من صور تشبيه التمثيل في الحديث النبوي
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 08 - 2008, 09:06 ص]ـ
من صور تشبيه التمثيل في الحديث النبوي:
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ).
فهو تشبيه تمثيل لأنه منتزع من صورة مركبة: الريح والطعم.
فالمؤمن قارئ القرآن: حلو الطعم، وهذا أمر قاصر، إذ الإيمان قاصر على العبد، طيب الرائحة، لأن قراءة القرآن يتعدى نفعها إلى السامع فيصير القارئ بمنزلة ناشر الريح الطيب فيمن حوله، والرائحة تتعدى دون مباشرة، بخلاف الطعم فإنه لا يتعدى إلا بمباشرة المطعوم. وهذا أعلى درجات الانتفاع.
وأما المؤمن الذي لا يقرأ القرآن: فنفعه قاصر على نفسه، فالإيمان قد أطاب طعمه، ولكن لا ريح طيب له يجده من حوله.
وأما المنافق الذي يقرأ القرآن: فهو يبث ريحا طيبة فيمن حوله، وإن كان مر الطعم، فتصل بركة قرآنه إلى من حوله، وإن لم يستفد هو منها، لخبث جوهره.
وفي الذيل: المنافق الذي لا يقرأ القرآن، فلا طعم في نفسه، ولا ريح لغيره، فحاله حال من وصفه أبو الطيب المتنبي بقوله:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ******* فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
وفي الحديث سبر وتقسيم عقلي بديع استوفى أصناف الناس في هذا الباب.
تماما كالسبر والتقسيم في حديث: (إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ:
عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ.
وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ.
وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ.
وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ).
والحديث عند أحمد، رحمه الله، في "مسنده"، والترمذي، رحمه الله، في "جامعه" من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه.
*****
ومنه أيضا:
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ)
لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ: تشويق لما بعده، واعتذار عن بشاعة الصورة التي ستأتي، ففيه احتراس بتنبيه السامع بإيراد هذا الحكم، كما في حديث أم سليم، رضي الله عنها، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟
مثل السوء: إضافة الموصوف إلى صفته.
الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ: تشبيه تمثيل بانتزاع صورة مركبة من كلب يأكل ما استقاء، فليس التشبيه بالكلب مطلقا، وإنما التشبيه بالكلب إذا رجع في قيئه، كما قيل في قوله تعالى: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، وقوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)، فليس المقصود كلبا أو حمارا بعينه، وإنما عنى جنس الكلب اللاهث في الأولى، وجنس الحمار الغافل الذي يحمل ما لا يفقه في الثانية، فـ: "أل": جنسية لبيان الماهية، والجنس مظنة الشيوع في أفراده، فيصدق الوصف على كل كلب خالد إلى الأرض، وحمار يحمل من الأسفار ما لا يفقه، ولذلك أعرب ما بعدهما: نعتا لا حالا، لأن "أل" الجنسية تنزل منزلة النكرة من جهة عمومها.
ومن طريف ما وقع بين الشافعي وأحمد، رحمهما الله، أنهما تناظرا في حكم الرجوع في الهبة، فرأى الشافعي، رحمه الله، جوازه، لأن الكلب لا يحرم عليه الرجوع في قيئه، وإن كان فعلا مستقذرا، فرده أحمد، رحمه الله، إلى صدر الحديث: (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ)، فهو قرينة في تحريم هذا الفعل على المكلفين.
ويستثنى من ذلك بعض الصور كالرجوع في هبة الثواب إن لم ينل الواهب ما رجاه، كرجوع الخاطب فيما وهبه لمخطوبته من هدايا إن كان الإعراض من جهتها، وهبة الوالد إلى ولده، لحديث: (لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)، على تفصيل ليس هذا موضعه.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[31 - 08 - 2008, 03:34 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بعلمك
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 02:08 ص]ـ
الأستاذ الفاضل مهاجر:
وقفات بلاغية ماتعة ..
فتح الله عليك ..(/)
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ .. }
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[31 - 08 - 2008, 10:22 م]ـ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} البقرة: 183 - 185
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.}
سنحلق معكم في أجواء هذه الآيات الشريفة متأملين ما تتضمنه من جمال لغوي وبلاغي, مع الإشارة إلى بعض الفوائد التربوية بإيجاز.
إن المتأمل هذه الآية الشريفة يلمس جمال وروعة الأسلوب الخطابي القرآني, الذي يهدف في مجمله إلى تهيئة النفوس لتقبل فريضة الصوم وعدم استثقال أداء هذه العبادة العظيمة, ونجد ذلك فيما يلي:
أولا:
ابتدأ القرآن خطابه بـ {يا أيها الذين آمنوا} , أي يا أيها المصدقون, حيث وصفهم بصفة عظيمة وهي الإيمان, وفي هذا النوع من الخطاب تهدئة للأنفس, وحث لخا لأن تتقبل ما يطلبه خالقها منها, و إن كان هذا الصوم خلافا لشهوات النفس ورغباتها.
ثانيا:
المقطع القرآني { ... كما كتب على الذين من قبلكم ... } أي أن هذا الحكم التكليفي ليس مقصورا عليكم, وإنما فرض على من تقدمكم من الأمم, وفي هذا تخفيف من الشعور بثقل الفريضة.
ثالثا:
في المقطع القرآني {لعلكم تتقون} بيان لثمرة أداء هذا العمل وأثارها التربوية, الذي يتمثل في الحصول على التقوى التي هي بغية المؤمن, وفي هذا دفع للمؤمنين على القيام بهذه الفريضة بكل حب وارتياح دون كلفة أو تضمر.
رابعا:
في المقطع القرآني {أياما معدودات}
إن ذكر {أياما} نكرة ووصفها بالعددية يدل على تحقيرها وتقليلها تخفيفا من مشقة التكليف, وهذا المقطع القرآني منسجم مع ما تقدم من خطاب إلهي.
يُتبع:
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 02:15 ص]ـ
تلمّسٌ بديع لتهيئة الخطاب القرآني النفوس لهذه الشعيرة العظيمة ..
بانتظار بقية اللفتات دكتور حجي ..(/)
وقفات بلاغية مع آيات الصيام (1)
ـ[د. عبدالعزيز العمار]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 05:36 م]ـ
إلى الأخوة الفضلاء في هذا الملتقى المبارك؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فيسرني
أن أشارك بهذه المشاركة، ولها في نفسي مكانة سامقة، ومنزلة عالية؛ وذلك لسببين، الأولى: أنها تتحدث عن آيات الصيام، ونحن في شهر رمضان المبارك، وأدعوه – سبحانه – أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يجعلنا ممن يصوم ويقوم إيماناً واحتساباً. الثاني: أن هذه المشاركة في البلاغة القرآنية، تلك البلاغة التي شرفتُ بالانتساب إليها، والانضواء تحت لوائها، وقد شغفت بها وتعلقت، وقد قضيت شطراً من عمري في القراءة فيها، وإنعام النظر في آيات هذا الكتاب العزيز تأملا وتدبراً؛ للوقوف عند درر بيانه، وفرائد فصاحته، بيد أن عجائب هذا الكتاب لا تنقضي، كما أن فيه مطمعاً للراغبين، ومنهلا للواردين، فإن نبعه لم ينضب ولن ينضب، فحيّّ هلا ثم أهلا فإن المستشرف عزيز والغاية نبيلة، والله من وراء القصد.
(يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ?
استُفتحتْ آيات الصيام بنداء المؤمنين في قوله ? يا أيها الذين آمنو ?، وفي ذلك مزيد عناية بهم، وتشريف لهم بوصفهم بالإيمان، ومناداتهم به، كما أن في ذلك توطئة لأمرهم بالصيام، وتهيئة نفوسهم لتقبل هذه الأحكام، ومن ثَم العمل بها، فكأنه يقول لهم: لأنكم مؤمنون منقادون مسلمون، فقد أمرتكم بالصيام، وفرضته عليكم، ومن لوازم إيمانهم بربهم، وإذعانهم له قبولهم هذه الأحكام، والعمل بها، والرضا التام بها، ولذا فلسان حالهم يقول: سمعنا وأطعنا، ومن هنا جاء مناداتهم بالإيمان في هذا المقام إشارة إلى المعنى، ودلالة عليه، ولعل هذا هو السرّ في ورود النداء مع كثير من الأحكام الشرعية، كما تجلى ذلك في آيات القصاص، وفي غيرها من الأحكام الشرعية.
وفي إسناد الفعل ? كُتب ? إلى مالم يُسمَّ فاعله لطيفة مهمة، وإشارة بالغة في مقام الأمر والتكليف، فقد حُذف الفاعل؛ وذلك لأسرار بلاغية؛ وذلك للعلم به، وهو الله – سبحانه وتعالى -، فهو وحده الذي يكلف عباده، بيد أن ثمة سراً لطيفاً في مجيئه بهذه الصورة، وبيان ذلك: أن في هذه الآيات تكليفاً شاقاً على نفوس المؤمنين؛ وذلك أن فيه منعاً لهم من التمتع بملاذ الأكل والشرب، كما أن فيه منعاً لهم من التمتع بالنساء، فكان من البلاغة في ذلك ألاَّ تُنسب هذه التكاليف الشاقة إليه – سبحانه -، فهو أهل المغفرة والرحمة، ولعل هذا هو السرّ في مجيء لفظة ? كُتب ? بهذه الصيغة في كثير من التكاليف الشرعية، كما تجلى ذلك في آيات القصاص في قوله ?يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ... ?، وكذلك في آيات الوصية في قوله ? كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف? ... ?، ومن العجيب في هذا الباب - وذلك سرٌّ من أسرار القرآن الكريم، ولطيفة من لطائف البيان كما يذكر ذلك أبو حيان الأندلسي (1) – مجيء لفظة " كَتَبَ " مبنية للمعلوم في سياق الامتنان والرحمة بالمؤمنين، ومن ذلك قوله ? كَتبَ ربكم على نفسه الرحمة ... ? (2)، وقوله ? كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ... ? (3)، وقوله ? أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ... ? (4) وغيرها من الآيات.
وفي تقدم الجار والمجرور " عليكم" على كلمة " الصيام" في قوله ? كُتب عليكم الصيام ? في ذلك إشارة إلى الاهتمام بأمر المؤمنين، ومزيد عناية بهم وحفاوة؛ وذلك أن الأمر يخصهم، فهم المأمورون بالصيام، فهم الذين قد كُلفوا بذلك، وهم الذين ناداهم ربهم في هذا السياق، كما أن في تأخير لفظة "الصيام" تشويقاً لها، فستظل نفوس المؤمنين مترقبة لها، منتظرة الأمر، فيأتي الأمر بعد ترقب وتشوق، وحينها يستقر الأمر في وجدانها، وتعتنقه أتم اعتناق، وتقوم به على الوجه المطلوب منها في الأداء.
وقد تضمن قوله ? كُتب عليكم ? اِلإيجاب القاطع، والدلالة النصية بفرضية الصيام على المؤمنين، ففي لفظة "كُتب" الإشارة إلى الوجوب، وذلك أن معنى ? كُتب عليكم ? أي فُرض عليكم، وذلك هو معنى الكلمة في القرآن الكريم حيثما وقعت فيه كما يذكر ذلك الفراء. (5)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أكد هذا المعنى وأظهره حرف الجر "على" – بدلالته على الاستعلاء – في قوله ? عليكم ?؛ وذلك أن فيه ((دليلاً على وجوب هيمنة هذا الحكم على الأمة المسلمة، وعدم التسامح فيه، والتهاون في تنفيذه)). (6)
جاء التشبيه في قوله ? كما كُتب على الذين من قبلكم ? تأكيداً للوجوب، ومتمماً له، وبيان ذلك: أن فيه الإشارة إلى أن الصيام فريضة قديمة، كتبها الله على الأنبياء والأمم من قبلنا جميعاً، وما أخلى الله أمة من الأمم السابقة من إيجابه عليهم، ولم يكن فرض الصيام على هذه الأمة وحدها (7)، وفي هذا إشارة إلى أن الأمة الإسلامية امتداد للأمم المؤمنة التي سبقتها، فهي تسير على خطاها، وتقتفي أثرها، وتلتزم بما التزمت به، ولهذا فهاهو الصوم يُفرض عليها كما فُرض على الذين من قبلها، وهذه الأمة خير الأمم فلا غرو أن يُفرض عليها، ولا غرو أن تقوم به خير قيام.
وإن كان المعنى الذي وقع عليه التشبيه هو: مدة الصيام فقط دون غيره، كما يذكر ذلك الطبري، ويرجحه على غيره، فقد ذكر في تفسيره ((أن التشبيه إنما وقع على الوقت؛ وذلك أن من كان قبلنا إنما فُرض عليه صوم شهر رمضان مثل الذي فُرض علينا سواء)). (8)
وقد دلَّ التشبيه على أهمية الصيام، ففيه الإشارة إلى عِظم الصيام، وما تضمنه من الحِكَم والمصالح، تشهد بذلك العقول السليمة، والفطر المستقيمة، ولذا شرعه الله، وفرضه عليهم؛ رحمة بهم وإحساناً (9)، وفي ذلك دلالة على أن الصوم ركن ركين في كل دين، فهو من أقوى العبادات، كما أنه وسيلة مهمة في تهذيب النفس وإصلاحها، ولذا فرضه الله علينا، وعلى الأمم السابقة، كما أن فيه إشارة إلى وحدة الدين في مصدره، وفي أصوله ومقاصده، وفي هذا تأكيد لفرضية الصيام، وترغيب فيه. (10)
وقد أشار الطاهر بن عاشور إلى أغراض التشبيه في قوله ? كما كُتب على الذين من قبلكم ? وبيّن مقاصده وحِكمه، وذكر ((أغراضاً ثلاثة تضمنها التشبيه:
أحدها: الاهتمام بهذه العبادة، والتنويه بها، فقد شرعها الله قبل الإسلام لمن كانوا قبل الإسلام، وشرعها للمسلمين؛ وذلك يقتضي اطراد صلاحها، ووفرة ثوابها، وإنهاض همم المسلمين لتلقي هذه العبادة؛ كي لا يتميز بها من كان قبلهم.
الغرض الثاني: أن في التشبيه بالسابقين تهويناً على المكلفين بهذه العبادة أن يستثقلوا هذا الصوم.
الغرض الثالث: إثارة العزائم؛ للقيام بهذه الفريضة؛ حتى لا يكونوا مقصرين في قبول هذا الفرض؛ بل ليأخذوه بقوة تفوق ما أدى به الأمم السابقة)). (11)
وسيظل في هذا التشبيه ? كما كُتب على الذين من قبلكم ? مزيداً لمن يتأمله، وينعم النظر فيه، كما أن فيه إشارة مهمة في هذا السياق ستأتي الإشارة إليها في موضع آخر من آيات الصيام أتركها لذلك المقام؛ لأنها به ألصق وأعلق.
ثم بيّن – سبحانه – في خاتمة الآية الغاية من فرضية الصيام في قوله ? لعلكم تتقون ? و" لعل" هنا للترجي، وهو ترجٍ في حق العباد، فموضعه هنا المخاطبون لا المتكلم، فهم المأمورون بالصيام، وهم الذين يترقبون بصيامهم منزلة التقوى. (12)
كما أنه يُهوِّن لذائذ الدنيا ويصغرها في عين الصائم؛ لكونه يحدُّ من شهوة البطن والفرج، فمن هان عليه هذان الأمران خفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعاً له عن ارتكاب المحرمات والفواحش، وكان ذلك سبباً في امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وتلك هي التقوى، وهي الغاية من فرضية الصيام. (13)
حُذف متعلق " تتقون " في قوله ? لعلكم تتقون ? فلم تُذكر الأمور التي يتقيها المسلمون بصيامهم، وثمة سرٌّ لطيف وراء هذا الحذف، وهو إرادة العموم، فالمراد بذلك: أن يتقوا كل شيء من شأنه أن يقربهم من سخط مولاهم عليهم، وهي كثيرة لا حصر لها، ولو ذُكر متعلق " تتقون " لانحصر الذهن في المذكور، وهذا لا يصح، ولذا فإن الغرض من هذا الحذف هو: أن تذهب النفس في تقديره كل مذهب، لكي تحذر كل المحظورات وتتجنبها، وتبتعد عنها كل البعد، ولا تواقعها، وتلك هي التقوى الذي جُعل الصوم سبباً موصلاً إليها.
إذن فالغرض من الصيام تحقيق التقوى بنص القرآن الكريم، فالمسلم من خلال صيامه يجعل بينه وبين سخط الله وعذابه وقاية؛ لِما فيه من قهر النفس، وقمع الهوى، ولذا فهو من أكبر الأسباب الرادعة عن مواقعة السوء، والوقوع في الفحشاء. (14)
(يُتْبَعُ)
(/)
وللشيخ عبدالرحمن السعدي كلام نفيس أشار فيه إلى بلاغة هذا الحذف، وبيّن أنه طريقة من طرق التعبير القرآني، وقاعدة من قواعده التي يسير عليها، فذكر أن من بلاغة القرآن الكريم أنه يحذف متعلق المعمول، ذكر ذلك في كتابه " القواعد الحسان لتفسير القرآن"، ذكر فيه سبعين قاعدة من قواعد القرآن الكريم، وذكر هذه القاعدة، وجعلها الرابعة عشرة، وفي تقديمها علىغيرها؛ إشارة إلى أهميتها، وأنه من القواعد الأساسية في تعبير القرآن عن مقاصده، يقول: ((حذف متعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له، وهذه قاعدة مفيدة جداً متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة؛ وذلك أن الفعل وما هو معناه متى قُيِّد بشيء تقيد به، فإذا أطلقه الله –تعالى -، وحذف المتعلق كان القصد من ذلك: التعميم، ويكون الحذف هنا أحسن، وأفيد كثيراً من التصريح بالمتعلقات، وأجمع للمعاني النافعة)). (15)
وساق لذلك كثيراً من الشواهد، وكان مما ذكره من الشواهد: آية الصوم التي معنا، وهي قوله:
چ يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ? فأشار إلى بلاغة حذف المتعلق في قوله ? لعلكم تتقون ? فبين حكمته وأسراره قائلاً: ((يفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، أي لعلكم تتقون المحارم عموماً، ولعلكم تتقون ماحرم الله للصائمين من قول الزور، والعمل به، ومن كل الأحوال السيئة والخبيثة، وتتقون وتتجنبون المفطرات، والممنوعات، ولعلكم تتصفون بصفة التقوى، وتحصلون على ما يقيكم مما تكرهون، وتتخلقون بأخلاقها)). (16)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الحواشي والتعليقات:
(1) انظر: البحر المحيط: 2/ 35.
(2) الأنعام: 54.
(3) المجادلة: 21.
(4) المجادلة: 22.
(5) انظر: معاني القرآن: 1/ 110، للفراء.
(6) تأملات في سورة البقرة: 2/ 973.
(7) انظر: الكشاف: 1/ 334، و: التفسير الكبير: 5/ 95.
(8) جامع البيان: 2/ 156.
(9) انظر: محاسن التأويل: 3/ 414.
(10) انظر: تفسير القرآن الحكيم: 2/ 143.
(11) التحرير والتنوير: 2/ 157.
(12) انظر: معاني القرآن: 1/ 252، للزجاج، و: تفسير القرآن الحكيم: 2/ 143.
(13) انظر: التفسير الكبير: 5/ 60، و: تيسير الكريم الرحمن: 1/ 143.
(14) انظر: محاسن التأويل: 1/ 149.
(15) القواعد الحسان لتفسير القرآن: 46.
(16) المصدر السابق: 47. [/ font]
ـ[العباس]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 09:58 م]ـ
بارك الله فيك د. عبد العزيزالعمار، وجعلك الله ذُخراً للعالمين
ـ[أحلام]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 10:58 م]ـ
جزاك الله خيرا
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك(/)
المعنى السياقي للأمر في الحديث النبوي
ـ[مروان الأدب]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 06:44 م]ـ
قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم "إن لم تستحي فاصنعْ ما شئت "
هل يمكن أن يحمل الأمر في هذا السّياق على الزّجر؟ وهل في مقام رواية الحديث ما يسدد هذا المعنى؟ أجيروني أجاركم الله
ـ[ضاد]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 07:26 م]ـ
ذكر ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم كل المعاني الممكنة للحديث الشريف.
الحديث العشرون
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي إذا لم تستح فاصنع ما شئت رواه البخاري.
هذا الحديث خرجه البخاري من رواية منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم فاختلف في إسناده لكن أكثر الحفاظ حكموا بأن القول قول من قال عن أبي مسعود منهم البخاري وأبو زرعة الرازي والدارقطني وغيرهم ويدل على صحة ذلك أنه قد روي من وجه آخر عن أبي مسعود من رواية مسروق عنه وخرجه الطبراني من حديث أبي الطفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا.
فقوله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى يشير إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين وأن الناس تداولوه بينهم وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن وهذا يدل على أن النبوة المتقدمة جاءت بهذا الكلام وأنه اشتهر بين الناس حتى وصل إلى أول هذه الأمة وفي بعض الروايات قال لم يدرك الناس من كلام النبوة الأولى إلا هذا خرجها عبيد بن زنجويه وغيره.
وقوله إذا لم تستح فاصنع ما شئت في معناه قولان:
أحدهما أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء ولكنه على معنى الذم والنهي عنه وأهل هذه المقالة لهم طريقان أحدهما أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد والمعني إذا لم يكن حياء فاعمل ما شئت فالله يجازيك عليه كقوله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقوله {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم من باع الخمر فليشقص الخنازير يعني ليقطعها إما لبيعها أو لأكلها وأمثلته متعددة وهذا اختيار جماعة منهم أبو العباس بن ثعلبة والطريق الثاني أنه أمر ومعناه الخبر والمعنى أن من لم يستح صنع ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر وما يمتنع من مثله من له حياء على حد قوله صلى الله عليه وسلم من كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار فإن لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر وإن من كذب عليه يتبوأ مقعده من النار وهذا اختيار أبي عبيد والقاسم بن سلام رحمه الله وابن قتيبة ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم.
وروى أبو داود عن الإمام أحمد ما يدل على مثل هذا القول وروى ابن أبي لهيعة عن أبي قبيل عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أبغض الله عبدًا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضًا مبغضًا فإذا نزع منه الأمانة نزع منه الرحمة وإذا نزع منه الرحمة نزع منه ربقة الإسلام فإذا نزع منه ربقة الإسلام لم تلقه إلا شيطانًا مريدًا خرجه حميد بن زنجويه وخرجه ابن ماجه بمعناه بإسناد ضعيف عن ابن عمر مرفوعًا أيضًا.
وعن سلمان الفارسي قال إن الله إذا أراد بعبد هلاكا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا فإذا كان مقيتا ممقتا نزع منه الأمانة فلم تلقه إلا خائنا مخونا فإذا كان خائنا مخونا نزع منه الرحمة فلم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا نزع ربقة الإيمان من عنقه فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه لم تلقه إلا شيطانا لعينا ملعنا وعن ابن عباس قال الحياء والإيمان في قرن فإذا نزع الحياء تبعه الآخر خرجه كله حميد بن زنجويه في كتاب الأدب وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان كما في الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول إنك تستحي كأنه يقول قد أضر بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الإيمان.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال الحياء شعبة من الإيمان.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الصحيحين عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحياء لا يأتي إلا بخير وفي رواية لمسلم قال الحياء خير كله أو قال الحياء كله خير.
وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث الأشج المنقري قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فيك لخصلتين يحبهما الله قلت ما هما قال الحلم والحياء قلت أقديما كان أو حديثًا قال بل قديما قلت الحمد صلى الله عليه وسلم الذي جعلني على خليقتين يحبهما الله وقال إسماعيل بن أبي خالد دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده رجل فاستسقى فأتى بماء فشرب فستره النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا قال الحياء أوتوها ومنعتموها واعلم أن الحياء نوعان أحدهما ما كان خلقا وجبلة غير مكتسب وهو من أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها ولهذا قال صلى الله عليه وسلم الحياء لا يأتي إلا بخير فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال من استحيا اختفى ومن اختفى اتقى ومن اتقى وقى وقال الجراح بن عبدالله الحكمي، وكان فارس أهل الشام تركت الذنوب حياء أربعين سنة ثم أدركني الورع وعن بعضهم قال رأيت المعاصي نذالة فتركتها مروءة فاستحالت ديانة النوع الثاني ما كان مكتسبا من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده واطلاعه عليهم وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور فهذا من أعلى خصال الإيمان بل هو من أعلى درجات الإحسان وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل استحي من الله كما تستحي من رجل من صالح عشيرتك وفي حديث ابن مسعود الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وماحوى وأن تذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله خرجه الإمام أحمد والترمذي مرفوعًا وقد يتولد الحياء من مطالعة نعمه تعالى ورؤية التقصير في شكرها فإذا سلب العبد الحياء المكتسب والغريزي لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة فصار كأنه لا إيمان له وقد روي من مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحياء حياءان طرف من الإيمان والآخر عجز ولعله من كلام الحسن كذلك قال بشير بن كعب العدوي لعمران بن حصين إنا نجد في بعض الكتب أن منه سكينة ووقارا لله ومنه ضعف فغضب عمران وقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه والأمر كما قاله عمران رضي الله عنه فإن الحياء الممدوح في كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما يريد به الخلق الذي يحث عل فعل الجميل وترك القبيح فأما الضعف والعجز الذي يوجب التقصير في شيء من حقوق الله أو حقوق عباده فليس هو من الحياء فإنما هو ضعف وخور وعجز ومهانة والله أعلم.
والقول الثاني في معنى قوله إذا لم تستح فاصنع ما شئت أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر أمره وأن المعنى إذا كان الذي يريد فعله مما لا يستحي من فعله لا من الله ولا من الناس لكونه من أفعال الطاعات أو من جميل الأخلاق والآداب المستحسنة فاصنع منه حينئذ ما شئت وهذا قول جماعة من الأئمة منهم إسحاق المروزي الشافعي وحكى مثله عن الإمام أحمد ووقع كذلك في بعض نسخ مسائل أبي داود المختصرة عنه والذي في النسخ المعتمدة التامة كما حكيناه عنه من قبل، وكذلك رواه عنه الخلال في كتاب الأدب ومن هذا قول بعض السلف وقد سئل عن المروءة فقال أن لا تعمل في السر شيئًا تستحي منه في العلانية وسيأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى وروي عبدالرازق في كتابه عن معمر عن أبي إسحاق عن رجل من مزينة قال قيل يا رسول الله ما أفضل ما أوتي الرجل المسلم قال الخلق الحسن قال فما شر ما أوتي الرجل المسلم قال إذا كرهت أن يرى عليك شيء في نادى القوم فلا تفعله إذا خلوت وفي صحيح ابن حبان عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كره منك شيء فلا تفعله إذا خلوت.
وخرج الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري قال قلت يا رسول الله ما تمام البر قال أن تعمل في السر عمل العلانية وخرجه أيضًا من حديث أبي عامر السكوني قال قلت يا رسول الله فذكره وروى عبدالغني ابن سعيد الحافظ في كتاب أدب المحدث بإسناده عن حرملة بن عبدالله قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأزداد من العلم فقمت بين يديه فقلت يا رسول الله ما تأمرني أن أعمل به قال ائت المعروف واجتنب المنكر وانظر الذي سمعته أذنك من الخير الذي يقوله القوم لك إذا قمت من عندهم فأته وانظر الذي تكره أن يقوله القوم لك إذا قمت من عندهم فاجتنبه قال فنظرت فإذا هما أمران لم يتركا شيئًا إتيان المعروف واجتناب المنكر.
وخرج ابن سعد في طبقاته بمعناه وحكى أبو عبيد في معنى الحديث قولًا آخر حكاه عن جرير قال معناه أن يريد الرجل أن يعمل الخير فيدعه حياء من الناس كأنه يخاف الرياء يقول فلا يمنعك الحياء من المضي لما أردت كما جاء في الحديث إذا جاءك الشيطان وأنت تصلي فقال إنك ترى فزدها طولا ثم قال أبو عبيد وهذا الحديث ليس يجيء سياقه ولا لفظه على هذا التفسير ولا على هذا يحملها الناس قلت لو كان على ما قاله جرير لكان لفظ الحديث إذا استحييت مما لا يستحيا منه فافعل ما شئت ولا يخفى بعد هذا من لفظ الحديث ومعناه والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مروان الأدب]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 07:15 ص]ـ
جزاك الله كلّ خير(/)
العدول عن الجمع إلى التثنية في آية الحجرات ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:10 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " (الحجرات / 9).
مجيء التركيب على هذا النحو وارد في كتاب الله، ويعلل بأن الإسناد إلى واو الجماعة (اقتتلوا) منظور فيه إلى المعنى؛ فالطائفتان: مثنى طائفة، والطائفة تشتمل على عدد من الناس.
وأما التعبير بالتثنية مع فعل الصلح (بينهما)، فمنظور فيه إلى لفظ المثنى في الطائفتين. (1)
على أن في تباين التعبير هذا لمحة بلاغية لطيفة، أشار إليها الفخر الرازي بقوله:
" قال: (اقتتلوا) ولم يقل: اقتتلا، وقال: (فأصلحوا بينهما)، ولم يقل بينهم؛ ذلك لأن عند الاقتتال تكون الفتنة قائمة، وكل أحد برأسه يكون فاعلاً فعلاً، فقال: (اقتتلوا)، وعند العود إلى الصلح، تتفق كلمة كل طائفة، وإلا لم يكن يتحقق الصلح، فقال: (بينهما)؛ لكون الطائفتين - حينئذ - كنفسين " (2).
والله - تعالى - أعلم.
(1) ينظر: الكشاف (4/ 355)، والبحر المحيط (8/ 111)، وحاشية محيي الدين (7/ 644).
(2) التفسير الكبير (28/ 110).(/)
من حديث: (إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ ........ )
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 03:01 م]ـ
من حديث: (إِذَا كَانَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ).
وفي رواية: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ)
فتحت:
بالتشديد فيها معنى المبالغة، والمبالغة إما أن تكون من جهة: كثرة أبواب الجنة، فلكل عامل باب من أبواب الجنة يدعى منه بذلك العمل، أو من جهة: المبالغة في فتح أبواب الجنة رحمة بالعباد، كما يقال في حق الملك العادل: بابه مفتوح لكل من جاءه في حاجة، ولله المثل الأعلى. وقد بني الفعل لما لم يسم فاعله، للاستغناء بمعرفته جل وعلا.
وغلقت أبواب جهنم: ويقال فيها عكس ما قيل في أبواب الجنة، فطباق الإيجاب في: "فتحت" و "غلقت"، و "الجنة" و "النار" في الرواية الثانية يرسم صورة ذات شقين في ذهن السامع: شق نجاة ونعيم، وشق هلاك وسعير، فتكتمل الصورة، ويرسخ المعنى في الذهن رسوخا، وتعريف الشيء بضده أوقع في النفس من تعريفه بحد شارح، جامع مانع .......... إلخ من محترزات تعريفات المناطقة التي عسرت اليسير وأشكلت الواضح!!!.
وفي رواية: "صفدت الشياطين": زيادة في مبنى: "صفدت" بتشديد الفاء تدل، أيضا، على زيادة في معنى تصفيد الشياطين رحمة ببني آدم في تلك الأيام المباركات.
والشياطين المصفدة هي: مردة الشياطين، كما في رواية: (صفدت مردة الشياطين)، فيكون في رواية مسلم، رحمه الله، إجمال بينته رواية: أحمد رحمه الله: (وَيُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ)، والنسائي رحمه الله: (وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ)، أو يقال:
في رواية مسلم: إيجاز بالحذف، إذ حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، أو عموم أريد به خصوص المردة، فيكون مجازا عند من يقول به.
وذكر القاضي، عياض، رحمه الله، للكلام وجها يكون فيه فتح أبواب الجنان: كناية عن تنزل الرحمات والإقبال على الطاعات، وغلق أبواب النيران: كفا عن الموبقات، فيكون قد أطلق المُسَبَب: الفتح والغلق، وأراد سببه: فعل الخير والانكفاف عن الشر، وهذا، أيضا، مجاز عند من يقول به.
ولا يعني ذلك أن القاضي، رحمه الله، يؤول الأبواب بالأعمال، ليتوصل بذلك إلى نحو ما ذهب إليه أتباع جهم من عدم خلق الجنة والنار إلى الآن فلا تخلقان عندهم إلا يوم القيامة، فهو، رحمه الله، أجل من ذلك، وإنما أجرى المسألة:
مجرى الكناية، والكناية: انتقال من ملزوم إلى لازمه مع صحة إرادة كليهما، فيصح أن يراد بذلك: المسارعة في الخيرات واجتناب الموبقات المستلزم فتحَ أبواب الجنان وغلق أبواب النيران، والنكات لا تتزاحم، كما يقول أهل العلم، فيحمل الكلام على الحقيقة، وهي الأصل، ولا يصار إلى المجاز، وهو الفرع، عند من يقول به، إلا إذا جاءت القرينة المعتبرة التي تسوغ ذلك، وفي باب كباب السمعيات الغيبية: لا يصح أن تكون القرينة عقلية، لأن العقل لا يستقل بإدراك كنه ما غيب عنه، وإن أدرك معناه الكلي، ولذلك أنكر أهل العلم على من خاض في باب الصفات الإلهية، فأول، بزعم التنزيه، وجعل عمدته في ذلك: المجاز ذي القرينة العقلية!!!، وعقل لا يستقل بإدراك ما واراه الجدار، كيف ساغ له أن يخوض في كنه صفات رب البريات، عز وجل، فيستدرك على الوحي المعصوم بتأويلات متكلفة هي إلى الألغاز أقرب منها إلى البينات؟!!!!.
وفي رواية الترمذي زيادة:
(وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ):
وفيها: طباق بالإيجاب يفيد، أيضا، استحضار الصورة بشقيها: "الخير" و "الشر"، و "أقبل" و "أقصر".
وأداة النداء واحدة، ولكنها اختلفت في مدلولها البلاغي تبعا لاختلاف المنادى:
ففي: "يا باغي الخير أقبل": النداء بأداة نداء البعيد: بيان لارتفاع مرتبته.
وفي: "يا باغي الشر أقصر": النداء بأداة نداء البعيد: بيان لانحطاط مرتبته.
فصارت الأداة الواحدة من قبيل "الألفاظ المتضادة": إذ أفادت المعنى وضده تبعا للسياق الذي جاءت فيه.
تماما كما تقول:
لمن تحب وتعظم: أفلان إنك قريب من قلبي.
ولمن تبغض وتحقر: أهذا الذي ذكرت لي من محاسنه ما ذكرت؟!!!!، مستنكرا على طريقة: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه!!!!.
وكما تقول معظما: أيا مولاي، فتنادى عليه نداء البعيد وهو بجوارك تعظيما.
وكما تقول محقرا: أيا هذا، فتنادى عليه نداء البعيد وهو بجوارك تحقيرا، فهو، وإن كان بجوارك إلا أنه بلغ قدرا من الضآلة صح معه نداؤه نداء البعيد الذي دق شخصه.
وفي قوله: "وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ": حصر وتوكيد بتقديم ما حقه التأخير، كما قرر البلاغيون، فلا يعتق من النار إلا خالقها عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 03:06 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي مهاجرا على هذه السياحة في الحديث النبوي
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 07:46 ص]ـ
وجزاك خيرا أخي طارق، ونفعك ونفع بك، وزادك علما وفضلا، وعذرا على التأخر في الرد.(/)
الخطاب في القرآن الكريم
ـ[أحلام]ــــــــ[03 - 09 - 2008, 05:07 م]ـ
في ذكر الخطاب بالقرآن الكريم
ورد الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجهاً:
1 - خطاب عام " {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ} الأنعام2
2 - وخطاب خاص " {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} آل عمران106".
3 - وخطاب الجنس " {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة21".
4 - وخطاب النوع " {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} الأعراف35.
5 - وخطاب العين " قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} البقرة33".
6 - وخطاب المدح " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} البقرة".
7 - وخطاب الذم " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} التحريم7".
8 - وخطاب الكرامة " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} الأحزاب".
9 - وخطاب التودد " {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} طه94 ".
10 - وخطاب الجمع بلفظ الواحد " {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} الانفطار6 ".
11 - وخطاب الواحد بلفظ الجمع " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} النحل126 ".
12 - وخطاب الواحد بلفظ الاثنين " {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} ق24 "
13 - وخطاب الاثنين بلفظ الواحد " {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى} طه49
14 - وخطاب العين والمراد به الغير " {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} يونس94 ".
15 - وخطاب التلو وهو ثلاثة أوجه:
أحدها أن يخاطب ثم يخبر:"حتى إذا كنتم في الفلك وجَرَيْنَ بهم". "وما أوتيتم من زكاةٍ تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون". "وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون".
والثاني: أن يخبر ثم يخاطب "فأما الذين اسودَّت وجوههم أكفرتم" "وسقاهم ربهم شراباً طهوراً إن هذا كان لكم جزاءاً وكان سعيكم مشكوراً".
والثالث: أن يخاطب عيناً ثم يصرف الخطاب إلى الغير "إنَّا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ليؤمنوا بالله ورسوله".
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 02:15 م]ـ
أختي الفاضلة أحلام
لله درك
جزاك الله خيرا وكتبها في ميزان حسناتك
ـ[هاني السمعو]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 03:52 م]ـ
بوركت أخت أحلام وجزيت خيرا
ـ[أحلام]ــــــــ[04 - 09 - 2008, 11:33 م]ـ
الأخوة الأفاضل
كل الشكر على هذا المرور الطيب
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو ريان]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 12:00 ص]ـ
للاستزادة ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (2/*251)، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (2/ 220)
ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 08:00 م]ـ
جوزيتي خيراً أخت أحلام ....(/)
استفسار عن قضية الحمل على اللفظ والحمل على المعنى أين أجدها؟
ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[05 - 09 - 2008, 04:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لي عند أهل البلاغة استفسار عن قضية:" الحمل على اللفظ والحمل على المعنى في اللغة أو في القرآن" أين أجدها مفصلة في كتب أهل العلم؟؛ لأنها تهمني جدا في بحثي، ولكن لم أعثر عليها فمن يتفضل بالمساعدة بارك الله له وأنار له دروب حياته؟!
ـ[أبو ريان]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 11:58 م]ـ
ليس هذا الموضوع حكرا على البلاغيين، لعل تناول اللغويين له أكثر، انظر المصادر الآتية:
دراسات لأسلوب القرآن الكريم للشيخ محمد عبد الخالق عضيمة (حصر فيه مظاهر ذلك في القرآن، مشفوعا بدراسة نظرية)
2 - الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس
3 - سر العربية للثعالبي
ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 05:29 ص]ـ
شكر الله لك أخي الكريم ومعذرة على تأخر الرد لظروف طارئة جزاك الله من كل خير أجمله وأفضله(/)
ضروري للغاية
ـ[زياد البلوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 04:05 ص]ـ
السلام عليكم
لو سمحتم أريد منكم خدمة بسيطة
أريد خمس مرادفات للكلمة رجع
ويعطيكم العافية
ـ[المصباح في اللغة]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 06:25 ص]ـ
رجع ـ عاد ـ آب ـ قَفَل ـ كَرَّ ـ ثاب ـ أناب ـ فاء ـ حار َ ـ آل َ.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 02:52 م]ـ
شكرا لكم جميعاً
انقلب: (انقلب على عقيه)
ولكم جزيل الشكر
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 03:50 م]ـ
ربما هو يسأل عن الكلمة (الاسم لا الفعل) رجع.
قال الله تعالى (وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ) [الطارق: 11]
ـ[زياد البلوي]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 05:44 م]ـ
يعطيك العافيه المصباح والله انك ماقصرت كفيت ووفيت
محمد ينبع # ام ساره
والله اسعدني مروركم
يعافيكم ربي(/)
من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ ................ )
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 06:39 ص]ـ
من حديث: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا).
وفي رواية: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).
الصيام جنة:
"تشبيه بليغ" بحذف أداة التشبيه ووجه الشبه، فتقدير الكلام: الصيام كالجنة يحمي الصائم من الذنوب والسيئات كما تحمي الجنة المقاتل من الضرب والطعنات.
والتشبيه البليغ يمكن إدراجه في باب: "الإيجاز بالحذف"، إذ حذفت أداة التشبيه ووجهه، على التفصيل السابق، فقلت الألفاظ وازداد المعنى قوة وبهاء.
ومادة: "جن" تدل على الستر والوقاية، ومنه قيل: لـ: "الجن": جن، بالكسر، لاستتارهم عن أعين البشر، و "الجنة": جنة بفتح الجيم، لأنها مستترة بأشجارها الكثيفة.
فصار للمادة معنى كلي متواطئ هو: "الستر"، يتفرع عليه حقائق متباينة يجمعها هذا الأصل الكلي تبعا لاختلاف حركة الجيم، وهذا من أوجه ثراء اللغة العربية، فالمادة الواحدة تدل على أكثر من حقيقة على التفصيل السابق.
فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ:
إما أن يقال بأن البخاري، رحمه الله، على عادته في اختصار المتون، أو روايتها بالمعنى، قد حذف من السياق ما دل المذكور عليه، فتقدير الكلام: فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ............... ، أو يقال بأن الرواية هكذا وقعت في سماعه، فأداها كما تحملها، فيكون "إيجاز الحذف" قد وقع فيها ابتداء.
والرواية الثانية: (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ): تحل الإشكال فما اختصره هناك ذكره كاملا هنا، واختصار الحديث، ولو لم يذكره كاملا في موضع آخر، أمر جائز لمن تمكن من صنعة الحديث بلا إشكال، فكيف إذا كان مذكورا في موضع آخر كاملا، فيرد المختصر إلى الكامل، كما يرد المجمل إلى المبين.
فَلَا يَرْفُثْ:
إما أن يكون المقصود: النهي عن أحاديث الجماع ومقدماته ......... إلخ من أحاديث الرجل مع أهله، وإما أن يكون المقصود أعم من ذلك، ومتى صح حمل النص على المعنى الأعم، فهو أولى، إثراء للسامع.
وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ:
إيجاز بحذف آخر، إذ حذف العامل بعد "إن"، إذ لا يليها إلا الفعل، اكتفاء بالفعل الوارد بعد "امرؤ": "قاتله"، فهو من جنس المحذوف، فلا يجمع بين الشيء وعوضه، لئلا يصير الكلام معيبا بالتكرار، وإن صح التقدير من جهة المعنى، بل إن تقدير معنى العامل المحذوف دون ذكر لفظه، يزيد المعنى قوة، إذ التكرار مظنة التوكيد، فوقع تمام البيان من وجهين:
الأول: وجه حذف ما دل عليه السياق إيجازا، فالتكرار اللفظي في مثل هذا الموضع معيب للاستغناء بالمذكور عن المحذوف على التفصيل المتقدم.
والثاني: يقدر فيه العامل المحذوف من جنس المذكور، معنى لا لفظا، فيكون التكرار المعنوي مظنة التوكيد، فلا يصير معيبا كالتكرار اللفظي بل إن تقدير المحذوف دون ذكره يحقق الفائدتين: الإيجاز في اللفظ والتوكيد في المعنى.
قاتله:
(يُتْبَعُ)
(/)
صيغة مفاعلة تقتضي مشاركة من اثنين لإيجاد الفعل، والصائم منهي ابتداء عن إنشاء القتال، والجواب عن ذلك، كما ذكر الحافظ رحمه الله في الفتخ، أن صيغة المفاعلة: لا يلزم منها وقوع الفعل، فلا يلزم من قولك: خادع فلان فلانا أنه قد خدعه بالفعل، وكذلك الشأن هنا، أو يقال بأن: "فاعَلَ" تطلق ويراد بها وقوع الفعل من واحد كما تقول: عالج فلان الأمر، وقد تولى ذلك بمفرده، ويمكن تخريج زيادة المبنى في "قاتل" و "شاتم" على القاعدة المطردة: الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى، فيكون لفظ "قاتل" أبلغ في الدلالة على الجناية من "قتل" وكذلك "شاتم".
إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ:
تكرار يفيد التوكيد.
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ:
توكيد بالقسم ولام الابتداء عناية بالمقسم عليه.
يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي: بيان لعلة المقسم عليه، وكأن السامع قد تبادر إلى ذهنه سؤال عن: علة ذلك؟، فجاء الجواب: لأنه يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، فيكون في الكلام إيجاز بالحذف دل عليه السياق اقتضاء، ودلالة الاقتضاء أصل يفزع إليه في تقدير ما يستقيم به السياق.
طعامه وشرابه وشهوته: إما أن يقال بأن عطف الشهوة على الطعام والشراب من باب: عطف العام على الخاص، فقدم الخاص: الطعام والشراب لأنهما آكد الشهوات التي يمتنع الصائم عنها، ثم عطف عليهما العام، فيكون ذكرها قد تكرر مرتين: مرة بالنص على أعيانها، ومرة ضمن عام يشملها، وفي ذلك من العناية بشأنها ما فيه، فإفرادها بالذكر يدل عليها: مطابقة، وإدراجها في عام يشملها يدل عليها: تضمنا، فاجتمع في حقها الدلالتان.
وإما أن يقال بأن الشهوة هنا قد أريد بها شهوة الفرج، فيكون الكلام من قبيل: التأسيس لا التوكيد، فأسس اللفظ المذكور معنى جديدا لم يرد في السياق، ويرجح ذلك ما اطرد من قول أهل العلم بأنه إذا دار الكلام بين التوكيد والتأسيس فحمله على التأسيس أولى لأن فيه إنشاء معنى جديد، بخلاف التوكيد فهو تنبيه على معنى مذكور، والأصل في النصوص، كما تقدم، دلالتها على أكبر قدر من المعاني إثراء لذهن السامع.
الصِّيَامُ لِي: يمكن النظر إلى هذه الجملة من وجهين:
من وجه: التوكيد المستفاد من الحصر بتعريف الجزأين، إن قلنا بأن الخبر هو نفس الجار والمجرور فهو معرف بالإضافة، فيكون تقدير الكلام: الصوم لي وحدي لا لأحد غيري.
ومن وجه إفراد الصيام بالإضافة إلى الباري، عز وجل، مع أنه مفعول العبد لا الرب، فيكون في ذلك من التعظيم ما فيه، تماما كما قيل في: بيت الله، وناقة الله، فإضافة هذه الأعيان إلى الله، عز وجل، إضافة تشريف.
وَأَنَا أَجْزِي بِهِ: توكيد بالفاعل المستتر في: أجزي، فيكون قد ذكر مرتين بارزا كـ:
مبتدأ: فالمبتدأ فاعل في المعنى، ومستترا في عامله.
ومجيء العامل بصيغة المضارع يدل على تجدد الجزاء بتجدد الصيام، فليس أمرا ماضيا قد انتهى، وإنما هو أمر متجدد باستمرار، فكلما صمت وأطعت، وجدت جزاء ذلك عند الرب، جل وعلا، وفي هذا من استنهاض الهمم ما فيه.
وفي الرواية الثانية:
لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ: تفصيل بعد إجمال يسمية البلاغيون: "التوشيح"، إذ ذكر الفرحة أولا مجملةً استرعاء لسمع المخاطب، ثم فصل نوعيها: (إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).
وتقديم ما حقه التأخير في: "للصائم فرحتان" يفيد القصر والتوكيد.
والله أعلى وأعلم.(/)
في جوامع تشبيهات النبي (صلَّى اله عليه وسلم)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 11:02 ص]ـ
" الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ".
" المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشُدُّ بعضُه بعضا".
" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".
" مثل أصحابي كالملح ولا يصلح الطعام إلا به ".
" أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره أينما وقع نفع ".
" عمالكم أعمالكم وكما تكونون يولى عليكم ".
" الدال على الخير كفاعله.
" وعد المؤمن كأخذ باليد ".
" إن للقلوب صدا كصدا الحديد وجلاؤها الاستغفار ".
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:51 ص]ـ
اللهم صلّ وسلم على من أوتي جوامع الكلم بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه.
أستاذنا المفضال:
هل بالإمكان تخريج الأحاديث؟
فعلى سبيل المثال:
قول: " المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضا " ... هل هو طريق آخر من طرق الحديث؟
ما أحفظه هو: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه ".
أرجو أن تعذر قلة بضاعتي في هذا الجانب، وطمعي في الاستفادة من علمكم ... مع وافر الشكر لجهودك.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:02 ص]ـ
اللهم صلّ وسلم على من أوتي جوامع الكلم بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه.
أستاذنا المفضال:
هل بالإمكان تخريج الأحاديث؟
فعلى سبيل المثال:
قول: " المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضا " ... هل هو طريق آخر من طرق الحديث؟
ما أحفظه هو: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه ".
أرجو أن تعذر قلة بضاعتي في هذا الجانب، وطمعي في الاستفادة من علمكم ... مع وافر الشكر لجهودك.
أشكرك على هذا المرور العطر، أمَّا بالنسبة للحديث فقد وضعته على سبيل التشبيه، ملاحظتك قيِّمة وفي محلها وسوف أصوب الحديث.(/)
أرجو الدخول ... ما معنى الحروف المقطعة؟
ـ[السيف]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 12:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ارجوا من الاخوة بيان المعنى فى الحروف المقطعة التى ذكرت فى اوائل السور وذكر الاراء الاخرى وبيان ضعفها ثم ذكر الراى الصحيح من اقوال العلماء المحققين وهل هذا الراى الصحيح باجماع العلماء ومن هم هؤلاء العلماء وهل ذكر النبى شيأ فيها ..... ؟ ارجوا من عندة العلم فتح الموضوع وكل منا يدلى بدلوة لبيان القول الصحيح فى هذة الحروف المقطعة وجزاكم الله خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:03 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وجزاك الله خيرا.
من باب المدارسة فتحا لباب النقاش:
من العلماء من قال بأن لها معان على طريقة العرب في "النحت"، كـ: "بسمل" من: بسم الله الرحمن الرحيم، فيكون كل حرف منها دالا على كلمة: كـ: "الر": أنا الله أرى، و "الم": أنا الله أعلم، وأثر نحو ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وحجة من قال بهذا، كالإمام النووي، رحمه الله، إن لم تخني الذاكرة في العزو، أن القرآن إنما أنزل للتدبر، فلا يجوز أن يخاطبنا الله، عز وجل، بتدبر ما تعجز عقولنا عن إدراك معناه، لأن ذلك من باب: التكليف بما لا يطاق، وأجاب المخالفون بأنه يجوز أن نخاطب بالإيمان بما لا تدركه عقولنا ابتلاء،
ودائرة الخلاف تضيق إذا ما نظرنا في:
كون هذه الحروف مما لا ينبني على إدراك معانيها تكليف عملي، فالتكاليف الشرعية قد جاءت بأوفر بيان وأبلغ مقالة في القرآن والسنة.
وكون مجرد تحدي العرب بها من جهة أن القرآن مؤلف من هذه الحروف التي تؤلفون منها كلامكم، ومع ذلك عجزتم عن الإتيان بمثله، كون مجرد إدراك هذا المعنى هو: تدبر في حد ذاته يجعل لهذه الحروف قيمة معنوية وإن لم ندرك كنهها تحديدا، فهي سر القرآن الكريم.
ويمكنك الاستزادة من تفسيري ابن كثير والقرطبي، رحمهما الله، فالمسألة مبسوطة فيهما في تفسير أول آيات سورة البقرة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 02:29 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الإخوة بيان المعنى في الحروف المقطعة التي ذكرت في أوائل السور، وذكر الآراء الأخرى، وبيان ضعفها، ثم ذكر الرأي الصحيح من أقوال العلماء المحققين، وهل هذا الرأي الصحيح بإجماع العلماء؟ ومن هم هؤلاء العلماء؟ وهل ذكر النبي شيئًا فيها ..... ؟
أرجو من عنده العلم فتح الموضوع، وكل منا يدلي بدلوه لبيان القول الصحيح في هذه الحروف المقطعة، وجزاكم الله خيرا
لعل هذا يغري الأفاضل والفضليات بالمشاركة في الموضوع الذي وفقت في اختياره أستاذ (السيف).
ـ[د. عبدالعزيز العمار]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:57 م]ـ
السلام عليكم أخي السائل عن الحروف المقطعة أود أن أخبرك بأنه صدر لي كتاب بعنوان " الحروف في القرآن الكريم: أنواعها وبلاغتها" تناولت فيه ثلاثة أنواع من الحروف في القرآن الكريم، النوع الأول: الحروف المقطعة، النوع الثاني: حروف المعاني، النوع الثالث: حروف الصلة، وقد خصصت لكل حرف فصلا مستقلا به، وقد فصلت القول فيه تفصيلا، وذكرتُ في الحروف المقطعة معانيها، وكل ما قيل فيها، والقول الراجح فيها، وعلاقتها بإعجاز القرآن الكريم.
والكتاب في الأسواق، وهو من منشورات دار إشبيليا، ويُباع في المكتبة التدمرية في الرياض.
ولعلني في الأيام القادمة – إن شاء الله – أذكر تلخيصا موجزا عن الحروف المقطعة، دعواتي لك
ـ[السيف]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 08:24 م]ـ
بارك فيك د. عبد العزيز العمار ارجوا منك عرض الكتاب فى شبكة الفصيح لتعم الفائدة لطلبة العلم خاصة والمسلمين عامة ورزقك الله الفردوس الاعلى
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:51 م]ـ
وكون مجرد تحدي العرب بها من جهة أن القرآن مؤلف من هذه الحروف التي تؤلفون منها كلامكم، ومع ذلك عجزتم عن الإتيان بمثله
والله أعلى وأعلم.
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك علي هذه الافادة الثمينة.
أن تسمحني فعندي سؤال حول النقطة التي اقتسبتها.
أنت ذكرت - عجز الانس باتيان الكلام مثل كلام القران - في باب مناط الاتيان بالحروف المقطعة. أوليس أن هذا الاعجاز لا يتخصص بهذه الحروف بل يعم هذه الحروف و غيرها. فكيف هذا الوجه - علي وجه الخصوص - يدعم موقف كون هذه الحروف من باب الخطاب بما لا يدركه العقول؟ ايضا هل بالامكان أن يكون الشيئ خارجا من اقطار الحجا و يعد معجزا؟ لا شك في أن المرء أذا يفهم شيئا و يعجز عن الاتيان بمثله فهو من باب الاعجاز. فينبغي أن يكون مراده بلجا في القلوب لكي يتحقق الاعجاز. أنا يقول الكلام و انا - علي سبيل المثال - أقول ما لا يعرف مهناه أحد و كل من ياتي بشيئ من معناه فأنا أرده و لا اقبله. فكيف يكون هذا الشيئ الاعجاز لما ليس هناك ميزان للوزن.
أنما هذا اشكال في ذهني و أنا اريد رفعه. و ما ذكرت كل ما ذكرت الا بوصفي طالبا
مع السلام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 09:57 م]ـ
وكون مجرد تحدي العرب بها من جهة أن القرآن مؤلف من هذه الحروف التي تؤلفون منها كلامكم، ومع ذلك عجزتم عن الإتيان بمثله
والله أعلى وأعلم.
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك علي هذه الافادة الثمينة.
أن تسمح لي فعندي سؤال حول النقطة التي اقتسبتها.
أنت ذكرت - عجز الانس باتيان الكلام مثل كلام القران - في باب مناط الاتيان بالحروف المقطعة دعما موقف كون هذه الحروف من باب ما لا يدركه العقول. أوليس أن هذا الاعجاز لا يتخصص بهذه الحروف بل يعم هذه الحروف و غيرها. فكيف هذا الوجه - علي وجه الخصوص - يدعم موقف كون هذه الحروف من باب الخطاب بما لا يدركه العقول؟ ايضا هل بالامكان أن يكون الشيئ خارجا من اقطار الحجا فهما لا انشاء و يعد معجزا؟ لا شك في أن المرء أذا يفهم شيئا و يعجز عن الاتيان بمثله فهو من باب الاعجاز. فينبغي أن يكون مراده بلجا في القلوب لكي يتحقق الاعجاز. أنا أقول كلاما - علي سبيل المثال - لا يعرف معناه أحد و كل من ياتي بشيئ من معناه فأنا أرده و لا اقبله. فكيف يكون هذا الشيئ الاعجاز لما ليس هناك ميزان للوزن.
فان اقل: "عجز المرء بانشاء ما يدرك عقله فهو اعجاز" فهل هذا مستقيم؟
أنما هذا اشكال في ذهني و أنا اريد رفعه. و ما ذكرت كل ما ذكرت الا بوصفي طالبا
مع السلام
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:27 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبارك فيك أخي محمد.
ما فهمته، أخي: محمد، من كلامك أنك تفترض أن تأليف أي حروف مقطعة لم ترد في التنزيل يدخل في حد هذا الإعجاز فلا ميزان إذن يفصل بين هذه وتلك.
وما قصدته من مداخلتي: أن هذه الحروف تتكون منها كلمات العرب المفهومة: شمس، قمر، نجوم، كواكب ......... إلخ، ومع ذلك عجزوا عن نظم هذه الكلمات نظما يضارع السياق القرآني، مع أن في مقدورهم النطق بكلماته مفردة، بل ونظمها في سياقات بليغة، ولكنها لا ترتقي أبدا، بشهادتهم، إلى درجة بلاغة السياق القرآني.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 09:35 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبارك فيك أخي محمد.
وما قصدته من مداخلتي: أن هذه الحروف تتكون منها كلمات العرب المفهومة: شمس، قمر، نجوم، كواكب ......... إلخ، ومع ذلك عجزوا عن نظم هذه الكلمات نظما يضارع السياق القرآني، مع أن في مقدورهم النطق بكلماته مفردة
والله أعلى وأعلم.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا. والان انا فهمته بالنص الذي اوردته. و ما مر بذهني هذا الشيئ أي أيراد هذا الحروف في سياق يشابه سياق القران.
ففي صورة الحروف المقطعة نحن نقول تحديا: فاتوا بكلام حافل بهذه الحروف بالغ الي درجة بلاغة القران.
و الله يهدي من يشاء
ـ[السيف]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 08:10 م]ـ
انا بانتظار الاخ د. عبد العزيز العمار كما وعدنا بعرض كتابة التى الفة لنستفيد منة ومن علمة فهل من مجيب من الدكتور ..... ؟
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:54 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لقد سمعت في تليفزيون قناة النيل التعليمية وفي نهاية جلسة كانت مع أحد الكتاب المصريين وهو شاب كان يتكلم عن الحروف المقطعة في القرآن الكريم على أنها الرموز الكيميائية التي في عصرنا الحاضر
فمثلا (سمعته) يقول عن (يس) أن الياء هي اليود والسين هي السليكون ويورد في بحثه الحقائق على ذلك
فمثلا يقول أن الياء هي اليود والدليل عليها من نفس السورة قوله تعالى (فهي الى الاذقان فهم مقمحون) أي أن اليود اذا زاد في الجسم يجعل الرقبة في اقماح (أي ارتفاع)
وأن السين تعني السليكون والسليكون اذا زاد في العين يغشيها ولا يعميها وذكر دليل على ذلك من نفس السورة قوله تعالى (فأغشيناهم فهم لا يبصرون)
.
وكذلك في بداية سورة مريم (كهيعص) الكاف هي الكالسيوم والدليل عليها من سورة مريم قوله تعالى (وهن العظم مني) لان نقص الكالسيوم يؤدي الى وهن العظم
هذا ما قاله المؤلف وأتمنى لو يكون أحد قد سمعه ليأتي لي بعنوان الكتاب أو اسم المؤلف
فأنا أرى - والله أعلم - ان في تفسيره لهذه الحروف فيها حقيقة
هذا والله أعلم
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 11:17 م]ـ
.
أرجو من الاخوة وخاصة من سمع عن هذا البحث أن يأتي لي باسم الكتاب والمؤلف وله جزيل الشكر
.
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 09:40 م]ـ
أرجو من الاخوة وخاصة المصريين من سمع عن هذا البحث أن يأتي لي باسم الكتاب والمؤلف وله جزيل الشكر
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 08:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله جميعاً والشكرلصاحب هذا الطرح ولكل من ساهم فيه
وبكل إيجازحول الحروف المقطعة في القرآن حتى عصرنا الحديث لم نصل بعد للمقصود منها بشكل علمي دقيق والله أعلم
ولكن كماذكرلك الإخوة هي مجرد إجتهادات ولايمكن لأحد الجزم برأيه فيها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 05:27 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
كم كنت أتمنى لو أن أحد الاخوة ارشدني الى كاتب الحروف المقطعة وعلاقتها بالكيمياء
فأنا أظن والله أعلم أن لها علاقة بهذه الحروف ولا زلت أطلب من الاخوة اسم الكتاب أو الكاتب
جزاكم الله خيرا
ـ[تيما]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 09:45 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أستاذ فائق
لم أشاهد البرنامج الذي تتحدث عنه لكن من خلال البحث وجدت لك الكتاب التالي علّه يفي بالغرض:
الجواهر في تفسير القرآن لطنطاوي جوهري
جزء من هذا الكتاب يتعلق بالأسرار الكيميائية في الحروف الهجائية الموجودة في أوائل السور.
بالتوفيق
.
.
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[29 - 09 - 2008, 07:40 ص]ـ
بارك الله فيك اخيتي وساحاول أن أجده
لك الشكر على ذلك
ـ[السيف]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 05:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة
اولا .. انه ليس هناك علاقه بين الكيمياء وهذة الحروف لانها خاصة باللغة العربية التى نزل بها القران ولان الصحابه كانت لاتعرف هذة العناصر والدليل انهم لم يسالوا عنها لانهم عرفوا ان هذة حوف اللغة العربيه التى نزل بها القران وهو مؤلف منها ولكن الجرى وراء من يقول ذلك لمجرد انه ذكر عدة ايات فليس ذلك دليل واتحدى ان يفعل ذلك فى باقى الحروف فاصبحكل من له تخصص يدلى بدلوة فى هذة الحوف لماذا لمجرد ان العلماء استشكلوها فاصبح االيهود قديما يستشهدون بها فى الحديث الضعيف فى اغراضهم وكذلك الباطنية وكذلك الامامية الاثنا عشرية يستشهدون بها فى ولاية الامام على وكذلك حديثا يستخدمونها فى حساب الجمل التى ليس علاقة للحروف بها وكذلك النصارى لقد قرات لاحدهم يقول ان عندنا معناها ويستشهدون بها على عقيدتهم الباطلة وكذلك رشاد خليفة بالاستشهاد بها عن طريق حساب الجمل عن نبوته وقيام الساعة وزوال اسرائيل واخيرا سمعت منك يااخى تقول باحث كيميائى يقول ما تقول
انصحك يااخى ان لاتهتم بهذا فانه تقول على الله بلا علم نخشى ذلك ان ندخل تحت وعيد الله ورسوله واما الكتاب الذى ذكرة الاخ وهو للجوهرى اقول لقد قال العلماء حديثا فيه ان فيه كل شىء الا التفسير لانه اراد ان يلوى نص للتوافق مع الايه بلا دليل
ثانيا ... ارجوا من الدكتور عبد العزيز العمار عرض كتابه (حروف القران انواعها وبلاغتها) للفائدة كما وعدنا فوعد الحر دين عليه لتعم الفائدة وجزاة الله خيرا للاهمية كما قلت ليظهر للاخوة ان هذة الحوف فيها من البلاغة والبيان
وانا بانتظار اخى الدكتور وجزاة الله خيرا ...
ـ[السيف]ــــــــ[16 - 03 - 2010, 03:34 ص]ـ
لقد طال الانتظار يادكتور ارجوا تلبية ما وعدتنا به(/)
المعاني الدلاليةُ لألفاظِ الظلمِ في السياقِ القرآني ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 05:52 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد نظر فاحص في الآيات التي بها كينونة هذا الموضوع (آيات ألفاظ الظلم)، تبين أنه يمكن تصنيف معاني الظلم، وسياقاته في الذكر الحكيم إلى محورين رئيسين، تنتظم فيهما جملة من التفريعات:
فالمحور الأول: انتظمت فيه آيات تنزيه الله ــ جل وعزـ عن الظلم، وقد سُلك في إبراز هذا المعنى سبيلان:
أحدُهما: تنزيه الله ــ جل شأنه ــ عن الظلم دون أن يثبته لغيره، وقد أُخرج هذا المعنى في ثلاث صور:
أولها: تنزيه يدل على عدم الانتقاص في الجزاء على العمل الصالح مما يعني: أداءه وافيًا، كقوله تعالى: " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوفَّ إليكم وأنتم لا تظلمون " (البقرة / 272).
وثانيها: تنزيه يدل على عدم الانتقاص في الجزاء مع عدم المعاقبة بغير جريرة، كقوله تعالى: " تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلمًا للعالمين " [آل عمران: 108].
وثالثها: تنزيه يدل على عدم المعاقبة بغير جريرة لمن شاءت إرادته عقابَه، كما جاء في قوله تعالى: " ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد " [آل عمران: 182].
وثانيهما: تنزيه الله ــ جل شأنه ــ عن الظلم مع إثباته لغيره، وله صورتان:
إحداهما: تنزيه عن أن يقع على الله ــ تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا ــ ظلم من أحد من خلقه، وعلى هذا جاء قوله تعالى: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " [البقرة:57].
وثانيتهما: تنزيه عن أن يقع منه ــ تعالى ــ ظلم على أحد من خلقه،
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: " مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون " [آل عمران: 117].
**********
والمحور الثاني: إثبات ظلم الإنسان لنفسه، وقد استأثر هذا المحور بمعظم آيات ألفاظ الظلم في القرآن الكريم، واتسعت معاني الظلم ودلالاتُه في هذا المحور وفقًا للسياق الذي اقتضاها، وعُبر بالظلم عن مختلف المآثم والكبائر.
ويمكن حصرُ آيات هذا المحور في نوعين رئيسين:
النوع الأول: ظلم بين الإنسان وبين الله ــ تعالى ــ، فتارة يعبر بالظلم عن الشرك والكفر بالله، كقوله تعالى: " إن الشرك لظلم عظيم " [لقمان: 13]
وتارة ينتظم الظلم في سلك الافتراء على الله، فيطالعنا قوله تعالى: " فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون " [آل عمران: 94].
وتارة يطلق الظلم على المكذبين الجاحدين بآيات الله، كقوله تعالى: " قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " [الأنعام: 33].
وتارة يراد بالظلم: المخالفةُ لأوامر الله، والاجتراء على حدوده، كما قال ــ تعالى ــ معبِّرًا عن الزنا بلفظ الظلم: " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون " [يوسف: 23].
النوع الثاني: ظلم بين الإنسان وأخيه.
وقد أُخرج هذا الظلم في صور عدة، تتراوح عظمًا وشدة، منها: الظلم الناشئ بسبب التمسك بالعقيدة الصحيحة، والإيمان الحق، كما في قوله تعالى: " وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليًّا واجعل لنا من لدنك نصيرا " [النساء: 75].
ومنها: الظلم الدال على التعدي على الحقوق، والاستطالة على الناس، ومن هذا النوع: عبر عن الربا بلفظ الظلم في قوله تعالى: " فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون " [البقرة: 279].
وعُبر عن قتل النفس بغير الحق بالظلم في قوله تعالى: " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا " [الإسراء: 33].
(يُتْبَعُ)
(/)
وأورد أكل أموال اليتامى بالباطل معبرًا ــ كذلك ــ عنه بالظلم، قال تعالى: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرا " [النساء: 10].
والله - تعالى - أعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 06:35 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيرا على هذا التتبع والاستقراء.
والنوع الثاني من المحور الثاني: فيصل في بيان الفارق بين الخالق الكامل الغني، عز وجل، والمخلوق الناقص الفقير، فإن الظالم لا يظلم إلا لافتقاره إلى ما في يد المظلوم، فلن يأكل مال أخيه ظلما بالربا إلا لافتقاره إليه، ولن يأكل مال اليتيم إلا لذلك، ولن يقتل المظلوم إلا لغرض يفتقر إليه من أخذ ماله، أو للثأر منه ......... إلخ، فهو في كل الأحوال فقير لا يسد فاقته إلا استيلاؤه على ما في يد المظلوم.
أما الباري، عز وجل، فهو الغني عمن سواه، بل كل الخلق مفتقر إليه، فهو الحي، الذي أمد الكائنات بأسباب الحياة، القيوم: الذي أقام خلقه بأسباب حياة الأبدان التي يشترك فيها الإنسان والحيوان والنبات، وحياة الأرواح التي لا يباشر أسبابها إلا المؤمن الذي أسلم قياده لرب العالمين.
وفي التنزيل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).
فلم يخلقهم ليأنس بهم من وحشة، أو ليستكثر بهم من قلة، أو ليتقوى بهم من ضعف، تعالى وتنزه عن كل نقيصة، وإنما خلقهم ليعبدوه، ففي الآيات نص على علة خلق الكائنات، والنفي في قوله تعالى: (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ)، مؤكد بلازمه: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، فلازم انتفاء حاجته إلى الرزق والطعام، أنه هو الرزاق المطعم لعباده، مصداق قوله تعالى: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ)، وقد أكد هذا اللازم بـ: "إن" وضمير الفصل: "هو"، واسمية الجملة، وتعريف جزأيها: "الله" و "الرزاق"، والحصر في هذا السياق: حقيقي، فالله، عز وجل، هو الرزاق حقيقة، فلا يملك الخلق رزق بعضهم، وإن كانوا أسبابا في ذلك، فإن السبب لا يعمل إلا بإذن خالقه، جل وعلا، باستيفاء شروطه وانتفاء موانعه، ولو شاء خالقه لأبطله، فهو مفتقر في عمله إلى:
إذن الله، عز وجل، الكوني أولا.
واستيفاء أسباب تعضده، وانتفاء موانع تعطله ثانيا.
والله أعلى وأعلم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:04 ص]ـ
فتح الله عليك فتوح العالمين العارفين ..
وبورك في وقفاتك الدالة على فكر بلاغي نيّر تبارك الرحمن ..
هذا الموضوع – في الأصل – جزء من دراسة بلاغية موسعة، تناولت جوانبه، وتتبعت تفصيلاته، وتعرضت إلى شيء مما تفضلت به من لمحة بارعة:
والنوع الثاني من المحور الثاني: فيصل في بيان الفارق بين الخالق الكامل الغني، عز وجل، والمخلوق الناقص الفقير، فإن الظالم لا يظلم إلا لافتقاره إلى ما في يد المظلوم، فلن يأكل مال أخيه ظلما بالربا إلا لافتقاره إليه، ولن يأكل مال اليتيم إلا لذلك، ولن يقتل المظلوم إلا لغرض يفتقر إليه من أخذ ماله، أو للثأر منه ......... إلخ، فهو في كل الأحوال فقير لا يسد فاقته إلا استيلاؤه على ما في يد المظلوم.
أما الباري، عز وجل، فهو الغني عمن سواه، بل كل الخلق مفتقر إليه، فهو الحي، الذي أمد الكائنات بأسباب الحياة، القيوم: الذي أقام خلقه بأسباب حياة الأبدان التي يشترك فيها الإنسان والحيوان والنبات، وحياة الأرواح التي لا يباشر أسبابها إلا المؤمن الذي أسلم قياده لرب العالمين.(/)
هل من مُجيب؟؟؟
ـ[العباس]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 07:42 م]ـ
1 - قال تعالى: (وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم).
ما الفرق بين الصدر والقلب في الآية؟
2 - قال تعالى: ( .... ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم).
لماذا لم يقل حسرة في صدورهم؟
3 - قال تعالى: (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة ... ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون).
قدم في الآية الأولى (قتلتم على متم)، وفي الثانية (متم على قتلتم). ما الغرض من ذلك التقديم والتأخير؟
4 - قال تعالى: ( ... أحق أن يتبع أم من لا يهدِّي إلا أن يُهدى).
ما إعراب يهدي (إعراباً كاملاً)؟
5 - قال تعالى: (آلئن وقد عصيت قبلُ وكنت من المفسدين).
ما إعراب (قبلُ)؟
6 - قال تعالى في سورة الأعراف: ( ... والشمس والقمر والنجومَ مسخرات بأمره)
وقال في سورة النحل: ( ... وسخر لكم الليل والنار والشمس والقمر والنجومُ مسخراتٌ بأمره ... ).
في الآية الأولى: (والنجومَ) بالفتح، وفي الآية الثانية: (والنجومُ مسخرات) بالرفع (مبتدأ والخبر). ما العلة في ذلك؟
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:51 ص]ـ
1 - قال تعالى: (وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم).
ما الفرق بين الصدر والقلب في الآية؟
2 - قال تعالى: ( .... ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم).
لماذا لم يقل حسرة في صدورهم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض الاجتهادات في الإجابة عن أسئلتك، لعلها تكون مفاتيحَ لنظرٍ ودراسةٍ موسّعة.
أورد الراغب في مفرداته: " قال بعض الحكماء: حيثما ذكر الله - تعالى - القلب، فإشارة إلى العقل والعلم ... وحيثما ذكر الصدر، فإشارة إلى ذلك، وإلى سائر القوى: من الشهوة، والهوى، والغضب، ونحوها "، وعليه: فالقلب أخص من الصدر.
13 - قال تعالى: (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة ... ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون).
قدم في الآية الأولى (قتلتم على متم)، وفي الثانية (متم على قتلتم). ما الغرض من ذلك التقديم والتأخير؟
في العرف البلاغي، يُعلل التقديم في الذكر؛ لكونه الأهم.
والقتل في سبيل الله معنيّ به: الاستشهاد في سبيله، فتقديمه لشرفه، ولمكانة الجهاد والمجاهدين عند الله، ولا يخفى ما في التعبير هنا من حفز الهمم على ما عند الله من الثواب الجزيل للمجاهدين في سبيله، والآية في سياق غزوة أحد.
أما في قوله تعالى: " ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون " الحديث هنا عن بيان أن حشر العباد كلهم إلى الله، وعليه ... فقد قدم ذكر الموت على القتل في سبيل الله؛ للكثرة؛ إذ موت العباد بدون جهاد أكثر من موتهم جهادًا ... هذا ما تبادر إلى ذهني، والله - تعالى - أعلم.
كما أن في النظم الكريم ردًّا للأعجاز على الصدور؛ بدأ بالقتل وختم به.
4 - قال تعالى: ( ... أحق أن يتبع أم من لا يهدِّي إلا أن يُهدى).
ما إعراب يهدي (إعراباً كاملاً)؟
هذه محاولتي، وليصحح لي أحد أساتذتي النحويين:
يهدِّي: فعل مضارع مرفوع، وعلامته: الضمة المقدرة على الياء؛ منع من ظهورها الثقل.
والفاعل: ضمير مستتر جوازًا، تقديره: هو.
والجملة: لا محل لها من الإعراب؛ صلة (مَن).
5 - قال تعالى: (آلئن وقد عصيت قبلُ وكنت من المفسدين).
ما إعراب (قبلُ)؟
قبل: ظرف زمان مبني على الضم، في محل نصب، متعلق بالفعل (عصيت).
6 - قال تعالى في سورة الأعراف: ( ... والشمس والقمر والنجومَ مسخرات بأمره)
وقال في سورة النحل: ( ... وسخر لكم الليل والنار والشمس والقمر والنجومُ مسخراتٌ بأمره ... ).
في الآية الأولى: (والنجومَ) بالفتح، وفي الآية الثانية: (والنجومُ مسخرات) بالرفع (مبتدأ والخبر). ما العلة في ذلك؟
الآية في الأعراف هي:
" إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمسَ والقمرَ والنجومَ مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين "
الكلمات: (الشمس والقمر والنجوم): معطوفة على السموات، منصوبة مثلها.
ومسخرات: حال منصوبة من الكلمات الثلاث، وعلامتها: الكسرة.
والآية في النحل:
كما ذكرت (النجوم مسخرات) جملة اسمية معطوفة على جملة (سخر لكم) لا محل لها من الإعراب.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[العباس]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 09:22 م]ـ
أشكرك شكراً جزيلاً على مجهودك، وبارك الله فيكِ، وزادك خشية وعلماً.(/)
من حديث: ( ......... فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ....... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 06:17 ص]ـ
من حديث: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).
يا: نداء لاسترعاء انتباه السامع، فإن كان غافلا، فنداء البعيد به أليق، وإن كان حاضر الذهن، فنداء البعيد في حقه مظنة التوكيد فالأمر خطير جد خطير.
معشر الشباب: نداء من يصح تعليق الحكم بعده به أمرا أو نهيا، فالشباب: مظنة فوران الشهوة، فلا يقتصر الحديث على فئة الشباب العمرية، وإنما يتعلق بكل من خشي العنت، وإن كان شيخا كبيرا.
مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ: شرط للإلهاب والتهييج على امتثال ما بعده، فالزواج في غالب أحواله: مستحب، وقد يرتقي إلى الوجوب إن خشي على نفسه العنت، والمستحب والواجب مظنة الحض من صاحب الشريعة صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأتباع رسالته.
الباءة: جاء في اللسان: "أَراد بالباءة النكاحَ والتَّزْويج ويقال فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح ويقال الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً". اهـ
فللفظ: حقيقة لغوية مهجورة هي: "المنزل"، ومجاز مشتهر هو: "النكاح"، عند من يثبت المجاز في اللغة، فينزل منزلة الحقيقة العرفية التي تقدم على الحقيقة اللغوية، لأن اشتهار المجاز وهجر الحقيقة رجح تقديم الأول وتأخير الثانية.
وقد يقال بأن في اللفظ كناية عما يستحى ذكره صراحة من أمر الرجل مع أهله، والكناية: انتقال من ملزوم إلى لازم، واتخاذ المنزل لإسكان الزوجة لازمه الدخول بها فيه، فانتقل الذهن من الملزوم إلى اللازم بلا تكلف ولا عناء، مع صحة إرادة كلا المعنيين، فالناكح يتخذ المنزل ليدخل بزوجه فيه.
وقد فسر بعض أهل العلم "الباءة" بالقدرة على النكاح خاصة، وعمم بعض آخر فقال: بل مؤونة الزواج من مسكن ونفقة وقدرة على النكاح ........... إلخ، وفي حمل النص على عمومه: إثراء للمعنى، ويشكل عليه أن السياق يرجح معنى النكاح خاصة، إذ أرشد من ابتغى العفاف إلى تحصيل أسبابه.
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ: الوجه الثاني للقسمة العقلية فإما: مستطيع مأمور بالنكاح، وإما عاجز مأمور بالصبر والاستعفاف بالصوم فإنه يزكي النفس ويطفئ نار الشهوة.
وفي قوله: "فعليه بالصوم": مشعر بلزومه، فلو جاء الأمر مطلقا، لما كان فيه من معنى الملازمة والاستمرار ما في اسم الفعل "عليه".
وقد تقرر في الأصول أن الأمر المجرد لا يفيد التكرار، وإنما يخرج المكلف من عهدته بامتثاله مرة واحدة، وهو غير مقصود هنا، إذ صوم يوم واحد لا يقطع شهوة مبتغي النكاح.
فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ: الوجاء: رض الخصيتين وهذا مما يقطع الشهوة مطلقا، ففي الكلام تشبيه بليغ إذ حذف أداة التشبيه ووجه الشبه، فتقدير الكلام: فإنه كالوجاء من جهة قطعه شهوة النكاح، ولا يلزم من الشبه: التماثل، فإن الوجاء، كما تقدم، يقطع شهوة النكاح مطلقا، بينما الصوم يقطعها إلى حين. فمتى وجد طالب النكاح إليه سبيلا، صار النكاح في حقه أولى فيعدل عن المفضول إلى الفاضل.
وفي تقديم ما حقه التأخير "له": إشعار بالحصر والتوكيد.
وقد استنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث أن المشروع في هذا الباب: النكاح، فإن عجز فالصوم، فلا حجة لمن أباح الاستمناء، إذ لو كان مشروعا لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو على سبيل الضرورة، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة في حقه عليه الصلاة والسلام، فليس ثم إلا النكاح أو الصبر إلى أن ييسر الله، عز وجل، أسبابه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 09:17 ص]ـ
بوركت أخي مهاجر على هذه الفوائد هنا جعلها الله في ميزانك لتثقله يوم العرض.(/)
من أحاديث السحور
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 06:30 ص]ـ
من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، مرفوعا: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً).
تسحروا: أمر صريح صرفه الإجماع من الوجوب إلى الاستحباب.
فإن في السحور بركة: نص على العلة، فالسياق قد دل اقتضاء على سؤال مقدر، فإن الأمر يثير في نفس السامع السؤال عن علته، فكأنه استفهم عن ذلك بـ: لماذا؟، فجاءه الجواب مؤكدا بـ:
"إن"، واسمية الجملة، وتقديم ما حقه التأخير لعلة نحوية إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة "بركة"، وعلة بلاغية إذ قد اطرد من كلام البلاغيين ان تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد.
بركة: نكرة تفيد التعظيم، ففي السحور بركة أي بركة!!!.
*****
ومن حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)
توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتكرار الفاعل في الخبر "يصلون"، فيكون قد ذكر أولا: الله وملائكته، فالمبتدأ قبل دخول الناسخ عليه واسم الناسخ بعد دخوله على المبتدأ: فاعل في المعنى، وثانيا كفاعل حقيقي: واو الجماعة في يصلون، فضلا عن كون جملة الخبر مضارعة تفيد الحدوث والتجدد، فكلما أحدث العبد سحورا صلى الله وملائكته عليه وهذا التكرار مما يلهب المخاطب ويحمله على تحري الفعل امتثالا لأمر الشارع، عز وجل، وطلبا لهذه المنقبة العظيمة.
*****
وحديث الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، رضي الله عنه، مرفوعا: (عَلَيْكُمْ بِغِذَاءِ السَّحَرِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغِذَاءُ الْمُبَارَكُ).فـ: "عليكم": مشعرة بملازمة الفعل، ففيها من التوكيد ما ليس في الأمر الصريح، فهي تتضمن الأمر وزيادة.
فإنه هو الغذاء المبارك: توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة التي تدل على الثبوت والاستمرار، وضمير الفصل "هو" وتعريف جزأي الجملة: هو الغذاء المبارك، قبل دخول الناسخ على الضمير "هو" الذي اتصل به في "إنه".
و "الغذاء": خبر موطئ لما بعده، ففيه نوع تشويق بإبهام أزاله البيان الذي تلاه مباشرة، فإن السامع يدرك أن السحور غذاء، فليس ذلك محط الفائدة، وإنما محطها في وصف الخبر: "المبارك"، كما قيل في قوله تعالى: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)، فالخبر "قوم" موطئ لما بعده فوصفهم بالإسراف هو محط الفائدة التي وطئ لها، فليس المقصود الإخبار عنهم بأنهم قوم فإن هذا يعرفه كل أحد، وإنما المقصود لفت انتباه السامع إلى الحكم الذي وصفوا به، فهم قوم موصوفون بالإسراف، فصار محط الفائدة هو الموطأ له: "مسرفون".
*****
وحديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه، مرفوعا: (فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ):
تقديم المسند تشويقا إلى معرفة المسند إليه، فإن الحكم مما يسترعي انتباه المكلف إذ ما الذي يميز يفصل عبادة المؤمن عن عبادة غيره؟ فجاء الجواب مباشرة بعد تهيئة الذهن لاستقباله: إنه أكلة السحر.
والله أعلى وأعلم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 07:03 ص]ـ
بارك الله في علمك، وأجزل مثوبتك أستاذ مهاجر ..
وقفات مباركة تقبس من بركة السحور، واسمح لي - مشكورًا - بمشاركتك التأمل في البيان الكريم.
من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، مرفوعا: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً).
فإن في السحور بركة: نص على العلة، فالسياق قد دل اقتضاء على سؤال مقدر، فإن الأمر يثير في نفس السامع السؤال عن علته، فكأنه استفهم عن ذلك بـ: لماذا؟، فجاءه الجواب مؤكدا بـ:
"إن"، واسمية الجملة، وتقديم ما حقه التأخير لعلة نحوية إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة "بركة"، وعلة بلاغية إذ قد اطرد من كلام البلاغيين ان تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد.
على هذا التأويل، تكون الجملة مفصولة عما قبلها؛ لشبه كمال الاتصال بينهما.
ومع الحصر والتوكيد، فإن التقديم مشعرٌ بالاعتناء بفضل السحور.
ومن حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)
توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتكرار الفاعل في الخبر "يصلون"، فيكون قد ذكر أولا: الله وملائكته، فالمبتدأ قبل دخول الناسخ عليه واسم الناسخ بعد دخوله على المبتدأ: فاعل في المعنى، وثانيا كفاعل حقيقي: واو الجماعة في يصلون، فضلا عن كون جملة الخبر مضارعة تفيد الحدوث والتجدد، فكلما أحدث العبد سحورا صلى الله وملائكته عليه وهذا التكرار مما يلهب المخاطب ويحمله على تحري الفعل امتثالا لأمر الشارع، عز وجل، وطلبا لهذه المنقبة العظيمة.
لا تفوت الإشارة إلى أن تعريف المسند إليه باسم الجلالة الأعظم، وعطف الملائكة عليه فيه تعظيم للسحور أي تعظيم، وتشريف للمتسحرين أي تشريف!
وحديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه، مرفوعا: (فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ):
تقديم المسند تشويقا إلى معرفة المسند إليه، فإن الحكم مما يسترعي انتباه المكلف إذ ما الذي يميز يفصل عبادة المؤمن عن عبادة غيره؟ فجاء الجواب مباشرة بعد تهيئة الذهن لاستقباله: إنه أكلة السحر.
ما أروع تقديم المسند هنا، وما أبينه، وما أبلغه! بعد تشوّف النفوس له، وترقب الأذهان لكنهه.
وفي مجيء (أكلة) على وزن فعْلة، ما يشي بإغراء وتحبيب في السحور.
والله - تعالى - أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 11:40 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذة ندى على المرور وإثراء المداخلة بتعليقك القيم.
وسؤالي بارك الله فيك:
ما وجه الإغراء والتحبيب في استخدام اسم المرة: "أكلة"؟.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[10 - 09 - 2008, 12:16 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذة ندى على المرور وإثراء المداخلة بتعليقك القيم.
وسؤالي بارك الله فيك:
ما وجه الإغراء والتحبيب في استخدام اسم المرة: "أكلة"؟.
قد وجدت في صيغة اسم المرة هنا طلاوةً، وظرفًا، وخفةً في البناء تفضي إلى إغراء بها، وإقبال عليها، والمقام هنا مقام حث وترغيب في هذه السنة، من خلال بيان ما يميز عبادة المؤمن عن عبادة غيره.
فاصطفاء صيغة المرة (أكلة) دون المصدر (أكل) جاء مناسبًا لمقام الحث والاستحباب.
والله - تعالى - أعلم.
مع أملي بالاستفادة من تعقيبكم الذي قد يكشف وجوهًا أخرى من أفانين القول وأفنانه، فبارك الله فيك، وزادك علما.(/)
وقفات بلاغية مع آيات الصيام (2)
ـ[د. عبدالعزيز العمار]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله فهذه الوقفة الثانية مع آيات الصيام للنظر في أسرارها البلاغية، ونكتها البيانية، والله أسال أن ينفع بها كل من قرأها، وأن يزيدنا تأملا وتدبرا لكتابه العزيز.
يقول الله تعالى:
? أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له، وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ? وبعد أن ذكر – سبحانه – فرضية الصيام، شرع بعد ذلك في ذكر أحكامه وأيامه في قوله ? أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له، وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ? وقد تمَّ التعبير عن شهر الصيام بقوله ? أياما معدودات ? وفي ذلك كثير من الأسرار البلاغية، وبيان ذلك: أن المراد بالأيام المعدودة شهر رمضان كاملاً، كما بيّن ذلك ابن جرير الطبري (ت 310هـ) في تفسير هذه الآية، ورجحه على غيره من الأقوال (1)، ولذا فإن قوله ? معدودات ? كناية عن القلة، يدل على ذلك معناها، إذ المراد بالمعدودات: المُحصيات، فهي الأيام التي تُعد ساعاتها، وتُحصر أوقاتها؛ لكونها مؤقتات بعدد معلوم؛ إذ يحصرهن العدد. (2)
وقد ورد وصف "معدودات" في القرآن كثيراً، وكان المراد به الكناية عن القلة، ومن ذلك قوله ? وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ...... ? (3)،وقوله ? وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ... ? (4)، وتتجلى بلاغة الكناية في آيات الصيام أن فيها تيسيراً وتخفيفاً على المكلفين؛ لكون هذا الشهر أياماً معدودات، وكأن المعنى أن الله – سبحانه وتعالى – يريد أن يقول لنا: ((إني رحمتُكم، وخففتُ عنكم؛ حين لم أفرض عليكم صيام الدهر كله، ولا صيام أكثره، ولو شئتُ لفعلت ذلك، ولكني رحمتُكم، وما أوجبتُ الصوم عليكم إلا في أيام قليلة)). (5)
تضمن نظم الآية كلها كثيراً من الأسرار البلاغية، وقد تمَّ توظيفها في بيان هذه الأحكام وإيضاحها، فقد تقدم متعلق خبر "كان" في قوله ? فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ?، وفي هذا التقديم عناية بحال المخاطبين بهذه الأحكام، واهتمام بشأنهم، فقد جاءت هذه الآيات مفصلة أحكام الصيام المتعلقة بهؤلاء المكلفين، بل إن الصيام ما شُرع إلا رحمة بهم، وعناية بشأنهم، ومن هنا جاء التقديم إشارة إلى هذا المعنى، ودلالة عليه، فقد فُرض الصيام عليكم، وشُرعت الأحكام لكم، فأنتم مدار الأمر، ومحل الحكم، فلا غرو بعد هذا أن يُقدم الضمير المتعلق بهم؛ اهتماماً بشأنهم، وحفاوة بأمرهم.
كما ورد في الآية – أيضاً – تقديم المرض على السفر، وكأن في هذا إشارة إلى أن المرض من أكثر الأسباب الداعية إلى الفطر في رمضان بخلاف السفر، فقلة من يُنشأ السفر في رمضان، بل إن كثيراً من المسلمين من يؤجل سفره خلال شهر رمضان؛ بغية الصيام مع المسلمين، بخلاف المرض، فالناس أكثر عرضة له، وإصابة به من السفر، كما أنه لا خيار لهم في وقته ولا مدته، ولذا فقُدم ذكره في آيات الصيام لهذا الغرض، والله أعلم بأسرار كتابه.
وفي قوله ? أو على سفر ? استعارة تبعية بالحروف، ففي حرف الجر "على" – بدلالته على الاستعلاء - استعارة تبعية، فقد استُعير الاستعلاء لمن تَلَبَّس بالسفر، وتمكن منه تمكن الراكب بمركوبه، يتصرف فيه كيف يشاء، ويوجهه أنى أراد، وقد دُلَّ على هذه الاستعارة بالحرف الدال على الاستعلاء، وتكمن بلاغة هذه الاستعارة أن فيها دلالة على أن المسافر قد تمكن من سفره، وقد عزم عليه، بل قطع فيه شوطاً، كما أن فيه إشارة إلى أنه عازم على إتمام سفره، والمضي فيه. (6)
وفي هذه الاستعارة إشارة إلى أنه لا يكفي إرادة السفر لكي يُباح له الفطر، بل لا بد من الشروع فيه، ولذا ذكر بعض الفقهاء أن المسافر لا يحل له الفطر في نهار رمضان إذا أراد السفر إلا إذا فارق بيوت قريته ونحوها (7)، وفي هذه الاستعارة إشارة إلى هذا المعنى، ومن هنا يتجلى بلاغة الاستعارة وأهميتها في هذا المقام، فقد وُظفت دلالتها في بيان أحكام السفر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أجل الاستعارة ودلالتها في هذا السياق فقد آثر النظم القرآني المغايرة بين قوله ?مريضا ? وقوله ? أو على سفر ? ولو تمت المراعاة اللفظية بينهما لقيل أو مسافراً)، وذلك أن قوله ? أو على سفر ? في محل نصب معطوف على خبر كان، والتقدير: أو كان مسافراً. (8)
كما تضمن قوله ? فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ? حذفاً لطيفاً، بل هو من روائع الحذف وبدائعه، وبيان ذلك: أن بين الشرط وجوابه محذوفاً لا يستقيم الكلام إلاَّ به، والتقدير: (فأفطر فعدة من أيام أخر)، فحُذف قوله "فأفطر"؛ وذلك ثقة بظهوره، وذلك أن المعنى لا يستقيم إلا بهذا التقدير، ونظير هذا الحذف في كتاب الله قوله – تعالى - ? فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ? (9) أي فضرب البحر فانفلق، ومعلوم أن البحر لم ينفلق إلاَّ بعد ضربه، ولذا حُذف لظهوره، وكذلك الشأن في آية الصيام، فإن الصائم لن يقضي من شهر رمضان إلاَّ إذا أفطر منه، وتتجلى بلاغة الحذف أن فيه إيجازاً، وقد أدى هذا الإيجاز إلى تلاحم الكلام وترابطه، كما أن فيه صيانة له من الترهل والإطالة فيما لا طائل له، كيف وقد اتضح المراد، وتبين المقصود.
كما أن ثمة حذفاً آخر في الآية، وذلك أن قوله ? فعدة ? مرفوعة بالابتداء، فخبرها محذوف، والتقدير: فعليه عدة (10)، وفي هذا التقدير إشارة إلى وجوب العدة، بدلالة حرف الجر "على" على الاستعلاء، وفي هذا الحذف تعجيل بالحكم الشرعي المنوط بمن أفطر في نهار رمضان لمرض أو سفر، ومن هنا تتجلى بلاغة الحذف في هذا السياق، ومنه يتجلى ارتباطه بآيات الصيام، فقد تمَّ توظيفها توظيفاً بليغاً في بيان هذه الأحكام وإظهارها.
وفي قوله ?طعام مسكين ? مجاز مرسل، باعتبار ما سيكون، فليس هو طعاماً للمسكين قبل تملُّكه، وحصوله عليه، ولكن أُضيف الطعام إليه باعتبار ما سيؤول إليه، تتجلى بلاغة المجاز في آيات الصيام، وفي هذا المقام أن فيه إشارة إلى أن هذه الفدية – وهي الإطعام – أمر محقق، واجبة على من أفطر، فكأن هذا الطعام قد خرج من يده، ومِنْ مُلْكِه، وصار في مُلْك المسكين؛ لأنه حق من حقوقه.
وثمة قراءة أخرى لكلمة "مسكين" فقد قُرئت بالجمع "مساكين" (11)، وفي هذه القراءة إشارة لطيفة متعلقة بالفدية، فقد جاءت مجموعة مقابلة للفظة "يطيقونه" فقابل الجمع بالجمع، وبيان ذلك: أن الذين يطيقونه جماعة، وكل واحد منهم يلزمه مسكين، فجاء الجمع إشارة إلى هذا المعنى (12)،وهو معنى حسن، وإشارة لطيفة تضمنتها لفظة " مساكين" حين جاءت جمعاً.
وأما من قرأ "مسكين" بالإفراد ففيها – أيضاً – معنى لطيف آخر، وهو الإشارة إلى أن المعنى: على كل واحد طعام مسكين واحد لكل يوم أفطره (13)، فالمسكين يقابل اليوم الذي تمَّ الفطر فيه، وقد أشار ابن عطية إلى هذا الإفراد و بلاغته، يقول: ((فإن قلت: كيف أفردوا المساكين، والمعنى على الكثرة؛ لأن الذين يطيقونه جمع، وكل واحد منهم يلزمه مسكين، فكان الوجه أن يُجمعوا، كما جُمع المطيقون؟ فالجواب: إن الإفراد حسن؛ لأنه يُفهم بالمعنى أن لكل واحد مسكيناً، ونظير هذا قوله – تعالى - ? والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ? (14)، فليست الثمانون متفرقة في جميعهم، بل لكل واحد ثمانون)). (15)
وقوله ? فمن تطوع خيرا فهو خير له ? من إيجاز قِصَر، فقد حوت هذه الألفاظ القليلة كثيراً من المعاني التي يتعذر حصرها، والوقوف عليها، كما أن فيها كثيراً من الأحكام المتعلقة بالصيام، والإفطار، والفدية، وقد تمَّ التعبير عنها واحتواؤها بهذه الألفاظ القليلة، وقد أشار الإمام الطبري (ت 310هـ) في تفسيره إلى هذا الإيجاز، يقول – بعد أن ذكر كثيراً من الأقوال والأحكام التي تضمنتها -: ((والصواب من القول: أن الله – تعالى ذكره – عمَّ بقوله ? فمن تطوع خيرا ? فلم يخصص بعض معاني الخير دون بعض، فجمعُ الصوم مع الفدية من تطوع الخير، وزيادة مسكين على جزاء الفدية من تطوع الخير، وزيادة المسكين على قدر قوت يومه من تطوع الخير ... لأن كل ذلك من تطوع الخير، ونوافل الفضل)). (16)
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أن قوله ? فهو خير ? من إيجاز القِصَر – كذلك - فقد حوت لفظة "خير" كثيراً من المعاني التي يتعذر حصرها، والإحاطة بها، وإنما نعدُّ منها ولا نعددها، فقد حوت الخير المطلق، فهو وعد من الرب الكريم أن من فعل خيراً فإن له مقابل ذلك خيراً عظيماً، وحسبك بخير صادر من رب كريم! كيف وقد ذُكر في سياق الجزاء والثواب، فهو – سبحانه – أهل الكرم والجود، يداه سحاء، ولذا فيتعذر على الفكر حصر هذه الخير، والوقوف عليه، وإنما نعدد منه، وإلا فإن فضل الله لا يحصيه العدد، ولا يحيط به الحصر.
ثم ختم – سبحانه – الآية بالحث على الصيام في قوله ? وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ?، والمعنى: أن فاعلموا ذلك أيها المؤمنون، وصوموا، فهو خير لكم. (17)
وقد اجتمعا نوعا الإيجاز في قوله ? خير لكم ?؛ وذلك أن فيها حذفاً وقِصَراً، فتقدير المحذوف: خير لكم من الإطعام، وقد حُذف؛ لوضوحه؛ لدلالة المقام عليه (18)، فقد ذُكر ذلك في سياق المفاضلة بين الصيام والإفطار، فذكر – سبحانه – أن الصيام خير من الإفطار، وفي ذلك حثٌّ على الصيام، وحضٌّ عليه.
كما أن في لفظة "خير" إيجاز قصر؛ وذلك لاشتمالها على كثير من المعاني، وبيان ذلك أن الصيام خير من الإفطار في كل شيء، هكذا وردت في القرآن الكريم مطلقة دون تقييد، وقد أفاد هذا التقييد الإطلاق والعموم، فهو خير في كل شيء ديناً ودنياً، ومن ذا يحصر مصالح الصيام الدنيوية؟ ومن ذا الذي يحصر مصالحه – كذلك – ومنافعه الآخروية؟ ولذا جاء الإجاز ليشمل هذه كله بأقصر الألفاظ، بل بكلمة واحدة، فتأمل بلاغة القرآن وإعجازه.
كما أن قوله ? وأن تصوموا خير لكم ? التفات من الغيبة في قوله ?وعلى الذي يطيقونه) إلى الخطاب في قوله ? وأن تصوموا خير لكم?، وقد جاء الالتفات في هذا السياق متوافقاً أتم التوافق مع مضمون الآية ومحتواها، وكأن المقام قد حتم هذا الالتفات وأوجبه، وذلك أن في الخطاب مزيداً من الاهتمام، والعناية بالمخاطبين، كما أنه مظهرٌ من مظاهر الحفاوة، والرعاية بهم، فرفعةً لشأنهم، وإعلاءً من قدرهم توجه – سبحانه – بالخطاب إليهم، كما أن فيه تهويناً عليهم لأمر الصيام مشاقه، فقد أنستهم لذة المناجاة هذه المشاق كلها، وهوَّنتها عليهم. (19)
كما أن الانتقال من أسلوب إلى آخر إشارة إلى أن هاهنا معنى عظيماً يستحق لفت الأنظار إليه، ويستحق – كذلك – تنشيط العقول، وتحريك الأفهام؛ للوقوف عنده واستيعابه، ولذا نرى أن المعنى الذي تمَّ فيه الالتفات من الأهمية بمكان، وهو تفضيل الصيام على الإطعام، والحث على الصيام، بل إن هذا الأمر مدار هذه الآيات وموضوعها، ومن هنا جاء الالتفات في هذا الموضع للإشارة إليها.
وقوله ? إن كنتم تعلمون ? إتمام للحث على الصيام، والترغيب فيه، يتجلى ذلك من خلال حذف متعلق الفعل "تعلمون"، فقد حُذف لوضوحه، ودلالة السياق عليه (20)، والتقدير: إن كنتم تعلمون فضيلة الصيام وفوائده التي بسببها فُضِّل الصيام على الإفطار، ومن ثم كان الحث عليه (21)، كما أن هذا الحذف هو الأبلغ والمتوافق مع فضائل الصيام وفوائده التي لا حصر لها.
وفي مجيء أداة الشرط "إنْ" دون "إذا" دلالة في هذا المقام، فهاتان الأداتان وإن كانتا من أدوات الشرط إلا أن لكل واحدة دلالة تدل عليها، ومقاماً تأتي فيه دون الأخرى، فتأتي "إن" في الأمور المشكوك في وقوعها، المحتمل حدوثها، بخلاف "إذا" فتأتي في الأمور المتيقن وقوعها، المجزوم حدوثها، وقد جاءت أداة الشرط "إنْ" هنا إشارة إلى أن علم المخاطبين بالصيام، وتفضيله على الإطعام غير متحقق لدى كل المخاطبين، كما أن حكمته وفائدته قد تكون خافية لدى بعضهم. (22)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جامع البيان: 3/ 159.
(2) انظر: المصدر السابق: 3/ 160.
(3) البقرة: 80.
(4) يوسف: 20.
(5) التفسير الكبير: 5/ 63.
(6) انظر: حاشية زادة على تفسير البيضاوي: 1/ 491.
(7) انظر: حاشية الروض المربع: 3/ 376.
(8) انظر: إملاء ما منَّ به الرحمن: 1/ 80، و: التفسير الكبير: 5/ 64.
(9) الشعراء: 63.
(10) انظر: معاني القرآن: 1/ 252، للزجاج.
(11) انظر: إملاء ما منَّ به الرحمن: 1/ 81.
(12) انظر: التفسير الكبير: 5/ 70.
(13) انظر: المصدر السابق: 5/ 70.
(14) النور: 4.
(15) المحرر الوجيز:1/ 252.
(16) جامع البيان: 3/ 186.
(17) انظر: الجامع لأحكام القرآن: 2/ 194.
(18) انظر: معاني القرآن:1/ 112، للفراء.
(19) انظر: روح المعاني: 2/ 59.
(20) انظر: إرشاد العقل السليم: 1/ 119.
(21) انظر: محاسن التأويل: 3/ 423.
(22) انظر: التحرير والتنوير: 2/ 168.
ـ[أنوار]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 08:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
كل الشكر لأستاذنا الفاضل: العمار
على هذا التفسير البلاغي القيّم، جعله الله في موازين حسناته،
وأثابه الخير على مجهوده ..
وأتمنى أن تكون للأستاذ وقفات مع آيات أخرى، حتى وإن اقتصر
المقال على آية واحدة، فله كل الشكر والتقدير ..
عذراً إليكم يا أستاذ ولكن .. هلا قرأتم بدءَ مقالكم ..
كتب الله لكم خيراً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 05:37 ص]ـ
الدكتور الفاضل عبدالعزيز العمار:
وقفة بلاغية ماتعة في رحاب بيان عظيم، وشهر كريم.
زدنا ... زادك الله من فضله وعفوه.
ملاحظة: للطباعة دومًا زلاتها، وكم عانينا منها ... فاسمح لي - مشكورًا مأجورًا - بتعديل كلمة في الآية القرآنية؛ حيث أورد الموصول مفردًا، والصواب أنه جمع.
ـ[همس الحروف]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:41 ص]ـ
موضوع قيَم
لطائف بلاغية وأسرار دقيقة رائعة ..
شكرا لكم أستاذي القديرجزيتم خيرا(/)
ما الصواب؟
ـ[طالب الحق]ــــــــ[09 - 09 - 2008, 11:13 م]ـ
السلام عليكم
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى البلاغة العربية.
أوّد أن أسألكم إخوتي: في قوله تعالى (إنّا لا نضيّع أجر من أحسن عملا)
ما الغرض من الخبر في الآية الكريمة هل الغرض الوعظ والإرشاد أم لازم الفائدة أم فائة الخبر؟
ولكم جزيل الشكر أرجو الإجابة مع شيء من التوضيح إن تكرمتم
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الفاضل طالب الحق:
حياك الله وبياك، ومرحبا بسؤالك الذي يسعدني أن أعلق عليه مجتهدة، والله المستعان:
يُقصد بالخبر – غالبًا - أغراضٌ أخرى غيرُ غرضيه الرئيسين: فائدةِ الخبر، ولازمِ الفائدة.
والمرجع في معرفتها إلى تفهم السياق الواردة فيه، وقرائن الأحوال اعتمادًا على الذائقة السليمة، والبصر برامي القول وأهدافه.
ولنعد إلى سياق الآية الكريمة التي دار السؤال حولها؛ لتلمس غرض الخبر فيها:
قال تعالى: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " (الكهف: 29 – 30).
لاحظ معي الخبرين، وقد جاءا مصدّرين بالتوكيد، ولكل توكيد غرضه:
" إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا "
" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا "
الغرض من الخبر الأول هو الوعيد الشديد، وتأكيد للتهديد المفهوم من التخيير في قوله: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " مع ما في هذا التخيير من إيحاء باستغناء المعبود عن الخلق.
وفي توكيده دفعٌ لإنكار المنكرين – وهم هنا المشركون – لأمر البعث، ومن ثم الجزاء، وغني عن البيان أن إنكار البعث من أكثر ما أنكره المشركون.
وفي تصوري أن قوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات " خبر غرضه: الحث والحض على الإيمان المفهوم من التخيير " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ".
وقوله: " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " الغرض منه: الوعد للمؤمنين بكرامة المآل، وقد روعي فيه أحوالهم، وصيغ وعدهم بمؤكدات ترمي إلى هدهدة مشاعرهم، وطمأنة نفوسهم بعد أن استشعروا عظيم ما أعد للكافرين من سوء المصير، ولذا خوطبوا – بالتوكيد - خطاب المنكر (نزل غير المنكر هنا منزلة المنكر)، فأكد الخبر؛ تثبيتًا لهم.
والله – تعالى – أعلم.
ـ[طالب الحق]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 04:35 م]ـ
أختي الكريمة أولا أحمد الله لوجود رد على مشاركتي وذلك بعد العدد الخمسين من القراء. وثانيا أشكرك للتوضيح الجميل والمسهب للمسألة. ولكن ما أوده أختي هو الإجابة عن السؤال ضمن إحدى الخيارات المطروحة في مشاركتي وهي الوعظ والإرشاد أم لازم الفائدة أم فائدة الخبر؟ ولك جزيل الشكر والعرفان
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 02:59 ص]ـ
حياك الله مرة أخرى أخي الكريم ..
قد أجبتك بما هو متبع في النظر البلاغي، وهو ربط الكلام - خاصة الذكر الحكيم - بسياقه الوارد فيه، وبينت غرض الخبر - وهو الوعد بكرامة المآل للمؤمنين - في قوله تعالى: " إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ".
ليس الغرض من الخبر هنا الفائدة؛ لأن من استقر فيهم الإيمان لا يجهلون هذا الخبر.
ولذا أرى أن الخبر هنا غرضه: لازم الفائدة، ولكن لازم الفائدة هنا وحده لا يفي بالمراد، فضم إليه غرض: الوعد بكرامة المآل للمؤمنين بعد أن هجس في خواطرهم هاجس الخوف من وعيد الله للكافرين؛ فأريد طمأنتهم ... هذا هو الغرض الذي غلب على ظني؛ لارتباطه بسياق الآية.
وإذا قطعت الآية عن سياقها، فإن لخبرها غرض لازم الفائدة - على ما تقدم - مع غرض الحث على الإحسان في العمل، ولا يمنع غرض النصح والإرشاد كما تفضلت، بيد أني أجد غرض الحث هنا أقوى.
والله - تعالى - أعلم.(/)
من الكلام الموجز المعجز
ـ[محمد سعد]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 03:57 م]ـ
من الكلام الموجز المعجز
من أراد أن يعرف جوامع الكلم ويتنبَّه على فضل الإعجاز والاختصار، ويحيط ببلاغة الإيماء، ويفطن لكفاية الإيجاز، فليتدبر القرآن وليتأمل علوه على سائر الكلام
قال تعالى عزّ ذكره:
" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ ... (فصلت. 30")
استقاموا كلمة واحدة تفصح عن الطاعات كلها في الائتمار والانزجار. وذلك لو أن إنساناً أطاع الله سبحانه مائة سنة ثم سرق حبة واحدة لخرج بسرقتها عن حد الاستقامة
ومن ذلك قوله عز وجل:
" لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " (62:يونس)
فقد أدرج فيه ذكر إقبال كل محبوب عليهم وزوال كل مكروه عنهم ولا شيء أضر بالإنسان من الحزن والخوف لأن الحزن يتولد من مكروه ماض أو حاضر والخوف يتولد من مكروه مستقبل فإذا اجتمعا على امرئ لم ينتفع بعيشه بل يتبرم بحياته والحزن والخوف أقوى أسباب مرض النفس كما أن السرور والأمن أقوى أسباب صحتها فالحزن والخوف موضوعان بإزاء كل محنة وبلية. والسرور والأمن موضوعان بإزاء كل صحة ونعمة هنية.
ومن ذلك قوله عز اسمه:
" لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]
فالأمن كلمة واحدة تنبئ عن خلوص سرورهم من الشوائب كلها لأن الأمن إنما هو السلامة من الخوف. والحزن المكروه الأعظم كما تقدم ذكره. فإذا نالوا الأمن بالإطلاق ارتفع الخوف عنهم وارتفع بارتفاعه المكروه وحصل السرور المحبوب.
ـ[أحلام]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 04:53 م]ـ
الاستاذ الفاضل محمد سعد
جزاك الله خيرا
احببت أن انقل لكم ماتكلم به شيخنا الفاضل الدكتور فاضل صالح السامرائي بارك الله لنا في علمه وأمد في عمره
وذلك في برنامجه لمسات بيانية حول (لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون)
سؤال: ما هي الآية التي أشكلت على الدكتور فاضل فترة طويلة حتى اكتشف لمساتها البيانية؟
هنالك أكثر من تعبير أشكل عليّ وكنت أحلّه، من جملة ما ذكرت (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) الحاقة) (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20) القمر) لكن الذي أشكل عليّ مدة طويلة أكثر من سنة ونصف وربما سنتين هو قوله تعالى (لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) من حيث التأليف والتركيبة البيانية. عدة أسئلة دارت في الذهن في حينها هو قال (لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) لماذا لم لا يخافون كما قال لا هم يحزنون؟ (لا خوف عليهم) بالإسم و (ولا هم يحزنون) بالفعل؟ لماذا هذه المخالفة؟ ولم يقل مثلاً لا خوف عليهم ولا حزن؟ ثم لماذا خصص الحزن بتقديم (هم) (ولا هم يحزنون)؟ لماذا لم يخصص الخوف قال ولا عليهم خوف مثلاً؟ قدّم (هم) في (ولا هم يحزنون) لماذا لم يقل لا عليهم خوف ولا هم يحزنون؟ ثم (لا خوف عليهم) الإسم مرفوع وهنالك قراءة لا خوفَ بالفتح فلماذا فيها قراءتين؟ إذا كان مقصود نفي الجنس فلماذا فيها قراءتين؟ هذه كانت أسئلة شغلت ذهني كثيراً.
قال (لا خوف عليهم) ما قال لا يخافون كما قال ولا هم يحزنون وذلك لأنهم فعلاً يخافون ذلك اليوم (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) النور) (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) الإنسان) (وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) الإنسان) هؤلاء مؤمنون يخافون، الخوف مدح هنا. فلما كان الخوف حقيقة عبّر عنه بالإسم وما قال لا يخافون لأنه يخافون ذلك اليوم. هو قال لا خوف عليهم، هذا أمر آخر. إذن هم يخافون في الواقع وخوفهم يوم الآخرة مدح لهم، كل المكّلفين يخافون حتى يؤمّن الله من يؤمّن. يبقى ما معنى (لا خوف عليهم)؟ لا خوف عليهم يعني لا يُخشى عليهم خطر، ليس عليهم خطر، لا خوف عليه يعني ليس عليه خطر أما (هم) فقد يكونوا خائفين أو غير خائفين، قد يكون هناك إنسان غير خائف وهنالك خوف عليه ولا يقدّره، غير خائف لأنه لا يقدر الخطر لكن هنالك خطر عليه، الطفل مثلاً لا يخاف الحية ولا العقرب ولا النار لكننا نحن نخاف عليه منها هو لا يعلم العواقب ولا يقدرها ونحن نخاف عليه أو هو يخاف من شيء غير مخوف فالطفل أحياناً يرى اللعبة مخيفة يخاف منها وليس عليه خوف منها. إذن قد يكون الشخص
(يُتْبَعُ)
(/)
يخاف من شيء غير مخيف ولا خطر المهم أن لا يكون عليه خوف، هذا المهم أما إن كان خائفاً أو غير خائف ما دام ليس عليه خوف هذا موضوع آخر. إذن لم يقل لا يخافون لأن واقع الأمر أنهم يخافون فأمّنهم الله بقوله (لا خوف عليهم) وهذا هو المهم لأن قد يكون أحدهم لا يخاف الآخرة لأنه لا يعلمه.
هو قال (ولا هم يحزنون) جعل الحزن بالفعل وأسند إليه (ولا هم يحزنون). لو قال لا خوف عليهم ولا حزن لا يصح المعنى. لا خوف عليهم ولا حزن عليهم يعني ولا حزن عليهم يعني لا يحزن عليهم أحد يعني نفى الحزن عن غيرهم ولم ينفه عنهم يعني هم قد يحزنون لكن لا يحزن عليهم أحد. والمطلوب أن تنفي عنهم الحزن لا أن تنفيه عن غيرهم. فقد يكونوا حزينين ولا يحزن عليهم أحد فما الفائدة؟ المهم همولا يحزنون لكن أن لا يحزن عليهم أحد ما الفائدة؟ ثم قد يكون هذا ذم أن لا يحزن عليهم أحد كما قال ربنا (وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) النحل) يعني لا يستحقون أن تحزن عليهم. إذن لو قال لا خوف عليهم ولا حزن لا يستقيم المعنى قد يكون ذم وليس فيه فائدة ولا ينفعهم.
ثم قال (ولا هم يحزنون) بتقديم (هم) يعني أنهم لا يحزنون ولكن الذي يحزن هو غيرهم، ليس هم الذين يحزنون لكن الذي يحزن غيرهم من الكفرة هؤلاء أصحاب الحزن. لو قال لا خوف عليهم ولا يحزنون يعني هم لا يحزنون لكن لم يثبت الحزن لغيرهم من الكفرة لكن هنا هو أثبت الحزن لهم ونفاه عن غيرهم التقديم أفاد الحصر، ما أنا فعلت هذا يعني فعله غيري أثبته لغيري، ما أنا قلته. فأراد ربنا تبارك وتعالى أن ينفي عنهم الحزن ويثبته لغيرهم (ولا هم يحزنون).
ما قال لا عليهم خوف بتقديم الجار والمجرور كما قال ولا هم يحزنون وهذا أيضاً لا يصح. عندما يقول لا عليهم خوف يعني ليس عليهم الخوف ولكن الخوف على غيرهم وهذا أيضاً لا يصح. أنت لا تخاف على الكفار، أنت نفيت الخوف عنه وأثبته على غيرهم يعني أنت تخاف على غيرهم وغيرهم أي الكفار، من يخاف على الكفار؟ دعهم يذهبوا إلى الجحيم، إذن لماذا نخاف عليهم؟ هذا المعنى يفهم إذا قدّم لو قال لا عليهم خوف كان نفاه عنهم وأثبته على غيرهم ونحن لا نخاف على الكفار من الذي يخاف على الكفار وهم مغضوب عليهم؟. إذن لا يصح أن يقال لا عليهم خوف كما قال ولا هم يحزنون.
يبقى السؤال لماذا قال لا خوف عليهم برفع الخوف؟ لا خوفَ عليهم نص في نفي الجنس ولا النافية للجنس تعمل عمل (إنّ). لماذا رفع (خوفٌ)؟ ما الفرق في المعنى من حيث الرفع والبناء في النصب؟ لما تقول لا رجلَ أو لا رجلُ، لما تقول لا رجلَ بالبناء على الفتح هذا نفي نص الجنس يعني لا يوجد أيّ رجل مطلقاً، ولا رجلٌ يفيد نفي الجنس على الراجح لأنه يحتمل نفي الواحد، عندما نقول لا رجلٌ إحتمال وجود رجلين أو ثلاثة أو أربعة هذا احتمال واحتمال نفي الجنس على الأرجح. لا خوفٌ عليهم يعني في غير القرآن يمكن أن تجعله لا خوفٌ عليهم بل أكثر من خوف بينما لا خوفَ عليهم نص في نفي الجنس. لا شك السياق نفي الجنس تخصيصاً من أكثر من ناحية: من ناحية مقام مدح، من ناحية قال (ولا هم يحزنون) فإذا كانوا لا يحزنون فإنه لا خوف عليهم لأن الحزن إذا كان هنالك شيء مخوف فتحزن لذلك. إذن دلت القرائن على نفي الخوف تنصيصاً وجاء بـ (لا) النافية للجنس أيضاً في قراءة أخرى. فإذن القراءتان دلت على نفي الخوف تنصيصاً وبالقرينة. لكن هنالك مسألة إذا كان هو أفاد نفي الجنس تنصيصاً أو بالقرينة إذن لماذا يأت بنفي الجنس ولم يقل لا خوفَ عليهم؟ هو عندما يقول (لا خوفٌ عليهم) بالرفع هذا يفيد معنيين: الأول كون حرف الجر (عليهم) متعلق بالخوف مثلاً (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7) القصص) متعلق بـ (خاف)، إني أخاف عليك الذئاب (متعلق بخاف). لو كان الجار والمجرور (عليهم) متعلقاً بالخوف يكون الخبر محذوفاً لأن لا خوفٌ عليهم الخبر يكون محذوفاً. يحتمل أن يكون الجار والمجرور (عليهم) ليس متعلقاً بالخوف وإنما متعلق بكان واستقر يعني لا خوف كائن عليك. مثل الجلوس في الصف أو الوقوف في الساحة، الجلوس في الصف يعني عليكم أن تجلسوا في الصف، الوقوف في الساحة (مبتدأ وخبر) يعني عليكم أن تقفوا في الساحة، الجلوس في الصف لا يوجد خبر إذا تعلق الصف بالجلوس
(يُتْبَعُ)
(/)
لا يكون هنالك خبر، الجلوس في الصف مطلوب نافع مفيد، الوقوف في الساحة مطلوب مأمور بها، الوقوف في الساحة عليكم أن تقفوا في الساحة. لا خوفٌ عليك موجود، لا خوف عليك إذن فيها معنيين واحتمالين وليست هنالك قرينة سياقية تحدد معنى معيناً، إذن هذا توسع في المعنى جمع معنيين. إذا أخذناها على أن (عليهم) متعلقة بالخوف يكون الخبر محذوف يعني لا خوف عليهم من أي مكروه أو لا خوف واقع عليهم إذن الرفع فيها احتمالين أن يكون (عليهم) متعلق بخوف فيكون الخبر محذوف تقديره كائن أو موجود أو (عليهم) هو الخبر، الخوفُ عليهم. أما لا خوفَ عليهم ليس فيها احتمال، (عليهم) هو الخبر نصّاً لا يجوز أن يتعلق بالخوف نحوياً. (لا خوفٌ عليهم) فيها احتمالان (عليهم) متعلقة بالخوف والخبر محذوف مقدر والآخر أن (عليهم) هو الخبر وكل واحدة لها دلالة. لو قال لا خوفَ عليهم قطعاً (عليهم) هو الخبر لأنه لو كان تعلق به سيكون شبيهاً بالمضاف فنقول لا خوفاً عليهم بالنصب ولا يصح البناء مطلقاً لأنه شبيه بالمضاف ولا يمكن أن نبني. مثال: لا بائعَ في الدار يعني ليس هنالك أي بائع في الدار مطلقاً سواء كان هذا البائع يبيع في الدار أو في السوق أما لا بائعاً في الدار يعني الذي يبيع في الدار غير موجود ربما يوجد واحد في الدار يبيع في السوق (يفتح في بيته ما يبيعه) وكأن الدار كان فيها متجر أو هو يبيع في بيته، لا بائعاً يعني الذي يبيع في الدار غير موجود. فإذن لا خوفَ ليس له إلا دلالة واحدة (أن (عليهم) خبر لا) أما لا خوفٌ عليهم فيها دلالتان. لو اكتفى لا خوفَ عليهم سنفقد معنى. (لا خوفَ) خوفَ نعربها إسم لا النافية للجنس، أما (لا خوفٌ) (لا) نعربها إما عاملة عمل ليس وقسم يجعلها مهملة فيكون خوف مبتدأ وعليهم خبر.
هو نفى الخوف والحزن الثابت والمتجدد، نفي الخوف الثابت والمتجدد ونفى الحزن الثابت والمتجدد. قال (لا خوف عليهم) هذا ينفي الخوف الثابت لأنه استعمل الحزن و (ولا هم يحزنون) نفي الحزن المتجدد. نفي الحزن لمتجدد ينفي الخوف المتجدد لأنك تخاف فتحزن، نفي الحوف الثابت ينفي الحزن الثابت فلما جاء أحدهما بالفعل والآخر بالإسم وأحدهما مرتبط بالآخر، نفى (لا خوف) نفى الخوف الثابت (ولا هم يحزنون) نفى الحزن المتجدد، لما نفى الحزن المتجدد يقتضي نفي الخوف المتجدد لأن الأمر قبل أن يقع مخوف منه فإذا وقع حزنت عليه. الخوف أولاً ثم الحزن يعدما يقع إذا وقع ما يخاف منه. فهمنا الحزن المتجدد من الفعل المضارع (لا هم يحزنون) الذي فيه تجدد واستمرار وهذا يقتضي (لا خوف عليهم) لأن الحزن مرحلة تالية للخوف فإذا نفى ما يستجد من الحزن ينفي ما يستجد من الخوف. ونفى الخوف الثابت والحزن الثابت فإذن عندما جمع الأمرين نفى الخوف عليهم الثابت والمتجدد والحزن الثابت والمتجدد.
لماذا لم يقل لا خوفٌ عليهم ولا حزن لهم؟ جملتان إسميتان تدلان على الثبوت؟ لو قال لا حزن لهم هو ينفي الحزن عنهم ولا يثبته لغيرهم، هو قال (ولا هم يحزنون) أثبت الحزن لغيرهم لو قال لا حزن لهم لم يثبته لغيرهم. لو قال ولا لهم حزن هذا تنصيص على الجنس بمعنى ليس هنالك نص في نفي الجنس يعني لا لهم حزن لأن لا النافية للجنس لا يتقدم خبرها على إسمها فإذا تقدّم لا تعود نصاً في نفي الجنس ثم يجب رفع الحزن لا يجوز نصبه ولا بناءه (ولا لهم حزنٌ) ما دام تقدم الخبر تصير (لا) مهملة. ثم سنخسر الثابت والمتجدد لأنها تصبح كلها إسماً إذن تنفي الثابت فقط ولا تنفي الثابت والمتجدد. ولذلك هذا التعبير أجمع تعبير للدلالة على المعنى بحيث كل تغيير لا يمكن أن يكون فيه، هذا كله في (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 05:20 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذ محمد.
وفي التنزيل: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)
تأكيدا لكلامك: لقد حمدوا الله، عز وجل، على ذهاب الحزن، حتى قبل حمده على جلب النعمة بإحلالهم دار المقامة، من باب: درء المفاسد قبل جلب المصالح، فإن أي متعة لا قيمة لها إن تعكر صفوها بحزن، بخلاف من لا متعة محسوسة بين يديه ولكنه في عافية من الحزن فحاله أكمل بكثير من الأول، وكمال الأمرين لا يكون في هذه الفانية وإنما يمن الله، عز وجل، به على من شاء من عباده في الباقية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 11:51 م]ـ
أخيَّتي د. احلام
بارك الله فيك على ما تفضلت به، زادك الله علمًا وحبَّا لكلام الله
كما ندعو لأستاذنا السامرائي بطول العمر حتى يمدنا بدرره.
كما أشكر أخي المهاجر على مداخلته وإضافته التي أضفت جمالا على الموضوع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنوار]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 07:33 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
كل الشكر للدكتورة الفاضلة .. على هذه الوقفات الرائعة ..
ودمتِ بخير
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 09:42 ص]ـ
وقفات جميلة تساعدنا على الفهم لكتاب ربنا لتساعدنا على تعبده بشكل أقرب لنا، فبوركت أخي محمد وبوركت د. أحلام على الاطلالة اللطيفة.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 05:15 ص]ـ
بارك الله فيكم، وغمر قلوبكم بنور القرآن الكريم.
ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 03:49 ص]ـ
كل الشكر للدكتور الفاضل: محمد سعد ..
على هذه الوقفات القيمة من كتاب الله الكريم ..
.......................... دمتم بخير(/)
أيجوز في كلام العرب
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 06:59 م]ـ
أخبرنا اليزيدي عن عمه أبي الشيخ يرفعه إلى أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي قال: كان يجيئني رجل فيسألني عن آيات من كتاب الله مشكلات، وكنت أتبين العنت في سؤاله، وكنت إذا أجبته أرى لونه يَربَد ويسودُ، فقال لي يوما:
أيجوز في كلام العرب أن نقول:
" أدخلت القوم الدار ثم أخرجتهم رجلا "؟
فقلت:
لا يجوز ذلك حتى تقول:
أخرجتهم رجلا رجلا، تقوله في تفصيل الجنس.
قال:
فكيف قال الله تعالى (ثم يخرجكم طفلا). فقلت:
ليس هذا من ذاك لأن الطفل مصدر في الأصل فهو يقع على الواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد فتقول:
" هذا طفل، وهذان طفل، وهؤلاء طفل ".
كما قال تعالى (والطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ".
فطفل في الآية موضع أطفال فكأنه قال ثم يخرجكم أطفالا.
قال:
فأخبرني عن قوله (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض). من أين لهم هذه الأرض هناك؟ فقلت له:
وهمت، أما سمعت قوله تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض) فودوا أن تلك الأرض تسوى. فسكت.
عن كتاب"أخبار أبي القاسم الزجاجي" للزجاجي
ـ[محمد سعد]ــــــــ[11 - 09 - 2008, 11:29 م]ـ
أشكرك على تتحفنا به أخي أحمد
زهور من بستان العرب تظهر لك مدى حبهم للغتهم، وسرعة بديهتهم
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 09:15 ص]ـ
صحيح أخي محمد بارك الله وقفاتك الممتعة ونفعنا الله بك.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 04:53 ص]ـ
الأستاذ الفاضل أحمد الغنام:
بارك الله فيك على ما تفيدنا، وتمتعنا به من درر العربية.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:04 م]ـ
الأستاذ الفاضل أحمد الغنام:
بارك الله فيك على ما تفيدنا، وتمتعنا به من درر العربية.
شكر الله لك المرور الكريم ونفعنا بك أخيتي ندى الرميح.
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 11:37 م]ـ
شكرا لك أخي أحمد على ما أوردت وأتحفت
يقول ابن مالك في ألفيته
ونعتوا بمصدر كثيرا .......... فالتزموا الافراد والتكيرا(/)
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 03:22 م]ـ
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم.
هذه رسالة ماجستير تقدم بها الطالب كريم مزعل محمد اللامي إلى
كلية التربية في الجامعة المستنصرية.
اعتمد الباحث في دراسته على استكناه المنطق الداخلي للظاهرة الصوتية في معالجة موضوع الإعجاز الصوتي القرآني متنقلا بين سوره المباركة لتذوق عبارات آياته الجزلة الفخمة وفهم كلمات الله الخالدة.
تقع الرسالة في ثلاث فصول فضلا عن تمهيد وخاتمة وثبت للمراجع.
تناول التمهيد بشئ من التفصيل ماهية علم الدلالة ومفهومه، فضلا عن أثر الدلالة في أقامة الفهم حول العلاقة أو الصلة بين اللفظ ومدلوله، بدءا من مفكري اليونان القدماء، مرورا بعلماء العربية من الأولين وانتهاءا بالمحدثين، مبينا أهم الآراء ومستشهدا ببعض النصوص التي تقرر تلك العلاقة أو هذه، ولتكشف الدراسة أهمية الصوت في البنية التركيبية للكلمة.
اختص الفصل الأول بتسليط الضوء على الأصوات المفردة في القرآن الكريم، حيث تناول المؤلف مفهوم الصوت ودوره في اللغة مركزا على بعض الظواهر الصوتية كأصوات (الشين، الكاف، الميم، والنون) وغيرها من الأصوات. وكذلك فقد درس هذا الفصل الحركات وأصوات اللين، وأثرها في أقامة المعنى، بالإضافة إلى الغوص في دراسة بعض الهياكل التركيبية للجملة العربية، ومنها (التضعيف والتشديد، وصيغة افتعل).وركز هذا الفصل على الدور الذي لعبته هذه الوحدات الصوتية ــ بما توحي من دلالات عامة ــ في إبراز جمالية التشكيل اللغوي للقرآن الكريم بإعجازه الصوتي.
وتناول الفصل الثاني من هذه الدراسة ظواهر صوتية أخرى، مكرسا حيزا ملحوظا لدراسة مسألة (سهولة الألفاظ والتلاؤم الصوتي) الذًين حققا للقرآن صفاءا صوتيا. فمما لا ريب فيه أن لغة القرآن الكريم تمتاز بالتلاؤم الصوتي الذي يعين على تدفق التلاوة وجمال الانسجام بين الأصوات، سواء كان ذلك على مستوى اللفظة المفردة، أو على مستوى النظم اللغوي، حيث للصوت أثر واضح في إيجاد التناسق بالنسبة للأعجاز الصوتي في القرآن الكريم مقارنة بكلام العرب. فضلا عن ذلك، فقد سلط هذا الفصل الضوء على صيغة الفعل الرباعي المكرر موضحا أن الزيادة الحاصلة في مبناه تدل على زيادة في معناه، وكذلك الفواصل القرآنية ودورها في الأعجاز الصوتي وأثرها في البنية الإيقاعية للتعبير القرآني، ودورها في أتمام المعنى وقيمتها في الانسجام مع ما قبلها من كلام.
أما الفصل الثالث و الأخير فقد تناول فيه الباحث الإيقاع مبينا قيمته في الإيحاء بالمعنى وما يبدو من علاقة بين تغير الإيقاع وتغير المعنى، وأساليب الخطاب لكل من السور المكية والسور المدنية، مع بيان أهمية ذلك الاختلاف ليراعي فيه مقتضى أحوال المخاطبين، وأهمية الموسيقى الداخلية لآيات القرآن الكريم وأثر تلك الموسيقى في الإفصاح عن المعنى، فمنها الصاخب العنيف، ومنها الرخي الموجة، مع تبيان ما للتنغيم من أهمية في اللغة المنطوقة، وأثره في تنوع المعنى مع عدم اختلاف مكونات الكلام.
وختم الباحث دراسته بنتائج أفادت في تحديد مفهوم الدلالة والصوت، وكيف أن القرآن الكريم يحتوي بين جنباته بيانا قاصدا مقررا يتجلى فيه المعنى في صورة كاملة. فالقرآن كتاب هداية، والهداية لا تتحقق إلا بفهم المعنى لأن القيمة الصوتية لألفاظ النص القرآني مطابقة للقول أو فعل القول، وأعظمها هذا الدفق الروحي في الصورة والأخيلة والقصص القرآني.
تشكل هذه الدراسة، بما تحتويه من إضاءات، إضمامة جديدة وإضافة من شأنها أثراء المكتبة العربية ومحاولة لسد ثغرة في مجال الدراسات الصوتية القرآنية بما تحويه من أفكار وتحليلات أكاديمية رصينة، أجاد فيها المؤلف كثيرا، وهي ثمرة يانعة من ثمرات فيوض القرآن الكريم بما يحويه من مجالات رحبة للدراسة والبحث وعوالم تنتظر من يميط اللثام عن مكنوناتها.
نقلا عن مجلة علوم انسانية - السنة السادسة: العدد 38: صيف 2008(/)
لماذا اختلف التعبير في الآيتين الكريمتين؟
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 05:47 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
يقول الله عز وجل: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق .. "
وقال في آية أخرى: " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق .. "
فهل لاختلاف التعبير في الآيتين أثرٌ في المعنى؟
محبتي ومودتي للجميع،،
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 06:15 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لست بلاغيا أخي ابن بريدة الغالي، وهذه محاولة، والله المستعان
في الآية الكريمة من سورة الإسراء " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم"
ينص التعبير القرآني على أمر الله تبارك وتعالى للناس على عدم قتل الأولاد خشية الفقر.
فالفقر لما يقع بعد، وإنما هو تحسب من أولئك من وقوعه لزيادة العدد فيزيد معه الإنفاق، لذا نجد تتمة من الله عز وجل بقوله " نحن نرزقهم وإياكم" فالرزق بيد الله في كل حال، إلا أنه قدم رزق الأولاد على رزق الآباء، لأن الخوف نتيجة تلك الزيادة، فإذا كان ذلك كذلك فالرزق مكفول للأبناء كما هو مكفول للآباء ..
أما في الآية من سورة الأنعام: " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ "
فالفقر واقع، والخشية أشد لما سيكون من زيادة، فجاء التعبير موافقا للحالة، لذا قدم الله عز وجل مسألة الرزق للآباء الذين يعانون فعلا من الإملاق، فرزقهم مكفول محفوظ، ورزق الأبناء مكفول أيضا، فلا تنشغل النفس بما هو واقع، وبما سيكون، وحتى تطمئن قلوبهم ..
تلك على عجالة والله تعالى أعلم
ـ[محمد سعد]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 06:21 ص]ـ
يفيد حرف الجر من في الآية الثانية معنى السببية أي أن الفقر حاصل وينهاهم عن عن قتل أبنائهم بسبب ذلك ويعلمهم بأن الله سيرزق الآباء والابناء وذلك في قدرته وفي علمه.
أما الآية الأولى فسبب القتل الخوف من الفقر الذي لم يحصل بعد ويخبرهم بأنه سيرزق الأبناء وذويهم وليس من داع لخوفهم الذي يلجئهم لقتل أبنائهم معتقدين أنهم الذين يوفرون رزق أبنائهم.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 06:27 ص]ـ
اعتذر أخي أبا أنمار لم أر مداخلتك يبدو أن الرد كان متزامنا
ولو رأيت مشاركتك ما تداخلت
راجيا قبول الاعتذار
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 06:35 ص]ـ
حياك الله أبا فادي، وأشكرك على إضافتك الماتعة ..
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[14 - 09 - 2008, 02:44 م]ـ
أخويّ الكريمين .. أبا أنمار وأبا فادي ..
رائعٌ ما تفضلتم به، وبارك الله فيكما.(/)
- لماذا جاء الجمع مذكرًا يا أهل النحو العالي؟
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 05:21 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هيا لنشرب كوبًا بلاغيًّا فاخرًا بعيدًا عن صخب النحاة، وأنا واحد منهم:).
معًا نقضي في البلاغة أجمل أيام العمر خصوصًا إذا كنا نشربها عذبة من القرآن الكريم بعد هذه المقدمة -في شهر القرآن هذا الشهر الفضيل- استوقفتني - يا أهل البلاغة - هذه الآية من سورة يوسف:
{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} (29) سورة يوسف
لماذا قال الله - جل في علاه - (من الخاطئين) والسياق لمؤنث، وكان مقتضى الحال أن يقال: (من الخاطئات).
ولم عدل القرآن عنه؟
دعواتي لكم، وفائق احترامي وتقديري.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 05:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم أهل النحو، وإن النفس لتأنس بمتابعاتكم، ومداخلاتكم التي تسهم في ثراء الموضوعات.
فيما يتعلق بسؤالك أستاذ عبدالعزيز، فاجتهادي في الإجابة عنه يتناول الجانبين: النحوي، والبلاغي:
أما النحوي: فإن العدول إلى جمع الذكور هو من باب التغليب؛ إذ (أل) هنا لاستغراق جنس المرتكبين للذنب، فيدخل فيهم المرتكبات له دخولاً أوليًّا.
وأما البلاغي: فربما في العدول إلى جمع الذكور لونٌ من الإزراء على المرأة، وتقبيح لفعلها؛ فإن جراءتها على مثل هذا الذنب، وتجاسرها عليه، مما لا يليق بالحياء الذي ينبغي أن يستقر في جبلة النساء، ويمازج كينونتهن، وقد استقر - عرفًا - أن الذكورَ أشدُّ تجاسرًا على هذا، مع ما استقر - شرعًا - من أن الحكم الشرعي واحد لكلا الجنسين.
ما هذا إلا اجتهاد؛ فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت، فمن نفسي والشيطان.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[عبدالدائم مختار]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 07:28 ص]ـ
أنعم وأكرم بك أستاذة ندى على التوضيح البليغ
أقول بقولك في مسألة العدول إلى جمع الذكور، لأن الأصل في الأسماء التذكير، وهو كما أفدت.
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 08:32 ص]ـ
الأساتذة الأجلاء،
قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (35) الأحزاب
الإيمان فعل جماعي مشترك لذلك يمكن مخاطبة الذكور بوصفهم جماعة (المؤمنون)، ويمكن مخاطبة النساء بوصفهم جماعة (المؤمنات) لأن الإيمان عمل جماعي يشكل رابطا مشتركا يربط بين أفراد الجماعتين ويجمع بينهم، وكذلك هو الأمر عند (المسلمين) و (المسلمات) وغير ذلك.
لكن الخطيئة التي ارتكبتها زوجة الملك هنا عمل فردي لا يدخلها في جماعة خاصة متشكلة من الإناث الخاطئات فاقتضى السياق مخاطبتها ضمن المجموعة العامة الأكبر التي تضم الذكور والإناث (الخاطئين).
هذا مجرد اجتهاد، والله أعلم، وإن أخطأت فصوبوني.
منذر أبو هواش
تفسير القرطبي
قوله تعالى: "يوسف أعرض عن هذا" القائل هذا هو الشاهد. و"يوسف" نداء مفرد، أي يا يوسف، فحذف. "أعرض عن هذا" أي لا تذكره لأحد واكتمه. "واستغفري لذنبك" أقبل عليها فقال: وأنت استغفري زوجك من ذنبك لا يعاقبك. "إنك كنت من الخاطئين" ولم يقل من الخاطئات لأنه قصد الإخبار عن المذكر والمؤنث، فغلب المذكر؛ والمعنى: من الناس الخاطئين، أو من القوم الخاطئين؛ مثل: "إنها كانت من قوم كافرين" [النمل: 43] "وكانت من القانتين" [التحريم: 12]. وقيل: إن القائل ليوسف أعرض ولها استغفري زوجها الملك؛ وفيه قولان: أحدهما: أنه لم يكن غيورا؛ فلذلك، كان ساكنا. وعدم الغيرة في كثير من أهل مصر موجود. الثاني: أن الله تعالى سلبه الغيرة وكان فيه لطف بيوسف حتى كفي بادرته وعفا عنها.
ـ[أنوار]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 09:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
جزيل الشكر للأستاذ العمار ... على طرحه لهذه المواضيع القيمة، التي تسهم في تدبر القرآن الكريم، وفهم معانيه، والوقوف على كوامن لفظه ..
وإجابة لما ورد ..
(يُتْبَعُ)
(/)
- أن أصل الإسم التذكير، والتأنيث فرع عنه .. ولكون التذكير هو الأصل فقد استغنى الإسم المذكر عن علامة تدل عليه، ولما كان التأنيث فرع عنه، احتاج إلى علامة تدل عليه .. كالتاء والألف المقصورة أو الممدودة .. وأكثر ما تستعمل في ذلك التاء ..
أما المؤنث الذي ليس فيه علامة تأنيث فإنه يستدل عليه بعودة الضمير إليه مؤنثاً ..
أما في الصفات فقد أضيفت التاء للتفريق بين المذكر والمؤنث .. ومنه .. خاطئ، خاطئة - كاتب، كاتبة.
وقد استخدم في القرآن الكريم صفات مؤنثه للمذكر والعكس .. مثل:
قال تعالى: (من يحيي العظام وهي رميم).
وقال تعالى: (إن رحمة الله قريبٌ من المحسنين).
وهناك بعض الصفات يشترك فيها المؤنث والمذكر .. مثل (جريح – وصبور) .. وباب الصفات باب متشعب
يضيق بي المقام لبيانه.
أما صفة (الخاطئين) فإنها تشمل المذكر والمؤنث على حدِّ سواء، وهو من الرقي الذي عرف به الأسلوب القرآني في أختيار اللفظة التي تؤدي معنى عاماً ..
أيضاً مما ورد في القرآن الكريم من استخدام المذكر للمؤنث والعكس:
- العصا مؤنثة. قال الله تعالى: "قال هي عصاي أتوكأ عليها".
ولا يقال: هذه عصاتي، بالتاء. ويقال هي أول لحنة سمعت بالعراق.
والنفس مؤنثة. قال الله تعالى: "أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله".
فأما قوله في الجواب: "بلى قد جاءتك آياتي" بالتذكير، فحمله على المعنى؛ لأن النفس في المعنى إنسان.
ومنه قول الشاعر:
قامت تبكيه على قبره ........................ من لي من بعدك يا عامر.
تركتني في الدار ذا غربة ...................... قد ذل من ليس له ناصر.
فقالت: ذا غربة، ولم تقل ذات غربة؛ لأن المرأة في المعنى إنسان.
وكان القرأن الكريم في بدء نزوله لا يخاطب المؤمنين عامة (رجالاً ونساء) إلا بلفظ المذكر، إلى أن حدث ما كان سبباً في نزول الآية (35) من سورة الأحزاب ..
(قال مقاتل بن حيان بلغني أن أسماء بنت عميس لما رجعت من الحبشة معها زوجها جعفر بن ابي طالب دخلت على نساء النبي فقالت: هل نزل فينا شئ من القرآن؟ قلن: لا، فأتت النبي فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال ومِمَ ذلك؟ قالت: لأنهنّ لا يُذْكَرْنَ في الخير كما يُذْكَرُ الرجال، فأنزل الله تعالى (إنَّ المُسلمِينَ وَالمُسلِمَاتِ) إلى آخرها ,
فالله عزَّ وجل لم يذكر في القرآن الكريم اسلوب الخطاب أو الأمر أوالجزاء والعقاب بلفظ المذكر إلا لأنه هو الأصل ويشمل الذكر والأنثى.
والله به أعلم ...
ـ[أنوار]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 09:33 ص]ـ
لست من أهل الخبرة والتخصص ...
إلا أن ما أوردته اجتهاد بسيط .. قد أكون أقربهم للخطأ.
دمتم بخير ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 09:58 ص]ـ
الأستاذ الفاضل منذر أبو هواش:
بارك الله في وقفتك أيها الفاضل، وإن من محاسن البلاغة أنها مطواعة مرنة، وقوامها الذائقة، والبصر بأفانين الكلم، وهي حمالة أوجه كما هو متعارف مشهور.
صدرت اجتهادك الكريم أستاذي بآية بنيت عليها الفرق في إيراد جمع الإناث فيها بجانب جمع الذكور (آية الأحزاب)، وإيراد التعبير بجمع الذكور دون الإناث في سورة يوسف.
على أني أود أن ألفت إلى أمر، وهو أن التعبير بجمع الإناث في الأحزاب كان بسبب نزول اقتضاه، وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما، من أن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: قلت للنبي – صلى الله عليه وسلم – ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ فلم يرعني منه – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم إلا نداءه على المنبر وهو يقول: " إن المسلمين والمسلمات ... " الآية.
وهناك أسباب أخرى بنحو هذا. ينظر: أسباب النزول للواحدي / 296، وروح المعاني للألوسي: (22/ 274).
وعليه، ففي هذا الذكر للنساء – وإن ارتبط بسبب خاص - من التشريف، والاستجابة لمرادهن، وتكريمهن ما فيه، وبيان رباني بأن لهن عند الله ما للرجال من الثواب سواء بسواء.
وإذا أخذنا هذا الذكر - جمع المؤنث - الذي أفاد التشريف هنا، ووضعناه بإزاء الصد عن التعبير به في سورة يوسف، لاستبان أن في غض الطرف هنا لمحًا إلى الإزراء والتقبيح لفعل المرأة ... هذا ما تبدّى لي من منظور بلاغي.
والله - تعالى - أعلم.
أما صفة (الخاطئين) فإنها تشمل المذكر والمؤنث على حدِّ سواء، وهو من الرقي الذي عرف به الأسلوب القرآني في أختيار اللفظة التي تؤدي معنى عاماً ..
الأخت العزيزة أنوار:
بارك الله فيك، وأجزل مثوبتك.
ما تفضلت به من اجتهاد إنما يصب في التخريج النحوي أكثر مما يتناول الجانب البلاغي، ولا شك في دعامة هذا للنظر البلاغي، فما البلاغة إلا نحو معلل، وما قامت نظرية النظم إلا على النحو.
النحو يذكر القاعدة ويفسرها، والبلاغة تكمل؛ فتجلي جمالها وأسرار التعبير بها.
وسؤالي - بارك الله فيك -: كيف تكون (الخاطئين) صفة تشمل المذكر والمؤنث على حد سواء؟
تحيتي وتقديري ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 01:21 م]ـ
الأستاذ الفاضل منذر أبو هواش: على أني أود أن ألفت إلى أمر، وهو أن التعبير بجمع الإناث في الأحزاب كان بسبب نزول اقتضاه، وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما، من أن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: قلت للنبي – صلى الله عليه وسلم – ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ فلم يرعني منه – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم إلا نداءه على المنبر وهو يقول: " إن المسلمين والمسلمات ... " الآية.
الأستاذة الفاضلة ندى الرميح،
شكر الله لك ... وفتح عليك ...
لو استعرضنا كافة الآيات الأخرى التي ورد فيها جمع إناث لاكتشفنا أن جمع الإناث في تلك الآيات كلها له علاقة مباشرة بالسياق، بيد أن السياق هنا لأنثى مفردة على وجه التحديد، وجمع الإناث في الآية - على حد علمي - ليس في حد ذاته موضوع بحث، لذلك فإن مقتضى الحال أن يقال: (من الخاطئين).
ودمتم،
منذر أبو هواش
ـ[ضاد]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 02:25 م]ـ
لأن ألف امرأة ورجلا واحدا يجمعون على المذكر. والخاطئون هنا ليست تخصيصا لجنس الرجال دون النساء بالخطإ, عكس لو قال تعالى "الخاطئات", بل هو تعميم وجمع على العموم الذي ليس فيه تخصيص لجنس المجموع, بل هو مجرد تذكير لغوي, تماما مثل الملائكة المؤنثة لغويا فقط, لأنه ثمة فرق بين التأنيث اللغوي والتأنيث الحقيقي. فرجال مثلا تذكير لغوي حقيقي, ونساء تأنيث لغوي حقيقي, والمؤمنون تذكير لغوي فقط إلا إذا كان ثمة قرينة تدل على التذكير الحقيقي. ويذكرني هذا السؤال بالإضافة الكاذبة التي أضافها بعضهم إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" حيث أضافوا "ومسلمة" لأنهم ظنوا أن كلمة "مسلم" هنا تعني الرجل فقط دون المرأة, وهذا من جهلهم أو تجاهلهم بمعاني الكلمات. هذا والله أعلم.
ـ[أنوار]ــــــــ[15 - 09 - 2008, 03:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ..
سعدت بمرورك أستاذتي الفاضلة _ ندى الرميح.
وبالنسبة لسؤالكِ ..
أن لفظة الخاطئين أريد بها العموم وهي من باب (التغليب) أي تغليب المذكر على المؤنث، لكونه الأصل والتأنيث هو فرع عنه ..
وأسلوب التغليب .. هو إعطاء أحد المتصاحبين أو المتشابهين حكم الآخر بعله موافقاً له في الهيئة أو المادة ..
وهذه الآية التي طرح سؤال حولها كان هناك آيات مماثله لها منها قوله تعالى .. (وصدَّقت بكلمات ربها وكتُبه وكانت من القانتين) التحريم (12) .. فكان مقتضى الظاهر أن يقال: وكانت من القانتات، ولكن النظم الكريم عدل عن ذلك فعدَّ الأنثى من الذكور بحكم التغليب، وفيه إشعار بأنها قد بلغت في طاعتها مبلغ أولئك الرجال
فعدَّت منهم.
ومنه قوله تعلى: (فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر) البقرة (34) .. فقد عدَّ إبليس من الملائكة بحكم التغليب ..
هذا والله به أعلم .... ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ..
**********
كان مرجعي في التغليب ... كتاب علم المعاني .. دراسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني ..
تأليف / بسيوني عبد الفتاح فيود.
وكذلك نجد في النحو ما كان مذكراً ولا يصح أن يجمع جمع مذكر سالم مثل (رجل) ..
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 07:33 ص]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
جزاكم الله خيرًا؛ فلقد أعجبت بجمال الأسلوب في الجواب، وحسن التأتي للصواب، وروعة الأدب والأخلاق.
شكرًا لكم من القلب، وجزاكم الله خيرًا.
- ندى الرميح. مشرفة المنتدى.
- منذر أبو هواش.
- ضاد. مشرفنا القديم المتجدد الجميل.
- أنوار.
عبدالدائم مختار.(/)
لمسات جمالية: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ}
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 05:34 ص]ـ
{وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بأي ذنب قتلت} التكوير/9 - 8
ما معنى الوأد في اللغة؟
و أَد ابنتَهُ يَئِدُها وأْدا: دَفَنَها في القبر وهي حية.
يوجد جمال في البيان القرآني في توجيه السؤال إلى الموؤدة: {بأي ذنب قتلت}.
المقصود بذلك إدخال الروع في قلب من وأدها، وقد جعل الله سبحانه وتعالى سؤالها عن تعيين ذنب أوجَب قتلها تعريضا و توبيخا لمن وأدها و إشارة إلى عظم ما قام به من جرم, ولكي تكون إجابتها شهادة على من وأدها فيكون استحقاقه العقاب أشد وأظهر؛ فإذا ظهر أنه لا ذنب لها كان أعظم في البيّنة وظهور الحجة على قاتلها.
نوع الاستفهام في قوله {بأي ذنب قتلت} استفهام تقريري, استخدمت فيه الأداة الاستفهامية (أي) التي يؤتى به لتميز شيء من بين أشياء تشترك معه في حال.
تأملوا قوله تعالى: بأي ذنب قتلت؟
جيء بالسؤال عن الذنب ولم يؤتى بالسؤال عن القاتل الذي و أدها, وهذا يجعل من الخطاب أقوى تأثيرا, فالوائد يسمع السؤال الموجه اإلى الموؤدة , ويعلم أنه لا يوجد ذنب استدعى قتلها, فيكون ذلك وقع أكثر في نفسه.
تروي بعض كتب السير أن أول قبيلة وأدت من العرب ربيعة وذلك أنهم أغير عليهم فنهبت بنت لأمير لهم فاستردها بعد الصلح فخيرت برضا منه بين أبيها ومن هي عنده فاختارت من هي عنده وآثرته على أبيها فغضب وسن لقومه الوأد ففعلوه غيرة منهم ومخافة أن يقع لهم بعد مثل ما وقع وشاع في العرب.
على النقيض من ذلك, كان صعصعة بن ناجية ممن يمنع الوأد؛ فافتخر الفرزدق به في قوله:
ومِنَّا الذي مَنَعَ الوَائِدَاتِ
وأحْيَا الوَئِيدَ فَلمْ يُوأدِ
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:15 م]ـ
شكرا لك أخي الدكتور حجي
صورة بلاغية أكثر من رائعة
جزاك الله خيرا
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 01:36 ص]ـ
الدكتور الفاضل حجي الزويد:
بوركت هذه اللمسات التي تفيض بها علينا ... تناول جميل لاستفهام قرآني بالغ حد الإعجاز!
واسمح لي أن أنهل من معين علمكم من خلال هذا التساؤل:
ذكرت - حفظك الله - أن نوع الاستفهام في قوله تعالى: " بأي ذنب قتلت ": استفهام تقريري، فما توجيه التقرير هنا؟
وقد انفهم أن نوعه: تعريض وتوبيخ - وهو الأقرب في نظري - من قولك الكريم:
المقصود بذلك إدخال الروع في قلب من وأدها، وقد جعل الله سبحانه وتعالى سؤالها عن تعيين ذنب أوجَب قتلها تعريضا و توبيخا لمن وأدها و إشارة إلى عظم ما قام به من جرم, ولكي تكون إجابتها شهادة على من وأدها فيكون استحقاقه العقاب أشد وأظهر؛ فإذا ظهر أنه لا ذنب لها كان أعظم في البيّنة وظهور الحجة على قاتلها.
ولك بالغ شكري وتقديري.
ـ[مواطن]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 03:20 ص]ـ
شكرا لك على الصورة البلاغية الرائعه
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 10:10 ص]ـ
الأخ الكريم محمد ينبع الغامدي:
شكرا لكلماتكم.
بارك االله فيكم.
---
الأخت الكريمة ندى الرميح:
أعلى الله في الدارين قدرك, وزاد من قربك من فيوضات رحمته بمنه وكرمه.
شكرا للمداخلة.
---
الأخ الكريم مواطن:
أشكر لكم متابعتكم وكلماتكم.
بارك الله فيكم.(/)
ما سر اختيار اللفظ دون مرادفه ...
ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 10:30 ص]ـ
امتازت اللغة العربية بثراء ألفاظها للمعنى الواحد .. ولكن هذه الألفاظ يكْمن بينها فروق
دقيقة في الدلالة، وتفاوت يلاحظ في المعنى ..
فمثلاً .. (النظر إلى الشيء) كلمة عامة ومدلولها واسع .. ولكن عند أهل اللغة ومن أورثه الله
ذوقاً وملَكة في معرفة أصولها .. يطول تفصيلها ..
فمثلاً .. نقول: (رَمَقَه) .. إذا نظر الإنسان إلى الشيء بمجامع عينه.
.............. و (لحظه) .. إذا كان النظر من جهة أذنه.
............... (لمحه) .. إذا نظر إليه بعجلة.
.............. (خَدَجه) .. إذا رماه ببصره مع حِدَّة نظرة.
.............. (أرشقه) .. إذا نظر إليه بشدة وحدَّة.
............... (نظر إليه شَزْراً) .. إذا نظر إليه بعين العداوة.
............... (استوضحه وتوسَّمه) .. إذا نظر إليه نظر المتثبت.
.............. (تصفَّحه) .. إذا نظر في كتاب.
.............. (حدَّق) .. إذا نظر وفتح عينيه لشدة النظر.
.............. (شخَصَ) .. إذا فتح عينيه وكان لا يطرف.
.............. (أطرق) .. إن أدام النظر إلى الأرض وهو ساكت.
وقد استخدم القرآن الكريم كل لفظة في مكانها المناسب ببراعة فائقة، والتزم الدقة في مراعات
دلالة الألفاظ، وإيرادها مواردها، بطريقة تُعجِز عنها الخلائق.
يقول الجاحظ *: ((وقد يستخف الناس ألفاظاً ويستعملونها وغيرُها أحقُّ بذلك منها، ألا ترى أن
الله تبارك وتعالى لم يذكر في القرآن (الجوع) إلا في موضع العقاب، أو في موضع الفقر المدقعِ
والعجز الظاهر؟ والناس لا يذكرون (السَّغب 1)، ويذكرون الجوع في حال القدرة والسلامة.
وكذلك ذكر (المطر) فلا نجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الإنتقام. والعامة وأكثر الخاصة لا
يفصلون بين ذكر (المطر)، وذكر (الغيث)).
**********************
* البيان التبيين (ج 1/ 40).
1 - السغب / قيل في لسان العرب: (هو الجوع مع التعب) ..
............... وقال تعالى (أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبة) البلد (14).
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 05:09 ص]ـ
رائع أختي أنوار، وهذا من جماليات لغتنا العريقة، لكن أين من يبرز هذه الجماليات ويوضح مكامن الروعة فيها، فنحن بحاجة إلى هذه المشاركات التي تكشف عن شيء من بلاغة لغة الضاد.
دمتِ موفقة أخية ..
ـ[أنوار]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 07:50 ص]ـ
شاكرة لطيب مرورك أخ ابن بريدة ....
.......................... وكتب لكم خيرا ..
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:22 م]ـ
أحسنت أختي أنوار على هذا الالتقاط الرائع
وهذا مما يميز لغتنا من ثراء في المرادفات التي لا تتطابق وإنما كل منها يؤدي معنى إضافيا
ـ[أنوار]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 03:39 ص]ـ
شاكرة لمروركم أستاذ طارق ........
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 06:10 ص]ـ
وفقك الله وبارك فيك
ولدي رأي حول (شخَصَ / أطرقَ) وهو إجتهاد شخصي فقط لاأدري هل هو صحيح أم لا؟
فكلمة (شخص) ربماتعني النظرنظرالعين للسماء أو إلى الأعلى بشكل عام وهي لاتطرف
وقدقال تعالى (فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا)
وعكسها أطرق وهي النظرللأرض والله أعلم
ـ[أنوار]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 07:34 م]ـ
نعم كلامك في محله أستاذ نعيم ..
وللإضافة فقد ورد في لسان العرب معناهما:
- شَخَصَ: شَخَصَ ببصره إذ رفعه فلم يطْرِف، وفي حديث ذكر الميت: إذا شَخَصَ بصره .. وشُخوص البصر هو إرتفاع الأجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه.
- أطْرَقَ: إذ سكت فلم يتكلم، وأطرق أي أرخى عينيه ينظر إلى الأرض .. والله أعلم.
..................... شاكرة لمروركم الكريم(/)
أيا أهل البلاغة أجيبوني أجاب الله دعاءكم.
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 06:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
يقول المولى سبحانه: " إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي .. "
لماذا استخدم في الأولى الفعل المضارع، وفي الثانية اسم الفاعل؟
عذرًا، فالمفترض أن أبحث عنها ثم أنزلها بالمنتدى فائدةً بين أيديكم، ولكن أخاكم يسيطر عليه الكسل (ويومه سنة:)).
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[16 - 09 - 2008, 08:13 م]ـ
أخي الفاضل هناك بعض التعليلات ولكن هناك آية كريمة ذكرت الحالين بالفعل (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) فهذا يجعل الأمر أكثر دقة و أكثر صعوبة.
فقد قال العض: إن الاسم يدل على الثبوت والثبوت في الميت لا الحي.
كما أن الاسم أقوى من الفعل فالصورة الثانية تحدث أكثر من الأولى.
والله أعلم بالصواب
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 05:03 ص]ـ
أشكر لك مداخلتك أخي محمدًا ..
ـ[الزير سالم]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 02:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين
هذا ما ورد في تفسير الكشاف للإمام جار الله الزمخشر المعتزلي, الجز الثاني الصفحات 45 46,:
) إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَىِّ ذالِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (7)
الأنعام: (95) إن الله فالق. . . . .
) فَالِقُ الْحَبّ وَالنَّوَى (بالنبات والشجر. وعن مجاهد: أراد الشقين الذين في النواة والحنطة) يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ (أي الحيوان، والنامي من النطف. والبيض والحب والنوى) وَمُخْرِجُ (هذه الأشياء الميتة من الحيوان والنامي. فإن قلت: كيف قال:) مُخْرَجَ الْمَيّتِ مِنَ الْحَىّ (بلفظ اسم الفاعل، بعد قوله:) يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ (قلت: عطفه على فالق الحب والنوى، لا على الفعل. ويخرج الحيَّ من الميت: موقعة موقع الجملة المبينة لقوله:) فَالِقُ
________________________________________
" صفحة رقم 46 "
الْحَبّ وَالنَّوَى (لأنّ فلق الحب والنوى بالنبات والشجر الناميين من جنس إخراج الحيّ من الميت، لأنّ النامي في حكم الحيوان. ألا ترى إلى قوله:) فَانظُرْ إِلَىءاثَارِ رَحْمَةِ ((الروم: 50)،) ذَلِكُمُ اللَّهُ (أي ذلكم المحي والمميت هو الله الذي تحق له الربوبية) فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (فكيف تصرفون عنه وعن توليه إلى غيره.
أتمنى أن يكون في بعض الجواب عن السؤال,
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 03:57 ص]ـ
شكرًا جزيلاً أخي الزير سالم
ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 11:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ...
يقال في تفسير هذه الآية .. استعمل الفعل مع الحىّ فقال: (يخرج) .... واستعمل الإسم مع الميت فقال:
(مخرج) ..... وذلك لأن أبرز صفات الحي الحركة والتجدد فجاء معه بالصيغة الفعلية الدالة على الحركة
والتجدد .. ولأن الميت في حالة همود و سكون وثبات جاء معه بالصيغة الإسمية الدالة على الثبات ....
ولكن نجد في سورة آل عمرآن يقول تبارك وتعالى: (وتخرج الحىَّ من الميت وتخرج الميتَ من الحىَّ) ..
بصيغة الفعل في الموطنين والتي تدل على التجدد ..
يقال أن السياق في آل عمرآن مختلف .. لأن سياق الآيات هو في التغيير والحدوث والتجدد عموماً .. فالله سبحانه يؤتي ملكه من يشاء أوينزعه منه .. ويعز من يشاء أو يذله ويغير الليل والنهار .. ويخرج الحىّ من الميت .. ويخرج الميت من الحىّ .. ، وغير ذلك من الأحداث .. فالسياق العام كله حركة وتغيير وتبديل فجاء بالصيغة الفعلية الدالة على التجدد والتغيير والحركة.
والله أعلم ....
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 05:10 م]ـ
شكرًا جزيلاً أختي أنوار،،(/)
من لطائفِ الاحتراسِ في القرآنِ الكريم ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[17 - 09 - 2008, 10:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاحتراس بمفهومه العام عند البلاغيين هو:
أن يتكلم المتكلم بكلام يوهم غيرَ المراد، أو قد يُفهم منه غيرُ المراد، فيسرع إلى الإتيان بلفظ معترض؛ ليخرج الظن، أوالشك، أوسوء الفهم، أو نحو ذلك.
ومن ألطف مواقعه في القرآن الكريم قوله تعالى مخاطبًا نبيه - صلى الله عليه وسلم -:
" وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين " (القصص / 44).
وقال تعالى في الإخبار عن موسى - عليه السلام -: " وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا " (مريم / 52).
جاء التعبير عن المكان الذي كلم الله منه موسى – عليه السلام – بقوله: (بجانب الغربي) عند مخاطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرد التعبير كما ورد في حق موسى – عليه السلام – (من جانب الطور الأيمن)، فما السر في ذلك؟
الجواب:
لما نفى الله – تعالى – عن رسوله وحبيبه – صلى الله عليه وسلم – كونَه بالمكان الذي قضى لكليمه الأمرَ، عرّف المكان بالجانب الغربي، ولم يصفه باليمين؛ لإرادة اللطف مع النبي الكريم أن ينفيَ عنه كونه بالجانب الأيمن، والتيامن أمر محبوب عند العرب وفي الإسلام، ولذا جرى التعبير على ما جرى عليه، مع الأخذ بالإشارة: أن سيناء تقع غرب مكة.
في حين جرى وصف المكان باليمين في حق كليمه - عليه السلام -؛ تشريفًا له.
وهذا من باب الاحتراس اللطيف في القرآن الكريم.
والله – تعالى – أعلم.
* من كتابي: بديع القرآن (94)، وتحرير التحبير (2/ 247) لابن أبي الإصبع، بتصرف.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 02:55 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... موضوع قيم كموضوعاتك دائمًا ما شاء الله!
الاحتراس والتتميم و (حشو اللوزنيج) أكلها استدراكات كقوله:
فسقى ديارك - غير مفسدها - * صوب الربيع وديمة تهمي؟
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:31 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... موضوع قيم كموضوعاتك دائمًا ما شاء الله!
الاحتراس والتتميم و (حشو اللوزنيج) أكلها استدراكات كقوله:
فسقى ديارك - غير مفسدها - * صوب الربيع وديمة تهمي؟
الأستاذ الفاضل عبدالعزيز العمار:
أشكرك على هذه الإطلالة التي آنستني ..
فيما يتعلق بشاهدك، فإنه من أشهر شواهد هذا الفن (الاحتراس)؛ ووجهه في البيت:
أنه جيء بـ (غير مفسدها) احتراسًا من توهم أن تظل الأمطار على ديار المحبوبة فتفسدها.
وفيما يتعلق بسؤاك الكريم، فإني أحب أن ألفت إلى أن القدماء قد تداخلت عندهم بعض المصطلحات البديعية؛ فالاحتراس عند ابن أبي الإصبع، هو التتميم عند ابن رشيق، وهو التحرّز مما يوجب الطعن عند ابن سنان ... إلخ.
ويفرق ابن أبي الإصبع بين الاحتراس والتتميم.
وقد استقر مفهومه - الذي أثبته - لدى جمهور البلاغيين في عصرنا، فيسمونه احتراسًا، ويسمونه تتميمًا، وبعضهم يسميه اعتراضًا، وسأقرأ - بإذن الله - لأرى إن كان يسمى حشوًا أيضًا.
تحيتي وتقديري ..
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 04:10 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله!
ـ[المضري]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 10:44 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
الأخت ندى شكر الله لك هذا الطرح حيال مقصد بلاغي غاية في الدقة والرقة ومضي الجانب وملامسة الشغاف.
نشاء على عين الأدباء فأسماه الجاحظ (إصابة المقدار) , وترعرع في كنف النقاد وأسماه قدامة والحاتمي التتميم وبن سنان الاحتراز, وأقتحم ميدان البديع فأسماه ابن معطي التكميل وابن منقذ الاحتراس وبلغ تحت مسمى بن منقذ الذروة عند البلاغيين , ونال المكانة فعده الزركشي من علوم القران.
,
الغريب العجيب أن البديعيين قاتلوا من أجل أن يكون من محسناتهم البديعية , والبلاغيين لا يرتضون له غير علم المعاني لما له في ذلك من بليغ الأثر وعظيم الصور.
يتقاطع مع الجملة الاعتراضية والتتميم في إتيانه في وسط الكلام ,ويتقاطع مع الإيغال والتذييل في إتيانه في نهاية الكلام , وينطلق بعيدا عن أولئك وألئك في فتحه لباب النكت البلاغية على مصراعيه.
أدب قراني وبلاغة نبوية ورقي اجتماعي , فلو قلت لأحد: ((أعطني _إذا سمحت _ القلم)) , فإنك تخلص الكلام _بهذه الجملة الاحترازية (إذا سمحت) _ من الأمر إلى الالتماس احترسا واحتراما لنفسك ولمن تخاطب.
يقول جرير في بيت يوضح ما يحمله الاحتراس من معاني أخلاقية:
يعود الفضل منك على قريش ... وتحمل عنهم الكرب الشدادا
وقد هذبت وحشهم برفق ... وتعي الناس وحشك أن تصادا
هذه الأبيات في مدح عمر بن عبد العزيز , لذلك قال جرير: هذبت وحشهم برفق, والاحتراس هنا في كلمة (برفق) لأن ليس من عادة العربي أن يرغم أبناء عمومته, ولو أن جريرا قال هذبت وحشهم وسكت لسقط في مأخذ شعري ناهيك عن ما يمكن أن يجره عليه من غضبة قرشية تأبى أن تهذب إرغاما وعنوة , فجاء بكلمة برفق دفعا لذلك ونزولا تحت رغبة خلق عربي يدعو لإرغام الأعداء والصبر والبذل للأقرباء.
,
الكلام يطول حيال هذا المقصد فعذرا على هذا المرور العابر وتقديري للأخت الكريمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 03:08 م]ـ
الأستاذ الفاضل المضري:
جزاك الله خيرًا على هذه المداخلة المثرية لفن الاحتراس، التي تناولت شيئًا من تدرج الفن.
كما ذكرت أخي الكريم، فالذي ارتضاه هذا الفن هو أن يُسلك في زمرة علم المعاني؛ إذ هو نوع من أنواع الإطناب، ولا يعد هذا تقليلاً لفن البديع؛ إذ لفنونه مواقع ولطائف في الكلام يجليها حسن تأتيه، وحصافة تناوله.
وفن الاحتراس يتداخل كثيرًا مع غيره؛ بيد أن كثيرًا من البلاغيين فرقوا بينه وبين الاعتراض، والإيغال، والتذييل ...
وقد قرأت - آخرًا - أن الاحتراس قد وردت تسميته حشوًا في أحد أنواعه، وسماه بعضهم (حشو اللوزينج) كما تفضل الأستاذ عبدالعزيز العمار.
تحيتي وتقديري ..(/)
بلاغة النهي في القرآن؟؟
ـ[هند111]ــــــــ[18 - 09 - 2008, 03:19 م]ـ
قرأت اسم رسالة ماجستير تحت عنوان (دلالة النهي في سورة النساء) هل أستطيع أن أجدها على النت أو أي كتاب حول بلاغة النهي في القرآن الكريم ..
ولكم الشكر الجزيل ..(/)
السلامُ .. و .. سلامٌ ..
ـ[أنوار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 01:03 ص]ـ
قال تعالى في قصة يحيى عليه السلام: (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَومَ وُلدَ) مريم (15).
وقال تعالى في قصة سيدنا عيسى عليه السلام: (والسَّلامُ عليَّ يَومَ وُلِدْتُ ويومَ أموتُ). مريم (33).
يقول البلاغيُّون في سرِّ التنكير والتعريف في كلمة " سلام " في الآيتين الكريمتين ..
إن تنكير السلام في قصة يحيى عليه السلام؛ لأنه وارد من جهة الله تعالى، أي سلامٌ من جهة الله مغنٍ عن كل تحية، ولهذا لم يرد السلام من جهة الله تعالى إلا منكراً ..
ومثال ذلك قوله تعالى: (سلامٌ قوْلاً منْ رَّبٍّ رَّحيم) يس (58)،
وقوله: (اهْبِطْ بسلامٍ مِّنَّا) هود (48)، وقوله: (سلامٌ عَلَى نُوحٍ) الصافات (79)، وقوله: (سلامٌ على إِِلْ ياسِين) الصافات (13)،
أما تعريف السلام في قصة عيسى عليه السلام، فلأنه ليس وارداً على جهة التحية من الله تعالى وإنما هو حاصل من جهة نفسه، وفي تعريفه معنى آخر هو الدعاء وطلب السلامة .. لأن السلام اسم من أسمائه سبحانه، وقالوا: إنك إذا ناديت الله مخلصاً باسم من أسمائه فإنك متعرض لما اشتق منه هذا الاسم، تقول في طلب الحاجة .. يا كريم، وفي سؤال المغفرة .. يا غفور، وفي سؤال الرحمة .. يا رحيم، وفي سؤال العفو .. يا عفو ....
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك ...
****************************
من كتاب الدكتور / محمد أبو موسى .. خصائص التراكيب ..
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 02:41 م]ـ
الفاضلة أنوار
جزاك الله خيرا
على هذا البيان الطيب
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 02:59 م]ـ
لفتة لطيفة أخت أنوار نور الله طريقك الى الجنة ونفع بك.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 03:14 م]ـ
العزيزة أنوار:
وفقت في نقل هذا المسلك الدقيق في التعبير بين الاستعمالين ..
وفقك الله إلى مسالك الخير.
ـ[أنوار]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 11:00 م]ـ
أشكر الجميع على المرور الكريم .. أثابكم الله .. ورفع قدركم جميعاً ..(/)
من حديث: (الصيام والقرآن.)
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 09 - 2008, 07:14 ص]ـ
من حديث: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب، إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب، إني منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان).
الصيام: "أل": جنسية، فجنس الصيام يشفع للمكلف، سواء أكان فرضا أم نفلا، فأطلق الصيام فلا وجه لتقييده، والأولى أن يقال: العموم مستفاد من "أل"، فتعم كل أنواع الجنس الذي دخلت عليه.
والقرآن: أي: قراءة القرآن، بدليل عطفه على عمل الصيام، فهي قرينة تدل على كون المقصود: العمل، وعمل العبد: القراءة، فمن ينكر المجاز يقول: لا تأويل هنا يضطرنا إلى تكلف علاقة ترجح إرادة غير الظاهر، لأن السياق نفسه يؤيد المعنى المقصود ابتداء، فالذهن ينصرف أول ما ينصرف إلى عمل العبد، فهو الذي ينفع صاحبه، فلا يقول أحد بأن القرآن: ورقا ومدادا، ينطق فيقول: منعته النوم بالليل، ولا يقول أحد بأن القرآن: صفةً للرحمن جل وعلا، هو المتكلم، فصفات الله، عز وجل، غير مخلوقة، فهي فرع على ذاته القدسية، فضلا عن دلالة الاقتران بالصيام، فهي وإن كانت ضعيفة عند جمع من أهل العلم إلا أن عطف القرآن على الصيام، وهو من أعمال المكلف، في سياق يبين ثواب العامل، قرينة أخرى على إرادة العمل وهو القراءة.
ولا يرد على ذلك عدم وجدان ذلك في الحياة الدنيا، فإن عدم الوجدان ليس عدما للوجود، كما يقول أهل العلم، ولكل دار أحكامها، فإذا كان نطق الأعمال، وهي أعراض لا أعيان متجسدة، أمرا غير واقع في الحياة الأولى، فإنه لا مانع شرعا ولا عقلا، من تصور وقوع ذلك في دار ثانية لا تسري عليها أحكام الدار الأولى، فهو مما تحار في كيفيته العقول، وإن كانت لا تحيله، فيدخل في باب الممكن أو الجائز، لا المحال أو الممتنع، ونطق الأعضاء، على سبيل المثال، أمر غير واقع، أيضا، في الحياة الدنيا، ومع ذلك صح تصور وقوعه في الحياة الآخرة، لعدم وجود ما يحيل ذلك عقلا، بل وجب الإيمان بذلك، لأن العمدة في الخبريات: النقل الصحيح عن المعصوم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فصار جائزا ابتداء، واجبا انتهاء، تصديقا لخبر الوحي، وهذا أصل مطرد في باب الخبريات: إذ مجرد تجويز وقوع الشيء، لا يعني وجوبه، لأن الإنسان قد يتصور أمورا كثيرة لا تدركها حواسه، ولا يحيلها عقله، ومع ذلك لا يكفي مجرد التصور في إثبات وجوبها، فإثبات الوجوب في أمر الغيب يفتقر إلى خبر يكون نصا في محل النزاع، كما يقول أهل العلم، ولو كان غيبا نسبيا يمكن إداركه بالحواس، فقد يفترض العقل وجود حبيب خلف جدار يحجب ما وراءه، وقد يفترض وجود عدو، وقد يفترض وجود حيوان أليف، وقد يفترض وجود حيوان متوحش، وقد يفترض .............. إلخ، وكلها أمور لا يحيلها العقل، ومع ذلك لا يوجد دليل عقلي على تعيين أحدها، لأنه غيب محض لا يفصل النزاع فيه إلا الخبر، فإن جاءه خبر صادق، ولو من مميز غير بالغ، بأن ما وراء ذلك الجدار مما غاب عنه: كذا وكذا، فإنه يعدل عن قوانينه العقلية مهما بلغ إتقانها، ويخضع لخبر من هو أدنى منه منزلة في العقل والفهم، فمعه زيادة علم، إذ اطلع على ما لم يطلع عليه غيره، فوجب تقديم خبره على كل قياس.
وإذا كان هذا في أخبار الدنيا، مع كون المخبر غير معصوم، وخبره خبر واحد قد لا تعلم عدالته بل قد يكون من غير أهل الأداء وإن صح تحمله كالطفل المميز، ومع ذلك وجب العمل به، فكيف إذا كان الخبر خبر الوحي المعصوم المنقول إلينا قرآنا متواترا أو سنة آحاد قد احتف بها من القرآئن ما رجح صحتها ووجوب العمل بها: خبرا وإنشاء؟!!.
ومن قال بالمجاز، فإنه يجعله من قبيل: "مجاز الحذف" فيقول: تقدير الكلام: وقراءة القرآن، وقد يَرِدُ على ذلك أن: القرآن لغة: مصدر "قرأ"، فيكون اللفظ بحقيقته اللغوية دالا على فعل العبد، فلا حاجة إلى تقديره، وبحقيقته الاصطلاحية دالا على المقروء الذي وقع عليه فعل القراءة.
الصيام والقرآن يشفعان للعبد: توكيد بتكرار الفاعل:
معنويا في صدر الجملة: "الصيام والقرآن".
ولفظيا في المضمر: "ألف التثنية" في: "يشفعان"، وتصدير الكلام بالمُشَفَع دليل على مزيد عناية به، فهو المقصود أصالة، بخلاف قولك: يشفع الصيام والقرآن، فإن محط الفائدة فيه: فعل الشفاعة لا المشفع.
يقول الصيام: أي رب، إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه:
الطعام والشهوات: عموم بعد خصوص، فأفرد الطعام بالذكر ابتداء إشعارا بمنزلته في باب ما يشتهى، فهو أعظم الشهوات وأنفعها للبدن، ثم عم، و "أل" في "الشهوات": للعهد الذهني، فهي تقتصر على: الطعام والشراب والجماع، ولو كان الصيام مانعا من كل الشهوات، إذا قيل بأن "أل" جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه، لحرم على الصائم النوم، وهو شهوة، بل إن مقدمات الجماع، وهي مما يشتهى، ويتوصل بها إلى ما يشتهى، تحل للصائم، على تفصيل، فلا ينهى عنها إلا من خشي وقوعه في المحظور، فيكون النهي عنها من باب: سد الذرائع إلى المحظور، لا لكونها محظورة في نفسها.
وفي الكلام: منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه: تعقيب بذكر المسَبَبَ فرعا على سببه على وزان: سها فسجد
ويقول القرآن: رب، إني منعته النوم بالليل فشفعني فيه: على وزان ما تقدم، فالمسبب فرع على سببه، وتصدير الجملة بـ: "إن" في كلا الشطرين مشعر بعليتها لما بعدها، فعلة الشفاعة ما لقيه الصائم والقارئ من مشقة الجوع والسهر.
فيشفعان: في التعقيب: إشعار بسرعة إجابة الشفاعة.
وأخبار الوعد والوعيد تقتضي إنشاء الأمر بما وعد على فعله: إيجابا أو استحبابا، والنهي عما توعد على فعله: تحريما أو كراهة.
وإن كانت الكراهة لا وعيد عليها إن كانت تنزيها، فهي داخلة، عندئذ، في حد الوعد لا الوعيد، إذ فاعلها غير متوعد، وإن لحقه الذم في بعض الصور إن كانت مما يخل بالمروءة، وتاركها موعود بالثواب من جهة اجتنابه ما يكرهه الباري عز وجل.
والله أعلى وأعلم.(/)
تالله تفْتأ تذكُرُ يُوسفَ ...
ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 11:33 ص]ـ
قال تعالى، في حكاية قول أخوة يوسف لأبيهم: (تالله تفْتأُ تذْكُرُ يوسفَ حتى تكون حرضاً) .. يوسف (85).
والأصل .. لا تفتأ تذكُرُ يوسفَ حتى تفنى وتبلى، والحرض هو ما لا يعتدُّ به،
قال ابن أبي الأصبع: إنه سبحانه أتى بأغرب ألفاظ القسم بالنسبة إلى أخواتها، فإن (والله وبالله) أكثر استعمالاً و أعرف عند العامة من تالله؛ لما كان الفعل الذي جاور القسم أغرب الصيغ التي في بابه، فإنّ كان وأخواتها أكثر استعمالا من تفْتأ وأعرف عند العامة، ولذلك أتى بعدها بأغرب ألفاظ الهلاك وهي لفظ الحَرَض ..
وهذا السياق الذي تتزاحم فيه الكلمات الغريبة مشيعة جو الغرابة والوحشة مناسب لمقصودهم الذي يريدون حمل أبيهم عليه .. فهم يريدون أن ينسى يعقوب عليه السلام ولده، وليس في الغرائب أغربُ من هذا، وحَذْف حرف النفي وهو خلاف الأصل يأتي متلائماً مع هذا السياق الغريب ويرمز في خفاء إلى حاجتهم، وهي نسيان يوسف وإبعاده من قلب أبيهم الذي ضاق بهم وتولى عنهم من أجل يوسف.
و من طبْعِ اللغة أن تسقط من الألفاظ ما يدل عليه غيره .. أو ما يرشد إليه سياق الكلام أو دلالة الحال .. وأصل بلاغتها في هذه .. الوجازة التي تعتمد على ذكاء القارئ والسامع .. وتعول على إثارة حسه، وبعث خياله وتنشيط نفسه .. حتى يُفهم بالقرينة ويُدرك باللمحة ويُفطن إلى معاني الألفاظ التي طواها التعبير .. وللحديث بقية في باب الحذف بإذنه تعالى ..
*******************
الحَرَض – في لسان العرب هو الذي أذابه الحزن. وهذه الكلمة لم تذكر في كتاب الله الكريم إلا في هذا الموطن.
خصائص التراكيب ....... محمد أبو موسى.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 02:25 م]ـ
جزاكِ الله خيرا على هذا الانتقاء
ـ[أنوار]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 10:35 ص]ـ
كل الشكر للأستاذين الكريمين على طيب المرور ............
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 12:57 م]ـ
بارك الله فيك أخيتي ..
وهذا من باب ائتلاف اللفظ مع المعنى.
ـ[أنوار]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 04:50 م]ـ
جوزيتي خيراً ... أستاذتنا الفاضلة على المرور .....
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 06:09 م]ـ
بارك الله فيكِ
أيضًا استخدام الفعل {تذكر} وليس: تتذكر، يوحي بدوام ذكر يعقوب عليه السلام لابنه، وهو بالنسبة لإخوته أمر غريب.
والله اعلم
ـ[أنوار]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:45 م]ـ
كل الشكر للأستاذ الفاضل أبوعمار ...
وجوزيت خيراً على ما أفدتنا به.
ـ[زينب هداية]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:49 م]ـ
ما شاء الله، كلّما قرأت سورة يوسف؛ شدّتني معانيها و أثّرت بي بالغ التّأثير.
((إنّا أنزلناه قرآنا عربيّا لعلّكم تعقلون))
ـ[أنوار]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:51 م]ـ
نستكمل بإذنه تعالى بعض ما جاء في الحذف ..
يقول الله تعالى في سورة الفجر: (الليل إذا يسرِ) .. (4)
فحذف حرف العلة في (يسرِ) فدلت الكسرة التي تحت الراء على الياء المحذوفة .. يقول الأخفش: " عادة العرب أنها إذا عدلت بالشيء عن معناه نقصت حروفه .. والليل لما كان لا يسري وإنما يُسرى فيه نقص منه حرف ".
و يقول الدكتور أبو موسى " ما ذكره الأخفش لا يُعد قاعدة .. وإنما هو تصرف قد يكون منهم في مثل هذا .. وكم من كلمات عدل بها القوم عن معناها .. وبقيت في لسانهم كما كانت قبل أن يعدل بها.
ومن لطائف كلام العرب في ذلك قول الحارث الجَرْمي يخاطب زوجه .. وكانت تحثه على أخذ ثأر أخيه من قومه، فقال في أبيات جاشية حزينة:
قومي هُمُ قتلوا أميمَ أخي .................... فإذا رميتُ يصيبني سهمي.
وأراد (يا أميمة) فحذف حرف النداء، كما حذف آخر الكلمة للترخيم ,, وذلك لأن الشاعر ممزق النفس موجوع القلب ضيق الصدر بهذه الجريمة البشعة، التي صيرته إلى هذا الموقف المتناقض الضيق، فقومه قتلة أخيه، وحين يرميهم فإنه يرمي نفسه.
- ويقول تعالى في سورة الكهف: (فما اسطاعوا أنْ يظهروه وما استطاعوا له نقبا) .. (97).
هذه الآية قالها ربنا في السد الذي صنعه ذو القرنين من قطع الحديد والنحاس المذاب ... فقال: (فما اسطاعوا أنْ يظهروه) أي .. يصعدوا عليه، فحذف التاء، والأصل: (استطاعوا) وذلك أنه لما كان صعود السد الذي هو سبيكة من قطع الحديد والنحاس أيسر من نقبه وأخف عملاً، خفف الفعل للعمل الخفيف.
ثم قال: (وما استطاعوا له نقبا) بإبقاء التاء لمناسبة النقب إذ هو أثقل من العمل الأول.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:54 م]ـ
نعم صدقت مريم ....
أحسنت على هذا الشرح الرائع ولكن أليس الأصل ما تفتئ لأن زال وانفك وفتئ من الأفعال الناقصة تلزمها ما النافية ...
ـ[أنوار]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 03:34 ص]ـ
يسعدني مرورك أخت مريم .......
أشكر مروركم الكريم أستاذ بحر الرمل ...
بالنسبة لما تفضلتم به صحيح .. ولكن الأفعال الناقصة يلزمها تقدم النفي سواء كان - ما أو لا -
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 05:15 ص]ـ
نعم صدقت مريم ....
أحسنت على هذا الشرح الرائع ولكن أليس الأصل ما تفتئ لأن زال وانفك وفتئ من الأفعال الناقصة تلزمها ما النافية ...
هذا هو الأصل، ولكن في الآية حذف حرف النفي (لا) على تقدير: لا تفتأ، أي: لا تزال تذكر يوسف.
وحذف حرف النفي مطرد في جواب القسم إذا كان المنفي مضارعًا؛ لعدم الالتباس بالإثبات؛ لأنه لو كان الجواب مثبتًا لاقترن بلام الابتداء ونون التوكيد معًا عند البصريين، أو إحداهما عند الكوفيين، كقوله تعالى: " وتالله لأكيدن أصنامكم ".
وعلى هذا جاء بيت امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدًا * ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي: لا أبرح قاعدًا.
والله - تعالى - أعلم.
ينظر: معاني القرآن للفراء: (2/ 54).
الدر المصون: (6/ 546).
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 06:13 ص]ـ
هذا هو الأصل، ولكن في الآية حذف حرف النفي (لا) على تقدير: لا تفتأ، أي: لا تزال تذكر يوسف.
وحذف حرف النفي مطرد في جواب القسم إذا كان المنفي مضارعًا؛ لعدم الالتباس بالإثبات؛ لأنه لو كان الجواب مثبتًا لاقترن بلام الابتداء ونون التوكيد معًا عند البصريين، أو إحداهما عند الكوفيين، كقوله تعالى: " وتالله لأكيدن أصنامكم ".
وعلى هذا جاء بيت امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدًا * ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أي: لا أبرح قاعدًا.
والله - تعالى - أعلم.
ينظر: معاني القرآن للفراء: (2/ 54).
الدر المصون: (6/ 546).
صدقت أختنا الكريمة
وما حدتِ عن الصواب قيد أنملة
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 11:39 ص]ـ
صدقت أختنا الكريمة
وما حدتِ عن الصواب قيد أنملة
أشكرك على الاستجابة الكريمة أيها الكريم ..
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 12:18 م]ـ
السلام عليكم
هذه بعض النصوص تؤيد قول الأخت الفاضلة ندى الرميح:
قالت ليلى الأخيلية ترثي توبة
أَقْسَمْتُ أَرْثِى بَعْدَ تَوْبَةَ هَالِكاً ... وأَحْفِلُ منْ دارَتْ عليه الدَّوائِرُ
جاء في أمالي الزجاجي تعليقا على هذا البيت:
" قال أبو القاسم ": رحمه الله قولها أقسمت أبكي بعد توبةً هالكاً أي لا أبكي بعد توبة هالكاً، والعرب تضمر لا في القسم مع المنفيّ، لأنّ الفرق بينه وبين الموجب قد وقع بلزوم الموجب اللام والنون كقولك: والله لأخرجنَّ. قال الله عز وجلَّ " تالله تفتؤ تذكر يوسف " أي لا تفتؤ تذكر يوسف"
وقال قيسُ بني عاصم:
لما تولَّوا عُصَباً هواربَاً ... أقسمتُ أطعن إلاٌ راكباً
وقال لعبد بن الحسحاس:
وقد أقسمت بالله يجمع بيننا ... هوى أبداً حتى تحول أمردا
وقال عامر بن الظرب العدواني يحلف على ترك الخمرة:
سآلة للفتى ماليس في يده ... ذهابة بعقول القوم والمال
أقسمت بالله أسقيها وأشربها ... حتى يفرق ترب القبر أوصالي
وقال قيس بن الحدادية الخزاعي:
وقالتْ وعيناها تفيضانِ بالبُكا ... بأهليَ خبِّرني متى أنتَ راجعُ
فقلتُ لها تاللهِ يدرِي مسافرٌ ... إذا أضمرتهُ الأرضُ ما اللهُ صانعُ
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 01:23 م]ـ
فتح الله عليك، وزادك علمًا وفضلا ..
ـ[أنوار]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 01:49 م]ـ
وعليكما السلام ...
أشكرك أستاذة ندى على ما تفضلت به .. وما ذكرتماه هو عين الصواب .. ولكني لم أحسن صنعاً عندما لم أفصِّل الأمر في مجيء النفي وشروطه مع الأفعال ..
لأن حذف النفي مع تفتأ مطَّرد .. بشرط أن يكون بالحرف (لا) وأن يكون جواب القسم فعلاً مضارعاً ..
والشكر لكم أيضاً أستاذ مقدسي .. ووالله لقد أرحتني من الكتابة:)، فقد كنت أنوي وضع تلك الشواهد التي ذكرتموها تأكيداً لكلام الأستاذة .. جوزيتما خيراً.(/)
سؤال
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 10:38 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
س / هل البلاغة مقصورة على البشر؟
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 04:33 ص]ـ
لا ليست مقصورة على البشر.
والدليل / ما فعله الهدهد عندما سلم الرسالة لملكة سبأ.
والله أعلم
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 08:29 ص]ـ
لا ليست مقصورة على البشر.
والدليل / ما فعله الهدهد عندما سلم الرسالة لملكة سبأ.
والله أعلم
جزاك الله خيرا أخي محمد
ولكن ما الذي فعله الهدهد، حتى نقول إنها استخدم البلاغة؟
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 06:22 م]ـ
أذكر في نفس سياق القصة: قول النملة: {يأيها النمل ادخلوا مساكنكم ... } فاستعمال (يا) في خطاب النملة لجماعة النمل - وهو حرف لنداء البعيد، إشعار بشرود النمل وغفلته، فكانت (يا) مناسبة لحالته من البعد المعنوي.
أعتقد أن بلاغة كل جنس من الأجناس بحسب ما لديهم من وسيلة للتعامل
لكنها في العربية مقصودة قصدا، فهي بيت القصيد.
والله أعلم
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 10:33 م]ـ
أخي الأديب وفقك الله.
استخدم الهدهد عدة بلاغات: ـ
1ـ اخبر الهدهد إنه وجد مالم يجد سليمان عليه السلام على عظمة ملكه، وهذا للتشويق ولبيان الضعف البشري.
2ـ أنكر الهدهد أن تملك مرأة قومها.
3ـ أنكر الهدهد أن يُعبد غير الله عز وجل.
4ـ ذكر الهدهد أن الملكة وقومها يسجدون للشمس (فاختار الفعل والفعل المضارع).
5ـ عندما ألقى الهدهد الكتاب ذهب جانباً ينتظر الرد حتى عجبت الملكة من فعله هذا.
والله أعلم
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:13 ص]ـ
جزاكما الله خيرا
هذا الذي كنت أريد الوصول إليه، وقد وصلتما إليه، وسأجعل موضوعا جديدا لاستخراج علوم البلاغة من آية " قالت النمل ... "
النتيجة إذن: أن البلاغة ليست مقصورة على البشر.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:46 م]ـ
وأضيف في قصة النملة قولها:
لا يحطمنكم: لأن المادة المكونة لجسم النملة مادة زجاجية، لذا ناسب استخدام التحطيم معها
وهم لا يشعرون: إطناب يفيد الاحتراس من كون جند سليمان عليه السلام لا يقصدون الأذى.
مساكنكم: أي هي لكم تعرفونها وتسعكم وتحميكم، كقوله تعالى " ... ابلعي ماءك" أي ماء لك قادرة على استيعابه
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:02 م]ـ
بارك الله فيكم أجمعين:
أيضا: {مساكنكم} لأن ما يتخذه النمل ليس بيتا دائما للعيش، وإنما بيوتات يسكن فيها ريثما ينتقل لغيرها وهكذا ...
استخدام الفعل غير المضعّف {يحطم} وليس: يحطِّم مثلا، لأن التكسر لا ينشأ عنه صوت مسموع.
(معذرة لم أتنبه للنافذة المخصصة سأنقلها هناك)(/)
الفرق بين أخي هارون وهارون أخى
ـ[فرحات السودة]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 10:41 م]ـ
الفرق بين أخي هارون وهارون أخى
ـ[فرحات السودة]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 10:47 م]ـ
يا جماعة اريد الفرق بينهما من حيث العطف وعدمه
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 04:12 ص]ـ
أخي الفاضل: ـ
العرب تقدم ما هو اهم.
فإذا كان الأهم الاخوة قل أخي هارون، وإن كان المهم هارون فقل هارون أخي
كما أنها تختلف من ناحية الإجابة إذا كان هناك سؤال: ـ
1ـ فإذا قيل من أخوك؟ تقول أخي زيد. (وهنا السائل يعلم أن لك أخ ولا يعلم اسمه).
2ـ إذا قيل من هارون؟ تقول هارون أخي. (وهنا السائل يعلم اسم هارون ولا يعلم من هو هارون).
والله أعلى و أعلم
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 03:26 م]ـ
احسنت أخي محمدا، فذلك ما خطر ببالي ولكن أنت دائما سباق للخير
ـ[فرحات السودة]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 08:03 م]ـ
شكرا أخي محمد على هذه الإجابة:
ولكني أريد أن أعرف الفرق بين الجملتين من حيث ورودهما في القرءان مرة بالعطف ومرة أخرى بدون العطف، مع ورودهما أيضا بالتقديم مرة والتأخير مرة أخرى.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[23 - 09 - 2008, 10:17 م]ـ
أخي الفاضل طارق ارك الله فيك وفي تواضعك.
أختي فراحات الرجاء ذكر الآيات كاملة، فأنا لا أدري أي الآيات تريدين.
والشكر موصول للجميع(/)
ملامحُ الخطابِ النفسيّ في القرآنِ الكريم ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 01:06 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاع في الخطاب القرآني كثيرٌ من المعاني النفسية التي تبدو واضحة من السياق، والقرائن، والألفاظ؛ لتكون أوعية مشحونة بتلك المعاني، وهذا أمر مهم في تبليغ الخطاب وإيصاله إلى النفوس؛ بغية تقبله والإيمان به؛ لأن العقل وحده لا يدفع إلى الإيمان بعمق؛ إذ لا بد من تضافر العقل والنفس.
وهنا سأعرض بعضًا من المعاني النفسية التي عبر عنها القرآن الكريم بطريقته المفتنة، تخيّرتها - بتصرّف - من كتاب (الخطاب النفسي في القرآن الكريم - دراسة دلالية أسلوبية) للدكتور/ كريم الخالدي:
1/ الخوف والرهبة:
صور الخطاب القرآني الخوف والرهبة في نفوس المسلمين أو الكافرين بدقة ووضوح؛ فأظهر ما يعتري النفوس في حالات الشدة أو الكوارث، فيحس المخاطب بما ينتاب الموصوفين من خلال ربط الحالات التي عاشوها بأدوات التعبير عنها؛ إذ يرتبط الخوف بعلامات كثيرة تعرض لها الذكر الحكيم.
ولنأخذ على ذلك شاهدًا:
قال تعالى: (فإذا جاءَ الخوفُ رأيتَهم ينظرون إليك تدورُ أعينُهم كالذي يُغشى عليه من الموت) (الأحزاب: 19)
لاحظوا معي كيف عُبر عن الخوف هنا (خوف المنافقين):
إن إسناد الدوران إلى العيون (وعدم الاكتفاء بقوله ينظرون)، وتشبيهه بنظر المغشي عليه الذي يعاني سكرات الموت تعبير دقيق عن حالة الخوف والرهبة الكاملة؛ لأن الفعل (دور) يعني: اللف حول الشيء، وهذا يوضح اضطراب نفوسهم، وتغلغل الخوف فيها، مما يجعلهم يبحثون عن مفر يلجؤون إليه، أو حل لما هم فيه، لذا تدور الأعين في أرجاء المكان، ينظر أحدهم في وجه الآخر، وتتقلب أحداقهم في حركة دائبة، وهذا المعنى لن يَأْلقَ لولا وجود دليل الخوف البادي في الآية (تدور أعينهم).
والتشبيه ركيزة أخرى من ملامح التعبير عن النفسية الوجلة هنا (كالذي يغشى عليه من الموت) فهو يصور عظم الخوف، ويقرب صورته؛ لما يكون عليه حال المغشي عليه من انهيار وخور، فلا يرى الأشياء كما هي، بل يشعر بدوران الأرض حوله، ثم فقد الوعي، ولم تكن حركة عيونهم أمارة حيوية أو حياة، وإنما مظهر عجز واستسلام ...... وهكذا حال المنافقين الخائفين الشديدة في الآية.
والله - تعالى - أعلم.
يُتبع بحول الله.
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 04:44 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
ما شاء الله!
يا لروعة القرآن!
اسمحي لي بالمشاركة، واعذريني على المقاطعة من فضلك:
لقد تحدثت عن البلاغة بشكل رائع في الآية من خلال دوران الأعين والتشبيه كعادتك، ولقد لفت انتباهي، ونال إعجابي زادك الله علمًا.
قرأت الآية مرة أخرى، فخرج لي الآتي، والرأي لك.
فهل ما أقول بالطريق الصحيح؟
بدئت الآية بالظرف (إذا) وهي للتكثير، ولم تبدأ (بإن). فالمنافقون كما ذكر- تعالى - (يحسبون كل صيحة عليهم)، والذي اقشعر له جسدي حين توالت الأفعال - سبحان الله - والله لقد اقشعر جسدي:
- جاء الخوف + رأيتهم + ينظرون
ومما يزيد الأمر جمالا وقوة ً تصويرُ الخوف حتى كأنه الرجل يأتي.
والسامع للآية تذهله كثرة الحركة في الآية من خلال توالي الأفعال، ومع الحركة والاضطراب ثمة صور تقدح في ذهن السامع:
مجيء الخوف + رؤيتهم + الخطاب الموجه للنفس + صور كثيرة لأشخاص كثر تدور أعينهم + صور أخرى: (الموت و كربه). سبحان الله!
والآية تخلب السامع بالبناء للمعلوم حتى تصل إلى أعلى حد، فتترك السامع ليتصور أشياء كثيرة، وذلك بالبناء للمجهول (يُغشى).
دعواتي.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:05 ص]ـ
أشعلت فتيل التأمل أختي ندى فانبجس عبدالعزيز بتأمل تضافر مع تأملك فلله دركما
مزيدا من التألق أخوي العزيزين
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:18 م]ـ
بارك الله فيكم:
ولْنَظرْ لروعة التصوير: {تدور أعينهم} فالعين كلها تدور رغم أن المنظور إليه شخص النبي صلى الله عليه وسلم؛ دلالة على شدة الرعب والتحير.
{كالذي يغشى عليه من الموت} فمَن في السكرات ينظر بكلتي عينيه لمن حوله في ذهول ورعب، وحيرة مما يحدث.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 02:35 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
ما شاء الله!
يا لروعة القرآن!
اسمحي لي بالمشاركة، واعذريني على المقاطعة من فضلك:
لقد تحدثت عن البلاغة بشكل رائع في الآية من خلال دوران الأعين والتشبيه كعادتك، ولقد لفت انتباهي، ونال إعجابي زادك الله علمًا.
قرأت الآية مرة أخرى، فخرج لي الآتي، والرأي لك.
فهل ما أقول بالطريق الصحيح؟
بدئت الآية بالظرف (إذا) وهي للتكثير، ولم تبدأ (بإن). فالمنافقون كما ذكر- تعالى - (يحسبون كل صيحة عليهم)، والذي اقشعر له جسدي حين توالت الأفعال - سبحان الله - والله لقد اقشعر جسدي:
- جاء الخوف + رأيتهم + ينظرون
ومما يزيد الأمر جمالا وقوة ً تصويرُ الخوف حتى كأنه الرجل يأتي.
والسامع للآية تذهله كثرة الحركة في الآية من خلال توالي الأفعال، ومع الحركة والاضطراب ثمة صور تقدح في ذهن السامع:
مجيء الخوف + رؤيتهم + الخطاب الموجه للنفس + صور كثيرة لأشخاص كثر تدور أعينهم + صور أخرى: (الموت و كربه). سبحان الله!
والآية تخلب السامع بالبناء للمعلوم حتى تصل إلى أعلى حد، فتترك السامع ليتصور أشياء كثيرة، وذلك بالبناء للمجهول (يُغشى).
دعواتي.
الأستاذ الفاضل عبدالعزيز العمار:
بورك هذا التأمل الكريم ... أسأل الله أن يعمر قلبك بنور القرآن، ويوقد ذهنك لتدبر البيان.
من أهم أغراض البلاغة: هي أن يكتشف المتلقي سر الجمال في التعبير، فيحس به، وتسري في دخيلته تلك الرعشة الكهربية اللذيذة! فيجلي حسنه، ويكشف دقة تركيبه.
ليست المصطلحات البلاغية غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لاكتشاف المكنون من الجمال.
وفقت أخي ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 02:37 م]ـ
أشعلت فتيل التأمل أختي ندى فانبجس عبدالعزيز بتأمل تضافر مع تأملك فلله دركما
مزيدا من التألق أخوي العزيزين
الأستاذ الفاضل مغربي:
حضورٌ يعني كثيرًا، وتشجيعٌ يحتاجه أمثالي ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 02:48 م]ـ
بارك الله فيكم:
ولْنَظرْ لروعة التصوير: {تدور أعينهم} فالعين كلها تدور رغم أن المنظور إليه شخص النبي صلى الله عليه وسلم؛ دلالة على شدة الرعب والتحير.
الأستاذ الفاضل أبو عمار الكوفي:
لقطة حصيفة استوقفتني أيها الكريم، جعلتني أردد النظر فيها متسائلة:
ما الذي يدور فعلاً من أجزاء العين؟
في المتعارف المشهور: أن الذي يدور هو الحدقة، لا العين كلها بما فيها من رمش وجفن!
ولكنه البيان الأسمى الذي جعلنا نتخيل أن عيون المنافقين كلها - بما فيها من أهداب وجفون - تدور!
ولا شك أن هذا التعبير أدخل في إبراز الخوف، وأكثر بيانًا لشدة الحركة المضطربة اللاهثة!
وهذا التعبير لون من المجاز المرسل، من إطلاق المحل على الحال.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[29 - 09 - 2008, 04:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكمل - بإذن الله - هذه الملامح التي تمس التعبير عن المعاني النفسية في القرآن مسًا، ولا تتعمق فيه درسًا .. والله المستعان ..
2/ الفرح والحزن:
تناول الخطاب القرآني الفرح والحزن، وصور مظاهرهما الكثيرة: القولية والفعلية على السواء.
من ذلك:
عبر الخطاب القرآني الكريم بـ (العين)؛ للدلالة على حالات الحزن والفرح، من ذلك:
قوله تعالى: " فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون " (الواقعة: 83 – 84)
فالحزن والألم في نفوس أهل الميت يظهران على ملامح وجوههم وهم يعيشون لحظات وداعه، وهو مسجًى بينهم، ينظرون إليه وهو يصارع الموت نظرات الحزين المتفطر الذي ينتظر فراق الحبيب، ونظرات المودع المفارق لمن لا يريد فراقه!
ولصيغة المضارع (تنظرون) دلالة على استحضار الحال، فأي حزن أقسى من فراق حبيب ينازع بين ناظريك؟!
لقد لامس القرآن ذلك، وأشهدنا الموقف، فتفطّرت من التصوير قلوب!
******
وقال تعالى: " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون " (التوبة: 92)
لتعيشوا في ظلال التعبير الآسر، ألخص سبب نزول الآية:
(الآية خطاب للرسول – صلى الله عليه وسلم – نزلت في جماعة جاءت إليه تسأله حملهم إلى الجهاد، فرد عليهم عليه الصلاة والسلام: بأنه لا يجد حمولة يحملهم عليها، فما كان منهم إلا الرجوع بقلب مفجوع! إذ لم تتحقق أمنيتهم في الجهاد) (ينظر: أسباب النزول للواحدي / 210).
لاحظوا معي التعبير القرآني البديع في استعمال الفعل: (تفيض)!
ذلك أن الفيضان يدل على الكثرة، والمبالغة في التعبير عن سيلان الدمع للحزن الذي يكمن في صدورهم، وجاء نصب (حَزَنًا)؛ ليكون دليلاً على أن فيضان الدمع من أجل عدم حصولهم على ما يركبونه للجهاد!
فلله در التعبير هنا عن الإيمان ما أصدقه!
********
ومن التعبير القرآني للفرح:
قوله تعالى: " وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة." (عبس / 38 - 39).
هنا التعبير الدقيق عن حالة الفرح العارمة، جعل الأداة (الوجه) وكأنها هي التي تركز فيها الفرح والبشر، وليس الإنسان ككل، وهذا لون من التعبير يسميه أهل البيان بالمجاز المرسل، من إطلاق الجزء وإرادة الكل.
ولا شك أن هذا التجسيد لحالة الفرح أكثر قدرة على الإيضاح؛ لأن اقتطاع جزء من الجسد ليُبرز ما ألمّ بالنفس من فرح يفيد أكثر؛ ذلك أن الوجه هو الجزء المختص بإظهار معالم الحزن والفرح، وتظهر هنا ذروة الخطاب القرآني المعبر عن الفرح، وكأن هذه الوجوه هي المستبشرة الضاحكة، وليس صاحبها لبيان مواطن ظهورها بجلاء!
ثم إن حالات الفرح هنا جاءت على صيغة اسم الفاعل (مسفرة، ضاحكة، مستبشرة) واسم الفاعل يعد أقوى صياغة دالة على ثبات الوصف! (1) وهو في الآية: ثبات البشر والفرح للأتقياء يوم القيامة، فهو فرح سرمدي، وسرور لا ينقضي!
اللهم اجعلنا من أصحاب تلك الوجوه ..
والله - تعالى - أعلم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) يسمي الكوفيون اسم الفاعل: الفعل الدائم.
ـ[أنوار]ــــــــ[29 - 09 - 2008, 05:29 م]ـ
اللهم آمين .... وجزاكِ عنَّا " أستاذه ندى " كل خير .. على هذه الوقفات الجميلة الماتعة ..
فمازلت أقرأ .. إلى أن فوجئت بدعائك يستوقفني .. أتمنى منكِ المزيد ..
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 10:30 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذة ندى الرميح!
و جزيت خيرًا على إضافة هذا الموضوع!
و جزى الله خيرًا الإخوة المشاركين فيه!
... جعلتني أردد النظر فيها متسائلة:
ما الذي يدور فعلاً من أجزاء العين؟
في المتعارف المشهور: أن الذي يدور هو الحدقة، لا العين كلها بما فيها من رمش وجفن!
ولكنه البيان الأسمى الذي جعلنا نتخيل أن عيون المنافقين كلها - بما فيها من أهداب وجفون - تدور!
ولا شك أن هذا التعبير أدخل في إبراز الخوف، وأكثر بيانًا لشدة الحركة المضطربة اللاهثة!
وهذا التعبير لون من المجاز المرسل، من إطلاق المحل على الحال.
والله - تعالى - أعلم.
بل هو ـ بارك الله فيك ـ من إطلاق الكلِّ و إرادة الجزء؛ فأطلق الأعين و أراد الحَدَقَ؛ مبالغةً في تصوير ما بلغوا من الخوف, و للمعاني التي ذكرتِها.
و لا يُعدّ هذا من إطلاق المحلّ على الحالِّ؛ لأنّ هذا الضرب من العلاقة لا يكون إلّا بين منفصلين يحلّ أحدهما في الآخر في بعض الوقت , ولا يكون جزءًا منه ثابتًا فيه كما الحدقة من العين.
هذا على إرادة المجاز.
و يمكن أنْ يُفهم من (أعينهم) في قوله تعالى: (تدور أعينهم) حقيقة معناها؛ لأنّ المقصود بها هنا حاسّة الرؤية, و لا يدخل فيها الجفون و لا غيرها مما يليها, و لأنّ الذي يدور ـ على الحقيقة ـ العينُ كلُّها: الحدقة و البياض المحيط بها, وعليه فلا مجاز في الآية.
و يمكن أنْ يُحملَ المعنى على أنّ المعتدّ به ـ في الرؤية ـ هو الحدق, و إنْ كان الذي يدور ـ في الحقيقة ـ هو العين كلّها؛ إذْ المقصود بالعين حاسّة الرؤية, و عليه يسوغ القول بالمجاز المرسل؛ بعلاقة الكليّة.
لطيفةٌ أخرى:
من لطائف البيان الحكيم في هذه الآية عدم الفصل بين الشرط و جوابه بفاصل؛ إذْ قال سبحانه: (فإذا جاءَ الخوفُ رأيتَهم ينظرون إليك تدورُ أعينُهم كالذي يُغشى عليه من الموت) (الأحزاب: 19)؛فجاء بجواب الشرط: (رأيتهم ... ) و ما دخل في حكمه مما جاء بعده من تصوير حال شدة ذعرهم ـ جاء به بعد انقضاء الشرط مباشرة؛ إيذانًا بأنّ هذه الحال كائنةٌ منهم لا محالة بمجرد تحقق الشرط, وأنّها متمكّنةٌ في طباعهم تمكُّنَ الجِبلّة؛ حتى إنّه لا يُتوقّعُ منهم خلافها, و هو تصوير لدواخل نفوس المنافقين و ما عُرفوا به من دوام التوجّس و الخوف الشديد, و المسارعة في ما وصفهم به الله تعالى من قوله: (يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم ... ).
و جزاكم الله خيرا!
ـ[أحاول أن]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خيرا أجمعين ..
تفاعل ٌ ماتع مفيد ..
نرجو أستاذة ندى ألا يتوقف تدفق مثل هذه الصفحات العِذاب ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 01:29 ص]ـ
اللهم آمين .... وجزاكِ عنَّا " أستاذه ندى " كل خير .. على هذه الوقفات الجميلة الماتعة ..
فمازلت أقرأ .. إلى أن فوجئت بدعائك يستوقفني .. أتمنى منكِ المزيد ..
العزيزة أنوار:
أشكر حضورك الجميل، وفقك الله وأنار دربك.
بارك الله فيك أستاذة ندى الرميح!
و جزيت خيرًا على إضافة هذا الموضوع!
و جزى الله خيرًا الإخوة المشاركين فيه!
بل هو ـ بارك الله فيك ـ من إطلاق الكلِّ و إرادة الجزء؛ فأطلق الأعين و أراد الحَدَقَ؛ مبالغةً في تصوير ما بلغوا من الخوف, و للمعاني التي ذكرتِها.
و لا يُعدّ هذا من إطلاق المحلّ على الحالِّ؛ لأنّ هذا الضرب من العلاقة لا يكون إلّا بين منفصلين يحلّ أحدهما في الآخر في بعض الوقت , ولا يكون جزءًا منه ثابتًا فيه كما الحدقة من العين.
هذا على إرادة المجاز.
و يمكن أنْ يُفهم من (أعينهم) في قوله تعالى: (تدور أعينهم) حقيقة معناها؛ لأنّ المقصود بها هنا حاسّة الرؤية, و لا يدخل فيها الجفون و لا غيرها مما يليها, و لأنّ الذي يدور ـ على الحقيقة ـ العينُ كلُّها: الحدقة و البياض المحيط بها, وعليه فلا مجاز في الآية.
و يمكن أنْ يُحملَ المعنى على أنّ المعتدّ به ـ في الرؤية ـ هو الحدق, و إنْ كان الذي يدور ـ في الحقيقة ـ هو العين كلّها؛ إذْ المقصود بالعين حاسّة الرؤية, و عليه يسوغ القول بالمجاز المرسل؛ بعلاقة الكليّة.
لطيفةٌ أخرى:
من لطائف البيان الحكيم في هذه الآية عدم الفصل بين الشرط و جوابه بفاصل؛ إذْ قال سبحانه: (فإذا جاءَ الخوفُ رأيتَهم ينظرون إليك تدورُ أعينُهم كالذي يُغشى عليه من الموت) (الأحزاب: 19)؛فجاء بجواب الشرط: (رأيتهم ... ) و ما دخل في حكمه مما جاء بعده من تصوير حال شدة ذعرهم ـ جاء به بعد انقضاء الشرط مباشرة؛ إيذانًا بأنّ هذه الحال كائنةٌ منهم لا محالة بمجرد تحقق الشرط, وأنّها متمكّنةٌ في طباعهم تمكُّنَ الجِبلّة؛ حتى إنّه لا يُتوقّعُ منهم خلافها, و هو تصوير لدواخل نفوس المنافقين و ما عُرفوا به من دوام التوجّس و الخوف الشديد, و المسارعة في ما وصفهم به الله تعالى من قوله: (يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم ... ).
و جزاكم الله خيرا!
الدكتور الفاضل علي الحارثي:
ما أسعدني بهذه المداخلة المثرية! دعواتي أن تجود بمثلها فننهل من نمير نبعها.
زادك الله علمًا وفضلا.
جزاكم الله خيرا أجمعين ..
تفاعل ٌ ماتع مفيد ..
نرجو أستاذة ندى ألا يتوقف تدفق مثل هذه الصفحات العِذاب ..
الأستاذة الفاضلة أحاول أن:
أشكر كريم حضورك، بارك الله فيك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 08:42 ص]ـ
بالفعل موضوع رائع ومليئ بالدرر والجواهر
نفع الله بعلمكم أستاذه ندى والأساتذة الأفاضل
عبد العزيز العمار، وعلي الحارثي
وقفاتكم وتأملاتكم في النصوص القرآنية
مما يعمق الإيمان ويرسخ العقيدة
لا حرمتم أجر ماسطرتم
ونرجوا أن لا تقفوا عند هذا الحد
تابعوا لنستفيد من علمكم
جزيتم الجنة
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 12:59 ص]ـ
بالفعل موضوع رائع ومليئ بالدرر والجواهر
نفع الله بعلمكم أستاذه ندى والأساتذة الأفاضل
عبد العزيز العمار، وعلي الحارثي
وقفاتكم وتأملاتكم في النصوص القرآنية
مما يعمق الإيمان ويرسخ العقيدة
لا حرمتم أجر ماسطرتم
ونرجوا أن لا تقفوا عند هذا الحد
تابعوا لنستفيد من علمكم
جزيتم الجنة
عزيزتي ضياء الأمل:
أشكر ذوقك، ورقة كلماتك، وتسعدني متابعاتك.
جزيتِ الحسنى وزيادة.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 01:10 ص]ـ
أواصل - إخوتي في الله - تلك اللمسات النفسية التي رسمها البيان العظيم ..
3/ الندم:
وصف الخطاب القرآني الندم في آيات كثيرة منه، وصف فيها حالات النفس حين يدرك المرء خطأه، وسوء عمله، فيبكت نفسه ويلومها، ويشعر بأنه قد جنى عليها.
وهي حالات يصاحبها الحزن والألم؛ لذا جاءت موصوفة بعبارات يتمنى فيها النادم أن تتاح له فسحة من العمر؛ لكي يصحح فيها خطأه، وهذه العبارات مشحونة بما يدل على الحسرات؛ لذا اقترنت كثيرًا بـ (يا) الدالة على التمني أو التحسر.
ومن أمثلة وصف القرآن للندم، قوله تعالى:
" يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا " (الأحزاب: 66).
نسمع أنينهم في النار، تتقطع أنفاسهم حسرات على ما فعلوا في الدنيا حتى نالوا ذلك العذاب الأليم، فيقولون – بصوت ممتد بحسرة – " يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا "!
تأملوا ندمهم البادي في قولهم هنا، إن كل لفظة من هذه الألفاظ تمتد فيها حسرة طويلة موصولة بألف يمتد معها الصوت: (يا) (ليتنا) (أطعنا) (الرسولا).
وإن من البيان القرآني هنا ما لا تقضي النفس منه عجبًا!
لاحظوا معي كلمة (الرسولا). في أسلوبنا البشري اللغوي ننصب الكلمة بعلامة الفتحة من غير زيادة ألف في آخرها؛ لأن الكلمة معرفة بـ (أل)، فنقول: الرسولَ.
ولكنه البيان الأسمى الذي تقصر دونه أفهام حُذاق البلاغة وأرباب البيان!
ذلك البيان الذي أراد إظهار حسرة النادمين في كل لفظ يتلفظونه، فجاءت الألف تقفو (الرسول)؛ مجانسة بذلك امتداد صوت النادمين متردد الصدى بلا نهاية، وهم يتحسرون في قاع جهنم؛ ندمًا على ما فعلوا، ولتمتد عباراتهم الأسيفة حينما يستذكرون ما ارتكبوه من جرائر بإطاعة ساداتهم وكبرائهم حتى ضلوا السبيل، فجاءت دعواهم عليهم وهم في تلك الحالة من الندم: " ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنًا كبيرا " (الأحزاب: 68).
****
ويقرن الخطاب القرآني معنى الندم بوصف حال النادمين، وبيان ما آلوا إليه مما لا يتمنونه، قال تعالى: " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون " (السجدة: 12).
هنا دلالة على ندمهم وذلهم معًا بقوله: (ناكسو رؤوسهم)، وهي عبارة تثير الأسى في النفس؛ حتى تعلم أن الطاغي أو المتكبر أو الجبار في حالة استكانة وذل وانهيار، قد نكس رأسه ذلاً وخوفًا وشعورًا بالندم، يتمنى أن يرد إلى الحياة؛ ليصحح مسيرة حياته، وذلك أمر محال!
والله - تعالى - أعلم.(/)
استخرج الفنون البلاغية من قوله تعالى:
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أرجو منكم استخراج الفنون البلاغية من قوله تعالى:
" قالت نملةٌ يأيها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون".
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:47 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وقولها: "وهم لا يشعرون" إشارة إلى الدين والعدل والرأفة.
ونظير قول النملة في جند سليمان "وهم لا يشعرون" قول الله تعالى في جند محمد صلى الله عليه وسلم: "فتصيبكم منهم معرة بغير علم".
التفاتا إلى أنهم لا يقصدون هدر مؤمن.
إلا أن المثني على جند سليمان هي النملة بإذن الله تعالى، والمثني على جند محمد صلى الله عليه وسلم هو الله عز وجل بنفسه، لما لجنود محمد صلى الله عليه وسلم من الفضل على جند غيره من الأنبياء، كما لمحمد صلى الله عليه وسلم فضل على جميع النبيين صلى الله عليهم وسلم أجمعين". اهـ
فيمكن جعله من باب "الاحتراس"، وهو باب معروف في الإطناب، وهو أصل في عذر المخالف بجهله، فالجاهل معذور حتى يبلغه الحكم وتقوم عليه الحجة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 02:37 م]ـ
إضافة إلى ذلك: اختيار عبارة"لا يحطمنكم" ولم تستخدم مرادفاتها، لأني قرأت - والله أعلم - أن المادة الأساسية في تكوين جسد النملة مشابهة للزجاج، لذا ناسب استخدام: لا يحطمنكم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 03:41 م]ـ
(حتى إذا أتوا على وادي النمل ... ) الآية.
- تعدية فعل الإتيان بحرف الجر (على) دون (إلى) كأنها تشير - بدلالة الاستعلاء في على - إلى إتيان سليمان عليه السلام وجنوده إلى الوادي من مكان مرتفع.
- قالت نملة: قد يجري التعبير هنا مجرى الاستعارة المكنية، وقد يراد به حقيقته، فكأنه قد ركّب فيها النطق.
- (ادخلوا مساكنكم) أسلوب إنشائي، نوعه: أمر، غرضه الحث، وقد رشح لهذا ما بعده: (لا يحطمنكم سليمان وجنوده).
- (لا يحطمنكم): أسلوب إنشائي، نوعه: نهي، والنون لتوكيد النهي. والجملة مفصولة عما قبلها؛ لكمال الاتصال؛ لأنها بدل من الأمر (ادخلوا).
- (وهم لا يشعرون) إطناب على صورة الاحتراس ... حسن موقعه، ولطف مقصده، أشير إليه فيما سبق.
ويبقى في الآية الكريمة الكثير ليقال.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 05:04 م]ـ
بارك الله فيكم أجمعين:
أيضا: {مساكنكم} لأن ما يتخذه النمل ليس بيتا دائما للعيش، وإنما بيوتات يسكن فيها ريثما ينتقل لغيرها وهكذا ...
استخدام الفعل غير المضعّف {يحطم} وليس: يحطِّم مثلا، لأن التكسر لا ينشأ عنه صوت مسموع.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 07:27 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً.
وفي الآية الكريمة ذكر العام بعد الخاص فقد ذُكر سليمان (الخاص) وذُكر عده جنوده (عام).
وكذلك في الآية الكريمة إشارة إلى أن الكلمة إذا كانت اسم جنس جمعي
(وهوالذي يقرق بينه وبين مفرده تاء أو ياء مثل بقر ـــ بقرة) فيجوز التذكير معها والتأنيث، وقد تم استخدام التذكير هنا (يا أيها النمل) فأيها للمذكر وأيتها للمؤنث.
والله أعلى و أعلم
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 09:28 م]ـ
أحسنتم شيخنا
وفي استعمال {وجنوده} دلالة على كثرة الجند وتنوعهم فهم من كل صنف ونوع
وواضح من الآية مدى حرص النمل عند اتخاذ المسكن أن يحتاط بما فيه المستطاع لكي يحميه المسكن.
وقد يكون تقديم سليمان موحيًا بتقدمه الركب، وعدم تأخره أو توسطه؛ حرصًا منه على مشاهدة الأمور وتفقدها على طبيعتها.
ولا أحتاج أن أذكر مدى حرص النملة على أمتها من النمل، وقيامها بالتوجيه وبسرعة وإيجاز (أمر وعلة) {ادخلوا ... لا يحطمنكم}.إنه روح الفريق.
اللهم علمنا من النمل وأخلاقه.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 09:39 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا.
نريد منكم من يضع آية جديدة في موضوع جديد لنستمر.
ـ[عاشق البلاغة]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 10:26 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله بركاته، أنا أضيف آية جديدة.
وهي قوله تعالى:"ومن يعص الله و رسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها .. " الجن 23.
لماذا جمع قوله خالدين، مع أن الضمائر السابقة تعود على مفرد (يعص، له).
أقول: نحوا هي حملت على معنى (مَن). " الدرر المصون ".
ولكن ما اللفتة البلاغية في إيثار الجمع على الإفراد. وجزاكم الله خيرا(/)
الرجاء المساعدة من أهل الاختصاص
ـ[عاشق البلاغة]ــــــــ[24 - 09 - 2008, 03:40 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته قال تعالى: {إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ?للَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ?للَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً}
نرى في هذه الآية أن الضمائر المستخدمة هنا تدل على المفرد (له، يعص)
ولكنه جمع خالدين، وعللوا ذلك فقالوا: " حملا على معنى (مَن) " الدرر المصون.
أقول هذا التوجيه النحوي وهو جائز، ولكن ما اللفتة البلاغية للجمع.
الرجاء الإفادة و ومن وثق فقد امتن علينا.
:):):)
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 02:16 م]ـ
أرى أن ذلك من باب التغليب وذكر العام ليشمل أجزاءه الخاصة، كقوله تعالى" قد أجيبت دعوتكما" والآيات التي قبلها تثبت أن الداعي هو موسى عليه السلام لوحده، ورغم ذلك خاطبت الاية موسى وهارون معا، وأرى أن مجال هذا السؤال في المنتدى البلاغي
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 02:46 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال القرطبي: " وجمع (خالدين)؛ لأن المعنى: لكل من فعل ذلك " ا. ه. وهذا أبلغ في التوعد والتخويف، والله أعلم.
ـ[عاشق البلاغة]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 06:27 م]ـ
الشكر الجزيل لكما أخي طارق و أخيتي الأستاذة ندى وجزاكما الله كل خير.(/)
لمسات جمالية: {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 04:29 ص]ـ
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} - التوبة: 38
تكشف لنا هذه الآية الشريفة مشهدا حسيا لأولئك الكارهين للجهاد, حيث يُطلب منهم النهوض للجهاد, فيقابلوا ذلك النداء, بالالتصاق بالارض, والتمكن من القعود, وهذه المشهد الحسي, يكشف رفض أولئك النفر للنهوض فضلا عن السير للجهاد.
وقفتنا التأملية حول المفردة القرآنية: اثاقلتم.
نجد أن لهذه المفردة إيقاع صوتي ينسجم مع المعنى المكثف الذي تحمله, وهي بهذا تجسد مشهدا حسيا أمام الإنسان.
إن المفردة (اثاقلتم) تجسد بإيقاعها الصوتي ذلك المشهد الحسي الذي يكون فيه الجسم متراخيا ثقيلا, حيث يكون ارتباطه بالفناء المحدود قويا, وارتباطه بالخلود الدائم ضعيفا, تصرفه عن النهوض للجهاد ثقل حب البقاء, و ثقل حب الارتباط بمباهج الدنيا ولذائذها, و ثقل الركون إلى الراحة والدعة , و ثقل الخوف من منظر الدماء الخ ...
هذه المعاني وغيرها تشكل ثقلا كبيرا تصرف الإنسان عن الجهاد, لذا جاء التعبير القرآني {اثاقلتم إلى الأرض} , ليجسد أمامنا هذه المعاني بكل جمال وكل دقة, حيث يتجسد مشهد ذلك الإنسان الذي يظهر أنه ثقيل لا يستطيع النهوض, وهذا ما تفيده مفردة (اثاقلتم) , التي تفيد تكلف الثقل.
من النكت اللغوية الجميلة في هذه الآية أن (التثاقل) عدي بإلى, وهذه تفيد الميل, أي أن أولئك المتقاعسون عن الجهاد يطلبون الوصول إلى الأرض للقعود والسكون بها, مائلين إلى الدنيا ولذائذها كارهين الجهاد ومشاقه, ولذلك جاء التوبيخ الإلهي لهم في قوله تعالى:
{أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}
في اللسان, في تعقيبه حول قوله تعالى {اثاقلتم إلى الدنيا}: " وعداه بإلى لأن فيه معنى ملتم "
إضاءة بلاغية:
في قوله تعالى {اثاقلتم إلى الأرض} مجاز مرسل, للإشارة إلى البطء في الاستجابة للنداء الإلهي, ذلك لن عدم استجابة أولئك النفر, ليس عن عجز في القوى الجسمية, بل بسبب تعلقهم بالدنيا وما بها من أموال ومباهج.
فائدة لغوية:
قال صاحب المجمع:
" اثاقلتم إفاعلتم, واصله تفاعلتم, أدغمت التاء في الثاء لمناسبتها لها, ثم أدخلت ألف الوصل ليمكن الابتداء بها .. " (1)
(1) مجمع البيان للشيخ الطبرسي.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 05:50 ص]ـ
شكر الله لمساتك دكتور حجي ..
واسمح لي بهذه المداخلة:
يذكر ابن عطية سببًا لنزول الآية، يقول:
" هذه الآية بلا اختلاف نازلة عتابًا على تخلف من تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ... وتخلف عنه قبائل من الناس، ورجال من المؤمنين كثير، ومنافقون، فالعتاب في هذه الآية هو للقبائل وللمؤمنين الذين كانوا بالمدينة، وخصّ الثلاثة: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية بذلك التأنيب الشديد بحسب مكانهم من الصحبة؛ إذ هم من أهل بدر، وممن يُقتدى بهم " (المحرر الوجيز: 3/ 34).
ألا يكون التعبير في قوله تعالى: (اثاقلتم إلى الأرض) من قبيل الاستعارة التمثيلية؟
حيث مثلت حال القاعدين عن الجهاد المتطلبين للعذر، بحال من يطلب منه النهوض والحراك، فيقابل ذلك الطلب بالتثاقل، ويلتصق بالأرض رافضًا للنهوض فضلاً عن السير.(/)
أو لم يروا إلى الطير
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 02:40 م]ـ
يقول تعالى في الآية 19 من سورة الملك {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ... }
عبرت الآية عن صورة طيران الطير، فهو بين القبض والبسط، والمتأمل يجد ذلك، ولكن اللفتة البلاغية في اختيار الاسم عند وصف حالة البسط ومد الأجنحة، والفعل عند وصف القبض.
وذلك لأن الطير يُكثر من بسط جناحيه حتى يتوازن ولا يقع، ولذا عبرت الآية بالاسم"صافات" الذي يدل على الثبوت والاستمرار.
ويُقل الطير من قبض الجناحين ويفعل ذلك أحيانا لذا عبرت الآية عنه بالفعل " ويقبضن" لأن الفعل يدل على الحدوث والتجدد.
ـ[أنوار]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 02:57 م]ـ
جوزيتم خيراً ........
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[25 - 09 - 2008, 03:03 م]ـ
وجزاك مثل ما دعوتِ لنا(/)
من سورة القدر
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 07:37 ص]ـ
من سورة القدر:
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
"أنزلناه": عاد الضمير في "أنزلناه" إلى القرآن، وهو غير مذكور، لنباهة ذكره.
"القدر": إما من: عظم القدر، وإما من التضييق، لأن الملائكة تنزل فيها حتى تضيق عليهم الأرض، وإما من التقدير وهو تقدير الحوادث الكونية، ففيها تقدر أمور العام الكونية.
"وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر": استفهام يفيد التعظيم.
"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ": بيان لإجمال منزلة ليلة القدر، وفي الآية: إظهار في موضع الإضمار تشريفا لليلة القدر، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فيصح في غير القرآن: هي خير من ألف شهر.
"ألف شهر": من العبادة لدلالة السياق، فهو يرجح عهد العبادة دون غيرها، فالمدة الزمنية مطلقة، ولكن السياق قيدها بالتعبد.
"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ": التنزل: بالتشديد، دليل على الكثرة، فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى.
"الروح": خصوص بعد عموم، تنويها بمنزلة جبريل، أمين وحي السماء، عليه الصلاة والسلام.
"سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ": "سلام": تنكير يفيد التعظيم، وفي تقديم الخبر: "سلام" على المبتدأ "هي" إشعار بالاختصاص والتوكيد.
لا حرمنا الله وإياكم شرف إحياء تلك الليلة، فلعل الله، عز وجل، أن يطلع على من أحياها، فيغفر للجمع بإخلاص واحد منهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 09:24 ص]ـ
نرجو أن نصادف هذه الليلة ونحن نجتهد في العبادة في العشر الأواخر، بارك الله لك أخي الكريم.
ـ[أنوار]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 11:58 ص]ـ
جوزيتم خيراً على هذه الوقفات ......
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 12:41 ص]ـ
الأستاذ الفاضل مهاجر:
بوركت وقفاتك في رحاب سورة عظيمة لليلة عظيمة ... جعلنا الله وإياك ومن يقرأ ممن يوفق إلى قيام هذه الليلة، ويغنم من بركاتها.
واسمح لي بهذه اللقطات السريعة إضافة إلى ما تفضلت:
"أنزلناه": عاد الضمير في "أنزلناه" إلى القرآن، وهو غير مذكور، لنباهة ذكره.
(إنا أنزلناه): في إسناد الإنزال إلى المولى - جلت قدرته - واصطفاء ضمير العظمة: تشريف للقرآن ما بعده تشريف، وصدرت الآية بحرف التوكيد (إن) مقدمًا على الفعل، فتقوى الكلام، وتقرر الإنزال لمشركي مكة الذين كثرت طعونهم حول القرآن بكونه منزلاً من الله تبارك وتعالى.
"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ": بيان لإجمال منزلة ليلة القدر، وفي الآية: إظهار في موضع الإضمار تشريفا لليلة القدر، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، فيصح في غير القرآن: هي خير من ألف شهر.
فصلت هذه الآية عما قبلها؛ لشبه كمال الاتصال؛ فهي جواب عن سؤال (وما أدراك ما ليلة القدر) وأفاد الفصل: تشريفًا لهذه الليلة ... تشريفًا يبقى للأجيال، ودول الأيام.
وقوله: (ليلة القدر) إظهار ثان - بعد الأول في قوله: (وما أدراك ما ليلة القدر) - في مقام الإضمار، فأضاف تشريفًا إلى تشريف.
"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ": التنزل: بالتشديد، دليل على الكثرة، فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى.
والآية مفصولة عما قبلها، والذي يظهر لي أن الفصل هنا؛ لكمال الاتصال، فتكون هذه الآية بدل اشتمال مما قبلها، وحَسُن موقع الفصل هنا؛ لبيانه أهلية كل بركة من بركات هذه الليلة بتعبير مستقل مفصول عما قبله.
"سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ": "سلام": تنكير يفيد التعظيم، وفي تقديم الخبر: "سلام" على المبتدأ "هي" إشعار بالاختصاص والتوكيد.
وهنا فصل ثالث؛ للغاية السابقة.
وما أعجب ذكر المسند إليه (هي)؛ حيث أدى غاية تفخيم شأن الليلة، وتضافر مع ما قبله في إبراز تلك الفضيلة السامية لليلة القدر.
وما أروع لفظة (سلام)!
إنها لفظة تفيض بالأمن، والهدوء الرائق الودود، ونور الملائكة والروح يغشى الزمان والمكان!
وبعد كل هذا ... هل نفرّط؟!
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 07:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا أستاذة ندى على هذه الإضافات القيمة.
إضافات أقيم من المشاركة الأصلية!!!.
والمعاني التي ذكرت في تفسير "القدر" تجعله من قبيل المشترك اللفظي، لأنه دل على معان متباينة، ومع ذلك، وخلافا لما عهد من المشترك اللفظي من عدم جواز إرادة معانيه على جهة الشمول دفعة واحدة وإنما تصح دلالته على المعنى على جهة البدل كالمطلق عند الأصوليين، ومع ذلك صحت دلالته على كل تلك المعاني دفعة واحدة إذ لا تعارض بينها، فيكون الاختلاف في تفسير "القدر" بها من قبيل: اختلاف التنوع لا التضاد.
وقد أشار بعض المفسرين إلى أن تفسير قوله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ): عبادة ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر، ومن ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فيكون في الآية: "إيجاز بالحذف"، أو: "مجازُ حذفٍ" عند من يقول بذلك، ويَرِدُ على ذلك، أنه ربما قيل بأن السياق قد دل على ذلك ابتداء دون حاجة إلى هذا التقدير، فالمعنى بينٌ ابتداءً، والأصل عدم التقدير، فلا يصار إليه مع استقامة السياق بدونه.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زينب هداية]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 12:48 م]ـ
بارك الله فيك، خير عميم(/)
لديّ مشكلة
ـ[زينب هداية]ــــــــ[27 - 09 - 2008, 05:47 م]ـ
بسم الله الرّحمن الرّحيم، السّلام عليك ورحمة الله وبركاته
أودّ تعلّم البلاغة خطوة خطوة، أفيدوني أرجوكم;)
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 01:22 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قد أجبتك في رد سابق أيتها العزيزة:
http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=38537
وأزيد عليه:
في منتدى البلاغة موضوع مثبّت، عنوانه (فصول في البلاغة):
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=17465
خصصي لكل موضوع فسحة مناسبة من الوقت، اقرئي بهدوء، وإن عن لك سؤال اعرضيه في منتدى البلاغة، وستجدين من يجيبك بإذن الله.
مودتي ..
ـ[زينب هداية]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 01:42 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قد أجبتك في رد سابق أيتها العزيزة:
http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=38537
وأزيد عليه:
في منتدى البلاغة موضوع مثبّت، عنوانه (فصول في البلاغة):
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=17465
خصصي لكل موضوع فسحة مناسبة من الوقت، اقرئي بهدوء، وإن عن لك سؤال اعرضيه في منتدى البلاغة، وستجدين من يجيبك بإذن الله.
مودتي ..
فعلا، قد أجبتِني، و نسيت، فاعذريني أستاذتي الكريمة ( ops(/)
الفرق بين استهزأ بـ وسخر من؟
ـ[أحلام]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 09:36 م]ـ
ما هو الفرق بين استهزأ بـ وسخر من؟
هنالك أمران في اللغة يذكران في الاستعمال القرآني:
أولاً الاستهزاء عام سواء تستهزئ بالأشخاص وبغير الأشخاص (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا (58) المائدة) الصلاة ليست شخصاً وإنما أقاويل وأفاعيل (وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا (231) البقرة) (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) التوبة) إذن الاستهزاء عام في الأشخاص وفي غير الأشخاص. أما السخرية ففي الأشخاص تحديداً لم ترد في القرآن إلا في الأشخاص (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) هود). إذن الاستهزاء عام ومعنى الاستهزاء هو السخرية هم يقولون المزح في خفية وهو جانب من السخرية. (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) التوبة) الرسول شخص (وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا (9) الجاثية) ليس شخصاً.
والأمر الآخر السخرية لم ترد إلا من فعل يفعله الشخص أما الاستهزاء فقد يستهزأ به من غير فعل. السخرية أنت تسخر منه وهو يفعل الفعل هذا أما الاستهزاء فليس كذلك. مثلاً نوح وهو يصنع الفلك هذا عمل (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) هود) هذا فعل وهم سخروا من فعل يفعله، (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ (79) التوبة) هذا فعل. إذن صار عندنا أمرين على الأقل في القرآن أولاً أن الاستهزاء عام للأشخاص وغير الأشخاص والاستهزاء لا يستوجب وقوع فعل بينما السخرية تقتضي فعلاً إذن هنالك أمران متغايران ..
للدكتور فاضل صالح السامرائي.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 11:09 م]ـ
أشكرك سيدتي الكريمة
وحبذا لوكتبي اسم بلادنا بالعربية فهو اجمل وأحلى .....
ـ[جيد جدا]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 11:42 م]ـ
شكرا جزيلا(/)
سؤال في بيت - أحتاج المساعدة
ـ[مُسلم]ــــــــ[30 - 09 - 2008, 09:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كتبتُ هذا البيت وودتُ أن أعرف , هل في تنكير " قدم " تعظيم أم تحقير؟
حيث أنني أردتها للتعظيم , فقال لي الأخ " بحر الرمَل " هي كذلك , وقالت لي الأخت " أنوار" إنما هي بهذا الوضع للتحقير , فهلا ساعدتموني ..
البيت هو:
إنَّ التقيَّ الذي تزهو بهِ قدمٌ = والأرضُ من حملهِ بالخطوِ في طرَبِ
ـ[ضاد]ــــــــ[30 - 09 - 2008, 10:14 م]ـ
أحسها تحقيرا, ولا أجد تفسيرا. لي في المعنى رأي فالله يقول:
وَعِبَادُ الرَّحْمَ?نِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا
فكيف تزهو القدم؟
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[30 - 09 - 2008, 11:31 م]ـ
أخي الفاضل مسلم
هي للتعظيم.
فقد وردت هذه الكلمة في محكم التنزيل فقال تعالى (وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم).
وفي تفسيرها قيل المقصود بقدم ـــــــــ الأعمال الصالحة، وقيل الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع لهم.
وفي كلا الأمرين شرف وعظمه.
فهذا التقي تفرح الأرض من خطوه عليها لكثرة أعماله الصالحة.
والله أعلم
ـ[مُسلم]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 02:29 م]ـ
شكراً لك أخي محمد على مشاركتك التي كم أسعدتني ...
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 05:37 م]ـ
مجرد رأي:
استخدام الذي فيه معنى الوصف أكثرمن الخبر فبدا فيه تعالي لا يتوافق مع التقى (تزهو به قدم) فكان ملمح التحقير. لاحظ لو وضعنا موضعها (من) دون إخلال بوزن البيت (إن التقي من ... ) كانت الخبر أوضح و التعظيم أبين.
ودمت معافى(/)
قال تعالى (كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة).
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[30 - 09 - 2008, 11:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن من يتدبر آيات القرآن الكريم ويمعن النظر في أسلوب التمثيل البلاغي فيه يجد في ذلك الكثير من اللطائف والأسرار التي تحرك المشاعر والأحاسيس وتهز الكيان ... ولا أريد أن أطيل في التقديم. وإذا اردت أمثلة على ذلك فالأمثلة لا تعد ولا تحصى ولكنني الآن أستطيع ان أدعوك لمثال واحد تستطيع أن تتأمل فيه وهو قوله تعالى في تصوير نفرة الكفار من الدعوة الإسلامية
(كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة)
المدثر50 - 51
شبههم سبحانه وتعالى في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمر رأت الأسد والرماة ففرت منه. وهذا من بديع التمثيل فإن القوم من جهلهم بما بعث الله سبحانه رسوله كالحمر فهي لا تعقل شيئا، فإذا سمعت صوت الأسد أو الرامي نفرت منه أشد النفور وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم وحياتهم كنفور الحمر عما يهلكها ويعقرها.
قال ابن القيم: وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة فإنها لشدة نفورها قد استنفر بعضها بعضا وحضه على النفور فإن في الاستفعال من الطلب قدرا زائدا على الفعل المجرد فكأنها تواصت بالنفور وتواطأت عليه ومن قرأها بفتح الفاء فالمعنى أن القسورة استنفرها وحملها على النفور ببأسه وشدته.
وعن عكرمة: شبههم في إعراضهم عن القرآن واستماع الذكر والموعظة وشرادهم عنه بحمر جدت في نفارها مما أفزعهم.
واختلف المفسرون في تفسير القسورة في الآية الكريمة على أقوال متعددة:
فقيل: القسورة جماعة الرماة لا واحد له من لفظه.
وقيل: القسورة حبال الصياد.
وقيل: الرجال الأقوياء.
وقيل: الصوت العالي والمفزع.
وقيل: سواد الليل وظلمته.
وقيل غير ذالك.
وقال أبو هريرة: هي الأسد، وذلك لأن الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت فكذلك هؤلاء المشركون إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن هربوا منه، شبههم بالحمر في البلادة والبله، وذلك أنه لايرى مثل نفار حمر الوحش إذا خافت من شيء.
وبالتدبر في صفات الحمر نجد أن في هذا التشبيه:
أولا: مذمة ظاهرة وتهجين لحالهم. كما في قوله: (كمثل الحماريحمل أسفارا) الجمعة: 5،
ثانيا: شهادة عليهم بالبله وقلة العقل. قال الزمخشري: ولا ترى مثل نفار حمير الوحش واطرادها في العدو إذا رابها رائب؛ ولذلك كان أكثر تشببهات العرب في وصف الإبل وشدة سيرها بالحمر وعدوها إذا وردت ماء فأحسست عليه بقانص.
أقول: وقد يظن من هو قصير في النظر أنه كان يمكن الاكتفاء في تصوير حالهم بوصفهم بالحمر، ولكن المراد غير ذلك، فالمشركون لا يريدون إعمال عقولهم التي أعطاهم إياها ربهم في التدبر في أسرار الكون والوصول إلى معرفة الخالق سبحانه وعبادته وحده، كما أنهم لا يستجيبون للداعي لهم، بل كلما عرض عليهم شيئا من دعوته ابتعدوا عنه مسرعين، وكأن خلفهم وحش كاسر يفزعهم أو أن في أعماقهم شيئا أو في داخل قلوبهم يحثهم على الابتعاد عنه بسرعة لا تتخيل .. وهذه الحالة لاتكفي لها حالة الحمر، وإنما تقتضي أن تكون حمراً مستنفرة مدفوعة من نفسها أو غيرها .. ويزيدك في هذه الصورة وضوحا وجمالا ما يلحقها من تصوير آخر بأسد هصور يطلب فريسة من الحمر الوحشية طعاما لأنيابه ومخالبة القوية والحادة، ولبطنه الجائع، فنجد هذه الحمر ـ كما نشاهد في أفلام الافتراس في هذه الأيام ـ تتفرق في كل مكان هائمة على وجهها لا تدري أن تذهب ولا كيف تتصرف مع ما يملئها من الخوف الشديد.
فانظر يا رعاك الله إلى هذا عظمة هذا الكتاب المجيد.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا إنه ولي ذلك والقادر عليه
أحمد عمر / الأردن
جزاك الله عنا يا استاذ أحمد كل خير و اطال عمرك
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 10 - 2008, 12:56 ص]ـ
شكرا للأخ الحبيب الأديب محمد ينبع الغامدي
هذه اللفتة البلاغية الرائعة؛ وهذا يذكرني بما قرأته في كتاب:
حياة الحيوان الكبرى؛ للدميريّ؛ حيث جاء فيه:
القسورة: الأسد، قال الله تعالى: "كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة".
روى البزار بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنه قال: القسورة الأسد، قال الشاعر:
مضمر يحذره الأبطال = كأنه القسورة الرئبال
وروى ابن طبرزد، بإسناده إلى الحكم بن عبد الله بن خطاب عن الزهري عن أبي واقد، قال: لما نزل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الجابية، أتاه رجل من بني تغلب، يقال له روح بن حبيب بأسد في تابوت، حتى وضعه بين يديه، فقال رضي الله تعالى عنه:
أكسرتم له ناباً أو مخلباً. قالوا: لا. قال: الحمد لله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"ما صيد مصيد إلا بنقص في تسبيحه". يا قسورة!! عبد الله، ثم خلى سبيله.
وقد تقدم في باب الغين المعجمة، أنه روي عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه مثل ذلك في الغراب. وقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما في القسورة: هو بلسان العرب الأسد، وبلسان الحبشة القسورة، وبلسان فارس سير، وبلسان النبط أرنا. وقيل القسورة فعولة من القسر، وهو القهر، سمي الأسد بذلك لأنه يقهر السباع، وقال ابن جبير: القسورة رجال القنص، وقيل القسورة الرجال الشداد، وقال ثعلب: القسورة سواد أول الليل خاصة لا آخره، والمعنى فرت من ظلمة الليل ولا شيء أشد نفاراً من حمر الوحش. واللفظة مأخوذة من القسر الذي هو الغلبة والقهر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[01 - 10 - 2008, 10:54 ص]ـ
أخي المفضال الدكتور مروان وفقك الله
جزاك الله خيرا على هذه المعلومات الأكثر من رائعة.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 10 - 2008, 12:03 م]ـ
أخي المفضال الدكتور مروان وفقك الله
جزاك الله خيرا على هذه المعلومات الأكثر من رائعة.
هلا وغلا بالحبيب اللبيب الغالي محمد
مرحبا بك
وشكرا لك
وكلّ عام وأنتم بكلّ خير
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[01 - 10 - 2008, 01:21 م]ـ
السلام عليكم
أيّها الأستاذان الكريمان الغامدي والدكتور مروان
موضوع جميل , ومعلومات ولا أجمل
بوركتما أيّها الكريمان على هذه الإفادة في النقل والإضافة الرائعين
دمتما في رعاية الله
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[02 - 10 - 2008, 07:04 م]ـ
الفاضلان: أ/ محمد الغامدي، د/ مروان:
فتح الله عليكما ... تجلية جميلة لبلاغة صورة قرآنية بديعة ..(/)
اعينوني ياأهل البلاغة
ـ[عبدالواحد]ــــــــ[02 - 10 - 2008, 05:16 م]ـ
السلام عليكم
أخواني الكرام أنا بحاجة ماسة الى هذا الكتاب عجزت في الحصول عليه هل أجد عندكم هذا الكتاب مصور أو رابط فيه هذا الكتاب
اسم الكتاب
البلاغة فنونها وأفنانها - علم المعاني - / فضل حسن عباس
أنا في ضائقة فأعينوني أعانكم الله ...
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[02 - 10 - 2008, 07:06 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة لا أملك هذا الكتاب إلا في مكتبتي الورقية، بيد أني وجدته بعد البحث في الروابط الآتية:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18163
http://forum.ma3ali.net/t366312-11.html
http://www.rmdk.org/forum/showthread.php?t=7105
وفقك الله، وفرج عنك ..
ـ[عبدالواحد]ــــــــ[03 - 10 - 2008, 02:27 م]ـ
أختي جزيل الشكر موصول لك
وفقك الله لما يحب ويرضى
أختاه الروابط لا تعمل(/)
كتاب بلاغة الكلمة والجملة
ـ[العجيب10]ــــــــ[03 - 10 - 2008, 06:24 ص]ـ
:::
كتاب بلاغة الكلمة والجملة والجمل هل له أثر في المكتبات أم أنه اختفى؟(/)
ترجعون أو تذهبون ..
ـ[أنوار]ــــــــ[04 - 10 - 2008, 09:27 ص]ـ
قال تعالى: (ولئن رُجعْت إلى ربي إن لي عنده للحسنى) ..
وقال .... : (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) ..
وقال ..... : (الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) ..
.
.
.
إلي الله مرجعكم .... ، إلينا مرجعهم ... إلى الله مرجعكم جميعاً ..............
- ما معنى الرجوع؟ وما الفرق بينه وبين الذهاب؟
- لمَ يقول .. ترجعون ... ولم يقل تذهبون .. ؟
- ألا نستخدم في حديثنا الذهاب للمكان الجديد الذي لم نألفه ..
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[04 - 10 - 2008, 10:52 ص]ـ
باختصار شديد؛ قال صاحب العين
(طبعا شيخنا الخليل):
الرّجوع - نقيض الذهاب ..
وفهمك كفاية
وهلا وغلا
ـ[أنوار]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 02:44 م]ـ
أشكر مروركم الكريم دكتور مروان ....(/)
طبق من أسرار الرسم القرآني (1 - 3)
ـ[العرابلي]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 12:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طبق من أسرار الرسم القرآني (1)
لعلنا في هذا الشهر الكريم أن نقدم أطباقًا (على قدر ما يبسط الله لنا) من علم المعاني الذي قام عليه الرسم القرآني المشهور بالرسم العثماني.
وخير ما نبدأ به هو الحديث عن أسماء الله الحسنى
انقسمت أسماء الله تعالى وصفاته التي جاءت على وزن فاعل أو فعَّال إلى ثلاثة أقسام:
• أسماء حذفت فيها الألف.
• أسماء أثبتت فيها الألف.
• أسماء فيها حذف وإثبات للألف.
وقبل ذكر الأسماء نريد أن نبين:
لماذا زيدت الألف على الفعل ليصبح اسم الفاعل؟
كما هو معلوم من لوحة مفاتيح معاني الحروف الهجائية:
فإن الألف: هي للامتداد المنفصل.
وامتاز حرف الألف بأنه حرف مد؛ يمكن مد الصوت به، وزيادته إلى القدر الذي ينتهي فيه النفس. وأن الفم ينفتح مع مده؛ فجاء استعمال الألف موافقًا لنطقه؛ في انكشاف الفعل بحدوثه، والعلم به، وانقطاعه في آن واحد.
والنفس تمتد؛ وامتدادها بالأفعال ما قصر مدته منها، أو طال. ولا بد للفعل من فاعل؛ فكانت زيادتها على الفعل لتدل على القائم بالفعل. فحمل الفاعل بذلك صفة ما فعل.
ودلت الألف على اثنين؛ على الفعل وعلى الفاعل، والأصل هو الفاعل، والزيادة التي حصلت للفاعل امتداده بالفعل، والفعل مهما طال ينفصل بانتهائه، وتبقى النفس حاملة تبعاته.
ولماذا وضعت الألف بعد فاء الفعل؟
لأن فاء الفعل تدل على الحركة، والفاعل يحمل الصفة من دخوله في الفعل وبداية حركته به، وليس بعد الانتهاء منه؛ كمثل: جالس، وراكب، وسابح، وراكض، والفاء مفتوحة، ومدها يتولد منها الألف ...
أما زيادة الألف في الأسماء التي جاءت بصيغة المبالغة؛ فتكون بعد الحرف المشدد؛ لأن المبالغة تحصل بعد كثرة التكرار، والانحصار في داخل العمل؛ فتمثل ذلك بتشديد عين الفعل؛ كمثل نجَّار، وحدَّاد، وبقَّال، وكل الأعمال التي تحتاج جهدًا وتعبًا ...
وإضافة الألف ليدل على أن هذا الامتداد الذي يحصل بالأفعال قابل للانفصال؛ وهو متعلق بالصفات، والصفات تقديرية، ومخرج الألف وحروف المد تقديرية، من خوف الفم والحلق؛ أي من الخواء الذي فيها، وبقية الحروف محققة؛ إذ تعتمد على حيز من الحلق أو الفم أو الشفتين.
وزيادة الألف في الصفات؛ كأن يوصف الذي يصدق بأنه صادق، فصار للموصوف مسميان مسمى سابق عرف به، ومسمى جديد زاد من أسمائه أو صفاته.
وهذه الصفة تبقى دائمة له ما دام هو متصف بها، فإن أصبح على خلافها وصف بخلافها.
وليست هذه الصفة يحملها الجميع، فهناك من يحملها، وهناك من لا يحملها؛ لذلك إثبات الألف للدلالة على الحالين؛ أي حمله لها زيادة حصلت له، وليست لكل الناس.
فصار الأصل هو إثبات الألف في هذه الأسماء.
لكن لما كان هناك من يحمل نفس الوصف، ولا يحملها إلا هو.
وهناك الذين يحملون نفس الصفة؛ ولكن ليسوا بنفس الدرجة في حملها؛
فكان لا بد من التفريق بين الحالين.
فأسماء الله تعالى التي لا يشاركه أحد فيها: تحذف الألف فيها ليكون الحذف علامة على أن الله تعالى يحمل الاسم وحده، ولا يشاركه أحد في الصفة التي يدل عليها هذا الاسم، فالمقارنة بينه وبين غيره تكون معدومة.
وعدد هذه الأسماء التي استحضرتها ثمانية:
1. اسم الجلالة اللَّاه (اللَّاه): الألف فيه بعد اللام قد حذفت؛ لأنه لا أحد غير الله يحمل هذا الاسم، وحتى لم يجرؤ أحد على ادعائه.
2. الرحمان (الرَحْمَان): لا أحد غير الله يوصف به هذا الاسم ويكون معرفة؛ فلما انتفي قيام المثيل؛ حذف الألف لذلك.
3. الواحد (الوَا حِد): والواحد هو الذي في مكانة ومنزلة لا تتسع لغيره، أو لا يمكن لأحد أن يحل معه فيها، فحذفت الألف لانعدام أن يكون له ثاني أو شريك.
4. الظاهر (الظَاهِر): أي ظاهر لا يجهله أحد، وأن الجهل به قد انتهى، ولا امتداد له، وليس ذلك إلا لله وحده. فمن لم يستدل عليه بآياته ومخلوقاته، عرفه عن طريق رسله.
5. واسع (وَا سِع): فالله تعالى هو واسع عليم، وواسعًا كريمًا؛ فهو واسع الفضل، وواسع المغفرة، وواسع الرحمة، وليس لأحد ما لله في سعة عطائه ومغفرته ورحمته وفضله.
6. السلام (السَلَام): والسلام اسم يدل على صفة العلو الدائم لله تعالى، وليس هناك من يتصف بذلك حتى يقارن علوه بعلو الله تعالى. فكل ما خلق هم دونه. وهم عبيده.
7. الخالق (الخَالِق): فالله تعالى هو خالق كل شيء فصفته هذه صفة دائمة لله وحده.
8. الخلاق (الخَلَّاق): وهي صفة مبالغة لله تعالى بكثرة الذين خلقهم، وكثرة ما خلق، وهي صفة لله وحده. لا نصيب لأحد فيها.
فهذه الأسماء الثمانية قد حذفت فيها الألف في القرآن في جميع مواضعها. لأن الله تعالى لا يشاركه فيها أحد، فلما سقطت دواعي المقارنة والتمييز والتفصيل في المراتب، سقطت الألف في الرسم.
ولما كان الأمر كذلك فلماذا لم يسقط صوت الألف كذلك؟
والجواب على ذلك أن هذه الأسماء والصفات هي أسماء وصفات متعددة لله تعالى، فواحدتها لا تغني عن بقيتها، فإبقاء الصوت بها لتدل على وجود غيرها لله، وليس وجود غير الله يحملها.
أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي
يتبع إن شاء الله تعالى ...........
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 12:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الثاني الأسماء التي ثبتت فيها الألف
اشتمل هذا على القسم على أحد عشر اسمًا لله تعالى:
1. البارئ: البارئ هو الذي يخرج غيره، ويخلصه مما هو فيه، كما في قوله تعالى: (فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ (54) البقرة،
لما طلب موسى عليه السلام من قومه أن يفعلوا ما يخرجهم ويخلصهم من ذنبهم في عبادة العجل؛ جاء باسمٍ لله تعالى يناسب ذلك؛ فالله تعالى هو الذي أخرجهم للحياة أولاً، وأخرجهم وخلصهم من فرعون، ومن استعباده لهم.
وقد يوجد من يفعل ذلك الفعل في الإخراج والتخليص لقوم، أو جماعة من الناس؛ فيكون بارئهم.
لكن ليس فعله كفعل الله تعالى بفرعون وقومه.
والبارئ والبريء الذي يخرج من مرضه.
وقد كانت من معجزات عيسى عليه السلام أن يبرئ الأكمه والأبرص؛ أي يخرجها مما هما فيه، فهو لهما البارئ بهذا الفعل، وإن كان بإذن الله تعالى.
والبارئ الذي يخرج الخلق من العدم. كما في قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ (24) الحشر.
فإثبات ألف بارئ لتمييز الله بفعله وصفته عن فعل وصفة غيره. لأن هناك من يحمل غير الله تعالى هذه الصفة.
2. الباطن: الله سبحانه وتعالى هو؛ الأول والآخر والظاهر والباطن، وكما تقدم القول بأن ظهور الله تعالى لا يخفى على أحد، فكل شيء يدل عليه سبحانه وتعالى، وليس هناك من يجهل وجود الله وإن أظهر إنكاره له؛ فحذفت لذلك ألف الظاهر.
لكن الوصف له بأنه باطن؛ لا يمنع وجود من يوصف بأنه باطن غيره، فجنس الملائكة موجود ولكنه باطن ومستور، وكذلك جنس الجن مستور وباطن، فإثبات ألف باطن لتمييز الله تعالى عمن يجمل غيره هذه الصفة؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإننا لا نعرف عن الله تعالى إلا بالقدر الذي أبلغنا به تعالى عن نفسه، فالله تعالى ظاهر قد انتهى الجهل به، بمن أرسل من رسل ودلت على آياته في خلقه، وباطن لا نعرف عنه إلا بالقدر الذي أبلغنا به عن نفسه.
فكان إثبات الألف دلالة عليه، وتمييزًا له سبحانه عمن يوصف بالصفة نفسها، وأن هناك ما نجهله عن الله تعالى؛ لأن معرتنا له هي بقدر ما أبلغنا به سبحانه وتعالى عن نفسه.
3. التوَّاب: وهي صيغة مبالغة لتدل على كثرة التوبة له على عبادة، وكثرة من يتوب عليهم؛ وهذه صفة لا يشارك الله فيها أحد.
ولكن ورد الاسم المفرد بصيغة الجمع كصفة للعباد؛ قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة. التوَّابين جمع توَّاب. فجاء إثبات الألف للتفريق بينهما؛ فالله تعالى توًّاب بقبول توبة العبد فيرجع عن عقابه، وتوبة العبد بالرجوع عن المعصية. فشتان بين الوصفين.
4. الجبَّار: الله تعالى وصف نفسه بأنه جبَّار كما في قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) الحشر، ووصف غيره بأنه جبَّار كما في قوله تعالى: (وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) هود، فكان إثبات الألف تمييزًا لله بأنه جبار فوق درجة الجبارين. ولا يستوي جبروته بجبروت غيره.
5. الرزَّاق، وصف الله تعالى نفسه بأنه رزَّاق: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) الذاريات. وقال تعالى: (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) النساء؛ فكل من يتولى إطعام غيره فهو رازِق، وإذا كان فعله شمل عدد كبيرًا من الناس فهو رزَّاق، فكان إثبات ألف الرزَّاق ليدل على علو منزلة الله تعالى بهذا الوصف، ولا يقارن بغيره، ولا يساويه أحد في ذلك.
6. الفتَّاح: وصف الله تعالى نفسه بالفتَّاح في قوله تعالى: (قل يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) سبأ، فما يفتح الله للناس من رحمة وخير ونصر وغير ذلك لا يماثله أحد فيه ولا يساويه
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد وصف الله تعالى نفسه في القرآن وحده؛ بالرزَّاق وبالفتَّاح؛ بصيغة المبالغة، ولم يصف نفسه بأنه رازق ولا فاتح؛ لأن القرآن الكريم هو كلامه، وله علو المنزلة في البيان، والرازقين كثر فوصف نفسه بأنه خيرهم كما في قوله تعالى: (قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) الجمعة.
وكذلك الفاتحين كثر؛ فوصف نفسه بأنه خيرهم؛ في قوله تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) الأعراف.
فلا تناسب في أن يصف نفسه بنفس الصيغة التي بني عليها الجمع، ولا يميز نفسه تعالى عنهم. فميز تعالى نفسه عليهم بصيغة المبالغة وإثبات ألفها.
7. القاهر: وصف الله تعالى نفسه بالقاهر في موضع واحد ثبتت فيه ألفه: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) الأنعام، وعلى القاعدة فثبات الألف دلالة على وجود غير الله تعالى يحمل هذه الصفة، فقد قال فرعون بصيغة الجمع للمفرد: (قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الأعراف، والله تعالى متميز بعلو درجته ومنزلته عمن يحمل نفس الصفة، ففي ثبات الألف بيانًا لذلك، وكان حقًا أن تضاف هذه في المجموعة الثانية.
8. المُتَعَالِ: وصف الله تعالى نفسه بالمتعالي في قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) الرعد. فالله تعالى هو العلي، وهو الأعلى، وهو المتعال، - وحذف ياء المتعال؛ لها مكانها عند الحديث عن حذف الياء، وحذفها هو لديمومة الصفة –، ويقابل الكبير المتعال، مَنْ وصفهم الله بالمتكبرين أي المتعالين على الناس؛ وقد خاطب سليمان ملكة سبأ: (ألا تعلو علي وأتوني مسلمين). وقول السحرة في حض أنفسهم على الاستعلاء: (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) طه، فإثبات ألف المتعال هو لتمييز تعالِي الله سبحانه؛ عن تعالِي البشر على البشر، مع أن المتعالين من البشر لا غنى لهم عن البشر، ولا عن الله تعالى، والله غني عن الجميع.
9. الوهَّاب: وصف الله تعالى نفسه بالوهَّاب؛ كما في قوله تعالى: (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) ص. وهي صيغة مبالغة تدل على كثرة ما يهب، وكثرة من يهب لهم، حتى أنه تعالى يهب للكافر ولما لا يعقل ... وهذا لا يقدر عليه أحد من البشر؛ وإن وصف أحدهم عند الناس بأنه وهَّاب؛ لكثرة ما يعطي الناس، .... فإثبات ألف الوهَّاب؛ لتوافق على منزلة الله تعالى بعظيم ما يهبه تعالى للناس، وكثرة من يهبهم من الناس.
ويلحق بهذا الجمع اسمان آخران لله تعالى لم يعرفا بالألف واللام:
10. شاكر: وصف الله تعالى نفسه بأنه شاكر في موضوعين؛
في قوله تعالى في السعي بين الصفا والمروة: (وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة.
وفي قوله تعالى: (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) النساء
ووصف إبراهيم عليه السلام بأنه شاكر؛ في قوله تعالى: (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) النحل.
وفي عموم من يلتزم بشرع الله تعالى؛ في قوله تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) الإنسان.
فثبات الألف هو تمييز لشكر الله عن شكر غيره، فشكرع عطاء وشكر غيره عبادة أو ثناء، وتمييز شكر إبراهيم عليه السلام عن شكر البشر بما ابتلاه الله تعالى بكلماته اللاتي أتمهن؛ فنال المنزلة التي جعله الله فيها إمامًا للناس، واتخاذ الله له خليلا، وبيان الهداية للناس لرفع منزلتهم بدوام شكرهم لله؛ وهناك الشاكر للناس وليس لله.
11. غالب: وصف الله تعالى نفسه بأنه الغالب في قوله تعالى: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (21) يوسف.
وقد يكون هناك من يغلب غيره فيكون غالبًا له؛ لكن يأتي من يغلبه فيكون هذا الغالب أعلى منه منزلة ودرجة وأكثر قوة؛ لذلك جاء نفي في آيتين تاليتين لوجود غالبًا له الدرجة العليا؛
في الأولى: كلام نسبه الله تعالى لنفسه وهو صادق فيه؛ فقال تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ (160) آل عمران.
وفي الثانية كلام نسبه الله للشيطان وكان الشيطان كاذبًا فيه؛ فقال تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) الأنفال.
وصف الله تعالى لنفسه بأنه غالب على أمره؛ متميزًا بهذه الغلبة، أي أن أمره قائم وغالب لكل ما يعترضه، ولا يقدر أحد على إبطاله.
هذه الأسماء الأحد عشر اسمًا قد أثبتت فيها الألف؛ لبيان وجود من يحملها غير الله تعالى، وعلو منزلة الله تعالى عن منازلهم في حملها.
وقد كان الحذف في القسم الأول، والإثبات في القسم الثاني، مبنيًا على ما دل عليه الواقع؛ فهناك صفات لا يحملها إلا الله تعالى فحذفت فيها الألف، وصفات يحملها الله تعالى وغير الله؛ فكان لا بد من بيان مكانة الله تعالى وعلو منزلته في هذه الصفات، وعدم تساويه معهم فيها، فأثبتت الألف؛ فكأن الرسم جاء متتمًا لما يتلى؛ فما لا يمكن بيانه بالصوت المرتل، تم بيانه برسم القلم.
فقد وصلنا التبليغ بالقرآن المرتل، تلاوة ورسمًا، وبالحديث غير المرتل. فتم شرع الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي.
يتبع إن شاء الله تعالى ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 12:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الثالث/أسماء فيها إثبات وحذف
1. ظلام للعبيد
جاء في خمسة مواضع من القرآن الكريم بأن الله ليس بظلام للعبيد؛ ثبتت الألف في موضع واحد؛ وحذفت في المواضع الأربعة الباقية.
واختلف موضع الإثبات عن مواضع الحذف في أن النفي للظلم كان عن عبيد موجودين وقت نزول الآية؛ فعرفهم الله ذنبهم؛ ومصيرهم، وهددهم بعذاب الحريق الذي لم يأت بعد، وأن الله ليس بظلام لهم، فقوله تعالى "سنكتب ما قالوا" بعد أن قد قالوا قولهم؛ أي سنثبت عليهم قولهم، ومن خرج من كفره إلى الإسلام بعد ذلك؛ فسيسقط عنه هذا القول، ولا يثبت عليه، ولن يذوق عذاب الحريق؛ فالتهديد هو في يوم لم يأت بعد، والتهديد قائم ممتد حتى يأتي ذلك اليوم الذي يحاسبون فيه.
والظلم في الأصل هو النقصان؛ فالنقص ممن له الحق وصرفه لغيره يعد ظلمًا، ولذلك كان الشرك ظلمًا لأن فيه نقص من حق الله في العبادة وصرفه لغيره بغير حق، والنزع من صاحب الحق وإعطائه لغيره اقتصاصًا لا يعد ظلمًا، ومن هذا فعل الله تعالى في التسوية بين الناس.
ونقصان الحق في الحالين يغضب أو يحزن صاحب الحق.
فكان هذا النفي للظلم في الدنيا قبل الآخرة، وهناك في الدنيا من يظلم غيره؛ لذلك ثبتت الألف فيه. للدلالة على نفي الظلم عن الله في الدنيا والآخرة، وإثبات أن هناك غير الله تعالى من يظلم في الدنيا.
قال تعالى: (لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (182) آل عمران؟
أما بقية المواضع فموجه فيها القول لمن مات على الكفر، أو يقال لهم ذلك في يوم الحساب؛ أو بعد إدخالهم النار؛ وقد انتهى كل شيء، ولا عمل لهم جديد، ولا حساب جديد بعد يوم الحساب؛ لذلك سقطت الألف لانتهاء الأمر، ولا أحد غير الله تعالى يأخذ من حق أحد ويعطيه لغيره؛
قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (51) الأنفال.
قال تعالى: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (10) الحج
قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت.
قال تعالى: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) ق.
2. الغفار:
ورد اسم الغفار معرفًا بالألف واللام في ثلاث آيات؛ لم تثبت فيها الألف؛ لأن التعريف خص الله تعالى بالمغفرة، ولم يساوه أحد فيه، فكان إسقاط الألف لسقوط الند والنظير الذي يوصف بما وصف به تعالى بالمغفرة. والاسم جاء في سياق من ثبت له هذا الوصف في كل وقت؛ من غير ذكر للتوبة والاستغفار. وربط بعزة الله تعالى؛ لأن غفرانه تعالى ليس عن أخذ عوض، وأيضًا الغفران هو إسقاط العقاب وليس فيه زيادة في العطاء.
قال تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) ص
وقال تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) الزمر
وقال تعالى: (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارُ (42) غافر
أما إثبات الألف فجاء في سياق التوبة والدعوة إلى الله تعالى ليغفر الذنوب في آيتين؛
قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) طه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) نوح.
فكان إثبات الألف هو لبيان أن المغفرة الموعودة بها؛
أولاً: ليست للجميع؛ فمن تاب وآمن وعمل صالحًا؛ ينالها، ومن لم يفعل ذلك لن ينلها.
وثانيًا: أن المغفرة يتبعها عطاء وجزاء، فمن تاب يسقط ذنبه، ويسجل أجره على إيمانه وعمله الصالح، واستغفار قوم نوح عليه السلام؛ يسقط عنهم ذنوبهم ويمدهم بما ذكره الله تعالى: (يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) نوح.
وثالثًَا: أن غفران الله تعالى أعلى وأعظم من غفران الناس للناس؛
فقد قال تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) الجاثية وقال تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22) النور. فمن يغفر فهو غافر، لكن شتان بين مغفرة الله لعباده ومغفرة العباد للعباد.
فإثبات الألف جاءت موافقة لما عليه الواقع، فمغفرة الله لا تساويها مغفرة العباد، وأن المغفرة لا ينالها إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا، وأن بعد المغفرة عطاء وجزاء من الله تعالى؛ وكلها من مسوغات إثبات الألف.
3. القادر:
وصف الله تعالى نفسه بأنه قادر في أمور لم يفعلها بعد؛ مبينًا أن صفة القدرة قائمة فيه، وممتدة معه سبحانه وتعالى؛ فمتى شاء فعل، وإذا لم يشأ لم يفعل؛ فثبتت لذلك الألف في هذه المواضع؛
قال تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام.
وقال تعالى: (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (37) الأنعام
وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا (99) الإسراء.
وقال تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) الطارق
ووصف الله تعالى نفسه بقادر في سياق الاستفهام التقريري؛ لأن التقرير يكون في الإجابة، ولو كانت الألف ثابتة لكان التقرير لما هو مقرر، ونافى ذلك أسلوب الاستفهام؛ والله تعالى يريد منهم أن يقروا بما عرفوا من قدرة الله السابقة في خلقه للسموات والأرض، وخلقه للإنسان من نطفة؛ بأن الله عز وجل قادر على أن يخلق مثلهم، وقادر على أن يحيى الموتى. فكان الحذف لأجل الاستفهام التقريري.
قال تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) يس.
وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) الأحقاف.
وقال تعالى: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة
4. القهار:
القهر في الدنيا من الله ومن الملائكة ومن الناس بعضهم لبعض، والقهر في الآخرة من الله تعالى، ومن الملائكة بأمر من الله بجر وحمل وعتل الذين كفروا إلى النار.
ولذلك أثبتت ألف القهار في الكل إلا في موضع واحد؛ حتى يتميز وصف الله بهذه الصفة فوق الذي يتصفون بها؛
قال تعالى: (ياصَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) يوسف.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) إبراهيم
قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) ص.
قال تعالى: (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) الزمر.
قال تعالى: (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر.
أما الموضع الذي حذفت فيه الألف فكان في؛
قوله تعالى: (قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) الرعد،
لما ذكر الله تعالى أنه خالق كل شيء؛ فشمل ذلك الإنس والجن والملائكة، فكان القهر للجميع بلا استثناء؛ فانفرد الله تعالى وحده بهذا الوصف، دون أن يتصف به أحد غيره؛ لذلك حذفت الألف لبيان عدم وجود غير الله تعالى يحمل هذه الصفة في الشأن الذي ذكره الله تعالى في الآية؛ وهو خلقه لكل شيء وقهره له.
5. هادي
الهداية تكون من الله تعالى مباشرة دون وسيط بين العبد وربه، وتكون بعد وجود الوسيط ممن يبعثهم الله تعالى من الأنبياء والرسل، ومن أتباع الرسل، فكان إثبات الألف للتفريق بين هداية الله وهداية غيره؛
قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) الفرقان. فقوله تعالى وكفى بربك هاديًا ما يدل على وجود غيره وإن كان دونه في الهداية.
وأثبتت الألف في موضع نفي وجود الهادي لمن يضلل الله من الأنبياء والرسل وأتباعهم وكل من يهدي الناس للحق:
قال تعالى: (مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) الأعراف
ولما جاء تخصيص صفة الهادي للرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره، سقطت الألف لعدم وجود آخر مقصود معه؛
قال تعالى: (وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (81) النمل.
قال تعالى: (وَمَا أَنتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53) الروم.
أسماء وصفات لله لم تأت إلا مضافة ثبتت فيها الألف
1. غافر الذنب
2. وقابل التوب
يغفر الله تعالى الذنب، والعباد يغفر بعضهم لبعض الذنب كذلك؛ ويعفوا بعضهم عن بعض؛
قال تعالى: (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) غافر.
وقال تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) الجاثية. فمن يغفر فهو غافر، لكن شتان بين غفران الله وغفران عباده، لذلك أثبتت الألف لوجود آخرين يغفرون الذنب لبعضهم.
وكذلك يقبل الله تعالى من يرجع إليه تائبًا ونادمًا على عصيانه وإساءته له؛ ويكون ذلك من عبادة فيما بينهم؛
قال تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22) النور.
فمن قبل الرجوع والتوبة فهو قابل لها، وقبول الله تعالى أكبر وأعظم فلذلك أثبتت الألف.
3. جامع الناس.
هناك أكثر من جمع، وأكثر من جامع؛ فكان إثبات الألف للتمييز بينها، فالله تعالى يجمع الناس يوم القيامة، ويجمع الكافرين والمنافقين في جنهم، ويجمع المؤمنين على الهدى، ولو شاء جمع الناس كلهم على الهدى؛
قال تعالى: (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) آل عمران.
قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنََافِقِينَ وَالْكََافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) النساء.
وقال تعالى: (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجََاهِلِينَ (35) الأنعام
وهناك الكثير ممن يجمع الناس لأمر من الأمور، وكل جمع له جامع؛
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ (64) النور.
وقال تعالى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) القمر،
فالجمع يتكرر، وتختلف فيه؛ الأماكن، والناس، والجامعين لهم. لذلك جاء إثبات الألف لبيان وجود أكثر من واحد، وتباينهم في حملهم لهذه الصفة.
4. جاعل الملائكة
جاعل اسم فاعل من الفعل "جعل"؛ والفعل يقع من الله تعالى ومن الناس، ويقع من الله تعالى على أكثر من شيء؛ لذلك جاء إثبات الألف لإظهار هذا التباين؛
قال تعالى: (قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة.
وقال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا (124) البقرة.
وقال تعالى: (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) آل عمران.
وقال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمََاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلََائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبََاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر.
وقال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا (3) القصص.
وقال تعالى: (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) ق
5. فاطر السموات والأرض
ذكر الله تعالى أنه فاطر السموات والأرض في ست آيات، وفي آيات أخرى أنه فطر السموات والأرض، وأنه تعالى فطر الناس أيضًا، ونسب الفعل كذلك للسماء وللسماوات، فكان إثبات الألف للتمييز، ووقوع الفعل على أكثر من واحد، ووقوعه من غير الله؛
قال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر.
وقال تعالى: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) الأنعام
وقال تعالى: (وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) يس.
وقال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا (30) الروم.
وقال تعالى: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ (5) الشورى.
وقال تعالى: (إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ (1) الانفطار
أسماء وصفات لله لم تأت إلا مضافة ثبتت فيها الألف
1. مالك الملك ومالك يوم الدين
قال تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) الفاتحة
وقال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء (26) آل عمران.
هذه صفة لله لا يشترك معه أحد فيما أضيف له
فهو الوحيد المالك ليوم الدين
وهو الوحيد المالك للملك أي هو مالك كما ما يملكه أو ملكه لغيره
لذلك سقطت الألف لعدم وجود من يحمل هذه الصفة.
2. عَالِمُ الغيب
قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) الجن.
3. علام الغيوب
قال تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) المائدة
(أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) التوبة.
الله تعالى عالم وعلام؛ وهما صفتان لا يحملهما أحد إلا الله تعالى لأنهما أضيفا إلى الغيب والغيب لا يطلع عليه أحد ولا يعلمه إلا الله تعالى لذلك سقطت الألف فيهما
أبو مُسْلِم /عَبْد المَجِيد العَرَابْلِي
ـ[أنوار]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 04:01 ص]ـ
جهد متميِّز وإبداع تُشكر عليه .... أثابكم الله ..
ـ[أحلام]ــــــــ[05 - 10 - 2008, 08:55 م]ـ
الفاضل العرابلي
سلمت يداك
وجعل الله هذا الجهد في ميزان حسناتك
ونطمع بالمزيد
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:12 ص]ـ
جهد متميِّز وإبداع تُشكر عليه .... أثابكم الله ..
بارك الله فيك
وجزاك الله بكل خير
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:26 ص]ـ
الفاضل العرابلي
سلمت يداك
وجعل الله هذا الجهد في ميزان حسناتك
ونطمع بالمزيد
سلمت
وأحسن الله إليك(/)
سر التاءات التي بسطت في القرآن في حزمة واحدة
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:33 ص]ـ
سر التاءات التي بسطت في القرآن في حزمة واحدة
بسم الله الرحمن الرحيم
سر التاءات التي بسطت في القرآن في حزمة واحدة
سأركز في هذه الحزمة على التاءات المبسوطة حتى أنتهي منها، وهي ليست بالكثيرة، لننتقل بعدها إلى موضوع آخر ... وأرجو أن تكون هذه الطريقة في النشر فيها اكتمال المواضيع الفرعية من سلسلة علم معاني الرسم القرآني تساعد أهل القرآن؛ دارسين ومدرسين في تعلمها، وتعليمها.
القاعدة في بسط وقبض التاء؛ أن التاء المقبوضة يدل قبضها على أن الشيء مجهول كله أو بعضه، ورسمها كان كالكيس المربوط، إن عرفت بعض ما فيه، فلا تعرف كل ما فيه.
والتاء المبسوطة يدل بسطها على أن الشيء معلوم وبين واضح غير مجهول، ورسمها كان كالصحن المكشوف لا يخفي ما يوضع فيه.
ولنا مع كل تاء بسطت في الرسم القرآني -المشهور بالرسم العثماني- موقف وحديث ....
والله تعالى أعلم
أبو مُسْلم / عبد المجيد العَرَابْلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) - خير الجنات جنت الواقعة
خير ما يسأل المؤمن ربه ويتمناه جنة الواقعة؛ (جنت نعيم) المكتوبة بالتاء المبسوطة0
قال تعالى: (فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنت نعيم (89)) الواقعة،
تكرر ذكر جنة، والجنة، عشرات المرات في القرآن الكريم (67 مرة) وكلها كتبت بالتاء المقبوضة (المربوطة) إلا واحدة؛ هي جنت الواقعة.
ويعود السر في بسط تاء جنة الواقعة إلى فرق الدلالة ما بين التاء المقبوضة والمبسوطة؛ التاء المقبوضة من طريقة رسمها كالصرة المربوطة، إن لم يكن ما بداخلها مجهولاً بالكلية فبعضه مجهول أو جوانب منه.
وليس كل من يدخل الجنة يطّلع على كل ما فيها من نعيم، فمن كان نصيبه في الجنة أن يكون في المنزلة العاشرة مثلاً -والجنة فيها مائة منزلة- فعندما يؤذن له بدخول الجنة يدخلها من أسفلها -ولا يكون الدخول إلا من أسفل الجنة بعد تجاوز النار- إلى أن يصل منزلته، فيجد في أول منازلها؛ ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وتكون فرحته وسروره عظيمًا، وعندما يرقى إلى المنزلة التالية يجدها أفضل من الأولى، وفيها زيادة ليست في الأولى، إلى أن يصل إلى المنزلة المكتوبة له، فيجدها خيرًا من كل المنازل التي مر عليها، وفيها زيادات لا توجد في
المنازل التي مر عليها.
لكن ما ذا يوجد من زيادات في المنازل التي أعلى من منزلته؟ سيبقى يجهل تلك الزيادات من النعيم، مع انه في داخل الجنة.
أما إن كان من المقربين، فهو في أعلى منزلة في الجنة (في الفردوس الأعلى)، وليس هناك منزلة أعلى من منزلة المقربين، فأصحاب هذه المنزلة قد مروا على كل منازل الجنة واطلعوا على ما فيها من نعيم، وعندهم مثل هذا النعيم، وأفضل منه، وزيادات لا توجد في كل المنازل اللواتي من دونها.
فأصحاب هذه المنزلة قد عرفوا كل نعيم الجنة، ولم يبق من نعيم الجنة شيء يجهلونه، فجنة هؤلاء فقط هم الذين كتبت تاء جنتهم مبسوطة، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وفيهم، والضعيف العاجز من تكون همته في طلب منزلة في الجنة دون هذه المنزلة التي اجتمع فيها كل أنواع نعيم الجنة.
هذا مسألة واحدة من آلاف المسائل التي تميز بها الرسم العثماني، وكل مسألة كتبت فيها الكلمة مخالفة للرسم الاصطلاحي وراءها سر يكشف صورة الواقع الذي صورته هذه الكلمة، وكشفت أيضًا عن سر كتابتها بالرسم الاصطلاحي المقابل لها، ولكن الأمة عبر قرونها الطويلة أعرضت عن البحث في هذا العلم للكشف عن هذه الأسرار ولطائفها فحرمت هذه الأجيال من هذا العلم الجليل ....
أبو مُسْلم/ عبد المجيد العَرَابْلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(2) - شجرة الزقوم ... وشجرت الزقوم
سيرًا على القاعدة العامة في رسم التاء المقبوضة، والتاء المبسوطة، فإن تاء الشجرة إذا كانت مقبوضة فهي شجرة نكرة مجهولة، غير محددة، ولم يسبق الاطلاع عليها، ومعرفة حقيقتها، وإذا كانت تاء الشجرة مبسوطة؛ كانت هذه الشجرة معلومة لمن اطلع عليها، وعرفها، وأكل منها
والحديث عن شجرة الزقوم اختلف من موضع إلى آخر من آيات الله؛
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي سورة الواقعة يتوعد الله عز وجل الكافرين الضالين في الحياة الدنيا بأكلهم من شجر الزقوم يوم الدين، (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ (52) فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) الواقعة، وفي هذه السورة جاء ذكر شجر الزقوم بالجمع وليس بالإفراد
وفي سورة الصافات بعد الحديث عما آل إليه قرين السوء، المكذب للبعث من عذاب في وسط جهنم، وما آل إليه المصدق بالبعث، ولم يضعف أمام كفر قرينه، ولم يستجب له، فدخل الجنة وتنعم بنعيمها؛ (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61) الصافات
ثم يذكر تعالى هذا النعيم خير أم شجرة الزقوم ويذكر هذا الشجر بأبشع ما يصوره كاره لشيء ويخافه، ليحذر من يخاف الله أن يكون ممن يأكل منها، وهو يتلظى في نار جهنم؛ (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) الصافات
وهذه الشجرة لا يعلم قبحها أحد من هؤلاء الضالين في الحياة الدنيا، حتى يدخلوا النار ويأكلوا منها، فيعلمون شر ما توعدهم الله به ... وفي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر فيه أنه لو نزلت قطرة من الزقوم لأفسد ماء الأرض، فاتقوا الله فكيف بمن يكون الزقوم طعامه، لذلك كتب تاؤها مقبوضة لجهل الجميع بمدى مرارة وقبح هذه الشجرة
أما الحديث عن شجرة الزقوم في سورة الدخان فهو الحديث عن شجرة قد عرفت للآثمين: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)، .... ثم يقال بعد أكلهم منها ... (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ (50) الدخان
يتبين لنا من ذلك؛ أنه لما كان الحديث عن شجرة الزقوم، وهذه الشجرة من شجر النار في الآخرة، والمخاطبين عنها في الآيات هم من أهل الحياة الدنيا، كانت الشجرة مجهولة لديهم، فكتبت التاء مقبوضة، وقد غر أبي جهل اسم الزقوم، وظن أنه هو التمر الذي يغمس في الزبد قبل تزقمه، وهو من طعام أهل اليمن، فقال ساخرًا: هذا الذي يتوعدنا به محمد؟! ... يا غلام ... ائتنا بتمر وزبد نتزقمه، فأنزل الله تعالى مبينًا صفتها، فقال: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات
ولما تحدث تعالى ما يحدث لأهل النار في سورة الدخان وقد أكلوا من هذه الشجرة الملعونة، ثم أُخذ الآكل منها، فعُتِل، فألقي في وسط الجحيم، أصبحت الشجرة معروفة لديهم غير مجهولة فبسطت تاؤها في الرسم لاختلاف حالها في الآخرة عن حالها في الدنيا عند هؤلاء
هذا سر من أسرار الرسم العثماني الذي هاجمه جهال وأصحاب فتن لمن جهلوا ما وراء هذا الرسم من أسرار
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(3) - (قرة) أعين منتظرة ..... و (قرت) عين ممتلكة
ذكرت "قرة" المقبوضة التاء في موضعين في القرآن الكريم، وهم قرتان لم تتحققا بعد، وزمن تحققها علمه عند الله عز وجل؛
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان. فهذا دعاء لما لم يحدث، والاستجابة راجعة إلى الله سبحانه وتعالى، وزمن تحققه إن وقع يكون في المستقبل، لذلك حال القرة مقفل وقت دعوة الداعي، وزمن تحققها هو في علم الغيب عند الله عز وجل.
وقال تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه أيضًا حالها في الدنيا مجهولة، ولا تتحقق إلا في الآخرة لمن أنعم الله عليه بالجنة، فيبصر معاينة ما فيها من قرة أعين
فتاء قرة في الموضعين السابقين رسمت مقبوضة مطابقة مع الحال في كل منهما، وتنبيهًا له.
أما الموضع الثالث فاختلف عن الموضعين السابقين؛
قال تعالى: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) القصص.
ذكر أن امرأة فرعون كانت عقيمة؛ أي ليس لها ولد، ومُنى كل امرأة وقرة عينها أن يكون لها ولد، فها هي الآن يتبدل حالها، ويصبح بين يديها ولد ليس له أهل ينازعونها عليه، فهذا الغلام الحاضر بين يديها قرت عين قد تحققت لها، وليس قرة عين موعودة بها، فبسطت تاء قرت؛ مطابقة مع الواقع الذي حصل، فخالف رسمها في هذه الحال عن رسمها في الحالين السابقين. د
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(4) - (امرأة) نكرة ... و (امرأت) معرفة
كل امرأة معرفة تكتب بالتاء المبسوطة، وكل امرأة نكرة تكتب بالتاء المقبوضة.
وتعريف المرأة يكون بالإضافة إلى زوجها بضمير متصل يدل عليه أو إلى اسمه مصرحًا به؛
أما إذا أضيفت إلى ضمير متصل فبسط التاء يكون وجوبًا، ولا صورة أخرى لها غير البسط، ولا تكون المرأة في هذه الحال إلا معرفة.
ومثالاً على ذلك قوله تعالى: (رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ .. (40) آل عمران.
قال تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) الذاريات.
والمرأة جاء اسمها من مادة "مَرَأَ"، التي من المروءة، والمروءة أن يكون فعل المرء من نفسه، لا يريد ممن فعل له الفعل أجرًا ولا شكورًا، وذكر المرأة في القرآن كان في المواضع التي كان فعلها من نفسها، فاستقلت به عن زوجها وانفصلت بهذا الاستقلال عنه؛
- فاستقلال زوجة زكريا عليه السلام عن زوجها كان بعقمها؛ فلم تستطع أن تعطيه الولد الذي يربط بينهما، ومثلها زوجة إبراهيم عليه السلام؛ .... فهذين المثالين الذَين كانا لزوجين مؤمنين.
- وحالة ثانية في استقلال المرأة عن زوجها وانفصالها: استقلالها بالسوء عن زوجها، ومثاله قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) المسد، فقامت بأفعال لم يفعلها زوجها، وقد يستعظم على نفسه فعلها، كرمي القاذورات والأشواك على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه كان يصد الناس ويصرفهم عنه، فكان إيذاؤها خاصًا بها، وأم جميل دافعة لزوجها أبي لهب لقطع صلة رحمه بابن أخيه.
- وحالة ثالثة: خيانة زوجها في نفسها، فتطلب تحقيق رغبتها عند رجل آخر غير زوجها؛ ومثاله امرأة العزيز التي أرادت ذلك مع فتاها يوسف عليه السلام، قال تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30) يوسف.
وحالة رابعة: أن يكون الزوج مؤمنًا والزوجة كافرة؛ ومثاله امرأة نوح، وامرأة لوط؛
قال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) التحريم.
وحالة خامسة: أن تكون هي مؤمنة وهو كافر؛ ومثاله امرأة فرعون؛ قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) آل عمران.
وحالة سادسة: أن تستقل في رغبتها في أمر ما عن زوجها؛ ومثاله نذر امرأت عمران ما في بطنها دون زوجها؛ قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) آل عمران، فقالت نذرت، ولم تقل نذرنا، وقالت تقبل مني، ولم تقل تقبل منا، وقيل إن عمران مات قبل ولادتها، أو قبل تنفيذ نذرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحالة سابعة: أن يكون بين الزوجين خلافًا؛ ومثاله قوله تعالى: (إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ ... (128) البقرة، وهنا رسمت تاؤها مقبوضة لأنها نكرة غير معرفة.
وحالة ثامنة: أن تزوج المرأة نفسها بدون إذن وليها، ومثاله قوله تعالى: ( .. وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .. (50) الأحزاب، وهذه رسمت تاؤها مقبوضة لأنها نكرة غير معرفة.
وتسمية الأنثى بالمرأة جاءت من تأنيث امرئ، وهي من المروءة، وهي تدل على أن الفعل كان من إقدام النفس عليه بغير سبب ..... وتسمية الأنثى بالمرأة يطلق على المتزوجة، وعلى غير المتزوجة؛ فليس الزواج هو السبب في هذه التسمية.
ولفظ المرأة يثنى ولا يجمع، والسر في ذلك؛ أن النفس تستقل بفعلها وهي منفردة لوحدها، ولا تتأثر كثيرًا عند اجتماعها بثانٍ غيرها، فليس هناك تبعية من إحداهما للأخرى ... أما عندما يكون الفرد مع جمع، فسينقاد الجمع خلف أحد منهم يقودهم ويكونون هم تبعًا له ... وهنا تنتفي الصفة عن موصوفها، وتخرج التسمية عن مضمونها، فلا يظل الفعل صادر من نفس صاحبه وبقرار منه، وهذا هو السر في عدم جمع المرأة بلفظ من جنسها. ولا امرئ كذلك.
ولما كانت البنت محدودة التصرف في بيت والدها، ومطْلَقَة اليد في بيت زوجها؛ تتصرف فيه في أمور كثيرة كما تشاء من نفسها وبكامل إرادتها، غلب استعمال لفظ المرأة للمتزوجة دون البنت والأيم من النساء.
ووصفت بنتا الرجل الصالح من مدين بالمرأتين؛ لأنهما نابتا عن أبيها في رعاية الغنم، وليس هذا العمل من أعمال النساء، وانفردتا بنفسيهما مبتعدتين عن الرعاء في مكان السقي؛ قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(5) - (ابنت) اشتهرت ... و (ابنة) لم تذكر
"ابنة" لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة، وهي معرفة بالإضافة إلى عمران، بل إن ابنة عمران أكثر امرأة نالت شهرة في الأرض، فكان حقها أن ترسم تاؤها مبسوطة، وكذلك رسمت؛
قال تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) التحريم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(6) - بسط تاء لعنت
لعنت: وردت كلمة لعنة في القرآن (14) مرة؛ قبضت تاؤها في (12) موضعًا، وبسطت مرتان فقط.
جاء ذكر اللعنة التي قبضت تاؤها في (7) آيات لأولئك الذين ماتوا على الكفر فكانوا من أصحاب النار ...
كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) البقرة.
وجاء ذكر اللعنة المقبوضة التاء في (3) آيات لمن لعنوا في الدنيا وفي الآخرة ...
كقوله تعالى: (وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) هود.
وآيتان متعلقة بلعن إبليس إلى يوم القيامة ومن هلك ملعونًا بعث ملعونًا؛
كقوله تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) الحجر.
فهذه المواضع الاثنا عشر؛ قبضت فيها التاء؛ لأن الذين لعنوا دخلوا في اللعنة، وهي محيطة بهم، ولا مخرج لهم منها، فقبضت تاؤها على الصورة التي عليها الملعونين ... نعوذ بالله من كل ذلك.
أما الموضعان التي بسطت فيهما التاء فهما لأناس لم يلعنوا بعد، حتى يقدموا على عمل هم مخيرين فيه، فإن فعلوا فإن اللعنة تفتح لهم للدخول فيها ... فإن دخلوا فيها فلن يكون لهم مخرجًا منها بعد ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
الموضع الأول كان في الابتهال؛ قال تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ .... فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) آل عمران.
وأما الموضع الثاني؛ فكان في حديث اللعان بين الزوجين ... فإذا شهد الزوج المتهم لزوجه، أربع شهادات بالله إنه من الصادقين، وهو كاذب، ثم طلب في الخامسة اللعنة عليه إن كان من الكاذبين، فتحت له اللعنة ليدخل فيها لأنه ارتضاها لنفسه؛
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) النور.
اللعنة في الآتيتين موجبة، وإذا وجبت فقد فتحت، ولا يخرجه منها استغفار بعد ذلك، ولا توبة، لعلم الملعون بنتائج عمله قبل طلب اللعنة لنفسه، وهو يعلم أنه كاذب، ومستحق لها، فيقدم على طلبها مستهينًا بها، غير مرتدع عن الاعتراف بكذبه وجرمه.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(7) - بسط تاء معصيت
معصيت: لم ترد إلا مرتين فقط، وبسطت في كلتيهما؛
قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) المجادلة.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) المجادلة.
بسطت تاء معصيت الرسول لأنه جاء في الآيتين تحذير من الله تعالى من دعوة بعضهم بعضًا سرًا وفي تناجيهم للدخول في معصيت الرسول صلى الله عليه وسلم .. فهم خارجين عنها، وغير مقترفين لها، ولم يدخلوا فيها، وليس لأحد عصمة في الدخول في معصيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان هذا التحذير ليحرص من الوقوع فيه بعلمه أو جهلا منه، وقد يجد من يبسط له الدخول فيها من قرناء السوء، فقد دخلها من قبل فاسقين، وكافرين، ومشركين، ومنافقين، وضالين، ومن أهل الكتاب، وما زال الباب مفتوحًا لم يغلق من يوم إرساله صلى الله عليه وسلم، ومعصيته عليه الصلاة والسلام مفتاح لمعصية الله في كل أمور الدين والدنيا .... ومعصيت الرسول صلى الله عليه وسلم معلومة لله مهما تستر عليها العاصي وأخفاها، ويكشفها الله عز وجل للناس كما كشف أقوال وأفعال المنافقين الذين أظهروا خلاف ما في قلوبهم ... واجتب الصحابة معصية الرسول صلى الله عليه وسلم لإيمانهم بالله ورسوله التي أوجبت عليهم الطاعة المطلقة لهما.
ولم ترد معصية مقبوضة في القرآن؛ فليس هناك معصية في الواقع لم يدخل فيها الناس؛ من أعظمها إلى أدناها، أي من الشرك بالله إلى اللمم من الذنوب.
لقد تكلمنا في أمثلة الحلقات السابقة على أن التاء المبسوطة هي علامة للمعلوم المعروف البين، وأن التاء المقبوضة علامة للشيء المجهول بعضه أو كله.
وبينا في هذين المثالين صورة أخرى لدلالة التاء المقبوضة والمبسوطة؛ صورة من هو في الداخل ومقفل عليه الخروج، أو من هو في الخارج ومقفل أيضًا عليه الدخول .... فكان في رسم التاء المقبوضة صورة لهذا الحال.
وصورة من هو في الخارج، وفتح وبسط له الطريق للدخول والولوج إلى الداخل، مما فيه غضب الله وسخطه .... فكان في رسم التاء المبسوطة صورة لهذا الحال ..... والله تعالى أعلم.
............. تابع معنا بقية الأمثلة في الأيام المقبلة إن شاء الله تعالى.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(8) - بسط تاء رحمت
(يُتْبَعُ)
(/)
رحمت: بسطت تاء رحمت في (7) مواضع فقط، وقبضت في أكثر من (70) موضعًا، واستعمال مادة "رحم" هو في التواصل والاستمرار، ويكون بسبب العطاء الرباني، فالله سبحانه وتعالى هو الرحمن؛ ورحمته في الدنيا للجميع، بعطائه للناس من أنواع الرزق، وأسبابه كالمطر، فتتواصل حياة الناس، وبإعطائه الذرية تتواصل الأجيال، وهو الرحيم للمؤمنين في الدنيا والآخرة، وعطاؤه في الآخرة يكون خاصًا بهم فقط.
والرحم في المرأة هو سبب استمرار البشرية بنشأة الذرية فيه، وهو يمد هذه الذرية بالعطاء والنمو حتى يكتمل جسمه، ثم يولد ويخرج للحياة وهو قادر على تناول غذائه عن طريق الفم.
والرحم من النساء؛ كالبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخوات، وبنات الإخوان، هن سبب التواصل بين الأسر والعائلات، وتوسيع دائرة العلاقات بينهم، فتنشأ المجتمعات القادرة على الدفاع عن نفسها، وبسبب حرمة الزواج من الأقارب الأدنين لهن، وزواجهن من رجال أغراب عليهن يجعل الأسر المختلفة تمد بعضها بعضًا بالجينات الوراثية التي تساعد على استمرار البشرية بذراري سليمة لئلا تضوى، هذه الأسر بعد أجيال عديدة.
والناس تفهم الرحمة على أنها عطف وشفقة ... والعطف يكون على الضعيف غير القادر، والشفقة تكون للضعيف الذي أثقله الفقر أو المرض أو المصائب ... والله تعالى يرحم الناس ليستمروا إلى الأجل الذي حدده لهم، ويرحمهم على طاعتهم له، أو ليقوموا بالعبادة له ... وهذا خلاف الشفقة والعطف ....
والمواضع التي بسطت فيها تاء "رحمت" كان لرحمة قد بسطت بعد قبضها؛ فبعد مرور السنين الطويلة، وتعدي الزوجة للسنين التي تستطيع أن تحمل وتلد، وتعطي الذرية فيها؛
- تأتي البشرى لإبراهيم عليه السلام وزوجه، قال تعالى: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود.
- وتأتي كذلك استجابة لدعاء زكريا عليه السلام؛ قال تعالى: (ذِكْرُ رَحْمَتَ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) مريم، ثم يفصل تعالى بعدها قصة وهب يحي لزكريا عليهما السلام.
ففتحت هذه الرحمة لهما بعد قبضها زمنًا طويلاً.
- وبعد قبض المطر عن النزول وموت الأرض، يأتي الغيث وتستمر الحياة بهذه الرحمة التي بسطت؛ قال تعالى: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) الروم.
- والله تعالى يطلب من الناس أن يدعوه خوفًا من عقابه الذي فيه قطع لرحمته عنهم، أو طمعًا بما عنده، فرحمته قد بسطت لهم ولم تقفل في وجوههم؛ قال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
- وها هي رحمت الله قد بسطت باختيار محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه نبيًا فيهم، وبسطت رحمته بمعرفة أسباب نيل الرحمة؛ بالأحكام التي أنزلت على نبيه، فبها تجنا الحسنات، وتمحا السيئات؛ قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ورَحْمَتَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) الزخرف، وجاءت هذه الآية بعد قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) الزخرف.
- وها هم المؤمنون يطلبون لهذا الدين الثبات والاستمرار، والامتداد في الأرض بالإيمان والعمل الصالح، والهجرة، والجهاد؛ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218) البقرة. فبسطت لذلك فيها تاء رحمت ....
(يُتْبَعُ)
(/)
أما العابد القانت الساجد آناء الليل ويحذر الآخرة فهو يرجوا رحمة ربه في الآخرة؛ ألا وهي الجنة .. التي هي مقفلة دونه في الحياة الدنيا .. وستفتح له يوم القيامة؛ قال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (9) الزمر.
والوقوف على كل رحمة وردت في القرآن قبضت تاؤها أمر يطول، ويكفي أن يقال فيها أنها كتبت على القاعدة في رسمها، والالتباس يكون في معرفة سر بسطها أكثر من معرفة سر قبضها.
فبعض الرحمة التي قبضت تاؤها؛ هي رحمة مرجوة لم تفتح للسائل بعد، كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) آل عمران.
أو هي رحمة موعود بها، كما في قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) النساء.
أو هي رحمة هم فيها لم يخرجوا منها، بل لن يخرجوا منها؛ كما في قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) آل عمران.
وأترك بقية الأمثلة للقراء والدارسين، لتعليلها بأنفسهم، مستفيدين مما قرؤوه، ففي تدبر الآيات خير كثير، وأجر عظيم، فإن شق على أحدهم مثال فليسأل عنه ...... ونسأل الله لنا ولهم التوفيق.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
[ size=5][font=times new roman] بسم الله الرحمن الرحيم
(9) - بسط تاء نعمت
ذكر لفظ النعمة غير مضافة لضمير متصل في القرآن الكريم في (36) موضعًا، منها (25) موضعًا قبضت فيها التاء، وبسطت التاء في (11) موضعًا.
- نعم الله تعالى على الإنسان كثيرة، ولا تحصى، فلا يمكن حصرها، وقد لا نستطيع أن نحصر النعم التي فتحت علينا، والتي نعلمها لكثرتها، سوى النعم الكثيرة التي لا نعلمها حتى نفقدها، أو يظهر لنا خلافها؛
كما في قوله تعالى: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم.
فوصف تعالى للإنسان بأنه ظلوم كفار؛ يدل على أنه النعمة معروفة، وقد بسطت لهم؛ لأن الظلم يدل على حصول النقصان، وصرف ما أخذ لغير صاحبه، ومن هو أهل له، والكفر يفيد إنكار النعمة التي قد نالها وتنعم بها، فبسطت لذلك تاء نعمة، وهي نعم قد سألوها ... فكيف لهم أن يجهلوها؟!
وأما قوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) النحل.
فوصف الله تعالى لنفسه أنه غفور رحيم، دل على أنهم ما زالوا في تلك النعمة، متواصلين بها، ولم يخرجوا منها، ولو لم يغفر ويرحم، لحرمهم من النعمة، وأخرجهم منها.
- ومن ذلك كفر النعمة التي سبق لهم التمتع بها، فبسطت تاؤها؛ قال تعالى: (وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) النحل.
- ومثلها النعمة التي عُرفت وأُنكرت وكُفر بها في قوله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الْكَافِرُونَ (83) النحل.
- ومثلها النعمة التي بدلت في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) إبراهيم. فبسطت تاؤها، ولا يبدل إلا كل معلوم.
- ومن النعمة التي بسطت تاؤها: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) النحل. فالشكر لا يكون إلا على النعمة التي بسطت لهم، فعرفت، وتم التمتع بها.
- ومن النعم التي بسطت تاؤها النعم التي عرفت كالرزق؛ قال تعالى: (يَأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فاطر.
(يُتْبَعُ)
(/)
- وكالريح المرسلة التي تجري الفلك في البحر في منفعة الناس: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) لقمان.
- وكنعمة القرآن والإسلام الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وأظهرها وبلغها للناس، وذكر بها: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) الطور.
وأما قبض التاء في قوله تعالى: (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) القلم.
ففي هذه الآية وما يليها من سورة القلم مدح ومواساة للرسول صلى الله عليه وسلم بسبب دعوة الإسلام المتلبس بها تطبيقًا وخلقًا؛ قال تعالى بعدها: (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم ... فهو محاط بنعمة لا يخرج منها.
وأما قوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى ... فآيات سورة الضحى هي مواساة ودعم للرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا .. فكيف كان حاله من قبل، يتيم بفقد الوالدين، وضال عنهم؛ أي منفصل عن قومه، ومنفرد عنهم، وفي ذلك فقدان اتصالهم به فيما هو عليه، ثم العيلة التي كان فيها، وفقدانه المال الذي يغنيه عن الناس، وكيف أصبح حاله بنعمة الله عليه، فهو محاط بهذه النعمة ومحفوظ فيها، وما زال الدعم الإلهي له كبيرًا .. وإحاطة النعمة بصاحبها من أسباب رسم تائها مقبوضة، تصويرًا لحاله معها.
- ومن النعم التي بسطت تاؤها النعم التي يذكِّر الله تعالى بها المؤمنين؛ كما في قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) البقرة. فالكتاب لم يكن عندهم ولا الحكمة كانت لهم، فبسطت لهم هذه النعمة بعد نزول القرآن عليهم.
- ونعمة الإسلام التي بسطت لهم ليخرجوا من العداوة التي كانت بينهم، والشرك المهلك لهم، ليدخلوا في الإيمان وتؤلف قلوبهم عليه، ويسلموا من الشرك وتبعاته؛ قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) آل عمران.
وأما قبض تاء النعمة في تذكير موسى عليه السلام لقومه؛ فذلك لأن الحديث فيه كان عن نعمة بعث أنبياء من بينهم، وجعل ملوك فيهم، وليس من غيرهم، فحكموا أنفسهم بأنفسهم، وبشرع نزل على بعضهم: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ (20) المائدة.
- وبسطت تاء نعمة الخروج بالسلامة والعودة بها، بعد كف أيدي الفتك والأذى عنهم في قوله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) المائدة.
وأما قوله تعالى: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران.
فقد انقلبوا راجعين بالنعمة التي خرجوا بها، فظلوا فيها ولم يخرجوا منها.
وأما قبض تاء نعمة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) الأحزاب.
فقد ظلوا في نعمة السلامة، ولم تتمكن الأحزاب الدخول عليهم في المدينة والبطش بهم، وإخراجهم من هذه النعمة.
وأما قبض التاء في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) إبراهيم.
فقد كان التذكير بنعمة النجاة والأمن الذي هم فيه، بعيدًا عن فرعون وبطشه، بعد طول عذاب وحرمان، وقتل واستعباد.
فهذه أربع صور مختلفة لنعمة النجاة التي تحدثت الآيات الأربع عنها؛ وقد بسطت في واحدة منها، وقبضت في الثلاث الباقية؛ نجاة بالسلامة من العدو، والعودة سالمين إلى مقرهم، وكان المتوقع غير ذلك، فبسطت لذلك تاؤها، وحديث عن الانقلاب بنفس نعمة السلامة التي كانت لهم قبل الذهاب للعدو؛ فقضت تاؤها، وحديث عن نعمة النجاة بالثبات في موطنهم، وانصراف العدو عنهم؛ فقبضت ذلك تاؤها، ونعمة النجاة من عدو والدخول في مأمن بعيدًا عنه؛ فقبضت كذلك تاؤها.
ونوع آخر من النعمة التي قبضة تاؤها؛ نعمة لم يتم فتحها وبسطها بعد؛ قال تعالى: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران.
والأمثلة كثيرة، وفيما ذكرناه فيه البيان والكفاية إن شاء الله تعالى لكلا الحالين الذَين تم رسم تاء النعمة فيهما ... وسياق الآية، والموضوع الذي تتحدث عنه، وملابساته؛ هي التي تحدد بسط تاء النعمة، أو قبضها ... والله تعالى أعلم.
[ center][center] أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(10) - بسط تاء سنت
سنت: بسطت سنت في خمس مواضع، وقبضت في المواضع الثمانية الأخرى.
والملاحظ أن السُنَّة التي بسطت تاؤها يراد بها العذاب المهلك الذي يسلطه الله على الكفار عقابًا لهم، فتختم به حياتهم في الدنيا، ويمتد عليهم في الآخر.
وأما السُنَّة المقبوضة التاء؛ فيراد بها التزام الكفار بكفرهم، وتمسكهم به، لا يخرجون منه، ولا يفارقونه، استجابة لنداء الإيمان.
- قال تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) الأنفال.
سنة الأولين التي مضت كانت إصرارهم على الكفر مع علمهم بأن الهلاك الذي تنتهي به حياتهم قادم، فإذا انفتح عليهم العذاب، فاتتهم المغفرة، واتصل عليهم عذاب الدنيا بعذاب الآخرة.
- وقال تعالى: (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لسُنَّتُ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لسُنَّتُ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر.
فهل ينظرون غير ما حل بالأولين من العقوبة في الدنيا، ليستمر عليهم في الآخرة، عاقبة لهم على مكرهم السيئ، ولا يقفل بتبديله بنعمة، أو بصرفه عنهم.
- وقال تعالى: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتُ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) غافر.
سنة الله أنه لا يقبل من الكفار إيمان يرفع عنهم العذاب، إذا رأوا عقوبة الله قد نزل بهم.
في هذه المواضع الخمسة ربطت السنة بالهلاك، وأن ما كانوا عليه من الكفر لم يحفظهم، ولم يحصنهم من عقوبة الله الذي كان تنفتح عليهم منهية حياتهم الدنيا، وأن عقوبة الله لا يردها شيء يحول من وصولها إلى مستحقيها، لذلك رسمت تاؤها مبسوطة، وسميت عقوبة الله بالسنة لأنها أصبحت عادة من الله تعالى في عقاب أهل الكفر المصرين عليه، تتكرر كلما وجود من يكفر بالله ورسله.
وأما تاء السنة المقبوضة فقد جاءت في الآيات التالية؛
- قال تعالى: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) الحجر.
خلت سنة الأولين في تكذيبهم واستهزائهم برسلهم، وتمسكهم بكفرهم الذي تمكن في قلوبهم، لا يخرجون منه إلى الإيمان، ولم يأت ذكر للهلاك كما في الآيات السابقة، وإن كانت العقوبة تنتظرهم.
* قال تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنْ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) الإسراء.
سنة دامت بتكذيب أقوام الرسل لهم، ومحاولة استفزازهم من الأرض ليخرجوهم منها؛ بالتهديد لهم والوعيد بالرجم وغيره، وكان الهلاك للكفار يقع في حياة الأنبياء، وفي هذه الآية هو تهديد لهم، وأنه لا يبقيهم الله من بعده، فالهلاك لم يقع عليهم .. وقد تحول الذين نزلت فيهم هذه الآيات بفضل الله بعد ذلك إلى الإيمان والإسلام وخاصة بعد فتح مكة.
* قال تعالى: (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) الكهف.
سنة الأولين في التكذيب بالرسل والصد عن سبيل الله، وبقائهم مصرين على كفرهم، وقوله تعالى بعدها "أو يأتيهم العذاب قبلاً" دل على أن السنة لم يرد بها العذاب بل التقوقع في الكفر، وعدم الخروج منه استجابة لدعوة الإيمان.
* قال تعالى: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الأحزاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
سنة الله تعالى أن يرفع الحرج عن أنبيائه؛ فبيان الأحكام الخاصة بهم يقطع على المنافقين، ومرضى القلوب، الكلام والطعن في فعله عليه الصلاة، وأمر الله ينفذه النبي ولو كان مستغربًا أو مستنكرًا من قومه؛ كالزواج من مطلقة الابن الدعي الذي ليس من صلبه، والزواج ممن تهب نفسها للنبي إن رغب النبي فيها، لأن رفض ولي أمرها للزواج من النبي خير هذه الأمة، هو كفر ونفاق يهلك صاحبه، فرفعت ولايته عنها للزواج من النبي عليه الصلاة والسلام فقط، رحمة بالمؤمنين، وقطع سبيل التقليل من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيل غيره عليه.
* قال تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) الأحزاب.
سنة وحكم من الله مكتوب على أمثالهم بحصرهم باللعن والأخذ والقتل، ولن ينجوا منه، ولا تبديل لسنة الله في ترك أهل النفاق على ما هم عليه، ولم يكن للمنافقين بعدها دعوة ظاهرة غير إخفاء نفاقهم، والتعلل بالعلل الكاذبة في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
* قال تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) الفتح.
سنة الله ألا يخرج أهل الكفر عن طوقهم، ولو خرجوا للقتال لولوا مدبرين لا يجدون وليًا ولا نصيرًا يثبتهم أمام المسلمين، ما دام المؤمنون ملتزمين بإيمانهم، ومتمسكين به، وسنة الله أن يدحر الكفار منهزمين.
في هذه المواضع السبعة تحدثت الآيات عن سنة الأولين؛ وهي بقاء أهل الكفر متقوقعين في كفرهم، ومحصورين فيه، وليس الحديث عن هلاكهم، فقبضت التاء في توافق مع الواقع الذي عليه أهل الكفر، وكذلك سنة الله في حفظ أنبيائه، أو حصر الكفار وأخذهم بالعقاب.
وسمي أيضًا طريق الكفر الذي ساروا عليه بالسنة؛ لأنهم أحدثوه، فكل فئة منهم جاءت من ذرية فئة مؤمنة نجت من قبل بعد هلاك أمثالهم في الكفر ممن سبقهم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(11) - بسط تاء بقيت
بقيت: قبضت تاء بقية في موضعين من الثلاثة مواضع، وبسطت في الثالثة.
قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) البقرة.
قبضت تاء بقية في هذا الموضع لأن هذه البقية هي مما تركه آل موسى، وآل هارون عليهما السلام، وقد حفظت من الاندثار والضياع، وأحضرت في التابوت الذي حفظت فيه.
وقبضت تاء بقية في الموضع التالي لعدم وجود أولوا بقية؛ أي جماعة عاملة، وليس أفراد متفرقين، تحافظ على دينها وتنهى عن الفساد في الأرض.
قال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) هود.
أما بسط تاء بقية في الموضع الثالث؛ فلأن بقية الله في هذه الآية، هو ما بسط لهم من أبواب الكسب الحلال، ومباركة الله تعالى لهم فيه، وكان فيه كفايتهم، وما يغنيهم ... فليحذروا من غلقه والحرمان منه؛ بإفساد المكيال والميزان، بالنقص وعدم الوفاء بهما؛ في بيعهم وشرائهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِين َ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) هود.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(12) - بسط تاء فطرت
فطرت: لم ترد إلا مرة واحدة وكانت تاؤها مبسوطة.
قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (3) الروم.
فطرت الله التي خلق الناس عليها؛ هي قبول الدين الحنيف القيم، لذلك فتحت تاء فطرت لانفتاح النفس للدين، وقبولها له، والرضا به، ولو لم يخلقهم الله على ذلك؛ لكان لهم عذرًا في رفع العقاب عنهم، وعدم محاسبتهم على كفرهم.
ومادة "فطر" هي في الانفتاح بعد طول انقباض، ومن ذلك سمي أخذ الطعام في الصباح بعد امتناع عن تناوله طوال الليل، أو بعد صيام النهار فطورًا، ومن ذلك تفطر القدمين أي تشققهما من طول القيام.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(13) - بسط تاء كلمت
وردت "كلمة" بصيغة المفرد في (26) موضعًا غير مضافة إلى ضمير متصل؛ قبضت تاء كلمة في (21) موضعًا منها، وبسطت في (5) مواضع فقط، ومن الخمسة أربعة قرأت بالإفراد وبالجمع.
- وقال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف.
جاءت هذه الآية بعد آية سابقة في نفس السورة؛ (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) الأعراف ... فقد تم وتحقق لهم من الله ما وعدهم به موسى عليه السلام من قبل، وهذا الموضع الوحيد الذي قرأت فيه "كلمت" المبسوطة التاء بالإفراد فقط، والباقي بالإفراد والجمع فرسم التاء مبسوطة يصلح للقراءتين.
- قال تعالى: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الأنعام.
لقد تمت كلمة الله التي وعدها لأهل الكتاب بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، وتبين لهم صدق هذه الكلمة بعد إرسال الرسول إليهم، وقد بينت آية الأعراف ما كان من قبل في التوراة والإنجيل؛
قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) الأعراف.
والكلمة قد يراد بها لفظ واحد، وقد تكون من جملة، وقد تكون من قول طويل أو قصير، لذلك صلحت "كلمت" أو تقرأ بالإفراد والجمع لأن ما تحقق لهم أكثر من شيء وأكثر من أمر، ومثلها في الآية التالية فقد أقروا بأكثر من أمر، فكلها معًا كلمة، وفي التفصيل كلمات؛
(يُتْبَعُ)
(/)
- وقال تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) يونس.
بعد إقرارهم بكل الذي ينجيهم إذا عملوا به، فسقوا وخرجوا من دائرة الإيمان، ودخلوا مع زمرة الذين حقت عليهم كلمة الله بأن يملأ بهم جهنم من الجنة والناس أجمعين، وكان بإمكانهم أن يظلوا خارجًا عنها.
- وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97) يونس.
كل الآيات لن تحول بينهم وبين اتباع من حقت عليهم كلمة الله بملء جهنم بهم، والدخول معهم، حتى يروا العذاب الأليم فيموتوا على كفرهم، وكذلك صلحت "كلمت" أن تقرأ بالإفراد والجمع لأن المذكور أكثر من آية، والتكذيب بواحدة منها أو بكلها يجعل أصحابها من أصحاب النار.
- (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) غافر.
ختمت حياة الأحزاب بالعقاب والهلاك، فكانوا أصحاب الجحيم، وبذلك حقت كلمة الله عليهم بأنهم ممن يملأ الله بهم النار،
والله تعالى جعل للإنسان الخيرة في الحياة الدنيا بين الإيمان والكفر، فمن شاء منهم خرج من زمرة الذين حقت عليهم كلمة الله بالعذاب، ومن شاء دخل في زمرتهم، والطريق مفتوح لكلا الطرفين بالدخول أو الخروج، لذلك بسطت تاء كلمة في المواضع الثلاثة الأخيرة لدخول الداخلين، وكذلك صلحت قراءة "كلمت" بالإفراد والجمع؛ لأن أفعالهم: التكذيب، والهم بالقتل للرسل، والجدال بالباطل؛ كلها مجتمعة أو منفردة تدخل أصحابها في النار.
وقبضت تاء كلمة في واحد وعشرين موضعًا لأسباب عدة، ولزم المرور عليها لخفاء أسباب قبضها؛
فمن المواضع التي قبضت فيها تاء كلمة؛ المواضع التي تدل فيها على أن الله تعالى حبس عنهم العذاب في الدنيا، وأخره ليوم القيامة، ولا مفر لهم منه يوم يأتيهم؛
- قال تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس.
- وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) هود، (45) فصلت.
- وقال تعالى: (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى.
- وقال تعالى: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه.
- وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى.
وقبضت تاء كلمة في المواضع التي تدل على أن هناك من يصر على كفره، واختلافه على أهل الإيمان، فحصر نفسه بفعله في زمرة الذين سيملأ الله بهم جهنم، لا يريد أن يخرج نفسه منهم؛
(يُتْبَعُ)
(/)
- قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) هود.
- وقال تعالى: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) الزمر.
- وقال تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر.
وقبضت تاء كلمة في المواضع التي يطلب فيها الأخذ بالكلمة وعدم الخروج عنها؛
- قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران.
- وقال تعالى: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) الزخرف.
- وقال تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ - وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح.
والكلمة من مادة "كلم" وهي مادة للأثر الثابت، فالكلمة هي قول ثابت لا يتغير، ومن ذلك الكلم للجرح؛ لأن أثره يبقى ثابتًا خلاف الضرب بالعصا أو السوط، وكلمة الله في علوها دائمة وثابتة، وكلمة الذين كفروا في منزلة سفلى دائمة وثابتة، والقبض من علامات الثبات، فلا خارج منها ولا داخل فيها؛ ومن قال كلمة الكفر أو الكذب مبلغًا بها عما في نفسه فقد لزمه ما قال، ولا يكون قائلها بين بين؛
- قال تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة.
- وقال تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74) التوبة.
- وقال تعالى: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) الكهف.
والكلمة الطيبة لها صفة الطيب الثابت، والكلمة الخبيثة لها صفة الخبث الدائم، ويلزم القائل بإحداهما عواقب ما يقول من خير أو شر؛ فتثق ميزانه، أو يطيش بها؛
- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) إبراهيم.
- وقال تعالى: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم.
وقبضت تاء كلمة المحتضر فهي لا تفتح لهم مخرجًا ولا نجاة من العذاب؛
- قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون.
وكلمة الله عيسى عليه السلام محفوظ من الله عز وجل، لم يستطع أحد الدخول عليه، والنيل منه، فتوفاه الله تعالى، ورفعه إليه، دون أن ينالوا منه بالقتل والصلب، وبعد نزوله يقتل المسيح الدجال الذي لاقى منه الناس أشد المحن والابتلاء؛
- قال تعالى: (إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) آل عمران.
- قال تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ (39) آل عمران.
وأما بسط التاء في كل جمع مؤنث سالم؛ فلأن الفرد قد يختفي أثره بين الجمع، أو تذهب خصوصيته بانتمائه له، أما الجمع فيبقى لكثرته معلومًا مكشوفًا لا يُخفى بغيره .... والله تعالى أعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(14) - بسط تاء بينت
1 - بينت: وردت بينة (19) مرة، واحدة منها فقط بالتاء المبسوطة، والباقي على الأصل مقبوضة.
- قال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) فاطر.
قرأ ((ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، وحمزة، وخلف العاشر)) على الإفراد بغير ألف.
وقراء الباقون من القراء العشرة بإثبات الألف على الجمع.
ووقف عليها ((حفص، وحمزة، وخلف العاشر)) بالتاء، والباقون بالهاء.
ومرسومة في كل المصاحف بالتاء المبسوطة بلا خلاف.
فمن اختار قراءتها "بينات" بالجمع؛ فحجته أنه مرسومة في المصحف بالتاء المبسوطة.
ومن اختار قراءتها "بينة" بالإفراد؛ فعلى معنى البصيرة، وحجته أنه لها مثيل في قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (17) هود. راجع حجة القراءات لابن زنجلة ص: 594
والبينة إما أن تكون من حجة واحدة، وإما أن تكون من مجموعة حجج؛ فصلاح قراءتها بالإفراد لجملة الحجج، وأن مجموعها يعطي البينة، وصلاح قراءتها بالجمع على تفصيل الحجج المكونة منها، وأن كل واحدة منها تعطي للأخريات قوة ووضوحًا وجلاء للبينة.
وفي كلا الأمرين؛ بالإفراد والجمع، تعرف الحقيقة، وبسط التاء هو الأنسب في رسمها، والآية قد أشارت إلى أنهم قد أشركوا بالله شركاء؛ أي أكثر من شريك، والكتاب فيه إما بينة على جميع الشركاء، وإما بينات على عدد الشركاء؛ أي لكل شريك بينة عليه ... لهذا جاء في تعدد القراءات تفصيل الأمر، وفي الواقع ليس لديهم كتاب فيه بينة، ولا فيه بينات ... وإنما يأت القرآن بهذا الأسلوب؛ دفعًا للمشركين ليأصلوا عقائدهم بالأدلة والسلطان والحجج والبراهين؛ فإن أقدموا على الأخذ بهذا المنهج، توصلوا أنهم ليسوا على شيء.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(15) - بسط تاء آيت
آيت: وردت "آية" في القرآن في (86) موضعًا، كلها كتبت بالتاء المقبوضة إلا في موضعين فقط، بسطت التاء فيهما، وبسط التاء وافق قراء غير حفص، لذلك نحن نقرأهما في المشرق بالجمع، ولا يلاحظ ذلك غير المطلع على القراءات .... لذلك وجب بحثها من حيث صلاح الرسم للإفراد والجمع.
قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7) يوسف.
قرأ ابن كثير آية بالإفراد، وقرأ الباقون آيات بالجمع، ومنهم حفص.
أما صلاح قراءتها بالإفراد في آية يوسف فلأن حياة يوسف عليه السلام، كلها بلا استثناء عبرة؛ من أول حياته إلى آخرها، وأما صلاحها بالجمع فلأن حياة يوسف عليه السلام فيها تفاصيل كثيرة، مع أبيه، ومع أخوته، ومع السيارة، ومع العزيز وامرأته، ومع السجن وأهله، ومع الملك والوزارة له، وفي كل حال من أحواله آية، فصلحت أن تقرأ بالجمع على اختيار حفص، ومن معه.
وقال تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) العنكبوت.
قرأن ابن كثير، وشعبة، وحمزة، والكسائي، خلف، آية بالإفراد، ووقفوا عليها بالتاء وفقًا للرسم، وقرأ الباقون، ومنهم حفص آيات على الجمع.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما صلاح قراءتها آية بالإفراد؛ فإن طلب أحدهم آية تنزل على النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى مسمع من الجميع، وموافقتهم له في طلبه، ما يشير إلى أن المراد آية واحدة في مجلس واحد، وبلفظ واحد لأحدهم نائبًا عنهم، فكأن القائل جمعًا، وليس فردًا واحدًا.
وأما صلاحها بالقراءة بالجمع فلأن المشركين طلبوا أكثر من آية، وتفصيل ذلك موجود في سورة الإسراء، فدل على أن المراد بآيات وليس آية، وجاء الرسم صالحًا للقراءتين، وفي القراءتين تفصيلاً وبيانًا لاختلاف المواقف وإرادة السائلين، والآية والآيات المطلوبة شرطها أن تشاهد أمام أعين السائلين، فبسط التاء في كل الأحوال هو الأنسب.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
[ center] بسم الله الرحمن الرحيم
(16) - بسط تاء جمالت
- جمالت: وردة مرة واحدة فقط.
قال تعالى: (كَأَنَّهُ جِمَلَتٌ صُفْرٌ (33) المرسلات.
قرأ حفص وحمزة والكسائي وخلف: جُمالة؛ بالإفراد.
وقرأ رويس: جُمالات؛ بالجمع وضم الجيم.
وقرأ الباقون: جِمالات؛ بالجمع وكسر الجيم.
جمالة جمع جمل، والجمالات جمع الجمع.
وجاءت القراءتين بالجمعين معًا.
فمن رأى النار رأى الشرر يتطاير منها كأنه جمالة صفر.
ولما كانت النار من السعة بحيث لا يحصرها الناظر بنظره، فإن الناظر أو المعذب فيها؛ يرى بعضًا من الشرر الذي ترميه النار لا كله، وما يراه هو كثير، وما يخفى عنه أعظم، لذلك جاءت القراءتين في بيان عظم ما ترمي به النار من شرر، مما يراه الناظر له، ومما لا يراه من نفس الموضع الذي ينظر منه.
واختيار تشبيه الشرر بالجمالة بسبب ضخامة حجمها، وأن الجمل سبب تسميته هو تكدس الدهن في سنامه، والتجمل هو مسح الوجه والجلد عند العرب بالدهن، وهو مأخوذ من الجمال، والدهن من الوقود الشديد الاحتراق والحرارة، ويقفز بشدة من موضعه إذا اشتدت الحرارة عليه، أو إذا أصابه بعض الماء.
وأما اختيار التشبيه باللون الأصفر فلأن هذا اللون من الألوان الفاقعة الصارخة، فهو أجلب للنظر، وأرهب للنفس، وعلامة من علامات المرض، وموت النبات ويبسه وخلوه من الماء والرطوبة، ومن ذلك سمي شهر صفر لخلو مكة المكرمة من الحجاج والزوار بعد أشهر الحج ومحرم، والصفير يحصل من مرور الهواء بشدة في المكان المحصور الفارغ أو الخالي ... فبسط التاء هو الأنسب مع القراءتين، وهما جمع، والجمع من حقه أن تبسط تاؤه .. والله تعالى هو الأعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(17) - بسط تاء ثمرت
ثمرات: وردت ثمرات (15) مرة بالجمع، واحدة منها فقط، قرأت بالإفراد في سورة فصلت.
قال تعالى: (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَا تٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) فصلت.
قرأ نافع، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر: ثمرات؛ بألف بعد الراء على الجمع.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، ويعقوب: ثمرة؛ بالإفراد ووقف عليها بالهاء.
وقرأ شعبة، وحمزة، وخلف العاشر: ثمرت؛ بالإفراد ووقف عليها بالتاء.
"ثمرة" في هذا الموضع هي اسم جنس؛ لأنه أتي قبلها "من" التي هي للتبعيض؛ فدل على أن المقصود أكثر من ثمرة، وبهذا الأسلوب يلغي لفظ المفرد عن وجود فوارق في مكونات الجمع، فيشمل بذلك كل الجنس؛ فهي إذن دالة أيضًا على الجمع كدلالة ثمرات، وجاء بعدها في نفس الآية "من أنثى" على نفس التفسير، وهي شاملة لكل أنثى يحصل لها حمل، والحمل يحصل للأكثر الإناث، ويحصل مع الأنثى الواحدة مرات عديدة.
أما مجيء "من" مع ثمرات؛ فليس كل الثمر يخرج من أكمام، وخاصة النبات الذي يتكون ثمره في بطن الأرض، وقال: من أكمامها ردًا على المفرد ولم يقل: من أكمامهن ردًا على الجمع؛ لأن الأكمام تسقط مع سقوط الثمر، ولا يتكرر منها إخراج الثمار، ومن الكم الواحد لا يخرج إلا ثمرة واحدة.
وبسط التاء ليس لصلاح القراءتين فقط، ولكن لدلالة المراد بالثمرة أنها اسم جنس؛ فهي جمع، ومن حق الجمع أن تبسط تاؤه؛ لأنه ظاهر لا يخفى بغيره، خلاف المفرد الذي يخفى بين الجمع من أقرانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك فإن حمل الأنثى يكون في باطنها غير ظاهر، والثمر يتكون من الأكمام، ويكون ظاهرًا بينًا، فبسط التاء هو الأنسب لتمثيل الحالة التي يشاهد عليها الثمار.
وثمرة: وردت مرة واحدة في البقرة بالإفراد، وهي مفردة عند الجميع؛
قال تعالى: (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ... (25) البقرة، وأما قبض تائها مع أنها اسم جنس يفيد الجمع؛ فلأن ثمر الآخرة موقوف لأصحاب الجنة فقط، وثمر الدنيا مبسوط لكل الناس؛ مؤمنهم وكافرهم، ويوم القيامة ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله، والثمر من الرزق، ومجيء القول بلفظ المفرد "ثمرة" اسمًا للجنس؛ ليدل على أن كل الثمر هو رزقًا لهم في الآخرة، بينما الثمر في الدنيا رزقًا للإنس والطير، والدواب، وللمؤمن وللكافر .... فما أعظم هذه الرزق؟! وما أكثره؟!
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(18) - بسط تاء غرفت
غرفات: وردت مرة واحدة في سورة سبأ
قال تعالى: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَتِ آَمِنُونَ (37) سبأ.
قرأ حمزة: الغرفة؛ بالإفراد.
وقرأ البقية: الغرفات؛ بالجمع.
في الجنة غرفات فلكل مؤمن نصيب منها، وهي مخصصة له، والغرفة إنما تسمى بهذا الاسم إذا خصصت لشخص، أو شيء ما؛ للطعام مثلاً، أو للنوم، أو لجلوس، ومن ذلك فعل الغرف من الإناء؛ فما يغرف يخصص لأحد الآكلين ... لذلك جاء اللفظ بالجمع عند الجميع ما عدا حمزة.
أما القراءة بالإفراد فهي لحال آخر؛ فالآية ذكرت الأولاد، وقبلها جاء ذكر كثرت الأولاد، والله تعالى يكرم أصحاب الجنة بأن يلحق بهم من ذريتهم من اتبعه على الإيمان، ومن كمال السعادة أن يجتمع له ذريته معه، ويأتونه إلى غرفته، فهم آمنون في الغرفات، وآمنون في الغرفة؛ لذلك جاءت القراءتان لبيان الحالين معًا، فصلحت الغرفات أن تقرأ بالإفراد وبالجمع.
وأما فتحها لو لم توجد قراءة بالجمع؛ فلأن وجود جمع في غرفة يدل على انفتاحها لهم ليدخلوا فيها على من خصصت الغرفة له.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(19) - بسط تاء غيابت
غيابت: وردت مرتين في سورة يوسف فقط.
قال تعالى: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَبَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) يوسف.
وقال تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَبَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) يوسف.
قرأ نافع وأبو جعفر: غيابات؛ بالجمع.
وقرأ الباقون: غيابة؛ بالإفراد.
الفرق بين البئر والجب؛ أن البئر ضيق من أسفل وواسع من أعلى، والجب واسع في وسطه، فلو قيل أنه أُلقي في البئر؛ لأفاد القول أنه ألقي في الماء، وليس له مكان في البئر يقف فيه إلا الماء، الذي قد يغرقه ويقتله، وأما الجب فإن جوانبه واسعة فيحتمي من برد الماء بهذه الجوانب، ويغيب عن الناظر، والناظر في الجب لا يحيط بما فيه بنظرة واحدة كما هو الحال في البئر، فالناظر من أعلاه بما فيه يحتاج إلى تقليب النظر في كل جوانبه؛ لذلك أصبحت الغيابة غيابات، وبكلا القراءتين قرأت "غيبت الجب"، فهي غيابة لبئر واحد فقط، وهذه الغيابة غيابات موزعة على جوانب البئر في وسطه، ومحيطة بعينه.
والجب من مادة "جبب" مستعملة كلها في القطع، والجب جاء اسمه من القطع في الأرض أو الصخر، وتناسبت تسمية البئر بالجب مع فعل أخوة يوسف لقطع الصلة بين يوسف وأبيه يعقوب عليهما السلام.
وبسط تاء "غيابت" كائن ولو لم تكن هناك قراءة أخرى بالجمع، لأن أخوة يوسف عليه السلام لا يريدون من حبسه في الغيابة الإغلاق عليه، بل اختاروا له مكان يكون فيه سلامته من الغرق، ومن الحيوانات، وأن يكون له سبيل في النجاة بمرور السيارة عليه، ليأخذوه بعيدًا عن والدهم، وعن أرضهم، فيخلوا لهم وجه أبيهم من بعده .... والله تعالى هو الأعلم.
بهذه الحلقة في هذه السلسلة نختتم جميع التاءات المبسوطة التي وردت في القرآن الكريم على الرسم القرآني، وليس على الرسم الاصطلاحي أو الإملائي ... سائلين الله تعالى أن يبلغ ما في هذه المواضيع أكبر عدد من المسلمين ليزداد الذين آمنوا إيمانًا بأن هذا القرآن هو من عند الله، بلفظه ورسمه، وهو الذي تكفل سبحانه وتعالى بحفظه رحمة منه بنا، وحجة على العالمين.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
الدال على الخير كفاعله
أدع إخوانك ومن يهمك أمرهم للدخول على هذه السلسلة
لجعل أكبر عدد من الناس يتفاعل مع هذا العلم المبارك المتعلق برسم كلمات الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنوار]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 02:47 م]ـ
السلام عليكم أستاذنا الفاضل ... جوزيتم كل الخير على ما تفضلتم به ... وما قدَّمتموه من خدمةٍ لكتاب الله ..
ألا أستطيع أن أتابع معكم دروس تختص بما يتعلق بالقرآن الكريم ... نبتدئ دورة تدريبية .. هذا بعد إذن الإدارة طبعاً وموافقتكم ..
تطرحون من قبلكم سؤال .. نحاول البحث عنه .. أعتقد التفكير أفضل من أخذ المعلومة جاهزة .. وإن اقتصرنا على آية واحدة في الأسبوع فهذا شيء جيد ...
فما رأيكم .. ؟؟
ـ[تيما]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 08:56 م]ـ
فتح الله عليك أستاذ عبد المجيد وجزاك خيرا
سبحان الله تساءلت عن بسط التاء في القرآن وقبضها هنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=37226&page=2) وعندما لم يعلق الأساتذة خلت أن لا سبب لذلك.
سرّني ما قرأت وسأتابع القراءة إن شاء الله.
لك كل الشكر أستاذي الفاضل
.
.
ـ[أحلام]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 09:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وبوركت اياديكم
وجعل الله هذا الجهد في ميزان حسناتكم
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 07:47 ص]ـ
السلام عليكم أستاذنا الفاضل ... جوزيتم كل الخير على ما تفضلتم به ... وما قدَّمتموه من خدمةٍ لكتاب الله ..
ألا أستطيع أن أتابع معكم دروس تختص بما يتعلق بالقرآن الكريم ... نبتدئ دورة تدريبية .. هذا بعد إذن الإدارة طبعاً وموافقتكم ..
تطرحون من قبلكم سؤال .. نحاول البحث عنه .. أعتقد التفكير أفضل من أخذ المعلومة جاهزة .. وإن اقتصرنا على آية واحدة في الأسبوع فهذا شيء جيد ...
فما رأيكم .. ؟؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريم أنوار
لك مني كل الشكر والتقدير على هذا العرض
ولكنني نشرت موضوعًا بعنوان ميلاد ثلاثة علوم جديدة ( http://arabli.maktoobblog.com/1238071/%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AF_%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9_%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85_%D8%AC%D8%AF% D9%8A%D8%AF%D8%A9/)
وقد تعهد بنشر مائة بحث مفردة أو مدمجة في كل واحد من العلوم الثلاثة وستقدرين ما يتطلب ذلك مني من جهد للوفاء به
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 07:59 ص]ـ
فتح الله عليك أستاذ عبد المجيد وجزاك خيرا
سبحان الله تساءلت عن بسط التاء في القرآن وقبضها هنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=37226&page=2) وعندما لم يعلق الأساتذة خلت أن لا سبب لذلك.
سرّني ما قرأت وسأتابع القراءة إن شاء الله.
لك كل الشكر أستاذي الفاضل
.
.
بارك الله في الأخت تيما
وبارك الله لك في مرورك
وجزاك الله بكل خير
لقد قرأت الموضوع
ولي ردود فيه لكنه ستكون مواضيع مستقلة شاملة لأمثالها إن شاء الله تعالى
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 08:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وبوركت اياديكم
وجعل الله هذا الجهد في ميزان حسناتكم
وجزاك الله بكل خير
وبارك الله فيك وفي مرورك
وأحسن الله إليك(/)
هل توجد صورة بلاغية في قول المعري (خفف الوطء ... )
ـ[موسى 125]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 02:19 م]ـ
السلام عليكم
هل توجد صورة بلاغية في قول المعري:
خفف الوطء فما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد
ـ[أحمد زنبركجي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 10:26 م]ـ
السلام عليكم
هل توجد صورة بلاغية في قول المعري:
خفف الوطء فما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد
السلام عليكم
البيت (خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد)
خفف الوطء: هو فقط مجرد أسلوب أمر غايته النصح والإرشاد. وهو تعبير غير مباشر، المراد منه: لا تتكبر.
والله أعلم
ـ[إبحار ضد التيار]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 09:57 ص]ـ
السلام عليكم
البيت (خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد)
خفف الوطء: هو فقط مجرد أسلوب أمر غايته النصح والإرشاد. وهو تعبير غير مباشر، المراد منه: لا تتكبر.
والله أعلم
السلام عليكم
اعتقد انك ابتعدت كثير عن معنى هذا البيت
الوطء معروف موطئ الخطوة والقدم
الأديم هو وجه الأرض
البيت فيه صورة بلاغية بديعة غزلية راقية شفافة
فالشاعر كأن لسان حاله يقول: ترفق بنا
ولاتضغط بخطواتك على تلك الأرض
فكأنما انت تضغط بخطواتك على اجسادنا من فرط وجدنا وصبابتنا
ـ[عصام محمود]ــــــــ[02 - 08 - 2009, 08:56 م]ـ
الصورة تشبيه ضمني واضح الدلالة فالشاعر يستنكر على هذا الإنسان المتكبر تكبره، ثم قال إن تراب الأرض من أجساد البشر أي أنك مهما تبلغ فنهايتك التراب فلماذا التكبر، ولم يصرح بهذه الصورة بشكل مباشر، وهي سمة التشبيه الضمني، وإنما تضمن هذا التشبيه في الشطر الثاني من البيت الذي قابل به صدر البيت
ـ[العِقْدُ الفريْد]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 04:48 ص]ـ
البيت من قصيدة رثاء، مُغرقة في اليأس والتشاؤم،:
غيرُ مُجْدٍ في ملتي واعتقادي ... نوحُ باكٍ ولا ترنُّمُ شادي
يمعن فيها في تمثُّل الموتِ، ويتمادى في تمثلِهِ واستحضاره، حتى يصل إلى حال
يتساوى فيها الغناء والبكاء، والموت والبقاء:
وشبيهٌ صوتُ النعيِّ إذا قيـ ... ـسَ بصوتِ البشيرِ في كلّ نادِ
أبكتْ تلكُمُ الحمامةُ أم غنْـ ... ـنتْ على فرعِ غصنِها الميّادِ!
:
صاحِ! هذي قبورُنا تملأُ الرّحـ ... ـبَ، فأينَ القبورُ من عهدِ عادِ؟
خفِّفِ الوَطْءَ! ما أظنُّ أديمَ الـ ... أرضِ إلا من هذهِ الأجسادِ!!
:
ربَّ لحدٍ قد صارَ لحدًا مرارًا ... ضاحكًا من تزاحُمِ الأضدادِ!
إلخ ..
فالصورة تشبيه كما ذُكر، لكن لا أرى له علاقة بـ " التكبر".
ـ[عمر المعاضيدي]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 04:44 م]ـ
الأخ عصام محمود كفى ووفى
بارك الله فيه
ـ[بلال عبد الرحمن]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 09:18 م]ـ
السلام عليكم
اظن ان في البيت صورة فلسفية عقلية" تتمثل في خيال ابي العلاء الذي لا يبصر" وهي ان الارض الجامدة مكون سطحها اجساد البشر لتوحي بكثرة الموتى عبر قرون طويلة خلت .. فكأنها اصبحت مخلوقا حيا له اديم يحس به .... فيطلب من المتكبرين التواضع والترفق لانهم سيصبحون ذات يوم مع من قضوا ... وشكلوا اديم الارض .. وهذه الصورة تتلاءم مع ما كان لابي العلاء من فلسفة في الحياة والموت وطبائع البشر ....
مع كل الاحترام
ـ[فهد عبد الرحمن الصلوح]ــــــــ[24 - 11 - 2009, 05:33 م]ـ
خفف الوطء: أسلوب إنشاء طلبي نوعه أمر.
ـ[قداس الخضيري]ــــــــ[08 - 12 - 2009, 08:14 م]ـ
هذا البيت للمعري يعد مثلاً لروائع البلاغة في الشعر العربي ومثلاً لأجمل الصور البيانية، وأتفق مع من قال إن فيه تشبيها ضمنيا لكني أختلف مع من قال إن فيه صورة بلاغية، فالشاعر يريد أن يصور معنى أعظم وأكبر من ذلك وهو مسألة الحياة والموت وفناء الأجساد فهو يصور وجه الأرض الذي شبهه بالأديم وهو الجلد وكأنه أجساد الأموات التي ذابت وتحللت واصبحت جزءاً من التراب، فكأنه يقول أيها الإنسان ترفق بمشيتك على وجه الأرض فهذه الأرض كلها أجساد، وهو يريد أن يضع في ذهن هذا الحي الماشي أنك ستكون يوماً جزءاً من هذا التراب، ومن هنا يتبين أن الموضوع لامكان للغزل فيه فالشاعر يسوق المعنى عظة وعبرة لمن يتعظ ويعتبر. *(/)
الفائدة من تكرار النكرات.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 11:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى في سورة الروم:
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) ".
يجب التذكير بالقاعدة البيانية: أن النكرة إذا تكررت فإنها في كل مرة تفيد معنى جديداً.
(ضعف) نكرة تكرارها في نفس الموضع يفيد أن الضعف الأول غير الثاني وغير الثالث.
المراد بالضعف الأول: النطفة (ضعيفة فهي ماء مهين).
والضعف الثاني: الطفولة (لأنه بحاجة إلى رعاية أمه في مرحلة الرضاع وعناية خاصة حتى يجتاز مرحلة المراهقة ويصل البلوغ).
والضعف الثالث: الشيخوخة (لأنه يعود في مرحلة الشيخوخة ضعيفا عاجزا .. ضعيف الفكر .. ضعيف الحركة والسعي والنشاط).
واللطيف في الآية أن (قوة) وردت نكرة وكررت مرتين.
إذاً .. القوة غير القوة.
القوة الأولى: قوة فترة الصبا (الصبي قوي مندفع كثير الحركة).
القوة الثانية: قوة الشباب (قوة الجسم والمشاعر والأحاسيس والهمة والعزيمة والانطلاق في الفكر والأحلام والطموح).
" ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍضَعْفًا "القوة الأولى تقود إلى القوة الثانية.
هذه الآية الكريمة تلخص حياة الإنسان على الأرض وأنها تقوم على خمس مراحل:
1.الضعف: وهو جنين في بطن أمه.
2.الضعف: وهو رضيع في حضن أمه.
3.القوة: وهو صبي مندفع.
4.القوة: وهو شاب نشيط فاعل.
5.الضعف: وهو شيخ عجوز هرم ..
هنا روعة الإعجاز البياني القرآني .. التعبير الحق البليغ .. عن أدق التفاصيل .. بأقل عدد من الكلمات .. في نظم محكم بديع .. دون أن يخل بالسياق ... في جرْس موسيقي يأخذ بالألباب.
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا(/)
سر الواو والضمة في الجذور والنحو والرسم القرآني (1)
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 08:18 ص]ـ
سر الواو والضمة في الجذور والنحو والرسم القرآني (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
سر الواو والضمة في الجذور والنحو والرسم القرآني (1)
من أين تكون البداية؟ ..... وكيف تكون؟ ....... وبأي حرف نبدأ؟؟؟!!!
أسئلة حيرني!! ...........
لأختصر فيها الجدل .... وأبعد فيها عسر الفهم .... ولكي لا يكون هناك ملل ... !!!
ومع أن أول حرف عرفت استعماله هو شين الاستمرار، وآخر حرف كان همزة الامتداد المتصل،
إلا أني اخترت أن أبدأ بالواو من بين الحروف الهجائية .... لأهميته، وكثرة وروده في البناء والاستعمال؛
1. فعدد الجذور المستعمل فيها: (1247) جذرًا من جذور اللغة ...
2. وشمله الرسم القرآني في الحذف والزيادة والإبدال ...
3. وله استعمال كبير في النحو مع أخته الضمة التي تحمل معناه ...
فستكون حاجتنا إلى أبحاث كثيرة في حرف الواو وأخته الضمة؛ ...
أبحاث عديدة عن وضع الواو التي في الجذور؛
• عندما تكون فاء للجذر في (357) جذرًا ...
• وعندما تكون عينًا للجذر في (509) جذرًا ...
• وعندما تكون لامًا للجذر في (381) جذرًا ...
وأبحاث عديدة عن الواو في الرسم القرآني؛
• التي نالها الحذف ...
• أو تحققت بها زيادة ...
• أو حدث معها إبدال ...
وأبحاث عديدة عن الواو في النحو؛
• كحرف يضاف ليكون اسمًا يدل على الجمع ...
• وكحرف يضاف في البناء ليدل على الاسم المفعول ...
• وكعلامة للإعراب في جمع المذكر السالم ...
• وكعلامة إعراب للأسماء الخمسة ...
• وكحرف يفيد العطف، والاستئناف، والحال، والمعية، والقسم، ...
• وفي حذفه كعلامة لجزم لفعل المضارع ...
• وفي حذفه كعلامة على فعل الأمر ...
• وإبداله بالألف في الفعل الماضي ...
وأبحاث عن الضمة في النحو.
• كعلامة للفاعل ...
• وكعلامة للمبتدأ والخبر ...
• وكعلامة للفعل المضارع ...
• وكعلامة للفعل المبني للمجهول ...
• وكعلامة لاسم كان وأخواتها ...
• وكعلامة لخبر إن وأخواتها ...
• وكعلامة ل ....................
وللواو والضمة استعمالات كثيرة في أوزان الصرف في الأفعال والأسماء ومنها الجموع ...
والحديث عما تعلق بالواو حديث واسع ومتشعب ...
البحث الأول: الجذور التي بدأت بحرف الواو
الحرف الأول دائمًا له الوجاهة، وله قوة الدلالة على استعمال الحرف المذكور في الجذر.
لذلك يعرف استعمال الحرف من دراسته؛ عندما يكون فاء للجذور ... قبل غيره من الأوضاع الأخرى، لأن أبين وأوضح دلالة له؛ عندما يكون الحرف هو الحرف الأول في الجذر.
والحرف في الجذر يدل على معنى جزئي منه، وليس على الاستعمال العام له، واجتماع المعاني الجزئية لحروف الجذر تدل على استعمال هذا الجذر في اللسان العربي.
فتعلق بحثنا هو في؛ "إشارة الواو إلى الباطن والداخل"؛ في الجذور التي كانت فيها الواو حرفًا أولاً؛ حيث له الصدارة والوجاهة.
وسيكون في شرحنا لبيان دلالة حرف الواو؛ والتلميح أحيانًا لا التصريح بمعاني الحروف الأخرى، إلا إذا وجب الأمر. وترك الإشارة إليها حتى لا يتشتت ذهن القارئ بين معانٍ كثيرة، لكن سينالها البحث إن شاء الله تعالى؛ ولو بعد حين.
فمن يحفظ معاني الحروف الهجائية سيدرك ذلك من كلامنا.
ومن أراد له الاستفادة والتمكن في معاني الحروف الهجائية؛ فعليه أن يحفظها كحفظ اسمه، وهذه الأبحاث ستساعد على حفظ معاني الحروف لمن يتابعها؛ بالتسلسل في عرضها إن شاء الله تعالى.
لقد اخترنا: (137) جذرًا ثلاثيًا من بين: (357) جذرًا بدأت بحرف الواو؛ كما هو مدون لدي، وهي الجذور الحية الأكثر استعمالاً في الحياة اليومية وفي اللغة وآدابها.
سنختصر الشرح على القدر الذي يوصل المعنى من غير استفاضة فيه.
وسيكون الشرح لأهم فعل أو اسم في الجذر.
ولا تنس (في كل كلمة) أن استعمال الواو: ... للإشارة إلى الباطل أو الداخل ... ؛
فالحروف الثلاثة في الجذور الثلاثية اختيرت في كل مرة للتعبير عن الواقع بهذه الحروف؛ ومبني هذا الاختيار على المعاني المستعملة لهذه الحروف.
ويتضح معناها بالإشارة إلى ذات الباطن،
أو الإشارة إلى عملية الدخول التي لا تكون إلا في باطن،
أو الإشارة إلى عملية الخروج التي لا تكون إلا من باطن.
(يُتْبَعُ)
(/)
أو بألفاظ تدل على الباطن كـ "في"، "بين"، "داخل"، "وسط"، "منتصف"، "الجوف"، ونحو ذلك ...
ولفظ " النفس"، لأن النفس مكانها الدائم داخل الجسد مستبطنة فيه.
ولتوضيح إشارة الواو في الجذر إلى الباطن والداخل لونا الجمل والألفاظ المتعلقة بهذه الإشارة:
1. وأد: الوأد هو إدخال البنت الحية في حفرة ودفنها فيها لأجل قتلها.
2. وأل: الوأل هو الدخول في ملجأ (الموئل) طلبًا للأمن فيه؛ قال الله تعالى: (لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (58) الكهف.
3. وأم: واءمه وافقه، والوئام الموافقة؛ وهو الرضا بالدخول في الحال الذي عليه الآخر؛ فيكون بينهما صحبة وعشرة.
4. وبأ: الوَبَأُ والوباء: هو كلُّ مَرَضٍ عامَ، وفيه دخول المرض جموع الناس، وانحصار خروجه منهم، وامتداده فيهم.
5. وبخ: التَّوْبِيخُ التهديد والتأنيب واللوم، ووبَّخَه: لامَه وعذله، أخرج من نفسه غضبه عليه بإسماعه من الكلام الذي يصغر فيها عليه نفسه ... فالغضب خرج من نفس ودخل الكلام في النفس الثانية الموبخة. والفعل هو رباعي تكررت فيه الباء.
6. وبر: الوبر كالصوف للغنم يغطي جسم الأرانب والثعالب وحيوان يسمى الوبر مثل الأرنب، يكاد لاشتماله الجلد أن يخفى تحته، لكن طوله ينحصر بحد معين لا يزيد عليه، إلا في بقع من جلد الإبل؛ على السنام والرقبة تطول ثم تسقط من نفسها.
7. وبش: الأَوْبَاشُ من الناس الأخلاط؛ وهم أناس دخل بعضهم في بعض من غير أن يبرز فيهم رأسًا منهم يتفضل عليهم، ويستمروا دائمين على هذا الحال.
8. وبق: المَوْبِقُ: المَحْبِسُ. وقد أَوْبَقه أَي حبسه. وقوله تعالى: (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا (34) الشورى؛ أَي يَحْبس السفن في داخل البحر بتسكين الريح، والمُوبِقات الذنوب المهلكات؛ فالوبق هو الدخول فيما لا مخرج له منه؛ فيثبت فيه بالحبس أو الهلاك
9. وبل: والوَابِلُ المطر الشديد؛ قال تعالى: (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ (265) البقرة، أي مطر شديد ملأ بطن (ثرى) الجنة ماء، (فَأََخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا (16) المزمل؛ شديدًا فأغرقه الله في داخل اليم وملأ بطنه منه.
10. وتد: الوتد قطعة من خشب أو حديد يثبت بإدخال أكثره في الأرض
11. وتر: الوتر قطعة جلد داخل القوس مشدودة إلى طرفيه.
12. وتن: الوَتِينُ عِرق مستبطن في القلب إذا انقطع مات صاحبه
13. وثب: الوثوب هو القعود على كرسي أو سرير أو مخدة أو فراش؛ أي أن تجعل بينك وبين الأرض شيئًا أخر داخل بينكما. ووثب عليه: جعله بينه وبين الأرض
14. وثق: وَثِقَ به: ائتمنه، أي أدخل إليه أمانة أو سرًا لثقته به، وأَوْثَقَهُ في الوَثَاقُ أحكم شَدَّه بالحبل؛ قال الله تعالى: (فشُدوا الوَثَاقَ (4) محمد؛ أي أحكم إدخال يديه ورجليه في الحبل لتثبيته لئلا يفر.
15. وثن: قال ابن الأَثير: الفرق بين الوَثَنِ والصَّنَم أَن الوَثَنَ كل ما له جُثَّةٌ معمولة من جواهر الأَرض أَو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تُعمَلُ وتُنْصَبُ فتُعْبَدُ، والصَّنَمُ الصورة بلا جُثَّةٍ؛ أي إدخال صورة في الحجارة وغيرها لآدمي قبل أن تنصب وتعبد.
16. وجب: وجوب الأمر؛ دخول الوقت اللازم لعمله أو أدائه.
17. وجد: وجد الشيء؛ وصل إليه وعرفه في داخل أحد الأماكن التي كان يبحث عنه فيها.
18. وجر: الوَِجارُ: جُحْرُ الضبع والأَسد والذئب والثعلب ونحو ذلك، يكون في باطن جبل أو أرض. و الوَجْرُ: مثل الكهف يكون في الجبل.
19. وجز: وَجُزَ الكلامُ: قَلَّ في بلاغة، و أَوْجَزَه: اختصره. وأَمرٌ وَجِيزٌ وكلام وَجِيز أَي خفيف مقتصر؛ أي أخذ لب الكلام وترك تفرعه وأطرافه، ولب الشيء أفضله المستبطن فيه.
20. وجس: الوجْس الصوت الخفي، والفزع يحس به في القلب، والواجس: الهاجس، فالوجس هو الهاجس الذي يدخل في القلب.
21. وجع: الوجع ألم يحس به المصاب في داخل جسمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
22. وجف: قلب واجف شديد الاضطراب من الخوف الذي يدخله؛ قال تعالى: (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) النازعات، وقال تعالى: (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ (6) الحشر؛ أي لم تنالوا الفيء بإدخال الخوف عليهم بخيل ولا ركاب؛ (وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) الحشر
23. وجل: فالوجل: خوف يدخل القلب ويلتصق به من سماع ذكر الله؛ قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) الأنفال.
24. وجم: الوجم اشتداد الحزن الذي يدخل النفس والقلب حتى يسكت عن الكلام.
25. وجن: الوجنة تبرز في الوجه من نتوء عظم المحجر داخلها، وما يجتمع عليه من لحم وشحم
26. وجه؛ الوجه هو العضو من الجسد الذي يكشف عما في داخل النفس من أسرار، ومن رضا أو سخط، وفرح أو حزن، وراحة أو تعب، وتوجه إلى الشيء انطلق لرؤية ما فيه، والاطلاع عليه، أو نيله والحصول عليه، قال تعالى: (أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ (76) النحل.
27. وحد: الواحد هو الذي لا يتسع شأنه ليدخل غيره معه فيه؛ كعدم دخول آخر مع الله تعالى في ألوهيته. كقوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) البقرة.
28. وحش: الوحش من الحيوان هو الذي يبقى في داخل البرية وفي الجبال والغابات منفردًا في الأماكن البعيدة عن سكنى الناس.
29. وحل: الوحل هو الطين الرقيق الذي تدخل فيه أرجل من يطؤه.
30. وحم: الوحم هو حالة اشتهاء شديدة تدخل في نفس المرأة الحامل لأكلة محددة.
31. وحي: الوحي أمر خفي يلقي في نفس الموحى إليه، ولا يطلع عليه من كان حوله حتى يعلمهم به.
32. وخز: الوَخْزُ الطعن بالرمح ونحوه ولا يكون نافذا؛ فالوخز دخول الرمح في داخل المطعون به.
33. وخط: وَخَطَهُ الشيب خالط سواد شعره، فالوخط هو دخول الشيب وظهوره بين سواد الشعر واختلاطه به.
34. وخم: رجل وَخِمٌ و وَخِيمٌ أي ثقيل، وبلدة وَخْمَةٌ و وَخِيمَةٌ إذا لم تُوافِق ساكنها، فالوخم هو ثقل يدخل نفسه من دخول ثقيل عليه، أو دخول بلدة لا يوافقه سكناها.
35. وخي: تَوَخَّى مرضاته تحَرَّى وقصد، الوَخْي: الطريقُ المُعْتَمد القاصد؛ فالتوخي هو الدخول في الطريق والأمر الموصل لرضا من يقصده.
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 08:22 ص]ـ
36. ودج: الوَدَجان عرقان غليظان عريضان عن يمين ثُغْرَةِ النحر ويسارها، متصلان من الرأْس إِلى السَّحْرِ، فالأوداج هي عروق تستبطن في الأعناق
37. ودد: الودُّ الحُبُّ يكون في جمع مَداخِل الخَيْر؛ ومحله في داخل القلب وكأن حبه مغروس فيه.
38. ودع: الوَدَعَاتُ خرز بيض تخرج من البحر جُوفٌ في بطونها، والتوديع: السلام على من سيخلي مكانه ويتركه، وقوله تعالى: (ما وَدَّعك ربُّك وما قلى (3) الضحى؛ أي لم يخل مكانك عنده، وتسقط منزلتك، ولا قلاك، وقوله تعالى: (وَدَعْ أَذاهُم وتَوَكَّلْ على الله (48) الأحزاب؛ أخل قلبك من أثر أذاهم فيه، وتوكل على الله في دعوتك لهم. والموادعة: المصالحة وفيها خلو القلوب من الضغينة على بعض، وأودع الثوب: صانه من دخول غبار أو ريح عليه.
39. ودف: وَدَفَ الشحْمُ ونحوه يَدِف: سالَ وقَطَر، ووَدَفَ الإِناءُ: قَطَر؛ فالودف هو خروج الماء من داخل الإناء كقطر، ومثله خروج الزيت من داخل الشحم.
40. ودق: الوَدَقُ المطر كله شديدهُ وهيّنُه، و الوَدِيقةُ: شدة حَرُّ نصف النهار، فالودق والوديقة هو خروج المطر أو الحر لهم، واتساعه وانتشاره وثباته، فيدخل الكل في المطر أو الحر.
41. ودك: الوَدَك دسم اللحم؛ وهو ما يخرج من اللحم في الطبخ ليكون في المرق.
42. ودي: الوَدْيُ بالسكون ما يخرج بعد البول، و الودِيُّ صغار الفسيل الذي يخرج من أسفل النخلة ويلحق بها، والدية ما يخرج لأهل القتيل من المال ويعطى لهم وكأنه كسب خرج للميت مع موته وأدخل في الإرث الذي يرثوه عنه.
43. وذي: الوَذْيُ و الوَذِيُّ وهو المَنْيُ والمَنِيُّ الذي يخرج من الرجل، والوذية ما يخرج من الجلد بسبب داء يصيبه أو جرح، ما به وذية؛ ليس به جراح، أو ما به داء.
(يُتْبَعُ)
(/)
44. ورأ: وَرَاءُ و الوَرَاءُ، جميعاً، يكون خَلْفَ وقُدَّامَ، الوَراءُ: الخَلْفُ لأنه مستور عن العين، والقادم الذي لم يخرج ويظهر بعد؛ قال تعالى: (وكان وَرَاءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْباً (79) الكهف، وقوله عز وجل: (فمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلك (7) المؤمنون؛ أي ذهب ودخل على ما لا يحل له، و الوراءُ: ولَدُ الوَلَدِ؛ (ومِن وراءِ إِسْحقَ يَعْقُوبُ (71) هود؛ أي يكون خروج وظهور يعقوب من إسحاق عليهما السلام بعد وجود إسحاق أولا.
45. ورث: الوِرْثِ ما يتركه الميت للناس بعد موته، فيخرج ويوزع عليهم
46. ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، الذي يُشمّ، وذلك لأن الحشرات تردها فتصيب مما تخرجه من رحيقها، وَردْتُ الإبل الماءَ: حضرته لتشرب منه ما يخرج لها. وقوله تعالى: (وإنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا (71) مريم إلا آتيها ليصيب نصيبه منها، ولو كان نصيبه الخوف والرهبة فقط من المرور عليها.
47. ورط: كل غامِضٍ ورْطةٌ. الأَمر تقع فيه من هَلَكةٍ وغيرها؛ و أَوْرَطه: أَوقعه فيما لا خلاص (خروج) له منه. الوَرْطةِ، وهي الهُوَّة العَمِيقة في الأَرض ثم اسْتُعِير للناس إِذا وقَعوا في بَلِيَّة يَعْسُر المَخْرجُ منها.
48. ورع: الوَرَعُ: التَّحَرُّجُ، و الوَرِعُ: الرجل التقي المُتَحَرِّجُ، الذي يكف نفسه؛ أي يحبسها عن الدخول في المحارم، أو الخروج إليها، ويكفها كذلك عن الدخول في المباح، والتوسع في الحلال. فيجعل نفسه في حصن من ذلك.
49. ورف: أَوْرَف الظلُّ و وَرَفَ و ورَّف إِذا طال وامتدَّ، والظلُّ وارِفٌ أَي واسع ممتد؛ الظل الوارف يُدخل فيه ليستظل به.
50. ورق: ورق الشجر معروف وهو ما يخرج من نفس الشجرة، وهو سبب في خروج ثمارها وصلاحها، لذلك تسمى الدراهم المضربة المعدة للمبادلة في البيع الوَرِقُ و الوِرْقُ و الوَرْقُ؛ لأنها تخرج ويشترى بها ما رخص ثمنه كالخضار والفاكهة.
51. ورك: الوَرِكُ: ما فوق الفَخِذ، الورك له بروز بما اجتمع فيه من لحم وعضل، ويبطن فيه العظم ولا يشتد عليه
52. ورم: الأَورام النّتوء والانتفاخ في داخل اللحم تحت الجلد،
53. وري: الوَرْيُ: قَيْح يكون في الجَوف، وَارَيْتُه: أَخْفَيْتُهِ في جوف شيء. وتَوَارى هو: استتر، والتَّوْرِيةُ: السَّتر، وَرَّيْت النار تَوْرِيةً إِذا استخرجتها مما بطنت فيه.
54. وزب: وَزَبَ الشيءُ: سالَ. والمِيزابُ المِثْعَبُ الذي يخرج منه ماء المطر الساقط على ظهر البيت.
55. وزر: كلّ مَعْقِلٍ الْتَجَأْتَ إِليه وتحصّنت به، فهو وَزَرٌ. وفي التنزيل العزيز: (كَلاَّ لا وَزَرَ (11) القيامة؛ أي لا شيء يعتصم فيه من أَمر الله، والوزير: من يلجأ إليه الملك، ويدخله في أمره ليكون عونًا له في رأيه، والأوزار: السلاح الذي يعتصم به في الحرب، وآزره ووازره: أعانه وقواه، والوِزر بكسر الواو: الذنب والإثم الذي يخرج المذنب من مأمنه وحصنه.
56. وزز: الوَزْوَزَة ُ: الخِفَّة والطَّيْشُ، مقاربة الخَطْوِ مع تحريك الجسد، و الوَزَّة ُ البَطَّة؛ لأنها تجعل خط سيرها بين خطين من تمايلها على الجنبين.
57. وزع: وزَّع الشيء قسمه وفرقه، الوزَع كفُّ النفْسِ عن الخروج لتلحق بهَواها كأنه من منعها من الاستئثار بالشيء ومنع وصوله لمستحقيه، وفي التنزيل: (فهم يُوزعُونَ (17) النمل؛ أَي يُحْبَسُ أَوّلُهم على آخِرهم، أي يوقف الأول قبل الوصول ويمنع من الاستمرار حتى يلحق به المتأخر فصار مكان حبسه وسطًا بين مكاني الخروج والوصول.
58. وزن: الوَزْنُ ثَقْلُ شيء بشيء مثله كأَوزان الدراهم، يقال للآلة التي يُوزَنُ بها الأَشياء مِيزانٌ أَيضاً؛ والوَزْنُ: رَوْزُ الثِّقَلِ والخِفَّةِ. والوزن يحدد عندما يستويا طرفي الميزان الحاملان للكفتين مع نقطة التعليق الواقعة في المنتصف بينهما. أو بمعنى آخر؛ ما في الكفة الأولى من ثقل يساوي ما في الكفة الثانية من ثقل.
59. وسخ: الوسَخ: ما يعلو الثوب والجلد من الدرَن وقلة التعهد بالماءِ؛ فيبطن الجلد والثوب تحته. أو ما يدخل في الجلد والثوب من الدرن ويعلوه.
60. وسد: و الوِسادُ: كل ما يوضع تحت الرأْس ويرفعه ويكون بين رأسه الأرض؛ من مخدة أو متكأ، وإِن كان مِن تراب أَو حجارة.
61. وسط: وسَطُ الشيء: ما بين طرَفَيْه؛
(يُتْبَعُ)
(/)
62. وسع: اتساع الشيء يكون من تباعد أطرافه، وكبر جوفه، فيحتمل المزيد في بطنه.
63. وسق: الوَسْقُ و الوِسْقُ: مِكْيَلَة معلومة، وقيل: هو حمل بعير وهو ستُّون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، يجمع فيه الكيل ثم يغلق على ما في داخله من الحب. وفي التنزيل: (والليل وما وسق (17) الانشقاق؛ أي وما جمع في ظلمته وسترهم بها.
64. وسل: الوَسِيلةُ: المَنْزِلة عند المَلِك. والدَّرَجة. والقُرْبة. فالوسيلة هي ما يكون بين المتوسل والمتوسل إليه من منزلة أو درجة أو قربة أو عمل تقرب به الأول للثاني.
65. وسم: الوَسْم أَثَر الكَيّ الذي يدخل في الجلد من أثر الحرق ويستمر علامة فيه يعرف بها، ويقال: تَوَسَّمْتُ في فلان خيراً؛ أَي رأَيت وتخيلت فيه أَثراً منه، و المِيسَمُ و الوَسامةُ: أَثر الحُسْنِ.
66. وسن: السِّنةُ: النُّعَاس يدخل في الرأْس من غير نوم. فإِذا صار إِلى القلب فهو نوم.
67. وشج: وَشَجَتِ العُروقُ والأَغصان: اشْتَبَكَتْ، وَشَجَ: تداخل وتَشابك والْتَفَّ؛ مُلْتَفَّاً دخل بعضُه بعضاً، الواشِجة: الرَّحمُ المشتبكة المتصلة.
68. وشح: الوِشاحُ يُنْسَجُ من أَديم عريضاً ويرَصَّعُ بالجواهر، والوُشاحُ: كله حَلْيُ النساءِ، كِرْسانِ من لؤلؤ وجوهر منظومان مُخالَفٌ بينهما معطوف أَحدُهما على الآخر. والتوشُّح أَن يَتَّشِحَ بالثوب، ثم يُخرجَ طَرَفه الذي أَلقاه على عاتقه الأَيسر من تحت يده اليمنى، ثم يَعْقِدَ طرفيهما على صدره؛
69. وشك: الوَشِيكُ: السريع والقريب، أَمْرٌ وَشِيكٌ: سريع، أي قد انحصر الأمد بينك وبينه وقرب ظهوره.
70. وشم: الوَشْمُ ما تجعله المرأَة على ذراعِها بالإِبْرَةِ ثم تَحْشُوه بالنَّؤُور، وهو دُخان الشحم، وهو النَّيلجُ. الذي يدخل في الجلد ويظل علامة ثابتة فيه.
71. وشا: وَشَى به إلى السلطان وِشَاية؛ إذا نَمَّ عليه وسعى به، فالوشاية هي إدخال قول عن امرئ عند السلطان يضر بمكانته عنده ويفسد عليه أمره.
72. وشي: الوَشْيُ في اللون: خَلْطُ لَوْنٍ بلون، وَشى الثوبَ: نَمْنَمَه ونَقَشَه وحَسَّنه. وفي التنزيل العزيز: (مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا (71) البقرة؛ أَي ليس فيها لَوْنٌ يُخالِفُ سائر لونها. فالوشي إدخال شيء في شيء يخالفه فيختلطا ببعض.
73. وصب: الوُصُوبُ: دَيمومةُ الشيء. وفي التنزيل العزيز: (ولَهُ الدِّينُ واصِباً (52) النحل، الوَصَب: دوامُ الوَجَع ولُزومه، والوَصَبُ: شِدَّة التَّعَب. وفيه: (دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) الصافات؛ أَي دائم ثابت، وأَوْصَبَتِ الناقةُ الشحم: ثَبَتَ شحمُها، ولا يثبت دوام الشيء إلا إذا تمكن فيما هو داخل فيه، ويصعب نزعه منه.
74. وصف: الوصف وصفك الشيء بحِلْيته ونَعْته. والنعت يقوم مقام الشيء في غيابه كأنه حاضر، فالوصف هو للغائب في بطن المجهول لم تمتنع معرفته بالوصف؛ فكأنه بالوصف موجود أوحي متحرك يرى أمامك. والوَصِيفُ الخادم غلاما كان أو جارية، لأنه يقوم بالعمل مقام صاحبه ويسد مسد غيابه عنه.
75. وصل: الوَصْل خلاف الفَصْل. وَصَلَ الشيءُ إِلى الشيء انتهى إِليه وبَلَغه؛ (فأصبح معه في نفس المكان) و المَوصِل مَعْقِد الحبْل في الحَبْل. و الأَوْصَال: المَفاصِل، الوصل هو إدخال طرفي شيئين في بعضهما؛ فالوصل هو تداخل بين طرفين، أو دخول طرفين في أمر واحد، أو مكان واحد.
76. وصم: و وَصَمَ الشيءَ: عابه. والوَصْمُ: المَرَضُ، والعيب والعار في الحَسَب؛، والوَصْمَةُ: العيب في الكلام، فالوصم هو دخول شيء في الجسم فيمرضه، أو دخول شيء في الحسب والكلام فيكون عيبًا وعارًا.
77. وصي: أَوْصى الرجلَ و وَصَّاه: عَهِدَ إِليه؛ وصَى الرجلَ وَصْياً: وَصَلَه. وَصَتِ الأَرضُ: اتَّصل نباتُها بعضُه ببعض، وسمّيت وَصِيَّةً لاتصالها بأَمر الميت، فاتصل عطاؤه بعد الموت بما قبل الموت. فالوصية هو إدخال من يشارك الورثة في ماله الذي يفرق بعد موته. ويوصله إليه. وأوصاه؛ أدخل في فعله ما أمره به.
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 08:24 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
78. وضؤ: الوَضيءِ، وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ والوَضاءَةُ: الحُسْنُ والنَّظافةُ، الوَضُوءُ، وهو الماء الذي يُتَوَضَّأُ به، والوُضُوءُ، وهو الفعلُ، فالوضوء هو إخراج ما يغسل بالماء بمظهر حسن ونظيف أو إخراج ما به من وسخ، أو نجاسة مادية أو معنوية.
79. وضح: الوَضَحُ: البياضُ من كل شيء؛ وَضَحَ الشيءُ: بان وظهر، و الواضحُ: ضدّ الخامل لوُضُوح حاله وظهور فضله؛ فالوضوح خروج الشيء وظهوره من بين ما يخفيه ويستره.
80. وضر: الوَضَرُ: الدَّرَنُ والدَّسَمُ. ووَسَخُ الدسمِ واللبن، وما يشمه الإِنسان من ريح يجده من طعام فاسد. فالوضر هو ما يلتصق في باطن الآنية من الدسم، ويخرج منه ريحًا فاسدة.
81. وضع: الوَضِيعُ: الدَّنِيءُ من الناس، ووَضَعَ عنه الدَّيْنَ والدمَ: أَسْقَطَه عنه، وَضَعَ الشيءَ في المكانِ: أَثْبَتَه فيه. ووَضَعَتِ الحامِلُ الوَلَدَ: ولدَتْه. وَضَعَتِ المرأَةُ خِمارَها: خَلَعَتْه، فالوضع عامة هو انتهاء الشيء بخروجه كوضع الحامل أو إخراجه مما لزمه كإسقاط الدين عنه.
82. وضم: الوَضَم: كلُّ شيء يوضع عليه اللحمُ من خشب وغيره يُوقى به من الأَرض؛ الوَضِيمُ ما بين الوُسْطى والبِنْصر. فاستعمال وضم فيما وقع بين شيئين. (الخشب بين اللحم والأرض) وكذلك (الوضيم بين الأصابع)
83. وضن: وَضَنَ الشيءَ: ثنى بعضه على بعض وضاعَفَهُ. وسرير مَوْضونٌ: مضاعَفُ النسج، المَوْضُونةُ الدِّرْع المنسوجة، بعضها مُداخَلٌ في بعض، فثني الشيء ومضاعفته في الوضن؛ يجعل له باطنًا.
84. وطأ:. الوطيءُ من كلِّ شيءٍ: ما سَهُلَ ولان، الوَطِيءُ: السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابُ والأَماكِنِ. واطأَه على الأَمر مُواطأَةً: وافَقَه. أَشَدُّ وَطْأً أَي أَثْبَتُ قِياماً. وَطِىءَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً: داسَه، (لسهولته).فالوطأ يكون لما يقبل الدخول فيه أو معه أو عليه، والتوسط فيه.
85. وطر: الوَطَرُ كل حاجة يكون لك فيها هِمَّةٌ، فإِذا بلغها البالغ قيل: قضى وَطَرَه وأَرَبَهُ، ولا يبنى منه فعل. فالوطر (يفهم من استعمال جميع حروفه) هو الدخول في طلب الرغبة والشروع بها/ ثم ينحصر استعلاءه وامتداده فيها/ فيلزم أمر لا بد منه بمفارقته له، .... وهذا ما حدث لزيد رضي الله عنه؛ فقد دخل بزوجته، ثم انحصر امتداده واستعلاءه وهيمنته كزوج له القوامة عليها، بنشوزها واستعلائها عليه، فلزمه من الأمر ما لا بد منه، ولا عودة فيه؛ فطلقها. قال تعالى: (فلما قضى منها زيد وطرًا زوجناكها (37) الأحزاب.
86. وطس: وَطَسَ الشيءَ وَطْساً: كسره ودقَّه. من حروفه يفهم أنه؛ أدخل فيه شيء فحصر تماسكه فتفلت وتقطع، وقد يحمى الشيء في تنور أو حفرة قبل دقه لينكسر ويتفتت، وعلى ذلك قيل؛ الوَطِيس: التنور، والوَطِيس: حُفَيْرَةٌ تحتفر في الأرض ويختبز فيها ويشوى، الوَطِيس حجارة مُدَورةٌ فإِذا حميت لا يمكن لأَحد الوطء عليها، يُضْرب مثلاً للأَمر إِذا اشتد: قد حَمِي الوَطِيسُ. ويقال ذلك عند اشتداد المعركة فالداخل فيها يتعرض للنيل منه بالقتل أو الجرح. وتتكسر فيها السيوف والرماح.
87. وطن: الوَطَنُ: المَنْزِلُ تقيم بداخله، وهو مَوْطِنُ الإِنسان ومحله؛ و أَوْطانُ الغنم والبقر: مَرَابِضُها وأَماكنها التي تأْوي إِليها، لتبيت فيها.
88. وظب: وَظَبَ على الشيءِ، و واظَب: لَزِمَه، وداومه، وتَعَهَّده. أي ظل فيه لا يخرج منه.
89. وعب: وعَبَ الشيءَ واسْتَوْعَبَه: أَخَذَه أَجْمَعَ؛ فكان كله في داخله، و اسْتَوْعَبَ المكانُ و الوِعاءُ الشيءَ: وَسِعَه.
90. وعث: الوَعْثُ من الرمل ما غابت فيه الأَرجل والأَخفاف؛ الوَعَثُ رِقَّةُ التراب ورخاوة الأَرض تغيب فيه قوائم الدواب؛
91. وعد: المَوْعِدُ العَهْد؛ وكذلك قوله تعالى: (وأَخلفتم مَوْعِدي (86) طه؛ أي عَهْدي، فالوعد هو تعهد من النفس بتقدير منها بفعل شيء أو أدائه في زمن مستقبل؛ وهذا الزمن في غيب مستور حتى يأتي وقته فينكشف عنه. وعن الفعل أو الشيء الموعود.
92. وعر: المكانُ الحَزْنُ ذو الوُعُورَةِ ضدّ السَّهْل؛ الوُعُورَة تكون غِلَظاً في الجبل وتكون وُعُوثَة في الرمل. و الوَعْرُ: المكانُ الصُّلْبُ؛ فالسير في المكان الوعر يتحرى السائر فيه إدخال الرجل في الفواصل بين الحجارة والأشواك، وتدخل رجله في الوعث من الرمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
93. وعز: الوعز: التَّقْدِمةُ في الأَمر والتَّقَدُّمُ فيه وأَوْعَزْتُ إِلى فلان في ذلك الأَمر إِذا تقدمت إِليه. فأوعز أدخل في أفعاله فعلا لم يكن يريد فعله. والواو في أوعز أصبحت محصورة فأصبح إرادة الفعل من غيره لا من نفسه.
94. وعظ: الوَعْظ و العِظَةُ و العَظةُ و المَوْعِظةُ: النُّصْح والتذْكير بالعَواقِبِ؛ هو تذكيرك للإِنسان بما يُلَيِّن قلبَه من ثواب وعِقاب. فالوعظ هو إدخال أثر في القلب والنفس بكلام مؤثر يرغبه في ثواب، أو يخوفه من عقاب.
95. وعك: الوعْكُ: الأَلم يجده الإِنسانُ من شدَّة التعب. وأَذَى الحمى ووجعها في البدن، فالوعك ما يجده الإنسان في نفسه وبدنه؛ من الوجع، والألم؛ بسبب شدة تعب، أو مرض أو حمى.
96. وعل: والوَعْلُ: المَلْجَأُ، الوَعْلُ و الوَعِلُ: الأُرْوِيُّ. الوَعِل و الوُعِلُ تَيْس الجبل يكون في رؤوس الجبال، فالوعول مكانها في رؤوس الجبال بين الصخور والشعاب ملتجئة دائمًا إليها.
97. وعي: الوَعْيُ: حِفْظ القلبِ الشيءَ. الوَعِيُّ الحافِظُ الكَيِّسُ الفَقِيه، وفلان أَوْعَى من فلان أَي أَحْفَظُ وأَفْهَمُ. وفي التنزيل: (أُذُنٌ وِاعِيَةُ (12) الحاقة، وفيه: (واللهُ أَعْلَمُ بما يُوعُونَ (23) الانشقاق؛ أي بما يجمعون في قلوبهم وصدورهم من التكذيب والإثم، والوعاء الأداة التي يجمع فيها الأشياء وتحفظ. وأوعاه جمعه. والوَعْيُ: القَيْحُ والمِدَّة؛ فمحل الوعي يكون في داخل القلب والنفس، وفي الجلد، وفي الشيء، لما هو خير، أو شر وأذى.
98. وغد: الوَغْدُ: الخفيف الأَحمقُ الضعيفُ العقْلِ الرذلُ الدنيءُ، والذي يَخْدمُ بطعام بطنه، فالوغد: وصف لمن كانت نفسه ضعيفةً وباطنه خبيثًا.
99. وغر: في صدره عليَّ وَغْرٌ، أَي ضِغْنٌ وعداوة وحقد وتَوَقُّدٌ من الغيظ، وفي الحديث: الهَدِيَّةُ تُذْهِبُ وَغَرَ الصدر؛ والوَغْرَةُ: شدَّةُ تَوَقُّدِ الحَرِّ. الذي يلزم الناس داخل بيوتهم.
99. وفد: الوَفْدُ الرُّكبان المُكَرَّمُون، يدخلون على ملك أو أمير؛ يفدون إليه نيابة عن قومهم في رفع حاجاتهم. وهم أرفع قومهم، فصار الرفع لذلك وفدًا، أَوْفَدَ الشيءَ: رَفَعَه. أَوْفَدَ الرِّيمُ: رفع رأْسَه ونصَب أُذنيه؛ الإِيفادُ على الشيء: الإِشرافُ عليه.
100. وفر: الوَفْرُ من المال والمتاع: الكثيرُ الواسعُ وقيل: هو العامُّ من كل شيء، الموفور: الشيء التام؛ و وَفَرَ الشيءَ: أَكمَلَهُ فالخير الواسع التام الكامل الكثير يلزم أهله فيه ولا يخرجون منه، ولا يرحلون عنه طلبًا لغيره.
101. وفض: أَوْفَضْتُ لفلان بَسَطْتَ له بِساطاً يَتَّقي به الأَرضَ، الوِفاضُ: وِقاية ثِفالِ الرَّحى، الوَفْضةُ: خَرِيطةٌ يَحْمِلُ فيها الرَّاعي أَداتَه وزاده. و الوَفْضةُ: جَعْبةُ السِّهامِ، فالوفض مستعمل لما يوضع فيه، أو يجعل بين الشيء والأرض.
102. وفق: وَفْقُ الشيء ما لاءَمَه، من المُوافقة بين الشيئين كالالْتِحام وافَقْتُه أَي صادفته. فهي للداخلين في أمر واحد على اتفاق بينهما.
103. وفي: كلُّ شيء بلَغ تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، الوفاء بالشيء إخراجه كاملا غير منقوص، والوفاء بالعهد الخروج منه بعد تمامه، والوفاة حفظ النفس بتمام عملها بعد الموت أو في النوم.
104. وقب: الوَقْبةُ: كُوَّة عظيمة فيها ظِلٌّ. و الوَقْبُ و الوَقْبةُ: نَقْرٌ في الصَّخْرة يجتمع فيه الماء؛ وَقَبَ الشيءُ يَقِبُ وَقْباً: دَخَلَ، والوُقُوبُ: الدُّخولُ في كل شيء؛ وقيل: كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ.
105. وقت: المِيقاتُ: الوَقْتُ المضْروبُ للفعل والموضع. وَوَقَتَهُ يَقِتُه إِذا بَيَّنَ حَدَّه، الوَقْتُ: مقدارٌ من الزمانِ، وكلُّ شيء قَدَّرْتَ له حِيناً، فهو مُؤَقَّتٌ، فالوقت مقدار من الزمن؛ قبله زمن، وبعده زمن؛ فهو وسط بين زمنين
106. وقح: وَقِحَ الرجل إِذا صار قليل الحياء، وامرأَة وَقاحُ الوجه، حافر وَقاحٌ: صُلْبٌ باق على الحجارة، الوقاحة صفة لمن لا يدع للكلام أثر يثبت في نفسه كأنه لم يسمعه.
107. وقد: الوَقُودُ: الحطَب. الوَقود ما ترى من لهبها، تَوَقَّدَتْ و اتَّقَدَتْ و اسْتَوْقَدَتْ، كله: هاجَتْ؛ و توَقَّدَ الشيءُ: تَلأْلأَ؛ وكَوْكَبٌ وقَّادٌ: مُضِيءٌ. و الوَقْدةُ: أَشَدُّ الحَرِّ، فتوقد الشيء: هو خروج النار والضوء منه. وما يخرج منه فهو وقود له.
108. وقر: الوَقْرُ: ثِقَلٌ في الأَذن، يذهب السمع كله، الوِقْرُ الحِمْل الثقيل، أَوْقَرَتِ النخلةُ أَي كَثُرَ حَمْلُها؛ الوَقار: الحلم والرَّزَانة؛ و التوقير: التعظيم والتَّرْزِينُ. الوَقار: السكينة والوَداعَةُ، (وَقِرْنَ في بيوتكن (33) الأحزاب؛ اجلسن ساكنات في بيوتكن فالوقر: في بقاء الشيء في مكانه أو مكانته لا يخرج منه لثقله أو بقائه على حاله في الحلم والرزانة.
109. وقع: وَقَعَتِ الدَّوابُّ و وَقَّعَتْ: رَبَضَتْ. و وَقَعَتِ الإِبلُ و وَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، الوَقِيعةُ: الحرْبُ والقِتالُ، وقيل: المَعْرَكةُ، لأن فيها من يقع قتيلا، وَقَعَ الحديدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعاً: أَحَدَّهَا لأن في ذلك تثبيت لحدها وفعلها عند العمل بها. فالوقوع هو ثبات الشيء في مكانه، وفي عمله عند العمل به.
110. وقف: وقفَ معه في حرب أَو خُصومة. دخل معه فيها، الوقف: المال الثابت الذي يُدخل في مال الصدقة، والوقف: الخلجال والسوار من العاج يدخل في الرجل أو اليد، ووقف: نهض قائمًا للدخول في أمر يريده.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 08:26 ص]ـ
111. وكأ: تَوَكَّأَ على الشيء و اتَّكَأَ: تَحَمَّلَ واعتمَدَ، التَّوَكُّؤُ: التَّحامُل على العَصا في المَشْي. المُتَّكِىءُ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَنِ اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً، والعامّة لا تعرف المُتَّكِىءَ إِلاَّ مَنْ مالَ في قُعُودهِ مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه؛ وفي التنزيل: (وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً (31) يوسف، فالتوكأ هو أن تعتمد على ما جعلته بينك وبين الأرض.
112. وكب: القومُ الرُّكُوبُ للزينة والتَّنَزُّهِ، واكَبْتُ القَوم إِذا رَكِبْتَ معهم، وكذلك إِذا سابَقْتَهم. المَوْكِبُ: الجماعةُ من الناس رُكْباناً ومُشاةً، والوكب هو الركوب مع الجماعة وفي الركوب رفع عن الأرض لكون الدواب بينهم وبينها، ولا يضر الموكب في التسمية إن كان بعضهم مشاة. أو هم في أمر اجتمعوا عليه ودخلوا فيه واقتضى الأمر الخروج له.
113. وكد: وَكَّدَ الرَّحْلَ والسَّرْجَ: شَدَّه، الوكائِدُ: السُّيورُ التي يُشَدُّ بها، وَكَّدَ العَقْدَ والعَهْدَ: أَوثَقَه، تَوَكَّدَ الأَمر، و تأَكَّدَ بمعنىً، فالتوكيد هو لما يخشى سقوطه؛ فيشد فيكون بين السيور التي يشد بها وبين ما يسند إليه.
114. وكر: وَكْرُ الطائر: عُشُّه في الخُرُوقُ في الحيطان والشجر والجبال.
115. وكز: الوَكْزُ: الطعن. وَكَزَتْهُ الحية: لدغته. وَكَزَه أَيضاً: طعنه بالعصا أو بجُمْعِ كفه. والطعن واللدغ يكون بإدخال الأداة أو الإبرة في الجسد. وفي التنزيل: (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ (16) القصص؛ لكنني أفهم من اجتماع حروف الجذر؛ إحداث خرق في جلده من طعنة لا يتوقف نزف الدم منه بسبب الطعن، فيهلك، ولا يتوقف فعل السم بسبب اللدغ؛ لأن دلالة (انحصار كاف الرجوع) لا يكون إلا بهذا الوصف.
116. وكس: الوَكْسُ: النقص، والخسارة. الوَكْس منزل القمر الذي يُكْسف فيه. فالوكس هو خروج بعض ماله من يده يخسره في تجارته. وذهاب بعض ضوء القمر أو كله.
117. وكل: وَكَلْت أَمري إِلى فلان أَي أَلْجأْتُه إِليه واعتمدت فيه عليه، توكَّل بالأَمر إِذا ضَمِن القِيامَ به، وَكَّل فلانٌ فلاناً إِذا استَكْفاه أَمرَه ثِقةً بكِفايته أَو عَجْزاً عن القِيام بأَمر نفسه. وَكَلَه إِلى رأْيه: تركه؛ التَّوَكُّل: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد على غيرك، فالتوكل إدخال غيرك في أمرك معتمدًا عليه، أو ثقة به، أو ضعفًا منك وعجزًا.
118. وكن: الوَكْنُ، بالفتح: عُشّ الطائر؛ في جبل أَو جدار، الوَكْرُ و الوَكْنُ جميعاً المكان الذي يدخل فيه الطائر.
119. ولت: وَلَتَه حَقَّه وَلْتاً: نَقَصَه. (ولا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمالكم (14) الحجرات؛ أَي ينقصها بعدم إخراجها لصاحبها؛ فالولت هو نقصان حق الآخر بمنع المتحكم في المال إخراج حقه له.
120. ولج: الوُلُوجُ الدخولُ. و المَوْلَجُ: المَدْخَلُ. و الوِلاجُ: الباب. الوَلِيجَة البِطانَةُ، وقوله تعالى: (يُولِجُ الليلَ في النهار و يولج النهار في الليل) يغيب كل منها في الآخر.
121. ولد: الوالدُ: الأَب، والوالدةُ: الأُم، والوَلِيدُ: المولود حين يُولَدُ، فالولد هو الذي يخرج من نفس الأبوين؛ لذلك تسمى الأم والدة، والأب والد، ولذلك فالأم تلد، والأب يلد، فقال تعالى: (لم يلد ولم يولد (3) الإخلاص؛ أي لم يأت بأحد من نفسه، ولا كان من نفس غيره.
122. ولع: وَلَعَ فلان بحَقِّي وَلْعاً أَي ذهَب به. وَلِعَ به إِذا لَجَّ في أَمره وحَرَصَ على إِيذائِه. أَوْلَعَه به: أَغْراه. ما أَدري ما وَلَعَه أَي ما حَبَسَه، فالولع به هو حبس النفس في عداوة غيره وإيذائه.
123. ولغ: الوَلْغُ: شُرْبُ السِّباع بإدخال أَلْسِنتها في الماء.
124. وله: الوَلَهُ: ذهاب العقل والتحير من شدّة الوجد أَو الحزن لفِقْدانِ الحبيب أَو من شدة الخوف؛ فالوله هو الدخول في حالة شديدة يتحير فيها ويذهب عقله.
(يُتْبَعُ)
(/)
125. ولي: فالوَلايةُ بالفتح في النسب والنُّصْرة والعِتْق، الوَلِيُّ؛ الرَّبُّ والمالِك والسَّيِّدُ والمُنْعِم والمُعْتِقُ والنَّاصِر والمُحِبُّ والتَّابع والجارُ وابن العَم وابن الأُخت، والحَلِيفُ والعَقِيدُ والصِّهْرُ والعَبْدُ والمُعْتَقُ والمُنْعَمُ عليه، والوِلايةُ بالكسر في الإِمارة، و الوَلاءُ في المُعْتَق، و المُوالاةُ من والى القومَ؛ و تَوَلَّى الشَّيءَ: لَزِمه. والوِلاية تُشعر بالتَّدْبير والقُدرة والفِعل، فالولي هو من تدخل في حمايته فيحميك بتدبيره وقدرته وفعله.
126. ومض: وَمَضَ البَرْقُ وغيره: لَمَعَ لَمْعَاً خَفِيّاً ولم يَعْتَرِضْ في نَواحي الغَيم؛ فالومض البرق يلمع في داخل الغيمة، ولا يخرج منها، ولا يغلب عليها لخفته.
127. وني: الوَنى: الفَتْرَةُ في الأَعمال والأُمور والضَّعْفُ والفُتور والكَلالُ والإِعْياء، وفي التنزيل: (ولا تَنِيا في ذِكري (42) طه؛ معناه لا تَفْتُرا، المِينا: مَرْفأُ السُّفُن، لأَن السفن فيه تَفْتُرُ عن جَرْيِها، فالوني الدخول في حالة من الضعف والفتور.
128. وهب: الهبةُ: العَطِيَّة الخاليةُ عن الأَعْواضِ والأَغْراضِ، فالهبة عطية يخرجها الواهب من ماله، لا عوض لها، ولا تسترد.
129. وهج: الوَهَجُ والتَّوَهُّجُ: حرارة الشمس والنار من بعيد، ونجم وَهَّاجٌ: وَقَّادٌ. وفي التنزيل: (وجعلنا سِراجاً وَهَّاجاً (13) النبأ، وَهَجُ الطِّيب: انتشارُه. فالوهج: حر يخرج من الشمس والنار
130. وهل: وَهِل وَهَلاً: ضَعُفَ وفَزِعَ وجَبُنَ، وسَهَا، وَهِل في الشيء وعنه: غَلِط فيه ونَسِيه، ولَقِيته أَوَّل وَهْلةٍ أَي أَوَّل شيء، وقيل: هو أَوّل ما تراه. الوَهْلة المَّرة من الفزَع، فالوَهَل: هو ما يدخل في النفس من أول رؤية للشيء فينتج عن أثر تلك الرؤية ما ذكر من الضعف والفزع والجبن والسهو والغلط والنسيان.
131. وهم: تَوَهَّمَ الشيءَ: تخيَّله وتمثَّلَه، وَهِمْتُ في كذا وكذا أَي غلِطْتُ، وسهوت. وظننت، والتُّهَمةُ الظنُّ، فالوهم ما يدخل في نفس أو العمل أو الحساب، أو الكلام ما ليس له حقيقة.
132. وهن: الوَهْن: الضَّعف في العمل والأَمر، وكذلك في العَظْمِ ونحوه. وامرأَة وَهْنانةٌ: فيها فُتُورٌ عند القيام وأَناةٌ، الكَسْلى عن العمل تَنَعُّماً. وقوله عز وجل: (فما وَهَنُوا لِما أَصابهم في سبيل (164) آل عمران؛ أَي ما فَتَرُوا وما جَبُنُوا عن قتال عدوِّهم. فالوهن ضعف يدخل الأبدان ويدخل الأعمال.
133. وهي: أَوْهاه: أَضْعَفه. وكلُّ ما اسْتَرْخَى رِباطه فقد وَهَى. وَهَى الثَّوْبُ والقِربةُ والحَبْلُ، إِذا تَفَزَّرَ واسْتَرْخَى، وهِيَ الحائطُ إِذا ضَعُفَ وهَمَّ بالسُّقُوطِ. فالوهي ضعف يدخل في الإنسان والجلد، والثوب، والحبل، والحائط.
134. ويح: وَيْحٌ: كلمة تَرَحُّم وتَوَجُّع وتندم وزجر، لمن وقع في بلية وأَشرف على الهَلَكَة، ويُدْعى له بالتخلص منها، فويح تقال لمن دخل في شيء صعب عليه التحول عنه ويخشى عليه من الهلاك، ولا منقذ له.
135. ويل: وَيْلٌ: كلمة تَفَجُّع، الوَيْل: حُلولُ الشرِّ، والحُزْن، والهَلاك، والمشقَّة من العَذاب، والوَيْلةُ: الفضيحة والبَلِيَّة، وكلُّ مَن وقَعَ في هَلَكة دَعا بالوَيْل،
فالويل هو الدخول في شيء يعجز عن التحول عنه فيستمر التصاقه به
هذه الأمثلة التي ذكرناها؛ هي من الجذور الحية في حياتنا اليومية، وقد اختصرتها من بين (357) جذرًا.
وقد كنت أريد أن أحلل الكلمات بحروفها الثلاث؛ فرأيت أني أشتت القاري والعالم على السواء؛ لأن معاني الحروف لم تألفها الأنفس بعد ...
لكن تحليل بعض الأمثلة ممكن ........
أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي
تحليل معنى الكلمة الأخير "ويل" بمعاني حروفها الثلاثة؛
الواو: إشارة للباطن والداخل
والياء: للتحول؛ وفي وسط الكلمة لانحصارها؛ تفيد انحصار التحول، ومع سكونها عجز التحول.
واللام: للقرب والإلصاق وفي آخر الكلمة استمرار وثبات الالتصاق.
فمعنى ذلك؛ أن المنادي يقول: دخلت في شيء، وعجزت عن التحول عنه، وثبت فيه واستمر التصاقي به.
فتلك مصيبة كبرى لا نهاية لها إلا الهلاك
وفي النداء يا ويلتى
أداة النداء "يا" مكونة من حرفين؛
الياء: للتحول.
والألف: للامتداد المنفصل.
فكأن المنادي يقول للمنادى عليه:
تحول عما أنت فيه، وامدد انفصالك عنه، واستجب إلي في الشأن الذي أطلبك فيه.
ولما نادى المنادي (يا ويلتى)؛ ولم يحدد من ينادي؛ فدل ذلك على شدة اليأس من وجود من يخرجه مما وقع فيه.
وتحليل آخر للوقت
الواو: إشارة للباطن والداخل
والقاف: للثبات، وهي محصورة أيضًا فتفيد معنى الفاء في الحركة.
والتاء: للتراجع
فعندما تضرب لأحد الناس موعدًا ليكن الساعة السابعة مساء وأنت الآن في العاشرة صباحًا
فالوقت الذي ضربته واقع بين زمنين:
الأول: وهو ما بينك وبينه وقدره تسع ساعات.
والثاني: الزمن الذي بعده، لأن الزمن لن يتوقف عند الموعد المضروب
فمثل حرف الواو هذا الواقع للوقت المضروب بينكما
وهذا الوقت هو ثابت وقد مثله حرف القاف
وفي نفس الوقت فإن القاف في الوسط قد انحصر عملها أو بعضه فتتحول إلى الفاء وهي تفيد الحركة فأصبح هذا الثبات متحركًا
وهذا التحرك يقصر الزمن
ففي الساعة العاشرة تقول: بقي للوقت تسع ساعات
وفي الساعة الواحدة بعد الظهر تقول: بقي للوقت ست ساعات
وفي الساعة السادسة مساء تقول: بقي للوقت ساعة واحدة
فهذه الحالة من ثبات الوقت مع حركته مثلته القاف بمعنى القاف والفاء معًا.
وبعد دخول الوقت تبدأ عملية التراجع
فتقول في الساعة العاشرة مساء تقول: التقيت به قبل ثلاثة ساعات
وبعد يومين تقول: التقيت به قبل يومين، ثم قبل أسبوع، ثم قبل شهر، وهكذا إلى أن يأتي زمن تنسى فيه اللقاء وصاحبه.
فمثلت هذا الحال في تباعد الوقت بعد الحلول؛ تاء التراجع
نلاحظ أن الوقت قد اختيرت له الحروف الدالة بمعانيها على حاله اختيارًا دقيقًا
ورتبت حروفه الترتيب الذي يوافق ما يحدث فيه فعلاً، ويصوره على حقيقته
فلك أن تسأل بعد هذا البيان ... ما يخطر ببالك؟!!!!!!
أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المزمجرّ]ــــــــ[17 - 10 - 2009, 10:59 ص]ـ
عزيزي،
لقد شدهني بحثك الذي طالما أردت المزيد منه. ولم يشفني معجم المقاييس فأردت أكثر وأكثر بسبب أمور أخرى يعجز الوقت عن وصفها هنا.
ولكن عزيزي ألن تكمل الموضوع؟ يهمني جدا عبارة "في الرسم القرآني" من بحثك الشائق. أرجو ذلك.(/)
ميلاد ثلاثة علوم جديدة
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 08:36 ص]ـ
أعيد نشر موضوع "ميلاد ثلاثة علوم جديدة"
حتى لا يكون موضوع "سر الواو والضمة في الجذور .... " ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=38824) مبتورًا بلا مقدمة.
وكنت قد فقدت موقع "شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية" من ضمن المواقع التي فقدتها وقت نشر الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
ميلاد ثلاثة علوم جديدة
أنا عبد المجيد بن عثمان بن عيسى العرابلي والمولود في الثالث من شهر حزيران من عام ستة وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد في مدينة الكرامة من الأردن
بكل إيمان وثقة وثبات؛ أعلن في هذا اليوم؛ يوم الاثنين الموافق الثامن عشر من الشهر الثامن من عام ثمانية وألفين للميلاد، والموافق للسادس عشر من شهر شعبان من عام تسعة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة:
مولد ثلاثة علوم جديدة، بعد تسعة عشر عامًا من البحث فيها، وحصول اليقين بها. وقد سبقها ثلاثة عشر عامًا أخرى من البحث قبلها؛ أوصلتني إلى ضرورة قيام هذه العلوم.
وسيكون إعلان عن علم رابع إن شاء الله تعالى في وقت لاحق؛ بعد نشر مفهوم هذه العلوم الثلاثة، وترسيخ مفاهيمها لدى العلماء والعامة، وانطلاق البحث فيها، والتطبيق لها.
الأيام تمر ...
والعمر قصير ...
ومتطلبات الحياة كثيرة ...
والصحة تسير معاكسة لسير الأيام.
وكم قائل قال لي:
ستموت هذه العلوم بموتك ...
وهي أمانة في عنقك ...
ستحاسب عليها إن لم يحصل التبليغ لها بالقدر الكافي لتعريف الناس بها.
العلم الأول
فقه استعمال الجذور
وهو روح اللغة المفقود
والهندسة التي نشأت عليها اللغة
تعريف فقه استعمال الجذور:
هو العلم الذي يعرف به سبب تسمية المسميات بأسمائها،
ويحدد الأفعال بما يميزها عن المترادفات لها.
طريقة البحث والعمل في فقه استعمال الجذور:
• تدرس استعمالات كل مفردات الجذر الواحد المستعملة في القرآن الكريم أولا، ثم في اللسان العربي ثانيًا، لإيجاد الاستعمال الذي اجتمعت عليه، ويربط بينها جميعًا دون استثناء.
• أن يفسر معنى الجذر اجتماع حروفه من معانيها.
• ويجب إدراك الأسماء التي بنيت على جزء من المعنى المستعمل، أو التي قامت على التشبيه دون مراعاة سبب التسمية لحمل المسميات لصفات أخرى لا علاقة لها بالتسمية.
أثر غياب فقه استعمال الجذور:
• الاكتفاء بمعرفة المسميات التي تشير إليها الأسماء، دون معرفة الأحوال التي كانت سببًا في تسمية هذه التسميات.
• عدم وضع الأسماء والأفعال عند الاستعمال في المواضع الأكثر دقة، والأنسب لدلالتها.
• تعريف الأفعال بالمترادفات وإقامتها مقامها، دون مراعاة فوارق التركيب في حروفها، واختلاف الجذور التي تنتمي إليها.
• أخذت فروع من الفقه على بساطتها، مكانة عالية عند العلماء، يشغلون بها أنفسهم؛ كمعرفة كم للشيء من أسماء، وكم شيء يطلق عليه نفس الاسم؛ دون معرفة الأسباب.
• انحراف فرق من المسلمين ببناء مفاهيمها على فهم خاطئ للمسميات، درج استعمالها بمعزل عن الفقه باستعمال الجذور.
أثر قيام هذا العلم؛"فقه استعمال الجذور" والعمل به:
• معرفة سبب تسمية المسميات بأسمائها وانتشارها.
• مراعاة استعمال هذه الأسماء بما يوافق سبب تسميتها.
• رفع درجة الدقة اللغوية بمراعاة سبب استعمالها.
• رفع اللبس باستعمالها إن كان للمسمى صفات أخرى لا علاقة لها بسبب التسمية.
• رفع الوعي للناطقين بالعربية بفقههم لما يستعملونه من اللغة.
• معرفة قدر المنزلة التي تتبوأها اللغة العربية بين اللغات العالمية؛ من تميزها بعظيم خصائصها.
• الإقبال على اللغة العربية، والحرص على الالتزام بها في التعامل والمخاطبة.
• إثراء التفسير بالكشف عن جوانب في التفسير؛ لم تنل الحظ الوافي، والفقه العالي لفهمها.
• تبني أحكام جديدة في الفقه، ومراجعة مسائل عديدة؛ بما يكشف عنه هذا العلم من مفاهيم جديدة.
نتائج العمل بفقه استعمال الجذور:
أرجو ألا يمر عامان أو ثلاثة على ميلاد هذا العلم وإلا ويكون الآتي:
• دخوله مقررات تدريس اللغة العربية في الجامعات.
• أن يدخل في المناهج الدراسية في المرحلة الثانوية.
• ألا يتجاوز هذا العلم؛ عالم باللغة، أو مفسر، أو متكلم بالإعجاز، أو قانوني، أو مترجم، أو كاتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
• أن يأخذ مكانة في الندوات والدراسات التي تقيمها المراكز الثقافية، ووسائل الإعلام المختلفة.
• أن يكون له أثر علمي واضح في الترجمة والدراسات المقارنة بين اللغات.
التوصيات:
• توجيه وتكليف طلاب الماجستير والدكتوراة الراغبين في نيل هذه الدرجات العلمية في اللغة العربية؛ بأن تكون رسائلهم في "فقه استعمال الجذور".
• أن يكون هناك مراكز ثقافية، أو منتيديات تسهل تواصل العاملين في هذا المجال، وتعاونهم، والتنسيق بينهم.
• أن يركز العمل على الجذور الحية أولاً، والأكثر استعمالا في الحياة.
ملاحظات:
• كل الأسماء التي وردت في أكثر من خمسين بحثًا منشورًا، وتحدثت فيها عن سبب تسمياتها، هي نماذج مبنية على علم؛ "فقه استعمال الجذور" بصورة مختزلة.
• تعليل جميع الأسماء الواردة في كتابَيَّ "أحب أيها المسيح" و "حقيقة السموات كما صورها القرآن" قائم على علم؛ "فقه استعمال الجذور".
• وسأعمل على نشر مائة بحث جديد في "فقه استعمال الجذور" إن شاء الله تعالى؛ ليكون بيانًا عمليًا تطبيقيًا على هذا العلم ... في كيفية الوصول إلى مفاتيح استعمال الجذور.
العلم الثاني
فقه معاني حروف الهجاء
حروف المباني وليس حروف المعاني
تعريف فقه معاني حروف الهجاء:
هو العلم الذي يحدد المعاني التي تفيدها الحروف الهجائية حيث وقعت، وجرى استعمالها في اللغة وجذورها.
طريقة البحث والعمل في فقه معاني الحروف الهجائية.
أولاً: دراسات استقرائية لكل الجذور التي بدأت بنفس الحرف (فاء الجذر)؛ لإيجاد الرابط بينها من استعمال هذا الحرف ... على اعتبار أنه الحرف الأول هو وجه الجذر الذي نال مكانه بقوة دلالته.
ثانيًا: دراسات استقرائية لكل الجذور التي انتهت بنفس الحرف (لام الجذر) ... على اعتبار أن الحرف الأخير؛ انتهي إليه معنى الجذر، فنال الاستقرار والامتداد بجانب معناه؛ لمعرفة قدر توافق هذه النهايات مع المعنى السابق المستنبط من دراسة الحرف الأول في الجذور.
ثالثًا: دراسات استقرائية لكل الجذور التي كان عينها نفس الحرف .... باعتباره حرفًا محصورًا بين وجه الجذر وآخرة؛ لمعرفة مدى توافق المعنى المستنبط مع استعماله محصورًا في وسط الجذور.
رابعًا: دراسة أثر مخارج الحروف الهجائية في تشكيل المعاني للحروف الهجائية.
خامسًا: دراسة أثر مخارج الحروف الهجائية في معاني الحروف التي لها نفس المخرج.
سادسًا: دراسة أثر صفات الحروف في تشكيل المعاني المستنبطة للحروف الهجائية.
سابعًا: دراسة أثر صفات الحروف الهجائية في معاني الحروف؛ التي تحمل نفس الصفات.
ثامنًا: دراسة علاقة أشكال الحروف بمعانيها.
تاسعًا: دراسة علاقة تنقيط الحروف بمعانيها.
ودراسات أخرى في هذا الباب
• دراسة العلاقات بين الجذور التي لها نفس فاء الجذر وعينه
• دراسة العلاقات بين الجذور التي لها نفس فاء الجذر ولامه
• دراسة العلاقات بين الجذور التي لها نفس عين الجذر ولامه
• دراسة أثر معاني الحروف في تشكيل معاني الجذور التي تتكون منها.
• دراسة أثر معاني الحروف المضافة في أوزان الصرف في اللغة، وسر اختيارها.
• دراسة أثر معاني الحروف الهجائية في حروف المباني.
• دراسة أثر معاني الحركات الثلاث؛ المبني على معاني حروف المد الثلاث.
أثر غياب فقه معاني حروف الهجاء:
• اليأس من وجود هذا العلم بالقول المشهور: أن الحروف لا معاني لها، أو أن لها معان لا يمكن الوصول إليها.
• عدم فهم سر اختيار حروف المعاني في استعمالاتها.
• عدم إدراك أثر زيادة الحروف أو حذفها في أوزان الصرف.
• عدم إدراك أداء الحروف والحركات للمعاني في النحو ..
• استعمال عبارات (هكذا قالت العرب)، (بسبب كثرة الاستعمال) و غير ذلك مما لا يعتمد على فقه وعلم.
نتائج وأثر قيام هذا العلم؛ (فقه معاني حروف الهجاء)، والعمل به:
• إثراء فقه اللغة ثراء عظيمًا بمعاني حروف الهجاء
• فهم أفضل لاستعمال حروف المعاني. وتفسيرها.
• فهم سر تغير التراكيب والحركات بالزيادة أو الحذف أو التسكين في أدائها للمعاني.
• معرفة سر تشكيل الجذور وتفرعاتها القائم على معاني حروف الهجاء.
• ارتباط أكبر باللغة، والاعتزاز بها، والإقبال على دراستها، والالتزام بنحوها وصرفها.
(يُتْبَعُ)
(/)
• اعتماد معاني حروف الهجاء في اللغة العربية أساسًا في فهم أسباب تشكيل اللغات العالمية الأخرى.
التوصيات:
• توجيه وتكليف الراغبين بنيل الدرجات العالية في علوم اللغة بأن تكون دراساتهم لمعاني الحروف الهجائية، وأثر كل حرف في المجال الذي استعمل فيه.
• إيجاد جمعيات ومنتديات تضم الناشطين العاملين باللغة تسهل اتصالهم وتعاونهم في دراساتهم لمعاني الحروف الهجائية واستعمالاتها، مستقلة أو مع فقه استعمال الجذور.
ملاحظات:
• سيتم نشر مختارات لمجموعات من الجذور لا تقل عن مائة مجموعة؛ في كل مجموعة عدد من الجذور لها نفس الحرف في فائها، أو عينها، أو لامها، لبيان معاني حروف الهجاء، وتطبيقها في الجذور. قبل تحليل الجذور ببيان جميع حروفها، وأثر اجتماعها في تشكيل معاني الجذور.
• وسيتم نشر بعض الأبحاث في أثر معاني الحروف واختيارها في علم النحو والصرف.
• سيتم مع هذا البيان إرفاق جدول بمعاني الحروف الهجائية، ليدرب أهل اللغة أنفسهم على طريقة استعمالها:
بسم الله الرحمن الرحيم
لوحة مفاتيح معاني الحروف التي استخدمت في اللغة العربية
الهمزة: للامتداد المتصل
الألف: الامتداد المنفصل
الباء: للظهور والخروج
التاء: للتراجع
الثاء: للكثرة
الجيم: للإلحاق
الحاء: للانفراد
الخاء: للتغيير
الدال: للتضييق والحصر
الذال: للاتساع والانتشار
الراء: للالتزام
الزاي: للزيادة
السين: للتفلت
الشين: للاستمرار
الصاد: للامتناع
الضاد: للقبول
الطاء: للامتداد باستعلاء وهيمة
الظاء: للتوسط
العين: للدوام والبقاء
الغين: للغياب
الفاء: للحركة
القاف: للثبات
الكاف: للرجوع
اللام: للقرب والإلصاق
الميم: للإحاطة والغلبة
النون: للنزع
الهاء: للانتهاء
الواو: إشارة للباطن والداخل
الياء: للتحول
واضعه: أبو مسلم /عبد المجيد العرابلي
العلم الثالث
فقه معاني الرسم القرآني
تعريف فقه معاني الرسم القرآني:
هو العلم الذي يكشف عن معاني وأسرار ولطائف الرسم القرآني.
طريقة البحث والعمل في هذا العلم:
دراسة الأمثلة التي كتبت بالرسم القرآني وما يماثلها مما كتب بالرسم الإملائي، لإيجاد الفرق. في مضامين الآيات، التي تكشف عن سبب هذا الاختلاف، وتعميمها.
مراعاة خصوصية كل مثال من سياق الآيات الواردة فيها.
أثر غياب هذا العلم:
• الاكتفاء بمعرفة مواضع الرسم القرآني للمحافظة على كتابتها، ومراعاة الوقف عليها.
• نسبة هذا الاختلاف لكُتَّاب الوحي، وعده من اجتهادهم فيه.
• تعليل الرسم القرآني؛ لجعله صالحًا للقراءات.
• تعليل الرسم؛ لوجود طرق الكتابة به وقت نزول الوحي.
• إجازة كتابة القرآن بالرسم الإملائي في أحوال خاصة.
• وصف الرسم القرآني من جهل الكتاب وأخطائهم عند الطاعنين فيه.
• القول بعدم صلاحيته، أو عدم الحاجة إليه.
• انحراف فرق من المسلمين ببناء مفاهيمها على فهم خاطئ لأسباب الرسم القرآني.
نتائج وأثر قيام هذا العلم؛ (فقه معاني الرسم القرآني)، والعمل به:
• معرفة سبب هذا الرسم والقواعد التي بني عليها مما يزيد درجة التمسك به.
• تحريم الخروج عليه.
• إدراك إبدال الرسم القرآني بالرسم الاصطلاحي يذهب الفوائد والمعاني التي ينبه إليها.
• الاهتمام بالرسم خلال القراءة للقرآن الكريم.
• دخول الرسم القرآني مقررات تدريس كليات الشريعة في الجامعات.
• أن يدخل في المناهج الدراسية في المراحل الثانوية.
• أن يأخذ مكانته في الندوات والدراسات، والبرامج، والحلقات؛ التي تقيمها المراكز الثقافية، ووسائل الإعلام المختلفة.
• أن يكون له أثر علمي في الدراسات الإسلامية.
التوصيات:
• توجيه وتكليف طلاب الماجستير والدكتوراة الراغبين في نيل هذه الدرجات العلمية في علوم الشريعة الإسلامية؛ بأن تكون رسائلهم في "علم معاني الرسم القرآني".
• أن يكون هناك مراكز ثقافية، أو منتديات تسهل تواصل العاملين في هذا المجال، والتنسيق بينهم.
ملاحظات:
• تم نشر سر كتابة التاء المقبوضة مبسوطة في ثلاث عشرة كلمة قرآنية.
• تم نشر أمثلة على المقطوع والموصول.
• تم نشر أمثلة على حذف الألف وزيادته.
• تم نشر أمثلة على حذف الواو.
وسيتم العمل على نشر أبحاث في ملفات لقواعد ومسائل الرسم القرآني في؛
• حذف كل من: الألف (أول ووسط وآخر الكلمة)، الهمز، الواو، الياء، اللام، النون.
• زيادة كل من: الألف، الواو، الياء، الهاء.
• إبدال كل من: الألف، الواو، الياء، الهمز.
• ما كتب على أصل الاستمرار لا الوقف.
• ما كان فيه قراءتان.
• المقطوع والموصول
• ملف للتاءات المبسوطة.
ونسأ ل الله تعالى أن يسهل وييسر هذه العلوم الثلاثة لطالبيها، ويشرح صدور العلماء لها، وأن يحبب لهم الإقبال عليها وتعلمها، والعمل بها، ونشرها.
أبحاث أبو مُسْلم/ عبد المجيد العرابْلي
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 01:31 م]ـ
مرحباً بالعرابلي وبماجاء به
ولقد سطرت لنا كلمات قليلة حوت الكثير
وأدعوأساتذتنا الأفاضل نقاش مابه جئتنا فقد حمل طرحك مايستحق النقاش من المختصين , والإستفسارمن طلاب العلم
والحق أنك أجبت عن تساؤلات كانت تدورفي خلدي وأولها سؤال طرحته بالأمس القريب عن أصل المفردات العربية فلك منا الشكر والدعاء
وسأعود بمشيئة الله في متسع من الوقت للإستفسارعن بعض ماذكرت
دمت والجميع في رعاية الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحلام]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 09:35 م]ـ
الأيام تمر ...
والعمر قصير ...
ومتطلبات الحياة كثيرة ...
والصحة تسير معاكسة لسير الأيام.
وكم قائل قال لي:
ستموت هذه العلوم بموتك ...
وهي أمانة في عنقك ...
ستحاسب عليها إن لم يحصل التبليغ لها بالقدر الكافي لتعريف الناس بها.
(كلام أكثر من رائع)
المهم أن نبدأ
فجهد مشكور ومأجوربإذن الله
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 12:19 ص]ـ
أعزك الله علي هذا المجهود
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 06:57 م]ـ
مرحباً بالعرابلي وبماجاء به
ولقد سطرت لنا كلمات قليلة حوت الكثير
وأدعوأساتذتنا الأفاضل نقاش مابه جئتنا فقد حمل طرحك مايستحق النقاش من المختصين , والإستفسارمن طلاب العلم
والحق أنك أجبت عن تساؤلات كانت تدورفي خلدي وأولها سؤال طرحته بالأمس القريب عن أصل المفردات العربية فلك منا الشكر والدعاء
وسأعود بمشيئة الله في متسع من الوقت للإستفسارعن بعض ماذكرت
دمت والجميع في رعاية الله
بارك الله فيك وفي مرورك
وجزاك الله بكل خير
وزادكم الله تعالى من علمه وفضله
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 06:59 م]ـ
الأيام تمر ...
والعمر قصير ...
ومتطلبات الحياة كثيرة ...
والصحة تسير معاكسة لسير الأيام.
وكم قائل قال لي:
ستموت هذه العلوم بموتك ...
وهي أمانة في عنقك ...
ستحاسب عليها إن لم يحصل التبليغ لها بالقدر الكافي لتعريف الناس بها.
(كلام أكثر من رائع)
المهم أن نبدأ
فجهد مشكور ومأجوربإذن الله
بارك الله لك في مرورك
وأحسن الله إليك بكل خير وفضل
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 07:00 م]ـ
أعزك الله علي هذا المجهود
أحسن الله إليكم
وجزاكم الله بكل خير وبالحسنى(/)
وقوع بعض حروف المعنى مواقع بعض" 1"
ـ[أحلام]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 09:27 م]ـ
وقوع بعض حروف المعنى مواقع بعض
- (أم): تقع موقع بل، كما قال عزّ وجلّ: "أم يقولونَ شاعِرٌ" أي بل يقولون شاعر. وقال سيبويه: أم تأتي بمعنى الاستفهام، كقوله تعالى: "أم تريدون أن تسألوا رسولكم" والله أعلم.
(أو): تأتي بمعنى واو العطف كما قال تعالى: "ولا تُطِعْ منهم آثِماً أو كَفورا" أي آثما وكفورا. وبمعنى بل كما قال تبارك وتعالى: "وأرسلناهُ إلى مِائةِألفٍ أو يَزيدون" أي بل يزيدون. وبمعنى إلى، كما قال امرؤ القيس:
فقلتُ لهُ لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنَّما * تُحاوِلُ مُلكاً أو تَموتَ فَتُعذرا
وبمعنى حتى كما قال الراجز:
ضَرباً وطَعناً أو نموتَ الأعْجَلُ
أي حتى يموت.
(أنَّ): بمعنى لعلَّ، كما قال عزَّ وجلَّ: "وما يُشْعِرُكُمْ أنَّها إذا جاءَتْ لا يُؤمِنون" والمعنى: لعلها إذا جاءت. والله أعلم.
(إنِ- الخفيفة): بمعنى لقد، كما قال تعالى: "إنْ كنَّا عن عِبادَتِكُمْ لغافِلين"، أي ولقد كنا.
(إلى): بمعنى مع، كما قال تعالى: "مَنْ أنْصاري إلى الله؟ " أي مع الله، وكما قال: "ولا تأكلوا أمْوالَهُم إلى أموالِكُم"، أي مع أموالكم، وكما قال عزّ ذكره: "فاغسِلوا وجوهَكُمْ وأيديكُم إلى المرافقِ" أي مع المرافق.
(إلا) بمعنى بل، كما قال عزّ وجلَّ: "طهَ ما أنْزَلْنا عَليكَ القرآنَ لِتَشْقى إلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى" والمعنى بل تذكرة لمن يخشى، والله أعلم. وكما قال عزّ وجلَّ: "فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أليم إلا الذينَ آمَنوا وعمِلوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أجرٌ غيرُ مَمْنون" معناه: بل الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
(إلا): بمعنى لكن، كما قال الله عزّ ذكره: "لَسْتُ عَلَيكُم بِمُسَيطِرْ إلا مَنْ تَوَلَّى وكَفَرَ" معناه لكن من تولى وكفر، وقيل في معنى قول الشاعر:
وبَلدَةٍ ليسَ بها أنيسُ * إلا اليَعافِرُ وإلا العيسُ
أي ولكن اليعافر، على مذهب من ينكر الاستثناء من غير الجنس.
(إذ): بمعنى إذا كما قال عزَّ وجلَّ: "ولو ترى إذ فُزِعوا فلا فوْتَ" ومعناه: إذا فَزِعوا، وقال عزّ وجلَّ: "وإذ قال الله يا عيسى" والمعنى: وإذا قال الله يا عيسى، لأن إذا وإذ بمعنى واحد في بعض المواضع، كما قال الراجز:
ثمَّ جزاه الله عني إذا جزى * جَنَّاتِ عَدْنٍ في العلاليِّ العُلى
والمعنى إذا جزى، لأنه لم يقع بعد. فأما قوله عزَّ وجلّ: "ولو ترى إذ وُقِفوا على النَّارِ فقالوا يا ليتنا نُرَدُّ" فترى: مستقبل، وإذ للماضي، وإنما قال كذلك لأن الشيء كائن وإن لم يكن بعد، وهو عند الله قد كان لأن علمه به سابق وقضاؤه نافذ فهو لا محالة كائن.
(أنىَّ): بمعنى كيف كما قال تعالى: "أنَّى يُحيي هذه اللهُ بعد موتها" أي كيف يحيي وكما قال سبحانه عن حكاية مريم: "أنى يكون لي ولدٌ ولمْ يَمْسَسْني بَشَرٌ" أي كيف يكون.
(أيَّان): بمعنى متى، كقول الله سبحانه: "وما يَشْعُرونَ أيَّانَ يُبْعَثون" أي متى. وقال بعض أهل العربية: أصلها أي أوان، فحذفت الهمزة وجعلت الكلمتان كلمة واحدة، كقولهم: أيش، وأصله: أي شيء.
ـ[أنوار]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 08:53 ص]ـ
كتب الله لك خيراً .. أستاذه أحلام على ما تفضلت به ....(/)
وقوع بعض حروف المعنى مواقع بعض" 2"
ـ[أحلام]ــــــــ[07 - 10 - 2008, 09:28 م]ـ
(بل): بمعنى إنَّ كقوله تعالى: "ص~ والقرآن ذي الذكرْ بلِ الذين كفروا في عِزَّةٍ وشِقاق" معناه إنَّ الذين كفروا في عزَّة وشقاق لأن القسم لابدَّ له من جواب.
(بَعْد): بمعنى مع، يقال: فلان كريم وهو بَعْدَ هذا أديب، أي مع هذا ويَتَأول قول الله عزَّ وجلَّ: "عُتُلٍ بَعْدَ ذلِكَ زَنيم" أي مع ذلك، والله أعلم.
(ثم): بمعنى واو العطف، كما قال تعالى: "فإلينا مَرجِعُهُمْ ثمَّ اللهُ شَهيدٌ على ما يَفْعَلون" أي والله شهيد على ما يفعلون.
(عن): بمعنى بعد، كما قال امرؤ القيس:
نَؤومُ الضُحى لم تَنْطِقْ عن تَفَضُّلِ
أي بعد تفضل.
(كَأيِّنْ): بمعنى كم، فيها لغتان بالهمزة والتشديد وبالتخفيف، قال جلَّ وعال: "وكَأيِّن من قرية عَتَتْ عن أمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ" أي وكم من قرية عتت عن أمر ربها ورسله.
(لو): بمعنى إنِ الخفيفة، قال الفرَّاء: (لو) تقوم وقام إنِ الخفيفة كما قال عزَّ وجلَّ: "لِيُظْهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ ولو كَرِهَ المُشْرِكون" ولولا أنها بمعنى إنْ لاقتضت جوابا، لأن لو لا بدَّ لها من جواب ظاهر أو مضمون مضمر، كقوله تعالى: "ولو نَزَّلْنا عَليكَ كِتاباً في قِرطاسٍ فَلَمَسوهُ بأيديهِمْ لَقال الذينَ كَفَروا إن هذا إلا سِحْرٌ مُبينٌ".
(لولا): بمعنى هلَّا، كقوله عزّ وجلَّ: "فلولا إذ جاءهُم بأسُنا تَضَرَّعوا" أي فهلَّا، وقوله تعالى: "لو ما تأتينا بالملائكة إن كُنْتَ مِنَ الصَّادِقين" أي هل تأتينا؟ وما زيادة وصلة.
(لما): بمعنى لم لا تدخل إلا على المستقبل، كما تقول: جئتُ ولما يجيء زيد وكما قال عزَّ ذِكره: "بل لمّا يذوقوا عذابِ" أي لم يذوقوا، وكما قال عزّ ذكره: "كلَّا لمَّا يَقضِ ما أمَرَهُ" أي لم يقضِ.
فأمَّا لمَّا التي للزمان، فتكون للماضي نحو: قصدتُكَ لمَّا ورد فلان.
(لا): بمعنى لم كقوله عزَّ اسمه: "فلا صَدَّقَولا صَلَّى" أي لم يصدِّق ولم يُصلِّ.
وينشد:
إن تَغْفِرِ اللهُمَّ تَغْفِر جَمَّا * وأيُّ عَبدٍ لكَ لا ألَمَّا
أي وأيُّ عبد لك لم يُلِم بالذنب.
(لَدُن): بمعنى عند، كقوله تعالى: "قد بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرا" أي من عندي. وكقوله عزَّ وجلَّ: "وألْفَيا سَيِّدَها لَدى البابِ" أي عند الباب.
(ليسَ): بمعنى لا، تقول العرب: ضربت زيدا ليس عمرا، أي لا عمرا، وكما قال لبيد:
إنَّما؟؟ زيُّ الفتى ليسَ الجَمَلْ
أي لا الجمل.
(لعل): بمعنى كي، كما قال تعالى: "وأنْهاراً وسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدون" يريد كي تهتدوا.
(ما): بمعنى مَنْ، كقوله تعالى: "وما خَلَقَ الذَّكَرَ والأنْثى" أي ومن خَلَق، وكذلك قوله تعالى: "والسَّماء وما بَناها" إلى قوله: "ونَفْسٍ و ما سَوَّاها: أي ومن سوَّاها، وأهل مكة يقولون إذا سمعوا صوت الرَّعد: سبحان ما سبحت له الرَّعد، أي من سبحت له الرعد.
(في): بمعنى على قال تعالى: "ولأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ" لأنَّ الجذع للمصلوب بمنزلة القبر للمقبور. وينشد:
هُمُ صَلَّبوا العَبديَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ * فلا عَطَسَتْ شيبانُ إلا بِأجدَعا
(مِنْ): بمعنى على، قال تعالى: "ونَصَرْناهُ مِنَ القَومِ الذينَ كَذَّبوا بِآياتنا" أي على القوم.
(حتى): بمعنى إلى، كما قال تعالى: "سَلامٌ هي حتى مَطْلَعِ الفَجْرِ"
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 02:09 م]ـ
أختي الفاضلة أحلام ارك الله فيك.
البصريون يقولون إنه لا يجوز أن يأتي حرف مكان آخر، والكوفيون يجيزون،
وهناك قسم آخر حديث يقولون: يجوز ولكن ليس دائماً بل إذا كان هناك فائدة.
فالرجاء منك - رعاك الله - توضيح الفائدة من استخدام حرف مكان حرف؟؟؟
ولكم جزيل الشكر
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 08:51 م]ـ
أختي الفاضلة أحلام بارك الله فيك.
البصريون يقولون إنه لا يجوز أن يأتي حرف مكان آخر، والكوفيون يجيزون،
وهناك قسم آخر حديث يقولون: يجوز ولكن ليس دائماً بل إذا كان هناك فائدة.
فالرجاء منك - رعاك الله - توضيح الفائدة من استخدام حرف مكان حرف؟؟؟
ولكم جزيل الشكر.(/)
أهم المراجع البلاغية التي يجب ان تكون في مكتباتنا
ـ[عائش]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 02:53 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
انا معيدة بقسم البلاغة ويوم السبت القادم 11/ 10 سيكون اول يوم لي في الكلية، وأرجو الله تعالى ان يوفقني لإكمال الماجستير ايضا في نفس القسم، ولاأخفيكم ان التوتر بلغ بي مبلغا كبيرا، ولااخفيكم انني أحتاج مشورتكم ونصحكم فيما أنا مقبلة عليه ‘فأنا لاأريد ان أكون شخصا عاديا في مجال تخصصي بل أرجو الله ان أكون بصمة مميزة ذات اطلاع وثقافة ومعرفة أنفع بها نفسي وأخواتي وأتقرب بما علمت إلى الله تعالى علّه يرضى عني ..
فهلا سطرتم هنا أهم المراجع البلاغية التي تنصحوني بها سواء من أمهات المراجع أو من الكتب الحديثة والدراسات الجديدة في هذا المجال ... وحبذا لو أخبرتموني بأهم المراجع المتعلقة بالبلاغة القرآنية فهذا الفرع من البلاغة هو أشد مادفعني لاختيار هذا التخصص فليتكم تعطوني عنه فكرة أكبر.
كما لاأنسى كتب النقد ومراجعه، وسأظل هاهنا انتظر هطلكم الطيب .. ودمتم بخير
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 07:26 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاءالله تبارك الله على هذه الهمّة وزادكِ من فضله
وطالما حددتِ الهدف فهذا نصف العمل وقطعتِ بهذا نصف الطريق
ولعل بين أهل الفصيح من سيفيدكِ كثيراً في طلبك
وأولهم أستاذنا الدكتورعلي الحارثي حفظه الله
إن كانالتوتروالرهبة من الوقوف أمام الجمهور وتحديداً هنا الطالبات فهذا أمرطبيعي يمكن التخلص منه بكل سهولة فقط كل ماعليك هو قراءة القرآن بصوت مرتفع حسب الإمكان فهذا يعطي القارئ جراءة وشجاعة ,
والبداية في قاعة المحاضرات تكون بأحاديث لامنهجية ويمكن الحديث هذه الأيام في الشئون السياسية أو الإقتصادية بحيث تكوني مستمعة للآراء ويكون لكِ مداخلات خفيفية تعطيك الجراءة في الإنطلاق
ويمكنك إستلام زمام الأمرفي أي لحظة وتحويل الحديث إلى المنهج ورسم الخطة التي تنوين العمل بها
ونسأل الله أن يحقق لك ماتسعين إليه وييسر لكِ طريق العلم
ـ[أحلام]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 09:58 ص]ـ
زادك الله علما وحرصا على هذه الهمة أختي الفاضلة عائش
وضعي بين عينيك مقولة رائعة (ماقام به غيرك حجةٌ عليك ان تفعله وأن تأتي بأفضل منه بإذن الله)
من كتب البلاغة الحديثة
كتاب البلاغة العربية للشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني
جزاءان
اتمنى أن تكوني من سعداء الدنيا والآخرة
ـ[أم أسامة]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 02:10 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
انا معيدة بقسم البلاغة ويوم السبت القادم 11/ 10 سيكون اول يوم لي في الكلية، وأرجو الله تعالى ان يوفقني لإكمال الماجستير ايضا في نفس القسم، ولاأخفيكم ان التوتر بلغ بي مبلغا كبيرا، ولااخفيكم انني أحتاج مشورتكم ونصحكم فيما أنا مقبلة عليه ‘فأنا لاأريد ان أكون شخصا عاديا في مجال تخصصي بل أرجو الله ان أكون بصمة مميزة ذات اطلاع وثقافة ومعرفة أنفع بها نفسي وأخواتي وأتقرب بما علمت إلى الله تعالى علّه يرضى عني ..
فهلا سطرتم هنا أهم المراجع البلاغية التي تنصحوني بها سواء من أمهات المراجع أو من الكتب الحديثة والدراسات الجديدة في هذا المجال ... وحبذا لو أخبرتموني بأهم المراجع المتعلقة بالبلاغة القرآنية فهذا الفرع من البلاغة هو أشد مادفعني لاختيار هذا التخصص فليتكم تعطوني عنه فكرة أكبر.
كما لاأنسى كتب النقد ومراجعه، وسأظل هاهنا انتظر هطلكم الطيب .. ودمتم بخير
ستجدين مايسرك ويثلج صدرك من الأخوه والأخوات بإذن الله ..
ولا داعي لتوتر ...
ومن مراجع البلاغة (الإيضاح للخطيب القزويني) ...
وهناك كتاب ظريف وسهل جداً وهو (جواهر البلاغة لسيد أحمد الهاشمي) ..
ولديك (معجم البلاغة العربية) ..
وأيضاً (الوجيز في علم البديع لمحمد فتحي) ..
ومن كتب البلاغة القرآنية (من بلاغة القرآن لدكتور أحمد أحمد بدوي) سهل وواضح ...
ـ[عائش]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 02:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا، قلتم فأجدتم وأفدتم لاحرمكم الله الأجر، ولازلت أطمع في المزيد من نصائحكم وماترشحونه من كتب تساعدني في هذا التخصص ..
أما مسألة التوتر فهي ليست لمواجهة الجمهور فلقد اعتدت على هذا ولله الحمد لكن المسألة هي إحساسي بأني لم أتبحر واتعمق في مجال تخصصي بشكل كاف، وحتاج لمزيد قراءة واطلاع، حتى اكون على ارض صلبة وحتى أفيد الطالبة بأكثر مما تعلم ولاأكون مجرد معيدة تكرر لها نفس معلوماتها، ففي ظني أننا حينما كنا طالبات لم نعرف قدر البلاغة ولامتعتها لأننا لم نجد جديدا غير الذي كنا نعرفه في الثانوي والمتوسط ويكرر على مسامعنا بشكل سقيم بارد، فالدروس هي نفسها بل الأدهى من ذلك ان الأمثلة هي نفسها وكأن البلاغيين لم يجدوا غيرها في كل زمان ومكان، لذلك أرغب في الاستزاده وأطمع في معونتكم على ذلك ... دمتم أهل عطاء ونفع للعباد والبلاد
ملاحظة: لدي مشكلة في كتابة الهمزة بسبب هرم لوحة المفاتيح فلاتزعجنكم همزاتي الضائعة: d
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 01:59 ص]ـ
فهلا سطرتم هنا أهم المراجع البلاغية التي تنصحوني بها سواء من أمهات المراجع أو من الكتب الحديثة والدراسات الجديدة في هذا المجال ... وحبذا لو أخبرتموني بأهم المراجع المتعلقة بالبلاغة القرآنية فهذا الفرع من البلاغة هو أشد مادفعني لاختيار هذا التخصص فليتكم تعطوني عنه فكرة أكبر.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عزيزتي عائش:
وفقك الله، وسدد خطاك، وبلغك ما تأملين.
الكتب والمراجع البلاغية التي يلزم وجودها في مكتبة الباحث البلاغي كثيرة جدًا، منها مثلاً:
- دلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة لعبدالقاهر الجرجاني.
- مفتاح العلوم للسكاكي.
- الإيضاح، وتلخيص المفتاح للخطيب القزويني.
- سلسلة شروح التلخيص، وهي:
- عروس الأفراح للسبكي.
- مواهب الفتاح للمغربي.
- المطول، ومختصر السعد للتفتازاني.
- الأطول لابن عربشاه.
حاشية الدسوقي.
ومن المؤلفات البلاغية كذلك:
- نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز، لفخر الدين الرازي.
- التبيان في البيان، للطيبي.
- الطراز للعلوي.
والمؤلفات البلاغية الحديثة كثيرة جدًا، بيد أن من أروع ما وقفت عليه منها هو كتب شيخنا محمد محمد أبي موسى، وهي:
- دلالات التراكيب.
- خصائص التراكيب.
- التصوير البياني.
- الإعجاز البلاغي.
- من أسرار التعبير القرآني (تناول فيه الأسرار البلاغية لسورة الأحزاب).
- شرح أحاديث من صحيح البخاري.
- مراجعات في أصول الدرس البلاغي.
- مدخل إلى كتابي عبدالقاهر.
- البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري.
أما فيما يتعلق بالبلاغة القرآنية، فثم إشارات بلاغية رائعة في كتب التفسير، وأولى هذه الكتب:
- تفسير الكشاف للزمخشري.
ومن كتب التفسير التي حوت إشارات بلاغية واضحة:
- مفاتيح الغيب للفخر الرازي.
- حواشي تفسير البيضاوي (حاشية محيي الدين، والشهاب، والقونوي).
- تفسير أبي السعود.
- تفسير ابن عاشور، وفي رأيي: يعد من أكثر كتب التفسير إيرادًا للنكات البلاغية.
هذا غيض من فيض، وأرجو أن يضيف من يضيف من الإخوة الكرام.
وفقتِ أخية.
ـ[عائش]ــــــــ[10 - 10 - 2008, 04:43 ص]ـ
أ. ندى الرميح:
باركك الله تعالى، وجزاك عني خيرا ورفع قدرك وأعلى ذكرك وفتح بك وعليك ... حقيقة لم أملك وأنا أقرأ مشاركتك الرائعة هنا إلا أن أطلق لك دعوات من القلب ذكرت بعضها عنها والباقي آثرت أن أجعله أثيريا في هذه الليلة المباركة ..
لاأخفيكم أنني حينما كنت طالبة في الجامعة كان اغلب اهتمامي منصبا على مادة الأدب وكنت أحب هذا التخصص بشكل كبير ولازلت، ولكنني حينما تقدمت للماجستير ولوظيفة معيدة وبعد استخارة وتفكير كبير آثرت أن أختار البلاغة مما جعل الكثير ممن يعرفنني يصرحن بدهشتهن وعدم تصديقهن .. وأحينا اتذكر هذا فأخشى انني اقتحمت مجالا ربما لاأجد فيه تلك المتعة والفائدة التي أبحث عنها وأحيانا اخرى أقرأ في البلاغة القرآنية فأجد من اللذة مايجعلني أتمسك في هذا التخصص أكثر وأزداد رغبة في سبر أغواره ومعرفة أسراره ..
ولعل فيما ذكرتموه لي من كتب بلاغية ماسيعينني بحول الله على تثبيت قدمي وتقوية عزمي ولعل هذا التخصص يربطني بكتاب الله أكثر ويعينني على تامله وتدبره وفهمه أكثر والله أسأله أن يعينني على خدمة دينه وكتابه ..
بارككم الله أجمعين وتقبل أقوالكم وأعمالكم وزادكم علما .. اللهم آمين
ـ[دكتور طربان]ــــــــ[11 - 10 - 2008, 11:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقك الله ياأختي الكريمة الفاضلة وإلى الأمام سدد الله خطاكي
وانصحك بكتاب أسمه (البلاغه الواضحة)
أسأل الله لك التوفيق
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[11 - 10 - 2008, 01:43 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
من الكتب البلاغية:
- المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير.
- معترك الأقران في إعجازالقرآن للسيوطي.
- الحاشية على المطول للسيد اشريف.
- الكافي في الإفصاح عن مسائل كتاب الإيضاح للسبتي.
- معاهد التنصيص في شواهد التلخيص للعباسي.
- معجم المصطلحات البلاغية د/أحمد مطلوب.
- المعجم المفصل في علوم البلاغة د/ إنعام عكاوي.
- المفصل في علوم البلاغة د/عيسى العاكوب.
- من بلاغة القرآن الكريم في مجادلة منكري البعث د/ بدرية العثمان.
-المدخل إلى دراسة بلاغة أهل السنة د/محمد الصامل.
وفقك الله،،
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[11 - 10 - 2008, 03:54 م]ـ
- المفصل في علوم البلاغة د/عيسى العاكوب.
لكم أنا فخور بأستاذي
أن يصبح مرجعا في البلاغة ....(/)
أرجو من الأعضاء المساعدة
ـ[ابوفهد2]ــــــــ[12 - 10 - 2008, 11:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
قول رسول:= (وأتبع السيئة الحسنة تمحها) هل المجاز هو استعاره حيث
شبه الحسنة برجل يكتب ويمحو.
وجزاكم الله خير
ـ[غازي عوض العتيبي]ــــــــ[12 - 10 - 2008, 02:46 م]ـ
نعم، هي استعارة مكنية، حيث حذف المشبه به وجاء بصفة من صفاته.
ـ[ابوفهد2]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 10:22 ص]ـ
وجه الإستعارة غير واضحه ممكن توضيح أكثر. ولك جزيل الشكر(/)
إن سمحتم أريد مساعدتكم
ـ[غلا حبيبي]ــــــــ[13 - 10 - 2008, 09:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني وخواتي بغيتكم اتساعدوني وانا عندي شرح عن البلاغة والمشكله اني مااعرف شي ولو سمحتوا بغيته قبل يوم الاحد،،
وهاذي القصيد للشاعر الكاتب أبو الوليد بن عبدالله بن زيدون.
بعنوان مجالي الزهراء
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقاّ
والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائلة
كأنه رق لي فاعتل إشفاقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم
كما حللت عن اللبات أطواقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمت
بتنا لها حين نام الدهر سراقا
نلهو بما يستميل العين من زهر
جال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن أعينه إذا عاينت أرقي
بكت لما بي فجال الدمع رقراقا
ورد تألق في ضاحي منابته
فأزداد منه الضحى في العين إشراقا
كل بهيج لنا ذكرى تشوقنا
إليك لم يعد عنها الصدر أن ضاقا
لاسكن الله قلبا عن ذكركم
فلم يطر بجناح الشوق خفاقا
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى
وافاكم بفتى أضناه ما لاقى
لوكان وفي في جمعنا بكم
لكان من أكرم الأيام أخلاقا
كان التجاري بمحض الود مذ زمن
ميدان انس جزينا فيه أطلاقا
فالآن احمد ما كنا لعهدكم
سلوتم وبقينا نحن عشاقا
المطلوبات من القصيدة:
1_العنصرين الفكري والوجداني في بناء النص.
2_الأساليب والصور والمحسنات.
3_الموسيقى وأثرها في بيئة النص.
4_سمات أسلوب الشاعر.
;) اختكم الصغيره غلا حبيبي(/)
روائع سورة الكهف
ـ[سمية ع]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 12:46 م]ـ
:::
طالما شكك الملحدون بقصة أصحاب الكهف، فهل تأتي لغة الرقم لتثبت أن كلمات هذه القصة هي وحي من عند الله، ولا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها؟
قصة أصحاب الكهف قصة غريبة، فقد هرب الفتية من ظلم الملك الجائر ولجأوا إلى كهف ودعوا الله أن يهيء لهم من أمرهم رشداً. وشاء الله أن يكرمهم ويجعلهم معجزة لمن خلفهم، وأنزل سورة كاملة تحمل اسم (الكهف) تكريماً لهؤلاء الفتية.
ولكن المشككين كعادتهم يحاولون انتقاد النص القرآني ويقولون: إن القرآن من تأليف البشر، لأنه لا يمكن لأناس أن يناموا 309 سنوات ثم يستيقظوا، إنها مجرد أسطورة – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
إنني على يقين بأن معجزات القرآن لا تنفصل عن بعضها. فالإعجاز العددي تابع للإعجاز البياني، وكلاهما يقوم على الحروف والكلمات. وقد تقودنا معاني الآيات إلى اكتشاف معجزة عددية! وهذا ما نجده في قصة أصحاب الكهف، فجميعنا يعلم بأن أصحاب الكهف قد لبثوا في كهفهم 309 سنوات. وهذا بنص القرآن الكريم, يقول تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) [الكهف: 25].
فالقصة تبدأ بقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً ...... ) [الكهف: 9 - 13]. وتنتهي عند قوله تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً* قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا) [الكهف:25 - 26].
والسؤال الذي طرحته: هل هنالك علاقة بين عدد السنوات التي لبثها أصحاب الكهف، وبين عدد كلمات النص القرآني؟ وبما أننا نستدلّ على الزمن بالكلمة فلا بد أن نبدأ وننتهي بكلمة تدل على زمن. وبما أننا نريد أن نعرف مدة ما (لبثوا) إذن فالسرّ يكمن في هذه الكلمة.
لقد بحثت طويلاً بهدف اكتشاف سر هذه القصة، ووجدتُ أن بعض الباحثين قد حاولوا الربط بين عدد كلمات القصة وبين العدد 309 ولكنني اتبعت منهجاً جديداً شديد الوضوح وغير قابل للنقض أو التشكيك. فقد قمت بعدّ الكلمات كلمة كلمة مع اعتبار واو العطف كلمة مستقلة لأنها تُكتب منفصلة عما قبلها وبعدها (انظر موسوعة الإعجاز الرقمي)، وكانت المفاجأة!
فلو تأملنا النص القرآني الكريم منذ بداية القصة وحتى نهايتها، فإننا نجد أن الإشارة القرآنية الزمنية تبدأ بكلمة (لبثوا) في الآية 13 وتنتهي بالكلمة ذاتها، أي كلمة (لبثوا) في الآية 26.
والعجيب جداً أننا إذا قمنا بعدّ الكلمات (مع عد واو العطف كلمة)، اعتباراً من كلمة (لبثوا) الأولى وحتى كلمة (لبثوا) الأخيرة، فسوف نجد بالتمام والكمال 309 كلمات بعدد السنوات التي لبثها أصحاب الكهف!!! وهذا هو النص القرآني يثبت صدق هذه الحقيقة، لنبدأ العدّ من كلمة (لبثوا):
لَبِثُوا*أَمَداً*نَحْنُ*نَقُصُّ*عَلَيْكَ*نَبَأَهُم*بِالْحَقِّ*إِنَّهُمْ*فِتْيَةٌ*آمَنُوا*10
بِرَبِّهِمْ*وَ*زِدْنَاهُمْ*هُدًى*و*رَبَطْنَا*عَلَى*قُلُوبِهِمْ*إِذْ*قَامُوا*20
فَقَالُوا*رَبُّنَا*رَبُّ*السَّمَاوَاتِ*وَ*الْأَرْضِ*لَن*نَّدْعُوَ*مِن*دُونِهِ*30
إِلَهاً*لَقَدْ*قُلْنَا*إِذاً*شَطَطاً*هَؤُلَاء*قَوْمُنَا*اتَّخَذُوا*مِن*دُونِهِ*40
آلِهَةً*لَّوْلَا*يَأْتُونَ*عَلَيْهِم*بِسُلْطَانٍ*بَيِّنٍ*فَمَنْ*أَظْلَمُ*مِمَّنِ*افْتَرَى*50
عَلَى*اللَّهِ*كَذِباً*وَ*إِذِ*اعْتَزَلْتُمُوهُمْ*وَ*مَا*يَعْبُدُونَ*إِلَّا*60
اللَّهَ*فَأْوُوا*إِلَى*الْكَهْفِ*يَنشُرْ*لَكُمْ*رَبُّكُم*مِّن*رَّحمته*و*70
يُهَيِّئْ*لَكُم*مِّنْ*أَمْرِكُم*مِّرْفَقاً*وَ*تَرَى*الشَّمْسَ*إِذَا*طَلَعَت*80
تَّزَاوَرُ*عَن*كَهْفِهِمْ*ذَاتَ*الْيَمِينِ*وَ*إِذَا*غَرَبَت*تَّقْرِضُهُمْ*ذَاتَ*90
الشِّمَالِ*وَ*هُمْ*فِي*فَجْوَةٍ*مِّنْهُ*ذَلِكَ*مِنْ*آيَاتِ*اللَّهِ*100
مَن*يَهْدِ*اللَّهُ*فَهُوَ*الْمُهْتَدِ*وَ*مَن*يُضْلِلْ*فَلَن*تَجِدَ*110
(يُتْبَعُ)
(/)
لَهُ*وَلِيّاً*مُّرْشِداً*وَ*تَحْسَبُهُمْ*أَيْقَاظاً*وَ*هُمْ*رُقُودٌ*وَ*120
نُقَلِّبُهُمْ*ذَاتَ*الْيَمِينِ*وَ*ذَاتَ*الشِّمَالِ*وَ*كَلْبُهُم*بَاسِطٌ*ذِرَاعَيْهِ*130
بِالْوَصِيدِ*لَوِ*اطَّلَعْتَ*عَلَيْهِمْ*لَوَلَّيْتَ*مِنْهُمْ*فِرَاراً*وَ*لَمُلِئْتَ*مِنْهُمْ*140
رُعْباً*وَ*كَذَلِكَ*بَعَثْنَاهُمْ*لِيَتَسَاءلُوا*بَيْنَهُمْ*قَالَ*قَائِلٌ*مِّنْهُمْ*كَمْ*150
لَبِثْتُمْ*قَالُوا*لَبِثْنَا*يَوْماً*أَوْ*بَعْضَ*يَوْمٍ*قَالُوا*رَبُّكُمْ*أَعْلَمُ*160
بِمَا*لَبِثْتُمْ*فَابْعَثُوا*أَحَدَكُم*بِوَرِقِكُمْ*هَذِهِ*إِلَى*الْمَدِينَةِ*فَلْيَنظُرْ*أَيُّهَا*1 70
أَزْكَى*طَعَاماً*فَلْيَأْتِكُم*بِرِزْقٍ*مِّنْهُ*وَ*لْيَتَلَطَّفْ*وَ*لا*يُشْعِرَنَّ*180
بِكُمْ*أَحَداً*إِنَّهُمْ*إِن*يَظْهَرُوا*عَلَيْكُمْ*يَرْجُمُوكُمْ*أَوْ*يُعِيدُوكُمْ*فِي*190
مِلَّتِهِمْ*وَ*لَن*تُفْلِحُوا*إِذاً*أَبَداً*وَ*كَذَلِكَ*أَعْثَرْنَا*عَلَيْهِمْ*200
لِيَعْلَمُوا*أَنَّ*وَعْدَ*اللَّهِ*حَقٌّ*وَ*أَنَّ*السَّاعَةَ*لَا*رَيْبَ*210
فِيهَا*إِذْ*يَتَنَازَعُونَ*بَيْنَهُمْ*أَمْرَهُمْ*فَقَالُوا*ابْنُوا*عَلَيْهِم*بُنْيَاناً*رَّبُّهُمْ*2 20
أَعْلَمُ*بِهِمْ*قَالَ*الَّذِينَ*غَلَبُوا*عَلَى*أَمْرِهِمْ*لَنَتَّخِذَنَّ*عَلَيْهِم*مَّسْجِداً*230
سَيَقُولُونَ*ثَلاثَةٌ*رَّابِعُهُمْ*كَلْبُهُمْ*وَ*يَقُولُونَ*خَمْسَةٌ*سَادِسُهُمْ*كَلْبُهُمْ*رَجْماً* 240
بِالْغَيْبِ*وَ*يَقُولُونَ*سَبْعَةٌ*وَ*ثَامِنُهُمْ*كَلْبُهُمْ*قُل*رَّبِّي*أَعْلَمُ*250
بِعِدَّتِهِم*مَّا*يَعْلَمُهُمْ*إِلَّا*قَلِيلٌ*فَلَا*تُمَارِ*فِيهِمْ*إِلَّا*مِرَاء*260
ظَاهِراً*وَ*لَا*تَسْتَفْتِ*فِيهِم*مِّنْهُمْ*أَحَداً*وَ*لَا*تَقُولَنَّ*270
لِشَيْءٍ*إِنِّي*فَاعِلٌ*ذَلِكَ*غَداً*إِلَّا*أَن*يَشَاءَ*اللَّهُ*وَ*280
اذْكُر*رَّبَّكَ*إِذَا*نَسِيتَ*وَ*قُلْ*عَسَى*أَن*يَهْدِيَنِ*رَبِّي*290
لِأَقْرَبَ*مِنْ*هَذَا*رَشَداً*وَ*لَبِثُوا*فِي*كَهْفِهِمْ*ثَلاثَ*مِئَةٍ*300
سِنِينَ*وَ*ازْدَادُوا*تِسْعاً*قُلِ*اللَّهُ*أَعْلَمُ*بِمَا*لَبِثُوا*309
تأملوا معي كيف جاء عدد الكلمات من (لبثوا) الأولى وحتى (لبثوا) الأخيرة مساوياً 309 كلمات!! إنها مفاجأة بالفعل، بل معجزة لأنه لا يمكن أن تكون مصادفة! إذن البعد الزمني للكلمات القرآنية بدأ بكلمة (لبثوا) وانتهى بكلمة (لبثوا)، وجاء عدد الكلمات من الكلمة الأولى وحتى الأخيرة مساوياً للزمن الذي لبثه أصحاب الكهف. والذي يؤكد صدق هذه المعجزة وأنها ليست مصادفة هو أن عبارة (ثلاث مئة) في هذه القصة جاء رقمها 300، وهذا يدلّ على التوافق والتطابق بين المعنى اللغوي والبياني للكلمة وبين الأرقام التي تعبر عن هذه الكلمة.
وهنا لا بدّ من وِقفة بسيطة
هل يُعقل أن المصادفة جعلت كلمات النص القرآني وتحديداً من كلمة (لبثوا) الأولى وحتى كلمة (لبثوا) الأخيرة 309 كلمات بالضبط بعدد السنوات التي لبثها أصحاب الكهف؟ وإذا كانت هذه مصادفة، فهل المصادفة أيضاً جعلت ترتيب الرقم (ثلاث مئة) هو بالضبط 300 بين كلمات النص الكريم؟ هل هي المصادفة أم تقدير العزيز العليم؟!
ماذا نستفيد من هذه المعجزة الرقمية؟
قد يقول قائل: وماذا يعني ذلك؟ ونقول إنه يعني الكثير:
1 - إن التطابق بين كلمات النص وبين عدد السنوات 309 يدل على أن هذا النص هو كلام الله تعالى، ولا يمكن لبشر أن يقوم بهذا الترتيب المحكم مهما حاول، وبخاصة أن النبي الأعظم عاش في عصر لم يكن علم الإحصاء والأرقام متطوراً بل كان علماً بسيطاً.
2 - إن هذا التطابق المذهل بين عدد كلمات النص وبين العدد 309 يدل على سلامة النص القرآني، فلو حدث تحريف لاختل عدد الكلمات واختفت المعجزة، إذاً هذا التطابق العددي دليل على أن القرآن لم يحرّف كما يدعي الملحدون.
3 - بالنسبة لي كمؤمن فإن مثل هذا التطابق العددي يزيدني إيماناً وخشوعاً أمام عظمة كتاب الله تعالى، وهذا هو حال المؤمن عندما يرى معجزة فإنه يزداد إيماناً وتسليماً لله عز وجل: (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب: 22].
4 - في هذه المعجزة ردّ على أولئك المشككين بصدق هذه القصة والذين يقولون إنها أسطورة، مثل هذه المعجزة ترد عليهم قولهم وتقدم البرهان المادي الملموس على صدق كتاب الله تبارك وتعالى.
سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 09:10 م]ـ
:::
الواجب علينا في قصص القرآن الكريم أن نفقهها وأن نتدبر حكمة الله تعالى فيها وأن نعتبر بها كما أنزلها، من غير زيادة عليها أو نقص منها بآرائنا أو بالرواية عن غير المعصوم فيها، وقد فتن أكثر المفسرين للكتاب العزيز بروايات التاريخ القديم المبنية على الروايات والحسابات الإسرائيلية وكثيرها كذب مفترى، ولسنا بحاجة إلى التوفيق بين نصوص الوحي الحق المعصوم وبين تلك الروايات والحسابات.
:; allh
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 09:18 م]ـ
الأخت الفاضلة سمية ع
أرجو أن لاتهدري وقتك الثمين بهذه العلوم التي لا أساس لبعضها من الصحة وهي فلسفة حول القرآن الذي جعله الله بين أيدينا لنتفكرونتدبرفي آياته وليس لعد الأحرف والإنتقاء لمايتوافق وتلك الأعداد
وسيحذف الموضوع وأي موضوع مشابه
ـ[ابو حمزة الفلسطيني]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 12:50 ص]ـ
سلمت يداك
وجزاك الله خيرا
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 03:29 ص]ـ
عزيزتي سمية ع:
قد شغل بعضهم بربط آيات معينة، أو عدد كلمات، أو حروف بأمور وأحداث ما بعيدة العلاقة، فتوزعتهم السبل، وانحرفوا عن الجادة.
لذا آمل ألا نقبل أي رأي بدون نظر أو مراجعة، لا سيما إذا كان الذي بين أيدينا: " كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ".
مودتي ..
ـ[سمية ع]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 04:40 م]ـ
بارك الله فيك أستاذة ندى على نصيحتك القيّمة أولا وعلى أسلوبك الحنون في تبليغ النصيحة، جزاك ربي جنة الخلد
مع فائق التقدير
ـ[سمية ع]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 04:46 م]ـ
الأخت الفاضلة سمية ع
أرجو أن لاتهدري وقتك الثمين بهذه العلوم التي لا أساس لبعظها من الصحة وهي فلسفة حول القرآن الذي جعله الله بين أيدينا لنتفكرونتدبرفي آياته وليس لعد الأحرف والإنتقاء لمايتوافق وتلك الأعداد
وسيحذف الموضوع وأي موضوع مشابه
شكر الله لك أستاذ
ولكن حبذا لو تبقي على الموضوع حتى لا يقع أحد في الخطأ الذي وقعت فيه أنا بسبب قلة خبرتي، مع التحذير منه للأسباب التي تفضلت بها
أعتذر
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 04:53 م]ـ
شكر الله لك أستاذ
ولكن حبذا لو تبقي على الموضوع حتى لا يقع أحد في الخطأ الذي وقعت فيه أنا بسبب قلة خبرتي، مع التحذير منه للأسباب التي تفضلت بها
أعتذر
وفقك الله أختي الفاضلة والحقيقة إني أتمنى أن تبقى مثل هذه الموضوعات والقضية ليست في بقاءها أو حذفها لكن القضية هي أن البعض يقرأ الموضوع ويترك المشاركات التي تكون في كثير من الأحيان أهم من الموضوع أو موضحة له ولك في إحدى المشاركات في هذا الموضوع دليل على عدم قراءة المشاركات
والمعذرة على الأسلوب الذي ربما رأيته جاف بعض الشيء
وجزاك الله خيراً على حبك للخير
ـ[أبو فجر]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 01:43 ص]ـ
يقول الحق تبارك وتعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا)
المدة مصرح بها، فلا يحتاج لعد ولا غيره
وأعتقد أن مثل هذه الإثباتات هي من تحميل النص أكثر مما يحتمل
باختصار مثل قصة من رأى السفينة كوك في البحر فقال سبحان الله وتركوك قائما ومسألة الحسابات أرى أن فيها بعد عن المقصود الشرعي ولو كان يتعين بمعرفتها غرض معتبر لم يهمل
فلا تحمل النص أكثر مما يحتمل(/)
ممكن مساعدتكم يالربع؟؟!
ـ[قول]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 04:59 م]ـ
ممكن أحد يشرح لي قصيدة كشاجم في وصف الثلج وهذي هي:
الثلج يسقط أم لجين يسبك أم ذا حصى الكافور ظل يفرك
راحت به الأرض الفضاء كأنها في كل ناحية بثغر تضحك
شابت مفارقها فبين ضحكها طوراً وعهدي بالمشيب ينسك
أربى على خضر الغصون فأصبحت كالدر في قضب الزبر جد يسلك
وتردت الأشجار منه ملاءة عما قليل بالرياح تهتك
كانت كعود الهند طري فانكفا في لون أبيض وهو أسود أحلك
والجو من داجي الهواء كأنه خلع تعنبر تارة وتمسك(/)
لماذا نقول حرف زائد في القرآن ولانقول نحو ناقص؟
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 12:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا نقول حرف زائد في القرآن ولانقول نحو ناقص؟
ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 01:26 ص]ـ
جيِّد أخي الفاضل ما تطَّرقت إليه ..
وهذه الأحرف القصد منها تأكيد الكلام ... ويفرق كثيراً معنى الجملة بإطلاق هذا الحرف وبدونه .. فالعلماء الأجلاء عندما اطلقوا هذا المصطلح كانواعلى علم بفائدته في الجملة وأنه أضاف التأكيد لها، ولكن دلالة الكلمة تختلف من عصر إلى عصر، فنحن نستخدم كلمة زائد للشيء الذي يمكنني الاستغناء عنه في حين أنه لا يصح بحق كتاب الله ..
ولا يصح أخي الفاضل أن نقول ناقص فالكمال كله لله وحده وما خلق وما تكلم به ..
ـ[ضاد]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 01:38 ص]ـ
ليس هناك في القرآن ناقص بمعنى النقص عكس الكمال, بل ثمة أشياء في الجمل القرآنية مضمرة نستقرئها من المعنى, وهذا أسلوب عربي بليغ, ومنه الإيجاز والحذف والإضمار, وكلها نقص تركيبي في الجملة ولكنه تمام في البلاغة.
انظر إلى الآية الكريمة:
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
وانظر ماذا قال الطبري:
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم مَنْ يَضِلّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ} يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّد إِنَّ رَبّك الَّذِي نَهَاك أَنْ تُطِيعَ هَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِاَللَّهِ الْأَوْثَان , لِئَلَّا يُضِلُّوك عَنْ سَبِيله , هُوَ أَعْلَم مِنْك وَمِنْ جَمِيع خَلْقِهِ , أَيّ خَلْقه يُضِلّ عَنْ سَبِيله يُزَخْرِف الْقَوْل الَّذِي يُوحِي الشَّيَاطِين بَعْضهمْ إِلَى بَعْض , فَيَصُدُّوا عَنْ طَاعَته وَاتِّبَاع مَا أَمَرَ بِهِ. {وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ} يَقُول: وَهُوَ أَعْلَم أَيْضًا مِنْك وَمِنْهُمْ بِمَنْ كَانَ عَلَى اِسْتِقَامَة وَسَدَاد , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَد. يَقُول: وَاتَّبِعْ يَا مُحَمَّد مَا أَمَرْتُك بِهِ , وَانْتَهِ عَمَّا نَهَيْتُك عَنْهُ مِنْ طَاعَة مَنْ نَهَيْتُك عَنْ طَاعَته , فَإِنِّي أَعْلَم بِالْهَادِي وَالْمُضِلّ مِنْ خَلْقِي مِنْك. وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَوْضِع " مَنْ " فِي قَوْله: {إِنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم مَنْ يَضِلّ}. فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة: مَوْضِعه خَفْض بِنِيَّةِ الْبَاء , قَالَ: وَمَعْنَى الْكَلَام: إِنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم بِمَنْ يَضِلّ. وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة: مَوْضِعه رَفْع , لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَيّ , وَالرَّافِع لَهُ " يَضِلّ ". وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ رَفْع بِـ " يَضِلّ " وَهُوَ فِي مَعْنَى أَيّ. وَغَيْر مَعْلُوم فِي كَلَام الْعَرَب اِسْم مَخْفُوض بِغَيْرِ خَافِض فَيَكُون هَذَا لَهُ نَظِيرًا. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ قَوْله: {أَعْلَم} فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى " يَعْلَم " , وَاسْتَشْهَدَ لِقِيلِهِ بِبَيْتِ حَاتِم الطَّائِيّ: فَحَالَفَتْ طَيِّئٌ مِنْ دُونِنَا حِلِفًا وَاَللَّه أَعْلَم مَا كُنَّا لَهُمْ خُذُلًا وَبِقَوْلِ الْخَنْسَاء: الْقَوْم أَعْلَم أَنَّ جَفْنَته تَغْدُو غَدَاة الرِّيح أَوْ تَسْرِي وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَائِل هَذَا التَّأْوِيل وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي كَلَام الْعَرَب , فَلَيْسَ قَوْل اللَّه تَعَالَى: {إِنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم مَنْ يَضِلّ عَنْ سَبِيله} مِنْهُ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ} فَأَبَانَ بِدُخُولِ الْبَاء فِي " الْمُهْتَدِينَ " أَنَّ أَعْلَم لَيْسَ بِمَعْنَى يَعْلَم , لِأَنَّ ذَلِكَ إِذْ كَانَ بِمَعْنَى يَفْعَل لَمْ يُوصَل بِالْبَاءِ , كَمَا لَا يُقَال هُوَ يَعْلَم بِزَيْدٍ , بِمَعْنَى يَعْلَم زَيْدًا.
والقرطبي:
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ
قَالَ بَعْض النَّاس: إِنَّ " أَعْلَم " هُنَا بِمَعْنَى يَعْلَم ; وَأَنْشَدَ قَوْل حَاتِم الطَّائِيّ: تَحَالَفَتْ طَيْء مِنْ دُوننَا حِلْفًا وَاَللَّه أَعْلَم مَا كُنَّا لَهُمْ خُذُلًا وَقَوْل الْخَنْسَاء: اللَّه أَعْلَم أَنَّ جَفْنَته تَغْدُو غَدَاة الرِّيح أَوْ تَسْرِي وَهَذَا لَا حُجَّة فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُطَابِق " هُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ ". وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَلَى أَصْله.
مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ
" مَنْ " بِمَعْنَى أَيْ ; فَهُوَ فِي مَحَلّ رَفْع وَالرَّافِع لَهُ " يَضِلّ ". وَقِيلَ: فِي مَحْل نَصْب بِأَعْلَم , أَيْ إِنَّ رَبّك أَعْلَم أَيّ النَّاس يَضِلّ عَنْ سَبِيله. وَقِيلَ: فِي مَحَلّ نَصْب بِنَزْعِ الْخَافِض ; أَيْ بِمَنْ يَضِلّ. قَالَهُ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ , وَهُوَ حَسَن.
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
وَقَوْله فِي آخِر النَّحْل: " إِنَّ رَبّك هُوَ أَعْلَم بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ " [النَّحْل: 125]. وَقُرِئَ " يَضِلّ " وَهَذَا عَلَى حَذْف الْمَفْعُول , وَالْأَوَّل أَحْسَن ; لِأَنَّهُ قَالَ: " وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ ". فَلَوْ كَانَ مِنْ الْإِضْلَال لَقَالَ وَهُوَ أَعْلَم بِالْهَادِينَ.
أما الحرف الزائد فهو مصطلح نحوي لا تحمله أكثر من معناه الاصطلاحي ويعني أن الحرف قابل للإسقاط من الجملة, ولذلك فهو ليس أساسا فيها, ولكن إضافته إضافة معنوية لها قيمة في السياق.
آمل أن أكون أفدتك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 02:07 ص]ـ
:::
القرآن الكريم لا زيادة فيه ولا نقص
الحروف الزائدة من حيث الإعراب ليست زائدة بمعنى أنها زائدة عن الحاجة أو قابلة للحذف أو عديمة الفائدة. والمراد بالحروف الزائدة أن تركيب الكلام لا يختل بحذفها. وجميع ما يصطلح على كونه زائدا في القرآن الكريم لا يعتبر زائدا بالمعنى الأول لأنه يأتي مقصودا ولأن له وظيفة التأكيد أو المبالغة ولا يكون إلا لفائدة أو لمعنى مخصوص. وأما الزيادة بمعنى الحشو غير المفيد فلا تجوز في كلام الناس فضلا عن كلام الله سبحانه وتعالى.
وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى الحذف المقصود والذي يأتي للاختصار والتخفيف والمعنى الرائق فلا يجوز أن يقال ناقص لأنه لا نقص ولا زيادة في كلام الله، ومن أراد بالزيادة أو النقص عدم الحاجة فكلامه باطل ومردود عليه.
والله أعلم،
منذر أبو هواش
:; allh
ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 02:34 ص]ـ
عذراً أستاذنا الفاضل ضاد ...
تقول أن: (الحرف الزائد هو مصطلح نحوي لا تحمله أكثر من معناه الاصطلاحي ويعني أن الحرف قابل للإسقاط من الجملة) ..
إذن ما الفرق بين:
ما رجلٌ في الدار.
وما من رجلٍ في الدار .. على اعتبار أن من زائدة ..
والعذر مرة أخرى منكم ... فما علمي إلا عالة على علمكم ..
ـ[ضاد]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 02:50 ص]ـ
قابل للإسقاط أي أن الجملة من دونه تظل سليمة. ولا يعني أنه لا فائدة منه, فهو إضافة معنوية. مثل قولك: "إني لمشتاق" فاللام زائدة تركيبيا ولو أسقطتها لم يختل التركيب, غير أن إضافتها ليست عبثا بل لأداء معنى التوكيد.
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 12:37 م]ـ
ولم لا نعتبر الزائد على نوعين:
* الزائد الذي لا يغير حكم ما بعده لفظًا أو محلاًّ.
* الزائد الذي يغير حكم ما بعده لفظًا فقط، كحروف الجر الزائدة.
فيكون تعبير الزيادة نحويًّا (إعرابيًّا).
أمَّا من ناحية المعنى فكما قال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - الزائد: ما زاد الكلامَ تأكيدًا.
والله أعلم.
ـ[ضاد]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 01:08 م]ـ
حروف الجر ليست زائدة بل يستلزمها الفعل للتعلق أو الظرف أو غيرهما. إلا أن تكون في محل توكيد مثل الباء واللام.
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 05:27 م]ـ
حروف الجر ليست زائدة بل يستلزمها الفعل للتعلق أو الظرف أو غيرهما. إلا أن تكون في محل توكيد مثل الباء واللام.
أستاذي ضاد (مش فاهم)
ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 07:11 م]ـ
يعني أنه لا يمكن إطلاق حكم الزيادة على حروف الجر, فهي نوعان, نوع لازم ونوع زائد. واللازم مثلا ما يطلبه الفعل للتعدي, مثل "حكمت عليه", والزائد مثل "لست بكاتب". بوركت.
ـ[طالبة اكاديمية]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 09:08 م]ـ
هل توجد مصادر تناولت هذا الموضوع؟
ـ[أنوار]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 09:50 م]ـ
نعم كثير من المصادر التي تناولت هذا الموضوع .. ولكن لم يكن بشكل مستقل ..
وانقسموا إلى نوعين .. مؤيِّد ومعارض ..
ـ[طالبة اكاديمية]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 10:22 ص]ـ
بارك الله فيك اختي(/)
ما المحذوف في قول جميل وما دلا لته؟
ـ[موسى 125]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 09:27 ص]ـ
السلام عليكم
ما المحذوف في قول جميل وعلام يدل؟
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحب قالت ثابت و يزيد
ـ[موسى 125]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 10:33 م]ـ
أينكم أيها البلاغيون؟
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 12:53 ص]ـ
السلام عليكم
ما المحذوف في قول جميل وعلام يدل؟
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحب قالت ثابت و يزيد
المحذوف هو المسند إليه في جملة مقول القول: (ثابت ويزيد)، وتقديره: ذاك ثابت ويزيد.
والغرض من الحذف هنا: ضيق المقام؛ ذاك أن المحبوبة ممتلئة الحس، متوترة النفس، وهذه حال تقتضي الحذف، وتدعو إلى طي الكلمات، وإيجاز القول.
والله - تعالى - أعلم.(/)
الشيخ / عبد المتعال الصعيدي؟
ـ[المتفائل]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 10:07 م]ـ
:::
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن الأستاذ عبد المتعال الصعيدي صاحب "بغية الإيضاح" هل ما زال على قيد الحياة؟
وإن كان متوفى فأين أجد ترجمته؟
بارك الله فيكم.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 12:12 ص]ـ
توفي الشيخ عبد المتعال الصعيدي سنة 1958 م
وترجمته في الأعلام - الطبعة السابعة - دار العلم للملايين - 1986 م
المجلد الرابع ص 148(/)
ماالهدف من البلاغة العربية
ـ[أميرة الحزن]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 12:04 ص]ـ
مرحبا
ممكن مساعدة ابغى تقديم حلو لتوضيح االهدف من دراسة البلاغة العربية بالنسبة لطالبات الصف الأول ثانوي ....
لأنها تعتبر مادة جديدة عليهم ......
وأنا كذلك معلمة جديدة ومحتارة كيف احبب المادة لهم .........
ـ[أبو فجر]ــــــــ[19 - 10 - 2008, 05:10 ص]ـ
القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين وتحدى به أفصح الأمم ومازال قائما به التحدي ولا يأتون بمثله، وتتبع مواطن الإبداع والجمال في النص المسموع أو المقروء وتنمية الذوق بمعرفة مواقع الفصاحة والبيان وما يستحسن من الكلام من أهم أهداف بلاغتنا العربية
ومعرفة التقسيمات البيان والبديع والمعاني للإحساس بروعة لغتنا العربية والقدرة على فهم النص في أحسن أحواله وذلك لا يتأتى لمن لا يملك مقومات الذوق والتحليل والحس اللغوي
كما أن أوجب ما نتفكر فيه هو كتاب الله عز وجل وأقدر العارفين به من ملك زمام البلاغة
من تشبيه وكناية وتجنيس وطباق واحتباك وإنشاء وخبر و مقابلة وحذ ف وغيرها من فنون البلاغة العربية مما لا يسع ذكره , والبلاغة العربية خير معين لنا بعد الله تعالى في فهم لغة العرب وأشعارهم التي كانوا يتباهون بها , لذا ينبغي علينا فهم أساليب العرب ومسالكهم في الكلام وذلك لا يكون إلا بدارية وفهم لتحديد مواطن الإبداع وقراءة كتب العلماء المبدعين في فن البلاغة
حقيقة الحديث يطول والجواب قد يكون في كتاب لكن أحببت أن أشير إشارة مقصر لما حوته بلاغتنا العربي
وصلى الله على سيدنا محمد
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 12:39 ص]ـ
الفاضلة أميرة الحزن:
هذه نقاط موجزة لأهداف البلاغة العربية:
- القدرة على إدراك الإعجاز البياني للقرآن الكريم؛ بالوقوف على أسراره، وتدبر مواطن جماله، ولم تجد البلاغة العربية بهاءها وجمالها إلا في ظلال القرآن الكريم ... وكذا الأمر في الحديث الشريف.
- تنمية ملكة التذوق لروائع النصوص الشعرية والنثرية، والاستمتاع بقراءة التعبير الجيد.
- التعرف على أدوات البلاغة وفنونها وأثرها في الكلام، ومن ثم استثمارها في تقويم الأساليب.
- إسهام البلاغة الواضح في فهم الكلام الجيد، وإدراك الفرق بين تعبير وتعبير.
- ضرورة فهم أن الفنون البلاغية ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لإدراك المكنون من الجمال.
هذه على عجالة ... وفقتِ أخية.
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[25 - 10 - 2008, 12:58 ص]ـ
السلام عليكم.
أرى أختي الفاضلة أنّ أبلغ طريق لإشعار الطالبات بأهميّة هذا العلم هو بيان جمال أساليب البلاغة, و نقل الإحساس بجمالها من طريق البلاغة التطبيقيّة في نصوص من القرآن العظيم و الشعر؛ بشرح بعض فنونها و أساليبها القريبة إلى مدارك الطالبات ـ فمن هذا الباب سيشعرن بأهميتها, وسيحببنها, ثم يأتي الشرح النظري لغايات هذا العلم. وعمدة هذا الأمر حسن اختيار النصوص التي تصلح أن تكون مدخلًا لهذا الباب.
و فقك الله!(/)
استفسار ارجو الرد
ـ[القادري]ــــــــ[20 - 10 - 2008, 09:03 م]ـ
ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة
ذكرت ان السا عة الاول والثانية جناس تام الا ترون ان الساعة الاولى تختلف عن الساعة الثانية من حيث زيادة (ال) والشدة الا ترون انه غير تام ارجو التوضيح وبارك الله لكم
ـ[إيمان الخليفة]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 05:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين , أما بعد:
فيقول الحق تبارك وتعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} [الروم:55].
في هذه الآية الكريمة لدينا كلمتان تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها في اللفظ مع اختلافٍ في المعنى؛ فلفظ "الساعة" مكرر مرتين , لكن معناه مختلف؛ فالساعة الأولى هي يوم القيامة , أما الثانية فهي إحدى الساعات الزمانية.
لكن رغم الاختلاف في المعنى إلا أننا نلحظ اتفاقهما في نوع الحروف , وشكلها , وعددها , وترتيبها؛ فـ (ال) التعريف لا يُعتد بها في الجناس , كما أنه لافرق في الجناس بين الحرف المشدد والخالي من التشديد.
هذا والله تعالى أجل وأعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 06:30 ص]ـ
ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة
ذكرت ان السا عة الاول والثانية جناس تام الا ترون ان الساعة الاولى تختلف عن الساعة الثانية من حيث زيادة (ال) والشدة الا ترون انه غير تام ارجو التوضيح وبارك الله لكم
مثال على الجناس التام:
عباس عباس إذا احتدم الوغى - والفضل فضل والربيع ربيع
مثال على الجناس الناقص:
يمدون من أيد عواص عواصم - تصول بأسياف قواض قواضيب
ـ[القادري]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 09:52 م]ـ
اشكركم على الاجابة الوافية(/)
دراسات بلاغية ...
ـ[باحثة في ديوان]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 12:08 ص]ـ
أحتاج إلى كتب ودراسات بلاغية للخبر والإنشاء هل أجد من يدلني إليها .. ؟
ـ[إيمان الخليفة]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 04:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الر حيم
- هناك كتاب بعنوان: جمالية الخبر و الإنشاء (دراسة جمالية بلاغية نقدية) , لحسين جمعة.
- الجملة الخبرية والجملة الطلبية تركيبا ودلالة , للدكتورة: حفيظة أرسلان.
- أيضا هناك رسالة دكتوراه بعنوان: الأساليب الإنشائية في ديوان المتنبي (دراسة بلاغية تحليلية) , للدكتور: سليمان بن عبدالعزيز بن إبراهيم المنصور؛ إشراف فضيلة الدكتور: عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشعلان.
ـ[قارئة]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 07:46 ص]ـ
شكراَ للجميع
ـ[باحثة في ديوان]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 02:16 م]ـ
أشكرك أختي الكريمة وبارك الرحمن فيك(/)
اللمسة البيانية لتطابق نهايات الآيات
ـ[تيما]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 10:20 م]ـ
تحية طيبة،
هل ثمة لمسة بيانية لتطابق نهايات الآيات المتتالية في القرآن الكريم؟
يقول جل وعلا في سورة الذاريات:
"فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" (50)
"وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" (51)
أما في سورة النور فيقول:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (58)
"وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (59)
وهل لي أن أسأل عن سبب استخدام "الآيات" في الآية رقم 58 بينما "آياته" في 59؟
ولكم جزيل الشكر
.
.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 10:02 ص]ـ
للرفع والعودة إليه إن شاء الله
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 12:03 ص]ـ
تحية طيبة،
هل ثمة لمسة بيانية لتطابق نهايات الآيات المتتالية في القرآن الكريم؟
يقول جل وعلا في سورة الذاريات:
"فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" (50)
"وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" (51)
.
سأجيب الآن جوابا ميدانيا، ثم إذا يسر الله لي الوقت فصلت:
بعد أن بين الله تبارك وتعالى أن الساعة حق وأن الغافلين لهم عذاب أليم وأن المتقين في جنات وعيون، وأن آيات الله مبثوثة في الكون وفي الأنفس، وبعد أن ضرب أمثلة لهلاك الأمم العاتية، أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: فروا إلى الله، أي التجئوا إليه واعبدوه حق العبادة لأنه لا ملجأ ممن يملك الأمر كله إلا إليه، وأمره صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم بعد الأمر بالفرار إلى الله: إني لكم منه نذير مبين، أي: إني أنذركم لتمتثلوا هذا الأمر، لأن عدم الفرار إلى الله يعني الهلاك .. والفرار إلى الله خضوع لله وعبادة له.
ثم أمره أن يقول لهم: ولا تجعلوا مع الله إلها آخر، أي لا تشركوا بالله شيئا، فلا يملك السماوات والأرض غير الله، فلا تتخذوا مع الله إلها آخر تتوجهون له بالعبادة كما تعبدون الله، ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم بعد النهي: إني لكم منه نذير مبين، يعني أنا أنذركم أنكم إذا لم تنتهوا عن الشرك فإنكم هالكون.
فمرة أمره أن يقول لهم: إني لكم منه نذير مبين، بعد أمرهم بالفرار إلى الله، ومرة أمرهم أن يقول ذلك بعد النهي عن الإشراك بالله، للتأكيد على ضرورة الأمرين: عبادة الله، وعدم الإشراك بالله، فهذان أمران ينبغي أن يكونا متلازمين، كما قال تعالى:
(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وهذا هو لب التوحيد، لذلك جاء توحيد الإنذار بصيغة واحدة عقب الأمر بالعبادة، وعقب النهي عن الشرك.
هذا والله أعلم.
ـ[تيما]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 12:12 ص]ـ
بارك الله فيك يا دكتور وفي إجابتك الميدانية الرائعة
لك شكري وتحيتي
.
.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 11:06 م]ـ
تحية طيبة،
هل ثمة لمسة بيانية لتطابق نهايات الآيات المتتالية في القرآن الكريم؟
أما في سورة النور فيقول:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (58)
"وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (59)
وهل لي أن أسأل عن سبب استخدام "الآيات" في الآية رقم 58 بينما "آياته" في 59؟
ولكم جزيل الشكر
.
.
حياك الله عزيزتي تيما ..
يذكر الكرماني علة ذلك، قال:
" (لكم الآيات)؛ لأن التي قبلها تشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها، وهي (ثلاث مرات من قبل الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء) ... فعدّ فيها آيات كلها معلومة؛ فختم بقوله: (لكم الآيات).
وأما بلوغ الأطفال، فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها، بل تفرد - سبحانه - بعلم ذلك، فخُصّت بالإضافة إلى نفسه، وختم كل آية بما اقتضاها أولها " (البرهان في متشابه القرآن / 252 - 253 بتصرف يسير).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سمية ع]ــــــــ[30 - 10 - 2008, 11:11 ص]ـ
بارك الله في السائل والمجيب
ـ[تيما]ــــــــ[30 - 10 - 2008, 11:20 ص]ـ
حياك الله عزيزتي تيما ..
يذكر الكرماني علة ذلك، قال:
" (لكم الآيات)؛ لأن التي قبلها تشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها، وهي (ثلاث مرات من قبل الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء) ... فعدّ فيها آيات كلها معلومة؛ فختم بقوله: (لكم الآيات).
وأما بلوغ الأطفال، فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها، بل تفرد - سبحانه - بعلم ذلك، فخُصّت بالإضافة إلى نفسه، وختم كل آية بما اقتضاها أولها " (البرهان في متشابه القرآن / 252 - 253 بتصرف يسير).
أهلا بك عزيزتي ندى
سلمت وبارك الله فيك ... رائعة موضوعاتك ووقفاتك في منتدى البلاغة فجزاك الله خير الجزاء ...
.
.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 06:37 م]ـ
للرفع والعودة إليه بإذن الله
ـ[تيما]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 09:39 م]ـ
أشكرك دكتور بهاء لاهتمامك بالموضوع وننتظر عودتك بإذنه تعالى ..
لك تحيتي
.
.(/)
خفّفِ الوطْءَ فما أظَنُ أديمَ الأرْضِ ..
ـ[عاشق الخالد]ــــــــ[21 - 10 - 2008, 11:22 م]ـ
السلام عليكم
خفّفِ الوطْءَ فما أظَنُ أديمَ الأرْضِ إلاّ منْ هذهِ الأجْساد
هل توجد صورة بلاغية في هذا القول؟
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[22 - 10 - 2008, 09:01 م]ـ
السلام عليكم
خفّفِ الوطْءَ فما أظَنُ أديمَ الأرْضِ إلاّ منْ هذهِ الأجْساد
هل توجد صورة بلاغية في هذا القول؟
هل البيت كما كتبته أم هو هكذا:
خفف الوطء ما أظن ...................
ـ[عاشق الخالد]ــــــــ[23 - 10 - 2008, 02:42 ص]ـ
خفّفِ الوطْءَ فما أظَنُ أديمَ الأرْضِ إلاّ منْ هذهِ الأجْساد
هو هكذا سيدي
ـ[زُهيرة]ــــــــ[23 - 10 - 2008, 05:27 ص]ـ
http://www.d-alyasmen.com/vb/download/410-1151631069.gif
# المعري .. لم يكن أعمى .. ! #
سيّد الفلسفة هُوَ, وللفسلفة في عُرفِ شعره نبضٌ آخر, ياه لجمال ما يقوله ولروعته ولعلّ هذا البيت من أروع الأبيات الشعرية التي وردت ومرّت بذاكرتنا طوال قراءاتنا للشعر العربي ودلالاته هذا البيت يزرع القشعريرة في الحس ويبعث فيكَ التفكير من حيث لا تدري لأنه يختزل بها قصة الحياة والموت والفناء والبقاء وإلى غير ذلك لا اتوقع أنّ بهذا البيت صورة وإنما هنالك أسلوب واضح وهو الخاص بعلم المعاني, بأمره أن يخفف الوطء اي أسلوب إنشائي ... !
شكراً لهذا الطرح ... !
**
****
الزّهراء
http://www.d-alyasmen.com/vb/download/410-1151631069.gif(/)
جرد قطيفة او جرو قطيفة
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[25 - 10 - 2008, 08:47 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
اليك العبارة التي ابغي ابلاجها معني:
""الحمد لله الذي اعلي منزلة المؤمنين بكريم خطابه". الاضافة من قبيل جرد قطيفة و الدليل علي ذلك قوله تعالي: (انتم الاعلون) و انما اضاف العام الي الخاص للبيان و التخصيص كما في قوله جرو (أو جرد) قطيفة علي معني شيئ كريم من جنس الخطاب"
هل هذا "جرد قطيفة" أو "جرو قطيفة"؟ ما مراده؟
من الواضح أن في الاية المذكورة انفا التخصيص و الحصر. لكن كيف تنسجمم الاية مع المركب الاضافي المذكور في عبارة الخطبة من حيث الحصر و التخصيص لان في العبارة الاضافة و في الاية غيرها. ما مناط الاستشهاد بهذا الاية في هذا المحل؟
أي شيء يفيد الحصر في المعني؟ عل هذا البحث يتأتي في ضمن بحث عن السؤال الثاني لكني اوردت لمزيد الاحتياط
ما مراد "علي معني شيء كريم من جنس الخطاب؟
لست متعرفا علي البلاغة الا شظايا منها. فرئيت هذا البحث يتعلق بالبلاغة مع قصور علمي و ضيق الباع. فاوردت في منتدي البلاغة.
بوركتم
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 08:49 ص]ـ
هل من مجيب؟
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 11:12 م]ـ
لعلك - أخي الكريم - تزيد البيان في المقصود بسؤالك.
بارك الله فيك.
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[28 - 10 - 2008, 10:01 ص]ـ
لعلك - أخي الكريم - تزيد البيان في المقصود بسؤالك.
بارك الله فيك.
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
جواك الله خيرا علي التفاتك اليه.
انا اريد أن يوضح مراد النص التالي:
"القول: الحمد لله الذي اعلي منزلة المؤمنين بكريم خطابه. الشرح: الاضافة من قبيل جرد قطيفة و الدليل علي ذلك قوله تعالي: (انتم الاعلون) و انما اضاف العام الي الخاص للبيان و التخصيص كما في قوله جرو (أو جرد) قطيفة علي معني شيئ كريم من جنس الخطاب"
في هذا النص الاحتكاك بشيء يقال "جرد قطيفة " او "جرو قطيفة". فلا ادري معناه. و انا قد اكببت علي اللغتين اللتين استخدم لكن لم أظفر بشيء يتعلق به. وقد رأيت تحت جذر "ج ر د" و كذلك تحت جذر "ج ر و"
يبدو لي أنه ربما تعلق بعلم المعاني.
بوركت أنت و جميع الاعضاء
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[29 - 10 - 2008, 09:45 ص]ـ
قد زدتّ
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[29 - 10 - 2008, 11:15 ص]ـ
:::
تحفة المحتاج في شرح المنهاج
مسألة: الجزء الأول
(و) من (أولى ما أنفقت) [ص: 32] آثره لأنه لايقال إلا فيما صرف في خير وما عداه ولو في مكروه يقال فيه ضيع وخسر وغرم وبناهللمجهول للعلم بفاعله ولكون عينه غير منظور إليها بخصوصها وليعم (فيه) تعلماوتعليما (نفائس الأوقات) من إضافة الأعم إلى الأخص أو الصفة إلى الموصوف أو هيبيانية ومفرد نفائس نفيسة لا نفيس كما أفاده قوله الآتي من النفائس المستجادات إذفعائل إنما تكون جمعا لفعيلة فإضافتها للأوقات التي هي جمع مذكر لتأويلها بالساعاتشبه شغل الأوقات بالعلوم بصرف المال في الخبر المكنى عنه بالإنفاق , ووصفهابالنفاسة المقتضية لخطر القدر وعزة النظير إشارة إلى أن فائتها بلا خير لا يمكنتعويضه ومن ثم قيل الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك.
الحاشية رقم: 2
(قول المتن ما أنفقت إلخ) وهو العبادات نهاية وقضية قول الشارح الآتي تعلما إلخ أن ما واقعة على مطلق علم ولعل [ص: 32] ما في النهاية أحسن منه (قوله آثره) أي على نحو صرفت سم (قوله: لأنه لا يقال إلخ) قال في الدقائق يقال في الخير أنفقت وفي الباطل ضيعت وخسرت وغرمت مغني ومقتضاه أن الأفعال الثلاثة في الشرح ببناء الفاعل ويجز كونها ببناء المفعول أيضا على وفق ما في المتن (قوله في خير) المراد به ما يشمل المباح بقرينة ما بعده (قوله للعلم بفاعله) أي أنه المكلف أو طالب العلم (قوله وليعم) أي مع الاختصار (قوله تعلما إلخ) تمييز محول عن المضاف (قوله من إضافة الأعم) إلى قوله كما أفاده في النهاية والمغني (قوله من إضافة الأعم إلى الأخص) أي كمسجد الجامع (قوله أو الصفة إلى الموصوف) أي كجرد قطيفة أي قطيفة مجرودة إذ الأوقات كلها نفيسة (قوله أو هي بيانية) أي , والمراد بنفائس الأوقات أزمنة الصحة والفراغ مغني عبارة النهاية ويجوز أن تكون إضافته بيانية لأن الإضافة البيانية على تقدير من البيانية أو التبعيضية أو الابتدائية.
والكل ممكن هنا ; لأن الأوقات وإن كانت نفيسة كلها في الحقيقة لكن بعضها يعد في العرف نفيسا بالنسبة إلى بعض آخر , وقد جاء الشرع بتفصيل بعضها ا هـ قال الرشيدي والراجح أن الإضافة البيانية هي التي تكون على معنى من المبينة للجنس لا مطلقا فلعل ما ذكره طريقة أو أن مراده حكاية أقوال في المسألة ا هـ
أرجو أن يكون في هذا النقل ما يفيد السائل وأهل الاختصاص في آن معا.
ودمتم،
منذر أبو هواش
:)(/)
طبق آخر من أسرار الرسم القرآني في أسماء الأنبياء و
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 07:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طبق آخر من أسرار الرسم القرآني في أسماء الأنبياء وغيرهم
بعد تقديم الطبق الأول، والذي ذكرنا فيه؛ أسماء الله تعالى وصفاته في أقسامها الثلاثة؛ التي نال الألف فيها الحذف، أو الإثبات، أو الحذف والإثبات ...
نقدم طبقًا ثانيًا من أسماء الأنبياء عليهم السلام وأسماء غيرهم.
والقاعدة في حذف الألف في أسماء الأنبياء وغيرهم؛ أنها إذا كانت أسماء خاصة بهم لا يشاركهم فيها أحد تحذف الألف لأنها علم عليهم وحدهم؛
وإذا كانت تفيد صفة سلب لا امتداد وزيادة.
أو تدل على الوقوف عند حد لا يخرج منه ولا يعداه،
في هذه الأحوال تحذف الألف من الاسم.
وإذا أفاد الاسم صفة امتداد وزيادة، وتميز لصاحبه فيها عن غيره، تثبت فيه الألف.
ومعظم هذه الأسماء لرجال من أقوام أعاجم، إلا أن هذه الأسماء لها جذور في العربية، ومنها تعرف سبب تسميتهم بها، والواقع يدل على توافق التسمية مع حياة وسيرة المسمى بها.
أسماء حذفت فيها الألف
1 - إبراهيم: 69
قال تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) النجم
جاء اسم إبراهيم عليه السلام من مادة "برهم" وهي في المعنى " البرعم"؛ وقد ساد الظن بأن "تارح" والد إبراهيم عليه السلام قد مات، ولم يترك من خلفه ذرية له، فكان كالشجرة الميتة؛ فإذا بهذه الشجرة يخرج لها برعمة وتحيا من جديد؛ هو إبراهيم عليه السلام، الذي رباه عمه "آزر" والعم يسمى أبًا وخاصة إذا ربى ابن أخيه، كما سمي إسماعيل أبًا ليعقوب عليهما السلام، ثم ليكون بعد ذلك برعمة تمتد عبر الزمان، ليكون إمامًا للناس، وفي ذريته انحصرت النبوة والكتاب.
2 - إسحاق: 16
قال تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) هود
إسحاق عليه السلام جاء اسمه من مادة "سحق" وهي في البعد الشديد؛ يقال أسحقت المرأة إذا بلغت من الكبر عتيًا؛ فكانت أبعد ما تكون عن الحمل والولادة؛ فلما أسحقت أم إسحاق ولدت إسحاق؛ فكان آية خاصة من آيات الله تعالى، وأصبح هذا الوصف له اسمًا علمًا عليه لا يشاركه أحد فيه؛ فأسقطت لذلك الألف من اسمه.
3 - إسرائيل: 43
قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْءانَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) النمل.
إسرائيل هو اسم آخر ليعقوب عليه السلام، واسمه جاء من السرء وهو بيض الجراد، ومعلوم أن بيض الجراد عدده في كل وضع للجرادة ما بين (400) إلى (500) بيضة، وتضعه الجرادة بيضها في خفاء في داخل الرمل. ولذلك سمي بهذا الاسم.
والستر والخفاء مشترك في استعمال كل الجذور التي فيها حرفان صحيحان؛ السين والراء، وكانت السين متقدمة على الراء، ومعهما أحد حروف العلة أو الهمزة؛
1. أسر: الأسير يظل بعيدًا عن أهله ويحصر في مكان يستره.
2. سأر: السؤر ما بقي من الشراب الذي ذهب وخفي، وسائر الناس؛ بقيتهم التي غابت ولم تحضر، أو لم تذكر.
3. سرأ: السرء بيض الجراد المدفون في الرمل ومستور فيه.
4. وسر: جذر مهمل لم يستعمل.
5. سور: السور يستر ما خلفه ويحفظه.
6. سرو: شجر يختفي الساق بين أغصانه الملتفة عليه، وسراة القوم رؤساؤهم الذين لا يصل إليهم ويخالطهم إلا الخاصة من الناس.
7. يسر: اليسر يغني عن الخروج على الناس ومزاحمتهم في طلب الرزق.
8. سير: السير التواصل في المشي على الطريق يجعل السائر يختفي فيه.
9. سري: السري المشي متسلحًا بستر الليل له.
10. سرر: السر كلام خفي يستر عن الناس ولا يعلمه إلا عدد قليل.
11. سرسر: السُّرْسُور الفطن العالم الدخَّال في الأمور؛ أي أنه يكشف الغامض منها والمستور.
12. سسر: مهمل
هذه شجرة من اثني عشر فرعًا؛ تجتمع على معنى واحد، ويخصص الحرف الثالث والترتيب فيها؛ ما يميز كل جذر منها عن البقية.
ومن أراد معرفة سبب التسمية في الجذور التي فيها حروف العلة؛ عليه مراجعة كل الجذور التي فيها نفس الحرفين الصحيحين مع أحد حروف العلة، أو التي ضوعف فيها أحد الحرفين أو كلاهما.
وقيام هذه الجذور على معنى التفلت للسين والالتزام للراء؛ فالتفلت يغيب الشيء، وقد ينشره ويبعثره، لكن الالتزام يجعله متماسًا مع بعضه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعيش بني إسرائيل في كل زمان ومكان؛ قلة بين كثرة، لكنهم يظلون مجتمعين ولا يذوبون في المجتمعات التي يعيشون فيها.
ولذلك؛ فالمواضع التي ذكر فيها إسرائيل هي مواضع المنة على بني إسرائيل بما أنعم الله عليهم وأبقاهم على شدة ما يقع عليهم.
فكان هذا الأمر خاصًا لم يكن إلا لبني إسرائيل لذلك سقطت الألف من الاسم .. بالإضافة إلى ما فيه من السلبية عليهم.
4 - إسماعيل: 12
قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) مريم.
إسماعيل عليه السلام اسمه من مادة "سمع" والسمع هو الاستجابة لما يصله من علم وأمر، فاستجاب لوالده (إبراهيم عليه السلام)؛ الذي أخبره أن رأى في المنام أنه يذبحه، من غير ذنب اقترفه؛ ولم تكن هذه الرؤيا اختبار لإبراهيم عليه السلام بقدر ما كانت بداية عهد لأمة في أعلى درجات الاستماع لأمر الله عز وجل، لتكون محل فخر واقتداء لذريتهما؛ ففي ذرية إسماعيل عليه السلام ستكون الأمة التي تحمل آخر الرسالات للبشرية جمعاء، وستتحمل هذا الأمة طواعية تنفيذ أمر ربها، وستقدم أبناءها طواعية للذبح في ميادين الجهاد في سبيل الله، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم، وكما فعلت الخنساء رحمها الله تعالى، وكما فعل رجال هذه الأمة في المواقع الكثيرة في تاريخها الذي امتد عصورًا طويلة، وسيستجيب الأبناء لهذا الأمر طواعية ورغبة في تنفيذ أمر الله تعالى، ويتسابقون فيه ... غير عابئين بتحقيق مكاسب الدنيا ... فكان لا بد من أن يكون أبوهم أول المضحين فيه من غير تردد. فحملت ذريته هذه الأمانة من بعده وعملت بها، واستحق أبو عبيدة بن الجراح لقب أمين هذه الأمة؛ لقتله أباه المشرك الذي وقف في سبيل نشر دعوة الله.
فكان اسم إسماعيل عليه السلام من حدث لم يفتن فيه غيره، وبلاء استمر على مدى السنين؛ فسقطت لذلك الألف من اسمه.
5 - سليمان: 17
قال تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) ص.
سليمان عليه السلام من مادة "سلم"؛ وهي في العلو والعزة؛ فشجر السلم لا يستطيع أحد أن يعلوه بسبب شوكه، والسُّلَّم يمكنك من العلو على أعلى البيوت وأسطحها، والسلام اسم لله تعالى لعزته وعلوه، والسلام اسم للجنة لعلو مكانها ومنزلتها، والإسلام هو دين العزة والعلو لله بالعزة والعلو على شياطين الإنس والجن، وسليمان عليه السلام أخضع الله له الإنس والجن والطير، وجعله يعلو في السماء بالريح التي سخرها له، فاتصف سليمان عليه السلام بما لم يتصف به غيره وتعلق بسبب تسميته؛ لذلك سقط رسم الألف من اسمه.
6 - صالح: 9
قال تعالى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) الشعراء.
الصالح هو من يعمل العمل الصالحات ويبثبت عليها؛ أي يبقى على ما يحبه الله وتعالى ويرضاه من طاعته، ولا يخرج عن طاعته إلى معصيته، وكانت ثمود هي ذرية الناجين من عاد قوم هود عليه السلام، ثم تحولوا تدريجيًا إلى الكفر والشرك، وبقي صالح عليه السلام لم يخرج عن الإيمان فبعثه الله تعالى رسولا إلى قومه.
وسقطت الألف من اسم صالح عليه السلام، ومن كل وصف لشيء بأنه صالح؛ لأن الصلاح هو الثبات على ما هو خير وما فيه رضا الله تعالى، وعدم الامتداد إلى ما بعده من المحرمات والمعاصي والشرك والفتن والمغريات.
7 - عمران: 3
قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى ءادَمَ وَنُوحًا وَءالَ إِبْرَاهِيمَ وَءالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) آل عمران.
عمران هو اسم علم لوالد مريم عليها السلام، ومعنى عمران: الرجل التقي الخفي الذي لا يفطن له أحد، ولا يأبه به، لدرجة أن زوجه نذرت ما في بطنها لله دون الرجوع إليه، ولولا ما حدث من قدر الله تعالى لابنته مريم؛ ما سمع به أحد، ولما نال هذه الشهرة لارتباط اسم ابنته مريم به وهي أشهر امرأت عرفت في التاريخ؛ يكاد لا يجهل اسمها في الأرض إلا المجهول فيها ... فهو حالة لا مثيل لها في التاريخ لذلك سقطت الألف من اسمه ... فوق ما يدل عليه اسمه.
8 - لقمان: 2
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) لقمان.
لقمان اسم علم لرجل صالح وقف عند حدود ما يحبه الله ويرضاه، وهي عين الحكمة التي فيها صلاح أمره في الدنيا والآخرة؛ ولذلك سقطت الألف من اسمه لأنه لم يمتد ولم يتجاوز عما لزم من الحكمة التي آتاها الله تعالى له، واستوعبها، وامتلأ قلبه بها.
9 - هارون: 20
(وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) مريم.
هارون اسم يدل على الرجل الذي يكون أهلا لما يكلف به، ولذلك جاء اسم هارون عليه السلام ليدل على نظرة أخيه إليه بأنه أهل للنبوة ولوزارته، ومع أنه نبي إلا أنه لم يخرج عن طوع موسى عليه السلام، ولم يفعل من نفسه شيئًا دون الرجوع إلى موسى؛ فقد توفي قبل موسى عليهما السلام؛ ولذلك سقطت الألف من الاسم لوقوف صاحبه على ما يكلف به، ولم ينفرد بالأمر وحده.
وكذلك كانت النظرة لمريم بأنها أهل للطهارة والصلاح، ولن تخرج عن ذلك؛ فخاطبها قومها (يا أخت هارون)، وحذفت ألف هارون كذلك لنفس السبب.
أسماء لملائكة
وردت أربعة أسماء في القرآن الكريم لملائكة فيها حرف الألف؛ ولم يخبرنا تعالى عن غيرهم، فهي أسماء علم عليهم ولا تمتد لغيرهم؛ لذلك سقطت الألف منها؛
1 – مالك: 1
(وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77) الزخرف.
2 - ميكال 1
قال تعالى: (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98) البقرة.
3 – ماروت: 1
4 – هاروت: 1
قال تعالى: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ (102) البقرة.
ومع أنها أسماء خاصة بملائكة إلا أن عملهم كان فيه سلب وليس زيادة؛
فخازن النار مالك يسلب أهلها الراحة والهناء، بما يصب عليهم بمن معه؛ من أنواع العذاب، إلى أن تكون غاية مطلبهم الهلاك للخلاص من العذاب.
وميكال المخصص بالأرزاق؛ ينقص لكل واحد نصيبه من الرزق من جملة الأرزاق التي لا عمل له في وجودها.
وهاروت من هرت العرض والثوب؛ أي مزقه، وعمله هو التفريق بين الزوجين، وهرت العلاقة التي بينهما.
وماروت عمله مثل هاروت، وهو من المرت؛ وهو القفر الذي لا نبات فيه، والإفساد والتفريق بين الزوجين مانع لإنبات الذرية منهما.
أسماء أشقياء حذفت فيها الألف
1 – الشيطان: 70
الشيطان اسم علم لإبليس خاصة، وهو اسم من مادة "شطن" وهي مادة تبعد الشيء عن الاعتماد على غيره؛ ولذلك سمي الحبل الثاني للدلو بالشطن لأنه يبعد الدلو من الاعتماد على جوانب البئر، لئلا يتمزق عند رفعه على جوانب البئر، وكذلك يثبت الشطن الفرس مكانه مع الحبل الآخر، وعمل الشيطان هو إبعاد الإنسان عن الاعتماد على الله تعالى، فلا يجد الإنسان بعد الله تعالى أحدًا يعتمد عليه، وكل من يعمل عمل الشيطان من الإنس والجن هو شيطان مثله، وإسقاط الألف ليس لعدم وجود المثيل؛ ولكن لأن عملهم سلبي في التراجع عن عبادة الله تعالى وتوحيده، ففيه نقص وليس زيادة وامتداد؛ ولا مفاضلة في صفات النقص، فلأجل ذلك سقطت الألف.
قال تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي ءادَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) يس.
2 - الطاغوت: 8
قال تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الزمر.
الطاغوت اسم لكل ما يعبد من دون الله عز وجل، وعمل في الصد عن سبيل الله، وإبعادهم عن طاعة الله تعالى والإخلاص له بالعبادة؛ فدوره سلبي في السوء كالشيطان، والشياطين من رؤوس الطواغيت؛ لذلك كتب الاسم بإسقاط الألف. لأنهم لا يزيدون من يتبعهم خيرًا، بل يسلبونهم نعمة الإيمان وإخلاص الطاعة لله والأجر الثواب.
3 - قارون: 4
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ (76) القصص.
قارون اسم رجل من بني إسرائيل قريب لموسى عليه السلام؛ اختار أن يكون بجانب فرعون.
اسم قارون جاء من مادة قرن؛ وهي مادة تستعمل في اجتماع اثنين على خلاف، فهو يجتمع مع موسى عليه السلام في كونهما من بني إسرائيل، ولكنه خالف بني إسرائيل فاتبع فرعون بدل اتباع موسى عليه السلام، وقد سقطت الألف لعلمية الاسم عليه وحده ولسلبيته.
ومن نفس المادة؛ قرنا الثور وغيره؛ لاجتماعهما في الرأس واختلافهما في الاتجاه.
وكل نبي يرسل إلى قومه ينقسم قومه إلى قسمين؛ قسم معه ويؤمن به، وقسم يخالفه ويكفر به؛ وقد خص الله تعالى القسم المخالف بالتسمية؛ لأنهم هم سبب الخلاف كما في قوله: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ (36) ق.
وقوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ (17) الإسراء.
وكل هذه المادة مبنية على نفس الاستعمال، وقد شاع القول عن عقد الزواج بعقد القران؛ وهي تسمية خاطئة مخالفة لاستعمال الجذر.
4 – هامان: 6
قال تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) غافر.
هامان هو وزير فرعون وقد كان على نفس السلبية التي كان عليها فرعون؛ لذلك سقطت الألف من اسمه لتلك السلبية، ولكون الاسم علمًا عليه وحده.
ومن اسمه يدل على أنه مهيمن على رأي فرعون، وكان يعتمد عليه كثيرًا، فكان شريكًا له في الوزر والإثم، وفي الهلاك.
أسماء ثبتت فيها الألف
1 - إلياس: 3
قال تعالى: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) الأنعام.
وقال تعالى: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123)، (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) الصافات.
إلياس من مادة "لَيَسَ" وهي للالتصاق في المكان وعدم التحول عنه؛ فالأَلْيَسِ: الّذي لا يَبْرَحُ بَيْتَه أو مَنْزِلَهُ، وإِبِلٌ لِيسٌ على الحَوْضِ، إِذا أَقَامَتْ عليه فَلَمْ تَبْرَحْه والأَلْيَسُ: مَن لا يُبَالي الحَرْبَ ولا يَرُوعُه. واللِّيسُ واللُّوسُ: الأَشِدَّاءُ. والأَلْيَسُ: الأَسَدُ، لِشِدَّتِه. لأنهم لا يبرحون أماكنهم عن جبن أو خوف.
ولَيْسَ كلمة دالَّة على نفي الحال، وتنفي غيرهُ بالقرينة نحو ليس خلق اللَّه مثلهُ. وبمعنى إلا كما في الحَدِيثِ: أَنّهُ قالَ لِزَيْدِ الخَيْلِ: ما وُصِفَ لِي أَحَدٌ في الجَاهِلِيَّةِ فَرَأَيْتُه في الإِسْلامِ إِلاّ رَأَيْتُه دُونَ الصِّفَةِ لَيْسَكَ أَي إِلاّ أَنْتَ. والنفي والاستثناء بليس؛ فيه بقاء الشيء المنفي المتروك، والمستثنى على حاله.
ودلالة اسم إلياس عليه السلام على أنه الثابت على موقفه من الإيمان أمام قومه، الممتد على حاله في رسالته، لذلك ثبتت الألف فيه لأنه موقف في الامتداد والإيجاب، وليس فيه السلب والتراجع.
2 - داود: 16
قال تعالى: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَءاتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء (251) البقرة
داود عليه السلام من مادة "دود" وهي مادة للانحصار في الشيء وإتلاف داخله،
والدود من نفس المادة، والتسمية له كانت من فعله العجيب، على ضآلته، فقد تجلت فيه قدرة الله تعالى؛ وكان من فعله:
- الدخول إلى لب النبات وإتلافه فينهار النبات من ذلك ويهلك.
- نسج شبكة لتكون شرنقة له تحميه في فترة تحوله، وانفراده فيها.
- تحوله مرة بعد مرة ليخرج منه فراشة تطير بدلا من أن تزحف على الأرض.
أما بالنسبة لداود عليه السلام؛
- فقد سمي بداود في القرآن الكريم بعد قتله لجالوت، وهو يمثل اللب بالنسبة لجيشه، فبدخوله إلى قلب الجيش وقتله لجالوت انهار جيشه وهزم.
- وصوته وصل إلى بواطن الجبال والطير؛ فرددت معه التسبيح.
- وهو تعلم صنع الدروع ونسجها، وهي تقابل صنع الشرنقة.
- وعند انفراده للعبادة يكون في معزل على الناس، فلم يصل إليه الشاكيان إلا بعد تسلق المحراب.
- وخرج منه الذي ورثه من بعده، وهو سليمان عليه السلام؛ الذي يسر الله له الريح تجري بأمره حيث أراد وأصاب، فكان تنقله بالريح بعد أن كان على ظهور الخيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
فناسب هذا الامتداد الذي كان من داود عليه السلام ثبات الألف في اسمه، ووصف كذلك بذي الأيد لما نالت يداه جالوت وغيره.
قال تعالى: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) ص.
3 - جالوت3
قال تعالى: (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) البقرة.
جالوت أحد جنود إبليس الذي جال في الأرض بالفساد فيها، ولطول يده في الأرض؛ سمي لذلك بجالوت من مادة "جول"؛ ولذلك ثبت الألف في اسمه لهذا الامتداد الدال عليه اسمه. وكذلك له أمثال في الوجود على مر العصور؛ من هم فوقه، ومن هم دونه.
4 - طالوت 2
قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) البقرة.
طالوت رجل صالح أمده الله تعالى بالعلم والبسطة في الجسم؛ لذلك سمي طالوت من مادة "طول"، ولهذا الامتداد الذي كان فيه ثبتت الألف في اسمه. وكذلك ليس هو الوحيد الذي اتصف بهذا الوصف.
أسماء فيها ألفان متجاورتان
1 - آدم: 25
قال تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى ءادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه.
2 - آزر: 1
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ءازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءالِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (74) الأنعام.
القاعدة في ذلك أنه لا اجتماع في الرسم لألفين أو واوين أو ياءين متجاورة.
ذلك لأن الألف تفيد الامتداد وحصول مدين متتاليين يعد مدًا واحدًا.
وكذلك الواو تشير إلى الباطن؛ فإن كان في داخل الجزء الباطن باطن آخر؛ فكلاهما يعد باطنًا واحدًا.
والياء تشير إلى التحول؛ فإن حصل للشيء تحول آخر، بعد التحول الأول؛ يعد تحولًا واحدًا.
لذلك كانت القاعدة رسم الألفين ألفًا واحدة،
ورسم الواوين واوًا واحدة، إلا إذا كانت إحدى الواوين مدية والأخرى حرفًا صحيحًا،
ورسم الياءين ياء واحدة؛ إلا في حالات خاصة وكان التحول الثاني لا يلغي الأول.
أبو مُسْلِم/ عَبْد المَجِيد العَرَابْلِي(/)
طبق جديد في سر حذف وزيادة وإبدال الواو في الرسم ال
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 07:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طبق جديد في سر حذف وزيادة وإبدال الواو في الرسم القرآني
قد بينا في لوحة مفاتيح معاني الحروف الهجائية؛ أن استعمال الواو في الإشارة إلى الباطن والداخل وبينا قوة هذه الإشارة إلى الباطن والداخل في الجذور التي بدأت بحرف الواو.
واليوم نكمل الأبحاث التي سننشرها عن حرف الواو الذي اخترنا الابتداء به من بين الحروف الهجائية؛ لسعة استعماله في الجذور والنحو وتأثره بالرسم القرآني.
من قواعد الرسم القرآني (العثماني)؛ الحذف
شمل الحذف في القرآن الكريم خمسة حروف هي؛ ا، و، ي، ل، ن
ووقع الحذف للواو في آخر كلمات وفي وسط أخريات
أ - حذف الواو آخر الأفعال
قال تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) الرعد
قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) الشورى
اختلف المحو في الآيتين؛ فالمحو في الأولى هو لما عند الله تعالى، ومتعلق بنفسه وذاته، لذلك حسن إثبات الواو لأن في الإثبات إشارة إلى ذات وإرادته وما عنده.
والحذف في الثانية: كان للباطل؛ وهو بعيد عن الله تعالى وذاته وما عنده، ومتعلق بما عند الناس؛ فحتى لا يكون هناك إشارة إلى ذات الله تعالى، وهو منزه عن الباطل وكل عيب ونقص؛ حذفت الواو لأن الفعل لله تعالى، فكان التنزيه لله تعالى حتى في الرسم القرآني.
وعندما تدعو أحدًا من الناس إنما تدعوه لنفسك، أو للدخول في بيتك، أو الدخول في شأن تدعوه إليه، وكانت الواو في تركيبة هذا الفعل (يدعو) لتشير إلى ذلك؛ فأثبتت الواو في القرآن لدلالتها إلى ما تشير إليه.
ولكن الواو حذفت في ثلاث مواضع لاختلاف الدلالة؛
قال تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) الإسراء
وقال تعالى: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) القمر
وقال تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) العلق
في الآية الأولى: يحدث التباس عند بعض الناس؛ كيف يدعو الإنسان بالشر والخير لنفسه؟! فلما حذفت الواو؛ دل حذفها على أن دعاء الداعي بالشر لغيره وليس لنفسه، لذلك حذفت الواو لبيان ذلك، وإن كان الشر يعم فيلحق الداعي له منه نصيب.
وفي الآية الثانية: فالداعي هم الملائكة، ولا يدعون الناس لأنفسهم إنما يدعوهم للحساب والعقاب؛ لذلك حذفت الواو لما لم يكن لها دلالة في دعاء الملائكة لهم.
وفي الآية الثالثة: يدعو الله تعالى الزبانية للكافرين ليأتوا بهم أو يعذبوهم، وليست دعوة الزبانية لنفسه سبحانه وتعالى؛ لذلك تم حذف الواو كذلك لما لم يكن لها دلالة في دعائه تعالى للزبانية.
ب- حذف الواو علامة الرفع في جمع المذكر السالم
قال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) التحريم.
استعملت الواو في اللغة العربية كاسم يفيد الجمع؛ ولم يكن الوجود في مكان واحد وزمان واحد؛ شرطًا لأن يعد الأفراد جمعًا، لذلك أضيفت النون التي تفيد النزع بعد الواو؛ لبيان هذا الوضع، وأن الجمع لا يجعلهم قطعة واحدة؛ ولو كان جمعهم في مكان واحد وفي زمن واحد.
ولا مكان للنون في الفعل الماضي مع واو الجمع، لأن الفعل انتهى وأصحابه قد تفرقوا، فاستبدلت النون بألف الانفصال الأكثر تمثيلا للواقع من النون، بالإضافة إلى إشارة الألف لاختلاف درجات ومراتب أفراد الجمع في الفعل ... والتفاصيل ستذكر في مكانها فيما بعد إن شاء الله تعالى.
أما استعمال الواو للدلالة على الرفع في جمع المذكر السالم للأسماء الدالة على الصفات؛ فهو للدلالة على اجتماع حاملين هذه الصفة عليها، وقيامها فيهم، ومرتبطة بأنفسهم المستبطنة فيهم.
وكلمة (صالح)؛ أصلها في أحد الرأيين صالحون؛ جمع (صالح)، وليس لفظًا مفردًا، حذفت فيه النون للإضافة، ثم حذفت الواو رسمًا ... ولذلك أدخلت كإحدى الأمثلة على حذف الواو.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعند الإضافة تحذف نون النزع لتنافي الإضافة التي تربط الاثنين معًا مع النزع الذي تفيده النون، والدال على الفصل والافتراق.
وواو الجمع تتولد من مد ضمة الحرف الأخير للأسماء المفردة الحاملة للصفة؛ ومدها أشرك غير صاحبها في هذه الصفة, فأصبحوا جمعًا ... وحذف الواو الدالة على الجمع يعيد حصر الصفة على صاحبها.
والناس في حمل على الصفات على ثلاثة أقسام:
- قسم تتخلق فيه الصفة تخلقًا.
- وقسم تنتقل إليه الصفة وتتمكن فيه كأنها متخلقة فيه.
- وقسم تنتقل إليه الصفة؛ لكنها تنفصل عنه إذا تعرض لأمر يجبره على التخلي عنها، والتنكر لها، أو تفضيل غيرها عليها لمصلحة ينالها، وغير ذلك من الأسباب ...
وصالح المؤمنين ذكروا بجانب الله عز وجل، وجبريل، والملائكة، فلأجل مراعاة مكانة ومنزلة وفضل وقوة وشدة من ذكروا معهم في موالاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أن يذكر اللفظ بصيغة المفردة الدالة على قوة تمكن صفة الصلاح في صاحبها، وتميزه بها؛ ليحمل تبعات الموالاة للنبي عليه الصلاة والسلام.
وإن كان اللفظ بصيغة الإفراد إلا أنه يفيد الجمع، وشاملاً لجنس الصالحين من المؤمنين ... ولا يحصرهم بزمن النزول فقط، وأن الولاية تكون من الجماعات كما تكون من الأفراد ... وأن جماعة المؤمنين في صلاحهم كأنهم رجل واحد لما اختيرت صيغة المفرد لتدل عليهم أيضًا.
حذف الواو صورة الهمزة
قال تعالى: (قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُءْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) يوسف
وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ (43) يوسف
وقال تعالى: (وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا (100) يوسف
وقال تعالى: (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) الصافات
وقال تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ (27) الفتح.
الهمزة في الرُؤْيا ساكنة وما قبلها مضموم، وحقها في الرسم القرآني أن تصور بحرف الواو لما يكن يعرف لها صورة في الرسم؛
ولبيان سبب تسمية الرؤيا بهذا الاسم مع أنها تكون في المنام وليست في اليقظة؛ نبين مراتب التعرف على الأشياء عن طريق العين؛
مراتب التعرف على الأشياء بالعين تنقسم إلى ثلاثة مراتب؛
المرتبة الأولى: النظر؛ وهو التوجه إلى الشيء لرؤيته؛ تحققت الرؤية مباشرة أم تأخرت، أو لم تتحقق، ولذلك هذا التوجه يحتاج إلى زمن قصير أو طويل يسمى الانتظار.
المرتبة الثانية: الرؤية؛ وهي العلم الذي يحصل من النظر إلى الشيء، وهذا العلم قد يحصل بالنظر مباشرة بالعين، وقد يحصل بما يراه النائم بعينه، وقد يحصل بالنقل مما تراه عين الآخرين في زمن ماض، أو حاضر، أو مما ستراه في المستقبل مما أخبر الله تعالى عنه.
كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) الفيل، وهو لم يرهم بعينه لكن وصله العلم بما رأته عيون من حضر الحادث نفسه.
وقال تعالى: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) الجاثية؛ هذا حدث من غيوب المستقبل حصل العلم به، ولم يحصل الإبصار له بعد.
أما الرؤية بالعين مباشرة فهي كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا تَرَاءَا الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) الشعراء.
المرتبة الثالثة: الإبصار؛ وهو اليقين بصحة العلم الذي حصل من الرؤية؛
فقد تنتظر شخصًا تعرفه حق المعرفة، ويطل عليك من نهاية الطريق مقبلا عليك، فيحصل العلم بقدومه، وبعد أن يقترب منك تجده شخصًا آخر شبيهًا له في جسمه ومشيته، فالعلم بقدومه انتقض لما تحقق خلافه.
أما إذا كان هو نفس الذي تنتظره بعد وصوله إليك؛ فقد حصل اليقين بقدومه فتسمى الرؤية له عند ذلك إبصارًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جمع الله تعالى المراتب الثلاث في آية واحدة؛ قال تعالى: (وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) الأعراف.
هم متوجهون بنظرهم إليك كأنهم يبصرون
فحصل لك العلم بهذا التوجه أنهم يبصرون
وجاء النفي بأنهم لا يبصرون خلافًا لما حصل من العلم.
فالعلم يكون بالنظر بالعين في اليقظة، ويحصل هذا العلم من حكم الناظر على ما رأى
ويكون العلم بالنظر بالعين في المنام؛ ويسمى هذا العلم رؤيا؛ لأنه أدى علمًا.
لكن هذا العلم لم يكن من نفس النائم، وإنما جاء له من خارجه، وأعطي له من غيره؛
لذلك حذفت الواو التي تشير إلى الباطن، لأن هذا العلم لم يحصل عليه بنفسه.
وقد بينا في الجذور التي ابتدأت بحرف الواو، أن النفس يشار إليها بحرف الواو، لأنها مستبطنة في صاحبها.
فجميع ألفاظ الرؤيا جاءت بحذف حرف الواو التي هي صورة الهمزة في الرسم، لأن نفس الرائي لا دخل لها في الرؤيا التي تنبئ بما يحدث في المستقبل، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى؛ فهي من الله سبحانه وتعالى.
أما ما يراه النائم في المنام من غير الله تعالى؛ فهو أضغاث أحلام. ولا يسمى بالرؤيا. [/ color]
حذف الواو الثانية المدية في الأسماء والأفعال
القاعدة في الرسم القرآن ألا يرسم واوان متتاليان الثاني منهما حرف مد.
وذلك أن الواو المدية حرف يتولد من ضمة الحرف الذي قبله، فيؤدي تغييرًا أو إضافة في المعنى، قال تعالى: (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ (251) البقرة
وقال تعالى: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) الشعراء.
وقال تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) التكوير.
وقال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا (20) الأعراف.
أو يتحول المفرد إلى جمع مذكر سالم في حالة الرفع.
قال تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) السجدة.
وقال تعالى: (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) الزخرف.
وقال تعالى: (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ (153) آل عمران.
وقال تعالى: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُوونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ (78) آل عمران.
وقال تعالى: (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) النساء.
وقال تعالى: (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) الكهف.
ثبوت واو الجمع التي سبقها فتح
قال تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) الأنفال
وقال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) المنافقون.
واو الجمع التي سبقها فتح فأصبحت واو لين وليس مدًا، وصارت بهذا الوضع حرفًا صحيحًا بعد أن كانت حرفًا مقدرًا .. وإذا حذفت لم يبق شيء يدل عليها .. لأن ما قبله مفتوح وليس مضمومًا.
فحذف الواو في يمحُ، ويدعُ، دل عليه بقاء حرفين من الفعل مما يوجب وجود ثالث لهما، فيقدر المحذوف من آخرهما؛ أي ضمة الحاء، وضمة العين، وكان التعليل لغياب صورة الواو من الرسم.
أما آوى، ولوَّى؛ فهما فعلان ماضيان، وقد حذفت الألف المقصورة لالتقاء ساكنين، وقد انفصل الفعل عن الفاعل .. فإلغاء أحدهما بالحذف لا يدل عليه الآخر، والأفعال الماضية مبنية على الفتح، والفتحة لا علاقة لها بالواو ليدل عليها حال حذفها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما المضارع فما زال الفاعل في الفعل فهما مجتمعان؛ وعند اجتماع حرفين؛ فقد يدغم أحدهما في الآخر، أو يلغي أحدهما الآخر عند سكونهما؛ وكان الثاني منهما حرف مد، ويبقى هناك ما يدل في اللفظ على المحذوف رسمًا، أو يحرك أحدهما لصعوبة نطق ساكنين.
لذلك ثبتت واو الجمع في الرسم مع واو الفعل الماضي. (آوَوْا – لوَّوْا)
والباطن لا يكشف وهو باطن؛ عن باطن آخر فيه ... فلا بد من بيان الإشارة إلى كل واحد منهما. .
ثبوت واو الجمع التي سبقها همز
قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ (9) الحشر.
وقال تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) الزمر.
وقال تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) النجم.
وقال تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُـ وءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) الإسراء.
في هذه الأمثلة قدر أن الهمزة المضمومة هي المحذوفة، وأن الواو المدية هي الثابتة في الرسم.
وذلك أن الهمزة تكتب حسب حركتها وحركة ما قبلها، وإذا كانت آخر الكلمة تكتب حسب حركة ما قبلها؛ لأن كتابة الكلمات يراعى فيها: كيفية الابتداء بها، والوقوف عليها،
فإذا كانت الهمزة آخر الكلمة، وما قبلها حرف مد ساكن، وهي ساكنة بسبب الوقف عليها، فلا تعرف حركتها؛ ولذلك تكتب على السطر، وقبل الفراهيدي لم تكن هناك صورة للهمزة منفردة، ولا وجود لها في الرسم القرآني، والهمزة على السطر من اختراعات الفراهيدي رحمه الله تعالى؛ ولأن أول الحروف حسب المخارج عنده العين فسمى كتابه العين، ولما وجد مخرج الهمزة قريبًا من العين رسم الهمزة مثل رسم حرف عين مصغرة، وأضيفت إلى الرسم الإملائي، وأضيفت ثَمَّ على رسم المصحف ليعرف وجودها من يجهل القراءة فيقرأها،
وحرف المد لا يقوم إلا بحرف صحيح؛ وحذف الفرع أولى من حذف الأصل؛ وأرى أن الواو هي صورة الهمزة والمحذوف هو الواو المدية؛ أي أن الكتابة تكون هكذا: تَبَوَّؤُوا - يَشَاؤُونَ - أَسَاؤُوا - لِيَسُـ وؤُوا
وذلك للأسباب التالية.
أولاً: أن حرف المد لا يقوم بذاته، فكيف يحذف الأصل الذي تولد منه ويبقى هو.
ثانيًا: أنه يبقى ما يدل على حذف حرف المد؛ وهو حركة الحرف الذي قبله، وحذف الأصل لا شيء يدل عليه.
ثالثًا: أن الهمزة التي في آخر الكلمة وقبلها حرف مد حذفت؛ لأنه لا تعرف حركتها وما قبلها حرف مد ساكن، فلما صارت وسطًا تحركت؛ فوجب كتابتها بحركة نفسها؛ أي على واو، ولا يبقى مبررًا لحذفها إلا إذا كانت مفتوحة فيمتنع رسم ألف أخرى بعد الألف.
رابعًا: أن كلمات عديدة في القرآن كتبت على أصل الوصل في القراءة، وليس على أصل الوقف؛ فرسمت الهمزة المضمومة واوًا .. وكان ذلك مراعاة للمعنى فيها. ولم يكن قاعدة عامة.
خامسًا: أن في كلمة أساءوا – وهي مكررة مرتان في القرآن – قد حذف الألف فيها أيضًا فحذفان متتاليان في الرسم يعد إجحاف فيه .. وفي حال جعل الواو المثبتة هي صورة للهمزة، فيدل على الألف المحذوفة فتحة السين، ويدل على الواو المدية ضمة الهمزة.
سادسًا: أن في كلمة ليسوءوا قد حذفت الواو فيها أيضًا فحذفان متتاليان في الرسم يعد إجحافًا فيه .. وفي حال جعل الواو المثبتة هي صورة للهمزة، فيدل على الواو المحذوفة ضمة السين، ويدل على الواو المدية ضمة الهمزة.
وعلى أي تقدير كان؛ فالرسم القرآني يبقى هو هو لا تغيير فيه، وتقدير الحذف راجع لترجيح علماء الرسم [/ color][/size]
ثبوت الواوين إذا فتح أحدهما
قال تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) البقرة
وقال تعالى: (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر: 70
وقال تعالى: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) الضحى
وقال تعالى: (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الشرح
وقال تعالى: (وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) إبراهيم
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ (16) النمل
وقال تعالى: (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85) النمل
وقال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) مريم
وقال تعالى: (يَابَنِي إِسْرَاءِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) طه
وقال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ (22) إبراهيم: 22
وقال تعالى: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) هود
وقال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) مريم
(البلد: 3
وقال تعالى: (فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) الطور
وقال تعالى: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) الممتحنة
وقال تعالى: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) القيامة
الواو الأولى ليست أصلية في الكلمة؛ وإنما هي مضافة إليها، وتعد الكلمة الموجودة فيها من كلمتين؛ واو العطف أو واو الاستئناف، والكلمة الأصلية؛ إما فعلاً (كوصى)، أو اسمًا (كوجوه.
لذلك فإن الحذف مخل في المعنى لسببين: إما بحذف كلمة منها؛ وهي الحرف المضاف المفيد للعطف أو الاستئناف.
وإما حذف الحرف الأول من الكلمة الأصلية؛ وهو يعد وجهها؛ وهو أكثر الحروف تمثيلا للمعنى المراد بها.
لذلك ثبتت الواوان فيها؛ بالإضافة إلى أن الواوين حرفان صحيحان متحركان، ليس فيهما حرف مد. [/ color]
من قواعد الرسم القرآني (العثماني) الزيادة
زيادة الواو في وسط الكلمة
قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَواةٌ يَاأُوْلِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) البقرة
وقال تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (269) البقرة
وقال تعالى: (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) آل عمران
وقال تعالى: (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَائِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) القمر
وقال تعالى: (هَاأَنْتُمْ أُوْلَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ .. (119) آل عمران.
وقال تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَاؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) النساء
اسم الإشارة أولي، وأولاء، ومع هاء التنبيه؛ هؤلاء، ومع الكاف؛ أولئك؛ كلها تشير إلى جمع، وأن الجمع قد اجتمعوا على صفة، وأن هذه الصفة مستبطنة في نفوسهم، والإشارة لم تكن لهم في أماكن وجودهم؛ بل كانت الإشارة إليهم لما في نفوسهم فكانت زيادة الواو للدلالة على ذلك، وكانت الزيادة بعد الهمزة؛ لأن الهمزة هي للامتداد المتصل، وما امتدوا به من تلك الصفات ملتصق بهم.
أما اسم الإشارة "هؤلاء" فقد اتصل فيها هاء التنبيه مع الكلمة، فصارت الهمزة وسطًا، وهي مضمومة فصورت واوًا بدلا من الألف، فأغنت بصورتها عن الواو الزائدة؛ لذلك لم تظهر زيادة الواو فيها.
أما زيادة الواو في "سأوريكم" في قوله تعالى:
قال تعالى: (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) الأعراف
وقال تعالى: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ ءاَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) الأنبياء
فاللفظ متعلق بشيء واحد في الآيتين؛ هو الآن في باطن الغيب، أي النار ودار الفاسقين، وعند الكشف عنها لن يقف الأمر على الاطلاع عليها؛ بل سيكون دخولهم بها، ولذلك زيدت الواو التي تشير إلى الباطن والداخل للدلالة على ذلك، وكان مكانها كذلك بعد الهمزة لالتصاقهم الدائم في باطنها، ولا خروج لهم منها.
والله تعالى أعلم [/ color]
إبدال الألف واوًا في وسط الكلمة
كتبت الألف واوًا في أربعة أصول حيث وجدت: الحياة، الصلاة، الزكاة، الربا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأصل الألف واو في هذه الأصول؛
الحياة من مادة "حيي" أو "حيو" لأن كثيرًا من الجذور تكون يائية واوية في آن واحد؛
كما قال تعالى: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) العنكبوت
وقال تعالى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَواةَ الدُّنْيَا (29) النجم
الحياة لا تكون إلا في نفس صاحبها؛ والواو دائمًا إشارتها للباطن والداخل، والنفس مكانها في باطن الجسد، ولا تكون حياة بلا نفس في ذات صاحبها.
الصلاة من مادة "صلو"
الصلاة فعل بالجوارح وتوجه بالقلب؛ والصلاة المقبولة عند الله تعالى هي التي يكون فيها توجه النفس إلى الله تعالى مع أداء أفعال، وأما أفعال الجسد لوحدها وانشغال القلب بغيرها؛ فلا قبول لها عند الله تعالى، وترد على صاحبها.
قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَواةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) البقرة.
وقال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَواةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) البقرة
وعند الإضافة إلى الضمائر المتصلة؛ فتكتب الألف كذلك واواً إذا أريد بها توجه النفس إلى الله؛
قال تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَواتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) التوبة، والمقصود بها توجه النفس والقلب لله ودعائه فيها، وهذا الذي يكون منه سكن لهم، وليس فعل الجوارح فقط؛ فكتبت بالواو.
وقال تعالى: (قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) هود؛ والمقصود فيها كالآية السابقة وليست الجوارح.
وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف آيتي التوبة وهود: صَلَاتِك، أَصَلَاتِك؛ بالإفراد.
وقرأ الباقون: صَلَوَاتِك، أَصَلَوَاتِك؛ بالجمع.
وذلك أن توجه القلب إلى الله تعالى في الصلاة يأتي من كثرة الصلاة الدال على تعلق صاحبها بالله، أما غير الملتزم بها، والمضيع لها، والمتهاون في كثير منها فإن توجهه إلى الله تعالى يكون ضعيفًا، وكيف يكون منه سكن لهم، وأمر منه بالمعروف ونهي عن المنكر؛ وهو غير منضبط عليها؟!
أما إذا أريد بها فعل الجوارح الظاهرة للناس؛ فكتب بالألف فقط كما تلفظ؛
قال تعالى: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) الإسراء. والجهر والإخفات مما يطلع عليه الناس ويحكمون عليه. .. ومثلها؛
قوله تعالى: (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) النور
والعلم بالشيء وتعلمه مما يكون ظاهرًا بينًا غير مستور.
أما عند إضافة الصلاة إلى ضمير الجمع، فتكتب الألف كما هي؛ لأن فعل الجمع للصلاة يكون ظاهرًا معلومًا عند الناس، ويمكن أن يتماثل الناس في أدائه وخاصة إذا كان أدوها جماعة، وذلك هو المقصود، والمطلوب أداؤه؛ والمحافظة والديمومة عليها؛ كما في قوله تعالى:
(وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) الأنعام.
وقال تعالى: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) الأنفال.
وقال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون
وقال تعالى: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) المعارج.
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) المعارج.
وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الماعون.
وما قصد فيه التوجه القلبي إلى الله تعالى فتكتب بالواو؛
قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) المؤمنون،
فقد قرأها حمزة، والكسائي، وخلف آية المؤمنون: صَلَاتِهم؛ بالإفراد.
وقرأ الباقون: صَلَوَاتِهم؛ بالجمع ومنهم حفص.
(يُتْبَعُ)
(/)
والعلة في ذلك كما ذكرناها عند التعقيب على آيتي التوبة (103)، وهود (87) السابقتين.
الزكاة من مادة "زكو"
الزكاة المقبولة عند الله هي التي يخرجها صاحبها طواعية؛ يريد بها أداء الحق الذي عليه في ماله، ويسأل الله تعالى الأجر والثواب على إخراجها؛ ولذلك كتبت الألف بالواو على الأصل لموافقة المعنى حيث ذكرت؛
قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَآَتُوا الزَّكَواةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) البقرة
الربا من مادة "ربو"
الربا: مال يفرض على المدين فوق المال الذي يأخذه، فيدخل في رأس المال ويصبح جزءًا منه؛ ويرده المدين للدائن؛ ولذلك كتبت الألف بالواو على الأصل حيث ذكرت لموافقة المعنى؛
قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَوا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة
واستثني هذا الموضع فقط:
قال تعالى: (وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ (39) الروم
أي ما آتيتم من مال لتنالوا عليه الربا؛ فالزيادة لم تقبض بعد؛ لتدخل في رأس المال؛ لذلك كتبت بالألف على اللفظ، ولم يكتب بالواو.
وكتبت الألف واوًا في أربعة كلمات: بالغداة، كمشكاة، النجاة، ومناة. والألف فيها منقلبة عن واو؛
"الغداة من مادة غدو"
قال تعالى: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَواةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (52) الأنعام
وقال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَواةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (28) الكهف.
الغداة من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس حيث يخرج الناس من هذا الوقت من بيوتهم متوجهين لأشغالهم؛ ويدخلوا فيها بعيدًا عن بيوتهم ولذلك كتبت الألف بالواو على الأصل لموافقة المعنى؛
قال تعالى: (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) القلم.
وقال عليه الصلاة: (لو أنكم تتكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا)
وقال الشاعر: وقد أغتدي والطير في وكناتها
وتغدى الصائم: تسحر
والجذر "غدو" أوله غين الغياب وفي فعل الغادي غياب عن البيت والسكن
وآخره واو الداخل والباطن وفيه دخول فيما يغيب عن العين أيضًا؛ ولذلك كتبت الغداة بالواو على أصل الجذر، وعلى أصل الخروج من أجل العودة بما تجنيه الأيدي.
ففي الآية توجه للعمل مع بداية الصباح وآخر النهار التوجه للبيت للمبيت والاستقرار؛ فهم يريدون وجه الله تعالى، ويدعونه في كل توجه لهم؛ في غيابهم وفي حضورهم، وفي كل أوقاتهم.
"المشكاة من مادة شكو"
المشكاة كوة في جدار غير نافذة؛ أي هي في باطن جدار؛ ولذلك كتبت الألف بالواو على الأصل لموافقة المعنى؛
قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَواةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ (35) النور
النجاة من مادة "نجو"
النجاة هي بلوغ مأمن والدخول فيه ليحتمي به؛ ولذلك كتبت الألف بالواو على الأصل لموافقة المعنى؛
قال تعالى: (وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَواةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) غافر
مناة من مادة "منو"
تسمية هذا الصنم بمناة من الأمنية؛ ومحل الأمنية هو القلب لتعلق الشيء بالقلب، وانهم جعلوا كل أمانيهم فيه؛ ولذلك كتبت الألف بالواو على الأصل لموافقة المعنى؛
قال تعالى: (أَفَرَءَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَواةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) النجم
والله تعالى أعلم
أبو مُسْلِم/ عَبْد المَجِيد العَرَابْلِي
ـ[أنوار]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 07:57 م]ـ
أجزل الله لكم المثوبة ... وبارك في جهدكم وعملكم ...
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 11:52 م]ـ
أجزل الله لكم المثوبة ... وبارك في جهدكم وعملكم ...
وجزاك الله بكل خير
وبارك الله فيك ولك في مرورك
وزادك الله من فضله(/)
ما مكانة البلاغة عند الخطيب القزويني؟ >أريدالإجابة
ـ[الباحثة عن الذات]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 07:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني وأخواتي الكرام
جزاكم الله خيراً هل يمكنكم مساعدتي
فلقد طلبت الأستاذة من واجب وهو مكون من سؤال واحد هو:
ما مكانة البديع عند الخطيب القزويني؟
أرجوكم أجيبوا بأسرع وقت فالأستاذة طلبته غداً(/)
ولأمر ما وقع التباين بين مفسر لكلام رب العزة ومفسر
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[31 - 10 - 2008, 05:01 م]ـ
كلام رائع جدا للعلامة أبي يعقوب يوسف السكاكي في كتابه (مفتاح العلوم)
قال في أثناء حديثه عن الالتفات:
(( .... ولأمر ما وقع التباين الخارج عن الحد بين مفسر لكلام رب العزة ومفسر، وبين غواص في بحر فرائده وغواص، وكل التفات وارد في القرآن متى صرت من سامعيه عرفك ما موقعه، وإذا أحببت أن تصير من سامعيه فأصخ ثم ليتل عليك قوله تعالى "إياك نعبد وإياك نستعين"، فلعلك ممن يشهد له الوجدان بحيث يغنيه عن شهادة ما سواه، أليس أن المرء إذا أخذ في استحضار جنايات جان متنقلا فيها عن الإجمال على التفصيل وجد من نفسه تفاوتا في الحال؟ بينا لا يكاد يشبه آخر حاله هناك أولها، أو ما تراك إذا كنت في حديث مع إنسان وقد حضر مجلسكما من له جنايات في حقك كيف تصنع؟ تحول عن الجاني وجهك وتأخذ في الشكاية عنه على صاحبك، تثبته الشكوى معددا جناياته واحدة فواحدة، وأنت فيما بين ذلك واجد مزاجك يحمى على تزايد يحرك حالة لك غضبية تدعوك على أن تواثب ذلك الجاني وتشافهه بكل سوء، وأنت لا تجيب على أن تغلب فتقطع الحديث مع الصاحب ومباثتك إياه وترجع على الجاني مشافها له: "بالله قل لي هل عامل أحد مثل هذه المعاملة؟ هل يتصور معاملة أسوأ مما فعلت؟ أما كان لك حياء يمنعك؟ أما كانت لك مروءة تردعك عن هذا"، وإذا كان الحاضر لمجلسكما ذا نعم عليك كثيرة فإذا أخذت في تعديد نعمه عند صاحبك مستحضرا لتفاصيلها أحسست من نفسك بحالة كأنها تطالبك بالإقبال على منعمك وتزين لك ذلك، ولا تزال تتزايد ما دمت في تعديد نعمه حتى تحملك من حيث لا تدري على أن تجدك وأنت معه في الكلام تثني عليه وتدعو له وتقول: "بأي لسان أشكر صنائعك الروائع، وبأية عبارة أحصر عوارفك الذوارف"، وما جرى ذلك المجرى، وإذا وعيت ما قصصته عليك وتأملت الالتفات في "إياك نعبد وإياك نستعين" بعد تلاوتك لما قبله من قوله "الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين" على الوجه الذي يجب -وهو التأمل القلبي- علمت ما موقعه، وكيف أصاب المحز، وطبق مفصل البلاغة؛ لكونه منبها على أن العبد المنعم عليه بتلك النعم العظام الفائتة للحصر، إذا قدر أنه ماثل بين يدي مولاه، من حقه إذا أخذ في القراءة أن تكون قراءته على وجه يجد معها من نفسه شبه محرك على الإقبال على من يحمد، صائر في أثناء القراءة على حالة شبيهة بإيجاب ذلك عند ختم الصفات، مستدعية انطباقها على المنزل على ما هو عليه، وإلا لم تكن قارئا، والوجه هو إذا افتتح التحميد أن يكون افتتاحه عن قلب حاضر ونفس ذاكرة يعقل فيم هو؟ وعند من هو؟ فإذا انتقل من التحميد على الصفات أن يكون انتقاله محذوا به حذو الافتتاح، فإنه متى افتتح على الوجه الذي عرفت مجريا على لسانه الحمد لله، أفلا يجد محركا للإقبال على من يحمد من معبود عظيم الشأن حقيق بالثناء والشكر مستحق للعبادة؟ ثم إذا انتقل على نحو الافتتاح على قوله "رب العالمين" واصفا له بكونه ربا مالكا للخلق، لا يخرج شيء من ملكوته وربوبيته، أفترى ذلك المحرك لا يقوى؟ ثم إذا قال "الرحمن الرحيم" فوصفه بما ينبئ عن كونه منعما على الخلق بأنواع النعم جلائلها ودقائقها مصيبا إياهم بكل معروف، أفلا تتضاعف قوة ذلك المحرك عند هذا؟ ثم إذا آل الأمر على خاتمة هذه الصفات وهي "مالك يوم الدين" المنادية على كونه مالكا للأمر كله في العاقبة يوم الحشر للثواب والعقاب، فما ظنك بذلك المحرك؟ أيسع ذهنك أن لا يصير على حد يوجب عليك الإقبال على مولى شأن نفسك معه منذ افتتحت التحميد ما تصورت؟ فتستطيع أن لا تقول: إياك يا من هذه صفاته نعبد ونستعين لا غيرك ... )).
أرجو تدبر الكلام وتكرار قراءته.
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:48 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.(/)
هل هو السجع المقلوب؟
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 12:15 م]ـ
سر فلا كبا بك الفرس
كل في فلك
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 03:13 م]ـ
يسمى: العكس و التبديل
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 04:57 م]ـ
هذا نوع من أنواع جناس القلب، أو جناس العكس.
وهو: أن يكون الكلام بحيث إذا قلبت حروفه لم تتغير قراءته؛ فيقرأ من اليمين والشمال دون أن يتغير المعنى.
وأورده الخطيب القزويني تحت مسمى: (القلب).
والله - تعالى - أعلم.
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 06:49 م]ـ
ومن مثله:
بلح تعلق بقلعة حلب
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 08:05 م]ـ
شكرا للجميع وإليكم هذا البيت:
مودته تدوم لكل هول وهل كل مودته تدوم
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 01:45 م]ـ
هذا من المحسنات اللفظية وقد اختلفوا في المصطلح والأنسب هو القلب
ومنه:
مودته تدوم لكل هول .... وهل كل مودته تدوم
وقوله تعالى:
" ربك فكبر"
وقول الشاعر:
اس أرملا إذا عرا ..... وارع إذا المرء أسا
اسند أخا نباهة .... ابن أخا دنسا
ومثل هذا كثير في مقامات الحريري ... !!(/)
شرح "ما رأيت في التوقد نظرة أشبه بلهيب النار من .. "
ـ[فرحان]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 04:57 م]ـ
السلام عليكم
أود أن يشرح لي أحدكم قصد الأعرابي الذي يقول "ما رأيت في التوقد نظرة أشبه بلهيب النار من نظرته"
جزاكم الله ألف خير
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 06:45 م]ـ
أخي فرحان
حسب ظاهر العبارة، هذا الشخص له نظرة ثاقبة. فهي أشبه بلهيب النار
والله أعلم
والعبارة: (ما رأيتُ في التَّوقُّد نظرةً أشبهُ بلهيب النار نظرته) مضبوطة بالشكل(/)
إلى أحبتي (تفسير نص من دلائل الإعجاز)
ـ[تحياتي]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 05:49 م]ـ
ذكر الشيخ الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز) عن القرآن " أعجزتهم مزايا ظهرت في نظمه، وخصائص صادقوها في سياق لفظه، وبدائع راعتهم من مبادي آيه ... " إيها الأكارم: بودي أن أعرف مالفرق بين المزايا والخصائص والبدائع، وهل هنا فيه سر لتفصيل الشيخ لها بهذه الطريقة، كيف؟؟
أحسن الله إليكم وبارك بعلمكم انتظركم ..............
ـ[معالي]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 06:11 م]ـ
رويدكَ قد أثرتَ شؤون عيني ... على ذكرى أبي موسى الفريدِ
إذا قلقتْ من الأيام عينٌ ... فقُرَّةُ عينِها (ذكرُ الحميدِ)
هذا مطلع نص نفيس شرحه شيخنا العلامة د. محمد أبو موسى في كتابه (مراجعات في أصول الدرس البلاغي)، وقال عنه إنه ملخص لكلام عبدالقاهر رحمه الله في الدلائل وإجمال له.
وقد استغرق شرح العبارات الثلاث فقط التي وردت في مشاركتك خمس صفحات لا تشبع من قراءتها وتردادها، فعد إليها.
ـ[تحياتي]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 10:19 م]ـ
تحياتي لك أختي معالي، وشكر الله سعيك، وجعلك ترتقيين إلى معالي الأمور، ذهبت إلى المكتبة هذا اليوم وأحضرت الكتاب الذي أشرتي إليه، واستفدت منه إفادة كثيرة، جزاك الله خير .......... وأشكرك مرة ثانية ..
ـ[غيم]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 03:23 م]ـ
الشكر لك أخت معالي ولكاتب السؤال ... على إثرائنا بهذه المعلومة المهمة
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:37 م]ـ
بارك الله فيكم.(/)
للمساعدة: مفهوم البلاغة عند عبدالقاهر الجرجاني
ـ[رشا11]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 12:48 ص]ـ
السلام عليكم
انا مكلفة باعداد حلقة بحث حول مفهوم البلاغة عند عبد القاهر الجرجاني بالاضافة الى المقارنة بينة وبين نقاد اخرون
ارجو المساعدة
ـ[عبدالمجيد هاشم]ــــــــ[11 - 01 - 2009, 11:23 م]ـ
سأرد على موضوعك ولكن امهليني يوم أو يومين على الأقل. وشكرا(/)
كلمات ملوَّنة في البلاغة
ـ[محمد سعد]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 03:27 ص]ـ
قال أَبو العتاهية:
يا صاحب الدُّنْيَا الْمُحِبَّ لها =أَنْتَ الذي لاَ ينقضي تَعَبُهْ
ـ[محمد سعد]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 03:33 ص]ـ
في التحسر و التوجع
أَيا قبْرَ معْنٍ كيْف واريْتَ جُودهُ =و قَدْ كانَ مِنْهُ البرُّ والبحْرُ مُتْرعا
ـ[محمد سعد]ــــــــ[05 - 11 - 2008, 07:08 م]ـ
كتبَ أبو الطيب إِلى الوالي وهو في الاعتقال:
أمَالِكَ رقِّي و منْ شأْنُه=هِبَاتُ اللُّجَيْن وَعِتْق العَبيد [1]
دعَوْتُكَ عِندَ انْقِطَاع الرجا =ءِ وَالمَوتُ مِنى كَحَبل الوَريد [2]ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرق: العبودية، والهبات: العطايا، واللجين: الفضة، والعتق التحرير.
حبل الوريد: عرق في العنق يضرب مثلا في شدة القرب.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[05 - 11 - 2008, 07:46 م]ـ
قال أَبو تمام:
لَيْسَ الْحِجَاب بمُقصٍ عنْكَ لي أَملا= إِنَّ السَماءَ تُرَجَّى حِينَ تَحْتجِبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراد بالحجاب احتجاب الممدوح عن قصاده، ومقص: مبعد، وتحتجب: تختفي تحت الغيوم.
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 11 - 2008, 12:41 ص]ـ
أخي الحبيب محمد سعد:
ما المقصود بكلمات ملونة؟؟ أنا لم أعيها!!
الرجاء شرح المعنى كي نشارك ....
بارك الله فيك ..
ـ[سمية ع]ــــــــ[08 - 11 - 2008, 11:59 ص]ـ
بارك الله فيك ...
إذا سمحت اشرح لنا ما ترمي إليه من خلال هذه النافذة
...
ـ[محمد سعد]ــــــــ[08 - 11 - 2008, 11:13 م]ـ
المقصود بعنوان الصفحة أن هذه الكلمات من كل ألوان الأدب. ولكنها تحمل سمة الإيجاز والبلاغة، ممتعة في قصرها والحقيقة سوف أنقلها إلى البلاغة لأن من أهم الميزات أنها تحمل لونا بلاغيا
ـ[محمد سعد]ــــــــ[08 - 11 - 2008, 11:18 م]ـ
قال أبو جعفر النحاس: البلاغة في المعاني ألطف من البلاغة في الألفاظ، فيستحسن منها صحة التقسيم من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: {يقول ابن آدم مالي وإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو أعطيت فأمضيت}
سنن الترمذي - الزهد: 2342
ـ[سمية ع]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 01:24 م]ـ
صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد ...
جزاك الله خيرا
هل لنا بالمشاركة؟؟
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 02:52 م]ـ
الأستاذ الفاضل محمد سعد:
بوركت على هذه النافذة الماتعة، ولي عودة للمشاركة إن أذن ربي.(/)
نوع الاستعارة؟!
ـ[ريماا]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 06:00 م]ـ
السلام عليكم
كيفكم؟!
ممكن تساعدوني في معرفة نوع الإستعاره في هذه الايات؟ ..
1) "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ماجرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون "
2) " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها "
وأكون لكم شاكره ..
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 02:11 م]ـ
استعارة تصريحية
ـ[قلمي مازال ينبض]ــــــــ[05 - 11 - 2008, 08:26 م]ـ
تصريحيه
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 02:39 م]ـ
السلام عليكم
2) " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها "
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ويجوز أن يكون في هذا التعبير الكريم استعارة مكنية؛ حيث شبه الأيمان بالحبل الذي ينقض، حذف المشبه به، وأبقى على شيء من لوازمه (وهو النقض).
والله - تعالى - أعلم.
ـ[يحيى سليمان]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 04:40 م]ـ
الآية الأولى لا أرى بها استعارات
الثانية هي استعارةٌ مكنية كما قالت أستاذتي في المشاركة السابقة
نقض الحبل: أي حل طاقاته وحُذِفَ المشبه به وجاء بشيءٍ من لوازمه وهو النقض
و نقض الشيء هو إفسادٌ بعد إحكام
ولذا فالاستعارة المكنية هنا أولى
والله أعلم
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 11:34 م]ـ
شبه النوم بالموت حذف المشبه وذكر احد لوازم المشبه به
ـ[بونديا]ــــــــ[01 - 01 - 2009, 07:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في الآية الأولى مجازات متعددة
إذ جعل النوم وفاة (موتا)، وجعل الاستيقاظ (بعثا) (أي قيام بعد موت) وجعل ما يكسبه الإنسان من حسنة أو سيئة ومن مال وغيره (جرحا)
والآية الثانية الاستعارة فيها مكنية كما قال الصديق يحيى
والله الأعز أعلى وأعلم
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[02 - 01 - 2009, 12:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في الآية الأولى استعارة تبعية؛ شبه عمل الإنسان بصيد الطائر الجارح، بجامع الاكتساب في كل، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو الجرح واشتق منه الفعل جرحتم بمعنى اكتسبتم. أو استعارة مكنية شبه الإنسان بالطائر الجارح وحذف المشبه به وجاء بشيء من لوازمه وهو الجرح.
أما يتوفاكم ويبعثكم فلا استعارة فيهما لأن النوم توفٍّ على الحقيقة، والإيقاظ بعث على الحقيقة، ولكن العرف خص معنى التوفي على الموت، ولا يجرى المعنى العرفي على الألفاظ الشرعية لأنها سابقة له. قال الله تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى"
وفي الآية الثانية استعارة مكنية كما فال الإخوة، أو تبعية شبه الحنث في اليمين بنقض الحبل بجامع الإرخاء بعد الشد في كل، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو النقض واشتق منه الفعل تنقضوا.
وبالله التوفيق(/)
أبحث عن الإفراد والجمع في القرآن
ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[03 - 11 - 2008, 01:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد
فموضوع الدكتوراه عندي عن الإفراد والجمع في القرآن الكريم، فهل من أحد يدلني عن أي شيء يفيدني عن هذا الموضوع جزاكم الله تعالى كل خير آمين
علما بأنني قطعت شوطا كبيرا في الموضوع، لكت تعوزني المراجع التي أُفردت حول الموضوع أو أفردت له أبوابا أو فصولا بها
أتمنى ألا أُحرم منكم نفعا
ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[03 - 11 - 2008, 07:40 م]ـ
حياك الله وبياك ....
هناك الكثير من الكتب التي تفيدك في بحثك , ولكن بما انك طلبت ما يدخل في صميم بحثك فهناك رسالة جامعية نوقشت في العراق بعنوان " الإفراد والجمع في القرآن الكريم دراسة صرفية دلالية " للباحث نجم عبد جارالله , وهي موجودة في مكتبتي , وهناك كتاب آخر مهم جداً عنوانه " الإعجاز البياني في صيغ الألفاظ دراسة تحليلية للإفراد والجمع في القرآن" للدكتور محمد الأمين الخضري , وهو موجود في مكتبتي أيضاً , وإن وجدت طريقاً لوصولها إليك في الأمارات سأرسلها لك بأسرع وقت خدمة للعلم وأهله. والله الموفق.
ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 06:05 ص]ـ
السلام عليكم دكتور عدنان ورحمة الله وبركاته
وبعد
فأنا سعيد كل السعادة بأن تكون أول من يجيب ندائي، لك من لساني كل الشكر، ومن قلبي كل الحب والمودة والاحترام، وأحب أن أعلمك أستاذي أني أمتلك كتاب الدكتور الخضري، أما رسالة الدكتور جار الله فقد قرأت عنها ورأيتها في قائمة الرسائل بإحدى جامعات العراق (لا أذكر اسمها) لكني لم أستطع الحصول عليها، فلو تكرمت بإمدادي بها لكنت لك شاكرا كل الشكر، وأنا على استعداد لأية مصروفات ويكفي أنك أتعبت نفسك من أجلي، وجزاك ربي من كل خير أجملَه وأوفاه وأتمَّه
ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 06:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا دكتور عدنان، عنواني في الإمارات العربية كالتالي: (الإمارات العربية المتحدة_ رأس الخيمة_ أذن_ ص. ب: 8722، ت +971503478084، وإميلي: islam200839*********** ، أتمنى أن ترد على في أي وقت تسمح به ظروفك وأنا شاكر لك كل الشكر
أخوك/ محمد أحمد شلبي(/)
جماليات بيانية في مواقف نبوية
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[05 - 11 - 2008, 02:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، مالك الملك والملكوت، المتفرد بالعزة والجبروت. والصلاة والسلام على نور الأنوار، النبي المصطفى المختار سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد ..
فهذه إشارات عابرات لموضوع أعكف عليه حاليا بالبحث والدرس محوره الأساس سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من خلال استعراض الجماليات الأدائية في ردود الحبيب في المواقف المختلفة. والاعتماد على التحليل الدقيق لفنيات هذا الأداء من خلال رصد النسيج النصي الحاكم للموقف، واستكناه الوجهة النفسية لأطرافه، وبيان الخصائص النوعية المميزة لكلام كل طرف من أطراف الموقف خاصة كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم.
والهدف الذي نأمله من هذا الصنيع ليس إثباتا لبلاغة الحبيب الثابتة في حقه بداهة، ولكن الإفصاح عن شبكة الجمال في هذه البلاغة، وبيان نسيج العلاقات البيانية في هذه الردود قدر الإمكان.
فمثلا:
في الفترة المكية من الدعوة .. نرى الحبيب صلى الله عليه وسلم في أحد شوارع مكة وقد مدّ يد المساعدة لعجوز تحمل الحطب على ظهرها، فحمله عنها، وأوصلها إلى منزلها، فحمدت له صنيعه، وأرادت مكافئته بالنصح قائلة: أي بني إني لك ناصحة جزاء صنيعك، إن هنا كذاب يدعي النبوة ويدعى محمد فلا يفتننك عن نفسك ودينك. فيأتي الرد الجمالي من الحبيب صلى الله عليه وسلم: يا أماه أنا محمد .. فتشهد بالتوحيد والنبوة.
قف معي على كلمات موجزة .. (يا + أماه + أنا + محمد)
(حرف النداء + المنادى + صيغة المتكلم المفرد + العَلَم)
فالوقوف على هذه الجمالية هنا يقتضي ما يأتي:
الوقفة اللغوية المجردة.
الوقفة السياقية.
الوقفة النفسية، ودراسة المعنى النفسي.
الوقفة النصية، وبناء النسيج الأدائي.
ومن ثم الوصول إلى جماليات الأداء المحمدي في كل موقف حسب السياق الكلي للموقف (العام)، والسياق الجزئي لأطراف الموقف (الخاص).
وعلى هذا النهج سيكون لنا لقاءات في هذا الإطار إن شاء الله ..
ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[07 - 11 - 2008, 06:27 ص]ـ
أعانك الله فضيلة الدكتور أسامة، وأسأل الله تعالى أن يجري على لسان قلمك ما يطرب الأسماع، ويهدي إلى فضل هذا الدين، الذي هو كالجوهرة يضيء لك أنى اتجهت إليه، ولأنت أشبه بقول القائل
ماذا يزيد العيد في إجلاله ....................... وجلاله بيراعه مسطورُ
كشف الغطاء له فكل عبارة ........................ في طيها للقارئين ضميرُ
أسأل ربي أن يوفقك لخدمة كتابه ودينه
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 02:13 م]ـ
الدكتور الفاضل ابن عبدالعزيز الرجداوي:
بوركت هذه النافذة المشرعة على بلاغة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه.
وإني لفي شوق لمتابعة ما يوشّى هنا.
ـ[حنين الروح]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 11:53 ص]ـ
أبكيت العين يا اخي
هنا نندهش لكرم اخلاقه وجود كرمه ورحابة صدره
من منا في هذا الزمن يسمع بذمه ويرد بأجمل الكلام واروع الاساليب ...
عجبا لحالنا في يومنا هذا
نتبع رسولنا وننسى اتباع خلقه ..
نتبع رسولنا وننسى التماس قلبه الرحيم ...
كم تمنيت بأن اكون معك في عصرك لألتمس خطاك ..
وان شاء الله نرى في امتنا من على خطاك ...
بوركت اخي الكريم ..
وارجو من سيادتكم التطرق الى العديد من الجماليات والروحانيات في السنة ...
غفر الله لك ولوالديك
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 12:13 م]ـ
دكتورنا الفاضل الرجداوي مادة ممتعة وتحليل أروع ننتظر الوابل منكم بعد الطلّ، وياليتكم تشيرون الى مصدر الوقائع ليكتمل الجمال.
جزاكم الله خير الجزاء وأوفاه.(/)
جمال اللغة العربية -6 - يقال ولا يقال؟؟
ـ[أحلام]ــــــــ[06 - 11 - 2008, 11:55 م]ـ
- أنهم لا يقولون مائدة إلا إذا كان عليها طعام وإلا فهي: خوان.
-ولا للعظم عرق إلا ما دام عليه لحم،
-ولا كأس إلا إذا كان فيه شراب، وإلا فهي: زجاجة،
- ولا كوز إلا إذا كانت له عروة، وإلا فهو كوب،
ولا رضاب إلا إذا كان في الفم، وإلا فهو: بصاق،
ولا أريكة إلا للسرير إذا كان عليه قبة. فإن لم يكن عليه قبة فهو: سرير.
ولا ربطة إلا إذا كانت لفقتين، وإلا فهي: ملاءة،
ولا خدر إلا إذا كان فيه امرأة، وإلا فهو: ستر.
ولا للمرأة ظعينة إلا إذا كانت في الهودج،
ولا قلم إلا إذا كان مبرياً، وإلا فهو: أنبوب.
ولا عهن إلا إذا كان مصبوغاً، وإلا فهو: صوف.
ولا وقود إلا إذا اتقدت فيه النار، وإلا فهو: حطب.
ولا ركية إلا إذا كان فيه ماء، وإلا فهي: بئر.
ولا للإبل رأوية إلا ما دام عليها الماء،
ولا للدلو سجل إلا ما دام فيها الماء،
ولا ذنوب إلا ما دامت ملأى،
ولا نفق إلا إذا كان له منفذ وإلا فهو: سرب.
ولا سرير نعش إلا ما دام عليه الميت.
ولا للخاتم خاتم إلا إذا كان عليه فص.
ولا رمح إلا إذا كان له زوج وسنان،
وإلا فهو: أنبوب وقناة.
ولا لطيعة إلا للإبل التي تحمل الطيب والبز خاصة. ولا حمولة إلا للتي تحمل الأمتعة خاصة.
ولا بدنة إلا للتي تجعل للنحر.
ولا ركب إلا لركبان الإبل. ولا هضبة، إلا إذا كانت حمراء. ولا يقال غيث، إلا إذا جاء في إبانه، وإلا فهو: مطر. ولا يقال عش، حتى يكون عيداناً مجموعة، فإذا كان نقباً في جبل أو حائط فهو: وكر ووكن .....
ـ[أنوار]ــــــــ[07 - 11 - 2008, 09:01 ص]ـ
رائع أحلام ... أثابك الله ... وبارك فيكِ ..
يقال أن اللغة ليس فيها مترادفات وأن كل لفظة لها دلالة معينة؟ ولكن رحمنا الله أصبحت عاميتنا تخلط الغث والسمين؟
ـ[سمية ع]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 01:27 م]ـ
بارك الله فيك يا أحلام
ـ[اللغة العربية الفصحى]ــــــــ[10 - 01 - 2009, 11:27 م]ـ
السلام عليكم وحمة الله وبركاته
جازك الله خير اختي احلام على المجهود ...
تخذت الموضوع نشاط لمعلمة اللغة العربية ..
ـ[يحيى معيدي]ــــــــ[10 - 01 - 2009, 11:52 م]ـ
بوركت
ـ[ماريا.]ــــــــ[11 - 01 - 2009, 02:15 ص]ـ
موضوع مفيد وممتع بارك الله بك ...
ـ[أحلام]ــــــــ[11 - 01 - 2009, 06:35 م]ـ
الأخوة الافاضل:
شكرا للمرور الطيب
وجزاكم الله خيرا(/)
طبق في سر الهمزات التي كتب على الوصل لا الوقف
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 11 - 2008, 11:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طبق في سر الهمزات التي كتب على الوصل لا الوقف في الرسم القرآني
من خصائص الرسم العثماني أنه يراعي المعاني في رسم الكلمات؛ فراعى الوصل لا الوقف في كتابة بعض الكلمات.
والقاعدة الإملائية في كتابة الكلمات؛ تسكين أواخر الكلمات، وكتابة الحرف الأخير حسب الوقف عليه.
أما الوقف على الهمزة فيكون تبعًا لحركة الحرف الذي قبلها؛
فإن كان ما قبلها مفتوحًا؛ كتبت الهمزة على ألف؛ مثل: (امْرَأَ - اقْرَأْ – يُنَبَّأْ)،
وإن كان ما قبلها مكسورًا؛ كتبت على نبرة بصورة الياء؛ مثل: (امْرِئٍ – قُرِئَ – وَتُبْرِئُ)،
وإن كان ما قبلها مضمومًا؛ كتبت على الواو؛ مثل: (امْرُؤٌا - لُؤْلُؤٌ)،
أما إذا كان ما قبلها ساكنًا سكونًا حيًا؛ كتبت على السطر؛ مثل: (الْخَبْءَ – دِفْءٌ - مِلْءُ)،
أو سكونًا ميتًا وهي حروف المد الساكنة؛ مثل: (السَّمَاءِ – شَيْءٍ – السُّوءُ)،
فعند الوقف على الهمزة لا تظهر حركتها، وما قبلها ساكن لا حركة له، ولما لم يكن لها صورة مستقلة بذاتها، لذلك لم يوجد في الرسم ما يشير إليها، حتى جاء الفراهيدي رحمه الله تعالى، فجعل لها صورة تكتب على السطر، وفوق حروف المد التي جعلت صورة لها.
والهمزة التي قبلها سكون أو حرف مد، ثم صورت واوًا؛ هي موضع بحثنا، وهي التي قد خرجت في كتابتها عن القاعدة، وكتبت وفق حركتها هي، وهذه الحركة لا تعرف إلا إذا واصلنا القراءة، ولذلك قلنا بأنها كتبت على الوصل لا الوقف.
الكلمات التي كتبت على الوصل ثمان عشرة كلمة؛ تسعة أسماء وتسعة أفعال، منها ما كرر، ومنها لم يكرر، ومنها ما كتبت على الطريقتين؛ أي مرة على الوقف، ومرة على الوصل، ومنها لم يكن له مثال آخر فكتبت على الوصل فقط.
وسنذكر هذه الكلمات التي كتبت على الوصل؛ مبينين سر كتابتها،
وسنذكر ما كتب على الوقف من مثيلاتها للمقارنة بينها.
القسم الأول همزات الأسماء
الهمزة الأولى: الضُّعَفَاؤُاوردت الضعفاء أربع مرات؛ مرتان كتبت على أصل الوقف، ومرتان كتبت على الوصل.
ويعود السر في اختلاف الرسم لاختلاف الضعف؛ فهناك من الضعف ما ينتهي في حياة الإنسان عند الكثير؛ كالضعف بسبب الصغر، أو المرض، أو الفقر.
ومنه ما ينتهي مع نهاية الدنيا، وكالضعف الذي يكون عن كبر في السن؛ ثم يبعث يوم القيامة في كمال شبابه وقوته.
وقد ذكر مثل هذا الضعف المنقطع في آيتين:
• قال تعالى: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) البقرة
• وقال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) التوبة
ففي آية البقرة "ذرية ضعفاء"؛ فيهم ضعف مؤقتُ يزول ببلوغهم سن الرجال، فكتبت الكلمة على أصل الوقف؛ أي على تسكين آخر الكلمة، والسكون انقطاع، لأن مصير ضعف هؤلاء الذرية الضعفاء إلى الانقطاع؛ وذلك عند الخروج من الصغر، وبلوغ مبلغ الرجال.
وفي آية التوبة "الضعفاء"؛ فيهم ضعف من سنة الله في عباده عند بلوغ الكبر؛ وهذا الضعف مرتبط بالحياة الدنيا، ويوم القيامة يبعثون على سن واحد، والآية تتحدث عمن أعذر عن الجهاد بسبب ضعفه، وذكر معهم المرضى والفقراء، مما يدل على أن ضعفهم ليس بسبب المرض أو الفقر، إنما هو بسبب كبر السن، وهذا الضعف مصيره الانقطاع، لذلك كتبت الهمزة على الوقف: أي السكون الذي يفيد الانقطاع.
لكن هناك ضعفًا لا ينقطع بانتهاء الدنيا فكتبت فيه همزة (الضُّعَفَاؤُا) على الوصل لا الوقف في آيتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاؤُا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) إبراهيم.
وقال تعالى: (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاؤُا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنْ النَّارِ (47) غافر.
تتحدث هاتان الآتان عن محاججة في النار بين المستكبرين والضعفاء الذين تبعوهم؛ باعتبار ما كانوا عليه في الحياة الدنيا.
وضعف هؤلاء الضعفاء كان في الدنيا، ولضعفهم فيها اتبعوا المستكبرين على ما كانوا عليه من الكفر والشرك، وذلوا لهم، وتواصل ضعفهم واستمر في الآخرة؛ فليس في جهنم قوي، فهذا الضعف لا نهاية له ولا انقطاع، ولا خروج منه، فكتبت همزة الضعفاء على الواو مراعاة للوصل والاستمرار، لا الوقف والانقطاع؛ مبينة الواقع الذي هم عليه؛ ضعف لم ينته بنهاية الحياة الدنيا واستمر في الآخرة، والواو تشير دائمًا إلى الداخل والباطن؛ فهم في ضعف عند رب العالمين، ونار لا خروج لهم منهما.
فكان اختلاف رسم الكلمات مبنيًا على الواقع الذي تصور هذه الكلمات.
الهمزة الثانية: همزة العُلَمَاؤُا (المعرفة بالألف واللام)
قال تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاؤُا إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر
الهمزة الثالثة: همزة عُلَمَاؤُا (المعرفة بالإضافة)
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاؤُا بَنِي إِسْرَاءِيلَ (197) الشعراء
العلماء في الآية الأولى لم يحددوا بقوم ولا بعلم خاص، ولم يحددوا بزمن معين؛ والعلم جاء لهم من التعلم؛ أي أن هناك من تعلموا منه العلم، وورثهم إياه؛ فالعالم ينقل العلم من علماء سبقوه، وقد يزيد على علمهم، ويورث هذا العلم لمن يأتي بعده فيصبحوا علماء مثله، أو أكثر منه علمًا ... وهكذا يستمر تناقل العلم، وبروز العلماء بالعلم الذي تعلموه وما زادوا عليه مما علمهم الله، وفتح لهم من أبواب العلم .. وكان أول من ورث العلم هو آدم عليه السلام، وبعث الله الأنبياء والرسل ليزيدوا الناس علمًا، وحتى زادوهم بعض الصناعات؛ فقد كان إدريس عليه السلام حائك ثياب، ونوح عليه السلام نجارًا، وقد صنع السفينة بمن معه، وكان داود حدادًا، ...........
وفي الآية الثانية كان تخصيص العلماء بعلماء بني إسرائيل؛ وعلمهم هو مما ورثوه من العلماء قبلهم، في تسلسل امتد في بني إسرائيل من نزول التوراة إلى مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا على علم واحد بهذا الأمر؛ أي بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
فكتابة همزة (الْعُلَمَاؤُا) على الوصل لا الوقف؛ لتدل على استمرار العلم، وأن المقصودين بالعلماء؛ هم الذين لم يخرجوا من هذا العلم بتوارثهم له بدلالة رسم الواو؛ (المشيرة للباطن والداخل)، المضافة كصورة للهمزة.
الهمزة الخامسة: همزة بُرَءَاؤُا
كتبت شركاء على الوصل لا الوقف في موضعين فقط؛
أما الموضع الأول؛ فكان في استفهام استنكاري للذين ادعوا أن لله شركاء دائمين معه، وآمنوا بذلك، والملك لله وحده يوم القيامة؛ فأين ذهب هؤلاء الشركاء يوم القيامة؟! فكتبت لذلك (شُرَكاؤُا) على الوصل لا الوقف، على ما كان يعتقده المخاطبين في الآية.
قال تعالى: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاؤُا .. (94) الأنعام
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الموضع الثاني؛ فكان في استفهام عن شركاء شرعوا لهم دينًا، ومن يشرع شرعًا لا يشرعه لسنوات معدودة، بل ليكون دائمًا، تعمل به أجيال عديدة، ولذلك لا بد من أن يكون الشريك قادرًا على محاسبة من يخرج عن الدين، ويكافئ من عمل به، وأن يستمر معهم وليس لجيل واحد أو زمن محدود؛ لذلك كتبت (شُرَكَاؤُا) على الوصل لا الوقف، مراعاة للسؤال عن شركاء في اعتقادهم لهم صفة الاستمرار والتواصل مع الناس، وأنهم ما زالوا في الشراكة ولم يخرجوا منها. تعالى الله عما يصفون.
قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاؤُا شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ... (21) الشورى.
وما ذكر غير ذلك من شركاء كان في شراكة منقطعة؛ لذلك كتبت على أصل الوقف الذي يفيد السكون والانقطاع.
فمن ذلك في توزيع الإرث؛ (فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ (12) النساء، وفي اقتسام الجاهليين الميتة؛ (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ (139) الأنعام، وفي اقتسامهم الاستعباد؛ (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ (29) الزمر، وفي تحديهم بإثبات ما لا وجود له؛ (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) القلم.
[ font="simplified arabic"] الهمزة الخامسة: همزة بُرَءَاؤُا
قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (4) الممتحنة.
لم يكن قول إبراهيم عليه السلام ومن معه لقومهم؛ هو إخبار لهم بأنهم برآء؛ بل هم مستمرون على البراءة منهم، بلا انقطاع ولا تراجع؛ إلى أن يؤمنوا بالله وحده، ولذلك كتبت الكلمة على الوصل والاستمرار لا الوقف والانقطاع، وصورت الهمزة واوًا لضمتها، وأنهم داخلون في هذا الذي يفرقهم عن قومهم، ويعزلهم عنهم ولا يخرجون منه؛ وهو البراءة منهم بسبب شركهم.
الهمزة السادسة: همزة أَنْبَاؤُا (بالجمع)
ورد لفظ (أَنْبَاؤُا) المضموم الهمزة في القرآن مرتين، وقد كتبت فيهما الهمزة على الوصل والاستمرار، لا الوقف والانقطاع.
قال تعالى: (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاؤُا مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (5) الأنعام.
وقال تعالى: (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاؤُا مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (6) الشعراء.
لما بين الله تعالى أن هذه الأنباء في طريق وصولها إليهم؛ فكتبت الهمزة لذلك على أصل الوصل والاستمرار، لا الوقف والانقطاع، وصورت بسبب ضمها واوًا ... والأنباء التي ستأتيهم هي ما توعدهم الله عز وجل به من العذاب، وإدخالهم جنهم خالدين فيها، ولا خروج لهم منها؛ فكانت الواو التي تستعمل في الإشارة إلى الباطن والداخل، واستمرار إشارتها تلك، لأنها آخر الحروف في الكلمة؛ فكانت تصويرًا لما يؤول إليه حالهم.
ووردت الأنباء معرفة بأل التعريف، ومضمومة الآخر في موضع واحد؛ كتبت فيه على أصل الوقف والانقطاع:
قال تعالى: (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) القصص
فقوله تعالى "فعميت عليهم" دالة على أن "الأنباء" لم تصلهم ومقطوعة عنهم، فكتبت الكلمة لذلك على القاعدة؛ أي على الوقف والتسكين.
ووردت "أنباء" في مواضع أخرى مجرورة، ومكتوبة على الوقف والتسكين، وليست محل بحثنا.
الهمزة السابعة: همزة نَبَؤُا (بالإفراد)
وقد كتبت على أصل الوصل؛ أي على واو، حيث هي مضمومة وما قبلها مفتوح، والضمة أقوى من الفتحة في الأمثلة التالية:
قال تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ (9) إبراهيم
قال تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) ص
قال تعالى: (قُلْ هُوَ نَبَؤُا عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) ص
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) التغابن
والسر في كتابة الهمزة على الوصل؛ أي على الواو هو أن الكلمة كانت صورة لواقع النبأ.
فالأنباء على نوعين: منها ما توقف تداوله بين الناس، وانتهى أمره إلى النسيان عند الكل أو عند طائفة منهم، ونوع من الأنباء استمر تناقله بين الناس فاستمر العلم به.
والسؤال عن النبأ هو سؤال عن نبأ استمر بين الناس وتواصلت المعرفة به، والسؤال له أو لهم بصيغة المخاطب؛ هل وصل النبأ أم لم يصل؟
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (9) إبراهيم؟،
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ (5) التغابن؟
(وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ (21) ص؟.
أو يكون الحديث عن نبأ أعرضوا عنه بعد وصولهم إليه؛ (قُلْ هُوَ نَبَؤٌا عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) ص.
ففي هذه الأمثلة كتبت نبأ على أصل الوصل للدلالة على أن النبأ استمر وتواصل واشتهر وتناقله الناس.
وأما الأمثلة التي كتبت فيها كلمة النبأ على أصل الوقف، فقد كان الحديث فيها عن نبأ لم يصل القوم والمطلوب تبليغهم هذا النبأ وتوصيله إليهم كمثل؛
قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) الشعراء وهي منصوبة.
وقال تعالى: (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (70) التوبة
وأما هذا الذي في سورة التوبة (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) فهو استفهام عن إتيان نبأ لغائب وليس لمخاطب كما في الأمثلة الأولى؛ ففيه تعجب لبيان شدة قبح إعراضهم وكفرهم، وكأن نبأ الذين من قبلهم لم يصلهم فلم يتعظوا مما حل بهم ... فكتبت الهمزة على الوقف عليها، وكان ما قبلها مفتوحًا فكانت الألف صورة لها.
وهذا غير الذي ذكر في آيات إبراهيم والتغابن وص؛ فالاستفهام فيها كان موجهًا لمخاطب قد سمع نبأ هلاك السابقين، ويقر بوصوله إليه، ولم يكن الاستفهام لطلب العلم من قبلهم.
الهمزة الثامنة: همزة جَزَاؤُا
كتبت "جَزَاؤُا" على الوصل لا الوقف في أربعة مواضع، وكلها كانت في العقاب، ولم تأت على الوصل في الجزاء الحسن مع أنه مستمر لئلا يفهم من كتابتها على الوصل أن غيرها ينقطع.
أما في العذاب فمنه ما يستمر، ومنه ما لا يستمر وينقطع؛
قال تعالى: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاؤُا الظَّالِمِينَ (29) المائدة
احتكم ابنا آدم عليه السلام إلى الله تعالى بتقديم كل منهما قربانًا، لم يقبل أحدهما بحكم الله فقتل أخاه، فكان جزاؤه جزاء دائمًا ومستمرًا لا يرفع عنه فكتبت على الوصل لا الوقف.
وقال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاؤُا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) المائدة.
من حارب الله ورسوله فلا بد من أن يعاقب بإحدى العقوبات التي ذكرت في الآية؛ وأعلاها القتل، وأدناها النفي من الأرض، فلا يتركون دون عقاب؛ فالجزاء يطلبهم ويلاحقهم؛ فكتبت الهمزة على الاستمرار لا القطع.
وقال تعالى: (فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاؤُا الظَّالِمِينَ (17) الحشر
الحديث عن اثنين أحدهما الشيطان، وجزاء الشيطان في النار جزاء مستمرًا لا يرد ولا ينقطع، وضم مع الشيطان من كفر، في حديث واحد، مما يدل على أنه جزاء لهما لا انقطاع له ولا تحول، فكتبت لذلك الهمزة على الوصل والاستمرار لا الوقف والانقطاع.
وقال تعالى: (وجَزَاؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) الشورى
(يُتْبَعُ)
(/)
"وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها" حكم دائم ومستمر من الله تعالى؛ للعدل بين الناس في القصاص الذي يكون بينهم، لا يجوز قطعه بالتجاوز فوق العقاب، بمعاقبة أكبر من المثل، أو بنقض الصلح بعد وقوعه وأخذ العوض بالرد على السيئة بأخرى؛ ولهذا الجزاء امتداد بحساب آخر من الله لهم يوم القيامة على السيئة وجزاء السيئة، لذلك كتبت همزة جزاء على الوصل لا الوقف والقطع لما يريده الله تعالى بهذا الحكم.
أما قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا (27) يونس.
فهذه سيئات يحاسب الله تعالى عليها الناس، وليس الناس هم الذين يطلبون حساب الناس عليها، كما في آية الشورى، والجزاء مقطوع فيها، والحساب حساب خاتم، والحساب قائم على التقدير، أما التنفيذ بالعقوبة على الحساب فأمر آخر. لذلك كتبت الهمزة على الوقف والقطع لا الوصل والاستمرار.
وغير ذلك لم ترسم همزة جزاء المضمومة واوًا؛
فإذا كان الجزاء جزاءً حسنًا، من النعيم المفتوح لهم في الجنة؛
(فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) المائدة.
(جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) طه
(إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) سبأ
(لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) الزمر
(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) الرحمن
وإذا كان الجزاء لا يستمر مع الجميع؛ فمن فعل عُوقب، ومن تراجع سلم؛
كما في قوله تعالى عن محاربة المشركين في مكة:
(فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) البقرة،
فلم يقتل إلا القليل، والباقي دخل في الإسلام.
ومثل ذلك يوم حنين، فقتل القليل ودخل البقية بعد ذلك في الإسلام.
(وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) التوبة.
وفي كفار قريش الذين قالوا: (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) ...
(ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ (28) فصلت
وكذلك سجن يوسف عليه السلام الذي لم يستمر، وكذلك لم يعذب؛
(قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) يوسف.
وكذلك إذا كان الجزاء مشروطًا؛ فلا يقع الجزاء إلا على الفاعل لموجب العقاب، ومن لم يفعل يسلم؛
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) البقرة
ومثله في المشروط في كفارة صيد المحرم:
(وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (95) المائدة.
الهمزة التاسعة: همزة المَلَؤُا
كتبت همزة الملأ في أربعة مواضع على الوصل والاستمرار فقط، وفي بقية المواضع كتبت على الوقف والقطع.
(قَالَتْ يَاأَيُّهَا المَلَؤا إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) النمل.
(قَالَتْ يَاأَيُّهَا المَلَؤا أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) النمل.
(قَالَ يَاأَيُّهَا المَلَؤا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) النمل.
في المواضع الثلاثة السابقة كان فيها اللجوء إلى ملأ عاملين وفاعلين، لا استغناء لملوكهم عنهم؛ فكتبت فيها الهمزة على الوصل والاستمرار، لا على الوقف والانقطاع.
أما لجوء ملك مصر للملأ في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُءْياي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ (43) يوسف؛ فقد كان لجوء فيه تخيير، وهو شاك في قدرتهم، ولم يكن العرض عليهم ليحكموا عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما في قوله تعالى: (فَقَالَ الْمَلَؤا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) المؤمنون. فهؤلاء الملأ يريدون بقاء الأفضلية لهم في قومهم واستمرارها، وعدم تفضل نوح عليه السلام عليهم.
وغير ذلك فإن الملأ ينظرون إلى أنبيائهم نظرات دونية متنوعة،
فمنها عدم تميزهم عليهم في الأكل والشرب؛ (وَقَالَ الْمَلأُ ... مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) المؤمنون.
وضعف أتباعهم وعدم تفضلهم عليهم؛
(فَقَالَ الْمَلأُ .. وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) هود
وتكذيبهم، وتهديدهم، وتوعدهم بالإخراج من أرضهم؛ (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ و ... َ (88) الأعراف
واتهامهم بالضلال؛ (قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) الأعراف.
وبالسفاهة؛ (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (66) الأعراف.
وبالسحر؛ (قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) الأعراف
والتحريض عليهم؛ (وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ (127) الأعراف
والتنفير منهم وصد قومهم عنهم؛ (وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) الأعراف
والطلب من أتباعهم الثبات على كفرهم؛ (وَانطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) ص
هكذا تنوعت أساليبهم في جعل أقوامهم يقفون في عداء أنبيائهم، والكفر بهم، والابتعاد عنهم، وقطع الصلة بهم، ولم يكن للملأ حكم على أقوامهم يلزمهم بما يرونه؛ لذلك كتبت الهمزة على الوقف والانقطاع، وليس على الوصل والاستمرار.
القسم الثاني
وفيه تسعة أفعال كتبت همزاتها على الوصل لا الوقف
الهمزة الأولى: همزة يُنَبَّؤُا
كتب الفعل ينبأ مرة على أصل الوصل والاستمرار؛
في قوله تعالى: (يُنَبَّؤُا الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) القيامة.
ومرة على الوقف والسكون والانقطاع؛
في قوله تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) النجم.
أما كتابتها على الوصل والاستمرار في سورة القيامة فيرجع لعدم انقطاع أعمال الإنسان بموته، فقد استنسخ عمله في الحياة الدنيا، ووجده حاضرًا يوم القيامة، فلهذا الاستمرار وعدم الانقطاع والنسيان كتب الفعل على الوصل والاستمرار لا الوقف والانقطاع.
وأما كتابتها في سورة النجم على أصل الوقف والسكون؛ فلأنها هي ساكنة سكونًا دائمًا لجزمها بلم، والحديث فيها كان عن أحد كفار قريش، وأهل مكة لا علم بما في صحف إبراهيم وموسى؛ فهي مقطوعة عنهم، فلم يصلهم من علمها شيء قبل نزول القرآن.
الهمزة الثانية: همزة يَبْدَؤُا
قال تعالى: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) يونس
وقال تعالى: (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلْ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ (34) يونس
وقال تعالى: (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) النمل
وقال تعالى: (اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) الروم
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) الروم
يبدأ الله سبحانه وتعالى في خلق الإنسان من نطفة، ولا يدعه بل يستمر في خلقه له، ليمر فيها في أطوار عديدة؛ من سلالة من طين، إلى نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظام، ثم يكسوا العظام لحمًا، ثم ينفخ فيه الروح ليكون جنينًا، ثم يخرج صبيًا، ثم طفلاً، ثم يشب إلى أن يشيخ، ومنهم من يصل إلى أرذل العمر. فالله تعالى يبدأ الخلق، ويستمر فعل الله تعالى فيه إلى أن يموت، خلايا فيه تتجدد؛ خلايا تموت وأخرى تولد، فلذلك كتبت الكلمة على الاستمرار لا على التوقف؛ لأنه لا توقف في خلق الإنسان، وأكثر التغيرات فيه هي داخلية، لتظهر عليه وتشاهد فيه، فكانت صورة الواو معبرة عن ذلك أيضًا.
ولم يذكر في القرآن غير الأمثلة السابقة.
الهمزة الثالثة: همزة يُنَشَّؤُا
قال تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) الزخرف.
تربى الأنثى وتنشأ على الحلية من صغرها؛ بالحلق في أذنيها في أول أيامها، والأساور في يديها، ويهتم بشعرها ولباسها بما يميزها عن الذكور، وتبقى على هذا الحال إلى أن تصبح من القواعد في آخر عمرها. فهي تنشأ في الحلية معظم عمرها، فلذلك كتب الفعل على الوصل لا الوقف والانقطاع، ليبين مدى لزوم الحلية لها من قدميها إلى رأسها ومن صغرها إلى كبرها، والحلية تحيط إما بالإصبع أو العنق أو الساق أو الخصر أو جانبًا من الأذن؛ فكانت الواو بإشارتها إلى الباطن والداخل صورة تؤدي معنى مع ما أفادته الكتابة على الاستمرار.
الهمزة الرابعة: همزة يَعْبَؤُا
قال تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) الفرقان
ما يعبأ تعالى بالناس؛ أي لا يكترث ولا يبالي بمن وقعوا في عقابه جزاء تكذيبهم وكفرهم. وحسن رسم يعبأ في النفي على الاستمرار لا الوقف والانقطاع؛ لأن ذلك أبين للنفي الدائم المستمر مع كثرة الواقعين في التكذيب، والهالكين في كل زمان، وصورة الواو تظهر مدة حاجة من وقع في مصيبته بسبب تكذيبه وكفره للخروج منها.
وعلى الرغم من عدم عبادتهم له سبحانه وتعالى وتكذيبهم له، إلا أنه إذا دعوه استجاب لهم، وذلك من رحمته سبحانه وتعالى بهم؛ لعلهم يرجعون عن كفرهم وتكذيبهم.
الهمزة الخامسة: همزة تَفْتَؤا
قال تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ (85) يوسف
قولهم "تَفْتَؤا" أي لم تزل تذكر يوسف، ولم تنس ذكره، ولم تتوقف عن ذلك؛ حتى تضعف قوتك أو تهلك من حزنك عليه، لهذا الاستمرار من يعقوب في ذكر يوسف عليهما السلام، وحزنه عليه، ولهذه الديمومة في ذكره؛ كتبت الهمزة على الوصل لا الوقف والانقطاع، وصورت الواو التي تشير للباطن والداخل شدة الحزن في نفس يعقوب على يوسف عليهما السلام، إلا أن ابيضت عيناه.
الهمزة السادسة: همزة يَتَفَيَّؤا
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤا ظِلَالُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) النحل.
الظلال تكون من شروق الشمس إلى الزوال، وبعدها تسمى بالفيء إلى المغيب؛ لأن الظل عاد لما نسخته الشمس في الصباح، لذلك سمي بالفيء، أما الظل فسمي بذلك لأنه استمر بعد خروج الشمس، والفعل ظل يفيد الاستمرار، والليل كل ظل؛ فلهذا الاستمرار في تفيء الظلال مرة عن اليمين ومرة عن الشمال؛ ما دامت الشمس تطلع وتغيب على الأرض كل يوم؛ كتبت الكلمة على الوصل والاستمرار، وليس على الوقف والانقطاع، وصورت الواو المشيرة للباطن والدخل وقوع الشيء بين الفيء والظلال وكل منهما يقع على جانب منه.
الهمزة السابعة: همزة يَدْرَؤُا
قال تعالى: (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) النور.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الشهادات الخمس التي تشهدها الزوجة التي اتهمها زوجها بالزنا هي درء دائم لها، ولو اعترفت بذنبها بعد أن تشهد لما أقيم عليها الحد، وقد قالت بما يفيد أنها قد فعلت ذلك؛ "والله لا أفضح قومي"، فعلى ذلك كتب الفعل على الوصل والاستمرار، وليس على السكون الدال على الوقف والانقطاع، والواو صورت ما دخلت فيه لتحمي نفسها من إقامة الحد عليها.
الهمزة الثامنة: همزة تَظْمَؤُا
قال تعالى: (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَؤُا فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) طه
هذه واحدة مما طمأن الله تعالى بها آدم عليه السلام في الجنة، فبعد طمأنته بأنه لا يجوع فيها ولا يعرى، طمأنه بأنه لا يظمأ فيها ولا يضحى، وهي طمأنة له دائمة ما دام هو في الجنة، لذلك كتبت تظمأ على الوصل والاستمرار، لا السكون المبين للتوقف والانقطاع، وصورت الواو المشيرة للداخل والباطن أن الظمأ المنفي هو الظمأ الذي يغلب الإنسان وكأنه محيط به فيشتد في طلب الماء ليطفئه، أما طلب الماء أو الشراب فيكون عن الحاجة التي يحس بها الظامئ، فيجد في تناوله طعمًا ولذة له.
والطمأنة الدائمة هي في الجميع، ولكن ذلك لا يظهر في الرسم إلا على الهمزة كونها متعددة الصورة، وأن استعمالها للامتداد المتصل، وأنها وقعت آخر حرف؛ والحرف الأخير له صفة الدوام والاستمرار بالإضافة لمعناه.
الهمزة التاسعة: همزة أَتَوَكَّؤُا
قال تعالى: (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) طه
بين موسى عليه السلام في رده على سؤال رب العالمين عز وجل له: (وما تلك بيمينك ياموسى)؛ أهمية العصا لديه؛ مخبرًا بما يفيد استعمالها له، وأن حاجته إليها قائمة، وممتدة في المستقبل، فكتب الفعل المضارع على المواصلة والاستمرار، وليس على الوقف والسكون والانقطاع، وصورت الواو وضع العصا في التوكؤ حيث تكون بين صاحبها والأرض.
همزتان أخريان كتبتا على الوصل
الأولى في قوله تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) القصص
همزة "لَتَنُوأُ" مضمومة؛ ولا تكون الألف صورة للهمزة في أي الحالين؛ إن كتبت على الوقف والانقطاع، أو كتبت على الوصل والاستمرار.
والالتباس في ضبط كتابتها راجع إلى أمرين:
الأول: أن كل الهمزات التي كتبت على الوصل في الأسماء والأفعال؛ قد زيدت فيها ألف التفصيل بعدها.
والثاني: أن ما قبل الهمزتين حرف الواو، والقاعدة ألا تجتمع واوان ليس بينهما فاصل، وكانت الأولى منهما مضمومة.
فهذه الألف هي ألف التفصيل لما زاد عن الواحد، والتي تزاد بعد واو الجمع، أو بعد واو الفعل المضارع المتكرر فعله وتكون لامه واوًا، كما في؛ "يرجُوا" و "يدعُوا" وغيرهما.
والالتباس جاء من وجود واو أصلية في الفعل لأنه من ناء ينوء، وأن الهمزة لها صوت منطوق .. ووجد في الرسم ألفًا ... فجعلت الهمزة على الألف.
وأرى الواجب ضبطها على هذه الصورة "لتَنـ وؤُا". فتكتب واوًا صغيرة تشير إلى الواو المحذوفة فوق اتصال النون بالواو، (تعذر رسمها على الوورد)، وتوضع الهمزة فوق الواو، وتبقى الألف حرفًا للتفصيل.
فإن رسمها يدل على كتابتها على الوصل والاستمرار، وليس على الوقف والانقطاع؛ فاقتضى الأمر تصوير الهمزة واوًا لضمتها، وزيادة ألف التفصيل بعد الواو كما فعل بكل الهمزات التي كتبت على الوصل في الأمثلة التي درسناها.
ولما اجتمع واوان في كلمة واحدة ليس بينهما فاصل؛ وجب حذف أحدهما، وحذف واو المد منهما أرجح. فجاءت الصورة على هذا الوضع في الرسم القرآني (لتنوا) قبل إضافة الحركات والتنقيط والهمزات والعلامات.
وكيفما ضبطت الكلمة لتعبر عن النطق الصحيح لها؛ إلا أن صورة حروفها تبقى على حال واحد لا يتغير بتغير الضبط لها.
أما الثانية ففي قوله تعالى: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاؤُا الظَّالِمِينَ (29) المائدة
فقد كتب الفعل " تَبُوأَ" على الوصل والاستمرار، وكانت الهمزة مفتوحة وما قبلها ساكن، فحقها في الوصل أن تكتب على ألف؛ لتدل على حمل إثمين؛ إثم القاتل والمقتول، كما بينته الآية بعد ذكر الفعل.
وبهذا انتهت الكلمات التي كتب همزتها واوًا على الوصل والاستمرار لا الوقف والابتداء.
ولم يجعل هذا الباب بابًا منفصلا في الكتب والمتون التي تناولت الرسم القرآني، وإنما جعلت أمثلته في قاعدة الإبدال للحروف؛ لأن هذه الكتب لم تنظم على تعليل الرسم.
والله تعالى أعلم.
وللموضوع بقية فيما كتب على الوصل (على الياء)، سنكمل بها الموضوع إن شاء الله تعالى، أو نجعل لها بابًا منفردًا بها ..
أبُو مُسْلِم/ عبْدُ المَجِيد العَرَابْلِي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنوار]ــــــــ[08 - 11 - 2008, 12:29 ص]ـ
بارك الله فيكم أستاذنا الفاضل ... ونفع بعلمكم .. وجعله في موازين حسناتكم ...
أستاذنا الفاضل ... هل يشاطر الحرف المعنى في الدلالة؟
فأنا غالباً ما أعطي الحرف معنى حسب موقعه ودلالته .. من خلال تكوينه لبضع كلمات ... مثلاً حرف الثاء .. دوماً أجعل أهم صفاته الثقل ...
فنجده في: (إثاقلتم - فثبطهم -يثخن -تثقفنهم - بثي) وتزداد الكلمة ثقلاً بتشديد الثاء، أو بإضافة أحد أحرف القلقلة إليها ...
وبعض الأحرف تتسم بالسهولة والخفة ... مثل / الميم - الباء - اللام - الهاء.
ألهذا الكلام موضع من الصحة .. بارك الله فيكم ...
0
ـ[رحيق الزهور]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 03:34 م]ـ
يبدو أنَّ هذا الموضوع هو ما كنتُ أبحثُ عنه ..
لي عودة بإذن الله لقرائته كاملاً ^^
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[العرابلي]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:44 م]ـ
بارك الله فيكم أستاذنا الفاضل ... ونفع بعلمكم .. وجعله في موازين حسناتكم ...
أستاذنا الفاضل ... هل يشاطر الحرف المعنى في الدلالة؟
فأنا غالباً ما أعطي الحرف معنى حسب موقعه ودلالته .. من خلال تكوينه لبضع كلمات ... مثلاً حرف الثاء .. دوماً أجعل أهم صفاته الثقل ...
فنجده في: (إثاقلتم - فثبطهم -يثخن -تثقفنهم - بثي) وتزداد الكلمة ثقلاً بتشديد الثاء، أو بإضافة أحد أحرف القلقلة إليها ...
وبعض الأحرف تتسم بالسهولة والخفة ... مثل.
ألهذا الكلام موضع من الصحة .. بارك الله فيكم ...
0
بارك الله تعالى في الأخت الكريمة
لقد بينت معاني جميع الحروف الهجائية في "ميلاد ثلاثة علوم جديدة"
إن لم تكن في المنتدى فهي في مدونتي: معجزات وأسرار
دلالة المعاني مبنية على معاني الحروف الهجائية، وأبرز المعانى التي تظهر في الدلالة هو استعمال الحرف الأول؛ لأنه هو وجه الكلمة والفعل والجذر
الثاء تجدها في لوحة استعمال الحروف للكثرة مثل: الثوم الذي يتكون من أجزاء كثير، خلاف البصل الذي يكون كقطعة واحدة، فثاء الثوم تدل على كثرته.
وثمر الشجرعدد كبير تنتجه الشجرة؛ فثاء الثمر تدل على كثرته.
والثاء في الكلمات التي أتيت عليها هي للكثرة
إثاقلتم - جذرها ثقل؛ وقدرة الإنسان ان يحمل عددًا من شيء واحد أو أكثر حسب وزنه، فإذا كثرت عليه الأشياء أصبحت ثقيلة، وقد يبلغ ثقلها عدم القدرة عليها ... فثاء ثقل دلت على كثرة الأشياء او الأعمال الواجب حملها أو القيام بها.
فثبطهم - التثبيط يكون عن كثرة وضع العراقيل التي تولد اليأس أمام القيام بالعمل
يثخن - الإثخان كثرة القتل والجرح في الأعداء
تثقفنهم - والتثقيف كثرة الأخذ من بروزات العود حتى يستقيم، وفي الإنسان كثرة التجارب والتعليم الذي تبصر الإنسان بطريقه فيستقيم في مسلكه، وفي الحرب كثرة النيل من العدو بالقتل والجرح.
بثي ـ الباء في البث قبل الثاء، وهي للظهور والخروج؛ وفي البث كثرة من يخرج ويرسل وينتشر في الأرض، وفي الحزن كثرة ما يظهره الحزين من الألم والحنين والشوق ...
أما الحروف الأخرى فاستعمالها ورد في لوحة معاني الحروف الهجائية
الميم: للإحاطة والغلبة
والباء: للظهور والخروج
واللام: للقرب والإلصاق
والهاء: للانتهاء
واستعمال جميع الحروف الهجائية مبني على:
استعمال العرب للحرف الواحد في جذور اللغة؛ فمن استعمال الجذر يحدد استعمال الحرف في فاء الجذر وعين الجذر ولام الجذر
ومخرج الحرف وعلاقة الحرف بحروف المخرج نفسه وحروف المخارج القريبة والبعيدة من مخرجه
وصفات الحرف؛ ولكل حرف من خمسة إلى سبعة صفات، والصفة الواحدة قد يحملها حرف واحد، وقد يحملها خمسة وعشرون حرفًا
ورسم الحرف وتنقيطه وحركته كلها تعين على فهم استعمال الحرف
وموقع الحرف من الكلمة؛ وجهًا للكلمة (فاء الكلمة) أو مسقرًا للكلمة (لام الكلمة)، أو محصورًا في الوسط (عين الكلمة)
لذلك نرى تداخلات بين استعمالات الحروف يقوي أو يضعف بعضها بعضًا
وصفات الحروف
وشكل وتنقيط الحروف كلها مرتبطة باستعمال الحرف
ـ[العرابلي]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 12:20 م]ـ
يبدو أنَّ هذا الموضوع هو ما كنتُ أبحثُ عنه ..
لي عودة بإذن الله لقرائته كاملاً ^^
بارك الله فيك
وبارك الله لك في مرورك
ـ[العرابلي]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 12:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
وجزاك الله بكل خير
وأحسن الله إليك(/)
كيف لي ياأساتذة البلاغة؟
ـ[عشقي العربية]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 06:48 م]ـ
السلام عليكم
هذه اول مشاركة لي في هذا المنتدى الرائع الذي طالما بحثت عنه كثيرا كي اروي عطشي
والشكر الموفور لمن أسس هذا المنتدى
انا طالبة لغة عربية
وأدرس حاليا البلاغة النبوية
وأواجه عدة صعوبات في تحليل خطب النبي صلى الله عليه وسلم
وانا امامي الأن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين
كواجب علي احضاره الاسبوع المقبل
ماهي الخطوات الصحيحه لتحليل اي خطبة او اي نص كان؟
انا لم اطلب جوابا اوتحليلا لهذه الخطبة انما اطلب الخطوات المتبعه في التحليل البلاغي
ارجو عدم حذف موضوعي
من قبل المشرف لأن الفائده ستعم بذكر الاجابه
لكم شكري وتحياتي
ـ[رسالة]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 08:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بما أنك مستعجلة في الحصول على الإجابة، إليك خطوات مقترحة، إلى أن تأتي الإجابة المثلى من الأخوة والأخوات ممن لديهم باع في هذا العلم. وكلنا هنا نتعلم من بعضنا.
لتحليل النص:
الخطوة الأولى:
أولا: تحديد الفكرة العامة للنص.
ثانيا: تحديد الأفكار الأساسية.
ثالثا: تناول الأفكار الجزئية.
الخطوة الثانية:
التعليق على النص من حيث:
تحديد نوع النص وتحديد أبعاده الاجتماعية – السياسية –الأخلاقية ... الخ
بيان تسلسل الأفكار وتتابعها ومدى تاثيرها على المتلقي.
التطرق إلى الألفاظ و المفردات المستخدمة مع بيان مدى قوة تاثيرها وما توحي به من معان وأفكار واحاسيس.
استخراج الصور الجمالية والمحسنات البديعية وما أضافته على النص.
الخطوة الثالثة:
قراءة و تلمس شخصية الكاتب وبيئته ومدى تأثيرهما في بناء النص واختيار الفاظه وصوره. وكذلك تحديد نمط الكاتب أو المدرسة التي تأثر بها.
ـ[عشقي العربية]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 08:09 م]ـ
رسالة
لك الشكر الجزيل على الرد على سؤالي
لكن اتساءل اين البقيه؟
اريد تفاصيل اكثر
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 02:46 م]ـ
حياك الله عزيزتي عاشقة العربية ..
لشيخنا الأستاذ الدكتور: محمد محمد أبي موسى كتاب نفيس في معارج البيان النبوي، وهو (شرح أحاديث من صحيح البخاري)، تناول فيه بعضًا من أحاديث المصطفى - صلوات ربي وسلامه عليه - بالشرح والتحليل البلاغي الماتع؛ فعودي إليه؛ ففيه خير هادٍ.(/)
ما طريقة القصر؟
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 06:49 ص]ـ
للقصر في البلاغة طرق. ما طريقة القصر في قول البحتري:
بنفسي من عذَّبت نفسي بحبه= وإن لم يكن منه وصالٌ ولا ودّ
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:26 ص]ـ
للقصر في البلاغة طرق. ما طريقة القصر في قول البحتري:
بنفسي من عذَّبت نفسي بحبه ... وإن لم يكن منه وصالٌ ولا ودّ
لعله طريق التقديم والتأخير في: " بنفسي " على تقدير: بنفسي أفديك، أو نحوه. والغرض: الاختصاص.
والله أعلم
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 11:41 ص]ـ
وإن لم يكن منه وصالٌ ولا ودّ
لعله قدم المسند ليفيد قصر المسند إليه على المسند
بمعنى أن عدم الوصال والود مقصور عليه
:)
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:18 م]ـ
أشارك أخى أحمد الرأى.(/)
بلاغة نملة
ـ[السدوسي]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 11:49 ص]ـ
حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
فنادت وعمت وأمرت وحذرت واعتذرت
يقول الطاهربن عاشور في التحرير والتنوير - (1/ 3065)
(وهم لا يشعرون) فوسمته وجنده بالصلاح والرأفة وأنهم لا يقتلون ما فيه روح لغير مصلحة وهذا تنويه برأفته وعدله الشامل بكل مخلوق لا فساد منه أجراه الله على نملة ليعلم شرف العدل ولا يحتقر مواضعه وأن ولي الأمر إذ عدل سرى عدله في سائر الأشياء وظهرت آثاره فيها حتى كأنه معلوم عند ما لا إدراك له فتيسير أمور جميع الأمة على عدل. ويضرب الله الأمثال للناس فضرب هذا المثل لنبيه سليمان بالوحي من دلالة نملة وذلك سر بينه وبين ربه جعله تنبيها له وداعية لشكر ربه فقال (رب أوزعني أن أشكر نعمتك)
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 02:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[10 - 11 - 2008, 10:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.
ـ[سمية ع]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 01:18 م]ـ
سبحان الله ..
بارك الله فيك
ـ[السدوسي]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 02:06 م]ـ
وفيكم بارك وجزاكم الله خيرا
ـ[عصام]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 03:20 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أخي أشكرك على موضوعك لكن لدي تعقيب على موضوعك, فأما الصفات التي وصفتْ بها النملة فهي لا تقتصر على ما ذكرت لأنني سمعت الدكتور فاضل صالح السامرائي قد ذكر ثلاث عشرة نوعاً و إن أردت المزيد من المعلومات اطلع على موقع إسلاميات
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[المسند إليه]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 07:43 م]ـ
بوركت، وتنبه أخي إلى " ذكر ثلاثة عشر نوعاً "
ـ[أحلام]ــــــــ[30 - 12 - 2008, 10:58 ص]ـ
*الاخوة الافاضل اورد ماأورده الدكتور فاضل صالح السامرائي:
(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) النمل) ما الإعجاز البلاغي في الآية؟
هم يقولون هذه النملة يذكرون عدة أمور فيها، يقولون أحسّت بوجود سليمان وبادرت بالإخبار ونادت (يا أيها النمل) ونبّهت (أيها) وأمرت (ادخلوا) ونهت (لا يحطمنكم) وأكّدت (نون التوكيد) ونصحت وبالغت (يحطمنّكم) كلكم لا يترك واحدة منكم، وبيّنت (من الذي سيحطمهم) وأنذرت وأعذرت سليمان (وهم لا يشعرون) ونفت. هنالك ما هو أهم من هذا في التركيب والتأليف وليس المهم هذا الجمع لكن تأليف العبارة، كل عبارة نقولها يمكن أن نذكر جملة أمور من هذا النوع لكن كيف تركبت هذه العبارة؟ قالت (يا أيها النمل) ولم تقل يا نمل، كلها نداء لكن (أيها) فيها تنبيه، المنادى في الحقيقة النمل وليس (أي) نعربها منادى ولكن توصل، حتى إذا كانت واحدة مشغولة تسمع فيما بعد، لو قالت يا نمل وواحدة لم تسمع يفوتها النداء، هذا تنبيه وهذا الفرق بين يا نمل ويا أيها النمل. قالت (ادخلوا) هذا الخطاب بضمير العقلاء ولم تقل ادخلي أو ادخلن فخاطبتهم بالعقلاء العاقل يعي النصيحة ثم قال (مساكنكم) يعني كل واحدة تدخل إلى مسكنها وكل واحدة تستقر فيه ونفهم أن لكل نملة مسكن، والإضافة إلى ضمير العاقل (كم) في مساكنكم. ثم ذكر سليمان بإسمه العلم ولم تذكر الصفة لا تتحمل المسألة أولاً النمل يعرفه وإن لم يذكره لأن هذا يحكم الجميع وهو غير مجهول وحتى يبادروا فوراً بالدخول. وقال وجنوده لم تقل ولجنود، سليمان هذا الحاكم له جنود كثيرين من الطير وغيرهم لو قالت الجند لكانت تعني العساكر فقط أما جنوده فكثيرين (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) النمل)، ثم قالت وهم لا يشعرون نفت شعورهم ولم نفي العلم ما قال فهم لا يعلمون. يعني جنود تشمل الإنس والطير، (جنوده) إضافة لسليمان تعظيماً له وجنود سليمان كثيرة ومتعددة ومتنوعة (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) الطير من جنود سليمان أيضاً.
سؤال: هل كانت النملة تكلمهم بلسان الحال؟
سيدنا سليمان عُلم منطق الطير فتبسم ضاحكاً من قولها، سمع الكلام وأدركه وهي تخاطبهم.
(لا يحطمنكم) لا يحطمنكم نهي تنهي النمل عن التواجد في مثل هذا المكان حتى لا يُحطم. أصحاب الإعجاز العلمي يقفون عند (يحطمنكم) يقولون أن النمل مصنوع من مواد سيليكونية قابلة للتحطيم(/)
ماالبلاغة في سورة الليل؟
ـ[زورق شارد]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 07:27 ص]ـ
قال الله تعالى في سورة الليل (فسنيسره لليسرى)
ذكر البيضاوي في تفسيره لهذه الآية (فسنهئه للخلة التي تؤدي إلى يسروراحة كدخول الجنة.
وقال صاحب حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (المراد الصفة والخصلة, ولما كانت مؤدية إلى اليسر وهو الأمرالسهل الذي يستريح به الناس وصفت بأنها يسرى على أنه:
استعارة مصرحة [كيف ذلك] ,أو مجاز مرسل ,أو تجوز في الإسناد
[أليس المجاز المرسل يعد تجوزا في الإسناد]
وقول الله تعالى: (فسنيسره للعسرى) قال المؤلف: وعلى هذا المعنى يكون التيسير للعسرى مشاكلة.
وهل يمنع أن يكون في الآية استعارة تهكمية أوعنادية, وإذا كان كذلك فكيف لي أن أجريها.
وما تقولون في فاتحة السورة (والليل إذا يغشى) أليس محتملا أن تكون إستعارة مكنية؟
ـ[زورق شارد]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 12:22 م]ـ
لا أحد,,,
من يوضّح لي ما كُتب في الأعلى وسأكون له من الشاكرين
لقد أحسنتُ الظن بكم ياأهل الفصيح
ودمتم,,,
ـ[يحيى سليمان]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 04:48 م]ـ
الليل إذا يغشى
هي استعارة مكنية وقد شبه الليل بالغطاء وجاء بشيء من صفاته
والمراد هنا أظلم
أما الأولى فلا أعرف
والله أعلى وأعلم
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 07:26 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته "التجوز فى الإسناد غير المجاز المرسل فالأول هوإسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ماهو له بتأول كقولهم نهاره صائم وليله قائم فيسند إلى زمانه أ ومكانه أوسببه ويطلق عليه المجاز العقلى أما المجاز المرسل فلايقع التجوز فيه فى الاسناد بل فى اللفظة نفسهابأن يراد بها غيرها لعلاقة غير المشابهة كاطلاق الرقبة على العبد أو العين على الجاسوس وعلاقاته كثيرة منها الكلية والجزئية والمجاورة والمحلية فإن كانت العلاقة المشابهة فهى الاستعارة والله أعلى وأعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[زورق شارد]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 10:24 ص]ـ
الليل إذا يغشى
هي استعارة مكنية وقد شبه الليل بالغطاء وجاء بشيء من صفاته
والمراد هنا أظلم
أما الأولى فلا أعرف
والله أعلى وأعلم
شكر أخي بارك الله في علمك
ـ[زورق شارد]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 10:26 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته "التجوز فى الإسناد غير المجاز المرسل فالأول هوإسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ماهو له بتأول كقولهم نهاره صائم وليله قائم فيسند إلى زمانه أ ومكانه أوسببه ويطلق عليه المجاز العقلى أما المجاز المرسل فلايقع التجوز فيه فى الاسناد بل فى اللفظة نفسهابأن يراد بها غيرها لعلاقة غير المشابهة كاطلاق الرقبة على العبد أو العين على الجاسوس وعلاقاته كثيرة منها الكلية والجزئية والمجاورة والمحلية فإن كانت العلاقة المشابهة فهى الاستعارة والله أعلى وأعلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
زادك الله علما , أشكرك
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 05:22 م]ـ
يبدو لي أختي أنها استعارة مكنية
حيث حذف المشبه به وجاء بما يشابهه من يسر وسهولة يبعث السرور
والله أعلم.
وبانتظار رأي الأخوة والأخوات
ـ[زورق شارد]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 07:41 م]ـ
أشكرك أبا خالد
ـ[زورق شارد]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 07:48 م]ـ
قال ابن عاشور (فسنيسره لليسرى) مجاز مرسل لعلاقة اللزوم بين إعداد الشيء للشيء وتيسره له.
(من يشرح لي عبارته)
وقال في (فسنيسره للعسرى) مشاكلة بنيت على إستعارة تهكمية
(أليست المشاكلة من فنون البديع والإستعارة من فنون البيان, لم جمع بينهما؟)
الإستعارة التهكمية كيف تُجرى؟
أرجو التوضيح ياأرباب البلاغة ...(/)
جماليات التقديم والتأخير في البلاغة العربية
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 10:45 م]ـ
كان تناول البلاغيين لمبحث " التقديم والتأخير " منطلقاً من الأساس النحوي، ومؤسساً عليه، إذ كان السواد الأعظم من البلاغيين في خلفياتهم العلمية نحويين ولغويين.
والحديث عن " التقديم والتأخير " إنما هو في جليِّ الأمر حديث عن مراحل البلاغة، وأدوار تطورها، ونطاقات التألق والانكسار التي عاينتها. ولذا كان من المفيد حقاً دراسة المبحث من الوجهة البلاغية في ظل تقسيم مسائله ونطاقاته إلى مراحل عايشها في ترحالات البلاغة العربية. هذه المراحل ليست بالحدود الجامدة ولا بالفواصل الصارمة، إنما شأنها شأن بلاغتنا تتسم بالمرونة واللين.
وهذه المراحل المقترحة لدراسة المبحث من خلالها هي:
1 - مرحلة بداوة المصطلح.
2 - مرحلة نضج المصطلح.
3 - مرحلة التبويب المنطقي للمصطلح.
4 - مرحلة التلخيصات والشروح.
وهذه المراحل تنقسم في داخلها إلى جزئيات يقتضيها درس المبحث وتفصيل مسائله.
ولا نحاول هنا – رغم قصد ذلك – الإلمام بشتى التفصيلات، والوقوف على دقيق الجزئيات، إذ ذلك ما لا سبيل إلى تحقيقه، بل يقتصر الجهد على المهمات التي تخدم الهدف الذي نبغيه، وتسهم في إثراء جوانبه.
ـ[فتحي لزهر]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 02:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة وبعد أتقدم بالشكر الجزيل إلى الجميع في المنتدى راجيا من المولى أن ينفعنا بالعلم، وفي المجال نفسه أتقدم بطلب المساعدة حول "دور الرتبة النحوية وعلاقتها بالتقديم والتأخير"من جهة، وضوابط التحكم في الرتبة النحوي وأنواعها من جهة أخرى. وأنتم مني مشكورين.(/)
جماليات التقديم والتأخير في البلاغة العربية (1)
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[12 - 11 - 2008, 01:23 ص]ـ
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
أولاً: مرحلة بداوة المصطلح
في بداية الحديث عن " التقديم والتأخير " عند البلاغيين في مرحلة " بداوة المصطلح " لابد من تقسيم هذه المرحلة إلى شقين هما:
- الشق الأول: يتعلق بالكتب التي تتناول الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم.
- بينما الشق الثاني: يتعلق بالاتجاه النقدي والبلاغي المتناول لإنتاج الشعراء بالتحليل والدرس والفحص.
وكلا الشقين يشتركان معا في صفة " بداوة المصطلح " حيث إن المصطلح في هذه المرحلة – والتي تمتد إلى وقت ظهور" دلائل الإعجاز " للإمام عبد القاهر الجرجاني – لم يكن قد نضج بعد، ولم يتعد عند بلاغيي هذه المرحلة فعل الرصد والإشارة، فلم يتناوله أحدهم بالتحليل، وإبراز الأثر الجمالي المتولد عن الجملة المختلة الترتيب بالتقديم والتأخير، ولا بمحاولة ذكر أسباب هذا الاختلال التركيبي.
والمصطلح في مرحلة البداوة كان يرتحل في مسمياته ما بين " التقديم والتأخير " و" المقدم والمؤخر " و" التقدم والتأخر " و" تقاديم الكلام " بل واختلط في بعض المؤلفات مع مصطلح " القلب " وكان مرادفاً له – كما سيتضح – وكل هذه المسميات تدل في جوهرها على مقصود واحد وهو الفعل الذي ينتظم الجملة فيختل تركيبها، وتتبادل الأدلة فيها المواقع.
والمقصد من إطلاق لفظة البداوة ليس التقليل من شأن وأهمية المصطلح بل القصد هو الإشارة إلى عدم وضوح جوانب كثيرة مبتغاة من وراء توظيف المصطلح في هذه المرحلة، وخفاء هذه الجوانب عن بلاغيي هذه المرحلة هو سبب الوصف بالبداوة، وإن كان لاينكر فضل البلاغيين في هذه المرحلة في التنبيه على مواضع هذا المبحث، وتنبههم لأهميته في هيكل البلاغة العربية.
ولعل درسنا – الآن – للشقين كليهما يرسخ بعض الأفكار في المبحث، وينير جوانب الكثير من التساؤلات الحائرة.
الشق الأول: كتب إعجاز القرآن
القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز، المتعبد بتلاوته، المتحدى به، المنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بواسطة أمين الوحي جبريل – عليه السلام-. وقد كان من الطبيعي أن يقف العرب – وهم أهل الفصاحة والبلاغة – أمام هذا النص المعجز وقفة إجلال وانبهار، يقفوا أمام ألفاظه ومعانيه، وأحداثه وقصصه، وما يحتويه من أحكام.
وكانت هذه الوقفة تهدف مرة إلى الاستمتاع، وأخرى إلى الطعن والذم والقدح. لكن في نهاية المطاف أقر العرب بإعجاز النص القرآني لأنهم رأوا عين الحقيقة، فآمنوا وأصبح الغرماء هم أفضل خلق الله، وحملوا أمانة الدعوة في أعناقهم، وأمانة نقل النص القرآني كما أنزل إلى الأجيال اللاحقة، فكانوا نعم الحفظة ونعم النقلة – رضي الله عنهم أجمعين -.
لكن ظهور الإسلام على الكثير من الأمم ودخول أهلها في دين الله أفواجاً، أدى إلى اختلاط الثقافات وتداخل اللغات والأجناس، فعاد الطعن مرة أخرى ليطل برأسه من جديد متشحاً هذه المرة بثوب التعلم وطلب الإجابة. وكان لابد من أن ينبري ويتصدى لهذه التساؤلات علماء اللغة الأصلاء لدفع هذه الهجمات الدنيئة عن النص القرآني، وبيان إعجازه وبلاغته الراقية، ونظمه المتجانس، ولفظه المعجز.
وانطلاقاً من هذه الجزئية ظهرت طائفة من العلماء الفضلاء تخصصت في بيان أوجه إعجاز النص القرآني من شتى الجوانب، سواء الإعجاز اللغوي أم الإعجاز البلاغي أم النظمي. وأفاض هؤلاء العلماء في ذكر نواحي الإعجاز المختلفة للنص القرآني دحراً لهذه الفرق والفئات الضالة.
وتضمنت آثار هؤلاء في بيان الإعجاز القرآني كماً هائلاً من الإشارات الجلية في الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم، واحتواء النص القرآني للكثير من أبواب الفصاحة والبلاغة، بل وتفرده على نحو بليغ باستعمال هذه الأساليب كما لم يألفها العرب، مما حير النفوس وأذهل الألباب.
وكان من ضمن هذه الإشارات البلاغية؛ إشارات العلماء إلى مبحث " التقديم والتأخير " في النص القرآني، ووقوفهم – مسرعين – علي بعض دلالات المبحث في الآيات القرآنية بغرض إيضاح فكرة ما، أو الإشارة إلى ملمح بلاغي معين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتجدر الإشارة هنا إلى أن البحث في الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم قد اتخذ سبيلين: أولهما التفاسير القرآنية؛ إذ كان من عدة المفسر قبل تعرضه للنص القرآني بالتفسير والتحليل، أن يلم بعلوم البلاغة، وفنون الفصاحة والقول، وذلك إلى جانب الكثير من العلوم الأخرى مثل الفقه واللغة والحديث الشريف والأحكام وغريب اللغة وغير ذلك. وعلى هذا فإن تفاسير القرآن على اختلاف أنواعها ما بين اللغوية والتفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي، قد احتوت بين جوانبها لمحات بلاغية وإشارات دلالية في الآيات القرآنية. وثانيهما الكتب التي أفردت لموضوع إعجاز القرآن بصفة عامة، والإعجاز البلاغي بصفة خاصة. والمقصد هنا في هذا الفصل هو الكتب التي تناولت الإعجاز القرآني ومن ثم الإعجاز البلاغي.
وعلى الرغم من تحديد هذه المرحلة ووصفها بصفة " البداوة " بالنسبة لمصطلح " التقديم والتأخير " إلا أنها تجاوزت تلك البداوة لتجد السبيل في الكثير من المؤلفات التي تناولت النص القرآني، وبيان نواحي إعجازه.
ولنحاول الآن الوقوف على خط سير مبحث " التقديم والتأخير " من خلال كتب الإعجاز البلاغي، محاولين تلمس الطريق الذي سلكه أعيان البلاغيين عند بحثهم للإعجاز البلاغي للنص القرآني، والوقوف على دلالات التقديم والتأخير في الآيات القرآنية.
فقد كانت جهود البلاغيين في بحثهم للإعجاز البلاغي للنص القرآني هادفة إلى بيان عظمة هذا النص، وتفرده على كلام البشر بشكل لا يقبل معه نقاش، ولايسمع فيه جدال. والحق أن هذه الجهود العظيمة أثمرت فيما أثمرت تراثاً بلاغياً مازلنا نغترف من مناهله ونتشرب من منابعه الكثير من الآراء والتحليلات الرائعة.
وقد اشتمل جهد البلاغيين القرآنيين – إن جاز الوصف – فيما اشتمل على إضاءات رائعة لمبحث " التقديم والتأخير " في الآيات القرآنية التي تعرضوا لها. فقد وقف البعض أمام هذه الآيات محاولاً استكناه أسرار المبحث فيها، واكتفي البعض الآخر فقط بالإشارة إلى مواضع " التقديم والتأخير" في هذه الآيات. هذا التناول كان عرضة للعديد من الملحوظات نجملها فيما يلي:
أولاً: فيما يتعلق بتسمية المصطلح
الشيء المثمر حقا في المرحلة أن جميع البلاغيين فيها اتفقوا في تناولهم لمبحث " التقديم والتأخير " على روح المصطلح ودلالاته المتعددة رغم تعدد المسميات له. فنجد أولى الإشارات البلاغية للمصطلح في هذه المؤلفات عند أبي عبيدة معمر بن المثنى (ت 210هـ) في كتابه " مجاز القرآن " إذ يقول: " ومن مجاز المقدم والمؤخر قال: (فَإِذاَ أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) () أراد: ربت واهتزت " (). فهو في هذا النص يربط بين " المجاز" و" التقديم والتأخير " بل ويجعله جزء من المجاز. وقد اعتمد أبو عبيدة تسمية للمصطلح على مدار الكتاب لم يعمد إلى خلافها هي " المقدم والمؤخر " وذلك في سبعة مواضع متفرقة من هذا الكتاب ().والنص السابق يشير إلى " التقديم والتأخير " المعنوي من حيث ترتيب الأحداث والأسباب والنتائج، فالماء سبب الإنبات ثم يترتب على ذلك مرحلة النضج، وعلى هذا كان تحليل أبي عبيدة للآية السابقة، فالمراد أنها ربت أولاً أي: نمت، ثم تلى ذلك نضج النبات واهتزازه كناية عن نموه وازدياده.
أما الأخفش (ت 215 هـ) في كتابه " معاني القرآن " فقد ذكر المصطلح بلفظه أي "التقديم والتأخير" ولعل ذلك مرده تخصصه الأصيل وكونه نحوياً. يقول في أثناء حديثه عن سورة الأعراف: " قال في أول السورة: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ لِتُنْذِرَ بِهِ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْه) () هكذا تأويلها على التقديم والتأخير وفي كتاب الله مثل هذا كثير " (). والواضح أن إشارته إلى تقديم (لتنذر به) على (فلا يكن في صدرك حرج منه) من قبيل التنبه إلى التقديم والتأخير المعنوي، ومن باب تقدم السبب على المسبب، فالإنزال سبب الإنذار.
والأخفش في سائر المواضع التي تناول فيها "التقديم والتأخير" يعتمد المصطلح كما هو وذلك في ثلاثة مواضع في الكتاب ().
أما ابن قتيبة (ت 276هـ) في كتابه " تأويل مشكل القرآن " فقد اعتمد للمصطلح اسمين هما " التقديم والتأخير " () و " المقدم والمؤخر" ().
(يُتْبَعُ)
(/)
والباقلاني (ت403هـ) يتناول المصطلح عَرَضاً في كتابه " إعجاز القرآن " في أثناء حديثه عن إثبات مناحي الإعجاز المختلفة للنص القرآني مقارنة بالنص البشري المتمثل في معلقة امرئ القيس. وقد ورد ذكر المصطلح عند الباقلاني مقلوبا هكذا " التأخير والتقديم " ويكاد يكون الوحيد من البلاغيين بل والنحويين الذي أورد المصطلح على هذه الصورة. يقول: " البيت الثالث وإن كان معناه مكررا فلفظه مضطرب بالتأخير والتقديم يشبه ألفاظ المبتدئين " ().
والشريف الرضي (ت406هـ) في كتابه " مجازات القرآن " يعتمد المشهور في تسمية المصطلح وهو " التقديم والتأخير " إذ يقول: " قوله تعالى: (أَرَأَيتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) () وهذه استعارة على أحد التأويلين، وهو أن يكون في الكلام تقديم وتأخير، فكأنه تعالى قال: أرأيت من اتخذ هواه إلهه. معنى ذلك أنه جعل هواه آمرًا يطيعه، وقائداً يتبعه، فكأنه قد عبده لفرط تعظيمه له ". ()
أما القاضى عبد الجبار (ت415هـ) فقد تحدث في كتابه " المغنى" عن "التقديم والتأخير" وجعله من مزايا الكلام، وأورد المصطلح باسم " التقدم والتأخر " يقول:" الذى تظهر به المزية ليس إلا الإبدال الذى تختص به الكلمات، أو التقدم والتأخر الذى يختص بالموضع، أو الحركات التى تختص بالإعراب، فبذلك تقع المباينة" ()
والكرمانى (ت بعد500هـ) في كتابه " البرهان في متشابه القرآن" يعتمد تسمية المصطلح باسم" التقديم والتأخير". يقول: " فسر بعضهم قوله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتيِلاً) () أى: اقرأه على هذا الترتيل من غير تقديم ولا تأخير". () وأورد هذه التسمية في كتابه في سبعة عشر موضعا ()
وابن أبى الإصبع المصري (ت654هـ) يعتمد تسمية المصطلح باسم" التقديم والتأخير" في كتابه" بديع القرآن"، ويجعل هذه التسمية مدار بحثه في هذا المصطلح، وعلاقته مع ألوان البديع القرآنى، مثلما نجد ذلك في حديثه عن صحة التقسيم بقوله معلقاً على قوله تعالى: (يَهَبُ لمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورُ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً) () " وقعت صحة التقسيم في هذه الآية على الترتيب الذى تقتضيه البلاغة، وهو الانتقال في النظم من الأدنى إلى الأعلى، إذ قدم فيها هبة الإناث، وانتقل إلى هبة الذكور، ثم إلى هبة المجموع، وجاء كل أقسام العطية بلفظ الهبة، وأفرد معنى الحرمان بالتأخير لأن إنعامه على عباده أهم عنده، وتقديم الأهم واجب في كل كلام بليغ " (). وأدار المصطلح في كتابه مبْينا على علاقته وتداخله مع ألوان البديع القرآنى المختلفة وذلك في خمسة مواضع. ()
ونخلص من هذا: إلى أن المصطلح دار في إطار عدة تسميات شكلية كان محورها الأساسى واحد ودلالتها البلاغية متفقة، فقد فهم البلاغيين هذا المحور وأداروا حديثهم في مؤلفاتهم تأسيسا على هذا الأساس.
ثانياً: فيما يتعلق بمحاولة البلاغيين التأصيل لمبحث " التقديم والتأخير" كظاهرة بلاغية، وردها إلى استعمال العرب لها، ووقوفهم على ما فيها من جماليات نسقية ونظمية، وما تؤديه من إشراقات بيانية دلالية غاية في الروعة. فأبو عبيدة يقول:" قال تعالى: (تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) () العرب إذا بدأت بالأسماء قبل الفعل جعلت أفعالها على هذا الصدد فهذا المستعمل، وقد يجوز أن يكون الفعل على لفظ الواحد كأنه مقدم ومؤخر كقولك: وتفيض أعينهم ". () فهو هنا في أثناء حديثه عن أفضلية الابتداء بالاسم، أو مزية الابتداء بالفعل باستخدام " التقديم والتأخير" إنما جعل مسوغه لاستخدام هذا الأسلوب هو استخدام العرب ومعرفته له، وإن كان أبو عبيدة اللغوى لم يرجح رأياً بل اكتفي بنقل تجويز العرب للوجهين. والأخفش في تناوله للآيات القرآنية المختلفة الترتيب والنظم "بالتقديم والتأخير"، يرد ذلك الاختلال التركيبى ليس إلى مقاصد جمالية وإنما إلى معرفة العرب لهذا السبيل، وكثرته في كلامهم. يقول: " ومثل هذا في كلام العرب وفي الشعر كثير في " التقديم والتأخير". ()
(يُتْبَعُ)
(/)
وابن قتيبة يتبع الصنيع نفسه إذ يقول: " وللعرب مجازات في الكلام، ومعناها: طرق القول ومآخذه ففيها: الاستعارة، والتمثيل، والقلب، التقديم والتأخير". () وقد كان ابن قتيبة البلاغى الوحيد الذى حرص على ملء صفحات كتابه بالكثير من الشواهد الشعرية للتدليل على وجود ظاهرة " التقديم والتأخير" في كلام العرب وأشعارهم مثلما نجد في كتابه. ()
أما الباقلانى فقد برهن على معرفة العرب لهذا الأسلوب تطبيقيا وذلك من خلال المقارنات التى عقدها للتدليل على إعجاز النص القرآنى في مقابل النص البشرى ممثلا في معلقة امرئ القيس، وفي تحليله الجيد لأبيات من هذه المعلقة. ()
والشريف الرضى في كتابه لم يعنيه التأصيل للظاهرة بقدر ما اعتنى بالتطبيق العملى لها على الآيات القرآنية، متخذا من ذلك دليلا على الإعجاز البلاغى. كذلك كان فعل القاضى عبد الجبار في كتابه "المغنى " إذ لم يكلف نفسه عناء التطبيق على الآيات القرآنية، ولم ترد سوى إشارة وحيدة للمبحث في كتابه، ولعل مسوغه في ذلك كونه صاحب مذهب، ورئيس نحلة فقد كان جل اهتمامه التأصيل لفكره.
والكرمانى جعل نصب عينه التطبيق على الآى القرآنى فقط، وإبراز ما فيها من تداخلات واختلالات تركيبية " بالتقديم والتأخير" ولم يشغل ذهنه بالتأصيل للمبحث ولا التدليل على وجوده عند العرب. والحق أن تحليل الكرمانى للآيات الوارد فيها " التقديم والتأخير" يعد من أروع التحليلات التى وردت حول هذه الآيات.
وابن أبى الإصبع المصري يجعل جل اهتمامه في كتابه استقصاء ألوان البديع القرآنى، ولم يتطرق إطلاقا إلى ذكر استخدامات العرب "للتقديم والتأخير" ولا توظيفهم هذا الأسلوب.
ولعل من الملاحظ كون البلاغيين – ابتداءا من القرن الرابع الهجرى – نفضوا أيديهم من التأصيل للظاهرة في كلام العرب وأشعارهم، وربما كان مسوغهم في ذلك تفرد الأوائل بهذا الفعل على نحو ما فعل أبو عبيدة والأخفش وابن قتيبة والباقلانى، فاكتفى المتأخرون منهم بالجانب التطبيقى للمبحث، واعتمدوا أنه لا حاجة إلى إعادة الكلام وتكراره.
وعلى هذا الأساس انطلق البلاغيون المتأخرون في رحاب التطبيق، فجالوا وصالوا في رحاب النص القرآنى، وغاصوا على درره وكوامنه، وعكفوا على آياته وكلماته بالتحليل والدرس والفحص ليقفوا على بعض ما فيها من إعجاز، وقد تأتى لهم ذلك إلى حد كبير.
ثالثاً: فيما يتعلق بتنبه البلاغيين لأسرار هذه الظاهرة، ومحاولة استكناه كوامنها. ولعل الشريف الرضى هو البلاغى الوحيد الذى أوضح جلياً في مقدمة كتابه " مجازات القرآن " أنه إنما قصد بالتأليف هذا الموضوع ليقف على أسرار الإعجاز القرآنى، ورسم خطة كتابه قائلاً: " هذا كتاب أذكر فيه الآيات المتشابهات التى تكررت في القرآن، وألفاظها متفقة، ولكن وقع في بعضها زيادة أو نقصان أو تقديم أو تأخير .... وأبين السبب في تكرارها، والفائدة في إعادتها، وما الموجب للزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير والإبدال " ()
وعلى هذا النهج سار في كتابه محللاً منتبهاً للظاهرة، وواقفاً بالدرس والتحليل على أسرارها، وبيان أثرها في إثراء المعانى القرآنية.
رابعاً: في تنبه البلاغيين لأنواع "التقديم والتأخير" في ثنايا مؤلفاتهم التى أفردوها للإعجاز القرآنى. فالملاحظ أن البلاغيين تنبهوا لنوعي "التقديم والتأخير" رغم عدم التعيين المصطلحي لهذين النوعين.
يقول أبو عبيدة:" ومن مجاز المقدم والمؤخر قال (فَإِذاَ أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) () أراد: ربت واهتزت " (). فهو في هذا النص يقف على "التقديم والتأخير" المعنوى وأن كان لا يعينه، ويخرج الآية على أنها من باب تقدم السبب على المسبب، فالماء ينزل أولاً فينبت الزرع ويربت أى: ينمو، ثم يهتز عند اكتمال النمو دلالة على النضج. فقد تنبه أبو عبيدة لهذه اللمحة وجعل "التقديم والتأخير" هنا من المجاز. بينما في المواضع الأخرى التى ذكر فيها "التقديم والتأخير" في كتابه يكاد ينطق صراحة بأن هذه المواضع من "التقديم والتأخير" الرتبى، لكنه يكتفي بفعل الإشارة دون التعيين يقول في تعليقه على قوله تعالى: (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ): " مقدم ومؤخر، مجازه: كذبوا فريقاً، و (فريقاً يقتلون) مجازه يقتلون
(يُتْبَعُ)
(/)
فريقا " (). فهو هنا يشير إلى حق الترتيب الأصلى للجملة الفعلية (الفعل + الفاعل + المفعول) وقد جاءت الآية الكريمة باختلال في هذا الترتيب، فقدم المفعول به (فريقا) على الفعل والفاعل. وأبو عبيدة إذ انتبه إلى تلك اللمحة فإنه يجعلها من المجاز.
ويقول في تعليقه على الآيتين رقم (1، 2) من سورة الأنعام: " (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ): مقدم ومؤخر، مجازه: يعدلون بربهم، أي: يجعلون له عدلا، تبارك وتعالى عما يصفون. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) مقدم ومؤخر، مجازه: وعنده أجل مسمى، أي: وقت مؤقت " (). وتلك إشارة ذكية " للتقديم والتأخير" الرتبي. ففي الآية الأولى أشار إلى تقدم الجار والمجرور اللذين سدا مسد المفعول به على الفعل والفاعل، ويجعل ذلك من المجاز، ويشير إلى الترتيب الأصلي للجملة بقوله: (يجعلون له عدلا). وفي الآية الثانية يشير إلى الابتداء بالنكرة وما يسوغ ذلك، فالمبتدأ في الآية هو كلمة (أجل) جاء نكرة جاز الابتداء بها على خلاف الأصل لأنها موصوفة بكلمة (مسمى). وأبو عبيدة يجعل هذا الاختلال التركيبي الذي حدث من المجاز، ويشير إلى النسق المثالي للجملة وهو: وعنده أجل مسمى. ولا ندري السبب الذي دفعه إلى الإشارة إلى هذا النسق رغم وجود ما يسوغ الابتداء بالنكرة وهو وصفها.
هكذا كان صنيع أبي عبيدة في كتابه " مجاز القرآن " يكتفي بالإشارة دون النص على نوع " التقديم والتأخير "، واضعاً نصب عينه نوعية معينة من المتلقين هم أرباب الذوق والفهم.
أما الأخفش فكاد أن يقصر كتابه " معاني القرآن " على ذكر مواضع "التقديم والتأخير" المعنوي فقط دون غيره. ويجعل مدار ذلك هو ذوقه وحسه البلاغي واللغوي، فهو يقف أمام موضع " التقديم والتأخير " في الآية القرآنية ويحكم ثقافته اللغوية والبلاغية ليخرج بما وصل إليه من كوامن ودرر. يقول: " في كتاب الله (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً يُوحَى إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ) والمعنى – والله أعلم – وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم بالبينات وبالزبر فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ().
ويقول: " قال: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ) على: إنه (أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ) (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْماَنَ) و (إِنَّهُ بِسْمِ اللهِ). و (بِسْمِ الْلَّهِ) مقدمة في المعنى ". () ويقول: " أما (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فعلى معنى (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ).و (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) على التقديم والتأخير " ().
من النصوص السابقة نلاحظ تأكيد الأخفش على جانب " التقديم والتأخير" المعنوي، وتحكيم الذوق، ورهافة الحس والفهم.
وابن قتيبة يسلك الدرب نفسه، فيجعل مواضع " التقديم والتأخير " في كتابه في جانب المعنى. يقول: " ومن المقدم والمؤخر قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً) ()، أراد: أنزل الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا. وقوله: (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ) () أي: بشرناها بإسحاق فضحكت ". () فهو هنا يجعل المعنى هو المحرك الأهم في توجيه ما يرد من تقديم وتأخير في الآيات القرآنية. ففي الآية الأولى يجعل الحال (قيما) أحق بالتقديم إلى جوار صاحب الحال (الكتاب) وبذلك تتوالى الأوصاف الجميلة أولا ثم تليها ما عدا ذلك من أوصاف، لينفي عن القرآن الكريم صفة الاعوجاج وحاشاه عن ذلك. فالإثبات أحق بالتقديم، وأوكد في النفس. وفي الآية الثانية يراعي النص القرآني الحالة النفسية لزوجة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – إذ بلغت من العمر ما بلغت ثم تبشر بأنها ستلد غلاما، فيكون رد الفعل المتوقع ما يشبه عدم التصديق (الهيستريا)، ويكون المعبر الحقيقي لعدم التصديق هو الضحك. فعلى هذا المعنى راعى ابن قتيبة الحالة النفسية للزوجة في توجيه الآية القرآنية.
(يُتْبَعُ)
(/)
والرضي ينتهج نهج سابقيه في تناوله " للتقديم والتأخير" في الآيات القرآنية. يقول: " قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) () وهذه استعارة على أحد التأويلين، وهو أن يكون في الكلام تقديم وتأخير، فكأنه تعالى قال: أرأيت من اتخذ هواه إلاهه. معنى ذلك أنه جعل هواه آمراً يطيعه، وقائداً يتبعه فكأنه قد عبده لفرط تعظيمه له " ().
والكرماني يشير إلى النوعين كليهما في المواضع التي تناولها بالتحليل في كتابه. فقد أشار إلى " التقديم والتأخير" الرتبي في موضع وحيد عند تناوله الآية رقم (5) من سورة الفاتحة: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) بقوله: "تقديم (إياك) على الفعل لأن في التقديم فائدة، وهي قطع الاشتراك، ولو حذف لم يدل على التقديم، لأنك لو قلت: (إياك نعبد ونستعين) لم يظهر أن التقدير: (إياك نعبد وإياك نستعين) أم (إياك نعبد ونستعينك) فكرر " ().فهو هنا يشير إلى تقدم ضمير المفعول (إياك) على الفعل والفاعل وجوبا من ناحية النحو، ويحلل بدقة سبب تكرار الضمير (إياك)، وأشار إلى أن السر في التقديم هنا هو (قطع الاشتراك) أو إفراد الله عز وجل بالعبادة والاستعانة. وقطع الاشتراك مصطلح مرادف للاختصار أو الإفراد.
أما بقية المواضع التي ذكرها " للتقديم والتأخير" فإنه يجعلها من باب "التقديم والتأخير" المعنوي ().
وابن أبي الإصبع المصري يجعل محور بحثه " للتقديم والتأخير " في كتابه على النوع المعنوي منه، ويتخذ من التحليل المستفيض حجة للتدليل على ما ذهب إليه. يقول في معرض حديثه عن الآية رقم (49) من سورة الشورى: " وقعت صحة التقسيم في هذه الآية على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة، وهو الانتقال في النظم من الأدنى إلى الأعلى، إذ قدم فيها هبة الإناث، وانتقل إلى هبة الذكور، ثم إلى هبة المجموع، وجاء كل أقسام العطية بلفظ الهبة، وأفرد معنى الحرمان بالتأخير لأن إنعامه على عباده أهم، وتقديم الأهم واجب في كل كلام بليغ. " ()
فالرجل هنا يقر بكون البلاغة تقتضي تقديم الأهم، والتدرج في التقديم من الأدنى إلى الأعلى، وهذا أحد مسوغات وأسباب "التقديم والتأخير" المعنوي. وكذلك فعل فيما تعرض له من آيات اشتملت على " التقديم والتأخير" المعنوي. ()
ويشير ابن أبي الإصبع إلى " التقديم والتأخير" الرتبي في موضعين من كتابه في باب الترتيب وباب التوكيد. يقول في باب الترتيب: " الترتيب عبارة عن الجمل وترتيب مفرداتها في الوضع والتأليف، فيجب على من قصد الترتيب في النظم أن يقدم الفعل في الجملة الفعلية، ثم يقدم بعد الفاعل المفعول المطلق، ثم المفعول به، فيقدم منه ما تعدى الفعل إليه بنفسه، ثم يأتي بعده بما تعدى الفعل إليه بغيره، إلا أن يمنع من ذلك مانع لفظي أو معنوي. " () ولا ندري ما الذي استند إليه ابن أبي الإصبع من وجوب تقديم المفعول المطلق بعد الفاعل، كذلك لا ندري السبب الذي دفعه إلى إغفال الترتيب في الجملة الاسمية.
أما في باب التوكيد فيقول: " كل لفظة لا يصلح مكانها غيرها، ولا يجوز تقديم المتأخر منها ولا تأخير المتقدم، فإنك لو قلت (يا الله اقض بالعدل) أو (اللهم اقض بالعدل) أو (رب اقض بالحق) أو (احكم رب بالحق) أو (رب بالحق احكم) أو (بالحق رب احكم) أو (احكم بالحق رب)، لوجدت نظم القرآن أصح وأبين، وأسهل وأحسن، والتهذيب في كون تركيب الجملة وضع على أصح ترتيب، وأسهل تهذيب، إذ تقدم فيها ذكر المدعو وثني بالطلب، وثلث بالمطلوب، وحسن البيان، فلأن الذهن يسابق إلى فهم معنى الكلام من غير توقف مجرد سماعه أول وهلة لعدم التعقيد في النظم، وخلوه من أسباب اللبس من التقديم والتأخير، وسلوك الطريق الأبعد، وإيقاع المشترك." () ألا تراه يقرر هنا قواعد رتبية، ويشير إلى ترتيبات معنوية، إذ يجعل من نظم القرآن في قوله تعالى " (رب احكم بالحق) () قاعدة في الترتيب المعنوي لا الرتبي، فالأولى البدء بالمدعو ثم التثنية بالطلب وتثلث بالمطلوب. وكذلك يقرر أن القاعدة في الترتيب هو أن كل لفظة في مكانها لا يصلح فيه غيرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن ما يعكر صفو هذا الجهد الرائع لابن أبي الإصبع إشارته البسيطة لفظاً، المؤلمة دلالةً في نهاية النص السابق، إذ جعل " القديم والتأخير " من الأسباب المؤدية إلى اللبس على إطلاق العبارة دونما تخصيص، ولعل ذلك مرده فورة الحماس التي لازمته في حديثه عن النص القرآني وإعجاز نظمه وروعة تراكيبه، وسلاسة آياته. وإن كانت هذه الإشارة مما يؤخذ عليه خاصة أنه ذكر في بدء كلامه قاعدة قرر فيها أحكام " التقديم والتأخير".
مما سبق يتضح جلياً تنبه البلاغيين لنوعي " التقديم والتأخير"؛ الرتبي والمعنوي، وإشاراتهم – ضمناً – إلى هذين النوعين، وتناولهم الدقيق لكل نوع في مداخلاته مع الآيات القرآنية، ومحاولة الوقوف على أسرار هذه المداخلات، وإضافاتها البلاغية والدلالية لهذه الآيات.
خامسا: فيما يتعلق بقيام بلاغيي الإعجاز القرآني بخلط المصطلح مع غيره من المصطلحات القريبة الدلالة منه. فالبداية تتضح لنا جلياً عند أبي عبيدة في " مجاز القرآن " عندما جعل كل ما ورد من مواضع " للتقديم والتأخير" من المجاز، إذ كان أبو عبيدة يسوق هذه المواضع ويسبقها بعبارة (ومن مجاز المقدم والمؤخر). () ولعل هذا الخلط الضمني لم يكن مقصوداً، بل كان ذلك منهج كتابه.
أما ابن قتيبة فإنه ينص صراحة على الخلط بين " التقديم والتأخير " و " القلب " إذ يجعل من مصطلح القلب مصطلحا عاما يندرج تحته " التقديم والتأخير " يقول: " ومن المقلوب: أن يقدم ما يوضحه التأخير، ويؤخر ما يوضحه التقديم كقول الله تعالى: (فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلُهُ) () أي: مخلف رسله وعده، لأن الإخلاف قد يقع بالوعد كما يقع بالرسل، فتقول: أخلفت الوعد، وأخلفت الرسل. وكذلك قوله: (فَإِنَّهُمْ عَدَوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ) () أي: فإني عدو لهم، لأن كل من عاديته عاداك " ().ولا ندري المسوغ الذي جعل ابن قتيبة يعتقد هذا الرأي الذي يخلط فيه بين " التقديم والتأخير" و" القلب "؟ فقد كان يكفيه أن يخرج ما في الآيتين من إشكال على باب المقلوب فقط. وقد ذكر ابن قتيبة للتدليل على وجود "القلب " في القرآن ست آيات منها الآيتان السابقتان0 ()، ولم يذكر في أي شاهد من هذه الشواهد أي إشارة " للتقديم والتأخير"، ثم ذكر سبع آيات () قرآنية للتدليل على " التقديم والتأخير" مفردا دون النص على " القلب "، وإن كانت هذه الشواهد جميعها من باب "التقديم والتأخير" المعنوي، وتقترب في جانب منها من مصطلح " القلب " يتضح ذلك من قول ابن قتيبة: " قوله: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا) أي: فعقروها فكذبوا بالعقر. وقد يجوز أن يكون أراد: فكذبوا قوله: إنها ناقة الله؛ فعقروها " (). فهنا قلب للكلام لأن التكذيب تالي للعقر، لأن فعل العقر في ذاته تكذيب لما نبههم عليه نبي الله صالح – عليه السلام – من كون هذه الناقة لها خصوصية، فلم يستجيبوا وعقروها، فكأنهم بهذا العقر كذبوا مقالة نبيهم.
فابن قتيبة قدم وأخر وقلب المعنى وإن لم ينص هنا على معنى القلب.
ويتضح مدى الخلط الذي أشرنا إليه أوضح جلاء عند ابن أبي الإصبع المصري في " بديع القرآن " إذ ما يفتأ يخلط بين المصطلحات لخدمة غرض وحيد ابتغاه من تأليفه وهو التدليل على وجود ألوان عديدة من ألوان البلاغة والبديع في القرآن الكريم. يبدأ ابن أبي الإصبع خلطه بين "التقديم والتأخير" والعديد من المصطلحات مثل: الالتفات ()، وصحة التقسيم ()، والتعليل ()، والتوكيد (). لكن الملاحظ عند ابن أبي الإصبع أنه يوظف " التقديم والتأخير" لخدمة هذه الألوان وما يقع تحتها من أفكار.
تلك هي أهم الملحوظات التي نتجت من استقراء جهود البلاغيين في بحثهم " للتقديم والتأخير " وتقاطعات سياقاته مع الآيات القرآنية. واعتماد وصف المرحلة بالبداوة ناتج من كونها لم تفرد المبحث بالتأليف، وإنما جاءت إشاراتهم عابرة في ثنايا تلك المؤلفات، نمت فيما بعد لتشكل زخماً من الآراء القيمة، والتي بوبت أحسن تبويب على يد الإمام عبد القاهر الجرجاني.
إضاءة:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان ابن قتيبة هو أول بلاغي يشير إلى الارتباط بين " التقديم والتأخير " والقراءات القرآنية، فقد جعله من أسباب الاختلاف في وجوه القراءات. يقول ابن قتيبة: " الوجه السادس: أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير نحو قوله: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) ()، وفي موضع آخر: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ) " (). فقد ساق ابن قتيبة في هذا النص قراءتين للآية الكريمة، كان السبب في اختلافهما " التقديم والتأخير" المعنوي بين لفظتي (سكرة) وما يضاف إليها (الموت – الحق). والقراءة الأولى هي قراءة الجمهور، بينما الثانية قراءة سعيد بن جبير وطلحة (). ويحمد لابن قتيبة هذه الإشارة، لكونها ذات مغزى دلالي وبلاغي دقيق.
تنوير:
هناك بعض المؤلفات التي اختصت بالبحث في الإعجاز القرآني بكافة فنونه، مثل " البرهان في علوم القرآن " للزركشي (ت794هـ) و" الإتقان في علوم القرآن " و" معترك الأقران في إعجاز القرآن " و" مفحمات الأقران في مبهمات القرآن " للسيوطي (ت911هـ). ومن فنون الإعجاز بالطبع؛ الإعجاز البلاغي. وقد تضمنت هذه المؤلفات الكثير من ألوان الفنون البلاغية منها على سبيل المثال: (التقديم والتأخير، والذكر والحذف، والإيجاز والإطناب , والاستعارة، والتشبيه) وغير ذلك من الألوان البلاغية.
وتأسيساً على هذه الإشارة، كان لابد من البحث في هذه المؤلفات لكونها قد أفردت مبحث " التقديم والتأخير" بحيز منفصل في ثناياها، واعتنى مؤلفوها بالبحث في أسرار هذا المبحث في القرآن الكريم.
ويعنينا في هذا المقام أن نشير إلى أنه على الرغم من عدم كون الزركشي والسيوطي من البلاغيين، فإن المسوغ لضمهما إلى هذه الفئة من البلاغيين هو ما ضمته مؤلفاتهما من الإشارات البلاغية الدقيقة، والنقولات التي لم نجدها في غير مؤلفاتهما. فيكفينا أن السيوطي قد حفظ لنا نصوصا في كتابه " الإتقان " لابن الصائغ الحنفي صاحب المؤلف الوحيد فيما نعلم – حتى الآن – في " التقديم والتأخير " والذي سماه " المُقَدِّمَةُ في سِرِّ الأَلْفَاظِ المُقَدَّمَةِ "، وقد ضاع هذا الكتاب فيما ضاع من تراثنا الثري.
والشيء الفريد في هذه المؤلفات كون البحث فيها منصباً على التناول التحليلي للمبحث في الآيات القرآنية، وذكر أسبابه، وأسرار الورود بهذا الأسلوب في النظم القرآني. كما كان تنبه كلا من الزركشي والسيوطي لنوعي "التقديم والتأخير"؛ الرتبي والمعنوي مما يحمد لهما بحق. فقد ذكر الزركشي "للتقديم والتأخير" أسبابا سبعة هي ():
الأول: أن يكون التقديم أصلا لا مقتضى للعدول عنه، مثل تقديم الفاعل على المفعول، والمبتدأ على الخبر، وصاحب الحال عليه.
والثاني: أن يؤدى التأخير إلى فساد المعنى، والخلط في الفهم، مثل قوله تعالى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) () فإنه لو أخر (من آل فرعون) لاختل المعنى، وفهم غير المقصود.
والثالث: أن يكون في التأخير إخلالا بالتناسب، فيقدم لمشاكلة الكلام ولرعاية الفاصلة، كقوله تعالى: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) () فإنه لو أخر (في نفسه) عن (موسى) لما تناسبت الفواصل مع ما قبلها.
والرابع: الاهتمام بالمتقدم مثل قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعيِنُ). ()
والخامس: التفات الخاطر إلى المتقدم، وعقد الهمة عليه نحو قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ) () فقدم الجار والمجرور على المفعول الأول، لكون الإنكار متوجها إلى الجعل لله، لا مطلق الجعل.
والسادس: أن يكون التقديم للتبكيت والتعجب والسخرية من حال المذكور مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ).
والسابع: الاختصاص بتقديم ما ليس حقه التقديم مثل المفعول، والخبر، والظرف، والجار والمجرور على الفعل نحو قوله تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ). ()
ثم شرع بعد ذلك في ذكر أنواع " التقديم والتأخير" وجعله على أنواع ثلاثة هى:
الأول: ما قدم والمعنى عليه.
والثاني: ماقدم وهو في المعنى مؤخر أو العكس، أى: ما أخر وهو في المعنى مقدم. والثالث: ما قدم في آية وأخر في أخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجعل للنوع الأول مقتضيات وأسباباً أوصلها إلى خمسة وعشرين سببا هى: ()
1 - السبق بالزمان أو بالإيجاد، مثل قوله تعالى: (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) ()
2 - الذات: مثل قوله تعالى: (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ). ()
3 - العلة والسببية مثل قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). ()
4 - الرتبة: مثل قوله تعالى: (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً). ()
5 - الداعية: مثل قوله تعالى: (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ()
6 - التعظيم: مثل قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ الَلَّهَ وَالرَّسُولَ). ()
7 - الشرف: وذلك بأشياء مثل (الرسالة – الحرية – الإيمان – المعلوم). ومنه قوله تعالى: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ). ()
8 - الغلبة والكثرة: مثل قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ). ()
9 - سبق ما يقتضي تقديمه: مثل قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ). () لأن السياق قبل الآية في الحديث عن مريم رضى الله عنها.
10 - مراعاة اشتقاق اللفظ: مثل قوله تعالى: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ). ()
11 - لتحقق ما بعده واستغنائه هو عنه في تصوره مثل قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ). ()
12 - للحث عليه خيفة التهاون به: مثل قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً) ().
13 - الاهتمام عند المخاطب: مثل قوله تعالى: (وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ) () لفضل الصدقة على القريب.
14 - للتنبيه على أنه مطلق لا مقيد: مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ) ().
15 - للتنبيه على أن السبب مرتب: مثل قوله تعالى: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) ().
16 - التنقل: مثل قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) ().
17 - الترقي: مثل قوله تعالى: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٌ يَبْطُشُونَ بِهَا) ().
18 - مراعاة الإفراد: مثل قوله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ) ().
19 - التحذير منه والتنفير عنه، مثل قوله تعالى: (الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيًةً أَوْ مُشْرِكَةً) ().
20 - التخويف منه: مثل قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) ().
21 - التعجيب من شأنه: مثل قوله تعالى: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) ().
22 - كونه أدل على القدرة: مثل قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مِنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ) ().
23 - قصد الترتيب: مثل قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ) ().
24 - خفة اللفظ: مثل تقديم ربيعة على مضر لخفة اللفظ مع كون مضر أشرف لكون النبي – صلى الله عليه وسلم – منهم، ولو قدموا لتوالت حركات كثيرة وذلك مما يستثقل.
25 - رعاية الفواصل: مثل قوله تعالى: (لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) ().
أما النوع الثاني وهو ما قدم والنية به التأخير فقد جعل الزركشي له دلائل تدل عليه منها ():
1 - ما يدل عليه الإعراب مثل: تقديم المفعول على الفاعل نحو قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) () وتقديم الخبر على المبتدأ نحو قوله تعالى: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ الْلَّهِ) () وغيره.
2 - ما يدل عليه المعنى مثل: قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً) () فالمعنى يقتضي تقديم (قيما) على (عوجا). وقوله تعالى: (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ) () الأصل: فبشرناها بإسحاق فضحكت. وقد استشهد الزركشي لهذا النوع بثلاث وأربعين آية قرآنية.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما النوع الثالث وهو ما قدم في آية وأخر في أخرى. فمنه قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) () وقوله تعالى: (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ) () فالتقديم في الآية الأولى جاء على الأصل، وفي الآية الثانية جاء على تقدير الجواب، فكأنه قيل إجابة عن سؤال لمن الحمد؟ فقيل: لله الحمد. وقد استشهد الزركشي لهذا النوع باثنتاعشرة آية قرآنية.
تلك هي أهم جهود الزركشي فيما يخص مبحث " التقديم والتأخير " في كتابه " البرهان في علوم القرآن ".
أما السيوطي فقد كانت له جهود ثرية في العناية بالمبحث، إذ تناوله في أكثر من مؤلف مثل " الإتقان في علوم القرآن " و" معترك الأقران في إعجاز القرآن ". ولتكن البداية مع كتاب " الإتقان " فقد عقد السيوطي الباب الرابع والأربعين" للتقديم والتأخير " وسماه " في مقدمه ومؤخره "، وقسمه إلى قسمين هما ():القسم الأول: ما أشكل معناه ظاهرا، فلما وضح ما فيه من تقديم وتأخير اتضح المعنى، وأوضح السيوطي أهمية هذا القسم بقوله: " وهو جدير بأن يفرد بالتصنيف " ().كذلك أشار السيوطي مدى عناية السلف بهذا النوع، وتأكيدهم على أهميته، وجهودهم في بيان بعض ما أشكل من الآيات القرآنية لما تضمنته من " التقديم والتأخير ".
أما القسم الثاني: فهو على خلاف الأول، وقد ذكر السيوطي أن العلامة (شمس الدين ابن الصائغ الحنفي) ألف فيه كتابا سماه " المُقَدِّمَة في سر الألفاظ المُقَدَّمَة " ذكر فيه أن أسباب "التقديم والتأخير" في كتاب الله العزيز عشرة أسباب هي: ()
الأول: التبرك كتقديم اسم الله في كل الأمور نحو قوله تعالى: (شَهِدَ الْلَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ). ()
والثاني: التعظيم نحو قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعْ الْلَّهَ وَالرَّسُولَ) ().
والثالث: التشريف كتقديم الحي على الميت، والذكر على الأنثى نحو قوله تعالى: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) ().
والرابع: المناسبة أي مناسبة المتقدم لسياق الكلام الوارد قبله نحو قوله تعالى: (يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) ().
والخامس: الحث عليه والحض على القيام به مثل تقديم الوصية على الدين نحو قوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) ().
والسادس: السبق بالزمان أو بالمكان مثل تقديم الليل على النهار، والظلمات على النور، وآدم على نوح، ومنه قوله تعالى: (صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) ().
والسابع: السببية نحو تقديم العزيز على الحكيم، قال تعالى: (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ().
والثامن: الكثرة كقوله تعالى: (فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) ().
والتاسع: الترقى من الأدنى إلى الأعلى نحو قوله تعالى: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٌ يَبْطُشُونَ بِهَا) ().
والعاشر: التدلي من الأعلى إلى الأدنى نحو قوله تعالى: (لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) ().
هذه هي الأسباب التي ذكرها ابن الصائغ الحنفي في كتابه، ونقلها عنه السيوطي، فحفظها لنا وإلا لضاعت فيما ضاع من تراثنا، فجهد السيوطي هنا مجرد النقل لآراء ابن الصائغ، ولم يضف جديدا يذكر في هذا المقام، كذلك لم يفلسف الأمور بما تميز به من فلسفة التنظيم والتعليق.
أما تناول السيوطي للمبحث في كتابه " معترك الأقران في إعجاز القرآن " فقد تميز بفعل التكرار لما سبق وأن تناوله في " الإتقان " نصاً دون زيادة أو نقصان، وهذا شيء عجيب حقا.
الهوامش:
1. - سورة الحج: آية رقم (22).
2. - أبو عبيدة (معمر بن المثنى)، مجاز القرآن، تحقيق: د. محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1988، 1/ 12.
3. - المرجع السابق، 1/ 12، 1/ 173، 1/ 185، 1/ 398، 2/ 15، 2/ 34، 2/ 154.
4. - سورة الأعراف: آية رقم (7).
5. - الأخفش (أبو الحسن سعيد بن مسعدة)، معاني القرآن، تحقيق: د. هدى قراعة، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1990، 1/ 328.
6. -الأخفش، معاني القرآن، 1/ 328، 2/ 466، 2/ 574.
7. - ابن قتيبة (أبو محمد عبد الله بن مسلم)، تأويل مشكل القرآن، تحقيق: السيد صقر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط2، 1973، 37.
(يُتْبَعُ)
(/)
8. - المرجع السابق، 205.
9. - الباقلاني (أبو بكر محمد بن الطيب)، إعجاز القرآن، تحقيق: السيد صقر، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1995، 234.
10. -سورة الفرقان: آية رقم (43).
11. - الشريف الرضى (محمد ابن الحسين بن موسى)، تلخيص البيان في مجازات القرآن، تحقيق: محمد عبد الغنى حسن، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ط1،1955،251.
12. -عبد الجبار الأسد آبادى (أبو الحسن)، المغنى في أبواب التوحيد والعدل، ج 16 (إعجاز القرآن)، قوم نصه: أمين الحولي، دار الكتب، القاهرة، 1960، 16/ 200.
13. 5 - سورة المزمل: آية رقم (3).
14. -الكرمانى (محمود بن حمزة بن نصر)، البرهان في متشابه القرآن، تحقيق: أحمد خلف الله، دار الوفاء، المنصورة، ط2، 1998، 103.
15. - المرجع السابق، 97، 98، 103، 108، 113، 121، 128، 130، 136، 152، 182، 185، 197، 213، 218، 248، 263.
16. - سورة الشورى، آية رقم (49).
17. -ابن أبى الإصبع المصري، بديع القرآن، تحقيق: د. حفني شرف، دار نهضة مصر، القاهرة، ط2، (د. ت)، 68.
18. -المرجع السابق، 43،68، 109، 160، 210.
19. -سورة التوبة، آية رقم92.
20. - أبو عبيدة، مجاز القرآن، 1/ 267.
21. -الأخفش، معاني القرآن، 1/ 328.
22. - ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، 20.
23. - المرجع السابق، 193 - 198، 205 - 209.
24. -الباقلانى، إعجاز القرآن، 162، 234.
25. - الرضى، تلخيص البيان في مجازات القرآن، 97.
1 - سورة الحج، آية رقم (5).
26. - أبو عبيدة، مجاز القرآن، 1/ 12.
27. - المرجع السابق، 1/ 173.
28. - أبو عبيدة، مجاز القرآن، 1/ 185.
29. - الأخفش، معاني القرآن، 1/ 328.
30. - المرجع السابق، 2/ 466.
31. - نفسه، 2/ 574.
32. - سورة الكهف: الآيتان (1، 2).
33. - سورة هود: آية رقم (71).
34. - ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، 206.
35. - سورة الفرقان: آية رقم (43).
36. - الرضي، تلخيص البيان في مجازات القرآن، 251.
37. - الكرماني، متشابه القرآن، 98.
38. -الكرماني، البرهان في متشابه القرآن، 108، 113، 128، 129، 130، 136، 152، 182، 185، 197، 213، 218، 248، 263.
39. - ابن أبي الإصبع المصري، بديع القرآن، 68.
40. - المرجع السابق، 43، 109.
41. - نفسه، 160.
42. -ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 210.
43. - سورة الأنبياء، آية رقم (112).
44. - أبو عبيدة، مجاز القرآن، 1/ 12، 1/ 185، 1/ 267، 1/ 398، 2/ 15، 2/ 154.
45. - سورة إبراهيم، آية رقم (47).
46. - سورة الشعراء، آية رقم (77).
47. - ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، 193.
48. - المرجع السابق، 193، 195، 197.
49. - نفسه، 205، 208، 209.
50. - نفسه، 206.
51. - ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 43.
52. - المرجع السابق، 68.
53. -نفسه، 109.
54. - نفسه، 210.
55. - سورة ق: آية رقم (19).
56. - ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، 37.
57. - ينظر: ابن جني، المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات، تحقيق: علي النجدي وآخرين، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1999،2/ 283.
58. - الزركشي (بدر الدين محمد بن عبد الله)، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، 1957، 3/ 233: 3/ 237.
59. - سورة غافر: آية رقم (28).
60. - سورة طه: آية رقم (67).
61. - سورة الفاتحة: آية رقم (5).
62. -سورة الأنعام: آية رقم (100).
63. - سورة الغاشية: الآيتان رقم (25، 26).
64. -الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 239 - 3/ 275.
65. - سورة الحج: آية رقم (75).
66. - سورة فاطر: آية رقم (1).
67. -سورة الفاتحة: آية رقم (5).
68. -سورة الفتح: آية رقم (29).
69. -سورة النور: آية رقم (30).
70. - سورة النساء: آية رقم (69).
71. -سورة البقرة: آية رقم (178).
72. -سورة المائدة: آية رقم (38).
73. -سورة الأنبياء: آية رقم (91).
74. - سورة الانفطار: آية رقم (5).
75. - سورة مريم: آية رقم (96).
76. - سورة الشورى: آية رقم (49).
77. - سورة الحشر: آية رقم (7).
78. - سورة الأنعام: آية رقم (100).
79. - سورة التوبة: آية رقم (35).
80. - سورة البقرة: آية رقم (22).
81. - سورة الأعراف: آية رقم (195).
82. - سورة الكهف: آية رقم (46).
83. - سورة النور: آية رقم (3).
84. - سورة هود: آية رقم (105).
85. - سورة الأنبياء: آية رقم (79).
86. - سورة النور: آية رقم (45).
87. - سورة المائدة: آية رقم (33).
88. - سورة الحج: آية رقم (60).
89. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 284 - 3/ 287.
90. - سورة فاطر: آية رقم (28).
91. - سورة الحشر: آية رقم (2).
92. - سورة الكهف: الآيتان رقم (1، 2).
93. - سورة هود: آية رقم (71).
94. - سورة الفاتحة: آية رقم (2).
95. - سورة الجاثية: آية رقم (36).
96. - السيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر)، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محمد العلي، مكتبة نهضة مصر، القاهرة، ط2، 1999، 315.
97. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 315.
98. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 316 – 318.
99. - سورة ال عمران: آية رقم (41).
100. - سورة النساء: آية رقم (29).
101. - سورة الأنعام: آية رقم (95).
102. - سورة الروم: آية رقم (24).
103. - سورة النساء: آية رقم (11).
104. - سورة الغاشية: آية رقم (19).
105. - سورة البقرة: آية رقم (222).
106. - سورة التغابن: آية رقم (2).
107. - سورة الأعراف: آية رقم (195).
108. - سورة البقرة: آية رقم (255).
109. - ابن قتيبة، أدب الكاتب، تحقيق: د. عبد الفتاح سليم، معهد المخطوطات العربية، القاهرة، 1993، 43.(/)
جماليات التقديم والتأخير في البلاغة العربية (1)
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[12 - 11 - 2008, 01:26 ص]ـ
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
أولاً: مرحلة بداوة المصطلح
الشق الثاني: كتب النقد والبلاغة
أما فيما يتعلق بكتب النقد والبلاغة في مرحلة " بداوة المصطلح " فإن هذه المؤلفات نحت نحو الجانب التطبيقي والإشارة إلى وجود " التقديم والتأخير " كسمة أسلوبية في الأبيات والشواهد الشعرية. وقد أدار البلاغيون الأوائل آراءهم في هذه المرحلة على مدار الإجادة والإساءة في توظيف هذه السمة الأسلوبية، وفصلوا القول في مواطنها كما سنبين.
وينعقد الكلام على جهود هؤلاء البلاغيين الأعلام من خلال وقفات مع هذه الجهود لمحاورتها واستكناه غوامضها وكوامنها، والوقوف على مدارات تألقها، ومسارات ثرائها كما يلي:
الوقفة الأولى:
تتعلق هذه الوقفة بإشارات بلاغيي هذه المرحلة إلى توظيف " التقديم والتأخير " كسمة أسلوبية لها قيمتها في التراكيب النحوية، ومن ثم البلاغية. وما يترتب على هذه السمة من إجادة أو إساءة في النظم.
فابن قتيبة في معرض حديثه عن الآداب التي يجب على الكتاب التزامها في كتابه " أدب الكاتب " يقول ناصحا الكتاب: " نستحب له إن استطاع أن يعدل بكلامه عن الجهة التي تلزمه مستثقل الإعراب ليسلم من اللحن وقباحة التقعير " ().وتلك الإشارة الخفية يقصد بها "التقديم والتأخير " فما من وسيلة لتقعير وتعقيد المعنى سوى حركية دوال الجملة سلبا وإيجابا، وذلك لا يتسنى إلا "بالتقديم والتأخير". وهو وإن لم يصرح بالوسيلة التي تلغز الإعراب، وتعمي المعنى، فقد استبانت ضمنا.
أما ابن المدبر (ت279هـ) في رسالته الموسومة " بالرسالة العذراء " يجعل النصيحة أكثر تفصيلا وإيضاحا، إذ يقول: " أدر الألفاظ في أماكنها، واعرضها مع معانيها، وقلبها على جميع وجوهها، حتى تقع موقعها، ولا تجعلها قلقة نافرة، فمتى صارت كذلك هجنت الموضع الذي أردت تحسينه، وأفسدت المكان الذي أردت إصلاحه، واعلم أن الألفاظ في غير أماكنها، والقصد بها في غير مظانها، كترقيع الثوب الذي إذا لم تتشابه رقاعه، ولم تتقارب أجزاؤه، خرج عن حد الجدة، وتغير حسنه " ().
فهذه النصيحة الثرية تنبئ عن وعي وتنبه عميقين لدور " التقديم والتأخير " وتوظيفه أسلوبيا في عملية تركيب الجمل. تأمل قوله: " وقلبها على جميع وجوهها، حتى تقع موقعها " لكأني به يتحدث عن مدى صحة التراكيب المختلفة للجملة الواحدة، لكن ما يصح منها معنى ومضمونا هو عين الصواب، وذلك ما يعنيه بقوله: " حتى تقع موقعها ". وهي إشارة غاية في الروعة فيما ترمز إليه. وتأمل المثال الذي ضربه تمثيلا لحالة " التقديم والتأخير " من الإجادة والإساءة تجده رائعا في إشارته؛ إذ يجعل من عدم انسجامية النظم حالة أشبه بترقيع الثوب.
كذلك يجعل ابن المدبر الشعر موطنا للضرورات، فيغتفر فيه ما لا يغتفر في النثر، يقول: " ولا يجوز في الرسائل ما يجوز في الشعر؛ لأن الشعر موضع اضطرار فاغتفروا فيه الإغراب، وسوء النظم، والتقديم والتأخير، والإضمار في موضع الإظهار " ().فابن المدبر يجعل من هذه الوسائل الأسلوبية حال إساءة توظيفها في الشعر من الضرورات، لأن الشعر موضع اضطرار، ولذا نجد النقاد والبلاغيين يحاولون تأويل ما جاء من أبيات شعرية معقدة النظم على وجه مقبول.
ونجد لابن المدبر إشارة أخرى تتناول تراكيب الشعر بالذم، يقول: " وإساءة النظم في التأليف في الشعر كثير، تكون الكلمة بشعة حتى إذا وضعت موضعها وقرنت مع أخواتها حسن حالها وراقت ...... كما أن اللفظة العذبة إذا لم توضع موضعها نفرت " ().
(يُتْبَعُ)
(/)
وقدامة بن جعفر (ت337هـ) يجعل " التقديم والتأخير " عيبا من العيوب التي تلحق الشعر وتهجنه، ولم يذكره في كتابه " نقد الشعر " كوسيلة أسلوبية تستخدم لتحسين الكلام وتزيينه، بل اكتفي بفعل الذم، وجعل المبحث في خانة العيوب، يقول قدامة في معرض حديثه عن المقصد من نعت ائتلاف اللفظ والوزن: " أن تكون أوضاع الأسماء والأفعال والمؤلفة منها وهي الأقوال، على ترتيب ونظام لم يضطر الوزن إلى تأخير ما يجب تقديمه، ولا إلى تقديم ما يجب تأخيره منها " (). ويتحدث عن " التفصيل " وهو عيوب ائتلاف اللفظ والوزن فيقول: " هو ألا ينتظم للشاعر نسق الكلام على ما ينبغي لمكان العروض فيقدم ويؤخر كما قال دريد بن الصمة ():
وَبَلِّغْ نُمَيْراً – إِنْ عَرَضْتَ – ابْنُ عَامِرٍ فَأَيُّ أَخٍ فِي النَّائِبَاتِ وَطَالِبِ
ففرق بين نمير بن عامر بقوله: إن عرضت " ().ويتضح هنا أن الذي عناه قدامة بالتفريق هو " الاعتراض " وهذا شيء عجيب حقا ألا ينتبه قدامة لهذه اللمحة النحوية فلا يفرق بين "الاعتراض" وبين" التقديم والتأخير". لكن المهم هنا أنه جعل "الاعتراض" من "التقديم والتأخير"، وهي وجهة نظر جديدة، مختلفة تماما عن النظرة النحوية في هذه المسألة. والذي يعنينا هنا أنه أصر على ذكر المبحث في الجانب السيئ للتوظيف الكلامي، ولم يشر إليه إطلاقا بالإجادة والحسن.
والآمدي (ت370 هـ) في كتابه " الموازنة " يشير إلى مصطلح " الإساءة في النظم " أو رداءة مكان اللفظ في الجملة بقوله: " واعلم أن ردئ اللفظ يكون على وجهين: أما أن يكون اللفظ من ألفاظ العوام سخيفة في نفسها، أو جيدة قد وضعت في غير موضعها فصارت رديئة بذلك الموضع خاصة " (). وهو يسير في اتجاه ابن المدبر ويتخذ من كلامه نبراسا له نلمح ذلك من سياق الكلام. كما أن الآمدي لم يشر إلى أسلوبية "التقديم والتأخير" ودوره في إبراز جماليات النظم.
والمرزباني (ت384هـ) في كتابه " الموشح " يسلك الدرب نفسه إذ يقول: " وقد وضع قوم الكلام في غير موضعه، فقدموا وأخروا، نحو قوله ():
صَدَدْتَ فَأَطْوَلْتَ الصُّدُودَ وَقَلَّمَا وِصَالٌ عَلَى طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ
يريد: وقلما يدوم وصال " ().
أما أبو هلال العسكري فقد فصل القول في " التقديم والتأخير " دون أن يعين له فصلا خاصا في كتاب " الصناعتين ". فقد بدأ بالكلام على أخطاء المعاني وأسباب هذه الأخطاء بقوله: " والمعاني بعد ذلك على وجوه منها ما هو مستقيم حسن كقولك: قد رأيت زيدا. ومنها ما هو مستقيم قبيح نحو قوله: قد زيدا رأيت. وإنما قبح لأنك أفسدت النظام بالتقديم والتأخير " ().فانظر هنا إلى قوله: " مستقيم قبيح " أي قد استقام الكلام تركيبا وسلم من الناحية النحوية من حيث التزامه بالقواعد المقررة في التركيب، لكنه قبح من ناحية المعنى والدلالة. وقد رد العسكري ذلك إلى " التقديم والتأخير " بقوله: " لأنك أفسدت الكلام بالتقديم والتأخير " أي نظام المعنى.
إن العسكري يقرر هنا قاعدة " معنى التراكيب " أو توظيف النحو بلاغيا، وهذا ما سيتنبه له فيما بعد عبد القاهر الجرجاني في " دلائل الإعجاز " وسيوفيه حقه بحثا. لكن الجميل هنا أن العسكري يحكم الذوق في الحكم على سلامة النظام الدلالي والمعنوي للجملة، بعيدا عن تحكيم السلامة التركيبية النحوية.
ويتخذ العسكري سلاح النصيحة ويتدثر به ليلقي بنصائحه للكتاب عن فنية " التوظيف " الجيد لهذا المبحث بقوله: " وينبغي أن ترتب الألفاظ ترتيبا صحيحا، فتقدم منها ما كان يحسن تقديمه، وتؤخر منها ما كان يحسن تأخيره، ولا تقدم منها ما يكون التأخير به أحسن، ولا تؤخر منها ما يكون التقديم به أليق " ().ألا تراه هنا يشير صراحة إلى استحبابه نسق الكلام على المعتاد دون استخدام فنية " التقديم والتأخير " في التراكيب، يقول: " فتقدم منها ما كان يحسن تقديمه "، فالمبتدأ مقدم، والفاعل مقدم، وصاحب الحال مقدم عليها، وتلك هي أوجه الكلام الفصيح، فلا حاجة إلى التقعيد والإلغاز في التراكيب باستخدام " التقديم والتأخير ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويتحدث العسكري عن سوء الرصف وحسنه بقوله: " وحسن الرصف أن توضع الألفاظ في مواضعها وتمكن في أماكنها، ولا يستعمل فيها التقديم والتأخير، والحذف والزيادة، إلا حذفا لا يفسد الكلام، ولا يعمي المعنى، ويضم كل لفظة منها إلى شكلها، وتضاف إلى لفقها. وسوء الرصف تقديم ما ينبغي تأخيره منها وصرفها عن وجوهها، وتغيير صيغتها، ومخالفة الاستعمال في نظمها " (). وهذا النص يستلزم منا وقفة تفصيلية تحليلية لأهمية ما يحتويه. فالعسكري يتحدث عن " الرصف " أي " النظم" ويجعل حسن النظم أن تأتي الدوال المكونة لأي تركيب على النسق المعهود نحوياً، والالتزام بالقواعد التركيبية المقررة، ولا يستعمل فيها أي تقديم أو تأخير أو حذف أو زيادة إلا بشروط معينة ومميزات خاصة هي:
1 - عدم إفساد الكلام (لا يفسد الكلام).
2 - عدم غموض المعنى (ولا يعمي المعنى).
3 - أن تنضم الألفاظ إلى ما يشاكلها بالتقديم والتأخير أو الحذف والزيادة.
فجعل شرطين في جانب المعنى، وشرطاً وحيداً في جانب التركيب. لكن السؤال الآن: ماذا يقصد بقوله: " ويضم كل لفظة منها إلى شكلها، وتضاف إلى لفقها "؟ وما الشكل الذي يقصده هنا؟ هل يرمي إلى الشكل التركيبي المثالي؟
إن الضم والمشاكلة التي يقصدها العسكري ويرمي إليها قد تفسر من جوانب عديدة، لكن وجه الكلام يشير إلى عنايته بالمشاكلة التركيبية، وعنايته بانسياب الكلام على قواعد التركيب المقررة، لكون سياق عبارته ينحو نحو هذه الوجهة.
أما سوء الرصف عنده فله وسائل تؤدي إليه منها:
1 - تقديم ما ينبغي تأخيره.
2 - صرف الألفاظ عن وجوهها.
3 - تغيير صيغة الألفاظ.
4 - مخالفة الاستعمال في نظم هذه الألفاظ.
وقد جعل العسكري الوسيلة الأولى (تقديم ما ينبغي تأخيره) على إطلاقها، ولم يخصصها، ذلك أن هناك ما ينقض هذه الإشارة؛ فالخبر يتقدم على المبتدأ وهو من المؤخرات وجوباً، وكذلك المفعول، والحال، والتمييز، والمفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول معه، ومعمولات المشتقات , لكن المسوغ الوحيد لحمل كلام العسكري على حسن الظن هو كونه يخاطب أهل عصره بما عرف عنهم من ثقافة نحوية في ذلك الوقت، فكأنه عندما يشير إلى هذه الإشارة تتجه الأذهان إلى تقديم ما ينبغي تأخيره ولا وجه لتقديمه إطلاقا، فبذلك يسوء الرصف، وهذا هو الاحتمال الأليق.
أما الوسيلة الثانية لسوء الرصف وهي (صرف الألفاظ عن وجوهها) فالمقصود بالوجوه هنا وجوه الاستخدام في السياقات المختلفة (الدلالية)، فقد تأتي اللفظة لتدل على عدة معان، ويوظفها الشاعر أو الناثر ليشير بها إلى معنى مخالف لكل أوجه الاستعمال المعهودة، فيصرفها عن وجه استخدامها، فيسوء هذا الاستخدام، وينبو عن الصحة.
والوسيلة الثالثة لسوء الرصف عند العسكري هي (تغيير الصيغة)، فما المقصود بالصيغة هنا؟ هل يعني الصيغة البنيوية الصرفية أم أنه يعني الصيغة (الصياغية)؟ وسياق الكلام هنا يدور في جانب تعداد الوسائل المفسدة للنظم، فأجدر بالسياق هنا أن يشمل الدلالة والنحو والصرف أيضا، وعلى هذا فإن هذه الوسيلة تنحو نحو الصيغ الصرفية، وتغيير صيغ استعمالها، فلا نتوقع استخدام صيغة صرفية لم يتعارف عليها العلماء، وتحوز منهم الإعجاب. والدليل على ما ذهبنا إليه هو ما أشار إليه العسكري في الوسيلة الرابعة وهي (مخالفة الاستعمال في نظمها) نجدها مكملة للوسيلة السابقة، أي مخالفة ما تعاهدته العرب من توظيفات للفظة نحويا ودلاليا.
إن النص السابق رغم ثرائه بالآراء والدلالات، فإنه يحمل في طياته إشارات هدم، وعبارات ذم لمبحث " التقديم والتأخير " إذ أن العسكري يجعل من استخدامات هذا المبحث في جانب الإساءة، وقد أغفل العسكري أي إشارة إلى حسن توظيف المبحث، وأثره في إثراء دلالات النظم الكلامي.
والعميدي (ت 433هـ) فقد ذكر تعليقاً موجزاً في كتابه " الإبانة عن سرقات المتنبي " لخص فيها المعاناة التي يلاقيها من يتصدى لتأويل نص مشكل، كان إشكاله بأي وسيلة من وسائل الإلغاز والتعقيد، وما يعتري الناقد العالم من حالات إزاء هذه الإغرابات. يقول العميدي: " قال المتنبي ():
أَرْضٌ لَهَا شَرَفٌ سِوَاهَا مِثْلُهَا لَوْ كَانَ مِثْلُكَ فِي سِوَاهَا يُوجَدُ
(يُتْبَعُ)
(/)
بألف شمعة يهتدي الدليل إلى نظم هذا البيت المشكل " ().فهذه المقالة تحمل في كلماتها الوجيزة توصيف بليغ لحالات المعايشة النقدية التي تنتاب الناقد عند تعرضه بالدرس والتحليل لنص ما، (بألف شمعة) فما بالك بالوقت الذي يلزم لينقضي ضوء ألف شمعة إنها تحتاج على الأقل لألف ليلة، فما بالك لو عايشت بيتاً شعرياً ألف ليلة لتفتش عما به من دلالات، وقد لا تظفر بشيء منه لإلغازه وغموضه، أو أنه لا جمال فيه.
وأبو عبد الله الأندلسي (ت450 هـ) في كتابه " المعيار في أوزان الأشعار " يجعل من تعريف النظم جل غايته، ويجعل من " التقديم والتأخير " وسيلة من وسائل هذا النظم، ويذكر له وجوه الجواز وعدمه. يقول الأندلسي في تعريف النظم: " هو تأليف الكلام على وجه دون وجه، منه ما يجوز فيه التقديم والتأخير، كتقديم المفعول على الفاعل حيث يكون أهم، والحاجة إليه أشد نحو قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ) (). ومنه ما يقبح، وهو الذي يؤدي إليه تطلب وزن نحو قول الأعشى ():
أَفِي الطَّوْفِ عَلَى الرَّدَى وَكَمْ مِنْ رَدٍّ أَهْلَهُ لَمْ يَرُمِ
............ ومنه مالا يصح بوجه كتقديم الخبر والمفعول حيث يشتبه، وتقديم الصلة على الموصول، والمضاف إليه على المضاف، وتوابع الأسماء، وتقديم المضمر على المظهر، وغير ذلك مما يطول تعداده، وتنبئ كتب النحو عنه " (). فالأندلسي في هذا النص يتبنى وجهة النظر النحوية، ويسمح بنقل ما (جوزه وقبحه ومنعه) النحويون. فقد بدأ بتعريف النظم بأنه مطلق الحرية التي ينتهجها المبدع في اختيار كلماته وتأليفها على وجه دون آخر، وتلك الحرية هي مناط الإبداع.
ويشرع الأندلسي بعد ذلك في تفصيل أوجه استعمال " التقديم والتأخير " في النظم فيجعله على ثلاثة أقسام هي:
1 - ما يجوز فيه التقديم والتأخير، وجعل منه تقديم المفعول على الفاعل لكونه أهم والحاجة إليه أشد.
2 - ما يقبح فيه التقديم والتأخير، وجعل منه ما يضطره الوزن في الشعر من ضرورات، كذلك تقديم الخبر على المبتدأ إذا أشكل التقديم، دون أن يفصل هنا سبب هذا الإشكال.
3 - ما لا يصح بوجه مثل تقديم الخبر والمفعول إذا أشكلت الجملة، وتقديم الصلة على الموصول، وتقديم المضاف إليه على المضاف، وتقديم توابع الأسماء على متبوعها، وتقديم المضمر على المظهر لاستحالة عود الضمير على متأخر. وهو هنا يكرر التأكيد على أن تقديم الخبر مما يقبح عند الإشكال، لكن هذا الإشكال يتخذ شكلين هما: إشكال حادث بمداخلة التقديم للجملة، وإشكال حادث لإشكال الجملة نفسها، ولا ندري ما الذي يقصده بهذه الإشارة، فقد كان يكفيه الإشارة إلى أن تقديم الخبر بلا ضابط مما يشكل ويقبح.
والملاحظ لمن يتأمل كتاب " المعيار " أن أبا عبد الله الأندلسي قد انتهج نهجا فريدا في تأليف الكتاب إذ بدأ بتعريف " النظم "، ثم قسم الكتاب بعد ذلك إلى مباحث مثل " التقديم والتأخير " , " الحذف والذكر " و " والفصل والوصل " و" النفي " و" الاستفهام "، ثم شرع في تكرار تعريف النظم في بداية كل مبحث من المباحث السابقة، تأكيدا للمعنى الذي يرمي إليه. ولولا السبق الزمني – الذي نجزم به – للأندلسي، لقلنا بالأثر الجرجاني في هذا الكتاب.
وابن رشيق القيرواني (ت 456هـ) في كتابه " العمدة " يستعذب " التقديم والتأخير " ولكنه يعدد في الوقت نفسه مثالب استخدامه ويستهجن ذلك، وما بين الاستعذاب والاستهجان نقف مدهوشين من جراء هذا الفعل النقدي. يقول ابن رشيق: " ومن الشعراء من يضع كل لفظة موضعها لا يعدوه، فيكون كلامه ظاهرا غير مشكل، وسهلا غير متكلف، ومنهم من يقدم ويؤخر؛ إما لضرورة وزن أو قافية وهو أعذب، وإما ليدل على أنه يعرف تصريف الكلام ويقدر على تعقيده، وهذا هو العي بعينه " ().هكذا ترى في نص واحد، بل وفي سطر واحد رأيين لبلاغي ناقد فحل، هما في حقيقة الأمر طرفا نقيض. فابن رشيق يمدح من لا يضمن شعره سوء الترتيب أي " التقديم والتأخير "، فيجعل كلامه ظاهرا غير مشكل، فيمدحه بالابتعاد عن الإشكال والتكلف، ويذم من يستخدم هذه الوسيلة، ثم يعود فيقول: " ومنهم من يقدم ويؤخر؛ ما لضرورة وزن أو قافية وهو أعذب "، فكيف يستقيم هذا الكلام المتناقض؟! بل وفي الموضع نفسه ينعى على
(يُتْبَعُ)
(/)
من يفعل ذلك إظهارا لمقدرته على تصريف الكلام وتعقيده بقوله: " وهذا هو العي بعينه ". إن النص السابق يضع أمام رأي ابن رشيق الكثير من علامات الاستفهام.
ويعود ابن رشيق فيقول: " ورأيت من علماء بلدنا من لا يحكم للشاعر بالتقدم، ولا يقضي له بالعلم، إلا أن يضمن في شعره التقديم والتأخير، وأنا استثقل ذلك من جهة ما قدمت، وأكثر ما تجده في أشعار النحويين " ().فهو هنا يعتمد الذم لذلك الفعل والصنيع رأيا له بقوله: " وأنا استثقل ذلك ". ولعل نقل ابن رشيق لرأي الرماني في تفصيله للقاعدة التي تحكم فنية توظيف " التقديم والتأخير " رغبة منه في الوقوف على أصل حاكم لهذه المسألة، يقول: " قال علي بن عيسى الرماني: أسباب الإشكال ثلاثة: التغيير عن الأغلب كالتقديم والتأخير، وما أشبهه، وسلوك الطريق الأبعد، وإيقاع المشترك، وكل ذلك اجتمع في بيت الفرزدق ():
وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلاَّ مُمَلَّكاً أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهُ " ().
وابن شرف القيرواني (ت460هـ) في " رسائل الانتقاد " ينقل لنا كراهية النقاد لتعقيد الكلام في الشعر بقوله: " ويكره النقاد تعقيد الكلام في الشعر، وتقديم آخره، وتأخير أوله، كقول الفرزدق:
وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلاَّ مُمَلَّكاً أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهُ " ().
ويكتفي ابن شرف بنقل هذه الكراهية دونما تعليق.
أما ابن سنان الخفاجي (ت 466هـ) فقد كان لزاما عليه وهوالباحث في أسرار الفصاحة، والمنقب عن الأوجه التي يجب أن تلزم الكلام الفصيح , في كتابه " سر الفصاحة ". فقد بدأ كلامه بالتأكيد على كون أحد أصول الكلام هو وضع الألفاظ مواضعها، يقول ابن سنان: " إن أحد الأصول في حسنه، وضع الألفاظ موضعها حقيقة أو مجازا لا ينكره الاستعمال، ولا يبعد فيه " (). وهذه الإشارة رددها من سبقوه وأكدوا عليها، إلا أن تأكيده كان أشد لكونها من أصول حسن الكلام. ويعود ابن سنان إلى تأكيده مرة أخرى بقوله: " فمن وضع الألفاظ موضعها إلا يكون في الكلام تقديم وتأخير حتى لا يؤدي ذلك إلى فساد معناه وإعرابه في بعض المواضع " (). فهو هنا يجعل من استخدام هذه الفنية وسيلة لفساد المعنى والإعراب، لكنها ليست كذلك في كل المواضع بل في بعض المواضع فقط، ولم يبين أو يوضح ما يقصده (بالبعضية) هنا وترك العبارة على إطلاقها.
إن هذه الإشارات الواردة عن نقاد وبلاغيي هذه المرحلة تنبئ فيما تنبئ به عن تنبه لأهمية المبحث، وطرق توظيفه. وقد أشار هؤلاء البلاغيون إلى درجات الإساءة والإجادة في هذا التوظيف. وقد وردت هذه الإشارات في معرض التطبيق، إذ جعل البلاغيون من التطبيق والتحليل مدخلا للحديث عن المبحث، وأكثروا من سوق الشواهد الشعرية تدليلا على ما ذهبوا إليه من آراء.
وقد ترددت هذه الآراء بين معياري الإجادة والإساءة؛ فالقليل منهم على استجادة هذه الوسيلة الأسلوبية، وأهمية توظيفها لإثراء النظم، بينما الكثرة الكاثرة على استقباحها، والاعتقاد الراسخ بكونها أحد أهم وسائل التعقيد والمعاظلة والإلغاز. وأيا ما كان الأمر فالذي يعنينا هنا في هذه المرحلة هو التنبه والوعي الذي أبداه البلاغيون في مؤلفاتهم لمبحث " التقديم والتأخير " وما استدعاه ذلك من عناية، وما استلزمه من تحليلات ذوقية، واستنتاجات دلالية رائعة.
الوقفة الثانية:
تتعلق هذه الوقفة ببعض القضايا المثارة في تناولات بلاغيي هذه المرحلة في ثنايا بحثهم " للتقديم والتأخير "، هذه القضايا وثيقة الصلة بالمبحث.
والبداية مع قدامة بن جعفر في كتابه " نقد الشعر " إذ اعتمد للشعر أركانا أربع هي (اللفظ، والمعنى، والوزن، والقافية) ثم تناول هذه الأركان في ائتلافاتها مع بعضها البعض، فجعل لهذه الائتلافات نعوتا وعيوبا، ومن خلال حديثه عن هذه النعوت والعيوب تتطرق إلى " التقديم والتأخير "، فجاء حديثه عن المبحث في ضربين من هذه الائتلافات، وأثار بهذا الفعل قضيتين هما:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: في معرض حديثه عما يقصده من وراء نعت ائتلاف اللفظ والوزن، فجعل مدار كلامه على " التقديم والتأخير " بقوله: " هو أن تكون أوضاع الأسماء والأفعال والمؤلفة منها وهي الأقوال، على ترتيب ونظام لم يضطر الوزن إلى تأخير ما يجب تقديمه، ولا إلى تقديم ما يجب تأخيره " ().
أما القضية الثانية: فقد ذكرها في أثناء حديثه عن عيوب ائتلاف اللفظ والوزن؛ والذي سماه " التفصيل ". وقد عرفه قدامة بقوله: " وهو ألا ينتظم للشاعر نسق الكلام على ما ينبغي لمكان العروض فيقدم ويؤخر كما قال دريد بن الصمة:
وَبَلِّغْ نُمَيْرًا – إِنْ عَرَضْتَ – ابْنُ عَامِرٍ فَأَيُّ أَخٍ فِي النَّائِبَاتِ وَطَالِبِ
ففرق بين نمير بن عامر بقوله: إن عرضت " ().
إن قدامة في هذين الرأيين اعتمد " التقديم والتأخير " محورا لكلامه، وأدار عليه اجتهاداته، ففي القضية الأولى يذهب إلى استحسان نسق الكلام العادي، والترتيب المثالي، ويذهب إلى أن استخدام المبحث في الكلام إنما هو من قبيل الاضطرار، فالذي يجب على الشاعر التزامه هو نسق الكلام العادي، فلا يؤخر ما يجب تقديمه، ولا يقدم ما يجب تأخيره، بل يلتزم تقديم المتقدم، وتأخير المتأخر.
كذلك نلمح هنا إجحافا للمبحث، وغمطا لحقه، فكيف يغيب عن ناقد وبلاغي فحل مثل قدامة، جمالية وفنية استخدام " التقديم والتأخير " كأحد السمات المميزة للبلاغة العربية ومن قبلها النحو؟! وكيف يغيب عن ذهنه – وهو من هو – روعة الاستخدام القرآني لهذه السمة أروع استخدام؟!
أما القضية الثانية والتي نحا فيها نحو " الخلط " بين " التقديم والتأخير" و" الاعتراض" بمسمى جديد هو " التفصيل ". وجعله من عيوب ائتلاف اللفظ والوزن لا يشفع له، ولا يبرر له هذا الخلط.
تلك هي أهم آراء قدامة في المبحث وما يتصل به من قضايا، رغم ما يعتور هذه الآراء من خلط.
أما أبو هلال العسكري فقد فصل القول في المبحث وما يتصل به من قضايا في كتاب " الصناعتين "، وقد تناول في تحليلاته ثلاث قضايا كل منها غاية في الأهمية هي:
الأولى: قضية وجوه المعاني، وقد بدأ الكلام فيها بالتنبيه على كون المعاني على وجوه بقوله: " والمعاني بعد ذلك على وجوه منها ما هو مستقيم حسن كقولك: قد رأيت زيدا. ومنها ما هو مستقيم قبيح نحو قولك: قد زيدا رأيت. وإنما قبح لأنك أفسدت النظام بالتقديم والتأخير. ومنها ما هو مستقيم النظم وهو كذب مثل قولك: حملت الجبل، وشربت ماء البحر، ومنها ما هو محال كقولك: آتيك أمس، وأتيتك غدا " ().ففي هذا النص ذكر العسكري أربعة أنواع للمعاني هي:
1 - المستقيم الحسن؛ وهو ما جاء على النظم المألوف، مثل: قد رأيت زيدا.
2 - المستقيم القبيح؛ وهو الذي جاءعلى قواعد التركيب المقررة، ولكنه فاسد المعنى، مثل قولك: قد زيدا رأيت.
3 - المستقيم النظم وهو كذب؛ جاء على قواعد التركيب لكنه كذب في الحقيقة، مثل: شربت ماء البحر.
4 - المستقيم النظم المحال الوقوع؛ وهو ما جاء وفقا لقواعد التركيب، لكنه محال الحدوث لتضمنه ما لا يستطاع.
والذي يهمنا في هذا المقام هو النوع الثاني وهو المستقيم القبيح، ففي هذا النوع استقام الكلام تركيبا، لكنه فسد معنى. والعسكري يتخذ من " التقديم والتأخير " في هذا الضرب وسيلة مفسدة للنظام ومن ثم المعنى، ومن جاء تصنيفه لهذا النوع بأنه المستقيم تركيبا القبيح دلالة. ويؤخذ على العسكري هنا إطلاقه وتعميمه بلا دليل، وعدم استثناء بعض التراكيب النحوية المختلة بنيويا " بالتقديم والتأخير " لكنها مستقيمة المعنى والدلالة، وتؤدي دلالات لا تؤديها الجملة في الحالة المثالية.
المهم هنا هو اتكاء العسكري في تصنيفه لأنواع المعاني على " التقديم والتأخير ". وجدير بالذكر هنا أن هذه التقسيمات التي ساقها العسكري ليست من بنات أفكاره بل هي من نتاج ذهن سيبويه في " الكتاب " ()، ولم يشر العسكري لذلك مجرد إشارة بسيطة.
أما القضية الثانية: فتتعلق بالتقسيم أيضا، لكن هذه المرة تقسيم النظم أو كما سماه العسكري " الرصف ". فقد جعله على ضربين؛ حسن، وسييء، وجعل لكل ضرب شروطا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي الضرب الأول وهو " حسن الرصف " يقول: " وحسن الرصف أن توضع الألفاظ في مواضعها، وتمكن في أماكنها، ولا يستعمل فيها التقديم والتأخير والحذف والزيادة، إلا حذفا لا يفسد الكلام ولا يعمي المعنى، ويضم كل لفظة منها إلى شكلها، وتضاف إلى لفقها " ().وهو هنا مصيب في اصطلاحه " الرصف " لدقة المصطلح في دلالاته على نظم الكلام، وبيان ما يحتاجه هذا الرصف من جهد ومئونة. فوضع الألفاظ مواضعها كما يقتضي الترتيب المثالي للجملة هو حسن الرصف من وجهة نظره. وتأمل قوله: " وتمكن في أماكنها "، ودلالاتها البليغة في أداء المعنى المراد، والدال على الثبات والاستقرار البنيوي للكلمات داخل كينونة جملها.
كذلك يضع العسكري دستورا لاستعمال الفنيات والتقنيات الأسلوبية مثل التقديم والتأخير، والحذف والزيادة، يتلخص في: ألا يؤدي توظيف هذه التقنيات الأسلوبية بشكل من الأشكال إلى إفساد المعنى والنظام وتعميته، وإلا هجنت وقبحت. ولعل استخدامه بعض الكلمات واتكاؤه عليها كان له دلالة بليغة في أداء ما رامه من معاني من وراء مصطلح " الرصف"، مثل توظيفه لكلمات (يضم) و (شكلها) و (تضاف) و (لفقها) مما زاد النص دلالة فوق ما أراده من دلالات.
أما الضرب الثاني والذي سماه " سوء الرصف " فقد عرفه بقوله: " سوء الرصف تقديم ما ينبغي تأخيره منها، وصرفه عن وجوهها، وتغيير صيغتها، ومخالفة الاستعمال في نظمها. وقال العتابي: الألفاظ أجساد، والمعاني أرواح، وإنما نراها بعيون القلوب، فإذا قدمت منها مؤخرا، أو أخرت منها مقدما، أفسدت الصورة، وغيرت المعنى، كما لو حُوِّل رأس إلى موضع يد، أو يد إلى موضع رجل، لتحولت الخلقة، وتغيرت الحلية. وقد أحسن في هذا التمثيل " (). ويؤخذ على العسكري إطلاقه وتعميمه للأحكام كحال البلاغيين في هذه المرحلة، فقد فصل القول في " سوء الرصف " وجعل له وسائلا وسبلا منها: تقديم ما ينبغي تأخيره، وتغيير صيغة الألفاظ، وصرفها عن وجوه الاستعمال المعروفة، ومخالفة الاستخدام النحوي والتركيبي والدلالي في نظمها. وقد أحسن العسكري إذ نقل لنا المثال الذي ضربه العتابي للتمثيل لحالة " التقديم والتأخير " في حسنها وقبحها.
أما القضية الثالثة التي أثارها العسكري فتتعلق بما أسماه " حل المنظوم ونظم المحلول ". فقد تحدث العسكري عن هذه القضية، وبين إمكانية حدوث ذلك. وأيضا اتخذ من التقديم والتأخير وسيلة معينة على أداء ما رامه من أفكار، يقول العسكري: " والمحلول على أربعة أضرب: فضرب منها يكون بإدخال لفظة بين ألفاظه، وضرب ينحل بتأخير لفظة وتقديم أخرى فيحسن محلوله ويستقيم، وضرب منه ينحل على هذا الوجه ولا يحسن ولا يستقيم، وضرب تكسو ما تحله من المعاني ألفاظا من عندك وهذا أرفع درجاتك " ().وقد مثل العسكري لكل ضرب من هذه الأضرب بالكثير من الأمثلة والشواهد الشعرية. والذي يعنينا من هذه الأضرب هو الضرب الثاني؛ الذي ينحل بتأخير لفظة وتقديم أخرى فيحسن المعنى ويستقيم، والضرب الثالث الذي جعله العسكري ينحل بتأخير لفظة وتقديم أخرى ولا يحسن ولا يستقيم. فمن جديد نحن أمام قضية " الرصف " من حيث الحسن والإساءة، والتي يلح عليها العسكري بشدة، فضرب يؤدي إلى حسن المعنى واستقامته، وضرب يؤدي إلى فساد النظم والمعنى وقبحه. يقول العسكري: " وأما الضرب الثالث فهو أن توضع ألفاظ البيت في مواضع ولا يحسن وضعها في غيرها فيختل، إذا نثر بتأخير لفظ وتقديم آخر " ().إذن العسكري يلح على ذات القضية الثانية وهي " حسن الرصف وسوءه " وهي ما حكم تفكيره في حديثه عن قضية " نثر الشعر ونظم النثر" بل ولعلها هي التي حكمت تصوره كله عن " التقديم والتأخير ".
بهذا الجهد يكون العسكري متفردا بين بلاغيي هذه المرحلة، لم ينافسه ويزاحمه أحد.
الوقفة الثالثة:
تتعلق بهذا الزخم التحليلي الخاص " بالتقديم والتأخير " والذي أتى في ثنايا مؤلفات بلاغيي هذه المرحلة. فقد انبرى البلاغيون تحليلا وفحصا وتطبيقا للأبيات الشعرية لإبراز ما فيها من تقديم وتأخير، سواء أجاد الشاعر في توظيفه للمبحث أم أساء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويكفي أن نشير إلى تكرار أبيات شعرية بعينها في ثنايا المؤلفات البلاغية صب البلاغيون عليها تحليلاتهم المتنوعة، بل وتناولها بعضهم في كتابه بالتحليل أكثر من مرة، ومن هذه الأبيات: 1 - بيت الفرزدق الذي يقول فيه:
وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلاَّ مُمَلَّكاً أَبُو أُمِّهِ حَيٌّ أَبُوهُ يُقَارِبُهُ
فقد ورد في " الموشح " للمرزباني في أربعة مواضع ()، وفي " العمدة " لابن رشيق ()، وفي " رسائل الانتقاد " لابن شرف القيرواني ()، وفي " سر الفصاحة " لابن سنان الخفاجي ()، وفي " المعيار في نقد الأشعار " لأبي عبد الله الأندلسي ().
2 - بيت الشماخ الذي يقول فيه:
تَخَامَصُ عَنْ بَرْدِ الوُشَاحِ إِذَا مَشَتْ تَخَامُصَ حَافِي الْخَيْلِ فِي الأَمْعُزِ الْوَجِيِ
فقد ورد في " الموشح " للمرزباني ()، وفي " حلية المحاضرة " للحاتمي ()، وفي " عيار الشعر " لابن طباطبا العلوي ().
ونشير هنا إلى أن هذا الجهد التحليلي للأبيات الشعرية قد شكل تراثاً ثرياً وضح فيه مدى الذوق والإحساس الذي تميزت به هذه الكوكبة من البلاغيين ().
من كل هذا نخلص إلى أن أهم ما ميز مرحلة " بداوة المصطلح " هو التناول التطبيقي، والتحليلات المتنوعة، والخلط بين المصطلحات فلم تكن حدودها قد تمايزت بعد. وهذه الإشارات التي أوضحناها تعد بمثابة التمهيد للمرحلة القادمة وهي مرحلة " نضج المصطلح " على يد الإمام عبد القاهر الجرجاني.
الهوامش:
• - ابن المدبر (أبو اليسر إبراهيم بن محمد)، الرسالة العذراء، تحقيق: د. زكي مبارك، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط2، 1931، 30.
• - المرجع السابق، 19.
• - نفسه، 21.
• - قدامة بن جعفر، نقد الشعر، تحقيق: كمال مصطفي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3، 1978، 166.
• -انظر: الأصمعي، اختيارات الأصمعي (الأصمعيات)، 29.
• - قدامة بن جعفر، نقد الشعر، 221.
• - الآمدي (أبو القاسم الحسن بن بشر)، الموازنة بين الطائيين، تحقيق: السيد صقر وعبد الله محارب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط4، 1992، 4/ 471.
• - المرار الفقعسي، الديوان، 480. البغدادي، خزانة الأدب،10/ 226.
• - المرزباني (أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى)، الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء، تحقيق: محمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995، 124.
• - أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، 85.
• - المرجع السابق، 169.
• -أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، 179.
• - المتنبي، الديوان، 145.
• - العميدي (أبو سعد محمد بن أحمد)، الإبانة عن سرقات المتنبي، تحقيق: إبراهيم الدسوقي، دار المعارف، القاهرة، 1969، 184.
• - سورة البقرة: آية رقم (124).
• - الأعشى، الديوان، 265.
• - أبو عبد الله الأندلسي (محمد بن أحمد)، المعيار في أوزان الأشعار، تحقيق: د. عبد الله هنداوي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1987، 179.
• - ابن رشيق (أبو علي الحسن بن رشيق)، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق: محمد محيي الدين، دار الجيل، بيروت، ط5، 1981، 1/ 260.
• - ابن رشيق، العمدة، 1/ 261.
• - الفرزدق، الديوان، 18. المبرد، الكامل في اللغة والأدب، 1/ 18.
• -ابن رشيق، العمدة، 2/ 266.
• - ابن شرف القيرواني (أبو عبد الله محمد بن شرف)، رسائل الانتقاد، تحقيق: حسن حسني عبد الوهاب، دار الكتاب الجديد، بيروت، 1983, 54.
• - ابن سنان الخفاجي (أبو محمد عبد الله بن محمد)، سر الفصاحة، تصحيح: عبد المتعال الصعيدي، مكتبة صبيح، القاهرة، 1969. 100.
• - المرجع السابق، 101.
• - قدامة بن جعفر، نقد الشعر، 166.
• - المرجع السابق، 221.
• - أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، 85.
• - سيبويه، الكتاب، 1/ 25، 26.
• - أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، 179.
• - المرجع السابق، 238.
• - المرزباني، الموشح، 124، 132، 133، 265.
• - ابن رشيق، العمدة، 2/ 266، 267.
• - ابن شرف، رسائل الانتقاد، 54.
• - ابن سنان الخفاجي، سر الفصاحة، 101.
• - أبو عبد الله الأندلسي، المعيار في نقد الأشعار، 117.
• - المرزباني، الموشح، 88.
• - الحاتمي، حلية المحاضرة، 2/ 24.
• - ابن طباطبا العلوي، عيار الشعر، 82.
• ينظر: - ابن المدبر، الرسالة العذراء، 21. – ابن المعتز، البديع، 154. – ابن طباطبا، عيار الشعر، 81، 82. الصولي، أدب الكاتب،73. قدامة بن جعفر، نقد الشعر، 166، 221، 222. – الجرجاني، الوساطة، 91. الآمدي، الموازنة، 1/ 216، 1/ 220، 1/ 539، 1/ 550، 3/ 106، 3/ 170، 3/ 326، / 648، 4/ 471. المرزباني، الموشح، 84، 88، 98، 107، 108، 124، 132، 133، 192، 265. الحاتمي، حلية المحاضرة، 1/ 126، 2/ 24. العسكري، كتاب الصناعتين، 85، 169، 170، 179، 237، 238، 239. الثعلبي، فقه اللغة، 164. - العميدي، الإبانة عن سرقات المتنبي، 184. أبو عبد الله الأندلسي، المعيار في نقد الأشعار، 117، 179، 180، 181. ابن رشيق، العمدة، 1/ 260، 1/ 261، 2/ 266، 2/ 267، 2/ 276، 2/ 277. ابن شرف القيرواني، رسائل الانتقاد، 54. ابن سنان الخفاجي، سر الفصاحة، 100، 101، 104، 105، 106، 107، 108، 183، 184، 185.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نسيم علي]ــــــــ[17 - 02 - 2009, 08:50 م]ـ
ابن عبد العزيز الرجداوي
الأستاذ الفاضل أشكرك جدا لقد نفعني هذا الكثير
وأرجوا ان يكون في ميزان حسناتك
والسلام عليك اخي
وعلى كل الأخوة الكرام
ـ[أحلام]ــــــــ[20 - 02 - 2009, 08:21 م]ـ
الاستاذ الفاضل ابن عبد العزيز الرجداوي
جزاك الله خيرا على هذا العرض الرائع لموضوع التقديم والتأخير
ـ[سمر بندر]ــــــــ[27 - 02 - 2009, 09:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين
بدايةً أود أن أشكر القائمين على هذا المنتدى، وبعد
رغبةً مني المشاركة - مع علمي أن الموضوع طرح للنقاش منذ فترة طويلة- ولاهتمامي بهذا الموضوع (التقديم والتاخير)، أردت ان تكون المشاركة الأولى عبارة عن معلومة من احد المراجع الحديثة التي تحدثت عن التقديم والتأخير بمنظور آخر.
فقد اطلعت مؤخراً على كتاب (خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية) للدكتور عبدالعظيم المعطني - رسالة دكتوراه - وهو يتحدث عن مجموعة من الخصائص التعبيرية، ومنها: التقديم والتأخير. وقد قسمه إلى ثلاث أقسام:
النوع الأول: التقديم الاصطلاحي، وهو المعروف عند عبد القاهر الجرجاني وغيره من البلاغيين، وهو نوعان:
1 - تقديم ما حقه التأخير.
2 - تقديم ما ليس له رتبة معينة في التركيب.
النوع الثاني: التقديم غير الاصطلاحي، أو (اختلاف النظم في العبارات ذات المعنى الواحد).
أما النوع الأول فمعروف في كتب البلاغة، وقد فصل فيه الكثيرون، ومنهم: عبدالقاهر الجرجاني في دلائل الأعجاز.
أما إضافة الدكتور المطعني – على حد إطلاعي – فتتمثل في النوع الثاني، فإنك " إذا نظرت إلى العبارة مجردة لم يظهر لك فيها تقديم أو تأخير، إنما ترى كل كلمة وقعت في الجملة التي هي فيها. وإذا قارنت هذه العبارة بموضع آخر اتحد معها في اصل المعنى ظهر لك أن الكلمة قد قُدِّمت في موضع، وأخرت في آخر ".
وقد وضح ذلك بمثال:
قال تعالى: {وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة} [البقرة: 58]
وقوله: {وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً} [الأعراف:166]
وذكر الدكتور المطعني بعد هذا التعريف البسيط، أن البلاغيين لم يتعرضوا لهذا النوع كثيراً، وقد اعتمد في دراسته لهذا النوع منهجية معينة، وهي:
- إحصاء للآيات التي وجد فيها هذا النوع من التقديم، وعددها: عشرون موضعاً.
- اعتمد في تحليله على القرآن الكريم، فنظر في السابق واللاحق نزولاً، و بعض القرائن التي تدل على بيان سبب الترتيب.
- اعتمد على ما كتبه الزركشي في البرهان عن بعض المواضع.
- رجع إلى بعض شروح المفسرين.
وقد عمل الدكتور في رسالته على جميع هذه المواضع، وبيّن سبب اختصاص كل آية بمعنى وميزة خاصة تختلف عن الآية المشابهة لها في المعنى العام.
هذه مشاركة بسيطة، وإشارة مختصرة إلى هذا الكتاب، وجدت أنه جدير بالإضافة لمن يهمّه أمر التقديم والتاخير.
شكراً لكم
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[ابو الصحارى]ــــــــ[27 - 02 - 2009, 11:11 ص]ـ
بسم الله ما شاء الله موضوع جيدنال اعجابى(/)
دورة في شرح الجوهر المكنون عصام البشير المراكشي
ـ[أبو الحسنات الدمشقي]ــــــــ[12 - 11 - 2008, 06:46 م]ـ
:::
لله الحمد أولا وآخرا
يسر إخوانكم في غرفة ظهور العيس التابعة لموقع شذرات شنقيطية الذي يشرف عليه الشيخ أحمد مزيد ولد عبد الحق الإعلان عن دورة جديدة في البلاغة:
الشارح: الشيخ أبو محمد عصام البشير المراكشي
المتن: الجوهر المكنون في البلاغة
موعد الدروس: يومي الاثنين و الأربعاء من كل أسبوع (ابتداءا من يوم الاثنين القادم 27 أكتوبر الموافق 28 شوال)
الوقت: في تمام الساعة 10:30 مساءا بتوقيت مكة المكرم 7:30 بتوقيت قرينش
المكان: غرفة ظهور العيس
http://wwww999rcom-2.s.roomsserver.net/?j=0
رابط الدروس الماضية:
http://www.chatharat.com/catplay.php?catsmktba=48
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 05:29 م]ـ
جزاكم الله خيرا،،،
دروووووووس رائعة،،(/)
مساعدة ضروري جدا
ـ[احساس مرهف]ــــــــ[12 - 11 - 2008, 10:07 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لو سمحتم أبغى من هذه الآيات أسلوب الالتفات ...
هل إجابا تي صحيحة؟
قال تعالى:" فاما الذين اسودت وجوههم (اسلوب الالتفات غيبة او تكلم) أكفرتم بعد إيمانكم (أسلوب الالتفات خطاب) ...
قال تعالى:"يدخل من يشاء في رحمته (اسلوب الالتفات تكلم) والظالمين أعد لهم عذابا أليما (أسلوب الالتفات غيبة) ..
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 09:02 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأولى كما ذكرت:
فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ: غيبة باعتبار المتكلم عنه: الذين اسودت وجوههم، وتكلم باعتبار المتكلم وهو الله عز وجل.
أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ: خطاب، فيكون الانتقال من الغيبة إلى الخطاب، ولو اطردت الغيبة لقيل: فأما الذين اسودت وجوههم أكفروا بعد إيمانهم، ولذلك وجب تقدير قول محذوف يجعل الكلام خطابا بعد غيبة فيكون تقدير الكلام: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ فيقال لهم: أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.
والله أعلى وأعلم.(/)
مساعدة ... أريد أن أحلل هذا الحديث تحليلا بلاغيا
ـ[عربية 500]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 08:49 م]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
أرجو منكم أن تلبوا لي طلبي وأكون شاكرة لكم
أريد أن أحلل هذا الحديث تحليلا بلاغيا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله
(يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ألم اتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا بلى والله ورسوله أمن والفضل ثم قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا: بماذا نجيبك يارسول الله , الله ورسوله المن والفضل قال: أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا قلوبنا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فأويناك وعائلا أسيناك أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لقاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار , الأنصار شعار والناس دثار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار)
لو سمحتوا أريد أن أحلل الحديث الذي باللون الأحمر من كلمة (قالوا بماذا نجيبك ..... إلى نهاية الحديث)
ولن أنساكم بدعوة بظهر الغيب
وجزاكم الله الجنه
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 03:23 ص]ـ
ولك الشكر. وجزاك الجنة.
هذه بعض الملاحظات قد تفيد مع كون محاولتك ابتداء أفضل بكثير.
وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ: تقديم ما حقه التأخير وهو مشعر بالقصر والاختصاص، فأصل الكلام: المن والفضل لله.
و "أل" في "المن" و "الفضل": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه، فالفضل كله، والمن كله لله ورسوله دون من سواهما، ولو قيل بالقصر الإضافي في هذه الصورة لما بعد، لأن السياق سياق منة دينية، فلا منة في الدين إلا لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المبلغ عن ربه عز وجل، فصار الفضل والمن مقيدين بدلالة السياق، مع أنه لا يبعد أيضا أن يقال بأن المنة عامة في الدين والدنيا، فإن منة الدنيا ثابتة لله، عز وجل، فهو المنعم بالإيجاد ابتداء، وبإعداد الأبدان والأرواح ليقبل كل غذاءه، فخشاش الأرض للبدن، ونور الوحي للروح، وبالإمداد بذلك الغذاء، وكذلك منة الدنيا ثابتة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبدينه ظهر العرب على أمم الدنيا، وتهاوت إمبراطوريات العالم القديم تحت سنابك خيولهم، وانثالت الغنائم إلى قصبة الإسلام: مدينة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم زمن الفاروق، رضي الله عنه، الذي أطفأ الله، عز وجل، به نيران كسرى، وكسر به صلبان فيصر.
فلا يبعد أن تكون المنة بعمومها لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وفي التنزيل: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
و: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، فهو وعد عاجل في الأولى آجل في الآخرة، فأي منة أعظم من الفوز بالأولى والآخرة، فعيش سعيد وموت حميد وبعث إلى الجنة أكيد.
قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ: جناس بين: (فَلَصَدَقْتُمْ) و (َصُدِّقْتُمْ). وفي القسم توكيد يؤيده التعقيب بالفاء في "فلصدقتم"، فحالهم مشعر بالصدق فورا فلا يتردد السامع في تصديق قولهم لأنه أهل لتلك الفضيلة، وما يأتي من الكلام: أمر قد عرفه القاصي والداني، فنصرتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر لا ينكره إلا جاحد، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أولى الناس بحفظ الجميل لأهله، فصاروا صادقين مصدقين من جهتين:
من جهة كونهم: أهلا لفضيلة الصدق ابتداء.
ومن جهة كون حالهم في تلك القضية: أمرا ذائعا شهدت به مهج الأنصار التي بذلت في ساحات الوغى وأموالهم التي سفحت نصرة للملة وذبا عن النِحلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ: طباقات متتالية: (مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ)، (وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ)، (وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ)، (وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ): وهي مما يزيد المعنى وضوحا، وفيه مزيد إقرار بفضل تلك العصابة المؤمنة، إذ بضدها تتميز الأشياء، فبالكذب تعرف فضيلة الصدق، وبالعيلة تعرف عافية الغنى .......... إلخ.
أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ:
استفهام عتاب، ويقال في غير هذا الموضع بأنه: إنكاري توبيخي، لأن ما بعده قد حصل فعلا، فهم كبقية البشر تعتمل في نفوسهم النوازع، ولكنهم سرعان ما يؤوبون إلى الجادة فهم معدن الفضل والخير، ولذلك حسن أن يقال من باب التأدب أنه: استفهام عتاب.
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ: نداء البعيد تعظيما لشأنهم فهم أعظم من أن تلتفت نفوسهم الشريفة إلى عرض من أعراض الدنيا الحقيرة.
لُعَاعَةٍ: تنكير يفيد التحقير فهي لعاعة حقيرة لا يلتفت إليها أمثال الأنصار رضي الله عنهم.
أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ:
عتاب آخر، يزداد جزالة إذا ما قدرنا جملة تناسب المقام بعد همزة الاستفهام عطف ما بعدها عليها بالفاء: فيقال مثلا: أزهدتم فيما عند الله من الكرامة فلا ترضون .......... ، فيكون في الكلام إيجاز بالحذف، وهذا اختيار الزمخشري، رحمه الله، في مثل هذه المواضع التي تتقدم فيها الهمزة، لأن لها الصدراة مطلقا حتى على العاطف، فهو لا يسلم بذلك بل يقدر جملة محذوفة على التفصيل المتقدم.
الأنصار شعار والناس دثار:
تشبيهان بليغان حذف فيهما أداة التشبيه ووجه الشبه، فتقدير الكلام: الأنصار كالشعار وهو ما يلي البدن من الثياب، ووجه الشبه: شدة الملابسة، فمجاورتهم النبيَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنزلة القلبية والدار المكانية كمجاورة الشعار البدنَ، وفي تسميته شعارا: مجاز علاقته المجاورة إذ هو يجاور شعر البدن فاشتق له اسم منه.
والناس دثار: وهو التالي الشعار، ويقال فيه ما قيل في التشبيه الأول من جهة التركيب، فهم كالدثار في تلو منزلتهم منزلة الأنصار.
وفي تتالي التشبيهين: مقابلة بين الأنصار من جهة، وبقية الناس من جهة أخرى، ويقال فيه أيضا: بضدها تتميز الأشياء، فمنزلة الأنصار تتميز بمعرفة منزلة بقية أحياء العرب ممن استجابوا لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وفي "شعار" و "دثار": سجع غير متكلف يضفي على الألفاظ رونقا، فتميل له أذن السامع.
اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ:
إظهار في موضع الإضمار، فلو قيل اختصارا: اللهم ارحم الأنصار وأبناءهم وأبناء أبنائهم، لصح المعنى، ولكنهم قوم تسعد النفس بجريان ذكرهم على اللسان شأنهم في ذلك شأن: أي حبيب يلتذ بذكر محبوبه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[عربية 500]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 03:58 م]ـ
مشكور أستاذي الفاضل
جزاك الله عني كل خير ورزقك الجنة
اللهم يسر له أمره وأبسط له ورزقه ولا تريه مكروه أبدا
وأسعده في الدنيا والأخرة اللهم امين(/)
من يرفع لي ....
ـ[صادق الرافعي]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 02:06 م]ـ
الإخوة الكرام: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
من يرفع لي كتاب "البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري." جزاكم الله خيرا(/)
" وتبذل للمولى النفوس النفائس " تحليل بلاغي!!
ـ[إحساس]ــــــــ[14 - 11 - 2008, 08:08 م]ـ
السلام عليكم
طابت أوقاتكم
تشرفت إلى إنضمامي لهذا الصرح الجميل
ممكن أحد يحلل هذه الأبيات تحليل بلاغي وجزيتم خيرا
القصيدة كتبها لسيف الدولة الحمداني يستعطفه، وهو في أسره.
و ما كنتُ أخشى أنْ أبيتَ وبيننا
خليجانِ و" الدربُ " الأشمُّ و" آلسُ "
ولا أنني أستصحبُ الصبرَ ساعة ً
ولي عنكَ مناعٌ ودونكَ حابسُ
ينافسني فيكَ الزمانُ وأهلهُ
وَكُلُّ زَمَانٍ لي عَلَيْكَ مُنَافِسُ
شرَيتُكَ من دهرِي بذي النّاس كلّهم
فلا أنا مَبخُوسٌ وَلا الدّهرُ بَاخِسُ
وَمَلّكتُكَ النّفسَ النّفيسَة طائِعاً،
و تبذلُ للمولى النفوسُ النفائسُ
تَشَوّقَني الأهْلُ الكِرَامُ وأوْحَشَتْ
مَوَاكِبُ بَعْدِي عِنْدَهُمْ وَمَجالِسُ
وَرُبّتَمَا زَانَ الأمَاجِدَ مَاجِدٌ،
وَرُبّتَمَا زَانَ الفَوَارِسَ فَارِسُ!
رفعتُ على الحسادِ نفسي؛ وهلْ همُ
و ما جمعوا لوْ شئتُ إلا فرائسُ؟
أيدركُ ما أدركتُ إلاَّ ابنُ همة ٍ
يُمَارِسُ في كَسبِ العُلى ما أُمارِسُ؟
يضيقُ مكاني عنْ سوايَ لأنني
عَلى قِمّة ِ المَجْدِ المُؤثَّلِ جَالِسُ
سبقتُ وقومي بالمكارمِ والعلاَ
و إنْ زعمتْ منْ آخرينَ المعاطسُ
:=(/)
من قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى ..... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 11 - 2008, 08:18 ص]ـ
من قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)
يا موسى: نداء للبعيد إما تعظيما لشأنه فقد كان عليه الصلاة والسلام مرهوب الجانب من قبل بني إسرائيل، وإما تذمرا من حالهم فيكون النداء للبعيد مئنة من تضجرهم وتكالبهم على شهواتهم، فهم يرفعون عقيرتهم على نبيهم سوء أدب وطلبا لخشاش الأرض الذي يشترك في تحصيله الآدمي والبهيم الأعجمي.
لن نصبر: نفي مشعر بنفاد صبرهم في المستقبل القريب، وهذا مما يرجح الاحتمال الثاني في النداء فهو نداء المتضجر لا المعظم الموقر.
فادع لنا ربك: سوء أدب في طلب الدعاء، مع كونهم قصروا ربوبية الله، عز وجل، على موسى عليه الصلاة والسلام، ولو أحسنوا الطلب لعمموا ربوبية الله، عز وجل، لتشملهم، فمقام الداعي مقام تذلل وخضوع وإنما يظهر ذلك بإظهار فقر وذل العبودية في مقابل: غنى وعز الربوبية.
يخرج: مجزوم في جواب طلب مقدر، ففي الكلام: "إيجاز بالحذف"، فتقدير الكلام: ادعه وقل له: أخرج يخرج، وفي ذلك الحذف مزيد بيان لشدة تكالبهم على خشاش الأرض، إذ تخطوا الشرط إلى محط الفائدة مباشرة، لأن فيها بغيتهم مع خستها ودنوها، فهي من جنس هممهم الدنية.
مما تنبت الأرض: عموم.
من بقلها: خصوص، بعد عموم، فهي بدل من "مما تنبت"، والبدل هو المقصود أصالة بالحكم فقام المبدل منه مقام الموطئ الممهد للبدل، فكأن طرقه الآذان ابتداء استرعى انتباه السامع ابتداء، فإذا ما انتبه طرق سمعه البدل محط الفائدة انتهاء فصار أوضح في البيان وأوقع في النفس.
و "من": جنسية تبين جنس مطلوبهم.
قال أتستبدلون: استفهام إنكاري توبيخي، إذ مراده توبيخهم على هذه المطالب الدنية لا إبطالها، فإنها من المباحات، ولا يملك أحد تحريم ما أحل الله، وإن كان في نفسه دَنَياً تعافه النفوس كالبصل والثوم.
الذي هو أدنى: التعريف بالموصول فيه البيان بعد الإجمال وذلك مما تستجلب به الأسماع إذ النفس تتشوف إلى البيان بعد الغموض والإبهام.
بالذي هو خير: الباء تدخل في المبادلات على الثمن المدفوع فقد اشتروا الخسيس بالنفيس.
اهبطوا مصرا: أمر فيه معنى التعجيز إذ كانوا في التيه وهبوطهم مصرا بعينه آنذاك: أمر محال، وهذا اختيار أبي عبد الله القرطبي، رحمه الله، في تفسيره، وقد يقال بأنه للإهانة، وتنكير "مصرا" للتحقير فإن ما أردتموه موجود في أي مصر فلا اختصاص لمصر به لكونه مما لا تحفل به النفوس لتحرص على استزراعه أو استحصاده.
فإن لكم ما سألتم: تقديم الجار والمجرور مشعر بالاختصاص، فكأن ذلك الخشاش الدني مختص بنفوسهم الدنية فهما في المنزلة سواء، و: الطيور على أشكالها تقع!!!، ولم يعد ذكر مطلوبهم وإنما أجمل ذكره في "ما" الموصولة لعدم الاحتفاء بشأنه فليس مما تحرص الألسنة على جريانه عليها تأسيسا أو توكيدا بالإعادة.
وضربت عليهم الذلة والمسكنة: حذف الفاعل للعلم به، وقدم الجار والمجرور إشعارا باختصاص ذلك الذل بنفوسهم الذليلة فالمشاكلة حاصلة بينهما، و "أل" في الذلة والمسكنة: جنسية استغراقية تفيد عموم ما دخلت عليه فقد ضرب عليهم الذل العام والمسكنة التامة جزاء وفاقا على صلفهم وتكبرهم وسوء أدبهم في طلب الدعاء من نبيهم.
وعطف المسكنة على الذلة: عطف لازم على ملزومه، فالاقتران بينهما حاصل، على وزان قوله تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، فلازم إلباس الحق بالباطل: كتمان الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا المقطع: استعارة مكنية تبعية، إذ شبه الذلة والمسكنة بخيمة مضروبة عليهم، وحذف المشبه به: الخيمة، وأقام الضرب وهو أحد لوازمها مقامه، وقد وقعت الاستعارة في الفعل: "ضرب" فكانت تبعية من هذا الوجه.
ذلك: ما تقدم من العقوبة، وأشار إليه إشارة البعيد على عادة العرب في الإشارة إلى ما انقضى ولو كان قريبا بإشارة البعيد.
بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق: أضاف الفعل إلى الكل، وإن قام به البعض، فليسوا كلهم ممن تلطخت أيديهم بدماء الأنبياء، وإنما عمهم العقاب على عادة الله، عز وجل، في وقوع العقاب عاما على وزان (أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟!، قَالَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ)، و: (يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) فيهلك الصالح في العقاب العام ويبعث يوم القيامة على نيته، فلا يلزم من وقوع الهلاك في الدنيا وقوعه في الآخرة، بل قد يكون الهلاك في الدنيا سببا في النجاة في الآخرة بتكفير الذنوب وتمحيص القلوب.
أو يقال: بأن رضا الباقين عن فعل القتلة مشاركة لهم في الجرم فنزلوا منزلة الفاعلين وإن لم يباشروا الفعل بأنفسهم.
بغير الحق: قيد لا مفهوم له، بل هو وصف كاشف يزيد الأمر بيانا، فليس في قتل الأنبياء ما هو حق ليقال بأن للكلام مفهوما.
يقول القرطبي رحمه الله: "فإن قيل: هذا دليل على أنه قد يصح أن يقتلوا بالحق، ومعلوم أن الأنبياء معصومون من أن يصدر منهم ما يقتلون به.
قيل له: ليس كذلك، وإنما خرج هذا مخرج الصفة لقتلهم أنه ظُلْمٌ وليس بحق، فكان هذا تعظيما للشنعة عليهم، ومعلوم أنه لا يقتل نبي بحق، ولكن يقتل على الحق، فصرح قوله: "بغير الحق" عن شنعة الذنب ووضوحه، ولم يأت نبي قط بشيء يوجب قتله". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن": (1/ 411).
ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون: عموم بعد خصوص، فعدد بعض أفراد عصيانهم من: كفر بالآيات وقتل للأنبياء ثم عمم إشارة إلى عظم جرائمهم فما ذكر غيض من فيض.
والله أعلى وأعلم.
ـ[الآمر]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 08:58 ص]ـ
بوركت سيدي الفاضل.
لا فض فوك.(/)
لا تبخلوا علي بعلمكم إيها الإخوة
ـ[تحياتي]ــــــــ[16 - 11 - 2008, 10:01 م]ـ
أحبتي ............ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أطالع في كتاب (دلائل الإعجاز) وتنبعث من نفسي بعض الاستفهامات فأرجوا ألا تبخلوا علي بعلمكم أثابكم الله.
قال الشيخ: (وإذا كنت تعلم أنهم استعاروا النسج والوشي والنقش والصياغة لنفس ما استعاروا له النظم ... ) هنا مراد الشيخ أن هذه المصطلحات (النسج .... ) أوصاف تتعلق في المعاني، والعرف جرى أنها أوصاف تتعلق بالألفاظ. كيف ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهل العلماء السابقين للجرجاني الصقوها بالألفاظ ومنهم؟؟؟؟؟ هل هناك دراسات أو كتب بذلك ..... شكرا لكم
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 02:13 ص]ـ
وعليك السلام سيّدي ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي ونفع بك, وبعدُ,
فقد قرأتُ النصف الأوّل من كتاب الشّيخ الجرجانيّ"دلائل الإعجاز", وعندما أخبرت دكاترتي عن ذلك قالوا: إنّ الجرجاني يحتاج لأكثر من قراءة, وأنا أنصحك بذلك.
لكن اسمح لي أنْ أتجرّأ على الإجابة عن شيء مما سألت عنه.
أمّا قولك, "مراد الشيخ أن هذه المصطلحات (النسج .... ) أوصاف تتعلق في المعاني، والعرف جرى أنها أوصاف تتعلق بالألفاظ. كيف ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟ " فلو رجعت بضعة أسطر من كلامه لوجدته يقول: "إلا أنهم وإن كانوا لم يستعملوا النظم في المعاني قد استعملوا فيها ما هو بمعناه ونظير له، وذلك قولهم: إنه يرتب المعاني في نفسه، وينزلها ويبني بعضها على بعض". ثمّ إنّ الشيخ ذكر قبلُ:" واعلم أن ما ترى أنه لا بد منه من ترتُّبِ الألفاظ وتواليها على النظم الخاص ليس هو الذي طلبته بالفكر، ولكنه شيء يقع بسبب الأول ضرورة من حيث إن الألفاظ إذْ كانت أوعية للمعاني فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها".
أمّا سؤالك الآخر: وهل العلماء السابقين للجرجاني الصقوها بالألفاظ؟ , فلا شكّ في ذلك ألبتّة.
وأمّا مَنْ هم؟ فالذي بيدي عن هذا الأمر أنّ الشيخ إنّما ألّف كتابه للردّ على القاضي المعتزليّ عبد الجبار في كتابه المغني, وهذا طرف خيط يمكن أن تتتبّعه.
وأرجو أن تعذرني فمازلت في السنة الثالثة, ولم أقرأ بعد غير رأي الرافعيّ في كتابه "إعجاز القرآن" حيث ذكر رحمه الله: أنّ أوّل من ألّف في بلاغة القرآن هو الجاحظ, ثمّ جاء بعده الباقلاّني, وبعد ذلك جاء الجرجانيّ فبنا على كلامهما وزاد عليه, فذلك جهدي وعلى الله أجري. والحمد لله أوّلاً وآخرا
ـ[تحياتي]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 11:28 م]ـ
تحياتي لك وشكرا لك من الأعماق، فعلاً توجيهات أفادتني.
جزاك الله خيراً
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[20 - 11 - 2008, 01:44 ص]ـ
سيّدي اسمح لي بإضافة كلام سمعته من الدكتور عيسى علي العاكوب, رئيس قسم اللغة العربيّة, إذ ذكر كتاب"مقدّمة في الأصول الفكريّة للبلاغة وإعجاز القرآن" لأحمد أبو زيد. وأظنّه من الكتب المهمّة في تعريفك بما سألت عنه, وأرجو لك كلّ التوفيق.(/)
أحتاج لمساعدتكم .. فهلا تفضلتم؟!
ـ[طالبة العلا]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 01:44 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..
أود أن استفسر عن كتب البلاغة والتي تحدثت عن علم الفواصل القرآنية فأنا بحاجة إلى جمع مثل تلك الكتب ودراستها
فلا تبخلوا علي
ولكم جزيل الشكر
ـ[إيمان الخليفة]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 07:55 م]ـ
- الفاصلة في القرآن , للحسناوي.
- الفاصلة القرآنية , لعبد الفتاح لاشين.
- إعجاز القرآن (الفواصل) , لحسين نصار.
- الإعجاز و البيان في فواصل القرآن الكريم , لأحمد محمد صبرة.
- رسالة دكتوراة بعنوان: فواصل الآي في القرآن الكريم , لعبدالعزيز فيصل سالم , إشراف عبدالغني عوض الراجحي.
ـ[طالبة العلا]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 06:56 ص]ـ
لا أملك إلا أن أقول: جزاك الله خيرا
ولكن أين أجد تلك الكتب وخصوصاً الرسالة في أي جامعة؟؟
وأود أيضاً أن استفسر تحديداً عن كتب البلاغة التي تحدثت عن الفواصل من القرن الخامس إلى الثامن.
لا حرمك الله الأجر والمثوبة وجعله الله في ميزان حسناتك يوم نلقاه
ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 02:37 م]ـ
تفضلي أختنا طالبة العلم بعض الكتب حول الفاصلة مما هو متوفر على الشبكة:
1.فواصل الآيات القرآنية (كتاب مصور قد خصصه مؤلفه في البحث عن إعجاز الفواصل بلاغياً , وأوجه ذلك في القرآن)
كمال الدين عبد الغني المرسي
http://www.archive.org/download/faqfaq/faq.pdf
2.( دراسات في علم الفواصل)
للشيخ حمدي عزت عبد الحافظ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12044
3. الحقائق المكللة في بيان إعجاز فواصل الآيات المنزلة
السعيد وعزوز
PDF
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=51859&d=1196337534 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=51859&d=1196337534)
WORD
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=51860&d=1196337534 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=51860&d=1196337534)
4. الفوَاصلُ القرْآنيّة درَاسَة بلاغيّة
د. السيد خضر
http://www.4shared.com/file/44290307/fd05401c/__-__.html
ـ[طالبة العلا]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 08:20 م]ـ
جزاك المولى كل خير ..
ـ[الحصماني]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 12:02 ص]ـ
لله درك دكتور عدنان
ـ[إيمان الخليفة]ــــــــ[24 - 11 - 2008, 08:57 م]ـ
لا أملك إلا أن أقول: جزاك الله خيرا
ولكن أين أجد تلك الكتب وخصوصاً الرسالة في أي جامعة؟؟
كتاب الحسناوي أظنه متوفرا في المكتبات التجارية ,
أما البقية فستجدينها -بإذن الله تعالى - في مكتبة الملك فهد (الرياض).
ـ[طالبة العلا]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 07:47 ص]ـ
للأسف كتاب الاستاذ الحسناوي لم أجده في مكتبات الرياض كلها!!!
ولكن وجدته في مكتبة الملك فهد وتعلمين أنه لايمكن إلا تصوير 25% من الكتاب
يسر الله أمرنا جميعاً
ـ[همس الحروف]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 03:59 م]ـ
رسالة دكتوراة بعنوان: فواصل الآي في القرآن الكريم , لعبدالعزيز فيصل سالم , إشراف عبدالغني عوض الراجحي.
غير موجودة في مكتبة الملك فهد
: (
ـ[طالبة العلا]ــــــــ[27 - 11 - 2008, 08:37 م]ـ
غير موجودة في مكتبة الملك فهد
: (
نعم ولكن في قيد الفهرسة
ـ[إماراتية]ــــــــ[08 - 12 - 2008, 01:54 ص]ـ
لي رأي
الكتب التي عالجت هذا الأمر فيها شيء كثير من التكلف وتحميل الأمر مالايحتمل
وفقك الله أختي
ـ[ماسينيسا]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 02:43 م]ـ
السلام عليكم اختي الكريمة
موضوع الفواصل القرانية هو نفس الموضوع الذي انا بصدد البحث فيه لذا فكل المعلومات التي ستتوفرلدي حول موضوعنا المشترك سامنحك اياها ومنها ما هو متوفر لدي الان ومنه
"علم البديع"
د. محمود أحمد حسن المراغي , على هذا الرابط:-
http://dc32.4shared.com/download/45783813/364946fc/__online.pdf?tsid=20080429-125917-8d472993
البديع والتوازي"
د. عبد الفتاح حسن الشيخ , على هذا الرابط:-
http://dc58.4shared.com/download/45769981/d8caa8ab/__online.pdf?tsid=20080429-131027-4062d70f
البديع تأصيل وتجديد"
د. منير سلطان , على هذا الرابط:-
http://dc32.4shared.com/download/45784667/e92c0191/___online.pdf?tsid=20080429-130459-6c1e325c
ـ[ماسينيسا]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 03:00 م]ـ
فن البديع "
د. عبد القادر حسين , على هذا الرابط:-
http://dc58.4shared.com/download/458...91325-6ad5c92d
ـ[إيمان الخليفة]ــــــــ[13 - 03 - 2009, 01:07 ص]ـ
للأسف كتاب الاستاذ الحسناوي لم أجده في مكتبات الرياض كلها!!!
ولكن وجدته في مكتبة الملك فهد وتعلمين أنه لايمكن إلا تصوير 25% من الكتاب
يسر الله أمرنا جميعاً
الجمعة هو آخر آيام معرض الرياض الدولي للكتاب ..
وأود أن أبلغك بأنَّ كتاب (الفاصلة في القرآن) للحسناوي
متوفر لدى (دار عمار - الأردن).
وفقك الباري.(/)
المسند والمسند إليه
ـ[الفاتح]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 05:26 م]ـ
إذا قلت: جاء الذي يعلمني.
فجاء: مسندٌ، والذي: مسند إليه.
وجملة (يعلمني): هي جزء من المسند إليه باعتبارها صلة.
السؤال: هل بعد ذلك يصح أن نقول إن جملة الصلة (يعلمني) تتكون من مسند، ومسند إليه (الضمير المستتر) وقيد (الياء)؟ أرجو الإفادة.
بوركتم.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 11:14 م]ـ
كل جملة اسميّة أو فعليّة مكوّنة من مسند ومسند إليه , بغض النظر عن موقعها الإعرابي أو كانت لا محل لها من الإعراب
فالجملة الفعليّة (جاء الذي .. ) مكوّنة من مسند ومسند إليه , المسند هو الفعل , والمسند إليه هو الفاعل
وكذلك جملة الصلة هي فعليّة المسند فيها الفعل , والمسند إليه الفاعل(/)
ما المقصود بالاستدارة؟؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[17 - 11 - 2008, 11:55 م]ـ
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 01:14 ص]ـ
ربما الإدبار بعد الإقبال.
ـ[نخب أول]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 09:42 م]ـ
خي الحبيب هناك شيء يعرف بالتشبيه الدائري , وهو المعروف عند القدماء بالتفريع أو التضمين , ويعرف عند المحدثين بالتشبيه الاستطرادي أوالتشبيه الطويل و التشبيه المدور, وشواهده في الشعر الجاهلي كثيرة , وعادة مايبتدأ فيه ب (ما) النافية ثم ذكر الموصوف ثم الإتيان بحرف (الباء) مثل: مازيد في لقاء الأعداء ....... بأشجع من محمد , وسمي بالدائري للاستطراد في وصف الموصف بعد حرف الميم ثم قفل المعنى بحرف الباء والله أعلم(/)
عن الجماعة
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 08:38 ص]ـ
هذا تحليل لبعض النصوص في الحض على لزوم الجماعة المسلمة يحتاج مراجعة وتعليق فهي محاولة ومدارسة:
من خطبة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة)
يا أيها الناس: نداء للبعيد مشعر بغفلة السامع مع عظم الموعظة، فاستلزم ذلك استرعاء انتباهه برفع الصوت بنداء البعيد، وهذا حال معظم الناس.
بالطاعة والجماعة: عطف مسبَب على سبب، أو نتيجة على مقدمة، أو لازم على ملزوم، فإن لازم الطاعة الجماعة.
فإنها حبل الله عز وجل: استعارة أصلية في "الحبل" فإنه: دين الإسلام أو القرآن أو ......... إلخ على خلاف بين المفسرين هو: اختلاف تنوع إذ مؤدى الأقوال واحد من لزوم التمسك بدين الإسلام وتعظيم نصوص الكتاب والسنة، فحذف المشبه وأقام المشبه به: الحبل مقامه، وقد وقعت الاستعارة في الاسم: "الحبل" فكانت أصلية من هذا الوجه.
وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة: مقابلة يظهر بها البون الشاسع بين الجماعة التي هي رحمة والفرقة التي هي عذاب. فقابل بين: الجملتين: "ما تكرهون في الجماعة"، "ما تحبون في الفرقة"، أو طابق بين: "تكرهون وتحبون"، و "الجماعة والفرقة".
*****
ومن ذلك أيضا:
حديث أنس، رضي الله عنه، مرفوعا: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم حبشي كأن رأسه زبيبة).
اسمعوا وأطيعوا: أمر على بابه للوجوب، وعطف الطاعة على السمع، إما أن يكون:
توكيدا: إذا كان المقصود بالسمع: سمع الطاعة، فيكون فيه معنى الاستماع والإنصات ثم الاستجابة.
أو تأسيسا: إذا كان المقصود: سمع الإدراك، فيسمع أولا، ثم يطيع ثانيا، فيكون ذلك من عطف النتيجة على المقدمة، أو اللازم على الملزوم.
ولكل وجه:
فإن قيل بالتوكيد: فقد يخرج ذلك على أن المقام مقام جليل يتطلب التوكيد على هذا الأصل العظيم: أصل اجتماع المسلمين ولو على متغلب بالسيف، ما لم نر كفرا بواحا، فتحتمل المفسدة الصغرى بتوليه درءا للمفسدة العظمى بالخروج عليه وإن كان أهلا لذلك صيانة لدماء وأعراض المسلمين.
وإن قيل بالتأسيس فهو على الأصل المقرر: "إذا دار الكلام بين التأسيس والتوكيد فحمله على التأسيس أولى لأنه الأصل"، فالأصل في الكلام: تجدد المعاني لا تكرارها.
وإن استعمل عليكم حبشي: فيه من فنون البلاغة: المبالغة، فقد يضرب المثل بما لا وجود له أصلا مبالغة في الأمر، كما أشار إلى ذلك الخطابي رحمه الله. وقد يقال بأن ذلك متصور إذا كان العبد قد تولى إمارة خاصة كإمارة مصر من الأمصار لا الإمارة العامة، أو إذا تولى الإمارة العامة بحد السيف كما تقدم.
كأن رأسه زبيبة: تشبيه مرسل مجمل ذكرت فيه أركان التشبيه، وحذف وجه الشبه وهو صغر الزبيبة وتجعدها كرأس العبد الحبشي وشعره.
*****
ومنه أيضا: حديث عوف بن مالك الأشجعي، رضي الله عنه، مرفوعا: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم. قلنا: يا رسول الله: أفلا ننابذهم على ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليكم منهم، فرآه يأتي شيئا من معصية الله عز وجل، فلينكر ما يأتي به من معصية الله، ولا تنزعن يدا من طاعة الله عز وجل).
الذين تحبونهم ويحبونكم: جناس ومشاكلة وفيه من عطف اللازم على الملزوم، إذ حبهم لكم فرع على حبكم لهم، فإن المتمكن النافذ الأمر هو الذي يبدأ بالإحسان تأليفا لقلوب رعيته، فيكون حبهم له فرعا على حبه لهم.
وفي الحديث: مقابلة بين: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم"، و: "شرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم" أو طباق بين: "الخيار والشرار" و: "الحب والبغض"، و: "الصلاة واللعن".
يا رسول الله: نداء للبعيد تعظيما لمقامه الشريف صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أفلا ننابذهم: فيه إيجاز بالحذف، فتقدر جملة بعد همزة الاستفهام يتم بها المعنى، كأن يقال: أنقعد عن قتالهم فلا ننابذهم؟ والاستفهام على حقيقته للاستعلام عن طريقة أهل الحق زمن الفتن، وفيه نوع تعجب من القعود عن قتال أئمة الجور مع عظم إفسادهم، ولكن العجب يزول إذا ما نظرنا إلى الأمر بميزان الشرع الذي نزل لتحصيل أعظم قدر من المصلحة ودرء أعظم قدر من المفسدة.
من معصية الله عز وجل: من: بيانية جنسية.
ولا تنزعن يدا من طاعة الله عز وجل: توكيد بالنون في: "تنزعن" يناسب المقام، وفي جعل طاعة الأمير هي طاعة الله مزيد توكيد على وجوب التزام الجماعة ونبذ الفرقة، ففي الكلام: استعارة تصريحية إذ شبه طاعة الإمام بطاعة الله عز وجل، وحذف المشبه به، وهي أصلية من جهة وقوعها في الاسم: "طاعة".
وفي الكلام التفات من الغائب: "فلينكر" إلى المخاطب: "ولا تنزعن"، وفيه أيضا مزيد عناية بالأمر الصادر منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالتنبيه على عدم نزع الطاعة يحسن معه تغيير السياق إشارة إلى عظم الأمر.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 08:20 ص]ـ
ومنها أيضا:
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية":
"من": أداة شرط تفيد العموم، وإن كانت مذكرة اللفظ فمعناها عام يشمل: الذكور والإناث.
"خرج": قد يقال فيها باستعارة الخروج من الحس إلى المعنى، فخروج الإنسان من المعنى المعقول كخروجه من المكان المحسوس.
فيقال بالاستعارة: تصريحيةً في الفعل "خرج" الذي استعير من الحس إلى المعنى، تبعيةً لأنها وقعت في الفعل المشتق: "خرج".
"الطاعة": "أل" عهدية تشير إلى طاعة بعينها هي طاعة الإمام، ولو جائرا، في غير معصية الله.
وفارق: فاعل لغير مفاعلة فهو الخارج لا الجماعة.
الجماعة: عهدية أخرى تشير إلى: جماعة المسلمين.
مات ميتة جاهلية: "ميتة": مصدر موطئ لما بعده، ففيه نوع تشويق بما يتضمنه من إجمال عقب بالبيان بوصف تلك الميتة بالجاهلية.
والنص: خبري المبنى إذ هو: مشروط علق على وقوع شرطه، طلبي المبنى، ففيه معنى النهي بذكر وعيد مفارقة الجماعة، فآل المعنى إلى: لا تخرجوا من الطاعة ولا تفارقوا الجماعة.
*****
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم).
وإن أمتي ستفترق:
توكيد بـ: "إن" واسمية الجملة، والفاعل المستتر في "ستفترق"، فالفاعل المعنوي مذكور تصريحا، وهو المبتدأ قبل دخول "إن": "أمتي"، والفاعل اللفظي مستتر في عامله "ستفترق"، فأكد الفاعل مرتين: مذكورا ومستترا.
والإضافة في "أمتي" تشير إلى أمة الإجابة التي استجابت لدعاية الإسلام. بخلاف الأمة في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". فهي أمة الدعوة مؤمنها وكافرها.
والسين في "ستفترق": مشعرة بقرب حدوث ذلك، وهو ما وقع فعلا، إذ ظهر الاختلاف بمقتل عثمان، رضي الله عنه، وخروج الخوارج كأول فرقة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنحو: 24 سنة فقط، وأعقب ذلك ظهور المقالات الإسلامية في فعل ورد فعل، فكل يحدث مقالة ليرد مقالة غيره، فيقع فيما وقع فيه من خروج عن الأمر الأول، والبدعة لا ترد ببدعة، والغلو لا يرد بالجفاء، وإنما النجاة في السنة والتوسط.
كلها في النار: وعيد خبري استفيد منه النهي الطلبي عن الفرقة فهي سبب ولوج النار، ولفظ "كل": نص في العموم، إلا ما استثني لاحقا، و "أل" في "النار" عهدية تشير إلى نار بعينها، هي نار غير نار الكفار الأبدية، إذ ليس المبتدع كالكافر، فالوعيد في حق الكافر متحقق لدلالة خبر الوحي على ذلك، من قبيل قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، بخلاف الوعيد في حق المبتدع، فإنه يحتمل عدم النفاذ، لتأول أو عذر بجهل .......... إلخ من موانع نفاذ الوعيد، ولا يعني ذلك نفي الوعيد، بل هو ثابت جملة، ولكن آحاده في حق كل مبتدع هو المحتمل، إلا من كان كافرا في الباطن، فإنه ملحق بالكفار بداهة، وإنما الشأن في عموم أصحاب المقالات، فلم يقل أحد بأن مجرد دخول النار مئنة من الخلود فيها، فكل من دخلها فهو مخلد فيها، فهذا قول الخوارج، وإنما يدخلها من شاء الله، عز وجل، دخوله من عصاة الموحدين ومبتدعة المسلمين إن لم يكونوا كفارا في الباطن ثم يخرجون منها فلا يرجعون إليها، وقد يتخلف الوعيد في حقهم ابتداء، بشفاعة، أو برحمة الله عز وجل ..
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا السواد الأعظم: احتراس يبعث الطمأنينة في النفس بعد ذلك الوعيد العام، فليس الأمر عاما بل قد خص بالاستثناء، ولفظ "السواد الأعظم": يزيد النفس طمأنينة إذ أصحاب المقالات وإن تعددت في مقابل أهل السنة أصحاب الأمر الأول: قلة، فالأصل في جمهور المسلمين: السنة. وذلك من رحمة الله، عز وجل، بهذه الأمة، فليس في الحديث ما يثير الفزع عند تأمله بل هو مما يحمل الإنسان على التزام طريقة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحبه، رضي الله عنهم، فالنجاة كل النجاة في ذلك.
*****
ومنه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع وباعا بباع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"
لتتبعن: توكيد بالقسم المحذوف واللام الموطئة ونون التوكيد.
سنن الذين من قبلكم: مضاف إلى الموصول فيفيد العموم، فالمتابعة ستقع في كل السنن: علمية كانت أو عملية، في الظاهر والباطن، كما هو مشاهد اليوم.
شبرا بشبر وذراعا بذراع: إطناب يدل على شدة التأثر بطرائق الأولين.
حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه: مبالغة تصب في قناة ما سبق من المتابعة العمياء التي تذهب بعقل التابع فينساق وراء المتبوع ولو سلك أخس المسالك.
والكلام أيضا: خبري المبنى طلبي المعنى، ففيه الأمر باجتناب طرائق من سبقنا ففي شرعتنا غنية عن كل شرعة.
*****
ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
"سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، ثم قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، من قتلهم كان أولى بالله منهم" قالوا: يا رسول الله، ما سيماهم؟ قال: التحليق".
اختلاف وفرقة: تنكير للتعظيم، فالاختلاف بعد مقتل عثمان، رضي الله عنه، كان عظيما.
قوم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل: تفصيل لإجمال الاختلاف والفرقة فهو منزل منزلة البدل المبين لإجمال المبدل منه، ولذلك حسن الفصل في هذا الموضع.
وفي ذكرهم بلفظ "قوم": المنكر: نوع حط من شأنهم، لكونهم ممن لا يستأهل الذكر بوصف مدح، وإنما لزم ذكرهم بأي وصف ليصح إسناد الفعل إليهم، فاختار وصفا يدل على نوع تجهيل وإعراض.
يحسنون القيل: في الإتيان بالمضارع دليل على أن تلك عادتهم المطردة، وفي طباق الإيجاب بين: "يحسنون" و "يسيئون"، و: "القيل" و "الفعل" مزيد بيان لحالهم إذ ذكر الشيء وضده مما يزيده بيانا وتميزا.
لا يجاوز تراقيهم: كناية عن عدم وصول القرآن إلى قلوبهم فهو يتوقف عند تراقيهم، أو عدم رفع أعمالهم فإنها تتوقف عندها. فاستعار الانتقال الحسي للانتقال المعنوي، ويرد على ذلك في المعنى الثاني: صعود الأعمال، أنه صعود حقيقي لا مجازي ليقال بالاستعارة، فإن الأعمال تصعد إلى الله، عز وجل، حقيقة، مصداق قوله تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)، فالصعود والرفع على أصلهما، لعدم وجود القرينة السياقية الصارفة، وذلك مما استدل به أهل السنة على علو الله، عز وجل، على خلقه: ذاتا وصفاتا، فله: علو الذات، وعلو الشأن، وعلو القهر والغلبة تبارك وتعالى. يمرقون من الدين: استعارة مروق السهم الحسي للخروج من الدين، فاستعار الفعل: "مرق" للفعل: "خرج": استعارة تصريحية تبعية لوقوعها في الفعل.
هم شر الخلق والخليقة: قصر بتعريف الجزأين، وقد يقال بأنه من القصر الإضافي لا الحقيقي، إذ الخوارج على الراجح من أقوال أهل العلم: ليسوا بكفار، وإن كانت بدعتهم مغلظة، فالكافر الأصلي شر منهم، فيكون في القصر هنا مزيد تنفير من طريقتهم، فالكلام جار مجرى: زيد الشاعر، فلا يلزم منه قصر الشعر على زيد، أو كونه أفضل شاعر، وإن لزم منه الثناء على نظمه.
الخلق والخليقة: جناس.
طوبى لمن قتلهم أو قتلوه: تعجيل بالبشرى، بتصدير الكلام بالدعاء، ولذلك صح الابتداء به مع كونه نكرة، لأن في الدعاء معنى الحكم، وقد منع النحاة الابتداء بالنكرة لأن المبتدأ محكوم عليه، فيلزم تصوره قبل الحكم عليه، فإذا ما قدم الحكم في نحو: في بيتنا رجل، جاز أن يكون المبتدأ نكرة لأن تصدير الكلام بالحكم، محط الفائدة، جعل النفس تتطلع بعد ذلك لأي محكوم عليه، ولو نكرة، فيقال هنا أيضا: المبتدأ مع كونه نكرة إلا أنه يحمل في معناه معنى الحكم، فهو وعد لمن قتلهم، والوعد: حكم باستحقاق شيء نظير شيء، فصحت البداءة بالنكرة في هذا الموضع.
يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء: إطناب في ذمهم يناسب مقام التنفير من طريقتهم، فمن يقول ما لا يفعل مستحق للذم.
من قاتلهم كان أولى بالله منهم: شرط لإلهاب السامع وتهييجه لحمله على قتالهم إن تيسر له ذلك، فهو خبري المبنى طلبي المعنى، إذ معنى الوعد فيه يدل على الأمر بامتثال الشرط ليستحق الفاعل المشروط.
التحليق: إيجاز بالحذف لدلالة ما تقدم من السؤال عليه، فتقدير الكلام: سيماهم التحليق.
وهذه من روايات الآجري، رحمه الله، في كتابه النفيس: "الشريعة".
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 01 - 2009, 08:31 ص]ـ
ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية فمن لقيهم فليقتلهم، فإن قتلهم أجر عند الله)
يخرج في آخر الزمان: "أل" في الزمان عهدية تشير إلى زمان بعينه وهو زمن الخلافة الراشدة فقد خرجت الخوارج في آخره عقب مقتل عثمان رضي الله عنه.
قوم أحداث الأسنان: من إضافة الصفة إلى الموصوف، فتقدير الكلام: أعمارهم حديثة، أي: صغيرة: فالصغر مظنة الطيش والتهور في إصدار الأحكام مع قلة العلم كما هو مشاهد في كل الأعصار والأمصار.
سفهاء الأحلام: من إضافة الصفة إلى الموصوف، أيضا، فتقدير الكلام: أحلامهم سفيهة، وقد يقال بالاستعارة هنا من سفه الثوب، وهو خفة نسجه، فحذف المشبه به وهو الثوب خفيف النسج، وكنى عنه بوصف من أوصافه هو: خفة نسجه، وقد وقعت الاستعارة في اسم مشتق: سفيه، فتكون تبعية من هذا الوجه.
يقولون من خير قول الناس: إشارة إلى كثرة العبادة وتلاوة القرآن بلا فقه أو تدبر.
يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية: تشبيه تمثيلي انتزع من صورة متعددة هي صورة خروج السهم من القوس كناية عن سرعة خروجهم عن أحكام الشرع.
من لقيهم فليقتلهم: شرط أريد به إلهاب المخاطبين وحملهم على قتل أولئك المارقين صيانة للدين وأهله.
فإن في قتلهم أجرا عند الله: تعليل لما تقدم، ففي الكلام حذف لسؤال مقدر عن علة المبادرة إلى قتلهم، فجاء الجواب: فإن في قتلهم ............... ، وهذا ما اصطلح البلاغيون على تسميته بـ: شبه كمال الاتصال.
*****
ومن قوله صلى الله عليه وعل آله وسلم: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم)
بايعنا: استعارة من المبايعة الحسية إلى إعطاء العهد على الطاعة، فقد يقال هنا بالاستعارة التصريحية في الفعل "بايع" الذي يدل على مستعار له محذوف يقدر بما يدل على الرضا بأمر المبايع له.
على السمع والطاعة: عطف متلازمين.
في العسر واليسر، والمنشط والمكره: طباق يدل على عموم الأحوال، وفيه أيضا جناس يزيد الألفاظ سهولة وانسيالا على الألسنة، وسرعة في الحفظ والاستحضار.
وأن لا ننازع الأمر أهله: صيغة المضارع تدل على استحضار الفعل، على وزان: (وأن تصوموا خير لكم).
و: "أل" في الأمر: عهدية تشير إلى معهود بعينه هو: أمر الحكم والسياسة.
وأن نقول الحق حيثما كان: فيه من الاستحضار ما في: "وأن لا ننازع"، بل هو أولى بالاستحضار لأنه فعل بخلاف عدم المنازعة، فإنه كف، والفعل خير من الكف.
لا نخاف في الله لومة لائم: قد ينزل منزلة العلة لما قبله، فقد بايعناه على ذلك لأننا لا نخاف في الله لومة لائم.
وفي: "لومة" و "لائم" جناس باعتبار كليهما مشتقا من أصل كلي واحد هو مادة: "اللوم".
*****
ومن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (تكون فتنة كرياح الصيف، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، من استشرف لها استشرفته).
فتنة: تنكير للتعظيم.
كرياح الصيف: تشبيه مرسل مجمل حذف وجه الشبه فيه، فتقدير الكلام: كرياح الصيف في شدتها.
القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي: تدرج من الأعلى إلى الأدنى في المدح، ومن الأدنى إلى الأعلى في السعي في تلك الفتنة.
من استشرف لها استشرفته: زيادة المبنى تدل على الزيادة في المعنى فالألف والسين والتاء تدل على تكلف طلب الأمر والحرص عليه، وهذا أبلغ في الذم، فهو حريص على التصدر في تلك الفتنة، متكلف، أيما تكلف في طلب أسبابها.
استشرفته: جناس يناسب المقام، فالجزاء من جنس العمل.
وفي الشرط معنى الوعيد، فهو خبري المبنى طلبي المعنى، فتقدير الكلام: لا تستشرفوا للفتن إذا أقبلت.
(يُتْبَعُ)
(/)
والحديث عند البخاري بلفظ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ".
وفي السياق من المحسنات البديعية: تشابه الأطراف، إذ بدأت كل جملة تالية بنهاية الجملة السابقة: "القائم" و "الماشي" وهذا أبلغ في بيان التدرج في ملابسة الفتن.
*****
وفي حديث أبي أمامة رضي الله عنه: (ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، إلا من أحياه الله جل وعلا بالعلم).
فالتنكير في "فتن" للتعظيم.
يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا: مقابلة تدل على التغير المفاجئ.
من أحياه الله بالعلم: استعارة وفاقية، فالعلم والحياة يمكن اجتماعهما في شيء واحد.
*****
ونحوه حديث: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا):
بادروا: مفاعلة من فاعل واحد خلاف الأصل، وقد يقال بالمفاعلة من جهة المفعولات، فمفعول العبد الشرعي في مقابل مفعول الرب، جل وعلا، الكوني، فترد المصيبة الكونية بالأسباب الشرعية.
كقطع الليل المظلم: تشبيه مرسل مجمل فحذف وجه الشبه وهو: شدة السواد التي تحجب رؤية العين البصرية كما يحجب سواد الفتن رؤية العقل العلمية.
يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا: مقابلتان تستوفيان كل أحوال المكلف.
يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا:
استعارة أصلية في الفعل "يبيع" الذي استعير لبيان معنى الاستبدال، وهي تبعية لوقوعها في الفعل المشتق: "يبيع"، وفيها مئنة من رضا المكلف بذلك، فالبيع مظنة الاختيار وعدم الإكراه وذلك أعظم في الجرم.
بعرض: تنكير للتحقير.
*****
ومن حديث العرباض رضي الله عنه: وهو عند اللالكائي، رحمه الله، بلفظ: "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يرجع عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشيا، وإنما المؤمن كالجمل الأنف حيث قيد انقاد".
فـ: "قد": تحقيقية.
وفي الكلام: إيجاز بالحذف، إذ تقدير الكلام: تركتكم على الملة البيضاء أو المحجة البيضاء، فحذف الموصوف وأناب عنه الوصف، لأنه محط الفائدة، فإن الترك على أي ملة لا يغني من الله، عز وجل، شيئا، وإنما الشأن هو: الملة البيضاء التي لا دغل فيها، فهي ناصعة بينة لكل سائر إلى الله، عز وجل، قد بانت أصولها وفروعها، علومها وأعمالها، بيانا لا مزيد عليه، مصداق قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
ليلها كنهارها: لا تختلف باختلاف الأعصار والأمصار، فإن الحق واحد لا يتعدد، قديم مذ كتب الله، عز وجل، المقادير قبل خلق السماوات والأرض
والإضافة في: "ليلها ونهارها": إضافة اختصاص وملابسة، فقد أضافها إلى ظرفها الذي يحويها، فإن الليل والنهار: ظرف المقادير والأعمال.
لا يرجع عنها بعدي إلا هالك: قصر بأقوى أساليبه: النفي والاستثناء، وفي الخبر وعيد يحمل المخاطب على التزام الجادة، فهو يفيد بمفهومه سلامة من لم يرجع عن المحجة البيضاء بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيقال بأنه: خبر أريد به إنشاء الأمر بسلوك الجادة بدلالة المفهوم، وهو الوعد بسلامة من لم يزغ عنها، وإنشاء النهي عن الحيدة عنها بدلالة المنطوق، وهو الوعيد بهلاك من زاغ عنها.
ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا: خبر موطئ لما بعده.
فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين: إغراء بالتزام السنة.
وقوله: "عضوا عليها بالنواجذ": فيه الاستعارة التصريحية التبعية في الفعل: "عضوا": إذ استعاره لمعنى التمسك الشديد، وقد وقعت الاستعارة في فعل مشتق لا اسم جامد فكانت تبعية من هذا الوجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشيا: إغراء آخر، هو فرع على الإغراء الأول: فهو من قبيل عطف الخاص على العام، إذ طاعة الأمير في غير معصية، (وهذا قيد مهم تخرج به صور الطاعة الباردة التي نراها في هذه الأيام ممن طرق أبواب السلاطين من علماء السوء أصحاب الرياسات الزائلة، ولعل فضح أمثالهم من منح الرب، جل وعلا، في النوازل الكونية التي تنزل بنا كنازلة غزة فرج الله عن أهلها)، هذه الطاعة بالقيد السابق: فرد من أفراد عموم سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما خص بالذكر لأنه من آكد لوازم اتباع السنة، ولذلك أطلق على الذين اقتفوا أثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصف: "أهل السنة والجماعة"، فهم أهل سنته علما، وأهل الجماعة المتآلفة: عملا، ولو كان الأمير فاجرا ما لم يظهر الكفر البواح. فالسنة: علم واعتقاد، و: الجماعة: عمل وسياسة شرعية.
وإنما المؤمن كالجمل الأنف حيث قيد انقاد: قصر إضافي، إذ المؤمن فيه من الصفات غير ما ذكر، ولكن السياق اقتضى التوكيد على انقياد المؤمن لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والتزامه جماعة المسلمين، وفي الكلام: تشبيه مرسل مفصل ذكر فيه ركنا التشبيه، وأداته: "الكاف" ووجهه وهو تمام الانقياد الذي دل عليه قوله: "حيث قيد انقاد"، وقد يقال هنا، أيضا، بالتشبيه التمثيلي، إذ التشبيه لصورة مركبة من الإيمان والانقياد، لصورة مركبة من الجمل المأنوف وهو الذي عقر الخشاش أنفه، فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذى به، فليس التشبيه بصورة مفردة للجمل مطلقا، وإنما الصورة مركبة من الجمل مقيدا بذلك الوصف.
*****
ومن مأثور ابن مسعود رضي الله عنه:
الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة:
ففيه مقابلة بين: "الاقتصاد" و "الاجتهاد"، و: "السنة" و "البدعة".
و "خير": أفعل منزوعة الدلالة على التفضيل، إذ لا خير في البدعة أصلا، وإنما سيق الخبر مساق الموازنة بين أمرين: تنزلا مع المخاطب، فإن كان في البدعة خير، فإن السنة خير منها، فكيف ولا خير فيها أصلا؟!!!.
ومنه قول حسان رضي الله عنه:
فشركما لخيركما الفداء
ولا شر في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا خير في خصمه أصلا.
و"أل" في "السنة" و "البدعة": عهدية تشير إلى السنة العلمية والبدعة العلمية، فالأثر قد ورد في سياق التحذير من المقالات المحدثة في أصول الدين.
وفي رواية أبي الدرداء رضي الله عنه:
"اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة، إنك إن تتبع خير من أن تبتدع، ولن تخطئ الطريق ما اتبعت الأثر".
ففي الشرط تحضيض على الاتباع.
*****
ومن قول ابن مسعود، رضي الله عنه، أيضا: "إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضل ما تمسكنا بالأثر"
ففيه طباق بين الاقتداء والابتداء، والاتباع والابتداع.
ولن نضل: نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل: "نضل"، فيفيد العموم، وفيه معنى الطلب الإنشائي.
وحذف جواب الشرط لدلالة ما قبله عليه، فتقدير الكلام:
ما تمسكنا بالأثر فلن نضل.
*****
ومن حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه: "يد الله على الجماعة، فإذا شذ الشاذ منهم اختطفته الشياطين، كما يختطف الشاة ذئب الغنم".
وقد تكلم في إسناده.
يد الله: إضافة صفة ذات إلى موصوفها.
على الجماعة: لازمها: إظهار مزيد العناية بالجماعة المسلمة، فإن يد الله فوق أيديهم، وفي ذلك من النصرة والتأييد ما فيه مع إجراء اللفظ على ظاهره اللائق بجلال الله عز وجل، فليس كمثله شيء في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أفعاله.
فإذ شذ الشاذ: جناش اشتقاقي بين الفعل: "شذ" واسم الفاعل: "الشاذ" يزيد اللفظ طلاوة.
اختطفته الشياطين: استعار معنى الاختطاف الجسدي للإضلال المعنوي فهو بمنزلة اختطاف عقل وقلب الشاذ عن الجماعة، والتناسب بينهما واضح: فإن الشاذ بجسده عرضة للاختطاف، فكذلك الشاذ برأيه فإنه، أيضا، مظنة الاختطاف، وشتان اختطاف البدن واختطاف الروح، فإن الأول، وإن كان فيه ضرر على الأبدان، إلا أنه لا يعدل الضرر الواقع على الأديان، فهلاك البدن أهون من هلاك الدين، فإن النجاة متصورة في الأول، بل قد يكون إهلاك البدن سبب النجاة، كإهلاكها في ميادين الوغى دفاعا عن أركان الملة وحماية لجناب النحلة، بخلاف هلاك الدين فإنه الخسران في الأولى والآخرة، فليس بعد ذلك الخسران خسران.
كما يختطف الشاة ذئب الغنم: تشبيه مرسل، ذكر فيه ركنا التشبيه وأداته، وهو من جهة أخرى: تمثيلي إذ استعار صورة مركبة من شاة يختطفها الذئب إلى صورة أخرى مركبة من صاحب هوى يضله الشيطان.
والإضافة في: "ذئب الغنم": إضافة ملابسة على وزان:
إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرةٍ ******* سهيل أشاعت غزلها في القرائب
وفي الكلام: مراعاة للنظير، إذ اختطاف الذئب للشاة نظير ملائم لاختطاف الذئب للشاة.
ورواية ابن عمر رضي الله عنهما: "يد الله على الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار".
وفيها أيضا من العناية بأمر الجماعة ما فيه، والفاء في "فاتبعوا" تحمل في طياتها معنى السببية، إذ الأمر بعدها معلول ما قبلها، فيكون ذكر الخبر: "يد الله على الجماعة": من باب تعجيل المسرة، بذكر الثواب قبل العمل، وذلك مما يحمل المخاطب على سرعة الامتثال طلبا لذلك الثواب، وأي ثواب أعظم من معية الله، عز وجل، لأوليائه: معية نصرة وتأييد، وفي التنزيل: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، و: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
وفي الشرط الخبري المبنى: طلب مقتضاه التزام الجماعة، فإن ذكر الوعيد على مفارقتها يستلزم الأمر بضده من لزومها، فالنهي عن الشيء يستلزم الأمر بضده كما قرر المحققون من أهل الأصول.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 01 - 2009, 07:41 ص]ـ
ومن ذلك أيضا:
التشبيه التمثيلي في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق ثلاثا وسبعين ملة»، يعني الأهواء، «كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة». وقال: «إنه سيخرج في أمتي قوم يتجارى بهم كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله".
فإنه شبه أهل الأهواء في اضطرابهم بصورة مركبة من شخص أصابه داء الكلب فهو مضطرب الأعضاء، فضلا عن تشرب بدنه الداء، فكذلك المبتدع قد تشرب قلبه البدعة فلم يعد فيه موضع إلا حلته الشبهة، كما لم يعد في جسد المريض بداء الكلب عضو إلا حله الداء.
&&&&&
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء".
بدأ الإسلام: مجاز إسنادي، فالغربة: غربة أهل الدين لا غربة الدين فهو محفوظ من لدن بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى قيام الساعة، ولو كفر أهل الأرض جميعا مصداق قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
وسيعود غريبا: إخبار عن آت لا معنى للطلب فيه، ولا معنى للإقرار فيه، وإنما محض خبر عن قضاء كوني نازل، فليس الرضا به مرادا شرعيا، ليقال بأن ذلك أمر واقع!!!، لا بد من التعايش معه ولو بالتنازل عن ثوابت الدين كما يروج دعاة العلمانية والعقلانية، أسفه الناس عقولا، في العصر الحاضر، فالخبر فيه جار مجرى خبر وقوع الافتراق على 73 فرقة، إذ الفرقة ليست مقصودا شرعيا، بل هي مقدور كوني، والفرقة شر يجب على المسلمين رفعه بأسباب الاجتماع الشرعية لا بحيل "التقريب" الباردة.
فطوبى: تعقيب بالفاء تسلية للغرباء بالمسارعة في البشرى، فإن كنتم غرباء في الدنيا، فطوبى لكم في الآخرة، وسوغ الابتداء بطوبى: معنى الدعاء فيها، على وزان: ويل وويح. وما أحوج الغرباء في زماننا من المستضعفين إلى مسلٍ في محنهم التي لا تنتهي، وصبرا آل ياسر!!!.
&&&&&
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إنما الجماعة ما وافق طاعة الله، وإن كنت وحدك".
"أل" في الجماعة: عهدية تشير إلى الجماعة الشرعية الممدوحة.
والقصر بـ: "إنما": قصر إضافي باعتبار الوصف الشرعي المعهود في "الجماعة".
والجماعة في الأصل: مصدر فهي دالة على اسم معنى اشتق منه فعل الاجتماع، ومن ثم نقل إلى القوم المجتمعين فهو من قبيل: الحقيقة العرفية أو المجاز المشتهر وهما مقدمان بالإجماع على الحقيقة اللغوية الوضعية.
ويرجح قصد المعنى اللغوي دون الشرعي هنا أن الخبر: "ما" يدل على الأوصاف لا الأعيان، على وزان قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)، فالمقصود ما يستطاب من أوصاف النساء بغض النظر عن أعيانهن فليس المقصود امرأة بعينها.
فلو أراد الأعيان لقال: فانكحوا من طاب، ولو أراد ابن مسعود، رضي الله عنه، أعيان المجتمعين لقال: "من"، ولكنه أراد الوصف، إذ الوصف ثابت لا يتغير بتغير الأمصار والأعصار، بخلاف المجتمعين فإن الحق قد يظهر في عصر أو مصر فيصير أهله السواد الأعظم، وقد يخفى حتى لا يوجد لأهل الحق جماعة أصلا، وفي حديث عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، مرفوعا: (فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ).
وسأل علي بن الحسن: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ مَنْ الْجَمَاعَةُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قِيلَ لَهُ قَدْ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ قِيلَ لَهُ قَدْ مَاتَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ جَمَاعَةٌ.
فأبو حمزة: واحد في العين: جماعة في الوصف، فيصح إطلاق وصف الجماعة عليه وإن لم يكن على الأمر الأول إلا هو، أو هو من باب: التمثيل للعام بذكر أحد أفراده، فهو فرد من أفراد الجماعة المسلمة التي تمسكت بطريقة السلف.
ويؤيده ما روي في صدر الأثر:
(يُتْبَعُ)
(/)
"إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة": فـ: "أل" في "الجماعة" الأولى: جنسية استغراقية لعموم أفراد المجتمعين، فهي على الحقيقة العرفية التي وضعت لها، و "أل" في "الجماعة" الثانية: عهدية على ما تقدم بيانه.
فجمهور الناس يفارق طريقة أهل الحق، ومع ذلك يبقى الحق حقا، وإن رده كل الخلق، كما يبقى الرب ربا، وإن كفر به كل أهل الأرض مصداق قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ).
وفي الكلام جناس تام بين: "الجماعة" الأولى و: "الجماعة" الثانية، على وزان قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ).
وقد أكد المعنى بـ: "ضمير الفصل": "هي".
ما وافق طاعة الله: تعليق للحكم على الوصف الذي اشتقت منه جملة الصلة: "وافق"، فمناط الأمر: موافقة الحكم الشرعي لا القضاء الكوني.
وفي إضافة الطاعة إلى الله، عز وجل، مزيد عناية بها، إذ شرف المضاف من شرف المضاف إليه، فله حكمه: لفظا ومعنى.
وإن كنت وحدك: إلهاب للمخاطب وتهييج له ليلزم الحق، وإن قل أهله.
والخبر كغالب أخبار الشريعة: مراد لغيره، إذ فيه معنى الأمر بلزوم جماعة المسلمين، فذكر حدها مئنة من الحض على لزومها.
&&&&&
وحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ".
السين تنذر بقرب وقوع ذلك، وقد كان بظهور مقالة الخوارج: باكورة المقالات المحدثة عقيب مقتل عثمان رضي الله عنه.
على الناس: تقديم ما حقه التأخير حشدا لذهن السامع.
خداعات: صيغة مبالغة، فالخداع فيها كبير، كسني زماننا، إذ زيادة المبنى بالتضعيف مئنة من زيادة المعنى.
وفي إسناد الخداع إليها: مجاز إسنادي فهي ظرف الخداع، فهو من قبيل وصف الظرف بمظروفه، لإفادة الملابسة، فالخداع ملابس لها لا ينفك عنها.
يصدق فيها الكاذب: طباق بين الصدق والكذب.
وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ: طباق بين الكذب والصدق.
وفي الجملتين مقابلة تزيد معنى الاغترار بظاهر المتكلم دون سبر أغواره قوة وبيانا.
وقل مثل ذلك في: وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ.
فهو زمان تختلط فيه الأوراق، وتميع فيه المفاهيم فلا يعرف حق من باطل.
وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ: حشد لأذهان السامعين بالإغراب الذي يفتقر إلى بيان.
قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟: سؤال عن الماهية، فليس الشأن: شأن الموصوف ليسأل عن عينه، وإنما الشأن شأن الوصف ليسأل عن حده، فـ: "ما" هنا للسؤال عن الماهية لتجتنب.
قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ: حد جامع مانع، فيه من إيجاز الحذف: حذف المسند إليه لدلالة السؤال عليه، فتقدير الكلام: هو الرجل التافه.
والخبر موطئ لما بعده إمعانا في التشويق، فليس وصف الرجولة هو المراد إذ هو وصف طردي لا يتعلق به مدح أو ذم، وإنما المراد: وصف التفاهة.
وفي الكلام: إيجاز بحذف العامل: "يتكلم" أو "ينطق" لدلالة السؤال، أيضا، عليه، فتقدير الكلام: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة، كما هو مشاهد في زماننا الذي يتكلم فيه كثير ممن لا يحسنون الوضوء في نوازل لو وقعت زمن عمر، رضي الله عنه، لجمع لها أهل الشورى!!!!.
&&&&&
وحديث: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"
من: صيغة شرط تفيد العموم.
(يُتْبَعُ)
(/)
و: "شيئا": نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم، وقد دخله التخصيص من جهة أخرى، كما في حديث عبادة رضي الله عنه: (فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان).
وللأمر ضوابط شرعية دقيقة ينظر فيها إلى المصلحة والمفسدة، أيما نظر، فلا ينظر فيها إلا الراسخون في العلم لا آحاد الناس لئلا يصال على الأديان والأبدان والأعراض كما يقع دائما زمن الفتن.
فليصبر: أمر على بابه.
و "أل" في الجماعة: عهدية، أيضا، تشير إلى معهود بعينه هو: الجماعة الشرعية.
وقد استعار المباعدة الحسية للمباعدة المعنوية، كما دل على ذلك لفظ: "الشبر" وهو مما يستعمل في قياس المحسوسات.
إلا مات ميتة جاهلية: "ميتة" مصدر موطئ لما بعده إذ محط الفائدة في وصف الميتة بالجاهلية لا في ذات الميتة فإن منها هو شريف كما أن منها ما هو وضيع.
وقد يقال بأن فيها: تشبيها بليغا، إذ تقدير الكلام: إلا مات ميتة كميتة الجاهلية في قبحها، فحذف أداة التشبيه ووجه الشبه مبالغة في التشبيه، فكأن المشبه عين المشبه به.
&&&&&
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِه"
خبر فيه معنى الوعيد.
وفيه أيضا: استعارة المفارقة الحسية للمفارقة المعنوية.
ربقة: استعارة العقد الحسي الذي تربط به صغار الغنم للعقد المعنوي: استعارة تصريحية أصلية في الاسم الجامد: "ربقة".
&&&&&
ومنه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي"
فـ: "من": صيغة عموم لا مخصص لها في أعيان الطائعين، وإن خصت في أفعالهم بالطاعة في المعروف، مصداق قوله صلى الله، عليه وعلى آله وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، فالقصر حقيقي على أصله لا إضافي باعتبار طاعة دون طاعة، فطاعة الحاكم أو الوالدين أو العلماء أو .......... إلخ لا تكون إلا في المعروف، فلا طاعة مطلقا إلا بقيد عصمة الأمر، وذلك لا يكون إلا في أمر الله، عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الشرعيات: علما وعملا، بخلاف شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في نحو حديث بريرة، رضي الله عنها، فلو كان ذلك أمرا شرعيا لما وسعها الرد، وبخلاف أمر الدنيا من جهة: الكيف لا من جهة استقلاله عن سلطان الشرع الحنيف كما يروج العلمانيون، أدعياء العلم ووصف الجهل بهم أليق.
والشرط قد سيق مساق الإلهاب والتهييج على امتثاله رجاء تحقق المشروط، فإن طاعة الله، عز وجل، مراد كل عاقل، إذ هو الخالق البارئ المصور المدبر، فلا يستحق الطاعة مطلقا إلا هو، ورسله فرعا على طاعته، فما استحقت الرسل، عليهم السلام، الطاعة المطلقة إلا لكونهم المبلغين عن ربهم، عز وجل، وفي التنزيل: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)، فـ: "أل" في "الرسول": إما أن تكون عهدية ذهنية تشير إلى رسول بعينه هو الرسول الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإما أن تكون جنسية تشير إلى جنس الرسل المستحقين جنس الطاعة المطلقة، ولا تعارض بين كلا القولين.
وفي الآية: جناس اشتقاقي بين: "يطع" و "أطاع" فمصدرهما واحد، والإتيان بالماضي في الجواب باعث على سرعة الامتثال لعظم المشروط، فمن يطع الرسل فقد أطاع الله، جزما وتحقيقا دلت عليه "قد" التي دخلت على المضارع فأفادت التحقيق وهذا آكد من قولك: من يطع الرسل يطع الله.
والشق الثاني من الآية مقابل للشق الأول: فمقابل: "الطاعة": "التولي"، فبينهما مقابلة أو طباق بالإيجاب بالنظر إلى مبنى كل منهما مقطوعا عن سياقه الذي ورد فيه، وفي المقابلة من: الحض على الاتباع ببيان عاقبة المخالفة ما فيه، فالضد يجلي عاقبة ضده، والاكتفاء بالوعد دون الوعيد يغري المتفلتين بالعصيان، ولذلك كانت نصوص الجزاء: وعدا للطائع ووعيدا يقابله للعاصي , فهما الجناحان لطائر الإيمان، فمن غلب الوعد فقد مال إلى قول أهل الإرجاء والغرور، ومن غلب الوعيد فقد مال إلى قول أهل القنوط والخروج الذين قنطوا العباد من رحمة رب العباد، وخير الأمور أوسطها.
وقد سلك الحديث نفس المسلك من المقابلة في الشرط والجزاء فمقابل:
(مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ): (وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ)، فقابل بين الطاعة والعصيان.
وكذا في الشق الثاني:
وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي
وفي نسبة الأمير إليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مزيد تعظيم وتشريف له، فهو يستحق الطاعة فرعا على طاعة موليه، كما أن الرسول يكتسب التعظيم فرعا على عظمة مرسِله، والتعظيم أحد أغراض التعريف بالإضافة بإضافة الشيء إلى معظم فيكتسب التعظيم فرعا عليه، إذ المضاف يأخذ حكم المضاف إليه: لفظا ومعنى كما تقدم.
ولا يلزم أن يكون الأمير مولى من قبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن الإضافة هنا مئنة من امتثال أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالأمير في الأعصار المتأخرة إن أطاع أمره، فهو مولى من قبله، وإن لم تكن التولية مشافهة، إذ امتثاله ما جاء به من الوحي، مئنة من صحة ولايته، فبسلطان الشرع يحكم، وبرسم الوحي ينهى ويأمر، فإن حاد فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن نهينا عن الخروج عليه حسما لمادة الشر ودرء لفساد القتل والهتك، فصبرنا على فساده شيء، وطاعته ومعونته على ذلك شيء آخر.
والله أعلى وأعلم.(/)
ألا يوجد اختلاف؟
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 06:43 م]ـ
السلام عليكم
معاني الاستفهام انكاري استنكار تهكم توبيخ ..........
السؤال كيف يصل القارئ الى الغرض الصائب الموافق للحال اذ هناك اشكالية مثلا في التوبيخ واللوم والتعجب في نظري وحسب فهمي المتواضع
هل المعول في ذلك فهم المتلقي؟
لكم جزيل الشكر أحبتي
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[18 - 11 - 2008, 11:16 م]ـ
يعتمد ذلك على السياق أولاً ..... ثمّ إنعام النظر من المتلقي إن أشكل الأمر
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 12:23 ص]ـ
أتفق مع ما تفضل به الأستاذ الفاضل أنس عبدالله؛ إذ إن الوصول إلى المعاني البلاغية للاستفهام إنما يكون عن طريق تأمل السياق، وإنعام النظر فيه، ومعرفة قرائن أحواله، وإيماءات تراكيبه.
على أنه تجدر الإشارة إلى أن الأسلوب الاستفهامي كثيرًا ما يفيد أكثر من معنى، بل ترى عدة معان تنبعث من الأسلوب الاستفهامي الواحد.
إليك مثلاً قوله تعالى: " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم ... " الآية. تجد أن الاستفهام به يفيد إنكار الكفر، والتعجب من وقوعه، مع ما يومئ إليه من معنى التوبيخ والتوعد لمرتكبيه، وغير ذلك.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[السيف]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 04:46 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 08:49 ص]ـ
مرحبا بكم أيها الكرام الأفاضل: أبا خالد والأساتذة: أنس وندى والسيف.
وكمثال لما ذكره الأستاذ أنس والأستاذة ندى:
يمكنك أبا خالد مبدئيا التركيز على بعض أدوات الاستفهام لا سيما الهمزة، فقد عقد لها ابن هشام، رحمه الله، على سبيل المثال فصلا في سفره الجامع "مغني اللبيب"، و "هل"، و "كيف" على سبيل المثال، فكل منها يصلح مثالا لقسم من أقسام الاستفهام:
فالهمزة أم الباب ترد للتصديق في نحو: أجاء زيد إذ المراد مجرد نسبة فعل القدوم إلى زيد إثباتا إن كان الجواب: نعم، ونفيا إن كان الجواب: لا.
وترد للتصور، إن كان الفعل قد ثبت وإنما المراد تصور فاعله أو نائب فاعله أو مفعوله .......... إلخ في نحو:
أجاء زيد أم عمرو، و: أضُرِبَ بكر أم هند، و: أأكل زيد اللحم أم الأرز
فيكون الجواب بأحد الاحتمالين: زيد أو عمرو، بكر أو هند، اللحم أو الأرز.
وهي الأداة الوحيدة التي ترد لكلا الأمرين ولذلك كانت أم الباب وإتقانها من الأهمية بمكان، فهو المرقاة إلى إتقان باب الاستفهام إن شاء الله.
وداخلها يبرز الاستفهام التقريري والإنكاري كأحد أبرز صورها:
فعلامة التقريري أن يكون جوابه إثباتا إما بـ:
"نعم" كما في حديث: (آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ).
أو بنفي النفي فيكون التقرير مستفادا من جهة كون نفي النفي إثباتا، كما في قوله تعالى: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)، فقد شرع لنا بعدها في الفريضة والنافلة قول: سبحانك فبلى، فيكون نفي: "أليس ذلك" بـ: "بلى": إثباتا.
ومثله قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ).
وعلامة الإنكاري أن يكون جوابه نفيا:
فإما أن يكون ما بعده غير واقع أصلا فيكون إبطاليا من قبيل قوله تعالى: (أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ)، فذلك لم يقع أصلا، فاستحق الإبطال.
وإما أن يكون واقعا يستحق التوبيخ والتقريع، كما في قوله تعالى: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)، فقد وقع ذلك منهم فاستحقوا التوبيخ عليه.
ومنه:
قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، فالإنكار واقع على أمر غير واقع، وهو إكراه الناس على الإيمان فكان إبطاليا لمعنى الإكراه من هذا الوجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، فالإنكار واقع على أمر قد حدث فعلا كما بين ذلك سبب النزول إذ كان الأنصار حريصين على إسلام حلفائهم من اليهود، كما ذكر ذلك القرطبي، رحمه الله، في تفسيره ولكن لا يقال بأنه توبيخي أدبا مع مقام الصحبة، وإنما يقال بأنه: للعتاب.
وهكذا بمتابعة الهمزة واستعمالاتها المتعددة في آي الكتاب المنزل، وأنصحك بمتابعتها بعد قراءة الفصل المعقود لها في "مغني اللبيب" مع تقييد ملاحظاتك على كل آية وردت فيها، بهذه المتابعة تكون قد أتقنت إن شاء الله أم الباب فصار ما بعدها أيسر، وفي كتاب الله عز وجل شفاء لغليلك فاجعله رائدك في تلك الدراسة.
ثم انتقل غير مأمور إلى أداة تمثل القسم الثاني، وهو ما ورد للتصديق فقط، وهي أداة واحدة وهي: "هل" فترد للتصديق في نحو: هل جاء زيد؟، فالجواب: نعم أو لا، واستعمالاتها كثيرة فهي من الأدوات الثرية، فترد لـ:
"النفي" كقوله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)، فالمعنى: ما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
و"الترغيب" بعرض الأمر برفق في نحو قوله تعالى: (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى).
و"التشويق" في نحو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).
و"التحريض" في نحو حديث ابن أبي مليكة، رحمه الله، قال: قيل لابن عباس: هل لك في معاوية ما أوتر الا بركعة. قال: أصاب إنه فقيه. فمراد السائل تحريض ابن عباس على معاوية رضي الله عن الجميع.
و"التمني" في نحو:
هل ترجعن لنا يا عهد قرطبة ******* فكيف نبكي وقد جفت مآقينا
فلن يرجع عصر قرطبة الخليفة الناصر رحمه الله مرة أخرى!!!.
و"الإغراء" في نحو قولك لمن تحثه على الزواج: هل لك في فلانة بنت فلان؟.
وبإتقان هذه الأنواع تكون قد أتقنت القسم الثاني إن شاء الله.
ثم انتقل غير مأمور أيضا إلى القسم الثالث: وهو ما ورد للتصور فقط، وهو بقية أدوات الاستفهام، وقد ضربت لك الأستاذة ندى مثالا بـ: "كيف" فاجعلها مادة بحث لك في استعمالات كـ:
"التعجب" الذي ذكرت الأستاذة ندى مثالا عليه.
و"الترغيب" في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟
و"التوبيخ" في نحو قولك: كيف غلبك فلان بحجته المتهافتة؟
ثم اقرأ استعمالات بقية الأدوات بعد أن عرفت هذه الأقسام الثلاثة، في أي كتاب مختصر كـ: "جواهر البلاغة"، مع استحضار هذه القسمة الثلاثية ومراعاة السياق كما ذكر الأستاذ أنس، فالسياق قيد في فهم المعنى.
وبذلك يصير الأمر أسهل عليك إن شاء الله.
والله أعلى وأعلم.
تحياتي لك أبا خالد.
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 05:07 م]ـ
أتفق مع ما تفضل به الأستاذ الفاضل أنس عبدالله؛ إذ إن الوصول إلى المعاني البلاغية للاستفهام إنما يكون عن طريق تأمل السياق، وإنعام النظر فيه، ومعرفة قرائن أحواله، وإيماءات تراكيبه.
على أنه تجدر الإشارة إلى أن الأسلوب الاستفهامي كثيرًا ما يفيد أكثر من معنى، بل ترى عدة معان تنبعث من الأسلوب الاستفهامي الواحد.
إليك مثلاً قوله تعالى: " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم ... " الآية. تجد أن الاستفهام به يفيد إنكار الكفر، والتعجب من وقوعه، مع ما يومئ إليه من معنى التوبيخ والتوعد لمرتكبيه، وغير ذلك.
والله - تعالى - أعلم. الشكر للجميع وما أقصده هو ما أشرت إليه أختي من إيماءة التوبيخ والوعيد. الشكر للمهاجر لما أفاض وتفضل به
تحياتي ,,,,,,,:)(/)
مساعدة ضروري جدا
ـ[احساس مرهف]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 06:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لو سمحتوا أبغى مساعدهـ ضروري
الحذف المبالغه
يقول الجرجاني في قول النابغه
فإنك كالليل اللذي هو مدرك
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
أريد تحليلها من كتاب أسرار البلاغه
لعبدالقاهر الجرجاني
ضروري جد الخميس او الجمعه
ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 07:31 م]ـ
"وإذْ قد عرفت هذا فارجع إلى نحو " فإنك كالليل الذي هو مدركي " ْبِق إلى أفئدتهم، وقد قدّمتُ طرفاً من هذا الفصل فيما مضى، ولكنني أعدته هاهنا لاتصاله بما أريد ذكره. فقد ظهر أنه ليس كل شيء يجيء فيه التشبيه الصريح بذكر الكاف ونحوها، يستقيم نَقْلُ الكلام فيه إلى طريقة الاستعارة، وإسقاطِ ذكر المشبَّه جملةً، والاقتصار على المشبَّه به، وبقي أن نتعرّف الحكمَ في الحالة الأخرى، وهي التي يكون كل واحدٍ من المشبَّه والمشبَّه به مذكوراً فيه، نحو زيدٌ أسدٌ ووجدته أسداً، هل تُساوِقُ صريحَ التشبيه حتى يجوز في كل شيئين قُصِدَ تشبيهُ أحدهما بالآخر أن تحذف الكافَ ونحوها من الثاني، وتجعله خبراً عن الأول أو بمنزلة الخبر؟ والقولُ في ذلك أن التشبيه إذا كان صريحاً بالكاف، ومثل، كان الأعرفُ الأشهر في المشبَّه به أن يكون معرفةً، كقولك: هو كالأسد وهو كالشمس وهو كالبحر وكليث العرين وكالصبح وكالنجم وما شاكل ذلك، ولا يكاد يجيء نكرةً مجيئاً يُرتضَى نحو هو كأسد وكبحر وكغَيْث، إلا أن يُخَصَّص بصفة نحو كبحرٍ زاخر، فإذا جعلت الاسمَ المجرور بالكاف مُعْرَباً بالإعراب الذي يستحقّه الخبر من الرفع أو النصب، كان كلا الأمرين - التعريف والتنكيرِ - فيه حسناً جميلاً، تقول: زيدٌ الأسد والشمس والبحرُ وزيد أسدٌ وشمس وبدر وبحر. وإذْ قد عرفت هذا فارجع إلى نحو " فإنك كالليل الذي هو مدركي " (ص88) واعلم أنه قد يجوز فيه أن تحذف الكاف وتجعل المجرور كان به، خبراً، فتقول: فإنك الليل الذي هو مدركي، أو أنت الليل الذي هو مدركي، وتقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ المؤمن مَثَل الخامة من الزرع "، المؤمن الخامة من الزرع، وفي قوله عليه السلام: الناس كإبلٍ مئة (3): الناس إبل مئة، ويكون تقديره على أنك قدّرت مضافاً محذوفاً على حدّ: " وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ " " يوسف: 82 "، تجعل الأصل: فإنك مثلُ الليل ثم تحذف مِثْلاً، والنكتةُ في الفرق بين هذا الضرب الذي لا بُدّ للمجرور بالكاف ونحوِها من وَصْفه بجملة من الكلام أو نحوها، وبين الضرب الأول الذي هو نحو زيد كالأسد أنك إذا حذفتَ الكاف هناك فقلت: زيدٌ الأسد، فالقصد أن تبالغ في التشبيه فتجعل المذكورَ كأنه الأسد، وتشير إلى مثل ما يَحصُلُ لك من المعنى إذا حذفت ذكر المشبَّه أصلاً فقلت: رأيت أسداً أو الأسَد، فأمّا في نحو فإنك كالليل الذي هو مدركي، فلا يجوز أن تقصِد جعلَ الممدوحِ الليلَ، ولكنك تنوي أنك أردت أن تقول فإنك مِثل الليل، ثم حذفت المضاف من اللفظ، وأبْقَيت المعنى على حاله إذا لم تحذف، وأمَّا هناك، فإنه وإن كان يقال أيضاً إن الأصل زيد مثل أسد ثم تحذف فليس الحذفُ فيه على هذا الحدّ، بل على أنه جُعل كأَنْ لم يكن لقصد المبالغة، ألا تراهم يقولون: جعله الأسد؟ وبعيدٌ أن تقول جعله الليل، لأن القصد لم يقع إلى وصف في الليل كالظلمة ونحوها، وإنّما قُصد الحكمُ الذي له، من تعميمه الآفاق، وامتناعِ أن يصير الإنسان إلى مكان لا يُدركه الليلُ فيه. وإن أردت أن تزداد علماً بأن الأمر كذلك أعني أن هاهنا ما يصلح فيه التشبيه الظاهر ولا تصلح فيه المبُالغة وجَعلُ الأولِ الثاني فاعمد إلى ما تجد الاسم الذي افتُتح به المَثَل فيه غيرَ محتمل لضربٍ من التشبيه إذا أُفردِ وقُطع عن الكلام بعده، كقوله تعالى: " إنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ " " يونس: 34 "، لو قلت إنما الحياة الدنيا ماءٌ أنزلناه من السماء أو الماء ينزل من السماء فتخضّر منه الأرض، لم يكن للكلام وجهٌ غيرُ أن تقدّر حذف مِثْل نحو إنما الحياة الدنيا مِثْلُ ماء ينزل من السماء فيكون كيت وكيت، إذ لا يُتصوَّر بين الحياة الدنيا والماء شَبَهٌ يصحُّ قصدُه وقد أُفْرِد، كما قد يُتخيَّل في البيت أنه قصد تشبيه الممدوح
(يُتْبَعُ)
(/)
بالليل في السُّخط. وهذا موضعٌ في الجملة مُشْكِلٌ، ولا يمكن القطع فيه بحكم على التفصيل، ولكن لا سبيل إلى جَحْد أنك تجد الاسم في الكثير وقد وُضِع موضعاً في التشبيه بالكاف، لو حاولتَ أن تُخرجه في ذلك الموضع بعينه إلى حدّ الاستعارة والمبالغة، وجَعْلِ هذا ذاك، لم يَنْقَدْ لك، كالنكرة التي هي ماء في الآية وفي الآي الأُخَر نحو قوله تعالى: " أَو كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ " " البقرة: 19 "، ولو قلت هم صيّبٌ، ولا تُضمر مِثلاً ألبتَّة، على حدّ هو أسد لم يجز، لأنه لا معنى لجعلهم صيِّباً في هذا الموضع، وإن كان لا يمتنعُ أن يقعَ صيِّب في موضع آخر ليس من هذا الغَرَض في شيء استعارةً ومبالغةً، كقولك: فاضَ صَيِّبٌ منه، تريد جوده، وهو صَيِّب يَفيض، تريد مندفق في الجود، فلسنا نقول إن هاهنا اسمَ جنسٍ واسماً صفةً لا يصلح للاستعارة في حال من الأحوال، وهذا شِعب من القولِ يحتاج إلى كلام أكثر من هذا ويدخل فيه مسائل، ولكن استقصاءه يقطع عن الغرض. فإن قلت فلا بدّ من أصلٍ يُرجع إليه في الفرق بين ما يحسُن أن يُصرَف وَجْهُه إلى الاستعارة والمبالغة، وما لا يحسن ذلك فيه، ولا يُجيبك المعنى إليه، بل يصدُّ بوجهه عنك متى أردته عليه. فالجواب إنه لا يمكن أن يقال فيه قولٌ قاطع، ولكن هاهنا نكتة يجب الاعتماد عليها والنظر إليها، وهي أن الشَّبه إذا كان وصفاً معروفاً في الشيء قد جرى العُرف بأن يُشبَّه من أجله به، وتُعُورف كونه أصلاً فيه يقاسُ عليه كالنور والحُسن في الشمس، أو الاشتهار والظهور، وأنّها لا تَخْفَى فيها أيضاً وكالطيب في المسك، والحلاوة في العسل، والمرارة في الصاب، والشجاعة في الأسد، والفيض في البحر والغيث، والمَضاء والقَطْع والحِدَّة في السيف، والنفاذِ في السِّنان، وسرعة المرور في السَّهم، وسرعة الحركةِ في شعلةِ النار، وما شاكل (ص89) ذلك من الأوصاف التي لكل وَصْف منها جنسٌ هو أصل فيه، ومُقدَّم في معانيه فاستعارةُ الاسم للشيء على معنى ذلك الشَّبه تجيء سهلةً مُنْقادة، وتقع مألوفةً معتادة، وذلك أنّ هذه الأوصافَ من هذه الأسماء قد تعورف كونها أصولاً فيها، وأنها أخصُّ ما توجد فيه بها، فكل أحد يعلم أن أخصَّ المنيرات بالنور الشمسُ، فإذا أُطلقَتْ ودلَّت الحال على التشبيه، لم يخفَ المرادُ، ولو أنك أردت من الشمس الاستدارة، لم يَجُزْ أن تدلّ عليه بالاستعارة، ولكن إن أردتها من الفَلَك جاز، فإن قصدتها من الكُرة كان أبْين، لأن الاستدارة من الكُرة أشهر وصفٍ فيها، ومتى صَلَحت الاستعارةُ في شيء، فالمبالغة فيه أصلح، وطريقها أوضح، ولسان الحال فيها أفصح، أعني أنك إذا قُلتَ: " يا ابن الكواكبِ من أئمّة هاشمِ " وَ: " يا ابنَ الليوثِ الغُر " فأجريت الاسمَ على المشبَّة إجراءَه على أصله الذي وُضع له وادّعيتَه له، كان قولك: هم الكواكب و هم الليوث أو هم كواكب وليوث، أحْرَى أن تقوله، وأَخفَّ مَؤُونةً على السامع في وقوعِ العلم له به. واعلم أن المعنى في المبالغة وتفسيرنا لها بقولنا جَعَلَ هذا ذاك، وجعله الأسد وادّعى أنه الأسد حقيقةً، أنّ المشبِّه الشيءَ بالشيء من شأنه أن ينظرَ إلى الوصف الذي به يجمع بين الشيئين، وينفيَ عن نفسه الفكرفيما سواه جملةً، فإذا شبَّه بالأسد، ألقى صورة الشجاعة بين عينيه، ألقى ما عداها فلم ينظر إليه، فإنْ هو قال زيد كالأسد، كان قد أثبت له حظّاً ظاهراً في الشجاعة، ولم يخرج عن الاقتصاد، وإذا قال هو الأسد، تناهَى في الدعوى، إمّا قريباً من المحقِّ لفرط بسالة الرجل، وإما متجوِّزاً في القول، فجعله بحيث لا تنقص شجاعته عن شجاعة الأسد ولا يَعْدَمُ منها شيئاً، وإذا كان بحكم التشبيه، وبأنه مقصودُه من ذكر الأسد في حكم مَن يعتقدُ أنّ الاسمَ لم يوضع على ذلك السَّبعُ إلا للشجاعة التي فيه، وأنّ ما عداها من صورته وسائر صفاته عِيالٌ عليها وتَبَعٌ لها في استحقاقه هذا الاسمَ، ثم أثبتَ لهذا الذي يشبِّهه به تلك الشجاعةَ بعينها حتى لا اختلافَ ولا تفاوتَ، فقد جعلَهُ الأسدَ لا محالة، لأن قولنا هو هو على معنيين أحدهما أن يكون للشيء اسمان يعرفه المخاطَبُ بأحدهما دون الآخر، فإذا ذُكر باسمه الآخر توهَّم أن معك شيئين، فإذا قلت: زيد هو أبو عبد اللَه، عرّفته أن هذا الذي تذكر
(يُتْبَعُ)
(/)
الآن بزيد هو الذي عَرَفه بأبي عبد اللَّه، من الأوصاف التي لكل وَصْف منها جنسٌ هو أصل فيه، ومُقدَّم في معانيه فاستعارةُ الاسم للشيء على معنى ذلك الشَّبه تجيء سهلةً مُنْقادة، وتقع مألوفةً معتادة، وذلك أنّ هذه الأوصافَ من هذه الأسماء قد تعورف كونها أصولاً فيها، وأنها أخصُّ ما توجد فيه بها، فكل أحد يعلم أن أخصَّ المنيرات بالنور الشمسُ، فإذا أُطلقَتْ ودلَّت الحال على التشبيه، لم يخفَ المرادُ، ولو أنك أردت من الشمس الاستدارة، لم يَجُزْ أن تدلّ عليه بالاستعارة، ولكن إن أردتها من الفَلَك جاز، فإن قصدتها من الكُرة كان أبْين، لأن الاستدارة من الكُرة أشهر وصفٍ فيها، ومتى صَلَحت الاستعارةُ في شيء، فالمبالغة فيه أصلح، وطريقها أوضح، ولسان الحال فيها أفصح، أعني أنك إذا قُلتَ: " يا ابن الكواكبِ من أئمّة هاشمِ " وَ: " يا ابنَ الليوثِ الغُر " فأجريت الاسمَ على المشبَّة إجراءَه على أصله الذي وُضع له وادّعيتَه له، كان قولك: هم الكواكب و هم الليوث أو هم كواكب وليوث، أحْرَى أن تقوله، وأَخفَّ مَؤُونةً على السامع في وقوعِ العلم له به. واعلم أن المعنى في المبالغة وتفسيرنا لها بقولنا جَعَلَ هذا ذاك، وجعله الأسد وادّعى أنه الأسد حقيقةً، أنّ المشبِّه الشيءَ بالشيء من شأنه أن ينظرَ إلى الوصف الذي به يجمع بين الشيئين، وينفيَ عن نفسه الفكرفيما سواه جملةً، فإذا شبَّه بالأسد، ألقى صورة الشجاعة بين عينيه، ألقى ما عداها فلم ينظر إليه، فإنْ هو قال زيد كالأسد، كان قد أثبت له حظّاً ظاهراً في الشجاعة، ولم يخرج عن الاقتصاد، وإذا قال هو الأسد، تناهَى في الدعوى، إمّا قريباً من المحقِّ لفرط بسالة الرجل، وإما متجوِّزاً في القول، فجعله بحيث لا تنقص شجاعته عن شجاعة الأسد ولا يَعْدَمُ منها شيئاً، وإذا كان بحكم التشبيه، وبأنه مقصودُه من ذكر الأسد في حكم مَن يعتقدُ أنّ الاسمَ لم يوضع على ذلك السَّبعُ إلا للشجاعة التي فيه، وأنّ ما عداها من صورته وسائر صفاته عِيالٌ عليها وتَبَعٌ لها في استحقاقه هذا الاسمَ، ثم أثبتَ لهذا الذي يشبِّهه به تلك الشجاعةَ بعينها حتى لا اختلافَ ولا تفاوتَ، فقد جعلَهُ الأسدَ لا محالة، لأن قولنا هو هو على معنيين أحدهما أن يكون للشيء اسمان يعرفه المخاطَبُ بأحدهما دون الآخر، فإذا ذُكر باسمه الآخر توهَّم أن معك شيئين، فإذا قلت: زيد هو أبو عبد اللَه، عرّفته أن هذا الذي تذكر الآن بزيد هو الذي عَرَفه بأبي عبد اللَّه (ص90) والثاني أن يراد تحققُ التشابُه بين الشيئين، وتكميلُه لهما، ونَفْيُ الاختلاف والتفاوت عنهما، فيقال: هو هو، أي لا يمكن الفرقُ بينهما، لأن الفرق يقع إذا اخْتُصَّ أحدهما بصفةٍِ لا تكون في الآخر، هذا المعنى الثاني فرعٌ على الأوّل، وذلك أن المتشابهين التشابُهَ التامَّ، لمَّا كان يُحسَبُ أحدهما الآخر، ويَتوهَم الرائي لهما في حالين أنه رأى شيئاً واحداً، صاروا إذا حققوا التشابُه بين الشيئين يقولون هو هو، والمشبّه إذا وقف وَهْمَه كما عرَّفتُك على الشجاعة دون سائر الأمور، ثم لم يُثبت بين شجاعة صاحبه وشجاعة الأسد فرقاً، فقد صار إلى معنى قولنا: هو هو بلا شبهة. وإذا تقررت هذه الجملة فقوله " فإنك كالليل الذي هو مدركي " إن حاولت فيه طريقة المبالغة فقلت: فإنك الليل الذي هو مدركي، لزمك لا محالة أن تعْمِد إلى صفةٍ من أجلها تجعله الليل، كالشجاعة التي من أجلها جعلت الرجلَ الأسدَ، فإن قلت تلك الصفةُ الظُّلمةُ، وإنّه قصد شدّةَ سخطِه، وراعى حال المسخوط عليه، وتوهّم أن الدنيا تُظلم في عينيه حسَب الحال في المُسْتَوْحِش الشديد الوَحْشَة، كما قال " أَعيدوا صَباحِي فَهْوَ عند الكواعبِ " قيل لك هذا التقدير، إن استجزناه وعملنا عليه، فإنا نحتمله، والكلامُ على ظاهره، وحرف التشبيه مذكورٌ داخلٌ على الليل كما تراه في البيت، فأمّا وأنت تريد المبالغة، فلا يجيء لك ذلك، لأن الصفات المذكورة لا يُواجَه بها الممدوحون، ولا تُسْتعار الأسماء الدالّة عليها لهم إلا بعد أن يُتدارك وتُقرَن إليها أضدادها من الأوصاف المحبوبة، كقوله " أنت الصَّاب والعَسَلُ " ولا تقول وأنت مادح أنت الصابُ وتسكت، وحتى إن الحاذقَ لا يرضى بهذا الاحتراز وحده حتى يزيد ويحتال في دفع ما يَغْشَى النفسَ من الكراهة بإطلاق الصفة التي
(يُتْبَعُ)
(/)
ليست من الصفات المحبوبة، فيصل بالكلام ما يخرُج به إلى نوع من المدح، كقول المتنبي:
حَسَنٌ في وُجوهِ أعدائهِ أقْ ... بَحُ من ضَيْفه رَأَته السَّوَامُ
بدأ فجعله حسناً على الإطلاق، ثم أراد أن يجعله قبيحاً في عيون أعدائه، على العادة في مدح الرجل بأن عدوَّه يكرهه، فلم يُقنعه ما سبق من تمهيده وتقدّم من احترازه في تلاقي ما يجنيه إطلاق صفة القُبح، حتى وصل به هذه الزيادةَ من المدح، وهي كراهةُ سَوامِهِ لرؤية أضيافه، وحتى حصل ذكرُ القبح مغموراً بين حُسنين، فصار كما يقول المنجّمون: يقع النَّحس مضغوطاً بين سَعْدين، فيبطل فعله وينمحق أثره. وقد عرفتَ ما جَناه التهاوُنُ بهذا النحو من الاحتراز على أبي تمّام، حتى صار ما يُنعَى عليه منه أبلغ شيء في بسط لسان القادح فيه والمُنْكِر لفضله، وأحْضَر حُجّةً للمتعصّب عليه، وذلك أنه لم يُبالِ في كثير من مخاطبات الممدوح بتحسين ظاهر اللفظ، واقتصر على صميم التشبيه، وأطلق اسم الجنس الخسيس كإطلاق الشريف النَّبيه، كقوله:
وإذا ما أردتُ كنتَ رِشاءً ... وإذا ما أردتُ كنتَ قَليبَا
فصَكَّ وجهَ الممدوح كما ترى بأنه رشاءٌ وقليبٌ، ولم يحتشم أن قال: (ص91)
جعله يهذي وجعل عليه الحُمَّى، وظنّ أنه إذاحصلَ له المبالغة في إثبات المكارم له، وجعلها مستبدّة بأفكاره وخواطره، حتى لا يصدر عنه غيرُها، فلا ضير أن يتلقَّاه بمثل هذا الخطاب الجافي، والمدح المتنافي. فكذلك أنت هذه قِصّتك، وهذه قضيّتك، في اقتراحك علينا أن نسلك بالليل في البيت طريق المبالغَة على تأويل السُّخط. فإن قلت أَفَتَرَى أن تأبَى هذا التقدير في البيت أيضاً حتى يُقْصَر التشبيهُ على ما تُفيده الجملة الجارية في صلة الذي، قلتُ إنّ ذلك الوجهُ فيما أظنُّه، فقد جاء في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: لَيدخُلنَّ هذا الدينُ ما دَخَل عليه الليلُ، فكما تجرَّد المعنى هاهنا للحكم الذي هو لليل من الوصول إلى كل مكان، ولم يكن لاعتبار ما اعتبروه من شبه ظلمته وجهٌ، كذلك يجوز أن يتجرّد في البيت له، ويكون ما ادَّعوه من الإشارة بظُلْمة الليل إلى إدراكه له ساخطاً، ضرباً من التعمّق والتطلُّب لما لعلّ الشاعر لم يقصده، وأحسنُ ما يمكن أن يُنتصَر به لهذا التقدير أن يقال إن النهارَ بمنزلة الليل في وصوله إلى كل مكان، فما مِنْ موضع من الأرض إلا ويُدركه كلُّ واحد منهما، فكما أن الكائن في النهار لا يُمكنه أن يصير إلى مكان لا يكون به ليل، كذلك الكائن في الليل لا يجد موضعاً لا يلحقه فيه نهار، فاختصاصُه الليلَ دليلٌ على أنه قد روَّى في نفسه، فلما علم أن حالَة إدراكه وقد هربَ منه حالةُ سُخْطٍ، رأى التمثيل بالليل أولَى، ويُمكن أن يزاد في نصرته بقوله:
نعمةٌ كالشَّمْس لمَّا طَلعَتْ ... بَثَّتِ الإشراقَ في كلِّ بَلَدْ
وذاك أنه قصد هاهنا نفس ما قصده النابغة في تعميم الأقطار، والوصول إلى كل مكان، إلاّ أن النعمة لما كانت تَسُرُّ وتُؤنِس، أخذ المثلَ لها من الشمس، ولو أنه ضرب المثل لوصول النعمة إلى أقاصي البلاد، وانتشارِها في العباد، بالليل ووصوله إلى كل بَلَدٍ، وبُلوغه كلَّ أحد، لكان قد أخطأ خطأً فاحشاً، إلاّ أن هذا وإن كان يجيء مستوياً في الموازنة، ففرقٌ بين ما يُكرَهُ من الشَّبه وما يُحَبُّ، لأن الصفةَ المحبوبة إذا اتصلت بالغَرَض من التشبيه، نالت من العناية بها المحافظة عليها قريباً مما يناله الغَرَض نفسه، وأّما ما ليس بمحبوب، فَيَحْسُن أَن يعْرض عنها صفحاً، ويدَع الفكر فيها، وأما تركُه أن يمثَّل بالنهار، وإن كان بمنزلة الليل فيما أراه، فيمكن أن يُجاب عنه بأنّ هذا الخطابَ من النابغة كان بالنهار لا محالة، وإذا كان يكلّمه وهو في النهار، بَعُدَ أن يضرب المثل بإدراك النهار له، وكان الظاهر أن يمثِّل بإدراك الليل الذي إقباله منتظَر، وطَرَيانه على النهار متوقَّع، فكأنّه قال وهو في صدر النهار أو آخره لو سرتُ عنك لم أجد مكاناً يقيني الطلبَ منك، ولكان إدراكُك لي وإن بعُدت واجباً، كإدراك هذا الليل المقبل في عَقب نهارِي هذا إيَّاي، ووصوله إلى أيِّ موضع بلغتُ من الأرض. وهاهنا شيء آخر وهو أنّ تشبيه النعمة في البيت بالشمس، وإن كان من حيثُ الغرضُ الخاصُّ، وهو الدِّلالة على العموم، فكان الشَّبه الآخرُ من كونها مُؤْنسةً للقلوب، ومُلبسةً العَالَم البهجةَ والبهاءَ كما تفعل الشمس، حاصلاً على سبيل العَرَض، وبضَرْبٍ من التطفُّل، فإنّ تجريدَ التشبيه لهذا الوجه الذي هو الآن تابعٌ، وجَعْلَهُ أصلاً ومقصوداً على الانفراد، مألوفٌ معروفٌ كقولنا نعمتك شمسٌ طالعة، وليس كذلك الحكم في الليل، لأن تجريدَه لوصف الممدوح بالسُّخْط مُسْتَكرَهٌ، حتى لو قلت أنت في حال السخط ليلٌ وفي الرّضى نهارٌ، فكافحتَ هكذا تجعله ليلاً لسخطه، لم يحسُن، وإنما الواجب أن تقول: النهار ليل على من تغضبُ عليه، والليل نهار على من ترضى عنه، وزمانُ عدوِّك ليلٌ كله، وأوقات وَلِيِّك نهارٌ كلها، كما قال:
أَيَّامُنَا مَصْقولةٌ أطرافُها ... بك واللَّيالي كُلُّها أَسْحَارُ (92) ........................ "(/)
أرجو المساعدة ضروري جدا
ـ[همسة ندم]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 09:36 م]ـ
:::
انا عضوة جديدة جدا معكم ارجو مساعدتي
وانا ابحث عن موضوع مهم جدا وتعبت من البحث ولم اجد شيئاً وجدت منتداكم المتخصص في اللغة العربية وارجو مساعدتي في هذا السؤال مع الشكر الكبير لكم.
انا في الجامعة العربية المفتوحة ولدينا سؤال مهم جدا في واجب مطلوب منا ولم يبقى معي وقت سوى اسبوع فقط فأرجو منكم مساعدتي مع الشكر الكبير لكم
وهذا هو السؤال:
عد إلى المكتبة (الورقية أو الرقمية) واستخرج منها ثلاثة نصوص من أنواع أدبية مختلفة، شبه فيها الكلام الفصيح بالسحر, ثم وثق عملك.
اذا كان هناك أكثر من ثلاثة نصوص سوف أكون شاكرة لكم
التوثيق مهم جدا في هذا السؤال ارجوكم ساعدوني
وتحياتي لكل من يساعدني في هذا السؤال
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 09:44 م]ـ
عزيزتي همسة ندم:
حل الواجبات المدرسية مخالف لشروط الفصيح.
دعواتي لك بالتوفيق.
ـ[همسة ندم]ــــــــ[19 - 11 - 2008, 10:13 م]ـ
اختي ندى انا ماطلبت تحلولي الواجب كامل
لكن هذا السؤال تعبت منه وبما انكم منتدى متخصص في اللغه العربيه كنت بتمنى منكم تساعدوني وشكرا لكم
ـ[الحصماني]ــــــــ[20 - 11 - 2008, 03:18 ص]ـ
لم يكن الشاعر العربي يرى فيما يبدع من شعر صلة بالسحر فحسب، بل كان يراه السحر ذاته , فهذا أبو نواس يقول وقد كلف بجارية غانية , عصية على مريديها , متأبية على عاشقيها:
فما زلت بالأشعار في كل مشهد ألينها والشعر من عقد السحر
إلى أن أجابت للوصال وأقبلت على غير ميعاد إلي مع العصر (1)
والمتنبي يرى في شعره سحرا يفوق سحر بابل:
ما نال أهل الجاهلية كلهم شعري ولا سمعت بسحري بابل (2)
وروى صاحب الأغاني أن امرأة جاءت الشاعر ربيعة الرقي، فقالت: تقول لك فلانة: إن بنت مولاي محمومة، فإن كنت تعرف عوذة – أي تعويذة – تكتبها لها فافعل. فقال: اكتب لها يا أبا بشر هذه العوذة:
ثفوا ثفوا باسم إلهي الذي لا يعرض السقم لمن قد شفى
أعيذ مولاتي ومولاتها وأمها بعوذة المصطفى
من شر ما يعرض من علة في الصبح والليل إذا أسدفا (3)
1 - ديوان أبي نواس – الحسن بن هاني– دار صادر – بيروت – دون تاريخ – ص283.
2 - ديوان المتنبي – دار صادر – بيروت – دون تاريخ – ص180.
3 - الأغاني – لأبي الفرج علي بن الحسين بن محمد القرشي الأصبهاني – تحقيق: إبراهيم الابياري – مؤسسة دار الشعب للصحافة والنشر والتوزيع –القاهرة – 1970 – ص6077.
ـ[الحصماني]ــــــــ[20 - 11 - 2008, 03:20 ص]ـ
لم يكن الشاعر العربي يرى فيما يبدع من شعر صلة بالسحر فحسب، بل كان يراه السحر ذاته , فهذا أبو نواس يقول وقد كلف بجارية غانية , عصية على مريديها , متأبية على عاشقيها:
فما زلت بالأشعار في كل مشهد ألينها والشعر من عقد السحر
إلى أن أجابت للوصال وأقبلت على غير ميعاد إلي مع العصر (1)
والمتنبي يرى في شعره سحرا يفوق سحر بابل:
ما نال أهل الجاهلية كلهم شعري ولا سمعت بسحري بابل (2)
وروى صاحب الأغاني أن امرأة جاءت الشاعر ربيعة الرقي، فقالت: تقول لك فلانة: إن بنت مولاي محمومة، فإن كنت تعرف عوذة – أي تعويذة – تكتبها لها فافعل. فقال: اكتب لها يا أبا بشر هذه العوذة:
ثفوا ثفوا باسم إلهي الذي لا يعرض السقم لمن قد شفى
أعيذ مولاتي ومولاتها وأمها بعوذة المصطفى
من شر ما يعرض من علة في الصبح والليل إذا أسدفا (3)
1 - ديوان أبي نواس – الحسن بن هاني– دار صادر – بيروت – دون تاريخ – ص283.
2 - ديوان المتنبي – دار صادر – بيروت – دون تاريخ – ص180.
3 - الأغاني – لأبي الفرج علي بن الحسين بن محمد القرشي الأصبهاني – تحقيق: إبراهيم الابياري – مؤسسة دار الشعب للصحافة والنشر والتوزيع –القاهرة – 1970 – ص6077.
ـ[همسة ندم]ــــــــ[20 - 11 - 2008, 09:47 م]ـ
شكرا كتير اخي الحصماني على المساعده
بس اذا مافي اي مانع انا بحاجة إلى 3 نصوص اخرى لكي اؤكد اجابتي مع الشكر الكبييييييييير جدااااااااا
تحياتي لك
ـ[الحصماني]ــــــــ[20 - 11 - 2008, 11:59 م]ـ
في كتاب كارل بروكلمان تاريخ الادب العربي ستجدين فيه ما يسعف طلبك الكتاب مرفوع في مكتبة المصطفى الرقمية
امنياتي لك بالتوفيق
ـ[همسة ندم]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 06:48 م]ـ
شكرا لك اخي الحصماني واتمنى لك التوفيق بحياتك العلمية والعملية
تحياتي لك(/)
طلب مساعدة
ـ[نسايم]ــــــــ[20 - 11 - 2008, 01:08 م]ـ
:::
قال تعالى"ومامحمد إلارسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم"
قال لبيد بن ربيعة:
ومالمرء إلاكالشهاب وضوئه يحور رماداً بعد إذ هوساطع
قال حسان بن ثابت:
وإنما الشعر لب المرء يعرضه على المجالس إن كيساً وإن حمقا
قال السيد الحميري:
لو خير المنبر فرسانه مااختار إلا منكم فارسا
أطلب شرح الآيه والأبيات الشعرية
ولكم مني جزيل الشكر والتقدير ...
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 02:13 ص]ـ
بالإمكان تفسير الآيات من خلال الرجوع إلى أي مصنف في التفسير، واحرصي على أن يكون التفسير سنيًّا، وكثير من التفاسير موجود على الشبكة.
اكتبي محاولتك في شرح الأبيات، وأهل الفصيح لك منهم المساعدة والتوجيه بإذن الله.
وفقتِ أخية ..(/)
أريد منهج البلاغة
ـ[أنثى حالمهـ]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 12:09 ص]ـ
:::
أريد توزيع منهج البلاغة والنقد للصف الثالث ثانوي (بنات)
ولكم جزيل الشكر ...
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 02:05 ص]ـ
حياك الله عزيزتي ..
مبدئيًّا ... أحصي عدد أسابيع الدراسة، وعدد موضوعات المنهج، وقدري كم يلزم لكل موضوع من مدة: أسبوع أو أكثر مثلاً، على أن يتخلل الأسابيع حصة لمراجعة وحدة أو فصل، ويخصص الأسبوع الأخير للمراجعة الشاملة للمنهج.
هذا اجتهادي، ولما أطلعْ على المنهج، ولا سابق خبرة لي فيه ... فلعل إحدى الأخوات ممن درّسته أو اطلعت عليه تفيدك أكثر.
دعواتي لك بالتوفيق.
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 03:57 م]ـ
توزيع المنهج في أول الكتاب بعد الفهرس ككتاب البنين(/)
مارأيكم في تدريس مادة البلاغة؟
ـ[عسولة]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 10:12 ص]ـ
:::
أنا طالبة جامعية والآن خرجت تربية ميدانية أدرس طالبات المرحلة الثانوية مواد اللغة العربية (الأدب-النحو-البلاغة).
وبإذن الله سأبدأ بتدريس البلاغة يوم الإثنين وسألقي لهن درس (التشبيه التمثيلي) فهذا الدرس يتضمن أركان التشبيه (المشبه-المشبه به-الأداة-وجه الشبه).
في رأيكم هل يصح لي أن أستخدم جدول على السبورة في طريقة عرض الدرس عندما أوضح للطالبات أركان التشبيه؟
وهذا اقتراح المعلمة الأساسية بالرغم من أن عمل جدول أثناء تدريس مادة البلاغة يعد من الأخطاء وهذا ماتطرقنا إليه العام الماضي في مادة (طرق تدريس اللغة العربية) وكان ممن الممكن أن أبلغ المعلمة الأساسية بذلك لكنني خشيت بأن أسبب لها إحراج فأنا لا أحب أن أحرج من هو أكبر مني وأعلم وأخبر بالتدريس مني فأنا مجرد متدربة على التدريس وهي ممارسة للتدريس والخبيرة به أكثر مني فلذلك كفيت وسكت عن ذلك حتى لاأتسبب في الإحراج بيني وبينها.
فما رأيكم بذلك؟ فقد ذكرت بأن الجدول يعد من الأخطاء والمعلمة مصرة عليه فماذا أفعل؟ إن تركت تسطير الجدول على السبورة مشكلة وستفهم مني بأني لم أنفذ كلامها وإن دليتها على الطريقة الصحيحة ترى نفسها هي الصح لأنها ممارسة وفوق ذلك أخشى على نفسي بأن أكون سببا في دخول الإحراج عليها وإن قمت بتسطير الجدول يعد خطأ.
فماذا يلزمني أن أفعل؟
والله والله صراحة أنا محتارة الله يعين.
ـ[أبومصعب]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 12:18 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
رأيي أن تسميعي وتطيعي أوامر الأستاذة المؤطرة، لأن ذلك سيفتح لك أبوابا من العلم والفهم لم تخطر ببالك، وفرقي بين النظري والتطبيقي، فالنظري يحتاج إلى تجربة وإحاطة بالمقدمات والمتغيرات والمستجدات، راجعي الدرس جيدا ولخصيه في نقاط أساسية، ولا ضير أن تضعيه في جدول حسب ما طلبته منك المؤطرة، حاولي التعرف على مستوى الطلبة ومدى معرفتهم بالمادة بطرح أسئلة تكون الإجابة عليها أثناء الشرح، تذكري أن الطلبة لهم مثال سابق في أستاذتهم يقيسون به حركاتك وسكانتك ويزنون به قدرتك على الشرح، في النهاية أعيدي عليهم نفس الأسئلة التي ابتدأت بها الدرس لمعرفة مدى استيعابهم له.
أرجو أن يكون فيما كتبته لك فائدة.
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 03:33 م]ـ
موفقة إن شاء الله.
وبحكم خبرتي أتفق مع رأي المعلمة والجدول يجب أن يملأ بمشاركة الطالبات بالحوار والمناقشة
تحياتي.
ـ[ثلجية اللبانة]ــــــــ[21 - 11 - 2008, 07:25 م]ـ
اتبعي مع ماقالته المعلمة الأساسية فالجدول أسرع في توصيل التشبيه لذهن الطالبة .. :)
وليتك يا أخت عسولة تذكرين أسباب الابتعاد عن وضع الجدول في السبورة .. :) من أي ناحية يعد خطأ ;)؟!
وجزيتِ خيرًا ..
ـ[نفس تواقة]ــــــــ[22 - 11 - 2008, 08:57 م]ـ
في رأيكم هل يصح لي أن أستخدم جدول على السبورة في طريقة عرض الدرس عندما أوضح للطالبات أركان التشبيه؟
وهذا اقتراح المعلمة الأساسية بالرغم من أن عمل جدول أثناء تدريس مادة البلاغة يعد من الأخطاء وهذا ماتطرقنا إليه العام الماضي في مادة (طرق تدريس اللغة العربية)
من الأولى والأجدر أن يكون الشرح على نفس موضع الشّاهد باستخراج أسهم يكتب من خلالها أركان التّشبيه ثم ّوجه الشّبه وهذا أفضل من طريقة الجدول الاستقرائيّ حتّى لا يبدو كقوالب النّحو الجاهزة
ثمّ إنّ الحق معك لأنّها الطّريقة الصحيحة، ولا أظنّ المعلّمة سيزعجها ذلك ,ولاسيّما إذا عرضت عليها الفكرة بطريقة مهذّبة
لأنّ المشكلة في أثناء عرض البلاغة تنسى المعلمة في تحليلها ضرورة التّذوّق الجماليّ للتّشبيه، فعندما يكون النّقاش والتّحليل على نفس البيت ترتسم الصّورة الجماليّة في ذهن الطالبة
بعكس طريقة الجدول الاستقرائيّ يتمّ فيه الفصل بين التّحليل والتّذوّق
وفّقك الله
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[هدوووووء]ــــــــ[22 - 11 - 2008, 11:23 م]ـ
عزيزتي في رأي أن تتبعي رأي معلمتك لأنها ممارسة للتعليم أكثر
وبالنسبة لقولك بخطأ الجدول فهذا بالنسبة لك كمعلمة تعرفين الأركان ولستِ متدربة مثل
طالبات الثانوي ومراعاة لوجود أكثر من مادة يتعلمونها فهنالك ضغط ذهني عليهن
ففي الأسهم بعض التشويش عليهن وبالجدول تخفيف وتوضيح لمفهوم البلاغة بالنسبة لهن
مع التذكير بأن هنالك أكثر من نوع للتشبيهات.
وأسأل الله لك التوفيق
ـ[سميرة فهد]ــــــــ[14 - 12 - 2009, 11:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
عمل الجدول يساعد كثيرا في استنتاج قواعد جزئيه
ويعين في التقويم النهائي , تستشف منه الطالبة القاعدة عندما تُخفق في الإجابة
يرتب ذهن الطالبة في تلقي المعلومة ويدربها على إعطاء إجابة واضحة ومحددة عند حل الواجبات أو عند الاختبارات.
وفقك الله وأعانك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مختار05]ــــــــ[14 - 12 - 2009, 12:59 م]ـ
أنا أدرس هذه المادة، ورأيي أن الجدول يكون مع مثال واحد ولكن بعد ذلك أجعل التلميذ يستوعب جمال التشبيه وينتجج صورا مشابهة للمثال وهذا ما يعرف عندنا بالتدريس بالكفاءات لأن التركيز على الجدول يحول درس البلاغة إلى درس تقني وليس الهدف كذلك والله أعلم
ـ[عبد الحميد52]ــــــــ[15 - 12 - 2009, 12:43 ص]ـ
المشكلة ليست لا في الجدول ولا في غيره، المشكلة في الإحاطة بالموضوع العلمي ثم التوفيق إلى تبسيطه وجعله على طبق من ذهب للطلبة بحيث تظهرعليهم ملامح (ريدينا من هذا التعليم الجميل) وأظنك ستنجحين مادمت تسألين، موفقة بإذن الله.(/)
أسلوبُ الأمرِ: بلاغتُه وجمالياتُه ..
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 05:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عرف العلوي الأمر بنحو: " هو صيغة تستدعي الفعل، أو قول ينبئ عن استدعاء الفعل من جهة الغير على جهة الاستعلاء " (الطراز / 530).
وله صيغ أربع:
1/ فعل الأمر، نحو: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين " (البقرة: 43).
2/ المضارع المقرون بلام الأمر، نحو: " وليكتب بينكم كاتب بالعدل " (البقرة: 282).
3/ اسم فعل الأمر، نحو: (هلم) في قوله تعالى: " قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا " (الأحزاب: 18).
4/ المصدر النائب عن فعل الأمر، نحو: (إحسانا) في قوله تعالى: " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانا " (النساء: 36).
والأصل في فعل الأمر أن يدل على الوجوب، بيد أن الشواهد والاستعمالات تدفع إلى أن أسلوب الأمر تنزاح فيه المعاني إلى اتجاهات جديدة، يحددها سياق الكلام، وتؤطرها قرائن الأحوال.
فاتسعت دائرة المعاني التي يدور عليها فعل الأمر، وعظمت دلائله ثراءً، وتعددت إيحاءاته مما يدل على جمالية طرائقه بأشكال لافتة للنظر.
ومما يلي وَشْيٌ من خلابة دلائله وأغراضه:
1/ الدعاء:
لا أرق من صيغة الأمر المحملة بكل صنوف التضرع، والابتهال، والرجاء، والاستكانة من المخلوق للخالق:
" ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي ... " (النمل: 19).
ولم يجد كعب بن زهير أسلوبًا يستدر عطف الرسول به أرق وأنجع من أسلوب الأمر المستسلم الآيب:
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة ... القرآن فيها مواعيظ وتفصيل
2/ التمني:
لمحادثة الأطلال، والبكاء على الديار نصيب وافٍ من أسلوب الأمر؛ وفيه تصبح الوظيفة النفسية والعاطفية أكثر تأملاً عند المتلقي، على نحو ما تمناه امرؤ القيس وسط الطلول الخربة هنا:
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي؟
3/ التهديد:
وتارة يتخذ أسلوب الأمر شحنة انفعالية متعاظمة في نفس المتكلم الآمر، ويكون أسلوب الأمر أقوى رادع، وأعظم منذر مهدد، مع ما في هذا وذاك من نذر السخط، وويلات المصير:
" قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار " (إبراهيم: 30).
4/ التحدي والتعجيز:
ولأسلوب الأمر مواقفه الحاسمة المتحدية المعجزة ... لنتأمل التعجيز في هذا الاستعمال القرآني الفريد:
" قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات أم آتيناهم كتابًا فهم على بينة منه ... " الآية (فاطر: 40).
أروني: أمر للتعجيز، فحواه: إذا كنتم علمتم أن هذه الأصنام عاجزة، فكيف تعبدونها؟ وإن وقع لكم توهم أن لها قدرة ما بوجه من الوجوه، فأروني تلك القدرة المزعومة: أهي في الأرض؟ أم في السماء؟ ينظر: التفسير الكبير: (26/ 29)، البحر المحيط: (7/ 302 - 303).
وفي هذا إفحام؛ لأنهم لن يستطيعوا أن يثبتوا شيئًا خلقته الأصنام، فيكون الأمر التعجيزي – عن طريق هذا الاستعمال والتركيب – أقوى وأبلغ في انتفاء قدرة الخلق عن الأصنام من مجرد النفي.
5/ التخيير:
ولنتأمل رقي أسلوب الأمر في بيت بشار:
فعش واحدًا أو صل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه
نحس في الأمر بالتخيير جمالية الوظيفة النفسية الكامنة في احترام إرادة المخاطب، احترامًا يدفع إلى اتباع السلوك الأقوم والمؤمل، فهل يستوي مثل هذا الاستعمال واستعمال الأمر المباشر؟
6/ التقريع والإهانة:
لا أبلغ من التقريع والإهانة التي حملها فعل الأمر في قوله تعالى: " ذق إنك أنت العزيز الكريم " (الدخان: 49).
7/ المشورة:
وهذا غرض لطيف لأسلوب الأمر، يجعل فيه المتكلم المخاطب مشاركًا إياه في الرأي، طالبًا منه المشورة، ولا يلزمه بإنفاذهما، كما يطالعنا في سؤال إبراهيم لابنه – عليهما السلام -: " فانظر ماذا ترى " (الصافات: 102).
ولأسلوب الأمر أغراض أخرى غير ما تقدم، نحو: الإباحة، النصح، الإكرام، الإلهاب والتهييج، التحسر، التفويض، التسليم وغيرها من الأغراض.
وهذه الأغراض قد يتداخل بعضها في بعضها الآخر.
تلك وقفة موجزة مع جمالية من جماليات لغتنا العظيمة، وثرائها الأخاذ؛ إذ لا تقف الأغراض التي يؤديها أسلوب الأمر عند هذا الحد، ولا يمكن لباحث أن يحيط بها جميعها؛ لتعدد الرؤى والمواقف، وكل ذلك يؤكد عظمة أساليب العربية، وغناها في جماليتها المثيرة.
والله – تعالى – أعلم.
ـ[سمية ع]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 12:01 م]ـ
جزاك الله خيرا أيتها المعلمة الفاضلة ...
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 01:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وزادكم علما.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 11:21 م]ـ
سمية ع، أبا ضحى:
لكما بمثل ما دعوتما. شكرًا على تلطفكما بالعبور.(/)
من سورة البقرة
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 08:21 ص]ـ
من مشاهد بني إسرائيل في سورة البقرة:
من قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ)
"الكتاب": "أل: عهدية": تشير إلى كتاب بعينه وهو التوراة، بخلاف "أل في "الكتاب" في قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)، فـ: "أل": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه فتعم كل الكتب السماوية النازلة.
"بِرُوحِ الْقُدُسِ": من إضافة الموصوف إلى صفته، فيكون المعنى: الروح المقدسة، وجيء بالوصف مصدرا، إمعانا في وصف جبريل عليه الصلاة والسلام بالطهر.
واختار الحسن، رحمه الله، أنه من إضافة المخلوق إلى خالقه تشريفا، فالقدس هو: "الله"، فيكون على وزان وصف عيسى عليه الصلاة والسلام بـ: "روح الله"، فالإضافة إلى الخالق، عز وجل، تشريفا.
"أَفَكُلَّمَا": استفهام إنكاري توبيخي إذ ما بعده حاصل، والفاء عاطفة لجملة مقدرة بعد همزة الاستفهام فيكون في الكلام: إيجاز بالحذف، فيقدر نحو: أأمنتم عذاب الله وغركم صبره فكلما جاءكم .........
"فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ": تقديم المفعول مشعر بتحقق الفعل ولذلك لا يحسن في مثل هذا التركيب الاستفهام بـ: "هل"، فلا يقال: هل فريقاً كذبتم، لأن "هل" إنما يستفهم بها تصديقا لا تصورا، والسياق يؤيد تحقق الفعل، فهو في حكم الواقع، فعلام السؤال وقوع عن أمر واقع؟!!.
"وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ": احتجاج بالقدر على الشرع، على طريقة الجبرية!!!!.
"بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ": إضراب انتقالي فلا يبطل ما قبله، فقلوبهم غلف قد طبع الله، عز وجل، عليها كونا، وإن أراد الإيمان منهم شرعا على وزان قوله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)، فحكم عليه، جل وعلا، بالتباب كونا، وإن خوطب كغيره بالإيمان شرعا.
"فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ": إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: فإيمانا قليلا يؤمنون، فحذف الموصوف وأقام الصفة محله وهذا أمر مطرد في لغة العرب، على وزان:
قوله تعالى: (من عمل صالحا): أي عملا صالحا.
وقوله تعالى: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ)، أي: دروعاً سابغات.
وقول فريد عصره أبي الطيب المتنبي:
مفرشي صهوةُ الحصانِ ولكنَّ ******* قميصي مسرودةٌ من حديدِ
أي: درع مسرودة
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
مُؤْمِنِينَ)
"وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ":
تكرار لطول الفصل على وزان:
قوله تعالى: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ).
وقول الشاعر:
لقد علم الحي اليمانون أنني ******* إذا قلت: أما بعد أني خطيبها.
وقول الآخر:
وإن امرأ دامت مواثيق عهده ******* على مثل ذلك إنه لكريم
"فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ": تعجيل للمساءة بالعطف بالفاء التي تفيد التعقيب جزاء وفاقا.
"على الكافرين": تعليق لحكم اللعن على الوصف الذي اشتق منه اسم "الكافرين" وهو: الكفر، وهو: وصف عام، وفي ذلك دليل لقول أهل السنة بجواز اللعن المطلق دون اللعن المعين، على تفصيل في ذلك، بخلاف من جعل اللعن عقيدة وعبادة كما نرى من صنيع أهل البدع الذين يتعبدون الله، عز وجل، بلعن أعيان أعدائهم، فكيف إن كان أعداؤهم سادات المؤمنين؟!!!.
"بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ":
استعارة في "اشتروا" إذ استعار الشراء لمعنى الاستبدال، فقد استبدلوا الكفر بأنفسهم فباعوها بلا مقابل، بل باعوها بهلكتها!!، وهذا من الخفة والطيش وقلة العلم بمكان، ولذلك ناسب أن يصدر الكلام بالذم.
"أن يكفروا": صيغة المضارع التي دخلت عليها "أن" تفيد الاستمرار، فكفرهم متجدد، وهذا مما يؤكد استحقاقهم الذم.
وعلى وزانه قوله تعالى: (وأن تصوموا)، استحضارا لهيئة الصيام طوال زمنه.
"مِنْ فَضْلِهِ": بيانية، والفضل هو: النبوة.
"عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ": الأولى موصولة والثانية بيانية.
"فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ": الغضب الثاني إما أن يكون مؤكدا للأول، وإما أن يكون مؤسسا لغضب ثان لسبب ثان استدعاه، فيكون الأول: لكفرهم بعيسى عليه الصلاة والسلام، والثاني: لكفرهم بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو يكون الأول: لكفرهم بالإنجيل، والثاني: لكفرهم بالقرآن، أو يكون الأول: لعبادتهم العجل والثاني: لكفرهم بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والقاعدة: ترجيح التأسيس إذا دار الكلام بينه وبين التوكيد.
"وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ": اللام للاستحقاق، وتقديم ما حقه التأخير مشعر بالحصر والتوكيد، والإهانة وصف مشعر باختصاص ذلك العذاب بالكفار المخلدين في النار.
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"
"وَرَاءَهُ": بمعنى "قدام" فهو من الأضداد، إذ القرآن قدام الإنجيل.
"وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ": الحال مؤكدة للجملة قبلها، ووصف القرآن بجملة: "هو الحق" الاسمية التي تدل على الثبوت والاستمرار مع تعريف الجزأين: "هو" و "الحق": فيه من التوكيد ما لا يخفى.
"قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ": استفهام إنكاري توبيخي فما بعده قد وقع بالفعل.
وخطاب الحاضرين بما اقترفه أسلافهم على وزان: الراضي كالفاعل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الإتيان بالمضارع: "تقتلون": مع أن الأمر انقضى استحضار لصورة ما اقترفوه من أثم وهذا مظنة التوبيخ إذ تذكير العاصي في مقام التوبيخ بما اقترفته يداه مشعر بمزيد تنغيص وتنكيد، وقد رفع قوله: "من قبل" أي احتمال لإرادة الحاضر كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
"إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ": فلم فعلتم ذلك، أليس ذلك مما ينقض عرى الإيمان؟!!، ففي الشرط توبيخ لهم بإلزامهم بما تقتضيه جملة الشرط.
"وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ":
أكد السياق بـ: اللام وقد الداخلة على الماضي فأفادت التحقيق.
والعطف بـ: "ثم" التي تدل على التراخي فيه مزيد توبيخ كما قرر القرطبي، رحمه الله، فقد جاءتهم البينات فعكفوا عليها ونظروا فيها نظر المتفحص المتأني غير المتعجل، ثم كان عاقبة أمرهم أن نكسوا على رءوسهم، فحالهم أقبح من حال من لم ينظر في أدلة الهدى، فأقدم على المعصية جهلا.
"اتخذتم العجل": الاتخاذ مظنة الافتعال، والافتعال مظنة التكلف إذ اتخاذ إله دون الله، عز وجل، مما تأباه الفطر السوية، فلا تتجشمه إلا بتكلف بعد طروء الفساد عليها، و "أل" في العجل: عهدية تشير إلى ذلك عجل السامري بعينه.
"وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ": قطع للعذر، فليسوا بجاهلين ليعذروا بل هم ظالمون معتدون.
"وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ":
"وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم":
استعارة في: "أشربوا": إذ استعار الإشراب للدلالة على تخلل محبة العجل نياط قلوبهم، والشراب يتخلل البدن أكثر من تخلل الطعام، إذ الشراب ينفذ مباشرة إلى أنسجة الجسم بخلاف الطعام الذي يجاورها قبل أن يتحلل إلى سائل يسهل نفاذه إلى الأنسجة، فالإشراب أوقع في البيان من الإطعام، كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
"العجل": مجاز بالحذف، إذ حذف المضاف وهو "الحب"، وأقام المضاف إليه مقامه، وفي ذلك من بيان تمكن هذا الحب الآثم من قلوبهم حتى صار محبوبهم حالا في قلوبهم ما فيه. ومن قال بعدم وقوع المجاز في الكتاب المنزل فإنه يكتفي بدلالة السياق، إذ الحب هو الذي يتخلل القلب لا نفس المحبوب.
"قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ": في الشرط أيضا معنى التوبيخ، إذ بئسما يأمركم به هذا الإيمان الذي تدعونه إن صحت تسميته بالإيمان فهو إيمان كـ: لا إيمان.
"قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ":
في الشرط تحد لهم، وهم أجبن من أن يقبلوه، و"الدار الآخرة": الجنة، وإن كانت تطلق على الآخرة عموما، ولكن السياق قد دل على ذلك المعنى خصوصا، فالسياق قيد في معرفة مراد المتكلم.
"وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ":
في الآية دليل على أن: "لن" ليست لتأبيد النفي، إذ ورود "أبدا" بعدها يحتمل: التوكيد أو التأسيس، والأولى كما تقدم حمل الكلام على التأسيس إن دار بينه وبين التوكيد، فيكون النفي غير المؤبد مستفادا من "لن"، ويكون التأبيد وهو معنى جديد قد أسسه الإتيان بلفظ "أبدا"، بخلاف ما لو قيل بأن "أبدا" مؤكدة لمعنى تقرر أولا بالنفي بـ: "لن" ثم أكد بـ: "أبدا" فهذا خلاف الأصل إذ الأصل: عدم التكرار.
والباء في: "بما قدمت": سببية.
"وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ":
(يُتْبَعُ)
(/)
توكيد بقسم محذوف واللام ونون التوكيد، وفي هذا إشعار بشدة حرصهم على الفانية في مقابل تفريطهم في الباقية فهما متناقضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإما إقبال على الباقية مع التزود بما يُصْلِح المعاش، وإما انكباب على الفانية جمعا واكتنازا.
"على حياة": تنكير للتحقير.
"ومن الذين أشركوا": إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: وأحرص من الذين أشركوا، كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
"لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ": لو: مصدرية، وفي الإتيان بالمعنى على صيغة المضارع دلالة على حرصهم الدائم على هذه الأمنية الرخيصة التي تنسجم مع دناءة هممهم.
"وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ": احتراس عما طلبوه من النجاة بطول البقاء في الفانية، فلن ينجيهم طول العمر من عذاب الخلد.
"قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ":
شرط فيه معنى التهديد، والقاعدة في مثل هذه المواضع: أن الصيغة، وإن كانت خبرا بتعليق وقوع المشروط على تحقق الشرط، إلا أنها طلبية في المعنى، إذ الوعيد المستفاد منها بمنزلة النهي، فهو باعث على الترك.
وفي تعديد أوصاف الكتاب المنزل مزيد ثناء عليه، فالإطناب بتعديد الأوصاف في مقام المدح يناسب السياق، ولذلك كان الأصل في وصف الباري عز وجل: الإثبات المفصل والنفي المجمل.
وفي تخصيص القلب بمحل النزول: خصوص أريد به العموم، فالنزول على الرسول البشري، والقلب أخص من ذات الرسول، وقد يقال بأن ذكر القلب لكونه أشرف الباطن، كما خص الوجه بالذكر في مواضع لكونه أشرف الظاهر، وقد يقال بأن تخصيصه بالذكر لأنه موضع العقل والعلم وتلقي المعارف كما أشار إلى ذلك القرطبي، رحمه الله، وهذا القول علة ما قبله، فإن علة كونه أشرف الباطن أنه مستودع العلوم والمعارف، وأشرفها: العلوم الإلهية.
واللام في "للمؤمنين": تفيد الاستحقاق، فقد علقت الهداية والبشارة على الوصف الذي اشتقت منه الصفة المشبهة: "مؤمنين"، فعلة استحقاقهم ذلك: الإيمان.
"مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ":
تكرار للتهديد، وفي ذلك من بيان مكانة روح القدس: جبريل عليه السلام ما فيه، إذ ورد في آية منفردة، ثم تكرر ذكره في آية تالية مرة على سبيل:
العموم في: "ملائكته"، وأخرى على سبيل الخصوص إذ أفرد بالذكر، فكان ذلك من الإطناب بذكر الخصوص بعد العموم.
يقول القرطبي رحمه الله:
"فإن قيل: لم خص الله جبريل وميكائيل بالذكر وإن كان ذكر الملائكة قد عمهما؟ قيل له: خصهما بالذكر تشريفا لهما، كما قال: "فيهما فاكهة ونخل ورمان".
وقيل: خصا لأن اليهود ذكروهما، ونزلت الآية بسببهما، فذكرهما واجب لئلا تقول اليهود: إنا لم نعاد الله وجميع ملائكته، فنص الله تعالى عليهما لإبطال ما يتأولونه من التخصيص". اهـ
فإن نفي معاداة جميع الملائكة: مجمل، إذ لا ينفي احتمال عداوة بعضهم، وهو ما وقع فيه اليهود فعلا، فإن قولهم: نحن لا نعادي جميع الملائكة قد يوهم نفي معاداتهم جبريل عليه السلام في مقابل ادعاء محبة ميكائيل عليه السلام، والتفريق بينهما: تفريق بين متماثلين، إذ كلاهما من ملائكة الله، عز وجل، فلما احتمل الأمر ذلك نصت الآية عليهما خصوصا بعد عموم لأنهما: محل النزاع.
ومن بديع قول عمر، رضي الله عنه، ليهود المدينة: "فأشهد أن الذي هو عدو للذي عن يمينه، (وهو: جبريل عليه السلام)، عدو للذي عن يساره، (وهو: ميكائيل عليه السلام)، والذي هو عدو للذي عن يساره عدو للذي عن يمينه، وأنه من كان عدوا لهما فإنه عدو لله". اهـ
وهذا من الإلزام العقلي البديع، إذ عدو الشيء: عدو نظيره، وعدو موجده لزوما. ولا يرد على ذلك أن الله، عز وجل، قد أوجد بإرادته الكونية موجودات يبغضها كإبليس مادة الشر في هذا العالم، إذ الملائكة إنما خلقوا لطاعة الرحمن، تبارك وتعالى، فالمعصية في حقهم منتفية، فلا يتصور أن يبغضهم مؤمن، بل إن بغضهم علامة كفر ونفاق، إذ من أبغض المطيع، فإنه يبغض من يطيع بداهة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي جواب الشرط: زجر شديد لمن سولت له نفسه نصب العداء لجبريل، فقد نصب العداء لرب جبريل!!!، فهلا أقلع بنو إسرائيل عن نصب العداء للروح الأمين عليه السلام.
"وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ":
توكيد باللام وقد التي دخلت على الماضي فأفادت التحقيق، ولا يكفر بها إلا من تحقق فيه الوصف الذي اشتق منه اسم الفاعل: "الفاسقون".
"أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ":
استفهام إنكاري توبيخي إذ ما بعده قد وقع، فكم من العهود التي نبذها القوم إلى يوم الناس هذا، وفي السياق إيجاز بالحذف، إذ حذفت جملة تناسب السياق بعد همزة الاستفهام عطف عليها ما بعدها عطف مسبَب على سببه، فتقدير الكلام: أستهان أولئك بعهود الله، عز وجل، فكلما عاهدوا عهدا .........
وبل: للإضراب الانتقالي فلم تبطل ما قبلها وإنما انتقلت إلى معنى جديد يؤكد ما سبقه، فهو بمنزلة العلة للمعلول، فنقض العهود فرع على عدم الإيمان.
"وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"
في الإتيان بلفظ: "النبذ": إشعار بقبح فعلهم، فقد هجروه هجر المستخف القالي، فهان عليهم طرحه، فاستعارة الطرح من طرح المحسوس إلى طرح المعقول مشعر ببعدهم الشديد عن تعاليم النبوة فقد طرحوها جانبا والمرء لا ينبذ إلا مكروها يثقل كاهله.
وقوله: "كأنهم لا يعلمون": قطع لعذرهم بالجهل فقد سلكوا طريق الجهال وليسوا بجهال، بل هم كالجهال في عملهم وإن كانوا عالمين، فكم من عالم بالمباني مفرط في المعاني.
"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
عدول عن الحق إلى الباطل، كما أشار إلى ذلك الشيخ السعدي، رحمه الله، فإن النفس كالإناء إن لم يمتلئ حقا امتلأ باطلا، فالعدول عن وحي الرحمن لازمه اتباع وحي الشيطان، وهو ما وقع فيه القوم.
"اتبعوا": تضمين للفعل معنى فضلوا، كما اختار ذلك الطبري، رحمه الله، دلت عليه التعدية بـ: "على".
"وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا": نفي وإثبات، فنفى الكفر عن سليمان عليه السلام، إذ رموه بالسحر ولازمه الكفر، فنفى عنه اللازم، ونفي اللازم نفي لملزومه، كما أن نفي النتيجة نفي لمقدمتها، ونفي المسبَب نفي لسببه. وأثبت الحكم للشياطين، فقد كفروا بتعليم السحر، ففي السياق: طباق بالسلب، وهو من آكد ما يكون في معرض المقارنة بين متضادين.
"وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ": عطف مسبب على سببه، فتعاطي أسباب الفتنة سبب للوقوع في الكفر، وعطف بالفاء التعقيبية المشعرة بتحقق الحكم بمجرد مباشرة الفعل وفي ذلك من الزجر ما فيه.
"وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ": احتراس لئلا يظن ظان أن الضر والنفع بيدهما، فإنما يضران بسحرهما من شاء الله، عز وجل، وقوع الضرر عليه بإذنه الكوني، فإذا شاء أنفذه وإذا شاء أبطله.
يقول القرطبي رحمه الله: " (إلا بإذن الله): بإرادته وقضائه لا بأمره، لأنه تعالى لا يأمر بالفحشاء ويقضي على الخلق بها". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
"وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ": إطناب في بيان خطر السحر، إذ ذكر فردا من أفراد عموم الضر وهو التفريق بين المرء وزوجه ثم عطف عليه عموم الضر المستفاد من "ما" الموصولة": عطف عام على خاص، والمقام مقام: تحذير وزجر من فعل يوجب الخسران، فناسب أن يطنب في بيان خطره لعل السامع يتعظ.
"وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ": توكيد باللام وقد الداخلة على الفعل الماضي، واللام في "لمن": لام القسم فهذا توكيد ثان، وفي تقديم الجار والمجرور "له": توكيد ثالث، وفي دخول "من" التي تفيد التنصيص على العموم في سياق النفي: توكيد رابع، فالمقام، كما تقدم، مقام تحذير فناسب حشد أكبر قدر ممكن من المؤكدات على عظم هذا الجرم.
"وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ": إطناب آخر في مقام الوعيد مصدر بذم ما باعوا به أنفسهم، وفي لفظ "شروا": استعارة تفيد معنى الاستبدال، فقد استبدلوا النجاة بالنفس يوم الجزاء بثمن بخس من حطام دار الفناء.
"لو كانوا يعلمون": نزلهم منزلة الجاهل مع علمهم، إذ العلم بلا عمل مئنة من جهل صاحبه، إذ ما قيمة العلم ولو كان نافعا إن لم يتوج بعمل صالح؟!!.
"وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ": إيجاز بالحذف إذ جواب "لو" محذوف تقديره: "لأثيبوا"، دل عليه المذكور "لمثوبة"، فلا يجمع بين العوض والمعوض عنه كراهة التطويل.
"خير": أفعل منزوعة الدلالة على التفضيل إذ لا وجه للمقارنة ابتداء بين مثوبة الله، عز وجل، وما حصلوه من عرض الدنيا الزائل، وفي ذلك من التنزل واستدراج المخاطب ما فيه، فيظهر صاحب الحق نوعا من التلطف مع خصمه دون أن يتنازل عما يعتقده أو يداهن في دين الله عز وجل.
فهي على وزان قوله تعالى: (وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ)، وكفرهم لا خير فيه.
وقول حسان رضي الله عنه:
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ ******* فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
ومن يهجو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا خير فيه أصلا بل هو معدن شر ومادة خبث.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 11 - 2008, 07:46 ص]ـ
ومن المشاهد التالية:
قوله تعالى: (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
أم تريدون: أم منقطعة بمعنى "بل"، فالكلام خارج مخرج التوبيخ، وفي الحديث: (ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ).
كما سئل موسى: إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: سؤالا كما .........
ومن يتبدل: شرط سيق مساق التهديد ففيه معنى طلب الكف، فهو خبر أريد به الطلب.
وفي الكلام طباق بين الإيمان والكفر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ: لو "مصدرية" لا جواب لها، فيكون تقدير الكلام: ودوا ردكم، وأشار أبو السعود، رحمه الله، إلى وجه آخر تكون فيه لو: شرطية على أصلها، فيكون في الكلام: إيجاز بالحذف فتقدير الكلام: لو يردونكم لسروا بذلك، وإذا دار الكلام بين الحذف وعدمه، فعدمه أولى، إذ الأصل عدم الحذف.
وفي الإتيان بالمضارع "يردونكم": إشارة إلى استمرار كيدهم فهو مستمر إلى يوم الناس هذا.
وقد ضمن الفعل: "يردونكم" معنى: التصيير، بدليل تعديه إلى مفعولين.
حسدا من عند أنفسهم: إطناب بذكر "الأنفس" فالحسد لا يكون إلا من النفس، فنص عليها توكيدا وإلزاما على وزان قوله تعالى: (يقولون بأفواههم)، و: (يكتبون الكتاب بأيديهم)، و: (ولا طائر يطير بجناحيه)، و: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ).
فاعفوا واصفحوا: عطف متلازمين، فالصفح لازم العفو، فمن تجاوز عن الذنب بالعفو أعرض عن المؤاخذة عليه بالصفح.
حتى يأتي الله بأمره: عدة بجزاء الصبر الجميل، فأمر الله، عز وجل، آت لا محالة، وإنما النصر مع الصبر.
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: تذييل يناسب الوعد السابق، فالوعد لا يكون إلا من قادر.
كل شيء: عموم لا مخصص له، ولا يرد على ذلك قول من شط فقال إذا كان الله قادرا على كل شيء فهل يقدر على خلق إله مثله؟!!!، والجواب أن ما ذكره من باب: المحال لذاته، فالشرع والفطرة والعقل والحس كلها ترده، والمحال لذاته ليس بشيء أصلا حتى تتعلق به القدرة، فالقدرة إنما تتعلق بالممكنات لا المعدومات المحالات، بخلاف العلم فإنه قد يتعلق بالمعدوم على سبيل الفرض الذهني، فلا حقيقة له في الأعيان، كما في قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)، ووجود آلهة إلا الله: محال لذاته، ومع ذلك قدر وجوده على سبيل الفرض الذهني، وأخبر عن لازم ذلك من خراب العالم بتعدد الآلهة.
وأقيموا الصلاة: أمر بالاشتغال بالنافع، فإن الإصغاء لكل ما يقوله الأعداء مظنة تضييع الأوقات فيما لا ينفع، فإذا علم كيدهم للدين وأهله، فإن الواجب على أهل الدين الاشتغال بفروضه وأحكامه وإظهار شعائره فإن ذلك مما يكبت عدوهم، فالرد العملي خير من الرد النظري، والعمل الجاد في صمت خير من الحماس المفرط الذي هو مئنة من يقظة ضمير الأمة ولكنه لا ينصر حقا ولا يظهر دينا إن لم يتوج بعلم نافع وعمل صالح، فدين الإسلام: دين عملي واقعي، وليس دين شعارات وأحزاب.
وسر المسألة: واجب الوقت، ففي النوازل يتساءل كل عاقل: وما الذي يجب علي الآن؟ وما الذي أستطيع فعله نصرة للدين وأهله؟، فذلك خير من البكاء والجزع.
وما تقدموا: شرط أريد به إلهاب الهمم وتهييجها، فهو أيضا: خبر أريد الطلب، إذ مآله: أمر بالنهوض نصرة للدين، فمن عمل فإنه سيلقى جزاء عمله، ومن قعد فلا خلاق له عند ربه.
إن الله بما تعملون بصير: تذييل يناسب المقام، فالله عليم بما تقدمونه، فلا تخشوا ضياع أعمالكم سدى، وفي تقديم ما حقه التأخير: "بما تعملون": حصر وتوكيد يزيد المرء ثقة في ربه، فلن يضيع أجر من أحسن عملا.
(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى: دعوى بلا برهان، وإنما محض تعصب عرف به أهل الأهواء من الكفار الأصليين والمبتدعة.
هودا أو نصارى: باعتبار معنى "من"، فلفظها: المفرد، ولذلك جاء بعدها الفعل: "كان" مجردا من ضمير الجمع، ومعناها الجمع، فتقدير الكلام: إلا من كانوا هودا أو نصارى.
تلك أمانيهم: تلك إشارة للبعيد على عادة العرب في الإشارة إلى ما انقضى بإشارة البعيد، ولو انقضى قريبا، وقد يقال بأن إشارة البعيد تأتي للتحقير من شأن المشار إليه فكأنه بلغ حدا من الضآلة والضحالة لا يكاد معه يرى بالعيون أو يتصور بالعقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
قل هاتوا برهانكم: أمر يفيد التحدي والتعجيز فمقالتهم كما تقدم: محض دعوى، وما أسهل الدعاوى.
إن كنتم صادقين: تذييل يناسب ما تقدم من التحدي، إذ فيه أيضا معنى التحدي على وزان: إن كنت رجلا فافعل!!!.
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ:
بلى: إبطال لدعواهم.
من أسلم: عموم أفاده الاسم الموصول: "من"، فلا يحتكر أحد الحق لنفسه أو طائفته، بل هو سهل مبذول لكل من أخلص النية في طلبه، فبذل الجهد في تعلمه والعمل به.
وجهه: مجاز عند من يقول به: إذ أطلق البعض وأراد الكل فتقدير الكلام: بلى من أسلم نفسه، وإنما خص الوجه بالذكر لكونه أشرف أجزاء البدن، وإقباله على الشيء مئنة من إقبال القلب عليه، فهو الذي تحصل به المواجهة فيعرف في تقاسيمه: القبول أو الرد.
يقول القرطبي رحمه الله:
"وخص الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يرى من الإنسان، ولأنه موضع الحواس، وفيه يظهر العز والذل. والعرب تخبر بالوجه عن جملة الشيء". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 67).
لله: اللام تفيد الاختصاص والاستحقاق، فقد أسلم وجهه لمن استحق ذلك، فلم يخص غيره بعبادة قلبية أو بدنية. ولم يقل: لربه، لأن المقام مقام تأله وعبادة، لا ربوبية، وإن صح أن يسلم وجهه لربه، إذ الإسلام دليل كمال التأله والعبادة، وهو فرع على كمال ربوبية الله، عز وجل، فالخالق الرازق المدبر هو وحده الذي يستحق الذل والخضوع، ولقائل أن يقول: "لله" أبلغ من جهة: أن توحيد الألوهية يدل على توحيد الربوبية دلالة تضمن: إذ الربوبية هي اللبنة الأولى في صرح الألوهية، بخلاف دلالة "لربه" على الألوهية فهي دلالة التزام، إذ لازم الربوبية الألوهية، ودلالة التضمن أقوى من دلالة الالتزام، إذ لا يتصور تخلف الأمر في دلالة التضمن، فلا يتصور أن يخلص العبد وجهه لله، وهو غير مقر بربوبيته، بخلاف دلالة الالتزام فإنها قد تتخلف إذ يتصور أن يقر العبد بالربوبية، ويجحد الألوهية استكبارا وعنادا، وفي التنزيل: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)، فقد أقروا، فأتوا بالملزوم، ولكنهم جحدوا فتخلف لازمه.
فله أجره: اللام للاختصاص تفضلا من الله، عز وجل، ولا يقال للاستحقاق تأدبا معه، جل وعلا، فلا يجب عليه إلا ما كتبه على نفسه، من قبيل الرحمة في قوله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)، فإن شاء أعطى فضلا وإن شاء منع عدلا.
عند ربه: إطناب يفيد مزيد توكيد ليطمئن العامل على ثواب عمله فهو مدخر له عند ربه الذي لا يظلم ولا يبخس، بل يشكر القليل وينميه، وفي الحديث: (مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا كَانَ إِنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ يُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ).
ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون: لا خوف عليهم مما مضى ولا يحزنون على ما هو آت، والضمير "هم" يفيد التوكيد على وزان قوله تعالى: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ:
اليهود: كل أريد به البعض وهم الذين اختصموا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد يقال بأن العموم المعنوي يشمل أبناء ملتهم في كل عصر ومصر، فيكون تخصيص أولئك بالذكر لأنهم سبب نزول الآية: وسبب النزول لا يخصص العموم، وإنما يجري مجرى التعريف بالمثال.
على شيء: أي يعتد به، فحذف النعت لدلالة السياق عليه، وقد يقال النكرة في سياق النفي تفيد العموم فليسوا على شيء قل أو أكثر فلا حاجة إلى تقدير محذوف إذ هو خلاف الأصل كما تقدم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ: أبلغ في قيام الحجة عليهم فإن السيئة من العالم أقبح.
كذلك قال الذين لا يعلمون: في تشبيه مقالتهم بمقالة الجاهل مزيد ذم لهم إذ علمهم: كلا علم.
فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ: رد للأمر إلى نصابه، والفاء التعقيبية مشعرة بذلك وإن استبعده الجاحدون.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 08:26 ص]ـ
ثم امتن الله، عز وجل، على بني إسرائيل، بما أنعم عليهم من عطاء ربوبيته التي قهرت جبار مصر: فرعون، وألقته صريعا أمام أعينهم، ولا أعظم منة على المظلوم من رؤية ظالمه يهلك أمام عينيه، ولذلك امتن الله، عز وجل، عليهم بذلك فقال:
(وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) فنسب الإنجاء إليه، عز وجل، لبيان عظم المنة الربانية عليهم، وعظمت المنة باستعمال لفظ السوم، وهو لفظ مشترك يدل على أكثر من معنى على سبيل البدل، فلا تجتمع تلك المعاني في سياق واحد لاختلاف حقائقها، كلفظ: "العين" فإنه يطلق على الباصرة، وعلى عين الماء، ولا رابط معنويا بينها، وإنما اشتركت في اللفظ الدال عليها، ولكن في بعض السياقات يصح حمل المشترك على كل معانيه، كما اختار ذلك جمع كبير من أهل العلم من أتباع المذاهب، ولعل هذا السياق منها، فعظم المنة مئنة من تعدد صورها، فإن تنوعت صنوف العذاب كانت المنة أعظم بإنجائهم منها.
فالسوم يطلق على الذوق، فيكون معنى الآية: يذيقونكم سوء العذاب، ولا يلزم منه الدوام، فالإنسان قد يذوق طعم الشيء مرة ولا يعود إلى ذلك مرة أخرى.
ويطلق السوم أيضا على: الدوام، فيفيد معنى جديدا لا يتعارض مع المعنى الأول، فيكون ذلك العذاب الذي ذاقوه: دائما لا ينقطع، فيشير كل تفسير على جزء من المعنى الكلي.
وإلى ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله: "قوله تعالى: (يسومونكم) قيل: معناه يذيقونكم ويلزمونكم إياه.
وقال أبو عبيدة: يولونكم يقال: سامه خطة خسف إذا أولاه إياها ومنه قول عمرو ابن كلثوم:
إذا ما الملك سام الناس خسفا ******* أبينا أن نقر الخسف فينا
وقيل: يديمون تعذيبكم.
والسوم: الدوام ومنه سائمة الغنم لمداومتها الرعي". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 371).
فالمنة بالإنجاء من ذوق عذاب مستمر لا ينقطع أعظم من المنة بالإنجاء من عذاب متقطع، وقد كان القوم في ذل مستمر تحت قيادة فرعون: الزعيم الملهم آنذاك!!!.
وهو عذاب بلغ من الشدة ما جاز معه الإتيان بالمصدر: "سوء"، ولا يخفى ما في المصدر من معنى الثبوت والاستمرار فضلا عن المبالغة، فقولك: محمد عدل، أبلغ في الوصف من قولك: محمد عادل، إذ الإتيان بالمصدر مئنة من تلبس الموصوف به بالمعنى الذي يدل عليه، فكأن العدل قد تجسد في شخص محمد، فكذلك عذابهم: عذاب سوء، وقد قدم الوصف على الموصوف، فالإضافة من باب: إضافة الوصف إلى موصوفه، وذلك أبلغ في الوصف من قولك: العذاب السيئ، فليس عذاب فرعون سيئا فحسب، بل هو السوء نفسه، والإنجاء من عذاب كهذا: منة أي منة من الرب القاهر الجبار عز وجل.
ولا يبعد أن تكون: "أل" في العذاب: جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه، فهو عذاب قد بلغ الذروة كيفا وكما.
وقد أجمل، عز وجل، ذكر العذاب تشويقا واسترعاء للانتباه، ثم فصل بقوله:
يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ: ولا يخفى ما في ذلك من الإهانة، فإن العذاب قد طال النساء باستحيائهن للخدمة، والذرية بإهلاكها، فناسب ذلك زيادة المبنى في الفعل: "يذبح" بالتشديد فهو أبلغ في الوصف من الفعل: "يذبح" بالتخفيف، إذ طال الذبح أعدادا هائلة من أبناء بني إسرائيل، وكذلك زيادة الألف والسين والتاء في "استحيى"، فهي أبلغ في الوصف من الفعل المجرد.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالجملة بدل من جملة: "يسومونكم" على سبيل البيان بعد الإجمال، إذ المبدل منه موطئ للبدل، فالبدل قائم منه مقام الخصوص بعد العموم، والنص على العذاب جملة ثم تفصيل أفراده جار على ما اطرد في الآية من بيان عظمة منة الله، عز وجل، عليهم، بإنجائهم من ذلك العذاب.
وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ: وفيه حصر وتوكيد بتقديم ما حقه التأخير، مع توجيه الخطاب إليهم بصيغة الجمع التي دل عليها حرف الخطاب: "ذلكم"، وفي توجه الخطاب إليهم تذكير بالنعمة الربانية التي اختصوا بها، وقد وصف البلاء بأنه من الله عز وجل: كونا، فتعلقه بالإرادة الربانية الكونية، فـ: "من": لابتداء الغاية، فإن النعم والنقم منه، عز وجل، فضلا في النعمة، وعدلا في النقمة، ووصف أيضا بالعظمة، والبلاء أيضا من المشتركات اللفظية بل من الأضداد، فهو يدل على النعمة وعلى النقمة، ولا مانع هنا أيضا من الجمع بينهما، إذ ذلك مما يثري المعنى، فهي نعمة عظيمة على بني إسرائيل، ونقمة عظيمة على عدوهم، فهم في عافية من جهتين: من جهة إنجائهم، ومن جهة إهلاك عدوهم، وفي ذلك من تمام المنة ما لا يخفى، فقد تكون المنة بالهروب من بطش الجبار دون إهلاكه، فما ظنك إذا اجتمع الأمران؟!!!
ثم زاد، جل وعلا، تفصيل إجمال قوله: "نجيناكم"، بقوله: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) فعظمت المنة ببيان ما أنزله الله عز وجل بعدوهم من الإهلاك غرقا.
ولما كان العذاب متعدد الصور باعتبار الأنواع، متعدد مرات الوقوع باعتبار الأفراد، ناسب أن يرد الإنجاء منه بصيغة تدل على التكثير، ولما كان الإنجاء في لحظة الفرار واحدا ناسب أن يرد بصيغة لا تكثير فيها، فكل معنى مبنى يدل عليه دون زيادة مملة أو نقصان مخل.
كما في الإنزال والتنزيل، في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، و: (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا):
فالنزول من: "أنزل" واحد: نزول جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا.
والتنزيل من: "نزل" بالتشديد متعدد: تنزيل نجوم قرآنية من بيت العزة إلى الرسول البشري صلى الله عليه وعلى آله وسلم بواسطة الرسول الملكي أمين الوحي جبريل عليه السلام.
ونسب الإغراق وهو أيضا من أفعال الرب، جل وعلا، المتعلقة بإرادته الكونية القاهرة، إليه تعظيما لشأنه، فما زال تقرير ربوبيته، عز وجل، نعمة على أوليائه، ونقمة على أعدائه، مطردا، وعم بالنقمة فرعون وآله، وفي ذلك أيضا، مزيد منة، فإن عقاب الرب، جل وعلا، قد عم فرعون وجنده جميعا، فلم يستثن منهم أحدا، وذلك أشفى لصدور بني إسرائيل من إهلاك بعض ونجاة بعض آخر فقد أعلن فرعون حالة التعبئة العامة كما في قوله تعالى: (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ)، فكان العقاب عاما كما كانت تعبئته عامة!!!.
وفي الإتيان بالحال: "وأنتم تنظرون": مزيد امتنان عليهم إذ وقع العقاب أمام أعينهم، وفي ذلك، كما تقدم، شفاء للصدور التي سيم أصحابها الذل قرونا.
ومع كل ذلك: جحد القوم ما اختصهم الله، عز وجل، به من نعمة، فصرفوا حق التأله لعجل له خوار!!!، بعد أن رأوا من آيات ربهم الكونية ما رأوا، فكان ذلك أقبح، فليس الخبر كالمشاهدة، فمن شهد النعمة الكونية كان أداء حقها الشرعي من الشكر وتمام التأله في حقه: آكد، فإذا جحد شكر الرب المنعم بصرف حقه إلى غيره، فقد وقع في أعظم صور الظلم، ففي الآية تعريض بكل ظالم سوى بين الرب المنعم وما سواه من آلهة الباطل، ولذلك ختمت الآية بقوله تعالى: (وأنتم ظالمون)، تقريرا لجحودهم، وقطعا لحجتهم فلم يكن ذلك من جهل ليعذروا به، وتعريضا بمن جاء بعدهم فوقع فيما وقعوا فيه، وتحذيرا لأهل الإيمان من جنس الظلم، وأعظمه: كفران نعمة الرحمن عز وجل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ:
ومع كل ذلك تجاوز الباري، عز وجل، عنهم، فعفا وصفح، فكانت النعمة: نعمة جمال بفعل العفو بعد نعمة الجلال بإهلاك عدوهم، فنعم الله، عز وجل، عليهم تترى، وجحودهم إياها أقبح في الوصف إذ توالي النعم كما، وعظمها كيفا، مظنة الشكران لا الكفران كما تقدم.
ولا تنفك المنة الربانية عن تكليف إلهي، وهو أمر يطرد في آي الكتاب العزيز، كما سيأتي إن شاء الله، فقد عفى الرب، عز وجل، عنكم: (لعلكم تشكرون)، أي: لتشكروا، كما اطرد من معنى: "لعل" في مثل هذا السياق، والشكر فرع على النعمة، فهو حق إلهي لا يستحقه إلا صاحب العطاء الرباني.
وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ: نعمة جديدة، هي أعظم من كل ما سبق، فتلك إنما كانت على الأبدان، وهذه إنما تنعم بها الأرواح، فنجاتها في اتباع الوحي المنزل، والروح الباقي أولى بالاعتناء من البدن الفاني، ونجاة الأرواح وإن تلفت الأبدان: عز الدنيا والآخرة، ولذلك شرع إتلاف النفس المحترمة في ساحات الوغى ذبا عن دين الله، عز وجل، مع ما في ذلك من المفسدة، إذ حفظ الدين وهو زاد الروح في سفرها إلى الله عز وجل: مصلحة لا تعدلها مصلحة، فصارت مفسدة إتلاف البدن في مقابلها غير معتبرة.
و "أل" في "الكتاب": عهدية تشير إلى كتاب بعينه وهو التوراة.
والنعمة الشرعية بإنزال الكتاب لازمها امتثال أخباره تصديقا وأحكامه تنفيذا، وإلا عطلت النعمة، وبدلت نقمة بمخالفة الأمر الإلهي الشرعي، فيحل العذاب بالأمر الرباني الكوني، مصداق قوله تعالى: (فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ)، وأي إغضاب للباري، عز وجل، أعظم من تعطيل شرعه، واستبدال زبالة الأذهان بزبدة الرسالات؟!!
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ:
يَا قَوْمِ: إطناب بندائهم تلطفا على وزان قول مؤمن آل فرعون: (يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ)، فالمقام مقام وعظ وإرشاد فناسب أن يتلطف معهم فيه، فالموعظة لا تكون إلا حسنة، مصداق قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، ولطف العبارة لازم الحسن.
إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ:
إنكم: توكيد للجناية.
باتخاذكم العجل: الباء سببية، وأي ظلم أعظم من الشرك والكفران بعد مشاهدة مقام الإنعام عليهم بإنجائهم وإهلاك عدوهم، كما تقدم، فالسنة الكونية قد خرقت لأجلهم، فصارت لهم نعمة ولعدوهم نقمة، مع أن الحدث واحد، ولكن الرب القاهر، جل وعلا، يجعله في حق من شاء منحة، وفي حق من شاء محنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليست المصيبة الكونية دوما أمارة من غضب الرب، جل وعلا، فقد تكون تأديبا أو تمحيصا، مصداق قوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا)، فبإذن الله الكوني جرى ما جرى، لحكمة بالغة: (لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)، فهي منحة في حق المؤمنين، وإن كان ظاهرها الإصابة بالقتل، وهي محنة في حق الكافرين والمنافقين، وإن كان ظاهرها السلامة بالفشل والجبن عن لقاء العدو كما حدث ويحدث من أتباع حزب: عبد الله بن أبي بن سلول في كل عصر ومصر، ولعل ما يقع الآن في أرض فلسطين صورة جديدة من صور التمحيص لأولياء الرحمن، والمحق لأولياء الشيطان.
فتوبوا إلى بارئكم: تعقيب بالفاء، وفيها معنى السببية، فإن ما ارتكبتموه سبب في طلب التوبة، بل هو آكد أسبابها، فهو أعظم الذنوب، فلزم على من وقع فيه المبادرة إلى التوبة. فإذا كان الظلم قد وقع بإذن الله الكوني النافذ: متعلق ربوبيته القاهرة، فإن دفعه بالأمر الشرعي بالإقلاع والتوبة حتم لازم، وذلك لازم ألوهيته، وإلا صار العبد جبريا، وصارت مقالته من جنس مقالة المشركية التي قال أصحابها: (لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
بارئكم: إشارة لطيفة إلى عظم جرمهم فقد صرفوا العبادة لغير الباري، عز وجل، الذي أخرجهم من العدم إلى الوجود، فكان أحق بالعبادة ممن سواه من آلهة الباطل التي لا تخلق ذبابا فضلا عن بشر، فهو المستحق لكمال الإلهية فرعا على كمال ربوبيته، عز وجل، إيجادا وإعدادا وإمدادا.
فاقتلوا أنفسكم: بيان لمجمل التوبة، عطف بفاء تعقيبية مسارعة في البيان، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقد قامت الحاجة إلى بيانها إذ هي واجب الوقت على كل مكلف، وإن لم يعص، فكيف بمن وقع في أعظم معصية.
وأنفسكم بمعنى: غيركم، فليس المقصود أن يقتل كل واحد نفسه، فإن الانتحار أمر محرم في كل الشرائع، ونظيره قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ)، أي تقتلون وتخرجون غيركم ممن هو على ملتكم.
فتاب عليكم: عطف بالفاء يفيد التعقيب، كما تقدم، إذ امتثالهم الأمر كان سببا في سرعة غفران الذنب وقبول التوب.
إنه هو التواب الرحيم: جواب لسؤال مقدر، لماذا تاب عليكم؟، لأنه هو التواب الرحيم، ففي الكلام من فنون البلاغة: فن الفصل لشبه كمال الاتصال إذ الارتباط حاصل بتقدير ذلك السؤال.
وتصدير الجواب بـ: "إن": مشعر بعلية ما بعدها، فعلة توبته عليكم أنه هو التواب الرحيم.
وفي الجواب عن السؤال المقدر من المؤكدات: "إن"، وضمير الفصل "هو"، وتعريف الجزأين، واسمية الجملة.
و"التواب" و "الرحيم": صيغتا مبالغة يناسبان السياق، والتذييل بهما يناسب مقام رفع الجناية عنهم بقبول توبتهم، وفي الكلام جناس بين: "تاب" و "التواب".
فلا يتوب على العباد إلا خالقهم، عز وجل، والتوبة إلى الله عز وجل: ساترة، فهو: الحيي الستير، والتوبة إلى غيره من الكهان أرباب: كراسي الاعتراف: فاضحة.
وفي الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله ستِّير يحب الستر.
والرحمة في هذا السياق: رحمة خاصة لا تكون إلا للمؤمن العابد، لا الكافر المعبد، ومقام التوبة يناسبه ذكر الرحمة الخاصة التي يختص بها المؤمنون، لا الرحمة العامة التي تشترك فيها كل الكائنات.
وبعد التوبة: وقع خيارهم في معصية أخرى فتعدوا بطلب ما ليس لهم:
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ:
قلتم: خطاب للحاضرين لأنهم سلف المتقدمين فرضاهم عن ذلك منزل منزلة مباشرة الفعل التي تستوجب توجه الخطاب إليهم ذما وتوبيخا.
(يُتْبَعُ)
(/)
يا موسى: سوء أدب بنداء البعيد الذي يدل على رفع الصوت على النبي، وفي ذلك من التعدي على مقام النبوة ما فيه، وفي التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)
حتى نرى الله جهرة: إزالة لأي احتمال مرجوح يصرف الرؤية عن رؤية العين البصرية إلى رؤية الفؤاد العلمية، فالجناية ثابتة عليهم نصا. وإنما هلكت الأمم كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم بـ: بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ
فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ: عقوبة على الفور، جزاء وفاقا.
ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
ثم: مشعرة بالتراخي إذ دعا موسى عليه الصلاة والسلام ربه متضرعا كما في سورة الأعراف: (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ)، فبعثهم الله، عز وجل، كرامة له لا لهم.
من بعد موتكم: إطناب يؤكد عظم المنة فلم يكن البعث من غفوة أو رقدة، وإنما كان من موتة.
وهذه صورة جديدة من صور النعمة الربانية، وكما اطرد في السياق القرآني لا بد من تكليف إلهي يلازمها، فقد بعثكم الله عز وجل: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: أي لتشكروا، وشكر النعمة الربانية إنما يكون بامتثال التكاليف الإلهية كما تقدم مرارا.
وإحياء الموتى من البشر، والموات من الأرض من آكد دلائل الربوبية في الكتاب العزيز، فإن الخالق البارئ من العدم قادر على الإنشاء من عجب الذنب، وفي التنزيل:
(وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ)، فضرب المثل بما تعيه عقولهم وتدركه حواسهم، وذلك أبلغ في قيام الحجة، وزوال الشبهة.
و: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)، فإعادته أيسر من باب أولى.
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ:
مزيد عناية من الله، عز وجل، بهم، ومزيد امتنان عليهم بتفصيل نعمه الكونية عليهم، فما زادهم ذلك إلا صلفا وغرورا، فهم: (أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)، كما يزعمون، ولا نسب بين الله، عز وجل، وعباده إلا الطاعة، ولا تظهر الدعاوى العنصرية إلا في جماعة ظالمة، حجرت واسعا فاحتكرت الهداية والشرف، ولو كانت من أضل الخلق في الإلهيات، فتعتدي على أهل الحق باسم الحق، وتستحل دم المخالف باسم الله!!!، وفي مسلك بني يهود مع الموحدين في غزة الآن خير شاهد على ذلك، فحاخامات يهود يبيحون سفك دماء الأمميين في فتاواهم التلمودية التي تكتسي بلحاء الشريعة، وانظر على الجهة الأخرى إلى رؤوس الفرس الشعوبية وهي تشفي غليلها من العرب حملة الرسالة، فتسفك دماء أهل السنة العرب في العراق، بل ويتعدى ظلمها إلى أتباع المذهب من العرب، باسم الانتصار لآل البيت، رضي الله عنهم، والانتقام من قتلتهم، فلا بد من ستار ديني يبرر إجرامهم، ولا يكون الذبح إلا باسم الرب، وأيام حروب البلقان، كانت الكنيسة الصربية الأرثوذكسية المتعصبة تفتي بجواز انتهاك أعراض المسلمات في بربرية منهجية استعملها أتباع دين الحب والسلام!!! لإذلال المسلمين وكسر قلوبهم، ورصدت المكافآت لمن يقتل أطفال المسلمين، وكانت كنائس صربيا تردد في صليبية مقيتة: أنا أشرب من دم المسلم فأين الساقي؟!!!. وقد ملكنا بالأمس فعدلنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ورحمنا، وملكتم اليوم فظلمتم وقست قلوبكم فلم يسلم الأطفال والنساء والعجائز والشيوخ من حقدكم الديني، وكأن ثمن الجنة لا يكون إلا من دم المخالف؟!!!.
وتلك سمة مطردة في مناهج أهل الأهواء من الكفار والمبتدعة، ولذلك تراهم مع اختلاف طرائقهم، يدا واحدة على أهل الحق، على طريقة: عدو عدوي صديقي إلى حين، والمثال العراقي، ومن قبله المثال الأفغاني: خير شاهد على ذلك.
واليوم نرى العلمانيين الذين تسللوا إلى مقاعد الرئاسة في السلطة الفلسطينية يباركون إبادة الموحدين في قطاع غزة، فزوال رسم الإسلام منها هدف استراتيجي لكل القوى الإقليمية، فتجربة حماس تجربة محرجة لكثير من الأنظمة الحاكمة التي تبنت خيار: الشرق الأوسط الجديد، فلم يعد الإسلام عندها إلا اسما وشعائر تمارس في دور العبادة التي لا يسلم روادها من المضايقات الأمنية في كثير من بلاد المسلمين، بل ويدخلها المصلون ببطاقات ممغنطة في بعض الدول، فمرتادو مساجد الله: مسجلو خطر لدى كثير من الدوائر الأمنية!!!.
وفي نزول المن والسلوى من السماء إشعار برفعة شأنهما، في مقابل ما طلبوه من خشاش الأرض، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو أعلى، وذلك أليق بهممهم الدنية ونفوسهم الخسيسة، فتلك سمة بني يهود في كل عصر ومصر، فلا تراهم إلا أحرص على الحياة، وأجبن عند اللقاء، فحروبهم إلكترونية كما نرى اليوم في غزة، فلا مواجهة على الأرض، وإنما قذائف تنهال على العزل على طريقة الحرب الأمريكية.
والأمر في: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ: أمر امتنان وإباحة، ولكن معنى المنة فيه أظهر.
من: جنسية بيانية.
وفي نسبة الرزق إليه، عز وجل، مزيد عناية بالمنة الربانية في مقابل ظلمهم حقَ الألوهية و: مَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ: مقابلة بين جملة النفي والإثبات، فالله، عز وجل، لا يقدر أحد من عباده على إيصال الأذى إليه، وإنما العباد هم الذين يتأذون بسوء صنيعهم.
وفي السياق جناس بين "ظلمونا" و "يظلمون": يزيد المعنى بيانا، فـ: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، والظلم دليل الفقر، والفقر مئنة من النقص، وذلك ممتنع في حق الرب، جل وعلا، فإن من لوازم الربوبية: الغنى المطلق، والظالم لا ينفك محتاجا إلى ما بيد المظلوم، فيبخسه إياه، فمن نسب إلى الله، عز وجل، الظلم، فقد نسب إليه النقص المطلق، وتلك مئنة من جهله بمقام الربوبية فوقع التعدي منه بجحد حق الألوهية، بتنزيه الباري، عز وجل، عما لا يليق بجلاله من أوصاف النقص.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 08:39 ص]ـ
ثم انتقلت الآيات إلى تقرير تكاليف إلهية فرعا على منح ربانية:
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ:
فـ: "ادخلوا": أمر تكليف.
و: "فكلوا": أمر إكرام وامتنان، يؤيده الإطلاق في: "حيث شئتم"، فالعموم مظنة الامتنان إذ تقييد النعمة بوجه دون آخر مظنة التنغيص، ولذلك قرر أهل العلم أنه: لا مفهوم لما سيق امتنانا كما في قوله تعالى: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ)، فلا يقال بأن النار متاع للمسافرين في الأرض القفر دون غيرهم لأن في ذلك تخصيصا، والتخصيص مظنة تنغيص المنة بقصرها على أحوال أو أعيان دون أخرى. بل الصحيح أنها: متاع لهم ولكل مسافر ومقيم.
ويؤيده أيضا: التوكيد بالمصدر المحذوف الذي وصف بـ: "رغدا"، فتقدير الكلام: فكلا منها أكلا رغدا، وإليه أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "رغدا: صفةٌ للمصدر المؤكَّد أي أكلاً واسعاً رافهاً". اهـ
و "ادخلوا الباب": إيجاز بحذف الجار "من" على وزان: قالا خيمة معبد، أي: قالا في خيمة أم معبد.
و: "سجدا": حال مؤسسة قيدت عاملها بهيئة السجود، ووصفت صاحبها به، وفي ذلك: إشعار بالاستسلام لله، عز وجل، صاحب المنة الربانية، والانقياد له بالطاعة: مقتضى الأمر الشرعي التكليفي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ: إيجاز بحذف الشرط المقدر، إذ تقدير الكلام: إن تقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم، وإنما حذف تعجيلا بالبشرى، وأي بشرى أعظم من غفران الذنوب.
وهو أمر تكليفي جديد، فرعا على ما تقدم من المنة الربانية بإباحة الأكل الرغد، وغالبا ما تذيل إباحة الأكل من الطيبيات وهي متعلق الربوبية المنعمة، بتكليف إلهي، فيكون شكر النعمة الربانية امتثال الأمر التكليفي الإلهي، فمن ذلك:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)، فالنهي عن اتباع خطوات الشيطان فرع على نعمة الأكل من الحلال الطيب.
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)، فشكر الله، عز وجل، فرع على نعمة الأكل من طيبات الرزق، وقد ذيل ذلك الأمر بشرط يلهب المؤمن ويهيجه على امتثال الأمر الشرعي، وقدم فيه الضمير: "إياه": حصرا وتوكيدا، ودلت مادة عامله: "العبادة" التي اشتق منها العامل: "تعبدون" على مناط المسألة، فما خلق الثقلان إلا لعبادة الرحمن.
وقوله تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
فقرن أمر إباحة الأكل من الثمر وهو من عطاء الربوبية، بأمر إيتاء حقه والنهي عن الإسراف، وهما من مقتضيات الألوهية، وذيل ذلك بإثبات صفة المحبة لله، عز وجل، بدلالة مفهوم: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، فإنه، عز وجل، يحب المقتصدين في غير بخل، ولا يحب المسرفين، وذلك قائم مقام العلة، إذ دل السياق على سؤال مقدر عن علة النهي عن الإسراف، فجاء الجواب مباشرة دون وصل بعاطف: إنه لا يحب المسرفين، وذلك ما اصطلح البلاغيون على تسميته بـ: "شبه كمال الاتصال".
و "سنزيد المحسنين": فالغفران بمحو السيئات والزيادة بكتب الحسنات، فأي منة أعظم من ذلك؟!!!، والسين مشعرة بقرب وقوع ذلك مستقبلا حضا على الامتثال، وعلقت البشارة على وصف: "الإحسان" الذي اشتق منه اسم الفاعل: "محسن"، والإحسان يكون بامتثال الأمر الإلهي، فيكون الوعد الربني بالزيادة لمن أدى الحق الإلهي بالطاعة، وذلك أمر قد اطرد كما تقرر مرارا.
ومع كل ما تقدم من نعم ربانية إلا أن مادة الخبث المتأصلة في نفوس يهود أبت إلا التمرد والعصيان:
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ:
فقابلوا البشرى بالاستهزاء المباشر الذي دل عليه التعقيب بالفاء، فجاءت العقوبة مباشرة أيضا، إذ عطف نزولها على قولهم بالفاء أيضا، فالجزاء من جنس العمل، والتفت من الخطاب إلى الغيبة إعراضا عنهم لجحودهم المنة الربانية، وحذف الفاعل في: "قيل" للعلم به، ونكر "الرجز" تعظيما، و "من" لابتداء الغاية، فهو عذاب نازل من السماء، كما نزلت النعمة منها، والباء في: "بما كانوا يفسقون": سببية، والمصدر الذي اشتق منه خبر جملة الصلة: "يفسقون" وهو: "الفسق": علة الحكم الكوني المتقدم، فقد استحقوا العقوبة الكونية فرعا على الخروج عن الطاعة الشرعية، والفسق في هذا السياق: فسق علمي وعملي، فتصورهم للأمر الشرعي: تصور فاسد حملهم على مخالفة مقتضاه التكليفي، فلو عظموا الأمر فرعا على تعظيم الآمر، عز وجل، لامتثلوا، ولكنهم: لا يرجون لله وقارا، وإذا اختل جانب الخوف في قلب المكلف: استخف بالأمر الشرعي، لا سيما إن كانت محبته لله، عز وجل، ناقصة، فلا خوف يردع عن ارتكاب المحظور ولا محبة تحمل على امتثال المأمور، وكل فساد في العمل فإنما هو فرع على الفساد في العلم، ولا أفسد من علوم بني يهود الذين أساءوا الأدب مع الباري، عز وجل، فوصفوه بوصف السوء، ومن هان عليه الجبار فأمن مكره كيف لا يهون عليه المخلوق، وهذا سر استخفافهم بالعهود، فتعقد وتنقض تبعا للأهواء والمصالح الشخصية، إذ لا وازع من دين يردع
(يُتْبَعُ)
(/)
، وقد نقضوا عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونقضوا قبله: عهود أنبيائهم فقتلوهم وأغروا غيرهم بقتلهم، ومع ذلك يصر ملوك الطوائف العرب على عقد المعاهات العلنية والسرية معهم لحجز مقعد في "الشرق الأوسط الجديد": شرق أوسط الاعتدال والمحبة حيث لا ولاء ولا براء، فالإنسانية دين الجميع، وهو دين فضفاض يسع كل ملحد ومارق فضلا عن كفار الملل من اليهود والنصارى ومبتدعة النحل من الإسلاميين.
وقياس الطرد والعكس أصل في نصوص الوعد والوعيد، فإن نزول العذاب بهم لاستخفافهم بالأمر الإلهي أمر متعد لغيرهم، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل من وافقهم فيه طردا فاستخف بالأمر الإلهي وسخر من التكليف الشرعي استحق ما نزل بهم من العذاب وإن اختلفت صوره فتنوع صور العذاب مئنة من عظم قدرة المنتقم الجبار جل وعلا. وفي المقابل كل من خالفهم فيه عكسا، فامتثل الأمر الإلهي وعظم التكليف الشرعي استحق عكس ما نزل به، فله النصر والتمكين في الأولى، والأمن والنعيم في الآخرة، وذلك لعمر الله: عموم لا مخصص له، وحال ماضينا من العزة وحاضرنا من الذلة خير شاهد على ذلك. وتلك سنة كونية لا محاباة فيها، فليس بين العباد وربهم، عز وجل، من نسب إلا الطاعة، ويوم كان يهود أهل الحق: نصرهم الله، عز وجل، على عدوهم بقيادة يوشع بن نون عليه السلام، ويوم عصوا واعتدوا سلط الله عليهم البابليين والرومان فساموهم سوء العذاب فصاروا أخس الخلق. ويوم كتموا البشارة بالنبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في توراتهم، نصره الله، عز وجل، عليهم فأجلاهم من محلاتهم، وقتل رجالاتهم، فأعزه الله بطاعته، وأذلهم بمعصيته، واليوم قد صار نسلهم المهين: عقوبة كونية لأمة خاتم المرسلين.
وإلى نعمة ربانية جديدة مقرونة بتكليف إلهي:
وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ
فالانفجار يلي الانبجاس، إذ الانبجاس في قوله تعالى: (فَانْبَجَسَتْ) أول الانفجار، ففي الكلام حذف لما قد علم بداهة، فلن تنفجر إلا بعد أن تنبجس، وفي الكلام حذف دل عليه السياق اقتضاء، فتقدير الكلام: فضرب فانفجرت، وفي ذلك من تعجيل النعمة بالعطف بفاء التعقيب السببية، ما يحمل العاقل على أداء شكرها رغبة الزيادة ورهبة المحق، وفي التنزيل: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ).
فبالشكر تدوم النعم، وبالكفر تزول. والرب، عز وجل، غني عن شكر عباده فلا يضره كفرهم، فلو كفر من في الأرض جميعا ما نقص ذلك من ملكه شيئا، فالشرط: "إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ" قد أشرب معنى التهديد، فهو خبر في مبناه إنشاء في معناه، وقد دل على العموم فتوجه الخطاب إليهم ابتداء مؤكدا بالضمير المنفصل: "أنتم"، ثم عطف غيرهم عليهم: عطف عام على خاص، فـ: "من": موصول مشترك وهو نص في العموم أُكِد بـ: "جميعا"، وأكد الجواب بـ: "إن"، واسمية الجملة، واللام المزحلقة، وذيلت الآية بما يناسب السياق، فأوصاف الغنى والحمد بنعوت الجمال: علة استغنائه، عز وجل، عن أهل الأرض، فلا يفتقر إلى ما بأيديهم، بل هم المفتقرون إلى إغنائه لهم، فكماله يتعدى إليهم، وكفرهم لازم لهم فلا يصل إلى الله منهم ضر، وفي الحديث: (يا عبادي، إنكم لن تَبلُغوا نَفْعِي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني).
(يُتْبَعُ)
(/)
فالطباق بين النفع والضر قد استوفى الأوجه التي تقتضيها القسمة العقلية، فلا ينتفع الله، عز وجل، بطاعة طائع، ولا يضره عصيان عاص، فـ: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)، والمقابلة في هذه الآية، أيضا، تقرر ما تقدم، باستيفاء الأوجه العقلية الممكنة: فإما هداية، وإما ضلال: فالهداية لك والضلال عليك.
وإذا نكلنا عن نصرة دين الله، عز وجل، وركنا إلى الذين ظلموا فعقدنا معهم المعاهدات، وأبرمنا معهم الصفقات، وتخاذلنا عن نصرة إخواننا مداهنة لشذاذ الآفاق، فلن نعجز الله في الأرض: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
وعودة إلى الآية فإن:
"أل" في "الحجر": عهدية ذهنية تشير إلى حجر بعينه كان موسى عليه الصلاة والسلام يحمله معه كما أشار أبو السعود، رحمه الله، إلى طرف من ذلك.
كلوا واشربوا: امتنان على التفصيل المتقدم في تلازم: المنة الربانية والتكليف الإلهي.
ولا تعثوا في الأرض مفسدين: فبفعل المأمور وترك المحظور، تصان النعمة، والمعصية إفساد في الأرض، إذ هي سبب كل نقمة، ومعدن كل نكبة، وزوال كل عزة، وحلول كل ذلة، فما أصاب أمة الإسلام اليوم من ذلة بالأمر الكوني القاهر إنما هو فرع على مخالفتها الأمر الشرعي النازل.
والحال: "مفسدين": مؤكدة لمعنى العثي فهو لا يكون إلا إفسادا. وإليه أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "العثْيُ أشدُّ الفساد فقيل لهم: لا تتمادَوْا في الفساد حال كونكم {مُفْسِدِينَ} "، وأشار إلى وجه آخر تكون الحال فيه مؤسسة لا مؤكدة فقال: "وقيل: إنما قيد به لأن العَثْيَ في الأصل مطلقُ التعدي وإن غلب في الفساد وقد يكون في غير الفساد كما في مقابلة الظالم المعتدي بفعله وقد يكون فيه صلاحٌ راجح كقتل الخَضِر عليه السلام للغلام وخرقِه للسفينة"، فيكون الحال: "مفسدين" بمنزلة القيد لمطلق العثي، فالمذموم منه: التعدي بالإفساد لا مطلق التعدي. وقد يتأيد هذا الوجه بما قرره أهل العلم من أن الكلام إذا دار بين التأسيس لمعنى جديد أو التوكيد لمعنى مستقر، فحمله على التأسيس أولى تكثيرا للفائدة، فيرد المعنى مطلقا توطئة للأذهان، ثم يرد عليه القيد فيزيده إيضاحا وبيانا.
ومع حلقة جديدة من سلسلة فسادهم في أنفسهم وإفسادهم في الأرض:
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)
يا موسى: نداء للبعيد إما تعظيما لشأنه فقد كان عليه الصلاة والسلام مرهوب الجانب من قبل بني إسرائيل، وإما تذمرا من حالهم فيكون النداء للبعيد مئنة من تضجرهم وتكالبهم على شهواتهم، فهم يرفعون عقيرتهم على نبيهم سوء أدب وطلبا لخشاش الأرض الذي يشترك في تحصيله الآدمي والبهيم الأعجمي.
لن نصبر: نفي مشعر بنفاد صبرهم في المستقبل القريب، وهذا مما يرجح الاحتمال الثاني في النداء فهو نداء المتضجر لا المعظم الموقر.
فادع لنا ربك: سوء أدب في طلب الدعاء، مع كونهم قصروا ربوبية الله، عز وجل، على موسى عليه الصلاة والسلام، ولو أحسنوا الطلب لعمموها، لتشملهم، فمقام الداعي مقام تذلل وخضوع وإنما يظهر ذلك بإظهار فقر وذل العبودية في مقابل: غنى وعز الربوبية.
(يُتْبَعُ)
(/)
يخرج: مجزوم في جواب طلب مقدر، ففي الكلام: "إيجاز بالحذف"، فتقدير الكلام: ادعه وقل له: أخرج يخرج، وفي ذلك الحذف مزيد بيان لشدة تكالبهم على خشاش الأرض، إذ تخطوا الشرط إلى محط الفائدة مباشرة، لأن فيه بغيتهم مع خستها ودنوها، فهي من جنس هممهم الدنية.
مما تنبت الأرض: عموم.
من بقلها: خصوص، بعد عموم، فهي بدل من "مما تنبت"، والبدل هو المقصود أصالة بالحكم فقام المبدل منه مقام الموطئ الممهد له، فكأن طرقه الآذان ابتداء استرعى انتباه السامع ابتداء، فإذا ما انتبه طرق سمعه البدل محط الفائدة انتهاء فصار أوضح في البيان وأوقع في النفس.
و "من": جنسية تبين جنس مطلوبهم.
قال أتستبدلون: استفهام إنكاري توبيخي، إذ مراده توبيخهم على هذه المطالب الدنية لا إبطالها، فإنها من المباحات، ولا يملك أحد تحريم ما أحل الله، وإن كان في نفسه دَنَياً تعافه النفوس كالبصل والثوم.
الذي هو أدنى: التعريف بالموصول فيه البيان بعد الإجمال وذلك مما تستجلب به الأسماع إذ النفس تتشوف إلى البيان بعد الغموض والإبهام.
بالذي هو خير: الباء تدخل في المبادلات على الثمن المدفوع فقد اشتروا الخسيس بالنفيس.
اهبطوا مصرا: أمر فيه معنى التعجيز إذ كانوا في التيه وهبوطهم مصرا بعينه آنذاك: أمر محال، وهذا اختيار أبي عبد الله القرطبي، رحمه الله، في تفسيره، وقد يقال بأنه للإهانة، وتنكير "مصرا" للتحقير فإن ما أردتموه موجود في أي مصر فلا اختصاص لمصر به لكونه مما لا تحفل به النفوس لتحرص على استزراعه أو استحصاده.
فإن لكم ما سألتم: تقديم الجار والمجرور مشعر بالاختصاص، فكأن ذلك الخشاش الدني مختص بنفوسهم الدنية فهما في المنزلة سواء، و: الطيور على أشكالها تقع!!!، ولم يعد ذكر مطلوبهم وإنما أجمل ذكره في "ما" الموصولة لعدم الاحتفاء بشأنه فليس مما تحرص الألسنة على جريانه عليها تأسيسا أو توكيدا بالإعادة.
وضربت عليهم الذلة والمسكنة: حذف الفاعل للعلم به، وقدم الجار والمجرور إشعارا باختصاص ذلك الذل بنفوسهم الذليلة فالمشاكلة حاصلة بينهما، و "أل" في الذلة والمسكنة: جنسية استغراقية تفيد عموم ما دخلت عليه فقد ضرب عليهم الذل العام والمسكنة التامة جزاء وفاقا على صلفهم وتكبرهم وسوء أدبهم في طلب الدعاء من نبيهم.
وعطف المسكنة على الذلة: عطف لازم على ملزومه، فالاقتران بينهما حاصل، على وزان قوله تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، فلازم إلباس الحق بالباطل: كتمان الحق.
وفي هذا المقطع: استعارة مكنية تبعية، إذ شبه الذلة والمسكنة بخيمة مضروبة عليهم، وحذف المشبه به: الخيمة، وأقام الضرب وهو أحد لوازمها مقامه، وقد وقعت الاستعارة في الفعل: "ضرب" فكانت تبعية من هذا الوجه.
ذلك: ما تقدم من العقوبة، وأشار إليه إشارة البعيد على عادة العرب في الإشارة إلى ما انقضى ولو كان قريبا بإشارة البعيد.
بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق: أضاف الفعل إلى الكل، وإن قام به البعض، فليسوا كلهم ممن تلطخت أيديهم بدماء الأنبياء، وإنما عمهم العقاب على عادة الله، عز وجل، في وقوع العقاب عاما على وزان: (أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟!، قَالَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ)، و: (يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) فيهلك الصالح في العقاب العام ويبعث يوم القيامة على نيته، فلا يلزم من وقوع الهلاك في الدنيا وقوعه في الآخرة، بل قد يكون الهلاك في الدنيا سببا في النجاة في الآخرة بتكفير الذنوب وتمحيص القلوب.
أو يقال: بأن رضا الباقين عن فعل القتلة مشاركة لهم في الجرم فنزلوا منزلة الفاعلين وإن لم يباشروا الفعل بأنفسهم. وفي التنزيل: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)، فأرسل العذاب عليهم جملة مع أن العاقر واحد لكونهم رضوا بفعله.
بغير الحق: قيد لا مفهوم له، بل هو وصف كاشف يزيد الأمر بيانا، فليس في قتل الأنبياء ما هو حق ليقال بأن للكلام مفهوما.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول القرطبي رحمه الله: "فإن قيل: هذا دليل على أنه قد يصح أن يقتلوا بالحق، ومعلوم أن الأنبياء معصومون من أن يصدر منهم ما يقتلون به.
قيل له: ليس كذلك، وإنما خرج هذا مخرج الصفة لقتلهم أنه ظُلْمٌ وليس بحق، فكان هذا تعظيما للشنعة عليهم، ومعلوم أنه لا يقتل نبي بحق، ولكن يقتل على الحق، فصرح قوله: "بغير الحق" عن شنعة الذنب ووضوحه، ولم يأت نبي قط بشيء يوجب قتله". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن": (1/ 411).
ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون: عموم بعد خصوص، فعدد بعض أفراد عصيانهم من: كفر بالآيات وقتل للأنبياء ثم عمم إشارة إلى عظم جرائمهم فما ذكر غيض من فيض.
وتأمل عظم العقوبة، وهي من مقتضيات الربوبية القاهرة، في مقابل عظم الذنب، ولا يكون إلا بمخالفة الأمر الإلهي الشارع، فذلة في الحياة الدنيا، وإن أظهروا العزة فهي اسم بلا وصف، وإنما عزوا بذل أهل الحق لما فرطوا في نصرته.
وفي التنزيل: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ)
والغضب والذلة مقترنان في مواضع من التنزيل، فالذلة فرع عن غضب الجبار، عز وجل، فهي معلول والغضب علته، كما أن العزة فرع على رضاه، ورضاه لا يكون إلا بامتثال أمره الشرعي، فمن عصى الأمر الشرعي ناله من صفات الجلال ما يسوءه، ومن امتثله ناله من صفات الجمال ما يسره.
يقول ابن تيمية رحمه الله: "وَلِهَذَا كَانَ فِي كَلَامِ الشُّيُوخِ: النَّاسُ يَطْلُبُونَ الْعِزَّ بِأَبْوَابِ الْمُلُوكِ وَلَا يَجِدُونَهُ إلَّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ هَمْلَجَتْ بِهِمْ الْبَرَاذِينُ وَطَقْطَقَتْ بِهِمْ ذُلُلُ الْبِغَالِ فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي رِقَابِهِمْ أَبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ". اهـ
فلا يغرنك ما ترى من سيارات المواكب السوداء، وأطقم الحراسة المحترفة لنفوس محترقة قد كساها ذل المعصية، وإن استترت بعز السلطان الزائل، وإنما عظم ذلك في نفوسنا لضعفها، فصارت النملة في أعيننا فيلا، وقد كان عمر الفاروق، رضي الله عنه، يحكم الدنيا في ثوب مرقع، فهابته الأكاسرة والقياصرة، وما احتاج لتلك الدروع الواقية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 01 - 2009, 09:12 ص]ـ
ثم انتقلت الآيات إلى تقرير مسألة الألوهية بذكر أصناف الناس:
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ:
من آمن بالله واليوم الآخر: بدل فهو محط الفائدة فلن ينجو يوم الدين إلا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا.
وليس الإيمان بالله، إيمانا بلفظ اشتركت الألسن في نطقه، وإنما الإيمان به: إيمان بحقيقة ذاته القدسية المتصفة بصفات الكمال المطلق أزلا وأبدا، إيمان بكمال فعاله متعلق ربوبيته، إيمان برسالاته: تصديقا للخبر وامتثالا للأمر متعلق ألوهيته.
فتكون الآية من قبيل: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، فالناجي هو من آمن بالله، منا أو منكم، وعند الله تجتمع الخصوم!!.
وإما أن يكون الكل ناجٍ، فيكون المراد بـ: "الذين هادوا والنصارى": من آمن قبل النسخ والتبديل، فيكون من العام المخصوص.
ويكون: "الصابئون" هم الذين خرجوا من ملة الكفر إلى ملة الإيمان، فالمقصود من اللفظ: حقيقته اللغوية المطلقة، لا العرفية المقيدة.
وعمل صالحا: إيجاز بحذف الموصوف "عملا" وإقامة الوصف مقامه. وفيه من فنون البلاغة: الإطناب بعطف الخاص على العام، فالعمل من الإيمان، وإنما خص بالذكر بعد العموم تنويها بشأنه.
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ: الفاء رابطة لجملة الخبر، إذ في الموصول "من" معنى الشرطية على وزان: الذي يأتيني فله درهم، و "لهم": مقدم وحقه التأخير حصرا وتوكيدا، "عند ربهم": إشعار بعظم ذلك الأجر بنسبته إلى الرب جل وعلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا خوف عليهم: من آت، ولا هم يحزنون: على ماض، والضمير "هم": للتوكيد.
فاستوفت الآية القسمة الثنائية العقلية لأسباب الكدر، فهو إما على فائت أو من آت.
وفي الشرط المفهوم من الموصول من فنون البلاغة: الإخبار المراد به الإنشاء، فإن تعليق النجاة على الإيمان: خبر، ولازمه الأمر بذلك، إذ النجاة مطلب كل العقلاء بداهة. والعقلاء مع تفاوت مسالكهم قد أجمعوا على أن المطلوب الأعظم هو: دفع الهم وجلب الفرح، كما ذكر ذلك ابن حزم، رحمه الله، والأول أولى من الثاني، إذ: دفع المفاسدة مقدم على جلب المصالح، فالنعم، وإن بلغت ما بلغت من العظم والسبوغ، لا تصفوا مع الأكدار، ولذلك نصت الآية على دفع الأكدار الماضية والمتوقعة من باب النص على ما هو أولى.
وفي التنزيل: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)، فقدم دفع الضر بإذهاب الحزن على جلب النعمة بالحلول في دار المقامة.
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ:
أخذنا ميثاقكم: تعظيم بالإسناد إلى ضمير الفاعلين: "نا" في: "أخذنا" يناسب مقام أخذ الميثاق.
و: "وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ": آية من آيات الربوبية القاهرة تحمل على امتثال الأمر الإلهي:
خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ: وفيه معنى الإنكار والتوبيخ لتأخرهم في الامتثال، و "ما": نص في العموم، فلا تأخذوا ما وافق هواكم وتردوا ما خالفه، على وزان: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)، و: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ)، ولعل عالمنا الآن يعاني من هذه الازدواجية، فهو يكيل بمكيالين، مكيال يستوفي للظالم حقه، وآخر يبخس المظلوم حقه، فالاعتداء على الموحدين: دفاع عن النفس، ورد العدوان: إرهاب، وحتى ديقراطيتهم المزعومة: ديمقراطية انتقائية، إن أوصلت أذنابهم إلى سدة الحكم فأهلا، وإن أوصلت غيرهم فتبا إذ: لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية!!!. وفي التنزيل: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).
"بقوة": حال مقيدة لعاملها، فليس المأمور به مجرد التناول، فكم عالم أوتي الحكمة ولم يأخذها بقوة. وما أكثر ما ابتلينا في زماننا هذا بـ: "الشياطين الخرس".
وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: لازم الأخذ بقوة، فلا يكون العبد آخذا الميثاقَ إلا بذكر ما فيه، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان به: تصديقا في الخبر وامتثالا في الطلب، فهو من عطف المتلازمين.
لعلكم تتقون: فالشريعة منحة ربانية شكرها: العمل بها تحصيلا للتقوى، فالرب هو: المشرع المبتلي بأمره ونهيه، والعبد هو: المبتلى بالكلمات الشرعيات: تصديقا وامتثالا، والكلمات الكونيات: تسليما وصبرا. فهذا قدره وذاك شرعه، وهذا مقتضى ربوبيته القاهرة، وذاك مقتضى ألوهيته الآمرة.
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ:
من بعد ذلك: أي من بعد ما تقدم ذكره على طريقة الإشارة إلى ما انقضى قريبا بإشارة البعيد، أو على كون المخاطبين هم اليهود زمن نزول الوحي، فعهدهم بأسلافهم بعيد، فقد انقضى ذلك الأمر من دهور بعيدة.
فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين:
امتنان بامتناع الخسران لوجود الفضل والرحمة منه، جل وعلا، وعطف الرحمة على الفضل من باب: عطف الخاص على العام، فالرحمة من الفضل.
ثم ذكرهم الله، عز وجل، بآية أخرى من آيات ربوبيته القاهرة:
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ:
(يُتْبَعُ)
(/)
توكيد بـ: اللام و: "قد" التي دخلت على الماضي فأفادت التحقيق: لتسجيل جرم كتمانهم ما يخجلون منه، فأظهره الوحي للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مع كونه لم يتلق أخبار الماضين عن يهود أو غيرهم، فهو، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، النبي الأمي الذي لم يجلس إلى معلم.
وفي التنزيل: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
و "أل" في "السبت": عهدية تشير إلى قصة أصحاب السبت في سورة الأعراف، فالقرآن يفسر بعضه بعضا فما أجمل في موضع بين في آخر.
فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ:
إشارة إلى تكوين الكائنات بالكلمة التكوينية "كن"، فإذا قال الله، عز وجل، لشيء: كن، فهو كائن لا محالة، وفي ذلك رد على النصارى الذين يزعمون أن المسيح عليه الصلاة والسلام هو ذات الكلمة التكوينية، فإذا كان ذلك صحيحا، لزم منه موت الكلمة التكوينية بصلب الناسوت الذي حلت فيه، فبأي أمر كوني دبر العالم قبل قيام المسيح بعد صلبه وصعوده إلى السماء، وإذا كانت الكلمة قد حلت في ناسوته ما يربو على ثلاثين عاما، كيف دبر العالم طوال تلك الفترة، ولله، عز وجل، في كل سكنة وحركة أمر تكويني، ولو قيل بأنه أحد أفراد جنس الأمر الكوني، فهو "كن" واحدة من جنس "كن" الكونية، لم يسلم لهم ذلك، إذ هو تخصيص بلا مخصص، وإنما مجرد دعوى محضة، فإن الخلق كلهم قد وجدوا بـ: "كن"، فلليهود أن يدعوا نفس الدعوى في موسى عليه الصلاة والسلام، وهو أولى من المسيح من جهة كون رسالته أصلا ورسالة المسيح فرعا، وللمسلمين أن يدعوا نفس الدعوى، وحججهم أقوى وأمارات صحة رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أظهر، والكل باطل، ولكنه من باب التنزل مع المخالف، ولو ماتت "كن" واحدة على خشبة الصلب، لأخذ نوعها نفس الحكم، فما يجري على الفرع يجري على الأصل، وهو مما احتج به على المعتزلة الذين تأثروا بمقالة النصارى، فإنهم لم يقولوا بخلق كلام الله، عز وجل، كله في الشجرة، وإنما قالوا: خلق كلامه لموسى عليه الصلاة والسلام في الشجرة، فلما قرروا ذلك في آحاد الكلام، طردوه في جنسه، فقالوا بخلق كلام الله، وكانت فتنة خلق القرآن شعبة من هذه المقالة المستشنعة، إذ القرآن فرد آخر من أقراد عموم جنس كلام الله، عز وجل، فيجري عليه ما جرى على كلام موسى عليه الصلاة والسلام لئلا يلزمهم: التفريق بين متماثلين فكلاهما كلام، فعلام يخص أحدهما بوصف الخلق دون الآخر؟!!!
والأمر في الآية: أمر تكويني فيه معنى الإهانة بمسخ الخلقة.
يقول أبو السعود رحمه الله: "والمرادُ بالأمر بيانُ سرعةِ التكوين وأنهم صاروا كذلك كما أراده عز وجل". اهـ
وفي التعقيب بالفاء في: "فقلنا": معنى السببية، فالاعتداء سبب المسخ، وفيه أيضا إشارة إلى سرعة حلول العقوبة كما تقدم.
وفي اسم "القردة" الجامد معنى المشتق: "ممسوخين"، ولذلك ساغ القول بأن "خاسئين" حال من الضمير المستكن في الاسم المشتق، كما تقول: هذا حاتم جودا، فـ: "حاتم" علم جامد ولكنه مؤول بمشتق يدل على الكرم، فساغ تحمله الضمير، فيكون ما بعده أيضا: حالا من الضمير المستكن فيه كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ:
الجعل في الآية: كوني يتعلق بالربوبية القاهرة، و: "ما بين يديها وما خلفها": عموم مستغرق لما بعد عنها وقرب منها، فهي عبرة للشاهد والغائب.
وموعظة للمتقين: إفراد لهم بالموعظة، فهم الذين ينتقعون بها حقيقة، فإن الكل مشترك في معنى الزجر، فمن لم ينزجر بالآيات الشرعية زجرته الآيات الكونية، ولا يستقل بالموعظة إلا أصحاب القلوب الحية.
والاعتبار بحال الأمم السابقة جار مجرى قياس الطرد والعكس، فمن وافقهم في الجرم، حل به ما حل بهم من البأس، فالمسخ ليس قاصرا على أمة بعينها، إذ الأحكام والعقوبات منوطة بالأوصاف لا الأعيان، ومن خالفهم نجا مما حل بهم من النقمة الربانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل نقمة ربانية فإنما هي فرع عن شؤم مخالفة الشرعة الإلهية، فإن التقصير في حق الألوهية مظنة المنع من عطاء الربوبية، بل واستحقاق ضده من السخط والانتقام.
فربوبية الجمال لمن أطاع وامتثل، وربوبية الجلال لمن تولى وكفر.
ثم انتقلت الآيات إلى قصة البقرة:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ:
إن الله يأمركم أن تذبحوا: إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: بأن تذبحوا بقرة، وفي الإتيان بالمضارع عوضا عن المصدر الصريح إشعار بتأكد الأمر، إذ دلالة الفعل المضارع على الاستمرار مشعرة بذلك.
بقرة: نكرة في سياق الإثبات، فتفيد: الإطلاق، فأي بقرة تفي بالغرض، إذ عموم المطلق بدلي لا شمولي، ولكنهم تعنتوا فكان ما كان من تقييد المطلق حتى وقعوا في الحرج بتعدد المقيدات، فضاقت دائرة الإطلاق حتى عادت لا تتسع إلا لفرد واحد من أفراد المطلق شروه بوزنه ذهبا، وهكذا فليكن التنطع!!!!.
والحرج مرفوع شرعا ولكنه في حق بعض المكلفين من المتنطعين غير مرفوع كونا، وفي التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ"
قالوا أتتخذنا هزوا: سوء أدب مع نبيهم صلى الله عليه وسلم، إذ في الاستفهام معنى التوبيخ والتقريع له، ولذلك سارع بنفي هذه التهمة الجائرة فقال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، وفيه إيجاز بالحذف، إذ حذف حرف الجر "من"، وفي ذلك من سرعة الوصول إلى المطلوب ما لا يخفى، وفي الإتيان بالمضارع ما تقدم في: "أن تذبحوا" من التوكيد، و "أل" في الجاهلين: موصولة، فتعلق حكم الاستعاذة المشعر بذم ما استعيذ منه، تعلق بالوصف الذي اشتقت منه صلة "أل"، فالاستعاذة من كل صور الجهل وأعظمها الجهل بحق الرب، جل وعلا، ويهود، الأمة الغضبية أجهل الناس بحق الرب، جل وعلا، من التعظيم، وإن كان كتابهم أصل رسالات بني إسرائيل، ولكنه علم كلا علم، لتخلف العمل بفساد الإرادة.
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ
قالوا: إيجاز بحذف سؤال دل عليه السياق اقتضاء، تقديره: فماذا قالوا بعد ذلك، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
ادع لنا ربك: سوء أدب آخر، وكأن المدعو هو رب موسى لا ربهم الذي أنجاهم من آل فرعون، فبم امتازوا إذن عن قوم فرعون لما قالوا: (يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ).
يبين: إيجاز بحذف شرط مقدر جزم به المضارع في جواب الطلب، فتقدير الكلام: ادعه إن تدعه يبين.
ما هي: استعلام عن الماهية، لا عين المسؤول عنه، فالمقصود وصفه، كما يقال: ما زيد؟، فالجواب بالوصف، بخلاف من زيد: فالجواب بالشخص.
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمرُونَ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ: توالي الأوصاف على موصوف واحد رفعا لإجماله، و "ذلك" إشارة إلى الوصف المتقدم: لا فارض ولا بكر، فهو ثنائي الدلالة أشير إليه بالمفرد على وزان:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ******* وسؤال هذا الناس: كيف لبيد
فأشار إلى الجمع: "الناس" بالمفرد.
فافعلوا ما تؤمرون: أمر فيه معنى الحض، رفعا لتلكؤهم في امتثاله، فلسان حاله: لا تشددوا فيشدد الله عليكم.
وفي الكلام حذف لعائد الصلة، فتقدير الكلام: فافعلوا ما تؤمرون به.
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ:
تكرار للتنطع قابله قيد جديد، بل اللون نفسه قيد بكونه فاقعا يسر الناظرين، فليس أي بقرة صفراء تفي بالغرض!!!.
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ::
حيرة جديدة، أنجاهم منها تقديم المشيئة، وقد أكدت الجملة بـ: "إن" واللام المزحلقة، وفي ذلك من توكيد وقوع الهداية المعلقة على المشيئة ما يدل على يقين المتكلم وهو أمر مستغرب منهم مع عظم سوابقهم!!!.
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ:
لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث: قيود تضيق دائرة الإطلاق تشديدا.
مسلمة لا شية فيها: "لا شية فيها": وصف كاشف فالمسلمة لا تكون موشاة، وقد يقال بأن الوصف المطلق لا يرفع مجاز التغليب، فيوصف الشيء بالسواد وإن كان فيه أثر بياض، فلزم النص على السلامة من الوشي احترازا من ذلك المجاز.
الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ: مجاز بحذف الوصف لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: الآن جئت بالحق البين، فالحق ثابت قبل ذلك ولكنهم لغفلتهم لم يتبينوه إلا بعد تلك المناقشات المطولة.
فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ: ولكنهم فعلوا بعد طول تعنت، فأفاد نفي الفعل إثباته.
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ:
نَفْسًا: نكرة في سياق الإثبات، فلم يكن الشأن في تلك الحادثة عينها، وإلا لنص على ذلك، وإنما كان الشأن في إحيائها، فسواء: نفس زيد أو نفس عمرو أو نفس بكر ................ إلخ، والكلام بقدر حصول الفائدة إيجازا غير مخل.
وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ: في المستقبل بالنسبة لحالهم آنذاك، ولذلك قطع اسم الفاعل عن الإضافة اللفظية إلى ما بعده.
ما: عموم يناسب مقام عموم علم الله، عز وجل، ما تكن الصدور.
تكتمون: إيجاز بحذف عائد الصلة، فتقدير الكلام: "ما تكتمونه".
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ: التفات من خطاب الغائب في: "والله .......................... " إلى خطاب المتكلم في: "فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ" لتربية المهابة باستحضار عظمة المتكلم، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
كَذَلِكَ: ما تقدم قريبا، وقد أشار إليه إشارة البعيد تفخيما لأمره فهو معجزة من معجزات موسى عليه الصلاة والسلام.
يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى: فمن يقدر على ذلك في دار الفناء فإنه يقدر عليه في دار البقاء من باب أولى، ففيه تنبيه بالأدنى على الأعلى.
وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ: الكونية.
(يُتْبَعُ)
(/)
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ: علة ما قبله. فما كانت تلك الآية الكونية الدالة على كمال الربوبية إلا توطئة لما بعدها من الأمر بإخلاص التأله، ولا يكون ذلك إلا بنقل صحيح وعقل صريح، فلا بد أن تصح آلة الفهم، قبل النظر في الأدلة، فما جدوى صحة القول، إن كان المخاطَب لا يعقل، وبم امتاز إذن عن الحيوان البهيم؟!!: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)، ففي الآية: استفهام إنكاري إبطالي لما بعده، فلا سمع تدبر، وإن صحت الآلة، ولا عقل تفكر، وإن صحت الآلة، والعقل الصريح قسيم النقل الصحيح فلا يتعارضان إلا من ضعف في النقل، أو خلل في العقل، فلما فسدت قوى الإدراك عندهم، صاروا كالأنعام، فالقصر بأقوى أدواته: النفي والاستثناء، وهو قصر إضافي بالنظر إلى فساد علومهم وأعمالهم، مئنة من ذلك، والإضراب بـ: "بل" انتقالي من ذم إلى ذم أشد: و "هم": توكيد بذكر المسند إليه مع دلالة السياق عليه، أضل سبيلا من الأنعام، فهي أحسن حالا منهم، فقد سخرها الله، عز وجل، فهي تسبح بحمده، وينتفع بها العباد، بخلاف أولئك: فلا هم أدوا حق الرب بالتسبيح، ولا هم نفعوا الخلق، بل فسادهم قد ظهر في البر والبحر.
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ:
استعارة في الفعل "قست" من القسوة المادية إلى القسوة الحسية، فهي مكنية لدلالة الفعل على المشبه به: الكائن الصلب، تبعية، لوقوعها في الفعل "قست".
من بعد ذلك: إشارة إلى ما تقدم بإشارة البعيد تعظيما لشأنه، فكانت قسوة القلب من بعده أقبح، إذ ليس من علم كمن جهل، فالأول: مظنة الاعتبار، والثاني: مظنة الاغترار، وإنما العلم الخشية، فلم يزدهم العلم إلا قسوة ونفورا.
فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ: تشبيه مرسل مجمل، فتقدير الكلام: فهي كالحجارة في قسوتها.
أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً: إضراب انتقالي، بل هي أشد قسوة من الحجارة، وفي ذلك ترق إلى الأعلى لا ينفي حقيقة الأدنى.
وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ: "أل" في "الحجارة: جنسية تفيد الماهية، على وزان قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ: من في "منه": لابتداء الغاية.
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ:
من في "منها": جنسية بيانية، و "من" في "من خشية الله": سببية.
وما الله: إظهار في موضع الإضمار، وزيادة الباء مبنى من باب زيادة التوكيد معنى، وقد حذف عائد الصلة في "تعملون" إيجازا.
فالحجارة المسخرة تهبط من خشية الله، وقلوبهم أشد قسوة، وما ذلك الإعراض عن التأله لله، عز وجل، بأفعال العباد، إلا فرع عن فساد تصورهم لأسمائه وصفاته وأفعاله: متعلق ربوبيته القاهرة، فقد وصفوه بالعجز والفقر، ونسبوا إليه من أفعال السوء ما يترفع عنه آحاد البشر، فصاروا في فساد من العلم كبير أداهم إلى فساد في العمل، فالإرادة العملية فرع عن الرؤية العلمية، وصحة العمل من صحة العلم، فمن وصف ربه بغل اليد، والفقر، والبكاء ندما على خلق الإنسان، ومصارعة إسرائيل ............. إلخ، كيف يصح عمله، وكيف يوثق بعهده، وقد نكث عهد الرب، جل وعلا، وكيف يوصف بالمسالمة والموادعة، والله، عز وجل، يقول: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)، وكيف تقبض الأكف على كفه بحرارة تدل على برودة دم صاحبها، وفتور عقد الإيمان في صدره، وانحلال عرى الولاء والبراء في قلبه، وما موقف الحكومات العربية بلا استثناء، من محرقة غزة إلا مئنة من ذلك، فكثير منها يؤيد بلسان الحال إن لم يكن بلسان المقال شذاذ الآفاق من بني يهود، خوفا من الطرح الإسلامي الذي تتبناه قوى المقاومة، ولو كانت تتبنى الطرح الوطني البارد لما حوصرت وجوعت وأغلقت المعابر في وجهها خوفا من سريان العدوى إلى بقية دول الجوار؟!!!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ):
أفتطمعون: استفهام إنكاري إبطالي، فما بعدها لن يقع، إذ إيمان المعاند أمر مستبعد بخلاف إيمان الجاهل، فإنه قد يرجع عن غيه إذا علم الحق، بينما الأول قد علم الحق ثم جحده وأعرض عنه متعمدا.
وفي الكلام إيجاز بالحذف: فتقدر جملة بعد همزة الاستفهام تعطف عليها جملة: "تطمعون ........................ " بالفاء التعقيبية، فتقدير الكلام: أغفلتم عن أمرهم وحقيقة ما في قلوبهم فتطمعون بعد كل ذلك أن يؤمنوا لكم.
وفي الكلام حذف آخر، فتقدير الكلام: أفتطمعون في أن يؤمنوا لكم.
وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ: يَعْلَمُونَ:
قد: حرف تحقيق يفيد التوكيد على وقوع التحريف.
وفي إضافة الكلام إلى الله، عز وجل، إضافة صفة إلى موصوفها، فإضافة الكلام إلى الله، عز وجل، أوقع في النفس، من الإتيان بلفظ: "الكتاب" مجردا عن الإضافة إلى الباري، عز وجل، أو: "التوراة" فإن الجرم يزداد عظما بعظم شأن من ارتكب في حقه، فليس تحريف الكلام المضاف إلى الله، عز وجل، كتحريف أي كلام آخر.
ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون: احتراس عن احتمال كونهم معذورين بالجهل، فقد فعلوا ذلك بعد أن عقلوا كلام الله، عز وجل، وعلموا أنه من عنده حقا، فهم أعلم الناس بصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحة رسالته.
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ:
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا: جناس يزيد معنى النفاق والرياء الذي اتصفوا به بيانا، وإيمانهم: إيمان بارد لا حرارة فيه، ولذلك جاء قولهم مجردا من المؤكدات، بخلاف كلامهم مع بعضهم حال الخلوة فهو مصدر باستفهام إنكاري توبيخي، إذ كيف تحدثونهم بما يؤيد صحة مقالتهم، من نعت نبيهم في توراتكم، أليس ذلك تأييدا وتثبيتا لهم وإقامة لحجتهم عليكم مع كونهم أعدى أعدائكم؟!!.
أفلا تعقلون: أذهبت عقولكم حين فعلتم ذلك فأنتم لا تعقلون، ففي الكلام إيجاز بالحذف.
أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ:
أغفلوا عن علم الله، عز وجل، فيهم فلا يعلمون أنه يعلم سرهم وإعلانهم، ففي الكلام أيضا: إيجاز بالحذف، وتقدير الحذف في هذا السياق أولى لكونه تقريعا لهم على سوء ظنهم في الله، عز وجل، فإن من عصى الله، عز وجل، فقد أساء الأدب معه إذ ظن غفلته عنه، وهو المطلع على السر والعلن.
وفي: "لا يعلمون"، و "يعلم": طباق بالسلب يبين الفارق بين فساد علمهم بالله، عز وجل، إذ تجرؤوا على تحريف كلامه وكأنهم لا يعلمون أنه يعلم ما ظهر على فلتات اللسان وبطن في صحائف القلوب.
أن الله يعلم: أبلغ في التوكيد من قولك في غير القرآن: أولا يعلمون علم الله، عز وجل، بما في قلوبهم.
والجملة مؤكدة بـ: "أن"، واسمية الجملة، والفاعل المستتر في: "يعلم"، فيكون الفاعل قد تكرر مرتين: معنويا مذكورا وهو: المبتدأ، لفظ الجلالة: "الله"، ولفظيا مستترا في الفعل: "يعلم".
ما يسرون وما يعلنون: "ما" تفيد العموم، وفي تكرارها توكيد على عموم إحاطة علم الله، عز وجل، بالخلائق، فذلك آكد من قولك: يعلم ما يسرون ويعلنون، فضلا عن استيفاء القسمة العقلية لأحوال العبد فهو ما بين إسرار وإعلان، وفي تقديم الإسرار دلالة على إحاطة علم الله، عز وجل، إذ قدم ما يخفى غالبا على العباد من بواطن غيرهم، ثم ثنى بالعلانية من باب التدرج من الأعلى إلى الأدنى، وفي الكلام: إيجاز بحذف عائد الصلة، فتقدير الكلام: أفلا يعلمون أن الله يعلم ما يسرونه وما يعلنونه.
فلا زال الفساد العلمي طافحا في مقالتهم، فقد ظنوا أن الله، عز وجل، لا يعلم إسرارهم وإعلانهم، وذلك فساد في العلم تفرع عليه: فساد في العمل، فإن من قل تعظيم الرب، جل وعلا، في قلبه، فهان عليه وصفه بما يكره: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ)، فسدت إرادته، فاستخف بالأمر الإلهي، فالتلازم بين العلم والعمل: الإدراك والإرادة: تلازم وثيق، فمتى صح التصور صح الحكم، ومتى فسد الأول فسد الثاني لزاما، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
ويهود من أفسد الناس علوما وأضلهم سعيا، فلا علم نافع، ولا عمل صالح، ومن سار على طريقتهم من علماء السوء في زماننا أشبه الناس بهم سمتا، فهمتهم تحصيل مكاسب فانية ورياسات زائلة، يتزلفون إلى سلاطين الجور ليقتبسوا شعبة من دنياهم فمثلهم في عدم الانتفاع بالعلم: (كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)، ولم نسمع لهم صوتا في الأحداث الأخيرة، ولو من باب ذر الرماد في العيون، وإنما صرفوا أوقاتهم في تلميع القادة والإشادة بحنكتهم السياسية في معالجة الأمور بحكمة باردة!!!، فضلا عن قوافلهم الدعوية التي تجوب البلاد طولا وعرضا: حربا للسنة وأهلها بحجة مكافحة التطرف ونشر الإسلام الوسطي، فتنقض عرى الإسلام باسم الإسلام!!!!.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[07 - 01 - 2009, 09:08 ص]ـ
وتستمر الآيات في بيان صفات يهود الأمة الغضبية:
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ:
فالقصر بأقوى الأساليب: النفي والاستثناء، فعلمهم مقصور على مجرد تلاوة الألفاظ دون فقه المعاني، فإن أقاموه أقاموه حروفا لا حدودا.
وإن هم إلا يظنون: توكيد آخر بالقصر بأقوى أساليبه.
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ:
تعجيل للمساءة بتصدير الآية بذكر: "الويل"، وهي كلمة عذاب.
للذين يكتبون الكتاب بأيديهم: تعليق للحكم على الوصف الذي اشتقت منه جملة الصلة وهي كتابتهم الكتاب بأيديهم، وفي: "يكتبون": إشعار باستمرار هذا الجرم، وهو أمر مشاهد في كل عصر ومصر، فحيث كان رهبان السوء الذين يتأكلون بالكتاب المنزل كان التحريف لفظا أو معنى، ولا زال ذلك مستمرا إلى يوم الناس هذا!!!، وهم سبب خراب الدين والدنيا، إذ خراب الدين خراب للدنيا فالسنة الكونية مطردة في استدراج أهل المعاصي من الأكابر والمترفين بإقرار من علماء السوء الذين يرون صور الشرك والمعاصي فلا يحركون ساكنا خوفا من سلطان أو جمهور، فإذا طال الأذى مآكلهم ومناصبهم انتفضوا دفاعا عنها، فالولاء والبراء لـ: "لقمة العيش"، والشيخ قد صار موظفا ينفذ الأوامر السلطانية بلا نقاش فـ: "اللي يعترض ينطرد" على طريقة المتصوفة مع شيوخهم.
وفي: "يكتبون" و "الكتاب": جناس، إذ مادة الاشتقاق واحدة وهي: "الكتب" بمعنى الجمع، وهو حقيقة في جمع الحروف والكلمات والجمل إلى بعضها، مجاز في جمع المعاني.
"بأيديهم": توكيد على وزان قوله تعالى: (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ)، فالكتابة لا تكون إلا باليد والقول لا يكون إلا بالفم.
"ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا":
فويل لهم: تكرار للمساءة يلائم ما اقترفوه من جرم.
مما كتبت أيديهم: "من": سببية، و "ما" الموصولة: صيغة عموم فهم يستحقون الويل على كل لفظ حرفوا مبناه أو معناه، فالجرم عظيم يستحق تكرار الوعيد قل التحريف أو كثر، وفي الكلام إيجاز بحذف عائد الصلة: "كتبت".
وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ: توكيد ثالث، واللام في: "لهم" للاستحقاق، فهم مستحقول لذلك الوعيد جزاء وفاقا، وفي عطف الكسب على الكتابة عطف: علة على معلولها، فعلة الكتابة: تحصيل المكاسب الدنية والرياسات الفانية.
وفي الكلام أيضا: إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: وويل لهم مما يكسبونه.
والوعيد، وإن كان خبرا محضا، إلا أن معنى الإنشاء فيه معتبر، إذ هو بمنزلة النهي عما اقترفوه، فإن العلم بالوعيد على الجناية أدعى إلى اجتنابها أو الإقلاع عنها. و: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما قرر الأصوليون، فتعم الآية كل من تكسب بتحريف مباني أو معاني الوحي المنزل أيا كانت ملته أو نحلته.
وقياس الطرد والعكس حاصل في كل وعد ووعيد، فمن سار على طريقتهم في التحريف استحق ما استحقوه من الوعيد طردا، ومن خالف طريقتهم استحق ضد ما استحقوه عكسا.
وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً: استخفاف بالوعيد دل عليه لفظ: "تمسنا"، فالمس أقل درجات الملابسة، وهذا مئنة من عظم جهلهم بالله، عز وجل، فإن من كان بالله أعلم كان منه أخشى وأرهب.
قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ:
قل: مبادرة إلى إبطال مقالتهم.
أتخذتم عند الله: تقديم شبه الجملة من باب تقديم مناط الحكم ومحط الفائدة، فليس الشأن اتخاذَ العهد، وإنما الشأن: اتخاذه عند الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ: الفاء فصيحة معربة عن شرط محذوف، تقديره: إن كان ذلك صحيحا فلن يخلف الله عهده، ففي الكلام: إيجاز بالحذف، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، و: "لن" تفيد النفي المؤبد في هذا الموضع، لا لأن مادتها تدل على ذلك، وإنما لقرينة خارجية إذ إخلاف العهد نقص يتنزه عنه الباري، عز وجل، بخلاف "لن" في صدر الآية، فإنها لا تدل على النفي المؤبد بدليل الاستثناء، ولو كان الأمر مؤبدا لما احتمل استثناء، فضلا عن أنه دعوى كاذبة جرت على ألسنتهم فالنفي منتقض ابتداء، ولكن قد يرد على ذلك أنه غير منتقض عند المتكلم والعبرة بما في نفسه، فهو يعتقد جزما أن النار لن تمسه إلا أياما معدودة، فجهله: جهل مركب لأنه علم الأمر على خلاف الحقيقة، وقد يكون معاندا يستخدم أقوى أدوات النفي انتصارا لمقالته ولو بدعوى كاذبة كحال كل صاحب دعوى باطلة، فإنه يقسم بأغلظ الأيمان على صحة ما يعلم بطلانه يقينا، ولذلك حسن نقض اعتقاده مباشرة، وأيا كان فـ: "لن" لا تفيد التأبيد باعتبار حقيقة الأمر، فإن ما ادعوه من مس النار لهم أياما معدودة محض دعوى.
أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ: معادل لما تقدم، ففي مقابل اتخاذهم العهد: افتراؤهم على الله، عز وجل، بتقولهم عليه ما لا يعلمون.
و "أم": إما أن تكون متصلة، وإما أن تكون منفصلة فيها معنى الإضراب الإبطالي لما تقدم، فلم يتخذوا عند الله عهدا بل يقولون عليه ما لا يعلمون، وإلى ذلك أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله:
"وأمْ إما متصلةٌ والاستفهام للتقرير المؤدي إلى التبكيت لتحقق العلم بالشق الأخيرِ كأنه قيل: أم لم تتخذوه بل تتقوّلون عليه تعالى، وإما منقطعةٌ والاستفهام لإنكار الاتخاذِ ونفيِه ومعنى بل فيها الإضرابُ والانتقالُ من التوبيخ بالإنكار على اتخاذ العهدِ إلى ما تفيد همزتُها من التوبيخ على التقوُّل على الله سبحانه". اهـ
فمعنى التوبيخ حاصل في كلا التقديرين.
بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ: قد يراد بالسيئة هنا: العهد، فهي سيئة بعينها وهي: الكفر بقرينة: " وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ "، وذلك لا يكون إلا في الكفر، كما أشار إلى ذلك الشيخ السعدي، رحمه الله، والإتيان بلفظ الكسب في مقام تحصيل الضار والكسب لا يكون إلا لنافع: استعارة عنادية تهكمية على وزان قوله تعالى: (فبشِّرْهم بعذاب أليم)، كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ:
أولئك: أشارة إلى البعيد تحقيرا لشأنهم، وفي الكلام توكيد بتعريف الجزأين، واسمية الجملة، وضمير الفصل "هم"، وتقديم الجار والمجرور: "فيها" وحقه التأخير.
وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ:
مقابلة مطردة في القرآن بين المتضادات: الإيمان والكفر، الخير والشر، النفع والضر ............... إلخ.
آمنوا وعملوا الصالحات: عطف خاص على عام، تنويها بذكره فيكون قد ذكر مرة في سياق عموم يدل عليه تضمنا، ثم ذكر أخرى في سياق خصوص دل عليه مطابقة، فالعمل من الإيمان، إذ دلالة الإيمان عليه دلالة تضمن، فالإيمان يتضمن: عقد القلب وقول اللسان وعمل الأركان، فيكون الحكم معلقا على وصفين اشتقت منهما: جملة الصلة وما عطف عليها، هما: الإيمان والعمل الصالح، فالإيمان بلا عمل: محض ادعاء، والعمل بلا إيمان: محض نفاق، فلا بد من تجريد النية وصلاح العمل، وفي التنزيل: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ: فيها من المؤكدات ما في: فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ: خبر أريد به الإنشاء، إشعارا بلزوم الامتثال، فتقدير الكلام: لا تعبدوا إلا الله نهيا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا: تقديم ما حقه التأخير عناية بأمره، وفي الكلام إيجاز بحذف العامل فتقدير الكلام: وارفقوا بالوالدين، فيكون الإحسان قد ضمن معنى الرفق.
وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ: نص على أصحاب الحقوق تدرجا من الأعلى إلى الأدنى.
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا: أي قولا حسنا، فوصفه بالمصدر توكيدا على طريقة: جاء زيد ركضا إشارة إلى شدة ركضه.
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ: تفصيل لحق الله، عز وجل، من العبادات، يناسب سياق الميثاق، فالميثاق يكون مفصِلا لمجمل العقائد والشرائع.
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ: قطع لعذرهم بالجهل فقد علموا ثم أعرضوا وذلك أقبح من الإعراض ابتداء.
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ:
تكرار لذكر الميثاق توكيدا وتنويها بعظم شأنه، و: "لا تسفكون دماءكم" و: "لا تخرجون أنفسكم": خبران أريد بهما الإنشاء وذلك متوائم مع ما تقدم في صدر الميثاق فهو بمنزلة عطف النظير على نظيره.
أنفسكم: أي غيركم من أبناء ملتكم، وإنما جيء بلفظ: "النفس" إشعارا بعظم الجرم فإن من اعتدى على أبناء جلدته بالقتل والتشريد، وأسلمهم إلى عدوهم فذنبه أعظم وجرمه أفحش، ولنا في: غزة" اليوم خير شاهد على ذلك فإن التعدي على الغير، ولو كان غير مسلم بلا وجه حق: ظلم نهى الشارع، عز وجل، عنه، فكيف إذا كان المعتدى عليه: مسلما، فكيف إذا شارك المسلم في حصار أخيه انتصارا لبني يهود، وكيف إذا كان في قرارة نفسه يتمنى هزيمة أخيه واندحاره، فيكون شريكا بالقوة والفعل!!!، فهو على أخيه قلبا وسيفا.
ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ:
خطاب للحاضرين بما ارتكبه السابقون توبيخا لهم إذ المتابعة مئنة من الرضا.
"أنتم هؤلاء": في الإشارة إليهم مزيد توكيد لذمهم، إذ هم المعنيون لا غيرهم بذلك.
"تقتلون أنفسكم": جواب لسؤال مقدر، فكأنهم لما توجه إليهم الخطاب بالضمير واسم الإشارة، سارعوا بالاستفهام: كيف نحن؟، فجاء الجواب: أنتم تقتلون أنفسكم ............. إلخ كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ:
إطناب في تعداد جرائمهم يناسب سياق الذم، فتعداد الجرائم مظنة تقريع المذنب.
وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ: تعجب من حالهم فهم الذين تسببوا في وقوع المصيبة ابتداء ثم هم هؤلاء يصلحون ما أفسدته أيديهم، أفما كان الأولى بهم دفع الأمر قبل أن يضطروا إلى رفعه، فالدفع أولى من الرفع، والوقاية خير من العلاج.
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ: استفهام إنكاري توبيخي، وفي السياق إيجاز بالحذف فتقدير الكلام: أفتفرقون بين المتماثلين فتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض، وكل من عند الله؟!!.
والتنوين في "بعض": تنوين عوض تفاديا للتكرار، فتقدير الكلام: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض الكتاب.
فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ:
قصر بأقوى أساليبه: النفي والاستثناء، والوعيد عام في الدنيا والآخرة، في مقابل وعد المؤمنين بالنصر في الدنيا والفوز في الآخرة مصداق قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
وفي تنكير "الخزي": مئنة من عظمه.
وفي: "يردون": التفات من الخطاب إلى الغيبة، فتقدير الكلام على الخطاب: ويوم القيامة تردون إلى أشد العذاب، فالتفت إلى الغيبة إهمالا لشأنهم، وفي مجيء صيغة الجمع: "يردون" بعد صيغة المفرد: "من يفعل ذلك": تنويع إذ راعى لفظ "من" مرة فأفرد، وراعى معناها أخرى فجمع.
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ: توكيد بالباء التي دخلت على خبر "ما" النافية، وفي: تعملون": إيجاز بحذف عائد الصلة.
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ: إشارة إليهم بالبعيد تحقيرا لشأنهم، وفي "اشتروا": استعارة تصريحية تبعية إذ استعار معنى الشراء للاستبدال، وجاء اللفظ على صيغة الفعل المشتق فكانت الاستعارة تبعية من هذا الوجه.
فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ: الفاء سببية، فتفرع على صفقتهم الخاسرة وتجارتهم البائرة في الدنيا أنهم: لا يخفف عنهم العذاب، وذيل ذلك بمعنى متمم: (ولا هم ينصرون)، إيغالا في تيئيسهم، وأكد بضمير الفصل "هم". وقد يقال بأن العطف في هذا السياق: عطف عام على خاص، فتخفيف العذاب فرد من أفراد عموم النصرة، فنفى الأخص ثم أتبعه بنفي الأعم إمعانا في مساءتهم فليس لهم أي حظ من النصرة في الآخرة، وذلك لعمر الله: الخسران المبين.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنا عربيٌ]ــــــــ[07 - 01 - 2009, 09:42 ص]ـ
سلمت يداك تقبل مروري ..
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 01 - 2009, 08:16 ص]ـ
جزاك الله خيرا على المرور والتعليق وسلمنا وإياك وكل موحد من آفات القلوب والأبدان.
ومن قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
فيه من فنون البلاغة فن: العكس الذي يدل على التناقض والاختلاف بين الأمة الغضبية والأمة الضالة، وإن ظهر لنا من تحالفهما علينا ما نراه الآن، فاليهودي الماكر يضع الخطة والنصراني المغفل ينفذ تارة كما وقع في البلقان ومن بعدها بلاد القفقاز على أيدي الأرثوذكس الشرقيين ومن بعدهما العراق وبلاد الأفغان، ويمول تارة أخرى، ويؤيد ثالثة.
و: "شيء": نكرة في سياق النفي تفيد العموم، فكل طائفة تنفي عن الأخرى أي شيء من الهدى، وذلك عين التعصب الأعمى، إذ لا تخلو كل طائفة من حق، وإن ندر، ولكن التعصب مظنة الجهل بالحق والتنكيل بالخلق، فلا يرى صاحبه من قول مخالفه إلا الباطل ولو كان قوله أعظم بطلانا، ولذلك استحل كلاهما من الآخر ما استحل فسعى يهود في قتل المسيح عليه السلام، وسعى النصارى في خراب بيت المقدس انتقاما من اليهود!!!. وطال يهود بطش محاكم التفتيش الكاثوليكية فلم يجدوا مأوى إلا بلاد الإسلام الذي ينبز دوما بالتعصب والتطرف!!!، وكعادتهم لم يحفظوا الجميل، فاللؤم فيهم جبلة، فسعوا في تقويض خلافة آل عثمان التي استضافتهم، وكان "إيمانويل قره صو" رئيس الجالية اليهودية في "سالونيك" هو من أبلغ السلطان عبد الحميد، رحمه الله، قرار عزله!!!!. لما أبى بيع فلسطين كما باعها كثير من ملوك الطوائف المعاصرين ذوي العروش الورقية، وليس فيهم عبد الحميد ليغار على مقدسات الأمة، و:
ومن ملك البلاد بغير حرب ******* يهن عليه تسليم البلاد
كذلك: أي ما تقدم على طريقة العرب في الإشارة بالبعيد إلى ما انقضى قريبا.
قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: فمكمن الداء واحد.
فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ:
تعقيب بفض النزاع بحكم الله عز وجل يوم القيامة، أُكد باسمية الجملة، وتكرار الفاعل معنويا مظهرا: لفظ الجلالة: "الله"، ولفظيا مضمرا في عامله: "يحكم"، وقدم معمول يختلفون: "فيه" عليه للمحافظة على رؤوس الآي كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ:
ومن أظلم: استفهام بمعنى النفي يشير إلى عظم جرم النصارى لما منعوا ذكر الله، عز وجل، في بيت المقدس انتقاما من اليهود، فردوا عدوان اليهود بعدوان مثله، على طريقة: رد الفعل، والظلم لا يرد بالظلم، والبدعة لا ترد ببدعة. ورد اليهود الإساءة بالإساءة فألقوا خشبة الصلب في القمامة حتى استخرجتها هيلانة، وأنشأت في موضعها كنيسة القيامة، وتاريخ الصراعات الدينية حافل بهدم دور العبادة للمخالف، وحديثا رأينا ما صنعه الصرب الأرثوذكس في مساجد المسلمين في البلقان، ورأينا الهندوس يهدمون المسجد البابري ليقيموا مكانه معبد "رام"، ورأينا أهل البدعة يدنسون مساجد أهل السنة في العراق، والآن تقصف يهود مساجد الموحدين في غزة بحجة أنها مستودعات للسلاح، وما غاظهم إلا أن تلك المساجد كانت المهد الذي تربى فيه أفراد المقاومة التي تذيقهم صنوف النكاية في المعركة الدائرة الآن في غزة.
وكالعادة يقف الإسلام شامخا في تعامله مع غير المسلمين، وتاريخ المسلمين شاهد بعزتهم وتسامحهم في نفس الوقت مع مخالفيهم ودور عباداتهم، فلا عزة بظلم وتعد كما هو حال اليهود والنصارى وغيرهم مع المسلمين في العصر الحاضر، ولا تسامح بضعف وخنوع كما هو حال المسلمين اليوم مع "الآخر" المزعوم!!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يلجأ المسلمون إلى إزالة دور عبادات غيرهم إلا لمصلحة شرعية راجحة، فليس مرادهم التعدي ابتداء، وإنما حفظ جناب الدين وصيانة أركان الملة كما حدث في هدم تمثال بوذا في بلاد الأفغان أوائل القرن الحالي، إذ صار فتنة لضعاف النفوس من المسلمين ممن جاوروه ممن قل علمهم، فكانت المصلحة الشرعية بحفظ الدين أول الضرورات الخمس، مقدمة على أي مصلحة أخرى.
أن يذكر: بدل مقصود أصالة بالحكم، فالمبدل منه: "المسجد": جيء به توطئة إلى البدل، ففي الكلام نوع تفصيل بعد إجمال، وكأن الآية تشير إلى المقصود أصالة من المساجد وهو ذكر الله، عز وجل، الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، وإلا فالمنع من المسجد نفسه، ليس مقصودا لذاته، فهو كغيره من الأبنية من جهة مادة البناء، فتخصيصه بالمنع إنما هو لمنع ما يؤدى فيه من صنوف العبادات، ولذلك استحق فاعل ذلك المذمة.
وفي الكلام إيجاز بالحذف، على تقدير آخر غير البدلية، يكون فيه تقدير الكلام: كراهية أن يذكر فيها اسمه، فحذف المفعول لأجله لدلالة السياق عليه، فلن يرتكبوا ذلك الجرم إلا كراهية ذكر الله عز وجل.
وفيه إيجاز بالحذف أيضا على تقدير جار محذوف، فيكون تقدير الكلام: من أن يذكر فيها اسمه.
وإلى كلا الوجهين من الحذف أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"و: "أن" في موضع نصب على البدل من "مساجد"، ويجوز أن يكون التقدير: كراهية أن يذكر، ثم حذف.
ويجوز أن يكون التقدير: من أن يذكر فيها، وحرف الخفض يحذف مع "أن" لطول الكلام". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 67).
والمساجد قيل هي مساجد بعينها فيكون معنى العهد فيها مرادا، فهي: بيت المقدس، كما تقدم، أو الكعبة ويكون وجه الجمع في هذا الوجه مع كون الكعبة بناية مفردة: التعظيم لأنها قبلة المساجد كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
والإضافة إلى الله، عز وجل، إضافة تشريف، على وزان قوله تعالى: (ناقة الله).
وقال بعض أهل العلم: الإضافة دليل العموم، فتعم الآية كل المساجد لا مساجد بعينها، وهذا أبلغ في المعنى إذ العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، فيكون ذكر مساجد بعينها من باب التمثيل للعام بذكر أحد أفراده لتقريب المعنى إلى ذهن السامع، فلا يخصص هذا المثال: العام الذي يشمله وبقية الأفراد، فلو استدل مستدل بهذه الآية في زماننا على إغلاق بعض الظلمة مسجدا أو على منعهم نشاطا محمودا يقام فيه من: صلاة أو درس علم، أو حلقة تلاوة ............. إلخ، كما هو مشاهد في كثير من بلاد العالم الإسلامي الآن حتى وصل الأمر إلى هدم بعض المساجد كما حدث قريبا في بلاد فارس التي يطارد فيها أهل السنة، وكما وقع في إحدى جمهوريات الكتلة السوفييتية البائدة، لو استدل بهذه الآية لصح استدلاله، فلا يقال بأن الآية قد نزلت في مسجد بعينه، أو أن استشهادك بها على واقعة معينة تخصيص لعمومها، بل العموم يشملها ويشمل غيرها، وهذا أصل مطرد في كل نصوص الكتاب العزيز، وبه تتسع دائرة الاستدلال، وتكتسب المعاني حيوية تجعلها صالحة للاستدلال في كل عصر ومصر.
وسعى في خرابها: جرم بعد جرم، فلم يكتفوا بالمنع حتى شرعوا في الإزالة.
أولئك: إشارة لهم بالبعد تحقيرا من شأنهم.
ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين: قصر حقيقي بأقوى أدوات القصر: "النفي" و "الاستثناء"، وفي الإتيان بصيغة المضارع: "أن يدخلوها"، إشعار بدوام تلبسهم بذلك الخوف فهو أبلغ من جهة الدلالة الزمانية المستمرة من المصدر الذي يسبك من "أن" ومدخولها.
لهم في الدنيا خزي: تقديم ما حقه التأخير مشعر بالحصر والتوكيد، وتنكير "الخزي": للتعظيم فلهم خزي عظيم في الدنيا.
ولهم في الآخرة عذاب عظيم: إطناب في ذكر وعيدهم زيادة في المساءة، فذكر عقوبتهم العاجلة في الدنيا، ثم أتبعها بذكر عقوبتهم الآجلة في الآخرة، فاستوفى بذلك شطري القسمة الثنائية: الدنيا والآخرة، وقدم هنا، أيضا: متعلق الخبر "له": حصرا وتوكيدا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل من صد الناس عن مساجد الله، بأن ضيق عليهم، حتى وصل الأمر في بعض البلاد الإسلامية إلى الصلاة بالكروت الممغنطة لئلا يصلي أحد في غير مسجده!!!، وأصدرت التعليمات بسرعة إغلاق المساجد بعد أداء الصلوات إذ هي: أوكار الإرهاب .......... إلخ من الدعاية الآثمة، كل من فعل ذلك فله نصيب من هذه الآية إذ العبرة بعموم لفظ الوعيد لا بخصوص سببه كما تقدم.
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
ولله المشرق والمغرب: تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد فضلا عن كون اللام: لام الملكية والاستحقاق، فهو المستحق، جل وعلا، لكمال ربوبيته، ملك المشرق والمغرب، وقد يقال: سبب النزول يشهد لذلك إذ نزلت الآية بشأن توجه المصلين في السفر، فيقال: وهو المستحق شرعا: كمال التوجه إليه سواء علمت القبلة أو جهلت، فيكون استحقاقه كمال التأله بكمال التوجه فرعا على كمال ربوبيته جل وعلا، فإن من ملك المشرق والمغرب لم يصح في الأذهان أن يتوجه الداعون إلى غيره من الكائنات، فهو الغني بذاته المغني لغيره، وما عداه فقير فقرا ذاتيا لا ينفك عنه، فكيف يطلب الفقير من فقير مثله ويدع الغني؟!!.
و "أل" في "المشرق والمغرب": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه، فتشمل كل المشارق والمغارب باعتبار تعدد المطالع، كما في قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ)
فأينما تولوا فثم وجه الله:
شرط يفيد العموم المؤكد بـ: "ما" المزيدة، فكل الجهات ملكه، جل وعلا، والجملة: خبر أريد به الإنشاء، فالمعنى كما ذكر القرطبي رحمه الله: ولوا وجوهكم جهة الله، عز وجل، في أي مكان كنتم، وهذا أصل مطرد في جمل الشرط، فإن معنى الإنشاء فيها معتبر ولو كانت خبرية المبنى، فقد يكون المعنى:
أمرا كما في هذه الآية.
أو: زجرا كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)
أو حضا وإلهابا كما في قوله تعالى: (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
أو توبيخا كما في قوله تعالى: (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، وقوله تعالى: (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وَجْهُ اللَّهِ: من جعلها من آيات الصفات فالإضافة عنده: إضافة صفة إلى موصوف، فالله، عز وجل، متصف بصفة الوجه على كيفية تليق بكمال ذاته القدسية لا تدركها عقول البشر الناقصة، إذ كيف يدرك الناقص الكامل؟!!، فهو، جل وعلا، لا تطيق الأبصار رؤيته في الدنيا، ويوم القيامة يكتسب المؤمنون كمالا يصيرهم أهلا للنظر إلى وجهه الكريم، فيتحقق لهم كمال اللذة العلمية برؤية أشرف المعلومات، ومع ذلك يظل معنى النقص البشري في مقابل الكمال الإلهي حاضرا، فالمؤمنون يرونه رؤية بصر لا إحاطة، إذ من ذا الذي يحيط به، جل وعلا، علما، وإن بلغ من الكمال ما بلغ؟!!.
ومن لم يجعلها من آيات الصفات: فالإضافة عنده: إضافة مخلوق إلى خالق، على معنى الجهة، فتقدير الكلام: فأينما تولوا فثم جهة القبلة التي أمرتم بالتوجه إليها، فمن خفيت عليه القبلة، واجتهد في معرفة جهتها، ثم صلى بحسب ما أداه إليه اجتهاده، فقد صلى إلى القبلة التي أمر بالتوجه إليها، وإن لم تكن هي جهة القبلة في نفس الأمر، فالمجتهد يعمل بما أداه إليه اجتهاده حتى يظهر له خلافه، وهذا من رحمة دين الإسلام وسعة أحكامه، وواقعيته في تناول النوازل بعيدا عن التسيب من جهة والتكلف والتنطع من جهة أخرى، فلا يتساهل المصلي ويتوجه إلى أي جهة ابتداء محتجا بظاهر هذه الآية، ولا يتكلف ويضيق على نفسه فلا يصلي حتى يتيقن جهة القبلة تحديدا، بل يجتهد قدر استطاعته ويصلي إلى الجهة التي غلب على ظنه أنها جهة القبلة، فالظن الراجح كاف في مثل تلك الأحوال.
إن الله واسع عليم: تذييل يناسب السياق، فالله، عز وجل: واسع الذات، لا يدرك كنه ذاته القدسية إلا هو، واسع الصفات، فمن رحمته الواسعة أن خفف عن المسافر إذا جهل القبلة كما تقدم، وهو: "عليم" بما في قلوب عباده، فيعلم من أخلص وتحرى في طلب الحق، ومنه القبلة في هذا السياق، ممن فرط فلم يتجشم عناء الاجتهاد أو السؤال إن تيسر له.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 01 - 2009, 02:29 م]ـ
ومن قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ):
وقالوا: أي: وقالت النصارى المسيح ابن الله، وقالت اليهود: عزير ابن الله، وقال مشركو العرب: الملائكة بنات الله ............. إلخ من المقالات المستشنعة التي تنزه الباري، عز وجل، عنها، فأضمر ذكرهم في: "وقالوا" ليعم الضمير كل من قال بجنس تلك المقالة، وليحقر من شأنهم، فهم لا يستحقون مجرد الذكر، على وزان قوله تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ)، فأعرض عن ذكرها تصغيرا لها في مقام المعصية.
اتخذ الله ولدا: الاتخاذ مئنة من التكلف، وذلك أقبح وأقبح، فلم يكتفوا بوصفه بنقص الولد بل جعلوا ذلك أمرا عسيرا ينال بمشقة، والله، عز وجل، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولو: (أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)، والآية إنما سيقت مساق الفرض العقلي الجدلي، فلا يلزم من ذلك جوازها في نفس الأمر، إذ الافتراضات الذهنية مما يتوسع فيه، فقد يتصور العقل أمورا محالة لذاتها لا وجود لها خارج الذهن أصلا من قبيل قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)، فكذلك اتخاذ الولد: محال لذاته على الله، عز وجل، لما فيه من معنى النقص الذاتي الذي لا ينفك عنه، والباري، عز وجل، منزه عن كل نقص متصف بكل كمال.
سبحانه: تنزيه للباري، عز وجل، عن مقالتهم، والمقام يستلزم ذلك، فيكون التعقيب بالتنزيه من باب المسارعة في دحض وإبطال مقالتهم، فلا فاصل بين الدعوى والرد القاطع ببطلانها، فهي مجرد دعوى لا مستند لها من نقل صحيح أو فطرة مستقيمة أو عقل صريح.
بل: إضراب آخر بذكر نقيض ما وصفوه به، جل وعلا، من النقص المطلق، فمقابله الكمال المطلق فـ: له ما في السماوات والأرض مِلكا ومُلكا، فهو مالك الأعيان وخالق فِعالها، لا يخرج عن أمره التكويني شيء، قد أحاط بكل شيء علما وقدرة، فهو: (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) إثباتا، و: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ) نفيا، وهو المستحق لـ: الثناء المطلق بوصف الكمال إيجابا، ولـ: التنزيه المطلق عن وصف النقصان سلبا، قد اتصف بوصف الكمال: جلالا وجمالا، فكل كمال في خلقه فرع على كماله، وتنزه عن النقص: أزلا وأبدا، فلا يعتريه نقص ولا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يكتسب كمالا كان معطلا عنه فهو الكامل بأسمائه وصفاته وأفعاله أزلا وأبدا، فما حاجة من ذلك وصفه إلى ولد من جنسه، وهو المتفرد بوصفه، الغني بذاته، فكل ما عداه مخلوق مربوب، مفتقر إلى عطاء ربوبيته، فهل يتخذ الكامل من الناقص ولدا، وهل يحتاج الغني بذاته المغني لغيره إلى الفقير ليسد حاجته؟!!.
وفي تقديم الجار والمجرور: حصر وتوكيد مع ما لـ: "لام": "له" من معنى الملكية والاستحقاق، فضلا عن عموم "ما" الموصولة، فكل ما في السماوات والأرض من المخلوقات خاضع لأمره الكوني وقضائه الأزلي.
و "أل" في: "السماوات" و "الأرض": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه، فكل الكائنات في كل الجهات تحت سلطان وقهر ربوبيته، فكيف يفتقر إلى اتخاذ صاحبة أو ولد منها؟!!، ألا ينقض ذلك وصف الغنى: أخص أوصاف ربوبيته؟!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
كل: عموم آخر يناسب المقام، وفي الكلام إيجاز بالحذف، إذ التنوين في "كل" عوض محذوف تقديره: شيء، وقدره القرطبي، رحمه الله، بضمير الغائب "هم"، فتقدير الكلام على ذلك: كلهم له قانتون، فكل شيء سواه خاضع له قانت، فأمره الكوني نافذ، وأمره الشرعي حاكم، وإن أعرض عنه الطواغيت، فإنه لا يقدح في كمال ربوبيته، إذ ما أعرضوا عنه إلا بقدره، فخرجوا من قدر إلى قدر، وإنما القدح في كمال تألههم إلى الله، عز وجل، بأفعالهم، فإن أقبلوا فقد وحدوا الله، عز وجل، بأفعالهم، فرعا على توحيده بأفعاله، وإن أعرضوا فقد أشركوا به بقدر إعراضهم عن وحيه.
وفي تقديم الجار والمجرور: "له": ما قيل آنفا من الحصر والتوكيد.
والإطناب بنفي هذه التهمة المستشنعة غرض مقصود في هذا السياق، فقد أطنب جل وعلا:
بالسلب في: التسبيح فهو تنزيه عن كل مقالات السوء التي افتروها، وأول التوحيد: نفي بـ: "لا إله"، فقبل التحلية بأوصاف الكمال: تخلية من أوصاف النقص، (مع التحفظ على المفهوم الصوفي لمصطلحي: التخلية والتحلية)، وقبل الحمد بكل جميل، تسبيح وتنزيه عن كل قبيح، فنفي السوء، وإن كان مقصودا لغيره، إلا أنه سابق الإثبات، فهو الموطئ له، وفي التنزيل: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ)، فقدم الكفر بالطاغوت سلبا على الإيمان بالله إيجابا.
ثم ثنى بالإيجاب، وهو المقصود لذاته في هذا المقام، فجاء بأوصاف: (له ما في السماوات .............. )، و: (كل له قانتون)، ثم أطنب في أوصاف الكمال فقال:
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ):
فجاء بصيغة المبالغة: "بديع" إمعانا في وصف الكمال، وحذف المبتدأ، لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: هو بديع السماوات، ومبنى الكتاب العزيز على الإيجاز والإعجاز، فما دل السياق عليه استغني عن ذكره، وتوجه السياق إلى محط الفائدة مباشرة، وهي: وصف الله، عز وجل، بإبداع السماوات والأرض، من غير مثال سابق، وفي ذلك تنبيه على كمال ربوبيته، وهو محل النزاع مع أولئك الضلال الذين نسبوا له الصاحبة والولد، فقدحوا في ربوبيته، فهذا دليل ثالث على استغنائه عن خلقه، إذ هو الذي أبدعهم وصورهم وأمدهم بأسباب الحياة: فأوجدهم من عدم، وأعدهم لقبول أسباب الحياة وهيأ لهم معادن الرزق، فكيف يفتقر بعد ذلك إلى اتخاذ ولد منهم؟!!.
ففي الآيات حجاج عقلي بديع، إذ نفي أحد المتلازمين نفي لكليهما، فوصف الولد ووصف الفقر متلازمان، فمتى ارتفع أحدهما ارتفع الآخر، ومتى وجب أحدهما وجب الآخر، فكيف تدعون في إلهكم الكمال والغنى، وأنتم تصفونه بالولد ولازمه: النقص والفقر، أليس هذا تفريقا بين متماثلين بإثبات أحدهما ونفي الآخر، وتسوية بين مختلفين، بإثبات الشيء ونقيضه؟!!.
وفيها من قياس الأولى ما يدحض شبهة الخصم، فإن من خلق هذا الكون ابتداء لا يفتقر إليه من باب أولى، فالصانع لا يفتقر إلى صنعته، بل الصنعة هي التي لا تنفك عن فقر واحتياج إليه، وفي التنزيل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، فلم يخلق الخلق ليأنس بهم من وحشة، أو ليستكثر بهم من قلة، أو ليتقوى بهم من ضعف، أو ليستطعمهم من جوع، بل هو القيوم: القائم بذاته فلا يفتقر إلى سواه، المقيم لغيره فكل ما عداه مفتقر إليه.
وإذا قضى أمرا: "أمرا": نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم، أي: إذا قضى أمرا، أي أمر، فلا راد لقضائه، وذلك أيضا مئنة من كمال غناه، فلا زال الإطناب بذكر أوصاف الكمال في مقابل ما ادعوه من وصف النقص.
فإنما يقول له كن فيكون: تعقيب بالفاء يدل على الفورية فقضاؤه نافذ، وفيه أيضا من مجاز الحذف: حذف المبتدأ، "هو"، فتقدير الكلام: فهو يكون، أو: فإنه يكون كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 01 - 2009, 08:14 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ)
الذين لا يعلمون: تعليق للحكم على الوصف الذي اشتق منه الفعل: "يعلمون"، ففي الكلام إجمال في الموصول، بينته جملة الصلة التي أفادت وصفهم بعدم العلم، وهذا أبلغ في الذم من ذكر أعيانهم أو ألقابهم، كأن يقال: وقال اليهود أو النصارى أو مشركو العرب ......... إلخ، فوصف عدم العلم يعمهم مع ما فيه من ذم لهم إذ نفي العلم يستلزم إثبات نقيضه من الجهل.
والقاعدة في البيان بعد الإجمال: تشويق المخاطب إلى ما بعد اللفظ المجمل، إذ النفس تشتاق إلى كشف غموض ما خفي علمه عنها.
لولا يكلمنا: حض يدل على سوء أدب منهم، بالإلحاح على طلب ما لا ينفعهم في دين أو دنيا، وإنما محض تعنت.
آية: تنكير يفيد التعظيم فهم يطلبون آيات كونية خارقة لتستيقن قلوبهم، بزعمهم، وكذبوا فما اقترحوها إلا تعجيزا.
كذلك قال الذين من قبلهم: فليس في كلامهم جديد معنى، وإن اختلف المبنى.
تشابهت قلوبهم: علة ما قبله، إذ التشابه في الباطن مظنة التشابه في الظاهر من الأقوال والأفعال، والسكنات والحركات، فالأصل واحد وإن تعددت الفروع.
وتأمل حال أمة الإسلام في زماننا تجد قلوب كثير منا قد شابهت قلوب يهود ومن والاهم من النصارى، فانعكس الباطن على الظاهر، وسرى إلينا فسادهم العلمي والعملي مع تأصل العداوة بيننا وبينهم.
قد بينا الآيات لقوم يوقنون: فالبيان النافع: بيان اللفظ والمعنى، بيان العلم والعمل لا يحصل إلا للموقنين.
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ:
تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ببيان مهمته، فهو الرسول المبعوث بالحق بشيرا ونذيرا، وفي تعدد الأحوال: "بالحق"، "بشيرا" و "نذيرا" و "وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ"، إطناب يقتضيه المقام، فمراد المتكلم بيان وظائف الرسول لئلا يحمل نفسه ما لا تحتمل، فالحال: كما قرر النحاة: قيد لعاملها وصف لصاحبها، وكلما تعددت الأوصاف زال إبهام الموصوف، فالآية قد ذكرت أوصاف الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم تحديدا، فما أمر بهداية الناس هداية التوفيق وإنما: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ).
وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ:
ولن ترضى: نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل "ترضى"، فأفاد العموم فلن يرضوا عن المسلمين أي رضاً حتى يخرجوا من ملة الإسلام ويدخلوا في مللهم.
فليربع العلمانيون على أنفسهم، فلن يحصلوا على وسام الاعتدال والوسطية حتى ينبذوا الإسلام جملة وتفصيلا، وربما فاتهم ذلك فلن يثق اليهود والنصارى فيمن نبذ ملته من أجل سواد عيونهم، فمن لم يحترم نفسه لم يحترمه أحد.
اليهود ولا النصارى: بوصفهم أكبر ملتين معاديتين للإسلام مع ادعائهما الانتساب إلى الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فكيف يصح في الأذهان ولاء الخليل دون أوليائه من النبي والذين آمنوا معه، و: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يقال بأن ذكرهما من قبيل: ذكر بعض أفراد العام على سبيل التمثيل، فلا يخص حكم الآية اليهود والنصارى، وإنما يعم كل ملة مخالفة لملة الإسلام، بل كل نحلة مخالفة لنحلة أهل السنة، فلن يرضى عنا دعاة التقريب بين الملل والنحل حتى ندع ملتنا أو نحلتنا إلى ملتهم أو نحلتهم.
قل إن هدى الله هو الهدى:
أمر فيه معنى الإضراب بإبطال ما تقدم، وفي السياق توكيد بـ:
"إن"، وتعريف الجزأين، وضمير الفصل، واسمية الجملة، وأل في "الهدى": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه، فالهدى كل الهدى هو هدى الله عز وجل.
ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم:
قسم محذوف دلت عليه اللام الموطئة في "لئن"، فتقدير الكلام: والله لئن، ففي الكلام: إيجاز بالحذف، وفيه تحذير بالقسم المؤكد والشرط الذي سيق مساق الإنذار، فهو خبري المبنى طلبى المعنى، فمعناه: لا تتبع أهوائهم من بعد ما جاءك من العلم لئلا يلحقك الوعيد فما لك حينئذ من الله من ولي ولا نصير، وقال بعض أهل العلم: الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إعلاما بوصفه المبلغ عن ربه، ولأمته إلزاما، فهي المقصودة أصالة بالخطاب، فلا يتصور أن يترك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ملته ليتبع ملة اليهود والنصارى وما بعث إلا ناسخا لهما ناقضا لما ابتدعه الأحبار والرهبان فيهما، وقال بعض آخر: لا يلزم من ورود الشرط جوازه، فضلا عن وجوبه، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، والشرك في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من: المستحيل الذاتي، وإنما سيق أيضا، مساق التحذير والوعيد لأممهم إن أشركوا، وقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)، وذلك أيضا من المستحيل الذاتي، فالله، عز وجل، واحد في ذاته، أحد في صفاته، صمد لم يلد ولم يولد، وإنما هو من قبيل: التنزل مع المخالف.
و "العلم": عام أريد به خاص، فالمقصود به في هذا السياق: القرآن فهو من علم الله، عز وجل، وهو أخص من "العلم".
ما لك من الله: تقديم: "من الله" توكيدا، فتقدير الكلام: مالك من ولي ولا نصير من الله، وأكد المعنى بـ: "من": التي زيدت في سياق نفي زيادة في معناه، فهي أبلغ في نفي الولي من: ما لك من الله ولي.
من ولي ولا نصير: إطناب بنفي أي معين سواء أكان وليا يدفع لقرابة وحمية، أو نصيرا يدفع لمصلحة عارضة، فالولي أخص من النصير، إذ كل ولي نصير ولا عكس، فبينهما: عموم وخصوص وجهي، والعطف فيهما على هذا التأويل: عطف عام على خاص، فذكر الخاص ابتداء لأنه مظنة الدفع والنصرة، ثم ثني بالعام لقطع احتمال أي نصرة من أي أحد سواء أكان قريبا أم بعيدا، ومثله قوله تعالى: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)، ولكن العطف هنا وإن استوفى أركان القسمة العقلية للنصرة فهي، كما تقدم، إما أن تكون من قريب أو بعيد، إلا أنه عكس العطف في آية البقرة، فهو عطف خاص على عام، فالشافع أعم من الصديق، ونفي العام لا يستلزم نفي الخاص، فأفرد الخاص وهو الصديق بالنفي إمعانا في تيئيس الكافر، وإلى طرف من ذلك أشار الزمخشري رحمه الله وعفا عنه، بقوله: "فإن قلت: لم جمع الشافع ووحد الصديق؟ قلت: لكثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق. ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته، رحمة له وحسبة، وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة. وأما الصديق - وهو الصادق في ودادك الذي يهمه ما أهمك - فأعز من بيض الأنوق". اهـ
وقال بعض أهل العلم: إن مثل هذه السياقات، وإن استحالت في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إلا أنها تورد إيراد بيان مقادير الأعمال فهي بمنزلة النص على وعيد جرم بعينه بغض النظر عن فاعله، فعمومها معلق بالوصف لا بالشخص، ولذلك صحت مخاطبة الأنبياء بها، مع استحالة وقوعهم في ذلك الجرم لمكان عصمتهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا توجه التحذير إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنه موجه إلى من هو دونه في المنزلة من باب أولى، والواقع شاهد بأن آكد أسباب فساد هذه الأمة هو ما اقتبسته من شعب الفساد العلمي والعملي من يهود ومن أضلوه من النصارى، فصار المسلمون أذنابا لهم، حماة لمصالحهم، بل حراسا لحدودهم، فضيقوا على الموحدين مصانعة للمشركين، فآثروا العاجلة على الآجلة، ولسان حالهم تصديق وعد واشنطن وتل أبيب وتكذيب وعد الله عز وجل!!!!
الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ: الذين آتيناهم الكتاب: تعليق للحكم بوصف تلقي الكتاب المنزل فهو مظنة الاهتداء، و "أل" في "الكتاب" عهدية تشير إلى كتاب بعينه سواء أكان القرآن أم التوراة أم الإنجيل، على خلاف بين المفسرين، أو هي: جنسية استغراقية فتعم جنس الكتب المنزلة، كما أشار القرطبي، رحمه الله، إلى طرف من ذلك، وهذا أقرب لأن حمل ألفاظ العموم على عمومها حتى يرد المخصص المعتبر هو الأصل، فلا يعدل عن العام إلا لخاص يقضي عليه، إذ الخاص أقوى في الدلالة من العام كما قرر أهل الأصول.
يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ: فذاك الظن بمن أوتي علم الكتاب، وقد يقال بأن ذلك إنما هو باعتبار المتوقع لا الواقع، فكثير ممن أوتي الكتاب من أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يصدق فيهم قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، وعلماء السوء، وما أكثرهم في زماننا ولعل نازلة غزة الحالية قد كشفت النقاب عن تخاذل ومداهنة كثير منهم، أولئك: ممن يشملهم عموم هذه الآية، فيكون عموم "الذين" مخصوصا بواقع الحال المزري، أو يكون قوله: (الذين آتيناهم): حقيقة بالأفعال لا مجرد تلقٍ للوحي بالأسماع، فهم المتبعون لما تلي على أسماعهم من آيات الكتاب المنزل.
أولئك يؤمنون به: إشارة البعيد تدل على علو منزلتهم فهم أهل لذلك بأخذههم بأسباب العلو في الدنيا والآخرة مصداق قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، وقوله تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
ومن يكفر به فأولئك: شرط سيق مساق التهديد والوعيد فأفاد بمنطوقه خبرا وبمفهومه أمرا، إذ فيه النهي عن نبذ الكتاب المنزل وترك العلم بأحكامه فإن ذلك مظنة الخسران.
وأولئك: اسم إشارة للبعيد يدل على دنو منزلتهم فهم أهل لذلك بهجرهم الكتاب المنزل سبب الرفعة في الدنيا والآخرة، فهم على النقيض من الأولين، فأولئك اتبعوه وهؤلاء هجروه، ففي السياق نوع مقابلة يظهر الفرق بين كلا الطائفتين.
وفي قوله تعالى: (وأولئك هم الخاسرون): توكيد باسمية الجملة وتعريف الجزأين وضمير الفصل.
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ:
يا بني إسرائيل: نداء بالبعيد مشعر بغفلتهم وفي نسبتهم إلى أبيهم "إسرائيل": نوع إيناس وتلطف معهم في الخطاب مع عظم جرمهم.
نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ: إطناب في مقام الامتنان فنعمة الله، عز وجل، لا تكون إلا منه، فهو ولي النعم والرحمات الدينية والدنيوية، ولكنه قيدها بجملة النعت: "التي أنعمت عليكم" إمعانا في البيان والتوضيح، و "نعمتي": أضيف فيها المفرد: "نعمة" إلى ياء المتكلم فأفاد العموم، فهي مفردة في اللفظ جمع في المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأني فضلتكم على العالمين: خصوص بعد عموم، فتفضيلهم فرد من أفراد جنس النعمة التي أنعم الله، عز وجل، بها عليهم، وفي ذلك من التوكيد على معنى المنة من الله، عز وجل، عليهم ما فيه، والإتيان بـ: "أن" المؤكدة ومعمولها أبلغ في تقرير هذا التوكيد من الإتيان بالمصدر الصريح: وتفضيلي إياكم على العالمين، على وزان قوله تعالى: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ)، وقوله تعالى: (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)، وقوله تعالى: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ:
يوما: تنكير للتعظيم خص بنعت: "لا تجزي نفس عن نفس"، و "نفس": نكرة في سياق النفي تفيد العموم فلا تجزي يومئذ أي نفس عن أي نفس شيئا.
ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة: نكرات أخرى في سياق النفي تفيد العموم، فيقال في نفي الشفاعة في هذا السياق: نفي العموم إما أن يكون في حق الكافرين، فالشفاعة في حقهم منتفية، مصداق قوله تعالى: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)، فيكون السياق من العموم الذي أريد به الخصوص وهو: الشفاعة للكافرين خاصة لا عموم الشفاعة فإن من أفرادها ما هو ثابت بالدليل الصحيح الصريح، كالشفاعة لعصاة الموحدين من أصحاب الكبائر.
ولا هم ينصرون: الضمير "هم": مؤكد، و عطف النصرة على الشفاعة في سياق النفي من عطف العام على الخاص، إذ النصرة قد تكون بالشفاعة وقد تكون بغيرها، فلما نفى الشفاعة خصوصا أردف بنفي النصرة عموما قطعا لأي أمل في نجاتهم وفي ذلك من التيئيس والتنكيد ما فيه
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 01 - 2009, 08:10 ص]ـ
قوله تعالى: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
ومن يرغب: استفهام إنكاري توبيخي فيه معنى النفي، فلا يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه. فالنفي مع الاستثناء: قصر، وهو قصر حقيقي، فإن العدول عن ملة التوحيد تسفيه للنفس وحط من شأنها، فالشرك أعظم ظلم للنفس.
وفي السياق: محذوف لازم للمذكور، فإن من رغب عن ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، راغب إلى غيرها لا محالة، فإن التوحيد والشرك: متناقضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإما توحيد وإما شرك. واعتبر بحال يهود: عباد العجل، لما عدلوا عن توحيد المعبود، جل وعلا، وحدوا عجلا جسدا له خوار!!!، واعتبر بحال النصارى لما عدلوا عن توحيد المعبود بأوصاف الكمال: جلالا وجمالا، وصفوه بما لم يصفه به أحد من العالمين من النقص والحاجة، فلا تعرف مقالة أفسد من مقالتهم في الإلهيات، اللهم إلا مقالة الاتحادية، فهي أفحش وأفحش، وإن كانت عند التحقيق، شعبة من مقالة النصارى زاد فيها قائلها ما زاد من الكفر والإلحاد.
فيكون تقدير الكلام: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلى غيرها.
سفه: ضمن معنى جهل، فيكون في السياق: إيجاز بالحذف، على تقدير: إلا من جهل أمر نفسه، فحذف المضاف "أمر" وأقام المضاف إليه: "نفسه" مقامه. وهذا اختيار الزجاج رحمه الله.
وقال بعض أهل العلم: إلا من أهلك نفسه.
ولقد اصطفيناه: توكيد باللام وقد.
في الدنيا وإنه في الآخرة: حصر لاحتمالات القسمة العقلية، فإنه محمود البداية، محمود النهاية، وفي التنزيل: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
(يُتْبَعُ)
(/)
لمن الصالحين: إيجاز بحذف مقدر دل عليه المذكور، إذ: "أل" الموصولة في "الصالحين": لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فلا يقال بأن معمول الصلة هو: "في الآخرة" المتقدم، وإنما يقال: تقدير الكلام: وإنه في الآخرة لمن الصالحين في الآخرة، فحذف الثاني المتأخر لدلالة الأول المتقدم عليه، إذ هو بمنزلة العوض، ولا يجمع بين العوض والمعوض منه، إذ في ذلك تكرار معيب، ففي الآية: إيجاز بالحذف بالنظر إلى سياقها، توكيد بالتكرار بالنظر إلى المقدر المحذوف.
والسياق مؤكد بـ: إن، واللام المزحلقة في: "لمن"، واسمية الجملة، فضلا عن التوكيد بتقدير المحذوف المكرر كما تقدم، وفي حشد تلك المؤكدات مزيد عناية بالخليل عليه الصلاة والسلام وتنويه بذكره.
إذ قال له ربه أسلم:
علة ما قبلها فهو من الصالحين لسرعة وتمام انقياده لرب العالمين.
أسلم: تحتمل التعدي فيكون في الكلام: إيجاز بحذف المعمول على تقدير: أسلم وجهك أو قلبك .......... إلخ، وتحتمل اللزوم، فيكون في الكلام: إيجاز بحذف جار ومجرور على تقدير: استسلم لرب العالمين، والسياق يحتمل كليهما، وإن كان يشهد للثاني، بقرينة: (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، فهي على تأويل: استسلمت لرب العالمين، فتعدى اللازم بلام الاستحقاق، إذ لا يستحق تمام الاستسلام إلا رب العالمين جل وعلا.
قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ: تنبيه على علة الاستسلام، فهو الرب: الخالق البارئ المصور الملك المدبر الرزاق المحيي المميت .............. إلخ من أوصاف الربوبية، فاستحق ألوهية الاستسلام والانقياد فرعا على كمال ربوبيته جل وعلا.
قوله تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
ووصى: زيادة في المبنى بالتضعيف تدل على زيادة في المعنى بالتكرار والتوكيد، فهي أبلغ في بيان عظم شأن الموصى به من "أوصى"، وأي شأن أعظم من شأن التوحيد.
"بنيه" و "يا بني": جناس لتلوين الخطاب، فتقدير الكلام: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب بنيه، ولكن كراهة التكرير، ذكر خطاب يعقوب لبنيه بصيغة النداء.
يا بني: "يا": لنداء البعيد تنبيها، وبني: استمالة لهم بذكر صلة القرابة التي تحمل الأب على العطف على بنيه.
إن الله اصطفى: توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، وتكرار الفاعل: المبتدأ المذكور لفظ الجلالة: "الله" فهو فاعل في المعنى، والفاعل اللفظي المستتر في "اصطفى". فلا مشرع إلا الله، فهو الذي يصطفي ما شاء من العلوم والأعمال لعباده، فهو الذي خلقهم، ومن خلق أعلم بخلقه، مصداق قوله تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، فالاستفهام تقريري إذ دخول همزة الاستفهام على النفي بـ: "لا" بمنزلة النفي له، ونفي النفي إثبات، فهو الذي علم فخلق فجاء خلقه موافقا لعلمه، وعلمه قد أحاط بكل المعلومات: دقيقها وجليلها، والتذييل باسمي: اللطيف والخبير، مئنة من إحاطة علمه بكل المعلومات، إذ من أحاط علما بالدقائق، فهو بالعظائم أعلم، من باب أولى، فيكون في السياق: تنبيه بالأعلى على الأدنى، وذلك من القياس الأولوي الجائز في حق الله، عز وجل، فهو الأولى بإثبات كل كمال مطلق، وهو الأولى بنفي كل نقص أو عيب. فمبنى الأمر على: الثناء بكل كمال والتنزيه عن كل عيب أو نقيصة.
الدين: عام أريد به خصوص دين الإسلام، بمعناه العام، فـ "أل" فيه: عهدية كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون: توكيد بالقصر بـ: النفي والاستثناء، ونون التوكيد المثقلة في "تموتن"، والإطلاق بلا ذكر الحال: "وأنتم مسلمون": تكليف بما لا يطاق، فالموت قدر كوني لا راد له، فصار الحال في هذا السياق مع كونه فضلة باعتبار أصل الوضع في اللغة: حالا مؤسسة، بل عمدة في بيان المعنى المراد، فالنهي عن الموت مقيد بالموت على غير ملة الإسلام وذلك مما يصح تكليف العبد به شرعا.
وفي أسلوب القصر إيجاز بليغ، أشار إليه القرطبي، رحمه الله، بقوله:
" (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون): إيجاز بليغ.
والمعنى: الزموا الإسلام ودوموا عليه ولا تفارقوه حتى تموتوا.
فأتى بلفظ موجز يتضمن المقصود، ويتضمن وعظا وتذكيرا بالموت، وذلك أن المرء يتحقق أنه يموت ولا يدري متى، فإذا أمر بأمر لا يأتيه الموت إلا وهو عليه، فقد توجه الخطاب من وقت الأمر دائبا لازما". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 122).
فجمع بين الموعظة بالتذكير بالموت، والأمر بلزوم الدين حتى مجيء الأجل.
والأصوليون يقولون: الأمر لا يقتضي التكرار بمادته، فيخرج المكلف من عهدته بامتثاله مرة واحدة تتحقق بها ماهيته خارج الذهن، بخلاف النهي فإنه يقتضي التكرار بمادته، ولكن القرينة: سياقية كانت أو خارجية قد ترجح دلالة الأمر على التكرار، كما في هذا الموضع، إذ الأمر بالتزام الإسلام حتى الموت يقتضي الثبوت والدوام عليه إلى آخر العمر.
أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
حضر يعقوب الموت:
مجاز عند من يقول به، إذ أطلق الموت وأراد مقدماته من الاحتضار، إذ لو حضره الموت حقيقة لما استطاع التوصية.
وقد يقال بأن في الكلام: استعارة الحضور من الزائر إلى الموت.
وقدم المفعول على الفاعل: عناية بشأنه وتنويها بذكره، وفي تقديم الفضلة على العمدة نوع توكيد.
ما تعبدون: لا من تعبدون لأنه أراد صفة المعبود الحق جل وعلا لا اسمه.
ولذلك جاء الجواب بوصف الألوهية، وفي عطف "آبائك": عطف عام على خاص، فأضافوا الإله إلى أبيهم: ألوهية خاصة، ثم أضافوه إلى آبائه ألوهية أعم، ولكنها ليست عامة: العموم الاصطلاحي المعهود الذي يشمل كل أفراده، فالعموم والخصوص درجات كما قرر أهل العلم.
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: بيان بعد إجمال المبدل منه: "آبائك".
إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ: حال موطئة لما بعدها فالمقصود أصالة: إثبات وحدانية الله عز وجل.
ونحن له مسلمون: توكيد باسمية الجملة، وتقديم ما حقه التأخير "له".
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ:
إشارة البعيد باعتبار الزمن، أو على طريقة الإشارة بالبعيد لما انقضى ذكره قريبا.
لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ: تقديم ما حقه التأخير: "لها" يفيد الحصر والتوكيد كما تقرر مرارا، وعموم "ما" يدل على إحصاء كل الأقوال والأفعال: صغيرها وكبيرها وفي التنزيل: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وفي الكلام إيجاز بحذف عائد الصلة فتقدير الكلام: لها ما كسبته ولكم ما كسبتموه، وفي الآية: جناس بين: "لها" و "لكم"، و: "كسبت" و "كسبتم"، وهو يزيد المعنى بيانا وبهاء.
ولا تسألون: حذف الفاعل للعلم به، فتقدير الكلام: ولا يسألكم الله.
عما كانوا يعملون: إيجاز بحذف عائد الصلة.
فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ:
إنشاء الأمر بالإيمان بتعليق وعد الهداية عليه، ولكنه مقيد بـ: "مثل ما آمنتم به"، وزيادة "مثل" من باب زيادة المبنى زيادة في المعنى، أو يقال لا زيادة هنا أصلا على طريقة: مثلك لا يفعل ذلك، والمقصود: المخاطب، فتقدير الكلام: فإن آمنوا بما آمنتم به. وهو أولى لأن الأصل عدم الحذف.
(يُتْبَعُ)
(/)
والآية نص في اتباع طريقة الصدر: خير طباق الأمة، فالسير على طريقتهم في الأصول والفروع مظنة الاهتداء والنجاة.
وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ: خبر أريد به إنشاء الوعيد المعلق على شرط التولي عن الإيمان بالله عز وجل.
فإنما هم في شقاق: توكيد بـ: "إنما": الحاصرة، ونكر "شقاق": تعظيما.
فسيكفيكهم الله: تعجيل بالوعد دلت عليه السين، وجرى على الأصل في اتصال الضمير وإن جاز انفصاله، فيجوز في غير التنزيل: فسيكفيك الله إياهم، فقدم المفعول الثاني لما اتصل وجوبا، وتقديم المفعول مشعر بنوع حصر وتوكيد فضلا عن وجوبه في هذه الصورة من جهة الصناعة النحوية.
وهو السميع العليم: تذييل يناسب المقام، فالسمع: سمع تأييد للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسمع تهديد للمشركين، وهو العليم، فإحاطة سمعه بكل الأصوات مئنة من إحاطة علمه بكل المعلومات.
قوله تعالى: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
كونوا هودا أو نصارى: كونا شرعيا، فهم في مقام الترويج لمقالتهم فيدعون النجاة والاهتداء لمن سار عليها.
تهتدوا: إيجاز بالحذف انتقالا إلى محط الفائدة: "تهتدوا"، ففي الكلام: شرط محذوف، فتقدير الكلام: إن تكونوا هودا أو نصارى ..............
قل: رد على قولهم فالجناس هنا يزيد الرد قوة.
بل ملة: إضراب إبطالي لما قبله، وفي الكلام إيجاز بالحذف، فيقدر عامل لـ: "ملة"، ويقدر شرط محذوف أيضا في مقابل شرطهم، فتقدير الكلام: بل اتبعوا ملة إبراهيم حنيفا، إن تتبعوا ملته تهتدوا.
وقوله تعالى: (وما كان من المشركين): عطف لازم على ملزومه، فالميل إلى التوحيد لازمه الميل عن الشرك، فالحنيف مائل إلى الحق، مائل عن الباطل.
قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ:
بيان لإجمال ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وما أنزل إلينا: عطف بلا إعادة للجار لدلالة السياق على ذلك.
وما أنزل إلينا: من الإسلام الخاص.
وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ: من الإسلام العام، فالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ
وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ: موسى وعيسى: خاص، عطف عليه عام: "النبيون".
لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ: نفي تسلط على المصدر الكامن في "نفرق"، فلا تفريق بين أحد من رسل الله عليهم الصلاة والسلام.
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ: تقديم ما حقه التأخير حصرا وتوكيدا كما تقدم.
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ:
إيجاز بحذف عامل "صبغة"، فتقدير الكلام: الزموا صبغة الله، وقال الأخفش رحمه الله: هي بدل من "ملة"، فتكون من باب البيان بعد الإجمال، إذ البدل هو المقصود بالحكم أصالة وإنما سيق المبدل منه توطئة له.
ومن أحسن من الله صبغة: استفهام إنكاري إبطالي فلا أحد أحسن صبغة من الله عز وجل.
ونحن له عابدون: تقديم ما حقه التأخير، ووصف العبودية ملائم لسياق بيان حسن الصبغة الإلهية والشرعة الربانية، فعبودية الله، عز وجل، لازم الإقرار بكمال صبغته وإحكام شرعته.
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ: استفهام إنكاري توبيخي فقد حاجوا المسلمين في الله، عز وجل، بالفعل.
وفي الكلام إيجاز بالحذف على تقدير: أتحاجوننا في دين الله، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه إشعارا بعظم الأمر وخطر الشأن إذ تعلق الفعل بالله عز وجل، كما يضاف الرسول إلى مرسله عناية به وبيانا لمكانته، فمكانة الرسول من مكانة مرسله، ومكانة الدين من مكانه مشرعه.
وهو ربنا وربكم: جناس ومقابلة بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب، وفي العطف حصر لاحتمالات القسمة العقلية، فهو ربنا وربكم، رب المتكلم ورب المخاطب ربوبية عامة تعم المؤمن والكافر.
وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ: تقديم ما حقه التأخير واللام للاختصاص، وفي السياق: جناس ومقابلة بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب كمل تقدم.
وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ: تقديم ما حقه التأخير، وفيه تعريض بالمخالف: فنحن مسلمون وأنتم معرضون كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى:
إضراب بـ: "أم" المنقطعة، فتقدير الكلام: بل أتقولون إن إبراهيم .......... ، وفي الاستفهام إنكار وتوبيخ فقد ادعوا ذلك فعلا.
قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ: استفهام إنكاري.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ: استفهام يفيد النفي والإبطال.
وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ: الباء في "بغافل": تزيد المعنى فرعا على زيادة المبنى، وفي الكلام إيجاز بحذف عائد الصلة.
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ: تذييل يناسب المقام، فيه معنى التوكيد على مضمونه بتكراره.
يقول القرطبي رحمه الله: "كررها لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف، أي إذا كان أولئك الأنبياء على إمامتهم وفضلهم يجازون بكسبهم فأنتم أحرى، فوجب التأكيد، فلذلك كررها". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (2/ 131).
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 02 - 2009, 07:37 ص]ـ
قوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
سيقول: مبادرة إلى إثارة الشبهات وهذه سنة أهل الكتاب مذ بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلى يوم الناس هذا، وذلك عند التحقيق: دأب كل مبطل إذ الإعراض عن المحكمات وتتبع المتشابهات طريقة الذين في قلوبهم زيغ.
السفهاء: عام أريد به خاص، إن حمل على اليهود كما أثر ذلك عن مجاهد رحمه الله.
ووصف السفه هو علة مسارعتهم إلى ذلك، فليس المراد من الاسم: مسمى بعينه، بل المقصود: بيان وصفه، فيعم من جهة المعنى: كل من أراد إثارة شبهة طعنا في دين الإسلام.
من الناس: زيادة بيان على وزان: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ).
لله المشرق والمغرب: اللام للملكية، و: "أل" في المشرق والمغرب: جنسية استغراقية، وفي التنزيل: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ).
يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ: هداية توفيق، بقرينة تقييد الهداية بـ: "من يشاء"، بخلاف هداية الدلالة والإرشاد فهي مطلقة، وفي التنزيل: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، بالدلالة على أعلام الطريق، فليس لك من أمر القلوب شيء، إذ: (لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ).
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ:
جعلناكم: جعلا شرعيا فلا يكون شهيدا إلا العدل الذي امتثل أمر الله عز وجل.
القبلة: "أل" عهدية تشير إلى بيت المقدس في قول، وإلى الكعبة في قول ثان، فتكون الكاف في "كنت" زائدة، فتقدير الكلام على ذلك: وما جعلنا القبلة التي أنت عليها، كما أشار إلى ذلك القرطبي، رحمه الله، والأصل عدم الزيادة، فيترجح العهد الأول. والله أعلم.
إلا لنعلم: علم ظهور وانكشاف يتعلق به الثواب والعقاب لا علما أزليا، فذلك مما لا يتعلق به الثواب والعقاب حتي يخرج من العدم إلى الوجود، ومن الغيب إلى الشهادة. وتعلق العلم بالمكتوب في علم الغيب قبل إيجاده غير تعلقه به بعد إيجاده في عالم الشهادة.
وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ: توكيد بالاستثناء المفرغ بـ: "إن" و "إلا" على قول الفراء، رحمه الله، و بـ: "إن" المخففة من المثقلة الناسخة، على قول البصريين، فيكون التوكيد في قولهم قد حصل بـ: "إن" المؤكدة، واللام المزحلقة في: "لكبيرة". وقد تعلق الحكم بوصف "الهداية" الذي اشتقت منه جملة الصلة: "هدى الله".
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ: نفي دل عليه: الكون المنفي ولام الجحود إمعانا في تهدئة خواطر المسلمين الذين خافوا على إخوانهم الذين ماتوا قبل تحويل القبلة، فإن النسخ لا يضر الحي إن عمل بالمنسوخ قبل علمه بورود الناسخ، فكيف بالميت الذي لم ينسخ الحكم في حياته؟!.
إيمانكم: أي صلاتكم، فيكون من إطلاق الكل وإرادة البعض، على قولو أهل السنة، إذ الأعمال من ماهية الإيمان حقيقة لا مجازا، فدلالة الإيمان على الأعمال: دلالة تضمن، فلا يقال بأن إطلاق الإيمان على الأعمال من باب: إطلاق الملزوم وإرادة لازمه، فهذا قول مرجئة الفقهاء، ولا يقال بأنه من باب: إطلاق السبب وإرادة النتيجة، فتكون العلاقة بينهما: التباين في الماهية، كمباينة الثمرة الشجرةَ، إذ ماهية الثمرة غير ماهية الشجرة التي نشأت منها وهذا قول المرجئة، فدلالة الإيمان على الأعمال: دلالة حقيقية لا مجازية، ولو سلم بالمجاز في
(يُتْبَعُ)
(/)
إطلاق الإيمان على الأعمال، فهو من باب: إرادة البعض بإطلاق الكل، كما تقدم، فلا يخرج العمل عن كونه جزءا من الإيمان.
إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ:
تذييل يناسب المقام فهو: توكيد آخر لتهدئة الخواطر المضطربة، بـ: "إن" واللام المزحلقة في: "لرءوف"، واسمية الجملة قبل دخول الناسخ، وتقديم متعلق الرأفة والرحمة: "بالناس" وحقه التأخير، وجاء الوصف بالرأفة والرحمة إمعانا في تهدئة الخواطر، كما تقدم، فصفات الجمال تبعث الأمل والرجاء في النفوس، وجاء: "الرحيم" ملائما للرءوف، إذ الرأفة أخص من الرحمة، فهي رحمة وزيادة، وذلك لا يكون إلا للمؤمنين، فناسب أن يقترن بالاسم الدال على الرحمة الخاصة التي لا تكون إلا للمؤمنين، فالرحيم: ذو الرحمة الخاصة، بخلاف "الرحمن" فهو: ذو الرحمة العامة، والرحمة العامة، وإن كانت مما يحمد الله، عز وجل، به، إلا أن عمومها لا يبعث في نفس المؤمن الطمأنينة التي يبعثها خصوص رحمة "الرحيم" فإن اختصاصها بالمؤمنين مزية تشرح الصدر وتسكن القلب.
و"أل" في الناس: عهدية، فالمقصود في هذا المقام: المؤمنون، إذ خصوص الرحمة، كما تقدم، لا يتعلق إلا بهم.
وقوله تعالى: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
اللام في: "ولئن" موطئة لقسم محذوف يفيد التوكيد.
ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم: جناس اشتقاقي بين: "تبعوا" و "تابع" فالأصل الكلي الجامع لهما واحد وهو المصدر: "اتباع"، يزيد المعنى بيانا، وفي المستقبِل الذي دل عليه اسم الفاعل: "تابع" الذي يعمل عمل مضارعه فيدل على الحضور والاستقبال: أهل الكتاب في جانب والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جانب وأمته تبع له في ذلك، وفي القبلة: قبلتهم لهم وقبلتنا لنا.
وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ: إتمام للقسمة العقلية، فهم فيما بينهم مختلفون، وتنوين: "تابعٍ" مشعر بدوام ذلك على وزان: هذا قاتلٌ زيدا في المستقبل بخلاف: هذا قانلُ زيد، فقد وقع الفعل وانقضى.
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ: قسم محذوف آخر مؤكد لما بعده، والشرط في: "لئن": لا يلزم منه جواز فضلا عن وجوب، فهو للتحذير، فحمله على أتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أولى، وإن صح حمله على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبيان العاقبة، ولا يلزم من بيان عاقبة الشيء وقوعه، على وزان قوله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، والشرك في حق الأنبياء محال، وإنما سيق بيانا لمقادير الجزاء على الأعمال.
والجواب: "إنك إذا لمن الظالمين": جواب القسم المتقدم لا الشرط المتأخر، وجواب الشرط المتأخر محذوف لدلالة جواب القسم المتقدم عليه، فلا يجمع بين العوض والمعوض منه منعا للتكرار المعيب، فالإيجاز بالحذف منعا للتكرار مقصود في مثل هذه المواضع.
العلم: عام أريد به خاص وهو القرآن فهو من علم الله، عز وجل، فـ: "أل" فيه: عهدية ذهنية.
إنك إذا لمن الظالمين: توكيد بـ: "إن"، و "إذا" واللام المزحلقة واسمية الجملة، ففيه من الوعيد ما يحمل العبد على اجتناب الفعل أو الإقلاع عنه إن كان ممن تلبس به.
الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ:
(يُتْبَعُ)
(/)
يعرفونه كما يعرفون أبناءهم: جناس يزيد المعنى بيانا، فشبهت المعرفة بمعرفة مثلها ليتضح مراد الله، عز وجل، بلا تعقيد أو تكلف. وخص الأبناء بالذكر لكونهم الأقرب إلى النفوس من البنات، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، وهو أمر قد ركز في فطر بني آدم حتى علل به بعض الفقهاء مسائل من قبيل التخفيف في تطهير بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، فينضح، بخلاف بول الجارية فإنه يغسل وإن لم تأكل الطعام، إذ النفوس تتعلق بالذكور أكثر من تعلقها بالإناث، فالذكر مظنة العناية، ولا يعني ذلك إهمال الجارية، ولكن الواقع يشهد بما يحظى به الذكر من مزيد عناية، فكثر حمله، وكثرة حمله مظنة كثرة تبوله، فيصيب حامله من بوله ما يشق غسله لتكرره، فيعفى عنه، إذ المشقة تجلب التيسير، فيكتفى فه بالنضح، وهذا كمن يكثر خروج المذي منه، فإنه يخفف فيه لمشقة تكرار الغسل فيكتفى فيه بالنضح.
ويرد على ما تقدم من قول أبي السعود، رحمه الله، أن لفظ الابن يشمل الذكر والأنثى، وفي التنزيل: (آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا)، و: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
والضمير في: "يعرفونه" عائد على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ففيه على أحد الأقوال الإضمار قبل الذكر للإشعار بفخامة شأنِه عليه الصلاة والسلام، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، ويزيد ذلك المعنى رسوخا: الالتفات إلى الغيبة في: "يعرفونه" فكان الخطاب في الآية السابقة موجها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومقتضى ذلك أن يكون السياق: يعرفونك ليطرد الخطاب، ولكنه التفت عنه إلى الغيبة.
وقيل مرجع الضمير إلى العلم أو سببِه الذي هو الوحيُ أو القرآنُ أو التحويل عن بيت المقدس إلى البيت الحرام، فتكون المسألة من باب الاشتراك الراجع إلى تعدد الأقوال في مرجع الضمير، وقد يقال هنا بجواز حمل المشترك على كل معانيه، إذ لا تعارض بينها، فكلها تصلح مرجعا للضمير دون فساد في المعنى.
وفي الكلام إيجاز بالحذف، إذ حذف المصدر الموصوف بالمصدر المنسبك من "ما" المصدرية وما بعدها، فتقدير الكلام: يعرفونه معرفةً كمعرفتهم أبناءهم.
وإن فريقا منهم: تنكير يفيد التكثير، فكثير منهم عرف وأنكر.
والتذييل بهذه الجملة مؤكد لما قبلها، فعلمه مستقر عندهم، وقد أكدت الجملة المذيِلة بـ: "إن"، واللام المزحلقة التي اتصلت بالمضارع لشبهه بالاسم، واسمية الجملة، وجملة: "وهم يعلمون": حال تصف صاحبها، فانقطع عذرهم بالجهل، إذ أعرضوا بعدما جاءهم العلم، وجحدوا بعدا استيقنت قلوبهم صحة رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ:
الحق: "أل" للعهد والإشارةِ إلى ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى الحقِّ الذي يكتُمونه، فيكون العهد فيها ذهنيا، أو هي للجنس، فتكون جنسية لبيان ماهية الحق، وفي السياق: إيجاز بالحذف، على تقدير مبتدإ محذوف يكون: "الحق": خبره، فيؤول السايق إلى: هو الحق من ربك، ويكون: "من ربك" إما حالا، أو: خبرا بعد خبر زيادة في البيان، ويرجح هذا الوجه أن فيه قطعا إلى الرفع، والقطع مظنة العناية، إذ فيه التفات يسترعي انتباه المخاطب، ويرجح كون: "الحق": مبتدأ على الاستئناف: أن الأصل عدم الحذف.
وأشار أبو السعود، رحمه الله، إلى وجه آخر بالنصب، فإما أن يكون قطعا، فيقال فيه ما قد قيل في القطع إلى الرفع، وإما أن يكون على البدلية من "الحق" في الآية السابقة، فيكون من باب البيان بعد الإجمال، إذ خص الحق في هذه الآية، على القول بأن "أل" جنسية وهي مظنة الشيوع كالنكرة فيصح مجيء الوصف بعدها مخصصا، والتخصيص مزيد بيان للمخصص.
فلا تكونن من الممترين:
في الفاء معنى التعقيب والسببية، فإذ ثبت لديك أنه الحق من ربك، فلا تشكن فيه، والنون في: "فلا تكونن" لتوكيد النهي، ففيه من التحذير ما فيه، ويقال هنا، أيضا، إن الخطاب من باب: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)، فلا يلزم من النهي عن الشرك وقوعه سلفا، وإنما قد ينهى عنه بلا سابقة وجود إمعانا في التحذير، وقد يقال، ايضا، بأن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمراد: أمته.
وفي قوله تعالى: (من ربك): مزيد عناية وإيناس للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإفراده بالذكر في سياق الربوبية فهي ربوبية خاصة: ربوبية الحفظ والإحاطة كما أشار أبو السعود، رحمه الله، إلى طرف من ذلك.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 02 - 2009, 07:50 ص]ـ
أخي مهاجر بارك الله فيك على ما تقدم وهو عمل في ميزان حسناتك
وحبَّذا لو شفعت ذلك بالمصدر(/)
سر حذف ياء الأفعال الأصلية في الرسم القرآني
ـ[العرابلي]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 06:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سر حذف الياء في الرسم القرآني (الياء الأصلية)
حذف الياء يفيد الدوام والاستمرار بصفة عامة
الياء تفيد "التحول" كما يظهر استعمالها في لوحة معاني الحروف الهجائية،
وحذفها يفيد إلغاء التحول؛ وإلغاء التحول يفيد دوام الشيء واستمراره.
وقد تبين من جميع المواضع التي حذفت فيها الياء؛
أن حذفها بني على موافقة رسم الكلمة لواقع الاستمرار والدوام الذي دل عليه الحذف.
الياء التي حذفت في الرسم القرآني ستة أنواع؛
النوع الأول: الياء الأصلية.
وهي التي تقع لامًا للكلمة، وتجيء ثالثة، وتكون أصلية؛ مثل: الداعي، الجواري، يؤتي، يغني،
وحكمها أنها تحذف في سبعة أفعال، وثلاثة عشر اسمًا.
الأفعال السبعة التي حذفت فيها الياء
الفعل الأول: يُؤْتِ
في قوله تعالى: (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) النساء.
حذفت ياء يؤتي في هذا الموضع الوحيد؛ لأن عطاء الله تعالى للمؤمنين في الآخرة عطاء دائم، لا ينتهي ولا ينفد.
أما إثباتها في قوله تعالى: (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) الليل.
فلأجل أن المزكي يتزكي إذا ملك المال، ويخرج الزكاة إذا ملك نصاب الزكاة، وتحقق فيه الشروط الشرعية، وإذا لم يكن له مال فلا زكاة عليه، فإخراج الزكاة لا يتصف بالدوام.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) البقرة.
فلأجل أن إتيان المُلْك من عطاء الله في الدنيا، وقابل لأن ينزع منه، أو الموت عنه.
أما إثباتها في قوله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) البقرة؛
فلأجل أن إتيان الحكمة من الأمور التي يصلح الله بها عباده في الدنيا، ولا حاجة لهم بها في الآخرة.
وغير ذلك فهي محذوفة بسبب الجزم؛ مثل: (وَءَاتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) المائدة.
الفعل الثاني: يَأْتِ
في قوله تعالى: (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود.
حذفت ياء يأتي في هذا الموضع الوحيد؛ لأن اليوم الآخر إذا جاء لا يرد ولا ينتهي؛ فمن شقي شقي شقاءً دائماً، ومن سعد سعد سعادة دائمة (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) هود.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) البقرة.
فلأن الإتيان بالشمس من المشرق يتكرر وينتهي بالمغيب كل يوم، ثم يؤتى بها من المغرب كعلامة كبرى لمجيء الساعة، ونهاية الحياة الدنيا، فلا استمرار لإتيانها من المشرق، ويوم القيامة تكور وينتهي إشراقها.
أما إثباتها في قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ ءامَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَواةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) إبراهيم.
فلأجل أن العمل ينقطع في الآخرة؛ (لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ)، فجاء التحذير لإقامة الصلاة، والإنفاق في سبيل الله قبل مجيء ذلك اليوم. فلا استمرار للإنسان فيه لكسب ما يدفع الضرر عن نفسه.
الفعل الثالث: يسر
في قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) الفجر.
يقسم الله تعالى بالليل إذا ذهب وسار، وأي الليل الذي أقسم الله تعالى به؟
أهو ليل الأيام؟ أم ليل آخر أيام الدنيا؟
فالليل في أيام الدنيا يذهب ويعود، وأما يوم القيامة فيذهب بلا عودة؛ فلا ليل يأتي على أصحاب الجنة، ولا نوم فيها عن نعيمها، ولا ليل يأتي على أصحاب النار، ولا راحة لهم من عذابها.
والليل الذي المقسم به هو الذاهب من غير عودة، وذلك يوم القيامة، وهذا حدث عظيم، والقسم به هو قسم بنفس يوم القيامة؛ لأنه حدث من أحداث الله العظام، أما ليل الأيام فيتكرر بالذهاب والعودة.
الفعل الرابع: ننج
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءامَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103) يونس
حذفت ياء ننجي الثانية لأن هذا الإنجاء هو من فعل لله، وصفته الدائمة في إنجاء المؤمنين لقوله سبحانه وتعالى: (كذلك حَقًّا عَلَيْنَا) فلم يقيد الإنجاء بحدث أو بالدنيا، فهو يشمل الإنجاء في الآخرة أيضًا.
أما إثباتها في الموضع الأول من الآية فلأجل أن هذا الإنجاء يكون عند إهلاك الله الأمم المكذبة لرسلها.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) مريم
فلأجل أن هذا الإنجاء يقع في حدث محدود؛ عند المرور على الصراط إلى الجنة.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الأنبياء
فلأجل أن الله تعالى يفعل في إنجاء المؤمنين بإخراجهم مما يحيط بهم من الكرب؛ كما أنجى يونس عليه السلام بإخراجه من بطن الحوت.
وهذا الموضع ليس كالموضع الذي حذفت فيه الياء في الآية الأولى؛ لأنه أطلق القول فيها بالاتصاف بما أوجب على نفسه، ولم يقيده بالحدث. وكانت سبل نجاة الرسل عديدة، وقيده في هذه الآية بربطه بما حدث ليونس عليه السلام.
الفعل الخامس: تغن
في قوله تعالى: (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) القمر.
حذفت ياء تغني لأجل أن فيها نفيًا دائمًا لنفع النذر، فهم معرضون عن كل آية تأتيهم؛ ومتبعون أهواءهم بعد مجيء ما يزجرهم، فقد جاء قبلها؛ (وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) القمر
وأما حذفها أيضًا في قوله تعالى: (ءَأََتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ ءالِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ (23) يس.
لأن فيها نفيًا دائمًا لنفع شفاعة ما أشركوا به من آلهة مزعومة.
أما إثباتها في قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) النجم.
فللاستثناء الوارد (إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)، فلم يكن النفي ساريًا على الجميع.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) يونس.
فلأجل أن طلب النظر إلى آيات السموات والأرض كان عامًا، والمبلغ لهذا الطلب هو النبي صلى الله عليه وسلم، فأغنت من آمن بها، ولم تغن من لم يؤمن بها، ثم تحول من بقي من المبلغين إلى الإيمان بعد الفتح.
وما بقي من مواضع الحذف فبسبب الجزم كما في قوله تعالى: (فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (24) يونس.
الفعل السادس: يناد
في قوله تعالى: (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) ق.
حذفت الياء في نداء المنادي في الآخرة ليقوم الناس أحياء بعد أن كانوا أمواتًا، (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) ق، فكان النداء لحياة لا موت بعدها، واستمرار لا توقف له.
أما إثباتها في قوله تعالى: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) آل عمران.
فلأجل أن النداء إلى الإيمان خاص في الحياة الدنيا، ولأن هذا النداء يتوقف عند حصول الاستجابة من المنادى إليه، فأثبتت الياء لانقطاع استمرارية النداء، أو التحول عنه.
الفعل السابع: نبغ
في قوله تعالى: (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى ءاثَارِهِمَا قَصَصًا (64) الكهف
حذفت ياء نبغي في قول موسى عليه السلام؛ لأن فقدان الحوت هو العلامة الموصلة إلى الرجل الصالح؛ لينطلق معه متعلمًا منه مما علمه الله، ولأن لقاء الرجل الصالح ليس هو نهاية البغية؛ بل هو بداية الاستمرار في المصاحبة، فلأجل ذلك كان حذف الياء.
أما إثبات الياء في قول أخوة يوسف؛ (قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا (65) يوسف.
فلأجل أن بغية أخوة يوسف انتهت بالحصول على بضاعة يبادلونها في مصر، فلما وجدوا بضاعتهم ردّت إليهم؛ قالوا قولهم هذا، وفي التفسير قالوا لأبيهم: ما نبغي منك شيئاً لقد وجدنا بضاعتنا ردت إلينا، وافتقارهم إلى البضاعة بان في تعليل يوسف عليه السلام لردها عليهم؛ (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) يوسف.
وكذلك وصفهم لسوء حالهم وبضاعتهم وطلب التصدق عليهم؛ (قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) يوسف.
الفعل الثامن: يقص
في قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) الأنعام.
ذكر هذا الفعل زيادة عن الأفعال السبعة لوجود قراءة أخرى له؛ وقد حذفت الياء على قراءة من قرأ (يَقْضِ) بدلاً من (يقصُّ)؛ لأن حذفها يجعل الرسم صالحاً للقراءتين معاً ... هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقضي بالحق دائمًا، ولهذا المعنى يصلح حذف ياء يقضي أيضاً، ولو لم يقرأ إلا بها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 10:57 ص]ـ
مقدمة هذا الموضوع هي لكل الياءات التي حذفت في القرآن الكريم
فهي لهذا الموضوع
والموضوع الثاني في حذف ياء الأسماء
وما يليهما من مواضيع(/)
سر حذف ياء الأسماء الأصلية في الرسم القرآني
ـ[العرابلي]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 06:09 م]ـ
الأسماء الثلاثة عشر التي حذفت فيها الياء
الاسم الأول: المتعال
في قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) الرعد
حذفت الياء في صفة الله "المتعالي" لأنها صفة علو لله تعالى، وهي صفة دائمة لله عز وجل لا تحول عنها.
الاسم الثاني: الداع
في ثلاث مواضع؛
في قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة.
حذفت ياء (الداعي) في هذا الموضع لاشتمال الاستجابة كل داعٍ، وكل دعاء، ولا تقف عند داعٍ بعينه أو دعوة خاصة لأحد.
أما حذفها في قوله تعالى: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) القمر.
وفي قوله تعالى: (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر.
فلأجل أن الداعي فيهما يدعو إلى جزاء للكافرين دائم لا تحول له.
أما إثباتها في قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتْ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) طه.
فلأجل أن الداعي يدعو إلى موقف الحساب، ويقودهم إليه، وليس هذا بموقف دائم، وله زمن محدد ينتهي عنده، وما بعده إما إلى الجنة وإما إلى النار.
الاسم الثالث: صَالِ
في قوله تعالى: (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163) الصافات.
حذفت ياء (صالي) لإفادة الديمومة في دخول النار، ومقاساة حرها وعذابها الذي لا يتوقف ولا ينقطع.
الاسم الرابع: المهتد
في قوله تعالى: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) الكهف.
وفي قوله تعالى: (وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء.
حذفت ياء (المهتدي) في الموضع الأول والثاني لمن ثبتت له الهداية الدائمة، ويقابل من ضل ضلالاً دائمًا لا يجد له وليًا مرشدًا، ومأواه جهنم كلما خبت زادهم سعيرًا.
أما إثباتها في قوله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف.
فلبيان أن المهتدي بما أعطاه الله من الآيات والبينات قد يقع في الفتنة والغواية، وينسلخ من آيات الله، ويكون من الضالين، وقد سبق هذه الآية من كان مثالا على ذلك؛ في قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) .... (177) الأعراف، فكانت الآية تعقيبًا على من لم يستمر على الهداية، وتحول عنها، فثبتت ياء التحول ولم تحذف.
الاسم الخامس: الباد
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج
الباد في هذه الآية كل من لم يكن من أهل مكة، وبلده خارجها أو بعيدة عنها، وهذا حال لكثير من الناس بصفة دائمة، لذا حذفت ياء البادي، فلن تخلو الأرض يومًا من ساكن فيها خارج مكة، وهم الأكثر والسواد الأعظم إلى يوم القيامة
الاسم السادس: واد
في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) النمل
(يُتْبَعُ)
(/)
النمل من الحشرات التي لا تكاد تخلو أرض من نوع من أنواعها التي تتخذ الأودية مساكن لها، وهذا من الأمور الدائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فناسب ذلك حذف الياء، وكذلك إضافة الوادي إلى النمل فصار علمًا دائمًا للنمل.
الاسم السابع: الواد
ذكر الواد في أربع مواضع:
في قوله تعالى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) طه.
وفي قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) القصص.
وفي قوله تعالى: (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) النازعات.
وفي قوله تعالى: (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) الفجر.
الأودية التي ذكرت في هذه الآيات وآية النمل إنما هي أودية خاصة، والأودية من المواضع الدائمة المستمرة في جغرافية الأرض، والتي تزداد ولا تنقص في معظمها، فحذف ياء الوادي أنسب لها.
الاسم الثامن: كالجواب
في قوله تعالى: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) سبأ
الجفان: القدور، والجواب: الحياض الكبيرة التي يجمع فيها الماء للإبل، أو التي في الجبال يجتمع فيها ماء المطر، وهذه الجوابي جمع جابية من الأشياء التي لا يستغني عنها الناس لما وضعت له، وإن لم يصنعها من الطين والحجارة صنعها من المعادن، وشبهت الجفان بها لبيان ضخامة حجمها، وطول عمرها الذي ناسب حذف الياء منها، ودائمًا المشبه؛ أقصر أحدث عمرًا من المشبه به، والحذف كان في المشبه به.
الاسم التاسع: التلاق
في قوله تعالى: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ (15) غافر
يوم التلاقي هو يوم القيامة، يوم الخلود، يوم يلاقي كل واحد عمله فيه فيخلده؛ إما في الجنة، أو يهوي خالدًا في النار، فحذفت ياء التلاقي ليتعاضد الرسم مع المعنى في بيان خلود ذلك اللقاء بين الإنسان وعمله وفي هذا نذارة عظيمة.
الاسم العاشر: التناد
في قوله تعالى: (وَياَقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) غافر.
حذف الياء في التنادي كحذفها في التلاقي، إذ يوم التنادي هو يوم القيامة؛ فمن نودي لرحمة الله فهو في رحمة دائمة لا يخرج منها، ومن نودي لعذاب الله فهو في عذاب لا يفارقه، لا العذاب ينتهي ولا هو يموت فيفارقه.
أما إذا أريد بيوم التناد يوم ينادي بعضهم بعضًا للتجمع أو الهرب من العذاب يوم وقوعه، وهذا ما يبينه بعدها القول المفسر له؛ (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) غافر، ولا إدبار لأحد يوم البعث. وقد كان منهم التنادي للخروج للحاق ببني إسرائيل، وجاءهم الهلاك بهذا الخروج، ولم يكن لهم عاصم من الله يوم أغرقهم أجمعين.
والتخويف من العذاب الأقرب أولى من التخويف من العذاب الأبعد لقوم لا يؤمنون، وقد خوفهم بما حدث لمن سبقهم؛ (وَقَالَ الَّذِي ءامَنَ يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ (31) غافر.
الاسم الحادي عشر: الجوار
في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) الشورى
وفي قوله تعالى: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) الرحمن.
حذفت ياء (الجواري) لأن السفن لا تتوقف في البحر، والذي يمنع حركتها هو تثبيتها بالمرساة، وتظل الأمواج والمد والجزر يحركها باستمرار، ويقوي ذلك استعمال حرف الجر (في) البحر؛ الذي لا يستخدم إلا مع وجود الحركة؛ والجواري هي تسمية للسفن في حال الحركة والجريان، وقد ناسب حذف الياء استمرار السفن في جريها، وسيرها في حاجة الناس، وحاجة الناس دائمًا في ازدياد لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما حذفها في قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) التكوير.
فلأجل أن النجوم لا تتوقف في سيرها، وإن غلب ضوء الشمس ضوءها في النهار فتعذر رؤيتها، فناسب الحذف استمرار النجوم في سيرها الذي لا يتوقف.
الاسم الثاني عشر: المناد
في قوله تعالى: (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) ق.
حذفت الياء في (الفعل) و (الاسم) معاً لما يترتب على نداء المنادي من إجابة لحياة مستمرة لا مثيل لها، ولا غياب لأحد عنها، ولا انصراف ولا رجوع بعدها؛ إجابة للبعث الدائم والحياة الجديدة التي لانهاية لها، ولا موت يأتي عليها.
الاسم الثالث عشر: هاد
في قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) الحج.
الهداية في الموضع الأول من الله، والله هو الهادي إلى صراط مستقيم، وهدايته دائمة، فحذفت لذلك الياء.
وأما حذفها في قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) الروم
فلأجل أن أصل الهداية ليست من الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من الله تعالى، وإنما على الرسول الدعوة والبلاغ، وإقامة الحجة عليهم،.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) النمل
فلأجل أن النفي لم يدم في كثير من الناس الذين دعاهم الرسول إلى الهداية، إذ أنهم بعد عدم استماعهم للرسول، وعداوتهم لله ورسوله؛ تحولوا بعد هداية الله لهم إلى جند مدافعين عن الإسلام، ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى قبلها لرسوله: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) وتوكل الرسول على الله في دعوته لهم إلى الإسلام، وترك ما هم عليه من الكفر والشرك؛ واستمراره بالدعوة لهم، ومجاهدتهم؛ جعل الجزيرة كلها تدخل برحمة الله قبل موته صلى الله عليه وسلم في دين الله أفواجا.
والعمي في آية الروم من النوع الذي لا يريد الإبصار، فيعجز عن هديهم، ويموتون على عماهم.
والعمي في آية النمل من النوع الذي لم يعرف النور من قبل، ويؤمل في هديهم مع الاستمرار في دعوته.
بهذا ينتهي النوع الأول في حذف الياء الأصلية في الأفعال والأسماء
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 08:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مع تقديري الشديد للمجهود الذي بذله الأخ في هذه المادة، وتقديري للأخ نفسه، إلا أنني أرى أن هذا الكلام من التهويمات والشطحات التي تدخل في باب تجليات الصوفية، ولا تعد من العلم النافع فضلا عن مجرد العلم.
وأكرر لا يحسبن أحد أنني أنتقص من الأخ ولكن لا محاباة في العلم، لا سيما العلم الشرعي، لا سيما كلام الله تعالى.
وبالله التوفيق
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 - 11 - 2008, 12:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مع تقديري الشديد للمجهود الذي بذله الأخ في هذه المادة، وتقديري للأخ نفسه، إلا أنني أرى أن هذا الكلام من التهويمات والشطحات التي تدخل في باب تجليات الصوفية، ولا تعد من العلم النافع فضلا عن مجرد العلم.
وأكرر لا يحسبن أحد أنني أنتقص من الأخ ولكن لا محاباة في العلم، لا سيما العلم الشرعي، لا سيما كلام الله تعالى.
وبالله التوفيق
أشكر الأخ أبو عبد القيوم على مروره
من يعش مع هذه الأبحاث منذ سنوات على بداية النشر يستطيع تفهمها
ومن يدخل جديدًا عليها يستغرب، ثم يصدر ما بدا له من أحكام؛ تهويمات، شطحات، تجليات .. أين هذا الذي ظهر لك؟!
وهل تريد انتقاصًا فوق هذا؟!
أريد بيانًا واضحًا وليس أحكامًا عامة تلقى جزافًا
أستطيع ان أناقشك فيها وتناقشني فيها.
ما علقت عليه هو عن بضع كلمات من أصل 263 كلمة وأكثر من ذلك من المكررات والمماثلات لها مما ثبتت فيها الياء.
لم يأت هذا مما تقول ... هذا من أبحاث لها تسعة عشر عامًا
سبحان الله العظيم
غفر الله لنا ولكم(/)
هل أجد من يتأمل هذه الآيات؟
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 11:32 م]ـ
اخوتي الأفاضل
هل أجد منكم من يقف معي وقفت تأمل
في هاتين الآيتين في سورة آل عمران:
قال تعالى:
"قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ" (40)
وقال تعالى:
"قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَهُ يَخْلُقُ مَايَشَآءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (47)
لماذا ذكر الله في الآية الأولى في قصة زكريا عليه السلام لفظ (غلام)
وفي الآية الثانية في قصة مريم عليها السلام لفظ (ولد)؟
وقال في الأولى (يفعل ما يشاء)
وفي الثانية (يخلق ما يشاء)
وأيضا هناك سؤال آخر في سورة مريم
قال تعالى:" وَكُلُهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا "
وفي سورة النبأ قال تعالى:
"يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أفْوَاجًا"
لماذا ذكر في الأولى (فردا)
وفي الثانية (أفواجا)
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 12:23 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته,
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين.
وبعدُ؛ فلك الله أيّتها الفاضلة, إذ نبّهتِ إلى الحاجة للتّأمّل.
ولكنْ؛ ألا يوجد خيارات للإجابة.
حسنًا؛ أقول وبالله التوفيق: قد تعلّمتُ من أستاذي الفاضل؛ فاضل السامرّائي حفظه الله, أنّه يجب النظر في سياق الآية, ومَن المتكلّم, إلى آخر ذلك من الجوّ العام للآية.
وممّا لاحظته, وأنا أقول ذلك على استحياء ووجل, فمَنْ أنا.
في الآية الأولى؛ الكلام منسوب إلى نبيّ الله زكريّا, وهو ذكر لا يلد, بل الولادة من صفات النساء, ثمّ إنّه من معاني كلمة غلام: الصبي من حين يولد إلى أن يشبّ, إذًا؛ بعد أنْ تتمّ عمليّة الولادة التي لا يقدر ذكرٌ عليها. ومن معانيها: خادم, و قد يكون هذا المعنى أولى؛ بسبب ما ذكره من كبره, وعقر امرأته.
أمّا في الآية الثانية فالكلام منسوب لأنثى؛ هي السيّدة مريم العذراء, والأنثى تلد كما أعلم.
في الحقيقة هذه أوّل مرّة أطبّق فيها ما أسمعه من الأستاذ فاضل السامرّائي حفظه الله, ولا أدري أأصبْت فيما قلت فأتابع أم لا, فإنْ كانت الأولى فمن فضل الله عليّ, وإلاّ فقد حالت ذنوبي بيني وبين المراد, ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله, والحمد لله أوّلاً وآخرا.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 12:55 ص]ـ
"قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَهُ يَخْلُقُ مَايَشَآءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ".
استعمل فعل الخلق في سياق قصة مريم ووهبها عيسى - عليهما السلام -؛ لما أحاط بهذا التكوين من إيجاد غير معهود في متعارف البشر؛ فناسب فعل الخلق هنا.
أورد الراغب في مفرداته: " الخلق أصله: التقدير المستقيم، ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء " (المفردات: 296).
والله - تعالى - أعلم.
ولي عودة لبقية تأمل إن أذن ربي.
ـ[ضياء الأمل]ــــــــ[28 - 11 - 2008, 10:36 ص]ـ
بارك الله فيكما وفي تأملكما.
وأنا في شوق استاذتي الفاضلة ندى الرميح،
لمتابعة تأملكِ
ـ[قاسم خليل]ــــــــ[28 - 11 - 2008, 08:22 م]ـ
والله كلي شوق لمعرفة المزيد حول هذه الآية(/)
الفواصل القرانية
ـ[ماسينيسا]ــــــــ[24 - 11 - 2008, 06:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله موضوعي للتخرج هو الفواصل القرانية دراسة بلاغية هلا ساعدتموني اخواني الافاضل باي معلومات او كتب في هذا المجال و جازاكم الله كل الخير
ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[24 - 11 - 2008, 07:29 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله , تفضل أخي بعض الكتب حول الفاصلة مما هو متوفر على الشبكة:
1.فواصل الآيات القرآنية (كتاب مصور قد خصصه مؤلفه في البحث عن إعجاز الفواصل بلاغياً , وأوجه ذلك في القرآن)
كمال الدين عبد الغني المرسي
http://www.archive.org/download/faqfaq/faq.pdf
2.( دراسات في علم الفواصل)
للشيخ حمدي عزت عبد الحافظ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12044
3. الحقائق المكللة في بيان إعجاز فواصل الآيات المنزلة
السعيد وعزوز
PDF
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attach...9&d=1196337534 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attach...9&d=1196337534)
WORD
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attach...0&d=1196337534 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attach...0&d=1196337534)
4. الفوَاصلُ القرْآنيّة درَاسَة بلاغيّة
د. السيد خضر
http://www.4shared.com/file/44290307...01c/__-__.html
ـ[ماسينيسا]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 09:58 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله شكرا سيدي الفاضل على هذه المعلومات القيمة جازاك الله كل الخير وادخل امثالكم جنات الفردوس ان شاء الله
ـ[فتحي لزهر]ــــــــ[26 - 07 - 2009, 10:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و السلام عليك ورحمة الله وبركاته
يشرفني أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى أعصاء المنتدى راجيا منكم المساعدة حول موضوع الرتبة النحوية/رجائي كتب أو رسائل أو مقالات تساعدني على اتمام بحثي والسلام عليك ورحمة الله وبركاته(/)
ساعدوني يرحمكم الله
ـ[القادري]ــــــــ[24 - 11 - 2008, 07:57 م]ـ
انا بحاجة الى توضيح وشرح موضوع التورية بصراحة انا مدرس لغة عربية ولا امتلك الفهم الكافي للموضوع ارجو ان تساعدوني ولكم مني جزيل الشكر
ـ[عاشق البلاغة]ــــــــ[24 - 11 - 2008, 10:24 م]ـ
سهل الله عليك، موضوع التورية سهل ممتنع، إن أردت أشرحه لك غدا في هذا الوقت إن شاء الله تعالى، و لكن أدلك على ثلاثة كتب قد تجد فيها ما يروي ظمأك
1 - البلاغة العربية: عبد الرحمن حبنكة الميداني -رحمه الله تعالى -
2 - البلاغة فنونها و أفنانها: د. فضل عباس.
3 - البلاغة الواضحة: علي الجارم و مصطفى أمين.(/)
العصا والجزرة
ـ[قاسم خليل]ــــــــ[28 - 11 - 2008, 08:19 م]ـ
مثل كثير ما يتردد في الاخبار السياسية وتحديدا فيما يتعلق بالسياسة الامريكية مع العرب (فمتى يستخدم)
أي عندما يكون خيارين كلاهما صعب
أو خيارجيد ولكن المقابل صعب
أو شئ آخر ...
وبراك الله فيكم
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[28 - 11 - 2008, 10:24 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته أرى أنه يقصد به الترهيب والترغيب والله أعلم.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 06:29 م]ـ
يستخدم عندما يريد المتحدث ترغيب السامع في أمر ما يجعل له الجزرة مثل الطُعم، فإن استجاب ووقع في الفخ ضُرب بالعصا.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 12:36 ص]ـ
يستخدم هذا التعبير كناية عن الترغيب والترهيب.
ـ[نخب أول]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 02:32 ص]ـ
يضرب هذا المثل والله أعلم في التشويق والترغيب نحو الهدف دون الوصول إليه , مع مايبذل من جهد واستنزاف؛ فالجزرة توضع أمام الدابة ,ثم تضرب بالعصا , فلاتصل إليه مهمابذلت من جهد ,وهذا المثل ينطبق تماماً على حال الزعماء العرب فيمايقدمونه من تضحيات وعطاء سخي في سبيل تحقيق شيئ ممايعدونهم الغرب , كالدولة الفلسطينية مثلاً.
ـ[قاسم خليل]ــــــــ[27 - 03 - 2009, 12:18 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعا(/)
بلاغة واصل
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 09:13 ص]ـ
كان واصل بن عطاء خطيبا وفصيحا، لكنه لم يكن يجيد نطق الراء، فتحداه أحدهم أن يردد هذه الجملة:
اطرح رمحك واركب فرسك
لأن الجملة تشتمل في جميع كلماتها على حرف الراء
فلم يتردد واصل وقال: ألق قناتك واعل حصانك
ـ[أبوالشيماء]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 04:04 م]ـ
وأظنه صاحب القصة المشهور ذات العبارات المرصوصة بحروف الراء في كلماتها وهي:
أمر أمير الأمراء بحفر بئر في الصحراء ........ الخ
فاستبدل تلك الكلمات بأخرى لا راء فيها.
والله أعلم
ـ[الحامدي]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 05:36 م]ـ
وأظنه صاحب القصة المشهور ذات العبارات المرصوصة بحروف الراء في كلماتها وهي:
أمر أمير الأمراء بحفر بئر في الصحراء ........ الخ
فاستبدل بتلك الكلمات [كلمات] أخرى لا راء فيها.
والله أعلم
فحولها إلى جملة خالية من الراء، وهي:
قضى حاكم المسلمين بنبش جب في البيداء ...
وقيل فيه: إنه كان من البلاغة بحيث يلقي الخطبة الكاملة، وما فيها راء للثغته.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 09:06 ص]ـ
أحسنت أخي الحامدي لإثراء الموضوع
ـ[تيما]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 12:10 م]ـ
وقيل فيه: إنه كان من البلاغة بحيث يلقي الخطبة الكاملة، وما فيها راء للثغته.
تطرقنا في الفصيح مرة لبلاغة واصل بن عطاء، وقد وضع أحد الأخوة خطبة له خالية من الراء تجدونها على هذا الرابط ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=38069).
شكرا لك أستاذ طارق والشكر أيضا للأستاذ الحامدي
.
.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 08:07 م]ـ
لله در واصل بن عطاء
فقد كان موسوعة بلاغية
فله خطبة شهيرة قد قمتُ بنشرها هُنا
في المُنتدى بدون حرف الراء كاملة.,
بورك فيك أخي طارق.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 08:59 م]ـ
وفيك أخي وفي جميع المتفاعلين مع الموضوع
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 04:54 م]ـ
يقول ابن نياتة المصري:
هاجر حرف لا إذا سئل الحود .... كهجران واصل للراء
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 05:04 م]ـ
أنتم تتحدثون هنا عن واصل بن عطاء، وهنا أناس يتحدون واصل بن عطاء:)
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=40496
ـ[أبوالشيماء]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 08:10 م]ـ
الحامدي: جزاك الله خيراً
مع العجلة لم أتنبه لها (مسألة إلصاق الباء بالمتروك).(/)
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 09:10 م]ـ
قال الله تعالى (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) [الملك: 8]
و (الغيظ) أشد الغضب. وقوله: (تكاد تميز من الغيظ) خبر ثان عن ضمير (وهي)، مثلت حالة فورانها وتصاعد ألسنة لهيبها ورطمها ما فيها والتهام من يُلقون إليها، بحال مغتاظ شديد الغيظ لا يترك شيئاً مما غاظه إلاّ سلط عليه ما يستطيع من الإِضرار.
واستعمل المركب الدال على الهيئة المشبه بها مع مرادفاته كقولهم: يكاد فلان يتميز غيظاً ويتقصف غَضَباً، أي يكاد تتفرق أجزاؤه فيتميز بعضها عن بعض وهذا من التمثيلية المكنية وقد وضحناها في تفسير قوله تعالى: (أولئك على هدى من ربهم في سورة البقرة.
ونظير هذه الاستعارة قوله تعالى: فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقضّ في سورة الكهف إذ مثل الجدار بشخص له إرادة.
وتميَّز (أصله تتميز، أي تنفصل، أي تتجزأ أجزاءً تخييلاً لشدة الاضطراب بأن أجزاءها قاربت أن تتقطع، وهذا كقولهم: غضب فلان فطارت منه شقة في الأرض وشقة في السماء.
التحرير والتنوير
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 10:15 ص]ـ
أحسنت يا أم سارة وجزاك الله خيرا
ـ[إماراتية]ــــــــ[08 - 12 - 2008, 01:57 ص]ـ
أختنا
هل مر بك كتاب الفيزياء للأدباء
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 08:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا أم سارة.
ورحم الله الإمام ابن عاشور صاحب "التحرير والتنوير".
وفي قوله تعالى: (فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقضّ)، قال بعض أهل العلم كالشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: لا استعارة هنا، إذ لا مانع شرعا وعقلا من أن يخلق الله، عز وجل، في الجمادات إرادة، كما أن تسبيحها، على الراجح من اقوال أهل العلم: تسبيح حقيقي لا مجازي.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أم سارة_2]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 02:56 ص]ـ
أختنا
هل مر بك كتاب الفيزياء للأدباء
لا؛ لم يمر أحدنا بالآخر.(/)
كيف تُجرى الاستعارة التهكمية؟
ـ[زورق شارد]ــــــــ[01 - 12 - 2008, 06:20 م]ـ
وكيف أفرق بينها وبين المشاكلة التي هي من فنون البديع
مثل قوله تعالى (فبشرهم بعذاب أليم) , (فاهدوهم إلى صراط الجحيم)
(فسنيسره لليسرى)
أرجو التفاعل من الأعضاء لأن من حسنات التدارس ثبات العلم
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 01:59 ص]ـ
هذه مداخلة قد تفتح باب النقاش:
الاستعارة التهكمية أحد نوعي: الاستعارة العنادية التي لا يتصور فيها اجتماع الأمرين، فلا يتصور اجتماع البشرى والعذاب، والهداية والهلاك بسلوك صراط الجحيم، والقسم الآخر من الاستعارة العنادية له نفس المعنى تقريبا، وإن اختلف الغرض منه، فهو يأتي من باب المداعبة، كمن يقول لذكي: يا غبي من باب المزاح، فلا يتصور، أيضا، اجتماع الوصفين في موصوف واحد.
فصار الضابط والله أعلم: استحالة اجتماع أمرين متضادين، واختلف الغرض: تهكما أو تمليحا.
أما المشاكلة اللفظية فيشترط فيها تشابه مبنى اللفظين كـ: ضربته وضربني، فمادة الضرب قد صيغ منها كلا اللفظين، وهذا ليس بشرط في الاستعارة التهكمية، كما في الآيات المذكورة، فالبشرى والعذاب ليستا من نفس المادة، وكذلك: الهداية والصراط.
والله أعلى وأعلم.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 02:57 م]ـ
وكيف أفرق بينها وبين المشاكلة التي هي من فنون البديع
مثل قوله تعالى (فبشرهم بعذاب أليم) , (فاهدوهم إلى صراط الجحيم)
(فسنيسره لليسرى)
أرجو التفاعل من الأعضاء لأن من حسنات التدارس ثبات العلم
بارك الله في الأستاذ الفاضل مهاجر؛ فقد أحسن تحرير القول بالفرق.
أحب أن أضيف ضابط المشاكلة، وهو: ذكر الشيء بلفظ غيره؛ لوقوعه في صحبته: تحقيقًا أو تقديرًا. وشاهدها قوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "؛ حيث جاء التعبير هنا عن الجزاء بلفظ الاعتداء؛ لوقوعه في صحبة اعتدائهم (فمن اعتدى).
وفيما يتعلق بإجراء الاستعارة في قوله تعالى: " فبشرهم بعذاب أليم "، فبيانه ما يلي:
استعير التبشير للإنذار، بعد تنزيل التضاد بينهما منزلة التناسب؛ لقصد السخرية والتهكم، والجامع بين التبشير والإنذار: إحداث المسرة في كل، وإن كانت المسرة في البشارة محققة، وفي الإنذار متخيلة، وهي استعارة عنادية كما تفضل الأستاذ مهاجر، وكذا التي تليها.
وفي قوله تعالى: " فاهدوهم إلى صراط الجحيم "، استعيرت الهداية للسَّوْق إلى صراط الجحيم؛ لقصد السخرية والتهكم، بجامع ما يترتب على كل من الخير تحقيقًا أو تخييلاً.
أما قوله تعالى: " فسنيسره لليسرى "، فالذي يظهر لي أن التعبير هنا جار مجرى الحقيقة، من التيسير لليسر والراحة لأهل الطاعات.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[زورق شارد]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 02:10 م]ـ
شكرا أخي مهاجر
ـ[زورق شارد]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 02:29 م]ـ
لك كل الشكرمشرفتنا العزيزة
أما بالنسبة للآية الأخيرة فأنا أريد قوله تعالى (فسنيسره للعسرى) ولكن
غلبتني العجلة في كتابتها
فإجراؤها على مافهمت منك ومن الأخ مهاجر [استعير لفظ التيسير للتعسيرعلى أهل المعصية بجامع ما تُسببّه الأعمال من سعادة أو شقاء على سبيل الإستعارة العنادية]
أما قولك أستاذتنا الفاضلة في (فسنيسره لليسرى) تعبيرعلى وجه الحقيقة
فلم لاتكون أيضا مجازا مرسلا علاقته سببية على اعتبار أن معنى اليسرى الجنة
أنتظرتوجيهك وشكرا لتفاعلك(/)
أرني قريحتك البلاغية أيها الفصيح؟؟
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 01:45 م]ـ
:::
السلام عليكم
يا أهل.,
إن ما أدعوكم إليه لأمر جلل أطمح أن نتخطى به العلل وأن نجافي الخلل فإن في العربية وبلاغتها لصور ترفع العقل وتنشر الأمل تشحذ الفكر وتُبعد الملل فاسمعوا وتكلموا واصمتوا وأعلنوا لأقلامكم الثورة عانقوها كمن لا يُريد الذلل.,
ثم أما بعد وصلاة وسلاماً على من أعطى واتقى وما كذب حين كان وحين ولى وبقى نبياً له في الآفاق أهلة تراها العين وتسكن القلب في المضرة والمسرة فترفع من شأن من لا شأن له لو اتبع وسلم وصلَّى.,
جاءتني تلك الفكرة مسجاة محلاه.,
من رأس المعتزلة واصل بن عطاء فقد كان به لثغة في حرف الراء، فكان يأتي بكلمات لا تحتوي على حرف الراء لتحل محل أخرى تحتوي الراء ولا تقل عنها قوة ومعنى بتلقائية شديدة البلاغة., ومن هنا نمضي في هذا الموضوع إن شاء الله على هذا النهج.,
مع ملاحظة أننا سنزيد على واصل رحمة الله عليه حرفاً آخر.,
وليختار العضو المشارك هَهُنا ما يشاء من الحروف شريطة ألا يكون في الجملة
الحرفين المختارين وعلى هذا فإن قروحنا تنمو سريعاً وتزيد من فصاحة اللسان والحجة والبيان مع ملاحظة أن الجملة البلاغية خمسة أسطر لا تزيد ولا تقل
وليكن موضوعها في أي شىء يراهُ العضو مناسباً له شعراً., حكمة., خطبة.,
رسالة., والمجالُ مفتوحٌ ولا يُقيد العضو بصيغة معينة فلكم مطلق الحرية أهم شىء أن يكون المضمون من تتمة العضو وليس مقتبساً من أي مسلك.,
ولسوف أبادر بخطبة واصل بن عطاء الخالية من حرف الراء وسأعود بلا شك
إن شاء الله بعدما أجد منكم تواصلاً وأرفق مشاركتي من نبع قريحتي هيَّا هيَّا مَعشر فصيح أخرجوا من غيابات بلاغتكم ما يسر العربية.,
والسلام ختام الكرامـ
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 01:49 م]ـ
[ u] خطبة واصل بن عطاء بدون حرف الراء [
"هيَّا لتشخذ الهمم وتبلغ أقلامكم القمم.",/ u]
الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان, ولا يؤوده حفظ ما خلق, ولم يخلقه على مثال سبق, بل أنشأه ابتداعاً, وعدله اصطناعاً, فأحسن كل شيء خلقه, وتمم مشيئته, وأوضح حكمته, فدل على ألوهيته, فسبحانه لا معقب لحكمه, ولا دافع لقضائه, تواضع كلّ شيءٍ لعظمته, وذل كل شيء لسلطانه, ووسع كل شيء فضله, لا يعزب عنه مثقال حبه وهو السميع العليم, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا مثيل له, إلهاً تقدست أسماؤه, وعظمت آلاؤه, علا عن صفات كل مخلوق, وتنزه عن شبه كل مصنوع, فلا تبلغه الأوهام ولا تحيط به العقول ولا الأفهام, يُعصى فيحلم, ويُدعى فيسمع, ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون, وأشهد شهادة حق وقولَ صدق بإخلاص ونية, وصدق طوية, أن محمد بن عبدالله عبده ونبيه, وخالصته وصفيّه, ابتعثه إلى خلقه بالبينات والهدى ودين الحق فبلغ مألكته, ونصح لأمته, وجاهد في سبيله, لا تأخذه في الله لومة لائم, ولا يصده عنه زعم زاعم, ماضياً على سنته, موفياً على قصده, حتى أتاه اليقين, فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى, وأتم وأنمى, وأجل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه, وخالصته ملائكته, وأضعاف ذلك, إنه حميد مجيد.
أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والمجانبة لمعصيته, فأحضكم على ما يدنيكم منه, ويزلفكم لديه, فإن تقوى الله أفضل زاد, وأحسن عاقبة في معاد, ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخُدعها, وفواتن لذاتها, وشهوات آمالها, فإنها متاع قليل, ومدة إلى حين, وكل شيء منها يزول, فكم عانيتم من أعاجيبها, وكم نصبت لكم من حبائلها, وأهلكت ممن جنح إليها واعتمد عليها, أذاقتهم حلواً, ومزجت لهم سماً.
أين الملوك الذين بنوا المدائن, وشيدوا المصانع, وأوثقوا الأبواب, وكثفوا الحجاب, وأعدوا الجياد, وملكوا العباد, واستخدموا التلاد, قبضتهم بمخالبها, وطحنتهم بكلكلها, وعضتهم بأنيابها, وعاضتهم عن السعة ضيقاً, ومن العز ذلاً, ومن الحياة فناءً, فسكنوا اللحود, وأكلهم الدود, وأصبحوا لا تعاين إلا مساكنهم, ولا تجد إلا معالمهم, ولا تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم نبساً.
فتزودوا عافاكم الله فإن أفضل الزاد التقوى, واتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون. جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه, ويعمل لحظة وسعادته, وممن يستمع القول فيتبع أحسنه, أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
إن أحسن قصص المؤمنين, وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله الزكية آياته, الواضح بيناته, فإذا تلي عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تهتدون .. أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي, إن الله هو السميع العليم, بسم الله الفتاح المنان "قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد".
نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم, وبالآيات والوحي المبين, وأعاذنا وإياكم من العذاب الأليم, وأدخلنا وإياكم جنات النعيم, أقول ما به أعظكم, وأستعتب الله لي ولكم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 01:51 م]ـ
فكرة في غاية الروعة، لعلك توضح أكثر،
هل المحذوف الآن حرف الراء فقط أم أن هناك حرفا آخر لا نذكره في جملنا.
بارك الله فيك ورعاك.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 01:59 م]ـ
فكرة في غاية الروعة، لعلك توضح أكثر،
هل المحذوف الآن حرف الراء فقط أم أن هناك حرفا آخر لا نذكره في جملنا.
بارك الله فيك ورعاك.
أخي اللبيب بورك فيك أولاً وحياك الله ثانياً
وإليك التوضيح ثالثاً.,
إن خطبة واصل بن عطاء التي بغير حرف الراء مثالاً لشحذ الهمم وعلى أساس
أنها اللبنة الأولى التي من خلالها قد أنشأنا هذا الموضوع أما المطلوب منا نحن
كأعضاء هو الآتي.,
أولاً., أن يكون النص من تعبير العضو وليس مقتبساً
ثانياً., أن يخلو النص من حرفين من حروف الضاد
ثالثاً., فليقم العضو باختيار حرفيه المحذوفين كما يشاء
رابعاً., ألا يزيد أو يقل النص عن خمسة أسطر فمن يزيد
فهو من عنده ومن إرثه الفكري.,
وبهذا فإننا قد نحقق القيمة من الموضوع وكذلك لا يحدث ملل أو خلل في الصور
البلاغية لأن النص كلما طال فإنه يتعرض ويتعرى ليصبح نثراً.,
بوركَ فيك أيها الأديب أتمني ألا تكون الصورة مبهمة بعد.؟ ,
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 02:01 م]ـ
وضُحت الفكرة وبارك الله فيك.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 02:06 م]ـ
وضُحت الفكرة وبارك الله فيك.
حمداً لله وفيك بارك الله وفي كل المُسلمين.,
حسناً هيَّا هيَّا لتكُن أول من يخترق الحصار فإني مشتاقٌ لنصك البلاغي الفريد.,
يا أيها الأديب يا صاحب القلم السديد.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 02:08 م]ـ
حمداً لله وفيك بارك الله وفي كل المُسلمين.,
حسناً هيَّا هيَّا لتكُن أول من يخترق الحصار فإني مشتاقٌ لنصك البلاغي الفريد.,
يا أيها الأديب يا صاحب القلم السديد.
أرى أنك تنافسني في السجع، سآتيك ولكن انتظر، فليس في كل وقت يشتهي المرء الكتابة.
ولكني آتيك، فيا ويلك!!!
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 02:13 م]ـ
أرى أنك تنافسني في السجع، سآتيك ولكن انتظر، فليس في كل وقت يشتهي المرء الكتابة.
ولكني آتيك، فيا ويلك!!!
:)
قد قلت لك إني على شوق لنصك
وقد قلت لي ويلك فماذا تراني بقائل
"" منتظرك أيضاً على شوق مع إضافة " ويحك "
( ops
بورك فيك يا عزيزي بالفعل ليس كل وقت يصلح للكتابة.
ـ[د. مصطفى صلاح]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 03:09 م]ـ
إذا فأنا خارج المنافسة:)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 03:15 م]ـ
إذا فأنا خارج المنافسة:)
ولمَ يا أبا دجانة؟ ففيك روح الدعابة، وحسن الإجابة.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 03:17 م]ـ
هذه مشاركتي التي للتو انتهيت منها وابتعدت عن حرفي: " ر، ظ ".
تهت حينا في اليأس , قبلها لم أكن أعرف البأس , وبعدها أصبحت مقلوب النفس ,
كأنه يُدق في كل وقت بالفأس , فدعاني شخص لتذوق الكأس.
فقلت له:
صنت نفسي عما يدنس نفسي ...
فقال:
على مهلك يا فتى , ذاك زمن مضى , والوقت فيه قد انقضى , ولا تقل في ذا الطريق
مبتدا , بل هو المنتهى! بل هو المنتهى!!
فقلت:
إذن أهلا بك يا صاح , في مساء وصباح , فهّلا حدثتني عن فحواه , وأبنت عن منتاه؟
فقال:
ذاك كأس الإيمان , إذا ذقته نلت الإحسان , وحب المنان , وبعد ذاك الفوز بالجنان.
فتبت فذقت فنعمت وهنئت.
ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 05:29 م]ـ
هذه مشاركتي التي للتو انتهيت منها وابتعدت عن حرفي: " ر، ظ ".
تهت حينا في اليأس , قبلها لم أكن أعرف البأس , وبعدها أصبحت مقلوب النفس ,
كأنه يُدق في كل وقت بالفأس , فدعاني شخص لتذوق الكأس.
فقلت له:
صنت نفسي عما يدنس نفسي ...
فقال:
على مهلك يا فتى , ذاك زمن مضى , والوقت فيه قد انقضى , ولا تقل في ذا الطريق
مبتدا , بل هو المنتهى! بل هو المنتهى!!
فقلت:
إذن أهلا بك يا صاح , في مساء وصباح , فهّلا حدثتني عن فحواه , وأبنت عن منتاه؟
فقال:
ذاك كأس الإيمان , إذا ذقته نلت الإحسان , وحب المنان , وبعد ذاك الفوز بالجنان.
فتبت فذقت فنعمت وهنئت.
أحسنت وبوركت
محاولتك رائعة
ننتظر مشاركة كاملة وافية
والشكر لأخي نور الدين على هذه الفكرة الجميلة
ـ[الساحلي 2]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 06:53 م]ـ
لي مشاركة بإذن الله.
انتظرني
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 06:59 م]ـ
[ quote= الساحلي 2;294314] لي مشاركة بإذن الله.
انتظرني [/ quot
سننتظرك:).
ـ[تيما]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 07:11 م]ـ
أخي ورّق وشوق ومفترّق،
بارك الله فيك، الفكرة رائعة وأراها بالفعل ستعمل على تنمية الكتابة ..
سأحاول المشاركة في القريب العاجل ..
دمت بخير
.
.
ـ[تيما]ــــــــ[02 - 12 - 2008, 07:16 م]ـ
أخي الأديب اللبيب،
محاولتك بالفعل رائعة، وأشكرك أن كنت أول المغامرين هنا.
.
.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:37 ص]ـ
هذه مشاركتي التي للتو انتهيت منها وابتعدت عن حرفي: " ر، ظ ".
تهت حينا في اليأس , قبلها لم أكن أعرف البأس , وبعدها أصبحت مقلوب النفس ,
كأنه يُدق في كل وقت بالفأس , فدعاني شخص لتذوق الكأس.
فقلت له:
صنت نفسي عما يدنس نفسي ...
فقال:
على مهلك يا فتى , ذاك زمن مضى , والوقت فيه قد انقضى , ولا تقل في
هذا الشيء مبتدا , بل هو المنتهى! بل هو المنتهى!!
فقلت:
إذن أهلا بك يا صاح , في مساء وصباح , فهّلا حدثتني عن فحواه , وأبنت عن منتاه؟
فقال:
ذاك كأس الإيمان , إذا ذقته نلت الإحسان , وحب المنان , وبعد ذاك الفوز بالجنان.
فتبت فذقت فنعمت وهنئت.
صححت الخطأ:)، الذي لم أنتبه له لو لم ينبهني عليه أخي أبا العباس - حفظه الله -.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:38 ص]ـ
أخي الأديب اللبيب،
محاولتك بالفعل رائعة، وأشكرك أن كنت أول المغامرين هنا.
.
.
وشكرا لك أختي تيما، ونحن ننتظر ما ستتحفينا به.
ـ[الساحلي 2]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 10:03 ص]ـ
عيد اتحاد الإمارات (خ، ن).
لا أقول سوى بلادي الإمارت التي أعيش من خيراتها بفضل الله تعالى، الذي وهبها قائد استطاع تحويل أرض القحط والجذب إلى بلاد تعشقها جوارح البشر.
أسألك يا ربي أن تحمي حكام الإمارات وتسدد زلاتهم والفردوس مثواهم.
هذه المشاعر وأكثر تجاه بلادي التي لا أستطيع كتابة ما يجود في قلبي وجوارحي.
فشكرًا موصولة إلى صاحب فكرة الموضوع.
ـ[سمية ع]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 11:44 ص]ـ
جزاك الله خيرا أيها الفاضل فكرة جديدة ورائدة
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:37 م]ـ
إذا فأنا خارج المنافسة:)
لن أزيد على أخي الأديب فقد فقد كفاني سؤاله بل أعزز قوله وأقول., " لم يا أبا الدجانة لمَ "
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:39 م]ـ
هذه مشاركتي التي للتو انتهيت منها وابتعدت عن حرفي: " ر، ظ ".
تهت حينا في اليأس , قبلها لم أكن أعرف البأس , وبعدها أصبحت مقلوب النفس ,
كأنه يُدق في كل وقت بالفأس , فدعاني شخص لتذوق الكأس.
فقلت له:
صنت نفسي عما يدنس نفسي ...
فقال:
على مهلك يا فتى , ذاك زمن مضى , والوقت فيه قد انقضى , ولا تقل في ذا الطريق
مبتدا , بل هو المنتهى! بل هو المنتهى!!
فقلت:
إذن أهلا بك يا صاح , في مساء وصباح , فهّلا حدثتني عن فحواه , وأبنت عن منتاه؟
فقال:
ذاك كأس الإيمان , إذا ذقته نلت الإحسان , وحب المنان , وبعد ذاك الفوز بالجنان.
فتبت فذقت فنعمت وهنئت.
لا فض فوك لا فض قلمك أعجزت من سيأتي بعدك
هيَّا ننتظر مشاركة ثانية وثالثة و.,,,,,
أيها الأديب اللبيب.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:43 م]ـ
أحسنت وبوركت
محاولتك رائعة
ننتظر مشاركة كاملة وافية
والشكر لأخي نور الدين على هذه الفكرة الجميلة
العفو يا أخي إنما أنا يا أبا العباس مُجرد وردة مفردة
في حقولك الربيعية هيَّا يا أخي أين مشاركتك التي ستروي نفوسنا
في الانتظار بكل شوق ,,,,,
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:45 م]ـ
أخي ورّق وشوق ومفترّق،
بارك الله فيك، الفكرة رائعة وأراها بالفعل ستعمل على تنمية الكتابة ..
سأحاول المشاركة في القريب العاجل ..
دمت بخير
.
.
وفيكِ وفي كل المُسلمين آمين
شكراً لكِ أختي تيما فهذا بعض ما عندكم
وفي انتظار مشاركتك البلاغية ,,,
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:52 م]ـ
عيد اتحاد الإمارات (خ، ن).
لا أقول سوى بلادي الإمارت التي أعيش من خيراتها بفضل الله تعالى، الذي وهبها قائد استطاع تحويل أرض القحط والجذب إلى بلاد تعشقها جوارح البشر.
أسألك يا ربي أن تحمي حكام الإمارات وتسدد زلاتهم والفردوس مثواهم.
هذه المشاعر وأكثر تجاه بلادي التي لا أستطيع كتابة ما يجود في قلبي وجوارحي.
فشكرًا موصولة إلى صاحب فكرة الموضوع.
بوركَ فيكَ أيها الساحلي ما أطيب مشاركتك تلك فكم
هو جميل حب الوطن والاعتراف بأفضال من يدير
الوطن على أتم وجهٍ,
والعفو إن تلك الفكرة مجرد فكرة عابرة في محيط
افكاركم.,
في انتظار مشاركتك الثانية والثالثة و ,,,,
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 01:17 م]ـ
لا فض فوك لا فض قلمك أعجزت من سيأتي بعدك
هيَّا ننتظر مشاركة ثانية وثالثة و.,,,,,
أيها الأديب اللبيب.
شكرا لك أخي، ولكن! أين مشاركتك: mad:؟ ألم تتأخر؟
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 01:19 م]ـ
جزاك الله خيرا أيها الفاضل فكرة جديدة ورائدة
آمين وإياكِ وكل المُسلمين
شكراً لكِ أخيتي وفي انتظار
مشاركتك القيمة ,,,,,,
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 01:22 م]ـ
هذه مشاركتي الثانية، وقد ابتعدت عن: " ر، ز، ظ ".
آه آه
شاهدت الدنيا على قناة " بسيطة "، اكتأبت وقتها لما شاهدته من مشاهد مخيبة،
فحاولت حذفها إلا أنه انعكس ما تبثه عليها فأصبحت عنيدة، ثم حاولت إطاحة الحصون
إلا أنها أصبحت منيعة، فأصبحت صنما بعدها لأوقات عديدة، من شد ما شاهدت من مشاهد
للأخلاق مذيبة، لن أحس لو صفعتني حينها بحديدة!!
بودي لو كانت بجنبي أمي الحبيبة، لأشحن من حنانها ولو لدقيقة، لأستعيد حياتي وأمشي بخطًا مجيدة،
لأكمل آهاتي ولكن! بلغة جديدة، إلا أن يطلع الصبح وتتضح الحقيقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 01:24 م]ـ
شكرا لك أخي، ولكن! أين مشاركتك: mad:؟ ألم تتأخر؟
لله دَرُّ القائل وقد قال البارحة واسمه " الأديب اللبيب"
أن الكتابة لها وقتها وأزيد عليه فأقول لا يجوز البوح عما يختلج في الصدر
هكذا لمجرد أن المرء يريد أن يكتب:)
بالأخير لا عليك مشاركتي في الطريق فيننا وبينها نهار وأنت تعلم
ما تمر به أمتنا وشرقنا الأوسط من اختلاف في المناخ.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 01:28 م]ـ
هذه مشاركتي الثانية، وقد ابتعدت عن: " ر، ز، ظ ".
آه آه
شاهدت الدنيا على قناة " بسيطة "، اكتأبت وقتها لما شاهدته من مشاهد مخيبة،
فحاولت حذفها إلا أنه انعكس ما تبثه عليها فأصبحت عنيدة، ثم حاولت إطاحة الحصون
إلا أنها أصبحت منيعة، فأصبحت صنما بعدها لأوقات عديدة، من شد ما شاهدت من مشاهد
للأخلاق مذيبة، لن أحس لو صفعتني حينها بحديدة!!
بودي لو كانت بجنبي أمي الحبيبة، لأشحن من حنانها ولو لدقيقة، لأستعيد حياتي وأمشي بخطًا مجيدة،
لأكمل آهاتي ولكن! بلغة جديدة، إلا أن يطلع الصبح وتتضح الحقيقة.
لله درك والله هذا ما أردته أن يخرج المرء وينثر ما في قريحته
فيظل يحبس الحروف حرفاً وراء حرف
وها أنت قد حبست عنَّا حرفين ثم ثلاث في انتظار مزيدك أيها المبدع
وللمرة الثانية لقد أتعبت من سيشارك بعدك يا عزيزي
ولتعلم في مشاركتك هذه قد تفوقت بها على مشاركتك الأولى
وهذا ما نطمح فيه واصل فنحن في شوق لحرفك دوما.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 02:03 م]ـ
بوركت أخي على هذه الفكرة الرائعة .... و يسرني أن أضع محاولتي في وصف الحمى التي أصابتني مجتنباً حرف السين و الراء ....
الحمد لله على العافيه , فقد أصابتني حمى كاوية , منها الأعضاء باتت خاوية , كأعجاز نخلٍ ذاوية , فبتُّ الليل و الصباح , بين عويلٍ و صياح , فلم يبقَ طبيب , إلا نال من جيبي نصيب , سواءٌ المخطئ و المصيب , فذا يصف ذاك الدواء , و الثاني يقول هذا خواء , و الثالث أنا سيد الأطباء , حتى أصبحت حالتي شقاء و بلاء , و هُم بين تصدية و مكاء , و لو عاينتني عاينت مومياء ... :):):)
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 07:48 م]ـ
بوركت أخي على هذه الفكرة الرائعة .... و يسرني أن أضع محاولتي في وصف الحمى التي أصابتني مجتنباً حرف السين و الراء ....
الحمد لله على العافيه , فقد أصابتني حمى كاوية , منها الأعضاء باتت خاوية , كأعجاز نخلٍ ذاوية , فبتُّ الليل و الصباح , بين عويلٍ و صياح , فلم يبقَ طبيب , إلا نال من جيبي نصيب , سواءٌ المخطئ و المصيب , فذا يصف ذاك الدواء , و الثاني يقول هذا خواء , و الثالث أنا سيد الأطباء , حتى أصبحت حالتي شقاء و بلاء , و هُم بين تصدية و مكاء , و لو عاينتني عاينت مومياء ... :):):)
لله درك يا أنس
تحفة بلاغية قد نثرتها هنا يا أخي
وتنم عن قلب نابض بالروح ولسان
بليغ لديه الكثير والكثير شفاكَ الله
وعافاك يا أخي طهور إن شاء الله
قد استمتعت بكل كلمة خطتها اناملك
في انتظار مشاركتك الثانية والثالثة و و و ....
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 10:20 م]ـ
وهذه مُشاركتي
في حمد الله وقد منعتُ فيها " الخاء و الثاء "يامن له الملكوت ويعلم ما منّا في الهمس والصوت لك الحمد في الحياة فوفقنا
إياه عن الموت.,
يا من انزل محمداً للكونِ وبعث رسالته لكل زمنِ لكَ الحمد في السراء والضراء
رحماك في القبر وامنحا الأمني.,
يا من رفع السموات بغير عمد والأرض أنشأها كما يربي الجنين في الأحشاء والكبد حمداً كثيراً يا خير مُعين ويا خير سند.,
يا رازق كل مُحتاج ومبرد كل صدر من الضيق وهّاج لك الحمد فاجعل حياتنا سراج وننقل بعدها إلى سراج غير منعدم بل وهّاج.,
يا من ملك الرحمة وقدمها عن العذاب اغفر لنا فليس لنا غير بابك باب لك الحمد حتى نلقى الجواب وبعده لك الحمد حتى ترضى ولا نصبح في ملكوتك أغراب.,
يا من بعث محمدا بالهدي وصلَّ عليه في السماء العلى وأسكنه في قلوب الناس
بالرضى لكَ الحمد فرزقنا من يديه شربة ماء ليس فيها نصب ولا ظماء.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 10:28 م]ـ
وهذه مُشاركتي
في حمد الله وقد منعتُ فيها " الخاء و الثاء "يامن له الملكوت ويعلم ما منّا في الهمس والصوت لك الحمد في الحياة فوفقنا
إياه عن الموت.,
يا من انزل محمداً للكونِ وبعث رسالته لكل زمنِ لكَ الحمد في السراء والضراء
رحماك في القبر وامنحا الأمني.,
يا من رفع السموات بغير عمد والأرض أنشأها كما يربي الجنين في الأحشاء والكبد حمداً كثيراً يا خير مُعين ويا خير سند.,
يا رازق كل مُحتاج ومبرد كل صدر من الضيق وهّاج لك الحمد فاجعل حياتنا سراج وننقل بعدها إلى سراج غير منعدم بل وهّاج.,
يا من ملك الرحمة وقدمها عن العذاب اغفر لنا فليس لنا غير بابك باب لك الحمد حتى نلقى الجواب وبعده لك الحمد حتى ترضى ولا نصبح في ملكوتك أغراب.,
يا من بعث محمدا بالهدي وصلَّ عليه في السماء العلى وأسكنه في قلوب الناس
بالرضى لكَ الحمد فرزقنا من يديه شربة ماء ليس فيها نصب ولا ظماء.
وأخيرا أخرجت لنا المشاركة، وقد أحسنت وأجدت في الرجاء.
وكما تقول لنا:
في انتظار مشاركتك الثانية والثالثة و و و .... :)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 10:34 م]ـ
لله درك والله هذا ما أردته أن يخرج المرء وينثر ما في قريحته
فيظل يحبس الحروف حرفاً وراء حرف
وها أنت قد حبست عنَّا حرفين ثم ثلاث في انتظار مزيدك أيها المبدع
وللمرة الثانية لقد أتعبت من سيشارك بعدك يا عزيزي
ولتعلم في مشاركتك هذه قد تفوقت بها على مشاركتك الأولى
وهذا ما نطمح فيه واصل فنحن في شوق لحرفك دوما.
شكرا لك أخي العزيز
والشكر لك أصلا فأنت من بدأ في الموضوع،
وأتفق معك في أن هذه أجمل من تلك،
فأحيانا تنثر القريحة أشياء لا تنثرها في وقت آخر،
بل قد لا تنثرها في مرة قادمة - وهو ما لا أتمناه -.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 10:37 م]ـ
لله درك أجدت ولكنكَ قد وقعت في فخ أيها الأديب وقد تفوقت جداً جداً جداً
وتلكم المشاركة الأصلية بدون أمواج.,
في حمد الله وقد منعتُ فيها " الخاء و الثاء "
يامن له الملكوت ويعلم ما منّا في الهمس والصوت لك الحمد في الحياة فوفقنا
إياه عن الموت.,
يا من انزل محمداً للكونِ وجعلت رسالته لكل زمنِ لكَ الحمد في السراء والضراء
رحماك في القبر وامنحا الأمني.,
يا من رفع السموات بغير عمد والأرض أنشأها كما يربي الجنين في الأحشاء والكبد حمداً يسرك منا يا أعظم من يُعين ويا أقرب من كل سند.,
يا رازق كل مُحتاج ومبرد كل صدر من الضيق وهّاج لك الحمد فاجعل حياتنا سراج وننقل بعدها إلى سراج غير منعدم بل وهّاج.,
يا من ملك الرحمة وقدمها عن العذاب اغفر لنا فليس لنا غير بابك باب لك الحمد حتى نلقى الجواب وبعده لك الحمد حتى ترضى ولا نصبح في ملكوتك أغراب.,
يا من أرسل محمدا بالهدي وصلَّ عليه في السماء العلى وأسكنه في قلوب الناس
بالرضى لكَ الحمد فرزقنا من يديه شربة ماء ليس فيها نصب ولا ظماء.,
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 11:09 م]ـ
لله درك أجدت ولكنكَ قد وقعت في فخ أيها الأديب وقد تفوقت جداً جداً جداً
وتلكم المشاركة الأصلية بدون أمواج.,
في حمد الله وقد منعتُ فيها " الخاء و الثاء "
يامن له الملكوت ويعلم ما منّا في الهمس والصوت لك الحمد في الحياة فوفقنا
إياه عن الموت.,
يا من انزل محمداً للكونِ وجعلت رسالته لكل زمنِ لكَ الحمد في السراء والضراء
رحماك في القبر وامنحا الأمني.,
يا من رفع السموات بغير عمد والأرض أنشأها كما يربي الجنين في الأحشاء والكبد حمداً يسرك منا يا أعظم من يُعين ويا أقرب من كل سند.,
يا رازق كل مُحتاج ومبرد كل صدر من الضيق وهّاج لك الحمد فاجعل حياتنا سراج وننقل بعدها إلى سراج غير منعدم بل وهّاج.,
يا من ملك الرحمة وقدمها عن العذاب اغفر لنا فليس لنا غير بابك باب لك الحمد حتى نلقى الجواب وبعده لك الحمد حتى ترضى ولا نصبح في ملكوتك أغراب.,
يا من أرسل محمدا بالهدي وصلَّ عليه في السماء العلى وأسكنه في قلوب الناس
بالرضى لكَ الحمد فرزقنا من يديه شربة ماء ليس فيها نصب ولا ظماء.,
نعم هكذا، محاولة جميلة، على القلوب خفيفة.
غير أن هناك بعض الأخطاء التي أرجو منك إصلاحها، لترتفع وترتقي، وإن لم ترد فدعها، فإني أخاف سطوتك:).
مهلا مهلا! أي فخ تقصد؟
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 11:15 م]ـ
الفرق بين المشاركة الأولي والثانية يا رجل
فإننا أردنا إحياء الهمم وقد علمت هذا فيك
وحبك للتصحيح والتنقيح فوضعنا لك
الحروف المحذوفة في أكثر من موضع
في النص الأول وقد كان قصداً منا لنراكم
ماذا أنت فاعلون هل اتضح الأمر الآن.,؟
أما عن الأخطاء فما تجده فأصلحه وارشدني
إليه كما سأفعل معك دوماً فهذا دورنا جميعاً
فعدل ما تراه خاطئاً لك مطلق الحرية.,
بورك فيك أخي
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 11:19 م]ـ
الفرق بين المشاركة الأولي والثانية يا رجل
فإننا أردنا إحياء الهمم وقد علمت هذا فيك
وحبك للتصحيح والتنقيح فوضعنا لك
الحروف المحذوفة في أكثر من موضع
في النص الأول وقد كان قصداً منا لنراكم
ماذا أنت فاعلون هل اتضح الأمر الآن.,؟
بورك فيك أخي
آه، يا لـ ... ي
لم أتنبه، ولكن الملامة عليك، نعم عليك!! لمَ لم تستثنيني؟:):)
حسنا في الحلقة القادمة لن أعيدها.
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 11:43 م]ـ
فكرة رائعة
إليكم مشاركتي و قد منعت فيها خ, ظ, ش
في يوم من الأيام, بعد أن تعب الجمع و نام, جلست وحدي أفكر في حالي و حال الأنام, ما بالنا أصبحنا غثاء, كثير ليس فينا رجاء, لا نسعى ولا نعمل و نتعلل بالقضاء, تناسينا أن لنا رسالة , أن نخرج العالم من الضلالة, و نريه طريق الحق بلا اعوجاج ولا إمالة , فمتى نترك ضعفنا و نعد لطريقنا نعمل بجد و اجتهاد ليرضى عنا ربنا.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 12:58 م]ـ
فكرة رائعة
إليكم مشاركتي و قد منعت فيها خ, ظ, ش
في يوم من الأيام, بعد أن تعب الجمع و نام, جلست وحدي أفكر في حالي و حال الأنام, ما بالنا أصبحنا غثاء, كثير ليس فينا رجاء, لا نسعى ولا نعمل و نتعلل بالقضاء, تناسينا أن لنا رسالة , أن نخرج العالم من الضلالة, و نريه طريق الحق بلا اعوجاج ولا إمالة , فمتى نترك ضعفنا و نعد لطريقنا نعمل بجد و اجتهاد ليرضى عنا ربنا.
شكراً لسما الإسلام
التي منعت ثلاث حروف
وكتبت لنا نصاً جميلاً
بورك فيك أخيتي
في انتظار مشاركتك الثانية والثالثة وووو ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تيما]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 01:40 م]ـ
تحية طيبة،
بالمناسبة، ما نسيت وعدي هنا:) .. أغبطكم والله على جرأتكم. لم يكن نزع الحروف عندي شيئا صعبا إنما الصعب هو أي "الهلوسات" التي كتبت أضع على الملأ، فقد كتبت لهذه النافذة محاولات كثيرة .. سأتجرأ يوما وأضع إحداها هنا ..
في الأثناء، هل لي أن أسأل: ما هي الحروف التي يصعب الاستغناء عنها أثناء الكتابة؟
عني توقعت أن تكون (الألف والواو والياء)، لكني أثناء البحث وجدت خطبة يُقال أنها لعلي بن أبي طالب مؤلفة من 700 كلمة وتخلو هذه الخطبة من الألف تماما (منزوعة الألف) ..
فماذا ترون؟
.
.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 03:44 ص]ـ
تحية طيبة،
بالمناسبة، ما نسيت وعدي هنا:) .. أغبطكم والله على جرأتكم. لم يكن نزع الحروف عندي شيئا صعبا إنما الصعب هو أي "الهلوسات" التي كتبت أضع على الملأ، فقد كتبت لهذه النافذة محاولات كثيرة .. سأتجرأ يوما وأضع إحداها هنا ..
في الأثناء، هل لي أن أسأل: ما هي الحروف التي يصعب الاستغناء عنها أثناء الكتابة؟
عني توقعت أن تكون (الألف والواو والياء)، لكني أثناء البحث وجدت خطبة يُقال أنها لعلي بن أبي طالب مؤلفة من 700 كلمة وتخلو هذه الخطبة من الألف تماما (منزوعة الألف) ..
فماذا ترون؟
.
.
حياك الله أخيتي تيما
" نُريد كل المحاولات والمشاركات ولا تكترثِ لشىء "
بالنسبة للحروف فإن ما ذكرتِ من حروف ٍ هم ذاتهم الحروف
التي يصعب الاستغناء عنها بالفعل وإذا كان الإمام علي بن أبي طالب
كرم الله وجه قد أسرد نصاً كما اشرتِ خالٍ من الألف فهذا لأن الإمام
رضي الله عنه كان من أعظم وأبلغ العرب حديثاً وفهما.,
بورك فيك في انتظار مشاركاتك.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 11:18 م]ـ
المُشاركة الثانية
إقدام وفتور.,
تم حبس (الغين _ والزاي _ والثاء)
رحلتَ وما أنظرتَ أبحرتَ وما أشرعتَ وليتَ وما تركتَ كأنك بعد هذا كله ما كنتَ
وجئت كما أنت عرفتك وما أنكرتُ جلستَ وما سلمت سألتك َ فما أجبت قمتُ فصليتُ
فنمتُ فجئتُ وأنت كما أنت في الصمتِ عائماً في السماء هائماً كبحرٍ لجي ميتٍ أما فيَّ يوماً رغبتَ تقول الحياة أصوات الممات هل بالقعودِ رضيت.,نأيتَ فناديتُ هجرتَ فبكيتُ شبتُ فهرمتُ جالساً تمتعض اناملك فمنك الرجا ولى فتعبتُ لكم أنتَ قاسياً ولكم لرحمة ربي منكَ
طلبتُ
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 07:49 ص]ـ
المُشاركة الثانية
إقدام وفتور.,
تم حبس (الغين _ والزاي _ والثاء)
رحلتَ وما أنظرتَ أبحرتَ وما أشرعتَ وليتَ وما تركتَ كأنك بعد هذا كله ما كنتَ
وجئت كما أنت عرفتك وما أنكرتُ جلستَ وما سلمت سألتك َ فما أجبت قمتُ فصليتُ
فنمتُ فجئتُ وأنت كما أنت في الصمتِ عائماً في السماء هائماً كبحرٍ لجي ميتٍ أما فيَّ يوماً رغبتَ تقول الحياة أصوات الممات هل بالقعودِ رضيت.,نأيتَ فناديتُ هجرتَ فبكيتُ شبتُ فهرمتُ جالساً تمتعض اناملك فمنك الرجا ولى فتعبتُ لكم أنتَ قاسياً ولكم لرحمة ربي منكَ
طلبتُ
ما أجمل ما كتبت! وما أجمل ما خطته أناملك!
فبارك الله فيك.
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 08:07 ص]ـ
الراء - النون - الضاد - الثاء - الذال - الغين
السلام عليكم
أجدت في كتابك هذا يا شوق الحياة ومددها ...
وهكذا صاحبي الجليل الأديب اللبيب لا يهمل كل ما يحصل في هذه الصفحة الجميلة
يتصيد زلات الأصحاب ويقوّم هفواتهم، والجميل في عمله؛ ابتسامته السعيدة المسعدة
وسعة باله معكم ومعي والمشية لله وحده
عفوا أيها الأحبة في إطالتي معه سموكم وإسهابي في الكلام معكم فبكم اشتعلت القرائح وبكم اتقدت
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 08:23 ص]ـ
الراء - النون - الضاد - الثاء - الذال - الغين
السلام عليكم
أجدت في كتابك هذا يا شوق الحياة ومددها ...
وهكذا صاحبي الجليل الأديب اللبيب لا يهمل كل ما يحصل في هذه الصفحة الجميلة
يتصيد زلات الأصحاب ويقوّم هفواتهم، والجميل في عمله؛ ابتسامته السعيدة المسعدة
وسعة باله معكم ومعي والمشية لله وحده
عفوا أيها الأحبة في إطالتي معه سموكم وإسهابي في الكلام معكم فبكم اشتعلت القرائح وبكم اتقدت
بارك الله فيك أخي رسالة الغفران، هذا يدل على متابعتك الدائمة، وشكرا على ثنائك، ولكنه في الوقت نفسه لا يغفر لك فقد أصلحت لك في الأعلى:)،
مشاركة جميلة كصاحبها، ننتظر منك أن تكتب قطعة أدبية قصيرة، لترنا إياها.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 03:24 م]ـ
الراء - النون - الضاد - الثاء - الذال - الغين
السلام عليكم
أجدت في كتابك هذا يا شوق الحياة ومددها ...
وهكذا صاحبي الجليل الأديب اللبيب لا يهمل كل ما يحصل في هذه الصفحة الجميلة
يتصيد زلات الأصحاب ويقوّم هفواتهم، والجميل في عمله؛ ابتسامته السعيدة المسعدة
وسعة باله معكم ومعي والمشية لله وحده
عفوا أيها الأحبة في إطالتي معه سموكم وإسهابي في الكلام معكم فبكم اشتعلت القرائح وبكم اتقدت
لا فض فوك
إذا كُنا نحن كذلك فأنت أعلى وأوثق منا حديثا
شُكراً لك على تلك الكلمات التي دخلت القلب واستقرت.,
وننتظر مشاركتك الثانية والثالثة ووو .. ,,
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 03:25 م]ـ
ما أجمل ما كتبت! وما أجمل ما خطته أناملك!
فبارك الله فيك.
وما أجملك أيها الأديب اللبيب الذي يسكن القلب وهو بذلك أقرب من كل قريب
زادك الله علماً وعملا بوركت أخي.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 04:45 م]ـ
وما أجملك أيها الأديب اللبيب الذي يسكن القلب وهو بذلك أقرب من كل قريب
زادك الله علماً وعملا بوركت أخي.
بارك الله فيك أخي، ولا أملك إلا الدعاء لك، فهو أفضل ما نملك.
وفقك الله ورعاك، وسدد على طريق الخير خطاك، وحقق مبتغاك.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 05:11 م]ـ
الحمد لله ما كتبت يد وما خطت
وما ناحت الحمائم وعلى الأيك حطت
الحمد لله ما تلا المؤمنون نون والقلم وما يسطرون
الحمد لله حمدا حمدا, والصلاة على رسوله الهادي المهتدى.
هذه أسجاع بحر الرمل, رحمة الله له الأمل
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 05:16 م]ـ
الحمد لله ما كتبت يد وما خطت
وما ناحت الحمائم وعلى الأيك حطت
الحمد لله ما تلا المؤمنون نون والقلم وما يسطرون
الحمد لله حمدا حمدا, والصلاة على رسوله الهادي المهتدى.
هذه أسجاع بحر الرمل, رحمة الله له الأمل
جميلة أخي بحر الرمل، لم نرك منذ زمن هنا.
ليتك كتبت ممَّ أخليتها من الأحرف.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 05:24 م]ـ
جميلة أخي بحر الرمل، لم نرك منذ زمن هنا.
ليتك كتبت ممَّ أخليتها من الأحرف.
هي كما فعل أخي ورق وشوق
الغين والزاي
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 05:29 م]ـ
هي كما فعل أخي ورق وشوق
الغين والزاي
ونعم الفعل.
أخي بحر لا تذهب بعيدا، فلو كان ورق وشوق ومفترق موجودا لقال لك:
وننتظر مشاركتك الثانية والثالثة ووو .. ,,:)
وأنبت نفسي في قولها!! نريد منك قطعة أدبية نرى من خلالها شخصية بحر الرمل.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[08 - 12 - 2008, 12:37 م]ـ
الحمد لله ما كتبت يد وما خطت
وما ناحت الحمائم وعلى الأيك حطت
الحمد لله ما تلا المؤمنون نون والقلم وما يسطرون
الحمد لله حمدا حمدا, والصلاة على رسوله الهادي المهتدى.
هذه أسجاع بحر الرمل, رحمة الله له الأمل
حياك الله يا بحر الرمل
زدنا ولا تقطع فمنك الكلام يُصنع
بورك فيك.,
مشاركة قيمة
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[08 - 12 - 2008, 12:38 م]ـ
ونعم الفعل.
أخي بحر لا تذهب بعيدا، فلو كان ورق وشوق ومفترق موجودا لقال لك:
وننتظر مشاركتك الثانية والثالثة ووو .. ,,:)
وأنبت نفسي في قولها!! نريد منك قطعة أدبية نرى من خلالها شخصية بحر الرمل.
وما الفرق بيني وبينك يا رجل
والله ما قصرتَ في شىء
جزاك الله خير الجزاء.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[08 - 12 - 2008, 12:58 م]ـ
تم حَبس (الزاي , الثاء., الضاد)
يا حُجّاجَ البَيتِ المَعْمور
رؤيتكم تشرح الصدور
وتسبيحكم في الأفق مَنشور
وتَكبيركم للآذانِ منظور
فالقلب يهواكم كما
أدختلم عليه السرور
ليجعلن الله دهركم مغفور
آمين وحجكم مَبرور
ولا ألبسكم الله بعد يومكم
إلا الطاعة فهي سلعة لا تبور
وأبعد عنكم من كل صوب
المارقين وأهل الفجور ,
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 07:19 ص]ـ
تم حَبس (الزاي , الثاء., الضاد)
يا حُجّاجَ البَيتِ المَعْمور
رؤيتكم تشرح الصدور
وتسبيحكم في الأفق مَنشور
وتَكبيركم للآذانِ منظور
فالقلب يهواكم كما
أدختلم عليه السرور
ليجعلن الله دهركم مغفور
آمين وحجكم مَبرور
ولا ألبسكم الله بعد يومكم
إلا الطاعة فهي سلعة لا تبور
وأبعد عنكم من كل صوب
المارقين وأهل الفجور ,
ما أروعك يا ورق وشوق ومفترق
قطعة أدبية عالية، خصوصا وأنها تساير الوقت الذي نحن فيه، وخير الأدباء الذي يعيش مع مجتمعه، لا من يعيش فوق التلال، ويسمي نفسه أديبا، فبارك الله فيك.
وبإذن الله سأكتب قطعتي الثالثة اليوم أو غدا - بإذن الله -.
وأقترح أن نختار أحرفا لنمنعها حتى تصعب أكثر، ما دام لا وجود لمن ينافس،
فما رأيك؟
أو
من يكتب يكمل على نفس القصة من يكتب خلفه، وبطريقة ذكية أو بأخرى يحول الحرف الأخير،
ويحول القصة كما يريد، المهم بذكاء.
فما رأيك في الخيارين؟ - وما رأي من يمر من هنا -
اختر أحدهما.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 04:45 م]ـ
ما أروعك يا ورق وشوق ومفترق
قطعة أدبية عالية، خصوصا وأنها تساير الوقت الذي نحن فيه، وخير الأدباء الذي يعيش مع مجتمعه، لا من يعيش فوق التلال، ويسمي نفسه أديبا، فبارك الله فيك.
وبإذن الله سأكتب قطعتي الثالثة اليوم أو غدا - بإذن الله -.
وأقترح أن نختار أحرفا لنمنعها حتى تصعب أكثر، ما دام لا وجود لمن ينافس،
فما رأيك؟
أو
من يكتب يكمل على نفس القصة من يكتب خلفه، وبطريقة ذكية أو بأخرى يحول الحرف الأخير،
ويحول القصة كما يريد، المهم بذكاء.
فما رأيك في الخيارين؟ - وما رأي من يمر من هنا -
اختر أحدهما.
بارك الله فيك أخي
ما أنا إلا وردة مفردة في حقلك العامر الزاهر
أرى في الاختيار الأول عين الصواب
حيث نرفع عدد الحروف إلى ثلاث أو فوق هذا
ثم يكون اختيار الحروف لمن يكتب فيختار لمن
يأتي بعده.,
بارك الله فيك على تلك الفكرة الراقية وهذا ليس بغريب عنك
وحفظك من حدب وصوب أيها اللبيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 04:56 م]ـ
بارك الله فيك أخي
ما أنا إلا وردة مفردة في حقلك العامر الزاهر
أرى في الاختيار الأول عين الصواب
حيث نرفع عدد الحروف إلى ثلاث أو فوق هذا
ثم يكون اختيار الحروف لمن يكتب فيختار لمن
يأتي بعده.,
بارك الله فيك على تلك الفكرة الراقية وهذا ليس بغريب عنك
وحفظك من حدب وصوب أيها اللبيب.
وبارك الله فيك وحفظك ورعاك.
صدقت أنا الوردة! ولكن أنت من يرعاها وينميها ويحفظها.
إذن وقعت في قبضتك! اختر الحروف لنحاول أن نصوغ عليها.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 10:28 م]ـ
وبارك الله فيك وحفظك ورعاك.
صدقت أنا الوردة! ولكن أنت من يرعاها وينميها ويحفظها.
إذن وقعت في قبضتك! اختر الحروف لنحاول أن نصوغ عليها.
أضحك الله سنك الم تلحظ؟
قلتُ أنا الوردة وأنت الحقل يا عزيزي
بالنسبة للحروف لك هذا خُذ وهيَّا اشحذ
لنا كُل قدراتك أيُها المُبدع فقد عودتنا على هذا
الحروف التي أريدك أن تقوم بحبسها هي
" التاء , الراء , الياء " ( ops
بورك فيك
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 11:01 م]ـ
أعانني الله عليك:).
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 10:12 ص]ـ
أعانني الله عليك:).
وهل تراني سيافاً يا رجل أو جيشاً ستواجه قوته بقلة من,
هيَّا ترى ليُعينني أنا الله عليك.:)
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 03:10 م]ـ
محاورة رائعة أيها المبدعان، بانتظار ما تخطان للمتابعة (وربما المشاركة)
ـ[أم أسامة]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 04:04 م]ـ
حبس ... ذ-ظ
محاولة لعلها تحشرني في معشر البلغاء ... : p
في زحمة الحياة لا نجيد سوى الغرق في محيط الألم ..
ضاق البر بهمومنا فملأنا البحر ..
وناجينا جموده ..
وأصغينا بجنون للجلجة أمواجه ..
وأخفينا حموضة دموعنا في مقلتيه ..
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:03 م]ـ
وهل تراني سيافاً يا رجل أو جيشاً ستواجه قوته بقلة من,
هيَّا ترى ليُعينني أنا الله عليك.:)
السيّاف أهون يا رجل!
فإنه يقتلك مرة واحدة وتنتهي، أما أنت فقد قتلتني ألف قتلة.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:06 م]ـ
محاورة رائعة أيها المبدعان، بانتظار ما تخطان للمتابعة (وربما المشاركة)
بارك الله فيك أختي الكريمة، دائما أنت هكذا تشجعين على الاستمرار،
وفعل هذا فعله هو المبدع، ونريد منك كلماتك الأخيرة:
(وربما المشاركة)
نعم نريد هذه، فأنت أهل لها.
ننتظر،،،
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:11 م]ـ
حبس ... ذ-ظ
محاولة لعلها تحشرني في معشر البلغاء ... : p
في زحمة الحياة لا نجيد سوى الغرق في محيط الألم ..
ضاق البر بهمومنا فملأنا البحر ..
وناجينا جموده ..
وأصغينا بجنون للجلجة أمواجه ..
وأخفينا حموضة دموعنا في مقلتيه ..
أنت دون أن تحشري نفسك أنت منهم، افتقدتك في الأيام الماضية.
محاولة تغص بالحزن الناجم عن التجربة، صدقت في شعورك.
آه منك، قلبت المواجع والأحزان.
بارك الله فيك، أحسنت فعلا، فقد أجدت في عكس الواقع.
ـ[أم أسامة]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:20 م]ـ
أنت دون أن تحشري نفسك أنت منهم، افتقدتك في الأيام الماضية.
أشكر لك هذه المجاملة الطيفة ..
وأظن أن غيابي في الأيام المقبلة ... سيكون أكثر
محاولة تغص بالحزن الناجم عن التجربة، صدقت في شعورك.
آه منك، قلبت المواجع والأحزان.
آسفة .. ( ops
بارك الله فيك
وفيك ...
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:26 م]ـ
أما عن مشاركتي التي عانيت فيها حتى خرجت كما يقال -بالعافية -،
خرجت بعدما انحبست في فمي، خرجت بعدما قالت لي الحروف:
هذه التي عندنا.
فقلت: أشكركم لأنكم أخرجتم شيئا.
إليكم هذه المحاولة التي عانيت فيها، والسبب هو: ورق وشوق ومفترق،
حدد لنا أحرفا وأعجزنا، وأريده أن يذوق من نفس الكأس التي أذاقني منها،
فإني أحدد له نفس الأحرف التي منعها عني، ليعلم مدى صعوبتها:)،
فهو بذلك منع الفعل المضارع - لأنه يبدأ غالبا بالياء أو التاء - وتاء الفاعل، وأغلب حروف الجر المستخدمة غالبا.
إليكم محاولتي:
وعد أخذه صاحبنا على نفسه بعدم المساس بأحد، ولو شاهد الحِجَاج واللجاج طال كل أحد،
ولو أصبح هؤلاء حزبا أو ذا عدد، وما أجمل إن كان لك ولد، والأجمل منه إذا كان صالحا
باسما حافظا للكتاب ومقاطع البلد، ونسأل الله المدد، بلا عد ولا عدد.
علم ولدك حب العلم، فإنه للشعوب السلم، لمن أجاده وثقفه حق العلم، فأبعده عن الجهل والظلم.
اسعد واضحك واعمل ما بدا لك، ولكن اعلم أن ذلك مقطوع وبعده البكاء!
إن كان ذلك غضبٌ للمنان.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:29 م]ـ
إلى الإدارة الكريمة:
أرى أن يتم نقل الموضوع إلى منتدى البلاغة، أو منتدى الأدب أو منتدى الإبداع، ولكم مني التحية والتقدير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:30 م]ـ
وأظن أن غيابي في الأيام المقبلة ... سيكون أكثر
أعانك الله أينما ذهبت.
ـ[أم أسامة]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:33 م]ـ
أعانك الله أينما ذهبت.
شكرا لك ..
الموضوع في منتدى البلاغة الآن ...
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:34 م]ـ
شكرا لك ..
الموضوع في منتدى البلاغة الآن ...
بارك الله فيك ورعاك، ووفقك أينما وجهت وجهك.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 12:05 م]ـ
محاورة رائعة أيها المبدعان، بانتظار ما تخطان للمتابعة (وربما المشاركة)
شكراً لك ِ أخيتي الكريمة وكما قال اللبيب بل نُريد مُشاركتك
وليس غير هذا.,
في الانتظار.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 12:13 م]ـ
حبس ... ذ-ظ
محاولة لعلها تحشرني في معشر البلغاء ... : p
في زحمة الحياة لا نجيد سوى الغرق في محيط الألم ..
ضاق البر بهمومنا فملأنا البحر ..
وناجينا جموده ..
وأصغينا بجنون للجلجة أمواجه ..
وأخفينا حموضة دموعنا في مقلتيه ..
لا فض فوك بل أنت منهم
فلتجعلي قلمك هو كل حياتك
في أحزانك يكون شمسك
وفي أفراحك يكون العبير
وفي الحياة الاعتيادية يكون
الرفيق والصديق وبهذا
لا يُمكنك تحصيل الألم
فرج الله همك وهموم كل المُسلمين,
ننتظر مزيدك أخيتي أم أسامة
ونَعني بهذا
مُشاركتك الثانية والثالثة ووو,,,
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 12:24 م]ـ
أما عن مشاركتي التي عانيت فيها حتى خرجت كما يقال -بالعافية -،
خرجت بعدما انحبست في فمي، خرجت بعدما قالت لي الحروف:
هذه التي عندنا.
فقلت: أشكركم لأنكم أخرجتم شيئا.
إليكم هذه المحاولة التي عانيت فيها، والسبب هو: ورق وشوق ومفترق،
حدد لنا أحرفا وأعجزنا، وأريده أن يذوق من نفس الكأس التي أذاقني منها،
فإني أحدد له نفس الأحرف التي منعها عني، ليعلم مدى صعوبتها:)،
فهو بذلك منع الفعل المضارع - لأنه يبدأ غالبا بالياء أو التاء - وتاء الفاعل، وأغلب حروف الجر المستخدمة غالبا.
إليكم محاولتي:
وعد أخذه صاحبنا على نفسه بعدم المساس بأحد، ولو شاهد الحِجَاج واللجاج طال كل أحد،
ولو أصبح هؤلاء حزبا أو ذا عدد، وما أجمل إن كان لك ولد، والأجمل منه إذا كان صالحا
باسما حافظا للكتاب ومقاطع البلد، ونسأل الله المدد، بلا عد ولا عدد.
علم ولدك حب العلم، فإنه للشعوب السلم، لمن أجاده وثقفه حق العلم، فأبعده عن الجهل والظلم.
اسعد واضحك واعمل ما بدا لك، ولكن اعلم أن ذلك مقطوع وبعده البكاء!
إن كان ذلك غضبٌ للمنان.
لله دَرُك ما أجملك يا صاحبي
تَكَلّمتَ فأجدت
كتبتَ فأبدعت
بلغت فأديت
نصحت فبوركت
جزاك الله خير الجزاء مُشاركة رائعة سلمت يداك
" أراك وضعتني في مأزقٍ ليتني ما أنشأتُ تلك النافذة ( ops
حسناً دعني آخذ قسطاً بسيطاً لن أطيل عليك لأكتب المشاركة
التي أردتها تالله لأحبسن لك التاء والياء والراء شر حبسة: p
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 05:21 م]ـ
إليك المُشاركة كما وعدتك أخي اللبيب دونَ التاء والراء والياء
بالمناسبة يا أديب هذا النص إهداءٌ لكَ على طيب خلقك ونبلك ,
أبقاكَ الله لكل ألوان المَحبّـ"ـــه
فلا حزناً ولا ظلماً وإثماً وَمسبّـ"ــه
أبقاكَ الله وأبقاهُم على الوصل
فلا ضغائنَ ولا قلاقل
مِن مُحبٍ إلى مُحبّ"ــه
فبعضَ الوجوه سوداء عند
كل لقاء وبعضعا
بالسماء صورها صعبّـ"ـــه
فما هُناكَ باقٍ للكُرهِ أمّا
الوامقون لله وَحدهم قد نالوا المحبّـ"ــه
:)
ـ[الباز]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 06:20 م]ـ
ألف شكر على الموضوع و إن شاء الله ستكون لنا مشاركة فيه
لكن هل الحروف الممنوعة الآن هي (الياء و التاء)؟؟
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 07:39 م]ـ
ألف شكر على الموضوع و إن شاء الله ستكون لنا مشاركة فيه
لكن هل الحروف الممنوعة الآن هي (الياء و التاء)؟؟
العفو يا أيُها الباز بل الشكر لك يا أخي
على المرور الطيب ننتظر مُشاركتك
بأكثرة حرارة من الجمر
بالنسبة للحروف نعم قد حُبست الياء والتاء
وإن كانت بعض الكلمات في آخر الكلمات أصلها تاء
ولكن استخدمت الضرورات وأسكنتها جميعاً فصارت هاء ,
حياك الله وجزاك الله خير الجزاء
ـ[الباز]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 08:18 م]ـ
مع ان المفروض أن لا تسكنها و هي على أية حال تعدُّ تاءات: p
و هاكم مشاركتي المتواضعة:
من هجر الفحشاء كان حِفْظُ الله له رداء
و من جانب الأهواء عصمه الله عند البلاء
و لا أقول جنّبهُ البلاءَ لأنّ أشدّ الناس بلاءً
المرسلون ثم المقرّبون ثم من بعدهم المؤمنون ..
و من أدمن الذنوب أسرع نجمُه بالغروب و قسا قلبه
و جف دمعه و أهلكه قولُ "سوف" و أرداه الغرور ..
تحيتي
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 08:25 م]ـ
مع ان المفروض أن لا تسكنها و هي على أية حال تعدُّ تاءات: p
و هاكم مشاركتي المتواضعة:
من هجر الفحشاء كان حِفْظُ الله له رداء
و من جانب الأهواء عصمه الله عند البلاء
و لا أقول جنّبهُ البلاءَ لأنّ أشدّ الناس بلاءً
المرسلون ثم المقرّبون ثم من بعدهم المؤمنون ..
و من أدمن الذنوب أسرع نجمُه بالغروب و قسا قلبه
و جف دمعه و أهلكه قولُ "سوف" و أرداه الغرور ..
تحيتي
أخي الباز ويحك يا رجل:)
عن أي تواضعٍ تتحدث يا سيدي
تالله إن مُشاركتك تلك من أروع
ما قرأت هُنا زدنا زادك الله
وحياك الله دوماً أيها المُبدع
لكن أعلمني أين كُنت فيما مَضى
ننتظر مَزيدك ومُشاركتك الثانية والثالثة وووو ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:08 م]ـ
لله دَرُك ما أجملك يا صاحبي
تَكَلّمتَ فأجدت
كتبتَ فأبدعت
بلغت فأديت
نصحت فبوركت
جزاك الله خير الجزاء مُشاركة رائعة سلمت يداك
" أراك وضعتني في مأزقٍ ليتني ما أنشأتُ تلك النافذة ( ops
حسناً دعني آخذ قسطاً بسيطاً لن أطيل عليك لأكتب المشاركة
التي أردتها تالله لأحبسن لك التاء والياء والراء شر حبسة: p
بارك الله فيك أخي الكريم، ما كتبته لي هو في الحقيقة لك، فمنك وإليك.
أما عن موضوع النافذة:
فلا تتحسر فما كان فيها إلا الخير، وإن كان من مأزق فاستعن بالله،
أم تراك أخرجت كل ما في جعبتك، أخي الكريم المشوار طويل - بإذن الله -
من بدايته بدأت تتعذر:).
ـ[الباز]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:11 م]ـ
أخي الباز ويحك يا رجل:)
عن أي تواضعٍ تتحدث يا سيدي
تالله إن مُشاركتك تلك من أروع
ما قرأت هُنا زدنا زادك الله
وحياك الله دوماً أيها المُبدع
لكن أعلمني أين كُنت فيما مَضى
ننتظر مَزيدك ومُشاركتك الثانية والثالثة وووو ....
منْ تواضع لله رفعه ..
كنت هنا إلا أني لم أنتبه للموضوع إلا اليوم .. ( ops
ألف شكر مرة ثانية على الفكرة و الموضوع الرائعين
:)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:19 م]ـ
إليك المُشاركة كما وعدتك أخي اللبيب دونَ التاء والراء والياء
بالمناسبة يا أديب هذا النص إهداءٌ لكَ على طيب خلقك ونبلك ,
أبقاكَ الله لكل ألوان المَحبّـ"ـــه
فلا حزناً ولا ظلماً وإثماً وَمسبّـ"ــه
أبقاكَ الله وأبقاهُم على الوصل
فلا ضغائنَ ولا قلاقل
مِن مُحبٍ إلى مُحبّ"ــه
فبعضَ الوجوه سوداء عند
كل لقاء وبعضعا
بالسماء صورها صعبّـ"ـــه
فما هُناكَ باقٍ للكُرهِ أمّا
الوامقون لله وَحدهم قد نالوا المحبّـ"ــه
:)
أحسنت وبارك الله فيك، وشكرا على مشاعرك، التي لا أملك تجاهها إلا أن أدعو الله لك في سري ...
على فكرة:
هل ظننت أنك ترشيني بهذه القطعة حتى أعفو عنك، أخي لم تنفذ ما اتفقنا عليه، وهربت منه أجمل هروب، منعتك قريحتك حرفين فقط لا ثلاثة - كما اتفقنا -
لذلك أقرر وعليك التنفيذ، ولا مجال للأخذ والرد:
عليك بكتابة قطعة ثانية تمنع فيها الحروف الثلاثة التي اتفقنا عليها، فما كتبته بالأعلى لا يشفع لك، نعم تحسب لك، ولكن للإكمال لابد من أن تكتب ثانية، ولا تتعلل بالضرورات:)، وبعد أن تكتب إما أن تختار ثلاثة أحرف جديدة،
أو تقرر منع أربعة أحرف، على أن تراعي عدم حذف حروف العلة لأهميتها.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:25 م]ـ
مع ان المفروض أن لا تسكنها و هي على أية حال تعدُّ تاءات: p
و هاكم مشاركتي المتواضعة:
من هجر الفحشاء كان حِفْظُ الله له رداء
و من جانب الأهواء عصمه الله عند البلاء
و لا أقول جنّبهُ البلاءَ لأنّ أشدّ الناس بلاءً
المرسلون ثم المقرّبون ثم من بعدهم المؤمنون ..
و من أدمن الذنوب أسرع نجمُه بالغروب و قسا قلبه
و جف دمعه و أهلكه قولُ "سوف" و أرداه الغرور ..
تحيتي
ما أروعك أخي الباز، فما كتبته لا يُعد قطعة!
بل هي حكم نثرتها في صفحتنا، فلله درك ودر قلمك،
لذلك أدعوك أن تكتب مرة ثانية وتمنع الحروف الثلاثة التي ذكرها أخي العزيز،
ورق وشوق ومفترق، وننتظر مشاركتك الجديدة.
ـ[الباز]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 11:15 م]ـ
ما أروعك أخي الباز، فما كتبته لا يُعد قطعة!
بل هي حكم نثرتها في صفحتنا، فلله درك ودر قلمك،
لذلك أدعوك أن تكتب مرة ثانية وتمنع الحروف الثلاثة التي ذكرها أخي العزيز،
ورق وشوق ومفترق، وننتظر مشاركتك الجديدة.
ألف شكر لك اخي الاديب اللبيب .. لكن
هل تكاسلت عن إعادة تذكيرنا بهذه الحروف الثلاثة؟؟:)
أتعبني البحث عنها .. : mad:
هل هي: الراء و التاء و الياء؟؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 11:19 م]ـ
بارك الله فيك أخي، هي كذلك: التاء والراء والياء.
الكسل! وما أدراك ما الكسل؟
داء عضال ينخر في العظام!
يجعل الشخص يدور في مكان،
ولا يفعل أي شيء مهما كان،
ولكن ما الذي يعجزك عن البحث: mad: ،
هو الكسل أيضا:).
ـ[الباز]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 11:39 م]ـ
هوالكسل طبعا: D
لكن إعادة التذكير بها أفضل من الضياع بين الصفحات
خصوصا إذا جاء ضيف جديد على الموضوع .. : rolleyes:
على كل هاكم محاولتي:
العلم سلّمٌ عال من قصَدَ صعودَه لازم العلماء
و عاملهم بسمعِه قبلَ لسانه ووسّع لهم المجالس
و إن سألهم سأل بلسان الطالب المهذَّب الواثق
أنّ جواب سؤاله عندهم، لا سؤال القاصد لإفحامهم
و الحطّ منهم أمام الناس فإنه إن فعل ذلك قصمه الله
لأن لحم العلماء مسموم من حاول أكله أهلك نفسه
تحيتي
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 11:54 م]ـ
في البداية أعتذر منك ولن أكررها، وكل من يأتي سنذكره بالشرط الجديد، فاعذرني.
ثم إني أراك أخي العزيز حاضر البديهة، فما شاء الله تبارك الله،
وزادك الله علما وعملا، أحسنت فعلا فيما كتبت،
فذكرتنا بأمر مهم ألا وهو: لحوم العلماء.
كتبت موضوعك في وقت أصبح الطويلب يخطئ عالمه!
ويرفع صوته عليه! ويتكلم عليه في المجالس!
يرميه بالتهم ويجعل من نفسه أسطورة تخطئ من لم ترد،
وترفع من شأن من أرادت، وما كل هذا إلا من قلة العلم والله.
تذكرت وأنا أقرأ قطعتك الفريدة قول الرسول عليه الصلاة والسلام:
" من ذب عن عرض أخيه ذب الله النار عن وجهه "
أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
بارك الله فيك أخي الباز، ورفع من شأنك في الدارين،
وحرم وجهك على النار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعد الرابح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 02:29 ص]ـ
طقطق قلمي طقطقات على ورق، لشاعرنا: " وَرّقٌ وَشوق وَمُفتَرّقْ" أتمنى أن ترق، وقد تجنب حروف جمعت في (شظض)
الألثغ واصل بن عطاء
أبو حذيفة واصل بن عطاء، الملقب بالغزّال، والمفوه بلسان لثغاء، له خطبة عصماء جانب فيها الراء، ألقاها على أتباعه من المعتزلة أهل الأهواء، فرقة استمدت اسمها من قول البصري الحسن " اعتزلنا واصل بن عطاء " بعدما طرده من بد الجلساء، لقوله الكفر والإيمان لا ينعت بهما الفسقاء، فهم بمنزلة بين المنزلتين لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ينكرون (القدر) زعماً منهم أن الله لايقدر القبائح من أفعال أبناء آدم وحواء، وينكرون صفات الله، ويثبتون له الأسماء، فقبحهم الله من عقلاء، سقطوا من حيث لم يدروا الجهلاء.
سعد الرابح 14/ 12/1429هـ
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 02:40 ص]ـ
لله درك
وأثر تخصصك يبدو جليا في مشاركتك الجميلة
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 12:08 م]ـ
أحسنت وبارك الله فيك، وشكرا على مشاعرك، التي لا أملك تجاهها إلا أن أدعو الله لك في سري ...
على فكرة:
هل ظننت أنك ترشيني بهذه القطعة حتى أعفو عنك، أخي لم تنفذ ما اتفقنا عليه، وهربت منه أجمل هروب، منعتك قريحتك حرفين فقط لا ثلاثة - كما اتفقنا -
لذلك أقرر وعليك التنفيذ، ولا مجال للأخذ والرد:
عليك بكتابة قطعة ثانية تمنع فيها الحروف الثلاثة التي اتفقنا عليها، فما كتبته بالأعلى لا يشفع لك، نعم تحسب لك، ولكن للإكمال لابد من أن تكتب ثانية، ولا تتعلل بالضرورات:)، وبعد أن تكتب إما أن تختار ثلاثة أحرف جديدة،
أو تقرر منع أربعة أحرف، على أن تراعي عدم حذف حروف العلة لأهميتها.
بورك فيك ويكفي الدُعاء
ثم أنا ما هربتُ:)
بالعكس قد قلت لك استعد لحبس التاء والراء والياء شر حبسه
وكما تعلم العجلة من الشيطان والتأني فيه السلامة والجمال,
: rolleyes: بوركَ فيكَ أخي الكريم ومشاركتي التالية
ستكون كما أردتَ.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 12:13 م]ـ
هوالكسل طبعا: d
لكن إعادة التذكير بها أفضل من الضياع بين الصفحات
خصوصا إذا جاء ضيف جديد على الموضوع .. : rolleyes:
على كل هاكم محاولتي:
العلم سلّمٌ عال من قصَدَ صعودَه لازم العلماء
و عاملهم بسمعِه قبلَ لسانه ووسّع لهم المجالس
و إن سألهم سأل بلسان الطالب المهذَّب الواثق
أنّ جواب سؤاله عندهم، لا سؤال القاصد لإفحامهم
و الحطّ منهم أمام الناس فإنه إن فعل ذلك قصمه الله
لأن لحم العلماء مسموم من حاول أكله أهلك نفسه
تحيتي
الشكر لأخي الأديب
كما أنك لست بضيفٍ يا أيها الباز
أما عن مُشاركتك فهي لون من ألون
الطبيعة يُمكننا أن نُسمِّيها الشجر
أو الورد البحر أو الثلج لأنها قد لامست
قضية خطيرة كما قال أخي اللبيب
وهذا الأمر يغفل عنه الكثير الآن
لهذا استحقت أن تُلامس الوجدان
وأي شىء يُلامس الوجدان فهو
قريب من الطبيعة لدى الإنسان ,
بورك فيك يا باز أجدتَ وأحسنت.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 12:21 م]ـ
طقطق قلمي طقطقات على ورق، لشاعرنا: " وَرّقٌ وَشوق وَمُفتَرّقْ" أتمنى أن ترق، وقد تجنب حروف جمعت في (شظض)
الألثغ واصل بن عطاء
أبو حذيفة واصل بن عطاء، الملقب بالغزّال، والمفوه بلسان لثغاء، له خطبة عصماء جانب فيها الراء، ألقاها على أتباعه من المعتزلة أهل الأهواء، فرقة استمدت اسمها من قول البصري الحسن " اعتزلنا واصل بن عطاء " بعدما طرده من بد الجلساء، لقوله الكفر والإيمان لا ينعت بهما الفسقاء، فهم بمنزلة بين المنزلتين لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ينكرون (القدر) زعماً منهم أن الله لايقدر القبائح من أفعال أبناء آدم وحواء، وينكرون صفات الله، ويثبتون له الأسماء، فقبحهم الله من عقلاء، سقطوا من حيث لم يدروا الجهلاء.
سعد الرابح 14/ 12/1429هـ
بورك فيك يا أيها الرابح وقولك جلي راجح
فشكراً لك على تلك الكلمات الشامخات
مُشاركة تدُل على تميز وتمكن من المفردات اللغوية
والصور البلاغية تالله أبدعت يا أخي
ننتظر مُشاركتك الثانية والثالثة ووو ...
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 06:45 م]ـ
بورك فيك ويكفي الدُعاء
ثم أنا ما هربتُ:)
بالعكس قد قلت لك استعد لحبس التاء والراء والياء شر حبسه
وكما تعلم العجلة من الشيطان والتأني فيه السلامة والجمال,
: rolleyes: بوركَ فيكَ أخي الكريم ومشاركتي التالية
ستكون كما أردتَ.
ننتظر ونرى لنرى ما هي ضرورتك الجديدة
التي ستهتدي لها قريحتك:).
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:37 م]ـ
هاكم مُشاركتي وقد حَبستُ التاء والراء والياء كما أردتَ يا أديب
حياك الله ,
نحنُ أم هُم
نحنُ أم هُم مَن مِنَّا الهَم فوق الهَم
أصحابُ الدول ِ أم نحن الشعوب جل الأثم
كلٌّ على فمهِ صُكوكَ الغَمِّ فمن إذاً
المسئولَ ومَنْ سبب الألم ِ
القدس على شفا وبغداد على شفا
ونحنُ أهل الأوسط آملون بالقممِ
نحنُ أم هُم من مِنا الهَم فوق الهَم؟
أصحاب الدولِ أم نحن جُل الأثم؟
الله الله الله وحدهُ مالك العلم
الله الله الله وحدهُ قامع الظلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 07:16 ص]ـ
أجيزها لك:) ولكن ( ops بعد أن أعرف معنى هذه الجملة:
مَن مِنَّا الهَم فوق الهَم
قلتُ: قد تستقيم كذا:
مَن مِنَّا عاش الهَم فوق الهَم
ومثلها:
نحنُ أم هُم من مِنا الهَم فوق الهَم؟
فما تقول يا نور؟ أنار الله بصيرتك.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 10:49 ص]ـ
أجيزها لك:) ولكن ( ops بعد أن أعرف معنى هذه الجملة:
قلتُ: قد تستقيم كذا:
ومثلها:
فما تقول يا نور؟ أنار الله بصيرتك.
حباً وكرامة ,
رغم أني ما حسبتُ أن يستعصي على اللبيب المُفكر شىء بسيط كهذا
معنى الجزء الذي أشرتَ إليه يا عزيزي
مُرتبط بباقي النص وأعني بهذا
أي من المُتسبب الرئيسي لم َ نحنُ فيه
ومَن الحمل الأكبر على الآخر
أصحاب الدويلات وحكامها أم الشعوب
من يَحْمِل أو يُحَمِّل الهموم ويزيدها نحن الشعوب أم هُم,
أتمني أن يكون المعنى كامل الوضوح الآن أخي الكريم.
" الحروف التي نُريدُ حبسها في المشاركة القادمة " العين_ الباء _ الواو"
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 09:52 م]ـ
حباً وكرامة ,
رغم أني ما حسبتُ أن يستعصي على اللبيب المُفكر شىء بسيط كهذا
معنى الجزء الذي أشرتَ إليه يا عزيزي
مُرتبط بباقي النص وأعني بهذا
أي من المُتسبب الرئيسي لم َ نحنُ فيه
ومَن الحمل الأكبر على الآخر
أصحاب الدويلات وحكامها أم الشعوب
من يَحْمِل أو يُحَمِّل الهموم ويزيدها نحن الشعوب أم هُم,
أتمني أن يكون المعنى كامل الوضوح الآن أخي الكريم.
وفسر الماء بعد الجهد بالماء.
" الحروف التي نُريدُ حبسها في المشاركة القادمة " العين_ الباء _ الواو"
على كل أمررها هذه المرة فقط: mad: .
حروف جميلة هذه المرة، أرجو الله ألا تحبسك قريحتك ثانية:).
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 07:46 م]ـ
على كل أمررها هذه المرة فقط: mad: .
حروف جميلة هذه المرة، أرجو الله ألا تحبسك قريحتك ثانية:).
كأنك بالحدود قاطعاً الطريق تأخذ رسماً ضريبياً على الحروف ِ:)
لا تُماطل أيها اللبيب الدور دورك والحروف لك؟
بورك فيك وفي قريحتك.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 10:12 م]ـ
كأنك بالحدود قاطعاً الطريق تأخذ رسماً ضريبياً على الحروف ِ:)
لا تُماطل أيها اللبيب الدور دورك والحروف لك؟
بورك فيك وفي قريحتك.
كشفتني إذن، ما دام الأمر كذلك عليك بالانتظار،
وسأكتب بإذن الله، ولكن عندي سؤال لك:
إذا كان هناك شيئا تمتلكه وطار!! هل يرجع؟
ـ[الباز]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 12:18 ص]ـ
أخوي العزيزان الاديب اللبيب و وورق و شوق و مفترق
أشكر لكما تعليقاتكما الطيبة الكريمة
و عسى أن أشارككم فيما جد من ممنوعات
تحيتي
ـ[الباز]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 12:21 ص]ـ
لكن رجاءً ما الممنوع هذه المرة .. ؟؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 12:43 ص]ـ
لكن رجاءً ما الممنوع هذه المرة .. ؟؟
حسنا،، إليك هي، ومرحبا بعودتك:
" الحروف التي نُريدُ حبسها في المشاركة القادمة " العين_ الباء _ الواو".
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 12:44 ص]ـ
أين أنت يا ورق وشوق ومفترق، افتقدتك اليوم؟
ومرحبا بك أخي رعد، وأشكرك على مرورك، وليتك تشاركنا.
ـ[الباز]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 02:01 ص]ـ
صعبة هذه المرة (خصوصا بغياب الواو)
على كل هذه محاولتي:
اتخذت شاطئ ساقية جميلة مجلسا؛ أصغي لخرير مائها الصافي
مالئا ناظريّ من جمال خضرتها التي زينتها الأزهار ..
كانت الشمس قد مالت قليلا في صفحة السماء فقضيت
ما فَضَلَ من النهار منشرح الصدر مرددا في سري ما حفظَتْه
الذاكرة من قريض حتى أني قرضت قليلا منه فسجلته
في قرطاس خشية النسيان
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 02:15 ص]ـ
صعبة هذه المرة (خصوصا بغياب الواو)
على كل هذه محاولتي:
اتخذت شاطئ ساقية جميلة مجلسا؛ أصغي لخرير مائها الصافي
مالئا ناظريّ من جمال خضرتها التي زينتها الأزهار ..
كانت الشمس قد مالت قليلا في صفحة السماء فقضيت
ما فَضَلَ من النهار منشرح الصدر مرددا في سري ما حفظَتْه
الذاكرة من قريض حتى أني قرضت قليلا منه فسجلته
في قرطاس خشية النسيان
أتدري أخي الباز ما الجميل فيها؟ وما الذي شدني؟ وما الذي جعلني أستيقظ في نهايتها؟
هو دقة التصوير للموقف الذي كنت فيه، حتى لا أبالغ إن قلت - بل هي الحقيقة - أنني تخيلت نفسي أنا ذاك الجالس في الشاطئ وأستمع لخرير الماء وأنظر للشمس وميلانها.
بارك الله فيك أخي فقد أخرجتني إلى نزهة قصيرة عشتها ثم انتهت فجأة.
ـ[الباز]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 05:30 م]ـ
أتدري أخي الباز ما الجميل فيها؟ وما الذي شدني؟ وما الذي جعلني أستيقظ في نهايتها؟
هو دقة التصوير للموقف الذي كنت فيه، حتى لا أبالغ إن قلت - بل هي الحقيقة - أنني تخيلت نفسي أنا ذاك الجالس في الشاطئ وأستمع لخرير الماء وأنظر للشمس وميلانها.
بارك الله فيك أخي فقد أخرجتني إلى نزهة قصيرة عشتها ثم انتهت فجأة.
أشكر لك هذا التعليق الجميل ..
و إن شاء الله ستذهب مستقبلا معنا في نزهة شعرية
في ركن الإبداع و ستحتسي الشاي و تتدفأ بجمر الغضا:)
قصيدة سأنشرها قريبا إن شاء الله فترقبها ..
تحيتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 05:32 م]ـ
أشكر لك هذا التعليق الجميل ..
و إن شاء الله ستذهب مستقبلا معنا في نزهة شعرية
في ركن الإبداع و ستحتسي الشاي و تتدفأ بجمر الغضا:)
قصيدة سأنشرها قريبا إن شاء الله فترقبها ..
تحيتي
سأنتظرها:).
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 09:08 م]ـ
وما زلت أنتظر ( ops ، وما زال سؤالي ينتظر جوابك،
فأين أنت يا ورق وشوق ومفترق؟
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 12:24 م]ـ
صعبة هذه المرة (خصوصا بغياب الواو)
على كل هذه محاولتي:
اتخذت شاطئ ساقية جميلة مجلسا؛ أصغي لخرير مائها الصافي
مالئا ناظريّ من جمال خضرتها التي زينتها الأزهار ..
كانت الشمس قد مالت قليلا في صفحة السماء فقضيت
ما فَضَلَ من النهار منشرح الصدر مرددا في سري ما حفظَتْه
الذاكرة من قريض حتى أني قرضت قليلا منه فسجلته
في قرطاس خشية النسيان
أنت شاعرٌ يُستلهم منه القصيد وحروفه
ياأيها الباز لله درك على هذا النص ِ المتميز
ولا أجد رداً أجود من رد أخي الأديب فقد
قال ما في نفسي.
بورك فيكما وفي كل المُسلمين.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 12:28 م]ـ
كشفتني إذن، ما دام الأمر كذلك عليك بالانتظار،
وسأكتب بإذن الله، ولكن عندي سؤال لك:
إذا كان هناك شيئا تمتلكه وطار!! هل يرجع؟
اولاًأعتذر أخي الكريم نيابة عن تغيبي في الليلتين الماضيتين
ثانياً بورك فيك على هذا التألق الملحوظ والتواجد الدائم هُنا
بالنسبه لسؤالك فلم أفهم ما مغزاه ولكني سأجيبك بإعمال
قريحتي الفلسفية "وما طار لا يعود إلا إذا أنشدناه أن يعود أو أراد هو العودة"
حياك الله أخي وجزاك الله خيراً على السؤال عني.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 12:31 م]ـ
أخي الباز هيَّا حدد الحروف التي
يجب أن تَحبس كي نتصارع
جميعاً من أجل كتابة نصها فأنت آخر
من كتب نصاً هَهُنا ويجب أن تختار
لنا الحروف ولا تنسى ثلاثة حروف ها.؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 07:23 م]ـ
اولاًأعتذر أخي الكريم نيابة عن تغيبي في الليلتين الماضيتين
ثانياً بورك فيك على هذا التألق الملحوظ والتواجد الدائم هُنا
بالنسبه لسؤالك فلم أفهم ما مغزاه ولكني سأجيبك بإعمال
قريحتي الفلسفية "وما طار لا يعود إلا إذا أنشدناه أن يعود أو أراد هو العودة"
حياك الله أخي وجزاك الله خيراً على السؤال عني.
أولا: الحمد لله على عودتك سالما.
ثانيا: أنا أريدك ألا تفهم السؤال، لتجيب بإجابة فلسفية.
ثالثا: إجابتك جميلة وهو ما أردت ولكن لو أطلت أكثر.
على العموم الحمد لله على عودتك.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 07:27 م]ـ
أخواي العزيزين:
الباز، ورق وشوق ومفترق، عندي اقتراح خطر ببالي، والأمر لكما في النهاية، ألا وهو:
نستمر كما نحن في حبس ثلاثة أحرف، ولكن نضع سؤالا - كما وضعت في الأعلى - ونجيب عليه بحبس الأحرف المختارة.
وعليه ليختر لنا الآن أخي الباز:
ثلاثة أحرف وسؤالا.
والأمر لكما.
ـ[الباز]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 07:41 م]ـ
اقتراح رائع أخي الأديب اللبيب
هو اقتراح جميل و لا مانع عندي ممن يرحب اعتماده ..
لكن رأيي أنه يحبس القريحة في مجال محدد ..
و الحد من الحرية يضعف القريحة و لذلك أرجو أن تعفوني منه ..
(فكما تعلمون أنا بازي: p
و الباز يحب التحليق في فضاءات الحرية و الإنطلاق)
أحبس: الدال و الفاء و الهاء
تحيتي
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 08:41 م]ـ
الأديب اللبيب أعزك الله وسلمك دوماً من الشرور
وشكراً مرة ثانية على مودتك تلك التي إن عبرت
تُعبر عن صفاء قلبك أخي الكريم ,
بالنسبة للاقتراح فهو اقتراحٌ جميل ٌ هات ما عندك
وليكن سؤال إذاً ونص ,
وإن شاء الله أخي الباز " يدخل في تلك ويعلم أنها لا تُحاصر أهل الفضاء وإنما أهل الأرض"
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 09:03 م]ـ
الدال , الفاء , الهاء
حباً وكرامة أخي الباز
وهاكم النص
" اقتتال "
علامَ يا حماة الملة النهر الأحمر والاقتتال
ووصية رسولنا ألا يُراق مُحال مُحال
علامك يا عبساوي علامك يا غزاوي
تركتم بنيامين حيّاً وقتلتم بلال
تتقاتلون وربكم أمركم أن لا تُساهموا
بأسباب الآجال
أن تكونوا بُنياناً مرصوصاً
لا يُهز ولا يُطال ,
علامَ يا حُماة الملة الا يشرأب منكم
رجلاً يُصارع ما أصابنا وآل
علامَ يا حماة الملة
التعنت بينكم والتشبث بركاب الغربِ
والعون بالمال والحلال
قولوا لي بربكم الا تخشون
ألا يلح عليكم سؤال؟
ماذا ستقولون لربكم حين تتلقاكم
ملائكة الموت ماذا ستقولون لربكم
وماذا ستقول عنكم
بقية الأجيّال.
ـ[الباز]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 10:36 م]ـ
الدال , الفاء , الهاء
حباً وكرامة أخي الباز
وهاكم النص
" اقتتال "
علامَ يا حماة الملة النهر الأحمر والاقتتال
ووصية رسولنا ألا يُراق مُحال مُحال
علامك يا عبساوي علامك يا غزاوي
تركتم بنيامين حيّاً وقتلتم بلال
تتقاتلون وربكم أمركم أن لا تُساهموا
بأسباب الآجال
أن تكونوا بُنياناً مرصوصاً
لا يُهز ولا يُطال ,
علامَ يا حُماة الملة ألا يشرئب منكم
رجلٌ يُصارع ما أصابنا و ما آل
علامَ يا حماة الملة
التعنت بينكم والتشبث بركاب الغربِ
والعون بالمال والحلال
قولوا لي بربكم الا تخشون
ألا يلح عليكم سؤال؟
ماذا ستقولون لربكم حين تتلقاكم
ملائكة الموت ماذا ستقولون لربكم
وماذا ستقول عنكم
بقية الأجيّال.
ابدعت اخي ورق و شوق و مفترق
لا فض فوك
تحيتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 11:41 م]ـ
ابدعت اخي ورق و شوق و مفترق
لا فض فوك
تحيتي
بورك فيكَ أخي الكريم
بل أنت المبدع يا باز الشعر
وشكراً لكَ على هذا المجهود
الملحوظ,
الا تعلم أين أخي الأديب مُتغيب
إنى قلق عليه جدا جدا وافتقده
بشدة.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 02:18 ص]ـ
اقتراح رائع أخي الأديب اللبيب
هو اقتراح جميل و لا مانع عندي ممن يرحب اعتماده ..
لكن رأيي أنه يحبس القريحة في مجال محدد ..
و الحد من الحرية يضعف القريحة و لذلك أرجو أن تعفوني منه ..
(فكما تعلمون أنا بازي: p
و الباز يحب التحليق في فضاءات الحرية و الإنطلاق)
أحبس: الدال و الفاء و الهاء
تحيتي
صدقت هو يحد من القريحة، ولكن: " كلما ضاقت اتسعت ":)
و الباز يحب التحليق
إذن حلّق معنا:).
إن لم توافق فعندي لك رأي آخر، ماذا تقول؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 02:31 ص]ـ
الأديب اللبيب أعزك الله وسلمك دوماً من الشرور
وشكراً مرة ثانية على مودتك تلك التي إن عبرت
تُعبر عن صفاء قلبك أخي الكريم ,
بالنسبة للاقتراح فهو اقتراحٌ جميل ٌ هات ما عندك
وليكن سؤال إذاً ونص ,
وإن شاء الله أخي الباز " يدخل في تلك ويعلم أنها لا تُحاصر أهل الفضاء وإنما أهل الأرض"
بارك الله فيك أخي الكريم
إذن ابدأ أنت واسأل وامنع، ولندع أخي الباز ونرى رأيه.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 02:39 ص]ـ
الدال , الفاء , الهاء
حباً وكرامة أخي الباز
وهاكم النص
" اقتتال "
علامَ يا حماة الملة النهر الأحمر والاقتتال
ووصية رسولنا ألا يُراق مُحال مُحال
علامك يا عبساوي علامك يا غزاوي
تركتم بنيامين حيّاً وقتلتم بلال
تتقاتلون وربكم أمركم أن لا تُساهموا
بأسباب الآجال
أن تكونوا بُنياناً مرصوصاً
لا يُهز ولا يُطال ,
علامَ يا حُماة الملة الا يشرأب منكم
رجلاً يُصارع ما أصابنا وآل
علامَ يا حماة الملة
التعنت بينكم والتشبث بركاب الغربِ
والعون بالمال والحلال
قولوا لي بربكم الا تخشون
ألا يلح عليكم سؤال؟
ماذا ستقولون لربكم حين تتلقاكم
ملائكة الموت ماذا ستقولون لربكم
وماذا ستقول عنكم
بقية الأجيّال.
أحسنت، قلت فأجدت، فبارك الله فيك.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 02:42 ص]ـ
بورك فيكَ أخي الكريم
بل أنت المبدع يا باز الشعر
وشكراً لكَ على هذا المجهود
الملحوظ,
الا تعلم أين أخي الأديب مُتغيب
إنى قلق عليه جدا جدا وافتقده
بشدة.
أنا موجود دائما أخي الكريم، كنت موجودا قبل أربع ساعات ثم خرجت وقد عدت.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[22 - 12 - 2008, 02:10 م]ـ
بورك فيكما يا خير الرجال
الحروف التي أريد حبسها
الراء " والعين " والسين "
والسؤال هو ,
أشياء قد تبدو لنا جليه وهي ليست جليه
يسوقها القدر وليس نحن فما هي ,
هيَّا أريد إعمال القرائح الفلسفية.
ـ[ريكيلمي10]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 01:35 م]ـ
قادم ريكيلمي ليسكت الجميع
ببلاغته التي ليس لها حدود
لا أمدح نفسي لكني أتمنى ذلك ......
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 01:47 م]ـ
قادم ريكيلمي ليسكت الجميع
ببلاغته التي ليس لها حدود
لا أمدح نفسي لكني أتمنى ذلك ......
مرحبا بك في شبكة الفصيح بين إخوتك وأحبابك
وننتظرك لنرى ما قلته ثم سنحكم:).
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 02:06 م]ـ
قادم ريكيلمي ليسكت الجميع
ببلاغته التي ليس لها حدود
لا أمدح نفسي لكني أتمنى ذلك ......
يا حيهلا بأخي ريكيلمي
أنرتنا وشرفتنا ولكن قلُ لي أتتمنى ماذا أن تمد نفسك
أم تسكتنا جميعاً ( ops
هذا أولاً ثانياً وكما قال أخي الأديب بتصريف
عقولنا تنتظرك وقلوبنا
وها أولُ اختبار لكَ
من نفضلك اكتب نصاً بلاغياً تَحبس فيه
"الراء " والعين " والسين "
والسؤال هو ,
أشياء قد تبدو لنا جليه وهي ليست جليه
مرحباً بك مرة أخرى وحبذا لو عرفتنا باسمك
يا أيها الأرجنتيني العربي
ـ[ريكيلمي10]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 09:22 م]ـ
شكرا لكم ...
اسمي سعيد العُمري الأرجنتين ((السعودية))
الفصاحة تجري في دمي والبلاغة تدغدغ لساني
ولغة الضاد هي من أعشقها ...
سأسكت الجميع لكني لست مهيأَ لذلك
يقول اينشتاين:
الشيئان اللذان ليس لهما حدود الكون وغباء الإنسان ...
وأنا أضيف عليها بلاغة وفصاحة ريكيلمي ...
سترون لتحكمون وتعرفون وترفعون القبعة إحتراماَ لي ,,,
الآن لست مستعد .... قد تقولون عني مغرورا لكن انتظروا ....
ـ[أبو عبد الرحمن2]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 11:07 م]ـ
اتقيت فيما كتبت حرفي الزاي و القاف
كنت في غربتي البائسة , بعيدا عن الأحباب المئانسة
أيام مضت بلا روح , و جلسات مع النفس بلا بوح
إذ لم أشرّق من قبل ولم أغرّب , و لا كنت ممن يحب أن يجرّب
و لكن لا بأس عليك يا نفس , فالغد آت لا محالة كالأمس , و كل يغدوا إلى رمس
فعلاما تكدّين في بلوغ المنى , و تدعين السموّ بقولك أنا وأنا
أفٍ لفكري المجموج , صرت لا أطيق دنيا العلوج , وحننت لأيام السروج
أيام صلاح الدنيا و الدين , و انتصارات المؤمنين , ضد الكفار والموالين
عفوا أظنني شردت بكم عن مرادي , هو ذاك كما قلت الحنين لبلادي , أربك
فؤادي و أفرح حسادي , فأين أنتم يا عوادي
أرجوا أن ينال إعجاكم وأن تقوموا ما وجدتم من خطأ
و شكرا لصاحب الفكرة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[25 - 12 - 2008, 12:24 م]ـ
اتقيت فيما كتبت حرفي الزاي و القاف
كنت في غربتي البائسة , بعيدا عن الأحباب المئانسة
أيام مضت بلا روح , و جلسات مع النفس بلا بوح
إذ لم أشرّق من قبل ولم أغرّب , و لا كنت ممن يحب أن يجرّب
و لكن لا بأس عليك يا نفس , فالغد آت لا محالة كالأمس , و كل يغدوا إلى رمس
فعلاما تكدّين في بلوغ المنى , و تدعين السموّ بقولك أنا وأنا
أفٍ لفكري المجموج , صرت لا أطيق دنيا العلوج , وحننت لأيام السروج
أيام صلاح الدنيا و الدين , و انتصارات المؤمنين , ضد الكفار والموالين
عفوا أظنني شردت بكم عن مرادي , هو ذاك كما قلت الحنين لبلادي , أربك
فؤادي و أفرح حسادي , فأين أنتم يا عوادي
أرجوا أن ينال إعجاكم وأن تقوموا ما وجدتم من خطأ
و شكرا لصاحب الفكرة
يا الله
نحن ها هنا يا أخي هل ترضي بنا عواد؟
يا الله عليك يا أبا عبد الرحمن تالله أجدتَ يا رجل
أجدتَ لقد لامس نصُكَ أعماق أعماق أعماق قلبي
وعقلي معاً ومثلك أتمني وأود لو عاد بنا الزمان
على أقل القليل كانت هناك لنا كرامة وعزة بين الأمم
ولكن , وما نيل المطالب بالتمني.
أحسنتَ بارك الله فيك وقد أشرقت الصفحة بك,
ننتظر مشاركت الثانية والثالثة و ....
ـ[أبو عبد الرحمن2]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 10:43 م]ـ
يا الله
نحن ها هنا يا أخي هل ترضي بنا عواد؟
لعلها تعجبك أخي ورّق و بارك الله فيك على الإطراء الذي لا أستحقه
تجنبت كتابة حرفي الشين و الضاد
لقد هممت يا إخوان , بعد تأمل هذا الزمان , و ما فيه من أحزان
و قد ضرب اليهود أبناء غزة , فذلوا بعد عزة
و جاسوا خلالهم , فقتلوا رجالهم , و استباحوا دمائهم
أن أقود جيش التحرير , و أن أدع هذا السرير
سأعبئ شباب الأمة , رمز الهمة , لبلوغ القمة
و لكن أنتظروا , و معي يا إخوان فكروا , و عن سواعدكم عقولكم شمروا
شباب أمة الإسلام , الذي همه الأفلام , و ما يتراءى له في الأحلام
شباب لبس الحرير , و هزئ بالعالم النحرير, بل حتى بالضرير
هل مثله ينفع , و للمهالك يدفع , أم تراه لليهود يتبع
لا أدري أو لعلي أدري , و الغضب يفجر صدري
أن شباب الأمس , أضحوا إلى رمس
و أنّ قدرنا الذل , و مرض الهوان بلي به الكل
و أمتنا خارت قواها , و أضاعت دواها, وا أسفي على منتهاها.
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[08 - 01 - 2009, 05:03 ص]ـ
لعلها تعجبك أخي ورّق و بارك الله فيك على الإطراء الذي لا أستحقه
تجنبت كتابة حرفي الشين و الضاد
لقد هممت يا إخوان , بعد تأمل هذا الزمان , و ما فيه من أحزان
و قد ضرب اليهود أبناء غزة , فذلوا بعد عزة
و جاسوا خلالهم , فقتلوا رجالهم , و استباحوا دمائهم
أن أقود جيش التحرير , و أن أدع هذا السرير
سأعبئ شباب الأمة , رمز الهمة , لبلوغ القمة
و لكن انتظروا , و معي يا إخوان فكروا , و عن سواعد عقولكم شمروا
شباب أمة الإسلام , الذي همه الأفلام , و ما يتراءى له في الأحلام
شباب لبس الحرير , و هزئ بالعالم النحرير, بل حتى بالضرير
هل مثله ينفع , و للمهالك يدفع , أم تراه لليهود يتبع
لا أدري أو لعلي أدري , و الغضب يفجر صدري
أن شباب الأمس , أضحوا إلى رمس
و أنّ قدرنا الذل , و مرض الهوان بلي به الكل
و أمتنا خارت قواها , و أضاعت دواها, وا أسفي على منتهاها.
تالله أعجبتني يا أبا عبد الرحمن
بورك في يُمناك جعلك الله من السبَّاقين للخير
أبدعت وأجدتَ
ننتظر منك المزيد مع الحرص على حبس
الحروف بشكل ٍ سليم ٍ في المرة القادمة
فالشين والضاد لم يُمنعا:)
لكن بالمجمل العام كلماتك قوية جداً
وقريحتك ماشاء الله عالية التعبير.
ـ[أبو عبد الرحمن2]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 08:33 م]ـ
بوركت أخي الحبيب و شكرا أخي للتصحيح و لتعلم أنني
لم أتجنب ما ادعيت إجبتنابه
لأنني حقيقة كتبت بعاطفة زائدة فأنستني في الحروف التي ألزمت نفسي تجنبها
و لعل تضع مكانها تجنبت حرفي الطاء و الثاء يكون أنسب و بارك الله فيك على دقة الملاحظة
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[16 - 01 - 2009, 06:22 ص]ـ
بوركت أخي الحبيب و شكرا أخي للتصحيح و لتعلم أنني
لم أتجنب ما ادعيت إجبتنابه
لأنني حقيقة كتبت بعاطفة زائدة فأنستني في الحروف التي ألزمت نفسي تجنبها
و لعل تضع مكانها تجنبت حرفي الطاء و الثاء يكون أنسب و بارك الله فيك على دقة الملاحظة
لا عليك يا أبا عبد الرحمن
لا عليك يا أيها الكريم
حيَّاك الله دوماً أتدري
إن ما نعنيه من تلك المُشاركات
" الروح " نعم الروح والاحساس
والجمال بداخل الكلمات فنحن
الآن نعاني من قلة موارد في
التعبير العام مما يؤثر بالسلب
على الذوق العام والكلام العام.
أحسنتَ وانتظر المزيد منك يا
عزيزي(/)
مدخل إلى البلاغة
ـ[أبونسيبة]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 08:48 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
كيف أتعلم البلاغة من الألف إلى الياء؟
أريد خارطة الطريق فقط.
يعني بم أبدأ؟ ما هي الكتب المعتمدة من المختصرة إلى المتقدمة؟
إن لم يكن هذا الموضوع سبق طرحه فيجب عمل موضوع في هذا الشأن وتثبيته خدمة من المنتدى المبارك لأعضائه و زواره.
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابوخالد التميمي]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 12:17 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
هناك مجموعة من الكتب: جواهر البلاغة للهاشمي, البلاغة الواضحة علي الجارم ومصطفى أمين, بغية الايضاح عبد المتعال الصعيدي , البلاغة العربية عبد الرحمن الميداني ............................
وغير ذلك كثير 0
تحياتي0
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 03:21 ص]ـ
تفضل أخي الكريم:
http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=37540
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=17465
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 03:26 ص]ـ
المنهج الأمثل لدراسة البلاغة
http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=8081
ـ[أبونسيبة]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 07:40 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك في علمكم و عملكم ووقتكم
لقد وجدت ان مشاركتي قد تم تحريرها فهل يوجد خطأ ما؟
ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 10:25 ص]ـ
مما يساعد على معرفة وتسهيل علم البلاغة؛ حضور المحاضرات والدروس، وإن لم تستطع الحضور، ففي الشابكة (الأنترنت) مواقع لبث هذه الدروس مباشرة أو مسجلة؛ من شأنها المساهمة في تذوق البلاغة وممارستها.
ومن تلك المواقع: (البث الإسلامي).
إذا دخلت الموقع ضع كلمة:"بلاغة " في المكان المخصص للبحث، فتظهر لك محاضرات ودروس بلاغية صوتية .. اختر منها ما شئت:)
وفقك الله ..(/)
الغوث الغوث
ـ[مثنى كاظم صادق]ــــــــ[03 - 12 - 2008, 12:11 م]ـ
لقد قرأت كثيرا ـــ كما اعتقد ـــ حول الكناية واود الأستزادة حول علاقة المذهب الرمزي بها وكذلك السيمائية مع رفد الموضوع بعنوانات الكتب الرمزية والسيميائية مع مؤلفيها والصفحة ودار النشر هذا ولكم فائق امتناني لقد لجأت اليكم بعدما فت في عضدي وسعيد من استعان بغيره من بعد بذله الجهد.(/)
من سورة الكهف
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 07:59 ص]ـ
ومن سورة الكهف: قال تعالى: (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا)، فـ: "ولدا": نكرة في سياق الإثبات، فتفيد الإطلاق، فمجرد إطلاق وصف الولد على الله، عز وجل، أمر مستشنع، ولذلك كان الإثبات، وإن خلا من أي مؤكد: منكرا من القول وزورا. فناسب أن تدخل: "من" التي تفيد التنصيص على العموم على "الولد" في آيات النفي من قبيل قوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ)، فهي أبلغ في النفي من: ما اتخذ الله ولدا، ففي الإثبات: مجرد اعتقاد ذلك، وإن لم يؤكده المعتقد بأي أداة من أدوات التوكيد، محل إنكار، دلت عليه الآية التالية: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)، وفي النفي: يؤكد ذلك وينص عليه بعينه إمعانا في تنزيه الباري، عز وجل، عن مقالة السوء، فالدعوى، وإن كانت باطلة في نفسها إلا أنها تقابل بدفاع قوي مؤكد بما يجعل السياق نصا، ودلالة النص: دلالة قطعية غير محتملة، ولك أن تتخيل ما لو عكس الأمر فجاءت القضية مؤكدة كأن يقال: إن الله اتخذ ولدا، أو: إن لله ولدا .............. إلخ من السياقات المؤكدة، ثم جاء الرد خاليا من أي مؤكد من قبيل: ما اتخذ الله ولدا، أو: ليس الله والداً ......... إلخ، لك أن تتخيل ذلك لتدرك بلاغة القرآن في عرض الشبهات مجردة من أدوات التوكيد لئلا ترسخ في ذهن القارئ، ثم الكر عليها بالنفي مؤكدا لدحض الشبهة ورفع الإشكال.
وفي الآية التالية: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)
توكيد آخر بـ: "من" الداخلة على النكرة المنفية: "علم"، فالدفاع مطرد بنفس القوة، فضلا عن تقديم الجار والمجرور "لهم" وحقه التأخير، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد، فما لهم من أي علم بذلك، وإنما هي محض دعوى لا دليل عليها، بل إن الدليل السمعي والعقلي والفطري والحسي يدل على نقيضها من وحدانية الله، عز وجل، وأحديته، فهو الغني عن عباده المغني لهم فكيف يحتاج إلى صاحبة أو ولد من جنسهم؟!!!، ومجرد الجواز العقلي لا يكفي في إثبات القضية، فللمعارض أن ينقضها بنفس المسلك، فدعوى مقابل دعوى، فلا بد من دليل مرجح ينقل القضية من الجواز إلى الوجوب، فكيف إذا كانت القضية في نفسها: محالة، لما فيها من إثبات النقص والحاجة للرب، جل وعلا، والرب المستحق للعبادة لا يكون إلا كاملا في ذاته كاملا في وصفه، إذ لو كان محتاجا إلى غيره، لما صح في الأذهان دعاؤه وطلب قضاء الحوائج منه، إذ كيف تطلب الحوائج ممن لا يستقل بحوائجه أصلا وإنما يفتقر إلى الأسباب؟!!، ولذلك أكد القرآن على أوصاف النقص الذاتي في المعبودات الباطلة في مقابل أوصاف الغنى الذاتي في المعبود الحق، جل وعلا، لبيان وجه استحقاق الله عز وجل، كمال التأله بأفعال العباد، فرعا على كمال ربوبيته بأفعاله الصادرة من كمال صفاته الفاعلة، فقال عز وجل:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).
فصدر الآية بأداة نداء البعيد التي تشعر بغفلة المخاطَب، فـ: (مَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)، و: (مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ). وتشعر بعظمة المخاطِب، جل وعلا، فالبعد المعنوي فيها ثابت للخلق سلباً وللخالق عز وجل إيجابا.
وحذف الفاعل للعلم به، فتقدير الكلام: ضرب الله مثلا.
ونكر "المثل" تعظيما، فهو مثل عظيم النفع لمن تدبره، وفيه من اللطافة والغرابة ما فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم عطف بالفاء التعقيبية إشعارا بلزوم المبادرة إلى الاستماع لذلك المثل العظيم، وفي الفاء معنى السببية، فما قبلها سبب لما بعدها، فإن علة الاستماع: ضرب ذلك المثل العظيم فلعل المستمع إن أصغى له أن ينتفع به فـ: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ).
وبعد هذه التوطئة التي استرعت انتباه المخاطب وأثارت أشواقه: جيء بالمثل مصدرا بأداة التوكيد: "إن"، إمعانا في تقرير المعنى في ذهن المستمع، فقد صار قابلا لتلقي الموعظة بعدما تهيأ عقله لاستقبالها بما صدرت به الآية من مقدمات.
إن الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ: الإتيان بالمضارع يدل على استمرار دعائهم من دون الله، عز وجل، فالمخاطب مقيم على شركه سادر في غيه.
وفي قوله: (لن يخلقوا ذبابا ............. ): إبطال لألوهيتهم فرعا على إبطال ربوبيتهم بنفي صفة الخلق عنهم، وهي من أخص أوصاف الربوبية، وقيد الخلق بالذباب، مع حقارته، إمعانا في إهانة هذه الآلهة الباطلة، فهي عاجزة عن خلق ذلك الكائن الحقير، فكيف بما فوقه، فكيف بالسماوات والأرض، و: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، وجيء بالذباب: منكرا إمعانا في التحدي فلن يخلقوا ذبابا أي ذباب، فليس ذبابا معهودا ذا أوصاف بعينها، وإنما التحدي بخلق أي ذباب أيا كان وصفه!!!، وفي بيان عجزهم عن خلق ذباب حقير تنبيه بالأدنى على الأعلى، فهم من باب أولى عاجزون عن خلق ما فوقه.
وفي قوله تعالى: (ولو اجتمعوا له): احتراس لئلا يعترض المنكر فيقول: لا يمكنهم خلقه فرادى، وإنما يمكنهم ذلك إذا اجتمعوا، فحشدت الطاقات وأقرت الميزانيات وجهزت المعامل وسخرت العقول محادة لله، عز وجل، وقد ذكر صاحب رسالة "العلمانية"، حفظه الله وأتم شفاءه ونفع به، طرفا من ذلك، إذ كلف "ستالين" طاغية السوفييت أحد علماء دولته الملحدة وهو "أوبارين" أن يثبت علميا بأن الحياة نشأت تلقائيا من المادة ليدعم بذلك العقيدة الرسمية للدولة وفعلا أمضى أوبارين وأعضاء أكاديميته عشرين عاما في محاولات دائبة غير مجدية. إلا أنه في سنة 1955 قال: "إن النجاح الذي حققته البيولوجيا السوفييتية حديثا يؤيد "الوعد" بأن مسألة خلق كائنات حية بسيطة بطرق صناعية ليس ممكنا فحسب بل سيتحقق عما قريب!!!!.
وظل الناس يترقبون هذا الوعد ومات ستالين قبل أن تقر عينه بتحقيقه وفي سنة 1959 في المؤتمر الدولي للبحار بنيويورك لم يفاجئ "أوبارين" العلماء بقوله: "إن جميع المحاولات التي أجريت لتوليد الحياة من مواد غير عضوية سواء تحت ظروف طبيعية أو في المعمل قد باءت بالفشل"!!!.
بتصرف من: "العلمانية: نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة"، ص342.
ولا يرد على ذلك ما يعرف اليوم بـ: "الاستنساخ"، فإنه توظيف لخلية حية لا إنشاء لحياة من العدم، فإن ذلك ما لا يستطيعه أحد إلا الله، عز وجل، الذي يخلق تقديرا ويبرأ إيجادا ويصور تمييزا، فلكل كائن صورة تميزه عن بقية الكائنات بل التوأمان، وإن كانا متماثلين إلا أنه لا بد من نوع فرق بينهما، فبصمة الإصبع لا تتماثل بين اثنين، وإن كانا توأمين، إذ لكل صورة صوره الله، عز وجل، عليها.
وفي قوله: (ولو اجتمعوا له): إيجاز بحذف جواب الشرط لدلالة ما تقدم عليه، فلو اجتمعوا له لن يخلقوه، بل في الكلام إيجاز آخر بحذف الاحتمال الآخر من احتمالات القسمة العقلية وهو: عدم الاجتماع، فلو اجتمعوا له لن يخلقوه ولو لم يجتمعوا له لن يخلقوه من باب أولى، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، بقوله: " {وَلَوِ اجتمعوا لَهُ} أي لخلقه وجواب لو محذوفٌ لدلالة ما قبله عليه والجملةُ معطوفةٌ على شرطيةٍ أُخرى محذوفةٍ ثقةً بدلالة هذه عليها أي لو لم يجتمعوا عليه لن يخلقُوه ولو اجتمعُوا له لن يخلقُوه". اهـ، وهذا أبلغ في التحدي، فهو واقع بذباب حقير، أيا كان جنسه أو نوعه أو وصفه، على جميع الأحوال الممكنة: جماعات أو أفرادا، وهيهات!!!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا كان ذلك وصفهم فقد ثبت بالدليل القاطع عجزهم عن وظائف الربوبية، فكيف يصح اتخاذهم آلهة تعبد من دون الله، ولذلك ذكرهم بوصف الألوهية وهو: "الدعاء" ثم نقضه بإثبات عجزهم عن الخلق، فقدح في ربوبيتهم، في مقابل ربوبيته الكاملة، فأيهما أحق بالدعاء: الرب الكامل أو الرب العاجز؟!!!.
وفي قوله: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ:
إمعان في بيان عجزهم فليتهم استطاعوا استنقاذ ما يسلبه الذباب من طعامهم فضلا عن خلقه!!!، وفي الشرط تحد وتعجيز لهم، فهو بمنزلة الأمر باستنقاذ ما سلبه الذباب منهم تحديا على وزان قوله تعالى: (قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، فهو خبري المبنى طلبي المعنى، فتقديره: لتستنقذ تلك الآلهة شيئا مما سلبه الذباب منها إن كانت آلهة قادرة كما تزعمون.
وفي قوله: لا يستنقذوه منه: نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل: "يستنقذ" وهو: "الاستنقاذ" فأفاد العموم، فلن يستنقذوا منه أي شيء مما سلبه، وفي زيادة الألف والسين والتاء وهي تدل على الطلب: زيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى، فلو حرصوا على استنقاذه فلن يمكنهم ذلك أبدا لعجزهم الكامل.
فـ: (ضعف الطالب والمطلوب)، فعابدها ضعيف لا يملك لنفسه ضرا أو نفعا، وهي من الضعف بمكان، بل هي أضعف منه، عند التحقيق، هو الذي صنعها بيده، أو خطها بقلمه، إن كانت دساتير تعارض فيها شريعة الرحمن بزبالات أذهان المتشرعين من طواغيت بني الإنسان، أو غلا فيها وهي مثله مخلوقة مربوبة، كما غلا المثلثة في عيسى عليه السلام، وكما غلت يهود في عزير عليه السلام.
وعودة إلى آية الكهف:
فقد ذيل الآية بما يناسب الإنكار الشديد على تلك المقالة فقال:
كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ: فأسلوب الذم مئنة من الإنكار الشديد، وفي السياق إيجاز بحذف المخصوص بالذم لدلالة التمييز: "كلمةً" عليه، فتقدير الكلام: كبرت كلمة الكلمةُ التي تخرج من أفواههم، فقدر المحذوف لدلالة المذكور عليه، وهذا أمر مطرد في آيات الكتاب العزيز، فحذف ما يعلم بدلالة السياق مئنة من بلاغة الكلام، فكيف بكلام الباري، عز وجل؟!!.
إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا: إنكار آخر يناسب عظم البهتان الذي افتروه، وقد أكد بأقوى أساليب القصر: النفي والاستثناء، وهو قصر إضافي يتعلق بتلك المقالة بعينها، فليس قصرا حقيقيا، إذ لا يخلو كلامهم الآخر من حق، كأي بشر يوجد في كلامه حق يقبل وباطل يرد، ولكنهم لما افتروا تلك المقالة على الباري، عز وجل، جاء الرد قويا، فكأنهم بتلك الفرية قد أهدروا كل مصداقية لهم، فكل كلامهم كذب، وهذا على سبيل المبالغة في الإنكار، وهو ما يقتضيه السياق كما تقدم.
ثم تنتقل الآيات إلى قصة أصحاب الكهف وفيها قوله تعالى:
"إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا" فقد طلبوا عطاء الربوبية فرعا على كمال ألوهيتهم لله، عز وجل، بدليل أنهم أفردوه بالدعاء.
وقوله تعالى: (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا):
استعار فيه الرباط الحسي للرباط المعنوي تصويرا لثباتهم بتأييد الله، عز وجل، لهم، وكالعادة: يستدل الموحد على كمال ألوهية الله، عز وجل، بكمال ربوبيته في ثنائية مطردة في كل آيات الكتاب العزيز، فدلالة الربوبية على الألوهية: دلالة التزام، فالربوبية: مقدمة والألوهية: نتيجة، إذا صح عقل المستدل، فـ: (رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، له الربوبية العامة التي تدل عليها "أل" الجنسية المستغرقة لعموم ما دخلت عليه في "السماوات" و "الأرض"، والنتيجة: لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا، فلن نصرف عبادة الدعاء لمعبود سواه، إذ لا معبود
(يُتْبَعُ)
(/)
بحق سواه، فإن فعلنا ذلك: فـ: (لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا)، فدعاء غير الله، عز وجل، شطط، نبهت الآية عليه بـ: "اللام" و "قد" التي دخلت على الفعل الماضي فأفادت التحقيق، فذلك شطط جزما بلا شك، و "إذاً"، ونكر "شططا" إمعانا في تعظيم خطره، فهو شطط عظيم يفسد أمر الدين والدنيا معا، فالمشرك أتعس الناس وأقلهم طمأنينة في الدنيا وأخسرهم صفقة في الآخرة، وفي الإتيان بالمصدر "شططا" زيادة تعظيم لقبح ذلك، فتقدير الكلام كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله: لقد قلنا قولا ذا شطط، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه إمعانا في الوصف على وزان: جاء زيد ركضا، والقياس: راكضا، ولكنه أتى بالحال التي هي وصف لصاحبها على صيغة المصدر مبالغة، فكأنه من شدة ركضه صار هو الركض ذاته.
وفي الكلام إيجاز بحذف شرط مقدر دلت عليه: "إذاً" فتقدير الكلام: لو فعلنا ذلك لقد قلنا إذاً شططا.
هؤلاء قومنا: إشارة إليهم بالبعيد تحقيرا لشأنهم إذ أشركوا بالله عز وجل.
اتخذوا من دونه آلهة: إشعار بتكلفهم ذلك، فالاتخاذ من "الافتعال" وهو مظنة التكلف وعدم الصدق.
لولا يأتون: تحضيض يفيد التحدي والزجر، فهلا أتيتم ببرهان على صحة دعواكم أو هو مجرد تحكم لا مستند له كحال أهل الباطل في كل عصر ومصر، فهو تبكيتٌ لهم وإلقامُ حجرٍ كما يقول أبو السعود رحمه الله.
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا: استفهام يفيد النفي فلا أظلم ممن افترى على الله كذبا قليلا كان أو كثيرا فالتنكير مظنة العموم، والكلام، وإن كان خبرا، إلا أنه كما اطرد في آيات الكتاب العزيز، إن كان في الخبر معنى الوعيد: يحمل في طياته طلبا، فهو خبري المبنى طلبي المعنى، فتقدير الكلام: لا تكذبوا على الله، عز وجل، فيلحقكم وصف الظلم.
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا:
لما حققوا كمال الألوهية فاعتزلوا آلهة قومهم إلا الله، على القول بانقطاع الاستثناء فيكون تقدير الكلام: لكن الله هو الإله الحق، أو اتصاله فيكونوا قد عبدوا الله عز وجل وعبدوا معه غيره، فتبرأ الفتية من كل معبوداتهم إلا الله عز وجل، لما حققوا كمال الألوهية ساغ لهم أن يطلبوا عطاء الربوبية من نشر الرحمة وتهيئة الأمر، وكانوا من الثقة وحسن الظن بالله، عز وجل، بمكان، إذ رتبوا ذلك على فرارهم بدينهم ترتب المشروط على شرطه، فهو واقع لا محالة، ففي الكلام إيجاز بحذف الشرط المقدر الذي جَزَمَ الفعل "ينشر" في جواب الطلب، فتقدير الكلام: إن تأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته، وقد استعار النشر الحسي للنشر المعنوي تصويرا لعظم رحمته، عز وجل، بهم، وفي حذف الشرط تعجيل بالبشرى، فالنفس تتشوف إلى جواب الشرط إذ هو محط الفائدة، ففيه الجزاء المرتقب، فبمجرد فراركم بدينكم فإن الله، عز وجل، سيجعل لكم مخرجا.
وفي تقديم "لكم" في: (يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) و: (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا): مزيد تشويق إلى الجزاء المرتقب كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
ومرة أخرى تظهر ثنائية: الرب الإله، الثنائية المطردة في الذكر الحكيم.
وإلى قصة الرجلين وفيها اطراد لمحور هذه الكلمات: محور كمال الألوهية فرعا على كمال الربوبية:
إذ يقول لصاحبه وهو يحاوره: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا)، فالاستفهام إنكاري توبيخي إذ ما بعده قد وقع فاستحق صاحبه التوبيخ، إذ كيف يكفر بالذي خلقه، والخلق من صفات الرب، جل وعلا، فكيف يكفر المخلوق بخالقه، فيخل بكمال ألوهيته، وفي تعداد أطوار الخلق مزيد تنبيه على كمال ربوبية الله، عز وجل، ولذلك أردف بقوله: (لكنا هو الله ربي)، فاستدرك بـ: "لكن"، وقصر بتعريف الجزأين: "الله" و: "ربي" وأكد بضمير الشأن: "هو" إمعانا في تحقيق ألوهية: "الله" فرعا على ربوبية "ربي".
وتستمر تلك الثنائية الخالدة مطردة في كتاب ربنا، عز وجل، لتقيم الحجة على كل جاحد من نفسه التي تتمتع بعطاء الربوبية وتجحد حق الألوهية.
والله أعلى وأعلم.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 11:59 ص]ـ
أحسنت أخي مهاجر، وبارك الله فيك
لكن أعيد ما طلبه منك أحد الإخوة في مداخلة لك سابقة: لو تختصر قليلا أو تجزّئ مشاركتك حتى لا يُنسي كثير الكلام بعضه بعضا.
ـ[أحلام]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 11:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وبارك الله بعلمكم
وجعل ذلك في ميزان حسناتكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الدرديرى]ــــــــ[22 - 01 - 2009, 08:23 م]ـ
جزاك الله خير استاذنا الكريم
مهاجر على هذا التوضيح
والشرح الكافى الوافى
ـ[سعيد سليم]ــــــــ[02 - 06 - 2009, 02:01 م]ـ
السلام عليك وبارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء.
ـ[سعيد سليم]ــــــــ[02 - 06 - 2009, 02:05 م]ـ
السلام عليكم:
أستاذ أريد توضيحا في قوله تعالى في سورة الكهف:" كبرت كلمة تخرج من
أفواههم "جاءت كلمة (كلمة) منصوبة وأظن أنها فاعل و الفاعل يكون مرفوعا.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 06 - 2009, 05:20 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على المرور والتعليق أيها الكرام.
أو هي تمييز؟
والله أعلى وأعلم.
ـ[بسمة الكويت]ــــــــ[02 - 06 - 2009, 05:22 م]ـ
الإعراب لكلمة (كبرت)
إما أن تكون حالا وصاحب الحال الضمير المسستر ويقدر ((بهي))
أي كبرت هي كلمةً.
أو أن تكون صفة للمخصوص بالذم والتقدير: كبرت الكلمة كلمةً.
كما ذكر في تفسير الآية. والله أعلم
ـ[رفاعي2009]ــــــــ[23 - 06 - 2009, 09:08 م]ـ
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
ـ[أبو عادل]ــــــــ[24 - 06 - 2009, 01:08 م]ـ
شكراً لكم، وشكر خاص ل (مهاجر) على هذه النظرات الرائعة ..
تحياتي،،(/)
ماهو المعنى الحقيقي والمجازي في الكلمات التالية؟
ـ[معتوق]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 05:51 م]ـ
ذكر العالم اللغوي ابن السيد البطليوسي في كتابه التنبيه على الأسباب التي أوجبت الخلاف بين المسلمين ـ عدة كلمات تستعمل في الحقيقة والمجاز ومن ذلك:
1ـ الميزان فإن له معنى حقيقي وله عدة معان مجازية ..
2ـ السلسلة.
2ـ على في قولهم فلان على الجبل.
4ـ البنيان في قوله تعالى (فأتى الله بنيانهم من الصواعق).
5ـ الجبال في قوله (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)
6ـ قد أنزلنا عليكم لباسا.
أرجو من الأخوة الفضلاء توضيح المعنى الحقيقي والمعاني المجازية السابقة ولكم جزيل الشكر.(/)
سؤال عن البلاغة
ـ[عبدالمجيد هاشم]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 09:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين س/ هل البلاغة بصفة عامة مبنية على العلوم الفلسفية؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 09:48 ص]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
ليست كذلك، وإنما دخلتها العلوم الفلسفية أيام السكاكي، ولكن في أمور معينة،
وليس كل البلاغة قائمة على الفلسفة، بل هي قائمة على الذوق السليم والطبع المستقيم.
ـ[عبدالمجيد هاشم]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 11:16 ص]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
ليست كذلك، وإنما دخلتها العلوم الفلسفية أيام السكاكي، ولكن في أمور معينة،
وليس كل البلاغة قائمة على الفلسفة، بل هي قائمة على الذوق السليم والطبع المستقيم.
أشكرك أيها الأديب اللبيب على هذه المعلومة.(/)
الكلام النصف
ـ[سيف بن ذي يزن]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 03:00 م]ـ
قال تعالى: ? قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ? [مريم: 73].
الاستفهام في قوله: (أيّ الفريقين خيرٌ) استفهام تقرير، يُفهم من المعنى العام للآية، فالذين كفروا بهذا الاستفهام، يقرّرون الذين آمنوا بأنّهم خير منهم، وهم الأحسن نديًّا. وفي هذا الخطاب الذي خاطبوا به المؤمنين تعريضٌ بهم، وأنّهم هم شرّ مقامًا وأسوأ عشيرة، ويسمّى هذا بلاغة بالكلام النّصف.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، وعامكم سعيد إن شاء الله،
كنت قد وقفت على هذا النص ووددت ان اخرج بمفهوم أو اصطلاح لما يسمى بلاغة " الكلام النصف " لكن لم يتسن لي ذلك،،
فأتمنى مِن الإخوة ممن يعرف له تعريفا أن يتحفنا به،،
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 10:22 ص]ـ
لا أعرف مصطلحا مطابقا لما طلبت
لكن أرى أنه يشبه الاحتباك " الحذف التقابلي"
ـ[سيف بن ذي يزن]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 08:14 م]ـ
جزيل الشكر أخي طارق وبارك الله فيك
وسأبحث عن المصطلح في باب الحذف والاحتباك.(/)
نظرات بيانية (1)
ـ[الدكتور عثمان قدري مكانسي]ــــــــ[07 - 12 - 2008, 09:59 م]ـ
الدكتور عثمان قدري مكانسي
هذه اجتهادات بيانية قد تصيب وقد تخطئ، وقد تدنو أو تبعد، وأرجو الله أن يسدد قلبي وعقلي للصواب، إنه الميسر للخير سبحانه وتعالى
1 - " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ... " 20 سورة يس.
" وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى .... " 20 سورة القصص.
مؤمن آل يس رجل من عامة الناس آمن بالرسل الثلاثة الذين بُعثوا في قومه، اسمه - كما يقول المفسرون - حبيب النجار قتله قومه حين سعى يدافع من أنبيائه.
ومؤمن موسى من قوم فرعون آمن بموسى عليه السلام، ونجّاه الله تعالى مع موسى.
والرجلان جاءا من أقصى المدينة يسعيان لإنقاذ من تآمر عليهم كفار قومهم ليقتلوهم. فقد ائتمر قوم يس على الأنبياء واجتمعوا عليهم، فوقف بينهم حبيب النجار يذود عنهم، ويدعو قومه حتى آخر لحظة من حياته للإيمان بالله الواحد الذي يدعو إليه هؤلاء الأنبياء الكرام، فقتل دونهم. ومؤمن آل فرعون علم أن القوم ألّبوا فرعون على موسى فأمر بقتله، فانطلق المؤمن يسعى إلى موسى ويحذره قائلاً " فاخرج إني لك من الناصحين ".
مؤمن آل يس وقف بشجاعة أمام قومه ينصحهم ويدعوهم دعوة الحق، ومؤمن آل فرعون كان يفعل ذلك، وسورة غافر تصور حواره مع قومه، إلا أنه هذه اللحظة كان يريد أن ينبه موسى إلى ما عزم عليه فرعون وملؤه من قتل موسى، فلم تحدُث بينه وبين قومه مجابهة، إنما كان همه إعلام موسى بما خططه الأقباط للتخلص منه.
مؤمن آل يس لم يحفل بالموت، فنال الشهادة ونال الجنة سريعاً " قيل ادخل الجنة، قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي، وجعلني من المكرمين " ومؤمن آل يس دعا الله تعالى حين هدده فرعون وملؤه بالقتل أن يحفظه الله منهم، فنجاه " فستذكرون ما أقول لكم، وأفوّض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد، فوقاه الله سيئات ما مكروا، وحاق بآل فرعون سوء العذاب "
المؤمنان كانا يحملان صفة الرجولة الحقة فبذلا جهدهما لإنقاذ الدعاة إلى الله، فاستحقا هذه الصفة عن جدارة، إذ قدِما من بعيد يسرعان كي لا يسبقهما الكافرون فيما خططوا له من الفتك بالأنبياء، جاءا من أقصى المدينة مسرعين يجدان السير. " ومن جدّ وجدَ، ومن سار على الدرب وصل ".
بقي أن نقول: في سورة يس نعلق (من أقصى) بالفعل جاء، وتكون جملة (يسعى) صفة مرفوعة للفاعل رجل، بينما – في سورة القصص نعلق (من أقصى) بصفة مرفوعة لرجل، ونعرب جملة (يسعى) حالاً منصوبة من رجل أو صفة مرفوعة لرجل. وكأنني أستشف من تقديم الرجل في سورة القصص انفلاتَ الرجل من أسر الغنى والسيادة – فهو من الأمراء - وتحرره من قيود الدنيا، ورغبته في الآخرة، وقليلاً ما تجد الغني المترف يتخلى عن البهارج ودعة الحياة في سبيل دعوة الحق.
ومن تخلّى عن الدنيا – وهي ملك يديه – في سبيل الآخرة حق أن يكون عند الله تعالى مقدّماً .... والله أعلم.
ـ[أحلام]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 07:06 م]ـ
:::
جزاكم الله كل خير
وجعل ذلك في ميزان حسناتكم
وزادكم الله علمًا
ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[24 - 12 - 2009, 11:22 م]ـ
جزاكم الله كل خير وبارك بكم(/)
ما معنى هذ البيت
ـ[بني هلال]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 02:44 م]ـ
ما معنى هذا البيت مع شرح الكلمات مع الشكر
وابن اللبون إذا ما شد في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس
ـ[منصور مهران]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 06:40 م]ـ
البيت لجرير، ورواية الأستاذ بني هلال - صاحب السؤال - (إذا ما شدّ) هي رواية المعنى؛ لأن رواية البيت في الديوان وسائر كتب الأدب (إذا ما لُزَّ) ومعنى اللز: الشد.
ابن اللبون: ولد الناقة أتمّ عامين وبدأ في الثالث والأنثى تسمَّى بنت لبون، وسبب التسمية أن الناقة الأم تكون قد ولدت غيره فصارت ذات لبن.
إذا ما لُزَّ: إذا ما شُدّ في حبل فاقترن بغيره، واللزُّ أن يُقرنَ شيئٌ بشيءٍ.
والقَرَنُ: الحبل تقرب به بَعِيرَيْن أو شيئين معا.
الصَّوْلة: الحملة
والبُزْل جمع بازل: وهو البعير أتمّ ثمانية أعوام ودخل في عامه التاسع: فبَزَلَ نابُهُ يعني خرج وظهر.
والقناعيس جمع قِنْعَاس: وهو البعير الضخم القوي.
ومعنى البيت:
لا يستطيع أحدٌ إدراكي إذا رام ذلك؛ لأنه مثل ابن اللبون
إذا قُرن مع البازل القِنعاس؛ فلن يقوى على مدافعة صَوْلتِهِ مهما رام ذلك لضعفه وتقصيره.
والبيت يضرب مثلا للضعيف يحاول فعل الأقوياء فيعجز.
وجرير يعني أن هؤلاء الذين يعنيهم بهجائه أصغر من أن يطاولوه في شِعْر محكم كشعره الرصين
ـ[بني هلال]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 10:32 م]ـ
استاذي الفاضل منصور مهران
جزاك الله خيرا(/)
(كل ما .... ) من جمال اللغة العربية
ـ[أحلام]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 05:44 م]ـ
فيما نَطَقَ بِهِ القرآنُ منْ ذلكَ وجاءَ تفسيرُهُ عنْ ثِقاتِ الأئمةِ)
كلُّ ما عَلاك فأظلَّك فهو سماء
كلُّ أرض مُسْتَوِيَةٍ فهي صَعيد
كلُّ حاجِزِ بَينَ الشَيْئينِ فَهو مَوْبِق
كل بِناءَ مُرَبَّع فهوَ كَعْبَة
كلُّ بِنَاءٍ عال فهوَ صَرْحٌ
كلُ شيءٍ دَبَّ على وَجْهِ الأرْضِ فهو دَابَّةٌ
كلُّ ما غَابَ عن العُيونِ وكانَ مُحصَّلا في القُلوبِ فهو غَيْب
كلُّ ما يُسْتحيا من كَشْفِهِ منْ أعضاءِ الإِنسانِ فهوَ عَوْرة
كلُّ ما أمْتِيرَ عليهِ منَ الإِبلِ والخيلِ والحميرِ فهو عِير
كلُّ ما يُستعارُ من قَدُومٍ أو شَفْرَةٍ أو قِدْرٍ أو قَصْعَةٍ فهو مَاعُون
كلُّ حرام قَبيحِ الذِّكرِ يلزَمُ منه الْعارُ كثَمنِ الكلبِ والخِنزيرِ والخمرِ فهوَ سُحْت
كلُّ شيءٍ منْ مَتَاعِ الدُّنْيا فهو عَرَض
كلُّ أمْرٍ لا يكون مُوَافِقاً للحقِّ فهو فاحِشة
كلُّ شيءٍ تَصيرُ عاقِبتُهُ إلى الهلاكِ فهو تَهْلُكة
كلُّ ما هَيَجتَ بهِ النارَ إذا أوقَدْتَها فهو حَصَب
كلُّ نازِلةٍ شَديدةٍ بالإِنسانِ فهي قارِعَة
كلُّ ما كانَ على ساقٍ من نَباتِ الأرْضِ فهو شَجَرٌ
كلُّ شيءٍ من النَّخلِ سِوَى العَجْوَةِ فهو اللَينُ واحدتُه لِينَة
كلُّ بُسْتانٍ عليه حائطٌ فهو حَديقة والجمع حَدَائق
كلُ ما يَصِيدُ من السِّبَاعِ والطَّيرِ فهو جَارِح، والجمعُ جَوَارِحُ.
الفصل الثاني (في ذِكْر ضُرُوبٍ مِنَ الحَيَوان)
(عن اللَّيث عنِ الخليلِ وعنِ أبي سعيدٍ الضرير وإبنِ السَّكِيتِ وابنِ الأعرابي وغيرِهم مِنَ الأئمّةِ)
كلُّ دابَّةٍ في جَوْفِها رُوح فهي نَسَمَة
كُلُّ كرِيمَةٍ منَ النساءِ والإبلِ والخَيْل وَغَيْرِها فهي عَقِيلة
كلُّ دابةٍ اسْتُعْمِلَتْ مِنَ إبل وبقرٍ وحَميرٍ ورَقِيقٍ فهيَ نَخَّة ولا صدَقَةَ فِيها
كلُّ امرأةٍ طَرُوقَةُ بَعْلِها وكلُّ نَاقةٍ طَرُوقَةُ فَحْلِها
كُلُّ أخْلاطٍ مِنَ الناس فَهم أوْزَاع وأعناق
كلُّ ما لَه ناب ويَعْدُو على النّاسِ والدَّوابِّ فَيفْتَرِسُها فهو سَبع
كلُّ طائرٍ ليسَ منَ الجوارحِ يُصادُ فهو بُغَاث
كلُّ ما لاَ يَصيدُ من الطيرِ كالخُطّافِ والخُفّاش فهو رُهَام
كلُّ طائرٍ له طَوْق فهو حَمَامٌ
كلُّ ما أشْبَهَ رَأسهُ رُؤُوس الحَيَّاتِ والحَرَابِي وسَوَامَّ أبْرصَ ونحوِها فهو حَنَش.
من فقه اللغة؛
ـ[محمد المرسي]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 06:54 م]ـ
وكلُّ ما خطَّته أحلامْ
ينسابُ إلى القلوبْ
ويدِقُّ في الأَفهامْ
مع تحيات، محمد المرسي
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:01 ص]ـ
الأخت أحلام، أحسنت الجمع والانتقاء والإلمام، ودخل كلامك الأفهام، ولك الأجر والثواب من رب الأنام.
ـ[أحلام]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:04 م]ـ
الأخوة الأفاضل:
جزاكم الله خيرا على هذا المرور الطيب
والذي يدفعني للمشاركة في هذه المواضيع هو حبي للعربية وأهلها
فأحببت أن يشاركني الاساتذة الافاضل وبيان جمال اللغة العربية
فعشاق اللغة ُكثر (بحمدالله)
ورجائي أن نعلّم أولادنا هذا الجمال والتذوق السليم للصوت العربي
كما قال الشاعرمحمداقبال (وهو باكستاني) ويفخربالعربية
-أنا أعجمي الدنّ ولكن خمرتي صنع الحجاز وكرمها الفينان
- إن كان لي نغم الهنود ولحنهم فإن هذا الصوت من عدنان
أكرر شكري لمرورالطيب للجميع
ـ[سامح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:07 ص]ـ
شكر الله لكِ أحلام:)
ـ[خلود عبد المجيد]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 11:31 م]ـ
سلمت يداك ياسيدتي
بصراحةْ أمثالك هم من يحفزونني لاْكمل دراستي لاْتحصل على الماجستير والدكتوراء كلامكم غاية في الروعة ولغتنا غاية في الجمال، فزادكم الله علما وخيرا.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 07:38 ص]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة.
ـ[سمية ع]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 11:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا ...
ـ[عماد عبد الستار]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 01:14 م]ـ
جزاكِ الله كل الخير.(/)
المجاز في كلام العرب
ـ[سعد الرابح]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 09:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المجاز في كلام العرب
تعرض لي السحاب وقد قفلنا ** فقلت إليك إن معي السحاب
- هذا المتنبي يستعمل المجاز ويشبه ممدوحه السخي في هباته وعطاياه بالسحاب، ويخاطبه متجوزا (اليك عني إن معي السحاب).
- ونقول في كلامنا اليومي: يد الباب، ورجل الكرسي، ورجل الطاولة، وأذن القدح، ولسان .... ، وقرن .... وأسنان المنشار. وفي الحقيقة لا قرن، ولا سن لها، وإنما كان الإطلاق مجازيا.
- وتطالعنا الصحف اليومية، ونشرات الأخبار بالعديد من العبارات المجازية – أعدم ... ، نهب ... ، أقلع ... ، استخرج – مع أن من نسبت إليه تلك العبارة لم يباشر العمل بنفسه، وإنما نسب إليه تجوزا؛ لكونه من أمر به، وقد ذكر الله – سبحانه وتعالى - ذلك في القرآن الكريم واصفا عمل فرعون في بني إسرائيل بقوله: (يذبح أبنائهم، ويستحيي نساءهم) فهو بالتأكيد لم يقم بعملية الذبح، وإنما أمر به.
في خضم ذلك نجد هناك من يقول أن الأكثر في كلام العرب هو المجاز، وهناك من يقول أن الأكثر في كلام العرب هو الحقيقية، وأصحابه - أي القول الأخير - هم الجمهور إن لم تخذلني الذاكرة التي أكل عليها الدهر وشرب، وأني لأتسائل عن سبب ذلك الخلاف؟ وخاصة أنه نابع من متبحرين في اللغة، وهل الخلاف بين العلماء في شتى الفنون سببه عدم (حفظ) المتون والقواعد الفقهية، والنحوية، والبلاغية؟ التي لم نعد نلاحظها تتصدر أسماء علماء العصر كما كان في السابق أمثال: الحافظ بن حجر، والحافظ بن كثير، والحافظ ..... الخ
أرجو من أصحاب هذا الفن إثراء الموضوع، وإن كان سبق طرحه وإثراءه إعادته للواجهة. ولكم شكري وتقديري.
ـ[سامح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:45 م]ـ
وهل الخلاف بين العلماء في شتى الفنون سببه عدم (حفظ) المتون والقواعد الفقهية، والنحوية، والبلاغية؟
الاختلاف سنة الاجتهاد
ولاأظن عدم حفظ المتون هو السبب
لأنَّ الاختلاف وجد حتى بين الحفظة في جميع العلوم.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:56 م]ـ
وأني لأتسائل عن سبب ذلك الخلاف؟
بارك اللله فيك لأتساءل. وهذا السؤال يجيب عنه أهل البلاغة
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 09:38 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الراجح أولاً لا أجد الخلاف والاختلاف سبباً في نقطة "الحفظ"
لأن الاختلاف بين العلماء والخلاف كذلك لنا رحمة وهي سنة الحياة
ولكن بتوافر الشروط في كلى الفريقين وإليك أخي الكريم نصاًَ للشيخ ابن عثيمين
إذ قال عن>>>
موقف المسلم من اختلاف العلماء ?
إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة، والترجيح بينها، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة، فقال: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) النساء/59. فيرد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به، لأن الواجب هو اتباع الدليل، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة.
وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به، قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) الأنبياء/43. وقد نص العلماء على أن مذهب العامي مذهب مفتيه.
فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض – عافانا الله جميعا – فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا.
ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى.
بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً، وأشد خشية لله تعالى.
الخلاف بين العلماء للشيخ ابن عثيمين 26. لقاء منوع من الشيخ صالح الفوزان ص: 25، 26.
ـ[سعد الرابح]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 12:22 ص]ـ
أخي: سامح، أشكر مرورك
*************
أخي: محمد بن سعد، أشكر مرورك، والتدقيق الإملائي الذي قمت به، وقد اكتشفت ذلك في اليوم التالي لكتابة المشاركة، ولم استطع التصحيح لأن خاصية التحرير لم تعد متاحة.
****************************************************
شاعرنا: وَرّقٌ ..... لا شك أن الله - تعالى - أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة فيما فيه نص ثابت، وللقياس وإجماع العلماء – الحفاظ - فيما ليس فيه نص، هذا في المسائل الفقهية، فماذا عن المسائل النحوية، والبلاغية؟
المرجعية بارك الله فيك .... ، وأشكرك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن هشام السوري]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 06:17 م]ـ
بسم الله والسلام على الجميع
وأقول من خلال معرفتي: إنّ الأصل في الكلام أن يكون على حقيقته ثمّ بعد ذلك دخل المجاز زيادة في حسن وجمال العربية التي اشتهر أهلها بالتفنن في القول.
والخلاف الذي حصل لم يكن أيهما أكثر فالمعروف أنّ الحقيقة هي الأغلب لأنها الأصل.
ولكن الخلاف كان هل في اللغة مجاز أم لا؟
ومن أنكر المجاز ماكانت حجته إلا خشية إدخاله في باب الأسماء والصفات حتى لا تصرف عن حقيقتها إلى المعنى المجازي.
والراجح في هذا أنّ المجاز لا يمكن إنكار وجوده في اللغة.
مع وجوب إخراجه من باب الأسماء والصفات كما هو رأي السلف في هذا.
هذا باختصار ودمتم.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 06:38 م]ـ
وهل الخلاف بين العلماء في شتى الفنون سببه عدم (حفظ) المتون والقواعد الفقهية، والنحوية، والبلاغية؟
الاختلاف سنة الاجتهاد
ولاأظن عدم حفظ المتون هو السبب
لأنَّ الاختلاف وجد حتى بين الحفظة في جميع العلوم.
الأستاذ المتألق سامح هنا؟
أنرت المنتدى أستاذنا الحاضر في قلوبنا
في انتظار دررك
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 08:51 م]ـ
نوقشت القضية في أكثر من موضع، يحضرني - حاليًّا - أحدُها:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=32472&highlight=%C7%E1%E3%CC%C7%D2
ـ[سعد الرابح]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 11:15 م]ـ
والراجح في هذا أنّ المجاز لا يمكن إنكار وجوده في اللغة.
مع وجوب إخراجه من باب الأسماء والصفات كما هو رأي السلف في هذا.
هذا باختصار ودمتم.
أشكرك ابن هشام السوري: مداخلة جميلة، وأتمنى المزيد.
ـ[سعد الرابح]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 11:19 م]ـ
نوقشت القضية في أكثر من موضع، يحضرني - حاليًّا - أحدُها:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...e1%e3%cc%c7%d2
أشكرك أستاذة ندى، وما ذكر في الرابط جميل، ولكنه لم يشبع نهمي ...
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 10:33 م]ـ
أشكرك أستاذة ندى، وما ذكر في الرابط جميل، ولكنه لم يشبع نهمي ...
لله درك أستاذ سعد! وما ذاك الذي يُشبِع النفسَ النهمة للعلم؟!
إليك هذا، لعل فيه منهلا تستعذبون وروده:
للدكتور عبدالعظيم المطعني دراسة موسعة وقيمة تناولت موضوع المجاز، عنوانها: (المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع ... عرض، وتحليل، ونقد)، وقعت في مجلدين، تربو صفحاتهما عن الألف ومئة صفحة!
ـ[سعد الرابح]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 04:52 م]ـ
إليك هذا، لعل فيه منهلا تستعذبون وروده:
للدكتور عبدالعظيم المطعني دراسة موسعة وقيمة تناولت موضوع المجاز، عنوانها: (المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع ... عرض، وتحليل، ونقد)، وقعت في مجلدين، تربو صفحاتهما عن الألف ومئة صفحة!
"الدال على الخير كفاعله " أشكرك أستاذة: ندى، وسأقتني ذلك المنهل بإذنه - تعالى - في القريب العاجل.(/)
من قوله تعالى: (إن مثل عيسى.)
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 08:14 ص]ـ
من قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
ففي الآية الكريمة شبهة باردة ذكرها أنيس شروش في المناظرة الشهيرة بين الشيخ أحمد ديدات، رحمه الله، وبينه مستغلا عدم إلمام معظم الحاضرين بلغة التنزيل، فسياق الآية: سياق زمن ماض قد انقضى، فقد خلق عيسى عليه السلام بالكلمة التكوينية "كن" وانتهى الأمر، فكان ذلك مما يقتضي، بزعمه، أن يأتي الفعل: ماضيا: فيكون السياق: ثم قال له: كن فكان.
والجواب: أن مجيء المضارع هنا مقصود، إذ هو: استحضار للصورة المنقضية، لأن الآية نزلت في جدال النصارى الذين غلوا في المسيح، عليه السلام، فاستحضار الصورة يقرب الأمر إلى عقولهم فكأنه رأي عين، وفي هذا إبطال لمعتقدهم الفاسد، فضلا عن كون هذا الأمر في حد ذاته: آية كونية عظيمة، تستدعي التوقف عندها ولفت الأنظار إليها، ومما استعملته العرب في كلامها تنبيها للسامع: تغيير السياق من ماض إلى مضارع، أو العكس، فيسترعي تغيير نسق الكلام ذهن المخاطب، فينصت إلى المتكلم، وهو أمر شبيه بأسلوب الالتفات في الضمائر من الغيبة إلى الحضور، أو من الحضور إلى الغيبة ...................... إلخ من صور الالتفات.
كما في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ)، فالسياق في حال عدم الالتفات: وجرين بكم، ولكنه التفت من الخطاب إلى الغيبة إعراضا عن ذكرهم لسوء حالهم، فهو مظنة الذم، وإليه أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "والالتفاتُ إلى الغَيبة للإيذان مما لهم من سوء الحالِ الموجبِ للإعراض عنهم كأنه يُذكر لغيرهم مساوىءُ أحوالِهم ليعجِّبهم منها ويستدعيَ منه الإنكارَ والتقبيحَ". اهـ
ومن صور التعبير عن الماضي بصيغة المضارع استحضارا للصورة:
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، فتقدير الكلام: فأصبحت الأرض مخضرة، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة.
فالمعنى الأصلي قد أُدِيَ، فعلم السامع أن الله، عز وجل، أنزل من السماء ماء صير الأرض مخضرة، بإذنه الكوني، فنسبة الإنبات إلى الماء: مجاز إسنادي، فالمنبت حقيقة، هو الله، عز وجل، ولكن التعبير عن الماضي بصيغة المضارع أفاد استحضار الصورة، وكأن المطر قد نزل الآن فأصبحت الأرض مخضرة، وهذا معنى تابع لا يدرك ابتداء من مبنى الكلمات التي صيغت منها الجملة.
وقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا)، فتقدير الكلام: فأثارت سحابا، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة، ومثاله قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ).
وقوله تعالى: (وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)، فالأصل في اسم الفاعل "باسط" أن يعمل عمل مضارعه: "يبسط"، وهو للحال أو الاستقبال، مع أن الحدث قد انقضى، ولكنه جاء بالمضارع، أيضا، استحضارا للصورة، فهي صورة مهيبة لقوم نيام وكلبهم باسط ذراعيه بوصيد الكهف وكأنه حارس مؤتمن عليهم.
وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)، فالمعنى: لو أطاعكم في كثير من الأمر، ولكنه جاء بالمضارع لإفادة الاستمرار فيما مضى، فالمعنى: لو استمر على طاعتكم لهلكتم، فلوحظ معنى الاستمرار في المضارع، وإن كان الفعل ماضيا قد انقضى، فالمقصود من المضارع أصالة: معنى الاستمرار الذي وضع له.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، في قراءة من رفع: "يقولُ"، استحضارا للصورة المنقضية، فالحال هنا مقدرة لانصرام زمن الفعل كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، في: "شرح قطر الندى"، ص82.
وقوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
فالبيت قد رفعت قواعده، وانتهى الأمر، فيصح في غير القرآن أن يقال: وإذ رفع إبراهيم القواعد من البيت، ولكنه جاء بالمضارع: "يرفع" استحضارا للصورة.
وقوله تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ).
فدلالة: "إذ" الوضعية: للزمن الماضي، ومع ذلك استعملها في أمر لم يقع بعد، جزما بوقوعه، واستحضارا لصورته، فكأنه قد وقع وانتهى.
وكذا في: قوله تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ).
فالتبرؤ لم يقع بعد، ليؤتى بالماضي: "تبرأ"، و "إذ" الدالة على الزمن الماضي، ولكنه أمر محقق، فنزل منزلة الماضي الذي وقع وانتهى.
وقوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ).
فالقياس: وإذ قلت للذي أنعم الله عليه، ولكنه أتى بالمضارع استحضارا للصورة، لأن في القصة من العبر والأحكام ما يستحق الاستحضار.
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
فجاء بالمضارع في: "تَحُسُّونَهُمْ"، و: "تُصْعِدُونَ" استحضارا لصورة القتال.
وقوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ)، فالمعنى: إذ ألقوا أقلامهم، فأتى بالمضارع استحضارا للصورة.
وقولك: هجم الذئب وأنا أصك عينيه، فتقدير الكلام: فصككت عينيه، ولكنه عبر بالجملة الحالية التي تفيد وقوع الفعل في الزمن الحاضر، استحضارا للصورة، فهو مشهد يستحق التأمل، إن كان قد وقع فعلا!!!!.
وعكسه التعبير عن المستقبل بصيغة الماضي إمعانا في التوكيد على حصوله كما في:
كما في حديث بدء الوحي وفيه: "يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ"، فـ " إذ" ظرف لما مضى من الزمان، وإخراج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن قد وقع بعد ليستعمل ورقة، رضي الله عنه، الظرف الدال على انقضاء الفعل، ولكنه لما علم من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام، أنهم يُخْرَجون من أرضهم، إذا أتوا الناس بما لا تهواه أنفسهم، نزل المستقبل منزلة الواقع الحاصل لا محالة، لأن السنة الكونية لا تتخلف إلا إن شاء الله، عز وجل، تخلفها، فقياس الكلام: استخدام الظرف الدال على ما يستقبل من الزمان، وهو: "إذا"، ولكنه عدل عنه إلى "إذ" للنكتة السابقة.
وإلى ذلك أشار ابن حجر، رحمه الله، بقوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"قَالَ اِبْن مَالِك فِيهِ اِسْتِعْمَال " إِذْ " فِي الْمُسْتَقْبَل كَـ "إِذَا"، وَهُوَ صَحِيح، وَغَفَلَ عَنْهُ أَكْثَر النُّحَاة، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قُضِيَ الْأَمْر) هَكَذَا ذَكَرَهُ اِبْن مَالِك وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ غَيْر وَاحِد. وَتَعَقَّبَهُ شَيْخنَا شَيْخ الْإِسْلَام بِأَنَّ النُّحَاة لَمْ يَغْفُلُوهُ بَلْ مَنَعُوا وُرُوده، وَأَوَّلُوا مَا ظَاهِره ذَلِكَ وَقَالُوا فِي مِثْل هَذَا: اسْتَعْمَلَ الصِّيغَة الدَّالَّة عَلَى الْمُضِيّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعه فَأَنْزَلُوهُ مَنْزِلَته، وَيُقَوِّي ذَلِكَ هُنَا أَنَّ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي التَّعْبِير "حِين يُخْرِجك قَوْمك" وَعِنْد التَّحْقِيق مَا اِدَّعَاهُ اِبْن مَالِك فِيهِ اِرْتِكَاب مَجَاز، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْره فِيهِ اِرْتِكَاب مَجَاز، وَمَجَازهمْ أَوْلَى، لِمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ إِيقَاع الْمُسْتَقْبَل فِي صُورَة الْمُضِيّ تَحْقِيقًا لِوُقُوعِهِ أَوْ اِسْتِحْضَارًا لِلصُّورَةِ الْآتِيَة فِي هَذِهِ دُون تِلْكَ مَعَ وُجُوده فِي أَفْصَح الْكَلَام، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِمَنْعِ الْوُرُود وُرُودًا مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَة الْحَال لَا عَلَى تَأْوِيل الِاسْتِقْبَال".
ومثله قوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، فالمعنى: سيأتي، ولكنه لما كان قريبا محقق الوقوع جاء بالصيغة الماضي، فتأويل الماضي بالمضارع هنا تأويل صحيح دل عليه نفس السياق: (فلا تستعجلوه).
يقول أبو السعود رحمه الله: "وإتيانُه عبارةٌ عن دنوّه واقترابِه على طريقة نظمِ المتوقَّعِ في سلك الواقع، أو عن إتيان مباديه القريبةِ على نهج إسنادِ حال الأسبابِ إلى المسبَّبات. وأياً ما كان ففيه تنبيهٌ على كمال قربِه من الوقوع واتصالِه".
فإما أن يكون تنزيلا للمستقبل منزلة الماضي، وإما أن يكون المعنى: أتت مقدماته، وهي بمنزلة السبب، فيكون قد أطلق السبب وأراد المسبب.
ومنه قوله تعالى: (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ): مع أن زمان غلهم لم يأت بعد، ولكنه نزله منزلة الماضي إمعانا في التوكيد على حصوله، والتوكيد في هذا السياق يناسب إنكارهم، فمن اشتد إنكاره حسن التوكيد في خطابه.
وقوله تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، والنداء مستقبل لم يقع بعد.
وقوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا)، فالحساب والعذاب لم يأتيا بعد، ولكنه ذكرهما بصيغة الماضي: "فحاسبناها" و "عذبناها" إمعانا في توكيد وقوعهما.
وقوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)، والمساءة لم تقع بعد.
وحديث أنس، رضي الله عنه، مرفوعا: "إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ ثُمَّ قَالَ لِي يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ"، أي: سيكون معي في الجنة ولكنه ذكره بصيغة الماضي إمعانا في الوعد الذي يحمل المخاطب على الامتثال فهو خبر لفظا إنشاء معنى إذ أراد به إنشاء الأمر بالامتثال.
وإزاء هذا الثراء اللغوي الذي امتازت به لغة العرب عموما، ولغة التنزيل خصوصا، يخرج شروش باكتشافه العظيم خطأً لغويا في الكتاب العزيز لم تكتشفه قريش التي ألقت إليها الفصاحة بمقاليدها!!!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهي طريقة معتادة في حشد أكبر قدر ممكن من الشبهات وإلقائها تباعا لتشتيت ذهن المناظر والتلبيس على المتلقي، ويكاد الأمر يكون مطردا في مناظرات أهل الإسلام لغيرهم من أتباع الملل، ومناظرة أهل السنة لغيرهم من أتباع النحل، ولعل مناظرات أهل السنة مع المبتدعة سبابي الصحابة، رضي الله عنهم، خير شاهد على ذلك الأسلوب الأهوج.
والآية نص في أنواع التوحيد الثلاثة:
فهي تنبه على بطلان ألوهية المسيح عليه الصلاة والسلام، إذ خلق كما خلق آدم، عليه السلام، فكان عدما ثم أوجد، والخالق لا يكون عدما يفتقر إلى موجده، فدل ذلك بمفهومه على إثبات الألوهية للإله الحق، سبحانه وتعالى، إذ هو الصمد الذي لم يلد ولم يولد، فهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء، فلم يسبق بعدم ولا يلحقه فناء كسائر خلقه تبارك وتعالى. ففي الآية تعريض بمن ألهوا المسيح عليه السلام وحض لهم على تأليه الله، عز وجل، المعبود الحق. فهذا توحيد الألوهية.
وفيها إشارة إلى خلق الله، عز وجل، لآدم وعيسى عليهما السلام، والخلق من أخص صفات الربوبية.
وفيها من إثبات صفة الخلق وصفة الكلام، وكلاهما من أوصاف الأفعال المتعلقة بمشيئة الله، عز وجل، فيخلق ما شاء متى شاء كيف شاء، ويتكلم بكلماته الكونيات والشرعيات متى شاء كيف شاء، فهذا طرف من توحيد الأسماء والصفات.
فضلا عن استعمال قياس الأولى في إبطال ألوهية المسيح عليه السلام، وهو قياس عقلي ملزم، إذ خلق آدم، عليه السلام، أعجب من خلق عيسى، عليه السلام، بل وخلق حواء، عليها السلام، أعجب من خلقه، فإن كانت وصف الألوهية يصح في حق أحد من البشر، فآدم أولى به، وإذا كان ذلك في حقه باطلا فهو في حق غيره أبطل.
وفي الآية تشبيه، قد يندرج تحت نوع: التشبيه التمثيلي، إذ ليس المراد تشبيه عيسى بآدم، بل المراد تشبيه الصورة المركبة من عيسى والآية العظيمة في خلقه بصورة أخرى مركبة من آدم وآية أعظم في خلقه، فوجه الشبه منتزع من صورة مركبة، وهو على أصله: في المشبه به أقوى منه في المشبه، إذ خلق آدم عليه السلام أعجب من خلق المسيح عليه السلام.
فالآية على وجازتها تصلح قانونا عاما في: علم مقارنة الأديان، بل إنها بلا مبالغة قد أبطلت معتقد أمة بأكملها: أمة النصارى، وأثبتت المعتقد الحق بكلماتها المعدودة وإلزامها العقلي الدامغ، فسبحان من هذا كلامه!!!.
والله أعلى وأعلم.
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 09:49 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي مهاجرا، ونحن دائما نتلهف لهذه اللطائف التي تمتعنا بها.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 07:47 ص]ـ
ما أروعك أخي مهاجر، جزاك الله الجنة.
عندي اقتراح صغير ألا وهو:
تقسيم المشاركة الواحدة إلى أكثر من مشاركة متتالية، لتسهل قراءتها.
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 08:32 ص]ـ
جزاكما الله خيرا أيها الكريمان الفاضلان على المرور والتعليق، وإن قدر لي أن أشارك مرة أخرى فسأمتثل اقتراح أخي اللبيب، إن شاء الله، ومشاركة سورة المائدة فيها بعض الطول فقد أرسلتها قبل مطالعة تعقيبكما. فهي خارج الشرط!!!، والله من وراء القصد.
ـ[المربد]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 08:40 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الرحمن
جزاك الله خيرا، ورحم الله والديك وحرمهما عن النار
شرح جميل وفائدة استفدتها من موضوعك هذا.
دمتم سالمين
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 04:28 م]ـ
الأستاذ الفاضل مهاجر:
فتح الله عليك، وزادك علمًا وفضلا.
خصيصة إعجازية بلاغية قرآنية، تعالى مبدعها علوًّا كبيرا.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 10:05 م]ـ
جزاكما الله خيرا أيها الكريمان الفاضلان على المرور والتعليق،
وجزاك الله خيرا.
وإن قدر لي أن أشارك مرة أخرى
هل تحسب أنك بالخيار، ستشارك بإذن الله -.:)
فسأمتثل اقتراح أخي اللبيب، إن شاء الله،
شكرا لك.
ومشاركة سورة المائدة فيها بعض الطول فقد أرسلتها قبل مطالعة تعقيبكما. فهي خارج الشرط!!!، والله من وراء القصد.
مسموح لك هذه المرة فقط:).
وفقك الله ورعاك وسدد على طريق الخير خطاك.(/)
سر حذف الياء المفردة الزائدة المتصلة بالأسماء في ا
ـ[العرابلي]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 01:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
النوع الثاني: حذف الياء المفردة الزائدة المتصلة بالأسماء
(حذف الياء دائمًا للاستمرار)
وهي التي تدل على المتكلم المضمر المتصل سواء أكان منصوبًا أو مجرورًا
استعمل حرف الياء (الدال على التحول) ليدل عن المتكلم الذي تحول إليه شيء، أو أضيف إليه؛
فالأشياء والأمور مطلقة حتى تقيد بالتملك، أو بالإضافة، وجد ذات الشيء أو مثله عند غيره أو لم يوجد، وخصت الياء بالمتكلم دون المخاطب؛ لأن الياء عندما تكون الحرف الأخير؛ يزاد إلى دلالة التحول فيها؛ الاستقرار والامتداد، وأبلغ الاستقرار أن يكون الشيء ملكًا لك وبين يديك، وغير ذلك لا تصرف لك عليه، ويغيب عنك لوجوده بعيدًا عنك، أو خروجه من يدك.
وفي الأصل أن الإنسان يوجد في الحياة ولا يملك شيئًا، وما يملكه الإنسان أو يضاف إليه؛ هو مما تحول إليه واستقر عنده بأي سبب كان؛ بالشراء، أو الهبة، أو الإرث، أو الهدية، أو العطاء، أو الأجر وجزاء العمل، أو أي سبب آخر؛ فياء التحول شاملة لكل ذلك وأمثالها.
وصورة الياء الساكنة في الرسم، والمتولدة من مد كسرة الحرف الأخير في الكلمة؛ تثبت معنى التحول واستقراره وانقطاعه، ويقيده بالمتكلم، وحذفها يطلق قيدها للاستمرار، ولتشمل غير المتكلم أيضًا في حال الوقف؛ لأن الوقوف على الكلمة يكون دون الياء. وتكتب الكلمة على تسكين آخرها؛ لأن حذف الحركة يعطي لها الاستقرار بالتسكين، وإذا كان الحرف في الأصل ساكنًا فالوقوف عليه لا يغير في دلالته، لكن بالحذف تحرك الكلمة في الوصل فيتغير حالها، والوقف يكون على غيرها، والرسم يوثق ذلك.
الياء الزائدة المتصلة بالاسم: حذفت في أحد عشر موضعاً؛
1 - مآب:
قال تعالى: (وَالَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنْ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (ي) (36) الرعد.
وإليه مآبي: إليه رجوعي الدائم دون غيره، وكذلك رجوعكم، ولو كان القصد إخبارهم بمآبه إلى الله دونهم فقط، وأن عليه عبادة الله تعالى وحده وعدم الإشراك به؛ لما كان هناك فائدة من دعوتهم إلى عبادة الله، أوكانت الدعوة لأمر مؤقت قابل لأن يبدل بغيره.
2 - متاب:
قال تعالى: (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (ي) (30) الرعد
كالسابقة فإلى الله متابي الدائم، وكذلك متابكم، ولو كان القصد إخبارهم بمتابه إلى الله دونهم، وأن ربه الله الرحمن لا إله له غيره، وأن توكله عليه دون سواه فقط؛ لما كان هناك فائدة من تكليفه بالرسالة إليهم.
3 - دعاء:
قال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَواةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (ي) (40) إبراهيم.
حذفت ياء دعائي في (إبراهيم) لأن المراد تقبل الدعاء بصفة دائمة متى دعا الله في هذا الموقف وفي غيره، وكذلك دعاء ذريته، ومن الدعاء لا يتحقق إلا في الآخرة كالنجاة من النار ودخول الجنة؛ أي تقبل دعائي واستمر في تقبل الدعاء مني ومن ذريتي.
أما إثابتها في قوله تعالى: (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَاءي إِلَّا فِرَارًا (6) نوح.
فلأن هذا الدعاء هو خاص من نوح عليه السلام يدعوهم إلى الإيمان والتحول إليه، وعند الاستجابة ينقطع هذا الدعاء، وقد انقطع فعلاً من غير أن يؤمنوا؛ عندما يأس من إيمانهم ورأى خطر بقائهم فدعا عليهم بقوله تعالى: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا (26) نوح، فاستجاب الله له واستأصلهم بالطوفان.
أما أمثلة (دعاء) الأخرى (المحذوفة الياء) فهي؛ إما معرفة بأل، وإما معرفة بالإضافة إلى (غير ياء المتكلم)، وإما منونة.
4 - دين:
قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (ي) (6) الكافرون.
حذفت ياء ديني في (الكافرون)؛ لأن الله تعالى طلب في الآية من رسوله أن يقول لهم بأنه ثابت ومستمر على دينه لا يتحول عنه ولا يرضى بغيره، كما هم مستمرون على كفرهم ومصرون عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما إثباتها في؛
قوله تعالى: (قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (104) يونس.
فلأنه رد على الكافرين الشاكّين في دين الله، وقد انتهى هذا الشك بتحول الجزيرة كلها قلعة للإسلام، فالمسألة كانت في الشك واليقين لا في الاستمرار والانقطاع.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) الزمر.
فلأن المسألة في الإخلاص في الدين، ولا تراجع عن هذا الدين، وليست المسألة في الاستمرار في الدين وعدمه. وهي واحدة من مجموعة أقوال أمر بتبليغها للمشركين في فترة الصراع مع المشركين في مكة، وسورة الزمر مكية، وانتهي الأمر بدخول مكة بعد ذلك في الإسلام.
5 - عباد: في أربع مواضع [في]:
قال تعالى: (قُلْ يَاعِبَادِ (ي) الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) الزمر
حذفت الياء في هذا الموضع لأنهم مستمرون على العبادة، وهو تعالى يحضهم على التقوى، والصبر، والهجرة إن لم يحتملوا البقاء للمحافظة على دينهم، وأجر صبرهم عند الله بغير حساب.
وحذفت الياء في قوله تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ (ي) فَاتَّقُونِ (16) الزمر.
فلا يتقي الله بهذه الصورة من صور العذاب للذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة إلا من يستمر على عبادته سبحانه وتعالى، وعرض هذه الصور لتثبيتهم على عبادتهم لله واتقائه.
وحذفت الياء في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (ي) (17) الزمر.
لأنه لا ينتفع بالبشرى إلا مؤمن استمر على اجتناب الطاغوت والإنابة إلى الله حتى لاقى ربه.
وحذفت الياء في قوله تعالى: (يَاعِبَادِ (ي) لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الزخرف.
لأنه لا يطمئن يوم القيامة إلا من كان من أصحاب الجنة، وهم عباد الله الذين استمروا على عبادة الله سبحانه وتعالى حتى لاقوه.
وأثبتت الياء في سبعة عشر موضعاً في:
1 - قال تعالى: (يَاعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) العنكبوت.
أثبتت ياء عبادي لأنه استوجب على المخاطبين الهجرة؛ لعدم تمكنهم من المحافظة على دينهم، وقد جاء بعدها: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)؛ فمن لا يفارق أرضه وأهلها طلبًا لرضا الله وعبادته وطاعته؛ فسيفارقها بالموت، والمفارقة على الطاعة خير من الإقامة على المعصية الله، وعدم القدرة على العبادة.
والطلب في هذه الآية غير طلب الصبر من عباده في الزمر؛ لأنه دل على ما يلاقونه من المشقات بقيامهم بعبادة الله، واستمرارهم عليها، وعدم التخلي عنها، فطلب منهم الصبر، وبين لهم الله أجر الصابرين على عبادته بغير حساب.
2 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ ءامَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَواةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) إبراهيم
لأن فيها طلب إقامة الصلاة والإنفاق من رزق الله، قبل مجيء يوم لا يستطيعون فعل ما يؤمرون، وهذا يدل إما على تقصير منهم بالعبادة والأعمال الصالحة، أو توجيه لهم بعد إيمانهم لتصح عبوديتهم لله.
3 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) الإسراء
4 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر
(يُتْبَعُ)
(/)
أثبتت ياء عبادي في هذين الموضعين أيضاً لإتيانهم بما يخل بعبوديتهم لله؛ ففي الموضع الأول كان بسبب نزغ الشيطان بينهم، وفي الموضع الثاني بسبب إسرافهم في المعاصي، فلم تستمر عبادتهم لله في الحالين.
5 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) الكهف
لأن الذين كفروا قطعوا عبادتهم لله، وتولوا من قطع عبادته الله من شياطين الإنس والجن، ودعا إلى قطعها.
6 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة.
لأن الآية ختمت بـ"لعلهم يرشدون" بعد الطلب من عباده الاستجابة لله والإيمان به.
7 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى:
(نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) الحجر.
لأن في الإنباء بأن الله غفور رحيم؛ دعوة عباده بالتوبة والرجوع إلى الله.
8 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ (42) الحجر.
9 - وفي قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65) الإسراء.
لأن عباد الله في هاتين الآيتين هم "المخلصين" فقط، وحبال الشيطان مقطوعة عنهم؛ (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) ص، والغاوين هم من استجاب لدعوة الشيطان؛ (وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ (22) إبراهيم.
10 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى (77) طه
11 - وفي قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) الشعراء
12 - وفي قوله تعالى: (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) الدخان
والمقصود بعباد الله في هذه المواضع الثلاثة: هم بنو إسرائيل الذين خرجوا مع موسى عليه السلام من مصر هربًا من فرعون، وقد أحدث هؤلاء بعد النجاة من عدو الله؛ من الأفعال كعبادة العجل، والعصيان وعدم الجهاد، وغير ذلك؛ فاستحقوا عليها الغضب من الله، واللعن والتيه والمسخ وغير ذلك، مما هو معلوم ومشهور.
13 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) الأنبياء
أثبتت ياء عبادي في هذا الموضع لأن العباد الذين ورثهم الله سبحانه وتعالى الأرض لما كانوا مستمرين على عبادته لكن ماذا بعد التوريث؟ وخاصة بعد مضي زمن نبيهم 00
فقد ورث الله عادًا بعد قوم نوح، فماذا فعلوا؟
وورث الله تعالى ثمود بعد عاد فماذا فعلوا؟
وورث بني إسرائيل بعد فرعون فماذا فعل كل هؤلاء؟
لقد غيروا وبدلوا وأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ولاقوا غياً واستبدلهم بقوم آخرين جزاء بما فعلوا.
14 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) المؤمنون
لأن القائلين هم فريق من عباد الله، وشهادة الله بأن أكثر أهل الأرض من عباده هم ضالون.
15 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان
لأن عباد الله في هذه الآية هم المضلَلوين من أهل النار وقد قطعوا عبادتهم لله.
16 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا ءالَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ.
(يُتْبَعُ)
(/)
لأن من يشكر هم القلة من العباد، ومن لم يستثن في هذه الآية وغيرها هم من انقطعت عبادتهم لله، ومن التبعيضية مبينة لذلك.
17 - وأثبتت ياء عبادي في قوله تعالى: (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) الفجر.
ويبدو إثبات الياء في هذا الموضع كأنه مخالف لقاعدة الانقطاع والاستمرار في إثباتها وحذفها، وإذا علمنا أن عبادة الله من أمور الخاصة بالدنيا، ولا عمل في الآخرة؛ لا لأهل الجنة المتنعمين بجنتهم، ولا لأهل النار ليخفف عنهم، فناسب إثباتها انقطاع أعمال العبادة، والآخرة دار جزاء لا دار تكليف وعمل.
وقد أتينا على جميع أمثلة ياء عبادي التي أثبتت في الرسم؛ لئلا يحدث التباس عند من لا يدرك بنفسه سبب إثباتها. وعلى الله التوفيق والتيسير.
6 - عذاب: حذفت ياء عذابي في موضع واحد:
في قوله تعالى: (أَءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (ي) (8) ص
حذفت ياء عذابي في (ص) لأن المراد بالعذاب عذاب الآخرة، وهو عذاب دائم مستمر، وهذه الآية تتكلم عن كفار قريش، وهم لم يذوقوا العذاب، وما حصل فيهم هو قتل أعداد يسيرة منهم في بدر وأحد والخندق ويوم فتح مكة؛ زادوا عن المائة ولم يبلغوا المائتين؛ قال تعالى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) القمر. وفيهم حق ما تأخر لهم من العذاب؛ (لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (ي).
وغير ذلك أثبتت الياء لما لم يذكر تأخير العذاب،
كما في قوله تعالى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ (156) الأعراف، جاءت هذه الآية بعد الرجفة التي أصابت السبعين من قوم موسى عليه السلام؛
(فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ... (155) الأعراف.
فالمراد بالعذاب هنا عذاب الهلاك في الدنيا؛ لقوله تعالى: (أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ) فدل على أن المراد به الهلاك في الدنيا، فمن شاء عجل له العذاب، ومن شاء عفا عنه، أو أخر عنه العذاب ليوم القيامة.
وكما في قوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) إبراهيم.
لما كانت الزيادة على الشكر تكون في الحياة الدنيا فكذلك العذاب على الكفر، وفي الآخرة يكون أشد.
وكما في قوله تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) الحجر فإثباتها في (الحجر) لعطفها على الآية السابقة: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وهو أمر بالتبليغ؛ أي أغفر لمن تاب وآمن وهذا في الحياة الدنيا، والتهديد والوعيد لمن أعرض وكفر، وأرهب الوعيد من كان على الأبواب معجل غير مؤجل؛ ليرتدعوا ويتوبوا، وإن كان عذاب الآخرة يوصف له رهبته.
وكما في قوله تعالى: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (ي) (16)، (18)، (21)، (30) القمر
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (ي) (37)، و (فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (ي) (39) القمر
فإثباتها في (القمر) لما جاءت في كل مرة تعقيباً وتنبيها بما حل بتلك الأقوام من الهلاك في الدنيا؛ قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط.
7 - عقاب: حذفت ياء عقابي في المواضع الثلاثة التي جاءت في القرآن الكريم؛
في قوله تعالى: (وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (ي) (32) الرعد
وفي قوله تعالى: (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (ي) (14) ص.
وفي قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (ي) (5) غافر.
(يُتْبَعُ)
(/)
العقاب في هذه المواضع هو الخاتمة السيئة لهم بالهلاك أو العذاب في الدنيا، ويمتد ذلك السوء لهم إلى الآخرة.
و العقاب في هذه المواضع غير العذاب في المواضع السابقة؛ فالعذاب في الدنيا قد لا يعذب به في الآخرة،
فمثلاً العذاب بالغرق، أو الزلزلة، أو الصيحة، أو الصواعق، أو الخسف، أو بالأمراض، وبالقحط، وغير ذلك؛ قد يقع بقدر الله على المؤمنين، وليس ذلك عاقبتهم، بل يعد الميت شهيدًا في بعضها. فلذلك يتميز العذاب في الدنيا عن العذاب في الآخرة وإن سمى كل منهما بالعذاب.
أما العقاب؛ فهو ما انتهى إليه الكفار من سوء العاقبة، ونهاية أمرهم في الدنيا على هذا الحال الذي لن يتغير في الآخرة، بل إن نهاية أمرهم بالعقاب دالٌ على ما يؤول إليه أمرهم في الآخرة، وعاقبتهم السيئة فيها، فلم يأت إلا بحذف الياء وجاء العذاب بحذف الياء وإثباتها.
8 - ونذر: حذفت ياء نذري في ستة مواضع، وكلها في القمر؛
قال تعالى: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (ي) (16،18،21،30) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (ي) (39،37) القمر.
نذر جمع نذير فإذا تحققت نذر الله للكافرين في الدنيا فتمامها في الآخرة، ولا قاطع لها.
9 - نذير: ذكرت نذيري مرة واحدة وقد حذفت ياؤها؛
قال تعالى: (أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (ي) (17) الملك.
تأجيل العلم بالنذر لما تقع؛ هو مما يحدث في الآخرة، فحالها كحال حذف ياء عذابي في ص؛ (بل لما يذوقوا عذاب (ي). فحذفت الياء علامة لاستمرار ما حل عليهم في الدنيا ليكون أشد عليهم في الآخرة.
10 - نكير: ذكرت نكيري في أربعة مواضع، وقد حذفت ياؤها؛
قال تعالى: (وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (ي) (44) الحج.
قال تعالى: (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (ي) (45) سبأ
قال تعالى: (ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (ي) (26) فاطر
قال تعالى: (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (ي) (18) الملك
هذا ما حدث لفرعون، والذين كانوا من قبله، وهو مقدمة لعذاب الآخرة الذي لا ينقطع؛ فحذفت الياء علامة للاستمرار النكير عليهم.
11 - وعيد: ذكرت وعيدي في ثلاثة مواضع؛ وقد حذفت الياء فيها
قال تعالى: (وَلَنُسْكِنَنَّكُمْ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (ي) (14) إبراهيم
قال تعالى: (وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (ي) (14) ق
قال تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (ي) (45) ق
نذري ونذيري ونكيري ووعيدي كلها من باب واحد من باب عقابي الذي مر ذكره؛ فإنذار الله لهم بالعذاب في الدنيا والآخرة، وإنكاره ما هم عليه بتغير ما كانوا عليه من النعم بالعذاب في الدنيا والآخرة، ووعيده لهم بإنزال العذاب بهم في الدنيا والآخرة، فمتى تحقق الإنذار والإنكار والوعيد في الدنيا، وانتهت به حياتهم، ولا عمل لهم بعد ذلك يصلح عملهم، ويعتبهم عند ربهم؛ استمر ذلك الأمر عليهم في آخرتهم؛ فلهذا الامتداد والاستمرار حذفت الياء في هذه الكلمات.
أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي
ـ[سامح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:40 م]ـ
شكر اللهُ لك أستاذ العرابلي هذا الجهد البيِّن ...
وليتك وضعتَ تلخيصا للموضوع في نهايته ...
بالنسبة لإثباتِ (الياء) في عبادي أظن أن فيه أيضا تشريفا
وتأكيدا لمعنى العبودية لله -تعالى -؛ لأن فيها إرشاداً وحظاً
على العبادة والتوبة وأداء الصالحات , أي أنكم عبادي
الذين تخصونني بالعبادة فأطيعوني فيما آمركم به , والله أعلم.
بوركت ..
ـ[العرابلي]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 05:21 م]ـ
شكر اللهُ لك أستاذ العرابلي هذا الجهد البيِّن ...
وليتك وضعتَ تلخيصا للموضوع في نهايته ...
بالنسبة لإثباتِ (الياء) في عبادي أظن أن فيه أيضا تشريفا
وتأكيدا لمعنى العبودية لله -تعالى -؛ لأن فيها إرشاداً وحظاً
على العبادة والتوبة وأداء الصالحات , أي أنكم عبادي
الذين تخصونني بالعبادة فأطيعوني فيما آمركم به , والله أعلم.
بوركت ..
بارك الله فيك يا أخي
وبارك الله لك في مرورك
تلخيص الموضيوع أخي الكريم في القاعدة
حذف الياء دائمًا للاستمرار
وكل كلمه لها تعليلها الخاص بها سواء في الحذف أو الإثبات(/)
هل يوجد؟
ـ[طالب الحق]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 07:50 م]ـ
السلام عليكم
وكل عام وأنتم بخير.
فقد واجهتني أثناء تدريسي لمنهاج البلاغة المرحلة الثانوية. مسألة غاية في التعقيد والدقة (من وجهة نظري) فأرجو من الأعضاء الأفاضل النظر بغاية الأهمية للسؤال.
السؤال: ما الفرق بين السجع والسجع المتوازي؟
السجع: يكون تشابه الحرف الأخير أو الفواصل الأخيرة للكلمة في نهاية الجمل.
السجع المتوازي: يكون تشابه بالحرف الأخير ووزن الكلمة.
هذا الفرق من حيث التعريف.
لكن تفاجأت أثناء إجابتي عن بعض الجمل في المنهاج. أن الكلمات المسجوعة أيضا تكون بنفس الوزن فلماذا لا تعتبر هذه الكلمات سجع متوازي.
مثال: اللهم ابعد عنا شرورهم. واجعلنا في نحورهم.
لاحظوا كلمة شرورهم وكلمة نحورهم. نفس الوزن وتشابه الحرف الأخير أيضا.
ولكن تُدرّس في المنهاج على أنها سجع وليست سجع متوازي.
فأرجو أن توضحوا لي الفرق الدقيق بينهم حتى أنقله لتلاميذي
وبوركتم وبورك علمكم
ـ[سامح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:03 ص]ـ
أذكر أنه واجهتني هكذا تساؤلات ..
لكن هل يُنَزَّهُ العلماء الأوائل من الخطأ .. ؟
ثم إنَّ هذه التقسيمات ليست صِنوَ البلاغة
المهم هو الغرض البلاغي
والقيمة لهذا الاستعمال.
قد لايروي ردي ظمأ سؤالك
لكن لعلك تجد من يفيديك ..
تقديري ..
ـ[طالب الحق]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 08:45 م]ـ
هل سؤالي صعب لهذه الدرجة؟ أم أني لم أفصح عما أريد؟
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 09:08 م]ـ
السجع: محسِّنٌ لفظي عام، حدّه: توافق الفاصلتين من النثر على حرف واحد.
والمتوازي: صورة من صوره، وقسم من أقسامه، وحدّه كما تفضلت وأبنته.
وعليه: يصح أن يطلق على أي لفظين مسجوعين مسمى سجع: متوازيًا كان أم غيره.
والله - تعالى - أعلم.
ـ[طالب الحق]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 05:07 م]ـ
السجع: محسِّنٌ لفظي عام، حدّه: توافق الفاصلتين من النثر على حرف واحد.
والمتوازي: صورة من صوره، وقسم من أقسامه، وحدّه كما تفضلت وأبنته.
وعليه: يصح أن يطلق على أي لفظين مسجوعين مسمى سجع: متوازيًا كان أم غيره.
والله - تعالى - أعلم.
إلا أن الأمر ما زال غامضا. وأشكرك على توضيحك
ـ[طالب الحق]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 08:03 م]ـ
لم اتوقع هذا التجاهل لسؤالي(/)
وحوه البيان في نكت اللّسان
ـ[مروان الأدب]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 07:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرّحيم السّلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
بينما كنت أبحث عن شرح لبعض الكلمات في المعجم الوسيط اِستوقفتني بعض التّعابيرمن مثل:
جادلته حتّى أنزف.
بتّ على بتلاء من رأيّ.
ربّ قول أمضى من صول.
فما وجوه البيان في هذه الأقوال؟(/)
البلاغة المرحلة الثانية
ـ[عربيه انا]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 03:09 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
ممكن بحث للبلاغة المرحلة الثانية
مرحلة التكامل المشترك
وشكرا
ـ[سامح]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 06:32 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أظن أن البحث هو واجبكِ أنت , وليس على أحد أن يقوم به عنك
لكن أظن أن بإمكان الأعضاء مساعدتك وتوجيهك إن أردت.
ـ[ندى الرميح]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 08:31 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المكرمة عربية أنا:
مرحبا بك في شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية ... وبعد:
نظرًا إلى أن صياغة سؤالك في مشاركتك توحي بأنها فرض مدرسي؛ فنرجو قبول اعتذارنا عن عدم الإجابة.
فمنتديات الفصيح لا تقدم هذه الخدمة، كما لا تشجع عليها.
نشكرك، ونقدِّر لك تفهمك.(/)
من سورة المائدة
ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 08:27 ص]ـ
ومن سورة المائدة:
قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
ففي "لقد": توكيد باللام وقد التحقيقية فإن الحكم بكفر قائل تلك المقالة أمر مقطوع به إذ قد عبد غير الله، عز وجل، وإن اعتقد أنه يعبد الإله الحق، لفساد تصوره، فإن ذلك لا يغني عنه من الله، عز وجل، شيئا، فكل يدعي أن إلهه هو: الإله المعبود بحق، وإذا اختلف العباد في آلهتهم وجب الاحتكام إلى خبر الوحي المعصوم لنرى أي إله من تلك الآلهة هو الإله الموصوف بصفات الكمال المطلق، فله كمال الذات والصفات والأفعال، فهو الرب الكامل الذي يستحق تمام الألوهية فرعا على كمال ربوبيته، فإذا صح التصور، صح التأله، ولذلك كان التعرف على صفات الرب، جل وعلا، مفتاح توحيده، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فإذا صح التصور صح الحكم، ولن يجد المنصف مقالة تعظم شأن الرب، جل وعلا، فتصفه بكل كمال، وتنفي عنه كل نقص، كمقالة أهل الإسلام، بخلاف مقالة أهل التثليث، الذين نعتوه بنعوت النقص البشري، فجعلوه عاجزا عن مغفرة ذنب آدم، عليه السلام، حتى ألجئوه إلى الحلول في رحم أنثى، لينبت فيه نبات الجنين ثم يخرج منها خروج الوليد فيتغذى من لبنها، ويقتات من خشاش الأرض بعد فطامه، ثم يساق إلى خشبة الصلب فداء للنوع الإنساني!!!!، ولو قدر على مغفرة خطيئة آدم، عليه السلام، لما تجشم تلك الصعاب!!!. فضلا عن مقالة يهود: الذين وصفوا الله، عز وجل، بالبخل وغل اليد، ومقالة بقية أمم الأرض من عباد الأحجار والأشجار بل والأبقار!!!.
الذين قالوا: في الموصول نوع إجمال لتشويق المخاطب بينه ما بعده، فجملة الصلة علة الحكم المتقدم، فقد كفروا بادعائهم الألوهية للمسيح عليه السلام، وهو لا يستحقها، لوصفه البشري، وذلك أعظم الظلم إذ نفوا الحكم عمن يستحقه وأثبتوه لمن لا يستحقه، ولذلك كان الشرك: ظلما بل أعظم الظلم، إذ فيه تسوية المخلوق الفقير بالرب الغني، فيصير ندا لله، عز وجل، مع افتقاره إليه، فليس له من خصائص الربوبية ما للرب، جل وعلا، ليسوى به، ولو كان له ذلك لصحت تسويته به، فالتسوية في الحكم بين مختلفين في الوصف: تسوية بين مختلفين تأباها العقول الصريحة.
إن الله هو المسيح ابن مريم: أكدوا مقالتهم بعدة مؤكدات إمعانا في الحكم الظالم الجائر فصدروا مقالتهم بـ: "إن"، فضلا عن تعريف جزأي الجملة: لفظ الجلالة: "الله" و: "المسيح"، واسميتها التي تدل على ثبوت الحكم، وضمير الفصل المؤكد: "هو"، فأي ظلم أعظم من ذلك!!.
قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا: رد مباشر على مقالتهم، إذ قد قامت الحاجة إلى إبطالها، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فجاء الرد قويا بـ: استفهام إنكاري إبطالي لما بعده، فلا أحد يملك من الله شيئا، وهي: "نكرة في سياق الاستفهام" فتفيد العموم من جهة وقوعها في حيز الاستفهام ومن جهة كون الاستفهام بمعنى النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد، أيضا، العموم، فلا أحد يملك من الله شيئا أي شي إن أراد أن يهلك المسيح عليه السلام وأمه ومن في الأرض جميعا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي ذلك الاستفهام: تنبيه لطيف وإلزام عقلي صحيح، إذ أبطل مقالتهم بألوهية المسيح عليه السلام، ببيان عجزه عن القيام بوصف الرب، جل وعلا، فاستحقاق الألوهية إنما يكون فرعا على كمال الربوبية، فإذا كان عاجزا عن صيانة نفسه من التلف إن أراد الله، عز وجل، ذلك بها، فكيف يقدر على ربوبية غيره: ربوبية إيجاد من العدم، وهو الذي كان عدما قبل أن يوجد، وإعداد، وهو الذي كان جنينا لا يعقل حتى أعد الله، عز وجل، بدنه وروحه لتحمل أعباء الرسالة، وإمداد، وهو الذي افتقر إلى عطاء الربوبية فأمده الله، عز وجل، كغيره من البشر بأسباب حياة البدن، وفضله بأسباب حياة الروح فبعثه إلى بني إسرائيل مبشرا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، فهو مفتقر إلى الرب، جل وعلا، في كل أحيانه وأحواله، فكيف يصح في الأذهان وصفه بصفات الربوبية من غنى وقهر وخلق ورزق ........... إلخ ليصح التزاما وصفه بالألوهية؟!!!
وفي قوله: ومن في الأرض جميعا: عموم بعد خصوص، دل عليه الموصول: "من" فهو نص في العموم، فضلا عن التوكيد بـ "جميعا"، لبيان طلاقة قدرة الرب، عز وجل، والنص عليه في هذا المقام آكد لبيان كمال غنى الرب وقدرته في مقابل فقر غيره وعجزه، فمن كان هذا نعته فإنه المستحق قطعا لكمال التعبد بأفعال العباد فرعا على كمال أفعاله عز وجل.
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا: إيغال في تقرير كمال ربوبية الله، عز وجل، فاللام في لفظ الجلالة: "لله" لام الملكية والاستحقاق، وقد قدم "لله" وحقه التأخير حصرا وتوكيدا، فله وحده عموم ملك السماوات والأرض وما بينهما الذي دل عليه: "أل" الجنسية الاستغراقية لعموم ما دخلت عليه في "السماوات" و "الأرض"، و عموم الموصول "ما"، فاستوفى أركان القسمة العقلية: ما علا من السماوات وما سفل من الأرضين وما بينهما.
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ: تنبيه على وصف من أخص أوصاف الربوبية وهو الخلق، ففيه التعريض بالمثلثة الذين عدلوا عن عبادة الخالق إلى عبادة المخلوق.
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: تذييل يناسب المقام حمل تقريرا جديدا لكمال ربوبية الله، عز وجل، فهو القادر على كل شيء، فلزم من ذلك إفراده بالسؤال إذ لا يسأل العاجز عن قضاء الحوائج، والتوجه بالسؤال إلى الرب، جل وعلا، لقضاء الحوائج من آكد العبادات التي هي مقتضى الألوهية فـ: "الدعاء هو العبادة"، كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، فقصر العبادة على الدعاء قصرا إضافيا، إذ جنس العبادة يعم الدعاء وغيره من صنوف أفعال المكلفين، ولكنه خصه بالذكر في ذلك السياق الحاصر تنويها بذكره، فهو من آكد العبادات كما تقدم، ومعظم الشرك في الأرض إنما يكون بصرفه لغير الله، عز وجل، فوجب التبيه عليه بعينه، لعموم البلوى، وفي الحديث أيضا من المؤكدات: تعريف الجزأين: "الدعاء" و "العبادة"، والتوكيد بضمير الفصل "هو"، وفي ذلك من مزيد الاعتناء بشأنه ما فيه، وقد جعله الله، عز وجل، مكافئ العبادة في قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
وفي آخر الآية حصر وتوكيد آخر بتقديم ما حقه التأخير: "على كل شيء" إمعانا في بيان عظم القدرة الإلهية، فضلا عن عموم صيغة "كل" الذي يزيد معاني الربوبية تمكنا في نفس المخاطب، فيكون ذلك باعثا له على تحقيق كمال الألوهية مراد الله، عز وجل، من عباده.
وفي موضع تال من نفس السورة:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ:
فهو بمنزلة التكرار لما تقدم في الآية الأولى، فعظم الجرم يستلزم عظم الإنكار.
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ:
(يُتْبَعُ)
(/)
تبرئة لساحة المسيح عليه السلام، فأسند القول إليه، وفي نسبتهم إلى إسرائيل عليه السلام نوع تلطف معهم يقتضيه مقام الدعوة، فنسبهم إلى أب يتشرفون بالانتساب إليه، وقد يقال بأن في نسبتهم إليه نوع تعريض بهم، بالنظر إلى ترجمة: "إسرائيل"، وهي: "عبد الله"، فضلا عما كان عليه إسرائيل من كمال العبودية والانقياد فهو عبد الله مبنى ومعنى، وبالنظر إلى وصيته الأسباطَ: (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)، فكيف يخالف أحفاده وصيته فلا يسيرون على طريقته المثلى في تمام التأله لله عز وجل؟!!. وقد يقال بأن الخطاب لا يخلو، أيضا، من نوع تقريع، إذا نظرنا إلى دلالة "يا" على نداء البعيد، ففيه إشارة إلى غفلتهم عن التوحيد آكد حقوق الرب المجيد على العبيد.
اعبدوا الله: أمر بكمال التأله لله، عز وجل، بأفعال العباد.
ربي وربكم: عطف عام على خاص، فربوبية المسيح عليه السلام: ربوبية خاصة مقتضاها تمام العناية به، فهو الرسول الذي ختمت به نبوة بني إسرائيل، وهو الذي بشر بالنبي الخاتم من بني إسماعيل، وربوبيتهم: ربوبية عامة: ربوبية الخالق لخلقه بنعمه المتواترة، فإذا كان هذا حاله من كمال التفرد بأفعال الإنشاء والإنعام، فإنه يستلزم كمال إفراده بأفعال العباد، وذلك مقتضى دين الإسلام العام الذي بعثت به الرسل، ودين الإسلام الخاص الذي بعث به خاتمهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد يقال بأن النص على ربوبية الله، عز وجل، عبدهَ ورسولهَ: المسيح عليه السلام مقصود لذاته في هذا المقام إبطالا لدعوى الغلاة، فهو كغيره من العباد: مربوب لا غنى له عن الأسباب، فكيف يكون ربا من افتقر إلى غيره؟!!، فقوله كما يقول أهل الأصول: نص في محل النزاع، والنص: قطعي لا يحتمل إلا معنى واحد، فإما رب، وإما عبد، وقد حسم المسيح عليه السلام النزاع في هذا الموضع، وفي مواضع أخرى من قبيل قوله: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا).
إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ:
جواب لسؤال مقدر، فكأن الأمر بإفراد الله، عز وجل، بالعبادة قد صار عجبا، فاستلزم السؤال عنه بـ: "لم؟!! "، فجاء الجواب مصدرا بـ: "إن" المؤكدة إمعانا في زجر المخاطب بالتوكيد على الوعيد، فضلا عن دلالة ضمير الشأن: الهاء في "إنه" على ذات المعنى، فجملة: "اعبدوا": إنشائية، وجملة: "إنه من يشرك ................. ": خبرية، فحسن الفصل بينهما، بتقدير سؤال يجعل الأولى: معلولا، والثانية: علة، وهو ما يعرف بـ: "شبه كمال الاتصال" فبين الجملتين نوع اتصال مع اختلافهما في المبنى، فالثانية علة الأولى، كما تقدم، واتصال العلة بمعلولها اتصال عقلي وثيق.
و "من": صيغة عموم فيها إجمال بينه ما بعدها، وجواب الشرط فيه الطباق بين: الجنة والنار والتفصيل في هذا المقام بذكر المتقابلات أمر مقصود إذ يحسن الإطناب في بيان الوعيد زجرا للعاصي المتوعد، وفيه عطف المتلازمين فإن لازم تحريم دخول الجنة: سكنى النار، و "أل" في "الجنة": جنسية استغراقية، فجنس الجنان محرم على المشركين، مصداق قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، و "أل" في "النار": عهدية تشير إلى معهود بعينه وهو نار الكفار الأبدية بخلاف نار عصاة الموحدين، وعرف الجزأين: "مأواه" و "النار": قصرا، فمأواهم النار لا مأوى لهم غيرها، وفي ذلك من زيادة المساءة لهم ما فيه.
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ:
(يُتْبَعُ)
(/)
تقديم ما حقه التأخير فأفاد حصرا وتوكيدا، فضلا عن نفي جنس الأنصار عن الظالمين فـ: "أنصار": نكرة في سياق النفي، فأفادت العموم الذي أكد بـ: "من" التي تفيد التنصيص على العموم في هذا المقام، فضلا عن دلالتها الجنسية، فما لهم من جنس الأنصار شيء، والظلم هنا: ظلم معهود هو الشرك مصداق قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ)، بخلاف بقية صور الظلم فهي مما يغفره الله عز وجل، ولما كان السياق: سياق تقرير لقضية التوحيد وإبطال لقضية الشرك ترجح حمل الظلم هنا على أفحش صوره: الشرك بالله عز وجل.
وكغيرها من جمل الشرط في مقام الوعيد: من يفعل كذا فجزاؤه كذا، يقال: الجملة خبرية المبنى طلبية المعنى ففيها معنى الزجر والحض على الترك.
وفي مقام تفنيد الباطل لا بد من ذكر جميع صوره فجاء النص مبينا حكم صورة أخرى من صور الكفر:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ:
وفي عطف الرد على الشبهة مزيد عناية بإبطالها، فأردف قول المثلثة بقول الموحدة الذي نفى الألوهية عمن سوى الله، عز وجل، في سياق عموم: "إله": النكرة المنفية، الذي أكد، أيضا بدخول: "من" الدالة على التنصيص على العموم، فالشبهة عظيمة، وإن كانت باطلة في بدائه العقول، فحسن التوكيد على ضدها بأكثر من مؤكد.
و "إله" بعد "إلا": موطئ لما بعده، فليس المقصود إثبات ألوهية الله، عز وجل، فقط، وإنما المقصود: إثبات تفرده بها، وإبطال ألوهية من سواه، فهما متلازمان لا انفكاك لأحدهما عن الآخر، وفي هذا رد صريح على دعاة تقبل، بل وتصحيح دين "الآخر" المزعوم!!، في مقابل اعتراف الآخر بصحة ديننا!!!، فلا يكفي أن تعتقد صحة ألوهية الله، عز وجل، دون أن يقترن ذلك بإبطال ألوهية من سواه، فليست الملل طرقا تؤدي إلى مقصود واحد، وإنما لكل ملة: "إله" له أوصاف تميزه عن بقية الآلهة، وإن اشترك جميعها في اسم: "الله" فهو اسم عالمي في كل اللغات، فلا يعدو كونه مشتركا لفظيا بين المسلم والنصراني واليهودي والبوذي .............. إلخ، فالشأن في وصفه لا اسمه، فلينظر العاقل في أوصاف: "الله" في كل ملة ليعلم من الإله الحق الذي انفرد بكمال الذات والصفات والأفعال: مقدمة فاستحق كمال التأله: نتيجة، والمسألة: مسألة قلب منيب وعقل صريح، فالقلب حساس متحرك يطلب الحق، والعقل حاكم يقبله ويرد ما سواه، إن صح قياسه. وأما طريقة: "كل واحد على دينه الله يعينه" التي اقتبسها أحد الفضلاء عندنا في مصر من مثل شعبي متداول بين إخواننا في الشام، في معرض نقده لموضة: "الآخر" فهي طريقة لزجة، تميع فيها المفاهيم فيختلط الحق بالباطل وتضيع الحقيقة في خضم المجاملات الباردة.
وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ: تهديد بقسم محذوف دلت عليه اللام في "لَيَمَسَّنّ" َ فضلا عن توكيد فعل العذاب بنون التوكيد المثقلة إمعانا في التهديد، وقدم المفعول به: "الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ": تخصيصا وتوكيدا، و "من" في "منهم" لبيان الجنس فليس فيهم مؤمنون وكافرون فيختص العذاب بالكافرين، وإنما الكفر وصف عام لهم، على وزان قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ)، إذ ليس من الأصنام ما هو رجس وآخر ليس برجس، وإنما كلها رجس فجاء الأمر باجتناب جنسها.
عَذَابٌ أَلِيمٌ: مؤلم فالمبالغة في اللفظ دليل المبالغة في المعنى، والتنكير يدل على التعظيم في مثل هذا السياق.
(يُتْبَعُ)
(/)
أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ: إيجاز بالحذف، ففي السياق مقدر محذوف بعد همزة الاستفهام، فتقدر جملة يعطف عليها ما بعدها بالفاء التعقيبية، فتقدير الكلام: أقنطوا من رحمة الله فلا يتوبون، أو: أزهدوا في فضل الله فلا يتوبون، أو: أغفلوا عن عظم جرمهم فلا يتوبون، وفي حثهم على التوبة مع عظم الجرم نوع تلطف معهم يقتضيه مقام الدعوة، فهو ترغيب بعد ما تقدم من ترهيب، وهذه طريقة الكتاب العزيز المطردة في ذكر الوعد عقب الوعيد، والنعيم عقب العذاب ............... إلخ من المتقابلات.
وعطف التوبة على الاستغفار: عطف مقترنين، فإنهما من قبيل الإسلام والإيمان: إذا افترقا اجتمعا، وإذا اجتمعا افترقا، فإذا افترقا دخل الاستغفار في حد التوبة، ودخلت التوبة في حد الاستغفار، وإذا اجتمعا دل الاستغفار على ما مضى، والتوبة على ما يستقبل، فاكتملت القسمة العقلية إذ المذنب نادم على الماضي عازم على الاستقامة في الحاضر والمستقبل.
والتذييل بقوله تعالى: (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، يناسب السياق فهو غفور يستر الذنب فلا يؤاخذ عليه ابتداء، ولا يكون ذلك إلا لأهل رحمته الخاصة: رحمة "الرحيم"، فلا حظ لكافر فيها وإنكان له نصيب من رحمته العامة: رحمة "الرحمن".
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ: تنبيه بالكناية عن لوازم النقص البشري التي تبطل مقالة من غلا في المسيح وأمه عليهما السلام، وفي التنزيل: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ)، فالتأكيد على الجانب البشري في الرسل عليهم الصلاة والسلام يغلق باب الغلو ويفتح باب الاقتداء، والأمر بالنظر في ختام الآية: يفيد التعجب من حالهم، إذ كيف يقبل عقل تلك المقالة مع سطوع أدلة التوحيد، فيعرض عنها إلى ميراث الآباء والأجداد و: (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا:
أتعبدون: استفهام إنكاري توبيخي فما بعده قد وقع منهم فعلا، وهو ما يستحق أقصى درجات التوبيخ.
مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا: نفي عموم اعتقاد الضر أو النفع في آلهة الباطل، فـ: "ضرا" و "نفعا": نكرتان في سياق النفي، وقدم الضر لأن النفس تتشوف إلى درء المفسدة قبل جلب المصلحة، وفي التنبيه على بطلان ذلك: تنبيه على بطلان ربوبيتهم فلا يملكون إيصال الضر أو النفع إلى عبيدهم، فهم: عبيد أمثالهم!!!!، وفي ذلك علة لما تقدم في صدر الآية من إبطال ألوهيتهم بتوبيخ عابديهم، فبطلان ألوهيتهم فرع على نقصان ربوبيتهم، وفيه إشارة إلى صحة ألوهية الله، عز وجل، فرعا على كمال ربوبيته، فالمنطوق يدل على المسكوت عنه، دلالة التزام، إذ نفي آلهة الباطل يقتضي لزوما إثبات وحدانية الإله الحق، جل وعلا، وهذا معنى: لا إله إلا الله، فالآية بمنطوقها تقرر النفي في: "لا إله"، وبمفهومها تقرر الإثبات في: "إلا الله"، ولا زالت ثنائية: الرب الإله مطردة في الكتاب العزيز، تلك الثنائية التي نزلت بها الكتب، وبعثت بها الرسل، وقامت بها السماوات والأرض.
وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ: تذييل يناسب المقام إذ فيه من التعريض بآلهتهم التي لا تسمع ولا تعلم، فكيف تكون آلهة وهي لا تسمع نداء عابديها ولا تعلم حالهم، في مقابل إثبات كمال ضد ذلك النقص لله، عز وجل، في سياق مؤكد باسمية الجملة، وتعريف جزأيها: "الله" و "السميع" فضلا عن ضمير الفصل: "هو"، و: "أل" في "السميع": جنسية استغراقية لعموم معاني السمع الثابتة لله، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله من:
سماع الدعاء كما في قوله تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)
وسماع العناية بأوليائه كما في قوله تعالى: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)
(يُتْبَعُ)
(/)
وسماع التهديد لأعدائه كما في قوله تعالى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)
وسماع الإحاطه كما في قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، فذكر السمع في الآية: فعلا ماضيا: "سمع"، وفعلا مضارعا: "يسمع"، وصيغة مبالغة: "سميع".
وكذلك الشأن في "أل" في: "العليم"، فعلمه محيط بكل الكائنات، يعلم: الكليات والجزئيات، الظاهرات والمكنونات، الماضيات والمستقبلات، (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ:
نداء لهم بوصف أهل الكتاب حثا لهم على استعمال علومهم التي احتوتها كتبهم في إظهار الحق لا تحريفه وكتمانه، ففيه نوع تلطف معهم، وليس خطاب الكتابي كخطاب الوثني، وفي حديث معاذ رضي الله عنه: (إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)، و "أل" في "الكتاب": عهدية تشير إلى التوراة والإنجيل دون سائر الكتب، و "غير الحق": وصف كاشف لا مفهوم له، إذ ليس من الغلو ما هو حق، فكل غلو مذموم، فهي على وزان قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، وليس من الإثم والبغي ما هو بحق، وليس من الشرك ما نزل الله، عز وجل، به حجة وسلطانا فكله باطل لا مستند له.
وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا: فضلالهم في نفسهم لازم دل عليه الفعل: "ضل" اللازم، ولغيرهم متعد دل عليه الفعل: "أضل" المتعدي بالهمزة تماما كما يدعو "بيندكت" اليوم إلى نشر كاثوليكيته في أرجاء الأرض أيا كان الثمن، وقد هاله تفوق تعداد المسلمين لأول مرة على تعداد الكاثوليك، والتوقعات تشير إلى تصدر الإسلام قائمة الملل بحلول منتصف هذا القرن إن شاء الله. و: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ: توكيد لما سبق من ضلالهم ففيه مزيد تحذير من مقالتهم الجائرة في حق الله عز وجل. وقد يقال بأن الضلال الأول: ضلالهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقرينة: "من قبل"، وضلالهم الثاني: ضلالهم بعد مبعثه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيكون الكلام محمولا على التأسيس لا التوكيد، إذ أسست الجملة الثانية معنى لم تدل عليه الجملة الأولى، ويرجح هذا: القاعدة المطردة في: حمل الكلام على التأسيس إذا دار بين التوكيد والتأسيس لإثراء المعنى وإفادة المخاطب علما جديدا.
والله أعلى وأعلم.(/)
أريد توضيحا
ـ[نزار جابر]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 04:07 م]ـ
السلام عليكم يا أهل الفصيح
إذا سمحتم أصحاب العلم المخلصين أريد توضيحا لهذه الجملة حيث أنني لم أجد توضيحا كافيا لها كوني أريدها في رسالة الماجستير خاصتي وبارك الله بكم وجعلكم سندا لكل طالب علم.
والجملة هي: " يا حرف نداء نودي به القريب فاستعمل في لازم معناه على أنه مجاز مرسل أو استعارة تبعيّة في الحرف أو مكنيّة وتخيليّة ".
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 04:15 م]ـ
عندما تنادي غير العاقل بأداة النداء تكون الصورة استعارة مكنية
مثلا:
يا دمشق البسي دموعي سوارا .... وتمني فكل صعب يهون
في قول الشاعر يا دمشق استعارة مكنية شبه الشاعر "دمشق " بالإنسان حذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه "النداء" على سبيل الاستعارة المكنية
علَّ الأساتذة يفيدونك اكثر مني.
والله أعلم
ـ[نزار جابر]ــــــــ[20 - 12 - 2008, 06:13 ص]ـ
أعلم ما الاستعارة وأقسامها وأعيها جيدا
لكني أريد توضيحا لهذه الجملة
بارك الله فيك بحر الرمل
وجزاك الله كل الخير(/)
أراد / كان يريد
ـ[تيما]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 03:04 م]ـ
تحية طيبة،
يقول جل وعلا في سورة الإسراء:
"من كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا" (18)
"وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا" (19)
ما الفرق بين استخدام (كان + الفعل) في الآية الأولى واستخدام (الفعل "أراد") في الآية الثانية؟
ولكم كل الشكر
.
.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 06:17 م]ـ
هذا سؤال في البلاغة يا تيما
على كلٍّ:
أرى أن الكلام في الآية الأولى عمن توفاهم الله "أي من كان في حياته يريد الدنيا " ويدل على ذلك قوله: ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا
أما في الآية الثانية عمن هو حي يرزق.
والله تعالى أعلم
وأنتظر رأي الأساتذة.
ـ[تيما]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 10:13 م]ـ
شكرا لك أستاذ بحر الرمل ..
لا أدري وضعت السؤال هنا لأنني توقعت أن أجد الجواب لدى أساتذة النحو ..
على أية حال، سأنقله إلى منتدى البلاغة.
ولك تحيتي
.
.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 02:33 م]ـ
هذا سؤال في البلاغة يا تيما
على كلٍّ:
أرى أن الكلام في الآية الأولى عمن توفاهم الله "أي من كان في حياته يريد الدنيا " ويدل على ذلك قوله: ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا
أما في الآية الثانية عمن هو حي يرزق.
والله تعالى أعلم
وأنتظر رأي الأساتذة.
كيف يقال لمن مات: عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ؟؟؟؟
الفعل كان إذا كان خبره جملة فعلية فعلها مضارع يدل على الاستمرار والدأب على شيء معين، فالمعنى والله أعلم، أن من كان دأبه إرادة متاع الحياة الدنيا دون الآخرة آتاه الله ما شاء أن يؤتيه ولكن ليس له حظ في الآخرة.
وهكذا شأن الذين لا يؤمنون بالآخرة فهم منهمكون في إرادة الحياة الدنيا.
وقد ورد مثل هذا في قوله تعالى:
من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدينا والآخرة.
وفي قوله تعالى.
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهو فيها لا يبخسون.
أما إرادة الآخرة فلم يعبر عنه في القرآن إلا في موضع واحد باستعمال كان مع الفعل يريد قال تعالى:
من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب.
فقد ورد استعمال (من كان يريد) في بيان حال طلاب الدنيا أربع مرات وفي بيان حال طلاب الآخرة مرة واحدة.
فقد يكون ذلك للإشارة إلى كثرة من دأبه الحياة الدنيا وقلة من دأبه طلب الحياة الأخرى.
هذا ولعلي أعود لمزيد من البيان.
مع التحية الطيبة.
ـ[تيما]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 11:47 م]ـ
بارك الله فيك يا دكتور
أشكرك على التوضيح .. وننتظر عودتك
جزاك الله كل خير
ولك تحيتي
.
.(/)
شاهد ذكره أهل البلاغة فهل هوصحيح؟
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 11:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام
كلكم تعرفون هذا البيت:
ولست أبالي بعد فقدي مالكا=أموتي ناء أم هو اليوم واقع
وهم يستشهدون به على (أم) المنقطعة التي بمعنى (بل)
فهل استشهادهم صحيح بحيث يكون البيت
أموتي ناء بل هو الآن واقع؟؟؟؟؟
مع أن الظاهر من البيت أنه لايبالي أن كان موته قريبا أم بعيدا مادام مالك قد مات فليس حريصا على الحياة بعده
أتمنى إفادتكم واحتسبوا الأجر
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 12:48 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وافق استدراكك، أخي خالد، الشيخ ابن هشام، رحمه الله، في "مغني اللبيب"، إذ مثل به لأحد نوعي "أم" المتصلة وهي: التي تأتي بعد همزة التسوية، والأخرى هي التي تأتي بعد همزة الاستفهام عن معين في نحو: أزيد في الدار أم عمرو.
وفصل: "أم" في أول "المغني" كاف شاف في بيان مسائلها متصلة كانت أو منفصلة إن شاء الله.
والله أعلى وأعلم.(/)
من صدر سورة آل عمران
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 07:44 ص]ـ
ومن صدر سورة آل عمران:
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ: الله: لفظ الجلالة: مبتدأ يتضمن إثبات الألوهية لله، عز وجل، على القول باشتقاقه من التأله وهو: التنسك والتعبد كما قال ابن سيده الأندلسي رحمه الله.
وفي لسان العرب:
قال أَبو الهيثم فالله أَصله إلاهٌ قال الله عز وجل: (ما اتَّخذ اللهُ من وَلَدٍ وما كان معه من إلَهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بما خَلَقَ) قال ولا يكون إلَهاً حتى يكون مَعْبُوداً وحتى يكونَ لعابده خالقاً ورازقاً ومُدبِّراً وعليه مقتدراً فمن لم يكن كذلك فليس بإله وإِن عُبِدَ ظُلْماً بل هو مخلوق ومُتَعَبَّد.
فالألوهية كما تقرر: لازم الربوبية، فلا يكون إلها حتى يكون ربا، وإن ادعيت الألوهية لآلهة الباطل، فإن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا، فالعبرة بالمعاني لا بالمباني، وكل دعوة تفتقر إلى دليل، وقد أقام الله، عز وجل، الآيات البينات على كمال ربوبيته، فلزم العباد كمال التأله له، وما سواه من المعبودات لا برهان على صدق ألوهيتها، وإنما محض دعوى، وهي التي كانت عدما فافتقرت إلى موجد، وهي التي تصير إلى زوال فوجودها ممكن غير واجب، وهي التي لا تقدر على شيء من وظائف الربوبية، فكيف ساغ خلع أوصاف الألوهية عليها، أليس ذلك أعظم الظلم وأشنعه، أن يعبد من لا يستحق، وأن يكفر بالإله المستحق كمالَ التأله له؟!!!.
وفي التنزيل: (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فالأمر في: "أروني": أمر تبكيت، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، وفي الكلام حذف دل عليه السياق، فتقدير الكلام: أروني الذين ألحقتم به شركاء: ماذا خلقوا أو رزقوا أو .................. إلخ من أوصاف الربوبية ليستحقوا الإلحاق بالله، عز وجل، في ألوهيته؟!!!، ولفظ الإلحاق مشعر بالتكلف، فهي لم تلحق بنفسها، إذ ليست بأهل لذلك، وإنما ألحقت إلحاقا، وفي هذا من التعسف والتحكم ما لا يخفى، فلا دعوى صادقة، ولا برهان صحيح من باب أولى، إذ الأصل فاسد، فكيف يصح الفرع، والعود معوج، فكيف يستقيم الظل؟!!.
وفيه أيضا: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا)
فالأمر في: "أروني": أمر تبكيت، أيضا، استوفى القسمة العقلية الممكنة، فإما أنهم خلقوا، وإما أن لهم شركا، فهذا استدلال عقلي، إذ الشريك يستحق كشريكه، ولكنهم لا شركة لهم في ذلك، فنبهت الآية على بطلان ألوهيتهم فرعا على بطلان شركتهم التي تستلزم نوع مشاركة في الربوبية، فلما انتفى الملزوم انتفى لازمه.
وفي قوله: "أرأيتم": إجمال بينه البدل: أروني ماذا خلقوا من الأرض، فالمبدل منه مجمل على نية الطرح، والبدل: مبين على نية تكرار العامل، فتقدير الكلام: قل: أروني ماذا خلق أولئك، وفي البيان بعد الإجمال: إرواء بعد غليل، فتتشوف النفس إلى البدل: محط الفائدة بعد ورود المبدل منه: المجمل الذي استرعى انتباه المخاطب.
وأما قوله: (أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ): فهو الحجة النقلية، فلا حجة من عقل أو نقل تشهد لزعمهم الباطل بل محض دعوى لا دليل عليها.
و "بل": إضراب يبطل ما سبق من دعواهم.
إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا: قصر بأقوى أساليبه، فلا يعدون بعضهم إلا غرورا، ونكر المقصور عليه: "غرورا" للتعظيم، فاغترارهم عظيم!!!.
وقل مثل ذلك في قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
(يُتْبَعُ)
(/)