ورد عليه الأعظمي مبيناً أخطاءه في الاستدلال بذلك الحديث، ثم قال: (يُلاحظ أن " شاخت " لإثبات نظريته جاء بمثال واحد فقط، مع ادعائه أن هذه ظاهرة عامة في الأحاديث ... ولا يبدو إطلاقاً أن " شاخت" بذل وقتاً كافياً في بحث أسانيد أكثر الأحاديث الفقهية، الأمر اللازم لتكوين نظرية ما من هذا النوع، فضلاً عن دراسة لظاهرة كافة أسانيد الأحاديث الفقهية. وإلا فتكوين نظرية وإعطاؤها صبغة الوقوع الغالبي والاعتيادي بناءً على هذه الدراسة الضئيلة الهزيلة ليس ذا قيمة في مجال البحث العلمي)) (4).
__________
(1) يريد بالناشر الأصلي أي الراوي الذي عليه مدار السند، فهو في نظره هو مختلق الحديث الذي نشره.
(2) أصول الفقه المحمدي (ص 171 - 172) نقلاً عن ترجمة الدكتور عبدالحكيم المطرودي لكتاب الأعظمي " أصول الفقه المحمدي لشاخت دراسة نقدية " (ص 368).
(3) نقل شاخت الحديث من كتاب اختلاف الحديث للشافعي (ص 294)، وقد اختلف العلماء في صحته انظر نصب الراية (3/ 137).
(4) دراسات في الحديث النبوي (2/ 417، 419).
والذي يبدو أن " التعميم الفاسد " لا يقتصر على " شاخت " فقط، بل هو سمة عامة في كثير من الدراسات الاستشراقية المتعلقة بالإسلام، فالقوم لا يتبصرون في المضمون، ولا في التفاصيل، بل يقفزون إلى التعميمات التي لا تثبت للاختبار قفزاً، بناء على تخمين، أو شواهد قليلة ضعيفة الدلالة.
الخاتمة
ظهر لنا مما سبق أنه لا يمكن لأحد أن يثق بنتائج باحث كالمستشرق "شاخت" تتصف بحوثه بتلك العيوب المنهجية الخطيرة التي حددنا أهمها كما سبق في الأمور الآتية:
1 - التحيز العنصري في المسلمات الأولية.
2 - الانتقائية في اختيار المصادر.
3 - الشك غير المنهجي.
4 - إهمال الأدلة المعارضة.
5 - التفسير المتعسف للنصوص.
6 - التعميم الفاسد.
وغني عن القول أن كل هذه العيوب لها اتصال وثيق بانعدام الموضوعية والنزاهة العلمية المقترنة بالكذب والتدليس والتعصب العنصري ضد المسلمين، كما أنها توقع في التناقض الفاضح بوصفه نتيجة لسوء المنهج المتبع.
أمر آخر لا بد من الإشارة إليه أن نتائج كتابات " شاخت " حول السنة النبوية تهدف إلى تثبيط أبناء المسلمين في سعيهم لتطبيق الشريعة الإسلامية في بلادهم، ذلك لأن الأنظمة القانونية - كما يزعم شاخت - خارج نطاق الدين الإسلامي حيث كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير مهتم بذلك، وأن مفهوم "السنة" كان عند الفقهاء القدماء يعني مجرد أعراف فقهاء البلد، وكل الأحاديث الفقهية المتصلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موضوعة، والنتيجة كما يريدها "شاخت": ما الذي يمنع المسلمين اليوم من أن يستبدلوا بشريعتهم قوانين غربية إذا كانت الأمور كذلك؟!.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 04:37 م]ـ
أين الدكتور موراني
هل من تعليق؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 04 - 06, 02:48 ص]ـ
هذا البحث القيم يحتاج إليه بالإنكليزية أما بالعربية فلا أرى له فائدة والله أعلم.
هل يعلم أحد أسماء المستشرقين المذكورين باللاتينية؟ لا يمكنني ترجمتها بدون معرفة ذلك.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:33 ص]ـ
نعم، أعرفها بالإنجليزية فشاخت هو Joseph Sacht ، وجولدتسيهر هو Ignas Goldziher وبرنارد لويس هو Bernard Lewis وهاملتون جيب هو Hamilton Gibb ، أما روبير برونشفيج فلا أعرفه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 04 - 06, 06:54 ص]ـ
بارك الله بك. هذا مفيد للغاية.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 04 - 06, 07:27 ص]ـ
تصحيح الأسماء:
Joseph Schacht
Ignaz Goldziher
Hamilton Alexander Rosskeen Gibb
أما روبير برونشفيج فلم أستطع معرفة كتابة كنيته(12/453)
الحديث المعلول - قواعد وضوابط بقلم د. حمزة عبدالله المليباري
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[12 - 04 - 06, 10:55 ص]ـ
الحديث المعلول - قواعد وضوابط
بقلم
د. حمزة عبدالله المليباري
الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
لقد سبق في القسم الأول من هذا الكتاب إشارة سريعة إلى مواضيع ذات أهمية بالغة، ومنها: ترتيب علوم الحديث ومصطلحاتها حسب وحداتها الموضوعية، وإذا نظرنا في حقيقة هذا الترتيب المقترح، وبعده العلمي والمنهجي، نجده مطلبا ملحا للجميع، إذ تكمن في ذلك حلول مقنعة لكثير من الإشكالات والشبهات التي تكتنف مجموعة كبيرة من المصطلحات والمسائل في علوم الحديث، نتيجة تناولها في مواطن مختلفة بحيث لا تظهر للقارئ صلة بعضها ببعض.
ولكي يتجسد هذا الموضوع بأبعاده الحقيقية أمام القارئ رأيت أن أجعل في آخر الكتاب مسألة (العلة) أول الملحقين؛ كنموذج تطبيقي، تتضح من خلاله ضرورة ترتيب مسائل علوم الحديث على وحداتها الموضوعية، وأهمية ذلك في فهم ما تضمنت مصطلحاتها من الأبعاد النقدية فهما صحيحا؛ وذلك لأن مسائل العلة كانت مرتبة في هذا الملحق حسب وحدتها الموضوعية، بعد أن كانت مفرقة في مواطن مختلفة من كتب المصطلح، بحيث يصعب على القارئ معرفة الصلة فيما بينها. ولا شك في أن علوم الحديث تزداد تعقيدا حين تكون مصطلحاتها وتعريفاتها محل تركيز واهتمام في الطرح والتحليل لدى كثير من المؤلفين، بعيدا عن قضاياها الجوهرية، ومعانيها المشتركة، وصلة بعضها ببعض، الأمر الذي يجعل المتفق منها مفترقا، والمفترق منها متفقا، والمطلق منها مقيدا، والمقيد مطلقا.
--------------------------------------------------------------------------------
ولهذه الأهمية آثرت كتاب (الحديث المعلول) – وإن كان طويلا - بعد مزيد من التنقيح لوضعه أول ملحقي كتاب (نظرات جديدة في علوم الحديث)، حيث كان هذا الملحق قد عالج جميع ما يتصل بمسألة (العلة) من المصطلحات، في ضوء وحدتها العلمية، بحيث يبرز للقارئ معناها المشترك من خلال هذا التنسيق الموضوعي، وقد كانت هذه المصطلحات مفرقة في كتب المصطلح، الأمر الذي يخيل إلى القارئ أن كلا من هذه المصطلحات قسيم للآخر، أو أنها أنواع مستقلة؛ فـ’’العلة‘‘ تصبح عنده غير ’’ الشاذ ‘‘، و’’المنكر‘‘ يعده نوعا آخر لا صلة له بشيء منهما.
معنى العلة لغة.
معنى العلة عند نقاد الحديث.
ميدان وقوع العلة.
التلازم بين العلة وبين القدح في الصحة.
حديث الضعيف وتعريف العلة.
الدقة والتكامل من سمات منهج المحدثين في نقد الأحاديث.
أمثلة تطبيقية لمعنى العلة:
أ – المثال الأول.
ب – المثال الثاني.
ج – المثال الثالث.
دلائل العلة وما يتصل بها من المصطلحات:
أ – المخالفة وما يتصل بها من المسائل والمصطلحات.
ب - التفرد وما يتصل به من المسائل والمصطلحات.
معنى كلمة العلة في اللغة
’’ المعلول ‘‘ اسم مفعول من ’’عَلََّه‘‘ يعُله و يعِله، إذا سقاه السقية الثانية، و يتعدى بنفسه، كما في الأمثلة، و لا يتعدى، كـ’’علّ‘‘ ’’يَعِلّ‘‘ و’’يَعُلّ‘‘، وعلّت الإبل تَعِلّ و تَعُلّ إذا شربت الشَّربة الثانية. فمعنى ’’علّه‘‘ سقاه مرة بعد أخرى، ومنه قوله: ’’جزيل عطائك المعلول ‘‘، يعني عطاء الله مضاعف يَعُلّ به عباده مرة بعد أخرى.
وعلى هذا فما مدى صحة إطلاق المحدثين وغيرهم ’’المعلول‘‘ على الحديث الذي فيه خطأ؟ وهل هو لحن كما صرح به كثير من المتأخرين؟ إذ لا تلاقي بين المعنى الاصطلاحي والمعنى اللغوي؟ ففي القاموس: العلة المرض، علّ واعتلّ، وأعلّه الله فهو معلّ و عليل و لا يقال: ’’معلول‘‘
--------------------------------------------------------------------------------
وكان المحدثون يقولون في الفعل: ’’أعلّه فلان بكذا ‘‘ و قياسه ’’معلّ‘‘، وهو المعروف في اللغة، قال الجوهري:’’لا أعلّك الله ‘‘، أي لا أصابك بعلّة.
غير أنه يظهر مما قاله صاحب المحكم ابن سيده وجه يمكن اعتماده في تصحيح الاستعمال الذي اشتهر به المحدثون؛ كالبخاري و الترمذي و الدار قطني و غيرهم من إطلاقهم ’’المعلول‘‘، وهذا نصه:
¥(12/454)
(واستعمل أبو إسحاق لفظة ’’ المعلول‘‘ في المتقارب من العَرُوض،فقال: وإذا كان بناء المتقارِب على فَعُولُن فلا بد من أن يبقى فيه سبب غير معلول. والمتكلمون يستعملون لفظة ’’المعلول‘‘ في مثل هذا كثيرا، وبالجملة فلست منها على ثقة و لا ثَلَج، لأن المعروف إنما هو ’’ أعلّه الله فهو معلّ ‘‘، اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه من قولهم: ’’مجنون‘‘، و’’مسلول‘‘، من أنهما جاءا على ’’جننته‘‘ و’’سللته‘‘ ولم يستعملا في الكلام، استغنى عنهما بأفعلت، وإذا قالوا جُنَّ وسُلّ فإنما يقولون: جعل فيه الجنون و السُّلُّ، كما قالوا: حُزِن وفُسِل) (1).
وقال الجوهري في الصحاح: ’’والعلة: المرض، وحدث يشغل صاحبه عن وجهه، كأن تلك العلة صارت شغلا ثانيا منعه شغله الأول، واعتل، أي مرض، فهو عليل، ولا أعلك الله، أي لا أصابك بعلة، وعل الشيء فهو معلول‘‘ (2)، يعني من العلة، ونص جماعة من اللغويين أن المعلول ثلاثي، علَّ الإنسان علة مرض، وعلَّ الشيءُ أصابته العلة، عل يعل واعتل أي مرض فهو عليل، وأعله الله، ولا أعلك الله أي لا أصابك بعلة.انتهى فبهذا أصبح المعلول استعمالا صحيحا لغويا.
و أما قول بعضهم ’’معلّل‘‘ فهو على سبيل الاستعارة و إلا فهو من علله، بمعنى ألهاه بالشيء و شغله به (3).
معنى العلة عند النقاد
__________
(1) - انظر لسان العرب 11/ 471
(2) - الصحاح، مادة علل، 5/ 1773 - 1774
(3) – انظر فتح المغيث للسخاوي 1/ 259 - 260 471.
--------------------------------------------------------------------------------
من تتبع كتب العلل وأمعن النظر في محتواها وجد معنى العلة في هذه الكتب يدور على نقطة واحدة، وهي خطأ الراوي – سواء أكان ثقة أم ضعيفا، سواء أكان الوهم فيما يتعلق بالإسناد أم في المتن -، وذلك لأن هذه الكتب كانت مرتكزة على ذكر الأحاديث التي أخطأ فيها الثقة والضعيف غير الوضاع، سواء بسواء. وبالتالي يمكن تحديد معنى العلة في ضوء عمل النقاد بأنه عبارة عن خطأ الراوي، وأنه لا ينبغي حصر العلة في أحاديث الثقات وحدها، بل تنطبق العلة على ما رواه الضعيف أيضا.
غير أن خطأ الراوي الثقة يكون أغمض، وأخفى من خطأ الضعيف، وذلك واضح وجلي إذا اعتبرنا الأمر الغالب فيهما، وهو بالنسبة إلى الثقة كثرة الصواب، وبالنسبة إلى الضعيف كثرة الخطأ، وكل يقدر بقدر مروياته؛ ولذلك فإن ما تفرد به الثقة أو خالفه فيه غيره من الأحاديث، يميل القلب إلى تصديقه، ولا يكون خطؤه في ذلك سهل التسليم بالنسبة إلى الباحث العادي، حيث إن الأمر الغالب فيه هو الصواب، وأما الضعيف فلا يكون كذلك نظرا لكونه كثير الخطأ والوهم.
وبهذا يتجلى تفاوت رتبهما في سلم الجرح والتعديل؛ إذ أساس تفاوتهما في ذلك هو أن يكون الوهم والخطأ من الثقة قليلا ونادرا بخلاف الضعيف. ومن الجدير بالذكر أن قلة الخطأ في الحديث وكثرته هي المعول عليه عموما لدى علماء الجرح والتعديل في تمييز الثقات من الضعفاء، بل في تحديد درجات كل منهم في سلم الجرح والتعديل بدقة متناهية.
--------------------------------------------------------------------------------
ومع ذلك فهناك فرق آخر بين الثقة والضعيف من حيث قبول الحديث ورده؛ حيث إن الثقة يكون حديثه مقبولا ومحتجا به إذا لم يحف به ما يدل على وهمه من القرائن وملابسات الرواية، وذلك نظرا للأمر الغالب في أحاديثه، وهو أن يكون حديثه صوابا، وأما الضعيف فيكون حديثه في هذه الحال التي لا تظهر فيها القرائن مردودا غير مقبول لعدم الاطمئنان إلى كون ما رواه صوابا؛ إذ هو معروف بكثرة الأخطاء والأوهام. وعلى الرغم من وجود فرق بين الثقة والضعيف فإنه لا يصح إطلاق قبول ما تفرد به الثقة.
وإذا كان معنى العلة يدور على نقطة الخطأ، فإن العلة لا تخلو من كونها قادحة؛ غير أن آثارها تختلف باختلاف نوعية الخطأ، وموقع وقوعه؛ فكل ما وقع فيه الخطأ فهو معلول باطل، دون أن يعكر على صحة ما سواه من الإسناد أو المتن، وقد يكون ذلك في كلمة، أو اسم، أو حرف، أو إسناد، أو حديث بكامله.
¥(12/455)
وقد يطرح القارئ في هذه المناسبة سؤالا، وهو: أليس هذا الأمر متناقضا مع التصور العام لدى كثير من المتأخرين والمعاصرين حول العلة وما يتعلق بها من المسائل؟ إذ العلة لا تطلق إلا على مرويات الثقات، وأنها تنقسم إلى قادحة وغير قادحة.
وللإجابة عن هذا السؤال أقول: إن هذا التصور مبني على خلفيات علمية، قد لا تتفق مع منهج المحدثين النقاد، وتفصيلها فيما يلي؛ أولا: ميدان وقوع العلة.
ميدان وقوع العلة
يظن كثير من المتأخرين أن العلة لا تطلق على مرويات الضعفاء، وأن ميدانها مرويات الثقات، وفي تعريفهم للعلة إشارة إلى ذلك، وهو فيما قاله ابن الصلاح:
’’عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة في صحة الحديث‘‘
والحديث المعلل: ’’هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها‘‘ (1).
__________
(1) - مقدمة ابن الصلاح، ص: 90
--------------------------------------------------------------------------------
فإذا كان القصد من سلامة الظاهر، وغموض السبب وخفائه أن يكون الحديث المعلول من مرويات الثقات، كما هو واضح من كتب المصطلح، فإن حديث الضعيف يخرج من تعريف العلة، وذلك بسبب هذا القيد، لكون الراوي ضعيفا، وبالتالي يتعين أن تكون مرويات الثقات هي ميدان وقوع العلة.
ولعل مستندهم في ذلك، هو ما قد يفهم من ظاهر قول الإمام الحاكم، وهذا نصه:
’’ وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واه، وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات؛ أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولا، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير ‘‘ اهـ (1)
ولا شك في أنه يفهم من ظاهر هذا النص أن ميدان العلة هو أحاديث الثقات، دون أحاديث الضعفاء، إذ قال ’’ليس للجرح فيها مدخل ‘‘ أي ليس لضعف الراوي مدخل في تعليل الحديث؟
بيد أنه تترتب على هذا الفهم بعض الإشكالات. ولتوضيح ذلك أطرح التساؤلات الآتية:
ما معنى كلمة ’’ الثقة ‘‘ هنا في هذا السياق؛ هل معناها هو الذي يتبادر إليه الذهن الآن، وهو كون الراوي حافظا متقنا، أو أن معناها أعم من ذلك؟ وهو أن يكون الراوي حسن السلوك وصدوق اللهجة، غير متعمد الخطأ، وبالتالي قد يكون الراوي الموصوف بأنه ثقة: متقنا وضابطا، وقد يكون ضعيفا غير متقن.
ماذا يعني بالمجروح؛ هل هو الضعيف عموما أو المتروك خاصة دون الضعيف غير المتروك؟
ماذا يعني بالكثرة في قوله ’’وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات‘‘؟
ما معنى لفظة ’’ الجرح ‘‘ في قوله: ’’ليس للجرح فيها مدخل‘‘
ومن خلال الإجابة عن هذه التساؤلات تتجلى الإشكالات الواردة في حمل قول الحاكم على أن مرويات الثقات هي التي تكون ميدانا لوقوع العلة، دون مرويات الضعفاء.
__________
(1) – معرفة علوم الحديث، ص:211.
--------------------------------------------------------------------------------
وإذا كان من الممكن تفسير كلمة ’’الثقة‘‘ بأنه العدل الضابط القليل الأخطاء، فإن هذا التفسير لا يتسق مع قوله ’’وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات‘‘، إلا إذا حمل هذا القول على غير ظاهره، وذلك لأن العلة إذا كانت كثيرة في أحاديث الراوي فإن هذا الراوي لا يكون ثقة، إذ الثقة عدل ضابط قليل الخطأ، أي قليل الروايات المعلولة، ولذلك فإن قوله ’’وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات‘‘ لا ينبغي حمله على ظاهره، وإنما يكون معناه كما أوضحه الحاكم نفسه بقوله ’’ أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولا، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير‘‘.
يعني بذلك أن العلة تكثر عادة في أحاديث الثقة من جهة كون العلة بعيدة عن شعور من يتلقى الحديث منه ثم يرويه عنه لثقته بحاله، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار حديثه وشهرته بين الحفاظ، وهذا معنى قول الحاكم ’’ وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات‘‘، ولا يعني بذلك أن مرويات الثقات كثيرة العلل حقيقة، وإلا فإن الراوي الذي كثرت في مروياته العلل لا يكون ثقة أبدا، وإنما يكون ضعيفا.
¥(12/456)
بيد أن هذا المعنى لن يستقيم إلا إذا حملت كلمة ’’الجرح‘‘ في قوله ’’ليس للجرح فيها مدخل‘‘ على مطلق الضعف، وجعلت كلمة المجروح في قوله ’’ حديث المجروح ساقط واه ‘‘ تشمل جميع أصناف الضعفاء، مع أن هذا التفسير لا يقره سياق كلام الإمام الحاكم، إذ ورد في السياق ذكر المجروح مقيدا بكونه ساقط الحديث، ومن المعلوم أن المجروحين ليسوا كلهم ساقطي الحديث، فمنهم من يكتب حديثه، ومنهم من يسقط حديثه، ولذلك يكون المقصود بالمجروح الراوي المتروك الساقط الحديث دون غيره من الضعفاء الذين يكتب حديثهم للاعتبار والمقارنة.
--------------------------------------------------------------------------------
وإذا كان المجروحون ليسوا كلهم ساقطي الحديث، فإن نص الحاكم – في ضوء التأويل السابق، وهو أن المقصود بالثقة العدل المتقن- لا يشمل إلا أحاديث الثقة وأحاديث المتروك، لورود المجروح في هذا النص بمقابل الثقة مقيدا بكونه ساقط الحديث، وعليه فإن الحاكم لم يكن من خلال نصه نافيا ولا مثبتا لمدى إطلاق العلة على أحاديث الضعفاء غير الساقطين، وبهذا أصبح كلامه ناقصا وغير مستوعب الجوانب. كما أن هذا التفسير لا يقره منهج كتب العلل في ذكر الأحاديث المعلولة عموما، إذ كانت تضم أحاديث الضعفاء أكثر من أحاديث الثقات.
وبما أن كلمة الثقة جاء ذكرها في نص الحاكم بمقابل المجروح الساقط حديثه، فإنه ينبغي أن يكون معناها أوسع مما سبق، بحيث يشمل جميع أنواع الرواة المقبولين غير المتروكين، إذ يكون معنى هذه الكلمة عندئذ كل راو صالح عدل، سواء أ كان ثقة أم ضعيفا، وإن كان تفسيرها بهذا المعنى غير معهود لدينا فإنه ليس بغريب على المحدثين النقاد، بل كان مألوفا لديهم.
وبما أن الإمام الحاكم قد أخرج حديث المجروح الساقط من مفهوم العلة، وأصبح معنى الثقة في قوله ’’والعلة تكثر في أحاديث الثقات‘‘ هو كل عدل لم يعرف في سيرته ما يوجب ترك حديثه وسقوطه من فسق وغيره، فإن هذا القول يكون بمثابة تخصيص العلل بما يرويه الراوي المقبول، سواء أ كان ثقة أم ضعيفا، دون المتروك، وأن الكثرة هنا لن تكون بالنسبة إلى أحاديث المتروكين، وإنما معناها كما جاء في سياق كلامه، وبالتالي فإن المفهوم المخالف ليس مقصودا هنا، وهو أن العلة تقل في أحاديث المتروكين، إذ ليس للعلة صلة بما يرويه المجروح الساقط حديثه، لكون حديثه قد سقط مباشرة، دون أن يتوقف ذلك على دراسة ومقارنة.
--------------------------------------------------------------------------------
وأما وجه كثرة العلة في أحاديث الثقات فإن أحاديثهم المعلولة تنتشر ضمن الأحاديث الصحيحة رواية ونقلا بين المحدثين، لكونهم مقبولين عموما، مع بروز تفاوت بين العدل المتقن وبين العدل الضعيف، من حيث كثرة العلة وقلتها، ويكون لبعض المحدثين تحفظ شديد في تلقي الأحاديث عندما يكون راويها ضعيفا، وإذا تبين لهم وهمه في حديث ما فإنهم يضعفون ذلك الحديث، وأما حديث المجروحين المتروكين فلا يكتب ولا يتلقى، بل يسقط تلقائيا. وبذلك يكون نص الإمام الحاكم مطابقا للأمر الواقع في كتب العلل، كما يكون مستوعب الجوانب، إذ عالج نصه ما يتصل بجميع أنواع الرواة الذين ينقسمون إلى قسمين عريضين؛ وهما المقبولون، والمتروكون، وجعل العلة خاصة بالقسم الأول دون الثاني.
وفي ضوء ذلك يتعين أن يكون معنى الثقة هنا هو كل من يصلح أن يكون بمقابل المتروك الذي يسقط حديثه تلقائيا دون بحث وتتبع.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن هنا يمكن أن نقول إن الإمام الحاكم لم يربط العلل بمرويات الحافظ المتقن دون غيره، وإنما جعل ميدان وقوعها متسعا وعريضا؛ إذ شملت العلة مرويات المقبولين عموما، وهذا ما قصده الحاكم بقوله:’’ وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واه ‘‘، كما يؤيد ذلك الواقعُ الملموسُ في كتب العلل؛ إذ لم تكن خاصة بمرويات الثقات، بل حوت مرويات الضعفاء أيضا. والله أعلم. (1)
¥(12/457)
وقد يقال: إن إطلاق العلة - بغض النظر عن فحوى كلام الحاكم، وبعيدا عن سياقه - على أحاديث الثقة أمر اصطلاحي، ولا مشاحة في ذلك، ولا يعني بذلك أن أحاديث الضعفاء ليس فيها خطأ، لكن يعبر عن خطئهم فيها بمصطلح آخر، كمنكر، أو باطل أو غير ذلك.
__________
(1) - ههنا لفتة علمية لا بد من التلويح إليها، وهي أن كثيرا من المتأخرين والمعاصرين يجعلون أحاديث الثقات ميدان العلة والشذوذ، ويفرقون بينهما في المفهوم، وفي الوقت ذاته يصححون الحديث الذي رواه الثقة، على الرغم من مخالفته من هو أوثق منه، أو تفرده به، تمهيدا للاستدلال به على الأحكام الفقهية أو العقدية، أو للدفاع عن مذهب أو رأي يذهبون إليه، وإذا وقفوا على أن الحديث قد أعله ناقد بالتفرد أو المخالفة يعقبون عليه بقولهم: ’’كلا! إنه ثقة لا يضر تفرده ‘‘، أو ’’زيادة الثقة مقبولة ‘‘ أليس هذا مفارقة عجيبة بين الحكم النظري والتطبيقي!! إذ يجعلون العلة والشذوذ خاصتين بما رواه الثقة نظريا، بينما يجعلونهما خاصتين بما رواه الضعيف دون غيره عمليا، فإنهم لا يرفضون الحديث إلا إذا كان راويه ضعيفا، سواء تفرد به أم خالفه الثقات. وهنا شيء يلفت الانتباه؛ وهو أن بعض إخواننا المعاصرين يقبلون حديث الراوي الضعيف مع تفرده به أو مخالفته الثقات، ويحكمون بأنه حسن لغيره بموجب الشواهد أو المتابعات القاصرة، أي إنهم يقومون – دون أن يشعروا - بإلغاء مصطلحات العلة ونفيها من الوجود.
--------------------------------------------------------------------------------
أقول: لا مانع من ذلك، إذا كان الأمر يخص عمل هؤلاء الذين فرقوا بين المصطلحات وحدهم، وأما إذا كان الأمر في معالجة مصطلحات أهل التخصص فلا ينبغي حملها إلا فيما استخدموه، دون تغيير في منهجهم أو تبديل في ألفاظهم، وإلا فسيؤدي ذلك إلى خلل كبير في بناء تصوراتنا حول منهج المحدثين النقاد، وكتبهم في العلل التي تضم أحاديث الضعفاء والثقات، لمعالجة عللها وبيان صوابها، ودون تفريق بينها بتلك المصطلحات.
وبعد أن تم تحرير ميدان وقوع العلة يأتي الحديث عن القضية الثانية، وهي التلازم بين العلة وبين القدح في الصحة.
التلازم بين العلة وبين القدح في الصحة
ما ينبغي ذكره هنا أنه يمكن أن نستخلص مما سبق أن العلة كلها قادحة، لأنها دالة على وهم الراوي وخطئه، ويكون الخطأ قادحا في صحة ما وقع فيه الخطأ، وقد يكون ذلك في الإسناد أو في المتن أو في كليهما، ولا تخرج العلة عن أن تكون قادحة، ولهذا جاء تعريف العلة متضمنا ذلك حين قالوا: ’’إن العلة عبارة عن سبب غامض يقدح في صحة الحديث‘‘.
وعلى الرغم من اتفاق المتأخرين على ذكر القدح في تعريف العلة كقيد وشرط، فإنهم في الوقت ذاته يقسمونها إلى قادحة وغير قادحة!! ولعل هذا التقسيم لخلفيتهم العلمية المزدوجة، التي لا تتفق مع منهج المحدثين في نقد الحديث، كما سيتضح لنا من المثال الآتي.
روى مخلد ويعلى بن عبيد عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عيه وسلم حديثا في خيار البَيِّعين (1). يقول النقاد: هذا وهم من مخلد ويعلى إذ أضافا الحديث إلى عمرو بن دينار، وهو لم يحدث به، والصواب: أن هذا الحديث إنما رواه عبد الله بن دينار، وليس عمرو بن دينار. وهذه العلة في الإسناد غير قادحة في صحة المتن، لأنه صح عن سفيان من طرق أخرى.
__________
(1) – رواه النسائي في 7/ 250 من طريق مخلد به، والطبراني في الكبير 12/ 448 من طريق يعلى بن عبيد به.
--------------------------------------------------------------------------------
وبهذا وغيره قالوا: العلة قد تكون غير قادحة، أي لا تقدح في صحة المتن، والواقع أن ذلك لا ينفي كون تلك العلة قادحة، إذ لا يختلف اثنان على عدم صحة روايتهما، وأن العلة هنا أصبحت قادحة في صحة الحديث عن عمرو بن دينار، وإن كان المتن صحيحا.
كما أن الاضطراب حول اسم الصحابي الذي روى الحديث، أو راويه الثقة لا يعدونه علة قادحة أيضا، لأنه أيا كان هذا الراوي فالحديث لا يخرج من رواية الثقة، سواء أ كان هو هذا الثقة أم ذاك الثقة، أو هذا الصحابي أو ذاك الصحابي، بخلاف الاضطراب الذي يكون حول الراوي الثقة والضعيف؛ فإنه يضر حينئذ في صحة الحديث.
¥(12/458)
وهذا أيضا لا ينفي كون العلة قادحة لتأثيرها في ثبوت الراوي الثقة بعينه، ويكون السؤال مطروحا: من صاحب هذا الحديث؟ فهذا النوع من الاضطراب أصبح علة قادحة، وإن لم تقدح في صحة الحديث عموما.
وكان أبو يعلى الخليلي – صاحب كتاب الإرشاد – ممن قسم العلة إلى قادحة وغير قادحة؛ فقد قال في الإرشاد:
’’الأحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم على أقسام كثيرة، صحيح متفق عليه، وصحيح معلول …فأما الحديث الصحيح المعلول فالعلة تقع للأحاديث من أنحاء شتى لا يمكن حصرها، فمنها أن يروي الثقات حديثا مرسلا وينفرد به ثقة مسندا فالمسند صحيح وحجة، ولا تضره علة الإرسال‘‘ (1).
ومن تتبع عمل النقاد في هذا الجانب علم أنه لا ينبغي إطلاق القول بأن الإرسال لا يضر المسند، وعلى كل حال فإن هذا النص يعطيك صورة واضحة عن طبيعة منهج الإمام الخليلي في التصحيح والتضعيف، وهي تشكل نقطة تباين منهجي بينه وبين نقاد الحديث.
__________
(1) – الإرشاد للخليلي 1/ 187.
--------------------------------------------------------------------------------
توضيح ذلك أن المحدثين النقاد - في حالة وجود خلاف بين رواة الحديث وصلا وإرسالا، كغيره من الاختلاف - يعتمدون في الحكم القرائن التي تحف بالحديث، كما سيأتي في نص الإمام ابن الصلاح حول العلة، وأنهم لا يطلقون القبول على المتصل، وأما الخليلي فأطلق الحكم بالقبول في تلك الصورة التي ذكرها. وعلى مذهب الخليلي نجد معظم الفقهاء المتأخرين (1)، كما يأتي تفصيله (إن شاء الله).
ويمكن أن نبرر موقف الخليلي تجاه هذا النوع من الاختلاف بأن بعض الثقات قد يروي الحديث مرسلا بعد أن رواه متصلا حسب نشاطه في التحديث، دون أن يكون ذلك اضطرابا منه، وقد يقع للمحدث شك حول اسم الصحابي، أو وصل الحديث، فيتحفظ عن روايته متصلا، ويرويه مرسلا بالاحتياط، بعد أن رواه متصلا، كما حدث ذلك لمالك وأيوب السختياني وغيرهما من الثقات الذين يكون من عادتهم أن لا يرووا الحديث على التوهم والشك. ولاحتمال أن يكون ذلك سبب الاختلاف في الوصل والإرسال فلعل الخليلي قد أطلق القول بأن الإرسال لا يضر المسند. (والله أعلم)
وإن كان هذا الأمر قد وقع بالنسبة إلى بعض الروايات المختلفة، فإنه لا ينبغي الحمل على ذلك السبب كلما وقع الاختلاف في الوصل والإرسال، ولا يقال إذن إن الوصل مقبول، ولا يضره الإرسال، وإنما يتوقف الحكم في ذلك قبولا وردا على معرفة القرائن التي تدل على سبب الاختلاف.
وبعد هذا التعقيب الاستطرادي أعود إلى موضوع كون العلة قادحة لأقول:
__________
(1) - انظر مقدمة كتاب الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين، للمؤلف
--------------------------------------------------------------------------------
هذه بعض الخلفيات التي اعتمدها القائلون بتقسيم العلة إلى قسمين: قادحة وغير قادحة، والواقع هو أن العلة كلها قادحة تقدح في صحة ما وقعت فيه العلة، قد يكون ذلك في الإسناد أو فيما يخص راويا من رواته، أو في المتن، أو زيادة كلمة فيه، أو تغيير سياقه أو في الحديث سندا ومتنا، أعني بذلك أن القدحية قد تكون نسبية أو مطلقة، لأن العلة عند نقاد الحديث عبارة عن خطأ الراوي. والله أعلم.
العلة وصلتها بمعرفة حال الراوي
سبق لنا ذكر تعريف العلة، وقد لاحظنا فيه بعض القيود التي تحدد مفهوم العلة عند المحدثين، ومن تلك القيود أن يكون السبب غامضا وخفيا، وأن يكون ظاهر السند سليما.
فإن قيل: إن ضعف الراوي سبب ظاهر، فكيف يدخل في المعلول ما رواه الضعيف، وقد خرج من التعريف بقيدي (الغموض) و (سلامة الظاهر)؟ فيجاب بأن العلة هي عبارة عن وهم الراوي، ثقة كان أو ضعيفا، كما سبق تحريره، وخطأ الراوي الضعيف فيما رواه لا يدرك إلا بالبحث عن القرائن التي تحيط به، ولا تكون رواية الضعيف دالة بمجردها على خطئه ووهمه، فقد يصيب الضعيف وقد يخطئ، فالوقوف على ذلك ليس أمرا هينا، لأنه يقتضي معرفة القرائن، كما يأتي بالأمثلة إن شاء الله تعالى.
¥(12/459)
والواقع أن أحوال الراوي - ضبطا وإتقانا أوضعفا - إنما تعرف بمدى موافقته الثقات، ومخالفته لهم، أو بتفرده بما له أصل، أو بما ليس له أصل، يقول الإمام مسلم في هذا الخصوص: ’’وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعمله‘‘ (1).
__________
(1) –مقدمة صحيح مسلم 1/ 56 - 57 من شرح النووي –ط: دار إحياء التراث، بيروت، سنة 1392 (الطبقة الثانية -.
--------------------------------------------------------------------------------
ولهذا نرى في ثنايا كتب الضعفاء اهتمام المحدثين في جانب ذكر بعض الأحاديث، ليبرهنوا بها على ضعف رواتها، مثل كتاب الضعفاء الكبير للعقيلي، والكامل لابن عدي، والميزان للذهبي، وكذا التاريخ الكبير للإمام البخاري.
وعلى سبيل المثال؛ فابن عدي حين ترجم لقرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل (1) في كتابه (الكامل) أورد بعض أحاديثه ليشير بها إلى أن هذه الأحاديث قد أخطأ فيها قرة، الأمر الذي دفع علماء الجرح والتعديل إلى تضعيفه، ويتجلى ذلك بوضوح حين دراسة حديث ’’من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ‘‘.
وتوضيح ذلك أن قرة بن عبد الرحمن قد خالف في هذا الحديث أصحاب الزهري، حيث قال قرة عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة، والصحيح الثابت عن الزهري عن علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وبسبب هذا الخلاف على هذا الشكل الذي رأيناه صدر من النقاد تعليل حديث قرة، ولما وقع قرة في مثل هذا الخطأ، وكثرت مخالفته للثقات دل ذلك على حاله العام في مدى الإتقان والضبط.
يقول مسلم: ’’فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض يتميز صحيحها من سقيمها، وتتبين رواة ضعاف الأخبار من أضدادهم من الحفاظ، ولذلك أضعف أهل المعرفة بالحديث عمر بن عبد الله بن أبي خثعم، وأشباهه من نقلة الأخبار لروايتهم الأحاديث المستنكرة التي تخالف روايات الثقات المعروفين من الحفاظ‘‘ (2).
__________
(1) – 6/ 2076.
(2) – التمييز ص:162.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الجدير بالذكر أن قولهم ’’ فلان ضعيف ‘‘ معناه كثير الخطأ، وعليه فما تفرد به عن شيخه لا يحتج به إذا لم تحف بحديثه قرينة تدل على صوابه، وذلك لغلبة احتمال الخطأ عليه، وليس معنى هذا أن كل ما يرويه هو يعد ضعيفا، وأنه قد أخطأ فيه، فمن أحاديثه ما يصح ومنها ما يضعف، ولا يمكن تمييز ذلك إلا بالبحث والموازنة في ضوء القرائن، وأنت ترى في الصحيحين أحاديث صحيحة من رواية الضعفاء، وقد أوردها كل من الشيخين من أجل الاحتجاج بها، مثل حديث فليح بن سليمان، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي وغيرهما عند البخاري وحديث سويد بن سعيد، وحماد بن سلمة وغيرهما عند مسلم.
وينبغي أن نفهم من هذا الصنيع أن مقصد البخاري ومسلم ذكر الأحاديث الصحيحة من طريق الثقات، لكن قد يخرج كل منهما عن هذا المقصد فيرويان الحديث الصحيح عن طريق اسناد فيه ضعيف، وذلك لأغراض علمية يحددها منهجهما المتبع في سياق تلك الأنواع من الأحاديث في الصحيحين، وليس معنى ذلك أن جميع ما يرويه ذلك الضعيف من الأحاديث محتج به، وأنه خال من الخطأ، كما أنه لا ينبغي أن نفهم من ذلك سوى أن الراوي قد تجاوز قنطرة العدالة الدينية.
تصحيح حديث لا يعني بالضرورة توثيق راويه
--------------------------------------------------------------------------------
ومن هنا أود أن ألفت الانتباه إلى شبهة وقع فيها بعض الباحثين اليوم، يقول بعضهم: ’’فما تصحيح أحدهم لأحد الرواة إلا كالتصريح بعدالة وضبط الراوي المصَحَّح له عند المصحِّح‘‘ (1)، وقد سبقهم في ذلك بعض المتأخرين. ولو استدل بالتصحيح على عدالة الراوي وضبطه ذلك الحديث دون تعرض لمدى إتقانه لبقية الأحاديث عموما لكان أمرا مسلما. وأما أن يستدل به على ثقته كتعديل عام فتنقصه الدقة، ولعل ذلك مبني على تعريف الصحيح الذي تضمن ثقة الراوي كشرط أساسي، وبالتالي فما من صحيح عند هؤلاء الباحثين إلا وقد كان راويه ثقة يعني ضابطا متقنا، وفي هذا الإطلاق خطأ يتضح بجلاء حين يعرض ذلك على نصوص النقاد وعملهم التطبيقي.
¥(12/460)
ومن المعلوم بداهة أن العدالة غير الإتقان والضبط، ولا تلازم بينهما، ولمعرفة كل منهما وسائل خاصة لا ينبغي الخلط بينها (2). ولذا فالذي يتعين علينا فهمه من خلال تصحيح إمام حديثا أن راوي ذلك الحديث المصحح عدل عنده، وأنه قد ضبط ذلك الحديث، بغض النظر عن مدى حفظه وإتقانه لبقية مروياته، وقد يكون الراوي ضعيفا عموما لكن أتقن ذلك الحديث، وقد يكون ثقة متقنا، وربما يصرح الناقد بأنه ثقة، وهو لا يقصد بذلك توثيقا عاما، وإنما توثيقه يكون بالنسبة إلى ذلك الحديث الذي صححه، ويعني بذلك أن ذلك الراوي قد ضبط هذا الحديث فحسب.
__________
(1) - التعريف بأوهام من قسم السنن 1/ 204، للشيخ محمود سعيد.
(2) - قد شرحت هذا الموضوع بشئ من التفصيل في كتابي (كيف ندرس علم الحديث)، ولا يزال في طور الإعداد.
--------------------------------------------------------------------------------
ويفهم هذا المعنى الدقيق عند وجود اختلاف في ألفاظ ذلك الناقد في الجرح والتعديل، أو وجود اختلاف بينه وبين غيره من النقاد. والواقع أن أحوال الرواة - جرحا وتعديلا - لا تعرف إلا من خلال سبر مروياتهم، كما سبق في نص الإمام مسلم، وكما تقرر في كتب المصطلح، وأما توثيق الراوي بمجرد تصحيح حديث واحد له فغير سليم (1)، اللهم إلا في حالة تفرد الراوي بحديث، فإن تصحيح الناقد له في هذا الحال يعني أن الرجل ثقة، ومن المعلوم أن التفرد لا يقبل إلا من ثقة.
__________
(1) - هذه نقطة مهمة تكشف الخلل في طريقة بعض المعاصرين في استدلالهم بتصحيح إمام حديثا على أن راويه ثقة، وهذا خطأ منهم، إذ إن معنى تصحيحه أن الراوي عدل وأن السند متصل، وأن الراوي قد ضبط ذلك الحديث، وليس في ذلك إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى أن حاله فيما يرويه من الأحاديث أن يضبط ويتقن. وهذا الحكم لا يصدر من الناقد إلا بعد نقد مروياته، وليس بنقد حديث واحد فقط. ومن المعلوم لدى الجميع أن الحافظ ابن حجر قد عقد فصلا مستقلا لترجمة من تكلم فيه من رواة البخاري، ولم يكن الحافظ ابن حجر يستنتج من تصحيح البخاري لأحاديث هؤلاء المتكلم فيهم أنهم ثقات. نعم قد قال الحافظ:’’ ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه، وعدم غفلته .. ‘‘ يعني لذلك الحديث، وليس ذلك حكما عاما كما فهم مؤلف كتاب التعريف. وهذا الإمام مسلم لما سئل عن رواية جماعة من الضعفاء في صحيحه لم يرد عليهم بأنهم ثقات عنده، ونصه الصريح لا يقاومه استنتاج بعض من ذهب إلى خلاف ذلك من المتأخرين، وفيما أرى أن منشأ هذه الشبهة هو الاعتقاد بأن الحكم تابع لأحوال الرواة بناء على خطأ آخر في فهم تعريف الصحيح.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن تتبع كتب النقاد، وأمعن النظر فيها علم أن الثقة لم يكن شرطا يذكر في تعريف مصطلح الصحيح لاحتراز ما رواه الضعيف، بل يعد شرطا أغلبيا؛ إذ ما رواه الثقات يكون هو الأغلب في الأحاديث الصحيحة، ولذلك لا ينبغي أن يعتبر ما رواه الضعيف ضعيفا إلا إذا كان غريبا قد تفرد به، وقد يتفق هو مع الثقات الآخرين، وبالتالي يكون حديثه صحيحا لخلوه من الشذوذ والعلة، ولذلك فلا يكون التصحيح فرع التوثيق، كما لا يعني تضعيف حديث أن راويه ضعيف عموما، وإنما كان ضعيفا فقط في ذلك الحديث، يعني بذلك أنه قد أخطأ فيه. فرب ثقة يعل حديثه ويضعف (1)، ورب ضعيف يصحح حديثه ويقبل!!!.
وبما أن الراوي الضعيف إذا أخطأ في حديث لا يتضح خطؤه إلا من خلال دراسة ذلك الحديث دراسة علمية ونقدية، فإن تعريف العلة لا بد أن يتضمن ذلك، ولا داعي لإخراج ما رواه الضعيف من مضمون تعريف العلة أيضا، كما سبق بيان ذلك مفصلا في المباحث السابقة. ومن هنا كان نقاد الحديث يذكرون في كتب العلل أحاديث الضعفاء التي أخطؤوا في روايتها سندا أو متنا، كما أنهم يوردون ما صح منها في الصحاح، أو ينصون في غيرها على أنه صحيح.
¥(12/461)
ويستخلص مما سبق أن العلة تتمثل في خطأ الراوي، سواء أكان ثقة أم ضعيفا غير متروك ويبقى ذلك خفيا وغامضا بالنسبة إلى غير المتخصصين، وأما بالنسبة إلى نقاد الحديث ممن جمع بين الحفظ والفهم والمعرفة فتكون العلة واضحة وجلية، ولا يكون للأسباب الظاهرة – كفسق الراوي، وكذبه، أو انقطاع الإسناد بجميع أنواعه – صلة بمفهوم العلة التي نحن بصددها.
__________
(1) - قال ابن القيم: ’’ثقة الراوي شرط للصحيح وليس موجبه‘‘ (تهذيب السنن 3/ 273، مطبوع مع مختصر سنن أبي داود للمنذري).
--------------------------------------------------------------------------------
كما يظهر ذلك جليا من قول الحاكم (رحمه الله) السابق نقله: ’’وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واه وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له علة فيصير الحديث معلولا، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير‘‘ (1).
ويقول الحافظ ابن رجب (رحمه الله): ’’حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعللون الأحاديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم‘‘ (2).
الدقة والتكامل من أهم سمات منهج المحدثين في نقد الأحاديث
ما ينبغي تلخصيه في ضوء ما سبق، هو أن خطأ الراوي لا يدرك من ظاهر الإسناد حتى وإن كان راويه ضعيفا، وإنما بمخالفته الأمر الواقع، أو بتفرده بما ليس له أصل، وبالتالي يكون مقتضى ذلك أن يكون لدى الناقد الذي يتصدى لتصحيح حديث أو تضعيفه رؤية واضحة حول واقع ذلك الحديث من حيث الرواية والعمل به، بحيث يستطيع أن يستحضر الروايات التي وردت فيه مع ملابساتها، أو ما يتعلق بموضوع الحديث من الجوانب العملية، من أجل مقارنة بعضها ببعض، وملاحظة ما يمكن وجوده فيما بينها من فوارق جوهرية، حتى يتم التمييز بين الخطأ والصواب في ضوء القرائن والدلائل الواقعية بعيدا عن التخمين.
__________
(1) – معرفة علوم الحديث ص: 112 (منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت).
(2) –شرح علل الحديث، ص: 390 (تحقيق صبحي السامرائي)
--------------------------------------------------------------------------------
ولذلك يتعين القول إن الحكم على الحديث تصحيحا أو تضعيفا لم يكن تابعا لأحوال الرواة إلا في بعض الحالات التي تقتضي اعتمادها، بعد تتبع ما يمكن أن يحف به من القرائن، كما جاء بسط ذلك في مقدمة كتاب (الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين (1)). ومن هنا يتجلى ما تضمنه قول الحاكم:’’والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير‘‘ من الأبعاد العلمية والنقدية والمنهجية. والله تعالى أعلم.
وعلى كل فالذي نصل إليه في ضوء ما سبق أن العلة لا تظهر، دون جمع الروايات واستحضارها، ومقارنة بعضها ببعض، وفقه ما يحيط بالحديث من قرائن، وأما قولهم في التعريف ’’مع أن ظاهره السلامة منها‘‘ فلا يعني بالضرورة أن يكون رواة الحديث كلهم ثقات، كما سبق؛ إذ تتحقق السلامة أيضا حين يكون في السند راو ضعيف، فإن معنى السلامة هنا هو أن يكون ظاهر السند سليما من الأسباب الظاهرة التي لها تأثير مباشر في صحة الحديث؛ كأنواع الانقطاع: التدليس، والإعضال، والإرسال، وليس معنى ذلك أن يكون سليما من ضعف الراوي، فإنه لا يلزم من كون الراوي ضعيفا أن يكون حديثه خطأ.
نعم قد يعل الحديث بالتدليس أو بالإرسال أو بالإعضال، لكن في حالة وجود خطأ في وصل ذلك الحديث المنقطع من قبل بعض رواته.
__________
(1) - الكتاب للمؤلف (ط: 2 دار ابن حزم، بيروت)
--------------------------------------------------------------------------------
¥(12/462)
وبعد فقد بان لك (أيها القارئ رحمك الله) أن حالة المخالفة والتفرد تمثلان نقطتي انطلاق في كشف خطأ الراوي، وأن المخالفة لم تكن محصورة في أن تكون بين ثقة وأوثق، كما يوهم ذلك ما ورد في تعريف بعض المصطلحات المتصلة بالعلة؛ كالشاذ والمنكر، بل تأخذ المخالفة أبعادا أخرى، ويكون مجالها أوسع مما قد يتصوره بعضنا، ليشمل ذلك مخالفة الراوي الواقع العملي أو التاريخي أو ما ثبت عقليا، أو ما ثبت بالإجماع، غير أن عرض الحديث على ذلك كله يكون وفق منهجية منضبطة بمقتضى طبيعة الحديث وروايته، وليس على طريقة لا تقوم على توازن علمي، ولا على معرفة الواقع الحديثي والفقهي، كما يدعو بعض المفكرين إلى مقارنة كل ما يروى من الأحاديث، حتى وإن كانت مما تلقته الأمة بالقبول، مع خلفيات علمية عامة تتكون منها ثقافاتهم، أو عرضها على مقتضى عقولهم، دون مراعاة طبيعة الحديث وروايته (1).
وكذلك التفرد؛ فإن معناه أن يتفرد الراوي بما ليس له أصل، وليس على إطلاقه، ولذلك فاعلم – أخي الفاضل - أن كلا من هاتين النقطتين: المخالفة والتفرد، تشكلان في الواقع قاعدة عريضة لنقد المرويات من جميع زواياها، الأمر الذي يؤكد على دقة منهج المحدثين وشموليته في النقد، وأن المستشرقين لم يأتوا بشيء جديد ينبغي إملاؤه على الأمة الإسلامية لاستدراك ما فاتهم طوال هذه القرون الغابرة.
ولكي يتجسد أمام القارئ ما سبق ذكره من معنى العلة عند نقاد الحديث، وما يتعلق به من النقاط الجوهرية تأتي الفقرات لسرد بعض الأمثلة.
الأمثلة التطبيقية لمعنى العلة
المثال الأول
__________
(1) - انظر تفصيل ذلك في كتاب نظرات جديدة في علوم الحديث.
--------------------------------------------------------------------------------
هذه جملة من الأمثلة، أسوقها لتكون العلة بأبعادها المختلفة واضحة المعالم، وسهلة التصور؛ فالمثال الأول لحديث معلول رواه الثقة: وهو ما رواه شعبة بن الحجاج عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقال ’’آمين ‘‘وخفض بها صوته (1).
يقول الإمام مسلم: ’’أخطأ شعبة في هذه الرواية، حين قال: وأخفى صوته‘‘، وكذا أعله الإمام البخاري وأبو زرعة الرازي وأبو عيسى الترمذي والدار قطني وغيرهم (2) بل قال البخاري وغيره:’’وأخطأ شعبة في مواضع من هذا الحديث، فقال: (عن حجر أبي العنبس)، وإنما هو (حجر بن عنبس) ويكنى أبا السكن، وزاد فيه: (عن علقمة بن وائل)، وليس فيه (عن علقمة)، وإنما هو (عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر)، وقال: (وخفض بها صوته)، و إنما هو (ومد بها صوته) (3).
إسناد هذا الحديث ظاهره سليم، بل مكون من الثقات المعروفين، لا سيما أنه قد رواه شعبة بن الحجاج الذي عرف بتشدده وتحفظه ودقته في تلقي الحديث وروايته، حتى اشتهر بين المحدثين أنه لم يكن يحدث حديثا عن شيخ إلا بعد التأكد من أنه قد حفظه، ومع ذلك أطبق الحفاظ على أن شعبة أخطأ في مواضع من الحديث المذكور، ولم يدركوا ذلك إلا عن طريق حفظهم وفهمهم ومعرفتهم وممارستهم الحديثية الطويلة.
هذا وقد صرح بعض الحفاظ بمجموعة من الأسباب الدالة على خطأ شعبة؛ وهي:
__________
(1) – أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في التأمين 2/ 27 - 29، ومسلم في التمييز ص: 133 - "تحقيق الدكتور / مصطفى الأعظمي)، والإمام الدار قطني في سننه، كتاب الصلاة، باب التأمين في الصلاة … 1/ 334 (تحقيق الشيخ عبد الله هاشم، ط: دار المحاسن للطباعة، القاهرة).
(2) – سنن الترمذي 2/ 27 - 29 " تحقيق أحمد شاكر " وعلله الكبير 1/ 217 - 218 (تحقيق حمزة ديب) والتمييز لمسلم ص::33.
(3) – المصدر نفسه.
--------------------------------------------------------------------------------
أ - أن شعبة قد خالف أصحاب سلمة بن كهيل، ومن أثبتهم سفيان بن سعيد الثوري الذي اتفق النقاد على أنه أحفظ الناس لأحاديثه، فإذا وقع خلاف بينه وبين شعبة فإن قول سفيان هو الذي يترجح.
ب - كما أنه قد خالف السنة العملية التي تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أنه كان يجهر بآمين.
¥(12/463)
ج - كذلك خالف شعبة عبد الجبار بن وائل الذي روى عن وائل ما يؤيد قول سفيان، إذ قال فيه:’’مد بها صوته‘‘ (1). وقد صرح بذلك كله الإمام مسلم في كتابه التمييز (2).
وأما الجمع بين هذه الروايات بناء على التجويز العقلي فمنهج انتهجه كثير من الفقهاء المتأخرين، وتبعهم في ذلك الباحثون المعاصرون (3).
فبهذا المثال تبين أن العلة عبارة عن خطأ الراوي، وقد عبر الإمام مسلم عنه في أثناء شرحه علة ذلك الحديث، وهذا الخطأ لا يظهر من ظاهر السند دون جمع طرقه ومقارنة بعضها ببعض، ولا يكتشفه الباحث، أو لا يقتنع به، إلا إذا انتهج منهج المحدثين النقاد.
المثال الثاني:
إذا كان المثال الأول للحديث المعلول من مرويات الثقات فإن المثال الثاني يكون لما رواه الضعيف، وهو ما رواه ابن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (آمين) حين يفرغ من قراءة فاتحة الكتاب (4).
يقول أبو حاتم في كتاب أسماه (علل الحديث): ’’هذا خطأ عندي، إنما هو سلمة عن حجر أبي العنبس (5) عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم ‘‘.
__________
(1) – رواه الدار قطني في سننه 1/ 334 - 335، وصحح إسناده، غير أنه منقطع لأن عبد الجبار لم يسمع من أبيه كما في التهذيب.
(2) – ص:133.
(3) – راجع ما حرره الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على حديث شعبة المعلول من سنن الترمذي 2/ 29.
(4) – أخرجه ابن أبي حاتم في علله 1/ 93.
(5) – كذا في العلل، والصواب فيه حجر بن العنبس كما حقق النقاد.
--------------------------------------------------------------------------------
هذا إسناد لا يلمس في ظاهره أن ابن أبي ليلى أخطأ في حديثه هذا، مع كونه ضعيفا، وبهذا تحققت سلامة ظاهر الحديث عن الخطأ، ولم يكن أبو حاتم قد أدرك ذلك لمجرد كونه ضعيفا، بل اكتشف خطأه من خلال القرائن المحيطة بروايته.
ومن القرائن مخالفة ابن أبي ليلى لأصحاب سلمة بن كهيل، إذ قال عنه ما لا يعرفونه، بل كان الجميع من أصحابه قد اتفقوا على أن سلمة بن كهيل إنما حدث بهذا الحديث عن حجر عن وائل، ولو حدث سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي أيضا لسمعه سفيان وشعبة وأمثالهما، وما غاب عنهم هذا العلم الجديد، باعتبارهم ألزم الناس لسلمة، وأجمعهم لأحاديثه، ومن المستبعد عادة أن يقع هذا الحديث عن سلمة عند ابن أبي ليلى دون غيره من الثقات، وقول أبي حاتم: ’’هذا خطأ، إنما هو سلمة عن حجر عن وائل‘‘ يدل على معرفته بالواقع الحديثي بالنسبة إلى سلمة.
وصنيع أبي حاتم في علله هو ذاته صنيع الأئمة النقاد في كتبهم في العلل عموما، لم تكن أحاديث الضعفاء مبعدة عنها، بل هي تشكل موضوعات هذه الكتب كأحاديث الثقات.
المثال الثالث:
يكون المثال الثالث لعلة المتن من رواية الضعيف، وهو حديث رواه إسحاق بن عيسى، حدثنا ابن لهيعة، قال: كتب إِليَّ موسى بن عقبة، يقول: حدثني بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد، قلت لابن لهيعة: ’’مسجد في بيته‘‘؟ قال: ’’مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم‘‘ (1).
__________
(1) - أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/ 185، ومسلم في التمييز ص: 139.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الإمام مسلم:’’ وهذه الرواية فاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعا. وابن لهيعة المصحف في متنه، المغفل في إسناده. وإنما الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في مسجد بخُوصة أو حصير يصلي فيها،… وابن لهيعة إنما وقع في الخطأ من هذه الرواية أنه أخذ الحديث من كتاب موسى بن عقبة إليه فيما ذكر، وهي الآفة التي نخشى على من أخذ الحديث من الكتب من غير سماع من المحدث أو عرض عليه‘‘ (1).
ومن الواضح أن الإمام مسلما لم يحكم على حديث ابن لهيعة بالخطأ سندا ومتنا نظرا إلى كونه ضعيفا، وإنما لمخالفته الأمر الواقع في حديث موسى بن عقبة.
¥(12/464)
أما الخطأ في الإسناد فقد قال ابن لهيعة فيه:’’عن موسى بن عقبة حدثني بسر بن سعيد‘‘، إذ إن موسى بن عقبة لم يقل: ’’حدثني بسر‘‘، و إنما قال: ’’سمعت أبا النضر يحدث عن بسر بن سعيد‘‘، وصار هذا الحديث مشهورا عن أبي النضر، حتى أصبح لدى الحفاظ أن صاحب هذا الحديث هو أبو النضر لا غير، وما من راو يقول غير ذلك إلا وقد خالف الواقع، ولا يدرك ذلك إلا من لديه معرفة تامة عن هذا الواقع الحديثي.
وبهذه الأمثلة تبين لنا جليا أن العلة عبارة عن خطأ الراوي، سواء أكان ثقة أم ضعيفا، سواء أكان الوهم في الإسناد أم في المتن أم في كليهما.
الدلائل على العلة
لقد مضى أن العلة لا تعرف إلا بالقرائن والملابسات التي تحيط بالحديث، ويتوقف ذلك على قدر كبير من الحفظ والفهم والمعرفة، ومن هنا قال بعضهم:’’معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل‘‘، وقال آخر: ’’هي إلهام، لو قلت للقيم بالعلل: من أين لك هذا؟ لم تكن له حجة‘‘، يعني حجة يقتنع بها العوام، وإلا فلدى النقاد قرائن وحجج قد تفيد اليقين.
__________
(1) – التمييز ص:14.
--------------------------------------------------------------------------------
وحسب الخلفيات العلمية التي يتميز بها الناقد تتفاوت العلل في مستوى الظهور والغموض، ففي العلل ما هو أغمض وأدق ولا يدركه إلا الجهبذ الفطن لما يتميز به من ذوق حديثي، ولا يملك فيه عبارة توفي بإحساسه في ذلك، أو أسلوبا يقتنع به الباحثون العاديون، وهنا يتحقق القول بأن العلة إلهام أو كهانة، وكثيرا ما يتجسد ذلك في مسألة التفرد بشكل أوضح.
يقول أبو حاتم: ’’جاءني رجل من جِلَّة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم، ومعه دفتر فعرضه علي، فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ، قد دخل لصاحبه حديث في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديث باطل، وقلت في بعضه: هذا حديث منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح‘‘.
’’فقال لي: من أين علمت أن هذا خطأ، وأن هذا باطل، وأن هذا كذب؟ أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت وأني كذبت في حديث كذا؟ فقلت:لا، ما أدري هذا الجزء من رواية من هو؟ غير أني أعلم أن هذا خطأ، وأن هذا الحديث باطل، وأن هذا الحديث كذب، فقال: تدعي الغيب؟ قال قلت: ما هذا ادعاء الغيب، قال:فما الدليل على ما تقول؟ قلت: سل عما قلت من يحسن مثل ما أحسن، فإن اتفقا علمت: أنا لم نجازف، ولم نقله إلا بفهم‘‘.
’’قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أبو زرعة، قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلت؟ قلت: نعم، قال: هذا عجب، فأخذ فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الأحاديث، ثم رجع إلي، وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث، فما قلت إنه باطل قال أبو زرعة: هو كذب، قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلت: إنه منكر قال هو منكر كما قلت، وما قلت: إنه صحاح قال أبو زرعة: هو صحاح، فقال: ما أعجب هذا، تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما‘‘.
--------------------------------------------------------------------------------
’’فقلت: فقد ذلك (1) أنا لم نجازف وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدليل على صحة ما نقول بأن دينارا نَبهَرجا يحمل إلى الناقد فيقول: هذا دينار نبهرج؟ ويقول لدينار: هو جيد، فإن قيل له من أين قلت أن هذا نبهرج؟ هل كنت حاضرا حين بهرج هذا الدينار؟ قال: لا، فإن قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهرجه أني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل: فمن أين قلت: إن هذا نبهرج؟ قال: علما رُزِقتُ، وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك‘‘.
’’قلت له: فتحمل فص ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول:هذا زجاج ويقول لمثله: هذا ياقوت، فإن قيل له: من أين علمت أن هذا زجاج و أن هذا ياقوت؟ هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج؟ قال: لا، قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغَ هذا زجاجا؟ قال: لا، قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علم رزقت، وكذا نحن رزقنا علما لا يتهيأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب، وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه‘‘ اهـ (2).
وهذه القصة يجب أن تلفت انتباهنا إلى ما تضمنته من النقاط، وهي:
أولا: منهج المحدثين النقاد في التصحيح والتضعيف واحد، إذ يقوم هذا المنهج على الخلفية العلمية الحديثية.
¥(12/465)
ثانيا: معرفة صحة الحديث وضعفه لا تكون مجازفة، بل تكون كمعرفة الصيرفي بالأحجار الكريمة
ثالثا: موقف هذا الفقيه الجليل من فقهاء أهل الرأي تجاه الأحكام التي صدرت من أبي حاتم وأبي زرعة، واعترافه بالتخصص الحديثي؛ حيث رأيناه قد سلم لهما الأمر في تصحيح الحديث وتضعيفه، بعد أن أدرك هذا الفقيه حقيقة علم الحديث، وما يتميز به كل من أبي حاتم وأبي زرعة الرازي من قدرة خاصة على فهم ملابسات الحديث، وكشف ما يقع فيه من الأخطاء.
ولعلنا قد انتبهنا إلى ذلك الخلق النبيل، والتواضع العلمي، والأدب الجم!!
__________
(1) – كذا في الكتاب، وهو غير مستقيم المعنى ولعله (فقد علمت ذلك).
(2) – تقدمه الجرح والتعديل 1/ 349 - 351.
--------------------------------------------------------------------------------
وأنا أسوق هنا بعض النصوص التي تدلنا على عمق هذا العلم، وأن أصحابه هم المحدثون النقاد، دون غيرهم من أصحاب العلوم الشرعية الأخرى:
يقول الإمام مسلم (رحمه الله): ’’واعلم (رحمك الله) أن صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون بها دون غيرهم… وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح‘‘ (1) اهـ.
يقول الحاكم:’’ فرب إسناد يسلم من المجروحين غير مخرج في الصحيح، ثم أورد من طريق أبي حاتم الرازي حدثنا نصر بن علي حدثنا أبي عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل). هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت، وذكر (النهار) فيه وهم و الكلام عليه يطول‘‘ (2).
وساق أيضا من طريق محمد بن حيان التمار حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه.
وقال الحاكم: هذا إسناد تداوله الأئمة والثقات وهو باطل من حديث مالك، وإنما أريد بهذا الإسناد: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله بها.
ولقد جهدت جهدي أن أقف على الواهم فيه من هو فلم أقف عليه، اللهم إلا أن أكبر الظن على ابن حيان البصري، على أنه صدوق مقبول. اهـ (3).
وساق أيضا من طريق الحسن بن عيسى حدثنا ابن المبارك حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن القاسم عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال: اللهم صَيِّبا هنيئا.
__________
(1) - مسلم بن الحجاج، التمييز ص: 218
(2) –معرفة علوم الحديث ص: 58.
(3) – معرفة علوم الحديث ص:59 - 60.
--------------------------------------------------------------------------------
وقال الحاكم: هذا الحديث تداوله الثقات هكذا، وهو في الأصل معلول واه، ففي هذه الأحاديث الثلاثة قياس على ثلاث مائة أو ثلاثة آلاف أو أكثر من ذلك. إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما خفي من علة الحديث.
فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته اهـ (1).
وهذا الجانب العلمي الدقيق هو من سمات منهج المحدثين في تنقية الأخبار والأحاديث، وهذا الحافظ السخاوي يسلط الضوء على ذلك بقوله:
’’وهو – يعني ما تضمنته قصة أبي حاتم مع أحد جلة فقهاء أهل الرأي- أمر يهجم على قلوبهم لا يمكنهم رده، وهيئة نفسانية لا معدل لهم عنها، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر لا ينكر عليهم، بل يشاركهم ويحذو حذوهم، وربما يطالبه الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة‘‘.
¥(12/466)
’’هذا مع اتفاق الفقهاء على الرجوع إليهم في التعديل والتجريح كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله، ومن تعاطى تحرير فن غير فنه فهو متعنٍّ، فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له وأفنوا أعمارهم في تحصيله والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين‘‘.
’’فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم، وجودة التصور، ومداومة الاشتغال وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك – إن شاء الله – معرفة السنن النبوية ولا قوة إلا بالله‘‘ اهـ (2)
__________
(1) – المصدر السابق.
(2) – فتح المغيث 1/ 274 (إدارة البحوث الإسلامية بالجامعة السلفية ببنارس، ط: 1، سنة 1407هـ.
قول السخاوي فيه تلميح إلى دور النقاد في تنقية الأحاديث ونظرتهم الشاملة والثاقبة في خفايا الأمور الإسنادية والحديثية، وإلى تبعية الفقهاء المتأخرين لهم في معرفة الصحيح و السقيم من الأحاديث.
لكن صاحب كتاب " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث " نازع هذا الواقع الملموس في منهج المحدثين في نقد الأحاديث، إذ يجعل دور المحدثين محصورا في الأسانيد، وأن الفقهاء هم الذين أكملوا دراسة المتون التي قصر عنها نظر النقاد المحدثين، ولا يخفى أنه يلزم من ذلك أن الفقهاء هم الذين يكتشفون الشذوذ والعلة، لأن الشيخ يجعل هذين الأمرين من علوم المتن دون الإسناد.
إن الواقع التاريخي للمحدثين النقاد يشهد أنهم جمعوا بين الحديث وفقهه، ولهذا قاموا بنقد المرويات أسانيدها ومتونها، وإذا أردت التأكد من هذا فعليك مراجعة كتاب التمييز للإمام مسلم، وسائر كتب العلل ومصادر تراجم الضعفاء. وهذا الإمام الحاكم يشرح لنا هذه الحقيقة؛ حين يقول:
’’فأما فقهاء الإسلام أصحاب القياس والرأي والاستنباط والجدل والنظر فمعروفون في كل عصر وأهل كل بلد، ونحن ذاكرون - بمشيئة الله - في هذا الموضوع فقه الحديث عن أهله ليستدل بذلك على أن أهل هذه الصنعة من تبحر فيها لا يجهل فقه الحديث إذ هو نوع من أنواع هذا العلم:‘‘
’’ فممن أشرنا إليه من أهل الحديث محمد بن مسلم الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وسفيان بن عيينة وعبد الله بن مبارك ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن يحيى التميمي وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه الحنظلي ومحمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وإبراهيم بن إسحاق الحربي ومسلم بن حجاج وعثمان بن سعيد الدارمي وأبو عبد الله محمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الرحمن النسائي وابن خزيمة‘‘. انتهى كلام الحاكم بتصرف (معرفة علوم الحديث ص:63 - 85).
وقد ذكر الحاكم مع كل واحد منهم شيئا من فقههم، وهناك كثير من النقاد الذين جمعوا الحديث والفقه كالإمام مالك والشافعي وأبي داود والترمذي وسفيان الثوري ومنصور بن المعتمر و الإمام الدار قطني والبيهقي وغيرهم، وهم كثر يحتاج ذكرهم إلى تأليف مستقل.
نعم، إن المحدثين فيهم من لم يتفقه وكان جل همهم حفظ الأحاديث وروايتها، لكنهم لم يتصدوا لنقدها، ولعل فضيلة الشيخ (رحمه الله) أخذ هذا الواقع وعممه على نقاد الحديث جميعا، وذلك تقصير خطير منه، لأنه يؤدي إلى إنكار جهودهم المتكاملة وتميزهم بالنظر الثاقب إلى الإسناد والمتن جميعا، ولم تكن دراستهم محصورة في الأسانيد أبدا، كما روجها المستشرقون لإثارة الشكوك في نفوس المسلمين حول مكانة السنة النبوية التي هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، والله المستعان.
والكتاب فيه ملاحظات علمية كثيرة وليس هذا مجال بيانها، لكن الجدير بالذكر أنه وقع منه أخطاء فادحة، نتيجة تدخله المباشر في فن الحديث تضعيفا وتصحيحا، الذي لم يكن من تخصصاته، مع أنه عاب على كل من يتعاطى فنا غير فنه، ولهذا كان مخطئا حتى في تحرير أيسر القضايا في علم الحديث؛ حيث جعل الشذوذ و العلة من خصائص المتون حصرا، وليس الأمر كذلك إذ الإسناد موضع الشذوذ والعلة أيضا.
--------------------------------------------------------------------------------
.
¥(12/467)
وإذا كانت العلل تدرك بالمخالفة والتفرد إلا أن ذلك متوقف على تتبع الناقد القرائن التي تنضم إليهما، وقدرته على تحديد نوعيتها التي لا تنضبط عادة بقواعد محددة، وفهمه ما تشير إليه من دقائق الأمور، مما يجعل علم العلل من أدق العلوم تطبيقا، وأصعبها معالجة. ومن هنا تبرز الأهمية لمعرفة نقطتي المخالفة والتفرد في ضوء منهج نقاد الحديث، وقد سبق أن الحكم على الأحاديث – تصحيحا أو تعليلا – لا يمكن إلا بعد معرفة هاتين النقطتين، وفهم مقتضى ما يحف بهما من القرائن. وإن كان الوقوف على تفرد الراوي ومخالفته لغيره ممكنا بالنسبة إلينا نحن المعاصرين عن طريق جمع الروايات والمقارنة بينها إلا أن معالجتهما تتوقف على قدر كبير من الفهم والخلفية العلمية الواسعة.
وبذلك يفسر قول ابن معين:’’لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه ‘‘، وقول الإمام أحمد: ’’الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا‘‘. وقول ابن المديني:’’الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه (1).
وعليه فإن مسألتي التفرد والمخالفة من أهم دلائل العلة، حين تنضم إليهما القرائن تنبه العارف بهذا الشأن أن ذلك التفرد أو المخالفة هو نتيجة خطأ ووهم من الراوي، ولذا تكون هاتان المسألتان بحاجة إلى مزيد من الشرح حتى يزول عنهما الغموض، فإنه إذا لم يعرف الباحث عناية النقاد بمعرفة تفرد الراوي ومخالفته، وأهمل تفاصيلهم فيهما، يكون قد أبعد النجعة، وبالتالي يصعب عليه الوقوف على حقيقة منهجهم في التصحيح والتضعيف، وفهم ما تضمنته مصطلحاتهم في ذلك من الأبعاد النقدية، كالتفرد والمنكر والغريب وزيادة الثقة، كما يأتي بيانها في مسألة المخالفة إن شاء الله.
__________
(1) – نقله عنهم الخطيب البغدادي في كتابه الجامع لأخلاق الراوي 2/ 212.
--------------------------------------------------------------------------------
ولذلك فإن هاتين النقطتين، وما يتعلق بهما من المسائل والمصطلحات تكون المحور الرئيس في المباحث الآتية، وإن كان بين المخالفة والتفرد نوع من التلازم، بحيث نرى بعض المتقدمين يكتفي بذكر أحدهما مستغنيا عن الآخر، كالإمام مسلم في مقدمته؛ حيث اكتفى بذكر المخالفة في مناسبة شرح المنكر، والإمام أبي داود في رسالته إلى أهل مكة إذ ركز على التفرد (1) فإن الفصل بينهما لدى البحث والتقعيد يساعد القارئ على اهتمامه بالنقاط الجوهرية التي تكمن فيهما، دون أن يكون أمامه التباس وتداخل، ولذا فأول نقطة سأتطرق لها هي المخالفة.
مسألة المخالفة وما يتصل بها من المصطلحات
قال الإمام مسلم (رحمه الله تعالى):’’فاعلم! (أرشدك الله) أن الذي يدور به معرفة الخطأ في رواية ناقلي الحديث – إذا هم اختلفوا فيه - من جهتين:
إحداهما: أن ينقل الناقل حديثا بإسناد فينسب رجلا مشهورا بنسب في إسناد خبره خلاف نسبته التي هي نسبته، أو يسميه باسم سوى اسمه، فيكون خطأ ذلك غير خفي على أهل العلم حين يرد عليهم (2).
__________
(1) - رسالة أبي داود إلى أهل مكة 1/ 29 (تحقيق محمد الصباغ، دار العربية، بيروت)
(2) - هذا نص واضح على أن العلة ليست خفية ولا غامضة بالنسبة إلى أهل العلم من النقاد، وكلما تتعمق المعرفة الحديثية تكون العلة أكثر وضوحا، وجلاء، ولا ينبغي أن يزاحمهم من لم يبلغ درجتهم فيها، ويرفض حكمهم بحجة أنه لم يتضح له ذلك، وقد قال بعض المعاصرين غرورا: ’’ولا أقبل العلة إلا إذا ظهر ت مثل الشمس‘‘، وهو يرد بهذه الحجة الواهية ما صدر عن الإمام البخاري وغيره من الأئمة من التعليل.
--------------------------------------------------------------------------------
والجهة الأخرى: أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثا عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد وإن كان حافظا، على المذهب الذي رأينا أهل العلم بالحديث يحكون في الحديث، مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من
¥(12/468)
أئمة أهل العلم"اهـ (1).
يعد هذا النص نفيسا جدا إذ يصدر من الإمام مسلم الناقد الجهبذ وهو يرسم للقارئ منهج النقاد في معرفة الخطأ، والذي ينبغي أن نفهم من هذا النص أن المخالفة ليست على إطلاقها، وإنما هي ما يكون مخالفا للأمر الواقع، وقد جاء عن الإمام ابن الصلاح هذا المعنى حين قال في مقدمته:
’’ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك، تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه ذلك، فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه. وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه‘‘ (2).
وقد اتضح بذلك أن المخالفة لا تكون دائما دليلا على خطأ الراوي، وإنما الذي يخالف الأمر الواقع والثابت فقط.
__________
(1) – التمييز ص: 124 - 126.
(2) - ابن الصلاح، علوم الحديث (المشهور بمقدمة ابن الصلاح) ص: 90
--------------------------------------------------------------------------------
لعل من طبيعة الأمور أن يختلف رواة الحديث، سندا ومتنا، أو في أحدهما أو في جزء منهما، ولا غرابة في ذلك، إذ يستحيل عرفا أن يكون الرواة في مستوى واحد من الاهتمام والتيقظ والتثبت والدقة والضبط، فمنهم من يعتمد الكتاب في الرواية، ومنهم من يعتمد ذاكرته، ومنهم من يروي الحديث بنصه، ومنهم من يرويه بالمعنى، وكل هذا يؤدي إلى وقوع اختلاف بين الرواة، حيث إن حالة الاهتمام والعناية تختلف باختلاف الأشخاص، كما تختلف مواهبهم الطبيعية، والعلمية، فمنهم من بلغ إلى أوجها، ومنهم من نزل إلى أدناها، ومنهم من يكون بين هذا وذاك على تفاوت الدرجات، ومن هنا ينبغي أن نعرف أن الحديث من طبيعته أن يختلف بتعدد رواته، وكلما يكثر عددهم تتوفر فرص الاختلاف حول لفظ الحديث وسياقه بل في معناه.
فالرواة الذين اشتركوا في سماع الحديث من أحد شيوخهم، ثم حدثوا به عنه بعد فترة من الزمن، ضمن جملة ما سمعوا من مصادر شتى من المرويات، فمدى الاتفاق والاختلاف بينهم يتوقف على قدر تيقظهم واهتمامهم ومذاكرتهم ودقتهم وحفظهم، والتزامهم بنقل ما تلقوا حرفيا، فكلما تتنوع مجالس التحديث ويزداد عدد روادها تكون فرص الخلاف بينهم أوفر.
ومن الجدير بالذكر أن أوهام بعض الرواة، وما يحدث لهم أحيانا من تردد، أو رواية بالمعنى تعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى وقوع اختلاف في الأحاديث بين رواتها، وإن كانوا ثقات، الأمر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار لدى معالجة نقطتي المخالفة والتفرد.
كما يتضح ذلك جليا مما سيأتي.
لقد اشتهرت كل بلدة من البلدان الإسلامية بحفاظ الحديث، يدور عليهم أحاديث بلادهم الصحيحة، ويعتبرون مخارج لتلك الأحاديث، بمعنى إذا ورد الحديث عن طريقهم أصبح قوي الإسناد، وصحيح المخرج.
--------------------------------------------------------------------------------
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:’’فسر القاضي أبو بكر بن العربي مخرج الحديث بأن يكون من رواية راو قد اشتهر برواية حديث أهل بلده،كقتادة في البصريين وأبي إسحاق السبيعي في الكوفيين وعطاء في المكيين وأمثالهم، فإن حديث البصريين مثلا إذا جاء عن قتادة ونحوه كان مخرجه معروفا، وإذا جاء عن غير قتادة ونحوه كان شاذا.والله أعلم‘‘ (1).
فالمدينة المنورة عرف بها حفاظ مشهورون في مختلف العصور، مثل سالم ونافع، وعبد الله بن دينار، والزهري، وهشام بن عروة، ومالك، وأمثالهم.
وكذلك مكة المكرمة اشتهر فيها حفاظ كعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وابن جريج وابن عيينة وأمثالهم.
وكذا عرف بالبصرة حفاظ أمثال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وثابت البناني وقتادة وأيوب السختياني وشعبة بن الحجاج.
كما أن الكوفة قد اشتهرت بأمثال الشعبي وأبي إسحاق السبيعي وإبراهيم بن يزيد النخعي والأعمش ومنصور وسفيان الثوري.
وفي الشام حفاظ أمثال مكحول والأوزاعي، وفي مصر بكير بن عبد الله الأشج ويزيد بن أبي حبيب والليث ومن يشبههم وهكذا …،
¥(12/469)
ولكل منهم أصحاب يهتمون بأحاديثه، ويعتنون بها، وكلما اشتهر الراوي يكثر عدد أصحابه، ومن يهتم بحفظ أحاديثه، على اختلاف مستوياتهم في ذلك؛ ففيهم من يلازمه ملازمة طويلة، ليسمع أحاديثه، مع ضبط وإتقان، ثم يحدث عنه كما سمعه منه، حتى يقال: فلان أعلم الناس بأحاديثه، أو يقال فلان أحفظهم لها، أو يقال فلان أثبت الناس بأحاديثه، وفيهم من لا يكون كذلك لخلل وقع في ضبطه، أو في جمعه، أو في ملازمته، فهذه المجموعة تشمل الثقات والضعفاء، وكذا الحال بالنسبة إلى الغرباء من أصحاب ذلك الراوي المحدث.
فأصحاب الإمام الزهري – مثلا - متفاوتو المستوى في التيقظ والدقة والاهتمام والملازمة والحفظ والجمع والمذاكرة، وعلى هذا الأساس فقد قسمهم العلماء إلى خمس طبقات:
__________
(1) – النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 405.
--------------------------------------------------------------------------------
الطبقة الأولى: قوم جمعوا الحفظ والإتقان وطول الصحبة له، والعلم بأحاديثه والضبط لها، كمالك ومعمر وعبيد الله بن عمر ويونس وعقيل وشعيب ونحوهم.
والطبقة الثانية: أهل حفظ وإتقان لكن لم تطل صحبتهم له وإنما صحبوه مدة يسيرة ولم يمارسوا حديثه، وهم بالنسبة إليه دون الأولى، كالأوزاعي وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر والنعمان بن راشد وأمثالهم.
والطبقة الثالثة: قوم لازموا الزهري وصحبوه ورووا عنه لكن لم يتقنوا أحاديثه لسوء حفظهم، كسفيان بن حسين ومحمد بن إسحاق وزمعة بن صالح وأشباههم.
والطبقة الرابعة: قوم لم تطل صحبتهم، ولم يتقنوا أحاديثه، مثل معاوية بن يحيى الصدفي وإسحاق بن أبي فروة والمثنى بن الصباح وأمثالهم.
والطبقة الخامسة: قوم من المتروكين والمجهولين مثل محمد بن سعيد المصلوب وعبد القدوس بن حبيب و الحكم الأيلي ونحوهم (1).
وهكذا تختلف أحوال الرواة - قبولا وردا - بالنسبة إلى شيوخهم الحفاظ الذين تدور عليهم الأحاديث، فحين يشتركون في رواية حديث عن واحد من هؤلاء الحفاظ، فإنهم بطبيعة الحال، يختلفون – سندا أو متنا – لا سيما الضعفاء الذين لا يتقنون الأحاديث، وقد يكون الاختلاف بين الثقات أنفسهم لخطأ بعضهم.
فبذلك يمكن القول إن الاختلاف بين الرواة بسبب الأوهام أمر طبيعي، ولا غرابة فيه.
صور المخالفة
__________
(1) - لمزيد من التفصيل في مجال تقسيم الرواة بالنسبة إلى شيوخهم يرجع إلى مقدمة كتاب علل الحديث لعلي بن المديني، وكتاب شرح العلل لا بن رجب الحنبلي.
--------------------------------------------------------------------------------
لعل من الجدير بالذكر في هذه المناسبة أن الاختلاف قد يكون مؤثرا على صحة الرواية، وقد لا يكون، أما الأول فسيأتي شرحه مفصلا (إن شاء الله) لكونه يشكل الموضوع الرئيس لهذا الكتاب، وأما الثاني فكاختلافهم في العبارات والألفاظ المترادفة، بحيث لا يغير المعنى المقصود، ولا يزيد فيه شيئا، وكذا التفاوت في سياق الحديث بالتقديم والتأخير، وصيغ تلقي الحديث وروايته؛ كحدثنا و أخبرنا ونحوهما.
بيد أن الاختلاف في صيغ التلقي قد يقتضي بحثا وتحقيقا لكونه أساسا لمعرفة اتصال السند، وصحته، كالذي يقع بين الرواة من الاختلاف حول تصريح الراوي بالسماع في حالة ما إذا وصف بالتدليس أو بالإرسال.
يقول ابن وهب: ’’ذكروا لأحمد قول من قال (عن عراك بن مالك سمعت عائشة)، فقال: هذا خطأ، وأنكره، وقال: عراك من أين سمع من عائشة؟ إنما يروي عن عروة عن عائشة‘‘ (1).
وكذا ذكر أبو حاتم: أن بقية بن الوليد كان يروي عن شيوخ ما لم يسمعه، فيظن أصحابه أنه سمعه، فيروون عنه تلك الأحاديث، ويصرحون بسماعه لها من شيوخه، ولا يضبطون ذلك (2).
وعلق عليه الحافظ ابن رجب، فقال: ’’فحينئذ ينبغي التفطن لهذه الأمور، ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، وذكر أحمد: أن ابن مهدي حدث بحديث عن هشيم أخبرنا منصور بن زاذان؟ قال أحمد: ولم يسمعه هشيم من منصور‘‘ (3).
أما الاختلاف المؤثر الذي تتمحور حوله مباحث هذا الكتاب فيكون ضمن مصطلح من المصطلحات التالية: زيادة الثقة، الشاذ، المنكر، المعلول، المصحف، المقلوب، المدرج، سواء أكان ذلك في السند، أم في المتن، فالذي في السند يتنوع أنواعا:
كتعارض الوصل والإرسال.
تعارض الوقف والرفع.
¥(12/470)
تعارض الاتصال والانقطاع.
__________
(1) – حكاه ابن رجب الحنبلي في شرح العلل ص:218.
(2) – شرح العلل ص:218.
(3) – المصدر نفسه.
--------------------------------------------------------------------------------
تعارض الرواة في اسم الشيخ، كأن يروي أحد الرواة حديثا عن رجل عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيره عن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه.
تعارضهم في زيادة رجل في أحد الإسنادين.
تعارضهم في اسم الراوي ونسبه إذا كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفا.
تعارضهم في الجمع والإفراد في الرواية، مثلا: أن يروي بعضهم الحديث عن رجل عن فلان وفلان وفلان، ويرويه الآخر عن ذلك الرجل عن فلان مفردا (1)
و أما الاختلاف في المتن فيتنوع أيضا أنواعا، منها:
تعارض الإطلاق والتقييد.
تعارض العموم و الخصوص.
تعارض الزيادة والنقص، وغير ذلك.
ومن الجدير بالذكر أنه يتعين في ذلك كله أن يكون مخرج الروايات المختلفة واحدا، وإلا فتعد الوجوه المختلفة طرقا مستقلة.
بيد أن التعارض في الوصل والإرسال، أو الوقف والرفع يكون كثير الوقوع نسبيا، ولذا قال بعض المتأخرين: ’’كثر تعليل الوصل بالإرسال، و تعليل الرفع بالوقف‘‘. ووضعوا لمعالجة هذا التعارض عنوانا خاصا في كتب المصطلح، رغم دخوله في موضوع زيادة الثقة، أو الشاذ والمنكر (2).
زيادة الثقة وصلتها بأنواع العلة
رغم أن صور وقوع الاختلاف مما يصعب سرده لكثرة تنوعها، بيد أنه يمكن معالجتها من خلال المصطلحات العامة التي تدور على معنى الاختلاف أو التفرد، وهي: زيادة الثقة، والاضطراب، والشاذ والمنكر، وما يتفرع عنهما من الأنواع؛ كالمقلوب والمدرج والمصحف، ولذا تتمحور المباحث الآتية على هذه المصطلحات.
__________
(1) – اعتمدت فيه على قول الحافظ ابن حجر في النكت 2/ 777 - 778.
(2) – انظر مقدمة ابن الصلاح مع التقييد والإيضاح ص: 94 (التفريع الخامس) ص: 117 (ط: دار الفكر العربي، بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان).
--------------------------------------------------------------------------------
ولعل من المفيد أن نبدأ المباحث الآتية بمعالجة مسألة زيادة الثقة، وذلك لصلتها الوثيقة بمصطلحات العلة المذكورة آنفا، وستأتي البرهنة على أن زيادة الثقة يتوقف قبولها ورفضها على قرائن تحيط بها، وفي حالة كونها مرفوضة في ضوء قرينة من تلك القرائن فإنها تندرج تحت مفهوم العلة عموما، أو الشاذ أو المنكر أو المدرج أو غيرها من أنواع العلة بالتحديد، وهذا الأمر مما قد غاب عن أذهان كثير من الباحثين، مما جعلهم يكثرون إطلاق الحكم بقبول زيادة الثقة، ولذلك تقتضي مناسبة الحديث عن العلل بيان خيط يربطها بتلك الأنواع، حتى يتم لنا معالجة ما يسود بين الباحثين من مشكلة علمية جوهرية جاءت - في نظري - نتيجة إهمالهم دراسة وافية حول مسألة زيادة الثقة، وعدم معرفتهم لها من جميع جوانبها وأبعادها المختلفة.
ولعل من المفيد جدا أن نطرح بعض التساؤلات حول مسألة زيادة الثقة:
ما مناسبة ذكر مسألة زيادة الثقة هنا في كتاب يعالج علم العلل؟
أليست هي مقبولة مطلقا، كما هو الشائع لدى كثير من المعاصرين؟
أم تكون لهذه المسألة صلة بموضوع العلة؟
ما هي الخيوط التي تربطها بالعلة إذن؟
أليس الأمر في قبول زيادة الثقة ورفضها متوقفا على ما يحيط بها من القرائن؟
وستأتي الإجابة عن هذه التساؤلات في الفقرات الآتية.
بما أن مسألة زيادة الثقة قد تتداخل مع مسائل العلل التي تشكل موضوع هذا الكتاب؛ كالمعلول، والشاذ، والمنكر، والمدرج، فإن معالجة هذه المسألة ينبغي أن تكون على هذا الأساس وبالتالي تتوضح المسألة بجميع أبعادها، دون غموض أو أدنى شبهة.
من تتبع كتب الفقه المتأخرة، والأبحاث المعاصرة وجد فيها ظاهرة إطلاق القول بقبول زيادة الثقة لمعالجة تعارض الوصل والإرسال، وتعارض الوقف والرفع، والواقع أن هذا الإطلاق لم يكن سليما على منهج النقاد، وأن الترجيح أو الجمع بينهما إنما يكون عندهم حسب القرائن والأدلة.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(12/471)
ومن هنا أصبح من الضروري معالجة مسألة زيادة الثقة من جميع جوانبها، ومن أهمها البحث عن مدى تداخلها مع أنواع العلل، حتى يتم لنا تحقيق منهج المحدثين فيها قبولا وردا، دون خلطه بمذاهب أخرى تنظر في مثل هذه المسألة من زاوية العقل وعلم المنطق، كمتأخري المحدثين والفقهاء، والأصوليين، ولعل ذلك نتيجة تأثرهم بمستجدات الأمور التي عاصروها في مجال التربية والتعليم.
وحين تتبع كلام العلماء حول مسألة زيادة الثقة، ومراحلها التاريخية، يمكن الوصول إلى أن الخطيب البغدادي كان من أوائل المحدثين الذين تأثر تفكيرهم بعلم المنطق، ولذا يكون عصره بداية مرحلة جديدة تطورت فيها الأساليب في طرح مسائل علوم الحديث، وبرزت فيها أمورلم تعرف عن الحفاظ المتقدمين، وهذا جانب تاريخي يجب أخذه بعين الاعتبار عند تحرير القواعد المتصلة بمنهج المحدثين، ونجد فيما قاله الحافظ ابن رجب الحنبلي إشارة إلى ذلك، وهذا نصه:
’’ ثم إن الخطيب تناقض فذكر في كتاب (الكفاية)، للناس مذاهب في اختلاف الرواة في إرسال الحديث ووصله كلها لا تعرف عن أحد من متقدمي الحفاظ، إنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين ‘‘ (1).
وسنرى ذلك مجسدا في مسألة زيادة الثقة، يقول الخطيب:
’’قال الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث: زيادة الثقة مقبولة إذا انفرد بها، ولم يفرقوا بين زيادة يتعلق بها حكم شرعي أو لا يتعلق بها حكم، وبين زيادة توجب نقصانا من أحكام تثبت بخبر ليست فيه تلك الزيادة، وبين زيادة توجب تغيير الحكم الثابت أو زيادة لا توجب ذلك، وسواء كانت الزيادة في خبر رواه راويه مرة ناقصا ثم رواه بعد – وفيه تلك الزيادة – أو كانت الزيادة قد رواها غيره ولم يروها هو‘‘.
’’وقال فريق ممن قبل زيادة العدل التي ينفرد بها: إنما يجب قبولها إذا أفادت حكما يتعلق بها، وأما إذا لم يتعلق بها حكم فلا‘‘.
__________
(1) - ابن رجب الحنبلي، شرح العلل 1/ 427 – 428
--------------------------------------------------------------------------------
’’وحكي عن فرقة ممن ينتحل مذهب الشافعي أنها قالت: تقبل الزيادة من الثقة إذا كانت من جهة غير الراوي، فأما إن كان هو الذي روى الناقص، ثم روى الزيادة بعد فإنها لا تقبل‘‘.
’’وقال قوم من أصحاب الحديث: زيادة الثقة إذا انفرد بها غير مقبولة ما لم يروها معه الحفاظ، وترك الحفاظ لنقلها وذهابهم عن معرفتها يوهنها ويُضعِّف أمرها، ويكون معارضا لها‘‘.
’’والذي نختاره من هذه الأقوال أن الزيادة الواردة مقبولة على كل الوجوه، ومعمول بها إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا، والدليل عليه أمور‘‘:
’’ أحدها: اتفاق جميع أهل العلم على أنه لو انفرد الثقة بنقل حديث لم ينقله غيره لوجب قبوله، ولم يكن ترك الرواة لنقله إن كانوا عرفوه، وذهابهم عن العلم به معارضا له، ولا قادحا في عدالة راويه ولا مبطلا له، وكذلك سبيل الانفراد بالزيادة‘‘.
’’فإن قيل: ما أنكرت أن يكون الفرق بين الأمرين أنه غير ممتنع سماع الواحد الحديث من الراوي وحده وانفراده به، ويمتنع في العادة سماع الجماعة لحديث واحد، وذهاب زيادة فيه عليهم ونسيانها إلا الواحد، بل هو أقرب إلى الغلط والسهو منهم فافترق الأمران‘‘؟
’’قلت: هذا باطل من وجوه، غير ممتنع، أحدها أن يكون الراوي حدث بالحديث في وقتين، كانت الزيادة في أحدهما دون الوقت الآخر، ويحتمل أيضا أن يكون قد كرر الراوي الحديث فرواه أولا بالزيادة وسمعه الواحد ثم أعاده بغير زيادة اقتصارا على أنه قد كان أتمه من قبل وضبطه عنه من يجب العمل بخبره إذا رواه عنه وذلك غير ممتنع‘‘.
’’وربما كان الراوي قد سها عن ذكر تلك الزيادة لما كرر الحديث وتركها غير متعمد لحذفها، ويجوز أن يكون ابتدأ بذكر ذلك الحديث وفي أوله الزيادة، ثم دخل داخل فأدرك بقية الحديث ولم يسمع الزيادة فنقل ما سمعه فيكون السامع الأول قد وعاه بتمامه وقد روي مثل هذا في خبر جرى الكلام فيه بين الزبير بن العوام وبين بعض الصحابة‘‘.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(12/472)
’’ (عن) عروة قال سمع الزبير رجلا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ الرجل من حديثه قال له الزبير: هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: صدقت، ولكنك كنت يومئذ غائبا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن رجال من أهل الكتاب فجئت في آخر الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فحسبت أنه يحدث عن نفسه، هذا ومثله يمنعنا من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‘‘.
’’ (وعن) زيد بن ثابت أنه قال لرافع بن خديج في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن كراء المزارع،قال زيد بن ثابت: يغفر الله لرافع بن خديج أنا – والله – أعلم بالحديث منه، إنما أتاه رجلان – قال مسدد: من الأنصار – ثم اتفقا قد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع)، زاد مسدد: فسمع قوله (لا تكروا المزارع) ‘‘.
’’ويجوز أن يسمع من الراوي الاثنان و الثلاثة فينسى اثنان منهما الزيادة ويحفظها الواحد و يرويها، ويجوز أن يحضر الجماعة سماع الحديث فيتطاول حتى يغشى النوم بعضهم أو يشغل سامعي الحديث أمر يوجب القيام ويضطره إلى ترك استتمام الحديث، وإذا كان ما ذكرناه جائزا فسد ما قاله المخالف‘‘.
--------------------------------------------------------------------------------
’’وعن عمران بن حصين قال: أتى نفر من بني تميم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقبلوا البشرى، يا بني تميم، فقالوا: قد بشرتنا فأعطنا، فرئي ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء نفر من أهل اليمن فقال: أقبلوا البشرى، إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا: قد قبلنا يا رسول الله، فأخذرسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ببدء الخلق والعرش، فجاء رجل فقال: يا عمران راحلتك فقمت، فليتني لم أقم (1). ويدل أيضا على صحة ما ذكرناه أن الثقة العدل يقول سمعت وحفظت ما لم يسمعه الباقون، وهم يقولون: ما سمعنا ولا حفظنا وليس ذلك بتكذيب له، وإنما هو إخبار عن عدم علمهم بما علمه، وذلك لا يمنع علمه به‘‘.
’’ولهذا المعنى وجب قبول الخبر إذا انفرد به دونهم ولأجله أيضا قبلت الزيادة في الشهادة إذا شهدوا جميعا بثبوت الحق وشهد بعضهم بزيادة حق آخر، وبالبراءة منه ولم يشهد الآخرون‘‘.
’’وأما علة من اعتل في ترك قبولها ببعد ذهابها عن الجماعة وحفظ الواحد لها فقد بينا فساده فيما تقدم وجواز ذلك من غير وجه‘‘.
’’وأما فصل من فصل بين أن تكون الزيادة موجبة لحكم أو غير موجبة له فلا وجه له لأنه إذا وجب قبولها مع إيجابها حكما زائدا فبأن تقبل إذا لم توجب زيادة حكم أولى لأن ما يثبت به الحكم أشد في هذا الباب‘‘.
’’ومن الأحاديث التي تفرد بعض رواتها بزيادة فيها توجب زيادة حكم (ما ورد) عن سعد بن طارق حدثني ربعي بن حراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء …) و ذكر خصلة أخرى.
__________
(1) – رواه البخاري في مواضع من صحيحه، منها كتاب بدء الخلق باب ما جاء في قول الله تعالى:"وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده …"6/ 286. من فتح الباري.
--------------------------------------------------------------------------------
قوله: (وجعلت تربتها لنا طهورا) زيادة لم يروها فيما أعلم غير سعد بن طارق عن ربعي بن حراش، فكل الأحاديث لفظها (و جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا).
وعن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين.
وقوله: (في أول وقتها) زيادة لا نعلم رواها في حديث ابن مسعود إلا عثمان بن عمر، عن مالك بن مغول، وكل الرواة قالوا عن مالك: (الصلاة لوقتها).
¥(12/473)
و أما فصل من فصل بين أن تكون الزيادة في الخبر من رواية راويه بغير زيادة وبين أن تكون من رواية غيره فإنه لا وجه له لأنه قد يسمع الحديث متكررا تارة بزيادة وتارة بغير زيادة كما يسمعه على الوجهين من روايتين، وقد ينسى الزيادة تارة فيرويه بحذفها مع النسيان لها والشك فيها ويذكرها فيرويها مع الذكر و اليقين، وكما أنه لو روى الحديث ونسيه فقال:"لا أذكر أني رويته وقد حفظ عنه ثقة " وجب قبوله برواية الثقة عنه، فكذلك هذا وكما لو روى حديثا مثبتا لحكم وحديثا ناسخا له وجب قبولها فكذلك حكم خبره إذا رواه تارة زائدا وتارة ناقصا وهذه جملة كافية. انتهى قول الخطيب (رحمه الله تعالى) (1).
هذا قول الخطيب البغدادي في مسألة زيادة الثقة، وإن كان يمكن أن اقتصره هنا لكني آثرت نقله بحروفه لأهميته، إذ هذا النص بالنسبة إلى كثير من المتأخرين ممن ألف كتابا في مصطلح الحديث، يعد مصدرا في معالجة مسألة زيادة الثقة.
وقد رأينا قول الخطيب قد تضمن عدة نقاط مهمة ينبغي نقاشها وتحريرها في ضوء الأدلة والأمثلة الواقعية، ولا ينبغي قبولها دون نظر وتحليل.
__________
(1) – الكفاية ص: 464.
--------------------------------------------------------------------------------
وبإمعان النظر في سياق كلام الخطيب وأسلوبه في الاستدلال والاستنتاج يبدو أنه ينظر في مسألة زيادة الثقة من زاوية جديدة لم تعرف إلا عن أهل الكلام، وهي بناء الحكم على التجويز العقلي، وكأنه يواجه من يدعو إلى امتناع قبول زيادة الثقة مطلقا، وبما أن الخطيب بصدد ترجيح قبول زيادة الثقة مطلقا، فإن مقتضى ذلك أن يسوق أدلة تثبت ذلك الترجيح، لكننا رأيناه يسعى جاهدا إلى تأييد رأيه من خلال استدلاله بأمور وقعت في بعض الروايات، وكيف يتم له الاستدلال بما ذكر؟ فإنه إذا ثبت سبب لوقوع الزيادة في بعض الروايات فإنه لا يعني بالضرورة أن كل الزيادات إنما تقع لذلك السبب، ومن المعلوم أن الزيادة قد تقع لأسباب أخرى لم يتطرق لها الخطيب، ومن أهمها وهم الراوي واختلاط المسموع عليه، أو روايته بالمعنى الذي فهمه ورسخ في ذهنه، وقد يكون فهمه خطأ وغير مطابق للواقع، وبالتالي لا يتم بما ذكره من الأدلة إلا الاستدلال على أن قبولها ممكن عموما وأنه غير ممتنع فحسب، والفرق واضح بين قبول الزيادة مطلقا، وبين كونه غير ممتنع عموما.
ولذلك أصبحت النتيجة التي خرج بها الخطيب البغدادي، وهي قبول زيادة الثقة مطلقا، بعيدة عن الدقة التي ألفناها في منهج المحدثين. وكل من يعرف شخصية الخطيب وإمامته في الحديث وعلومه يستغرب منه اعتماد ذلك الأسلوب الذي سلكه في الاستدلال، ودفاعه المستميت عن إطلاق قبول زيادة الثقة بناء على التجويز العقلي.
وبما أن أسباب الاختلاف بين الثقات بالزيادة والنقص لا يمكن حصرها في الحيثيات التي بينها الخطيب فإن إطلاق قبول الزيادة - كحكم عام – يكون غير سديد، إذ يحتمل أن يحدث الاختلاف بين الثقات حول الزيادة لوهم أحدهم، أو بروايته بالمعنى الذي رسخ في ذهنه، وما أكثر ذلك! ثم يأتي دور الناقد لينظر فيها من خلال القرائن المحيطة بها، وما أسباب وقوعها في الحديث، وهل لهذه الزيادة أصل، أو هي مدرجة في الحديث وهما.
--------------------------------------------------------------------------------
ولو تتبعت تراجم الرواة الثقات، وآراء النقاد حول اختيار أثبت الناس وأضبطهم بالنسبة إلى المدارس الحديثية المعينة لوجدت فيها ما يؤكد لك أن أكثر الاختلافات التي تقع بينهم – وصلا و إرسالا، أو رفعا ووقفا، أو زيادة ونقصا – تعود إلى الأوهام والأخطاء، أو روايتهم بالمعنى، مما يمنعنا من قبول ما اعتمده الخطيب من الأدلة العقلية، والدليل إذا وقع فيه الاحتمال بطل الاستدلال به.
لقد كان من الرواة الثقات من يقف على خطئه في الحديث عندما يرى غيره من الثقات قد خالفه، وهذا حماد بن زيد – أحد الأئمة الأجلاء – يقول: ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة، فإذا خالفني شعبة في شيء تركته (1).
وعن عفان: ’’كان حماد بن زيد ربما قال لي: كيف قال أبو سلمة، يعني حماد بن سلمة، في حديث أيوب، لأنه كان يخالفه‘‘
قال أحمد: ’’كان حماد بن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفي ووهيب، وكان يهب أو يتهيب إسماعيل بن علية إذا خالفه‘‘ (2)
¥(12/474)
فحماد بن زيد مع إمامته وجلالته في الحديث وحفظه كان يذكر خطأه في حديثه إذا خالفه شعبة، ثم يبادر إلى تصحيحه، وكان يهب إسماعيل بن علية إذا خالفه.
وفي ضوء ذلك لو صححنا زيادات الثقة، وأطلقنا قبولها، لمجرد كونه ثقة حافظا، لأبينا إلا أن يبقى على خطئه.
ويقول يحيى القطان: ’’ليس أحد أحب إلي من شعبة ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان‘‘ (3).
فالخلاصة: أن ما يقتضيه حل الخلاف بين الثقات بالجمع أو بالترجيح أو بالاضطراب هو أن يكون ذلك وفق ما يتمخض عنه تتبع القرائن وفقه دلالاتها، وإلا فسيكون الأمر في ذلك فوضى، قد لا يحتاج الباحث إلى فهم ومعرفة وحفظ، بل يحفز ذلك كل من هب ودب إلى الخوض في أغوار هذا المجال العلمي الدقيق دون تأهل لذلك.
__________
(1) – التهذيب 4/ 344.
(2) - علل أحمد 1/ 264
(3) – التهذيب 4/ 113.
--------------------------------------------------------------------------------
وإن كان موقف الخطيب مسلما لدى كثير من المتأخرين، لكنه لم يحظ بموافقة الجميع، فقد عقب عليه الحافظ ابن رجب قائلا:
’’وقد صنف في ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب مصنفا حسنا سماه (تمييز المزيد في متصل الأسانيد) وقسمه قسمين: أحدهما ما حكم فيه بصحة ذكر الزيادة في الإسناد و تركها، والثاني ما حكم فيه برد الزيادة وعدم قبولها، ثم إن الخطيب تناقض فذكر في كتاب (الكفاية): للناس مذاهب في اختلاف الرواة في إرسال الحديث ووصله، كلها لا تعرف عن أحد من متقدمي الحفاظ إنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين، ثم إنه اختار أن الزيادة من الثقة تقبل مطلقا، كما نصره المتكلمون وكثير من الفقهاء وهذا يخالف تصرفه في كتاب تمييز المزيد، وقد عاب تصرفه في كتاب تمييز المزيد بعض محدثي الفقهاء، وطمع فيه لموافقته لهم في كتاب الكفاية‘‘.
’’وذكر في الكفاية حكاية عن البخاري أنه سئل عن حديث أبي إسحاق في النكاح بلا ولي قال: "الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة"، وهذه الحكاية إن صحت فإن مراده الزيادة في هذا الحديث وإلا فمن تأمل كتاب (تاريخ البخاري) تبين له أنه لم يكن يرى أن زيادة كل ثقة في الإسناد مقبولة‘‘.
’’وهكذا الدار قطني يذكر في بعض المواضع أن الزيادة من الثقة مقبولة، ثم يرد في أكثر المواضع زيادات كثيرة من الثقات ويرجح الإرسال على الإسناد، فدل على أن مرادهم زيادة الثقة في تلك المواضع الخاصة، وهي إذا كان الثقة مبرزا في الحفظ‘‘اهـ (1).
كما عقب على الخطيب الحافظ ابن حجر بقوله، وهذا نصه:
’’واحتج من قبل الزيادة من الثقة مطلقا بأن الراوي إذا كان ثقة وانفرد بالحديث من أصله كان مقبولا، فكذلك انفراده بالزيادة، وهو احتجاج مردود، لأنه ليس كل حديث تفرد به أي ثقة كان يكون مقبولا، كما سبق بيانه في نوع الشاذ‘‘.
__________
(1) – شرح العلل ص:243 - 244.
--------------------------------------------------------------------------------
’’ثم إن الفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر، لأن تفرده بالحديث لا يلزم منه تطرق السهو والغفلة إلى غيره من الثقات إذ لا مخالفة في روايته لهم، بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هم أتقن منه حفظا أو أكثر عددا فالظن غالب بترجيح روايتهم على روايته، ومبني هذا الأمر على غلبة الظن‘‘.
’’واحتج بعض أهل الأصول بأنه من الجائز أن يقول الشارع كلاما في وقت، فيسمعه شخص ويزيده في وقت آخر فيحضره غير الأول ويؤدي كل منهما ما سمع، وبتقدير اتحاد المجلس فقد يحضر أحدهما في أثناء الكلام فيسمع ناقصا ويضبطه الآخر تاما أو ينصرف أحدهما قبل فراغ الكلام ويتأخر الآخر، وبتقدير حضورهما فقد يذهل أحدهما أو يعرض له ألم أو جوع أو فكر شاغل أو غير ذلك من الشواغل ولا يعرض لمن حفظ الزيادة ونسيان الساكت محتمل والذاكر مثبت‘‘.
’’والجواب عن ذلك أن الذي يبحث فيه أهل الحديث في هذه المسألة إنما هو في زيادة بعض الرواة من التابعين فمن بعدهم أما الزيادة الحاصلة من بعض الصحابة على صحابي آخر إذا صح السند إليه فلا يختلفون في قبولها‘‘.
¥(12/475)
’’كحديث أبي هريرة – رضي الله عنه-الذي في الصحيحين في قصة آخر من يخرج من النار، وأن الله تعالى يقول له – بعد أن يتمنى – (لك ذلك ومثله معه)، وقال أبو سعيد الخدري: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لك ذلك وعشرة أمثاله) ‘‘.
’’وكحديث ابن عمر (رضي الله عنه) الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء، متفق عليه، وفي حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) عند البخاري بماء زمزم‘‘.
--------------------------------------------------------------------------------
’’وإنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه، كمالك عن نافع عن ابن عمر (رضي الله عنهما) إذا روى الحديث جماعة من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ وانفرد دونهم بعض رواته بزيادة فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنها فتفرد واحد عنه بها دونهم مع توفر دواعيهم على الأخذ عنه وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التوقف عنها‘‘.
’’وأما ما حكاه ابن الصلاح عن الخطيب فهو – وإن نقله عن الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث – فقد خالف في اختياره، فقال بعد ذلك: والذي نختاره أن الزيادة مقبولة إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا‘‘.
’’قلت: وهو توسط بين المذهبين، فلا نرد الزيادة من الثقة مطلقا، ولا نقبلها مطلقا، وقد تقدم مثله عن ابن خزيمة وغيره، وكذا قال ابن طاهر: الزيادة إنما تقبل عند أهل الصنعة من الثقة المجمع عليه‘‘. انتهى كلامه (1).
أقول: استخلص الحافظ ابن حجر من قول الخطيب أن مذهبه توسط بين الرد مطلقا والقبول مطلقا، وفيه نظر، لمخالفة هذا الملخص صريح كلامه، وطبيعة أدلته التي استدل بها، فقد قال الخطيب:
’’والذي نختاره من هذه الأقوال أن الزيادة الواردة مقبولة على كل الوجوه ومعمول بها إذا كان راويها عدلا حافظا متقنا ضابطا‘‘.
يعني الخطيب قبول الزيادة مطلقا إذا كان راويها ثقة، وإلا فغير مقبولة، كما يفهم من الأدلة التي ساقها، إذ ليس فيها ما يدل على ضرورة التفريق في قبول الزيادة بين ثقة وأوثق، بل كان يدور الاستدلال على قبول الزيادة من الثقة مطلقا، لا سيما قوله في سياق الاستدلال بالأمر الأول، وهو:
__________
(1) – النكت 2/ 690 - 693.
--------------------------------------------------------------------------------
’’اتفاق جميع أهل العلم على أنه لو انفرد الثقة بنقل حديث لم ينقله غيره لوجب قبوله، ولم يكن ترك الرواة لنقله إن كانوا عرفوه، وذهابهم عن العلم به معارضا له ولا قادحا في عدالة راويه ولا مبطلا له، وكذلك سبيل الانفراد بالزيادة‘‘.
ويبدو من هذا الاستدلال أنه يقيس زيادة الثقة على الحديث الذي تفرد به، فإن كان تفرده مجمعا على قبوله فزيادته تكون مقبولة أيضا، ولم يشر الخطيب في أثناء استدلاله بالقياس إلى ضرورة التفريق بين ثقة وأوثق، بل دل صنيعه في الاستدلال على عموم الثقات، والله أعلم.
أما قول الخطيب إن جمهور المحدثين يذهبون إلى قبول زيادة الثقة مطلقا ففيه نظر قوي لمخالفته الواقع الملموس في التطبيقات العملية لدى المحدثين، كما سيأتي بيانه (إن شاء الله)، وإن أيد الإمام النووي رأي الخطيب، وهذا نصه:
’’زيادة الثقة مقبولة مطلقا عند الجماهير من أهل الحديث والفقه والأصول، وقيل لا تقبل، وقيل: تقبل إن زادها غير من رواه ناقصا، ولا تقبل إن زادها هو، وأما إذا روى العدل الضابط المتقن حديثا انفرد به فمقبول بلا خلاف، نقل الخطيب البغدادي اتفاق العلماء عليه، وأما إذا رواه بعض الثقات الضابطين متصلا وبعضهم مرسلا أو بعضهم موقوفا وبعضهم مرفوعا، أو وصله هو أو رفعه في وقت وأرسله أو وقفه في وقت فالصحيح الذي قاله المحققون وقاله الفقهاء وأصحاب الأصول، وصححه الخطيب البغدادي‘‘:
’’أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر وأحفظ، لأنه زيادة ثقة، وهي مقبولة، وقيل الحكم لمن أرسله أو وقفه، قال الخطيب: وهو قول أكثر المحدثين وقيل: الحكم للأكثر، وقيل للأحفظ ‘‘ اهـ (1).
نعم من المحدثين من يقبل زيادة الثقة مطلقا، فقد قال الحافظ ابن حجر:
__________
(1) – المقدمة لشرح النووي على صحيح مسلم 1/ 32.
¥(12/476)
--------------------------------------------------------------------------------
’’جزم ابن حبان والحاكم وغيرهما بقبول زيادة الثقة مطلقا في سائر الأحوال، وسواء اتحد المجلس، أو تعدد، سواء أكثر الساكتون، أو تساووا، وهذا قول جماعة من أئمة الفقه والأصول وجرى على هذا الشيخ محيى الدين النووي في مصنفاته (1).
قلت: وإن كان الحاكم قد صرح بقبول زيادة الثقة مطلقا في كتابه (المستدرك (2)، وصحح فيه أحاديث بناء على ذلك، فإنه يبدو من خلال تتبع كتابه (معرفة علوم الحديث) أنه على رأي المحدثين النقاد، فقد قال في نوع المدرج ومعرفة الصحيح والسقيم ما يدل على ذلك.
أما في نوع المدرج - بعد أن قال الحاكم بأن جملة (قال فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك ... ) زيادة مدرجة في المتن، وليس لها أصل في الحديث المرفوع، بل إنه من قول ابن مسعود- فيقول:
’’ فقد ظهر لمن رزق الفهم أن الذي ميز كلام عبد الله بن مسعود من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقد أتى بالزيادة الظاهرة، والزيادة من الثقة مقبولة. وقد أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي يقول: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثقة‘‘ (3).
يعني بذلك أن من جعل تلك الجملة مرفوعة فهو واهم، والصواب أنها موقوفة على ابن مسعود، وهذا التمييز بين المرفوع والموقوف في أثناء الرواية يدل بحد ذاته على إتقان الراوي للحديث، وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الثقة.
ويقول الحاكم في معرفة الصحيح والسقيم: ’’ ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل، ثم قال الحاكم: هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت، وذكر النهار فيه وهم، والكلام عليه يطول ‘‘ (4).
__________
(1) – النكت 2/ 687 - 688.
(2) - المستدرك 1/ 3، 109، 341 – 342. وهذا مما أفادني مشكورا أحد الإخوة من الجزائر المحبوبة، جزاه الله عني خير الجزاء
(3) - معرفة علوم الحديث ص: 40
(4) - المصدر السابق ص: 58 - 59
--------------------------------------------------------------------------------
وأما في مسألة زيادة الثقة فقد اكتفى الحاكم بذكر الأمثلة دون بيان حكمها (1)
ومن خلال المقارنة بين هذه المواطن من كتاب (معرفة علوم الحديث) يبدو أن الحاكم على رأي المحدثين، وهو قبول زيادة الثقة في ضوء القرائن. والله أعلم.
وإن كان بعض المحدثين القدامى ممن عرف بالتساهل قد صرحوا بقبول زيادة الثقة مطلقا، وأصبح ذلك مسلكا عاما سلكه المتأخرون من الفقهاء والأصوليين، فإن المحدثين النقاد لهم فيها منهج علمي دقيق، ونرى بعض المحققين من المتأخرين يؤكدون على ذلك في ثنايا كلامهم، وهذا ابن دقيق العيد يقول:
’’من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنه إذا تعارض رواية مسند ومرسل، أو رافع وواقف، أو ناقص وزائد أن الحكم للزائد لم يصب في هذا الإطلاق، فإن ذلك ليس قانونا مطردا، والمراجعة لأحكامهم الجزئية تعرف صواب ما نقول‘‘ (2)
وللحافظ ابن حجر نصوص كثيرة في أكثر من موطن، ومنها:
’’بهذا جزم الحافظ العلائي، فقال: كلام الأئة المتقدمين في هذا الفن – كعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل والبخاري وأمثالهم – يقتضي أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي، بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في كل حديث حديث ‘‘ (3).
ومن نصوص الحافظ: ’’واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذا ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه، والعجب ممن أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح‘‘ اهـ (4).
ومنها قوله في مناسبة الرد على جماعة من الفقهاء والأصوليين الذي يقبلون زيادة الثقة:
__________
(1) – معرفة علوم الحديث ص:130.
(2) – نقله الصنعاني في توضيح الافكار 1/ 343 - 344.
(3) - النكت 2/ 604
(4) - هدي الساري مقدمة فتح الباري ص: 384 - 385
--------------------------------------------------------------------------------
¥(12/477)
’’وفيه نظر كثير لأنه يرد عليهم الحديث الذي يتحد مخرجه فيرويه جماعة من الحفاظ الأثبات على وجه، ويرويه ثقة دونهم في الضبط والإتقان على وجه يشتمل على زيادة تخالف ما رووه إما في المتن وإما في الإسناد‘‘.
’’فكيف تقبل زيادته وقد خالفه من لا يغفل مثلهم عنها لحفظهم أو لكثرتهم، ولا سيما إن كان شيخهم ممن يجمع حديثه ويعتني بمروياته – كالزهري وأضرابه – بحيث يقال: إنه لو رواها لسمعها منه حفاظ أصحابه، ولو سمعوها لرووها ولما تطابقوا على تركها، والذي يغلب على الظن في هذا وأمثاله تغليط راوي الزيادة‘‘،
’’وقد نص الشافعي في الأم على نحو هذا، فقال - في زيادة مالك ومن تابعه في حديث فقد عتق منه ما عتق –: إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه أو بأن يأتي بشيء يشركه فيه من لم يحفطه عنه وهم عدد وهو منفرد. فأشار إلى أن الزيادة متى تضمنت مخالفة الأحفظ أو الأكثر عددا أنها تكون مردودة. وهذه الزيادة التي زادها مالك لم يخالف فيها من هم أحفظ منه ولا أكثر عددا فتقبل، وقد ذكر الشافعي – رضي الله عنه – هذا في مواضع، وكثيرا ما يقول: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد ‘‘ (1).
ومنها: ’’ والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه (أي ما زاده الثقة) بحكم مستقل من القبول والرد، بل يرجحون بالقرائن‘‘ (2)
ومنها: ’’وسئل الدارقطني عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات، قال: ينظر ما اجتمع عليه ثقتان فيحكم بصحته، أو ما جاء بلفظة زائدة فتقبل تلك الزيادة من متقن، ويحكم لأكثرهم حفظا وثبتا على من دونه، وقد استعمل الدار قطني ذلك في العلل والسنن كثيرا، فقال في حديث رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي عياش عن سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) في النهي عن بيع الرطب بالتمر نسيئة‘‘:
__________
(1) – النكت 2/ 688.
(2) - المصدر السابق 2/ 687
--------------------------------------------------------------------------------
’’قد رواه مالك وإسماعيل بن أمية وأسامة بن زيد والضحاك بن عثمان عن أبي عياش، فلم يقولوا: "نسيئة " واجتماعهم على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم ووهمه ‘‘ اهـ (1).
ورأينا الإمام الدارقطني لم يقبل زيادة يحيى بن أبي كثير، مع كونه مشهورا بإمامته في الحديث بل حكم عليه بالوهم، وذلك لمخالفته الجماعة.
ويقول الحافظ ابن حجر أيضا: ’’فحاصل كلامهم أن الزيادة إنما تقبل ممن يكون حافظا متقنا حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عددا منه أو كان فيهم من هو أحفظ منه أو كان غير حافظ ولو كان في الأصل صدوقا فإن زيادته لا تقبل، وهذا مغاير لقول من قال زيادة الثقة مقبولة و أطلق " اهـ (2).
ويقول البقاعي: إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون منها بحكم مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن اهـ (3).
خلاصة القول
وبعد فإن الذي يتلخص مما سبق أن قبول زيادة الثقة وردها عند نقاد الحديث متوقف على القرائن، وهي كثيرة ومتنوعة، منها كون الراوي أحفظ الناس، ومنها كثرة عدد الرواة، ومنها سلوك الجادة، ومنها رواية الحديث بالمعنى، ومنها اعتماد الراوي على حفظه، ومنها تداخل الأحاديث، وغير ذلك، بل لكل حديث قرينة خاصة، فلا تكون الأحفظية سببا يعتمد دائما للترجيح، وكذا كثرة العدد، وكذا بقية القرائن، وبذلك يصبح الترجيح من أصعب المسائل التي لا يمكن القيام بها إلا لمن لديه ما يسمى فقه القرائن، ولذا قال الحاكم: الحجة عندنا الفهم والمعرفة والحفظ لا غير.
__________
(1) – شرح النخبة ص:31 والنكت 2/ 689.
(2) – النكت 2/ 690.
(3) – نقله الصنعاني في توضيح الأفكار 1/ 339 – 340.
--------------------------------------------------------------------------------
والذي ينقل عن بعض الأئمة القدامى في بعض المناسبات من قبول زيادة الثقة بحيث يوهم أن ذلك عندهم يكون مطلقا ينبغي تفسيره بأنه في حالة ما إذا كان الحديث مجردا عن القرائن الأخرى التي يحس بها الناقد الجهبذ، وليس ذلك على إطلاقه.
قال الإمام البخاري: ’’في حديث أبي إسحاق في النكاح بلا ولي: "الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل ثقة‘‘ (1)
¥(12/478)
وقال ابن خزيمة في صحيحه: ’’لسنا ندفع أن تكون الزيادة مقبولة من الحافظ، ولكنا نقول: إذا تكافأت الرواة في الحفظ والإتقان، فروى حافظ عالم بالأخبار زيادة في خبر قبلت زيادته، فإذا تواردت الأخبار فزاد – وليس مثلهم في الحفظ – زيادة لم تكن تلك الزيادة مقبولة‘‘. (2)
وقال الترمذي: ’’وإنما تقبل الزيادة ممن يعتمد على حفظه‘‘ اهـ (3).
وقال ابن عبد البر: ’’إنما تقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبت عنه، وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله في الحفظ، لأنه كأنه حديث آخر مستأنف، وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ ولا متقن فإنها لا يلتفت إليها‘‘ اهـ (4).
فهذه الأقوال التي توهم بظاهرها أنهم يقبلون الزيادة من المتقن مطلقا قد لخصها الحافظ ابن حجر بقوله:
’’فحاصل كلام هؤلاء الأئمة أن الزيادة إنما تقبل ممن يكون حافظا متقنا حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عددا منه أو كان فيهم من هو أحفظ منه أو كان غير حافظ ولو كان في الأصل صدوقا فإن زيادته لا تقبل، وهذا مغاير لقول من قال: زيادة الثقة مقبولة و أطلق، والله أعلم‘‘ (5).
مسألة زيادة الثقة عند علماء الأصول
أما علماء الأصول فقد لخص الحافظ ابن حجر أقوالهم وتفاصيل حكمهم في مسألة زيادة الثقة، بقوله:
__________
(1) - شرح العلل ص: 244
(2) – حكاه الحافظ في النكت 2/ 688 - 689.
(3) – المصدر نفسه.
(4) – المصدر نفسه 2/ 690.
(5) – النكت 2/ 690.
--------------------------------------------------------------------------------
’’قال إمام الحرمين في البرهان – بعد أن حكى عن الشافعي و أبي حنيفة – رضي الله عنهما – قبول زيادة الثقة، فقال: هذا عندي فيما إذا سكت الباقون، فإن صرحوا بنفي ما نقله هذا الراوي مع إمكان اطلاعهم فهذا يوهن قول قائل الزيادة.
و فصل أبو نصر ابن الصباغ في (العدة) تفصيلا آخر بين أن يتعدد المجلس فيعمل بهما لأنهما كالخبرين، أو يتحد فإن كان الذي نقل الزيادة واحدا و الباقون جماعة لا يجوز عليهم الوهم سقطت الزيادة، و إن كان بالعكس وكان كل من الفريقين جماعة فالقبول، وكذا إن كان كل منهما واحدا حيث يستويان و إلا فرواية الضابط منهما أولى بالقبول.
و قال الإمام فخر الدين الرازي: إن كان الممسك عن الزيادة أضبط من الراوي لها فلا تقبل، وكذا إن صرح بنفيها وإلا قبلت.
وقال الآمدي: - وجرى عليه ابن الحاجب – إن اتحد المجلس فإن كان من لم يروها قد انتهوا إلى حد لا تقتضي العادة غفلة مثلهم عن سماعها والذي رواها واحد فهي مردودة وإن لم ينتهوا إلى هذا الحد فاتفق جماعة الفقهاء والمتكلمين على قبول الزيادة خلافا لجماعة من المحدثين.
قلت: - القائل الحافظ ابن حجر – وللأصوليين تفاصيل غير هذه‘‘ اهـ (1).
ما هي صور زيادة الثقة
بقي هنا أمر ينبغي توضيحه، وهو متى يقال إنها زيادة ثقة، وما هي صورها، وذلك لأننا وجدنا عند بعض المعاصرين الأفاضل من خلط، فحكم بصحة الرواية، مع مخالفتها لما رواه الناس، اعتبارا منه بأن تلك الرواية من زيادة الثقة، وهاك الأمثلة:
أولا: حديث رواه أبو قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجورين و النعلين (2).
__________
(1) – النكت 2/ 693 - 694.
(2) – أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب المسح على الجورين 1/ 25 " دار الكتاب العربي – بيروت – " والترمذي في الطهارة باب المسح على الحورين والنعلين 1/ 167 " تحقيق أحمد شاكر " وصححه الترمذي وغيرهما.
--------------------------------------------------------------------------------
ورواه أيضا عن المغيرة جماعة كثيرة من أهل المدينة والكوفة والبصرة، لكن بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم – مسح على الخفين (1).
فبجمع روايات هذا الحديث وألفاظها ومقارنة بعضها ببعض يتجلى تغاير صريح بين هزيل والجماعة في سياق الحديث، وهو أمر ينبغي النظر فيه قبل التصحيح، فهل المتن كما ساقه الناس، أم كما أورده هزيل؟ أم روى المغيرة بلفظين جميعا، مرة بلفظ، وأخرى بلفظ، فحدث كل كما سمع؟
¥(12/479)
أما حسم هذا الخلاف بأن المغيرة بن شعبة حدث هكذا وهكذا، دون مرجح يرجحه، بل لكون راويه ثقة، وأن ما ذكره محتمل، فهو مسلك غير مألوف لدى النقاد – كما سيأتي بيانه إن شاء الله – وذلك لأن هذا الخلاف قد يكون منشؤه هو وهم بعض الرواة، وخلطه في الرواية، وقد يكون تعدد مجالس التحديث، وقد يكون غير ذلك، ولذلك ينبغي النظر والبحث عن أسباب ذلك الخلاف، لا سيما أن النقاد أعلوا حديث هزيل بن شرحبيل.
يقول علي بن المديني: ’’حديث المغيرة رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل، إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس‘‘ (2).
ويقول ابن معين: ’’الناس كلهم يروونه المسح على الخفين غير أبي قيس‘‘ (3).
__________
(1) – أخرجه البخاري في الوضوء باب المسح على الخفين 1/ 306 - 307، 309 "من فتح الباري " ومسلم في الطهارة، باب المسح على الخفين 3/ 168 - 173 من طريق عروة عنه، وزاد مسلم من طريق مسروق " من شرح النووي " والنسائي في الطهارة باب المسح على الخفين 1/ 82 - 83 من طريق مسروق وحمزة وعروة جميعهم عنه " دار الكتب العلمية – بيروت – ".
(2) – سنن البيهقي 1/ 284.
(3) – المصدر نفسه.
--------------------------------------------------------------------------------
وقال النسائي: ’’ما نعلم أحدا تابع أباقيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين. والله أعلم‘‘ (1)
وقال أبو محمد يحيى بن منصور: رأيت مسلم بن الحجاج ضعف هذا الخبر، وقال: أبو قيس الأودي، وهزيل لا يحتملان هذا مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة (2).
وكذا سفيان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل كلهم يرون الخطأ في حديث أبي قيس عن هزيل، فيما حكاه البيهقي مؤيدا لهم بقوله: والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين اهـ (3)
غير أن الإمام الترمذي صحح هذا الحديث، وأيده بعض المعاصرين حيث قال:
’’أعله بعض العلماء بعلة غير قادحة، منهم أبو داود فقد قال عقبه: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وهذا ليس بشيء لأن السند صحيح ورجاله ثقات، وليس فيه مخالفة لحديث المغيرة المعروف في المسح على الخفين فقط، بل فيه زيادة عليه، والزيادة من الثقة مقبولة كما هو المقرر في المصطلح، فالحق أن ما فيه حادثة أخرى غير الحادثة التي فيها المسح على الخفين، وقد أشار لهذا العلامة ابن دقيق العيد، وقد ذكر قوله في ذلك الزيلعي في نصب الراية …اهـ (4).
أقول: إنه ليس من قبيل زيادة الثقة، وإنما هو حديث تفرد به هزيل أو تلميذه أبو قيس عنه مخالفا للآخرين، إذ إنه لم يذكر مع حديثه المسح على الخفين الذي رواه غيره ليصح القول إنه زاد في حديثهم شيئا لم يذكروه، ولتوضيح هذا الخلط ذكرت هنا هذا المثال.
__________
(1) - السنن الكبرى للنسائي، الطهارة، باب المسح على الجوربين 1/ 93 (تحقيق البنداري، ط: 1، سنة 1411هـ، دار الكتب العلمية، بيروت)
(2) - سنن البيهقي 1/ 284.
(3) - المصدر نفسه.
(4) – إرواء الغليل 1/ 138، وتعليق الشيخ أحمد شاكر على حديث هزيل الذي رواه الترمذي وصححه 1/ 167 – 168 من سنن الترمذي.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الحافظ ابن حجر: ’’ثم إن الفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر‘‘ (1).
ويقول أيضا: ’’وإنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه .. .إذا روى الحديث جماعة من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ، وانفرد دونهم بعض رواته بزيادة فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنها‘‘ (2).
¥(12/480)
أما قوله ’’فالحق أن ما فيه حادثة أخرى غير الحادثة التي فيها المسح على الخفين‘‘ فأسلوب ألفناه لدى كثير من الفقهاء والأصوليين والباحثين المعاصرين، وهذا الأسلوب - كما أشرت إليه آنفا - يتمثل في محاولة التوفيق بين الوجوه المختلفة بحملها على تعدد الحادثة، وما الدليل على ذلك؟ ومبنى هذا التوفيق هو كون الراوي ثقة مع احتمال تعدد الحادثة، دون ذكر عواضد له، وهذا – كما ترى - مسلك سهل يخطر على البال في أول وهلة من البحث، ولا يحتاج إلى حفظ ولا معرفة ولا فهم، والواقع أن الحمل على تعدد الحادثة عند اختلاف الرواة فرع عن ثبوت رواياتهم المختلفة عن شيخهم، ولا يكفي في ذلك كون الراوي الذي خالف الآخرين ثقة (3). والنقاد حين أعلوا حديث هزيل بن شرحبيل صرحوا بمخالفته الواقع الحديثي الذي كان يحفظه الناس في مختلف المدن العلمية، وأن هذه المخالفة لا تحتمل من أمثال هزيل ولا أبي قيس.
__________
(1) – النكت 2/ 691.
(2) – المصدر نفسه 2/ 692.
(3) - وقد أشرنا سابقا إلى أن إخواننا المعاصرين يربطون العلة والشاذ برواية الثقات، ويعرفونهما بما يدل على ذلك، وحين تطبيقاتهم العملية يبدو للمتأمل أن العلة والشاذ عندهم لا ينطبقان إلا على مرويات الضعفاء، وإلا فلماذا صححوا حديث أبي هزيل مع مخالفته للناس، ألا يكفيهم أن النقاد قد أعلوه، أليس هذا الحديث شاذا حسب التعريف؟ وإذا لم يكن هذا شاذا فأي نوع من المخالفة يكون شاذا عندهم؟
--------------------------------------------------------------------------------
وأما تصحيح الترمذي لذلك الحديث فلعله من بعض مظاهر تساهله الذي لم يسلم منه كبير أحد، هذا وقد قال الإمام النووي: واتفق الحفاظ على تضعيف حديث أبي هزيل، ولا يقبل قول الترمذي إنه حسن صحيح (1).
ثانيا: حديث رواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (غير المغضوب عليهم ولا الضالين). فقال: آمين، وخفض بها صوته (2) بينما قال الجماعة: يمد بها صوته. وقد وردت الروايات المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جهر بآمين، وهي تؤيد صحة رواية الجماعة.
وحكم النقاد على رواية شعبة بالخطأ، كما سبق تفصيله (3)، ولا يقال هنا إنه زيادة على لفظ الآخرين زادها شعبة وهو ثقة إمام، لأنه لم يسق لفظ الآخرين مع حديثه.
ثالثا: ما رواه الإمام مسلم بسنده عن سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وسليمان التيمي كلهم عن قتادة … وفي حديث جرير عن سليمان عن قتادة من الزيادة (وإذا قرأ فأنصتوا …) (4).
فصرح الإمام مسلم هنا في حديث سليمان التيمي بزيادة لفظ (وإذا قرأ فأنصتوا)، لأنه ذكره مع لفظ الآخرين، فأصبح زيادة على لفظ الآخرين.
فاتضح لنا بهذه الأمثلة ما هي الصور التي يصح فيها القول إنها زيادة ثقة، وبعد فننتقل إلى مسألة ذات أهمية كبرى لكثرة تعليل الأحاديث بها، وخطورة الجهل بها، ألا وهي مسألة تعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف.
تعارض الوصل والإرسال وتعارض الوقف والرفع
__________
(1) – حكاه الزيلعي في نصب الراية 1/ 184 - 185.
(2) – سبق تخريجه في ص:12.
(3) – ص:12 - 13.
(4) – في كتاب الصلاة باب التشهد في الصلاة 4/ 119 – 122 (من شرح النووي).
--------------------------------------------------------------------------------
فلما فرغنا من تحقيق أن زيادة الثقة قد تكون مقبولة وقد تكون مردودة حسب دلالة القرائن المحيطة بروايتها على مذهب نقاد الحديث ناسب تناولنا مسألتي تعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف، إذ إن الوصل يعتبر زيادة بالنسبة إلى الإرسال وكذا الرفع بالنسبة إلى الوقف.
وحين يعل النقاد حديثا موصولا على أساس أن الأمر الواقع والثابت في ذلك الحديث هو إرساله، فإن كثيرا من المعاصرين يردونه بحجة أن الوصل زيادة، وهي مقبولة من الثقة، ومذهب المحدثين النقاد فيها معروف بأنهم لا يقبلونها مطلقا ولا يردونها مطلقا، بل يكون ذلك وفق ما تدل عليه القرائن التي كانوا يعرفونها بفضل خلفياتهم العلمية الحديثية، لكن الخطيب تناقض في نقل مذهبهم.
¥(12/481)
يقول الخطيب: إذا تعارض الوصل والإرسال فإن الأكثر من أهل الحديث يرون أن الحكم لمن أرسل (1) ثم تناقض بقوله: إن الجمهور من أئمة الفقه والحديث يرون أن الحكم لمن أتى بالزيادة إذا كان ثقة (2).
ذلك لأنه إذا كان قوله ’’ الأكثر من أهل الحديث بقبول المرسل الذي رواه الآخر متصلا ‘‘ فكيف يكون قول الجمهور من أئمة الحديث بقبول الزيادة؟، وهل بين المسألتين فرق؟
ويقول الحافظ ابن حجر تعقيبا على الخطيب:
’’وهذا ظاهره التعارض ومن أبدى فرقا بين المسألتين فلا يخلو من تكلف وتعسف، وقد جزم ابن الحاجب أن الكل بمعنى واحد، فقال: وإذا أسند الحديث وأرسلوه، أو رفعه ووقفوه، أو وصله وقطعوه فحكمه حكم الزيادة في التفصيل السابق‘‘.
’’ويمكن الجواب عن الخطيب بأنه لما حكى الخلاف في المسألة الأولى من أهل الحديث خاصة عبر بالأكثر، وهو كذلك‘‘ (؟).
’’ولما حكى الخلاف في المسألة الثانية عنهم وعن أهل الفقه والأصول صار الأكثر في جانب مقابله، ولا يلزم من ذلك دعوى فرق بين المسألتين‘‘ اهـ (3).
__________
(1) – الكفاية ص: 411 وانظر الكلام على حديث " لا نكاح إلا بولي ".
(2) – الكفاية ص:424.
(3) – النكت 2/ 695.
--------------------------------------------------------------------------------
فالوصل بالنسبة إلى الإرسال، زيادة في السند وكذا الرفع بالنسبة إلى الوقف، ولا يوجد فرق بين مسألة زيادة الثقة وبين مسألة تعارض الوصل والإسال وتعارض الوقف والرفع.
إلا أن الحافظ العلائي نقل عن شيخه ابن الزملكاني أنه فرق بين مسألتي تعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف بأن الوصل في السند زيادة من الثقة فتقبل، وليس الرفع زيادة في المتن فيكون علة.
وتقرير ذلك أن المتن إنما هو قول النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كان من قول صحابي فليس بمرفوع فصار منافيا له، لأن كونه من قول الصحابي مناف لكونه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأما الموصول والمرسل فكل منهما موافق للآخر في كونه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وتعقبه العلائي وقال: ’’وهذه التفرقة قد تقوى في بعض الصور أكثر من بعض، فأما إذا كان الخلاف في الوقف والرفع على الصحابي بأن يرويه عنه تابعي مرفوعا ويوقفه عليه تابعي آخر لم يتجه هذا البحث لاحتمال أن يكون حين وقفه أفتى بذلك الحكم وحين رفعه رواه، إلا أن يتبين أنهما مما سمعاه في مجلس واحد فيفزع حينئذ إلى الترجيح ‘‘ (1).
أقول: إنك ترى في هذه النصوص - أيها القارئ الكريم- أنموذجا واضحا لتداخل الآراء، وحكايتها كأنها صادرة من المصادر الأصيلة، دون تفريق بين المصدر الأصيل في علوم الحديث وبين المرجع المساعد، إذ يستقل كل من المحدثين النقاد القدامى والفقهاء وعلماء الأصول المتأخرين بمنهج يختلفون فيه جوهريا.
فإذا كان علماء الحديث ينظرون في الحديث من واقع معرفتهم الحديثية، وعلم قد أوتوه، فإن الآخرين ينظرون من زاوية منطقية تقوم على التجويز العقلي، وهذا النوع من التداخل في أثناء معالجة المسائل المهمة يؤدي إلى كثرة الاختلافات، وتفاوت الترجيحات، وبالتالي يجد الطلاب صعوبة في الفهم والاستيعاب، ويفقدون فرص الاطلاع على حقيقة منهج المحدثين النقاد، ودقته.
__________
(1) – النكت 2/ 605.
--------------------------------------------------------------------------------
وكان ينبغي معالجة مسألة التعارض من زاوية منهج المحدثين، فإنها من تخصصاتهم، ولذا تكون نظرة العلامة ابن الزملكاني فيها غريبة، لاعتماده فيهاعلى مقتضى العقل، ولذا جاء من تلميذه العلائي تعقيبه بما سبق.
وأما المحدثون النقاد الذين يحفظون الأحاديث من مصادرها المختلفة، ويعاينون أصولها ويعرفون ملابسات كل رواية من روايات أصحابها، فإذا روى راو عن شيخ معروف حديثا موقوفا، ورواه عنه غيره مرفوعا، فينظرون: هل قال شيخهم ذلك الحديث مرفوعا؟ أو موقوفا؟ أو مرفوعا في مجلس وموقوفا في آخر؟ وكذا الأمر بالنسبة إلى التعارض في الوصل والإرسال، وكل ذلك أمر محتمل في حق الراوي، فآل الأمر عندهم في معالجة مثل هذا الاختلاف إلى مرجح واقعي، بغض النظر عن مدى وجود تناف بين الروايات المختلفة.
¥(12/482)
وأما العلامة ابن الزملكاني فعالج مسألة هذا التعارض من جهة وجود تناف وعدمه، فذهب إلى تفريقه بين مسألة التعارض في الوصل والإرسال، ومسألة التعارض في الوقف والرفع، حين قال بأن الوصل مقبول لعدم وجود تناف بينه وبين الإرسال بالنسبة إلى ما يخص المتن، حيث تتفق الروايتان على رفعه، بخلاف الأمر في التعارض بين الرفع والوقف، فإن بينهما تنافيا في ذلك، فلذا لا يقبل الرفع.
وفي حالة وجود اختلاف بين الرواة في الزيادة والنقص في المتن، ينبغي النظر فيما صدر عن شيخهم: هل ذكر المتن بالزيادة أو بدونها، فالحكم على تلك الزيادة بقبولها أو بردها ينبغي أن يكون على معرفة أسباب هذا الاختلاف، قد يكون سببه وهما أو تلفيقا، أو رواية بالمعنى، وقد يكون سببه ما ذكره الخطيب، وأما أن يكون ذلك على أساس وجود التنافي وعدمه، - أي إذا كانت الزيادة تتنافى مع ما رواه الآخرون فترد، وإلا فتقبل مطلقا - فأمر يستبعده الذوق الحديثي.
وننهي هذا الموضوع بشرح سريع لمعنى قولهم (كثر تعليل الوصل بالإرسال، وتعليل الرفع بالوقف).
--------------------------------------------------------------------------------
معنى قولهم (كثر تعليل الوصل بالإرسال وتعليل الرفع بالوقف)
قد يخيل إلى من يقرأ قولهم (كثر تعليل الوصل بالإرسال وتعليل الرفع بالوقف) أن الإرسال يكون هو الراجح عند اختلاف الرواة في الوصل والإرسال، كما يترجح الوقف على الرفوع، لكن الأمر الواقع هو أن الإرسال أو الوقف لم يكن بمجرده معيارا لتعليل الموصول ولا المرفوع، ولذا ينبغي فهم هذا النص في ضوء منهج النقاد في مجال التعليل والتصحيح.
ومن المعلوم أن الحديث المتصل يكون معلولا إذا خالف المرسل لكونه هو المشهور بين الثقات أو الأمر الثابت، وكما أن إرسال بعض الرواة لا يقدح فيما روى الآخر متصلا، لكن فقط إذا ثبت عن شيخهم أنه قد روى أيضا متصلا.
وكذا الأمر في الرفع والوقف، فإنه يعل الرفع إذا تبين للناقد من خلال ما لديه من خلفيات علمية واسعة أن هذا الرفع وهم من الراوي، والصحيح عن الشيخ وقفه على التابعي أو غيره، ولذا فإنه لا بد من التفطن إلى أن التعليل والترجيح دائما يدوران على ما يحيط بالحديث من قرائن علمية.
ولما كان وصل المرسل أو رفع الموقوف كثير الوقوع من الثقات والضعفاء، لسهولة الانتقال إليهما على الألسنة كالجادة، بخلاف الإرسال والوقف، قالوا: ’’كثر تعليل الوصل بالإرسال وتعليل الرفع بالوقف‘‘، يعني بذلك أن أكثر الأخطاء التي يقع فيها الرواة الثقات والضعفاء المقبولون هو وصل المرسل بل رفع الموقوف.
ومن تتبع كتب العلل وجد صورا عديدة لظاهرة الاختلاف بين الرواة، مرة في الوصل والإرسال، وأخرى في الرفع والوقف، وثالثة في الزيادة والنقص، أو غير ذلك، وبدراسة صورة من صور الاختلاف دراسة نقدية يتبين أنها لا تخرج عن مضمون مصطلح من المصطلحات الآتية: الشاذ، والمنكر، والمدرج، والمقلوب، والمصحف، والمضطرب، ولهذا أصبح الترابط بين هذه المصطلحات والعلة جليا، وفي الفقرات الآتية يأتي مصطلح الشاذ.
الشاذ
--------------------------------------------------------------------------------
الشذوذ معناه في اللغة التفرد (1) أما في الاصطلاح فقد اختلفوا قديما في تحديد مدلوله، غير أنهم اتفقوا في الحكم عليه بالرد.
وجدير بالذكر أن لفظة "الشاذ" لم يقع إطلاقها في مصادر العلل، في حدود تتبعي لها، والذي كثر إطلاقه فيها عوضا عن هذا المصطلح هو لفظ "الوهم" و"الخطأ" و "غير محفوظ" وأحيانا "المنكر".
قال الخليلي: ’’وأما الشواذ فقد قال الشافعي وجماعة من أهل الحجاز: الشاذ عندنا ما يرويه الثقات على لفظ واحد ويرويه ثقة خلافه زائدا أو ناقصا، والذي عليه حفاظ الحديث، الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ، ثقة كان أو غير ثقة فما كان من غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان من ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به‘‘ اهـ (2).
وقال الحاكم: الشاذ غير المعلول فإن المعلول ما يوقف على علته: أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم، فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل بمتابع لذلك الثقة (3).
¥(12/483)
وإن كانوا قد اختلفوا في معنى الشاذ لكنهم متفقون عموما على أن الحديث الذي خالف فيه راويه ما ثبت عن مصدره، وكذا الحديث الذي تفرد به راو وليس لذلك الحديث أصل، كل ذلك مردود لا يحتج به، كما يتبين ذلك جليا من الفقرات الآتية:
أما الإمام الشافعي – رحمه الله – فقد اشترط في صحة الحديث والاحتجاج به سلامته من مخالفة الراجح، والتفرد بما ليس له أصل.
أما المخالفة فيقول فيها الإمام الشافعي –رحمه الله -:
’’ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا
منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه،
معروفا بالصدق في حديثه،
عاقلا لما يحدث به،
__________
(1) – لسان العرب 3/ 454 ومختار الصحاح ص:355.
(2) – الإرشاد 1/ 188، وحكاه ابن عدي بسياق آخر في الكامل 1/ 124.
(3) – معرفة علوم الحديث ص:119.
--------------------------------------------------------------------------------
عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، أو أن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمعه، ولا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه، لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أدى بحروفه لم يبق وجه يخاف فيه إحالة الحديث.
حافظا إن حدث من حفظه
حافظا لكتابه إن حدث من كتابه
إذا شرك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم
بريا من أن يكون مدلسا يحدث عمن لقي ما لم يسمع منه، ويحدث (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم بما يحدث الثقات خلافه،
ويكون هكذا من فوقه ممن حدث حتى ينتهي بالحديث موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى من انتهى به إليه دونه، لأن كل واحد مثبت لمن حدثه ومثبت على من حدث عنه. اهـ (2).
والذي يهمنا هنا هو قوله: ’’ أن يكون (يعني الراوي الثقة) بريا من أن يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما يحدث الثقات خلافه‘‘، إذ جعل الإمام الشافعي سلامة الحديث من مخالفة الثقات فيه من شروط الاحتجاج به، وذلك معنى الشذوذ عنده، كما أوضحه ابن رجب الحنبلي الحافظ بما يلي:
__________
(1) – عطف على قوله ’’أن يكون مدلسا ‘‘ والمعنى: بريا من أن يكون يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحدث الثقات خلافه.
(2) – الرسالة للإمام الشافعي ص:369 - 372 (ط: دار الفكر، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر –سنة 1309 ().
--------------------------------------------------------------------------------
’’ الخامس (1): أن يكون في حديثه الذي لا ينفرد به يوافق الثقات في حديثهم ولا يحدث بما لا يوافق الثقات، وهذا الذي ذكره معنى قول كثير من أئمة الحفاظ في الجرح في كثير من الرواة يحدث بما يخالف الثقات، أو يحدث بما لا يتابعه الثقات عليه، لكن الشافعي اعتبر أن لا يخالفه الثقات، ولهذا قال بعد هذا الكلام: (بريا أن يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما يحدث الثقات خلافه)، وقد فسر الشافعي الشاذ من الحديث بهذا ‘‘ اهـ (2).
وأما التفرد فقد قال فيه الإمام الشافعي: ’’ فعليك من الحديث بما تعرفه العامة، وإياك والشاذ منه‘‘ (3)، وعلى هذا القول فما لا تعرفه عامة الحفاظ من الحديث يعده الشافعي شاذا مردودا، سواء تفرد الراوي به أم خالفهم فيه، ويبدو لي أن هذا القول لا يتناقض مع قوله السابق حول المقصود بالشاذ، فإنه لم يذكر ذلك كتعريف عام لمصطلح الشاذ، وليس ذلك من شأنه ولا من شأن علماء تلك العصور، وإنما ذلك في مناسبة علمية لها صلة بدفاعه عن موقف أهل السنة والجماعة، وإنكاره على أهل البدع الذين اشترطوا تعدد الرواة ليحتج بالحديث. (4)
ثم إن الإمام الشافعي كان من عادته أن يثبت ما أثبته المحدثون النقاد من الأحاديث، ويترك ما تركه الحفاظ، ولم يعرف عنه (رحمه الله تعالى) منهج جديد مناقض لمنهج المحدثين عموما في قبول الأحاديث الشاذة الغريبة التي ليس لها أصل.
يقول الإمام أحمد: ’’قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحا فأعلموني، إن شاء يكون كوفيا أو بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا‘‘ (5)
فائدة:
__________
(1) – الحافظ ابن رجب في مناسبة التحليل لما ذكره الإمام الشافعي من تعريف الصحيح.
(2) – شرح العلل ص:208.
(3) - كتاب الأم 7/ 307 - 308
(4) - وقد شرحت هذا الأمر بشئ من التفصيل في كتابي كيف ندرس علوم الحديث
¥(12/484)
(5) - كتاب العلل للإمام أحمد 1/ 462
--------------------------------------------------------------------------------
لا بد أن يفهم أن قول الإمام الشافعي (رحمه الله) ليس فيه دلالة على أن كل ما خالف فيه الثقة لغيره من الثقات أو الأوثق منه يعتبر شاذا ينبغي الاحتراز منه في الحديث الصحيح، وإنما يدل على ما ترجح بالقرائن أنه مرجوح ووهم.
ولهذا قال (رحمه الله) في زيادة مالك ومن تابعه في حديث (فقد عتق منه ما عتق):إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه، أو بأن يأتي بشيء يشركه فيه من لم يحفظه عنه وهم عدد وهو منفرد، وكان يقول في مواضع مثل هذا: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد (1).
وقال الحافظ ابن حجر: لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح – يعني الشاذ – وأن الرواية الراجحة أولى (2).
وهنا وقفة قصيرة لننظر ما مدى صحة قول بعض الفقهاء المتأخرين بأن الشاذ لا يطلق إلا على الحديث المخالف المنافي لما رواه الأوثق، وما مصدر قيد التنافي في الشاذ.
هل يشترط في الشاذ التنافي مع المخالفة
لم يشترط الإمام الشافعي للشاذ أن يكون منافيا لما رواه غيره بحيث يتعذر الجمع بينهما، لا تصريحا ولا تلميحا، بل اشترط مخالفة الراجح، وهي أعم من أن تكون المخالفة منافية للرواية الأخرى، أو غير منافية لها، أي أن تكون المخالفة بحيث يتعذر الجمع فيها على قواعد نقاد الحديث، ويشهد له ما ذكر من أمثلة الشاذ.
وإنما عرف هذا الشرط عن بعض الفقهاء والأصوليين – كابن الصلاح، وابن حجر الهيتمي الفقيه والزرقاني والأهدل وغيرهم – إلا إن فيهم من أطلق القول بتعذر الجمع، من غير تقييد بكونه على قواعد نقاد الحديث، وإن كان مقصوده به هو المنافاة التي تجعل الجمع متعذرا، فيأتي النقاش حول ذلك الشرط في الفقرات التالية:
__________
(1) – حكاه الحافظ في النكت 2/ 688.
(2) – المصدر نفسه 2/ 653.
--------------------------------------------------------------------------------
لقد ناقش هذه المسألة المباركفوري (رحمه الله) في مناسبة تصحيح كلمة (على صدره) التي زادها أحد الرواة في حديث قبيصة بن هلب عن أبيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه، حتى انتهى إلى ضرورة تقييد المخالفة بالمنافاة بحيث يتعذر الجمع (1).
وكان قد استدل على ذلك بما ذكره الحافظ ابن حجر:
’’وأما المخالفة فينشأ عنها الشذوذ والنكارة، فإذا روى الضابط أو الصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ‘‘ (2).
يقول المباركفوري معلقا عليه:
فهذا التعريف هو الذي عليه المحققون وهو المعتمد، قال الحافظ في شرح النخبة: فإن خولف بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: (المحفوظ) ومقابله – وهو المرجوح – يقال له:"الشاذ " – إلى أن قال – وعرف من هذا التقرير أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه وهو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح اهـ (3).
ثم قال المباركفوري: ’’المراد من المخالفة في قوله: (مخالفا) المنافاة دون المطلق، يدل عليه قول الحافظ في هذا الكتاب (يعني نخبة الفكر) وزيادة راويهما - أي الصحيح والحسن - مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق ممن لم يذكر تلك الزيادة؛ لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها فهذه تقبل مطلقا؛ لأنها في حكم الحديث المستقل الذي يتفرد به الثقة، ولا يرويه عن شيخه غيره، وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها فيقبل الراجح ويرد المرجوح ‘‘ (4).
__________
(1) – تحفة الأحوذي 1/ 216 - 217.
(2) – شرح النخبة ص: 28.
(3) - تحفة الأحوذي 1/ 217
(4) – تحفة الأحوذي 1/ 217. وجاء هذا الموضوع بشيء من التفصيل في بحث مستقل حول زيادة الثقة.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(12/485)
أقول: لقد سبق أن مجرد المخالفة بين ثقة وأوثق، أو بين واحد وجماعة لا تستدعي الشذوذ في رواية الثقة، إلا بعد أن تم ترجيح رواية الأوثق أو رواية الجماعة وفق منهج النقاد، وأما قيد المنافاة فلم يرد في نصوص المتقدمين الذين أوضحوا معنى الشاذ - لا تصريحا ولا تلميحا –.
وأما كلام الحافظ ابن ححر الذي استدل به المباركفوري على مراعاة قيد المنافاة في تعريف الشاذ ففيه النقاط التالية:
أولا: إن الأمثلة التي ساقها الحافظ ابن حجر وغيره للحديث الشاذ ليس في معظمها إلا المخالفة دون المنافاة.
ثانيا: نصوص الحافظ ابن حجر غير الأخير فيما يتعلق بالشاذ، كلها صريحة في عدم التقييد بالمنافاة، وهي المعتمدة؛ لأنها في صدد تعريف مصطلح الشاذ، وأما النص الأخير فهو فيما يتعلق بمسألة زيادة الثقة، حتى إنه أكد بقوله ’’ وعرف من هذا التقرير أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، وهو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح ‘‘.
وأما النص الأول، وهو ’’ فإذا روى الضابط أو الصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ‘‘ فليس فيه ما يدل على قيد المنافاة، إذ إن معنى قوله: ’’ بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ‘‘ أي يتعذر الجمع بين الوجوه المختلفة، لعدم دلالة القرائن على ذلك.
ثالثا: لو كانت المنافاة مقصودة ومتعينة في المخالفة التي يدور عليها الشاذ لخرج من الشاذ ما خالف الثقة لمن هو أرجح في وصل المرسل، أو رفع الموقوف، وذلك لعدم استكماله شرط المنافاة بينهما، ولأن الجمع فيها ممكن، وذلك خلاف الواقع.
--------------------------------------------------------------------------------
رابعا: لو جمعنا بين الوجوه المختلفة على غير قواعد المحدثين، وقلنا بصحة جميع الوجوه المختلفة بمجرد كونها غير متنافية، لاحتمل أن يكون ذلك كذبا على الشيخ الذي اختلفوا عليه، ذلك لأنه إذا لم يكن بينها تناف لا يعني بالضرورة أن ذلك الشيخ قد ذكر الوجهين جميعا، وقد لا يكون ذكر إلا وجها واحدا.
ولكي يكون الحكم بالجمع أو بالترجيح في حالة الاختلاف بين الرواة منطقيا ومنهجيا فإنه ينبغي البحث عن القرائن والمناسبات التي تحف الروايات، وفقه دلالاتها، ومن الجدير بالذكر أن المحدثين النقاد لم يضعفوا حديث ثقة لمجرد أنه خالف فيه أوثق أو جماعة، بل بحسب الأدلة والقرائن والمرجحات، ولهذا قال الحاكم: الحجة عندنا الحفظ و الفهم والمعرفة لا غير.
يقول الحافظ ابن حجر: ’’واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل، ولا يتأتى ذلك على طريقة المحدثين الذين يشترطون في الصحيح والحسن أن لا يكون شاذا، ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه‘‘،
’’والمنقول عن أئمة المحدثين المتقدمين كابن مهدي ويحيى القطان وأحمد وابن معين وابن المديني والبخاري وأبي زرعة و أبي حاتم والنسائي والدار قطني وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة، وأعجب من ذلك إطلاق كثير من الشافعية القول بقبول زيادة الثقة، مع أن نص الشافعي يدل على غير ذلك‘‘ اهـ (1).
غير أن الحافظ قال: ’’وزيادة الثقة راويهما – الصحيح والحسن – مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق ممن لم يذكر تلك الزيادة لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها فهذه تقبل مطلقا … وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها فيقبل الراجح ويرد المرجوح‘‘ اهـ (2).
__________
(1) – انظر النكت 2/ 692 والنخبة ص:13.
(2) – انظر نخبة الفكر ص:37.
--------------------------------------------------------------------------------
ويفهم من ظاهر هذا القول أن التفصيل في قبول الزيادة وردها هو وجود المنافاة وعدمها، بينما يدل القول السابق على تفصيل آخر، وهو أن يكون القبول والرد وفق دلالة القرائن، بغض النظر عن المنافاة وعدمها، وهو الصواب الذي عليه نقاد الحديث. والله أعلم.
خلاصة القول
¥(12/486)
فالخلاصة: أن المنافاة ليست قيدا في المخالفة التي تكون بين الثقة والأرجح ليكون حديث الثقة شاذا مردودا، ولا هي معروفة في نصوص الإمام الشافعي ولا غيره من القدماء، ولا في تطبيقاتهم العملية.
كما يستخلص مما سبق أن الشاذ لدى الإمام الشافعي مردود، سواء أكان الشاذ هو الحديث الذي لا تعرفه العامة، أم الحديث الذي خالف فيه الثقة غيره من الثقات، وذلك لأن الشذوذ ناتج من خطأ الراوي، ولهذا اشترط الإمام الشافعي وغيره سلامة الحديث من الشذوذ لكي يكون محتجا به.
حكم الشاذ عند الخليلي
أما ما ذكره الخليلي في معنى الشاذ عند الحفاظ فقد ورد نحوه عن غير واحد من الحفاظ.
عن صالح بن محمد الحافظ:’’الحديث الشاذ المنكر الذي لا يعرف ‘‘،
وعن إبراهيم بن أبي عبلة: ’’من حمل شاذ العلم حمل شرا كثيرا ‘‘،
وعن معاوية بن قرة: ’’ إياك والشاذ من العلم‘‘،
وعن شعبة: ’’لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ‘‘،
وعن ابن مهدي: ’’لا يكون إماما في العلم من يحدث بالشاذ ‘‘،
وعن الإمام أحمد: أنه قال في حديث أسماء بنت عميس: تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما بدا لك: ’’إنه من الشاذ المطروح‘‘ (1).
والشاذ على هذا الإطلاق مما ينبغي الاحتراز عنه ليكون الحديث صحيحا ومحتجا به، حسبما فصله الحافظ الخليلي بقوله:
’’فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به ‘‘
ما المراد بالتفرد عند الخليلي
__________
(1) – حكاها ابن رجب الحنبلي في شرح العلل ص: 236. معناه: البسي ثياب الحداد السود. (انظر لسان العرب، مادة: سلب)
--------------------------------------------------------------------------------
إن الحافظ الخليلي لم يقصد بالتفرد تفردا مطلقا بحيث يتضمن ما تفرد به إمام متقن ومن دونه، وإنما أراد به تفردا خاصا ينفرد به شيخ، وهو دون مرتبة الأئمة والحفاظ، يقول الحافظ ابن رجب:
’’ولكن كلام الخليلي في تفرد الشيوخ، والشيوخ في اصطلاح أهل هذا العلم عبارة عمن دون الأئمة والحفاظ، وقد يكون فيهم الثقة وغيره، فأما ما انفرد به الأئمة والحفاظ فقد سماه الخليلي فردا، وذكر أن أفراد الحفاظ المشهورين الثقات أو أفراد إمام عن الحفاظ والأئمة صحيح متفق عليه، ومثله بحديث مالك في المغفر. اهـ (1).
فالحافظ الخليلي لا يعتبر تفردات الأئمة أو الثقات الحفاظ المشهورين شواذ، كما هو ظاهر من تعريفه للشاذ، ويشهد له ما صرح به في مسألة الأفراد: وأما الأفراد فما يتفرد به حافظ مشهور ثقة أو إمام عن الحفاظ والأئمة فهو صحيح متفق عليه – كحديث مالك عن الزهري في قصة المغفر – فهذا وأمثاله من الأسانيد متفق عليها (2).
على أنه لم يشترط في صحة الحديث والاحتجاج به تعدد الرواة في كل طبقة من طبقات السند، وهذا لم يعرف إلا عن الخوارج وطوائف من أهل البدع.
فمراده واضح بقوله في تعريف الشاذ، إنه تفرد خاص ينفرد به الشيوخ، ويثير ذلك التفرد في قلب الناقد ريبة حول ضبط الراوي المتفرد.
وعليه فلا يبقى هنا مجال للاعتراض عليه بأنه يلزم من تعريفه للشاذ أن يدخل تفردات الثقات المعروفين التي اتفق على صحتها والاحتجاج بها الشيخان، كحديث: ’’إنما الأعمال بالنيات ‘‘وغيره من الأحاديث الكثيرة المخرجة في الصحيحين، مع أنها أفراد تفرد بها الثقات،
__________
(1) – شرح العلل ص:256.
(2) – الإرشاد1/ 187.
--------------------------------------------------------------------------------
وقد اعترض عليه بها بعض المتأخرين كابن الصلاح والنووي والحافظ ابن حجر وغيرهم، حين نظروا إلى قول الخليلي كتعريف، إذ التعريف ينبغي أن يكون جامعا مانعا وواضحا وموجزا، كما هو معروف في علم المنطق، ولا ينفع القول في التعريف أن صاحبه قصد المعنى المطلوب، وإن لم يكن ذلك واضحا من التعريف.
¥(12/487)
وهذا النوع من التفرد لا يختلف الإمام الشافعي مع غيره من الحفاظ في عدم الاحتجاج به، كما أن الحفاظ الذين نقل عنهم الخليلي معنى الشاذ لا يختلفون مع الإمام الشافعي في عدم الاحتجاج بالحديث الشاذ الذي فيه مخالفة لما هو أرجح، لأنه إذا كان الحديث الغريب الذي ليس له أصل غير مقبول عندهم فإن الذي خالف الواقع يكون من باب أولى أن لا يقبلوا ذلك الحديث لظهور خطأ فيه، وأما الخليلي فقد يقبله، إذ من رأيه أن يقبل زيادة الثقة مطلقا (1).
حكم الشاذ عند الحاكم
أما الحاكم فقد أراد بالشاذ ما هو أدق وأغمض من الحديث المعلول، إذ إنه فرق بينهما بقوله:
’’الشاذ غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم، فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل بمتابع لذلك الثقة ‘‘.
يقول الحافظ ابن حجر معلقا عليه: ’’وهو على هذا أدق من المعلل بكثير، فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة وكان في الذروة العليا من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة ورزقه الله نهاية الملكة، وأسقط الزين العراقي من قول الحاكم قيدا لا بد منه، وهو أنه قال: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك‘‘ (2).
__________
(1) – سبق البيان بأن الخليلي ممن يقبل زيادة الثقة مطلقا كوصل ثقة ضابط لما أرسله الجماعة، فإنه يقبله لكون الوصل زيادة ثقة.
(2) – نقله الصنعاني في توضيح الأفكار 1/ 379.
--------------------------------------------------------------------------------
وهذا القيد – وإن لم يصرح به الحاكم – فإنه يفهم من سياق كلامه، والأمثلة التي ساقها للحديث الشاذ.
يقول السخاوي: والشاذ لم يوقف له على علة، وهذا يشعر باشتراك هذا مع ذاك (يعني المعلول) في كونه ينقدح في نفس الناقد أنه غلط، وقد تقصر عبارته عن إقامة الحجة على دعواه، وأنه من أغمض الأنواع وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله الفهم الثاقب والحفظ الواسع والمعرفة التامة بمراتب الرواة والملكة القوية بالأسانيد والمتون، وهو كذلك، بل الشاذ أدق من المعلل بكثير اهـ (1).
فمقصود الحاكم بقوله: ’’الشاذ غير المعلول‘‘ أنه غير واضح العلة، ولا يعني أنه نوع منفصل عن العلة.
كما أن الحاكم (رحمه الله) لم يرد بقوله في الشاذ تفردا مطلقا، وإنما أراد نوعا خاصا من تفردات الثقات مما يتوقف الناقد الجهبذ عن قبوله والاحتجاج به لوجود الوهم فيه، والدليل على ذلك ما شرحه في قسم الغريب والأفراد، وهذا نصه:
’’ فنوع منه غرائب الصحيح - ثم ذكر المثال من حديث عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر بن عبد الله يقول: كنا يوم الخندق نحفر … الحديث، رواه البخاري في الجامع الصحيح - فهذا حديث صحيح وقد تفرد به عبد الواحد بن أيمن عن أبيه وهو من غرائب الصحيح‘‘ (2).
وذكر حديثا آخر، وهو ما رواه عبد الله بن عمرو قال: (لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم أهل الطائف فلم ينل …) ثم قال الحاكم: رواه مسلم في المسند الصحيح، وهو غريب صحيح فإني لا أعلم أحدا حدث به عن عبد الله بن عمرو غير أبي العباس السائب بن فروخ، ولا عنه غير عمرو بن دينار، ولا عنه غير سفيان بن عيينة، فهو غريب صحيح اهـ (3).
__________
(1) – فتح المغيث 1/ 232 (تحقيق الشيخ علي حسن علي، ط: إدارة البحوث الإسلامية – الهند، سنة 1407 ().
(2) – معرفة علوم الحديث ص:94.
(3) - معرفة علوم الحديث ص:95.
--------------------------------------------------------------------------------
وإن كانت الشبهة التي أثارها الإمام ابن الصلاح وغيره حول التعريف لكونه غير مانع لدخول الأحاديث الصحيحة الغريبة فيه قد يجاب عنها بأنه لم يقصد بالشاذ التفرد المطلق كما سبق بيد أن قول الحاكم باعتباره تعريفا يبقى مشكلا فنيا لعدم استيفائه شروط التعريف، إذ لا ينفع القول في مناسبة التعريف إنه قصد المعنى المراد، وإن لم يفهم ذلك من ظاهر العبارة، وقد يقال إن الحاكم ليس من أهل المنطق، وبالتالي لا ينبغي النظر في نصوصه بزاوية المنطق. (1).
__________
¥(12/488)
(1) - يقول الحافظ ابن حجر (رحمه الله): والحاصل من كلامهم أن الخليلي يسوي بين الشاذ والفرد المطلق فيلزم على قوله أن يكون في الشاذ الصحيح وغير الصحيح فكلامه أعم، وأخص منه كلام الحاكم لأنه يقول: إنه تفرد الثقة فيخرج تفرد غير الثقة، فيلزم على قوله أن يكون في الصحيح الشاذ وغير الشاذ، وأخص منه كلام الشافعي، لأنه يقول: إنه تفرد الثقة بمخالفة من هو أرجح منه، ويلزم عليه ما يلزم على قول الحاكم، لكن الشافعي صرح بأنه مرجوح، وأن الرواية الراجحة أولى، لكن هل يلزم من ذلك عدم الحكم عليه بالصحة؟ محل توقف اهـ (النكت 2/ 652 – 653).
أقول: فيه أمور لا بد من التأمل فيها، أولا: إن الخليلي لم يسو بين الشاذ والفرد المطلق كما سبق تحقيقه. وثانيا: إن الحاكم لم يعرف الشاذ بما يشمل الغريب الصحيح، وإنما عرفه بما يخرجه منه، واستشهدنا عليه بقوله، فإذا هو الآن يعقب على تعريف الحاكم بقوله:" إنه يلزم عليه أن يكون في الصحيح الشاذ وغيره "، وثالثا: إن الشاذ عند الشافعي مردود وغير محتج به، كما سبق تحقيقه، لأنه اشترط في الخبر المحتج به عدم المخالفة لما رواه الناس، فلا مجال للتساؤل هل يلزم منه عدم الحكم عليه بالصحة أو لا؟
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الجدير بالذكر في هذه المناسبة أنه قد يرد لفظ الشاذ في نصوص بعض الأئمة، مثل الخليلي، والحاكم والبيهقي في غير ما ذكروا من المعنى، ألا وهو مجرد الغرابة، فكما يقال هذا حديث غريب صحيح يقال هذا شاذ صحيح، ومعنى الشاذ هنا غريب فقط (1).
وعلى العموم فالحديث الشاذ مردود لدى الجميع، ولا يعني بما سبق من اختلافهم في التعريف أن كل واحد منهم يصحح الحديث الشاذ حسب تعريف الآخر، ولا يرده إلا إذا كان حسب تعريفه، فإنهم ليسوا على حدود أهل المنطق. والله أعلم.
وبقي لنا شيء آخر يقتضي منا النظر فيه، وهو ما ذكره ابن الصلاح تلخيصا لموضوع الشاذ.
تلخيص ابن الصلاح لموضوع الشاذ
يقول ابن الصلاح (رحمه الله تعالى)
’’إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه: فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا،
وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره، وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد فيه، كما سبق من الأمثلة،
وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارجا له مزحزحا له عن حيز الصحيح، ثم هو بعد ذلك بين مراتب متفاوتة بحسب الحال،
فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف،
وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر.
فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان:
أحدهما الحديث الفرد المخالف،
__________
(1) - قد أجاد أخونا الفاضل الشيخ حاتم الشريف (حفظه الله تعالى) حين عالج هذا المصطلح في كتابه (المنهج المقترح)، جزاه الله خير الجزاء
--------------------------------------------------------------------------------
والثاني الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجب التفرد والشذوذ من النكارة والضعف‘‘. والله أعلم اهـ (1).
أقول: إنه تحرير وتلخيص جيد، ويكون للعمل به مجال خاص، ينبغي أن يحدد هذا المجال في ضوء ما شرحه في نوع العلة (2)، ولا يصلح أن يعتبر كقاعدة مطردة، كما جعلها كثير من المعاصرين، وبنوا على ذلك دراساتهم الحديثية، فصححوا حديثا إذا كان رواته ثقات، متساهلين في مدى استيفائه بقية شروط الصحة، لا سيما سلامته من الشذوذ والعلة، وإن كان فيهم صدوق حسنه، وإن كان فيه ضعيف ضعفه.
ومما يدل على أن ما لخصه ابن الصلاح إطلاق فيما ينبغي تقييده قول ابن رجب الحنبلي:
¥(12/489)
’’وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه، كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه‘‘ (3).
المنكر
المنكر لغة: نَكِرَ الأمرَ نكيرا وأنكره إنكارا ونُكرا جهله، (4) ويكون معنى المنكر المجهول وغير المعروف، والنَّكِرَة ضد المعرفة، وجاء إطلاقه على هذا المعنى في مواضع من القرآن الكريم.
كقوله تعالى:" وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون " (5).
وقوله تعالى:" فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون " (6).
وقوله تعالى: " … إذ دخلوا عليه فقالوا سلما قال سلم قوم منكرون " (7).
__________
(1) – مقدمة ابن الصلاح ص:104 (مع التقييد والإيضاح بتحقيق عبد الرحمن).
(2) - وهو قوله الدقيق: ’’ويستعان على إدراك العلة بالتفرد والمخالفة ... ‘‘
(3) – شرح ابن رجب الحنبلي ص:208.
(4) – لسان العرب 5/ 233.
(5) – سورة يوسف: الآية58.
(6) – سورة الحجر:الآية 62.
(7) – سورة الذاريات: الآية 25.
--------------------------------------------------------------------------------
وقوله تعالى:" يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها " (1).
أما في الاصطلاح فقد تنوعت الأقوال في تحديد مدلول المنكر، ومع ذلك فقد استقر معناه عند كثير من المتأخرين بأنه حديث رواه الضعيف مخالفا فيه الثقات، كما حرره الحافظ ابن حجر في مؤلفاته مثل نخبة الفكر، والنكت على ابن الصلاح، والذي يظهر من خلال تتبع مصادر العلل والتراجم واستقرائها أن هذا المعنى الذي استقر عليه رأي المتأخرين فيه تضييق لما وسعه نقاد الحديث؛ إذ معنى المنكر عندهم " كل حديث غير معروف عن مصدره "، سواء أ كان من رواية الثقة أم الضعيف، سواء تفرد به الراوي مع المخالفة أو بدون المخالفة، وللنقاد ألفاظ أخرى يعبرون بها عن معنى المنكر، وهي:" خطأ " "وهم"، "غير محفوظ"، "غير صحيح"، "لا يشبه"، "غريب"، "لا يثبت "، "لا يصح"، وهذه الكلمات هي أكثر استعمالا بالنسبة إلى كلمة المنكر.
وإليك من نصوصهم ما يؤيد ذلك:
قال ابن عدي: ’’وهذا الحديث ينفرد به إسماعيل بن عياش عن الزبيدي، وهو منكر من حديث الزبيدي، وكان ابن عياش حمل حديث الزبيدي على حديث ابن سمعان، فأخطأ، والزبيدي ثقة وابن سمعان ضعيف " (2)،فأطلق ابن عدي على ما تفرد به ابن عياش عن الزبيدي منكرا، لأنه لا يعرف هذا الحديث في أحاديث الزبيدي فروايته عنه خطأ ووهم، ولعله تداخل عليه حديث ابن سمعان.
وقال أيضا حديث: ’’حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا: (فإذا وضع بين يدي أحدكم طعام…) حديث منكر عن مالك لا أعرفه إلا من حديث ابن أبي أويس عنه، وابن أبي أويس هذا روى عن خاله مالك أحاديث غرائب لا يتابعه أحد عليها ‘‘ (3).
__________
(1) – سورة النحل: الآية 83.
(2) – الكامل 1/ 292 إسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن الشاميين والزبيدي محمد بن الوليد حمصي شامي ثقة معروف.
(3) – الكامل 1/ 318. إسماعيل بن أبي أويس فيه كلام.
--------------------------------------------------------------------------------
وقال أيضا: ’’ وإسرائيل بن يونس كثير الحديث مستقيم الحديث في حديث أبي إسحاق وغيره، وهذه الأحاديث التي ذكرتها من أنكر أحاديث رواها، وكل ذلك محتمل ‘‘ (1).
وقال أيضا: ’’ وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن أيوب بن مسكين أبي العلاء هي أحاديث معروفة ولم أجد في سائر أحاديثه غير ما ذكرت أيضا شيئا منكرا، ولهذا قال ابن حنبل: لا بأس به لأن أحاديثه ليست بالمناكير ‘‘ (2).
وقال أيضا:" وهذه الأحاديث مع غيرها مما يرويه إسحاق بن بشر هذا غير محفوظة كلها وأحاديثه منكرة إما إسنادا أو متنا لا يتابعه أحد عليها " (3).
فهذه المجموعة من نصوص الحافظ ابن عدي تؤيد ما قلنا من أن نقاد الحديث يطلقون المنكر على معنى أن الحديث غير معروف عن مصدره، سواء تفرد به راويه – ثقة كان أم ضعيفا – أو خالفه غيره من الثقات، يعني أنه خطأ أو وهم أو غير محفوظ أو غريب لا يتابعه عليه أحد.
¥(12/490)
قال الإمام البخاري:" روى عن زهير – بن محمد الخراساني – الوليد بن مسلم وعمرو بن أبي سلمة مناكير " (4) يعني ما لا يعرف عنه من الأحاديث.
وقال الإمام أحمد: " الشاميون يروون عن زهير بن محمد الخراساني أحاديث مناكير " (5).
وقال النسائي:"عند المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير غير حديث منكر " (6).
وقال يحيى بن معين:" ما أنكر حديثه – يعني حديث المغيرة – عن أبي الزبير " (7).
وقال البخاري:" عمرو بن أبي عمرو صدوق لكن روى عن عكرمة مناكير " (8).
__________
(1) – المصدر نفسه 1/ 614.
(2) المصدر نفسه 1/ 347.
(3) المصدر نفسه 1/ 331.
(4) – التاريخ الكبير 3/ 427 وشرح ابن رجب ص:344.
(5) – من شرح ابن رجب الحنبلي ص:344.
(6) – المصدر نفسه.
(7) – المصدر نفسه.
(8) – العلل الكبير للترمذي 2/ 622 وشرح ابن رجب ص:346.
--------------------------------------------------------------------------------
وقال البخاري:" روى أحمد بن الحارث عن السراء بنت نبهان أحاديث لا يتابع منها على شيء مناكير، وليس يعرف لسراء بنت نبهان إلا حديث واحد " (1).
وقال أيضا:" حديث أيوب بن واقد ليس بالمعروف منكر الحديث " (2).
وقال العقيلي:" في حديث رواه إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة: هذا حديث باطل أنكره أحمد على إسماعيل بن عياش، يعني أنه وهم من إسماعيل " (3).
وقال علي بن المديني:" في أحاديث معمر – هو ابن راشد – عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة " (4).
وقال أيضا:" أكثر جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت، وكتب مراسيل، وكان فيها أحاديث مناكير عن ثابت " (5).
وقال العقيلي:" أنكرهم رواية عن ثابت معمر " (6).
وقال ابن معين:" لم يزل عبد الرزاق يحدث بها عن عبيد الله بن عمر، ولكنها كانت منكرة " (7).
وقال الإمام أحمد: روى عبد الرزاق عن سفيان عن عبيد الله أحاديث مناكير، هي من حديث العمري (8) يعني عبد الله بن عمر العمري أخوه، وهو ضعيف.
وقال ابن عدي: " روى ابن وهب عن شبيب بن سعيد الحبطي أحاديث مناكير " (9).
وقال أيضا:" أحاديث يزيد بن إبراهيم التستري مستقيمة إنما أنكرت عليه أحاديث رواها عن قتادة عن أنس" (10).
وقال النسائي: حديث الدراوردي عن عبيد الله بن عمر منكر (11)، وقال أبو حاتم: ونعرف سقم الحديث وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته (12).
__________
(1) – الضعفاء الكبير للعقيلي 1/ 126.
(2) – الضعفاء الكبير للعقيلي 1/ 115، والتاريخ الكبير 1/ 426.
(3) – الضعفاء الكبير للعقيلي 1/ 90.
(4) – شرح ابن رجب الحنبلي ص:280.
(5) - شرح ابن رجب الحنبلي ص:280.
(6) – المصدر نفسه.
(7) - المصدر نفسه. ص:354.
(8) – شرح ابن رجب الحنبلي ص:331 - 332.
(9) – الكامل 1/ 1347، ابن وهب وشبيب كلاهما ثقتان.
(10) – المصدر السابق 7/ 2736.
(11) – شرح ابن رجب ص:355، 397.
(12) - شرح ابن رجب ص:355، 397.
--------------------------------------------------------------------------------
وقال أبو داود بعد روايته لحديث همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ دخل الخلاء وضع خاتمه:
" هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه، والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام " (1).
وقال أيضا عن حديث رواه أبو خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ، قال فقلت له: صليت ولم تتوضأ وقد نمت، فقال: إنما الوضوء على من نام مضطجعا:
وقال أبو داود: قوله: "الوضوء على من نام مضطجعا " هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة، وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئا من هذا " (2).
فأطلق الإمام أبو داود على حديث همام عن ابن حريج منكرا مع كونه ثقة، كما أطلق على حديث أبي خالد الدالاني الضعيف.
قال الإمام النسائي: بعد روايته حديث أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن نيار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشربوا في الظروف ولا تسكروا:
¥(12/491)
"وهذا حديث منكر غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم، لا نعلم أن أحدا تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب،… وقال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث " (3).
أبو الأحوص ثقة متقن، ومع ذلك فأطلق على حديثه الذي أخطأ فيه منكرا.
وهذا الإمام مسلم يوضح لنا أحسن توضيح عن المنكر وهذا نصه:
__________
(1) – في كتاب الطهارة، باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يدخل به الخلاء 1/ 157 (تحقيق محمد عوامة، ط: 1، الريان، بيروت)
(2) – في الطهارة، باب الوضوء من النوم 1/ 248.
(3) – كتاب الأشربة، باب ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر 8/ 319 من السنن.
--------------------------------------------------------------------------------
"… وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضا عن حديثهم، وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعمله ". (1)
خلاصته أن الراوي يصبح منكر الحديث ومهجور الرواية إذا كثرت في مروياته المناكير، وتعرف النكارة بمخالفة الراوي للآخرين من الحفاظ المعروفين، ويفهم من هذا النص أنه إذا لم تكثر في أحاديثه المناكير فلا يكون هو منكر الحديث ولا مهجور الرواية، بل إما ضعيف أو ثقة تبعا لقدر أخطائه في الرواية، ولهذا أطلق الإمام مسلم لفظة (المحدث) في قوله: ’’وعلامة المنكر في حديث المحدث ‘‘، دون أن يقول (المحدث الضعيف).
فالخلاصة أنه قد يطلق المنكر على رواية الثقة، إذا أخطأ فيها، ولا يكون الراوي منكر الحديث إلا إذا كثر ذلك في أحاديثه.
وقال الإمام مسلم أيضا:" … ولذلك ضعف أهل المعرفة بالحديث عمر بن عبد الله بن أبي خثعم وأشباههم من نقلة الأخبار لروايتهم الأحاديث المستنكرة التي تخالف روايات الثقات المعروفين من الحفاظ "اهـ (2).
وقال أيضا: ’’ استنكر أهل العلم من رواية أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان أخبارا غير هذا الخبر (يعني حديث المسح على الجوربين والنعلين) ‘‘. (3)
وعبد الرحمن بن ثروان أبو قيس ليس بمتروك الحديث بل هو صدوق، من رجال البخاري (4).
وبعد فإن نقاد الحديث يطلقون المنكر على حديث غير معروف، وغير محفوظ، وغير صحيح، سواء رواه ثقة أو ضعيف، ويكون المعنى: في الحديث خطأ وغلط، وعلى هذا يتبلور التطابق بين المنكر والشاذ.
__________
(1) – مقدمة صحيح مسلم 1/ 56 – 57 (مع شرح النووي).
(2) – التمييز ص:162.
(3) – المصدر نفسه ص:156.
(4) – مهدي الساري ص:417، 462 والتهذيب 6/ 152.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الجدير بالذكر أن معنى المنكر الذي سبق ذكره آنفا لا يتناقض مع ما ورد عن الأئمة كأحمد ويحيى القطان والبرديجي، من إطلاق المنكر على التفرد، وإن كان ظاهر ذلك يوهم مطلق التفرد، حتى ولو كان المتفرد إماما؛ وذلك لأنهم لا يعتبرون الحديث منكرا إلا إذا أوقع ذلك التفرد في نفوسهم شيئا من الريبة (والله أعلم). فإن المنكر مردود لدى الجميع، ولم يعرف عن أحد من هؤلاء الأئمة أنه أطلق المنكر على الحديث الصحيح الغريب، ثم ضعفه، وإنما فقط إذا لم يعرف ذلك الحديث إلا عن شخص واحد وليس له أصل لا رواية ولا عملا. كما يتضح ذلك من الفقرات التالية:
يقول الحافظ أبو بكر البرديجي (رحمه الله تعالى): إن المنكر هو الذي يحدث به الرجل عن الصحابة أو عن التابعين عن الصحابة، لا يعرف ذلك الحديث – وهو متن الحديث – إلا من طريق الذي رواه فيكون منكرا (1).
ذكره البرديجي في سياق كلامه إذا انفرد شعبة أو سعيد بن أبي عروبة أو هشام الدستوائي بحديث عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن رجب الحنبلي: وهذا كالتصريح بأن كل ما ينفرد به ثقة عن ثقة ولا يعرف المتن من غير ذلك الطريق فهو منكر، كما قاله الإمام أحمد في حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع الولاء وهبته (2).
¥(12/492)
وقال أحمد في حديث مالك عن الزهري عن عائشة: إن الذين جمعوا الحج والعمرة طافوا حين قدموا لعمرتهم وطافوا لحجهم حين رجعوا من منى، قال: لم يقل هذا أحد إلا مالك، وقال: ما أظن مالكا إلا غلط فيه لم يجئ به أحد غيره، وقال مرة: لم يروه إلا مالك، ومالك ثقة (3).
وعلق عليه الحافظ ابن رجب بقوله: ولعل أحمد إنما استنكره لمخالفته للأحاديث في أن القارن يطوف طوافا واحدا (4).
__________
(1) – حكاه كثير من المتأخرين، انظر شرح ابن رجب الحنبلي ص: 252.
(2) – المصدر السابق ص:252.
(3) – شرح ابن رجب الحنبلي ص:253.
(4) – المصدر نفسه.
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام أحمد: قال لي يحيى بن سعيد: لا أعلم عبيد الله يعني ابن عمر أخطأ إلا في حديث واحد لنافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسافر امرأة فوق ثلاثة أيام …" فأنكره يحيى بن سعيد عليه، قال أحمد: فقال لي يحيى بن سعيد: فوجدته قد حدث به العمري الصغير عن نافع عن ابن عمر مثله، قال أحمد: لم يسمعه إلا من عبيد الله فلما بلغه عن العمري صححه (1).
وقال ابن رجب معلقا عليه: وهذا الكلام يدل على أن النكارة عند يحيى القطان لا تزول إلا بمعرفة الحديث من وجه آخر، وكلام أحمد قريب من ذلك (2).
قال عبد الله سألت أبي عن حسين بن علي الذي يروي حديث المواقيت؟ فقال: هو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت ليس بمنكر لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره (3).
والحق الذي أميل إليه أن الإمام أحمد ويحيى والبرديجي لا يستنكرون الحديث بمجرد تفرد ثقة من الثقات، وإنما يستنكرونه إذا لم يعرف ذلك المتن من مصادر أخرى، إما برواية ما يشهد له من معنى الحديث، أو بالعمل بمقتضاه، ومما يمكن الاستئناس به في هذا المجال قول الحافظ البرديجي نفسه:
إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حديثا لا يصاب إلا عند الرجل الواحد لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفا ولا يكون منكرا ولا معلولا، (4)
ويؤيده قول الإمام أحمد: شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها (5).
أما إطلاق المنكر على كل ما تفرد به ثقة عن ثقة فلا أظن أنه وقع ذلك في كلامهم، وإن كان بعض ما نقل عنهم يوهم خلاف ذلك، فإنه ينبغي حمله على أن ذلك على حدود معرفتهم لتفادي التناقض بين التصريح والعمل.
__________
(1) – من شرح العلل لابن رجب الحنبلي ص:254.
(2) – المصدر السابق.
(3) – من شرح العلل لابن رجب الحنبلي ص:254.
(4) – المصدر نفسه ص:253.
(5) – الكفاية ص: 172.
--------------------------------------------------------------------------------
كحديث عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني أصبت حدا فأقمه علي … الحديث، قال فيه الحافظ البرديجي:
" هذا عندي حديث منكر، وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم "
وقال أبو حاتم:" هذا حديث باطل بهذا الإسناد " (1).
وقال ابن رجب معلقا عليه: وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من هذا الوجه، وخرج مسلم معناه أيضا من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا شاهد لحديث أنس، ولعل أبا حاتم والبرديجي إنما أنكرا الحديث لأن عمرو بن عاصم ليس هو عندهما في محل من يحتمل تفرده بمثل هذا الإسناد، والله أعلم (2).
والذي أميل إليه أن ذلك الاستنكار إنما هو على حدود استحضارهما للحديث، لأنه إذا كان الحديث معروفا من جهة أخرى فليس بمنكر حسب تصريح الحافظ البرديجي حتى ولو كان الراوي المتفرد به من الشيوخ الذين هم دون مرتبة الثقات.
يقول البرديجي: فأما أحاديث قتادة التي يرويها الشيوخ مثل حماد بن سلمة وهمام وأبان والأوزاعي ينظر في الحديث فإن كان الحديث لا يحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أنس إلا من رواية هذا الذي ذكرت لك كان منكرا (3).
وحديث عمرو بن عاصم الذي أنكره البرديجي وأبو حاتم كان مرويا بمعناه من طريق أخرى، ولعل كلا منهما لم يستحضر هذا الحديث كشاهد. (والله أعلم)
خلاصة القول:
¥(12/493)
وعلى كل حال فإذا كان المنكر قد تباينت فيه الآراء، فإن تفسيره ينبغي أن يكون على منهج قائله، ولا ينبغي الخلط في التفسير، كأن يفسر المنكر الذي وقع في كلام النقاد بالمعنى الذي استقر عليه عند المتأخرين، أو بالعكس، وإلا فيكون بعيدا عن المنطق والإنصاف، وأما الترجيح بين الآراء المختلفة فلا فائدة فيه، لأنه لا مشاحة في الاصطلاح.
__________
(1) – شرح العلل لابن رجب ص: 253.
(2) – المصدر السابق.
(3) – شرح العلل لابن رجب ص:253.
--------------------------------------------------------------------------------
وكذلك الأمر بالنسبة إلى بقية المصطلحات المستخدمة في نقد الرواة ومروياتهم، تتباين فيها الآراء بين المتقدمين والمتأخرين. وقد وجدنا تخليطا وتلفيقا بين الآراء فيها في بحوث بعض المعاصرين حين فسروا كلام المتقدمين بتعريفات المتأخرين، فوقعوا بذلك في تحير وتناقض، بل فيهم من يخرج من المشكلة بجرأته على تخطئة المتقدمين.
وبعد الكلام حول الشاذ والمنكر ننظر في بعض الصور التي يتجسد فيها كل منهما، أو في بعض أسباب وقوع الراوي فيهما، وجاءت مصطلحات تغطي ذلك بوضوح؛ كالمقلوب، والمدرج، والمصحف.
المقلوب
يقع الشذوذ أو النكارة أو العلة عموما، في صور مختلفة، ولأسباب معينة، وتعرف كل منها بأسماء خاصة، ومن الضروري معرفة حقيقتها لكي تكون الصلة بين مسألة العلة وغيرها من المصطلحات واضحة وجلية من جميع الجوانب، وهذه المصطلحات كالآتي:
أولا: المقلوب، وهو أن يجعل الراوي حديثا لغير صاحبه، إما عمدا – كأن يقصد به الإغراب أو الامتحان – وإما وهما وخطأ.
فممن كان يفعل ذلك عمدا لقصد الإغراب حماد بن عمرو النصيبي، وهو من المذكورين بالوضع، ومن أحاديثه المقلوبة عمدا ما رواه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة (رضي الله تعالى عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدءوهم بالسلام … الحديث،
يقول العقيلي: هذا الحديث لا يعرف من حديث الأعمش، وإنما يعرف من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة (1).
فجعل حماد بن عمرو حديث سهيل بن أبي صالح للأعمش ليغرب به ويرغب الناس إليه، فظهرت النكارة أو العلة في صورة القلب.
وممن كان يفعل ذلك لقصد اختبار حفظ الراوي شعبة، فإذا قلب على محدث أحاديثه ينظر فإن وافقه على الحديث المقلوب علم أنه غير حافظ، وإن خالفه تبين أنه ضابط متقن.
__________
(1) – الضعفاء الكبير 1/ 308 وأخرجه مسلم من طريق سهيل به في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب … 14/ 148.
--------------------------------------------------------------------------------
وأما من وقع منه القلب دون تعمد ففيهم الثقات والضعفاء، ويوجد بيان ما وقع لهم من ذلك في كتب العلل وكتب الضعفاء والسؤالات.
الأمثلة:
روى إسحاق بن عيسى الطباع عن جرير بن حازم عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني " (1).
ورواه بلفظه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق متعددة تدور كلها على يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. (2)
ولعل الباحث المستعجل يفهم منه أن الحديث صحيح من الطريقين جميعا، إذ إن الإسناد الأول ظاهره سليم، ويوحي بصحته، ولا يظهر للناظر فيه صلة بينه وبين الإسناد الثاني حتى يقوم بالمقارنة بينهما.
لكن الواقع شيء آخر فإن الإسناد الأول أخطأ فيه جرير بن حازم، رغم كونه من ثقات المسلمين – على حد تعبير الحافظ ابن عدي -، والحديث غير ثابت عن أنس ولا عن ثابت عنه أصلا، إذ لم يروه أحد من أصحاب ثابت عنه إلا جرير، ولا شك أن تفرده عنه بما لا يعرفه أصحابه يشكل نقطة استفهام حول مدى صحة روايته وضبطه.
فلما كان هذا الحديث عند الثقات من معاصري جرير، مشهورا عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه تبين أن ما رواه جرير مقلوب، وكان عليه أن يرويه كما يروي غيره من معاصريه.
__________
(1) – البخاري في كتاب الأذان، باب: متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة 2/ 119 وأماكن أخرى منه (الفتح) ومسلم في المساجد باب: متى يقوم الناس للصلاة 5/ 101 (شرح النووي).
¥(12/494)
(2) - البخاري في الأذان، باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة 2/ 119، وأماكن أخرى منه (الفتح)، ومسلم في المساجد، باب متى يقوم الناس للصلاة 5/ 101 (شرح النووي)
--------------------------------------------------------------------------------
ثم وجدنا عند إسحاق بن عيسى الطباع ما يؤكده وهو يقول: حدثت حماد بن زيد بحديث جرير بن حازم عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني " فأنكره، وقال: إنما سمعه من حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت وظن أنه سمعه من ثابت (1).
ويحكيه ابن عدي بسياق آخر أكثر وضوحا ويقول:
’’وعن حماد بن زياد: كنا جلوسا يوما، ومعنا حجاج الصواف، ومعنا جرير بن حازم وثابت البناني، فحدث حجاج بحديث عبد الله بن أبي قتادة هذا الحديث، فاحتمل أبو النضر (يعني جرير) الحديث عن ثابت‘‘ (2).
وتوضيح ذلك: أنه حين سمع جرير وزملاؤه من ثابت أحاديثه، جاءت مناسبة دعت حجاجا الصواف أحد حاضري المجلس، أن يفيد شيخهم، وهو ثابت، بهذا الحديث، فحدث به في مجلس ثابت، فظن جرير فيما بعد أن هذا الحديث من جملة ما سمعه من ثابت من الأحاديث، فرواه عنه دون أن يشعر بأنه قد انقلب عليه الحديث.
والواقع أن هذا الحديث سمعه من زميله حجاج في مجلس ثابت، وهذا ما قاله حماد بن زيد: ’’ إنما سمعه من حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت وظن أنه سمعه من ثابت‘‘. وينبغي أن يلفت انتباهنا هذا الحادث إلى طبيعة القرائن التي يعتمدها النقاد عادة في التعليل والتصحيح.
فاتضح لنا جليا شذوذ رواية جرير لهذا الحديث، أو نكارته أو علته في صورة القلب.
وقال الحافظ ابن حجر: كل مقلوب لا يخرج عن كونه معللا أو شاذا، لأنه إنما يظهر أمره بجمع الطرق واعتبار بعضها ببعض ومعرفة من يوافق ممن يخالف (3).
المثال الثاني:
__________
(1) – حكاه العقيلي في الضعفاء 1/ 198 - 199 وابن عدي في الكامل 1/ 551، وابن الصلاح في مقدمته ص:135 (مع التقييد والإيضاح).
(2) - الكامل 2/ 127
(3) – النكت 2/ 874.
--------------------------------------------------------------------------------
وروى ابن حبان في صحيحه من طريق مصعب بن المقدام عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر (رضي الله عنه) قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمس الرجل ذكره بيمينه (1).
قال أبو حاتم وأبو زرعة: هذا خطأ، إنما هو الثوري عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، والوهم من مصعب بن المقدام (2).
المثال الثالث:
وروى البيهقي من طريق يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن منصور عن مقسم عن ابن عباس – (رضي الله عنه) قال:ساق النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل (3).
قال أبو زرعة: هذا خطأ إنما هو " الثورى عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس "رضي الله عنهما، فالخطأ فيه من يعلى بن عبيد (4).
فهذه الأمثلة للأسانيد المقلوبة من غير تعمد من رواتها، ويمكن التعبير عنها بتداخل الأسانيد، أو بتداخل الأحاديث على الراوي، وكتب العلل وتراجم الضعفاء، كالضعفاء الكبير للعقيلي والكامل لابن عدي تزخر بأمثلتها، وأما المثال لوقوع القلب في المتن فهو:
ما رواه ابن خزيمة من حديث عائشة (رضي الله عنها) قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، وكان بلال لا يؤذن حتى يرى الفجر.
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن ابن دقيق العيد: هذا مقلوب والصحيح من حديث عائشة ’’ ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت، كما رواه الإمام البخاري ومسلم وغيرهما (5).
__________
(1) – ذكره الحافظ في النكت 2/ 874.
(2) – العلل1/ 22.
(3) – في سننه 5/ 230.
(4) – المصدر نفسه ص:253.
(5) – البخاري في كتاب الأذان باب الأذان قبل الفجر 2/ 104، ومسلم في كتاب الصيام باب صفة الفجر …7/ 202 – 206 عن ابن عمر وابن مسعود وسمرة بن جندب. (شرح النووي) وانظر النكت 2/ 879.
¥(12/495)
--------------------------------------------------------------------------------
غير أن ابن خزيمة وابن حبان تأولا تعارض الحديث بأنه نوبة بين بلال وابن أم مكتوم، بدون أن يذكرا من الروايات ما يعضد هذا التأويل، ولذا يكون صنيع الإمامين في الجمع بين الحديثين المختلفين غير مسلم لدى كثير من المتأخرين، لا سيما ومخرج الحديث واحد. (1)
وعلى كل حال فالذي وقع فيه القلب من جهة الراوي يعد معلولا يعني أنه حديث فيه خطأ.
يقول الحافظ ابن حجر (رحمه الله): فإن قيل إذا كان الراوي ثقة فلم لا يجوز أن يكون للحديث إسنادان عند شيخه حدث بأحدهما مرة وبالآخر مرة؟ قلنا: هذا التجويز لا ننكره، لكن مبنى هذا العلم على غلبة الظن، وللحفاظ طريق معروفة في الرجوع إلى القرائن في مثل هذا، وإنما يعول في ذلك على النقاد المطلعين منهم، ولهذا كان كثير منهم يرجعون عن الغلط إذا نبهوا عليه (2).
المدرج
المدرج: هو الحديث الذي أدرج فيه الراوي ما ليس منه سواء أكان من كلام الراوي أم من حديث آخر مرفوع، من غير أن يفصل بينهما بحيث يتوهم أنه طرف من الحديث الذي رواه.
فالمدرج نوع من أنواع المعلول لأن الإدراج خطأ، ولا يعرف خطأ الإدراج في الحديث إلا بالجمع والمقارنة والحفظ والمعرفة، إضافة إلى رصيد معتبر من الخلفيات الحديثية.
فإذا وجدت الروايات الأخرى الصحيحة متفقة على فصل القدر المدرج عن بقية الحديث، أو على تركه وإسقاطه منه، أو على تصريح الصحابي بأنه لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو على تصريح الراوي الذي المدار عليه بأنه لم يسمعه من شيخه، أو استحالة إضافته إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك من القرائن التي تدل على أن ذلك القدر من الحديث مدرج فيه فيحكم بالإدراج وخطإ الراوي ووهمه في جعله طرفا منه.
__________
(1) – ذكره الحافظ ابن حجر في النكت 2/ 879.
(2) – النكت 2/ 875.
--------------------------------------------------------------------------------
ويقع الإدراج تارة في المتن وتارة في الإسناد، فأما الذي في المتن فتارة يدرج الراوي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من كلام غيره مع الإيهام بأنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو على ثلاثة أنواع باعتبار موقعه في المتن:
أحدها: أن يكون ذلك في أول المتن، وهو نادر جدا، مثاله ما رواه الخطيب بإسناده من طريق أبي قطن وشبابة بن سوار عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار ".
وحين نقوم بتتبع طرق هذا الحديث مع مقارنة بعضها ببعض نجد معظم هذه الطرق متفقة على أن جملة (أسبغوا الوضوء) من كلام أبي هريرة.
يقول الخطيب في هذا الصدد: ’’وهم أبو قطن وشبابة بن سوار في روايتهما هذا الحديث عن شعبة على ما سقناه، وذلك أن قوله: (أسبغوا الوضوء) كلام أبي هريرة، وقوله: (ويل للأعقاب من النار) من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه جمع كثير من الثقات عن شعبة وجعلوا الكلام الأول من قول أبي هريرة، والكلام الثاني مرفوعا، كما رواه البخاري من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: (ويل للأعقاب من النار) (1).
__________
(1) – نقلته من التقييد والإيضاح ص:128.
--------------------------------------------------------------------------------
فطرف الحديث الأول مقحم في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أقحمه فيه أبو قطن وشبابة، وجعلاه مرفوعا فيه، ولم يدل على ذلك إلا مخالفتهما لجميع الثقات الذين رووا هذا الحديث عن شعبة، فبهذا أصبح معلولا، ورفعه في حديث أبي هريرة غير محفوظ، وربما اشتبه عليهما لكون هذه الجملة جاءت صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية غير أبي هريرة. ومثل هذا يؤدي إلى وقوع تداخل بين الأحاديث إذا لم يكن راويها عند أدائها في دقة مطلوبة، ويقظة تامة، وبإمكان الراوي أن يتفادى مثل هذا التداخل إذا قام بالتحضير قبل التحديث.
¥(12/496)
ثانيا: أن يكون الإدراج في آخر الحديث، وهو الأكثر ومثاله: ما رواه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله فعلمه التشهد في الصلاة … وفي آخره: إذا قلت هذا، أو قضيت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد. (1)
يقول الدار قطني: الجملة الأخيرة أدرجها بعضهم عن زهير في الحديث ووصلها بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وفصله شبابة عن زهير وجعلها من كلام عبد الله بن مسعود، وقوله أشبه بالصواب من قول من أدرجها في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. (2)
__________
(1) – في كتاب الصلاة باب التشهد 1/ 153 والدارقطني كذلك في باب صفة الجلوس للتشهد وبين السجدتين 1/ 352 – 353.
(2) – سنن الدارقطني 1/ 353.
--------------------------------------------------------------------------------
ومما ينبغي فهمه في هذا الصدد أن مجرد المخالفة لا يعني علة في الحديث، وإنما لقرينة تنبه العالم بهذا الشأن أن هذه المخالفة إنما جاءت لخطأ وقع من الراوي المخالف، والقرينة في مثل هذا تتمثل في سلوك الجادة، فإن الجادة هي أن يسوق الحديث في مساق واحد، وهو عادة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا وجدنا الراوي يقوم بالفصل بين القدر المرفوع والقدر الموقوف فذلك دليل على يقظة ذلك الراوي، بخلاف من خلط بينهما، ولا ينقدح ذلك إلا في ذهن من مارس هذا الفن حق الممارسة. والله أعلم
ومثال آخر: مارواه الدار قطني من طريق بشر بن عمر حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر يقول: طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها إن شاء، قال فقال عمر: يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم (1).
قوله: (فقال عمر يا رسول الله …) إلى آخره مدرج، لم يرفعه إلا بشر بن عمر، وهو خطأ ووهم، والصواب أن الاستفهام جاء من طرف ابن سيرين، والجواب إنما هو من ابن عمر رضي الله عنهما. بين ذلك محمد بن جعفر ويحيى بن سعيد القطان والنضر بن شميل وخالد بن الحارث وبهز بن أسد وسليمان بن حرب في روايتهم عن شعبة، وحديث بعضهم في الصحيحين (2).
ثالثا: أن يكون الإدراج في الوسط، وهو قليل الوقوع.
مثاله:ما رواه الدارقطني في سننه من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من مس ذكره أو أنثييه أو رفغه فليتوضأ).
__________
(1) – المصدر نفسه في كتاب الطلاق 4/ 5 - 6.
(2) – انظر النكت 2/ 815 - 816.
--------------------------------------------------------------------------------
وقال الدارقطني: كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهم في ذكر (الأنثيين والرفغ) وإدراجه ذلك في حديث بسرة، والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع، هكذا رواه الثقات عن هشام مفصولا بين المرفوع والموقوف (1).
وأما مدرج الإسناد فهو على أقسام، أحدها أن يكون المتن مختلف الإسناد بالنسبة إلى أفراد رواته، فيرويه راو واحد منهم فيحمل بعض رواياتهم على بعض ولا يميز بينها، فيدرج ما روي مرسلا في الموصول، وما رواه منقطعا في المسند المتصل، وما رواه موقوفا في المرفوع، وله أمثلة:
منها ما رواه عثمان بن عمر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي، وعبد الله بن حلام عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت سودة (رضي الله عنها) فإذا امرأة على الطريق قد تشوفت، ترجو أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم …الحديث، وفي هذا الحديث (إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله، فإن معها مثل الذي معها) اهـ (2).
¥(12/497)
يقول الحافظ: فظاهر هذا السياق يوهم أن أبا إسحاق رواه عن أبي عبد الرحمن وعبد الله بن حلام جميعا عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) وليس كذلك، وإنما رواه أبو إسحاق عن أبي عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وعن أبي إسحاق عن عبد الله بن حلام عن ابن مسعود (رضي الله تعالى عنه) متصلا، بينه عبيد الله بن موسى وقبيصة ومعاوية بن هشام عن الثوري متصلا (3).
__________
(1) – في سننه – كتاب الطهارة باب ما روي في لمس القبل والدبر –100/ 148.
(2) – من النكت 2/ 833، وقد أورد ابن أبي حاتم حديث إسرائيل هذا مختصرا في العلل 1/ 394 ليبين خطأ إسرائيل في رفعه: إذا رأى أحدكم …
(3) – النكت 2/ 833.
--------------------------------------------------------------------------------
فحديث إسرائيل معلول بإدراج المرسل في الموصول، أو بإدراج الموقوف في المرفوع، إذ إن جملة (إذا رأى أحدكم امرأة …) لم يرفعها سفيان، بل وقفها على ابن مسعود، على ما رجحه أبو حاتم في العلل (1).
يعني بذلك أن أبا إسحاق رواها موقوفة، وجاء إسرائيل ليدرجها من غير شعور بذلك في المرفوع بحيث يتوهم أنها مرفوعة أيضا عند أبي إسحاق. ويمكن أن نسمي هذا النوع من الإدراج تلفيقا بين الروايات سندا ومتنا. وقد عرف بهذا النوع من التلفيق المفسرون وأصحاب السير والتاريخ، كما عرف به كثير من الضعفاء، وبعض من الثقات.
ثانيها: أن يكون المتن عند الراوي له بالإسناد إلا طرفا منه فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه بعضهم عنه تاما بالإسناد الأول.
مثاله: حديث رواه سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا … " الحديث (2).
فقوله: "لا تنافسوا " أدرجه سعيد بن أبي مريم من حديث آخر رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، فحديث مالك مختلف الإسناد، فرواه سعيد بن أبي مريم عنه مدرجا بعضه في بعض بدون أن يبين ذلك.
هذا المثال يذكر في كتب المصطلح للإدراج في السند، وليس الأمر كذلك وإنما هو مثال للإدراج في المتن.
ثالثها: أن يكون المتن عند الراوي إلا طرفا منه فإنه لم يسمعه من شيخه، وإنما سمعه من واسطة بينه وبين شيخه فيدرجه بعض الرواة في حديث ذلك الشيخ، فكأنه سمعه كله منه.
مثاله: حديث إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس رضي الله عنه في قصة العرنيين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: " لو خرجتم إلى إبلنا فشربتم من ألبانها وأبوالها " (3).
__________
(1) – 1/ 394.
(2) – انظر فتح الباري 1/ 484.
(3) – أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حميد عن أنس بن مالك 7/ 96.
--------------------------------------------------------------------------------
ولفظة:" وأبوالها " إنما سمعها حميد من قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه، بينه يزيد بن هارون ومحمد بن أبي عدي ومروان بن معاوية وآخرون، كلهم يقولون:"فشربتم من ألبانها " قال حميد:قال قتادة عن أنس: "وأبوالها " فرواية إسماعيل على هذا فيها إدراج وتدليس تسوية (1).
رابعها: أن لا يذكر المحدث متن الحديث بل يسوق إسناده فقط ثم يقطعه قاطع فيذكر كلاما، فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد.
مثاله ما رواه ابن ماجه وغيره عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار (2).
يقول الحافظ الخليلي: وقع لشيخ زاهد ثقة بالكوفة يقال له ثابت بن موسى، دخل على شريك بن عبد الله القاضي فكان يقرأ عليه حديث عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بصر به ورأى عليه أثر الخشوع قال: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار.
فظن ثابت أن ما تكلم به شريك من قبل نفسه هو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد، فرواه عن شريك بعده وسمعه منه الكبار، وسرقه جماعة من الضعفاء فرووه عن شريك، وصار هذا حديثا كان يسأل عنه، والأصل فيه ما شرحناه (3).
المصحَّف
__________
(1) – من النكت 2/ 834 - 835، وسنن النسائي 7/ 95 - 98.
(2) – في سننه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في قيام الليل 1/ 422.
¥(12/498)
(3) – الإرشاد1/ 170، وذكر نحوه الحافظ ابن عدي في الكلام 2/ 526 وساق الحديث من رواية السراق في 2/ 753 و 6/ 2305، 2347، وهي رواية العدوي عن الحسن بن علي بن راشد حدثنا شريك به، ورواية محمد بن أحمد بن سهل حدثنا زكريا بن يحيى بن صبيح عن شريك به، ورواية موسى بن محمد بن عطاء عن شريك به.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الصنعاني: قد كان المتقدمون يطلقون المصحف والمحرف جميعا على شيء واحد، وعلى إطلاقهم اعتبرهما ابن الصلاح ومن تابعه فنا واحدا، ولكن الحافظ ابن حجر رحمه الله جعلهما شيئين وقد تبعه السيوطي رحمه الله على ذلك.
ومنشأ التسمية بالمصحف أن قوما كانوا قد أخذوا العلم عن الصحف والكتب، ولم يأخذوه من أفواه العلماء، وأنت خبير بأن الكتابة العربية قد كانت تكتب عهدا طويلا من غير إعجام للحروف ولا عناية بالتفرقة بين المشتبه منها، لهذا وقع هؤلاء في الخطأ عند القراءة، فكانوا يسمونهم الصحفيين أي الذين يقرؤون في الصحف، ثم شاع هذا الاستعمال حتى اشتقوا منه فعلا فقالوا صحف أي قرأ الصحف، ثم كثر ذلك على ألسنتهم، فقالوا لمن أخطأ قد صحف، أي فعل مثل ما يفعل قراء الصحف اهـ (1).
اختلف العلماء في تعريف التصحيف والتحريف، غير أن المعنى المشترك بينهما – وهو التغيير في الكلمة الصحيحة – يتبلور في أقوالهم المختلفة.
قيل: التصحيف هو تغيير في نقط الحروف أو حركاتها مع بقاء صورة الخط، مثل "قحمة "، " فخمة "، والتحريف هو العدول بالشيء عن جهته، وحرف الكلام تحريفا أي عدل به عن جهته، وهو قد يكون بالزيادة فيه، أو النقص منه، أو بتبديل بعض كلماته، أو بحمله على غير المراد منه، فالتحريف أعم من التصحيف.
وخص الأدباء التصحيف بتبديل الكلمة بكلمة أخرى تشابهها في الخط وتخالفها في النقط، كتبديل "العذل" بـ "العدل" والتحريف بتبديل الكلمة بكلمة أخرى تشابهها في الخط والنقط وتخالفها في الحركات، كتبديل "الخَلق" بـ"الخُلق" (2).
فالمصحف نوع من المعلول، لأن الذي صحفه الراوي لا يكون إلا خطأ، وبذلك أصبح مخالفا للواقع، أو متفردا بما لا أصل له، ولا يظهر ذلك إلا من خلال الجمع والمقارنة.
ويقع التصحيف في الإسناد تارة وفي المتن تارة أخرى.
__________
(1) – توضيح الأفكار 2/ 419 - 420.
(2) – انظر توجيه النظر ص:365 وما بعدها.
--------------------------------------------------------------------------------
وكثيرا ما يقع التصحيف ممن يأخذ الحديث من الصحيفة دون سماعها من راويها أو القراءة عليه، ولهذا لم يقبلوا ممن يحدث منها ما لم يسمع من صاحبها، كعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأبي الزبير عن جابر.
يقول الحافظ الذهبي: وأما تعليل بعضهم بأنها صحيفة وروايتها وجادة بلا سماع فمن جهة أن الصحف يدخل في روايتها التصحيف، لا سيما في ذلك العصر، إذ لا شكل بعد في الصحف ولا نقط بخلاف الأخذ من أفواه الرجال (1).
أما التصحيف في الإسناد فمن أمثلته ما صحفه يحيى بن معين في حديث شعبة عن العوام بن مراجم –بالراء والجيم – عن أبي عثمان النهدي عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق إلى أهلها … الحديث، إذ قال ابن معين في الإسناد "ابن مزاحم " – بالزاي والحاء – وإنما هو"ابن مراجم " (2).
ومنها ما رواه شعبة عن مالك بن عرفطة عن عبد خير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت، قال الإمام أحمد: صحف شعبة فيه فإنما هو خالد بن علقمة (3).
ومنها حديث عاصم الأحول رواه بعضهم فقال: عن واصل الأحدب.
يقول الدار قطني: هذا من تصحيف السمع، لا من تصحيف البصر، كتصحيف شيبان بسفيان، وشعبة بسعيد، وبسر ببشر (4).
أما في المتن فكحديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد بخوصة أو حصير يصلي فيها، فرواه ابن لهيعة وصحف فيه، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد، وقيل له: مسجد في بيته؟ قال: مسجد الرسول.
__________
(1) – سير أعلام النبلاء 5/ 174.
(2) – مقدمة ابن الصلاح ص:228 (مع التقييد والإيضاح).
(3) - مقدمة ابن الصلاح ص:282 (مع التقييد والإيضاح).
(4) – توجيه النظر ص:365.
¥(12/499)
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الإمام مسلم: وهذه رواية فاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعا، إنما وقع في الخطأ من هذه الرواية أنه أخذ الحديث من كتاب موسى بن عقبة إليه فيما ذكر، وهي الآفة التي نخشى على من أخذ الحديث من الكتب من غير سماع من المحدث أو عرض عليه (1).
ومن الجدير بالذكر أن هذه الأنواع المذكورة – المقلوب والمدرج، والمصحف – إنما هي في حالة ما إذا ترجح وجه من الوجوه المختلفة، فيكون المرجوح إما مقلوبا أو مدرجا أو مصحفا، لكن النقاد قليلا ما يسمونه بهذه الأسماء، وكثيرا ما يطلقون عليه الخطأ أو الوهم أو غير محفوظ أو لا يصح أو غريب أو منكر.
وأما إذا لم يترجح شيء منها ولم يجمع بينها على طريقة المحدثين النقاد فيقال: هذا حديث مضطرب، وها نحن الآن نفصله في الفقرات التالية.
المضطرب
المضطرب هو الحديث الذي تختلف فيه الرواة مع اتحاد مصدرهم، ولم يستقم التوفيق بينهم ولا الترجيح على طريقة المحدثين النقاد، وإن كان ذلك ممكنا على التجويز العقلي المجرد، وأما إذا كان مصدر الروايات متعددا، أو أمكن التوفيق بينها أو ترجيح رواية من الروايات المختلفة على القواعد النقدية الحديثية فلا يعد الحديث مضطربا.
وإن كانت أمثلة الترجيح قد سبق ذكرها في ضمن مصطلحات العلة، وأمثلة الاضطراب سيأتي ذكرها قريبا، فإن صورة الجمع بين الروايات المختلفة وأمثلتها بحاجة إلى معرفتها في هذه المناسبة حتى يكون منهج المحدثين في معالجة ظاهرة الاختلاف في رواية الحديث واضحا بجميع جوانبها وأبعادها.
وأما مثال الجمع بين الروايات المختلفة فحديث: أفطر الحاجم والمحجوم الذي رواه جماعة من الرواة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس، وخالفهم بعض الرواة فرووه عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان (2).
__________
(1) – التمييز ص:139 - 140.
(2) – انظر سنن أبي داود –كتاب الصوم، باب في الصائم يحتجم 1/ 372 وإرواء الغليل 4/ 65 - 71.
--------------------------------------------------------------------------------
هذا الاختلاف الذي ظهر بين الرواة عن شيخهم أبي قلابة مما يجعل الناقد يتأمل فيه، ويبحث عما قاله أبو قلابة: فهل قال عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس؟ أو عن أبي أسماء عن ثوبان؟ أو رواه هكذا مرة وهكذا أخرى.
وعلى الرغم من وجود الاختلاف في حديث أبي قلابة فإن النقاد لم يحكموا عليه بالاضطراب، بل حكموا بصحته على الوجهين، وذلك لقرينة تدل على أنه حدث بهما جميعا.
يقول الإمام الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث فصححه فقلت: وكيف ما فيه من اضطراب؟ فقال:كلاهما عندي صحيح، لأن يحيى بن أبي كثير روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان وعن أبي الأشعث عن شداد بن أوس، روى الحديثين جميعا. وهكذا ذكروا عن علي بن المديني أنه قال: حديث شداد بن أوس وثوبان صحيحان (1).
ورواية يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة على الوجهين جميعا تعتبر قرينة قوية، على أن أبا قلابة قد حدث بهما، والجمع بين الوجوه المختلفة بناء على القرائن هو طريقة المحدثين النقاد، وليس ذلك على التجويز العقلي، ولم يشر أحد من الأئمة النقاد إلى ذلك عند تصحيح الروايتين عن أبي قلابة.
ويمكن لنا أن نستخلص أن الاضطراب ينتفي عن الحديث إذا تم الجمع بين الوجوه المختلفة أو ترجيح وجه منها على طريقة النقاد، كما أنه لا يعد كل اختلاف اضطرابا، وأن شروط الاضطراب هي: الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية التوفيق بين الوجوه المختلفة، ولا الترجيح على منهج النقاد، وإن كان ممكنا على التجويز العقلي.
وقد يقع الاضطراب من راو واحد، أو من رواة، لخلل طرأ لأحدهم في ضبط ذلك الشيء المضطرب فيه وحفظه، ولذا أصبح المضطرب نوعا من المعلول، وأنت تعرف أن الحديث المضطرب لا يخلو من وجود خطأ فيه، بيد أن هذا الخطأ لا يدرى بالتحديد، وإلا يكون الحديث صحيحا من جيع الوجوه الواردة في روايته، ولا يعرف هذا الاضطراب إلا بالجمع والمقارنة.
__________
(1) – العلل الكبير للترمذي 1/ 360 - 364.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(12/500)
وقد يكون الاضطراب في الإسناد، وقد يكون في المتن، وقد يكون فيهما جميعا، وما وقع فيه الاضطراب لا يصح، وإن لم يؤثر في صحة غيره من السند والمتن.
مثلا إذا اختلف الرواة حول شيخهم، واضطربوا في اسمه، فذكر بعضهم شخصا، والآخرون شخصا غيره، وكلاهما ثقة، فإن هذا النوع من الاضطراب يقدح فقط في ثبوت شخص بعينه، بدون أن يؤثر ذلك في صحة المتن، لأنه أيا كان هذا الشيخ فالمتن دائر على رواية ثقة، وأما إن كان الاختلاف حول ثقة وضعيف فإنه قادح في تعيين الراوي؛ هل هو هذا الثقة أو ذلك الضعيف، كما أنه يقدح في المتن، لأنه إذا كان راويه ضعيفا، فالحديث يكون حينئذ مما تفرد به الضعيف.
وكحديث أبي حازم عن سهل بن سعد (رضي الله عنه) قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت لك نفسي، فقال رجل: زوجنيها، قال:قد زوجناكها بما معك من القرآن (1).
واختلف الرواة على أبي حازم؛ فقال مالك وجماعة: فقد زوجناكها
وقال ابن عيينة: أنكحتكها،
وقال ابن أبي حازم ويعقوب بن عبد الرحمن: ملكتكها،
وقال الثوري:أملكتكها،
وقال أبو غسان:أمكناكها (2).
فصيغة العقد اضطرب فيها الرواة على أبي حازم، فذلك مما يقدح في تحديد الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الألفاظ، دون أن يؤثر ذلك في صحة المتن عموما، ولهذا رواه البخاري في مواضع من الصحيح معتمدا على ما لم يختلف فيه الرواة، كما هو ظاهر من أبواب الحديث.
__________
(1) – رواه البخاري في الوكالة باب وكالة المرأة في النكاح 4/ 486 (من فتح الباري) ومواضع أخرى، انظر أرقام الحديث فيه 5030، 5087،5121،5126،5132،5135،5141،5149،5150.
(2) – هذا الحديث أورده الحافظ ابن حجر في نكته 2/ 808 مثالا للاضطراب، لكن فيه نظر لأنه يمكن الترجيح لقول الإمام مالك وجماعة مثل حماد بن زيد وفضل بن سليمان وزائدة بن قدامة وسفيان الثوري لكثرتهم وإمامتهم.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الحافظ ابن حجر: فالمقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه الألفاظ كلها في مرة واحدة تلك الساعة، فلم يبق إلا أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفظا منها، وعبر عنه بقية الرواية بالمعنى (والله أعلم) اهـ (1).
وبهذا ينتهي الكلام عن المخالفة وما يترتب عليها من مسائل ومصطلحات وصلة كل منها بالعلل وبقى لنا الكلام عن التفرد الذي تعرف به العلة.
مسألة التفرد
وإن كان التفرد له صلة وثيقة بما سبق من الأنواع والمصطلحات المنبثقة من المخالفة، فإنه بحاجة ملحة إلى إفراده بالبحث، نظرا لكونه موضع غموض كثيف، حتى جاء الإمام الحاكم ليقول ’’الشاذ غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته، أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم، فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل بمتابع لذلك الثقة‘‘.
وفسر الحافظ ابن حجر ذلك بقوله:
’’وهو على هذا أدق من المعلول بكثير، فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة وكان في الذروة العليا من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة ورزقه الله نهاية الملكة، وأسقط الزين العراقي من قول الحاكم قيدا لا بد منه، وهو أنه قال: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك‘‘ (2).
وهذا القيد – وإن لم يصرح به الحاكم – فإنه يفهم من سياق كلامه، والأمثلة التي ساقها للحديث الشاذ.
__________
(1) – النكت 2/ 809 –810.
(2) – نقله الصنعاني في توضيح الأفكار 1/ 379.
--------------------------------------------------------------------------------
كما فسره السخاوي بقوله: والشاذ لم يوقف له على علة، وهذا يشعر باشتراك هذا مع ذاك (يعني المعلول) في كونه ينقدح في نفس الناقد أنه غلط، وقد تقصر عبارته عن إقامة الحجة على دعواه، وأنه من أغمض الأنواع وأدقها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله الفهم الثاقب والحفظ الواسع والمعرفة التامة بمراتب الرواة والملكة القوية بالأسانيد والمتون، وهو كذلك، بل الشاذ أدق من المعلل بكثير اهـ (1).
¥(13/1)
وقد قال الحاكم في الشاذ، إنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل بمتابع لذلك الثقة‘‘، وعلى الرغم من وضوح كلامه أي إن المقصود بالتفرد في معنى الشاذ ليس على إطلاقه، وإنما المقصود به ما ليس له أصل.
وبناء على هذه النصوص التي تجمع على أن التعليل بالتفرد ليس في متناول الجميع، وإنما يحتاج إلى الملكة القوية، والنظر الثاقب، والاطلاع الواسع، فإن إثارة هذا الموضوع إنما هي لتوعية الباحثين المعاصرين بضرورة احترام النقاد في تعليلهم للحديث بالتفرد، وتسليم الأمر لهم دون توقف، ولا تعقيب بأنه لا يدري سبب التعليل، والحديث صحيح للغاية.
وقد سبق عن ابن الصلاح قوله في هذا الصدد، وهذا نصه:
’’ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك، تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه ذلك، فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه. وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه‘‘ (2).
__________
(1) – فتح المغيث 1/ 232 (تحقيق الشيخ علي حسن علي، ط: إدارة البحوث الإسلامية – الهند، سنة 1407 ().
(2) - ابن الصلاح، علوم الحديث (المشهور بمقدمة ابن الصلاح) ص: 90
--------------------------------------------------------------------------------
ولعل مما يلفت النظر إلى أهميتها عند نقاد الحديث ظهور التصنيفات الخاصة بذكر الغرائب والأفراد، فقد ألف الإمام الدار قطني عدة كتب فيها، كـ "الأفراد"، و"الفوائد المنتخبة"، و"غرائب مالك"، وكذا الطبراني ألف كتابه المعجم الأوسط لذكر الأفراد وكذا كتابه المعجم الصغير،
وهذا الإمام البخاري قد اهتم بهذا الموضوع في كتابه التاريخ الكبير، كما اهتم به الحافظ ابن عدي والعقيلي وأبو نعيم في كتبهم: الكامل، والضعفاء الكبير وحلية الأولياء، وكذا الإمام البزار في مسنده المعلل، بل أصبح التفرد موضوعا عاما يولي له عناية بالغة كل من يؤلف تواريخ الرواة المحليين، كابن عساكر والخطيب البغدادي، وغيرهما من الأئمة، ولذا نراهم يوردون في تراجم الرواة ما تفردوا به من الغرائب، كما أن هناك كتبا كثيرة بعنوان "الفوائد" وهي مخصصة لبيان الغرائب.
ومسألة التفرد ينبغي أن نقرأها في نصوص النقاد وتطبيقاتهم العملية، لمعرفة أحوالها المختلفة، ولبناء تصور صحيح راسخ حول حقيقة هذه المسألة التي لا تخضع لضابط محدد، وقانون كلي، ولا تكفي قراءتها في كتب المتأخرين قراءة عابرة وفما يلي بيان تفاوت أحوال التفرد:
حالات التفرد المتفاوتة
بتتبع صنيع النقاد في تطبيقاتهم العملية، ونصوصهم الواردة في معالجة التفرد يتبين بجلاء أن التفرد له أحوال مختلفة وأحكام متفاوتة، ومن أخذ الحكم بقبول تفرد الثقة، ورفض تفرد الضعيف، كضابط كلي، يطبق في كل حديث يتفرد به ثقة أو ضعيف، دون التفريق بين حالاته المختلفة فقد انزلق انزلاقا خطيرا، وابتعد عن منهج المحدثين النقاد.
--------------------------------------------------------------------------------
وكان ينبغي أن نبني المعلومات حول هذه المسألة وأبعادها النقدية على تتبع مباشر لكلام النقاد، وصنيعهم في معالجتها، أو جمع ما تناثر في تضاعيف كتب المصطلح مما له صلة بمسألة التفرد من نصوص الأئمة السابقين، دون اختطاف بعضها من موطن واحد، ولذا فإن الكثيرين من الباحثين الجدد ممن اختطفوا من كتب المصطلح فكرة قاصرة حول مسألة التفرد يطلقون القول بقبول ما تفرد به الثقة، ورد ما انفرد به الضعيف، بدون استثناء بعض الحالات التي تجعل مفاريد الثقة غير مقبولة حتى ولو كان المتفرد إماما.
يقول الإمام أبو داود: أحاديث السنن مشاهير، ولا يحتج بالغريب، والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس، والفخر بها أنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب، ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم، ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه، ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريبا شاذا، فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد. وقال إبراهيم النخعي كانوا يكرهون الغريب من الحديث. (1)
¥(13/2)
ويقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه:"إنه لايتابع عليه" ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه، كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضا، ولهم في كل حديث نقد خاص وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه (2).
__________
(1) - رسالة أبي داود، 1/ 29
(2) – شرح العلل ص: 208
--------------------------------------------------------------------------------
فهذا فهم دقيق وتحقيق نفيس يوحي بسعة الاطلاع وطول الممارسة لكلام النقاد بحيث يجعل الحافظ ابن رجب يقف على حقيقة منهج النقاد ودقتهم في التصحيح والتعليل، لم لا يتبنه إخواننا الباحثون إلى مثل هذا التحقيق؟ ولم يتهمون من ينبههم إلى ذلك بالبدعة وعدم استقامة المنهج؟ والله المستعان.
ونقرأ أيضا للإمام أحمد ما يشير إلى حقيقة التفرد حين قال: إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون:هذا حديث غريب أو فائدة، فاعلم أنه خطأ، أو دخل حديث في حديث، أو خطأ من المحدث، أو حديث ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة وسفيان، فإذا سمعتهم يقولون: هذا لا شيء، فاعلم أنه حديث صحيح (1).
وقد سبق في موضوع الشاذ والمنكر ما يدل على أن للتفرد حالات مختلفة، وأحكاما متفاوتة، وأن قبول ما يتفرد به الثقة متوقف على القرائن، ولذا فإن إطلاق القبول أو الرد فيما يتفرد به الثقة غير منهجي.
ويمكن استخلاص الأمر في التفرد من الواقع الملموس في عمل النقاد تعليلا وتصحيحا، بما يأتي:
أما الحديث الذي تفرد به الراوي من الطبقات المتقدمة التي يكون من شأنها التفرد وعدم تعدد الرواة في الغالب – مثل طبقة الصحابة وطبقة كبار التابعين – فمقبول ومحتج به إن كان المتفرد ثقة معروفا (2)،
وذلك لأن التفرد في هذه الطبقات لا يشكل شيئا يوقع في قلب الناقد نوعا من الريبة والتردد حول احتمال صحة ما تفرد به الثقة، إلا إذا خالف الثابت.
وإن كان المنفرد فيها ضعيفا، أو مجهولا فأمره بين، ولا خلا ف في رده بين النقاد، إلا المتساهلين من المحدثين كابن حبان فإنهم يحتجون بالمجاهيل، لكن بالشروط التي شرحها ابن حبان.
__________
(1) – الكفاية للخطيب ص:172. وهو موقف أهل السنة والجماعة المتمثل في أن الثقة عن الثقة حجة، ولم يخالف فيه إلا المعتزلة والخوارج،
(2) – هذا بالنسبة إلى غير الصحابة.
--------------------------------------------------------------------------------
وأما إذا كان التفرد في الطبقات المتأخرة التي من شأنها التعدد والشهرة لا سيما فيما يخص المراكز الحديثية، التي يشترك في سماع أحاديثها وحفظها ورواياتها عنهم جماعة كبيرة، فذلك أمر يأخذه النقاد بعين الاعتبار للنظر في علاقة المتفرد مع الراوي الذي تفرد عنه، وكيف كان يتلقى منه الأحاديث عموما، وهذا الحديث الذي تفرد به خصوصا، وحالة ضبطه لما يرويه عنه عامة، وهذا الحديث خاصة، ثم للحكم عليه بحسب مقتضى نظرهم، وأما أن يطلقوا القول بقبول تفرد الثقة فلا، كما قرأنا آنفا ما صدر عن النقاد بهذا الصدد من النصوص.
وذلك أن الثقة يختلف حاله في الضبط باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لخلل طارئ في كيفية التلقي للأحاديث، أو لعدم توافر الوسائل التي تمكنه من ضبط ما سمعه من بعض شيوخه، أو لحدوث ضياع في بعض ما كتبه عن البعض، حتى ولو كان من أثبت أصحابهم وألزمهم لهم.
ولذا فإن النقاد إذا أعلوا حديثا بالتفرد، فعلينا- نحن الباحثين – أن نتأمل فيه كثيرا ليتسنى لنا الوقوف على أسرار هذا التعليل، ولا ينبغي لنا التسرع إلى التعقيب عليه "بلى إنه ثقة لا يضر تفرده "، فإنه لا يتصور في حقهم الغفلة عن ثقة الراوي، حتى يتم لنا الاستدراك على هؤلاء الجهابذة بمثل هذه البدهيات التي لا تخفى على طالب عادي.
ولمزيد من التوضيح أحب أن أنقل بعض الأمثلة التي أعلها النقاد من أحاديث الثقات.
نصوص الأئمة
قال الإمام أحمد في حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى على عمر ثوبا جديدا …الحديث:
" هذا كان يحدث به من حفظه ولم يكن في الكتب "،
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/3)
كما أنكر الإمام أحمد على عبد الرزاق حديثه عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا: الخيل معقود في نواصيها الخير، ووافقه في الاستنكار يحيى بن محمد الذهلي والدارقطني، وقال هذا الأخير: عبد الرزاق يخطئ عن معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب اهـ (1).
هذا دليل واضح على أن الثقة – ولو كان إماما – يكون له أحوال مختلفة حتى ولو حدث عن أقرب شيوخه، وأنت لاحظت آنفا أن الإمام أحمد وغيره يستنكرون ما تفرد به عبد الرزاق عن معمر بحجة أن ذلك الحديث لم يكن في كتابه، (يعني به أصوله) وأنه وهم فيه، مع كونه قد حدث به قبل أن يختلط.
فإذا وجدت الناقد يقول في حديث عبد الرزاق عن معمر – مثلا – "تفرد به عبد الرزاق " فينبغي لك تفسيره بأنه خطأ، وأما أن تعقب بأن عبد الرزاق ثقة من أثبت أصحاب معمر ولا يضر تفرده، فلا ينبغي أن يصدر ممن تخصص في الحديث. ولو كان الاستدراك عليه بإثبات متابعة تامة صحيحة لكان ذلك موضوعيا وعلميا لدى الجميع.
وتكلم يحيى القطان في بعض أحاديث إبراهيم بن سعد الزهري أحد الأعيان الثقات المتفق على تخريج حديثهم، وأنكرها بحجة أنه حدث بها من حفظه.
سئل الإمام أحمد عن حديث رواه إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الأئمة من قريش" فقال: ليس هذا في كتب إبراهيم لا ينبغي أن يكون له أصل.
أ ليس مما ينبغي أن نطرح سؤالا في حقنا في أثناء قراءة مثل هذا التعليل:
أين نحن من أصول المحدثين التي عاينها النقاد، واعتمدوها في التعليل وحل الخلافات؟
ولم لا نأخذ بعين الاعتبار ما قاله أمثال الذهبي في هذا الصدد؟
__________
(1) – شرح العلل ص: 323.
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الذهبي: وهذا في زماننا يعسر نقده على المحدث، فإن أولئك الأئمة، كالبخاري وأبي حاتم وأبي داود، عاينوا الأصول، وعرفوا عللها، وأما نحن فطالت علينا الأسانيد، وفقدت العبارات المتيقنة، وبمثل هذا ونحوه دخل الدَّخَل على الحاكم في تصرفه في المستدرك’’ (1).
وأيهما الإنصاف والعدل: احترامنا لنقاد الحديث، وتسليم الأمر لهم في مجال تخصصاتهم الحديثية، أو رفض أحكامهم بحجة أننا لا ندري سببها؟
وهذا يونس بن زيد الأيلي وإن كان من أثبت أصحاب الزهري لكنه لم يكن متقنا لأحاديث غيره من المحدثين، مما يدل على أن حاله تختلف باختلاف الشيوخ.
وكذا الوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي إذا حدث بغير دمشق يكون في حديثه شيء يقتضي التوقف، يقول أبو داود: سمعت أبا عبد الله، سئل عن حديث الأوزاعي عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"عليكم بالباءة " قال: هذا من الوليد، يخاف أن يكون ليس بمحفوظ عن الأوزاعي، لأنه حدث به الوليد بحمص ليس هو عند أهل دمشق (2)
وإن كان هذا تعليلا بالتفرد فإنه لم يعلله بمجرد تفرده، كما يفهمه الكثيرون، وإنما بتفرده بما لا يعرفه أصحابه من أهل دمشق، ومن المعلوم لدى الجميع أن مثل هذا السبب لا ينقدح إلا في ذهن العالم بهذا الشأن دون غيره، كما سبق عن ابن الصلاح.
وتكلم أحمد أيضا فيما حدث به الوليد من حفظه بمكة (3).
فإذا أعل النقاد من أحاديث الوليد ما تفرد به، فربما يكون ذلك لمثل تلك الملابسات والقرائن التي سبق الإشارة إليها عموما، وليس لأن تفرد الثقة غير مقبول عندهم مطلقا، ولا لأن الناقد يشترط التعدد لصحة الحديث.
__________
(1) - الموقظة: ص: 46 (تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، ط:2، سنة 1412هـ، دار البشائر الإسلامية، بيروت)
(2) – شرح العلل ص:332.
(3) - شرح العلل ص:332.
--------------------------------------------------------------------------------
وهذه بعض النصوص التي تفيد أن الثقة تختلف حاله باختلاف شيوخه أو باختلاف مواطن تحديثه، أو باختلاف أوقاته، كما تلقي هذه النصوص، وهي ليست إلا غيضا من فيض، الأضواء الكاشفة على أمور خفية قد تكون هي من أسرار تعليل النقاد بعض ما تفرد به الثقة من الأحاديث.
وما أروع ما قاله الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي (رحمه الله) ولله دره، يقول:
¥(13/4)
إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة فإنهم يتطلبون له علة فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقا حيث وقعت أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقا، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر. (وذكر أمثلة له).
وحجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك العلة مطلقا إنما بني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكرا يغلب على ظن الناقد بطلانه فقد تحقق وجود الخلل، وإذا لم يوجد سبب له إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من ذاك النادر الذي يجيء الخلل فيه من جهتها.
وبهذا يتبين أن ما يقع ممن دونهم من التعقب بأن تلك العلة غير قادحة وأنهم قد صححوا ما لا يحصى من الأحاديث، مع وجودها فيها، إنما هو غفلة عما تقدم من الفرق، اللهم إلا أن يثبت المتعقب أن الخبر غير منكر.
القواعد المقررة في مصطلح الحديث منها ما يذكر فيه خلاف، ولا يحقق الحق فيه تحقيقا واضحا، وكثيرا ما يختلف الترجيح باختلاف العوارض التي تختلف في الجزئيات كثيرا، وإدراك الحق في ذلك يحتاج إلى ممارسة طويلة لكتب الحديث والرجال والعلل مع حسن الفهم وصلاح النية. انتهى بتصرف (1).
ولعل القارئ استفاد مما سبق من النصوص أن التفرد من أهم الوسائل التي يتم بها الكشف عن العلة وأنه من أغمض ما يكون في مجال التعليل، وإن كان ما تفرد به الضعيف ظاهرا وواضحا في كونه معلولا فإن تعليل ما تفرد به الثقة قد لا يقنع كثيرا من الناس الذين لا يسلمون لهم التعليل بالمخالفة.
__________
(1) – مقدمة المحقق للفوائد المجموعة ص: (ح).
--------------------------------------------------------------------------------
كما وقع ذلك في حديث قتيبية بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر …الحديث.
رواة هذا الحديث كلهم أئمة ثقات بل روى عن قتيبة موسى بن هارون وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وابن معين والنسائي وغيرهم من الأئمة، ومع ذلك فالحديث غير ثابت عن الليث، وقد أعله النقاد بأن قتيبة تفرد به عن الليث، واستبعده كثير من الناس لأن قتيبة إمام معروف، ولم يقنعهم ما قاله الإمام البخاري:
" قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل؟ فقال: كتبته مع خالد المدائني ".
قال البخاري: "وكان خالد المدائني يدخل الأحاديث على الشيوخ " (1).
كما لم يرضوا قول الإمام الحاكم في هذا الحديث - وقد ساقه مثالا للحديث الشاذ – وهذا نصه:
هذا حديث رواته ثقات وهو شاذ الإسناد والمتن لا نعرف له علة نعلله بها، ولو كان الحديث عند الليث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل لعللنا به الحديث، ولو كان عند يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا به (2).
ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل فقلنا: الحديث شاذ.
__________
(1) – معرفة علوم الحديث ص:119 –131، وهذا الحديث أشار إليه العلامة المعلمي مثالا لما حرره سابقا.
(2) - يعني بذلك أن الحديث مما تفرد به قتيبة بن سعيد عن الليث، ولو كانت له مخالفة لما ثبت عن الليث أو عن شيخه يزيد بن أبي حبيب لكان إعلاله بها ظاهرا، وقد سبق أن الحاكم يفرق بين الشاذ والمعلول من حيث الغموض في الشاذ والظهور بالأدلة في المعلول.
--------------------------------------------------------------------------------
فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجبا من إسناده ومتنه، فنظرنا فإذا الحديث موضوع وقتيبة ثقة مأمون (1).
موقف الأئمة تجاه الغرائب
يقول ابن رجب: وقد كان السلف يمدحون المشهور من الحديث ويذمون الغريب منه في الجملة.
ومنه قول ابن المبارك:"العلم هو الذي يجيئك من ههنا ومن ههنا "، يعني المشهور، وعن علي بن الحسين: " ليس من العلم ما لا يعرف، إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن "، وعن مالك: " شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس ".
وعن الأعمش:"كانوا يكرهون غريب الحديث وغريب الكلام "،وعن أبي يوسف:"من طلب غرائب الحديث كذب ".
¥(13/5)
وقال أبو نعيم: " كان عندنا رجل يصلي كل يوم خمسمائة ركعة سقط حديثه في الغرائب "، وقال عمرو بن خالد:" سمعت زهير بن معاوية يقول لعيسى بن يونس: ينبغي للرجل أن يتوقى رواية غريب الحديث، فإني أعرف رجلا كان يصلي في اليوم مائتي ركعة ما أفسده عند الناس إلا رواية غريب الحديث ".
وذكر مسلم في مقدمة كتابه من طريق حماد بن زيد أن أيوب قال لرجل: لزمت عمرا؟ قال: نعم إنه يجيئنا بأشياء غرائب، قال يقول له أيوب: إنما نفر أو نفرق من تلك الغرائب (2).
وقال رحل لخالد بن الحارث: أخرج لي حديث الأشعت لعلي أجد فيه شيئا غريبا فقال: لو كان فيه شيء غريب لمحوته، وعن أحمد: تركوا الحديث وأقبلوا على الغرائب، ما أقل الفقه فيهم، وعنه أيضا: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء.
__________
(1) – معرفة علوم الحديث ص:119 - 131.
(2) – 1/ 109 - 110 من شرح النووي.
--------------------------------------------------------------------------------
قال الخطيب: أكثر طالبي الحديث في هذا الزمان يغلب عليهم كتب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ من رواية المجروحين والضعفاء حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنبا والثابت مصدوفا عنه مطرحا وذلك لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم ونقصان علمهم بالتمييز وزهدهم في تعلمه، وهذا خلاف ما كان عليه الأئمة من المحدثين الأعلام من أسلافنا الماضين.
وهذا الذي ذكره الخطيب حق، ونجد كثيرا ممن ينتسب إلى الأحاديث لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، يعنى بالأجزاء الغربية وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني وإفراد الدار قطني وهي مجمع الغرائب والمناكير ومن جملة الغرائب المنكرة الأحاديث الشاذة المطروحة وهي نوعان: ما هو شاذ الإسناد، وما هو شاذ المتن (1).
معنى الغريب عند أهل الحديث
إن الغريب عند أهل الحديث يطلق بمعان: أحدها أن يكون الحديث لا يروى من وجه واحد، وقد يكون إسناده مشهورا وقد يكون غريبا، وقد تكون الغرابة مطلقا وقد تكون نسبية كحديث "إنما الأعمال بالنيات "، وكحديث قتيبة عن الليث السابق ذكره فإنه غريب مطلقا سندا ومتنا كما صرح به الحاكم.
والثاني: أن يكون الإسناد لا يعرف إلا برواية حديث واحد، وقد يكون الحديث مشهورا وقد يكون غريبا لكن الإسناد غريب غير مرفوع، كقول الإمام الترمذي في حديث الذكاة:
"لا يعرف لأبي العشراء عن أبيه إلا هذا الحديث، وإن كان هذا الحديث مشهورا" (2).
__________
(1) – شرع العلل ص:234 - 236.
(2) - علل الترمذي 1/ 758، (تحقيق أحمد شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت)، وانظر سنن الترمذي 4/ 75
--------------------------------------------------------------------------------
وقد طولنا الكلام عن مسألة التفرد، وربما أثار ذلك في نفس القارئ استغرابا ونفرة، وذلك لأمر جد مهم، ألا وهو لفت الطالب أو الباحث إلى أن الناقد إذا أعل حديثا بتفرد راويه الثقة- ولو كان إماما – ووافقه الآخرون من النقاد على اختلاف عصورهم فإنما هو لأمور خفية وغامضة يهتدي إليها النقاد وحدهم كما لاحظناه سابقا،وليس لأن تفرد الثقة غير مقبول عندهم ولا لأنهم يشترطون التعدد والشهرة في جميع طبقات السند، والله جل جلاله هو الموفق، وله الحمد والشكر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخاتمة
لعل من المفيد استخلاص أهم النتائج التي تمخض عنها هذا البحث، ونحن في نهاية الجولة العلمية التي أتاحت للقارئ فرصا عديدة للاطلاع على جوانب علمية شتى، تحقيقا وتحليلا واستدراكا وتصحيحا، الأمر الذي قد يجعل من الصعب أن يخرج القارئ بفكرة واضحة حول الموضوع الذي من أجله جاء هذا البحث.
وها أنا أذكر في هذه الخاتمة أهم نتائج البحث، وهي كالآتي:
تكون العلة عنوانا عاما يشمل كل أنواع الخطأ، سواء صدر من الثقة أم من الضعيف غير المتروك، وأيا كان سبب ذلك الخطأ؛ كالمضطرب، والشاذ والمنكر، وما تفرع عنهما من المقلوب، والمصحف، والمدرج.
¥(13/6)
المصطلحات التي يطلقها الناقد في الغالب، تعبيرا عن شعوره بوجود خطأ في الحديث كانت واضحة المعاني، منها قوله: ’’هذا خطأ‘‘، و’’فيه وهم‘‘، و’’هذا غير محفوظ‘‘، و’’هذا باطل‘‘، و’’موضوع‘‘، و’’منكر‘‘، و’’هذا غريب‘‘، و’’تفرد به فلان‘‘، و’’غير معروف‘‘، و’’هذا لا يشبه‘‘ و’’ هذا لا يجيء‘‘، و’’سلك فلان الجادة‘‘ وغير ذلك من العبارات التي يمر عليها الباحث في أثناء بحثه ودراسته في مجال الحديث.
يندر اطلاق الناقد في أثناء نقده للأحاديث ’’هذا شاذ‘‘، ولا يكاد يوجد هذا المصطلح في كتب العلل.
--------------------------------------------------------------------------------
منهج المحدثين النقاد في التعليل منهج متكامل ودقيق، لكونه قائما على معرفتهم لملابسات الروايات، وأحوال رواتها، ومعاينة أصولهم فيها.
المعيار العلمي في هذا المنهج هو شعور الناقد بمخالفة الحديث الأمر الواقع، أو تفرد الراوي بما لا أصل له.
ضرورة تسليم الأمر لهم في هذا المجال النقدي، ولا ينبغي لنا مزاحمة صفوفهم باعتماد ظواهر السند.
ترتيب المصطلحات والأنواع حسب الوحدة الموضوعية، وإن أدى ذلك إلى تكرار ذكر مصطلح أكثر من مرة، يعد أهم وسائل تسهيل موضوعات علم الحديث على الطلبة. وجاء هذا الملحق لتحقيق هذا الهدف من خلال دراسة موضوع العلة كنموذج تجريبي.
تعريف المصطلحات بطريقة منطقية، مما انشغل به المتأخرون، لتكون لديهم تلك المصطلحات أكثر وضوحا وتحديدا.
كلام النقاد حول معاني بعض المصطلحات لا ينبغي النظر فيه بعقلية المنطق، وذلك لأنهم كانوا يتوسعون في ذلك بعيدا عما ألفه المتأخرون من أساليب منطقية، ولذا ينبغي فهم نصوصهم وتوضيحاتهم في ضوء تطبيقاتهم العملية.
وغيرها من النتائج.
وإذ أقدم هذا الكتاب إلى قرائي الأعزاء – زادهم الله علما وفهما وعطاء – فإني أتضرع إلى الله عزوجل أن يتقبل مني هذا الجهد، ويجعله من صالح الأعمال الخالد عطائها ونفعها، وإن أخطأت فيما كتبت فمن تقصيري، وقلة علمي، وأسأل الله أن يقيني وإياكم من شره، وإن أصبت، فمن الله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يوفقني لأن أشكره على ذلك.
ولا يفوتني أن أذكر إخوتي ممن مد إلي يد العون، وقدم إلي نصيحة، حفظهم الله تعال جميعا، وجزاهم خير الجزاء.
والله من وراء القصد. وله الحمد أولا وآخرا.
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 04:51 م]ـ
أرجو من الأخ المشرف تقسيم الموضوع على حلقات
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[08 - 10 - 09, 01:09 ص]ـ
جزاك الله خيرا ولكن هل من الممكن أن يكون بصيغة وورد أو بي دي إف لإتمتم النفع وبورك فيكم(13/7)
ماالفرق بين الشاذ و زيادة الثقة؟
ـ[أحمد محمد الشيوي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 12:42 ص]ـ
أشكل علي أمر ولم أستوعبه فهل من مساعد يساعدني في فهمه
ألا وهو الفارق بين مخالفة الثقة للثقات "الشاذ" و زيادة الثقة
لا سيما أن أهل علم الحديث ربما يكون في الحديث لفظة زادها أحد الرواة فيقولون أحيانا زيادة ثقة ويصححونها وأحيانا تكون هي هي نفس اللفظة وزادها أحد الرواة فيقولون مخالفة ثقة وهي شاذة غير مقبولة فما الفارق بينهما حيث اختلط علي الأمر؟
وجزاكم الله خيرا ...
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 12:56 ص]ـ
ذكر ابن الصلاح في ((مقدمته)) المشهورة:
النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها:
وذلك فن لطيف تستحسن العناية به. وقد كان (أبو بكر بن زياد النيسابوري) و (أبونعيم الجرجاني) و (أبو الوليد القرشي) الأئمة مذكورين بمعرفة زيادات الألفاظ الفقهية في الأحاديث
ومذهب الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه (الخطيب أبو بكر): أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا تفرد بها سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه ناقصا مرة ورواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصا.
خلافا لمن رد من أهل الحديث ذلك مطلقا وخلافا لمن رد الزيادة منه وقبلها من غيره. وقد قدمنا عنه حكايته عن أكثر أهل الحديث فيما إذا وصل الحديث قوم وأرسله قوم: أن الحكم لمن أرسله مع أن وصله زيادة من الثقة.
وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يقع مخالفا منافيا لما رواه سائر الثقات فهذا حكمه الرد كما سبق في نوع الشاذ
الثاني: أن لا تكون فيه منافاة ومخالفة أصلا لما رواه غيره. كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا فهذا مقبول. وقد ادعى (الخطيب) فيه اتفاق العلماء عليه وسبق مثاله في نوع الشاذ
الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبتين مثل زيادة لفظه في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث
مثاله: ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين
فذكر أبو عيسى الترمذي: أن مالكا تفرد من بين الثقات بزيادة قوله: من المسلمين
وروى عبيد الله بن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث: عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة فأخذ بها غير واحد من الأئمة واحتجوا بها منهم (الشافعي) و (أحمد) رضي الله عنهم والله أعلم
ومن أمثلة ذلك حديث: ((جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا)). فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي وسائر الروايات لفظها: ((وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا))
فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث: إن ما رواه الجماعة عام وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف به الحكم
ويشبه أيضا القسم الثاني من حيث: إنه لا منافاة بينهما
وأما زيادة الوصل مع الإرسال: فإن بين الوصل والإرسال من المخالفة نحو ما ذكرناه ويزداد ذلك بأن الإرسال نوع قدح في الحديث فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل. ويجاب عنه: بأن الجرح قدم لما فيه من زيادة العلم والزيادة ههنا مع من وصل والله أعلم.
****
انهى النقل
****
وفي سؤالات أبي الحسن المآربي:
: ما القول في زيادة الثقة؟ وما القول في زيادة فليح بن سليمان (من رواة البخاري المتكلم في حفظهم) في حديث أبي حميد الساعدي رحمه الله؟
زيادة الثقة لا تقبل على إطلاقها وإنما تقبل بضوابط. (ومنها إن كانت لا تنافي المزيد وإن تفرد بها راو واحد)
الحديث جاء بروايتين ويقول الألباني رحمه الله أن الرواية لها شقان شق لا يشك الناقد في صحته وهو (تمكينه يديه في ركبتيه) وشق أعل بتفرد فليح وهو قوله (حتى لو وضع الكأس على ظهره لاستقر) وهذه الزيادة من الناحية الفقهية لا تنافي المزيد وخاصة بأن هناك رواية عند البخاري رحمه الله وفيها: (هصر ظهره) وهي تؤيد رواية فليح رحمه الله. وهنا يؤكد أبو الحسن كلام الألباني رحمه الله ويستشهد بزيادة مالك في حديث زكاة الفطر: (من المسلمين) حيث أنها في الأصل لا تنافي المزيد وإنما تقيده وإن كان بعض أئمة هذا الشأن كأحمد رحمه الله توقف في قبول هذه الزيادة حتى توبع مالك رحمه الله عليها (وإن كان الترمذي رحمه الله قد علق على هذه المتابعات بقوله: (وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه "كالضحاك بن عثمان وعمر بن نافع رحمهما الله")).
****
والله تعالى أعلم
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 12:58 ص]ـ
الأخ الفاضل أحمد شيوي:
أرشدك إلى كتاب مهم في هذا الباب يفيدك في الإجابة على أسئلتك، وهو كتاب: (الشاذ والمنكر، وزيادة الثقة، موازنة بين المتقدمين والمتأخرين) تأليف: الدكتور عبد القادر مصطفى عبد الرزاق المحمدي، مدرس الحديث النبوي في الجامعة الإسلامية ببغداد، طبع دار الكتب العلمية، في (414) صفحة، والكتاب رسالة جامعية.
¥(13/8)
ـ[عبد]ــــــــ[13 - 04 - 06, 02:29 ص]ـ
زيادة الثقة لا يلزم منها المخالفة كما أن الشذوذ يكون في الإسناد أو في المتن والشذوذ ربما كان نقصاً وليس زيادة كإسقاط راوٍ ذكره الثقات من أقرانه وفرق آخر أن الشذوذ متفق على رده اما زيادة الثقة فمختلف في قبولها وردها.
ـ[شرف الدين]ــــــــ[20 - 04 - 06, 02:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / صاحب السؤال.
حسب علمي البسيط فإن الفارق بين الشذوذ وزيادة الثقة ... هي أن الشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه. بمعنى ... افترض مثلا أن عندنا هذه الروايات
قال حسن سمعت عمر يقول:
رأيت أحمد وعليه قميص أحمر وعمامة صفراء.
وقال محمد. سمعت عمر يقول:
رأيت أحمد وعليه قميص أحمر وعمامة صفراء وبنطال أسود.
فجملة (بنطال أسود) هنا تعد زيادة. لأنها لم تخالف شيئا في الرواية الأولى.
وقال يحيى. سمعت عمر يقول:
رأيت أحمد وعليه قميص أخضر وعمامة صفراء.
فهنا خالفت رواية يحيى تعد مخالفة لأن يحيى قال (قميص أخضر) بينما حسن ومحمد قالا (قميص أحمر). فهذه مخالفة.
فلو فرضنا أن الرواة الثلاثة (حسن ومحمد ويحيى) من الثقات، وأوثقهم حسن وهو أيضا أثبتهم في عمر. فراويته هنا تعد الميزان الذي تحاكم له الروايات الأخرى.
وعلى حسب علمي أن رواية محمد هنا مقبولة عند جمهور علماء الحديث لأنه ليس فيها ما يخالف روايته. بل فيها زيادة عنه.
أما رواية يحيى فسوف يكون لفظ (قميص أخضر) مخالفا لرواية حسن. وحينها فقط يطلب الترجيح. بمعنى أننا هنا نقارن من من هؤلاء الرواة (حسن ويحيى) أحفظ وأثبت. وبما أننا افترضنا أن حسن هو الأحفظ والأثبت فرواية يحيى هنا تعد مخالفة له. أي تعد شاذة.
وقد أبدع الإمام بدر الدين العيني في (عمدة القاري) في تلخيص الحكم في زيادة الثقة بطريقة رائعة
(فتفاوتت هذه الأحاديث في عدد خصال الإيمان زيادة ونقصانا وسبب ذلك تفاوت الرواة في الحفظ والضبط فمنهم من إقتصر على ما حفظه فأداه ولم يتعرض لما زاده غيره بنفي ولا اثبات وذلك لا يمنع من ايراد الجميع في الصحيح لما عرفت أن زيادة الثقة مقبولة والقاعدة الأصولية فيها أن الحديث إذا رواه راويان واشتملت إحدى الروايتين على زيادة فإن لم تكن مغيرة لإعراب الباقي قبلت وحمل ذلك على نسيان الراوي أو ذهوله أو اقتصاره بالمقصود منه في صورة الاستشهاد وإن كانت مغيرة تعارضت الروايتان وتعين طلب الترجيح).
ومن الزيادات التي احتج بها الأئمة.
قال الإمام مالك عن نافع مولى بن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين)
جملة (من المسلمين) هنا تفرد بها الإمام مالك عن نافع فقد روى الحديث غير واحد عن نافع فلم يذكروا هذه الزيادة. واحتج الإمامان الشافعي وأحمد بزيادة الإمام مالك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبد الله عبد الفتاح الشامي]ــــــــ[31 - 03 - 09, 02:07 ص]ـ
السلام عليكم
الشذوذ: هو مخالفة مقبول الرواية لمن هو أرجح منه من حيث الصفات أو العدد
ويكون في الإسناد والمتن ونقصاً أو زيادة وضابطه المنافاة، بحيث لا يمكن الجمع بينه وبين الرواية الراجحة.
وهذه مردودة قطعاً.
وأما زيادة الثقة التي اشتد الخلاف فيها فهي زيادة في اللفظ تتضمن زيادة في المعني ولو لم تنافِ المزيد عليه، بشرط اتحاد مخرج الزيادة والمزيد.
وجمهور الفقهاء والأصوليين على قبولها واختلف نقل الخطيب رحمه الله عن جمهور أهل الحديث. والواقع أن الزيادة عندهم لا تقبل ولا ترد مطلقًا. بل هم يقبلونها ويردونها بحسب ما اقترن بها وما وقفوا عليه مما يمنع إمكان انفراد هذا الراوي بما شارك في أصله الحفاظ المتقنين. ولكن مع الأسف لم يتفقوا على ضوابط محددة للقبول والرد واختلفت فيهما أنظارهم. وهذا مما يصعب المهمة في طريق الباحث. لمعرفة المردود من المقبول منها. ومن ثم اختلفت أقوالهم في زيادات، فقد ينبني الخلاف على الخطأ في ادعاء الانفراد، أو اعتبار كونها تتضمن زيادة في المعنى، وأنه يبعد انفراد مثله بتلك الزيادة عن أقرانه أو من فوقهم عن ذلك الشيخ المكثر .. إلى غير ذلك من الأسباب التي يحتاج أكثرها إلى استقراء ذوي الاطلاع الواسع والإتقان. والخلاصة أنه لا بد من الاجتهاد في تحقيق مواضع الزيادات من غير ركون إلى إطلاق أن الزيادة من الثقة مقبولة مطلقاً.
قال الحافظ: (فحاصل كلام هؤلاء الأئمة أن الزيادة إنما تقبل ممن يكون حافظًا متقنًا حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عددا منه أو كان فيهم من هو أحفظ منه أو كان غير حافظ ولو كان في الأصل صدوقا فإن زيادته لا تقبل. وهذا مغاير لقول من قال: زيادة الثقة مقبولة وأطلق - والله أعلم.) ثم ذكر قول من يقبلها مطلقا ثم قال: (وإنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه، كمالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا روى الحديث جماعة من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ وانفرد دونهم بعض رواته بزيادة، فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنها.
فتفرد واحد عنه بها دونهم مع توفر (دواعيهم) على الأخذ عنه وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التوقف عنها.
وأما ما حكاه ابن الصلاح عن الخطيب، فهو وإن نقله عن الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث، فقد خالف في اختياره فقال: بعد ذلك: "والذي نختاره أن الزيادة مقبولة إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا". قلت [أي ابن حجر]: وهو توسيط بين المذهبين، فلا تُرَدُّ الزيادة من الثقة مطلقا ولا نقلبها مطلقا. وقد تقدم مثله عن ابن خزيمة وغيره وكذا قال ابن طاهر: إن الزيادة إنما تقبل عند أهل الصنعة من الثقة المجمع عليه.) اهـ (النكت على ابن الصلاح) (2/ 690) والله الموفق للصواب.
وبارك الله فيكم.
¥(13/9)
ـ[محمد بن مسفر]ــــــــ[31 - 03 - 09, 03:24 ص]ـ
قال الشيخ عبدالكريم الخضير في كتابه" الحديث الضعيف وحكم الإحتجاج به " ص192:
من خالف الثقات ليس بثقة؛ لأن موافقة الثقات هي المقياس لمعرفة ضبط الراوي، قال ابن الصلاح رحمه الله: يعرف كون الراوي ضابطا بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفناه اختلاف ضبطه ولم نحتج بحديثه (انظر علوم الحديث لابن الصلاح ـ 95 ـ 96، وانظر الديباج المذهب لمنلا حنفي ص58).
ومخالفة الراوي للثقات إن كانت بسبب تغيير سياق الإسناد أو بدمج موقوف بمرفوع من غير فصل سمي هذا الفعل بالمدرج.
وإن كانت المخالفة من ثقة لمن هو أوثق منه، أو أرجح، أو أكثر عددا، سمي الحديث بالشاذ (شرح النخبة ص50، إتمام الدراية ص55 بهامش مفتاح العلوم)
وانظر كلامه حفظه الله في نفس الكتاب (ص 221 إلى 225) تحدث عن الشاذ وأقسامه وذكر الخلاف في تعريفه ثم رجح وغيره مما يهم طالب الحديث.
بارك الله فيك ورزقنا وإياك علما نافعا وعملا صالحا.
ـ[عبد الله عبد الفتاح الشامي]ــــــــ[07 - 04 - 09, 11:54 م]ـ
كنت حاولت أن أعدل على ما كتبت هنا إذ لم يكتمل وبعد المراجعة. لكن فوجئت أن التعديل مشروط فيما أذكر بعشرين دقيقة فقط فتركت الموضوع بعد ما كنت كتبت على عجالة أرجو أن يحذفوا ما كنت كتبت هنا ولعلي أضيف ما أردت تعديله هنا أيضا وقد كنت أرسلت يومها (إيميل) للملتقى:
على كل حال هذا ما أردت إضافته:
زيادة الثقة والشذوذ:
الشذوذ: هو مخالفة مقبول الرواية لمن هو أرجح منه من حيث الصفات أو العدد.
ويكون في الإسناد والمتن ونقصاً أو زيادة وضابطه المنافاة، بحيث لا يمكن الجمع بينه وبين الرواية الراجحة.
وهذه مردودة قطعاً.
وأما زيادة الثقة التي اشتد الخلاف فيها فهي زيادة في اللفظ تتضمن زيادة في المعني ولو لم تنافِ المزيد عليه، بشرط اتحاد مخرج الزيادة والمزيد.
وجمهور الفقهاء والأصوليين على قبولها واختلف نقل الخطيب رحمه الله عن جمهور أهل الحديث. والواقع أن الزيادة عندهم لا تقبل مطلقا ولا ترد مطلقًا. بلهم يقبلونها ويردونها بحسب ما اقترن بها وما وقفوا عليه مما يمنع إمكان انفراد هذا الراوي بما شارك في أصله الحفاظ المتقنين. ولكن مع الأسف لميتفقوا على ضوابط محددة للقبول والرد واختلفت فيهما أنظارهم. وهذا ممايصعب المهمة في طريق الباحث. لمعرفة المردود من المقبول منها. ومن ثم اختلفت أقوالهم في زيادات، فقد ينبني الخلاف على الخطأ في ادعاء الانفراد، أو اعتبار كونها تتضمن زيادة في المعنى، وأنه يبعد انفراد مثله بتلك الزيادة عن أقرانه أو من فوقهم عن ذلك الشيخ المكثر .. إلى غير ذلك من الأسباب التي يحتاج أكثرها إلى استقراء ذوي الاطلاع الواسع والإتقان.
والخلاصة أنه لا بد من الاجتهاد في تحقيق مواضع الزيادات من غير ركون إلى إطلاق أن الزيادة من الثقة مقبولة مطلقاً.
والراجح هو التوسط وهو الذي جرى عليه عمل أئمتهم أنها تقبل ممن عرف بأنه ممن يعتمد على حفظه.
وهذا أولى من التطرف في رد الزيادة مطلقا أو قبول زيادة كل من قبل حديثه وإن لم يكن من الحفاظ المتقنين.
قال الحافظ: (فحاصل كلام هؤلاء الأئمة أن الزيادة إنما تقبل ممن يكونحافظًا متقنًا حيث يستوي مع من زاد عليهم في ذلك، فإن كانوا أكثر عددا منهأو كان فيهم من هو أحفظ منه أو كان غير حافظ ولو كان في الأصل صدوقا فإنزيادته لا تقبل. وهذا مغاير لقول من قال: زيادة الثقة مقبولة وأطلق - والله أعلم.، ثم ذكر قول من يقبلها مطلقا ثم قال: (وإنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه، كمالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا روى الحديث جماعة منالحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ وانفرد دونهم بعض رواته بزيادة، فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنها.
فتفرد واحد عنه بها دونهم مع توفر (دواعيهم) على الأخذ عنه وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التوقف عنها.
¥(13/10)
وأما ما حكاه ابن الصلاح عن الخطيب، فهو وإن نقله عن الجمهور من الفقهاءوأصحاب الحديث، فقد خالف في اختياره فقال: بعد ذلك: "والذي نختاره أن الزيادة مقبولة إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا". قلت [القائل ابن حجر]: وهو توسيط بين المذهبين، فلا تُرَدُّ الزيادة من الثقة مطلقا ولانقلبها مطلقا. وقد تقدم مثله عن ابن خزيمة وغيره وكذا قال ابن طاهر: إن الزيادة إنما تقبل عند أهل الصنعة من الثقة المجمع عليه (اهـ (النكت على ابن الصلاح) (2/ 690 (.
و قال الحافظ: (تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر، لأن تفرده بالحديث لا يلزم منه تطرق السهو والغفلة على غيره من الثقات إذ مخالفة في روايته لهم - بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أتقن منه حفظا وأكثر عددا فالظن غالب بترجيح روايتهم على روايته.
ومبنى هذا الأمر على غلبة الظن ........... وإنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه، كمالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا روى الحديث جماعة من الحفاظ الأثبات العارفين بحديث ذلك الشيخ وانفرد دونهم بعض رواته بزيادة، فإنها لو كانت محفوظة لما غفل الجمهور من رواته عنها.
فتفرد واحد عنه بها دونهم مع توفر دواعيهم على الأخذ عنه وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التوقف عنها. وأما ما حكاه ابن الصلاح عن الخطيب، فهو وإن نقله عن الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث، فقد خالف في اختياره فقال: بعد ذلك: "والذي نختاره أن الزيادة مقبولة إذا كان راويها عدلا حافظا ومتقنا ضابطا".
قلت: وهو توسيط بين المذهبين، فلا ترد الزيادة من الثقة مطلقا ولا نقلبها مطلقا. وقد تقدم مثله عن ابن خزيمة وغيره وكذا قال ابن طاهر: إن الزيادة إنما تقبل عند أهل الصنعة من الثقة المجمع عليه) (النكت على كتاب ابن الصلاح) (2/ 691 - 693).
قال الترمذي -رحمه الله-: (وَرُبَّ حَدِيثٍ إِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ لِزِيَادَةٍ تَكُونُ فِي الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ مثل ما روى مالك ...... وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ وَقَدْ أَخَذَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ وَاحْتَجُّوا بِهِ منهم الشافعي وأحمد بن حنبل قالا إذا كان للرجل عبيد غير مسلِمين لم يؤد عنهم صدقة الفطر واحتجا بحديث مالك فإذا زَادَ حَافِظٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ قُبِلَ ذَلِكَ عَنْهُ ورب حديث يروى من أوجه كثيرة وإنما يُسْتَغْرَبُ لِحَالِ الْإِسْنَادِ) سنن الترمذى - (13/ 54).
وفي (صحيح ابن خزيمة) (1/ 354)
قال ابن خزيمة: (714 - أنا أبو طاهر نا أبو بكر نا محمد بن يحيى نا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة نا عاصم بن كليب الجرمي أخبرني أبي أن وائل بن حجر أخبره قال: قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف يصلي؟ قال فنظرت إليه يصلي فكبر فذكر بعض الحديث وقال: ثم قعد فافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها)
قال أبو بكر [أي: ابن خزيمة]: ليس في شيء من الأخبار يحركها إلا في هذا الخبر زائد ذكره. اهـ.
وقد روى الحديث عن عاصم بن كليب شعبة بن الحجاج و السفيانان و بشر بن المفضل وجماعة من الكبار غيرهم ولم يذكروا التحريك.
وكما نلاحظ المخالف هنا زائدة ابن قدمة وهو ممن يعتمد على حفظه. وهو من هو!:
قال ابن حبان فى " الثقات ": كان من الحفاظ المتقنين، لا يَعُدُ السماع حتى يسمعه ثلاث مرات.
والله الموفق للصواب.
وانظر
http://almousely.com/home/node/307 (http://almousely.com/home/node/307)(13/11)
مناقشة الدكتور المحمدي في زيادة الثقة
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 03:32 م]ـ
يقول الأستاذ الدكتور عبد القادر المحمدي في كتاب الشاذ والمنكر وزيادة الثقة (ص/12):
((ولما رأينا من صنيع بعض المعاصرين من تصحيح مئات الأحاديث الشاذة والمنكرة بحجة أنها زيادة ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة، كما فعل الشيخ ناصرالدين الألباني رحمه الله في كتابه «سلسلة الأحاديث الصحيحة» حيث صحّح على هذه القاعدة عشرات الأحاديث الضعيفة مما أخطأ فيه الرواة)).
وقال أيضا: ((وتبين لي أن بعض المتأخرين ولا سيما المعاصرين نأوا بعيدا عن منهج الأئمة المتقدمين، وكلّ التناقضات التي يتهم المغرضون بها الحديث وأهله، هو جريرة هذا البعد)).
أريد من الإخوة الأفاضل المهتمون في هذا الباب مناقشة هذا الرأي، وهل الشيخ ناصرالدين الألباني رحمه الله كان هذا منهجه في تصحيح الأحاديث الشاذة والمنكرة بحجة زايدة الثقة، كما يقول الأستاذ الدكتور المحمدي!!
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 05:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور المحمدي يكتب معنا في الملتقى فليته يدلي بدلوه في الموضوع.
والكتاب لم أقتنه بعد وسألت عنه بعض الإخوة فقال إنه لم يجده في مكتبات جدة
وهذه مقدمة الكتاب كما نقلها المؤلف في إحدى مشاركاته
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=139575&postcount=5
وهذه أبواب الكتاب كما ذكرها الشيخ ماهر الفحل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=169630&postcount=4
وللفائدة حول منهج الشيخ الألباني رحمه الله في زيادة الثقة ينظر هذا الرابط
فهذا مقتطف من بحث قام به الأخ الفاضل أبو بكر بن عبدالعزيز البغدادي مدير تحرير مجلة الحكمة والذي عنونه بـ ((زيادة الثقة)) في العدد (17/ 121)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14495
والشيخ ابو بكر بن عبد العزيز أيضا يكتب معنا في الملتقى
فليت المشايخ يدلون بدلوهم ويثرون الموضوع
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 06:52 م]ـ
الأستاذ اخالد بن عمر:
الكتاب من منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، منشورات محمد علي بيضون، وسوف تجدونه في مكتبة عباس الباز بمكة المكرمة، وقيمة الكتاب (15) ريالا.
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 04:50 م]ـ
هناك رسالة للدكتور حمزة المليباري عن زيادة الثقة من أجمل ما قرأت في هذا الباب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3603&highlight=%D2%ED%C7%CF%C9+%C7%E1%CB%DE%C9+%C7%E1%E 3%E1%ED%C8%C7%D1%ED(13/12)
عندي الأقوال بأدلتها ولكن أريد من أيدها من أهل العلم
ـ[أبومالك السنوسي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 07:34 م]ـ
أخواني أهل الحديث
استفيد منكم كثيرا
عندي مسألة أيهما أفضل النزول في الصلاة على الركبتين أو اليدين والقول الثالث أنه مخير بأدلتها كاملة بإذن الله , والذي أريده منكم فضلا لا أمرا أن تنسبوا هذه الأقوال للعلماء قديما وحديثا ولكم الشكر والعرفان.
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 09:40 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4268&highlight=%C7%E1%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%D5%E1%C7%C9+%D A%E1%EC+%C7%E1%D1%DF%C8%CA%ED%E4
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=367
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=71969&highlight=%C7%E1%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%D5%E1%C7%C9+%D A%E1%EC+%C7%E1%D1%DF%C8%CA%ED%E4
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4268&highlight=%C7%E1%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%D5%E1%C7%C9+%D A%E1%EC+%C7%E1%D1%DF%C8%CA%ED%E4
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24504&highlight=%C7%E1%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%D5%E1%C7%C9+%D A%E1%EC+%C7%E1%D1%DF%C8%CA%ED%E4
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3326&highlight=%C7%E1%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%D5%E1%C7%C9+%D A%E1%EC+%C7%E1%D1%DF%C8%CA%ED%E4
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9592&highlight=%C7%E1%E4%D2%E6%E1+%C7%E1%D5%E1%C7%C9+%D A%E1%EC+%C7%E1%D1%DF%C8%CA%ED%E4(13/13)
مسند الربيع .. ؟
ـ[أبو زاهر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 08:21 م]ـ
السلام عليكم ... إخواني الكرام من مسانيد الحديث " مسند الربيع " للربيع بن حبيب بن عمر الأزدي البصري .. هكذا ورد اسمه في طبعة سلطنة عمان، وهو مرجع الاباضية .....
ومن خلال بحثي عن ترجمة صاحب المسند لم أقف على ترجمته ..... فما حقيقة هذا المسند؟؟؟
وهل له اصل.؟
وأين أجد ترجمته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
افيدوني أحسن الله اليكم .. بنتظاااركم اخواني.
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 08:36 م]ـ
طرح عنه موضوع في هذا المنتدى في الشهرين الماضيين, الآن وقت المغرب, فلعلك تبحث عنه أنت
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[13 - 04 - 06, 09:21 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=71853&highlight=%E3%D3%E4%CF+%C7%E1%D1%C8%ED%DA
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 09:23 م]ـ
الكتاب لا أصل له ... سئل عنه العلامة الألباني في بعض محاضراته فأجاب بكلام معناه (أنه لا يصح).
وهناك مناظرة قامت بين الشيخ الحميد على ما أذكر وبين أحد الاباضية ... والمناظرة موجودة هنا في الملتقى ... فراجعها.
والله تعالى أعلم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 09:29 م]ـ
راجع كلام العلامة الألباني في الشريط (33) من سلسلة الهدى والنور - السؤال الثالث.
الشريط (310) من سلسلة الهدى والنور - السؤال الرابع.
الشريط (323) من سلسلة الهدى والنور - السؤال الثالث عشر.
الشريط (430) من سلسلة الهدى والنور - السؤال الرابع.
الشريط (431) من سلسلة الهدى والنور - السؤال الأول.
الشريط (529) من سلسلة الهدى والنور - السؤال العاشر.
الشريط (653) من سلسلة الهدى والنور - السؤال الثاني.
الشريط (719) من سلسلة الهدى والنور - السؤال السابع والعشرون.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 09:36 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12331&highlight=%E3%E4%C7%D9%D1%C9+%C7%E1%CD%E3%ED%CF
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[13 - 04 - 06, 09:42 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=218872&postcount=2
ـ[أبو زاهر]ــــــــ[15 - 04 - 06, 11:49 م]ـ
أشكركم أخواني على ما قدمتموه .... أسأل الله عز وجل أن يثيبكم ...(13/14)
كيف أتمكن من العثور على معنى حديث
ـ[عمرو الشافعى]ــــــــ[14 - 04 - 06, 02:25 ص]ـ
اذا كان خارج الكتب الستة؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[14 - 04 - 06, 03:45 ص]ـ
لو كان الحديث في الموطاء ... فأجل الشروح التمهيد والاستذكار (على ما أعلم).
لو كان في الجامع الصغير ... فهناك شرح للامام المناوي (فتح القدير).
لو كان في المسند ... فهناك تعلق وحاشية بسيطة لعلها مفيدة للشيخ البنى المشهور بالساعاتي.
لو كان الحديث في السنن الصغرى للبيهقي ... فهناك شرح للعلامة الأعظمي (المنة الكبرى شرح وتخريج السنن الصغرى).
لو كان الحديث في بلوغ المرام ... فهناك شروح كثيرة عليه منها شرح للعلامة (آل بسام) وشرح الامام الصنعاني ... رحم الله الجميع.
لو كان الحديث في المنتقى لجد شيخ الاسلام ابن تيمية ... فهناك شرح للعلامة الشوكاني (نيل الأوطار).
في الصحيحة للامام الألباني رحمه الله تعالى بعض التعليقات على بعض الأحاديث ... فيستفاد منها.
****
وهناك كتب غريب الحديث ... ككتاب (النهاية في غريب الحديث والأثر) لابن الأثير.
****
فان رأيت أن ما تريد بعد عن هذا كله ... فارجع الى كتب اللغة الموسوعية (لسان المحيط) وغيرها.
****
هناك كتاب معاني الآثار للامام الطحاوي ... وفيه وفق الامام بين ما تعارض من الأحاديث تعارض ظاهرياً ... لعل فيه فائدة.
******
لو كان الحديث في باب معين ... كالعقدية ... فيرجع له في كتب العقيدة ... فالراجح أن يكون مذكور فيها, ومثل ذلك في أحاديث الطهارة مثلاُ ... فيرجع لكتب الفقه المطولة في المذاهب ... فلعله ذكر في بابه خلال الشرح الموجود في الباب نفسه.
******
والله الموفق(13/15)
شيخان أحتاج الى ترجمتهما
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[14 - 04 - 06, 03:58 ص]ـ
ألسلام عليكم
أريد معرفة
1 - عبيد بن حمدون الرواسي.
قد ورد أسمه في أسد الغابة ترجمة أبو عامر والد حنظلة
أسد الغابة- لابن الأثير
أبو عامر والد حنظلة.
س أَبُو عَامِرِ، والد حنظلة غَسِيل الملائكة.
أَخبرنا أَبو موسى كتابة، أَخبرنا أَبو عبد الله محمد بن عمر بن هارون الفقير الضرير، عن كتاب أَبي بكر أَحمد بن علي بن ثابت، أَخبرنا البرقَانِي- هو أَبو بكر أَحمد بن محمد بن غالب- أَخبرنا علي- هو ابن عُمر الدار قطني،
حدثنا أَحمد بن محمد بن سعيد،
أَخبرنا عبيد بن حمدون الرؤاسي،
أَخبرنا ابن ظريف بن ناصح، حدثني أَبي عن عبد الرحمن بن ناصح الجُعفِي، عن الأَجلح، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: بعثت الأَوس أَبا قيس بن الأَسلت وأَبا عامر أَبا غَسيل الملائكة، وبعثت الخزرج معاذ بن عفراءَ وأَسعد بن زُرَارة، فدخلوا المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فكانوا أول من لَقِيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم- قال الشعبي: وقال جابر بن عبد الله: شهد بي خالي بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أصغر القوم. قال الدار قطني: تفرد به ابن ناصح، عن الأَجلح. وظَرِيف: بالظاء المعجمة. أَخرجه أَبو مرسى. قلت: لا أَدري كيف ذكر أَبو موسى أَبا عامر هذا في الصحابة، فاِن كان ظنه مسلماً حيث رأَى في هذا الحديث الذي ذكره قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم، فليس فيه ذكر إِسلامه، وقول جابر: "شهد بي خالي بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فهو لم يذكر أَن أَبا عامر بايع في هذه المرة، وكفر أَبي عامر ظاهر، وفارق المدينة إِلى مكة مباعداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحَضَر مع المشركين وقعة أُحد، ومات مشركاً، وأَمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أَن يسمي الفاسق. والله أَعلم.
ما كنيته؟، متى ولد ومتى توفي؟، أثقة هو أم وضاع؟
2 - حنش بن المعتمر
تهذيب التهذيب- لابن حجر العسقلاني
حنش بن المعتمر ويقال أبن ربيعة الكناني أبو المعتمر الكوفي
روى عن علي ووابصة بن معبد وأبي ذر وعليم الكندي
وعنه أبو إسحاق السبيعي والحكم بن عتيبة وسماك بن حرب وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم
قال بن المديني حنش بن ربيعة الذي روى عن علي وعنه الحكم بن عتيبة لا أعرفه
وقال أبو حاتم حنش بن المعتمر هو عندي صالح ليس أراهم يحتجون بحديثه
وقال أبو داود ثقة
وقال البخاري يتكلمون في حديثه
وقال النسائي ليس بالقوي
وقال بن حبان لا يحتج به
وعند بن المديني أن حنش بن المعتمر غير حنش بن ربيعة.
قلت: وأما بن حبان فقال حنش بن المعتمر هو الذي يقال له حنش بن ربيعة والمعتمر كان جده وكان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات
حتى صار ممن لا يحتج بحديثهم
وقال العجلي تابعي ثقة
وقال البزار حدث عنه سماك بحديث منكر
وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالمتين عندهم
وذكره العقيلي والساجي وابن الجارود وأبو العرب الصقلي في الضعفاء
وقال بن حزم في المحلي ساقط مطرح وذكره بن منده وأبو نعيم في الصحابة لكونه أرسل حديثاً وقد بينت ذلك في كتابي الإصابة.
سؤال: كما تبين في حنش قد أختلف فيه، فهناك من وثقه وهناك من ضعفه. هل يوجد سببا لضعفه؟ وما هو السبب الذي تكلموا فيه؟
كان عند أبو حاتم الرازي صالح وابو داود والعجلي وثقاه.
فما حكمه؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[14 - 04 - 06, 04:08 ص]ـ
أخي الفاضل, ودعني أستغل موضوعك وأسأل سؤالاً ثالثاً هنا, حول أبي موسى المديني, الذي روى عنه ابن الأثير هنا ((أخبرنا أبو موسى كتابة)) , حيث اتهم من قبل إمام آخر-الذهبي-أنه أضاف رتن الهندي إلى الصحابة ((أظنه الأمير رتن الذي ذكر ابن بطوطة شيئاً حوله في كتاب رحلته: عجائب الأبصار--قلت أظن)) في خبر عجيب غريب ساقه, لايقبه عقل؟؟
نأمل موافقتك على إضافة هذا السؤال؟؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[14 - 04 - 06, 10:51 ص]ـ
أخي عدي حفظه الله ورعاه ... ذكرت قول الامام ابن حبان في حنش بن المعتمر, قال بن حبان: حنش بن المعتمر هو الذي يقال له حنش بن ربيعة والمعتمر كان جده وكان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات.
فلما لم تقبل هذا القول منه كتفصيل في سبب ضعفه؟
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[14 - 04 - 06, 12:57 م]ـ
أولا: لعل الصواب في الاسم: (عبيد بن حمدون).
ورد ذكره عرضا في الإكمال لابن ماكولا (5/ 278).
وذكره آغا بزرك (الرافضي) في كتابه نوابغ الرواة في (ص/160) وقال: هو من مشايخ أحمد بن محمد بن عقدة، المتوفى سنة (333هـ) يحدث عن حسين بن نصرة.
ثانياً: حنش بن المعتمر له دراسة جيدة عند الأستاذ الدكتور قاسم سعد في كتابه (منهج الإمام أبي عبد الرحمن النسائي في الجرح والتعديل 4/ 1559 - 1561) في أقوالالنقاد فيه، ودراستها، وبيان الراجح منه، أرجو أن تطلع عليه.
¥(13/16)
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 03:26 ص]ـ
الى الأخ محمد سفر العتيبي
شكرا على اضافة مشاركتكم والالتفاتة الى أبي موسى الذي نقل عنه ابن الأثير رحمه الله، وأحببت ان أدافع على ابن الأثير في هذه النقطة، فلو رجعنا الى ما علق عليه إبن الأثير لرأيته قد علق على كلام ابي موسى ولم يترك كلامه يمر كالمسلمات.
هذا ما قاله ابن الأثير رحمه الله ....
" قلت: لا أَدري كيف ذكر أَبو موسى أَبا عامر هذا في الصحابة، فاِن كان ظنه مسلماً حيث رأَى في هذا الحديث الذي ذكره قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم، فليس فيه ذكر إِسلامه ".
أخي الفاضل محمد العتيبي ان طريقة انتقاد العلماء بعضهم البعض تكون علمية لا شخصية لو رأينا في كلام ابن الأثير وتعليقه على كلام ابي موسى لتبين لنا انه قد انتقده لكن بطريقة شفافة ولطيفة، لكني احببت في بداية الأمر ذكر ما موجود في مقدمة الكتاب (أسد الغابة) واضع ما قاله ابن الأثير والأسباب التي جعلته في تأليف كتابه ومن ثم ما قاله في ذكر ابي موسى.
وأنا في تصوري شخصية علمية مثل ابن الأثير ومن عائلة مشهورة بالعلم وأخوه مشهور بجامع الأصول من أحاديث الرسول الإمام أبي السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الأثير الجزري رحمه الله (544 - 606هـ)،
قد يقع او ويوقع نفسه في خطأ وينقل اخطاء غيره بدون النظر والتحقيق من ذلك، وقد تبين ما قاله في السطور الأولى فيما سبق. والله الأعلم
هذه مقدمة وسبب تصنيف كتابه أسد الغابة لابن الأثير ذكرتها للفائدة فقط
أسد الغابة - لابن الأثير الجزري
أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري، المعروف بابن الأثير
.......
والأصل في هذا العلم كتب الله، عز وجل، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فأما الكتاب العزيز فهو متواتر مجمع عليه غير محتاج إلى ذكر أحوال ناقليه، وأما سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهي التي تحتاج إلى شرح أحوال رواتها وأخبارهم.
وأول رواتها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يضبطوا ولا حفظوا في عصرهم كما فعل بمن بعدهم من علماء التابعين وغيرهم إلى زماننا هذا؛ لأنهم كانوا مقبلين على نصرة الدين وجهاد الكافرين إذ كان المهم الأعظم؛ فإن الإسلام كان ضعيفاً وأهله قليلون، فكان أحدهم يشغله جهاده ومجاهدة نفسه في عبادته عن النظر في معيشته والتفرغ لمهم، ولم يكن فيهم أيضاً من يعرف الخط إلا النفر اليسير، ولو حفظوا ذلك الزمان لكانوا أضعاف من ذكره العلماء، ولهذا اختلف العلماء في كثير منهم؛ فمنهم من جعله بعض العلماء من الصحابة، ومنهم من لم يجعله فيهم، ومعرفتهم أمورهم وأحوالهم وأنسابهم وسيرتهم مهم في الدين.
ولا خفاء على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن من تبوأ الدار والإيمان من المهاجرين والأنصار السابقين إلى الإسلام والتابعين لهم بإحسان الذين شهدوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسمعوا كلامه وشاهدوا أحواله ونقلوا ذلك إلى من بعدهم من الرجال والنساء من الأحرار والعبيد والإماء أولى بالضبط والحفظ، وهم الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون بتزكية الله، سبحانه وتعالى لهم وثنائه عليهم، ولأن السنن التي عليها مدار تفصيل الأحكام ومعرفة الحلال والحرام إلى غير ذلك من أمور الدين، إنما ثبتت بعد معرفة رجال أسانيدها ورواتها، وأولهم والمقدر عليهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإذا جهلهم الإنسان كان بغيرهم أشد جهلاً، وأعظم إنكاراً، فينبغي أن يعرفوا بأنسابهم وأحوالهم هم وغيرهم من الرواة، حتى يصح العمل بما رواه الثقات منهم، وتقوم به الحجة؛ فإن المجهول لا تصح روايته، ولا ينبغي العمل بما رواه، والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل؛ فإنهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح؛ لأن الله -عز وجل- ورسوله زكياهم وعدلاهم، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره، ويجيء كثير منه في كتابنا هذا، فلا نطول به هنا.
¥(13/17)
وقد جمع الناس في أسمائهم كتباً كثيرة، ومنهم من ذكر كثيراً من أسمائهم في كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك، واختلفت مقاصدهم فيها، إلا أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبد الله بن منده وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانيان، والإمام أبو عمر بن عبد البر القرطبي -رضي الله عنهم، وأجزل ثوابهم، وحمد سعيهم، وعظم أجرهم وأكرم مآبهم- فلقد أحسنوا فيما جمعوا، وبذلوا جهدهم وأبقوا بعدهم ذكراً جميلاً؛ فالله تعالى يثيبهم أجراً جزيلاً؛ فإنهم جمعوا ما تفرق منه.
فلما نظرت فيها رأيت كلاً منهم قد سلك في جمعه طريقاً غير طريق الآخر، وقد ذكر بعضهم أسماء لم يذكرها صاحبه،
وقد أتى بعدهم الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني، فاستدرك على ابن منده ما فاته في كتابه،
فجاء تصنيفه كبيراً نحو ثلثي كتاب ابن منده. فرأيت أن أجمع بين هذه الكتب، وأضيف إليها ما شذ عنها ما استدركه أبو علي الغساني، علي أبي عمر بن عبد البر، كذلك أيضاً ما استدركه عليه آخرون وغير من ذكرنا فلا نطول بتعداد أسمائهم هنا،
ورأيت ابن منده وأبا نعيم وأبا موسى عندهم أسماء ليست عند ابن عبد البر،
وعند ابن عبد البر أسماء ليست عندهم. فعزمت أن أجمع بين كتبهم الأربعة، وكانت العوائق تمنع والأعذار تصد عنه، وكنت حينئذ ببلدي وفي وطني، وعندي كتبي وما أراجعه من أصول سماعاتي، وما أنقل منه، فلم يتيسر ذلك لصداع الدنيا وشواغلها.
فاتفق أني سافرت إلى البلاد الشامية عازماً على زيارة البيت المقدس -جعله الله سبحانه وتعالى داراً للإسلام أبداً- فلما دخلتها اجتمع بي جماعة من أعيان المحدثين، وممن يعتني بالحفظ والإتقان فكان فيما قالوه: إننا نرى كثيراً من العلماء الذين جمعوا أسماء الصحابة يختلفون في النسب والصحبة والمشاهد التي شهدها الصاحب؛ إلى غير ذلك من أحوال الشخص ولا نعرف الحق فيه، وحثوا عزمي على جمع كتاب لهم في أسماء الصحابة، -رضي الله عنهم-؛ أستقصي فيه ما وصل إلي من أسمائهم، وأبين فيه الحق فيما اختلفوا فيه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم؛ مع الإتيان بما ذكروه واستدراك ما فاتهم، فاعتذرت إليهم بتعذر وصولي إلى كتبي وأصولي وأنني بعيد الدار عنها، ولا أرى النقل إلا منها فألحوا في الطلب؛ فثار العزم الأول وتجدد عندي ما كنت أحدث به نفسي، وشرعت في جمعه والمبادرة إليه، وسألت الله تعالى أن يوفقني إلى الصواب في القول والعمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم بمنه وكرمه.
واتفق أن جماعة كانوا قد سمعوا علي أشياء بالموصل وساروا إلى الشام فنقلت منها أحاديث مسندة وغير ذلك، ثم إنني عدت إلى الوطن بعد الفراغ منه وأردت أن أكثر الأسانيد وأخرج الأحاديث التي فيه بأسانيدها، فرأيت ذلك متعباً يحتاج أن أنقض كل ما جمعت، فحملني الكسل وحب الدعة والميل إلى الراحة إلى أن نقلت ما تدعو الضرورة إليه، مما لا يخل بترتيب، ولا يكثر إلى حد الإضجار والإملال.
وأنا أذكر كيفية وضع هذا الكتاب، ليعلم من يراه شرطنا وكيفيته، والله المستعان فأقول.
إني جمعت بين هذه الكتب كما ذكرته قبل، وعلمت على الاسم علامة ابن منده صورة "د" وعلامة أبي نعيم صورة "ع"، وعلامة ابن عبد البر صورة "ب" وعلامة أبي موسى صورة "س" فإن كان الاسم عند الجميع علمت عليه جميع العلائم، وإن كان عند بعضهم علمت عليه علامته، وأذكر في آخر كل ترجمة اسم من أخرجه؛ وإن قلت أخرجه الثلاثة فأعني ابن منده وأبا نعيم وأبا عمر بن عبد البر؛ فإن العلائم ربما تسقط من الكتابة وتنسى، ولا أعني بقولي أخرجه فلان وفلان أو الثلاثة أنهم أخرجوا جميع ما قلته في ترجمته؛ فلو نقلت كل ما قالوه لجاء الكتاب طويلاً؛ لأن كلامهم يتداخل ويخالف بعضهم البعض في الشيء بعد الشيء، وإنما أعني أنهم أخرجوا الاسم.
وشكرا لكم
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 06:58 ص]ـ
بلال خنفر
أخي بلال حفظه الله تعالى
سألت عن لماذا لم أقبل قول ابن حبان في حنش بن المعتمر؟، والاجابة نبدأ بسرد ما قاله الامام المزي في ترجمة حنش بن المعتمر أولا، ومن ثم سأطرح بعض الأسئلة ونريد منكم المشاركة وتوضيح اكثر اثناء الإجابة.
وجزاكم الله خيرا
أولا ترجمة حنش بن المعتمر
تهذيب الكمال في أسماء الرجال- للمزي
حنش بن المعتمر ويقال: بن ربيعة الكناني أبو المعتمر الكوفي.
¥(13/18)
وقد تقدم من قول علي بن المديني في الترجمة الماضية ما دل على أنهما عنده اثنان.
روى عن: عليم الكندي وعلي بن أبي طالب ووابصة بن معبد وأبي ذر الغفاري.
روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد وبكير بن الأخنس والحكم بن عتيبة وسعيد بن عمرو بن أشوع وسماك بن حرب وأبو إسحاق السبيعي وأبو صادق.
قال: علي بن المديني: حنش بن ربيعة الذي روى عنه الحكم بن عتيبة لا أعرفه.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: حنش بن المعتمر هو عندي صالح قلت: يحتجون بحديثه؟ قال: ليس أراهم يحتجون بحديثه.
وقال البخاري: يتكلمون في حديثه.
وقال أبو داود: حنش بن المعتمر: ثقة.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم بن حبان: لا يحتج به.
روى له أبو داود والترمذي والنسائي في خصائص علي وفي مسنده.
أسئلتي هي:
1) هل ترك بسبب انفراده ببعض الاحاديث التي رواها؟
2) وما هي هذه الأحاديث التي انفرد بها؟
لكن لم يقل أحد بانه كذاب وضاع الخ، بل على العكس فقد قال ابو حاتم وهو عالم من علماء الجرح والتعديل قال عنه انه صالح
وابو داود وهو تلميذ احمد بن حنبل واحمد بن حنبل روى عنه حديث قال ابو داود عن الحنش بن المعتمر بانه ثقة،
فبما ان الجرح مقدم على التعديل فالعلة او الجرح الذي ذكر في حنش بن المعتمر هو ما ذكره البخاري قال بانهم يتكلمون في حديثه (من هم الذين تكلموا في حديثه؟)
أما ابن حبان (في تهذيب التهذيب لابن حجر) قال كثير الوهم! لكنه لم يبين ما هو هذا الوهم!، ومن الذي قال ذلك ومن اين عرفه؟
والأمر الأخر لم أجد احدا من العلماء كذبه او اتهمه بالوضع.
اما الذي اتهمه بانفراده باحاديث غير مرضية، لم يبينوا احاديثه التي انفرد بها،
والمسألة الأخرى مالعلة في إنفراد احد التابعين باحاديث لم ينقلها غيره؟.
فهذا الحسن البصري قد انفرد بحديث "ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين"
ذكر الدارقطني حديث الحسن البصري عن أبي بكرة في الالزامات والتتبع وقال" والحسن لا يروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة"!
وقد ذكر ابن حجر في تقريب التهذيب في ترجمة الحسن البصري انه كان يرسل كثيرا ويدلس قال البزار " كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول حدثنا وخطبنا .. " (تقريب التهذيب)
وقد ذكر الدكتور الطحان في كتابه تيسير مصطلح الحديث الفصل الثالث -المدلس- تدليس الإسناد -شرح التعريف (ذكر الدكتور الطحان في نهاية الشرح): -
" فلا يقول سمعت أو حدثني حتى لا يصير كذابا بذلك ثم قد يكون الذي أسقطه واحدا أو أكثر ".
أخي الفاضل بلال كما قد تبين لكم أن الحسن البصري كان يقول حدثنا ولم يسمع من الذي حدث عنه.
سؤال اخر
أيؤخذ الحديث من الثقة الذي انفرد ببعض الأحاديث لا تشبه الثقات، أم يؤخذ من المتهم بالزندقة؟
والمتهم بالزندقة هو ابن حبان فقد اتهم بالزندقة وطرد من بلده (ذكر القصة ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان)، وقد حاول ابن حجر الدفاع عن ابن حبان، أما حنش بن المعتمر جاء ضعفه بسبب انفراده باحاديث لم يسمعها المحدث آنذاك، وما أدراك ان حديثه لم يدون في المستدركات فيما بعد فهناك الكثير من الأحاديث قد ذكرت ولم تكن موجودة ضمن الكتب التسعة.
ومن ثم ما هي هذه الأحاديث التي ضعف بها هذا التابعي؟
أما من ناحية اذا انه ضعف بسبب لانه كان شيعيا أو رافضيا فالتشيع كان موجود كثيرا في التابعين وكان موجودا في الطبقة التي جاءت بعدهم وضلت موجودة حتى طبقة شيوخ البخاري. ولم يجيء ضعفهم من انهم كانوا غير صدوقين، بل من عقيدتهم في الصحابة ولو تركنا أحاديث الذين لا نوافقهم في العقيدة لما وصلنا حديث رسول الله.
وعبد الملك بن أعين له عند الشيخين حديث واحد قرن فيه بجامع بن أبي راشد، وعبد الملك بن أعين هو أخو زرارة بن أعين وحمران بن أعين وكلهم روافض. ولو كان الحديث ضعيف لما جعله البخاري في مصنفه.
صحيح البخاري- كتاب التوحيد
حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الملك بن أعين، وجامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة، لقي الله وهو عليه غضبان " قال عبد الله: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداقه من كتاب الله جل ذكره:
¥(13/19)
{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله} الآية.
تهذيب التهذيب- لابن حجر العسقلاني
عبد الملك بن أعين الكوفي مولى بني شيبان.
روى عن أبي عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن شداد بن الهاد وأبي وائل وأبي حرب الأسود وعبد الرحمن بن أذينة
وعنه بن إسحاق وإسماعيل بن سميع وعبد الملك بن أبي سليمان والسفيانان. قال محمد بن المثنى ما سمعت بن مهدي يحدث عن سفيان عن عبد الملك بن أعين وكان يحدث عنه فيما أخبرت ثم أمسك
وقال الحميدي عن سفيان حدثنا عبد الملك بن أعين شيعي كان عندنا رافضي صاحب رأي
وقال الدوري عن بن معين ليس بشيء
وقال حامد عن سفيان هم ثلاثة إخوة عبد الملك وزرارة وحمران روافض كلهم أخبثهم قولاً عبد الملك
وقال أبو حاتم هو من أعتى الشيعة محله الصدق صالح الحديث يكتب حديثه
وذكره بن حبان في الثقات وكان يتشيع له عند الشيخين حديث واحد قرن فيه بجامع بن أبي راشد.
قلت: وقال الساجي كان يتشيع ويحمل في الحديث
وقال العجلي كوفي تابعي ثقة.
ومن طبقة الذين روى عنهم البخاري كعباد بن يعقوب الرواجني وقد قرن معه شيخ
صحيح البخاري- كتاب التوحيد
حدثني سليمان، حدثنا شعبة، عن الوليد،
ح وحدثني عباد بن يعقوب الأسدي، أخبرنا عباد بن العوام، عن الشيباني، عن الوليد بن العيزار، عن أبي عمرو الشيباني، عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال:
" الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله " *
تهذيب التهذيب- لابن حجر العسقلاني
عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي أبو سعيد الكوفي
روى عن شريك النخعي وعباد بن العوام وعبد الله بن عبد القدوس وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وإسماعيل بن عياش والحسين بن زيد بن علي والوليد بن أبي ثور ومحمد بن الفضل بن عطية وعلي بن هاشم بن البريد ويونس بن أبي يعفور وغيرهم
وعنه البخاري حديثاً واحداً مقروناً والترمذي وابن ماجة وأبو حاتم وأبو بكر البزار وعلي بن سعيد بن بشر الرازي ومحمد بن الحكيم الترمذي وصالح بن محمد جزرة وابن خزيمة وابن صاعد وابن أبي داود والقاسم بن زكرياء المطرز وخلق.
قال الحاكم: كان بن خزيمة يقول حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب
وقال أبو حاتم شيخ ثقة
وقال بن عدي سمعت عبدان يذكر عن أبي بكر بن أبي شيبة أو هناد بن السري أنهما أو أحدهما فسقه ونسبه إلى أنه يشتم السلف
قال بن عدي وعباد فيه غلو في التشيع وروى أحاديث أنكرت عليه في الفضائل والمثالب
وقال صالح بن محمد كان يشتم عثمان قال وسمعته يقول الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة لأنهما بايعا علياً ثم قاتلاه
وقال القاسم بن زكرياء المطرز وردت الكوفي فكتبت عن شيوخها كلهم غير عباد بن يعقوب فلما فرغت دخلت عليه وكان يمتحن من يسمع منه فقال لي من حفر البحر فقلت الله خلق البحر قال هو كذلك ولكن من حفره قلت يذكر الشيخ قال علي ثم قال من أجراه قلت الله مجري الأنهار ومنبع العيون قال هو كذلك ولكن من أجراه قلت يذكر الشيخ قال أجراه الحسين قال وكان مكفوفاً ورأيت في بيته سيفاً معلقاً وجحفة فقلت لمن هذا قال أعددته لأقاتل به مع المهدي قال فلما فرغت من سماع ما أردت وعزمت على السفر دخلت عليه فسألني فقال من حفر البحر فقلت حفره معاوية وأجراه عمرو بن العاص ثم وثبت فجعل يصيح أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه
قال البخاري مات في شوال
وقال محمد بن عبد الله الحضرمي في ذي القعدة سنة خمسين ومائتين.
قلت: ذكر الخطيب أن بن خزيمة ترك الرواية عنه آخراً
وقال إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة لولا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث عباد بن يعقوب وإبراهيم بن محمد بن ميمون
قال الدارقطني شيعي صدوق
وقال بن حبان كان رافضياً داعية ومع ذلك يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك
روى عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعاً إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
وهذا ليس ذنب لعباد بن يعقوب الرواجني فالحديث له طريق آخر
أنساب الأشراف- للبلاذري
حدثنا يوسف بن موسى وأبو موسى إسحاق الفروي قالا: حدثنا جرير بن عبد الحميد حدثنا إسماعيل والأعمش عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
¥(13/20)
"إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"؛ فتركوا أمره فلم يفلحوا ولم ينجحوا.
ملاحظة انني لم استشهد بالبلاذري الا بعد أن وجدت ان الإمام ابن حجر العسقلاني قد استشهد بالبلاذري قبلي في كتابه هدي الساري مقدمة فتح الباري، في كتاب الحدود حديث ابن عباس عن عمر في قصة السقيفة فيه
فقال عبد الرحمن بن عوف لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا،
ثم قال ابن حجر ثم وجدته في الأنساب للبلاذري بإسناد قوي من رواية هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري بالإسناد المذكورفي الأصل ولفظه قال عمر: بلغني أن الزبير قال لو قد مات عمر بايعنا عليا الحديث فهذا أصح.
الأنساب للسمعاني
الرواجني: بفتح الراء والواو وكسر الجيم وفي آخرها النون، هذه النسبة سألت عنها أستاذي أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان عن هذه النسبة فقال: هذا نسب أبي سعيد عباد بن يعقوب شيخ البخاري،
وأوصل هذه النسبة الدواجن بالدال المهملة وهي جمع داجن، وهي الشاة التي تسمن في الدار، فجعلها الناس الرواجن بالراء، ونسب عباد إلى ذلك هكذا،
قال: ولم يسند الحكاية إلى أحد، وظني أن الرواجن بطن من بطون القبائل والله أعلم،
قال أبو حاتم بن حبان: عباد بن يعقوب الرواجني من أهل الكوفة، يروي عن شريك، حدثنا عنه شيوخنا، مات سنة خمسين ومائتين في شوال،
وكان رافضياً داعية إلى الرفض، ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير فاستحق الترك،
وهو الذي روى عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم معاوية على منبر فاقتلوه.
قلت روى عنه جماعة من مشاهير الأئمة مثل أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري لأنه لم يكن داعية إلى هواه،
روى عنه حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: لا يفعل خالد ما أمر به، سألت الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني بالكوفة عن معنى هذا الأثر
فقال: كان أمر خالد بن الوليد أن يقتل علياً ثم ندم بعد ذلك فنهى عن ذلك.
كما ترى ان الموضوع فيه تشعبات فالتسليم الى الجرح لا يكفي. والله الأعلم
نحن بانتظار مشاركتكم وجوابكم
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[22 - 04 - 07, 09:47 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أسجل متابعتي لهذا الموضوع وإن كان اتى بعد زمن طويل حوالى سنة تقريبا لكن العذر أنى لم اطلع عليه الا الان ولم أكن متوقع من عدي البغدادي والذي يكتب فى منتديات التوحيد والذي يدفعنا دفعا إلى البحث والاستزادة من المعارف والعلوم والرد على الشبهات لم أكن متوقع أن يكتب هنا فى الملتقى على أنه ...
المهم سأرد إن شاء الله على بعض النقاط والتى شعرت فيها للاسف بالتدليس من حضرتك وإيهام القارئ بأشياء ليست إلا فى مخيلتك ونسأل الله عزوجل ألايكون هذا عن سؤ نية
مثالا على ذلك قولك:
وقد ذكر ابن حجر في تقريب التهذيب في ترجمة الحسن البصري انه كان يرسل كثيرا ويدلس قال البزار " كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول حدثنا وخطبنا .. " (تقريب التهذيب)
وقد ذكر الدكتور الطحان في كتابه تيسير مصطلح الحديث الفصل الثالث -المدلس- تدليس الإسناد -شرح التعريف (ذكر الدكتور الطحان في نهاية الشرح): -
" فلا يقول سمعت أو حدثني حتى لا يصير كذابا بذلك ثم قد يكون الذي أسقطه واحدا أو أكثر ".
أخي الفاضل بلال كما قد تبين لكم أن الحسن البصري كان يقول حدثنا ولم يسمع من الذي حدث عنه.
ولاأدرى هل ذلك اتهام للامام الحسن البصرى بالتدليس ولا أدرى لماذا لاتفصح عما بداخلك وتقولها صراحة أنا أتهم الحسن البصرى بالكذب
وعموما الجواب عن شبهتك هذه تجده أيضا فى أحد الكتب المبسطة فى مصطلح الحديث للمبتدئين وقد تعمدت ذكر ما فى هذا الكتاب لان فضيلتك يبدو أنك لم تتجاوز كتب المصطلح للمبتدئين حيث استشهدت بكتاب الدكتور الطحان
يقول الشيخ الفاضل مصطفى العدوي حفظه الله فى كتابه شرح علل الحديث
مع اسئلة وأجوبة فى مصطلح الحديث:
تنبيه: قد يقول المحدث: خطبنا فلان، ويقصد أنه خطب أهل بلده، وقد أشار إلى ذلك السخاوي في فتح المغيث فقال: ... كقول الحسن البصرى: خطبنا ابن عباس، وخطبنا عتبة بن غزوان، وأراد أهل البصرة بلده، فإنه لم يكن بها حين خطبتهما، ونحوه في قوله: حدثنا أبو هريرة، وقول طاوس: قدم علينا معاذ اليمن، وأراد أهل بلده؛ فإنه لم يدركه.
أقول يا عدي كان يلزمك قبل أن تتهم عالم وإمام من أئمة المسلمين بالكذب أو التعريض بذلك كان ينبغى أن تقرا قليلا فى كتب المصطلح على الاقل كتاب شيخنا الفاضل مصطفى العدوى للمبتدئين
هذا فقط تسجيل متابعة لموضوع فضيلتك وإن شاء الله أرد على طرحك الاخير بخصوص الرواة المتهمين فى عقيدتهم وإخراج البخارى لهم الخ وأتمنى من الله العلى القدير أن تكون متابع لموضوعاتك حتى إن كانت قديمة
¥(13/21)
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[05 - 05 - 07, 06:44 ص]ـ
السلام عليكم ومرحبا بالأخ ياسر بن مصطفى
بارك الله فيكم وإهتمامكم بهذا الموضوع وما ذكرتموه من نقاط أحتاج الإجابة عليها وعلي أن أوضح النقاط أكثر.
أخي الفاضل ياسر ان حديث (ابني هذا سيد ولعل اللّه تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) قد اتضح لي ان فيه عدة علل أما في سنده وأما في متنه وأما في الجميع، وإذا كان لديك أمر آخر أو دليل فياريت إن تشاركنا.
سأبدأ بسرد العلل إبتداءا من ناحية السند وما قيل فيه معطيا لونا آخر لكل ما أريد التنبيه عليه.
أولا: الحديث لم يكن معروفا الا من قبل الحسن بن أبي الحسن (البصري) عن أبي بكرة الثقفي، والحسن البصري هو الراوي الوحيد الذي تفرد بهذا الحديث، حتى ان الذهبي أعتبر هذا الحديث حسنة من حسناته، ولكن في نفس الوقت الذهبي يذكر في ترجمة الحسن البصري بانه لم يسمع من ابي بكرة. فكيف صار حسنة من حسناته؟!
سير أعلام النبلاء- للذهبي- ابن ديزيل أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين
الإمام الحافظ الثقة العابد أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين ابن علي الهمدأني الكسائي ويعرف بابن ديزيل.
..........
أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن علوان ببعلبك أخبرنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم أخبرنا عبد الحق اليوسفي أخبرنا علي بن محمد العلاف أخبرنا عبد الملك بن محمد الواعظ اخبرنا أحمد بن إسحاق الطيبي حدثنا إبراهيم بن الحسين بهمذان حدثنا عفان حدثنا مبارك عن الحسن أخبرني
أبو بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فإذا سجد وثب الحسن بن علي على ظهره أو على عنقه فيرفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعا رفيقا لئلا يصرع فعل ذلك غير مرة فلما قضى صلاته قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد قال:
"إنه ريحانتي من الدنيا وأن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين".
هذا حديث حسن من حسنات الحسن
تفرد به عن أبي بكرة الثقفي الحسن بن أبي الحسن
ومبارك بن فضالة: شيخ حسن.
وثانيا: هنا الذهبي يذكر ان الحسن البصري لم يسمع من ابي بكرة ومن ثم يذكر عن الاسباب التي إعرض فيها اهل الصحيح عنه.
سير اعلام النبلاء- للذهبي
الحسن البصري (ع)
هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري
...........................
وقد روى بالإرسال عن طائفة كعلي وأم سلمة ولم يسمع منهما
ولا من أبي موسى ولا من ابن سريع ولا من عبد الله بن عمرو ولا من عمرو بن تغلب ولا من عمران ولا من أبي برزة ولا من أسامة بن زيد ولا من ابن عباس ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة
ولا من أبي بكرة ولا من أبي هريرة ولا من جابر ولا من أبي سعيد قاله يحيى بن معين.
.................
قال قائل إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن عن فلان وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلان المعين
لأن الحسن معروف بالتدليس ويدلس عن الضعفاء
فيبقى في النفس من ذلك. فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة والله أعلم.
أنتهى كلام الذهبي.
والأمر الآخر ان الدارقطني ذكر في كتابه الإلزامات والتتبع:-
وألحسن لا يروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة.
ثالثا: العجيب من ان سبب إدخال الشيخ البخاري هذا الحديث في صحيحه هو بسبب استدلال شيخه علي بن عبد الله (اي ابن المديني) بقول الحسن البصري: (ولقد سمعت أبا بكرة) فأكتفى بدون أي قرينة أخرى لتثبت ذلك. والظاهر من ابن المديني لم يكن عنده دليل آخر ليثبت سماع الحسن البصري من ابي بكرة سوى هذا الحديث!.
صحيح البخاري- كتاب الصلح- كتاب قول النبي (ص) للحسن بن علي (رضي الله عنهما)
2584 حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن أبي موسى، قال: سمعت الحسن، يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانه ....................
قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه .............................
قال أبو عبد الله: " قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة، بهذا الحديث " *
والعلة الأخرى: إن الحديث على أساس قد ذكر أمام جمع من الصحابة، والعجيبة انه لم يصل إلينا إلا عن طريق صحابي واحد ومن ثم عن طريق تابعي واحد، وهذا التابعي يدلس عن الضعفاء وبل وكان يرسل كثيرا ويدلس قال البزار كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول حدثنا وخطبنا يعني قومه الذين حُدِّثوا وخُطبوا بالبصرة.
ومن ثم عن طريقه أنتشر هذا الحديث.
تقريب التهذيب - ابن حجر العسقلاني
1227 - (ع) الحسن ابن أبي الحسن البصري واسم أبيه يسار بالتحتانية والمهملة الأنصاري مولاهم ثقة فقيه فاضل مشهور
وكان يرسل كثيرا ويدلس
قال البزار كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم
فيتجوز ويقول حدثنا وخطبنا
يعني قومه الذين حُدِّثوا وخُطبوا بالبصرة
هو رأس أهل الطبقة الثالثة مات سنة عشر ومائة وقد قارب التسعين.
فالحديث مابين أمرين أما محرف وأما موضوع.
والله الأعلم
¥(13/22)
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[22 - 05 - 07, 05:13 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى اله عليه وسلم
حسنا ما فعل المشرف فى ايقاف العضو ولكنه حدثنى على المسنجر طالبا منى الرد ونقل اجابات الاخوة على الموضوعين الذين اوردهما فى المنتدى
وقد أوردت ردا عليه فى المسنجر واحببت ان انقله هنا حتى لو كان هناك خطا او اضافة يتكرم على شيوخي الكرام فى الملتقى بالتصحيح والاضافة
الزميل المحترم عدي لقد اوردت اجابات فى مداخلتى السابقة على اتهامك بالكذب لسيدنا الحسن رحمة الله عليه ولم اسمع منك حتى تعليقا واحدا عليها والعجب انك انتقلت الى حديث تريد ان تستدل به على مزاعمك والعجب أكثر وجود هذا الحديث فى صحيح البخارى مما يعني اتفاق اهل العلم على قبوله فكانك بذلك تطعن وترد على العلماء من البخارى الى هذا العصر لاعجب فلن تنقضى عجائب وجهل المستشرقين
والان بفضل الله احاول الاجابة على ماذكرته فى الحديث من علل فى زعمك انت ... أنت وحدك
ذكرت العلة الاولى وهى
أولا: الحديث لم يكن معروفا الا من قبل الحسن بن أبي الحسن (البصري) عن أبي بكرة الثقفي، والحسن البصري هو الراوي الوحيد الذي تفرد بهذا الحديث، حتى ان الذهبي أعتبر هذا الحديث حسنة من حسناته، ولكن في نفس الوقت الذهبي يذكر في ترجمة الحسن البصري بانه لم يسمع من ابي بكرة. فكيف صار حسنة من حسناته؟!
والاجابة على هذا السفه هى ما يلي
هل ترد كل حديث تفرد به راوي ثقة فإن قلت نعم فرد اذا حديث انما الاعمال بالنيات الوارد فى صحيح البخارى والذي اتفق اهل العلم على قبوله والذي تفرد به عدد من الثقات
فلو قلت الامر يختلف بالنسبة للحسن البصرى لانه متهم بالتدليس فالجواب ان اهل العلم متفقين على قبول رواية الموضوف بالتدليس اذا صرح بالتحديث ان كان عدلا ضابطا والامام الحسن البصرى صرح بالتحديث فى هذا الحديث
فَقَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ
فانت بين خيارين اما ان تكذب الحسن البصرى وتطعن فى عدالته وامانته وهذا قول لااظنك تقوله لانه لم سيبقك اليه نقاد الحديث واطبائه ومن هم اعلم واحرص عليه منك
والثاني ان تقبل الحديث وتعترف بصحته واظنك ان شاء الله وقافا ورجاعا للحق
علتك الثانية
وثانيا: هنا الذهبي يذكر ان الحسن البصري لم يسمع من ابي بكرة ومن ثم يذكر عن الاسباب التي إعرض فيها اهل الصحيح عنه.
والجواب عنها كما يلي
هل كل قول للامام الذهبى يقبل حتى وان خالف المتقدمين ومن هم أدرى واعلم واتقن وساقول لك كما قلت عن ابن حزم انه غير معصوم لاسيما مع مخالفته للامام الائمة على بن المديني طبيب الحديث وعلله قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ
أما علتك الثالثة وتعجبك فما ادرى ما هو سبب تعجبك فياليت توضح لى سبب تعجبك حتى نتعجب معك
أرجو من مشايخنا الكرام التفضل بالتعليق والتصحيح وجزاكم الله خيرا(13/23)
استفسار بشأن الأحاديث (أرجو الرد على الموضوع)
ـ[فهد الجابري]ــــــــ[14 - 04 - 06, 03:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ........
فكنت أسأل عن الأحاديث الصحيحة من حيث الحجة من عدمه
هل الحديث الصحيح حجة بنفسه من غير عمل السلف له, أم حجة بعمل السلف له؟
أرجو لمن عنده خلفية أو فائدة أن ينفعنا بها
وأرجو عزو ما يستطاع العزو إليه
شاكراً لكم جهودكم.(13/24)
شبهات حول أحاديث المصطفى
ـ[حسن عبد الله]ــــــــ[15 - 04 - 06, 04:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إن مما دأب عليه أعداء الإسلام إستغلال تشكيك بعض أهل الزيغ والضلال في ثوابت الدين ومن ذلك الطعن في ثبوت سنن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد رأيت شتاتاً لردود ونقولات لكلام أهل العلم في الرد على شبه من تجرأ على أحاديث ثبتت بأسانيد كالشمس عن نبي الهدى صلى الله عليه وسلم وتلقتها الأمة بالقبول وأرى أن نحاول جمعها في مكان واحد حتى تكون مرجعاً لنا في الرد على تلك المطاعن.
فإن كان هذا الجهد قد بذل سابقاً في هذا المنتدى المبارك بشكل موسع فليت أحد الأخوة يضع الرابط لذلك وإلاّ فلنجمع كل ما نقل وذكر عن هذه المطاعن والردود عليها هنا عسى أن يكون هذا من باب الدفاع عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
ولا ينبغي لنا أن نكلّ أو نمل لأن أعداءنا ما كلوا ولا ملوا وهذه الشبهات تعود في كل حين وزمن بوجوه جديدة.
ومن الأحاديث على سبيل المثال:
- حديث الذبابة
- حديث رضاع الكبير
- حديث إنشقاق القمر في عهده صلى الله عليه وسلم
- حديث بنائه على عائشة وهي بنت تسع سنين
- حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم
ولنبدأ بحديث الذبابة:
رابط عن حديث الذبابة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31523&highlight=%CD%CF%ED%CB+%C7%E1%D0%C8%C7%C8%C9
وهنا محاضرة للشيخ مسعد أنور بعنوان " شبهات حول حديث الذبابة "
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=51780&scholar_id=400
وهذا كتاب ألف في ذلك:
" الإصابة في صحة حديث الذبابة" طبع دار القبلة , خليل إبراهيم ملا خاطر سنة 1405هـ 1984،
ونقل للشيخ الألباني رحمه الله من السلسلة الصحيحة:
حديث 38:
(إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ [كله] ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وفي َالْأُخْرَى شِفَاءً).
ورد من حديث أبي هريرة، وابي سعيد الخدري , وأنس بن مالك.
1 - أما حديث ابي هريرة , فله عنه طرق:
الأول: عن عبيد بن حنين قال: سمعت أباهريرة يقول: (فذكره) , أخرجه البخاري , والدارمي , وابن ماجه , وأحمد , وما بين المعكوفتين زيادة له , وهي للبخاري في رواية له.
الثاني: عن سعيد بن أبي سعيد عنه. رواه ابوداود من طريق أحمد وهذا في المسند، والحسن بن عرفة في جزئه , وابن حبان , من طريق محمد بن عجلان عنه به , وزاد: (وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء , فليغمسه كله).
قلت: واسناده حسن.
الثالث: عن حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبدالله بن أنس عنه به.
أخرجه الدارمي، وأحمد , وسنده صحيح على شرط مسلم , لولا أنه منقطع بين ثمامة وأبي هريرة فإنه لم يدركه، وقال الدارمي عقبه: (قال غير حماد: ثمامة عن أنس , مكان أبي هريرة)
قلت: وهو أصح.
الرابع: عن محمد بن سيرين عنه به , رواه أحمد وسنده صحيح أيضا.
الخامس: عن أبي صالح عنه،رواه أحمد , والفاكهي , بسند حسن.
2 - وأما حديث أبي سعيد الخدري , فلفظه:
حديث 39:
(إِنَّ أَحَدَ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ وَالْآخَرَ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاء) َ.
رواه أحمد: حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَأَتَانَا بِزُبْدٍ وَكُتْلَةٍ فَأُسْقِطَ ذُبَابٌ فِي الطَّعَامِ فَجَعَلَ أَبُو سَلَمَةَ يَمْقُلُهُ بِأُصْبُعِهِ فِيهِ فَقُلْتُ يَا خَالُ مَا تَصْنَعُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فذكره).
ورواه ابن ماجه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ به مرفوعا دون القصة.
ورواه الطيالسي , وعنه رواه النسائي وابويعلى وابن حبان.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير سعيد بن خالد – وهو القارظي – وهو صدوق كما قال الذهبي والعسقلاني.
3 - وأما حديث أنس , فرواه البزار من طريق أبي عتاب سهل بن حماد عن عبدلله بن المثنى عن ثمامة عنه.
قلت: وسنده صحيح رجاله رجال الصحيح.
¥(13/25)
وبعد أن ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة عن هؤلاء الصحابة الثلاثة: أبي هريرة , وأبي سعيد الخدري , وأنس , ثبوتاً لا مجال لرده ولا للتشكيك فيه , كما ثبت صدق أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافاً لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين , ومن تبعهم من الزائغين , حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه , واتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وحاشاه من ذلك , فهذا هو التحقيق العلمي يثبت أنه برئ من كل ذلك , وأن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه , لأنهم رموا صحابياً بالبهت , وردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة , وقد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمت.
وليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث – وهو حجة ولو تفرد – أم جهلوا ذلك؟
فإن كان الأول , فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه , ويوهمون الناس أنه لم يتابعه أحداً من الأصحاب الكرام؟
وإن كان الآخر , فهلا سألوا أهل الاختصاص والعلم بالحديث الشريف؟
وما أحسن ما قيل:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة .......... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ثم إن كثيراً من الناس يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء , وهو أن الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم , فإذا وقع في الطعام أو في الشراب , علقت به تلك الجراثيم.
والحقيقة أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك , بل هو يؤيدهم , إذ يخبر أن في أحد جناحيه داء , ولكنه يزيد عليهم فيقول (و فِي الْأُخْرَى شِفَاءً) , فهذا مما لم يحيطوا بعلمه , فوجب عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين , وإلا , فالتوقف إذا كان من غيرهم إن كانوا عقلاء علماء، ذلك لأن العلم الصحيح يشهد أن عدم العلم بالشئ لا يستلزم العلم بعدمه.
نقول ذلك على افتراض أن الطب الحديث لم يشهد لهذا الحديث بالصحة , وقد اختلفت آراء الأطباء حوله , وقرأت مقالات كثيرة في مجلات مختلفة , كل يؤيد ما ذهب إليه تأييداً أو رداً.
ونحن , بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث , وأن النبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) النجم 3 , لا يهمنا كثيراً ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب , لأن الحديث برهان قائم في نفسه , لا يحتاج إلى دعم خارجي.
ومع ذلك , فإن النفس تزداد إيماناً حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح , ولذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقل إلى القراء خلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث , قال:
(يقع الذباب على المواد القذرة المملوءة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة , فينقل بعضها بأطرافه , ويأكل بعضاً , فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة يسميها علماء الطب (مبعد البكتيريا) , وهي تقتل كثيراً من جراثيم الأمراض , ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية , أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود (مبعد البكتيريا) , وإن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب , هي أنه يحول البكتيريا إلى ناحيته , وعلى هذا , فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام , وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب , فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم , وأول واقٍ منها هو (مبعد البكتيريا) الذي يحمله الذباب في جوفه قريباً من أحد جناحيه , فإذا كان هناك داء , فدواؤه قريب منه , وغمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة , وكاف في إبطال عملها).
وقد قرأت قديماً في هذه المجلة بحثاً ضافياً في هذا المعنى للطبيب الأستاذ سعيد السيوطي (مجلد العام الأول) , وقرأت في مجلد العام الفائت (503) كلمة للطبيبن محمود كمال ومحمد عبدالمنعم حسين , نقلاً عن (مجلة الأزهر).
ثم وقفت على العدد (82) من (مجلة العربي) الكويتية (144) تحت عنوان: (أنت تسأل ونحن نجيب) بقلم المدعو عبدالوارث الكبير , جواباً على سؤال عما لهذا الحديث من الصحة والضعف؟ فقال:
¥(13/26)
(أما حديث الذباب , وما في جناحيه من داء وشفاء , فحديث ضعيف , بل هو عقلاً حديث مفترى , فمن المسلم به أن الذباب يحمل الجراثيم والأقذار .......... ولم يقل أحد قط: إن في جناحي الذبابة داء وفي الآخر شفاء , إلا من وضع هذا الحديث أو افتراه , ولو صح ذلك , لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضار الذباب ويحض على مكافحته).
وفي الكلام – على اختصاره – من الدس والجهل ما لا بد من الكشف عنه , دفاعاً عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وصيانة له من أن يكفر به من قد يغتر بزخرف القول , فأقول:
أولاً: لقد زعم أن الحديث ضعيف , يعني: من الناحية العلمية الحديثية , بدليل قوله: (بل هو عقلاً حديث مفترى) , وهذا الزعم واضح البطلان , تعرف ذلك مما سبق تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , وكلها صحيحة , وحسبك دليلاً على ذلك أن أحداً من أهل العلم لم يقل بضعف الحديث , كما فعل هذا الكاتب الجرئ.
ثانياً: لقد زعم أنه حديث مفترى عقلاً , وهذا الزعم ليس وضوح بطلانه بأقل من سابقه , لأنه مجرد دعوى , لم يسق دليلاً يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكن الإحاطة به , أليست تراه يقول (ولم يقل أحد ....... ولو صح , لكشف عنه العلم الحديث .. )؟ , فهل العلم الحديث – أيها المسكين – قد أحاط بكل شئ علما ً , أم أن أهله الذين لم يصابوا بالغرور – كما أصيب من يقلدهم منا – يقولون: إننا كلما ازددنا علماً بما في الكون وأسراره , أزددنا معرفة بجهلنا , وأن الأمر بحق كما قال الله تبارك وتعالى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
وأما قوله: (إن العلم يقطع بمضار الذباب ويحض على مكافحته) , فمغالطة مكشوفة , لأننا نقول: إن الحديث لم يقل نقيض هذا , وإنما تحدث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها , فإذا قال الحديث: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ ... ) فلا أحد يفهم – لا من العرب ولا من العجم , اللهم إلا العجم في عقولهم وأفهامهم – أن الشرع يبارك في الذباب ولا يكافحه.
ثالثاً: قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم , من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه (مبعد البكتيريا) القاتل للجراثيم , وهذا وإن لم يكن موافقاً لما في الحديث على وجه التفصيل , فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه وأمثاله من اجتماع الداء والدواء في الذباب , ولا يبعد أن يأتى يوم تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها علمياً (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ص 88.
وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه , أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث ذهب إلى تصحيح الحديث (طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) , فقال: (حديث صحيح متفق عليه).
فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته , فالحديث الأول صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم , فكيف جاز له تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟
ثم تأوله تأويلاً باطلاً يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه , لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة , وأن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر , وهذا تأويل باطل بين البطلان , وإن كان عزه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه.
فلا أدري أي خطأيه أعظم؟ أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح؟ أم تأويله للحديث الآخر وهو تأويل باطل؟.
وبهذه المناسبة فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في بعض المجلات السائرة , أو الكتب الذائعة , من البحوث الإسلامية – وخصوصاً ما كان منها في علم الحديث – إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولاً , ثم بعلمه واختصاصه فيه ثانياً , فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر وخصوصاً من يحمل منهم لقب (الدكتور) فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم , وما لا علم لهم به , وإني لأعرف واحداً من هؤلاء أخرج حديثاً إلى الناس كتاباً جله في الحديث والسيرة , وزعم فيه أنه أعتمد فيه على ماصح من الأحاديث والأخبار في كتب السنة والسيرة , ثم هو أورد فيه من الرويات والأحاديث ما تفرد به الضعفاء والمتروكون والمتهمون بالكذب من الرواة , كالواقدي وغيره , بل أورد فيه حديث (نحن نحكم بالظاهر , والله يتولى السرائر) , وجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم , مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ , كما نبه عليه حفاظ الحديث , كالسخاوي وغيره.
فاحذروا أيها القراء , أمثال هؤلاء , والله المستعان.
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 10:11 م]ـ
رفع
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[24 - 08 - 06, 12:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب ماذا عندكم عن بقية الشبه فليتك تتابع ما بدأته فإن جمعت فاسرد وإلا أعناك والاخوة لأهمية هذا الأمر في رد شبه أهل الصليب وعباد العقول أهل الأهواء.
¥(13/27)
ـ[أبو رنا]ــــــــ[07 - 11 - 07, 12:22 م]ـ
أخي الحبيب أظن أن منها أيضاً حديث الشاة المسمومة وغيرها، وهي شبه العقلانيين الذين يحكمون فيها العقل وإن خالف فيما يصل إليه نصوص الشريعة الثابتة، فيلجؤون إلى إنكارها، وقد قابلت رجلاً يعتنق هذا الفكر وسبحان الله يا أخي تراه يسفه عقلك بشكل لا يتصور لأنك تصدق أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكل من الشاة المسمومة. أو أنه رهن درعه عند يهودي أ, أو أو .... وكثير من هذه الأحاديث.
أخي الكريم وهناك كتاب يدور حول هذا المعنى، أنا لم أقرأه ولا أدري هل تعرض لهذه الأحاديث أم لا، لكنه يدور حول هذه الفكرة العقلية. وهو بعنوان:
نقض أصول العقلانيين
ما هو العقل؟ أين مكانه؟ ما موقف الإسلام منه؟ كيف نرد على من يعظمه على حساب النصوص الشرعية؟
إعداد سليمان بن صالح الخراشي
دار علوم السنة
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 02:55 م]ـ
رفع
رأيت هذا المصطلح كثيراً، وأود لو أن أحداً دلني على معناه؟(13/28)
سلم أبي المنذر في الجرح والتعديل والمجاهيل
ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 06:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي المنذر الدوماوي إلى أخواني أهل ملتقى الحديث سلام عليكم ورحمة الله؛ فإني أحمد الله إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد:
فهذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى الطيب حيث أنني كنت محجما عن المشاركة في أي منتدى منذ سنين لكن من باب عدم كتمان العلم ومن باب أداء زكاة العلم أحببت أن أشارك بهذه المشاركة المتواضعة التي أرجو أن ينتفع بها طلاب العلم في شرق الأرض وغربها وتكون عملا زاكيا لا ينقطع أجره
هذا وإنني أرحب بأي نصيحة من إخواني أو تعليق علمي هنا وعلى بريدي الرسمي
frajj40@emirates.net.ae
ونسأل الله الهدى والحفظ والتثبت في أمرنا كله، ونعوذ بالله أن نضل أو نجهل أو نكلف ما ليس لنا بعلم.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته.
وكتب: أبو المنذر الدوماوي
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[15 - 04 - 06, 06:16 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بعلمك ... ولكن عندي سؤال ... هل هناك برنامج يفتح هذا الملف ... وان لم يكن ... فما السبيل الى فتحه (بعد فك الضغط طبعاً).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 06:19 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بعلمك ... ولكن عندي سؤال ... هل هناك برنامج يفتح هذا الملف ... وان لم يكن ... فما السبيل الى فتحه (بعد فك الضغط طبعاً).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الملف بصيغة zip ويفتح بـ winzip وبداخله ملف أكسل تفتحه ببرنامج microsoftexcel
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[15 - 04 - 06, 06:57 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا المنذر
لا حرمك الله الأجر
مع أنني لست متخصصاً في هذا الفن إلا أن الفكرة جميلة ورائعة تقرب العلم للراغبين
وفقك الله وزادك من فضله وأتمنى أن تواصل مسيرتك وتفيدنا بمثل هذه الملخصات الجميلة
ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 09:30 م]ـ
تم تحديث المرفقات
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[15 - 04 - 06, 09:51 م]ـ
أخي الفاضل:
ما الفرق بين الملف الأول وبين هذا
حيث إنني عندما فتحت الجديد
اشتغلت 9 ملفات!
ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[15 - 04 - 06, 10:33 م]ـ
أخي عامر بارك الله فيك
الفرق فقط من ناحية فنية لا موضوعية فقد كانت الملف في الاكسل صعب المشاهدة
وارجو المسامحة على الازعاج
ـ[مسك]ــــــــ[20 - 04 - 06, 04:53 م]ـ
حياك الله أخي وبياك وجعل الجنة مثوانا ومثواك ..
أوصيك ونفسي بتقوى الله والكتابة بما يسرك أن تلقاه ..
اهلاً وسهلاً بك في ملتقى الحديث فائداً ومستفيداً ..
وشكر الله لك هذه المشاركة ..
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[20 - 04 - 06, 08:00 م]ـ
بارك الله فيك
مشاركة جميلة
ننتظر المزيد
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[20 - 04 - 06, 10:42 م]ـ
أخي أبو المنذر أحسن الله اليه ... هل من سبيل أن نرى هذا الملف على صيغة وورد؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[21 - 04 - 06, 02:00 ص]ـ
مجهود طيب، جزاكم الله كل خير ...
ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[06 - 01 - 07, 08:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي المنذر الدوماوي إلى أخواني أهل ملتقى الحديث سلام عليكم ورحمة الله؛ فإني أحمد الله إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد:
فهذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى الطيب حيث أنني كنت محجما عن المشاركة في أي منتدى منذ سنين لكن من باب عدم كتمان العلم ومن باب أداء زكاة العلم أحببت أن أشارك بهذه المشاركة المتواضعة التي أرجو أن ينتفع بها طلاب العلم في شرق الأرض وغربها وتكون عملا زاكيا لا ينقطع أجره
هذا وإنني أرحب بأي نصيحة من إخواني أو تعليق علمي هنا وعلى بريدي الرسمي
balsam.mohammad@borouge.com
ونسأل الله الهدى والحفظ والتثبت في أمرنا كله، ونعوذ بالله أن نضل أو نجهل أو نكلف ما ليس لنا بعلم.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته.
وكتب: أبو المنذر الدوماوي
ggggggggggggggggggggggg
ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[20 - 03 - 09, 03:31 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ...
فهذه هي الطبعة الثالثة 1430 عسى الله أن ينفع بها
وقد وضعتها على ملف word تسهيلا للقراء وأمور الطباعة نسأل الله التوفيق والقبول.
أخوكم
أبو المنذر
ـ[عبدالرحمن نور الدين]ــــــــ[21 - 03 - 09, 12:14 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبا المنذر ,
وهذه فعلاً موسوعة في علم ألفاظ وأئمة الجرح والتعديل
ونتمني إضافة قواعد الجرح والتعديل وغيره إلي الإصدار الجديد.(13/29)
سؤالين في مصطلح الحديث
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[16 - 04 - 06, 04:13 ص]ـ
واجهت مسألتين في علم مصطلح الحديث لم أعرف الإجابه عليهما وهما:
1: احد شروط صحة الحديث هو أن يكون الحديث سالما من الشذوذ وسالما من العلة, فالشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه, أو مخالفة الراجح لما هو ارجح منه. فهل من أمثلة على هذا من كتب السنة؟
والعلة هل من شرح لمعناها بالتفصيل وأمثلة عليها؟
2: وجدت كثير من الأحاديث في موطأ مالك وغيره كأن أسانيدها معنعه ولا أدري هل أصبت في ذلك اولا, مثال:
اول حديث في الموطأ حيث يقول يحيى بن يحيى الليثي: عن مالك عن ابن شهاب
إذن كيف يعرف قارئ هذا الحديث هل سمعه مالك من ابن شهاب أو أخذه إجازة على سبيل المثال؟
ساعدوني جزاكم الله خير
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[17 - 04 - 06, 12:29 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالنسبة لعلل الحديث أخي الفاضل ... فهناك كتاب لشيخنا الفاضل ماهر الفحل ... وهو على الرابط التالي:
http://saaid.net/book/open.php?cat=91&book=2484
*****
وبالنسبة للزيادة الشاذة ... فقد أرفقت مع هذه المشاركة ملف فيه أمثلة على الزيادات الشاذة.
****
وبالنسبة لتعريف الشاذ وأفضل ما قيل فيه ... ((الشذوذ: مخالفة المقبول لمن هو أوثق منه)).
****
راجع في هذا التعريف ما قاله الشيخ الفاضل أبي الحسن في كتابه ((اتحاف النبيل بأجوبه اسئله علوم الحديث و العلل و الجرح و التعديل)) ص 109 ... وهو كتاب نفيس في بابه.
****
أما عن عنعنة يحى بن يحى الليثي ... فلعلي أسأل أحد العلم عنها ... فان وجدت اجابة رفعت لك الجواب.
والله تعالى وأعلم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[17 - 04 - 06, 12:34 ص]ـ
((استفسار)) ... هل السؤال الذي تريد الاجابة عنه ... عن العنعنة بشكل عام ... أم السؤال متعلق في حالة خاصة ... ألا وهي رواية مالك عن ابن شهاب؟
والسلام عليكم روحمة الله وبركاته
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 04 - 06, 01:28 ص]ـ
العنعنة في عصور الرواية تحمل على السماع إن لم يعرف الراوي بالتدليس
وهذا قول جماهير أهل العلم، وبالغ الإمام مسلم في الرد على مخالفه في مقدمة صحيحه
أما في العصور المتأخرة فقد كثرت فيها الإجازة وصاروا يعبرون بـ (أخبرنا) ونحوها عن الإجازة.
وقد أحببت أن أرشد السائل باختصار، وإن كان الملتقى مليئا ببحوث المشايخ الكرام عن أشباه هذه المسائل.
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[17 - 04 - 06, 01:53 ص]ـ
جزاك الله أخي بلال على الإفادة في موضوع الشذوذ والعلل
ولكن بقي عندي مسألة العنعنة ... فنعم ربما تكون العنعنة في وقت السلف يعني السماع فبدل أن يقول سمعت او حدثني يقول عن.
ولكن المشكلة هي في الوقت الحالي, فربما يكون الكثير من الرجال في الإسناد يروون الكتاب إجازة(13/30)
مصادر السنة ومناهج مؤلفيها للدكتور الشريف حاتم العوني (1) صحيح البخاري
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[16 - 04 - 06, 11:19 ص]ـ
سْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء ن والمرسلين، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله (أن يبارك لنا في العلم، والعمل، وأن يجعل خطواتنا إلى هذه الدروس في موازين الحسنات، وأن يُخْلِصَ النَّوايا، (ويتقبل الأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ستكون دورتنا هذه بإذن الله تعالى بعنوان " مصادر السنة، ومناهج مصنفيها ") ((1) ما بين القوسين سَقْطٌ مِنْ الْمَسْموع، وأَكملنا السِّياق بما يُناسب.1).
والمقصود بمصادر السنة: الكتب التي جَمَعَتْ سنة النبي عليه الصلاة والسلام واعْتَنَتْ بها وبعلومها على مختلَف أوجه التصنيف فيها.
يعني: السنة هناك مؤلفات كثيرة فيها وهناك وجوه من التصنيف وطرائق للتصنيف فيها مختلفة.
ولقاءاتنا هذه ستكون حول هذه المصادر التي اعتنت بسنة النبي عليه الصلاة والسلام وأَلَّفَتْ في هذه الوجوه المختلفة من وجوه التصنيف فيها.
والغرض من هذه اللقاءات هو: التعريف بهذه المصادر المتنوعة وبطريقة تأليفها وبأغراض مؤلِّفيها ليتمكن طالب العلم من الاستفادة من هذه الكتب الاستفادة الصحيحة؛ لأن المرء إذا عرف منهج المؤلف ومقصده، وغرضه من التأليف، استطاع أن يستثمر ويستفيد من هذا الكتاب الاستفادة الصحيحة، وإذا أقدم عليه لا يُقدِم عليه وكأنه أمر مجهول لا يَعرف حقيقته بل يُقدم عليه وهو يعرف لِمَا اختار هذا الكتاب دون غيره، وماذا سيجد في هذا الكتاب، وما الذي لا يُتَوقع أن يوجد في مثل هذا الكتاب، فهو يُقدم عليه على علم، وبينة وهذا أمر ضروري لطالب العلم حتى لا يضيع وقته دون فائدة، وحتى يستطيع أن يستثمر قراءته في كتب السُّنة الاستثمار الكامل الصحيح.
ولا أُخفي سرًّا - كما يقال - إذا قلتُ بأن حُسْنَ التعامل مع مصادر السنة في الحقيقة هو نصف هذا العلم إن صح التعبير؛ لأن الباحث الذي يحسن التعامل مع المصادر وله اطِّلاعٌ كاملٌ على هذه المصادر وعلى مناهجها هو الذي سيستطيع أن يؤلف وأن يُحضِّر وأن يتعامل مع هذه الكتب التعامل الصحيح، وبالتالي يستطيع أن يصل إلى نتائج في هذا العلم تَفُوق غيره ممن لا يُحسن التعامل مع مثل هذه الكتب.
وقد اخترتُ أن أَبْتَدِئ في الكلام عن مصادر السنة بقِمَّة هذه المصادر وبأعلاها وهي كتب الصِّحاح، الكتب التي اشترطت الصحة.
وهناك دورة سابقة كانت قبل أسابيع من الآن عنوانها كعنوان هذه الدورة، لكن مضمونها مختلف تمامًا عن مضمون هذه الدورة، وكانت في مكة زادها الله تشريفًا وتعظيمًا، كانت حول تاريخ التصنيف أو تاريخ وجود التصنيف في السنة النبوية، وهناك تكلمت عن مصادر السنة لا من جهة أنواع التصنيف كما أنني أفعله الآن، وإنما عن طريقة نُشوء التصنيف؛ ما هي أوائل المصنفات في السنة؟ ما هي أسباب وجود هذه المصنفات؟ ما هي الأغراض التي حَرَّفَتْها في كل فترة من الفترات؟ وهكذا؛ عَرْضٌ تاريخي لمصنفات السنة.
أما الذي ننوي أن نقوله في هذه اللقاءات فهو: الكلام عن مصادر السنة ووجوه تصنيفها، وأهم المؤلفات لكل وجه من وجوه التصنيف ومنهج هذه المؤلفات.
فإذا أتينا إلى الكتب الصحاح لا شك أَنَّ قمة كتب الصحاح ما هو؟
- " صحيح البخاري "، أصلًا إذا قلنا مصادر السنة أول ما يبتدر بالذهن كتاب الإمام البخاري عليه رحمة الله، فهو أول كتاب سنحاول أن نتعرف عليه وعلى منهجه بشيء مما يُعين على الاستفادة من هذا الكتاب الاستفادة الصحيحة الكاملة بإذن الله تعالى قدر المستطاع وحسب ما يسمح به الوقت.
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[16 - 04 - 06, 11:25 ص]ـ
نبتدئ كالعادة بإعطاء نُبذة سريعة عن الإمام البخاري وإن كان الإمام البخاري معروفًا عند طلبة العلم، لكن لا بد أن نذكر هذا الإمام بشيء من الترجمة وفاءً بحقه في أقل تقدير.
فهو: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بَرْدِزْبَة الجعفي مولاهم البخاري.
¥(13/31)
كما ترون هو: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة؛ أسماء عربية، هؤلاء الأجداد كلهم مسلمون، بردزبة: هو الذي كان على المجوسية ومات على المجوسية؛ لأن الديانة التي كانت شائعة في بخارى قبل دخول الإسلام إليها كانت هي المجوسية.
والمغيرة جَدُّ أو أبي جَدِّ الإمام البخاري، أسلم على يَدِ رجل يقال له اليمان الجعفي، ولذلك يقال للإمام البخاري: الجعفي مولاه؛ لأن الولاء يكون لأحد ثلاثة أسباب.
يُنسب الإنسان إلى القبيلة ولاءً لأحد ثلاثة الأسباب:
1 - إما بالعتق: أن يكون عبدًا رقيقًا فيُعتقه سيدُه فيُنسب إلى سيده ولاءً.
2 - أو بالحِلف: أن تكون قبيلة حالفت قبيلة فيُنسب إلى القبيلة التي حالفها.
3 - أو بالإسلام: وهذه فيها خلاف عند أهل العلم، لكن قالوا تُلحق بعتق الرقبة؛ لأن الذي أسلم على يديه رجل كأنه أعتقه من النار، ولذلك استحَق أن يكون سيدً ا له.
وُلِدَ الإمام البخاري عليه رحمة الله في بخارى، وهي من بلاد ما وراء النهر - كما هو معروف - في دولة جاكستان الحالية، في سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة، أي: في أوائل القرن الثاني الهجري، ووُلد أعمى أو أُصيب بالعمى بعد ولادته بشيء يسير؛ على خلاف، فرأتْ أمه رؤية صالحة أن إبراهيم (خليل الرحمن عَلَّمَها دعاءً، وأن بهذا الدعاء سيُشفى ويبرأ إذا دَعَتْ به، فاستيقظت ودعت به فشُفِيَ ولدها الإمام البخاري، وهذه كانت الحقيقة - كما يقال إرهاص - للإمام البخاري ولمكانته التي سيحتلها بين علماء المسلمين وأئمة المسلمين.
كرامة أعطيتها أمُّ هذا العالِم ليتحقق قضاء الله وقدره في هذا الإمام بأن ينال المكانة السامية بين علماء المسلمين التي نالها أو التي عُرف بها.
نشأ نشأة صالحة، أبوه من العلماء من طلبة الحديث، وقد ترجم لوالد الإمام البخاري إسماعيل الإمامُ البخاري بنفسه في كتابه " التاريخ الكبير " ترجمة تدل على أنه له عناية بالرواية، فاعتنى بولده هذا، ووَجَّهَهُ إلى السُّنة وإلى تَعُلُّمِها من فترة مبكرة.
وكان - ولا شك - لِنُبُوغ هذا الإمام عبقريته الفذة دور كبير في بُروزه وفي تَعَلُّمه، فقد بلغ مرتبة من العلم في فترة مبكرة جدًّا من عمره، بل له قصة مع أحد شيوخه وهو الدَّاخِلِيُّ وله من العمر أحد عشر عامًا.
كان هذا الشيخ يُحدِّث فروى حديثًا: عن إبراهيم عن أبي سُبَيْعٍ ..
فقال: له البخاري وهو عمره أحد عشرة سنة: هذا خطأ!! والشيخ كبير في السن، حوله الطلاب، وهذا غلام عمره أحد عشرة سنة، يعني مثل بعض الأبناء الجالسين معنا الآن. أحد عشرة سنة!! والشيخ يُحَدِّث وأمامه الطلاب، وهذا يقف أمام الناس ويقول: أخطأت.
فقال له الداخلي وزَبَرَهُ ونهره، وبعض الجلوس كيف تقول تُخَطِّئ الشيخ؟!
فقال: ما حَدَّث به الشيخ خطأ.
فالشيخ كأنه تردد فدخل إلى بيته لينظر في كتابه الذي نسخه بخط يده، فخرج وهو يضحك فقال: أصاب الغلام. كيف الصواب يا غلام؟ يعني: أقر بأنه خطأ لكن يريد هل يَعرف الصواب.
فقال له البخاري: الصواب إبراهيم عن الزبير بن علي، ما هو: إبراهيم عن أبي سبيع، وإنما: إبراهيم عن الزبير بن علي.
قال: ما أدراك؛ كيف عرفتَ أن هذا هو الصواب؟
قال: لأن إبراهيم لا يروي عن أبي سبيع، وإنما يروي عن الزبير بن علي.
فيصل به الجزم بالصواب ومعرفة الصواب إلى درجة الجرأة بالرد على شيخ كبير في السن يُحدث الطلبة.
مثل هذه القصة تكفي لبيان مقدار العبقرية التي أُوتِيهَا الإمام البخاري في تلك الفترة المبكرة من عمره.
ثم بعد ذلك خرج للحج ووالدته - ووالده توفي وهو صغير - وأخوه، ومر ببعض المدن الإسلامية من طريقه إلى بخارى في خراسان في العراق، وسمع بها من عدد كبير من الشيوخ، ثم لَمَّا أرادت أمه أن ترجع مع أخيه إلى بخارى استأذنها الإمام البخاري في المُكث في مكة لطلب العلم، فأذنت له بذلك، فرجعوا إلى بلدهم ومَكَثَ هو في رحلته في طلب.
¥(13/32)
وتَلَقَّى العلم على عدد كبير جدًّا من الشيوخ يزيدون على ألف شيخ، وإن كان لم يُخْرِج في " الصحيح " قطعًا إلا على العدد يسير منهم ممن رضي عدالتهم وضبطهم، فكما يذكر الإمام البخاري أنه سمع من أكثر من ألف شيخ كلهم يقولون بـ: أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، يعني هؤلاء الأكثر من ألف شيخ كلهم من أهل السنة، ليس فيهم أحد من أهل البدع، فلو أضفت إليهم مَن لَقِيَهُمْ من أهل البدع لتضاعف هذا العدد.
من أبرز شيوخ الإمام البخاري:
وهم كُثُرٌ كما ذكرنا - شيخه علي بن المديني؛ علي بن عبد الله جعفر بن نجيح المديني، الإمام الشهير إمام العلل الذي كان يقول عنه الإمام النسائي: كأنما خُلق علي بن المديني بعلم العلل - أو بالعلل.
هذا الإمام الكبير وهو رأس علم العلل في بداية القرن الثالث الهجري تَتَلمذ عليه الإمام البخاري واستفاد من رواياته ومن فهمه وغوصه في علم العلل استفادة عظيمة، وكان يقول الإمام البخاري كلمته الشهيرة: ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.
يقول: ما هانت عليَّ نفسي ولا صَغُرت عليَّ نفسي عند أحد من العلماء إلا عند علي بن المديني، أَعْرِفُ مقدار جهلي أمام علمه، هذا مع أنه لقي الإمام أحمد ولقي يحيى بن معين، من هم أكبر من الإمام البخاري، وهم من شيوخه، يقول هذه العبارة في علي بن المديني لتعرف مكانة هذا الإمام في علم الحديث، وفي علم العلل، إلا أن علي بن المديني لما بلغته هذه العبارة، لما بلغته كلمة الإمام البخاري وأنه كان يقول: ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني، قال: دعوه فإنه لم يَرَ مثل نفسه.
يعني يقول: هذه الكلمة - ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني - يقولها البخاري تواضعًا، وإلا فهو أعلم مني، بل هو أعلم من جميع شيوخه. أي كل الذين رآهم من العلماء دونه في العلم، وهو أعلم من جميع من لقيهم.
ذكرنا من شيوخه: الإمام أحمد، وابن مَعِين، والحُمَيْدِي، وإسحاق بي رَاهَوَيْهِ، ومحمد بن يحيى الذُّهْلِي، وجماعة من أهل العلم هؤلاء من أعيانهم.
جَابَ بلدان العالم الإسلامي في الرحلة في طلب العلم، وتميز - كما ذكرنا - بحافظة باهرة وشهيرة، وقِصَصَه في ذلك أكثر من قصة، وكان إمامًا في أبواب كثيرة من أبواب الخير، وكان من العُبَّاد، لا يكاد يترك يومًا إلا ويتهجد لله عز وجل فيه، بل كان له في رمضان ختمتان: قراءة لنفسه يختم فيها كل ثلاثة أيام، يعني يقرأ كل يوم عشرة أجزاء؛ هذه لنفسه، وإذا أَمَّ بالناس يختم كل عشرة أيام؛ يعني يقرأ كل يوم عشرة أجزاء وأضف إليها تقريبًا ثلاثة أجزاء، فتقريبًا ثلاثة عشر جزءًا كل يوم؛ ثلاثة إذا أَمَّ بالناس وعشرة لنفسه.
وكان مضرَب المثل في الكرم والسَمَاحة والجود، هو الذي كان يقول: ما ماكس رجلٌ ولا ساوم في بيته، يعني إذا جاء يشتري يقول: هذه السلعة بكذا، مباشرة يدفع المبلغ دون أن يساوم، ويرى أن هذا مما يَحُطُّ بالمروءة وأنه لا ينبغي للإنسان أن يساوم، في أمور الدنيا يتساهل.
في الجهاد كان فارسًا، وهذا لعله لا يُعرف، يقول عنه تلميذه ووَرَّاقه محمد بن أبي حاتم: ما أخطأ سهم محمد بن إسماعيل قط، ولا سابقه أحدٌ إلا وسبقه أبو عبد الله؛ على الخيل يعني، فكان فارسًا شجاعًا يُرابط على الحدود.
وفي يوم من الأيام وهو على الرباط على الحدود نام نومًا عميقًا فَعَجِبَ تلميذه من هذه النومة لأجل أن يقوم الليل، فقال له: يا أبا عبد الله فِعْلت اليوم لم أعهدكَ أن تفعله. فقال: إننا على الثغر وأخشى أن يُباغِتَنا العدو، فلا بد أن أكون في قوة واستعداد وتَأَهُّب لمواجهة الأعداء. فلم ينم إلا لأجل أن يتقوى الجهاد وعلى مواجهة أعداء الله عز وجل.
¥(13/33)
له أيضًا موقف مهم جدًّا في قضية الغِيبة، ما أعرف أني اغتبت رجلًا منذ عرفت أَنَّ الغيبة حرام، يعني من يوم أن بلغ، من يوم أن أصبح مكلفًا ما اغتاب أحدًا، وله تفسير في هذا الجانب عجيب: في يوم من الأيام كان أحد شيوخه يُحدث، والإنسان في بعض الأحيان قد يقول معلومة جيدة أو كذا فيفرح المتكلِّم أنه أفاد السامعين بهذه الفائدة، فابتسم هذا الشيخ وهو يُحدث فرحًا وإعجابًا بالفائدة التي أفاد بها الطلاب، يقول البخاري: فابتسمت لابتسامة الشيخ، يعني: عرفتُ أنه فرح على الفائدة التي أفادنا إياها، فخشي أن تكون هذه الابتسامة غيبة، فبعد أَنْ انتهى الدرس ذهب للشيخ يَتَحَلَّلُهُ ويطلب من الشيخ أن يعفو عنه، يقول: وقع مني كذا؛ ابتسمتَ، فابتسمتُ لابتسامتكَ ووقع في قلبي كذا وكذا. فقال: اذهب رحمك الله فأنت في حِلٍّ. ما في أعظم من هذا الورع، يعني إلى هذا الحد، مجرد ابتسامة خشي أن تُحسب عليه غيبة عند الله عز وجل، فرأى أن يعتذر وأن يتحلل قبل أن يُقتص منه يوم القيامة.
الكلام في أبي عبد الله البخاري طويل جدًّا، لكن طبعًا حصلت له ابتلاءات في حياته، وهذه سُنة الله عز وجل في أهل الصلاح، وأهل العلم، لا بد أن يقع لهم ابتلاء؛ إما أن يُبْتَلَوْا بالنِّعم ويمتحنهم الله عز وجل ليرى هل يشكروها حق شكرها ويقوموا بها؟ أو يُبتلوا بالبلايا والضُّر ليرى الله عز وجل صبرهم واحتمالهم واحتسابهم، وليُكَفِّر عنهم سيئاتهم وليرفع درجاتهم عنده سبحانه وتعالى.
ابتُلِيَ الإمام البخاري بأكثر من فتنة وأكثر من ابتلاء، وصبر واحتسب وضرب أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب، وأشد هذه الابتلاءات اتهامه بالبدعة وهو الذي كان إمامًا من أئمة السنة ينصر السنة ويدافع عنها، ولا شك أن هذا الاتهام كان باطلًا، وقد عَرَف ذلك كثير من معاصريه ممن كان يتهمه، وأعلنوا توبتهم واعتذارهم في حياته وبعد وفاته أعلنوا توبتهم لله عز وجل مما قالوه في حقه.
تُوفِيَّ هذا الإمام في سَنة سِتَّة وخمسين ومائتين من الهجرة.
وقد ترك مؤلفات كثيرة جدًّا في السنة وعلومها، من أشهرها كتابه:
" الصحيح " الذي سيكون مَحَطَّ كلامنا، وكتاب " التاريخ الكبير "، و" التاريخ الأوسط "، و" التاريخ الصغير "؛ وكلها في تراجم الرواة، ليست في علم التاريخ المعروف، إنما هي في تراجم الرواة، وكتاب " الضعفاء الكبير "، وكتاب " الضعفاء الصغير "، وكتاب " القراءة خلف الإمام "، وكتاب " الأدب المفرد "، و" جزء رفع اليدين في الصلاة "، وغيرها من المؤلفات الكثيرة العديدة والتي فُقِدَ شيء كثير منها وبقي منها أهمُّها، وأهم كتابين له في الحقيقة هما: " الصحيح "، و" التاريخ الكبير "، هذه أهم كتب الإمام البخاري وكلاهما موجود مطبوع بحمد الله تعالى.
أما كتابه " الصحيح "، فنبتدئ أولًا في سبب تأليف هذا الكتاب:
يذكر الإمام البخاري أن سبب تأليفه لهذا الكتاب أنه كان في مجلس إسحاق بن رَاهُويه - إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - شيخه، فقال إسحاق: لو أن أحدكم يجمع مختصرًا في صحيح أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، يقترح هذا الشيخ على طلابه أن يجمعوا كتابًا مختصرًا في صحيح السنة النبوية.
يقول البخاري: فوقع هذا الكلام في نفسي، يعني يوم اقترح علينا إسحاق بن راهويه هذا الاقتراح قَدَح في ذِهني أن أقوم بهذا الجَمْع، وبادر بالفعل بهذا الجمع من فترة مبكرة.
ابتُلِيَ الإمام البخاري بأكثر من فتنة وأكثر من ابتلاء، وصبر واحتسب وضرب أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب، وأشد هذه الابتلاءات اتهامه بالبدعة وهو الذي كان إمامًا من أئمة السنة ينصر السنة ويدافع عنها، ولا شك أن هذا الاتهام كان باطلًا، وقد عَرَف ذلك كثير من معاصريه ممن كان يتهمه، وأعلنوا توبتهم واعتذارهم في حياته وبعد وفاته أعلنوا توبتهم لله عز وجل مما قالوه في حقه.
تُوفِيَّ هذا الإمام في سَنة سِتَّة وخمسين ومائتين من الهجرة.
وقد ترك مؤلفات كثيرة جدًّا في السنة وعلومها، من أشهرها كتابه:
¥(13/34)
" الصحيح " الذي سيكون مَحَطَّ كلامنا، وكتاب " التاريخ الكبير "، و" التاريخ الأوسط "، و" التاريخ الصغير "؛ وكلها في تراجم الرواة، ليست في علم التاريخ المعروف، إنما هي في تراجم الرواة، وكتاب " الضعفاء الكبير "، وكتاب " الضعفاء الصغير "، وكتاب " القراءة خلف الإمام "، وكتاب " الأدب المفرد "، و" جزء رفع اليدين في الصلاة "، وغيرها من المؤلفات الكثيرة العديدة والتي فُقِدَ شيء كثير منها وبقي منها أهمُّها، وأهم كتابين له في الحقيقة هما: " الصحيح "، و" التاريخ الكبير "، هذه أهم كتب الإمام البخاري وكلاهما موجود مطبوع بحمد الله تعالى.
أما كتابه " الصحيح "، فنبتدئ أولًا في سبب تأليف هذا الكتاب:
يذكر الإمام البخاري أن سبب تأليفه لهذا الكتاب أنه كان في مجلس إسحاق بن رَاهُويه - إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - شيخه، فقال إسحاق: لو أن أحدكم يجمع مختصرًا في صحيح أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، يقترح هذا الشيخ على طلابه أن يجمعوا كتابًا مختصرًا في صحيح السنة النبوية.
يقول البخاري: فوقع هذا الكلام في نفسي، يعني يوم اقترح علينا إسحاق بن راهويه هذا الاقتراح قَدَح في ذِهني أن أقوم بهذا الجَمْع، وبادر بالفعل بهذا الجمع من فترة مبكرة.
وقد حاول أحد العلماء أو الباحثين المعاصرين وهو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة عليه رحمة الله أن يُحدد بداية تأليف الإمام البخاري لكتابه الصحيح، اعتمد في ذلك على خبر ذكره الإمام العُقَيّلي؛ يذكر الإمام العقيلي عليه رحمة الله أن البخاري عرض كتابه " الصحيح " على ثلاثة من شيوخه وهم: الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأنهم وافقوه عليه وعلى صحة ما فيه إلا أربعة أحاديث فقط، يقول العقيلي: والصواب فيها مع البخاري، حتى هذه الأربعة أحاديث فالصواب فيها مع البخاري.
فحاول الشيخ أن يستنبط بداية التأليف من تواريخ وافيات هؤلاء العلماء؛ لأن أقدم واحد من هؤلاء - وهو يحيى بن معين - تُوفي سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين من الهجرة، ومعنى ذلك أنه لا بد من أن البخاري ابتدئ في تأليف الصحيح قبل سنة مائتين وثلاثة وثلاثين، ولنفرض مثلًا ابتدئ في التأليف سنة مائتين واثنين وثلاثين؛ هذا في أقل تقدير، فيكون عمره حينها كم سنة؟ وُلد سنة أربع وتسعين ومائة، كم يكون عمره؟ ثمانية وثلاثين سنة هذا. ماهو البداية، هذا آخر تأليفه؛ لأنه عَرَض الصحيح كاملًا، يعني انتهى من تأليف الصحيح المفترض يكون قبل تَقدِيمِه سنة مائتين واثنين وثلاثين؛ لأنه عرض الصحيح كاملًا على هؤلاء الشيوخ الثلاثة، وأولهم وفاةً هو يحيى بن معين؛ سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين، لكن نفرض أنه لعرض قبله وبعده بسنة على أقل تقدير، سنة مائتين واثنين وثلاثين، معنى ذلك أنه كان عمره ثمانية وثلاثين سنة يوم أن انتهى من تأليف الصحيح.
ويذكر البخاري نفسه أنه مكث في تأليف الصحيح ستة عشر عامًا، يعني معنى ذلك سنة كم ابتدئ في تأليفه؟ مائتين اثنين وعشرين. كم كان عمره؟ كان عمره ستة عشر سنة يوم ابتدئ بتأليف الصحيح، وانتهى وعمره ثمانية وثلاثين سنة، وهذا أيضًا دليل آخر على نبوغ هذا الإمام، وعلى مبادرته إلى التأليف من هذه الفترة المبكرة، والتأليف فيه فن وفيه وجه من وجوه التصنيف لم يُسبق إليه، فكما سيأتي إن شاء الله هو أول من ألف في الصحيح المجرد، ولذلك كانت هذه الفكرة أول من اقترحها إسحاق بن راهويه وأول من بادر في تنفيذها الإمام البخاري.
ونأخذ من هذه فائدة يا إخواني لإخواننا وأبناءنا الشباب ألا يحقر الإنسان نفسه - كما نقول دائمًا - ابن ستة عشر أو خمسة عشر أو أربعة عشر، إذا ابتدئ من هذه الفترة بتكوين نفسه وبمشروع علمي، قد يمكث عشر سنين عشرين سنة يؤلف كتابًا ينفع الأمة طوال قرونها وبقائها، فلا يستخف الإنسان بنفسه، عليه أن يكون عالي الهمة ويبادر في خدمة السنة النبوية.
المقصود أن هذه هي بداية تأليف الإمام البخاري تقريبًا في هذه الفترة وفي هذا التاريخ، في سنة تقريبًا مائتين واثنين وعشرين وكان عمره ستة عشر سنة.
¥(13/35)
انتخب الإمام البخاري صحيحه من نحو ستمائة مائة ألف حديث، اختار أحاديث الكتاب من نحو ستمائة مائة ألف حديث كان قد سمعها من شيوخه، طبعًا المقصود بهذا العدد لا أن المتون ستمائة ألف متن، وإنما المقصود به الأسانيد والأحاديث؛ سواء كانت مرفوعة، أو موقوفة على الصحابة، أو مقطوعة على التابعين، يعني سواء كان منتهى الإسناد فيها إلى النبي عليه الصلاة والسلام أو إلى الصحابة أو إلى التابعين فمن دونهم، فالمقصود أنه انتخبه من ستمائة ألف رواية أو إسناد.
الابتداء في تأليف هذا الكتاب في المسجد الحرام في مكة، ووضع تراجمه في المدينة النبوية أو العكس وضع التراجم في مكة ووضع الأحاديث في المدينة.
ويُذكر أنه ما وضع حديثًا إلا وتوضأ - وفي رواية: اغتسل - وصلى ركعتين، قبل كل حديث من أحاديث " الجامع " وهو يقصد بذلك طلب التوفيق والإعانة من الله سبحانه وتعالى على أن يوفقه في اختيار الأحاديث الصحيحة التي ليس لها علة ولا شيء يقدح في صحتها.
اسم هذا الكتاب الكامل الصحيح:
" الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه "
هذا اسم صحيح البخاري الكامل الذي سماه به المؤلف وهو البخاري، وهذا الاسم مهم وسنقف مع كلمة من كلماته لنشرحها ونبين من خلالها منهج الإمام البخاري، " الجامع المسنَد الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ".
فأولًا كلمة " الْجَامِع " التي ذكرها الإمام البخاري هنا: المقصود بـ" الجامع " والمقصود بهذه العبارة أن هذا الكتاب يجمع أبواب العلم كلها، ولا يقتصر فقط على نوع من أنواع الأحاديث أو قسم من أقسام الأحاديث، يعني هناك طريقة في التصنيف سيأتي الكلام عليها بإذن الله تعالى وهي طريقة التصنيف على السنن، كتب السنن أكثر عنايتها بالأحاديث التي تتعلق بالأحكام الفقهية، أما كتب الجوامع فهي تشمل كل الأحاديث، سواء استُنْبِط منها حكم فقهي أو لم يُستنبط منها حكم فقهي.
س: هل يمكن أن يوجد حديث لا يُستنبط منه حكم فقهي أو لا يوجد؟
ج: يوجد.
س: مثل؟
ج: أحاديث الترغيب والترهيب.
أحاديث الترغيب والترهيب ممكن يقال أنه يستنبط منها استحباب أو كراهة.
س: مثل أيش؟
ج: أحاديث السيرة والمغازي.
مثل بعض أحاديث السيرة والمغازي لا يستنبط منها حكم. صحيح.
س: غيرها؟
ج: أشراط الساعة.
أشراط الساعة، صفة الجنة والنار، أهوال يوم القيامة، هل هذه متعلقة بأحكام الحلال والحرام؟! ما يمكن؛ لأنها أمور صحاح متعلقة بالاعتقاد، وجوب اعتقاد صحتها إذا ثبتت، لكن لا يتعلق به حكم فقهي من حلٍّ أو حرمة أو ما شابه ذلك.
فهذه التي تعتني بها كتب السنن؛ الأحاديث الخاصة بأحاديث الأحكام أو أحاديث الفقه، أما الجوامع فتجمع كل السنة، سواء متعلقة بالأحكام أو غير متعلقة بالأحكام، وهذا واقع صحيح البخاري؛ ولذلك أورد فيه أحاديث علامات الساعة، وفي كتاب التفسير أورد بعض أحاديث التفسير وأصلًا أحاديث التفسير لا علاقة لها بالأحكام، وفي فضائل الصحابة والبلدان والقبائل؛ هذه لا يتعلق بها أيضًا حكم في كثير من الأحيان.
المقصود: أنه أخرج ما يتعلق بجميع أبواب العلم، استُنبط منها حكم فقهي أو لا، ولذلك قد وصف بـ" الجامع ".
ما دمنا نتكلم عن أن هذا الكتاب شَمِل جميع أبواب العلم، فنريد أن نتكلم عن تبويبات البخاري ومزايا هذه التبويبات:
تميَّز الإمام البخاري في تراجم أبوابه وعناوين هذه الأبواب التي وضعها للصحيح، وحتى قِيلَت العبارة الشهيرة التي يقال فيها: فقه البخاري في تراجم أبوابه أو في تراجم صحيحه، يعني من أراد أن يعرف فقه البخاري وآرائه الفقهية فعليه أن يقرأ تراجم الأبواب فإنه سيعرف فقه الإمام البخاري.
وتراجم الإمام البخاري تنقسم إلى قسمين كما بَيَّن ذلك الحافظ ابن حجر: منها تراجم ظاهرة المقصود، يعني يكون علاقة الترجمة بالحديث ظاهرة وبيِّنة.
¥(13/36)
مثل: باب التداوي بأبوال الإبل وألبانها، أورد فيه حديث العُرَانِيِّينَ ?? الَّذِينَ اجْتَوَوْا الْمَدِينَة فَأَوْصَاهُمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى رَاعيه له، وذُودٍ له مِنَ الْإِبِلِ لِيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ?? ويتداووا بذلك مما أصابهم من الداء.
هذا التبويب علاقته بالحديث واضحة وصريحة، لا تحتاج إلى دقة استنباط وفَهم.
لكن هناك أبواب أَتْعَبت العلماءَ في معرفة علاقة الحديث بالباب وكيف استنبط الإمام البخاري ذلك الحكم من ذلك الحديث الذي أورده تحت ذلك الباب، ومن أمثلة ذلك باب عقده الإمام البخاري في صحيحه، قال: باب تزويج المعسِر الذي معه القرآن والإسلام، ثم أورد فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: ?? كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نَسْتَخْصِي - استأذنوا النبي عليه الصلاة والسلام في الخِصاء؛ أن يَخْصُوَا أنفسهم حتى لا يقعوا في الإثم، يقول ابن مسعود - فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ??.
ما هي علاقة هذا الحديث بباب تزويج المُعْسِر الذي معه القرآن والإسلام؟
علاقة خفية جدًّا، يقول بعض العلماء الذين شرحوا هذا الحديث: لمَّا كان الشاب - وهذا ينفعكم الآن، خاصة الذي لم يتزوج منكم - لا يستغني عن الزواج ولا بد له من الزواج وهو مأمور بأن لا يقع في الإثم وأن يرتكب الفاحشة، يعلم النبي عليه الصلاة والسلام أن نَهْيَهُ عن الخصاء في مثل هذه الحالة سيحقق له مشقة عظيمة، فقير كما تأتي رواية أخرى لابن مسعود: ?? وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ ??. يعني ليس عندنا مال حتى نتزوج، فليس عنده مال حتى يتزوج وهو في حاجة إلى الزواج ومنهي عن الخصاء ولا يمكن أن يرتكب الفاحشة المنهي عنها؛ هذه مشقة عظيمة، إذًا ما هو الحل؟ لا حَلَّ إلا أن يُزَوَّج بما معه من القرآن والإسلام؛ لأنه لا يخلو مسلم أن يكون معه شيء من القرآن، فدل ذلك على أن النبي عليه الصلاة والسلام لما نهاهم عن الاختصاء كأنه يقول للناس: فزَوُّجوهم وإن كانوا فقراء بما معهم من الإسلام والقرآن.
شوف الاستنباط. بعيد ودقيق جدًّا!! وللإمام البخاري من هذه الأمثلة شيء كثير، ولذلك اعتنى العلماء بتأليف مؤلفات خاصة في بيان علاقة الحديث بالباب، وقد طُبع من هذه المصنفات عدة كتب، من أشهرها، ومن أولاها بالذكر ثلاثة كتب يأتي ذكرها إن شاء الله عندما نتكلم عن أهم الكتب التي تكلمت عن كتاب البخاري.
قلنا أن تراجم البخاري إما أن تكون ظاهرة وإما أن تكون خفية، والخفية ضربنا لها مثالًا، لكن ما هو سبب هذا الخفاء في تراجم البخاري، يعني هل الإلغاز وذكر التراجم على هذا الوجه من الغموض مَطْلَب؟
لا شك أنه ليس مطلبًا، والوضوح حسن ومطلوب، لكن سبب هذا الغموض هو أن البخاري قد لا يجد حديثًا صحيحًا على شرطه ينص على هذا الحكم، فيضطر أن يستنبط هذا الحكم من حديث على شرطه ولو كان هذا الاستنباط فيه شيء من الخفاء، ولكون الكتاب يريده مختصرًا لم يزد في الشرح والإيضاح؛ يضع التبويب ويضع تحته الحديث، ولا شك أن أمثال الإمام البخاري من الأذكياء والعباقرة - وما أقلهم! - ربما ظن الأمر في غاية الوضوح لشدة ذكائه وهو عند غيره في غاية الغموض، ولذلك عُرف الإمام البخاري بكثرة إِلْغَازِه في جميع مصنفاته، حتى في كتابه " التاريخ الكبير "، يعني منهج الإلغاز والأسرار والغموض والفوائد المختفية في أثناء الكتاب هذه منتشرة في كل كتب الإمام البخاري، وهذا مرده - والله أعلم - إلى شدة ذكائه؛ يظن أن الكلام واضحًا وهو قد يكون كذلك عند غيره من الناس بل من العلماء، حتى أنهم تَعِبوا كثيرًا في بعض الأبواب.
¥(13/37)
لكن في الحقيقة هناك بعض الأبواب أعيت العلماء أن يجدوا لها جوابًا، ما عرفوا علاقة الباب بالحديث أبدًا، فوجهوا هذا الأمر بتوجيه معين، فإما أن يكون هذا عجز من العالم ألا يجد وجه الترابط بين الباب والحديث؛ هذا وجه وارد، وهناك سبب آخر بينه أحد رواة " صحيح البخاري "، وهو أنه ذكر أنهم لما نسخوا " صحيح البخاري " من نسخة تلميذ البخاري الْفَرَبْرِي وجدوا أبوابًا وليس تحتها أحاديث، يعني أن البخاري كان يضيف ويحدث في كتابه على مدى عمره، ربما وضع ترجمة باب أو عنوان باب وترك تحته بياض على أساس أنه يريد أن يبحث على حديث على شرطه ويضعه تحت هذا الباب، فمات ولم يُتم هذا العمل، وهناك أحاديث وضعها ولم يضع لها أبوابًا على أساس أنه سيعود إليها مرة أخرى ويضع لها عنوانًا، فتُوفي ولم يضع بعض هذه العناوين، وهي قليلة في الكتاب لكن هذا وقع، فجاء بعض النُّسَّاخ فصار يُدخل بعض هذه الأحاديث التي ليس لها أبواب ضمن الأبواب التي ليس تحتها أحاديث، وصارت بهذه الطريقة بعض هذه الأحاديث لا علاقة لها بالتبويب.
فيقول الحافظ ابن حجر: لكن هذا لا نلجأ إليه - هذا التوجيه أول شيء أنه قليل في الصحيح - ولا نلجأ إليه إلا إذا تعذر علينا أن نجد وجه الترابط بين الباب والحديث، عندها نقول: لعل هذه الأحاديث من ضمن تلك الأحاديث التي وُضعت في غير محلها من النُّسَّاخ الذين نسخوا " صحيح البخاري " ورَوَوْهُ عن تلميذه الفربري.
من منهج البخاري في الصحيح أنه قد يُترجم بتراجم محتَمَلة، بمعنى أنه لا يجزم فيها بالحكم، كالتراجم التي تبتدئ بالاستفهام: باب هل يفعل المسلم كذا؟ هل يفعل المصلي كذا؟
لا يجزم فيها بحكم، ما هو سبب عدم الجزم؟
يذكر العلماء أن أسباب عدم الجزم للإمام البخاري:
الاحتمال الأول: أن يكون وجه الدلالة محتمل، وأن لا يكون وجه الدلالة صريح بالحكم فورعًا منه لا يجزم بالحكم؛ مجرد يشير، من منطلق هذا الدليل مُحْتَمَل أن يُستنبط منه هذا الحكم، ويترك الحكم أو الجزم للدارس، الباحث، العالم الذي سيستفيد من هذا التبويب ويستفيد من هذا الحديث لاستنباط الحكم.
والاحتمال الثاني: أن يكون هذا الحديث قد اختُلف في رفعه، ووقفه، كيف اختُلف في رفعه ووقفه؟
ولكننا نرى بعض صغار السنن فلابد من توضيح بعض الأمور الجلية.
المرفوع: هو الحديث الذي نُسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
الموقوف: هو الحديث الذي نُسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم.
فإذا اختلف في الحديث في رفعه ووقفه؛ هل هو من كلام النبي عليه الصلاة والسلام أومن كلام الصحابي، عندها أيضًا الإمام البخاري يقوم بوضع ترجمة محتَمِلة غير قاطعة بالحكم لورود الخلاف في الحديث، وإن كان البخاري قد يرجح الرفع، لكن لوجود الخلاف لا يجزم أيضًا من باب الإشارة إلى وجود خلاف ومن باب الورع أيضًا في عدم الجزم بحكم قد يكون فيه خلاف.
مما يتعلق أيضًا بتراجم البخاري أَنَّ البخاري قد يترجم بما ورد في بعض طرق الحديث، يعني قد يأتي بلفظ للحديث لكن الترجمة لا تنطبق على اللفظ الذي ذكره، لكنها تنطبق على لفظ آخر للحديث، فهو عندما يترجم هذه الترجمة يُومِئ بأن للحديث لفظ آخر يجب أن تنتبه إليه، وهذه الطريقة يتبعها الإمام البخاري.
لِمَ لَمْ يَذكر اللفظ الآخر؟
إما من باب شَحْذ الذهن، حتى يتعود القارئ الذكاء والفهم والاستنباط، أو لأن هذا اللفظ ليس على شرطه ولذلك ذكره وأومئ إليه دون أن يورد الحديث الذي يوافق هذا اللفظ؛ وهذه أيضًا من مَلاحِظ البخاري الدقيقة في تراجمه.
يتبع
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[16 - 04 - 06, 01:06 م]ـ
وكثيرًا أيضًا ما يترجم الإمام البخاري في ألفاظ الآثار للصحابة والتابعين، يكون في قول عمر، قول أبي بكر، قول زيد بن ثابت، قول علي بن طالب؛ يحذف هؤلاء الصحابة ويضع كلامه كأنه عنوان في بداية الباب ثم يُورد تحت ذلك الباب الحديث الذي يدل على مقتضى تلك الترجمة.
المقصود أن تراجم البخاري بث فيها علمًا كثيرًا وفقهًا جزيلًا، ودل فيها أنه إمام من أئمة الفقه المجتهدين اجتهادًا مطلقًا، وأنه - بحَقٍّ - ممن جَمَعَ بين علميّ الفقه والحديث على أتم وجه؛ عليه رحمة الله.
¥(13/38)
الكلام حول التراجم - حقيقةًً - طويل، لكن لا نريد أن نطيل في الكلام عنها وخاصة أن الوقت قد أدركنا، لكن نريد أن نذكر بعض الكتب التي قلنا أنها اعتنت بالتراجم في آخر كلامنا عن التراجم؛ منها:
1 - كتاب " المُتَوَارِي " على تراجم أبواب البخاري لناصر الدين بن المُنَيِّر الإسكندراني.
وهو مؤلف، أو له تأليف لابن المنير الإسكندراني كتاب شهير يتعلق بكتاب كبير في التفسير، تعرفون كتاب " الكشاف " للزمخشري؟ لابن المُنَيِّر تعقبات عليه يتعقب فيها آرائه الاعتزالية، ابن المنير أشعري فيتعقبه في آرائه التي يخالف فيها الأشاعرةُ المعتزلةَ.
2 - كتاب " مناسبات تراجم البخاري " لبدر الدين بن جماعة.
وقد استفاد من الكتاب السابق تقريبًا وزاد عليه، بعني: اختصر الكتاب السابق - تقريبًا- وزاد عليه بعض الزيادات.
3 - من الكتب المتأخرة " شرح تراجم أبواب البخاري لأحد علماء الهند المتأخرين " للشاه أحمد بن عبد الرحيم الدِّهْلَوِي الهندي، المتوفى سنة: ألف مائة وسبعة عشر من الهجرة، وهو كتاب مطبوع وفيه إضافات متعددة على الكتب السابقة.
يبتدئ الإمام البخاري كما هو معروف بكتاب " بَدْء الوحي "؛ أول كتاب في " صحيح البخاري " هو كتاب: " بَدْء الوحي "، وأول حديث فيه حديث: ?? إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ??، وآخر كتاب في " صحيح البخاري ": " كتاب التوحيد "، وآخر حديث فيه حديث: ??كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ ??.
ويقول بعض أهل العلم إن بداية الإمام البخاري بـ" بَدْء الوحي " لبيان أن كتابه سيشمل جَمْع هذا الوحي وهو سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وابتدئ بحديث: ?? إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ?? ليستحضر هو وقارئ الكتاب إخلاص النية من أول تَعَلُّمه للسنة النبوية، وخَتَم بـ" كتاب التوحيد "؛ لأنه هو المرجِع والأساس الذي ينبني عليه قَبول العمل والثواب عليه في الآخرة؛ قَبول العمل في الدنيا وهو أن يكون صوابًا لا بد من التوحيد، وأن يُؤْجَر عليه الإنسان في الآخرة، إذا لم يكن الإنسان من أهل التوحيد لا شك أن أعماله ستكون كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وختم بحديث: ?? كَلِمَتَانِ ... ?? تذكيرًا بآخر ما يحصل في يوم القيامة وهو وَزْن الأعمال، وأن سيكون آخر ما يبين مصير الإنسان من السعادة أو الشقاء هو هذا الميزان الذي تُوزَن فيه الأعمال.
على كل حال هذه بعض الأقوال الفقهية في توجيه بداية الإمام البخاري بحديث: ?? إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ??، وفي ختمه بحديث: ??كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ... ??.
الكلمة الثانية في عنوان " الصحيح ": " المسند ".
؛ قلنا " الجامع المُسْنَد ".
وقبل أن نستمر، نحن نريد أن نأخذ عنوان البخاري ونشرح الكتاب بناءً على هذا العنوان، لِمَا نفعل هذا؟
لعدة أسباب:
السبب الأول: أن الإمام البخاري لم يذكر مقدمة يبين فيها منهجه في " الصحيح "، لو كتب مقدمة لأراحنا؛ يقول فيها شرطي كذا منهجي كذا، مجرد أن نقرأ هذه المقدمة نشرحها في أكثر ما نحتاج، لكن الإشكال أن الإمام البخاري لم يكتب مقدمة لصحيحه، فلا يوجد لنا شيء ممكن نعرف من خلاله منهج البخاري إلا كتابه " الصحيح " نفسه مع عنوانه، والعنوان بالفعل من خلاله ممكن نعرف أهم عناصر منهج الإمام البخاري، فذكرنا " الجامع " ومعنى " الجامع "، ومنه تفرقنا إلى تصنيف البخاري أو تبويبات البخاري، الآن نقف عند كلمة " المسند ".
ما هو " المسند " عند المحدثين حتى نعرف أو نستطيع أن نعرف شرط البخاري في هذا الكتاب؟
يصف كتابه بأنه مسند، والمسند اختُلف في تعريفه لكن من أشهر التعاريف له أنه: المرفوع المتصل. والتعريف الذي عرفه به الحافظ ابن حجر هو: " مرفوع صحابي بسند ظاهره الاتصال ".
على كل حال كلا التعريفين ينفع في بيان منهج الإمام البخاري في هذا الكتاب.
إذًا أول شرط للإمام البخاري نستفيده من كلمة " مسند " في هذا الكتاب شرط الاتصال: أن يكون الحديث متصلًا، وهذا الشرط هو الذي يجعلنا نعتبر كتاب الإمام البخاري هو أول كتاب أُلِّفَ في الصحيح المجرد.
¥(13/39)
لأن هناك من العلماء من سبق البخاري وجَمَع الأحاديث المقبولة، لكنه أدخل بينها أحاديث غير متصلة، ونقصد بالذات الإمام: مالك بن أنس في كتابه " الموطأ " الذي كان يقول فيه الإمام الشافعي: " لا أعرف كتابًا على أديم الأرض أصح من كتاب مالك بن أنس "، أو عبارة نحوها. طبعًا الشافعي قال هذا الكلام قبل أن يؤلف البخاري كتابه؛ لأن الشافعي توفي سنة مائتين وأربع من الهجرة، يعني كان عمر البخاري عشر سنوات، يعني ما ابتدئ أصلًا بتأليفه " الصحيح ".
لكن بعض العلماء انتقضوا كابن الصلاح لما ذكر أن كتاب البخاري هو أول كتاب في الصحيح المجرد، قالوا: قد سبقه مالك.
فأجاب بعض أهل العلم قالوا: لكن " مالك " فيه مراسيل وفيه بلاغات.
فأجاب - يعني الذين يدافعون: على أن كتاب مالك هو أول كتاب في الصحيح المجرد - قالوا: والبخاري فيه معلقات، وهي غير متصلة. فما هو الجواب؟
الجواب هو كلمة: " المسند "، لما قال " المسند " بَيَّنَ أنه إنما يشترط الصحة في الأحاديث المتصلة، أما ما في سواها فإنه أوردها عَرَضًا، يعني ناحية يتفرع بها، فوائد يتفرع بها، ليست أصلًا في شرط الكتاب، شرط الكتاب الأصلي هي الأحاديث المسندة المتصلة، ولذلك صح أن نقول بأن كتاب البخاري هو أول كتاب في الصحيح المجرد، أما مالك فأخرج تلك المراسيل يَحْتج بها.بخلاف الإمام البخاري ويراها مقبولة، وكذلك البلاغات يحتج بها ويبني عليها مذهبه، أما البخاري فلا يحتج إلا بالمسند ولا يصحح إلا المسند، ولذلك صح أن نعتبر أن كتاب البخاري أول كتاب في الصحيح المجرد.
كذلك كلمة " المسند " من وجه آخر كما ذكرنا المرفوع تُخْرِج الآثار - آثار الصحابة والتابعين - لما قلنا أن المسند شرطه أن يكون مرفوعًا متصلًا، إذًا الآثار التي يوردها الإمام البخاري لا يوردها أصالةً وإنما يوردها عرضًا لفائدة جانبية، ولذلك أكثر هذه الآثار التي يوردها غير متصلة، معلقة، فيقول: قال عمر، قال أبو بكر، قال فلان، قال فلان. إلا آثار قليلة جدًّا أوردها أصالةً.
وهذه الآثار التي أوردها أصالة تنقسم إلى قسمين:
قسم منها مما له حكم الرفع؛ هو موقوف لكن له حكم الرفع.
من أوضح هذه الآثار أو من أمثلتها الصريحة والواضحة حديث عائشة في " صحيح البخاري " تقول رضي الله عنها: ?? فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ حين فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَةٌ?? هل يمكن أن تقول عائشة هذا الكلام بالاجتهاد؟! هل يمكن أن يكون هذا الكلام بالاستنباط؟!
ولا هذا لا بد أن يكون تلقته عن النبي عليه الصلاة والسلام، تقول: ?? فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ ??. وهناك أمثلة كثيرة أخرى في صحيح البخاري تدل على أنه إذا كان الكلام لا يمكن أن يكون باجتهاد واستنباط ولا بد أن يكون مأخوذًا عن النبي عليه الصلاة والسلام وليس مما يؤخذ من الإسرائيليات، فعند ذلك يكون له حكم الرفع كما هو معروف في هذه المسألة: أن الأثر الموقوف يكون له حكم الرفع إذا لم يكن للاجتهاد فيه مَدْخَل، وإذا لم يكن مما يُحتمل أن يؤخذ عن الإسرائيليات أو يغلب على الظن ليس مأخوذًا عن الإسرائيليات، وهذا يتحقق في هذا الأثر وفي غيره من الآثار التي أخرجها البخاري.
إذًا هي وإن كانت موقوفة لكن لها حكم المرفوع، ولذلك أدخلها ضمن الكتاب الذي أسماه بـ" المسند " والذي يشبه أن يكون مرفوعًا.
هناك آثار قليلة في الحقيقة لم يظهر للعلماء أو للباحثين وجه الحكم بالرفع فيها، وأوردها الإمام البخاري مسنده متصلة، ولا أَجِدُ في الحقيقة حتى الآن جوابًا عليها؛ كيف أوردها أصالة وهو اشترط أن يكون الكتاب مسندًا.
يعني مِن بين ذلك: أنه مثلًا أنه بَوَّبَ على تقبيل الميت وأورد فيه حديث أبي بكر أنه ?? دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ مُسَجَّى فَكَشَفَ عَنْ ثَوْبِهِ وَقَبَّلَهُ ??. هذا أثر عن أبي بكر وبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام لا يقال إقرار من النبي عليه الصلاة والسلام؛ أثر لأبي بكر رضي الله عنه، فما هو وجه إسناده وروايته له؟!
¥(13/40)
ولذلك الضياء المقدسي أورد بعض الآثار الموقوفة - الضياء المقدسي صاحب كتاب " المختار " واشترط فيه أن يورد الأحاديث المسندة مثل البخاري، الصحيحة التي لم يُخرجها البخاري ومسلم سيأتي الكلام عليها إن شاء الله - أورد بعض الآثار الموقوفة ثم قال بعد أحد الآثار في كتابه يقول: هذا حديث حسن عن أبي بكر إلا أنه ليس فيه شيء من قول النبي (وقد روى البخاري في كتابه غير شيء من كلام الصحابة.
كأنه يقول: لا أحد ينتقدني بإخراج هذا الأثر، فقد سبقني البخاري فأخرج آثارًا للصحابة، وهذه الآثار كما ذكرت ليست من باب ما له حكم الرفع، بل هي موقوفات لا يقال أن لها حكم الرفع، فما هو وجه إخراج البخاري لها؟! هذه تنفع أن تكون مشروعًا علميًّا يقوم به أي واحد منكم أو غيركم؛ يَجْمَع هذه الآثار الموقوفة التي أسندها البخاري ويبين وجه إخراج البخاري لهذه الآثار الموقوفة، لما أخرجها في كتابه؟! مجال من مجالات دراسة صحيح الإمام البخاري.
سنقف على الاتصال مرة أخرى عند شرط الصحة وسنتكلم عليه إن شاء الله.
الكلمة الثالثة في العنوان: " الصحيح ".
طبعًا هي لُبُّ العنوان وهي أكبر ما يُمَيّز هذا الكتاب؛ اشتراط الصحة، وبذلك يعلن البخاري شرطه من عنوان كتابه، فشرط الصحة لم يكن باستنباط من العلماء، يعني ما عرفوا أنه اشترط الصحة من خلال دراسة الكتاب وإنما من عنوان الكتاب ومن تصريح المؤلف أنه سيخرج الحديث الصحيح.
وتعريف الحديث الصحيح؟ أي تعريف من التعاريف التي ذكرها أهل العلم؟ من يذكر تعريف الحافظ ابن حجر؟
هو قال: خَبَر أَحَادٍ. مُتَّصِل السَّنَدِ. بِنَقْلِ عَدْلٍ. تَام الضَّبْطِ. غَيْر مُعَلَّلٍ ولا شَاذ؛ هذا تعريف الحافظ ابن حجر للحديث الصحيح.
إذًا هناك خمسة شروط للحديث الصحيح:
الأول: اتصال السند.
الثاني: عدالة الرواة.
الثالث: تمام الضبط. كما يقول الحافظ ابن حجر.
الرابع: السلامة من الشذوذ، أو عدم الشذوذ.
الخامس: عدم العلة، أو السلامة من العلة.
هذه الخمسة شروط، إذًا ما دام البخاري اشترط الصحة لا بد أن تجتمع الشروط الخمسة بأحاديث كتابه التي يسندها، التي يرويها مسندة متصلة.
هذا العنوان واضح منه أن الإمام البخاري سيشترط هذه الشروط في كل كتابه. وبذلك نقف عند شرطه في الرواة أولًا: العدالة والضبط.
ما دام أن شرط الصحيح ألا يُخرج إلا للعدل الضابط، فهل يمكن أن يُخرج البخاري لراوٍ مشهور مثلًا في كتابه هو يجهله لا يعرفه؟
س: من هو الراوي المجهول؟
ج: هو مَنْ لم يَثْبُت فيه لا جَرْحًا ولا تعديلًا.
لأنه لو عرفناه بالجرح صار ضعيفًا على مراتب الضعف، ولو عرفناه بالعدالة صار عدلًا على مراتب العدالة أيضًا إذا انضَمَّ إليه الضبط.
إذًا شرط " الصحيح " ألا يُخرج لا لمجروح ولا لمجهول؛ ولذلك يقول الحافظ ابن حجر: إنه لا يصح أبدًا أن نحكم على راوٍ في " الصحيح " بأنه مجهولٌ خاصةً. لماذا؟ لأن مجرد إخراج البخاري له يعني أن البخاري قد عرفه بالعدالة وارتضاه، فلو جاء أي عالم من العلماء وقال: فلان مجهول، وقد أخرجه البخاري - نُقَدِّم كلام مَنْ؟
- البخاري. لماذا؟ لأنه البخاري أم لأمر آخر؟
الذي يقول: أنا اعرفه وهو ثقة؛ هذا عنده زيادة علم، أما الآخر يقول: أنا لا أعرفه. هل نجعل الذي يقول: لا أعرفه حُجة أم الذي يقول: أنا أعرفه، من هو الحجة؟
هذا يتكلم من عدم علمه، معذور، يقول: أنا لا أعرف فلانًا، والآخر يقول: أنا أعرفه وقد عرفته بالعدالة والضبط، ولذلك نقدم كلام من كان عنده زيادة علم على من ليس عنده هذه الزيادة، ولا شك، ولا أجعل كلام الأقل علمًا حجة على من عنده علم؛ هذا نفس وأكمل المنهج الصحيح في التعامل مع مثل هذه القضايا، ولذلك لا يمكن أبدًا أن أقبل - وهذا نص عليه الحافظ ابن حجر - من أحد أن يقول عن راوٍ في صحيح البخاري: إنه مجهول؛ لأن مجرد إخراج البخاري له يقتضي أنه قد عَرَفَه بالعدالة والضبط، ولذلك يقول الحافظ: من ادعى أن راوٍ في " الصحيح " مجهول يكون هذا نازَع البخاري علمَه. كأنه يقول للبخاري: أنت لا تعرف فلانًا، البخاري يقول: أعرفه، وهذا يقول: لا أنتَ لا تعرفه ومجهول، وهذا لا يصح ولا يُقبل منه.
¥(13/41)
فالمقصود أن الحكم بالجهالة على راوٍ وهو في " الصحيح " هذا لا يمكن أبدًا، لذلك لو وقفت على راوٍ من شيوخ البخاري أو ممن فوقهم حُكم عليه بالجهالة أو ما وجدتَ فيه جرح ولا تعديل، مجرد إخراج البخاري له يقتضي أنه معروف عند البخاري وأنه في درجة القبول؛ وهذه فائدة مهمة نستفيدها في كل كتب الصحاح، وسيأتي الكلام عن بقية الكتب إن شاء الله.
س: هل هناك راوٍ روى له البخاري، وقال عنه أهل العلم مجهول ((1) هذا سؤال من أحد الطلبة، وهو غير مسموع، فَقَدَّرناه، ووضعناه في مكانه.1)؟
ج: وُجد هذا قديمًا وحديثًا؛ من رد بعض الأحاديث لأنه فيها فلانًا مجهول، أو نجد راوٍ في البخاري وقال عنه أبو حاتم مثلًا: مجهول، وهو في البخاري؛ فهل نقدم كلام أبي حاتم أم ما يقتضيه فعل البخاري؟
نقدم ما يقتضيه فعل البخاري؛ لأنه كما قلنا: الحكم بالجهالة ليس معارضًا للذي حكم عليه بالعدالة والضبط.
كما أن الحكم بالجهالة لا يعارض قول من ضعفه، لو وجدنا عالم يقول: فلان مجهول، والآخر يقول: ضعيف، نقدم كلام من قال: ضعيف؛ لأن الذي يقول مجهول يقول: أنا لا أعرفه لا بعدالة ولا ضبط، والذي يقول ضعيف يقول: أنا عرفته بالضعف، فنقدم من كان عنده زيادة علم.
كذلك من حَكَمَ عليه بالتوثيق؛ نقدِّم كلامه، متى يصير المسألة فيها إشكال؟ إذا تعارض الجرح أو التعديل، واحد يقول ضعيف والثاني يقول ثقة، هنا تأتي مسألة تعارض الجرح والتعديل ولها خطوات معينة، وقد تُدرس إن شاء الله في الدورة في علم الجرح والتعديل، ما هي طريقة التعامل مع الراوي الذي اختلفت فيه أقوال أهل العلم جرحًا وتعديلًا.
سؤال يقول: هل شرط الإمام البخاري في الحديث الصحيح هو التعريف الذي ذكر آنفًا؟
نقول على وجه الإجمال: نعم، لا بد من شرط العدالة، لا بد من شرط الضبط، لا بد من شرطا الاتصال، لا بد من عدم الشذوذ ومن عدم العلة. وسنقف مع كل شرط من هذه الشروط ونتكلم عن موقف البخاري منها بإذن الله تعالى، لكن فقط الشيء الذي يجعلني أقول في كل تفاصيله قضية تمام الضبط؛ تمام الضبط هذه ليست شرطًا لا للبخاري ولا لغيره، فكم من راوٍ وُصف بخفة الضبط أخرج له البخاري ولربما فيما يسمى بالأصول، يعني هو حسب اصطلاحنا نحن يكون في الحسن، وسيأتي الكلام عن هذا إن شاء الله على كل حال وذِكر كلام أهل العلم حول هذه المسألة.
المقصود: أن البخاري اشترط القبول، سواء كان حسنًا أو صحيحًا، ولا شك أنه اشترط أعلى القبول ولذلك أعلى شرطه هو أن يكون هذا الحديث في قمة الأحاديث المقبولة، ولذلك أكثر وغالب أحاديث " الصحيح " هي من رواية تَامِّي الضبط، يقل فيها جدًّا أن تجد رواية خفيف الضبط في أصول الأبواب، لكن يوجد؟ نعم يوجد، قليل؛ لأنه الإمام البخاري شرطه أن يُخرج الأحاديث المقبولة الصالحة للاحتجاج، فإن وجدها في أعلى المراتب كانت هذه أعلى شرط، إن لم يجد في الباب إلا هذا الحديث الذي هو مقبول - ولو في المرتبة الدنيا من القبول - أخرجه في كتابه، وخاصة إذا تذكرنا ما قررناه في السنة الماضية: أن أول من اصطلح - وهذه المرحلة هي القسم الأوسط - هو الإمام الترمذي، فكل من سبقه ما كانوا يستخدمون الحسن بالمعنى الاصطلاحي ولا كان عندهم الحديث المقبول ينقسم إلى صحيح وحسن، فليس هناك داعٍ عنده إلى أنه ما يُخرج إلا فقط ما يسميه برواية تام الضبط، لأنه ما عنده مسمى لخفيف الضبط، كل عنده في فقه حديث الصحيح، وإن كان البخاري كما قلنا يحرص أن يُخرج أصح الصحيح، فاتفق مع ذلك أن يكون أصح الصحيح من رواية تام الضبط غالبًا، تام الضبط سيكون أتقن لروايته من خفيف الضبط، ولذلك وافق أن تكون أغلب أحاديث صحيح البخاري هي من رواية من كان عدلًا تام الضبط.
¥(13/42)
من القضايا المهمة المتعلِّقة بشرط البخاري في الرواة - وقد يُعترض على البخاري بها - روايته عن أهل البدع؛ لآن من المعروف أن البدعة تعارض شرط العدالة، وأن البدعة ربما قدحت في عدالة الراوي؛ أقول: ربما؛ لأن البدعة قد لا تقدح في عدالة الراوي على الصحيح، فيما لو كان الراوي مُتَأَوِّلًا، إذا كان الراوي مُتَأَوِّلًا فإن البدعة؛ مع تحذيرنا منها، مع تحذيرنا من صاحبها، مع بيان خطرها، إلا أننا لا نتهم هذا الراوي بالفسق، وبعدم العدالة إلا إذا عرفنا أنه غير مُتَأوِّل، إذا قامت عندنا قرائن تدل - أو أَيْقَنَّا أو غلب على ظننا - أنه غير متأول، أي أنه يرتكب هذه البدعة وهو على عِلم بمخالفتها لنصوص الكتاب والسنة؛ هذا الذي يُفَسَّق، ولذلك تساهل العلماء ومنهم الإمام البخاري في الرواية عن بعض أهل البدع، لأن الراجح أن أهل البدع لا يُطلق القول برد روايتهم ولا بقبول روايتهم، وإنما هناك تفصيل في قبول روايتهم.
وهذا التفصيل ينبني على شروط ثلاث أساسية وهي:
الشرط الأول: أن لا يكون الراوي مُكَفَّرًا في بدعته.
الشرط الثاني: وأن لا يكون معاندًا، يعني أن يكون متأولًا فلا يكون معاندًا.
الشرط الثالث: ألا يروي حديثًا منكرًا يؤيِّد البدعة، ما هو أي حديث منكر وإنما حديث منكر يؤيد البدعة، وهذه لها مجال آخر وسبق أن تكلمنا عليها في دروسنا.
وقد طَبَّق هذه الشروط الإمام البخاري، وبهذه الشروط لا تجد أي تناقض بين تصرف البخاري وبين هذه الشروط؛ لأنه بعضهم مثلًا قال بأن شرط البخاري ألا يُخرج للدعاة. وجدنا أن البخاري قد أخرج لبعض دعاة البدع؛ داعية من دعاة البدع وأخرج له البخاري. ومن قال مثلًا أنه ترك الرواية عن المبتدعة فهذا قول باطل، ولا شك أنه أخرج عن عدد من المبتدعة ليس بالقليل.
فمثلًا عندي هنا بعض الأمثلة:
أولًا: الذين وُصفوا بالبدعة وأخرج لهم البخاري حسب ما في " كتاب الميزان " بلغوا تسعة وستين راوٍ في صحيح البخاري؛ منهم من كان داعية من الدعاة إلى البدعة: سالم بن عجلان، وكان داعية إلى الإرجاء، ومثله تمامًا: شبابة بن سوَّار، كان داعية إلى الإرجاء، وعبد الله بن أبي نجيح كان من رءوس الدعاء إلى القدر كما يقول يحيى بن سعيد القطان، يقول: كان من رءوس الدعاة إلى القدر، بل وُصف أيضًا بالاعتزال، وأحمد بن بشير الكوفي يقول عنه ابن نُمير: حسن المعرفة بأيام الناس، حسن الفهم، كان رأسًا في الشعوبية يخاصم في ذاك، يعني: داعية ويدعوا وبجَلَد وبقوة ويخاصم الناس ويُعادي ويوالي بناءً على هذه البدعة، والشعوبية ما هي؟ من يعرف هذه البدعة؟
التي هي ضد القومية العربية وهي نفي أن يكون للعرب أي مزية على غيرهم، وهذا خلاف مذهب أهل السنة والجماعة؛ يرون لجنس العرب فضلًا على جنس العجم، وإن كانوا عند الله عز وجل سواسية من ناحية الأعمال والفرائض والواجبات والمنهيات، لكن هذا الجنس أفضل من غيره من الأجناس من ناحية الصفات التي وضعها الله عز وجل فيه وجعله مادة الإسلام، وهو الذي انتشر على يده هذا الإسلام في أقطار العرب؛ المقصود هذا الرجل كان رأسًا من رءوس الشعوبية وكان داعية إلى هذا المذهب.
إذًا إخراج البخاري لهؤلاء توجيهه: أنه أخرج لهم بناءً الشروط الثلاثة السابقة، ولن تجد هذه الشروط مناقضة لإخراج البخاري لواحد من هؤلاء؛ لأنك لو قلت الداعية فهؤلاء دعاة، حتى إذا قلت حديثًا يؤيد البدعة سيأتي إن شاء الله أن أصحاب الصحيح قد يخرجان أحاديث من رواية المبتدع وتؤيد بدعته لكنها ليست مُنْكرة، وسيأتي له مثال صريح عن كلامنا على الإمام مسلم عليه رحمة الله. هذا بالنسبة لاشتراط العدالة في " صحيح البخاري ".
طبعًا هناك كلام حول شرط البخاري أثاره الحاكم لا أريد أن أتوسع في ذكره، لكن أقل شيء فيه هو الإشارة إليه الآن، وهو أن الحاكم ذكر كلامًا فُهِمَ منه أنه يدعي أن شرط البخاري في الراوي الذي يُخرج له ألا يُخرج إلا لراوٍ قد عُرِفَ برواية اثنين عنه.
¥(13/43)
هذا الكلام ذكره الحاكم؛ صحيح، لكنهم اعترضوا عليه بأن البخاري ومسلم قد أخرجا لجماعة من الرواة لم يرو عنهم إلا رجل واحد، وضربوا أمثلة لذلك من الصحابة ومن غير الصحابة، لكن في حقيقة النظر في كلام الإمام الحاكم في " المستدرك " وفي كتابه " المدخل إلى كتاب الإكليل " وجدنا أنه يقصد من هذا الكلام أن يُبَيّن أعلى شرط الصحيح؛ لأَنَّه صرح في مواطن أن البخاري ومسلم أخرجا لأقوام تفرَّد بالرواية عنهم شخص واحد فهو كان على علم بذلك.
إذًا ما هو مَقْصودِهِ لما ذكر أن شرط البخاري هو أن لا يُخرج إلا لمن روى عنه أو من عُرف برواية اثنين عنه؟
قصده من ذلك: أَنَّ هذا هو أعلى شرط " الصحيح " كما ذكرنا سابقًا في التام الضبط، يعني البخاري يحرص ألا يُخرج إلا لمن عرف برواية اثنين عنه، فإن وَجَد أصلًا من الأصول واجتمعت فيه شروط القبول من رواية مَن لم يُعرف إلا برواية رجل عنه أخرجه في تلك الحال، لكنه لا يلجأ لإخراج أمثال هؤلاء إلا إذا فقد القسم الأول من الرواة، وهو من عُرف برواية رجلين عنه فأكثر؛ هذا هو توجيه كلام الحاكم وهو من أعرف الناس بكتاب الصحيح، وقد نص كما ذكرت وهذا بسبب التأويل، يعني قرين التأويل من كلام الحاكم أنه كان على علم كما نص على ذلك بأن البخاري ومسلم قد أَخرجا لجماعة من الرواة روى عنهم رجل واحد.
نرجع إلى شرط البخاري في الضبط، فنقول شرط الضبط لا شك أنه من شروط الحديث الصحيح ولا بد من وجود هذا الشرط حتى يُقبل الحديث، والإمام البخاري كذلك اشتراط دقيق وشديد جدًّا، وقد بَيَّنَ ذلك بالمثال أحدُ العلماء وهو الإمام الحازمي؛ حيث إن الرواة المقبولين لهم طبقات، وضرب لذلك مثالًا قال: لو أتينا بأحد العلماء المشهورين كالإمام الزهري مثلًا.
نجد أن الإمام الزهري مكث يحدث سنوات طويلة جدًّا وتتلمذ على يديه تلامذة كُثُر، بعض هؤلاء التلامذة مع تمام ضبطهم لازم الزهري ملازمة طويلة؛ في السفر والحضر، في كل أحواله، فهو صاحب حفظ قوي جدًّا، ضبط تام، ووافق مع ذلك أنه لازم الزهري ملازمةً كبيرة جدًّا، هؤلاء أعلى طبقة من الرواة عن الزهري.
الطبقة الثانية: هم طبقة مَنْ كان ثقة ضابطًا ضبطًا تامًّا، لكنه لم يلازم الإمام الزهري، وإنما جَلَسَ معه مجلسين، ثلاثة، أربعة، عشرة، مجالس معدودة لم يلازم الزهري ولم يكن خبيرًا بأحاديثه أو بمروياته.
يقول: لأن الإمام البخاري شرطه الأعلى، يعني: يحرص ألا يُخرج إلا للطبقة الأولى من الرواة، وهو أن يكون الراوي ضابطًا ضبطًا تامًّا وملازمًا للشيخ الذي روى عنه، فإن لم يجد من رواية رجل من هؤلاء حديثًا أصلًا في باب من الأبواب، عندها ينتقل للطبقة الثانية.
وسيأتي بقية الطبقات والكلام عنها عندما نتكلم عن مناهج بقية الكتب بإذن الله تعالى، لكن المقصود أن البخاري يحرص ألا يُخرج إلا للطبقة الأولى؛ هذه قمة حقيقة في النقل وفي التحري وفي التثبت، فإن لم يجد إلا المرحلة الثانية - وهي أيضًا للثقة التام الضبط - أخرج لها في كتابه " الصحيح "، لكنها تعتبر شرط فرعي - إن صح التعبير - في كتاب " الصحيح ".
مازلنا نتكلم عن العدالة والضبط، وقد يَعترض بعض الناس على ذلك لوجود رواة تُكُلِّم فيهم في " صحيح البخاري "، وقد عدَّهم الحافظ ابن حجر، قال: إنهم نحو الثمانين راوٍ، وهناك كتاب آخر واسع في ذِكْر من تُكُلِّم فيه من رجال الصحيحين، وهو كتاب أبي زرعة العراقي واسمه: " البَيَان والتوضيح لمَنْ مُسَّ بِضَرْبٍ من التجريح أُخْرِج له في الصحيح " لأبي زُرعة أحمد بن عبد الرحيم بن حسين العراقي، ذكر في هذا الكتاب سبعة وخمسين وثلاثمائة راوٍ تُكُلِّم فيهم في " صحيح البخاري "، لكن بالطبع أكثر هؤلاء الرواة لم يُتَكَلَّم فيهم بشيء يُنزل مرتبتهم أصلًا، يعني الذين فيهم كلام فيه شيء من الوَجَاهَة، فيه شيء من القوة لعلهم لا يبلغون حد الثمانين كما ذكر الحافظ بن حجر هذا العدد الكبير.
ما هو موقفنا من هؤلاء الرواة؟
نقول: نقسم هؤلاء الرواة إلى أقسام:
القسم الأول: مَنْ تُكُلِّم فيه بالجهالة، وقلنا: أنه لا يُقبل الحكم بالجهالة على راوٍ من رواة " الصحيح "
¥(13/44)
القسم الثاني: المُتَكَلَّم فيه ببدعة وهم قسم كبير من هؤلاء الرواة، بيَّنا موقف البخاري من هن رواية المبتَدِع وموقفه منهم، والموقف الصحيح الذي صار عليه المحدثون، وسيخرج أيضًا عددًا كبيرًا من هؤلاء الرواة.
القسم الثالث: مَنْ تُكُلِّم فيه لأنه وَهِم في حديث أو أخطأ في حديثين أو ثلاثة، لكنه ما زال في درجة الضبط والإتقان، فمثل هؤلاء لا تُترك رواياتهم كلها من أجل خطأين أو ثلاثة أو أربعة أو من أجل أنه خف ضبطه.
القسم الرابع: من كان ضعيفًا على الواضح عندنا نحن، وإن كان في علم البخاري قد يكون بخلاف ذلك، المقصود أنه قد يكون ضعيفًا حتى عند البخاري، فمثل هؤلاء ربما أخذ البخاري من هؤلاء وانتقى من حديثهم ما ضبطوه وأتقنوه؛ لأنه حتى سيئ الحفظ لا يُتَصَوَّر أَلَّا يضبط وَلَا حديث، قد يكون غالب عليه الوهم، لكن توجد هناك أحاديث أصاب فيها، فيُخرج لمثل هؤلاء وغالبًا يكون إخراجه لمثل هؤلاء في المتابعات والشواهد.
لكن الحقيقة قبل أن نترك هذه المسألة نقرر قضية مهمة وهي أن البخاري لا يمكن أن يخرج لراو في صحيحه إلا وهو عنده في درجة القَبول، ولا نَخرج عن هذا الأصل إلا بدليل قطعي يقيني أنه ضعيف عند البخاري لمَّا أخرج له في " الصحيح "؛ لأن شرط الصحيح كما قلنا: العدالة والضبط، ولا يمكن أن نخرج عن هذا الأصل إلا بدليل واضح، ولا يكون الدليل واضحًا إلا إذا عرفت أنه ضعيف عند البخاري لا عند غيره، قد يكون ثقة عند البخاري ضعيفًا عند غير البخاري، هذا لا يهمني، يهمني أن أعرف رأي البخاري فيه، قضية الترجيح هذا أمر مختلف، لكن يريد أن يعرف رأي البخاري في هذا الراوي، كما قلنا: مجرد إخراج البخاري له يدل على أنه ما زال في درجة القبول ولهذا أدلة متعددة.
نستثني من هذا الإطلاق - كما قلت: كل رواة الصحيح في درجة القبول - الصور الآتية:
أولًا: من أخرج له البخاري مقرونًا، كيف أخرج له مقرونًا؟! ما هي صورة الرواية القرناء؟
المقرون: هو الذي يُسَمَّى في الإسناد مع غيره. فيقال مثلًا: حدثني فلان وفلان. فممن أَخْرَج له البخاري مقرونًا: من قد يكون ضعيفًا عند البخاري.
ما هو وجه الإخراج لهم بهذه الصورة؟
قد يكون من التقوي وأنه يَعتبر هذا الراوي ما زال يُعتبر به، فهو معتمد على راوٍ ثقة وإنما أورد هذا من باب زيادة الفائدة.
وقد يورده كذلك لأن البخاري سمعه على هذه الصورة، يعني سمع الحديث من أحد شيوخه يرويه عن شيخين له، فيورده كما سمعه تمامًا، دون زيادة ولا نقص، حتى لا يُغَيِّر من سياق الإسناد شيئًا، والحقيقة عندي أمثلة، لكن أنا كنت أتصور أن " صحيح البخاري " سننتهي منه اليوم ونبتدئ في " مسلم "، لكن ما زلنا في الكلام عن البخاري وسوف نختصر كثيرًا في الأمثلة.
أو من خلال أيضًا الذين يُوردهم البخاري لا للاحتجاج، قد يوردهم خلال سِيَاقَة أحد رجال الإسناد بطريقين له، يعني: في أحد الرواة مثل سفيان بن عيينة.
يقول الإمام البخاري: ?? حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ... ?? إلى آخر الحديث.
ثم قال سفيان: ?? وَزَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ??.
الآن الإمام البخاري يروي هذا الحديث عن شيخه علي بن المديني وشيخه يروي عن سفيان، وسفيان أورد الحديث بطريقين فالبخاري أوردها كما سمعها، فكان في الطريق الثاني راوٍ اسمه عبد الكريم بن أبي المُخَارِق أبي أمية، وعبد الكريم بن أبي المُخَارِق ضعيف، فالبخاري ما أورده لأنه حجة عنده ولكن لأن سفيان بن عيينة حدث بهذا الحديث بهذه الصورة فأورده كما سَمِعَهُ.
وفي ذلك فائدة مهمة ولذلك أوردها البخاري: أن الراوي قد يخطئ؛ فيذكر لفظ الراوي الضعيف في رواية الراوي الثقة، فأراد البخاري أن يبرأ ذمته بنقل الحديث كما سمعه، فلو وقع وهم أو خطأ يعرف الناقلون أن هذا من قِبل سفيان بن عيينة لا من قِبل شيخه ولا من قِبل البخاري نفسه.
فهذه صورة أخرى تدعو البخاري إلى أنى يذكر الراوي الضعيف في صحيحه وإن لم يكن ثقة عنده.
الصورة الثالثة: أن يورده بمتابعات، ونقصد من المتابعات الروايات التي يُعَلِّقها البخاري في آخر الصحيح، فيقول مثلًا بعدما يورد الحديث، يقول: وقد رواه معمر وفلان وفلان عن - مثلًا - همام أو عن فلان؛ أحد الرواة، يذكر من تابع رواة الحديث الذي أسنده عقب الحديث مباشرة، يذكرها معلقة، هؤلاء أيضًا لا يُشترط فيهم أن يكونوا عدولًا أو ضابطين.
إذًا الرواة الذين يشترط فيهم أن يكونوا عدولًا ضابطين هم الذي يخرج لهم مُسْنَدَات، يعني حديث مسند متصل بشرط ألا يكون مقرونًا ولا يكون ورد كذلك بالإسناد؛ يعني إسناده عقب إسناد، وبشرط ألا يكون بمتابعاته التي يُسوقها معلقة في آخر الحديث، من سوى هؤلاء فكلهم عند البخاري لا ينزلون عن درجة القبول، ولو في آخر مراتبها.
وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد (، وعلى آله، وصحبه وسلم.
¥(13/45)
ـ[سلمان الكندي]ــــــــ[17 - 04 - 06, 07:52 م]ـ
سؤال:
ما الفائدة العلمية في طرح هذه المعلومات: (كما ترون هو: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة؛ أسماء عربية، هؤلاء الأجداد كلهم مسلمون، بردزبة: هو الذي كان على المجوسية ومات على المجوسية؛ لأن الديانة التي كانت شائعة في بخارى قبل دخول الإسلام إليها كانت هي المجوسية).
(أسماء عربية، كلهم مسلمون)!!!
(بردزبة: هو الذي كان على المجوسية ومات على المجوسية؛ لأن الديانة التي كانت شائعة في بخارى قبل دخول الإسلام إليها كانت هي المجوسية).
والأغرب من ذلك: (وُلِدَ الإمام البخاري عليه رحمة الله في بخارى، وهي من بلاد ما وراء النهر - كما هو معروف - في دولة جاكستان الحالية).
لا نعرف دولة في آسيا الوسطى اسمها (جاكستان)!!!
ـ[هشام العويد]ــــــــ[17 - 04 - 06, 11:25 م]ـ
بورك فيك
وهذا هو رابط الموضوع الأصلي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=76805
وهذه دراسة لسنن النسائي وابن ماجه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=448323#post448323
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:27 ص]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ..
فَنُكْمِل ما كنا قد بدأنا به بالأمس وهو بقية الكلام عن كتاب الإمام البخاري وهو:
" الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله (وسننه وأيامه ".
وكنَّا قد تكلَّمنا بالأمس عن منهج هذا الكلام في الترتيب لمَّا تعرضنا لكلمة الجامع لعنوانه، وتكلمنا أيضًا عن قضية اشتراط الرفع لمَّا تكلمنا عن المسند كلمة المسند في العنوان، ثم لمَّا وصلنا إلى الكلام عن اللفظ السالف في هذا العنوان، وهو الصحيح تكلمنا عن شرط العدالة والضبط في هذا الكتاب، وتكلمنا عن منهج الإمام البخاري في إخراجه للرواة المتكلم فيهم.
وخَرَجْنَا بِقَاعِدَةٍ: " أَنَّ كَلَّ مَنْ أَخْرَجَ لَهُمْ البُخَاريُّ فِي الصَحِيحِ فَهُوَ مَقْبول عِنْدَهُ حُجَّة عِنْدَهُ إلا مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وأَخْرَجَ لَهُ مَقْرونًا، أو أَخْرَجَ لَهُ خِلَالَ إِسْنَاد ".
يعني: يكون أحد شيوخه أورد إسنادين، فيورد الإسنادين لا احتجاجًا بكلا الإسنادين، وإنما احتجاجًا بأحد الإسنادين، وأورد الحديث كما سمعه من شيخه، أو أن يكون أورده في المتابعات، ونقصد بالمتابعات أي الأسانيد أو الطرق التي يوردها معلقةً في أواخر الحديث يقول: رواه فلان، وفلان، وفلان دون أن يسندها، وهؤلاء الذين يذكر رواياتهم هؤلاء لا يلزم أن يكونوا عنده من الثقات لا يلزم أن يكونوا من الثقات، وهذا آخر ما ذكرناه بالأمس.
اليوم نكمل الكلام عن بقية عن شروط الصحيح:
والشرط الثالث من شروط الصحيح: الاتصال.
وسبق أن تكلمنا عن الاتصال بشيء من الكلام لمَّا تعرضنا لكلمة المسند، وقلنا بأن الحديث المسند هو المرفوع المتصل، أو مرفوعه صحابي بإسناد ظاهره الاتصال، لا شك أن الاتصال شرط مهم من شروط الصحة.
--------------------------------------------------------------------------------
المهم في شرط الاتصال عند البخاري: أن بعض أهل العلم نسبوا إلى الإمام البخاري أن له شرطًا يخالف فيه مسلمًا أو أن مسلم يخالف البخاري في شرط في طريقة تحَقق الاتصال عند كل واحد منهما، فالبخاري نُسِبَ إليه أنه لا يقول باتصال الحديث المُعَنْعَن الذي يرويه الراوي عن من يرويه عنه بصيغة عن أو قال أو أي صيغة أخرى ليست صريحة بالسماع، مثل: قال وذكر وحدَّث، وأخذت هذه الصيغة بالكلام لأنه لا خلاف بين أحد من أهل العلم أن الحديث الذي يكون فيه أو يقول به الراوي حدَّثنا أو أخبرنا أو سمعت أن هذا متصل لا خلاف بين البخاري ومسلم في الحديث الذي فيه التصريح بالسماع، إنما الخلاف المنقول والمذكور بين البخاري ومسلم هو في الحديث الذي يرويه الراوي عن من يرويه عنه بصيغة محتملة للسماع كـ "عن " و " قال " وما شابههما، فذكر عن الإمام البخاري أنه يشترط لاتصال الحديث المعنعن أو للحكم على الحديث المعنعن بأنه متصل:
الشرط الأول: أَنْ يكون الراوي غير مدلس.
¥(13/46)
الشرط الثاني: أن يثبت ولو مرة لقاؤه بمن روى عنه، أن يثبت عند البخاري أنه لقي هذا الراوي الذي روى عنه بصيغة محتملة، فإذا ثبت عنده اللقاء ولو مرة حمل بقية روايات هذا الراوي عن ذلك الشيخ على الاتصال بشرط ألا يكون مدلسًا كما ذكرنا سابقًا.
أما مسلم فشرطه قد صرَّح به في مقدمة صحيحه وسنذكره الآن وإن كان هذا متعلق بـ " مسلم "، وسنذكره الآن حتى نعرف الفرق بين المذهبين اللذين ذُكِرَا أو نسب للبخاري ومسلم.
مذهب مسلم: أن الحديث المعنعن لا يحكم له بالاتصال إلا بثلاثة شروط:
الشرط الأول: هو نفس الشرط الأول عند البخاري، وهو ألا يكون الراوي مدلس، أو بعبارة أدق ألا تكون عنعنة الراوي مردودة بالتدليس أو لا يوصف بالتدليس الذي يقتضي رد العنعنة، ألا يوصف الراوي بالتدليس الذي يقتضي رد العنعنة، هذا شرط البخاري ومسلم اتفقا في هذا الشرط، ثم ينفرد مسلم بالشرطين التاليين:
--------------------------------------------------------------------------------
الشرط الثاني: أن يكون هذا الراوي معاصرًا لمن روى عنه.
يعني: عاش في زمنه، فلا يكون وفاة الشيخ قبل ولادة الراوي عنه، لا بد أن يكونا عاشا في زمن واحد، هذا الشرط الثاني.
الشرط الثالث: ألا يوجد دليل ولا قرينة تدل على عدم السماع، ألا يوجد دليل يدل على عدم السماع، ولا قرينة تشهد بعدم السماع من ذلك الشيخ، فإذا اجتمعت هذه الشروط، فإن الإمام مسلم يحكم على الحديث بالاتصال، فأي الشرطين في رأيكم أكثر تشددً؟ شرط البخاري، مع أنهم شرطين.
كيف يكون شرطين أكثر؟ مسلم ثلاثة شروط.
قلنا البخاري له شرطان، وأما مسلم فله ثلاثة شروط؛ لأنه يشترط العلم باللقاء وهذا لا شك أشد.
هذا الشرط يا إخوان نقل عن الإمام البخاري بالطبع؛ لأننا قلنا: إن البخاري لم يذكر هذا الشرط، ولم يذكر أصلًا شروطه في مقدمة الكتاب لأن الكتاب ليس له مقدمة، إلا أن هذا الشرط هناك شك في نسبته إلى الإمام البخاري بل الراجح عندي والله أعلم أنه لا تصح نسبته إلى الإمام البخاري، وأن شرط البخاري ومسلم في الاتصال واحد، ولا فرق بينهما في ذلك، وأن الإمام مسلم لمَّا نقل الإجماع على الشرط الذي ذكره في مقدمة الصحيح كما سيأتي كان ينقل الإجماع بالفعل الذي يتناول البخاري ومسلمًا، وعلي بن المديني، وجميع من يعرفهم من أهل الحديث، فشرط البخاري ومسلم في الحديث المعنعن واحد، وهو الشرط الذي نقلناه سابقاً عن مسلم أنهما يحكمان بالاتصال إذا لم يكن الراوي مردود العنعنة بالتدليس، إذا كان معاصرًا، إذا لم يقم دليل ولا قرينة تدل على عدم السماع، هذا هو شرط البخاري ومسلم على الصحيح، والمسألة فيها طول لكن يكفي أن نَعْرِض لهذا الشرط من شروط الإمام البخاري وهو شرط الاتصال.
--------------------------------------------------------------------------------
لا شك أن هذا الشرط كما ذكرنا لا يمكن أن يُصْحِح الحديث إلا بحصوله وهو شرط الاتصال، فهنا ينقدح في الذهن الكلام عن المعلقات، يعني: ولما أخرج البخاري إذًا المعلقات في صحيحه، أو ما وجه إخراجها في الصحيح؟ هل هي صحيحة عنده؟ هل نحكم بصحتها لمجرد أن البخاري أخرجها في الصحيح؟
لا شك أن المعلقات خارجة عن شرط الصحيح، المعلقات الأصل فيها أنها خارجة عن أصل الصحيح، لما، ليش خارجة عن أصل الصحيح؟ لشرطين أو للكلمتين اللتين وردتا في عنوان الكتاب:
الشرط الأول: كلمة المسند، والمعلق ليس بمسند لأن ما هو متصل.
الشرط الثاني: وهو الصحة، وشرط الصحة أن يكون الحديث متصلًا، والمعلَّق ليس بمتصل.
ولذلك المعلقات الأصل أنها ليست داخلة ضمن شرط الصحيح، إلا أن العلماء وخاصة الحافظ ابن حجر قد اعتنى بهذه المعلقات عناية فائقة جدًا، وكان من أوائل كتبه التي ألفها، والتي أشتهر بها كتاب خاص بمعلقات صحيح البخاري وهو كتاب " تَغْلِيق التَعْلِيق " الذي وَصَلَ فيه هذه المعلقات؛ أي بيَّن أسانيدها إلى من انتهت إليه، سواءً كانت منسوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام مرفوعة أو موقوفة على الصحابة أو التابعين أو من جاء بعدهم.
¥(13/47)
ولذلك لن تجد خيرًا من الحافظ بن حجر معرفة بأنواع هذه المعلقات، وأقسامها لأنه صاحب عناية فائقة ومتميزة بمعلقات صحيح البخاري، وقد لخَّص هذا الكتاب أيضًا " تَغْلِيق التَعْلِيق " في مقدمة شرحه لصحيح البخاري "فَتْح البَارِي" المقدمة المشهورة باسم " هدي الساري ".
لخَّص كتابه " تغليق التعليق " تلخيصًا كبيرًا وقدَّم هذا الباب بذكر أنواع المعلقات في صحيح البخاري، ويمكن أن نقسم هذه التعليقات بناء على كلام الحافظ بن حجر يعني حاولوا أن ترسموها شجرة في أذهانكم أو في أوراقكم التي معكم.
نقسم هذه المعلقات إلى قسمين أساسين:
معلقات المتون. ومعلقات الأسانيد. أو الطرق والروايات.
هذه لها كلام وهذه لها كلام.
--------------------------------------------------------------------------------
نبتدئ بمعلقات المتون:
معلقات المتون: يعني أن يروي متنًا لكن لتعليقه، نحن نقول معلق، نحتاج إلى شرح المعلق قبل أن ندخل فيه، ما هو المعلق؟ نحن طبعًا شرحناه السنة الماضية أنا معتمد إنه محفوظ من السنة الماضية المعلق.
- ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر، زاد الحافظ بن حجر: بتصرف مصنفه: هذا هو المعلق.
صورته حتى نعرف: مثل أن يقول الإمام البخاري في حديث ?? إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّياتِ ?? الذي يرويه عن الْحُمَيْدي عَنْ سفيان عَنْ إبراهيم .. إلى آخر السند.
كأن يقول مثلًا: ?? قَالَ سُفْيَانُ .. الحديث ??.
هل البخاري سمع الحديث من سفيان؟
- لا. إنما سمعه من الْحُمَيدي، أو أن يقول: قال يحيي بن سعيد الأنصاري، هل سمعه من يحيي بن سعيد الأنصاري، أو أن يقول: قال علقمة بن وقاص، هل سمعه من علقمة؟ لا، أو يقول: قال عمر بن الخطاب، أو يقول يحذف السند كله، ويقول: قال النبي (?? إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّياتِ ??.
فإذا حذف شيخه هذا يُسمى معلق، فإذا أضاف إلى شيخه رجل ثاني أو ثالث أو رابع أو كل السند أيضًا يُسمى معلق، هذه هي المعلقات، وقد يكون المعلق حديث مرفوع كما ذكرنا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يكون أثرًا موقوفًا عن أحد الصحابة أو عن أحد التابعين، فمن جاء بعدهم، فنقول: أن هذه المعلقات قد يسوقها الإمام البخاري يسوق بعض السند أو يحذف السند كله، ويذكر المتن المروي سواء كان مرفوعًا أو موقوفًا أو مقطوعًا، فهذه المتون تنقسم أو معلقات المتون تنقسم أيضًا إلى قسمين، ليت عندنا لوحة كان نرسم لكم شجرة؛ هذا لأنها مرسومة عندي أنا في الورقة هذه، فهذه المعلقات المتون أيضًا تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الذي وصله الإمام البخاري في الصحيح، معلقات وصلها في كتابه الصحيح.
القسم الثاني: معلقات لم يصلها في الصحيح.
كيف يعني معلقات وصلها في الصحيح؟ ومعلقات لم يصلها؟
--------------------------------------------------------------------------------
بعض المعلقات يذكرها الإمام البخاري في موطن ويحذف من مبتدأ السند واحد فأكثر، ويوردها في موطن آخر مسندةً، يذكر من سمع منه الحديث إلى منتهى السند.
ما حكم هذه المعلقات التي يصلها البخاري في صحيحه؟
صحيحة وهي على شرطه؛ لأنه أخرجها مسندة في موطن آخر من كتابه الصحيح.
لما علقها؟
هنا سؤال: ما دام إنها على شرطه وأخرجها في موطن آخر مسندة، فلم لم يصلها في كل موطن يوردها فيه مع أننا نعرف أن البخاري يكرر حديثه، يعني كثير من الأحاديث يكررها ويقسم الحديث ويوزع الحديث على الأبواب، فلم لم يرو هذا الحديث الذي علقه بإسناد متصل لا منتهاه؟
يقول: للاختصار.
ولما لم يفعل هذا اختصار في الروايات الأخرى التي أسندها وكررها في أبواب أخرى، يعني لابد في فرق بين الصورتين، مرة لا يعلق الحديث وإن تكرر، ومرات يعلقه إذا تكرر، فما الفرق بين الحالتين؟
يقول: بسبب ضيق المخرج؟ الإمام البخاري من طبعه وقلنا وهذا من سجيته من ذكائه أنه يكره الإعادة التي لا فائدة فيها، حتى الأحاديث التي كان يكررها مسندة لابد أن يكون هناك إضافة في كل مرة يروي فيها الحديث ولو أقل شيء من ناحية الرواية؛ كأن يرويه مرة عن شيخ، ومرة يرويه عن شيخ آخر، يرويه مرة بإسناد، ويرويه مرة بإسناد آخر، يرويه مرة بلفظ ويرويه مرة أخرى بلفظ فيه شيء من الاختلاف ينفع في بيان الحكم المستنبط من الحديث.
¥(13/48)
أما الحديث الذي لا يوجد عنده إلا من وجه واحد، ولم يروه إلا عن شيخ واحد مثلًا، وليس هناك فائدة من إعادته هذا الذي يرى أنه يجب أن يختصر؛ لأنه إن كرره بنفس السند وبنفس اللفظ لا فائدة تذكر في مثل هذا الفعل، ولذلك يقوم بتعليقه من باب كراهية التكرار الذي لا فائدة منه.
نرجع إلى القسم الثاني وهو:
الأحاديث التي علقها ولم يصلها في الصحيح هذه أيضًا تنقسم إلى قسمين:
الشجرة كل مدى تتفرع أكثر وأكثر.
--------------------------------------------------------------------------------
القسم الأول من هذه المعلقات التي لم يصلها في الصحيح: هي المعلقات التي أوردها بصيغة الجزم.
والقسم الثاني التي أوردها بصيغة التمريض.
ما هي صيغة الجزم وصيغة التمريض؟
صيغة الجزم: هي التي يقطع فيها بنسبة ذلك القول إلى قائله كأن يقول: قال فلان، قال عمر، قال سفيان، قال علي بن أبي طالب، قال محمد بن سيرين، أو ذكر أو حدَّث، أي صيغة فيها جزم بنسبة هذا القول أو هذا الإسناد أو الأمر المنقول عن من سَمَّاه.
صيغة التمريض: هي التي ليس فيها جزم؛ كأن يقول: رُوي، قيل، ذُكر عن فلان، لاحظتم.
إذًا: صيغة الجزم هي في الغالب تكون طبعًا بصيغة المبني للمعلوم، وصيغة التمريض تكون بصيغة المبني للمجهول.
نبتدئ بالقسم الأول وهو ما رواه بصيغة الجزم:
ما رواه بصيغة الجزم طبعًا هذا ما رواه بصيغة الحزم ولم يصله في الصحيح لأنه انتهينا الآن مما وصله في الصحيح نتكلم الآن عن الأحاديث التي علقها ولم يصلها في الصحيح، وقلنا إنها تنقسم إلى قسمين، هذه الأحاديث التي عَلَّقها بصيغة الجزم الحافظ بن حجر باستقرائه
القسم الأول: وجد أن بعض هذه الأحاديث صحيحة على شرط البخاري هذا القسم الأول.
القسم الثاني: صحيحة على غير شرط البخاري.
القسم الثالث: في مرتبة الحسن ليست صحيحة.
القسم الرابع: فيها ضعف من قِبَل انقطاع يسير في الإسناد، لا من جهة طعن في الرواة، وأيضًا يكون الحديث هذا مُنْجَبِر.
إذًا: هي أربعة أقسام الأحاديث المعلقة التي يذكرها بصيغة الجزم.
1 - ما كان صحيحًا على شرط البخاري، وسنتكلم الآن عن كل قسم.
2 - ما كان صحيحًا على غير شرط البخاري.
3 - ما كان حسنًا لم يصل إلى درجة الصحة.
--------------------------------------------------------------------------------
4 - ما كان ضعيفًا، لكنَّ سبب ضعفه انقطاع يسير في الإسناد وليس من جهة طعن في أحد الرواة، ثم يكون هذا الحديث أيضًا منجبر، أي متقوي بمجيئه من وجه آخر، هذا حسب استقراء الحافظ، يقول: هذه المعلقات التي بصيغة الحزم لا تخرج عن واحد من هذه الأقسام الأربعة، وذكر أمثلة مثلًا للحديث الصحيح:
أول شيء الحديث الصحيح الذي على شرطه، قال لما لم يخرجه في الصحيح ما دام صحيح وعلى شرطه، لِمَ لم يسنده؟
يقول الحافظ بن حجر: لذلك عدة أسباب:
1 - أن يكون قد أخرج ما يقوم مقامه. وقلنا إن شرط البخاري وسيأتي هذا في العنوان أنه مختصر؛ فإذا أورد حديثًا مسندًا بنفس معنى هذا الحديث الآخر يرى أنه ما في داعي لتكرير الحديث الآخر فيورده معلقًا وإن كان صحيحًا على شرط البخاري.
2 - أن يكون أخذه في حالة المذاكرة.
يعني: أخذه في حالة المذاكرة أو تلقاه عن شيخه أثناء المذاكرة.
المذاكرة غير مجالس السماع؛ مجالس السماع هي المجلس الذي يتصدى فيه الشيخ للتحديث ويسمع الطلاب منه، أو يقرؤون عليه وهو يسمع، هذه مجالس إملاء ومجالس تحديث يكون الشيخ فيها متحري ومتوقي، والطالب منتبه ويكتب أو يحفظ أثناء السماع أو يعارض إذا كان عنده النسخة التي تُقرأ على الشيخ.
أما المذاكرة: ما أشبهها بمجالس المذاكرة التي يعرفها الناس الآن؛ يجلس الحافظ أي الحافظ أي المحدِّث مع بقية المحدثين، ويقول لهم: أنا أروي حديث كذا وكذا وكذا، عندي رواية من رواية فلان عن فلان عن فلان لا يكون فيها متوقي، ومتحري تحريه الذي يفعله في مجالس التحديث، فاحتمال الوهم فيها أو احتمال الاختصار، أو الرواية بالمعنى واردة، ولذلك الإمام البخاري يرى أنه يميز هذه الروايات التي تلقاها بالمذاكرة عن الروايات التي تلقاها في مجالس السماع والتحديث فيروي هذه الأحاديث وإن كانت على شرطه بصيغة الجزم معلقة إلى من نسبها إليه.
3 - ألا تكون مسموعة له كأن يكون وجدها وجادة.
¥(13/49)
--------------------------------------------------------------------------------
يعني: ألا تكون مسموعة عند البخاري لا في المذاكرة ولا مجالس السماع، وإنما وجدها في كتاب من الكتب ولذلك لم يوردها متصلة، واكتفى بتعليقها مجزومة إلى من علقها عنه.
القسم الثاني الذي هو صحيح على غير شرطه:
قال مثاله حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي (، قد علقه البخاري قال: ?? قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ?? وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في الصحيح، فهو صحيح لكن على غير شرط البخاري، طيب ليش ما أخرجه في الصحيح؟ لأنه على غير شرطه، الجواب معروف.
قال: القسم الثالث: ذكرناه الحسن، ومثاله:
قال: قال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي (قال: ?? إِنَّ اللَّهُ أَحَقّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْه ُ?? هذا الإسناد يُضرب به المثل للإسناد الحسن، ولذلك لم يخرجه الإمام البخاري لأنه ليس في المرتبة العليا من مراتب القبول التي هي ما نسميه نحن، أو المتأخرون يسمونه بالصحيح لذاته، ولذلك لم يخرجه الإمام البخاري.
مثال القسم الرابع من الأقسام وهو الضعيف الذي يضعه من جهة انقطاع في الإسناد لا من جهة ضعف في الرواة أو طعن في الرواة، وهو مُنْجَبِر، قال: الحديث رواه طاووس عن معاذ في الزكاة أورده الإمام البخاري مجزومًا بنسبته إلى طاووس، وطاووس لم يسمع من معاذ بن جبل، وإن كان عاصره، لكنه لم يسمع منه، ولذلك علقه الإمام البخاري، إلا أن العمل على مقتضى هذا الحديث ولم يخالف فيه الفقهاء، وهناك أدلة تدل على صحة ما جاء في هذا الحديث، ولذلك علقه الإمام البخاري بصيغة الجزم.
ماذا تفيد هذه الصيغة الآن عند البخاري لمَاَّ يقول: قال فلان؟
تفيد: أَنَّ هذا الحديث أو هذا الأثر صحيح إلى من علقه عنه - انتبهوا للقيد - أن هذا الأثر أو الحديث صحيح إلى من علقه عنه.
من هي فائدة هذا التقييد، لماذا لم نقل صحيح ونسكت؟
--------------------------------------------------------------------------------
يدل على صحته الصيغة تدل على الجزم أو القطع، فلم لم نقل بأنها تدل على الصحة وإنما قلنا صحيح إلى من علقها عنه لِمَ؟
هو الآن جزم الساقط انتهينا منه، لكن مثلًا يقول: قال طاووس عن معاذ، فهو الآن يجزم لنا أن الإسناد الساقط مقبول في درجة القبول، فلِمَ قال: قال طاووس عن معاذ ولم يقل: قال معاذ؟
أنا الآن بينت السبب، لأنه هناك احتمال أن يفعل البخاري ذلك إذا كان الباقي في الإسناد الذي يذكره من الإسناد فيه علة، فيه سبب من أسباب الرد، فكيف يجزم بنسبة الحديث إلى معاذ والحديث لم يثبت إسناده إلى معاذ، فهو إذا قال؟: قال فلان فهو يجزم بصحة الإسناد إلى الذي سمَّاه، ثم يجب عليك أن تنظر في بقية الأسماء التي ذكرها بإسناد وتدرس بقية الإسناد المتبقي، فقد يكون مقبولًا وقد لا يكون مقبولًا، ومثاله مثال: طاووس عن معاذ الذي ذكرناه سابقًا، ولذلك لم يقل: قال معاذ، ما قال مثل حديث عائشة السابق: ?? قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ??؛ لأن الحديث إلى عائشة صحيح في صحيح مسلم ما في خلاف أبدًا، وقد يقول في أحاديث أخرى: قال النبي (كما في حديث آخر قال النبي (?? الإسْلَام جِهَادٌ وَنِيَّة ?? وجزم بنسبة هذا الحديث إلى النبي عليه الصلاة والسلام ولم يتردد في ثبوته لأنه صحيح إلى النبي عليه الصلاة والسلام، لكن في حديث معاذ قال: قال طاووس، ومع ذلك يجب عليك أن تنظر في بقية الإسناد الذي ذكره الإمام البخاري فلعل هناك علة في بقية هذه الأسماء التي ذكرها؛ إما طعن في الرواة أو انقطاع في الإسناد، وإذا كان بصيغة الجزم لا يكون انقطاعًا في الرواة وإنما يكون من جهة القطع في الإسناد كما سبق، هذا هو القسم الأول الذي أورده بصيغة الجزم.
--------------------------------------------------------------------------------
القسم الثاني: مما لم يصله في الصحيح: وهو ما أورده بصيغة التمريض وبينا ما هي صيغة التمريض. نقول صيغة التمريض وصيغة التمريض مثالها: " قيل "، و " ذُكِرَ " و " حُدِّث " .. وما شابه ذلك.
ما هي إفادة صيغة التمريض؟
¥(13/50)
قلنا: بأن صيغة الجزم تدل على أن الإمام البخاري يجزم بهذا القول إلى من علقه عنه.
وصيغة التمريض تدل على ماذا؟ هل صيغة التمريض تدل على التضعيف؟
هذا هو المهم لأن؛ لو قلنا تدل على عدم الجزم فهي كلمة عامة، وقد يكون عدم الحزم مع الدلالة على الضعف، وقد لا تكون كذلك، قد يكون مراده فقط بيان أن هذا الحديث أو يريد أن يُبرئ ذمته من الجزم بنسبة هذا الحديث إلى قائله والصحيح هو هذا الأخير أن صيغة التمريض لا تدل وحدها على التضعيف عند البخاري، فقط تدل أن البخاري لا يقطع بنسبة هذا القول إلى قائله فقط.
ومن ظن أنها دالة على الضعف يرد عليه أن الإمام البخاري أورد أحاديث بصيغة التمريض ووصلها في صحيحه.
ومثال ذلك: أثر ابن عباس الذي قال فيه الإمام البخاري قال: وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ?? الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ??.
الآن هذه صيغة تمريض ولَّا حزم؟
صيغة تمريض؛ يُذكر عن ابن عباس، هذا الحديث هو الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في الصحيح في قصة أبي سعيد الخدري لما رقى سيد القوم الذي لُدغ بفاتحة الكتاب، نفسه البخاري أخرجه في الصحيح، طيب لِمَ أورده بصيغة التمريض مع أنه صحيح وعلى شرطه؟
--------------------------------------------------------------------------------
يقول الحافظ بن حجر: سبب ذلك بالاستقراء الذي قام به الحافظ بن حجر أنه يفعل ذلك إذا ذكر الحديث بالمعنى، ولم يذكره باللفظ، فمثلًا في هذا الحديث يقول: يُذكر عن ابن عباس في الرقى بفاتحة الكتاب، ما ذكر لفظ الحديث، وإنما أورده بالمعنى، فإذا أورد الحديث بالمعنى فإنَّه في بعض الأحيان يعلقه بصيغة التمريض، هذا بالنسبة للأحاديث التي علَّقَها بصيغة التمريض وهي موصولة في الصحيح، انتبهوا، أما الأحاديث التي علقها بصيغة التمريض ولم يصلها في الصحيح، فهذه سيأتي الكلام عنها الآن.
يعني الآن ممكن أيضًا الأحاديث التي علقها بصيغة التمريض ممكن نجعلها قسمين:
قسم: وصله في الصحيح.
قسم: لم يصله في الصحيح.
1 - التي وصلها في الصحيح: علقها بصيغة التمريض؛ لأنه أوردها بالمعنى.
2 - التي لم يصلها في الصحيح هذه تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: صحيح على غير شرطه.
القسم الثاني: الحسن.
القسم الثالث: أن يكون الحديث ضعيفًا لكنَّ العمل عليه. ويأتي أمثلتها.
القسم الرابع: هو الضعيف الذي لا جَابِر له، ولم يفت به عامة أهل العلم.
وهذا القسم الأخير لا يكاد البخاري يذكره إلا وينبه على ضعفه صراحة كما يأتي في الأمثلة التي نسوقها.
مثال القسم الأول - وهو الذي يعلقه بصيغة التمريض - وهو صحيح على غير شرطه:
أَنَّ البخاري قال: يُذكر عن عبد الله بن السائب أن النبي (?? قَرَأ بـ " المْؤمِنُونَ" فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ?? وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، أورده بصيغة التمريض، وهو صحيح على شرط مسلم.
مثال القسم الثاني، هو الحديث الحسن:
قال: يُذكر عن عثمان أن النبي (قَالَ لَهُ: ?? إِذَا بِعْتَ فَكِلْ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ ??.
وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد، والدار قطني بإسناد حسن، ولذلك علقه الإمام البخاري بصيغة التمريض.
مثال القسم الثالث: وهو الضعيف لكن عليه العمل:
--------------------------------------------------------------------------------
ضعيف لكن عمل الفقهاء عليه ربما كان إجماع العلماء على العمل به، وإن كان الحديث ضعيف، طبعًا الإجماع لا يُشترط أن يكون مبني على هذا الحديث الضعيف، قد يكون مبني على دلائل الشرع الأخرى الاجتهاد والقياس، المقصود أن هناك وَرَدَ حديث ضعيف والإجماع يدل على ما دلَّ عليه هذا الحديث الضعيف أو عمل الفقهاء أو أكثر الفقهاء بما يدل عليه هذا الحديث الضعيف.
مثال ذلك: قال الإمام البخاري: ?? وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ ?? أي في التركة، في الإرث أول ما يُبدأ بسداد الدين ثم بالوصية ثم بتوزيع التركة على المستحقين الورثة.
هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي، وضعفه وهو ضعيف، لكن العمل عليه، الفقهاء يفتون بأن نقل عليه الإجماع ولعل الإجماع فيه صحيح أنه يبتدأ بالدين قبل الوصية.
مثال القسم الأخير، وهو الضعيف الذي لا جابر له:
¥(13/51)
والذي قلنا إن البخاري لا يكاد يذكره إلا وَيُنَبِه صراحةً إلى ضعفه.
من أمثلته: قال الإمام البخاري: يُذكر عن أبي هريرة عن النبي (?? لَا يَتَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَكَانِهِ ?? قال الإمام البخاري " وَلَمْ يَصِحَّ ".
ذكر الأثر أو الحديث بصيغة التمريض ثم بعد أن انتهى منه قال: " وَلَمْ يَصِحَّ "، فصرَّح بضعفه.
ومثال آخر: قال الإمام البخاري في كتاب الهبة: قال: " مُنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّة وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا " هذا الباب، قال: " وَيُذْكَرُ عَنْ اِبْن عَبَّاس ?? أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاؤُهُ ??. وَلَمْ يَصِحَّ.
--------------------------------------------------------------------------------
أيضًا بعد أَنْ ذكر هذا الحديث قال: " وَلَمْ يَصِحَّ " هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات، لكن أورده مرفوعًا، أما البخاري فأورده موقوفًا عن ابن عباس، والبخاري مع أنه أورده موقوفًا ومعلقًا بصيغة التمريض نبَّه أيضًا على ضعفه، أما ابن الجوزي فأورد الحديث مرفوعًا يعني من طريق آخر مرفوع وحكم عليه بالوضع، وهذا الحديث هو الحديث الوحيد الذي أورده ابن الجوزي، أو الكلمة الوحيدة التي أوردها ابن الجوزي في الموضوعات وهي مما ذُكر في صحيح البخاري، طبعًا هذا ليس فيه لوم على الإمام البخاري لأنه:
أولًا: لأنه ليس بمسند، ما هو من شرط كتابه.
ثانيًا: أنه علقه بصيغة التمريض.
ثالثًا: أنه صرَّح بتضعيفه.
رابعًا: أنه إنما أورده موقوفًا وأما الذي حكم عليه بالوضع ابن الجوزي فهو الحديث المرفوع، ولم يحكم على الحديث الموقوف بالوضع، الحديث الموقوف لا يزيد أن يكون ضعيفًا، لا يصل إلى درجة الحكم عليه بالوضع، وهناك حديث آخر نُسب إلى الإمام البخاري خطأً وذكره ابن الجوزي في الموضوعات لعلنا نذكره في ما يأتي من الكلام بإذن الله تعالى.
هذه خلاصة المعلقات أو أقسام المعلقات في صحيح البخاري.
وخلاصة هذا الكلام كله:
" أن كل ما علقه البخاري فهو صالح للعمل إلا ما صرَّح بتضعيفه، أن كل ما علقه البخاري سواء بالجزم أو بالتمريض، سواء وصله أم لم يصله فهو صالح للعمل إلا ما صرَّح بتضعيفه "
تقول لي: كيف ما قلت إن فيه أحاديث ضعيفة؟
قلنا لكم: إن الأحاديث الضعيفة عليها العمل.
يبقى القسم الأخير: وهو الضعيف الذي ليس عليه العمل، قلنا إن البخاري لا يسكت عن بيان ضعفه، وينبه صراحة إلى ضعفه، ولذلك نحن نقول: إن كل معلقات البخاري صالحة للعمل إلا ما بيَّن ضعفه، هذه خلاصة المعلقات في صحيح البخاري.
لكن ننبه إلى كلمة أخيرة:
--------------------------------------------------------------------------------
وهو أن هذا الحكم لم نصدره على هذه المعلقات لمجرد أن البخاري علقها في الصحيح، وإنما أُصدرت هذه الأحكام وعرفنا هذه الأقسام لما وُصِلَت هذه المعلقات، وَصَلَها الحافظ بن حجر في " تغليق التعليق " وحكمنا على أسانيدها بما يليق بها من القبول والرد، فليس لِذِكر الإمام البخاري لهذه المعلقات في صحيحة مزية خاصة يبقى الحديث المنقطع ليس بحجة سواء عند البخاري أو عند غيره، ولذلك اضطر الحافظ أن يجتهد ويحاول أن يصل هذه الأحاديث ليعرف مراتبها من القبول والرد، هذا أمر مهم حتى نعرف أن المحدِّثين ساروا على قاعدة مُطَّرِدَة في رد المنقطع وعدم قبوله، وأن الأصل في المنقطع عدم القبول ولو كان مُخَرَّجًا في كتاب اشترط صاحبه فيه الصحة، وإن كان طبعًا اشتراطه كان خاصًا بالأحاديث المسندة ولم يتناول الأحاديث المعلقة إلا أن ذكره لهذه المعلقات في الصحيح لا شك أنها تُلْمِح إلى أنها في الغالب ستكون في درجة القبول، ولذلك بالفعل واقع هذه المعلقات كما ذكرنا أنها في أقل أحوالها صالحة للعمل كما ذكرنا في خلاصة هذا التقسيم.هذا فيما يتعلق بمعلقات المتون.
باقي القسم الآخر الذي هو: " معلقات الأسانيد ".
¥(13/52)
وقلنا: نفصد بمعلقات الأسانيد أو الطرق: هي الأسانيد التي يذكرها أو الطرق التي يذكرها الإمام البخاري في سياق المتابعات، بعدما يسوق الحديث يقول: ورواه سفيان والزهري، وفلان، وفلان، وفلان عن شعبة مثلًا، ولا يذكر الإسناد إلى هؤلاء، ساق الحديث قبل ذلك متصلًا من أحد الوجوه ثم يذكر هذه المتابعات معلقة، هذه المعلقات سبب تعليق الإمام البخاري لها:
السبب الأول: أنه إنما ذكرها متابعةً لا أصالةً.
--------------------------------------------------------------------------------
السبب الثاني: يقول الحافظ بن حجر: أَنَّه وَجَدَ الإمام البخاري إذا حصل اختلاف في الحديث في إسناده، أو في متنه، فإنه يخرج في صحيحه الرواية الراجحة مسندة متصلة، ثم يعلق الرواية المرجوحة ليبين لك أنه على علم بالخلاف، لا يأتي واحد ويقول: والله الإمام البخاري فاته الخلاف ولعل الرواية التي تركها هي الأرجح من الرواية التي ذكرها، فيذكر الرواية المرجوحة مُعَلَّقة حتى يعرف القارئ أن الإمام البخاري كان على إطلاع بهذه الرواية وإنما تركها لأنها عنده مرجوحة أي خطأ ووهم ممن رواها، ولذلك اكتفى بأحد الوجهين أو أحد الأوجه من الخلاف وترك الوجه الآخر واضح يا إخوان؟ هذا فيما يتعلق بمعلقات الأسانيد، وبذلك ننتهي من شرط الاتصال والكلام عنه.
ننتقل إلى شرط " عدم الشذوذ ".
طبعًا اشتراط عدم الشذوذ الذي يُذكَر في الحديث الصحيح هناك حقيقة طبعًا أول من ذكر هذا التعريف، تعريف الحديث الصحيح بشروطه الخمسة المشهورة أول من ذكر هذا التعريف هو ابن الصلاح ذكره بهذه الشروط المعروفة هو ابن الصلاح، ثم تابعه بعد ذلك العلماء ومنهم الحافظ بن حجر، فاخْتُلِفَ في تفسير الشذوذ الوارد في هذا التعريف؛ لابن الصلاح تعريف للشذوذ، وللحافظ بن حجر تعريف آخر للشذوذ، فأي التعرفين هو المراد في تعريف الحديث الصحيح؟
الحافظ بن حجر ماذا عرف الشاذ يا من درست النزهة؟
- ما خالف فيه المقبول من هو أولى منه بالقبول.
إذًا: شرط الشاذ عند الحافظ بن حجر أن يكون هناك مخالفة بين راويين مقبولين الأصل فيهما القبول لكنَّ أحدهما أرجح من الآخر إما من جهة العدد يعني يخالف شخص عددًا من الأشخاص، أو من ناحية زيادة الإتقان والضبط؛ يكون أحدهما أكثر ضبطًا واتقانًا فتكون روايته أرجح من رواية الآخر، هذا الشاذ عند الحافظ بن حجر، فهل هذا هو الشاذ الذي أراده ابن الصلاح لما عرَّف الحديث الصحيح وقال: إنه من غير شذوذ ولا علة، هل هذا هو الشاذ؟
--------------------------------------------------------------------------------
هذا الشاذ يا إخوان هو قسم من أقسام العلة، ما هي العلة؟ كيف تُكتشف العلة في الحديث؟
من خلال الموازنة، الموازنة بين الروايات، فإذا رجحت رواية على رواية، هذا هو الشذوذ عند الحافظ بن حجر، فإذا كان الشذوذ قسم من أقسام العلة لِمَ يذكره ابن الصلاح في تعريفه كان يكتفي بالعلة، ويقول من غير علة، ليش ينص على الشذوذ خاصة؟
الواقع أن ابن الصلاح أراد بالشذوذ معنى آخر وقد صرح ابن الصلاح، صرَّح بتعريف الشاذ في كتابه، وذكر أن الشاذ قسمان:
القسم الأول: قال: " هو مخالفة الراوي لمن هو أولى منه ".
أول شيء انتبه هذا القسم الأول من الشاذ، أنه لم يقل: مخالفة الراوي المقبول، لم يقيده بأن يكون مقبولًا، وإنما أطلق أي راوي، مخالفة أي راوي لمن هو أولى منه، هذا القسم الأول من الشاذ، وهذا هو الذي قلنا بأنه من أقسام العلة، فلا يمكن أن يكون ابن الصلاح أراد هذا القسم من الشاذ لأنه داخل ضِمن العلة، ولا يصح التكرار في التعريف كما هو معروف.
القسم الثاني: " تفرد من لا يقع في ضبطه وإتقانه ما يجبر تفرده ".
¥(13/53)
يعني: الآن قد يكون الراوي في الأصل مقبول الرواية، لنفترض مثلًا أضرب لكم مثال واقعي حتى نقرب الصورة أن هناك شخصًا تتلمذ على أحد العلماء فترة طويلة جدًا أو تلامذة كثيرون تتلمذوا على أحد المشايخ المشهورين سنوات طويلة، وهم أعرف الناس بأقواله وآرائه، ثم جاءنا في يوم من الأيام أحد الناس الثقة نثق في دينه ونقله وضبطه وكل شيء، لكنه نقل لنا فتوى عن هذا العالم لم ينقلها أحد من تلامذته الملازمين له، وهذا الشخص نعرف أنه ما لقي هذا العالم إلا مرة أو مرتين، ولقيه في مجلس عام أيضًا ليس في مجلس خاص مثلًا هل يمكن نقبل منه هذه الرواية هذا النقل؟
- ما يمكن. نحمله على الكذب؟ لا؛ هو صادق.
إذن نحمله على أَيْش؟
--------------------------------------------------------------------------------
- الوهم والخطأ، أخطأ. هذا هو تفرد الراوي أن يتفرد الراوي بحديث ويقع في ضبطه وإتقانه ما يجبر تفرده؛ كأن يأتي رجل إلى الزهري، والزهري إمام مشهور كان يُقْصَد من كل مكان له تلامذة كثيرون لازموه حضرًا وسفرًا كما ذكرنا، وهذا الشخص لم يلق الزهري إلا يوم أو يومين أو في مجلس أو مجلسين، ثم ينفرد عن الزهري بحديث لا يرويه أحد من تلامذة الزهري إلا هو، ما في مخالفة، هو ينفرد بحديث أصل، لو كان مخالفة كان يرجع للصور الأولى، لا، هو ينفرد بحديث لا يشاركه في أصل روايته أحد، ففي مثل هذه الحالة يشك العلماء في صحة نقل هذا الراوي ولو كان هذا الراوي عدلًا ضابطًا؛ لأن تفرده هذا يوقع الريبة في صحة نقله.
هذا هو القسم الثاني من الشاذ، وهذا ليس من العلة؛ لأنه لا يدرك من خلال جمع الطرق، وهذا هو الذي يريده ابن الصلاح من اشتراط الشذوذ في الحديث الصحيح ليش نقول هذا؟ لأننا نريد أن نقول بأن هذا هو الشرط أيضًا يشترطه البخاري في أحاديث كتابه: ألا ينفرد من لا يقع في ضبطه وإتقانه ما يجبر تفرده، أما مخالفة المقبول لمن هو أولى منه: فهي داخلة ضمن اشتراط عدم العلة؛ لأنه من العلل، مخالفة الراوي المقبول لمن هو أولى منه هذا من أقسام العلل القادحة، فهي مشترطة بقولنا: ولا يكون مُعلًا، خلاص انتهينا من هذه الصورة يبقى الصورة الأولى إذا ما فسرنا الشاذ بهذا التفسير يبقى فيه طعن في الصحيح من جهة أنه هناك أحاديث تصحح وهي في الأصل أو في قواعد المحدثين يجب أن تكون مردودة لأنها لم يقع في ضبط راويها ما يجبر روايته التي تفرد بها، واضح.
رواية السجود: مثل رواية محمد بن حسن عن أبي الزناد التي تفرد بها وأبو الزناد إمام مشهور من أئمة أهل المدينة وله تلامذة كثيرون وتفرد به رجل كان يسكن البادية وليس معروفًا بصحبة أبي الزناد فهذا داعي رد روايته، وأمثلة ذلك كثيرة وهناك مقالات قرأتها في هذا الموضوع.
--------------------------------------------------------------------------------
على كل حال لا نريد أن ندخل في تفاصيل هذه المسألة.
المهم أن نعرف أن الشاذ المقصود بالتعريف ليس هو الشاذ الذي عَرَّفه به الحافظ بن حجر، وإنما هو القسم الثاني من الشاذ الذي ذكره ابن الصلاح، وهذا لا شك أنه شرط في الصحة وقد أعلَّ الإمام البخاري أحاديث فيما نقل عنه الترمذي وفي كتابه التاريخ الكبير بالتفرد فدلَّ ذلك على أن هذا شرطًا عنده في قبول الحديث أن الراوي إذا تفرد ولم يقع في ضبطه وإتقانه ما يجبر تفرده أن هذا داعٍ لرد الحديث، وما دام أن الإمام البخاري كان متبع لهذا المنهج فلا يمكن أن يصحح حديثًا هو نفسه يعل ما شابهه ونَاظَره لتحقق هذا النوع من أنواع الشذوذ فيه.
يبقى الشرط الأخير: اشتراط " عدم العلة ".
لاشك أيضًا أن هذا الشرط واضح عند جميع المحدثين وقد ملأ الإمام البخاري كتابه التاريخ الكبير ببيان العلل وبرد الأحاديث بأمثال هذه العلل، وهذا أمر لا يخفى على الإمام البخاري، وسيأتي أنه حتى في صحيحه نبه على بعض العلل في صحيحه، لكن قبل أن نأتي للأمثلة نذكر عبارة للحَاكِم فيها شيء من الإشكال لأنه ما دام تطرقنا للكلام عن العلل لابد أن نذكر الأشياء التي قد يتمسك بها من يظن أن الإمام البخاري لم يشترط هذا الشرط، لمَّا ألَّف الإمام الحاكم أبو عبد الله كتابه المستدرك على الصحيحين والذي سيأتي الكلام عنه.
¥(13/54)
قال في مقدمة هذا الكتاب وَهو يَتَكَلَّم عَنْ شَرطِهِ فيه قَالَ:
" أَنْ أَجْمَعَ كتابًا يَشْتَمِل عَلَى الأَحَادِيث المْرَوية بِأَسَانيد يَحْتَج مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل وَمُسْلِم بْنُ الْحَجْاج بِمِثْلِهَا، إِذْ لَا سَبِيل إِلى إِخْراج مَا لَا عِلَة لَهُ، فَإِنَهما رَحِمَهُمَا الله لَمْ يَدَّعِيا ذَلِكَ لِأَنْفََُسِهِمَا ".
هنا الإشكال؛ أيش ظاهر هذه العبارة؟
--------------------------------------------------------------------------------
يقول: أنا سأخرج أحاديث أخرج البخاري ومسلم أمثالها - يعني هي على شرط البخاري ومسلم- ثم يقول: وإن كان لبعض هذه الأحاديث علل، قال: سأخرجها، ثم يبين لما أخرجها مع أنها علل، قال: لأن حتى البخاري ومسلم ما ادعيا أن الأحاديث الموجودة في كتابيهما لا علة لها.
معنى ذلك: أن هناك يعني الحاكم يعتبر أن اشتراط انتفاء العلة ليس شرطًا في صحيح البخاري هذا ظاهر العبارة، هل يمكن أن يقصد الحاكم هذه العبارة؟
- لا يمكن أبدًا؛ الحاكم إمام ويعرف أن اشتراط العلة، انتفاء العلة شرط أكيد في الحديث الصحيح، وقد صَرَّح بذلك، فليست قضية إحسان ظن به، مع أنه أهل لإحسان الظن، لكن أيضًا صرح بهذا الشرط في كتابه " معرفة علوم الحديث " لما عرَّف الحديث الصحيح، وسنقرأ كلامه حتى نعرف بالفعل أننا إذا أوَّلنا هذا الكلام عندنا القرينة الصارفة لكلام الأول عهن ظاهره، وهي تصريح باشتراط عدم العلة في الحديث الصحيح حيث قال في كتابه " معرفة علوم الحديث ":
قال لما ذكر ثلاثة أحاديث ظاهر أسانيدها الصحة لكن لها علل خفية تقدح في صحتها، هذا ذكره في معرفة علوم الحديث، وهو كتاب في المصطلح كما هو معروف ومن أقدم كتب علوم الحديث.
ثم قال بعد ذلك قال: ففي هذه الأحاديث الثلاثة قياس على ثلاثمائة أو ثلاثة آلاف وأكثر من ذلك.
يعني: هذه يقول الثلاثة أحاديث هي أمثلة فقط أسوقها وهناك ألوف الأحاديث مثلها، ظاهر إسنادها الصحة وهي غير صحيحة.
يقول: إن الصحيح لا يُعرف بروايته فقط، وإنما يُعْرف بِالفَهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع، أي لمعرفة الصحيح نوع معرفة الصحيح، وليس لهذا النوع عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث ".
--------------------------------------------------------------------------------
ثم يكمل فيقول: فإذا وُجد مثل هذه الأحاديث – الأحاديث التي ظاهرها ظاهر أسانيدها الصحة – فإذا الصحيحة غير مُخَرَّجةٍ في كتابي الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقيب عن علته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته، هذا كلام صريح.
يقول: أغلب الأحاديث التي ظاهر أسانيدها الصحة وهي غير موجودة في البخاري ومسلم ما تركها البخاري ومسلم إلا لأن فيها علة، إذًا: هذا كلام صريح من الحاكم أنه كان يعتبر أن ما أخرجه البخاري ومسلم يشترطان فيه انتفاء العلة، لا يمكن أن يكون قائل هذا الكلام يرجع ويقول مرة أخرى: فإن البخاري ومسلم يخرجا أحاديث فيها علل قادحة للصحيح، إذًا: ما هو مراده بالعبارة الأولى؟
يحتمل ذلك أحد معنيين، العبارة التي ذكرها في المستدرك التي تدل على أن البخاري ومسلم قد يخرجا أحاديث فيها علل لها أحد توجيهين:
التوجيه الأول: أن يُحمل على العلل غير القادحة؛ لأن العلل في منها ما هو قادح، وفي منها ما هو ليس بقادح، مطبق الاختلاف هذا يُسمى علة، لكن ليس كل اختلاف يقدح في صحة الحديث.
مثلًا: كالاختلاف في الصحابي هل هو ابن عباس أو ابن عمر؟ هل يقدح في صحة الحديث؟ ما يقدح، لِمَ؟ لأن الصحابة كلهم عدول.
مثل: الاختلاف في لفظ لا يؤثر في المعنى، اختلاف في لفظ لا يؤثر في المعنى مثل حديث ?? إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات?? الذي أخرجه الإمام البخاري مختصرًا في موطن وكاملًا في موطن آخر، أيضًا هذا اختلاف ويُسمى علة عند المحدثين، لكنها ليست علة قادحة، فقد يكون مراد الحاكم أن العلل غير القَادِحة لا تنافي شرط الصحة وهذا لا خلاف فيه، هو يريد أن يبين أنه إذا وجدت اختلاف فمعنى ذلك أن هذا اختلاف لا يصل إلى درجة القدح في الحديث ولذلك أخرجته في كتاب المستدرك.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/55)
التوجيه الثاني: أن يُحمل على أنه سيخرج أحاديث لها علل قادحة وأن البخاري ومسلمًا قد أخرجا أحاديث لها علل قادحة، لكن مع بيان علتها، وهذا صحيح وسيأتي أن البخاري ومسلمًا قد أخرجا أحاديث وأعلَّاها -هما أنفسهما- في كتابيهما الصحيح، فإذا أخرجا أحاديثًا لها علة قادحة يبين ذلك البخاري ومسلم أن هذا الحديث له علة قادحة، فإما أراد هذا المعنى أو أراد هذا المعنى، وكلا المعنيين صحيح، سواء أراد هذا أو ذاك.
ننتقل غلى قضية مهمة: أثارها الحافظ بن حجر، ونقلها عنه اثنان من تلامذته وهما: السخاوي والبقاعي وأحد تلامذة تلامذته وإن كان له من إجازة وهو السيوطي، نقلوا عن الحافظ بن حجر كلامًا أنه يقرر في هذا الكلام أن الشذوذ بتعريفه هو لا يناقض وصف الحديث بالصحة، الشذوذ بتعريف الحافظ له، الآن انتهينا من الشذوذ عند ابن الصلاح وبينا أنه هو المراد في تعريف الحديث الصحيح، لكن الحافظ بن حجر يقول بأن الشاذ الذي هو مخالفة الراوي المقبول لمن هو أولى منه ليس شرطًا منافيًا للصحة، وهذا قاله صراحة ونقله عنه كما قلت ثلاثة من العلماء منهم تلميذه السَخَاوي، وتلميذه البِقَاعي وأيضًا الإمام السيوطي كلهم نقلوا هذا الكلام عن الحافظ بن حجر وهو يعني بنقل هؤلاء ثابت وإن كنا لم نجده في شيء من كتبه لأن هناك كتاب اسمه " النُكَت الكُبْرَى " للحافظ بن حجر مطبوع عليه " النُكَت الصُغْرَى" النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ بن حجر هذه هي النكت الصغرى، هناك " النكت الكبرى" لا نعرف عن مكان وجودها شيئًا فلعل ما نقل أو ما نقله هؤلاء العلماء من النكت الكبرى والتي كان السيوطي يصرح بالنقل منها في كثير من الأحيان فلعل هذا النقل من النكت الكبرى للحافظ بن حجر.
المقصود: أن الحافظ بن حجر يستدل على هذه الدعاوى بأمثلة، يقول: يدل على أن الشذوذ لا ينافي وصف الحديث بالصحة أي مخالفة الراوي المقبول لمن هو أولى منه استدل بعدة أمثلة منها:
--------------------------------------------------------------------------------
1 - حديث شراء النبي (لجمل جابر، وما وقع في هذا الحديث بالاختلاف وساق البخاري هذا الاختلاف في الصحيح، فوقع مثلًا اختلاف في هذه القصة في ثمن الجمل؛ أحد يذكر كذا وكذا من الدراهم، وبعضهم يذكر عدد آخر، والثالث يذكر عدد آخر، ويورد البخاري أكثر من رواية في صحيحة مع أننا نعرف أن الجمل واحد والقصة واحدة فهو إما بيع بهذا الثمن أو بيع بهذا الثمن، وما يمكن أن يكون بِيعَ بِكِلا الثْمَنين.
أيضًا في القصة نفسها أمر له علاقة بالفقه وهو اشتراط الركوب، هل اشترط النبي (لما اشترى الجمل من جابر هل اشترط عليه جابر أن يركبه إلى أن يدخل إلى المدينة ثم يعطيه للنبي عليه الصلاة والسلام أو لا؟
جاءت رواية فيها اشتراط الركوب، وجاءت رواية ليس فيها اشتراط الركوب، وأخرج البخاري كلا الروايتين.
فيقول الحافظ بن حجر: إخراج البخاري لهذا الحديث مع هذا الاختلاف يدل على أن الشذوذ ليس شرطًا، انتفاء الشذوذ ليس شرطًا في الصحة.
لأن لابد أن تكون إحدى الروايتين خطأ، ومع ذلك أخرجها في الصحيح.
ومثال آخر أيضًا يضربه الحافظ بن حجر قال: - وقع في صحيح مسلم -: مثل ركعتي الفجر، سنة الفجر، فإنه من المعروف أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا صلى ركعتا الفجر اضطجع اضطجاعه خفيفة إلى أن تُقَام الصلاة، ثم يقوم ويصلي الفرض بالمسلمين،كل الرواة اتفقوا على أن هذه الاضطجاعة بعد ركعتي الفجر، بعد سنة الفجر الراتبة إلا الإمام مالك انفرد فذكر أن هذه الاضطجاعة قبل سنة الفجر، وأخرج الإمام مسلم الروايات كلها، ومنها رواية الاضطجاع التي قبل النافلة، والتي بعد النافلة، مع أنه لا يمكن أن يكون إلا أحد الأمرين.
فيقول الحافظ بن حجر: معنى ذلك أن الإمام مسلم كان يعرف إن إحدى الروايتين خطأ ومع ذلك أخرجها في الصحيح، ما وجه إخراجها في الصحيح؟
- قال لأن انتفاء الشذوذ ليس شرطًا في الصحة.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/56)
طبعًا هذا الكلام حقيقة فيه قدر كبير من الغرابة؛ لأن الحافظ لمَّا عرَّف الحديث الصحيح اشترط فيه ألا يكون شاذًا، وفي تعريفه قد تقول لعل هو أراد بالشاذ الذي عند ابن الصلاح، لا، لكنه عرَّف في شرحه لتعريف الحديث الصحيح الشاذ، وبيَّن أنه مخالفة الراوي لمن هو أولى منه، فما في احتمال أن نحمله على الشاذ عند ابن الصلاح، عرَّفه بهذا التعريف في كتابه النزهة، وفي كتابه النكت وكل كتبه وكل كلامه فيه اشتراط هذا الشرط، ثم يؤكد هذا الشرط أيضًا لمَّا تكلم عن زيادة الثقة ورد على من ادعى أن زيادة الثقة مقبولة مطلقًا حيث قال: كيف تجمع بين اشتراطك عدم الشذوذ مع قولك بأن زيادة الثقة مقبولة مطلقًا هذا تناقض، نفس الحافظ بن حجر يقول هذا، يؤكد أن اشتراط انتفاء الشذوذ عنده شرط أكيد في الحديث الصحيح، فحقيقة هذا الموقف فيه شيء من التناقض ولا أعرف له توجيهًا في كلام الحافظ بن حجر، لكننا ندع كلام الحافظ بن حجر الآن جانبًا مُشْكِل، لا أعرف له توجيهًا ولا قرأت له توجيهًا لأحد من أهل العلم.
لكن الذي يُهمنا أكثر وهو المتعلق بشرط البخاري: كيف أخرج البخاري مثل هذه الأحاديث بالفعل؟ وكيف أخرج مسلم هذه الأحاديث مع أننا جميعًا متفقون أن شرط الصحيح ألا يكون الحديث شاذًا، كيف أخرج هذه الروايات التي بعضها ينقض بعضًا، وبعضها يخالف بعضًا؟
--------------------------------------------------------------------------------
قبل الدخول في بعض التقسيمات نقول بأنه لا يمكن أن نعتبر إخراج البخاري ومسلم لهذه الأحاديث التي وقع فيها شيء من الاختلاف دالًا على أن اشتراط الشذوذ ليس أو أن اشتراط عدم الشذوذ ليس من شروط الصحة، لا يمكن أن نقول هذا إلا إذا عرفنا أن البخاري كان يعتبر أن هذه الرواية شاذة بالفعل، ومع ذلك أخرجها في الصحيح، إذا عرفنا أن البخاري أخرج رواية وهو يعلم أنها شاذة في الصحيح عندها نقول هذا إشكال ويخالف ما قررناه سابقًا من أن الحديث الصحيح يحب ألا يكون شاذًا، لكن إذا لم يكن عندنا علم أن البخاري كان يعلم بشذوذ هذه الرواية أو كان مقتنع بشذوذها هل يمكن أن أعترض عليه وأقول له بأن هذا الحديث شاذ وكيف تخرجه في الصحيح، قد يكون شاذ عندي لكنه ليس بشاذ عند البخاري، وقد يكون اجتهاد البخاري هو الصواب وقد يكون اجتهاد غيره ممن حكم عليه بالشذوذ هو الصواب، لكن المهم أن البخاري عند نَفْسِهِ ما نقض شرط الصحة، فلا يمكن أن أعتبر مجرد إخراج البخاري للحديث الذي فيه شذوذ دالًا على عدم اشتراط الشذوذ إلا إذا عرفت أن البخاري يعرف أن هذا الحديث فيه شذوذ ومع ذلك أخرجه في الصحيح، بغير ذلك لا يمكن أن أعترض على البخاري، هذا واضح.
الأحاديث التي لا نشك أنها واضحة الشذوذ مثل حديث جمل جابر.
لا يمكن أن البخاري اعتبر كل الروايات صحيحة قلنا القصة واحدة.
لِمَ أخرج البخاري هذا الحديث مع الاختلاف الظاهر الذي فيه؟ فما هو التوجيه فيه؟
نقول له جوابان:
الجواب الأول: أن يكون الإمام البخاري أخرج هذا الحديث الذي وقع في بعض ألفاظه اختلاف لا يحتج بالألفاظ التي وقع فيها الاختلاف وإنما يحتج بما اتفقت عليه الروايات.
--------------------------------------------------------------------------------
يعني مثلًا: اختلاف في الثمن، لم يحتج البخاري بهذه المسألة في ثمن الجمل على مسألة فقهية عنده، فهو لا يهمه اختلاف الرواة في الثمن هذا غير مهم عنده، يريد أن يقص لنا القصة وما حصل فيها من أمور يستنبط منها أحكام فقهية لا علاقة لها بثمن الجمل سواءً كان عشرة دراهم ولَّا عشرين ولَّا ثلاثين ولَّا مائة، هذا لا علاقة له بالحكم الفقهي، فهو أخرج هذا الحديث مع ما فيه من الاختلافات لكنه لم يحتج بموطن الاختلاف، وإنما احتج بما اتفق عليه الرواة، والصورة طبعًا تكون أوضح في مثل جمل جابر؛ لأن ثمن الجمل أصلًا لا علاقة له بالفقه أصلًا، فقد تكون المسألة أصلًا التي اُخْتُلِفَ فيها لا يُستنبط منها حكم، هل نستفيد حكم إذا كان بعشرة ولَّا ثلاثين ولَّا أربعين يخرج عندنا، يعني لو قلت ثمن الجمل أربعين درهم ما يجوز إنه يزيد أو ينقص؟ ما يقول هذا أحد، لا علاقة لقيمة الجمل بالفقه أصلًا، ولذلك الاختلاف ليس مهمًا، ولذلك لمسلم يضبط الرواة هذا الثمن أصلًا، فإذا
¥(13/57)
كان الأمر المختلف فيه ليس له قيمة من ناحية الحكم الفقهي، أو حتى لو كان له أثر لكن البخاري لم يستند إلى هذا الجزء الذي وقع فيه الاختلاف وإنما استند إلى بقية الحديث التي لم يقع فيها اختلاف، إذًا هذا لا اعتراض فيه على البخاري لأنه أورد حديثًا شاذًا في صحيحه مع علمه به.
الجواب الثاني: أن يكون البخاري أخرج هذا الحديث الشاذ وهذه الرواية الشاذة لبيان شذوذها، وهذا قد وقع في قصة جمل جابر أيضًا صراحة، فمثلًا قضية اشتراط الركوب، صرَّح البخاري بأن اشتراط الركوب هو الأصح، حيث أوردها بعد ما أوردها قال: أصح من غيره من الروايات، بعد أن أورد اشتراط الركوب قال: "هذا أصح من غيره من الروايات"، فبيَّن أنه الصحيح اشتراط الركوب، أما الرواية الأخرى التي ليس فيها اشتراط الركوب فليست بصحيحة عنده.
--------------------------------------------------------------------------------
إذًا: لمَّا أخرج هذه الرواية أخرجها منبهًا على ضعف الرواية الأخرى وأن الرواية التي فيها اشتراط الركوب أولى وأرجح فهي المحفوظة، وتلك الشاذة حسب تعريف الحافظ بن حجر للشاذ والمحفوظ.
ومثله تمامًا الإمام مسلم وسيأتي الكلام عن ما وقع التجاذب بين مدلوليه عند الإمام مسلم وذكر الأمثلة، حتى القصص نافلة الفجر الإمام مسلم أوردها لبيان علتها ومن نظر في الباب الذي أورده الإمام مسلم في هذه القصة يظهر له ذلك جليًا، وكذلك غيره من الأحاديث التي وقع التجاذب بين مدلوليها في صحيح مسلم أوردها لبيان الاختلاف الذي فيها، ولبيان علة الرواية التي يرى أنها مرجوحة، وبهذا التوجيه لا يمكن أبدًا يعني بهذين الجوابين:
الجواب الأول: أن نقول بأَنَّه أَثْبِت أولًا أن هذا الحديث شاذ عند البخاري، إذا ما أثبت أن هذا الحديث شاذ عند البخاري لا يمكن أن تقول أن البخاري لا يشترط الشذوذ؛ لأنه قد يكون شاذ عندك وليس بشاذ عند البخاري، إذا كان الحديث يظهر من سياق الروايات أنه لا يمكن أن يكون البخاري لا يرى خطأ إحدى الروايات؛ لأنه مما وقع التجاذب، والتعارف بين مدلولين ولا يمكن أن تكون كلا القصتين أو كلا الخبرين صحيح لابد أن يكون أحدهما صواب والآخر خطأ.
في مثل هذه الحالة نوجه بأحد احتمالين:
إما بأن نقول بأن البخاري إنما احتج بالجزء الذي اتفق عليه الرواة للحديث لا بالجزء الذي اختلفوا فيه مثل ما قلنا في الثمن، أو يدخل في هذا أن أصلًا الجزء المختلف فيه لا يستنبط منه حكم فقهي، ولذلك لا قيمة للاختلاف فيه.
--------------------------------------------------------------------------------
الصورة الثانية: أَنَّ يكون البخاري قد صرَّح بشذوذ تلك الزيادة أو ذلك الاختلاف وبيَّن الراجح والمرجوح عنده، بذلك لا يُقال بأن البخاري أو أن شرط الشذوذ ليس مشترطًا في الحديث الصحيح، انتفاء الشذوذ، وبذلك نجيب عن الإشكال الذي أورده الحافظ بن حجر، والذي جعله يقول كلام ظاهره التناقض مع كل كلامه السابق وكلام من سبقه ومن لحقه من أنهم عرَّفوا الحديث الصحيح واشترطوا فيه عدم الشذوذ، الأحاديث التي استشكلها الكلام عليها الجواب عليها لائق وظاهر، ما في إشكال الحمد لله رب العالمين، وانتهت المشكلة من أساسها.
يبقى قضية موقف الحافظ بن حجر من هذه المسألة، لا شك أن فيه شيء من التناقض والغموض الله أعلم بصوابه وبصحته.
بعد هذا الكلام عن اشتراط الشذوذ والعلة نريد أن نعطي إحصائيات معينة عن:
الأحاديث التي أُعلت في صحيح البخاري:
يذكر الحافظ بن حجر أن عدد الأحاديث التي أعلَّها الدار قطني في الصحيحين بلغت مائتين وعشرة حديث، أعلَّ الدارقطني هذه الأحاديث في كتاب " التَتَبُع ".
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/58)
أما كتاب " الإلزامات " ليس فيه انتقاد، وإنما يلزم البخاري ومسلم بإخراج روايات يرى أنها على شرطهما في كتاب التتبع، وهو مطبوع باسم " الإلزمات والتتبع "، ولكن الصواب أنه كتابان كتاب الإلزامات كتاب، وكتاب التتبع كتاب آخر منفصل، يقول: بأن عدد الأحاديث التي انتقدت على البخاري ومسلم في هذا الكتاب مائتين وعشرة، هذه إحصائية الحافظ بن حجر، يقول: اختص البخاري منها بأقل من ثمانين، الأحاديث التي تخص البخاري ثمانين، يخص مسلم منها مائة وثلاثين تخص مسلم، يعني هذا ظاهر كلام الحافظ بن حجر في "النزهة"، وفي " الفتح"، وفي " النكت" وفي غيرهم لمَّا ذكر الإحصائية هذه، لكنه في الحقيقة الظاهر أنه لم يَتَعن بإحصائها بدقة؛ لأنه هو نفسه لمَّا ذكر الأحاديث التي انتقدها الدار قطني على البخاري في كتابه "هدي الساري" لأنه عقد بابًا في "هدي الساري " الذي في مقدمة الفتح، ذكر فيه كل الأحاديث التي وقف عليها مما أعلها الدار قطني في التتبع، وبعض العلماء سوى الدار قطني ممن انتقدوا البخاري، وعقد لها فصلًا خاصًا وأوردها حديثًا حديثًا ودافع عنها حديثًا حديثًا، وتكلم عنها كلام في غاية الجودة، ولخص نتائج ذلك في آخر كلامه، لمَّا ذكرها بلغت عنده الأحاديث التي انتقدها الدار قطني اثنين وتسعين حديث، الأحاديث التي انتقدها الدار قطني على البخاري بلغت حسب ما ذكره الحافظ في " الهدي " اثنين وتسعين منها ثلاثة أحاديث يقول الحافظ بن حجر أنه وقف عليها في كتاب سوى التتبع، في كتاب للدار قطني سوى التتبع وهو جزء حديث مخطوط حتى الآن لم يطبع خصه الدار قطني ببعض الأحاديث المنتقدة على البخاري ولم يذكرها في كتابه التتبع، ما طبع حتى الآن، ونسمع أن شيخكم الشيخ سَعد الْحُمَيد يقوم بتحقيق هذا الجزء نسأل الله عز وجل أن يوفقه هو أو غيره ممن يحقق هذا الكتاب، المقصود أن هذا الجزء موجود واطلع عليه الحافظ بن حجر.
--------------------------------------------------------------------------------
المقصود: أَنَّ عدد الأحاديث التي في التتبع اثنين وتسعين حديث حسب إحصاء الحافظ بن حجر، لكن هذا الإحصاء يخالف إحصاء آخر، والغريب أن الكتاب واحد، كتاب التتبع مطبوع بتحقيق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي عليه رحمة الله، فأحصى الإمام الشيخ الوادعي عليه رحمة الله أحاديث التتبع فقال: أن عدد هذه الأحاديث التي يَنْتَقد فيها الدار قطني البخاري ومسلمًا مائتين حديثًا فقط في التتبع التي ينتقد فيها البخاري ومسلم، ليست مائتين وعشرة، يقول: لأن بعضها أحاديث مكررة، وبعضها أحاديث أوردها إلزام لا من باب التتبع، وبعضها أحاديث ينسبها للبخاري ومسلم أو لمسلم وهي غير موجودة في واحد منهما، فمجمل الأحاديث الموجودة في البخاري ومسلم التي انتقدها الدار قطني مائتين حديث فقط، وهناك كتاب للدكتور ربيع بن هادي المدخلي بعنوان " بين الإمامين مسلم والدار قطني " جمع فيها الأحاديث التي انتقدها الدار قطني على مسلم، وسنتكلم عليها حديث ونبين أي القولين هو الراجح، فبلغ عدد الأحاديث المنتقدة على مسلم من الدار قطني في هذا الكتاب أربعة وتسعين حديث، يقول: هذه هو الأحاديث التي انتقدها الدار قطني على مسلم، إذًا يبقى: أربعة وتسعين من مائتين، مائة وستة، وهذا غريب يعارض ما نعرفه دائمًا من أن عدد الأحاديث المُعلة في صحيح البخاري أقل من الأحاديث المعلة في صحيح مسلم وهذا الذي قرره الحافظ بن حجر قبل قليل كما ذكرنا عندما قال: إنه نحو ثمانين فقط في البخاري والباقي عند مسلم فخرجنا أن مائة وثلاثين عند مسلم، وثمانين فقط عند البخاري، لكن هذه الإحصائية الحديثة تبين أن هذا الكلام يحتاج إلى إعادة نظر، والغريب أن هذه الكتب متخصصة في هذا الجانب، يعني في كتاب التتبع هو نفسه قام بالإحصائية، وذكر أن عدد الأحاديث المنتقدة مائتين فقط، جاء أحد الباحثين وهو الدكتور ربيع واستخرج التي انتقدت على مسلم فيقول: إنها أربعة وتسعين حديث، إذًا: الأصل أن
--------------------------------------------------------------------------------
يبقى الباقي خاص بالبخاري وهي مائة وستة أحاديث.
¥(13/59)
على كل حال هي على نحو المائة حديث التي انتقدها الدار قطني وهناك علماء آخرون انتقدوا البخاري سوى الدار قطني منهم أبو مسعود الدمشقي في كتابه " أطراف الصحيحين " انتقد أحاديث أخرى وذكر بعضها الحافظ في " الهدي" وأيضًا أبو علي الغساني في كتابه " تقييد الْمُهْمَل وتمييز الْمُشْكَل " وهو كتاب مطبوع، وربما نجد أيضًا أقوال أخرى متناثرة في بعض الكتب تنتقض أحاديث أخرى في صحيح البخاري، لكن بعد ذكر هذه الإحصائيات:
ما هو وجه إخراج البخاري لبعض هذه الأحاديث المعلة؟
نحن قلنا: إِنَّ الحديث الْمُعَل أو اشتراط عدم العلة هذا شرط لازم لوصف الحديث بالصحة، فكيف يخرج البخاري لهذه الأحاديث المعلة بهذا العدد الذي هو يسير على كل حال؟
فنقول لذلك عدة أجوبة:
الجواب الأول: أن البخاري يخرج بعض الأحاديث ليبين علتها، يخرج بعض الأحاديث في صحيحه ليبين علتها، ومن أمثلة ذلك الحديث الذي أتيت به الآن أورده الإمام البخاري في كتاب باب الخلع وكيف الطلاق فيه.
قَالَ: ?? حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ... ??
بعدما أورده البخاري قال: " قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ – يعني البخاري -: لَا يُتَابَعُ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.أهـ.
--------------------------------------------------------------------------------
ثم أورد هذه الرواية نفسها من طريق عكرمة مرسلة دون ذكر عبد الله بن عباس، وأورد اختلاف في هذا الحديث منهم من يصله ومنهم من يرويه مرسلًا، وهذا الحديث ذكره الدار قطني ورجح فيه الإرسال، والذي يظهر لي أن البخاري أورده لِيُبَين علته، وخاصة أنه صرَّح لما ذكر رواية ابن عباس قال: قال أبو عبد الله: ولا يُتابع عليه. أي من قال إنه عن ابن عباس لا يُتابع على هذه الرواية، طبعًا الحافظ بن حجر أوَّل هذا الكلام بأنه يقصد خصوص هذه الرواية، رواية خالد الحذاء أنه ما أراد عن ابن عباس، لكن ظاهر كلام البخاري في بقية الباب أنه يقصد أن هذا الحديث ما صح متصلًا من وجه من الوجوه، وقد نص على هذا الحافظ ابن حجر في أكثر من موطن أن البخاري قد يخرج الحديث لبيان علته، لكن الذي استوقفني مرة في حديث عند البخاري أنه يبدي لنا أن البخاري ربما كان في بداية تصنيفه للصحيح يورد الأحاديث المُعَّلة وينبه على عللها في نفس الصحيح، ثم أصبح في غالب الأحاديث هذه التي في علل يضرب عليها، يعني يشطبها كما نقول، بقيت بعض الأحاديث التي فيها علل مبينًا لعلتها، يدل على ذلك الحديث التالي الذي أورده الإمام البخاري برقم [6443] حديثًا لزيد بن وهيب عن أبي ذر بعد أن أورده عن أبي ذر مرفوعًا للنبي عليه الصلاة والسلام ..
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: " حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ ".أهـ.
انتبه لهذه الكلمة: " إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ " هذه العبارة في كل طبعات صحيح البخاري التي أعرفها رجعت إليها فتوثقت منها، إنما أردنا للمعرفة.
ثم يقول البخاري: " وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ ".
--------------------------------------------------------------------------------
قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ - هذا الراوي ينقل لنا ما حصل في ذلك المجلس، يعني سُئل البخاري لما روى هذا الحديث أثناء روايته لكتابه الصحيح - حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا ?? إِذَا مَاتَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ ??.
¥(13/60)
يعني: الذي فيه هذه الزيادة، هذا فيه إشارة إلى أن هذا الحديث كان في صحيح البخاري، وأن البخاري لأنه مرسل وكان قد أورده في كتابه، وبيَّن أنه مرسل قال: اضربوا عليه، وكأن البخاري كان في أول تصنيفه يورد الأحاديث التي فيها علل منبهًا على عللها، ثم صار يضرب على الأحاديث حديثًا حديثًا وبقيت هناك أحاديث ببيان عللها في كتابه.
الغريب طبعًا هذه العبارة ما شرحها الحافظ أصلًا في الفتح، ما تطرق إليها، تكلم عنها قليلًا العيني شرحها شرح يسير العيني في كتابه " عمدة القاري" هذا التوجيه الأول لإيراد الإمام البخاري للأحاديث المُعلَّة.
الجواب الثاني: أن الحافظ بن حجر بيَّن أن الإمام البخاري قد يورد الأحاديث التي فيها علل لأسباب قال:
1 - إذا كان الحديث من بعض وجوهِهِ صحيحًا فإن البخاري قد يخرج الوجه الصحيح، وغيره – أي وغير الصحيح- اكتفاء بالصحيح، يخرج الصحيح ويخرج غير الصحيح، لكن هو مكتفي بالوجه الصحيح، هذا التوجيه الأول وذكره الحافظ بن حجر في " هدي الساري" وفي " الفتح ".
2 - الوهم اليسير في متن الحديث لا يقدح في الحديث خاصةً إذا أخرج البخاري كلا الوجهين.
--------------------------------------------------------------------------------
قال: قد يكون هناك وهم يسير في المتن، لا يعتمد عليه البخاري في الاستنباط وإنما يعتمد على الجزء الذي ليس فيه وهم كما ذكرنا سابقًا، قال: هذا الوهم اليسير الذي لا يؤثر في الحديث لا يقدح في صحة الحديث ويورده البخاري وقد يورد الرواية التي ليس فيها وهم كما فعل أيضًا في حديث جمل جابر.
3 - قد يخرج البخاري حديثًا منقطع إذا أخرج المتصل من وجه آخر، هذه قضية مهمة، أنك قد تجد الحديث في صحيح البخاري وهو منقطع عند البخاري؛ لأنه أخرجه متصلًا من وجه آخر، فهو اعتماده على الوجه المتصل، لا على الوجه المنقطع، فليس كل إسناد في صحيح البخاري يلزم أن يكون متصلًا، هذا الأصل، ونعتمد عليه إلا إذا جاء ما يدل على أن هذا الحديث أورده البخاري مع علمه بانقطاعه لأنه اعتمد أنه أيضًا أخرج من وجه آخر متصلًا.
4 - قد يقصد البخاري من إخراج الوجهين بيان الاختلاف لا للاحتجاج بكلا الوجهين، قد يخرج الوجهين والاختلاف لبيان أن هذا الحديث وقع فيه اختلاف، وقد لا يكون يحتج بكلا الوجهين - وهذا غريب، وهذا ذكره الحافظ بن حجر وهو أعرف الناس بصحيح البخاري كما هو معروف - ومن ذلك أنه قد يخرج المنقطع أو المتصل ليبين أنه يعني هذا وجه آخر قد يتعلق بما سبق أنه يرجح المتصل.
قبل أن ننتقل من هذه المسألة مسألة العلل نتكلم عن كتاب التتبع بكلام يسير:
--------------------------------------------------------------------------------
الذي ذكرناه كتاب التتبع للدار قطني الذي بيَّن فيه علل بعض الأحاديث نقول: ننبه إلى مسألة مهمة وهو أنه ليس كل ما في كتاب التتبع أحاديث يرى الدار قطني أنها ضعيفة في البخاري ومسلم فبعض الأحاديث التي يذكرها الدار قطني في كتاب التتبع إنما أوردها لبيان الاختلاف فقط، يعني قد يكون الدار قطني نفسه يرى أن الحديث صحيح من الوجه الذي أورده البخاري، لكن يريد ينبهنا إلى أن الحديث قد وقع فيه اختلاف، وهذا صرَّح به الدار قطني نفسه في بعض الأحاديث، وقد يورد بعض الأحاديث من باب الإلزام فهي كان ينبغي أن تُذكر في كتاب الإلزامات، لكن معروف أن العلماء قد يستطرد فيذكر أشياء ليست من شرط الكتاب، فيذكر ويقول: هذا الحديث يلزم البخاري إخراجه وهو ليس في البخاري أصلًا، وإنما يُلزم البخاري بإخراجه، وقد نتكلم عن قضية الإلزام إذا سنحت الفرصة.
--------------------------------------------------------------------------------
أكثر الأحاديث التي ينتقدها الدار قطني انتقادها راجع إلى الصنعة الحديثية؛ يعني يكون المتن لا خلاف عند الدار قطني في أنه صحيح، لكن بعض الرواة رواه عن حماد بن سلمة، وبعضهم رواه عن حماد بن زيد، فيرى مثلًا أن رواية حماد بن زيد هي الأصح وأن البخاري أورده برواية حماد بن سلمة التي هي مرجوحة، المتن لا خلاف في صحته مروي من وجوه كثيرة صحيحة وإنما يخالف في هذا الإسناد يرى أنه لا يصح من هذا الوجه، فهو في الصنعة لا في نقد المتن، وإنما في نقد السند، أكثر انتقادات الدار قطني من هذا الباب، فلا يَهُولَنَّك إنها مائتين ولَّا مائة ولَّا خمسين أكثر هذه، في مسلم كما سيأتي عدد المتون المنتقدة عند الدار قطني لا يتجاوز ثمانية أحاديث وحسب إحصائي السريع غير الدقيق في البخاري لعلها لا تتجاوز خمسة أحاديث المتون التي ينتقدها الدار قطني ويبقى إنه قد يكون الراجح قول البخاري وطبعًا نحن نتكلم عن الدار قطني فقط، وإلا هناك علماء آخرون كما ذكرنا انتقدت البخاري ومن حق العالم المتأخر أنه يرجح أحد القولين على الآخر.
تكون الأسئلة في بداية الدرس القادم بإذن الله تعالى غدًا في أول الدرس نقرأ الأسئلة.
¥(13/61)
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:30 ص]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد .. ((1) هذه المقدمة سَقْطٌ ليست مِنْ الْمَسْموع.1)
نبدأ اليوم ببعض الأسئلة المتعلقة ببعض الدروس السابقة؛ ثم نبدأ بلقائنا اليوم إن شاء الله.
السؤال الأول: ما المقصود بالأصول والشواهد والمتابعات في الصحيحين؟ وكيف نميز بينها؟ وما دلالة إفراد صاحبي الصحيحين للراوي في أحد الفرعين السابقين؟
أما بالنسبة للأحاديث التي يخرجها أصحاب الصحيح فكل ما أخرجه أصحاب الصحيح فهو صحيح عندهم إلا ما بينوا علته صراحة أو تلميحاً؛ فليس هناك حديث في الصحيحين لا يحتج به صاحب الصحيح إلا أن يكون قد بيَّن علته صراحة أو تلميحاً؛ فبهذا المعنى كل أحاديث الصحيح هي من أحاديث الأصول عندهم إذا قصدنا الاحتجاج فكلها صحيحة إلا ما بيَّن علته كما ذكرنا لا نستثني إلا هذا.
أما بالنسبة للرواة؛ فلا شك أن هناك رواة يعتمد عليهم صاحب الصحيح أكثر من بعض، وهؤلاء هم الذين عليهم غالب الكتب الصحاح، وهناك مرتبة أقل منهم في الدرجة هؤلاء إذا ضاق على صاحب الصحيح مخرج الحديث فلم يجده إلا من حديث أمثال هؤلاء فإنه يخرج الحديث لهم، وهؤلاء هم الذين أخرج لهم صاحب الصحيح وخاصة البخاري الأحاديث المسندة المتصلة، أما رواة المتابعات فهم الذين يذكرهم البخاري في الروايات المعلقة التي يقول فيها عقب الحديث ورواه فلان، وفلان، هؤلاء هم رواة المتابعات.
--------------------------------------------------------------------------------
إلا أنه في الحقيقة بالنسبة للقسمين الأوليين وهم من أخرج لهم وهم أصل الاحتجاج، ومن أخرج لهم دونهم في الدرجة تمييز هؤلاء من أولئك ليس بالأمر الهين، وهم محل اجتهاد لا يمكن في كثير من الأحيان أن أجزم أن هذا الراوي ليس من الطبقة العليا عند البخاري وإنما هو من الطبقة الثانية؛ لأنه يحتاج إلى أنك تستعرض الصحيح كاملاً، وتنظر في رواية هذا الراوي وكيف أخرج له البخاري؛ ثم في كثير من الأحيان أو في كل الأحيان تقريباً يبقى الأمر ليس مقطوعاً به؛ لأن ما هي طريقة معرفة أن هذا الراوي هو أصل الاحتجاج أو لا؟ يعني لو وجدنا مثلاً في الباب ثلاثة أحاديث؛ أو حديث واحد رواه بثلاثة أسانيد الذي يعمله العلماء أنه إذا وجدوا راوي في أحد تلك الأسانيد فيه شيء من الكلام قالوا: هذا أخرج له متابعة.
معنى هذا لا يلزم قد يكون عند البخاري هذا الراوي أوثق ممن لم يُتكلم فيه، وأضبط؛ فكون نحن نقسم هؤلاء الرواة بناءً على اجتهادنا نحن وبناءً على ما ننزل عليه نحن الرواة هذا ليس عملاً صحيحاً؛ لذلك في الحقيقة أنا من البداية أؤكد على قضية أن كل من أخرج له البخاري فهو في درجة القبول إلا من استثنيناهم من روى له مقبولاً، أو هكذا وقع في الإسناد أو ذكره في المتابعات، وهذا يؤيده يا إخوان أمور كثيرة أنا في الحقيقة تعرضت لهذه القضية في شرح ابن الصلاح و توسعت فيها جداً لإثبات أن كل من أخرج له أصحاب الصحيح فهو في درجة القبول من بين الأدلة على ذلك ولأبين أنه رأي لبعض كبار الأئمة.
--------------------------------------------------------------------------------
الدار قطني مثلاً في كتابه " رجال البخاري " اعتبر كل من أخرج له البخاري حديثاً مسنداًَ أنه ممن احتج به البخاري، ولم يذكر إلا في آخر الكتاب قال: من أخرج له البخاري في المتابعات، وذكر أن هؤلاء الرواة الذين سنذكرهم في الروايات المعلقة؛ أما عموم رواة البخاري وهم أكثرهم فاعتبر أنه يخرج لهم البخاري احتجاجاً، و لذلك كما ذكرنا سابقاً ينتقد بعض العلماء أصحاب الصحيح لإخراجهم لبعض من تُكلم فيهم ولا يقولون إن كانوا أخرجوا لهم متابعة، أو في الأصول، أو في الشواهد والمتابعات لو كانت هذه قضية مُسَلم بها و مقبولة لما انتقدوا على صاحبي الصحيح أنهم أخرجوا لفلان أو لفلان ليأتي بعض المتأخرين ويقول: قد أخرج له في المتابعات، وفلان نقده يتوجه على البخاري أو مسلم.
¥(13/62)
و المقصود: أن تمييز هؤلاء الرواة ليس أمراً متفقاً عليه، و يبقى محل اجتهاد، وهو الطبقة الأولى والثانية، وكلهم يحتج بهم البخاري لكنها مرتبة دون مرتبة هذا كل ما في الأمر الذين نقول بأنه لا يمكن نقول بأنهم احتج بهم البخاري الذين لم يخرج لهم روايات مسندة؛ وإنما أخرج لهم في المتابعات بمعنى أنه في الروايات المعلقة هؤلاء الذين يمكن أن نقول بأنه ليس لدي دليل أَنَّ البخاري يحتج به، قد يكون البخاري يحتج به لكن من خلال تصرفه في الصحيح، لكني لا أجزم بأنه احتج بهم؛ فهذا الذي يمكن أن يعين في هذا الجانب؛ فالأصل فيمن أخرج لهم أصحاب الصحيح أنه مقبول هذه القاعدة؛ إلا من استثنيناه.
السؤال الثاني: هل ألفاظ مسلم ومتونه أضبط من ألفاظ ومتون البخاري؟
--------------------------------------------------------------------------------
لا يمكن إطلاق مثل هذه العبارة؛ فلا شك أن كتاب البخاري قمة من الضبط والإتقان؛ لكن لكون البخاري يقطع الحديث، ولكونه يريد أن يبين موطن الشاهد في الأحاديث؛ فربما اضطر أثناء اختصاره أن يذكر عبارة في بداية الحديث، أو في آخر الحديث تنبه على حصول اختصار فيه، أو تبين السياق الذي ورد فيه ذلك الحديث فهو ليس من باب أضبط أو ليس بأضبط لو قلنا أضبط يعني مسلم أكثر ضبطاً من البخاري؛ لكن نقول بأن ميزة مسلم أنه يسوق الأحاديث بألفاظها أما البخاري فربما تصرف في اللفظ لغرض الاختصار، ولغرض بيان موطن الشاهد في الحديث، أمر آخر وهو ليس دليل قطعي بأن مسلم أضبط من البخاري - كما يقول السائل - وإنما أشاعوا عند العلماء أنه لو وقع خلاف في اللفظ بين البخاري، ومسلم فإنه قد يميل إلى إثبات لفظ مسلم لأن مسلم ألف كتابه، وبين يديه أصوله، وفي حياته كثير من شيوخه أما البخاري فكان يؤلف كتابه أثناء ترحاله في الأمصار، والبلدان.
السؤال الثالث: هل هناك علاقة بين التاريخ الكبير للبخاري وصحيح البخاري؟
الجواب: هما كتابان منفصلان لمؤلف واحد لكن يمكن أن ننتفع بكتاب التاريخ الكبير للبخاري لمعرفة آراء للبخاري مختلفة حول بعض الأحاديث، وحول بعض الرواة الذين أخرج لهم في الصحيح لا شك أن أولى ما يُرجع إليه لدراسة أسانيد البخاري هو رأي البخاري نفسه في هذا الراوي، وهذا الذي يُعرف من خلال كتبه المختلفة، هذا لا شك فيه لكن أنه يتمم العمل أو كذا أو لا يمكن أن يُستفاد من صحيح البخاري إلا بالتاريخ الكبير للبخاري فهذا محل نظر؛ لأنهما كتابان منفصلان للإمام البخاري.
السؤال الرابع: أسانيد الأحاديث لها نفس الاستقامة لأسانيد أثار في صحيح البخاري؟
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب: لعل مقصود السائل هل الآثار الموقوفة صحيحة كما أن الأحاديث المرفوعة صحيحة في نفس الدرجة، قلنا بأن البخاري إذا أسند الحديث الأصل فيه أنه على شرطه إلا ما بين علته، وأنه أخرج بعض الأحاديث الموقوفة وهي على شرطه هذا الأصل في ذلك؛ إلا إذا ظهرت لنا قرينة أن البخاري أراد الإعلال فهذا أمر مختلف يكون أمراً آخر لكن الأصل فيه ما أخرجه في صحيحه من أحاديث و أثار مسنداً أنه على شرطه.
السؤال الخامس: ما توجيه صنيع الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " حيث قال في أحد المواضع كما بوَّب مسلم، هل التبويب من صنيع مسلم؟
قلت لكم إن أكثر أهل العلم نصوا على أن مسلم لم يبوب الصحيح، وهناك نسخة من صحيح مسلم متقدمة موجودة حتى اليوم ليس فيها تبويبات لمسلم، توجيه الزيلعي إما أنه وقف على نسخة فيها هذه التبويبات فظن أن بعض هذه التبويبات من مسلم، أو لعل صحيح مسلم في بعض رواياته وضع بعض الأبواب اليسيرة القليلة، الاحتمال وارد في بعض الروايات في بعض نسخه و لا يعارض ذلك أن غالب الصحيح ليس مبوباً. والأدلة على أن صحيح مسلم غير مبوب كثيرة من بينها اختلاف التبويبات المتابينة تبايناً كبيراً بين نُسخ صحيح مسلم، و بعض هذه التبويبات موجودة في الشروح مما يبين أنها مأخوذة من هذه الشروح شرح النووي، شرح القرطبي، شرح فلان، وفلان، وهذا يؤكد أنها ليست من مسلم هذا التباين الكبير يؤيد أنها ليست من مسلم.
¥(13/63)
يعني البخاري مع كثرة نسخه تكاد تجد في الغالب التبويبات متفقة مما يؤكد أنها من البخاري وهذا اشهر من أن يستدل عليها لأن فيها فقه البخاري كما ذكرنا، ودقة استنباطه البالغة، وتكلم عنها حتى تلامذة البخاري ومن جاء بعدهم، أما مسلم فليس كذلك.
السؤال السادس: نريد إفادتنا ببعض المراجع للبحث الذي بعنوان (تبيين وجه إخراج الآثار في صحيح البخاري)؟
--------------------------------------------------------------------------------
هذا المشروع الذي ذكرت لكم ليس فيه الحقيقة مرجع معين إلا صحيح البخاري نفسه، ترجع إلى صحيح البخاري وتجرده، وتستخرج ما فيه من الآثار الموقوفة المسندة؛ أما المعلقة ما لنا علاقة فيها الآثار الموقوفة المسندة التي رواها البخاري بالإسناد إلى الصحابي ثم تحاول تدرس هذه الآثار ما وجه إخراج البخاري لها؟ فستجد مثلاً ممكن تقسمها مثل كما ذكرنا سابقاً أن ما له حكم الرفع فيكون هذا هو توجيه إخراج البخاري لها وهذا يكون ظاهراً حديث موقوف ولكن له حكم الرفع فيكون هذا هو توجيه إخراج البخاري له، وستقف على أحاديث أخرى لا ترى فيها دليلاً على أن لها حكم الرفع هذه هي التي تحتاج إلى توجيه لما أخرجها البخاري في الصحيح؟ وما هو عدد هذه الآثار الموقوفة التي لا يمكن أن يكون لها حكم الرفع؟ وتحاول توجه إخراج البخاري الذي اشترط أن لا يخرج في كتابه إلا الحديث المسند أي المرفوع المتصل، وعلى كل حال المشاريع حول البخاري ومسلم مشاريع متعددة حقيقة، وما زال يحتاج إلى جمع.
يعني مثلاً السؤال الذي سبق قضية الرواة الذين أخرج لهم في المتابعات، و الشواهد ممكن ينقدح في الذهن يعني موضوع وهو مهم جداً الرواة الذين انتقدوا على البخاري، ومسلم من خلال كتاب " البيان والتوضيح " ندرس هؤلاء الرواة الذين أخرج لهم البخاري وانتقدوا عليه من ناحية مراتبهم في الجرح والتعديل ما هو الراجح فيهم؟ كل راوي يدرس؛ ثم نعرف معنى طريقة إخراج البخاري لهم ونحاول أن نعرف كيف اخرج البخاري لهم؟ هل أخرج لهم في المتابعات كما يقال؟ هل اعتمد عليهم فأخرج لهم مفاريد – حديث ليس في الباب إلا هو وأخرجه من طريق هذا الراوي -؛ ثم يدل على أنه اعتمد عليه اعتماداً كاملاً؛ هل كلما أخرج لهم يقرنهم بغيرهم مثلاً؟ يعني يعرف ما هو موقف البخاري من هؤلاء الرواة؟ وكذلك مسلم؟ نفس هذا المشروع مهم، ونافع جداً.
--------------------------------------------------------------------------------
الأحاديث المنتقدة على الصحيحين ليس فقط في التتبع، والتي ذكرها الحافظ في الهدي لأن هناك أحاديث ما ذكرها الحافظ لا في الهدي ولا في الفتح موجودة في كتب العلل، وفي كتب الجرح والتعديل، والسؤالات، وغيرها فلو جمعت هذه الأحاديث كاملة، ودرست، وبين ما هو نوع النقد الموجه إليها هل هو في الصنعة فقط أم في المتون أم ما شابه ذلك؟ أيضاً مشروع مهم ولا أعرف كتاباً استقصى فيه الاستقصاء الكامل لدراسة مثل هذه الأحاديث، المقصود أن المشاريع كثيرة حقيقية، ولعل الأسئلة هي التي تذكرني ببعض المشاريع التي أقترحها لمن يريد أن يعمل، وأن يجتهد في تعلم السنة.
مشروع هو يتعلم ويستفيد منه؛ ولو أتمه تمكن من خدمة ينفع الأمة به، تكون خدمة نسأل الله عز وجل أن تكون في ميزان حسناته يوم القيامة.
السؤال السابع: ما أسباب التفضيل لكتاب البخاري على كتاب مسلم عند الجمهور؟ ذكرنا الأسباب قلنا إن هناك أكثر من سبب:
هناك سبب اختلاف الرواة، ومن ناحية الأحاديث المعلة.
الأحاديث المعلة في صحيح البخاري كما يقول الحافظ ابن حجر أقل من الأحاديث المعلة في صحيح مسلم؛ لكن هناك وجه آخر لعله ليس عليه انتقاد وليس عليه مَلْحَظ بالنسبة للأحاديث المعلة ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: بأن أكثر ما انتقد على البخاري أو نسبة ما انتقد على البخاري والصواب فيه للبخاري أكثر من نسبة ما انتقد على مسلم، والصواب فيه مع مسلم فهذا أيضاً وجه آخر يرجح فيه صحيح البخاري على صحيح مسلم و ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فهذه الأوجه التي يرجح بها صحيح البخاري على صحيح مسلم.
السؤال الثامن: هل يوجد ضعف في الإسناد في صحيح البخاري كما في الإسناد الثالث في سنن أبي داود؟
¥(13/64)
قلنا بأن شرط الصحيح أن لا يكون فيه ضعف فكيف يكون صحيح وضعيف، إلا أن يكون الحديث أخرجه البخاري لبيان علته فقط أما أن يكون ضعيف عند البخاري ويخرجه ويسكت عليه هذا يعارض شرط الصحة.
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال التاسع: ماذا تعني عبارة " على شرط البخاري أو مسلم " أو " على شرط الصحيحين "؟
هذه سنتعرض لها عندما نتكلم عن شرط الحاكم في المستدرك.
السؤال العاشر: هل يوجد في صحيح البخاري حديث ضعيف ولم يبين علته؟
الجواب: تكلمنا أيضاً عن هذا.
السؤال الحادي عشر: ما رأيكم في المحدثيْن " أبي رملة، ومخنف بن سُليم "؟
لا أذكر الآن الكلام فيهما.
السؤال الثاني عشر: هل يؤخذ كلام الأقران بعضهم في بعض؟
كلام الأقران بعضهم في بعض من أقوى الكلام يعني القرين أعلم الناس بقرينه فالأصل قبول كلام الأقران بعضهم في بعض إلا إذا وجدت لدينا قرينة أو دليل يدل على أن هذا الكلام خرج بغير إنصاف كأن يكون بينهما عداوة معروفة أو يكون بينهما اختلاف في المذهب مثل أن يتكلم ناصبي في شيعي مثلاً فعندها نعرف أن الناصبي لن ينصف الشيعي، أو أن الشيعي لن ينصف الناصبي , فإذا ظهرت عندنا قرينة تدل على أن هذا الكلام خرج بغير إنصاف أو مثلاً كلام القرين أحد القرينين تكلم في قرينه، وقرينه هذا ممن ثبتت عدالته كل الأمة على توثيقه وتعديله، وجاء هذا وحده فقط وخالف وتكلم فيه هذا دليل واضح على أنه كلام بغير إنصاف؛ فالمقصود أن كلام الأقران في بعض من أقوى الكلام لأن القرين هو أعلم الناس بقرينه، ولذلك فمن المرجحات التي نذكرها دائماً أن كلام المعاصر أولى من كلام المتأخر عن عصر الراوي لأن المعاصر اعرف بالراوي، وأدرى به بخلاف المتأخر خاصة إذا كان الكلام متعلق بالعدالة أي إذا كان النقد متعلق بالعدالة؛ لأن المعاصر رآه وربما سمع منه، وربما عاشره فترة طويلة وربما ماشاه فعرف من أخباره، وأحواله ما لا يعرفه عنه من لم يره ومن لم يلقه فقاعدة كلام الأقران يطوى ولا يروى هذه القاعدة يجب أن تقيد بما ذكرت وهو فيما لو ظهرت قرينة أو دليل يدل أن الكلام خرج بغير إنصاف أما بغير ذلك فهذه القاعدة ليست على افتراضها.
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال الثالث عشر: لماذا تطلقون على السند إسناد، وأنتم تعلمون أن هناك فرق بين السند، والإسناد؟
كما نعلم أن هناك فرق بين السند، والإسناد من ناحية اللغة؛ فإننا نعلم أن المحدثين لم يفرقوا بين السند، والإسناد من جهة الاستخدام ولذلك لا نفرق بينهما نحن أيضاً في الاستخدام.
السؤال الرابع عشر: هل يقال إن كل الأحاديث المنتقدة على مسلم، والبخاري أنها كلها إما لبيان علتها أو أنه ذكرها مع المتابعات؛ أو أن له شواهد ذكرها لفائدة أو أن تكون هذه القاعدة مطردة؟
لا؛ بل هناك لاشك أن البخاري ومسلم عملهم عمل بشري , ولا بد أن يكون فيه نقص أبى الله أن يتم إلا كتابه؛ فلابد أن يكون هناك نقص في هذا العمل البشري؛ فهناك أحاديث أخرجها البخاري، ومسلم واعتقدا صحتها , وخالفهم بعض أهل العلم، وقد يكون الراجح كما نقول دائماً ما ذهب إليه البخاري، ومسلم؛ وقد يكون الراجح في بعض الأحيان ما ذهب إليه المنتقد؛ فكون أنه كل الأحاديث المنتقدة , والبخاري ومسلم يعرفان علتها , و أنهما أخرجاهم لبيان علتها , وهذا يعارض الواقع؛ فإننا نجد أحاديث منتقدة ما بين البخاري ومسلم علتها , ولا بأي وجه من وجوه البيان، وإذا بلغ البيان لدرجة الخفاء ولدرجة أنه لا يظهر لأحد فما أصبح بياناً.
السؤال الخامس عشر: ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه قصة الإمام البخاري مع أهل بغداد ما صحة هذه القصة؟
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/65)
لا أرى داعي للوقوف عندها كثيراً، القصة المشهورة عندما ورد على أهل بغداد فقلب عليه عشرة من المحدثين كل واحد منهم عشرة أحاديث قلبوا أسانيدها ومتونها فكان كلما ألقى عليه واحد منهم الحديث يقول لا أعرفه لا أعرفه حتى انتهوا من المائة؛ فلما انتهوا عاد البخاري إلى تلك الأحاديث، وبيَّن خطأ كل واحد من هم وصوابه يقول؛ أما حديث كذا فصوابه كذا، وأما حديث كذا فصوابه كذا حتى انتهى من الأحاديث المائة كاملة، وهذه القصة أخرجها ابن عدي في كتابيه " الكامل " , " مشايخ البخاري " , وخاصة في كتاب مشايخ البخاري أنا موقن بأنه أخرجها فيه ولعله أخرجها أيضًا في الكامل، والمقصود أنه أخرجها في كتاب " مشايخ البخاري " في ترجمة البخاري في مقدمة الكتاب يقول في بدايته: حدثني عدة من شيوخي وابن عدي يروي عن البخاري بواسطة واحدة مثل الدولابي , ومثل غيره ممن روى عنهم عن البخاري , يروي عن عدد من تلامذة البخاري عن البخاري فكونه يقول حدثني عدة من شيوخي في قصة ليس فيها أمر مستنكر بالنسبة لحافظة الإمام البخاري هذا يكفي، وأنا أضرب مثال للأخوة دائماً حتى يعرفوا مثل هذه الأخبار والقصص لا تحتاج لقواعد المحدثين حتى نقبلها ونردها.
--------------------------------------------------------------------------------
لو أن أحدكم سمع مثلاً الشيخ ابن باز رحمه الله , أو الشيخ ابن عثيمين رحمه الله , أو أحد مشايخنا الشيخ صالح الفوازان في الموجودين حفظهم الله يقول: حدثني عدة من شيوخي أن فلان من علمائنا كان يفعل كذا، وكذا؛ هل يمكن لأحد أن يجد في نفسه أن يشكك في هذا؟ الخبر لو سمع الشيخ ابن باز يقول: حدثني عدد من شيوخي عن فلان من علمائنا أنه كان يفعل كذا، وكذا أو يقول كذا، كذا , ويوردها مورد يعني الثقة بهذا الخبر هل تقولون والله هذا الخبر نرده وما نقبله من الشيخ ما أظن في أحد يتجرأ على مثل هذه العبارة فليش لما قالها: ابن عدي نتوقف , و نردها يعني عامل العلماء السابقين كما تعامل من تجلهم من المعاصرين خاصة وأن من شدة ثقته كأنه يرى ما في داعي أن يقول: حدثني فلان أو فلان فهذا الخبر عنده مسموع عن عدد من شيوخه، والقصة ليست أثرا يستنبط منه حكم، ويكفي فيها مثل هذا الإسناد , ولو لم يذكرها بإسناد ابن عدي لربما أيضاً احتججنا بها قال: وقع للبخاري كذا وكذا , وهو قريب عهد به يكفي في القصة مثل هذا النقل من إمام متثبت متحري مثل ابن عدي، وخاصة أنه لن ينبني على هذه القصة استنباط حكم نخالف به نصوص ثابتة في الكتاب والسنة.
السؤال السادس عشر: ما مذهب الإمام مسلم؟
ذكر الإمام مسلم من بين تلافي الشافعية، وأيضاً من ضمن الحنابلة لأنه روى أيضاً عن الإمام أحمد , والظاهر كما نقول دائماً أن هؤلاء الأئمة الكبار لا يصح نسبتهم نسبة تقليد إلى أئمة المذاهب , لكن ربما استفادوا من هؤلاء ولا شك في علمهم، والإمام مسلم يجل الشافعي كما في أحد كتبه المفقودة و الذي نقله عنه الخطيب في كتابه " مسألة الاحتجاج بالشافعي " , ولعل هذا أيضا من أسباب إيراد الإمام مسلم في طبقات الشافعية، لكن لا يمكن الجزم بأنه متبع أو أنه مقلد لأحد الأئمة.
السؤال السابع عشر: الإمام مسلم يورد العلل في الصحيح لأني قرأت لأحدهم أنه ينفي ذلك؟
--------------------------------------------------------------------------------
ما في أكثر من الأدلة التي ذكرناها هذا السؤال ليس له محل من الإعراب في الحقيقة بعد الأدلة التي ذكرناها من أن مسلم يذكر العلة، ويضعف الحديث وهو نفسه في التمييز يضعف حديث وأورده في الصحيح , وكلام العلماء الذين سبقوا، وطريقة إعلاله للأحاديث المختلفة بطرق مختلفة كل هذا يبقى هل يخرج الحديث الذي فيه علة فلن نكرر الكلام مرة ثانية.
السؤال الثامن عشر: أرجو أن تلخصوا الدرس في مذكرات كما فعله الشيخان يحيى البكري و سعد الحميد.
هناك من سينسخ هذه الدروس، وقد بلغني بذلك جزاه الله خيراً وإذا نسخها انتفع بها الجميع إن شاء الله.
السائل: ممكن تفيدنا في المراجع؟
تكلمنا عنها مصادر السنة ذكرنا ها بالأمس.
السائل: ما رأيك في هذا الحديث؟
ليس متعلقاً بالدرس.
ـ[أم حنان]ــــــــ[22 - 04 - 06, 03:47 م]ـ
جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك.(13/66)
تعقيب هام على الأخ عمرو عبد المنعم سليم أن أبا الزبير محمد بن مسلم بن تدرس ليس بمدلس
ـ[أبوسليمان الأثري]ــــــــ[16 - 04 - 06, 11:37 ص]ـ
ذكر حفظه الله في رسالته: الأجوبة الوافرة
أن أبا الزبير محمد بن مسلم بن تدرس ليس بمدلس وأن هذا ما توصل إليه بعد البحث في المسألة
وأن من دلس عنهم فإنه لم يلقهم أصلا فلا يكون هذا تدليسا
وأنه لم يُنقل عن أحد من الأئمة وصفه بالتدليس اللهم إلا نقلا نقله عن الإمام أحمد ومرّضه فقال:
"إن صح"
وأضيف قائلا:
قال الترمذي رحمه الله:
حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح و أبو الزبير اسمه محمد بن مسلم بن تدرس اشتهر بالتدليس. اهـ
ولم ينقل الشيخ عمرو هذه المقولة فلعله لم يقف عليها
ولو صح ما ادعاه لأراح واستراح ولكن:
ما كل ما يتمنى المرءيدركه ... تأتي الرياح بما لا يشتهي السَّفِنُ
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[16 - 04 - 06, 01:11 م]ـ
أخي وفقك الله من أين أتيت بهذا النقل عن الترمذي (اشتهر بالتدليس)؟ أظن هذا النقل غير صحيح فمن أي مصدر نقلتها؟
ـ[محمد العامر]ــــــــ[16 - 04 - 06, 06:13 م]ـ
أخي وفقك الله من أين أتيت بهذا النقل عن الترمذي (اشتهر بالتدليس)؟ أظن هذا النقل غير صحيح فمن أي مصدر نقلتها؟
هذا النقل موجود في سنن الترمذي كتاب الإيمان باب 9 ما جاء في ترك الصلاة. (5/ 13)
والعلم ليس بالظنون ........... وفقك الله.
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[16 - 04 - 06, 07:45 م]ـ
هذا الكلام لايصح عن الترمذي ولاتغتر بوجوده في بعض المطبوعات السقيمة!
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[16 - 04 - 06, 11:53 م]ـ
هذا الكلام لايصح عن الترمذي ولاتغتر بوجوده في بعض المطبوعات السقيمة!
أحسنت أخي حامد
أقول للإخوة إن هذه الزيادة لم ترد إلا في طبعة كمال الحوت (الحبشي) في تكملته لطبعة الشيخ أحمد شاكر وعبد الباقي.
ولم ترد في تحفة الأحوذي مع أن صاحبها قد قابل السنن على نسخ خطية كثيرة
وليست موجودة في طبعة (عادل مرشد) ط دار البيان ودار الأعلام
وليست موجودة في النسخة الخطية برواية الكروخي كما في الصورة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=38620&stc=1&d=1145211786
ولو كان هذا القول معروفا عن الإمام الترمذي رحمه الله لما أهمله من نقل أقوال أهل العلم في الجرح والتعديل
فهل وجدته في كتاب من كتب الرجال؟!
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[17 - 04 - 06, 12:10 ص]ـ
أقول: لعل ذلك للاعتماد على الحاسوب، ففي الموسوعة الشاملة الإصدار الأول - كما مكتوب في البطاقة: " إحياء التراث العربي "، موجودة تلك اللفظة، ولم أجدها في النسخة التي عندي (الحديث). والله أعلم.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[17 - 04 - 06, 12:21 ص]ـ
إن شئتم أن نفتح موضوعا عن أبي الزبير فعلت
فقد سبق وجمعت فيه شيئا
وأرغب في طرحه بين يدي أصحاب الفضيلة لإبداء الرأي فيه ...
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[17 - 04 - 06, 12:31 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=522
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[17 - 04 - 06, 01:00 ص]ـ
والشيخ عمرو عبدالمنعم حفظه الله ذكر في كتابه
تيسير دراسة الأسانيد مثالا لمن تكلم في سماعه
من شيخ معين على التمريض وجعل مثاله في هذه
الفقره سماع محفوظ بن علقمة من سلمان الفارسي
وقد انهى هذه الفقره بقوله ((والمعاصرة بين محفوظ بن علقمة وسلمان
رضي الله عنه ثابتة فلا مانع من الحكم عليه بالاتصال))
وكتبت في ذلك ورقات اثبت فيه من عشرة أوجه ان
رواية محفوظ بن علقمة عن سلمان الفارسي منقطعة
بل قد تكون معضلة وان بينهما مايقرب من قرن ......
ولعل الله ان ييسر عما قريب وضعها في الملتقى ...........
ـ[محمد خليل أبراهيم]ــــــــ[17 - 04 - 06, 07:33 م]ـ
محمد بن مسلم بن تدرس
مشهور بالتدليس كما قال فى
اتحاف ذوى الرسوخ بمن رمى بالتدليس من الشيوخ للشيخ حماد الانصارى برقم126
وقال بن حجرالسقلانى مدلس وكذلك الذهبى وكذلك الالبانى رحمة الله على الجميع
والكلام عليه مفصل فى اكثر من موضع
اخوكم طويلب علم محمد خليل ابى حسين
ـ[عبد الله الكتبي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 02:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
من أراد مزيد من البيان وأقوال العلماء على رواية أبي الزبير فليراجع كتاب "تنبيه المسلم"للمبتدع ..........
وينبغي مراجعة كتاب "ردع الجاني"للشيخ طارق
واللبيب، ومن عنده الكتاب يفهم، وقد ذكرت ما ذكرت حتى لا يتجرأ الناس.
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 10:10 م]ـ
للرفع
ـ[عبدالعزيز فؤاد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 02:21 ص]ـ
وصفه الإمام النسائي بالتدليس (أنظر ذكر المدلسين)
وقال ابن حجر في طبقات المدلسين:وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس.
ـ[الزهراني الجبل]ــــــــ[08 - 05 - 08, 03:16 م]ـ
أبو الزبير المكي لا شك بأنه مدلس وهذا واضح في مروياته ولا بد من التوقف إذا عنعن على أصل القاعدة ومن خالف فقد شذ والصحيح أنه مدلس ولا بد من التصريح بالسماع
¥(13/67)
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[08 - 05 - 08, 08:28 م]ـ
بارك الله فيكم
قد سبق لي أن ذكرتُ بعض ذلك للشيخ أحمد شحاتة الألفي فأنكره، وهذا تم مشافهة بمسجده!
فهل يتكرم الشيخ و يدلي بدلوه هنا مشكورًا؟
ـ[أبوسارة الأزهري]ــــــــ[10 - 05 - 08, 11:41 ص]ـ
ليس معنى أن أبا الزبير مدلس , أن نرد مروياته التي في صحيح مسلم فإن الإمام مسلما إنما انتقى الأحاديث التي تحقق فيها لديه سماع ابي الزبير من جابر رضي الله عنه.
حتى لا يفهم البعض أن كون أبي الزبير مدلسا يرد روايته , وقد أخرج البخاري لقتادة أحاديث عنعن فيها مع كونه مدلسا ولكنه انتقى أيضا الأحاديث التي تأكد فيها من سماع قتادة لشيخه والله أعلم
ـ[عبدالرزاق العنزي]ــــــــ[10 - 05 - 08, 03:01 م]ـ
قال الحاكم ابو عبدالله رحمه الله
ذكر النوع الحادي عشر من علوم الحديث
هذا النوع من هذه العلوم هو معرفة الاحاديث المعنعنة وليس فيها تدليس
وهي متصلة باجماع أهل النقل على تورع رواتها عن انواع التدليس
مثال ذلك ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر الخولاني حدثنا عبدالله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبدربه بن سعيد الانصاري عن ابي الزبير عن جابر بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: لكل داء دواء فاذا اصيب دواء الداء بريء باذن الله تعالى
قال الحاكم هذا حديث رواته بصريون ثم مدنيون ومكيون وليس من مذاهبهم التدليس فسواء عندنا ذكروا سماعهم أو لم يذكروه وانما جعلته مثالا لالوف مثله
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[10 - 05 - 08, 07:39 م]ـ
ليس معنى أن أبا الزبير مدلس , أن نرد مروياته التي في صحيح مسلم فإن الإمام مسلما إنما انتقى الأحاديث التي تحقق فيها لديه سماع ابي الزبير من جابر رضي الله عنه.
حتى لا يفهم البعض أن كون أبي الزبير مدلسا يرد روايته , وقد أخرج البخاري لقتادة أحاديث عنعن فيها مع كونه مدلسا ولكنه انتقى أيضا الأحاديث التي تأكد فيها من سماع قتادة لشيخه والله أعلم
أَنَّى لك هذا، و الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى ردَّ هذه المرويات بمختصر مسلم؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 05 - 08, 08:14 ص]ـ
قال الحاكم هذا حديث رواته بصريون ثم مدنيون ومكيون وليس من مذاهبهم التدليس فسواء عندنا ذكروا سماعهم أو لم يذكروه
الحاكم مفرط في التساهل فلا يُعتد بقوله. والمكيون عندهم تدليس، وربما أشهرهم به هو ابن جريج، ويقال شر التدليس تدليس ابن جريج لأنه لا يدلس إلا عن مجروح.
ـ[عبدالرزاق العنزي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 08:32 ص]ـ
الحاكم مفرط في التساهل!!!!
انما قالوا تصحيحه فى المستدرك فيه تساهل ,
فمن اين اتيت بانه مفرط وانه لا يقبل قوله؟؟
رحم الله من عرف قدر نفسه ولزم حده
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 10:28 ص]ـ
أَنَّى لك هذا، و الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى ردَّ هذه المرويات بمختصر مسلم؟
وأنى للشيخ الألباني أن يردها وقد صححها مسلم؟ هل أصبحنا نقيم تصحيح مسلم بتقليد الألباني؟
وماذا يساوي اجتهاد الشيخ الألباني أمام اجتهاد مسلم الذي وافقه غيره من المجتهدين إلا شذوذاً قليلاً؟
يا أخي يحيى صحيح مسلم مجمع على صحة ما فيه إلا حروفاً يسيرة، وإن لم تقبل دعوى الإجماع فلا يشك عاقل أنه رأي السواد الأعظم من أهل العلم بالحديث، والراوي يعرف حفظه بموافقته لرواية الناس، والناقد يعرف توسطه بموافقة النقاد، ويعرف تشدده وتساهله بمخالفتهم إلى الأشد أو الأخف، وهذا ليس من باب التقليد، ولكننا إن حاكمنا الجماعة إلى الواحد فهذا هو محض التقليد الذي لا ينبغي إلا لتسيير العمل لا للتحقيق والمناظرة.
ـ[أبوسارة الأزهري]ــــــــ[11 - 05 - 08, 10:54 ص]ـ
أَنَّى لك هذا، و الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى ردَّ هذه المرويات بمختصر مسلم؟
لي هذا يا أخي بأن الدارقطني حين انتقد الصحيحين لم يذكر في انتقاده على مسلم ترجمة أبي الزبير عن جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
فقد رددت عليك من جنس ما رددت علي.
إن قلت ردها الألباني رحمه الله تعالى قلت لك لم يردها حافظ عصره وإمام دهره الدارقطني.
فضلا عن أن مسلما نفسه لم يردها وذكرها في صحيحه وهو من هو وصحيحه وما أدراك ما صحيحه والله تعالى من وراء القصد
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[11 - 05 - 08, 06:06 م]ـ
بارك الله فيكما و أحسن إليكما
قد يقال بالرد:
إن الدارقطني رأى أن هذه الأحاديث يشهد لها ما في غير مسلم من روايات، و كذلك يرى الألباني.
غير أن الألباني يتكلم فيها بمفردها دون ضميمة غيرها إليها.
أمَّا أن مسلمًا - كل صحيحه - متفق عليه!
فهذا من غير المسلم به.
ألم ترَ إلى مقدمته في كتابه أنه يعمد إلى الصحيح فيصدر به كتابه، ثم يُعرج على ما هو دونه بالمرتبة؟
إن مسلمًا لم يقل بصحة رواية أبي الزبير عن جابر، فضلاً عن أن العسقلاني صرَّح بتدليس أبي الزبير عن جابر بكتابه المشهور بذلك.
فهل هنا أنا أخذتُ بكلام الألباني و تركتُ كلام مسلم و الدارقطني؟
أم أنني أخذتُ بكلام العسقلاني؟
إن كانت المسألة ستقف عند: هذا قول فلان و لا تناقضه بقول فلان!
فأرى أن يقتصر كلامي على ما سبق ذكره، والله يغفر لي و لكم.
¥(13/68)
ـ[الترفاس رشيد]ــــــــ[11 - 05 - 08, 09:45 م]ـ
السلام عليكم
ألا يمكن القول بأن من قال بأن أبا الزبير ليس مدلسا له نصيب من النظر:
لا شك أن كل مدلس من الرواة له هدف في تدليسه.
فما هو هدف أبي الزبير حتى يدلس
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 08:22 ص]ـ
بارك الله فيكما و أحسن إليكما
قد يقال بالرد:
إن الدارقطني رأى أن هذه الأحاديث يشهد لها ما في غير مسلم من روايات، و كذلك يرى الألباني.
غير أن الألباني يتكلم فيها بمفردها دون ضميمة غيرها إليها.
أمَّا أن مسلمًا - كل صحيحه - متفق عليه!
فهذا من غير المسلم به.
ألم ترَ إلى مقدمته في كتابه أنه يعمد إلى الصحيح فيصدر به كتابه، ثم يُعرج على ما هو دونه بالمرتبة؟
إن مسلمًا لم يقل بصحة رواية أبي الزبير عن جابر، فضلاً عن أن العسقلاني صرَّح بتدليس أبي الزبير عن جابر بكتابه المشهور بذلك.
فهل هنا أنا أخذتُ بكلام الألباني و تركتُ كلام مسلم و الدارقطني؟
أم أنني أخذتُ بكلام العسقلاني؟
إن كانت المسألة ستقف عند: هذا قول فلان و لا تناقضه بقول فلان!
فأرى أن يقتصر كلامي على ما سبق ذكره، والله يغفر لي و لكم.
أخي الكريم ما أخذت عليك غير استنكارك على أخيك أبي سارة مخالفة الشيخ الألباني، ومفهوم ردك كان وجوب التسليم بتضعيف الألباني، وهذا خلل كبير في منهجية البحث (ونحن في مقام النظر والبحث فلا مجال للتقليد).
كيف وأبو سارة لم يبتدع شيئاً من عنده بل هو موافق لمن هم أعلم من الشيخ ناصر.
فحتى لو كان الشيخ ناصر مصيباً فالعبرة بدليله لا بمجرد أنه قول الشيخ ناصر.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[21 - 05 - 08, 08:04 م]ـ
أخي الكريم ما أخذت عليك غير استنكارك على أخيك أبي سارة مخالفة الشيخ الألباني، ومفهوم ردك كان وجوب التسليم بتضعيف الألباني، وهذا خلل كبير في منهجية البحث (ونحن في مقام النظر والبحث فلا مجال للتقليد).
كيف وأبو سارة لم يبتدع شيئاً من عنده بل هو موافق لمن هم أعلم من الشيخ ناصر.
فحتى لو كان الشيخ ناصر مصيباً فالعبرة بدليله لا بمجرد أنه قول الشيخ ناصر.
وهذه أعجب من الأخرى!
ألا ترى - أخي الفاضل - أن "مقام النظر و البحث " ينافي التقليد؟
فكيف بك تقول:
كيف وأبو سارة لم يبتدع شيئاً من عنده بل هو موافق لمن هم أعلم من الشيخ ناصر
هل هذا " مقام النظر و البحث " أم هو " مقام التقليد "؟!
تعيب على يحيى صالح "تقليد" الشيخ الألباني، و أخوك الفاضل / أبو سارة في "مقام النظر والبحث"!!!
هو (موافق) لمن هو أعلم من الشيخ ناصر؟
و أنا (مخالف) لمن هو أعلم من الشيخ ناصر؟
ألم ترَ إلى مشاركتي:
فهل هنا أنا أخذتُ بكلام الألباني و تركتُ كلام مسلم و الدارقطني؟
أم أنني أخذتُ بكلام العسقلاني؟
بارك الله فيك، أنا قلت من قبل:
إن كانت المسألة ستقف عند: هذا قول فلان و لا تناقضه بقول فلان!
فأرى أن يقتصر كلامي على ما سبق ذكره، والله يغفر لي و لكم.
و لا أرى إلا أنني أخطأتُ بالرد هنا مرة أخرى، إذ مازلنا وقوفًا عندها!
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 01:00 ص]ـ
الأمر واضح أخي الكريم هو ذكر أن الأحاديث التي في صحيح مسلم صحيحة، وأنت اعترضت عليه برأي الألباني، وأنا قلت لك أنه متبع لإجماع يحكى (وفرق بينه وبين تقليد الألباني) فنقضت عليك إلزامه برأي الألباني بأن هناك من هو أولى بالاتباع من الألباني.
إذا فهمت غير ذلك فاعلم أنه لم يكن قصدي، فلست أوجب تقليد قول ليس بمجمع عليه.
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 01:09 ص]ـ
وأعتذر منك أخي الكريم إن كنت قد أحفظتك بلفظ ما.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[22 - 05 - 08, 05:40 م]ـ
أنا قلت لك أنه متبع لإجماع يحكى (وفرق بينه وبين تقليد الألباني) فنقضت عليك إلزامه برأي الألباني بأن هناك من هو أولى بالاتباع من الألباني.
إذا فهمت غير ذلك فاعلم أنه لم يكن قصدي، فلست أوجب تقليد قول ليس بمجمع عليه.
بارك الله فيك و غفر لنا ولكم
أين هو (الإجماع) الذي يُحكى؟
أم تقصد أن إيرادك إياها بصيغة التمريض يعني عدمَ إلزامك بها؟!
ثم إن كان هناك مَن هو أولى بالاتباع من الألباني، فلماذا يُعابُ عليَّ نقلي و تمسكي بكلام الإمام ابن حجر العسقلاني؟
فإن قلتَ: مسلم و الدارقطني أولى بالاتباع من العسقلاني و الألباني.
أقول لك: سبق ردي على هذا في قولي السابق:
إن الدارقطني رأى أن هذه الأحاديث يشهد لها ما في غير مسلم من روايات، و كذلك يرى الألباني.
غير أن الألباني يتكلم فيها بمفردها دون ضميمة غيرها إليها.
أمَّا أن مسلمًا - كل صحيحه - متفق عليه!
فهذا من غير المسلم به.
ألم ترَ إلى مقدمته في كتابه أنه يعمد إلى الصحيح فيصدر به كتابه، ثم يُعرج على ما هو دونه بالمرتبة؟
إن مسلمًا لم يقل بصحة رواية أبي الزبير عن جابر
ثم لا تقلق، إن حفيظتي لا تُثار بسهولة، و لا بصعوبة. (ابتسامة)
¥(13/69)
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 11:31 م]ـ
بارك الله فيك و غفر لنا ولكم
أين هو (الإجماع) الذي يُحكى؟
أم تقصد أن إيرادك إياها بصيغة التمريض يعني عدمَ إلزامك بها؟!
ثم إن كان هناك مَن هو أولى بالاتباع من الألباني، فلماذا يُعابُ عليَّ نقلي و تمسكي بكلام الإمام ابن حجر العسقلاني؟
)
أدام الله ابتسامتك
الغرض من ذكر الإجماع هو أن معارضك لو اتبع فهو من باب اتباع حجة الإجماع لا التقليد، فحتى لو خالفت في الإجماع فلا يحق لك مقارنة إلزامك له باتباع الألباني، والأولى على أقل تقدير قيل فيها بأنها إجماع، أما الثانية فهي تقليد بالاتفاق.
والمنتقد ليس تمسكك برأي الألباني ولا ابن حجر، المنتقد أخي الكريم هو قولك: (أَنَّى لك هذا، و الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى ردَّ هذه المرويات بمختصر مسلم؟) فالظاهر من هذه العبارة إلزامك له برأي الألباني.
ودمت لأخيك.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[23 - 05 - 08, 03:21 م]ـ
الغرض من ذكر الإجماع هو أن معارضك لو اتبع فهو من باب اتباع حجة الإجماع لا التقليد، فحتى لو خالفت في الإجماع فلا يحق لك مقارنة إلزامك له باتباع الألباني، والأولى على أقل تقدير قيل فيها بأنها إجماع، أما الثانية فهي تقليد بالاتفاق.
ليتك تتكرم و تذكر لنا ناقل هذا الإجماع.
والمنتقد ليس تمسكك برأي الألباني ولا ابن حجر، المنتقد أخي الكريم هو قولك: (أَنَّى لك هذا، و الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى ردَّ هذه المرويات بمختصر مسلم؟) فالظاهر من هذه العبارة إلزامك له برأي الألباني.
###
لا، أنا لا أُلزم أحدًا برأي أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن كلنا مُلْزَمٌ باتباع قوله صلى الله عليه وسلم، و مَن دونه عنده الصواب و الخطأ.
أدام الله ابتسامتك. . . ودمت لأخيك.
أدام الله فضلكم و ابتساماتكم في الدنيا و الآخرة.
ـ[يبناوي]ــــــــ[23 - 05 - 08, 08:31 م]ـ
حُذف
## المشرف ##
ـ[سلطان الشثري]ــــــــ[24 - 05 - 08, 11:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من احتج بقول ابن حجر رحمه الله فإن ابن حجر قد يتساهل في كتابه طبقات المدلسين في الحكم وقد وقع له بعض الخلط كحكمه على الحسن بأن الأئمة يمشون عنعنته وإن لم يصرح بالتحديث وهذا خلط
أبوالزبير قد أكثر عن جابر والشيخ ناصرالدين رحمه الله يمشي عنعنة الأعمش فيمن أكثر عنهم وهو مدلس
وليس كل عنعة تدليس
وأرجوا مراجعة كتاب الشيخ ناصر الفهد حفظه الله عن التدليس للزيادة
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 02:40 م]ـ
ليتك تتكرم و تذكر لنا ناقل هذا الإجماع.
###
لا، أنا لا أُلزم أحدًا برأي أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن كلنا مُلْزَمٌ باتباع قوله صلى الله عليه وسلم، و مَن دونه عنده الصواب و الخطأ.
أدام الله فضلكم و ابتساماتكم في الدنيا و الآخرة.
بالنسبة لنقل الإجماع فلا أظنك لم تطلع عليه، فلعل قصدك مناقشته، ولك مناقشته، وليس هذا غرضي من ذكره، بل لأقول أن أبا سارة إذا اتبع من يقول أن كل ما في مسلم صحيح غير المنتقد سابقاً من الحفاظ ليس في ذلك بمقلد، رضيت هذا الإجماع أم لم ترضه.
وإن كنت لم تطلع عليه فهاك بعض من حكاه في هذه الفتوى
http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=13678&Option=FatwaId
وأحب أن أضيف أن نقلك عن ابن حجر لا علاقة له بما قاله أبو سارة، لأن يتكلم عن حكم أحاديث أبي الزبير في صحيح مسلم، وهو يقول أنها صحيحة حتى لو كان أبو الزبير مدلساً، وهذا لم يتطرق له ابن حجر، بل ما نقلته عنه أنه يراه من المدلسين.
وأخيراً أقول ما قلته من أنك لا تقلد الشيخ ناصر فأنت صادق فيه، لكن ما دام الأمر كذلك فانقل حجته مع نقلك رأيه.
وفقك الله لما تحب وترضى
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[24 - 05 - 08, 05:14 م]ـ
أخي الكريم
بارك الله فيك و أحسن إلينا و إليك.
نظرتُ الرابط المذكور بمشاركتكم الكريمة فلم أرَ ما يمُّتُ بصلة إلى موضوع الإجماع المشار إليه إلا هذه:
ويقول الشهرزوري: جميع ما حكم مسلم بصحته من هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه، وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول، سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع، والذي نختاره أن تلقي الأمة للخبر المنحط عن درجة التواتر بالقبول يوجب العلم النظري بصدقة. انظر صيانة صحيح مسلم: 1/ 85.
ويقول أبو المعالي الجويني: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع علماء المسلمين على صحتهما. صيانة صحيح مسلم: 1/ 86.
فهل هذا هو مقصدك؟
إن كان: لا، فما مقصدك؟
و إن كان: نعم، فلا دليل على "نقل" الإجماع في هذه الجمل!
هذه الجمل إنما تتحدث عن أن "الإجماع" قد وقع على صحة ما حكما بصحته، و ليس الإجماع على "كل " ما روياه في صحيحيهما، فتأمل.
أما قوله لإجماع علماء المسلمين على صحتهما
فأقول: هذا من حيث الجملة و ليس من حيث أفراد الأحاديث.
أما ما تفضلتَ بذكره بقولك:
وأخيراً أقول ما قلته من أنك لا تقلد الشيخ ناصر فأنت صادق فيه، لكن ما دام الأمر كذلك فانقل حجته مع نقلك رأيه.
فلا أعلم أن للشيخ - أو لغيره من العلماء - حجة في قولهم: فلان مدلس أو قولهم: فلان ثقة، إلا من سبرهم الأخبار الواردة عمن تقدمهم من العلماء.
و إلا فما فائدة نقول العلماء من كتب الرجال و اعتماد هذه النقول في الحكم على الأحاديث؟
أترى هذا كله بحجة أم هو نفسه حجة؟
بارك الله فيك و جزاك خيرًا
أنا فعلاً أستفيد من كلماتك و أدبك.
¥(13/70)
ـ[أشرف بن صالح العشري]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:50 م]ـ
للمناقشة.
ـ[أشرف بن صالح العشري]ــــــــ[16 - 09 - 08, 04:18 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=66259(13/71)
قصة الشيطان عليه اللعنة
ـ[جعفر القنوي]ــــــــ[17 - 04 - 06, 02:27 ص]ـ
السلام عليكم
هل عندكم معلومات عن صحة قصة الشيطان عليه اللعنة التي ذكرها ابن العربي عن ابن عباس رضي الله عنه في كتابه شجرة الكون و هل هو موجود في إنترنت(13/72)
طلب ترجمة راوٍ من " تذكرة الحفاظ "، عبد الله بن أحمد الأهوازي.
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[17 - 04 - 06, 08:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ترجمة: عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد الأهوازي الجواليقي، من " تذكرة الحفاظ "، قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: " قال الحافظ أبو علي النيسابوري: رأيت من أئمة الحديث أربعة: إبراهيم بن أبي طالب، وعبدان الأهوازي، وأبا عبد الرحمن النسائي، فأما عبدان فكان يحفظ مائة ألف حديث، ما رأيت في المشايخ أحفظ منه .. ".
في حين أن ابن عساكر - رحمه الله - في " التاريخ " ذكرها بأتم من ذلك، فقال:
- من طريق البيهقي عن محمد بن عبد الله الحافظ قال: " سمعت أبا علي الحافظ يقول: رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني وأسفاري: اثنان منهم بنيسابور: محمد بن إسحاق، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو عبد الرحمن النسائي بمصر، وعبدان بالأهواز ".
الذي أريده هو: هل هذا خطأ من الإمام الذهبي أم من الموسوعة؟
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 - 04 - 06, 11:32 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي رمضان: هناك سقط في المطبوع 2/ 689 وضع مكانه نقط ....(13/73)
ثقة ثبت رمي بالقدر
ـ[الرحيلي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 10:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما أقرأ ترجمة أحد الرواة مثل (أبو معاذ) هو: هشام بن أبي عبد الله سنبر وزان جعفر، أبو بكر البصري ثقة ثبت وقد رمي بالقدر ...
أقول: كيف يكون ثقة ثبت وقد رمي بالقدر!!
هل يقول كما يقول معبد الجهني؟ ثم إن معبد الجهني هل يعتبر مبتدع أم كافر؟
أرجوا إفادتي و في أي الكتب أجد الكلام على مثل هذه المسائل. أفيدوني مأجورين.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[19 - 04 - 06, 10:05 ص]ـ
ذكر الشيخ عبدالله الجديع في كتابه ((تحرير علوم الحديث)) ما نصه:
السبب الرابع: البدعة
هذا من أكثر ما وقع فيه الطعن على الرواة في غير ما يعود إلى الضبط، وما سلم منه طوائف من الثقات الحفاظ من الناس، بل تكلم فيهم لأجله.
والمعني به: البدع العقدية، لا البدع الإضافية في أبواب الفروع.
وأصول البدع تعود جملتها إلى: بدعة الخوارج، والقدرية، والرافضة، والناصبة، والمرجئة، والجهمية، والواقفة (867).
وتضاربت فيه مذاهب أهل الحديث، بين قبول حديث الموصوف به ورده، أو قبوله في حال ورده في حال.
وإنما دخل الإشكال على من ذهب إلى القدح بذلك أن البدعة خلل في الدين، وذلك موجب للقدح في العدالة.
قال سلام بن أبي مطيع: بلغ أيوب (يعني السختياني) أني آتي عمراً (يعني ابن عبيد) (868)، فأقبل علي يوماً، فقال: " أرأيت رجلاً لا تأمنه على دينه، كيف تأمنه على الحديث " (869).
وقال ابن حبان: " إن الداعي إلى مذهبه والذاب عنه حتى يصير إماماً فيه، وإن كان ثقة، ثم روينا عنه، جعلنا للاتباع لمذهبه طريقاً، وسوغنا للمتعلم الاعتماد عليه وعلى قوله " (870).
وتحرير القول في حديث المبتدع في بيان مذاهب علماء السلف.
مذاهب أهل العلم في رد حديث أهل البدع أو قبوله:
هي محصورة في أربعة مذاهب:
المذهب الأول: ترك حديثهم مطلقاً، أي: البدعة جرحة مسقط للعدالة.
وعليه يتنزل نصوص طائفة من الأئمة:
فعن محمد بن سيرين، قال: " كان في الزمن الأول لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد؛ لكي يأخذوا حديث أهل السنة، ويدعوا حديث أهل البدع " (871).
وعن مالك بن أنس، قال: " لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئاً، وإنهم لممن يؤخذ عنهم العلم، وكانوا أصنافاً: فمنهم من كان كذاباً في غير علمه، تركته لكذبه، ومنهم من كان جاهلاً بما عنده، فلم يكن عندي موضعاً للأخذ عنه لجهله، ومنهم من كان يدين برأي سوء " (872).
المذهب الثاني: التفريق بحسب شدة البدعة وخفتها في نفسها، وبحسب الغلو فيها أو عدمه بالنسبة إلى صاحبها.
قال أحمد بن حنبل: " احتملوا المرجئة في الحديث " (873).
وقال إبراهيم الحربي: حدثنا أحمد يوماً عن أبي قطن (يعني عمرو بن الهيثم)، فقال له رجل: إن هذا بعدما رجع من عندكم إلى البصرة تكلم بالقدر وناظر عليه، فقال أحمد: " نحن نحدث عن القدرية، لو فتشت أهل البصرة وجدت ثلثهم قدرية " (874).
وأحمد شدد في حديث الجهمية لغلظ بدعتهم، وتوسط في القدرية، فقبل من لم يكن داعية، وسهل في المرجئة، قال ابن رجب الحنبلي: " فيخرج من هذا: أن البدع الغليظة كالتجهم يرد بها الرواية مطلقاً، والمتوسطة كالقدر إنما يرد رواية الداعي إليها، والخفيفة كالإرجاء، هل يقبل معها الرواية مطلقاً، أو يرد عن الداعية؟ على روايتين " (875).
وقال مسلم بن الحجاج: " الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم، والمعاندين من أهل البدع " (876).
المذهب الثالث: التفريق بين الداعي إلى بدعته، وغير الداعي، فيرد الأول، ويقبل الثاني.
قال الحاكم: " الداعي إلى البدعة لا يكتب عنه ولا كرامة؛ لإجماع جماعة من أئمة المسلمين على تركه " (877).
هذا منقول عن عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين (878).
¥(13/74)
قال نعيم بن حماد: سمعت ابن المبارك وقيل له: تركت عمرو بن عبيد وتحدث عن هشام الدستوائي وسعيد وفلان، وهم كانوا في عداده، قال: " إن عمراً كان يدعو " (879).
كما روى نعيم، قال: قلت لا بن المبارك: لأي شيء تركوا عمرو بن عبيد؟ قال: " إن عمراً كان يدعو " يعني إلى القدر (880).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: " من رأى رأياً ولم يدع إليه احتمل، ومن رأى رأياً ودعا إليه فقد استحق الترك " (881).
وقال: " ثلاثة لا يحمل عنهم: الرجل المتهم بالكذب، والرجل الكثير الوهم والغلط، ورجل صاحب الهوى يدعو إلى بدعة " (882).
وقال محمد بن عبد العزيز الأبيوردي (من أصحاب أحمد) " سألت أحمد بن حنبل: أيكتب عن المرجئ والقدري؟ قال: " نعم، يكتب عنه إذا لم يكن داعياً " (883).
وكذلك قال أبو داود السجستاني: قلت لأحمد بن حنبل: يكتب عن القدري؟ قال: " إذا لم يكن داعياً " (884).
وقال أبو بكر المروذي: " كان أبو عبد الله (يعني أحمد) يحدث عن المرجئ إذا لم يكن داعية أو مخاصماً " (885).
وقال جعفر بن محمد بن أبان الحراني: قلت لأحمد بن حنبل: فنكتب عن المرجئ والقدري وغيرهما من أهل الأهواء؟ قال: " نعم، إذا لم يكن يدعو إليه ويكثر الكلام فيه، فأما إذا كان داعياً فلا " (886).
وسئل أحمد بن حنبل: عمن يكتب العلم؟ فقال: " عن الناس كلهم، إلا عن ثلاثة: صاحب هوى يدعو الناس إليه، أو كذاب، فإنه لا يكتب عنه قليل ولا كثير، أو عن رجل يغلط فيرد عليه فلا يقبل " (887).
قلت: عبارات أحمد في ذلك جاءت بالتشديد في أمر الداعية، في الكتابة عنه، وليس في تخريج حديثه مطلقاً، والفرق بين الصورتين: أنه عرف من منهج أحمد التشديد على المخالفين في الأصول، والكتابة عن أحدهم تحسين لأمره عند من لا يعرفه، وتغريد للناس به، فكان يشدد في أمر هؤلاء تنفيراً للناس عنهم، وهذا إنما يؤثر في حق الأحياء يقصد الراوي أن يحمل عن أحدهم الحديث، أما الأموات الذين لم يعرف الناس من أمرهم إلا ما خلفوه من علم أو رواية، فهؤلاء خرج أحمد من حديثهم الكثير في كتبه، من شتى طوائف أهل القبلة، وفيهم من كان غالياً، ولا يبعد أن يكون داعية.
ولذا قال إبراهيم الحربي: قيل لأحمد بن حنبل: في حديثك أسماء قوم من القدرية، فقال: " هو ذا نحن نحدث عن القدرية " (888).
وقال عباس الدوري: سمعت يحيى (يعني ابن معين) يقول: " ما كتبت عن عباد بن صهيب "، قلت: هكذا تقول في كل داعية: لا يكتب حديثه إن كان قدرياً أو رافضياً أو غير ذلك من أهل الأهواء من هو داعية؟ قال: " لا يكتب عنهم، إلا أن يكونوا ممن يظن به ذلك ولا يدعوا إليه، كهشام الدستوائي وغيره ممن يرى القدر ولا يدعو إليه " (889).
وقال أحمد بن محمد الحضرمي: سألت يحيى بن معين عن عمرو بن عبيد؟ فقال: " لا تكتب حديثه "، فقلت له: كان يكذب؟ فقال: " كان داعية إلى دينه "، فقلت له: فلم وثقت قتادة وسعيد بن أبي عروبة وسلام بن مسكين؟ فقال: " كانوا يصدقون في حديثهم، ولم يكونوا يدعون إلى بدعة " (890).
وقال ابن حبان: " والدعاة يجب مجانبة رواياتهم على الأحوال، فمن انتحل نحلة بدعة ولم يدع إليها، وكان متقناً، كان جائز الشهادة، محتجاً بروايته " (891).
وقال: " الاحتياط ترك رواية الأئمة الداعين منهم، والاحتجاج بالرواة الثقات منهم " (892).
ويبين الحافظ الخطيب السبب في هذا المذهب، فيقول: " إنما منعوا أن يكتب عن الدعاة؛ خوفاً أن تحملهم الدعوة إلى البدعة والترغيب فيه على وضع ما يحسنها " (893).
قلت: وهذا تعليل معتبر في حل راو لم يعرف بالصدق، أما من ثبت صدقه وعرفت أمانته، وكان يذهب إلى شيء من تلك المذاهب بتأويل، وكان ينتصر إلى مذهبه ذلك، فهذا مراد كذلك في قول هؤلاء الأئمة، لكن لا يتنزل عليه تعليل الخطيب.
¥(13/75)
والذي يتحرر من إمعان النظر في هذا المذهب أنه مذهب نظري اليوم في شأن رواة الحديث، وذلك أن أمر الدعوة إلى البدعة مما لا يمكن حصره وضبطه، والكلام في رواة الحديث فد فرغ منه، وصارت العمدة في معرفة أحوال الرواة على ما بلغنا من أخبارهم، والمتأمل يجد في تلك الأخبار وصف عدد غير قليل من الرواة بالبدعة، لكن يندر فيهم من يمكن القول: إنه كان داعية، نعم؛ وصف طائفة بالغلو، إلا أنه لا يعني بالضرورة كون الموصوف بذلك داعية إليها.
المذهب الرابع: عدم اعتبار البدعة جرحاً مسقطاً لحديث الراوي، لما تقوم عليه من التأويل، وإنما العبرة بالحفظ والإتقان والصدق، والسلامة من الفسق والكذب.
وعلى هذا في التحقيق يتنزل مذهب من ذهب من كبار الأئمة إلى أن البدعة لا تمنع قبول حديثهم، إلا من كان يستحل الكذب.
وهذا هو منقول من مذهب أبي حنيفة وصاحبه أبي يوسف وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والشافعي (894).
قال سفيان بن عيينة: " حدثنا عبد الملك بن أعين، وكان شيعياً، وكان عندنا رافضياً صاحب رأي " (895).
قال ابن دقيق العيد: " والذي تقرر عندنا: أنه لا تعتبر المذاهب في الرواية، إذ لا نكفر أحداً من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشريعة، فإذا اعتقدنا ذلك، وانضم إليه التقوى والورع والضبط والخوف من الله تعالى، فقد حصل معتمد الرواية " (896).
وهو قول يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، ومحمد بن عمار الموصلي، وإليه مال الخطيب البغدادي (897).
قال علي بن المديني: قلت ليحيى (يعني القطان) " إن عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) يقول: اترك من كان رأساً في البدعة يدعو إليها، قال: " كيف نصنع بقتادة وابن أبي رواد وعمر بن ذر؟! " وذكر قوماً، قال يحيى: " إن ترك هذا الصنف ترك ناساً كثيراً " (898).
قلت: يرد يحيى مذهب ابن مهدي، بل مقتضى قوله أن يكون من سماهم ممن يندرج تحت رأي ابن مهدي، وهو يحل الاستشكال الذي نراه: ما هو حد الداعية من غيره؟ فهذا يحيى القطان يرى قتادة ومن ذكره معه من الدعاة، وإلا لما صح له الاستدراك على ابن مهدي بذكرهم، وهم من ثقات الناس ومتقنيهم وعليهم مدار كثير من الحديث.
يقابله ما نقله محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: قلت لعلي بن عبد الله المديني: يا أبا الحسن، إن يحيى بن معين ذكر لنا: أن مشايخ من البصريين كانوا يمرمون بالقدر، إلا أنهم لا يدعون إليه، ولا يأتون في حديثهم بشيء منكر، منهم: قتادة، وهشام صاحب الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو هلال، وعبد الوارث، وسلام (899)، كانوا ثقات، يكتب حديثهم، فماتوا وهم يرون القدر، ولم يرجعوا عنه، فقال لي علي، رحمه الله: " أبو زكريا كذا كان يقول عندنا، إلا أن أصحابنا ذكروا أن هشام الدستوائي رجع قبل موته، ولم يصح ذلك عندنا " (900).
قلت: ففي هذا نفي أن يكون قتادة داعية إلى بدعته، لكن فيه تثبيت أن جميع هؤلاء كانوا يذكرون بالبدعة، ويحيى اعتبر في ثقتهم أمرين: عدم الدعوة إلى البدعة، مع الحفظ والإتقان.
وهذا عبد الرحمن بن مهدي قد ترك بعض الرواة لأجل البدعة، ثم حدث عنهم قبل موته:
فقد قال ابن أخته الحافظ أبو بكر بن أبي الأسود: كان خالي عبد الرحمن بن مهدي يترك الحديث عن الحسن بن أبي جعفر الجفري وعثمان بن صهيب وغيرهما من أهل القدر؛ للمذهب، والضعف، فلما كن بأخرة حدث عنهم، وخرجهم في تصانيفه، فقلت: يا خال، أليس قد كنت أمسكت عن الرواية عن هؤلاء؟ فقال: " نعم، لكن خفت أن يخاصموني بين يدي ربي فيقولون: يا رب، سل عبد الرحمن: لم أسقط عدالتنا؟ " (901).
وقد سئل الحافظ محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن (علي بن غراب)، فقال: " كان صاحب حديث بصيراً به " فقيل له: أليس هو ضعيفاً؟ قال: " إنه كان يتشيع، ولست أنا بتارك الرواية عن رجل صاحب حديث يبصر الحديث بعد أن لا يكون كذوباً للتشيع أو القدر، ولست براو عن رجل لا يبصر الحديث ولا يعقله ولو كان أفضل من فتح _ يعني الموصلي _ " (902).
¥(13/76)
وسئل الحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم عن (الفضل بن محمد الشعراني)، فقال: " صدوق في الروية، إلا أنه كان من الغالين في التشيع " قيل له: فقد حدثت عنه في " الصحيح " فقال: " لأن كتاب أستاذي ملآن من حديث الشيعة " يعني مسلم بن الحجاج (903).
وفي " صحيح البخاري " عن جمع كبير من المنسوبين إلى البدع.
فهؤلاء الأعيان قدوة الناس في هذا الفن، وممن إليهم المرجع فيه.
وقال ابن حزم: " من أقدم على ما يعتقده حلالاً، فما لم يقم عليه في تحريمه حجة، فهو معذور مأجور وإن كان مخطئاً، وأهل الأهواء معتزليهم ومرجئيهم وزيديهم وإباضيهم بهذه الصفة، إلا من أخرجه هواه عن الإسلام إلى كفر متفق على أنه كفر، أو من قامت عليه حجة من نص أو إجماع فتمادى ولم يرجع فهو فاسق " (904).
قلت: ومن أمثلة ما يتنزل عليه هذا المذهب وهم ثقات محتج بهم:
1 _ عبد الله بن أبي نجيح.
قال علي بن المديني: " أما الحديث فهو فيه ثقة، وأما الرأي فكان قدرياً معتزلياً " (905).
وقال يحيى بن معين: " كان ابن أبي نجيح من رؤساء الدعاة " (906).
2 _ خالد بن مخلد.
قال الجوزجاني: " كان شتاماً معلناً بسوء مذهبه " (907).
3 _ سالم بن عجلان الأفطس:
قال الجوزجاني: " كان يخاصم في الإرجاء، داعية، وهو متماسك " (908).
4 _ عبد الرحمن بن صالح الأزدي.
قال يعقوب بن يوسف المطوعي (وكان ثقة): كان عبد الرحمن بن صالح الأزدي رافضياً، وكان يغشى أحمد بن حنبل، فيقربه ويدنيه، فقيل له: يا أبا عبد الله، عبد الرحمن رافضي، فقال: " سبحان الله! رجل أحب قوما من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم نقول له: لا تحبهم؟! هو ثقة " (909).
وكان يحيى بن معين يعلم تشيعه، بل نعته بذلك، ومع فقد كتب حديثه وروى عنه، ووثقه، وكذلك وثقه غيره (910).
مع أن أبا داود السجستاني قال: " لم أر أن أكتب عنه، وضع كتاب مثالب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " (911).
5 _ عمران بن حطان.
قال أبو داود السجستاني: " ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج " ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج (912).
6 _ عباد بن يعقوب الرواجني.
وشأنه في الغلو في الرفض والدعوة إليه مشهور، ومن أبينه ما حكاه الثقة المتقن القاسم بن زكريا المطرز، قال:
وردت الكوفة، وكتبت عن شيوخها كلهم غير عباد بن يعقوب، فلما فرغت ممن سواه دخلت عليه، وكان يمتحن من يسمع منه، فقال لي: من حفر البحر؟ فقلت: الله خلق البحر، فقال: هو كذلك، ولكن من حفره، فقلت: يذكر الشيخ، فقال: حفره علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ثم قال: من أجراه؟ فقلت: الله، مجري الأنهار، ومنبع العيون، فقال: هو كذلك، ولكن من أجرى البحر؟ فقلت: يفيدني الشيخ، فقال: أجراه الحسين بن علي، (وذكر تمام القصة) (913).
وجاء أنه كان يشتم عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وقال ابن حبان: " كان رافضياً داعية إلى الرفض " (914).
قلت: ومع ذلك فخرج حديثه البخاري في " الصحيح "، وحكم بثقته غير واحد.
7 _ الحسين بن الحسن الأشقر.
قال ابن الجنيد عن يحيى بن معين: " كان من الشيعة المغلية الكبار "، قلت: فكيف حديثه؟ قال: " لا بأس به "، قلت: صدوق؟ قال: " نعم، كتبت عنه " (915).
قلت: فهذه المناهج لهؤلاء الأعلام من أئمة الحديث صريحة في عدم الاعتداد بالبدعة قادحاً في العدالة، ومن أجل هذا جرت ألفاظهم بالتعديل لهؤلاء الرواة مع ما عرفوا به من البدعة.
والتأويل بالبدع أوسع منه في المعاصي؛ لأن وجه المخالفة بها للشرع خفي، فإذا كنا عذرنا بالمخالفة تأويلاً في المنهيات الصريحة في الشرع كقتل المسلم، كالذي حصل بين الصحابة، فالعذر فيما كان وجه المخالفة في خفياً أولى، وإنما تكون العبرة بالصدق والإتقان، فإذا ثبت فحديثه مقبول.
قال ابن جرير الطبري: " لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به، وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك؛ للزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه " (916).
¥(13/77)
قلت: وإنما يخرج من هذا التأصيل: من كان من الرواة طعن عليه لبدعته وحديثه جيمعاً، فهذا مجروح من أجل حديثه، وذلك مثل: جابر الجعفي، وعمرو بن عبيد البصري.
قال سفيان بن عيينة: " كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر، فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه، وتركه بعض الناس " فقيل له: " وما أظهر؟ قال: " الإيمان بالرجعة " (917).
قلت: فكأن سفيان جعل اتهامه في حديثه من أجل بدعته، والواقع أنه لا تلازم بينهما، لجواز أن يكون صاحب بدعة صدوقاً، كما تقدمت له أمثلة، وإنما المعنى أنه بعدما ظهرت منه هذه العقيدة ظهر منه في روايته ما اتهم فيه.
وكذلك القول في عمر بن عبيد، مع ظهور الفسق وضعف التأويل في بعض ما جاء عنه، فقد تكلم بما لا يحتمل (918).
ولا ريبة أن كثير من أهل البدع نصروا مذاهبهم برواية النكرات إسناداً ومتناً، وجماعات منهم عرفوا بوضع الحديث لأجل ذلك.
وهو المعنى الذي خافه من شدد فرد أحاديث أهل البدع.
لكن مادامت الخشية محصورة في كون صاحب البدعة قد تدفعه بدعته إلى المجيء بالمنكرات من الروايات نصرة لتلك البدعة، فالأمر إذاً عائد إلى القول في روايته، فإذاً تحرر لنا صدقه، وسلامة روايته من النكارة، فقد ذهب المحذور.
فمن قال من المتأخرين: إذا روى صاحب البدعة ما تعتضد به بدعته رد، وإن روى غير ذلك قبل.
فهذا مذهب وإن تداولته كتب علوم الحديث فليس صواباً؛ لأن قبول روايته حيث قبلناها فإنما حصل لأجل كونه بريئاً من الكذب معروفاً بالصدق والأمانة، فإذا صرنا إلى رد حديثه عند روايته ما تعتضد به بدعته فقد اتهمناه، وهذا تناقض، مع ملاحظته أن من ذهب مذهباً كان أحرص من غيره على حفظ ما يقوي مذهبه، فينبغي أن يقال: حفظ وأتقن؛ لأن داعية الإتقان متوفرة فيه، فيكون هذا مرجحاً لقبول تلك الرواية ما دام موصوفاً بالصدق.
وعلى مظنة أن تدعو البدعة إلى الكذب في الرواية من معروف بالصدق، فهذا لا ينحصر في البدعة، فإن الهوى يكون في غيرها أيضاً.
وأما إطلاق القول بتكذيب طائفة من أهل البدع على التعيين، كقول يزيد بن هارون: " لا يكتب عن الرافضة؛ فإنهم يكذبون " (919)، فهذا مما يجري على غالب من أدرك يزيد ورأى من هؤلاء، وأن يكون أراد غلاتهم، غير أن واقع الأمر أن طائفة من الرواة وصفوا من قبل بعض النقاد بالرفض، كانوا من أهل الصدق، روى الأئمة عنهم الحديث وأثنوا عليهم، كما مثلت هنا بجماعة منهم.
وخلاصة الفصل في هذا: أن ما قيل من مجانبة حديث المبتدع، ففيه اعتبار الزمان الذي كانت الرواية فيه قائمة، ومرجع الناس إلى نقلة الأخبار في الأمصار، وما كان قد حصر يومئذ بيان أحوال الرواة، أما بعد أن أقام الله بأهل هذا الشأن القسطاس المستقيم (علم الجرح والتعديل) فميزوا أهل الصدق من غيرهم، وفضح الله بهذا العلم خلائق من أهل الأهواء والبدع وافتضحوا بالكذب في الحديث، فأسقطهم الله، كما أصاب الهوى بعض متعصبة السنة، فوقعوا في الكذب في الحديث كذلك، وهو وإن كانوا أقل عدداً من أصحاب البدع، إلا أنهم شاركوهم في داعية الهوى والعصبية، وقابل هؤلاء وأولئك من ثبت له وصف الصدق من الفريقين، فأثبت أئمة الشأن له ذلك، فلا يكون في التحقيق وصف من وصفوة بالصدق إلا من أجل ما روى.
**********
الحواشي:
(867) فأما الخوارج فبدعتهم أول البدع في الإسلام، وذلك حينَ شقوا عصا الطاعة وخرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه. والقدرية، هُم القائلون بنفي القدر، أي: أن الشر من خلق العبْد لا من خلق الله، ومنه من يقول: لا يعلمه الله من المخلوق حتى يفعله. والرافضة: مبْغضو أبي بكر وعُمر وعثمان، أو مكفروهم، والغلاة في علي بن أبي طالب وأهل بيته، والشيعة لقَبٌ يَشملهم، لكن يدْخل فيه: مُجرد تقديم علي على أبي بكر وعُمر دونَ البُغض. والناصبة: من قابلوا الرافضة في بُغض علي وأهْل بيته. والمرجئة: من ذهب إلى أن الإيمان مُجرَّد اعتقادِ القلب وإقرار اللسان، وأنَّ الأعمال ليست من الإيمان، وعليه فهو لا يزيد ولا ينقص، ومنهم من غلا فقال: لا يضرُّ مع الإيمان معصية. والجهمية: أتباع جهم بن صَفوان في نفي صِفات الباري تعالى، واعتقاد خلق القرآن. والواقفة:
¥(13/78)
هم من توقَّف في القرآن حين ظهرت المقالة فيه فقالوا: لا نقول هو مخلوق، ولا غير مخلوق.
(868) وهوَ من رءوس القدرية.
(869) مقدمة صحيح مسلم (1/ 23) بإسناد صحيح.
(870) الإحسان في تقريب صحيح ابنِ حبان (1/ 160).
(871) أثرٌ صحيح. أخرجه مُسلم في " مُقدمة صحيحه " (1/ 15) والترمذي في (العلل) آخر كتاب " الجامع " (6/ 231) والجوزجاني في " أحوال الرجال " (ص: 35 _ 36) وعبد الله بن أحمد في " العلل " (النص: 3640) وابنُ أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/ 1 / 28) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: 208 _ 209) والعُقيلي في " الضعفاء " (1/ 10) وابنُ عدي في " الكامل " (1/ 214) وابنُ حبان في " المجروحين " (1/ 82) والخطيب في " الكفاية " (ص: 197) من طريق إسماعيل بن زكريا الخُلقانيِّ، عن عاصم الأحوال، عن ابن سيرين، به. وإسناده جيد.
وعدَّه يحيى بن معين في " تاريخه " (النص: 2115) مما تفرد به إسماعيل. لكن أخرجه بمعناه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 197) من طريق مُحمد بن حميد، قال: حدثنا جرير (يعني ابنَ عبد الحميد)، عن عاصم. غيرَ أن هذه متابعةٌ لا يُركن إليها ولا يُتعقب بها؛ لأنَّ ابنَ حُميد هو الرازي ضعيف جدًّا.
(872) أخرجه ابنُ عبد البرِّ في " التمهيد " (1/ 65) بإسناد صحيح.
(873) سؤالات أبي داود (النص: 136).
(874) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (12/ 200) وإسناده حَسنٌ.
(875) شرح علل الترمذي (1/ 56)، والرواية الأولى عن أحمد في المرجئة في القبول مُطلقاً هي التي ذكرْت، وأما الثانية فتأتي في المذهب الثالث.
(876) مُقدمة صحيح مُسلم (ص: 8).
(877) مَعرفة علوم الحديث (ص: 16).
(878) الكفاية، للخطيب (ص: 203 _ 205).
(879) الضعفاء، للعقيلي (3/ 277) _ ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 203 _ 204) _ بإسناد صالح، نُعيم صدوق في الأصل، ليس بالقوي في الحديث، لكن هذا مما يُحتمل منه، خصوصاً وقد أخذه من في ابن المبارك،لم يحتج معه إلى إسناد. وروى معناه عن ابن المبارك كذلك عليُّ بن الحسن بن شقيق. أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 203) وإسناده صحيح.
ورَوى ابنُ عدي (1/ 257) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص 227) عن عبد الله بن المبارك قال: " يُكتب الحديث إلا عن أربعة: غلاَّط لا يَرْجع، وكذَّاب، وصاحب هوى يدْعو إلى بدعته، ورجلٍ لا يحفظ فيُحدثُ من حفظه ".
(880) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " (ص: 273) وإسناده صالح.
(881) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 203) وإسناده صحيح.
(882) أخرجه عبد الله بن أحمد في " العلل " (النص: 4947) وعنه: العُقيلي (1/ 8) وإسناده صحيح.
(883) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 204 _ 205).
(884) سؤالات أبي داود لأحمد بن حنبل (النص: 135) والكفاية، للخطيب (ص: 205).
(885) العلل رواية المروذي (النص: 213).
(886) أخرجه ابنُ حبان في " المجروحين " (1/ 82) وإسناده صحيح.
(887) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 228) وإسناده صحيح.
(888) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 206) وإسناده صحيح.
(889) تاريخ يحيى بن معين (النص: 3581)، ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 204).
(890) الضعفاء، للعُقيلي (3/ 281)، ولم أقف على حالِ الحضرمي ولا الراوي عنه شيخ العقيلي محمد بن عبد الحميد السَّهمي، وهو إسنادٌ نقل به العقيلي طائفة من السؤالات ليحيى بن مَعين.
(891) الثقات (6/ 284).
(892) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/ 160).
(893) الكفاية (ص: 205).
(894) انظر: الكفاية للخطيب (ص: 202 _ 203)، كشْف الأسرار عن أصول البَزدوي (3/ 26 _ 27)، وحكى الخطيب (ص: 194) عن الشافعي أنه قال: " وتُقبل شهادةُ أهْل الأهواء، إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يروْنَ الشهادة بالزور لموافقهم "، وأسند البيهقي في " السنن " (10/ 208 _ 209) معناه.
(895) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 151) وإسناده صحيح.
¥(13/79)
(896) الاقتراح في بيان الاصْطلاح (ص: 333 _ 334) وابنُ دقيق وإن صار إلى ترك الرواية عن المبتدع الداعية، إلا أنه جعل ذلك من أجل الإهانة له والإخماد لبدعته، وإن لم نَجد ما رَوى موجوداً من غير طريقه قبلْناه تقديماً لمصْلحة حفظ الحديث.
(897) الكفاية (ص: 200 _ 201).
(898) أخرجه أبو القاسم البَغوي في " الجعديات " (رقم: 1093) والعُقيلي في " الضعفاء " (ق: 1 / ب) وإسناده صحيح.
(899) أبو هلال اسمُه مُحمد بن سُليم الراسبي، وعبْد الوارث هوَ ابنُ سعيد، وسلاَّم هوَ ابنُ مسكين.
(900) سؤالات ابن أبي شيبة (ص: 45 _ 46).
(901) سؤالات السلمي للدارقطني (النص: 241) بإسناد صحيح.
(902) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 207) وإسناده صحيح.
(903) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 208) وإسناده صحيح.
(904) الإحكام في أصول الأحكام (1/ 149).
(905) سؤالات ابن أبي شيبة (النص: 99).
(906) نقله عنه ابن أبي خيثمة في " تاريخه " (ص: 335 _ تاريخ المكيين).
(907) أحوال الرجال (النص: 108) قلت: ولا يصحُّ أن يُقبل جرح الجوزجاني فيمن فيه تشيُّع؛ لِما اتُّهم به من النصب.
(908) أحوال الرجال (النص: 327).
(909) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (10/ 262) وإسناده صحيح.
(910) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد (10/ 261 _ 263) وتهذيب الكمال (17/ 177 _ 182).
(911) سؤالات الآجري (النص: 1922)، وعن الحافظ موسى بن هارون الحمَّال بمعنى هذا، قال: " كانَ يحدث بمثالبِ أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه " (تاريخ بغداد 10/ 263).
(912) سؤالات الآجري (النص: 1296) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 207).
(913) أخرجها الخطيب في " الكفاية " (ص: 209) بإسناد جيد.
(914) المجروحين (2/ 172).
(915) سؤالات ابن الجنيد (النص: 674) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 208).
(916) هدي الساري، للحافظ ابن حجر (ص: 428).
(917) أخرجه مُسلمٌ في " مُقدمته " (ص: 20) والعُقيلي في " الضعفاء " (1/ 194) وإسناده صحيح. وأما تفسير الرجْعة، فأحسن شيء يُبيَّن ذلك ما حكاه سُفيان بنُ عيينة نفسُه قال: " إن الرافضة تقول: إنَّ علياًّ في السحاب، فلا نَخرج مع مَن خرج من ولده حتى يُنادي مُنادٍ من السماء: اخرجوا معَ فلانٍ "، وحكى عن جابر الجُعفي في قوله تعالى {فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي} [يوسف: 80] قال: لم يجئ تأويلها. قال سُفيان: كذب. أخرجه مسلم في " مُقدمته " (ص: 21) وابنُ عدي (2/ 331) بإسناد صحيح إلى سُفيان.
(918) انظر ترجمته، وللدارقطني جُزءُ " أخبار عَمرو بن عبيد " نَشره المستشرقون (!).
(919) أخرجه ابنُ أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (1/ 1 / 28) وإسناده صحيح.
****
انتهى النقل
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[19 - 04 - 06, 10:10 ص]ـ
وهذا نص ما قله الشيخ عبدالله الجديع في كتابه ((تحرير علوم الحديث)) على ملف وورد ... مرفق مع هذه المشاركة.
ـ[الرحيلي]ــــــــ[19 - 04 - 06, 12:39 م]ـ
على الخبير وقعت , جزاك الله خير و أسأل الله تعالى أن يباعد بينك وبين خطاياك كما باعد بين المشرق والمغرب، و أن ينقيك من خطاياك كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، و أن يغسلك من خطاياك بالثلج والماء والبرد.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[19 - 04 - 06, 01:25 م]ـ
بارك الله فيك ...
ونفع بك ...
وهذا هو الكتاب على الرابط التالي:
http://saaid.net/book/open.php?cat=91&book=1198
****
والغريب ... أن هذا الكتاب قد نشر للمرة الأولى على هذا الملقتى المبارك!!!
وبحثت عنه في الملتقى فلم أجده!
****
على العموم ... هو موجود على هذا الرابط ولله الحمد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(13/80)
أقوال علماء أهل السنة والجماعة في أبي الفرج الأصبهاني وكتابه الأغاني جديد
ـ[أبو محمد العدني]ــــــــ[18 - 04 - 06, 11:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه جملة من أقوال علماء أهل السنة والجماعة في أبي الفرج الأصبهاني وكتابه الأغاني
http://www.alathariyah.net/vb/showthread.php?p=389#post389(13/81)
هل أخذ الإمام الدارقطني من علل ابن المديني؟
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 12:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سمعت بعض الإخوة يذكرون أن كتاب العلل للإمام علي بن المديني كان هو المادة الأساسية للدارقطني في كتابه العلل، فما صحة هذا القول وما مستنده؟
ـ[التلميذ]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:53 ص]ـ
تكرر، عُذراً.
ـ[التلميذ]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:59 ص]ـ
روى أبو بكر الخطيب في تاريخه (12/ 37) قال: سألتُ البرقاني: كان أبو الحسنِ الدارقطني يملى عليك العلل من حفظه؟
فقال: نعم، ثم شرح لي قصة جمع العلل، فقال: كان أبو منصور بن الكرخي يريد أن يصنف مسندا معللا؛ فكان يدفع أصوله إلى الدارقطني، فيعلم له على الأحاديث المعللة، ثم يدفعها أبو منصور إلى الوراقين، فينقلون كل حديث منها في رقعة، فإذا أردتُ تعليقَ الدارقطني على الأحاديثِ نظر فيها أبو الحسن، ثم أملى علي الكلام من حفظه، فيقول: حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود: الحديث الفلاني اتفق فلان وفلان على روايته، وخالفهما فلان، ويذكر جميع ما في ذلك الحديث، فاكتب كلامه في رقعة مفردة.
وكنت أقول له: لم تنظر قبل إملائك الكلام في الأحاديث؟
فقال: أتذكر ما في حفظي بنظري. ثم مات أبو منصور، والعلل في الرقاع، فقلت لأبي الحسن بعد سنين من موته: إني قد عزمت أن أنقل الرقاع إلى الأجزاء، وأرتبها على المسند؛ فأذن لي في ذلك، وقرأتها عليه من كتابي، ونقلها الناس من نسختي.
****
يقول الذهبي - في تذكرة الحُفاظ (3/ 993) - تعليقاً على ما سبق:" هنا يُخضع للدارقطني، ولِسَعة حِفظه الجامع لقوة الحافظة، ولقوة الفهم والمعرفة. وإذا شئتَ أن تتبيّن براعة هذا الإمام الفرد فطالِع العِلل له، فإنك تندهش ويطول تعجّبك ".
وقال الذهبي في سيِر الأعلام بعد ذِكر القصة:" إن كان كتاب العلل الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه ـ كما دلت عليه هذه الحكاية ـ؛ فهذا أمر عظيم، يقضى به للدارقطني نه أحفظ أهل الدنيا، وإن كان قد أملى بعضه من حفظه؛ فهذا ممكن، وقد جمع قبله كتاب العلل علي بن المديني حافظ زمانه ".
وقال ابن كثير:" هو أجَلُّ كتاب، بل أجلّ ما رأيناه وُضِع في هذا الفن، لم يُسبق إلى مِثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بعده ".
****
وبعد هذا فإن عناية هذين الحافظين بالعلل، وعلل ابن المديني خصوصاً لا تخفى، فلو كان بينهما علاقة لذكراها. ثم إنه لا يخفى على طلبة العِلم النقاش الثري المتعلق بكتابة الإمام ابن المديني لكتاب في العلل أصلاً. والأظهر من مجموع ما ذُكر أنه كتب، ثم وجد الأرضة قد أتت عليه، فلم ينشط لكتابته بعدُ. والقطعة المطبوعة الشهيرة ليست من كتاب كبير على الأظهر، فهي إما شيء من ذاك الذاهب بقي أو نَشِط الإمام لكتابته كالمقدمة، وإما أنه مادة مستقلة لا شأن لها بكتابه الذاهِب.
هذا ما يتصل بالأخذ المباشر من كتابه. فأما أنه أفاد من كتاب لابن المديني في العلل - إن قلنا بوجوده قبلُ - فهذا أمر ممكن. واليقين أنه أخذ عنه وعن أئمة الفن قبله، و عندي أخبار جمعتها تدل على عناية الدارقطني بكلام أئمة القرن الثالث. لا! بل إنه صرّح أنه يُقلّدهم حتى تتبين له حُجة تخالف قول أحدهم. وأظهر مثال على ذلك متابعته لطعن ابن معين في سويد بن سعيد، حتى وجد عند الوزير ابن حنزابة - لعله في كتاب مربّع - ما يبرئ سويداً من عهدة الخطأ ... الخ. والحكاية شهير حسب ظني، وليست بين يديّ الآن.
هذا ما ظهر لتلميذ مبتدئ، والتصويب من مشايخنا الكرام.(13/82)
مؤتمر جديد في جامعة اليرموك عن السنة النبوية
ـ[عبد الله الجيوسي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 05:12 م]ـ
الأخوة الكرام
نود إعلامكم بالخبر الآتي
اعلنت كلية الشريعة في جامعة اليرموك عن عقد مؤتمر بعنوان
السنة النبوية في الدراسات المعاصرة
وذلك في
16 - 17 شوال 1427هـ
الموافق: 8 - 9/ 11/ 2006م
وإتماما للفائدة فإني سأذكر لكم محاور المؤتمر:
الاول: أثر السنة النبوية في العلوم الأخرى: حيث تناقش تحت هذا المحور المسائل التالية:
1 - أثر السنة النبوية في التقعيد الفقهي
2 - أثر السنة في نشأة المدارس الأصولية.
3 - أثر السنة في توجيه العلوم التربوية والاجتماعية.
4 - أثر السنة في المكتشفات الطبية الحديثة.
المحور الثاني: السنة النبوية في مناهج المؤسسات التعليمية: ويحوي
1 - السنة النبوية في مناهج كليات الشريعة (مرحلة البكالوريوس)
2 - السنة النبوية في مناهج كليات الشريعة (مرحلة الدراسات العليا)
3 - السنة النبوية في مناهج التعليم الجامعي العام
المحور الثالث: السنة النبوية (الواقع والتطلعات)
1 - واقع السنة النبوية في المناهج المدرسية وكيفية تطويرها.
2 - توظيف السنة النبوية في: أ - بناء الشخصية.
ب- التنمية السياسية.
ج العلاقات العامة بين المسلمين وغيرهم
المحور الرابع: نحو موسوعة حديثية شاملة:
1 - واقع المؤسسات الحديثية
المشكلات التي تواجهها
3 - سبل تطويرها.
اخر موعد لقبول كامل البحث 31 - 8 2006
هذا ما تمكنت من الحصول عليه من كليتي، ونحن على استعداد للاجابة عن اي استسار بهذا الشان
اخوكم
د. عبد الله الجيوسي
كلية الشريعة - جامعة اليرموك
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[20 - 04 - 06, 11:38 ص]ـ
أخي الفاضل:كيف يتسنى لنا المشاركة.
،
ـ[ماهر]ــــــــ[16 - 08 - 06, 02:36 م]ـ
الأخوة في كلية الشريعة في جامعة اليرموك.
يسر الله لكم وبارك فيكم وسدد خطاكم.
أخي الشيخ الدكتور عبد القادر حفظك الله ورعاك وسلمك من كل مكروه، ووفقك في نشر العلم والدعوة إلى الله في بغداد العز.
وسؤالي لكم: هل ستطبع البحوث التي شاركت في المؤتمر الذي عقدتموه في جامعتكم الصابرة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الخبوبي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:49 م]ـ
جزاهم الله خيرا، ونفع بهم الأمة.
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 12:44 م]ـ
أخي العزيز الدكتور ماهر حفظكم الله
بحوث المؤتمر ستطبع باذن الله قريبا وسبب التأخير الظروف الصعبة وانتم أعرف وفقكم الله، وننتظر تشريفكم لنا في الجامعة
أخوك عبد القادر المحمدي
ـ[ماهر]ــــــــ[19 - 08 - 06, 01:10 م]ـ
جزاكم الله خيراً ونفع بكم، ونصر بكم الدين.
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 07:15 ص]ـ
السلام عليكم،
قد يكون السؤال غريبا، ولكني أريد أن أعرف: أين جامعة اليرموك؟ و نود والله أن تطبع البحوث اللي ستصدر منها لكي نستفيد؟
و سؤال للشيخ ماهر: ما هي الدار اللتي تنشر كتبكم لأني لا أستطيع أن اقرأ كثيرا على الحاسب الآلي؟
ـ[ماهر]ــــــــ[20 - 08 - 06, 04:20 م]ـ
وعليكم السلام.
بالنسبة لجامعة اليرموك هي في الأردن.
وفيما يتعلق ببحوث الجامعة الإسلامية في بغداد والتي يرأس قسم الحديث الأخ الدكتور عبد القادر مصطفى المحمدي فقد قاموا بمؤتمر كبير، وقد شاركت هناك ببحث بعنوان ((تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل)).
وستطبع هذه البحوث كما ذكر الأخ الدكتور عبد القادر.
أما كتبي فبعضها مطبوع بالكويت مثل مسند الشافعي والهداية.
وبعضها في دار الميمان السعودية مثل أسباب النزوال.
وبعضها في عمان من أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء و أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء.
وبعضها في بيروت مثل الرسالة وشرح التبصرة وفتح الباقي ومعرفة أنواع علم الحديث في دار الكتب العلمية، وشمائل النبي صلى الله عليه وسلم في دار الغرب الإسلامية.
وبعضها في بغداد مثل رياض الصالحين وجامع العلوم والحكم ووقفات للمسلمين والمسلمات.
لكن هذه توجد في الأغلب في مكتبة الرشد في السعودية أو في فروعها.
ونسأل الله أن يكون ما كتبناه حجة لنا لا علينا.(13/83)
أفيدوني أفادكم الله ..
ـ[الخنساءالسلمية]ــــــــ[19 - 04 - 06, 07:46 ص]ـ
أفيدوني أفادكم الله ..
--------------------------------------------------------------------------------
(من أعلام الساعة أن يكون الولد غيظا والمطر قيظا، وتفيض الأشرار فيضا، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، ويسود كل قبيلة منافقوها وكل سوق فجارها، فتزخرف المحاريب وتخرب القلوب، ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وتخرب عمارة الدنيا ويعمر خرابها، وتظهر الريبة، وأكل الربا، وتظهر المعازف والكبول وشرب الخمر، وتكثر الشرط والغمازون والهمازون}
ما درجة ضعف هذا الحديث .. وهل هناك حرج في الإ ستشاد به ....
وهل يقال في روايته .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[19 - 04 - 06, 07:55 ص]ـ
الأخت الفاضلة / الخنساء ....
معذرةً على التأخر، والرجاء الانتظار قليلاً.
والله المستعان.
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[27 - 08 - 06, 12:54 ص]ـ
الإخوة الفضلاء السلام عليكم ورحمة الله
ما أوردته الأخت الخنساء هو جزء يسير مما قرأته في كتاب (الحلل السندسيةفي الأخبار التونسيه)
للوزير السراج المتوفى سنة1149 المجلد الأول ط الأولى1985 عن دار الغرب الإسلامي ص 215
قال المؤلف: وذكر ابن العربي _رحمه الله تعالى_ مانصه: روينا من حديث عطاء عن ابن عباس_رضي الله عنهما_ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بحلقة باب الكعبة في حجة الوداع ثم أقبل بوجهه
الكريم على الناس فقال: (يامعشر الناس إن من أشراط القيامة إماتة الصلاة واتباع الشهوات ........
فوثب سلمان الفارسي فقال:بأبي أنت وأمي يارسول الله وإن هذا لكائن؟ قال:نعم ياسلمان وعندهايكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ........ الخ ويقع في اربعين سطرا وتطرق لأمور وقعت في زماننا بالفعل
لذا أتمنى من أخي رمضان أن يبحث في كل تفاصيل ماورد من حيث الصحة والضعف لاحرمه الله الأجر.
ـ[محمد ياسر عرفات]ــــــــ[27 - 08 - 06, 01:17 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .... الجواب هنا رحمكي الله:
كنز العمال الإصدار 2.01 - للمتقي الهندي
المجلد الرابع عشر >> الإكمال من أشراط الساعة الكبرى
38560 - من أعلام الساعة أن يكون الولد غيظا والمطر قيظا، وتفيض الأشرار فيضا، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، ويسود كل قبيلة منافقوها وكل سوق فجارها فتزخرف المحاريب وتخرب القلوب، ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وتخرب عمارة الدنيا ويعمر خرابها، وتظهر الريبة، وأكل الربا، وتظهر المعازف والكبول وشرب الخمر، وتكثر الشرط والغمازون والهمازون.
(ق في البعث وابن النجار - عن ابن مسعود، قال ق: إسناده فيه ضعف إلا أن أكثر ألفاظه قد روي بأسانيد متفرقة).(13/84)
يا أهل الحديث قد أرهقتكم ولكن ستجنون سعيكم فى الاخرة
ـ[أحمد السيد سعد]ــــــــ[20 - 04 - 06, 05:41 م]ـ
أخوانى الكرام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أنا اعلم انى قد أرهقتكم ولكنكم ستجنون سعيكم فى الاخرة إن شاء الله
حديث أظنه من ركاكه لفظه
قد أشغلنى وحسبى ان أفتى بدون علم فى الحكم عن الحديث
أود تخريج ذلك الحديث
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((عشرة تمنع عشرة))
سورة الفاتحة ......... تمنع غضب الله
سورة يس ......... تمنع عطش يوم القيامة
سورة الواقعة .......... تمنع الفقر
سورة الدخان ........ تمنع أهوال يوم القيامة
سورة الملك ....... تمنع عذاب القبر
سورة الكوثر .......... تمنع الخصومة
سورة الكافرون ....... تمنع الكفر عند الموت
سورة الإخلاص ........... تمنع النفاق
سورة الفلق تمنع .......... الحسد
سورة الناس .......... تمنع الوسواس
هل هذا يصح
ودمتم لنا راشدين وناصحين
وجزاكم الله خير
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[20 - 04 - 06, 05:45 م]ـ
اخي لو استخدمت خاصيه البحث لوجدت بعض ما تسأل عنه
سؤال عن ((عشرة تمنع عشرة))
http://72.29.70.243/~ahlalhd1/vb/showthread.php?t=75096+%
هل هذا حديث "عشرة تمنع عشرة"
http://72.29.70.243/~ahlalhd1/vb/showthread.php?t=73625&highlight=%DA%D8%D4+%ED%E6%E3+%C7%E1%DE%ED%C7%E3%C 9
ما مدى صحة هذا الحديث [عشرة تمنع عشرة]
http://72.29.70.243/~ahlalhd1/vb/showthread.php?t=8885&highlight=%DA%D8%D4+%ED%E6%E3+%C7%E1%DE%ED%C7%E3%C 9
ما صحة هذا الأثر يا أهل الحديث "عشرة تمنع عشرة"
http://72.29.70.243/~ahlalhd1/vb/showthread.php?t=5160&highlight=%DA%D8%D4+%ED%E6%E3+%C7%E1%DE%ED%C7%E3%C 9
ـ[أحمد السيد سعد]ــــــــ[20 - 04 - 06, 06:16 م]ـ
أخى الكريم طويلب علم حفظك الله
وبارك الله فيك وجزالك الله خير(13/85)
مصادر السنة ومناهج مصنفيها للشيخ د. الشريف حاتم بن عارف العوني (2)
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:15 ص]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ..
فهنا أربعة أسئلة متعلقة بالموضوع يسأل عنهم بعض الإخوة:
السؤال الأول: يقول ما هو قولكم - أو حسب تعبير الأخ – أَيْشٍ قولكم في تقسيم الشيخ المُعلِّمي لكلام ابن حبان؟
ما ذكره الشيخ المعلمي في تقسيمه لما ذكره ابن حبان في الثقات تقسيم صحيح وسديد، ونقدي له بالأمس لا يعني أنه غير مُعْتَمد، لكني أنا أنتقد مَنْ يَصِفُ ابن حبان بوصف المجاهيل بأنه يوثق المجاهيل ثم يعتمد على قوله ثقة أو صدوق فقط وإلا فأنا أوافق على التقسيم الذي ذكره الشيخ المعلمي وأرى أنه تقسيم صحيح، لكن يلزم من هذا التقسيم أن ابن حبان إذا وثَّق إذا عرفنا أنه وثَّق يقينًا فإنه يكون مُعتمد التوثيق، وهذا يعني أن كتاب الثقات لا يمثل من هم ثقات عند ابن حبان، وهذا بخلاف ما وصفه به الشيخ المعلمي نفسه حيث وصفه بالتساهل، وغيره طبعًا ممن سبقوه.
وبالمناسبة فإن الحافظ العراقي له كلام صريح في اعتماد توثيق ابن حبان ذكره الحافظ بن حجر في أسئلته التي وجهها للشيخ العراقي حتى إن العراقي في آخر جوابه على الحافظ بن حجر قال له أن راويًا وصفه أبو حاتم الرازي بأنه مجهول ووثقه ابن حبان فإنه يُقدَّم توثيق ابن حبان على قول أبي حاتم إنه مجهول، يعني بلغ بالعراقي وهو الإمام العارف أَنْ يعتمد توثيق ابن حبان إلى هذا الحد، فاعتماد توثيق ابن حبان ليس أمرًا منكرًا ولا غريبًا، وإِنْ كان ليس هو المشتهر بين طلبة العلم اليوم لكنه اعتمده كثير من العلماء وقبلوه ولم يردوه مطلقًا كما هو حال كثير من طلبة العلم اليوم.
السؤال الثاني: يقول ما معنى مقولة ابن حبان " لا تُقبل الزيادة إلا من فقيه "؟
تكلمنا عن هذا الأمر بالأمس وقلنا: إنه يتكلم عن محدِّثي عصره إذا حدَّثوا من حِفْظِهِم لا من كتابهم، فمثل هؤلاء الذين لم يُعرفوا بالفقه إذا ذاكروا بالحديث لا في مجلس السماع، ودون أن يرجعوا إلى كتبهم، وهم ليسوا بحفاظ لا يُؤمَن عليهم أن يُخطئوا في رواية الحديث؛ لأنهم ليسوا بفقهاء ليميزوا زيادات الألفاظ، وليسوا بحفاظ متقنين كالحفاظ الأوائل من المحدِّثين الذين كانوا يعتمدون على حفظ الصدور، بل هؤلاء في الغالب يعتمدون على حفظ السطور والكتب، ولذلك يرى ابن حبان أنه لا يُقبل منهم من هؤلاء الذين هم في طبقة شيوخه وأقرانه إلا أن يحدثوا من كتبهم، فإذا حدَّثوا من كتبهم قُبلت الزيادة منهم سواء كانوا فقهاء أو غير فقهاء، فهذا بالنسبة للزيادة في المتون، والأسانيد مثلها لكن بمعاملة الفقهاء بخلاف المحدِّثين كما بيناه في لقاء الأمس.
السؤال الثالث: يقول ما التوجيه في الرواة الذين ذكرهم ابن حبان في كتاب الثقات وذكرهم أيضًا في كتاب المجروحين؟
هناك عدد من الرواة ذكرهم ابن حبان في الثقات وفي المجروحين، فهناك دراسة سمعت عنها ولم أَطَّلِع عليها جمعت هؤلاء الرواة ودرستهم وكنت أتمنى أن أطلع على هذا الكتاب، أو هذه الدراسة وقد طُبعت، لكن الظاهر أن نشرها لم يكن بالصورة الجيدة، لكن على كل حال الذي يظهر أن هناك أكثر من توجيه حول هذا التصرف من ابن حبان، فهو إما أنه تغير اجتهاده، فأورد الرجل في الثقات ثم أورده في المجروحين أو العكس.
احتمال أنه تردد كان مترددًا فيه فإِنَّه ذكر جماعة من الرواة في الثقات، ومثلهم في المجروحين، ويقول: هذا ممن أستخير الله فيه، يعني أنا لم أجزم فيه بمرتبة معينة، وقد يشير إلى أن هذا منهج لابن حبان أنه يفعل هذا حتى في الطبقات، فيذكر الراوي في التابعين، ويذكره أيضًا في اتباع التابعين، وفي بعض الأحيان ينص أنه فعل ذلك لأنه متردد هل هو سمع من الصحابة أو لم يسمع من الصحابة، فيضعه في كلا الطبقتين على الاحتمال، فلعل فعله في هؤلاء الضعفاء الذين أو هؤلاء الذين أوردهم في الثقات والمجروحين كان من باب التردد أيضًا.
¥(13/86)
واحتمال آخر: أن يكون وهمًا وخطأ في بعض الرواة، فهو غير مُنَزَه عن الخطأ والوهم، فقد يخطئ وقد يهم فيورد الراوي في الثقات، ويخطئ فيورده أيضًا في المجروحين، وهناك أسباب أخرى منها عمومًا عند ابن حبان وعند غيره وهو أن يفرق بين المُتفِق مثلًا؛ يبرى أن هذا الراوي هم شخصان، فيذكر أحدهما في الثقات باعتبار أنه مثلًا ما وجد له مرويات منكرة، والآخر الذي فارقه عنه وهو في الحقيقة واحد يعني كأن ينسب الراوي إلى جده في روايات، ويُنسب إلى أبيه في روايات أخرى، فَيَدْرُس الروايات التي عن أبيه فيجد أنها ليس فيها شيء من النكارة ويكون هذا مما وقع قدرًا فيحكم عليه بأنه مقبول الرواية، والآخر يقف له على مناكير فيذكره في المجروحين، وهما في الحقيقة راوٍ واحد.
أسباب الخطأ في مثل هذا الأمر كثيرة، وقد تكون أيضًا من باب الوهم والخطأ كما ذكرنا، وكان بودي إني أطلع على هذه الدراسة وأنتم إذا اطلعتم عليها لعلها تكون فيها أجوبة أخرى أكثر شفاء في هذا الأمر.
السؤال الرابع: يقول ما الحال إذا لم نجد أحدًا من الرواة إلا في كتاب ابن حبان ولم يذكره أحد غيره؟
الراوي الذي يُذْكَر في الثقات ننظر هل هو من الطبقات التي ذكرها الشيخ المعلمي، هل وثقه صراحة، هل هو من شيوخه، هل هو من الرواة المشهورين، هل ذكر ما يدل على معرفته به، فإن كان في واحد من هذه الطبقات الأربعة، فهو مقبول الرواية، توثيقه يُعْتَد به، ويُعتمد عليه.
وأما إذا أورده ولم يذكر فيه شيئًا مما سبق، أو لم يكن من أحد الأقسام الأربعة فإنه لا يُنسب إلى ابن حبان توثيق حينه إنما نقول ذكره ابن حبان في الثقات، إلا إن وجدنا أن هذا الراوي قد أخرج له في صحيحه فعندها يصح أن نقول: بأنه وثقه ابن حبان إذا وجدنا أن هذا الراوي ولو سكت عنه في الثقات لكن أخرجه في الصحيح فإنه يصح أن نقول: إنه وثقه ابن حبان لأن مجرد إخراج ابن حبان للراوي في صحيحه هذا يدل على أنه ثقة عند ابن حبان، فإذا ذكر عبارة تدل على عدم علمه به هذا أولى ألا ننسب إليه قولًا، كأن يقول لا أدري من هو، لا أعرفه، ولا أعرف من أبوه، وما شابه ذلك من العبارات، فهذا أولى ألا يُعتمد أو لا يُنسب إليه توثيق، أولى حينها ألا يُنسب إليه توثيق لهذا الراوي.
السؤال الخامس: يقول هل توثيق النسائي وابن معين لمجاهيل التابعين مقبول مطلقًا، أم أنَّا نرد ما أُنكر عليهما من الروايات ونعلل حكمنا أنهما لم يطلعا على هذه الرواية؟
إذا وَثَقَ النسائي وابن معين لأحد الرواة وغيرهما لأن الْمُعَلَّمي الذي نسب هذا الكلام للنسائي وابن معين لم يحصره فيهما لأنه قال: قد يفعل ذلك ابن معين والنسائي وغيرهما، فلم يحصره في هذين الإمامين فقط، فقلنا: إن هذا منهج لعموم أهل الحديث أصلًا، فإذا وثَّق النسائي وابن معين رجل، ولم نجد فيه كلامًا إلا لابن معين أو النسائي بالتوثيق فإنه لا شك أنه مُعتمد، وإذا وجدت حديثًا منكرًا لهذا الراوي، رواه هذا الراوي فإنه يجب عليك أول شيء تُحَاوِل أن تعرف ما هو سبب النكارة، فإن تمكنت من أن تكون تبعة هذه النكارة تُلحق بغير واحد من الثقات بغير أحد من الثقات الذين في الإسناد هذا لك أولى، كأن يكون مثلًا الإسناد فيه راوي مدلس وقد عنعن مثلًا ولو كان تدليسه قليلًا، ما دام إنه فيه نكارة، فتُحمَّل هذه النكارة ذلك الساقط الذي يُحْتَمَل أن يكون هذا الراوي قد أسقطه لمَّا عنعن، فإن لم تجد وسيلة أو وجهًا إلا أن النكارة يتحملها هذا الثقة كأن يكون منفرد بهذا الحديث بنص أحد من أهل العلم على انفراده به، وهو منكر، طبعًا قضية الحكم عليه بالنكارة مع كونه ثقة تحتاج إلى زيادة تثبت وتحري، فإذا كان ذلك عندها يمكن أن تقول بأن هذا حديث منكر، وترده ولا تقبله، لكن لا يلزم من ذلك أن يُصْبِح الراوي ضعيفًا، فإن الراوي الثقة قد يروي أحاديث تُسْتَنكَر عليه ويبقى ثقةً لأنها تكون من باب الوهم والخطأ، فنرد منه هذا الوهم ويبقى الراوي كما هو ثقة، هذا الأصل فيمن وثقه هؤلاء الأئمة، ولو وجدنا له حديثًا منكرًا وكم من راوٍ ثقة، بل من الحفاظ استنكر عليه العلماء أحاديث وردوها عليه، ولم يقبلوها وبقي ثقةً عندهم يحتجون به فيما سوى تلك الأحاديث اُستنكِرَت وَرُدَت عليه، فليكن هذا
¥(13/87)
الراوي من قبيل أولئك الرواة، فالمقصود أن توثيق هؤلاء العلماء لا شك أنه مُعتمد إذا لم يُخالفوا، إذا لم يجد، ما أحدًا يخالفهم، أما إذا اختلفوا فلا شك أننا نلجأ عندها إلى المرجحات والأدلة والقرائن ولربما رجحنا توثيق الراوي ولربما رجحنا ضعفه، فحالهما كحال غيرهما من الأئمة، بل هما أي ابن معين والنسائي من أشد العلماء تحريًا وتثبتًا في باب الجرح والتعديل حتى عُدا من المتشددين في التعديل كما تعرفون، وكلاهما أيضًا من كبار أئمة النقد، أما ابن معين فهو إمام الجرح والتعديل على الإطلاق، ولذلك لا يصح أن يُوجه إلى منهج ابن معين نقد؛ هو إمام الجرح والتعديل فأن ينبغي أن تؤخذ قواعد الجرح والتعديل من هذا الإمام لأنه قمة هذا الهرم، فلا يصح أن ننتقد المنهج الذي سار عليه ابن معين في الجرح والتعديل.
إذا انتقدته فكأني أنتقد من دونه، وكل من سوى ابن معين فهو دونه في الجرح والتعديل كما نص على ذلك الإمام أحمد عندما قال: هو أعلمنا بالرجال، وكما نصَّ على ذلك أبو داود عندما قال: إن ابن معين هو أعلم الثلاثة – لمَّا سئل عن أحمد، ويحيي، وعلي بن المديني- قال أعلمهم بالرجال يحيي، وأعلمهم بالعلل علي بن المديني، وأعلمهم بالفقه - بفقه الحديث - أحمد بن حنبل، لذلك لا نقبل نقد منهج لابن معين، أما أن تنتقد راويًا وثقه ابن معين أو ضعفه وخولف في ذلك فهذا خلاف جزئي يُباح لك أن تفعل هذا الأمر؛ لأن حصول الوهم في مثل هذه الأمور أمر مُتصور، أما أن يحصل له وهم منهجي وهو إمام الجرح والتعديل هذا لا يمكن أن يَصح؛ لأن هذا خلاف منهج سيتطرق أو سيؤدي إلى أخطاء كثيرة جزئية، فكيف يخطئ كثيرًا ثم يوصف بأنه إمام جرح وتعديل هذا لا يمكن.
السؤال السادس: يقول: ما هو تفسير كلام ابن حبان في الإمام أبي حنيفة؟
ليس ابن حبان أول من يتكلم في أبي حنيفة رحمه الله فقد تكلم فيه غيره من المحدثين، ولابن حبان اجتهاده ورأيه وقد أبداه بكل صراحة وجرأة وشجاعة في كتابه المجروحين، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس هو في ذلك بمنفرد دون بقية أهل الحديث، فأكثر أهل الحديث على تضعيف أبي حنيفة في باب الرواية.
ننتقل إلى كلامنا عن ابن حبان، وكنا ذكرنا بالأمس آخر ما توقفنا عنده:
الكلام عن المختلطين.
أريد أن أنبِّه على قضية بالنسبة للمختلط وهي:
أنه لا يصح أن تنتقد حديثًا في صحيح ابن حبان، أو غيره من الصحاح إذا وجدته من رواية مختلط بل من رواية رجل سمع مِنْ مختلط بعد اختلاطه، لا يصح شان تنتقد رواية في كتب الصحاح برواية رجل سمع من مختلط بعد اختلاطه؛ لَأَنَّ ابن حبان بيَّن أنه قد يخرج رواية مختلط عن من سمع منه بعد الاختلاط لكون هذا المُختلِط مُتابَع مُوافَق، ولم يشترط على نفسه أن يخرج هذه المتابعة، فهو لعلمه بهذه المتابعة يخرج رواية المختلط، ولعله يخرجها إما لعلوها أو لأي سبب آخر، ولذلك هذه من صور التضعيف المُحتَمَل الذي قلت: إنه لا يصح للمتأخر أن يعارض به المُتقدِّم؛ لأن المتقدم يعلم قاعدة المختلط، وبعلم متى يُقبل ومتى يُرد، وقد نص ابن حبان هنا إلى أنه قد يفعل ذلك أيضًا صراحة، فلا يحق لك بعد ذلك أن تنتقد حديثًا في كتب الصحاح أو صححه أحد العلماء بمثل هذا الأمر، إلا إذا خالفه ناقد آخر مثله، فعندها يحق لك الترجيح وترجح إما كلام ابن حبان أو كلام من انتقده كأبي زرعة أو أبي حاتم أو من انتقد هذا الحديث ممن تقدم ابن حبان أو ممن تأخروا عنه من النقاد.
من المسائل التي أثارها ابن حبان في صحيحه قضية نفي وجود المتواتر:
وأن الأحاديث كلها آحاد، لن نقف عندها كثيرًا، لكن ننبه إلى أن عبارته في ذلك قد فُهِمَت أنه يشترط العزة في الحديث، أو أنه يرى أو أنه لا يرى وجود عزيز، أنه يرى أنه ليس هناك حديث عزيز على اصطلاح الحافظ وهو ما لم يروه أقل من اثنين عن اثنين، حسب تعريف الحافظ ابن حجر للعزيز، فيقول الحافظ بن حجر في " النزهة ": إن ابن حبان ادعى عدم وجود حديث عزيز، لكن، هو مُعْتَمد على هذه العبارة التي في مقدمة صحيحه، لكن هذه العبارة في الحقيقة لا تدل على نفي وجود العزيز وإنما يقصد بها ابن حبان نفي وجود المتواتر لا وجود العزيز؛ لأنه يقول في هذه العبارة: فأما الأخبار فإنها كلها أخبار
¥(13/88)
آحاد، والعزيز من أخبار الآحاد ولَّا من غيره؟ من الآحاد، فهو لا ينفي وجود العزيز، إنما ينفي صورة من صور الحديث التي اشترط المتكلمون ألا يقبلوا الحديث إلا طريقها، وهي أن تكون الرواية كالشهادة على الشهادة، يروي الراوي، أو يروي الحديث صحابيان وعن كل صحابيين تابعيان، وعن كل تابعي اثنان من أتباع التابعين؛ يعني إذا كان الحديث يرويه اثنان من الصحابة في الطبقة الثانية يجب أن يكونوا أربعة، في الطبقة الثالثة يحب أن يكونوا ثمانية، في الطبقة الرابعة يجب أن يكونوا ستة عشر، وهكذا إلى أن يصل إلى السامع، يقولوا: والحديث لا يكون مقبولًا إلا بهذه الصورة، طبعًا يُشترط في كل راويين أن يكونا عدلين ضابطين متقنين أيضًا فلو اختل في واحد من هذه الْمُشَجَّرة سقط العمل بهذا الحديث عندهم، يعني لو في الستة عشر ما وجدته إلا من رواية خمسة عشر سقط العمل بهذا الحديث، وهي صورة خيالية اخترعها بعض المتكلمين كالْجُبْائِي ليردوا بها السنن حتى لا يفاجئوا المسلمين بأننا نرد السنن مطلقًا، ما يستطيعوا أن يقولوا هذا، فقسموا السنن حسب أهوائهم إلى متواتر وآحاد، ثم وجدوا أن كثيرًا من المسلمين أيضًا لا يقبل منهم رد الآحاد مطلقًا، قالوا:
نقبل نوع من الآحاد، لكن بشروط، فاخترعوا هذا الشرط الذي لا وجود له حتى يُباح لهم ويُتاح لهم رد الأحاديث الآحاد كلها، وحتى المتواتر يردونه فيما لو وجد متواتر بالشروط التي ذكروها يردونه بأنهم لم يستفيدوا العلم الضروري منه؛ لأن استفادة العلم الضروري من الخبر المتواتر ليست مفترضة في كل أحد، فقد يتواتر عندك حديث لا يتواتر عندي أنا، فإذا جاء الرجل من أهل السنة يريد أن يحتج عليَّ بخبر عند السني متواتر يقول لك: إنه ما تواتر، أَيْش الرد عليه؟
لا يمكن أن نقول له: لابد أن تعلم علمًا ضروريًا مثل ما أنا علمت علمًا ضروريًا، فهو في الحقيقة تحايل إلى رد السنن، حتى المتواتر قالوا، إن يريدوا أن يحتجوا به قالوا هذا متواتر واستفدنا منه العلم الضروري، والذي لا يريدون أن يحتجوا به قالوا: هذا ليس متواتر لأننا لا نستفيد منه علمًا ضروريًا.
يقول: كونك أنت استفدت لا يلزم أن أكون قد استفدت؛ لأن هذا أمر يهجم على القلب دون شعور، فلا يمكن أن يجزم الناس بعلم، وهذا المسألة واضحة في هذا الجانب، على كل حال فابن حبان لا ينفي أو لا يشترط العزة في الحديث، وبعبارة صحيحة لا ينفي وجود العزيز، بل إنما ينفي وجود الحديث المتواتر، وقد تكلمت عن هذه المسألة في مكان آخر.
ثم تعرض بعد ذلك ابن حبان للمدلسين:
فبين أنه لا يقبل من المدلس إلا ما صرح فيه بالسماع، إلا في الحديث الذي صرح فيه بالسماع، إلا قسمًا من المدلسين وهو من لم يعرف أنه دلَّس إلا عن ثقة، من عرفناه أنه لا يدلس إلا ثقة، لكنه قال بعد أن استثنى هذا القسم يقول: وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد بيَّن سماعه عن ثقة مثل نفسه.
يقول: أنا استثني من جميع المدلسين – هذا ظاهر العبارة - سفيان بن عيينة لأنه كان لا يدلس إلا الثقة، لكن يُحتمل أن ابن حبان استثنى سفيان بن عيينة ولا يلزم من ذلك أنه لا يستثني غيره، لكن استثناه لمزيد صفة فيه وهي أنه لم يكن لا يدلس إلا الثقات فقط، بل كان لا يدلس إلا كبار الثقات والمتقنين؛ لأنه يقول في العبارة: ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلَّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد بيَّن سماعه من ثقة مثل نفسه، يعني مثل درجة سفيان بن عيينة من حفظ وإتقان، لا تكاد تجد له حديث دلَّسه إلا وقد دلسه عن إمام حافظ كبير، ويؤكده بالعبارة السابقة عندما قال: أنه ما دلس فإذا كان ذلك يقول: فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ومعروف أنه تكرير مثل هذه العبارة تشير إلى أنه هذا المُسقَط والمدلَّس ليس فقط ثقة، ليس فقط مقبول بل من أعلى مراتب القبول، ما أقربه لئن يكون من الحفاظ المشهورين.
¥(13/89)
على كل حال سواء قصد ابن حبان هذا أو هذا، هذا يدل على تشدده في التدليس حتى إنه أورد في من يرد عنعنته جماعة ممن يرى غيره أنه مقبولوا العنعنة مثل الثوري والأعمش وأبي إسحاق السبيعي، فإنه بيَّن أنه لا يقبل منهم إلا أن يصرحوا بالسماع مع أن الثوري خاصة منهم الراجح فيه أنه مقبول العنعنة حتى عند الحافظ بن حجر حيث أورده في المرتبة الثانية لقلة تدليسه في جنب ما روى كما بيَّن ذلك في كتابه " تعريف أهل التقديس ".
فالخلاصة: أن ابن حبان كان متشددًا في هذا الأمر، ونص أيضًا في هذا السياق إلى أنه مع اشتراطه ألا يخرج المدلس إلا ما صرح فيه بالسماع فإنه لا يلتزم بذكر الرواية التي فيها التصريح بالسماع، هو لا يصحح إلا حديث قد صرح فيه المدلس بالسماع، لكن لا يلتزم أن يورد الرواية التي فيها التصريح بالسماع في صحيحه، فقد يورد رواية بالعنعنة في صحيحه وهو قد عارض السماع من رواية أخرى عنده، ويقول يصرح بذلك في قوله: " فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس أنه بيَّن السماع فيه لا أبالي أن أذكره من غير بيان السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر ".
كلام صريح، لأنه لم يلتزم ذكر الرواية التي فيها التصريح بالسماع، وهذا يعود بنا إلى أن نقول: إذًا لا يحق لك أن تنتقد حديث في صحيح ابن حبان بأنه من رواية مدلس وقد عنعنه؛ لأنه لو لم يكن قد صرح بالسماع لما أخرجه ابن حبان في صحيحه على حسب رأيه، وكلنا نعرف أن الاطلاع على الأسانيد ومعرفة هذا الأمر لا يتيسر لنا في هذا الزمان كما كان متيسرًا للحفاظ في الزمن الأول، وسيأتي تأكيد ذلك في ما نستقبل بإذن الله تعالى عندما نتكلم عن مستدرك الحاكم.
يتكلم بعد ذلك ابن حبان عن منهجه في تكرار الأحاديث فإنه يقول: " وأتنكب عن ذكر المعادِ فيه إلا في موضعين إما لزيادة لفظة لا أجد منها بدًا، أو للاستشهاد به على معنى في خبر ثانٍ، فأما في غير هاتين الحالتين فإني أتنكب ذكر المُعادِ في هذا الكتاب ".
يبين أنه لا يميل إلى التكرار بغير فائدة إلا لفائدتين:
إما لزيادة لفظ، أو للاستشهاد به على معنى، كأنه قد يكون بغير واضح في اللفظ الأول فيورده في رواية أخرى ليؤكد على هذا المعنى وليؤكد على صحة استنباطه منه.
من مقاصد ابن حبان في كتابه الحقيقة التي تظهر من مقدمته ومن الكتاب كله أيضًا أنه كان يقصد زيادة عدد الأحاديث الصحيحة عما أخرجه الشيخان أو بخاصة البخاري، ويتبين ذلك من نقده للبخاري في مقدمة الصحيح، نقده المُغلّف المخفي للبخاري لتركه جماعة من الثقات الذين احتاط في شأنهم البخاري فلم يخرج لهم حديثًا كثيرًا أو تركهم بالكلية مثل:
حماد بن سلمة، وأبو بكر بن عياش وأمثالهم، فانتقد عدم الإخراج لأمثال هؤلاء، وكأنه يقول: إنني ما دمت سأؤلف بعد البخاري، والبخاري قد احتاط لأنه أول ممن ألف فيريد أن يخرج أصح الصحيح فالآن أنا أريد سأتمم عمل هذا الإمام فأخرج أحاديث زائدة على عمله، وعندها لا يصح أن احتاط الاحتياط الذي يؤدي بي إلى ترك بعض الصحيح زيادة في التوقي، بل لابد أن أخرج كل ما صح عندي باجتهادي، ولو كان عند غيري ربما توقف فيه أو لم يقبله، ولذلك كثرت الزيادات في زوائد أو في صحيح ابن حبان حتى بلغ عدد هذه الزوائد ألفين وستمائة وسبعة وأربعين حديث، زوائد ابن حبان على الصحيحين، يعني الأحاديث الزائدة في ابن حبان على الصحيحين، ما وافق صحيح البخاري ألفين وستمائة وسبعة وأربعين حديث، يعني أكثر من صحيح البخاري كاملًا، عدد زوائد ابن حبان ألفين وستمائة وسبعة وأربعين، وقلنا بأن عدد أحاديث الكتاب أكثر من سبع آلاف حديث أصلًا، عدد الزوائد منها ألفين وستمائة وسبعة وأربعين، هذا يؤكد على أنه كان يقصد الزيادة على الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم وأن هذا كانت مطلبًا من مطالب تأليفه لكتابه.
يبقى التنبيه على مكانة تصحيح ابن حبان:
بَيّنا سابقًا أنه من حيث الشروط لا يختلف عن غيره من حيث الشروط، واتهامه بالتساهل في باب العدالة هذا اتهام كما ذكرت ليس بمتين، وليس بقوي، بل الصحيح أنه مثل غيره في هذا الباب.
هل يعني ذلك أن صحيحه بلغ مرتبة الصحيحين؟
¥(13/90)
لا يلزم من الاتفاق على الشروط اتفاق درجة أحاديث ابن حبان مع درجة أحاديث البخاري ومسلم؛ لأنه حتى لو جاء إنسان وعرف شرط البخاري ومسلم بدقة وأراد أن يخرِّج أحاديث على شرطهما، فإنه لا يلزم من فعله هذا، أو لا يعني يحصل من فعله هذا أنه سيخرج أحاديث لو أراد ذلك على مستوى ما في البخاري ومسلم بسبب أن علم البخاري ومسلم أعمق وأجل من علم من جاء بعدهما كابن حبان مثلًا، فالتأكد من وجود شروط الصحة هذا يختلف باختلاف زيادة العلم، فكلما كان الناقد أكثر علمًا وإحاطة بالرواة وإحاطة بالأسانيد، ومعرفة للعلل الخفية، ملما كان حكمه بوجود هذه الشروط أقوى وأمتن، وكلما كان علمه أقل في هذا الباب لا شك أنه سيتطرق الخلل إلى أحكامه الجزئية، ولذلك لا شك أن ابن حبان لا يصل إلى درجة البخاري ومسلم في العلم بنقد الرواة والأحاديث والعلل، وهذا ما جعل مرتبة صحيحه دون مرتبة البخاري ومسلم، نحن ألم نقل بأن مسلم دون البخاري في الصحة، ألم نقرر ذلك؟ قررنا هذا.
هل يعني ذلك أن شرط مسلم في الصحة غير شرط البخاري؟ لا، ما يلزم من ذلك.
إذًا ما هو السبب؟ أن درجة علم مسلم أقل من درجة علم البخاري، كذلك نقول في ابن حبان، اختلاف علم ابن حبان عن علم البخاري ومسلم بدرجات هذا ما أدى به إلى أوهام في صحيحه أكثر من الأوهام التي وقعت من البخاري ومسلم، ولذلك تكلم العلماء من قديم على أن ابن حبان فيه شيء من التساهل في التصحيح، وممن ذكر ذلك:
ابن الصلاح عندما ذكر الحاكم وتساهله قال: ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم ابن حبان البستي.
فقال: إن ابن حبان قريب من الحاكم في التساهل، لكن هذه العبارة في الحقيقة لم يرضها كثير من أهل العلم، فبينوا أو وجهوها وبينوا أن مقصود ابن الصلاح أن عنده تساهل لا يعني أن درجة تصحيح ابن حبان مثل درجة الحاكم، وقدَّموا ابن حبان على الحاكم، ومن ذلك عبارة الحازمي والحاومي طبعًا قبل ابن الصلاح، لكن قال عبارة يدلل فيها على متانة علم ابن حبان بالنسبة للحاكم حيث قال: إن ابن حبان أمتن من الحاكم: يعني أشد إتقانًا من الحاكم لعلم الحديث.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه " قاعدة جليلة " يقول: ذكر ابن حبان فقال: فإن تصحيحه فوق تصحيح الحاكم وأجل قدرًا.
ويقول ابن كثير: بعد ذكر ابن خزيمة وابن حبان وصحيحيهما يقول: وهما خير من المستدرك، وأنظف أسانيد ومتون.
ويقول غيرهم يعني يرجح كثير منهم العراقي، والزيلعي، والسيوطي رجحوا ابن حبان على الحاكم.
وهناك دراسة حديثة لأحد المعاصرين وهو محمد عبد الله أبو صعيليك في رسالة له بعنوان: الإمام محمد بن حبان البستي فيلسوف الجرح والتعديل، كتاب مختصر حول ابن حبان وكتابه الصحيح، قام بدراسة معينة فيقول في هذه الدراسة: إنه أحصى عدد الأحاديث المنتقدة على زوائد ابن حبان على الصحيحين، التي عددها ألفين وستمائة وسبعة وأربعين.
يقول: لِمَ اقتصرت على هذا الجانب؟ يقول: لأن ما في الصحيحين هذا صحيح ما فيه كلام، لكن نريد أن نعرف ما هو درجة تصحيح ابن حبان في الزوائد على الصحيحين؟
يقول: فوجدت حسب كلامي والدراسة –يعني العهدة عليه أنا ناقل- يقول: وجدت عدد الأحاديث المنتقدة عند ابن حبان خمسمائة وواحد وستين حديثًا منها - من هذه الأحاديث - ثلاثة وتسعون حديثًا ضعيفة لا يمكن أن تنجبر، حسب رأيي غير نافعة للتقوي، وبقية الأحاديث كلها نافعة للتقوي.
إذًا: في الحقيقة ممكن نقول الأحاديث المنتقدة فعلًا هي الثلاثة والتسعين فقط، لنقل إنها مائتين يبقى من عدد أحاديث الكتاب كَمٌّ كبير جدًا ما زاد فيه ابن حبان – نتذكر ونحن نتكلم الآن عن الزوائد فقط لكن عدد أحاديث الكتاب أكثر من سبع آلاف حديث فإذا استثنيت مائتين فقط منها كم بقي؟ عدد كبير، يعني إذا كان في البخاري ومسلم، في البخاري ومسلم مائتين حديث، وعدد أحاديث ابن حبان تكاد تكون ضعف من في البخاري ومسلم.
¥(13/91)
إذن: تعرف أن عدد المنتقد على ابن حبان ليس عددًا هائلًا يكاد، يعني نسبة المنتقد على ابن حبان يكاد يساوي المنتقد على البخاري ومسلم، ومع ذلك حسب الإحصائية هذه التي ذكرها، ومع ذلك قد يكون عدد المنتقد على ابن حبان أكثر من ذلك، لكن يبقى أن الغالب على أحكامه الصواب، وأن اعتقاد أن هذه الأحكام بالتساهل تقتضي رد تصحيحه مطلقًا هذا ليس قولًا صحيحًا بل هو قول مدخول ويؤيده كل الكلام السابق، ويؤيده إمامة ابن حبان، ويؤيده كلام العلماء عن اعتماده، اعتماد توثيقه، واعتماد كلامه في الجرح والتعديل والتصحيح وغير ذلك.
مثلًا السيوطي الذي حكم عليه بأنه متساهل كان يكتفي في الرد على ابن الجوزي إذا أورد حديثًا في الموضوعات يكتفي في الرد عليه بأن يقول: أخرجه ابن حبان في صحيحه، لو كان تصحيح ابن حبان عند السيوطي لا وزن له لما عرض حكم ابن الجوزي بالوضع بمجرد إخراج ابن حبان للحديث في الصحيح، أصلًا إهدار أحكام إمام بالكلية هذا لا يصح أبدًا؛ لأننا إذا قلنا: بأن ابن حبان إمام ولا أظن أن في أحد يجرأ ليقول: ابن حبان ليس إمامًا في علم الحديث، لا أعرف أحدًا قال هذا ولا أتوقع أن يقول هذا أحد، ولو قاله لرد عليه كل الناس، فلو قال أحد: فما دام أن الجميع متفق أن ابن حبان إمام، والأصل في الإمام أن تكون غالب أحكامه صوابًا ولَّا خطأ؟
صوابًا، لأننا لو قلنا خلاف ذلك لا يصح أن يوصف بالإمام، أنا وأنتم ممكن تكون غالب أحكامنا خطأ، لكن إمام لا يوصف بالإمامة إلا إذا كانت غالب أحكامه صوابًا، وإذا كانت غالب أحكامه صوابًا، إذًا الأصل في أحكامه الاعتماد ولَّا عدم الاعتماد؟ الاعتماد؛ لأن الحكم الغالب والنادر لا حكم له، لذلك لا يصح أن تُهدر أحكام ابن حبان مطلقًا كما يتصور بعض الناس، وربما لو قلت له صححه ابن حبان لا يقبل هذا التصحيح أصلًا، نعم لا يعني ذلك كما قررنا ذلك في كلامنا عن ابن خزيمة لما قسمنا كتب الصحيح كلها على قسمين:
الصحيحان، وما سوى الصحيحين، وقلنا إن ما سوى الصحيحين تُدرك الأسانيد ويُحكم عليها بما يليق بها بشرط ألا نعترض على صاحب الصحيح بتعليل أو تضعيف مُحتَمَل كما بيناه وشرحناه فيما سبق، وحتى إذا كان في أمر محتمل التضعيف، لكني سُبِقتُ بهذا التعليل من إمام ناقد فيحق لي أيضًا أن أنتقد هذا الإمام الذي صحح هذا الحديث، فإذًا لا نكن مقلدين لابن حبان متبعين له دون بصيرة بل نكون ناظرين في أحكامه، وفي أسانيده، لكن نراعي إمامته ونقص أهليتنا عن أن نبلغ اطلاعه الكامل على السنة وأسانيدها.
آخر ما يتطرق إليَّ بخصوص ابن حبان:
عناية العلماء بكتاب ابن حبان:
1 - من أهم هذه العنايات وأشهرها كتاب الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، الذي هو مطبوع، المطبوع الآن باسم صحيح ابن حبان، أو باسم الإحسان هو هذا الكتاب الذي نذكره، فصحيح ابن حبان لم يُطبع على ترتيبه الأصلي وإنما طُبع بترتيب هذا العالِم الذي نذكره، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان للأمير علاء الدين أبي الحسن علي بن بَلَبَان، بفتح اللام، علي بن بلبان الفارسي، الذي تُوفيَ سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وقد قام بهذا العمل أيضًا – يعني: الترتيب - عدد من العلماء آخرون منهم: مغلطاي ومنهم: نصر الدين محمد بن عبد الرحمن الصالحي وغيرهم، لكن الذي طُبع هو كتاب علاء الدين بن بلبان الفارسي.
2 - من الخدمات حول كتاب ابن حبان: إكمال تهذيب الكمال لابن المُلَقِّن، وقد سبق أن ذكرناه في كلامنا عن ابن خزيمة حيث ترجم فيه لأصحاب الكتب الستة مضيفًا إليها كتبًا ستةً أخرى، وهي: مسند أحمد، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، وسنن الدارقطني، وسنن البيهقي، هذه هي الكتب الستة التي أضافها إلى الكتب الستة وترجم لرجال هذه الكتب الاثني عشر كتابًا.
3 - موارد الظمآن للهيثمي. نور الدين الهيثمي، الذي هو موارد الظمآن في زوائد صحيح ابن حبان، وهو مطبوع.
4 - إتحاف المهرة في الفوائد المبتكرة الذي رتَّب فيه الحافظ بن حجر كتاب ابن حبان مع كتب عشر أخرى، بل إحدى عشر على الأطراف، وقد سبق ذكره أيضًا.
من الرسائل الحديثة حول ابن حبان:
الإمام محمد بن حبان ومنهجه في الجرح والتعديل لـ عَدَّاب الحمش، وهي رسالة ماجيستير لم تُطبع حتى الآن وهي في خمسة مجلدات كبار ضخام.
كتاب آراء ابن حبان في العقيدة للشيخ عبد العزيز المُبَدَّل وفقه الله.
آراء ابن حبان في مسائل الاعتقاد لأحمد بن صالح الزهراني.
كتاب منهج ابن حبان في مشكل الحديث لإبراهيم عسعس.
كتاب المجهولون ومروياتهم في صحيح ابن حبان لعبد الباسط الحموي.
كتاب الإمام محمد بن حبان فيلسوف الجرح والتعديل لمحمد عبد الله أبو صعيليك.
كتاب فقه ابن حبان للدكتور عبد المجيد محمود.
هذه أهم الدراسات التي وقفت عليها ولا أنسى رسالة شيخكم ((1) يقصد: الشيخ يحيى الشهري وفقه الله 1) الجليلة المهمة وهي زوائد رجال صحيح ابن حبان على الكتب الستة التي طُبِعَت في ست مجلدات ضخام كبار بذل فيها جهدًا مشكورًا وفقه الله تعالى وأعانه على أعماله العلمية الأخرى.
وبذلك ينتهي الكلام عن كتاب ابن حبان،
وأنتقل إلى الكتاب رقم كم؟ رقم خمسة.
¥(13/92)
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:17 ص]ـ
الكتاب الخامس من كتب الصحاح وهو كتاب:
" المستدرك على الصحيحين " لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري.
هذا الإمام هو محمد بن عبد الله بن حمدويه الضبي أبو عبد الله النيسابوري الشهير قديمًا كان مشهورًا في زمنه بابن البيع، ثم أصبح مشهورًا عند المتأخرين بأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، ولُقِّبَ بالحاكم لتوليه القضاء لأنه تولى القضاء، بخلاف ما اشتُهر عند بعض المتأخرين من أن هذا اللقب لقب من ألقاب الحديث مثل الحافظ، ومثل المتقن، ومثل أمير المؤمنين في الحديث هذا خطا، بل الصواب أن الحاكم لقب لمن تولى القضاء.
وُلِدَ هذا الإمام سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة من الهجرة، وتُوفي سنة خمسة وأربعمائة من الهجرة، عمره أربعة وثمانين.
ابتدأ سماعه أول سماع سنة ثلاثمائة وثلاثين، يعني كان عمره: تسع سنوات، وهذا يدل على تبكيره في طلب الحديث، ورحل في الأمصار والأقطار في طلب العلم، فجال خرسان التي هي المقاطعة التي يعيش فيها فدخل مرو، والري وغيرها من بلاد خراسان،؟ وأيضًا بلاد ما وراء النهر في بخارى وسمرقند، وما جاورها، ورحل أيضًا على العراق، وإلى الحجاز، وإلى بلدان أخرى كثيرة متعددة فله رحلة واسعة.
من أهم شيوخه:
ابن حبان صاحب الصحيح، والدار قطني، وله عناية بالدار قطني بالغة حتى إنه سأله عن مجموعة من الرواة في أسئلة مشهورة ومُدوَّنة ومطبوعة للحاكم عن الدار قطني؛ يعني: سأله عن بعض الرواة في الجرح والتعديل وقيَّد أقوال الدارقطني في كتاب مطبوع متداول.
ومن شيوخه أيضًا: أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي وهو صاحب الفوائد الغيلانيات المشهورة.
ومحمد بن يعقوب بن الأكرم، ومحمد بن يعقوب أبو العباس الأصم، وغيرهم.
ومن أهم تلامذته:
أشهر تلامذته في الحقيقة هو الإمام البيهقي صاحب السنن الكبرى، وهو الذي كان كما يقول عنه الذهبي: قد حمل عن الحاكم وقِرَ بعير من الكتب، يعني سمع منه ما يساوي حمل بعير من الكتب، كل هؤلاء الكتب سمعها على شيخه الحاكم، وقد أكثر من الرواية عنه في كتبه.
ومن تلامذته أيضًا: الخليل صاحب الإرشاد.
والسِّجْزِي صاحب السؤالات المطبوعة عنه.
أشهر مصنفات هذا الإمام:
المستدرك على الصحيحين.
معرفة علوم الحديث. وهو كتاب مشهور وهو من أوائل كتب مصطلح الحديث وعلوم الحديث وَمِنْ أَجَلِّهَا.
كتاب المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم.
كتاب المدخل إلى كتاب الإكليل.
سؤالاته للدار قطني. والتي سبق ذكرها.
سؤالات مسعود السِّجْزِي له، وأسئلة البغداديين له، وهما كتابان طُبعا في كتاب واحد.
هذه مجمل مصنفات الحاكم التي بلغتنا ووصلت إلينا، وله كتب أخرى مفقودة.
ننتقل إلى الكلام عن هذا الكتاب المهم وهو:
" المستدرك ".
فنقف أولًا عند الغرض من تأليف هذا الكتاب:
يظهر هذا الغرض الحقيقة أولًا من عنوان الكتاب " المستدرك على الصحيحين " فهو يريد أن يورد أحاديث يستدركها على صحيحي البخاري ومسلم، ووجه الاستدراك أن تكون صحيحة في أقل الأحوال، ولم يخرجها البخاري ومسلم، وقد بيَّن سبب توجهه إلى هذا الغرض في مقدمة كتابه حيث قال يقول في مقدمة كتابه:
وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة مشتملة على ألف جزء أو أقل أو أكثر منه كلها سقيمة غير صحيحة.
يقول: إن بعض المبتدعة ادعى بأنه لا يصح إلا مقدار عشرة آلاف حديث، يقصدون ما أخرجه البخاري ومسلم، وأن كمل ما سوى ذلك وهي أحاديث كثيرة لا يصح منها شيء، فهؤلاء المبتدعة لم يستفيدوا من العناوين التي وضعها البخاري ومسلم – المختصر- وغيرهم، فظنوا أن كل الصحيح هو ما أودعه البخاري ومسلم، وأن ما خرج عن البخاري ومسلم فإنه ليس بصحيح، ولذلك صاروا يشمتون برواة الآثار كما يقول، فيقول: أنتم عندكم الأحاديث الصحيحة ليش تشتغلون بالسنن؟ وأما هذه الألوف من الأحاديث التي عندكم فكلها ضعيفة لا وزن لها ولا اعتبار، فكان ينبغي عليكم أن تشتغلوا بعلوم أخرى غير علم الحديث.
¥(13/93)
إذًا: فكان المقصد الأساسي في أن يستدرك على الصحيحين هو يريد أن يثبت أن هناك أحاديث زائدة على الصحيحين لم يذكرها صاحبا الصحيح، أحاديث صحيحة زائدة على الصحيحين لم يذكرها صاحبا الصحيح، هذا هو كان المقصد الأساسي للحاكم، وسنرى أن هذا المقصد قد أثر في تأليف كتابه أثرًا كبيرًا وبالغًا.
إذًا - في الحقيقة - هما سببان أساسيان:
1 - الزيادة على عدد الصحيح.
2 - الرد على هذا المبتدع.
بدأ الحاكم في إملاء كتابه في محرم من سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين، ابتدأ أول مجلس أملاه للمستدرك في إملائه للمستدرك، كان سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين في المحرم، في أوائل تلك السنة، يعني كم كان له من العمر أول ما ابتدأ بالتأليف؟ اثنين وسبعين عامًا، فهذا يتبين أنه ابتدأ بتأليف الكتاب في أواخر عمره، وسيأتي أن هذا أيضًا عذر من الأعذار التي أُعتذر بها للحاكم، وهو عذر صحيح؛ لأنه نصَّ في مقدمة " المستدرك" أن إملائه لأول مجلس كان سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين، وإن كانت تحرفت في المطبوعة إلى ثلاثمائة وثلاثة وسبعين، في أول المستدرك تحرفت التسعين إلى سبعين، والصواب أنها تسعين وليست سبعين.
قبل أن ندخل في شرطه للكتاب، نذكر بعض الأمور المتعلقة بذلك:
عدد أحاديث الكتاب: تسع آلاف وخمسة وأربعين حديثًا، يعني قرابة عشرة آلاف حديث، أو تسع آلاف حديث، ولهذا العدد الكبير ا لذي أورده في " المستدرك " ذهب الحافظ بن حجر إلى أنه لا يكاد يوجد حديث صحيح خارج عن الصحيحين ومستدرك الحاكم، فإنه مع انتقاده لمستدرك الحاكم يقول: لكن يصفو منه قدر كبير من الصحيح، وهو مع الصحيحين يكاد يستوعب كل الصحيح.
نحن لا نقل هذه العبارة دقيقة بكل تفاصيلها، لكن نقول: لعلنا لو أضفنا صحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة ومسترك الحاكم وتصحيحات العلماء الآخرين كالترمذي، وكسكوت النسائي عن الحديث، وما شابه ذلك، هذا كله لا شك لو أضفناه إليه لوجدنا أن عدد الأحاديث الصحيحة سيكون بالغًا عددًا كبيرًا، ولا يكاد بالفعل يجد الإنسان بعد ذلك حديثًا صحيحًا إلا وقد سُبق بالحكم عليه من إمام مُتقدِّم قد حكم عليه بالصحة من هؤلاء العلماء الذين ذكرناهم، ومن سواهم ممن صحح وضعَّف.
الكتاب مُرتَّب على الكتب والأبواب: وهو من كتب الجوامع لأبواب العلم؛ لأنه شامل لأحاديث الأحكام، ولكل الأحاديث التي يُستنبط منها حكم، وما لا يُستنبط منها حكم، ولذلك عقد كتاب "التفسير" وعقد كتاب " الفضائل " و " معرفة الصحابة " و " التاريخ "، وغير ذلك، مسائل مختلفة لا يستنبط منها حكم، فهو من كتب الجوامع لأبواب العلم.
مما سنذكره الآن وهو من أهم المسائل المتعلقة بمستدرك الحاكم، وهو شرطه في الكتاب.
شرطه في هذا الكتاب:
وسنبتدئ بعبارته في المقدمة لننطلق منها في معرفة شرطه في هذا الكتاب.
يقول في مقدمته بعد أن ذكر كلام هؤلاء المبتدعة يقول:
" وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم في هذه المدينة - يعني: نيسابور- وغيرها أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل لانعقاد ما لا علة له، فإنهما -رحمهما الله- لم يدعيا ذلك لأنفسهما، وقد خرج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها وهي معلولة، وقد جهدت في الذب عنهما في المدخل إلى الصحيح بما رضيه أهل الصنعة، وأنا أستعين الله الآن –المقطع الآتي مهم- يقول: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان -رضي الله عنهما- أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام، وأن الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة.
هذه عبارته في مقدمة " المستدرك".
أما الكلام عن العلة فقد السبق الحديث عنها وعن مقصوده فيها لمَّا تكلمنا عن شرط البخاري في الإعلال، وأنه إما قصد العلل غير القادحة، أو قصد ما يخرجه ليبين علته كما حصل في البخاري، فالبخاري ومسلم قد يخرجان أحاديث لها علة لكنها غير مؤثرة، أو يخرجان الحديث وفيه علة مؤثرة لكن يخرجانه لبيان علته، فهذا مقصوده بالعلة.
أما مقصوده بشرط الشيخين: فهذه مسألة مهمة وقد طال فيها الخلاف؛ لأن الحاكم يخرج الأحاديث وكثيرًا ما يتعقبها بعبارات مثل قوله:
¥(13/94)
صحيح على شرط الشيخين.
صحيح على شرط البخاري.
صحيح على شرط مسلم.
رجاله رجال الشيخين.
رجاله رجال البخاري.
رجاله رجال مسلم.
وقد يقول: صحيح ولا ينسبه إلى شرط واحد منهما، ولا إلى رجال واحد منهما، يقول صحيح فقط، وقد يسكت عن الحديث، وقد يتعقب الحديث ببيان ضعفه، فأحاديث " المستدرك " منقسمة إلى هذه الأقسام كلها، فما هو مقصوده بشرط البخاري ومسلم أو شرط أحدهما؟
ذكر عبارة فيما سبق اختلفت فيها فُهُوم النقاد، العبارة هي قوله: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان -رضي الله عنهما- أو أحدهما.
فذهب بعض أهل العلم إلى أن المقصود بالمثلية هنا أنه لا يشترط أن يخرج لنفس رجال البخاري ومسلم، ولكن يخرج لمن كان مثيلهما في الضبط والإتقان، وأنه لا يشترط أن يخرج لمن أخرج له البخاري ومسلم أنفسهم، نفس الرواة أنفسهم، وإنما يخرج لمن كان في درجتهم، يعني إذا وجد الراوي من رجال البخاري ومسلم أخرج له، لكن إن وجد الحديث من رواية رجل في مثل درجة من أخرج له البخاري ومسلم في الصحيح، فإنه يخرجه ويقول: على شرط البخاري ومسلم، أو على شرط أحدهما، هذا القول تَبَنَّاه الحافظ العراقي، لكن يرد عليه أمران.
يرد على هذا الرأي أمران ويبين أنه ليس بصحيح:
لا يقصد المثلية هنا، يعني من شابه رجال الصحيحين في الضبط والإتقان، ولا يلزم منه أن يكون أعيان هؤلاء الرواة هم الذين أخرج لهم البخاري ومسلم، يرد على هذا الرأي أمران:
الرد الأول: تنويع الحاكم في التعبير عن هذه المسألة؛ فإنه يقول مثلًا في بعض الأحاديث كما ذكرنا يقول: صحيح على شرط مسلم، ويقول في بعضها: صحيح على شرط البخاري، فلو كان يقصد بالمثلية هنا مثلية الضبط والإتقان أنهم مثلهم في الضبط والإتقان لكان كل من كان على مثل درجة رجال البخاري من باب أولى أن يكون على مثل درجة رجال مسلم، فلم يعد هناك معنى للتفريق بأن يقول مرة على شرط البخاري وشرط مسلم، لاحظتم هذا الرد الأول.
الرد الثاني: عبارات صحيحة وقعت في (المستدرك) تدل على أنه يقصد بالشرط هنا الرجال أعيان الرجال، كقوله عقب حديث ?? لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ ?? وهو حديث أبو عثمان عن أبي هريرة عن النبي (ثم قال الحاكم بعده، بعد أن صححه قال: ولم أقل إنه صحيح على شرط الشيخين، أو قال: يقول أبو عثمان هذا – في عبارة الحاكم بعد أن صحح الحديث- يقول: أبو عثمان هذا ليس هو النهدي، ليس هو أبو عثمان النهدي وهو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلٍّ، يقول: ولو كان هو النهدي لقلت: إنه صحيح على شرط الشيخين.
هذه عبارة صريحة على أنه يقصد بالشرط أعيان الرجال، ولا يقصد المثلية.
القول الثاني: هو أنه أراد بالشرط الرجال، رجال الشيخين، وهذا الذي عليه أكثر أهل الحديث، أكثر المحدِّثين على أن مقصوده بالرجال أو بالمثلية هنا الرجال أنفسهم أو خلِّينا في الذي في الشرط، يعني مقصوده بشرط الشيخين يعني رجاله رجال البخاري ومسلم، فإذا قال حديث صحيح على شرط الشيخين، يعني: حديث صحيح رجاله رجال البخاري ومسلم، إذا قال صحيح على شرط البخاري يعني رجاله رجال البخاري، شرط مسلم يعني رجاله رجال مسلم، فمقصوده بالشرط الرجال.
ما هو تفسير المثلية التي وردت في المقدمة بناء على هذا الرأي؟
يقولون: المقصود بالمثلية يعني الذي ذكر في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه قصد نفس رجال الشيخين كما تقول مثلًا: لو وجدت الآن إسناد من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر، وإسناد آخر من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر في كتاب آخر، هل يحق لي أقول هذا مثل هذا، هذا الإسناد مثل هذا؟
لا يلزم من ذلك التغاير، لكن لمَّا اختلف محل الإسنادين صح أن أقول مثل هذا، لمَّا اختلف الرجل هذا ذكر الرجل في يعني: أبو عثمان النهدي مثلًا صحيح البخاري وهنا في مستدرك الحاكم، يصح أقول إنه مثله، كأن أقول أيضًا: بَدْرُ هذا الشهر مثل بَدْرِ الشهر الماضي، هل يعني ذلك إن البدر اختلف؟
لكن لمَّا اختلف الوقت، لمَّا اختلف المكان صحَّ إطلاق المثلية في هذا السياق، فلغةً يصح أن أقول مثل، ولا يقتضي التغاير، هذا الجواب الأول.
¥(13/95)
القول الثاني: أَنْ يقال إن المقصود بالمثلية طبقة من فوق، أو من بعد شيوخ البخاري ومسلم، فإنه معروف أن الحاكم متأخر، وُلد سنة ثلاثمائة وواحد وعشرين يعني بعد وفاة البخاري ومسلم، فطبقت شيوخه وشيوخ شيوخه لن يكونوا من رجال البخاري ومسلم في كثير من الأحيان، وخاصةً طبقة شيوخه يقينًا، فهؤلاء ما هو شرطه فيهم؟
شرطه فيهم أن يكونوا مثل رجال البخاري ومسلم في الضبط والإتقان، هذا احتمال وارد، وقد قاله بعض المعاصرين.
الاحتمال الأخير: وهو أقوى الاحتمالات عندي أنه قصد بالمثلية هنا الأحاديث وأرى العبارة صريحة في ذلك لأنه أَيْش يقول؟
يقول: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها
الضمير هنا يعود للأحاديث ولَّا للرجال؟
لأنه لو أراد الرجال أيش يقول؟ بمثلهم، هو يقول: " بمثلها ".
أعيد العبارة: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان.
فيريد يقول: شرطي في الأحاديث مثل شرط البخاري ومسلم أو أحدهما، فهو يقصد هنا هذه الأحاديث أي بأسانيدها ومتونها أشترط أن تكون على شرط البخاري ومسلم يعني رجالها رجال البخاري ومسلم، أو رجال البخاري وحده، أو رجال مسلم وحده، فهو يتكلم عن الأحاديث التي اجتمعت فيها شروط الشيخين، ومن بين شروط الشيخين: أن يكونوا رجاله رجال البخاري عندي إذا كان شرط البخاري، أو رجاله رجال مسلم عند مسلم، وهذا هو الذي يترجح عندي في قوله أو في مسألته المثلية التي ذكرها في كلامه.
لكن نريد أن نتوقف عند وصف الحديث الذي رجاله رجال الشيخين بأنه على شرط الشيخين:
هل هذا الوصف صحيح، أو هذا الإطلاق دقيق؟ هل شرط الشيخين فقط أن يتحقق بإسناد وجود هؤلاء الرجال؟
لاشك أنه ليس هذا هو شرط البخاري ومسلم وحدهما، فكان الأولى بالحاكم ومن وافقه على استخدام هذا التعبير إذا أراد أن يُعبر عن إسناد رجاله رجال البخاري ومسلم أو أحدهما أن يقول: رجاله رجال البخاري ومسلم، أو رجاله رجال البخاري، أو رجاله رجال مسلم، لا يقول شرطه أو هو على شرط الشيخين؛ لأن الشرط ليس قاصرًا على الرجال فقط، بل يجب أن يكون هذا الحديث مثلًا: غير مُعَل، غير شاذ، هذا شرط، فقد يكون الحديث رجاله رجال البخاري لكنه عند البخاري ومسلم شاذ أو مُعل ولذلك لم يخرجاه فلذلك لم يخرجاه، فكيف يوصف مع ذلك بأنه على شرط الشيخين؟
لكن لو قلت: رجاله رجال الشيخين هذا ليس فيه نقد ولو ظهر فيه علة خفية؛ لأن العلة الخفية لا علاقة لها بالرجال وبالسند وبظاهر السند، فهذا الوصف في الحقيقة هو الذي أدى بالتساهل بالحاكم وبغيره؛ يعني أصبح كأن مجرد تحقق وجود رجال هذا كافٍ للحكم على الحديث بالصحة وهذا ليس بصحيح.
أيضًا حتى رجال البخاري ومسلم بعض رجال البخاري ومسلم ما أخرجوا لهم احتجاجًا بكل مروياتهم كما هو معروف، فربما انتقوا من مرويات بعض من لهم أوهام ما لم يخطئوا فيه فيخرجونه، وتركوا أحاديث لهؤلاء الرواة أنفسهم لأنهم رأوا قد أخطئوا فيها ووهموا، فكوني أخرج لهذا الراوي كل ما روى وأدعي أنه شرط البخاري ومسلم هذا خطأ لأن البخاري قد يكون تعمَّد ترك هذا الحديث لكونه مما أخطأ فيه ذلك الراوي الذي خرَّج له في صحيحه، ولذلك قَسَّم الحافظ بن حجر أحاديث " المستدرك" إلى ثلاثة أقسام أساسية.
يقول في هذه الأقسام الأساسية
القسم الأول: أن يكون إسناد الحديث الذي يخرِّجه الحاكم محتجًا برواته في الصحيحين أو أحدهما على صورة الاجتماع سالمًا من العلل.
انتبهوا العبارة دقيقة: يقول: احترزنا بقولنا (على صورة الاجتماع) عما احتج بروايته على صورة الانفراد.
يقول: هناك رواة احتج بهم البخاري، أو مسلم لكن ما احتجوا بهم في السياق الذي احتج به الحاكم، وإنما احتجوا بهم في سياق آخر، أو برواية هذا الراوي عن رجل آخر، يضرب لذلك مثال الحافظ يقول: مثل: سفيان بن حسين والزهري.
¥(13/96)
سفيان بن حسين من رجال البخاري، والزهري من رجال البخاري، لكنَّ البخاري لم يخرج لسفيان بن حسين عن الزهري حديثًا أبدًا؛ لأن سفيان بن حسين ضعيف في الزهري يخطئ كثيرًا في روايته عن الزهري، فأخرج لسفيان بن حسين عن غير الزهري، وأخرج للزهري من غير رواية سفيان بن حسين عنه، فكوني أركِّب إسناد لم يخرجه البخاري وأنسب هذا الشرط إلى البخاري هذا خطأ؛ لأنه البخاري تجنب هذا الإسناد متعمدًا لما قيل في هذا الإسناد من الضعف والوهن، يقول: لذلك قلنا محتجًا برواية في الصحيحين أو أحدهما على صورة الاجتماع.
أيضًا يدخل ضمن هذا القيد على صورة الاجتماع صورة أخرى فمثلًا:
سماك بن حرب احتج به مسلم، وعكرمة احتج به البخاري، فسِماك من رجال مسلم، وأما عكرمة من رجال البخاري، فإذا جاء في الإسناد رواية لسِماك عن عكرمة عن ابن عباس يقول الحاكم صحيح على شرطهما، مع أن هذا ليس بصحيح؛ لأن أحد الراويين على شرط البخاري والثاني على شرط مسلم، فهنا لم يحصل احتجاج برواتهم على صورة الاجتماع كما قال.
فصورة الاجتماع تشمل صورتين:
1 - صورة فيما لو لم يخرجا لهذا الإسناد بهذا التركيب.
2 – صورة فيما لو كان أحدهم احتج براوٍ والآخر احتج براوٍ آخر دون الأول.
قالوا القيد الثاني: سالمًا من العلل؛ قال لاحترز بذلك عما وُجدت فيه علةٌ خفيةٌ تقدح في الحديث مثل تدليس المدلس، فمجرد إنه يكون الرجال رجال البخاري ومسلم ولو على صورة الاجتماع لا يلزم منه أن يكون صحيحًا فقد يكون فيه علة خفية تقدح في صحة الحديث، ثم بعد أن أورد هذا القسم الحافظ بن حجر قال بالنص الواحد يقول:
ولا يوجد حديث في " المستدرك " بهذه الشروط لم يخرجا له نظيرًا أو أصلًا إلا القليل.
نعم في جملة مستكثرة بهذه الشروط لكنها مما أخرجاها أو أحدهما استدركها الحاكم واهمًا.
يقول الحافظ بن حجر: إن الأحاديث التي من هذا القسم قليلة جدًا في كتاب الحاكم، ويندر أن يوجد حديث، يعني هذا القسم طبعًا هو الذي يصح أن يُقال عنه على شرط الشيخين، يقول: هذا قليل في مستدرك الحاكم، وإن وُجد من ذلك شيء فلابد أن تجد أن البخاري ومسلم في الغالب قد أخرجا نظيرًا له، ما يدل على نفس معناه، أصل من الأصول يدل على نفس ذلك الحديث، ويندر أن تجد حديثًا أصلًا في الباب على شرط الشيخين أخرجه الحاكم ولم يخرج البخاري ومسلم له نظيرًا في صحيحيهما، هذا بالنسبة للقسم الأول من أقسام أحاديث " المستدرك ".
يقول:
القسم الثاني: أن يكونا –البخاري ومسلمًا- أخرجا لرواته جميعهم في المتابعات والشواهد.
وسبق أن تكلمنا عمن أخرجه البخاري ومسلم في المتابعات والشواهد.
يقول الحافظ ابن حجر يقول: هذا لأن الحاكم لا يفرِّق بين الصحيح والحسن.
يعني يبين أن رواة المتابعات لا ينزلون عن منزلة أو من يُحَسَّن حديثه، ولأن الحاكم لا يُفرِّق بين الصحيح والحسن كابن خزيمة ابن حبان أيضًا، فإنه يخرج من أخرج له البخاري ومسلم في المتابعات في كتابه الصحيح، ويصححه، وربما صححه على شرط الشيخين مع أن الشيخين –حسب رأي الحافظ- لم يخرجا لهؤلاء الرواة إلا في المتابعات والشواهد.
القسم الثالث: قال ألا يكون الحديث على شرطهما في الأصول ولا في المتابعات، لكن يدعي الحاكم في هذا القسم غالبًا أنه على شرط أحدهما؛ يقول: ألا يكون حديث لا على شرطهما ولا رجاله رجال البخاري ومسلم لا في الأصول ولا في المتابعات، وهذا يقول: غالبًا يكون دون مرتبة الصحيح، بل ربما دون مرتبة القبول أصلًا.
هناك أمر نسيت ذكره سابقًا: الذي هو، أو القسم الأول الذي هو على شرط الشيخين ذكر الحافظ أن ما وقع للحاكم من الأحاديث التي على شرط الشيخين وهي على شرط الشيخين بالفعل، يقول: ليست كثيرة، فإن وجدنا حديثًا أصلًا في الباب أخرجه الحاكم وهو على شرط الشيخين بالفعل، يقول: لابد أن تجد له نظيرًا في البخاري ومسلم، أو الاحتمال الثاني: أن تجده في صحيح البخاري ومسلم وقد أخطأ الحاكم بظنه أنهما لم يخرجا هذا الحديث، فقد تجده بالفعل في البخاري ومسلم، والغريب أني وقفت مرة على عبارة للحاكم أنه ذكر حديثًا ثم قال: هذا حديث صحيح وبلغني أن مسلم أخرجه في الصحيح.
نحن نعرف يقينًا أن صحيح مسلم بين يديه، فليش يقول: بلغني؟!
¥(13/97)
كأن الأمر يتكلم عن غائب مجهول، الذي أظنه أن هذا راجع إلى لاختلاف روايات صحيح مسلم، فكانت عنده رواية هي التي اعتمد عليها، وربما هناك رواية أخرى توجد فيها أحاديث لا توجد في الرواية التي عنده، وقد يؤيد ذلك ما ذكرناه من انتقاد ابن عمار الشهيد لأحاديث ثلاثة نسبها إلى مسلم صراحة وهي غير موجودة في صحيح مسلم، يعني هذا الشاهد قد يؤيد أن هناك روايات في صحيح مسلم تختلف فيها أعداد الأحاديث أو يوجد هناك أحاديث غير موجودة في الروايات الأخرى، وعليه يمكن أن نقول:
وعليه فإن شرط الحاكم يتلخص فيما يلي:
1 - أن تكون الأحاديث صحيحة غير موجودة في الصحيحين، فإن كان رجال الأحاديث رجال الشيخين أو أحدهما فهذه أولى بالإخراج من غيرها.
نقف عند العبارة الأولى:
أن تكون الأحاديث صحيحة غير موجودة في الصحيحين.
الأول: أن تكون صحيحة، هذا شرطه الأول، ولاشك هذا هو معنى تأليفه كتاب " المستدرك على الصحيحين" ويظهر هذا من كلامه في المقدمة الذي ذكر فيه غرضين للتأليف، وهي الزيادة ورد على أهل البدع.
لكنه مع اشتراطه الصحة قد يخرج أحاديث هو نفسه يعلم أنها غير صحيحة، وهو نفسه ينبِّه على ضعفها، ولذلك صور متعددة أذكر منها ما يلي:
أنه قد يخرج ما لا يصح عنده لبيان علته مثل البخاري ومسلم، كما فعل ذلك في حديث ?? لَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ?? فإنه أخرجه، ولم يصححه، وقال عقبه: " إنما ذكرته تعجبًا لا محتجًا ".
يقول: أخرجت هذا الحديث متعجبًا منه لا بغرض الاحتجاج، فبيَّن هنا أنه لم يخرجه معتقدًا صحته، وإنما خرَّجه ليبين ما فيه من علة، وقد وضَّح العلة وضوحًا قويًا.
وقد يذكر الحديث ويبين أو يشير إلى ضعفه، ويقول: إنه قد أدت الضرورة إلى إخراجه، وهذه تحتاج إلى دراسة فعلها في أكثر من موطن، مثل حديث أخرجه في كتاب " التفسير" ثم قال: أدت الضرورة إلى إخراج هذا الحديث، والذي يظهر لي أن هذا الحديث أخرجه لأنه لم يجد حديثًا مرفوعًا في تفسير هذه الآية إلا هذا الحديث، فأورده مع علمه بضعفه مُنبِّهًا على ضعفه.
مثال آخر:
أنه أورد ستة أحاديث في كتاب " البيوع " متعلقة بتحريم التسعير ورفع الأسعار على الناس في البيع والشراء وكذا، ستة أحاديث، ثم بيَّن أن هذه الستة كلها غير صحيحة، وقال: إنما أخرجتها لأن الناس يعيشون في ضيق وضغط وضنك في هذه الأيام، وأحببت إني يعني أرهب الذين يُعسِّرون على الناس في مثل هذه الحالة، حالة قحط وفقر وجوع، فأراد إخراج هذه الأحاديث من باب الوعظ والتذكير بها، ولكن للأسف الشديد أن هذه الأحاديث أغلبها شديدة الضعف.
المقصود: أنه بيَّن ضعفها وأنها غير صحيحة عنده وأنه إنما أخرجها مراعاة لواقع الناس في زمنه، فهذا غرض من أغراض إخراجه للحديث الضعيف، وهو غرض غريب، لا أعرف أنه تحقق مع غيره من أهل العلم، أخرجها لأنه لمجرد إن زمنه كان فيه شيء من الغلاء والفقر فأراد أن يقاوم هذا الغلاء والفقر بهذه الموعظة.
نقول أن تكون الأحاديث صحيحة غير موجودة في الصحيحين، وذكرنا أنه قد يخرج الحديث الموجود في الصحيحين مع علمه بذلك، بعض الأحيان مع عدم علمه، وبعض الأحيان مع علمه بذلك.
ومن ذلك حديث أخرجه في الصحيحين وهو موجود في الصحيحين، وقال أخرجته لأني لم أجد لأبي سلمة عن رسول الله (مسندًا غير هذا، أبو سلمة أحد الصحابة الذين ذكرهم في كتاب " معرفة الصحابة " فجاء يريد أن يترجم لهذا الصحابي لم يجد له حديثًا مرفوعًا صحيحًا إلا الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم، وهو يريد أن يُعرِّف بهذا الصحابي، يقول: أخرجت هذا الحديث لأني لم أجد لهذا الراوي حديثًا مرفوعًا إلا هذا الحديث وإن كان موجودًا في الصحيحين، ومع ذلك أنه قد يخرج أحاديث يعرف أنها في الصحيحين لغرض ما، إما لأنه لم يجد في الباب ما يدل عليه أو لغير ذلك.
نحن قلنا بأن شرطه الأساسي أن يخرج الحديث الصحيح مطلقًا، فإن كان هذا الحديث الصحيح على شرط الشيخين فهذا أولى وأولى أن يخرجه، يعني: أعلى شرط له أن يكون رجاله رجال الشيخين، فإن لم يتحقق ذلك فيخرجه ولو كان رجاله ليس برجال الشيخين، ولذلك نجده في كثير من الأحيان يقول: صحيح دون أن ينسبه إلى الشيخين، يعني إلى شرط الشيخين أو أحدهما أو إلى رجال الشيخين أو أحدهما.
¥(13/98)
2 - أَنَّه لا يلتزم الحكم على الآثار الموقوفة، وقد بيَّن ذلك في أكثر من موطن، وهذا لائح في الحقيقة خاصة من كتابه " معرفة الصحابة " لا يحكم على أغلب الآثار الموقوفة الواردة في ذلك الباب أو الكتاب.
3 - أن ما سكت عنه من الأحاديث، قلنا: إن هناك أحاديث يسكت عنها، فلا يصححها على شرط الشيخين، ولا على غير شرطهما ولا يضعفها، يسكت عنها؛ يورد الحديث ولا يتكلم عقبه، فوجدت بعض المُعاصرين يقول: إن مجرد إخراجه في " المستدرك " يدل على أنه صحيح عنده.
أقول: هذا حقيقة استدلال فيه نظر لسببين:
الأول: أننا وجدنا أنه يُضعِّف بعض الأحاديث في " المستدرك " فمجرد إيراده في " المستدرك" لا يقتضي أو لا يلزم منه أن يكون صحيحًا، ثم وجدناه في كثير من الأحيان يتعقب بالصحة، فلِمَ سكت في بعض الأحيان؟
فمادام أنه قد سكت أقل الأحوال نقول: بأنه لم يجزم برأيه في هذا الحديث، ويؤيد هذا ما ذكرناه من أنه ألَّفه في آخر عمره، ولعله كان يريد أن يعود إلى هذه الأحاديث لتحريرها وتنقيحها وبيان حكمها الصحيح.
وأيضًا مما يؤيد ذلك: أن سكوته في النصف الأخير من الكتاب أكثر من سكوته في النصف الأول من الكتاب، مما يدل بالفعل أنه لمَّا طال به الوقت ودنا أجله، وزاد ضعفه بكبر السن أصبح يُعجِّل في إخراج الكتاب، وهذا يؤيده ما ذكرته سابقًا من أنه ابتدئ بتأليف الكتاب قلنا سنة ثلاثمائة وثلاثة وتسعين، ومن خلال مجالس الإملاء لأنه كل تقريبًا ثلاثين صفحة في بداية الكتاب يبتدئ مجلس إملاء جديد، تواريخ المجالس تقريبًا بين كل مجلس ومجلس قرابة ثلاثة أشهر، يعني يجلس يحضر لهذه الأحاديث حتى يملأ تقريبًا ثلاثين صفحة من المطبوع تقريبًا، ثم بعد ثلاث أشهر يملي هذا القدر، ويمكث ثلاث أشهر أخرى ليعقد مجلس آخر لإملاء جزء جديد، فحسب الشيخ المعلمي عليه رحمة الله هذه الأوراق مع تلك المدة فوجد أنه لو أراد أن يؤلف الصحيح كاملًا على هذا المنهج لما انتهى المستدرك إلا عام أربعمائة وعشرة، والحاكم تُوفيَ سنة أربعمائة وخمسة، يعني لو مشى على هذا المنوال كل ثلاثين صفحة يمكث فيها ثلاث أشهر، يعني في كل سنة لا يُملي إلا تسعين صفحة تقريبًا أو مائة صفحة معنى ذلك إنه يحتاج إلى من ثلاثة وتسعين إلى أربعمائة وعشرة يعني ثلاثة عشر سنة حتى ينتهي من الكتاب، وهذا يؤكد إلى أنه كان في البداية يتريث، ثم في الأخير استعجل بصورة واضحة جدًا، وصار يُملي إملاءً سريعًا، بل توقف إملاؤه للكتاب عام أربعمائة وثلاثة على الصحيح.
المعلمي قال: أربعمائة واثنين، لكن الصحيح أنه توقف في أوائل عام أربعمائة وثلاثة، يعني قبل وفاته بسنتين، وتوقف في نصف المجلد الثالث، مستدرك الحاكم أربع مجلدات، توقف في نصف المجلد الثالث عن الإملاء، وبقية المجلد الثالث الذي هو النصف الثاني من المجلد الثالث، والمجلد الرابع كاملًا هذا لم يمله أصلًا، الظاهر مع كبر السن سلَّم مُسَوَّداته للطلاب ورووها عنه إجازةً، ما استطاع أن يملي الكتاب ولا أن ينقحه، وهذا يؤيد قضية أنه بالفعل تُوفيَ ولم يحرر الكتاب، وأنه اختَرَمَتْه المنية قبل أن ينتهي من تصنيف هذا الكتاب، وهذا أمر واضح من خلال التواريخ ومن خلال منهجه في إملاء هذا الكتاب.
وصلي اللهم وسلم، وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.(13/99)
مصادر السنة ومناهج مصنفيها للشيخ د. الشريف حاتم بن عارف العوني (3)
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:21 ص]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد. . كنا قد وعدنا بالبداية بالأسئلة الموجودة:
السؤال الأول، يقول: هل يمكن معرفة بعض الكتب التي تفيد في هذه المسائل المذكورة في الدرس
الإجابة: نعم. هناك كتب نافعة في استحضار بعض المادة التي تُذْكر في هذا الدرس؛ هناك كتب عامة حول كتب متعددة، وهناك بعض الكتب ربما اختَصَّت بكتاب معين.
فمثلًا من الكتب العامة:
1 - كتاب " شروط الأئمة " لابن منده.
2 - وكتاب " شروط الأئمة الخمسة " للحازمي.
3 - وكتاب " شروط الأئمة الستة " لمحمد بن طاهر المقدسي.
4 - وكتاب " الحِطَّة في ذكر الصحاح الستة " للقنوجي. السيد صديق حسن.
5 - وكتاب " الرسالة المستطرفة " لمحمد بن جعفر الكِتَّاني.
ومن البحوث المتأخِّرة:
1 - وهو كتاب جيد؛ كتاب " بحوث في تاريخ السنة المشرفة " للدكتور أكرم ضياء العُمَرِي.
2 - وكتاب " مناهج المحدثين " للشيخ سعد الحُمَيِّد.
3 - وكتاب " تدوين السنة النبوية " للدكتور محمد بن مَطَر الزهراني.
وهناك كتب خاصة ببعض الكتب مثل: " هدي الساري " بالنسبة لصحيح البخاري للحافظ ابن حجر، وسيأتي بعض الكتب التي اختَصَّت بكتبٍ معينة عند ذكر هذه الكتب؛ إذا تكلمنا عن مسلم – إن شاء الله – أو الآن إذا انتهينا من البخاري أيضًا، نذكر بعض الكتب التي ربما تنفع في هذا المجال، لكن تلك الكتب تشمل الكلام عن كتب متعددة، ليست خاصة بكتاب واحد.
هذا بالنسبة للسؤال الأول.
السؤال الثاني: ما مذهب الإمام البخاري؟ اذكر مثال عن معلقات الأسانيد، وتعريفها؟
--------------------------------------------------------------------------------
الإجابة: مذهب الإمام البخاري؛ إذا كان يقصد مذهبه الفقهي فهو إمام مجتهد، عدَّه الحنابلة من الحنابلة، وعده الشافعية من الشافعية، والصواب أنه ليس بحنبلي، ولا شافعي، وإنما هو إمام مجتهد يتَّبِع الدليل، مثلُه في ذلك مثل الأئمة الكبار.
وأما المعَلَّق وأمثلته ذكرناه بالأمس؛ يعني هذا السؤال قبل ذكر الأمثلة.
السؤال الثالث، يقول: هل بالإمكان أن نصور المذكرات، حتى نتمكن من الإلمام بكل ما تقول؛ لأنه لا يتسنى لنا كتابة ما تقول كله؟
الإجابة: ليس لديَّ مانع من كتابة المذكرات، لكن أول شيء هذه المذكرات بعضها رءوس أقلام، وفيها إحالات، وفيها أشياء، لا يُحسن الاستفادة منها إلا العبد الفقير، لكن عندكم الأشرطة يمكن الاستفادة منها، ولعل الأشرطة إذا فرِّغَت أعطي الأخ الذي يفرِّغ الأشرطة المذكرات هذه لينقل إن كان هناك نقول معينة أو أشياء ممكن تُعِينه في إكمال هذه النُّقول، اسم الكتاب ورقم الصفحة، فيمكن أيضًا ليستفيد من هذه الأرقام للصفحات والعَزْو، فتكون هذه المذكرة مفرَّغة، ويكون هذا أكثر فائدة – إن شاء الله - بمجرد أني أُعطيكم هذه الأوراق، لكن إذا فرغت الأشرطة ممكن نعطي الذي يفرغ هذه الأوراق.
السؤال الرابع، يقول: بخصوص الكلام على: لماذا لم يقطع البخاري بصحة المعلقات التي بصيغة الجزم، هل هذا يطبق على الأقسام الأربعة المذكورة أم على القسم الرابع فقط؟
الإجابة: نحن قلنا إذا كان بصيغة الجزم، فإن البخاري يقطع بصِحَّتِه إلى من علَّقه عنه.
السؤال الخامس: هل في صحيح البخاري حسنٌ، وضعيف؟
الإجابة: أما ضعيف فليس في صحيح البخاري حديث ضعيف إلا وقد نَبَّهَ عليه، البخاري لا يذكر حديثًا هو يرى أنه ليس بصحيح إلا وينبه على ما فيه من علة، وما فيه من ضعف.
لكن هل يوجد في صحيح البخاري حديث ضعيف عند غيره من العلماء؟
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/100)
نعم. ولذلك ذكرنا أن الدارقطني انتقد بعض الأحاديث، وغيره من العلماء انتقدوا بعض الأحاديث، فإذا كان السؤال عن البخاري، فالجواب تقدَّم، وإن كان السؤال عن غيره فالخلاف في ذلك مشهور، ولم يُسَلَّم للبخاري كل ما ذكره، نعم المنتقَد قليل ويسير جدًّا بالنسبة لما لم يُنتقد، لكنه يوجد أحاديث منتقدة في " صحيح البخاري ".
السؤال السادس، يقول: ألا يمكن الجمع بين الروايات في حديث الاضطجاع قبل أو بعد سنة الفجر، أن ما ورد من رواية أن الاضطجاع كان قبل السنة ورواها مَالِكٌ أنها كانت بعض أحوال النبي (؟
الإجابة: لا يمكن؛ لأن الحديث واحد، مَطْلَع الحديث، ومَخْرَج الحديث واحد، يعني: شيخ مالك وشيخ غيره من الرواة شيخٌ واحد، بالإسناد إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فهو حديث واحد، لا يمكن أن نقول أنهما حديثان مختلفان، لو كان هذا مثلًا من حديث صحابي، وهذا من حديث صحابي آخر؛ كان يمكن أن نقول هذا الكلام، لكن لما يكون الحديث إسناده واحد، الذي حدَّث مالكًا هو نفسه الذي حدَّث الآخرين، وَاختُلِفَ على هذا الشيخ؛ فمالِكٌ ذكر أن الاضِّجَاعة قبل سنة الفجر، والبقية ذكروا أن الاضجاعة بعد السنة.
ولذلك فإن ابن عبد البر، وهو الإمام المحدث المالكي، الذي كان حريصًا كل الحرص عن الدفاع عن الإمام مالك ما استطاع إلا أن يُقِر بأن هذا الوهم من مالك! فلو كان هناك مجال للدفاع أو لأن نقول إن الإمام مالك لم يهم في هذا الحديث، لكان أولى الناس بمثل هذا القول هو ابن عبد البر في كتابه " التمهيد ".
السؤال السابع، يقول: هل على كتاب " فتح الباري "، وكذلك كتاب " شرح مسلم " للنووي مأخَذ، وهل وجدت كتب توضح هذه المآخذ والملاحظات؟
--------------------------------------------------------------------------------
الإجابة: ما في كتابٍ يخلو من مَلْحَظ، كل كتاب خلا " كتاب الله " عز وجل لا بد وأن يكون فيه نقض وخلل وخطأ؛ قد تكثر هذه الأخطاء وقد تقل، قد تَفْحُش وقد تَخِفُّ، فلا يوجد كتابًا ليس فيه أخطاء، وهذان الكتابان لا شك - لأهميتهما - اعتنى بعض العلماء والناصحين والباحثين بهما فبَيَّنوا بعض الأخطاء، خاصة الأخطاء العَقَدية، أُلِّفَتْ أكثر من رسالة وأكثر من كتاب حول آراء الحافظ ابن حجر العقدية في كتابه " فتح الباري "، وكذلك " شرح النووي على صحيح مسلم " هناك أكثر من بحث ومقال، وكتاب حول آراء الإمام النووي العقدية في كتابه " شرح صحيح مسلم "، وهذه الكتب لا شك أنها نافعة؛ خاصة إذا كان المؤلف من أهل السنة، لبيان المسائل التي ربما أخطأ فيها الإمام الذي ألَّف هذا الكتاب كابن حجر أو النووي؛ لتَجَنُّب الوقوع في مثل هذه الأخطاء دون أن يتنبه طالب العلم إليها، فهذه تنبهه إلى هذه الأخطاء ليتجنبها.
السؤال الثامن: ما هو الأصل في المسلم العدالة أم الجرح؟
الإجابة: هذا ليس علاقة بالدرس، لكن الجواب باختصار أن الأصل في المسلم العدالة ولا شك، لأن ??كُلُّ مَوْلُودٍ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ??. إذا كان المقصود به أصل الخِلقة والنشأة، فالأصل في المسلم العدالة، وإن كان المقصود الواقع؛ واقع الناس: الأصلُ في الناس اليوم - وقبل اليوم - الفِسْقُ لا العدالة؛ لأن غالب الناس - للأسف الشديد - بعيدين عن الديانة (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ([سبأ: 13]، فهناك فرق! يجب أن يحدد السائل مقصوده؛ إن قَصَد أصل الخلقة: فأصل الخلقة الناس وُلدوا على الفطرة وعلى الدين، وإن قصد واقع الناس: فواقع الناس مختلف عن ذلك ??فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ?? ونُضيف لفظة مُدْرَجة من عندنا: أَوْ يُفَسِّقَانِهِ، فهذا واقع الناس.
--------------------------------------------------------------------------------
وهذه المسألة فيها كلام طويل لأهل العلم، ومن أراد أن يقف على كلام طويل فيها فهناك كلام مُطَوَّل من أجود الكتب التي رأيتُها تكلمت عن هذه القضية: كتاب " الإنصاف " لمرداوي في باب " الشهادة وبيان العدالة في الشهود "، تكلم عن هذه المسألة ونقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ولغيرهما من أهل العلم حول قضية: هل الأصل في المسلم العدالة أو لا؟!
¥(13/101)
السؤال التاسع، يقول: نريد منكم ما هو موقف طالب علم الحديث من مسألة التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين؟
لا يخالِف أحدٌ في أن هناك متقدمين ومتأخرين؛ هناك خلاف أنه في أناس متقدمين وأناس متأخرين؟!
ما في خلاف، فالقضية ليست بقضية وصف علماء بأنهم متقدمون ووصف علماء آخرين بأنهم متأخرون، ما هو بهذا الخلاف، هل يشك أحدٌ أن يحيى بن معين أو القطان متقدِّم بالنسبة للحافظ ابن حجر، بالنسبة للسخاوي، بالنسبة للزبيدي، بالنسبة للشيخ الألباني، أحد يشك أن هذا متقدم وهذا متأخر؟! ما في خلاف فيه، لكن الكلام: ما هي الأمور التي ترتبط بهذا التقسيم؟ فإذا كان المقصود الأمور التي ترتبط بهذا التقسيم. أنا رأيي في هذه المسألة بينتُه واضحًا في كتاب " منهج المُقْتَرَح "، ولا اعتِبَارَنا إلا رأيٌّ، إن كان لأحد آراء أخرى فهذا هو حر فيها، فكل إنسان مسئول عما يقول وآرائه الذي يتبَنَّى، ورأيي كما ذكرتُ بينتُه في كتاب " منهج المُقْتَرَح "، من أراد أن يعرف رأيِي بالتفصيل فعليه به.
السؤال العاشر: هل يمكن أن يوصف الحديث بالصحة وهو ليس بصحيح، ولا تجتمع فيه شروط الحديث الصحيح الخمسة؟
الإجابة: هو الصحيح لغيره، يمكن أن نقول الحسن إذا تعددت طرقُه.
نختم كلامنا عن " صحيح البخاري " لنبتدئ بـ" صحيح مسلم " بعد ذلك:
--------------------------------------------------------------------------------
تكلمنا عن " صحيح البخاري " وشروطه ومنهجه، ونختم اليوم بالعبارة الأخيرة في عنوانه، وهي كلمة: " المختصر "؛ " الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله (وسننه وأيامه ".
كلمة " المختصر " هذه صريحة بأن الإمام البخاري لم يقصد استيعاب كل الأحاديث الصحيحة، أنه لم يُرِد استيعاب كل الأحاديث الصحيحة، فلا شك أن هناك أحاديث صحيحة كثير يعرفها البخاري غير التي ذكرها في الصحيح، وقد صرح بذلك عندما قال: " أحفظ مائة ألف حديث صحيح ".
وسيأتي أن عدد أحاديث " صحيح البخاري " دون هذا العدد بكثير، لعلها تقارب اثنين ونصف في المائة من هذا العدد؛ حيث إن عدد أحاديث " صحيح البخاري " غير المكررة: ألفان وستمائة واثنان من الأحاديث، أما بالتكرار: فسبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وتسعون حديث.
طبعًا هذه كلها الأحاديث المسندة بالتكرار، وبغير تكرار: ألفان وستمائة واثنين، لكن إذا أضفنا إليها المعلقات والمتابعات التي يورِدها معلقةً أيضًا، فإنها تصل إلى: تسعة آلاف واثنين وثمانين حديث.
فبغير تكرار: ألفان وستمائة واثنان، بالتكرار: سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وتسعون، بالمعلقات والمتابعات: تسعة آلاف واثنان وثمانون حديث.
آخر جملة في عنوان هذا الكتاب: " من أمور رسول الله (وسننه وأيامه ".
هذه دالة على أن الإمام البخاري سيحرص أن يذكر كل ما يتعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام ولو كان من أمور السيرة، ولذلك عقد كتابًا في " صحيحه " عن المغازي؛ مغازي رسول الله (، فحتى الأمور التي لا تَعَلُّق لها بالأحكام يُخرِجها الإمام البخاري؛ لأنه أراد أن يُخرج ما صح مما يتعلق بشخص النبي عليه الصلاة والسلام، سواء كان هذا من السيرة، أو مما يمكن أن يُستنبط منها حكم فقهي، أو غير ذلك من أبواب العلم كما سبق ذكره لما تكلمنا عن معنى قوله " الجامع " في عنوان الكتاب.
--------------------------------------------------------------------------------
نختم بالجهود التي بذلها العلماء في خدمة هذا الكتاب، ما هي الكتب التي ألَّفها العلماء لخدمة هذا الكتاب؟
لا يُعرف – في الحقيقة – كتاب بعد " كتاب الله " عز وجل خدمته الأمة الإسلامية كما خدمت " صحيح البخاري "، فلا شك أن الكتب التي تخدم القرآن بوجوه مختلفة أنها هي أكثر مصنتفات صنفها علماء المسلمين من يوم أن بُعث النبي عليه الصلاة والسلام إلى هذا اليوم، يليها مباشرةً خدمة علماء المسلمين لـ" صحيح البخاري "، وهناك كتاب حاول أن يجمع مؤلِّفُه أكثر الجهود التي عرفها بخدمة " صحيح البخاري " اسمه: " إتحاف القاري بمعرفة جهود العلماء على صحيح البخاري " لباحث اسمه: محمد عصام الحَسَنِي، ذكر خمسة وسبعين وثلاثمائة كتاب أُلِّفت حول " صحيح البخاري "، فلا يمكن بالطبع أن نستعرض
¥(13/102)
هذه الكتب كلها، لكننا سنذكر أهم أوجه التصنيف وأهم المؤلفات في هذه الأوجه المهمة.
فأول ما نبتدئ بشروح " صحيح البخاري ":
سؤال: من يعرف أقدم شرح لـ" صحيح البخاري "، أول مَنْ شرح " البخاري "؟
إجابة: " فتح الباري " أَجَلّ شرح، لكن نريد أقدم شرح؟
لا، قبل شرح " ابن بطال ".
1 - أقدم شرح لـ" صحيح البخاري ": شرح الإمام الخطَّابي، المتوفى سنة: ثمان وثمانين وثلاثمائة للهجرة، المسمى بـ: " أعلام الحديث " للإمام الخطابي، وهو أقدم شرح لـ" صحيح البخاري "، وهو مطبوع في أربعة مجلدات.
2 - يليه في التاريخ من كتب الشروح المهمة: " شرح ابن بطال "، ابن بطال توفي سنة: تسع وأربعين وأربعمائة من الهجرة، علي بن خلف بن عبد الملِك المالكي المعروف بابن بطال، ونقل عنه الحافظُ كثيرًا في " فتح الباري ".
3 - يليه كتاب: " المُخْبِر الفَصِيح في شرح الجامع الصحيح " لابن التِّين المالكي أيضًا، المتوفى سنة: إحدى عشر وستمائة من الهجرة.
--------------------------------------------------------------------------------
4 - ثم كتاب: " البَدْر المنير السَّاري " لقطب الدين الحلبي عبد الكَرِيم بن عبد النور، المتوفى سنة: خمس وثلاثين وسبعمائة من الهجرة، وهو من الشروح التي نقل منها الحافظ ابن حجر، وهو شرح أثنى عليه كثير من أهل العلم، لكنه لم يُطبع حتى الآن، مع أنه موجود مخطوطًا، لكنه لم يُطبع حتى الآن.
5 - ثم أيضًا كتاب: " التَّنْوِيه في شرح الجامع الصحيح " لِمُغُلْطَايْ بن قُلَيْج الحافظ العالِم المصري، المتوفى سنة: اثنتين وستين وسبعمائة من الهجرة، وهو من الشروح التي استفاد منها الحافظ كثيرًا في كتابه " فتح الباري ".
6 - من الشروح المهمة جدًّا - وهو مطبوع ويكاد يكون مرجِعًا أساسيًّا للحافظ ابن حجر - كتاب: " الكواكب الدَّرَارِي " لمحمد بن يوسف الكَرْمَاني، شرح الكَرْمَاني كما يقول الحافظ دائمًا: قال الكرماني قال الكرماني، ينقل عنه في " الفتح " كثيرًا، وكتابه اسمه: " الكواكب الدَّرَارِي "، والكرماني توفي سنة: ست وثمانين وسبعمائة من الهجرة.
7 - ثم يليه كتاب: " فتح الباري " لابن رجب - غير " فتح الباري " لابن حجر - المتوفى سنة: خمس وتسعين وسبعمائة من الهجرة.
8 - ثم كتاب: " التوضيح شرح الجامع الصحيح " لابن المُلَقِّن، وهو مطبوع، وهو شيخ الحافظ ابن حجر، المتوفى سنة: أربع وثمانمائة من الهجرة، وهو أيضًا من مصادر الحافظ ابن حجر التي أكثر مِن النقل عنها.
8 - ثم يأتي كتاب: الحافظ ابن حجر " فتح الباري ".
9 - وكتاب قَرِينِه: الإمام بدر الدين العَيْنِي " عمدة القاري ".
--------------------------------------------------------------------------------
ومن المعروف أن العيني استفاد كثيرًا من " فتح الباري "، وكان الحافظ – كما تعرفون – يُملي كتابه " فتح الباري " إملاءً على طلابه، فكان العيني كلما بلغه أن الحافظ أملى مجالسَ، أخذ هذه المجالس واستفاد منها ونقل منها في كتابه، وتَعَقَّب الحافظَ ابن حجر في شرحه في مواطن كثيرة، يعني كان يخطئ الحافظ في بعض المسائل، فبلغ الحافظَ ابن حجر هذه التعقبات وأن العيني خطأه في بعض هذه التعقبات، فأَلَّف كتابًا يرد على هذه التعقبات سماه: " انتقاد الاعتراف ".
ثم جاء أحد تلامذة الحافظ ابن حجر وهو البُوصيري، فجمع بين كلام الحافظ ابن حجر وكلام العيني وبعض المسائل التي انتقد فيها العيني الحافظَ ابن حجر ولم يذكرها الحافظُ في " انتقاد الاعتراف "، وحاول أن يحاكم بين هذين الإمامين ويرجِّح قول أحدهما في تلك المسائل في كتاب سماه: " مُبْتَكَرَات اللَّآلِي والدُّرَر في المُحَاكَمَة بين العَيْنِي وابن حَجَر ".
هذه الكتب – الحقيقة – مهمة، لم أذكرها استطرادًا، بل أنا أنصح طالب العلم وخاصة الذي يريد أن يستوعب النظر في الحديث، أقل شيء ألا يتجاوز: " فتح الباري "، و" عمدة القاري "، مع " انتقاد الاعتراف "، و" مُبْتَكَرَات اللَّآلِي والدُّرَر "؛ لأن العيني قد يصيب في بعض الانتقادات، وإن رد عليه البوصيري، فالبوصيري متحَمِّس للدفاع عن الحافظ ابن حجر، فالمُنْصِف قد يقف على الرأي الصواب من خلال هذه المناقشات.
¥(13/103)
ثم هذه المناقشات ولو أخطأ فيها العيني، لكنها توسِّع المدارك وتبيِّن للإنسان بعض الأدلة التي قد تخالف الرأي الذي يرجحه، فيحرص على دفع شبه تلك الأدلة ليستقيم له القول الذي يتبناه، فهي – في الحقيقة – مفيدة ونافعة كثيرًا للتحضير لمن يريد أن يدرِّس مثلًا أحاديث من " صحيح البخاري "، أو يريد أن يقرأ هو قراءة واعية لا يكون فيها مقلِّدًا لأحد من أهل العلم.
--------------------------------------------------------------------------------
10 - من الكتب المهمة التي جاءت بعد الحافظ ابن حجر: " إرشاد الساري " للقَسْطََلانِي، وهو طبعًا بعد الحافظ ابن حجر، توفي سنة: ثلاثًا وعشرين وتسعمائة، يمتاز كتابه هذا بأنه جَمَع ما في " عمدة القاري " وما في " فتح الباري "، وفيه مَزِيَّة كبرى أخرى، وهو أنه نقل لنا الفروق بين نُسَخ البخاري التي كان قد قيَّدَها أحد العلماء - وهو: اليُونِينِي - على نسخته الشهيرة من " صحيح البخاري "، للفروق بين نُسَخ " صحيح البخاري " نقلها لنا الْقَسْطَلَانِي كاملةً في شرحه لـ" صحيح البخاري "، وهو أكثر من نقل هذه الفروق من المتأخرين ومن المعاصِرين.
11 - من الشروح المتأخرة أو المعصرة إن صح التعبير، أو المحدثة – ليست معاصرة – كتاب: " فيض الباري على صحيح البخاري " لأحد علماء الهند، وهو محمد أنور شاه الكَشْمِيري، المتوفى سنة: اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف، وهو من الشروح المتأخرة التي فيها إضافات وفيها فوائد أيضًا لا يُستغنى عنها.
هذه الشروح أشهر الشروح على " صحيح البخاري ".
من جهود العلماء حول " صحيح البخاري ": المُسْتَخْرَجات.
والمستخرجات قد تكلمنا عنها في السَّنة الماضية لما تكلمنا عن " نُزهة النظر "، وهي وجه من وجوه التصنيف في السُّنة النبوية؛ المقصود أنها كتب تخدم " صحيح البخاري ".
ومن أشهر هذه المستخرجات:
1 - مستخرج الإسماعيلي.
2 - مستخرج أبي نُعَيْم.
3 - مستخرج البارقاني.
لكن للأسف الشديد لا نعرف شيئًا عن هذه الكتب إلا ما ينقله عنها أهل العلم، فليس هناك كتاب معروف موجود من المستخرجات على " صحيح البخاري "، توجد مستخرجات على غير البخاري، لكن البخاري كلها مفقودة حسب علمي.
هناك من ألَّف حول شيوخ البخاري في " الصحيح ":
وكتبهم مطبوعة؛ جمع شيوخ البخاري الذي روى عنه في صحيحه كـ:
1 - كتاب ابن عدي.
2 - وكتاب ابن منده.
3 - وكتاب أصفهاني.
وهناك من جمع تراجم رجال البخاري:
--------------------------------------------------------------------------------
تراجم رجال البخاري عمومًا؛ ليس الشيوخ فقط، بل رجال البخاري عمومًا، من هذه الكتب:
1 - كتاب ( ... )، وقبله الدار قطني "رجال البخاري ومسلم " للدارقطني، وفَصَل كتاب رجال البخاري عن كتاب رجال مسلم؛ رجال البخاري جعلهم في المجلد الأول، ورجال مسلم جعلهم في المجلد الثاني.
2 - وبعده الحاكم: أيضًا جمع رجال البخاري ومسلم في كتابه " المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم "، فإنه عقد فصلًا كبيرًا - تقريبًا ثلثي الكتاب - حول رجال البخاري ومسلم.
3 - وهناك من خص البخاري بمُؤَلَّف وهو الكَلَابَازِي في كتابه: " رجال صحيح البخاري ".
4 - وهناك من جمع بين الشيخين أيضًا في كتاب منفصل وهو: محمد بن طاهر المقدسي في كتابه " رجال الصحيحين ".
5 - وهناك من ضم رجال البخاري إلى غيره من الكتب الستة، مثل: كتاب " الكمال " للمقدسي، وكتاب " تهذيب الكمال " للمِزِّي، والكتب التي تَبِعَتْ كتاب " تهذيب الكمال " بعد ذلك.
هناك كتب المختصرات؛ مختصرات " صحيح البخاري "، مثل:
1 - مختصر ابن أبي جَمْرة.
2 - ومختصر الزَّبِيدي الذي هو " تجريد الصحيح ".
3 - وأيضًا مُؤَخَّرًا كتب الشيخ الألباني مختصرًا لـ" صحيح البخاري ".
هناك من اعتنى بضبط الأسماء والكلمات الغريبة في هذا الكتاب:
وأشهر كتاب في ذلك:
1 - كتاب " تقييد المُهْمَل وتمييز المشكِل " لأبي علي الغَسَّاني الجَيَّاني.
2 - وأيضًا كتاب " مشارق الأنوار " للقاضي عياض، الذي اعتنى بمشكلات الضبط في الصحيحين و" موطأ " مالك.
كتاب " مشارق الأنوار " للقاضي عياض ضم إلى الصحيحين " موطأ " مالك، أما كتاب " تقييد المُهْمَل " فهو خاص بالصحيحين.
¥(13/104)
هناك كتب الخُتُوم:
--------------------------------------------------------------------------------
والمقصود بـ" كتب الخُتُوم ": أن المحدثين كانوا إذا رَوَوُا الكتابَ يجعلون آخر مجلس - إذا ختم الكتاب وانتهى من قراءة الكتاب كاملًا - بعد ذلك يعقد مجلسًا يبيِّن فيه منهج المؤلف وترجمة المؤلف وبعض فضائل هذا الكتاب؛ يسمون هذا المجلس الأخير الذي يُمْلِيه المُحَدِّث بـ " ختم صحيح البخاري "، " ختم صحيح مسلم "، " ختم سنن أبي داود ". . وهكذا.
وللمحدِّثين خُتُوم على " صحيح البخاري " كثيرة، مطبوع منها:
1 - كتاب " عمدة القاري والسامع " للسَّخاوي.
2 - وأيضًا خَتْم " صحيح البخاري " لابن ناصر الدين الدمشقي، مطبوع.
من الجهود حول " صحيح البخاري ": كتب الأطراف.
ومعروف أن كتب الأطراف هو: أن يأخذ الكتاب ويرتبه على المسانيد ويرتب الرواة عن كل صحابي على حروف المعجم، كما أنه يرتب أسماء الصحابة على حروف المعجم، وينقل الإسناد كاملًا، ويكتفي بذكر طَرَف المتن للدلالة عليه، ولذلك سميت كتب الأطراف؛ لأن المؤلف يكتفي بذكر طرف المتن للدلالة على الحديث المقصود، وإلا فهي إعادة لترتيب الكتاب الذي يُرَتَّب في ذلك الكتاب الذي أُلِّف على أطراف المسانيد، ويُرَتب المسانيد على حروف المعجم، ويرتب الرواة عن الصحابي أيضًا على حروف المعجم، وربما استمر في هذا الترتيب في الطبقات المتأخرة؛ في طبقة الراوي عن الراوي عن الصحابي عن طبقة التابعي وتابع التابعي.
1 - ومن أشهر هذه الكتب؛ أول من نعرفه ألَّف كتابًا حول أطراف الصحيحين – لا " صحيح البخاري " خاصة وإنما الصحيحين – أبو مسعود الدمشقي.
2 - وتلاه خَلَف الواسِطي.
3 - ثم جاء الإمام المِزِّي فأَلَّف كتابه " تحفة الأشراف " الذي ذكر فيه أطراف الصحيحين مع بقية مصنفات أصحاب الكتب الستة الشهيرة؛ يعني الكتب الستة مضافًا إليها كتاب " المراسيل "، وكتاب " السنن الكبرى " للنسائي، وأيضًا ربما أضاف إليها بعض الأحاديث من كتب أخرى.
--------------------------------------------------------------------------------
هذه أهم الجهود حول " صحيح الإمام البخاري "، ونختم بها الكلام عن " صحيح البخاري " عليه رحمة الله.(13/105)
مصادر السنة ومناهج مصنفيها للشيخ د. الشريف حاتم بن عارف العوني (4) صحيح مسلم
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:23 ص]ـ
ونبتدئ بالكتاب الثاني من كتب الصحيح:
ولا شك أن طلبة العلم يعرفون أن ثاني أصح كتاب بعد " كتاب الله " هو: كتاب الإمام مسلم بن الحجاج عليه رحمة الله، فنقف وقفة يسيرة مع ترجمة هذا الإمام.
هو الإمام مسلم بن الحجاج أبو الحسين القُشَيْري النَّيْسَابُوري، وقُشَيْر قبيلة عربية، وهو من العرب صَلِيبة، والله أعلم؛ هذا الراجح فيه، وإن كان هناك خلاف في هذه القضية، لكنه من العرب.
ونيسابور مدينة شهيرة في خراسان، وهي الآن في إيران، لكن ينطقونها بالشين: نيشابور، واسمها قديمًا نيسابور، كانت دارًا للسُّنة والعَوَالي كما يقول الإمام الذهبي.
ولد في هذه البلد ونشأ فيها، وكانت تَعُجُّ بالمحدِّثين، وكان لا يساوي بغداد أو يقاربها في كثرة السنة وكثرة المحدثين إلا نيسابور في بلاد العالم الإسلامي، فنشأ في هذه البلد التي امتلأت بالعلماء، ولا شك أنه استفاد من هذا الوسط العلمي.
وُلِد سنة مائتين وستة للهجرة، قيل: مائتين وأربعة، وقيل غير ذلك، لكن الراجح – والله أعلم – أنه سنة مائتين وستة للهجرة، فبينه وبين البخاري كم سنة؟ اثنا عشر سنة؛ لأن البخاري قلنا ولد سنة: مائة وأربعة وتسعين، مسلم ولد سنة: مائتين وستة.
وتوفي الإمام مسلم سنة: مائتين وواحد وستين، عليه رحمة الله.
--------------------------------------------------------------------------------
بدأ السماع سنة مائتين وثمانمائة عشرة؛ أول سماعه للحديث كان سنة مائتين وثمانمائة عشرة، يعني كم كان عمره؟ كان عمره اثني عشرة سنة، وأول من سمع منه الحديث هو يحيى بن يحيى بن بُكَيْر التَّمِيمي النيسابوري، وهو أحد رواة " الموطأ " عن الإمام مالك، ولذلك فإن الإمام مسلم يروي " موطأ مالك " من رواية يحيى بن يحيى بن بكير التميمي. انتبهوا! هو غير يحيى بن يحيى اللَّيْثِي المَصْمُودي صاحب الرواية الشهيرة للموطأ، فالإمام مسلم لم يروِ " موطأ مالك " من طريق الليثي، وإنما رواه من طريق يحيى بن يحيى بن بكير التميمي.
ومن قدماء شيوخه ومشاهيرهم أيضًا: عبد الله بن مسلمة القعنبي، وإسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد.
وعدد شيوخ الإمام مسلم الذي روى عنهم في صحيحه: مائتان وإحدى عشر شيخ، وروى خارج " الصحيح " عن ست وعشرين شيخًا آخرين، فيكون عدد شيوخه: مائتين وخمسة وثلاثين شيخ، الذين وقفنا عليهم، وإلا عدد شيوخه أكثر من ذلك بكثير.
رحل من نيسابور إلى بلدان العالم الإسلامي، فسمع بالمدينة لإسماعيل بن أبي أُوَيْس، وبالبصرة من أكثر من واحد من أهل العلم، ومن بَلْخ، وبغداد، ولقي الإمام أحمد وسمع منه ومن غيره من أهل بغداد، وبالكوفة، والرَّي، والشام، ومصر، فله رحلة واسعة جدًّا تناولت بلدان خراسان والمشرق الإسلامي، وأيضًا العراق بما فيها المدن، وبلاد الشام بما فيها المدن، والحجاز؛ الحرمين، وأيضًا رحل إلى مصر وسمع من علماء مصر، وكان دخوله مصر قبل سنة مائتين واثنين وأربعين؛ لأن بعض شيوخه المصريين توفي سنة مائتين واثنين وأربعين، فمعنى ذلك أنه لقيهم قبل سنة وفاتهم، وهذا يدل على أن رحلته إلى مصر أيضًا كانت قبل هذه السنة.
--------------------------------------------------------------------------------
الذين أكثر عنهم في " الصحيح " من شيوخه هم: أبو بكر بن أبي شيبة، وزُهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وقتيبة بن سعيد، والعَبْد بن حُمَيْد، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وأبو كُرَيْب محمد بن العلاء، ومحمد بن بشار الشهير ببُنْدار، ومحمد بن رافع، ومحمد بن حُجْر، ومحمد بن حاتم بن الميمون البغدادي؛ هؤلاء هم الذين أكثر جدًّا من الرواية عنهم في " صحيحه ".
نريد أن نذكر بعض كلمات الأئمة في ثناءهم عليه:
¥(13/106)
1 - يقول عنه إسحاق بن راهويه، وإسحاق بن راهويه كما ذكرنا توفي سنة ثمانية وثلاثين ومائتين من الهجرة، يعني كم كان عمر الإمام مسلم لما توفي إسحاق؟ كان عمره اثنين وعشرين سنة. يقول عنه إسحاق بن راهويه وقد رأى نبوغه المبكر، يقول: " أي رجل يكون هذا "، يقول: إذا كَبُر هذا الفتى ماذا سيكون أمره؟! فقد تَوَسَّم فيه أنه سيكون له شأن آخر إذا كبر في السن.
2 - ويقول عنه أحد شيوخه وهو محمد بن بشار الذي ذكرناه قبل قليل ممن أكثر عنه، وانتبه لأن ثناء الشيخ له مكانه خاصة، يعني معنى ذلك أنه أثنى عليه في زمن الطلب، ومع ذلك ماذا يقول عنه محمد بن بشار بندار؟ يقول: " حُفَّاظ الدنيا أربعة - انظر الكلمة كبيرة جدًّا! – أبو زُرعة بالرَّي، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، والدارمي بسَمَرقَنْد، والبخاري ببُخارى ". هذه كلمة جليلة جدًّا تبين نبوغ الإمام مسلم وأنه كان يُعد من أربعة هم أفضل علماء الحديث في زمنهم، وقُرِن بالبخاري وقرن بأبي زرعة وقرن بالدارمي، وهؤلاء كلهم من شيوخ الإمام مسلم، ومع ذلك يُقْرَن بهم ويعتبر من حفاظ زمانه.
ويقول أبو حامد بن الشَّرَقي: " إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة: محمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب ". يقول إن هؤلاء هم أفضل العلماء الذين أخرجتهم خراسان.
--------------------------------------------------------------------------------
ويقول ابن الأخرم وهو من تلامذة الإمام مسلم، يقول: " إنما أخرجت مدينتنا هذه – أي نيسابور – من رجال الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى الذهلي، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب ".
تلامذته:
روى عنه بعض شيوخه كأبي حاتم الرازي، لكن من أشهر تلامذته: ابن خزيمة، وأبو العباس السراج صاحب المسند الذي طُبع مؤخرًّا، والإمام الترمذي روى عنه في كتاب " الجامع " أيضًا، ومحمد بن مَخْلَد الدوري وهو من حفاظ بغداد الشهيرين، ومحمد بن النضر الجارُودي وهو من نقاد وحفاظ ذلك العصر.
لكن الذين رَوَوْا عنه " الصحيح " ثلاثة، وهم: إبراهيم بن محمد بن سفيان، وأحمد بن علي بن الحسين القَلانِسِي، ومَكِّي بن عبدان، إلا أن " صحيح مسلم " ما وصل إلينا إلا من رواية اثنين؛ هما: إبراهيم بن محمد بن سفيان، وأحمد بن علي بن الحسين القَلانِسِي، وغالب رواية المشارقة من رواية ابن سفيان، أما المغاربة فلهم رواية أخرى وهي رواية القَلانِسِي مع رواية ابن سفيان.
المقصود أن هؤلاء هم أشهر الرواة، أيضًا أبو عوانة صاحب " المستخرج " من الرواة عن الإمام مسلم.
المؤلفات المطبوعة لهذا الإمام والموجودة:
1 - كتاب " الأسماء والكُنى ".
2 - كتاب " التَّمْيِيز " الذي وُجِدت قطعة منه وطُبعت.
3 - كتاب " رجال عروة بن الزبير وغيره ".
4 - كتاب " الطبقات ".
5 - كتاب " المنفَرِدات والوحدان ".
6 - كتاب " المخضرَمون ".
وكتاب المخضرمين وجدتُ أن أكثر من ترجم للإمام مسلم يعدونه ضمن كتب الإمام مسلم المفقودة، والصحيح أنه ليس كتابًا مفقودًا، بل هو موجود برمته بكامله في كتاب " معرفة علوم الحديث " للحاكم، أورده بالكامل بالإسناد، قال: حدثنا فلان عن فلان عن مسلم، ثم أورد كتاب مسلم في المخضرمين كاملًا.
طبعًا كتابه الأخير كتاب " الصحيح " الذي سنتكلم عنه الآن.
--------------------------------------------------------------------------------
اسم كتاب " صحيح مسلم " بالكامل؛ منهجنا في دراسة الكتاب تبتدئ بذكر الاسم لأن الاسم له فائدة كبيرة في معرفة منهج المؤلف، اسمه: " المسنَد الصحيح المختَصَر من السنن بنقل العَدْل عن العدل عن رسول الله صلى الله عل وآله وسلم ".
بدأ الإمام مسلم تصنيف هذا الكتاب سنة مائتين وخمسة وثلاثين للهجرة، كم كان عمره يعني؟ تسعة وعشرين سنة، وانتهى من تأليفه سنة مائتين وخمسين، يعني مكث في تأليفه خمسة عشرة سنة؛ من مائتين وخمسة وثلاثين إلى مائتين وخمسين.
¥(13/107)
وهنا أُنَبِّه إلى قضية مهمة تجاه هذا التاريخ، وهي أن لقاء الإمام مسلم بالبخاري إنما كان سنة مائتين وخمسين؛ لأن الإمام البخاري ورد نيسابور سنة مائتين وخمسين، فكان هذا هو أول لقاء للإمام مسلم به، ولعل هذا أحد ما يبين لنا السبب الذي من أجله لم يروِ الإمامُ مسلم عن البخاري في كتابه " الصحيح "؛ لأنه إنما ورد نيسابور ولقاءه بالبخاري كان بعد أن انتهى من تأليف " الصحيح "؛ هذا جواب على من قد يسأل: لما لم يُخْرِج مسلمٌ عن البخاري في كتابه " الصحيح " مع شدة إجلاله له وتعظيمه له إلى وفاة البخاري؛ إلى أن توفي، حتى - كما قلنا - أنه ابتُلي البخاري وربما خَطَّأَهُ بعض تلامذته، إلا مسلمًا وقلة من الرواة استمروا على وفائهم لشيخهم إلى أن توفي الإمام البخاري، وكان يزوره في بلده نيسابور وحتى بعد خروجه منها إلى أن توفي الإمام البخاري، ومع ذلك لم يرو عنه شيئًا في " الصحيح " لأنه انتهى من تأليف " الصحيح " قبل لقاءه بالبخاري.
--------------------------------------------------------------------------------
انتقى الإمام مسلم أحاديث كتابه من ثلاثمائة ألف حديث، وتمتاز فترة تأليفه لكتابه أنه ألفه في بلده نيسابور وفي حياة كثير من شيوخه كما ذكرنا، وعنده أصولُه كاملةً، يعني ما كان يكتب من حفظه وإنما يكتب من أصوله، وهذه أحد مزايا " صحيح مسلم " على " صحيح البخاري " كما يأتي؛ البخاري ربما سمع الحديث بالحجاز ويكتبه بالشام، وربما سمعه بالشام ويكتبه بالعراق، يعني كان يؤلف الصحيح أثناء رحلته، أما مسلم فألفه أثناء مُكثه بنيسابور وفي حالة وجود كتبه وشيوخه، حتى لو شك في رواية أو في كلمة يمكن يراجع بعض شيوخه في بعض الأمور، ولذلك يتميز " صحيح مسلم " بالدقة في قضية سياق ألفاظ الأسانيد والمتون في صحيحه الذي نتكلم عنه.
أول كلمة في هذا العنوان: " المسند ".
وسبق الكلام عنها وعن دلالتها وهو أنه المرفوع المتصل، وذكرنا أن الإمام البخاري قد ذكر بعض الموقوفات في صحيحه، وأما مسلم فإنه ذكر بعض الموقوفات والمقطوعات، لكنه أقل من البخاري بكثير في هذا الجانب، إلا أن بعض أهل العلم وهو ابن الصلاح لما ذكر الفروق بين البخاري ومسلم قال من بين الفروق أو من بين الأمور التي فُضل بها " صحيح مسلم " عن " صحيح البخاري " قال: " إنه لا يوجد فيه بعد مقدمته إلا الحديث المسند الصحيح الْجَرد دون أن يضيف إليه شيئًا آخر ".
ففهم بعض أهل العلم من هذه العبارة أنه ليس بـ" صحيح مسلم " أحاديث موقوفة، ولذلك أَلَّف الحافظ ابن حجر كتابًا سماه: " الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف "، وأورد في هذا الكتاب مائة واثنين وتسعين أثر موقوف على الصحابة والتابعين، لكن غالب هذه الآثار لم يوردها الإمام مسلم أصالةً، وإنما يكون كلامًا للصحابي؛ إما عقب روايته للحديث أو قبل روايته للحديث المرفوع بما فيه من كلام الصحابي، فيذكرها الإمام مسلم كما سمع.
--------------------------------------------------------------------------------
وزادت مُحَقِّقة الكتاب؛ لأن كتاب الحافظ ابن حجر " الوقوف " له تحقيقان فيما علمتُ، إحدى الطبعتين بتحقيق امرأة، قامت بجَرْد الصحيح واستخرجت أيضًا عددًا آخر من الأحاديث لم يذكرها الحافظ ابن حجر، بلغت واحدًا وخمسين حديثًا، إضافة للمائة واثنين وتسعين، واحد وخمسين حديثًا موقوفًا؛ إما على الصحابة أو التابعين.
شرط الاتصال المأخوذ من قوله " المسند " ومن قوله " الصحيح " أيضًا يجعلنا نقول بأن الإمام مسلم – ولا شك – لم يُورِد شيئًا من الأحاديث المنقطعة عنده، وإن كان أورد بعض المعلقات، لكنها قليلة، وهناك إحصائية دقيقة لهذه المعلقات استفدتُها من تحقيق شيخكم الشيخ سعد الْحُمَيد لكتابه الذي حققه " الدرر والفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأسانيد المقطوعة "؛ هذا كتاب لرَشيد الدين العَطَّار.
¥(13/108)
في هذا الكتاب تعرَّض رشيد الدين العطار للأحاديث التي حُكِمَ عليها بالانقطاع، أو بالتعليق، أو بالإرسال، أو التي أُخذت وِجادة، أو مكاتَبة في " صحيح مسلم "، وكان من شأن الشيخ – حفظه الله ووفقه الله – أن بَيَّن صُور هذه الأحاديث وأقسام هذه الأحاديث في الإحصائية التالي ذكرها.
يقول: " إِنَّ عدد المعلقات في صحيح مسلم ستة فقط ".
انظر الفرق الكبير بينه وبين صحيح البخاري، عدد المعلقات في صحيح مسلم على الراجح والصحيح ستة.
" خمسة منها وصلها في صحيحه نفسه ".
إذًا يبقى الذي لم يصله في الصحيح حديث واحد؛ هذا فرق كبير بينه وبين البخاري من هذه الناحية.
" الأحاديث المنقطعة هي واحد وعشرون حديثًا، لكن حسب الإحصائية - يقول – كلها في المتابعات والشواهد، التي فيها راوٍ مبهَم ".
من هو الراوي المبهم؟
هو الذي لم يُسَمَّ.
" فعدد الأحاديث التي فيها رواة مبهمون اثنا عشر حديثًا، وكلها في المتابعات والشواهد أيضًا، ومنها ما سمي المبهم خارج الصحيح ".
--------------------------------------------------------------------------------
من هذه الأحاديث الاثني عشر أيضًا قد عَرفنا المبهم من خارج " صحيح مسلم "، لكن كلها في المتابعات والشواهد.
رابعًا: الوِجادات:
الوِجادة تعريفها: هي التلقي أو الأخذ أو التحمل – أي عبارة اختارها - عن الكتاب دون سماع أو عَرْض أو إِذْن بالرواية؛ حتى نُخرج الإجادة أيضًا، هذه هي الوجادة.
ففي مسلم بعض الوجادات، وعدد هذه الأحاديث التي رواها بالوجادة ثلاثة أحاديث؛ منها اثنان رواها مسلم من وجه آخر متصلة من غير وجادة، والحديث الثالث رُوي موصولًا عند البخاري، لم يروِه مسلم موصولًا وإنما روي موصولًا عند البخاري؛ إذًا كل الوجادات تعتبر متصلة عند مسلم.
خامسًا: المراسيل:
نقصد بالمرسل ما رواه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وهي قسمان:
القسم الأول: ما ورد عرضًا تبعًا للموصول؛ والذي إنما أورده مسلم من أجله، يعني الإمام مسلم يُخْرِج الحديث المتصل، وقد يكون للتابعي بعد المتصل كلام مرسل، فيورده الإمام مسلم، فيكون اعتماده لا على المرسل ولا قصد إخراج المرسل، وإنما قَصَد إخراج الوجه المتصل أو القطعة المتصلة من هذا الحديث، وعدد هذه الأحاديث تسعة أحاديث.
القسم الثاني: ما أورده مرسلًا مستقِلًّا، ولم يأتِ موصولًا، وإنما ورد موصولًا من طريق ضعيف، وهو حديث واحد.
ومع كونه أيضًا حديثًا واحدًا لم يُخْرِجه مسلم للاحتجاج، وإنما أخرجه لبيان الخلاف في إحدى المسائل الفقهية التي أوردها، فهو حديث واحد، الحديث المرسل الذي لم يُرو متصلًا إلا من وجه واحد، إلا من وجه – يعني – خارج الصحيح، وهو أيضًا وجه ضعيف، هو حديث واحد، والنظر في الحديث يبين أن مسلمًا ما قصد من إخراجه الاحتجاج، وإنما قصد من ذلك بيان أنه قد وقع خلاف في فقه هذا الحديث وفي الاستنباط المأخوذ منه.
--------------------------------------------------------------------------------
الخلاصة من هذا العرض أنه لا يَلْحَق مسلمًا من ذلك عيبٌ ولا ذمٌّ بهذه الأحاديث، وكل هذه الأحاديث – في الحقيقة – الجواب عليها سبق ذكره.
طبعًا هناك مراسيل - ممكن تعتبره قسمًا ثالثًا - هو أوردها مرسلة، ووصلها في الصحيح في موطن آخر
من فوائد هذه التسمية مما لم يَسبق ذكره في " صحيح البخاري ":
1 - أن " المسند الصحيح " غير كتاب " الجامع " للإمام مسلم؛ لأن هناك كتاب للإمام مسلم اسمه " الجامع " غير كتابه " الصحيح "؛ لأن بعضهم يظن أن كتاب " الجامع " لمسلم هو كتابه " الصحيح "، ولذلك طُبع الكتاب في بعض طبعاته بعنوان: " الجامع الصحيح "، وهذا خطأ، كتاب " الجامع " للإمام مسلم كتاب منفصل عن كتاب " المسند "، وقد حقَّق هذه المسألة الشيخ عبد الفتاح أبو غُدَّة في كتابه المسمى بـ" تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي "؛ بَيَّن أن كتاب " المسند الصحيح " – وهو " صحيح مسلم " – غير كتاب " الجامع " للإمام مسلم.
¥(13/109)
2 - من فوائد هذه التسمية أيضًا: أن نعلم أن التسمية بالمسند لا يلزم منها أن يكون الكتاب مرتبًا على أسماء الصحابة؛ لأن المشهور في الكتب التي وُصِفَت بالمسند هي الكتب التي رُتبت فيها الأحاديث على حسب أسماء الصحابة، لكن هذا ليس على اضطراده؛ لأنه هناك كتب متعددة وُصِفت بأنها مسند وهي غير مرتبة على أسماء الصحابة، وعلى رأسها كتاب " مسلم بن الحجاج "، وكتاب " مسند الدارمي "، وكتاب " مسند السَّرَّاج "، وكتب متعددة أخرى وُصفت بأنها وُسِمَتْ أو سماها أصحابها بالمسند، وهي غير مرتبة على أسماء الصحابة.
ما دام أننا تعرضنا إلى قضية أن كتاب مسلم مع تسميته بـ" المسند " إلا أنه مرتَّب على الأبواب، فنتطرق إلى تبويب الإمام مسلم:
--------------------------------------------------------------------------------
من المعلوم أن هذا الكتاب – كما ذكرنا – مرَّتَب على الأبواب وعلى الكتب، لكن الأمر المستَغْرَب الملْفِت للنظر أن الإمام مسلم لم يضع عناوين للأبواب، ليس هو الذي بَوَّبَ كتابه، هو مُرَتَّب على الأبواب، وبدقة، لكنه لم يضع عناوين لتلك الأبواب المرتبة، وضع عناوين الكتب: " كتاب الإيمان "، " كتاب الطهارة "، " كتاب الصلاة ". . هذه من وَضْع الإمام مسلم، لكن عناوين الأبواب الداخلية ضمن كل كتاب منها؛ هذه لم يضعها الإمام مسلم.
تقولون: طيب! الكتاب مطبوع بعناوين!!
هذه العناوين بعضها من النُّسَّاخ، وبعضها من الشُّرَّاح؛ أضافها إما ناسخ الكتاب ليُمَيِّز كل مجموعة من الأحاديث متعلقة بتبويب، وبعضها مأخوذ من الشراح، وأغلب المطبوعات لـ" صحيح مسلم " اعتمدت كثيرًا على تبويبات الإمام النووي لشرحه لـ" صحيح مسلم "، فهذه التبويبات ليست من وَضْع مسلم، وإنما هي من وَضْع الشراح، وفي بعض النسخ من وَضْع النُّسَّاخ؛ لأن هناك نُسَخ قبل الإمام مسلم وجدنا فيها تبويبات، فهذا يدل على أن هذه التبويبات ربما فعلها أيضًا النساخ أنفسهم.
وهذا الأمر – الحقيقة – يحتاج إلى وَقفة؛ لأن الكتاب – كما ذكرت – مُرَتَّب بالفعل على الأبواب، إلا أنه لم يذكر هذه العناوين.
فما هو السبب في عدم ذكره لهذه العناوين مع أنه قام بالجهد المطلوب وهو ترتيبه على الأبواب؟
هناك سببان محتملان إما يكون هذا أو ذاك، ويحتمل أن يكون كلا السببين هما اللذان دَعَيَا الإمام مسلم إلى حذف هذه التبويبات:
السبب الأول: الاختصار؛ فإنه نص في عنوان كتابه أن كتابه مختصر، فأراد أن يحذف هذه التبويبات للاختصار.
السبب الثاني والذي يظهر أن هو الأقوى: أنه أراد أن يجعل كتابه خالِصًا للأحاديث النبوية دون أن يُبَيِّن رأيه فيها؛ أن يترك الناظر يَستنبط هو وحده من هذه الأحاديث الحكم المُسْتَنْبَط منها.
--------------------------------------------------------------------------------
وفي هذا السياق أتذكر كلمة الإمام أحمد عندما انتقد كتاب " الموطأ " للإمام مالك أنه جمع فيه بين الرأي والحديث، يعني الفقه والحديث، وكان يرى الإمام أحمدُ أنه لو خُلِّصَ الحديث وحده لكان هذا أولى، فلعل الإمام مسلم يرى هذا الرأي، قد يكون استفاده من شيخه أحمد أو من غيره وقد يكون هو مُتَبَنٍّ لهذه الفكرة أيضًا، المقصود أن هذا العمل لمسلم الظاهر – والله أعلم – أنه قصد به بالفعل أن يجعل كتابه جامعًا للأحاديث دون تَدَخُّل منه في الفقه المُسْتَنْبَط من هذه الأحاديث.
وهذا منهج محمود، ومنهج البخاري أيضًا محمود ولا شك، فكم كنا سنفقد من العلم لو أن الإمام البخاري لم يبين لنا فقهه من تلك الأحاديث، وكل اجتهد ويؤجر على اجتهاده إن شاء الله.
ومن هنا ندخل إلى أعظم ما يُمَيِّز " صحيح الإمام مسلم " على " صحيح البخاري "، وهو قضية " الترتيب والتبويب ":
¥(13/110)
فمن أهم مزايا " صحيح مسلم " على " صحيح البخاري ": جَمْعُهُ طرقَ الحديث وألفاظه في مكان واحد، يمتاز الإمام مسلم أنه إذا أخرج الحديث يذكر الطرق كاملةً بألفاظها في موطن واحد، بخلاف البخاري الذي ذكرنا أنه يروي الحديث في كل موطن حسب التبويبات التي يذكرها، وربما اختلفت ألفاظ الحديث، وربما قَطَّع الحديث الواحد إذا كان طويلًا فيختصره فيذكر موطن الشاهد فقط تحت كل باب، أما مسلم فيمتاز بأنه يذكر الحديث كاملًا بطرقه وألفاظه في موطن واحد.
وفي الحقيقة هذه تكاد تكون كل كتب المصطلح، تذكر أن هذا هو الوجه الذي فُضِّل به " صحيح مسلم " على " صحيح البخاري ".
--------------------------------------------------------------------------------
ولكن هذا الوجه – من باب الإنصاف للبخاري ومسلم – هو مَزِيَّة من وجه، وتصرُّف البخاري أَمْيَز وأفضل من وجه آخر، فلا شك أن من أراد الفقه والاستنباط سيجد أن فعل البخاري أفضل، ومن أراد أن يعرف الصَّنْعة الحديثية وأن يحفظ الحديث بطرقه وألفاظه سيجد أن صنيع مسلم أفضل، ولذلك لا يمكن أن نُطْلِق القول بأن " صحيح مسلم " أفضل من " صحيح البخاري " من ناحية الترتيب والتبويب، إلا أن نقول: إنه أفضل من " صحيح البخاري " من ناحية الترتيب والتبويب للمُحَدِّث، أما إذا قلنا بأنه أفضل وأردنا أن نعرف للفقيه أيهما أفضل، فلا شك أن " صحيح البخاري " يكون أفضل من " صحيح مسلم "، فإذا أردنا أن نطلق هذه العبارة لا بد أن نقيدها بهذا القيد؛ أنه أفضل للمحدِّث الذي يريد أن يعرف الطرق والألفاظ، أما من أراد أن يعرف الفقه فـ" صحيح البخاري " أفضل.
من مزايا " صحيح مسلم " - وسبق ذكرها - على " صحيح البخاري ": عنايته الكبرى باللفظ - بلفظ الحديث - وتحرير اختلاف الرواة في الألفاظ ولو دَقَّتْ، بل حتى في صيغ الأداء مثل: " حدثنا، وأخبرنا "، وسبب ذلك: أن مسلمًا يفرِّق بين استخدام " حدثنا " واستخدام " أخبرنا "، وهذه مسألة خلافية عند المحدثين: هل حدثنا وأخبرنا بمعنى واحد أو ليست بمعنى واحد؟
فمن أهل العلم مَنْ يرى أنها بمعنًى واحد، وعلى رأس هؤلاء البخاري، البخاري يرى أن " حدثنا وأخبرنا وسمعت وعن " كلها بمعنى واحد تؤدي الاتصال.
وأما مسلم فيفرِّق بين " حدثنا " و" أخبرنا "، ويعتبر أن " حدثنا " لفظ يُستخدم لِمَا أُخذ عن الشيخ بالسماع؛ لأن طرق التَّحَمُّل - كما سبق في درسنا العام الماضي - منها طريقة السماع، ومنها طريقة العَرْض أو القراءة على الشيخ.
--------------------------------------------------------------------------------
السماع: أن يحدِّث الشيخ ويسمع الطلاب، والقراءة: أن نأتي بحديث هذا الشيخ ونقرأه عليه وهو يسمع، مثل طريقة قراءة طلبة القرآن على مشايخهم؛ يأتي الطالب ويقرأ على الشيخ والشيخ يسمع، إذا كان هناك أخطاء يصوبها له.
فهاتان طريقتان من طرق التلقي في السُّنة؛ فمسلم يرى أن ما أُخذ بالسماع يُستخدم معه كلمة " حدثنا "، و ما تُلُقِّي بالعَرْض يستخدم معه كلمة " أخبرنا "، ولذلك كان يُدَقِّق في ألفاظ شيوخه وشيوخ شيوخه الذين استخدموا هذه العبارة، ولذلك تجده مثلًا مرة يقول: " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نُمَيْر؛ أما ابن أبي شيبة فقال أخبرنا، وأما ابن نمير فقال حدثنا "، مع إنها عند البخاري واحد ما كان يُتْعِب نفسه ويقول أما وأما …، لكن لأنه يفرِّق ويريد أن يدقق في ألفاظ الشيوخ، حتى هذه الصيغ كان يبيِّن الفروق فيما بينها عليه رحمه الله.
هذا من مزاياه الكبرى في الحقيقة والتي تبين دقته المتناهية، لِأَنه دَقَّقَ في مثل هذه الألفاظ وتَحَرَّى في هذه الاختلافات اليسيرة، فكيف سيكون تَحَرِّيه في متن الحديث وألفاظ الحديث؟! لا شك أن هذا دلالة وعلامة أنه سيبلغ من التحري مبلغًا عظيمًا.
من مزايا الإمام مسلم في هذا الكتاب وهي متعلقة أيضًا بدقته وتحريه: ما ذُكر عنه من منهجه في سياق الأحاديث التي تُروى بإسناد واحد، فمثلًا صحيفة همام بن مُنَبِّه عن أبي هريرة كلما أراد أن يروي حديثًا منها يروي بالإسناد عن همام بن منبه عن أبي هريرة يقول: " وذَكَر أحاديث ومنها حديث كذا ".
¥(13/111)
أما البخاري فربما فعل شيئًا آخر يقول بالإسناد: " حدثنا همام بن منبه عن أبي هريرة. . " يذكر أول حديث من هذه النسخة ثم يذكر الحديث الذي يريد أن يستدل به؛ هذه طريقة عند الإمام البخاري في إيراده لهذه النسخة، أو أن يكتفي فقط بالحديث التي يريد أن يحتج بها.
--------------------------------------------------------------------------------
فتصرف مسلم لا شك أنه أوضح وأدق من تصرف الإمام البخاري في هذه المسألة.
الكلمة الثانية في العنوان " الصحيح ":
ولا شك أن هذا تصريح منه بشرط كتابه، وأنه يشترط ألا يورد فيه إلا الأحاديث الصحيحة.
وهناك أيضًا عبارة أخرى في كتابه غير المقدمة؛ ميزة الإمام مسلم أن له مقدمة، فنحن لسنا مضطرين فقط إلى أخذ شرطه من عنوان الكتاب، بل أيضًا مقدمة " صحيح مسلم " مليئة ببيان شرطه في كتابه.
لكن أيضًا حتى في أثناء الكتاب له عبارة تبين منهجه وهي عبارة مهمة ويجب أن نقف عندها: لما سُئل عن حديث ??إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا?? أو ??إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا?? سُئل عن هذا الحديث في صحيحه؛ لأنه رواه من حديث أبي موسى بهذه اللفظة، وسُئل عن هذه اللفظة التي وردت أيضًا في حديث أبي هريرة؟
فقال: " هو عندي صحيح ".
فقال له السائل: لِمَا لم تضعه هاهنا؟ أي ما دام أنه صحيح لِمَا لم تدخله في صَحِيحك؛ حديث أبي هريرة ??إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا??؟
فقال الإمام مسلم: وهذا الكلام كله في " صحيح مسلم " كما هو معروف قال: " ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعتُ هاهنا ما أَجْمَعُ عليه ".
هذه كلمة مهمة في بيان شرط مسلم في كتابه؛ لأنها تبين أنه قد يترك بعض الأحاديث لأنها مما لم يُجمع عليه، ومنها حديث أبي هريرة الذي ذكره.
الذي نحتاج للوقوف عنده: ما معنى قوله في هذه العبارة " إنما وضعت هاهنا ما أجمع عليه "؟ لأنها عبارة فيها شيء من الإشكال، نحن نقرر أن هناك أحاديث انتُقِدت على البخاري ومسلم، فما هو مقصود الإمام مسلم بهذه العبارة؟
هناك عدة فُهوم ذُكرت في الكتب التي تكلمت عن شرط مسلم:
الرأي الأول: منهم من قال بأن هذا على ظاهره، وأن مسلمًا يرى أن العلماء أجمعوا على صحة هذا الحديث إجماعًا أُصوليًّا كاملًا؛ هذا هو الرأي الأول.
--------------------------------------------------------------------------------
الرأي الثاني؛ وهو قريب من السابق: أنه إجماع أئمة الحديث، كأنه يريد أن يُخرج الفقهاء أو الأصوليين أو ما شابه ذلك، يقول: ما أَجْمَع أئمةُ الحديث على صحة هذه الأحاديث؛ هذا الرأي الثاني.
الرأي الثالث؛ قالوا: إنه أراد أربعة من أئمة الحديث خاصة، أنهم إذا اتفقوا على صحة الحديث أَخَرج هذا الحديث، واختلفوا في هؤلاء الأربعة:
فهناك قول يقول إنهم: ابن معين، وأحمد، وعثمان بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور؛ هذا قول.
والقول الثاني أنهم: ابن معين، وأحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازي.
الرأي الرابع: أنه ذَكَر ما اجتمعت فيه شرائط القبول، يعني يقول: " إنما ذكرت في هذا الكتاب الأحادي التي اجتمعت فيها شروط الصحة "، أو الشروط التي أجمعوا على وجودها أو اشتراط وجودها، الشروط التي أجمعوا على أن الحديث لا يُصحح إلا بوجودها، فإذا كان الحديث صحيحًا لكن على شرط لم يُتفق عليه لا يخرجه في الصحيح، إنما يذكر ما صح بالشروط المتفَق عليها؛ هذا قول.
الرأي الخامس، أنهم قالوا: أنه يريد ما لم يختلف فيه الثقات، أنه يخرج الأحاديث التي لم يقع فيها اختلاف؛ لا في متنها ولا في إسنادها.
لكن - في الحقيقة - هذه الأقوال كلها في رأيي فيها شيء من النظر، وسأُبين لكم الآن باختصار النظر في هذه الأمور:
فمثلًا بالنسبة للذين يقولون إن شيوخه عامة وأئمة الحديث، ذكرنا أن هناك علماء للحديث خالفوه في بعض الأحاديث، وبعضهم عرف انتقادتهم ويسمع بها ويعرفها - ولا شك -، فلا يمكن أن يكون مقصوده إجماع العلماء بهذا المعنى.
الشيء الثاني الذي يرد على بعض هذه الأقوال قضية من قال بأنه يريد الشروط التي قد اجتُمِع عليها.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/112)
الصحيح أن شروط الحديث الصحيح الخمسة مُجْمَع عليها ومتفق عليها بين أئمة الحديث، وهذا الذي يترجح عندي والله أعلم؛ أن خلاف المحدثين في التصحيح لا يرجع إلى اختلاف في الشروط، وإنما إلى الاختلاف في وجود هذه الشروط من عدم وجودها. أما الشروط فقد اتفق أئمة الحديث على اشتراط هذه الشروط؛ فالقول الأخير إذن يكون غير صحيح.
من يقول بأنه يقصد الأئمة الذين سُمُّوا، نحن نجد أحاديث انتقدها ابن معين وانتقدها أبو حاتم وانتقدها أبو زرعة وهي موجودة في " صحيح مسلم "، ممكن يقول واحد: لعله مثلًا انتقدها بعد أن رأى " صحيح مسلم ". لكن هذا مستبعد في الحقيقة ليس بأمر قريب، بل الأقرب أن الإمام مسلم يقصد معنى آخر.
--------------------------------------------------------------------------------
الذي يظهر لي أن الإمام مسلم قصد بهذه العبارة معناها السهل الواضح بعيد كل البعد عن المعنى الأصولي، وهو: أنه لا يعرف خلافًا في قبول هذه الأحاديث، أنه أخرج الأحاديث التي لا يَعرف هو فيها خلافًا، فهو يُخبر حسب ما يعرف، ولذلك حديث أبي هريرة يرى أنه صحيح لكن ما أخرجه لأنه يعرف أن غيره يخالفه فيه ويضعفه، والأحاديث التي لا يعرف فيها خلافًا هي التي أخرجها في صحيحه، وقد يشير إلى ذلك القصة الصحيحة التي يأتي ذكرها بلفظها أنه عرض صحيحه على أبي زرعة فما أشار عليه أبو زرعة بأنه منتَقد حَذَفَهُ،وإِنْ كان في هذه القصة لا إشكال فيها؛ لأننا ذكرنا أن أبا زرعة انتقد أحاديث وهي موجودة في " صحيح مسلم "، لكن لعل أبا زرعة استعرض الصحيح استعراضًا سريعًا كما هو بادي النظر في القصة أن مسلمًا آتاه وعرض عليه الصحيح ولنفترض أنه بقي عنده يومًا أو يومين فلعله استعرضه استعراضًا سريعًا، فنبهه على بعض الأحاديث فضرب عليها مسلم، ولا يلزم من ذلك أن يكون أبو زرعة درس الكتاب دراسة مستقصية وكاملة وأنه فَلَّ الكتاب من أوله إلى آخره، القصة ليس فيها ما يثبت أنه جرد الكتاب من أوله إلى آخره بالتتبع وأن كل ما انتقده هو كل المنتَقَد عنده.
فوجود أحاديث ينتقدها أبو زرعة موجودة في " صحيح مسلم " لا يعارِض القصة الثابتة الصحيحة من عَرْضه لهذا الكتاب الصحيح على الإمام أبى زرعة.
ما دام نتكلم عن شرط الصحيح، ومن شرط الصحيح عدالة الرواة وضبطهم، فسنتكلم عن شرط الإمام مسلم في الرواة:
وسبق أن ذكرنا شرط الإمام البخاري أن يُخرج للطبقة الأولى والثانية، وقلنا إن المقصود بالطبقة الأولى والثانية - كما ذكر الحازمي - هم الرواة الذين عُرِفوا بالضبط الكامل والإتقان والحفظ، وعرفوا أيضًا بملازمة الشيوخ الذين رَوَوْا عنهم ملازمة طويلة؛ هذه الطبقة الأولى، وهم الشرط الأعلى للبخاري.
--------------------------------------------------------------------------------
الطبقة الثانية: وهم الرواة الحفاظ الثقات الضابطون ضبطًا تامًّا، لكنهم لم يلازموا الشيوخ الذين رَوَوْا عنهم، يقول الحازمي: " وهؤلاء من شرط مسلم " فإن مسلمًا يُكْثِر من الإخراج لهؤلاء، بل إن مسلمًا عليه رحمة الله صرَّح أنه سيخرج أيضًا في المتابعات والشواهد لِمَن كان خفيف الضبط.
وسنقرأ عبارة الإمام مسلم التي ذكر فيها شرطَه في الرجال لنقف عندها لأن فيها خلافًا بين أهل العلم.
يقول الإمام مسلم بعد أن ذكر كلامًا حول شرطه في الرجال وذكر أن الرواة الحفاظ المتقنين وضرب لهم أمثلة، هؤلاء يقول هم القسم الأول من الرواة؛ ا لحفاظ المتقنين الضابطين أصحاب الضبط التام، يقول في مقدمة صحيحه: " فأما القسم من الرواة فإنا نتوخَّى أن نقدِّم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل الاستقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في رواياتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش، كما قد عُثِر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم ". هؤلاء أصحاب الضبط التام القسم الأول.
¥(13/113)
ثم يقول: " فإذا نحن تقصَّيْنا أخبار هذا الصِّنف من الناس أَتْمَمْناها أخبارًا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المتقدِّم قبلهم، وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم السِّتر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم وأضرابهم من حُمَّال الآثار ونُقَّال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين، فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة؛ لأن هذا عند أهل العلم درجة رفيعة وخصلة ثَنِيَّة ".
--------------------------------------------------------------------------------
هنا يصرح أنه سيُخرج أولًا ويعتني أولًا بالطبقة الأولى وهي: المتقنون الحفاظ، ثم يقول إذا أخرجتُ رواية هؤلاء قد أُخْرج أيضًا لمن كان دونهم في الحفظ والإتقان وهم آخر مراتب القبول.
فهؤلاء الرواة الذين سماهم عند مسلم هم في آخر مراتب القبول، ولذلك يقول: " فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم ". وأنبه هنا أن المقصود بالسِّتْر ليس المقصود به ما اصطلح عليه المتأخرون من أن المستور هو: القسم الأول من المجهول وهو من روى عنه راويان عدلان ولم يُجْرَح ولم يُعَدَّل؛ هذا هو المستور عند المتأخرين عند ابن الصلاح. ليس هذا هو المقصود بالستر هنا وإنما المقصود بالستر هنا أنه لم يُعرف عنه الفِسق.
فهذا القسم من الرواة هم كما ذكرنا هم الرواة الخفيفون الضبط، على كل حال كلام الإمام مسلم ظاهر والأمثلة التي ذكرها تدل على ذلك.
أما بالنسبة لهؤلاء الذين ضرب بهم المثل وهم:
1 - عطاء بن السائب: فهو راوٍ اختَلَط؛ فروايته قبل الاختلاط مقبولة وروايته بعد الاختلاط ضعيفة، ومسلم لم يُخرج له في الصحيح أبدًا، مع أنه ضرب به المثل لكنه لم يُخرج له في الصحيح أبدًا.
2 - وأما يزيد بن أبي زياد: فهو راوٍ فيه خلاف كبير، والراجح أنه حَسَن الحديث، خاصة إذا صرَّح بالسماع، ولم يرو له مسلم إلا حديثًا واحدًا متابعةً، لم يُخرج له مسلم إلا حديثًا واحدًا في المتابعات.
--------------------------------------------------------------------------------
3 - وليث بن أبي سليم: فيه خلاف أكبر من الخلاف الذي في يزيد بن أبي زياد، وكثير من أهل العلم يضعفه، لكن الراجح عندي - والله اعلم - وهو الراجح عند مسلم قبل ذلك أنه في آخر مراتب القبول وأنه يُحتج به لكن في آخر مراتب القبول، وهو أيضا لم يخرج له الإمام مسلم إلا حديثًا واحدًا مقرونًا براوٍ آخر، وبذلك بالفعل يُطَبِّق مسلم الشرط الذي ذكره؛ أنه يخرج لهؤلاء في متابعات كتابه، لكن أيضًا حتى هؤلاء الرواة عند مسلم لم ينزلوا عن درجة القبول، وهذا الذي نؤكده أن حتى رواة المتابعات والشواهد عند صاحبي الصحيح الأصل فيهم أيضًا أن لا ينزلوا عن درجة القبول، وكلام مسلم في هذا الموطن صريح بهذا الأمر.
قد يعترض بعض طلبة العلم بأمر وهو كلام أبي زرعة الذي قلنا بأننا سنذكره بعد قليل، قصة الإمام مسلم مع أبي زرعة؛ حيث يقول البَرْذعِي وهو تلميذ للإمام مسلم وتلميذ لأبي زرعة يقول: " شهدتُ أبا زرعة ذَكَر كتاب الصحيح الذي ألفه مسلم ثم الفضل الصائغ على مثاله، فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئًا يتشوفون به، ألفوا كتابًا لم يُسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها ".
هذا اجتهاد من أبي زرعة، لا نشك أنه أخطأ فيه، يعني اعتبر أن هذا التصرف من مسلم لأن مسلمًا من طبقة تلامذته وإن كان قريب منه في السن لكنَّ أبا زرعة أكبر منه سنًّا ولعله علمًا أيضًا، فانتَقَد عمل مسلم هذا، وسيأتي وجه انتقاده، ولذلك أساء النية في الإمام مسلم.
يقول البرذعي: " وأتاه ذات يوم - يعني جاء مسلم لأبي زرعة في ذات يوم – وأنا شاهد رجلٌ بكتاب الصحيح من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث أسباط بن نصر فقال لي أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح يُدْخل في كتابه أسباط بن نصر ". انتقد عليه أن يروي لرجل اسمه أسباط بن نصر، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/114)
قال: " ثم رأى في الكتاب قَطَن بن نُسَيْر، فقال لي: وهذا أَطَمُّ من الأول؛ قطن بن نسير وصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس، ثم نظر فقال: يروي عن أحمد بن عيسى المصري في كتاب الصحيح، قال لي أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى وأشار بيده إلى لسانه كأنه يقول الكذب ". يعني يتهم أحمد بن عيسى بالكذب وانتقد على الإمام مسلم أنه يروي عنه في الصحيح.
ثم قال: " يحدِّث عن أمثال هؤلاء ويترك عن محمد بن عجلان ونُظَرائه ".
هذا نقد؛ أنه انتقده في رواياته عن بعض الرواة وهو يرى أنهم ليسوا أهلًا لإدخالهم في الصحيح.
النقد الثاني قال: " ويُطَرِّق لأهل البدع علينا، فيجدون السبيل بأن يقولوا لحديث إذا احتُج عليهم به: ليس هذا في كتاب الصحيح ".
يعني يقول بأن أهل البدع سيدَّعون بأن كل الصحيح هو الموجود في " صحيح مسلم "، فإذا احتججنا عليهم بحديث صحيح غير موجود في " صحيح مسلم "، يقولون: لو كان صحيحًا لأورده مسلم في الصحيح؛ فهذا هو وجه النقد الثاني عند أبي زرعة عليه رحمة الله.
قال: " ورأيت يذم وَضْع هذا الكتاب ويُؤَنِّبُه ".
يقول البرذعي: " فلما رجعتُ إلى نيسابور في المرة الثانية ذكرتُ لمسلم بن الحجاج إنكارَ أبي زرعة عليه وروايته في هذا الكتاب عن أسباط بن نصر، وقطن بن نسير، وأحمد بن عيسى، فقال لي مسلم: إنما قلت صحيح ".
أَيْش معنى: " إنما قلت صحيح؟ ".
يعني: أنا ما قلتُ بأن هذا هو الصحيح وحده، أنا قلتُ: ما أذكره في هذا الكتاب فهو صحيح، ولم أقل إن ما لم أذكره في هذا الكتاب ليس بصحيح.
فالنقد الذي يقول إنه يُطَرِّق لأهل البدع غير وارد، فكيف إذا استحضرنا قضية كلمة " المختصر " التي أوردها والتي هي قاطعة بأنه لا يريد استيعاب الحديث الصحيح.
وسنكمل بالغد إن شاء الله كلام أبي زرعة وموقف الإمام مسلم منه، وجواب الإمام مسلم على هذه الانتقادات.
--------------------------------------------------------------------------------
وصلى اللهم وسلم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:24 ص]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ..
فنكمل ما كنا قد بدأنا به بالأمس حول منهج الإمام مسلم عليه رحمة الله في كتابه " الصحيح ".
وكنَّا قد توقفنا عند الكلام عن انتقادات أبي زرعة على الإمام مسلم، وابتدأنا بسياق الخبر المتعلِّق بذلك وانتهى الوقت قبل أن ننتهي من قراءة هذا الخبر المهم.
ابتدأنا بذكر أول جواب للإمام مسلم على انتقادات أبي زرعة، وهي قول الإمام مسلم رادًّا على أبي زرعة لما ذكر أن تأليفه للصحيح بهذا العدد يُطَّرق – أي يجعل - لأهل البدع طريقًا على أهل السنة بأن يقولوا: لم يصح عن الرسول (إلا هذا القدر الذي أخرجه مسلم في صحيحه، وأجاب مسلم عن ذلك بأنه لم يدعِ الاستيعاب وأنه إنما وسم كتابه بـ" الصحيح " ولم يقل إنه جامع لكل الصحيح؛ هذا هو الجواب الأول.
ثم يُكمل الإمام مسلم كلامه لما انتقد عليه أبو زرعة الإخراج لثلاثة من الرواة وهم: أَسْبَاط بن نَصْر، وقَطَن بن نُسَيْر، وأحمد بن عيسى، فقال الإمام مسلم عليه رحمة الله:
يقول البَرْدَعِي: فقال مسلم: إنما قلتُ صحيح؛ هذا الجواب الأول، وإنَّ ما أدخلتُ من حديث أَسْبَاطٍ وقَطَنٍ وأحمد ما قد رواه الثقاتُ عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إليَّ عنهم بارتفاع، ويكون عندي مِن رواية مَن هو أَوْثَقُ منهم بِنُزُول، فأَقْتَصِر على أولئك، وأَصْلُ الحديث معروف من رواية الثقات.أهـ.
--------------------------------------------------------------------------------
فبَيَّن الجواب عن الإخراج لأولئك الرواة بأنه لم يُخرج لهم ما تفردوا به، وإنما أخرج لهم ما تُوبعوا عليه، وأما روايته عنهم في " الصحيح " دون رواية الثقات الآخرين الذين تابعوهم فسبب ذلك أنه وقعت له أحاديث لهؤلاء عالية ووقعت له من رواية الثقات الذين هم أوثق منهم نازلة، والعلو معروف: هو قِلَّة عدد الرواة في الإسناد، والنزول: كثرة العدد.
¥(13/115)
فيقدم الإمام مسلم العلو في هذه الحالة على النزول، وهو لم يعتمد على أولئك الرواة الاعتماد الكامل؛ لأنه يعرف أن هذا الحديث ثابت من وجوه أخرى، وهذا هو اعتذاره.
نُكمل قراءة النص ثم نعود إلى هذه النقطة لأنها مهمة في بيان منهج الإمام مسلم، يقول البَرْدَعِي:
" وقَدِمَ مسلم بعد ذلك إلى الرَّيِّ – إلى البلد الذي فيه أبو زرعة – فبلغني أنه خرج إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وَارَهْ فجَفَاهُ - أي: ابن واره وهو من حفاظ الري من أقران أبي زرعة وأبي حاتم؛ يعني أغلظ القول أو جفا الإمام مسلمًا في مقابلته له وهو عاتِبٌ عليه نفسَ عَتِب أبي زرعة، يعني: كان ابن واره يعتب على مسلم في تأليفه " الصحيح " كما عَتِبَ عليه أبو زرعة من قبل، يقول: - وعاتبه على هذا الكتاب وقال له نحوًا مما قال له أبو زرعة: إن هذا يُطَرِّق لأهل البدع علينا، فاعتذر إليه مسلم وقال: إنما أخرجت هذا الكتاب وقلتُ: هو صحاح، ولم أقل: إن ما لم أُخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف، ولكني إنما أخرجتُ هذا من الحديث الصحيح ليكون مجموعًا عندي وعند من يكتبه عني فلا يُرتاب في صحتها، ولم أقل: إن ما سواه ضعيف، ونحو ذلك مما اعتذر به مسلم إلى محمد بن مسلم، فقَبِلَ عذرَه وحدَّثَهُ.
يعني: اعتذر له بنفس الاعتذار السابق فقَبِلَ محمد بن مسلم بن واره وحدثه وترك الجفاء الذي كان واجهه به.
لكن نريد أن نعود إلى الرواة الثلاثة الذين ذكرهم أبو زرعة وإلى اعتذار الإمام مسلم:
--------------------------------------------------------------------------------
هل كان مسلم يعتبر هؤلاء الرواة ضعفاء ومع ذلك أخرج لهم في صحيحه؟ هل هم ضعفاء بالفعل؟ وهل انتقاد أبي زرعة صواب، خاصة في أحمد بن عيسى كأنه يشير إلى كونه كذابًا؟ ولو كان أحمد بن عيسى كذابًا عند مسلم هل يصح لمسلم أن يروي عنه ولو في المتابعات والشواهد؟ هذه كلها أسئلة تحتاج إلى جواب.
ذكرنا أن الإمام مسلم بَيَّن في مقدمة الكتاب أنه سيخرج لأهل الحفظ والإتقان؛ وهؤلاء هم شرطه الأكبر، ثم إنه إذا أخرج في المتابعات لمن دونهم فإنهم لا ينزلون عن مرتبة القبول، وضرب لذلك مثلًا لثلاثة من الرواة وقال: إن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، فبَيَّن أنهم لا ينزلون عن درجة القبول، حتى الذين أُخرج لهم في المتابعات.
إذًا ظهار تصرف مسلم أن هؤلاء الرواة الثلاثة الذين انتقدهم عليه أبو زرعة أنهم أيضًا لا ينزلون عن درجة القبول عنده.
وبالنسبة لكل راوٍ منهم سنتكلم عنها الآن:
أما بالنسبة لأسباط بن نصر: فالراجح فيه أنه صدوق؛ وهذا هو الذي مال إليه الحافظ ابن حجر في " التقريب " حيث قال: صدوق كثير الخطأ يُغْرِب. يعني: في آخر مراتب القبول، وقد أخرج له مسلم حديثًا واحدًا فقط.
وأما الراوي الثاني وهو قَطَن بن نُسَيْر: فالراجح فيه أيضًا عند مسلم أنه صدوق، وقد أخرج له - مع ذلك – حديثين اثنين مقرونين بغيرهما، وقلنا إن الاقتران هذا قد يفعله المحدث والناقد حتى مع الراوي الضعيف لأنه يعلن بذلك أنه لم يعتمد عليه أبدًا، كما فعل الإمام البخاري.
--------------------------------------------------------------------------------
روى عنه حديثين؛ أحدهما مقرونًا والثاني متابعة ولم يَسُقْ لفظه؛ يعني الرواية الثانية لقطن بن نسير كانت في سياق المتابعات، ولسوء حفظ قطن بن نسير عند مسلم لم يسق لفظ الرواية التي رواها عنه، وإنما فقط اكتفى بالإسناد، وسيأتي إن شاء الله أن من طرق مسلم في الإشارة إلى الإعلال هو ذِكْر السند دون المتن، إذا ذَكَر السند دون المتن فهذا فيه إشارة إلى إعلال الحديث كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الراوي الثالث وهو أحمد بن عيسى: وهو في الحقيقة الذي فيه إشكال؛ لأن أبا زرعة أشار إلى أنه كذاب كما سبق، يقول أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يَشُكُّون في أن أحمد بن عيسى، وأشار أبو زرعة بيده إلى لسانه كأنه يقول: الكذب.
هذا الراوي أولًا لم ينفرد مسلم بالإسناد عنه، بل قد روى عنه أيضًا البخاري؛ أحمد بن عيسى المصري، وروى عنه أيضًا واحتج به الإمام النسائي؛ على تَشَدُّده، بل وقال عنه في مشيخته: لا بأس به.
¥(13/116)
إذًا هذا الراوي فيه خلاف شديد، فلا يمكن أن يكون الإمام مسلم أخرج له لو كان يرى أنه كذاب، وهذا يدل على أن انتقاد أبي زرعة لهؤلاء الرواة الثلاثة من باب اختلاف الاجتهاد، لا يمكن أن نحتج بهذا التصرف من أبي زرعة أن مسلمًا أخرج لرواة ضعفاء يعلم هو نفسه أنهم ضعفاء، ولكن أخرج لهم وهو يرى أنهم أهل للرواية عنهم، وإن كان يعترف أنهم دون غيرهم في الضبط والإتقان.
وأقرب مثال على ذلك أحمد بن عيسى، فإِنَّ أحمد بن عيسى لو كان كلام أبي زرعة فيه صحيحًا لما جاز لمسلم أن يُخرج له؛ لا في الأصول ولا في المتابعات ولا في الشواهد، لو كان كذابًا، فإن الراوي الكذاب لا شك أنه بالاتفاق ليس من شرط كتب الصحاح، فمسلم والبخاري إخراجهما لهذا الرجل مع توثيق النسائي له واحتجاجه به، لا شك أنه يدل أن هذا الراوي فيه خلاف كبير.
--------------------------------------------------------------------------------
والحق يقال: إن القلب يميل إلى قبول هذا الراوي، ويكفي هذا الراوي أن يحتج به البخاري ومسلم والنسائي؛ على تشدده، وخاصة النسائي، وأذكر النسائي خاصة لأنه أولًا قد روى عن هذا الشيخ ولقيه بمصر، فهو ممن خَبَرَهُ خِبْرَةً تامة، أضف إلى ذلك أن النسائي ممن استقر في مصر، وهو من أعرف الناس بالمصريين، ومع ذلك قال عنه: لا بأس به، واحتج به في كتابه " السنن ".
فدل ذلك على أنه لا يمكن أن يقبل فيه أي كلام، وانظر إلى كلام أبي زرعة، كأن أبا زرعة يعتمد في ذلك على نقل بعض الناس من أهل مصر ولم يسم لنا هؤلاء الناس، ولا نعرف في مصر في زمن الإمام النسائي أعلم من النسائي، فالنسائي هو أعلم من كان في عصره على رأس الثلاثمائة كما يقول الإمام الذهبي، حتى إن الإمام الذهبي يقول: إنه لم يوجد على رأس الثلاثمائة أعلم من النسائي، وهو في درجة البخاري وأبي زرعة في العلم، فيقول: إنه يفوق في العلم الإمام مسلم وأبا داود والترمذي. ومع ذلك يوثق هذا الرجل أو يقول: لا بأس به. ويحتج به، وهو من أهل مصر، وهو شيخه، مع احتجاج البخاري ومسلم له في صحيحيهما مع إمامتهما وجلالتهما.
الذي أُخذ على هذا الراوي، يعني الذي ربما كان سبب ادعاء أنه كذاب: أنه قيل أنه يروي من كتب لم يسمعها.
--------------------------------------------------------------------------------
وهذا لا شك أنه ليس هو الوضع في المتون؛ فَرْقٌ بين أن يروي الإنسان من كتاب لم يسمعه وبين أن يكذب في المتن على النبي عليه الصلاة والسلام، يروي أحاديث لم يقلها النبي عليه الصلاة والسلام؛ هذا إن صحت هذه الدعوى، وأقصى ما يقال في هذا أنه كان يروي وجادة من الكتب، وليس هذا مما يقتضي الطعن، فما دام أنه عُدِّلَ من هؤلاء الأئمة الكبار: البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم، فإنه ليس من السهل أن نقبل فيه طعن، خاصةً بالتكذيب؛ لو أنه طعن بسوء الحفظ، لو أنه بالتساهل في الأخذ، كان يمكن وجدنا لذلك وجهًا، لكن أن يتهم بالتكذيب مع اعتماد هؤلاء العلماء؛ لا شك أن هذا فيه بُعد كبير.
ومما يدل حقيقةً على كثرة روايته لهذا الرجل من الرواة الثلاثة؛ أنتم تلاحظون أن الراوي الأول - أسباط –ما أخرج له إلا حديثًا واحدًا، قطن: ما أخرج له إلا حديثين؛ واحد مقرون والثاني متابعة، أما أحمد بن عيسى فأخرج له أربعة وثلاثين حديثًا، أكثر هذه الأحاديث في المتابعة؛ يعني يقول: حدثني أحمد بن عيسى وحرملة بن يحيى. حدثني أحمد بن عيسى وفلان. فهو يقرنه بغيره، إلا أن هناك حديثًا واحدًا أخرجه في الشواهد أيضًا؛ لا في المتابعات، ولم يسقه إلا من رواية أحمد بن عيسى، وهو حديث ?? أَنَّ رَسُولَ اللهِ (رَأَى حِمَارًا مَوْسُومَ الْوَجْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ??.
وهذا الحديث على كل حال أيضًا أحمد بن عيسى متابَع فيه على شيخه المباشر لكن خارج " صحيح مسلم "، عند ابن حبان.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/117)
فلا انتقاد على مسلم، حتى لو كان هذا الراوي فيه كلام، لا انتقاد على مسلم في شيء من الأحاديث التي رواها عنه، فكل الأحاديث التي رواها عنه أوردها مقرونًا مع غيره إلا حديثًا واحدًا أخرجه في الشواهد؛ لأن هذا الحديث أخرجه من حديث ابن عباس وهناك روايات أخرى - عن جابر وعن غيره بنفس معنى هذا الحديث – أخرجها مسلم في صحيحه ثم أخرج بعد ذلك رواية أحمد بن عيسى المذكورة، ثم وجدنا أَنَّ أحمد بن عيسى متابعًا عند ابن حبان في صحيحه حيث روى الحديث من رواية أحمد بن عيسى وحرملة بن يحيى بإسناده إلى منتهى السند.
إذًا لا انتقاد في الحقيقة على مسلم بهؤلاء الرواة، ولا دليل في كلام مسلم على أن صاحب الصحيح قد يُخرج للضعيف الذي يعرف ضعفه، وهذا الذي نريد أن نقرره دائمًا، وهو الذي قرره ابن طاهر المقدسي، وقرره الحازمي قبل ذلك في كتابيهما عن شروط الأئمة الستة وشروط الأئمة الخمسة، أنه حتى رواة المتابعات والشواهد لا ينزلون عن أصحاب الصحيح عن درجة القبول عندهما، قد يخالفهما غيرهم، لكن أن يكون الراوي ضعيفًا عند صاحب الصحيح ويُخْرِج له؛ هذا أمر ليس مقبولًا في الصحيح، ويكفي انتقاد أبي زرعة، يعني لو احتج إنسان بأنه كيف أن جواب مسلم يدل على أن مسلم قد يُخرج لراوٍ ضعيف؟
نقول له: إذًا لما انتقد أبو زرعة، انتقاد أبي زرعة يدل على أن من شرط الصحيح ألا يُخرَج إلا لمن كان مقبول الرواية، ووجه انتقاده أنه كان عنده أن هؤلاء الرواة في درجة الرَّدِّ، بخلاف مسلم الذي كان يرى أنهم ما زالوا في درجة القبول؛ وهذا هو وجه إخراج الإمام مسلم لأمثال هؤلاء الرواة.
ما دام أننا تَطَرَّقْنَا إلى الرواة ومراتبهم كما ذكرنا.
نذكر الرواة الذين انتقدوا على مسلم، وبعض الإحصائيات التي ذكرت في ذلك:
للإمام الحاكم - كم ذكرنا - كتاب مهم في رجال الصحيحين وفي مواضيع أخرى وهو كتاب:
--------------------------------------------------------------------------------
" المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم وما أَشْكَل من رجال الصحيحين ".
عقد في هذا الكتاب المهم الجليل من كتب الحاكم بابًا بعنوان: " باب من عِيبَ على مسلم الإخراج لهم في الصحيح "؛ " باب من عِيبَ " أي: أُخذ على مسلم أنه أخرج لهم في الصحيح، أورد في هذا الباب ثمانية وتسعين راويًا، وتكلم عنهم وحاول أن يعتذر عن كل راوٍ من هؤلاء الرواة.
وسبق أن ذكرنا إحصائية أخرى ذكرها الحافظ ابن حجر عندما وازن بين البخاري ومسلم في الصحيح؛ فذكر أن عدد الرواة الذين انتُقِدوا على البخاري نحو الثمانين، وعدد الرواة الذين انتُقِدوا نحو المائة والستين؛ يعني الضعف.
لكني في الحقيقة كما ذكرت لكم سابقًا قمتُ بإحصائية في كتاب هو أوسع كتاب في ذِكر من انتُقِدوا على الصحيحين، هو كتاب " البيان والتوضيح "، فتبين لي إحصائية أخرى وهي أن البخاري قد أخرج لثلاثمائة وسبعة وخمسين راوٍ مُنْتَقَد، وأما مسلم فأخرج عن أربعمائة وواحد وثلاثين راوٍ مُنْتَقَد.
طبعًا نبهت في لقاءنا الماضي وفي السنة الماضية وذكرت هذه الإحصائية أيضًا أن غالب هذه الانتقادات انتقادات لا تعود بالضعف في الراوي ولا عند بعض المنتقِدين أنفسهم، انتقادات يسيرة جدًّا لا علاقة لها في بعض الأحيان بالقبول أو الرد، فهذه الأعداد في الحقيقة لا تمثل المنتقَدين بالفعل، وإنما هي إحصائيات من خلال كتاب اشترط أن يذكر كل من تُكُلِّم فيه ولو بأدنى كلام، بأدنى عيب، بأدنى لَمْز، ولو كان هذا اللَّمْز أو العَيْب لا علاقة له بقبول روايته أو ردِّها.
ومن هنا يمكن أن نتطرق إلى قضية المفاضلة بين البخاري ومسلم من جهة الرواة:
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/118)
لا شك أن هذه الإحصائية تبين أن عدد الرواة المنتقَدين على البخاري أقل من عدد الرواة المنتقَدين على مسلم، سواء اعتمدنا الإحصائية التي ذكرها الحافظ أو الإحصائية التي ذكرتها من خلال كتاب " البيان والتوضيح " لأبي زرعة العراقي، الحافظ ابن حجر لم يعتمد في تفضيل البخاري على مسلم على هذه الإحصائية فقط؛ بل بَيَّن أن من وجوه تقديم البخاري على مسلم من جهة الرواة أن البخاري يُقل من الإخراج للرواة الذين انتُقِدوا، بخلاف مسلم فإنه يُكثر الرواية عن الرواة الذين انتُقِدوا، وكأن منطق البخاري ومسلم في ذلك أن البخاري يقول: ما دام أن هذا الراوي مُنْتَقَد - ولو كان عندي ثقةً - فإني أَحْرِص ألا أُخْرِج له إلا القليل خُرُوجًا من الخلاف.
أما مسلم فوجهة نظره يقول: ما دام أن هذا الراوي صحيح عندي في أنه مقبول، فلا عليَّ فيمن تكلَّم فيه، فسوف أُخْرِج له كل ما شئتُ من الروايات.
فانظر إلى كلا المنهجين: منهج البخاري لا شك في هذه الحالة أكثر احتياطًا من منهج مسلم؛ ولا شك.
الآن ذكرنا سببين من أسباب ترجيح البخاري على مسلم؛ من ناحية الزيادة في العدد والنقل، من ناحية أن البخاري يُقِل من إخراج الرواية لهم، وأما مسلم فيُكثر من الرواية لهم، سبب ذلك هو أن نسبة مَن أَخْرَج لهم البخاري ممن تُكُلِّم فيهم من شيوخه أكثر ممن أَخْرَج لهم الإمام مسلم وهم من شيوخهم المُتَكَلَّم.
يعني - بالإحصائية أيضًا – أن عدد الذي تُكُلِّم فيه من شيوخ البخاري بلغ اثنين وستين راوٍ؛ اثنان وستون من ثلاثمائة وسبعة وخمسين، وعدد الذين تكلم فيهم من شيوخ مسلم اثنان وثلاثين من أربعمائة وواحد وثلاثين.
ما هو وجه ترجيح صحيح البخاري على مسلم من هذه الناحية؟!
--------------------------------------------------------------------------------
عدد الذين تُكُلِّم فيهم من شيوخ البخاري اثنان وستين، وأما مسلم فاثنان وثلاثين، يعني نقص ثلاثين راوٍ، قرابة النصف يعني، كأنه الضِّعْف، فما هو وجه ترجيح صحيح البخاري على مسلم من هذه الحيثية؟ مع أنه قد يتبادر في الذهن أنه بالعكس، هذا داعٍ لترجيح مسلم على البخاري؟!
بيَّن ذلك الحافظ ابن حجر في " النزهة " بأن الراوي إذا كان من شيوخ البخاري ومسلم فسيكون البخاري ومسلم أعلم به من غيرهما، فإذا رجَّح البخاري ثقته سيكون كلامه فيه أولى من كلام من جاء بعده ممن لم يتتلمذ على هذا الشيخ لأن الرجل أعرف بشيوخه، لذلك نعتبر أن الراوي إذا تُكُلِّم فيه وهو من شيوخ البخاري أن الأرجح والأقوى أنه ثقة؛ لأن البخاري أعرف به من غيره، لذلك نعتبر هذا وجهًا من وجوه الترجيح: عدد الرواة الذين انتُقِدوا وهم من شيوخ البخاري أكثر من الرواة الذين انتُقِدوا من شيوخ مسلم؛ هذا وجه من وجوه ترجيح - أيضًا - البخاري على مسلم.
وجه آخر أضافه الحافظ في " النكت " لم يذكره في " النزهة " ومتعلق بالرواة أيضًا، قال: إن البخاري لا يكاد يُخْرِج لهؤلاء المتكلم فيهم إلا في المتابعات، أما مسلم فيُخْرِج لهم في الأصول.
هذا من أوجه الترجيح البخاري على مسلم من جهة الرواة، وبذلك أجيب عن سؤال دائمًا أُسأل عن؛ لما قررنا أن شرط البخاري ومسلم في العنعنة واحد.
فكثيرًا ما أُسأل: فما هو وجه تقديم البخاري على مسلم إذًا ما دام أن شرط الاتصال واحدًا؟
فنقول: هناك أوجه أخرى للتقديم ومن بينها: الفرق في ناحية الرواة كما ذكرنا لكم الآن، أضف إلى ذلك - يأتي إن شاء الله - أن عدد الأحاديث المعلَّلة في مسلم - كما ذكرنا أيضًا – أكثر من عدد الأحاديث المعلَّلة في البخاري، وترجيحات أخرى.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/119)
ثم لنفترض أنه آل بنا الأمر إلى أن نقول بأن البخاري ومسلم في مستوى واحد، وأنهم على درجة واحدة من الصحيح، هل في هذا إشكال؟ ما في إشكال، سبقنا إلى ذلك - أقل شيء - أبو علي النيسابوري عندما قال: لا أعلم كتابًا تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم. فتَأَوَّل الحافظ ابن حجر عبارته بأنه قصد بأنهما بمستوى واحد، أو أن عبارته لا تدل على أكثر من كونهما بمستوى واحد، فهذا ليس قولًا جديدًا ولا مبتَدَعًا، لو قلنا به - لا أقول به – لكن لو قلتُ به فإنه وجه وهناك من قال به من أهل العلم ممن عرفوا صحيح البخاري ومسلم.
نقف أيضًا مع الرواة المبتدعة في " صحيح مسلم ":
كما وقفنا معهم في " صحيح البخاري "، فقد أخرج أيضًا لجماعة من المبتدعة وللدعاة من بعض المبتدعة مثل: شبابة بن سوار، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وهما من دعاة المرجئة، وأيضًا: عبد الله بن أبي نجيح وهو من دعاة القدر، والتَّشَيُّع مثل عدي بن ثابت.
وسنقف مع عدي بن ثابت لأن إخراج مسلم له يعطينا مثالًا صحيحًا لشرط قبول رواية الراوي المبتدع الداعية؛ لأن الإمام مسلمًا أخرج لعدي بن ثابت في ظاهره يؤيد البدعة.
وقد ذكرنا – سابقًا - أن من شرط قبول رواية المبتَدِع:
أولًا: ألا يكون مُكَفَّرًا ببدعته على التعيين.
ثانيًا: ألا يكون معانِدًا، يعني أن يكون مُتَؤَوِّلًا غير معاند.
ثالثًا: ألا يروي حديثًا منكرًا يؤيد البدعة.
--------------------------------------------------------------------------------
الآن نذكر لكم مثالًا ينطبق عليه هذه الشروط الثلاثة بكل وضوح؛ فقد أخرج مسلم لهذا الراوي وهو عدي بن ثابت، وهو قيل عنه إنه داعية، وقيل عنه إنه من غلاة الرافضة، فهو مبتدع من الدرجة الأولى، مع ذلك أخرج له الإمام مسلم حديثًا في ظاهره يؤيد البدعة؛ لأنه أخرج له من طريق عدي عن زِرٍّ عن علي بن أبي طالب عن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعليٍّ: ?? وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسْمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ إِلَيَّ؛ إِنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ ??.
هذا الحديث في فضل علي بن أبي طالب، فظاهره أنه يؤيد البدعة، وأخرجه مسلم لراوٍ مبتدع داعية وفيه غُلُوٌّ، كما نص بعض أهل العلم؛ فما هو وجه إخراج مسلم له؟!
- أنه اختل شرط أو فقرة من شرط من شروط رد رواية المبتدع، وهو أن هذا الحديث وإن كان يؤيد البدعة لكنه ليس منكرًا، لماذا ليس منكرًا؟ هل يشك أحد أنه لا يحب عليَّ بن أبي طالب إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق؟ هل في هذا شك؟ ليس في هذا شك، بل هذا لا يخص علي بن أبي طالب؛ كل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام: ?? وَاللهِ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهم إِلَّا مُنَافِقٌ ?? ((1) أول هذا الحديث: ?? الْأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ .. ??.1)، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام: ?? آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ??.
فالحديث وإن كان في ظاهره يؤيد البدعة لكنه ليس فيه نكارة، فقد ثبت لعلي بن أبي طالب من الفضائل ما هو أعظم من هذا الحديث؛ لأن له خصائص اختُصَّ بها دون بقية الصحابة، أما هذا الحديث فيعمه هو والصحابة الآخرين، لذلك أخرجه الإمام مسلم وإن كان من رواية مبتدع، وإن كان في ظاهره يؤيد البدعة، وإن كان داعية للمبتدع، لكن هذا الحديث:
--------------------------------------------------------------------------------
الأمر الأول: هذا الراوي ليس معانِدًا، كان مُتَؤَوِّلًا يظن نفسه على حق وهو ليس على حق، ولا شك.
الأمر الثاني: أن هذا الحديث ليس منكَرًا، ولذلك أخرجه مسلم من طريقه.
¥(13/120)
وبذلك تَعْرِف بالفعل أن هذه الشروط الثلاثة التي ذكرتها لكم أنها تحل إشكال رواية المبتدع في الصحيحين، ولا ينحل هذا الإشكال إلا بهذه الشروط الثلاثة؛ من قال بأنه داعية أو قال كذا أو الشروط التي ذكرها الحافظ ابن حجر وحده؛ هذه كلها تُبقي في المسألة إشكالًا، لأنهم قد أخرجوا لبعض الدعاة، قد أخرجوا أحاديث تؤيد البدعة، فلا بد أن نُقَيِّد بأن المقصود بالمبتدع هو المعانِد، وأن نُقَيد بأن الرواية التي تُرد للمبتدع أنها تكون منكرة تؤيد البدعة، طبعًا ولذلك تفاصيل ليس هذا وقت ذكرها.
وبذلك ننهي من قضية شرط الرواة التي هي العدالة والضبط.
ونقف الآن مع " شرط انتفاء العلة ".
لا شك أن انتفاء العلة شرط عند مسلم وغيره، وللإمام مسلم كتاب اسمه " التمييز" كله بناه على بيان أن العلل الخفية تقدح في صحة الحديث، وهو كتاب طُبِعَتْ قطعة مباركة منه طيبة لأن الباقي في حكم المفقود، وملأ الكتاب بذكر أحاديث مُعَلَّة، وبَيَّنَ أنها بسبب هذه العلل رُدت، وبعضها مِن رواية مَن الأصل فيه القبول، يعني أسانيد في ظاهرها الصحة، لكن لكون الراوي أخطأ أو وَهِمَ - بأدلة الخطأ أو الوهم المختلفة التي يذكرها الإمام مسلم في هذا الكتاب الجليل له - رَدَّها، فلا شك أن اشتراط العلة عند مسلم وارد.
وقد بَيَّنَ مسلم أن له منهجًا خاصًّا في كتابه بخصوص العلل، وله عبارة لا بد أن نقف منها، وهي قوله في مقدمة " الصحيح ".
يقول الإمام مسلم في مقدمة صحيحه:
--------------------------------------------------------------------------------
" قَدْ شَرَحْنَا مِنْ مَذْهَبِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ بَعْضَ مَا يَتَوَجَّهُ بِهِ مَنْ أَرَادَ سَبِيلَ الْقَوْمِ وَوُفِّقَ لَهَا وَسَنَزِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى شَرْحًا وَإِيضَاحًا فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُعَلَّلَةِ "
فظاهر هذه العبارة أنه سيذكر أخبارًا معللة في كتابه.
ثم يقول: " إِذَا أَتَيْنَا عَلَيْهَا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَلِيقُ بِهَا الشَّرْحُ وَالْإِيضَاحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى "
هذه العبارة ظاهرها أنه سيذكر أحاديث مُعَلَّة ويبين عللها في كتابه.
اختلف بعض أهل العلم في هذه العبارة:
فذهب الحاكم والبيهقي وبعض من تابعهما إلى أن الإمام مسلمًا توفي قبل أن يتمم هذا المشروع، وأنه لما أخرج الأحاديث الصحيحة وكان يريد أن يتمم الكتاب ويذكر القسم الثاني وهو الأحاديث المعلَّة اخْتَرَمَتْهُ المنية فلم يستطع أن يُكْمِل هذا المشروع الذي ذكره.
وذهب آخرون من أهل العلم وعلى رأسهم أبو مسعود الدمشقي صاحب كتاب " أطراف الصحيحين "، والقاضي عياض، والنووي، وجمع كبير ممن جاء بعدهم، إلى أن مسلمًا قد وَفَّى بهذا الشرط، وأنه قد أخرج أحاديث مُعَلَّة وبَيَّنَ عللها في " الصحيح ".
الحمد لله أن مسألة الخلاف في كتاب موجود بين أيدينا حتى نستطيع أن نرجح، لو أن الكلام كان في كتاب مفقود لَمَا استطعنا أن نُرَجِّح، لكن كتاب مسلم موجود.
هل أخرج مسلم أحاديث وأعلها بالكتاب؟
لا شك أنه قد أخرج أحاديث وأَعَلَّها بالكتاب، وسنذكر الآن الأدلة الدالة على هذا الأمر.
أولًا: صرح مسلم ببعض العلل في صحيحه، ولا بأس أن نذكر بعض الأرقام وترجعون إليها أنتم الآن إن شاء الله أو في أي وقت.
فمثلًا الأحاديث التي صرح مسلم ببعض الأخطاء والعلل فيها في صحيحه:
الحديث رقم [711]، والحديث رقم [450]، والحديث رقم [1471].
--------------------------------------------------------------------------------
هذه أحاديث يصرح مسلم فيها بعللها في صحيحه، فما يمكن أن يختلف بعد ذلك اثنان أن مسلمًا قد أخرج أحاديث وبَيَّن عللها في " الصحيح "، نفس صاحب " الصحيح " يخرجها، وسيأتي أمثلة الآن نقرأها من هذه العلل عندما نذكر منهج الإمام مسلم في بيان العلل، يعني هنا فقط أذكر أرقامًا وبعد ذلك نذكر أمثلة واقعية لطريقة إبراز مسلم للعلل.
¥(13/121)
ثانيًا: أيضًا دليل آخر غير كلام الأئمة وغير إعلال مسلم الصريح، مع أنه في الحقيقة إعلال مسلم الصريح في " الصحيح " هذا كافٍ لإثبات أنه قد وَفَّى بشرطه وأنه لم تَخْتَرِمْهُ المنية، وأدلة ذلك متعددة، لكن أيضًا هناك حديث أخرجه مسلم في " الصحيح " وهو نفسه أعلَّه في كتابه " التمييز "، هذا الحديث هو الحديث رقم [1669] وأعله الإمام مسلم في كتابه " التمييز " ((1) انظر التمييز (ص 191، 192).1)؛ هذا حديث آخر أخرجه مسلم في الصحيح وأعله هو نفسه في " التمييز ".
طبعًا قضية أنه اخْتَرَمَتْهُ المنية ولم يُكمل " الصحيح " هذا فيه بُعد؛ لأن مسلم كما ذكرنا انتهى من تأليف " الصحيح " سنة كم؟ مائتين وخمسين، كم مكث حتى توفي؟ إحدى عشرة سنة؛ لأنه توفي سنة مائتين وواحد وستين، ففي خلال الإحدى عشرة سنة هذه ما استطاع أن يُكمل الكتاب؟! هو أَلَّفَ الكتاب كاملًا في خمس عشرة سنة، فإحدى عشرة سنة لا تكفي لإكمال المشروع؟! أضف إلى ذلك أن راوي " الصحيح " عنه – الذي هو إبراهيم محمد بن سفيان الذي يروي " صحيح مسلم " – انتهى من سماع " صحيح مسلم " سنة مائة وسبعة وخمسين، يعني انتهى من سماع " الصحيح " قبل وفاة مسلم بأربع سنوات.
أيضًا هذا دليل آخر أن كلام الحاكم – الحقيقة – ومن تَبِعَهُ مستبعَد غاية الاستبعاد.
--------------------------------------------------------------------------------
ثالثًا: ثم أيضًا من الأدلة الصريحة والواضحة: أن بعض الأحاديث التي أخرجها مسلم ظاهرة العلة لا يمكن أن يختلف فيها اثنان أنه لا يمكن أن يُصَحَّح كلا الحديثين، أوضح مثال لذلك حديث صلاة الكسوف؛ حيث أخرجه الإمام مسلم من حديث عائشة أن صلاة الكسوف صفتها - طبعًا قبل ذلك نقرر أن صلاة الكسوف إنما صلاها النبي عليه الصلاة والسلام على الصحيح مرة واحدة في حياته يوم وفاة ابنه إبراهيم - كما هو مشهور في قصة مشروعية صلاة الكسوف، ومع ذلك أورد الإمام مسلم ثلاث صفات لهذه الصلاة، هي صلاة واحدة ومع ذلك أورد لها ثلاث صفات.
والصفة الأولى التي هي الصفة المشهورة: رُكُوعَانِ فِي كل ركعة؛ هذه الصفة الأولى وهي حديث عائشة. وأخرجه أيضًا من حديث عائشة أنها ست ركعات؛ يعني في كل ركعة ثلاث ركوعات. وأخرجه من حديث جابر أنها أيضًا ست ركعات؛ يعني في كل ركعة ثلاث ركوعات. وأخرجه من حديث ابن عباس برواية مثل حديث عائشة، ورواية أخرى أنها ثماني ركعات؛ يعني في كل ركعة أربعة ركوعات.
يعني: حتى لا يأتي إنسان ويقول: ما أدراكم أن النبي عليه الصلاة والسلام ما صلى صلاة الكسوف إلا مرة واحدة، مع أن هذا بعض أهل العلم نقل عليه الإجماع؟
--------------------------------------------------------------------------------
لكن هذا الإجماع مُنْخَرِم في الحقيقة؛ لأنه في من قال: يُحتمل أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى هذه الصلاة أكثر من مرة، وإن كان هذا القول لِفِئَام قليل جدًّا من أهل العلم، أما أغلب أهل العلم فيقولون لم يصلها إلا مرة واحدة في حياته عليه الصلاة والسلام، فالذي يرد على هذا الاحتمال ردًّا صريحًا أن حديث جابر الذي ورد فيه أنه صلى ست ركعات صرح في الرواية نفسها أنه في يوم وفاة ابنه إبراهيم، مثل حديث عائشة الذي صُرح فيه أنه يوم وفاة ابنه إبراهيم، إذًا حتى لو كان صلاها صلوات متعددة لكن الآن في قصة واحدة وردت هيئتان؛ هيئة بأربعة ركوعات وهيئة بستة ركوعات، فهل يمكن أن يتصور عاقل أن مسلم أخرج هذه الروايات ويتصور صحتها جميعًا، هل يمكن أن يقول هذا أحد؟! لا يمكن، ولذلك نقول: هذا دليل جديد قاطع بأن مسلمًا أخرج هذه الروايات لبيان الاختلاف والتعليل؛ وهذا تصرف صريح وواضح للإمام مسلم لهذه المسألة.
إذن تَبَيَّنَ عندنا الآن أن الإمام مسلم قد يخرج الحديث ليبين علته، فما هي طريقة بيان الإمام مسلم للعلل؟
الطريقة الأولى: أن يَحذف موطن العلة من الحديث ويُصَرِّح به، يعني: يُورد الحديث كاملًا فإذا جاء إلى موطن العلة فيه يحذفها، ثم يُبَيِّن أنه حذفها لأن فيه علة؛ وهذا أيضًا من المواطن التي يصرح فيها بالتعليل.
¥(13/122)
مثال ذلك: أنه أخرج من حديث أبي قتادة الأنصاري: ?? أَنَّ رَسُولَ اللهِ (سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمَ بُعِثْتُ ??.
انظر الترجمة!! قال مسلم: وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: ?? وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ?? فسَكَتْنَا عن ذِكر يوم الخميس لِمَا نراه وهمًا.
--------------------------------------------------------------------------------
كلام صريح! يقول: تركتُ ذكر يوم الخميس لأني أعتبر أن هذه الزيادة وهمًا؛ هنا صرَّح مع أنه أورد الحديث بالإسناد الذي فيه هذه اللفظة، لكن لو حذفها من المتن وصرح لما حذفها من المتن وهي لكونها وهمًا؛ هذا في كتاب " الصحيح ".
الطريقة الثانية لإبراز العلة في " الصحيح ": أن يحذف موطن العلة من الحديث ولا يصرح به.
وهذه أكثر غموضًا؛ الأولى يحذف ويُصَرِّح، الثانية يحذف ولا يصرح.
مثال ذلك: الحديث الذي ذكرنا أنه ذكره في كتاب " التمييز " وأعله وهو حديث أخرجه من طريق الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي (أنه قال في حديث: ?? فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ??.
أخرجه من طريق ابن عيينة ولم يذكر لفظ ابن عيينة؛ لأن ابن عيينة قال بدل كلمة ?? فَأَتِمُّوا??، ??فَاقْضُوا ??. بَيَّن الإمام مسلم في " التمييز " أن هذه اللفظة وهم وأنها ليست صحيحة، ولذلك سكت عنها في صحيحه ولم يورد لفظ ابن عيينة.
حتى لا يقول قائل: ما أدراكم أنه لما سكت سَكَتَ للاختصار؟
نقول: لا، صرح في كتابه " التمييز " أنها وهم، ولذلك تركها، وبذلك نعرف أن من منهج الإمام مسلم أنه إذا سكت عن اللفظ ربما سكت عنه لأنه وهم وخطأ، وليبين أنه فيه علة؛ هذا منهج آخر للإمام مسلم في بيان العلل.
الطريقة الثالثة: أن يُخْرِج طرفًا من الرواية المُعَلَّة ويختصر باقيها.
ومن أمثلة ذلك: الحديث المشهور حديث الإسراء والمعراج الذي أخرجه البخاري كاملًا؛ رواية شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر عن أنس بن مالك (، وقد أورد الإمام البخاري هذه الرواية كاملةً، أما مسلم فأخرج هذا الحديث أول السند وبداية المتن، يعني اكتفى بقوله:
--------------------------------------------------------------------------------
?? سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ... ??
وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ نَحْوَ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَقَدَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَأَخَّرَ وَزَادَ وَنَقَصَ.اهـ.
انظر!! يشير إلى مخالفات شريك بن أبي نمر لثابت البناني: اكتفى بسياق الإسناد وطَرَف المتن، واختصر المتن، وبَيَّنَ أن هناك خلاف بقوله أن شريك قدَّم وأخر في المتن وزاد ونقص.
وهذه إشارة صريحة وواضحة منه إلى أنه إنما ترك هذا اللفظ لما فيه من المخالفات لرواية ثابت البناني، ثابت من أوثق الناس في أنس بن مالك، فحديثه يُقدم على حديث شريك بن أبي نمر.
الطريقة الرابعة: أن يذكر الإسناد دون المتن.
ولذلك أمثلة متعددة يمكن ترجعون إلى " هدي الساري " ((1) انظر هدي الساري ص377، ص402.1)، الحافظ ذكر أن هذا منهج الإمام مسلم وضرب له أمثلة، إذًا حتى الحافظ ابن حجر كما ذكرنا ممن يرى أن الإمام مسلم أخرج أحاديث مُعلَّة بدليل هذين الموطنين في " هدي الساري ".
الطريقة الخامسة: من طرائق الإمام في بيان العلة أن يذكر الشيء وضده.
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/123)
سواء كان الاختلاف في الإسناد كأن يكون الحديث روي موصولًا مرسلًا ومتصلًا، موقوفًا ومرفوعًا، فيخرج الوجهين ليبين أن فيه خلاف، وأن هذا الحديث فيه اختلاف بين الرواة، وأيضًا في المتن كما سبق في حديث الكسوف، لَمَّا صار في تضاد في المتن يخرج الوجهين ليبين أن هذا الحديث فيه اختلاف، وأيضًا مثال آخر في المتن الذي ذكرناه بالأمس حديث اضجاعة الفجر وهل هي قبل راتبة الفجر أو بعد راتبة الفجر، فقد قام مسلم بإخراج رواية مالك وبجَمْع من الرواة الذين خالفوه في هذا اللفظ ليبين أن هذه الرواية من مالك وهم وأنه قد أخطأ في هذه الرواية.
يبقى قضية مهمة بعد أن بينا أن من منهج الإمام مسلم أن يخرج الأحاديث المعلة: أنه ظاهر كلام الإمام مسلم في الموطن الثالث وموطن آخر أنه يبتدئ بالأحاديث التي لا علة فيها ويؤخر الأحاديث المعلة في آخر الباب، فهل التزم مسلم بهذا الترتيب تمامًا؟
الذي يظهر لي أنه لم يلتزم بهذا الترتيب على الصراط، قد يكون هذا هو الغالب في كتابه أنه إذا ذكر حديثًا معلًّا فإنه يؤخره عن الحديث الصحيح ولكن هناك بعض المواطن ابتدئ بالحديث المُعَلِّ مثل حديث اضجاعة الفجر الذي رواه مالك؛ فإنه صدَّر به الباب، ثم أورد الرواية الأخرى التي تخالف الإمام مالك، مما يدل على أنه لم يلتزم هذا الترتيب في كتابه، وإن كان يمكن أن يقال بعد الاستقراء، وأنا لم أقم بهذا الاستقراء، والأمر يحتاج إلى بحث عميق جدًّا، وهو أن تُدرَس أبواب مسلم على هذا المنهج لنعرف ما هي الأحاديث التي أخرجها الإمام مسلم ليبين علتها؟ وما هي طريقة إعلاله لها؟ وما هو رأيه فيها؟
--------------------------------------------------------------------------------
طبعًا بعد أن انتهيتُ من هذا الكلام أنبه إلى أن ذلك لا يعني أن مسلمًا جعل كتابه كتابًا في العلل، هو سماه " الصحيح "، لكنه – كما ذكرت – أنه قد يخرج الأحاديث الْمُعَلة في بعض الأحيان ويبين عللها، ولا يخرجه ذلك عن أن يكون من كتب الصحاح وليس من كتب العلل، وقد سبق أن الإمام البخاري فعل ذلك، والحافظ ابن حجر كان ينبه إلى أن البخاري قد يخرج أحاديث لبيان علتها ونفس البخاري أخرج بعض الأحاديث وأعلها كما سبق، فكون صاحب " الصحيح " يُخرج في بعض الأحيان أحاديث ويبين عللها لا يعني ذلك أن كتابه خرج عن موضوعه الأصلي، وإنما يضيف هذه الفوائد لينبه على علل تلك الأحاديث وليبين لِمَا اختار هذه الرواية – يعني التي صححها – دون الرواية الأخرى التي تخالفها، حتى لا يقول قائل: لماذا لم يخرج الرواية الأخرى لعلها أصح؟ لينَبِّهك بذلك إلى أنه كان على علم بالخلاف وأنه ما اختار هذه الرواية إلا على علم وفهم وإحاطة باختلاف الرواة، وأن هذا الاختيار كان بناءً على اتباع القواعد الصحيحة بالقبول والرد.
ما هو عدد الأحاديث المعلة في " صحيح مسلم "؟
سبق أن ذكرنا بأنها في كتاب " التتبع " بلغت أربعة وتسعين حديثًا، منها حديث في مقدمة " صحيح مسلم "، وهنا ننبه إلى قضية مهمة، وهي أن مقدمة " صحيح مسلم " لم يشترط فيها الصحة، وهذا أمر مهم جدًّا لمن يتعامل مع كتاب " مسلم "، وقد أورد في هذه المقدمة بعض الرواية وبعض الرواة الذين هو نفسه يضعفهم، وقد ضعف عددًا منهم في نفس هذه المقدمة، فالمقدمة شأنها شأن آخر غير شأن بقية " الصحيح "، ولذلك يميزون العلماء بين من أخرج له مسلم في المقدمة ومن أخرج لهم في " الصحيح "، فمثلًا المزي وابن حجر إذا أرادا أن يذكرا الراوي الذي أخرج له مسلم في " الصحيح "، ما هو رمز مسلم عند المزي؟
(م).
طيب! إذا كان في المقدمة؟
(مق).
لماذا هذا التفريق؟
--------------------------------------------------------------------------------
لأنه في فرق بين منهج مسلم في المقدمة وبين منهجه في " الصحيح "، لو كان الشرط واحد ما كان في داعي لهذا التمييز، لكن لأنه في فرق في الشرط ميز العلماء بين المقدمة و" الصحيح ".
المقصود أن عدد الأحاديث المعللة عند مسلم أربعة وتسعين، منها حديث واحد في المقدمة، إذًا يصير عدد الأحاديث ثلاثة وتسعين في الحقيقة؛ التي في " الصحيح " ثلاثة وتسعين حديث.
¥(13/124)
وقد دافع العلماء عن هذه الأحاديث، ومن أقدم من دافع عن هذه الأحاديث أبو مسعود الدمشقي إبراهيم محمد بن عبيد، توفي سنة أربعمائة وواحد من الهجرة في كتاب سماه: " كتاب جواب أبي مسعود إبراهيم محمد بن عبيد الدمشقي لأبي الحسن الدارقطني عما بين فيه غَلَطَ أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري تغمده الله برحمته ". هذا عنوان الكتاب وقد طبع بعنوان " الأجوبة " لأبي مسعود المشقي.
ذكر فيه خمسة وعشرين حديثًا، يعني دافع عن خمسة وعشرين حديثًا من ثلاثة وتسعين حديثًا، وبين في بعضها أن الصواب مع مسلم، وبَيَّن في بعضها أن الدار قطني ما أراد الإعلال وإنما أراد أن يبين الاختلاف وإلا فهو موافق لمسلم في صحة الحديث، وبَيَّنَ في بعضها أن مسلمًا إنما أخرج بعضها لبيان العلة، فيكون في ذلك في الحقيقة لا خلاف بينه وبين الدار قطني؛ الدار قطني يُعِل ومسلم أيضًا إنما أخرج الحديث من أجل أن يعله، فليس في ذلك انتقادًا على الإمام مسلم عليه رحمة الله.
--------------------------------------------------------------------------------
وممن دافع أيضًا عن الإمام مسلم في انتقادات الدارقطني له الإمام النووي في شرحه لـ" صحيح مسلم "، وأيضًا هناك الكتاب الذي ذكرناه سابقًا وهو كتاب " بين الإمامين مسلم والدار قطني " للدكتور ربيع المدخلي والذي هو أيضًا مختص بهذا الجانب حيث حصر الأحاديث التي انتقدها الدارقطني على الإمام مسلم، ودافع عن الإمام مسلم، أو درسها دراسة مستفيضة ونافعة، وقد خَرَج بالنتيجة التي لا بأس أن أقرأ عليكم ملخصها كما ذكر ذلك في خاتمة كتابه.
يذكر إحصائية، يقول:
إن أنواع الأحاديث التي انتقضها الدارقطني على مسلم أربعة أنواع:
النوع الأول: انتقاد مُوَجَّه إلى أسانيد معينة إلا أن متن الحديث ليس فيه علة.
يعني حتى الدارقطني لا يخالف في صحة متن الحديث.
عبارة الدكتور ربيع يقول:
" انتقاد موجه إلى أسانيد معينة فيُبدي لها عللً - أي الدارقطني – من إرسال أو انقطاع أو ضعف راوٍ أو عدم سماع أو مخالفته، ويتبين في ضوء الدراسة والبحث أنه غير مصيب فيما أبداه من علة ".
يعني: هو يُعل هذه العلل في الإسناد ثم بعد الدراسة يتبين أن هذه الانتقادات ليست صحيحة وأن رأي مسلم هو الصحيح.
يقول: وعدد هذه الأحاديث أربعين حديثًا.
هذا القسم الأول: عدده أربعين حديثًا، وبذلك نعرف أنه ما يحق للإمام مسلم منها عيب، بالعكس؛ المنتقِد هو المختلط بذلك وهو الدارقطني.
النوع الثاني: انتقاد مُوَجَّه إلى الأسانيد ويكون مصيبًا فيما أبداه - نقد موجه إلى الإسناد ويكون مصيبًا فيما أبداه - لكن تأثيره قاصر على الإسناد دون المتن، فهي علل إسنادية لا تؤدي إلى ضعف المتن، يبقى المتن صحيحًا.
قال: وعدد هذه خمسة وأربعون حديثًا، أربعون وخمسة وأربعين: خمسة وثمانين.
يقول: انتقاد موجه إلى المتن.
- كأن يدعي في حديث ما أنه لا يصح إلا موقوفًا ولم يثبت رفعه، لكن يكون الصواب مع الدارقطني
ويقول: وعددها ثمانية أحاديث فقط.
--------------------------------------------------------------------------------
- التي هي انتقادات تعود إلى المتن والصواب مع الدارقطني.
النوع الرابع: انتقاد موجه إلى المتن لكن الصواب فيه مع مسلم، وعدد هذه الأحاديث كم يجب أن يكون؟
اثنان مع الذي في المقدمة حتى تصير عشرة أحاديث، المقصود يصير العدد الآن كم؟ أربعة وتسعين أو خمسة وتسعين؟ خمسة وتسعين؟ أربعة وتسعين الظاهر أو لا؟ خمسة وأربعين وخمسة وثمانين وثمانية، ثلاثة وتسعين، واثنين، خمسة وتسعين، المفترَض أنها تصير أربعة وتسعين، لكن هو ذكر في الخاتمة أن هناك حديث ذكره للإلزام، فلعله أدخله في العد، هناك حديث أدخله للإلزام وكنا قد ذكرناها أيضًا في لقاء سابق، قلنا: أنه ذكر بعض الأحاديث للتتبع ولم يقصد بها التتبع إنما قصد بها الإلزام، فهي خمسة وتسعين حديثًا، لكن منها حديث ذكره للإلزام وأربعة وتسعين هي التي ذكرها للانتقاد.
المقصود أن هذه الإحصائية التي خرج بها الشيخ ربيع.
¥(13/125)
من هذه الأحاديث المنتَقَدة الثمانية التي ذكرها حتى نعرف نماذج منها حديث: ??إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا?? رواية أبي موسى الأشعري التي جاء فيها قول النبي عليه الصلاة والسلام عن الإمام: ??إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا??، هذا الحديث أورده الإمام مسلم في صحيحه وانتقده الدار قطني، ويرى الشيخ ربيع أن هذا الحديث الصواب فيه مع الدار قطني.
لكن الغريب أن أبا مسعود الدمشقي لَمَّا ذكر هذا الحديث ذكر أن مسلم إنما أخرجه ليبين علته، إذًا نرجع إلى أن بعض هذه الأحاديث الثمانية أيضًا ما أخرجها مسلم إلا ليبين علتها، فيتقلص أيضًا العدد.
هناك حديث آخر أخرجه الإمام مسلم وهو الحديث رقم [567] من الأحاديث التي ذكرها الدكتور ربيع، لكن الحقيقة هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم وله شواهد في الباب، وقد أوردتُ معي هذا الحديث لكن لا داعي للإطالة بذكره.
--------------------------------------------------------------------------------
وحديث أيضًا رقم [853] وهو حديث ساعة الجمعة، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ??هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ??.
أعلَّه الدار قطني أنه من كلام أبي بردة، والظاهر أن هذه هو الراجح بالفعل؛ أن وقت استجابة الدعاء في يوم الجمعة أنه بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة أن هذا لا يصح فيه حديث، وأصوب الأقوال في ذلك إما أنها مطلقة أو أنها في آخر ساعة في الجمعة، وأما أنها في وقت صعود الإمام إلى المنبر إلى أن يصلي هذا لم يصح فيها حديث، الحديث الذي أورده الإمام مسلم انتقده الدار قطني والصواب فيه مع الدارقطني.
ومنها أيضًا حديث أبي هريرة مرفوعًا: ?? يَدْخُلُ الْجَنَّةُ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ كَالطَّيْر ِ??.
رجح الدارقطني أنه مرسل عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ووافقه الدكتور ربيع على ذلك ويقول: إنه لم يجد لهذا الحديث متابعات في كتب السنة.
على كل حال يبقى أن الحديث التي انتُقِد متنها لا تتجاوز سبعة أحاديث مما لم يقصد مسلم إخراجه لبيان علته، ولعلنا لو أَعَدْنا الدراسة لعل هذا يتقلص بذلك، لكن هذا حسب الدراسة السابقة.
ممن انتقد الإمام مسلم في الأحاديث وأعل بعض الأحاديث في " صحيح مسلم غير الدار قطني:
أحد العلماء الذين ألفوا كتابًا خاصًّا بمسلم وبعلل أحاديث " صحيح مسلم " وهو أبو عمار الشهيد واسمه " محمد بن أبي الحسين بن أحمد بن محمد بن عمار الجارودي الهروي ".
--------------------------------------------------------------------------------
المتوفى سنة سبع عشرة وثلاثمائة للهجرة، والذي لُقب بالشهيد لأنه قتل على يد القرامطة لما دخلوا مكة - المسجد الحرام - وكان هذا الرجل في المسجد الحرام يوم دخولهم فقتل مع من قُتل من المسلمين في تلك المذبحة العظيمة التي هزت العالم الإسلامي حينها والتي لا يُعرف في الحقيقة حادثة في شناعتها وقعت للمسجد الحرام من يوم أن بُعث النبي عليه الصلاة والسلام إلى يوم الناس هذا؛ حيث قُتل الناسُ الحُجَّاجُ في الطواف قتلًا ذَرِيعًا، واقتُلع الحجر الأسود من مكانه، وسُلِبت الكعبة من بابها الذي كان من الفضة والذهب وميزابها الذي كان أيضًا من تلك المعادن، وأُخِذ الحجر الأسود ومَكَث قرابة عشرين سنة عند القرامطة في منطقة هَجَر، أي في المنطقة الشرقية من هذه البلاد، كانت دولتهم في تلك المنطقة، ولم يَعُد إلا بعد نحو عشرين سنة إلى موضعه.
المقصود أن هذا العالِم قُتِلَ في هذا اليوم ولذلك لُقب بالشهيد عليه رحمة الله.
--------------------------------------------------------------------------------
هذا العالِم له كتاب سماه: " علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج "، ذكر فيه ستة وثلاثين حديثًا؛ ستة وثلاثين حديثًا أعلها في " صحيح مسلم "، مما يلفت الانتباه أنه ذكر ثلاثة أحاديث ونسبها إلى مسلم وهي غير موجودة في " صحيح مسلم " ولم ينسبها إليه أحد ممن أَلَّف حول مسلم سواه، كالمزي مثلًا في " تحفة الأشراف " لم يذكر هذه الثلاثة الأحاديث، وهذا قد يدل على أن هناك أكثر من رواية لـ" صحيح مسلم "، ولعل إحدى هذه الروايات كانت عند ابن عمار وقد فُقِدَت، وفقدان هذه الثلاثة أحاديث يدل على أن مسلم
¥(13/126)
قد حذف هذه الأحاديث من النسخة الأخيرة التي رواها إبراهيم بن محمد بن سفيان، ونعود بذلك إلى أن الإمام مسلم لعله مثل البخاري؛ كان يُنَقِّح في كتابه ويُعَدِّل في كتابه خلال فترات عُمُره بعد أن أَلَّفَ الكتاب، وهذا يعود يُذَكِّرُنا بقضية نَفْي أن مسلمًا تُوفي واخْتَرَمَتْهُ المنيةُ؛ الرجلُ صار يُنَقِّح ويُعَدِّل في كتابه، فما أَبْعَدَ ذلك القول من الصواب!
مما انتقدوا أحاديث مسلم في " صحيحه " ابنُ حزم:
حيث ألف جزءًا صغيرًا جدًّا في حديث انتقده على مسلم وحديث آخر انتقده على البخاري، أما حديث مسلم الذي انتقده ابن حزم في هذا الجزء هو حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قول أبي سفيان بن حرب للنبي (: ?? يَا نَبِيَّ اللهِ. ثلاث أَعْطِينِهِن، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ؛ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمُعَاوِيَة تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارِ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: نَعَمْ ??.
--------------------------------------------------------------------------------
رَدَّه ابن حزم بأن أم حبيبة للاتفاق والإجماع أن النبي عليه الصلاة والسلام قد تزوجها ودخل عليها قبل إسلام أبي سفيان، فكيف يقول له: أزوجك ابنتي؟! وأن هذا بعد إسلامه؟! يقول: هذا يدل على أن هذا الحديث غير صحيح، وحكم عليه بالبطلان وبالوضع، لكن بعض أهل العلم دافع عن هذا الحديث وقالوا: لعل مراده أن يجدد العقد، وأن النبي عليه الصلاة والسلام رضي بذلك تطييبًا لخاطره؛ لأن العرب تَأْنَف من أن تتزوج بناتها دون إذنها، وأبو سفيان كان سيدًا من سادات قريش، فأَحَبَّ أن يمحو هذا العار عن نفسه أن ابنته تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام دون إذنه، فبعد إسلامه أراد أن يجدد العقد وكأنه زوجها برضاه وبقبوله.
على كل حال هذا التوجيه قبلناه أو لم نقبله، المسألة هينة في ذلك، وإن كان قبوله في الحقيقة له وجه؛ لأن ظاهر الإسناد الصحة، والحديث في إسناده مجال للنقد، فما دام له توجيه صحيح هذا المقصود، والحمد لله رب العالمين.
الحديث الثاني في " صحيح مسلم " وفي " صحيح البخاري " هو حديث شريك بن أبي نَمِر الذي ذكرناه سابقًا في الإسراء، انتقده ابن حزم على البخاري، ولم ينتقده على مسلم! وهنا نقف، لماذا لم ينتقده على مسلم مع أن مسلمًا أخرج إسناده وطرف المتن؟! لأنه فَهِمَ ابنُ حزم أن إخراج مسلم له إنما كان من أجل أن يبين علته، ولذلك ما اعتبره حديثًا منتقدًا على مسلم، وإنما اعتبره حديثًا منتقدًا على البخاري، مع أن الحافظ يقول: إن البخاري أخرجه أيضًا ليبين علته، فانظر! كيف مواقف العلماء من هذه المسائل لتعرف أن المسألة ليست بالأمر الهين، استخراج الحديث الذي أُخرج لبيان العلة يحتاج إلى دراسة واستقصاء وتَأَنٍّ ونظر دقيق في المسألة.
--------------------------------------------------------------------------------
من العلماء الذين انتقدوا بعض الأحاديث في " صحيح مسلم " أبو مسعود الدمشقي في كتابه " أطراف الصحيحين "، ومن العلماء الذين انتقدوا أيضًا أبو علي الحسين محمد الغَسَّاني، وقد ذكرنا كتابه سابقًا وهو كتاب " تَقْيِيد المُهْمَل وتَمْيِيز المُشْكِل " عقد فيه فصلًا بالأحاديث المنتقدة في " صحيح مسلم "، أغلب هذه الأحاديث انتقادها من جهة الرواة عن مسلم لا من جهة مسلم أو ممن روى عنه مسلم.
هناك حديث واحد نورده في هذا السياق أخرجه مسلم وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وكان هذا سبب لانتقاد ابن الجوزي نقدًا شديدًا لازعًا؛ حيث إن الحديث صحيح وفي ثاني أصح كتاب بعد كتب الله، ومع ذلك أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "!.
¥(13/127)
هذا الحديث هو في الحقيقة ليس الخطأ فيه فقط من ابن الجوزي، بل سبقه إلى ذلك والذي اعتمد عليه في الحكم بالوضع هو ابن حبان، هو حديث أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ?? إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَوْشَكَ أَنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللهِ وَيَرُوحُونَ فِي لَعْنَتِهِ، فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ??.
يعني يشير بذلك إلى الشُّرَط. هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في كتابه برقم [1544] وأورده الإمام مسلم في الصحيح.
سبب خطأ ابن الجوزي: أن هذا الحديث أورده ابن حبان في ترجمة راوٍ اسمه أفلح بن سعيد، وأفلح بن سعيد هذا بالفعل ضعيف، ثم لما أورده ابن حبان في ترجمة أفلح بن سعيد قال عقب الحديث: وهذا خبر بهذا اللفظ باطل، وأفلح كان يروي عن ثقات الموضوعات ولا يحل الاحتجاج به.
--------------------------------------------------------------------------------
ولكن لم ينتبه ابن حبان ولا ابن الجوزي: أن لهذا الحديث طرقًا أخرى بنفس هذا اللفظ صحيحة، وهي التي أخرجها مسلم في صحيحه، ليس فيها علة هذا الراوي، ولذلك هذا الحديث تعقبه الحافظ ابن حجر في كتابه " القول المسدَّد "؛ لأن هذا الحديث أخرجه مسلم والإمام أحمد، و" القول المسدد " هو في الذب عن مسند الإمام أحمد، يعني إيراد الأحاديث الموضوعة التي حكم عليها ابن الجوزي بالوضع وهي في مسند أحمد، وبين أنه في " صحيح مسلم " وفي " مسند أحمد "، ثم قال رادًّا على ابن الجوزي، يعني وصف تصرف ابن الجوزي قال: وإنه غفلة شديدة.
يعني: أن ابن الجوزي غفل غفلة شديدة، أخطأ خطأً شديدًا؛ حيث أورد هذا الحديث الصحيح في كتابه الذي خصه بالموضوعات؛ وهذا أحد أكبر الأسباب التي يتكئ عليها من يصف ابن الجوزي بالتسرع في الحكم بالوضع، أنه أخرج حديثًا في " صحيح مسلم " في " الموضوعات " حاكمًا عليه بالوضع، وقلنا عذره أنه قلد في ذلك ابن حبان، وابن حبان أورده من طريق فيه ضعف، لكن مسلمًا أورده من طرق أخرى سالمة من هذا الراوي الضعيف أو المتكلَّم فيه.
الكلمة الثالثة في عنوان " صحيح مسلم ": " المختصر " من المسند الصحيح المختصر.
وهذا أيضًا - كما نذكر دائمًا - رد على من يدعي أن مسلمًا أراد استيعاب الصحيح أو أنه ألف هذا الكتاب وكان تأليفه له سببًا أن يقول أهل البدع بأن كل ما في خارج هذا الصحيح ليس بصحيح عند مسلم، فمسلم يصرح الآن أنه مختصر، فما هناك داعٍ لدعوى أنه يطرق لأهل البدع أن يدعوا بأن ما ليس في الصحيح لا يكون صحيحًا لعدم إخراج مسلم له فيه.
عدد أحاديث " صحيح مسلم " ما دمنا نتكلم عن الاختصار والعدد: ثلاث آلاف وثلاثة وثلاثين حديث؛ بغير تكرار.
كم عدد الأحاديث في " صحيح البخاري " بغير تكرار؟
- ألفان وستمائة واثنين.
إذًا أيهما أكبر وأكثر عددًا؟
--------------------------------------------------------------------------------
مسلم؛ وهذه مزية ولا شك لمسلم، وهذه المزية تذكرنا من باب الإنصاف لمسلم أنه ما دام عدد أحاديثه أكثر، هذا لا شك سيكون داعٍ لأن تكون عدد الأحاديث المنتقدة عليه أكثر؛ طبيعي، وهذا يجب أن يوضع في الاعتبار من أجل أن ننصف مسلمًا ولا نبخسه شيئًا من حقه، فكون الرجل تصدى لإخراج عدد أكبر من الأحاديث، هذا داعٍ لأن يكون عدد الأحاديث المنتقدة عليه أكثر، وقد بينا لكم من خلال كتاب الدار قطني نفسه أن العدد إن لم يكن مسلم مساوٍ للبخاري فربما كان البخاري أكثر أحاديث منتقدة في التتبع، حتى تعرفوا أن القضية تحتاج إلى دراسة واسعة حتى نَخرج إلى قول منصِف لكلا الإمامين، ولا فَرْق عندنا بين البخاري ومسلم، كلاهما إمام، وكلاهما نُجِلُّه، وكلاهما نعظِّمُه، وليس هناك عندنا عصبية لواحد منهما على الآخر، بل مُبْتَغانَا هو الحق ومعرفة الصحيح والصواب في هذه المسائل، وإن كنا في الإجمال – يعني المتقَرِّر في القلب – أن البخاري أرجح من مسلم، لو لم يكن في ذلك إلا ما يُقِرُّ به مسلم أن البخاري أعلم منه لكفى في ذلك دليلًا على تقديم البخاري على مسلم.
قلنا عدد الأحاديث بغير تكرار: ثلاث آلاف وثلاثة وثلاثون، بالتكرار: سبعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وثمانون.
¥(13/128)
العبارة الرابعة في العنوان، قال: " من السنن ".
والمقصود بها أحاديث رسول الله (سواء كانت متعلقة بالأحكام أو بغيرها، بالطبع هذا الكتاب يعتبر من كتب الجوامع، وليس من كتب السنن التي اعتنت فقط بأحاديث الأحكام، بدليل أنه أورد فيه كُتُبًا لا علاقة لها بأحاديث الأحكام، مثل: كتاب " الفضائل "، وكتاب " صفة الجنة "، وكتاب " صفة النار "، وكتاب " التفسير " الذي هو من أصغر كتب " صحيح مسلم "، وهو آخر كتاب في " صحيح مسلم "؛ كتاب " التفسير " للإمام مسلم.
الكلمة الأخيرة في عنوان الكتاب: " بنقل العدل عن العدل ".
--------------------------------------------------------------------------------
وهذا في تأكيد على شرط الرواة؛ وأنه لن ينزل رواة كتابي على درجة المقبولين.
وأنبه هنا إلى فائدة أن العدل يطلق عند المحدثين ولا يريدون بها العدالة الدينية وحدها، إذا أَطْلَق المحدث على راوٍ فقال: هو عدل. فيقصد أنه عدل في دينه عدل في روايته، أي: عدل ضابط، أي: ثقة. وهذا يدل عليه عنوان الإمام مسلم، وهذا سينفعنا مع ابن خزيمة وشرطه في الصحيح؛ لأنه تُكُلِّم في شرطه بسبب أنه استخدم مثل هذه العبارة وقيل أنه لا يشترط الضبط لكونه اكتفى باشتراط العدالة، فنريد أن نؤكد أن هذه ليس بصحيح، وإذا صح أن نحتج بكلام ابن خزيمة على أنه لا يشترط الضبط يلزم أن نفعل ذلك مع " صحيح مسلم " وهذا لا قائل به؛ أن مسلمًا إنما يشترط العدالة فقط دون الضبط هذا لم يقل به أحد، وكلام مسلم في مقدمة الصحيح وفي كل كتبه صريح بخلاف هذا الكلام، وهذا أصلًا رأي لا يمكن أن يقول به أحد من أهل الحديث ممن يعرفون أن الراوي لا يمكن أن يُقبل إلا إذا جمع هذين الأمرين: العدالة والضبط.
طبعًا أيضًا هذه عبارة ترد على من ادعى أن المحدثين إذا قالوا عدل يقصدون بها العدالة الدينية، وممن قال ذلك الإمام السخاوي في كتاب " فتح المغيث "، لكن تصنيفات المحدثين تدل على أنهم يطلقون العدل ويقصدون به الثقة، أي العدل في الدين وفي الرواية، إلا إذا قيدوا فقالوا: عدل إلا أنه سيئ الحفظ، صالح في الدين إلا أنه كذا .. عندها يحمل على ما ذكروا، لكن إذا أطلقوا العبارة، إذا سأل أحد طلبة الحديث في ذلك الزمن أحد أئمة الجرح والتعديل فقال له: ما رأيك في فلان؟ فقال له: عدل.
يعني: أنه ثقة عدل ضابط، إلا إذا قيد فقال: هو عدل لكنه ليس بحافظ. فعندها نحمل هذا التعبير على أنه مختص بالعدالة الدينية.
عناية العلماء بـ " صحيح مسلم ":
--------------------------------------------------------------------------------
تقدم ذكر بعض أنواع العنايات في مثل كتاب " التتبع " والكتب التي انتَقَدَت، وغيرها من الكتب التي سبق ذكرها أثناء كلامنا السابق.
نذكر الآن بعض الأمور التي لم تذكر سابقًا:
أولًا: عناية العلماء برجال مسلم:
1 - وقلنا – لما تكلمنا عن البخاري - أن هناك كتاب للدار قطني جمع فيه بين رجال البخاري ومسلم، رجال البخاري كانوا في كتاب ورجال مسلم في مجلد آخر.
2 - أيضًا للحاكم في كتابه " المدخل إلى معرفة الصحيح "؛ بَيَّن فيه من انفرد بالإخراج لهم البخاري ومن انفرد بالإخراج لهم مسلم ومن اتفقا عليه من الرواة.
3 - أيضًا كتاب ابن طاهر المقدسي " رجال الصحيحين ".
4 - ثم الكتب التي تلت ذلك، مثل: " تهذيب الكمال "، و" تهذيب التهذيب "، وغيرها التي جمعت رجال الصحيحين مع بقية أصحاب الكتب الستة.
خصَّ ابنُ مانجويه - أحد العلماء - مسلمًا بالتأليف فأَلَّفَ " رجال صحيح مسلم "، وهو أحمد بن علي الأصبهاني الشهير بابن مانجويه، المتوفى سنة ثماني وعشرين وأربعمائة من الهجرة، وهو كتاب مطبوع، وهو في هذا الكتاب كثيرًا ما يتَّبع ابن حبان في ترجمة للرواة، يكاد ينقل ترجمة ابن حبان في كتابه " الثقات " كما هي في كتابه، حتى إذا أخطأ ابن حبان يتابعه ابن مانجويه تمامًا في هذا الكتاب.
اعتنى أيضًا العلماء بذكر شيوخ الإمام مسلم والبخاري، وسبق بعض الكتب المتعلقة بالبخاري، ونذكر الآن كتابين متعلقين بشيوخ مسلم مع البخاري، منهم:
¥(13/129)
1 - كتاب " المُعْلِم بِشيوخ البخاري ومسلم " لمحمد بن إسماعيل بن خَلَفون - بفتح اللام لا بسكونها كما أسمع كثيرًا من طلبة العلم – وهو إمام أندلسي له مؤلفات متعددة، تُوفي سنة ست وثلاثين وستمائة من الهجرة.
--------------------------------------------------------------------------------
2 - أيضًا كتاب " المعجَم المشتَمِل على أسماء شيوخ الأئمة النُّبْل " لأبي القاسم ابن عساكر صاحب " تاريخ دمشق " والمتوفى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة من الهجرة، هذا يشمل شيوخ الأئمة الستة جميعًا؛ مسلم وبقية الأئمة الستة.
من الكتب التي تخدم الصحيح كتاب " أطراف الصحيحين " لأبي مسعود الدمشقي ولخَِلَف الواسطي كما ذكرنا سابقًا، والمزي في كتابه " تحفة الأشراف ".
هناك مستخرجات على " صحيح مسلم " سنقتصر على المطبوع منها:
المستخرج الأول: طُبع من المستخرجات على " صحيح مسلم " كتاب " المستخرج لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق " المتوفى سنة ستة عشرة وثلاثمائة، ويمتاز هذا الكتاب في الحقيقة بمزية عظمى وهي أن المؤلف شارك مسلمًا في بعض شيوخه، يعني أبو عوانة سمع من بعض شيوخ مسلم، ففي بعض الأحاديث يتابع مسلمًا تمامًا في رواية الحديث عن نفس الشيخ، وأنبه بخصوص هذا الكتاب إلى أنه ليس مختصًّا بمسلم فقط، هو مستخرج على " صحيح مسلم " وعلى صحيح قرين مسلم وزميله وتلميذه وهو أحمد بن سلمة النيسابوري، فهو مستخرج على كلا الكتابين، ولذلك قد نجد أحاديث يذكرها في هذا الكتاب ليس لها ذكر أبدًا في " صحيح مسلم "، إذًا يكون وجه إخراجه لها على أية وجه؟
أنه مستخرجة على أحاديث في " صحيح أحمد بن سلمة النيسابوري "، و" صحيح أحمد بن سلمة النيسابوري " أصلًا كان قد اتبع فيه شيخه أو قرينه الإمام مسلم، يعني كان يأخذ نفس الأحاديث التي سمعها مسلم ويخرجها في كتابه، إلا زيادات قليلة هي التي خَرَّج عليها أيضًا أبو عوانة بعض الأحاديث مستخرجة في كتابه المسند المعروف بـ" مستخرج أبي عوانة ".
والمستخرج الثاني على " صحيح مسلم " هو: " مستخرج أبي نعيم "، وقد طبعت قطعة كبيرة منه في أربعة مجلدات.
من الخدمات حول صحيح مسلم:
الجمع بين صحيحي البخاري ومسلم، وهناك جموع كثيرة، لكن طُبع منها جمعان مهمان وهما:
--------------------------------------------------------------------------------
1 - " الجمع بين الصحيحين " للحميدي محمد بن أبي نصر فتوح الأندلسي، المتوفى سنة ست وستين وأربعمائة للهجرة.
2 - وأيضًا كتاب " الجمع بين الصحيحين " لعبد الحق الإشبيلي.
ولكل كتاب منهما مزية، فمزية الحميدي أنه يذكر الزيادات الواردة في المستخرجات التي لم ترد في الصحيحين، زيادات المتون الواردة في المستخرجات يوردها الحميدي في جمعه للصحيحين.
ولهذا الكتاب مقدمة مهمة جَمْع الحميدي يتكلم فيها عن مزية الصحيحين وعن قدرهما وجلالتهما، وينقل الاتفاق والإجماع على صحتهما، ولهذا الإجماع أهمية لأنه إمام متقدم كما ذكرنا، سنة ست وستين وأربعمائة من للهجرة.
أما عبد الحق الإشبيلي فله مزية أخرى وهي:
أولًا: لم يضف لفظًا زائدًا على الصحيحين من خارجهما، كل ما فيه من الألفاظ من الصحيحين، واعتنى عناية كبيرة جدًّا ببيان اختلاف الألفاظ في الروايات في الصحيحين، فإذا كان البخاري أورد الحديث في باب بلفظ وأورده في باب آخر بلفظ آخر، يبين الفروق في الألفاظ، بل ويذكر تبويبات البخاري، خاصة اللطيفة منها، يقول: أخرجها في الحديث تحت باب كذا وباب كذا وباب كذا، كلٌّ من أجل أن ينبه على فقه البخاري المستنبَط من تلك الأحاديث، ولذلك أن أنصح لمن أراد أن يستعرض متون الصحيحين أن يأخذ كتاب عبد الحق الإشبيلي، هو خير له في ذلك من كتاب " الجمع " للحميدي.
مختصرات " صحيح مسلم:
1 - كـ" مختصر القرطبي " أبو العباس القرطبي، وهو طبعًا غير أبو عبد الله القرطبي صاحب " الجامع لأحكام القرآن "، هذا إمام وذاك إمام آخر.
2 - أيضًا مختصر صحيح مسلم للمنذري واسمه " الجامع المعلِم لمقاصد جامع مسلم ".
--------------------------------------------------------------------------------
¥(13/130)
3 - أيضًا كتاب " تنبيه المعلِم بمبهمات صحيح مسلم "، هذا الكتاب ليس في المختصرات، وإنما في المبهمات وهو الأسماء التي أُبْهِمَتْ في " صحيح مسلم " سواء في الأسانيد أو المتون، واعتنى بالمتون خاصة، لسبط بن العجمي تُوفي سنة أربع وثمانين وثمانمائة للهجرة.
هناك أيضًا كتاب عصري حول " صحيح مسلم " وهو كتاب جيد ونافع، هو كتاب " عبقرية الإمام مسلم " للدكتور حمزة الليباري وهو كتاب جيد ونافع في بيان منهج الإمام مسلم في كتابه.
من الشروح حول " صحيح مسلم "؛ وهذه مهمة:
1 - من أقدم هذه الشروح كتاب " المعلِم " لمحمد بن علي المازني، المتوفى سنة ست وثلاثين وخمسمائة للهجرة، الذي كتب عليه القاضي عياض كتابه " إكمال المعلم " للقاضي عياض، المتوفى سنة أربع وأربعين وخمسمائة للهجرة.
2 - ثم جاء بعدهم بنحو أقل من قرن أو قرن الإمام ابن الصلاح، فأَلَّف كتابًا سماه: " صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغَلَط، وحمايته من الإِسْقاط والسَّقَط "، وهو كتاب مطبوع لابن الصلاح، وهو على صغر حجمه إلا أنه كثير الفائدة.
3 - من شروح مسلم المهمة: كتاب " المفهِم " لأبي العباس القرطبي، وهو كتاب مهم جدًّا الحقيقة، قلنا أبو العباس القرطبي اختصر " صحيح مسلم " فشرح فيه مختصره هذا، ولذلك فهو خاص بالمتون، يعني لا يشرح الأسانيد والعلل والاختلافات، وإنما يتكلم فقط عما يُستنبط من تلك الأحاديث من الفوائد العلمية.
4 - ثم جاء الإمام النووي في شرحه الشهير المسمى بـ المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج.
--------------------------------------------------------------------------------
5 - ثم جاء محمد بن خليفة الأُبِّي المتوفى سنة سبعة وعشرين وثمانمائة في كتاب سماه: " إكمال إكمال المعلِم "، جَمَع في هذا الكتاب بين شرح المازِري وشرح القاضي عياض وشرح القرطبي وشرح النووي مع زيادات واجتهادات له، فكتاب الأُبِّي يكاد يشمل على أربعة كتب سابقة مع زيادات له، وهو كتاب مطبوع لكن مع الأسف الشديد طبعته رديئة وسقيمة.
6 - أيضًا كتاب " الديباج " للسيوطي، وهو شرح مختصر جدًّا لصحيح الإمام مسلم.
7 - من شروح مسلم أيضًا " فتح الملهِم " لأحد علماء الهند وهو شِبِّير بن أحمد العثماني المتوفى سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف.
8 - أيضًا " فتح المنعم " لأحد دكاترة الأزهر المعاصرين، واسمه: موسى شاهين لاشين، واسم كتابه " فتح المنعِم ".
9 - هناك كتاب في غريب ألفاظ الإمام مسلم، وهو كتاب " المفصِح المفهِم والموضِح الملهِم لمعاني صحيح مسلم " لمحمد بن يحيى بن هشام الأنصاري النحوي، المتوفى سنة ست وأربعين وستمائة، وهو غير ابن هشام صاحب مغني اللبيب المشهور النحوي، لكن أيضًا هذا كان نحويًّا لغويًّا شهيرًا جدًا في زمنه، أَلَّف كتابًا خاصًّا بغريب ألفاظ " صحيح مسلم ".
10 - هناك كتابان يتكلمان عن منهج الإمام مسلم، وكثير من المعلومات التي ذكرتها لكم مستقاة من هذين الكتابين، وهما كتاب " الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح " لمحمد بن عبد الرحمن الطوايبة، وكتاب " الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح " لمشهور حسن سلمان.
هذه أهم الكتب التي اعتنت بصحيح مسلم وبمنهجه في كتاب الصحيح، ونكتفي بهذا القدر.
وصلى اللهم وسلم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(13/131)
من الإخوة من ينقل إلينا قولا لأحد العلماء في التقريق بين الحفظ و الضبط.
ـ[أبوعمير الحلبي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 01:55 م]ـ
هل من الإخوة من ينقل إلينا قولا لأحد العلماء في التقريق بين الحفظ و الضبط.
ـ[هشام الحلاّف]ــــــــ[22 - 04 - 06, 04:06 م]ـ
لعلك تجد جوابك في هذا الموضوع الذي كتبته:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5407&highlight=%DE%E6%E1+%C7%E1%E3%CD%CF%CB%ED%E4+%CD%C 7%DD%D9+%D6%C7%C8%D8(13/132)
من العباس هذا؟ للأخ رمضان أبو مالك
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[11 - 08 - 06, 04:33 م]ـ
من المواضيع المفقودة
ملتقى أهل الحديث > منتدى الدراسات الحديثية
من العباس هذا؟
31/ 07/06, 03:08 03:08:27 Pm
رمضان أبو مالك
عضو مخضرم تاريخ الانضمام: 10/ 11/05
محل السكن: القاهرة
المشاركات: 1,063
من العباس هذا؟
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في " تاريخ ابن معين " رواية عباس الدوري، قال:
((حدثنا العباس، حدثنا يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن مسلم بن أبي فروة قال: صليت مع عبد الرحمن بن أبي ليلى فقنت ولم يرفع يديه.
هذا مسلم النهدي وهو أبو فروة الصغير)).
هل العباس هذا: هو راوي التاريخ عن ابن معين = عباس بن محمد بن حاتم الدوري؟
أم: العباس بن الحسين القنطري = أحد تلامذة يحيى بن آدم؟
والذي يظهر لي أنه الأول، ولكن الأمر مشكل لدي قليلاً.
فمن يحل لي الإشكال؟
جزاكم الله خيرًا.
__________________
جزاكم الله خيرًا ...
31/ 07/06, 04:56 04:56:43 Pm
هشام الهاشمي
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 29/ 10/05
المشاركات: 197
--------------------------------------------------------------------------------
منقول من اخينا العباس السلفي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
العباس هذا هو العباس بن محمد الدوري راوي الكتاب عن يحيى بن معين، ولكن قد حصل سقط في مطبوع التاريخ، وقد نقل الدولابي في كتابه الكنى والأسماء هذا النص كاملا ومنه يتبين السقط
الكنى والأسماء للدولابي ج2/ص911
1598 - حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا يحيى بن معين
قال حدثنا يحيى بن آدم عن الحسن بن صالح عن مسلم أبي فروة
قال صليت مع عبد الرحمن بن أبي ليلى فقنت ولم يرفع يديه
هذا مسلم النهدي وهو أبو فروة الصغير
__________________
31/ 07/06, 05:01 05:01:39 Pm
رمضان أبو مالك
عضو مخضرم تاريخ الانضمام: 10/ 11/05
محل السكن: القاهرة
المشاركات: 1,063
--------------------------------------------------------------------------------
جزاكم الله خيرًا.
سبقتني بها، كنت سأضعها.
ومن باب الفائدة:
أفادني الأخ الفاضل المفضال / أبو المنهال الأبيضي - جزاه الله خير الجزاء - بما يلي:
هو العباس الدوري، وهو من تلامذة يحيى بن آدم.
وفي حديث رقم (77) من " الأحاديث المختارة ":
.... الهيثم بن كليب، ثنا عباس بن محمد بن حاتم الدوري، ثنا يحيى بن آدم .... .
ولكن كما أشار الأخ الفاضل / العباس - جزاه الله خيرًا - هناك سقط في المطبوع.
والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
جزاكم الله خيرًا ...
31/ 07/06, 08:37 08:37:56 Pm
محمد أحمد جلمد
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 04/ 11/04
المشاركات: 355
--------------------------------------------------------------------------------
جزاكم الله خيراً
فائدة قيمة بالفعل
__________________(13/133)
الألغاز في الحديث
ـ[أم صهيب]ــــــــ[12 - 08 - 06, 04:03 م]ـ
هل هناك كتب ألفت بطريقة الألغاز في علوم الحديث كما ألفت في الفقه ككتاب الجراعي حلية الطراز وكتاب الأسنوي طراز المحافل في ألغاز المسائل ودرة الغواص لابن فرحون(13/134)
هل هذه اللفظة مرفوعة في صحيح مسلم؟
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[12 - 08 - 06, 07:35 م]ـ
أخرج مسلم (1429) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه
هذه المشاركة كنت وضعتها، وفقدت مع ما فقد، وكان الميل إلى أن هذه اللفظة "عرسا كان أو نحوه" غير مرفوعة، وكان أحد الأفاضل وضع ردا نقل فيه عن أحد الأئمة أنها مدرجة غير مرفوعة.
فمن وجد المشاركة فليضعها مشكورا.
إلا أني أستدرك وأنقل رواية عند مسلم من طريق الزبيدي عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب".
فلعل هذه الرواية ترفع الإشكال، والله أعلم.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[12 - 08 - 06, 11:08 م]ـ
ذكر ابن عبد البر في (التمهيد) الرواية الأولى بلفظ: (عرساً كان أو دعوة) بدل (نحوه)
وذكره أيضاً بلفظ: (كان أو غيره)
أما الرواية الأخرى "من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب".، فوجدتُ أخي محمود هذه الرواية في المستخرج:
المسند المستخرج على صحيح مسلم ج4/ص99
ثنا سليمان بن أحمد ثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء ثنا بقية بن الوليد عن الزبيدي ح وثنا أبو محمد بن حيان ثنا ابن أبي حاتم ثنا أبو عتبة الحمصي ثنا بقية حدثني الزبيدي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من دعي إلى عرس أو دعوة فليجب)
رواه مسلم عن إسحاق بن منصور
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[12 - 08 - 06, 11:29 م]ـ
أخانا محمود عندما رأيت الموضوع تذكرته فقد كنت أحاول أن اجمع المواضيع التي شاركت فيها:
و لازلت محتفظا بالرد على هذا الموضوع:
قلت:
ذكر صاحب مرقاة المفاتيح 6/ 339
وفي رواية لمسلم فليجب عرساً كان أو نحوه أي كالعقيقة والختان والظاهر أن عرساً كان أو نحوه مدرج من كلام الراوي أو نقل بالمعنى فتأمل.
و ذكر ابن حزم في المحلى 9/ 451
فإن قيل قد جاء في بَعْضِ الْآثَارِ إذَا دعى أحدكم إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ قلنا نعم لَكِنْ الْآثَارُ التي أَوْرَدْنَا فيها زِيَادَةً غير الْعُرْسِ مع الْعُرْسِ وَزِيَادَةَ الْعَدْلِ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[14 - 08 - 06, 07:25 م]ـ
??????
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[14 - 08 - 06, 08:04 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي حمد أحمد، فائدة جيدة.
وأظن أني كنت ذكرت في المشاركة السابقة رواية أبي عوانة في المستخرج الرواية الأولى بلفظ: "عرسا كان أو غيره".
ونقل ابن كثير رواية مسلم بلفظ: "عرسا كان أو غيره".
وذكرت رواية المستخرج أيضا من طريق محمد بن عبد الرحمن بن عنج، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه ".
في حين أن رواية عبد الرزاق وأحمد وأبي داود وابن حزم والبيهقي موافقة لرواية مسلم "أو نحوه"
وجزاك الله خيرا أخي ابوعلي النوحي على إعادة كتابة المشاركة.(13/135)
كتب الحديث والعلل والتخريج للأخ هشام العويد
ـ[أبو عبيد الله المصري]ــــــــ[13 - 08 - 06, 07:27 ص]ـ
أدوات الموضوع تقييم الموضوع
قديم 08/ 07/06, 06:50 06:50:23 PM
هشام العويد هشام العويد غير متواجد حالياً
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 24/ 09/05
المشاركات: 158
افتراضي كتب الحديث والعلل والتخريج
--------------------------------------------------------------------------------
أرجو إعطائي أفضل الطبعات لهذه الكتب
مسند الحميدي
مسند عبد بن حميد
شرح الزرقاني على مالك
ومنتقى الباجي
المنتقى لابن الجارود
صحيح ابن خزيمه
مسند الطيالسي
سنن الدارمي
مستدرك الحاكم
مسند البزار
كشف الاستار عن زوائد البزار
معاجم الطبراني الثلاثة
الكبير
والاوسط والصغير
شرح معاني الاثار للطحاوي
سنن البيهقي
معرفة السنن والآثار للبيهقي
مسند أبي يعلي الموصلي
شعب الإيمان للبيهقي
مسند أبي عوانة
مصنف عبدالرزاق
الروض البسام بترتيب فوائد تمام
المهذب في اختصار السنن الكبير للذهبي
شرح ثلاثيات مسند أحمد
تنزيه الشريعه المرفوعة
كشف الخفاء ومزيل الإلباس
المقاصد الحسنة
العلل المتناهية
الفوائد المجموعة
الموضوعات لابن الجوزي
مسند الشافعي
__ كتب العلل والرجال _
تهذيب الكمال لعبدالغني
تهذيب التخذيب
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم
ميزان الاعتدال
لسان الميزان
المعرفة والتاريخ للنسوي
الضعفاء للعقيلي
الاصابة لابن حجر
شذرات الذهب لابن العماد
العبر في خبر من غبر
تذكرة الحفاظ
تاريخ الثقات للعجلي
المجروحين لابن حبان
الثقات لابن حبان
بحر الدم فيمن تكلم عليه أحمد بمدح أو ذم
التريخ الكبير للبخاري
التاريخ الاوسط للبخاري
تاريخ بغداد
طبقات الشافعية للسبكي
طبقات الحنابلة لأبي يعلى
وذيلها لابن رجب
سؤالات أبي داود لأحمد
العلل لأحمد
العلل للدارقطني
العلل لاببن أبي حاتم
الكامل لابن عدي
العلل الكبير للترمذي ترتيب أبي طالب القاضي
التمييز لمسلم
الكامل لابن الاثير
تاريخ الامم والملوك
وفيات الاعيان
الطبقات الكبرى لابن سعد
الدرر الكامنة
شرح علل الترمذي
الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات
تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل للعراقي
جامع التحصيل للعلائي
الكنى لمسلم
الكنى والاسماء للدولابي
الروض الانف للسهيلي
سبل الهدى والرشاد للصالحي
سيرة ابن هشام
تحفة الاشراف للمزي
نصب الراية للزيلعي
التلخيص الحبير
تنقيح التحقيق
المسند الجامع
الهداية لابن حجر
تخريج أحاديث المدونة
الهداية تخريج أحاديث البداية
المطالب العالية
إتحاف المهرة
تغليق التعليق
__________________
هشام العويد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى هشام العويد
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى هشام العويد
إيجاد جميع المشاركات للعضو هشام العويد
قديم 13/ 07/06, 09:20 09:20:48 PM
هشام العويد هشام العويد غير متواجد حالياً
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 24/ 09/05
المشاركات: 158
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
هل من إجابة إخواني الكرام وجدت موضوعاً واحداً للأخ أبو فهر السلفي لكنه لم يتكلم عن هذه الكتب
__________________
هشام العويد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى هشام العويد
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى هشام العويد
إيجاد جميع المشاركات للعضو هشام العويد
قديم 14/ 07/06, 01:19 01:19:33 AM
خالد جمال خالد جمال غير متواجد حالياً
عضو جديد تاريخ الانضمام: 29/ 05/06
المشاركات: 24
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
الأخ هشام العويد - وفقه الله -
مسند الحميدي، طبعة دار المغني بتحقيق حسين سليم أسد
صحيح ابن خزيمه، طبعة المكتب الاسلامي تحقيق محمد مصطفى الاعظمي
مسند الطيالسي، طبعة دار هجر بتحقيق التركي
سنن الدارمي، طبعة دار المغني بتحقيق حسين سليم أسد
مستدرك الحاكم،الطبعة الهنديه القديمه في أربعة مجلدات من القطع الكبير ومعها تلخيص المستدرك للذهبي
مسند البزار، طبعة مكتبة العلوم والحكم تحقيق محفوظ الرحمن الى المجلد التاسع والتكملة لعادل سعد
معجم الطبراني الكبير هي الطبعة التي قام على تحقيقها حمدي عبد المجيد السلفي
¥(13/136)
والأوسط بتحقيق طارق عوض الله
شرح معاني الاثار للطحاوي تحقيق محمد زهري النجار
سنن البيهقي الطبعة الهندية القديمة وبذيلها الجوهر النقي لابن التركماني
مسند أبي يعلي الموصلي تحقيق حسين سليم اسد
شعب الإيمان للبيهقي طبعة الرشد تحقيق مشترك
مصنف عبدالرزاق طبعة المكتب الاسلامي تحقيق حبيب الرحمن الاعظمي
وما لم أذكره من كتب فبسبب طبعاتها السيئة، ولعل لدى الاخوة مزيد علم عنها!
هذا ما تيسر، ولي عودة - إن شاء الله - لبقية الكتب
__________________
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ... إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا وما ... سوى ذاك وسواس الشياطين
خالد جمال
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى خالد جمال
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى خالد جمال
إيجاد جميع المشاركات للعضو خالد جمال
قديم 14/ 07/06, 05:15 05:15:33 AM
إسلام مصطفى محمد إسلام مصطفى محمد غير متواجد حالياً
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 08/ 04/05
المشاركات: 211
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
- الجرح و التعديل لابن ابي حاتم (تحقيق عبد الرحمن المعلمي اليماني)
- ميزان الاعتدال للذهبي (تحقيق علي البجاوي)
- المعرفة و التاريخ للفسوي (تحقيق أكرم العمري،مؤسسة الرسالة)
- الإصابة لابن حجر (تحقيق علي البجاوي،مكتبة نهضة مصر)
- شذرات الذهب لابن العماد (تحقيق محمود الأرنؤوط،دار ابن كثير دمشق)
- العبر في خبر من عبر -بالعين المهملة- (تحقيق فؤاد سيد و صلاح الدين المنجد،الكويت)
- تذكرة الحفاظ للذهبي (تحقيق عبد الرحمن المعلمي اليماني)
- التاريخ الكبير للبخاري (تحقيق عبد الرحمن المعلمي اليماني)
- التاريخ الاوسط للبخاري (طبعة مكتبة الرشد)
- طبقات الشافعية الكبري للسبكي (تحقيق محمود الطناحي و عبد الفتاح الحلو،دار هجر)
- طبقات الحنابلة و ذيله لابن أبي يعلى و ابن رجب (تحقيق عبد الرحمن العثيمين،مكتبة العبيكان)
- الكامل لابن الأثير (طبعة دار صادر يبيروت)
- تاريخ الطبري (تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم،دار المعارف القاهرة)
- وفيات الأعيان لابن خلكان (تحقيق إحسان عباس، دار صادر)
- طبقات ابن سعد (تحقيق علي عمر، مكتبة الخانجي)
- سبل الهدي و الرشاد للصالحي (طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية)
__________________
إسلام مصطفى محمد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى إسلام مصطفى محمد
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى إسلام مصطفى محمد
إيجاد جميع المشاركات للعضو إسلام مصطفى محمد
قديم 16/ 07/06, 04:04 04:04:00 PM
أبو مهند النجدي أبو مهند النجدي غير متواجد حالياً
عضو مميز تاريخ الانضمام: 11/ 03/05
المشاركات: 889
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
الضعفاء للعقيلي
طبعة دار الصميعي
وتحفة الاشراف بتحقيق بشار عواد
__________________
القَصِيدَةُ اللاَّمِيَّةُ المنسوبة لشَيْخِ الإسْلامِ
صفحة الشيخ العلامة عبدالعزيز السلمان رحمه الله
دراسة منهجية لسنن النسائي وابن ماجه
أبو مهند النجدي
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى أبو مهند النجدي
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى أبو مهند النجدي
إيجاد جميع المشاركات للعضو أبو مهند النجدي
قديم 17/ 07/06, 12:18 12:18:36 AM
الرايه الرايه غير متواجد حالياً
عضو مخضرم تاريخ الانضمام: 22/ 11/02
المشاركات: 1,575
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
تطرق الاخوة الكرام كثيرا في هذا القسم عن غالب هذه الكتب.
وباستخدام خاصية البحث تيسر لك ذلك.
للفائدة اخي الكريم
كتب العلل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7563
__________________
مناهج العلماء في أصول الدين والعقائد (رسائل علمية)
المؤلفات في مناهج العلماء في الحديث وعلومه ((الرجاء المشاركة))
الرايه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الرايه
إيجاد جميع المشاركات للعضو الرايه
قديم 21/ 07/06, 09:07 09:07:49 PM
هشام العويد هشام العويد غير متواجد حالياً
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 24/ 09/05
المشاركات: 158
افتراضي
¥(13/137)
--------------------------------------------------------------------------------
أحسنت أخي لكن غالب الكتب لم أجدها بارك الله فيك
__________________
هشام العويد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى هشام العويد
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى هشام العويد
إيجاد جميع المشاركات للعضو هشام العويد
قديم 23/ 07/06, 07:06 07:06:27 PM
هشام العويد هشام العويد غير متواجد حالياً
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 24/ 09/05
المشاركات: 158
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------
هذه بعض الطبعات التي عرفت أفضلها
تحفة الاشراف ت بشار عواد
تقريب التهذيب دار العاصمة للباكستاني
الضعفاء دار الصميعي بتحقيق حمدي السلفي
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم مصورة دار الفكر وهي الطبعة الهندية
الثقات لابن حبان الطبعة الهندية
تاريخ الإسلام لبشار عواد
ميزان الإعتدال تحقيق علي البجاوي
الكاشف للذهبي بتحقيق محمد عوامة
المراسل لابن أبي حاتم مؤسسة الرسالة
شذرات الذهب لابن العماد تحقيق عبد القادر الأرنؤوط دار ابن كثير
__________________
هشام العويد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى هشام العويد
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى هشام العويد
إيجاد جميع المشاركات للعضو هشام العويد
أدوات الموضوع
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:
5: ممتاز 4: جيد 3: متوسط 2: سيء 1: فظيع
قواعد المشاركة
لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة
لا تستطيع كتابة ردود جديدة
لا تستطيع إرفاق مرفقات في مشاركاتك
لا تستطيع تحرير مشاركاتك
--------------------------------------------------------------------------------
رموز المنتدى تعمل
الابتسامات تعمل
رموز الصور تعمل
رموز لغة HTML تعمل
الانتقال إلى
لوحة تحكم المستخدم الرسائل الخاصة الاشتراكات المتصفحون الآن البحث في المنتديات الرئيسية منتدى الدراسات الحديثية منتدى التخريج ودراسة الأسانيد المنتدى الشرعي العام منتدى الدراسات الفقهية منتدى اللغة العربية وعلومها منتدى العلوم الشرعية التخصصي وسائل تحصيل العلم الشرعي منتدى التعريف بالكتب وطبعاتها وتحقيق التراث خزانة الكتب والأبحاث قسم المخطوطات منتدى الرواية المنتديات الخاصة استراحة(13/138)
اختلاف الثقة مع الثقات
ـ[ماهر]ــــــــ[13 - 08 - 06, 06:10 م]ـ
إن الاختلافات الواردة في المتن أو الإسناد تتفرع أنواعاً متعددة، لكل نوع اسمه الخاص به، ومن تلك الاختلافات هو أن يخالف الثقة ثقات آخرين، مثل هذه المخالفة تختلف، ربما تكون من ثقة يخالف ثقة آخر، أو من ثقة يخالف عدداً من الثقات، وإذا كان المخالف واحداً وليس جمعاً فيشترط فيه أن يكون أوثق ممن حصل فيه الاختلاف، وهذا النوع من المخالفة يطلق عليه عند علماء المصطلح الشاذ (1)، وهو: أن يخالف الثقة من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً.
وهذا التعريف مأخوذ من تعريف الشافعي للشاذ، فقد روي عن يونس بن
عبد الأعلى، قال: قال لي الشافعي -رحمه الله-: ((ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ: أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس)) (2).
والشاذ في اللغة: المنفرد، يقال: شذّ يَشُذُّ ويشِذُّ – بضم الشين وكسرها – أي: انفرد عن الجمهور، وشذَّ الرجلُ: إذا انفرد عن أصحابه. وكذلك كل شيء منفرد فهو شاذ. ومنه: هو شاذ من القياس، وهذا مما يشذ عن الأصول، وكلمة شاذة…وهكذا (3).
إذن: الشذوذ هو مخالفة الثقة للأوثق حفظاً أو عدداً، وهذا هو الذي استقر عليه الاصطلاح، قال الحافظ ابن حجر: ((يختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف رواية من هو أرجح منه)) (5).
ثم إن مخالفة الثقة لغيره من الثقات أمر طبيعي إذ إن الرواة يختلفون في مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم من حين تحملهم الأحاديث عن شيوخهم إلى حين أدائها. وهذه التفاوتات الواردة في الحفظ تجعل الناقد البصير يميز بين الروايات، ويميز الرواية المختلف فيها من غير المختلف فيها، والشاذة من المحفوظة، والمعروفة من المنكرة.
ومن الأمثلة لحديث ثقة خالف في ذلك حديث ثقة أوثق منه:
ما رواه معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كَثِيْر، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: ((خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، فأحرم أصحابي ولم أحرم، فرأيت حماراً فحملت عليه، فاصطدته، فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرت أني لم أكن أحرمت، وأني إنما اصطدته لك؟ فأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا، وَلَمْ يأكل مِنْهُ حِيْنَ أخبرته أني اصطدته لَهُ)) (6).
فهذا الحديث يتبادر إلى ذهن الناظر فيه أول وهلة أنه حديث صحيح، إلا أنه بعد البحث تبين أن معمر بن راشد – وهو ثقة – قد شذ في هذا الحديث فقوله: ((إنما اصطدته لك))، وقوله: ((ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له)). جملتان شاذتان شذ بهما معمر بن راشد عن بقية الرواة.
قال ابن خزيمة: ((هذه الزيادة: ((إنما اصطدته لك))، وقوله: ((ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته لك))، لا أعلم أحداً ذكره في خبر أبي قتادة غير معمر في هذا الإسناد، فإن صحت هذه اللفظة فيشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم أكل من لحم ذلك الحمار قبل
[أن] يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله امتنع من أكله بعد إعلامه إياه أنه اصطاده من أجله؛ لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قد أكل من لحم ذلك الحمار)) (7).
هكذا جزم الحافظ ابن خزيمة بتفرد معمر بن راشد بهاتين اللفظتين، وهو مصيب في هذا، إلا أنه لا داعي للتأويل الأخير لجزمنا بعدم صحة هاتين اللفظتين – كما سيأتي التدليل عليه -.
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري - شيخ الدارقطني -: ((قوله: " اصطدته لك "، وقوله: " ولم يأكل منه "، لا أعلم أحداً ذكره في هذا الحديث غير معمر)) (8).
وقال البيهقي: ((هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه، وقد روينا عن أبي حازم بن دينار، عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منها، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح (9) كتابيهما دون رواية معمر وإن كان الإسنادان صحيحين)) (10).
¥(13/139)
وقال ابن حزم: ((لا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه. إما أن تغلب رواية الجماعة (11) على رواية معمر لا سيما وفيهم من يذكر سماع يحيى من أبي قتادة (12)، ولم يذكر معمرا، أو تسقط رواية يحيى بن أبي كثير جملة؛ لأنه اضطرب عليه (13)، ويؤخذ برواية أبي حازم وأبي محمد وابن موهب الذين لم يضطرب عليهم؛ لأنه لا يشك ذو حسٍّ أن إحدى الروايتين وهم، إذ لا يجوز أن تصح الرواية في أنه عليه السلام أكل منه، وتصح الرواية في أنه عليه السلام لم يأكل منه، وهي قصة واحدة في وقت واحد في مكان واحد في صيد واحد)) المحلى 7/ 253.
وسأشرح الآن شذوذ رواية معمر، فأقول:
خالف معمر رواية الجمع عن يحيى، فقد رواه هشام الدستوائي (14) – وهو ثقة ثبت (15) وعلي بن المبارك (16) -وهو ثقة (17) ومعاوية بن سلام (18) -وهو ثقة (19) -، وشيبان بن عبد الرحمان (20) -وهو ثقة (21) فهؤلاء أربعتهم رووه عن يحيى بن أبي كثير، ولم يذكروا هاتين اللفظتين.
كما أن الحديث ورد من طريق عبد الله بن أبي قتادة من غير طريق يحيى بن أبي كثير، ولم تذكر فيه اللفظتان مما يؤكد ذلك شذوذ رواية معمر بتلك الزيادة؛ فَقَدْ رَوَاهُ عثمان بن عَبْد الله بن موهب (22) – وَهُوَ ثقة (23) -، وأبو حازم سلمة بن دينار (24)
- وَهُوَ ثقة (25) -، وعبد العزيز بن رفيع (26) –وَهُوَ ثقة (27)، وصالح بن أبي حسان (28) - وهو صدوق (29) -؛ فهؤلاء أربعتهم رووه عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، ولم يذكروا هاتين اللفظتين، كما أن هذا الحديث روي من طرق أخرى عن أبي قتادة، وليس فيه هاتان اللفظتان: فقد رواه نافع مولى أبي قتادة (30) -وهو ثقة (31) وعطاء بن يسار (32) - وهو ثقة (33) -، ومعبد بن كعب بن مالك (34) - وهو ثقة (35) -، وأبو صالح مولى التوأمة (36) - وهو مقبول (37) - فهؤلاء أربعتهم رووه دون ذكر اللفظتين اللتين ذكرهما معمر، وهذه الفردية الشديدة مع المخالفة تؤكد شذوذ رواية معمر لعدم وجودها عند أحدٍ من أهل الطبقات الثلاث.
والذي يبدو لي أن السبب في شذوذ رواية معمر بن راشد دخول حديث في حديث آخر؛ فلعله توهم بما رواه هو عن الزهري، عن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمان ابن حاطب، عن أبيه أنه اعتمر مع عثمان في ركب، فأهدي له طائر، فأمرهم بأكله، وأبى أن يأكل، فقال له عمرو بن العاص: أنأكل مما لست منه آكلاً، فقال: إني لست في ذاكم مثله، إنما اصطيد لي وأميت باسمي (38).
فربما اشتبه عليه هذا الحديث بالحديث السابق، والله أعلم.
......................................
(1) انظر في الشاذ: معرفة علوم الحديث: 119، ومعرفة أنواع علم الحديث: 68، وفي طبعتنا 163، وجامع الأصول 1/ 177، والإرشاد 1/ 213، والتقريب: 67، وفي طبعتنا: 111، والاقتراح: 197، والمنهل الروي: 50، والخلاصة: 69، والموقظة: 42، ونظم الفرائد: 361، واختصار علوم الحديث: 56، والمقنع 1/ 165، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 192، وفي طبعتنا: 1/ 246، ونزهة النظر: 97، والمختصر: 124، وفتح المغيث 1/ 217، وألفية السيوطي: 39، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 177، وفتح الباقي 1/ 192، وفي طبعتنا: 1/ 232، وتوضيح الأفكار 1/ 377، وظفر الأماني: 356، وقواعد التحديث: 130.
(2) رواه عن الشافعي: الحاكم في معرفة علوم الحديث: 119، والخليلي في الإرشاد 1/ 176، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 1/ 81 - 82، والخطيب في الكفاية: (223 ت، 141 ه).
(3) انظر: الصحاح 2/ 565، وتاج العروس 9/ 423.
(4) وإنما قلنا هكذا؛ لأن للشاذ تعريفين آخرين، أولهما: وهو ما ذكر الحاكم النيسابوري – أن الشاذ هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات، وليس له أصل متابع لذلك الثقة. معرفة علوم الحديث: 119.
وثانيهما: وهو ما حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني من أن الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به. الإرشاد 1/ 176 - 177.
(5) النكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 653 - 654.
¥(13/140)
(6) رواه عن معمر عبد الرزاق في مصنفه (8337)، ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 304، وابن ماجه (3093)، وابن خزيمة (2642)، والدارقطني في السنن 2/ 291، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 190.
(7) صحيح ابن خزيمة 4/ 181 عقيب (2642)، قال ابن حجر – معلقاً على كلام ابن خزيمة في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من اللحم قبل علمه بأنه قد صيد له: ((فيه نظر؛ لأنه لو كان حراماً ما أقر النبي صلى الله عليه وسلم على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله)) فتح الباري 4/ 30، وانظر: التلخيص الحبير 2/ 297 ط شعبان، 2/ 587 - 588 ط العلمية.
(8) سنن الدارقطني 2/ 291، وهو في سنن البيهقي 5/ 190 إذ إنه أخرجه من طريق الدارقطني.
(9) يعني: الإمام البخاري والإمام مسلم، وكتاباهما الصحيحان أصح الكتب بعد كتاب الله، والرواية التي أشار إليها البيهقي سيأتي تفصيلها.
(10) السنن الكبرى 5/ 190، ومعلوم أنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن، انظر: نصب الراية 1/ 347.
(11) وهذا هو الذي نرجحه؛ لأن الجماعة أولى بالحفظ.
(12) وإنما قال هذا ابن حزم؛ لأن يحيى مدلس، والمدلس لا يقبل حديثه إلا بالتصريح، والرواية التي أشار إليها ابن حزم، هي رواية هشام الدستوائي، عن يحيى عند مسلم 4/ 15 (1196) (59)، ورواية معاوية بن سلام، عن يحيى عند مسلم 4/ 16 (1196) (62).
(13) وهذا بعيد؛ لأن شرط الاضطراب استواء الوجوه وعدم إمكان الترجيح، وهنا لَمْ تستو الوجوه؛
لانفراد واحد أمام الجماعة، والترجيح هنا ممكن فرواية معمر شاذة، ورواية الجماعة
محفوظة.
(14) عند أحمد 5/ 301، والدارمي (1833)، والبخاري 3/ 14 (1821)، ومسلم 4/ 15 (1196) (59)، والنسائي 5/ 185، وفي الكبرى (3807)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057)، والبيهقي 5/ 188.
(15) التقريب (7299).
(16) عند البخاري 3/ 15 (1822) و5/ 156 (4149)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057).
(17) التقريب (4787).
(18) عند مسلم 4/ 16 (1196) (62)، والنسائي 5/ 186 وفي الكبرى (3808)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057)، والطبراني في مسند الشاميين (2855)، والبيهقي 5/ 178.
(19) التقريب (6761).
(20) عند أبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057).
(21) التقريب (2833).
(22) عند أحمد 5/ 302، والدارمي (1834)، والبخاري 3/ 16 (1824)، ومسلم 4/ 16 (1196) (60) و (61)، والنسائي 5/ 186 وفي الكبرى (3809)، وابن الجارود (435)، وابن خزيمة (2635) (2636)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 173، والبيهقي 5/ 189، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 156، وفي الاستذكار (16369).
(23) التقريب (4491).
(24) عند البخاري 3/ 202 (2570) و 4/ 34 (2854) و 7/ 95 (5406) (5407)، ومسلم 4/ 17 (1196) (63)، والنسائي 7/ 205 وفي الكبرى (4857)، وابن خزيمة (2643)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136، وابن حبان (3977)، والبيهقي 5/ 188.
(25) التقريب (2489).
(26) عند أحمد 5/ 305، ومسلم 4/ 17 (1196) (64)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136، وابن حبان (3966) و (3974)، والبيهقي 5/ 189 - 190 و 9/ 322.
(27) التقريب (4095).
(28) عند أحمد 5/ 307، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136.
(29) التقريب (2850).
(30) عند مالك في الموطأ ((443) برواية محمد بن الحسن الشيباني و (426) برواية عبد الرحمان بن القاسم و (570) برواية سويد بن سعيد و (1136) برواية أبي مصعب الزهري و (1005) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (907) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (8338)، والحميدي (424)، وأحمد 5/ 296و301و306و308،والبخاري 3/ 15 (1823) و4/ 49 (2914) و7/ 115 (5490) و (5492)، ومسلم 4/ 14 (1196) (56) و 4/ 15 (1196) (57)، وأبي داود (1852)، والترمذي (847)، والنسائي 5/ 182، وفي الكبرى (3798)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 164، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 173، وابن حبان (3975)، والبيهقي 5/ 187، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 224 - 225، والبغوي في
¥(13/141)
شرح السنة (1988)، وفي التفسير، له 2/ 85 - 86 (830).
(31) هو نافع بن عباس، بموحدة ومهملة، أو تحتانية ومعجمة: عياش، أبو محمد الأقرع المدني، مولى أبي قتادة، قيل له ذلك للزومه إياه، وكان مولى عقيلة الغفارية: ثقة. تهذيب الكمال 7/ 308 (6956)، والكاشف 2/ 314 (5780)، والتقريب: (7074).
(32) عند مالك في الموطأ ((173) برواية عبد الرحمان بن القاسم و (571) برواية سويد بن سعيد و (1137) برواية أبي مصعب الزهري و (1007) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (908) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (8350)، وأحمد 5/ 301، والبخاري 3/ 202 (2570) و 4/ 49 (2914) و7/ 96 عقيب (5407) و 7/ 115 (5491)، ومسلم 4/ 15 (1196) (58)، والترمذي (848)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 148، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 173 - 174، والبيهقي 5/ 187، والبغوي عقيب (1988).
(33) التقريب (4605).
(34) عند أحمد 5/ 306.
(35) قال العجلي: ((مدني تابعي ثقة))، ثقاته: 2/ 285 (1753). وذكره ابن حبان في ثقاته 5/ 432، وروى له الإمام البخاري والإمام مسلم، انظر: تهذيب الكمال 7/ 166.
(36) عند البخاري 7/ 115 (5492)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 164.
(37) التقريب (7091) يعني مقبول حيث يتابع، وقد توبع، ورواية الإمام البخاري عنه متابعة، فقد ساقه مقروناً: ((عن نافع مولى أبي قتادة، وأبي صالح مولى التوأمة، قال: سمعت أبا قتادة)).
(38) هذه الرواية: أخرجها الدارقطني 2/ 292، وأخرجها مالك في الموطأ ((417) برواية محمد بن الحسن الشيباني و (577) برواية سويد بن سعيد و (1147) برواية أبي مصعب الزهري و (1016) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (909) بتحقيقنا،والبيهقي 5/ 191 من طريق عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن عامر، قال: رأيت عثمان بن عفان بالعَرْجِ، وهو مُحْرِمٌ، في يوم صائف، قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أتي بلحم صيد، فقال لأصحابه: كلوا. فقالوا: أو لا تأكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم، إنما صيد من أجلي.
_________________
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[13 - 08 - 06, 07:27 م]ـ
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ ماهر
ـ[ماهر]ــــــــ[14 - 08 - 06, 05:30 ص]ـ
وأنت أيضاً جزاك الله كل خير ونفع بك، وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 08:12 ص]ـ
أحسن الله إليك فضيلة الشيخ على هذا المبحث الصغير في حجمه الكبير في محتواه و نفعه، اسأل الله أن يجزيك خير الجزاء.
لدي استفساران هما:
- أين أجد مؤلفاتكم يعني في أي دار و إذا كانت هي دار عمار فقط، فهل هي تتعامل مع أحد الدور اللتي في بلاد الحرمين؟
- سمعت أن لكم كلام حول الأحداث و ما يجري في بلاد المسلمين من مآسي (مثل ما يجري في العراق وغيره)، فأين أجده؟
ـ[ماهر]ــــــــ[20 - 08 - 06, 04:25 م]ـ
الأخ أبو صهيب - حياكم الله.
أما كتبي فبعضها مطبوع بالكويت مثل مسند الشافعي والهداية.
وبعضها في دار الميمان السعودية مثل أسباب النزوال.
وبعضها في عمان من أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء و أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء.
وبعضها في بيروت مثل الرسالة وشرح التبصرة وفتح الباقي ومعرفة أنواع علم الحديث في دار الكتب العلمية، وشمائل النبي صلى الله عليه وسلم في دار الغرب الإسلامية.
وبعضها في بغداد مثل رياض الصالحين وجامع العلوم والحكم ووقفات للمسلمين والمسلمات.
لكن هذه توجد في الأغلب في مكتبة الرشد في السعودية أو في فروعها.
ونسأل الله أن يكون ما كتبناه حجة لنا لا علينا.
وفي مكة المكرمة توجد كتبي في مكتبة الباز بالقرب من الحرم عند باب العمرة.
أما ما يتعلق بالأحداث فلدي مقال بعنوان " مأساة أهل السنة في العراق واقعها وأين تنتهي " طبع في مجلة الحكمة العدد 32. والمجلة أيضاً متوفرة في مكتبة الرشد.
والسلام عليكم.(13/142)
سؤال عن حديث نزول الله تعالى في الثلث الآخير من الليل
ـ[فهد أبو سارة]ــــــــ[14 - 08 - 06, 06:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الإخوة الأفاضل إفادتي عن متن هذا الحديث كاملا، وهل هو في الصحيحين، أم في الكتب الستة؟
أفتونا مأجورين
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[14 - 08 - 06, 07:00 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
http://64.233.183.104/search?q=cache:9fw-_oLkay0J:www.muslim-programers.com/10/lil.htm+%D9%8A%D9%86%D8%B2%D9%84+%D8%B1%D8%A8%D9%8 6%D8%A7&hl=ar&gl=sa&ct=clnk&cd=20
ـ[فهد أبو سارة]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:01 م]ـ
جزيت خيرا أخي الفاضل حمد، نأخذ من الرابط هذا الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري ومسلم).
ورود الحديث في الصحيحين دليل كافٍ لتوثيق الحديث كما لايخفى.
عندي إشكال في فهم هذا الحديث عند تفسيره تفسيرا علميا، وقبل عرض هذا الإشكال عليكم، أرغب من الإخوة الإفادة عن قول شراح الحديث،فلعل في أقوالهم مايرفع الإشكال.
وأتمنى أن يجيب عن هذا السؤال عمالقة الملتقى من المشايخ الفضلاء ممن لهم باع في دقائق علوم الحديث،لأني بالفعل في حيرة من أمري وأحتاج لتبيينهم حفظهم الله وسدد خطاهم إلى طريق الخير.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[14 - 08 - 06, 11:32 م]ـ
كأني فهمتُ ما جاء في خاطرك.
ذاك صريح الإيمان - إن كنتُ أصبتُ في توقّعي - ولكن أخي أبو سارة لا تسترسل.
فالله تعالى ليس كمثله شيء. حتى في نزوله ليس كمثله شيء.
سبحانه وتعالى
انظر هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=18065&highlight=%ED%E4%D2%E1+%D1%C8%E4%C7+%C7%E1%CF%E4%E D%C7+%C7%E1%C3%D1%D6
وفيه:
وأما قول القائل أن الحديث يقتضي حدوث النزول الإلهي في كل لحظة، لان ما من لحظة إلا ويكون في بعض الأرض ثلث أخير من الليل، فالجواب أن هذا الفهم إنما سبق إلى عقل المعترض، بسبب ظنه أن النزول الإلهي كنزول البشر، يجري عليه ما يجري على حركات البشر من الخضوع لظرف الزمان، والانتقال من مكان إلى المكان، فسبق إلى ذهنه تمثيل الله تعالى بخلقه، فأدى ذلك إلى استشكال معنى الحديث، ولو أنه علم أن كل صفات الله تعالى، لا يماثله فيها سبحانه شيء من خلقه، ولا يجري عليها ما يجري على صفات المخلوقين من الأحكام واللوازم، لو استحضر هذا العلم في قلبه عند قراء ة أو سماع الحديث كما فعل الصحابة رضي الله عنهم ولهذا لم يثيروا هذا التساؤل لما استشكل معنى الحديث، ولفهمه على أن النزول الإلهي، ليس كنزولنا نحن، ولا يلزم عليه ما يلزم من حركاتنا وأفعالنا البشرية، بل هو أمر آخر خفيت علينا كيفيته، كما خفيت علينا كيفية سائر صفاته من السمع والبصر و العلم والحياة والإرادة والمحبة والغضب والرحمة والاستواء على عرشه ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده إلى سائر الصفات الذاتية والفعلية التي اتصف بها سبحانه، فنحن نؤمن بها ونجهل كيفيتها وكذلك النزول الإلهي في الثلث الأخير من كل ليلة.
هذا وقد أجمع العلماء من سلف الأمة ومن بعدهم، على أن القاعدة العامة التي تضبط هذا الباب الجليل، هي التي أطلقها الإمام مالك رحمه الله، إمام دار الهجرة، عندما سأله سائل عن استواء الله على عرشه، فقال قولته المشهورة: (الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة) وكذلك يقال في كل صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة.
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[15 - 08 - 06, 12:40 ص]ـ
أحسن الله إليك أخينا حمد
ـ[فهد أبو سارة]ــــــــ[15 - 08 - 06, 01:23 ص]ـ
أخي حمد
صدق حدسك
جزاك الله عنا كل خير
والحمدلله الذي تتم بنعمته الصالحات
ـ[أبو إلياس السلفي]ــــــــ[15 - 08 - 06, 03:23 ص]ـ
أحسن الله إليك أخينا حمد
جزاك الله عنا كل خير
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:23 ص]ـ
بارك الله فيك اخى الحبيب فكانما ازحت ثقلا من على كاهلى ازاح الله عنك كل مايسؤك والسلام عليكم
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[22 - 08 - 06, 04:10 ص]ـ
¥(13/143)
جزاكم الله خيرا يا أحبابي، وأكرم الله تلميذ الأزهر الذي نقلت منه. هو يستحق الدعاء.
أريد التنبيه على أمر قد لا ننتبه له نحن بعض طلبة العلم، وهو أننا قد نأتي إلى بعض النصوص الشرعية المقدسة فنورد في أنفسنا الأسئلة العقلية عليها.
هذا جيّد إن كان ما نتفكّر فيه هو المقصود الأول من نص الشارع - سبحانه - العليم.
مثالا: قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))
هذا النص: المقصود الأول منه: الترغيب في التوكّل على الله والإقدام على جهاد الكفار ونصرة الله.
فلا بأس في التمحيص والتفكّر: في تعداد الأشياء التي نستطيع أن ننصر الله بها. (أسئلة عقلية)
فنحن في هذه الحالة نأتي بالمراد الأول من هذا النص.
أما كيف ينصرنا الله؟ وكيف تكون الأساليب التي سينصرنا الله بها في هذا الزمان؟
فهذه أسئلة إن لم نعرف جوابها: فلسنا مقصّرين حينئذ في فهم هذه الآية، ولسنا مطالبين بفهمه في هذه الآية قط.
لأن المقصود من ترغيب الآية قد عُمِل به.
وهذا ما كان يبغيه الصحابة رضي الله عنهم، فلا يألون جهداً في العمل بمراد الله من إنزال هذه الآية. رجاء نصر الله لهم
أما معرفة تفاصيل نصرة الله لنا، فهذه ستعرفها يا قارئ القرآن مع كثرة قراءة القرآن.
فستأتي آيات توضّح لك ذلك إن شاء الله.
سنأتي الآن ونطبّق هذه القاعدة في حديث الترغيب في قيام الليل،،
هذا الحديث، المقصود الأول منه ما هو؟
هو الترغيب في قيام الليل.
بالإخبار بنزول ربنا سبحانه وتعالى، وتفضله على الناس بقوله: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟
هذا ترغيب شديد شديد، انظروا: الله قريب في هذا الوقت، افعلوا ما تقدرون عليه، هيا.
انظروا حال بعض طلبة العلم الشرعي (ومنهم أنا فأنا لا أقوم الليل، أقوم بركعة واحدة فقط)،
لا نفعل كما يفعل الصحابة.
يهبّون رضي الله عنهم في الليل لأجل نزول ربهم الذي أخبر به نبيهم عليه الصلاة والسلام.
كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون.
أما حالي فمختلف. فأنا أكتب الآن في الثلث الأخير
فنسأل الله أن يعيننا للعمل بما أنزل ورغّب.
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 06, 01:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا اخي وامر قيام الليل هذا اسال الله عزوجل ان يعيينني واياك عليه فهو فعلا شرف المؤمن
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 09:49 م]ـ
أحسن الله إليك أخينا حمد
جزاك الله عنا كل خير
ـ[السيد رضا]ــــــــ[23 - 08 - 06, 12:47 ص]ـ
الأخوة الكرام .... يرجى مراجعة شرح حديث النزول لشيخ الاسلام ففيه رد عقلى على الوسوسة التى طافت بعقل أخى فهد ... ولضيق الوقت لم استطع نقله ...
وما أحسن قول الخ الذى قال ((هذا وقد أجمع العلماء من سلف الأمة ومن بعدهم، على أن القاعدة العامة التي تضبط هذا الباب الجليل، هي التي أطلقها الإمام مالك رحمه الله، إمام دار الهجرة، عندما سأله سائل عن استواء الله على عرشه، فقال قولته المشهورة: (الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة) وكذلك يقال في كل صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة.))
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[25 - 08 - 06, 04:04 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[عبد]ــــــــ[28 - 08 - 06, 01:37 ص]ـ
جزاكم الله خيرا. وهذا تعليق سابق قد طرحته في المنتدى قبل سنة أو أكثر لعل الله ينفع به.
أقول وبالله أستعين
(النزول) و (عدم الخلو) ليسا نقيضان أصلاً حتى نقول لا يجتمعان، ولا يحصل الإشكال إلا عند اجتماع نقيضين حقيقيين كما لو قلنا (نزول) و (وارتفاع) أو كمن يقول:"سميع لكن ليس له سمع" (لأن هذا الأخير جمع بين الوجود والعدم) وغيرها ممّا يماثلها. ولمّا كانا غير نقيضان لم يكن اجتماعهما من محالات العقول وإنما من محاراتها وقد وجدت محارات عقلية في عالم الشهادة في قراءات لي متفرقة عن الفيزياء الكمومية، وهي ثابتة بالحساب الرياضي (أي أنها لم تخالف العقل وإن كان ليس لها وجود حقيقي في الخارج، وما ثبت بالحساب الرياضي فقد ثبتت صحته في نفسه ولا يلزم ثبوت صحة وجوده) هذا فيما يتعلق بالمواد غير العاقلة فكيف بالله تعالى الذي ليس كمثله شيء؟.
ولذلك عقلاً - على وجه التقريب - يمكن اجتماع النزول وعدم الخلو، فلو كنت أنا جالساً على كرسي - ولله المثل الأعلى - ويوجد في الأرض شيء أريد أن التقطه فإنه يمكنني النزول لإلتقاطه مع بقائي في الكرسي. هذا طبعاً تقريب لأذهاننا الفقيرة. أوليس الله الذي ليس كمثله شيء وله المثل الأعلى أولى بذلك على الوجه اللائق به.
ولذلك فأنسب ما يقابل "الخلو" هو "عدم الخلو" وليس "النزول" أو قل وجوده تعالى على العرش وعدم وجوده عليه في وقت احد، لو قيل بهذا نقول محال لأنه جمع بين ما لا يجتمع وهذا - لو فرّقنا بين لوازم معنى النزول ولوازم معنى الخلو - غير متحقق في الجمع بين "النزول" و "عدم الخلو".
=============
تنبيه: لاحظوا هذا الأثر: حدث أحمد بن موسى بن بريدة، عن أحمد بن عبد الله بن محمد بن بشير، عن الترمذي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اجتمعت الجهمية إلى عبد الله بن طاهر يوماً، فقالوا له: "أيها الأمير، إنك تقدم إسحاق وتكرمه وتعظمه، وهو كافر يزعم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش".
الملاحظة: لاحظوا كيف أقحم المبتدعة خلو العرش وجعلوه من لوازم النزول وهذا خطأ من الأصل. إذاً فالخلاصة هي في معرفة المتناقضات الحقيقية لأن هذا يساعدنا في التفريق بين اللوازم الممكنة وغير الممكنة، وعليه يسهل الجواب ويتيسر الجمع.
¥(13/144)
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[31 - 08 - 06, 05:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
جزاك الله عنا كل خير
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم
والسلام عليكم
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[31 - 08 - 06, 10:25 م]ـ
إشكال أزلتموه
وهم أزحتموه
بارك الله في اعمالكم وأعماركم
فهل من مزيل إشكالا حول سجود الشمس بعد غروبها تحت العرش واستئذانها من المولى تبارك
وتعالى أو الدلالة على رابط يفي بالمطلوب
ـ[المقدادي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 10:30 م]ـ
إشكال أزلتموه
وهم أزحتموه
بارك الله في اعمالكم وأعماركم
فهل من مزيل إشكالا حول سجود الشمس بعد غروبها تحت العرش واستئذانها من المولى تبارك
وتعالى أو الدلالة على رابط يفي بالمطلوب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30220&highlight=%D3%CC%E6%CF+%C7%E1%D4%E3%D3
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 02:22 ص]ـ
أخي المقدادي حفظه الله
أوصلني الرابط إلي علم غزير وخير وفير ولكن ثمة اسئلة تؤقف النقاش قبل الإ جابة عنها
أسأل الله ان يجزيك خيرا
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[01 - 09 - 06, 02:46 ص]ـ
يرجى مراجعة شرح حديث النزول لشيخ الاسلام ففيه رد عقلى
أحسنت فـ «شرح حديث النزول» لشيخ الإسلام ابن تيمية من أكثر الكتب نفعا.
وهو مطبوع ضمن مجموع الفتاوى في 5/ 321 - 585.
وطبع طبعة مفردة في مجلد بتحقيق الدكتور محمد الخميس.
ـ[عبد]ــــــــ[01 - 09 - 06, 03:02 ص]ـ
وهناك كتاب (صفة النزول الإلهي ورد الشبهات حولها)، ط. دار البيان الحديثة، تأليف: عبدالقادر الجعيدي.
ـ[عبد]ــــــــ[01 - 09 - 06, 03:11 ص]ـ
إشكال أزلتموه
وهم أزحتموه
بارك الله في اعمالكم وأعماركم
فهل من مزيل إشكالا حول سجود الشمس بعد غروبها تحت العرش واستئذانها من المولى تبارك
وتعالى أو الدلالة على رابط يفي بالمطلوب
جزاكم الله خيرا،
تنبيه هام لجميع الإخوة: جزى الله الأخ المقدادي خيرا على حسن ظنه. ولكن بخصوص "حديث سجود الشمس" فإني قد حررت بحثي القديم عنه وصححته واستدركت عليه وزدت فيه فوائد علمية، فأرجو ممن أراد الإطلاع أن يترك البحث القديم ويستعيض عنه بالجديد وعنوانه كالأول: رفع اللبس عن حديث سجود الشمس، وقد وضعته مؤخراً على هذا الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=80836
أسأل الله أن يجعل فيه النفع والفائدة.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[13 - 04 - 07, 04:46 ص]ـ
لدي سؤال
نقول بأننا نؤمن بنزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا
ولا نتكلم في كيفيتها
هذا واضح
لكن ما هو المعنى اللغوي للنزول الذي نثبته
فنحن لسنا من المفوضة الذين يقولون بأننا نؤمن بأن الله ينزل لكن لا نعرف معنى النزول
ونؤمن باللفظ
فهناك من يسأل إذا لم تكونوا تقولون بالحركة ومعنى النزول التحول من علو إلى سفل (او شيء كهذا)، فانتم إذا في الحقيقة تفوضون وإلا فقولوا لنا ما هو المعنى اللغوي الظاهر الذي تثبتونه للنزول؟
فما الجواب بارك الله فيكم
ـ[عبد]ــــــــ[13 - 04 - 07, 05:23 م]ـ
هو المعنى الذي يحصل به التفريق بين الألفاظ المختلفة بحيث لو قيل للمفوض هل صفة "القدم" كصفة "اليد"، فإن قال: لا أدري؟ قلنا: أنت بـ "لا أدريتك" هذه، جعلت احتمالاً لإمكان التماثل [1]، وهذا باطل، فعدم العلم يحتمل عدم التناهي [2]، والعلم بالعدم يؤول إلى التناهي
[3]. وإن قال: لا، فهذا هو المطلوب، وإن قال: نعم، فقد أقام على نفسه الحجة بسقوط دعواه، لأن من هذا جوابه لا يؤبه له رأساً.
======================================
[1] وهذا يذكرني بقول ابن تيمية في باب الربا: الجهل بالتماثل كالعلم بالتساوي.
[2] أي أكثر من جواب وأكثر من احتمال و لا حدّ لذلك.
[3] أي أن العاقبة القول بجواب أو أجوبة محدودة، ومع ذلك فلا يزال المفوض يصر على "اللاأدريّة"!
ـ[المقدادي]ــــــــ[25 - 04 - 07, 04:03 م]ـ
قال الحافظ الذهبي رحمه الله:
" الصواب في حديث النزول و نحوه ما قاله مالك وأقرانه يُمر كما جاء بلا كيفية , و لازم الحق حق , و نفي الإنتقال و إثباته عبارة محدثة , فإن ثبتت في الأثر رويناها و نطقنا بها , و ان نفيت في الأثر نطقنا بالنفي , و إلا لزمنا السكوت و آمنا بما ثبت في الكتاب و السنة على مقتضاه " اهـ المهذب في اختصار السنن الكبير (2/ 470) نقلا عن الكلمات الحسان للشيخ عبدالهادي وهبي
ـ[المقدادي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 01:53 ص]ـ
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
(وقد أنكر الأمام أحمد الاستدلال بالجدي وقال إنما ورد ما بين المشرق والمغرب قبلة: يعني لم يرد اعتبار الجدي ونحوه من النجوم. وقد أنكر ابن مسعود على كعب قوله أن الفلك تدور وأنكر ذلك مالك وغيره وأنكر الإمام أحمد على المنجمين قولهم أن الزوال يختلف في البلدان. وقد يكون إنكارهم أو إنكار بعضهم لذلك لأن الرسل لم تتكلم في هذا وإن كان أهله يقطعون به وإن كان الاشتغال به ربما أدى إلى فساد عريض.
وقد اعترض بعض من كان يعرف هذا على حديث النزول ثلث الليل الآخر وقال ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين. ومعلوم بالضرورة من دين الإسلام قبح هذا الاعتراض. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أو خلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه بل بادروا إلى عقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين.) اهـ من كتابه:" فضل علم السلف على علم الخلف "
¥(13/145)
ـ[المقدادي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 02:26 ص]ـ
قال الحافظ عبدالغني المقدسي رحمه الله في عقيدته:
(و تواترت الأخبار وصحت الآثار بأن الله -عز وجل- ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيجب الإيمان به والتسليم له، وترك الاعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف ولا تمثيل ولا تأويل ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول)
و قال الحافظ ابن رجب في تعليقه على قول الحافظ عبدالغني في المناظرة التي عُقدت له: " ولا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة النزول "
(وأما قوله: " ولا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة النزول " فإن صح هذا عنه، فهو حق، وهو كقول القائل: لا أنزهه تنزيهاً ينفي حقيقة وجوده، أو حقيقة كلامه، أو حقيقة علمه، أو سمعه وبصره، ونحو ذلك). اهـ من ذيل طبقات الحنابلة , عند ترجمته للحافظ عبدالغني
ـ[المقدادي]ــــــــ[13 - 06 - 07, 02:32 ص]ـ
و قال الإمام المُحدّث عبدالباقي البعلي رحمه الله - 1071 هـ - في كتابه: العين و الأثر في عقائد أهل الأثر: (ص59 - 63):
(المقصد الثاني: في مسائل وقع فيها الخلاف بين الحنابلة والأشاعرة
ومنها نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، من غير تشبيه بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبت الحنابلة ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله تعالى.
وكذلك ما أنزل الله عز وجل في كتابه من ذكر المجيء والإتيان المذكورين في قوله تعالى: "وجاء ربك والملك صفاً صفاً" الآية، وفي قوله: "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام" الآية، ونؤمن بذلك بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك لفعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه) اهـ
ـ[عبد]ــــــــ[14 - 06 - 07, 08:30 م]ـ
بارك الله فيك.
ـ[المقدادي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 01:56 ص]ـ
و فيكم بارك شيخنا الكريم
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[03 - 06 - 08, 01:09 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[04 - 06 - 08, 03:08 م]ـ
بارك الله فيكم ..(13/146)
وجهة نظر في اطلاق القول بأن الأحاديث التي يتبعها الترمذي بقوله: غريب، ضعيفة.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 08:16 ص]ـ
قال الترمذي في العلل الصغير: [وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث غريب فإن أهل الحديث يستغربون الحديث لمعان رب حديث يكون غريبا لا يروى إلا من وجه واحد ... وَرُبَّ رجل من الأئمة يحدث بالحديث لا يعرف إلا من حديثه فيشتهر الحديث لكثرة من روى عنه ... وَرُبَّ حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث وإنما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه ... وَرُبَّ حديث يروى من أوجه كثيرة وإنما يستغرب لحال الإسناد ... ].
وهذه الشروط قد تجتمع في حديث واحد، وقد يكون الحكم بالغرابة على الحديث لأحدها فقط، وبهذا يتبين خطأ من أطلق القول بأن الأحاديث التي يتبعها الترمذي بقوله: غريب، ضعيفة. حيث أن الترمذي لم يجزم في أحد هذه المعان بأن راوي الحديث الغريب لابد وأن يكون ضعيفاً، بل إن قوله: (وَرُبَّ حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث وإنما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه) تدل على أن راوي الحديث الغريب قد يكون ثقة.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[21 - 11 - 06, 07:52 ص]ـ
للرفع
ـ[ rehalelislam] ــــــــ[21 - 11 - 06, 04:56 م]ـ
الأخ الكريم الشيخ أبو محمد الألفي حفظه الله يعكف حاليا على الرد على المتجرئين من طلبة العلم فيضعفون بأهوائهم ويقولون بأن الحديث الغريب عند الإمام الترمذي منكر، وسوف تنشر تلك الرود قريبا إن شاء الله(13/147)
ما ضابط هذه المسألة؟! فيقولون: موقوف في حكم المرفوع
ـ[محمد البراك]ــــــــ[14 - 08 - 06, 10:44 ص]ـ
الحمد لله، وبعد:
فإني أرى أحياناً أثناء مطالعة بعض كتب أهل العلم كلامهم عن (كلام الصحابي) فيقولون: موقوف في حكم المرفوع، لأنه لا مجال للرأي فيه.
فهل هذه المسألة على إطلاقها؟ وما ضابط ما لا مجال للرأي فيه؟
والسلام عليكم.
ـ[محمد البراك]ــــــــ[16 - 08 - 06, 09:19 ص]ـ
أين الأخوة؟!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 10:29 ص]ـ
أخي الكريم
اعذر إخوانك، فربما كانوا في شغل عما سألت عنه، وقد رأيتُ سؤالك فكرهتُ أن أعجل بالجواب متقدما بين يدي مشايخي.
ولكن الذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن قولهم (موقوف في حكم المرفوع لأنه لا مجال للرأي فيه) معناه أنه لا يمكن للعقل أن يستنبطه استقلالا بالنظر والتفكر، كأعداد الركعات، والأمور الغيبية كصفة الجنة والنار، وصفات العبادات التوقيفية كصلاة الكسوف، فإن العقل لا يستطيع أن يستنبط بمجرد النظر والفكر أن صلاة الكسوف بركوعين مثلا.
وأشير أيضا إلى أن بعض المسائل يختلف فيها أهل العلم فيقول بعضهم: هذا مما لا مجال للرأي فيه، ويقول بعضهم: بل هذا مما يدخله الرأي.
وبعضهم يطرح إشكالا آخر، وهو أن كونه مما لا مجال للرأي فيه لا يدل على الرفع مطلقا، فقد يكون أخذه عن أهل الكتاب.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[16 - 08 - 06, 03:23 م]ـ
ذكر الشيخ عبدالله الجديع في كتابه ((تحرير علوم الحديث)):
ألقاب الحديث من جهة من يضاف إليه
1_ الحديث المرفوع:
تعريفه:
قال الخطيب: " ما أخبر فيه الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله " (19).
قلت بل هو أسع من ذلك، والفصل: أنه ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أفعل أو تقرير أوصفة. على نفس ما تقدم لمصطلح (حديث).
وكأنه استفيد من رفعة المقام.
ويعتاض عن اللفظ الصريح بالإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقول مثلاً: (عن أبي هريرة مرفوعاً) ويساق لفظ الحديث، دون ذكر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ويقع هذا اختصاراً، لكن لا ينبغي فيما أرى استعماله في الأحاديث الصحيحة، من أجل ما يفوت به من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة والتسليم عليه.
مسائل:
المسألة الأولى: يقع في: إطلاق السلف من الأئمة لفظ (المسند) يريدون به الحديث المرفوع المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما بينته في تعريف (المسند).
المسألة الثانية: إذا حدث صحابي بالشيء فوجد فيه من القرينة ما يدل على كونه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو حديث مسند مرفوع.
وهل من هذا قول التابعي عن الصحابي: (يرفع الحديث) أو (ينميه) أو (يبلغ به) أو ما في معناه، دون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؟.
الجواب: نعم , هو عن النبي صلى الله عليه وسلم (20)
وذلك مثل:
ما أخرجه أبو يعلى الموصليُّ، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن محمد بن سعد، عن أبيه، ويرفع الحديث:
" لا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاث " (21).
وقيل لأحمد بن حنبل: إذا قال: (يرفع الحديث) فهو عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: " فأيُّ شيء؟ " (22)
أي: فعمن يكون إن لم يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
لكن يجب قصر ذلك على قول الصحابي خاصة، فأما إذا قاله التابعي فمن دونه، فلا ينزَّل منزلة المراسيل فيما أرجحه.
وذلك أني وجدتهم يعنون بتلك العبارة: يسنده إلى من فوقه، وذلك أحد رواة الخبر.
مثل: ما حدث به موسى بن مسلم الحِزامي، قال سمعت عكرمة يرفع الحديث فيما أرى إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ترك الحيَّات مخافة طلبهن فليس منا، ما سالمنا هن منذ حاربناهنَّ " (23).
فإن قلت: إنما تبين أن قوله: (يرفع الحديث) ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم، بقرينة ذكر ابن عباس، فإن خلا من القرينة، فينبغي أن يكون له حكم المرسل.
¥(13/148)
قلت: لما استخدموا العبارة المذكورة في مجرد الارتقاء بإسناد الخبر إلى درجة أعلى في الإسناد، وصحَّ أن تكون تلك الدرجة هي الصحابي هنا، مع عدم وجود تنصيص منهم يُفسر مرادهم ويحصره فيما عرفناه بالاصطلاح في معنى المرفوع، فإن احتمال إرادة كونه عن أي قائل أو غافل فوق الراوي قائل تلك العبارة ودون النبي صلى الله عليه وسلم: احتمال قوي.
إلا أن نقف على ذلك الخبر من وجه معتبر مرفوعاً صراحة من قبل الراوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس من هذا قول أهل العلم المتأخرين اختصاراً في نقل الأحاديث من كتب الرواية (مرفوعاً) مثلاً، فإنا قد علمنا أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في سياقه في مصدره من كتب الحديث المسندة، وإن كان تحاشي ذلك خاصة في الأحاديث الثابتة أولى، كما تقدم التنبيه عليه.
المسألة الثالثة: قول الصحابي: (قال: قال) دون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، هل هو مرفوع؟
هذه صورة نادرة الورود في روايات الحديث.
مثالها: ما حدث به أسود بن عامر شاذان قال: أخبرنا شعبة، قال: أخبرني إدريس الأوديُّ، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال: " لا يصلي أحدكم وهو يجد الخبَث " (24).
فتحرير هذه المسألة: أن هذه الصورة بمجردها لا تفيد رفع الحديث، بل هو موقوف من هذا الوجه، وهذا المثال المذكور مما اختلف فيه على شعبة أصلاً رفعاً ووقفاً، ولا يكاد يوجد لهذه المسألة مثال يسلم من علة، وعليه فيحول ذلك دون القول: إن هذه الصيغة تفيد الرفع.
وما ذكر عن محمد بن سيرين بخصوص ذلك مِن تركه رفع الحديث أحياناً وهو عنده مرفوع، فهو أمر غير مطرد على التحقيق.
وبيانه: أن الحافظ دعلجا السِّجزيَّ، قال: حدثنا موسى بن هارون بحديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال: " الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه "، قال موسى: إذا قال حماد بن زيد والبصريون: (قال: قال) فهو مرفوع.
قال الخطيب: قلت للبرقانيَّ: أحسب أن موسى عنى بهذا القول أحاديث ابن سيرين خاصة؟ قال: كذا تحسب. (25).
قلت فهذا المثال لايصلح أن تُبْنى عليه قاعدة، وقول موسى بن هارون الحمَّال غير صحيح الإطْلاق، وما حسبه الخطيب من كون ذلك هناك محصوراً فيما يرويه ابن سيرين خاصة عن أبي هريرة صواب، ما لم تكن هناك قرينة في سياق الخبر تجعله على أصل الوقف.
وواقع الأمر أن ابن سيرين حدث عن أبي هريرة بأحاديث لم يكن يذكر فيها الرفع الصريح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي محفوظة من حديث أبي هريرة مرفوعاً، أحياناً يوجد ذلك من رواية ابن سيرين نفسه عن أبي هريرة، يكون حدَّث به عنه لا يذكر الرفع، وتارةً يذكره، كما يكون مرفوعاً من رواية غير ابن سيرين عن أبي هريرة.
وهذا ما جاءت به الطرق للحديث المذكور، فإنه رواه من البصريين: أيوب السخستاني (26)، وهشام بن حسان (27) وعمران بن مسلم القصير (28)، جميعاً عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
واستدل الخطيب لما حسب بقول ابن سيرين: " كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع " (29).
وصح عن محمد بن سيرين: أنه كان إذا حدث عن أبي هريرة، فقيل له: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: " كل حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " (30).
قال الطَّحاوي: " وإنما كان يفعل ذلك؛ لأن أبا هريرة لم يكن يحدثهم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم " (31).
وفي هذا عن ابن سيرين فائدة خاصة، وهي أن الخبر إذا جاء عنه عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً، فإن ذلك لا يعد من الاختلاف القادح في صحة الرفع، بل الحكم بالرفع متعين.
المسألة الرابعة: ما لا يقال مثله بمجرد الاجتهاد، فالأصل أن يكون مرفوعاً حكماً.
وذلك كتحديث الصحابي بما لا سبيل إلا معرفته إلا عن طريق الوحي، مع ضميمةِ أن لا يكون الصحابي يحدث بالإسرائيليَّات فيما يمكن أن يكون من أخبار أهل الكتاب مثل: ما يتصل بأخبار السابقين وبدء الخلق ومستقبل الزمان، ومن أشهر من عرف من الصحابة بالتحديث عن أهل الكتاب: عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، وربَّما وقع لغيرهما، خُصوصا من نزل الشام من الصحابة.
¥(13/149)
ولما كان قد يعسر تبيُّن إن كان الصَّحابي حمل الرواية عن أهل الكتاب، أو كان بتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أجل أنه ليس لدينا ما يقطع في هذا، إنما هو قائم على المظنة، فالتحري يوجب أن يرد في سياق الخبر قرينة غير ما تقدم تدل على ضعف احتمال أن يكون من أخبار أهل الكتاب.
وذلك كقول أبي سعيد الخدريُّ " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بينه وبين العتيق " (32).
فأبو سعيد ليس معروفاً بالتحديث بالإسرائيليَّات، وحدث بشيء هو مما اختُصت به هذه الأمة، وهو فضل قراءة سورة الكهف، وهي مما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر البيت العتيق وليس لأهل الكتاب فيه شأن.
ومما يجب أن يحتاط فيه من هذه الصورة.
ما يقوله الصحابي من إثبات تحليل أو تحريم، فمن الناس من يدعي أن له حكم الرفع، وهذا خطأ، فإن الصحابة كانوا يُفتون الناس في الحلال والحرام، وكما وسع من بعدهم من العلماء أن يحلوا ويحرموا باجتهادهم فيما لا نص فيه، فعلماء الصحابة هم سادة المجتهدين لهذه الأمة، وقد سبقوا إلى أن قالوا باجتهادهم فأحلوا وحرموا، واختلفوا في المسائل بسبب ذلك.
المسألة الخامسة: قول الصحابي (أمرنا بكذا .. نهينا عن كذا .. كنا نؤمر بكذا .. كنا ننهى بكذا .. كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل كذا .. كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا .. من السنة كذا) وشبه ذلك، فهو حديث مسند مرفوع حكما في قول أكثر أهل العلم، وهو الصواب (33).
وذلك بناء على أن حال ما يحكيه الصحابي من ذلك إنما كان لبيان شرائع الدين، والتبليغ عن النبي صلى الله عليه وسلم، خصوصا ولا يكاد يوجد الشيء من ذلك لا شاهد له من النصوص المسندة صراحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الخطيب: " والدليل عليه: أن الصحابي إذا قال: أمرنا بكذا، فإنما يقصد الاحتجاج لإثبات شرع وتحليل وتحريم وحكم يجب كونه مشروعا (34).
مثاله: ماحدث به مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: صليت إلى جنب أبي، فلما ركعت شبكت أصابعي، وجعلتهما بين ركبتي، فضرب يدي، فلما صلى قال: قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا أن نرفع إلى الركب (35).
وذهب بعض أهل العلم، كابن حزم، إلى أن هذه الصورة ليست مسنداً مرفوعاً (36).
واعترض بعضهم باحتمال أن يكون الآمر الناهي من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا ضعيف، فإن الصحابة فيما دل عليه الاستقراء لم يكونوا يستعملون ذلك في أمر أو نهي أوسنة أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي وقد ذكر حديثا عن ابن عباس والضحاك بن قيس فيه: (كذا وكذا سنة): " وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا يقولان: (السنة) إلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله " , وقال: " وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولون بالسنة والحق إلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله تعالى " (37).
قلت: وقول الشافعي: (إن شاء الله)، من أجل مظنة أن يقول الصحابي الشيء من ذلك بمحض اجتهاده، وليس بمنزلة المرفوع الصحيح.
وأما قصة حنظلة السَّدوسيِّ قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته (38)، ثم يدق بين حجرين، ثم يضرب به. فقلت لأنس: في زمان من كان هذا؟ قال: في زمان عمر بن الخطاب. فهذا خبر لا يصح رواية، فلا يتعقب بمثله (39).
وإذا حكى الصحابي أمرا شائعا، ونسبه إلى عامة الصحابة، كأن يقول: (كانوا يفعلون كذا) ولا يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ما يدل على إرادة زمانه صلى الله عليه وسلم، ليس فيه إلا إضافة ذلك إلى الصحابة، فهذا موقوف (40).
وذلك كقول أبي سعيد الخدري: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدوا يتحدثون كان حديثهم الفقه، إلا أن يأمروا رجلاً فيقرأ عليهم سورة، أو يقرأ رجلٌ سورة من القرآن (41).
المسألة السادسة:
الصحابيُّ إذا حدث عن شيء ممَّا كان منهم على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس فيه اطِّلاعُهُ صلى الله عليه وسلم ولا إقراره، فهذا ممَّا اختلفوا فيه:
هو موقوف، في قول الحاكم (42). قصة
¥(13/150)
وهذا مثل ما جاء في قصة عمرو بن سلِمة الجرمي، حين حدَّث عن أبيه قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً، فقال: " صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلُّوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً "، قال عمرو: فنظروا فلم يكن أكثر قرآناً مني، لما كنت أتلقَّى من الرٌّكبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة، كنت إذا سجدت تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطُّون عنا است قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص (43).
فهذا الحديث دل عند طائفة من أهل العلم على صحة إمامة الصبي، وحقيقة الأمر أن صنيع القوم في تقديم عمرو مع صغره ليس في الرِّواية أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وعلم به فأقرَّه.
غير أن محقق القولين: أن ما جاء منقولا فعله عن أحد من الصحابة في حياة النبي الله عليه وسلم فهو مرفوع حكماً، ودليل يحتج به، وهو لاحق بالتَّشريع التقريريِّ، وذلك من أجل أن الله تعالى مطلع، والوحي ينزل، وكم نزل في القرآن في أشياء من أحوال الناس يومئذ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها إلا حين ينزل الوحي بخصوصها؟
ويشهد لهذا ما صح عن عبد الله بن عمر قال: كنا نتقي كثير من الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مخافة أن ينزل فينا القرآن، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا (44).
المسألة السابعة: حكم تفسير الصحابي للقرآن.
إذا كان يتصل بسبب نزول، فهو حديث مسند، وإن لم يكن يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم
(45)، من أجل أن النزول كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن كان بيانا لمعنى، فهو موقوف، إلا أن يكون خبراً لا يقال مثله من قبل الرأي والا جتهاد، فهذا يكون مرفوعاً حكماً بشرط أن يؤمن كونُ ذلك الصحابي لم يؤخذ عن أهل الكتاب، على ما تقدم بيانه في (المسألة الرابعة).
______
حاشية:
(19) الكفاية (ص: 58).
(20) وانظر: الكفاية، للخطيب (ص: 587).
(21) مُسند أبي يعلى (رقم: 720) وإسناده صَحيح. وأبو خيْثمة هو الحافظ زُهير بنُ حرب.
(22) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 586) عن كتاب " العلل " للخلال.
(23) أخرجه أبو داود في " سننه " (رقم: 5250) وإسنادُه جيد.
(24) أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص: 588) وإسناده صحيح.
(25) الكفاية (ص: 589).
(26) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (1/ 580 رقم: 2210) ومُسلم في " صحيحه " (1/ 459).
(27) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/ 138 رقم: 11631).
(28) أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص: 21) وابن عدي في " الكامل " (6/ 169).
(29) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " (3/ 22) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 589) وإسناده صحيح.
(30) أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/ 20) وإسناده جيد.
(31) شرح معاني الآثار (1/ 20).
(32) حديث صحيح. أخرجه سعيد بن منصور في " سننه " _ كما في " تفسير ابن كثير " (4/ 364) _ ومن طريقه: البيهقي في " الشعب " (2/ 474 رقم: 2444). وكذا الدارمي (رقم: 3410) عن أبي النعمان عارم بن الفضل، كلاهما عن هُشيم بن بشير، قال: حدثنا أبو هاشم، عن أبي مِجلز، عن قيس بن عُباد، عن أبي سعيد، به.
قلت: وإسناده صحيح، واختلف فيه رفعاً ووقفاً، والصواب موقوف من جهة الإسناد، وكذلك رجَّح وقْفه النسائي والبيهقي، وشرحت علَّته في " الأجوبة المرضية " (السؤال الخامس).
(33) انظر: معرفة علوم الحديث، للحاكم (ص: 22)، والكفاية، للخطيب (ص: 591 _ 595).
(34) الكفاية (ص: 592).
(35) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 757) ومسلم ٌ (رقم: 535).
(36) الأحكام في أصول الأحكام (2/ 72).
(37) الأم (1/ 271).
(38) ثمرته: هو العُقدة التي تكون في طَرفه، فتُقطع، ويُدق السوط بين حجرين ليلين ليَكون أيسر على من يُضرب به.
(39) أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 50 _ 51) وابنُ عبد البر في " التمهيد " (5/ 334)، وعلته حَنظلة فإنه ضعيف الحديث.
(40) انظر: الكفاية، للخطيب (ص: 595).
(41) أثرٌ صحيح. أخرجه ابنُ سعد في " الطبقات " (2/ 374) أخبرنا أبو داود الطيالسي.
والحاكم (1/ 94 رقم: 322) _ وعنه البيهقي في " المدخل " (رقم: 419) _ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن شعبة، عن علي بن الحَكم، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.
وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم ".
قلت: إسناده صحيح.
ورواه عفان بن مسلم عن شعبة، به مختصراً، ولم يذكر أبا سعيد، أخرجه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (رقم: 948) و " الجامع لأخلاق الراوي " (رقم: 1207). وهو بذكْر أبي سعيد أصح.
(42) معرفة علوم الحديث (ص: 19).
(43) أخرجه البُخاري (رقم: 4051).
(44) حديث صحيح. أخرجه أحمد (9/ 213 رقم: 5284) واللفظ له، والبُخاري (رقم: 4891) وابن ماجة (رقم: 1632) من طريق سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.
(45) معرفة علوم الحديث (ص: 20)، وانظر كتابي: المقدمات الأساسية في علوم القرآن (ص: 45).(13/151)
نظرة إجمالية في (إجماع المحدثين) للدكتور العوني. ولا تعجلوا علي.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 01:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الإخوة الكرام:
قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحة: (وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا - لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا إذ الإعراض عن القول المطروح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله ... وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع مستحدث غير مسبوق صاحبه إليه ولا مساعد له من أهل العلم عليه وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة ... )
أولاً: هذا الكلام من الإمام مسلم – رحمه الله – يبين أن هناك قولان في المسألة وأن الخلاف في ذلك مستقر إلى وقت كتابة الإمام مسلم كلامه هذا.
ثانيا: نسب هذا القول القاضي عياض للإمام البخاري وعلي ابن المديني وتتابع الناس على ذلك واختاروا قول البخاري وعلى ابن المديني حتى حكى عليه الحافظ ابن رجب الإجماع، فهذا يدل على إن الخلاف ما زال مستقرا بين العلماء في المسألة.
ثالثا ما فعله الدكتور حاتم العوني في رسالته أن شكك في نسبة هذا القول للبخاري وعلي ابن الميني – رحمهما الله – ولكنه لم يستطيع التشكيك في ثبوت الخلاف وصحة وجود قول آخر في المسألة، فلعل المقصود من كلام الإمام مسلم غيرهما على قول الدكتور العوني.
رابعا: ما المانع أن يكون هذا الرأي للبخاري داخل صحيحه وهو حكم أغلبي – ولا أقول شرط كمال – بل أغلبي فالأمثلة القليلة التي انتقدها د. العوني على البخاري:
أولا لا يستطيع أي شخص أن يثبت أن الإمام البخاري لم يعلم فيها باللقيا وإنما ظاهر جواب الحافظ ابن حجر عليها الاكتفاء بالمعاصرة وعلى التسلم لذلك فما المانع من أن تكون القاعدة أغلبية كالقول بتلقي العلماء للصحيحين من حيث الجملة لا من حيث الأحرف التي انتقدها الدارقطني عليهما.
وهذا جواب مجمل لمن اطلع على الرسالة وهابه ما قاله الدكتور العوني من تخطئة ما أطبق عليه العلماء - منذ عصر القاضي عياض إلى الآن مع أن فيهم من هم أدرى الناس بالبخاري ومذهبه وبمسلم ومذهبه - من أن البخاري هو المقصود من قول مسلم.
إخواني لا تعجلوا علي فالأمر جد خطير فكان لابد من التعبير.
ومن أراد التفصيل فالله الموفق.
ولعل الإخوة الذين اطلعوا على رسالة الماجستير للدكتور خالد الدريس (موقف الإمامين .... ) أن يتحفونا ببعض النقول منها وجزى الله خيرا من استأذن الشيخ ووضعها حتى وإن كان على صورة pdf.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[18 - 08 - 06, 05:08 م]ـ
الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد كنت أنوى - وما زلت والحمد لله - بعد أن كتبت هذه النظرية الإجمالية والتي أظنها كافية في إثبات الخلاف في المسألة وبيان عدم صحة دعوى الإجماع الذي ذكره الشيخ العوني.
إلا أن الأمر كان يتطلب أيضا النظر في كتاب الشيخ العوني نظرة تفصيلية بعد هذه النظرة الاجمالية وطلبت من الإخوة إرشادي إلى كتاب الدكتور الدريس فتم المراد والحمد لله ووقفت على الكتاب وأيضا كتاب السنن الأبين موجود ومنتشر فلما بدأت أرتب أوراقتي للنظر في هذه الكتب الثلاث مع إجماع المحدثين علمت أن الدكتور اللاحم قد قام بالرد على الدكتور العوني في كتاب الاتصال والانقطاع وهو مطبوع في مكتبة الرشد في الرياض وقد قام الدكتور العوني بالرد عليه في كتاب الانتفاع بمناقشة كتاب الاتصال والانقطاع.
وحقيقة أرى أن الأمر قد تشعب، فمراجعة كل هذه المراجع بدقة وعناية أمر سيطول، وكما قيل: ما لا يدرك كله لا يترك جله فأحببت أن أنقل لكم هذه الصورة كاملة لعل بعض الإخوة يتيسر له بعض الوقت فيبدأ معي ويسهل على المناقشة فيطرح الموضوع للنقاش من جديد.
وحقيقة أن المسألة فيها جوانب أخرى لا تقل أهمية عن مسألة إثبات الإجماع أو نقضه، ومنها مسألة الترجيح بين القولين ومسألة تصرف الرواة في صيغ التحمل والآداء و ... وغير ذلك مما سيقف عليه من تصفح هذه الكتب.
وفقنا الله وإياكم لكل ما يحب ويرضى وبارك لنا ولكم في أوقاتنا.
وهذه هي روابط الكتب التي وقفت عليها:
موقف الإمامين البخاري ومُسلم من اشتراط اللّقيّا والسّمَاع في السّند المعنعن بَين المتعَاصِرين
خَالِد مَنصُور عَبد الله الدريس
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=18440&highlight=%E3%E6%DE%DD+%C7%E1%C5%E3%C7%E3%ED%E4
الانتفاع بمناقشة كتاب الاتصال والانقطاع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34301&highlight=%C7%E1%C7%CA%D5%C7%E1+%E6%C7%E1%C7%E4%DE %D8%C7%DA
فوائد مختصرة من كتاب " الاتصال والانقطاع " للشيخ المحدث إبراهيم اللاحم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32961&highlight=%C7%E1%C7%CA%D5%C7%E1+%E6%C7%E1%C7%E4%DE %D8%C7%DA
والله الموفق.، وجزاكم الله خيرا.
¥(13/152)
ـ[محمود عبد اللطيف]ــــــــ[18 - 08 - 06, 05:19 م]ـ
الحمد لله:
وهذا كتاب الدكتور خالد الدريس مفهرس وهو مرفق هنا وجاهز للشاملة، وهذا إسهاما مني لإثراء الموضوع.
ـ[أبومنصور الهاشمي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 05:45 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يوفق الشيخ الدكتور خالد الدريس ويسدد خطاه لكل خير(13/153)
فوائد حديثية
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[14 - 08 - 06, 03:25 م]ـ
أثناء تخريجي لبعض الأحاديث. ظهر لي بعض الإشكالات فارسلت بها إلى الشيخ سعد الحميد و الشيخ علي الصياح حفظهما الله. فأحببت أن اذكرها لإخواني في هذا الملتقى المبارك مع علمي بأنها معلومة لدى كثير منهم.
أولا: أثناء تخريجي لحديث (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر) وجدت أن الحديث من رواية الحسن عن حصين بن المنذر وقد عنعنه الحسن. و وجدت الامام الألباني رحمه الله صحح الحديث و ذكر فائدة جليلة أثناء تخريجه له. قال رحمه الله في الصحيحة 2/ 333
(قال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي.
كذا قال، مع أنه قال في " الميزان ": " كان الحسن البصري كثير التدليس، فإذا
قال في حديث: " عن فلان " ضعف احتجاجه، و لاسيما عمن قيل: إنه لم يسمع منهم
كأبي هريرة و نحوه، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في جملة المنقطع ".
لكن الظاهر أن المراد من تدليسه إنما هو ما كان من روايته عن الصحابة دون غيرهم
لأن الحافظ في " التهذيب " أكثر من ذكر النقول عن العلماء في روايته عمن لم
يلقهم و كلهم من الصحابة، فلم يذكروا و لا رجلا واحدا من التابعين روى عنه
الحسن و لم يلقه و يشهد لذلك إطباق العلماء جميعا على الاحتجاج برواية الحسن عن
غيره من التابعين بحيث أني لا أذكر أن أحدا أعل حديثا ما من روايته عن تابعي لم
يصرح بسماعه منه. هذا ما ظهر لي في هذا المقام. و الله سبحانه أعلم.)
قلت: أشكل علي قول الألباني رحمه الله (و يشهد لذلك إطباق العلماء جميعا على الاحتجاج برواية الحسن عن غيره من التابعين بحيث أني لا أذكر أن أحدا أعل حديثا ما من روايته عن تابعي لم يصرح بسماعه منه) فأرسلت للشيخين سعد الحميد و علي الصياح الرسالة التالية:
(إذا عنعن الحسن عن شيخه التابعي و لم يرد في طرق هذا الحديث تصريح الحسن بالسماع فهل يقبل حديثه؟) فكانت إجابة الشيخ سعد (أرى أن يقبل ما لم يكن هناك علة) و رد علي الشيخ علي (قال: نعم)
ثانيا: أثناء تخريجي لحديث دعاء الخروج من الخلاء (غفرانك) في إسناده يوسف بن أبي بردة
و هذا قال عنه الحافظ: مقبول
و لم أجده من وثقه إلا ابن حبان و العجلي و الحاكم. فهل يؤخذ بتوثيقهم؟
قال لي الشيخ علي الصياح عبر رسالة جوال: (نعم يؤخذ بتعديلهم)
قلت: الامام الالباني صحح الحديث بالرغم من أنه لا يأخذ بتوثيق ابن حبان والعجلي كثيرا. لكن هل يقال أن الالباني لا يأخذ بتوثيقهما لكن إذا اجتمع معهما الحاكم يأخذ به؟ و هل ورد في الصحيحة مثل هذا؟
ثالثا: عبد الله بن صالح كاتب الليث. قال عنه الشيخ سعد الحميد: هو صدوق لكن أدخلت عليه أحاديث
وقال الشيخ علي: هو صدوق.
وقد أفادني قولهم هذا كثيرا في عبد الله بن صالح.
ـ[تابع السلف]ــــــــ[15 - 08 - 06, 11:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[وائل ادريس]ــــــــ[12 - 06 - 07, 02:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو عامر خالد]ــــــــ[16 - 06 - 07, 04:05 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
قولكم:
ثانيا: أثناء تخريجي لحديث دعاء الخروج من الخلاء (غفرانك) في إسناده يوسف بن أبي بردة
و هذا قال عنه الحافظ: مقبول
و لم أجده من وثقه إلا ابن حبان و العجلي و الحاكم. فهل يؤخذ بتوثيقهم؟
قال لي الشيخ علي الصياح عبر رسالة جوال: (نعم يؤخذ بتعديلهم)
قلت: الامام الالباني صحح الحديث بالرغم من أنه لا يأخذ بتوثيق ابن حبان والعجلي كثيرا. لكن هل يقال أن الالباني لا يأخذ بتوثيقهما لكن إذا اجتمع معهما الحاكم يأخذ به؟ و هل ورد في الصحيحة مثل هذا؟
. [/ quote]
قلت: منهج الألباني -رحمه الله في تصحيح الحاكم كمنهجه في ابن حبان إذا انفرد أو خولف، قال:في السلسلة الضعيفة - (ج 1 / ص 141)
قلت: و كل خبير بهذا العلم الشريف يعلم أن الحاكم متساهل في التوثيق و التصحيح
و لذلك لا يلتفت إليه، و لا سيما إذا خالف.
و قال في السلسلة الصحيحة - (ج 6 / ص 153):
تصحيح الحاكم للحديث مع تصريحه بجهالة بعض رواته، دليل على أن من مذهبه تصحيح حديث المجهولين، فهو في ذلك كابن حبان، فاحفظ هذا فإنه ينفعك في البحث و التحقيق إن شاء الله تعالى.
و قال في التوسل - (ج 1 / ص 107)
¥(13/154)
وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث وقالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث. ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون على مجرد تصحيح الحاكم).انتهى كلامه
قلت:و لكن الإمام الذهبي وثق يوسف هذا فقال:
يوسف بن أبي بردة سمع أباه وعنه إسرائيل وسعيد بن مسروق ثقة د ت ق (الكاشف ج 2 ص 399)
و قال ابن أبي حاتم في علل الحديث (ج 1 ص 43):سمعت أبي يقول أصح حديث في هذا الباب يعني في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء حديث عائشة يعني حديث اسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة.
وهذا مما يكون قد بعث في نفس الشيخ الإطمئنان لتصحيح الحديث.
كما أن من منهج الشيخ -رحمه الله تعالى - أن يصحح للمجهول و أن و ثقه ابن حبان إذا روى عنه جمع ولم ينكر عليه حديثه. و قد سبقه لذلك الحافظان الذهبي و ابن حجر. قال رحمه الله:في معرض رده على من تكلم على تصحيحه لحديث العجن (تمام المنة - (ج 1 / ص 204 - 206): .... فهو يتوهم أن كل من وثقه ابن حبان فهو مجهول إما عينا وإما حالا وهنا يكمن خلطه وخطؤه الذي حمله على القول (ص 56) بأنني جاريت ابن حبان في مسلكه المذكور
والآن أقدم الشواهد الدالة على صواب مسلكي وخطئه فيما رماني به من أقوال أهل العلم
1 - قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزبادي: " محله الصدق. . روى عنه حيوة بن شريح وابن وهب وزيد بن الحباب ورشدين
قال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته. . يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة. . والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح " تمام المنة - (ج 1 / ص 205)
وأقره على هذه القاعدة في " اللسان " وفاتهما أن يذكرا أنه في " ثقات ابن حبان " (7/ 460) وفي " أتباع التابعين " كالهيثم بن عمران هذا وبناء على هذه القاعدة - التي منها كان انطلاقنا في تصحيح الحديث - جرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من الحفاظ في توثيق بعض الرواة الذين لم يسبقوا إلى توثيقهم مطلقا فانظر مثلا ترجمة أحمد بن عبدة الآملي في " الكاشف " للذهبي و " التهذيب " للعسقلاني.
وأما الذين وثقهم ابن حبان وأقروه بل قالوا فيهم تارة: " صدوق " وتارة: " محله الصدق " وهي من ألفاظ التعديل كما هو معروف فهم بالمئات فأذكر الآن عشرة منهم من حرف الألف على سبيل المثال من " تهذيب التهذيب " ليكون القراء على بينة من الأمر: 1 - أحمد بن ثابت الجحدري
2 - أحمد بن محمد بن يحيى البصري
3 - أحمد بن مصرف اليامي
4 - إبراهيم بن عبد الله بن الحارث الجمحي
5 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله الأسدي
6 - إبراهيم بن محمد بن معاوية بن عبد الله
7 - إسحاق بن إبراهيم بن داود السواق
8 - إسماعيل بن إبراهيم البالسي
9 - إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي
10 - الأسود بن سعيد الهمداني
كل هؤلاء وثقهم ابن حبان فقط
وقال فيهم الحافظ ما ذكرته آنفا من عبارتي التوثيق ووافقه في ذلك غيره من الحفاظ في بعضهم وفي غيرهم من أمثالهم.
ومن عادته أن يقول في غيرهم ممن وثقهم ابن حبان ممن روى عنه الواحد والاثنان: " مستور " أو: " مقبول "
كما حققته في موضع آخر
فأخشى ما أخشاه أن يبادر بعض من لا علم عنده إلى القول: إن الحافظ قد جارى ابن حبان في تساهله في توثيق المجهولين كما قال مثله مؤلف " الجزء في كاتب هذه السطور " لأنه لا يعرف - ولو تقليدا - الفرق بين راو وآخر ممن وثقهم ابن حبان وحده إن عرفه لم يدرك وجه التفريق المذكور وهو ما كنت أشرت إليه في تقوية الهيثم بن عمران راوي حديث العجن ونقله المؤلف المشار إليه في " جزئه " بقوله (ص 58)
" إنه جعل رواية أولئك الخمسة عنه سببا لاطمئنان النفس لحديثه. انتهى
و الله تعالى أعلم
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 11:25 م]ـ
أحسن الله إليك
و كذلك الشيخ العلوان حفظه الله يرجح قبول توثيق ابن حبان للمجهول إذا روى عنه اثنان فصاعدا ولم يأتِ بما ينكر من حديثه.
وقال حفظه الله: فلا داعي لطرح حديثه بل طرح حديثه في هذه الحالة تحكم بغير دليل.
و هذه القاعدة قد تكلم عنها الشيخ سعد الحميد بكلام نفيس ليس عندي الآن لكن لعلي أجمعه قريباً.(13/155)
ما معنى قول البزار: إسناده حسن؟
ـ[صالح العقل]ــــــــ[14 - 08 - 06, 06:55 م]ـ
ما معنى قول البزار: إسناده حسن؟(13/156)
السلام عليكم ماهو القول الراجح في ابي الزبير المكي؟
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[15 - 08 - 06, 01:22 ص]ـ
ماهو القول الراجح في ابي الزبير المكي؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[15 - 08 - 06, 01:38 ص]ـ
أخي حسن،، في الجزء العلوي من الصفحة يوجد (بحث) اضغط عليه ستفتح لك نافذة اكتب فيها: (أبو الزبير المكي)؛ لتجد النتائج التي نقلتها لك.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5357&highlight=%C3%C8%E6+%C7%E1%D2%C8%ED%D1+%C7%E1%E3%D F%ED
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=11987&highlight=%C3%C8%E6+%C7%E1%D2%C8%ED%D1+%C7%E1%E3%D F%ED
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[15 - 08 - 06, 05:39 ص]ـ
قال الشيخ السعد في تعليقاته على التقريب:
الأرجح أنه ثقة حافظ و هذا الحكم بعد التتبع الطويل لحديثه. أ. هـ
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 04:38 م]ـ
قلت في شرحي للموقظة:
اختلف العلماء في أبي الزبير المكي على قولين:
القول الأول: أنه ثقة:
وإليك طائفة من أقوال العلماء في توثيقه، وبيان قوة حفظه.
قال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن يحيى بن معين: ثقة، وقال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: صالح.?
قال النسائي: ثقة.
? قال أبو أحمد بن عدى: وروى مالك عن أبى الزبير أحاديث، و كفى بأبي الزبير صدقا أن يحدث عنه مالك، فإن مالكا لا يروى إلا عن ثقة، و لا أعلم أحدا من الثقات تخلف عن أبى الزبير إلا وقد كتب عنه، وهو في نفسه ثقة، إلا أن يروى عنه بعض الضعفاء فيكون ذلك من جهة الضعيف?.
قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة: سألت ابن المديني عنه، فقال: ثقة ثبت.
قال عثمان الدارمي: قلت ليحيى: فأبو الزبير؟ قال: ثقة. قلت: محمد بن المنكدر أحب إليك أو أبو الزبير؟ قال: كلاهما ثقتان.
وقال هشيم عن حجاج و ابن أبى ليلى عن عطاء: كنا نكون عند جابر فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا حديثه فكان أبو الزبير أحفظنا.
قال يعلى بن عطاء فيما روى عنه: حدثني أبو الزبير، و كان أكمل الناس عقلا وأحفظهم.?
قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث إلا أن شعبة تركه لشيء زعم أنه رآه فعله في معاملة.
القول الثاني: أنه ضعيف:
وقد روي تضعيفه عن: شعبة، وأيوب السختياني، وابن عيينة، والشافعي، وأبو حاتم، وأبو زرعة. وإليك أقوالهم، ومناقشتها؛ إذ لا يقبل الجرح إلا مفسراً.
قال هشام بن عمار، عن سويد بن عبد العزيز: قال لي شعبة: تأخذ عن أبى الزبير و هو لا يحسن أن يصلى!.
قال نعيم بن حماد: سمعت هشيما يقول: سمعت من أبى الزبير، فأخذ شعبة كتابي فمزقه.
قال محمد بن جعفر المدائني عن ورقاء: قلت لشعبة: مالك تركت حديث أبى الزبير قال: رأيته يزن ويسترجح في الميزان.
وقال شعبة: لم يكن في الدنيا أحب إلى من رجل يقدم فأسأله عن أبى الزبير، فقدمت مكة فسمعت منه، فبينا أنا جالس عنده إذ جاءه رجل فسأله عن مسألة، فرد عليه، فافترى عليه، فقال له: يا أبا الزبير تفتري على رجل مسلم؟ قال: إنه أغضبني. قلت: و من يغضبك تفتري عليه! لا رويت عنك شيئا.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبى: كان أيوب السختياني يقول: حدثنا أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير! قلت لأبى: كأنه يضعفه؟ قال: نعم.
قال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: حدثنا أبو الزبير وهو أبو الزبير. أي كأنه يضعفه.
قال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: أبو الزبير يحتاج إلى دعامة.
قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سألت أبى عن أبى الزبير، فقال: يكتب حديثه، و لا يحتج به، و هو أحب إلى من أبى سفيان.
وقال أيضا: سألت أبا زرعة عن أبى الزبير؟ فقال: روى عنه الناس. قلت: يحتج بحديثه؟ قال: إنما يحتج بحديث الثقات.
مناقشة وجوه التضعيف:
1 - قال د. صالح بن أحمد رضا في رسالته: " صحيفة أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما ": [فالأمور التي ذكر أن شعبة أنتقدها علي أبي الزبير، وترك الرواية عنه لأجلها أربعة:
1 - الافتراء على من أغضبه.
2 - الإسترجاح في الوزن- وقد ردها ابن حبان لأنها ليست سبباً في ترك رواية الراوي.
3 - إساءة الصلاة.
4 - الشدة والقسوة.
فأما إساءة الصلاة، وعدم إحسانها فهو أمر نسبي، فلعل شعبة قاس الأمور على نفسه فقد كان
¥(13/157)
هو من العباد المكثرين من الصلاة حتى رق جلده، ومن الذين يحسنوا أداءها وليس كل من لا يكون
على مثل شعبة في الصلاة مردود الرواية إذ ليس من المعقول أن يكون أبو الزبير التابعي الذي يعيش في مكة المكرمة لا يحسن الصلاة إلا إذا كان المقصود ما قلت. . والله أعلم.
وأما الشدة والقسوة والإفتراء على من أغضبه، فيظهر أن أبا الزبير يتصف بذلك لسرعة الغضب، ويظهر ذلك فيه واضحاً إذا أزعجه إنسان، وبخاصة حين كبر في السن وجاوز الستين من العمر-كما ألمحت سابقاً أن شعبة قد تأخر في الذهاب للسماع من أبي الزبير- ولعل ذلك كان قليلاً فيه، ونادراً، ولذلك لم نر أحداً روى عنه ذلك إلا شعبة ... بل وجدنا أقرانه كيعلي بن عطاء يقول عنه: وكان أكمل الناس عقلاً، فمن ظهر منه شيء مرة لا يترك حديثه، ثم إن هذه أمور خاصة، وطباع شخصية لا تتعلق بالرواية، ولهذا رأينا شعبة نفسه لم يطعن في روايته للحديث، وهو الواسع الإطلاع.
قال بن رجب الحنبلي – في شرح العلل - بعد أن ذكر ما أخذه شعبة على أبي الزبير: ولم يذكر عليه كذباً أو سوء حفظ.]
2 - وقال د. صالح أيضاً: [وأبو الزبير أبو الزبير.
قلت: وهذا الأسلوب يحتمل أمرين:
التوثيق، ولذا حمله الترمذي على أنه عنى حفظه وإتقانه.
التضعيف: ولذا قال الإمام أحمد:يضعفه بذلك
وأنا أرجح حمل ذلك على التوثيق، وذلك:
- لقول محمد بن يحي راوي الكلام عن سفيان عن أيوب: أي يوثقه.
- وزاد في رواية: وقال-يعني أيوب-: بكفه فقهينا.
فهذه الزيادة تدل على التوثيق لا على التضعيف.
- ولرواية الترمذي: قال سفيان بيده يقبضها. فقبض اليد يدل على التوثيق لا على التضعيف.
وقد قال الذهبي: قد روى عنه مثل أيوب ومالك. قلت: فلو كان يضعفه لما روى عنه].
ثم قال د. رضا: [خلاصة القول في أبي الزبير:
أنه أحفظ الرواة عن جابر.
وروى عنه مالك وأيوب فلو كانا يضعفانه لما رويا عنه.
ووثقه علي بن المديني ويحي بن معين والنسائي وابن حبان والساجي وابن سعد وابن عون والذهبي.
ونسب ابن حجر توثيقه إلى الجمهور.
- وجعله الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة من درجة رواية الحديث الحسن وفي رواية وثقة.
- وضعه الشافعي وابن أبي حاتم وأبو زرعة وجعلوا حديثه مما يعتبر به.
- وترك حديثه شعبة لأمور خاصة لا تقدح بصدقه وضبطه].
وقد أجاب الشيخ عبد الله السعد في أحد دروسه لشرح الترمذي عن تضعيف الأئمة: أيوب، والشافعي، وأبي حاتم، وأبي زرعة لأبي الزبير بقوله: [أما أيوب فقال (حدثنا أبو الزبير، و أبو الزبير أبو الزبير) قال أحمد بن حنبل (يضعفه بذلك) و هذا التضعيف ليس بظاهر من كلامه وحتى لو حمل على التضعيف فهو تضعيف مجمل غير مفسر وكذا فهو مخالف بمن ذكرنا من الحفاظ الذين وثقوه.
• و أما الشافعي فقال (يحتاج إلى دعامة) و يجاب عن لك بأجوبة:
1 - أنه قد خالفه غيره من الحفاظ الذين سبق ذكرهم.
2 - أن هذا تضعيف مجمل غير مفسر.
3 - أن من وثقه أمكن منه في هذا المجال - أي مجال نقد الرجال و الجرح و التعديل -.
4 - أن الشافعي قال ذلك في حالة غضب حيث احتج عليه رجل بحديث أبي الزبير فغضب وقال ذلك، و معلوم أن الإنسان إذا غضب قد يقول ما لا يريد أن يقوله.
5 - أن الشافعي احتج بجملة من الأحاديث فيها أبو الزبير.
• أما تضعيف أبو حاتم الرازي له، فيجاب عن ذلك بأجوبة:
1 - أن أبا حاتم الرازي شديد التزكية للرجال، و قد وصفه بذلك جماعة من أهل العلم كشيخ الإسلام و الحافظ الذهبي، و الحافظ ابن حجر، و من تتبع كلامه في الرجال تبين له ذلك بجلاء، و مما يدل على تشدده ما قاله عن الإماما الشافعي و الإمام مسلم و أبو حفص الفلاس حيث قال عن كل واحد منهم (صدوق) و من المعلوم أن هؤلاء أئمة حفاظ. وكذا قوله عن عبد الرزاق (يكتب حديثه و لا يحتج به).
2 - أن هذه اللفظة كثيراً ما يستخدمها أبو حاتم و هي ليست صريحة في التضعيف، بل أحياناً يقولها في أئمة حفاظ كمنا تقد فيما قاله عن عبد الرزاق فلعل هذا التضعيف محمول على التضعيف النسبي أي أنهم كذلك بالنسبة للثوري و شعبة و مالك مثلاً. وقد روي عن بعضهم أنه قال (إنما الحجة الثوري و شعبة مالك).
• و أما أبو زرعة فهز كذلك يتشدد في الرواة أحياناً.
¥(13/158)
هذا مجمل ما يمكن أن يجاب به على القائلين بتضعيف أبي الزبير.].
وهذه الأجوبة، لا يخلو بعضها من نظر، لذا فالمصير إلى الجمع بين أقوال الفريقين هو المتعين، وقد جمع بين أقوالهم ابن حجر في التقريب بجعل مرتبته " صدوق " - التي هي دون الثقة - إعمالاً لكلام كلا الفريقين.
قال د. وليد بن حسن العاني في رسالته: "منهج دراسة الأسانيد والحكم عليها " عند الكلام على المرتبة الرابعة عند ابن حجر في التقريب وهي مرتبة " الصدوق " أو " لا بأس به ": [لقد تبين لي من خلال دراسة رجال هذه المرتبة أن رجلاً ما يوثقه جماعة من النقاد المعتدلين منهم، والمتشددين، ثم يظهر للباحث أن واحداً من النقاد خالف الجمهور، وقال فيه قولاً يجرحه فيه، فالباحث العادي يمضي ولا يلتفت إلى القول المخالف للجمهور، لكن ابن حجر يتوقف عند قول المخالف ويدرسه هل له وجه معتبر أم لا ... ؟ فإن كان له وجه معتبر جعل هذا الراوي من المختلف فيه ووضعه في المرتبة الخامسة – أي مرتبة من وصفه: صدوق سيئ الحفظ، أو صدوق يهم، أو صدوق له أوهام، أو صدوق يخطئ ... – وإن لم يكن له وجه معتبر وخرجه ابن حجر على وجه يبرئ فيه ساحة هذا الراوي جعل هذا الراوي في المرتبة الرابعة، وأعطاه لقب صدوق، أو لا باس به، ولم يرفعه إلى درجة ثقة أو ثبت، وذلك للقول المخالف الذي قيل فيه ... أما إذا كان الجرح غير معتبر بالكلية ويرى ابن حجر أنه يجب أن يُطرح بالمرة، ولا ينظر فيه أساساً، عند ذلك يرفعه ابن حجر إلى المرتبة الثالثة فيقول فيه ثقة أو ثبت أو حافظ إلى آخر ألقاب هذه المرتبة.
فعلى ما قاله د. وليد العاني تكون درجه صدوق عند ابن حجر هي أقرب ما يوصف به أبي الزبير على اصطلاح ابن حجر، وإن كانت درجة هذه الرتبة عند ابن حجر متفاوتة، إلا أن هذا ليس محل بحث مراتب ابن حجر، وأرى أن حديث أبي الزبير يندرج في مراتب الحديث الصحيح؛ وذلك لما سبق نقله عن الجمهور من توثيقه، وكذا إخراج مسلم له في الصحيح.
وأما بالنسبة للكلام على تدليس أبي الزبير فالرجح عندى أنه مدلس بشهادة الأئمة وقد ذكرت بعض الأحاديث الدالة على ذلك على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=79190
وبانتظار مشاركات الإخوة للإفادة.(13/159)
حديث النضح: دراسة حديثية فقهية
ـ[ماهر]ــــــــ[15 - 08 - 06, 05:11 ص]ـ
حَدِيث عَلِيٍّ رضي الله عنه: ((ينضح من بول الغلام، ويغسل بول الجارية)). قَالَ الإمام التِّرْمِذِي: ((رفع هشام الدستوائي هَذَا الحَدِيْث عن قتادة وأوقفه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، وَلَمْ يرفعه)) (1).
وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((إسناده صَحِيْح إلا أَنَّهُ اختلف في رفعه ووقفه، وَفِي وصله وإرساله، وَقَدْ رجح البُخَارِيّ صحته وكذا الدَّارَقُطْنِيّ)) (2).
والرواية المرفوعة: رواها معاذ بن هشام (3)، قَالَ: حَدَّثَني أبي (4)، عن
قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود (5)، عن أبيه (6)، عن عَلِيّ بن أبي طالب،
مرفوعاً (7).
قَالَ البزار: ((هَذَا الحَدِيْث لا نعلمه يروى عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، إلا من هَذَا الوجه بهذا الإسناد، وإنما أسنده معاذ بن هشام، عن أبيه، وَقَدْ رَواهُ غَيْر معاذ بن هشام، عن قتادة، عن أبي حرب، عن أبيه، عن عَلِيّ، موقوفاً)) (8).
أقول: إطلاق البزار في حكمه عَلَى تفرد معاذ بن هشام بالرفع غَيْر صَحِيْح إِذْ إن معاذاً قَدْ توبع عَلَى ذَلِكَ تابعه عَبْد الصمد بن عَبْد الوارث (9) عِنْدَ أحمد (10)،
والدارقطني (11)، لذا فإن قَوْل الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ أدق حِيْنَ قَالَ: ((يرويه قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، رفعه هشام بن أبي عَبْد الله من رِوَايَة ابنه معاذ وعبدالصمد بن عَبْد الوارث، عن هشام، ووقفه غيرهما عن هشام)) (12).
والرواية الموقوفة: رواها يَحْيَى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن عَلِيّ، فذكره موقوفاً (13).
فالرواية الموقوفة إسنادها صَحِيْح عَلَى أن الحَدِيْث مرفوعٌ صححه جهابذة المُحَدِّثِيْنَ: البُخَارِيّ والدارقطني - كَمَا سبق - وابن خزيمة (14)، وابن حبان (15)، والحاكم (16) - وَلَمْ يتعقبه الذهبي –، ونقل صاحب عون المعبود عن المنذري (17) قَالَ: ((قَالَ البُخَارِيّ: سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهشام يرفعه، وَهُوَ حافظ)) (18).
أقول: هكذا صَحّح الأئمة رفع هَذَا الحَدِيْث، مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ موقوفاً أيضاً؛ وهذا يدل عَلَى أن الحَدِيْث إذا صَحَّ رفعه، ووقفه، فإن الحكم عندهم للرفع، وَلاَ تضر الرِّوَايَة الموقوفة إلا إذا قامت قرائن تدل عَلَى أن الرفع خطأ.
أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (كيفية التطهر من بول الأطفال)
وما دمت قَدْ فصلت القَوْل في حَدِيث عَلِيّ رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً فسأذكر اختلاف الفُقَهَاء في كيفية التطهر من بول الأطفال (19).
وقبل أن أذكر آراء الفُقَهَاء، أذكر جملة من الأحاديث المتعلقة بالمسألة لأحيل عَلَيْهَا عِنْدَ الإشارة إلى الأدلة طلباً للاختصار.
فأقول:
1. صَحَّ عن عائشة زوج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: ((أتي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بصبي، فبال عَلَى ثوبه، فدعا النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بماء فأتبعه إياه)). رَواهُ مَالِك (20)، وزاد أحمد وَمُسْلِم وابن ماجه في روايتهم: ((وَلَمْ يغسله)) (21).
2. صَحَّ عن أم قيس (22) بنت محصن ((أَنَّهَا أتت بابن صَغِير لَهَا –لَمْ يأكل الطعام– إلى رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم؛ فأجلسه في حجره، فبال عَلَى ثوبه؛ فدعا رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم بماءٍ، فنضحه وَلَمْ يغسله)). رَواهُ مَالِك، والشيخان: البُخَارِيّ وَمُسْلِم (23).
3. حَدِيث عَلِيّ رضي الله عنه وَقَدْ سبق: ((ينضح من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية)).
4. صَحَّ عن أبي السمح (24) رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)).
أخرجه: أبو دَاوُد (25)، وابن ماجه (26)، وَالنَّسَائِيّ (27)، وابن خزيمة (28)،
والدارقطني (29)، والمزي (30).
وَقَد اختلف الفُقَهَاء في الأحكام المستفادة من هذِهِ الأحاديث عَلَى مذاهب أشهرها مَا يأتي:
المذهب الأول:
¥(13/160)
يرى أن التطهير من بول الرضيع – كالتطهير من بول الكبير – إنما يَكُون بغسله، وَلاَ فرق في ذَلِكَ بَيْنَ بول رضيع أكل الطعام أو لَمْ يأكل، كَمَا أَنَّهُ لا فرق في ذَلِكَ بَيْنَ الذكر والأنثى. وإلى ذَلِكَ ذهب أبو حَنِيْفَة، وَهُوَ المشهور عن مَالِك عَلَى خِلاَف بَيْنَهُمَا في كيفية الغسل الَّذِي يجزئ في التطهير من النجاسة، فإن أبا حَنِيْفَة يشترط لتطهير النجاسة غَيْر المرئية تعدد مرات غسلها – ثلاثاً أو سبعاً والعصر بَعْدَ كُلّ غسلة (31)، وَلَمْ يشترط مَالِك أكثر من صب الماء عَلَى النجاسة بحيث يغمرها، ويذهب لونها وطعمها ورائحتها وَلاَ يشترط لإزالة النجاسة إمرار اليد والعصر، ونحو ذَلِكَ (32).
وَقَدْ حملوا: ((إتباع الماء)) و ((نضحه)) و ((رشه))، هذِهِ الألفاظ كلها حملوها عَلَى مَعْنَى الغسل، وَقَدْ أفاض الطحاوي في إيراد الآثار الدالة عَلَى أن هذِهِ الألفاظ قَدْ تطلق ويراد بِهَا الغسل (33).
لَكِن هَذَا يؤخذ عَلَيْهِ: ان هذِهِ الألفاظ، وإن كَانَتْ تطلق أحياناً عَلَى الغسل فإن الحال في مسألتنا هذِهِ لا يحتمل ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ يؤدي إِلَى تناقض تتنَزه عَنْهُ نصوص الشريعة؛ فحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عَنْهَا قَدْ جاء بلفظ: ((فدعا النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بماءٍ فأتبعه وَلَمْ
يغسله)) فإذا جَعَلَ أتبعه بمعنى غسله فإن المَعْنَى حينئذ يَكُون فغسله وَلَمْ يغسله.
وَكَذَلِكَ حَدِيث أم قيس بنت محصن قَدْ جاء بلفظ: ((فنضحه وَلَمْ يغسله)) فلو حمل النضح عَلَى مَعْنَى الغسل لكان التقدير:فغسله وَلَمْ يغسله،وهذا تناقض غَيْر معقول.
وأيضاً فإن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عطف الغسل عَلَى النضح في حَدِيث عَلِيّ رضي الله عنه، وعطف الرش عَلَى الغسل في حَدِيث أبي السمح رضي الله عنه، والعطف يَقْتَضِي المغايرة. فلو أريد بهما مَعْنَى واحدٌ، لكان عبثاً يتنَزه عَنْهُ الشارع (34).
المذهب الثَّانِي:
نُسِبَ إلى الشَّافِعيّ قَوْلٌ: بأن بول الصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام طاهر. ونسبت رِوَايَة إلى الإمام مَالِك: أَنَّهُ لا يغسل بول الجارية وَلاَ الغلام قَبْلَ أن يأكلا الطعام.
لَكِنْ ذكر الباجي (35) أن هذِهِ الرِّوَايَة عن مَالِك شاذة (36). وذكر النَّوَوِيّ أن نقل هَذَا القَوْل عن الشَّافِعيّ باطل (37).
لِذلِكَ لا حاجة للتعليق عَلَى هَذَا المذهب.
المذهب الثَّالِث:
ينضح بول الطفل الرضيع الَّذِي لَمْ يأكل الطعام، فإذا أكل الطعام كَانَ حكم بوله كحكم بول الكبير يغسل.
وَقَدْ فسّر هَذَا المذهب النضح: بأنه غمر مَوْضِع البول ومكاثرته بالماء مكاثرة لا يَبْلُغ جريانه وتردده وتقطره. فَهُوَ بمعنى الغسل الَّذِي سبق ذكره عن مَالِك (38).
وَقَدْ اعتمد هَذَا المذهب حَدِيث أم قيس بنت محصن، فَقَدْ جاء بلفظ: ((أَنَّهَا أتت بابن لَهَا صَغِير لَمْ يأكل الطعام ... الخ)).
وَقَد اعترض ابن حزم – القائل: بأن النضح يكفي في التطهير من بول الذكر كبيراً أو صغيراً –: بأن تخصيص ذَلِكَ بالصبي الَّذِي لَمْ يأكل لَيْسَ من كلام النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، لِذلِكَ فالحديث لا دلالة فِيهِ عَلَى هَذَا التحديد (39).
ويجاب عَلَى ذَلِكَ: بأنه نجاسة الأبوال المستتبعة لوجوب غسلها، كُلّ ذَلِكَ مستيقن بالأحاديث العامة الدالة عَلَى ذَلِكَ، كحديث ابن عَبَّاس في القبرين اللذين أخبر رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم أن صاحبيهما يعذبان، وَقَالَ: ((أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنْزه من البول)). أخرجه البُخَارِيّ وَمُسْلِم (40).
وحديث أبي هُرَيْرَة مرفوعاً: ((استنْزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب
القبر مِنْهُ)). رَواهُ أحمد (41)، وابن ماجه (42)، وابن خزيمة (43)، والدارقطني (44)،
والحاكم (45)، وصححه البُخَارِيّ (46).
وحديث ابن عَبَّاس مرفوعاً: ((تَنَزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبْر مِنْهُ)). أخرجه: البزار (47)، والطبراني (48)، والدارقطني (49)، والحاكم (50).
¥(13/161)
فنجاسة بول الآدمي ووجوب غسله كُلّ ذَلِكَ متيقن بهذه الأحاديث، وتخصيص بول الصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام بالنضح متيقن بحديث أم قيس بنت محصن، وما عدا ذَلِكَ مشكوك فِيهِ، فَلاَ يترك اليقين للشك.
والاكتفاء بالنضح في التطهير من بول الرضيع خصه أحمد وجمهور الشافعية بالصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام، أما بول الصبية فَلاَ يجزئ فِيهِ إلا الغسل (51).
أما الشَّافِعيّ نَفْسه فَقَدْ نَصَّ عَلَى جواز الرش عَلَى بول الصبي مَا لَمْ يأكل الطعام، واستدل عَلَى ذَلِكَ بالحديث، ثُمَّ قَالَ: ((وَلاَ يبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السُّنَّة الثابتة، وَلَوْ غسل بول الجارية كَانَ أحب إليَّ احتياطاً، وإن رش عَلَيْهِ مَا لَمْ تأكل الطعام أجزأ، إن شاء الله تَعَالَى)) (52).
وَقَدْ ذكر النَّوَوِيّ – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى – أَنَّهُ لَمْ يذكر عن الشَّافِعيّ غَيْر هَذَا (53)، وَقَالَ البَيْهَقِيّ: ((والأحاديث المسندة في الفرق بَيْنَ بول الغلام والجارية في هَذَا الباب إذَا ضُمَّ بعضها إلى بَعْض قويت، وكأنها لَمْ تثبت عِنْدَ الشَّافِعيّ – رَحِمَهُ اللهُ – حِيْنَ قَالَ:
((وَلاَ يتبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السُّنَّة الثابتة)) (54).
وقول الشَّافِعيّ هَذَا مرويٌّ عن النخعي، وَهُوَ رِوَايَة عن الأوزاعي، ووجه لبعض الشافعية، ووصفه النَّوَوِيّ: بأنه ضَعِيْف (55).
وهنا يأتي دور حَدِيث عَلِيّ رضي الله عنه ومثله حَدِيث أبي السمح رضي الله عنه خادم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فهي أحاديث ثابتة، وَقَدْ فرقت بَيْنَ بول الصبي وبين بول الصبية.
وَقَدْ ثبت هَذَا عِنْدَ أحمد؛ لِذلِكَ أخذ بِهِ وفرق بَيْنَهُمَا فِي الحكم، أما الشَّافِعيّ فَقَدْ صرح بأنه لَمْ يثبت عِنْدَهُ من السُّنَّة مَا يفرق بَيْنَهُمَا؛ لِذلِكَ رأى أن النضح يكفي فِيْهِمَا
- وإن كَانَ الأحب إليه غسل بول الصبي احتياطاً -؛ وَلَوْ ثبت عِنْدَ الشَّافِعيّ هذِهِ الأحاديث لأخذ بِهَا، فهذا هُوَ شأنه وشأن الفُقَهَاء كافة لا يتخطون السُّنَّة الثابتة عندهم إلى غيرها، مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عندهم معارض؛ ولذلك أطبق أصحاب الشَّافِعيّ عَلَى الفرق في الحكم بَيْنَ بول الصبي والصبية لما ثبتت عندهم هذِهِ الأحاديث (56).
...............................................
() جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (610).
(2) التلخيص الحبير طبعة العلمية 1/ 187، وطبعة شعبان 1/ 50.
(3) هُوَ معاذ بن هشام بن أبي عَبْد الله الدستوائي، البصري، وَقَدْ سكن اليمن، (صدوق رُبَّمَا وهم)، مات سنة مئتين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. التقريب (6742).
(4) هُوَ هشام بن أبي عَبْد الله:سَنْبَر – بمهملة ثُمَّ نون موحدة، وزن جَعْفَر –، أبو بَكْر البصري الدستوائي، (ثِقَة، ثبت)، مات سنة مئة وأربع وخمسين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. الطبقات لابن سعد 7/ 279 - 280، وتذكرة الحفاظ 1/ 164، والتقريب (7299).
(5) هُوَ أبو حرب بن أبي الأسود الديلي، البصري، (ثِقَة)، قِيلَ: اسمه محجن، وَقِيلَ: عطاء، مات سنة ثمان ومئة، أخرج حديثه مُسْلِم وأصحاب السُّنَن الأربعة. التقريب (8042).
(6) هُوَ أَبُو الأسود الديلي – بكسر المُهْمَلَة وسكون التحتانية –، ويقال: الدؤلي 0 بالضم بعدها
همزة مفتوحة –، البصري، اسمه: ظالم بن عَمْرو بن سُفْيَان، ويقال: عَمْرو بن ظالم، ويقال: بالتصغير فِيْهِمَا، ويقال: عَمْرو بن عُثْمَان، أو عُثْمَان بن عَمْرو: (ثِقَة، فاضل، مخضرم)، مات سنة تسع وستين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. التقريب (7940).
(7) هذِهِ الرِّوَايَة أخرجها: أحمد 1/ 97 و 137، وأبو دَاوُد (378)، وابن ماجه (525)، والترمذي (610)، وَفِي علله الكبير (38)، والبزار (717)، وأبو يعلى (307)، وابن خزيمة (284)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 92، وابن حبان (1372)، وطبعة الرسالة (1375)، والدارقطني 1/ 129، والحاكم 1/ 165 - 166، والبيهقي 2/ 415، والبغوي (296).
(8) البحر الزخار 2/ 295.
(9) هو أبو سهل التميمي العنبري عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، توفي سنة (207 ه).
¥(13/162)
الطبقات الكبرى 7/ 300، وسير أعلام النبلاء 9/ 516، وشذرات الذهب 2/ 17.
(10) المُسْنَد 1/ 76.
(11) السُّنَن 1/ 129؟
(12) علل الدَّارَقُطْنِيّ 4/ 184 - 185 س (495).
تنبيه: مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من أن غَيْر معاذ وعبد الصمد روياه عن هشام موقوفاً فإني لَمْ أجد هَذَا في شيء من كتب الحَدِيْث، ولعله وهمٌ من الدَّارَقُطْنِيّ يفسر ذَلِكَ قوله في السُّنَن 1/ 129 لما ساق رِوَايَة معاذ: ((تابعه عَبْد الصمد، عن هشام، ووقفه ابن أبي عروبة، عن قتادة)). فلو كَانَتْ ثمة مخالفة قريبة لما ذهب إلى رِوَايَة ابن أبي عروبة، والله أعلم.
(13) وهذه الرِّوَايَة الموقوفة أخرجها عَبْد الرزاق (1488)، وابن أبي شَيْبَة (1292)، وأبو دَاوُد
(377)، والبيهقي 2/ 415.
(14) صَحِيْح ابن خزيمة (284)، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يحكم عَلَيْهِ بلفظه، إلا انا قلنا ذَلِكَ عَنْهُ لالتزامه الصحة في كتابه قَالَ العماد بن كَثِيْر في اختصار علوم الحَدِيْث: 27، وطبعة العاصمة 1/ 109: ((وكتب أخر التزم أصحابها صحتها كابن خزيمة، وابن حبان)). وَقَالَ الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى كِتَاب ابن =
=الصَّلاح 1/ 291: ((حكم الأحاديث الَّتِي في كِتَاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بِهَا)). عَلَى أن الكِتَاب فِيهِ بَعْض مَا انتقد عَلَيْهِ.
(15) صحيحه (1372)، وطبعة الرسالة (1375)، وانظر الهامش السابق.
(16) المستدرك 1/ 165 - 166.
(17) هو أبو مُحَمَّد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشامي الأصل، ولد سنة (581 ه)، من مصنفاته " المعجم "، واختصر " صحيح مسلم " و " سنن أبي داود "، توفي سنة (656ه).
سير أعلام النبلاء 23/ 319 و 320، والعبر 5/ 232، وتذكرة الحفاظ 4/ 1436.
(18) عون المعبود 1/ 145.
(19) عَلَى أني قَدْ ذكرت هذِهِ المسألة في: " أثر علل الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء ": 216 - 222 بتفصيل أخصر من هَذَا.
(20) الموطأ برواية الليثي 1/ 109 (164)، ومن طريق مَالِك أخرجه البُخَارِيّ 1/ 65 (222)، وأخرجه الحميدي (164)، وأحمد 6/ 46 و 212، والبخاري 7/ 108 (5468)، وَمُسْلِم 1/ 164 (286)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 157، وَفِي الكبرى (284) (292)، والطحاوي 1/ 93،والبيهقي 2/ 414.
(21) مُسْنَد أحمد 6/ 52 و 210، وصحيح مُسْلِم 1/ 164 (286)، وسنن ابن ماجه (523).
(22) هي أم قيس بنت محصن بن حرثان الأسدية أخت عكاشة بن محصن أسلمت بمكة وهاجرت.
أسد الغابة 5/ 609 - 610، وتهذيب الكمال 8/ 600 (8595)، والإصابة 4/ 485.
(23) موطأ الإِمَام مَالِك برواية الليثي (165)، وأخرجه أيضاً البُخَارِيّ 1/ 66 (223) و 7/ 161
(5693)، وَمُسْلِم 1/ 164 (287) و 7/ 24 (287) (86)، والحميدي (343)، وأحمد 6/ 355 و 356، والدارمي (747)، وأبو دَاوُد (374)، وابن ماجه (524)، والترمذي (71)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 157، وَفِي الكبرى (291)، وابن خزيمة (285) و (286)، وأبو عوانة 1/ 202، والطحاوي 1/ 92، والطبراني في الكبير 25/ (436) و (437) و (438) و (439) و (440) و (441) و (443) و (444)، والبيهقي 2/ 414.
(24) هُوَ أبو السمح، خادم رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم، قِيلَ اسمه: زياد، صَحَابِيّ، حديثه عند أبي دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ وابن ماجه.تهذيب الكمال 8/ 328 (8009)، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 175، والتقريب (8147).
(25) في سننه (376).
(26) في سننه (526).
(27) في المجتبى 1/ 158، وَفِي الكبرى (293).
(28) صحيحه (283).
(29) في سننه 1/ 130.
(30) هو جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمان بن يوسف القضاعي الكلبي، ولد سنة (654ه)، من مصنفاته " تهذيب الكمال " و " الأطراف "، توفي سنة (742 ه).
=تذكرة الحفاظ 4/ 1498 و 1500، والدرر الكامنة 4/ 457، وشذرات الذهب 6/ 136.
والحديث أخرجه في تهذيب الكمال 8/ 328
(31) المبسوط 1/ 92 - 93، وبدائع الصنائع 1/ 87، والاختيار 1/ 36، وفتح القدير 1/ 134، وحاشية الدر المختار 1/ 310.
(32) المدونة الكبرى 1/ 24، والمنتقى 1/ 44 - 45، والاستذكار 1/ 402 - 403، وبداية المجتهد 1/ 61 - 62.
(33) شرح معاني الآثار 1/ 92، وما بعدها.
¥(13/163)
(34) فقه الإمام سعيد بن المسيب 1/ 37
(35) هو الحافظ أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد التجيبي الذهبي الباجي ولد سنة (403 ه) من مصنفاته " المنتقى في الفقه " و " المعاني في شرح الموطأ " و " الاستيفاء "، توفي سنة (474 ه).
وفيات الأعيان 2/ 408، وتذكرة الحفاظ 3/ 1178 و 1180، وشذرات الذهب 3/ 344.
(36) المنتقى شرح الموطأ 1/ 128.
(37) شرح صَحِيْح مُسْلِم 1/ 583 - 584.
(38) المغني 1/ 734 - 735، والحاوي 2/ 320 - 321، والتهذيب 1/ 206.
(39) المحلى 1/ 101.
(40) صَحِيْح البخاري 1/ 65 (218) و 2/ 119 (1361) و 2/ 124 (1378) و 8/ 20 (6052)، وصحيح مُسْلِم 1/ 166 (292). وأخرجه أحمد 1/ 225، وعبد بن حميد (620)، والدارمي
(745)، وأبو دَاوُد (20)، والترمذي (70)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 28 و 4/ 116 وَفِي الكبرى (27) و (2195) و (2196) و (11613)، وابن ماجه (347)، وابن خزيمة (55) و (56).
(41) المُسْنَد 2/ 326 و 388 و 389.
(42) في سننه (348).
(43) كَمَا ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح 1/ 336، وَهُوَ لَيْسَ في المطبوع من صَحِيْح ابن خزيمة، فلعله مِمَّا سقط من المطبوع، لَكِنْ الحافظ ابن حجر فاته أن يعزوه لابن خزيمة في " إتحاف المهرة " 14/ 485 و15/ 520 وَلَمْ يتنبه المحققون عَلَى ذَلِكَ.
(44) في سننه 1/ 128.
(45) المستدرك 1/ 183.
(46) نقله عَنْهُ التِّرْمِذِي في علله الكبير: 45 (37).
(47) كشف الأستار (243).
(48) في الكبير 11/ (11104) و (11120).
(49) في سننه 1/ 128.
(50) المستدرك 2/ 183 - 184.
(51) المغني 1/ 734، وروضة الطالبين 1/ 31، وحاشية الجمل 1/ 188 - 189.
(52) المجموع 2/ 590، وحاشية الجمل 1/ 188 - 189.
(53) المصدر السابق.
(54) السُّنَن الكبرى 2/ 416.
(55) المجموع 2/ 590.
(56) أثر علل الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء: 216 - 221.
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[15 - 08 - 06, 03:40 م]ـ
جوزيت خيرا أخي ماهر
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[16 - 08 - 06, 12:46 ص]ـ
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=986&select_page=2
ـ[الخبوبي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
ـ[نياف]ــــــــ[17 - 08 - 06, 03:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
ـ[ماهر]ــــــــ[17 - 08 - 06, 06:44 ص]ـ
وأنتم جميعاً جزاكم الله خيراً ونفع بكم، وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[جليسة القوم]ــــــــ[18 - 08 - 06, 02:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[18 - 08 - 06, 02:47 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
وهذه الدراسة نسختها لكم على ملف وورد ... لتعم الفائدة.
مع التنبيه أني لم أراجع النص بعد نسخه ... فمن رأى خطاء لم يأي في المتن الأصلي الموجود على الشبكة فليعلم عن ذلك الخطاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ماهر]ــــــــ[18 - 08 - 06, 08:42 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً، وأسأل الله أن ينفع بكم.
وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[عبد]ــــــــ[19 - 08 - 06, 08:47 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ ماهر. وجزاكم الله خيرا على عنايتكم العلمية الموفقة بكتاب "الهداية" الذي خرج في ثوب قشيب.
ـ[ماهر]ــــــــ[19 - 08 - 06, 01:12 م]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 01:47 م]ـ
الأستاذ الفاضل الدكتور (ماهر) حفظه الله
عندي سؤال أرجو التكرم بالجواب عنه، وهو:
هل للاختلاف في الرفع والوقف في هذا الحديث أثر؟
أعني أن هذا الحديث حتى لو كان موقوفا فإنه لا يقال من قبل الرأي، والعلماء يحكمون على الموقوف من هذا النوع بالرفع.
فما رأيكم بارك الله فيكم؟
ـ[ماهر]ــــــــ[19 - 08 - 06, 03:27 م]ـ
هذا الحديث صحيح مرفوعاً وموقوفاً، وأنا قلت عند آخر كلامي على الصناعة الحديثية لهذا الحديث: ((هكذا صَحّح الأئمة رفع هَذَا الحَدِيْث، مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ موقوفاً أيضاً؛ وهذا يدل عَلَى أن الحَدِيْث إذا صَحَّ رفعه، ووقفه، فإن الحكم عندهم للرفع، وَلاَ تضر الرِّوَايَة الموقوفة إلا إذا قامت قرائن تدل عَلَى أن الرفع خطأ)).
¥(13/164)
أما قضية أن الموقوف له حكم المرفوع هنا باعتبار أنه مما لا يقال بالرأي، فلا لأن مثل هذا قد يقال بالرأي والاجتهاد.
وقد تساهل قوم وقبلوا الرفع في كل ما اختلف فيه من الرفع والوقف، ولي في ذلك مقال سابق خذه:
تعارض الوقف و الرفع
الوقف: مَصْدَر للفعل وقف وَهُوَ مَصْدَر بمعنى المفعول، أي مَوْقُوْف 1.
والمَوْقُوْف: هُوَ مَا يروى عن الصَّحَابَة رضي الله عنهم من أقوالهم، أو أفعالهم ونحوها فيوقف عَلَيْهِمْ وَلاَ يتجاوز بِهِ إلى رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم. 2
والرَّفْع: مَصْدَر للفعل رَفَعَ، وَهُوَ مَصْدَر بمعنى المفعول، أي: مَرْفُوْع 3، والمَرْفُوْع: هُوَ مَا أضيف إلى رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم خَاصَّة 4
والاختلاف في بَعْض الأحاديث رفعاً ووقفاً أمرٌ طبيعي، وجد في كثيرٍ من الأحاديث، و الحَدِيْث الواحد الَّذِي يختلف بِهِ هكذا محل نظر عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ، وَهُوَ أن المُحَدِّثِيْنَ إذا وجدوا حديثاً روي مرفوعاً إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نجد الحَدِيْث عينه قَدْ روي عن الصَّحَابيّ نفسه موقوفاً عَلَيْهِ، فهنا يقف النقاد أزاء ذَلِكَ؛ لاحتمال كون المَرْفُوْع خطأً
من بَعْض الرواة و الصَّوَاب الوقف، أو لاحتمال كون الوقف خطأ و الصَّوَاب الرفع؛ إذ إن الرفع علة للموقوف و الوقف علة للمرفوع. فإذا حصل مِثْل هَذَا في حَدِيث ما، فإنه يَكُون محل نظر وخلاف عِنْدَ العُلَمَاء وخلاصة أقوالهم فِيْمَا يأتي:
إذا كَانَ السَّنَد نظيفاً خالياً من بقية العلل؛ فإنّ للعلماء فِيهِ الأقوال الآتية:
القَوْل الأول: يحكم للحديث بالرفع
لأن راويه مثبت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي؛ لأَنَّهُ علم ما خفي، وَقَدْ عدوا ذَلِكَ أيضاً من قبيل زيادة الثِّقَة، وَهُوَ قَوْل كَثِيْر من المُحَدِّثِيْنَ، وَهُوَ قَوْل أكثر أهل الفقه و الأصول 5، قَالَ العراقي: ((الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أن الرَّاوِي إذا رَوَى الحَدِيْث مرفوعاً وموقوفاً فالحكم للرفع، لأن مَعَهُ في حالة الرفع زيادة، هَذَا هُوَ المرجح عِنْدَ أهل الحَدِيْث)) 6.
القَوْل الثَّانِي: الحكم للوقف 7.
القَوْل الثَّالِث: التفصيل
فالرفع زيادة، و الزيادة من الثِّقَة مقبولة، إلا أن يوقفه الأكثر ويرفعه واحد، لظاهر غلطه 8.
والترجيح برواية الأكثر هُوَ الذي عَلَيْهِ العَمَل عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ؛ لأن رِوَايَة الجمع إذا كانوا ثقات أتقن وأحسن و أصح و أقرب للصواب؛ لذا قَالَ ابن المبارك: ((الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثةٌ: مَالِك ومعمر و ابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان عَلَى قولٍ أخذنا بِهِ، وتركنا قَوْل الآخر)) 9.
قَالَ العلائي: ((إن الجماعة إذا اختلفوا في إسناد حَدِيث كَانَ القَوْل فِيْهِمْ للأكثر عدداً أو للأحفظ و الأتقن ... ويترجح هَذَا أيضاً من جهة المَعْنَى، بأن مدار قبول خبر الواحد عَلَى غلبة الظن، وعند الاختلاف فِيْمَا هُوَ مقتضى لصحة الحَدِيْث أو لتعليله، يرجع إلى قَوْل الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط و السهو، وَذَلِكَ عِنْدَ التساوي في الحفظ والإتقان. فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قَوْل الأحفظ و الأكثر إتقاناً، وهذه قاعدة متفق عَلَى العَمَل بِهَا عِنْدَ أهل الحَدِيْث)) 10.
القَوْل الرابع: يحمل المَوْقُوْف عَلَى مَذْهَب الرَّاوِي، و المُسْنَد عَلَى أَنَّهُ روايته فَلاَ تعارض11. وَقَدْ رجح الإمام النَّوَوِيّ من هذِهِ الأقوال القَوْل الأول12، ومشى عَلَيْهِ في تصانيفه، و أكثر من القَوْل بِهِ.
والذي ظهر لي – من صنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ ونقادهم –: أنهم لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث الَّذِي اختلف فِيهِ عَلَى هَذَا النحو أول وهلة، بَلْ يوازنون ويقارنون ثُمَّ يحكمون عَلَى الحَدِيْث بما يليق بِهِ، فَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة المرفوعة، وَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة الموقوفة، عَلَى حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالروايات؛ فعلى هَذَا فإن حكم المُحَدِّثِيْنَ في مِثْل هَذَا لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية مطردة تقع تحتها جَمِيْع الأحاديث؛ لِذلِكَ فإن مَا أطلق الإمام النَّوَوِيّ ترجيحه يمكن أن يَكُون مقيداً عَلَى النحو الآتي:
¥(13/165)
الحكم للرفع - لأن راويه مثبت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي؛ لأَنَّهُ علم مَا خفي -، إلا إذَا قام لدى الناقد دليل أو ظهرت قرائن يترجح معها الوقف.
1 انظر: لسان العرب 9/ 360 (وقف).
2 انظر في الموقوف:
مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث:19، والكفاية (58 ت، 21ه*)، والتمهيد 1/ 25، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 41 - 42،و117 طبعتنا، والإرشاد 1/ 158، و التقريب: 51، 95 طبعتنا، و الاقتراح 194، و المنهل الروي:40،و الخلاصة:64،و الموقظة: 41، و اختصار علوم الحَدِيْث: 45، و المقنع 1/ 114، وشرح التبصرة و التذكرة 1/ 123،و1/ 184 طبعتنا، ونزهة النظر:154،و المختصر: 145،وفتح المغيث 1/ 103، وألفية السيوطي 21، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 146، وفتح الباقي 1/ 123، 1/ 177 طبعتنا، وتوضيح الأفكار 1/ 261، وظفر الأماني: 325، وقواعد التحديث: 130.
3 انظر: مقاييس اللغة 2/ 423، مادة (رفع).
4 انظر: في المَرْفُوْع:
الكفاية (58ت، 21ه*)، و التمهيد 1/ 25، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 117 طبعتنا وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 157، و التقريب 50، و 94 طبعتنا، و الاقتراح: 195، و المنهل الروي: 40،
والخلاصة:46، والموقظة: 41، و اختصار علوم الحَدِيْث: 45، و المقنع 1/ 113، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 116، و1/ 181 طبعتنا، ونزهة النظر: 140، و المختصر: 119، وفتح المغيث 1/ 98، و ألفية السيوطي: 21، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 143، وفتح الباقي 1/ 116، و1/ 171 طبعتنا، وتوضيح الأفكار 1/ 254، وظفر الأماني: 227، وقواعد التحديث 123.
5 شرح التبصرة و التذكرة 1/ 177، و 1/ 233 طبعتنا، ومقدمة جامع الأصول 1/ 170،
وفتح المغيث 1/ 194، و المحصول 2/ 229 - 230، و الكفاية (588ت-417ه*)، شرح ألفية
السيوطي 29.
6 فتح المغيث 1/ 168 ط عَبْد الرحمان مُحَمَّد عُثْمَان، و 1/ 195 ط عويضة.
7مقدمة جامع الأصول 1/ 170، فتح المغيث 1/ 194، شرح ألفية السيوطي: 29.
8 شرح التبصرة والتذكرة 1/ 179، 1/ 233 طبعتنا، وفتح المغيث 1/ 195، وشرح ألفية السيوطي:29.
9 نقله عَنْهُ النَّسَائِيّ في السُّنَن الكبرى 1/ 632 عقيب (2072)، ونقله عَنْهُ العلائي في نظم الفرائد:
367 بلفظ: ((حُفَّاظ علم الزُّهْرِيّ ثلاثة: مَالِك ومعمر وابن عيينة، فإذا اختلفوا أخذنا بقول رجلين مِنْهُمْ)).
10 نظم الفرائد: 367.
11 فتح المغيث 1/ 168 ط عَبْد الرحمان مُحَمَّد، و 1/ 195 ط عويضة.
12 مقدمة شرح النَّوَوِيّ عَلَى صَحِيْح مُسْلِم 1/ 25، و التقريب: 62 - 63، و 107 - 108 طبعتنا، والإرشاد 1/ 202.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 01:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 06:59 م]ـ
سؤال للشيخ ماهر: أحسن الله إليكم سمعت أن لكم بحثا في الإدراج، فأين أجده؟ خاصة و أننا لا نجد بحثا شافيا في الادراج.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[20 - 08 - 06, 08:07 م]ـ
سؤال للشيخ ماهر: أحسن الله إليكم سمعت أن لكم بحثا في الإدراج، فأين أجده؟ خاصة و أننا لا نجد بحثا شافيا في الادراج.
http://saaid.net/book/search.php?PHPSESSID=dc65863535e2819ee5f0629b96b60 fa6&do=all&u=%E3%C7%E5%D1+%ED%C7%D3%ED%E4
على الرابط المشار اليه أعلاه تجد أعمال الشيخ حفظه الله تعالى الموجودة على الشبكة.
وبحث الادراج تجده ان شاء الله في ((بحوث في المصطلح)).
ووضعت لك الرابط لكي تستفيد من كافة أعمال الشيخ ... فهي مفيدة, بارك الله في الشيخ و نصر اخواننا في العراق.
والله المستعان
ـ[العيدان]ــــــــ[20 - 08 - 06, 09:42 م]ـ
بارك الله فيكم ..
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 10:01 م]ـ
يرفع
ـ[أبو البراء]ــــــــ[31 - 10 - 06, 09:31 ص]ـ
أفدت وأجدت.
لكن أين كلامك عن حديث أبي السمح لاسيما وأنه مرفوع بل ويذكر في الباب قبل حديث علي؟
ـ[أبو عبدالرحمن الجزائري الأثري]ــــــــ[19 - 02 - 08, 06:05 م]ـ
جزاك الله خيرا يا ماهر لهذا البحث القيم ..
و لكن عندي سؤال أو تنبيه:
آ ليس قتادة مدلس و لو كان ثقة ثبت؟! .. و قد عنعن في كل الأسانيد .. !!!
و سؤال أيضا:
هل ثبت صحبة أبي السمح؟
جزاك الله خيرا
ـ[أبو الفتح محمد]ــــــــ[22 - 02 - 08, 03:03 م]ـ
أخى تدليس قتادة هو الارسال الخفى وليس التدليس بالمعنى المشهور
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[24 - 02 - 08, 09:35 ص]ـ
أما قضية أن الموقوف له حكم المرفوع هنا باعتبار أنه مما لا يقال بالرأي، فلا لأن مثل هذا قد يقال بالرأي والاجتهاد
الشيخ الفاضل ماهر هل تقصد بقولك:"فلا لأن مثل هذا قد يقال بالرأي والاجتهاد":
((ينضح من بول الغلام، ويغسل بول الجارية)).
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 02 - 08, 01:19 ص]ـ
أخى تدليس قتادة هو الارسال الخفى وليس التدليس بالمعنى المشهور
قتادة عنده إرسال خفي وعنده تدليس بالمعنى المشهور كذلك.(13/166)
حول: (المرأة المتكلمة بالقرآن)!!!!
ـ[كاتب]ــــــــ[15 - 08 - 06, 11:37 ص]ـ
السلام عليكم
المتكلمة بالقرآن:
حكى عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى قال: خرجتُ حاجَّاً إلى بيت الله الحرام وزيارة نبيه عليه الصلاة والسلام، فبينما أنا في الطريق إذا أنا بسواد على الطريق، فتميزت ذاك فإذا هي عجوز، عليها درع من صوف، وخمار من صوف، فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقالت: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس: 58]، قال: فقلت لها: رحمك الله ما تصنعين في هذا المكان؟، قالت: (مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ) [الأعراف: 186]، فعلمت أنها ضالة عن الطريق، فقلت لها: أين تريدين؟، قالت: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) [الإسراء: 1]، فعلمت أنها قد قضت حجها وهي تريد بيت المقدس، فقلت لها: أنت منذ كم في هذا الموضع؟ قالت: (ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا) [مريم: 10]، فقلت: ما أرى معك طعاما تأكلين!، قالت: (هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) [الشعراء: 79]، فقلت: فبأي شيء تتوضئين؟، قالت: فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا. (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [النساء: 43]، فقلت لها: إنّ معي طعام فهل لك في الأكل؟، قالت: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: 187]، فقلت: قد أبيح لنا الإفطار في السفر، قالت: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 184]، لم لا تكلميني مثل ما أكلمك؟، قالت: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18]، فقلت: فمن أي الناس أنت؟، قالت: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36]، فقلت: قد أخطأت فاجعليني في حل، قالت: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 92]، فقلت: فهل لك أن أحملك على ناقتي فتدركي القافلة؟، قالت: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) [البقرة: 197]، قال: فأنخت الناقة، قالت: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) [النور: 30]، فغضضت بصري عنها، وقلت لها: اركبي، فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة، فمزقت ثيابها فقالت: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: 30]، فقلت لها: اصبري، قالت: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) [الزخرف: 13 - 14]، قال فأخذت بزمام الناقة، وجعلت أسعى وأصيح، فقالت: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) [لقمان: 19]، فجعلت أمشي رويدا رويدا، وأترنم بالشعر، فقالت: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ) [المزمل: 20]، فقلت لها: لقد أوتيتِ خيرا كثيرا، قالت: (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [البقرة: 269]، فلما مشيت بها قليلا قلت: ألك زوج؟، قالت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) [المائدة: 101]، فسكتُّ ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة، فقلت لها: هذه القافلة فمَن لك فيها؟، فقالت: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف: 46]، فعلمت أن لها أولاداً، فقلت: وما شأنهم في الحج؟، قالت: (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) [النحل: 16]، فعلمت أنهم أدلَّاء الركب؛ فقصدتُ القباب والعمارات، فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟، قالت: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) [النساء: 125]، (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) [النساء: 164]، (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) [مريم: 12]، فناديت: يا إبراهيم! يا موسى! يا يحيى!، فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا، فلما استقر بهم الجلوس قالت: (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) [الكهف: 19]، فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يديَّ، فقالت: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) [الحاقة: 24]، فقلت: الآن طعامكم عليَّ حرام حتى تخبروني بأمرها، فقالوا: هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن؛ مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن، فسبحان القادر على ما يشاء. فقلت: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد: 21] ..
ما أردتُ التنبيه عليه هنا .. هو ما ذكره أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في " صفة الصفوة " فقد ذَكَرَ حكاية مماثلة لهذه العابدة، ثم قال رحمه الله: هذه امرأة صالحة المقصد إلا أنها لقلة علمها لم تدر أن هذا الفعل منهي عنه؛ لأنها استعملت القرآن فيما لم يُوضَع له. قال ابن عقيل: لا يجوز أن يُجعل القرآن بدلاً من الكلام؛ لأنه استعمال له في غير ما وضع له، كما لو أراد استعمال المصحف في الوزن به أو توسُّده. قال: ويُكره الصمت إلى الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صمت يوم إلى الليل.
وانظر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=453766#post453766
¥(13/167)
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[16 - 08 - 06, 12:45 ص]ـ
وقد تكلم عنها أصحاب سلسة قصص لا تثبت.
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 10:03 م]ـ
يرفع(13/168)
إكمال الزوائد في الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 12:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام أهل الحديث .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في المرفقات بحث حديثي كتبته في مسألة حجية خبر الآحاد في العقائد والعبادات وأوردت فيه أسطع الأدلة ظهوراً عندي في تثبيت حجية خبر الآحاد.
أرجو مطالعة البحث وأنا في انتظار تعليقاتكم إن شاء الله
ملحوظة: لم أستكمل بعد قائمة المراجع .. أستكملها قريباً إن شاء الله
جزاكم الله خيراً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 01:19 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل على هذا البحث
وإن كان لي وجهة نظر في هذه المسألة، فإن أكثر من يتكلم فيها لا يحرر موضع النزاع بدقة؛
فإن الإشكال في هذه المسألة يقع من اختلاط الألفاظ والاصطلاحات وعدم التدقيق فيها
فمثلا قولنا (العقيدة) هل المقصود بها ما يعتقده الإنسان دينا، أو المقصود بها ما يقطع به ويجزم جزما لا مرية فيه؟
وكذلك قولنا (العلم) هل المقصود به ما يراه الإنسان صوابا، أو المقصود به اليقين الذي لا يتطرق إليه شك؟
فهناك فرق بين قولنا (حديث الآحاد تؤخذ منه العقائد) وقولنا (حديث الآحاد يدل على العلم القطعي)، فالعبارة الأولى صحيحة موافقة لمنهج السلف، ولكن العبارة الثانية غير صحيحة ومخالفة لمنهج السلف.
وكذلك العلم فإنه يطلق على الظن الراجح كما قال تعالى {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}، {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار}، فإننا لا نقطع بإيمانهن في نفس الأمر، ولكن نحكم على ما يظهر لنا، ومن حكم بإيمانهن على ما يظهر منهن فقد حكم بعلم، ولم يتخرص بالظن، ولكن القطع بإيمانهن في نفس الأمر غير ممكن.
وأراك يا أخي الكريم قد ذكرتَ كلام ابن حزم على أنه مذهب السلف، وهذا خطأ واضح، فجماهير أهل العلم يخالفون ابن حزم في كلامه هذا، والخطأ عنده في الإطلاق.
فلو كان خبر الواحد بذاته يفيد العلم اليقيني ما جاء عن الصحابة تخطئة بعضهم بعضا في رواية بعض الأحاديث، كما جاء عن عائشة في تخطئة أبي هريرة وتخطئة ابن عمر وغير ذلك.
ولو كان خبر الواحد يفيد العلم اليقيني ما طلب عمر بن الخطاب شهادة الصحابة على من حدثه بخبر الاستئذان.
ولكن خبر الواحد يفيد العلم الذي هو بمعنى الظن الراجح، ومن عمل بالظن الراجح فقد عمل بما أمره الله به.
ولكن قد تقوم في ذهن المجتهد عوارض وشبهات تقدح في هذا الأمر فيحتاج إلى التثبت كما فعل عمر بن الخطاب وغيره، ولو كان الخبر في نفسه يفيد العلم اليقيني لم يُحْتَج إلى التثبت فيه طرفة عين.
وأما ما ذكرتَه عن إفادة الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول العلمَ القطعي فهو خلاف المسألة التي تتكلم عنها أصلا؛ بل هي دليل على ضد ما ذهبت إليه؛ لأن خبر الواحد بذاته لو كان يفيد العلم القطعي ما احتاج إلى تلقي الأمة له بالقبول حتى يوجب العلم القطعي.
وابن حزم لم يشترط تلقي الأمة بالقبول لإفادة الخبر العلم، فهو عنده يفيد العلم القطعي بذاته، وهذا خلاف منهج السلف.
وفقكم الله وسدد خطاكم
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 03:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أخي الكريم أبو مالك العوضي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً كثيراً أخي على تعليقاتك وبارك لك .. وأتمنى أن يقوم باقي الأخوة الأفاضل بالمشاركة لتصحيح ما أخطأت فيه إن شاء الله.
بالنسبة لمسألة إفادة خبر الواحد العلم القطعي فقد أوردت كلا القولين في البحث .. قول القائلين بأن خبر الواحد يفيد العلم القطعي مطلقاً .. وقول من قال أنه يفيد العلم القطعي إذا احتفت به القرائن ونقلت قول شيخ الإسلام ابن تيمية في نقل أن ذلك المذهب هو مذهب السلف كما قال ابن كثير.
وإنني لم أقتصر على إبراز أيهما بل كان غرضي من ذلك إبراز المسألة في أن حديث الآحاد يحتج به في العقيدة والعمل .. سواءاً أخذنا بقول هذا الفريق أو ذاك.
جزاك الله خيراً أخي .. وأرجو ألا تبخل علينا بمزيد من المشاركة والتصحيح
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(13/169)
أبو الزبير مدلس بشهادة الأئمة وبيان بعض الأحاديث التي دلسها.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 02:11 م]ـ
الحمد لله وكفى:
قرأت عدة مواضيع متعلقة بتدليس أبي الزبير والخلاف المثار في ذلك فأحببت أن أدلي معهم بدلوي بأن أذكر ما وقفت عليه من وصف بعض الأئمة له بالتدليس وبعض الأحاديث التي ظهر لي أنه دلسها دلسها.
وهذا البحث جزء من شرحي للموقظة للإمام الذهبي وللبحث تتمة إن احتاج المقام لها نقلتها.
وصف أبي الزبير بالتدليس كل من الأئمة:
النسائي، وأحمد، ويحيى القطان، حتى قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ: [وقال غير واحد هو مدلس فإذا صرح بالسماع فهو حجة]، وذكره ابن أبي حاتم في كتابه " المراسيل ".
قال الإمام النسائي في سننه الكبرى (1/ 640): [قال أبو عبد الرحمن: أبو الزبير اسمه محمد بن مسلم بن تدرس مكي كان شعبة سيئ الرأي فيه، وأبو الزبير من الحفاظ روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب ومالك بن أنس، فإذا قال: سمعت جابرا فهو صحيح، وكان يدلس، وهو أحب إلينا في جابر من أبي سفيان وأبو سفيان هذا اسمه طلحة بن نافع وبالله التوفيق].
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/ 74): [قال النسائي: ذكر المدلسين: الحسن، قتادة، حجاج بن أرطاة، حميد سليمان التيمي، يونس بن عبيد، يحيى بن أبي كثير، أبو إسحاق، الحكم بن عتيبة، مغيرة، إسماعيل بن أبي خالد، أبو الزبير، ابن أبي نجيح، ابن جريج، ابن أبي عروبة، هشيم، سفيان بن عيينة. وزدت أنا: الأعمش، مكحول، بقية بن الوليد، الوليد بن مسلم، وآخرون].
قال الشيخ سليم الهلالي في كفاية الحفظة (ص/ 56): [ونقل ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام " عن الإمام أحمد ويحيى القطان: أن تدليس أبي الزبير معروف، ولا يعتبر في روايته عن جابر إلا ما صرح فيه بالسماع: " وقد نعى يحيى القطان وأحمد بن حنبل على أن ما لم يقل فيه " حدثنا جابر " لكن: " عن جابر " بينهما فيه فياف، فاعلم ذلك "].
واختار طائفة من العلماء أنه مدلس، ولم يقبلوا من روايته إلا ما صرح فيه بالسماع، أو ما كان من رواية الليث بن سعد عنه، ولو كان معنعناً.
منهم ابن حزم في الإحكام، والمحلى، وإن كان كلامه يحتاج لتحرير، و عبد الحق الأشبيلي كما نقله عنه الزيلعي في نصب الراية (2/ 122، 277)، وغيره، وابن القطان كما في بيان الوهم والإيهام، وابن عبد الهادي كما في طبقات علماء الحديث (1/ 204)، وابن القيم كما في زاد المعاد (2/ 276)، والبوصيري كما في مصباح الزجاجة (2/ 6)، وابن حجر كما في مراتب المدلسين (ص/101)، وأعل بعنعنته في نتائج الأفكار (1/ 102)، وفتح الباري (9/ 536، 12/ 92)، وظفر التهانوي في قواعد التحديث (ص/464)، وغيرهم.
ووصفه أيضاً العلائي في جامع التحصيل (ص/110)، وأبو الوفا الحلبي في التبيين لأسماء المدلسين (ص/200) بأنه مشهور بالتدليس.
بيان قصة أبي الزبير التي هي العمدة في وصفه بالتدليس، واعترافه على نفسه بذلك:
روى العقيلي في الضعفاء في ترجمة أبي الزبير بإسناده عن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث بن سعيد قال قدمت مكة فجئت أبا الزبير فرفع إلي كتابين وانقلبت بهما ثم قلت في نفسي لو عاودته فسألته أسمع هذا كله من جابر فقال منه ما سمعت ومنه ما حدثناه عنه فقلت له أعلم أبي على ما سمعت فأعلم لي على هذا الذي عندي.
ووجه الاستدلال بهذه القصة على تدليس أبي الزبير أن ظاهرها أن رواية أبي الزبير كانت عن جابر في هذين الكتابين بلا واسطة، وأن الليث بن سعد لما راجعه بَيَّن له أن هناك وسائط بينه وبين جابر في بعض هذه الأحاديث، ولم يكن قد ذكرها في هذين الكتابين. فلو أن الليث كان لم يتثبت ولم يراجعه لرواها عنه مناولة بدون وسائط بين أبي الزبير، وجابر - رضي الله عنه -.
بيان ما وقفت عليه من أحاديث التي تثبت تدليس أبي الزبير:
روى الترمذي في فضائل القرآن، والنسائي في عمل اليوم والليلة، وغيرهما من طريق الليث بن أبي سليم، والمغيرة بن مسلم، وغيرهما عن أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه – قال: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك)
¥(13/170)
وروى النسائي في عمل اليوم والليلة (1/ 432) قال: أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن قال حدثنا زهير قال: سألت أبا الزبير أسمعت جابرا يذكر أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل وتبارك. قال: ليس جابر حدثنيه، ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان (1).
قال الترمذي في سننه عقب إشارته لهذه الرواية: [وكأن زهيرا أنكر أن يكون هذا الحديث
عن أبي الزبير عن جابر].
ومن توسع في تخريج طرق رسالة " أبي الزبير عن غير جابر " لأبي الشيخ، لعله يقف على أشياء تثبت تدليس أبي الزبير، ولعل الوقت يتسع – إن شاء الله - بعد ذلك لهذا الأمر، وقد وقفت من خلال النظرة السريعة على مثالين في هذه الرسالة (2):
1 - ما رواه أبو الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له انك أنت ظالم فقد تودع منهم) فأبي الزبير لم يسمع من عبد الله بن عمرو كما قال أبو حاتم في المراسيل، وقال: يحيى بن معين: لم يسمع من عبد الله بن عمرو ولم يره، وقال ابن عدي أيضا: [وأبو الزبير عن عبد الله بن عمرو يكون مرسلا وقد رواه أبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو]. فقد صرح هنا بالواسطة بين أبي الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو: عمرو بن شعيب.
2 - ما رواه أبو الزبير عن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل، وقال البيهقي: [وأبو الزبير سمع من بن عباس وفي سماعه من عائشة نظر قاله البخاري]، وهذا ما يطلقون عليه تدليس العطف.
-------------------
1 - قال د. صالح بن رضا في صحيفة أبي الزبير: وأبو داود وهو الإمام صاحب السنن والحسن أظنه: ابن موسى الأشيب وهو ثقة، فيكون الإسناد صحيحاً.
2 - وهذا بناء على رأي من لم يفرق بين المرسل الخفي والتدليس.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 07 - 07, 09:41 ص]ـ
بارك الله بك
ـ[أبو هاجر آل عناني]ــــــــ[25 - 07 - 07, 08:00 م]ـ
أحسن الله إليكم،،
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[25 - 07 - 07, 09:11 م]ـ
أرجو أن يطلع الشيخ الفاضل / أبو محمد أحمد بن شحاتة الألفي السكندري على هذه المشاركة ليقوم بالرد عليها بما يراه صوابا.
فقد حادثته مرة بعد صلاتي الجمعة خلفه بمسجده - البخاري - بعد إسناده حديثا جاء فيه:
أبو الزبير عن جابر.
ولما كنت أعلم بعضا ممن ذكره أخونا الفاضل هنا، فقد سألت عنه الشيخ أحمد فكان رده عنيفا، إذ كيف أقول هذا خاصة وأبو الزبير من رجال مسلم .. الخ ما قاله حفظه الله تعالى.
وكان في نفسي: هل كون أبي الزبير مدلسا - وهذا معلوم بالنقل - هل يطعن هذا في الإمام مسلم أو في رجال مسلم أو .. أو .. أو .. ؟
أرجو أن يقوم الشيخ الفاضل بالرد لنتعلم الصواب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[25 - 07 - 07, 09:25 م]ـ
وجهة نظر أخي المنياوي غير صحيحة
الكلام الذي نقله القطان عن أحمد وابن معين وغيرهم هو عند ابن خلفون في اسماء شيوخ مالك وفي سنده كذاب
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 07 - 07, 09:36 م]ـ
تنبيه:
(1 - قال د. صالح بن رضا في صحيفة أبي الزبير: وأبو داود وهو الإمام صاحب السنن والحسن أظنه: ابن موسى الأشيب وهو ثقة، فيكون الإسناد صحيحاً)
أبو داود هو سليمان بن سيف الحراني
والحسن هو الحسن بن محمد بن أعين الحراني
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 07 - 07, 07:21 ص]ـ
استدراك وجيه
لكن كيف ترى وفقك الله حال الحسن بن محمد بن أعين؟
ـ[أشرف بن صالح العشري]ــــــــ[27 - 07 - 07, 01:16 م]ـ
تنبيه:
(1 - قال د. صالح بن رضا في صحيفة أبي الزبير: وأبو داود وهو الإمام صاحب السنن والحسن أظنه: ابن موسى الأشيب وهو ثقة، فيكون الإسناد صحيحاً)
أبو داود هو سليمان بن سيف الحراني
والحسن هو الحسن بن محمد بن أعين الحراني
وَمِمَّا يؤكِّدُ هَذَا مَا خَرَّجَهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ الْلَّهِ الجَزَرِيِّ مِنَ ((الكَامِلِ)) [6/ 453]، قَالَ: ((وَلِمَعْقِلٍ هَذَا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نُسْخَةٌ يَرْوِيْهَا عَنْهُ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ مَعْقِلٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ شَبِيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَن بِهَذِهِ النُّسْخَةِ)).
وَالحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ الحَرَّانِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِنْ رِجَالِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفِ بْنِ يَحْيَى الحَرَّانِيُّ، وهو ثِقَةٌ، حَافِظٌ، وَغَيْرُهُ.
¥(13/171)
ـ[منصور الكعبي]ــــــــ[28 - 07 - 07, 12:44 م]ـ
سألت بعض المشايخ كالشيخ العلامة الدكتور أحمد معبد والشيخ مجد مكي عن تدليس أبي الزبير فأحالاني على ماكتبه الشيخ عوامة على الكاشف فاذا به نقل بحث محمود سعيد ممدوح من كتابه تنبه المسلم في نفي التدليس عن أبي الزبير المكي مع الاعتراف لمحمود سعيد بالصواب ثم وقع بيدي بحث الدكتور رضا فوجدته ايضا ناقلا من تنبيه المسلم، فأرجو من الاخوة التعقيب والبيان وعلمت أن أول من منع التدليس عن أبي الزبير من المعاصرين هو محمود سعيد وهو الذي أثار هذه الزوبعة، فوجب الرجوع لكلامه والتعقيب عليه، ولماذا وافقه عوامة ونقل منه وأثنى على كلامه؟
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[28 - 07 - 07, 05:45 م]ـ
سألت بعض المشايخ كالشيخ العلامة الدكتور أحمد معبد والشيخ مجد مكي عن تدليس أبي الزبير فأحالاني على ماكتبه الشيخ عوامة على الكاشف فاذا به نقل بحث محمود سعيد ممدوح من كتابه تنبه المسلم في نفي التدليس عن أبي الزبير المكي مع الاعتراف لمحمود سعيد بالصواب ثم وقع بيدي بحث الدكتور رضا فوجدته ايضا ناقلا من تنبيه المسلم، فأرجو من الاخوة التعقيب والبيان وعلمت أن أول من منع التدليس عن أبي الزبير من المعاصرين هو محمود سعيد وهو الذي أثار هذه الزوبعة، فوجب الرجوع لكلامه والتعقيب عليه، ولماذا وافقه عوامة ونقل منه وأثنى على كلامه؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد أردت أن يتدخل الشيخ الفاضل أبو محمد أحمد بن شحاتة الألفي السكندري فيدلي بدلوه في هذه المسألة، خاصة وقد صرحت في مشاركتي السابقة بأنني قمت بسؤاله عن أبي الزبير وتدليسه فنفى ذلك مستدلا بأنهمن رجال مسلم ... الخ ما قاله.
فأحببت أن يطلع على هذه المشاركات ونعرف وجهة نظره، لكنه قدر الله، وعسى أن يفعل بإذن الله تعالى.
أما عن قول أخينا المشارك وعلمت أن أول من منع التدليس عن أبي الزبير من المعاصرين هو محمود سعيد
فما قوله الآن بكلام الشيخ أحمد شحاتة؟ والشيخ موجود بالإسكندرية، فليسأله.
وإليكم ما قاله شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في كتابه " طبقات المدلسين ":
" (ع محمد) بن مسلم بن تدرس المكي، أبو الزبير، من التابعين، مشهور بالتدليس، ووهم الحاكم في كتاب علوم الحديث فقال في سنده: وفيه رجال غير معروفين بالتدليس، وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس " انتهى كلام الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله تعالى.
وأعتقد - والله أعلم - أن هذا الكتاب من عمدة المحدثين في اعتبارهم المدلس من غير المدلس.
وليدل كل ذي دلو بدلوه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[05 - 08 - 07, 06:34 م]ـ
ما قول الشيخ أحمد شحاتة - حفظه الله تعالى - في مشاركات الإخوة بشأن أبي الزبير؟
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[05 - 08 - 07, 08:48 م]ـ
وجهة نظر أخي المنياوي غير صحيحة
الكلام الذي نقله القطان عن أحمد وابن معين وغيرهم هو عند ابن خلفون في اسماء شيوخ مالك وفي سنده كذاب
ما أطنك أنصفت أخي الكريم:
أولا: لم تنقل لنا الإسناد ولا بينت من هذا الكذاب.
ثانيا: عممت حكمك مع عدم استيعابك لكل كلامي، وليتك تقعل لنستفيد من النقاش العلمي.
وقد ذكرت طائفة من العلماء وصفوا أبا الزبير بالتدليس ومنهم: الأئمة: النسائي، وأحمد، ويحيى القطان، وابن أبي حاتم.
كما أختار هذا القول طائفة من العلماء منهم: الذهبي - ابن حزم - الأشبيلي - ابن القطان - ابن عبدالهادي - ابن القيم - البوصيري - ابن حجر - التهانوي - العلائي - أبو الوفاء، وغيرهم.
ثم ذكرت لك ثلاثة احاديث تؤكد وجهة نظري فليتك أو غيرك تناقش ذلك مناقشة موضوعية.
والله الموفق.,
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[06 - 08 - 07, 12:01 م]ـ
تنبيه:
(1 - قال د. صالح بن رضا في صحيفة أبي الزبير: وأبو داود وهو الإمام صاحب السنن والحسن أظنه: ابن موسى الأشيب وهو ثقة، فيكون الإسناد صحيحاً)
أبو داود هو سليمان بن سيف الحراني
والحسن هو الحسن بن محمد بن أعين الحراني
جزاكم الله خيرا تعقب جيد، ولكنه لا يؤثر على النتيجة.
فالإسناد صحيح أيضا.
أبو داود سليمان بن سيف الحراني قال عنه ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ، وقال عنه الذهبي في الكاشف: الحافظ.
والحسن بن أعين قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، وقال عنه الذهبي في الكاشف: ثقة.
والله الموفق.
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[06 - 08 - 07, 01:15 م]ـ
أنت لم تنصف أبا الزبير
وكيف تنقل عن الأئمة أنه مدلس ولاتذكر أن السند فيه كذاب؟
اختصارا انقل لنا سند ابن القطان الذي اعتمد عليه في نقل كلام الأئمة في أن أبا الزبير مدلس؟
فسيتبن لك أنك استعجلت واعتمدت على سند فيه كذاب
ننتظر
ـ[ابن السائح]ــــــــ[06 - 08 - 07, 02:43 م]ـ
نعم هو متهم بالكذب
وتجد نقله في أسماء شيوخ مالك ص212 - 213 لابن خلفون
وانظر http://www.alukah.net/majles/showpost.php?p=38962&postcount=8
¥(13/172)
ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[06 - 08 - 07, 04:21 م]ـ
قال الشيخ عبدالعزيزالطريفي نفع الله به في شرحه للمحرر:
هذا الحديث رواه الإمام مسلم من حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث هو من رواية أبي الزبير عن جابر بن عبدالله عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث هو من رواية أبي الزبير عن جابر بن عبدالله وقد أتهم أبي الزبير بتدليس فيما يرويه عن جابر بن عبدالله كما نقله عنه الفسوي في كتابه التاريخ وكذلك ابن عدي في كتابه الكامل عن الليث عن أبي الزبير انه سأله أكلُ حديثك سمعته من جابر بن عبدالله قال لا قال وفي ذلك دلالة على أنه يدلس من حديثه وكذلك قد وصفه بتدليس النسائي كما في سننه.والتحقيق في هذا أن أبي الزبير لم يروي شيء مما لم يسمعه عن جابر إلا لبيان الواسطة أما ما يرويه عن جابر بن عبدالله بلا واسطة فهذا لا يثبت عنه من وجه و معلوم أن التدليس عند العلماء يثبت من وجهين:أولهما – ان يروي المدلس حديثاً عن من لم يسمع منه ويثبتمن وجه آخر ... الواسطة. الأمر الثاني – أن ينص أماماً معتبر على أنه قد دلس في مرويته هذه من الأئمة المتقدمين الذين قد سبرو المرويات و عاينو الرواة وشاهدوهم وأما ما يتعلق به البعض بأن الليث قد وصف أبي الزبير بتدليس اذاً فهو مدلس و لا يقبلمنه حديثه إلا ما صرح فيه بسماع فهذا مردود من وجوه: أولها – ان أبي الزبير من المكثرين عن جابر بن عبدالله فإذا قيل أنه لا يُقبل من حديثه إلا ما رواه عنه الليث وهو الذي قد أُتمن حديثه منه اذ انه قد علّم على ما رواه بلا واسطة عن جابر بن عبدالله فان هذا أهدارٌ لحديثه و هو من المختصين بجابر بن عبدالله وأبو الزبير قد رواى عن جابر بن عبدالله من حديث الليث عنه نحو من سبع وعشرين حديثاً في الكتب الستة وأحاديثه عنه بالمئات وفي الأخذ بهذه القاعدة أهدارٌ لحديثه سواء بما صرح فيه بالسماع وشكك فيه بعضهم أو لم يصرح فيه بالسماع ورواه عنه غير الليث. الأمر الثاني – ان قصة الليث الاستدلال بها على ان فيها أثباتاً لرواية التدليس عند أبي الزبير عن جابر بن عبدالله فيها نظر وذلك ان هذا لايفهم منها كما جاء في رواية الفسوي في كتابه التاريخ حينما سأل الليث أبي الزبيرقال فحديثك عرضته على جابر بن عبدالله قال عن جابر وعن غيره وهذه العبارة فيها عموم وقد يكون بعضهم قد رواها بحسب تأويله أنها على التدليس. الأمرالثالث – وهو آكدها أنه لا يُحفظ عن أبي الزبير انه ما رواى عن جابر بن عبدالله حديثاً ثم ذكر الواسطة من وجه يثبت عنه من وجه آخر وأما ما يتعلق به بعضهم فيمايرويه النسائي من حديث ليث بن أبي سليم عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله في قرأه الرسول صلى الله عليه وسلم لسورة تبارك عند نومه قالوا أنه قد جاء من غير طريق ليث لذكر الواسطة انه لم يسمعه من جابر بن عبدالله فأنه يقال أن الرواية هذه لا تثبت عنأبي الزبير أصلاً حتى يحتج (كلام غير واضح في التسجيل) تباين الأسنادين أسناد بواسطة وأسناد بلا واسطة و ذلك أن ليث بن أبي سليم ضعيف عند الأئمة وهذا محل أتفاق كما حكى أتفاقهم الأمام النووي عليه رحمه الله تعالى في أوئل كتابه تهذيب الاسماءواللغات و لا أعلم أحداً من الأئمة المعتبرين قد حكم بتوثيقه وقبول روايته إلا ماجاء عن ابن حبان عليه رحمه الله تعالى بستثناء روايته عن مجاهد بن جبر عن عبدالله بن عباس وعن مجاهد بن جبر من قوله في التفسير خاصة و ذلك أنه يرويه عنه من كتابه وكتابه هذا من رواية القاسم بن أبي بزه عن مجاهد بن جبر سواء من قوله أو عن عبدالله بن عباس أو عن غيره إذا كان هذا في التفسير و هذا ليس هو مختصٌ به فكذلك قد أختص به ابن أبي نجيح وابن جريج و غيرهم فيما يرونه في التفسير عن مجاهد بن جبر. وعليه يُعلم ان وجوه أثبات التدليس (كلام غير واضح في التسجيل) في أبي الزبير منتفي هوعليه يقال ان الأصل في رواية أبي الزبير عن جابر بن عبدالله القبول سواء صرح بالسماع أو لم يصرح إلا ما أستنكر من متنه فأنه يرد وهذا هو الأصل عند الأئمة النقاد عليهم رحمه الله تعالى فربما وصفوا راوي من الرواة انه مدلس فيقبلون حديثه اذا كان حديثه متن حديثه مستقيم ومن نظر الى هذا ومن نظر الى الكتب الستة وعلى رأسها الصحيحين وجد هذا بيّن فقد أخرج البخاري ومسلم من جملة من الرواة الذين قدوصفوا بتدليس فيما لم يصرحوا فيه بالسماع بل لم يثبت من وجه أنهم نصوا على وجه منوجوه السماع فيه سمعت أو أخبرني أو حدثني وغير ذلك.أ. هـ،
وجزاكم الله خيراً
ـ[منصور الكعبي]ــــــــ[07 - 08 - 07, 12:17 م]ـ
فضيلة الشيخ الطريفي مشي مع المشهور من حال أبي الزبير، وكان عليه العودة لحاشية الكاشف، وتنبيه المسلم لمنا قشة عوامة أو بالأحرى والأصالة من محمود سعيد ممدوح لأن عوامة نقل كلام محمود سعيد واختصره وأقره.
وأرجو من أحد الأخوة الباحثين التعقيب على موضوع أبي الزبير من تنبيه المسلم.
فائدة: أخبرني بعض المشتغلين بالحديث عندنا بدبي من أساتذة كلية الدراسات العربية والاسلامية والمشتغلين بالحديث أنه راجع مقدمة تحقيق مصنف ابن أبي شيبة للشيخ العوامة فوجده نقل كثيرا من مقدمة التعريف لمحمود سعيد ممدوح ولكم بدون عزو. والله أعلم.
¥(13/173)
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[07 - 08 - 07, 07:45 م]ـ
لابن القيم كلام نافع بخصوص تدليس أبي الزبير في كتاب"رفع اليدين في الصلاة"- ط. غراس- ص213 - 216.
ـ[ابوهادي]ــــــــ[07 - 08 - 07, 09:40 م]ـ
ثم ذكرت لك ثلاثة احاديث تؤكد وجهة نظري فليتك أو غيرك تناقش ذلك مناقشة موضوعية.
والله الموفق., [/ quote]
ـ[العارض]ــــــــ[08 - 08 - 07, 05:42 م]ـ
...
ـ[أبو مريم طويلب العلم]ــــــــ[11 - 06 - 08, 03:08 م]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
بيان ما وقفت عليه من أحاديث التي تثبت تدليس أبي الزبير:
روى الترمذي في فضائل القرآن، والنسائي في عمل اليوم والليلة، وغيرهما من طريق الليث بن أبي سليم، والمغيرة بن مسلم، وغيرهما عن أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه – قال: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك)
وروى النسائي في عمل اليوم والليلة (1/ 432) قال: أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن قال حدثنا زهير قال: سألت أبا الزبير أسمعت جابرا يذكر أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل وتبارك. قال: ليس جابر حدثنيه، ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان (1).
قال الترمذي في سننه عقب إشارته لهذه الرواية: [وكأن زهيرا أنكر أن يكون هذا الحديث
عن أبي الزبير عن جابر].
ومع ذلك فقد وقفت على حديث في العلل لعبد الرحمن بن أبي حاتم:
1668 - وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ " لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ: تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ، وَتَبَارَكَ الْمُلْكِ قَالَ أَبِي: رَوَاهُ زهير، قَالَ: قلت لأبي الزُّبَيْر: أحدثك جَابِر عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كَانَ لا ينام حتى يقرأ قَالَ: لا، لم يحدثني جَابِر، حدثني صفوان أو ابْن صفوان
قلت: الظاهر أن ليثا هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف، فلا يكفي هذا في إثبات التدليس على أبي الزبير
قال البوصيري في إتححاف الخيرة المهرة: (طدار الرشد)
7778 - قَالَ مُسَدَّدٌ: ثَنَا مُعْتَمِرٌ ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ " لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ، وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ "، وَقَالَ طَاوُسٌ: " فُضِّلَتَا عَلَى كُلِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ بِسِتِّينَ حَسَنَةً "، قُلْتُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، فِي الْجَامِعِ، وَالنَّسَائِيُّ، فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ بِهِ فَذَكَرَهُ دُونَ مَا قَالَهُ طَاوُسٌ
وقال الترمذي في الجامع: (كتاب فضائل القرءان، باب 9)
3135 - حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ مِسْعَرٍ - تِرْمِذِىٌّ - حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ (الم تَنْزِيلُ) وَ (تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِى سُلَيْمٍ مِثْلَ هَذَا. تحفة 2931 - 2892
3136 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. تحفة 2931 - 2892
وقال في كتاب الدعوات باب 22
3733 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُونُسَ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِىُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ بِتَنْزِيلَ السَّجْدَةِ وَبِتَبَارَكَ.
قَالَ أَبُو عِيسَى هَكَذَا رَوَىَ سُفْيَانُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. تحفة 2931، 2931 ل - 3404
¥(13/174)
فهذا لا يكفي لإثبات التدليس على أبي الزبير، لأن ليث ابن أبي سليم لا يخفى على أهل الحديث ضعفه
ليتك يا أبا المنذر تنظر هاهنا ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16386)
ـ[رمضان عوف]ــــــــ[11 - 06 - 08, 05:40 م]ـ
بارك الله فيكم
تعالوا نناقش بهدوء وبكل أريحية فليست القضية سرد أقوال فقط بل إمعان النظر وسأسرد أمثلة ربما لاتخص القضية ولكنها متشابكة ومن عنده مزيد علم فليطرحه
مثلا: هذا حديث يرويه المعافى بن عمران، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته».
أخرجه الحاكم (1/ 143). والدارقطني (1/ 34). والطبراني في الكبير (2/ 186/1759).
قال أبو علي ابن السكن: " حديث جابر أصح ما رُوي في هذا الباب
وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 363): " وهذا سند على شرط الصحيح، إلا أنه يخشى أن يكون ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير فإنه مدلس، وأبو الزبير مدلس أيضاً، وقد عنعنا في هذا الحديث ".
وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 11): " وإسناده حسن، ليس فيه إلا ما يخشى من التدليس ".
قلت: هو سند صحيح، ليس فيه إلا ما يخشى من تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، وأما أبو الزبير: فما لم يسمعه من جابر فإنما هو من كتاب سليمان بن قيس اليشكري من كبار أصحاب جابر الثقات، وجادةً، وهى وجادة صحيحة احتج بها مسلم.
ولم يظهر لنا من طرق الحديث أن ابن جريج دلسه، أو رواه بصيغة دالة على وقوع التدليس وعدم السماع، مثل: قال وذكر وأُخبِرت ونحو ذلك، وابن جريج مشهور بالرواية عن أبي الزبير، وقد سمع منه، واحتج مسلم بروايته عنه؛ فالأصل صحة هذا الإسناد حتى تظهر له علة، والله أعلم.
ولم ينفرد به ابن جريج: فقد رواه سهل بن تمام: نا مبارك بن فضالة، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن البحر حلال ميتته، طهور ماؤه».
أخرجه الدارقطني (1/ 34).
وهذا إسناد ضعيف؛ سهل: صدوق يخطيء، ومبارك: صدوق يدلس ويسوى، إلا أنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
2 - وهذا يرويه الحسن بن محمد بن أعين: حدثنا معقل، عن أبي الزبير، عن جابر: أخبرني عمر بن الخطاب: أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ارجع فأحسن وضوءك»، فرجع ثم صلى.
أخرجه مسلم (234). وأبو عوانة (1/ 212/691). وأبو نعيم في مستخرجه (1/ 305/571). والبزار (1/ 350/232). والبيهقي في السنن (1/ 70و84). وفي الخلافيات (1/ 452/257).
قال البزار: " وهذا الحديث لا نعلم أحداً أسنده عن عمر إلا من هذا الوجه، وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان [عن جابر] عن عمر موقوفاً
قلت: أما إسناد مسلم: فهو إسناد حسن، ومعقل بن عبيد الله الجزري: صدوق، حسن الحديث، الجمهور على توثيقه، أحمد والنسائي وابن معين، ورواية معاوية بن صالح عن ابن معين في تضعيفه، معارضة بمن قوله وروايته أولى بالقبول منه لطول الصحبة وكثرة المسائل، ففي رواية عثمان بن سعيد الدارمي عن ابن معين قال: " ليس به بأس " [تاريخه (743)]، يعني أنه ثقة في اصطلاح ابن معين، يؤيده رواية إسحاق بن منصور عن ابن معين قال: " ثقة "، وروى عبد الله بن أحمد عن ابن معين مثل الدارمي: " ليس به بأس " ثم قال: قال أبي: " ثقة " [العلل ومعرفة الرجال (3/ 25/3988). الجرح والتعديل (8/ 286). ضعفاء العقيلي (4/ 221). التهذيب (8/ 272)].
فرواية هؤلاء الثلاثة مقدمة بلا شك على رواية معاوية بن صالح، وعليه فمعقل: ثقة عند ابن معين.
أضف إلى هذا أن علي بن المديني قال فيه: " كان معقل ثقة عند أصحابه " [سؤالات ابن أبي شيبة (256)].
وأما قول ابن حبان في الثقات (7/ 492): " كان يخطىء، ولم يفحش خطؤه فيستحق الترك " كذا نقله في التهذيب واقتصر عليه [التهذيب (8/ 272)].
¥(13/175)
ولو أنه أكمل كلامه لظهر المقصود حيث يقول ابن حبان: " وإنما كان ذلك منه على حسب ما لا ينفك منه البشر، ولو ترك حديث من أخطأ من غير أن يفحش ذلك منه، لوجب ترك حديث كل محدث في الدنيا، لأنهم كانوا يخطئون ولم يكونوا بمعصومين، بل يحتج بخبر من يخطئ ما لم يفحش ذلك منه، فإذا فحش حتى غلب على صوابه ترك حينئذ، ومتى ما علم الخطأ بعينه، وأنه خالف فيه الثقات ترك ذلك الحديث بعينه، واحتج بما سواه، هذا حكم المحدثين الذين كانوا يخطئون ولم يفحش ذلك منهم " انتهى بتمامه.
فهذا من ابن حبان توثيق للرجل، ودليل على قلة خطئه، لذا قال في مشاهير علماء الأمصار (1484): " ربما وهم "، وهذا يعني أنه وقف له على أوهام قليلة معدودة، لا تخرج الرجل عن زمرة الثقات، يؤكد هذا المعنى ما قاله ابن عدي في كامله (6/ 454) عن معقل حيث يقول: " ومعقل هذا هو حسن الحديث، ولم أجد في أحاديثه حديثاً منكراً فأذكره إلا حسب ما وجدت في حديث غيره ممن يصدق [ويغلط] في حديث أو حديثين ".
فهو إذاً صدوق، إن لم نقل ثقة، كما قال أحمد وابن معين وابن المديني، إلا أنه لم يكن في الطبقة العليا، فقد كان ممن يخطئ، وانظر مثالاً على خطئه مما خالف فيه الثقات في العلل لابن أبي حاتم (1/ 291).
وحاصل ما تقدم أن معقل بن عبيد الله إذا لم يخالف غيره من الثقات ممن شاركه في رواية الحديث عن شيخه فروايته حينئذ صحيحة مقبولة محتج بها، وقد احتج به مسلم هنا كما ترى.
وهو معروف بالرواية عن أبي الزبير المكي، وإن كان جزرياً، قال ابن عدي: "ولمعقل هذا عن أبي الزبير عن جابر نسخة يرويها عنه الحسن بن محمد بن أعين عن معقل"، فهى نسخة موثوقة صحيحة إلا ما ثبت فيه أنه خالف غيره من الثقات.
وهو هنا في هذا الحديث لم ينفرد بهذا الإسناد عن أبي الزبير كما يشير إليه كلام البزار، لكنه قد توبع عليه ممن يعتبر به، ويصلح في المتابعات.
فقد رواه ابن لهيعة قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، أن عمر بن الخطاب أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً توضأ لصلاة الظهر، فترك موضع ظفر على ظهر قدمه، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ارجع فأحسن وضوءك»، فرجع فتوضأ ثم صلى.
أخرجه ابن ماجه (666). وأبو عوانة (1/ 213/693). وأحمد (1/ 21و23). وابن الجوزي في التحقيق (1/ 164/156و157).
تنبيه: وقع في رواية ابن ماجه: فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وهى رواية شاذة تفرد بها زيد بن الحباب، أو تكون من تخليط ابن لهيعة، والله أعلم.
وهذا الحديث قد أعله أيضاً بعد البزار: ابن عمار الشهيد وأبو علي النيسابوري.
قال ابن حجر في النكت الظراف (8/ 16 - بهامش التحفة): " وقد أعل بعض الحفاظ صحته، فقد نقل الدقاق الأصبهاني الحافظ عن أبي علي النيسابوري أن هذا الحديث مما عيب على مسلم إخراجه، وقال: الصواب: ما رواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: رأى عمر في يد رجل مثل موضع ظفر ... فذكره موقوفاً. قال أبو علي: هذا هو المحفوظ، وحديث معقل خطأ، لم يتابع عليه ".
وقال ابن عمار الشهيد في العلل (5): " ووجدت فيه من حديث ابن أعين، عن معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه ... ، وهذا الحديث إنما يعرف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ، وابن لهيعة لا يحتج به، وهو خطأ عندي، لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر فجعله من قول عمر ".
قلت: هو صحيح ثابت من الوجهين مرفوعاً وموقوفاً، وكما بينا لم ينفرد به معقل عن أبي الزبير [وهو ثابت عن معقل]، بل تابعه ابن لهيعة، وهو صالح في المتابعات، فالحديث محفوظ عن أبي الزبير.
وعلى هذا فيكون الاختلاف قد وقع بين أبي الزبير، وأبي سفيان طلحة بن نافع، رفعه أبو الزبير، ووقفه أبو سفيان، وأبو الزبير أعلم بحديث جابر من أبي سفيان، وأكثر منه رواية عن جابر، وسماعه من جابر أكثر بكثير مما سمع أبو سفيان من جابر، فقد سمع طلحة بن نافع من جابر أربعة أحاديث فقط، والباقي صحيفة، وهى صحيفة سليمان بن قيس اليشكري التي أخذها أبو الزبير وأبو سفيان فرويا منها أحاديث جابر، وهى وجادة صحيحة، احتج بها مسلم وغيره.
وقد قال كل من: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي: " أبو الزبير أحب إليّ من أبي سفيان "، فهو مقدم عليه في جابر [انظر: الجرح والتعديل (8/ 76). التهذيب (7/ 416)].
وعليه فإن رواية أبي سفيان الموقوفة لا تعل رواية أبي الزبير المرفوعة.
والصواب مع الإمام مسلم في تصحيح رواية أبي الزبير والاحتجاج بها، وأما البزار وابن عمار الشهيد وأبو علي النيسابوري فقد جانبهم الصواب في هذا.
والإمام الدارقطني أعلم بالعلل من هؤلاء الثلاثة؛ ومع هذا فلم ينتقد هذا الحديث فيما انتقده على مسلم في التتبع، مما يدل على موافقته له في تصحيحه، أو يكون داخلاً فيما عناه بقوله: " ولم يخرج البخاري لأبي الزبير شيئاً، وبقي على مسلم من تراجم أبي الزبير حديث كثير، ومن حديث الأعمش عن أبي سفيان أيضاً " [التتبع ص (370)].
والله الموفق
¥(13/176)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 06 - 08, 08:07 م]ـ
فهذا لا يكفي لإثبات التدليس على أبي الزبير، لأن ليث ابن أبي سليم لا يخفى على أهل الحديث ضعفه
هذا غير صحيح. فضعفه ليس شديد، وقد قرر أهل الشأنه أنه يعتبر به.
روى الترمذي مختصراً والنسائي في السنن الكبرى (6|178):
1 - أخبرنا محمد بن رافع قال حدثنا شبابة قال حدثنا المغيرة وهو بن مسلم الخراساني عن أبي الزبير عن جابر قال: كان النبي r لا ينام كل ليلة حتى يقرأ تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك».
2 - أخبرني محمد بن آدم عن عبدة عن حسن بن صالح عن ليث (بن أبي سليم، وليس ابن سعد) عن أبي الزبير عن جابر قال: «كان النبي r لا ينام كل ليلة حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك».
3 - أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن وهو بن أعين قال حدثنا زهير قال حدثنا ليث عن أبي الزبير عن جابر قال «كان رسول الله r لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل وتبارك».
4 - أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن قال حدثنا زهير قال: سألت أبا الزبير: «أسمعت جابراً يذكر ثم أن نبي الله r كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل وتبارك؟». قال: «ليس جابر حدثنيه. ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان».
فالمغيرة بن مسلم (وهو ثقة) قد رواه عن أبي الزبير بالعنعنة بدون ذكر الواسطة، كما في الرواية (1). أي أن أبا الزبير قد دلّس عليه كما قد حاول التدليس من قبل على الليث بن سعد، الذي لولا ذكائه وعلمه لانطلى عليه تدليس أبي الزبير. وكذلك دلّس أبو الزبير على ليث بن أبي سليم فرواه معنعناً بدون ذكر الواسطة، كما في الرواية (2). ورواه زهير عنه كذلك، كما في الرواية (3). ثم إنه يعرف تدليس أبي الزبير، فلمّا التقى به سأله: هل أنت سمعت هذا الحديث من جابر؟ قال: «ليس جابر حدثنيه، ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان».
فهذا دليلٌ واضحٌ أن أبا الزبير كان يدلّس ولا يوضح للناس تدليسه. فلو لم يشك زهير بسماع أبي الزبير فسأله عن ذلك، لما عرفنا أنه لم يسمع من جابر هذا الحديث. المغيرة بن مسلم الخراساني ثقة جيّد الحديث. وليث بن أبي سليم بن زنيم، يُكتَبُ حديثه ويُعتبَر به، ولذلك علق له البخاري وأخرج له مسلمٌ في المتابعات. وقال عنه ابن عدي: «له أحاديث صالحة. وقد روى عنه شعبة والثوري. ومع الضعف الذي فيه، يُكتب حديثه». وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: «ضعيف إلا أنه يكتب حديثه». وقال الذهبي في الكاشف (2|151): «فيه ضعف يسير من سوء حفظه». فهذا التدليس من أبي الزبير لم يتبيّن لنا إلا من جمع الطرق.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 06 - 08, 09:00 م]ـ
ولم يظهر لنا من طرق الحديث أن ابن جريج دلسه، أو رواه بصيغة دالة على وقوع التدليس وعدم السماع، مثل: قال وذكر وأُخبِرت ونحو ذلك، وابن جريج مشهور بالرواية عن أبي الزبير، وقد سمع منه، واحتج مسلم بروايته عنه؛ فالأصل صحة هذا الإسناد حتى تظهر له علة، والله أعلم.
1 - ليس هكذا هو الأصل. ولا ننتظر حتى يظهر التدليس لأن ابن جريج مكثر منه، أما عن المتابعة فشيء آخر.
2 - الخطأ من معقل لا من أبي الزبير.
قال البزار (1|350): «وهذا الحديث لا نعلم أحداً أسنده عن عمر، إلا من هذا الوجه. وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان عن عمر موقوفاً». وقال أبو الفضل بن عمار الشهيد (#5): «وهذا الحديث بهذا اللفظ، إنما يعرف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ. وابن لهيعة لا يحتج به. وهو عندي خطأ، لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر، فجعله من قول عمر».
والرواية عن ابن لهيعة رواها أحمد في مسنده (1|21). والرواية الموقوفة رواها ابن أبي شيبة (1|46) قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: «أن عمر رأى في قدم رجل مثل موضع الفلس لم يصبه الماء، فأمره أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة». ومعلوم أن أبا سفيان وأبا الزبير كلاهما ينقل عن مصدر واحد: صحيفة جابر التي وجدوها عند زوجه بعد وفاته. فظهر أن الخطأ هو من معقل، وهو صدوق يخطئ.
ـ[أبو مريم طويلب العلم]ــــــــ[12 - 06 - 08, 02:12 ص]ـ
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فيؤسفني أن الأخ محمد الأمين قد كتب
هذا غير صحيح. فضعفه ليس شديد، وقد قرر أهل الشأنه أنه يعتبر به.
¥(13/177)
غير صحيح؟؟ بلى والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق. أنت ترى أنه يعتبر به؟ فإن صح هذا، فمن قال أنه يقبل في إثبات ما نحن بصدده؟؟
وهل أخرج مسلم لليث بن أبي سليم إلا مقرونا؟
روى الترمذي مختصراً والنسائي في السنن الكبرى (6|178):
1 - أخبرنا محمد بن رافع قال حدثنا شبابة قال حدثنا المغيرة وهو بن مسلم الخراساني عن أبي الزبير عن جابر قال: كان النبي r لا ينام كل ليلة حتى يقرأ تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك».
2 - أخبرني محمد بن آدم عن عبدة عن حسن بن صالح عن ليث (بن أبي سليم، وليس ابن سعد) عن أبي الزبير عن جابر قال: «كان النبي r لا ينام كل ليلة حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك».
3 - أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن وهو بن أعين قال حدثنا زهير قال حدثنا ليث عن أبي الزبير عن جابر قال «كان رسول الله r لا ينام حتى يقرأ آلم تنزيل وتبارك».
4 - أخبرنا أبو داود قال حدثنا الحسن قال حدثنا زهير قال: سألت أبا الزبير: «أسمعت جابراً يذكر ثم أن نبي الله r كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل وتبارك؟». قال: «ليس جابر حدثنيه. ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان».
فالمغيرة بن مسلم (وهو ثقة) قد رواه عن أبي الزبير بالعنعنة بدون ذكر الواسطة، كما في الرواية (1). أي أن أبا الزبير قد دلّس عليه كما قد حاول التدليس من قبل على الليث بن سعد، الذي لولا ذكائه وعلمه لانطلى عليه تدليس أبي الزبير. وكذلك دلّس أبو الزبير على ليث بن أبي سليم فرواه معنعناً بدون ذكر الواسطة، كما في الرواية (2). ورواه زهير عنه كذلك، كما في الرواية (3). ثم إنه يعرف تدليس أبي الزبير، فلمّا التقى به سأله: هل أنت سمعت هذا الحديث من جابر؟ قال: «ليس جابر حدثنيه، ولكن حدثني صفوان أو أبو صفوان».
فهذا دليلٌ واضحٌ أن أبا الزبير كان يدلّس ولا يوضح للناس تدليسه. فلو لم يشك زهير بسماع أبي الزبير فسأله عن ذلك، لما عرفنا أنه لم يسمع من جابر هذا الحديث. المغيرة بن مسلم الخراساني ثقة جيّد الحديث. وليث بن أبي سليم بن زنيم، يُكتَبُ حديثه ويُعتبَر به، ولذلك علق له البخاري وأخرج له مسلمٌ في المتابعات. وقال عنه ابن عدي: «له أحاديث صالحة. وقد روى عنه شعبة والثوري. ومع الضعف الذي فيه، يُكتب حديثه». وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: «ضعيف إلا أنه يكتب حديثه». وقال الذهبي في الكاشف (2|151): «فيه ضعف يسير من سوء حفظه». فهذا التدليس من أبي الزبير لم يتبيّن لنا إلا من جمع الطرق.
فأنت تستدل برواية المغيرة بن مسلم على تدليس أبي الزبير؟؟
لا حول ولا قوة إلا بالله:
ينبغي أن نذكر أن المغيرة بن مسلم القسملي في أحاديثه عن أبي الزبير نكارة:
قال يحيى بن معين: ما أنكر حديثه عن أبي الزبير (سؤالات ابن الجنيد، 797)
وقال النسائي في الكبرى:
(عقب الحديث رقم (7425) ط دار الرشد): المغيرة بن مسلم ليس بالقوي في أبي الزبير وعنده غير حديث منكر.
راجع هذا الحديث في السنن الكبرى وما قبله وتعليق النسائي عليه، فلعلك تعتمد على نسخ حاسوبية. بدليل علامة r بدلا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟
وهل أخرج مسلم لليث بن أبي سليم إلا مقرونا؟
فأما قولك:
فهذا دليلٌ واضحٌ أن أبا الزبير كان يدلّس ولا يوضح للناس تدليسه
فهو غير صحيح بالمرة، والذي تستدل به لا ينهض،
والله تعالى أجل وأعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 06 - 08, 05:47 ص]ـ
الأخ طويلب العلم
سلام عليك. أما بعد
قال يحيى بن معين: ما أنكر حديثه عن أبي الزبير (سؤالات ابن الجنيد، 797)
الذي في سؤالات ابن الجنيد: سئل يحيى وانا اسمع عن المغيرة بن مسلم فقال ثقة هو اخو عبد العزيز بن مسلم القسملي ينزل القسامل ثقة ليس به بأس روى عنه وكيع وشبابة وغيرهما.
وقال النسائي في الكبرى:
(عقب الحديث رقم (7425) ط دار الرشد): المغيرة بن مسلم ليس بالقوي في أبي الزبير وعنده غير حديث منكر.
ومن متى صرت تأخذ عن النسائي؟ النسائي نفسه وصف أبا الزبير بالتدليس، والذين يدعون اتباع المتقدمين لا يأخذون بهذا. ولو لم يكن من دليل على تدليسه غير هذا لكفى.
مع العلم بأن النسائي هنا قصد شيئا آخر غير الذي ظننته. النسائي وغيره إنما يتكلمون عن خطأ يقع للمغيرة في رفع أحاديث موقوفة أو مرسلة مثل استهلال الصبي والنهي عن بيع الجلالة وأمثال ذلك. وإلا فهو ثقة ويعتبر بحديث ولا يُهمل، حتى أن البخاري استحسن حديثه عن أبي الزبير. وكذلك حديث الليث يُعتبر به ولا يُهمل، وعلى هذا نص الأئمة المتقدمون.
فلعلك تعتمد على نسخ حاسوبية. بدليل علامة r بدلا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟
استنتاج عجيب:) أضحك الله سنك. لعلمك فأنا أنقل عن موقعي! وأترك إيجاد المقال الأصلي (وفيه عن تدليس أبي الزبير الشيء الكثير) لذكائك ...
¥(13/178)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 06 - 08, 05:51 ص]ـ
2 - الخطأ من معقل لا من أبي الزبير.
قال البزار (1|350): «وهذا الحديث لا نعلم أحداً أسنده عن عمر، إلا من هذا الوجه. وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان عن عمر موقوفاً». وقال أبو الفضل بن عمار الشهيد (#5): «وهذا الحديث بهذا اللفظ، إنما يعرف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ. وابن لهيعة لا يحتج به. وهو عندي خطأ، لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر، فجعله من قول عمر».
والرواية عن ابن لهيعة رواها أحمد في مسنده (1|21). والرواية الموقوفة رواها ابن أبي شيبة (1|46) قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: «أن عمر رأى في قدم رجل مثل موضع الفلس لم يصبه الماء، فأمره أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة». ومعلوم أن أبا سفيان وأبا الزبير كلاهما ينقل عن مصدر واحد: صحيفة جابر التي وجدوها عند زوجه بعد وفاته. فظهر أن الخطأ هو من معقل، وهو صدوق يخطئ.
تنبيه: معقل في الأصل جيد. لكن كان أحمد يضعف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يشبه حديثه ابن لهيعة، ومن أراد حقيقة الوقوف على ذلك فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء. ومما أنكر على معقل بهذا الإسناد حديث الذي توضأ لمعة لم يصبها الماء، وحديث النهي عن ثمن السنور، وحديث: لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده.(13/179)
اشكال في التاريخ الاوسط للبخاري
ـ[أبوصالح]ــــــــ[16 - 08 - 06, 05:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله وحده
لدي اشكال وفقكم الله
في التاريخ الاوسط للبخاري:
حدثنا محمد قال حدثني ابراهيم بن موسى قال اخبرنا هشام عن معمر قال ابن سيرين قتل -بالضم- كثير بن افلح وابوه موليين لابي ايوب الانصاري -يوم الحرة فلقيته في المنام فقلت: اشهداء انتم? قال: لا
اشكل علي في كلام ابن حجر في ابي كثير: هو ابو عبدالرحمن وقيل: ابو كثير مخضرم ثقة من الثانية قال ابن حجر: له ادراك لانه سبي من عين التمر في خلافة ابي بكر الصديق
وجه الاشكال:
تعليق ابن حجر سبب الادراك بانه سبي في خلافة ابي بكر الصديق لم يظهر لي تلازمه><< فمن يشرحه لي بارك الله فيكم
وهذا في ص761 من تحقيق الشيخ تيسير ابو حيمد فجزاه الله خيرا
سؤال اخر:
في ص 768:
حدثنا محمد قال حدثنا عبدالله بن يوسف ويحيى بن بكير واسماعيل عن مالك عن ابي شهاب عم عبيد الله بن عبدالله عن ابن عباس قال: مررت والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى وانا يومئذ ناهزت الاحتلام
في رقم 503ص 773 قال البخاري ورواية الاول اصح يعني بها رواية الزهري>>
السؤال لماذا رجح البخاري رحمه الله رواية الزهري على بقية الروايات?
بارك الله فيكم واحسن اليكم واجزل لكم المثوبة والاجر* () $#@@
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[16 - 08 - 06, 06:38 م]ـ
بارك الله فيكم.
بالنسبة للسؤال الأول، مباحثةً:
كانت وقعة عين التمر في السنة الثانية عشرة من الهجرة، بعد أن انتهى خالد بن الوليد - رضي الله عنه - من اليمامة وتوجَّه إلى العراق، كما هو مسطور في غيرما كتاب من كتب التاريخ.
قال ابن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله الزبيري (نقله في تهذيب الكمال: 7/ 303): "محمد بن سيرين من عين التمر من سبي خالد بن الوليد، وكان خالد بن الوليد وجد بها أربعين غلامًا مختنين، فأنكرهم، فقالوا: إنا كنا أهل مملكة، ففرقهم في الناس ... ".
وقال ابن كثير (البداية والنهاية: 9/ 529): "ووجد - أي: خالد - في الكنيسة التي به - أي: حصن عين التمر - أربعين غلامًا يتعلمون الإنجيل، وعليهم باب مغلق، فكسره خالد وفرقهم في الأمراء وأهل الغَنَاء، كان فيهم حمران؛ صار إلى عثمان بن عفان من الخمس، ومنهم سيرين والد محمد بن سيرين، أخذه أنس بن مالك، وجماعة آخرون من الموالي المشاهير، أراد الله بهم وبذراريهم خيرًا" ا. هـ، وذكر نحو هذا ابنُ جرير في تاريخه وغيرُه.
وسيرين وحمران إذا ذُكرا ذُكرا كما يذكر أفلح أبو كثير: أنهما سبيٌ من عين التمر، كما ترى ذلك في طبقات ابن سعد (7/ 148، 193) وتاريخ خليفة (ص20) وتهذيب الكمال (7/ 303)، وغيرها، فدلَّ على أن أفلح كان مع أولئك الغلمان الذين سباهم خالد - رضي الله عنه -.
فهؤلاء الغلمان المسبيون كانوا: مختنين، ويتعلمون الإنجيل، وهذا - فيما يظهر - لا يكون إلا لمن جاوز السنتين بل الثلاث، ووفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت قبل وقعة عين التمر بنحو سنة، ومنه وقع لهم إدراك زمن النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:19 م]ـ
ومنه وقع لهم إدراك زمن النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
إذن يصبح المقصود إدراك الزمن لا الرؤية
أما كلام البخاري و ترجيحه لرواية الزهري فقد أسهب الحافظ في الفتح حول هذا الموضوع
فقال 11/ 90:
قوله انا يومئذ مختون أي وقع له الختان يقال صبي مختون ومختتن وختين بمعنى قوله وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك أي حتى يبلغ الحلم قال الإسماعيلي لا أدري من القائل وكانوا لا يختنون أهو أبو إسحاق أو إسرائيل أو من دونه وقد قال أبو بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قبض النبي صلى الله عليه وسلم وانا بن عشر وقال الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وانا قد ناهزت الاحتلام قال والأحاديث عن بن عباس في هذا مضطربة قلت وفي كلامه نظر اما اولا فلأن الأصل ان الذي يثبت في الحديث معطوفا على ما قبله فهو مضاف إلى من نقل عنه الكلام السابق حتى يثبت انه من كلام غيره ولا يثبت الادراج بالاحتمال واما ثانيا فدعوى الاضطراب مردودة مع إمكان الجمع أو الترجيح فإن المحفوظ الصحيح انه ولد بالشعب وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فيكون له عند الوفاة النبوية ثلاث عشرة سنة وبذلك قطع أهل السير وصححه بن عبد البر وأورد بسند صحيح عن بن عباس انه قال ولدت وبنو هاشم في الشعب وهذا لا ينافي قوله ناهزت الاحتلام أي قاربته ولا قوله وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك لاحتمال ان يكون أدرك فختن قبل الوفاة النبوية وبعد حجة الوداع وأما قوله وانا بن عشر فمحمول على إلغاء الكسر وروى احمد من طريق أخرى عن بن عباس انه كان حينئذ بن خمس عشرة ويمكن رده إلى رواية ثلاث عشرة بأن يكون بن ثلاث عشرة وشيء وولد في اثناء السنة فجبر الكسرين بان يكون ولد مثلا في شوال فله من السنة الأولى ثلاثةاشهر فأطلق عليها سنة وقبض النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع فله من السنة الأخيرة ثلاثة أخرى واكمل بينهما ثلاث عشرة فمن قال ثلاث عشرة الغي الكسرين ومن قال خمس عشرة جرهما والله اعلم
¥(13/180)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:40 م]ـ
إذن يصبح المقصود إدراك الزمن لا الرؤية
بارك الله فيكم.
لعل العلماء إذا أطلقوا الإدراك أرادوا إدراك الزمن، أما الرؤية فلهم عليها إطلاقات، كقولهم: له رؤية، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ...
وفرّقوا بين الإدراك والرؤية، فمايزوا بينهما، قال أبو نعيم في عبد الله بن خباب بن الأرت (نقله في تهذيب التهذيب: 5/ 172): "أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مختلف في صحبته، له رؤية"، وقال ابن عبد البر في معبد بن زهير: "له رؤية وإدراك ولا صحبة له".
وقد يستعيضون عن الإدراك بالرؤية، لأنه لا رؤية إلا بإدراك، فيلزم من الرؤية الإدراك، ولا يلزم من الإدراك الرؤية.
ويُنظر مبحث المخضرم من كتب المصطلح.
والله أعلم.
ـ[ابن السائح]ــــــــ[16 - 08 - 06, 08:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله وبارك فيكم
في ص 768:
حدثنا محمد قال حدثنا عبدالله بن يوسف ويحيى بن بكير واسماعيل عن مالك عن ابي شهاب عم عبيد الله بن عبدالله عن ابن عباس قال: مررت والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى وانا يومئذ ناهزت الاحتلام
الصحيح: عن ابن شهاب عن عبيد الله
ـ[أبوصالح]ــــــــ[19 - 08 - 06, 05:08 م]ـ
الاخوة الافاضل
محمد بن عبدالله
ابا علي النوحي
ابن السائح
شكرا لكم
وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
-----------------------------
بقي امر ومباحثتكم فرصة >>
ما زيادة العلم عندما يحكى ادراك الزمن في الترجمة>>
بمعنى:
قد نفهم من حكاية ادراك الرؤية ثبوت الصحبة كحد اعلى >>
ماذا نفهم من ادراك الزمن?
بارك الله فيكم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[19 - 08 - 06, 07:44 م]ـ
وإياك، بارك الله فيك.
لذلك فوائد، قد يكون منها: أنه يكون على ذلك قد أدرك كثيرًا من الصحابة، بل ربما اعتُبر مدركًا لكبارهم، وقد اكتفى بالمعاصرة وإمكان اللُّقيّ بعض الأئمة في الحكم بالاتصال.
فائدة: قال السخاوي في مبحث المخضرم من فتح المغيث: "وأما الحاكم فجعل الذين ولدوا في الزمن النبوي ممن لم يسمع منه طبقة بعد المخضرمين، وذكر فيهم الصنابحي وعلقمة بن قيس، بل وأدرج فيهم من له رؤية، وهو صنيع منتقد، فمن له رؤية إما أن يذكر في الصحابة، أو يكون طبقة أعلى من المخضرمين، والمخضرمون باتفاق من أهل العلم بالحديث ليسوا صحابة، بل معدودون في كبار التابعين، وقد جعلهم الحاكم طبقة مستقلة من التابعين، سواء أعرف أن الواحد منهم كان مسلمًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كالنجاشي أم لا ... ".
--------------
يا أبا صالح ..
أيش معنى هذا (>>)؟؟! (ابتسامة)
ـ[أبوصالح]ــــــــ[20 - 08 - 06, 12:04 م]ـ
الاخ الفاضل محمد بن عبدالله
شكرا لك وبارك الله فيك
----------
اما عن الاخطاء الاملائية والاشارات الغير مفهومة لعلها من القص واللصق عبر هذا الرابط اذ ان لوحة المفاتيح التي لدي لا تكتب العربية
http://www.almoslim.net/new_keyb/keyb01.cfm
وفقك الله ويسر لك سبل الخير
<<ابتسامتان>>
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 04:38 م]ـ
و قد تكون هناك فائدة لمن يقول بأن حد الصحابي تكفي فيه المعاصرة و لو لم ينقل عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم - مع أن هذا القول ضعيف
كما ذكره الحافظ العراقي في التقييد و الايضاح في معرفة المرسل
ـ[أبوصالح]ــــــــ[21 - 08 - 06, 06:13 م]ـ
ما شاء الله
الاخ ابا علي النوحي
شكرا لك وجزاك الله خيرا
----------
بارك الله فيكم Hجمعين
استفدت من توجيهاتكم وافاداتكم
--------------------------------
ـ[أبوصالح]ــــــــ[16 - 11 - 06, 04:35 ص]ـ
أحسن الله إليكم وبارك فيكم ..
ولعلّه من فوائد حكاية الإدراك أن يكون في ذلك قرينةً – على سبيل المقاربة – بالسماع.
من ذلك: قول أبي حاتم في العلل (1/ 40) في أبي إدريس الخولاني: (ويحتمل أن يكون أبو إدريس قد سمع من عوف، والمغيرة أيضاً، فإنه من قدماء تابعي أهل الشام، وله إدراكٌ حسن).
وهو ما قد ذكره أخي أبا عبدالله جزاه الله خيراً.(13/181)
ما القول الراجح في يحيى بن علي بن يحيى
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 06:46 م]ـ
ما القول الراجح في يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع؟
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 05:08 ص]ـ
ذكره ابن حبان في كتابه مشاهير علماء الأمصار وقال عنه ((وكان متقناً))
هذا اللفظ يدل على أنه سبر مروياته
وقال الحافظ في التقريب عنه ((مقبول))
وتحرير تقريب التهذيب ليس حاضراً عندي
ولكني أتوقع أن صاحبيه قد حكما على هذا الراوي أنه (مجهول) لانفراد إسماعيل بن جعفر المدني بالرواية عنه
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 03:54 م]ـ
جزاك الله خيرا
كذلك وجدت للألباني هذا الكلام:
قال في الثمر المستطاب:
في حديث (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم فإن كان معك قرآن فاقرأ. . .)
أخرجه أبو داود من عباد بن موسى الختلي: ثنا إسماعيل ابن جعفر به. وزاد بعد قوله: (وأقم): (ثم كبر)
ورواه الطحاوي والحاكم من طرق أخرى عن إسماعيل به إلا أنهما لم يسوقا لفظه
فإذا وقفت على سياق الحديث ولفظه أو بعضه علمت أن النسائي أشار بإيراده الحديث مختصرا أن فيه ذكره أمره صلى الله عليه وسلم المنفرد بالإقامة ولكن في ثبوت ذلك في الحديث نظر ولو ثبت ذلك لكانت الإقامة واجبة في حق المنفرد لأمره صلى الله عليه وسلم له بها ولكنها لا تثبت لأنه تفرد بها يحيى بن علي بن يحيى وهو غير موثق بل هو مجهول فقد ذكر الذهبي في (الميزان) وساق له هذا الحديث ثم قال:
(قال ابن القطان: لا يعرف إلا بهذا الخبر روى عنه إسماعيل بن جعفر وما علمت فيه ضعفا قلت: لكن فيه جهالة)
هذا كلام الذهبي فالرجل إذن مجهول لا يعرف فمثله لا يثبت حديثه وقول الترمذي بعد أن ساقه: (حديث حسن) إنما يعني به أصل الحديث لا كل ما ورد فيه من الألفاظ ويدلك على ذلك أن الحديث رواه جمع من الثقات عن علي بن يحيى والد يحيى بن علي بن يحيى فلم يذكر أحد منهم الإقامة في الحديث وهم داود بن قيس ومحمد بن عجلان ومحمد بن عمرو وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن إسحاق خمستهم عن علي بن يحيى لم يذكر أحد منهم الإقامة كما ذكرنا وسيأتي تخريج طرقهم هذه في كتاب الصلاة: استقبال القبلة
ثم وجدت حديث يحيى بن علي بن يحيى هذا في (مسند الطيالسي): ثنا إسماعيل بن جعفر المدني قال: ثني يحيى بن علي بن خلاد به إلا أنه لم يذكر الإقامة فاتفقت روايته مع رواية الثقات فدل ذلك كله على عدم ثبوت هذه الزيادة في الحديث فلا يغتر أحد بورودها في الحديث مع تحسين الترمذي له ولا بسكوت الحافظ ابن حجر عليها في (فتح الباري) وهذا تحقيق لا تراه - فيما أظن - في كتاب والله تعالى هو الملهم للصواب
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[18 - 08 - 06, 03:52 م]ـ
قال الحافظ ابن القطان الفاسي في كتاب (بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام)
بعد أن ذكر حديث (توضأ كما أمرك الله)
قال رحمه الله: وموضع علة هذا الحديث، يحيى بن علي بن خلاد، فإنه لا تعرف له حال، وليس فيه مزيد على ما في الإسناد.(13/182)
مادة (التجديد) هل وردت في الأحاديث؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:22 م]ـ
ذكر بعضُ المشايخ أن مادة التجديد لم ترد في الحديث إلا في حديث واحد فقط؛
وهو (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها).
ولكن،
قد وردت أحاديث أخر - بغض النظر عن الصحة - فيها ما يدخل في هذه المادة:
= عن ابن عباس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث تميم بن أسد الخزاعي يجدد أنصاب الحرم، وكان إبراهيم عليه السلام وضعها، يريها إياه جبريل عليه السلام.
= عن الشعبي أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت وزوجها مشرك أبو العاص بن الربيع، ثم أسلم بعد ذلك بحين فلم يجدد نكاحا.
= عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كان شيء أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب وما جربه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد وإن قل فيخرج له من نفسه حتى يجدد له توبة
= عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب الخلق فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم.(13/183)
ما الراجح في حال ابن لهيعة.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:41 م]ـ
الإخوة الكرام:
وقفت على كتاب (الحجة المنيعة ببيان ضعف كل ما صححه .... وانفرد به ابن لهيعة)
انتصر فيه مؤلفه إلى أن ابن لهيعة ضعيف مطلقا ومدلس وأن كتب لم تحترق.
وأن عبد الله بن وهب لم يتوقف عن الأخذ عنه حتى مات.
وأن عبد الله بن المبارك توقف عن الأخذ عنه قبل الإحتراق لداره بعشر سنوات.
فمن يرشدنا إلى أبحاث ودراسات في هذا الأمر.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 06, 09:29 م]ـ
قال الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر شيخ الدارقطني (كما في نكت الحافظ 1/ 483):
((من يصبر على ما يصبر عليه النسائي! كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة، فما حدث منها بشيء!))
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[17 - 08 - 06, 12:19 ص]ـ
سبق وأن كبت بحثا في قاضي مصر: عبدالله بن لهيعة، وأظنه طار مع الأبحاث المفقودة والله المستعان ..
وقد تبين لي ضعفه مطلقا، وفاقا لشيخنا عبدالعزيز ابن باز رحمة الله عليه ....
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[17 - 08 - 06, 12:27 ص]ـ
وأظنه طار مع الأبحاث المفقودة والله المستعان ..
هو هاهنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=76150
والكلام عن ابن لهيعة مشهور متكاثر، وفي الملتقى شيء من ذلك لا بأس به، وعليك بخاصية البحث.
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 12:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على الاهتمام والرد.
ولعلي أنشط بإذن الله واتتبع أقوال صاحب الكتاب الذي أشرت إليه.
ـ[علي الشريف]ــــــــ[17 - 08 - 06, 01:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت في كتاب اسمه (من كلام ابي زكريا يحيي ابن معين) رواية يزيد ابن طهمان.
ان عبد الله ابن لهيعة لم يحترق له كتاب
ومرة اخري في نفس الكتاب قال سألت عنه بمصر ولم يحترق له كتاب
ساذكر ان شاء الله ارقام التراجم بعد الاطلاع عليه مرة ثانية
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[17 - 08 - 06, 08:14 ص]ـ
ذكر الشيخ سعد الحميد في شرحه على ألفية السيوطي أن هناك دراسة لأحد مشايخ الأزهر مفادها أن ابن لهيعة ضعيف مطلقاً ... ولعلي أراجع الشرح وآتيكم باسم الباحث أو البحث ... والله الموفق.
ـ[عبد]ــــــــ[18 - 08 - 06, 02:24 ص]ـ
قال ابن معين:
(298): ابن لهيعة ليس بشيء، قيل ليحيى: هذا الذي يحكي الناس أنه احترقت كتبه؟ قال: ليس لهذا أصل، سألت عنها بمصر.
أما بالنسبة لمسألة تغيره واختلاطه فقد قال أبو زكريا (ابن معين):
(342): ابن لهيعه ليس بشيء، تغير أو لم يتغير.
وبالنسبة لما يتعلق بحكاية احتراق كتبه كما في (298) أعلاه، فقد قال كذلك:
(370): ابن لهيعة، لم يحترق له كتاب قط.
وهذا يرجح ضعفه مطلقاً.
انظر: (تاريخ يحيى بن معين، رواية خالد ابن طهمان، ط. دار القلم)
فائدة:
إذا قال ابن معين (ليس بشيء) فالمراد أن أحاديث الراوي قليلة. وقد يريد به الجرح الشديد، ويعرف مراد ابن معين بمقارنته بكلام الأئمة فإذا قال (ليس بشيء) ووثقه ابن معين في روايات أخرى أو وثقه أئمة آخرون تعيّن حمله على معنى قلة الحديث لا الجرح. انظر (ضوابط الجرح والتعديل، د. عبدالعزيز العبداللطيف، ص 194، ط. العبيكان)
قلت: قول الشيخ العبداللطيف يوهم أن قلة الرواية ليس بجرح مطلقاً وهو "نوع" من أنواع جرح عند البعض إذا احتيج إليه في مسألة الترجيح بين الروايات أو تقديم رواية الأقران المكثرين على رواية المقل.
ـ[عبدالرحمن الحنبلي]ــــــــ[10 - 11 - 06, 01:56 م]ـ
ابن لهيعة ضعيف مطلقاً وجميع أحاديثه ضعيفة غير مقبولة إطلاقاً
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[10 - 11 - 06, 08:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
ابن لهيعة:
صحيح الكتاب ,
ضابط لما يكتبه ,
وكان قديما يُحدث من كتبه إملاء على تلاميذه
اعتمد على الكتابة في التلقي عن شيوخه
ثبت ذلك بأسانيد يُحتج بها
===========
ابن لهيعة سيء الحفظ
لم يعُد يقرأ من أصول كتبه
أصبح يقرأ من نسخ كتبها تلاميذه أو نسخها آخرون , وبعضها غير مضبوط.
ثبت ذلك بإسناد يُحتج به
============
ابن المبارك وابن وهب لم يعتمدا في الأخذ عن ابن لهيعة على ما يرويه من حفظه
بل كانا يتتبعان أصول كتبه المضبوطة
ثبت ذلك بإسناد يُحتج به
===========
ابن لهيعة ليس مدلسا
وقد أخطأ من وصفه بذلك , إنما وصفه بذلك - من المتقدمين - ابن حبان , وقد أخطأ قطعا في ذلك
والدليل على ذلك سأعرضه في بحث مستقل إن شاء الله تعالى
===========
الخلاصة:
من أخذ من ابن لهيعة مما كان يقرأه من أصول كتبه أو تتبع أصول كتبه: فحديثه صحيح
من أخذ من ابن لهيعة مما يرويه من حفظه , أو مما كان يقرأه من نسخ غير أصول كتبه: فحديثه ضعيف
============
فعلى الباحث بذل الجهد لمحاولة تحديد كيفية رواية الرواة عن ابن لهيعة
وعندنا العبادلة وأبو الأسود النضر
============
ما قلتُ فيه (ثبت بإسناد يُحتج به) تحقيق إسناده عندي , ولعل الله تعالى ييسر لي رفعه قريبا في بحث مستقل
=========
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب رالعالمين
¥(13/184)
ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[18 - 11 - 06, 05:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الترمذي:
"وكذلك من تكلم من أهل العلم في مجالد بن سعيد وعبدالله بن لهيعة وغيرهما، إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم، وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة، فإذا انفرد واحد من هؤلاء بحديث- ولم يتابع عليه- لم يحتج به"
والله أعلم وأحكم
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[22 - 11 - 06, 12:24 م]ـ
إنما تكلموا في حفظه , ولم يطعن أحد في ضبطه لكتابه
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[24 - 11 - 06, 10:34 م]ـ
ابن لهيعة ضعيف مطلاقا قبل الاختلاط وبعد الاختلاط.
ـ[أبو رشيد]ــــــــ[27 - 11 - 06, 12:22 ص]ـ
س9: ما القول الراجح في ابن لهيعة؟
الجواب: عبدالله بن لهيعة الحضرمي المصري من كبار أهل العلم في بلاد مصر في زمانه، وكان قاضي مصر (رحمه الله)، وكان مكثراً جداً من الحديث والرواية، فهو من أهل العلم والفضل، ولكنه رحمه الله لم يكن بالمتقن ولم يكن أيضاً بالحافظ (رحمه الله)، وخاصةً في حديثه المتأخر، فلذلك وقعت أحاديث منكرة في حديثه ووقع في أوهام في روايته، وهذا مرجعه إلى أشياء منها:
1) عدم إتقانه وحفظه.
2) أنه ما كان يحدث من كتابه، هو حدث قديماً فيما سبق من حياته حدث من كتابه ثم بعد ذلك لم يحدث من كتابه، وإنما يقرأ من كتب الناس أو يأتي إليه أناس ويقولون هذا من حديثك فيقرؤون عليه، ثم بعد ذلك يروون هذه الأحاديث، فلا شك أن مثل هذا أوقعه في أوهام وأخطاء.
3) تدليسه: فكان يدلس، وأحياناً كان يسقط راويين، فهذا أيضاً من الأسباب التي أدت إلى أن يقع في حديثه ما وقع من المنكرات والأخطاء.
والخلاصة في حديثه رحمه الله أنه على ثلاثة أقسام:
1) القسم الأول: وهو أصح حديثه وهو ما حدث به قديماً، وممن سمع منه قديماً عبدالله بن وهب، والدليل على هذا هو حديث، أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "لو أن القرآن كان في إيهاب لما احترق". هذا الحديث حدث به ابن لهيعة. قال ابن وهب: لم يكن ابن لهيعة يرفع الحديث من قبل، يعني ثم بعد ذلك رفعه. ورفع هذا الحديث منكر فعبدالله ابن وهب سمع هذا الحديث من ابن لهيعة قديماً ولم يكن يرفعه، ثم سمعه منه عبدالله بن يزيد المقرئ. وعبدالله بن يزيد المقرئ أيضاً ممن روى عنه قديماً ولكن ابن وهب أقدم من عبدالله بن يزيد المقرئ وأكثر ملازمة لعبدالله بن لهيعة، ولذلك بيّن عبدالله بن وهب أن هذا الحديث ما كان ابن لهيعة يرفعه من قبل، يعني ثم بعد ذلك رفعه، فسمعه منه عبدالله بن يزيد المقرئ فرفع هذا الحديث منكر. وهذا القسم لا يحتج به. وسوف يأتي بإذن الله لماذا لا يحتج به.
2) القسم الثاني من حديث عبدالله بن لهيعه: هو ما حدث به قديماً، وما رواه قبل أن تحترق كتبه. ومن سمع منه من كتابه، فهذا القسم الثاني هو يلي القسم الأول وأقوى من القسم الذي سوف يذكر وهو القسم الثالث. والسبب في هذا القسم هو أن ابن لهيعة (رحمه الله) احترقت كتبه، فزاد ضعفه بعد احتراق هذه الكتب.
وبالمناسبة فقد أختلف هل احترقت كتبه أم لم تحترق: فهناك من نفى أن تكون كتبه قد احترقت. ووجه الجمع (والله أعلم) أن كثيراً من كتبه قد احترقت أو جزء من كتبه قد احترق وبعضها لم يحترق. وهناك ما يدل على ذلك، جاء ما يدل على أن بعض كتبه بقيت، وحتى سمع من ابن لهيعة من كتبه من سمع منه أخيراً، فجزء من كتبه قد احترق.
فهذا الذي حصل زاده ضعفاً، وأيضاً كما ذكرت فيما سبق أن ابن لهيعة كما ذكر في ترجمته من قبل بعض أصحابه أنه حدث من كتبه قديماً ثم بعد ذلك ما أخرج كتبه إلا من يأتي إليه ويسأله أو يقف على بعض كتبه فيسمع منه من كتابه وإلا فيما بعد أخذ يكثر من الحديث من حفظه فلذلك ازداد ضعفاً على الضعف الموجود فيه. فلذلك يقال أن من سمع منه قديماً ومن روى عنه قبل أن يتغيرقبل أن تحترق كتبه ومن سمع منه من كتابه أو من كتب عمن كتب عنه مثل قتيبة بن سعيد. قتيبة بن سعيد كتب عمّن كتب عنه ولذلك أثنى الإمام أحمد على رواية قتيبة بن سعيد.
3) القسم الثالث، من سمع منه أخيراً بعد احتراق كتبه وسمع منه من حفظه.
فهذه أقسام حديث ابن لهيعة.
¥(13/185)
طبعاً كل هذه الأقسام لا يحتج بها. لماذا؟ لأن جل الحفاظ، أكثر الحفاظ على تضعيف عبدالله بن لهيعة مطلقاً، كما قال يحيى بن معين: "كان ضعيفاً قبل الاختلاط وبعده". فجلّ الحفاظ على تضعيف حديثه مطلقاً بدون تفصيل، ولذلك قال أبو الحسن الدرقطني: "يعتبر برواية العبادلة عنه"، ما قال: "تُصحح"، وإنما قال: "يُعتبر" يعني لأنهم سمعوا منه قبل أن تحترق كتبه.
ثم أمر آخر: وهو أن لابن لهيعة أحاديث منكرة حتى من رواية العبادلة ومنهم عبدالله بن وهب، والدليل على هذا هو عندما تقرأ في كتاب العلل لابن أبي حاتم تجد أحاديث عديدة أنكرها أبو حاتم الرازي على عبدالله بن لهيعة، وهي من رواية ابن وهب. فلعبدالله بن لهيعة أحاديث منكرة حتى من رواية من سمعوا منه قديماً. فعندما تقرأ في كتب العلل وغيرهم من كتب أهل العلم تجد أحاديث كثيرة أنكرت على ابن لهيعة مع أنه من رواية القدماء عنه.
وأما من قوى ابن لهيعة من رواية العبادلة فالجواب عن ذلك أولاً بما تقدم، والأمر الثاني: أن الذين نقل عنهم تقوية حديث العبادلة عنه هم الحافظ عبدالغني المصري والساجي وهما لا شك أنهما من كبار الحفظ لكنهما ليسا مثل يحي بن معين أو مثل الإمام أحمدو مثل أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم من كبار الحفاظ. فلا شك أن مثل هؤلاء يقدمون على الساجي وعلى الحافظ عبدالغني المصري.
ثم قد يكون قصد الحافظ عبدالغني المصري أن ما رواه عنه العبادلة هو صحيح؛ يقصد (والله أعلم): أن رواية العبادلة من حديث ابن لهيعة. لأن هناك من روى عن ابن لهيعة أحاديث ليست من حديثة وذلك كما ذكرت: يأتي إليه أناس يقرؤون عليه أحاديث وهو يسكت ثم بعد ذلك يروونها عنه وتكون هذه الأحاديث ليست من حديثه. فلعل قصد الحافظ عبدالغني الغني المصري والساجي كذلك: أنهم يقصدون أن رواية العبادلة هي من حديث ابن لهيعة نفسه وليست من غير حديث ابن لهيعة.
وكما ذكرت فإن لعبدالله بن لهيعة أحاديث منكرة حتى ممن سمع منه قديماً وهذه الأحاديث المنكرة كثيرة في الحقيقة وليست بالقليلة. فالراجح أنه لا يحتج به وكما قال الدارقطني أنه يعتبر برواية العبادلة عنه.
والخلاصة أن رواية ابن وهب في الأصل أنها أقوى ممن روى عنه من غيره أو ممن روى عنه غيره لما ذكرت قبل قليل، ثم بعد ذلك من سمع منه قديماً غير عبدالله بن وهب، ثم بعد ذلك أضعف حديثه من سمع منه أخيراً إلا ما استثني ممن كتب عنه (مثلاً) ممن كتب من كتب ابن لهيعة ذاتها كما ذكرت مثل قتيبة بن سعيد أو محمد بن رمح، فأيضاً هذا مما استثني، أو مثل نظر بن عبدالجبار أيضاً، هذا ممن أستثني. وأثني على روايته كما أثنى عليها حماد بن صالح المصري.
نعم الخلاصة أن حديث ابن لهيعة لا يكتب ولا يحتج به لكن رواية القدماء عنه أقوى.
---------------
من لقاء ملتقى أهل الحديث بالشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد- حفظه الله-
ـ[أبو عبد الله بن عبد الله]ــــــــ[30 - 11 - 06, 07:43 م]ـ
يقول شيخنا ابن باز رضي الله عنه: إن ابن لهيعة ضعيف مطلقا إلا أن رواية العبادلة عنه أحسن من غيرها على ضعفها.
ـ[على الازهرى]ــــــــ[08 - 12 - 06, 03:11 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
اشر اخونا بلال بلال خنفر إلى كلام الشيخ سعد حفظه الله فى ابن لهيعه والشيخ الذى أحال عليه الشيخ سعد هو الشيخ الدكتور أحمد معبد حفظه الله وأشار الشيخ أحمد معبد إى ضعف ابن لهيعه فى تعليقه على النفح الشذى لإبن سيد الناس وأطال فيه النفس حتى بين حاله فيما يقارب 90 صفحه فراجعه إن شئت
ـ[على الازهرى]ــــــــ[08 - 12 - 06, 03:28 م]ـ
واشار ايضا الشيخ العلامه عبد الكريم الخضير حفظه الله فى شرحه لكتاب الباعث الحثيث الى حال عبد الله بن لهيعه فقال ان العلماء اختلفو فيه فضعفه ثلاثة عشر إمام وعدله ثلاثه وتوسط فى امره اخرون وقبله بعضهم فى حال دون حال فى رواة العبادلة عنه دون غيرهم
واضطربت فيه اقوال المتأخرين فالحافظ بن حجر رحمه الله نص على ضعفه فى مواطن من الفتح وقال فى التقريب صدوق يخطى وله أوهام وحسن سندا فى المسند جاء من طريقه فعلى كل حال اضطربت فيه اقوال الحافظ
وما دام جمهور الائمه على ضعفه فهو ضعيف ثلاث عشرة امام من الائمة الكباركلهم على تضعيفه فهو ضعيف
خلافا للعلامه احمد شاكر رحمه الله الذى وثقه مطلقا
¥(13/186)
قال أما رواية العبادلة عنه فهى أمثل من غيرهافيكون ضعفها أخف لكنه ضعيف حتى فى رواية العبادلة عنه
وعلى كل حال ضعفه محتمل يعنى يقبل الانجبار اذا ورد من طريق اخر لكن بمفرده لا يثبت
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[12 - 12 - 06, 07:57 م]ـ
وهذه بحث كتبته أيام دراستي في معهد دار التوحيد بسريلنكا ألحقته كاملا من غير أي تنقيح أرجو من الإخوة الأفاضل التعليق المفيدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
عبد الله بن لهيعة في ميزان الجرح والتعديل
تأليف: التلميذ:أبو شبل , مجاهد بن رزين
(مقدمة)
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيآت أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ان لااله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله أما بعد:-
فان أهمية علم الحديث لا تخفى على كل من كان له ادنى اهتمام بالدعوة الي الله علي منهج السلف الصالح. ان علم الحديث هو الذي يمهدنا الي تمييز الحديث الصحيح من الحديث السقيم بقسمه الهام علم الجرح والتعديل. واما الذين لايهتمون به او باقوال من اهتموا به يخس عليهم سوء العاقبة التي حذر منها النبي صلي الله عليه وسلم في حديثه المشهور " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري ومسلم.
فالدعوة الاسلاميةلا يستقيم وزنها الا اذا كانت موافقة للكتاب والسنة الصحيحة لا علي آراء مصطنعة تعتمد علي الشهوات الطارئة واهذا قال الامام علي بن المديني " التفقه في معاني الحديث نصف العلم ومعرفة الرجال نصف العلم (المحدث الفاصل للرامهرمزي ص 32) ولمعرفة أهمية هذا الفن وعلم الجرح والتعديل لا بأس بي – ان شاء الله – ان اسوق بعض اقوال الائمة النفاد في أهمية الاسانيد فأقول:-
قال الامام محمدبن سيرين في مرضه (ت 110هـ) " اتقوا الله يا معشر الشياي وانظروا عما تأخذوا هذه الاحاديث فانها دينكم" (الضعفاء والمتروكينللامام ابن حبان 1/ 23) جائت روايات نحو قولابن سيرينعن جمع من اللأئمة منهم علي بن ابي طالب (ت40هـ) وأبو هريرة (ت58هـ) وشعبةبن الحجاج (ت160هـ) وزائدةبن قدامة (ت161هـ) ومالك بن أنس (ت179هـ) واحمدبن محمدبن حنبل (ت241هـ) وغيرهم (الامناء من الدين للدكتور القريوتي ص 18)
وقال مطر بن طهمان الوراق (ت 125هـ) في قوله تعالى"أو أثرة من علم" (سورة الأحقاف 40) "أمناء الحديث" (تدريب الراوى للأمام السيوطي3/ 160)
وكان محمدبن مسلم بن شهاب (ت 124هـ) اذا حدث أتي بالاسناد وبقول لا يصلح ان يرقي السطح الا بدرجة "
وقال محمد بن ادريس أبو حاتم الرازي ت 277هـ " لم يكن في أمة من الامم منذ خلق الله آدم أمة يحفظون آثار نبيهم وأنساب (سلفهم) مثل هذه الامة" (فتح المغيث3/ 3)
وقال يزيد بن زريع (ت 182هـ) "لكل دين فرسان وفرسا هذا الدين أصحاب الأسانيد" (طبقات شافعية الكبرى للسبكي 1/ 167)
وقال الامام محمد بن ادريس الشافعي (204هـ) " مثل الدي يطلب الحديث بلا اسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعي وهو لا يدري" (الاسناد من الدين للقريوتي ص 22) وقال الامام شعبة بن الحجاج (ت 160 هـ) كل شيئ ليس في الحديث سمعت فهو خل أو بقل " (الكامل في الضعفاء 1/ 48)
وقال الامام سفيان بن سعيد الثوري (ت 161هـ) "الاسناد سلآح المؤمن فاذا لم يكن معه سلآح فبأى شيئ يقاتل" (فتح المغيث 3/ 3)
وغير ذلك من الآثار كثيرة لا تحصي فأكتفي بهذ القدر فهي كافية للقارء اللبيب. هذه الكلمات كلهل من كلآم أئمتنا الكرام الذين أفنوا أعمارهم في احياء دين الله علي الارض رحمهم الله رحمة واسعة لما قدموا لهذا الدين من الخدمات الجليلة. ولكن من المؤسف جدا ان من قام بهذه المهمة في السيلان قليل جدا ولا أحد منهم الا من رحم ربي يفهمون قاعدةحديثية علي الوجه الصحيح فيستعملونها في غير موضعها فيحرفون الجرح تعديلا وبالعكس سواء هذا كله مع علمي بما قدموا لهذا الدين من الخدمات الغزيرة وارشاد الناس الي التوحيد الخالص من شوائب الشرك المؤبد في النار وتأسيسهمأسسا قوية لدعوة التوحيد رحمهم الله واسعة وجزاهم الله خيرا.
¥(13/187)
ان من المعلومان أكثر كلام الأئمة في أكثر الرواة مؤتلفة متقاربة جرحا كان أو تعديلا ولكن بالنسبة الي بعض الرواةتختلف كلامهم وتتباين أقوالهم وقد تشتد حتي يضعفه البعض تضعيفا كليا ويوثقه بعض توثيقا كليا. ولكن هذه بالمقارنة بجانبه الآخر قلبلة – الحمد لله – ومن الرواةالمختلف فيهم الامام عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصرى. وقد تربيت منذ علاقتي بهذ العلم من كتب الشيخ ناصر الدين الألباني على أنه من المختلطين وما رواه العبادلة عنه – سيأتي أسمائهم – أعدل من رواية غيرهم لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط. ورأينا الشيخ ناصر الدين الألباني يصحح أحاديثه علي هذه القاعدة ويضعفه ولا يلتفت الي طعنات أخرى وجهت نحو ابن لهيعة حتي وقفت علي تصحيح الشيخ – رحمه الله - رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة مستدلا بما ذكره الامام أحمد بن حنبل عنه وذكره الذبعي في (السير) وحتي وقفت علي تصحيح الشيخ رواية اسحاق بن عيسى الطباع مستدلا بما ذكره الامام عبد الله بن أحمدبن حنبل في كتابه (العلل) وتصحيح الشيخ رواية يحي بن اسحاق السيلحيني عنه وحتي وقفت في كتاب (اتحاف النيل) للشيخ مصطفي بن اسماعيل فانه ذكر الاختلاف في ابن لهيعة ملخصا ومما ذكره فيه مسألة " التدليس" فاضطربت فاستند الحاجة الي القيام ببحث مستقل في ترجمته ودراسة رواياته. وقد ذكر الشيخ علي حسن علي عبد الحميد الحلبي تلميذ الشيخ أالألباني في كتابه (زهر الروض في حكم صيام السبت في غير الفرض) بأن له كتابا بعنوان " الدلائل الرفيعة خيس صحت روايتهم عن ابن لهيعة " وكذا ذكر الشيخ ابو الحسن مصطفي ابن اسماعيل في كتابه المذكور آنفا ان الشيخ عقيل بنمحمد المقابرى قد كتب فيث دراسة رواياته رسالة مستقلة. أظن أنهما لم تطبعا بعد. وكذا رئيت الشيخ صالح بن حامد الرفاعي ذكر في رسالته للماجستير كتابين ألفافي المختلطين وهما:
1."الاغتباط بمعرفةمن رمي بالاختلاط"للامام برهان الدين ابراهيم محمد سبط بن العجمي.
2. " الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الروات الثقات " لابي البركات محمد بن أحمد. وهذا ن الكتابان لم أحصل عليها حينما شرعت في البحث.- أول شروعي فيه كان في معهد دار التوحيد السلفية وعلقت حلقات في (لوحة مجمع الافكار) وتلك لوحة تعلق بالجدار وفيها مقالات للطلبة أسبوعيا ولو تعلق حلقتان من البحث الا وقد بادرت اسرة اللوحة بمنعها - وكانت الاسرة مشتملة علي ثلاث من الاساتذة - بتبريرات لابعلم مقصودها الا الله – ثم حصلت عليها فوجدتهما في مكتبة الشيخ يحيي سلمي بن نوبار – وهي ان شاء الله حافلة بكتب الجرح والتعديل وغير ذلك من الكتب التي يحناج اليها العلماء فضلا عن طلبة العلم.
فقررت ان أقوم ببحث عن عبد الله بن لهيعة قدر استطاعتي وأجمع كلام الأئمة واوفق بين مختلفها علي الوجه الصحيح ان بدا لي – ان شاء الله فقسمته الي مقدمة وثلاثة مباحث
المبحث الاول:- ترجمة مختصرة عن الامام ابن لهيعة
المبحث الثاني:- يبحث فيه عن الاسباب التي طعن بها الامام ابن لهيعة وتحقيق الكلام فيها وفيه ثلاثة فصول:-
الفصل الاول:- (الاختلاط) 1. الباب الاول:- التعريف عن الاختلاط
2.الباب الثاني:- حادثة احتراق داره وكتبه
الفصل الثاني:- (سوء الحفظ) 1:- الباب الاول:- التعريف عن سوء الحفظ
2:- الباب الثاني:- متابعة مدلس علي سيئ الحفظ هل تقوي روايته؟
3:-الباب الثالث:- بيان وجه من جرح ابن لهيعة مطلقا والجواب عليه.
الفصل الثالث:- (التدليس) 1 – التعريف عن التدليس وأنواعه
2 - تفصيل كلام ابن حبان في ابن لهيعة
3 - المدلس اذا روى من كتبه هل يدلس؟
المبحث الثالث:- سيكون البحث فيه عن الرواة الذين رووا عنه قبل احتراق الكتب. وفيه فصلان
الفصل الاول:- تحقيق الكلام في قبول رواية العبادلة عن ابن لهيعة
الفصل الثاني:- تحقيق الكلام في رواة آخرين صحت روايتهم عن ابن لهيعة وفيه بابان
الباب الاول:- الكلام فيمن تصح روايتهم عنه بلا نزاع عند من ضعفه بالاختلاط
الباب الثاني:- الكلام فيمن وقع الكلاموالنزاع في روايتهم
¥(13/188)
هذا وأشكر أساتذنا وشيخنا أبا بكر الصديق – حفظه الله مدير معهد دار التوحيد السلفية وأجزم أنني من أكثرالتلاميذوعاءله. والشيخ كان يحتفي علي طلب العلم الشرعي بدعائه لي دائما في كل مجلس بالبركة وزيادة العلم وأشهد بأنه من الشيوخ السلفيين. وما أكثر ما قيل فيه من قيل وقال فانه من داءالعضال. ولا حول ولا قوة الا بالله. واما ماكان في هذا البحث من الصواب فمن عند الله والي الله. واما ما يكون فيه من خطأ فمني ومن الشيطان – والله الموفق.
وكتبه يوم الثلثاء في شهر رجب 1424هـ أبو شيل مجاهد بن زرين
المبحث الاول
(ترجمة مختصرة عن الامام ابن لهيعة)
قد ترجم له الامام ابن سعد في (الطبقات الكبرى 7/ 358) والامام العقيلي في (الضعفاء ص 294) وابن أبي حاتم الرازي في (كتاب الجرح والتعديل 2/ 146) وابن عدي في (الكامل في الضعفاء 4/ 144) والامام ابن حبان في (كتاب الضعفاء المجروحين 2/ 11) وابن حكلكان في (وفيات الاعيان 1/ 237) وشمس الدين الذهبي في (تذكرة الحفاظ 1/ 237) وفي (سير أعلام النبلاء 7/ 359) وفي ميزان الاعتدال 2/ 475) وابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب 5/ 327) والسيوطي في (حسن المحاضرة 1/ 301) وغير ذلك من الأئمة.
(اسمه ونسبه ومولده)
هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان الحضرمي الأعدولي أبو عبد الرحمن المصرى القاضي. ولد بمصر سنة ست وتسعين قاله يحي بن بكير وقال ابن سعد وابن يونس سنة سبعين وأبوه لهيعة بن عقبة يكني ابا عكرمة روي عن سفيان بن وهب الخولاني وله صحبة وغيرهم وعنه يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد وهو ضعيف ذكره ابن حبات في (الثقات) قاله ابنجهر وقال أيضا " ......... وقال الازدي حديثه ليس بالقائم وقال ابن القطان" مجهول الحال " (تهذيب التهذيب 8/ 411) وقال الامام الذهبي في (الكاشف 3/ 12) " وفق" مات سنةمائة وقال ابن حجر العسقلاني في (التقريب ص 287) "مستور" وضعفه الالباني في (الضعيفة 3/ 499).
(جده في طلب العلم)
قال الامام ابن حبان باسناده الي بثر بن المنذر قال كان ابن لهيعة يكني أبا خريطة ذاك أنه كانت له خريطة معلقة في عنقه فكان يدور بمصر فكلما قدم قوم كان يدور عليهم فكان اذارأي شيخا له سأله من لقيت وعمن كتب فاذا وجد عنده شيئا كتب عنه فلذلك كان يكني به. وقال باسناده الي قتيبة بن سعيد يقول حضرت موت ابن لهيعة فدمعت الليث يقول ما خلف مثله. وقال باسناده الي مالك " ........ فجعل يقول (يعني مالكا) فان ابن لهيعة ليس يذكر الحج فيسبق الي قلبي أنه يريد مشافهة والسماع منه وقد روى عن اثنين وسبعين تابعيا. ولذا أثني عليه الامامالذهبي في (السير) بما يلب:- " لا ريب ان ابن لهيعة كان علم الديار المصرية هو والليث معا كما كان الامام مالك في ذلك العصر عالم المدينة والاوزاعي عالم الشام .............. "
(الشيوخ الذين روى عنهم ابن لهيعة والذين رووا عنه كما ذكرهم الامام ابن الحجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب))
روى عن الاعرج وأبي الزبير ويزيد بن ابي حبيب ومشرح بن هاعان وابي قبيل المعافري وابي وهب الجيشاني وجعفر بن ربيعة وحي بن عبد الله المعافري وعبيد الله بن أبي جعفر وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن دينار وكعب بن علقمة وأبي الاسود محمدبن عبد الرحمن بن نوفل وابن المنكدر وموس بنورهان وابي يونس مولي ابي هريرة وعبد الله ابن هبيرة وعبد الرحمن بن حيويل وعقيل بن خالد وخلق.
وعنه ابن ابنه أحمدبن عيسي وابن أخيه لهيعة بن عيسي بن لهيعة والثوري وشعبة والاوزاعي وعمروبن الحارث وماتوا قبله والليث بن سعد وهو من أقرانه وابن المبارك وربما نسبه الي جده وابن وهب والوليد بن مسلم وعبد الله بن يزيد المقرئي وأسد بن موسي وأشهب بن عبد العزيز وزيد بن الخباب وأبو الاسود النضر ابن عبد الجبار وبشر بن عمر الزهراني وعيسي بن اسحاق ويحي بن اسحاق السيلحيني وسعيد بن ابي مريم وأبو صالح كاتب الليث وعثمان بن صالح السهمي ويحي بن عبد الله بن بكير وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح بن المهاجر وجماعة "
¥(13/189)
ومن قرأ مقدمة التهذيب علم أن الامام ابن حجر العسقلانب لم يلتزم استيعاب جميع الرواة ويري حافظ أن ذلك شيئ خارج عن مقصود كتب " الجرح والتعديل " ولذا نري أنه كلما ينهي الشيوخ المروي عنهم في كثير من التراجم يقول " وخلق " و"جماعة" و "آخرين" وكذا في التلاميذ وكذا فعل في ابن لهيعة كما تري وأثني عليه كثير من العلماء لسعة علمه وجده في طلبه وتوفي سنة أربع وسبعين ومائة علي الراجح.
وأكتفي بهذا القدر خشية الاطالة في هذه العجالة.
المبحث الثاني
(البحث عن الاسباب التي طعن بها ابن لهيعة وتحقيق الكلام فيها)
اتفق الائمة علي عدالة الامام القاضي عبد الله بن لهيعة وسلامة عقيدته وكان امام عصره بمصر. وكان طلابا للعلم جماعا له وكان من أئمة الفضلاء. ولكن العدالة وسلامة العقيدة ان لم يقترن بها الضبط التام لاتقبل روايته بل ان اشتدت الاوهام وفحثت تترك عنه الرواية. وكثير من الأئمة الذين شهد لهم الأئمة النقاد بالعلم والفضل وعلو المنزلة ضعفوا من جهة الحفظ كالامام ابي حنيفة النعمان بن ثابت واتفقت الأئمة علي سوء حفظه الامن شذ من المتعصبة المتأخرين كالكوثري وقد رد عليه الامام المعلمي الباني ردا شافيا في كتابه (التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل) وكذا امامنا المترجم له قد جرح بثلاثة أوجه:-
الأول:- سوء الحفظ ضعفه به بعض الأئمة معللين له بأنه كان سيئ الحفظ من صغر سنه وأنه لم يعرض له بعد الاحتراق.
الثاني:- التدليس طعن به الامام ابن حبان في كتابه (الضعفاء) بعد سير رواياته وغيرهم من ائمة المتأخرين.
الثالث:- الاختلاط. في هذه المسألة ثلاث طوائف. طائفة من العلماء قالوا باحتراق كتبه كاها ولم يستثنوا منها شيئا.وطائفة منهم نفوا احتراق كتبه. وطائفة قالوا باحتراق بعض أصوله. وهنا طائفة من العلماء اضطربت أقوالهم تارة قالوابالاحتراق وتارة نفوه
ومنهم من جرحه بسوء الحفظ والتدليس جميعا. والذين قالوا بتضعيفه باختلاطه اختلفوا في قبول رواية القدامي عنه. منهم من وقف عند العبادلة فقط. ومنهم من توسع وزاد عليهم. فالمسألة اذا شديدة الخلاف. فالترجيح من مثل هذا التلميذ الضعيف صعب ولكني سأحطفل ما استطعت. وما لم يترجح لي أذكر فيه الخلاف فقط وأترك الترجبح لأهله وما توفيقي الا بالله.
الفصل الأول
(الاختلاط)
الباب الاول:- التعريف عن الاختلاط
الاختلاط لغة:- قال ابن منظور " اختلط فلان أى فسد عقله ورجل خلطبينه الخلاطة:- أحمق مخالط العقل. ويقال خولط الرجل فهو مخالط واختلط عقله فهو مختلط اذا تغير عقله " (لسان العرب 7/ 294,295)
الاختلاط اصطلاحا:- قال الامام السخاوى تلميذ الحافظ " وحقيقته فساد العقل وعدم انتظام الاقوال والافعال اما بخرف أو ضرر أو مرض أو عرض من موت ابن وسرقة مال كتب كابن لهيعة أو احتراقها كابن الملقن " (فتح المغيث 3/ 366)
وقد ذكر الامام ابن الصلاح الشهرزوري في كتابه (علوم الحديث) المشهور بمقدمة ابن الصلاح ستة عشر راويا اختلطوا باسباب شتي وذكر في بعضهم بعض من سمع منهم قبل الاختلاط وفي بعضهم بعض من سمع منهم بعد الاختلاط وذكر في آخر هذاالباب:- " ان ما كان من هذا النوع محتجا بروايته في الصحيحي أو احدهما فانا نعرف على الجملة ان ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط والله أعلم " وقد شرح قوله الامام عبد الرحيم بن حسين العراقي شيخ الحافظ فأطال (التقييد والايضاح شرح المقدمة ص 412) وللزيادة من المعلومات هاك ثلاثة كتب مشهورة
1. الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث للامام ابن كثير شرحه الامام أحمد محمد شاكر (ص 229)
2. " فتح المغيث شرح ألفية العرافي في الحديث " 3/ 365) للامام السخاوى
3. " تنقيح الانظار مـ ع شرحه توضيح الافكار " (2/ 502) للامام الضعاني
الباب الثاني:- حادثة احتراق الكتب
قد أشرت في تمهيدي لهذا المبحث الي اختلاف أقوال الأئمة في هذه المسألة والآن سأنقل كلامهم وأقوالهم فيها ثم أذكر القول الراجح الذي يبدو لي – ان شاء الله بالمقارنة
(1) العلماء الذين قالوا باحتراق كتبه كلها.
(1) قال الامام البخارى عن يحي بن بكير " احترقت كتب ابن لهيعة سنة سبعين ومائة " (سير أعلام النبلاء7/ 360 و تهذيب التهذيب 5/ 329)
¥(13/190)
(2) قال الامامسعيد بن أبي مريم" ما أقربه قبل الاحتراق ولا بعده " (كتاب الجرح والتعديللابن أبي خاتم 21/ 146)
(3) قال الامام قتيبة بن سعيد " لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث اليه الليث بن سعد منالغد ألف دينار " (سير أعلام النبلاء 7/ 368)
(4) قال الامام أحمد بن حنبل " احترقت كتب اين لهيعة ..... " (سوء الات أبي داءود السجستاني للامام أحمد رقم256)
(5) قال الامام يحي بن معين " هو ضعيف قبل ان نحترق كتبه وبعد احتراقها " (ميزان الاعتدال للامام الذهبي 2/ 477)
وقال أيضا يكتب عن ا بن لهيعة ماكان قبل احتراق كتبه (سير أعلام النبلاء 7/ 370)
(6) قال الامام عبد الرحمن بن يوسف بن خراس " كان يكتب حديثه احترقت كتبه فكان من جاء بشيئ قرئه عليه
حتي لووضع أحد حديثا وجاء به اليه قرئه عليه" (تهذيب التهذيب 5/ 331)
(7) قال الامام ابن حبان" .......... ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين بعد احتراق كتبه فيها مما ليس من حدبثه" (كتاب الضعفاء والمجروحين له (2/ 13)
(8) قال الامام ابن حبان " كان أصحابنا يقول " ان سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم
صحيح ............ " (كتاب الضعفاء والمجروحين له (2/ 11)
(9) عمروبن علي الفلاس " احترقت كتبه فمن كتب عنه قبل ذلك ........ أصح " (كتاب الجرح والتعديل 2/ 147)
(10) قال الامام أبو جعفر الطبري في (تهذيب الآثار " اختلط عقله في آخر عره " (تهذيب التهذيب5/ 331) يفهم
منه أنه يعني بقوله هذا احتراقه عما هو السبب المشهور. ألله أعلم.
(11) قال مسعود عن الحاكم " لم يقصد الكذب وانما حدث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ " (تهذيب التهذيب
5/ 331)
(12) أورده الامام برهان الدين محمد سبط ابن العجمي في كتابه الذي أفرده للمختلطين (نهاية الاغتباطبمن رمي من الرواة
بالاختلاط لعللاء الدين علي رضا رقم 58)
(13) وقال الامام ابن حجر العسقلاني " اختلط بعد احتراق كتبه " (تقريب التهذيب 188)
(2) العلماء الذين نفوا احتراق كتبه أو لم يؤثر عنهم قول فيه
(1) قال الامام سعيد بن أبي مريم " لم تحترق " قاله أبوداود (تهذيب التهذيب 5/ 329)
(2) قال الامام يحي بن معين " ليس بشيئ " قيل ليحي " فهذا الذي يحكي الناس أنه احترقت كتبه " قال ليس لهذا أصل سألت عنها بمصر " (كلام يحي بن معين ص 97 رواية أبي خالد الدقاق يزيد بن الهيثم طهان البادي)
وقال أيضا " ابن لهيعة ليس بشيئ تغير او لم يتغير " (ص 108)
(3) قال الامام أحمد بن صالح لما ذكره يعقوب سماع القديم والحديث " كان ابن لهيعةطلابا للعلم صحيح الكتاب" وقال أيضا ليس من هذا شيئ .... " (ميزان الاعتدال 2/ 477 وتهذيب التهذيب 5/ 330)
(4) قال يحي بن حسان سمعت ابي يقول " ما رأيت احفظ من ابن لهيعة بعد هشيم قلت له " ان الناس يقولون احترق كتب ابن لهيعة فقل " ماغاب له كتاب" (كتاب الجرح والتعديل 2/ 148)
(5) قال الامام ابو زرعة " سماع الاوائل والاواخر منه سواء الا ان ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله وليس ممن يحتج به " (ميزان الاعتدال 2/ 477)
(6) وقال الامام عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي قلت لأبي " اذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال لا " (كتاب الجرح والتعديل 2/ 148)
(7) قال الامام ابن سعد " أما اهل مصر فيذكرونه انه لم يختلط لكنه كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه " (الطبقات الكبري 7/ 358 له)
(8) أورد الامام عمر بن أحمد بن شاهين قول يحي بن معين بنفي الاحتراق ساكتا عليه (تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين لابن شاهين رقم 332)
جميع من نفوا احتراق كتبه ضعفوه الا الامام أحمد بن صالح وابو يحي حسان فانهما وثقاه مطلقا كما يبدوا من أقوالهما ولكنهما ضعفاه من جهة أخري فسيأتي في مكانه - ان شاء الله وابن شاهين ضعفه مطلقا كما هنا حيث أورده في كتابه الخاص للضعفاء ولكنه وثقه مطلقا في كتاب آخر - فسيأتي في مكانه ان شاء الله –
(3) العلماء الذين قالوا باحتراق بعض كتبه
¥(13/191)
(1) قال عثمان بن صالح " ما احترق كتبه ما كتبت من كتاب عمارةبنغزية الا من أصل ابن لهيعة بعد احتراق داره غير ان بعض ما كان يقرأ منه احترق ولا أعلم أحدا بسبب علة ابن لهيعة مني. أقبلت انا وعثمان بن عتيق بعد الجمعة فوافينا ابن لهيعة أمامنا علي حمار فأفلج وسقط فبدر ابن عتيق اليه فأجله وصرنا به الي منزله وكان ذلك أو سبب علته " (رواها العقيلي عن ابنه يحي بن عثمان في الضعفاء 2/ 695)
(2) قال اسحاق بن عيسى الطباع " ما احترقت أصوله انما احترق بعض ما كان يقرأ منه يريد ما نسخ منها " (سير أعلام النبلاء 7/ 367)
(3) قال الامام الذهبي " والظاهر أنه لم يحترق الا بعض أصوله " (سير أعلام النبلاء 7/ 368)
يتبين من قول يحي ابن بكير واسحاق بن عيسى الطباع أن حادثة احتراق الدار قد وقعفي سنة تسع وستين او سبعين – ان كانت وقعت – الآن بعد سرد هذه الاقوال تتبين المسألة بأجوبة على أربعةأسئلة آتية:-
1. هل قصة احتراق دارابن لهيعة صحيحة؟
2. اذا كانت صحيحة هل تعرضت له كتبه؟
3. اذا كانت تعرضت للاحتراق هل احترقت كله أو البعض منها احترقت؟
4. هل من الصحيح قول من قال " لم تحترق أصوله انما احترقت بعض ما كان يقرأ عليه؟
والذى يترجح عندى – والله أعلم – أن حادثة احتراق الدار صحيحة. لأن يحي بن بكير والليث بن سعد وعثمان بن صالح سعيد بن ابي مريم وقتيبة بن سعيد وهم معاصروه وبلديوه ورووا عنه قد أثبتوا احتراق الدار في الجلة. وسعيد بن ابي مريم قال بنفيه أيضا ولكن حين نجمع بين قوليه يمكن ان يقال " انه قال باثباته بعد ان كان لم يعرفه فنفاه " وكذا اثبت احتراق الدار اسحاق بن عيسى الطباع وعبد الرحمن بن يوسف بن خراس ويحي بن معيب وعموبن علي الفلاس وهم وان لم يكونوا بلدييه ولكنهم عاصروه واسحاق قد روى عنه قد أثبتوا الحادثة فلا شك في صحة الحادثة. ويحي بن معين قال بنفيه أيضا كسعيد بن ابي مريم فيقال فيه ماقيل في سعيد هؤلاء تسعة من الائمة. واما الذين نفوه من أهل بلده في قائمتنا التي قدمناها آنفا فهم أحمد بن صالح وهو بلديه ومعاصره وابو يحي حسان بصري عاصره ولقيه وقد يكون آخرون كما يقول الامام ابن سعد ويحي بن معين في أحد قوليه المتقدمين. وجوابنا علي ذلك أن تسعة من الأئمة ومنهم خمسة بلديوه قد أثبتوا حادثة الاحتراق في الجملة والمثبة ممقدم علي النافي ومن علم حجة علي من لم يعلم واذا تحرر لنا هذا فلنعد الي السؤال الثاني ولنجب عليه فأقول ان الأئمة يحي بن بكير والليث بن سعد وسعيد بن ابي مريم وقتيبة بن سعيد صرحوا باحتراق كتب ابن لهيعة وهم بلديوه معاصروه الذين رووا عنده وعثمان بن صالح وهو بلديه وروى عنه كما تقدم نفي احتراق الاصول وقال باحتراق بعض ماكان يقرء عليه وأثبته بقوله " ما كتبت من كتاب عبارة بنغزية الا من اصل ابن لهيعة بعد احتراق داره غير ان بعض ما كان يقرأ منه احترق ..... " وفي (الضعفاء) للعقيلي قال " معاذ الله أن يكون سيئ من ذلك ..... " ونحو÷ والراجح أن معظم كتب ابن لهيعة أصولا كانت او فروعا احترقت وقد يكون بعض الاصول لم تتعرض للاحتراق مثل ما قال عثمان بن صالح. وبه نوفق بين الاقوال ولا ندعه حين الاشكال ونسلم من الاعتراض – ان شاء الله - وبه كنا قد أجبنا علي جميع الاسئلة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وأما أحمد بن صالح فيرى الاضطرابات والاوهام التي انتقد بها الامام ابن لهيعة من قبل الرواة عنه فقال "كنت أكتب حديث أبي الاسود في الرق ما أحسن حديثه عن ابن لهيعة قال (هو يعقوب بن سفيان الراوى عنه) فقلت له " ويقولون سماع قدسم وحديث فقال ليس من هذا شيئ ابن لهيعة صحيح الكتاب وانما كان أخرج كتبه فأملي علي الناس حتي كتبوا حديثه املاء فمن ضبط كان حديثه حسنا الا أنه كان يحضر من لا يحسن ولا يضبط ولا يصحح ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا ولم ير له كتاب وكان من اراد السماع منه استنسخ ممن كتب عنه وجائه فقرئه عليه فمن وقع نسخة صحيحة فحديثه صحيح ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير وكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فانه سمع من عطاءوروى عن رجل عن عطغاء وعن رجلين عن عطاء وعن ثلاثة عن عطاء فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء " (تهذيب التهذيب5/ 330)
¥(13/192)
اذا فقبول رواية ابن لهيعة وردها عنده باعتبار الرواة عنه ولذا استحسن حديثه أبو الاسود النضربن عبد الجبار عنه لانه كان يتثبت في روايته عنه - كما سيأتي – ان شاء الله في موضعه فلا تعارض اذابين من قال بالاختلاط وبين أحمد بن صالح وكل ذلك راجع في قبول الرواية وردها الي اعتبار الرواة والحمد لله.
الفصل الثاني
(سوء الحفظ)
قد تقدم أن ابن لهيعة ساء حفظه بعد احتراق كتبه. وهذا الفصل أفرد لاثبات شيئ في الاضطراب اليسير ال\ى كان بعتريه في بعض الاحيان وانحط به عن رتبة الصحة ونزل الي درجة الحسن وللرد علي من قال بتضعيفه مطلقا.
الباب الاول:- التعريف عن سيئ الحفظ
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني " وهي عبارة عن الا يكون غلطة أقل من اصابته " وقال في تعريف سيئ الحفظ " والمراد به من لم يرجح جانب اصابته علي جانب خطئه (نزهة النظر ص 68 ص 84,85
ثم قال الحافظ: - وهو علي قسمين
(1) ان كان لازما للراوىفي جميع حالاته فهو الش1اذعلي رأى بعض7 أهل الحديث
(2) أو ان كان سوء الحفظ طارئاعلي الراوي اما لكبره او لذهاب بصره او لاحتراق كتبه اوعدمها بأن كان يعتمدها فرجع الي حفظه فساء فهذا هو المختلط. (نزهة النظر ص 85)
فسوء الحفظ لازم وطارء وذو اللازم هو الذى يقال له سيئ الحفظ في الاصطلاح وذوالطارئ هو الذى يقال له في الاصطلاح مختلط قال لكليهما بعض من العلماء في ابن لهيعة وبعض أهل مصر من تلاميذه أثبت لاختلاطه ولاضطرابه أسبابا أخرى غير احتراق كتبه كما تقدم.
الباب الثاني:متابعة مدلس علي سيئ الحفظ هل تقوى روايته؟ قال الحافظ: ومتي توبع السيئ الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لادونه وكذا المختلط الذى لم بعتبر والمستور والاسناد المرسل وكذا المدلس اذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسنا لالذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع لان كل واحد منهم احتمال كون روايته صوابا او غير صواب علي حد سواء "
قوله وكذا المدلس اذالم يعرف المحذوف منه يدل علي بصيرته في النقد. لان معناه أما اذاعرف مخرجه أو احتمل فلا يقبل ولا يرتقي الي درجة الحسن. ونذكر لها مثالا للامام ابن حجر نفسه. قال تخت حديث " أيما رجل نكح امرئة فدخل بهافلا يحل له نكاح ابنتها ان لم بكن دخل بها فلينكح ابنتها ...... " الحديث الذى أورده الزمخ1شرى في تفسيره (الكشاف) فقال: " وأخرجه أبو يعلي والبيهقي من طريق ابن المبارك عن المثني عن عمروبن ش1عيب عن أبيه عن جده رفعه والمثني ض7عيف لكن رواه الترمذى والبيهقي أيضا من طريق ابن لهيعة عن عمر وبه قال: لا يصح وانما يرويه المثني وابن لهيعة وهما ض7عيفان. انتهي وي1شبه اغن يكون ابن لهيعة أخذه عن المثني ثم أسقطه لأن ابا حاتم قال لم يسمع ابن لهيعة من عمروبن شعيب شيئا فلهذا لم يرتق هذا الحديث الي درجة الحسن " (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف الذى طبع بذيل تفسير الكشاف 1/ 495 له
فابن لهيعة أسقطه لآنه مدلس علي رئى بعض العلماء. سيأتي البحث عن ذلك في الفصل الآتي. أوسقط منه لاختلاطه وسوء حفظه. الله أعلم. فيقول الشيخ أبو الحسن مصطفي بن اسماعيل لما سئل عما نحن في صدره فأجاب:- " فرق بين كون الحديث روى من طريقين مختلفين في أحدهما رجل سيئ الحفظ وفي الآخر ممنعته مدلس. وبين كون الضعيف هذا والمدلس روياه عن شيخ واحد ففي الحالة الاولييحسن الحديث بخلاف الحالة الثانية لأننا نخاف من المدلس فلربما أنه أخذه عن هذاالضعيف ثم أسقط الضعيف ودلسه فتكون الروايتان من طريق هذاالضعيف فلا يحسن الحديث الا اذا علمنا أن هذا المدلس لم يروقط عن هذا الضعيف فحينذاك فستشهد به وقد صرح بذلك الشيخ الالباني. حفظه الله. كما في (تمام المنة ص 82) و (الضعيفة3/ 145) ولم أستفد هذه الفائدة النفيسة الا بمثله حفظه الله تعالي " (اتحاف النبيل 1/ 177 له) فظهر بهذا التحرير أن متابعة المدلس علي سيئ الحفظ لاتقبل الا اذا كان الامناء من طريقتين مختلفين. الله أعلم.
الباب الثالث:- وجه من ضعف ابن لهيعة مطلقا والجواب عليه.
¥(13/193)
قبل ان أشرع في تحرير الموضوع أقول ان توجيه أقوال العلماء المختلفة الي وجه يوافق عليهلازم ان يكون مجردا عن الهوى والعصبية وان يكون رائده طلب الحق وتحرير الحق فلا ي\هب مع الهوى ملقيا أصول الأئمة التي رسموها لمثل هذه المتعارضات وراء ظهره فيقول ممن قال فيهم النبي صلي الله عليه وسلم " تنحارى بهم الاهداء كما تتجارى الكلب علي صاحبها " أو كما قال صلي الله عليه وسلم اللهم اهدنا صراطك السوى المستقيم.
انا اذا تاملناأقوال العلماء وموقفهم من اضطراب ابن لهيعة في روايتهنراهم طائفتين
الطاءفة الاولي:- ضعفوه مطلقا ولم يفرقوا بين القديم والحديث لما رأوا من اضطراب ابن لهيعة من اول أمره ومنهم من أثبت احتراق الكتب ومنهم من نفوه.
الطائفة الثانية ضعفوه بعد اختلاطه وقبلوا ما كان قبل اختلاطه منهم من راىاحتراق كتبه سببا لاختلاطه ومنهم من راى علو أخرى. سأورد الآن أقوالهم ثم أرجع ما اراه صوابا. ان شاء الله –
(1) العلماء الذين ضعفوه مطلقا
(1) قال الامام البخارى عن الحميدي " كان يحي ابن سعيد لايراه شيئا" (الضعفاء الصغير رقم 190)
(2) قال الامام يحي ابن معين " ليس بشيئ " قيل ليحي " فهذ الذى يحكي الناس أنه احترقت كتبه قال " ليس لهذا أصل سألت عنها بمصر " (كلام يحي ابن معين في الجرح والتعديل رواية أبي خالد الدقاق يزيدبن الهيثمطهمان النادى ص 97)
وقال أيضا " ابن لهيعة ضعيف الحديث " (تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي عن يحي ابن معين ص 153)
وقال ايضا " أنكر أهل مصر احتراق كتبه والسماع منه وأخذ القديم والحديث وهو ضعيف قبل احتراق كتبه وبعد احتراقها " (كتاب الضعفاء والمتروكين للامام ابن الجوزى 3/ 136,137)
(3) وقال الامام سعيد بن ابي مريم " لا أقربه قبل الاحتراق ولا بعده " (الجرح والتعديل 5/ 146)
(4) وقال الامام أبو زرعة الرازى " سماع الاوائل والاواخر منه سواء الا ان ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله وليس ممن يحتج به " (ميزان الاعتدال 2/ 477)
(5) وقال عبد الرحمن ابن أبي حاتم قلت لأبي " اذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال: لا (كتاب الجرح والتعديل لابن ابي حاتم 5/ 148)
(6) وقال الامام ابن عدى بعد ان ذكر جزء من أحاديثه " وهذا الذىذكرت لابن لهيعة من حديثه وبينت جزء من أجزاء كثيرة مما يرويه ابن لهيعة عن مشايخه وحديثه حسن كأنه يستبان عن من روى عنه وهو ممن يكتب حديثه " (الكامل في الضعفاء لابن عدىة 4/ 154)
(7) وقال الامام مسلم " تركه ابن مهدى ويحي ابن سعيد ووكيع " (تهذيب التهذيب 5/ 331)
(8) وقال الامام الجوزجاني " لا يوقف علي حديثه ولا ينبغي ان يحتج به ولا يغتر بروايته " (أحوال الرجال للجوزجاني رقم 274)
(9) وأورد الامام ابن الجوزى في كتابه الخاص للضعفاء (كتاب الضعفاء والمتروكين 2/ 227)
(10) الامام الدار قطني قال " يعتبر بما يروى عنه العبادلة ابن المبارك والمقرئ وابن وهب " (كتاب الضعفاء والمتروكين له رقم 322)
(11) وقال الامام النسائي " ضعيف " (كتاب الضعفاء للامام النسائي والمتروكين رقم346)
(12) وقال الامام برهان الدين محمد سبط ابن العجمي " والعمل علي تضعيف حديثه والله أعلم " (نهاية الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط رقم 58 لعلاء الدين علي رضا)
(2) العلماء الذين فرقوا بين قديم سماعه وبين حديثه
(1) قال الامام أحمد بن حنبل" من سمع من ابت لهيعة قديما فسماعه صحيح " (المجروحون لابن حبان 2/ 13)
(2) قال عمروبن علي الفلاس " من كتب عنه قبل احتراق كتبه مثل الامام ابن المبارك والمقرن فسماعه أصح " (كتاب الجرح والتعديل 5/ 147)
(3) قال الامام ابنحبان كانأصحابنا يقولون " ان سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبارلة فسماعهم صحيح ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيئ " (كتاب الضعفاء 1/ 11)
(4) قال الامام نعيم ابن حماد " سمعت ابن مهدى يقول لا أعتد بشيئ سمعته من حديث ابن لهيعة الا سماع ابن المبارك ونحوه " (تهذيب التهذيب 5/ 328 ميزان الاعتدال 2/ 476)
(5) قال الامام ابن حبان " فوجب التنكب عن رواية المتقدمين ........ ورحب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين بعد احتراق كتبه مما ليس من حديثه " (كتاب الضعفاء 2/ 13)
¥(13/194)
(6) عثمان بن صالح وقد تقدم النقل عنه (ميزان الاعتدال 2/ 476)
(7) وقال قتيبة بن سعيد " كان رشدين وابن لهيعة لايباليان ما دفع اليهما فيقرانه" (التاريخ الاوسط للامام البخارى 2/ 175) وقال أيضا " كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة الا من كتب ابن أخيه أو كتب ابن وهب الا حديث الاعرج " (تهذيب التهذيب 5/ 329)
(8) قال الامام الذهبي " أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته وأخرج له أبوداوود والترمذى والقزريني وما رواه عنه ابن وهب والمقرئ والقدماء أجود " (سير أعلام النبلاء 7/ 360)
(9) وقال الامام ابن حجر العسقلاني " خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما وله في مسلم بعض شيئ مقرون مات سنة أربع وسبعين وقد كان علي الثمانين" (تقريب التهذيب ص 186)
وغيرهم من الائمة ذهبوا الي التفريق بين روايته فالصواب قبول ما كان قبل الاختلاط وترك الاحتجاج بما كان بعده. فالجواب علي الذين ذهبوا الي تضعيفه مطلقا: - أرى – الله أعلم – ان السبب الذى أتي هؤلاء الائمة الي تضعيفه مطلقا سواء كان الي حد الترك او الي مرتبة الاستشهاد الاضطراب الذي كان يعترى ابن لهيعة في بعض الاحيان لأنه قد وجد شيئ من ذلك حتى في رواية العبادلة عنه مثلا:- قال الشيخ الالباني في (سلسلة الاحاديث الضعيفة رقم 838) تحت الحديث المشار اليه بالرقم الذي اختلف فيه الرواة عن ابن لهيعة علي وجوه:- بعضهم روى عنه مسمين تابعي الحديث بعبد الله بن أبي رافع
وبعضهم روى عنه مسمين تابعي الحديث بعبد الله بن رافع فسموا أباه هكذا. وبعضهم روى عنه وسموه بعبد الله ولم يذكر أباه وتارة رفعوه عنه وتارة أوقفوه
ومن الرواة عنه عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وهما من العبادلة فقال الشيخ " ولعل هذا الاضطراب من الرواة عن ابن لهيعة لا منه لأننا نقول هذا مردود لأنهم جميعا ثقات وفيهم عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وهما ممن سمعا من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه فذلك يدل علي ان الاضطراب منه وأنه قديم لم يعرض له بعد احتراق الكتب "
وقد كنت كتبت تحت قول الشيخ هذا قبل ثلاث سنوات أثناء قرائتي لها كما يلب " ففي نفسي سؤال أليس من الممكن أن يقال " انما الاضطراب في هذه الروايات اذا جمعناها أما اذا جردنا رواية عبد الله بن وهب وابن المبارك عن الاخرى فليس فيه اضطراب لأن الاول نسب والآخر لم ينسب وليس الا هو فذلك لا يدل علي الاضطراب ان شاء الله ان كان كذلك فمن الامكان ترجيح روايتهما علي رواية الاخرين لأنهم سمعوا منه بعد اختلاطه. فهذا فلا يكون هذا والاعلي قدم اضطرابه. وكذلك لم يظهر لي ما مراد الشيخ الالباني بقوله " أنه قديم لم يعرض له بعد احتراق الكتب " أ يعني به قديم ضعفه أم هو أمر اخر؟ " فان كان الاول فما قيمة تصحيح أحاديثه التي روتها العبادلة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط. وهذا لاأظن بالشيخ. وان كان غير ذلك فلا أعلم ما هو؟ وان كان هذا السؤال واراد من قلة علمي وحهلي بهذا العلم وحداثتي أسأل الله ان يغفرلي وان يهديني الي طريق الحق الله أعلم " انتهي
ولكني لما وقفت علي بعض الاضطرابات الاخرى الرافعة في رواية العبادلة تيقنت أنه كان شيئ من ذلك قبل احتراق كتبه ولكنها تنغمر في سعة ما روى ولا يسقطه عن درجة الاحنجاج به ولو في رتية الحسن لأن الامام أحمد بن حنبل قال فيه " من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثير حديثه وضبطه واتقانه " (كتاب بحر الدم فيمن تكلم فيه الامام أحمد بمدح أوذم رقم 550)
وقال فيه أحمد بن صالح " كان صحيح الكتاب طلابا للعلم" (تقدم) وقال زيدبن الحباب سمعت سفيان يقول " كان عند ابن لهيعة الاصول وعندنا الفروع " وقال أبو يحي حسان " ما رئيت أحفظ من ابن لهيعة بعد هيثم " فلا ينبغي اهداره وياترى فانظر كيف جمع الامام ابن حجر بين أقوال الأئمة المختلفة رحمه الله فقال:- " صدوق من السابعة خلطه بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما " (تقريب ص186)
فلم يرفعهالي حيز التصحيح ولم يحطه حتي يسقطه عن الاحتجاج به فقال صدوق فصرح بأن رواية العبادلة عنه حسنة. الله أعلم
¥(13/195)
وحتي الآن قد حصلنا علي نتيجتين الاولي:- أن معظم أصول ابن لهيعة قد احترقت الثانية:- أن ما كان من أحاديثه قبل اختلاطه يحسن ولا يصحح والآن بقي مسألة التدليس واذا ثبت التدليس فيه فلا يحسنحديثه حتي يصرح بالتحديث ولنبحث عنه في الفصل الآتي:-
الفصل الثالث
(التد ليس)
الباب الاول:- التعريف عن التدليس
التدليس لغة:- " هو مشتق من الدلس وهو الظلام قاله ابن السيد وكأنه أظلم أمره علي الناظر لتغطية وجه الصواب فيه " قاله الحافظ ابن حجر (النكت علي كتاب ابن الصلاح 2/ 614)
وهو أنواع منه: تدليس الاسناد - وهو ان يروي الراوي كمن لقيه ما لم يسمع منه أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد سمعه منه " (الباعث الحثيث مع تعليق الالباني عليه 1/ 172)
والامام ابن الصلاح قد ادخل الارسال الخفي في تعريفه هذا بقوله " عمن عاصره ولم يلقه أشار اليه الحافظ في (نزهة النظر)
ومنه تدليس الشيوخ " هو الاتيان باسم الشيخ أوكنميته علي خلاف المشهور به تعمية لامره " (المصدر السابق 1/ 176)
ومنه تدليس العطف ومنه تدليس السكوت ومنه تدليس البلدان أنظر المصدر السابق
الباب الثاني:- تفصيل كلام الامام ابن حبان فثي ابن لهيعة بأنه مدلس.
هذه طعنة أخرى انتفد بها الامام ابن لهيعة وقبل الشروع في المقصود أقول رأيت دكتورا ا سمه ادم أحمد محمد البازي - حفظه الله – علق علي حديث فبه ابن لهيعة في دراسته كتاب (شرح معاني الآثار) وليس الراوى عنه من القدماء فقال " .......
عبد الله بن لهيعة صدوق مدلس من مدلسي المرتبة الخامسة " ثم أعل الحديث به. واكتفائه تضعيفه بالتدليس فقط غير جيد لأنه ولو صرح بالتحديث ولا يصرح الحديث مقبولا لأن الراوي عنه من المتأخرين فيبقي الحديث علي ضعفه الله أعلم وأرجع الي موضوعنا.
قال الامام ابن حبان:-" كان شيخا صالحا ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه ثم احترقت كتبه في سنة سبعثين ومائة قبل موته بأربع سنين وكان أصحابنا يقولون ان سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيئ وكان ابن لهيعة من الكتابين للحديث والجماعين للعلم (كتاب الضعفاء والمجروحين 2/ 11)
ثم قال قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرئيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا ومالا أصل له من رواية المتقدمين كثيرا فرجعت الي الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفي عن أقوام راهم ابن لهيعة ثقات فالتزقت تلك الموضوعات به " (المصدر السابق 2/ 12)
هكذا في كتاب ابن حبان ولعله خطأ مطبعي وفي تهذيب ابن حجر " عن أقوام ضعفاء علي أقوام ثقات قدراهم " وهو المناسب للسياق الله أعلم. ثم قال واما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة وذاك أنه لا يبالي ما دفع اليه قرائة سواء كان ذلك من حديثه أو غير حديثه فرجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الاخبار المدلسة في الضعفاء والمتروكين ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه " (المصدر السابق 2/ 13) وهذا الذي ذكره الامام ابن حبان موجود في كثير من أحاديثه أما ما قاله أنه كان لا يبالي ما دفع اليه قرائة سواء كان ذلك من حديثه أوغير حديثه فمشهور عنه. وقد وضعه الامام ابن حجر العسقلاني في الطبقة الخامسة وهي الطبقة التيأهلها مدلسون وجرحوا بأمر اخر. فقال ابن حجر "عبد الله بن لهيعة السحضرمي قاضي مصر اختلط في اخر عمره وكثر عنه المناكير في روايته " (طبقات المدلسين 1/ 54)
وقال الامام السيوطي" وصف بالتدليس " (أسماء المدلسين رقم 29)
وذكره الشيخحمادبن محمد الانصاري في (اتحاف ذوى الرسوخ بمن رمي بالتدليس من الشيوخ رقم 70)
والصحيح ماقاله الامام ابنحبان وقد سبر أحاديثه وتوصل الي هذه النتيجة وأقره عليه الحافظ وهذهتظهر بالمقارنة فمن كان أهلا له فليفعل والا فالتمسك بهذين الامامين أولي فانها حجة في علم الحديث. الله أعلم
الباب الثالث:- المدلس اذاروى من كتابه هل يدلس؟
¥(13/196)
قال الشيخ ابو الحسن مصطفي بن اسماعيل " ........ لكن بقي ان يقال " المدلس اذا اخذ عن كتبه هل يزيل ذلك علة التدليس؟ او بمعني اخر هل المدلس لا يسقطه شيخه الا اذا حدث بالحديث من حفظه مع كونهقد أثبت اسم شيخه في كتابه فمن أخذ من كتابه علم بشيخه ام لا؟ هذا محل بحث واستفسار والله أعلم " (اتحاف النبل ص 86)
هذا أرى- والله أعلم – تشكيله غير نافع من الشيخ – حفظه الله ونفع بعلومه - وقد جرى الائمة بدون تفريق بينهما وان كان شيئ منه كما فال الشيخ – حفظه الله كان أقدم القوم الى التنبيه علي ذلك مثلا نحن نعلم يقينا أن ابن لهيعة كان يحدث من كتبه ومع ذلك يقول الامام ابن حبان أنه مسير أحاديثه فرآها يدلس عن أقوام ضعفي علي أقوام ثقات رآهم ابن لهيعة وذلك في رواية المتقدمين. فما فرق بين تحديثه من كتبه وبين تحديثه من حفظه: وكذا الامام ابن حجر لم يفرق بينهما حين انتقده بالتدليس فمثل ذلك الاستفسار من الشيخ – حفظه الله – لا يجيد الله أعلم.
قال يعقوب ابن سفيان عن سعيد بن ابي مريم " كان حيوة بن شريح أوص بكتبه الي وحي لا يتقي الله وكان يذهب فيكتب من كتب حيوة حديث الشيوخ الذين شاركه ابن لهيعة فيهم ثم يحمل اليه فيقرء عليهم قال وحضرت ابن لهيعة وقد جائه قوم فقال هل كتبتم حديثا طريفا قال فجعلوه يذاكرونه حتي قال بعضهم ثنا القاسم العمرى عن عمروبن شعيب عن ابيه عن جده رفعه اذا رأثيتم الحريق فكبروا ...... " الحديث فكان ابن لهيعة يحدث به ثم طال ذلك عليه ونسي فكان يقرأ عليه في جملة عمروبن شعيب ويجيزه " رماها ميمون بن الاصبغ عن أبي مريم وزاد أن اسم الرجل الذي حدث به ابن لهيعة زيادبن يونس الحضرمي " (تهذيب التهذيب 5/ 328)
وقال الامام عبد الرحمن بن مهدي "لا أحمل عن ابن لهيعة قليلا ولا كثيرا كتب الي ابن لهيعةكتابا فيه حدثنا عمروبن شعيب قال عبد الرحمن فقرأته علي ابن المبارك فأخرج الي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال حدثني اسحاق بن أبي فروة عن عمروبن شعيب. (كتاب الضعفاء 2/ 12)
وقال يحي بن حسان " جاء قوم ومعهم جزء فقالوا سمعنا ه من ابن لهيعة فنظرت فيه فاذا ليس فيه حديث واحد من أحاديثه قال فقمت فجلست الي ابن لهيعة فقلت أى شيئ ذا الكتاب الذي حدثت بتدليس هاهنا في هذا الكتاب حديث من حديثك ولا سمعتها أنت قط قال فما أضع بهم يجيئون بكتاب فيقولون هذا من حديثك فأحدثهم به " (المصدر السابق 2/ 13)
وقال قتيبة بن سعيد " كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه يغني فضعف بسبب ذلك " (تهذيب 5/ 330)
وقال أيضا " كان رشدين وابن لهيعة لا يباليان ما دفع اليهما فيقرآنه " (التاريخ الاوسط 2/ 175)
وكل هذا يدل علي اضطراب ابن لهيعة الشديد بعد احتراق كتبه وبه يظهر ضعف قول الامام ابن شاهين حيث قال " والقول في ابن لهيعة عندي قول أحمد بن صالح لأنه من بلده ومن أعرف الناس به وبأشكاله من المصريين وقد حدث شعبة ابي الحجاج عن ابن لهيعة " (المختلف فيهم للامام ابن شاهين ص 47)
المبحث الثالث
(البحث عن الرواة المقبولة روايتهم عن ابن لهيعة)
قال الامام ابن الصلاح في النوع الثاني والستين في (مقدمته) " والحكم فيهم (يعني المختلطين) أنهيقبل حديثه من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولايقبل حديث من أخذ عنهم بعد الاختلاط او أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده "
(التتقييد والايضاح شرح مقدمة ابن الصلاح ص 39)
وبناء علي هذا ميزوا أكثر الائمة بين روايات القدامي والمتأخرين. وقد اختلفوا في قبول بعض منهم ولكن أكثر الائمة متفقون علي قبول رواية العبادلة. فلنحرر موضوعنا – ان شاء الله بشيئ من التفصل.
الفصل الاول
(التحقيق في قبول رواية العبادلة عن ابن لهيعة)
العبادلة هم عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ. وقد نص الأئمة علي قبول روايتهم عن بن لهيعة لأنهم سمعوا منه كتابه كله فبل الاختلاط وكانوا يتثبتون في رواياته. هذا بعض نصوص الائمة في قبول روايتهم عنه وقد ألحقت بهم بعض من ضعفه مطلقا واعتبر برواية العبادلة ولم يحتجوا بها
¥(13/197)
01 - قالالامام عبد الرحمن بن مهدي" لا أعتد بشيئ سمعته من حديث ابن لهيعة الا سماع ابن المبارك ونحوه " وقال الامام علي بن المديني عن ابن المديني أنه قال "لا اتحمل عنه قليلا ولاكثيرا ثم قال عبد الرحمن كتب الي ابن لهيعة كتابا فيه عمروبن شعيب قال عبد الرحمن فقرئته علي ابن النبارك فأخرجه الي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال أخبرني اسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب " (تهذيب التهذيب 5/ 328) (ميزان الاعتدال 2/ 478)
وهذه التصريحات من الامام عبد الرحمن بن مهدي عما تدل علي صحة رواية العبادلة تدل أيضا علي صحة رواية عبد الرحمن بن مهدي عن ابن لهيعة. لأنه لا يعتد بشيئسمعه من ابن لهيعة ان لم يوافق سماعه سماع ابن المبارك ونحوه. ثم مثللاعتداده بحديث أخطأ فيه ابن لهيعة. وهنا خلآف آخر وهو هل سمع ابن لهيعة من عمروبن شعيب وقد أفردته في رسالة مستقلة رجمت بعض نصوص الأئمة فيه ولم تتم بعد. ولكن سواء ثبت سماع ابن لهيعة منه أو لم يثبت أن هذا الحديث لم يسمعه منه لأنه في أوله لم يرو عنه بدليل تصريح ابن المبارك ولكنه صار بعد اختلاطه يروي عنه مباشرة في هذا الحديث. لأن ثبوت السماع غير ملزم لثبوت الافراد.الله أعلم.
02 - عبد الغني بن سعيد الازدمي " اذا روي العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح ابن المبارك وابن وهب والمقرئ (تهذيب التهذيب 5/ 330)
03 - وذكر الساجي مثله (المصدر السابق 5/ 330)
04 - وقال عمروبن علي الفلاس" من كتب عنه قبل احتراقها مثل ابن المبارك والمقرئ فسماعه أصح " (كتاب الجرح والتعديل 2/ 147)
05 - " وسماع الاوائل والاواخر منه سواء الا ان ابن المبارك وابن وهب كانا يتبعان أصوله وليس ممن يحتج به " (ميزان الاعتدال 2/ 477)
وظاهر كلام الامام أبي زرعة تضعيفه مطلقا واستحسن رواية من ذكره ولكنه لم يرفعها الي درجة الحسن. الله أعلم
06 - قال خالدبن خدا ش " رآني ابن وهب لا أكتب حديث ابن لهيعة فقال اني لست كغيري في ابن لهيعة فأكتبها " (الجامع في العلل ومعرفة الرجال 2/ 1745 رواية عبد الله واسحاق والميموني عن الامام أحمدبن حنبل)
07 - قال الامام ابن حبان " وكان أصحابنا يقولون ان سماع من سمع قبل احتراق كتبه مثل العبادلة فسماعهم صحيح" (الضعفاء 2/ 11)
08 - قال الامام الذهبي " ........... ومارواه عنه ابن الوهب والمقرئ والقدماء أجود " (سير أعلام النبلاء 7/ 360)
09 - وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني " ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعد من غيرهما " (تقريب التهذيب186)
وهذه شيئ من قول الائمة في قبول رواية العبادلة عنه لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط وأخذوا من أصوله فاذاكامنت الرواية عن ابن لهيعة من طريق احد العبادلة الثلاثة وصرح فيه ابن لهيعة بالسماع عمن يرويه - لأنه مدلس - تقبل روايته. ولكني رأيت الشيخ الالباني لا يلتفت الي مسألة التدلس وقد أشار اليه في مكان في (الضعيفة)
الفصل الثاني
(تحقيق الكلام في رواة آخرين)
صحت روايتهم عنه
وقد توسع بعض العلماء في قبول رواية ابن لهيعة زبادة علي العبادلة مثل الامام أحمد من المتقدمين والامام الذهبي في السير وابن حجر من المتأخرين حيث نص علي قبول رواية يحي ابن اسحاق السيلحيني في التهذيب في الجزء الثاني. التوسع اليسر هو الصحيح لقوة الداعي اليه الذي سأذكره – ان شاء الله - وقد قسمت هذا الفصل الي بابين لما وجدت فيه من الخلاف.
الباب الاول: - الكلام فيمن تصح روايتهم عن ابن لهيعة بلا شك عند من ضعفه بالاختلاط وذهب الي التفريق بين روايته قديمها وحديثها.
قلنا به لأن الذين سأذكرهم ماتوا قبل موته أو بعد موته بشهرين او ثلاثة فلا شك اذن في قبول روايتهم ومثل هؤلاء – لاشك – كانوا أعلم من غيرهم بروايته وليس سنهم من السماع والتحمل حين احتراق كتب ابن لهيعة وكلهم من الطبقة السابقة طبقة ابن لهيعة. خاصة اثنان فيهم مصريون وكيف يعقل رد روايتهم عنه. وهؤلاء هم:-
1) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي مات سنة احدى وستين ومائة وفي بعض ذلك خلاف والصحيح ما هنا (تهذيب التهذيب 4/ 99 وتقريب التهذيب 4/ 13)
2) شعبة بن الحجاج الازدى الواسطي ثم البحري وقال ابن سعد" توفي أول سنة وستين ومائة وكذا قال أبوبكر بن منجويه " (تهذيب التهذيب 4/ 297 وتقريبه 145)
¥(13/198)
3) عبد الرحمن بن عمروبن أبي عمرو الاوزاعي الفقيه " وفي سنة وفاته اختلاف غير ما تقدم قيل سنة خمس وخمسين وسنة واحد وخمسين وقيل ست وخمسين الله أعلم " قاله الحافظ (تهذيب التهذيب 6/ 219 وتقريبه 257)
4) عمروبن الحارث بن يعقوب الانصارى المصرى فقيه حافظ مات قبل خمسين ومائة " (تقريب التهذيب ص 258)
5) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث الامام المصرى وهو من أقران ابن لهيعة ولد سنة أربع وتسعين ومات يوم الجمعة نصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة " (تهذيب التهذيب 8/ 414)
6) ويلتحق بهم- ان شاء الله – بشر بن بكر لأنه قد امتنع عن السماع قبل احتراق كتبه بكثير. قال الامام العقيلي باسناده الي بشربن بكر قال:-" لم أسمع من ابن لهيعة بعد سنة ثالاث وخمسين ومائة شيئا " (الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 294)
الباب الثاني: - فيمن اختلفت فيهم أقوال الائمة قبولا وردا.
1) عبد الرحمن بن مهدي قد تقدم الكلام في روايته في الفصل الاول في هذا البحث.
2) سعيد بن ابي مريم كان يثبت في روايته – علي رأى البعض - وسيأتي التحرير ان شاء الله
3) قتيبة بن سعيد قال أبو داوود سمعت قتيبة يقول كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة الا من كتب ابن اخيه او كتب ابن وهب الا حديث الاعرج ثم أسمعهمن ابن لهيعة (تهذيب التهذيب 5/ 349
والقول فيه كما قلت في عبد الرحمن بن مهدي وقد تقدم عنه غير ذلك من النقول عن ابن لهيعة.
4) اسحاق بن عيسى الطباع ذكر الشيخ الالباني في (الصحيحة6/ 2/ص11571) ان عبد الله بن أحمد ابن حنبل ذكر انه لقيه قبل احتراق كتبه ورأيت في (كتاب العلل ومعرفة الرجال 2/ 1573) لاحمدبن حنبلثنا اسحاق بن عيسى الطباع قال احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين قال ولقيته أنا سنة أربع وستين وسيأتي تحقيق الكلام فيه - ان شاء الله –
5) أبو الاسود: قال الامام ابن عدي حدثنا موسيبن العباس ثنا أبو حاتم سألت ابا الاسود قلت كان ابن لهيعة يقرء ما يدفع اليه قال كنا نرى أنه لم يفته من حديث مصر كثير شيئ وكنا نتبع أحاديث من حديث غيره عن الشيوخ الذين يروى عنهم فكنا ندفعه اليه فيقرئ " (الكامل في الضعفاء4/)
وقد استحسن روايته الامام أحمد بن صالح فقال"كنت أكتب حديث أبي الاسود في الرق ما أحسن حديثه عن ابن لهيعة" (تهذيب التهذيب5/ 330)
فتحسين الحديث اذاكان من رواية ابي الاسود والنضر بن عبد الجبار هو الصحيح ان شاء الله. وقد يحتمل الخلاف
6) يحي بن اسحاق السيدلحين وقد حسن أوصحح روايته عن ابن لهيعة ابن حجر في تهذيبه في الجزء الثاني والالباني في (الصحيحة7/ 3/)
7) عثمان بن صالح قد تقدم عنه أنه كتب كتاب عمارة بن غزية من أصله. فيحسن حديثه اذاكان منه. أما رواية سعيدبن ابي مريم واسحاق بن عيسى الطباع ويحي بن اسحاق السيلحيني فغير حسن تحسين روايتهم عنه حتي يرد نص منهم في تثبتهم في روايتهم عنه لان سعيدبن أبي مريم أقل ما يمكن أن يأخذمما اعترض هو علي ابن لهيعة أنه "علم أن ابن لهيعة كان يحدث بأحاديث غيره ويقرأ عليه فيسكت عليه " واعترض عليه ببعض ما علم من أحاديثه فاجتنب عن روايته وليس الا " فهذا ليس بكاف للتدليل علي قبول روايته عنه الله أعلم وكذااسحاق بن عيسى الطباع ولان لقيته قبل احتراق كتبه (غير دال علي تثبته في رواياته أو علمه باسقاطه وزياداته فتحسين روايته عنه غير حسن – الله أعلم – أما يحي بن اسحاق السيلحيني فلم أدر وجه تحسين الالباني وابن حجر القسطلاني – رحمهم الله - ولعلهما وقفا علي نصلم تقف عليه لقلة باعنا في هذا المجال وبضاعتنا أللهم اغفر لنا وارحمنا وانبنا سبيل من أناب اليه.
فخلاصة القول:-
" ان الامام ابن لهيعة صدوق مدلس اختلط في آخر عمره ورواية:-
1 - عبد الله بن المبارك
2 - عبد الله بن وهب
3 - عبد الله بن يزيد المقرئ
4 - سفيان بن سعيد الثورى
5 - شعبة بن الحجاج
6 - عبد الرحمن بن عموبنأبي عمو الاوزاعي
7 - عمربن الحارثبن يعقوب المصري
8 - الليث بن سعد المصري
9 - عبد الرحمن بن مهدي
10 - قتيبة بن سعيد
11 - بشربن بكر
12 - ابي الاسود النضر بن عبد الجبار
13 - عثمان بن صالح في روايته عنه كتاب عمارة بن غزية. عن ابن لهيعة حسنة ان صرح بالتحديث
¥(13/199)
هذا ما اردت من التحقيق – ان شاء الله – ولا ادعي صواب كل ما فيه ولكني بذلت بهدي. ولا بد من أخطار وزلة قلم يتعرض لها طولب العلم مثلي. فان أصبت فمن الله وبرحمته وبفضله وان أخطأت فمني فأرجو قبول الصوابوالاستغفار لكاتبه في الاخطار – الله أعلم ======+======
فهرس المواضع
(1) مقدمة - (1)
* أهمية علم الحديث - (1)
*الاشارة الي قلة الاهتمام به في السيلان – (2)
*سبب تأليف الرسالة - 2
*الاشارة الي رسالتين في هذا الموضوع لم تطبعا بعد (3)
*الاشارة الي رسالتين ألفتا في موضوع الاختلاط - (3)
* بداية التأليف كانت بمعهد دار التوحيد السلفية - (3)
*مباحث الرسالة - (3)
*شكر صاحب الرسالة لشيخه الفاضل أبوبكر الصديق مدني - (4)
(2) المبحث الاول " ترجمة مختصرة عن الامام ابن لهيعة " - (5)
* مصادر ترجمته - (5)
* اسمه ونسبه ومولده - (5)
* جده في طلب العلم - (5)
* شيوخه - (6)
* تلا ميذه (6)
* منه< الامام ابن حجر في (التهذيب) في سرد الشيوخ - (6)
(3) البحث عن الاسباب التي طعن بها ابن لهيعة وتحقيق الكلام فيها - (7)
*اتفاق العلماء علي سلامة عقيدته وعدالته - (7)
* الاشارة الي موضوع الفصول – (7)
* الاختلاط - (8)
* التعريف عن غالاختلاط - (8)
* حادثة احتراق الكتب - (8)
* العلماء القائلين باحتراق كتبه كلها – (9)
* العلماء الذين نفوااحتراقها أو لم يؤثر عنهم قول فيه - (10)
* موقف الامام أحمد بن صالح وأبو يحي: حسان - (11)
* اضطراب موقف الامام ابن شاهين - (11)
* العلماء القائلين باحتراق بعض كتبه - (11)
* الترجيح - 012)
* استحسان رواية النضر بن عبد الجبار أبي الاسود عن ابن لهيعة - (13)
(2) سوء الحفظ _ (13)
* التعريف عن سوء الحفظ - (13)
* سوء الحفظ علي قسمين - (13)
* متابعة مدلس علي سيئ الحفظ هل تقوي روايته؟ - (14)
* مثال له - (14)
* العلماء الذين ضعفوه مطلقا – (15)
* العلماء القائلين بالتمييز بين قديمه وحديثه - (16)
* يثبت الشيخ الالباني الاضطراب اليسير الذي كان يعتريه قبل الاخنلاط - (17)
* الاشارة الي تسائل من قبل صاحب الرسالة - (18)
* تحسين رواية ابن لهيعة قبل الاختلاط لا التوثيق من قبل ابن حجر - (18)
* محصل المبحثين دون فصل " التدليشس " - (19)
(3) التدليس - (19)
* أنواع التدليس – (19)
* تفصيل كلام الامام ابن حبان في ابن لهيعة بأنه مدلس – (19)
* الاشارة الي خطأ مطبعي - (20)
* العلماء القائلين بتدليسه - (21)
* المدلس اذا روى من كتابه هل يدلس؟ - (21)
* هذا التشكيل غير نافع – (21)
* بعض الامثلة علي اضطراب ابن لهيعة الشديد بعد احتراق كتبه - (22)
* ضعف قول الامام ابن شاهين - (22)
(4) البحث عن الرواة المقبولة روايتهمعن ابن لهيعة - (23)
* التحقيق في قبول رواية العبادلة - (23)
* من هم العبادلة؟ - (23)
* العلماء القائلين بقبول روايتهم عنه – (23) و (24) و (25)
* تحقيق الكلام في رواة آخرين صحت روايتهم عنه – (25)
* الكلام فيمن تصح روايتهم عن ابن لهيعة بلا شك ......... - (25)
* فيمن اختلفت فيهم أقوال الائمة قبولا وردا – (26)
* رواية سعيد بن ابي مريم – (27)
* رواية اسحاق بن عيسى الطباع _ (27)
* رواية يحي بن اسحاق السيلحيني – (27)
* ترتيب من تقبل روايتهم عن ابن لهيعة - (28)
* دعاء وطلب من صاحب الرسالة - (28)
* الفهرس – (29) (30) (31)
(الا ستدراكات)
(1) وممن قال بالاحتراق الامام محمد بن يحي الذهلي (انظر الرقم 8 الآتي)
(2) ويلحق بهم أبو الاسود النضر بن عبد الجبار المستحسنة روايته عن ابن لهيعة بالامام أحمد ابي صالح. ففي كتاب الجرح والتعديل ما نصه " ..... قال أحمد بن سنبويه قلت لأبي الاسود النضر بن عبد الجبار كان لابن لهيعة كتب قال: " ماعلمت " (5/ 180)
(3) وممن ضعفه مطلقا الامام الترمذى حيث قال في سننه تحت الحديث المرقوم (10) ما نصه " وابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحي بن سعيد وغيره من قبل حفظه " وقال في علله الصغير المطبوع بآخر السنن " ...... في مجالد بن سعيد وعبد الله بن لهيعة وغيرهما انما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطأهم وقد روى عنهم غير واحد من الائمة فاذا تفرد احد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به ... " (ضعيف الترمذى ص 466)
¥(13/200)
وممن ضعفه الامام البيهقي قال " أجمع أصحاب الحديث علي ضعف ابن لهيعة وترك الاحتجاج بما ينفرد به (تهذيب الاسماء واللغات للنوزوي 1/ (328 ص 266)
وممن ضعفه مطلقا الامام ابو الفضل محمد بن ابي الحسين ابن عمار الشهيدان 317) قي كتابه (علل أحاديث في كتاب صحيح مسلم) (ص 1288) المطبوع بهامش صحيح مسلم (طبعة بيت الافكار الدولية)
(4) وقال الحافظ ابو العلا عبد الرحمن ابن عبد الرحيم المباركقدرى " ومع ضعفه فهو مدلس – أيضا كما عرفت وكان يدلس عن الضعفاء قال الحافظ في (طبقات المدلسين) (تحفة الاحوذى 1/ 69،70)
(5) ولكن نقل الامام النووي في تهذيب الاصسماء واللغات قولا لعبد الرحمن بن مهدي يخالف ما قاله هنا فقال " قال عبد الرحمن بن مهدي. وددت أني سمعت من ابن لهيعة خمسمائة حديث واني عزمت مالا " (1/ص 266)
(6) قاله الالباني في (جلاء الافهام لابن القيم بتحقيق تلميذه أبو عبيدة مشهور حسن سلمانه ص 277 فانظر تعليقه عليه)
(7) ولكن يظهر من كلام الامام ابن حجر أنه يضعف رواية عبد الله بن يزيد المقرئ عنه حيث ضعف رواية ابن ماجه (223) وعضده برواية يحي بن أيوب المصرى في النكت. فانظر نكته علي كتاب ابن الصلاح (1/ 338،339)
(8) قال البيهقي في (معرفة السنن واللآثار2/ 107/ ب) " قال محمد بن يحي الذهلي .......... لان ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة ومن سمع منه في القديم فهو أولي لانه خلط بآخره (سراطع القمرين في تخريج أحاديث أحكام العيدين للقرياني تحقيقه أبي عبد الرحمن ابن راشد 144،145)
(9) قال الامام الالباني: - فهذا يبين أن السماع من المختلط قبل اختلاطه ليس لازما لكل من كان عالي الطبقة كما ان العكس وهو عدم السماع ليس لازما لمن كان نازل الطبقة وانما الامر يعود الي معرفة واقع الراوي هل سمع منه قديما أم لا خلافا لمن توهمه المعلق المشار اليه ومما يزيد ان بعض الرواة يسمع من المختلط قبل الاختلاط وبعده ومن هؤلاء حماد بن سلمة فانه سمع من عطاء (ابن السائب) في الحالتين كما استظهره الحافظ في (التهذيب) ولذلك فلا يجوز الاحتجاج أيضا بحديثه عنه خلافا لبعض العلماء المحدثين المعاصرين والله يغفرلنا وله " الضعيفة (3/ 165)(13/201)
ما وجوه الجمع بين حديثي تميم الداري والمائة عام
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 11:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام أهل الحديث .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك من تعارض بين حديث تميم الداري رضي الله عنه الطويل في رؤية الدجال والجساسة على جزيرة في البحر .. وبين حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ تَسْأَلُونِي عَنْ السَّاعَةِ وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ "
فالحديث الثاني يعني وأن الدجال لابد قد مات إذ أنه داخل في تلك المائة سنة.
فهل هناك من تعارض وما أوجه دفع التعارض إن وجد
أفيدونا بارك الله لكم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 12:50 م]ـ
لا تعارض أخي الكريم والحمد لله فالسنة تصدق بعضها بعضا.
والجواب ببناء العام على الخاص.
بمعنى أن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه (نفس منفوسة) نكرة في سياق النفي فهي تعم كل نفس مخلوقة على الأرض فلابد وأن تموت قبل أن يأتي عليها مائة عام إلا ما خصه الدليل كالجساسة والدجال.
والله الموفق.
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 01:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخي الكريم .. وأنا لم أقصد وجود التعارض أبداً .. فأنا أؤمن تماماً أنه لا تعارض بين العقل والنقل .. ولا تعارض بين نصوص الكتاب والسنة .. إنما قصدت التعارض الظاهري.
جزاك الله خيراً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[17 - 08 - 06, 02:09 م]ـ
أنبه الأخ الفاضل على أن الحادثة التي وقعت للصحابي الجليل تميم الداري لا ترجح قطعاً أن ما رآه هو الدجال ... فهناك روايات شك فيها الرسول عليه الصلاة والسلام أن ابن صياد اليهودي هو الدجال.
والذي يتبادر الى الذهن من هذه الروايات أن أمر الدجال خفي على النبي عليه الصلاة والسلام, ويشهد لهذا ما جاء في آخر حديث ... ((فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله)).
أما بالنسبة لحديث تميم الداري ... فان الرسول عليه الصلاة والسلام جمع الصحابة لأن ما رواه تميم وافق ما كان يحدث به الرسول عليه الصلاة والسلام, ولم يجزم عليه الصلاة والسلام أن ما رآه تميم الداري هو الداجل.
وحديث بن صياد الموجود في البخاري بطوله هو:
**********
1289 - حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره: أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن الصياد الحلم فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال لابن الصياد (تشهد أني رسول الله). فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه وقال (آمنت بالله وبرسله). فقال له (ماذا ترى). قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (خلط عليك الأمر). ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم (إني قد خبأت لك خبيئا). فقال ابن صياد هو الدخ. فقال (اخسأ فلن تعدو قدرك). فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله)
وقال سالم سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه ابن صياد فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع يعني في قطيفة له فيها رمزو أو زمرة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقال لابن صياد يا صاف وهو اسم ابن صياد هذا محمد صلى الله عليه وسلم فثار ابن صياد فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لو تركته بين)
**********
¥(13/202)
والله تعالى أعلم
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 03:07 م]ـ
أنبه الأخ الفاضل على أن الحادثة التي وقعت للصحابي الجليل تميم الداري لا ترجح قطعاً أن ما رآه هو الدجال ... فهناك روايات شك فيها الرسول عليه الصلاة والسلام أن ابن صياد اليهودي هو الدجال.
والذي يتبادر الى الذهن من هذه الروايات أن أمر الدجال خفي على النبي عليه الصلاة والسلام, ويشهد لهذا ما جاء في آخر حديث ... ((فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله)).
أما بالنسبة لحديث تميم الداري ... فان الرسول عليه الصلاة والسلام جمع الصحابة لأن ما رواه تميم وافق ما كان يحدث به الرسول عليه الصلاة والسلام, ولم يجزم عليه الصلاة والسلام أن ما رآه تميم الداري هو الداجل.
أخي الكريم النبي صلى الله عليه وسلم تيقن أن ابن صياد ليس هو الدجال بعد أن كان قد توقف فى أمره.
قال الشيخ صالح آل الشيخ في التعليقات الحسان على كتاب الفرقان: [عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال، وتوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمره حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، لكنه كان من جنس الكهان، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - «قد خبأت لك خَبْأ» قال: الدخ الدخ، وقد كان خبأ له سورة الدخان، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - «إخسأ فلن تعدو قدرك» يعنى إنما أنت من إخوان الكهان، والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشياطين يخبره بكثير من المغيبات بما يسترقه من السمع، وكانوا يخلطون الصدق بالكذب]. اهـ
وإليك أخي الكريم هذه الرواية التي تؤكد أن ابن صياد ليس هو الدحال وأنه ولد له والدجال لا عقب له وأنه قد ولد بالمدينة والدجال لا يدخل المدينة.
روى أحمد بإسناد صححه الأرناؤوط (3/ 79): [حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: أقبلنا في جيش من المدينة قبل هذا المشرق قال فكان في الجيش عبد الله بن صياد وكان لا يسايره أحد ولا يرافقه ولا يؤاكله ولا يشاربه ويسمونه الدجال فبينا انا ذات يوم نازل في منزل لي إذ رآني عبد الله بن صياد جالسا فجاء حتى جلس الي فقال يا أبا سعيد ألا ترى إلى ما يصنع الناس لا يسايرني أحد ولا يرافقني أحد ولا يشاربني أحد ولا يؤاكلني أحد ويدعوني الدجال وقد علمت أنت يا أبا سعيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الدجال لا يدخل المدينة وأني ولدت بالمدينة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الدجال لا يولد له وقد ولد لي فوالله لقد هممت مما يصنع بي هؤلاء الناس ان آخذ حبلا فأخلو فأجعله في عنقي فأختنق فأستريح من هؤلاء الناس والله ما أنا بالدجال ولكن والله لو شئت لأخبرتك باسمه واسم أبيه واسم أمه واسم القرية التي يخرج منها]
وأخيرا أسوق لك جزء من رواية الإمام مسلم والذي يظعر فيها أن ما رآه تميم الداري رضي الله عنه هو الدجال كما هو واضح من سياق الحديث:
روى مسلم في صحيحه 119كتاب الفتن وأشراط الساعة باب قصة الجساسة: - (2942) من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت؟ فقالت أنا الجساسة قالوا وما الجساسة؟ قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت؟ قال قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى
¥(13/203)
جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت؟ فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة؟ قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبروني عن نخل بيسان قلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا تثمر قال أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال هل فيها ماء؟ قالوا هي كثيرة الماء قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب قال أخبروني عن عين زغر قالوا عن أي شأنها تستخبر؟ قال هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب قال أقاتله العرب؟ قلنا نعم قال كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم قد كان ذلك؟ قلنا نعم قال أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس نعم فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق قالت فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[17 - 08 - 06, 03:45 م]ـ
جزاكم الله خيرأ أخي الفاضل أبا المنذر
ولكن هناك حديث آخر يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يتيقن ((والله أعلم)) ويدل على ذلك الحديث الذي يرويه البخاري:
*******
6922 - حدثنا حماد بن حميد حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن المنكدر قال
: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد الدجال قلت تحلف بالله؟ قال إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم
*******
فالحديث يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام على أقل تقدير لم يعلم حال بن صياد, والا ما كان ليتوقف في حال بن صياد وعمر يحلف أنه هو.
كلي شوق لرؤية ردكم ... والله الهادي الى سبيل الرشاد
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 04:37 م]ـ
وأي إشكال في هذا أخي الكريم أليس هذا موافقا للحالة الأولى التي توقف فيها النبي صلى الله عليه وسلم في أمره ثم بعد ذلك تيقن أنه ليس هو كما هو واضح من جواب الشيخ صالح.
ـ[عبد الله العزي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 06:09 م]ـ
السلام عليكم
ـ[عبد الله العزي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 06:12 م]ـ
,,
ـ[أبو محمد الجعلى]ــــــــ[17 - 08 - 06, 08:21 م]ـ
وكذلك من أمثلة حمل العام على الخاص إبليس - عليه لعنة الله - هو أيضا مستثنى من حديث المائة عام، فيستثى كل ما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم، ويبقى البقية الباقية داخلة فى الحديث. والحديث يرد على الصوفية الذين يزعمون أن الخضر ما يزال حيا ..
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[17 - 08 - 06, 10:00 م]ـ
وللعلامة الشنقيطي - رحمه الله - بحث طيب في الاستدلال بحديث حابر على موت الخضر ولولا أن
هذا الموضوع عارض لنقلت لكم كلامه بطوله ولكن تكفيني الإشارة والكتاب متوافر والحمد لله.
وانظر أضواء البيان (4/ 177: 192) (الكهف / 65).
وانظر أيضا كتابي الجموع البهية للعقيدة السلفية التي ذكرها العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (2/ 501: 526) ففيه عدة ابحاث قيمة للعلامة الشنقيطي عن الخضر.
والله الموفق.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[18 - 08 - 06, 01:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحديث الأخير الذي ذكرته لك, عن محمد بن المنكدر ... و أنه رأى جابر بن عبد الله يحلف أن ابن صياد هو الدجال.
محمد بن المنكدر هو تابعي ثقة ... وهنا ترى ان مسألة اثبات أن بن صياد هو الدجال وحلف الصحابة على ذلك قد امتدت حتى وصلت الى عصر التابعين ... وحدث بها الصحابة أتباعهم.
مما يؤكد أن القصة لم يحل النزاع فيها على عهد النبي عليه الصلاة والسلام.
الا لو خفي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ما أثبته تميم الداري رضي الله عنه في حديثه عن الدجال والجساسة ... وهذا محتمل.
والله أعلم بالصواب
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 04:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ولكن إبليس أعتقد لا يدخل في هذا الحديث ولا الملائكة أيضاً لأن الحديث ينص على "النفس المنفوسة" أي "المولودة".
والله أعلم ..
¥(13/204)
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 05:00 م]ـ
كما أن حديث أبي سعيد الخدري مع ابن صياد له تتمة فقد كاد ابو سعيد يقتنع بانه ليس هو ثم بعد ذلك لما قال أنه لا يكره أن يكون هو و انه يعرف اين هو عاد أبوسعيد يسبه و كذلك اختفاء بن صياد الغامض و كل ذلك يجعل الأمر ليس بالسهل القطع فيه و الحافظ أيضا لم يستطع أن يصل الى القطع في المسألة و ذكر انه ان لم يكن هو الدجال فالمقطوع أنه من كبار الدجالين
فتحديه للنبي صلى الله عليه و سلم و طريقة خطابه و كلام النبي صلى الله عليه و سلم على تلك الهيئة وهو صبي خاصة قول النبي صلى الله عليه و سلم لن تعدو قدرك ما لم يخاطب به مسيلمة وغيره من الدجالين الصغار و جزم كبار الصجابة ك جابر و أبي سعيد و ابن عمر و الفاروق الملهم عمر يجعل قصته مشكلة جدا و أرضى الأقوال فيه -و الله أعلم-قول النبي صلى الله عليه و سلم ان يكن و ان يكن
و الحمد لله رب العالمين(13/205)
هل ((مجاهد))؟ سمع من ((عائشة)) أرجوا التفصيل؟!
ـ[أحمد اليوسف]ــــــــ[17 - 08 - 06, 12:57 م]ـ
قال: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين لم يسمع مجاهد من عائشة.
وقال أبو حاتم / مرسل.
أم علي ابن المديني، والبخاري، ومسلم أثبت ذلك وقد خرجاه في الصحيحين.
فكيف الجمع بينهما؟!!
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[18 - 08 - 06, 04:01 ص]ـ
من قال بسماع مجاهد عن عائشة
1 - البخاري احتج برواية مجاهد عن عائشة في صحيحه
2 - مسلم احتج برواية مجاهد عن عائشة في صحيحه
3 - علي بن المديني في العلل
4 - الذهبي في الكاشف و السير
5 - العلائي في جامع التحصيل
من أنكر سماع مجاهد عن عائشة
1 - أبو حاتم في الجرح و التعديل
2 - ابن معين في الجرح و التعديل
3 - يحيى القطان في السير و التعديل والتجريح للباجي
4 - شعبة ذكره الباجي في التعديل والتجريح
5 - البرديجي قال: و قد صار مجاهد إلى باب عائشة فحجبت و لم يدخل عليها لأنه كان حرا
الراجح: ما قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري 1/ 413 في باب بَاب هَلْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ
(قال أبو حاتم لم يسمع مجاهد من عائشة وهذا مردود فقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير هذا الإسناد وأثبته على بن المديني فهو مقدم على من نفاه)
قلت (أبو علي النوحي): و لايخفاك أن الصحيحين تلقتهما الأمة بالقبول.
و الله أعلم
ـ[أحمد اليوسف]ــــــــ[18 - 08 - 06, 06:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أبى علي ونفع الله بك المسلمين.
و مزيدا من الفوئد،،،،،،،،،(13/206)
ارجو التفاعل بسرعة! لقد بدأبعض طلبة العلم بجمع ((الاجماعات)) التي في سنن الترمذي
ـ[محب آل مندة]ــــــــ[17 - 08 - 06, 05:32 م]ـ
يا أهل الحديث أجيبو ني ,,,,
لقد بدأبعض طلبة العلم بجمع ((الاجماعات)) التي في سنن الترمذي
فهل تنصحونهم بإكمال الموضوع أم أنهم قد سبقوا إليه؟
ارجوا إتحافي بآرائكم وتوجيهاتكم حول الموضوع
ـ[محب آل مندة]ــــــــ[18 - 08 - 06, 02:37 م]ـ
ماهذا؟
المشاهدات (50) ولا فائدة واحدة!!!
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[18 - 08 - 06, 02:42 م]ـ
لعلك أخي الكريم تسأل نفس السؤال في منتدى التعريف بالكتب وطبعاتها ... فلو سبقك أحد بمثل هذا العمل وطبع ... فستجد ان شاء الله اجابة عن سؤالك هناك
والله تعالى أعلم
ـ[محب آل مندة]ــــــــ[21 - 08 - 06, 12:17 ص]ـ
أخي بلال هل أعيد كتابة الموضوع هناك أم أن الادارة تنقله مشكورة؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[21 - 08 - 06, 12:18 ص]ـ
أعد كتابة الموضوع هناك بارك الله فيك ... نسأل الله تعالى أن يوفقك الى الجوب في أقرب فرصة ممكنة
ـ[محب آل مندة]ــــــــ[21 - 08 - 06, 06:18 ص]ـ
ها قد نقلت الموضوع هناك عسى ان اجد فائدة(13/207)
هل صحيح أن الامام النسائي في سننه الكبرى اتبع تبويب البخاري؟
ـ[جليسة القوم]ــــــــ[18 - 08 - 06, 02:39 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
أختكم تسأل:
أشار بعض المعاصرين الفضلاء أن الامام النسائي كثيرا ما يتبع الإمام البخاري في تبويب و ترجمة كتبه من السنن الكبرى، فهل ثبت هذا الأمر؟
أم أنه مجرد تشابه؟
بارك الله فيكم
ـ[أبويوسف السبيعي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 11:01 م]ـ
ذكر السخاوي في بغية الراغب المتمني أن النسائي شابه البخاري في بعض تراجم الأبواب، وذكر امثلة لذلك فيما أذكر، فراجعه
ـ[أبو زرعة البيضاوي]ــــــــ[24 - 08 - 06, 03:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بّين الإمام السخاوي في كتابه "بغية الملتمس " ص 27 - 35
أن الإمام النسائي شابه الإمام البخاري في دقة الاستنباط في الأبواب لا أنه استعمل بعض أبواب البخاري بحذافيرها، و عبارته: " فإنه لكونه زاحم إمام الصنعة أبا عبد الله البخاري في تدقيق الاستنباط و التبويب لما يستنبطه بدون اسقاط " و ذكر لذلك الأمثلة التي تدل على دقة فقهه و استنباطه.
و السخاوي رحمه الله أراد بيان أن منهج النسائي وافق منهج البخاري في:
- دقة الاستنباط ص: 27 ...
- و التقلل من الإتيان بحاء الفصل بين الإسنادين ص: 35
- و جواز الرواية بالمعنى ص: 35
كما ذكر بعده بعض ما وافق فيه منهج الإمام مسلم
و الله أعلم
ـ[أبو زرعة البيضاوي]ــــــــ[24 - 08 - 06, 09:59 م]ـ
تنبيه:
الصواب " بغية الراغب المتمني " لا " بغية الملتمس "
فالمعذرة فإنه سبق لوحة المفاتيح(13/208)
مناهج المحدثين العامة والخاصة.
ـ[كريم أبو أمامة]ــــــــ[18 - 08 - 06, 03:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
سؤالي عن القيمة العلمية لهذا الكتاب؟
مناهج المحدثين العامة والخاصة " الصناعة الحديثية " تأليف: الدكتور علي نايف بقاعي.
نشر: دار البشائر الإسلامية.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[كريم أبو أمامة]ــــــــ[20 - 08 - 06, 09:44 م]ـ
رحم الله من ساعدني ...
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 10:45 م]ـ
هذا كلام لأخينا الراية عن الكتاب
وهذا كتاب مفيد
http://www.thamarat.com/images/BooksBig/moh-1762-k.jpg
مناهج المحدثين العامة والخاصة (الصناعة الحديثية)
تأليف: علي نايف بقاعي
الناشر: دار البشائر الإسلامية - بيروت - لبنان
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ الطبعة: 2003
نوع التغليف: عادي (ورقي)
عدد الأجزاء: 1
اسم السلسلة: مناهج المحدثين
الرقم في السلسلة: 3
عدد الصفحات: 222
مقاس الكتاب: 17 × 24 سم
السعر: 20.0 ريال سعودي ($5.33)
نبذة عن الكتاب:
هذا الكتاب الثالث من سلسلة مناهج المحدثين للمؤلف , يأتي خاتماً للسلسلة التي كان أولها كتاب "تخريج الحديث الشريف" وكان واسطة عقدها كتاب "دراسة أسانيد الحديث الشريف" وقد نبه المؤلف إلى أنه لم يصنع في كتابه هذا شيئاً غير جمع أقوال علماء الحديث , وتأليفها مع بعضها , وذكر بعض الشواهد لها والأمثلة عليها من كتب الحديث الشريف.
وجعله بعد المقدمة في تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة , كالآتي:
· التمهيد , وفيه:
1 - المعنى اللغوي للمناهج.
2 - المعنى الاصطلاحي لمناهج المحدثين.
3 - فوائد دارسة مناهج المحدثين.
4 - المراجع التي وقعت عليها المؤلف في مناهج المحدثين. وقد بلغت خمسين مرجعاً
5 - بعض مناهج البحث التي سلكها المحدثين وليست خاصة بهم.
6 - معنى شروط الأئمة.
7 - تنبيه إلى أن مناهج المحدثين في التصنيف تقدم ذكرها في كتاب المؤلف " تخريج الحديث الشريف" ولولا ذلك لكان هذا المكان لائق بها.
· الباب الأول: مناهج المحدثين العامة , وفيه أربعة فصول:
- الفصل الأول:مناهجهم المتعلقة بالطالب والمحدث.
- الفصل الثاني: مناهجهم المتعلقة بالرواية.
- الفصل الثالث: مناهجهم المتعلقة بكتابة الحديث وضبط الكتاب.
- الفصل الرابع: طرق التحمل والأداء ومناهج التعبير عنها.
· الباب الثاني: مناهج المحدثين الخاصة المتعلقة بالسند , وفيه سبعة فصول:
- الفصل الأول: شروط أصحاب الكتب الخمسة.
- الفصل الثاني: مناهجهم في ترتيب الأحاديث.
- الفصل الثالث: مناهجهم في إخراج الموصول وغيره , والمرفوع وغيره.
- الفصل الرابع: مناهجهم في تكرار الحديث.
- الفصل الخامس: مناهجهم في بيان طرق الحديث واختصارها والتعليق عليها.
- الفصل السادس: مناهجهم في الجرح والتعديل وتعريف الرواة.
- الفصل السابع: التعليق على الروايات بذكر بعض الفوائد (الإسنادية وبيان الاختلاف بينها والحكم عليها).
· الباب الثالث: مناهج المحدثين المتعلقة بالمتن , وفيه فصلان.
- الفصل الأول: أنواع تراجم الأبواب ومسالكها.
- الفصل الثاني: التعليق على الروايات بذكر بعض الفوائد (المتعلقة بالمتن).
وكانت طريقته في هذا الكتاب تقسيم مناهج المحدثين إلى موضوعات جزئية , ثم بعد ذلك يذكر تحت كل موضوع منها مناهج الأئمة الواحد تلو الآخر في هذا الموضوع.
http://www.thamarat.com/index.cfm?faction=BookDetails&Bookid=9256
ـ[كريم أبو أمامة]ــــــــ[20 - 08 - 06, 11:27 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي.(13/209)
كتاب ضخم في أحاديث الأحكام للحافظ عبدالحق الإشبيلي، ما رأيكم فيه؟
ـ[عبد]ــــــــ[19 - 08 - 06, 08:55 ص]ـ
الحافظ عبدالحق الإشبيلي له باع طويل في علم الحديث، وله كتاب "الجمع بين الصحيحين" وهو من أحسن كتب الجمع، وقد وجدت له - في العبيكان - كتاب جمع كثيرا من أحاديث الأحكام، فاتني اسمه ولكن اسمه لا يخلو من كلمة "الأحكام"، في ثلاث مجلدات ومحقق، ما رأيكم فيه لمن اعتنى به، وخاصة إذا ما قارناه با "المنتقى" للمجد ابن تيمية وغيرها من كتب أحاديث الأحكام؟
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[21 - 08 - 06, 01:08 م]ـ
لعبد الحق الإشبيلي ثلاثة كتب في الأحكام؛
ـ الأحكام الكبرى وهو بالأسانيد إلى مخرجيها، وهو كبير وضخم.
ـ الأحكام الوسطى، وهو مجرد من الأسانيد لكن مؤلفة استعاض عن ذلك بالتعليق على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً وتليلاً، وهو الذي تعقبه ابن القطان في كتابه الرائع بيان الوهم والإيهام.
ـ الأحكام الصغرى، وهو مختصر ومجرد من الأسانيد والكلام على الأحاديث.
وأجود هذه الكتب جميعاً هو الأحكام الوسطى، والله أعلم.
ـ[عبد]ــــــــ[21 - 08 - 06, 02:19 م]ـ
بارك الله فيك وفي بادرتك الطيبة.
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[21 - 08 - 06, 03:01 م]ـ
أظن الاحكام الكبرى طبع في الرشد في خمسة مجلدات(13/210)
عندي سؤال عن الصبغ بالسواد أرجو إفادتي فيه عاجلا لوتكرمتم
ـ[أبومالك السنوسي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 03:14 م]ـ
أخواني أهل الحديث أريد أن استفيد منكم في هذا الموضوع
وهو تخريج أحاديث الصبغ بالسواد كحديث (وجنبوه السواد)
وحديث (حواصل الطير) وإن كانت هناك أحاديث قوية في محور النقاش
أرجو إفادتي فيها , وكذلك أراء المعاصرين خاصة أصحاب الحديث منهم.
ولكم مني الشكر والدعاء بإذن الله.
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 01:53 ص]ـ
بالنسبة لحديث (و جنبوه السواد)
أنظر هذا الرابط فالأخوان قد تفننوا في جمع روايته و الكلام عنه وهذا قليل من فيض هذا المنتدى المبارك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6348
ـ[شبيب القحطاني]ــــــــ[20 - 08 - 06, 06:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك رسالة للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
باسم نور الشيب
ممتازة وفيها ما تريد وزيادة
تجدها في الرابط أدناه(13/211)
حديث الجارية
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 11:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو من أخينا الحبيب وسمينا الأريب أبي إسحاق التطواني أن يتحفني بتخريج حديث الجارية بكل ألفاظه المروية مع التركيز على ما ذكره الكوثري في لفظ (أين الله)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 12:35 ص]ـ
ممكن أتطفل عليكم
انظر هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=35042&highlight=%CD%CF%ED%CB+%C7%E1%CC%C7%D1%ED%C9(13/212)
هل من ترجمة للعلامة محمد البرهاني؟
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 07:13 ص]ـ
أرجو من الإخوة الكرام أن يتحفوننا بترجمة للعلامة محمد البرهاني صاحب " القلائد ".
وجزاكم الله خيرا.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 09:41 م]ـ
أين أنتم يا أهل الحديث؟!!!!!!!
ترجمة للبرهاني!!!!!!
ـ[العجيل]ــــــــ[26 - 08 - 06, 10:42 م]ـ
من البرهاني؟
هل هو الشيخ محمد سعيد البرهاني السوري
والدي من ابناءه الشيخ الدكتور هشام.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 12:29 ص]ـ
من البرهاني؟
هل هو الشيخ محمد سعيد البرهاني السوري
والدي من ابناءه الشيخ الدكتور هشام.
جزاك الله خيرا، لكن الظاهر أن لا، حيث ترجم له الزركلي، وكحالة، ولم يذكروا له " القلائد"، وأغلب ظني أن صاحب "القلائد" متقدم على هذا.
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[01 - 05 - 07, 05:19 ص]ـ
_ محمد سعيد البرهاني: هو أحد أصدقاء والد الشيخ الألباني رحمه الله تعالى وغفر له حيث درس عليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني , فقرأ عليه كتاب (مراقي الفلاح) في الفقه الحنفي، وكتاب (شذور الذهب) في النحو، و بعض كتب البلاغة المعاصرة.
_ أما محمد البرهاني فهو صاحب القلائد البرهانية في علم الفرائض: وهو محمد بن حجازي بن محمد الحلبي الشافعي المعروف بابن برهان رحمه الله تعالى.
_ كما أن هناك برهاني آخر وهو محمد عثمان عبده البرهاني مؤسس الطريقة الصوفية البرهانية الدسوقية الشاذلية صاحب كتاب "تبرئة الذمة في نصح الأمة ".
كما له ديوان" باسم شراب الوصل " قال فيه ناشدا:
هو من أضاء الغيب فانكشف الخبا - حتي غدوت مغيّبا بضياه
هو من عليه الله صلّي قدر ما - لا تعلم الأكوان كم أهواه
هذي نفيحات ولست بمادح - من أن يرام بمادح حاشاه
فاحذر أخي من الخلط بين سلف الأمة و أهل البدع والتصوف.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[14 - 05 - 07, 11:01 م]ـ
أخي أبا الفضل: جزاك الله خيرا.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[01 - 10 - 07, 06:45 م]ـ
__ أما محمد البرهاني فهو صاحب القلائد البرهانية في علم الفرائض: وهو محمد بن حجازي بن محمد الحلبي الشافعي المعروف بابن برهان رحمه الله تعالى.
.
ولكنك أخي لم تذكر لي توثيق هذه الترجمة أي المصدر، وهذا مهم جدا.
ـ[بشير يوسف]ــــــــ[22 - 10 - 07, 08:11 ص]ـ
توثيق المصدر:
قال عبد الرزاق البيطار في حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر:
الشيخ محمد بن حجازي بن محمد الحلبي الشافعي
العالم الفاضل المتقن والعامل الجهبذ المتفنن، النظار الأصولي الفقيه، والنحوي الصرفي الجدلي النبيه.
ولد سنة إحدى وأربعين ومائة وألف، واشتغل بالأخذ والقراءة، فقرأء على أبي الثناء محمود بن شعبان البزستاني الحنفي، وأبي عبد الله محمد بن كمال الدين الكبيسي، ولازم تاج الدين محمد بن طه العقاد وبه تخرج في أكثر العلوم، وسمع منه أكثر صحيح البخاري وشيئاً من صحيح مسلم وغيرهما من كتب الحديث، وأخذ عنه القراءات من طريق الشاطبية وانتفع به، وأخذها أيضاَ عن أبي عبد اللطيف محمد بن مصطفى البصري شيخ القراء بحلب، وأبي محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المصري، وقرأ على أبي السعادات طه بن الجبريني شيئاً من أصول الحديث وشيئاً من صحيح البخاري، وحضره في دروسه الفقهيه، وقرأ المنطق وأخذه عن الشهاب أحمد بن إبراهيم الكردي الشافعي مدرس الأحمدية بحلب، وقرأ مختصر في المعاني والبيان على أبي الحسن علي بن إبراهيم العطار وألفية الأصول للسيوطي، وشرح السيراجية، وقرأ على أبي محمد عبد القادر الديري المنهاج بطرفيه، وشرح المنهج للقاضي زكريا الأنصاري وقرأ الكثير على الأجلاء وسمع منهم وأتقن وفضل ومهر ونبل، ودرس وأفاد، وأقرأ جماعة كثيرين وأخذوا عنه وما منهم إلا من انتفع به واستفاد، وكان من العلماء المشهورين والفضلاء المذكورين، وكان يحترف ويأكل من شغله، ولا يقبل من أحد إلا ما دعت الضرورة إليه، يغلب على حاله الزهد والعفاف والرضى برزق الكفاف. وكان قليل الإختلاط بغيره لا يألف إلا ما يفوز منه بخيره، كثير العبادة والتقوى شديد الإقبال على عالم السر والنجوى، دائم التفكر بالله لا يشغله عنه سواه. مات بعد سنة خمس ومائتين وألف.
وقال عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين:محمد بن البرهان (1141 - 1205 هـ) (1729 - 1791 م)
محمد بن حجازي بن محمد الحلبي، الشافعي، المعروف بابن البرهان.
فقيه، أصولي، فرضي، نحوي، صرفي، جدلي، ناظم.
من آثاره: منظومة في الفرائض سماها العقود البرهانية.
(ط) راغب الطباخ: أعلام النبلاء 7: 121 - .133
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[10 - 03 - 08, 10:03 م]ـ
أخي المكرم بشير يوسف: والله لم أر مشاركتك المفيدة إلا الساعة، فعذرا ثم عذرا، وجزاك الله خيرا، وأجزل لك المثوبة والعطاء على فائدتك، لا حرمك الله الأجر.(13/213)
"صدوق يهم" ما ميزانها؟
ـ[غيث أحمد]ــــــــ[20 - 08 - 06, 11:20 م]ـ
"صدوق يهم" ما ميزانها؟؟.
ـ[أبويوسف السبيعي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 10:51 م]ـ
اخي الفاضل:
طبعاً في استجلاب تعليقات الإخوة أقول:
أولاً: مرتبة صدوق يهم ـ في الأصل ـ هي من مراتب التعديل كما يظهر من صنيعهم في عدهم لمراتب التعديل، ومراتب التجريح
وعليه فإن الأصل فيمن هذا حاله تمشية حديثه. هذا هو الأصل.
ثانياً: قول الحافظ (يهم) إشارة إلى ان لهذا الرجل أوهام انتقدها الأئمة وعلى الدارس ان يراجعها في مظانها كالكامل لابن عدي وضعفاء العقيلي وغيرها من كتب الجرح والتعديل ...
وخلاصة الأمر:
أنه يجب على الدارس إذا مر عليه من وصف بقولهم (صدوق يهم):
1 - أن يتأكد أن الحديث المدروس ليس مما انتقده الأئمة.
2 - أن يتأكد أيضا أن الحديث لم يتفرد به ذلك الرجل تفردا مطلقاً، بحيث لا يحتمل تفرده به.
فإذا سلم من هذين الأمرين فحديثه من باب الحسن، والله أعلم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[22 - 08 - 06, 11:07 م]ـ
بارك الله فيكم.
قول الحافظ (يهم) إشارة إلى ان لهذا الرجل أوهام انتقدها الأئمة وعلى الدارس ان يراجعها في مظانها كالكامل لابن عدي وضعفاء العقيلي وغيرها من كتب الجرح والتعديل ...
كأن الأمر أعمّ من ذلك، فالأئمة في تلك الكتب يذكرون أمثلةً مما وقع لهم مما أنكر على المترجَم، أو وهم وأخطأ فيه، ولا يقصدون الاستقصاء.
وخلاصة الأمر:
أنه يجب على الدارس إذا مر عليه من وصف بقولهم (صدوق يهم):
1 - أن يتأكد أن الحديث المدروس ليس مما انتقده الأئمة.
ولعله يُضاف: وليس مما خالف فيه مَنْ هو أقوى منه، فهذا دليلٌ على أنه من أوهامه، وإن لم ينتقده الأئمة.
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[محمد أحمد جلمد]ــــــــ[23 - 08 - 06, 06:03 ص]ـ
السلام عليكم
الأخ الكريم
يجب التفريق بين معني صدوق عند المتقدمين والمتأخرين
فالمتقدم يطلق اللفظة علي كل من عرف بتحري الصدق في الرواية وظاهره العدالة
لذا تراهم يطلقونها علي الثقات كثيراً
هذا باختصار
أما المتأخرون فهي عندهم رتبة من رتب رواة الحديث
وتشير إلي أن هذا الراوي محل النقد قد نزل عن رتبة الثقة
وهذا قطعاً بسبب خلافه للأوثق وبسبب أفراده أيضاً
والخلاف والغنفراد يعد من قبيل الأوهام
فإذا أضيف إليها كلمة يهم زائدة
فمعني هذا أنه صاحب أوهام يهم
فتأمل
والسلام
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 01:16 م]ـ
هل من تعليق على الشيخ جلمد؟(13/214)
اعتبار صفات رواة المتواتر
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 11:55 م]ـ
ـ اعتبار صفات رواة المتواتر
بسم اله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فقد حصل بيني وبين بعض إخواننا الفضلاء نقاش عن قول السيوطي رحمه الله في التدريب في مبحث المتواتر وهو يتحدث عن شروطه (2/ 159): (ولذلك يجب العمل به من غير بحث عن رجاله) ومثله قول الحافظ في النزهة: (المتواتر لا يبحث عن رجاله , بل يجب العمل به من غير بحث) وأخبرني أن بعض الفقهاء فهم من هذا أنه لا يبحث في صفاتهم مطلقا , فوعدته أن أسأل شيخنا محفوظ حفظه الله تعالى عن ذلك فكان جواب الشيخ أنه (لا بد ابتداء من الاطلاع على صفاتهم كي نتحقق من أنه تحيل العادة تواطأ مثلهم على الكذب أو الخطأ) ,وكلام شيخنا حفظه متوجه, فقد نص على ذلك السخاوي وبينه في فتح المغيث (3/ 37) فقال معرفا له أنه ما (ورد عن جماعة غير محصورين في عدد معين ولا صفة مخصوصة, بل بحيث يرتقون إلى حد تحيل العادة معه تواطؤهم على الكذب, أو وقوع الغلط منهم اتفاقا من غير قصد, وبالنظر لهذا خاصة يكون العدد في طبقة كثيرا وفي أخرى قليلا, إذ الصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد, أو تزيد عليه , هذا مع كون مستنده الحس من مشاهدة أو سماع ... )
وقال أيضا ناقلا كلام ابن حجر في معرض انتقاده دعوى ابن الصلاح قلة المتواتر (3/ 41): ( ... وقرر أن ذلك من قائله نشأ عن قلة اطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطؤوا على كذب أو يحصل منهم اتفاقا) وهو في النزهة!
وقال بعده بقليل: ( ... وقد توقف بعض الأخذ عنه من الحنفية في الشام أول مقالته هذه مع ما سلف من أنه لا دخل لصفات المخبرين في المتواتر, وهو واضح الالتئام, فما هذا بالنظر إلى كونه أهل هذه الطبقة مثلا بتقييد العادة لجلالتهم تواطؤ ثلاثة منهم على كذب أو غلط, وكون غيرها لانحطاط أهلها عن هؤلاء لا يحصل ذلك إلا بعشرة مثلا وغيرها لعدم اتصاف أهلها بالعدالة ومعرفتهم بالفسق ونحوه لا يحصل إلا بمزيد كثير من العدد, نعم يمكن بالنظر لما أشرت إليه أن يكون المتواتر من مباحثنا فالله أعلم) وقوله من مباحثنا أي أهل الحديث , وهذا إشارة إلى ما يذكره علماء المصطلح أن المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد, وما نقلته هنا عن السخاوي وهو تلميذ الحافظ ابن حجر دال على أن ما يدل على استحالة التواطؤ على الكذب شيئان, كثرة الطرق وصفات الرواة.
فالمرجو المساهمة في هذا الموضوع
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 12:22 ص]ـ
أخي الكريم:
إن من نظر في شروط التواتر علم أنها ليست منفصلة بعضها عن بعض ولكنها متلائمة ومكملة لبعضها البعض، فإذا اجتمعت كانت كالمشافهة في إفادة العلم يستوفي في ذلك العامي وغيره.
ويوضحه أن شروط التواتر هي كالتالي: عدد كثير من بداية السند إلى انتهائه تحيل العادة تواطؤهم أو توافقهم على الكذب وذلك لأن مستندهم الحس.
وعليه فمتي توفرت هذه الشروط وحصل عندنا العلم الضروري بمضمون الخبر علمنا يقيناً عدم التواطؤ على الكذب أو الوضع دون بحث، ولنضرب مثالاً توضيحياً لذلك ذكره السخاوي، وسوف أبين – إن شاء الله – وجه دلالته على ما ذكرت:
قال السخاوي في فتح المغيث ج: 3 ص: 37: (قال شيخنا إن كل متواتر مشهور ولا ينعكس يعني فإنه لا يرتقي للتواتر إلا بعد الشهرة فهو لغة ترادف الأشياء المتعاقبة واحدا بعد واحد بينهما فترة ومنه قوله تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا) أي رسولا بعد رسول بينهما فترة واصطلاحا هو ما يكون مستقرا في جميع طبقاته أنه من الابتداء إلى الانتهاء ورد عن جماعة غير محصورين في عدد معين ولا صفة مخصوصة بل بحيث يرتقون إلى حد تحيل العادة معه تواطأهم على الكذب أو وقوع الغلط منهم اتفاقا من غير قصد وبالنظر لهذا خاصة يكون العدد في طبقة كثيرا وفي أخرى قليلا إذ الصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه هذا كله مع كون مستند انتهائه الحس من مشاهدة أو سماع لأن ما لا يكون كذلك يحتمل دخول الغلط فيه ونحوه كما اتفق أن سائلا سأل مولى أبي عوانة بمنى فلم يعطه شيئا فلما ولي لحقه أبو عوانة فأعطاه دينارا فقال له السائل والله لأنفعنك با أبا عوانة فلما أصبحوا وأرادوا الدفع من المزدلفة وقف ذلك السائل على طريق الناس وجعل ينادي إذا رأى رفقة من أهل العراق يا أيها الناس اشكروا يزيد بن عطاء الليثي يعني مولى أبي عوانة فإن تقرب إلى الله عز وجل اليوم بأبي عوانة فاعتقه فجعل الناس يمرون فوجا فوجا إلى يزيد يشكرون له ذلك وهو ينكره فلما كثر هذا الصنيع منهم قال ومن يقدر على رد هؤلاء كلهم اذهب فأنت حر).
والشاهد أن هذه القصة المختلقة لا يتوافر فيها شروط التواتر وذلك لأن هؤلاء القوم ليس مستندهم الحس، كما أن شرط الكثرة لم تتوافر في الطبقة الأولى المفترض أنها تكون قد شاهدت مولى أبى عوانة وهو يعتقه.
وههنا نكتة ينبغي التفطن لها، هي أن هذا السيد لم يحدث له العلم بعتق مولاه مع كثرة المخبرين له لحصول اليقين عنده بأنه لم يحدث منه ذلك، وهذا مانع حقيقي عنده من حصول العلم بصدق حادثة العتق لاستحالة اجتماع النقيضين أو حصول التعارض الحقيقي بين الأخبار.
والمقصود بيان أن تحقق شروط التواتر لا يستلزم البحث عما ذكر. والله أعلم.،
وعليه فالأقرب عندي أن المتواتر أشبه بمباحث علم الرواية من علم الدراية.
¥(13/215)
ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 12:53 ص]ـ
تذييل:
وإليك ما وصلت إليه من فهمي لكلام السخاوي الذي ذكرته في مشاركتك وجوابي عنه:
فالسخاوي هنا فهم من عبارة ابن حجر التي ذكرها للرد على ابن الصلاح وغيره أنه يرى ضرورة الاطلاع على الطرق وإحصائها والبحث عن أحواله الرواة من العدالة، وعدم الفسق، ونحو ذلك مما يقوم مقام بعض العدد حتى يحدث نتيجة لذلك اليقين بثبوت الخبر، ولذلك جعله من مباحث علم الدراية بالنظر إلى هذه الحيثية التي ذكرها – وهي قيام الصفات مقام العدد في الرواة مما يستلزم البحث عن أحوالهم -، وهذا الجواب من الحافظ السخاوي فيه أيضا نسبة التعارض لكلام ابن حجر. ولعل الأقرب في الجواب أن يقال: المقصود من عبارة ابن حجر هذه بيان السبب في وقوعهم في هذه الدعاوى؛ وهو قلة النظر فيما ذُكِرَ، وكأنه أراد أن يقول أن الأحاديث المتواترة موجودة وما ذكرنا من شروط لها معروف فمن نظر فيما ذكرنا على وفق ما قررنا علم وجود هذه الأحاديث المتواترة وعلم الفرق بينها وبين أخبار الآحاد وذلك لكثرة طرقها، وأحوال رواتها وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطؤا على كذب أو يحصل منهم اتفاقاً.
هذه وجهة نظرى للجمع بين قولي ابن حجر بما لا يجعل بينهما تعارض والله أعلم.(13/216)
شبهات حول بعض رجال البخارى
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[21 - 08 - 06, 01:35 ص]ـ
الاخوه الاحباء السلام عليكم معلوم ان طالب العلم نهم لايشبع ولانى طالب علم فقد تطفلت على موائدكم العلميه طمعا ان اجد مالذ وطاب من صنوف المعرفه فتحملونى لربما طاشت يدى فى الصحفه واول ما احب ان التهمه مما عنكم يا اهل الحديث ان تجيبونى عن سؤال يقلق مضجعى كثيرا قرات فى مقدمة فتح البارى ان من رجال البخارى كثيرا من اهل البدع والاهواء خوارج روافض قدريه جبريه مرجئه ونحوه ارجو من اخوانى الكرام الاستفاضه فى هذا الامر خاصه ان بعض ممن يتجرئون على الصحيح يعتبرون هذا حجه لهم وايضا اتباع الفرق البدعيه يعتبر هذا الامر من شبهاتهم فى سلامة منهجهم بارك الله فيكم والسلام عليكم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[21 - 08 - 06, 01:58 ص]ـ
هذا جزء من رسالة باسم ((منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها)) لصاحبها أبو بكر كافي, فهي مفيدة ان شاء الله تعالى
والله الموفق
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 05:41 م]ـ
يا رجل البدعة لا تضر في الرواية
فكثير من الثقات
مع عدالتهم وضبطتهم كانوا من أهل البدع
وراجع مبحث رواية المبتدع في كتب الحديث
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:00 م]ـ
اخى الكريم .... الرواية عن المبتدع لاتقبل على الاطلاق ولا ترد على الاطلاق بل الامر فيه تفصيل وكذلك نفس البدعة فان جمهور العلماء على رد رواية المبتدع الذي يكفر ببدعته وكذلك ليس كل امر مخالف لاهل السنة يكون كفرا فالكفر كمن انكر شيءا معلوما من الدين بالضرورة كالروافض الذين كذبو القران واتهمو امنا السيدة عائشة بالزنى والعياذ بالله
ثم ان العلماء قبلو رواية المبتدع الذي لايكفر ببدعته ولكن ليس على اطلاق ايضا فان العلماء فرقو بين الدااعي الى بدعته وغير الداعي الى بدعته فقبلو رواية الثاني وردو الاول بل حتى الراويا لمبتدع غير الداعي لبدعته فانه ترد روايته اذا روى امرا يوافق بدعته وبهذا يعلم ان رواية المبتدع غير مردودة على الاطلاق طالما انه ثبتت عدالته وصدقه وامانته وينطبق هذا الكلام على رجال البخاري وغيرهم من الرواة والله اعلم(13/217)
السَّمَرْقَنْدِي أو السَّمْرَقَنْدِي؟
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[21 - 08 - 06, 01:37 ص]ـ
كيف تُضبط هذه الكلمة السَّمَرْقَنْدِي أو السَّمْرَقَنْدِي؟ لأنني سمعت بعض أهل العلم يضبطها بالطريقة الثانية.
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 01:55 ص]ـ
الصحيح الأولى نسبة الى سمرقند المدينة المعروفة.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 03:27 ص]ـ
الصحيح الأولى نسبة الى سمرقند المدينة المعروفة.
بارك الله فيك ونفع بك
وجاء في معجم البلدان
سَمَرْقَندُ: بفتح أوله وثانيه ويقال لها بالعربية شمران. بلد معروف مشهور.
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 03:10 م]ـ
قال الكتاني في فهرس الفهارس 2/ 998
السمرقندي
هو أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم إمام الهدى صاحب تفسير القرآن وتنبيه الغافلين المتوفى سنة 373 وهو بفتح السين المشددة والميم وسكون الراء وفتح القاف وسكون النون وفي التلمساني على الشفا أنه بسكون الميم وفتح الراء ورد بقول القاموس إسكان الميم وفتح الراء لحن
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 09:44 م]ـ
للرفع
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[24 - 08 - 06, 01:32 ص]ـ
بارك الله فيكم(13/218)
الاختلافات في الأسانيد وصلاً وإرسالاً
ـ[ماهر]ــــــــ[21 - 08 - 06, 05:26 ص]ـ
لما كَانَ الاتصال شرطاً للصحة فالانقطاع ينافي الصِّحَّة، إذن الانقطاع أمارة من أمارات الضعف؛ لأن الضَّعِيف مَا فَقَدْ شرطاً من شروط الصِّحَّة 1.
والانقطاع قَدْ يَكُون في أول السَّنَد، وَقَدْ يَكُون في آخره، وَقَدْ يَكُون في وسطه، وَقَدْ يَكُون الانقطاع براوٍ واحد أو أكثر. وكل ذَلِكَ من نَوْع الانقطاع، والذي يعنينا الكلام عَلَيْهِ هنا هُوَ الكلام عن الانقطاع في آخر الإسناد، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالمرسل عِنْدَ المتأخرين، وَهُوَ مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم 2.
لِذلِكَ فإن الحَدِيْث إذ روي مرسلاً مرة، وروي مرة أخرى موصولاً، فهذا يعد من الأمور الَّتِي تعلُّ بِهَا بَعْض الأحاديث، ومن العلماء من لا يعدُّ ذَلِكَ علة، وتفصيل الأقوال في ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي:
القَوْل الأول: ترجيح الرِّوَايَة الموصولة عَلَى الرِّوَايَة المرسلة؛ لأَنَّهُ من قبيل زيادة الثِّقَة 3.
القَوْل الثَّانِي: ترجيح الرِّوَايَة المرسلة 4.
القَوْل الثَّالِث: الترجيح للأحفظ 5.
القَوْل الرابع: الاعتبار لأكثر الرواة عدداً 6.
القَوْل الخامس: التساوي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ و التوقف 7.
هَذَا ما وجدته من أقوال لأهل العِلْم في هذِهِ المسألة، وَهِيَ أقوال متباينةٌ مختلفة، وَقَدْ أمعنت النظر في صنيع المتقدمين أصحاب القرون الأولى، وأجلت النظر كثيراً في أحكامهم عَلَى الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها، فوجدت بوناً شاسعاً بَيْنَ قَوْل المتأخرين وصنيع المتقدمين، إذ إن المتقدمين لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث أول وهلة، وَلَمْ يجعلوا ذَلِكَ تَحْتَ قاعدة كلية تطرد عَلَيْهَا جَمِيْع الاختلافات، وَقَدْ ظهر لي من خلال دراسة مجموعة من الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها: أن الترجيح لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية، لَكِنْ يختلف الحال حسب المرجحات والقرائن، فتارة ترجح الرِّوَايَة المرسلة وتارة ترجح الرِّوَايَة الموصولة. وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية وأكثر التصحيح و التعليل، وحفظ جملة كبيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرِّجَال وعرف دقائق هَذَا الفن وخفاياه حَتَّى صار الحَدِيْث أمراً ملازماً لَهُ مختلطاً بدمه ولحمه.
ومن المرجحات: مزيد الحفظ، وكثرة العدد، وطول الملازمة للشيخ. وَقَدْ يختلف جهابذة الحديث في الحكم عَلَى حَدِيث من الأحاديث، فمنهم: من يرجح الرِّوَايَة المرسلة، ومنهم: من يرجح الرِّوَايَة الموصولة، ومنهم: من يتوقف.
وسأسوق نماذج لِذلِكَ مَعَ بيان أثر ذَلِكَ في اختلاف الفُقَهَاء.
مثال ذَلِكَ: رِوَايَة مَالِك بن أنس، عن زيد بن أسلم 8، عن عطاء بن يسار9؛ أن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إذا شك أحدكم في صلاته فَلَمْ يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليصل رَكْعَة، وليسجد سجدتين وَهُوَ جالس قَبْلَ التسليم، فإن كَانَت الرَّكْعَة الَّتِي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين، وإن كَانَتْ رابعة فالسجدتان ترغيم
للشيطان)).
هَذَا الحَدِيْث رَواهُ هكذا عن مَالِك جَمَاعَة الرواة مِنْهُمْ:
1. سويد بن سعيد10.
2. عبد الرزاق بن همام11.
3. عبد الله بن مسلمة القعنبي12.
4. عَبْد الله بن وهب13.
5. عُثْمَان بن عُمَر14.
6. مُحَمَّد بن الحَسَن الشيباني15.
7. أبو مصعب الزُّهْرِيّ16.
8. يَحْيَى بن يَحْيَى الليثي17.
فَهؤلاء ثمانيتهم رووه عن مَالِك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، بِهِ مرسلاً.
والحديث رَواهُ الوليد بن مُسْلِم18، و يَحْيَى بن راشد19 المازني20 عن مَالِك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، بِهِ - متصلاً -. هكذا اختلف عَلَى الإمام مَالِك بن أنس في وصل هَذَا الحَدِيْث وإرساله، والراجح فِيهِ الوَصْل، وإن كَانَ رواة الإرسال أكثر وَهُوَ الصَّحِيح من رِوَايَة مَالِك21، لما يأتي:
وَهُوَ أن الإِمَام مالكاً توبع عَلَى وصل هَذَا الحَدِيْث:
فَقَدْ رَواهُ فليح بن سليمان22، وعبد العزيز بن عَبْد الله23 بن أبي سلمة24،
¥(13/219)
وسليمان بن بلال25، و مُحَمَّد26 بن مطرف27، و مُحَمَّد بن عجلان28 خمستهم29 رووه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، بِهِ متصلاً.
وَقَدْ خالفهم جميعاً يعقوب بن عَبْد الرحمان30 القَارّي 31؛ فرواه عن زيد بن أسلم، عن عطاء، مرسلاً. لَكِنْ روايته لَمْ تقاوم أمام رِوَايَة الجَمْع 32.
إذن فالراجح في رِوَايَة هَذَا الحَدِيْث الوَصْل لكثرة العدد وشدة الحفظ. قَالَ الحافظ ابن عَبْد البر: ((و الحَدِيْث مُتَّصِل مُسْنَد صَحِيْح، لا يضره تقصير من قصر بِهِ في اتصاله؛ لأن الَّذِيْنَ وصلوه حُفَّاظ مقبولةٌ زيادتهم33)).
وَقَالَ في مَوْضِع آخر: ((قَالَ الأثرم: سألت أحمد بن حَنْبَل عن حَدِيث أبي سعيد في السهو، أتذهب إليه؟ قَالَ: نعم، أذهب إِليهِ، قلتُ: إنهم يختلفون في إسناده، قَالَ: إِنَّمَا قصر بِهِ مَالِك، وَقَدْ أسنده عدة، مِنْهُمْ: ابن عجلان، وعبد العزيز بن أبي سلمة34)).
ثُمَّ إن هَذَا الحَدِيْث قَدْ تناوله الإمام العراقي الجهبذ أَبُو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ في علله35 وانتهى إلى ترجيح الرِّوَايَة المسندة.
ــــــــــــــــ
1 انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 37، و112طبعتنا، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 153، والتقريب والتيسير: 49و 93 طبعتنا، و المنهل الروي: 38، و المقنع 1/ 103، وشرح التبصرة و التذكرة 1/ 112، و 1/ 176 طبعتنا، وفتح الباقي 1/ 111 - 112، و 1/ 205 طبعتنا.
2 انظر في المُرْسَل:
مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث 25، والكفاية (58ت،21 ه)، والتمهيد 1/ 19، وجامع الأصول 1/ 115، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث 47،و126طبعتنا و إرشاد طلاب الحقائق 1/ 167، و المجموع 1/ 60، والاقتراح 192، والتقريب:54،و99 طبعتنا، والمنهل الروي 42، والخلاصة 65، والموقظة 38، وجامع التحصيل 23، واختصار علوم الحَدِيْث 47، والبحر المحيط 4/ 403، والمقنع 1/ 129، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 144،و1/ 202طبعتنا، ونزهة النظر 109، و المختصر 128، وفتح المغيث 1/ 128، وألفية السيوطي 25، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 159، وفتح الباقي 1/ 144،
و1/ 194طبعتنا، وتوضيح الأفكار 1/ 283، وظفر الأماني 343، وقواعد التحديث 133.
ومما ينبغي التنبيه علية أن للعُلَمَاء في تعريف المُرْسَل وبيان صوره مناقشات، انظرها في نكت
الزَّرْكَشِيّ 1/ 439 ومحاسن الاصطلاح 130، والتقييد و الإيضاح 70، وشرح التبصرة
والتذكرة 1/ 144،و 1/ 203طبعتنا، ونكت ابن حجر 2/ 540، والبحر الَّذِي زخر ل 113، وانظر تعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 128.
3 وهذا هُوَ الَّذِي صححه الخطيب في الكفاية (581ت،411ه) وقال ابن الصلاح في معرفة أنواع علم
الحَدِيْث:65، 155 طبعتنا: ((فما صححه هُوَ الصَّحِيح في الفقه وأصوله)).وانظر: المدخل: 40،وقواطع الأدلة 1/ 368 - 369، والمحصول 2/ 229، وجامع الأصول 1/ 170 وكشف الأسرار للبخاري 3/ 2، وجمع الجوامع 2/ 126. وَقَدْ نسب الإمام النَّوَوِيّ هَذَا القَوْل للمحققين من أهل الحَدِيْث، شرح صَحِيْح مسلم 1/ 145 ثُمَّ إن هَذَا القَوْل هُوَ الَّذِي صححه العراقي في شرح التبصرة 1/ 174، 1/ 227 طبعتنا.
4 هَذَا القَوْل عزاه الخطيب للأكثر من أهل الحَدِيْث (الكفاية: 580ت، 411 ه).
5 هُوَ ظاهر كلام الإمام أحمد كَمَا ذكر ذَلِكَ ابن رجب الحنبلي في شرحه لعلل التِّرْمِذِي 2/ 631.
6 عزاه الحَاكِم في المدخل: 40 لأئمة الحَدِيْث، وانظر: مقدمة جامع الأصول 1/ 170، والنكت الوفية 136/أ.
7 هَذَا القَوْل ذكره السُّبْكِيّ في جمع الجوامع 2/ 124 وَلَمْ ينسبه لأحد.
8 هُوَ أبو عَبْد الله، وأبو أسامة زيد بن أسلم العدوي مولى عمر: ثقة وَكَانَ يرسل، توفي سنة (136 هـ).
تهذيب الكمال 3/ 64 (2072)، وسير أعلام النبلاء 5/ 316، والتقريب (2117).
9 أبو مُحَمَّد عطاء بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة: ثقة، توفي سنة (103 ه).
الثقات 5/ 199، وتهذيب الكمال 5/ 179 (4535)، وتاريخ الإسلام: 171 وفيات (103 ه).
10 في موطئه (151).
11 كَمَا في مصنفه (3466).
12 عِنْدَ أبي دَاوُد (1026)، ومن طريقه البَيْهَقِيّ 2/ 338.
¥(13/220)
13 عند الطحاوي في شرح المعاني 1/ 433، والبيهقي في السُّنَن الكبرى 2/ 331.
14 عِنْدَ الطحاوي في شرح المعاني 1/ 433.
15 موطئه (138).
16 في موطئه (475)، ومن طريقه أخرجه البَغَوِيّ في شرح السُّنَّة (754)
17 في موطئه (252)
18 عِنْدَ ابن حبان (2659) وط الرسالة (2663)،والبيهقي2/ 338 - 339،وابن عَبْد البر في التمهيد5/ 19.
19 أبو سعيد البصري يَحْيَى بن راشد المازني: ضعيف.
الثقات 7/ 601، وتهذيب الكمال 8/ 32 (7418)، والتقريب (7545).
20 عِنْدَ ابن عَبْد البر في التمهيد 5/ 20.
21انظر: التمهيد 5/ 21.
22 عِنْدَ أحمد 3/ 72، والدارقطني 1/ 375.
23 هُوَ أبو عَبْد الله، ويقال: أبو الأصبغ عَبْد العزيز بن عَبْد الله بن أبي سلمة الماجشون المدني الفقيه، توفي سنة (166 ه).
الجرح والتعديل 5/ 386، وتهذيب الكمال 4/ 520 و 521 (4043)، وسير أعلام النبلاء 7/ 309.
24 عِنْدَ أحمد 3/ 84، والدارمي (1503)، وَالنَّسَائِيّ 3/ 27، وَفِي الكبرى (1162)،وابن الجارود (241)، وابن خزيمة (1024)، وأبي عوانة 2/ 210، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 433، والدارقطني 1/ 371، والبيهقي 2/ 331.
25 عِنْدَ أحمد 3/ 83، وَمُسْلِم 2/ 84 (571) (88)، وأبي عوانة 2/ 192 - 193، وابن حبان (2665) وط الرسالة (2669)، والبيهقي 2/ 331.
26 الإِمَام الحَافِظ مُحَمَّد بن مطرف بن داود أبو غسان المدني، ولد قَبْلَ المئة، وتوفي بَعْدَ (160 ه (.
تهذيب الكمال 6/ 519 (6205)، وسير أعلام النبلاء 7/ 296، وتذكرة الحفاظ 1/ 242.
27 عِنْدَ أحمد 3/ 87.
28 عِنْدَ ابن ماجه (1210)، وَالنَّسَائِيّ 3/ 27، وَفِي الكبرى (1162)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 433، وابن حبان (2663) وَفِي ط الرسالة (2667).
29وَقَدْ ذكر ابْن عَبْد البر في التمهيد 5/ 18 - 19غيرهم هشام بن سعد وداود بن قيس، وَلَمْ أقف عَلَى رواياتهم
30 هُوَ يعقوب بن عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد القاري المدني، توفي سنة (181 ه).
الثقات 7/ 644، والأنساب 4/ 407، وتهذيب الكمال 8/ 174 (7690).
31 عِنْدَ أبي دَاوُد (1027).
32 عَلَى أن ابن عَبْد البر ذكر في التمهيد 5/ 18 - 19 آخرين رووه مرسلاً، لَمْ أقف عَلَى رواياتهم.
33 التمهيد 5/ 19.
34 التمهيد 5/ 25.
35 11/ 260 - 263 س (2274).
maher_fahl@hotmail.com
ـ[ماهر]ــــــــ[21 - 08 - 06, 05:30 ص]ـ
والبحث في ملف مرفق هنا مضغوط وغير مضغوط.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[21 - 08 - 06, 06:26 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
واسال الله ان يبارك في عمرك ويحفظك من كل اذى وسوء<<
فانه من توفيق الله للعبد ان يفتح له ابوابا من الاجر تجري من حيث لا يحتسب
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 04:27 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[ماهر]ــــــــ[22 - 08 - 06, 05:41 ص]ـ
وأنتما بارك الله فيكما ونفع الله بعلمكما، ونسأل الله صدق النية وحسن العمل.
وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[أبو الحارث الأثري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 07:24 ص]ـ
أسأل الله العظيم أن يزيدك من علمه وينفعنا بعلمك ويهدينا جميعا إلى التوفيق والسداد
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 06, 01:26 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الجليل ونفع بكم ولدي سؤال
المثل الذي ذكرته فضيلتك اليس من الواضح فيه ترجيح رواية الوصل نظرا لان مالك قد توبع على الوصل فظهر جدا ان الامام مالك رحمه الله من المحتمل ان يكون رواه مرة مرسلا ومرة موصولا او هو قد سمعه مرة هكذا ومرة هكذا والرواة عنه رووه على ما سمعوه منهم فمن سمعه منهم على الوصل رووه على الوصل ومن سمعه منهم على الارسال رووه على الارسال
والقصد انى كنت اريد مثالا لم يتابع فيه الامام مالك مثلا رحمه الله حتى نعلم كيف نرجح الارسال ام الوصل وجزاكم الله كل خير ونفع بكم وبعلمكم
ـ[ماهر]ــــــــ[19 - 02 - 09, 07:46 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الجليل ونفع بكم ولدي سؤال
المثل الذي ذكرته فضيلتك اليس من الواضح فيه ترجيح رواية الوصل نظرا لان مالك قد توبع على الوصل فظهر جدا ان الامام مالك رحمه الله من المحتمل ان يكون رواه مرة مرسلا ومرة موصولا او هو قد سمعه مرة هكذا ومرة هكذا والرواة عنه رووه على ما سمعوه منهم فمن سمعه منهم على الوصل رووه على الوصل ومن سمعه منهم على الارسال رووه على الارسال
والقصد انى كنت اريد مثالا لم يتابع فيه الامام مالك مثلا رحمه الله حتى نعلم كيف نرجح الارسال ام الوصل وجزاكم الله كل خير ونفع بكم وبعلمكم
جزاكم الله خيراً ونفع بكم، لعل الله يتم ييسر طباعة كتابي "الجامع في العلل والفوائد" وفيه عددٌ وافر من الأمثلة المتنوعة، بارك الله فيكم جميعاً.(13/221)
تصحيح الألبانى
ـ[وسام حلمى عباس]ــــــــ[21 - 08 - 06, 10:56 ص]ـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ...
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ...
وبعد:
سمعت ان الالبانى رحمه الله تعالى كان كثيراً ما يصحح الاحاديث الشواذ، فلحبي للشيخ رحمه الله
أريد أن أعرف مدي مصداقية هذا الكلام بطريقة علمية .........
وجزاكم الله تعالى خيراً
__________________________________________________ _______________________
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ)) أخرجه البخارى (حديث رقم 38) و النسائى (4948)
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 09:50 م]ـ
يرفع
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[23 - 08 - 06, 06:53 ص]ـ
تصحيح الشيخ الألباني فيه بعض القصور لأنه يصحح على ظواهر الأسانيد بخلاف تضعيفه فهو على غاية من الدقة
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 08 - 06, 07:14 ص]ـ
أخي الحبيب:
هذا الكلام ليس على إطلاقه، ويحتاج إلى شيء من التفصيل والمتابعة.
ومعظم تصحيحات الشيخ رحمه الله تعالى، إنما هي بالقرائن (الشواهد والمتابعات).
ومن قال بأن الشيخ:
كان كثيراً ما يصحح الاحاديث الشواذ
عليه أن يذكر أدلته، وينقد الشيخ بما تقتضيه الصناعة الحديثية.
أما إطلاق الكلام هكذا جُزافاً فليس بمقبول مطلقاً من أي أحد كائناً من كان.
والألباني رحمه الله تعالى بشرٌ يخطيء ويصيب، والمجتهد ـ كما هو معلوم ـ مأجور من قبل الشارع، بخلاف رويبضة العلم، والذي همه تتبع عثرات العلماء، فهذا وأضرابه أول ما يجني عليه اجتهاده، وهو عالة؛ كلٌ على الأمة الإسلامية.
فالمقصد من هذا كله بارك الله فيك، بأنه يتوجب علينا البحث، وسبر الأحاديث التي صححها الشيخ بذكر الشواهد والمتابعات، والبعد عن إطلاقات المجازفين العارية عن الدليل.
هذا، وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.
محبكم / أبومحمد.
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[23 - 08 - 06, 07:20 ص]ـ
يا أخي خالد الشيخ الألباني فيه بعض التساهل في التصحيح وهذا أمر غالب من يشتغل بعلم الحديث يعرفه
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 08 - 06, 07:52 ص]ـ
يا أخي خالد الشيخ الألباني فيه بعض التساهل في التصحيح
لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال الله تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
من أين لك هذا أخي الفاضل إن كنت صادقاً؟
هل سبرت كل تصحيحات الشيخ؟
والله إني لأعجب من هذا الكلام:
وهذا أمر غالب من يشتغل بعلم الحديث يعرفه
فإن كنت أخي الفاضل ـ وأرجو أن تأخذ بكلامي على محمل الجد ـ من العلماء، فإني ألاحظ عليكم ركاكة العبارة، فلو اشغلت نفسك أولاً بعلوم الآلة لكان أولى وأنفع.
والدعاوى إن لم تقم عليها بينات، أصحابها أدعياء
وإن كنت لم أنفي بأن الشيخ وقع في بعض التساهل ـ وذلك بحكم أنه يعمل على آلاف الأحاديث يومياً تصحيحاً وتضعيفاً ـ:
والألباني رحمه الله تعالى بشرٌ يخطيء ويصيب، والمجتهد ـ كما هو معلوم ـ مأجور من قبل الشارع.
إلا أنني مصر على أن تأتينا بأمثلة من تساهل الشيخ رحمه الله تعالى مصطحباً معها كلام العلماء المعتبرين.
وإلا ستكون ممن ينطبق عليه هذا الكلام:
بخلاف رويبضة العلم، والذي همه تتبع عثرات العلماء، فهذا وأضرابه أول ما يجني عليه اجتهاده، وهو عالة؛ كلٌ على الأمة الإسلامية.
وأنا حقيقة بانتظار الأمثلة، وكلام الأئمة المعتبرين.
محبكم والداعي لكم / أبومحمد.
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 08:12 ص]ـ
وفقك الله يا ابا محمد الى ما يحب ويرضى ومن مثل الالباني الذي قال عنه الشيخ ابن باز لااعلم تحت اديم السماء اعلم بالحديث من الشيخ الالباني واثنى عليه ايضا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقال هو في الحديث اقوى منه في الفقه
وليعلم الجميع ان للشيخ الالباني اعداء كثر ولايخفى عليكم حبسه ظلما وكذا توقيفه عن الدعوه بحجة انه وهابي واله المستعان
فاتقوا الله في الشيخ
¥(13/222)
ـ[عبد]ــــــــ[23 - 08 - 06, 08:20 ص]ـ
كنت يوماً من الأيام أتلقف من كثير من طلبة العلم عبارات مثل:"الألباني متساهل"، "تصحيح الألباني لا يعوّل عليه" أو "لا تغتر بتصحيح الشيخ الألباني" ... وغيرها من العبارات الموحية ينحو هذا المعنى، وكدت أصدقهم وأنجرف بأقوالهم، ولكني قررت الوقوف على الأمر بنفسي فتعلمت علم الحديث، قراءة وبحثاً واستماعاً ومقارنة بين منهج المتقدمين والمتأخرين، لأنك تحتاج للحكم على أعمال الألباني أن تعرف عمل من سبقه للمقارنة والاعتبار، فتغيرت وجهة نظري كثيراً، ومن أحسن ما كتب في بيان طريقة الألباني و تقدير عمله في الصناعة الحديثية رسالة "ردع الجاني المتعدي على الألباني" وهي ملحقة بكتاب "طليعة فقه الإسناد" ... كلاهما للشيخ طارق عوض الله. وفيه وجدت عناية الشيخ بالمتن واعتباره له في الحكم على الحديث بالشذوذ أو النكارة، وبيانه لأخطاء الرواة الثقات - وهي من بماحث المتن - المؤثرة في الحكم على الحديث. أما مجرد اتهام هذا الشيخ الجليل الذي أفنى عمره في هذا الفن تأليفاً وتحقيقاً وتخريجاً بأنه لا يجيد أكثر من تجريح وتعديل سلسلة رواة الإسناد، فهذا أمر لا يقوله إلا من سمع من غيره أكثر من إطلاعه بنفسه على طريقة عمل الشيخ وسبر تخريجاته.
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[23 - 08 - 06, 08:38 ص]ـ
أخي الحبيب خالد الأنصاري يكفي فخراً أن الشيخ الألباني هو المجددلعلم االسنة وأول من تكلم وجاهد في نشر منهج السلف الصالح فنشهد الله على محبته والقول بتساهله في تصحيح بعض الأحاديث لا أعني أن هذا هو منهج الشيخ واغبط فيك حماسك في الدفاع عن الشيخ المجدد
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 08 - 06, 09:10 ص]ـ
أخي الحبيب خالد الأنصاري يكفي فخراً أن الشيخ الألباني هو المجددلعلم االسنة وأول من تكلم وجاهد في نشر منهج السلف الصالح فنشهد الله على محبته والقول بتساهله في تصحيح بعض الأحاديث لا أعني أن هذا هو منهج الشيخ واغبط فيك حماسك في الدفاع عن الشيخ المجدد
أحبكم الله الذي أحببتموني فيه ومن أجله.
والمقصود من ذلك كله، أخي الحبيب، بأننا لا نقول بعصمة الشيخ من الخطأ.
ولكننا لا نقبل بالدعاوى العارية عن ذكر الدليل، كما أننا لاندعها هكذا تمر.
وما سودته يد السقاف الرافضي الملعون المأفون ـ كما لا يخفى على فضيلتكم ـ، كله بسبب الدعاوى التي يطلقها بعض الإخوة هدانا الله وإياهم، مما حدا بهذا الزنديق أن يتعقب الشيخ بباطله، كما أننا وفي نفس الوقت نقر له ببعض الذي أصاب فيه، وإن كان ليس له أجر في ذلك كله، لأنه من الذين حبطت أعمالهم في الحياة الدنيا.
فلذا ـ ولعلك لمست ذلك مني بالفعل ـ، كنت شديد التمسك بذكر الأمثلة والدلائل على صحة هذه الدعاوى التي تطلق بحق وبغير وجه حق، فأرجو المعذرة في ذلك بارك الله فيك.
وأضرب على ذلك مثالاً سيئاً؛ ألا وهو ذاك الزنديق الخساف المذكور آنفاً، فلو أنك سألتني يوماً ما هو دليلك على كفره، لعددت لك الأسباب، ولذكرت لك الأدلة من كلامه، ولعلك أعرف بخبثه مني، والله أعلم.
وأنا الآن على مقربة من الحرم المكي، ومن أطهر بقعة على وجه الأرض، أدعو الله أن يرد الساحر حسن السقاف إلى الإسلام رداً جميلاً، وأن يهديه إلى الحق، وأن يختم له بالصالحات = آمين.
محبكم والداعي لكم بالخير / أبومحمد.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[23 - 08 - 06, 03:53 م]ـ
حول الموضوع نفسه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38068)
ـ[محمد أحمد جلمد]ــــــــ[23 - 08 - 06, 10:16 م]ـ
المشرف أهل الحديث
حسبي الله ونعم الوكيل فيما تفعله في مشاركاتي
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[24 - 08 - 06, 12:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الاحبة:
إن الحكم على الأحاديث لا تعلق له بغلط إمام في رواية أو عشر أو مائة في التصحيح أو التضعيف على حد سواء وكذا في إثبات لفظها أونفيها.
بل إن الأمر يتعلق بمعرفة منهج العالم بل وأهل العلم وطرائقهم في هذا الفن ومعلوم أن الناس ما زالوا يختلفون في مثل هذا وترجيح المناهج إلى يومنا هذا وسيبقى إلى ما شاء الله.
ولو كان استدراك العلماء على بعضهم في التصحيح والتضعيف يكون قدحا في منهجهم وإسقاطا لعلمهم ومنزلتهم لما سلم من هذا أحد من العلماء المتقدمين والمتأخرين وأزعم حتى الجهابذة لا يسلمون.
لأن الأمر ليس بتقعيد رياضي بل علم له فواعده المأصلة ومسائله الفرعية التفصيلية يعرفها المتخصصون.
لكننا نعلم أن أهل العلم ما رغبوا عن منهاهج مخالفيهم بل وافقوه في الجملة وما استدركوا عليهم فيه كان زيادة في العلم أبانه وكان لكل مقامه وطريقته.
وعليه فإن استعمال أهل العلم ألفاظ المحدثين وقواعدهم أو قليها في مد وجزر يرجع الأمر فيها في حال قبوله ها وتركه إياها إلى أسباب يظهرها العلم في تصنيفه أو تعرف من خلال تطبيقاته.
والكل يرجع إلى ما رفعهم الله به وجعلهم فوق بعضهم درجات ثم إلى تفننه في استخدام علوم المتقدمين وطرائق المتخصصين ولكل متأخر حظ من علم المتقدمين قّلّ أو كثر.
وأخيرا أقول العبرة بالعلم والبينات لا بالدعاوى والترهات.
والله أعلم
¥(13/223)
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[24 - 08 - 06, 02:44 ص]ـ
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
سمعنا أناسا يقولون إن الشيخ متشدد في الحديث،
والآن نسمع أن الشيخ متساهل،
(قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)
ومن خلال اطلاعي على كتابات الشيخ يتضح لي أنه معتدل في تصحيحه وتضعيفه، لكن لا يسلم أحدنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) رواه الترمذي وغيره،
والشيخ رحمه الله إذا لاحت له راية الحق اتبعها وترك ما كان عليه لا تأخذه في الله لومة لائم،
فرحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته إنه ولي ذلك والقادر عليه،،،،
ـ[أبو عمر]ــــــــ[24 - 08 - 06, 02:55 ص]ـ
أخي الحبيب:
هذا الكلام ليس على إطلاقه، ويحتاج إلى شيء من التفصيل والمتابعة.
ومعظم تصحيحات الشيخ رحمه الله تعالى، إنما هي بالقرائن (الشواهد والمتابعات).
ومن قال بأن الشيخ:
عليه أن يذكر أدلته، وينقد الشيخ بما تقتضيه الصناعة الحديثية.
أما إطلاق الكلام هكذا جُزافاً فليس بمقبول مطلقاً من أي أحد كائناً من كان.
والألباني رحمه الله تعالى بشرٌ يخطيء ويصيب، والمجتهد ـ كما هو معلوم ـ مأجور من قبل الشارع، بخلاف رويبضة العلم، والذي همه تتبع عثرات العلماء، فهذا وأضرابه أول ما يجني عليه اجتهاده، وهو عالة؛ كلٌ على الأمة الإسلامية.
فالمقصد من هذا كله بارك الله فيك، بأنه يتوجب علينا البحث، وسبر الأحاديث التي صححها الشيخ بذكر الشواهد والمتابعات، والبعد عن إطلاقات المجازفين العارية عن الدليل.
هذا، وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.
محبكم / أبومحمد.
أحسن الله إليك يا أبا محمد وزادك علماً وعملاً
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[28 - 08 - 06, 10:15 م]ـ
كنت أعتقد أن الإمام الألباني غفرالله له وجمعنا به في جنات النعيم مثل غيره من العلماء يمكن
السؤال والتساؤل عن عطائه الغزير المبارك وابداء الملحوظات إن وجدت ولكن بعض الردود التي
قرأتها توحي بأنه إياكم وذلك بل إن بعض الموضوعات التي تتحدث عنه لايمكن مشاهدتها
اللهم اغفرله ولمن أحبه وأنزل السكينة على من دافع عنه ووفقه للصواب.
ـ[ابو انس المكي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 10:18 م]ـ
يااخي الكريم نقد المنهج يعني نسف جهد الرجل فلابد فيه من التحقيق الذي يبين ضعف المنهج اما ان يتكلم كل شخص بما يريد فهذا مرفوض قطعا
واما الرد عليه في بعض الاحاديث فهذا لااشكال في انه امر وارد اذ انه كغيره من العلماء يؤخذ منه ويرد
اظن ان الامر قد اتضح بارك الله فيك
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[29 - 08 - 06, 12:15 ص]ـ
كنت أعتقد أن الإمام الألباني غفرالله له وجمعنا به في جنات النعيم مثل غيره من العلماء يمكن
السؤال والتساؤل عن عطائه الغزير المبارك وابداء الملحوظات إن وجدت ولكن بعض الردود التي
قرأتها توحي بأنه إياكم وذلك بل إن بعض الموضوعات التي تتحدث عنه لايمكن مشاهدتها
اللهم اغفرله ولمن أحبه وأنزل السكينة على من دافع عنه ووفقه للصواب.
هذا الكلام غير صحيح أخي الحبيب.
بعض الإخوة اتهم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى بالتساهل في تصحيح الأحاديث، ونحن طالبناهم بذكر الأمثلة.
كما أننا نطالبك بالإثبات على صحة ما ادعيت:
ولكن بعض الردود التي
قرأتها توحي بأنه إياكم وذلك بل إن بعض الموضوعات التي تتحدث عنه لايمكن مشاهدتها
ولو بذكر مثال واحد .... !!!!!!
والله الهادي.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 06, 12:26 ص]ـ
يااخي الكريم نقد المنهج يعني نسف جهد الرجل
هذا ليس بالضرورة فما تراه انت منهجا صالحا قد يراه غيرك عكس ذلك وللائمة مناهج مختلفة في الحكم على الاحاديث بارك الله فيك فمنهم المتشدد في التجريح ومنهم المتساهل وغير ذلك
ولذلك عند الحكم على المنهج يجب استقصاء الكثير من الامثلة على هذا المنهج وبيان الصحيح من الخطا فيه والله اعلم
ونحن بانتظار الامثلة ممن قال ان الشيخ متساهل في التصحيح
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[29 - 08 - 06, 12:31 ص]ـ
يااخي الكريم نقد المنهج يعني نسف جهد الرجل فلابد فيه من التحقيق الذي يبين ضعف المنهج اما ان يتكلم كل شخص بما يريد فهذا مرفوض قطعا
¥(13/224)
واما الرد عليه في بعض الاحاديث فهذا لااشكال في انه امر وارد اذ انه كغيره من العلماء يؤخذ منه ويرد
اظن ان الامر قد اتضح بارك الله فيك
كلام سليم بارك الله فيك
ـ[حمد المثنى]ــــــــ[29 - 08 - 06, 02:19 ص]ـ
أحسن الله اليكم وجزاكم خيرا وقد وضح الأمر
أما الموضوع الذي أحببت الدخول اليه فهو (سؤال بالنسبة لمنهج الألباني) لنضال دويكات والموضوع
الآخر رأيت أن الصواب في حجبه
ـ[أبو حفص السعدي]ــــــــ[29 - 08 - 06, 05:51 ص]ـ
قال الأخ الكريم:
" لكن لا يسلم أحدنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) رواه الترمذي وغيره. "
تخريج الحديث مختصرًا:
أخرجه: التِّرمِذي (2499)، وأحمد (3/ 198)، وابْن مَاجَه (4251)، والدَّارِمي (2727)، والحاكم (4/ 272).
من حديث زَيْدِ بن حُبَاب حَدَّثَنَا علي بن مسعدة الباهلي حَدَّثَنَا قتادة عن أنس ((أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)).
قَالَ التِّرْمِذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ قَتَادَةَ.
قلتُ -محمد -: ومدار علته على " عَليِّ بن مَسْعَدة البَّاهِلي "
قال فيه البُّخاري (التاريخ / 6/ 294): فيه نظر.
وقال ابن حبان (المجروجين / 2/ 111): كان مِمَّن يُخْطئ على قِلة رِوَايَتِهِ، وَيَنْفَرِد بِمَا لَا يُتَابَع عَلَيْهِ، فاسْتَحَق تَرك الْاحتِجَاج بِهِ بِمَا لَا يُوافق الثِّقات مِن الأخبَارِ.
وضعَّفَه أبو دَاود – السجستاني -، وقال أبو أحمد بن عَدِي: أحاديثه لَيْسَت مَحْفُوظة.
ووثَّقَةُ أبو داود – الطيالسي -، وقال ابن معين: صالح.
قال الْمُنَاوِيُّ (الفيض / 5/ 16): وقال جدي في أماليه: حَدِيث فِيهِ ضَعْفٌ.
وقال الحاكِم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ!!
وتعقبه الذهبي بقوله: عَلِيُّ بن مَسْعَدة لَين.
قَالَ الشَّيخُ الْجَلِيل: مُحَمَّد عَمْرو عَبْدِ اللَّطِيف – حَفِظَهُ الله –
" نِسْبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَلَطٌ عَلَيْهِ؛ فَقَد استَنْكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ – رَحِمَهُم الله -.
وَإِنَّمَا هُوَ مِن الإسرائيليَّاتِ – كَمَا رَوَاهُ سَعِيد بنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَن قَتَادَةَ، عَنْهَا -، وَلَا عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا – كَمَا فَعَل عَلَىُّ بنُ مَسْعَدة البَّاهِلي.
وَإِنَّما الثَّابِثُ قَوْلُ عُمَرَ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ – وَفِي روَايَةٍ: ابْنِ آدَمَ خُلِقَ خَطَّاءً -، إِلَّا مَا رَحِمَ الله عَزَّ وَجَلَّ)). اهـ.
[انظر: مرويات في الميزان (2/ 183 - 184)، ط. ملتقى أهل الحديث].
والْحَمْدُ للهِ أَولًا وَأَخِرَا ..
ـ[محمد الأمين الجزائري]ــــــــ[30 - 08 - 06, 01:27 ص]ـ
يا ناطحا الجبل الاشم ليركمه ******اشفق على الراس لا تشفق على الجبل
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 10:44 م]ـ
اما منهج الامام الألباني رحمه الله تعالى و علمه بهذه الصناعة فيكفي أنه شهد له بذلك ألد خصومه و أكثرهم علما و فهما الحافظ أحمد بن الصديق و شهد له بها منذ نصف قرن فكيف و قد عمر الامام بعدها دهرا
اما نقد منهجه فهو لا يناله وحده و انما ينال منهج المتأخرين جميعا من الاعتماد على المتابعات والشواهد في التصحيح -و مداخلة أخينا أبي الفلاح فيها تعرض لهذا- مع صعوبة الاطلاع على العلل الخفية سندا و متنا مع تقادم العهد و نقص هذا العلم و ذهاب أهله
و الله أعلم بالحال و المآل
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[06 - 09 - 06, 05:23 م]ـ
خلاصة القول:
والألباني رحمه الله تعالى بشرٌ يخطيء ويصيب، والمجتهد ـ كما هو معلوم ـ مأجور من قبل الشارع، بخلاف رويبضة العلم، والذي همه تتبع عثرات العلماء، فهذا وأضرابه أول ما يجني عليه اجتهاده، وهو عالة؛ كلٌ على الأمة الإسلامية.
.
جزاك الله خير الجزاء.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[06 - 09 - 06, 07:25 م]ـ
إِمَامُ زَمَانِنَا .. وَمُحَدِّثُ وَقْتِنَا .. وَمُفِيدُنَا .. وَنَاصِرُ سُنَّةِ نَبِيِّنَا:
أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ نَاصِرُ الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ
طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ، وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مُسْتَقَرَهُ وَمَأوَاهُ
الْعَالِمُ الْحَبْرُ الْفَقِيهُ الأَحْوَذِي ... بَحْرٌ لَدَيهِ كُلُّ بَحْرٍ قَدْ نُسِي
رَبُّ الْعُلُومِ أَخُو الْمَعَارِفِ مَنْ لَهُ ... قَدْ دَانَ كُلُّ مُؤَلِّفٍ وَمُدَرِّسِ
الأَفْخَمُ الشَّهْمُ الْمَهِيبُ أخُو الْعُلَى ... صَدْرُ الصُّدُورِ بِمَحْفَلٍ وَبِمَجْلِسِ
عَلَمٌ هُمَامٌ لَوْذَعِيٌّ عِنْدَهُ ... أَهْلُ الْفَضَائِلِ أَطْرَقَتْ بِالأَرْؤُسِ
مَا بَانَ فِي أَقْرَانِهِ إِلا اغْتَدَى ... كَالشَّمْسِ مَا بَيْنَ الْجَوَارِي الكُنَّسِ
لَمْ يُشْبِهُوهُ وَإِنّه لَرَئِيسُهُمْ ... لََيْسَ الرَّئِيسُ كَمِثْلِ مَنْ لَمْ يَرْئُسِ
¥(13/225)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 09 - 06, 07:31 م]ـ
إِمَامُ زَمَانِنَا .. وَمُحَدِّثُ وَقْتِنَا .. وَمُفِيدُنَا .. وَنَاصِرُ سُنَّةِ نَبِيِّنَا:
أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ نَاصِرُ الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ
طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ، وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مُسْتَقَرَهُ وَمَأوَاهُ
الْعَالِمُ الْحَبْرُ الْفَقِيهُ الأَحْوَذِي ... بَحْرٌ لَدَيهِ كُلُّ بَحْرٍ قَدْ نُسِي
رَبُّ الْعُلُومِ أَخُو الْمَعَارِفِ مَنْ لَهُ ... قَدْ دَانَ كُلُّ مُؤَلِّفٍ وَمُدَرِّسِ
الأَفْخَمُ الشَّهْمُ الْمَهِيبُ أخُو الْعُلَى ... صَدْرُ الصُّدُورِ بِمَحْفَلٍ وَبِمَجْلِسِ
عَلَمٌ هُمَامٌ لَوْذَعِيٌّ عِنْدَهُ ... أَهْلُ الْفَضَائِلِ أَطْرَقَتْ بِالأَرْؤُسِ
مَا بَانَ فِي أَقْرَانِهِ إِلا اغْتَدَى ... كَالشَّمْسِ مَا بَيْنَ الْجَوَارِي الكُنَّسِ
لَمْ يُشْبِهُوهُ وَإِنّه لَرَئِيسُهُمْ ... لََيْسَ الرَّئِيسُ كَمِثْلِ مَنْ لَمْ يَرْئُسِ
لافض فوك، أبامحمد.
محبكم / أبومحمد.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 02:13 ص]ـ
جزاك الله شيخنا المبارك ابو محمد فبرغم اننا نطالع كتبك وقد نراك تخالف الشيخ فى تصحيح وتضعيف بعض الاحاديث الا انها سمة اهل السنة
كما قال الشيخ الاثيوبى فى التحفة المرضية
قد زانهم علم ورحمة تعم ### كل الخلائق بيسرها تؤم
قرات فى كتاب المقترح على اجوبةاسئلة المصطلح للعلامة مقبل بن هادى الوادعى انه قد يخالف الشيخ الالبانى فى الحكم على الحديث اعواما ويعود فى النهاية لراى الشيخ الالبانى والكتاب موجود على موقع الشيخ مقبل
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 09:00 ص]ـ
ولكن بعض مشايخنا يطلق هذه الكلمة - يا إخوان - أن الإمام الألباني يتوسع في التصحيح ما لا يتوسع في التضعيف ..
و كذلك سمعت من بعضهم أن اللذي ينهج منهج المتأخرين غالبا ما تراه يغفل الشذوذ و العلة في تصحيحه و تضعيفه للأحاديث ..
أفيدونا بهاتين النقطتين جزاكم الباري خيرا ..
و أود أن أسمع كلام علمي لو سمحتم و ليس عاطفي .. و بوركتم
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[07 - 09 - 06, 12:50 م]ـ
بل البينة على المدعي!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[07 - 09 - 06, 08:10 م]ـ
ولكن بعض مشايخنا يطلق هذه الكلمة - يا إخوان - أن الإمام الألباني يتوسع في التصحيح ما لا يتوسع في التضعيف ..
و كذلك سمعت من بعضهم أن اللذي ينهج منهج المتأخرين غالبا ما تراه يغفل الشذوذ و العلة في تصحيحه و تضعيفه للأحاديث ..
أفيدونا بهاتين النقطتين جزاكم الباري خيرا ..
و أود أن أسمع كلام علمي لو سمحتم و ليس عاطفي .. و بوركتم
توسع الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في التصحيح وذلك بذكر الشواهد والمتابعات، وهذا ما يطلقه البعض أو يسميه (بمنهج المتأخرين).
وأما عن مسألة التضعيف، فبابها ضيق جداً، وخصوصاً أن الشيخ خالف فيها منهج المتأخرين، وذلك أنه رحمه الله تعالى لايرى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
وأما عن قول المفرقين بين المنهجين، من أن المتأخرين يغفلون عن الشذوذ والعلة في التصحيح والتضعيف، فليس صواباً وليس على إطلاقه في آن واحد.
فهم متفقون تقريباً على تعريف الشذوذ والعلة.
قال صديقنا الدكتور حمزة المليباري حفظه الله تعالى في " سؤالات حديثية ـ وهو من مطبوعات ملتقانا الحبيب " (ص: 112 - 113)، ما نصه: [الشاذ عند المحدثين النقاد هو الغريب الذي لا أصل له ـ سواء تفرد به الثقة أو غيره ـ ...... إلخ كلامه حفظه الله.
وأما العلة، فقد قال الحافظ في " النكت " 2: ص 246 - 247، نقلاً عن الحافظ العلائي رحمه الله تعالى، قوله: [وهذا الفن أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكاً ولا يقوم به إلا من منحه الله فهماً غايصاً واطلاعاً حاوياً وإدراكاً لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم، كابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم وأمثالهم ..... إلخ كلامه رحمهما الله جميعاً.
فها أنت ترى أخي الحبيب بأن جميع من تكلم في هذين الفنين، لم يختلفوا في تعريفهما، وإنما اختلفوا في فهومهم وتطبيقاتهم، فلذا نشأ مؤخراً من يفرق بين منهج أئمتنا المتقدمين والمتأخرين.
والله أعلم.
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 11:06 م]ـ
أظن المقصود من الأخ-و الله أعلم- ليس في اتفاق نفس التعاريف للشذوذ و العلة عند المتقدمين و المتأخرين و انما المقصود أن قدرة المتأخرين على الوقوف على العلل و فقههم لهذا الفن و درايتهم به أضعف بكثير مما هو عند المتقدمين و لهذا لا يخلو تصحيح لأحدهم من متعقب و هذا من أقوى حجج من سد باب التصحيح بدعوى أن ما لم يصححه ائمة الحديث الأوائل فانما هو لوجود علل خفية به و قد أشار الى ذلك كلام نفيس للامام ابن رجب في جامع العلوم بقي فقط الاشارة ان هذا التعقب على منهج الامام الألباني ليس مختصا به كما ترى بل يشمل مناهج متأخري المحدثين جميعا و لا يشك من تأمل منهج الشيخ أنه أجودها
و الله أعلم بالحال و المآل
¥(13/226)
ـ[أبو أحمد الهمام]ــــــــ[09 - 09 - 06, 08:19 م]ـ
السؤال الثامن والعشرون: سمعنا في الآونة الأخيرة من يطعن في تخريجات الشيخ الألباني فما رأيك يا شيخ؟
الجواب: العلامة الألباني من الأئمة الكبار في السنة، وقد نفع الله به نفعاً عظيماً في هذا القرن، مما لا يكاد يحصل لمثله في وقته، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وهو كسائر علماء الحديث يؤخذ من قوله ويرد، والشيخ الألباني له منهج في نقد الأحاديث يخالفه فيه غيره من أهل العلم، وهو يجري على ما يجري عليه سائر المحدثين الكبار من المتأخرين كالسيوطي والسخاوي وغيرهم.
وانتقد عليه تساهله في مواضع من أحكامه كالتصحيح بمجموع الطرق، والتسامح في تحسين روايات بعض الضعفاء، ونحو ذلك.
وأخذ عليه تشدده في بعض أحكامه كتشدده في رد روايات من وصف بالتدليس، ورد كل ما ثبت انقطاعه مطلقاً، ولو كانت القرائن احتفت به فاغتفر الأئمة علة الانقطاع لقوة القرائن كمعرفة الواسطه عيناً أو حالاً كرواية سعيد عن عمر أو أبي عبيدة عن أبيه ونحو ذلك.
والشيخ الألباني ليس بدعاً بهذا الرأي فهناك من سبقه من الأئمة المتأخرين إلى هذا الرأي.
وهو مجتهد حاصل على الأجر في الحالين، رحمه الله وأسكنه فسيح جنته.
وما هو بالمعصوم فله آراء لا يوافق عليها، فمن ظفر بوهم أو غلط أو خطأ وقع فيه فلا يفرح به للحط من قدره، ولكن يفرح به لتصحيح المسألة فحسب، فما من إمام إلا وله زلة أو هفوة وأوهام وأغلاط خاصة المكثرين في التصنيف منهم كالإمام الألباني رحمه الله، ولا يفرح بزلة عالم ويفرح بها للتنقص إلا متعالم، والله الموفق.
(من لقاء الشيخ الطريفي بمنتدى الفوائد)
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[09 - 09 - 06, 11:32 م]ـ
الذَّنْبُ الْوَاحِدُ لا يُهْجَرُ لَهُ الْحَبِيبُ، وَالرَّوْضَةُ الْحَسْنَاءُ لا تُتْرَكُ لِمَوْضِعِ قَبْرٍ جَدِيبٍ
ــــــــــ
وَلله درُّ شَيْخِ الإِسْلامِ تَقِي الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْمِصْرِيِّ حَيْثُ يَقُولُ: «وَالْحَكِيمُ مَنْ يُقِرُّ الأُمُورَ فِى نِصَابِهَا، ويُعْطِي كُلَّ طَبَقَةٍ مَا لا يَلِيقُ إِلا بِهَا. وَأَمَّا السَّهْوُ وَالْغَلَطُ فَمَا أَمْكَنَ تَأْوِيلَهُ عَلَى شَيْءٍ يُتَأَوَّلُ، وَمَا وُجِدَ سَبِيْلٌ وَاضِحٌ إلَى تَوْجِيهِهِ حُمِلَ عَلَى أَحْسَنِ مَحْمَلٍ، وَمَا اسْتَدَّتْ فِيهِ الطُرُقُ الْوَاضِحَةُ، وَتُؤْمِّلَتْ أَسْبَابُ حُسْنِهِ أوُ صِحَّتِهِ فَلَمْ تَكُنْ لائِحَةً، فَلَسْنَا نَدَّعِي لِغَيْرِ مَعْصُومٍ عِصْمَةً، وَلا نَتَكَلَّفُ تَقْدِيرَ مَا نَعْتَقِدُهُ غَلَطَاً بِأَنَّ ذَلِكَ أَبْهَجُ وَصْمَةً، فَالْحَقُّ أَوْلَى مَا رُفِعَ عَلَمُهُ، وَرُوعِيَتْ ذِمَمُهُ، وَوُفِّيَتْ مِنَ الْعِنَايَةِ قِسَمُهُ، وَأَقْسَمَ الْمُحَقِّقُ أَنْ لا يَعَافَهُ فَبَرَّ قَسَمُهُ، وَعَزَمَ النَّاظِرُ أَنْ يَلْزَمَ مَوْقِفَهُ فَثَبَتَتْ قَدَمُهُ.
وَلَكِنْ لا نَجْعَلُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى تَرْكِ الصَّوَابِ الْجَمِّ، وَلا نَسْتَحِلُّ أَنْ نُقِيمَ فِى حَقِّ الْمُصَنِّفِ شَيْئَاً إلى ارتكاب مَرْكِب الذمِّ، وَالذَّنْبُ الْوَاحِدُ لا يُهْجَرُ لَهُ الْحَبِيبُ، وَالرَّوْضَةُ الْحَسْنَاءُ لا تُتْرَكُ لِمَوْضِعِ قَبْرٍ جَدِيبٍ، وَالْحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيْئَاتِ، وَتَرْكُ الْمَصَالِحِ الرَّاجِحَةِ لِلْمَفَاسِدِ الْمَرْجُوحَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَبَاآتِ، وَالْكَلامُ يُعَضِدُ بَعْضُهُ بَعْضَا، وَمَنْ أَسْخَطَهُ تَقْصِيرٌ يَسِيْرٌ فَسَيَقِفُ عَلَى إِحْسَانٍ كَبِيْرٍ فَيَرْضَى.
وَلَوْ ذَهَبْنَا نَتْرُكُ كُلَّ كِتَابٍ وَقَعَ فِيهِ غَلَطٌ، أَوْ فَرَطَ مِنْ مُصَنِّفِهِ سَهْوٌ أوُ سَقَطٌ، لَضَاقَ عَلَيْنَا الْمَجَالُ، وَقَصُرَ السِّجَالُ، وَجَحَدَنَا فَضَائِلَ الرِّجَالِ، وَفَاتَنَا فَوَائِدُ تُكَاثِرُ عَدِيدَ الْحَصَا، وَفَقَدْنَا عَوَائِدَ هِىَ أَجْدَى عَلَيْنَا مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا.
وَلَقَدْ نَفَعَ اللهُ الأمَّةَ بِكُتُبٍ طَارَتْ كُلَّ مَطَارٍ، وَجَازَتْ أَجْوَازَ الْفَلَوَاتِ وَأَثْبَاجَ الْبِحَارِ، وَمَا فِيهَا إِلا مَا وَقَعَ فِيهِ عَيْبٌ، وَعُرِفَ مِنْهُ غَلَطٌ بِغَيْرِ شَكٍّ وَلا رَيْبٌ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ النَّاسُ سَبَبَاً لِرَفْضِهَا وَهَجْرِهَا، وَلا تَوَقَّفُوا عَنِ الاسْتِضَاءَةِ بِأَنْوَارِ الْهِدَايَةِ مِنْ أُفْقِ فَجْرِهَا» اهـ.
وَلا أَدْرِى بَيْنَ يَدَىْ كِلامِ شَيْخِ الإِسْلامِ مَاذَا أَقُولُ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَوْ بِسْط مَعَانِيهِ هَذَرٌ أَوْ فُضُولٌ، وَلَقَدْ نَفَعَ اللهُ بِهِ أَقْوَامَاً فَكَانُوا فِى الْعِلْمِ سَادَةً وَلِلأَدَبِ حَافِظِينَ، وَسَيَنْفَعُ بِهِ إِنْ شَاءَ آخَرِينَ، فَيُدْرِكُونَ سَبِيلَ السَّلَفِ الْمَاضِينَ.
¥(13/227)
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[15 - 09 - 06, 05:43 ص]ـ
سئل شيخنا الحبيب (مصطفى العدوي) حفظه الله عن درجة الشيخين الفاضلين أحمد شاكر , وناصر الألباني في تصحيح الأحاديث من ناحية التساهل أو التشدد؟
فأجاب حفظه الله: أما الشيخ الفاضل أحمد شاكر - رحمه الله - فيجنح إلى التساهل في الحكم على الحديث بالصحة.
وأما الشيخ ناصر الألباني - رحمه الله - فهو أحسن حالاً في هذا الجانب إلا أن عمله لا يخلو من شئ من ذلك.
ووجه ذلك: أنه يصحح الحديث في كثير من الأحيان بناء على صحة الإسناد فقط , ولا ينظر إلى أوجه إعلاله.
وأحياناً يصحح الحديث بمجموع الطرق , وكثرتها مع شدة ضعفها. والله تعالى أعلم.
انتهى كلامه (شرح علل الحديث)
ـ[عبدالرحمن الحنبلي]ــــــــ[08 - 12 - 06, 06:21 م]ـ
الألباني رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة حبيب الى قلوبنا ولكن الحق احب الينا منه رحمه الله تعالى:
ولكنه رحمه الله تعالى متساهل جداً في التصحيح متوسع جداً في تصحيح الأحاديث بمجموع الطرق الواهية والضعيفة0
متشدد رحمه الله تعالى في التضعيف وهو في هذا رحمه الله تعالى سائر على منهج الفقهاء المتأخرين في التصحيح غفرالله لنا وله وأسكنه الله الجنة بمنه وفضله0
ـ[أبو يحيي المصري]ــــــــ[08 - 12 - 06, 07:50 م]ـ
ذكر الشيخ الحبيب أبو محمد الألفي خلاصة القول فقال:
الْعَالِمُ الْحَبْرُ الْفَقِيهُ الأَحْوَذِي ... بَحْرٌ لَدَيهِ كُلُّ بَحْرٍ قَدْ نُسِي
رَبُّ الْعُلُومِ أَخُو الْمَعَارِفِ مَنْ لَهُ ... قَدْ دَانَ كُلُّ مُؤَلِّفٍ وَمُدَرِّسِ
الأَفْخَمُ الشَّهْمُ الْمَهِيبُ أخُو الْعُلَى ... صَدْرُ الصُّدُورِ بِمَحْفَلٍ وَبِمَجْلِسِ
عَلَمٌ هُمَامٌ لَوْذَعِيٌّ عِنْدَهُ ... أَهْلُ الْفَضَائِلِ أَطْرَقَتْ بِالأَرْؤُسِ
مَا بَانَ فِي أَقْرَانِهِ إِلا اغْتَدَى ... كَالشَّمْسِ مَا بَيْنَ الْجَوَارِي الكُنَّسِ
لَمْ يُشْبِهُوهُ وَإِنّه لَرَئِيسُهُمْ ... لََيْسَ الرَّئِيسُ كَمِثْلِ مَنْ لَمْ يَرْئُسِ
أقول قد ذكرتني هذه الأبيات -رغم اختلاف الموضوع ظاهريا- بأبيات لطيفة للشيخ الإمام تقي الدين السبكي رحمه الله تعالي من نفس البحر (الكامل) وعلي نفس القافية كتبها مادحا سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم ومحفّزا للدفاع عنه صلي الله عليه وسلم ومفسرا لقول الله عز وجل:" مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ " التوبة 120:
وأحببت أن أكتبها هنا
قال رحمه الله
نَفْسُ النَّبِيِّ لَدَيَّ أَغلَى الْأَنْفُسِ ... فَاتَّبِعْهُ فِي كُلِّ النَّوَائِبِ وَائْتَسِ
وَاتْرُكْ حُظُوظَ النَّفْسِ عَنْك وَقُلْ لَهَا ... لَا تَرْغَبِي عَنْ نَفْسِ هَذَا الْأَنْفسِ
فَرُدِّي الرَّدَى وَاحْمِيهِ كُلَّ مُلِمَّةٍ ... فَلَقَدْ سَعِدْت إذَا خُصصْت بأَبْؤُسِ
إنْ تُقْتَلِي يسمي برُوحِك فِي الْعُلَى ... بِيَدِ الْكِرَامِ عَلَى ثِيَابِ السُّنْدُسِ
وَتَرَيْنَ مَا تَرْضَيْنَ مِنْ كُلِّ الْمُنَى ... فِي مَقْعَدٍ عِنْدَ الْمَلِيكِ مُقَدَّسِ
أَوْ تَرْجِعِي بِغَنِيمَةٍ تَحْظِي بِهَا ... وَبذُخْرِ أَجْرٍ تَرْتَجِيهِ وَتَرْأَسِي
مَا أَنْتِ حَتَّى لَا تَكُونِي فِدْيَةً ... لِمُحَمَّدٍ فِي كُلِّ هَوْلٍ مُلْبِسِ
مَا فِي حَيَاتِك بَعْدَهُ خَيْرٌ وَلَا ... إنْ مَاتَ تَخْلُفُهُ جَمِيعُ الْأَنْفُسِ
فَمُحَمَّدٌ بِحَيَاتِهِ يُهْدَى الْأَنَا ... مُ وَتَنْمَحِي سُدَفُ الظَّلَامِ الْحِنْدِسِ
وَيَقُومُ دِينُ اللَّهِ أَبْيَضَ طَاهِرًا * **فِي غَيْظِ إبْلِيسَ اللَّعِينِ الْأَنْحَسِ
أَعْظِمْ بِنَفْسِ مُحَمَّدٍ أَنْ تقتدي ... أَهْوِنِ بِنَفْسِك يَا أَخِي وَاخْسُسْ
صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ كُلَّ دَقِيقَةٍ ... عَدَدَ الْخَلَائِقِ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسِ
وختاما أقول: إن من الدفاع عن النبي صلي الله عليه وسلم الدفاع عن سنته و قد قام الشيخ الألباني رحمه الله بتمييز الصحيح من الضعيف ومهّد الطريق لمن جاء بعده ولا يضيره إن أخطأ في الحكم علي بعض الأحاديث فهذا لا يسلم منه ناقد من نقاد الحديث وقديما قال الشاعر من بحر الطويل:
وَمَن ذا الَّذي تُرضى سَجاياهُ كُلُّها ... كَفى المَرءَ نُبلاً أَن تُعَدَّ مَعايِبُهْ
ـ[على الازهرى]ــــــــ[08 - 12 - 06, 10:24 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
من المعلوم لدى كل طالب علم أن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه الا الرسول صلى الله عليه وسلم
وكنت سمعت كلاما للشيخ الحميد حفظه الله يفيد أن الشيخ الالبانى فيه بعض التساهل فى التصحيح وخصوصا لو قال حسن
ولكن ليس معنى هذا أن نهدم مجهود الشيخ رحمه الله فله مجهود فى علم الحديث واسع اسأل الله ان يجعله فى ميزان حسناته
فطالب العلم يأخذ ما أصاب فيه الشيخ ويترك ما عداه ويغض الطرف فلحوم العلماء مسمومه(13/228)
أهل الحديث: جزاكم الله خيرًا
ـ[أبو حفص السعدي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 05:08 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ففي أول مشاركة بعد التفعيل في هذا الملتقى المبارك ليس أمامي إلا أن أشكر إخواني القائمين على هذا الملتقي ..
وكما عند الترمذي:
من حديث أبي سعيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ((مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ)).
فأقول لكم جميعًا: جزاكم الله خيرًا
أخوكم المحب: محمد(13/229)
رسائل في الفضائل: الرسالة الأولى ((((فضائل أهل اليمن)))
ـ[رأفت الحامد العدني]ــــــــ[21 - 08 - 06, 09:27 م]ـ
رسائل في الفضائل: الرسالة الأولى ((((فضائل أهل اليمن)))
مقدمة
حمداً لله وصلاة وسلاماً على نبيه وآله وصحبه ومن والاه وعلى كل من اهتدى بهداه
أما بعد ...
لليمن فضائل جمة في الكتاب والسنة،حجبت عن الأنظار على رفوف النسيان لا تراها عيون الناظرين ولا تحس بها بصائر الباحثين .. وحقد حان الوقت لبيانها وإظهارها للعامة والخاصة .. ومن تلكم الفضائل ما انتقيت لهذا المقام:
1. أهل اليمن يحبهم الله ويحبونه:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} المائدة54
عن عياض الأشعري قال: "ما نزلت هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أومأ رسول الله إلى أبي موسى بشيء كان معه فقال:هم قوم هذا) رواه الحاكم ‘ وفي رواية عند الطبراني: هم قوم من اليمن.السلسلة الصحيحة [جزء 9 - صفحة 148] (3368)
قال الطبري:" حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عبد الله بن عياش عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي: من عمر بن عبد العزيز أرسل إليه يوما وهو أمير المدينة يسأله عن ذلك فقال محمد: {يأتي الله بقوم} وهم أهل اليمن!
قال عمر: يا ليتني منهم! قال: آمين. تفسير الطبري [جزء 4 - صفحة 622]
2. أهل اليمن يدخلون في دين الله أفواجاً:
عن ابن عباس: قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قال: (الله أكبر الله أكبر جاء نصر الله وجاء الفتح وجاء أهل اليمن قوم نقية قلوبهم لينة طاعتهم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية) صحيح ابن حبان [جزء 16 - صفحة 287] 7298 ,وقال الألباني في صحيح موارد الظمآن (1957): صحيح لغيره، وانظر السلسلة الصحيحة [جزء 9 - صفحة 149]
قال أبو هريرة: "ما نزلت: (إذا جاء نصر الله والفتح قال: أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا الإيمان يمان الفقه يمان الحكمة يمانية) رواه أحمد [جزء 2 - صفحة 277] 7709 تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، (3369) (الصحيحة)
3. أهل اليمن يشربون من الحوض قبل غيرهم:
عن ثوبان: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم فسئل عن عرضه فقال من مقامي إلى عمان وسئل عن شرابه فقال أشد بياضا من البن وأحلى من العسل يغت فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق. صحيح مسلم [جزء 4 - صفحة 1799] (2301)
قال النووي: (إني لبعقر حوضي) هو بضم العين وإسكان القاف وهو موقف الإبل من الحوض إذا وردته وقيل مؤخره قوله صلى الله عليه وسلم (أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم) معناه أطرد الناس عنه غير أهل اليمن ليرفض على أهل اليمن وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام والأنصار من اليمن فيدفع غيرهم حتى يشربوا كما دفعوا في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أعداءه والمكروهات ومعنى يرفض عليهم أي يسيل عليهم. شرح النووي على مسلم [جزء 15 - صفحة 62]
4. رجال أهل اليمن خير الرجال:
عن عمرو بن عبسة السلمي قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير الرجال رجال أهل اليمن والإيمان يمان إلى لخم وجذام وعاملة ومأكول حمير خير من آكلها وحضرموت خير من بني الحارث وقبيلة خير من قبيلة وقبيلة شر من قبيلة والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما لعن الله الملوك الأربعة: جمداء ومخوساء ومشرحاء وأبضعة وأختهم العمردة ثم قال:أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشا مرتين فلعنتهم وأمرني أن أصلي عليهم فصليت عليهم مرتين. ثم قال:عصية عصت الله ورسوله غير قيس وجعدة وعصية ثم قال: لأسلم وغفار ومزينة وأخلاطهم من جهينة: خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله عز وجل يوم
¥(13/230)
القيامة ثم قال: شر قبيلتين في العرب: نجران وبنو تغلب وأكثر القبائل في الجنة مذحج ومأكول. رواه أحمد المسند [جزء 4 - صفحة 387] 19463 تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح،والطبراني في مسند الشاميين (969)، (3127) (الصحيحة) [جزء 8 - صفحة 134]
5. أهل اليمن أعمالهم أعظم من أعمال غيرهم:
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنه سيأتي قوم تحقرون أعمالكم إلى أعمالهم،قلنا: يا رسول الله أقريش؟ ,قال:" لا، ولكن أهل اليمن. رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 216)، وصححه الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (4/ 160)
6. أهل اليمن هم جيش الإسلام:
الجامع الصغير وزيادته [جزء 1 - صفحة 260] 2596
عن أبي أمامة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله استقبل بي الشام و ولى ظهري اليمن و قال لي: يا محمد إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة و رزقا و ما خلف ظهرك مددا و لا يزال الإسلام يزيد و ينقص الشرك و أهله حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جورا و الذي نفسي بيده لا تذهب الأيام و الليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم. رواه الطبراني في المعجم الكبير [جزء 8 - صفحة 145] 7642، قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 1716 في صحيح الجامع
7. أهل اليمن خيار من في الأرض:
عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق مكة إذ قال يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب هم خيار من في الأرض فقال رجل من الأنصار ولا نحن يا رسول الله فسكت قال ولا نحن يا رسول الله فسكت قال ولا نحن يا رسول الله فقال في الثالثة كلمة ضعيفة إلا أنتم. رواه أحمد في [جزء 4 - صفحة 84] 16825 تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن , السلسلة الصحيحة [جزء 9 - صفحة 224] (3437)
8. أهل اليمن منه صلى الله عليه وسلم وهو منهم:
عن عتبة بن عبد انه قال: أن رجلا قال يا رسول الله العن أهل اليمن فإنهم شديد بأسهم كثير عددهم حصينة حصونهم فقال لا ثم لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعجميين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مروا بكم يسوقون نساءهم يحملون أبناءهم على عواتقهم فإنهم مني وأنا منهم.
رواه أحمد في المسند [جزء 4 - صفحة 184] 17684 والطبراني في المعجم الكبير [جزء 17 - صفحة 123] 304، وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد وصححه الشيخ مقبل كما في رياض الجنة ص 115
9. أهل اليمن أهل شريعة وأمانة:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة والشرعة في اليمن وقال زيد مرة يحفظه: والأمانة في الأزد. رواه أحمد في المسند [جزء 2 - صفحة 364] 8746، ورواه الترمذي صحيح الترمذي [جزء 3 - صفحة 251] 3088
انظر السلسلة الصحيحة [جزء 3 - صفحة 72] 1084 ولبعضه شواهد انظر الحديث رقم 1039
10. أهل اليمن أنفع طاعة:
17442 عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة وأنجع طاعة. رواه أحمد في المسند [جزء 4 - صفحة 154] تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره دون قوله: " وأنجع طاعة " وهذا إسناد حسن
وفي السلسلة الصحيحة [جزء 4 - صفحة 377] 1775: [أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة وأنجع طاعة]. (حسن). (أنجع: أنفع)
11. أهل اليمن أهل بركة.
عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا وفي نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا وفي نجدنا قال هنالك الزلازل والفتن منها أو قال بها يطلع قرن الشيطان. رواه البخاري في الصحيح [جزء 6 - صفحة 2598] 6681 ورواه أحمد في المسند [جزء 2 - صفحة 118] 5987
12. أهل اليمن جند الله في الفتن.
عن عبدالله بن حوالة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة جند بالشام و جند باليمن و جند بالعراق عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده فإن أبيتم فعليكم يمنكم و اسقوا من غدركم فإن الله قد توكل لي بالشام و أهله.
رواه الطبراني في المعجم الكبير [جزء 22 - صفحة 55] 130
ورواه أحمد وأبو داود كما في الجامع الصغير وزيادته [جزء 1 - صفحة 598] 5972
قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 3659 في صحيح الجامع وانظر صحيح الترغيب والترهيب [جزء 3 - صفحة 108] 3090
13. أهل اليمن هم أول من جاء بالمصافحة:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قد أقبل أهل اليمن وهم أرق قلوبا منكم. (قال أنس): وهم أول من جاء بالمصافحة]. (صحيح) وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقدم عليكم غدا أقوام هم ارق قلوبا للإسلام منكم. قال: فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون: غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه. فلما أن قدموا تصافحوا فكانوا هم أول من أحدث المصافحة.
رواه أحمد في المسند [جزء 3 - صفحة 251] 13649 تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، وانظر السلسلة الصحيحة [جزء 2 - صفحة 61] 527 -
14. حرص أهل اليمن على تعلم السنة.
عن أنس: أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والإسلام قال فأخذ بيد أبي عبيدة فقال هذا أمين هذه الأمة. رواه مسلم في صحيحه [جزء 4 - صفحة 1881] 54 - (2419)
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الجمعة4
والحمد لله رب العالمين(13/231)
أريد المساعدة من أهل الحديث حول دراسة مصطلح الحديث
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 01:48 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أريد المساعدة من أهل الحديث حول منهج متكامل لدراسة علم المصطلح
مكون من مستويات مختلفة بكتبها و شروحها (إن كان يوجد على النت)
إن كان يوجد أكثر من منهج أرجو بيان ذلك, فمن أهل التخصص نأخذ العلم
ما نصحت به:
كتاب المدخل لعلم الحديث للشيخ طارق عوض الله, أن أحفظ المصطلحات التي فيه
ثم بعده شرح لغة المحدث للشيخ طارق أيضا
ثم بمطالعة الكتب الأخرى كالنزهة ..............
أسألكم المساعدة
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 08:10 ص]ـ
أبو زكريا، أسأل الله لك التوفيق.
أذكر أن هناك درس من شريطين للشيخ عبدالله السعد جميل جدا في مقدمة مصطلح الحديث، و ذكر فيها في البداية نخبة الفكر لابن حجر، ثم الموقظة للذهبي، ثم النكت على ابن الصلاح لابن حجر، ثم علل الترمذي و شرح ابن رجب عليه، و قال أخيرا كتاب التنكيل للمعلمي يحسن الاطلاع فيه و أن يقرنه الطالب مع الكتب الأربعة السابقة، و إلا فالأصل أن يقرأ الأربع الأول و فيها كفاية، على أن لا يتجاوز الطالب الكتاب إلى غيره إلا بضبط و إتقان ..
و أسأل الله لنا و لكم المعونة ..
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[09 - 03 - 09, 07:48 م]ـ
هل من اضافات اخواني الافاضل
ما رأيكم بهذا المنج
نزهة النظر مع نكت الحلبي
تدريب الراوي
مقدمة ابن الصلاح مع نكت العراقي و ابن حجر و الزركشي
فتح المغيث شرح الفية الحديث
ثم شرح علل الترمذي
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 03 - 09, 12:37 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي أبا زكرياء بارك الله فيك و في سائر الإخوة
هناك كلام نفيس للشيخ الألباني رحمه الله في هذا الموضوع في سلسلة الهدى و النور، أظنه في الشريط 523،
و مما يحضرني أن الشيخ نصح بثلاثة مراحل لا أذكر تفصيلها جيدا و لعلي آتيكم بالمقطع الصوتي نفسه:
1ـ نصح الشيخ بأن يعتني الطالب بالباعث الحثيث للقاضي أحمد شاكر المصري رحمه الله
مع اختصار علوم الحديث الذي هو المتن ...
و يبدأ في قراءة بعض كتب الرجال كميزان الاعتدال للحافظ الذهبي و لسان الميزان كذلك
2ـ يرتقي إلى أصل الاختصار و هو مقدمة ابن الصلاح مع حاشية العراقي
3ـ ثم يرتقي إلى أصلهم جميعا و هو معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري صاحب المستدرك
...... و بعدها يدرس المتون المكثفة كالنخبة للحافظ ابن حجر مع شرحها أي النزهة للحافظ نفسه، و ينبغي أن يدرس النخبة عند عالم مبرز!!
.... و هكذا يرتقي في هذا العلم شيئا فشيئا، و الطريق يدله ... اهـ معنى كلامه رحمه الله
و لعلي آتيكم بالمقطع إن شاء الله ...
ـ[نادر بن وهبي النَّاطور]ــــــــ[11 - 03 - 09, 10:45 ص]ـ
الأخُ أبو زكريا الشَّافعيُّ _ حفظهُ اللَّهُ _، السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللَّهِ وبركاتُهُ:
للأخي وصديقي عمرو بن عبد المنعم المِصْريِّ _ حفظهُ اللَّهُ تهالى _ كتابانِ نافعانِ للمبتدىءِ في هَذَا العلمِ، أنصحُ بهما؛ وهما:
1_ تيسير علوم الحديثِ للمبتدئين.
2_ مذكرة عللِ الحديثِ للمبتدئين.
ـ[الوليد بن أحمد الأثري]ــــــــ[11 - 03 - 09, 01:19 م]ـ
أعتقد ان من أنسب المناهج ما ذكره الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني في رساله له تسمى نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية
و أعانكم الله على طلب العلم
ـ[أبو أحمد الحربي السلفي]ــــــــ[13 - 03 - 09, 05:35 م]ـ
دروس الشيخ طارق ابن عوض الله رآئعة وممتعة
واقدم لك هذا ملف قد يساعدك
وهو رسم شجري لمصطلحات الحديث
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 03 - 09, 06:33 م]ـ
ها هو المقطع الصوتي للشيخ الألباني الذي وعدتكم به:
ـ[أبو أسامة الحضرمي]ــــــــ[14 - 03 - 09, 12:41 ص]ـ
الشيخ عبدالكريم الخضير يرى أن يدرس المصطلح على النحو التالي
المرحلة الأولى: نخبة الفكر وشروحها
المرحلة الثانية: اختصار علوم الحديث وشروحه
المرحلة الثالثة: ألفية العراقي وشروحها
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[14 - 03 - 09, 12:39 م]ـ
ما ذا عن تدريب الراوي للسيوطي هل ينفع أن يدخل ضمن منهجية دراسة المصطلح و ياليتكم تحدثونا عنه
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[14 - 03 - 09, 03:59 م]ـ
بوركتم واصلوا
ـ[أبوفاطمة الشمري]ــــــــ[14 - 03 - 09, 06:39 م]ـ
ما ذا عن تدريب الراوي للسيوطي هل ينفع أن يدخل ضمن منهجية دراسة المصطلح و ياليتكم تحدثونا عنه
نقل زُبدَه العلامةُ أحمد شاكر - رحمه الله - في "الباعث" خصوصًا في المجلَّد الأول، طبعة المعارف.
ـ[أبوفاطمة الشمري]ــــــــ[14 - 03 - 09, 06:41 م]ـ
من أهم الكتب بعد التأصيل في هذا الفن:
(1) المقدمة لابن الصلاح.
(2) فتح المغيث للسخاوي.
(3) تحرير علوم الحديث للجديع، وهو اسمٌ على مسمى.!
ـ[محمد بن مسفر]ــــــــ[15 - 03 - 09, 01:29 م]ـ
أعتقد ان من أنسب المناهج ما ذكره الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني في رساله له تسمى نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية
و أعانكم الله على طلب العلم
قرأت تلك المنهجية، وهي جيدة ومن أراد سلوك طريقها فعليه أن يفرغ نفسه ويعكف على طلب العلم. وذكر الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني (بهذا المعنى) أن هذه المنهجية لمن لم يجد شيخ يلزمه، وجزاك الله خير الجزاء.
¥(13/232)
ـ[عبد الحميد الأثري الجزائري]ــــــــ[15 - 03 - 09, 05:18 م]ـ
أبو همام عبد الحميد الجزائري
الظاهر يا إخوتي أن خطة الشيخ الألباني رحمه الله لم تعجبكم؟ (ابتسامة)
في الحقيقة، أنا كذلك استغربتها، لأن النخبة جاءت في المرحلة الأخيرة!!
و ما كنت أعرفه هو ما نقله الأخ الفاضل عن الشيخ الخضير حفظه الله، و لكن لا داعي للحيرة، فإن لكل عالم رؤيته و نظرته، و كل طالب يأخذ ما يناسبه، و هكذا في كل الفنون، مع مراعاة التدرج طبعا .....
و لو كان لنا شيخ صاحب مدرسة، يعني يدرسك الفنون بكل مراحلها، لكفانا مؤنة السؤال!! ....(13/233)
تيسير علوم الحديث للمبتدئين
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
شرعت لتوي في دراسة كتاب (تيسير علوم الحديث للمبتدئين) ج 1
تأليف: عمرو عبد المنعم سليم
دار ابن القيم - دار ابن عفان.
وأحمد الله أن شرح صدر القائمين على المنتدى المبارك لفتح باب التسجيل مؤقتا حتى لا يحرم طلبة العلم مثلي من الإفادة من الشيوخ الأفاضل.
وأخاطب بهذه المشاركه الإخوة المتخصصين في علم الحديث خاصة وكل إخواني طلبة العلم عامة.
أما الإخوة المتخصصون:
فأناشدهم التجاوب معي فيما سيشكل علي في هذا الكتاب.
والإخوة طلبة العلم:
فأستحثهم على عرض كل ما يشكل عليهم في هذا الكتاب حتى تعم الفائدة.
بارك الله فيكم شيوخنا , أريد ردكم على طلبي
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:38 ص]ـ
وفقك الله انا اريد ايضا ان ابد بتعلم علم الحديث ولاكني لا اعرف كيف ابد ولا اعرف كيف ابحث عن احوال الرواة والجرح والتعديل على الاقل من (الانترنت) ارجوا من المشايج عدم اهمالنا حتى لو اختبرونا في هذا المجال كأن يذكروا حديثا يطلبوا مننا تخريج الحديث وقول العلماء فيه ومستوى الحديث صحيح او حسن او ضعيف الخ الجرح التعديل وعذروني فأنني مبتدئ
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:41 ص]ـ
لتحميل الكتاب
http://www.waqfeya.com/books/01/0060.rar
غير أن الطبعة التي أدرس فيها طبعة دار ابن القيم
والطبعة على الرابط لدار الضياء
ولا أدري إن كان هناك فرق
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:49 ص]ـ
إذا كنت أنت بأسئلتك هذه مبتدئ
فكيف يكون اخوك أكرمك الله! أرى أن ننتهي سويا من دراسة الكتاب المذكور بمساعدة الشيوخ الكرام ثم نشرع فيما ذكرت , وأحسب أنه يوجد جزء في مجموعة الشيخ عمرو سليم يتناول ما طرحته.
رزقنا الله الهمة للإتمام
وفقك الله وسدد خطاك
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 03:03 ص]ـ
السؤال الأول:
صـ 36 في شرح الشيخ للحديث الحسن قال
"ما استوفى شروط الصحة" من حيث:
1 - إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم
2 - اتصال السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم
3 - انتفاء الشذوذ
4 - انتفاء العلة
ويبقى شرط الضبط وهو الذي فرق في الرتبة ... الخ
السؤال: أنه لم يذكر شيئا عن العدالة .. هل هذا مقصود؟
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 03:14 ص]ـ
والله يصبحك بالخير يابو يزيد السلفي وان شاء الله تكون هذه بداية المعرفة واما سوالك والله اني مادري وشلن اجاوب عليه لكن ما اعرفه عن الحديث الحسن هو مارواه العدل خفيف الضبط عن ما قبله الى منتهاه من غير شذوذ ولا عله اي ان الفرق الوحيد بينه وبين الحديث الصحيح خفة الضبط
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[22 - 08 - 06, 03:28 ص]ـ
السؤال: أنه لم يذكر شيئا عن العدالة .. هل هذا مقصود؟
مع الاعتذار عن التطفل على "الشيوخ الأفاضل":
ليس مقصودًا، والدليل أنه قال في أعلى الصفحة ذاتِها: "هو ما استوفى شروط الصحة، إلا أن أحد رواته، أو بعضهم، دون راوي الصحيح في الضبط ... "، فاستيفاؤه شروط الصحة لا يكون إلا باستيفاء العدالة، لكنَّ الضبط هو الذي ينزل درجة الحديث من الصحة إلى الحسن.
وفقكم الله، وبارك فيكم.
ـ[أبو الحارث الأثري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 07:15 ص]ـ
الرجاء من الأخوة التكرم بذكر كل ما ورد من أقوال أهل هذا العلم عن الحديث الحسن, وحزاكم الله خيراً
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 08:01 ص]ـ
بعض الأقوال في الحديث الحسن ذكرها الشيخ الطحان في تيسير مصطلح الحديث، و هي تناسب المبتدئين. و هذا الكتاب كاملا جميل أيضا للمبتدئين. و بالله التوفيق.
ـ[خالد صالح]ــــــــ[22 - 08 - 06, 12:25 م]ـ
وفقك الله انا اريد ايضا ان ابد بتعلم علم الحديث ولاكني لا اعرف كيف ابد
انظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=79554
ولا اعرف كيف ابحث عن احوال الرواة والجرح والتعديل على الاقل من (الانترنت) ارجوا من المشايج عدم اهمالنا حتى لو اختبرونا في هذا المجال كأن يذكروا حديثا يطلبوا مننا تخريج الحديث وقول العلماء فيه ومستوى الحديث صحيح او حسن او ضعيف الخ الجرح التعديل وعذروني فأنني مبتدئ
ليس الآن وقت ذلك.
ـ[خالد صالح]ــــــــ[22 - 08 - 06, 12:28 م]ـ
الرجاء من الأخوة التكرم بذكر كل ما ورد من أقوال أهل هذا العلم عن الحديث الحسن, وحزاكم الله خيراً
أخي الكريم هذا سيشتت الأخ المبتدئ، ويمكنك فتح موضوعا جديدا لذلك.
تيسير مصطلح الحديث، و هي تناسب المبتدئين. و هذا الكتاب كاملا جميل أيضا للمبتدئين
صدقت أخي العزيز.
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 01:07 م]ـ
جزاكم الله خير سأبدا بتعريف الحديث الصحيح والله الموفق (الحديث الصحيح هو مارواه العدل الضابط عن ما قبله الى منتهاه من غير شذوذ ولا علة) تفسير هذا التعريف باختصار (1) العدل:هو ان يكون عدل في المرؤه والدين (2) الضبط:هو ان يكون قوي الحفظ سوا بالذاكرة او الكتابة (3) عن ماقبلة الى منتهاه:ان يرويه شخص مثلة في العدل والضبط (4) من غير شذوذ:الشذوذ هو ما رواه الثقة يخالف فيه من هو اوثق منه (5) ولا عله: المراد هنا بالعله العله القادحة في اصل الحديث (مثال على على العلة مني انا واذا كان خطا ارجوا التصحيح لو ان زيد اشترى من عمر سيارة بعشرة الاف ريال سعودي واختلفت الروايات بسعر البيع شخص قال بتسعة الاف وشخص قال باحدى عشر الف فهذه العلة لاتسمى قادحة لان الاصل ان زيد اشترى من عمر السيارة) ارجوا من المشايخ التعليق على تعريفي واثابكم الله
¥(13/234)
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 02:19 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا
وأرى أن الموضوع قد حاد بعض الشيء عن الهدف الذي أنشيء من أجله أصلا , وهو مناقشة ما يشكل علي وعلى الإخوة في دراسة كتاب (تيسير علوم الحديث للمبتدئين) للشيخ عمرو سليم.
وأحسب أن سبب هذا الحيد مني وليس من غيري , لأن عنوان الموضوع لم يكن واضحا بما يكفي ليعبر عما أريد به , فكان الواجب أن يكون العنوان (كتاب تيسير علوم الحديث للمبتدئين) أو (دراسة في كتاب .... ) أو (سؤالات عما أشكل في كتاب .... )
والحق أن كل الإخوة جاءوا بما يفيد ويعين على فهم علم الحديث ومصطلحه على العموم , فبارك الله لجميع من شارك في الموضوع.
وإن شاء الله سأظل أنتفع بما يسطر في هذا الموضوع , ولكن أستأذن الإخوة , والمشرف الفاضل أن أنشيء موضوع جديد بالعنوان المناسب , وأقتبس فيه المشاركات: 1 , 3 , 5 , 7.
وأشكر الأخ أحمد الشمري وأرجوه أن يتابع مشاركاته المفيدة هنا , والإخوة أبا الحارث وأبا صهيب العنزي.
والأخ خالد صالح الذي لمس الحيد في المشاركات , وأشار إلى ذلك.
وأشكر الشيخ محمد بن عبد الله على رده المناسب على سؤالي , وأرجو أن يستمر معي في الموضوع الجديد إن شاء الله.
ونسأل الله التوفيق
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 03:48 م]ـ
اذن ابداء بالاشكال الاول من الكتاب مع الاستفهام وسنشارك ان شاء الله(13/235)
لماذا ينصح بعض علماء الحديث بعدم التعمق في كتب المصطلح؟
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[22 - 08 - 06, 06:29 م]ـ
لماذا ينصح بعض علماء الحديث بعدم التعمق في كتب المصطلح؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[22 - 08 - 06, 09:30 م]ـ
لأنها وسيلة وليست غاية: هذا باختصار شديد.
ـ[همام أبو المثنى]ــــــــ[27 - 08 - 06, 10:42 ص]ـ
من من العلماء نصح بهذه النصيحة وجزاكم الله خيرا
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[27 - 08 - 06, 12:11 م]ـ
اذكر أن الشيخ عبدالله السعد ذكر (فيما معناه) أن كتب المصطلح كثيرة ويكفى طالب العلم منها أربع, مع العلم أنه لا يخلو كتاب من فائدة.
الكتب التي عدها الشيخ (على ما أذكر): الموقظة, نخبة الفكر مع شرحها, علل الترمذي مع شرح بن رجب ... وهناك كتاب رابع لا أتذكره.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[27 - 08 - 06, 12:19 م]ـ
بارك الله فيكم اجمعين
الكتاب الرابع:
الكفاية للخطيب البغدادي
والاول:
نزهة النظر شرح نخبة الفكر
واسال الله ان يفقهنا في الدين ويعلمنا التاويل اجمعين
ـ[أبو اليقظان العربي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 02:09 م]ـ
جزيت خيرا00
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[27 - 08 - 06, 03:52 م]ـ
أيضاً الشيخ عبد العزيز الطريفي في مكتبة طالب العلم ...
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[27 - 08 - 06, 03:54 م]ـ
وقد ذكر أحد الإخوة هنا في الملتقي أن الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله قال بأنه يكفي كتاب الباعث الحثيث!
ـ[باحثة]ــــــــ[27 - 08 - 06, 09:58 م]ـ
هناك كتب لا يستغني عنها طالب العلم ان كان متخصصا في الحديث
كقراءة مقدمة ابن الصلاح ومعه التقييد والإيضاح
وتدريب الراوي
كذلك بعض شروح ألفية العراقي كشرح السخاوي
أما أن لم يكن متخصصا في الحديث فيكتفي بما ذُكر
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 01:38 ص]ـ
لعل هنا بعضا من الرد الشافي على السؤال
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=80433
ـ[عبد]ــــــــ[28 - 08 - 06, 11:39 ص]ـ
على اعتبار أن علم المصطلح وسيلة لما هو أهم لا مقصد يُنتهى إليه، ستجد لسؤالك جواباً حصيفاً وتحليلاً عجيباً من فوائد العلامة "ابن خلدون"، قال رحمه الله -:
((وأما العلوم التي هي آلة لغيرها مثل العربية والمنطق وأمثالهما، فلا ينبغي أن ينظر فيها إلا من حيث هي آلة لذلك الغير فقط. ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل، لأن ذلك يخرج بها عن المقصود، إذ المقصود منها ما هي آلة له لا غير. فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود وصار الاشتغال بها لغواً، مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها. وربما يكون ذلك عائقاً عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها، مع أن شأنها أهم، والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة، فيكون الاشتغال بهذه العلوم الآلية تضييعاً للعمر وشغلاً بما لا يغني.
وهذا كما فعله المتأخرون في صناعة النحو وصناعة المنطق، لا بل وأصول الفقه، لأنهم أوسعوا دائرة الكلام فيها نقلاً واستدلالاً وأكثروا من التفاريع والمسائل بما أخرجها عن كونها آلة وصيرها مقصودة بذاتها. وربما يقع فيها لذلك أنظار ومسائل لا حاجة بها في العلوم المقصودة بالذات فتكون لأجل ذلك من نوع اللغو، وهي أيضاً مضرة بالمتعلمين على الإطلاق، لأن المتعلمين اهتمامهم بالعلوم المقصودة أكثر من اهتمامهم بهذه الآلات والوسائل. فإذا قطعوا العمر في تحصيل الوسائل، فمتى يظفرون بالمقاصد، فلهذا يجب على المعلمين لهذه العلوم الآلية أن لا يستبحروا في شأنها ولا يستكثروا من مسائلها وينبهوا المتعلم على الغرض منها ويقفوا به عنده. فمن نزعت به همته بعد ذلك إلى شيء من التوغل، ورأى من نفسه قياماً بذلك وكفاية به فليختر لنفسه ما شاء من المراقي صعباً أو سهلاً. وكل ميسر لما خلق له)).
ـ[همام أبو المثنى]ــــــــ[28 - 08 - 06, 12:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا ما زلت أطلب المزيد
ـ[أبو عبد الله المليباري]ــــــــ[28 - 08 - 06, 04:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الكلام المذكور فيه نظر. لأن التعمق أمر نسبي ليس له ضابط معين. ولا بد أن يكون هناك فئة تتخصص وتتعمق في كتب المصطلح، بل في جميع علوم الآلة. أما أن نعتبر هذا الكلام قاعدة عامة فهذا يمنع من خدمة كثير من العلوم الشرعية وإثرائها. ولا نزال نجد ولله الحمد في كل عصر من العصور الإسلامية علماء نذروا أنفسهم لعلوم الحديث رواية ودراية، ولم يهملوا جانب الدراية بحجة أنه من علوم الآلة.
ـ[أبو زرعة البيضاوي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 06:40 م]ـ
بارك الله فيكم اجمعين
الكتاب الرابع:
الكفاية للخطيب البغدادي
والاول:
نزهة النظر شرح نخبة الفكر
بارك الله فيكم جميعا
لكن أين درر الحافظ ابن حجر في النكت!!!
و يبقى أجمع كتاب في المصطلح الذي لا يستغني عنه طالب الحديث هو " فتح المغيث " للحافظ السخاوي
فلا هجرة بعد الفتح
فقد جمع فيه كل علوم الكتب السابقة عدا شرح علل الترمذي لابن رجب
و الله الموفق
¥(13/236)
ـ[أبو عبد الله المليباري]ــــــــ[29 - 08 - 06, 03:32 م]ـ
فهذا الكتاب يعتبر خاتمة كتب المصطلح، يقول د. عبدالقادر المنتفقي: من درس وأتقن فتح المغيث للسخاوي فهو إمام.
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[29 - 08 - 06, 03:48 م]ـ
أعتقد أن المشايخ الذين ينصحون بعدم التعمق والإغراق في كتب المصطلح، ليس مقصدهم ما يفهم من ظاهر الكلام ... وقد نقل أخ كريم في المشاركة العاشرة رابط فيه كلام جيد أنقله هنا ....
غالب من يدرس علم الحديث لايلتفت لمناهج المتقدمين
قال الشيخ رياض السعيد في مقدمة كتابه (سؤالات حديثية لمجدد السنة النبوية) وهو كتاب يسأل فيه الشيخ الألباني سؤالات حديثية عندما رحل إليه في الأردن. ومما جاء في مقدمة الكتاب وهو من كلام الشيخ رياض: (من أهم المهمات لطالب علم الحديث أن يوفق في شيوخ لهم اهتمام بالغ بمناهج الأئمة النقاد حيث أن الغالب على من يشتغل بعلم الحديث من أساتذة الجامعات ومن يدرس هذا العلم في المساجد الغالب عليهم عدم الإلتفات لمناهج الأئمة النقاد من جهة مصطلحاتهم وتفسيرها، والتعليل، والتصحيح والتضعيف، ورأيهم في المسائل المهمة في مصطلح الحديث مثل زيادة الثقة والشذوذ، ومعرفة مراتب و تقاسيم من يروون عن بعض الأئمة الحفاظ المكثرين ومن يقدم منهم، كل هذا صراحة يجهله بعض من يشتغل بعلم الحديث في هذا العصر، وجل اهتمامهم البالغ الإغراق والتكرار في قراءة وتدريس كتب مصطلح الحديث، فكلما انتهى من كتاب بدأ بالآخر وهكذا، وهذا طبعاً على حساب الناحية العلمية المغيبة، أما من جهة علم الرجال والحكم عليهم فيقتصر على تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب، والحكم على الرواة يقتصر في الغالب على التقريب فقط، وهذا كله على حساب كتب الأئمة النقاد وأحكامهم المغيبة، أما من جهة تعليل الأحاديث والحكم عليها فهو قائم في الغالب على ظواهر الأسانيد، وفلان صدوق فحديثه حسن، وفلان ضعيف فحديثه ضعيف وهكذا فهي كمسألة الرياضيات 1+1= 2، وجائت سلاسل الشيخ الألباني ففرحوا بها لأنها كفتهم عن القراءة والحكم على الأحاديث وموقفهم مع سلاسل الشيخ الألباني هو نفس موقفهم مع تقريب التهذيب التقليد والجمود، ومن قرأ عندهم النكت على ابن الصلاح لابن حجر فقد وصل القمة، بينما هو لايعرف شرح علل الترمذي لابن رجب. ومن النادر عندهم أن يحيلوا من يتتلمذ عليهم لشرح علل الترمذي، وعلل الحديث لابن أبي حاتم، وعلل الدارقطني، وكتب السؤلات، وكتب الرجال للأئمة النقاد، ومما يبرهن على عدم التفاتهم لمناهج وكتب الأئمة النقاد عدم فهمهم لقراءة كتب العلل وكتاب التنكيل للمعلمي، فعلى طالب علم الحديث أن يتعرف على مناهج الأئمة النقاد 00000
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[30 - 08 - 06, 04:31 ص]ـ
انما مقصودهم ان الفوائد التي تستقى من كتب المتقدمين لن تجدها في كتب المصطلح و خاصة عند المتأخرين و خاصة ما تعلق بمعرفة العلل و عليها ينبني أو كما لخصه الحافظ الذكي ابن رجب في جامع العلوم و الحكم بكلام نفيس أذكره و لم يتيسر لي نقله حول "من يفهم هذا" و الأمر راجع الى أن علم الحديث من أكثر العلوم الاجتهادية اعتمادا على الملكة التي لا تحصل الا بكثرة دراسة كلام النبي صلى الله عليه و سلم و لكتب أوائل النقاد الأقرب الى نور النبوة و مثل هذه النصيحة تجدها عند مجتهدي المالكية من المتأخرين مثلا يوصون بكتب ابن أبي زيد و ابن رشد بدلا من مختصرات و جوامع المتأخرين لتحصيل الدربة اللازمة للاجتهاد في المذهب
و الله اعلم بالحال و المآل(13/237)
ابحث عن بحث كتبه الشيخ موفق عبدالقادر بعنوان"اختلاف الروايات .. "
ـ[أبوصالح]ــــــــ[22 - 08 - 06, 07:06 م]ـ
بارك الله فيكم
ابحث من فترة طويلة عن بحث كتبه الشيخ موفق عبدالقادر بعنوان"اختلاف الروايات واثره في توثيق النصوص" وهو منشور في مجلة الدرعية العدد8شوال 1420
فهل هو متوفر على الانترنت>>
حفظكم الله وبارك الله فيكم
ـ[أبومنصور الهاشمي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 03:54 م]ـ
الكتاب مطبوع منذ سنوات عدة ربما أكثر من تسع سنوات والله أعلم
ـ[أبوصالح]ــــــــ[25 - 08 - 06, 04:52 م]ـ
جزاك الله خيرا
اين طبع وما هي دار النشر وهل من وسيلة للتواصل معها
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:43 ص]ـ
الكتاب طبع في دار الغرب الإسلامي عام 2000 بغلاف ورقي وهو كتاب قييم
ـ[أبوصالح]ــــــــ[19 - 09 - 06, 06:56 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك.(13/238)
مناقشة كتاب (تيسير علوم الحديث) لعمرو عبدا
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 09:28 م]ـ
المراد من هذا الموضوع هو مناقشة كتاب (تيسير علوم الحديث) فقط
الكتاب فقط بارك الله فيكم
ورجائي أن تكون الإجابات من قبل الإخوة المتخصصين فقط
حتى لا نرهق أنفسنا وشيوخنا الأفاضل بالدخول في حيص بيص.
الأمر الذي سيفقد الموضوع منهجيته ومن ثم فاعليته , ومعلوم أن المنهج يختصر الطريق ويسهل الأمور للمعلم قبل المتعلم.
وفقنا الله
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 09:34 م]ـ
لتحميل الكتاب
http://www.waqfeya.com/books/01/0060.rar
السؤال الأول:
صـ 36 في شرح الشيخ للحديث الحسن قال
"ما استوفى شروط الصحة" من حيث:
1 - إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم
2 - اتصال السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم
3 - انتفاء الشذوذ
4 - انتفاء العلة
ويبقى شرط الضبط وهو الذي فرق في الرتبة ... الخ
السؤال: أنه لم يذكر شيئا عن العدالة .. هل هذا مقصود؟
مع الاعتذار عن التطفل على "الشيوخ الأفاضل":
ليس مقصودًا، والدليل أنه قال في أعلى الصفحة ذاتِها: "هو ما استوفى شروط الصحة، إلا أن أحد رواته، أو بعضهم، دون راوي الصحيح في الضبط ... "، فاستيفاؤه شروط الصحة لا يكون إلا باستيفاء العدالة، لكنَّ الضبط هو الذي ينزل درجة الحديث من الصحة إلى الحسن.
وفقكم الله، وبارك فيكم.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[22 - 08 - 06, 11:18 م]ـ
السؤال الثاني
صـ 29 في الحديث عن (سنن أبي داود) قال الشيخ:
وكتابه السنن من دواوين الإسلام التي لا يستغنى عنها , إلا أنه لم يشترط فيها الصحة , بل فيها الصحيح , والحسن , والصالح , والضعيف , والمنكر. (انتهى)
الصالح: (من معجم مصطلحات الحديث)
سليمان الحرش , حسين الجمل ,, مكتبة العبيكان.
الصالح:
- هو شامل الصحيح والحسن لصلاحيتهما للاحتجاج , ويستعمل أيضا في ضعيف يصلح للاعتبار.
- أو هو الذي بين الضعيف والحسن , فهو والحسن لغيره بمعنى واحد.
السؤال:
1 - هل من تعليق على تعريف (الصالح).
2 - لماذا أفرد المؤلف (سنن أبي داود) بهذا المصطلح؟
أهي خاصة به كما للترمذي مصطلحات خاصة مثل "حسن صحيح" و "حسن غريب" ...... ؟
خاصة وأن المصطلح (صالح) غير مألوف لدي في تخريج الأحاديث.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 11:29 ص]ـ
كل الشكر للمشرف المفضال على تجاوبه.
وفقه الله وأعانه وشيوخنا الأفاضل علينا
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[23 - 08 - 06, 05:33 م]ـ
بارك الله فيكم.
وأعتذر مرةً أخرى عن التقدُّم بين يدي المشايخ.
- في تعريف الصالح: بعض العلماء يقول: إن معناه: الصالح للحجة، فيمكن أن يحتج به أحد المذاهب على قوله، وبعض المذاهب تحتج بالحديث الضعيف - بضوابط -، فهذا احتمال في معنى الصالح.
وبعضهم يقول: إن الصالح يعني: الصالح للاستشهاد، أي: الضعيف الذي يمكن أن يُقوَّى بغيره، وهو نفسُهُ (الحسن لغيره).
- وأما مصطلح (الصالح)، فلعل الذي دعا الشيخ عَمْرًا إلى وضعه في الكلام على سنن أبي داود فحسب = هو أن أبا داود ذكر ذلك في رسالة له أفردها، وهي المعروفة بـ "رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه"، إذ قال أبو داود فيها: "ما لم أذكر فيه - أي: في كتاب السنن - شيئًا فهو صالح، وبعضها أصحُّ من بعض".
ولا يلزم من هذا موافقة أبي داود على أن جميع ما ذكر في سننه فهو صالح، لكن المراد أنه ذكر ذلك، فلعل الشيخ أخذه منه، والله أعلم.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[24 - 08 - 06, 09:31 م]ـ
يا شيخنا الكريم بارك الله فيك , ولك جزيل الشكر والعرفان , ورجائي أن تكمل (مشوار) هذا الكتاب معي , وتتحمل أخاك الأصغر المحب لك.
فقد أفدتموني كثيرا أفادكم الله .. وللعلم فلقد حصلت على رسالة أبي داود التي أشرتم إليها والحمد لله.
وآسف على تأخر الرد.
وإلى المزيد بحول الله.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 06:01 م]ـ
سؤال:
جاء في صـ 30 في الكلام عن جامع الترمذي:
"وهو كتاب جامع , عظيم الفائدة , جمع بين رواية الحديث , ودرايته , وعلله , وأحوال رجاله , ومذاهب أهل العلم في أبواب الفقه" (انتهى)
والدراية لغةً ليس فيها إشكال , فجلنا يدري ما الدراية.
ولكن يبدو أنها في اصطلاح الحديث لها دلالة خاصة , ربما المقصود بها المتن (أو فقه المتن) .. لا أعلم.
وإن كان الأمر كذلك , فهل السند والمتن هما الرواية والدراية؟ ونقول لا مشاحة في الاصطلاح؟
أم عندكم تفصيل وتفريق؟
بوركتم ودام فضلكم أخي الحبيب.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 06:22 م]ـ
وقفت على الآتي في مقال للشيخ / صالح آل الشيخ بعنوان:
"الفرق بين كتب الفقه وكتب الحديث"
(يستعمل كثير من أهل الحديث هذه الكلمة: رواية ودراية، وفي تفسير الرواية والدراية اختلاف، فمنهم من يقول: الرواية هي نقل الحديث بالإسناد. والدراية هي تمحيص هذا الإسناد من حيث الصحة وعدم الصحة، من حيث هل هو مستقيم أم غير مستقيم؟ هل هو معلول أم غير معلول؟ هل يحتج به أم لا يحتج به؟ وهذا قول طائفة كثيرة من أهل العلم.
وآخرون يقولون: الرواية راجعة إلى النقل، والدراية راجعة إلى فقه الحديث، وفقه الحديث هو درايته. والرواية هي النقل، فيدخل على هذا في النقل مصطلح الحديث، يستعمل مصطلح الحديث، والنظر في الرجال. وتكون الدراية هي الفقه، يعني النظر في المتن.)
وفي انتظار تعقيبكم أخي الكريم.
¥(13/239)
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[25 - 08 - 06, 08:49 م]ـ
u].
وآخرون يقولون: الرواية راجعة إلى النقل، والدراية راجعة إلى فقه الحديث، وفقه الحديث هو درايته. والرواية هي النقل، فيدخل على هذا في النقل مصطلح الحديث، يستعمل مصطلح الحديث، والنظر في الرجال. وتكون الدراية هي الفقه، يعني النظر في المتن.)
.
سمعت الشيخين سعد الحميد وصلاح الدين عبدالموجود يقولان مثل ذلك
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 10:02 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم أسامة
ولكن هل عرضت كتب مصطلح الحديث للمتقدمين لهذا الأمر؟
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 12:49 م]ـ
لا أخي الكريم
ولكن لعل هذا من مصطلح المتأخرين
ـ[أبو زهير المصري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 04:54 م]ـ
سألت الشيخ الفاضل عادل عبد الغفور حفظه الله عن هذين المصطلحين، فأجاب بما معناه أن الرواية هي نقل الحديث، وأما الدراية فهي تتعلق بعلم الإسناد ومعرفة أحوال الأحاديث من حيث الصحة والضعف والإعلال ونحوه، فقلت له أن هنالك من يقول بأن معني الدراية هو فقه الحديث و المتن، فقال لي: لا، ثم عقب فقال: هذا - أي فقه الحديث - قد يدخل في علم الدراية.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[27 - 08 - 06, 11:17 م]ـ
لا أخي الكريم
ولكن لعل هذا من مصطلح المتأخرين
بارك الله فيك , ولعلنا نصل إلى تحديد للمصطلح سواء للمتقدمين أو للمتأخرين.
سألت الشيخ الفاضل عادل عبد الغفور حفظه الله عن هذين المصطلحين، فأجاب بما معناه أن الرواية هي نقل الحديث، وأما الدراية فهي تتعلق بعلم الإسناد ومعرفة أحوال الأحاديث من حيث الصحة والضعف والإعلال ونحوه، فقلت له أن هنالك من يقول بأن معني الدراية هو فقه الحديث و المتن، فقال لي: لا، ثم عقب فقال: هذا - أي فقه الحديث - قد يدخل في علم الدراية.
أثابك الله أخي أبا زهير , وأرجو أن تعرض جميع المسائل التي تُعرض هنا على فضيلة الشيخ إن أمكن , ولك عظيم الأجر إن شاء الله.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 12:56 ص]ـ
تنبيه:
أعتقد أنه يوجد خطأ مطبعي أريد من الإخوة مراجعتي فيه.
صـ 39 في الكلام عن الحديث الضعيف جاء الآتي:
هو الحديث الذي لم تتوفر فيه شروط القبول مجتمعة , وهي كما سبق ذكرها:
1 - الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - اتصال السند.
3 - عدالة الرواة , وضبطهم.
4 - انتفاء العلة.
5 - انتفاء الشذوذ.
ثم يأتي في صـ 40:
وإذا فقد الشرط الرابع كان شاذا أو منكرا.
وإذا فقد الشرط الخامس كان معللا.
ومن ذلك فإن الترتيب الصحيح هو:
4 - انتفاء الشذوذ.
5 - انتفاء العلة.
وذلك هو الترتيب الذي جاء به الشيخ عند تعريفه للحديث الصحيح صـ 17.
والله أعلم
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 12:23 ص]ـ
علم الرواية كما يرجح الشيخ العلامة عبدالمحسن العباد ... هو علم السند وأحواله.
وعلم الدراية ... هو فقه الحديث ومعانيه.
هذا التعريف الذي ذكرت للتقسيمين ذكره ابن الأكفاني و تبعه عليه جميع من ألف في الاصطلاح.
و الصواب في تعريف الحديث دراية ما قاله طاش كبري زادة في " مفتاح دار السعادة " بقوله:
علم يبحث فيه عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث، و عن المعنى المراد منها، مبنيا على قواعد العربية و ضوابط الشريعة ...
بارك الله فيكما.
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 01:08 م]ـ
نقل السيوطى فى التدريب عن ابن الأكفانى أن الدراية هو علم الإسناد و عزى ذلك إلى كتاب ابن الأكفانى " إرشاد القاصد "، قال رحمه الله: " علم الحديث الخاص بالرواية " علم يشتمل على أقوال النبى صلى الله عليه و سلم، و أفعاله، و روايتها، و ضبطها، و تحرير ألفاظها " , و علم الحديث الخاص بالدراية " علم يعرف منه حقيقة الرواية، و شروطها، و أنواعها،و أحكامها،و حال الرواة و شروطهم، و أصناف المرويات، و ما يتعلق بها ". ثم فصل السيوطى معانى التعريف (حقيقة الرواية، و شروطها،و أنواعها و أحكامها ... الخ).
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 06, 12:31 ص]ـ
بارك الله فيكم وآجركم.
سؤال:
صـ 47
"إلا أن ضعف الإرسال ضعف محتمل ينجبر إذا تبعه مثيله في الضعف أو أقوى منه على أن لا يكون متابعه مرسلا من نفس الطبقة التي أرسل منها الأول"
تحتاج العبارة إلى شرح وتوضيح بمثال بارك الله في من كان لها.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 06, 12:40 ص]ـ
سؤال:
صـ 49
يقول الشيخ ـ حفظه الله ـ أن المعضل دون المرسل والمنقطع في الدرجة , لكثرة من سقط من إسناده على التوالي.
فما هي درجات الضعيف مرتبة , وهل في ذلك خلاف؟
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 06, 12:47 ص]ـ
سؤال:
صـ 58
لم يذكر الشيخ مثالا لتدليس التسوية.
سؤال:
صـ 60 – 61
ذكر أن الحسن البصري روايته عن عثمان بن عفان مرسلة.
هل تُرد هذه الرواية؟
وذكر أن الحسن البصري لم يسمع من عثمان حديثا مسندا.
هل (مسند) تفيد السماع , أم تفيد كون الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وبرجاء التفضل بالتوسع في شرح تعريف السماع:
السماع من معجم مصطلحات الحديث:
(السماع من لفظ الشيخ وصورته: أن يقرأ الشيخ ويسمع الطالب سواء قرأ الشيخ من حفظه أو كتابه , وسواء سمع الطالب وكتب ما سمعه أو سمع فقط ولم يكتب. والسماع أعلى أقسام طرق التحمل عند الجماهير)
لا يتضح لي الفرق من مثال الأعمش والحسن البصري.
¥(13/240)
ـ[مصطفي حسان]ــــــــ[24 - 09 - 06, 12:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم أسامة
ولكن هل عرضت كتب مصطلح الحديث للمتقدمين لهذا الأمر؟
قال الشيخ الشريف العوني في شرح نزهة النظر أن هذا المصطلح لم يستخدمه المتقدمون وأنه ليس فيه كثير فائدة
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[04 - 10 - 06, 11:11 م]ـ
مشايخنا الكرام
كم نفتقدكم , أحسن الله إليكم .....
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 10 - 06, 12:06 ص]ـ
أخي الفاضل انصحك بقراءة كتاب "تيسير مصطلح الحديث" للدكتور محمود الطحان
ففيها أمثلة ولعلها تجيب على بعض اسئلتك والله اعلم.
تجد الكتاب في المكتبة الوقفية http://www.waqfeya.com/open.php?cat=12&book=53
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[06 - 10 - 06, 09:51 م]ـ
بارك الله فيك
ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[06 - 10 - 06, 10:57 م]ـ
سؤال:
صـ 47
"إلا أن ضعف الإرسال ضعف محتمل ينجبر إذا تبعه مثيله في الضعف أو أقوى منه على أن لا يكون متابعه مرسلا من نفس الطبقة التي أرسل منها الأول"
تحتاج العبارة إلى شرح وتوضيح بمثال بارك الله في من كان لها.
بارك الله فيكم.
الشيخ بَيَّن أن الضعف درجات، منه ضعفٌ مُحتَمَل، وهو ما يمكن تقويته، ومنه ضعف غير محتمل، بعكس الآخر.
ويتقرر أولاً أن الإرسال - باصطلاحه المشهور - نوع من الضعيف، لأن فيه انقطاعًا وإبهامَ واسطة، ولا يُدرَى ثقتها من ضعفها.
وإذا تقرر ذلك، فأين يوضع المرسل في درجات الحديث الضعيف؟
يقول الشيخ إنه في درجة الضعف المحتمل، الذي ينجبر (أي: يتقوى ويعتضد ويرقى عن درجة الضعف).
ومتى ينجبر المرسل؟
يقول الشيخ: إذا تابعه مثيلُهُ في الضعف، يعني: ضعيف يقارب المرسل، أو أقوى منه، أي: أقوى منه في الضعف، فإن الضعف المحتمل ضعفٌ دون ضعف، كأن يتابع المرسلَ الأول مرسلٌ آخر.
فإذا تابعه ذلك (أي: جاء الحديث ضعيفًا محتمل الضعف من طريق غير المرسل الأول) = فإنه يتقوى وينجبر.
ولكن لذلك شرط، هو أن لا يكون من أرسل المرسَلَ الأول في الطبقة نفسها التي منها من أرسل المرسَلَ الثاني.
ولنأتِ بمثالٍ يوضح الأمر، فلو افترضنا أنه جاء حديث من طريق عامر الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، وبعد التخريج وجدت الحديث نفسَهُ من طريق محمد بن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً أيضًا، فإن حاصل ذلك أن الذي أرسل الحديث اثنان:
1 - الشعبي، وهو من الطبقة الثالثة،
2 - وابن سيرين، وهو من الطبقة الثانية،
وعندها يمكنك تقوية هذا بهذا.
أما لو كان المرسل الآخر من مراسيل أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي مثلاً، فذكر الشيخ أنه تُمنع التقوية في مثل هذه الحالة، لأن الشعبي وأبا قلابة من طبقة واحدة، هي الثالثة.
هذا ما فهمته من كلام الشيخ، غفر الله لكم.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[09 - 10 - 06, 02:59 ص]ـ
سؤال:
صـ 49
يقول الشيخ ـ حفظه الله ـ أن المعضل دون المرسل والمنقطع في الدرجة , لكثرة من سقط من إسناده على التوالي.
فما هي درجات الضعيف مرتبة , وهل في ذلك خلاف؟
قال ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 65 ط. الفرقان): "تنبيه: قال الجورقاني في مقدمة كتابه في الموضوعات:
«المعضل أسوأ حالاً من المنقطع، والمنقطع أسوأ حالاً من المرسل، والمرسل لا تقوم به حجة».
قلت - ابن حجر -: وإنما يكون المعضل أسوأ حالاً من المنقطع إذا كان الانقطاع في موضع واحد من الإسناد، وأما إذا كان في موضعين أو أكثر، فإنه يساوي المعضل في سوء الحال، والله تعالى أعلم" ا. هـ.
وهذا يظهر لك من التأمل في تعريف كل نوع، فالمعضل فيه سقوط رجلين، فاحتمال الضعف أقوى، والمنقطع فيه سقوط رجل واحد، فهو أقل ضعفًا من سابقه، والمرسل فيه سقوط بعض التابعين، والكذب في زمن التابعين قليل، وقد احتج بعض العلماء بالمرسل، فهو أخف ضعفًا من الجميع، على أن كل هذه الأنواع داخلة في قسم الضعيف، لكن ضعف دون ضعف - كما سبق ذكره -.
ولا أدري هل وقع خلاف في ذلك، إلا أن ابن حجر - رحمه الله - تعقب ذلك - كما سبق نقله - بأن الانقطاع في موضعين من الإسناد مساوٍ للإعضال، لأنهما - والحال هذه - مشتركان في سقوط راويين من الإسناد.
وجزاكم الله خيرًا.
¥(13/241)
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[09 - 10 - 06, 04:29 ص]ـ
ما نال محمدة الرجال وشكرهم ..... إلا الصبور عليهم المفضال
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[10 - 10 - 06, 05:19 ص]ـ
غفر الله لك يا أبا يزيد، فأنتم ذوو الفضل، أحسن الله إليكم.
سؤال:
صـ 58
لم يذكر الشيخ مثالا لتدليس التسوية.
من ذلك ما ذكره المزي في تهذيب الكمال (31/ 97) قال: قال صالح بن محمد الأسدي الحافظ [المشهور بصالح جزرة]: سمعت الهيثم بن خارجة يقول: "قلت للوليد بن مسلم: (قد أفسدتَ حديث الأوزاعي)، قال: (كيف؟) قلت: (تروي عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزهري، وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي، وبينه وبين الزهري إبراهيم بن مرة وقرة وغيرهما، فما يحملك على هذا؟!) قال: (أُنَبِّلُ الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء)، قلت: (فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء
- ضعفاء - أحاديثَ مناكير؛ فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات = ضُعِّف الأوزاعي)، فلم يلتفت إلى قولي" ا. هـ.
فالوليد بن مسلم يروي أحاديث عن الأوزاعي عن نافع مباشرة، والأوزاعي إنما رواها عن عبد الله بن عامر الأسلمي - وهو ضعيف - عن نافع ...
ولعلَّ مما اجتمع فيه تدليس الإسناد (إسقاط الشيخ) وتدليس التسوية (إسقاط من فوق الشيخ): ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل قال (2/ 383): "سألت أبي عن حديث رواه محمد بن المصفى، عن بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء، قال: رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أمشي أمام أبي بكر، فقال: «لم تمشي أمام من هو خير منك، إن أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس أو غربت».
قال أبي: هذا حديث موضوع، سمع بقية هذا الحديث من هشام الرازي، عن محمد بن الفضل، عن ابن جريج، فترك الاثنين من الوسط.
قال أبي: محمد بن الفضل بن عطية متروك الحديث" ا. هـ.
فهذا الحديث أسقط فيه بقيةُ اثنين: شيخَهُ وشيخَ شيخه المتروكَ، وسوَّى الإسناد، فجعل ظاهرَهُ الصحةَ والاتصال، وليست حقيقتُهُ كذلك.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[11 - 10 - 06, 05:43 ص]ـ
سؤال:
صـ 60 – 61
ذكر أن الحسن البصري روايته عن عثمان بن عفان مرسلة.
هل تُرد هذه الرواية؟
وذكر أن الحسن البصري لم يسمع من عثمان حديثا مسندا.
هل (مسند) تفيد السماع , أم تفيد كون الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
لعلَّ الشيخ يقصد بقوله في الحسن: (روايته عن عثمان مرسلة) = أنها منقطعة، فإنه رآه رؤية فقط، ولم يسمع منه أي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبعض العلماء - خاصة المتقدمين منهم - يطلقون على الرواية المنقطعة (مرسلة)، وهذه الاصطلاحات التي قيَّدت كون المرسل بأنه ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة = إنما جاءت في زمن متأخر، ولم تكن موجودة في عصر الأئمة الأوائل، فلذلك حصل التوسع عندهم في استعمال هذه المصطلحات.
وأما قوله: (لم يسمع من عثمان حديثًا مسندًا)، فإن لكلمة (مسند) إطلاقات عند المحدثين، منها: إطلاقها على المرفوع المتصل، وتطلق عندهم أحيانًا على غير المرفوع إذا كان متصلاً، ولعل الأول هو المراد هنا، لأن الشيخ ذكر أن الحسن سمع من عثمان خطبته (وهذا موقوف متصل)، ثم نفى أن يكون سمع شيئًا مسندًا، فهو يعني المرفوع المتصل.
والذي يظهر أن التوقف والتدقيق عند كل إطلاق من إطلاقات الباحثين المعاصرين ليس بذي جدوى كبيرة، لكثرة التعميمات والأحكام والكلمات التي تسبق إلى الأذهان عندهم، إنما الذي ينبغي التوقف والتدقيق عند كل كلمة من كلمات أئمة النقد، كشعبة ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل والبخاري وأبي زرعة الرازي ومسلم وأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي والترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم من أئمة الحديث ونُقّاده المتقدمين، فإنهم أدقّ ما يكونون في كلِّ كلمة يطلقونها، وكلماتهم المختصرة الوجيزة تحمل من المعاني ما يسطر في صفحات، بل كتب.
وبرجاء التفضل بالتوسع في شرح تعريف السماع:
السماع من معجم مصطلحات الحديث:
¥(13/242)
(السماع من لفظ الشيخ وصورته: أن يقرأ الشيخ ويسمع الطالب سواء قرأ الشيخ من حفظه أو كتابه , وسواء سمع الطالب وكتب ما سمعه أو سمع فقط ولم يكتب. والسماع أعلى أقسام طرق التحمل عند الجماهير)
هنا يحسن التنبيه إلى أن مما يعين كثيرًا في فهم طريقة المحدثين (وعلى ذلك تنبني مهماتٌ في الأحكام على الأحاديث وطريقة نقدها) = تصوُّر طريقتهم في مجالس التحديث، ومصطلحات تحمّل الرواية عندهم، وقيمة كل نوع من أنواع التحمل ودرجته ... إلخ، وفي ذلك كتاب نفيس مليء بالنقولات عن الأئمة، اسمه: المتقدم والمتأخر من المحدثين، ويليه حكم الوجادة عند المحدثين (أظنه هكذا؟)، لأبي يحيى الحداد، طبعته دار ابن حزم اللبنانية في غلاف.
أما بالنسبة للسماع (وهو كون الراوي تحمَّل هذا الحديث عن شيخه سماعًا) = فهو - كما نقلتَ رعاك الله - أن يكون الشيخ قد عقد مجلسًا حديثيًّا، يجلس فيه الشيخ وحوله طلابه، ويأخذ الشيخ في سرد الأحاديث التي تلقاها عن مشايخه بالأسانيد، سواءً كان الشيخ حفظ الأسانيد والمتون عن شيوخه، أو كتبها في كتاب وأخذ يقرأ على طلابه منه، إلا أن المقصود أن التلاميذ يسمعون الحديث من لفظ شيخهم سماعًا، ثم يستوي ما إذا حفظ الطلاب أحاديث الشيخ مباشرة ولم يكتبوها (وهذا من قوة حافظة المتقدمين من الرواة والأئمة، وله نماذج)، أو كتبوها مع الشيخ ثم حفظوها بعدُ.
فخلاصة المقصود بالسماع: أن يكون الراوي أخذ هذا الحديث من شيخه بطريقة سماعه من لفظه، بأن يلقي الشيخ الحديث، ويسمعه الطالب منه في المجلس.
وإذا نفى الأئمة سماع تلميذٍ من شيخ، فالمقصود أن التلميذ لم يجلس مع هذا الشيخ مجلسًا حدَّث فيه بشيء وهذا التلميذ يسمع، وإن كان قد رآه أو لقيَهُ أو عاش في نفس عصره.
ولا يشترط المجلس - كما هو ظاهر -، فإن الرواة يسمع بعضهم من بعض في مذاكرات خاصة، وفي الحج ... وغير ذلك، وربما سمي ذلك مجلسًا
- كما هو في مفهوم المجلس في البيوع -.
لا يتضح لي الفرق من مثال الأعمش والحسن البصري.
يبدو لي أن الشيخ ذكر مثال الحسن تعضيدًا لمثال الأعمش، لاتحادهما في صورة الإرسال الخفي، ولذا فقد صدَّرَهُ بقوله: (ومثله الحسن البصري ... )، فلا فرق بينهما، هذا إن كنتُ فهمتُ السؤال على وجهه.
هذا ما أفهمه، وإن كنت على خطأ فإني أرجو من رآني مخطئًا أن يصوبني، مشكورًا مأجورًا مدعوًّا له.
والله أعلم.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[12 - 10 - 06, 02:20 ص]ـ
أخشى إن شرعت في شكركم والدعاء لكم , ألا أوفيكم حقكم ...
وإني لأراه لونا من البخس أن يُراد بكلمات منمقات مسجوعات ... الوفاء بفضلكم البين وأدبكم الزين .............................
علمكم الله
آمين
ـ[أبوصالح]ــــــــ[12 - 10 - 06, 02:25 ص]ـ
نفعَ الله بك أخي محمد وأحسن إليك وأجزل لك المثوبة والأجر.
السعادةُ غامرةٌ بمثل هذه الفوائد.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[29 - 10 - 06, 03:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سؤال:
صـ 66 في تعريف الموضوع: (ما كان راويه كذابا , أو متنه مخالفا للقواعد).
وفي شرح الشيخ على التعريف قال:
(القواعد الشرعية الثابتة في الكتاب , أو السنة الصحيحة.) (!!)
تحتاج هذه النقطة إلى بسط ...
فمن الذي يحدد أنه مخالف للقواعد؟
ثم .. ألسنا نأتي بالقواعد من الأحاديث!؟
هل يقصد الشيخ _حفظه الله_ مخالفة متن الحديث لمتن حديث آخر أقوى منه (إسنادا)؟
لا أدري فالشيخ لم يوضح بمثال.
بارك الله فيكم
ـ[عمر بن نوح الدمري]ــــــــ[09 - 11 - 06, 11:22 ص]ـ
بارك الله لنا فى عمركم يا مشايخنا الأفاضل ووفقنا للاستفادة من معينكم
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[10 - 11 - 06, 12:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سؤال:
صـ 66 في تعريف الموضوع: (ما كان راويه كذابا , أو متنه مخالفا للقواعد).
وفي شرح الشيخ على التعريف قال:
(القواعد الشرعية الثابتة في الكتاب , أو السنة الصحيحة.) (!!)
تحتاج هذه النقطة إلى بسط ...
فمن الذي يحدد أنه مخالف للقواعد؟
ثم .. ألسنا نأتي بالقواعد من الأحاديث!؟
هل يقصد الشيخ _حفظه الله_ مخالفة متن الحديث لمتن حديث آخر أقوى منه (إسنادا)؟
لا أدري فالشيخ لم يوضح بمثال.
بارك الله فيكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥(13/243)
مع المرفقات تجد ان شاء الله جواباً على ما تسأل عنه ... والجواب عبارة عن مبحث للشيخ عبد الله الجديع حفظه الله في كتابه ((تحرير علوم الحديث)).
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[10 - 11 - 06, 09:28 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا , وجاري التحميل والقراءة.
وأشكركم على مروركم الكريم شيخ بلال , وإن كنا نود أن يكون مكوثا لا مرورا (ابتسامة).
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[06 - 12 - 06, 09:06 م]ـ
أفدت إجابة قيمة من أخ كريم نفع الله به:
الذي يحدد القواعد - فيما يبدو لي -: العالم المتمكن من فهم الأحاديث واستخراج الأحكام الشرعية الصحيحة الثابتة منها،
وإذا أتانا حديثٌ مخالفٌ للقواعد، فلا بد أن يكون السند فيه شيء، وخذها قاعدة: ضعف المتن لا بد أن يكون بسبب ضعفٍ - ظَهَرَ أو خَفِيَ - في الإسناد، وبالتالي فلا بد أن تكون (القواعد الشرعية) أتت بأسانيد أقوى من الإسناد الذي يُردُّ بسبب مخالفتها.
وقد تكون القاعدة الشرعية بلغت التواتر أو كادت، أو أتت من رواية جمعٍ من الصحابة صحَّت الرواية عنهم في ذلك.
وربما كان من الأمثلة لهذا الأمر: أن ابن الجوزي أورد في كتابه (الموضوعات) أحاديث في النهي عن رفع اليدين في الصلاة إلا عند افتتاحها، ثم قال: "وما أبْلَهَ من وضع هذه الأحاديث الباطلة ليقاوم بها الأحاديث الصحيحة! "، ثم ذكر الأحاديث الثابتة التي فيها الرفع في غير الافتتاح، ثم قال: "وهذه سنة قد رواها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وحسين بن علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وعمار بن ياسر وأبو موسى وعمران بن حصين وابن عمر وابن عمرو وابن عباس وجابر وأنس وأبو هريرة ومالك بن الحارث وسهل بن سعد وبريدة ووائل بن حجر وعقبة بن عامر وأبو سعيد الخدري وأبو حميد الساعدي وأبو أمامة الباهلي وعمر بن قتادة وعائشة، واتفق على العمل بها مالك والشافعي وأحمد بن حنبل".
وفي ضمن الأحاديث التي ذكرها وحكم عليها بالوضع = حديثٌ من رواية راوٍ لم يذكر بالوضع، إلا أنه متروك ليس بشيء، لكنَّ رواية هذه الحديث مع مخالفته للقاعدة الشرعية الثابتة (رفع اليدين في غير الاستفتاح) = قوَّت الحكم على حديثِهِ ذاك بالوضع.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[06 - 12 - 06, 09:20 م]ـ
ولي سؤال أحسب أن له صلة بسابقه , ولكن لتغفروا لأخيكم حداثة عهده بمثل هذه العلوم الجليلة.
صـ 83:
الراوي الصدوق ـ وهو دون الثقة في الضبط , وهو راوي الحديث الحسن ـ قد يعد حديثه منكرا في حالتين:
الأولى: إذا تفرد بمتن منكر , ولم يتابعه عليه غيره , أو خالفه فيه غيره من الثقات.
ومثال ذلك:
ما رواه الإمام أحمد (2/ 423 و 510) , وأبو داود (2350) من طريق: حماد بن سلمة , عن محمد بن عمرو بن علقمة , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا سمع أحدكم النداء , والإناء على يده , فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه))
قلت "الكلام للشيخ عمرو": محمد بن عمرو بن علقمة صدوق حسن الحديث , فيما لا ينفرد به عن أبي سلمة , عن أبي هريرة , فإنه يخطيء في حديث أبي سلمة , قال ابن معين ..........
وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي سلمة , ولم يتابعه عليه أحد , وكذلك فمتن الحديث فيه نكارة من حيث مخالفته لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرفوعا:
((كلوا , واشربوا, حتى يؤذن ابن أم مكتوم, فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر)).
انتهى.
والسؤال هو: أليس في الحكم الفقهي الذي جاء به الشيخ نظر ..
أقصد أن حديث كلوا واشربوا هو الحكم العام , وحديث الإناء ربما تخصيص أو تقييد.
وقد حكم الشيخ بأن متن الحديث فيه نكارة بناء على مخالفته للحديث الآخر.
وبعيدا عن هذا المثال إن صح كلامي أم لم يصح:
أليس الاعتبار في مخالفة الأحاديث بعضها بعض أو مخالفتها للقرآن ـ للنسخ أو التخصيص أو التعميم أو التقييد ... وغير ذلك.
كما ترون فلا يزال لدي إشكال وتحفظ في مسألة الحكم على المتن!
ولا تؤاخذوني .. فجهلي ليس قاصرا على علوم الحديث فقط , لكنه ممتد إلى أصول الفقه أيضا!
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[09 - 12 - 06, 04:00 ص]ـ
سألني صديق عن سؤالي الأخير:
"هل تدعو بذلك إلى التساهل في الأخذ بالأحاديث الضعيفة ....... "
فوجب أن أوضح الأمر من أوجه:
أولا: إنني في طور لا يسمح لي بالتساؤل عن مثل هذا الأمر فضلا عن الدعوة إليه.
ثانيا: أنا لا أتحدث عن ضعف السند إطلاقا , حتى وإن كان المثال الذي جاء به الشيخ عمرو - حفظه الله - سنده ضعيف ....
فأنا أقصد أنه في حالة تعارض حديثين صحيحي السند , أو أحدهما صحيح والآخر حسن .....
لماذا ننظر في المتن؟
أليس النظر في المتن هو دعوى الإلمام بحكمة المشرع؟!
أليس النظر في المتن توسعا في إعمال العقل؟
فهذا أشبه بحديث (ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله ....... )!
ثالثا: وهو الأهم:
لدي اعتقاد راسخ - أتمنى ألا يخطيء - أن الرأي ما جاء به الشيخ عمرو - حفظه الله - ومن نقل عنهم من العلماء ....
ولكنني أستبين ما لم يتبين لي من مشايخنا العلماء ومن إخوتي طلبة العلم.
والله يهدي ...
¥(13/244)
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[16 - 12 - 06, 02:09 م]ـ
قد أكون أطلت في هذا المبحث أكثر من اللازم , أو بما لا يتناسب ودراسة* الكتاب.
ولكن ما دفعني إلى ذلك إنما هو تطاول الكثيرين (من غير أهل الاختصاص) على الحديث بنقد متنه , وعرضه على العقل .... وغير ذلك من السخافات ....
ونعوذ بالله من الفتن.
لذا سأتوقف عند هذه النقطة إلى حين, وعزائي أن المعتبر نهجهم هذا المنهج هم خاصة الخاصة , مستأنساً بالآية التي وردت في المرفق أعلاه:
{ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إلى مشايخنا اللغويين: أيهما أصح يتناسب مع أم يتناسب و.
ـ[أبو يزيد السلفي]ــــــــ[17 - 12 - 06, 11:33 ص]ـ
أرجو ألا يظن أحد بي الجنون حين يطلع على المشاركات ويجدني أكلم نفسي (ابتسامة بلهاء جدا)
ـ[الحمزة]ــــــــ[13 - 03 - 07, 02:57 م]ـ
للرفع(13/245)
هل المبتدع ترد روايته؟ (الشيخ عبدالعزيز الطريفي)
ـ[نياف]ــــــــ[23 - 08 - 06, 01:20 ص]ـ
السؤال
هل المبتدع ترد روايته؟.
الإجابة
الأصل في رواية المبتدع إذا كان ثقة ضابطاً القبول، سواء روى فيما يوافق بدعته أم لا، ما لم يكن قد كفر ببدعته، فحينئذ يرد لكفره، وعلى هذا الأئمة الحفاظ فهم يخرجون للمبتدع إذا كان ثقة ثبتاً ويصححون خبره، فقد أخرج الإمام أحمد ومسلم في صحيحه والنسائي في الكبرى والضغرى والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وابن منده في الإيمان والبيهقي في الإعتقاد وغيرهم عن عدي بن ثابت عن زر قال: قال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبي الأمّي إليّ أنّ لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. وعدي بن ثابت: ثقة وصفه بالتشيع الأئمة كابن معين وأحمد وأبو حاتم ويعقوب بن سفيان بل قال المسعودي: ما رأيت أقول بقول الشيعة من عدي بن ثابت. ومع هذا أخرج له الأئمة، بل قال بتوثيقه من وصفه بالتشيع وأخرج له فيما يوافق بدعته كأحمد والنسائي.
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=16383&catid=1331&Itemid=35
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[24 - 08 - 06, 07:06 م]ـ
بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي شَيخِنَا
ـ[عبدالرحمن السعد]ــــــــ[11 - 09 - 06, 04:39 م]ـ
الله يجزاك خير ..
وحفظ الله شيخنا.
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[13 - 09 - 06, 09:17 م]ـ
جزاك الله خيراً
وهناك بعض الأمثلة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=350&highlight=%C3%E3%CB%E1%C9
وهذا بحث قيم في هذا الأمر.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5044&highlight=%C7%E1%E3%C8%CA%CF%DA(13/246)
سؤال هام: هل سمع محمد بن جرير الطبري من البخاري
ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[23 - 08 - 06, 02:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
سؤال هام
هل سمع محمد بن جرير الطبري من محمد بن اسماعيل البخاري
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[23 - 08 - 06, 02:37 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=76258
وانظر: معجم شيوخ الطبري، لأكرم الفالوجي، ص444.(13/247)
برنامج مع أهل الحديث
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[23 - 08 - 06, 02:58 ص]ـ
يحتوي على:
على عدد من اللقاءات العلمية وهذه أسمائها
كِتَابْ مَشْيَخَةِ النَّعَّالْ البَغْدَادِي عدنان الدبسي الرياض 26 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - علمُ الطَّبَقَاتْ عدنان الدبسي الرياض 25 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - مُوازَنَة بينَ كِتَابيْن ... نَصْب الرَّايَة للزَّيْلَعِي، وكِتَابْ الدِّرَايَة لابنْ حَجَر العسقلانِي عدنان الدبسي الرياض 24 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - كُتْب التَّخْرِيجْ عدنان الدبسي الرياض 23 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ المزي وأثَرُهُ في الحديث عدنان الدبسي الرياض 22 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - صِيانَة صحيح مُسْلم من الإخْلالِ والغَلَطْ وحِمَايَتُهُ من الإسْقَاطِ والسَّقَطْ عدنان الدبسي الرياض 21 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث -الحديث القُدْسِي عدنان الدبسي الرياض 20 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الأربَعُونْ الصُّغْرَى للحافظ البَيْهَقِي رحمهُ الله عدنان الدبسي الرياض 19 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الثلاثيات في الحديث النبوي عدنان الدبسي الرياض 18 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ السخاوي عدنان الدبسي الرياض 17 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - المصنفات في الطب النبوي ودور ابن القيم فيها عدنان الدبسي الرياض 16 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - مُحدِّثُونَ وفُقَهَاءْ عدنان الدبسي الرياض 15 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ أبو اسحاق الجوزجاني رحمه الله عدنان الدبسي الرياض 14 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - معرفة من خَلَطَ في آخر عمره من الثِّقَاتْ عدنان الدبسي الرياض 13 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - كتاب الشُّكر ... للحافظ ابنُ أبي الدُّنْيَا رحمه الله عدنان الدبسي الرياض 12 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - جُهود شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في خِدمَة السُّنَّة عدنان الدبسي الرياض 11 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - النكت على كتاب ابن الصلاح ... لابن حجر العسقلاني رحمه الله عدنان الدبسي الرياض 10 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ أبو الشيخ الأصفهاني (رحمه الله) عدنان الدبسي الرياض 9 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ ولي الدين العراقي عدنان الدبسي الرياض 8 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - حُجِيَّة السُّنَّة في مُؤلفات المُحدِّثِينْ عدنان الدبسي الرياض 7 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - كتاب تاريخ واسط للرزاز عدنان الدبسي الرياض 5 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - المحدث عبدالحي اللكنوي عدنان الدبسي الرياض 4 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ أبو الطاهر السلفي رحمه الله عدنان الدبسي الرياض 3 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - المحدث ابن عساكر رحمه الله عدنان الدبسي الرياض 2 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ أبي حفص الموصلي رحمه الله عدنان الدبسي الرياض 1 - 7 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - المحدث ابن حجر العسقلاني رحمه الله
حمل من هنا
http://www.liveislam.net/archive.php?sid=&tid=1061
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 02:40 م]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[28 - 08 - 06, 04:18 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[28 - 08 - 06, 06:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[30 - 08 - 06, 07:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة وبركاته ...
جزاك الله خيرًا.
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[30 - 08 - 06, 08:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[13 - 09 - 06, 05:18 ص]ـ
جزاكم الله خير
للمتابعة
http://www.liveislam.net/archive.php?sid=&tid=1061
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[21 - 09 - 06, 06:38 ص]ـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - مُحدث تُونس ... شمس الوادي آشي وبرنامجُهُ عدنان الدبسي الرياض 26 - 8 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ ابن كثير ... وآثَارُهُ فِي خِدْمَةِ السُّنَّة عدنان الدبسي الرياض 25 - 8 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ ابن كثير ... مع مُؤلَّفَاتِهِ عدنان الدبسي الرياض 24 - 8 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - كتاب الوفايات عدنان الدبسي الرياض 23 - 8 - 1427 هـ
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[07 - 10 - 06, 08:50 ص]ـ
امج مع أهل الحديث - كتاب إنْعَامُ البَاري فِي شَرح حَدِيثْ أبِي ذَرٍّ الغِفَاري ... لابن تيمية رحمهُ الله عدنان الدبسي الرياض 29 - 8 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ الذَّهبي ... وكتابُهُ مَعْرِفَةُ الرُّوَاة عدنان الدبسي الرياض 27 - 8 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - مُحدث تُونس ... شمس الوادي آشي وبرنامجُهُ عدنان الدبسي الرياض 26 - 8 - 1427 هـ
لقاءات برنامج مع أهل الحديث - الحافظ ابن كثير ... وآثَارُهُ فِي خِدْمَةِ السُّنَّة
¥(13/248)
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[26 - 10 - 06, 07:01 م]ـ
للتذكير
ـ[محمد بن صادق]ــــــــ[27 - 10 - 06, 03:06 ص]ـ
جزاكم الله خير
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[21 - 12 - 06, 01:15 م]ـ
أخي محمد الله يجزاك خير على مرورك
ـ[حامد تميم]ــــــــ[23 - 12 - 06, 10:24 م]ـ
جز الله مقدم البرنامج، والقائمين عليه.
ـ[فهد الخالد]ــــــــ[26 - 12 - 06, 10:27 م]ـ
بارك الله فيك0000000000000000000000
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[23 - 01 - 07, 04:16 ص]ـ
وفيك أخي(13/249)
((تقسيم طبقات الصحابة)) - للعلاَّمة أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى
ـ[محمد الهاشمي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 03:40 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليقا على ألفية السيوطي مع زيادات ألفية العراقي وبالتحديد على قول المصنف:
وَهُمْ طِبَاقٌ، قِيلَ: خَمْسٌ وَذُكِرْ === عَشْرٌ مَعَ اثْنَيْنِ وَزَائِدٌ أُثِرْ:
فَالأَوَّلُونَ أَسْلَمُوا بِمَكَّةِ === يَلِيهِمُ أَصْحَابُ دَارِ النَّدْوَةِ
ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ لِلْحَبَشَهْ === ثُمَّ اثْنَتَانِ انْسُبْ إِلَى الْعَقَبَهْ
فَأَوَّلُ الْمُهَاجِرِينَ لِقُبَا === فَأَهْلُ بَدْرٍ وَيَلِي مَنْ غَرَّبَا
مِنْ بَعْدِهَا فَبَيْعَةُ الرِّضْوَانِ ثُمّْ === مَنْ بَعْدَ صُلْحٍ هَاجَرُوا وَبَعْدُ ضُمّْ
مُسْلِمَةَ الْفَتْحِ فَصِبْيَانٌ رَأَوْا === وَالأَفْضَلُ الصِّدِّيقُ إِجْمَاعًا حَكَوْا
ذكر العلاَّمة أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى ما يلي:
((اختلفوا في طبقات الصحابة، فجعلها بعضهم خمس طبقات، وعليه عمل ابن سعد في كتابه، ولو كان المطبوع كاملا لاستخرجناها منه وذكرناها. وجعلها الحاكم اثنتى عشرة طبقة، وزاد بعضهم أكثر من ذلك، والمشهور ما ذهب إليه الحاكم، وهذه الطبقات هي:
01 - : قوم تقدم إسلامهم بمكة، كالخلفاء الأربعة
02 - : الصحابة الذين أسلموا قبل تشاور أهل مكة في دار الندوة
03 - : مهاجرة الحبشة
04 - : أصحاب العقبة الأولى
05 - : أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار
06 - : أول المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلَّم بقباء قبل أن يدخل المدينة
07 - : أهل بدر
08 - : الذين هاجروا بين بدر والحديبية
09 - : أهل بيعة الرضوان في الحديبية
10 - : من هاجر بين الحديبية وفتح مكة، كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص
11 - : مسلمة الفتح الذين أسلموا في مكة
12 - : صبيان وأطفال رأوا النبي صلى الله عليه وسلَّم يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرها)) إنتهى كلامه رحمه الله تعالى.
نقلا من كتاب: ألفية السيوطي في علم الحديث بتصحيح وشرح فضيلة الأستاذ أحمد محمد شاكر - طبعة دار الرجاء - الجزائر - ص 226.
والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ـ[بن طاهر]ــــــــ[23 - 08 - 06, 10:16 م]ـ
وعليكم السّلا م ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرًا على هذه الفائدة
وهي في الصّفحة 112 من النّسخة المرفوعة في هذا الموضوع وهي تصوير لطبعة المكتبة العلميّة.
تعليقا على ألفية السيوطي مع زيادات ألفية العراقي ...
لعلّك أردت أن تقول: ... ألفية السّيوطيّ وهي ألفيّة العراقيّ مع زيادات عليها زادها السّيوطيّ - رحمهما الله - فسبق القلم.
وقد نُبِّهَ على ذلك في صفحة العنوان من النّسخة الّتي أشرتُ إليها: (كل ما كان بين قوسين من زيادات المؤلف على ألفيَّة العراقي).
هل كتب الشّيخ أحمد شاكر - رحمه الله - مقدّمة لهذا الكتاب؟ فإنّي لم أجد ذلك في النّسخة المصوَّرة ..
بارك الله فيكم
ـ[على الازهرى]ــــــــ[23 - 08 - 06, 11:33 م]ـ
ما اسم هذا الكتاب الذى شرحه الشيخ شاكر رحمه الله
ـ[بن طاهر]ــــــــ[24 - 08 - 06, 01:04 ص]ـ
ما اسم هذا الكتاب الذى شرحه الشيخ شاكر رحمه الله
هو: أَلْفِيَّةُ السّيُوطِيِّ في عِلْمِ الحَدِيثِ، وتَجِدُه على هيئة PDF في الموضوع الّذي ذكرتُ آنفًا - بارك الله فيكم.
ـ[محمد الهاشمي]ــــــــ[24 - 08 - 06, 01:47 ص]ـ
أحسن الله إليك أخي بن طاهر على التنبيه، فالأولى أن أقول: (تعليقا على ألفية السيوطي مع زياداته على ألفية العراقي)
ولا أعلم كيف أغيرها في الموضوع أعلاه ولا حول ولا قوة إلا بالله
--------------------------
وأما عن سؤالك أخي الفاضل حول مقدمة الكتاب، فإن النسخة التي عندي مطابقة للنسخة المصورة التي أرفقتَها إلاَّ أنها تقع في 291 صفحة.
ولعل قول المؤلف في خاتمة الكتاب (هذه تعليقات من رأس القلم على ألفية المصطلح للحافظ السيوطي رحمه الله. لم أقصد بها أن تكون شرحا، ولكنها طالت في بعض المواضع فكانت أكثر من شرح ... ) يدل على أن الشيخ أحمد لم يتقصد شرح الألفية إنما أراد التعليق على بعض الأبيات فحسب فلم يجعل مقدمة للكتاب والله أعلى وأعلم
ومن كان عنده نسخ أخرى للكتاب أو علم في المسألة فلفدنا مشكورا مأجورا بإذن الله تعالى
------------------
أخي علي: الكتاب المشروح هو (ألفية السيوطي)
والله الموفق
ـ[على الازهرى]ــــــــ[24 - 08 - 06, 05:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا(13/250)
لماذا يوصف الحاكم بالتساهل؟؟
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 03:51 م]ـ
س / لماذا يوصف الحاكم بالتساهل؟ و لماذا ذكر في كتاب " المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل " شرطا على غير ما ذكر الشيخان كما بين ذلك ابن طاهر و نقضه حتى أنه قال: (و لو اشتغلنا بنقض هذا الفصل الواحد في التابعين و أتباعهم، و من روى عنهم إلى عصر الشيخين، لأربى على كتابه " المدخل " أجمع، إلا أن الاشتغال بنقض كلام الحاكم لا يسدي فائدة، و له في سائر كتبه مثل هذا كثير، عفا الله عنا وعنه) انتهى.
و كذلك في المستدرك بعد أن خرج حديثا لهصان بن كاهن فقال كلاما تعقبه فيه أبو غدة قائلا أنه: (قدر من عنده شرطا للشيخين ثم بدأ يلزمهما بمخالفته ... ) إلى غير ذلك ..
فهل الحاكم ليس من أهل الصنعة أماذا؟ و هل على هذا كل ما أخرجه الحاكم يجب تعقبه؟ ما القول في أحاديث مستدركه؟ أفيدونا يا أهل الملتقى حفظكم الله ..
و أرجو من المشايخ الفضلاء المشاركة و بيان الحق في هذا.
ـ[أبو ذر المغربي]ــــــــ[11 - 02 - 07, 02:11 ص]ـ
اعلم أخي حفظك الله أن الحاكم ليس متساهلا بإطلاق، كما ذكرت، وإنما هو متساهل في كتابه المستدرك من حيث الحكم على الأحاديث بالصحة، أما خارج المستدرك فليس بمتساهل، فتنبه. وهذا امر واضح جلي لمن وقف على مؤلفاته رحمه الله. وانظر لمزيد الفائدة كلام الشيخ فارس السلوم، في حاشيته على كتاب " المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل " للحاكم. فراجعه إنه مفيد ماتع. والله أجل وأعلم.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[11 - 02 - 07, 02:53 م]ـ
قالوا عن مستدرك الحاكم
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13335&highlight=%DE%C7%E1%E6%C7+%C7%E1%CD%C7%DF%E3
ـ[ابو عبد الله السلفي]ــــــــ[12 - 02 - 07, 02:04 ص]ـ
... اعلم أخي حفظك الله أن الحاكم ليس متساهلا بإطلاق ...
صحيح وهذا الذي حققه شيخنا مقبل رحمه الله تعالى وطيب ثراه.
وهذا الذي يدل عليه التحقيق.(13/251)
ما القول الراجح في جعفر بن ميمون (صاحب الأنماط)؟
ـ[أبو رناد]ــــــــ[24 - 08 - 06, 01:44 ص]ـ
بارك الله في الجميع ونفعنا بعلمكم ..(13/252)
رسالة الماجستير:جهود الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ في علم الحديث
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[24 - 08 - 06, 11:26 ص]ـ
رسالة الماجستير: جهود الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ في علم الحديث للشيخ رياض بن سعيد هل هي مطبوعة. حدثني بعض طلبة العلم أن الشيخ رياض وجد حاشية للشيخ سليمان على (ميزان الإعتدال) وحاشية على (المغني في الضعفاء) وقد حققت مع الدراسة في ملحق الرسالة
ـ[أبوسعد التميمي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 04:57 م]ـ
الرسالة اطلعت عليها وهي في700 ص وقد اثبت فيها قوة علم الشيخ سليمان في علم الحديث(13/253)
نباتة الوالبي
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[24 - 08 - 06, 07:22 م]ـ
قال عنه الحافظ مقبول
قلت: لم يوثقه إلا ابن حبان
وقال أبو حاتم كان معلما على عهد عمر
سؤالي: هل كلام أبي حاتم يساعد في توثيق الرجل؟(13/254)
دراسات تجديدية فِي أصول الْحَدِيْث: التفرد
ـ[ماهر]ــــــــ[24 - 08 - 06, 10:07 م]ـ
التَّفَرُّدُ في اللغة:
مأخوذ من الفعل الثلاثي المزيد بحرفين (تَفَرَّدَ).
يقال: فَرَدَ بالأمر والرأي: انْفَرَدَ، وفَرَدَ الرجلُ: كَانَ وحده مُنْفرِداً لا ثاني مَعَهُ. وفَرَّدَ برأيه: اسْتَبَدَّ.
وَقَدْ أشار ابن فارس (1) إلى أن تراكيب هَذَا الأصل واشتقاقاته كلها تدل عَلَى الوحدة. إِذْ قَالَ: ((الفاء والراء والدال أصل صَحِيْح يدل عَلَى وحدة. من ذَلِكَ: الفرد وَهُوَ الوتر، والفارد والفرد: الثور المنفرد …)) (2).
التفرد في الاصطلاح:
عرّف أبو حفص الميانشي (3) الفرد بأنه: ما انفرد بروايته بعض الثقات عن شيخه، دون سائر الرُّوَاة عن ذَلِكَ الشيخ (4).
ويظهر من هَذَا التعريف بعض القصور في دخول بعض أفراد المُعَرَّف في حقيقة التعريف، إِذْ قَصَرَه عَلَى انفراد الثقة فَقَطْ عن شيخه (5).
وعرّف الدكتور حمزة المليباري التفرد وبيّن كيفية حصوله، فَقَالَ: ((يراد بالتفرد: أن يروي شخص من الرُّوَاة حديثاً دون أن يشاركه الآخرون)) (6).
وهذا التعريف الأخير أعم من التعريف الأول، فإنه شامل لتفرد الثقة وغيره، وعليه تدل تصرفات نقاد الْمُحَدِّثِيْنَ وجهابذة الناقلين، ولقد كثر في تعبيراتهم: حَدِيْث غريب، أو تفرّد بِهِ فُلاَن، أو هَذَا حَدِيْث لا يعرف إلا من هَذَا الوجه، أَوْ لا نعلمه يروى عن فُلاَن إلاّ من حَدِيْث فُلاَن، ونحوها من التعبيرات (7).
ولربما كَانَ الحامل للميانشي عَلَى تخصيص التعريف بالثقات دون غيرهم، أن رِوَايَة الضعيف لا اعتداد بِهَا عِنْدَ عدم المتابع والعاضد. ولكن من الناحية التنظيرية نجد الْمُحَدِّثِيْنَ عِنْدَ تشخيصهم لحالة التفرد لا يفرقون بَيْنَ كون المتفرد ثقة أو ضعيفاً، فيقولون مثلاً: تفرد بِهِ الزهري، كَمَا يقولون: تفرد بِهِ ابن أبي أويس (8).
وبهذا المعنى يظهر الترابط الواضح بَيْنَ المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، إِذْ إنهما يدوران في حلقة التفرد عما يماثله.
والتفرد ليس بعلة في كُلّ أحواله، ولكنه كاشف عن العلة مرشد إلى وجودها، وفي هَذَا يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: ((وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الْحَدِيْث إذا تفرد بِهِ واحد – وإن لَمْ يروِ الثقات خلافه -: إنه لا يتابع عَلَيْهِ.ويجعلون ذَلِكَ علة فِيْهِ، اللهم إلاّ أن يَكُوْن ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أَيْضاً ولهم في كُلّ حَدِيْث نقد خاص، وليس عندهم لِذَلِكَ ضابط يضبطه)) (9).
ومعنى قوله: ((ويجعلون ذَلِكَ علة))، أن ذَلِكَ مخصوص بتفرد من لا يحتمل تفرده، بقرينة قوله: ((إلا أن يَكُوْن ممن كثر حفظه …))، فتفرده هُوَ خطؤه، إِذْ هُوَ مظنة عدم الضبط ودخول الأوهام، فانفراده دال عَلَى وجود خلل ما في حديثه، كَمَا أن الحمّى دالة عَلَى وجود مرض ما، وَقَدْ وجدنا غَيْر واحد من النقاد صرح بأن تفرد فُلاَن لا يضر، فَقَدْ قَالَ الإمام مُسْلِم: ((هَذَا الحرف لا يرويه غَيْر الزهري، قَالَ: وللزهري نحو من تسعين حديثاً يرويها عن النَّبِيّ (صلى الله عليه وسلم) لا يشاركه فِيْهَا أحد بأسانيد جياد)) (10).
وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((وكم من ثقة تفرد بما لَمْ يشاركه فِيْهِ ثقة آخر، وإذا كَانَ الثقة حافظاً لَمْ يضره الانفراد)) (11).
وَقَالَ الزيلعي (12): ((وانفراد الثقة بالحديث لا يضره)) (13).
وتأسيساً عَلَى ما أصّلناه من قَبْل من أن تفرد الرَّاوِي لا يضر في كُلّ حال، ولكنه ينبه الناقد عَلَى أمر ما، قَالَ المعلمي اليماني: ((وكثرة الغرائب إنما تضر الرَّاوِي في أحد حالين:
الأولى: أن تكون مع غرابتها منكرة عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة.
الثانية: أن يَكُوْن مع كثرة غرائبه غَيْر معروف بكثرة الطلب)) (14).
¥(13/255)
وتمتع هَذَا الجانب من النقد الحديثي باهتمام النقاد، فنراهم يديمون تتبع هَذِهِ الحالة وتقريرها، وأفردوا من أجل ذَلِكَ المصنفات، مِنْهَا: كتاب " التفرد " (15) للإمام أبي داود، و " الغرائب والأفراد " (16) للدارقطني، و " المفاريد " (17) لأبي يعلى، واهتم الإمام الطبراني في معجميه الأوسط والصغير بذكر الأفراد، وكذا فعل البزار في مسنده، والعقيلي (18) في ضعفائه. وَهُوَ ليس بالعلم الهيّن، فهو ((يحتاج لاتساع الباع في الحفظ، وكثيراً ما يدعي الحافظ التفرد بحسب علمه، ويطلّع غيره عَلَى المتابع)) (19).
وفي كُلّ الأحوال فإن التفرد بحد ذاته لا يصلح ضابطاً لرد الروايات، حَتَّى في حالة تفرد الضعيف لا يحكم عَلَى جميع ما تفرد بِهِ بالرد المطلق، بَلْ إن النقاد يستخرجون من أفراده ما يعلمون بالقرائن والمرجحات عدم خطئه فِيْهِ، وَهُوَ ما نسميه بعملية الانتقاء، قَالَ سفيان الثوري: ((اتقوا الكلبي (20)، فقيل لَهُ: إنك تروي عَنْهُ، قَالَ: إني أعلم صدقه من كذبه)) (21).
ومثلما أن تفرد الضعيف لا يرد مطلقاً، فكذلك تفرد الثقة – وكما سبق في كلام ابن رجب – لا يقبل عَلَى الإطلاق، وإنما القبول والرد موقوفان عَلَى القرائن والمرجحات. قَالَ الإمام أحمد: ((إذا سَمِعْتَ أصحاب الْحَدِيْث يقولون: هَذَا حَدِيْث غريب أَوْ فائدة. فاعلم أنه خطأ أو دخل حَدِيْث في حَدِيْث أَوْ خطأ من المُحدِّث أَوْ حَدِيْث ليس لَهُ إسناد، وإن كَانَ قَدْ رَوَى شعبة وسفيان، فإذا سمعتهم يقولون: هَذَا لا شيء، فاعلم أنه حَدِيْث صَحِيْح)) (22).
وَقَالَ أبو داود: ((والأحاديث الَّتِيْ وضعتها في كتاب " السنن " أكثرها مشاهير، وَهُوَ عِنْدَ كُلّ من كتب شَيْئاً من الْحَدِيْث، إلا أن تمييزها لا يقدر عَلَيْهِ كُلّ الناس، والفخر بِهَا: بأنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب، وَلَوْ كَانَ من رِوَايَة مالك
ويحيى بن سعيد و الثقات من أئمة العلم)) (23).
ونحن نجد أمثلة تطبيقية متعددة في ممارسة النقاد، مِنْهَا قَوْل الحافظ ابن حجر في حَدِيْث صلاة التسبيح: ((وإن كَانَ سند ابن عَبَّاسٍ يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر)) (24).
ويمكننا أن نقسم التفرد – حسب موقعه في السند – إلى قسمين:
الأول: تفرد في الطبقات المتقدمة:
كطبقة الصَّحَابَة، وطبقة كبار التَّابِعِيْنَ، وهذا التفرد مقبول إذا كَانَ راويه ثقة –وهذا الاحتراز فِيْمَا يخص طبقة التَّابِعِيْنَ –، فهو أمر وارد جداً لأسباب متعددة يمكن حصرها في عدم توفر فرص متعددة تمكّن الْمُحَدِّثِيْنَ من التلاقي وتبادل المرويات، وذلك لصعوبة التنقل في البلدان، لا سيما في هذين العصرين.
فوقوعه فيهما لا يولد عِنْدَ الناقد استفهاماً عن كيفيته، ولاسيما أن تداخل الأحاديث فِيْمَا بينها شيء لا يكاد يذكر، نظراً لقلة الأسانيد زياد على قصرها. هَذَا فِيْمَا إذا لَمْ يخالف الثابت المشهور، أو من هُوَ أولى مِنْهُ حفظاً أَوْ عدداً.
وإن كَانَ المتفرد ضعيفاً أَوْ مجهولاً -فِيْمَا يخص التَّابِعِيْنَ- فحكمه بيّن وَهُوَ الرد (25).
الثاني: التفرد في الطبقات المتأخرة
فبعد أن نشط الناس لطلب العلم وأداموا الرحلة فِيْهِ والتبحر في فنونه، ظهرت مناهج متعددة في الطلب والموقف مِنْهُ، فكانت الغرس الأول للمدارس الحديثية الَّتِيْ نشأت فِيْمَا بَعْد، فكان لها جهدها العظيم في لَمِّ شتات المرويات وجمعها، والحرص عَلَى تلقيها من مصادرها الأصيلة، فوفرت لَهُم الرحلات المتعددة فرصة لقاء المشايخ والرواة وتبادل المرويات، فإذا انفرد من هَذِهِ الطبقات أحد بشيء ما فإن ذَلِكَ أمر يوقع الريبة عِنْدَ الناقد، لا سيما إذا تفرد عمن يجمع حديثه أَوْ يكثر أصحابه، كالزهري ومالك وشعبة وسفيان وغيرهم (26).
ثم إنّ العلماء قسموا الأفراد من حَيْثُ التقييد وعدمه إلى قسمين:
الأول: الفرد المطلق: وَهُوَ ما ينفرد بِهِ الرَّاوِي عن أحد الرُّوَاة (27).
الثاني: الفرد النسبي: وَهُوَ ما كَانَ التفرد فِيْهِ نسبياً إلى جهة ما (28)، فيقيد بوصف يحدد هَذِهِ الجهة.
وما قِيْلَ من أن لَهُ أقساماً أخر، فإنها راجعة في حقيقتها إلى هذين القسمين.
¥(13/256)
أما الحكم عَلَى الأفراد باعتبار حال الرَّاوِي المتفرد فَقَطْ من غَيْر اعتبار للقرائن والمرجحات، فهو خلاف منهج الأئمة النقاد المتقدمين، إذن فليس هناك حكم مطرد بقبول تفرد الثقة، أو رد تفرد الضعيف، بَلْ تتفاوت أحكامهما، ويتم تحديدها وفهمها عَلَى ضوء المنهج النقدي النَّزيه؛وذلك لأن الثقة يختلف ضبطه باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لخلل يحدث في كيفية التلقي للأحاديث أَوْ لعدم توفر الوسائل الَّتِيْ تمكنه من ضبط ما سَمعه من بعض شيوخه، أو لحدوث ضياع في بعض ما كتبه عن بعض شيوخه حَتَّى وَلَوْ كَانَ من أثبت أصحابهم وألزمهم، ولذا ينكر النقاد من أحاديث الثقات – حَتَّى وَلَوْ كانوا أئمة – ما ليس بالقليل.
ــــــــــــــــــــــ
(1) هو العلامة اللغوي المحدّث أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، من مؤلفاته: " المجمل " و " الحجر " و " معجم مقاييس اللغة "، توفي سنة (395 ه)، وَقِيْلَ: (390 ه).
سير أعلام النبلاء 17/ 103، والبداية والنهاية 11/ 287، والأعلام 1/ 193.
(2) مقاييس اللغة 4/ 500. وانظر: لسان العرب 3/ 331، وتاج العروس 8/ 482، والمعجم الوسيط 2/ 679، ومتن اللغة 4/ 379.
(3) هُوَ أبو حفص عمر بن عَبْد المجيد القرشي الميانشي، له كراس في علم الْحَدِيْث أسماه: " ما لا يسع المحدّث جهله "، توفي بمكة سنة (581 ه).
العبر 4/ 245، والأعلام 5/ 53.
وَقَدْ وقع في بعض مصادر ترجمته (الميانشي)، نسبة إلى (مَيّانِش) قرية من قرى المهدية. انظر: معجم البلدان 5/ 239، والعبر 4/ 245، ونكت الزركشي 1/ 190، وتاج العروس 17/ 392.
وفي بعضها (الميانجي) وَهِيَ نسبة إلى (ميانج) موضع بالشام، أو إلى (ميانه) بلد بأذربيجان. انظر: الأنساب 5/ 320، واللباب 3/ 278، ومعجم البلدان 5/ 240، ومراصد الاطلاع 3/ 1341.
وكذا نسبه الحافظ ابن حجر في النُّزهة: 49، وتابعه شرّاح النّزهة عَلَى ذَلِكَ. انظر مثلاً: شرح ملا علي القاري: 11.
(4) ما لا يسع المحدّث جهله: 29.
(5) وأجاب عَنْهُ بعضهم بأن رِوَايَة غَيْر الثقة كلا رِوَايَة. التدريب 1/ 249.
(6) الموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين: 15.
(7) انظر عَلَى سبيل المثال: الجامع الكبير، للترمذي عقب (1473) و (1480م) و (1493) و (1495) و (2022).
(8) هُوَ إسماعيل بن عَبْد الله بن أويس بن مالك الأصبحي، أَبُو عَبْد الله بن أبي أويس المدني: صدوق، أخطأ في أحاديث من حفظه، توفي سنة (226 ه) وَقِيْلَ: (227 ه).
تهذيب الكمال 1/ 239 و 240 (452)، وسير أعلام النبلاء 10/ 391 و 395، والكاشف 1/ 247 (388).
(9) شرح علل الترمذي 2/ 406.
(10) الجامع الصَّحِيْح 5/ 82 عقب (1647).
(11) فتح الباري 5/ 11.
(12) الفقيه عالم الْحَدِيْث أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن يوسف بن مُحَمَّد الزيلعي، من مؤلفاته: " نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية " و " تخريج أحاديث الكشاف "، توفي سنة (762 ه).
الدرر الكامنة 2/ 310، والأعلام 4/ 147.
(13) نصب الراية 3/ 74.
(14) التنكيل 1/ 104.
(15) هُوَ مفقود وَكَانَ موجوداً في القرن الثامن، والمزي ينقل مِنْهُ كثيراً في تحفة الأشراف انظر عَلَى سبيل المثال 4/ 630 (6249)، والرسالة المستطرفة: 114.
(16) وَقَدْ طبع ترتيبه للمقدسي في دار الكتب العلمية ببيروت عام 1998 م.
(17) طبع بتحقيق عَبْد الله بن يوسف جديع في دار الأقصى، الكويت، الطبعة الأولى 1985 م.
(18) هُوَ الحافظ الناقد أبو جعفر مُحَمَّد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي صاحب كتاب
" الضعفاء الكبير "، توفي سنة (322 ه).
سير أعلام النبلاء 15/ 236 و 238، والعبر 2/ 200، وتذكرة الحفاظ 3/ 833 – 834.
(19) نكت الزركشي 2/ 198.
(20) هُوَ أبو النضر مُحَمَّد بن السائب بن بشر الكلبي، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، توفي سنة (146 ه).
كتاب المجروحين 2/ 262، وسير أعلام النبلاء 6/ 248 - 249، والتقريب (5901).
(21) الكامل 7/ 274، وميزان الاعتدال 3/ 557.
(22) الكفاية (142 ه، 225 ت). والمراد من الجملة الأخيرة، أن الْحَدِيْث لا شيء يستحق أن ينظر فِيْهِ، لكونه صحيحاً ثابتاً.
(23) رسالة أبي داود إلى أهل مكة (مع بذل المجهود) 1/ 36.
(24) التلخيص الحبير 2/ 7، والطبعة العلمية 2/ 18 - 19. وانظر في صلاة التسبيح: جامع الترمذي
1/ 491 – 494 (481) و (482).
(25) إلا أن توجد قرائن أخرى ترفع الْحَدِيْث من حيز الرد إلى حيز القبول.
(26) انظر: الموقظة: 77، والموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين: 24.
(27) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 80 وطبعتنا: 184، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 217 وطبعتنا 1/ 286، ونُزهة النظر: 78.
(28) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحديث: 80 وطبعتنا: 184، والتقريب والتيسير: 73 وطبعتنا: 119 - 120، وفتح المغيث 1/ 239، وظفر الأماني: 244.
¥(13/257)
ـ[ماهر]ــــــــ[24 - 08 - 06, 10:15 م]ـ
البحث في ملف وورد وملف مضغوط
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[25 - 08 - 06, 12:38 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا ونفعنا بعلمكم
ـ[نياف]ــــــــ[25 - 08 - 06, 09:47 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:44 ص]ـ
بحث نفيس جداً بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[01 - 09 - 06, 10:12 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء.
ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 09 - 06, 04:26 ص]ـ
وأنتم جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم ونفع بكم
وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[02 - 09 - 06, 07:31 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم الإسلام والمسلمين
ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 09 - 06, 02:14 م]ـ
آمين
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم ونفع بكم
ـ[معاذ جمال]ــــــــ[02 - 09 - 06, 03:07 م]ـ
نفع الله بك يا أخ نافع
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 09 - 06, 04:13 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا، بحث موجز و مركز و نفيس.
ـ[ماهر]ــــــــ[03 - 09 - 06, 06:08 ص]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير
ـ[ابو صهيب العنزي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 08:37 ص]ـ
بارك الله فيكم .. و جزاكم الله خير شيخنا .. و نطمع أن نستفيد منكم الكثير ..
ـ[ماهر]ــــــــ[07 - 09 - 06, 09:25 م]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم وزادكم علماً وفضلاً.
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[08 - 09 - 06, 01:25 ص]ـ
وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم آمين، ونفع الله بكم.
ـ[حارث ماهر ياسين]ــــــــ[02 - 10 - 09, 11:39 ص]ـ
اللهم بارك في جهود القائمين على هذا الموقع.
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[02 - 10 - 09, 03:47 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء
ـ[وليد الأزهري]ــــــــ[05 - 10 - 09, 02:32 ص]ـ
جزاك الله خيراً؛ ونفع بك؛ لكن .. الرابط لا يعمل، فأرجو النظر في هذا ..(13/258)
ما هي المراجع في تاريخ علوم السنة والمداخل لهذا العلم؟
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[25 - 08 - 06, 03:20 ص]ـ
أساتذتي الفضلاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وغفر لنا ولكم الخطأ والزلل .. آمين.
.
.
كانت وصيته: أن اتقنِ العربيةَ أولا، ثم اجعل لك وردًا يوميًا من القرآن حفظًا، وآخر لسنة نبيك، ولا يشغلنك عن ذلك شاغل أبد الدهر.
.
.
.
ثم إن أردتَ الدخول في أي علم؛ عليك أن تقرأ في تاريخ الفن الذي تطلبه وتنشد اتقانه.
ثم مضى لسبيله.
.
.
.
أهناك من أخ صديق، وناصح مشفق رفيق، يدلني على بغيتي في تاريخ العلوم الشرعية:
المقاصد منها، والآلة، والروافد، ذاكرين ــ إن تكرمتم ـ أقدمها في هذا الباب؟!
ـ[السنافي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 04:36 م]ـ
أخي السائل .. هذا بابٌ واسعٌ إليك بعض ما يحضرني منه:
1 - إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد، لابن الأكفاني.
2 - رسالةٌ في العلوم، للُطف الله التوقاتي الرومي.
3 - ترتيب العلوم، لساجقلي زاده.
4 - مفتاح السعادة و مصباح السيادة، طاش كبري زاده.
5 - أبجد العلوم، لصديق حسن خان. (ينقل من المفتاح بالحرف)
و كلها مطبوعة ..
للرفع .. علَّ رؤوسًا كريمةً ترتفع فتَحِنُّ على طويلبٍ يَئِنُّ.
لا داعي للأنين يا أخي الفاضل، فإذا تأخر الجواب .. ففرضك الصبر و الانتظار باحتساب ..
ملاحظة: يُنصب المضارعُ إذا اقترن بالفاء في جواب الرجاء ..
بارك الله فيك.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 05:00 م]ـ
عليك بمفتاح دار السعادة، ومقدمة ابن خلدون (أبواب العلوم والصنائع) ....
وبقسم المخطوطات بالملتقى جملة من رسائل مبادئ العلوم، منها للسيوطي: النقاية وشرحها (وهما مطبوعان) ...
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 05:03 م]ـ
1 - إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد، لابن الأكفاني.
2 - رسالةٌ في العلوم، للُطف الله التوقاتي الرومي.
نرجو بيان طبعات الكتابين، وتعريف موجز لهما ... وجزاك الله خيرا
ـ[أبو العباس السوسي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 04:36 م]ـ
الاخ الشمري
هاك بعضا من الأدلة عن موضوعك من موقع آل سعود: http://www.fondation.org.ma
الأهواني، أحمد فؤاد
ابن خلدون وتاريخ العلوم / أحمد فؤاد الأهواني
في أعمال مهرجان ابن خلدون المنعقد في القاهرة من 2 إلى 6 يناير 1962
القاهرة: المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية, 1962. - ص. 165 - 176؛ 25 سم
420/ 1. 01. 93 مساهمة
الفتى، محمد
الإبستمولوجية وتاريخ العلوم وتوظيفهما في تدريس العلوم الطبيعية / محمد الفتى
في المجلة التربوية: مجلة فكرية ثقافية تربوية = La Revue pédagogique . - ع. 8 (2002). - ص. 111 - 119؛ 24 سم مقالة
رقم الترتيب: N2 . 1560
مرحبا، محمد عبد الرحمن
الجامع في تاريخ العلوم عند العرب / محمد عبد الرحمن مرحبا. - بيروت: البحر المتوسط, 1988. - 590 ص.: مص.؛ 25 سم
325/ 1. 044. 93 كتاب
أبو عبية، طه عبد المقصود عبد الحميد
الحضارة الإسلامية: دراسة في تاريخ العلوم الإسلامية، نشأتها في المشرق، انتقالها إلى الأندلس، دعم الأندلسيين لها، تأثيرها على أوروبا / تأليف طه عبد المقصود عبد الحميد أبو عبية. - بيروت: دار الكتب العلمية, 2004. - 2 مج. (1180 ص.)؛ 24 سم
989/ 1. 044. 93 كتاب
بهزاد، جابر
الكافي من تاريخ العلوم عند العرب / بهزاد جابر. - بيروت: دار مصباح الفكر, 1986. - 207 ص.؛ 21 سم
290/ 1. 044. 93 كتاب
مرحبا، محمد عبد الرحمن
المرجع في تاريخ العلوم عند العرب مع قسم تمهيدي في نشأة العلوم و تطورها عند القدماء / تأليف الدكتور محمد عبد الرحمن مرحبا. - بيروت: دار العودة, 1998. - 582 ص.؛ 24 سم
738/ 1. 044. 93 كتاب
عاصي، حسن
المنهج في تاريخ العلوم عند العرب / حسن عاصي. - بيروت: دار المدائن, 1991. - 273 ص.؛ 24 سم
499/ 1. 044. 93 كتاب
مرحبا، محمد عبد الرحمن
الموجز في تاريخ العلوم عند العرب / محمد عبد الرحمن مرحبا؛ تقديم جميل صليبا. - بيروت: دار الكتاب اللبناني, 1970. - 283 ص.: غلاف مص.؛ 25 سم
408/ 1. 044. 93 كتاب
الحلو، عبده
الوافي في تاريخ العلوم عند العرب / عبده الحلو، بهزاد جابر. - بيروت: دار الفكر اللبناني, 1996. - 191 ص.؛ 24 سم
¥(13/259)
636/ 1. 044. 93 كتاب
تاريخ العلوم: أبحاث
المؤتمر السنوي الثاني للجمعية السورية لتاريخ العلوم المنعقد بجامعة حلب يومي 6 و7 أبريل 1977. - حلب: معهد التراث العلمي العربي, 1979. - 312 ص.؛ 28 سم
225/ 1. 044. 93 كتاب
تاريخ العلوم: أبحاث
المؤتمر السنوي الثالث للجمعية السورية لتاريخ العلوم، المنعقد بجامعة حلب من 12 إلى 13 أبريل 1978. - حلب: معهد التراث العلمي العربي, 1980. - 365 ص.؛ 28 سم
227/ 1. 044. 93 كتاب
تاريخ العلوم العام
رنيه تاتون؛ ترجمة علي مقلد. - بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, 1990. - 2 مج. (876، 752 ص.)؛ 25 سم
435/ 1. 044. 93 كتاب
السكاف، أسعد نصر الله
تاريخ العلوم عند العرب / تأليف أسعد نصر الله السكاف، محمود مطرجي. - بيروت: دار نظير عبود, 1988. - 344 ص.: غلاف مص. بالألوان؛ 24 سم
91/ 1. 045. 93 كتاب
فروخ، عمر
تاريخ العلوم عند العرب / تأليف عمر فروخ. - بيروت: دار العلم للملايين, 1984. - 575 ص.؛ 25 سم
365/ 1. 044. 93 كتاب
حمادة، حسين عمر
تاريخ العلوم عند العرب / حسين حمادة. - بيروت: الشركة العالمية للكتاب, 1987. - 256 ص.: غلاف مص.؛ 24 سم
331/ 1. 044. 93 كتاب
تاريخ العلوم عند العرب
إعداد مجموعة من الأساتذة الجامعيين. - قرطاج: بيت الحكمة, 1989. - 283 ص.؛ 24 سم
482/ 1. 044. 93 كتاب
تاريخ العلوم عند العرب: أبحاث
المؤتمر السنوي الثامن المنعقد بجامعة حلب أيام 25 و 26 أبريل 1984؛ إعداد محمد عزت عمر؛ إشراف خالد ماغوط. - دمشق: دار إشبيلية, [ـ198؟]. - 320 ص.؛ 28 سم
855/ 1. 044. 93 كتاب
تاريخ العلوم عند العرب: بحوث
الندوة القطرية الثالثة [التي نظمها] مركز إحياء التراث العلمي من 14 - 4 - 1987 إلى 16 - 4 - 1987 ببغداد. - بغداد: مركز إحياء التراث العلمي العربي, 1989. - 484 ص.؛ 24 سم
729/ 1. 044. 93 كتاب
سليمان، مصطفى محمود
تاريخ العلوم و التكنولوجيا في العصور القديمة و الوسطى / د. مصطفى محمود سليمان. - القاهرة: مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1995. - 471 ص.؛ 24 سم
129/ 1. 02. 93 كتاب
البغدادي، محمد رضا
تاريخ العلوم و فلسفة التربية العلمية / محمد رضا البغدادي. - القاهرة: دار الفكر العربي, 2003. - 707 ص.؛ 24 سم
159/ 1. 04. 93 كتاب
حمارنة، سامي خلف
تاريخ تراث العلوم الطبية عند العرب و المسلمين / بقلم سامي خلف حمارنة. - عمان: المطبعة الوطنية, 1986. -[462] ص.؛ 24 سم
848/ 1. 044. 93 كتاب
عبد الرحمن، حكمت نجيب
دراسات في تاريخ العلوم عند العرب / حكمت نجيب عبد الرحمن؛ تقديم توفيق سلطان اليوزبكي. - الموصل: جامعة الموصل, 1985. - 467 ص.: غلاف مص.؛ 24 سم
176/ 1. 044. 93 كتاب
عبد الغني، مصطفى لبيب
دراسات في تاريخ العلوم عند العرب: مقدمات وبحوث / مصطفى لبيب عبد الغني. - القاهرة: دار الثقافة, 2000. - 271 ص.؛ 24 سم
171/ 1. 045. 93 كتاب
دراسات في تاريخ العلوم والإبستيمولوجيا
تنسيق سالم يفوت. - الرباط: كلية الآداب والعلوم الإنسانية, 1996
129/ 0. 044. 93 كتاب
حمارنة، سامي خلف
دليل الباحثين في تاريخ العلوم عند العرب و المسلمين / جمع و إعداد سامي خلف حمارنة. - حلب: جامعة حلب, 1979. - (ترقيم متعدد)؛ 28 سم
29/ 1. 01. 00 كتاب
راشد، رشدي
في تاريخ العلوم: دراسات فلسفية / رشدي راشد؛ تعريب حاتم الزغل. - تونس: كرسي اليونسكو للفلسفة, 2005. - 164، 99 ص.؛ 24 سم
40/ 0. 11. 20 كتاب
كيف يؤرخ للعلم: [أعمال المائدة المستديرة التي نظمتها مجموعة البحث في تاريخ العلوم و فلسفتها بمراكش ما بين 8 و 11 دجنبر 1994]
تنسيق سالم يفوت. - الرباط: كلية الآداب والعلوم الإنسانية, 1996. - 92، 52 ص.؛ 24 سم
64/ 0. 02. 93 كتاب
أعداد المجلة مجلة تاريخ العلوم العربية / معهد التراث العلمي العربي، جامعة حلب
حلب: معهد التراث العلمي العربي
وضعية المجموعة: مج. 1، ع. 1 (1977) -->
رقم الترتيب: B3 . 151 مجلة
سزكين، فؤاد
محاضرات في تاريخ العلوم / فؤاد سزكين. - الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, 1979. - 159 ص.؛ 25 سم
84/ 1. 044. 93 كتاب
سزكين، فؤاد
محاضرات في تاريخ العلوم العربية و الإسلامية / فؤاد سزكين. - فرانكفورت: معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية, 1984. - 182 ص.؛ 25 سم
115/ 1. 044. 93 كتاب
حركات، إبراهيم
مدخل إلى تاريخ العلوم بالمغرب المسلم حتى القرن 9 هـ.، 15 م. / إبراهيم حركات. - الدار البيضاء: دار الرشاد الحديثة, 2000. - 3 مج. (458، 442، 247 ص.)؛ 24 سم
816/ 1. 044. 93 كتاب
موسوعة تاريخ العلوم العربية
إشراف رشدي راشد؛ بمعاونة ريجيس مورلون. - بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية, 1997. - 3 مج. (1409 ص.)؛ 24 سم
678/ 1. 044. 93 كتاب
أمين، أحمد
ظهر الإسلام / أحمد أمين. - القاهرة: دار النهضة المصرية, 1962. - 4 مج.؛ 24 سم
2: يبحث في تاريخ العلوم و الآداب و الفنون في القرن الرابع الهجري. - القاهرة: دار النهضة المصرية, 1962. - 286 ص.
447/ 1. 044. 93 كتاب
¥(13/260)
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 04:59 ص]ـ
1 - بحوث في تاريخ السنة المشرفة - أكرم العمري.
2 - تاريخ فنون الحديث النبوي - محمد الخولي.
3 - تدوين السنة النبوية من القرن الأول إلى القرن التاسع نشأته وتطوره - محمد مطر الزهراني.
4 - علم الرجال نشأته وتطوره من القرن الأول إلى القرن التاسع - محمد مطر الزهراني.
5 - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه - محمد مصطفى الأعظمي.
6 - المدخل إلى السنة النبوية - عبد المهدي عبد القادر.
7 - المنهج المقترح لفهم المصطلح - حاتم بن عارف العوني.
8 - مصادر السنة ومناهج مصنفيها - حاتم بن عارف العوني.
9 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة - الكتاني.
10 - علم الرجال و أهميته - المعلمي.
11 - المدخل لدراسة السنة وعلوم الحديث - مصطفى عبد الغني شيبة.؟
12 - لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث - عبد الفتاح أبو غدة.؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[04 - 09 - 06, 10:13 ص]ـ
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1931
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[04 - 09 - 06, 10:32 ص]ـ
1 - بحوث في تاريخ السنة المشرفة - أكرم العمري.
2 - تاريخ فنون الحديث النبوي - محمد الخولي.
3 - تدوين السنة النبوية من القرن الأول إلى القرن التاسع نشأته وتطوره - محمد مطر الزهراني.
4 - علم الرجال نشأته وتطوره من القرن الأول إلى القرن التاسع - محمد مطر الزهراني.
5 - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه - محمد مصطفى الأعظمي.
6 - المدخل إلى السنة النبوية - عبد المهدي عبد القادر.
7 - المنهج المقترح لفهم المصطلح - حاتم بن عارف العوني.
8 - مصادر السنة ومناهج مصنفيها - حاتم بن عارف العوني.
9 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة - الكتاني.
10 - علم الرجال و أهميته - المعلمي.
11 - المدخل لدراسة السنة وعلوم الحديث - مصطفى عبد الغني شيبة.؟
12 - لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث - عبد الفتاح أبو غدة.؟
أخي عمر وفقك الباري عزوجل ....
ليتك تذكر لنا ماهي الدور التي طبعة هذه الكتب ...
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[04 - 09 - 06, 04:49 م]ـ
1 - بحوث في تاريخ السنة المشرفة - أكرم العمري.
مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، مؤسسة الرسالة - بيروت.
2 - تاريخ فنون الحديث النبوي - محمد الخولي.
دار ابن كثير - دمشق.
3 - تدوين السنة النبوية من القرن الأول إلى القرن التاسع نشأته وتطوره - محمد مطر الزهراني.
دار المنهاج - الرياض.
4 - علم الرجال نشأته وتطوره من القرن الأول إلى القرن التاسع - محمد مطر الزهراني.
5 - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه - محمد مصطفى الأعظمي.
المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت.
6 - المدخل إلى السنة النبوية - عبد المهدي عبد القادر.
دار الاعتصام - القاهرة.
7 - المنهج المقترح لفهم المصطلح - حاتم بن عارف العوني.
دار الهجرة - الرياض.
http://www.alokab.com/almaktaba/index.php?action=download&id=200
8- مصادر السنة ومناهج مصنفيها - حاتم بن عارف العوني.
http://www.saaid.net/book/8/1529.zip
9- الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة - الكتاني.
دار الكتب العلمية - بيروت.
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/almustrafa.zip
10- علم الرجال و أهميته - المعلمي.
http://www.saaid.net/book/1/296.zip
وقرأت في الملتقى أن الشيخ طارق بن عوض الله قد حققها ونشرها.
11 - المدخل لدراسة السنة وعلوم الحديث - مصطفى عبد الغني شيبة.؟
12 - لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث - عبد الفتاح أبو غدة.؟
دار البشائر الإسلامية - بيروت.
وإضافة إلى ما سبق:
13 - السنة قبل التدوين - محمد عجاج الخطيب.
مكتبة وهبة - القاهرة.
14 - الحديث والمحدثون - محمد محمد أبو زهو.
شركة المطبعة المصرية - القاهرة.
15 - صحائف الصحابة وتدوين السنة المشرفة - أحمد عبد الرحمن الصويان.
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[04 - 09 - 06, 08:22 م]ـ
جزاك الله خير ونفع بك ...
ـ[محمد الحارثي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:22 م]ـ
أفدتم فأجدتم بارك الله فيكم
ـ[ابن الحميدي الشمري]ــــــــ[28 - 07 - 07, 01:03 ص]ـ
يرفع شكرًا لله بعد المن والعودة.
.
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[05 - 06 - 08, 06:56 م]ـ
التلازم بين العقيدة والشريعة رسالة للدكتور ناصر العقل
تاريخ نشأة البدعة لمحمد سعيد رسلان
أصول الفقه تعريفه وتدوينه لصلاح زيدان
ـ[محمد دادا]ــــــــ[07 - 06 - 08, 03:27 م]ـ
جزاك الله خيرا(13/261)
منهج جديد للتأليف في علوم الحديث
ـ[سلمان الخطيب]ــــــــ[25 - 08 - 06, 03:17 م]ـ
حبذا لو قام طلاب العلم بوضع مسائل علوم الحديث على شكل مسائل ثم يأ تي الى سنن الترمذي على سبيل المثال ثم يستخرج جميع الاحاديث المتعلقة بكل مسألة وتكون مثل التطبيق فهل احد من طلاب قام بهذه الطريقة ان كان الجواب بنعم فآ مل الافادة(13/262)
أسماء السموات السبع وألوانها؟
ـ[عبدالله بن مرزوق]ــــــــ[25 - 08 - 06, 04:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد بن عبدالله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان الى يوم الدين أما بعد ....
تنتشر كثير من الأحاديث في المنتديات ولحرص الناس على الخير وهذا يحمدون عليه ولكنهم لا يتتبعون الصحيح من الضعيف من الموضوع فنسأل الله لهم الأجر والمثوبة ونرجو من الاخوة الذين لديهم العلم أن يبينوا لهم الخطأ من الصواب.
ولكن الذي لفت انتباهي في كثير من المنتديات انتشار موضوع يتحدث عن أسماء السموات وألوانها وحاولت البحث عن هذه الأسماء والألوان ولكن لم اجد نصا صريحا يوضح لي صحته فأرجو ممن لديه دراية بهذا الموضوع أن يوضح لي وللإخوة وجزاكم الله خير اً وبالنسبة للأسماء الواردة للسموات فهي على النحو التالي:. اسم السماء الدنيا الاولى: رقيع وهي من دخان
2. اسم السماء الثانية: قيدوم وهي على لون النحاس
3. واسم السماء الثالثة: الماروم وهي على لون النور
4. واسم السماء الرابعة: أرفلون وهي على لون الفضة
5. واسم السماء الخامسة: هيفوف وهي على لون الذهب
6. واسم السماء السادسة: عروس وهي ياقوتة خضراء
7. واسم السماء السابعة: عجماء وهي درة بيضاء(13/263)
هل يصح الحديث بمجموع طرقه الضعيفة؟ - محمد الطناوى
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[25 - 08 - 06, 04:34 م]ـ
11/ 05/06, 04:26 04:26:18 PM
محمد الطناوى
عضو جديد تاريخ الانضمام: 11/ 03/06
المشاركات: 22
هل يصح الحديث بمجموع طرقه الضعيفة؟
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله.
الإخوة الأفاضل.
هل يصح تقوية الحديث بمجموع طرقه الضعيفة .. ؟
وهل كان هذا في منهج المتقدمين؟
مع ذكر آدلة على أنهم كانوا يأخذون بهذه الطريقة؟
وجزاكم الله خيراً.
__________________
كن سلفياً على الجادة
محمد الطناوى
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محمد الطناوى
البحث عن كافة المشاركات بواسطة محمد الطناوى
13/ 05/06, 02:02 02:02:16 AM
زكرياء توناني
عضو مميز تاريخ الانضمام: 23/ 07/05
المشاركات: 715
--------------------------------------------------------------------------------
قال الحافظ في النخبة: " و متى توبع سيء الحفظ بمعتبر، و كذا المستور، و المرسل، و المدلس، صار حديثهم حسنا لا لذاته، بل بالمجموع ".
قال الحافظ السيوطي في الألفية:
.................................. كما ------ يرقى إلى الحسن الذي قد وسما
ضعفا لسوء الحفظ أو إرسال أو ------ تدليس أو جهالة إذا رأوا
مجيئة من جهة أخرى .......... ------- ......................................
__________________
إذا كان يؤذيك حر المصيف ---- و كرب الخريف و برد الشتا
و يلهيك حسن زمان الربيع ----- فأخذك للعلم قل لي متى؟
زكرياء توناني
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى زكرياء توناني
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى زكرياء توناني
البحث عن كافة المشاركات بواسطة زكرياء توناني
13/ 05/06, 03:03 03:03:56 PM
نضال دويكات
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 20/ 07/05
المشاركات: 195
--------------------------------------------------------------------------------
وهل يتقوى الضعيف بالضعيف
وهل يزيد الضعيف الضعيف الا ضعفا
انا لست بعالم ولا مفتي ولكن وجهة نظر
__________________
أسأل الذي جمعنا في دنيا فانية أن يجمعنا في جنة قطوفها دانية
نضال دويكات
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نضال دويكات
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى نضال دويكات
البحث عن كافة المشاركات بواسطة نضال دويكات
13/ 05/06, 03:52 03:52:15 PM
معاذ جمال
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 28/ 09/05
المشاركات: 171
--------------------------------------------------------------------------------
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة: نضال دويكات] وهل يتقوى الضعيف بالضعيف
وهل يزيد الضعيف الضعيف الا ضعفا
انا لست بعالم ولا مفتي ولكن وجهة نظر
نعم أخي الحديث الضعيف مراتب: فما كان منها شديد الضعف كأن يكون أحد رواته ممن جرح جرحا شديدا أو نعث بالوضع أو كان مجهول جهالة عين ... و ما شابه ثم يأتي له متابع من طريق آخر ضعيف فإن مثل هذا لا يزيده إلا ضعفا و وهنا.
أما إذا كان الحديث ضعيف لقلة ضبط أحد رواته مع عدالته، أو لإنقطاع في سنده أو إرسال و ما شابه فإن مثل هذا يتقوى بغيره كما قرره الأئمة النقاد.
والله أعلم
__________________
لا تجعل الله أهون الناظرين إليك
معاذ جمال
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى معاذ جمال
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى معاذ جمال
البحث عن كافة المشاركات بواسطة معاذ جمال
14/ 05/06, 01:44 01:44:22 AM
زكرياء توناني
عضو مميز تاريخ الانضمام: 23/ 07/05
المشاركات: 715
--------------------------------------------------------------------------------
ما نقلته عن الحافظ ابن حجر و الحافظ السيوطي إجابة عن سؤال الأخ نضال، و ذلك أن بعض أنواع الضعيف هو الذي يمكن أن ينجبر.
قال الحافظ ابن حجر في " نخبة الفكر ": " و متى توبع سيء الحفظ بمعتبر، و كذا المستور، و المرسل، و المدلس، صار حديثهم حسنا لا لذاته، بل بالمجموع "
__________________
إذا كان يؤذيك حر المصيف ---- و كرب الخريف و برد الشتا
و يلهيك حسن زمان الربيع ----- فأخذك للعلم قل لي متى؟
زكرياء توناني
عرض الملف الشخصي العام
¥(13/264)
إرسال رسالة خاصة إلى زكرياء توناني
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى زكرياء توناني
البحث عن كافة المشاركات بواسطة زكرياء توناني
14/ 05/06, 01:52 01:52:05 PM
محمد الطناوى
عضو جديد تاريخ الانضمام: 11/ 03/06
المشاركات: 22
--------------------------------------------------------------------------------
سؤالي: أين النمازج من منهج المتقدمين , أمثال أحمد بن حنبل , والبخاري , ومسلم , وغيرهما؟
نمازج تبين أنهم كانوا يأخذون بهذه القاعدة.
__________________
كن سلفياً على الجادة
محمد الطناوى
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محمد الطناوى
البحث عن كافة المشاركات بواسطة محمد الطناوى
14/ 05/06, 03:37 03:37:40 PM
محمد خلف سلامة
عضو مميز تاريخ الانضمام: 18/ 09/05
المشاركات: 929
--------------------------------------------------------------------------------
"
ينظر هذا الرابط:
رسالة ماجستير في تقوية الاحاديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=21782&highlight=%CA%DE%E6%ED%C9)
"
__________________
قالَ مسروقٌ: " كفَى بالمرءِ علماً أنْ يَخشَى اللهَ؛ وكفَى بالمرءِ جهلاً أنْ يُعْجَبَ بعلمِه ".
محمد خلف سلامة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محمد خلف سلامة
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى محمد خلف سلامة
البحث عن كافة المشاركات بواسطة محمد خلف سلامة
14/ 05/06, 03:47 03:47:57 PM
محمد خلف سلامة
عضو مميز تاريخ الانضمام: 18/ 09/05
المشاركات: 929
--------------------------------------------------------------------------------
"
وهذا رابط آخر:
الرجاء المساعدة حول تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7197&highlight=%CA%DE%E6%ED%C9)
"
__________________
قالَ مسروقٌ: " كفَى بالمرءِ علماً أنْ يَخشَى اللهَ؛ وكفَى بالمرءِ جهلاً أنْ يُعْجَبَ بعلمِه ".
محمد خلف سلامة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محمد خلف سلامة
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى محمد خلف سلامة
البحث عن كافة المشاركات بواسطة محمد خلف سلامة
14/ 05/06, 04:01 04:01:40 PM
محمد بن عبدالله
عضو مخضرم تاريخ الانضمام: 22/ 01/05
المشاركات: 1,169
--------------------------------------------------------------------------------
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة محمد الطناوى
سؤالي: أين النماذج من منهج المتقدمين , أمثال أحمد بن حنبل , والبخاري , ومسلم , وغيرهما؟
نماذج تبين أنهم كانوا يأخذون بهذه القاعدة.
انظر هنا:
كلمات الأئمة المتقدمين في تقوية حديث الضعيف بمثله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6288)
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[01 - 03 - 07, 01:30 م]ـ
ذكر الشيخ عبدالعزيز الطريفي في شرح نخبة الفكر أن من شروط تقوية الحديث الضعيف أن لا يفيد حكما
فما صحة هذا الشرط؟(13/265)
رد على كتاب صوفي يحتج فيه لحجية الرؤى في الشريعة
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 04:45 م]ـ
التحقيقات الفاضحة
لحقيقة الدلائل الواضحة
رد على رسالة المدعو محمد بن الأزرق المسماة:
(الدلائل الواضحة على سنة
الاستدلال والعمل بالرؤى الصالحة)
قال الإمام مالك: (الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة.)
كتبها
أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن
الحمودي التطواني
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فهذه رسالة كاشفة لحقيقة كتاب (الدلائل الواضحة على سنة () الاستدلال والعمل بالرؤيا الصالحة) لمحمد بن الأزرق الطنجي المنسوب إلى جماعة العدل والإحسان الصوفية عندنا بالمغرب, ولأتباعهم بمدينة طنجة صلة قوية بالطائفة الدرقاوية التي ينسب إليها السقاف وصاحبه المصري, قصدت فيها إلى أدلته التي زعم أنها حجج على استحباب العمل بالرؤى في الأحكام, وتصديق ما فيها من غيبيات, فرددت عليها بإنصاف إن شاء الله, وما أفلح الأخ في انتقاء أدلته , إذ غالبها ضعيف, وباقيها لا تقوم به الحجة لما ادعاه, وسأحاول بيان ذلك إن شاء الله, ولست أدعي عصمة في ذلك, فكلنا خطاء, وقد نظمت ردي موافقا ترتيب أدلته في كتابه, كي يكون أبلغ في بيان حقيقة كل دليل من أدلته على حدة, وأود نصيحة مقدم كتابه هذا أحمد بوعود في ما يخص مقدمته فأقول له: غفر الله لي ولك , قد كان الأولى أن تنزه نفسك عن توريطها في تبعات ما ورد من تجاوزات في هذه الرسالة, فكونك مفكرا إسلاميا كما وصفك الأزرق لا يسوغ لك الحديث في هذه المسألة بالطريقة التي تناولتها بها, فإن هذا مضمار يخص أهل العلم لا المفكرين, فكلنا مفكر يا أستاذ, ولا أدل على ذلك من حديث رواه الترمذي أوردته في أواخر المقدمة وهو حديث أم سلمة وفيه (أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقال لها: شهدت قتل الحسين)
ولا أخفيك استغرابي منك, كيف يرى النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه التراب وهو سيد ولد آدم ولو مناما , فقد كان هذا كافيا ليثنيك عن إيراده في مقدمتك, الحديث ضعيف يا أستاذ , ضعفه الترمذي نفسه فقال: حديث غريب, والمعروف عند المحدثين وطلبة الحديث أن قوله ذاك تضعيف منه للحديث, وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (3771) ,ولا حول ولا قوة إلا بالله, ولو سكت من لا يعلم لقل الخلاف كما قيل.
ومن الإنصاف أن أذكر كلمة جميلة للأستاذ قالها صادقا إن شاء الله, وهي تخالف ما تضمنه كتاب الأزرق ونصها: (الرؤيا من مبشرات النبوة, وقصها والسؤال عنها سنة نبوية, كما أن مضمونها , كما لا يضيف تشريعا, فهو مما يحمل بشرى للمؤمن تستحثه على الزيادة في الخير, وتبين له أمر الأعمال الصالحة, أو تحذير عن المضي في أمر ليس له حسن عاقبة وآل عند الله عز وجل ومصيره عنده, أو مصير ذلك في مجتمعه).
هذه عقيدتنا
الحمد لله أما بعد:
فهذا تنبيه بين يدي الرد ,كي لا يظن أحد أننا لا نسوغ العمل بالرؤى مطلقا, فالصحيح أننا ممن يرى ذلك بشروط فإنه: (لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر وبشر ,وأنذر وندب وتصرف بمقتضى الخوارق من الفراسة الصادقة والإلهام الصحيح والكشف الواضح والرؤيا الصالحة كان من فعل مثل ذلك ممن اختص بشيء من هذه الأمور على طريق من الصواب وعاملا بما ليس بخارج عن المشروع لكن مع مراعاة شرط ذلك ومن الدليل على صحته زائدا إلى ما تقدم أمران:
أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عمل بمقتضى ذلك أمرا ونهيا وتحذيرا وتبشيرا وإرشادا مع أنه لم يذكر أن ذلك خاص به دون أمته فدل على أن الأمة حكمهم في ذلك حكمه شأن كل عمل صدر منه () ولم يثبت دليل على الاختصاص به دون غيره ويكفي من ذلك ما ترك بعده في أمته من المبشرات وإنما فائدتها البشارة والنذارة التي يترتب عليها الإقدام والإحجام ().
والثاني عمل الصحابة رضى الله عنهم بمثل ذلك من الفراسة والكشف والإلهام والوحي النومي.
¥(13/266)
ويكثر نقل مثل هذا عن السلف الصالح ومن بعدهم من العلماء والأولياء نفع الله بهم, ولكن يبقى هنا النظر في شرط العمل على مقتضى هذه الأمور ,وذلك أن هذه الأمور لا يصح أن تراعى وتعتبر إلا بشرط أن لا تخرم حكما شرعيا ولا قاعدة دينية () فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه بل هو إما خيال أو وهم وإما من إلقاء الشيطان وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام لا خاص كما تقدم في المسألة قبل هذا وأصله لا ينخرم ولا ينكسر له اطراد ولا يحاشى من الدخول تحت حكمه مكلف وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده مضادا لما تمهد في الشريعة فهو فاسد باطل).
قاله الإمام أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات (2/ 200 إلى 203)
الدليل الأول
رؤيا المؤمن وحي
قلت: قال ابن عباس: (الرؤيا الحسنة بشرى من الله)
الدليل الأول
ذكر الأزرق قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب, أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء, إنه علي حكيم) وقال: (وحيا) أي مناما عند كثير من أهل التفسير , فالرؤيا من طرق تكليم الحق تعالى لعباده.
قلت: ذكر الأزرق كلاما ونقلا عن ابن تيمية وابن القيم في أن الله يوحي لغير الأنبياء بطريقة مجملة لا تسمن ولا تغني من جوع, ولذلك رأيت أن أفرد الرد على ما أورده هناك في رسالة مستقلة حرصا على الموضوعية في الرد. سميتها: (إتحاف السادة النبلاء بحقيقة الوحي لغير الأنبياء).وسأخرجها قريبا عن شاء الله.
الدليل الثاني
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت, فلا رسول بعدي ولا نبي. قال: فشق ذلك على الناس, فقال: لكن المبشرات, قالوا: وما المبشرات؟ قال: رؤيا المسلم, وهي جزء من أجزاء النبوة. قال في الهامش: رواه الترمذي وصححه.
قال: فقد أثبتت هذه الأحاديث أن الرؤيا الصالحة جزء من النبوة, أي طريق من طرق الوحي للأنبياء , شاركهم فيه المؤمنون, فتأكد عموم الآية.
قلت: كلام ابن الأزرق هزيل المبنى, فليس للوحي الخاص بالأنبياء وجود بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , لأنه لازم للنبوة طردا وعكسا, إيجابا وسلبا. فنفي النبوة يستلزم نفي الوحي, ونفيه يستلزم نفي النبوة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت) , فدل ذلك أن الوحي انقطع. وبهذا تعلم خطأ قول ابن الأزرق: (شاركهم فيه المؤمنون) , لأنه لو أثبت الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للزمه أن يثبت نبوة بعده, وهذا مردود شرعا. فبقي أن رؤيا المؤمن ليست من ذاك الوحي, إنما هي مبشرات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فالحديث يدل على أن الرؤيا بالنسبة للأنبياء أخص من الوحي, فالوحي أنواع, الرؤيا نوع وتكليم الملك نوع وكلام الله نوع. وإثبات الأخص بالنسبة لهم يستلزم إثبات الأعم. بخلاف غيرهم, فالرؤيا بالنسبة لهم أعم من الوحي, فالرؤيا تنقسم إلى نوعين, رؤيا وحي وهي رؤيا الأنبياء, ورؤيا غيرهم وهي الرؤى المبشرات, وإثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص.
وقد يقول قائل: إذا كانت الرؤيا جزءا من الوحي, فهي أيضا وحي. والجواب أن هذا صحيح بالنسبة للأنبياء لما سبق ذكره, أما بالنسبة لغيرهم فلا. فإنك لو قلت في من هو دون النبي صلى الله عليه وسلم: الرؤيا وحي, والوحي نبوة, لكانت النتيجة: (الرؤيا نبوة) , وهذا خطأ. وستقول: هذا صحيح بالنسبة للنبي. وهذا هو المقصود. لأن رؤيا الأنبياء حق. ورد الحافظ هذا بطريقة أخرى فقال في الفتح (12/ 375/دار المعرفة): (ظاهر الاستثناء أن (الرؤيا نبوة) وليس كذلك لما تقدم أن المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة أو لأن جزء الشيء لا يستلزم ثبوت وصفه له, كمن قال أشهد أن لا إله إلا الله رافعا صوته لا يسمى مؤذنا ولا يقال أنه أذن وإن كانت جزءا من الأذان وكذا لو قرأ شيئا من القرآن وهو قائم لا يسمى مصليا وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة)
هذا في الوحي الخاص بالأنبياء, أما الوحي الأعم والذي تحته وحي الإلهام وغيره فلا محل له من الكلام هنا. ولا ينبغي ذلك.
¥(13/267)
الدليل الثالث
قال: عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبدَ ربَه في المنام) وهو حديث صحيح, صححه الألباني , وقد خرجته وتكلمت على أسانيده في (رفع الملام)
قلت: ذكر الحديث وذكر مصادره ثم ذكر تضعيف الشيخ الألباني لرواية ابن أبي عاصم بحمزة بن عبد الله بن الزبير وترجيحه أنه حمزة بن الزبير.
وقال: أما حمزة فليس كما قال الشيخ رحمه الله, بل هو حمزة بن الزبير بن العوام.
وثقه العجلي فقال في معرفة الثقات: حمزة بن الزبير مدني تابعي ثقة
ثم هو مشهور في كتب السنة والفقه بحديث في الرضاع, فعن زينب بنت أبي سلمة ... وذكر الحديث
ثم قال:وهذا الحديث يدل على أن الزبير كان من سادات التابعين, معروفا لدى الصحابة الأطهار, فهو وإن لم يرو عنه إلا جنيد, في عداد المستورين, الذين يحسن حديثهم إذا لم يكن منكرا.
قال في الجنيد بن ميمون: صوابه سعيد بن ميمون.فقد قال المناوي في تخريج الحديث في فيض القدير (4/ 12):ورواه عنه الحكيم في نوادره, قال الحافظ:وهو من روايته عن شيخه عن ابن أبي عمر, وهو واه, وفي سنده سعيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة.
حكم عليه بالجهالة الحافظ ابن حجر في التقريب (241) ,وهذا حكم غير مقبول, فقد روى عنه غير واحد, وترجمه البخاري في الكبير, وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل بما يدل على أنه معروف , وسكتا عنه ,وأورده ابن حبان في الثقات, ولذلك سكت عنه الذهبي في الكاشف والمزي ,فكان رأيهما أسلم من حكم الحافظ رحمه الله (ص41)
قلت:
غفر الله لي ولك. وطهرني وإياك من العمى. والذي حصل لك أيها الأستاذ أنك وقعت في أحد أكثر الأخطاء التي يقع فيها المتطفلون على علم الحديث. فلا عليك واحذر هذا مرة أخرى.
إن تصحيحك كون جنيد سعيد بن ميمون اعتمادا على نقل المناوي عن الحافظ خطأ, فإنك لو راجعت كلام الحافظ في الفتح (14/ 376) في شرح كتاب التعبير من صحيح البخاري, لوجدت أن الذي وقع في كلامه هو جنيد بن ميمون, لا سعيد, وهذا من الأخطاء التي تقع بسبب الاعتماد على الوسائط تقليدا دون الرجوع إلى الأصول, وما كان ينبغي لك أن تقع في هذا وأنت المنابذ للتقليد, والمجتهد الناقد بمنظار المحدثين, وخريج دار الحديث. وعلى كل فجَلَّ من لا يسهو.
وأنبهك إلى الخطأ الثاني الذي وقع لك عافاني الله وإياك من مرض الخلط بين الرواة, وهو أن سعيد بن ميمون رجلان, أحدهما يروي عن نافع عن ابن عمر حديث الدم عند ابن ماجة ولا يعرف إلا بهذا الحديث
قال المزي في تهذيب الكمال: روى له بن ماجة هذا الحديث الواحد ,وقال الحافظ في تهذيب التهذيب: هو مجهول وخبره منكر جدا في الحجامة. وقال في التقريب: مجهول من الثامنة, وقال الذهبي في الميزان (3/ 234): سعيد بن ميمون (ق) عن نافع تفرد عنه عبد الله بن عصمة في الحجامة.
وبناء على القواعد التي لا أحتاج إلى تذكيرك بها, فإن سعيدا هذا مجهول كما قال الحافظ ولا ينكر عليه.
وأما سعيد الآخر فهو الذي ترجم له ابن حبان فقال: سعيد بن ميمون ,كوفي يروي عن البراء بن عازب عداده في أهل الكوفة روى عنه شريك
وقال ابن أبي حاتم: سعيد بن ميمون كوفي روى عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:من غشنا فليس منا روى عنه شريك سمعت أبي يقول ذلك. وكذلك قال البخاري في التاريخ
وأنت ترى معي جيدا أنه يروي عن البراء, يعني أنه تابعي كما تعلم حفظني الله وإياك
ثم إنك أيها الأستاذ نقلت كلام الحافظ في التقريب, ولم تنتبه إلى كلمة كتبها الحافظ بعد ذلك وهي: (من الثامنة) ولست ألومك, فلعلك لا تعرف منهج الحافظ في التقريب, ولا تعرف التفرقة بين الطبقات ,فعلمني الله وإياك ذلك, وأقول لك: إن معنى من الثامنة ,أي أنه من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين, وهذا يدل على أنهما رجلان لا رجل واحد , فكان الأولى بخريج دار الحديث أن يتأنى ويحتاط, ولكنه النقد بمنظار المحدثين الذي يفعل هذا بك, ولست ألومك.
وانظر الصحيحة رقم (215)
ولا يفوتني أن أنبه إلى خطأ لعله من الأخطاء المطبعية وهو نصبهم لكلمتي العبد والرب, وصورتها: (رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبدَ ربَه في المنام, والصحيح ربُه بضم الباء.
قال ابن الأزرق:ورواه ابن أبي عاصم وابن منده في ترجمة الطبراني من طريق صفوان عن حميد بن عبد الرحمن عن عبادة
¥(13/268)
وذكر ترجيح الألباني كونه خطأ من الناسخ وأن الصواب حميد بن عبد الله بأربعة مرجحات وردها مجوزا كون ابن عبد الرحمن يروي الحديث أيضا معللا ذلك بأنه في نفس طبقة ابن عبد الله المدني أو المزني وهذا مجرد تخمين لا يقوم على ساق.
وأعيد صياغة مرجحات الشيخ الألباني مع مرجحات أخرى.
سمي الراوي عن عبادة في رواية عبد الوهاب بن نجدة الحوطي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو (حميد بن عبد الرحمن) عند ابن منده وابن أبي عاصم
وعند الطبراني في مسند الشاميين عن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي أيضا عن إسماعيل بن عياش عن صفوان عن حميد بن عبد الله. وتابع إسماعيل بن عياش الوليد بن مسلم, وتابع صفوان على ذلك الأحموسي عند الطبري.وتابع ابن عياش أبو المغيرة عند الطبري أيضا في جميعها عن حميد بن عبد الله.
أن السيوطي أورده في الدر المنثور من رواية الحكيم الترمذي وابن مردويه عن حميد بن عبد الله.
الدليل الثاني والثالث
عمل الأنبياء والنبي صلى الله عليه وسلم بالرؤى
قلت: قال ابن عباس: (رؤيا الأنبياء وحي)
قال: فإن قلت: إن دليل تخصيص النبي بجواز العمل بالرؤى هو قول ابن عباس (رؤيا الأنبياء وحي) , فهو دال بمفهومه على أن رؤيا غيرهم ليست وحيا:
قلنا: هذا فهم لا تحسد عليه, وليس لك فيه سلف ولا خلف ... ومفهوم المخالفة يا عزيزي لا يحتج به إذا كان يقابله المنطوق, وهو الأحاديث الدالة على أن المبشرات جزء من النبوة.
قلت: بل هو فهم يغبط عليه, ولا ينتبه إليه مثلك. فقد قال به جمع من الأذكياء. ومن أدلتهم على خصوصية كون الرؤيا حقا بالأنبياء ما رواه عبد الرزاق في تفسيره (2/ 294) عن معمر عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال:قال رسول الله فلا أدري أقال في المنام أم لا ,و (كان منامه وحيا): رأيت كأن رجلا شق أحد شدقيه ... ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا) .. قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 73) عقب ذكره لهذا الحديث: (ولهذا قال ابن عباس وغيره من العلماء: (رؤيا الأنبياء وحي).وقال الزرقاني فيه أيضا في شرحه للموطأ (1/ 352): (ولذا قال ابن عباس وغيره من العلماء: (رؤيا الأنبياء وحي) ولو سلط النوم على قلوبهم كانت رؤياهم كرؤيا من سواهم, ولذا كان ينام حتى ينفخ ويسمع غطيطه ثم يصلي ولا يتوضأ لأن الوضوء إنما يجب بغلبة النوم على القلب لا على العين).قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم صورة عائشة في سرقة من حرير: (رؤيا الأنبياء وحي, وعصمتهم في المنام كاليقظة).
وقول ابن عباس تعليل لوجوب تصديقهم لرؤاهم. وقد روى البخاري عن عائشة قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح).أي أن ما كانوا يرونه في منامهم وحي كوحي اليقظة. وقد قال النبي ? كما في صحيح مسلم: (لست كمثلكم). قال ابن العربي في أحكامه: (اِعلم أن رؤيا الأنبياء وحي فما ألقي إليهم ونفث به الملك في روعهم وضرب المثل له عليهم فهو حق).
وأما قولك: (ومفهوم المخالفة يا عزيزي لا يحتج به إذا كان يقابله المنطوق, وهو الأحاديث الدالة على أن المبشرات جزء من النبوة).فخطأ. فليس هناك تعارض بينهما. إذ شرط صحة القول بتعارضهما اتحاد موردهما, وهذا مالم ينتبه إليه ابن الأزرق, فمفهوم أثر ابن عباس يدل على أن رؤيا غير الأنبياء ليست وحيا. ومنطوق تلك الأحاديث يدل على أن الرؤيا جزء من النبوة. وقد بينا أن هذا لا يعني كون الرؤيا نبوة مطلقا, وأظنك لا تعرف ما تقول, فقصد ابن عباس بقوله (وحي) أي حق يعمل به لصدقه لأنه من الله, ولا يجوز لأحد غيرهم أن يعتبر رؤياه مجردة في الأحكام والغيبيات. ويفسر هذا قول قتادة في قوله تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك) (الصافات: من الآية102): (رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا في المنام شيئا فعلوه).فهل يجوز لأحد ذبح ابنه لرؤيا رآها تشبه رؤيا إبراهيم عليه السلام, اللهم لا, وهذا هو الفرق بين رؤيا الأنبياء ورؤيا غيرهم. قال ابن حزم رحمه الله تعالى في الفصل (3/ 190): (وأما رؤيا غير الأبياء فقد تكذب وقد تصدق, إلا أنه لا يقطع على صحة شيء منه إلا بعد ظهور صحته, حاشى الأنبياء فإنها كلها مقطوع على
¥(13/269)
صحته).
وساق ابن الأزرق أمثلة كثيرة فيها أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برؤاه ورؤى الصحابة, ثم قاس على ذلك غيره , وخلص إلى جواز أخذ غير النبي صلى الله عليه وسلم بالرؤى في العقائد والأحكام, ولم يلحظ الفرق بينه وبين غيره. فالنبي صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي, ولا يقر على خطأ, وتصديقه برؤى أصحابه معصوم بوحي الله تعالى, فإقرار الله تعالى له دليل على صدقها. فكيف يعلم غيره ذلك, وقد انقطع الوحي. هذا مربط الفرس كما يقال. والله الموفق.
الدليل الرابع
عمل الصحابة بالرؤى
قلت: (قال ابن القيم: (هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس) الروح (ص24))
الشاهد الأول: إنفاذ وصية ثابت بن قيس
قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري , رواه ابن أبي عاصم في الآحاد [3/ 465] والطبراني في الكبير [2/ 65] والحاكم [3/ 260] وابن حجر في التغليق [3/ 436] , وأصله في صحيح البخاري [3/ 1046]
أما قوله: (على شرط البخاري) فكذب, فإنه من المعلوم عند المبتدئين في علم الحديث أن البخاري لم يرو له في صحيحه لأجل أنه ساء حفظه بأخرة, وإنما روى له مسلم من حديثه انتقاء, قال البيهقي رحمه الله كما في التهذيب: (لما كبر ساء حفظه, فلذلك تركه البخاري, وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره). وهذا من أمثلة التزوير من ابن الأزرق.
وقوله: (رواه ابن أبي عاصم) كذب, فابن أبي عاصم لم يرو الحديث بهذا اللفظ من طريق حماد عن ثابت, إنما رواه من طريق عطاء عن بنت ثابت بن قيس كما سيذكر هو بعد هذا.
وأما قوله: (وأصله في صحيح البخاري) فتدليس, فإنه كان ينبغي له أن يبين أن هذا الأصل الذي أشار إليه من رواية موسى بن أنس عن أنس, وأنه ليس فيه ذكر للوصية, فتأمل.
قال: وله شاهد صحيح مطول فعن عطاء الخراساني ... وذكر الرواية كلها
قلت: الصحة متوقفة على معرفة شيخ الحاكم أبي العباس محمد بن يعقوب. ولم أجد من ترجم له, وفي هذه الرواية زيادة عجيبة, وهي كلمة قالها ثابت بن قيس لمن رآه في المنام بعد وصيته, ولفظها إن صحت: (وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه).فباعتبار هذه الكلمة, فإن الرائي له في المنام لم يذكر لأبي بكر وخالد أنها وصية منامية, وعلى هذا , فإنهما لم ينفذا الوصية المنامية, بل أنفذا ما أوهمهما الرائي أنها وصية أوصى بها ثابت قبل موته, فالرواية إن صحت حجة عليه لا له, فإن ثابتا أوصى الرجل أن لا يخبرهم بأنها وصية منامية خوف أن لا تنفذ, وهذا يدل على أنه كان معلوما عنده أن الوصية المنامية لا تنفذ, فلا يبقى لابن الأزرق متمسك بها وقد صححها أو حسنها. فعجبا من فهمك يا ابن الأزرق. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الفهم في دينه.
ومما يدل على نكارة هذه الرواية أنها ذكرت أن ثابتا أمر الرائي له بكتم كون الوصية مناما كذبا وتدليسا وزورا, وهو محال في حق صحابي كثابت إن كان المرئي ثابتا. وقد ذكر ابن بشكوال في الغوامض (2/ 834) أن الرائي هو بلال بن رباح, فهل يجوز لبلال أو غيره أن يوافق على الكذب.
فيلزم ابن الأزرق شيئان: إما أن يتراجع عن تصحيح الرواية ليسلم من تبعاتها, وإما أن يصححها فيبطل استدلاله.
قال: فانظر رحمك الله إلى عمل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأصحابه برؤيا رجل من المسلمين, إنهم تصرفوا بناء عليها في ميراثه , وهو من أخطر الأمور.
قلت: هيهات يا ابن الأزرق, قد فاتك شيء مهم جدا, وهو أننا نجهل ظروف إنفاذ أبي بكر للوصية المنامية إن صح أنه أنفذها على أنها منامية, وإلا فقد صحح ابن الزرق رواية عطاء. قال الشاطبي في الموافقات (2/ 203): (ما روي أن أبا بكر رضي الله عنه أنفذ وصية رجل بعد موته برؤيا رؤيت فهي قضية عين لا تقدح في القواعد لاحتمالها, فلعل الورثة رضوا بذلك, فلا يلزم منها خرم أصل.)
¥(13/270)
ووجه شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الصنيع بتوجيه آخر فقال في الفتاوى الكبرى (4/ 519): (وتصح الوصية بالرؤيا الصادقة المقترنة بما يدل على صدقها ... لقصة ثابت بن قيس التي نفذها الصديق.) فاشترط شيخ الإسلام وجود القرائن الدالة على صدقها, وفهم من كلامه هذا أنه لا يجيز ذلك إذا عريت عن قرائن شاهدة. وهذا ما يفهم من كلام ابن القيم رحمه الله الذي شهره ابن الأزرق في وجه مخالفيه. فقد قال رحمه الله بعد تقريره جواز الاعتماد على القرائن في أحكام تخص الدماء والأموال وغيرها, كاللوث في القتل والقيافة في إلحاق النسب: (والمقصود أن القرائن التي قامت في رؤيا عوف بن مالك وقصة ثابت بن قيس لا تقصر عن كثير من هذه القرائن)
قال بعد ذكره للروايتين وإيراده كلاما لابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الروح:
شد يدك على هذا فإنه كلام الراسخين في العلم والتقوى لا هدر المتطفلين أنصاف العلماء, وكأني بمن يدعي السلفية والوقوف مع ظواهر النصوص يتغيظ من نطق ابن القيم بمثل هذا وهو الرمز والسلف.
أخطأت يا ابن الأزرق مرة أخرى في تقدير منهج خصومك, ألا تعلم أنه ليس للسلفيين متبوع بحق إلا النبي e, وأنهم لا يستدلون بكلام أحد سوى كلام الله وكلام رسوله e, وأنهم يأخذون ويتركون من كلام من هو دون النبي e كما قال الإمام مالك رضي الله عنه, ومثل ابن القيم رحمه الله تعالى يخطأ ويصيب عندهم, فمخالفتهم له اتباعا للصواب لا يسقط من قدره ولا يدل على استهانتهم به, وأنهم لا يجدون في أنفسهم حرجا من قبول الحق على حساب أحد. وهذا خلافكم معشر العدل والإحسان, فإنكم لا تردون لشيخكم حكما ولا أمرا نسأل الله العافية.
قال: وابنة ثابت بن قيس لا يعرف اسمها, لكنها صحابية أو تابعية, وقد رجح الأول الحافظ الهيثمي في المجمع, وسياق حديثها في الآحاد والمثاني يشعر بذلك, فإن كانت صحابية فهي معدلة ولا بد, وإن كانت تابعية فلا يعلم فيها جرح ولا تعديل, وقد نص النقاد على أنه لا يوجد في التابعيات امرأة مجروحة, فحديثها حسن ولا بد, ويعتضد بحديث أنس
قلت: أخطأ ابن الأزرق مرة أخرى كعادته, فإنه لو راجع ترجمة عطاء الخراساني لوجد ما يلي: قال المزي: روى عن الصحابة مرسلا, وقال الطبراني: لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أنس, ومعناه أن من ثبت سماعه منه لا يكون صحابيا, ومنهم ابنة ثابت, وإلا لاستثنوها. فليت الله تعالى رزقك ذرة ذكاء , ولكن الله يهدي من يشاء. وقد وقفت على كلام الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في رسالة له في الرؤيا فوجدته اختار كونها صحابية باستدلال وجيه كان الأولى أن يتبناه ابن الأزرق. وعلى فرض صحة كونها صحابية فقد علمت ما في الرواية من جهة المعنى.
الشاهد الثاني: ذكر فيه رد معاذ المال إلى بيت المال بسبب رؤيا
قلت: خاف معاذ متأولا الرؤيا وقوي عنده ذلك بقدوم عمر ناصحا فرد المال ورعا.وليس الشاهد في محل النزاع.
الشاهد الثالث: عائشة تتصدق بعد قتل جني
قال: فانظر إلى عمل أم المؤمنين برؤياها وتصديقها بالغيب الوارد فيها. وانظر إلى سكوت الأصحاب, بل جاء في بعض طرق الحديث أن أباها رضي الله عنه هو الذي أفتاها ثم ساق رواية عبد الله بن المؤمل عن عبد الله بن أبي مليكة عن بنت طلحة عن عائشة وقال: أما عبد الله بن مؤمل فمختلف فيه, قال أبو حاتم وأبو زرعة: ليس بالقوي, وقال أحمد: أحاديثه مناكير, وقال يحيى , ضعيف الحديث, وقال مرة ليس به بأس, ينكر عليه, وقال مرة: صالح الحديث, وقال النسائي والدارقطني: ضعيف, وقال علي بن الجنيد , شبه المتروك, وقال ابن عدي, عامة حديثه الضعف عليها بين, ليس بذاك, وقال أبو داود: منكر الحديث. ثم ذكر توثيق ابن نمير وابن سعد وابن حبان وتصحيح الحاكم لحديث له وقول الهيثمي: ثقة وفيه كلام. ثم انتصب لتأويل تضعيف الأئمة له فقال:
أما قول الأولين فيعنيان به أحيانا أن الراوي لم يصل إلى الدرجة العليا في الضبط
قلت: كذب ابن الأزرق كعادته, فالذي في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم عنهما: (ليس بقوي) , بتنكير كلمة (قوي) والفرق بينها وبين (القوي) معروف. فقولهم: ليس بقوي يعنون به ضعيف, وقولهم ليس بالقوي أي ليس بأعلى درجات القوة أي أنه مقارب الحديث أو حسنه. ولذلك حرف ابن الأزرق العبارة في محاولة ساقطة للتدليس ولكن الله بالمرصاد.
¥(13/271)
قال: وأما ابن معين فاضطرب فيه.
قلت: ليتق الله هذا الشاب المتهور في أئمة المسلمين, وليحذر انتقام الله عز وجل منه لسوء أدبه مع الأولياء. إنما يقال: اختلفت أقواله فيه, ولا يقال اضطرب, تأدبا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: وأما أحمد وأبو داود فيقصدان بالنكارة التفرد والغرابة
قلت: هذا أيضا كذب, لم يقل بهذا أحد, وأتحداه أن يجد إماما واحدا معتبرا يقول بما قال ابن الأزرق وأمهله حياته كلها. فمعنى قول الإمام أحمد: (أحاديثه مناكير) , أي ضعيفة ,وهو خلاف قوله: (منكر الحديث) , فهذا اللفظ يحتمل أن يكون معناه: يتفرد بأحاديث لا يرويها إلا هو, ويحتمل أن يكون بمعنى: ضعيف الحديث يخالف الثقات, ولعل ابن الأزرق وقع له الخلط بينهما وهذا هو المظنون به. وهذا شيء معروف لا يحتاج إلى شرح, ولكن صاحبنا معذور, فإنه لا يجد طريقة يرد بها الحق إلا اللعب والتشويش.
قال: ثم إن أبا داود غالبا ما يقلد أحمد في الحكم على الرجال
قلت: اتق الله , من أين لك هذا الفهم الغريب, وإن صح كلامك هذا ,فإن العلماء يعتبرون كلام الإمام أبي داود رحمه الله في الرجال, ولو وافق كلام الإمام أحمد رحمه الله.
قال: وأما عبارة ابن الجنيد فتحتمل معنيين: فالترك قد يعني عدم الأخذ عن الراوي, وقد يعني التضعيف , فلا يصح نسبة التضعيف إليهم بحال.
قلت: الاحتمالان كلاهما مسقط للاحتجاج بابن المؤمل. أم أن ابن الأزرق لم ينتبه!
قال: ثم وجدت ما يدل على أن الرجل موثق عند أحمد, فقد قال في نافع بن عمر الجمحي: ثيت ثبت صحيح الحديث, وقال مرة: نافع بن عمر الجمحي ثبت من عبد الله بن المؤمل. فصيغة (أثبت) تدل على اشتراك الرجلين في وصف الثبات
قلت: ابن الأزرق لا يعرف اصطلاحات أهل الحديث, وهذا سبب أخطائه الكثيرة, فقوله: (أثبت) يستعملها علماء الحديث كما يستعملون كلمات مثل أقوى وأصح ولا يعنون ظاهرها. فكثيرا ما يطلق أحدهما عبارة: هذا حديث أصح من هذا وكلاهما ضعيف.
وقد ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 175) عن أحمد أنه قال في ابن المؤمل: ليس هو بذاك, وهي من ألفاظ التجريح كما ذكر ابن الصلاح وأقره العراقي في التقييد.
أما توثيق ابن حبان ففيه كلام, فإنه ضعفه جدا في كتابه المجروحين (2/ 27) , فقال: (قليل الحديث منكر الرواية, لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد).وسبب هذا أنه جعلهما رجلين, قال الحافظ في التقريب: (ذكره ابن حبان في الثقات وقال: (هو غير الذي قبله ـ يقصد المكي ـ) فوهم, هو هو).فضعف زعمُه أن أباها أمرها بذلك, وعلى فرض صحة الخبر, فإن عائشة تصدقت تورعا.قال ابن حزم رحمه الله في المحلى: (ليس في هذا الخبر أنها قصدت بذلك قصد دية وجبت عليها فزيادة ذلك عليها كذب لا يحل وإنما هي صدقة تصدقت بها) وقال: (إنما هي أحلام نائم, لا يجوز أن تشرع بها الشرائع, والأظهر أنها من حديث النفس, فصح أنها صدقة تطوع منها رضي الله عنها فقط, لا يجوز غير ذلك أصلا).
وقال ابن الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/ 197) في رواية ابن المؤمل: (رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عفيف وهو ثقة, وابن المؤمل فيه ضعف, والإسناد الأول أصح, وما أعلم أحدا اليوم يقول بوجوب دية في مثل هذا).
الشاهد الرابع: ذكر قصة عائشة مع المدبرة التي سحرتها نقلا عن ابن القيم في كتاب الروح قال: ذكر مالك عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة
قلت: من روى هذه القصة من طريق مالك, فإن لم يكن عندك جواب فلا عبرة بهذه الرواية حتى يعرف مصدرها.
قال: وقد تابع الإمام يحيى بن سعيد مالكا على هذا الحديث ولم يذكر المنام
قلت: أحسنت بقولك: (ولم يذكر المنام) وأرحتنا من روايتك هذه.
الشاهد الخامس عمر يكره التقبيل في الصوم.
قال: هذا حديث حسن رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح
قلت:كيف يكون حسنا ورجاله كلهم ثقات. فإن كانوا كذلك فالحديث صحيح لا حسن, وأظنك لا تعرف قواعد التصحيح بل أعتقد ذلك جزما.
قال: الذي ترجحه القواعد هو أنه موثق لسببين:
الأول: وهو أن عدد المضعفين أقل من الموثقين, فقد وثقه ثلاثة أئمة هم: مسلم حيث أخرج له في الأصول من صحيحه وابن حبان والحاكم وقال: أحاديثه كلها مستقيمة
الثاني: هو أن المضعفين لم يذكروا سبب الجرح, والقاعدة أن التعديل مقدم على الجرح إذا كان المجرحون أقل عددا, أو لم يفسروا علة جرح الراوي
¥(13/272)