإن شاء أخرج السن التي تليها من أعلى منها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً من الساعي، والأصل في ذلك ما ثبت عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب، لما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئِل فوقها فلا يُعْطِ – في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، من الغنم من كل خمس شاه، إذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة، طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت يعني: ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان، طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة،ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاه) الحديث. رواه البخاري ورواه مالك وغيره من حفاظ الإسلام واعتمدوه وعدوه من قواعد الإسلام، وقالوا: إنه أصل عظيم يعتمد عليه، وقال أحمد: لا
¥(14/47)
أعلم في الصدقة أحسن منه، وفي هذا الحديث دليل على أن الأوقاص ليس فيها شيء. وروى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم: (من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصَّدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده، وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين). وأخرج الدارقطني عن عبيد الله بن صخر قال: عهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله أهل اليمن أنه ليس في الأوقاص شيء، وفي السنن نحوه من حديث ابن عباس، والوقص ما بين الفريضتين، كما بين خمس وعشر من الإبل يستعمل فيما لا زكاة فيه كأربع،ولأبي داود والنسائي وأحمد وغيرهم، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً: (في كل سائمة إبل، في أربعين بنت لبون .. )، والسائمة الراعية، قال الجوهري وغيره: سامت الماشية رعت، وأسمتها: أخرجتها للمرعى، وتكلم بعض أهل العلم في بهز، وقال ابن معين: سنده صحيح، وحكى الحاكم الاتفاق على تصحيح حديث بهز عن أبيه عن جده.
وأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين، فيجب فيها تبيع، أو تبيعة:وهي التي لها سنة، وفي أربعين مسنة: وهي التي لها سنتان، وفي الستين تبيعان أو تبيعتان، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة. والأصل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة) رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه النسائي وابن حبان والحاكم. زاد أبو داود: (وليس في العوامل صدقة) صححه الدارقطني والمعنى ليس في التي يسقى عليها ويحرث عليها وتستعمل في الأثقال زكاة. وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة، وشرط السوم في إيجاب الزكاة في البقر مقيس على ما ثبت في الإبل والغنم من حديث أنس عبد البخاري وحديث بهز المتقدم.
وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين، فتجب فيها شاه إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان، إلى مئتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شاه، في كل مائة شاة:شاة، ويؤخذ من المعز الثني ومن الظأن الجذع ولا يؤخذ تيس ولا هرمة ولا ذات عوار: وهي المعيبة ولا الربا: وهي التي تربي ولدها، ولا الحامل ولا كرائم المال إلا أن يشاء ربه، والأصل في ذلك ما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب الصدقات الذي كتبهُ لهُ أبو بكر الصديق رضي الله عنه لّما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها: (هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين .. )، وذكر الإبل، قال: ( .. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق) رواه البخاري وأهل السنن وغيرهم. ولأبي داود وغيره من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((… لا نعطي الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خياره، ولم يأمركم بشراره)).
انتهى الحديث. وتؤخذ مريضة من مراضٍ إجماعاً، وكذا معيبة من معيبات؛ لأن الزكاة مواساة ودلت الأحاديث أنها تخرج من أوساط المال، لا من خياره، ولا من شراره.
وأما الخارج من الأرض فيشمل:
¥(14/48)
الحبوب، والثمار، والمعدن، والركاز، وفيما يلي تفصيل الكلام على ذلك:
1 - الحبوب والثمار:
تجب الزكاة في الحبوب وفي كل ثمر يكال ويدخر، ويعتبر لوجوبها في الحبوب والثمار شرطان:
أحداهما: أن تبلغ نصاباً قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه، ونصف العشر فيما سقي بكلفة؛ كالمكائن، فإن كن يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر أعتبر الأكثر، فإن جهل المقدار وجب العشر، وإذا أشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة، سواء خرصت أم لم تخرص، ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً، وينبغي أن يبعث الإمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمر، فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه، فإن كان أنواعاً خرص كل نوع وحده، وإن كان نوعاً واحداً خرص كل شجرة وحدها، وله خرص الجميع دفعة واحدة، ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث، أو الربع، فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بعد ذلك ولا يحسب عليه، ولا تجب الزكاة في الخضراوات، والأصل في ذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)، وقال تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، قال ابن عباس وغيره: حقه الزكاة المفروضة.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))، متفق عليه، ولمسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من ثمر ولا حب صدقة))، ولأبي داود: ((زكاة)).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر))، رواه البخاري وغيره، ولمسلم من حديث جابر: ((وفيما سقي بالسانية نصف العشر)).
وعن عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً) رواه الخمسة.
وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع))، رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس في الخضراوات صدقة)) رواه الترمذي وغيره.
وللدارقطني عن علي وعائشة رضي الله عنهما معناه، وقال الترمذي: لا يصح في شيء، والعمل عليه عند أهل العلم أنه ليس في الخضراوات صدقة، وقال البيهقي: إلا أنها من طريق مختلفة يؤكد بعضها بعضاً، ومعها أقوال الصحابة، وقال الخطابي يستدل بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة أنها لا تجب في الخضراوات، وهو دليل في أنها إنما تجب فيما يوسق ويدخر من الحبوب والثمار دون مالا يكال ولا يدخر من الفواكه والخضراوات ونحوها وعليه عامة أهل العلم.
وأما النقدان فالذهب والفضة:
ولا تجب الزكاة في الذهب حتى تبلغ عشرين مثقالاً، فيجب فيه نصف مثقال، ولا يجب في الفضة حتى تبلغ مئتي درهم، ومقدارها بالمثاقيل مائة وأربعون مثقالاً فيجب فيها خمسة دراهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ? يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).
¥(14/49)
وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) متفق عليه، وعن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا الصدقة الرقة من كل أربعين درهماً درهماً وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيهما خمسة دراهم)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفي لفظ: ((قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق وليس فيهما دون المائتين زكاة)) رواه أحمد والنسائي.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) الحديث رواه أحمد ومسلم.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار)) رواه أحمد أبو داود.
يجب في الركاز الخمس؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه: ((وفي الركاز الخمس)) متفق عليه، والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية علبه علامتهم.
وأما عروض التجارة فما أعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوًّم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة، والأصل في ذلك قواه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) يعني بالتجارة، قاله مجاهد وغيره. وقال البيضاوي وغيره أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة.
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) والتجارة داخلة في عموم الأموال ففيها حق مقداره بينه صلى الله عليه وسلم وهو ربع العشر، ومال التجارة أهم الأموال، فكانت أولى بالدخول في الآية من سائر الأموال، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) رواه أبو داود.
وقال عمر لحماس: أد زكاة مالك. فقال: ما لي إلا جعاب وأدم. فقال: قومها وأد زكاتها. وقد أحتج الإمام أحمد رحمه الله بهذه القصة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد أحتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)) متفق عليه. قال النووي وغيره فيه وجوب زكاة التجارة، وإلا لما أعتذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وللبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) قال النووي وغيره: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.
ثالثاً: وجوب الزكاة:
لا تجب إلا بشروط خمسة: الإسلام، والحرية، وملك نصاب، وتمام الملك، ومضي الحول، إلا في الخارج من الأرض فكما سبق ذكره، وكذلك نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إذا بلغ نصاباً، وإن لم يكن نصاباً فحوله يبتديء من حيت يتم نصاباً.
رابعاً: المصارف:
مصارف الزكاة ثمانية أصناف، ذكرها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 9) صفحة (167 - 184
س / ما حكم القنوت في صلاة الفجر وكذا في صلاة الوتر؟
ج / صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في النوازل وكان يدعوا في قنوته على الكافرين ويدعوا للمستضعفين من المسلمين بالخلاص والنجاة من كيد الكافرين وأسرهم ثم ترك ذلك ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم فرضاً دون فرض ودليل ذلك حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعوا على أحياء من العرب ثم تركه.
¥(14/50)
وقد استحب الإمام مالك القنوت في الركعة الأخيرة من الصبح قبل الركوع، وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنة بعد الركوع من الركعة الأخيرة من الصبح، وقال بذلك جماعة من السلف والخلف واحتجوا بأحاديث متعددة دلت على القنوت في الفجر. وقد نوقش هذا الرأي بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في النوازل فقط ثم ترك والأحاديث التي استدلوا بها لم تخص الفجر بل دلت الأحاديث الأخرى على تعميمه في سائر الفرائض، وهم يخصون القنوت بالفجر ويقولون بالاستمرار واستدلوا أيضاً بما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا ونوقش بأن هذا الحديث ضعيف لأنه من طريق أبي جعفر الرازي وفيه كلام ليس باليسير ومع هذا فالأولى عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل لكن كما سبق فإن تخصيص القنوت للفجر من المسائل الخلافية الاجتهادية، فمن صلى وراء إمام يقنت في الصبح خاصة قبل الركوع أو بعده فعليه أن يتابعه، وإن كان الراجح الاقتصار في القنوت بالفرائض على النوازل فقط.
أما القنوت في الوتر فيستحب لحديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر، اللهم اهدني فيمن هديت وعافني ...
س: هل المتابعة التامة والقاصرة سواء؟ وهل كلاهما يقويان؟
ج: نعم كلاهما يقويان لكن التامة أفضل.
س: إذا صرح الراوي بـ " حدثنا " أو " أخبرنا " أو " أنبأنا " أو " سمعت " هل تكفي للسماع؟
ج: نعم تكفي للسماع والاتصال، إلا أن ينص أحد الأئمة على خطأ هذا السماع كما ذكر بعض ذلك عن الإمام أحمد كما في شرح علل الترمذي للعلامة ابن رجب.
س: هل يشترط في ضبط الكتاب المقابلة؟
ج: نعم يشترط أن يقابله على أصل الشيخ أو أصل مصحح؛ لاحتمال خطأه عند النسخ.
س: الحديث القدسي هل لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله؟
ج: لا بل لفظه ومعناه من الله لكنه غير معجز ولا مقيد بتلاوته ومنه ما يلقيه الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم بدون واسطة ومنه ما هو بواسطة، أما القرآن فكله بواسطة، وأما الحديث النبوي فمعناه من الله ولفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو وحي إما حقيقة أو إقراراً؛ لمتابعة الوحي له.
س: متابعات الفساق والمتهمين هل تنفع كما ذهب إليه ابن حجر والسيوطي أم لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر؟
ج: الصواب لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر - رحمه الله -.
س: هل يشترط في المتواتر والعزيز والمشهور العدد في الصحابة؟
ج: نعم يشترط عند غير الحنفية.
س: هل يوجد فرق بين اختصار الحديث وتقطيع الحديث؟
ج: الاختصار أعم فهو يشمل رواية الحديث بالمعنى.
س: المخالفة من الضعيف للثقات بالإسناد هل يسمى " سند منكر "؟
ج: نعم يسمى سنداً منكراً.
س: ((لا يكتب حديثه)) للاعتبار أم للاستشهاد؟
ج: معناه لا يكتب للاعتبار.
س: هل الاختلاف والاضطراب شيء واحد؟
ج: الاختلاف أعم وأشمل لأنه يشمل القادح وغير القادح أما الاضطراب فهو للقادح فقط.
س: ((يرفع الموقوف ويسند المرسل لا يجوز الاحتجاج به)) هل عمداً أم خطأً؟
ج: خطأً، أي: أنه سيء الحفظ يخالف الثقات.
س: من اختلف فيه هل في عدالته أم في ضبطه؟
ج: قد يكون في هذا أو في هذا لكن الغالب في الضبط.
س: ما معنى: ((قليل الحديث)) هل هو جرح؟
ج: ليس جرحاً، بل معناه: أن أحاديثه قليلة لا نتمكن من سبر مروياته؛ لقلتها فيكون في ضبطه شيء يحتاج للاعتبار.
س: المختلف فيه إذا خالف الثقات حديثه شاذ أم منكر؟
ج: المآل إلى الترجيح، فإن رجح كونه ثقة فحديثه شاذ، وإن رجح كونه ضعيف فمنكر.
س: هل صح الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَرْفَجَةَ بنِ أَسْعَدٍ لَمَّا قُطِعَ أنْفُهُ أنْ يَتَّخِذَ أنْفاً مِنْ ذَهَبٍ
ج: هذا الحديث اختلف فيه اختلافاً كثيراً:
فأخرجه علي بن الجعد (3264)، وابن أبي شيبة (25255)، وأحمد 4/ 342 و 5/ 23، وأبو داود (4232)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، وأبو يعلى (1501) و (1502)، والطبراني في الكبير 17/ 371 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، أنّ جدّه عرفجة بن أسعد أصيب أنفه … مرسلاً، وهو المحفوظ، كما في تهذيب الكمال 17/ 192.
¥(14/51)
وأخرجه أحمد 5/ 23، وأبو داود (4233)، والترمذي (1770) وفي علله (533)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والنسائي 8/ 163 و164، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 257 و258، وابن حبان (5462)، والطبراني في الكبير 17/ (369) و (370)، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبدالرحمان بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد، قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية … الحديث.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه أبو داود (4234)، والبيهقي 2/ 426 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، عن أبيه، أن عرفجة … فذكر معناه مرسلاً.
س: ما هو التلقين؟
ج: التلقين –كما عرّفه الحافظ العراقي–: هو أن يلقّن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه. شرح التبصرة والتذكرة 2/ 59.
قال ابن حزم في الإحكام 1/ 142: ((من صحّ أنه قبل التلقين – ولو مرة – سقط حديثه كله؛ لأنه لم يتفقه في دين الله عز وجل ولا حفظ ما سمع)).
وانظر عن التلقين وأسبابه وحكمه: النفح الشذي 1/ 323،وسير أعلام النبلاء 10/ 210، والنكت الوفية: 232/ ب، وفتح المغيث 1/ 385، وتدريب الراوي 1/ 339، وتوضيح الأفكار 2/ 257، وتوجيه النظر 2/ 573، وأثر علل الحديث: 120
س: ما صحة حديث: إن باب النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرع الأظافر؟
ج: هذا الحديث أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 19 من طريق كيسان مولى هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة، به. وكيسان هذا: مجهول الحال، لم يوثّقه سوى ابن حبّان في ثقاته 7/ 358 على عادته في توثيق المجاهيل.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1080)، وفي التاريخ الكبير 1/ 228، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2/ 110 و 365 من طريق أبي بكر الأصفهاني، عن محمد بن مالك بن المنتصر، عن أنس بن مالك، قال: كان بابه يقرع بالأظافير.
أقول: وهو سندٌ ضعيف؛ لجهالة أبي بكر الأصفهاني، وابن المنتصر.
س: ذكر في بعض كتب المصطلح أن ابن حبان عد الجرح في الضعيف فأوصلها تسعاً وأربعين نوعاً؟
ج: هذه الأقسام لم أقف عليها، ولم يقف عليها من قبلي الحافظ ابن حجر كما ذكر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 492، بل أشار إلى عدم وجود هذه التقسيمات أصلاً؛ إذ غمز من عزاها إلى مقدمة المجروحين – وهو الزّركشيّ في نكته 1/ 391 - ، وبرجوعي إلى المجروحين 1/ 62–88 وجدته ذكر عشرين نوعاً حسب – هي في حقيقتها الأسباب الموجبة لضعف الرواة -، صدّرها بقوله: ((فأما الجرح في الضعفاء فهو على عشرين نوعاً، يجب على كلّ منتحلٍ للسنن طالب لها باحث عنها أن يعرفها)).
س: هل الأحاديث التي انتقدها الدارقطني بالتتبع يسيرة؟
ج: ليست باليسيرة، فقد بلغت انتقادات الدارقطني وحده (218)، وهذا فيما سوى ما انتقده أبو مسعود الدمشقي، وأبو الفضل بن عمار، وأبو علي الجياني.
ولربما أراد ابن الصلاح أنها يسيرة نسبياً إلى ما لا انتقاد عليه. والحقيقة أن هذه الانتقادات تتفرع عن الأقسام الآتية:
1 - الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث.
إذ قد ينفرد ثقة بزيادة لا يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه، فتحميل هذا الثقة تبعه أنه قد يكون غلط؛ ظن مجرد، وغاية ما فيها أنها زيادة ثقة لا تنافي رواية الأحفظ والأكثر.
2 - الحديث الذي قد يرويه تابعي، المشهور أن روايته عن صحابي معين سمع منه، فيروي الحديث بواسطة عن ذلك الصَّحَابيّ،فيعلل الأول بزيادة الراوي في الطريق الثانية. وهذا مندفع بأنه لا مانع من كون ذلك التابعي قد سمع ذلك الحديث بعينه من ذلك الصحابي مباشرة ثم سمعه بواسطة وهكذا يكون الأمر فيمن بعدهم.
3 - أن يشير صاحب الصحيح إلى علته، كأن يرويه مسنداً ثم يذكر أنه روي مرسلاً، فهذا من صاحب الصحيح ترجيح لرواية الواصل على المرسل.
4 - ما يكون مداراً للاجتهاد وتكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته.
وانظر: نكت الزركشي 1/ 287، والتقييد والإيضاح 42، وابن حجر 1/ 380.
س: كم عدد معلقات الإمام البخاري في صحيحه؟
¥(14/52)
ج: جملة ما في صحيح البخاري من التعاليق واحدٌ وأربعون وثلاث مئة وألف حديث، وغالبها مكرر مخرّجٌ في الكتاب أصوله أو متونه، وليس في الكتاب من المتون التي لم تخرّج في الكتاب – ولو من طريق أخرى – إلا مئة وستون حديثاً. وقد جمع الحافظ ابن حجر جميع هذه التعاليق ووصلها في كتاب مستقل سماه: " تغليق التعليق ".
أما صحيح مسلم فإنّ التعاليق الواردة فيه اثنا عشر. وكلّ حديث منها رواه متصلاً ثم عقبّه بقوله: ((رواه فلان))، غير حديث أبي جهيم فإنّه لم يصله، وعلى هذا فليس في صحيح مسلم بعد المقدمة حديث معلّق لم يصله إلا حديث أبي جهيم. مقدمة شرح النووي 1/ 18، والإرشاد 1/ 127 والتعليق عليه، وهدي الساري: 469.
س: ما الفرق بين المهمل والمبهم عند المحدثين؟
ج: المبهم: هو من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والنساء، أو: من ذكر بوصف غير دال على ذات معينة. ويقع في المتن والإسناد، مثل جاء رجل، أو عن ابن عم لي، وهكذا.
أما المهمل: هو أن يذكر الراوي اسمه من غير نسبة تميزه، وأكثر ما يقع في الإسناد، كأن يكون للراوي أكثر من شيخ يسمى (محمداً)، فيروي قائلاً: حدثنا محمد. انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 557، والشذا الفياح 2/ 703، وتدريب الراوي 2/ 342، وشرح شرح النخبة: 71.
س: من هو الفربري راوي صحيح البخاري؟
ج: هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مطر الفربريّ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري توفي سنة (320 ه). قال صاحب الأنساب 4/ 334 عن الفربريّ: ((بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى))، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/ 290. وفي التاج 13/ 311: ((فربر، كسبحل، وضبط بالفتح أيضاً، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين))، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15/ 12، ومعجم البلدان 4/ 245.
س: هل ورد عن الإمام سفيان الثوري أنه قال: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى الصحابة؟
ج: روي ذلك عن سفيان أنه قال: ((من قدم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألف قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ الذين أجمعوا على بيعة الرضوان)). تاريخ دمشق 39/ 506.
وروي عن الإمام أحمد أنه قال: ((من فضل علياً على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى لأنهم قدموا عثمان)) تاريخ دمشق 39/ 508.
وقال الخطابي في معالم السنن 7/ 18: ((وقد نبئت عن سفيان أنه قال في آخر قوليه: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي)).
الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله ..
نختلف نحن والأشاعرة على كتابين من أصول كتب أهل السنة، وهما "الإبانة عن أصول الديانة " للإمام الأشعري، و " السنة " لعبد الله بن أحمد بن حنبل، السلفيون يثبتون هذين الكتابين للإمامين، بينما الأشاعرة يشككون في ذلك، فيقولون: إن كتاب الإبانة الذي نقرؤه هو من الطبعة الهندية المحرفة وأن المجسمة هم من زادوا على مقالاته، ويدعون أن كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل هو كتاب تجسيم محض مفترى على الشيخ ... ما رأيك وأنت من المحققين يا شيخ، من من الفريقين على صواب؟
جزاك الله خيراً.
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن كتاب الإبانة فأجابت: ((اشتهر بين العلماء قديماً وحديثاً نسبة كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري، وقلده فيما فيه أتباعه، وخالفه جماعة من العلماء في بعض ما ذكره في الإبانة ونقدوه، ولم ينكروا نسبته إليه. والأصل البقاء على ما اشتهر من نسبة هذا الكتاب إليه، فإذا كان لدى من نفى ذلك حجة فليذكرها لينظر فيها، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)) فتاوى اللجنة الدائمة 3/ 221
أما الكتاب السنة فهو ثابت لعبد الله بن أحمد بن حنبل.
س: هل هناك علامات يعرف بها الحديث الموضوع؟
ج: من تلك العلامات:
1 - أن يخالف أحكام العقل من غير قبول للتأويل.
2 - أن يخالف الحسّ والمشاهدة.
3 - أن يكون خبراً عن أمر عظيم تتوافر الدواعي على نقله، ثم لا ينقله إلا واحد.
4 - مناقضته لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي.
5 - أن يصرح جمع كبير يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، أو التقليد بتكذيب راويه.
¥(14/53)
6 - الإفراط بالوعيد الشديد على فعل الأمر اليسير، أو الوعد العظيم على فعل صغير.
وغيرها من الأدلة التي تقوي في نفس الناقد الحكم على ذلك الحديث بالوضع. وانظر: نكت الزركشي 2/ 265، ونكت ابن حجر 2/ 845.
س هل يقبل تدليس ابن عيينة؟
ج: قال الزركشي في نكته: ((إن ابن عبد البر حكى عن أئمة الحديث أنهم قالوا: يقبل تدليس ابن عيينة؛ لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما.
وقال الكرابيسي: دلّس ابن عيينة عن مثل معمر ومسعر بن كدام ومالك بن مغول. وقال الحاكم في سؤالاته للدارقطني: سُئِل عن تدليس ابن جريج، فقال: يتجنب تدليسه، فإنه وحش التدليس لا يدلس إلاّ فيما سمعه من مجروح، فأما ابن عيينة فإنه يدلّس عن الثقات.
وقال ابن حبان في ديباجة كتابه الصحيح: وهذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلّس ولا يدلّس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبر دلّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد تبين سماعه عن ثقة))
س: ما الفرق بين التدليس والارسال الخفي؟
ج:يعرف الجواب من خلال النظر إلى الآتي:
1 - الاتّصال: وهو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما قد سمعه منه.
2 - الانقطاع: وهو الرواية عمَّن لَم يعاصره أصلاً.
3 - الإرسال الخفي: وهو الرواية عمَّن عاصره ولم يسمع منه.
4 - التدليس: هو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما لم يسمعه منه.
وانظر: نكت الزركشي 2/ 68، والتقييد والإيضاح 97، ونكت ابن حجر 2/ 614، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 60 وما بعدها، وأثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 73 وما بعدها.
س: ما معنى التدليس؟
ج: التدليس: مأخوذ من الدَّلَس – بالتحريك – وهو اختلاط الظلام الذي هو سبب لتغطية الأشياء عن البصر. قال ابن حجر: وكأنه أظلم أمره على الناظر لتغطية وجه الصواب فيه. ومنه التدليس في البيع، يقال: دلَّس فلان على فلان، أي: ستر عنه العيب الذي في متاعه كأنه أظلم عليه الأمر، وأصله مما ذكرنا – من الدَّلَس –.
وهو في الاصطلاح راجع إلى ذلك من حيث إن مَن أسقط مِنَ الإسناد شيئاً فقد غطّى ذلك الذي أسقطه، وزاد في التغطية في إتيانه بعبارة موهمة، وكذا تدليس الشيوخ فإن الراوي يغطّي الوصف الذي يُعرف به الشيخ أو يغطّي الشيخ بوصفه بغير ما يشتهر به. انظر: نكت ابن حجر 2/ 614، والنكت الوفية 137 / أ، وتاج العروس 16/ 84.
س: ما هو الصحيح في ضبط المسيب والد سعيد هل هو بكسر الياء أم بفتحها؟
ج: بكسر الياء وفتحها، جاء في القاموس وشرحه تاج العروس 3/ 90: ((هو كمحدِّث: والد الإمام التابعي الجليل سعيد، له صحبة، روى عنه ابنه، ويفتح، ويحكون عنه أنه كان يقول: سيَّب اللهُ مَنْ سَيَّبَ أبي، والكسر حكاه عياض وابن المديني …)).
أقول: وكنت أضبطه بالكسر في كتبي السابقة، ولم أستطع أن أختار إلا الفتح عند تحقيقي لمسند الشافعي بترتيب سنجر الجاولي؛ لأنه ضبط كل ذلك بالفتح، وأنا الآن أحذو
حذوه.
هل يعبر عن المتصل بالمؤتصل؟
ج: قال الزركشي 1/ 410:
((قلت: والمؤتصل، وهي عبارةالشافعي رضي الله عنه كما نقله البيهقي، وقال ابن الحاجب: في تصريفه: هي لغة الشافعي)).
وقال ابن حجر 1/ 510: ((قلت: ويقال له: المؤتصل – بالفك والهمز – وهي عبارة الشافعي في الأم في مواضع. وقال ابن الحاجب في التصريف له: ((هي لغة الشافعي، وهي عبارة عن ما سمعه كل راوٍ من شيخه في سياق الإسناد من أوله إلى منتهاه. فهو أعم من المرفوع)).
ولذا فقد أخطأ كسروي لما حقق معرفة البيهقي فكانت تأتيه لفظة الشافعي فيغيرها ويقول إنها تصحيف؟؟؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[15 - 09 - 06, 11:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[16 - 09 - 06, 05:51 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء
سلمت يمينك
ولا حرمنا الله من دررك وفوائدك
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:13 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله،
نفعنا الله بعلمكم.
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:32 م]ـ
كتب الله أجرك وغفر ذنبك
ـ[ماهر]ــــــــ[18 - 09 - 06, 02:21 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً وجزاكم خيراً ونفع بكم.
أسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظ علماء الأمة، اللهم اهدنا وسددنا واحفظ علينا علماءنا ودعاتنا وشبابنا وصحوتنا، وارزقنا شرف معرفتك، وتعلم أمرك والعمل بمرضاتك، واستعملنا في طاعتك، إنك برٌّ رحيم، وصلى الله وسلم على النبي المختار، وآله وأصحابه السادة الأطهار.
maher_fahl@hotmail.com
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[19 - 09 - 06, 12:22 ص]ـ
س: ذكرتم في إحدى تعاليقكم أن كتاب العين ليس للخليلي، ما هو الدليل على ذلك
يا شيخنا الفاضل قرات تاكيد ما كتبت فى كتاب د عبدالمجيد دياب منهج التحقيق وهو موجود على المكتبةالوقفية
¥(14/54)
ـ[ماهر]ــــــــ[19 - 09 - 06, 04:35 ص]ـ
كتاب العين طبع في ثمانية أجزاء، وطبع في مجلد واحد وفي نسبته إلى الخليل كلامٌ، قال ابن جني: ((أما كتاب العين، ففيه من التخليط والخلل والفساد ما لا يجوز أن يحمل على أصغر أتباع الخليل فضلاً عن نفسه)) الخصائص 3/ 288.
وقدِ اتُّهِمَ الليث بن المظَفَّرِ – راوية الخليل وتلميذه – بأنه هو الذي (نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب العين جملة لينفقه باسمه، ويرغب فيه مَنْ حوله) التهذيب 1/ 28 غير أن الأزهري يضيف قائلاً: ((ولم أرَ خلافاً بين اللغويين أن التأسيس المجمل في أول كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد … وعلمت أنه لا يتقدم أحدٌ الخليلَ فيما أسسه ورسمه …)) التهذيب 1/ 401.
والذي جعل العين مداراً للشك كثرة الخلل الواقع فيه؛ لذلك جوبه بنقد كثير وجهه إليه أبو حاتم السجستاني وابن دريد وأبو علي القالي وأبو بكر الزبيدي وأبو منصور الأزهري وأحمد بن فارس، وغيرهم. ينظر: نقاش ذلك في المعجم العربي: حسين نصار 1/ 280، وقارن بمقدمة محقق كتاب العين 1/ 18 – 27.
وعدم ظهور الكتاب إلاَّ بعد خمسين سنة من وفاة الخليل، وما قيل منه إنَّ الخليل بدأه في أواخر حياته (بعد 170 ه)، وهي في الأغلب السنة التي مرض فيها وتوفي بعدها (175 أو 177 ه)، وقد كان عرض منهج الكتاب على تلميذه الليث بن المظَفَّرِ الذي عاد من الحج فأكمله بعد، أو وصل فيه الخليل إلى آخر حرف العين، وقيل: إنه أتمَّه ثمَّ أحرقه وألَّفهُ بعده الليث؛ لأنه كان قد قرأه، وقيل: غير ذلك.
ينظر: مشكلات في التأليف اللغوي، د. رشيد العبيدي، فصل (كتاب الجيم).
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[04 - 12 - 07, 09:23 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[ماهر]ــــــــ[25 - 12 - 07, 07:19 م]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم وزادكم من فضله.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[25 - 12 - 07, 09:46 م]ـ
شيخنا المفضال / ماهر الفحل
كنتُ قد أرسلتُ إليكم على الخاص منذ فترة "استفسارات" حول المائتي فائدة حديثية التي قمتم بإيرادها هنا، ولكنكم لم تقوموا بالرد عليها.
هلاَّ تفضلتم بالرد عليها مشكورين؟
جزاكم الله خيرا
ـ[ماهر]ــــــــ[26 - 12 - 07, 07:00 م]ـ
أخي الكريم جزاك الله كل خير.
لقد سحبت الفوائد وجميع الاستدراكات على ورق، وقد أعدت صياغتها جميعها لكني لم أصححها على الحاسبة بعد، وحيثما صححتها سأرسلها لكم.
جزاكم الله كل خير ونفع الله بكم وبعلمكم.
وأعتذر جداً عن التأخير
والسلام عليكم
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[09 - 09 - 10, 12:37 ص]ـ
بارك الله بكم ..... لعلنا نستفيد منك أخي العزيز.
ـ[أبو همام السعدي]ــــــــ[10 - 09 - 10, 01:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا شيخنا ماهر , ونفعنا الله بعلمكم ...
لقد قرأت جميع ما سطرتموه وأنا مستمتع مستفيد.(14/55)
تقرير مفصل عن ندوة: مناهج البحث في فقه الحديث النبوي
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[16 - 09 - 06, 05:12 م]ـ
ندوة علمية نظمتها:
جامعة ابن زهر ـ أكادير
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
شعبة الدراسات الإسلامية
المملكة المغربية
بتعاون مع:
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
العنوان
مناهج البحث
في فقه الحديث النبوي الشريف
25 ـ 26 ربيع الأول1427هـ
الموافق: 24 ـ 25 أبريل2006م
محتويات التقرير:
ـ البرنامج
ـ تقرير مفصل عن أعمال الندوة
ـ التوصيات
ورقة تعريفية بالندوة:
عُرِف منهج علماء الحديث بالريادة والسبق، والدقة والضبط، مما جعل البحث في مناهجهم ضرورة ملحة يفرضها تطلع علماء الأمة اليوم نحو معرفة دقائق مناهج العلوم الإسلامية والإفادة منها في بناء منهج فكري سليم يقوم في وجه التحديات الفكرية المعاصرة.
وفي هذا الإطار انعقدت ندوة مناهج البحث في فقه الحديث النبوي في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يومي24 ـ25 أبريل2006م التي رافقها معرض لبيع منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأسعار مخفضة، وعرفت الندوة تقديم أزيد من عشرين بحثا من قبل أساتذة متخصصين من مختلف الجامعات الوطنية، أبرز فيها الأساتذة الباحثون مدى عناية المحدثين بفقه الحديث، ونفضوا الغبار عن مناهجهم العامة والخاصة في استنباط الأحكام الشرعية من الحديث النبوي، واستخلاص الفوائد التربوية والسلوكية منه.
وكشفت كثير من الأبحاث المقدمة في هذه الندوة عن قواعد المحدثين وضوابطهم في التعامل مع الحديث النبوي فقها واستنباطا، وقدمت إجابات عن عدد من القضايا المهمة المرتبطة بفقه الحديث النبوي.
بسم الله الرحمن الرحيم
في إطار تنفيذ توصية اجتماع رؤساء شعب الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية بتخصيص هذه السنة سنة السيرة النبوية تحت شعار: (الرسول والرسالة) نظمت شعبة الدراسات الإسلامية ندوة علمية وطنية في موضوع مناهج البحث في فقه الحديث النبوي، بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يومي 25 و26 ربيع الأول1427هـ الموافق24 ـ25 أبريل 2006م، بمشاركة أكثر من عشرين أستاذا باحثا من مختلف الجامعات المغربية.
وفي صبيحة يوم الإثنين 25 ربيع الأول 1427هـ افتتحت أشغال الندوة بالجلسة الافتتاحية على الساعة: 30 H9 بكلمة للسيد عميد كلية الآداب بأكادير الدكتور أحمد صابر رحب فيها بضيوف الندوة، وأكد فيها على أهمية موضوع الندوة وضرورته في الوضع الراهن الذي يشن فيه البعض هجوما على قيم الإسلام ورموزه، وقدم شكره لشعبة الدراسات الإسلامية على ما تبذله من جهود وازنة في مجال التكوين والبحث في العلوم الإسلامية، وشكر أيضا اللجنة التنظيمية للندوة على حسن إعدادها لإنجاح أعمال الندوة، كما قدم شكره البالغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمبادرتها بدعم الندوة وإقامة معرض لمطبوعاتها في رحاب الكلية.
ثم تلا ذلك كلمة مندوب وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية الدكتور الحسين بلوش أشار فيها إلى جهود وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دعم البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.
ثم كانت كلمة السيد رئيس اللجنة المنظمة ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بأكادير الدكتور الحسين أصبي الذي عرض لجهود الشعبة في مجال تنظيم الندوات العلمية واهتمامها بإثارة موضوع مناهج البحث في العلوم الإسلامية ورحب بدوره أيضا بالباحثين لمشاركين في الندوة الذين قدم كثير منهم من مدن بعيدة كفاس والرباط والدار البيضاء وبني ملال ومراكش وشكر بدوره وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على اهتمامها بتشجيع كافة الأنشطة العلمية البناءة، ومنها هذه الندوة. بعد ذلك انصرف الحضور لزيارة فضاء الثقافة بمقر الكلية حيث أقامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية معرضا لمطبوعاتها، وقد استمر المعرض مفتوحا في وجه الزائرين طيلة يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء، وعرف إقبالا كبيرا واستحسانا من قبل جميع الزوار، بعدها انصرف ضيوف الندوة إلى قاعة الأساتذة لتناول الشاي.
وفي الساعة: 40 H10 افتتحت
¥(14/56)
الجلسة الأولى من أشغال الندوة عن مناهج علماء الغرب الإسلامي في فقه الحديث برئاسة الدكتور عبد الرزاق هرماس، الذي عرف بالأساتذة الباحثين أصحاب البحوث المقدمة، ثم الكلمة لصاحب البحث الأول الدكتور محمد زين العابدين رستم (كلية الآداب ـ بني ملال) في موضوع: منهج أبي عبد الله محمد بن أبي صفرة الأندلسي (ت 420هـ) في شرح صحيح البخاري. ويتعلق الأمر بمحمد بن أبي صفرة، وهو عالم أندلسي مغمور، عكس أخيه المشهور المهلب بن أبي صفرة، والمعلومات عنه شحيحة في كتب التراجم. حمل صحيح البخاري عن الإمام الأصيلي والقابسي.
أجاب البحث عن سؤال: هل للمؤلف شرح للجامع الصحيح؟. فكتب التراجم لم تشر إلى أي شيء من ذلك، والشراح لم ينقلوا عنه شيئا، سوى ابن بطال القرطبي الذي صرح بالنقل عنه في ثلاثين موضعا قام الباحث باستخراجها ودراستها، فتوصل إلى تحديد بعض ملامح منهج ابن أبي صفرة في شرحه، ومن هذه الملامح شرحه ما يقع للبخاري في التراجم من إشكالات، وتنزيله قول المذهب المالكي على الترجمة، ودفعه وهم التعارض بين الأحاديث، وبيانه أوهام الرواة.
وخلص الباحث إلى استمداد ابن أبي صفرة للأحكام الفقهية من أحاديث البخاري وفق المذهب المالكي، ويتميز منهج ابن أبي صفرة بالإطلاع على قواعد الاستنباط كما كان ملما بأصول الفقه وقواعده، رابطا الفقه المستنبط بواقعه الذي عاش فيه، محتجا بأقوال أعلام المذهب المالكي المجتهدين.
أما البحث الثاني فكان للأستاذ الدكتور الحسين أصبي (كلية الآداب ـ أكادير) في موضوع: فقه الحديث عند أبي الحسين علي بن خلف بن بطال القرطبي المالكي (ت 449هـ) من خلال كتابه شرح صحيح البخاري؛ قضايا ومناهج. استهل الباحث بذكر مكانة صحيح البخاري عند علماء الأمة واهتمامهم بشرحه من جميع جوانبه التاريخية والحديثية والفقهية، ثم عرّف بشخص ابن بطال وحياته وشيوخه ومؤلفاته، ومن أشهرها (شرحه لصحيح البخاري) الذي يُعد من أنفس المصادر في المكتبة الإسلامية، ونقل عنه جميع شراح البخاري من بعده، وبلغت هذه النقول عند ابن حجر في شرحه فتح الباري ألفين وثلاثمائة وخمسين نصا، ثم تناول الباحث نماذج من القضايا التي تطرق إليها ابن بطال، وانفرد بها عن غيره:
ففي مجال العقيدة بسط ابن بطال القول في قضايا العقيدة وفق مذهب أهل السنة والجماعة مثل الإيمان، محاججا أهل البدع بأدب وعلم. وفي علوم القرآن استعان ابن بطال بأسباب النزول في شرحه للبخاري والناسخ والمنسوخ، مرجحا للأقوال في قضايا الفقه والأحكام. وفي السياسة الشرعية اهتم بمحاور الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وشروط الحاكم وكيفية اختياره وعزله، وإلزامية الشورى للحاكم، معتبرا أن السلطة والحكم أمر مفوض تدبيره لنظر عامة الأمة.
ثم ختم الباحث بذكر أصالة ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري وسعة علمه واطلاعه، وكثرة اعتنائه بالأحكام الفقهية الفرعية.
ثم تلتها مشاركة الدكتور حسن منصور (كلية الآداب ـ أكادير) ببحث في موضوع: السنة النبوية وحي إلهي منزل؛ قراءة في استنباطات الحافظ ابن عبد البر في التمهيد. قدم الباحث بمقدمة في بيان منزلة الحديث عند أهل الغرب الإسلامي، وغزارة مؤلفاتهم في هذا العلم الشريف، ما بين مضيق وموسع ومختصر ومستفيض، ليخلص بعد ذلك إلى ابن عبد البر وكتابه التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، فعرف به وبين مكانته ومكانة كتابه التمهيد.
ثم تحدث عن منزلة السنة النبوية بوصفها وحيا إلهيا تتساوى مع القرآن في هذه المنزلة، موردا نصوصا لابن عبد البر في هذا الأمر معتبرا أن التكذيب بالسنة تكذيب لله تبارك وتعالى.
أما المشاركة الأخيرة في هذه الجلسة فكانت للأستاذ الدكتور العربي البوهالي (كلية الآداب ـ مراكش) في موضوع: منهج أبي الوليد الباجي (ت 474هـ) في كتاب المنتقى شرح الموطأ.
¥(14/57)
أكد الباحث على وجوب بيان مناهج العلماء، وبين مكانة الباجي العلمية، ومنزلة كتابه المنتقى، وكشف عن سبب تأليفه، وأهم ما ميز منهجه التأليف على طريقة النظار المجددين التي أخذها من رحلته المشرقية. وأفاد الباحث أن المنتقى مختصر لكتاب الباجي الأول والأوسع (الاستيفاء). ثم تحدث الباحث عن هدف الباجي من التأليف، ومنهجه في استنباط الأحكام، حيث يورد الحديث، ثم يستنبط الحكم، ويعزز استدلاله بأصول الفقه وأقوال الأئمة والفقهاء، محسنا ومتقنا التبويب، مع القدرة على التفريع والتقسيم، موظفا مؤهلاته اللغوية والفقهية في الاستنباط، وأشار الباحث إلى عناية الباجي في شرحه بضبط الرواية الحديثية وكذا روايات الموطأ، وإلى استعمال الأدلة والقواعد الأصولية والفقهية، والمصالح، والحس النقدي، والاحتياط.
وعقب هذه المشاركات التي انتهت في الساعة: 30 H12 فتح رئيس الجلسة الباب للمشاركين والحاضرين للمناقشة والمدارسة، والتي كانت في مجملها إضافات وتساؤلات وتصحيحات، أغنت العروض الملقاة، ومن القضايا التي أثيرت ما يلي:
- عدم كفاية نصوص محدودة لاستخراج منهج المؤلف.
- بعض الأمثلة المستدل بها في العرض المتعلق بابن أبي صفرة لا تسعف الباحث في ادعاء وجود شرح البخاري من تأليف أبي عبد الله محمد بن أبي صفرة.
- لابد للبحوث والدراسات المقدمة للندوة أن تخلص إلى نتائج علمية بينة يستفاد منها عمليا.
- الاختلاف ليس كله مذموما، ولا يقتضي كونه رحمة أن الاتفاق سخط.
- بيان الموقف من بعض الدراسات الحديثة للرافضين للفقه الإسلامي وتسعى إلى هدمه.
- أثيرت قضية عدم إحالة العلماء إلى من ينقلون عنهم، وأن الباجي كان يعتمد في تعليل الأحكام الشرعية على القاضي عبدالوهاب دون أن يشير إليه، على أن هذه المسألة المنهجية المهمة يجب فهمها في ضوء طريقة الأقدمين في تحمل العلم.
- عدم إضاعة الوقت في مقدمات البحوث والدراسات المقدمة للندوة.
وفي جواب د. محمد رستم: أكد أن بحثه جديد في بابه لذلك كان مثيرا للنقاش، وأنه في بحثه أزاح الستار عن شارح مغربي لصحيح البخاري طواه النسيان واستطاع أن يميز بينه وبين أخيه المهلب الذي هو أيضا شارح للبخاري. أما د. الحسين أصبي فأكد أن ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري يسمي المهلب بن أبي صفرة عند النقل عنه باسمه فيقول: قال المهلب.
وأجاب د. العربي البوهالي بأن تأثر الباجي بعلماء الشرق من شيوخه وغيرهم، ومنهم الشيرازي، وفي المنتقى أحيانا ينقل النص من دون إحالة، ولكن هذا لا يعني أن كل ما يقوله الباجي يعتمد بعض القياسات الفاسدة مثل قياسه المرأة على الكافر في إمامة الصلاة.
وختمت أشغال هذه الجلسة على الساعة.13 H
وفي الفترة المسائية من اليوم الأول للندوة انطلقت الجلسة الثانية على الساعة الثالثة بعد الزوال برئاسة الدكتور محمد بنتهيلة، وكانت البداية مع بحث ألقاه الدكتور أحمد امحرزي علوي (كلية الآداب ـ مراكش) في موضوع: فقه الحديث عند أبي بكر بن العربي المعافري المالكي (ت543هـ). قدم الباحث لموضوعه بالإجابة عن بعض الأسئلة أولها: متى بدأ الاشتغال بفقه الحديث في الغرب الإسلامي؟ ثم أجاب الباحث أن سفيان الثوري كان إماما في الحديث، وأن الأوزاعي إمام في السنة، في حين كان الإمام مالك إماما فيهما معا. وقد اجتهد الدارسون في الجمع بين الحديث والسنة، ونشبت معركة بين أهلها في القرن الثاني، مما حذا بالشافعي في الرسالة، وابن قتيبة في "مختلف الحديث" أن يجعلا من شروط المحدث أن يكون فقيها، والفقيه محدثا.
ثم طرح سؤالا آخر: هل الذين حملوا الفقه المالكي حازوا مكانة الجمع بين الحديث وبين فقه الحديث؟ وأجاب أن صعصعة بن سلام (197هـ) هو أول من أدخل مذهب مالك، ومذهب الأوزاعي إلى الأندلس، لكن الذين حملوا فقه مالك، حملوا نصوصا وسماعات، وكانت المدونة أكبر تحول إلى الجانب الفقهي عن الجانب الحديثي. ثم نشطت حركة الحديث في منتصف القرن الثالث، وتكونت شبه مدرسة في الحديث وضع لها النواة بقي بن مخلد، وابن وضاح اللذان لقيا معارضة شديدة من قبل الفقهاء، لكن بقيا انتصر على معارضيه بتشجيع الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم.
¥(14/58)
وكان كتاب أبي داود أول كتب الحديث دخولا إلى الغرب الإسلامي، وكان أهل هذا الغرب في معزل عن معرفة الصحيح، وبعد عن صناعة الحديث. وكانت القرون الآتية: الرابع والخامس والسادس بداية الاعتناء بفقه الحديث، فأول من رفع العناية به أبو عمر ابن عبد البر، والباجي، وابن العربي. واعتبر الباحث الإمام ابن العربي من العلماء الأفاضل الكبار، ومنهجه واضح في شرحه على جامع الترمذي المسمى عارضة الأحوذي. أما كتابه القبس في شرح كوطأ مالك بن أنس فمختصر جدا لا يفي بالغرض، وكتابه "المسالك على الموطأ" عبارة عن جمع بين التمهيد والمنتقى، ولخص الباحث منهج أبي بكر ابن العربي في فقه الحديث في كونه يعرض الحديث مختصرا لا يضمه الإسناد إلا لبيان مبهم مثلا، وبين أنه يتناول الصناعة الحديثية باقتضاب، وأنه يورد مختلف الحديث ويعتمد الترجيح، كما يلاحظ عنايته بإثارة القضايا اللغوية. ويتناول ابن العربي المسألة الفقهية مفصلة بالدليل، وينبه على الإجماع، لكن إجماعاته نقدها ابن حجر في الفتح. كما يتناول الخلاف داخل المذاهب أو خارجه، وحينما يتحدث عن الخلاف داخل المذهب لا يذكر الأدلة، في حين يتعرض إلى آراء فقهاء الأمصار برمتهم ولا يقتصر على الأربعة حينما يتحدث عن الخلاف خارج المذهب، ليضع القارئ على طريق الاستنباط والاجتهاد.
وخلص الباحث إلى أن فترة آخر الدولة المرابطية وبداية الدولة الموحدية كانت من أنشط فترات الفقه المالكي وامتازت مدرسة الغرب الإسلامي بتوسيع دائرة حكاية الخلاف من خلال النقل عن فقهاء المذاهب الأخرى، مع هجرهم فقه الشيعة، وامتازت هذه الفترة أيضا بتصحيح الروايات وتوجيهها.
بعد ذلك تفضل الدكتور المهدي السعيدي (أستاذ بشعبة اللغة العربية بكلية الآداب بأكادير) بتقديم عرضه عن: فقه الحديث في الترجمة الأمازيغية لرياض الصالحين لعبد الله بن علي الدرقاوي (1323هـ ـ1415 هـ) فقدم نبذة عامة عن حركة التأليف بالأمازيغية في منطقة سوس، وذكر أن هناك 50 عنوانا في مختلف العلوم ترجم إلى "تشلحيت" خاصة علم الفقه، ومن أمثلة هذه الترجمات: كتاب "الحوض" نظم مختصر خليل للهوزالي. و أشار الأستاذ الباحث إلى أن علم الحديث لم يكن يحظى باهتمام كبير لدى السوسيين لأسباب عديدة؛ أهمها: تأخر دخول كتب الحديث إلى بلاد المغرب، إضافة إلى غلبة البداوة على أهل سوس، ولم تكن بلادهم مستقرة سياسيا، وشغلوا بتنزيل الفقه على الواقع مما دفعهم إلى الاهتمام بالفروع دون الأصول؛ بيد أن هناك علماء قلائل اعتمدوا الأصول: مثل: محمد بن سليمان الروداني، والحضيكي، والصوابي.
بعد هذه المقدمة تحدث عن حياة عبد الله الدرقاوي، وذكر أن والده يعد من زعماء الزاوية الدرقاوية، وقد ولد عبد الله في منطقة "دوكادير" سنة 1323 هـ وتلقى العلم في زاوية والده، ثم رحل إلى أماكن أخرى يتزود منها العلم والمعرفة مثل المدرسة الايغاشنية، وأيت خميس بأزيار بإدوتنان، دومنت بحاحا، وفاس، وتطوان. وكان مشرفا على الزاوية الدرقاوية بدوكادير، وبعد ثورة البوشراوي بأيت باها، أجبرته الحماية الفرنسية على الإقامة الجبرية. وذكر الباحث من مؤلفاته: ترجمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني إلى تشلحيت، وترجمة "نور اليقين" للخضر بك إلى تاشلحيت أيضا.
وأما كتاب الدراسة وهو ترجمة "رياض الصالحين" لعبد الله الدرقاوي، فهو مخطوط يقع في 1020 صفحة في ثمانية أجزاء. شرع المؤلف تأليف ترجمة كتاب "رياض الصاحين" للنووي في الرابع من رمضان عام 1404 هـ. وتتمحور موضوعات الكتاب حول مقدمة الترجمة بين فيها المترجم عمله، بالتعريف برياض الصالحين بتشلحيت، أما منهجه في الترجمة فقد اعتمد شرح الفوالحي، وكتب أخرى، وكان يورد كلام النووي.
والتزام المترجم بإيراد الأبواب الواردة في الكتاب الأصلي، وهي 372 بابا، مراعيا في الترجمة عنصر اللغة من بيئة اللغة العربية إلى بيئة لغة يومية شفاهية، ينقل بها بيان معاني الحديث إلى عامة الناس بشرح مبسط، مستحضرا انفعالاته كواعظ يربط النص الحديثي بعامة الناس.
¥(14/59)
ترجم الدرقاوي الآيات القرآنية التي أوردها النووي في مقدمة كتابه، إضافة إلى ترجمته الأبيات الشعرية الوارد في المقدمة، وفي خاتمة العرض أشار الباحث إلى أهمية الترجمات الأمازيغية للكتب الشرعية في نشر المعرفة الإسلامية عامة، وفقه الحديث خاصة. ونبغ بسبب هذه الكتب طائفة من الأميين الذين امتلكوا معرفة عميقة تضاهي أحيانا معرفة العلماء الحفاظ.
وأما المشاركة الثالثة، فكانت للأستاذ الدكتور إحيا الطالبي (أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بأسفي) في موضوع: فقه الحديث عند علماء شنقيط. وقد عرضه الباحث في مقدمة ومحورين، أولهما: عرض نماذج من علماء شنقيط في فقه الحديث، والثاني: الاستدلال بالسنة عند علماء شنقيط، ثم خاتمة البحث. وفي البداية نفى الباحث صحة ما يتردد لدى بعض الباحثين من أن الحركة الحديثية لم تكن مزدهرة في الصحراء قبل القرن الثاني عشر الهجري، باستثناء الموطأ والصحيحين. وأكد اهتمام علماء الصحراء بالمصنفات الحديثية قبل هذا القرن؛ بدليل ما جاء في أجوبة الإمام السيوطي في القرن التاسع، وتحديدا سنة 898 هـ حول مطلب من بلاد (التكرور)، مفاده أن علماء القوم لا يبالون بالكتاب والسنة إلا مع الدرهم والدينار (وهي ضمن كتاب الحاوي)، وذكر الولاتي في " فتح الشكور" غلبة النزعة الفروعية لدى علماء (التكرور).
وأشار الباحث إلى ظهور الحركة السلفية في القرن الحادي عشر بالصحراء بزعامة ناصر الدين، واقتفى أثره المجيبري (1204 هـ) بتأسيسه مدرسة تأخذ بالكتاب والسنة في كل مناهجها، وتنبذ التعصب المذهبي، وتحارب البدع. كما تصدى الشيخ الكنتي لدعاة الفروع باعتماده الأصلين – أي الكتاب والسنة – واعتبر خليلا جامعا للمذهب، ومن نماذج علماء شنقيط في فقه الحديث الذين عرف بهم الباحث:
أ ـ يحيى الولاتي (1330 هـ) وله مصنفات غزيرة منها "نور الحق الصبيح في شرح الجامع الصحيح" و"العروة الوثقى" و"اختصار الموطأ"، ويكمن منهجه في التأصيل للأحكام الشرعية.
ب ـ المجيبري (1205 هـ) وكان محدثا وأصوليا، ومنددا بالمذهبية.
ج ـ بابا سيدي (1342 هـ) جمع بين الفقه والحديث، من تأليفه: إرشاد المصلحين، أرجحية سنية اليدين والقبض.
د ـ محمد بن قصير (ما زال حيا): له كتاب أسنى المسالك.
هـ ـ أحمد بن الحضرمي الجيلاني: له كتاب يتناول الجانب الفقهي في ضوء المذاهب الأربعة دون استعراض للأسانيد، وخلص الباحث إلى أن علم الحديث وفقهه انتعش لدى المتأخرين، وقد ذكر المختار السوسي أن تندوف كانت مركز حديث.
بعد إلقاء هذه العروض الثلاثة فتح باب المناقشة وإلقاء التساؤلات والتعقيبا ت، وقد أجاب عنها الأساتذة الكرام.
وبعد استراحة قصيرة انطلقت أشغال الجلسة الثالثة في موضوع: مناهج المصنفين في فقه الحديث على الساعة الخامسة مساء برئاسة الدكتور عبد الله البخاري، الذي أعطى الكلمة للأستاذ الدكتور محمد خرشافي (أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء) ليقدم بحثه في موضوع: منهج المالكية في الأخذ بخبر الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، فبين أقسام عمل أهل المدينة و حجيته عند مالك.
بعد ذلك تفضل الدكتور جمال اسطيري (أستاذ بكلية الآداب ـ بني ملال) بإلقاء عرض حول بحثه في موضوع: مصدرية القرآن الكريم في فقه الحديث عند الإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح فبين اعتماد البخاري على الدليل القرآني و دلالة ألفاظه على الأحكام.
وقد جاءت مشاركة الدكتور إبراهيم الوافي بعد ذلك في موضوع: فقه الحديث بين البخاري و ابن حجر، فبين حسن تبويب البخاري لجامعه، وترتيبه، واستدلالاته، واستنباطاته. وأشار إلى ردود ابن حجر على كثير من تقولات العلماء في حق البخاري الذين خفيت عليهم أسرار البخاري في تسمية بعض أبوابه وترتيبها.
ثم ألقى الدكتور ناجي لمين (أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط) بحثه في موضوع: منهج الإمام الشافعي في علم مختلف الحديث، وبين أن الشافعي كان يجمع بين الحديثين الصحيحين المختلفين، أو يرجح بينهما اعتمادا على القرآن أو السنة أو القياس أو الترجيح بزيادة الثقة، ولا يحكم بالنسخ إلا بوجود دلالة على ذلك.
¥(14/60)
واستأنفت أعمال اليوم الثاني من الندوة يوم الثلاثاء 26 ربيع الأول 1427هج الموافق 25 أبريل 2006 على الساعة التاسعة صباحا انطلقت الجلسة الرابعة للندوة برئاسة الدكتور إبراهيم الوافي، وكانت البداية مع الأستاذ الدكتور زين العابدين بالافريج (أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء) في موضوع: جمع أحاديث الباب الواحد وأثره في فقه الحديث: حديث النهي عن صيام يوم السبت نموذجا، وفيها بين الأستاذ بالافريج فوائد جمع أحاديث الباب الواحد وضبط طرق الحديث والعلم بالمعارض إن وجد، والكشف عن علل التشريع من النهي الوارد في الحديث عن صيام يوم السبت، وبيان القرينة الواردة فيه، والمتعلقة بأن الأصل في النهي التحريم كالذي قصد بصيام يوم السبت تعظيمه.
ثم تلا ذلك مشاركة الدكتور إبراهيم أزوغ (أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء) ببحث عن: أهمية علوم اللغة العربية في فقه السنة وضرورتها في علم الحديث والفهم عن الشارع، وفيه بيّن الأستاذ الباحث خطر هجران اللغة العربية على العلوم الإسلامية عامة وعلم الحديث خاصة، وأشار إلى مكانة اللغة العربية عند علماء الإسلام واهتمامهم باكتسابها وقدرتهم على الإفادة منها في دراسة السنة النبوية، كما أشاد الباحث بكتاب ابن الأزرق المسمى روضة الإعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام.
بعد ذلك تحدّث الدكتور عبد اللطيف الجيلاني (أستاذ بكلية الآداب ـ أكادير) في موضوع: تراجم الأبواب في المصنفات الحديثية وأهميتها في دراسة فقه الحديث. واعتبر ظاهرة الاهتمام بتراجم وعناوين الأبواب من دلائل عناية المحدثين منذ وقت مبكر بفقه الحديث، ثم أبان عن معنى الترجمة لغة واصطلاحا، وفصّل القول في أركان الترجمة، وشرط صحتها، وكيفية إدراك المناسبة بينها وبين ما تحتها من الأحاديث، ثم عرض لظاهرة استئثار تراجم صحيح البخاري بالاهتمام والإفراد بالتأليف في إيضاح المشكل منها دون سائر المصنفات الحديثية، ودعا في ختام بحثه إلى الاهتمام بفقه أئمة الحديث من خلال تراجم أبواب مصنفاتهم الحديثية.
وقد تلت المداخلات تساؤلات وتعقيبات أجاب عنها الأساتذة الفضلاء.
بعد استراحة قصيرة انطلقت أشغال الجلسة الخامسة للندوة على الساعة H2011 برئاسة الدكتور عبد اللطيف الجيلاني الذي عرّف بمحور الجلسة وأنه تتميم لما دار في الجلسة الرابعة من التعريف ببعض مناهج البحث المعتبرة عند العلماء في فقه الحديث، ثم عرّف بالأساتذة أصحاب الأبحاث المقدمة، وأعطى الكلمة للأستاذ الدكتور عبد الواحد الإدريسي (أستاذ بكلية الآداب ـ أكادير) الذي قدم ورقة علمية في موضوع: الضوابط المنهجية في فقه السنة النبوية، افتتحها بمقدمة وبعدها نبّه إلى ضوابط ستة وهي:
- إخلاص النية وانبعاث الافتقار للقلب، ويرى الباحث وجوب وجود هذا الضابط لدى كل من يتصدى لتفسير النصوص الشرعية قرآنا كانت أم سنة.
- اطمئنان النفس لحكم رسول الله ? وإذعانها لهديه.
- وجوب تفسير ما يروى عن النبي ? بالدليل هو أهدى.
- فقه الحديث في ضوء المقاصد والمصالح مع التقيد بقواعد أصول الفقه.
- ضم أطراف السنة بعضها لبعض.
- ترك الأخذ بظاهر الحديث لما يحتمله من التأويل.
وأنهى الباحث حديثه بخاتمة ضمنها اقتراحاته داعيا إلى تأسيس مجمع للعلماء يتداولون فيه ما يتعلق بمسائل الاجتهاد.
بعد ذلك تفضل الدكتور عبد الله البخاري (أستاذ بكلية الآداب ـ أكادير) بتقديم بحثه في موضوع: مشكل الحديث ومناهج العلماء في توجيهه: دراسة في ضوء مجموعة من الأحاديث العقدية؛ عرض الباحث في بحثه إلى أسباب وقوع البعض في استشكال بعض الأحاديث، وذكر أن الإشكال قد يكون بين نصين من نصوص الحديث، وذكر بعضا من كتب الحديث التي تناولت المشكل، كمشكل الحديث للطحاوي، وذكر أيضا بعض المصادر المتعلقة بمشكل القرآن، وأبان عن سبب عناية العلماء بالتأليف في هذا الموضوع، ونبّه إلى أن جل الإشكالات ناشئة عن عدم جهل اللغة العربية أو بسبب أغراض فاسدة. ثم فرق الباحث في بين نوعين من المشكل، فهناك استشكال يطرح عن حسن النية، كاستشكال الصحابة في بعض الأحاديث، وهناك استشكال يطرح عن سوء النية، الذي يصدر عن المعادين للإسلام والملحدين. وعرض أيضا لأقسام المشكل وأن منه مشكل نسبي: يزول بسؤال أهل العلم، ومشكل حقيقي: يقول فيه الإنسان آمنا كل من
¥(14/61)
عند ربنا.
وقدم بعد ذلك قواعد في التعامل مع مشكل الحديث ممثلا بالأحاديث الواردة في قول لا إله إلا الله وأنه يجب فيها تسليم الأمر إلى الله ورسوله في النصوص التي لا تدركها عقولنا، وأنه لا يجوز الاشتغال بإشكالات لا فائدة منها. ولذلك يرى الباحث أن من المشكل ما يجوز البحث فيه، ومنها ما لا يجوز البحث فيه. وختم بذكر منهج العلماء في دفع التعارض والإشكال عن الأحاديث وأنهم يسلكون في ذلك طرقا منها جمع الأحاديث الواردة في الباب، ودراسة الأسانيد، وتحرير المصطلحات الشرعية وتحديدها، وعرض أقوال العلماء. وغيرها من القواعد أفاض الباحث في ذكرها.
ثم جاءت مشاركة الأستاذ الدكتور: حسن الباز في موضوع: أثر الاستدلال بالسنة في اختلاف الفقهاء، افتتحها بمقدمة ذكر فيها باعتناء المسلمين بالسنة بمختلف شرائحهم الاجتماعية وبمختلف لغاتهم. وذكر أيضا اهتمام الجامعات بالسنة النبوية في الآونة الأخيرة، ثم بين أن أسباب اختلاف الفقهاء في استدلاهم بالسنة يرجع إلى أسباب معرفية، وأسباب نقدية، وأسباب لغوية. وأن من الأسباب المعرفية اختلاف الفقهاء في اطلاعهم على السنة، وتفاوتهم في المدارك والفهم، والقدرة على التحصيل. وأن من الأسباب النقدية اختلافهم في نقد المتن والإسناد، ومثّل لذلك بموقفهم من خبر الواحد عند معارضته القرآن الكريم، فالأحناف في هذه الحالة ردوا الخبر، وكذلك المالكية يردون خبر الواحد إذا عارض القرآن الكريم أو القواعد العامة. وتناول أيضا باستفاضة قضية مخالفة خبر الواحد لعمل أهل المدينة. وقضية خبر الواحد إذا خالف القياس فبين هنا أن مالكا وأبا حنيفة يتركانه، ومثل أيضا بنصوص لما إذا عمل الراوي بخلاف ما روى.
أما الأسباب اللغوية فذكر الباحث بعض الأمثلة على ذلك كرواية الأحاديث بالمعنى، ومشكل الحديث، وقضية النسخ، والعموم والخصوص ...
ثم أعطى رئيس الجلسة الكلمة للأستاذ الدكتور: محمد الوثيق (أستاذ بكلية الشريعة ـ أكادير) الذي قدم بحثا في موضوع: السياق وأثره في فهم الحديث، افتتحه بالتعريف بمصطلح السياق، وبين أنه ينقسم إلى: السياق الداخلي، والسياق الخارجي، وعرّف كلا منهما تعريفا مركزا. وأشار الباحث إلى أن أسباب النقول جزء من السياق، ومن ثمة فمعرفة سبب نزول نص قرآني أو سبب ورود نص حديثي يرفع الإشكال. وأبدى الباحث بعض الملاحظات المنهجية منها تصرف الرواة في النص الحديثي دون استيعابهم له، كما تطرق أيضا إلى أثر الخلل في عدم معرفة السياق: وذكر من صوره: الجهل بالسياق، والتصرف في السياق، واللبس في السياق. وتعرض أيضا للعلاقة بين السياق وتقسيم السنة من الناحية التشريعية. وأسهب القول في المسألة مدعما كلاكه بالأمثلة، وأخيرا ختم عرضه بخلاصة بين فيها أن السياق يخرج بالعديد من الإشكالات، وأننا في أمس الحاجة إلى استقراء كل النصوص الحديثية ...
ولأن الوقت لم يسمح بالمناقشة، فإن اللجنة المنظمة أرجأت النقاش إلى الفترة المسائية.
وفي الساعة H005 انطلقت الجلسة السادسة برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الكريم عكوي، وبعد الافتتاح أعطى السيد الرئيس الكلمة لصاحب البحث الأول الدكتور محمد بن عبد الكريم الفيلالي الذي ألقى كلمته في موضوع: أثر المذاهب الفقهية في فقه أحاديث المواريث. أشاد الباحث في بداية حديثه بالندوة وموضوعها، وذكّر بسياقها والظروف التي تنعقد فيها من هجوم على دين الإسلام من قبل أعدائه وأدعيائه، وبين أهمية هذه الندوات في الذود عن حمى الدين والوقوف في وجه دعاوى الانسلاخ منه. ثم انتقل إلى الحديث عن أهمية فقه المواريث وعظمة موضوعه، كما بين أن جله مبين بنصوص القرآن الكريم، وأنه وجد بالتتبع والاستقصاء 22 حديثا فقط هي التي تتحدث عن هذا الفقه وأن معظمها في نصيب الجدة وبنت الابن. كما قارن بين مناهج المحدثين ومناهج الفقهاء في تناول الموضوعات الفقهية ومثل للمحدثين بكتاب "نيل الأوطار" للشوكاني، ولمنهج الفقهاء ب"بداية المجتهد" لابن رشد. وانتقل بعد ذلك إلى بيان المنهج السديد في التعامل مع الأحاديث واستنباط الفقه منها: وذلك بتعظيم النص أولا، ومحاولة تكييف الواقع معه لا تكييفه هو مع الواقع، ثم بين خطورة تبديل الشرع، كما ركز على أهمية الإيمان في استنباط فقه الحديث، وجمع أحاديث الباب الواحد والمقارنة بينهما؛ ملحا بذلك على
¥(14/62)
أهمية التأني والتروي والتبصر في استنباط الأحكام.
ثم أعطى رئيس الجلسة الكلمة للدكتور محمد السرار (أستاذ بكلية الشريعة ـ فاس) الذي قدم بحثا في موضوع: ملامح من منهج الحافظ بن حجر في فقه الحديث من خلال فتح الباري. بين الباحث في مطلع كلامه أثر اختلاف الروايات في استنباط فقه الحديث، وما يطرحه هذا الاختلاف من إشكالات، وما يقع فيه من خلاف في الاجتهادات، وانتقل إلى بيان منهج الحافظ ابن حجر في وضع الإشكالات التي قد يطرحها اختلاف الروايات، وما توهم به من تعارض، ثم نبه الباحث إلى أنه من خلال تتبعه لمنهج ابن حجر في دفع هذه الإشكالات ظهر له اعتماده قاعدة اتحاد المخرج ووجوب المصير إليها لدفع الاختلاف في ألفاظ الحديث عوض القول بتعدد الواقعة وتكررها، وهو مذهب مجموعة من الأئمة في دفع إشكالية اختلاف الألفاظ سيما إذا كانت متعارضة وتعذر الجمع. ومثل الباحث لهذه القاعدة بنصوص متعددة من فتح الباري لابن حجر، وأثبت من خلالها رسوخ هذه القاعدة في منهج الحافظ رحمه الله، وخلص الباحث إلى أن الحافظ ابن حجر كان يقدم الجمع بين السياقات المختلفة للحديث، ولم يكن يجازف بالقول بالتعدد. وأن هذا المنهج كان فيه وفيا لما تلقاه على شيوخه العلائي وابن دقيق العيد.
ثم جاء دور بحث الأستاذ الدكتور محمد ناصيري (أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط) في موضوع: فقه الحديث بين المحدثين والفقهاء. وألقاه بالنيابة عنه نظرا لتعذر حضوره الدكتور الناجي لمين الأستاذ بنفس الدار. في البداية بين الباحث المقصود من اصطلاحي أهل الحديث وأهل الفقه، كما أرّخ للمصطلحين وبين منطلقات كل فريق وسبب التمايز بينهما. وانتقل الباحث بعدها لبيان منهج المحدثين خاصة العلائي وتلاميذه في دفع إشكال الأحاديث المختلفة. وعدم التسرع في القول بتعدد الوقائع، خاصة إذا اتحد المخرج وتقاربت الألفاظ، أما عند تعدد المخرج، واختلاف الألفاظ فهنا يمكن القول بتعدد الوقائع، وتعدد الأحاديث. كما بيّن التحجيم الذي وقع في فقه الحديث عبر تاريخ الأمة الإسلامية في مقابل إعلاء شأن المفتين والفقهاء المقلدين؛ مما جنى على الحديث وأهله، وقلّص من دورهم في تجديد الدين وتطوير مناهج الاجتهاد، وبيّن في المقابل قلة باع الفقهاء في الحديث، وتقصيرهم في استنباط الأحكام، بتخليهم عن الرجوع إلى الأحاديث وفقهها، وألحّ الباحث في خاتمة عرضه على ضرورة إعادة الاعتبار للحديث وفقهه، وباعتباره آلية مهمة لتطوير الاجتهاد.
وبعد الإنصات لكلمات السادة الأساتذة، فتح السيد الرئيس باب المناقشة و المدارسة والتعقيب على أشغال الجلسة والجلسة التي سبقتها، وهي في مجملها إضافات وملاحظات وتوصيات.
ثم ختمت أشغال الندوة بالجلسة الختامية على الساعة 18:50، وبعد الاستماع إلى آيات من الذكر الحكيم، تقدم السيد نائب عميد كلية الآداب بأكادير الدكتور عبدالكريم مادون بكلمة تقدير وشكر للجنة المنظمة ولشعبة الدراسات الإسلامية بالكلية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأشاد بعمل الباحثين والأساتذة المشاركين وركز على أهمية البحوث المعروضة ودورها في الدفاع عن الإسلام وتراثه، وشجع مبادرات الشعبة، وألح على طبع بحوث الندوة ونشرها مع ترجمتها إلى اللغات الحية.
ثم تفضل السيد مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بإلقاء كلمة تقدير واعتزاز بأشغال الندوة وموضوعها وبحوثها، ووعد بطبع أعمالها.
وختم رئيس اللجنة المنظمة الدكتور الحسين اصبي أشغال الندوة، بقراءة التوصيات التي خرجت بها الندوة والعزمات التي قررها الأساتذة المشاركون.
يوم الأربعاء27 ربيع الأول 1427هـ
نظمت اللجنة التنظيمية لفائدة الأساتذة المشاركين بالندوة زيارة ترفيهية لمعالم مدينة أكادير وبعض المناطق المجاورة استحسنها الجميع وكان لها أبلغ الأثر في نفوسه، والحمد لله رب العالمين
برنامج الندوة
اليوم الأول: الإثنين24 أبريل2005م
الفترة الصباحية:
09:00 الجلسة الافتتاحية:
ـ تلاوة آيات عطرة من القرآن الكريم.
ـ كلمة السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.
ـ كلمة المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ـ كلمة اللجنة المنظمة للندوة.
09:30 ـ حفل شاي.
ـ زيارة معرض مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفضاء الثقافة المقام بمناسبة الندوة.
¥(14/63)
10:40 الجلسة الأولى: فقه الحديث عند علماء الغرب الإسلامي
رئيس الجلسة: د. عبدالرزاق هرماس مقرر الجلسة: د. علي بنبريك
11:00 ـ د. محمد زين العابدين رستم (كلية الآداب ـ بني ملال): منهج أبي عبدالله محمد بن أبي صفرة الأندلسي (ت420هـ) في شرح صحيح البخاري.
11:20 ـ د. الحسين اصبي (كلية الآداب ـ أكادير): فقه الحديث عند أبي الحسن علي بن خلف بن بطّال القرطبي المالكي (ت449هـ) من خلال كتابه شرح صحيح البخاري: قضايا ونماذج.
11:40 ـ د. حسن منصور (كلية الآداب ـ أكادير): السنة النبوية وحي إلهي منزل: قراءة في استنباطات الحافظ ابن عبدالبر في كتابه التمهيد.
12:00 ـ د. العربي البوهالي (كلية الآداب ـ مراكش): مسلك أبي الوليد الباجي في فقه الحديث.
12:20 ـ مداخلات وتعقيبات.
الفترة المسائية:
03:00 الجلسة الثانية:: فقه الحديث عند علماء الغرب الإسلامي
رئيس الجلسة: د. محمد بنتهيلة مقرر الجلسة: د. بوشعيب شبون
03:10 ـ د. أحمد امحرزي علوي (كلية الآداب ـ مراكش): فقه الحديث عند أبي بكر ابن العربي المعافري.
03:30 ـ د. المهدي السعيدي (كلية الآداب ـ أكادير): فقه الحديث عند عبدالله بن علي الدرقاوي من خلال ترجمته الأمازيغية لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي.
03:50 ـ د. إحيا الطالبي (الكلية المتعددة الاختصاصات بأسفي): فقه الحديث عند علماء شنقيط.
04:10 ـ مداخلات وتعقيبات.
04:20 استراحة
05:00 الجلسة الثالثة: مناهج المصنفين في فقه الحديث
رئيس الجلسة: د. عبدالله البخاري مقرر الجلسة: د. عبدالواحد جهداني
05:00 ـ د. محمد خرشافي (كلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء): منهج المالكية في الأخذ بخبر الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة.
05:20 ـ د. الناجي لمين (دار الحديث الحسنية ـ الرباط): منهج الإمام الشافعي في علم مختلف الحديث.
05:40 ـ د. جمال اسطيري (كلية الآداب ـ بني ملال): مصدرية القرآن الكريم في فقه الحديث عند الإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح.
06:00 ـ د. إبراهيم الوافي (كلية الآداب ـ أكادير): فقه الحديث بين البخاري وابن حجر.
06:20 ـ د. محمد مشان (كلية الآداب ـ المحمدية): نحو فقه جديد لجمال البنا: مقاربة نقدية
06:40 ـ مداخلات وتعقيبات.
اليوم الثاني: الثلاثاء 25 أبريل2006م
الفترة الصباحية:
09:00 الجلسة الرابعة: ملامح من مناهج البحث في فقه الحديث النبوي
رئيس الجلسة: د. إبراهيم الوافي مقرر الجلسة: د. الحسن بنعبو
09:10 ـ د. زين العابدين بالافريج (كلية الآداب ـ عين الشق): جمع أحاديث الباب الواحد وأثره في فقه الحديث: حديث النهي عن صيام يوم السبت نموذجا.
09:30 ـ ذ ـ إبراهيم أزوغ (كلية الآداب ـ ظهر المهراز ـ فاس): أثر علوم اللغة العربية في دراسة فقه الحديث.
09:50 ـ د. عبداللطيف الجيلاني (كلية الآداب ـ أكادير): تراجم الأبواب في المصنفات الحديثية وأهميتها في دراسة فقه الحديث.
10:10 ـ مداخلات وتعقيبات.
10:30 استراحة
11:00 الجلسة الخامسة: ملامح من مناهج البحث في فقه الحديث النبوي
رئيس الجلسة: د. عبداللطيف الجيلاني مقرر الجلسة: د. حسن منصور
11:05 ـ د. عبدالواحد الإدريسي (كلية الآداب ـ أكادير): ضوابط منهجية في فقه السنة النبوية. 11:25 ـ د. الحسن الباز (كلية الآداب ـ أكادير): اختلاف مناهج النقد الحديثي وأثره في اختلاف الفقهاء.
11:45 ـ د. عبدالله البخاري (كلية الآداب ـ أكادير): مناهج العلماء في توجيه مشكل الحديث: (دراسة تحليلية لمجموعة من الأحاديث الواردة في العقيدة).
12:05 ـ د. الحسن الباز (كلية الآداب ـ أكادبر): أثر الاستدلال بالسنة في اختلاف الفقهاء.
12:25 ـ د. محمد الوثيق (كلية الشريعة ـ أكادير): السياق وأثره في فهم الحديث.
الفترة المسائية:
05:00 الجلسة السادسة: أثر المذاهب الفقهية في منهج فقه الحديث النبوي
رئيس الجلسة: د. عبدالكريم عكيوي مقرر الجلسة: د. علي بنبريك
05:10 ـ د. محمد بنعبدالكريم فيلالي (كلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء): أثر المذاهب الفقهية في فقه أحاديث المواريث.
05:30 ـ د. محمد السرار: ملامح من منهج الحافظ ابن حجر في فقه الحديث من خلال فتح الباري.
05:50 ـ د. محمد ناصيري (دار الحديث الحسنية ـ الرباط): فقه الحديث بين المحدثين والفقهاء. (ألقاه عنه بالنيابة الدكتور لمين الناجي)
06:10 ـ مداخلات وتعقيبات.
06:30 ـ الجلسة الختامية:
ـ تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم.
ـ كلمة السيد عميد كلية الآداب بأكادير.
ـ كلمة المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ـ كلمة رئيس اللجنة المنظمة للندوة وتلاوة التوصيات.
اليوم الثالث: الأربعاء 26 أبريل2006م
رحلة لزيارة معالم مدينة أكادير وضواحيها لفائدة الأساتذة المشاركين في الندوة.
الأنشطة الموازية للندوة:
أقيم معرض بمناسبة الندوة لمطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفضاء الثقافة بمقر الكلية.
أعضاء اللجنة التنظيمية:
ـ د. الحسين اصبي.
ـ د. عبدالله البخاري.
ـ د. مولاي إدريس الودغيري.
ـ د. عبدالكريم عكوي.
ـ د. عبداللطيف جيلاني.
¥(14/64)
ـ[أم مريم]ــــــــ[18 - 09 - 06, 05:02 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[صخر]ــــــــ[06 - 10 - 06, 01:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[صادق عبدالكريم]ــــــــ[13 - 03 - 10, 12:22 ص]ـ
نتمنى أن تنزل الندوة على الموقع حتى نستفيد منها فأنا في أمس الحاجة
ـ[صادق عبدالكريم]ــــــــ[13 - 03 - 10, 12:23 ص]ـ
هل من احد يدلني على أبحاث الندوة أين أجدها كاملة وجزاكم الله خيرا
ـ[زايد بن عيدروس الخليفي]ــــــــ[15 - 03 - 10, 11:21 ص]ـ
هل من سبيل إلى أبحاث الندوة؟؟
ـ[أبو صهيب الحجازي]ــــــــ[13 - 06 - 10, 01:47 ص]ـ
هل من سبيل إلى أبحاث الندوة؟؟
وشكرا
ـ[أبي الأنوار]ــــــــ[09 - 07 - 10, 03:00 ص]ـ
هل من سبيل إلى أبحاث الندوة؟؟(14/65)
موضوع حديثى فقهى هل صح حديث فى قراءة القران
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[16 - 09 - 06, 08:36 م]ـ
قراءة شىء من القران فى السجود او اية الكرسى ولا تستغربو ا السؤال
ـ[الأثري22]ــــــــ[22 - 09 - 06, 04:04 م]ـ
أخ محمود
الذي أعلمه النهي عن قراءة القرآن في السجود أو الركوع ... لكنما لما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في السجود. ولما نزل قوله: (فسبح باسم ربك العظيم) قال: اجعلوها في الركوع.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[22 - 09 - 06, 04:21 م]ـ
1329 - حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريرى ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفعه: أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ القرآن وهو راكع وقال إذا ركعتم فعظموا الله وإذا سجدتم فادعوا فقمن أن يستجاب لكم - ((مسند الامام أحمد))
تعليق شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[28 - 09 - 06, 01:21 ص]ـ
شكرا للمهذب بلال خنفر
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[28 - 09 - 06, 02:40 ص]ـ
1329 - حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريرى ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفعه: أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ القرآن وهو راكع وقال إذا ركعتم فعظموا الله وإذا سجدتم فادعوا فقمن أن يستجاب لكم - ((مسند الامام أحمد))
تعليق شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف
تعليق شعيب أم تعليق اللجنة؟
ـ[محمد بن حسن أبو خشبة]ــــــــ[28 - 09 - 06, 03:06 ص]ـ
تعليق شعيب أم تعليق اللجنة؟
هكذا بالموسوعة الشاملة، والله أعلم بالصواب:)(14/66)
سؤال
ـ[عبدالسلام ابو زكريا]ــــــــ[16 - 09 - 06, 10:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم عند أهل السنة والجماعة بأن الصحابة كلهم عدول ومن أعلى مراتب العدالة رضي الله عنهم أجمعين.
ولاكن أريد بارك الله فيكم كيف نرد على من يقول بانه كان هناك منافقون في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومنهم من لا يعلمهم إلا خاصة من الصحابة كحافظ سر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دونما غيره
أفيدونا أفادكم الله بكلام أهل العلم في هذه المسألة
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:10 م]ـ
الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار
سليمان بن ناصر العلوان
http://www.saaid.net/Warathah/Al-Alwan/7.zip
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 12:15 ص]ـ
ناقش ذلك العلامة المعلمي في (الاستبصار)، ورد على المخالفين بأبلغ عبارة، رحمه الله(14/67)
هل بعد انهاء حفظ بلوغ المرام هل ينتقل لحفظ الصحيحين أم كتاب
ـ[عبد العزيز عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 09 - 06, 02:29 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
للاخوة المهتمين بالحديث
1 - هل بعد انهاء حفظ بلوغ المرام هل ينتقل لحفظ الصحيحين أم كتاب
جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد حيث سمعت انه يحتوي على جميع كتب السنة الامهات؟
2 - اذا كان الاول فهل يحفظ مختصر مثل مختصر الزبيدي ام الالبانى ام ادخل على الصحيحين فورا؟
3 - اذا كان الثاني فهل هو متوفر على الشبكة او متوفر في المكتبات في القاهرة بمصر؟
هل من طريقة لحفظ مثل هذه المطولات تفيدونا بها مأجورين
وجزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[18 - 09 - 06, 01:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحرر للحافظ ابن عبدالهادي هو ما ينصح به العلماء من بعد البلوغ
والله تعالى أعلم
ـ[د جمعان البشيري]ــــــــ[12 - 10 - 06, 03:26 ص]ـ
كان سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ينصح بحفظ المنتقى للمجد ابن تيمية بعد حفظ بلوغ المرام
وفقك الله وسدد خطاك
وإذا عزمت على حفظ المنتقى راسلني أهديك نسخة محققه بإذن الله تعالى
ـ[أبو الحارث الأثري]ــــــــ[24 - 10 - 06, 02:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمعنا عن السلف أنهم كانوا ينصحون بحفظ الصحيحين أولاً ثم المسند.
والأفضل أن تحفظ الأحاديث مع الأسانيد لما في ذلك من الفوائد الجليلة إن إستطعت.
أسأل الله لك ولي ولجميع طلبة العلم التوفيق والسداد.
ـ[عمرو المصري]ــــــــ[24 - 10 - 06, 02:28 ص]ـ
هل حفظت بلوغ المرام أولا إذا كانت الإجابة بنعم فالحمدلله على ذلك وهذا فضل من الله
وإذا كانت الإجابة بلا فلا تشتت نفسك ولا تسأل عن مثل هذا إلا بعد أن تحفظ الكتاب الذي بين يديك أو حتى تقترب من إتمام حفظه
وما ذكرته لك فمن باب حرصي عليك وعلى آلا تتشتت ولا ينبئك مثل خبير
والله أسأل أن يوفقني ويوفقك للعلم النافع والعمل الصالح المتقبل
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[محمد علي قنديل]ــــــــ[24 - 10 - 06, 02:35 ص]ـ
و إذا أردت الكتب التي ذكرتها فعليك بالمكتبة الوقفية http://www.waqfeya.com
ـ[أبو شهاب الأزهري]ــــــــ[24 - 10 - 06, 04:34 ص]ـ
منتقى الأخبار لا تخفى فائدته للطالب الحنبلي
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[24 - 10 - 06, 09:21 ص]ـ
الحمدلله ..
انصح لك يا أخي حافظ البلوغ - اسأل الله أن يبارك فيك وينفع بك - أن تبدأ في الصحيحين و هذا ما ينصح به الأكثر من ناحية منهجية الحفظ من خلال مسموعاتي لأن يا أخي تعطيل الطالب بمثل المحرر و المنتقى و غيره اللتي لا تبعد كثيرا عن مقدار ما في البلوغ من الأحاديث يجعله ييأس من الطلب والحفظ و بطول الطريق، و ثق تماما أن من عنده البلوغ فقد حصل على خير عظيم، أما الصحيحين فلها اقتراح جد طيب ألا و هو: أن تبدأ بكتاب اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان و من ثم تبدأ بمفردات مسلم على المتفق عليه و أخيرا مفردات البخاري، و الأفضل في البداية حفظها مجردة من الأسانيد لكي لا يضجر الطالب من كثرة الرواة اللذين يمرون عليه و يتشتت بذلك و إذا وفقت لحفظها كلها دون أسانيد بعد ذلك انظر هل عندك المقدرة على مراجعتها مع حفظ الأسانيد فإن رأيت في نفسك المقدرة فامض على بركة الله، مع العلم أن هنا طرق معروفة لتسهيل حفظ الاسانيد، اسأل الله عزوجل أن يوفقك لكل خير .. و بوركت
ـ[مسدد2]ــــــــ[30 - 10 - 06, 05:51 ص]ـ
أيها الاخوة احرصوا ان تكون مواضيعكم و تعليقاتكم وكلماتكم لله واحذروا الشيطان ان يفسد عليكم ويهدر حسناتكم.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[30 - 10 - 06, 08:42 م]ـ
الا يكفى البلوغ برايكم وليس ما اقول من تثبيط الهمم ومعه زاد المستقنع ثم يحفظ البخارى ومسلم بعده
ـ[أسامة]ــــــــ[02 - 11 - 06, 02:37 ص]ـ
شيوخنا وإخواننا الأفاضل
لقد بدأت عملياً في حفظ مختصر صحيح البخاري، مع قراءة الشرح من فتح الباري للأحاديث، وتعسر عليه حفظ الرواة، ثم أنوي - ان شاء الله - حفظ مختصر صحيح مسلم مع الشرح، ثم ما تيسر من بقية كتب الأحاديث
فهل أنا أسير على المنهج السليم، أم أبدأ بالبلوغ؟؟؟؟
محبكم في الله أسامة
ـ[محمدالنجار]ــــــــ[05 - 11 - 06, 11:57 م]ـ
السلام عليكم انت على الطريق الصحيح والحمد لله
لاتتوانىولا تتردد ولاتقل ماذا ولماذا
فلكل شخص طريقته واسلوبه المهم العمل واسلوبك انت
ابدا فمن الحصى الجبال الشم واول الغيث قطره
والسلام عليكم
ـ[محمدالنجار]ــــــــ[05 - 11 - 06, 11:59 م]ـ
السلام عليكم انت على الطريق الصحيح والحمد لله
لاتتوانىولا تتردد ولاتقل ماذا ولماذا
فلكل شخص طريقته واسلوبه المهم العمل واسلوبك انت
ابدا فمن الحصى الجبال الشم واول الغيث قطره
والسلام عليكم
ـ[محمدالنجار]ــــــــ[06 - 11 - 06, 12:05 ص]ـ
السلام عليكم انت على الطريق الصحيح والحمد لله
لاتتوانىولا تتردد ولاتقل ماذا ولماذا
فلكل شخص طريقته واسلوبه المهم العمل واسلوبك انت
ابدا فمن الحصى الجبال الشم واول الغيث قطره
والسلام عليكم
¥(14/68)
ـ[أسامة]ــــــــ[10 - 11 - 06, 08:00 م]ـ
الشيخ محمد النجار
جزاك الله خير
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[10 - 11 - 06, 10:33 م]ـ
بعد الاستشارة عليك بالأستخارة وسوف ترى الخير باذن الله
ـ[أبو اليقظان العربي]ــــــــ[14 - 11 - 06, 12:17 ص]ـ
السلام عليكم انت على الطريق الصحيح والحمد لله
لاتتوانىولا تتردد ولاتقل ماذا ولماذا
فلكل شخص طريقته واسلوبه المهم العمل واسلوبك انت
ابدا فمن الحصى الجبال الشم واول الغيث قطره
والسلام عليكم(14/69)
القول المحرر لترجمة أبي صالح باذام المفسر/د. حاتم الشريف
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 08:00 م]ـ
ملتقى أهل التفسير (
د. حاتم الشريف 07 - 21 - 2006 03:22 Pm
القول المحرر لترجمة أبي صالح باذام المفسر
القَوْلُ المُحَرِّرلترجمة أبي صالح باذام المُفَسِّر
(دراسةٌ لمسألةِ سماعه من ابنِ عباسٍ، ولِمَنْزِلَتِه في الرّواية قَبولاً أو رَدًّا)
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العظيم الأفضال، والصلاة والسلام على النبيّ وأزواجه والآل.
أما بعد: فهذا مقالٌ كان يعتلج في قلبي من مُدّة، وتشغلني عن كتابته مشاغل عديدة. ثم عزمتُ على الصبر له، والثبات على كتابته؛ فقد خشيتُ -والله- أن أُحَاسَبَ إن تركتُه على عدم البيان، إذ إن الصواب الذي بدا لي فيه مهجورٌ غير مشهور، بل لو قلتُ: مجهولٌ غير معلوم عند الأكثرين = لكان قولاً قريبًا من الحقّ، إن لم يكن الحق عينه.
فاستعنتُ بالله وكتبتُه على عجل، ولم أنشط إلى تجويد ترتيبه. لكني أرجو أن أكون قد نصحتُ فيه لله ولكتابه ولرسوله، أن بيّنتُ القول الصواب في حكم رواية أحد الرواة، ممّن كان الإعراض عن قبول روايته هو القول المشتهر المستقر، فأظهرت الدراسةُ فيه خلافَ ذلك.
ولمّا كان هذا الراوي مفسّرًا، وله نسخةٌ تفسيريّة، كان لحكم روايته أثر على تفسير كتاب الله تعالى، مع ما له من الأثر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الراوي هو: أبو صالح باذام مولى أمّ هانئ بنت أبي طالب.
فقد تُكلِّم في رواية هذا الراوي من جهتين:
-من جهة تضعيفه هو وجرحه.
-ومن جهة عدم سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما.
فدرستُ هاتين الجهتين، وتبيّن لي فيهما أنهما مخالفتان للصواب، كما ستراه في طيّات هذا المقال.
وسوف أبدأ بمسألة سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، ثم بمسألة منزلته من الجرح والتعديل.
فأقول (مستعينًا بالله تعالى):
هو أبو صالح باذام (وقيل: باذان) مولى أمّ هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها.
تابعي كبير: سمع عليّ بن أبي طالب، وابن عباس، وأبا هريرة، وأمّ هانئ.
وروى عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وإسماعيل بن سالم الأسدي (تاريخ ابن معين برواية الدوري رقم 2388)، وإسماعيل بن عبدالرحمن السُّدّي (ت فق)، وجعدةُ بن أمّ هانئ (س)، وأبو هند الحارث بن عبدالرحمن الهَمْداني، وسفيان الثوري [كذا ذكره المزّي، وهو لم يدرك أبا صالح، فقد وُلد سفيان سنة 97هـ، أي بعد وفاة أبي صالح، كما أنه إنما يروي عنه بواسطة الكلبي ومنصور بن المعتمر والسُّدِّي وغيرهم]، وسليمان الأعمش (ونفى أبو حاتم سماعه منه في المراسيل رقم 298)، وسماك بن حرب (ت س)، وسيّار بن الحكم (معرفة الرجال لابن محرز: 2/ رقم 269)، وعاصم بن بهدلة (سي)، وأبو قلابة عبدالله بن زيد الجرمي (قد)، وعثمان بن عاصم بن حَصين أبو حَصين (القدر للفريابي رقم 414، ومسند الشاميين للطبراني رقم 1385، والمحدث الفاصل للرامهرمزي 291)، وعمّار بن محمد ابن أخت سفيان الثوري [ذكره المزّي، وهو لم يدرك أبا صالح، وطبقتُهُ طبقةُ من يروي عن رجلين عنه]، وعمران بن سليمان، ومالك بن مِغْوَل، ومحمد بن جُحادة (4)، ومحمد بن السائب الكلبي (ت فق)، ومنصور بن المعتمر (تفسير الطبري 3/ 313 - 314)، وموسى بن عُمير القرشي، وأبو مكين نوح بن ربيعة.
هؤلاء هم الرواة عنه الذين ذكرهم المزّي في تهذيب الكمال (4/ 6)، وأضفت إليهم آخرين قيّدتُهم وقيّدتُ مصادر رواياتهم عنه.
وهو مكيٌّ، ثم كوفيّ. كان يناصر آل عليّ رضي الله عنه.
توفي في خلافة الوليد بن عبدالملك، أي بين (86هـ - 96هـ)، في قول الدولابي. وأمّا الذهبي فأرّخه ظنًّا بين سنة (110هـ - 120هـ)، كما في تاريخ الإسلام (3/ 311)، والأوّل أقرب.
هذه أهمّ معالم سيرته، وسيأتي أثناء سياق ما يتعلّق بسماعه وبمنزلته في الرواية أشياء أخرى مهمّة مُتَمِّمةٌ لهذه السيرة.
وأبدأ أوّلاً بما يتعلّقُ بسماعه من ابن عباس رضي الله عنهما خاصّةً، وسيأتي في أثناء ذلك إثبات سماعه من بقيّة شيوخه المذكورين آنفًا:
فقد شُكِّك في سماعه من ابن عباس، وأكثر ما يستدل به أصحاب هذا التشكيك، بقول ابن حبان في المجروحين (1/ 185): «يحدث عن ابن عباس، ولم يسمع منه».
¥(14/70)
وهذه هي العبارة التي ذكرها العلائي في جامع التحصيل (رقم 55)، وابن الملقن في البدر المنير (2/ 485)، وأبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (رقم 80)، والحافظ ابن حجر في التهذيب (1/ 417).
ومما يؤيد هذا القول: أن الإمام مسلمًا في كتابه التفصيل، تعقّب حديث أبي صالح عن ابن عباس في لعن زوارات القبور، بقوله: «هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتّقى الناس حديثه، ولا يثبت له سماعٌ من ابن عباس». (فتح الباري لابن رجب 3/ 201).
ونقل مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال (2/ 345)، عن ابن عدي أنه نفى سماعه من ابن عباس أيضًا، وهو أمرٌ لا وجود له في الكامل لابن عدي!
وقد كان هذا القول هو المستقرّ عند عامّة الباحثين، بل لا أعرف إلا من قال به. وكان هو المستقرّ عندي أيضًا، خاصةً مع عبارة الإمام مسلم التي وقفت عليها.
ثم أوّل ما حَرّكني للبحث هو أني وقفت على العبارة التالية في منتخب علل الخلال لابن قدامة (127 رقم 60)، وهي قول مُهَنّى: «قال أحمد بن حنبل: لم يكن عند أبي صالح من الحديث المسند. يعني: إلا شيءٌ يسير. (قال مهنى:) قلت: أي شيء؟ قال: عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة:195]، قال: النفقة في سبيل الله».
والذي استوقفني منها هو قول الإمام أحمد بأنّه ليس عند أبي صالح من الأحاديث المسندة إلا الشيء اليسير، ثم ضرب مثالاً لهذا اليسير بأثر موقوفٍ على ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية.
وسبب هذا التوقف مني عند هذا الوصف: أن المسند عند المحدثين أكثر ما يُطْلَق على المرفوع المتّصل (حقيقةً أو ظاهرًا)، وقد يطلقونه (بقلة) على غير المرفوع إذا كان مُتّصلاً. وتفسير ابن عباس هنا غير مرفوع، ومعنى ذلك أن الإمام أحمد قصد بـ (المسند) في وصفه لحديث أبي صالح عن ابن عباس: الاتصال، أي: إنه متصل!
هذا أوّل ما استوقفني، ودعاني لبحث هذه المسألة.
فلمّا رجعتُ إلى تفسير الطبري عند تفسير هذه الآية، وجدته أخرجه من وجهين عن شعبة بن الحجاج، عن منصور بن المعتمر، عن أبي صالح [قال في أحد الوجهين في التعريف به: الذي كان يحدث عنه الكلبي]، عن ابن عباس، أنه قال في هذه الآية: «تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقصٌ أو سهم». (تفسير الطبري: 3/ 313 - 314).
فاستوقفني فيها أنها من رواية شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ومن المعلوم لدى المشتغلين بالسنّة: دلالةُ رواية شعبة بن الحجاج على سماع الرواة الذين روى عنهم بعضهم من بعض، لا في طبقة شيوخه وشيوخهم، بل في طبقة شيوخ شيوخه وشيوخهم أيضًا. إذْ لمّا روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك، قال: سمعت عمارًا؛ قال ابن أبي حاتم لأبيه: «فأبو مالك سمع من عمار شيئًا؟ قال: ما أدري ما أقول لك! قد روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك: سمعت عمارًا. ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار، ما كان شعبةُ يرويه .. ». (العلل: رقم 34). ووجه الاحتجاج بقوله: «ما كان شعبة يرويه»، إذ الظاهر أنه لولا صحّة السماع لما رواه شعبة، والمعنى: أن شعبة لا يروي إلا ما كان مُتّصلاً.
ومن العبارات المهمّة أيضًا، لكن ظاهرها يخص شيوخ شعبة، قَوْلُ شعبة: «كل شيء حدثتكم به، فذلك الرجل حدثني به أنه سمعه من فلان؛ إلا شيئًا أبيّنه لكم». (تقدمة الجرح والتعديل: 173). ومن ذلك ما أخرجه السرّاج في مسنده (رقم 742) بإسناد صحيح إلى شعبة، قال: «ما سمعتُ من رجل حديثًا، إلا قال لي: حدثنا، أو: حدثني؛ إلا حديثًا واحدًا: قال قتادة: قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من حُسن الصلاة إقامة الصف. أو كما قال؛ فكرهتُ أن تَفْسُدَ عليَّ من جودة الحديث».
فلمّا وجدتُه من رواية شعبة عن منصور عن أبي صالح عن ابن عباس، ازددتُ ثقةً أن الإمام أحمد بكلامه السابق أراد وَصْفَ حديث أبي صالح عن ابن عباس بالاتصال، وهذا يعني إثباته للسماع.
فرجعتُ إلى الأثر السابق، وعزمتُ على تخريجه. فكان أوّل مصدر رجعت إليه بعد تفسير الطبري، هو تفسير ابن أبي حاتم، فما أشدّ فرحي عندما تحقّق ظنّي، عندما وجدتُ أبا صالح يصرّح بالسماع، بالإسناد الصحيح إليه، وفي هذا الخبر نفسه الذي ذكره الإمام أحمد!!!
¥(14/71)
قال ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 330 رقم 1742): «حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا صالح مولى أمّ هانيء، أنه سمع ابن عباس يقول في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مِشْقصًا».
وبذلك جزمتُ بصحّة فهمي لكلام الإمام أحمد، وأنه كان يثبت سماع أبي صالح من ابن عباس. وأن شعبة أيضًا كان يثبت هذا السماع، ولذلك روى عن أبي صالح عن ابن عباس، وأنه اطّرد على قاعدته في التثبّت من السماع في هذا الإسناد تحديدًا. وأخيرًا قام الدليلُ الصحيح، والذي اعتمده الإمام أحمد من قبل = على أن أبا صالح قد سمع من ابن عباس!! ثم يأتي كلام الإمام أحمد لينفي عن صيغة التصريح بالسماع في ذلك الخبر احتمال التصحيف؛ لأنه أثبت بها الاتصال!
ولا شكّ أن هذا الإثبات للسماع، بإمامة وجلالة مُثْبِتَيْهِ، وبقيام الدليل على صحّته = أجل وأرجح من أقوال النُّفاة. كيف وقد وافقهم ثالثٌ باللفظ الصريح، كما يأتي؟؟!
ولكنّي أحببتُ مزيدًا من التأكد، فواصلتُ التنقيب، حتى وقفتُ على الخبر التالي:
قال الرامهرمزي في المحدّث الفاصل (291 - 292): «حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل: حدثنا عبدالرحمن بن صالح: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حَصين، قال: كنّا عند أبي صالح، فقال: قال أبو هريرة: إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلّها سبعين عامًا. فقال شقيق الضبّي: ما سمعنا في الجنة بظعن ولا سير! قال: أفتكذّبُ أبا هريرة؟! قال: لا، ولكن أكذّبُك.
قال: وكان أبو صالح مولى أمّ هانئ وقع في السهم لجعدة بن هبيرة، فبعث به إلى أمّ هانئ، فأعتقته، وقالت لابن عباس: اكتُبْ له عِتْقَه، ففعل. وكانت تقول لأبي صالح: تعلّم، فإنّ الناس يسألونك. وتقول: خرج من بيت علم».
وهذا إسنادٌ صحيح.
محمد بن عبدوس بن كامل السلمي السراج البغدادي (ت293هـ)، وهو أحد الحفاظ الأثبات. (تاريخ بغداد: 2/ 381 - 382).
وعبدالرحمن بن صالح الأزدي (ت235هـ)، وهو ثقة، لم يُتكلّم فيه إلا ببدعة التشيّع. (التهذيب: 6/ 197 - 198).
أبو بكر بن عياش (ت194هـ)، وهو مشهور في الثقات المكثرين.
وأبو حَصين هو عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي (ت127هـ)، وهو ثقة ثبت مشهور.
وأخرجه ابن جرير الطبري مختصرًا (22/ 316 - 317)، لكن فيه فوائد إسناديّة.
حيث قال الطبري: «حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو حصين، قال: كنّا على بابٍ في موضع، ومعنا أبو صالح وشقيق (يعني الضبي). فحدّث أبو صالح، فقال: حدثني أبو هريرة، قال: إن في الجنة لشجرةً يسير الراكب في ظلها سبعين عامًا. فقال أبو صالح: أتكذّب أبا هريرة؟! فقال: ما أكذب أبا هريرة، ولكنّي أكذبك أنت. قال: فشقّ على القرّاء يومئذٍ».
وبهذا الإسناد الصحيح يزداد السابق صحّة، وفيه فائدة، وهي أن أبا صالح قد سمع من أبي هريرة أيضًا، فقد صرّح بالسماع منه.
أمّا الخبر نفسه المتعلّق بأبي صالح، والذي يظهر أنه من كلام أبي حصين، فهو خبرٌ جليل الفوائد:
-ففيه أن عبدالله بن عباس هو الذي كتب عِتْقَ أبي صالح.
-وفيه أن أبا صالح سمع من أمّ هانئ بنت أبي طالب أخت أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. وقد صرّح بالسماع منها أيضًا في مسند أحمد (رقم 26891)، ومعجم الطبراني (24/ 412).
-وفيه أنه تلقَّى علمه من آل بيت النبوة، كابن عباس، وبنت عمّه أم هانئ رضي الله عنها.
-وفيه ثناءٌ من هذه الصحابيّة الجليلة على هذا التابعي الجليل!
وأمّا جعدة بن هبيرة الوارد في الخبر فهو ابن أمّ هانئ، حيث إن أمّ هانئ تزوجت بهبيرة بن أبي وهب المخزومي، فولدت منه جعدة وغيره.
وبذلك نعلم قِدَمَ طبقة أبي صالح، ولا نعجب حينها من ذكر ابن سعد له في طبقة التابعين الذين سمعوا من مثل ابن عمر وأسامة بن زيد وابن عباس وعائشة وأمثالهم. فانظر طبقات ابن سعد (7/ 297) (8/ 413).
بل لم يقف الأمر عند هذه الطبقة، فقد قال الدولابي في الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس، وهو أبو صالح صاحب التفسير، وكان علويًّا، هلك في إمارة الوليد بن عبدالملك».
فهاهو الدولابي لا يثبت سماعه من ابن عباس فقط، بل من علي رضي الله عنه! وليس في ذلك غرابة، وهو عَتيقُ أخته أمّ هانئ بنت أبي طالب.
وبذلك لا يبقى شكٌّ في سماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما.
¥(14/72)
لكن جاء في عبارة الإمام أحمد التي فتح الله بها عليّ بهذا التحرير: أن أبا صالح لم يرو عن ابن عباس إلا القليل، مع أنّ رواية أبي صالح عن ابن عباس نسخةٌ شهيرةٌ في التفسير!
الجواب: أن النسخة الشهيرة عن أبي صالح عن ابن عباس، هي من رواية محمد بن السائب الكلبي، وهو الذي وضع هذا الإسناد، وكذب على أبي صالح.
ومصداقُ ذلك أن ما رواه أبو صالح عن ابن عباس، من غير رواية الكلبي عنه، قليلٌ جدًّا، كما قال الإمام أحمد، وكما تراه في التفاسير.
فليس له في الكتب الستة عن ابن عباس؛ إلا حديث «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتّخذين عليها المساجد والسُّرُج».
أخرجه أبو داود (رقم 3227)، والترمذي وقال: «حديث حسن» (رقم 320)، والنسائي (رقم 2043)، وابن ماجه (رقم 1575).
وهو من حديث شعبة بن الحجاج أيضًا، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
وليس لأبي صالح عن ابن عباس حديثٌ سواه في إتحاف المهرة لابن حجر (7/ 18 - 19)، إلا ثلاثة أحاديث عند الدارقطني، كلّها من رواية الكلبي عن أبي صالح، وقد نبّه الدارقطني على كذب الكلبي فيها (سنن الدارقطني رقم 4227).
هذا ما يتعلّق بسماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما.
د. حاتم الشريف 07 - 21 - 2006 03:33 Pm
--------------------------------------------------------------------------------
منزلته في الجرح والتعديل وخلاصة حاله
أما منزلته من الجرح والتعديل:
فالحقّ يُقال: إن من أعظم ما أضرّ بأبي صالح روايةُ الكلبي عنه لذلك التفسير الموضوع على ابن عباس رضي الله عنهما.
ولم يكتفِ الكلبي بذلك، حتى ادّعى أن أبا صالح قال له: «كل شيء حدثتك فهو كذب». (التاريخ الكبير للبخاري: 1/ 101، والأوسط: 3/ 399 رقم 609، والضعفاء: رقم 337، ومنتخب علل الخلال لابن قدامة: 127 رقم 60، والكامل لابن عدي: 2/ 69، 7/ 114، 115، والأسماء والصفات للبيهقي: رقم 875، 876).
وقد رُوي عنه هذا التكذيب بلفظ آخر مجمل، غير صريح بتكذيب أبي صالح، وهو أنه قال للثوري: «ما حدثت عني، عن أبي صالح، عن ابن عباس، فهو كذب، فلا تروه». (الجرح والتعديل 7/ 271، والمجروحين 2/ 254).
وسواءً أقال العبارة الأولى التي زعم أن أبا صالح اعترف له فيها بالكذب، أو قال الثانية التي تحتمل تكذيبه نفسه، فالكلبي نفسه كذّاب، ولا يجوز أن يُجْرح أحدٌ بكلام كذّاب.
ولذلك فما أحسن تصرّف البخاري عندما أورد هذه العبارة في ترجمة الكلبي، لا في ترجمة أبي صالح. للذي ذكرناه من أن الكلبي نفسه كذاب، ومن جهة أن الكلبي قد ملأ الدنيا بتفسيره المطوَّل المكذوب هذا، فما باله يحدّث بما عَرّفه شيخُه -بزعمه- أنه كَذِبٌ؟! ولماذا لم يمتنع عن رواية هذا التفسير الموضوع؟!!
وقد بيّن يحيى بن معين من يستحق التكذيب في هذه النسخة، حيث قال (كما سيأتي): «الكلبي إذا روى عن أبي صالح فليس بشيء؛ لأن الكلبي يحدّث به مَرّةً من رأيه، ومَرَّةً عن أبي صالح، ومَرَّةً عن أبي صالح عن ابن عباس. فإذا حدّث غير الكلبي عن أبي صالح: فليس به بأس».
ووازن هذين الموقفين المنصفين من عبارة الكلبي تلك بقول الجوزجاني في أحوال الرجال (رقم 64): «أبو صالح مولى أمّ هانئ، كان يقال له دُرُوزَن: غير محمود (ثم أسند إلى سفيان الثوري:) عن الكلبي، قال: قال أبو صالح: كل ما حدثتُك كذب».
فـ (غير محمود) لا تساوي في الدلالة اتّهامه بالكذب، فإن قصد أنه غير محمود لكنه غير كذاب: فعبارته موهمةٌ، لا تؤدّي هذا المعنى؛ إذ كيف يَسْتدل لكونه غير كذاب بوصفه بالكذب؟! وإن استدلّ لوصفه بالكذب بعبارة الكلبي، فهذا ما لا يُقبل؛ إذ كيف يُجرح أحدٌ بقول كذاب؟!
وأحسب الجوزجاني وصفه بهذا الوصف لكونه من شيعة علي رضي الله عنه؛ لأنه ذكره في شيعة الكوفة، كما أنّ أبا صالح قد وصفه الدولابي بأنه علوي، ومراده بذلك أنه ممن له ميلٌ إلى عليّ رضي الله عنه. وهذا سببٌ من أسباب انحراف الجوزجاني عنه، فإنه (كما هو معروف عنه) فيه مَيْلٌ زائدٌ عن شيعة علي رضي الله عنه.
¥(14/73)
وقد ظهر لي سبب افتراء الكلبي لهذه الفرية، التي يدّعي فيها أن أبا صالح أقرّ على نفسه بالكذب، مع ما لا يخفى من بُعْد وقوع مثل هذا الإقرار في العادة، مما يشهد على كذب دعوى هذا الإقرار نفسها، وهذا السبب هو أن أبا جناب يحيى بن أبي حيّة، قال: «حلف أبو صالح: أني لم أقرأ على الكلبي من التفسير شيئًا». (الجرح والتعديل 7/ 271). فيبدو أن الكلبي لمّا بلغه أن أبا صالح كذّبه، واجه التكذيب بالتكذيب!!
وعلى عدم اعتماد تكذيب الكلبي لأبي صالح عامة النقّاد؛ لأنّ من ضعّف أبا صالح منهم، لم يصل الأمر بغالبهم درجة اتّهامه بالكذب، بل ظاهر عبارات غالبهم أنه خفيف الضعف؛ وهذا ردٌّ لقول الكلبي، وهو حريٌّ بكل ردّ.
ومع ذلك: فقد استصحب شؤمُ كَذِب الكلبي بتلك النسخة أبا صالح في غير سياقه الصحيح، في كثير من الأحيان.
وهذا ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (5/ 563 - 564)، يردّ على قول عبدالحق الإشبيلي عن أبي صالح: «ضعيف جدًّا»، بردٍّ يقول فيه: «وضعفُ الكلبي لا ينبغي أن يُعْدِي أبا صالح، وليس ينبغي أن يُمَسَّ أبو صالح بكذبة الكلبي عليه، حيث حكى عنه أنه قال له: كل ما حدثتك عن ابن عباس كذب، وفي رواية: فلا تحدث به. فهذا من كذب الكلبي، وهو عندهم كذاب».
ولكن يبدو أنّ كذب الكلبي قد أخرج عبارات في أبي صالح تُوهِمُ أنه في حالته من الكذب أو قريبًا منها!
فانظر قول الدارمي في ردّه على المريسي (54): «قد أجمع أهل العلم بالأثر أن لا يحتجوا بالكلبي، في أدنى حلال أو حرام، فكيف في تفسير توحيد الله وتفسير كلامه!! وكذلك أبو صالح». فلا أدري: هل جُرّ أبو صالح بالمجاورة (كما يقول أهل النحو)؟! أم قصد أنه لا يُعتمد على نسخة الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس؟! أم قصد استضعافَ تفسير أبي صالح الموقوف عليه لا روايته عن ابن عباس؟!!
فمن نظر في أقوال أئمة الجرح والتعديل، والتي سيأتي ذكرها، يعلم أن أبا صالح لا يصح اتّهامُه وتركُه، وأن أقصى ما يمكن أن يصل إليه من الضعف، هو الضعف الذي سببه قلّة الحفظ وضعف الضبط، وهو سببٌ لا يُنزله إلى مراتب الضعف الشديد أبدًا، ما دام معلومَ العدالة.
ومن ثَمَّ: يستحقُّ كل قول يدلّ على ترك أبي صالح التركَ المعني به ترك الرواية، والدالَّ على شدّة الضعف = أن يكون قولاً مردودًا، لا يؤثر في أبي صالح؛ لأنه يشهد على عدم صحّة تصوّر قائله لحقيقة حال أبي صالح. ومن لم يصحّ تصوّره لا يصح حُكْمُه، ولا يصحّ اعتماد حكمه من بعده.
فانظر قول البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 312): «وأبو صالح هذا، والكلبي، ومحمد بن مروان: كلّهم متروك عند أهل العلم بالحديث، لا يحتجّون بشيء من رواياتهم؛ لكثرة المناكير فيها، وظهور الكذب منهم في رواياتهم».
هذا القول مثالٌ صحيح لشؤم رواية الكلبي عن أبي صالح في التفسير، ومثال على عدم صحّة التصوّر لحال أبي صالح!
ونحوٌ منه قول ابن عدي: «وباذام عامّةُ ما يرويه تفاسير، وما أقلّ ما له من المسند. وهو يروي عن: علي، وابن عباس. وروى عنه: ابن أبي خالد تفسيرًا كثيرًا، قدرَ جزء. وفي ذلك التفسير ما لا يتابعه عليه أحد، ولا أعلم أحدًا من المتقدّمين رضيه». (الكامل 2/ 71، ووقع فيه تصحيفات، وتصويبها من مختصر الكامل للمقريزي 201 رقم 300).
قلت: إن قصد ابن عدي بما لا يتابع عليه من التفسير رواية الكلبي، فهذا ما لا يصح أن تُلْحَق نكارته بأبي صالح. وإن قصد ما سوى ذلك، فما أورد له ابن عدي شيئًا يقتضي تضعيف تفسيره.
فقد أخرج ابن عدي (2/ 70) في ترجمة أبي صالح خبرين عنه متعلّقين بالتفسير، والأصل أنه أخرجهما لبيان مثالٍ لما يُستنكر عليه من التفسير.
أمّا الأول: فهو أن أبا صالح قال في قوله تعالى: {ويأتوكم من فورهم} [آل عمران:125]: «من غضبهم».
وهذا تفسير لم ينفرد به أبو صالح، بل هو قول مجاهد، وقولٌ لعكرمة مولى ابن عباس، وللضحاك، وله وجه في اللغة صحيح. (تفسير الطبري 6/ 30 - 32).
وأمّا الثاني: فرواية أبي صالح عن أمّ هانئ، قالت: «فيّ نزلت هذه الآية {وبنات عملك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك} [الأحزاب:50]، فقالت: أراد النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوّجني، فنُهي عنّي؛ لأني لم أُهاجر».
¥(14/74)
وهذا السبب لنزول الآية الذي أورده ابن عدي، والذي يُفهم من إيراده إيّاه أنه مثالٌ لما يُستنكر من مرويات أبي صالح في التفسير = ليس فيه نكارة ظاهرة، بل قد خالفه غيره من أئمة الحديث، فقد أخرجه الترمذي (رقم 3214)، وقال: «هذا حديث حسن، لا أعرفه إلا من هذا الوجه من حديث السُّدِّي». (ووازنه بتحفة الأشراف 12/ 450 رقم 17999)، والحاكم وصحّحه (2/ 420) (4/ 53). وذكره عددٌ من المفسّرين عند هذه الآية، دون نكير منهم لها.
وانفراد أبي صالح عن أمّ هانئ بهذا السبب، وهو مولاها، لا غرابة فيه. على أنّ أصل القصّة ثابتٌ في الصحيح، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أمّ هانئ. فقد أخرجه مسلم (4/ 1959 رقم 2527)، من حديث أبي هريرة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطب أمّ هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني قد كبرتُ، ولي عيال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)).
وله شاهدٌ من حديث أمّ هانئ نفسها عند الطبراني في الكبير (24/ 436 - 437) والأوسط (رقم 4254، 5615)، بإسناد جيّد إلى الشعبي، عن أمّ هانئ رضي الله عنها. وأخرجه ابن سعد (10/ 146 - 147)، عن الشعبي، بالقصّة.
وقد جوّد أبو صالح مولاها الخبر عنها، كما في لفظه الآخر عند ابن سعد في الطبقات (10/ 147)، بإسناد صحيح إليه، حيث قال: «خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّ هانئ بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني مُؤْيمة، وبنيّ صغار. فلمّا أدرك بنوها، عرضت نفسها عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أمّا الآن فلا))؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أنزل عليه {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} إلى قوله {اللاتي هاجرن معك} [الأحزاب:50]، ولم تكن من المهاجرات».
ففي هذا الخبر بيانٌ للخبرين، وأن الآية لم تنزل في أمّ هانئ، ولكن كان فيها بيان حكمها، وهو أحد معاني السلف في قولهم: «نزلت في كذا»، أي في بيان حكم قصّة فلان أو تُخبر عن مثل ما وقع لفلان. (وانظر: المحرّر في أسباب النزول للدكتور خالد المزيني 2/ 816 - 818، فهذا التحرير يناقشُ ترجيحَه).
فهذا هو الخبر الثاني لابن عدي يتبيّن أنه لا نكارة فيه أيضًا، وأن ابن عدي إن قصد بإخراجه الاستدلال به على ما ذكره: من رواية أبي صالح لما لا يُتابع عليه في التفسير وما يُستنكر عليه فيه، كما هو الأصل من منهج ابن عدي = أنه استدلالٌ في غير محلّه؛ لأنه لا نكارة فيه.
وأمّا إن لم يقصد ابن عدي الاستدلال بالخبرين السابقين على مناكير أبي صالح في التفسير، وهذا خلاف الأصل، فلماذا لم يذكر ما يستدل به؟! فهذا أكثر دلالة على عدم صحّة ما ذهب إليه، لأنه فَقَدَ دليلاً واحدًا عليه، وأنه لم يجد حديثًا واحدًا يشهد لصحة قوله!
وممّا يؤكّد على نقص ما كان لدى ابن عدي في أبي صالح، قولُه عنه: «ولا أعلم أحدًا من المتقدّمين رضيه». فإن هذه العبارة المنقوضة بالواقع (كما يأتي)، تدل على النقص الذي سيؤدّي إلى خطأ التصوّر أيضًا عند ابن عدي رحمه الله.
على أن شيخ الإسلام ابن تيميّة قد تعقّب عبارة ابن عدي هذه، بقوله في مجموع الفتاوى (24/ 351): «وهذا كقول من قال: لا أعلم أنهم رضوه. وهذا يقتضي أنه ليس عندهم من الطبقة العليا، ولهذا لم يخرج البخاري ومسلم له ولأمثاله؛ لكن مجرّد عدم تخريجهما للشخص لا يوجب ردّ حديثه. وإذا كان كذلك، فيقال: إذا كان الجارح والمعدِّل من الأئمة، لم يُقبل الجرح إلا مفسَّرًا، فيكون التعديل مقدّمًا على الجرح المطلق».
لكن الذي يستوقف في شأن ابن عدي، أنه قد أورد عبارة قاسيةً في أبي صالح، ومع نقص تصوّره عنه، لم يعتمدها!
فقد أخرج ابن عدي (2/ 68)، والبخاري في الضفعاء (رقم 44)، والأوسط (3/ 60)، وغيرهما، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: «كنّا نسمّي أبا صالح دروغ زن، وتفسيره كذّاب».
وقد جاءت في بعض المصادر «دروزن»، فانظر السنن الكبرى للنسائي (3/ 368).
والذي في المعجم الذهبي (فارسي-عربي) للدكتور محمد التونجي (295):
«دُروغ زَن: كاذب».
وهذا الوصف هو أشدّ ما جاء في أبي صالح، ولكن يعارضه معارضة قويّة قول من قبله (وهم من أجلّ الأئمة وأشدّهم تحرّيًا)، وقولُ من ضعّفه تضعيفًا خفيفًا.
¥(14/75)
ومن دلائل عدم اعتماده أيضًا أن الإمام النسائي لم يعتمده، فقد قال في السنن الكبرى (3/ 368 رقم 3295): «هو ضعيف الحديث، وهو مولى أمّ هانئ، وهو الذي يروي عنه الكلبي. وقال ابن عيينة، عن محمد بن قيس، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كُنّا نُسمي أبا صالح دُرُوْزَنْ، وهو بالفارسيّة: كذّاب؛ إلا أن يحيى بن سعيد لم يتركه، وقد حدّث عن إسماعيل بن أبي خالد عنه، وقد رُوي أنه قال في مرضه: كل شيء حدّثتكم فهو كذب».
فانظر كيف اكتفى بوصفه بأنه «ضعيف الحديث»، وهو الوصف الذي ذكره أيضًا في كتابه الضعفاء (رقم 74)، مع علمه بعبارة حبيب بن أبي ثابت. ثم انظر إلى استثنائه «إلا أن يحيى بن سعيد لم يتركه»، وظاهرها بيان سبب عدم اعتداده بهذا التكذيب. أمّا ما نقله في آخر ترجمته، فلا يخفى على أبي عبدالرحمن النسائي أنه من رواية الكلبي، ولذلك قدّمه بصيغة التمريض، ولذلك لم يعتمده أيضًا.
وأمّا ما نقله المزّي (تهذيب الكمال 4/ 7) من أن النسائي قال عنه: «ليس بثقة»، وهي عبارة جرح شديد من النسائي، ففوق كونه مخالفًا لما جاء في كتابي النسائي (السنن، والضعفاء)، فقد شكَّك الإمام الذهبي في صحّتها، حيث قال في السير (5/ 37 - 38): «وقال النسائي: ليس بثقة، كذا عندي، وصوابه: بقوي. فكأنها تصحّفت، فإن النسائيَّ لا يقول: ليس بثقة في رجل مُخَرَّج في كتابه».
وما أحسن كلام الذهبي هذا، خاصّةً مع إخراج النسائي له في المجتبى، مُبَوِّبًا على حديثه وحده (رقم 2043)، دون تعقُّبٍ منه بضعفه. وإنما تعقّب حديثًا آخر، كان يرى أنه لا يصح، في (السنن الكبرى)، كما نقلنا كلامه آنفًا.
وهذا التصرّف من النسائي يصلح أن يكون من نصيب من كان في آخر مراتب القبول؛ حيث إن الأصل فيمن أخرج له النسائي في المجتبى، دون إعلال لحديثه، أنه مقبول. وأمّا قوله عنه ضعيف، فلا يعارض تلك المنزلة، كما بيّنتُه في المرسل الخفي (1/ 309 - 311، 352)، من أن (ضعيف) وصفٌ قد يوصف به من كان في آخر مراتب القبول؛ لأن فيه ضعفًا موازنةً بالثقة. ويَكْثُر وصف المقبول بهذا الوصف إذا أخطأ، ويزدادُ عدد المقبولين الموصوفين بالضعف في أحكام من كان نَفَسُهُ حادّ، كالنسائي، على عَدَدِهم في أحكام الأئمة المعتدلين في ألفاظهم.
هذه هي أهم ألفاظ الجرح، وذكرنا أنّ من أسبابها رواية الكلبي التفسير عن أبي صالح، ثم دعواه أنه كذب في روايته.
كما أن من أسبابها أن أبا صالح لم يكن مبرّزًا في التفسير تبريز مفسّري عصره، من أمثال مجاهد وغيره من تلامذة ابن عباس. كما أنه لم يكن مبرّزًا في العلم كأئمة التابعين في زمنه، من أمثال الشعبي. كما أنه كانت له صنعة لم تكن من صنائع كبار العلماء، وهي تعليم الصبيان في الكُتّاب. فمِثْلُهُ إذا انتُقِصَ من علمه، أو استُخِفَّ بمعارفه، ومن أئمة التابعين = لا نستغرب ذلك. لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون له اعتباره في العلم، فإن البدر عند الشمس ينمحي نوره.
فإن «كان مجاهد ينهى عن تفسير أبي صالح» [كما في التاريخ الكبير للبخاري (2/ 144)، والكامل لابن عدي (2/ 70)، والجرح والتعديل (2/ 432)، لكنه جاء مطلقًا غير مقيد بالتفسير عند ابن أبي حاتم]؛ فإن لمجاهد (الذي فاق أئمة التابعين قاطبةً في التفسير) أن لا يراه أهلاً لذلك. خاصّةً أنه يُذكر عنه كثرة اعتماده على الصُّحُف، وأنه يأخذ عنها دون إكثار من الأخذ من العلماء، كما قال مغيرة بن مِقْسم: إنما أبو صالح صاحب الكلبي يُعَلّم الصبيان، (ويُضَعِّفُ تفسيره): قال: كُتُبٌ أصابها، (وتعجّب ممن يروي عنه). [أخرجه صالح بن الإمام أحمد كما في العلل رواية المروذي وغيره رقم 315، وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ 2/ 782 - 783، والعقيلي في الضعفاء 1/ 166]. فهذا الاستضعاف مقبول من إمام المفسّرين مجاهد، وهذا التعليل بالأخذ من الكتب له وجهه في زمنهم. أمّا اليوم وقبله بدهور، فلا يصح الاعتماد على هذه الأحكام لاستضعاف علم أبي صالح في التفسير. ولذلك نقل عنه تفسيره اثنان من جلّة التابعين، ورأياه أهلاً له، وهما إسماعيل بن عبدالرحمن السُّدِّي المفسِّر الكبير، وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي التابعيّ الثقة الحجّة الذي قال عنه العجلي: «كان لا يروي إلا عن ثقة». (التهذيب: 1/ 292). وأودع كثيرًا من أقواله في التفسير أئمة التفسير في كتبهم، كابن جرير وابن أبي
¥(14/76)
حاتم، في حين أنهما تجنّبا تفسير الكلبي ومقاتل بن سليمان والواقدي وأمثالهم
وأمثالهم ([1])، بل لقد استعرضتُ كل ما رواه له ابن جرير في التفسير، فلم أجد فيه ما يُستنكر، بل عامة تفسيره متابعٌ عليه من أئمة التفسير في زمنه، كمجاهد وعكرمة وأمثالهما.
وفي هذا المعنى قِصّة الشعبي مع أبي صالح، فقد قال إسماعيل بن أبي خالد:
«رأيتُ الشعبي مرَّ بأبي صالح، فأخذ بأذنه فعركها، ثم قال: يا مَخْبَثَان، تفسر القرآن وأنت لا تقرأه». ومعنى قوله: «وأنت لا تقرأه»، أي: لا تحفظه؛ كما جاء في بعض ألفاظ الخبر. (العلل ومعرفة الرجال برواية المروذي وغيره: رقم 314، وتاريخ ابن معين برواية الدوري: رقم 3164، المعرفة والتاريخ للفسوي: 2/ 685، 785، وتاريخ ابن أبي خيثمة: رقم 2452، والضعفاء للعقيلي: 1/ 165، وتفسير الطبري: 1/ 86، والكامل لابن عدي: 2/ 70، وجاء عندهما بلفظ: وأنت لا تحسن تقرأ).
ولا شك أن لحفظ القرآن أو لجودة قراءته أهمّيته، لكنه ليس شرطًا من شروط المفسّر ([2]).
وهذا إسماعيل بن أبي خالد الذي روى هذه الحكاية عن الشعبي، وهو أخصّ تلامذة الشعبي وأوثقهم فيه، يكون هو نفسه أشهر وأكثر من روى تفسير أبي صالح، وكأنه لم ير في نقد الشعبي ما يقتضي ردّ تفسير أبي صالح، مع إجلاله وتعظيمه لشيخه الشعبي.
وكأني ألمح من عَرْك الشعبي لأُذُنِ أبي صالح، أن القصّة جاءت على وجه المزاح والدعابة! خاصةً أنهما قرينان في السنّ تقريبًا!!
وهذا كُلّه ليس له علاقةٌ بقبول رواية أبي صالح؛ لأن القبول لا علاقة له بعلمه في التفسير. لكن إيراد هذه الأقوال في ترجمة أبي صالح مع عبارات الجرح والتعديل، قد تعزّزُ في نفس الناظر بغير أناة قبول الجرح وتقدّمه عنده على التعديل. لكن بعد هذا البيان عن مكانة أبي صالح في التفسير، وبالتأكيد على أنه لا علاقة بين هذه العبارات ومنزلته في الجرح والتعديل = لا يبقى لهذه العبارات أثرٌ في تعزيز الجرح على التعديل ولا العكس.
فإذا عُدْنا إلى بقيّة عبارات الجرح، أجد أهمّها (بعدما سبق) ما جاء في التهذيب (1/ 416): «قال أحمد: كان ابن مهدي ترك حديث أبي صالح». فقد يُظنّ أن الترك هنا هو الترك الاصطلاحي، الذي يُقصد به شدّة الضعف. لكن الصحيح أن عبدالرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان لمّا كانا لا يرويان إلا عن ثقة أو مقبول الرواية عندهما ([3])، قيّد العلماءُ مَنْ رويا عنه، ومن تجنّبا الرواية عنه أو له. فيكون حينها من تجنّبا الرواية عنه غير مقبول الحديث عندهما، فقد يكون شديد الضعف، وقد يكون خفيفَ الضعف؛ لأن هذين الصنفين كليهما لا يُحتجّ بحديثهما. وقد يعبّر العلماء عن ذلك بأنهما رويا عن فلان وتركا حديثَ فلان، أو روى عنه أحدهما وتركه الآخر، والمقصود بالترك هنا ما هو أعمّ من الترك الاصطلاحي؛ لأن شرط هذين العالمين ترك الرواية عن خفيف الضعف وشديده.
ويبيّن هذا المعنى بوضوح النُّقول التامّة التالية:
قال الإمام أحمد في العلل (رقم 3289): «كان ابن مهدي لا يُحدّثُ عن إسماعيل عن أبي صالح شيئًا، من أجل أبي صالح، وكان يحيى بن سعيد يحدّث عنه، وكان في كتابي عنه عن سفيان عن السُّدِّي عن أبي صالح، فلم يحدثنا به [يعني: عبدالرحمن بن مهدي]».
وعَبّر عن هذا بلفظ آخر في موضع آخر، فقال (رقم 3309): «كان عبدالرحمن بن مهدي ترك حديث أبي صالح باذام، وكان في كتابي عن السدي عن أبي صالح، فتركه، فلم يحدثنا به عنه».
وقال في موضع آخر (رقم 4381): «كان عبدالرحمن بن مهدي لا يحدّث عن باذام أبي صالح».
فعبدالرحمن بن مهدي لم يقل عن أبي صالح «متروك الحديث»، وإنما ترك الحديث عنه؛ لأنه لا يحدث إلا عن مقبول الرواية مُحْتَجٍّ بحديثه، لا لأنه شديد الضعف عنده. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميّة عن راوٍ: «وأمّا قَوْلُ من قال: تركه شعبة، فمعناه أنه لم يرو عنه. وشعبة، ويحيى بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، ومالك، ونحوهم، قد كانوا يتركون الحديث عن أناس لنوع شبهة بلغتهم، لا توجب ردّ أخبارهم، فهم إذا رووا عن شخص كانت روايتهم تعديلاً له، وأما ترك الرواية فقد يكون لشبهة لا توجب الجرح». (مجموع الفتاوى 24/ 349 - 350).
¥(14/77)
ومن العبارات التي قد يستدل بها على كذب أبي صالح، ما رواه سفيان بن عيينة، قال: «سمعت إسماعيل أو مالك بن مغول (الشك من الحميدي الراوي عن سفيان)، قال: سمعت أبا صالح يقول: ما بمكّة أحدٌ إلا وقد علمتُه القرآن، أو علمت أباه. (قال سفيان:) فسألت عَمرو بن دينار عن أبي صالح؟ فقال: لا أعرفه». (المعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 685، والضعفاء للعقيلي 1/ 166).
قلت: من نظر في الذين صحّ سماع عَمرو بن دينار منهم، ومن أدركهم أبو صالح، علم أن أبا صالح أكبر من عَمرو بن دينار. ولذلك ذكر الحافظ عَمرو بن دينار في الرابعة، بينما ذكر أبا صالح في الثالثة.
ثم إن أبا صالح ممن نزل الكوفة، فقد ذكره ابن سعد في الطبقات (8/ 413) في أهل الكوفة، وذكره الجوزجاني في أحوال الرجال (رقم 64)، وابن أبي خيثمة في تاريخه (رقم 3775) في الكوفيين أيضًا. ولما ذكره البرديجي في طبقات الأسماء المفردة (رقم 179)، قال عنه: «كوفي». ومعنى ذلك أنه استقرّ في الكوفة، وهو ما يشهد له الرواة عنه، فكلّهم أو عامّتهم كوفيون.
فإذا كان قد استقرّ بالكوفة، ثم إنه يَكْبُرُ عَمرو بن دينار في السنّ، فمعنى ذلك أنه خرج من مكّة في صغر عَمرو بن دينار.
ثم إن أبا صالح كان معلّمَ كُتّاب، فهو لم يقصد من إخباره عن نفسه تعليمَه أهلَ مكّة: أنه كان إمامًا في القراءة أو علوم القرآن (كالتفسير) في زمنه بمكّة، ولَفْظُ أبي صالح يشهد لهذا المعنى.
فأن يَخْفَى ذِكْرُ أبي صالح (مُعَلّم الكُتّاب) على عَمرو بن دينار المكي ليس بالأمرالمستغرب، ولا في ذلك دليلٌ على كذب أبي صالح!!
--------------------------------------------------------------------------------
أمّا عبارات التضعيف الخفيف، سوى ما سبق:
فقال علي بن المديني: «ليس بذاك، ضعيف». (سؤالات محمد بن عثمان رقم 118)، وقال الإمام مسلم -كما سبق-: «قد اتّقى الناس حديثَه». (فتح الباري لابن رجب 3/ 201). وذكره أبو زرعة في الضعفاء (2/ 604 رقم 42). وقال الدارقطني: «ضعيف». (السنن 5/ 472 رقم 4692)، وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم». (التهذيب 1/ 417).
وأمّا الأزدي فقال: «كذاب»، والجورقاني فقال: «متروك». (التهذيب 1/ 417)، وكلاهما لا يُقبل منهما ذلك، أمّا الأول فلأنه هو متكلَّم فيه، وأمّا الثاني، فلأنه معارضٌ بمن هم أجل منه وأعرف وأولى بعلم ذلك.
ومن هنا أبدأ بذكر من قَبِلَ حديث أبي صالح، وجعله في دائرة المحتجّ بهم، ولو كان في آخر مراتب القبول.
وأبدأ بقرين عبدالرحمن بن مهدي، والمشهور بالتشدّد أكثر من ابن مهدي، ألا وهو يحيى بن سعيد القطان، فهو أحد أشهر وأجل وأشدّ من لا يروي إلا عن ثقة، وقد روى لأبي صالح، كما في عبارات الإمام أحمد السابقة.
ولم يكتف القطان بذلك حتى كان يقول: «لم أرَ أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أمّ هانئ، وما سمعت أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة، ولا زائدة، ولا عبدالله بن عثمان». (الجرح والتعديل 2/ 432، وضعفاء العقيلي 1/ 166).
قلت: فهؤلاء: شعبة، وزائدة بن قدامة، وإسماعيل بن أبي خالد، ومنصور بن المعتمر، ويحيى القطان يروون عن أبي صالح أو يروون له، وكلّهم ممن لا يروى إلا عن ثقة، كما سبق في حديثنا عن إسماعيل والقطان، وكما هو مشهور عن شعبة، ومعلومٌ في زائدة بن قدامة ومنصور بن المعتمر. (انظر: زوائد رجال صحيح ابن حبان ليحيى الشهري 1/ 174، 176 - 177، 184). أما عبدالله بن عثمان، فأحسبه عبدالله بن عثمان بن معاوية البصري، صاحب شعبة وشريكه، أحد أجلّ الثقات وأتقنهم (تهذيب التهذيب 5/ 317 - 318)، ويصحّ الاستشهاد بذكره في هذا السياق أنه أحد من لا يروي إلا عن ثقة، فإذا انضَمَّت إلى ذلك صلته القويّة بشعبة، قَوِيَ هذا الاستشهاد.
وبذلك يصحّ إدراج هؤلاء الستة ضمن الذين حكموا لأبي صالح بالقبول، وفيهم أعرف الناس به، كتلميذيه إسماعيل بن أبي خالد ومنصور بن المعتمر، وأعرف الناس بالرجال وأشدّهم في التعديل كشعبة والقطان.
وأمّا يحيى بن معين فاختلف قوله فيه، فمرّةً أطلق القول فيه بالضعف، فنقل
عنه ابن أبي خيثمة (رقم 2450، وهي رواية ابن حبان في المجروحين 1/ 185)، أنه قال: «ضعيف الحديث».
¥(14/78)
ومَرّةً فَصّل القول فيه، فقال: «الكلبي إذا روى عن أبي صالح فليس بشيء؛ لأن الكلبي يحدث به مَرّةً من رأيه، ومَرّةً عن أبي صالح، ومَرّةً عن أبي صالح عن ابن عباس. فإذا حدّث غير الكلبي عن أبي صالح فليس به بأس». (تاريخ ابن أبي خيثمة رقم 3765).
وأولى قولَيْ ابن معين بالترجيح قولُه المفصّل على قوله المجمل؛ لفضل البيان على الإجمال، ولاحتمال الإجمال تفسيره بالبيان، خاصّةً أنّ «ضعيف» تحتمل أن تكون بمعنى «لا بأس به»، كما سبق.
أضف إلى ذلك: أن ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 432) قد اقتصر من قولي ابن معين على قوله المفصّل، من رواية ابن أبي خيثمة عن ابن معين، ولفظه أوضح في المراد، حيث نقل عن كتاب ابن أبي خيثمة إليه أنه قال: «سمعت يحيى بن معين يقول: أبو صالح مولى أمّ هانئ ليس به بأس، فإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء، وإذا روى عنه غير الكلبي فليس به بأس». وأسنده بهذا اللفظ أيضًا ابن عبدالبرّ في الاستغنا في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى (2/ 766 - 767 رقم 892)، من غير طريق ابن أبي حاتم.
وقد نصّ ابن أبي حاتم في مقدّمة الجرح والتعديل (2/ 38): أنه عند تناقض قول الإمام فإنه سيكتفي بالأرجح، حيث قال: «ونظرنا في اختلاف أقوال الأئمة في المسؤولين عنهم، فحذفنا تناقُضَ قَوْلِ كل واحد منهم، وألحقنا بكل مسؤول عنه ما لاقَ به وأشبهه من جوابهم».
وقد أحسن ابن أبي حاتم في ترجيحه هنا، لظهور أدلة الترجيح!
وهذا ما مال إليه ابن شاهين أيضًا في تاريخ أسماء الثقات، فمع نقله عن ابن معين اختلاف قوله في أبي صالح، إلا أنه ذكر أبا صالح في الثقات (تاريخ أسماء الثقات رقم 125، ونصوص ساقطة من طبعات أسماء الثقات للدكتور سعدي الهاشمي: 54).
وقال أبو حاتم الرازي: «أبو صالح باذام صالح الحديث، يكتب حديثه، ولا يحتج به». (الجرح والتعديل 2/ 432).
فصالح الحديث من آخر مراتب القبول، وأمّا قوله «لا يحتج به» فقد بيّنتُ بالأدلّة في شرح كتاب ابن الصلاح أن المقصود بها في مثل هذا السياق: أنه ليس في درجة من يُقال عنه «حُجّة»، أي ليس ممن يُحتجّ به إذا انفرد بأصل لا يقع في ضبطه وإتقانه ما يجبره، وأن ضبطه وإتقانَه لا يجبر الانفرادَ بما تتوافر الدواعي على نقله غالباً.
ولذلك لما ذكر شيخ الإسلام ابن تيميّة عبارة أبي حاتم في أبي صالح، قال (مجموع الفتاوى 24/ 350): «وأمّا قول أبي حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به، فأبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين؛ وذلك أن شرطه في التعديل صعب، والحجّة في اصطلاحه ليس هو الحجّة في [اصطلاح] جمهور أهل العلم».
فهذا أبو حاتم (وهو من المتشدّدين) ومن أهل الاستقراء، يرى أبا صالح مقبولاً غير ضعيف.
وقال العجلي (رقم 138): «روى عنه إسماعيل بن أبي خالد في التفسير، ثقة، وهو مولى أمّ هانئ، روى عن علي بن أبي طالب».
وقول الحافظ في التهذيب (1/ 417): «وثّقه العجلي وحده»، يعني به أن العجلي هو وحده الذي بلغنا عنه أنه قال عنه لفظ: «ثقة»؛ وإلا فإن الحافظ نفسه نقل كلام القطان وابن معين في قبوله.
والعجليّ سَهْلٌ في إطلاق الثقة على المقبولين ولو في آخر مراتب القبول، ولا يلزم من ذلك ردّ توثيقه؛ لأن الراوي الذي يصفه العجلي بثقة لا ينزل عنده عن درجة الراوي المقبول. وأمّا دعوى توثيق العجلي للمجاهيل، فهي دعوى غير صحيحة، وقد رددت عليها في مقال مفرد منشور.
وبقي من دلالات القبول لأبي صالح: أن أصحاب السنن الأربعة أخرجوا له دون تعقّب، كما في حديث «زوارات القبور» الذي سبق تخريجه. فقد أخرجه أبو داود والنسائي في المجتبى ساكتَينِ عليه، بل بوّبَ النسائي لحديثه الذي انفرد به في الباب. وأمّا الترمذي فقد حسّن له ما لا يعرفه إلا من حديثه (رقم 3190، 3214).
في حين قد صحّح له الحاكم (1/ 439) (2/ 185) (4/ 283).
--------------------------------------------------------------------------------
وبعد هذا العرض نخرج بالمفاصل التالية:
أوّلاً: القول بتكذيب أبي صالح وتضعيفه الشديد لا وَجْهَ له ولا دليل عليه.
¥(14/79)
ثانيًا: أن من ضَعّفه لم يذكر دليلاً على تضعيفه، حتى المتوسعون في الكلام على الرواة: كالعقيلي، وابن حبان، وابن عدي. بل سبقت مناقشة الحديثين اللذين في التفسير اللذين ساقهما ابن عدي في ترجمة أبي صالح، وبيّنّا أنه لا دلالة فيهما على الضعف البتّة.
ثالثًا: أن عبارات التضعيف الخفيف من بعض الأئمة قابلها من بعضهم ما يدل على القبول أيضًا، كما هو مع ابن معين، والنسائي (على ما أرجّحُه فيه). ممّا لا يجعلنا نستبعد أن يكون غيرهما مثلهما، فيقول أحدهم عن أبي صالح: «ضعيف»، وهو يقصد بذلك أنه في آخر مراتب القبول. وقد يُقَوّي هذا القول أن عبارات التضعيف جاءت عند غير ما إمامٍ عقب حديث مُسْتَضْعف لأبي صالح، كما عند النسائي في (الكبرى)، والدارقطني في (السنن).
رابعًا: أن الذين حكموا بقبوله فيهم بعض أشدّ العلماء وأكثرهم علماً بالرواة، كشعبة، والقطان، وابن معين، وأبي حاتم. ثم إن أبا صالح مشهور، ورواياته متداولة، وتفسيره نسخةٌ معروفة. لذلك فإن خفاء حاله على هؤلاء الأئمة مستبعد، وهم أولى بالصواب ممن لم يظهر لنا من أدلتهم إلا عبارات لا يصح أن يعتمد عليها، كعبارة الكلبي، أو عبارة حبيب بن أبي ثابت، ونحوها، مما لا يصح أن يعارض الواقع في عدالته الذي عرفه ألصق الناس به، كإسماعيل بن أبي خالد، ومنصور بن المعتمر. كما لا يصح أن يعارض الواقع في ضبطه الذي عرفه أولئك الأئمة فلم يجدوا في حديثه ما يدل على ضعفه، ولا أتى المعارضون لهم بما يدل على سوء ضبطه؛ مع تشدّد قابليه ومزيد احتياطهم!
خامسًا: أبو صالح رجلٌ جليل، من طبقةٍ جليلة، مولى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. أفلا يكفيه قول أمّ هانئ الصحابيّة الجليلة بنت عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها لأبي صالح: «تعلّم، فإن الناس يسألونك، وتقول عنه: خرج من بيت علم»، كما سبق عنها؟!
ولذلك فما أحسن ترجيح الذهبي في شأن أبي صالح، مع أنه مطّلع على عامّة ما قيل فيه، وعلى أشدّه، كما تجده في الميزان (1/ 296). إلا أنه ذكر أبا صالح في كتابه: من تُكلِّم فيه وهو موثّق أو صالح الحديث (رقم 48)، وهو الكتاب الذي قال في مقدّمته: «هذا فصلٌ نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلّم فيهم بعضُ الأئمة بما لا يوجب ردّ أخبارهم، أو فيهم بعض اللين، وغيرهم أتقن منهم وأحفظ: فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح، فلا ينزل عن رتبة الحسن. اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تُكُلِّم فيه من أجلها، فينبغي التوقُّفُ في تلك الأحاديث».
فأبو صالح عند الإمام الذهبي لا ينزل عن رتبة من يُحَسّن حديثُه.
وهذا الترجيح خيرٌ وأَوْفَقُ من ترجيح الحافظ ابن حجر في (التقريب)، عندما قال عن أبي صالح: «ضعيف، يُرسل». وعنه زاد شُيُوع هذا الترجيح، وكِدْتَ أن لا ترى إلا قائلاً به، أو بأشدّ منه.
وقد دافع شيخ الإسلام ابن تيمية عن أبي صالح أيضًا، ونقلنا بعضًا من عباراته في مواطن متفرّقةٍ سابقًا. وختم دفاعه بقوله: «أن حديث مثل هؤلاء يدخل في الحسن الذي يحتجّ به جمهور العلماء، فإذا صحّحه من صحّحه كالترمذي وغيره، ولم يكن فيه من الجرح إلا ما ذُكر = كان أقل أحواله أن يكون من الحسن». (مجموع الفتاوى 24/ 349 - 351).
ونخلص من ذلك أن أبا صالح مقبول الحديث، وأنه قد سمع: علي بن أبي طالب، وعبدالله بن عباس، وأبا هريرة، وأمّ هانئ.
فانظر كم من حديث ردّه المتأخّرون بحجّة ضعف أبي صالح، أو بحجّة عدم سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، وكان الصواب أن يكون الأصل في حديثه القبول، وأنه سمع من ابن عباس؛ إلا إذا جاء ما يقتضي تخطيئه، كغيره من الرواة المقبولين.
وما دمنا نتحدّث عن أثر ذلك الترجيح الخاطئ على أحكام المتأخرين، وما دامت أكثر روايات أبي صالح في التفسير؛ فإني أُذكّر المفسّرين بأثر مهم جدًّا، في أنوا ع آيات القرآن من جهة فهمها وتفسيرها. وهو أثرٌ على أصالته وأهمّيته، فقد حال ترجيح المتأخرين المخالف للصواب في شأن أبي صالح دون استفادتهم منه، أو تحرّجوا من الاعتماد عليه، إذا كانوا من أهل النظر في الأسانيد!
¥(14/80)
ألا وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما: «نزل القرآن على أربعة أوجه: حلال وحرام: لا يسع أحدًا جهلهما، ووجه عربي: تعرفه العرب، ووجه تأويل: يعلمه العلماء، ووجه تأويل: لا يعلمه إلا الله U، ومن انتحل فيه علمًا فقد كذب».
أخرجه الفريابي في القدر (رقم 414)، والطبراني في مسند الشاميين (رقم 1385)، من طريق محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سُليم الكلبي، عن أبي حَصين عثمان بن عاصم، عن أبي صالح مولى أمّ هانئ، عن ابن عباس .. به.
وهذا إسنادٌ حسنٌ، وهو موقوف على ابن عباس.
ويؤيده ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 70) ن طريق مؤمَّل بن إسماعيل، عن الثوري، عن أبي الزناد، قال: قال ابن عباس: «التفسير على أربعة أوجه: وَجْهٌ تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعْذَرُ أحدٌ بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله».
وهذا إسنادٌ حسنٌ إلى أبي الزناد، لكن في سماعه من ابن عباس نظر. غير أنها متابعة حسنةٌ لرواية أبي صالح، موافقةٌ لها في الإسناد (بوقف الخبر على ابن عباس) وفي المتن (بالمعنى الواحد).
ووازن هذا برواية الكلبي الكذّاب لهذا الخبر، فقد أخرجه ابن جرير (1/ 70) من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. فما كفاه أن سمعه موقوفًا، حتى أحبّ أن يجعله مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن هذا الخبر وما فيه من تفصيل هو بكلام ابن عباس أشبه منه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تمعّن في جُمَله علم ذلك، إذا كان له ذوق يسير بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وما يليق به.
فهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما أحد الآثار الجليلة التي حال دون الاستفادة منها والاعتداد بها سوء التصوّر الذي كان ثابتًا في أذهان عامة المتأخرين والمعاصرين عن أبي صالح وعن روايته عن ابن عباس رضي الله عنهما! فها هو يظهر أنه أثرٌ ثابتٌ، نقدّمه تحفةً أثريّةً لأهل العلم وطلبته، رجاء ثوابها وأن نُذكر بدعوة صالحة من قلب صالح.
أسأل الله تعالى أن يجعل ما كتبتُه صوابًا، وأن يكتب لي به ثوابين لا ثوابًا. والله أعلم.
والحمد لله ربّ البريّة، والصلاة والسلام على هادي البشريّة، وعلى أزواجه والذريّة.
---الحواشي -----
([1]) إلا الشيء اليسير جدًّا لهؤلاء، من غير اعتماد. فانظر: معجم الأدباء لياقوت (6/ 2454).
([2]) لم يذكر السيوطي في النوع الثامن والسبعين: (في معرفة شروط المفسّر وآدابه) أن يكون حافظًا للقرآن، في كتابه الإتقان (2/ 1197 - 1224).
بل المحققون أن حفظ القرآن ليس شرطًا في المجتهد المطلق، فانظر البحر المحيط للزركشي (6/ 199 - 200)، والتحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 3869).
([3]) انظر: سؤالات أبي داود للإمام أحمد (رقم 137، 503)، وزوائد رجال صحيح ابن حبان للشيخ الدكتور يحيى الشهري (1/ 178، 187).
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 08:06 م]ـ
-22 - 2006, 05:32 PM
خالد الباتلي
مشارك فعال تاريخ التسجيل: Apr 2003
مشاركة: 126
أولا: أرحب بفضيلة الدكتور حاتم الشريف وفقه الله في هذا الملتقى، وكم سرني رؤية اسمه مشاركا فهو مكسب في هذا الملتقى المتميز بمضمونه ومشرفيه وأعضائه.
ثم أشكره ثانيا على هذه الدرة النفيسة التي أتحفنا بها، وهذا البحث المحرر الحبير في هذه المسألة الهامة في علمي التفسير والحديث.
وليسمح لي الإخوة بالتعليق على الجانب الأول من البحث، وهو إثبات سماعه من ابن عباس رضي الله عنهما، فالأمر كما ذكر الشيخ كان في اعتماد عدم سماعه، وكنت مؤمنا بذلك، وبعد المقال نقلني من الإيمان إلى الشك، وصرت في منزلة بين المنزلتين، منزلة إثبات السماع، ومنزلة نفيه.
ولعلي أذكر ما يجول في ذهني في المسألة، وسأجعل ذلك على شكل محاورة بين اثنين: المثبت –يعني للسماع- ويمثل ذلك بحث الشيخ أعلاه، والنافي للسماع، فإلى المحاورة:
قال المثبت: ثبت عندي صحة سماع أبي صالح من ابن عباس رضي الله عنهما، بالأدلة القاطعة.
قال النافي: بل الذي نعتقده عدم السماع، فهات ما عندك لننظر فيه.
¥(14/81)
قال المثبت: جاء في منتخب علل الخلال لابن قدامة (127 رقم 60)، قال مُهَنّى: «قال أحمد بن حنبل: لم يكن عند أبي صالح من الحديث المسند. يعني: إلا شيءٌ يسير. (قال مهنى:) قلت: أي شيء؟ قال: عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: النفقة في سبيل الله»
والمسند يحمل على المتصل بدليل التصريح بالسماع في رواية ابن أبي حاتم كما سيأتي، ولأن الحديث غير مرفوع.
قال النافي: المشهور عند المحدثين أن المسند هو: المتصل المرفوع.
ثم إن عبارة الإمام أحمد ليست نصا في ذلك.
ومع ذلك فهي مقابلة بعبارة الإمام مسلم وهي نص صريح على ما نقول، وهكذا تبعه الحافظ ابن حبان وغيرهما في نصوص صريحة، فليس قبول عبارة الإمام أحمد –لو كانت نصا- بأولى من قبول عبارة مسلم ومن تابعه.
قال المثبت: الأثر المذكور جاء من رواية شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ومن المعلوم لدى المشتغلين بالسنّة: دلالةُ رواية شعبة بن الحجاج على سماع الرواة الذين روى عنهم بعضهم من بعض، لا في طبقة شيوخه وشيوخهم، بل في طبقة شيوخ شيوخه وشيوخهم أيضًا.
قال النافي: ما ذكرته عن شعبة رحمه الله مشهور عنه، لكنه قرينة أغلبية ليس دليلا قطعيا، وهذه القرينة يستفاد منها ويفزع إليها في مواضع، وليس هذا منها لأن نصوص النقاد – مسلم ومن معه- صريحة قاضية بعدم سماعه.
ويؤيد ما نقول المثال الذي نقلته من العلل لابن أبي حاتم 1/ 448 –وليتك أكملته- ونصه:
"سألت أبي عن اختلاف حديث عمار بن ياسر في التيمم، وما الصحيح منها؟
فقال: رواه الثوري، عن سلمة، عن أبي مالك الغفاري، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم ... قلت: فأبو مالك سمع من عمار شيئا؟ قال: ما أدرى ما أقول لك! قد روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك، سمعت عمارا، ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار ما كان شعبة يرويه، وسلمة أحفظ من حصين. قلت: ما تنكر أن يكون سمع من عمار، وقد سمع من ابن عباس؟ قال: بين موت ابن عباس وبين موت عمار قريب من عشرين سنة".
فترى أن أبا حاتم أشار إلى ما أشرت إليه من تميز شعبة في هذا، بل نقل روايته التي فيها التصريح بسماع أبي مالك من عمار، ومع هذا جعلها مرجوحة وقوى عدم السماع.
وقال ابن رجب في (شرح العلل) 2/ 594 –بعد أن ذكر بعض أوهام الرواة في التصريح بالسماع-:" وحينئذ ينبغي التفطن لهذه الأمور ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً".
ونخشى أن يكون ما ذكرته أيها المثبت من جملة تلك الأشياء.
قال المثبت: إليك أيها النافي الحجة الدامغة، والبرهان الساطع على ما نقول وهو التصريح بالسماع الذي جاء عند ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 330 رقم 1742) قال: «حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا صالح مولى أمّ هانيء، أنه سمع ابن عباس يقول في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مِشْقصًا».
قال النافي: رواية أبي صالح عن ابن عباس من الروايات المشهورة، ولم يوقف في شئ منها على التصريح بالسماع سوى ما ذكرت، وقد توارد الأئمة الحفاظ: مسلم، فابن حبان، فالعلائي، فابن الملقن، فابن حجر، وغيرهم على نقل عدم السماع، ولو كان سماعه محفوظا لاشتهر لأن هذا مما تتوافر الهمم على نقله، فلعل هذا خطأ من بعض النساخ، أو وهم من بعض الرواة، فالأخطاء في التصريح بالسماع واردة وعليها أمثلة، وسبق النقل عن ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً.
قال المثبت: ثمة بعض القرائن التي تدل على قدم طبقة أبي صالح –ذكرها الشيخ في أصل المقال- مما يدل على سماعه ممن هو قبل ابن عباس فضلا عنه.
¥(14/82)
قال النافي: عدت بنا إلى مسألة شائكة تساقطت عليها عمائم الرجال وتكسرت فيها النصال على النصال، وهي: متى يحكم بسماع الراوي ممن روى عنه؟ وقد صنف فيها كتب، وجرت بسببها ردود ومناقشات، ولا مجال هنا للخوض فيها، لكن لايخفى أن الأئمة يفرقون بين تقريب إمكان السماع بذكر بعض القرائن، مثل: أدرك فلانا، أو: كان قديما يمكنه السماع منه، أو يذكرون سماع من هو أصغر من المسؤول عنه، أو يذكرون سماعه ممن مات قبل من وقع عليه السؤال، ونحو ذلك، فهذه قرائن وليست أدلة على إثبات السماع.
قال ابن رجب في (شرح علل الترمذي) 2/ 599:"وسئل –يعني الإمام أحمد- عن أبي ريحانة سمع من سفينة؟ قال: ينبغي هو قديم، قد سمع من ابن عمر.
قيل –القائل ابن رجب-: لم يقل إن حديثه عن سفينة صحيح متصل، إنما قال: هو قديم ينبغي أن يكون سمع منه، وهذا تقريب لإمكان سماعه، وليس في كلامه أكثر من هذا".
قال المثبت: يدل على ما نقرره تصريح أحد الأئمة بذلك فقد قال الدولابي في ترجمته من الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس".
قال النافي: رحمك الله أيها المثبت، فأين هذا الواحد من الجماعة؛ مسلم ومن معه الذين نقلوا عدم السماع، فقبول الجماعة أولى بالقبول لأنه أبعد عن الغلط.
وبعد .. فهذه معاقد حجج الطائفتين، ومنزع أدلة الفريقين، ولست أجزم بأحد المذهبين، بل أستخير فيها حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين.
التوقيعخالد بن عبدالعزيز الباتلي
قسم السنة وعلومها - كلية أصول الدين - جامعة الإمام
batli@gawab.com
خالد الباتلي
مشاهدة هوية
إرسال رسالة خاصة إلى خالد الباتلي
إرسال بريد إلكتروني إلى خالد الباتلي
شاهد جميع مشاركات خالد الباتلي
#10 07 - 27 - 2006, 01:45 AM
أبوكاظم
مشارك تاريخ التسجيل: Mar 2006
مشاركة: 3
جزاكم الله خيرا.
وعندي سؤال لفضيلتكم عن هذه العبارة:
"وقد ظهر لي سبب افتراء الكلبي لهذه الفرية، التي يدّعي فيها أن أبا صالح أقرّ على نفسه بالكذب، مع ما لا يخفى من بُعْد وقوع مثل هذا الإقرار في العادة، مما يشهد على كذب دعوى هذا الإقرار نفسها، وهذا السبب هو أن أبا جناب يحيى بن أبي حيّة، قال: «حلف أبو صالح: أني لم أقرأ على الكلبي من التفسير شيئًا». (الجرح والتعديل 7/ 271). فيبدو أن الكلبي لمّا بلغه أن أبا صالح كذّبه، واجه التكذيب بالتكذيب!! "
لا يخفى على جنابكم ضعف أبي جناب فلا يحتج بما حكاه إلا أن يكون لهذه الحكاية راو آخر مع أن الكلبي لا يعتد به على كل حال.
أبوكاظم
مشاهدة هوية
إرسال رسالة خاصة إلى أبوكاظم
إرسال بريد إلكتروني إلى أبوكاظم
شاهد جميع مشاركات أبوكاظم
#11 07 - 28 - 2006, 10:39 PM
فهد الناصر
مشارك نشيط تاريخ التسجيل: Feb 2004
مشاركة: 94
بحث متميز، وتعقيبات مفيدة.
نرحب بالدكتور حاتم الشريف في الملتقى فهو مكسب علمي للملتقى.
التوقيعفهد بن عبدالرحمن الناصر
مدرس لغة عربية
فهد الناصر
مشاهدة هوية
إرسال رسالة خاصة إلى فهد الناصر
إرسال بريد إلكتروني إلى فهد الناصر
شاهد جميع مشاركات فهد الناصر
#12 08 - 06 - 2006, 02:59 PM
ابن وهب
مشارك نشيط تاريخ التسجيل: Jul 2004
مشاركة: 33
في البداية نرحب بالأخ الكريم الشيخ حاتم العوني
فائدة
ذكر الشيخ حاتم الشريف - وفقه الله-
((فقد قال الدولابي في الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس، وهو أبو صالح صاحب التفسير، وكان علويًّا، هلك في إمارة الوليد بن عبدالملك».)) انتهى
وقد أخطأ الشيخ في نسبة هذا الكلام إلى الدولابي
فهذا كلام الواقدي وقد ساق الدولابي سنده إلى الواقدي
ولكن أبامحمد العوني - وفقه الله -
ظن - فيما أحسب - أن كلام الواقدي ينتهي عند ترجمة ماهان
وفي الحقيقة كلام الواقدي متصل
فإن نازع شخص في هذا وقال من أين لك أن هذا كلام الواقدي
فيقال له أولا السند الذي ساقه الدولابي
ثانيا هذا الكلام يشبه كلام الواقدي فقوله
(وكان علويا) مثلا يشبه كلام الواقدي فهو يكثر من هذا فيقول عن فلان أنه (كان عثمانيا) وعن آخر أنه (كان علويا)
وقوله (هلك في خلافة) هذا أيضا يشبه كلام الواقدي
فثبت بهذا أن العبارة = عبارة الواقدي لا الدولابي
والموضوع يحتاج إلى مزيد
ولكن المقصود ان هذه عبارة الواقدي لا الدولابي
---
ثانيا
وهذا أذكره على سبيل الاحتمال وان كان فيه ضعف
أن عبارة (ولايثبت له سماع من ابن عباس) يحتمل = كلام ابن رجب لامن كلام الامام مسلم
فتكون العبارة هكذا
(هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتّقى الناس حديثه،)
انتهى كلام الامام مسلم
(ولايثبت له سماع من ابن عباس) ابتداء كلام من ابن رجب
ذكرت هذا الاحتمال وقد بينت أنه احتمال ضعيف
ولااستطيع الجزم إلا بمراجعة كتاب الناسخ والمنسوخ للامام مسلم وهذا الكتاب هو في حكم المفقود - والله أعلم
طبعا الاصل ان الكلام متصل ولكن ذكرت هذا الاحتمال للفائدة
ولكن الذي أكاد أجزم به ان عبارة (ولايثبت له سماع من ابن عباس) من تعبير ابن رجب حتى وان كان الكلام لمسلم فيكون ابن رجب قد نقل كلام الامام مسلم بالمعنى
قد يقال فكان ماذا؟
فالجواب
أن في هذا فوائد للمتأمل لمعرفة عبارات الأئمة وألفاظهم
فإن قيل المعنى واحد حتى ولم يكن الامام مسلم قد قال هذا بحروفه فقد ذكر المعنى
وهو المقصود
قلنا لانزاع وإنما ذكرنا هذا للفائدة
والله أعلم بالصواب
وللموضوع تتمة بإذن الله
¥(14/83)
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 08:08 م]ـ
#12 08 - 06 - 2006, 02:59 PM
ابن وهب
مشارك نشيط تاريخ التسجيل: Jul 2004
مشاركة: 33
في البداية نرحب بالأخ الكريم الشيخ حاتم العوني
فائدة
ذكر الشيخ حاتم الشريف - وفقه الله-
((فقد قال الدولابي في الكنى (2/ 656): «سمع من علي، وابن عباس، وهو أبو صالح صاحب التفسير، وكان علويًّا، هلك في إمارة الوليد بن عبدالملك».)) انتهى
وقد أخطأ الشيخ في نسبة هذا الكلام إلى الدولابي
فهذا كلام الواقدي وقد ساق الدولابي سنده إلى الواقدي
ولكن أبامحمد العوني - وفقه الله -
ظن - فيما أحسب - أن كلام الواقدي ينتهي عند ترجمة ماهان
وفي الحقيقة كلام الواقدي متصل
فإن نازع شخص في هذا وقال من أين لك أن هذا كلام الواقدي
فيقال له أولا السند الذي ساقه الدولابي
ثانيا هذا الكلام يشبه كلام الواقدي فقوله
(وكان علويا) مثلا يشبه كلام الواقدي فهو يكثر من هذا فيقول عن فلان أنه (كان عثمانيا) وعن آخر أنه (كان علويا)
وقوله (هلك في خلافة) هذا أيضا يشبه كلام الواقدي
فثبت بهذا أن العبارة = عبارة الواقدي لا الدولابي
والموضوع يحتاج إلى مزيد
ولكن المقصود ان هذه عبارة الواقدي لا الدولابي
---
ثانيا
وهذا أذكره على سبيل الاحتمال وان كان فيه ضعف
أن عبارة (ولايثبت له سماع من ابن عباس) يحتمل = كلام ابن رجب لامن كلام الامام مسلم
فتكون العبارة هكذا
(هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتّقى الناس حديثه،)
انتهى كلام الامام مسلم
(ولايثبت له سماع من ابن عباس) ابتداء كلام من ابن رجب
ذكرت هذا الاحتمال وقد بينت أنه احتمال ضعيف
ولااستطيع الجزم إلا بمراجعة كتاب الناسخ والمنسوخ للامام مسلم وهذا الكتاب هو في حكم المفقود - والله أعلم
طبعا الاصل ان الكلام متصل ولكن ذكرت هذا الاحتمال للفائدة
ولكن الذي أكاد أجزم به ان عبارة (ولايثبت له سماع من ابن عباس) من تعبير ابن رجب حتى وان كان الكلام لمسلم فيكون ابن رجب قد نقل كلام الامام مسلم بالمعنى
قد يقال فكان ماذا؟
فالجواب
أن في هذا فوائد للمتأمل لمعرفة عبارات الأئمة وألفاظهم
فإن قيل المعنى واحد حتى ولم يكن الامام مسلم قد قال هذا بحروفه فقد ذكر المعنى
وهو المقصود
قلنا لانزاع وإنما ذكرنا هذا للفائدة
والله أعلم بالصواب
وللموضوع تتمة بإذن الله
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[12 - 10 - 06, 06:03 م]ـ
أثابك الله وجعل ذلك في موازين حسناتك
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[24 - 10 - 06, 10:31 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - 10 - 06, 11:06 ص]ـ
بارك الله فيكم.
نُشر هذا الموضوع هنا قبل أن يحصل الخلل الذي تسبب في فقدان بعض الموضوعات، وكنتُ قد كتبتُ تعليقًا عليه، نقلتُ فيه شيئًا من كلام الشيخ الباتلي - أعلاه -، وكان آخر ما نقلتُ منه قولَهُ: "قال النافي: رواية أبي صالح عن ابن عباس من الروايات المشهورة، ولم يوقف في شئ منها على التصريح بالسماع سوى ما ذكرت، وقد توارد الأئمة الحفاظ: مسلم، فابن حبان، فالعلائي، فابن الملقن، فابن حجر، وغيرهم على نقل عدم السماع، ولو كان سماعه محفوظا لاشتهر لأن هذا مما تتوافر الهمم على نقله، فلعل هذا خطأ من بعض النساخ، أو وهم من بعض الرواة، فالأخطاء في التصريح بالسماع واردة وعليها أمثلة، وسبق النقل عن ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه ويكون منقطعاً".
ثم قلتُ:
وبخصوص النقطة الأخيرة؛ فإن الشيخ الشريف حاتمًا قد قال:
فلمّا رجعتُ إلى تفسير الطبري عند تفسير هذه الآية، وجدته أخرجه من وجهين عن شعبة بن الحجاج، عن منصور بن المعتمر، عن أبي صالح [قال في أحد الوجهين في التعريف به: الذي كان يحدث عنه الكلبي]، عن ابن عباس، أنه قال في هذه الآية: «تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقصٌ أو سهم». (تفسير الطبري: 3/ 313 - 314).
ثم قال:
فرجعتُ إلى الأثر السابق، وعزمتُ على تخريجه. فكان أوّل مصدر رجعت إليه بعد تفسير الطبري، هو تفسير ابن أبي حاتم، فما أشدّ فرحي عندما تحقّق ظنّي، عندما وجدتُ أبا صالح يصرّح بالسماع، بالإسناد الصحيح إليه، وفي هذا الخبر نفسه الذي ذكره الإمام أحمد!!!
¥(14/84)
قال ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 330 رقم 1742): «حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا أبو داود: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا صالح مولى أمّ هانيء، أنه سمع ابن عباس يقول في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، قال: أنفق في سبيل الله، وإن لم تجد إلا مِشْقصًا».
وبذلك جزمتُ بصحّة فهمي لكلام الإمام أحمد، وأنه كان يثبت سماع أبي صالح من ابن عباس. وأن شعبة أيضًا كان يثبت هذا السماع، ولذلك روى عن أبي صالح عن ابن عباس، وأنه اطّرد على قاعدته في التثبّت من السماع في هذا الإسناد تحديدًا. وأخيرًا قام الدليلُ الصحيح، والذي اعتمده الإمام أحمد من قبل = على أن أبا صالح قد سمع من ابن عباس!! ثم يأتي كلام الإمام أحمد لينفي عن صيغة التصريح بالسماع في ذلك الخبر احتمال التصحيف؛ لأنه أثبت بها الاتصال!
ولا شكّ أن هذا الإثبات للسماع، بإمامة وجلالة مُثْبِتَيْهِ، وبقيام الدليل على صحّته = أجل وأرجح من أقوال النُّفاة. كيف وقد وافقهم ثالثٌ باللفظ الصريح، كما يأتي؟؟!
وبالرجوع إلى الموضع الذي ذكره الشيخ حاتم من تفسير الطبري؛ تجد الطبري ساق الوجهين عن شعبة هكذا:
(- حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن أبي صالح، عن عبد الله بن عباس أنه قال في هذه الآية: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} قال: تنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا مِشْقَصٌ أو سَهمٌ - شعبة الذي يشك في ذلك -.
- حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن منصور، عن أبي صالح الذي كان يحدث عنه الكلبي، عن ابن عباس قال: إن لم يكن لَكَ إلا سَهم أو مشقصٌ أنفقه).
ومنه يُعلم أنه قد اختُلف على شعبة في ذكر سماع أبي صالح من ابن عباس:
- فرواه أبو داود الطيالسي - كما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره في الموضع الذي ذكره الشيخ حاتم - عن شعبة بذكر السماع،
- ورواه محمد بن جعفر غندر - أثبت الناس في شعبة - وابن أبي عدي = كلاهما عن شعبة، ولم يذكرا سماعًا لأبي صالح من ابن عباس.
وأبو داود ثقة حافظ، ومن كبار أصحاب شعبة، لكنه معدودٌ بعد غندر فيه، وموافقةُ ابن أبي عدي غندرًا تزيد روايته قوة، فالأرجح عن شعبة عدم ذكر السماع.
ومما يدل على ذلك أنه قد وافقه على عدم ذكر السماع جماعة عن منصور:
أحدهم: أبو الأحوص سلام بن سليم، أخرج راويته عنه ابن أبي شيبة في المصنف (19469).
والثاني: زائدة بن قدامة، أخرج روايته البخاري في التاريخ (2/ 144).
ثالثهم: سفيان الثوري، وروايتُهُ مخرّجة في العلل لأحمد برواية ابنه عبد الله (2/ 395) عن وكيع، وفي تفسير ابن جرير (3/ 314) من طريق يحيى القطان، كلاهما عن سفيان.
رابعهم: شيبان بن عبد الرحمن، أخرج روايته ابن جرير في تفسيره (3/ 314، 315)، والبيهقي في السنن (9/ 45).
والخامس: جرير بن عبد الحميد، أخرج روايته ابن جرير أيضًا (3/ 317، 318)، إلا أن فيها شيخَ ابن جرير: محمد بن حميد الرازي، وقد اتُّهم بالكذب، وضُعّف شديدًا، وكان بعض الأئمة حسن الرأي فيه.
وهؤلاء ثقات حفاظ، رووه عن منصور عن أبي صالح عن ابن عباس، ولم يذكروا سماعًا لأبي صالح من ابن عباس. ولم أجد من ذكر السماع غير أبي داود عن شعبة، فلعل الراجح أنه خطأ، وأن الصواب عن منصور عن أبي صالح عدم ذكر السماع.
والله أعلم.
---------------
وأذكر أني عقبتُ بروايات أخرى عن شعبة أو عن منصور، لكني لم أحتفظ بذلك التعقيب. والله المستعان.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - 10 - 06, 02:12 م]ـ
وأذكر أني عقبتُ بروايات أخرى عن شعبة أو عن منصور، لكني لم أحتفظ بذلك التعقيب. والله المستعان.
أسعفني بها أحد الأحبة الأفاضل الكرام، أحسن الله إليه، وبارك فيه:
ومنه يُعلم أنه قد اختُلف على شعبة في ذكر سماع أبي صالح من ابن عباس:
- فرواه أبو داود الطيالسي - كما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره في الموضع الذي ذكره الشيخ حاتم - عن شعبة بذكر السماع،
- ورواه محمد بن جعفر غندر - أثبت الناس في شعبة - وابن أبي عدي = كلاهما عن شعبة، ولم يذكرا سماعًا لأبي صالح من ابن عباس.
أضف إليهما: سعيدَ بن عامر الضبعي، أخرج روايته الطحاوي في بيان المشكل (12/ 103).
وفيه (12/ 104، 105) روايةٌ من طريق شيبان بن عبد الرحمن عن منصور.
ورواية الثوري عن منصور مخرّجةٌ في تفسيره الذي رواه أبو حذيفة النهدي عنه (ص59)، ورواها عنه الواقدي في مغازيه (ص732).
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[24 - 10 - 06, 07:58 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
ـ[الناصح]ــــــــ[08 - 07 - 10, 07:55 ص]ـ
ملتقى أهل التفسير (
د. حاتم الشريف 07 - 21 - 2006 03:22 Pm
وقد دافع شيخ الإسلام ابن تيمية عن أبي صالح أيضًا، ونقلنا بعضًا من عباراته في مواطن متفرّقةٍ سابقًا. وختم دفاعه بقوله: «أن حديث مثل هؤلاء يدخل في الحسن الذي يحتجّ به جمهور العلماء، فإذا صحّحه من صحّحه كالترمذي وغيره، ولم يكن فيه من الجرح إلا ما ذُكر = كان أقل أحواله أن يكون من الحسن». (مجموع الفتاوى) (1/ 178، 187).
ومما يحسن الاستشهاد به من كتب شيخ الإسلام قوله في أبي صالح مولى أم هاني وبخصوص سماعه من ابن عباس مع وصفه بالضعف
الرد على البكري - (1/ 75)
و تفسير يرويه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذام عن ابن عباس والكلبي كذاب و باذام ضعيف ولم يسمع من ابن عباس شيئا(14/85)
أيهما أفضل
ـ[حسان خادم الأربعين]ــــــــ[17 - 09 - 06, 10:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأخوة الكرام، أرغب في تدريس مادة المصطلح لمجموعة من الشباب الناشئة في بداية الطلب، فأي الكتب أفضل: إرشاد طلاب الحقائق - أم تدريب الراوي - أم غيرها من الكتب ..
وجزاكم الله خيراً ..
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[18 - 09 - 06, 01:34 ص]ـ
http://www.waqfeya.com/open.php?cat=12&book=75
ـ[حسان خادم الأربعين]ــــــــ[20 - 09 - 06, 07:34 ص]ـ
جزى الله عنا أخونا وأستاذنا بلال خير الجزاء ..(14/86)