باسمه المتقدم وإن كان قد جاوز ذلك؛ يقول الرجل لفرسه وقد قرح: هاتوا مهري وقربوا مهري، ويسميه بمتقدم اسمه؛ قال عنترة: لا تذكري مهري وما أطمعته ** فيكون جلدك مثل جلد الأجرب وقال أيضا: وحملت مهري وسطها فمضاها وإنما خص العشار بالذكر؛ لأنها أعزما تكون على العرب، وليس عطلها أهلها إلا حال القيامة. وهذا على وجه المثل؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء، ولكن أراد به المثل؛ أن هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه. وقيل: إنهم إذا قاموا من قبورهم، وشاهد بعضهم بعضا، ورأوا الوحوش والدواب محشورة، وفيها عشارهم التي كانت أنفس أموالهم، لم يعبؤوا بها، ولم يهمهم أمرها. وخوطبت العرب بأمر العشار؛ لأن مالها وعيشها أكثره من الإبل. وروى الضحاك عن ابن عباس: عطلت: عطلها أهلها، لاشتغالهم بأنفسهم. وقال الأعشى: هو الواهب المائة المصطفا ** ة إما مخاضا وإما عشارا وقال آخر: ترى المرء مهجورا إذا قل ماله ** وبيت الغني يهدي له ويزار وما ينفع الزوار مال مزورهم ** إذا سرحت شول له وعشار يقال: ناقة عشراء، وناقتان عشراوان، نوق عشار وعشراوات، يبدلون من همزة التأنيث واوا. وقد عشرت الناقة تعشبوا: أي صارت عشراء. وقيل: العشار: السحاب يعطل مما يكون فيه وهو الماء فلا يمطر؛ والعرب تشبه السحاب بالحامل. وقيل: الديار تعطل فلا تسكن. وقيل: الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع. والأول أشهر، وعليه من الناس الأكثر. قوله تعالى {وإذا الوحوش حشرت} أي جمعت والحشر: الجمع. عن الحسن وقتادة وغيرهما. وقال ابن عباس: حشرها: موتها. رواه عنه عكرمة. وحشر كل شيء: الموت غير الجن والإنس، فإنهما يوافيان يوم القيامة. وعن ابن عباس أيضا قال: يحشر كل شيء حتى الذباب. قال ابن عباس: تحشر الوحوش غدا: أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض، فيقتص للجماء من القرناء، ثم يقال لها كوني ترابا فتموت. وهذا أصح مما رواه عنه عكرمة، وقد بيناه في كتاب التذكرة مستوفى، ومضى في سورة الأنعام بعضه. أي إن الوحوش إذا كانت هذه حالها فكيف ببني آدم. وقيل: عني بهذا أنها مع نفرتها اليوم من الناس وتنددها في الصحاري، تنضم غدا إلى الناس من أهوال ذلك اليوم. قال معناه أبي بن كعب. قوله تعالى {وإذا البحار سجرت} أي ملئت من الماء؛ والعرب تقول: سجرت الحوض أسجره سجرا: إذا ملأته، وهو مسجور والمسجور والساجر في اللغة: الملآن. وروى الربيع بن خثيم: سجرت: فاضت وملئت. وقاله الكلبي ومقاتل والحسن والضحاك. قال ابن أبي زمنين: سجرت: حقيقته ملئت، فيفيض بعضها إلى بعض فتصير شيئا واحدا. وهو معنى قول الحسن. وقيل: أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها، حتى امتلأت. عن الضحاك ومجاهد: أي فجرت فصارت بحرا واحدا. القشيري: وذلك بأن يرفع الله الحاجز الذي ذكره في قوله تعالى {بينهما برزخ لا يبغيان} [الرحمن: 20]، فإذا رفع ذلك البرزخ تفجرت مياه البحار، فعمت الأرض كلها، وصارت البحار بحرا واحدا. وقيل: صارت بحرا واحدا من الحميم لأهل النار. وعن الحسن أيضا وقتادة وابن حيان: تيبس فلا يبقى من مائها قطرة. القشيري: وهو من سجرت التنور أسجره سجرا: إذا أحميته وإذا سلط عليه الإيقاد نشف ما فيه من الرطوبة وتسير الجبال حينئذ وتصير البحار والأرض كلها بساطا واحدا، بأن يملأ مكان البحار بتراب الجبال. وقال النحاس: وقد تكون الأقوال متفقة؛ يكون تيبس من الماء بعد أن يفيض، بعضها إلى بعض، فتقلب نارا. قلت: ثم سير الجبال حينئذ، كما ذكر القشيري، والله أعلم. وقال ابن زيد وشمر وعطية وسفيان ووهب وأبي وعلي بن أبي طالب وابن عباس في رواية الضحاك عنه: أوقدت فصارت نارا. قال ابن عباس: يكور الله الشمس والقمر والنجوم في البحر، ثم يبعث الله عليها ريحا دبورا، فتنفخه حتى يصير نارا. وكذا في بعض الحديث: (يأمر الله جل ثناؤه الشمس والقمر والنجوم فينتثرون في البحر، ثم يبعث الله جل ثناؤه الدبور فيسجرها نارا، فتلك نارا، فتلك نار الله الكبرى، التي يعذب بها الكفار). قال القشيري: قيل في تفسير قول ابن عباس {سجرت} أوقدت، يحتمل أن تكون جهنم في قعور من البحار، فهي الآن غير مسجورة لقوام الدنيا، فإذا أنقضت الدنيا سجرت، فصارت كلها نارا يدخلها الله أهلها. ويحتمل أن تكون تحت البحر
(يُتْبَعُ)
(/)
نار، ثم يوقد الله البحر كله فيصير نارا. وفي الخبر: البحر نار. في نار. وقال معاوية بن سعيد: بحر الروم وسط الأرض، أسفله آبار مطبقة بنحاس يسجر نارا يوم القيامة. وقيل: تكون الشمس في البحر، فيكون البحر نارا بحر الشمس. ثم جميع ما في هذه الآيات يجوز أن يكون في الدنيا قبل يوم القيامة ويكون من أشراطها، ويجوز أن يكون يوم القيامة، وما بعد هذه الآيات فيكون في يوم القيامة. قلت: روي عن عبدالله بن عمرو: لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم. وقال أبي بن كعب: ست آيات من قبل يوم القيامة: بينما الناس في أسواقهم ذهب ضوء الشمس وبدت النجوم فتحيروا ودهشوا، فبينما هم كذلك ينظرون إذ تناثرت النجوم وتساقطت، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحركت واضطربت واحترقت، فصارت هباء منثورا، ففزعت الإنس إلى الجن والجن إلى الإنس، واختلطت الدواب والوحوش والهوام والطير، وماج بعضها في بعض؛ فذلك قوله تعالى {وإذا الوحوش حشرت} ثم قالت الجن للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، فانطلقوا إلى البحار فإذا هي نار تأجج، فبينما هم كذلك تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلي، وإلى السماء السابعة العليا، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم. وقيل: معنى {سجرت}: هو حمرة مائها، حتى تصير كالدم؛ مأخوذ من قولهم: عين سجراء: أي حمراء. وقرأ ابن كثير {سجرت} وأبو عمرو أيضا، إخبارا عن حالها مرة واحدة. وقرأ الباقون بالتشديد إخبارا عن حالها في تكرير ذلك منها مرة بعد أخرى. قوله تعالى {وإذا النفوس زوجت} قال النعمان بن بشير: قال النبي صلى الله عليه وسلم {وإذا النفوس زوجت} قال: (يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله). وقال عمر بن الخطاب: يقرن الفاجر مع الفاجر، ويقرن الصالح مع الصالح. وقال ابن عباس: ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة، السابقون زوج - يعني صنفا - وأصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج. وعنه أيضا قال: زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرن الكافر بالشياطين، وكذلك المنافقون وعنه أيضا: قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله، والمتوسط إلى مثله، وأهل المعصية إلى مثله؛ فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله؛ والمعنى: وإذا النفوس قرنت إلى أشكالها في الجنة والنار. وقيل: يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان، كما قال تعالى {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} [الصافات: 22]. وقال عبدالرحمن بن زيد: جعلوا أزواجا على أشباه أعمالهم ليس بتزويج، أصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج، والسابقون زوج؛ وقد قال جل ثناؤه {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} [الصافات: 22] أي أشكالهم. وقال عكرمة {وإذا النفوس زوجت} قرنت الأرواح بالأجساد؛ أي ردت إليها.
تابع
ـ[ولاء الشرقاوي]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 05:09 م]ـ
وقال الحسن: ألحق كل امرئ بشيعته: اليهود باليهود، والنصاري بالنصارى، والمجوس بالمجوس، وكل من كان يعبد شيئا من دون الله يلحق بعضهم ببعض، والمنافقون بالمنافقين، والمؤمنون بالمؤمنين. وقيل: يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان، على جهة البغض والعداوة، ويقرن المطيع بمن دعاه إلى الطاعة من الأنبياء والمؤمنين. وقيل: قرنت النفوس بأعمالها، فصارت لاختصاصها به كالتزويج. قوله تعالى {وإذا الموؤودة سئلت، بأي ذنب قتلت} الموؤودة المقتولة؛ وهي الجارية تدفن وهي حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيوءدها أي يثقلها حتى تموت؛ ومنه قوله تعالى {ولا يؤوده حفظهما} [البقرة: 255] أي لا يثقله؛ وقال متمم بن نويرة: وموؤودة مقبورة في مفازة ** بآمتها موسودة لم تمهد وكانوا يدفنون بناتهم أحياء لخصلتين: إحداهما كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به. الثانية إما مخافة الحاجة والإملاق، وإما خوفا من السبي والاسترقاق. وقد مضى في سورة النحل هذا المعنى، عند قوله تعالى {أم يدسه في التراب} [النحل: 59] مستوفى. وقد كان ذوو الشرف منهم يمتنعون من هذا، ويمنعون منه، حتى افتخر به الفرزدق، فقال: ومنا الذي منع الوائدات ** فأحيا الوئيد فلم يوأَد يعني جده صعصعة كان يشتريهن من آبائهن. فجاء الإسلام وقد أحيا سبعين موؤودة. وقال ابن عباس: كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت حفرت حفرة، وتمخضت على رأسها، فإن ولدت
(يُتْبَعُ)
(/)
جارية رمت بها في الحفرة، وردت التراب عليها، وإن ولدت غلاما حبسته، ومنه قوال الراجز: سميتها إذ ولدت تموت ** والقبر صهر ضامن زميت الزميت الوقور، والزميت مثال الفسيق أوقر من الزميت، وفلان أزمت الناس أي أوقرهم، وما أشد تزمته؛ عن الفراء. وقال قتادة: كانت الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاتبهم الله على ذلك، وتوعدهم بقوله {وإذا الموؤودة سئلت} قال عمر في قوله تعالى {وإذا الموؤودة سئلت} قال: جاء قيس بن عاصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني وأدت ثماني بنات كن لي في الجاهلية، قال: (فأعتق عن كل واحدة منهن رقبة) قال: يا رسول الله إني صاحب إبل، قال: (فأهد عن كل واحدة منهن بدنة إن شئت). وقوله تعالى {سئلت} سؤال الموؤودة سؤال توبيخ لقاتلها، كما يقال للطفل إذا ضرب: لم ضربت؟ وما ذنبك؟ قال الحسن: أراد الله أن يوبخ قاتلها؛ لأنها قتلت بغير ذنب. وقال ابن أسلم: بأي ذنب ضربت، وكانوا يضربونها. وذكر بعض أهل العلم في قوله تعالى {سئلت} قال: طلبت؛ كأنه يريد كما يطلب بدم القتيل. قال: وهو كقوله {وكان عهد الله مسؤولا} [الأحزاب: 15] أي مطلوبا. فكأنها طلبت منهم، فقيل أين أولادكم؟ وقرأ الضحاك وأبو الضحا عن جابر بن زيد وأبي صالح {وإذا الموؤودة سألت} فتتعلق الجارية بأبيها، فتقول: بأي ذنب قتلتني؟! فلا يكون له عذر؛ قال ابن عباس وكان يقرأ {وإذا الموؤودة سألت} وكذلك هو في مصحف أبي. وروى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المرأة التي تقتل ولدها تأتي يوم القيامة متعلقا ولدها بثدييها، ملطخا بدمائه، فيقول يا رب، هذه أمي، وهذه قتلتني). والقول الأول عليه الجمهور، وهو مئل قوله تعالى لعيسى {أأنت قلت للناس}، على جهة التوبيخ والتبكيت لهم، فكذلك سؤال الموؤودة توبيخ لوائدها، وهو أبلغ من سؤالها عن قتلها؛ لأن هذا مما لا يصح إلا بذنب، فبأي ذنب كان ذلك، فإذا ظهر أنه لا ذنب لها، كان أعظم في البلية وظهور الحجة على قاتلها. والله أعلم. وقرئ {قتلت} بالتشديد، وفيه دليل بين على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يستحق إلا بذنب. قوله تعالى {وإذا الصحف نشرت} أي فتحت بعد أن كانت مطوية، والمراد صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر، تطوي بالموت، وتنشر في يوم القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته، فيعلم ما فيها، فيقول {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [الكهف: 49]. وروى مرثد بن وداعة قال: إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش، فتقع صحيفة المؤمن في يده {في جنة عالية} [الحاقة: 22] إلى قوله {الأيام الخالية} [الحاقة: 24] وتقع صحيفة الكافر في يده {في سموم وحميم} إلى قوله {ولا كريم} [الواقعة: 42]. وروي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة) فقلت: يا رسول الله فكيف بالنساء؟ قال: (شغل الناس يا أم سلمة). قلت: وما شغلهم؟ قال: (نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل). وقد مضى في سورة الإسراء قول أبي الثوار العدوي: هما نشرتان وطية، أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت، فإذا مت طويت، حتى إذا بعثت نشرت {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} [الإسراء: 14]. وقال مقاتل: إذا مات المرء طويت صحيفة عمله، فإذا كان يوم القيامة نشرت. وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال: إليك يساق الأمر يا ابن آدم. وقرأ نافع وابن عام وعاصم وأبو عمرو {نشرت} مخففة، على نشرت مرة واحدة، لقيام الحجة. الباقون بالتشديد، على تكرار النشر، للمبالغة في تقريع العاصي، وتبشير المطيع. وقيل: لتكرار ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه. قوله تعالى {وإذا السماء كشطت} الكشط: قلع عن شدة التزاق؛ فالسماء تكشط كما يكشط الجلد عن الكبش وغيره والقشط: لغة فيه. وفي قراءة عبدالله {وإذا السماء قشطت} وكشطت البعير كشطا: نزعت جلده ولا يقال سلخته؛ لأن العرب لا تقول في البعير إلا كشطته أو جلدته، وانكشط: أي ذهب؛ فالسماء تنزع من مكانها كما ينزع الغطاء عن الشيء. وقيل: تطوى كما قال تعالى {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} [الأنبياء: 104] فكأن المعنى: قلعت فطويت.
(يُتْبَعُ)
(/)
والله أعلم. قوله تعالى {وإذا الجحيم سعرت} أي أو قدت فأضرمت للكفار وزيد في إحمائها. يقال: سعرت النار وأسعرتها. وقراءة العامة بالتخفيف من السعير. وقرأ نافع وابن ذكوان ورويس بالتشديد لأنها أوقدت مدة بعد مرة. قال قتادة: سعرها غضب الله وخطايا بني آدم. وفي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أوقد على النار ألف سنة حتى أحمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أبيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أسودت، فهي سوداء مظلمة وروي موقوفا. قوله تعالى {وإذا الجنة أزلفت} أي دنت وقربت من المتقين. قال الحسن: إنهم يقربون منها؛ لا أنها تزول عن موضعها. وكان عبدالرحمن بن زيد يقول: زينت: أزلفت؟ والزلفى في كلام العرب: القربة قال الله تعالى {وأزلفت الجنة للمتقين} [الشعراء: 90]، وتزلف فلان تقرب. قوله تعالى {علمت نفس ما أحضرت} يعني ما عملت من خير وشر. وهذا جواب {إذا الشمس كورت} وما بعدها. قال عمر رضي الله عنه لهذا أجري الحديث. وروي عن ابن عباس وعمر رضي الله عنهما أنهما قرآها، فلما بلغا {علمت نفس ما أحضرت} قالا لهذا أجريت القصة؛ فالمعنى على هذا إذا الشمس كورت وكانت هذه الأشياء، علمت نفس ما أحضرت من عملها. وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله ما بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدمه [وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم] بين يديه، فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن: يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل) وقال الحسن {إذ الشمس كورت} وقع على قوله {علمت نفس ما أحضرت} كما يقال: إذا نفر زيد نفر عمرو. والقول الأول أصح. وقال ابن زيد عن ابن عباس في قوله تعالى {إذا الشمس كورت} إلى قوله {وإذا الجنة أزلفت} اثنتا عشرة خصلة: ستة في الدنيا، وستة في الآخرة؛ وقد بينا الستة الأولى بقول أبي بن كعب."
تفسير القرطبي.
ولاء الشرقاوي
ـ[ولاء الشرقاوي]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 05:54 م]ـ
في سورة التكوير" الذي قال فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلي يوم قيامة كأنه رأي عين فليقرأ: " إذا الشمس كورت " و" إذا السماء انفطرت " و" إذا السماء انشقت ". قال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَت وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْوَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير1 – 14].
فالمشهد هنا زاخر بالحركة العنيفة المنفلتة من سياقها ونظامها التي كانت تسير في فلكه منذ أمد بعيد, اٍنه " مشهد انقلاب تام لكل معهود, وثورة شاملة لكل موجود تشترك في الانقلاب والثورة الأجرام السماوية والأرضية, والوحوش النافرة, والدواجن الأليفة, أو نفوس البشر, وأوضاع الأمور، ويبدأ المشهد بحركة جائحة, وثورة ثائرة, وكأنما انطلقت من عقالها المردة المدمرة, فراحت تقلب كل شئ، وتنثر كل شئ، تهييج الساكن, وترويع الآمن، والموسيقى المصاحبة للمشهد سريعة الحركة, لاهثة الإيقاع, تشترك بإيقاعها السريع في تصوير المشهد وتمثيله في الإحساس ".
وقد مثل الفعل الذي لم يسم فاعله دورا بارزا في تصوير الحركة المجهولة في طي الزمان, فالمشهد بدأ بفك الكون وتدميره من أعلى إلى أسفل، بالكائنات غير العاقلة: الشمس, النجوم, الجبال, العشار, الوحوش, البحار, ثم الكائنات العاقلة من النفوس والمؤودة, ثم رجوعها مره أخرى إلى الصحف التي تنشر والسماء التي تكشط, وذلك من الكائنات غير العاقلة؛ ليعود المشهد إلى مظاهره أو كائناته العليا كما بدأ, وكأنه مشهد يكور في دائرة انقلاب وانفلات للنظام في سرعة فجائية صارمة مثلها البدء ب: إِذَ للزمان المفاجئ, ثم تكرارها مع كل حدث مدمر، ومن الملاحظ أن كلمة البحار بالجمع لم تستخدم في القرآن الكريم إلا للحديث عن يوم القيامة، يقول تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير6]. {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} [الانفطار3].
ونلاحظ تسلسل الآيتين في القرآن يتناسب مع المفهوم العلمي:
فأولا: يكون الاشتعال ثم الانفجار وليس العكس, فجاء تسلسل الآيتين أولا سُجِّرَتْ وثانيا فُجِّرَتْ, وهذا مطابق للحقائق العلمية الحديثة.
وإذا نظرنا إلي هذا المشهد بكائناته وجزئياته, نجد أن التعبير بالفعل الذي لم يسم فاعله هو الأسلوب السائر في كل المشهد عدا جزئية واحدة فقط هي صورة انصباب النجوم وتنافرها وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَت وقد جاء التعبير عن هذا المشهد بالفعل المبني للمعلوم! ولعل السر في ذلك أن النجوم في مراحل انكدارها تمر بمراحل من الميلاد والشباب والشيخوخة قبل أن تنفجر أو تتكدس على ذاتها فتطمس طمسا كاملا: النجوم الابتدائية ثم العادية ثم العماليق الحمر ثم السدم الكوكبية ثم الأقزام البيض ثم فوق مستعر من الطراز الأول ثم الثاني ثم النجوم النيترونية النابضة وغير النابضة والثقوب السوداء والنجوم المفردة والمزدوجة والمتعددة، والنجوم أفران كونية يتم في داخلها سلاسل من التفاعلات النووية التي تعرف باسم عملية الاندماج النووي.
فيتضح مما سبق أن النجوم تنفرد بخاصية هائلة من طبيعة التكوين والتكون والانتشار والانشطار والانفجار, فلها طبيعتها الكونية التي لا تماثلها طبيعة كونية أخرى فيما عرف من الوجود, وقد أثبت العلم حديثا أن النجوم علي انتشارها الهائل في السماء تشتمل علي درجة حرارة عالية بدرجة مذهلة, وتنقسم تبعا لذلك إلى " نجوم حمراء أقلها حرارة 3200 درجة مطلقة – نجوم برتقالية – نجوم صفراء – نجوم بيضاء مائلة إلي الزرقة – نجوم زرقاء أشدها حرارة 300 ألف درجة مطلقة – الشمس من النجوم الصفراء متوسطة الحرارة, إذ تبلغ درجة حرارة سطحها حوالي ستة آلاف درجة مطلقة."
منقول من شبكة الانترنت
ولاء الشرقاوي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ولاء الشرقاوي]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 06:07 م]ـ
"إن الشمس النجم الوحيد في مجموعتنا الشمسية ويدور حولها ? كواكب حيث يدور حولها أكثر من ??? قمر وعدد لاحصر له من الأجسام الصغيرة كالكويكبات والمذنبات. وتوجد جميعها في الوسط بين الكواكب الذي نطلق عليه تجاوزا الفضاء مكونة المنظومة الشمسية".
الوفاق جريدة إيران الدولية على شبكة الانترنت
وأعتقد أن ذلك الذي جعلها تتميز وتنفرد عن باقي النجوم.
والله أعلم
ولاء الشرقاوي
ـ[ولاء الشرقاوي]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 06:11 م]ـ
وإذا كتبت على محرك البحث جوجل: بلاغة بناء كورت للمجهول
ستجد ان شاء الله ما يفيدك.
أرجو ان أكون أجبت ولو على جزء بسيط من استفساراتك.
شكرًا لك.
ولاء الشرقاوي.
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 02:31 م]ـ
ماالفرق بين اسماء الاشارة والظمائر ولماذا تسمى اسماء اشارة علما انها جميعا مبنيه؟(/)
ما نوع أيّ؟ وما البلاغة في استخدامها؟
ـ[يزن سلطان]ــــــــ[08 - 03 - 2008, 11:53 م]ـ
قال تعالى:" في أيّ صورة ما شاء ركّبك" [فاطر:8]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 03 - 2008, 02:13 ص]ـ
أخي هي سورة الانفطار(/)
يكفيه شعب من الأجداث أحياه ...
ـ[ابن جامع]ــــــــ[10 - 03 - 2008, 12:29 ص]ـ
سلام عليكم ...
ٍٍٍٍسألتني أختي العزيزة عن بيت من القريض إذا كان فيه شيء من الصور الفنية، ففكرت ... وفكرت ... ولكن لم ينقدح في ذهني إلا النزر اليسير الذي يحتاج إلى مزيد نظرٍ لقلة ممارستي لهذا العلم، فأردت عرضها على إخوتي في منتدى البلاغة لعل أحدهم يقدر على مساعدة أخيهم من منتدى النحو ...
هذا هو البيت:
هل تطلبون من المختار معجزة * يكفيه شعب من الأجداث أحياه
أريد الملون ...
دمتم ...
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 01:40 ص]ـ
في البيت صورة بيانية في قوله: أحياه، و المراد: هداه - فهي استعارة تصريحية تبعية شبه الهدى بالإحياء، ثم تناسى التشبيه و ادعى ان المشبه داخل في جنس المشبه به ثم حذف المشبه و هو الهدى و أقام المشبه به مقامه و هو الإحياء ثم اشتق الفعل أحيا من مصدره الإحياء ليكون تابعا لمصدره فهي استعارة تصريحية تبعية، و قوله: من الأجداث ترشيح لهذه الاستعارة لأن الأجداث من ملائمات المستعار من و هو الإحياء بعد الموت و سكون الجدث و الله تعالى أعلى و أعلم
ـ[ابن جامع]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 12:57 ص]ـ
جميل ... دكتور الفاضل
جزاك الله خيرا.(/)
سلطة القراءة
ـ[هاني سعيد محمد]ــــــــ[10 - 03 - 2008, 03:19 ص]ـ
في ظل تعددية الثقافة الإنسانية, وتراكم وسائل المعرفة والمعلوماتية, تطور على إثر ذلك فعل القراءة والتلقي بوصفه النموذج الأمثل للتعامل مع تعددية الثقافة. وقد أكبت الدراسات والنظريات النقدية في إظهار الطريقة المثلى للقراءة بوجه عام , وقراءة النص الأدبي بوجه خاص, وجاء النقد الأدبي بنظرية ٍ هي الأشهر في إبراز فعالية القراءة ,ألا وهي نظرية التلقي , وتعددت بذلك الرؤية المنتجة لفعل القراءة ذاته , إذ أن هناك القراءة الاسترجاعية: التي تفسّر النص في إطار حدث أو قضية يُلصق بها مجموعة من الأيديولوجيات التي تتعامل مع النص على أنه وثيقة إثبات ليس إلا , وهناك القراءة المدرسية: وهي تلك التي تضع كلمات بديلة لتفسير المعنى من خلال المعجم , فلو أخذنا مثلا شطر بيت الرّضي (كذا المنون تُقنطر الأبطالا) فإن القارئ المدرسي يقول: المنون/ جمع منية وهي الموت, تقنطر: تزيل وتقضي. لا يتخطى الدلالة المعجمية للألفاظ ,أما القراءة المنتجة: فهي القراءة النشطة ,التي تعكف على النص ولغته من أجل الكشف عما هو في باطن النص. وفي ضوء نشاط فعل القراءة المنتجة تطور مفهوم القارئ المثالي (كما يراه ريفاتير)؛ ليصير القارئ أو المتلقي هو منتج النص على نحوٍ جديد, وذلك من خلال امتلاكه للسياق الذهني والنفسي والثقافي الملائم لقيامه بعملية القراءة , وهذا ما دعا إليه الناقد الشهير (رولان بارت) في مقاله الموسّع (موت المؤلف) سنة1968م, وفيه يدعو القارئ أن يدخل مع النص في علاقة توحد ,إذ لا اعتبار إلا للنص, وكان من نتائج ذلك وصوله لدرجة اللذة القرائية , وهي الفكرة التي عبر عنها في كتابه (لذة النص1975) , وأبان من خلاله عن أنه من الخطأ أن نقول: إن هناك قراءة صحيحة , وأخرى خاطئة؛ لأن القراءة كلها صحيحة شريطة أن يتحملها القارئ الصحيح الذي يتفهم سلطة النص وسياقه. ولعله بات من المؤكد الآن كيف نشطت حركة العمل النقدي الأسلوبي والبنيوي في ظل مسوغات نظرية التلقي, وذلك في التركيز على لغة النص وتنحية كل ما هو من شأنه أن يزعزع سلطة القراءة الموضوعية للنص الأدبي.:; allh(/)
تأمل هذا التشبيه الرائع ... !
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[10 - 03 - 2008, 02:09 م]ـ
روى الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في كتاب الشركة من صحيحه: (باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه) من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا).
لمزيد من المتعة و الفائدة: الإسلام اليوم ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=2999)
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 10:34 م]ـ
السلام عليكم أخي أنس مشتاقون لك أيها المبارك يا صديق الفريق.
كيف حالك؟
ما آخر أخبارك في المرحلة الأولى؟
وما هي تطلعاتك للمشروع؟
بانتظارك أخي الحبيب (أنس عبدالله)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 11:12 م]ـ
:أشكرك أخي صريح الحيارى على إطرائك .... و الشوق يملئني أيضاً لكم
لقد أثقلت كيبوردي بالأسئلة:):)
أما اجابة تساؤلاتك فكالآتي:
ج1 - بألف خير و لله الحمد و المنة.
ج2 - انتهيت من الصفحة الأولى بفضل الله.
ج3 - أتطلع أن أرى هذا البرنامج في أضخم محلات الكمبيوتر و البرمجيات.
:):):)
ـ[عاشور عبد المالك]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 02:08 ص]ـ
اشكرك وأصالة عن غيري واصل التميز(/)
خرافات النصارى حول كهيعص %%
ـ["أهلاوي والقلب هاوي"]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 05:19 م]ـ
خرافات النصارى حول كهيعص
:::
الحمد لله الذي أكرمنا بالتوحيد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد من عن نهجه لن نحيد إن شاء الله
تفاجأت وانا في احدى الشبكات في البال تولك حين سمعت احد النصارى يقول وكأنه يلقي قنبلة علينا انه بحساب الجمل فان مجموع الحروف المقطعة في اول سورة مريم ((كهيعص)) يساوي 195 وهو مجموع حروف (المسيح إلهي). ثم وضع لنا رابطا لموقعهم وجدت فيه جدولا لعدد كل حرف. ووجدت فيه انهم حسبوا تلك الحروف وخرجوا الينا بتلك النتيجة الكبيرة.
ولا ادري لماذا يصر النصارى على ان يتعاملوا مع القرآن الكريم كما يتعاملون مع كتابهم المشفر والمرمز رغم ان الله تعالى يقول في كتابه العزيز بكل وضوح وبلا تشفير ولا ترميز
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (17) سورة المائدة
ويقول سبحانه وتعالى ايضا ...
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة
لكن النصارى كعادتهم يتركون الواضحات ويتجهون للخرافات التي لا يملكون عليها ادنى دليل ليزيدوا من ضلال الناس. ولا غرابة في الأمر فدينهم قائم على الخرافات والاساطير واقوال (القديسين) وقرارات المجامع. ولو تفحصت كتابهم جيدا فلن تجد ان السيد المسيح عليه السلام او كما يطلقون عليه اسم (يسوع) قد قال مرة واحدة انه الله او طلب من احد ان يعبده ومعاذ الله ان يدعي ابن مريم عليه السلام ذلك فهو نبي الله وعبده ورسوله الى بني اسرائيل. والغريب ايضا انه عليه السلام لم يقل ايضا هذه الكلمات ولم يعلمها لأحد:
- اقانيم
- كتاب مقدس
- مسيحية
- آدم عليه السلام
ومع ذلك فهذه الكلمات هي التي تشكل النصرانية التي نعرفها اليوم. فالمسيح عليه السلام لم يدعي ان الله مثلث الاقانيم فهذا شرك وهذا الإله المثلث الاقانيم فكرة وثنية يعرفها الهندوس والبوذيين وحتى سبقتهم اليها الديانة المصرية القديمة وغيرها من الديانات الوثنية.
وانه عليه الصلاة والسلام لم يقل ايضا ان هذا الكتاب الذي بين ايدينا اليوم هو كتاب مقدس واتحدى النصارى ان يأتوا بنص واحد يثبت قدسية كتابهم.
ولا قال ايضا ان دينه يختلف عن دين ابراهيم وموسى عليهم السلام وان اسم هذا الدين الجديد هو المسيحية فدينه هو التوحيد.
والأهم انه لم يذكر آدم عليه السلام مرة واحدة وهذا غريب فعلا فكيف يزعمون ان هدف يسوع الأساسي هو ان يأتي ليموت من اجل خطيئة ارتكبها آدم عليه السلام ومع هذا لا يذكره مرة واحدة!!
اليس من المفروض ان يوضح لهم هدفه من الصلب والموت والاسباب التي جعلته يتخذ هذا القرار الخطير والاهم من كل ذلك المتسبب بهذه الخطيئة التي جلبت الكوارث على بني البشر!
هذه التساؤلات اتركها للنصارى لكي يحاولوا الاجابة عليها أما الآن فدعونا نعود لموضوعنا الرئيسي.
فان النصراني قد اخذ يتبجح بهذا النصر العظيم. فقلت له انني استطيع ببساطة ان احور واغير في الحروف واخرج بجملة اخرى تنقض ما يدعونه. والحقيقة انني حينها لم اكن قد عملت أي شيء ولا حسبت شيء ولم اكن متأكدا من النتيجة التي ساخرج بها. لكن بعدها جلست لبعض الوقت احاول استخراج بعض الجمل التي مجموع حروفها يكون 195 ومعتمدا على نفس الجدول الذي اعتمده النصارى في موقعهم.
وهذا هو الجدول:
أ
1
ب
2
ج
3
د
4
ه
5
و
6
ز
7
ح
8
ط
9
ى
10
ك
20
ل
30
م
40
ن
50
س
60
ع
70
ف
80
ص
90
ق
100
ر
200
ش
300
ت
400
ث
500
ض
800
ظ
900
غ
1000
خ
600
ذ
700
(يُتْبَعُ)
(/)
واليكم بعد البحث بعض تلك الجمل وستجدون ان مجموع حساب حروفها 195. وعليكم الحساب ....
طه الحبيب نبي الله = 195
لّنبي هو محمد = 195
محمد نبي الهه = 195
لمحمد حكمة = 195
الإسلام جوابك = 195
لا اله الا الله وحب طه = 195
سلم لله = 195
وما رأي النصارى ببعض الترفيه الآن ....
إن بولس دجال جدا = 195
بولس جحد الله جدا جدا = 195
طه نبي اطاح ببولس = 195
هل تعلمون انكم جميعا تستطيعون ان تخرجوا بجمل مماثلة وربما افضل من نفس الجدول يكون مجموع حسابها 195!
الأمر بغاية البساطة حاولوا وارسلوها لي لإضيفها ان احببتم.
الآن بما ان النصارى يحبون الجمع والطرح ومع ذلك لا يعرفون ان مجموع 1+1+1=3 وليس 1 كما يزعمون ولا ادري هل هم حمقى فعلا ام يتحامقون. لكن بما ان حساب الجمل يستهويهم فما رأيكم ان نسألهم عن مجموع حروف (بماد ماد) و (لجوى جدول)؟
لكن وقبل كل شيء ماهي هذه الكلمات وماذا تعني؟
ولتوضيح اكبر دعوني اقتبس هذه الفقرة من كتاب (البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل) للدكتور احمد حجازي السقا.
(يقول العلامة شموئيل بن يهوذا بن أيوب – رحمه الله – الذي سمى نفسه بعد اسلامه ((السموءل بن يحيي)) في كتابه (بذل المجهود في افحام اليهود)) تحت عنوان الإشارة الى اسمه صلى الله عليه وسلم ما نصه:
((قال الله تعالى في الجزء الثالث من السفر الأول من التوراة مخاطبا ابراهيم عليه السلام: ((وأما اسماعيل فقد قبلت دعاءك وقد باركت فيه واثمره وأكثره جدا جدا)) ذلك قوله: ولشيماعيل شمعتيخا هني بيراختي أوتو وهفريتي أوتو وهربيتي أوتو بماد ماد)) فهذه الكلمة ((بماد ماد)) اذا عددنا حساب حروفها بالجمل فانه وجدناه اثنين وتسعين وذلك عدد حساب حروف (محمد) صلى الله عليه وسلم فانه ايضا اثنان وتسعون. وانما جعل ذلك في هذا الموضوع ملغزا. لأنه لو صرح به لبدلته اليهود واسقطته من التوراة كما عملوا في غير ذلك.)
وهذا ينطبق على (امة كبيرة) والتي تعني في اللغة العبرانية (لجوى جدول)
Gn:17:20: واما اسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها انا اباركه وأثمره واكثره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد واجعله امة كبيرة. ( SVD)
والتي مجموع عدد حروفها يساوي اثنان وتسعون ايضا وهو عدد جمع حروف (محمد) صلى الله عليه وسلم.
وهذا يعني ان الله سبحانه وتعالى وعد ابراهيم بنبينا محمد عليه الصلاة والسلام. فما رأي النصارى الآن؟
اخيرا اقول الحمق يا نصارى داء اعيت من يداويها!
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[11 - 03 - 2008, 05:27 م]ـ
السلام عليك
اخي الكريم هذا الموقع لا يناقش هذه المسائل ولا يتطرق إليها إلا إن وردت عرضا.
أما الخرافة التي نقلتها عنهم فلا دليل عليها ولعلمك فإن رموز الأحرف إنما هي من استعمال السحرة ليغطوا بها كلام الكفر الذي يبثونه داخل ما اقتبسوه من آيات.
وهذه القصة قديمة وقد رد عليها الإخوة في شبكة ابن مريم وغيرها من المواقع المماثلة.
موضوعك هذا مخالف لنظام الفصيح
بوركت(/)
حوار حول الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 01:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده و نستعينه و نستهديه و نستغفره و نتوب إليه، و نؤمن به - سبحانه - و نتوكل عليه، و نعوذ به من شرور أنغسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبد الله و رسوله، اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد و على آل محمد كما صليت و سلمت و باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
أما بعد:
فإنه إذا كان القرآن الكريم قد نزل بحروف عربية و كلمات عربية و جمل عربية ... و على طريقة العرب في فنون لغتها من خبرية و إنشائية، و اسمية و فعلية، و حقيقة و مجاز ... إلى آخر ما يعرفون عن لغتهم من فنون و أسرار ...
فأي شئ تجدد بالقرآن أعجزهم؟ فقهر منهم القوى و القُدر؟ و قيَّد الخواطر و الفِكَر؟ و أخرس الشقاشق؟ و عدم نطق الناطق؟ و علاهم بالحيرة و الذهول حتى اضطربت موازين عقولهم فذهبوا في أمره مذاهب شتى .. ما بين قول بأنه شعر، و آخر بأنه سحر، و ثالث بأنه كهانة، و رابع بأنه أساطير الأولين ... ثم يتبين لهم في كل مرة فساد مذهبهم، و ضلال مسعاهم .. حتى إذا ضاقت عليهم السبل، و أعيتهم الحيل .. قاموا إلى السيف يخترطونه مجاذفين بالأموال و الأنفس في حرب على كلمة الله تعالى بعد أن ظهر عجزهم و افتضح أمرهم ....
هل كانوا قادرين على التحدي لولا أن صرف الله قلوبهم؟ كما ذهب إلى ذلك بعض متكلمي المعتزلة؟
هل كان مناط الإعجاز في القرآن الكريم هو الإخبار عن الأمم السابقة؟
أم انه الإخبار بالغيب عما سيحدث مستقبلا؟
أم أن بناءً خاصا لتراكيب القرآن الكريم أعطى معانيه سمتا فريدا متناسقا متناغما لا اختلاف فيه؟ و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
و ما طبيعة هذا البناء الخاص؟ ما تفصيلاته؟ أهو النظم الذي هو تتبع معاني النحو فيما بين الوحدات البنائية للقرآن الكريم وجهت الدلالات توجيهات منضبطة وفق الأغراض و الغايات؟
إنني بهذه التساؤلات المبدئية أحاول فتح باب الحوار حول قضية وجوه إعجاز القرآن الكريم أمام أحبابنا عشاق الفصيح و أنا في انتظار مشاركاتهم الشريفة.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 02:03 ص]ـ
أحق ما أرى.
أستاذنا الدكتور مرعي عندنا
السلام عليك
لقد أدخلت فرحة على القلب لمجرد رؤياك وأسأل الله أن يجازيك بها فرحة يوم لقائه.
سأعود إليك لأني أحب الحديث عن كتاب الله ولكني في سفر و لم أرد تفويت الترحيب بك هنا.
فأهلا وسهلا بك أستاذنا الفاضل
ـ[زهرة الزيزفون]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 05:31 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
بارك الله فيك د/مرعي على هذا الطرح الجميل.
أحببت أن أشارك بهذه الكلمات والله المستعان:
أما عن ماسماه المتكلمين من المعتزلة "بالصرفة "فيعلق عليه الشهرستاني بقوله:"وهذا قول فاسد, بدليل قوله تعالى:"قل لئن اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثل هذاا لقرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" فإنه ـ أي قول الله سبحانه وتعالى في هذه الآيه ـيدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم
ولو سلبوا القدرة لم تبق فائدة لاجتماعهم, لمنزلته منزلة اجتماع الموتى. انتهى كلامه رحمه الله.
إضافة إلى قول الشهرستاني نقول لو كان القرآن الكريم على تلك الصفة التي ذكرها المتكلمون؛ لكان للعرب قول غير الذي قالوه فيه, ولماأخذتهم منه هذه الروعة التي جاءتهم من حين سمعوه وعقلوه , فالعرب قد سمعوا كلاما مألوفا عندهم لكن هذا الكلام فوق ماسمعوه جلالاوجمالا لفظا ومعنى.
أيضا نقول أنه لايليق به سبحانه أن يتحدى قوم ثم يعطل مداركهم ـ كما زعموا ـإذا فكيف يكون هذا تحد لهم وهم معطلوالإدراك؟!
أما القول بالإعجاز في الإخبار بالأمور الغيبيةنقول: أن سور القرآن ليس جميعها تخبر عن أمور غيبية , كذلك فالله سبحانه عندما تحداهم لم يطلب الإتيان بما فيه الإخبار بالغيب وإنما تحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله دون تحديد
هذا مالدي وأتمنى أنني أتيت ولو بشيء يسير ممايثري هذا الموضوع الرائع , وأترك المجال للإخوة والأخوات لاستكمال بقية المحاور. وفق الله الجميع
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 12:31 م]ـ
نرحب بك د. سليم معنا هنا في رحاب الفصيح ونأمل لك طيب الإقامة ولنا الفائدة منها جزاك الله خيراً ..
ما تفضلت به أستاذي الكريم هو من المواضيع الشائقة والجذابة، وأنت أتيت هنا على موضوعين اثنين وأرى أن الكثير يخلط بينهما، وهما الإعجاز والتحدي، فالإعجاز شيء والتحدي شيء آخر والله أعلم.
على أن الإعجاز في القرآن واضح بيّن في كل ماجاء به من كلام بليغ معجز، وأخبار بما فيها أخبار الماضي والمستقبل وبينهما الحاضر!
وفيه من الإعجاز العلمي مالايخفى على أهل الاختصاص والإعجاز ماض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
على أن الإعجاز والتحدي نرى أنه يشمل جميع البشر لأن القرآن نزل لجميع الناس عربيهم وأعجميهم، وقد ترد شبهة هنا مفادها: كيف يتحدى القرآن جميع البشر ومنهم من لايعرف لغة القرآن أصلاً؟! أترك الجواب للمارين من هنا ..
بارك الله لك د. مرعي على هذا الموضوع والذي سيكون لي وقفات طويلة هنا.
لك تحيتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 02:58 ص]ـ
سعادة الأخت الكريمة: زهرة الزيزفون:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد
فانني أشكر لسيادتك هذا التفصيل الشريف في الرد على المعتزلة و أتمنى المزيد من آرائك النيرة حول هذا الموضوع و الذي سوف تتضح جوانبه أكثر حينما نورد بعض التطبيقات المدللة على ما يراه علماء أهل السنة و الجماعة من وجوه الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم- أنا في انتظار المزيد من إشراقاتك و إشراقات أهل الفصيح
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 03:05 ص]ـ
سعادة الأستاذ الكريم: محمد التويجري أعزه الله تعالى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد:
فإنني إذ أشكر لسعادتكم كريم ترحابكم بنا أهنئ نفسي و أمة العرب بأمثالك من الذين يفكرون للعربية بهذا الإخلاص و الوفاء و يتيحون الفرص أمام عشاقها و الغيورين على بلاغتها و بيانها لأن يشاركوا بأفكارهم و آرائهم ...
جعل الله تعالى عملكم هذا في موازين حسناتكم يوم القيامة خالصا لوجه الله الكريم
أكرر شكري و تهنئتي
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 03:13 ص]ـ
سعادة الأستاذ الكريم أحمد الغنام أعزه الله تعالى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد:
فإنني أشكر سعادتكم على كريم ترحابكم بنا في منتداكم الشريف
كما أشكر لكم رأيكم السديد في الفرق بين التحدي و الإعجاز هو و إن كان الصواب ما ذهبتم إليه فإنه ثمت علاقة وثيقة بينهما إذ إن التحدي مبرز للإعجاز و فاضح لأمر المعاندين. و إن كنا في زماننا هذا نرى من يزايد على القرآن بغير بضاعة بل بغير عقل أو فكر أو منطق و يهرف بما لا يعرف ... و العجب العجاب أنه يجد من يسمع له و يناصره بل و يعتنق فكره دون علم و لا أناة و لا حتى قليل من الروية ليتبين الأمر
لكن الأمل معقود على أمثالكم من المخلصين لله و لكتابه و لسنة نبيه صلى الله عليه و سلم
نسأل الله تعالى العون و التوفيق
أكرر لسعادتكم بالغ شكري
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 04:17 ص]ـ
الأستاذ مرعي سليم
أهلا وسهلا بك بين جنبات الفصيح
هل كان مناط الإعجاز في القرآن الكريم هو الإخبار عن الأمم السابقة؟
أم انه الإخبار بالغيب عما سيحدث مستقبلا؟
أم أن بناءً خاصا لتراكيب القرآن الكريم أعطى معانيه سمتا فريدا متناسقا متناغما لا اختلاف فيه؟ و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
و ما طبيعة هذا البناء الخاص؟ ما تفصيلاته؟ أهو النظم الذي هو تتبع معاني النحو فيما بين الوحدات البنائية للقرآن الكريم وجهت الدلالات توجيهات منضبطة وفق الأغراض و الغايات؟ إنني بهذه التساؤلات المبدئية أحاول فتح باب الحوار حول قضية وجوه إعجاز القرآن الكريم أمام أحبابنا عشاق الفصيح و أنا في انتظار مشاركاتهم الشريفة.
الحقيقة سيدي
أن القرآن الكريم وهو كلام الله المنزل على سيدنا محمد:= هو بلسان عربي مبين لا عجمة فيه، وهو على سنن العرب كما يقولون.
وواقع البحث أعلاه هو بين التحدي والإعجاز وهما منفصلان مترابطان في آن معاً.
فالتحدى هو ان يأتوا بمثله. ولم يكن ولن يكون.
والأعجاز هو ببلاغته، ولا سوى البلاغة معجز.
فالتحدي بالبلاغة.
وكنت قد طرحت قديما موضوعا حول إفراد القرآن بوجه واحد من الإعجاز وهو البلاغة. وسنفرد القول فيها فيما بعد.
وباختصار؛ الشيء الوحيد الذي يدوم معجزاً في القرأن من الفاتحة حتى الناس هو البلاغة، وشرطه ألا يقل عن سورة، وقد يظهر في آية أو آيات وذلك خلاف المشروط.
وأرحب بكم مرة أخرى أستاذي الكريم بين إخوانك.
ـ[زهرة الزيزفون]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 04:25 ص]ـ
أخي أحمد الغنام أما بالنسبة للإعجاز والتحدي فهما مترابطين كما ذكر الدكتور مرعي , فلو أراد شخص اثبات عجز الآخر عن أمر ما فإنه يتحداه ليثبت عجزه وإلا كيف يعلم عجزه , كذلك فإنه لايتحدى شخص في أمر لايعلمه بل يتحداه في أمر قد برع فيه ليثبت عجز ذلك الشخص وتفوقه عليه.
ثانيا: نحن لاننكر أن القرآن معجز في أمور عدة ولكن الإعجاز البلاغي هو مناط التحدي كما يرى ذلك العلماء, والعرب عندما أرادت الإتيان بمثله فإنها حاولت تقليد بيانه , ولكنها عجزت عن ذلك وأتت بكلام سمج مسجوع لاقيمة له ,
إن الله عز وجل عندما بعث محمدا "صلى الله عليه وسلم " بعثه في قوم أهل فصاحة وبلاغة بالدرجة الأولى, فكذبوه وسفهوا قوله فأتى الله بكلام هو من الفصاحة والبيان في أعلى الدرجات فتحداهم بالإتيان بمثله ليثبت عجزهم عن ذلك وهم أفصح البشرجمعاء, وليدلل على أنه ليس بكلام بشر, والله سبحانه إذا بعت نبي فإنه يرسله بمعجزة برع فيها قومه ليثبت عجزههم وليدلل على نبوته فموسى عليه السلام بعث في قوم برعوا في السحر فكانت معجزاته موا فقة لما برعوا فيه , وعيسى عليه السلام بعت في قوم برعوا في الطب فجاءت معجزته إبراء الإكمه والأبرص وإحياء الموتى ـ بإذن الله ـ.
خلاصة القول أن القرآن معجز للبشر جمعاء بل للثقلين , والتحدي كان بالدرجة الأولى للعرب أفص البشر.
والله تعالى أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 12:46 ص]ـ
حقا ما وصلت إليه زهرة الزيزفون من أن المناط الأول لإعجاز القرآن الكريم هي بلاغته، و هذا ما قرره الأخ الأستاذ أحمد زغاري، و هذا ما عليه جمهور علماء السنة و الجماعة .. و هذا لا يمنع أن تكون ثمت جهات أخرى لإعجاز القرآن الكريم من الناحية العلمية و العقلية و الواقعية و التاريخية و العددية
لكن الوجه المعول عليه لدوامه عبر الأجيال المتعاقبة هو الإعجاز البلاغي بلا ريب
و القول هنا: كيف الطريق لبيان وجوه البلاغة في القرأن الكريم؟ و ما المراد بالبلاغة؟
هل هي تلك التي تحفظ و تدرس قواعدها في صفرف المدارس دون أن يعرف الدارس الغرض مما يدرس؟
أم أنها البلاغة الرحبة متسعة الآفاق التي تقوم على شتى علوم اللغة العربية مجتمعة من نحو و صرف و شعر و نثر و معايير نقدية عربية خالصة غير مشوبة برطانات غيرنا من أصحاب الآداب الأخرى التي لها ظروفها و ملابساتها و خصائصها التي تختلف شكلا و موضوعا عن خصائص و سمات أدبنا العربي بتراثه و معاصرته؟
هل البلاغة المعنية هي ما وصفها الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتابيه (دلائل الإعجاز - و أسرار البلاغة) مما يسميه (نظرية النظم)؟
و ما تلك النظرية؟
هل هي تتبع معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يساق لها الكلام؟
و ما معنى ذلك؟
هل معناه ان كون المبتدإ مبتدأ له دلالة تختلف عنها لو كان ذات اللفظ فاعلا أو مفعولا - أو حالا
و أن التعريف له دلالة تختلف عن دلالة التنكير؟
و أن الذكر يعطي من المعاني ما لا يعطيه الحذف
و أن التقديم يفيد ما لا يفيده التأخير
و أن أساليب القصر تعطي ما لا تعطيه غيرها من الدلالات
و أن التصوير البياني له طرائق تعبيرية تختلف عن طرائق التعبير للمعاني الوضعية للكلمات
و ان المحسنات البديعية إذا لم تترك ظلالها على المعنى فإن وجودها لا يكون إلا عبئا على العبارة التخلص منه أفضل من الإبقاء على ما لا فائدة للمعاني منه
هل نظرية النظم متوقفة على تتبع معاني النحو وحده؟ أم تتبع معاني النحو و غيره من سائر الوسائل و السنن و الأسرار اللغوية؟
بإيجاز ماذا نعني بالبلاغة؟
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 03:23 ص]ـ
السلام عليكم
من جوار المسجد لنبوي أكتب إليكم
أستاذي الفاضل إن إعجاز القرآن يتجاوز الإعجاز اللغوي إلى إعجاز آخر لاأقول هذا مخالفة بل وصف لظاهرة تحدث الآن.
القرآن معجزة محمد:= لكل زمن ولكل قوم ولم يبرع قوم في علم من علوم الدنيا إلا أعجزهم القرآن في الذي أتقنوه.
سأبسط الكلام في بعض مظاهر الإعجاز الثابتة الراسخة وسأترك المظاهر المزعومة.
1 - الإعجاز في الإخبار عن المجهول
إن تفاصيل خلق الإنسان الدقيقة التي لا تظهر إلا عبر المجاهر المتطورة كان مجهولا حتى نصف القرن الماضي ولم يكتشف العلماء هذه التفاصيل إلا حديثا حيث كان يعتقد اليونان بأن الإنسان يخلق من دم الحيض فقط وأن ماء الرجل مجرد منشط أو خميرة تحفزه وبعد اكتشاف الحوين (الحيوان المنوي) اعتقد الناس أن الإنسان موجود داخله كإنسان صغير أو ما يدعى بـ (الإنسان القزم) وأنه يكبر شيئا فشيئا داخل الرحم بينما ظل المسلمون يرفضون هذه الظنون معتمدين على القرآن والسنة من تخليق الإنسان من خليط مخلط من سائلي الرجل والمرأة ثم انتقاله من خلق إلى خلق وأطوار خلقه وحين يكشف الغطاء يظهر الحق المسطر في القرآن.
2 - الإعجاز في الإخبار عن الغيب
هذا القسم يتحدث عن الغيب المطلق الذي لم يحدث ومظاهره كثيرة في القرآن منها:
الإخبار بانتصار الروم
الإخبار بالظفر بإحدى الطائفتين في بدر
3 - الإعجاز في انعدام المثل
أتى القرآن بنظام مختلف عما درج عليه العرب في شعرهم ونثرهم بأساليب جديدة ومحسنة عن أساليبهم القديمة ليحتل بذلك مرتبة النص الأعلى في العربية.
ومع ذلك يعلن التحدي بعجز الناس كل الناس ومعهم الجن أيضا على أن يأتوا بمثله رغم أنه بلغتهم وبأساليبهم وبحروفهم نفسها.
إن معرفة هذا التحدي تتجلى إذا ضربنا المثل بشعر هوميروس باعتباره النص الأعلى في لغة قومه إلا أن ابتداع نص مثله ليس مستحيلا بل ربما تجد نصوصا خيرا منه كذلك نصوص الأدب الإنجليزي إذا اعتبرنا نصوص شكسبير هي النص الأعلى مثلا فلن نجده مستحيلا إبداع مثلها أو خير منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أيضا لم يدع مؤلفو هذه النصوص بعجز البشر عن ذلك بل هو احتمال وارد في أي وقت
سيطول بنا الحديث في هذا الأمر وأنا تجنبت البلاغة لأني أقلكم نصيبا فيها ولكن بما أن الإعجاز ثابت في مناح أخرى فلماذا نحصره بالبلاغة فقط.
هذا التساؤل ليس رأيا مفروغا منه بل هو قابل للنقاش
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 01:19 ص]ـ
سعادة الأخ الحبيب الأستاذ: محمد التويجري أعزه الله تعالى
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
و بعد:
فإنني في البداية أحمد الله تعالى على عودتكم الكريمة من سفركم و سلم الله سفركم و عودتكم على الدوام
و ثانيا نسأل الله تبارك و تعالى أن يتقبل جواركم الكريم لمسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم و نرجوا ألا تحرمونا من طيب دعائكم
ثم بعد ذلك أشكر لمعاليكم مشاركتكم الكريمة و المفيدة في تعدد جهات إعجاز القرآن الكريم
و لا يستطيع عاقل فضلا عن أن يكون عالما أن يحصر وجوه الإعجاز في وجه واحد كالبلاغة مثلا أو غيرها ...
فإن جهات إعجاز القرآن كثيرة كثرة لا يحيط بها علم عالم من البشر إلى أن يقوم الناس لرب العالمين
و إنما نتحدث فقط بما يسره الله تعالى لنا من فهم لجهات هذا الإعجاز اللانهائي
القول في أمر البلاغة أن مناط الإعجاز بها وصف ملازم لسائر آي القرآن الكريم و باق على مر الأزمنة و في كل زمان يكشف الله تعالى منه بعض جوانبه لمن يشاء من عباده على حسب قدرة العباد الاستيعابية و على تفاوت مقادير الأفكار و الأفهام
كما كان التركيز على الجانب البلاغي لمناسبة موقع الفصيح أيضا لاستيعاب هذه الجهة الدراسية
و ليس معنى ذلك أن الإعجاز في القرآن الكريم متوقف على بلاغته دون الجهات الأخرى
لكن الجهات الأخرى و هي كثيرة غير متناهية ... لها جهات دراستها و لنا ما يسره الله تعالى لفهمنا و إدراكاتنا بما يناسب موقعكم الشريف
موقع الفصيح
أكرر شكري و تقديري
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 11:26 ص]ـ
بارك الله الجميع والذين أفاضوا في هذا الموضوع الإعجاز والتحدي، والذي لاينتهي إلا بانتهاء الحياة على هذه البسيطة .. وأرى إعجاز الإخبار بالغيب هو أيضاً تحدٍ مباشر للمعاندين فالمثال الذي ذكره أستاذنا التويجري، والذي نطلب منه الدعاء لنا من مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم،،نرى فيه قمة التحدي وهو الإخبار بانتصار المنهزم في المعركة التي حصلت وقت نزول آية غلبة الروم، وهذا تحدٍ لوحده يكفي ليبطل ادعاء من يكابر على بشرية القرآن، بل يذهب القرآن لأكثر من ذلك الا وهو حديث النجوى وداخل النفس، ووجه الإعجاز والتحدي في نفس الوقت أنه لم يخرج أحد من الناس وينفي أنه حدثته نفسه أو أنه تناجى في أمر للكيد لهذا الدين، علماً أن هؤلاء الذين فضحهم القرآن قاموا بهذا الحديث للكيد ولهدم الدين أساساً! فانظر وتأمل!!!
ـ[دكتور مرعي سليم]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 08:55 م]ـ
يسرني في ختام هذا الحوار الطيب أن أتقدم بوافر الشكر و التقدير لكل من ساهم برأيه في قضية إعجاز القرآن الكريم،
كما يسرني أن أرشح بعض المراجع العلمية التي تناولت قضية الإعجاز القرآني بالدراسة و التحليل و الاستنتاج .... و من أهمها:
1 - إعجاز القرآن للباقلاني
2 - ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني و الخطابي و عبد القاهر الجرجاني
3 - إعجاز القرآن و البلاغة النبوية للرافعي
4 - الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم لشيخي الدكتور محمد أبي موسى أعزه الله تعالى
5 - إعجاز القرآن لعائشة عبد الرحمن
6 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني
7 - نهاية الإيجاز للرازي
و في الختام أكرر شكري و تقديري
و يسرني أن أبدأ في القريب بمشيئة الله تعالى موضوعا جديدا عنوانه
((صور من بلاغة القرآن الكريم))
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 09:24 م]ـ
أنتظرك بشغف أستاذنا الفاضل
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 11:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا0(/)
سلسلة: التصوير الفني في الحديث النبوي
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 03:26 م]ـ
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير المرسلين و على آله و أصحابه الطيبين الطاهرين , أما بعد:
لا يشك عاقل بما يحتويه كلام الله –عزّ و جلّ- من بيان و إعجاز لغوي , و الأمثلة على ذلك كثير , و قد امتلأت بها صفحات هذا المنتدى المبارك , و كما أن القرآن الكريم مليئٌ بمثل هذه الأسرار اللغوية فإن الحديث النبوي قد امتلأ بها كذلك , و لكني لاحظت أن الكثير منا قد التفت إلى الأسرار اللغوية في القرآن الكريم حتى امتلأت بها صفحات المنتدى كما بينتُ , فخطر ببالي أن نلتفت أيضاً لهذه الأسرا و الجمايات في الحديث النبوي و نوليها شيئاً من الإهتمام , لذا جاء هذا الموضوع.
و هو عبارة عن هذه النافذة التي سأطل من خلالها على أحاديث المصطفى -صلى الله عليه و سلم- من جهةٍ بلاغية بيانيه نوعا ما , ففي كل مرة سأطل - قدر المستطاع- بحديث نبوي شريف مبيناً ما فيه من البلاغة و الفصاحة التي امتلكها رسولنا الكريم , معتمداً في ذلك على كتاب: (التصوير الفني في الحديث النبوي) للدكتور محمد الصباغ. ((بتصرف))
فالله أسأل أن يعينني على ذلك و ييسره لي و أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم و لخدمة هذا الدين القويم ,,,
كما يسعدني و يشرفني اسهامكم و مشاركتكم في هذا الموضوع ...
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 03:29 م]ـ
000099عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((إن الله عزّ و جلّ لا ينام و لا ينبغي له أن ينام , يخفض القسط و يرفعه , يُرفع له عمل الليل بالنهار و عمل النهار بالليل , حجابه النور , لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)).
000000فقد جاء هذا الحديث في وصف الله تعالى , الذي لا يستطيع أن يدرك كنهه أحد ((ليس كمثله شيء)) و لا يضاهيه أحد ((يدرك الأبصار و لا تدركه الأبصار)).
فنحن إذاً أمام نص عظيم يورد للخالق صفات خاصة لا تتوافر في أحد من مخلوقاته , فهو - عزّ و جلّ - لا ينام و لا ينبغي له أن ينام لأن النوم دليل على الضعف و التعب , فما ينبغي له أن ينام و هو الإله الواحد القهار.
ثم يبحر بنا المصطفى عليه الصلاة و السلام في بحر من البيان و ذلك فيما يسميه علاما البلاغة بالمجاز المرسل و علاقته الآليه و ذلك في قوله: (يخفض القسط) فالقسط هو الميزان , و لكن المراد به هنا العدل , و لا شك أنه بالميزان يقع العدل , فالميزان إذاً آله يتحقق العدل بواسطتها , و هنا تتجلى لنا صورة رائعة هي:
أنه هناك ميزان لا نعلم حقيقته لأنه من عالم الغيب , و هذا الميزان توزن فيه أعمال العباد فيقع العدل و لا تظلم نفسٌ شيئا و لو كان مثقال ذرة.
و يمضي الحديث ليقرر لنا أن أعمال الناس تبلغ إلى الله فورا , و لكن هذا المعنى عُرض لنا بصورة رائعة و هي صورة الرفع: (يُرفع له عمل الليل بالنهار و عمل النهار بالليل) فالحياة ليست عبثاً و ما خُلق الناس هملاً , فما يعملونه يصل إلى الله فوراً و لا يخفى عليه شيء مما يعملون.
ثم يستمر المصطفى صلى الله عليه و آله في عرض هذا الحديث بصورة شيقة , إذ يقول (و حجابه النور , لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) , و المفروض أن الحجاب يكون ظلاماً كثيفاً لا يبين ما وراءه , لكن أن يكون هذا الحجاب نوراً فهو أمر غريب في التصوير , و هذا النور يشبه أن يكون ناراً فهو يحرق من يقترب منه لذا كان حجاباً مانعاً لا تستطيع المخلوقات بتركيبها الدنيوي احتمال التعرض لرؤيته سبحانه و تعالى , فلو كشف حجاب النور لأحرقت المخلوقاتِ سبحاتُ وجهه تعالى.
سُبحات وجهه: بضم السين أي جلالته و عظمته.
لقد استطاع هذا الحديث رغم كلماته المحدودة أن يعبر عن موضوع في غاية الدقة يتعلق بذات الله سبحانه و تعالى , و أن يستخدم الصور الحسية بأسلوب رائع يحقق الغرض الديني على أكمل وجه.
ـ[مايا]ــــــــ[13 - 03 - 2008, 06:05 م]ـ
أنت رائع دومًا ..................
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[14 - 03 - 2008, 04:35 م]ـ
000066عن أنس: r قال: قال رسول الله:=:
((لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه و عليها طعامه و شرابه , فأيس منها , فأتى شجرةً فاضطجع في ظلها و قد أيس من راحلته , فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده , فأخذ بخطامها ثم قال: اللهم أنت عبدي و أنا ربك.
أخطأ من شدة الفرح.))
000000 هذه الصورة من الصور الرائعة التي تقرر رحمة الله بعباده و حبه لهم بل و فرحه الشديد عند توبتهم , فلك أن تتأمل أخي هذه القصة , و تتخيل نفسك صاحبها:
هذا رجل يمشي في الصحراء , فأدركه التعب و هدّ خطاه المسير و كاد يقتله الظمأ , فقعد تحت ظل شجرة يستريح , ثم تفاجأ بفقد راحلته و كل ما عليها من متاع , فماذا تراه يفعل في هذه الصحراء بلا زاد و لا متاع , فلم يجد بداً من الجلوس تحت هذه الشجرة منتظراً لحظة الهلاك , ثم يفاجأ مرة أخرى عندما يرفع رأسه و يجد راحلته أمامه و عليها زاده و متاعه , فهبّ مسرعاً ليأخذ بخطامها و أراد أن يشكر ربه بعد أن وهبه الحياة مرة أخرى , فقال: اللهم أنت عبدي و أنا ربك , أخطأ من شدة الفرح -ولو قالها متيقناً لزجت به في النار- و لكنه قالها خاطئاً غير متعمد , فالله تعالى يفرح بهذه التوبة فما بالك بأجر عمل يفرح المولى عزّ و جلّ.
أراد الحبيب:= أن ينقل هذا المشهد لأصحابه , فمن بلاغته:= اختار هذه القصة فهي تلامس أفئدتهم فهم أهل بادية و خيل و جمال فكان حريٌ بهذه الصورة أن ترسخ في عقول أصحابه لأنها لامست واقعهم.
فكان لهذه القصة منزلة كبيرة من التأثير في نفوس العرب أبناء البادية , لأنها حدثتهم عن أمر غيبي- و هو فرح الله تعالى- بأسلوب هم أكثر الناس إدراكاً له لأنهم يعيشون في هذه الأوساط و ربما تعرضت لهم مثل هذه المواقف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 08:05 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أنس
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 09:16 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال: قال رسول الله:=:
((إن الله عزّ و جلّ يقول يوم القيامة: با ابن آدم مرضت فلم تعدني
قال: يارب كيف أعودك , و أنت رب العالمين؟
قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده. أما علمت لو أنك عدته لوجدتني عنده؟
يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني.
قال: كيف أطعمك و أنت رب العالمين؟
قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه , أما علمت لو أنك أطعمته لوجدت ذلك عندي؟
يا ابن آدم! استسقيتك فلم تسقني.
قال: يارب كيف اسقيك و أنت رب العالمين؟
قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه , أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي.))
إذا عرفنا أن الغرض من الصور التي يؤثر الرسول:= التعبير بها عن المعاني غرض ديني أدركنا جلال شأن هذه الصورة.
فالعيادة للمريض عيادة لله , وتعالى الله عن أن يمرض , و تعالى أن يكون بحاجة إلى عيادة.
و تفسير هذه الصور ورد في الحديث نفسه عندما قال: ((أما علمت أن عبدي فلاناً مرض)) , ثم بين أنه لو قام بعيادته (لوجده عنده) و كذلك الطعام و السقي , فالمستطعم في الحقيقة هو العبد المحتاج و لكنّ الحديث يجعله هو الله , فالذي يطعم الجائع يجد الثواب عند الله , يقول: ((أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟))
إن قلب المؤمن العامر بحب الله عندما يسمع هذا الكلام لا يمكن أن يقعد عن فعل هذه الصنوف من الخير مهما وجد من الصعوبات مادام قادراً على فعلها.
فعيادة الله و إطعام الله و سقيا الله فسّرها الحديث نفسه على وجهٍ رائع.
و لقد زاد الحوار من حيوية الحديث النبوي و قوة تأثيره, و مما يدل على الرغبة في الحوار أن ابن آدم يريد أن يستمر في السؤال عن أمرٍ مشابهٍ لما سأله قبل قليل و تلقى عنه الجواب. لماذا؟
ربما كان هذا لأن الدهشة لم تتح أن يعي أنّ الجواب متضمن في الكلام السابق ...
و مهما يكن من أمر فالحوار زاد من عنصر التشويق الذي يعتمد عليه هذا الحديث اعتماداً واضحاً و ذلك كقول الله في هذا الحديث:
(مرضت فلم تعدني ... استطعمتك فلم تطعمني ... استسقيتك فلم تسقني).
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 04:37 م]ـ
أشكرك مايا و د. أم عبدالرحمن على مروركما الرائع ,,,,
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 05:39 م]ـ
عن أبي هريرة: r عن النبي:= أنه قال:
((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل. و شاب نشأ في عبادة الله. و رجل قلبه معلق بالمساجد. و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه. و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال: إني أخاف الله. و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. و رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)).
هذا النص زاخر بالصور:
- أولى هذه الصور صورة الظل الوحيد , الظل الوارف الظليل ... في يوم تدنو الشمس فيه من الخلائق حتى يلجمهم العرق ... في هذا اليوم لا يكون إلا هذا الظل الذي لا ينعم به إلا سبعة من الناس.
و قد جاء في بعض الروايات أن هذا الظل ظل العرش , و مهما يكن من أمر فإنه ظل الله الوحيد في ذلك اليوم.
و الحديث يصور لنا هذا الواقع الغيبي عن طريق الوصف.
- و قد عبر الحديث عن يوم القيامة بأنه (يوم لا ظل إلا ظله) لأن الأرض تبدل غير الأرض , و السماوات غير السماوت.
- و من الصور في هذا الحديث قوله (و رجل قلبه معلق بالمساجد) , عبر الحديث عن حب الرجل للمساجد بأن قلبه معلق بها , فلا يطيب له عيش إلا أن يكون فيها .. أن يكون إلى جانب قلبه ... و لا يخرج منها إلا و هو يتمنى أن يعود إليها.
إنه يجد فيها الأنس بمناجاة الله و ذكره و التوجه إليه.
- و عبر الحديث عن عفة الرجل بقصة سريعة جداً لا تتجاوز السطر فقال: (و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال: إني أخاف الله).
دعته امرأة ذات منصب (و بهذا يتحقق الأمان من الفضيحة و كسب المال و ضمان قضاء المصالح) , و هي امرأة جميلة (و بهذا يتوافر عنصر الإغراء الشهواني الجسدي و الجمالي) و رغم ذلك فإنه يمتنع. يمتنع لا ضعفاً و لاخوفاً من أحد لكنّه يمتنع خوفاً من الله.
و لم يذكر الحديث امتناعه و إباءه , و لكنه عبر عن ذلك بقوله (إني أخاف الله) أي: خاف الله فامتنع عن الإستجابة.
إن قلبه عامر بالإيمان الذي يستلزم العفه , فخوفه من الله يحول دون إقدامه على المعاصي , و الحق أن هذا النجاح في هذه التجربه دليل على طيب عنصره و صدق إيمانه و عظيم رجولته.
- و من الصور في الحديث قوله (و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
نحن هنا أمام يدٍ ليست كالأيدي , إنها يد تدري و تعرف , و قد كان ذاك الرجل موفقاً حين استطاع إخفاء الصدقة عن تلك اليد. لقد نفخ هذا الحديث الحياة في هذه اليد فأصبحت شخصاً , و يلزم عن هذا أن الصدقة كانت خفية حقاً , فإذا لم تدر اليد الأخرى عمّا فعلت أختها فكيف يعلم أحد عن هذه الصدقة؟ ّ!
في هذه الجملة صورتان: صورة اليد التي لا تعلم و الكناية عن إخفاء الصدقة , و ليس من شك في أن إخفاءها ابتغاء ما عند الله من الثواب دليل على إيمان المتصدق و نبله.
- و من الصور في الحديث أيضاً قوله (و رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).
إنه رجل صادق في بكائه و مخافته من الله , فقد ذكر الله خالياً فبكى خوفاً من الله , و لم يبك أمام الناس ليظهر أمامهم بمظهر الخائف من الله و هو في حقيقته بعيد عن ذلك كل البعد كما نرى في عدد من الدجالين الممثلين , و قد عبّر الحديث عن البكاء بقوله (فاضت عيناه) إنّ الدموع انهمرت فيضاً لا دمعات معدودات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بثينة]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 05:45 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم أنس، و جزاك الله ألف خير ..
دائما متألق ..
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 09:31 م]ـ
و بارك فيكٍ أخت بثينة , و ما هذا التألق إلا سيراً على منوالك و اقتداءً بتألقكِ ,
[[مبارك عليك هذا التوقيع الجديد الرائع]]
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 05:07 م]ـ
قال أبو سعيد الخدري: r قال رسول الله:=:
((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم))
قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ ّ!
قال: ((بلى , و الذي نفسي بيده .. رجال آمنوا بالله و صدّقوا المرسلين))
هناك درجات في الجنة على حسب أعمال أهلها في الحياة الدنيا .. فهناك منازل عالية و منازل دونها .. و في أعلى الجنة غرف .. هذه الغرف يراها أهل الجنة و يرون سكانها في أي مكان كانوا في الجنة , و لتقريب هذا الأمر الغيبي جيء بالتشبيه الآتي:
يرونهم كما كانوا يرون في الدنيا الكوب في كبد السماء , سواء كان في الأفق الشرقي أو الغربي.
و لكن الصورة هنا عبرت بفعل يدل على المشاركة , و هو "يتراءون" فكما أن أهل الجنة يرونهم من أي موضع في الجنة , فكذلك سكان هذه الغرف يرون أهل الجنة.
هذه الغرف هي منازل الأنبياء و رجال آمنوا بالله و صدّقوا المرسلين.
نسأل الله أن يجعلنا منهم ... اللهمّ آمين
ـ[مايا]ــــــــ[23 - 03 - 2008, 06:26 ص]ـ
الّلهمّ آمين ........
أين أنت عن سلسلتك;)؟؟؟ فأنا أتابعك دائمًا ...
ولكنّك أطلت علينا: rolleyes:... فها نحن ننتظرك بشوق ...
فلا تجعلنا ننتظر طويلا ...
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[23 - 03 - 2008, 05:24 م]ـ
أشكرك استاذه مايا ,,, فمتابعتك للموضوع شرف لي ,,, و لي عودة
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[23 - 03 - 2008, 09:16 م]ـ
عن أبي هريرة: r أن رسول الله:= أتى المقبرة فقال:
((السلام عليكم دار قوم مؤمنين , أنتم السابقون و إنّا إن شاء الله بكم لاحقون.
وددت لو أنّا قد رأينا إخواننا))
قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟!
قال: لا , أنتم أصحابي , و إخواني قوم آمنوا بي و لم يروني.
فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟
قال: أرأيت لو أنّ رجلاً له خيل غرّ محجلة بين ظهري خيل دهم بهم (1) ألا يعرف خيله؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء. و أنا فرطهم (2) على الحوض.
ألا ليُذادنَّ رجالٌ عن حوضي كما يُذاد البعير الضّال.
أناديهم: ألا هلمّ.
فيقال: إنهم قد بدّلوا بعدك.
فأقول: سحقاً سحقاً (3)
(1) بين ظهري: أي بينها , الدهم: جمع أدهم و هو الأسود , البهم: السود , و قيل الذي لا يخالط لونه لوناً سواه.
(2) أنا فرطهم: أي أتقدمهم.
(3) سحقا سحقا: أي بعداً بعدا
إنّ في هذا الحديث لشرف للمؤمنين و أي شرف! رسول الله:= يشتاق لنا يود لو يرانا , بل يصفنا بإخوانه , فأكرم و أنعم بها من أُخُوة.
و قد ذكر رسول الله:= صفة المؤمنين يوم القيامة , فإنهم يأتونه كالخيل الغرّ المحجلة - و هي الخيل التي يكون فيها بياض في مقدمة رأسها - و ما ذاك البياض و النور إلا من أثر الوضوء و كثرة السجود , فهذه الجبهةُ طالما التصقت بالأرض ذلاً و خضوعاً لله , فكان لزاماً أن يكرمها الله بهذا النور يوم القيامة.
و من هذه الصورة - صورة ورود المؤمنين على حوض المصطفى عليه السلام - لك أن تنتقل فتعيش صورة أخرى , و هي صور سيد ولد آدم يتقدم المسلمين إلى الحوض و ينتظرهم هناك.
و لكن قف لحظة و تأمل , هناك أشخاص مع المؤمنين يأتون عطشى مشتاقين لحوض النبي الكريم عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم , لكنه يصدهم بيديه و يمنعهم من ورود حوضه كا يذود صاحب الإبلِ الإبلَ الغريبة الضالة عن مورده , لماذا يا رسول الله؟ فيأتي الجواب مباشرة: إنهم قد بدلوا بعدك و غيروا نهجك و أهملوا سنتك , فجاؤا بما لم يشرع الله. فيالحسرة أولئك ... !
صاغ هذه الصورة أفصح الخلق لساناً:= على أسلوب قصة سريعة تعتمد على التشبيه المتصل بحياة السامعين , و هو التشبيه بالبعير الضال الذي يُذاد و يدفع بالشدة و العنف , و في ذلك تجسيد للخزي و العذاب و الهلاك الذي يصيب من بدل ما كان عليه الرسول:=.
فالله أسأل أن يجعلكم و إيايَّ ممن يرد حوضه الكريم , و يشرب من يده الطاهرة شربةً لا ظمأَ بعدها و لا عطش .... اللهم آمين.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 03 - 2008, 10:23 م]ـ
أخي الكريم أنس ..
جزاك الله خيراً كثيراً على هذه الوقفات الجمالية الماتعة مع الأحاديث النبوية .. والحقّ أنّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النهاية في البيان والغاية في البرهان، حيث اجتمعت له صلى الله عليه وسلم أسباب الفصاحة، فكان بيانه أصدق بيان وأصفاه وأجمله وأحسنه ..
فزدنا بارك الله فيك من مثل هذه الفيوضات الجمالية، سائلين المولى عزّ وجلّ أن يجعلها في ميزان حسناتك ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[24 - 03 - 2008, 09:23 م]ـ
والحقّ أنّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النهاية في البيان والغاية في البرهان، حيث اجتمعت له صلى الله عليه وسلم أسباب الفصاحة، فكان بيانه أصدق بيان وأصفاه وأجمله وأحسنه ..
صدقت استاذي الفاضل , كيف لا و هو من أوتي جوامع الكلم .... !
أشكر مرورك الذي دفعني دفعة قوية للمواصلة في هذا الموضوع بإذن الله.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 07:30 م]ـ
عن أنس: r قال:
كنا عند رسول الله:= فضحك فقال:
- هل تدرون ممّا أضحك؟
- قال قلنا: الله و رسوله أعلم.
- قال: من مخاطبة العبد ربّه:
- يقول العبد: يارب! ألم تجرني من الظلم؟
- قال يقول: بلى.
- قال فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني.
- قال فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً , و بالكرام الكاتبين شهودا.
- قال: فيختم على فيه.
- فيقال لأركانه: انطقي.
- قال: فتنطق بأعماله.
- قال: ثم يخلى بينه و بين الكلام.
- قال فيقول: بعداً لكنّ و سحقاً فعنكنّ كنت أناضل.
حوار ممتع و مليء بالمفاجآت و فيه تصوير حال الناس يوم القيامة.
و يذكرنا هذا الحديث بآيتين من القرآن الكريم و هما:
قوله تعالى: ((اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)) , و قوله جلّ و عزّ: ((و يوم يُحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون , حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم و أبصارهم و جلودهم بما كانوا يعملون)).
يذكر أنس: r أنّ هذا الحوار , هذه المفاجأة غير السارة التي فوجئ بها العبد أضحكت رسول الله:=.
و كان هذا العبد ظنّ أنّ مخاطبته على النحو الذي زينه في نفسه ستضمن له النجاة.
فهو الذي طلب ألا يكون شاهداً عليه إلا من نفسه , فقبل هذا الطلب و قال:
كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا. و ختم على فيه ثم طلب من أعضائه أن تتكلم , فنطقت معترفة بذنوبه و خطاياه كلها.
ثم يخلى بينه و بين الكلام فشرع يشتم أعضائه و يقول: بعداً لكنّ و سحقا , عنكنّ كنت أناضل حتى لا تُعذبنْ. و يستسلم لقضاء الله فيه.
مشهد حيّ قائماً على الحوار يصف أمراً غيبياً يكون يوم القيامة.
ـ[بثينة]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 07:47 م]ـ
بارك الله فيك أخي أنس و لا حرمك من الجنة.
دائما متألق.
زدنا من هذه الدرر و لا تحرمنا منها أخي.
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:04 ص]ـ
جزاكم الله خيرا0
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[27 - 03 - 2008, 04:08 م]ـ
-عن أنس بن مالك: r عن رسول الله:= في حديث الإسراء قال:
(( ... ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ (1) اللؤلؤ و إذا ترابها المسك))
- و عن أبي موسى: r عن النبي:= قال:
((جنتان من فضة: آنيتهما و ما فيهما , و جنتان من ذهب: آنيتهما و ما فيهما , و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن))
- و عن أبي مسعود: r قال: قال رسول الله:=:
((لقيت إبراهيم:= ليلة أسري بي فقال:
يا محمد! أقرئ أمتك مني السلام , و أخبرهم أن الجنة طيبة التربة , عذبة الماء , و أنّها قيعان , و أنّ غراسها سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر)).
(1) الجنابذ جمع جنبذة و هي القباب.
هذه الأحاديث الثلاثة تصف لنا أشياء من الجنة , فالقباب فيها لؤلؤ و ترابها المسك , و هي طيبة التربة عذبة الماء , و أرضها مستوية , و غراسها أذكار مأثورة جميلة.
هذه هي الغراس , فمن سارع إلى هذه الغراس وجد ثمرتها يوم القيامة و كانت له في الجنة.
و من هذه الأحاديث و غيرها نعلم أن الجنة ليست واحدة , بل هناك جنّات , و قد ذكر لنا رسول الله:= مجموعتين من الجنان , الأولى و تتألف من جنتين فضيتين هما و أوانيهما و جدرانهما و قصورهما , و كل ما فيها فضة.
و الثانية و تتألف من جنتين ذهبيتين , هما و أوانيهما و جدرانهما و قصورهما , و كل ما فيهما من ذهب.
و ليذهب خيالنا في تصور هذه الجنات ما يحلو له , فربما بدت في خيال انسان على وجه يخالف ما عند الآخرين , و لكنها -على أية حال- تبقى شيئاً جميلاً غريباً.
و واضح أنّ التنسيق سمة من سمات هذه الجنات , فإذا كانت الجنة من فضة فكل ما فيها من فضة , و كذلك عندما تكون ذهباً فإن كل ما فيها ينبغي أن يكون من الذهب.
و الجو الذي يسيطر على الصور في هذه الأحاديث جو الترف و البذخ و الرفاهية , فنحن نسمع الذهب و اللؤلؤ و الفضة و المسك.
و هناك جو زراعي واضح , فالتربة طيبة و الماء عذب و هي قيعان مستوية تصلح للزرع , و إنّ غراسها ميسورة الآن و ليست تكلف عناءً و لا جهداً و لا نفقة , إنها بضع اذكار جميلة.
و يفيض منها جو الحنان , فهو:= يحدثنا عن رؤيةٍ شاهدها بنفسه ليلة الإسراء , و يحمل لنا تحية أبينا إبراهيم و بشراه لنا و وصيّته إلينا.
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوءِ ما عندنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 01:43 م]ـ
عن ابن عباس: r قال قال رسول الله:=:
((لمّا أصيب إخوانكم بأُحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر , ترد أنهار الجنة: تأكل من ثمارها و تأوي إلى قناديل ذهب معلقة في ظلّ العرش.
فلمّا وجدوا طيب مأكلهم و مشربهم و مقيلهم , قالوا:
من يبلّغ إخواننا عنّا أنّنا أحياءٌ في الجنة نُرزق؟ لئلا يزهدوا في الجهاد و لا ينكلوا عن الحرب؟
فقال الله سبحانه: أنا أبلغهم عنكم. فقال: فأنزل الله سبحانه و تعالى: ((ولا تحسبنّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا ..... ))
في هذه الرواية دليل على فضل الشهادة حيث إنّ الشهداء طلبوا أن يُبلّغ إخوانهم الذين ما زالوا في الحياة الدنيا عن تلك الحياة الرغيدة و العيشة السعيدة التي ينعمون بها و عن أنهم أحياء عند ربهم يُرزقون , رغبة منهم في أن يمضي إخوانهم على النهج الحق و الجهاد في سبيل الله , فيأتي التكفل الرباني من فوق سبع سماوات بإبلاغهم أن إخوانهم أحياء عند ربهم يرزقون , و ينزل في ذلك قرآن يُتلى إلى قيام الساعة.
و قد ورد في هذا الحديث أنّ القناديل ذهبية , و الأرواح في حواصل طير خضر ترد أنهار الجنة و أشجارها فتأكل و تشرب آمنة مطمأنة ..... نسأل الله أن يرزقنا الموت في سبيله.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[30 - 03 - 2008, 10:14 م]ـ
عن ابن مسعود: r قال:
كنا مع رسول الله:= في قبّة نحواً من أربعين فقال:
((أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟))
قلنا: نعم.
قال: ((أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟))
قلنا: نعم.
قال: ((و الذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة , و ذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة.
و ما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود , أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر)).
المسلمون بالنسبة إلى أهل الشرك قليلون جداً.
هذه الحقيقة ضرب لها رسول الله:= مثلاً يراه الناس كثيراً. ثور أسود غطى الشعر الأسود جسده كله و فيه شعرة بيضاء واحدة ... ما نسبتها إلى الشعرات السود! .... و هكذا المسلمون في الناس والكرام قليل.
و على الرغم من قلة المسلمين بالنسبة للآخرين إلا أنهم يكونون في الجنة نصفها.
و المثل واقعي منتزع من بيئة المخاطبين.
و الحوار أسلوب اتخذه الرسول:= لتقرير ما يريد أن يقرره , فقد تدرج معهم بالسؤال ((هل تريدون أن تكونوا ربع أهل الجنة)) , ثم ثلثهم ... ثم يُقسم الرسول:= بأنه يرجو أن يكون المسلمون نصف أهل الجنة.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 08:25 م]ـ
عن أسامة: r قال: سمعت رسول الله:= يقول:
((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار , فتندلق أقتاب بطنه (1) فيدور بها كما يدور الحمار بالرّحى , فيجتمع إليه أهل النار فيقولون:
يا فلان! مالك؟ ما أصابك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر؟ ... !
فيقول: بلى , قد كنت آمر بالمعروف و لا آتيه , و أنهى عن المنكر و آتيه))
(1) أي: تخرج أمعاء بطنه
منظر شنيع , و مشهد كئيب , رجلٌ كان في الدنيا يأمر بالمعروف و لكنّه لم يكن يأتيه , و كان ينهى عن المنكر و يأتيه.
يؤتى بهذا الرجل يوم القيامة , فيُلقى في النار كأنه قطعة حطب , فتندلق أمعاؤه فيدور بالنار كما يدور الحمار بالرحى.
و ليس هناك صورة تبلغ من الفظاعة و من إثارة التقزز من صورة الرجل الذي خرجت أمعاؤه من بطنه و هو يدور في النار كما يدور الحمار بالرحى.
و اختيار الحمار من بين أنواع الحيوانات يتناسب مع تحقير صورة هذا الرجل.
و يبدو أنّ عذابه كان أليماً و مثيراً للانتباه , مما جعل أهل النار يجتمعون عليه و ينادونه باسمه: يا فلان! مالك؟! و يُذكِّرونه بماضيه في الدنيا , حيث كان يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر.
فيبين السبب الذي جاء به إلى هذا العذاب في النار: ((قد كنت آمر بالمعروف و لا آتيه و أنهى عن المنكر و آتيه))
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[03 - 04 - 2008, 01:19 م]ـ
عن أبي ذر: r يرفعه للنبي:=:
((بشر الكانزين برَضَفٍ (1) يُحمى عليه في نار جهنم , فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغص (2) كتفيه , و يوضع على نغص كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه , يتزلزل))
و في رواية:
((بشر الكانزين بكيٍ في ظهورهم يخرج من جنوبهم , و بكيٍ من قِبَلِ أقفائهم يخرج من جباههم)).
(1) الرضف: الحجارة المحماة
(2) النّغص (بالضم و الفتح): غضروف الكتف
صورة تبرز الإيلام و التعذيب مع التهكم الساخر ... ما أشنع هذه البشارة!! التي تحتوي عقوبةً تقشعر لها الأبدان ...
عقوبة أولئك الكانزين أموالهم الذين يمنعون زكاتها .. إنهم سيعذبون بالحجارة التي يحمى عليها في نار جهنم , ثم توضع على ثديهم فتخرج من الخلف , ثم توضع من الخلف فتخرج من الأمام.
و الرواية الأخرى تذكر اتجاهاً آخر لسير الكي في أجسادهم , يبدأ من قبل أقفائهم و يخرج من جباههم.
و الصورة هنا كانت عن طريق الوصف المثير.
نسأل الله أن يحرم أجسادنا على النار ...... اللهمّ آمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 07:30 م]ـ
عن أبي سعيد الخدري: r قال قال رسول الله:=:
((سيخرج قوم من النار أُحرقوا فكانوا مثل الحمم (1) , و لا يزال أهل الجنة يرشّون عليهم الماء حتى ينبتوا كما ينبت الغثاء (2) في حميل السيل))
(1) الحمم: الفحم.
(2) الغثاء: ما يجيء فوق السيل مما يحمله من الزبد و الوسخ و غيره.
أهل النار قسمان:
قسم هم أهلها , و هؤلاء لا يموتون فيها و لا يحيون.
و قسم أصابتهم النار بذنوبهم , و لكن في قلوبهم إيمان مهما قل حتى و لو كان مثقال ذرة , فإنه لا يجعلهم من أهلها , فيُعذبون لخطاياهم عذاباً يصل بهم إلى درجة الموت لشدّته ... تحترق أجسامهم و تصبح كالفحم ...
و عندما يؤذن بالشفاعة فإنهم يؤتى بهم جماعات , فبٌثّوا على أنهار الجنة.
و لا يزال أهل الجنة يفيضون عليهم من الماء و يرشونهم فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل.
صورة بدويّة كثر ما يلقاها المرء في البادية , في أعقاب الأمطار نبات ينبت في حميل السيل و غثائه.
حتّى أن رجلاً لما سمع النبي:= يقول ذلك قال: كأنك كنت في البادية يا رسول الله.
فما أبلغه من وصف ... ! كيف لا و هو وصفٌ من أبلغ لسان على وجه الأرض , و الصورة من نفس بيئة المخاطبين.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 07:13 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال: قال رسول الله:=:
((إنّ المدينة مشتبكة بالملائكة:
على كل نقب منها ملكان يحرسونها , لا يدخلها الطاعون و لا الدجّال , من أراد بها سؤء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء))
هذا الحديث يذكر لنا مهمة فريق من الملائكة الكرام , و هي حراسة المدينة المنورة , و يقرر لنا:= أنّ المدينة مشتبكة بالملائكة الذين يملؤون جوانبها , و أنه على كل طريق منها أو فجٍّ ملكان يحرسانها.
هذا الوصف لأمر غيبي صورة مبيِّنة مقرِّبة , و في النص صورة أخرى قائمة على التشبيه , فمن أراد أهلها بسوءٍ أذابه الله كما يذوب الملح في الماء.
فهنيئاً لكم يا أهل طيبة , و نسأل الله أن يرزقنا زيارةً لمدينة حبيبنا:=.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 07:36 م]ـ
عن سلمان: r قال , قال رسول الله:=:
((لا تكوننّ -إن استطعت- أوّل من يدخل السوق و لا آخر من يخرج منها , فإنها معركة الشيطان و بها ينصب رايته)).
في السوق فساد!
كان ذلك في قديم الزمان , و ما يزال , و سيبقى , و إنّ نظرةً في واقع الأسواق اليوم تدلّ دلالة واضحة على هذه الحقيقة.
و قد عبر سيدنا:= عن هذا الفساد بأن السوق معركة الشيطان و بها ينصب رايته , غش و حلف ... و ظلم و كذب ... و خداع و تغرير ... و احتكار و خيانة ... و تطفيف للمكيال و الميزان ... و نظرات فاجرة و كلمات نابية و معاكسات فاضحة ... كل ذلك مما تحفل به الأسواق.
و الذي يحضر فيها أقصر مدة ممكنة هو المرء الذي يكون قد دفع عن نفسه أكبر قدر ممكن من الإثم و العذاب , و لذلك كان هذا الخطاب:
إن استطعت ألا تكون أول من يدخل السوق و لا آخر من يخرج منها فافعل.
ثم علل هذا بأنها هي معركة الشيطان ... و مما يتصل بالتناسق الفنّي في الصورة أن تُذكر مع المعركة راية , و الراية المنصوبة هنا راية الشيطان , و في ذلك إشارة إلى أنّ هذه المعركة لصالح الشيطان في أكثر الأحيان.
إذن نحن هنا أمام معركة تقوم , هي معركة الشيطان , و أمام راية تُنصب , هي راية الشيطان.
فالعاقل من يُجنب نفسه المكوث وسط هذه المعمعة مدّة طويلة , و هنا يبرز الغرض الديني.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 11:12 ص]ـ
عن حذيفة: r قال , قال رسول الله:=:
((تلقّت الملائكة روح رجل ممّن كان قبلكم
فقالوا: أعملت من الخير شيئاً؟
قال: لا.
قالوا: تذكر.
قال: كنت أداين الناس , فآمر فتياني أن يُنظروا المعسر و يتجوّزوا عن الموسر.
فقال الله عزّ و جلّ: تجوّزوا عنه)).
يبدو من خلال الحوار الحيّ الموجز في هذا النص أنّ الروح عندما تخرج من جسد صاحبها تتلقاها الملائكة , و إنها تتعرّض لمحاسبة.
و الحديث يعرض لنا قصة روح رجل من الأمم التي كانت قبلنا ... إنه رجل لم يعمل من الخير شيئاً , فلما مات تلقت الملائكة روحه و سألوه: أعملت من الخير شيئاً؟
و قد صدقهم في الجواب - و ليس له في ذاك اليوم إلا الصدق - , فقال: لا , و أعمال العباد مسجلة لا تضيع على صاحبها و لو نسيها , و هم ينظرون في سجله و يعرفون شيئاً لم يذكره هو , فقالوا: تذكّر. و شرع يتذكر ... فذكر أمراً أخبرهم به و قال: كن أداين الناس فأنظر المعسر و أتجوّز عن الموسر , فقال الله: تجوّزوا عنه.
لهذا الحديث علاقة بالروح و هي من عالم الغيب , و الصورة هنا قائمة على الوصف.
و في الحديث مكافأة من ينظر المعسرين و يتجاوز عن الناس و لا يكون قاسياَ في معاملته.
إنّ الله يحب الرجل السمح اللين في معاملته مع الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 12:52 ص]ـ
جزاكم الله خيرا0
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 09:45 م]ـ
و إياك أبا ضحى ,,, شكر الله مرورك
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 02:48 م]ـ
عن عبدالله بن عمرو: r قال , قال رسول الله:=:
((لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة))
الشيب نور المسلم يوم القيامة .... إنّ هذا الشيب الذي يحزن لحلوله الناس , و يفرون منه بالنتف أو الصبغ أو ما إلى ذلك لهو نورٌ للمسلم يوم القيامة , و ما أغلى النور في ذلك اليوم العصيب , و ما أحوج الناس لهُ!!!
و هناك تناسقٌ جميل في الصورة فإن مما يناسب الشيب الأبيض النور , و الصورة هنا قائمة على التشبيه.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 01:59 م]ـ
عجباً هل للعنة قصة؟!
تلك الكلمة التي كثيراً ما نسمعها من أفواه الناس , بل أصبحت تحية بعضهم عند اللقاء , يقولها الصغير و الكبير الغني و الفقير العزيز و الحقير , يقولها الصديق لصديقه و الأخ لأخيه و الأب لبنيه , بل قد تصدر من الابن لأبيه ...
كلمة عابرة , تساهلنا فيه خصوصاً في هذا الزمن , فأصبح سماعها شيئاً معتاداً في كل مكان.
فيا ترى ما قصة هذه الكلمة؟!
عن أبي الدرداء: r قال , قال رسول الله:=:
((إنّ العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها , ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبواب الأرض دونها , ثم تأخذ يميناً و شمالاً فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن , فإن كان لذلك أهلاً و إلا رجعت إلى قائلها))
حديث يعرض قصة اللعنة و يرصد حركاتها و يذكر مآلها و نهايتها , و الغرض من هذا التصوير التنفير من اللعن و التخويف منه , ذلك لأن اللعن ليس من صفات المسلمين , و ها نحن نشاهد قصة اللعنة و تحركاتها , و نرى ذلك المشهد أمامنا رأي العين من خلال أبلغ وصفٍ من أبلغ لسان:
إذا لعن المرء شيئاً (إنساناً أو دابة أو جماداً أو أي شيء) صعدت تلك اللعنة إلى السماء ... و لكننا نُفاجئ بأنها لا تستمر في صعودها لأنها تجد أبواب السماء دونها مغلقة ... فتحاول عندئذٍ الرجوع للأرض لتستقر في أي مكان هناك , لكنها تجد أبوب الأرض قد أغلقت دونها أيضاً ... فتأخذ تتخبط يميناً و شمالاً فلا تجد مخرجاً و لا مساغا .... فعندئذ ترجع إلى الذي لعنه اللاعن - ولك أن تلاحظ أنها من هولها لا تريد أن تذهب إلى الملعون مباشرة - و تنظر في حال ذلك الذي قد لُعن , فإن كان لذلك أهلاً أصابته و حلت عليه .... و إن لم يكن كذلك رجعت إلى صاحبها فحلّت عليه.
إنها قصة تبدو من خلالها اللعنة شيئاً يصعد و يهبط و يسير ذات اليمين و ذات الشمال , و إنها لا تتوجه إلى الملعون إلا بعد رحلة طويلة و ربما رجعت لقائلها إن لم يكن ذاك مستحقاً لها.
إن هذا الحديث يصور مسؤلية اللعن و يصور عاقبته على هذا النحو الحسي المتحرك , و هذه القصة تتصل بأمر غيبي.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[19 - 04 - 2008, 10:03 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال , قال رسول الله:=:
((أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات: هل يبقى من درنه شيء؟))
قالوا: لا يبقى من درنه شيء.
قال: ((فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا))
إنّ الإنسان خطّاء , يرتكب أخطاءً و مخالفاتٍ كثيرة , و الصلاة تكفّر هذه المخالفات و الخطايا.
و من التناسق الفنيّ الجميل في الحديث أن يجعل المعصية وسخاً و درناً تتقزز النفس السوية منه و تنفر , و الصلوات الخمس كنهرٍ جارٍ يغتسل فيه المرء خمس مرات كل يوم , فماذا يبقى من هذا الدرن؟ ّ! إنه لا يبقى شيء , فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا.
إنّ هذا النهر جارٍ كثير عذب , ليس راكداً يمكن أن تتجمع فيه القاذورات .. لا .. إنّه غزير كثير , لا يحمل خبثاً , و هو مع ذلك عذب غير ملوّث.
و الاغتسال يتم فيه خمس مرات في اليوم الواحد , فلا يكاد يعلق في بدن الإنسان شيء من الدرن حتى يُزال بهذا الغسل المتجدد.
و في هذا الحديث حوارٌ بين الرسول:= و أصحابه مما يزيد حيوية النص.
ـ[مصطفى فؤاد]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 11:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي على هذا الجهد الكبير ولكن هلا رفعت ذلك الكتاب الذي ذكرت إلى المنتدى لتعم به الفائدة أوعلى الأقل اذكر لنا دار النشر التي أصدرت هذا الكتاب فهو فعلا كتاب قيم وأنا شخصيا أحتاج إليه
وجزاك الله خيرا
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 09:44 م]ـ
اسم الكتاب: التصوير الفني في الحديث النبوي
اسم المؤلف: محمد الصباغ
دار النشر: المكتب الإسلامي للطباعة والنشر تاريخ النشر: 01/ 01/1988
و لعل هذا الرابط يفيدك أخي:
http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb96465-56704&search=books
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 11:20 م]ـ
عن أبي ذر: r قال:
انتهيت إلى النبي:= و هو جالس في ظلّ الكعبة , فلما رآني قال:
((هم الأخسرون و ربّ الكعبة)).
قال: فجئت حتى جلست , فلم أتقارّ أن قمت فقلت: يا رسول الله فداك أبي و أمي , من هم؟
قال: ((هم الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا و هكذا و هكذا , - و أشار بيديه يمنة و يسرة و من خلفه و من أمامه - و قليل ما هم)).
للناس مقاييس في تقويم الأشخاص فاسدة , و من ذلك أنهم يُعظمون أصحاب الأموال الكثيرة و يُحلونهم في المنزلة العالية من التقدير و الإجلال.
و لكن رسول الله:= يقسم برب الكعبة أنهم هم الأخسرون و أنهم هم الأقلون يوم القيامة , إلا رجلاً وزّع ماله هنا و هناك , فأنفق في سبيل الله و أعطى المساكين , و مثل هذا قليل في الأغنياء.
إن كثرة المال و إن كانت شيئاً كبيراً عند بعض الناس فهي في ميزان الله ليست كذلك ... إنها اختبار و ابتلاء ... و ما أقلّ الناجحين في هذا الاختبار!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى فؤاد]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 12:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخانا أنس ونفع الله بك وأرجو إن كنت تعرف رابطا آخر للكتاب أن تدرجه لنا وبارك الله فيك
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 04:31 م]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة أخي قد بحثت عن نسخة إلكترونية للكتاب قبل البدأ في هذا الموضوع فلم أجد , فاضطررت أن أنقل منه كتابةً.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 04:11 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال , قال رسول الله:=:
((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع , و لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنّم))
رجلان لا يدخلان النار: رجل بكى من خشية الله , و رجل جاهد في سبيل الله.
فلننظر كيف عبر الرسول:= عن هذا المعنى المجرد:
لقد عبّر عن استحالة دخول الذي بكى من خشية الله النار بقوله: لا يلج النار حتى يرجع اللبن في الضرع.
و عودة اللبن في الضرع أمر مستحيل , و يدرك استحالته أي انسان مهما كانت ثقافته و معرفته.
و عبرّ عن نجاة المجاهد بهذه الصورة المادية: لا يجتمع غبار الجهاد و دخان جهنّم.
فالجهاد هنا يبدو غباراً في سبيل الله , و الغبار شيء مرئي ملموس , أما الجهاد فمعنى , و نار جهنّم تبدو هنا دخاناً , مع أن جهنّم من الأمور الغيبية.
ذاك الغبار و هذا الدخان لا يجتمعان أبداً , أي لا يمكن للمجاهد أن يدخل جهنم أبداً.
إنّ هذه الخاصة و هي إيثار التعبير بالصور المادية الملموسة عن الأمور الفكرية المجردة تتضح في هذا الحديث على أتم وجه.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 07:07 م]ـ
عن سلمان: r قال , قال رسول الله:=:
((المسلم يصلي و خطاياه مرفوعةٌ على رأسه كلما سجد تحاتّت عنه))
و عن ابن عمر: r قال: سمعت رسول الله:= يقول:
((إنّ العبد إذا قام يصلي اُتي بذنوبه فجُعلت على رأسه و عاتقه , فكلّما ركع أو سجد تساقطت عنه)).
الحديثان يقرران تكفير الذنوب بصورة غاية في الجمال و التجسيم , فالذنوب و الخطايا أثقال و أوزار معنوية , و لكنها في الحديث هنا تبدو أمام أعين خيالنا أثقالاً حسية ملموسة.
فالخطايا مرفوعة على رأسه و عاتقه , و كلما ركع أو سجد تحاتّت عنه و تساقطت من حوله.
إننا نعلم أنّ في الصلاة حركات كثيرة من ركوع و سجود و جلوس , فكلّما تحرك سقطت عنه من الخطايا طائفة , لأنها موضوعة في مكان لا يتيح لها الاستقرار.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 07:18 م]ـ
عن عثمان: r قال , قال رسول الله:=:
((من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتّى تخرج من تحت أظفاره))
يقرر هذا الحديث أن الوضوء يكفّر الذنوب و يحط الخطايا , و تكفير الذنوب أمر معنوي مجرّد , و قد عبر عنه الحديث بخروج الخطايا من جسده.
إن الخطايا تبدو كأنها كائنات تثقل كاهل صاحبها و تهبط به و تقعده عن متابعة الطريق الأقوم ... فعندما يتوضأ و يحسن الوضوء تخرج من جسده حتى من تحت أظفاره ... إنها الخطايا المستكنّة الدقيقة تخرج بالوضوء.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 05:20 م]ـ
بوركت يا من ثبّتّ الموضوع ,ثبّتك الله بالقول الثابت في الدنيا و الآخرة.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 05:39 م]ـ
عن أبي هريرة: r أنّ رسول الله:= قال:
((إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة , و غُلّقت أبواب النار , و صُفّدت الشياطين))
قال القاضي عياض في شرح الحديث:
(يحتمل أنه على ظاهره و حقيقته و أن تفتيح أبواب الجنة و تغليق أبواب جهنّم و تصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر العظيم لحرمته , و يكون التصفيد ليمتنعوا عن إيذاء المؤمنين و التهويش عليهم.
و يحتمل أن يكون المراد المجاز , و يكون إشارة إلى كثرة الثواب و العفو , و أنّ الشياطين يقل إغواؤهم و إيذاؤهم فيصيرون كالمصفدين و يكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء و لناس دون ناس ... و أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عمّا يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر , التي لا تقع في غيره عموماً كالصيام و القيام و فعل الخيرات و الانكفاف عن كثير من المخالفات).أهـ
و يبدو للمؤلف أن الرأي الثاني أقرب للصواب , و مهما يكن من أمر فإن الحديث فيه صورة جميلة , سواء أكانت الأمور الثلاثة (التفتيح و التغليق و التصفيد) حقيقة أم مجازاً.
- فإن كانت حقيقة فعرضها علينا كما جاء الحديث يتيح لخيالنا أن نتصور هذه الأمور على نحو ما , إنّ ترافق حلول الشهر مع هذه الأمور و عرض ذلك في هذا النص صورة مثيرة .. صورة تفتّح فيها أبواب الجنان , و تغلّق أبواب النيران , و تصفّد الشياطين.
- و إن كانت مجازاً فقد جاء شرح الصورة في الكلام الذي نقلناه عن القاضي عياض ... إذ كان التعبير عن كثرة الخير و قلة الشر في هذا الشهر بهذه الصور الثلاث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 04:11 م]ـ
بوركت يا من ثبّتّ الموضوع ,ثبّتك الله بالقول الثابت في الدنيا و الآخرة.
بارك الله فيك أخي أنس، ودمتَ للفصيح وأهله ..
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 08:33 م]ـ
عن أبي سعيد: r عن النبي:= أنّه سُئل: أي المؤمنين أكمل إيماناً؟
قال:=: ((رجل يجاهد في سبيل الله بنفسه و ماله , و رجل يعبد الله في شعب من الشعاب قد كفى الناسَ شرّهُ))
و عن أبي هريرة: r عن رسول الله:= أنه قال:
((من خير معاش الناس لهم: رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه , كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل و الموت مظانّه. أو رجل في غنيمةٍ في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن وادٍ من هذه الأودية يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يعبد ربّه حتى يأتيه اليقين. ليس من النّاس إلا في خير)).
أكمل الناس إيماناً من آثر ما عند الله تعالى على كل حطام الدنيا و منافعها و لذّاتها و مصالحها , فإن كان للجهاد مجالٌ جاهد في سبيل الله بنفسه و ماله , و قد صوره الحديث بصورة تعجز الريشة عن إبراز الصورة على ما ترى في هذا الحديث ... إنه رجل ممسك بعنان فرسه , يطير على متن الفرس طيراناً , كلما سمع صوتاً أو استغاثةً طار يبتغي القتل و الموت في مظانّه , إنها صورة في غاية الإمتاع , و هي تدعو إلى الإعجاب بذاك الرجل الحريص على الموت في سبيل الله , و هي صورةٌ كانت في تاريخ الصحابة و التابعين على مرِّ العصور حقيقةً واقعة.
و إن لم يكن للجهاد مجالٌ اعتزل الناس في شعب من شعاب الجبال , أو في بطن وادٍ من الأودية يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يعبد ربّه حتى يأتيه الموت.
إنه وصف دقيق لكلا الرجلين: المجاهد في سبيل الله الحريص على الموت , و العابد الورع الذي اعتزل الناس و اختار لنفسه طريقةً شريفةً من طرائق الكسب الحلال.
و هكذا كان الوصف سبيلاً من سبل التصوير الفني الجميل الذي ينقلنا إلى أن نشهد بأعين خيالنا ذاك البطل المغوار في ساحات الوغى يطير إلى حيث يكون الموت , و ذاك الراعي العابد في رؤوس الجبال أو بطون الأودية.
و نرى في الحديث أيضاً بعض الكلمات التي تدل على صورٍ جميلة:
من ذلك كلمة (يطير) التي تصور سرعة الرجل إلى القتال , إنه لا يمشي و لا يهرول و لكنّه يطير.
و من ذلك كلمة (اليقين) التي تدل على الموت.
و من ذلك قوله: (قد كفى الناسَ شرهُ) و قوله: (ليس من الناس إلا في خير) و هما كناية عن عدم إيذائه أحداً من الناس.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 08:42 م]ـ
عن المقداد بن الأسود: r قال:
يا رسول الله , أرأيت إن لقيتُ رجلاً من الكفار فقاتلني , فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة , فقال: أسلمت لله , أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟
قال رسول الله:=: ((لا تقتله)).
قال فقلت: يا رسول الله إنه قطع يدي , ثم قال ذلك بعد أن قطعها. فأقتله؟
قال رسول الله:=: ((لا تقتله. فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله , و إنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها)).
جميلٌ تفسير شُرّاح هذا الحديث لهذه الموازنة , فقد قالوا: (إنه بمنزلتك قبل أن تقتله) معنى ذلك أنه معصوم الدم لا يحلّ قتله.
و معنى قوله: (إنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال) أي أنت مهدر الدم , تُقتل بالقصاص , لأن القاتل يُقتل , و قد كلن لكفره مهدر الدم فعصمه الإسلام.
هذه الصورة القائمة على الموازنة تبين السبب الذي من أجله كان الجهاد , أنّ المشركين يُقاتَلون على الكفر ..... فإذا قلوا كلمة التوحيد كانوا مسلمين لهم ما لهم و عليهم ما عليهم.
وهنا نقف وقفة , فلك أن تتصور أخي الحبيب مدى الرحمة التي جاء بها الإسلام , فتخيل نفسك مكان هذا الرجل فماذا كنت تفعل؟ لكنّ الإسلام دين رحمة حتى بالكفّار , فلو قتلته أصبحت مهدور الدم.
و ينبغي أن تعرف أن الهدف من الجهاد ليس القتل فحسب , أو سلب الثروات و الرجوع بالغنائم , كلا فالهدف أسمى و الغاية أعظم و أجلّ , فأي دين كهذا! و أي رحمة كهذه! حتى بالكافر , ماذا لو قالها نفاقاً أو خوفاً من السيف أفأقتله , إضافة إلى ذلك فإن يدك مقطوعة و الدم يسيل منها بغزارة , و مع ذلك فلا يجوز لك قتله.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[03 - 05 - 2008, 09:24 م]ـ
عن البراء بن عازب: r قال , قال:= رسول الله:
((إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة , ثم اضطجع على شقك الأيمن , ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك , و وجهت وجهي إليك , و ألجأت ظهري إليك , و فوضت أمري إليك , رغبةً و رهبةً إليك , لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك , آمنت بكتابك الذي أنزلت , و بنبيك الذي أرسلت)).
دعاء جميل يؤدي لحناً موسيقياً هادئاً يناسب حالة النوم ,لأنه يريح الأعصاب و يهيئ المرء للاستغراق في نوم لذيذ عميق.
و الصورة الأولى التي نود أن نتأملها و نقف عندها قليلاً هي قوله:
" و ألجأت ظهري إليك " بمعنى اعتمدت عليك و استعنت بك و لجأت إليك , فإذا كان الناس يعتمدون على بعض أصحاب الطاقات و الإمكانات فإن المسلم لا يعتمد إلا على الله , و لا يُلجئ ظهره إلا إليه , و يستعين به وحده.
و الصورة الثانية قوله:
" وجهت وجهي إليك " أي ليس لي مقصد في أعمالي إلا أنت فأنا قد وجهت وجهي إليك.
و هما صورتان ماديتان تعبّران عن معنيين مجردين. و بعد فإن الدعاء يحمل في طيّاته لجوءاً إلى الله تيارك و تعالى , و تبرّؤاً من الحول و القوة , و هذا يضفي على النفس لوناً من الاستقرار و الطمأنينة ... لا سيّما أنّ الليل مخيفٌ و هو يخفي الويل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 06:21 م]ـ
عن علي: r قال , قال رسول الله:=:
((قل: اللهم اهدني و سددني. و اذكر بالهدى هدايتك الطريق و السداد سداد السهم)).
قال النووي: (أما السداد هنا بفتح السين , و سداد السهم تقويمه , و معنى سددني وفقني و اجعلني منتصباً في جميع أموري مستقيما. و أصل السداد الاستقامة و القصد في الأمور.
و أما الهدى هنا فهو الرشاد , و يُذكّر و يُؤنّث , و معنى "اذكر بالهدى هدايتك الطريق و السداد سداد السهم" أي تذكر ذلك في حال دعائك بهذين اللفظين , لأنّ هادي الطريق لا يزيغ عنه , و مسدّد السهم يحرص على تقويمه و لا يستقيم رميه حتى يقومه.
و كذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه و تقويمه و لزومه السنّه.
و قيل ليتذكر بهذا لفظ السداد و الهدى لئلا ينساه.) أهـ."النووي"
في هذا الحديث حرص الرسول:= على ردّ الناس إلى الصور التي كانت تدل عليها هذه الألفاظ في أول الأمر حرصاً منه:= على فهم المعنى و تمثله على أفضل وجه , ذلك لأنّ كثيراً من الكلمات التي تدلّ على معان مجردة كانت في الأصل تدلّ على أمور حسية و لكنّ كثرة الاستعمال جعلت دلالتها على المعاني تتم بشكل مباشر.
و إدراك الناس للمعاني التجريدية أصعب من إدراكهم للأمور الحسية التي ترتبط في أذهان الناس بصورة ملموسة محسّة , و من ذلك كلمتا "الهداية" و "التسديد".
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 01:24 م]ـ
عن أبي موسى: r عن النبي:= قال:
((مثل المؤمن الذي قرأ القرآن مثل الأُترُجّه: ريحها طيب و طعمها طيب. و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: لا ريح لها و طعمها حلو. و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة: ريحها طيب و طعمها مرّ. و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة: ليس لها ريح و طعمها مرّ)).
تمثيل موفق لنموذجين من المؤمنين و نموذجين من المنافقين , و هذا التقسيم مبني على موقف الإنسان من تلاوة القرآن.
فالمؤمن حلو على أية حال , لكنه يجمع مع الحلاوة الريح الطيب إن كان قارئاً لكتاب الله.
و المنافق مرٌّ على أية حال , و لكن قد يجمع مع المرارة الريح الطيب إن كان يقرأ القرآن.
و هذه الصورة معتمدة على معرفةٍ بأنواع النباتات و الثمار الموجودة في البيئة العربية و هي تساعد على مزيد التذوق و الفهم لحالة كلٍّ من المؤمن و المنافق.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 07:54 م]ـ
عن عبد الله بن مسعود: r قال:
خطّ رسول الله:= خطاً بيده ثم قال:
((هذا سبيل الله مستقيماً))
و خطّ عن يمينه و شماله ثمّ قال:
((هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه)).
ثم قرأ: (و أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]
سبيل الله هو الإسلام .... و هو سبيل مستقيم ميسّر لسالكه , و كتاب الله يدعونا أن نتبع هذا السبيل , و بين هذا المعنى رسول الله:= بياناً توضيحياً شافياً بطريقة الرسم:
فخطّ:= بيده الشريفة خطاً , و خطّ عن يمينه و شماله خطوطاً و قال: هذه سبل الشيطان. و ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ليكون داخلوه من أصحاب السعير. ثم وضع:= يده في الخط الأوسط و تلا الآية الكريمة.
إنّ هذه السبل اليمينية و اليسارية تتفرق بنا عن سبيله تعالى و تودي بنا في مهاوي الضياع و الهلاك.
و التصوير هنا بالرسم يوضح معنى الآية أتم توضيح.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 10:32 م]ـ
عن ابن عمرو: r قال , قال رسول الله:=:
((مثل المؤمن مثل النحلة , إن أكلت أكلت طيباً و إن وضعت وضعت طيباً , و إن وقعت على عود نُخر لم تكسره. و مثل المؤمن مثل سبيكة الذهب: إن نفخت عليها احمرّت و إن وُزنت لم تنقص)).
و عن أبي رزين: r قال , قال رسول الله:=:
((مثل المؤمن مثل النحلة , لا تأكل إلا طيباً و لا تضع إلا طيباً)).
المؤمن لا يأكل إلا طيباً , و لا يسمع إلا طيباً , و لا يُبصر إلا طيباً , و لا يقول إلا طيباً , و لا يعمل إلا طيباً , و مثله مثل النحلة لا تأكل إلا أطايب الأكل من الحلو و الزهر و الثمر ... و لا تضع إلا العسل الذي هو شفاء للناس , و هي خفيفة الوزن و الظل ... فلو اعتمدت على عودٍ نُخر لم تكسره.
و لم يشر:= إلى جانب مهم منها و إنما تركه للسامع , و هو أن من اعتدى عليها أذاقته من لسعها الشيء الموجع المؤلم , تركه:= إيثاراً لبقاء جو الحديث المحبب الطيب.
و شبه الرسول:= المؤمنَ تشبيهاً آخر فقال:
إنه كسبيكة الذهب , لا ينقص وزنها , و لا يُحوّل لونها إن نفخت عليها زال ما علق بها من غبار , و ظهرت حمراء تتوهج ... و هكذا المؤمن ... إنه ذو أصالة ... لا تلويه الأحداث و لا تُغيره ... و لا تعصف به المحن و لا تحطمه , و لا تؤثر فيه الكوارث و لا تنقصه ... إنه بإيمانه ثابتٌ راسخ , و إنْ علاه شيئٌ فهو كالغبار يزول بنفخة يسيرة عليه و يعود إلى معدنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 11:17 ص]ـ
عن النّواس بن سمعان: r عن رسول الله:= قال:
((ضرب الله مثلاً: صراطاً مستقيماً , و على جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتّحة , و على الأبواب ستور مرخاة , و على باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً و لا تتعوجوا , و داع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال:
ويحك لا تفتحه , فإنك إن تفتحه تلجه.
فالصراط الإسلام , و السوران حدود الله , و الأبواب المفتّحة محارم الله , و ذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عزّ و جلّ , و الداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم)).
الحديث نبويٌ في ظاهره , و لكنّه في الحقيقة حديث قدسي , لأن رسول الله:= ينسب هذا المثل إلى الله تبارك و تعالى فيقول: "ضرب الله مثلاً".
و المثل صورة مركبة تمثل لنا طريق الحق و الهداية , و مزالق المعاصي و الغواية. و تدل هذه الصورة على أن طريق الإسلام طريق مستقيم لا عوج فيه و لا التواء , و هو ميسّر لمن أراد السلوك.
و لتقوم الحجة على الناس كان القرآن ناطقاً يدعو الناس جميعاً إلى سلوك الصراط المستقيم , و أقام الله في نفس كل مسلم وازعاً يُذكِّره بالخير , و واعظاً يحذّره مغبّة الانزلاق و الانحراف.
و تدل هذه الصورة المركبة على أن طريق الغواية خطيرة جداً و أن الخطوة الأولى هي أخطر الخطوات في الطريق لأنها تقود صاحبها إلى الهلاك و تورطه فلا يهون عليه التراجع ... إنّ سرقة البيضة قد تؤدي إلى سرقة الكنوز ... و إنّ الكأس الأولى قد تجعل من صاحبها مدمناً , و لننظر في معالم هذه الصورة الرائعة:
هناك صراط مستقيم , و على جانبه سوران , و في هذين السورين أبواب مفتّحة عليها ستور مرخاة , و هناك داعيان أحدهما يقف على رأس الطريق إنه كتاب الله عزّ و جلّ يدعو و يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً و لا تتعوجوا. دعوة إلى الإسلام عامة للخلق كلهم بلا استثناء و كانت الدعوة هنا أمراً بدخول الصراط , و عدم الانحراف يميناً أو يساراً.
و واضح أن التعبير هنا يؤثر الناحية الحسية البحتة.
إنه أمرٌ و نهي: أمر بالدخول , و نهي عن الانحراف. و الحياة ابتلاء ليظهر فيها الخير و الشر ...
و الداعي الثاني يدعو من فوق الصراط ... إنه واعظ الله في قلب المسلم يقول لمن يريد أن ينحرف و يرفع الستار عن أحد الأبواب المفتّحة في الجانبين يقول له: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه , إنّ فيه إغراءً و جذباً و إنّ الخطوة الأولى تقود إلى خطوات. و من دخل باباً أوغل في الانحراف و الانزلاق .... و هكذا يتعاون كتاب الله و واعظ الله في قلب المسلم على البيان و التحذير.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[17 - 05 - 2008, 08:57 م]ـ
عن كعب بن مالك: r قال , قال رسول الله:=:
((ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنمٍ بأفسد لها من حرص المرء على المال و الشرف لدينه)).
الشرف: الجاه.
من طبيعة الإنسان الحرص على المال و الجاه .... و هذا الحرص مفسد لدينه إفساداً شديداً , لا يكاد يترك منه شيئاً. و من فسد دينه تقوضت سعادته و انهارت و مهما كسب مقابل ذلك فهو الخاسر الخسارة التي لا تقدر بمالٍ و لا بمنصب.
لقد عبّر النبي:= عن هذا المعنى بصورة يتذوقها الصحابة رضوان الله عليهم أتم التذوق لأنها مستمدة من واقعهم و بيئتهم. و هي الصورة الآتية:
هناك ذئبان جائعان مضى عليهما حين من الدهر لم يأكلا شيئاً ثم اُرسلا في غنم ... كيف يكون إفسادهما للغنم و قد أُرسلا فيه ... و لا حارس يصدهما , و لا راعي يذودهما؟ إنه فساد كبير.
يقول:=: إنّ إفساد الحرص على المال و الجاه لدين المرء أشدّ من إفساد هذين الذئبين للغنم.
إنّ الحرص على المال , و الحرص على الجاه ذئبان يغتالان الدين فلينتبه المرء إلى نفسه ... فإنه الخطر الماحق.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[21 - 05 - 2008, 02:43 م]ـ
عن النعمان بن بشير: r قال , قال النبي:=:
(يُتْبَعُ)
(/)
((مثل القائم في حدود الله و الواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها و بعضهم أسفلها , و كان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم. فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً و لم نؤذِ من فوقنا! فإن تركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعاً , و إن أخذوا على أيديهم نجوا و نجوا جميعاً)).
المجتمع سفينة تسير بركابها المختلفين صلاحاً و فساداً , و فكراً و سلوكاً , و لكن تجمعهم سفينة واحدة و تسير بهم جميعاً في طريق واحد ... إنها تقطع بهم بحر الدنيا .... فهم إلى مصير واحد متجهون و إن كانوا مختلفين ...
لقد أخذ كلٌ من هؤلاء الركاب مكانه من السفينة برضاه بعد الاستهام و الاقتراع , فكان بعضهم في أعلاها , و هؤلاء يكونون على الأطراف في موقع جيد نشيط مشرف قريب من الماء , و كان بعضهم في أسفلها , و هؤلاء يكونون في وسط السفينة بعيدين عن الماء لا يتمتعون بما يتمتع به إخوانهم من الأشراف و النشاط.
و حاجة كلٍ إلى الماء حاجة فطرية لا يستطيع أن يستغني عنها , و كان هؤلاء السفليون إذا أرادو الماء يضطرون إلى أن يمروا على من فوقهم يستأذنونهم ليصلوا إلى الماء فيأخذوا منه حاجتهم , و لمّا طال عليهم الأمد أصاب سكان الأعالي أذىً من المرور المتكرر عليهم , و يظهر أنهم كانوا يتعرضون لقطرات من الماء تنصبّ عليهم أو على أمتعتهم في الصعود أو النزول ... فأظهروا تبرمهم و استنكارهم لهذا الفعل و حصلت خلافات و مناقشات ...
و لاحت فكرة لسكان أسفل السفينة فأعجبتهم. قالوا: لماذا نُتعب أنفسنا و رفاقنا و الماء ههنا تحتنا على ضربة معول لا تحتاج إلى أكثر منها؟ و أعربوا عن فكرتهم هذه قائلين:
لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً حتى لا نوذي من فوقنا. قصدٌ دافعه طيب و هو عدم إيذاء شركائهم في السفينة.
و سمع أهل السفينة هذا القول ... فاُذهل عقلائهم و استنكروا مثل هذا التفكير , و ليس من شكٍ في أنهم منعوهم بالقوة من تنفيذ فكرتهم و لم يقبلوا حجتهم التي تزعم أنّ تصرفهم كائنٌ في نصيبهم ... صحيح أنه في نصيبهم .. و لكن التضامن بين ركاب السفينة قائم شاؤوا أم أبوا ... فالخرق خرقٌ هدام مميت في أي موضع كان من السفينة سواء كان في هذا الموضع أو ذاك ... في موضعك أنت أم في موضع خصمك الذي تكرهه و لا تطيق رؤيته ...
فإن تركوهم و ما أرادوا , و قبلوا حجّتهم , و أرادوا لهم أن يمارسوا حريتهم الشخصية هلكوا جميعاً , و إن منعوهم من هذا العمل الإجرامي و أخذوا على أيديهم نجوا و نجا أولئك الذين هموا بالفعل أيضاً ...
و المجتمع فيه ناس في منازل متعددة ... و في اتجاهات مختلفة , فيه فسّاق يرتكبون المعاصي و يقترفون المنكرات , و فيه صالحون يقيمون حدود الله و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ... و إذا كان وجود الفريق الأول من العصاة أمراً لابد منه لِما رُكّب في الفطرة البشرية من الضعف و التعرض للخطأ و الزلل فإن وجود الفريق الثاني من الصالحين الأمّارين بالمعروف النهّائين عن المنكر ضرورة ماسة.
فإن لم يوجد هذا الفريق تقوّض المجتمع و ذهب ريحه , لأنّ المفسدين لا يجدون من يأخذ على أيديهم .... إنهم يخرقون سفينة المجتمع و لا يلقون من يصدهم عن ذلك .... و في ذلك دمار المجتمع.
إن المعاصي خروق تعرّض حياتنا إلى الدمار و الضياع , و إنّ الصالحين و إنْ لم تكن لديهم الوسائل التي يستطيعون أن يأخذوا بها على أيدي المفسدين لم يحققوا المهمة التي تصون المجتمع من الانهيار فيتعرضون للنقمة ... ذلك لأن آثار المعاصي و المخالفات لا تقتصر على العصاة بل تشمل الأمة كلها , و تنال فيما تنال أولئك الساكنين الذين رأوا أسباب الانهيار و لم يقفوا ضدها.
و تدل هذه الصورة العظيمة على أنّ الحرية الفردية ليست مطلقة , بل هي محودة بمصلحة الأمة , فليس المرء حراً في أن يصنع ما يشاء من المعاصي , لأنّ ذلك سيعرض كيان الأمة إلى الهدم و الانهيار , كما تدل على أنّ فائدة الإنكار إنما تتحقق إذا كانت قبل استفحال المعاصي و شيوعها و ذيوعها ... أمّا إذا عمّت و شاعت كان الخرق ثم الغرق و لا ينفع في تلك الساعة النصح و لا يُجدي الإنكار.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 09:55 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال: قال رسول الله:=:
((مثل الذي يستمع الحكمة و يتّبع شرّ ما سمع كمثل رجل أتى راعياً فقال: احرز لي شاة من غنمك.
فقال: اذهب فخذ بأُذُن خير شاة.
فذهب فأخذ بأُذُن كلب الغنم)) ... !
في حياة الناس أفراد جُبلوا على الشر , لا يستطيعون سلوك سبيل الخير و لا التزام قواعد الخلق الكريم , يستمع الحكمة فيتّبع شر ما سمع ...
... تتلى عليه آيات القرآن فيتولّى غير سبيل المؤمنين .... هؤلاء الأشرار موجودون في الناس , و قد مثّل رسول الله:= للواحد منهم بهذه القصة السريعة التي كانت موقفاً غريباً أعظم الغرابة .... إنسان يأتي راعياً فيطلب منه شاة من غنمه و يبدو أنه جائع ... و كان ذاك الراعي كريماً فقال للسائل: اذهب فخذ أحسن شاة تعجبك من هذا القطيع.
سمع هذا الكلام ... و ذهب و لكنه أخذ كلب الغنم .... ! أخذ شيئاً لا ينفعه ... أخذ شرّ ما في القطيع , و هكذا نرى في حياتنا ناساً لا يستجيبون للحق بل يحملهم سماع الحق على سلوك طرق الباطل ...
إنها قصة تمثل لنا حماقة هؤلاء الضالين , و عدم انتفاعهم من حواسهم ... سمعوا و كأنهم لم يسمعوا ....
و نقف قليلاً عند أحد التعبيرات في هذا الحديث:
فقوله:= على لسان الراعي: اذهب فخذ بأذن خير شاة مثل لإيثار النبي:= التعبير بالصور الحسية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[26 - 05 - 2008, 07:13 م]ـ
عن عمر بن الخطاب: r قال , قال رسول الله:=:
((إنّ من عباد الله لأناساً , ما هم بأنبياء و لا بشهداء , يغبطهم الأنبياء و الشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى))
قالوا: يا رسول الله! تخبرنا من هم؟
قال: ((هم قوم تحابّوا بروح الله على غير أرحام بينهم و لا أموال يتعاطون فوالله إنّ وجوههم لنور و إنهم على نور , لا يخافون إذا خاف الناس و لا يحزنون إذا حزن الناس)).
هؤلاء المتحابون في الله وصف:= مكانتهم الكريمة التي تجعل الأنبياء و الشهداء يغبطونهم على مكانتهم.
محبة بعضهم لبعض خالصةً لله فلا أرحام بينهم و لا مصالح مالية تجمعهم و لا علاقات نفعية تحركهم , إنّ وجوههم لنور و إنهم لعلى نور.
إذا خاف الناس كانوا آمنين , و لا يحزنون إذا حزن الناس.
نصٌ يفيض بالودّ و المحبّة , و يشرق بالأمن و التفاؤل و العيش الكريم الرخيّ.
اللهم اجعلني و أعضاء الفصيح منهم
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 02:14 م]ـ
عن أبي هريرة: r عن النبي:= أنه قال:
((بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب , فذهب بابن إحداهما.
فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت.
و قالت الأخرى: إنما ذهب بابنك.
فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى , فخرجتا على سليمان بن داود فأخبرتاه.
فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما.
فقالت الصغرى: لا. - يرحمك الله - هو ابنها.
فقضى به للصغرى)).
قصة فيها مفاجآت عدّة و عقدتان و حوار غنيّ بالحيوية و الايحاء , و هي تؤدي أغراضاً كثيرة منها أن صاحب الحجة القوية يؤثّر على القاضي كما فعلت الكبرى صاحبة التجربة و الحنكة و البيان مما جعل داود يقضي لها , و منها أنّ القاضي إذا التبست أمامه المسالك فعليه أن يستخدم ذكاءه و طرائقه للوصول إلى الحق كما فعل سليمان , و منها أنّ حنان الأم يحملها على أن تضحي بما كانت ترجوه من الانتفاع بولدها و ترضى أن يحكم به للأخرى ليبقى حيّاً , و يبدو أنّ سليمان تظاهر انّه فاعل ذلك لا محالة.
إلى غير ذلك من الدروس التي تكمن في أحداث هذه القصة و في الحوار الحيّ المستخدم فيها و الذي يُعد جزءاً أساسياً في تتابع أحداثها.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[29 - 05 - 2008, 07:50 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال , قال رسول الله:=:
((كان رجلان في بني اسرائيل متواخيين , فكان أحدهما يذنب , و الآخر مجتهد في العبادة , فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر.
فوجده يوماً على ذنب فقال له: أقصر.
فقال: خلِّني و ربي. أبُعثت عليّ رقيباً؟
فقال: و الله لا يغفر الله لك - أو لا يدخلك الله الجنّة -
فقبض أرواحهما , فاجتمعا عند رب العالمين , فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ - أو كنت على ما في يدي قادراً؟ -
و قال للمذنب: اذهب , فادخل الجنّة برحمتي.
و قال للآخر: اذهبوا به إلى النار)).
درس للوعّاظ الذين يتصدّون إلى دعوة الناس و توجيههم ... درس بليغ لو تدبروه ... الأسلوب الحسن هو الوسيلة التي بها يكسبون قلوب الناس , و التبرؤ من الأنانية و التعالي و العجب بالطاعة إنّ ذلك كله مما يخفّف من ظل هؤلاء الدعاة و يجعلهم مقبولين من عامة الناس , و الله تعالى يخاطب سيد الرسل قائلاً:
((و لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك))
ثمّ ما هذا التألي على الله ... و التحكم في مصائر الناس؟ كيف يقول إنسان صالح مثل هذا القول: أن يحلف أنّ الله لا يغفر لفلان أو لا يدخله الجنّة؟؟!
همسة في اذن كل داعية:
قد هيؤوك لأمرٍ لو فطنت له=فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 02:14 م]ـ
عن أبي ذر و معاذ -رضي الله عنهما- عن النبي:= أنه قال:
((اتق الله حيثما كنت , و أتبع السيئة الحسنة تمحها , و خالق الناس بخلق جسن)).
إنّ موسيقى الجملة في هذا الحديث تنساب على طرف اللسان , و تستمتع بها الأذن , و كأنّ هذا الكلام موزون لا يمكن أن ننقل كلمة عن موضعها إذ يؤدي ذلك إلى اختلال انسياب الإيقاع في مجراه , و هذا الانسياب الموسيقي راجع إلى تصويره للمعنى إذ يبدأ الحديث بفعل الأمر الحاسم القاطع "اتق الله" ثم نحس في عبارة "حيثما كنت" الاتّساع المكاني و الزماني معاً , و تزداد نبرة الإيقاع سرعة حين يطلب من الإنسان محوَ الإساءة بالحسنة , ثم يكون هذا الأمر الهادئ الإيقاع باستخدام الفعل "خالق" و المجانسة بينه و بين الخلق.
و كثيراً ما تعتمد لغة الحديث في موسيقاها على التقابل و التوازن الصوتي و على السجع أحياناً.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[01 - 06 - 2008, 10:06 م]ـ
عن عبد الله بن عمرو: r أنّ رسول الله:= قال:
((إنّ الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلّل بلسانه كما تتخلّل البقرة)).
هناك ناس متكلفون ثرثارون ليس لهم إلا أن يتكلموا و ترى لسانهم يمسح شفاههم التي جفّت من كثرة الكلام و يبالغون في المسح حتى يصبح منظرهم كمنظر البقرة تتخلل بلسانها.
و غالباً ما يكون ذلك نتيجة للتقعّر في الكلام و التشدّق و التقخيم في إظهار حروفه لفتاً منهم للأذهان و انتباه الناس.
إنّها صورة رائعة و نُحسّ بجمالها لأنّ مشهداً لبعض هؤلاء المتشدقين المتكلفين يرتسم في خيالنا عندما نقرأ هذا الحديث .... و كأنّ كلمة "البليغ" قد جاءت في مساق التهكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[02 - 06 - 2008, 11:35 م]ـ
عن أبي ذر: r قال:
قلت: يا رسول الله: ما آنية الحوض؟
قال: ((و الذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء و كواكبها , ألا في الليلة المظلمة المصحية. آنية الجنّة , من شرب منها لم يظمأ , آخر ما عليه يشخب فيه ميزابان من الجنّة من شرب منه لم يظمأ , عرضه مثل طوله , ما بين عمان إلى أيلة ماؤه أشد بياضاً من اللبن و أحلى من العسل)).
النص هذا مليئ بالصور المتعددة التّي تعاونت وسائل التصوير كلها لتقديم لوحة واضحة تامّة الوضوح عن أمر غيبيّ لا نعرف عنه في دنيانا شيئاً , فالوصف الدقيق , و التشبيه المبين , و التقدير للأبعاد بما يقرب المعنى من أذهان السامعين. و الموسيقى الداخلية للكلمة.
إنّ كلمة "المصحية" بصيغتها و جرسها تؤدي ههنا صورة تبرز لنا نجوم السماء بشكل نافر , و اجتماعها مع كلمة "المظلمة" بهذا التقابل و التناظر مع الاتفاق في صيغة اسم الفاعل يؤدي كذلك جانباً من التصوير , يدركه الذوق و تتجاوب معه النفس , و قد يقصر عن ايضاحه البيان , و كذلك فإنّ كلمة "يشخب" كلمة كأنها تحكي لنا صوت الماء الذي يصبّ في الحوض من الميزابين الواردين من الجنّة.
إننا لا ننتهي من قراءة الحديث حتى تتمثّل أمام أعيننا لوحة رائعة الجمال فتّانة المنظر لا نستطيع أن نتحول عنها لما نجد من المتعة و السِّحر في استجلائها و التأمل في جوانبها. إنه الحوض الذي لا يظمأ من يشرب منه في يوم شديد عطشه عزيز شرابه. و مع ذلك فإنّ ماءه أحلى من العسل.
اللهم اسقنا من يد حبيبنا:= شربةً لا نظمأُ بعدها أبداً .... آمين
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[05 - 06 - 2008, 02:34 ص]ـ
عن عبد الله بن سلام: r قال , سمعت رسول الله:= يقول:
((أيها الناس , أفشوا السلام , و أطعموا الطعام , و صِلوا الأرحام , و صَلّوا و الناسُ نيام , تدخلوا الجنّة بسلام)).
كلمات مأنوسة , و جمل متناسقة , و سجع لم يجرِ اللفظ فيه على المعنى و لا تعسّف قائله و لا تكلّف , و إنما جاء اللفظ تابعاً للمعنى , فقد ذكر الحديث أسباب السعادة الأخروية من العبادة الخالصة لله تبارك و تعالى و الإحسان إلى الناس بالسلام عليهم و إطعامهم. فذلك يقود إلى دخول الجنّة بسلام.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 06 - 2008, 09:34 م]ـ
عن أبي الدرداء: r قال , قال رسول الله:=:
((إنكم قادمون على إخوانكم , فأصلحوا رحالكم , و أصلحوا لباسكم حتّى تكونوا كأنكم شامة في الناس , فإن الله لا يحب الفُحش و لا التّفحّش)).
إنّ هذا الحديث يعالج مسألةً يخطئ كثير من الناس في فهمها , فيحسبون أن الزهد و التواضع يوجبان لبس الممزق القذر من الثياب ... و هذا فهم سقيم و خطأ فاحش.
و الحديث ردّ على هذا الفهم الخاطئ , و فيه يطلب رسول الله:= من المسلمين أن يُصلحوا لباسهم إذا أقبلوا على إخوانهم , و يريد أن يكونوا كأنهم شامة في الناس. و ينتهي الحديث بأن الله تبارك و تعالى لا يحب الفحش و لا التفحّش.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 06 - 2008, 09:37 م]ـ
عن أبي هريرة: r قال , قال رسول الله:=:
((من خاف أدلج , و من أدلج بلغ المنزل ألا إنّ سلعة الله غالية , ألا إنّ سلعة الله الجنّة)).
هذا مثلٌ جيدٌ على التحليل الداخلي لهذا الرجل المجدّ الذي يأخذ نفسه بالعزيمة و لا يتهاون في أمر ولا يقصر في واجب.
إنّه إنسان مسافر يخاف أن تنقطع به السبل فلا يبلغ المنزل الذي يقصد , و لا يُحقّق البغية التي يسعى إليها , و لا يحصّل السلعة النفيسة التي ارتحل من أجلها , و لذلك فإنه يسير من أول الليل مجداً في سيره , صابراً على التعب لا يبالي ما يلقى في الطريق.
و هكذا شأن من يقطع هذه الحياة الدنيا ... يريد تلك الجنّة التي هي سلعة الله الغالية , فإنّك لترى على وجهه آثار الخوف من أنْ تنقطع به السبل , و ترى في سلوكه آثار هذا الخوف من تشميرٍ في الطاعة و إقبالٍ على فعل النوافل و عزمٍ على ترك المنكرات ... إنّ المطلوب غالٍ ... إنّه الجنة.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 06 - 2008, 09:40 م]ـ
و بهذا الحديث الأخير أكون و إياكم قد انتهينا من هذه الرحلة السعيدة التي تجولنا خلالها بكلام خير البشر , و حططنا رِحالنا في أبهى الأماكن , و التقطنا فيها أروع الصور و الذكريات.
فالله أسال أن أكون قد افدتُ و استفدتُ , و النيةَ أخلصتُ , و أعتذر إن قصّرت.
فما كان في هذه الصفحات من صواب فمن الملك الديان , و ما تخللها من خطأٍ أو نقصان فمن نفسي المقصرة و الشيطان.
و صلى الله و سلم و بارك على النبي العدنان و آله و صحبه و الخِلان , و على من تبعهم بإحسان.
ـ[مايا]ــــــــ[17 - 06 - 2008, 08:51 م]ـ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الأخ العزيز: أنس عبد الله ...
أفدتنا وأمتعتنا .... جزيت الجنّة ...
ونتمنّى أن تفدنا دائمًا بما لديك .....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[17 - 06 - 2008, 09:29 م]ـ
جزاك الله خيراً أخت مايا .....
حمداً لله على السلامه ... أين هذه الغيبة؟
ـ[مايا]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 04:19 ص]ـ
سلّمك الله من كلّ مكروه ....
وأشكرك جزيل الشّكرلمحاولتك الاطمئنان علي ... والسّؤال عني ...
والله ما أبعدني عنكم إلا شيء كبير ....
ولكنّكم جميعا كنتم معي ...
وفي فكري .... أينما ذهبت .....
ـ[عين الحياة]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 07:26 م]ـ
يعيطك العااافية
ـ[عاشقة الضاد]ــــــــ[07 - 07 - 2008, 02:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أشكرك أخي الكريم على هذا الجهد المفيد و المثمر بإذن الله. بارك الله في عملك و ندعو الله أن يجعله في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال و لا بنون.
ـ[الأميرة دعد]ــــــــ[29 - 07 - 2008, 05:30 ص]ـ
بارك الله فيك , انا أفكر أن أخصص رسالتي الماجستير حول الحديث النبوي
ـ[أريب العرب]ــــــــ[15 - 08 - 2008, 04:31 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاك، لخدمتك للسنة النبوية الشريفة، وجعلك الله من أهل الحديث
تعلم حفظكم الله أهمية الإسناد في الحديث، وكما يقول علماء الحديث، لولا الإسناد الإسناد لقال من شاء ما شاء.!
وبما أن الموضوع يدور حول حديث المصطفى صلى الله وعليه وسلم فقد يكون تخريج الحديث مهماً ليكون هذا العمل الرائع، مكتملاً تطمأن له النفوس.
في كل الأحوال، بارك الله فيك وفي قلمك الذواق الرائع
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[15 - 08 - 2008, 12:34 م]ـ
جزاك الله خير الجزاك، لخدمتك للسنة النبوية الشريفة، وجعلك الله من أهل الحديث
تعلم حفظكم الله أهمية الإسناد في الحديث، وكما يقول علماء الحديث، لولا الإسناد الإسناد لقال من شاء ما شاء.!
وبما أن الموضوع يدور حول حديث المصطفى صلى الله وعليه وسلم فقد يكون تخريج الحديث مهماً ليكون هذا العمل الرائع، مكتملاً تطمأن له النفوس.
في كل الأحوال، بارك الله فيك وفي قلمك الذواق الرائع
بارك الله فيك على مرورك العطر .... أنا متفق معك تماماً بخصوص الحرص على إسناد الحديث ... لكني ربما تجاوزت ذلك للاختصار و لأن الموضوع ينحى منحاً بلاغياً ليس أكثر ....
بورك فيك و في مرورك العطر
ـ[أنوار]ــــــــ[12 - 09 - 2008, 07:14 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الشكر لكم أخي الفاضل .. أنس عبد الله
على موضوعكم القيم .. فالقرآن الكريم والحديث الشريف هما منبعان رائعان لكل جماليات اللغة ..
أثابكم الله خيرا ..
ـ[ابو حمزة الفلسطيني]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 12:43 ص]ـ
الله يرضى عليك اخ انس
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[06 - 12 - 2008, 08:13 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء أخي أنس
على هذا النهج الجميل جعله الهل في ميزان حسناتك
ـ[شجون العساف]ــــــــ[21 - 02 - 2009, 02:26 م]ـ
استمتعت بتلك الصور الفنية.
ـ[حسان العاصمي]ــــــــ[25 - 02 - 2009, 05:27 م]ـ
يرجى من المشاركين الأفاضل أن يضعوا تخريج الأحاديث الواردة لكي تعم الفائدة وشكرا
ـ[سراب]ــــــــ[29 - 03 - 2009, 04:26 م]ـ
جزاك الله الف خير
فأنت من من يفخر بهم هذا المجلس المبارك
بارك الله فيك
ـ[زهرة النرجس]ــــــــ[14 - 05 - 2009, 07:55 م]ـ
اللهم آمين
أشكرك أخي أنس على هذا المجهود الرائع
الذي أفادنا وأمتعنا ..
بارك الله فيك وجزاك خيرا
ـ[احمد السنيد]ــــــــ[21 - 07 - 2009, 12:31 م]ـ
بارك الله فيك اخي انس على هذه المقتطفات الطيبه
ـ[أبو منة]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 08:47 م]ـ
بارك الله فيك أستاذنا أنس علي هذه الافادة
اختياركم أستاذ أنس لهذه الأحاديث في محله
فهي مليئة بالفوائد البلاغية واللغوية والعقدية
لاسيما الحديث الرابع منها الذي يقول:
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .... "
ـ[د. شومة الفاضلي]ــــــــ[12 - 09 - 2009, 01:19 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الكريم (أنس بن عبدالله) زادك الله علوآوإرتقاءفي الدارين.
اللهم أمين
ـ[حديث الروح]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 06:07 م]ـ
ماشاء تبارك الله جوزيت خيرا اخي الكريم .... رائع هذا الطرح ونزجو المزيد منه ... تقبل مروري مع فائق احترامي وتقديري ...(/)
السر في عطف المفردات بالواو وفصلها
ـ[تأبط شعرا]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 01:17 ص]ـ
عطف المفردات بالواو أو فصلها وأسراره البلاغية
إن بعض البلاغيين ذكروا أن الصفاتِ المتعددة لا يُعطف بعضها على بعض إلا إذا كانت متضادة، أي: كانت بينها علاقة الضدية، وضربوا أمثلة لذلك بقول الحق -سبحانه وتعالى- في سورة "الحديد" الآية الثالثة: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فقد عطف الآخر على الأول، والباطن على الظاهر كما يقولون؛ لأن هذه الصفات متضادة، فالآخر ضد الأول، والباطن ضد الظاهر، ولذلك عطف الآخر على الأول بالواو، وعطف الباطن على الظاهر بالواو.
وقد قال هؤلاء الذين قالوا ذلك: إنه إذا كانت الصفات غير متضادة فإنها تذكر بلا عطف، واستشهدوا لذلك بقول الحق -سبحانه وتعالى- في سورة "الحشر" الآية الثالثة والعشرون والرابعة والعشرون: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فقد قال بعض البلاغيين: إن هذه الصفات وهي: الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، صفات غير متضادة؛ ولذلك لم يعطف بعضها على بعض، وكذلك في قوله: {اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ}؛ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ أيضًا صفات غير متضادة؛ وبالتالي فلم يعطف بعضها على بعض.
والخلاصة أن بعض البلاغيين يرون: أن الصفات إذا تعددت في الكلام، فإنها إذا كانت متضادة يعطف بعضها على بعض بالواو، وإذا كانت غير متضادة ترك العطف بينها.
وكذلك قالوا في قوله -سبحانه وتعالى- في سورة "التحريم" من الآية الخامسة: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} فالصفات: مسلمات، مؤمنات، قانتات، تائبات، عابدات، سائحات، هذه صفات غير متضادة؛ لذلك ترك العطف بينها بالواو، أما في: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} فلما كانت "أبكار" ضد "ثيبات" فقد عطفت بالواو.
هذا ومن معنى السائحات: الذهاب في الأرض للعبادة، ومن معانيها: الصوم مع ملازمة المساجد.
ومن الشواهد التي اعتمدوا عليها أيضًا: قول الحق -سبحانه وتعالى- في سورة "التوبة" من الآية الثانية عشرة بعد المائة: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فقد توالت الصفات: التائبون، العابدون، الحامدون، السائحون، الراكعون، الساجدون الآمرون بالمعروف، توالت بدون وجود حرف العطف الواو؛ لأنها صفات غير متضادة، أما في قوله: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فلما كان الأمر بالمعروف ضد النهي عن المنكر جاءت الواو.
لكن البلاغيين الذين استشهدوا بهذه الآيات لم يقوموا باستقراء تام، وإنما لفت نظرهم في بعض الآيات أن الصفات إذا كانت متضادة عطفت بالواو، وأنها إذا لم تكن متضادة لم تعطف بالواو، فإذا ما رأوا أن الواو قد جاءت بين صفتين ليس بينهما تضاد في مكان آخر يحاولون أن يتكلفوا وجهًا من التضاد بينهما، وكأننا نحكم القواعد في القرآن، ولا نحكم القرآن في القواعد، وهذا خطأ في البحث، ينبغي عندما توضع قاعدة أن يكون هناك استقراء تام أو شبه تام، أما إذا رأينا بعض الشواهد، ووضعنا قاعدة فإذا ما وجدنا شواهد أخرى لا تنطبق عليها القاعدة نحاول أن نتكلف فهذا هو الخطأ في البحث.
(يُتْبَعُ)
(/)
فمثلًا عندما رأى هؤلاء الذين قالوا أن الصفات المتضادة يأتي بينها الواو، وغير المتضادة لا يأتي بينها الواو، عندما وجدوا قول الحق -سبحانه وتعالى- في سورة "غافر" في قوله في أول السورة بسم الله الرحمن الرحيم: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} تكلفوا وجود تضاد بين بعض آيات السورة، حيث عطفت في الآية {قَابِلِ التَّوْبِ} على {غَافِرِ الذَّنْبِ} بالواو على الرغم من أنهما غير متضادتين.
فبعض البلاغيين -حتى تسلم لهم القاعدة- يتعسفون فيحاولون إثبات وجه من التضاد بين {غَافِرِ الذَّنْبِ} و {قَابِلِ التَّوْبِ} في الآية الكريمة، فذكروا في ذلك: أن المغفرة ترجع إلى السلب؛ لأن معنى {غَافِرُ}: الذي لا يفعل العقوبة مع الاستحقاق ففيها معنى السلب، وأما {قَابِلِ التَّوْبِ}: فقبول التوبة يرجع إلى الإثبات؛ لأن معناه قبول الندم والعذر، وبين السلب والإثبات تضاد، فيرون أن {غَافِرِ الذَّنْبِ} يعني: لا يفعل العقوبة، وأما قبول التوبة يعني: يفعل شيئًا وهو قبول الندم، وبين الفعل وعدم الفعل سلب وإثبات، وبذلك يثبت التضاد حتى تستقيم القاعدة عندما يقال لهم: إن غافر الذنب ليست ضدًّا لقابل التوب، فكيف عطفت حتى تستقيم لكم القاعدة، بالرغم من أنهما ليس بينهما تضاد؟
يقول: إن هناك تضاد لو تعمقنا؛ لأن مغفرة الذنب يعني ترك العقوبة، وقبول التوبة معناه قبول الندم، والترك والقبول كل منهما ضد للآخر، وبذلك تثبت لهم القاعدة، وهو أنه قد عطفت قابل التوب على غافر الذنب لما بينهما من التضاد وإن كان تضادًّا خفيًّا.
وقالوا أيضًا في سبيل التخريج: إن الجمع بين {قَابِلِ التَّوْبِ} و {غَافِرِ الذَّنْبِ} بالواو لسر لطيف، وهو: إفادة الجمع للمذنب التائب بين رحمتين، بين أن تقبل توبته فتكتب له طاعة، وبين أن تمحى ذنوبه كأنه لم يذنب، يبقى طاعة وعدم ذنب، فكأنهما ضدان، وبالتالي أيضًا يحاولون تصحيح القاعدة بلَيِّ النص وادعاء أن بينهما تضادًّا خفيًّا.
وقالوا أيضًا: إن المغفرة مختصة بالعبد، أي: تعود إليه، فائدتها بعد التوبة أو بدون التوبة، وقبول التوبة مختص بالله تعالى، فالله -عز وجل- يغفر حينًا من تلقاء نفسه بالفضل، وحينًا يعفو عن المذنب بسبب ندمه واعتذاره وتوبته، فالمغفرة مختصة بالعبد، وقبول التوبة مختص بالله، وبينهما -بين العبد والله سبحانه وتعالى- الرفعة والدنو، كأنهما متضادان.
وهذا -فيما نرى- تعسف ظاهر، وتكلف نحن في غنى عنه، خاصة وأن ما قالوه عن أن الصفات المتضادة يجب فيها العطف بالواو قولٌ غير مسلم لهم، فقد ترد الصفات المتضادة بدون عطف، وفي القرآن أيضًا، وهذا مما ينقض قاعدة العطف في الصفات المتضادة.
انظر قوله -سبحانه وتعالى- في سورة "الواقعة" في أولها: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} (الواقعة1: 3).
انظر إلى: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} تجد أنه ليس بينها عطف بالواو على الرغم من أن رافعة ضد خافضة، وبالتالي انهدمت القاعدة التي وضعوها: من أن الصفات المتضادة يجب أن يوصل بينها بالواو، أو يجب أن يعطف بعضها على بعض بالواو، وغير المتضادة لا تعطف بالواو، هنا: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} اجتمعت صفتان متضادتان للقيامة، ومع ذلك لم تأت الواو.
وجاء في الشعر العربي الذي يستشهد به قول امرئ القيس في وصف فرسه وسرعته:
مكر مفر مقبل مدبر معًا
كجلمود صخر حطه السيل من عل
يعني: هذا الفرس شديد السرعة على غير المعتاد في الخيول، فهو عندما تراه مهاجمًا، في اللحظة نفسها تجده مدبرًا، يعني: تراه متقدمًا مقبلًا في لحظة واحدة؛ ولذلك قال: يكر، والكر: هو الهجوم، مفر ومفر بمعنى: يفر عند الطعان فهو كثير الفر، وهذا معنى مكر، وجيد الكر وجيد الفر أيضًا، يعني: جيد الهجوم وجيد الفرار، وهو سريع جدًّا عندما تراه هاجمًا تراه في اللحظة نفسها فارًّا من طعنه، وعندما تراه مقبلًا للأمام فترى صدره أو رأسه في اللحظة نفسها تجد دبره أمامك، فهو مكر مفر مقبل مدبر معًا، ولذلك قال: معًا يعني: أن ترى الكر والفر في لحظة واحدة، وترى الإقبال والإدبار في لحظة واحدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم شبهه في ذلك: بجلمود صخر يعني: بالصخرة الضخمة التي تنزل من أعلى الجبل بسبب أن السيول الشديدة تدفعه، فأنت ترى جانبًا من جوانب الصخرة، ثم لسرعتها ترى الجانب الآخر، فكأنك رأيت وجهها ورأيت مؤخرها في لحظة واحدة، كجلمود صخر حطه السيل من عل، فصخرة كبيرة تنحدر من أعلى الجبل إلى الأسفل بسرعة شديدة، يدفعها السيل دفعًا شديدًا، فأنت في اللحظة التي ترى فيها جانبًا منها ترى الجانب الآخر، فكأنك ترى مقدمها ومؤخرها في اللحظة نفسها.
هنا مكر ضد مفر، ومقبل ضد مدبر، وهذا كلام يستشهد به، ولم تأت الواو على القاعدة التي وضعها بعض البلاغيين: من أن الصفات المتضادة ينبغي أن يأتي بينها الواو.
وأما الصفات غير المتضادة التي قالوا: إنها لا تأتي فيها الواو؛ قد نجد صفات غير متضادة، ومع ذلك جاءت فيها الواو، مثل الآية المذكورة: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} فليس بينهما تضاد ومع ذلك تكلفوا بينهما تضادًّا خفيًا حتى تستقيم القاعدة، وكما قلت: كأنهم يحكمون القاعدة في النص القرآني.
انظر قوله -سبحانه وتعالى- في سورة "آل عمران" الآية السادسة عشرة والسابعة عشرة: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}.
انظر: الصابرين، والصادقين، والقانتين، والمنفقين، والمستغفرين هذه صفات لا تضاد بينها، ومع ذلك جاءت فيها الواو، إذن انهدمت قاعدة بعض البلاغيين الذين أوجبوا أن توضع الواو بين الصفات المتضادة، وأن تترك الواو بين الصفات غير المتضادة.
{خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} لم تأت فيها الواو، مكر مفر مقبل مدبر معًا لم تأت فيها الواو، صفات غير متضادة وجاءت فيها الواو: الصابرين، والصادقين، والقانتين، والمنفقين، والمستغفرين جاءت فيها الواو، انهدمت القاعدة.
كذلك في سورة "الأحزاب": {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} إلى آخره ... جاءت فيها الواو على الرغم من أن الصفات غير متضادة.
إذن الأولى أن نضرب صفحًا على قول بعض البلاغيين من الصفات المتضادة لا بد من مجيء الواو بينها، وغير المتضادة تترك الواو،
إن قاعدة بعض البلاغيين من وجوب وجود الواو بين الصفات المتضادة، وترك الواو بين الصفات غير المتضادة قاعدة لم تثبت، والنصوص هدمت هذه القاعدة، فالأولى أن ننظر إلى الموضوع من جهة أخرى، والأولى في الدراسة البلاغية أن تبحث عن الأسرار الكامنة وراء الواو إن وجدت، وأن تكشف وتجلي سر مجيئها حينما تأتي، وأن تكشف وتجلي سر ترك الواو حين تترك، فلا ينبغي النظر إلى التضاد في الصفات أو عدم التضاد، وإنما ينبغي البحث عندما تأتي الواو، سواء كان بين الصفات المتضادة أو غير المتضادة، أو ترك الواو بين الصفات المتضادة أو غير المتضادة ينبغي أن نبحث في مجيء الواو، ولماذا جاءت؟ ولا ننظر إلى التضاد وعدم التضاد، وننظر في ترك الواو ولماذا لم تجئ؟ سواء كانت الصفات متضادة أو غير متضادة. هذا هو الذي ينبغي أن يبحث فيه، لماذا جاءت الواو؟ ولماذا تركت الواو؟
فهذه الواو تفيد التغاير، الواو لا بد أن تفيد التغاير، ولذلك لا يعطف الشيء على نفسه، لا تعطف الذات على الذات، بمعنى: أن تكون الذات الثانية هي الأولى، فالواو تفيد التغاير بين المعطوف المعطوف عليه، هذا معني أساسي في حروف العطف، لا بد أن يكون المعطوف غير المعطوف عليه بوجه من الوجوه، وعندما تأتي الواو بين الصفات؛ فإنها تفيد كمال اتصاف الموصوف بكل صفة منها على حدة، فكأن كل صفة عندما تأتي الواو كما في قوله -سبحانه وتعالى-: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ} وقوله تعالى: {الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} هذه الواو تفيد أن الموصوف بصفة منها قد بلغ الكمال في كل صفة على انفراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
انظر إلى قوله تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالَّصادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ} تجد أن الواو دلت على كمال الموصوفين في كل واحدة منها على انفراد، يعني: الموصوفون بهذه الصفات بلغوا الكمال في الصبر، وبلغوا الكمال في الصدق، وبلغوا الكمال في القنوت أي: الطاعة، هكذا بقية الصفات، هذا عندما تأتي الواو، فلأنها تفيد التغاير، فهذا يعني: أن الموصوفين بالصفات التي جاءت بينها الواو قد بلغوا درجة الكمال في كل صفة منها على انفرادها.
أما عندما تترك الواو، وتأتي الصفات متوالية بدون الواو، فإن ذلك يفيد كمال اجتماع هذه الصفات في الموصوف، يعني: الواو التي تفيد التغاير تعني أن الصفة بلغت الكمال، عندما تأتي الصفات بدون واو فإن ذلك يفيد تمام اجتماع كل هذه الصفات في موصوف واحد.
خذ مثلًا قول الحق -سبحانه وتعالى-: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} وكذلك {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ} وتأمل تجد أن ترك الواو أفاد أن هذه الصفات مجتمعة في الموصوفين، وكأن هذه الصفات بدون الواو كأنها صفة واحدة، وفرق جوهري بين أن تكون الصفات مجتمعة في حكم الصفة الواحدة، وبين أن تكون كل صفة منها قد بلغت الكمال على انفرادها، هذا معنى وهذا معنى آخر.
مرة ثانية: الصفات سواء كانت متضادة أو غير متضادة عندما تأتي بالواو، فإن ذلك يدل على أن الموصوف بكل صفة من هذه الصفات قد بلغ الكمال في هذه الصفة وحدها بصرف النظر عن غيرها، وأما عندما تجتمع الصفات متضادة أو غير متضادة بغير الواو فهذا يعني: أن هذه الصفات مجتمعة في موصوف كأنها صفة واحدة، فذكر الواو بين الصفات يفيد أنهم كاملون في كل صفة على انفراد، وترك الواو بين الصفات يفيد أن هذه الصفات مجتمعة فيهم، وكأنها امتزجت وصارت صفة واحدة، وعلى هذا جاء قول امرئ القيس:
مكر مفر مقبل مدبر معًا
كجلمود صخر حطه السيل من عل
يفيد أن هذه الصفات وهي: الكر، والفر، والإقبال، والإدبار قد اجتمعت في الجواد أو في الفرس في وقت واحد من غير أن تكون مستقلة متغايرة، وإنما أصبحت كأنها صفة واحدة ولو أن امرأ القيس قال: مكر ومفر ومقبل ومدبر، لما صح أن يقول: معًا، فكلمة معًا أفادت أن هذه الصفات على الرغم من أنها متغايرة كأنها صفة واحدة، فكأن الكر والفر والإقبال والإدبار صفة واحدة نراها في هذا الفرس، ولذلك قال: معًا، ولو جاءت الواو ما صح له أن يقول: معًا؛ لأنه لو جاءت الواو لكان معنى ذلك: أن الفرس وصل في الكر إلى درجة الكمال على الانفراد، وأنه في الفر وصل إلى درجة الكمال على الانفراد، وأنه في الإقبال وصل إلى درجة الكمال في الإقبال على الانفراد، وأنه في الإدبار وصل فيه إلى درجة الكمال على الانفراد، وهو لا يريد هذا المعنى؛ لأنه لو جاءت الواو ما أفادت سرعة الفرس، وما أفادت هذه السرعة غير المعتادة في الخيل، لو جاءت الواو لأدت معنى أن امرأ القيس يريد أن يعدد كل وصف على حده غير ممتزج بغيره، والشاعر هنا أراد: أن هذه الأوصاف امتزجت فصارت كأنها صفة واحدة، وهذا هو الذي يسر له أن يقول: معًا بعد أن ذكر هذه الصفات بغير الواو، فانظر إلى هذه الدقائق.
وكذلك القول في الآية الكريمة: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} (الواقعة: 2، 3) أي: أن الزلزلة الشديدة، أو الهول الشديد يوم القيامة يحدث فيه الخفض والرفع في زمن واحد، وكأنهما صفة واحدة، ويقع من الواقعة الفعلان معًا وفي اللحظة نفسها، ولو قيل في غير القرآن: خافضة ورافعة لم يفد هذا المعنى؛ لأن الخفض قد يكون في زمان، والرفع في زمان آخر، أما: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} تصور أنك تمسك في يدك شيئًا ترفعه وتخفضه في لحظة واحدة، وانظر إلى الرجة الشديدة التي تحدث هناك فرق بين هذه الصورة من أن ترفع الشيء وتخفضه في اللحظة نفسها، وبين أن ترفعه في وقت، وأن تخفضه في وقت آخر، فهذا يكون فيه راحة، لكن ما في يوم القيامة ليس فيه راحة، فهي تخفض ترفع في لحظة واحدة، وهذا هو الهول الكبير الذي تخوف منه السورة: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} (الواقعة: 1: 3).
ثم انظر بقية الآيات: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} (الواقعة: 4: 6)، انظر إلى هذه السورة الرهيبة الخفض والرفع في لحظة واحدة، فبينما ترى المخلوق في حالة رفع تراه في اللحظة نفسها في حالة خفض، للزلزلة الشديدة وهذا ينبئ عن الهول العظيم، أما: خافضة ورافعة فهذا لا ينبئ عن الهول، صحيح فيها هول ولكنه ليس بالدرجة نفسها في: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ}.
وكذلك قولك: فلان كاتب شاعر، مخالف؛ لأن تقول: فلان شاعر وكاتب؛ لأن فلان شاعر وكاتب هذا تقصد فيه أن تقول إنه وصل في الشاعرية إلى درجة الكمال على الانفراد، وفي الكتابة إلى درجة الكمال على الانفراد.
أما فلان كاتب شاعر فالصفتان قد امتزجتا، فكأنهما صفة واحدة، فكاتب شاعر أفاد اجتماع الكتابة والشعر في فلان، لكنه لم يفد الكمال في كل صفة على الانفراد، وأما الثاني: فلان شاعر وكاتب فيفيد كمال الاتصاف في الشاعرية على حده، وكمال الكتابة على حده.
منقول من محاضرة في البلاغة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 02:07 ص]ـ
شكرا جزيلا لك أخي المتأبط
الموضوع جميل جداً
من هؤلاء الذين يقولون بأن الواو اذا كانت في الصفات الغير متضادة لا تذكر؟
لأسلط عليهم لساني:)
دمت موفقا أخي الكريم
ـ[الصياد2]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 03:42 ص]ـ
جزاك الله خيرابل خير الجزاء
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 11:50 ص]ـ
:::
الصفات تفصل بالواو ... وتمزج برفعها ...
الأساتذة الأعزاء،
باختصار شديد وبعيدا عن التكلف:
إذا أريد الفصل بين الصفات وضعت الواو،
وإذا أريد المزج بينها رفعت الواو.
والله أعلم،
منذر أبو هواش
:)(/)
البلاغة في سورة الحجرات ارجو المساعدة
ـ[علوم]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 05:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)
قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17)
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
سورة الحجرات
ما ألوان البلاغة و الإعجاز في هذه الآيات؟
ـ[نبع الفصاحة]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 05:45 م]ـ
الله أعلم
ـ[علوم]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 05:02 م]ـ
زين احد يزويني باسماء مراجع و مصادر تتحدث عن الاعجاز البلاغي في هذه الآيات
و ماراح أنسى فضلكم
ضروري
ـ[رناوي]ــــــــ[20 - 04 - 2008, 12:32 ص]ـ
كتاب التحرير والتنوير و كتاب الاعجاز البلاغي في القران
حتى انا مثلك عندي بحث عن الاساليب البلاغيه في الشعراء
الله يعين
ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 09:11 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أعانكم الله.
هذه بعض المحاولات في الآية الأولى قد تفيد في ضبط ما يشابهها في بقية المواضع:
فالنداء بـ: "يا" يتنوع الغرض منه بحسب السياق:
فالأصل فيه أنه لنداء البعيد:
تعظيما: سواء أكان علو المنادى حسا ومعنى، كعلو الباري، عز وجل، في قول من قال: يا الله، وإن كان الله، عز وجل، قريبا من كل العباد بعلمه المحيط مع علو ذاته القدسية، أو: معنى في قول من يخاطب الخليفة قائلا: يا مولاي، مع كونه جالسا أمامه.
أو تنبيها لغافل أو مقصر، كما في قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ).
أو استخفافا بالمستمع وتحقيرا من شأنه، كما في قول الفرزدق:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ******* إذا جمعتنا يا جرير المجامع
فجرير أمامه، ومع ذلك ناداه نداء البعيد، وكأنه لا يراه لضآلته، وعضد ذلك الإشارة إلى أجداده باسم الإشارة "أولئك": الذي يشار به للبعيد، لبيان بعد منزلتهم العالية عن منزلة جرير وحزبه، مع كونهم أباعد حسا، لأنهم أموات، فاجتمع فيهم: البعد الحسي والمعنوي.
أو استرعاء لانتباه المستمع، وهو الأقرب في هذه الآية، كما في أثر ابن مسعود، رضي الله عنه، إذ وصفهم بالإيمان يزيل احتمال خروج الخطاب مخرج الذم أو الغفلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أو لبيان عظم شأن ما بعدها، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، في تفسيره، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وأي شأن أعظم من شأن إفراد الباري عز وجل بالعبودية؟!!، وهذه قد ترجع إلى السابقة، لأن عظم شأن الأمر مظنة التنبه والإصغاء.
فيكون هذا ضابطا لنداء البعيد في القرآن، ففي نحو:
قوله تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ): نداؤهم بـ: "يا" يدل على انتقاصهم النبيَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تعظيم شأنه، لدلالة السياق على ذلك وهم بكل نقيصة أولى.
وكذا في قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ): النداء لغافل ضال عن الحق، فمنزلته في الغي والضلال بعيدة عن جادة الصواب وهكذا يلتمس لكل موضع ما يناسبه.
قوله: "الذين":
الأسماء الموصولة من أقوى صيغ العموم، فيستفاد منها عموم الحكم في حق من شملتهم صلتها وهم هنا: المتصفون بالإيمان، وهذا، أيضا، أمر مطرد، حتى في الاسم المفرد سواء أكان:
مشتركا كـ: "من" في قوله تعالى: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
أو: مختصا كـ: "الذي" في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ)، فهما مفردان في اللفظ، مجموعان في المعنى بدليل عود ضمير الجمع عليهما في: "وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، و: "ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ".
وكذا في قوله تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ): فأفرد اللفظ: "الذي"، وجمع الإشارة والضمير: "أولئك هم"، والأصل في آي التنزيل: العموم لئلا تهدر النصوص بقصرها على أفراد بعينهم، كأعيان من نزلت فيهم الآيات.
قوله تعالى: (لَا يَسْخَرْ قَومٌ):
الفعل في سياق النهي والنفي يفيد العموم، أيضا، لأنه ينحل عن زمن ومصدر، والمصدر هو المعنى الذي اشتق منه الفعل، وهو هنا: السخرية، فتكون الآية نصا في نفي كل أنواع السخرية، وقد دخلها العموم، أيضا، من جهة ورود النكرة: "قوم" في سياق النهي، وهي، أيضا من صيغ العموم، فآل المعنى إلى: لا يسخر أي أحد من أي أحد بأي نوع من أنواع السخرية، ولا شك أن التعميم في الأوامر والنواهي يفيد نوع توكيد، فهو يقطع الاحتمال ويزيل الإجمال، وهذا، أيضا، أمر مطرد في مثل هذه المواضع.
قوله تعالى: (وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء):
إما أن يكون خصوصا بعد عموم: "قوم"، إذا قصد بها عموم الجنسين، فتفيد التنبيه على تفشي هذا الأمر في مجتمعات النساء لطول كلامهن وقصر صمتهن، وهو مظنة السخرية واللمز، فتكون هذه فائدة، يقابلها احتمال أن يكون القوم المذكورون ابتداء: الرجال، ثم عطف عليهم النساء: عطف مغايرة، كما في قول زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري ******* أقوم آل حصن أم نساء
أراد: أرجال آل حصن أم نساء، ويعضد هذا الاحتمال ما قرره العلماء من: أن السياق إذا دار بين التأسيس والتوكيد، فحمله على التأسيس أولى، لأنه ينشئ معنى جديدا، فذكر النساء بعد الرجال أفاد معنى جديدا لأن النساء غير الرجال بخلاف ذكرهن بعد عموم يشملهن، فهن مذكورات ابتداء ضمنه، ومخصوصات انتهاء بإفرادهن باسم لا يشاركهم الرجال فيه.
وقد بسط الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، في "أضواء البيان"، القول في هذه القاعدة في تفسير قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وكلا الأمرين محتمل، لأن لكل منهما مرجحا.
والخصوص بعد العموم، والعموم بعد الخصوص من الأساليب التي تستحق العناية عند تحليل أي نص تحليلا بلاغيا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ):
أفعال تسلط عليها النهي فأفاد عمومه، كما تقدم آنفا، وشمل الخطاب كلا الجنسين بدلالة: "واو الضمير" المتصلة بها، فهي على الراجح عامة المعنى وإن اختصت صيغتها بجماعة الذكور.
وقوله: (أَنفُسَكُمْ): تعظيم لحق إخوانهم عليهم، فلم يقل: ولا تلمزوا غيركم، فكأن الشاتم لأخيه شاتم لنفسه، لأنه يقع في عرض فرد من أفراد الجماعة المسلمة التي ينتمي إليها، فيعود الذم عليه انتهاء، ونظيره قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا).
يقول أبو السعود رحمه الله:
" {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} أي مَنْ كان من جنسكم من المؤمنين فإن كلَّهم كنفس واحدةٍ، وعن الحسن: لا تقتُلوا إخوانَكم، والتعبيرُ عنهم بالأنفس للمبالغة في الزجر عن قتلهم بتصويره بصورة ما لا يكاد يفعلُه عاقلٌ". اهـ
وقوله تعالى: (بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ):
ذم للفسوق بعد الإيمان، والأولى من جهة المعنى: إعراب "الفسوق": خبرا لمبتدا محذوف بتقدير: هو الفسوق، أو مبتدأ وخبره محذوف بتقدير: الفسوق المذموم، لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فالضمير يؤكد اختصاص الفسوق بالذم، وكذا الإخبار عنه بما يشعر بقبحه.
وقوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ):
تهديد في صيغة شرط، ونداؤهم بـ: "أولئك": إبعاد لمن ارتكب هذه المعصية وبيان لدنو منزلته، بخلاف "أولئك" في نحو قوله تعالى: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، فهي بيان لعلو المنزلة وعظم الشأن، مع أن اسم الإشارة واحد، ولكن السياق هو الذي حدد المعنى المراد.
وضمير الفصل يدل على توكيد الحكم، فضلا عن:
تعريف الجزأين: المبتدأ: "أولئك"، و: الخبر: "الظالمون".
ومجيئه في سياق جملة اسمية: "أولئك هم الظالمون"، والجملة الاسمية تدل على ثبوت الحكم واستمراره.
ويحتمل أن يقال بأن قوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ): تذييل على ما سبق، لأن المعنى اكتمل بقوله تعالى: (بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)، فجيء بما بعده زيادة في البيان.
هذه ملاحظات قد يستفاد من القواعد المذكورة فيها، بغض النظر عن الأمثلة، في تحليل بقية الآيات.
ويكنك الاستعانة بتفسيري: الزمخشري وأبي السعود، رحمهما الله، مع الحذر من اعتزاليات الأول وكلاميات الثاني، وكذا تفسير الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، فهو، وإن كان عمدة في: "التفسير الأصولي" إلا أن فيه من النكات البلاغية الكثير، فالرحم بين: "الأصول" و "علوم العربية" لاسيما البلاغة: رحم ماسة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 03:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- من المراجع الجيدة التفسير الكبير للفخر الرازي رحمه الله
- وايضا دروس الشيخ الشعراوي رحمه الله
مع تمتناتنا لكم بالتوفيق(/)
أسال الله لكم الجنة ساعدوني؟؟
ـ[لغتي الفصيحة]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 06:35 م]ـ
:::
بارك الله فيكم أريد شرحا ًمبسطاً
لأبيات الشاعر/ أحمد محرم
في حمى الحق ومن حول الحرم أمة تؤذى وشعب يهتضم
فزع القدس وضجت مكة وبكت يثرب من فرط الألم
واستخراج منها: العاطفة/ الصورة البيانية تشبية وتشخيص
العيوب في القصيدة
المحسنات البديعة
أسلوب الشاعر وألفاظه
جزاكم الله خيرا(/)
أريد مساعدة من أحدكم!!!!
ـ[أكليل]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 07:02 م]ـ
ممكن مساعدة؟ جزيتم خيراً في شرح البيت شرحاً مستوفيا
وأظهار الصورة البيانيه ,,, جزاكم الله خيراً
تخير من ا لنص صورة بيانية ثم اشرحها.
غَيرَ أَنَّ الفَتى يُلاقي المَنايا
كالِحاتٍ وَلا يُلاقي الهَوانا
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[19 - 03 - 2008, 09:52 م]ـ
يلاقي المنايا: استعارة مكنيه
كالحات: استعارة مكنية
يلاقي الهوانا: استعارة مكنيه
البيت كله: كناية عن عدم الذل والخضوع
يلاقي المنايا حيث شبه المنايا بانسان وحذف الانسان وجاء بصفة من صفاته وهي اللقاء فالاستعارة مكنية(/)
الله يحرم وجهة على النار الي يرد علي
ـ[طالبة اللغة العربية 7]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 09:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اخواني اخواتي اعضاء هذا المنتدى الرائع اتمنى منكم مساعدتي
وانا لم اسجل في هذا المنتدى الا لثقتي فيكم
انا اريد بحث في علم البيان بعنوان التشبية مكانتة البلاغية ومنزلتة في الاسلوب القراني المعجز
ولكم مني جزيل الشكر
ـ[السراج]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 04:35 م]ـ
أختي الطالبة ..
عنوانك به أخطاء في الكتابة ..
ثم رأي الفصيح دائما هو الاجتهاد، وهناك من الكتب الكثير التي تتناول التشبيه والتي كان منبعها القرآن المعجز .. ودائماً عندما يكون البحث نتاج فكر وبحث عن تجارب والاطلاع على عدد من الكتب وربطها بما جاء في آي القرآن الكريم يكون البحث قيماً .. وهناك الكثير من المدونات في الشبكة قد تستفيدي منها ما عليك إلا أن تبحثي في مواقع البحث عن العنوان ستجدي بإذن الله ما يعينك فقد بحث ووجدت.
ومن كتب البلاغة:
البلاغة الواضحة
البلاغة الاصطلاحية
البلاغة العربية: عبد الرحمن حبنكة
وستجدي منها نسخ الكترونية في مواقع كثيرة مثل مشكاة الإسلام والرواق وغيرها ..
ـ[أبو ميار]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 03:51 م]ـ
وفق الله الجميع(/)
عن علم البيان!
ـ[السنا]ــــــــ[15 - 03 - 2008, 11:41 م]ـ
السلام عليكم ..
أهلاً بالبلاغيين الكرماء ..
أريد كتاباً مؤلفه من المعاصرين يعرض لعلم البيان بشيء من التفصيل، وذكر للخلافات بين عبد القاهروالسكاكي والخطيب وغيرهم من الأئمة ..
وفقكم الله ..
ـ[السراج]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 04:57 م]ـ
كثيرة هي الكتب الت تتناول علم البيان، ومنها:
كتاب علم البيان، دراسة تحليلية للدكتور بسيوني عبدالفتاح.
وكتاب البلاغة فنونها وأفنانها، علم البيان والبديع، فضل حسن عباس.
وكتاب البلاغة الواضحة.(/)
من يستطيع الأجابه عن الأسئله البلاغيه التاليه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 03:09 م]ـ
بين الوجه البلاغي (المعاني) للايات القرآنيه
1ــ يقول تعالى ((والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء)) (البقره 228) ...
العدد ثلاثة الى تسعة جموع قلة،، وقروء جموع كثرة .. لماذا لم يقل (ثلثة اقراء) وهي جموع قلة، بل استخدم جموع الكثره مع العدد القليل
2 ــ هناك رابطة بلاغيه بين القسم وجوابه أي ان جواب القسم له رابطة بلاغية مع القسم فتعال لنرى كيف يكون الربط البلاغي في قوله تعالى ((والضحى والليل اذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى)) القسم يتحدث عن وقت الضحى والليل الذي يتبعه وهو ظرف،، وجواب القسم خطاب موجه للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم ينفي فيه الوداع أي حدث)) .. ماهي الرابطه البلاغيه بين الضحى والوداع؟!
3 ـ نحن نعلم ان (هاء السكت) ليس لها محل من الاعراب،، فقوله تعالى ((فأما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه)) (الحاقه/19) لماذا لم يقل (كتابي) بل اضاف هاء السكت الى الكتاب فهل المعنى يختلف اذا قال (كتابي) وما هو الاختلاف بين الكلمتين (كتابي) و (كتابيه)؟
سأجيب على جميع الاسئلة التي اطرحها في المنتدى بعد ان ارى جميع الاجابات و معذرة لصعوبة الاسئلة لاني اريد البحث عن اسلوب القرآن وهذا ما يرده الله سبحانه في قوله تعالى ((افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها)
4 ــ (اذا كانت الشمس هي نجم من النجوم لماذا جاء الفعل ((كورت)) مبني للمجهول ومختصا على الشمس بينما جاء الفعل ((انكدرت)) مبني للمعلوم ومختصا للنجوم في قوله تعالى ((اذا الشمس كورت واذا النجوم انكدرت.))
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[19 - 03 - 2008, 09:47 م]ـ
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
أخي الحبيب أحببت أن أدلي بدلوي وأرجو أن يوفقتي الله للصواب
1 - لو نظرنا الى كلمة ثلاثة قروء وجدنا أن ثلاثة عدد قليل وقروء جمع كثرة ولكن لو نظرنا إلى العدد ثلاثة قروء هو عبارة عن (84 يوم تقريبا) وهو ليس بالقليل فلهذا جاءت كلمة قروء على جمع الكثرة وفي القران الكريم أية مثلها قوله تعالى (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل) فكلمة سنابل هنا جمع كثره وقبلها العدد سبعه ......... والله أعلم
2 - بالنسبة للسؤال الثاني الآيات تتكلم عن الوقت أو الزمن فحين أقسم الله بالضحى والليل وهما يدلان على الزمن جاء بكلمتي (ودع و قلى) وهما تدلان على الترك زمنا ...... والله أعلم
3 - أما بالنسبة لها السكت فهي واردة للسكت عند الوقف ويجب فيها السكت لورودها في الايات وأطن والله أعلم أن كلمة (كتابيه) جاءت تخصيصا لأنه كتاب واحد لا غير هو ما ينتظره المؤمن والكافر
4 - أما بالنسبة لكلمة (انكدرت) فهي مبنية للمعلوم ولو نظرنا إلى هذا الفعل لوجدناه من أفعال المطاوعة ولو نظرنا إلى معناه لوجدنا انه يسند الى المفعول معنى فنقول (انفطم الطفل) أي فطمت الام الطفل فهو كأنه مبنيا للمجهول في المعنى
هذا والله أعلم بالصواب
ـ[صباح راشد]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 11:56 ص]ـ
الأستاذ عبد الصمد نرحب بك عضوآ متميزا في منتدى فصيح ونتمنى طرح مواضيع اخرى في منتدانا وبلأخص في اسئله الخاصه في البلاغه و نتمنى الأجابه عن جميع الأسئله المطروحه
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 01:20 م]ـ
الى الاخ فائق الغندور/ فلسطين
1ـ قوله تعالى (ثلثة قروء) لم تدخل الاية القرانية في الجزء مثلما ذكرت ومادام ان الحق سبحانه ذكر العدد ثلثة ولم يذكر اجزاءه فالمراد يالثلاثة وليس ما يحتويه من ايام والا لذكر عدد الايام مثلما ذكرت ولم يقل (ثلثة قروء) ..
2ـ تقول ان الايات في الضحى والوداع تدل على الترك .. كيف يدل وقت الضحى على الترك وهو يتجدد يوميا ويلحقه الليل بينما التوديع المقصود في الاية الكريمه هو انقطاع الوحي لعدد من الايام .. كيف يكون الربط البلاغي بين زمن يتجدد يوميا وحدث حصل مرة واحده .. اعتقد جوابك لم يصل الى الغاية
3ـ (كلمة كتابيه) تقول جاءت تخصيصا نعم انها تخصيصا لكن اذا قال (كتابي) الا يدل على التخصيص ايضا لكن هناك فرق بين الكلمتين لو دققت فيها من خلال السياق السجعي مع الايات التي بعدها ..
لان كلمة كتابيه نقلت الانسان الى عالم اخر ... لقد وضحت لك السؤال والبقية عليك اخي العزيز
4 ـ تقول ان الفعل (انكدرت) من افعال المطاوعه ..... انا اقول لك اذا كان من افعال المطاوعه مثلما تقول لماذا لم يذكره الحق سبحانه مثلما ذكر الشمس واكرر لك ان الشمس هي نجم من النجوم فكيف اختلف الفعل اذا كانت التركيبة واحده؟! .. ابحث عن الجواب في كتاب يتحدث عن تكوين الشمس وماهي محتوياتها واعتقد اسم الكتاب (كل شيء عن النجوم) وكتاب اخر هو (الفلك العام) شكرا لمساهمتك
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 01:21 م]ـ
الى الاستاذ صباح راشد/ الكويت
شكرا على ترحيبك الحار، ان وقتي قصير لمتابعة الجوانب البلاغية ساعطي الكثير واشكرك على كلمتك وسأجيب عن اسئلتي بعد نفاذ كل ما في ذهن المشاركين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 05:49 م]ـ
الى الاخ عبد الصمد .... حفظه الله
شكرا لك على التعليق وان شاء الله لي في القريب مشاركة على هذا الموضوع
ـ[سمير الحلفاوي]ــــــــ[29 - 03 - 2008, 12:38 م]ـ
سؤال الى الأستاذ عبد الصمد من العراق ما هو اعراب كلمة غالب في الأيه160 من سورة آل عمران
ـ[صباح راشد]ــــــــ[29 - 03 - 2008, 12:44 م]ـ
نشكر الأستاذ عبد الصمد من العراق وننتظر منك مواضيع قيمه
ـ[محمد محيسن الهلالات]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 10:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أرجو من الأستاذ عبد الصمد أن يسمح لي بالإجابة عن الرابطة البلاغية في سورة الضحى.
أرى أن هناك أكثر من إجابة:
1ـ إن الله عز وجل قد ذكر حالات متضادة خاصة بالنبي عليه السلام في السورة، يتيم فآواه الله، ضال فهداه الله، عائل فأغناه الله، فأقسم الله عز وجل بشيئين متضادين من مخلوقاته: شدة الليل و ووضح النهار وهو الضحى، ولماذا الليل والضحى بالذات؟! تشبيها للإيواء والهداية والإغناء بالضحى، واليتم والضلال والفقر بالليل. ويمكن القول: إن قول الله عز وجل: "فأما اليتيم فلا تقهر " يرتبط بالقسم أيضا، أي أن اليتيم الذي يعيش في ظلمة الليل إذا سجى يجب عليك يا محمد (عليه السلام) أن تؤويه كما آواك الله ـ عز وجل ـ فيعيش في نور الضحى كما عشت بعد أن آواك الله ـ عز وجل ـ، وهكذا بقية الآيات إلى نهاية السورة.
2ـ إن هناك ارتباطا بين القسم وبين سبب نزول الاية الثالثة: لما اشتكى النبي ـ عليه السلام ـ فلم يقم للصلاة ليلة أو ليلتين .... وقد كانت الصلاة في بداية الأمر في الصباح والمساء فقط، فقال المشركون لقد أبغض محمدا ربُّه، فأنزل الله الآيات .... أي أقسم يا محمد بالوقتين الذين تصلي فيهما أنه ما ودعك ربك وما قلى ....
وعندي إجابة ثالثة ولكن أكتفي بما كتبت، و أرجو أن أكون قد وفقت إلى الإجابة الصحيحة.
" سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 07:15 م]ـ
الى الاخ سمير الحلفاوي/ مصر
كلمة (غالب) اعلرابها اسم (لا) النافيه للجنس التي تعمل عمل (ان) الناسخة ولكن لاثيات النفي
لكم/ خبر (لا)
الى الاخ/ محسن محيسن. الاردن
اني وعدت المشتركين عن الاجايه بعد ان ارى جميع اجاياتهم وعذرا للتاخير لوجود مشاكل فنيه في خط الانترنت في مسكني
شكرا لمساهمتك وعذرا للتأخير لان خط الانترنت عاطل لدي الان لوجود مشاكل فنيه(/)
علوم البلاغة استماعا
ـ[تأبط شعرا]ــــــــ[16 - 03 - 2008, 11:55 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعيون محبي البلاغة أقدم هذا الرابط
http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_191.shtml(/)
ما نوع الصورة البيانية في .... ’؟
ـ[هرمز]ــــــــ[17 - 03 - 2008, 05:36 م]ـ
سلام:
جاء في أحد الكتب قول الكاتب: امضيت ليلة موجعة الأرق.
الرجاء مناقشة الصورة في هده العبارة اهي من المجاز العقلي ام استعارة ام انها كناية.
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 12:26 ص]ـ
لعلها استعارة مكنية
حيث شبه الكاتب الأرق بشيء ملموس أوجعه(/)
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ!!!
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 06:14 ص]ـ
{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف:18].
في قوله تعالى هذا:
تشبيه وطباق؛
أما الطباق: فهو ظاهر بين أيقاظ ورقود.
وأما التشبيه: فهو قسم من أقسام التشبيه، جاءت فيه
الأداة فعلا من أفعال الشك واليقين،
تقول: حسبت زيدا في جراته الأسد،
وعمرا في جوده الغمام،،
فحاصل ذلك تشبيه زيد بالأسد، وعمرو بالغمام.
وفي الآية حاصله:
تشبيه أهل الكهف في حال نومهم بالأيقاظ في بعض صفاتهم؛
لأنه قيل: إنهم كانوا مفتحي العيون في حال نومهم.
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 06:54 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء د/مروان ونفع بعلمك
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 02:03 م]ـ
وتحسبهم ايقاظا الصوره تتطابق مع حالة اليقظه وعلامةلانسان اليقظ ان تكون عيناه مفتوحتان ... وهم رقود والتقدير لكن هم رقود في موضع الحاللان (الواو) حاليه فاعطى الصورة الحقيقية لهم وهم في حالة النوم(/)
طلب صعب
ـ[حسنننن]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 07:30 ص]ـ
صباح الخير
انا عندي طلب بسيط ممكن مساعدة
بحكم ان الكثير منكم يجيد البلاغة في هذا المنتدى
انايوم السبت رايح زواج
واريد منكم مساعدتي
كلمة بسيطة
1 حمدالله على شريعة الزواج والحديث عن الزواج
2 ترحيب بالحضور الكرام انابة عن العريس ووالده
3 تهنئة العريس بهذه المناسبة
4 اربعة ابيات شعرية
5 ختام الكلمة
ـ[حسنننن]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 07:34 ص]ـ
البداية من عندي
الحمدلله الذي شرع لنا الزواج وجعله انجح علاج ..........
الزواج فرحة كبرى يشترك فيها الداعي والمدعو ,,,,,,,,,,,,
ابها الحضور الكرام .....
فاني ارحب بكم والفرحة تغمرني .........
ـ[حسنننن]ــــــــ[18 - 03 - 2008, 03:20 م]ـ
ايش صار
على طلبي(/)
من مصطلحات الحشو بلاغيا
ـ[محمد سعد]ــــــــ[19 - 03 - 2008, 12:21 ص]ـ
وردت تحت باب الحشو مصطلحات رأى مطلقوها أنها تشبه الحشو، ومنها:
1 ـ التتميم: فعندما علٌّق ابن رشيق القيرواني على (ظالمين) في بيت ابن المعتز قال: "إتيانه بهذه الفظة التي هي حشو في ظاهر الأمر أفضل من تركها، وهذا شبيه بالتتميم" (1) وأرى أنّ القول بالتتميم أولى من الحشو في بيت ابن المعتز.
2 ـ الالتفات والاحتراس:
وكذلك عندما علَّق على (إنْ بقيت) في قول الفرزدق (2):
سَتَأتيكَ مِنِّي ـ إن بقيت ـ قصائد = يُقصِّر عن تحبيرها كُلُّ قائل
قال: "فقوله (إن بقيت) حشو في ظاهر لفظه، وقد أفاد به معنى زائداً، وهو شبيه بالالتفات من جهة، وبالاحتراس من جهة أخرى" (3).
3 ـ التطويل: "وهو ألا يتعين الزائد في الكلام" (4)، فالزيادة إذا لم تحقق فائدة في الكلام تسمى تطويلاً أو حشواً وذلك إذا كانت غير متعينة، كالمترادفين: الكذب والمَيْن والنأي والبعد وأقوى وأفقر، ونوم ونعاس، وحظ ونصيب.
ومنه قول عنترة (5):
حُيِّيتَ من طلل تقادم عهده =أقوى وأقفر بعد أم الهيثمفأقوى وأقفر بمعنى واحد، ولا يتغير المعنى بإسقاط أيهما، وأرى أنها جاءت لكمال الوزن وتأكيد المعنى.
ومنه قول الحطيئة (6):
قالت أمامة لا تجزع فقلت لها =إن العزاء وإنّ الصبر قد غلباوالصبر والعزاء بمعنى واحد أيضاً. فنرى القزويني (ت 739هـ) يفرق بينهما فتارة يوضح التطويل بقوله: "وهو ألا يتعين الزائد في الكلام، كقوله: وألفى قولها كَذِباً وميناً"، وتارة يوضح الحشو بقوله: والحشو ما يتعين أنه زائد، وهو ضربان: ما يفسد المعنى (7)، وما لا يفسد المعنى، وذكر بعض الشواهد التي ذكرت سابقاً.
4 ـ الاعتراض: أطلق بعض البلاغيين (8) على الاعتراض مسمى (الحشو)، وذكر ذلك العلوي (ت 749 هـ) في الطراز قائلاً: "وبعضهم يُسميه الحشو؛ وَحَدّه كل كلام أُدخل فيه لفظ مفرد أو مركب لو أسقط لبقي الكلام على حاله في الإفادة" (9) وأضاف أنّ منه لا يأتي في الكلام إلا لفائدة، وهو جار مجرى التوكيد. والآخر أن يأتي في الكلام بغير فائدة، فإما أن يكون دخوله فيه كخروجه منه، وإمّا أن يؤثر في تأليفه نقصاً وفي معناه فساداً (10). فالحشو هو زيادة مفسدة للمعنى أو غير مفسدة كما في الأمثلة السابقة. فكأن مصطلح الحشو مصطلح عروضي يرتبط بالوزن.
.................................
(1) العمدة، ابن رشيق القيرواني، 2/ 114.
(2) ديوان الفرزدق، ص 455.
(3) العمدة، ابن رشيق القيرواني، 2/ 114، وبسيوني عبد الفتاح فيّود، علم المعاني، مؤسسة المختار، القاهرة ودار المعالم الثقافية، السعودية، ط1، 1998م، 2/ 198.
(4) الإيضاح في علم البلاغة، القزويني، ص 174.
(5) ديوان عنترة، دار، بيروت، ط1، 1996م، ص 174.
(6) ديوان الحطيئة برواية وشرح ابن السكيت، تحقيق: نعمان محمد، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 1987م، ص 10.
(7) الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، ص 174.
(8) انظر: ابن المعتز، البديع، ص 154، العسكري، الصناعتين، ص 48، 394، ابن رشيق القيرواني، العمدة، 2/ 71، 1955م، ص 283.
(9) يحيى بن حمزة العلوي، كتاب الطراز، مراجعة وضبط: محمد عبد السلام شاهين ـ دار الكتب العلمية، بيروت، ط1: 1995م، ص 283.
(10) العلوي، الطراز، ص 283 ـ 284.
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:49 ص]ـ
بوركت وجزاكم الله خيرا0(/)
الفرق بين مشتبها و متشابهة
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[19 - 03 - 2008, 01:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الله تعالى بعض أنواع الطعام في سورة الأنعام ووصفها
مرة بأنها مشتبها وغير متشابهة
ووصها مرة بأنها متشابهة وغير متشابهة
فلم عبر تارة بالاشتباه وتارة بالتشابه؟
الجواب:
قال تعالى في سورة الأنعام في الآية 99:
"وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"
وقال أيضا في الآية 141:
"وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"
* الاشتباه هو شدة التشابه إلى حد يؤدي للالتباس
أما التشابه فلا يصل إلى حد اللبس، فالاشتباه أدق وأقوى وأكثر دلالة على القدرة
والآية الأولى فيها بيان القدرة وتعداد الأعمال في موضع تدبر ودعوة للنظر (انظروا إلى ثمره) فكان من المناسب أن يأتي بما هو أدل على القدرة
أما الثانية فهي في سياق ذكر الأطعمة وتعدادها وليس التدبر والنظر، وفي نهايتها قال: (كلوا من ثمره) وليس مقام توجيه النظر إلى دلائل القدرة مباشرة
وقد نفى التشابه في الحالين (غير متشابه) ولكنه لم ينف الاشتباه، لأن نفي التشابه ينفي الاشتباه، ونفي الاشتباه لا ينفي التشابه، فلو نفى الاشتباه لبقي التشابه، ولو نفي التشابه فمن باب أولى عدم الاشتباه، لأن التشابه أقل درجة من الاشتباه فانتفاء القليل يقتضي انتفاء الشديد
و الله تعالى اعلى و أعلم
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:46 ص]ـ
بارك الله فيك0
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 08:52 ص]ـ
:::
قال تعالى:
وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 99)
وقال أيضا:
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأنعام 141)
الاشتباه وارد في حال التشابه فقط، أما في حال عدم التشابه فالاشتباه غير وارد بتاتا، وعدم الاشتباه في هذه الحالة أمر بديهي وتحصيل حاصل، لذلك يكون من باب أولى أن لا يؤتى على ذكره في حال نفي التشابه.
:)
ـ[صباح]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 02:00 م]ـ
بارك الله فيك على هذه الفائدة
ـ[المتفائلة]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 02:30 م]ـ
بارك الله فيكم
موضوعي سورة مريم دراسة بلاغية وأريد تقسيم لأبواب وفصول البحث وأرغب في الرد سريعا على هذا البريد shamaa999************* وشكرا للجميع:)(/)
الجاحظ شيخُ مدرسة الترسل
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[19 - 03 - 2008, 06:57 م]ـ
:::
الجاحظ لمن لا يعرفه هو: عمرو بن بحر الجاحظ، البصري الأديب المتكلم المعتزلي توفي225 هجري. مؤسس علم البلاغة حقاً، فهو أول أديب عربي، فيما نعلم، يقوم بجمع ما يتصل بهذا العلم من كلام من سبقوه وعاصروه، ويضيف إليه ما عدله من أفكار وأراء ثم يتوسع بدراسته، ويعزز مسائله بالأمثلة
وقد تناول مفهوم ((البلاغة)) فحملها على أكثر من معنى، منها ((مطابقة الكلام لمقتضى الحال)) فلكل ضرب من الحديث ضرب من اللفظ، ولكل نوع من المعاني نوع من الأسماء. فالسخيف للسخيف، والخفيف للخفيف، والجزل للجزل، والإفصاح في موضع الإفصاح، والإسترسال في موضع الإسترسال. وهو الذي ينظر إليه البلاغيون والنقاد على انه مقياس من مقاييس البلاغة والنقد، ذلك أن الحكم على بلاغة الكلام مرتبط بمطابقة الكلام لما يتطلبه الموضوع أو الموقف الذي يقال فيه، ولما يقتضيه حال السامعين.
وأولى عنايته بمسألة اللفظ والمعنى وبقضية النظم، فقرر أن الكلام البليغ هو الذي يسابق معناه لفظه، ولفظه معناه فلا يكون لفظه إلى سمعك أسبق إلى معناه إلى قلبك.
يقول الجاحظ: وأحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه، فإذا كان المعنى شريفاً واللفظ بليغاً وكان صحيح الطبع بعيداً عن الاستكراه، ومنزهاً عن الاختلال، ومصوناً عن التكلف، صنع في القلوب صنع الغيث في التربة الكريمة.
ونصَّ على أن الألفاظ المترادفة مختلفة في الدلالة، فليس هنالك لفظ يساوي لفظاً آخر مساواة تامة في دلالته ومعناه، وإذا كلنت الألفاظ من واد واحد، فإن كلا منها يستقل بمرتبة من مراتب المعنى، ويدل على ظل من ظلاله، فألفاظ الشجاع والبطل والبُهْمَةُ والأليس -- مثلاً -- إنما هي ظلال متدرجة لمعنى الشجاعة من بدايتها إلى غايتها.
وأشار إلى أن لكل قوم ألفاظاً حظيت عندهم، وأن كل بليغ في الأرض وصاحب كلام منثور، وكل شاعر في الأرض، وصاحب كلام موزون، لا بد له أن يكون قد ألف ألفاظاً بأعيانها لُيديرها في كلامه، حتى لو كان واسع العلم، غزير المعاني، كثير اللفظ.
وذهب إلى أن البلاغة تبرز من خلال المزاوجة أو الملائمة بين اللفظ والمعنى، وتتمثل في الأسلوب القوي المحكم، أو نظم الألفاظ التي يتطلبها المعنى على نحو يتيح لجوهر المعنى أن يبدو كاملاً واضحاً مؤثراً، وقرر ــ لذلك ــ أن إعجاز القرآن هو تأليفه ونظمه.
واهتم الجاحظ بالبيان العربي، وتأثر به تأثراً ظاهراً، ورأى أن القدرة على الإفهام والتبيين بلاغة، ولعل هذا الإهتمام والتأثر والرؤية حملته على أن يسمي درة مصنفاته: ((البيان والتبيين)).
وأخذ عنه أئمة العلماء كابن قتيبة وابن المعتز والمبرد وابن عبد ربه وقدامة ابن جعفر والرماني وأبي هلال العسكري وابن رشيق القيرواني وعبد القاهر الجرجاني وغيرهم، وبهذا فإنه يحق لنا أن نعده مَعْلَمَاً ظاهراً من معالم نشأة علم البلاغة وارتقائه.
أما بالنسبة لقوله:
" نظم الألفاظ التي يتطلبها المعنى على نحو يتيح لجوهر المعنى أن يبدو كاملاً واضحاً مؤثراً " فإنه يركز على المعنى في سياق الجملة، لا على نظرية النظم كما بينها عبد القاهر الجرجاني.
ويجدر الذكر أن الرأي الآفن من بين الآراء وأبعدها عن الصواب رأي إبراهيم النَظَّام صاحب المذهب الذي يُنسب إليه (مذهب الصَّرفة) إذ قال:
إنَّ القرآن ليس معجزاً بفصاحته وبلاغته، وإنَّ العرب كانوا قادرين على أن يأتوا بمثله، لكن الله صرفهم عن ذلك تصديقاً لنبيه، وتأييداً لرسوله حتى يؤدي رسالات ربه.
فانبرى للرد عليه جم غفير من العلماء من بينهم الجاحظ صاحب مذهبه في الإعتزال، والباقلاني إمام الأشاعرة في زمانه، وإمام الحرمين، والفخر الرازي، وناضلوا نضالهم المحمود الذي خُلد لهم في بطون الأسفار، فكتبوا الفصول الممتعة مبينيين خطل رأيه وفساد مذهبه، بما أملته عليهم قرائحهم الوقادة، وأفكارهم النقادة، حتى لم يبق في القوس منزع، ولا زيادة لمستزيد(/)
ممكن أحد يوضح لنا هذا الأمر
ـ[راكان العنزي]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 01:04 ص]ـ
:::
قال تعالى
قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ {123} لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ {124} الأعراف
قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى {71} طه
قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ {49} الشعراء
السؤال الأول= لمَ قال تعالى في الآية الأولى به والآيتين التي بعدها قال له؟؟؟
السؤال الثاني = لماذا ذكر كلمة لَكَبِيرُكُمُ في الآيتين الثانية والثالثة وحذفها من الأولى؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[22 - 03 - 2008, 07:14 ص]ـ
هناك من يرى أنّ ضمير الغيبة في (آمنتم به) يعود لربّ العالمين، لأنّه تعالى حكى عنهم: (قالوا آمنا برب العالمين)، وهو الذي دعا إليه موسى عليه السلام .. وأمّا الضمير في (آمنتم له) فيعود لموسى عليه السلام، والدليل على ذلك أنّها جاءت في طه والشعراء وبعدها في كلّ واحدة منهما: (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ)، فالهاء في (إنّه) هي التي في (آمنتم له)، ولا خلاف أنّ هذه لموسى عليه السلام، والذي جاء بعد قوله (آمنتم به) قوله: (إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ)، أي إظهاركم ما أظهرتم من الإيمان برب العالمين وقع على تواطؤ منكم أخفيتموه، لتستولوا على العباد والبلاد ..
ويجوز أن يكون الضمير في (آمنتم به) و (آمنتم له) لموسى عليه السلام، والفرق بينهما أنّ معنى قوله (آمنتم به): صدّقتم به، فالباء للتصديق .. ومعنى قوله (آمنتم له): انقدتم له، فاللام للانقياد، فبدأ بالتصديق في الآية التي ذُكرت أولاً، ثمّ ثنّى بالانقياد في الآيتين اللتين ذُكرتا فيما بعد ..
وهذا أمر بديهيّ فإنّ الإنسان يصدّق أولاً في المبدأ الذي يؤمن به ثمّ ينقاد له ..
المصدر: ملاك التأويل للغرناطي، ودرّة التنزيل للإسكافي .. بتصرّف ..
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:44 ص]ـ
ماأجمل ـوالله ـ إجابتك 0وجزاكم الله خيرا, كيف أحصل على المراجع0
ـ[راكان العنزي]ــــــــ[27 - 03 - 2008, 04:10 م]ـ
درة التنزيل وغرة التأويل
http://www.wadod.net/open.php?cat=16&book=1076
وبارك الله فيك أخي لؤي الطيبي(/)
البلاغة المتناهية
ـ[هاني سعيد محمد]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 05:13 ص]ـ
قد يصل النص الأدبي في كثير من الأحايين إلى ما يمكن أن نسميه بـ:"ذروة البلاغة"، ويمكن أن نستكشف ذلك من خلال تحليل ذلك البيت، الذي يقول فيه الشاعر:
وَأخفتَ أهلَ الشّركِ حتى أنّه لتخافك النُّطفُ التي لم تخلقْ
لقد عدّ نقادنا القدماء ذلك البيت من البلاغات الممقوتة؛ لكونه وصل إلى حد من المبالغة المرفوضة.
لكنا نجد لنا رؤية في جمالية هذا البيت، تكمن في أن الشاعر يريد أن يخبر الممدوح بأنه قد أباد أهل الشرك عن بكرة أبيهم بمجرد الخوف (وأخفتَ) وهو شعور مجرد؛ إذ إن خوف النطف يستتبع عدم نزولها، وعدم نزولها يستتبع موتها في أصلاب أصحابها، ومع استمرار الخوف يستمر تلاشي النطف، فيحدث الانقراض الذي هو قرين التوقف، وكأنه قد أعمل فيهم سلاح الخوف فحصد رقابهم التي لم تخلق بعد. ويمكن لنا أن نتحقق من دلالة الخوف هذه، من خلال تكرار الفعل (خاف) الذي جاء مضارعا في المرة الثانية؛ ليدل على الاستمراروالديمومة، وبذلك نستطيع أن نقول: إنها حقا بلاغة متناهية.(/)
أنواع القرينة في المجاز العقلي
ـ[تأبط شعرا]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 10:18 ص]ـ
أنواع القرينة في المجازالعقليّ.
لا بدّ في كل مجاز مِن قرينة تَصرفعن إرادة المعنى الظاهر، وتدل على المعنى المراد. والمجاز العقلي لا يشذ عن هذهالقاعدة التي لا بد من وجودها في كل مجاز، فلا بد أيضا في المجاز العقلي من قرينة -يعني: علامة ودليل- تَصْرف عن إرادة الإسناد الظاهري وتدلّ على الإسناد المجازي، أي: أنه لا بد أن يوجد علامة أو دليل تُعلم بأن في هذه الجملة إسناداًمجازياً.
وهذا هو المراد من قول الخطيب في تعريف المجازالعقلي: "بتأوّل"؛ لأنه قال: "إسناد الفعل أو ما في معناه إلى مُلابس له غير ما هوله بتأوّل". وقد شرحنا كلمة "التأوّل"، أي: بقرينة أو علامة صارفة عن إرادة الظاهرمن الإسناد؛ وذلك لأن التأويل معناه: صرْف الشيء عن ظاهره إلى غيره ومعرفة ما يؤولإليه المعنى.
فالمتبادر والظاهر من قولهم: "أنبت الربيعُالزهرَ": أن الإسناد في التركيب إلى فاعله الحقيقي، لكن القرينة تصرف عن إرادة هذاالظاهر المتبادَر، تماماً كما في المجاز اللغوي عندما تقول: "رأيت أسداً يصرعالأعداء في ميدان القتال"؛ ففي البداية، أو المتبادر، أو الظاهر أولاً: أنّ الأسدهو الحيوان المفترس، لكنك عندما تتأمل في القرينة: "يصرع الأعداء في ميدان القتال"،تعلم أنّ الأسد هنا ليس هو الأسد الحقيقي، وإنما هو الرجل الشجاع.
وإذا ما رجعنا إلى قرينة المجاز العقلي، نجدأنها ليست لوناً واحداً، إنما هي قرينة متنوّعة ولها صوَر مختلفة. فهي أولاً تنقسمإلى قسميْن رئيسيْن:
إمّا أن تكون القرينة في المجاز العقلي: لفظيّة.
وإمّا أن تكون حاليّة.
فأما القرينةاللفظية: فهي أن يكون هناك لفظ مذكور في سياق الإسناد المجازي، يُوضح لنا أنالإسناد ليس على حقيقته.
وقد جاء ذلك في قول أبي النَّجم الفَضل بنقدامة:
قد أصبحت أُمُّ الخيارتَدَّعِي
عليّ ذنباً كله لمأَصْنَعِ
من أن رَأَتْ رأسي كرأسالأصلعِ
ميّز عنه قُنْزُعَاً عنقُنْزُعِ
جَذْبُ اللياليأَبْطِئِي أو أَسْرِعِي
"قد أصبحت أم الخيار تدّعي عليّ ذنباً": أمّالخيار يبدو أنها زوجه، لأن النساء كثيراً ما يتّهمن الرجال بما لم يفعلوا، فقدأصبحت أم الخيار تدّعي.
"عليّ ذنباً كله لم أصنع: من أن رأت رأسي كرأسالأصلع": من هنا سببية، أو للتعليل، يعني: بسبب أن رأت رأسي قليل الشعر، وأصبحقريباً من رأس الأصلع، ويبدو أن هذا لم يُعجب امرأته فيه.
"ميّز عنه قنزعاً عن قنزعِ": القنزع: قالوا هوالشعر المجتمع في نواحي الرأس، يعني: فرّق بين هذا الشعر المجتمع. "جذْب الليالي" لأن فاعل "ميّز" "جذبُ الليالي"، و"جذْبُ الليالي" يعني: كرور الأيام والليالي، أواستمرار الأيام والليالي، سواء كانت بطيئة أو سريعة.
فـ"ميّز عنه قنزعاً عن قنزعِ" يعني: فرّق بينشعر رأسي المجتمع مجموعة بعد مجموعة، فرّق بينها جذب الليالي.
"أبطِئي أو أسرِعي": عندما تجيء جملة إنشائية، كالأمر هنا: "أبطئي أو أسْرعي"، وتكون حالاً ممّا قبلها، فإنه لا بد أن يُقدّر فيهاالقول، أي: ميّز شعري المجتمع مجموعة بعد مجموعة جذبُ الليالي، مقولاً فيها: "أبطئي! أو أسرعي! ". فلا بدّ من تقدير القول فيها. والمقصود بالليالي البطيئة: هيليالي الحزن، وبالليالي السريعة: هي ليالي المسرّة.
فهنا، أسند الفعل: "ميّز" -ميّز عنه قنزعاً عنقنزعِ- إلى قوله: "جذْب الليالي". جعل جذْب الليالي هو الذي فرّق بين شعره المجتمعمجموعة بعد مجموعة، ولا شك أنّ ذلك ليس من فعْل الأيام ولا الليالي، لأن اللياليوالأيام إنما هي زمن تحدث فيه الأحداث، فليس جذب الليالي هو فاعل هذا الفعل.
لو وقفنا عند هذا المجاز قبل أن نعرف قرينته، لربّما قيل: إن هذا إسناد حقيقي، لأن الشاعر يعتقد أنّ الذي أوقع كثيراً مِن شَعرهإنما هو مرور الأيام، ويعتقد في ذلك، وظاهر حاله ذلك؛ لكننا عندما نتابع الأبياتبعد ذلك نجد الشاعر بعد ذلك يقول: "أفناه" الضمير يعود على شَعره، "قيلُ الله للشمساطلعي"، "حتى إذا واراك -يعني: ستَرك- أفق -وهو: ناحية السماء- فارجعي"، بمعنى: إذاغيّبك أو ستَرك أفق، فارجعي في اليوم التالي.
(يُتْبَعُ)
(/)
"فأفناه قيلُ الله للشمس": يعني معناه: أنهيؤمن بأن الله هو الفاعل الحقيقي للأشياء، وأنه رجل مسلم، عند ذلك نقول: أنه لايعتقد أنّ فاعل "ميّز" هو "جذْب الليالي"، ولكن أتى به عن طريق المجاز، بدليل أنهأسند فعْل الإفناء للشعر بعد ذلك إلى قول الله للشمس: "اطلعي! "، يعني: إلى أمر اللهللشمس. فهذه قرينة لفظية جاءت في الكلام بيّنتْ لي أن إسناد "ميّز" إلى جذب اللياليإنما هو مجاز عقلي وليس حقيقة عقلية.
ومثل هذه القرينة اللفظية جاء في قول السلطانالعبدي قُثَم بن خبية:
أَشَابَ الصغيرَ وأَفَنىالكبيرَ
كَرُّ الغداة ومَرُّالعشيّ
الغداة: هي أوّل النهار، وكرّها بمعنى: رجوعالغداة بعد ذهابها، والعشي هو: أول الليل.
فأسند فعْل الإشابة إلى رجوع الغداة، وإلى مرورأوائل الليل. لكن إذا نظرنا إلى الظاهر، نقول هذا إسناد حقيقيّ نظراً لأنه فيمايبدو لنا في الظاهر: أنّ الشاعر يؤمن بأن الذي أحدث الشيب في رأس الصغير وأماتالكبير هو: "كرّ الغداة ومرّ العشيّ".
لكننا عندما نتابع هذه القصيدة التي فيها هذاالبيت، نجد فيها ما يدلّ على أنه لم يُرِد بإسناد الإشابة والإفناء إلى كرّ الغداةومرّ العشي، الظاهر بدليل أنه قال: "فمِلّتنا أننا مسلمون على دين صِدِّيقِناوالنبي". فهذا دليل على أنه مؤمن موحد، وعلى طريقة أهل السنة والجماعة. وهذا دليللفظي، أو قرينة لفظية، على أن الإسناد في "أشاب" و"أفنى" إنما هو إسناد مجازي.
قلنا: إن القرينة، أو العلامة التي تدلّنا علىالمجاز قد تكون غير لفظية، و قد عبروا عنها أحياناً بقرينة معنوية أو قرينة حالية، وهذا النوع من القرينة الغير لفظية، أو الحالية، أو المعنوية، تأتي تحتها ثلاثصوَر، منها:
استحالة صدور المسنَد من المسنَد إليه، المذكورفي الكلام أو قيامه به، لأن الفاعل هو مَنْ أحدث الفعل وصدر عنه الفعل، أو من اتصفبالفعل. فإذا كان هذا الفعل وما في معنى الفعل يستحيل صدوره من جهة العقل بهذاالفاعل، فإن هذه قرينة حالية أو غير لفظية أو قرينة معنوية، ومن ذلك قولهم: "محبتكجاءت بي إليك" و "سرّتني رؤيتك"، لأنه من الواضح استحالة اتصاف المحبة بالمجيءواتصاف الرؤية بالسرور. هذه استحالة عقلية، العقل لا يتصوّّر ذلك وبالتالي فهذهقرينة حالية، وهي الاستحالة العقلية.
أما الصورة الثانية من صوَر القرينة غيراللفظية: فمنها: أن تكون استحالة صدور المسند من المسند إليه المذكور في الكلام، أوقيامه به إنما هي استحالة عادية عُرفية على حسب العادة والعرف بين الناس، نحو أنتقول: "هزم القائد جيوش الأعداء". "وكسا الأمير فلان الكعبة"، و"بنى الوزير مدرسة"؛فهنا من المستحيل بحكم العادة والعرف، أن تصدر هذه الأفعال عن القائد، أو عنالأمير، أو عن الوزير. العادة والعرف: أن الوزير أو القائد أو الأمير يصدر أمراً، والتنفيذيون هم الذين يقومون بتنفيذ هذا الأمر، وإن كان العقل لا يمنع من أن يباشرالأمير والقائد والوزير هذه الأفعال بأنفسهم، هذا متصور من الناحية العقلية، ولكننانقول بالمجاز في هذه الأمثلة من الإسناد بناءً على الأعراف التي تواضع عليها الناسوتعارفوها فيما بينهم.
ومن صوَر القرينة غير اللفظية أو الحالية أوالمعنوية: أن نعلم صدور الكلام من مسلم موحِّد يعتنق مذهب أهل السنة والجماعة، كمافي قول مَن تعرف حاله على هذا النحو: "شفى الطبيب المريض" وأمثالَه. فلو أنك سمعتهذا وعلمت أن صاحبه مسلم يعتنق مذهب أهل السنة والجماعة، وهو لا يعتقد بأن الطبيبهو الفاعل الحقيقي وإنما هو سبب من الأسباب، عند ذلك تكون معرفة حال القائل هناقرينة معنوية من صوَر القرينة المعنوية. وبذا يتبيّن لنا: لا بدّ في المجاز العقليمن وجود قرينة، وهذه القرينة قد تتنوع ما بين لفظية إلى معنوية، وإن كان الغالب علىقرائن المجاز العقلي هي القرائن المعنوية، كالاستحالة العقلية، والاستحالة العرفية، ومعرفة عقيدة المتكلم.
ـ[أبوحسام ألأشقر]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 01:11 ص]ـ
بارك الله فيكم ونحن لك من الشاكزين على هذه المعلومات القيمة ........(/)
سؤال يحيرني ..
ـ[لؤلؤة الشرق]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 03:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ..
تحية إلى كل أعضاء المنتدى ..
بحثت في كثير من الكتب ولم أجد الإجابة الشافيةلسبب التقديم والتأخير في هاتين الأيتين وأرجو ممن لهم الإختصاص في هذا الأمر ... إفادتي ....
الأية الاولى (ولقد صرفنا للناس فى هذا القرءان من كل مثل فأبى أكثر الناس إلاكفوراً) 89 الإسراء
الأية الثانية (ولقد صرفنا فى هذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) 54 الكهف.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[22 - 03 - 2008, 06:58 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
مرحباً بك أختنا الكريمة لؤلؤة الشرق في الفصيح، ونرجو لك النفع والفائدة ..
أما لماذا قدّم (للناس) على (في هذا القرآن) في الإسراء، في حين أنّه قدّم (في هذا القرآن) على (للناس) في الكهف .. فجوابه والله أعلم أنّ المقام في الإسراء مقام تحدٍّ وإعجاز .. تحدٍّ للإنس والجنّ أن يأتوا بمثل هذا القرآن مشروطاً مظاهرة بعضهم لبعض .. فالتحدّي قد بلغ النهاية باشتراط اجتماعهم ..
ثمّ إنّ المقصود بالتحدّي بالدرجة الأولى هم الإنس .. لأنّهم هم الذين زعموا أنّ مقدورهم أن يأتوا بمثل القرآن فكان تقديمهم فيه شبه تعريض بهم .. حاصله أنّ ما زعموا محاكاته قد صرفنا فيه من كلّ مثل .. و (صرّفنا) أي رددنا وكرّرنا غرائب الأمثال لهم ليهتدوا فأبوا إلا الإعراض والبطر بدل أن يشكروا هذه النعم الموجبة للشكر والداعية إلى الهداية، وكيف لهم أن يحاكوه وما هم منه على صدر أو ورد ..
أما في سورة الكهف، فقدّم (في هذا القرآن) لأنّ السورة من أول الأمر أشارت إلى فضل القرآن، وأثنت عليه (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّمًا ... )، ولأنّ سياق الحديث وارد في أهوال يوم القيامة (وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا * وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) ..
والقرآن آخر الكتب نزولاً فكأنّه يقول لهم: إنّ هذا القرآن كان فيه نفعكم، لأنّه الحقّ فجادلتم فيه ولم تؤمنوا به .. ولأنّ سورة الكهف قد سردت قصّة أهل الكهف وقصّة الرجلين وضربت مثلاً للحياة الدنيا، ثمّ أشارت إلى آدم والملائكة وإباء إبليس السجود لآدم، وذكرت تفصيلاً قصة ذي القرنين ويأجوج ومأجوج، فهي إذن سجلّ حافل بالمثل والقصّة ..
من كتاب خصائص التعبير القرآني للدكتور عبد العظيم المطعني. بتصرف ..
ـ[لؤلؤة الشرق]ــــــــ[22 - 03 - 2008, 03:00 م]ـ
جزاك الله ألف خير على مساعدتي
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:33 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ,وماأروع إجابتك ولتكتمل الفائدة أرجو ذكر بعض المراجع التى يرجع إليها فى مثل هذه الآيات الكريمات0
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 07:50 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله أخي الحبيب على هذا التفسير الرائع
جزاك الله خيرا
/////////////////////////////////////////////////(/)
كلمة أف ومعناها الصوتي
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 10:32 م]ـ
:::
قال تعالى (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)
كلمة أف معناها لغة هي اسم فعل مضارع بمعنى (أتضجر)
ولكن لو نظرنا إليها من مفهومها الصوتي لوجدنا أنها تحتوي على فوائد عدة منها:
1 – أنها تتكون من حرفين (الهمزة والهاء) وأن الهمزة تخرج من أقصى الحنجره وهي تعني أنها أول حرف يخرج من الرئتين، أما الفاء فهو حرف شفوي ويعتبر آخر حرف يخرج من الفم فاذا كان الحرف الأخير (الهمزة) والحرف الاول (الفاء) لا يجوز أن تنطق بهما فالاولى ألا تنطق بما بينهما (أعني باقي حروف اللغة)
2 – أن الهمزة عند النطق بها لا يتحرك اللسان وكذلك الفاء لا يتحرك بها اللسان فالأجدر بك أن لا تنطق أي حرف يتحرك به لسانك اتجاه والديك
فهل من مزيد وجازكم الله خيرا؟
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[20 - 03 - 2008, 10:55 م]ـ
أخي الكريم فائق
شكرا لك على هذه الكلمات الذهبية
ونعم، بانتظار المزيد - (((جزاكم))) الله خيرا
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[21 - 03 - 2008, 09:55 ص]ـ
فأما قوله: أفةً وتفةً فإنما تقديره من المصادر: نتناً، ودفراً فإن أفردت أف بغير هاءٍ فهو مبني؛ لأنه في موضع المصدر وليس بمصدر، وإنما قوي حيث عطفت عليه؛ لأنك أجريته مجرى الأسماء المتمكنة في العطف.
فإذا أفردته بني على الفتح والكسر والضم، وتنونه إن جعلته نكرة. وفي كتاب الله عز وجل: "فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما".
وقال: "أفٍّ لكم ولما تعبدون" كل هذا جائزٌ جيد.
وهذه المبنيات إذا جعلت شيئاً منها نكرةً نونت، نحو:
إيه يا فتى، وقال الغراب: غاقٍ غاقٍ يا فتى كذا تأويلها.
(المقتضب؛ لأبي العباس المبرد)
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 03 - 2008, 01:33 م]ـ
جزاك الله خيرا
على هذا البيان الطيب(/)
الرجاء المساعدة
ـ[مشعل الليل]ــــــــ[21 - 03 - 2008, 02:54 م]ـ
ما المقصود بالمدح والذم في القرآن؟ مع ذكر بعض الأمثلة عليهما؟
كذلك مالمقصود بإفحام الخصم في القرآن مع الأمثلة؟
وجزاكم الله كل خير.(/)
الاستفهام بـ"الهمزة"، وأحكامه.
ـ[تأبط شعرا]ــــــــ[23 - 03 - 2008, 12:36 ص]ـ
الاستفهام بـ"الهمزة"، وأحكامه.
إليك إيضاح بناء الجملة مع "الهمزة"، وبناء الجملة مع "هل"، وبيان ما يُسأل عنه ببقيّة أدوات الاستفهام، بعد أن ننتهي من أحكام "الهمزة" وأحكام "هل".
ونبدأ أوّلاً بأحكام الهمزة؛
إنَّ الهمزة إمّا أن يُطلببها التصديق، أي: يُطلب بها العلْم بنسبة المسنَد للمسنَد إليه ثبوتاً أو نفياً، وإمَّا أن يُطلب بها التصوّر، يعني: يُطلب بها العلْم بجزء واحد من أجزاء الجملة.
فإذاً الهمزة يُطلب بها: إمَّا التصديق، أي: علْم النسبة الواقعة بين المسنَدوالمسنَد إليه ثبوتاً أو نفياً، وذلك عندما يكون السائل عالِماً بأجزاء الإسناد -يعني: عالِماً بمكوِّنات الإسناد-، ولكنَّه يجهل الحُكم، أو النسبة، أو مضمون الجملة؛ فهو يسأل ليعرفَ هذا الحُكم.
وإمّا أن يطلب بـ"الهمزة" التصوّر، وهو: إدراك أحد أجزاء الجملة. ولا تكون "الهمزة" للتصوّر إلا إذا كان السائل عالِماً بالحُكم، ولكنَّه يجهل أحد أجزاءالبناء.
فإذا كانت "الهمزة" لطلب التصديق، كان جواب الاستفهام عنها بـ"نعم" أوبـ"لا". ولا يُذكر معها معادل. ويليها غالباً الفعلُ إن وُجد. يعني: إن وُجد الفعل في الجملة، فالغالب أن يأتي الفعل بعد "الهمزة" مباشرة -همزة التصديق- تقول: "أنجح خالدٌ؟ ". هنا وقع الفعل بعد "الهمزة"؛ وهذا هو الغالب.
وأمّا إذا لم يكن في الجملة فعْل، تقول: "أعمرو شجاعٌ؟ ". أنت تعلم معنى النجاح في: "أنجح خالد؟ "، وتعلم خالداً. وفي جملة: "أعمرو شجاع؟ " أنت تعرف عمراً، وتعرف معنى الشجاعة، ولكنك تجهل نسبة النجاح إلى خالد، أو نسبة الشجاعة إلى عمرو؛ فأنت هنا متصوّر لأجزاء الكلام في "نجح"، و"خالد"، و"عمرو"، و"شجاع". وتتصوّر النسبة بين النجاح وخالد، وعمرو وشجاع؛ ولكنك تجهل وقوع النسبة، هل تحقّق النجاح لخالد؟ هل تحقّقت الشجاعة لعمرو؟ هذا هو ما تجهله. أواقعةٌ هذه النسبة ومحقَّقة، أم غير واقعةولا محقّقة؟
ولذلك يُجاب سؤالك بـ"نعم"، أو بـ"لا". فتقول في الإجابة عن "أنَجَح خالد؟ " إذاكان النجاح قد ثبت لخالد، تقول: "نعم نجح خالد". وإذا كان النجاح لم يَثبت له، تقول: "لا، لم ينجح خالد". وكذلك تقول في الإجابة عن: "أعمرو شجاع؟ ": "نعم عمروشجاع"، إذا كان قد ثبتت له الشجاعة. وتقول: "لا، ليس عمرو شجاعاً"، إذا كانت لم تثبت له.
فـ"همزة" التصديق، السؤال بها عن النسبة. وأجزاء الجملة معروفة للسائل، ومتصوِّرتصوراً عامّاً للنسبة، ولكنه لا يدري: هل هذه النسبة واقعة ومحقّقة، أو غير واقعةولا محقّقة؟ والإجابة عن "همزة" التصديق تكون بـ"نعم"، أو بـ"لا"، أي: بتحقُّق هذهالنسبة ووقوعها، أو بعدم تحقُّقها.
ومن ذلك: قولُ الشاعر:
أأترُك إن قلَّتْ دراهمُ خالدٍ
زيارَتَه إنِّي إذاًلَلَئيمُ
وهناك رواية أخرى:
أأترُك أَنْ قلَّتْ دراهمُ خالدٍ
ًزيارتَه إنِّي إذاً لَلَئيمُ
والمعنى: أأترك زيارة خالدٍ لأنّ دراهمه قد قلّتْ؟ يعني: كنت أزوره أيام كان مالُه وفيراً، فإذا ما قلَّ مالُه هل أترك زيارته؟
"إنِّي إذاً لَلَئيم" لو فعلت ذلك، لأن اللئيم هو: مَن لا يعترف بالجميل.
فهنا:
أأترُك أَنْ قلَّتْ دراهمُ خالدٍ
ًزيارتَه ...
فالجواب هنا بالنَّفي، أي: لا، يعني: لن أتركَ زيارتَه إنْ قلّ مالُه، لأنَّ السؤال هنا عن التصديق، عن وقوع التّرك منك -أيها الإنسان- الذي كان خالد يكرمك، ويجود عليك فيما مضى، تقول: "أأترك؟ ". والجواب: "لن أتركَ زيارته إن قلّ مالُه، وإلاّ لو حدث منِّي ذلك لكنت لئيماً".
فالسؤال -هنا- هو عن التَّصديق، يعني: عن نسبة وقوع فعْل الترك مِن المتكلِّم بهذا البيت؛ إذ المتكلّم يعرف الفعل -وهو: الترك-، ويتصوَّر الفاعل، لأنه هوالمتكلِّم نفسُه، ويعلم المفعول -وهو: زيارةُ خالد-، كما أنه يتصوَّر النسبة بين تلك الأجزاء تصوُّراً مبهماً، أو إجماليّاً، ولكنه يتساءل: أيقعُ منه تركُ زيارةخالد، أم لا يقع ترْك زيارة خالد؟
فالإجابة تكون: إذا كان لئيماً يقول: "نعم يقع مني ترْك زيارة خالد". أو إنكان كريماً يقول: "لا، لن يقع مني تركُ زيارة خالد".
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن ذُكر معادل بعد "أم"، واقعاً بعد "همزة" التصديق هذه، كانت "أمْ" منقطعةً. يعني: لو جاءت "همزة" التصديق وبعدها جملة، ثم وقع بعد هذه الجملة لفظ "أمْ"، ثم وقع بعد لفظ "أم" جملة أخرى، هنا: هل ما بعد "أم" يكون معادلاً لِما قبلها؟ أي: مساوياً له. وهل "أمْ" هنا تكون متّصلة، أم تكون منقطعة؟
قالوا: لو وقعت "أم" وبعدها كلام بعد "همزة" التصديق، فإنّ "أم" تكون منقطعة، ويكون معناها "بل". ونحن نعلم أنَّ "بل" للإضراب، أي: للإضراب عن الكلام السابق كأنَّه لم يُقَل، فهو مسكوت عنه. فـ"أم" هنا في هذه الحالة لا تكون حرفَ عطف يصِلُما بعده بما قبْله؛ بل تكون منقطعة، والمعنى فيها بمعنى "بل"، وكان بعدها همزة أخرىمقدّرة في الكلام.
بالمثال يتّضح المقال، قال الشاعر:
ولست أُبالي بعْد فقدي مالِكاً
أموتيَ ناءٍ أمْ هو الآنَ واقعُ
يعني: لست أهتمُّ بعد أن فقدتُ مالكاً، أأموت الآنَ أم يتأخَّر موتي لمدَّة؟ "أموتي ناءٍ" أي: بعيد، أي: سأعمّر بعده أمْ أموت الآن. لا أهتمُّ بحياتي بعد أنفقدتُ هذا الرجل. هنا: "أموتي ناءٍ": تلحظ أنّ "همزة" الاستفهام هنا دخلت على جملةاسميَّة -"موتي": مبتدأ، و"ناءٍ: خبر المبتدإ-. والسؤال إذاً هنا عن نسبة وقوع البعد عن موْته، هل هي متحقِّقة، أم لا؟ ويكون الجواب عنها بـ"نعم، موتي ناءٍ" أي: سيُؤخَّر عمري، أو: "لا، موتي لن يؤخر، وسأموت الآن".
"أموتي ناءٍ؟ ": الهمزة هنا للتصديق، وقع بعدها "أم" وجملة أخرى.
"أم هو الآن واقع؟ "، أهو -يعني: الموت- أم الموت الآن واقع؟ فالسؤال بـ"الهمزة" هنا عن النسبة؛ فهي للتصديق. و"أم" هنا ليست حرف عطف تصِل ما بعدها بما قبْلها؛ بلهي منقطعة، أي: تقطع ما بعدها عمَّا قبلها، وهي بمعنى "بل"، ويُقدّر بعدها همزةُاستفهام أخرى، وكأنّ معنا استفهاميْن، وليس استفهاماً واحداً. فـ"أمْ" هنا بمعنى: "بل"، للإضراب عن الكلام السابق، وكأنَّه مسكوت عنه، وليس موضوعاً في الاعتبار، للإضراب عن التساؤل: "أموتي ناءٍ؟ ". والتقدير: "بل أهو الآن واقع؟ "، وبعدها همزةمقدَّرة يُسأل بها سؤالٌ آخَر. والمعنى: "أموتي ناءٍ؟ "، ثم يُضرب عن هذا الكلام، ثم يقول: "بل أهو الآن واقع؟ "؛ وكأنه يتمنَّى أن يموت الآن وألاّ يُعمّر طويلاً.
إذاً، هنا كلامان، وليس كلاماً واحداً، وهذا بخلاف "همزة" التصوّر
إذاً، "همزة" التصديق لا يقع بعدها "أم"، فإن وجدنا في الكلام الفصيح وقوعُ "أم" بعد "همزة" التصديق، كانت "أم" منقطعةً بمعنى "بل"، ويقدّر بعدها "همزةُ" استفهامٍ داخلة على الكلام الواقع بعدها؛ ويكون معنا سؤالان، وجملتان مستقلَّتان: الأولى مُضرب عنها ومسكوتٌ عنها، والثانية هي المقصودة بالسؤال.
وبذلك نكون قد انتهينا من أحكام "همزة" التصديق، يُسأل بها عن النسبة، أي: ثبوت المسنَد للمسنَد إليه أو نفْيه عنه. ويجاب عنها بـ"نعم" أو بـ"لا"، ولا تقع بعدها "أم". فإذا وقعت بعدها "أم"، كانت منقطعة، وكان معناها "بل" التي للإضراب، وكان بعدها "همزة" مقدَّرة داخلة على الكلام الذي جاء بعدها؛ ويصبح الكلام جملتيْن مستقلّتيْن: الأولى في حكْم المسكوت عنها، أضرب عنها القائل. والثانية هي المقصودةُبالسؤال، ويجاب عن الثانية: "أم هو الآن واقع؟ " بتقدير: بل أهو الآن واقع؟ يُجاب عن ذلك بـ"نعم" أو بـ"لا".
هذه همزة التصديق. والله أعلم.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 03 - 2008, 09:35 م]ـ
الأستاذ الكريم تأبط شعرا ..
إنّ مقالاتك أكثر من رائعة، بارك الله فيك، ونفع بعلمك ..
ولكن حاول يا أخي أنْ تحدّ من استخدام أشكال الخطوط الصعبة، مثل الخط الأندلسي، فإنّه يتعب النظر، ولا يعين على قراءة الموضوع كاملاً ..
ودمتَ سالماً معافى ..
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ,وأشارك أستاذى الفاضل لؤى اقتراحه0(/)
موضع الاستفهام في الآيات
ـ[لؤلؤة الشرق]ــــــــ[24 - 03 - 2008, 09:37 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .... اطلب منكم إفادتي لموضع الإستفهام في الايتين ...
الاية1 (قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) 114 سورة الإعراف
الاية2 (قَالَ نَعَم وَإَنَّكُمْ إذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) 42 سورة الشعراء
لم يذكر في الاولى وذكر في الثانية؟؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 03 - 2008, 10:42 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
لا أدري ما الذي تقصدينه بالاستفهام أختي الكريمة ..
فأنّ (إذاً) تقع جواباً وجزاءً .. والمعنى في السورتين مقصود به الجزاء ..
فوقع في الأعراف الاكتفاء بقوله: (نعم)، لما بُنيت عليه القصة من الإيجاز، بمعنى: إنْ غلبتم، فلكم ما أردتم من الأجر وزيادة في التقريب .. وأما في الشعراء فأفصح بالأداة المحرزة له (إذاً)، ليناسب بزيادتها الإطناب المبنيّ عليه ما قبل هذه الآية ..
والله أعلم ..(/)
سؤااال لأهل البلاغة؟؟؟؟
ـ[نوووورا]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 12:48 م]ـ
ما البلاغة في بيت الخنساء: كأنه علمٌ في رأسه نار؟؟
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:20 ص]ـ
فى البيت تشبيه جميل ,فصخر بلغ من الشهرة وذيوع الصيت ماجعله محط أنظار الهداة, فهو كالجبل الأشم فى الشموخ والارتفاع, وهذا الجبل قد أوقد على قمته نار تهدى السائرين وكانت عادة الكرام فى الماضى أن يضىء الرجل نارا فى مكان مرتفع ليصل إليه الضيفان ليلا بسهولة وهى بذلك زادته شموخا ورفعة هذا ماظهرلى من النظرة الأولى والله أعلم 0
ـ[نوووورا]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 01:44 ص]ـ
جُزيت خيراً 000000
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[27 - 03 - 2008, 10:34 ص]ـ
النار دليل على رغبة القوم في إكرام الضيوف، فمدحت صخرا بذلك وقالت أيضا: وإن ضخرا إذا نشتو لنحار، أي كثير النحر وذلك حتى في أوقات الشتاء التي هي أوقات جدب، عكس القوم الذين هجاهم جرير:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم قالوا لأمهمو بولي على النار
فالنار عندهم ضعيفة يطفئها بول عجوز.(/)
برأيك أيهما أفضل المحسنات اللفظية أم المعنوية في علم البديع؟
ـ[أنا عربية]ــــــــ[25 - 03 - 2008, 07:43 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ....
لايخفى على متذوقي اللغة العربية جمال البديع فيها سؤاء ً كان بمحسناتة اللفظية (الجناس-الفاصلة-رد العجز على الصدر ... إلخ) أو المعنوية (الطباق-المقابلة- مراعاة النظير ... إلخ) ولكن برأيك لماذا قدمت المحسنات اللمعنوية على اللفظية أو العكس -عزز رايك برأي علماء البلاغة في ذلك-؟
:=(/)
أثرالقرآن الكريم والسنة النبوية البلاغي في عصرصدرالإسلام والعصرالأموي
ـ[أبوخالدالمدني]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 10:50 ص]ـ
أثرالقرآن الكريم والسنة النبوية البلاغي في عصرصدرالإسلام والعصرالأموي
(1)
بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم
المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين الذي أتقن كلّ شيءٍ صنعاً، هو الذي أنزل كتابَهُ القرآن معجزاً، وآيةً عظيمةً تدلُّ علَيْه، ومن إعجازه ما فيه من جمالٍ بيانيّ وبلاغةٍ رائعة لا ترقى إلى مِثْلها بلاغَةُ جميع البلغاء، ولا فصاحة جميعِ الفصحاء.
والصلاة والسلام على رسُولِنا محمّدٍ خاتم النبيّين والمرسلين، وإمامهم، مَنْ خَصَّه الله بالدّينِ الخاتم، والكتاب المعجز، فأنزلَهُ عليه مُتكَفِّلاً بحفظهِ مِنَ التغيير والتبديل والزيادة والنقصان، بقَصْدٍ أو نسيان، فهيّأ له من وسائلِ الحفظِ ما جَعَلهُ باقياً كما أنْزَلَهُ في السُّطُور والصُّدور وأدواتِ التسجيل الصوتي. وبعدُ:
فهذا بحث موجز عن: أثرالقرآن الكريم والسنة النبوية البلاغي في عصرصدرالإسلام والعصرالأموي حاولت فيه جاهدآ أن ألملم أطرافه وأجمع مادته من الكتب التي تختص بمثل هذه المواضيع وقد لقيت في ذلك بعض المشقة لطول الانقطاع عن إجراء البحوث, وبعد جمع مادته قمت بتقسيمه إلى تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة تحدثت في التمهيد عن الأثر العام لنزول القرآن الكريم والسنة المطهرة وما أحدثه ذلك من تحول كبير في حياة العرب وبعد ذلك تحدثت في المباحث الثلاثة على النحو التالي: -
المبحث الأول:-أثر القرآن الكريم والسنه النبوية في الألفاظ
المبحث الثاني:- أثر القرآن الكريم والسنة النبوية في المعاني
المبحث الثالث: - أثر القرآن الكريم والسنة النبوية في الصياغة والإسلوب
ثم بعد ذلك الخاتمة ودونت فيها ماتوصلت إليه من نتائج
وكل ما أرجوه أن أكون قد وفقت في إعداده بالصورة المناسبة وهو جهد المقل فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني والله أسأل أن يوفقنا جميعآ إلى طريق الخير في ديننا ودنيانا إنه سميع مجيب.
========================================
(2)
تمهيد:-
أنزل الله سبحانه وتعالى كتابه العظيم على نبيه صلى الله عليه وسلم وهو يحوي تعاليم الاسلام السمحة بلسان عربي مبين ولأن العرب في الجاهلية كانوا قد أشتهروا بالفصاحة والبلاغة والبيان فقد جاءهم متحدياً لما يتميز به من جمال اللفظ وجودة الإسلوب فكان وقعه عليهم قوياً وتأثيره عليهم كبيراً ولعل خير شاهد على ذلك قصص إسلام عدد من الصحابة الذين كانوا من رؤوس الشرك وألد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سمعوا آي الذكر الحكيم يتلى فتسلل الي أعماقهم وأثر في نفوسهم وعرفوا أنه الحق وقول الحق جل وعلا وأن هذا الكتاب الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو كلام الله سبحانه وله من الفضل والتقدم الشيئ الكثير يقول أحمد الهاشمي (1) في وصف القرآن الكريم:- (فضل القرآن على سائر الكلام معروف غير مجهول وظاهر غير خفي يشهد بذلك عجز المتعاطين ورهن المتكلين وهو المبلغ الذي لايمل والجديد الذي لا يخلق والحق الصادع والنور الساطع والماحي لظلم الضلال ولسان الصدق النافي للكذب ومفتاح الخير ودليل الجنة إن أوجز كان كافيا وان أكثر كان مذكرا وان أمر فناصحا وان حكم فعادلا وان أخبر فصادقا سراج تستضيء به القلوب وبحر العلوم وديوان الحكم وجوهر الكلم).
ولا شك أن القرآن الكريم كان له كبير الأثر في إحداث ذلك التغير الجوهري على حياة العرب فبعد أن كانوا في جاهلية جاءهم بالعلم وبعد أن كانوا في فوضى جاءهم بالانضباط وبعد أن كانوا لايحكمهم الا أعراف قبلية لاتعتمد على أساس أصبحوا يسيرون على منهج منظم يحكم سائر شئون حياتهم ومالم يتضمنه القرآن الكريم من أحكام تضمنه كلام النبي الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم والذي لاينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى لقدكان كلامه صلى الله عليه وسلم مضرب المثل ومحل الإعجاب من كل من اطلع عليه (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - جواهر الأدب لأحمد الهاشمي ص288 – دار الكتب العلمية – بيروت
(2) – الاقتباس من القرآن أنواعه وأحكامه د/ عبدالمحسن العسكرص44 –مكتبة دار المنهاج
=====================================================
(3)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال يونس بن حبيب (ماجاءناعن أحدمن روائع الكلام ماجاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) (1) وللجاحظ عرض بديع لخصائص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وسماته قال في آخره (لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعآولاأقصد لفظآ ولاأحسن موقعآ ولاأسهل مخرجآ ولاأفصح معنى ولاأبين في فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم) (2) مما أحدث تحولاً جذرياً في حياة العرب وسائر شئونهم ولأن الحديث محصور على الجانب البلاغي فانني سأحاول أن أتحدث ماأمكنني عن هذا الجانب مركزاً على ماأحدثه القرآن الكريم والأحاديث النبوية على كلامهم شعره ونثره من أثرسواء أكان في الألفاظ أو في المعاني أوفي الصياغة والإساليب ولا شك أن ذلك يظهر واضحاً جلياً وخاصةً في الشعر الذي كان موجوداً في الجاهلية ويلقى رواجاً كبيراً عند العرب لما له من أهمية في حياتهم ونقل أخبارهم وتسجيل أحداثهم لذلك كان منهم من الأهمية بمكان حتى قال ابن عباس رضي الله عنه إذا قرأتم شيئآ من كتاب الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعارالعرب فإن الشعر ديوان العرب) (3)
وكانت كل قبيلة تنظر الي شعرائها بمزيد من الفخر والاعتزاز لأنه بشعره يخلد ذكرها ويسجل أخبار حروبها مع بقية القبائل وعندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وكان عربياً من بيئة عربية صافية نقية استمع الي الشعر وأعجب بجيده وأقر كثير منه , وأثنى على بعضه عندما سمعه من الصحابة فعن أبي بن كعب قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر حكمة) (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - البيان والتبيين للجاحظ 2/ 18
(2) - المرجع السابق 2/ 18
(3) – العمدةلابن رشيق القيرواني1/ 20 تحقيق عبدالحميد هنداوي- المكتبة العصرية
(4) - فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/ 537 تحقيق الشيخ عبدالعزيز بن باز وجماعه – دار المعرفة – بيروت
=================================================
(4)
وتأتي سورة الشعراء في القرأن الكريم لتدلل على أهمية الشعر في حياة العرب
وتتضمن أياتها الكريمة رأياً واضحاً ومحدداً في الشعر وأهله صورة واضحة لايعتريها اللبس في قوله تعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالايفعلون الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1)
حيث جاء التعميم بوصفهم في بداية الأمر بالغوايه وذكر السبب ثم أتى الأستثناء في آية تاليه يدلل على أن ماوافق الحق ونطق بالصدق محمود ومقبول.
وأماالنبي صلى الله عليه وسلم والذي قال عنه المولى عزوجل في محكم التنزيل منزهاً له عن قول الشعر (وماعلمناه الشعر وماينبغي له إن هو إلا ذكروقرآن مبين) (2) فقد كان موقفه واضحاً من الشعر وأهله كيف لاوهو العربي الذي يعرف أهمية الشعرعند بني قومه لذا كان صلى الله عليه وسلم يستمع له ويعجب بجيده ويقره ويكره رديئه وينفرمنه وقد أستخدمه سلاحاً في الذود عن حياض الإسلام لذا كان يقول لحسان بن ثابت رضي الله عنه (أهجهم أوقال هاجهم وجبريل معك) (3)
وفي حديث أبي بن كعب قوله صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر حكمة) (4)
ولقد أثنى صلى الله عليه وسلم على عبدالله بن رواحه عندما قال (5):-
وفينا رسول الله يتلو كتابه **** إذا إنشق معروف من الفجرساطع
أرانا الهدى بعد العمى وقلوبنا **** به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه **** إذا اشتغلت بالكافرين المهاجع
لما في أبياته من سمو ونبذ للسوء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - الشعراء الآية 224 - 227
(2) - يس الآية 69
(3) - فتح الباري لابن حجر 10/ 546
(4) – المرجع السابق 10/ 548
(5) – ديوان عبدالله بن رواحة
==================================================
(5)
وعندما سمع صلى الله عليه وسلم النابغة الجعدي يقول (1):-
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى **** ويتلو كتاباً كالمجرة نيرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ***** وإنا لنرجوا فوق ذلك مظهرا
إعترضه وقال (إلى أين ياأبا ليلى؟) فقال: إلى الجنة فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن شاءالله) (2) لأن النبي صلى الله عليه وسلم إشتم من فخره روح الجاهلية فأراد أن يوجهه الوجهة الصحيحة فكان جواب النابغة موافقاً للحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك (لقد شكرك الله ياكعب على قولك هذا) (3) ويقصد بذلك قول كعب بن مالك (4):-
جاءت سخينة كي تغالب ربها ***** فليغلبن مغالب الغلاب
والمتأمل في ماأحدثه الإسلام بمصدريه التشريعيين العظيمين والمتمثلين في كتابه العظيم وسنة نبيه الكريم يجد أثر ذلك واضحاً جلياً في جوانب شتى سأذكر منها ماأستطيع إليه سبيلاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - ديوان النابغة الجعدي ص36
(2) - الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/ 289
(3) - خزانة الادب عبدالقادر البغدادي 1/ 417 – دار الكتب
وأنظر دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبدالقاهر الجرجاني – تحقيق محمود شاكر ص 17 – مكتبة الخانجي
(4) – ديوان كعب بن مالك دراسة وتحقيق د. سامي العاني ص 149– عالم الكتب
==============================================
(6)
المبحث الأول:-أثر القرآن الكريم والسنة النبوية في الألفاظ
تحدث بعض الدارسين للشعر العربي عما أحدثه الإسلام من تغيير في الشعر العربي بعامة وفي ألفاظه بخاصة وبالغ البعض منهم حتى أضفى على الشعر صفة الضعف بعد ظهور الإسلام والحق أن الإسلام هذب الشعر العربي وأحدث فيه تغييراً واضحاً في جوانبه المختلفه سواءاً كان ذلك في ألفاظه أو معانيه أو أغراضه ووضع قيوداً يجب على الشاعر المسلم أن يلتزم بها وأن يكون شعره موافقاً لما جاء في القرآن الكريم أو السنة النبوية من أحكام وما تدعوا إليه من تسامح ونبذ للفرقة وجمع للصف والمتتبع لما طرأ على الشعر العربي في صدر الإسلام وما بعده من تغيير في ألفاظه يلحظ أثر القرآن الكريم والسنة المطهرة في ذلك فقد جاءت ألفاظ الشعر في الغالب موافقة لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من وضوح في الدلالة وبعد عن الغرابة وهذا في الأعم الأغلب ومن المتعذر تتبع ماأحدثه القرن الكريم والسنة النبوية على ألفاظ الشعر العربي في عجاله كهذه لذا فأني سأورد بعض الامثلة المتعلقة بذلك ولعلها تفي بالغرض إن شاء الله ويمكن الحديث عن ذلك في النقاط التالية:-
1 - قضى الإسلام على سجع الكهان الذي كان سائداً في الجاهلية والذي أرتبط بها وبما كان لدى العرب من معتقدات وثنية. سواء كان ذلك في الشعر أو النثر لذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرع أحد الصحابة عندما إلتزم به في كلامه وقال له (أسجع كسجع الكهان؟) (1) ونهى الخطباء عن محاكاة ذلك السجع في خطبهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - فتح الباري بشرح صحيح البخاري 12/ 246 وما بعدها
=========================================================
(7)
وجاءت خطبته صلى الله عليه وسلم مثالاً يحتذى في الدقة في أختيار الألفاظ ووضوح المعاني والبعد عن التكلف والزهد في السجع وحذا حذوه في ذلك معظم الخطباء في عصرصدر الأسلام والعصر الأموي.
2 - على الرغم من أن كثير من الشعراء عاشوا جزء من حياتهم في الجاهلية والجزء الآخر في الإسلام وهم من يعرفون بالمخضرمين إلا أن ماأحدثه الاسلام بمصادره من أثر في ألفاظهم كان واضحاً وكانت استجابة بعضهم لهذا الأمر متأخره بعض الشيئ بينما نجد أن حساناً رضي الله عنه شاعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبح شعره في شكله وفي مضمونه متوافقاً مع الإسلام وكذلك عبدالله بن رواحه وكعب بن مالك وكعب بن زهير الى حد بعيد. نجد بعض الشعراء كانت أستجابتهم متأخرة بعض الشيئ كالحطيئة والنابغة الجعدي وغيرهم من الشعراء.
3 - ظهر تأثير القرآن الكريم والسنة النبوية واضحاً على الشعر العربي والنثر وخاصة الخطابة. فكثير من الخطب في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي كانت متأثرة بالقرآن الكريم وكانت ألفاظها تتضمن بعضاً من ألفاظه بدون زيادة ولا نقصان هذا عدا عن الاستشهاد بآي الذكر الحكيم والآحاديث النبوية في خطبهم سواءاً على سبيل الإقتباس أو التضمين مما لايتسع المجال الي حصره أو التدليل عليه.
أما في الشعر فهذه طائفة من الأبيات لبعض الشعراء الذين بدا تأثرهم واضحاً بألفاظ القرآن الكريم وعلى سبيل المثال لا الحصر:-
أ- الصياغة اللفظية للقرآن الكريم كقول النابغة الجعدي (1):-
الحمد لله لا شريك له ***** من لم يقلها فنفسه ظلما
المولج الليل في النهار***** وفي الليل نهار يفرج الظلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) - ديوان النابغة الجعدي ص132
===========================================================
(8)
ب- ومن ذلك قول الفرزدق (1):-
ضربت عليك العنكبوت بنسجها
وقضى عليك من الكتاب المنزل
قال المبرد (2) (فتاويل هذا أن بيت جرير في العرب كالبيت الواهن الضعيف فقال وقضى عليك به الكتاب المنزل يريد به قول الله تبارك وتعالى (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت)) (3).
ج- وكذلك منه قول الأحوص (4):-
إذا رمت عنها سلوة قال شامع
من الحب ميعاد السلو المقابر
ستبقى لها في مضمر القلب والحشا
سريرة حب يوم تبلى السرائرمتأثر في ذلك بالآية الكريمة في سورة الطارق (يوم تبلى السرائر) (5)
وهذا يعد من التأثر اللفظي الواضح للشعر العربي ونثره بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - ديوان الفرزدق2/ 155
(2) - الكامل لابي العباس المبرد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 1/ 28 - دار الفكر العربي
(3) - العنكبوت الآية 41
(4) -شرح ديوان الأحوص لمجيد طراد ص 70 دار الكتاب العربي
(5) - سورة الطارق الآية 9
================================================
(9)
المبحث الثاني:- أثر القرآن الكريم والسنة النبوية في المعاني
لقد كان أثر القرآن الكريم والسنة النبوية واضحاً في المعاني فقد أحدث الإسلام بتعاليمه الجديدة أثراً بالغاً في حياة العرب في صدر الإسلام وماتلاه والمستقصي لهذا الأثر سيجد الكثير من جوانبه المختلفة مبثوث في بطون الكتب التي تهتم بهذا الأمر ولعلي أورد هنا بعضاً من الأمثلة التي تدل بجلاء على حدوث الأثر الواضح ومن ذلك:-
1 - ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النابغة الجعدي قال أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم قولي:-
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرافقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين المظهر ياأباليلى؟ فقلت: الجنة يارسول الله قال: أجل إن شاء الله, ثم قال أنشدني فأنشدته من قولي:-
ولا خير في حلم اذا لم تكن له
بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل اذا لم يكن له
حليم اذا مأورد الأمر أصدرا
فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا القول لأنه متوافق مع قوله تعالى:- (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (1)
ولذا دعى له صلى الله عليه وسلم بقوله: (لايفضض الله فاك)
قال: فبقي عمره لم تنقص له سن (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - الأعراف الآية 199
(2) - دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني ص 21و 22 وأنظر الشعر والشعراء لأبن قتيبة 1/ 289
===============================================
(10)
ومن ذلك قول حسان من قصيدته الشهيرة في رثاء النبي صلى الله عليه وسلم التي يقول في مطلعها
(1):-
بطيبة رسم للرسول ومعهد
منير وقد تعوا الرسوم وتهمد
في قوله:-
عزيز عليه أن يحيدوا عن الهوى
حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
متأثراً في ذلك بقوله تعالى:-
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) (2)
--------------------------------------
(1) - ديوان حسان بن ثابت شرح /عبدأ. مهنا ص60 و 62
(2) - التوبة الآية 128
=================================================
(11)
المبحث الثالث: - أثر القرآن الكريم والسنة النبوية في الصياغة والإسلوب
وسيشمل الحديث في هذا المبحث جانبين: -
الأول: - في النثر وتبدو ملامحه أكثر وضوحآ في الخطابة لأن بقية أنواع النثر لم يكن لها وجود مؤثر في عصر صدر الإسلام وكانت في بواكيرها في العصر الأموي
أما الخطابة فقد كان العرب في الجاهلية عبارة عن تجمعات تحكمها قوانين وأعراف قبلية توجههم ولاءآتهم القبلية ونزعاتهم العصبية إلى إذكاء الصراعات والثارات والحروب مع القبائل الأخرى وكانت خطابتهم في الأعم الأغلب
(يُتْبَعُ)
(/)
مسخرة لهذا الغرض لذا جاءت خطبهم في معظمها مليئة بدواعي الثأر مشحونة بروح العصبية فيما توارت بقية أنواع الخطب أمام هذا المد الجارف. وعندما أشرقت شمس الإسلام كان للقرآن والسنة النبوية أثر كبير في التحول الذي طرا على الخطابة واستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في نشر تعاليم الدين الحنيف فكلما نزلعليه وحي أو أراد أن يوجه الصحابة إلى أمر من الأمور إعتلى المنبر وخطب فيهم خطبة وكانت خطبه صلى الله عليه وسلم في مجملها تركز على الدعوة إلى التمسك بتعاليم الين الإسلامي وقيمه النبيلة ومثله العليا و كانت
خطبآ جامعة تحوي من الألفاظ أدقها ومن المعاني أسماها وأوضحها ومن الأغراض أجلها وأشرفها.
وكذلك الحال بالنسبة للخطابة في عصر صدر الإسلام حيث أنها تتميز من الناحية الفنية بالدقة في إختيار الألفاظ وجودة المعاني والزهد في السجع.
إلا أن التحول الكبير الذي طرأ على الخطب في العصر الأموي كان ملفتآ وذلك نيجة لظهور الأحزاب السياسية والدينية والذي لم يزد الخطابة إلا قوة على قوتها من ناحية الإسلوب إلا أنها حادت عن المسار الذي اختطته لنفسها منذ ظهور الإسلام وأصبحت مضامينها في خدمة تلك الإنتماءات السياسية والمذهبية
====================================================
(12)
ولعل ابرز السمات تتجلى في الاستهلال دائمآ بالحمدلله والصلاة على رسوله ولذا سميت خطبة زياد عندما ولي البصرة في عهد معاوية بن أبي سفيان بالبتراء قال الجاحظ بعد أن ذكر خبر توليه (قالا: فخطب خطبة بتراء لم يحمدالله فيها ولم يصل على النبي) (1) واشتهرت بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - البيان والتبيين للجاحظ تحقيق عبدالسلام هارون2/ 62 الطبعة الثانية – مكتبة الخانجي
==========================================================
(13)
الثاني:- في الشعر
أحدث الإسلام تحولآ كبيرآ في مسيرة الشعر العربي كما أشرنا إلى ذلك في التمهيد ولم يأت ذلك التحول فجأة بل جاء بعد إرهاصات بدت في تلك الإشارات الواضحة في الآيات القرانية وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي أوردنا بعضآ منها والتي تدعو إلى الإنتقاء في هذا الشعر وعدم السير على نهج السابقين الذين وصفتهم الآية بأنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالايفعلون ويظهر أثر ذلك بجلاء على الشعراء الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام وعرفوا بالمخضرمين وعلى رأسهم شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت – رضي الله عنه – فبعد أن من الله عليه بالإسلام سخر شعره لخدمة الدعوة الإسلامية والذب عن عرض الرسول صلى الله عليه وسلم حيث بدا واضحآ تأثر شعره بتعاليم الدين الحنيف في مضمونه ومال شعره إلى السهولة والبعد عن التكلف الذي كان عليه سابقآ ويمكن الحديث عن أثر القرآن والسنة على صياغة الشعر وإسلوبه من خلال الجوانب الآتية: -
1 - استخدم الشعراء شعرهم وسيلة فعالة في الدعوة إلى الإسلام والتمسك بتعاليمه السمحة والإلتزام بالقيم والمثل العليا ومن ذلك قول صرفة بن أنس (1):-
فأوصيكم بالله والبر والتقى
وأعراضكم والبر بالله أول
وإن قومكم سادوا فلاتحسدونهم
وإن كنتم أهل الرياسة فاعدلوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – السيرة النبوية لابن هشام تحقيق إبراهيم الإبياري1/ 510 الطبعة الثانية 1375هـ - مطبعة الحلبي
========================================================
(14)
2 - توارت الكثير من الأغراض التي كانت لها الصدارة في الجاهلية كوصف الخمر والغزل الفاحش والهجاء المقذع إلا مااقتضته الحاجة مماقيل في هجاء المشركين والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام والذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم لذا نجده يقول لحسان رضي الله عنه (ياحسان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أيده بروح القدس) (1)
وفي مقابل ذلك نجده صلى الله عليه وسلم يقول (لإن يمتلىء جوف أحدكم قيحآ فيريه خير من أن يمتلىء شعرآ) (2)
ويأتي قوله المروي والذي تنجلي به صورة موقفه صلى الله عليه وسلم فيماروي عنه أنه قال (إنما الشعركلام مؤلف فما وافق الحق منه فهو حسن) وقوله (إنما الشعر كلام فمن الكلام خبيث وطيب) (3)
وبعد ذلك نجد عمر بن الخطاب يشدد العقوبة على الحطيئة لهجائه للزبرقان بن بدر بقوله (4): -
(يُتْبَعُ)
(/)
دع المكارم لاترحل لبغيتها **** وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
ولايعفوعنه إلابعد أن أخذا عليه عهدآ بأن لاينال من أحد من المسلمين في أعراضهم.
----------------------------------------------
(1) - فتح الباري 10/ 546
(2) - المرجع السابق 10/ 548
(3) - العمدة لابن رشيق 1/ 18
(4) – ديوان الحطيئة
==================================================
(15)
3 – تطورت الأغراض القديمة كالمدح والرثاء والتي تأثرت بروح الإسلام وفي ذلك اكبر دليل على ما أحدثه الإسلام من أثر بالغ في نفوس المسلمين وعندما نرغب التوسع في الحديث عن هذه الأغراض وعن الرثاء تحديدآ يأتي بنا الحديث عن الخنساء والتي عندما قتل أخواها في الجاهلية قالت في ذلك شعرآ يتضمن اللوعة والحزن والغضب والسخط لفقدهما وخاصة صخر ومن ذلك.
قولها (1):-
مابال عينك منها الدمع مهراق **** سحآ فلاعازب عنها ولاراق
أبكي على هالك أودى فأورثني **** عند التفرق حزنآحره باقي
وقولها (2):-
ألاليت أمي لم تلدني سوية **** وكنت ترابآ بين أيدي القوابل
وخرت على الأرض السماء فطبقت****ومات جميعآ كل حاف وناعل
بينما نجدها بعد إسلامها وعندما جاءها خبر استشهاد أربعة من أبنائها لم تزد على أن قالت:- (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مُستقَرّ رحمته) (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – ديوان الخنساء شرح عبدالسلام الحوفي ص 74 - دار الكتب العلمية
(2) – المرجع السابق ص 79
(3) – أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام عمر كحالة 1/ 370 – المطبعة الهاشمية
دمشق – الطبعة الثانية
=======================================================
(16)
أما المدح فقد بدا تأثره بالروح الإسلامية واضحآ والذي إبتعد فيه الشعراء عن شطحات الجاهليين ومبالغاتهم في إضفاء صفات الكمال على ممدوحيهم ولعلنا نستلهم من قول عمربن الخطاب رضي الله عنه في وصفه لزهير عندما قال: (ولايمدح الرجل إلابمافيه) قاعدة مهمة تعتبر منطلقآ لشعر المدح في العصر الإسلامي ونبذا لماسوى ذلك لذلك وصفت العرب قول المهلهل (1):-
فلولا الريح أسمع من بحجر
صليل البيض تقرع بالذكور
بأكذب بيت قالته العرب.
قال ابن سلام (واسمه عديآوإنما سمي مهلهلآ لهلهلة شعره كهلهلة الثوب وهواضطرابه واختلافه من ذلك قول النابغة:
أتاك بقول هلهل النسج كاذب
وزعمت العرب أنه كان يتكثرويدعي في قوله بأكثر من فعله) (2)
4 - وكذلك تبين للكثير من الدارسين للشعر العربي بعد ظهور الإسلام بعض الملحوظات الهامة وذلك عند مقارنتهم له بالشعر الجاهلي منها على سبيل المثال لا الحصر اختفاء الضرائر اللغوية بل ان هناك إلتزامآ شبه تام بقواعد اللغة العربية والنحو وسلامة الأوزان والقوافي من العيوب العروضية.
-----------------------------------------------------------
(1) – العمدة لابن رشيق القيرواني 2/ 78
(2) – طبقات الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي دراسة طه إبراهيم ص38 – دار الكتب العلمية
===========================================================
(17)
الخاتمة
بسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، ولم يجعل له عوجا، أحمده عدد كل شيء وملء كل شيء، بكل حمدٍ حمده به أولياؤه المقربون، و عباده الصالحون حمدا لا ينقضي أبدا، ولا ينتهي سرمدا والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان أبدا.
أما بعد ..
فها أنا أصل بتوفيق الله إلى نهاية هذا البحث الموجز والذي تحدثت فيه عن أثر القرآن الكريم والسنة النبوية البلاغي في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي وبعد دراسة هذا الموضوع خلصت إلى مايلي:-
1 - القرآن الكريم كلام الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه والسنة النبوية كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى ومن دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم إعجاز القرآن الكريم والأحاديث النبوية الذي بهر جهابذة الفصاحة والبلاغة من بني يعرب من قريش وغيرها
2 - أن القرآن الكريم والسنة النبوية أحدثت أثرآ بالغآ في حياة العرب بعامة وفي لغتهم خاصة وظهر ذلك جليآ واضحى فيما وصلنا من كلامهم شعره ونثره
3 - أن أثر القرآن الكريم والسنة النبوية على كلام العرب شعره ونثره بدت دلائله واضحة في الألفاظ والمعاني والأغراض والأساليب
وكلما أرجوه أن أتيت على جوانبه المختلفة وأنا على يقين بأن التوسع فيه ربما يؤدي إلى تأليف مجلدات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والحمد لله الذي تتم بنعمته الطيبات.
==============================================================
(18)
المصادر والمراجع
(1) – الاقتباس من القرآن أنواعه وأحكامه د/ عبدالمحسن العسكر – مكتبة دار المنهاج
(2) – أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام عمر كحالة 1/ 370 – المطبعة الهاشمية
دمشق – الطبعة الثانية
(3) - البيان والتبيين للجاحظ تحقيق عبدالسلام هارون الطبعة الثانية – مكتبة الخانجي
(4) – السيرة النبوية لابن هشام تحقيق إبراهيم الإبياري الطبعة الثانية 1375هـ - مطبعة الحلبي
(5) - الشعر والشعراء لابن قتيبة
(6) - العمدةلابن رشيق القيرواني - تحقيق عبدالحميد هنداوي- المكتبة العصرية
(7) - الكامل لإبي العباس المبرد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم دار الفكر العربي
(8) - جواهر الأدب أدبيات وإنشاء لغة العرب لأحمد الهاشمي دار الكتب العلمية بيروت
(9) - خزانة الادب عبدالقادر البغدادي – دار الكتب
(10) - ديوان الفرزدق
(11) - ديوان النابغه الجعدي
(12) - ديوان حسان بن ثابت شرح /عبدأ. مهنا
(13) – ديوان الحطيئة
(14) - ديوان عبدالله بن رواحه
(15) – ديوان الخنساء شرح عبدالسلام الحوفي - دار الكتب العلمية
(16) - شرح ديوان الأحوص لمجيد طراد - دار الكتاب العربي
(17) - طبقات الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي دراسة طه إبراهيم – دار الكتب العلمية
(18) - فتح الباري بشرح صحيح البخاري - تحقيق الشيخ عبدالعزيز بن باز وجماعه – دار المعرفة – بيروت
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شموع الأمل]ــــــــ[29 - 03 - 2008, 07:35 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أحلام]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 01:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وبوركت أياديكم على هذا النقل المبارك
ـ[أبوخالدالمدني]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 07:25 م]ـ
بوركتن أيتها الأخوات الكريمات على المرور والقراءة وإن شاء الله لن تعدمن الفائدة
للمعلومية أخت أحلام / هذا البحث المتواضع من إنتاجي وليس منقول 0
ـ[حميدي2005]ــــــــ[15 - 10 - 2010, 05:32 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيتم خيراً على البحث المميز
اخي الحبيب لدي بحث عن " اثر القرآن الكريم والحديث الشريف في النثر العربي "
ولك جزيل الشكر(/)
تذكير "قريب" مع الساعة والرحمة
ـ[العرابلي]ــــــــ[29 - 03 - 2008, 08:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تذكير "قريب" مع الساعة والرحمة
لفظ "قريب" ذكر في القرآن (26) مرة؛ جاء كله بصيغة المذكر؛
قريب: 14مرة
قريبًا: 9 مرات
بقريب: مرة واحدة
أقريب: مرتان
لم يؤنث قريب ولا مرة واحدة
لقد جاء في ثلاث مواضع صفة للمؤنث ومع ذلك لم يؤنث؛
قال تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) الشورى
وقال تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63) الأحزاب.
وقال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
أضافت العرب في لغتها التاء المربوطة لتقرأ بصوتين مختلفين؛
فعند الوقف عليها نقرأها هاء، وفي الوصل نقرأها تاء.
والسر في هذا الوضع هو في معنى التاء والهاء؛
فالتاء في استعمال العرب هي للتراجع.
والهاء في استعمال العرب هي أيضًا للانتهاء.
والمثال خير بيان؛
فمثلا: "الشجر" يوجد في الأرض بكثرة؛ فتسميته بصيغة الجمع سبقت تسميته بصيغة المفرد؛
فإذا أردنا إفراد "شجر" الدال على الجمع؛ أضفنا له تاء مقبوضة فأصبح اللفظ "شجرة"
والجمع يكون عن اجتماع أفراد كانوا متفرقين؛
فإذا تراجع الجمع رجع كل فرد لوحده؛ والتراجع حركة، فعند تحريك التاء المقبوضة عند الوصل في القراءة؛ نقرأها تاء، فناسبت حركتها معنى التراجع الذي في التاء.
وإذا انتهى الجمع كان كل فرد لوحده؛ والانتهاء سكون، فعند تسكين التاء المقبوضة نقرأها هاء، فناسب السكون معنى الانتهاء الذي في الهاء.
فتاء التأنيث تضاف للجمع لإفراده كما في المثال السابق؛ (شجر – شجرة)
وتضاف للمذكر لتأنيثه. (كاتب – كاتبة)
وتضاف للمذكر لبيان منزلة له بعد منزلة أمثاله. (علاَّم – علاَّمة)
فالجنس البشري يتكون من الذكر والأنثى، وفيه منزلتان فقط؛
الذكر بحكم الله، وبما فطره الله عليه؛ له المنزلة الأول، والأنثى لها المنزلة الأخرى.
ولبيان المنزلة الثانية أو المنزلة الأخرى يؤنث المذكر. فتأنيث المذكر هو للدلالة على أن الآخر له المنزلة الأخرى بعد المذكر، وهي منزلة ليس بعدها منزلة فالتأنيث نهاية للمنازل.
فإفادة التاء في تأنيثه؛ لتراجعه إلى المنزلة التالية، وإفادة الهاء فيه أنه آخر المنازل فلا منزلة بعده.
فالتأنيث هنا بوجود آخر معه وأنه نهاية المنازل.
لذلك جرى تأنيث علاَّم، بلفظ علاَّمة؛ أي أنه وصل منزلة ليس بعدها منزلة، ولم يبلغها أحد من أمثاله.
أما التأنيث في مثل حديقة، فهو تأنيث دون وجود لفظ مفرد مذكر يسبقها،
ودون وجود لفظ يدل على الجمع سبقها في التسمية؛ كالحال في شجر وشجرة.
وإذا نظرنا في الأرض وجدنا أكثر الأرض كان مشاعًا كالمراعي، والغابات، بما فيها من أعشاب وأشجار، فلما تم إحاطة بعضها، وجعله بستانًا خاصًا لمن حجزه له؛ فقد انتهت مشاعيته للناس، وتراجع الناس عن دخوله والانتفاع به إلا بإذن صاحب، واستغنى به عن الرحيل بعيدًا إلى غيره، صلح أن يوضع له لفظ يدل على تأنيثه بالتاء المقبوضة.
فلو تم تأنيث قريب في الآيات بلفظ قريبة؛ (الساعة قريبة)، (رحمة الله قريبة)، لاختل المعنى، ولدل على أن دون الساعة شيء أقرب منها مماثل لها،
ويصبح دلالة القريب بعيدة في حال التأنيث؛ فيختل عندها المعنى.
أي أن هناك دون الساعة مثل الساعة أقرب إلينا من الساعة نفسها، وكأن القول يفيد لعل القريب يكون بعيدًا. .. أما قريبه وقريبته فهو وصف لأفراد من الجنس البشري؛ منهم المذكر ومنهم المؤنث.
وكذلك رحمة الله؛ فلو أُنث اللفظ لدل على وجود رحمة أخرى، فإذا كانت هذه رحمة الله ... فلمن تكون الرحمة الأولى التي تقدمت عليها .... أتكون من غير الله، فيحصل عند ذلك إخلال كبير في المعنى ..
هذا من جانب، ومن جانب آخر؛
فإن الساعة هي من أشد أيام الله على الناس .... فالذي يناسب الشدة هو التذكير وليس التأنيث.
وكذلك فإن الرحمة من الله التي هي عطاء من الله تعالى يعطي المرحوم القوة والاستمرارية والتمتع، فالتذكر مع هذه القوة الحاصلة من الرحمة أنسب من التأنيث. ..
هذا بيان الله تعالى ... وما بيان الناس إلا بعض مما علمه الله لهم.
التأنيث والتذكر في القرآن باب فيه مواضع كثيرة تحتاج الوقوف عليها.
وكلها تفتح أبواب معرفة عظيمة تبين مكانة القرآن الكريم، ودقته في اختيار الألفاظ واستعمالها، فعظمته لا مثيل لها، ولن يكون له مثيل عند الناس؛ لأنه ممن علم الناس الكلام والبيان، سبحانه وتعالى.
والله تعالى أعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي(/)
من سورة يوسف (متجدد)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[29 - 03 - 2008, 11:01 م]ـ
قال تعالى في سورة يوسف: " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30)
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب اغاثة اللهفان:
(وهذا الكلام متضمن لوجوه من المكر:
أحدها: قولهن امرأة العزيز تراود فتاها ولم يسموها باسمها بل ذكروها بالوصف الذي ينادى عليها بقبيح فعلها بكونها ذات بعل فصدور الفاحشة منها أقبح من صدورها ممن لا زوج لها
الثاني أن زوجها عزيز مصر ورئيسها وكبيرها وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها
الثالث أن الذي تراوده مملوك لا حر وذلك أبلغ في القبح
الرابع أنه فتاها الذي هو في بيتها وتحت كنفها فحكمه حكم أهل البيت بخلاف من طلب ذلك من الأجنبي البعيد
الخامس أنها هي المراودة الطالبة
السادس أنها أنها قد بلغ بها عشقها له كل مبلغ حتى وصل حبها له إلى شغاف قلبها
السابع أن في ضمن هذا أنه أعف منها وأبر وأوفى حيث كانت هي المراودة الطالبة وهو الممتنع عفافا وكرما وحياء وهذا غاية الذم لها
الثامن أنهن أتين بفعل المرادودة بصيغة المستقبل الدالة على الإستمرار والوقوع حالا واستقبالا وأن هذا شأنها ولم يقلن راودت فتاها وفرق بين قولك فلان أضاف ضيفا وفلان يقري الضيف ويطعم الطعام ويحمل الكل فإن هذا يدل على أن هذا شأنه وعادته
التاسع قولهن إنا لنراها في ضلال مبين أي إنا لنستقبح منها ذلك غاية الإستقباح فنسبن الإستقباح إليهن ومن شأنهن مساعدة بعضهن بعضا على الهوى ولا يكدن يرين ذلك قبيحا كما يساعد الرجال بعضهم بعضا على ذلك فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليلا على أنه من أقبح الأمور وأنه مما لا ينبغي أن تساعد عليه ولا يحسن معاونتها عليه
العاشر أنهن جمعن لها في هذا الكلام واللوم بين العشق المفرط والطلب المفرط فلم تقتصد في حبها ولا في طلبها أما العشق فقولهن قد شغفها حبا أي وصل حبه إلى شغاف قلبها وأما الطلب المفرط فقولهن تراود فتاها والمراودة الطلب مرة بعد مرة فنسبوها إلى شدة العشق وشدة الحرص على الفاحشة فلما سمعت بهذا المكر منهن هيأت لهن مكرا أبلغ منه فهيأت لهن متكأ ثم أرسلت إليهن فجمعتهن وخبأت يوسف عليه السلام عنهن وقيل إنها جملته وألبسته أحسن ما تقدر عليه وأخرجته عليهن فجأة فلم يرعهن إلا وأحسن خلق الله وأجملهم قد طلع عليهن بغتة فراعهن ذلك المنظر البهي وفي أيديهن مدى يقطعن بها ما يأكلنه فدهشن حتى قطعن أيديهن وهن لا يشعرن وقد قيل إنهن أبن أيديهن والظاهر خلاف ذلك وإنما تقطيعهن أيديهن جرحها وشقها بالمدى لدهشهن بما رأين
فقابلت مكرهن القولي بهذا المكر الفعلي وكانت هذه في النساء غاية في المكر.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[30 - 03 - 2008, 10:09 م]ـ
رائعٌ ما خطت يدك استاذي
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 04:39 م]ـ
عزيز مصر:
في القرآن الكريم:
"وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه"،
وفيه أن إخوة يوسف قالوا له:
"يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر".
وكانت هذه تحية ملوكهم وعظمائهم وإلى الآن؛ قال بعض الظرفاء في الاقتباس من القرآن من قصة يوسف عليه الصلاة السلام:
أيهذا العزيز قد مسنا الضر = ر جميعاً وأهلنا أشتات
ولنا في الرحال شيخ كبير = ولدينا بضاعة مزجاة
وقال أبو الحسن بن طباطبا، وهو يهجو حرة بني رستم:
خليلي اغتممت فعللاني = بصوتٍ مطربٍ حسنٍ وجيزٍ
عزيزة رق حافرها فأزرت = برقة حافر امرأة العزيز
(ثمار القلوب في المضاف والمنسوب؛ للثعالبيّ)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:26 م]ـ
النسوة اللاتي قطعن أيديهنّ:
قال: وفشا في المدينة، وشاع عند نساء الأكابر خبرها، فعتبنها عليه، وهو قوله تعالى: " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين " فلما بلغها ذلك من قولهن " أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأً ".
قال: استدعت امرأة الكاتب والوزير وصاحب الخراج وصاحب الديوان.
وقيل: إن النساء اللاتي تكلمن في أمر زليخا امرأة الساقي وامرأة الخباز وامرأة صاحب الديوان وامرأة صاحب السجن وامرأة الحاجب؛ والله أعلم.
قيل: إنها أقدمت إليهن صواني الأترج وصحاف العسل:
" وأتت كل واحدة منهن سكيناً " وزينت يوسف.
وقالت: إنك عصيتني فيما مضى، فإذا دعوتك الآن فاخرج.
فأجابها إلى ذلك؛ قال الله تعالى: " فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأً وآتت كل واحدة منهن سكيناً وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشى لله ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم ".
قال: كن يأكلن الأترج بالسكاكين فنالهن من الدهش والحيرة ما قطعن أيديهن وتلوثت بالدماء ولم يشعرن؛ فقالت لهن زليخا ما حكاه الله عنها:
" قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ".
وقيل: إن النساء خلون به ليعدلنه لها، فراودته كل واحدة منهن عن نفسه لنفسها، ثم انصرفن إلى منازلهن.
ثم دعته زليخا وراودته، وتوعدته بالسجن إن لم يفعل؛ فقال يوسف ما أخبر الله به عنه:
" قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ".
قال: فلما أيست زليخا منه مضت إلى الملك ريان بن الوليد - وكانت لا ترد عنه - فقالت: إني اشترت عبداً، وقد استعصى علي، ولا ينفع فيه الضرب والتوبيخ، وأريد أن أحبسه مع العصاة. فأمر الملك بحبسه، وأن يفرج عنه متى اختارت؛ فأمرت السجان أن يضيق عليه في محبسه ومأكله ومشربه؛ ففعل ذلك؛ فأنكره العزيز، وأمر أن ينفل إلى أجود أماكن السجن، ويفك قيده، وقال له: لولا أن زليخا تستوحش من إخراجك لأخرجتك، ولكن اصبر حتى ترضى عنك ويطيب قلبها.
إلهام يوسف التعبير ونزل جبريل - عليه السلام - وبشره أن الله قد ألهمه تعبير الرؤيا فعرفه بإذن الله عز وجل، وأنبت الله له شجرة في محبسه يخرج منها ما يشتهيه.
(نهاية الأرب في فنون الأدب؛ للنويريّ)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:30 م]ـ
الخباز والساقي:
قال: وغضب الملك ريان بن الوليد على شاقيه شرهيا، وصاحب مطبخه شرها، فأمر بحبسهما، فحبسا في السجن الذي فيه يوسف، فرأى الساقي رؤيا فسأل أهل السجن عن تأويلها، فدلوه على يوسف؛ فأتاه وقال: قد رأيت رؤيا. فقال له يوسف: قصها.
فقال: رأيت كأني في بستان فيه كرمة حسنة؛ وفيها عناقيد سود؛ فقطعت منها ثلاث عناقيد وعصرتها في كأس الملك، ورأيت الملك على سريره في بستانه، فناولته الكأس فشربه، وانتبهت.
فقال صاحب المطبخ: وأنا رأيت مثل هذه الرؤيا، رأيت كأني أخبز في ثلاثة تنانير: أحمر وأسود وأصفر، ورأيت كأني أحمل ذلك الخبز في ثلاث سلال إلى دار الملك، وإذا بطائر على رأسي يقول لي: قف فإني طائر من طيور السماء، ثم سقط على رأسي فجعل يأكل من ذلك الخبز، والناس ينظرون إليه وإلي، وانتبهت فزعاً.
فقال يوسف: بئسما رأيت. ثم قال للساقي: إنك تقيم في السجن ثلاثة أيام ويخرجك الملك فيسلم إليك خزانته، وتكون ساقيه وصاحب خزانته.
وأنت يا خباز بعد ثلاثة أيام تضرب رقبتك وتصلب وتأكل الطير من رأسك. فقال الخباز: إني لم أر شيئاً، وإنما وضعت رؤياي هذه. فقال: " قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ".
ثم قال يوسف للساقي: " اذكرني عند ربك " وأعلمه أني محبوس ظلماً. فقال له: ما أبقي جهداً.
فلما كان بعد ثلاثة أيام كان من أمر الساقي والخباز ما قاله لهما يوسف.
ثم هبط جبريل على يوسف وقال: إن الله يقول لك: نسيت نعمائي عليك فقلت للساقي يذكرك عند ربه، وهما كافران، فأنزلت حاجتك بمن كفر بنعمتي وعبد الأصنام دوني.
قال الله تعالى: " وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه ".
قيل: الذي أنساه الشيطان ذكر ربه هو الساقي، " فلبث في السجن بضع سنين " وهو يبكي ويستغفر ويتضرع إلى الله؛ فأوحى الله إليه: أني قد غفرت لك ذنبك، وأنه سيخرجك من السجن، ويجمع بينك وبين أبيك وإخوتك وتصدق رؤياك. فخر ساجداً لله تعالى.
(نهاية الأرب في فنون الأدب؛ للنويريّ)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:37 م]ـ
دخول أخوة يوسف مصر المرة الأولى:
قال الثعلبي: وانتشر القحط حتى بلغ أرض كنعان؛ فقال يعقوب لبنيه: يا بني، إنكم ترون ما نحن فيه من الضر، وقد بلغني أن عزيز مصر تقصده الناس فيمتارون منه ويحين إليهم، وأنه مؤمن بإله إبراهيم، فاحملوا ما عندكم من البضاعة وتوجهوا إليه. ففعلوا ذلك وساروا.
قال: وأقبل مالك بن دعر على يوسف ومعه أولاده، وهم أربعة وعشرون ولداً، كلهم ذكور، فوقف بين يديه وحياه بتحية الملك، وقال: أيها العزيز أتعرفني!؟ قال: إني أشبهك برجل حملني إلى هذا هنا. قال: أنا هو.
فقربه وسأله عن الفتية، فقال: هم أولادي رزقتهم ببركة دعائك. فكساه وكساهم، وكفاهم من الطعام؛ وسأله: هل مر بأرض كنعان!؟
قال: نعم وإنهم لفي جهد، وقد رأيت الذين باعوك مني مقبلين عليك يريدون أن يمتاروا. ففرح يوسف.
دخول إخوته لمصر قال: وأقبل إخوة يوسف فدخلوا مصر ليلاً، وأناخوا رواحلهم بباب قصر أخيهم؛ فأشرف عليهم وقال: من أنتم? قالوا: نحن أولاد يعقوب النبي، قدمنا من أرض كنعان لنشتري القوت. فسكت، وأمر بتزيين قصره؛ وبات إخوته على الباب.
وأصبح يوسف فجلس على السرير، وتتوج وتطوق وتمنطق؛ ثم أمر بإخوته؛ فدخلوا عليه - وهم عشرة، وتأخر عنهم بنيامين عند أبيه -.
قال الله تعالى: " وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ".
فسلموا عليه، وحيوه بتحية الملوك؛ فرد عليهم وقال لهم: إنكم أولاد يعقوب النبي، فكيف لي بصدقكم? فقال له روبيل: نحن نأتيك بأخينا الذي عند أبينا يخبرك بمثل ما أخبرناك به.
فأمر بأخذ بضاعتهم، وأن يكال لهم الطعام بقدر كفايتهم.
ثم قال لأعوانه: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم. قال الله تعالى: " ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين، فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون، قالوا سنراود عنه أبانا وإنا لفاعلون، وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون ".
فوضعت في رحل يهوذا؛ ثم سار القوم حتى أتوا إلى أرض كنعان، فدخلوا على أبيهم؛ فسألهم عن حالهم وما كان من أمرهم؛ وفتحوا رحالهم، فوجدوا بضاعتهم ردت إليهم؛ فدخلوا على أبيهم وقالوا: يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا.
فقال: إن هذا الطعام حرام عليكم إلا أن تؤدوا ثمنه.
فقالوا: كيف نرجع إليه وقد ضمنا له أن نأتيه بأخينا بنيامين? ثم قالوا ما أخبر الله تعالى عنهم: " يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكل وإنا له لحافظون، قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظاً وهو أرحم الرامين ".
فقال له يهوذا: يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير، قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما أتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل.
ودعا يعقوب بقميص يوسف الذي وردوا عليه بالدم، فألبسه بنيامين وودعهم وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون؛ ثم ساروا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:46 م]ـ
دخولهم المرة الثانية:
قال: فلما بلغوا مصر ودخلوا على يوسف قربهم، ونظر إلى أخيه بنيامين وأدناه وأجلسه بين يديه.
قال الله تعالى: " ولام دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ".
ثم قال له: أرى كل واحد من هؤلاء مع أخيه، فما بالك منفرداً? فقال: أيها العزيز، كان لي أخ، ولا أدري ما أصابه، غير أنه خرج مع هؤلاء الإخوة إلى الغنم، فذكروا أن الذئب أكله، وردوا قميصه هذا الذي علي وهو ملطخ بالدم.
فقال لهم يوسف: يا أولاد يعقوب، إن فيكم من يصيح بالأسد فيخر ميتاً ومن يأخذ برجل الذئب فيشقه اثنين، وفيكم من يقتلع الشجرة من أصلها، وفيكم من يعدو مع الفرس فيسبقه.
قالوا: نعم أيها العزيز. فقال: سوءة لكم ولقوتكم إذ يعدو الذئب على أخيكم فيأكله. فقالوا: إذا جاء القضاء ذهبت القوى.
فسكت يوسف، ثم أمر لهم بخمس موائد، وأمر كل اثنين منهم أن يجلسا على مائدة؛ ثم وضعت أخرى بين يدي بنيامين، فبكى؛ فقال له: ما يبكيك? قال: أيها العزيز، إخوتي يأكلون كل واحد مع أخيه، وأنا وحدي، ولو كان أخي يوسف باقياً أكل معي.
فقال يوسف: يا فتى، أنا لك كالأخ. ثم نزل عن السرير وأكل معه.
فلما فرغوا من الأكل جعل يوسف يسألهم عن أرض كنعان وهم يخبرونه.
ثم خرج صبي من القصر يتثنى، فنظر إليه بنيامين وبكى؛ فقال له يوسف: مم بكيت? قال: هذا الصبي يشبه أخي يوسف، فبكيت لأجله.
فقال يوسف: هل فيكم من حزن على يوسف? قالوا: نعم، كلنا حزنا عليه وبنيامين أشد منا حزناً.
ثم قال: فما الذي حملتم من البضاعة? قالوا: لم نحمل شيئاً، لأنه لم يكن لنا شيء، غير أنا رددنا عليك البضاعة التي وجدناها في رحالنا، لأنها ثمن الطعام الذي حملناه من عندك.
فأمر أن يعطوا من الطعام ما تحمله إبلهم، وأمر غلمانه أن يجعلوا الصواع في رحل بنيامين؛ فكانوا يكيلون وإخوة يوسف يخيطون الأعدال، حتى فرغوا.
ورحل إخوة يوسف وهم لا يشعرون بالصواع.
وقال الثعلبي: كانت السقاية مشربة يشرب فيها الملك، وكانت كأساً من ذهب مكللة بالجوهر، جعلها يوسف مكيالاً يكال بها.
قال الله تعالى: " فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون، قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون، قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم، قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين، قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين، قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين ".
فعند ذلك أمر يوسف أن تفتش رحالهم. قال الله تعالى: " فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله " الآية.
قال: فلما نظروا ذلك ضربوا بأيديهم على جباههم، وقالوا: ثكلتك أمك فضحتنا يا بنيامين. قال: إني لم أفعل ذلك. قالوا: من وضعه في رحلك? قال: الذي جعل البضاعة في رحالكم. فسكتوا، ثم قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكاناً والله أعلم بما تصفون.
قال الثعلبي: واختلف العلماء في السرقة التي وصف بها يوسف، فقال سعيد وقتادة: سرق يوسف صنماً لجده أبي أمه وكان من ذهب، فكسره وألقاه في الطريق.
وقال ابن جريج: أمرته أمه - وكانت مسلمة - أن يسرق صنماً لخاله كان يعبده.
وقال مجاهد: جاء سائل يوماً، فسرق يوسف بيضة من البيت.
وقال ابن عيينة: كان يخبأ الطعام من المائدة للفقراء.
وقال الضحاك وغيره: كان أول ما دخل على يوسف من البلاء أن عمته بنت إسحاق كانت أكبر ولد إسحاق، وكانت لها منطقة إسحاق، وكانوا يتوارثونها بالكبر، وكانت راحيل أم يوسف قد ماتت، فحضنته عمته وأحبته حباً شديداً فكانت لا تصبر عنه؛ فلما ترعرع وبلغ سنيات وقع حبه في قلب يعقوب؛ فأتاها وقال: يا أختاه سلمى إلي يوسف، فوالله ما أصبر عنه ساعة واحدة. فقالت: ما أنا بتاركته.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلما غلبها يعقوب قالت: فدعه عندي أياماً أنظر إليه، لعل ذلك يسليني عنه. ففعل ذلك يعقوب؛ فلما خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف تحت ثيابه وهو صغير، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها. فالتمست فلم توجد؛ فقالت: اكشفوا أهل البيت. فكشفوهم، فوجدوها مع يوسف؛ فقالت: والله إنه ليسلم لي أصنع به ما شئت - وكان ذلك حكم أهل آل إبراهيم في السارق - فأتاها يعقوب، فأخبرته بذلك؛ فقال: إن كان فعل ذلك فهو يسلم إليك، ما أستطيع غير ذلك.
فأمسكته بعلة المنطقة، فما قدر يعقوب عليه حتى ماتت، فهو الذي قال له إخوته: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل. قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين، قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون، فلما استيئسوا منه خلصوا نجياً أي يتناجون قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين، ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.
قال: ثم تشاوروا فقالوا: إن هذا الملك وأهل مصر كفرة يعبدون الأصنام فتعالوا نتظاهر عليهم.
قال روبيل: أنا أكفيكم الملك وأعوانه.
وقال شمعون: أنا أكفيكم أمر العزيز وأعوانه.
وقال يهوذا: أنا أكفيكم الأسواق.
فعلم يوسف بذلك، فأحضرهم وقال: يا بني يعقوب، ما الذي غركم مني? أحسنت إليكم مرة بعد مرة، وتفضلت عليكم، وجنى أخوكم جناية فتشاورتم في هلاك المدينة وأهلها، أتظنون أن القوة لكم دون غيركم? ثم ضرب برجله السدة التي كان عليها فطحطحها وكسر صفائح رخامها؛ ثم قال: لولا أنكم من أولاد الأنبياء لصحت بكم صيحة تخرون على أذقانكم. قال: وكان يهوذا قد عزم على أن يفعل شيئاً، وكان على كتفه شعرة إذا غضب خرجت من جبته فيقطر منها الدم، ثم يصيح صيحة فلا يسمعها أحد إلا سقط مغشياً عليه؛ وكان لا يسكن غضبه إلا أن يمسه أحد من آل يعقوب؛ فدعا يوسف بابنه منسا وقال: اذهب إلى ذلك الكهل فمسه بيدك، وتنح عنه من حيث لا يشعر بك. ففعل ذلك، فسكن غضبه؛ فقال يهوذا لإخوته: من الذي مسني منكم فقد سكن غضبي. قالوا: لم يمسك غير ذلك الصبي. فقال: والله لقد مستني يد من آل يعقوب.
فلما عسر عليهم ما عزموا عليه، عزموا على العود إلى أبيهم، وتركوا روبيل عند بنيامين.
قال: فلما انصرفوا دخل يوسف إلى منزله وأحضر بنيامين، وقال: أتعرفني? قال: نعم، أنت العزيز، والله ما سرقت، فلا تعجل علي، فإنك موصوف بالإحسان. فضمه يوسف إلى صدره، وقال له: أنا أخوك يوسف. ثم كساه وسأله عن أبيه، فأخبره بما يقاسيه من أجله.
قال: ورجع إخوة يوسف إلى أبيهم فذكروا ما كان من خبر بنيامين، وأن روبيل أقام عنده.
قال: وكيف يسرق ولدي وهو من الذرية الطيبة? فقالوا له: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون، قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً إنه هو العليم الحكيم، وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم إلى قوله: ما لا تعلمون.
قال: وأخذ في البكاء حتى ضجر منه جيرانه، فأوحى الله إليه: أن كف عن بكائك فإني سأرد عليك بصرك، وأجمع بينك وبين ولدك. فسكن وهدأ، ثم قال لبنيه: احملوا كتابي إلى العزيز. ودعا بابنته دينة وقال لها: اكتبي، باسم إله إبراهيم، من يعقوب إلى عزيز مصر، إن الله أكرمني بولد كان أحب أولادي إلي وفقدته وبكيت عليه حتى عميت، وكنت لآنس بأخيه بنيامين الذي حبسته عندك؛ وعجبت من أمر الصواع؛ فإن أولاد الأنبياء لا يفعلون ذلك، وإنه مكذوب عليه؛ فإذا أتاك كتابي هذا فتفضل علي بولدي ورده علي فإني أدعو الله أن يزيدك فضلاً وكرامة.
وسلم الكتاب إليهم، وقال: يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله الآية.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:49 م]ـ
دخولهم في الدفعة الثالثة:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: وساروا حتى دخلوا مصر، فاستقبلهم روبيل ودخل معهم، فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين؛ وناولوه الكتاب؛ فقبله وقرأه، ثم قال لهم: لو كنتم حملتم إلي هذا الكتاب قبل اليوم دفعته لكم، ولكني قد ألقيت حديثه إلى الملك، وأنا أكلمه فيه.
حديث الصاع قال: ثم أمر يوسف بإحضار الصاع بين يديه وقال: اجتمعوا حتى أسأل هذا الصاع عنكم. فنقر الصاع فطن، فقال: يا بني يعقوب، إن هذا الصاع يقول: إنكم تشهدون بالزور؛ وإنكم كذبتم في قولكم: إن الذئب أكل أخاكم.
قالوا: ما شهدنا بالزور قط، وما قلنا في يوسف إلا الحق. فنقر الصاع وقال: أتدرون ما يقول? إنه يقول: إنكم حسدتم أخاكم، وأخرجتموه من عند أبيه وأردتم قتله، ثم ألقيتموه في الجب المظلم البعيد القعر. ثم نقر ثالثاً وقال: إنه يقول، ما كذبتك فيما أقول، ولقد أخرجوا أخاهم من الجب فباعوه بعشرين درهماً عدداً تنقص درهماً، وأوصوا مشتريه أن يقيده حتى يبلغ أرض مصر. فتغيرت وجوه القوم، وقالوا: ما نعرف شيئاً من هذا. ثم نقره رابعاً وقال: إنه يقول: وكتبوا كتاب البيع بخط يهوذا. فقال: أيها العزيز، إني لم أكتب شيئاً وأنكره. فقال: مكانكم حتى أعود إليكم. ودخل على زليخا وقال: هاتي تلك الصحيفة.
فأخرجتها له؛ فأخرجها إلى يهوذا وقال: أتعرف خطك? قال: نعم. فألقاها إليه فرآها وهي خطه؛ فقال: هي خطي، " غير أني لم أكتبه باختياري، وإنما كتبته على عبد أبق منا ".
فغضب يوسف وقال: ألستم تزعمون أنكم من أولاد الأنبياء، ثم تفعلوا مثل هذا.
ثم قال لأعوانه: انصبوا عشرة أشجار على باب المدينة حتى أضرب أعناق هؤلاء وأصلبهم؛ وأجعلهم حديثاً لأهل مصر. فبكوا وقالوا: اقتلنا كيف شئت ولا تصلبنا.
وأقبل بعضهم على بعض وقالوا: هذا جزاؤنا بما عاملنا به أخانا. فلما أقروا كلهم بالذنب، رفع التاج عن رأسه، وقال: هل علمتم مل فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون، وكان في رأسه شامة مثلها في رأس يعقوب؛ فلما نظروا إلى الشامة عرفوها وقالوا: ءإنك لأنت يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إلى قوله: وهو أرحم الراحمين.
فعمد يوسف إلى قميصه، وجعله في قصبة من فضة؛ ودفعه إلى يهوذا وخلع عليهم وطيبهم، وقال: اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وائتوني بأهليكم أجمعين. فخرجوا، وسبقهم يهوذا بالقميص. قال الله تعالى: " ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ".
قال: لما فصلت العير من أرض مصر حملت الريح رائحة القميص فشمها يعقوب، فقال ذلك. ومعنى تفندون أي تكذبون. فقال له أهله: - وقيل بنو بنيه - تالله إنك لفي ضلالك القديم، معناه في حبك القديم ليوسف.
فلما وصل يهوذا بالقميص ودخل على يعقوب ألقاه على وجهه وقال: خذها بشارة. فعاد بصره من ساعته، وخر ساجداً لله. قال الله تعالى: " فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً " الآية.
وجاء بنوه وقالوا: يا نبي الله، نحن الذين غيبنا يوسف عنك، ونحن الذين تيناك بخبره وهو عزيز مصر. ثم قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم.
قال: وجاءه جبريل بناقة من نوق الجنة، فاستوى عليها، وخرج من أرض كنعان يريد مصر ومعه أولاده وأهله، وهم ثمانية وسبعون إنساناً، فدعا لعم يعقوب فما دخل أولاده مصر إلا وقد غفر لهم؛ وخرج يوسف لملتقى أبيه ومعه خلق كثير فلما رآه يوسف ترجل عن فرسه وأبرك يعقوب ناقته، واعتنقا وبكيا، وقال يوسف: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
قال الله تعالى: " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً "يعني الأب والخال، " وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم ".
قال: وكان بين مفارقته ووقت الاجتماع أربع وثلاثون سنة.
وقال الحسن: كان بين خروج يوسف إلى يوم الالتقاء معه ثمانون سنة لم تجف عيناه.
وأقام يعقوب بمصر أربعين سنة. وقيل: أربعاً وعشرين سنة؛ ثم أمره الله أن يرتحل إلى أرض كنعان لاقتراب أجله؛ فارتحل ومات هناك، ودفن إلى جانب أبيه إسحاق.
وحكى الثعلبي - رحمه الله - أن يعقوب مات بمصر، وأوصى يوسف أن يحمل جسده إلى الأرض المقدسة حتى يدفنه عند أبيه إسحاق وجده إبراهيم؛ ففعل ذلك، ونقله في تابوت من ساج إلى البيت لمقدس، وخرج معه في عسكره وإخوته وعظماء أهل مصر، ووافق ذلك اليوم وفاة عيصو، فدفنا في يوم واحد، وكان عمرهما جميعاً مائة سنة وسبعاً ولأربعين سنة، لأنهما ولدا في بطن واحد، وقبرا في قبر واحد.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 05:52 م]ـ
زواجه من زليخا:
يقال: إن زليخا أصابها من الحاجة ما أصاب غيرها، وابتاعت الطعام بجميع مالها، وبقيت منفردة، فلم تجد بداً من التعرض ليوسف، فقعدت على طريقه وإذا هو قد أقبل في مواكب عظيمة، فقامت وقالت:
يا يوسف، سبحان من أعز العبيد بالطاعة، وأذل السادات بالمعصية، أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك من أولاد النبيين.
فسألها يوسف. من أنت!؟
فقالت: زليخا؛ وبكت وذكرت حاجتها إلى الطعام؛ فصرفها إلى منزلها، ورد عليها أملاكها وأموالها، وبعث لها بمال جزيل وطعام كثير؛ ثم استأذن الله تعالى في زواجها؛ فأذن له؛ فتزوجها، ورد الله عليها حسنها وجمالها؛ فلما دخل عليها وجدها بكراً؛ فعجب من ذلك؛ فقالت: يا نبي الله " والذي هداني إلى دينك ما مسني ذكر قط، وما قدر علي العزيز ".
فيقال: إنه رزق منها عشرة أولاد في خمسة أبطن.
وقد حكى الثعلبي أن العزيز قطفير لما هلك بعد عزله زوج الملك يوسف بامرأته زليخا، وسماها الثعلبي في كتابه: راعيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 06:09 م]ـ
زيادة الواو:
واعلم أن الكوفيين وجماعة من البصريين أجازوا زيادة الواو، قال الفراء في تفسير سورة يوسف: قوله تعالى: " فلما جهزهم بجهازهم "، " جعل السقاية " جواب، وربما أدخلت في مثلها الواو وهي جواب على حالها، كقوله في أول السورة: " فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه " والمعنى والله أعلم أوحينا إليه.
وهي في قراءة عبد الله: " فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية ". ومثله في الكلام: لما أتاني، وأثب عليه، كأنه قال وثبت عليه. وقد جاء الشعر في ذلك، قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى البيت
وقال آخر:
الكامل حتى إذا قملت بطونكم = ورأيتم أبناءكم شبوا
وقلبتم ظهر المجن لنا = إن اللئيم العاجز الخب
أراد: قلبتم.
وقال أيضاً في آخر تفسير سورة الأنبياء: وقوله تعالى: " واقترب الوعد الحق " معناه والله أعلم: حتى إذا فتحت اقترب، ودخول الواو في الجواب في حتى إذا بمنزلة قوله تعالى: " حتى إذا جاؤوها وفتحت ". وفي قراءة عبد الله: " فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية " وفي قراءتنا بغير واو. ومثله في الصافات: " فلما أسلما وتله للجبين وناديناه " معناه ناديناه.
وقال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى البيت
يريد: انتحى. انتهى كلامه.
(خزانة الأدب؛ لعبد القادر البغداديّ)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 06:14 م]ـ
ومن ذلك الصَّاعُ يذكر ويؤنث،
وفي التنزيل: "نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ ولِمَنْ جاءَ بِه حِمْلُ بَعِيرٍ"،
وفيه "ثم اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيه".
وقال أبو عبيد أنا لا أرى التذكير والتأنيث اجتمعا في اسم الصُّواع ولكنهما عندي إنما اجتمعا لأنه سمي باسمين أحدهما مذكر والآخر مؤنث فالمذكر الصُّواع والمؤنث السِّقاية.
قال ومثل ذلك الخِوَانُ والمائدةُ وسِنَانُ الرُّمْح وعالِيَتُه والصُّوَاعُ إناء من فضة كانوا يشربون به في الجاهلية.
وقد قدّمت ما فيه من اللغات صُوَاعٌ وصَوْعٌ وصَاعٌ وصُوعٌ، وإنما كررتها هنا؛ لأَقِفَك على أنها كلها تذكر وتؤنث.
(المخصص؛ لابن سيده اللغويّ الأندلسيّ)(/)
سؤال عن الحج
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[30 - 03 - 2008, 11:43 ص]ـ
ماالفرق بين (الحج) بكسر الحاء و (الحج) بفتح الحاء في قوله تعالى
((ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا)) (كسر الحاء)
((الحج اشهر معلومات)) (فتح الحاء)
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 08:48 ص]ـ
مرحبا بك أخي عبد الصمد:
هذه محاولة تحتاج إلى مزيد مراجعة:
قياس لغة العرب:
الحِجة، بالكسر، كـ: "الفِطرة": اسم هيئة، والحَجة، بالفتح كـ: "الفَطرة": اسم مرة، فيكون الكسر على معنى: ماهية الحج، وهي صفته الشرعية، دون نظر إلى العدد، والفتح، على معنى وقوع الحج مرة واحدة.
ولكن في "تاج العروس":
"والحِجَّةُ " بالكسر " المَرَّةُ الواحِدَةُ " من الحَجِّ وهو " شَاذٌّ " لورودِه على خلاف القِياس؛ " لأَنَّ القِيَاسَ " في المَرَّةِ " الفَتْحُ " في كلّ فعلٍ ثلاثيّ كما أَنَّ القياسَ فيما يَدُلُّ على الهَيْئَةِ الكسرُ كذا صرّح به ثعلب في الفصيح وقَلَّدَه الجوهريُّ والفيوميّ والمضّف وغيرهم. وفي اللّسان: روى عن الأَثْرَمِ وغيره: ما سمعْنَا من العرب حَجَجْتُ حَجَّةً ولا رأَيْتُ رَأْيَةً وإِنما يقولون: حَجَجْتُ حِجَّةً. وقال الكسائيُّ: كلامُ العربِ كلّه على فَعَلْتُ فَعْلةً إِلا قَوْلَهُم: حَجَجْتُ حِجَّةً ورأَيت رُؤْيَةً فتبين أَنّ الفَعْلَة للمرّة تقال بالوجهين:
الكسرِ على الشُّذُوذِ وقال القاضي عياض: ولا نَظِيرَ له في كلامهم.
والفتحِ على القِياس". اهـ
وفي "مختار الصحاح":
"والحِجُّ بالكسر الاسمُ والحِجَّة بالكسر أيضاً المَرة الواحدة وهي من الشواذّ لأن القياس الفتح". اهـ
فيقال، أخي عبد الصمد، لو جرينا على قياس لغة العرب:
في الآية الأولى: لله على الناس أداء الحج، (أي الإتيان بالركن)، متى استطاعوا إليه سبيلا.
ويؤيد ذلك أن الإضافة في: "حج البيت": إضافة مصدر إلى مفعوله.
والمصدر يدل على هيئة الفعل.
ويقال في الآية الثانية: أفعال الحَجة الواحدة من أركان وواجبات وسنن ........... إلخ، لها وقت معلوم هو: أشهر الحج.
فالنظر في الآية الأولى: إجمالي للحج بأكمله، وفي الثانية: تفصيلي لأركان وواجبات وسنن الحجة الواحدة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[عبدالصمد]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 07:33 م]ـ
الاخ/ لم تصل للحقيقه لان القرآن الكريم ذكر الحج بفتح الحاء في جميع السورالقرآنيه الا موطن واحد جاءت بكسر الحاء .. شكرا لك اخي العزيز وحاول مرة اخرى(/)
أرجووووووووكم ساعدوووني
ـ[رسمية]ــــــــ[31 - 03 - 2008, 07:57 م]ـ
:::
أريد مجموعة من الصادر والمراجع لعمل بحث عن خصائص التشبية في القران الكريم
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 03:08 م]ـ
http://www.balagh.com/mosoa/quran/re10cdpy.htm
ـ[أبو إياد]ــــــــ[03 - 04 - 2008, 02:55 م]ـ
1 - أدوات التتشيه في القرآن الكريم/د. محمود موسى حمدان
2 - البيان في ضوء أساليب القرآن/د. عبدالفتاح لاشين(/)
من قوله تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ ........... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 09:20 ص]ـ
من قوله تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ):
الاستفهام "أفغير": إنكاري توبيخي، لأن ما بعده حاصل فقد اتخذوا دينا غير دين الله، عز وجل، فوبخهم الباري، جل وعلا، منكرا عليهم ذلك.
والهمزة تنفرد عن باقي أدوات الاستفهام بأمور، لأنها أم الباب، ولأم الباب من الخصائص ما ليس لبقية أفراده، فمن ذلك:
أن لها الصدارة مطلقا، فإن عطفت على ما قبلها، تقدمت على العاطف، بخلاف بقية أدوات الاستفهام، كـ: "أين" في نحو قوله تعالى: (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ)، فتقدمت الفاء التي تفيد العطف والتعقيب على أداة الاستفهام: "أين" بخلاف: "أفغير": إذ تصدرت الهمزة الكلام وجاءت بعدها الفاء العاطفة.
وقد قدر الزمخشري، غفر الله له، جملة بعد همزة الاستفهام، عُطفت عليها الجملة بعد الفاء، فيكون العطف: عطف جملة على جملة، طردا للباب، وإلى ذلك أشار ابن هشام، رحمه الله، بقوله:
"دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة، ثم توسطت الهمزة بينهما، (وهو رأي الجمهور الذين قالوا بأن تقدم بعض المعطوف وهو: همزة الاستفهام على العاطف أسهل من تقدير جملة بعد همزة الاستفهام تعطف الفاء جملة: "غير دين الله ............. " عليها، لأن الأصل عدم تقدير محذوف ما أمكن، وتقديم بعض المعطوف مما جاء في كلام العرب في نحو:
ألا يا نخلةً منْ ذاتِ عرقٍ ******* عليكِ ورحمةُ اللهِ السّلامُ
فتقدم المعطوف: رحمة على المعطوف عليه: السلام، وهو يختلف عن تقدير الزمخشري من جهة أن الجملتين في هذا التقدير مذكورتان، غاية ما هناك أن بعض الثانية المعطوفة، (وهو: الهمزة)، قد تقدم على العاطف، لأن له تمام الصدارة كما تقدم، بينما في تقدير الزمخشري: الجملة المعطوف عليها: محذوفة، مقدرة بعد همزة الاستفهام، ومن ثم عطف عليها الجملة المذكورة بالفاء).
ويجوز أن يعطف على محذوف تقديره: أيتولون، فغير دين الله يبغون، (وهذا تقدير الزمخشري، فالجملة المقدرة بعد همزة الاستفهام هي: يتولون) ".
بتصرف كبير من "مغني اللبيب"، (1/ 38، 39).
فعدم التقدير هو: الأصل، وتقدير جملة معطوفة، وإن كان خلاف الأصل، إلا أنه يفيد زيادة في المعنى، فالجملة المحذوفة تؤكد معنى الإنكار بعدها، فآلت الصورة إلى: إنكار بعد إنكار، فتقدير الكلام: كيف سولت لهم أنفسهم هذا الأمر فتولوا فغير دين الله يبغون.
*****
وتقديم المعمول: "غير دين الله" على عامله: "يبغون" يفيد: الحصر والقصر، فهو محل الإنكار، فالإنكار ليس منصبا على الابتغاء، فإن العبد مبتغ لا محالة، فمن لم يتأله للمعبود الحق، جل وعلا، تأله لسواه من المعبودات، وإنما الإنكار منصب على المعمول المقدم: ابتغاء غير دين الله.
وقد أضاف الباري، عز وجل، الدين لنفسه، فلم يقل: أفغير الإسلام يبغون، تنويها بذكره، لأن في إضافته للباري، عز وجل، مزيد تعظيم في النفوس، وإن كان الإسلام معظما كيفما ذكر.
*****
قوله تعالى: (وله أسلم):
فيه: تقديم ما حقه التأخير، وهو يفيد الحصر والقصر كما تقدم.
والفعل: "أسلم" يأتي:
متعديا بمعنى: "أخلص"، ومنه قوله تعالى: (بلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ)، أي: بلى من أخلص وجهه.
ولازما بمعنى: "استسلم"، فيتعدى باللام، ومنه قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).
والسياق هنا يحتمل كلا المعنيين، فالفعل مطلق، لم يقيد بمفعول، كأن يقال على سبيل المثال: وله أسلم من في السماوات والأرض وجوهَهم، ليقال بأن الإخلاص هو المعنى المقصود، ولم يتعد بواسطة، ليقال بأن الاستسلام هو المعنى المقصود.
فأفاد هذا الإطلاق عموم إسلام كل الكائنات فإن:
الإسلام المتعدي هو: الإسلام الخاص الذي يعني الانقياد لأمر الله، عز وجل، الشرعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
والإسلام اللازم: هو الإسلام العام الذي يعني الانقياد لأمر الله، عز وجل، الكوني، وإن خالف المكلف أمره الشرعي، فإنه لا يقدر على الخروج عن أمره الكوني، فلن يطيع الطائع، ولن يعصي العاصي إلا أن يشاء الله، عز وجل، وقوع الطاعة والمعصية كونا، وإنما امتازت الطاعة بأنها مراد الله الشرعي الذي يحبه ويرضاه، بخلاف المعصية فهي مما يبغضه الله، عز وجل، ويسخطه، وإن أراده كونا لمصلحة تربو على مفسدة وقوعه.
الشاهد: أن إطلاق الفعل عن أي قيد في هذا السياق قد أعطى المعنى من العموم ما لم يعطه في حالة التقييد بالمفعول أو الحرف.
*****
قوله تعالى: (من في السماوات والأرض):
الأصل في: "من" أنها للعاقل، ولكنها في هذا السياق تفيد عموم: العاقل وغير العاقل، كما في قوله تعالى: (ولله يسجد من في السموات ومن في الأرض)، فاستعمال من فيما لا يعقل - في هذا الموضع - من باب التغليب، والأصل تغليب من يعقل على ما لا يعقل، وقد يغلب ما لا يعقل على من يعقل، لنكتة، وهذه النكت تختلف باختلاف الأحوال والمقامات.
بتصرف من: "منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل"، (1/ 125).
ويؤيد ذلك عموم الظرفية في: "السماوات والأرض"، فضلا عن عموم "من" الموصولة التي تفيد العموم بمادتها، فآل المعنى إلى: وله أسلم كل من في جميع السماوات والأرض، فـ: "أل" في: "السماوات" و "الأرض" جنسية تفيد استغراق ما دخلت عليه، والاستغراق هنا حقيقي.
*****
قوله تعلى: (طوعا وكرها): حالان جاءا بصيغة: "المصدر" الجامد الذي يدل على المعنى دلالة مطابقة، والأصل في الحال أن يكون: وصفا مشتقا، فلما جاء مصدرا في هذا الموضع، دل ذلك على إرادة المبالغة، فإن الإخبار بالمصدر يدل على تلبس المخبر عنه بالمعنى الذي يدل عليه المصدر، حتى صح وصفه به، فكأن المعنى، وهو في أمر عقلي لا يوجد مطلقا إلا في الأذهان، قد تجسد في شخص الموصوف، فصار جوهرا بعد أن كان عرضا، باصطلاح أهل المنطق، ومن ذلك:
قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، فوصف البيت، (وهو: اسم ذات)، بالمصدر: هدى، (وهو: اسم معنى)، على سبيل المبالغة، فهو سبب الهدى، فنزل السبب منزلة المُسَبَب.
فمن في السماوات والأرض، مسلم منقاد: طائعا كان أو مكرها، فمن التزم الأمر الشرعي فهو المسلم طاعة، ومن خرج عنه فهو المسلم كرها، فلن يخرج عن مشيئة الله، عز وجل، الكونية النافذة كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وقدر بعض أهل العلم وقوع التوكيد من جهة: تقدير مصدر محذوف مبين لنوع عامله، فيكون المعنى: وله أسلم من في السماوات والأرض إسلام طوع وإسلام كره، وقدره آخرون بأنه مصدر ناب عن الحال: طائعا ومكرها فيكون من باب: "تبادل الصيغ"، والمعنيان الأولان: أقوى دلالة من جهة توكيد العامل: "أسلم".
*****
قوله تعالى: (وإليه يرجعون): توكيد بتقديم ما حقه التأخير، فيفيد الحصر والقصر كما تقدم في قوله تعالى: (وله أسلم).
ففي الآية من العمومات التي لم يدخلها التخصيص الشيء الكثير:
ففيها عموم إسلام كل الكائنات له، جل وعلا، وعموم المسلمين: طوعا وكرها، فالأول: عموم فعل، والثاني: عموم فاعل، وعموم مصير كل الكائنات إليه، جل وعلا، وفي التنزيل: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا).
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 06:49 م]ـ
سلمت يداك, وجزاكم الله خيرا0
ـ[السراج]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 05:00 ص]ـ
بارك الله فيك وفيما كتبت ..
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 08:45 ص]ـ
أحسنت
يا أخي الكريم
وسلمت يداك
وجزاك الله خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 09:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الكرام الأفاضل على المرور وحسن الظن والثناء، وبارك فيكم، ونفعكم ونفع بكم، وسلم أيديكم.(/)
أفيدووني,,لتكونوا عند حسن الظن,,
ـ[فيض]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 11:11 م]ـ
السلام عليكم ,,أحبتي الكرام هل في القران سجع؟ وما هو اختلاف العلماء فيه
هل تسمى فواصل؟
أفيدوني بمرجع أو أسعفوني إن كان لديكم علم؟
تقديري ,,,
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 06:46 ص]ـ
أخي الكريم
انظر هذا الرابط:
الفاصلة في القرآن الكريم ..
آخر الآية؛
لأخي الأديب الشاعرمحمد الحسناوي
رحمه الله
وأخي الشاعر الأستاذ الحسناوي
نال بهذا الموضوع الماجستير
http://www.odabasham.net/show.php?sid=4985
وأهلا وسهلا ..
وعلى الرحب والسعة
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 03:04 م]ـ
وعليكم السلام ...
أكثر العلماء ينفون بأن القرآن فيه سجع
لعل هذا الرابط ينفعك ...
http://www.quranway.net/index.aspx?function=Item&id=450&lang=
ـ[فيض]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 11:10 م]ـ
أشكر لكما تعاونكما فقد أستفدت كثيرا بارك الله في علمكما إلا أن لدي سؤالاًآخريُلحُّ عليَّ وهو (ماهي مناهج التأليف البلاغي؟ وماذا يقصد بكل منهج؟
شاكرة ومقدرة,,,(/)
ساعدوني عندي اختبار
ـ[عبدالله العبدالله]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 05:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اعزائي
اخواني الكرام
بصراحة انا الان بأسعى الحاجات اليكم عندي اختبار بلاغة
الدروس:
1:المسند والمسندالية
2:الذكر والحذف
تكفون اختبار قريب
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 11:53 م]ـ
http://www.4shared.com/file/35503415/a14df97e/____.html
هذا كتاب الايضاح في علوم البلاغة .. يفيدك إن شاء الله(/)
دعوة للتأمل ..
ـ[السراج]ــــــــ[02 - 04 - 2008, 09:50 م]ـ
السلام عليكم
في هذه الصفحة أدعوكم للتأمل مع بيت من أبيات الشعر العربي، حوى الكثير من الصور والجماليات، البيت لابن الرومي من قصيدة تكاد تكون أشهر قصيدة رثاء ابن.
تأمل البيت واكتب كل ما تلاحظه من فنون وصور وجماليات:
البيت:
لقد أنجزت فيه المنايا وعيدها ** وأخلفت الآمال ما كان من وعد
سأبدأ بالنزر اليسير:
قابل الشاعر بين الشطرين فبدأ بالمصيبة التي ألمت به حين توفي ابنه، وجاء فعل المصيبة في الشطر الأول قوياً ومؤكداً بنفسه حيث إن الانجاز تعني الوجود والوقوع ثم أضاف الشاعر قبل الفعل (لقد) التي تفيد تحقق الوقوع، وبكذا أكد الشاعر وقوع ما أوعدت به المنايا.
تأمل البيت ستجد الكثير من روائع اللغة العرية لأن المتحدث هنا قلب أب ..
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[03 - 04 - 2008, 01:16 م]ـ
أظن أنّ في البيت طباق بين: (أنجزت, أخلفت) و بين: (المنايا, الآمال)
فلا شك أن إنجازز الوعد و إخلافه ضدين و قد وُفق الشاعر بالجمع بين متضادين في صورة رائعة و هذف سامٍ و هو رثاء فلذة كبده.
لك أن تلاحظ كيف قطعت المنية آمال ذلك المرثي , فكل عظيم له آمالٌ يؤملها و طموح يسعى له خلال حياته , لكن و في طرفة عين تنقض المنايا على ذلك العظيم فتقطع آماله و طموحه.
هذا ما عندي من قليل علمٍ و الله أعلى و أعلم.
ـ[السراج]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 04:50 ص]ـ
بارك الله فيك اخي أنس
وننتظر التأملات ..(/)
قَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ل
ـ[محمد سعد]ــــــــ[03 - 04 - 2008, 11:49 م]ـ
قال تعال:" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"
قال أبو حيان:
وفي هذه الجمل الأربع من بلاغة المعنى ونصاعة اللفظ ما لا يخفى على من تعاطى علم البيان.
فالجملة الأولى: أبرزت في صورة المبتدأ والخبر وجعل الخبر فعلاً لأن الإرضاع مما يتجدد دائماً، ثم أضيف الأولاد إلى الوالدات تنبيهاً على شفقتهن على الأولاد، وهزالهن وحثاً على الإرضاع، وقيد الإرضاع بمدة، وجعل ذلك لمن أراد الإتمام. وجاء الوالدات بلفظ العموم، وأضيف الأولاد لضمير العام ليعم، وجمع القلة إذا دخلته الألف واللام، أو أضيف إلى عام، عم
والجملة الثانية: أبرزت أيضاً في صورة المبتدأ والخبر، وجعل الخبر جاراً ومجروراً بلفظ: على، الدالة على الاستعلاء المجازي والوجوب. فأكد بذلك مضمون الجملة، لأن من عادة المرء منع ما في يده من المال، وإهمال ما يجب عليه من الحقوق، فأكد ذلك. وقدم الخبر على سبيل الإعتناء به، وجاء الرزق مقدماً على الكسوة، لأنه الأهم في بقاء الحياة، والمتكرر في كل يوم.
والجملة الثالثة: أبرزت في صورة الفعل ومرفوعه، وأتى بمرفوعه نكرة لأنه في سياق النفي، فيعم، ويتناول أولاً ما سيق لأجله: وهو حكم الوالدات في الإرضاع، وحكم المولود له في الرزق والكسوة اللذين للوالدات.
والجملة الرابعة: كالثالثة، لأنها في سياق النفي، فتعم أيضاً، وهي كالشرح للجملة قبلها، لأن النفس إذا لم تكلف إلاَّ طاقتها لا يقع ضرر لا للوالدة ولا للمولود له، ولذلك جاءت غير معطوفة على الجملة قبلها، فلا يناسب العطف بخلاف الجملتين الأوليين، فإن كل جملة منهما مغايرة للأخرى، ومخصصة بحكم ليس في الأخرى، ولما كان تكليف النفس فوق الطاقة، ومضارة أحد الزوجين الآخر مما يتجدد كل وقت، أتى بالجملتين فعليتين، أدخل عليهما حرف النفي الذي هو: لا، الموضوع للاستقبال غالباً، وفي قراءة من جزم: لا تضار، أدخل حرف النهي المخلص المضارع للاستقبال، ونبه على محل الشفقة بقوله: بولدها، فأضاف الولد إليها، وبقوله: بولده، فأضاف الولد إليه، وذلك لطلب الاستعطاف والإشفاق. وقدم ذكر عدم مضارة الوالدة على عدم مضارة الوالد مراعاة للجملتين الأوليين، إذ بدىء فيهما بحكم الوالدات، وثنى بحكم الوالد في قوله: لا تضار، دلالة على أنه إذا اجتمع مؤنث ومذكر معطوفان، فالحكم في الفعل السابق عليهما للسابق منهما، تقول: قام زيد وهند وقامت هند وزيد، ويقوم زيد وهند، وتقوم هند وزيد، إلاَّ إن كان المؤنث مجازياً بغير علامة تأنيث فيه فيحسن عدم إلحاق العلامة، كقوله تعالى: {وجُمع الشمس والقمر}. أ هـ {البحر المحيط حـ 2 صـ 226}
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 01:17 ص]ـ
(البقرة) ( o 233 o)( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
أين الرابعة:)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 01:23 ص]ـ
قد تكون سقطت سهوا حياك أخي أبا يزن وشكرا لمرورك الطيب
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 02:05 ص]ـ
عدلت أخي أبا يزن، ملاحظتك في الصميم
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 02:11 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذنا الفاضل
إن التدبر في كتاب الله من الحكمة ولكي تعرف أنك تتدبر كما ينبغي فانظر لهذه الآية ثم قس نفسك عليها فإن كنت مثل الذي تصف وإلا فقد مررت ولم تتدبر
قال تعالى في (الزمر) ( o 23 o)( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 02:17 ص]ـ
أشكرك أخي أبا يزن ودمت للغة العربية(/)
خصائص التشبيه في القرآن
ـ[مذوبه البنات]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 11:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هذه المره الثانيه أطلب مساعدتكم وما ابغاكم تردوني مثل المره الاولى
خصائص التشبيه في القرأن للمؤلف أحمد أحمد بدوي
مع خالص شكري لكم(/)
من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ .... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 09:18 ص]ـ
في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
"إنما": أداة حصر، وإنما يصح الحصر بتقدير أقرب المجازين: الصحة أو الكمال، لأن الوجود الحسي قد يحصل بلا استحضار نية، كمن أكل أو شرب أو قضى الدين أو .......... إلخ عادة، فإن عمله مجزئ، وإن فاته الثواب من جهة استحضار نية: حفظ النفس بالغذاء، وحفظ حقوق الناس بأدائها ......... إلخ، فالحصر هنا: إضافي، لوقوع كثير من الأعمال لاسيما العادات والمعاملات بلا نية فيكون لها وجود حسي، كما تقدم، بلا ثواب، بل قد تقع العبادة، والنية فيها شرط أو ركن على خلاف بين أهل العلم، حسا، ولا اعتبار لها شرعا، من جهة فساد النية أو اختلال شرط أو ركن ........ إلخ، وإن كان وقوع العبادة تامة الشروط والأركان مجزئا من جهة سقوط تعلقها بذمة المكلف، فلا يطالب بها مرة أخرى، كمن أخذت منه الزكاة قهرا، فإنها تجزئه في أحكام الدنيا، وإن بقي الوعيد متعلقا بإثم منعها، فهو تحت مشيئة الله، عز وجل، إن شاء عفى عنه، وإن شاء عذبه.
ودليل الحصر هنا أن: إنما الأعمال بالنيات تكافئ: لا عمل إلا بنية، كما أشار إلى ذلك الحافظ، رحمه الله، بقوله: "وَقَدْ وَقَعَ اِسْتِعْمَال إِنَّمَا مَوْضِع اِسْتِعْمَال النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاء كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وَكَقَوْلِهِ: (وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وَقَوْله: (إِنَّمَا عَلَى رَسُولنَا الْبَلَاغ الْمُبِين) وَقَوْله: (مَا عَلَى الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ) وَمِنْ شَوَاهِده قَوْل الْأَعْشَى:
وَلَسْت بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى ******* وَإِنَّمَا الْعِزَّة لِلْكَاثِرِ.
يَعْنِي مَا ثَبَتَتْ الْعِزَّة إِلَّا لِمَنْ كَانَ أَكْثَر حَصًى، (أي: ما العزة إلا للكاثر) ". اهـ
بتصرف من: "فتح الباري"، (1/ 18، 19).
فالحصر بـ: "إنما" يشبه الحصر بالنفي والاستثناء من جهة: أصل المعنى، ويفارقه من جهة: فرعه، فدلالة النفي والإثبات على الحصر أقوى من دلالة إنما، فصار الأول أبلغ في خطاب المنكر، والثاني أبلغ في خطاب خالي الذهن أو المتردد فهو لا يحتاج إلى مزيد توكيد، على ما قرر البلاغيون.
ولا يخلو لفظ: "إنما" من معنى المبالغة والتأكيد حيث وقع، كما أشار إلى ذلك ابن عطية، رحمه الله، بخلاف الحصر فهو من معانيه الثانوية التي يدل عليها السياق، فإن كان حاصرا: حصرا حقيقيا أو إضافيا، فهو تبع له، وإن كان غير حاصر، فإنه لا يدل بأصل وضعه إلا على التأكيد، فلا يصار إلى الزيادة في معنى اللفظ بلا زيادة في مبنى السياق تدل عليها.
وقد قدر الجمهور المجاز القريب: وهو الصحة، وقدر أبو حنيفة، رحمه الله، المجاز البعيد: وهو الكمال، ورجح رأي الجمهور أن: حمل الكلام على المجاز القريب متى تعذر حمله على الحقيقة أولى من حمله على المجاز البعيد.
قوله: (وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى):
إما أن يقال بأنه مؤكد لما قبله، فيكون متعلقا بالعمل، أو أنه مؤسس لمعنى جديد متعلق بالعامل، والثاني أقرب من جهة: أن حمل الكلام على التأسيس أولى من حمله على التوكيد إذا احتملهما السياق، لأن التأسيس منشئ لخبر ثان، ففيه من الفائدة ما ليس في توكيد خبر أول.
وفي هذا السياق حصر من جهتين:
من جهة "إنما" على التفصيل السابق.
ومن جهة: تقديم ما حقه التأخير في: لكل امرئ ما نوى، فتقديم الجار والمجرور: "لكل" مشعر بالحصر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإليه أشار الكرماني، رحمه الله، بقوله: "إِذَا قُلْنَا إِنَّ تَقْدِيم الْخَبَر عَلَى الْمُبْتَدَأ يُفِيد الْقَصْر فَفِي قَوْله " وَإِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى " نَوْعَانِ مِنْ الْحَصْر: قَصْر الْمُسْنَد عَلَى الْمُسْنَد إِلَيْهِ إِذْ الْمُرَاد إِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَاهُ، وَالتَّقْدِيم الْمَذْكُور". اهـ
"فتح الباري"، (1/ 21).
قوله: (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ......... ):
بيان بعد إجمال بالفاء المفرعة.
وقوله: (فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ):
إظهار في موضع الإضمار إجلالا للمذكور وتبركا بجريان ذكره على اللسان، فالقياس: فمن كانت هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إليهما.
وإعادة لفظ المبتدأ في جملة الخبر، أو الشرط في الجزاء، يدل على المبالغة إما في: التعظيم أو التحقير، كما في:
قوله تعالى: (الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ)، فتكرار المبتدأ في جملة الخبر مشعر بتعظيم شأنه.
بخلاف قولك: زيد ما زيد!!!، فإنها تحتمل المبالغة في التعظيم، أو التحقير، و: "بساط الحال" هو الذي يحدد المعنى المقصود، وإلى ذلك أشار ابن خلدون، رحمه الله، بقوله:
"البيان والبلاغة في اللسان المضري أكثر وأعرق لأن الألفاظ بأعيانها دالة على المعاني بأعيانها. ويبقى ما تقتضيه الأحوال ويسمى بساط الحال محتاجاً إلى ما يدل عليه. وكل معنى لا بد وأن تكتنفه أحوال تخصه فيجب أن تعتبر تلك الأحوال في تأدية المقصود لأنها صفاته وتلك الأحوال في جميع الألسن أكثر ما يدل عليها بألفاظ تخصها بالوضع. وأما في اللسان العربي فإنما يدل عليها بأحوال وكيفيات في تراكيب الألفاظ وتأليفها من تقديم أو تأخير أو حذف أو حركة إعراب. وقد يدل عليها بالحروف غير المستقلة. ولذلك تفاوتت طبقات الكلام في اللسان العربي بحسب تفاوت الدلالة على تلك الكيفيات كما قدمناه فكان الكلام العربي لذلك أوجز وأقل ألفاظاً وعبارة من جميع الألسن. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصاراً ". واعتبر ذلك بما يحكى عن عيسى بن عمر وقد قال له بعض النحاة: " إني أجد في كلام العرب تكراراً في قولهم: زيد قائم وإن زيداً قائم وإن زيداً لقائم والمعنى واحد. فقال له: إن معانيها مختلفة فالأول: لإفادة الخالي الذهن من قيام زيد والثاني: لمن سمعه فتردد فيه والثالث: لمن عرف بالإصرار على إنكاره فاختلفت الدلالة باختلاف الأحوال. وما زالت هذه البلاغة والبيان ديدن العرب ومذهبهم لهذا العهد ". اهـ بتصرف يسير من تاريخ ابن خلدون.
فالحركة في لغة العرب، وهي التي امتازت عن بقية اللغات بـ: "الإعراب"، لها دلالتها، فتنوين "سيبويه" يدل على معنى لا يدل عليه الاسم المبني على الكسر، فالأول: عام، والثاني: خاص بصاحب "الكتاب"، والقطع إلى الرفع أو النصب في لغة العرب باب واسع، وهو يفيد: المدح أو الذم، وإنما يعرف المراد بـ: "بساط الحال"، أيضا، فلا يمكن فهم مراد المتكلم بمعزل عنه، فهو بمنزلة القرينة السياقية التي ترجح معنى على بقية المعاني، كلفظ: "مع"، على سبيل المثال، فهو يفيد مطلق المصاحبة التي تتنوع إلى:
مصاحبة مع اختلاط:
كقولك: مزجت اللبن مع الماء.
أو: مصاحبة لا يلزم منها اختلاط:
كقولك: فلانة مع فلان، إن كانت امرأته، وإن فرقت بينهم الديار وتناءت الأقطار.
أو: مصاحبة علم:
كما في قوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)، بدليل: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا)، في أول الآية، و: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، في آخر الآية، فافتتحها بالعلم واختتمها به.
أو: مصاحبة نصرة وتأييد:
لأفراد:
كما في قوله تعالى: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، و: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).
أو لأوصاف:
(يُتْبَعُ)
(/)
كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)، فعلق حكم المصاحبة الخاصة التي تقتضي النصرة والتأييد على الوصفين اللذين اشتق منهما الفعل: "اتقوا"، واسم الفاعل: "محسنون"، وهما: التقوى والإحسان.
فصار المعنى الكلي المطلق: مشتركا معنويا في كل موارد اللفظ، تقيده قرينة السياق، كما يقيد بساط الحال ألفاظ المتكلم.
وقوله: (وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ):
بخلاف الأول: إضمار في موضع الإظهار، تحقيرا لشأن المذكور، فالقياس: وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فهجرته إلى تلك الدنيا التي يريد إصابتها أو المرأة التي يريد زواجها.
وقوله: (لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا):
خصوص بعد عموم، فالنساء من أعظم شهوات الدنيا، فخصصن بالذكر، تنويها بذلك، وتحذيرا من فتنتهن، وفي التنزيل: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ).
فقدمن على كل شهوة، لأنهن أعظم شهوة.
وفي رواية البخاري:
(إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)، فذكر التفريع الثاني دون الأول، اكتفاء بمفهوم المذكور، فهو يدل على المحذوف، ومن بلاغة المتكلم حذف ما يدل السياق عليه.
وإلى ذلك أشار الحافظ، رحمه الله، بقوله:
"لَعَلَّ الْبُخَارِيّ قَصَدَ أَنْ يَجْعَل لِكِتَابِهِ صَدْرًا يَسْتَفْتِح بِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِير مِنْ النَّاس مِنْ اِسْتِفْتَاح كُتُبهمْ بِالْخُطَبِ الْمُتَضَمِّنَة لِمَعَانِي مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ التَّأْلِيف، فَكَأَنَّهُ اِبْتَدَأَ كِتَابه بِنِيَّةٍ رَدَّ عِلْمهَا إِلَى اللَّه، فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الدُّنْيَا أَوْ عَرَضَ إِلَى شَيْء مِنْ مَعَانِيهَا فَسَيَجْزِيهِ بِنِيَّتِهِ. وَنَكَبَ عَنْ أَحَدِ وَجْهَيْ التَّقْسِيم مُجَانَبَة لِلتَّزْكِيَةِ الَّتِي لَا يُنَاسِب ذِكْرهَا فِي ذَلِكَ الْمَقَام". اهـ
"فتح الباري"، (1/ 22).
فتجنب البخاري، رحمه الله، ذكر ما يشعر بتزكية النفس، تواضعا لله عز وجل.
وفي رواية ثالثة: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّة):
فـ: "أل": في: "النية" جنسية تفيد استغراق ما دخلت عليه، وقد يقال بأن محل النية واحد وهو: القلب، ومحل الأعمال وهي: الجوارح: متعدد، فجمع الثاني وأفرد الأول.
وإليه أشار الحافظ، رحمه الله، بقوله:
"وَوَقَعَ فِي مُعْظَم الرِّوَايَات بِإِفْرَادِ النِّيَّة، وَوَجْهه أَنَّ مَحَلّ النِّيَّة الْقَلْب وَهُوَ مُتَّحِد فَنَاسَبَ إِفْرَادهَا. بِخِلَافِ الْأَعْمَال فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَة بِالظَّوَاهِرِ وَهِيَ مُتَعَدِّدَة فَنَاسَبَ جَمْعهَا؛ وَلِأَنَّ النِّيَّة تَرْجِع إِلَى الْإِخْلَاص وَهُوَ وَاحِد لِلْوَاحِدِ الَّذِي لَا شَرِيك لَهُ". اهـ
"فتح الباري"، (1/ 18).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن: "أل" في: "النيات" معاقبة للضمير، فتقدير الكلام: إنما الأعمال بنياتها، كما قيل في: زيد حسن الوجه، فـ: "أل" نابت مناب الضمير في: زيد حسن وجهه.
وإليه أشار ابن هشام، رحمه الله، بقوله:
"أجاز الكوفيون وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة "أل" عن الضمير المضاف إليه، وخرّجوا على ذلك: (فإنّ الجنة هي المأوى) و: مررت برجلٍ حسنٍ الوجهُ، و: ضُرب زيدٌ الظهرُ والبطنُ إذا رفع الوجه والظهر والبطن، (فيكون تقدير الكلام: فإن الجنة هي مأواه، و: مررت برجل حسن وجهه، و: ضرب زيد ظهره وبطنه)، والمانعون يقدرون هي المأوى له، والوجه منه، والظهر والبطن منه في الأمثلة".
بتصرف من "مغني اللبيب"، (1/ 76).
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبوحسام ألأشقر]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 12:26 ص]ـ
بورك فيك يا مهاجر لله درك على هذه التحفة .............
ـ[الهمام2003]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 06:53 م]ـ
بوركت وبورك عملك
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 09:35 م]ـ
وبوركتما أيها الكريمان، وبورك عملكما، وجزاكما الله خيرا على المرور.(/)
احذروا بعض ما في هذا الكتاب.!
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 01:57 م]ـ
:::
يُعد كتاب (علم البديع , دراسة تاريخية و فنية أصول البلاغة و مسائل البديع) للدكتور بسيوني عبد الفتاح , من أهم الكتب في فن البديع , و هو مرجع أساسي لأهل البلاغة , فهو كتاب غنيٌ بالمعلومات التي لا غبار عليها.
و لكني فُجئت و أنا اقرأه بخطأ فادح ... ! إنه ليس خطئاً مطبعياً و لا املائياً و لا حتى نحوي .... بل إنه خطأ عقدي!
نعم إنه يحتوي على خطأ في العقيدة يخالف مذهب السلف الصالح في صفات الله -عزّ و جلّ- , و ذلك أن ترجع إلى صفحة 172 و 174 تحت عنوان التورية , فقد ذكر المؤلف ما نصه:
" من أنواع التورية: ......
1 - التورية المجردة: و هي التي لم يذكر معها لازم من لوازم المعنى القريب المورى به و لا من لوازم المعنى البعيد المورى عنه. أو ذكر فيها لازم لكل منهما .. و من ذلك قوله عزّو جلّ: ((الرحمن على العرش استوى)) , فكلمة "استوى" في الآية الكريمة لها معنيان: قريب غير مراد و هو الاستقرار في المكان .. و بعيد مراد و هو الاستيلاء و الملك , لأن الله عزّ و جلّ منزه عن المعنى الأول و لم يذكر في الآية ما يلائم أياً من المعنيين ... و قيل إن التورية في الآية مرشحة , لأن قوله تعالى: ((على العرش)) مما يلائم المعنى القريب المورى به " أ. هـ
تعالى الله عمّا يقول علواً كبيراً , فالاستواء معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعه.
و أما الموضع الثاني ففي صفحة 174 ما نصه:
" 2 - التورية المرشحة: و هي التي يذكر فيها لازم المعنى القريب المورى به ... و سميت مرشحة لتقويتها بذكر لازم المعنى القريب غير المراد فإنها تزداد بذكره إيهاماً .. و من شواهدها قوله تعالى: ((و السماء بنيناها بأيد و إنا لموسعون)) فقوله:"بأيد" يحتمل اليد بمعنى الجارحة و هذا هو المعنى القريب المورى به و قد ذكر ما يلائمه و هو "بنيناها" , لأن البنيان من لوازم الجارحة , و يحتمل (القوة) , و هذا هو المعنى البعيد المورى عنه و هو المراد , لتنزهه سبحانه عن المعنى الأول" أ. هـ
سبحان ربي! فهو ينكر أن لله يد و مذهب أهل السنة و الجماعة أنهم يتبتون اليد لله و لكنهم يجهلون صفتها , و هذا ما فهمه السلف الصالح.
و من الأخطاء التي نبهني عنها أحد الإخوان أيضاً في هذا الكتاب , ما ورد تحت عنوان المبالغة:
فقد ذكر المؤلف أنّ من أقسام المبالغة ما يسمى بـ (الغلو) , وهو: ما كان الوصف المبالغ فيه ممتنعاً عقلاً و عادة , و قد ذكر أن المقبول منها ثلاثة أنواع , لكنه استشهد على هذا القسم من أقسام المبالغة بآيات من القرآن الكريم , فهل في القرآن الكريم ما يمتنع عقلاً و عادة .... سبحان ربي!
أحبتي يشهد الله أني لم أرد بهذا الموضوع فتنة أو تهجماً على أحد أو على صاحب الكتاب , فهو شيخ جليل و عالم فاضل و ما أنا أمام علمه إلا كمثقال ذرة أو أقل .... لكني أحببت تنبيه إخواني لكي يحذروا من بعض هذه الأخطاء العقدية الموجودة في بعض الكتب , و ما أنا بأهلٍ حتى أنتقد كتاباً سبق به شبخ فاضل أو عالم جليل , لكني وضحت هذا الأمر من باب (الدين النصيحة).
أرجو من اساتذتي في شبكة الفصيح توجيهي إن أخطأت و توضيح ما خفي من أمر , و ألا يبخلوا بزيادة أو إفادة على هذا الموضوع.
و لكم جزيل الشكر و اعتذر إن أطلت ,,,
ـ[رسالة]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 04:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم " أنس" أحيي فيك هذه القراءة الواعية وهذا القلب السليم، فبارك الله فيك فيما أشرت إليه من ملاحظة، هي جديرة بالذكر والإشارة، فمثل هذه الأمور قد تخفى على الكثير، وإن لم تفعل ما فعلت لهيأ الله من يقوم بهذه المهمة.
كما أنك أخي حذرت من بعض ما في الكتاب، فليس فيما ذكرت تعدي على أحد.
صفات الله تعالى لا تقبل تأويلا ولا تورية، فالله سبحانه وتعالى لن يعجزه البيان في ذكر صفاته بما يفهمه جميع البشر، و الأدلة الدامغة موجودة لمن يطلبها. ولعل أنسب مكان لها عند العلماء الأجلاء الموثوق في علمهم، ولمن أراد أن يستنير ويستزيد في هذا الموضوع. عليه بزيارة هذا الرابط:
http://http://www.ibnothaimeen.com/all/books/cat_index_290.shtml
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 05:14 م]ـ
بالنسبة لموضوع البناء باليد ممكن أن يكون قصد الكاتب أن الله منزه عن أن يبني بيده، لآن إنكار أثبات اليد لله كما ذكرت ماقال به أحد أخي الكريم عبد الله، والله أعلم.
أما في الأولى وهي الخوض في معنى الإستواء فغير موفق فيها كما يبدو.
بارك الله لك غيرتك.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[05 - 04 - 2008, 05:54 م]ـ
بوركت أخت رسالة على ردك المحايد , أما بالنسبة للرابط فلم يعمل معي ,,,,
أسعدني مرورك استاذ أحمد الغنام , بالنسبة لقولك:
إنكار أثبات اليد لله كما ذكرت ماقال به أحد أخي الكريم عبد الله، والله أعلم.
فإن المعتزلة - على حد علمي - أنكروا ذات اليد لله عزّ و جلّ.
و إن شئت فارج للرابط التالي: http://www.ibn-jebreen.com/book.php?cat=7&book=88&toc=6210&page=5508&subid=29239
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 01:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: ما ذكره الدكتور بسيوني فيود في كتابه هو ما عليه جمهور أهل العلم - خلا الوهابية وأتباعهم- وعليكم مراجعة كتب هؤلاء الأئمة.
ثم لا يجوز لأحد أن ينكر على أحد أنه أخذ برأي العلماء في مسألة هو أخذ برأي مخالف فيها ولا يجوز له أن يرهب الناس ويحذرهم لأنه بهذا قد يرتكب إثما كبيرا.
أنا أعلم أني سأواجه بهجوم كبير جدا من الإخوة الوهابية المشتركين بهذا الموقع ولكنها كلمة حق من طالب علم أحب أن يوضح لكم الحقيقة.
هدانا الله وإياكم إلى طريق الصواب
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 02:41 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
بادئ ذي بدئ أشكرك على تفاعلك مع الموضوع أخي عمر.
ثم اعلم بارك الله فيك , ما يلي:
1 - أن من سميتهم بالوهابية هم مسلمون مثلهم مثلك , و على حد علمي أنه لا يوجد إلا أربعة مذاهب عند المسلمين (الشافعي - الحنبلي - المالكي - الحنفي) , فمن أين أتيت بهذا المصطلح؟.
2 - دعك من أقوال علماء الوهابية و غيرهم و ارجع إلى الكتاب و ما صحّ من السنة , فما وجدته مخالفاً للكتاب و السنة من أقوال العلماء فارمِ به عرض الحائط.
3 - قلت:
أنا أعلم أني سأواجه بهجوم كبير جدا من الإخوة الوهابية المشتركين بهذا الموقع ولكنها كلمة حق من طالب علم أحب أن يوضح لكم الحقيقة.
نحن هنا لسنا في معركة حتى نشنّ حرباً على أحد أو نتهجم على أحد , نحن في صرحٍ علمي شامخ نتدارس فيه علوم اللغة العربية حسب ما تقتضيه الشريعة السمحاء.
4 - أرجو ألا يفهم أحد من كلامي أني معترض على الكتاب و صاحبه , كلا , بل هو عالم جليل , مؤلفاته خدمت اللغة العربية و هي بذلك تكون قد خدمت الدين , و لكنّ ما حذرتُ منه جاء من باب التناصح فمن شاء فليقبل و من شاء فليرفض.
((خالص شكري و تقديري لكل من أثرى هذا الموضوع))
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 03:27 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي وأنا فقط أحببت أن أوضح الأمر
وما ذكره الدكتور بسيوني أطال الله في عمره ونفع به هو ما عليه جماهير العلماء فقط
وهو لا يعاب ولا يؤاخذ بما ذكره ولا يستحق التنبيه والتحذير منه وإن كان هذا يخالف بعض الناس
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 05:55 م]ـ
جزى الله خيرا كل من أراد الحق, والمسألة بعيدة غورها شديد أمرها وماذكره الدكتور ـحفظه الله ـ هو ما مثل به صاحب مفتاح العلوم"السكاكى" ـ رحمه الله ـ وتبعه على ذلك الأمر صاحب التلخيص ورجال الشروح 0انظر بغية الايضاح الجزء الرابع "التوريه" وإن كنت لا أوافقهم وأرى رأى السلف0
ـ[راكان العنزي]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 12:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: ما ذكره الدكتور بسيوني فيود في كتابه هو ما عليه جمهور أهل العلم - خلا الوهابية وأتباعهم- وعليكم مراجعة كتب هؤلاء الأئمة.
ثم لا يجوز لأحد أن ينكر على أحد أنه أخذ برأي العلماء في مسألة هو أخذ برأي مخالف فيها ولا يجوز له أن يرهب الناس ويحذرهم لأنه بهذا قد يرتكب إثما كبيرا.
أنا أعلم أني سأواجه بهجوم كبير جدا من الإخوة الوهابية المشتركين بهذا الموقع ولكنها كلمة حق من طالب علم أحب أن يوضح لكم الحقيقة.
هدانا الله وإياكم إلى طريق الصواب
أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا المنتدى ليس حوار عقائدي ولكن أحببت أن أرد عليك سريعا قلت الوهابية ولا نعلم فئة بهذا الاسم أن كنت تقصد محمد بن عبدالوهاب فهو على مذهب الحنبلية فمن أين جئت بهذا الاسم
ثانيا قلت
ما ذكره الدكتور بسيوني فيود في كتابه هو ما عليه جمهور أهل العلم - خلا الوهابية وأتباعهم- وعليكم مراجعة كتب هؤلاء الأئمة
هل تصقد جمهور أهل العلم الأشاعرة والمعتزلة فهذا أمر آخر
أو تقصد أصحاب المذاهب الأربعة فهم يقرون بصفات الله بدون تأويل ولا تعطيل وقد قال مالك بن أنس مقولته المشهورة
قال الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة
وقال ابوحنيفة عن صفات الله
قال الإمام أبو حنيفة: وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال… [الفقه الأكبر ص302]
وقال الشافعي
عن الشافعي أنه قال: القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت أصحابنا عليها، أهل الحديث الذين رأيتهم، وأخذت عنهم مثل سفيان، ومالك، وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن اللهَ تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء. [اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص165، إثبات صفة العلو ص124، مجموع الفتاوى ج4 ص181 - 183، والعلو للذهبي ص120، ومختصره للألباني ص176]
وقال ابن حنبل
قال الإمام أحمد: نحن نؤمن بأن الله على العرش، كيف شاء، وكما شاء، بلا حد، ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد؛ فصفات اللهِ منه وله، وهو كما وصف نفسه، لا تدركه الأبصار. [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ج2 ص30]
فمن أين ادعيت إن ما قاله بسيوني هو ما عليه جمهور العلماء وأخيرا انصحك أن لا تدلي بدلوك في مسائل العقيدة فهذه مسائل حساسة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رسالة]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 11:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركته
اعتذر لخطأ في الرابط المرفق لمشاركتي، وهذا الرابط مرة أخرى
طلبا وليس أمرا من المشرف على القسم تعديل الرابط في مشاركتي وحذف هذه المشاركة مع جزيل شكري وامتناني
/ www.ibnothaimeen.com/all/books/cat_index_290.shtml
ـ[رسالة]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 11:13 ص]ـ
مازال الرابط لا يعمل وارجو مساعدتي في تعديل رابط المشاركة الأولى.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 11:15 م]ـ
مذهب أهل السنة والجماعة تلقي الصفات التي ينسبها الله سبحانه وتعالى لنفسه على الحقيقة دون تأويل أو تكييف أو تشبيه أو تمثيل، وماذهب إليه الأشاعرة وغيرهم كان من باب التنزيه فهو في أصله محمود ولكن في مسلكه مذموم، لأن التوافق اللفظي لذات الشيء منسوبا إلى الله عز وجل وإلى البشر لا يعني اتفاق الهيئة أو الكيفية، فهذا كله منزه عنه الله تعالى وجل ولا طريق له من إثبات الصفة على الوجه الحقيقي.
فالآيتان لا وجه فيها للتورية، أما الآية الأولى فبإثبات الصفة على الحقيقة، وأما الآية الثانية فيجوز أن يكون (أيد) بمعنى القوة من أصل الوضع وليس من طريق التورية.
والله أعلم ونسبة العلم إليه أسلم
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 11:31 ص]ـ
طالما خرج الحوار من الناحية اللغوية إلى العقائد فإليكم هذا البحث القيم وهو أبلغ رد على مخالفيه:
من هم الأشاعرة، وهل هم أهل السنة وأصحاب العقيدة الصحيحة، أم هم فرقة مبتدعة وعقيدتهم فاسدة؟
الأشاعرة هم من ينتسبون إلى الإمام أبي الحسن الأشعري في مذهبه الاعتقادي، وقبل أن نعرف ما هو المذهب الأشعري نتعرف أولا على أبي الحسن الأشعري.
الإمام أبو الحسن الأشعري وثناء العلماء على مذهبه:
هو الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بُردَةَ عامر ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي موسى الأشعري.
ولد رضي الله عنه سنة ستين ومائتين (260 هـ) بالبصرة، وقيل: بل ولد سنة سبعين ومائتين (270 هـ)، وفي تاريخ وفاته اختلاف منها أنه توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (333 هـ)، وقيل: سنة أربع وعشرين وثلاثمائة (324 هـ)، وقيل: سنة ثلاثين وثلاثمائة (330 هـ)، توفي رحمه الله ببغداد ودفن بين الكرخ وباب البصرة.
كان أبو الحسن الأشعري سنّيًّا من بيت سنّة، ثم درس الاعتزال على أبي علي الجبَّائي وتبعه في الاعتزال، ثم تاب ورَقِيَ كرسيًّا في المسجد الجامع بالبصرة يوم الجمعة، ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فإني أعرفه بنفسي، أنا فلان بن فلان كنت أقول بخلق القرآن، وأن الله لا تراه الأبصار، وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع، معتقد للرد على المعتزلة، مخرج لفضائحهم ومعايبهم ([1]).
قال الفقيه أبو بكر الصَّيرَفي: «كانت المعتزلة قد رفعوا رءوسهم حتى نشأ الأشعري فحجزهم في أقماع السَّماسم» ([2]).
قال عنه القاضي عياض المالكي: «وصنف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنة، وما نفاه أهل البدع من صفات الله تعالى ورؤيته، وقدم كلامه، وقدرته، وأمور السمع الواردة. قال: تعلق بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه، ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه، لتعلم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبسط الحجج والأدلة في نصر الملة، فسموا باسمه، وتلاهم أتباعهم وطلبتهم، فعرفوا بذلك ـ يعني الأشاعرة ـ وإنما كانوا يعرفون قبل ذلك بالمثبتة، سمة عرفتهم بها المعتزلة؛ إذ أثبتوا من السنة والشرع ما نفوه. قال: فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب، بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقه» ([3]).
وقال عنه التاج السبكي: «ذكر بيان أن طريقة الشيخ- يعني الأشعري- هي التي عليها المعتبرون من علماء الإسلام، والمتميزون من المذاهب الأربعة في معرفة الحلال والحرام، والقائمون بنصرة دين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام» ([4]).
وقال عنه الإسنوي: «هو القائم بنصرة أهل السنة، القامع للمعتزلة وغيرهم من المبتدعة بلسانه وقلمه، صاحب التصانيف الكثيرة، وشهرته تغني عن الإطالة بذكره» ([5]).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال القاضي ابن فرحون المالكي عنه: «كان مالكيًّا صنف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنن وما نفاه أهل البدع ... - ثم قال - فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المعتزلة ومن بعدهم من الملاحدة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة وظهر عليهم، وكان أبو الحسن القابسي يثني عليه، وله رسالة في ذكره لمن سأله عن مذهبه فيه أثنى عليه وأنصف، وأثنى عليه أبو محمد بن أبي زيد وغيره من أئمة المسلمين» ([6]).
بيان عقيدة الأشاعرة في محل النزاع:
مذهب أهل السنة والجماعة ـ الأشاعرة والماتريدية ـ مذهب واضح في جميع أبواب علم التوحيد، ولكن أكثر ما ينكره من جهلوا حقيقة المذهب مسألة في الإيمان بالله، وهي تتعلق بـ «الإضافات إلى الله»،أو ما يسمى بـ «الصفات الخبرية».
ونشأ هذا بسبب أن بعض الألفاظ الواردة في القرآن، والتي أضافها الله له في كتابه العزيز يريد بعضهم أن يثبتها على الحقيقة اللغوية مما يلزم منه تشبيه الخالق سبحانه وتعالى بخلقه، وأما أهل الحق فرأوا أن هذه الألفاظ لا نتعرض لمعناها لأنها من قبيل المتشابه.
فهم يرون أن هذه الإضافات أو الصفات الخبرية لم تثبت لله من جهة العقل، وإنما ثبتت بالخبر، فطريقهم فيها هو أن هذه الألفاظ المضافة لله، أو الصفات المخبر بها، يُسلم بها وتمر كما جاءت دون أن يعتقد حقيقة مدلولاتها اللغوية، فلا يقولون نثبتها على المعني اللغوي الحقيقي لها؛ إذ ظاهر الألفاظ يدل على حقائق معانيها معروفة في اللغة، وهذه الحقائق اللغوية تتنافى مع تنزيه الباري سبحانه وتعالى. وعلى هذا درج المتقدمون من أهل السنة والجماعة، والذين عرفوا فيما بعد بـ «الأشاعرة».
ومتأخروهم سلكوا مسلك التأويل، حين رأوا أن الإثبات على طريقة المشبهة، أفضى عند بعضهم إلى القول بالجسمية ولوازمها، والمتقدمون من أهل السنة والمتأخرون كلهم متفقون على الإمرار وعدم التعرض للفظة بالنفي، وكذلك عدم اعتقاد حقيقتها اللغوية التي من شأنها تشبيه الرب سبحانه وتعالى بخلقه، ولكن زاد المتأخرون بأن هذه الألفاظ لا يجوز أن يفهم منها إلا ما يليق بالله، فكأنهم يقولون للخصم: إذا صممت أن تتكلم عن معنى لهذا الصفات؛ فقل أي معنى إلا المعنى الذي ينقص من قدر الرب ويشبهه بخلقه، فقالوا: أيها الخصم قل: عين الله تعني رعايته وعنايته، كما في قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ([7])، ولكن إياك أن تقول: إنها جارحة؛ ولذا يصلح أن نقول إن مذهب السلف مذهب اعتقاد، ومذهب الخلف مذهب مناظرة.
فهذا مذهب أهل السنة في التعامل مع تلك الألفاظ التي إذا ما أُثبتت على الحقيقة اللغوية تلزم التشبيه قطعًا؛ ولذا قال الحافظ العراقي في معرض الكلام عن «الوجه»: «تكرر ذكر وجه الله تعالى في الكتاب والسنة وللناس في ذلك - كغيره من الصفات - مذهبان مشهوران: (أحدهما): إمرارها كما جاءت من غير كيف فنؤمن بها ونكل علمها إلى عالمها مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء وأن صفاته لا تشبه صفات المخلوقين (وثانيهما): تأويلها على ما يليق بذاته الكريمة فالمراد بالوجه الموجود» ([8]). ويقصد بالناس «أهل الحق».
وما أجمل ما قال ابن قدامة المقدسي في «لمعة الاعتقاد» عن تلك الألفاظ التي توهم التشبيه في حملها على الحقيقة اللغوية! حيث قال: «وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل، والتشبيه، والتمثيل، وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظًا، وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله اتباعًا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} ([9])،وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ} ([10])،فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه وقطع
(يُتْبَعُ)
(/)
أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ}.
قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينزل إلى سماء الدنيا)، و (إن الله يرى في القيامة). وما أشبه هذه الأحاديث: نؤمن بها ونصدق بها لا كيف، ولا معنى، ولا نرد شيئًا منه، ا ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ([11])،ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه، لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين، نؤمن بالقرآن كله، محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدى القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن).قال الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله.
وعلى هذا درج السلف. وأئمة الخلف كلهم رضي الله عنهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله» ([12]).
حقيقة انتساب الأشاعرة لأبي الحسن:
قد يقول بعضهم: إذا كان الأشاعرة على مذهب أهل السنة فلماذا لا يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة؟ ولماذا ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري، ولا ينتسبون في اعتقادهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟
وهذه الشبهة لا تطرأ على أهل العلم، وإنما تطرأ على ضعاف العقول وعوام الناس؛ لأن أهل العلم يعلمون أنه لا مشاحة في الاصطلاح، فالذي يحكم بين أن هذا مذهب حق أو باطل الأدلة وليس المسمى.
ونقول إن الأشاعرة انتسبوا إلى أبي الحسن الأشعري؛ لأن عندما اختلف الناس وظهر المبتدعة ممن أساءوا الأدب مع الله ورسوله وكلهم زعموا أن هذه هي عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كان لازمًا على المعتقد بعد ظهور الفرق أن يحدد هو على عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما بينها أبو الحسن الأشعري، فأبو الحسن الأشعري لم يبدع مذهبًا في الاعتقاد، وإنما قرر مذهب أهل السنة والجماعة، وذلك ما صرحه به السبكي حيث قال: «واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم يبدع رأياً ولم يُنشئ مذهبًا؛ وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتدي به في ذلك السالك سبيله في الدلائل؛ يسمى أشعريًّا».
ثم قال بعد ذلك ما يؤكد كلامه، فقال: «قال المآيرقي المالكي: ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة؛ إنما جرى على سنن غيره، وعلى نصرة مذهب معروف فزاد المذهب حجة وبيانًا، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهبًا به، ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نسب إلى مالك، ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له مالكي، ومالك إنما جرى على سنن من كان قبله وكان كثير الاتباع لهم، إلا أنه لما زاد المذهب بيانًا وبسطًا عزي إليه، كذلك أبو الحسن الأشعري لا فرق، ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه وما ألفه في نصرته» ([13]).
ويقول التاج السبكي: «وهؤلاء الحنفية، والشافعية، والمالكية، وفضلاء الحنابلة في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله، ... - ثم يقول بعد ذلك -: وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة» ([14]).
وقال العلامة ابن عابدين: «(قوله: عن معتقدنا) أي عما نعتقد من غير المسائل الفرعية مما يجب اعتقاده على كل مكلف بلا تقليد لأحد، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية، وهم متوافقون إلا في مسائل يسيرة أرجعها بعضهم إلى الخلاف اللفظي كما بين في محله» ([15]).
ولذلك كله إذا قلنا: إن عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي عقيدة الأشاعرة؛ سيكون ذلك تقريرًا للواقع، كما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت أغلب قراءته نافع، رغم أن نافع لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ونافع هو الذي يقرأ مثل النبي صلى الله عليه وسلم وليس العكس، ولكن لما كان ناقع جامعًا منقحًا لتلك القراءة نسبت إليه وقيل: «إن أغلب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم نافع» وعليه فيصح أن تقول: «إن عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي عقيدة الأشاعرة».
تبين من مما سبق أن اعتقاد السلف؛ هو الإقرار والإمرار دون التعرض للمعنى اللغوي الذي يوهم التشبيه، كما صرح بذلك الإمام الشافعي والإمام أحمد وغيرهم، وهذه هي عقيدة الأشاعرة، والله تعالى أعلى وأعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) فهرس ابن النديم، الفن الثالث من المقالة الخامسة ص 231، ووفيات الاعيان، ج 3، ص275 ..
([2]) انظر هذا وأقوال العلماء فيه رضي الله عنه: «سير أعلام النبلاء»،للذهبي، ج15 ص85،وما بعدها.
([3]) ترتيب المدارك، للقاضي عياض، ج5 ص24، 25.
([4]) إيضاح البرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان.
([5]) الإدراك في الفنون، للإسنوي.
([6]) الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لابن فرحون المالكي، ص 194.
([7]) طه: 39.
([8]) طرح التثريب، للعراقي، ج3 ص 107.
([9]) آل عمران: 7.
([10]) آل عمران: 7.
([11]) الشورى: 11.
([12]) لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد، لابن قدامة، ص 5: 8.
([13]) طبقات الشافعية الكبرى، للإمام السبكي، ج3 ص367.
([14]) معيد النعم ومبيد النقم، ص 62.
([15]) رد المحتار على الدر المختار المعروف بـ حاشية ابن عابدين، ج1 ص 49.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راكان العنزي]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 02:59 م]ـ
اخي عمر اقرأ كتاب الابانة للاشعري
ـ[راكان العنزي]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 03:02 م]ـ
وأخيرا قولك السابق حصرت أهل السنة في الأشاعرة وهذا خطأ فاحش
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 04:21 م]ـ
بالنسبة لما ذكرته عن كتاب الإبانة:
إليك هذا البحث:
أما مسألة كتاب الإبانة والذي يدعي المدعي نسبه إلى الإمام أبي الحسن الأشعري وأن هذا الكتاب هو الشَّاهد على أن الإمام مرَّ بثلاث مراحل في معتقداته، فنقول: إن هذا الكتاب بذاته ينقض دعوى رجوع الإمام عن هذا الطريق؛ لأنه مُؤَلَّف على طريقة ابن كلاّب وعلى منهجه، فكيف يرجع عن طريق ابن كلاَّب ثم يُؤَلِّف آخر كتبه على طريقته؟! والدليل على ذلك قول الحافظ ابن حجر: "وعلى طريقته -يعني ابن كلاَّب- مشى الأشعري في كتاب الإبانة". ()
ومما يقدح بصحة ما في كتاب الإبانة المطبوع حاليا أن متقدمي الأشاعرة فضلا عن متأخريهم لم ينقلوا ما ورد في هذا الكتاب عن إمامهم بل نقلوا خلاف ذلك.
وهذا يقتضي قطعًا أن طريق السلف وطريق ابن كلاَّب هما في حقيقة الأمر طريق واحد وهو ما كان عليه الإمام الأشعري بعد رجوعه عن الاعتزال.
وهذا الذي ذكرناه عن كتاب الإبانة، إنما أردنا به الإبانة التي صنّفها الإمام، وليست الإبانة المتداولة والمطبوعة اليوم، وذلك لما حدث على هذا الكتاب من التَّحريف والنقص والزيادة.
قال العلامة الكوثري رحمه الله تعالى في مقدمة كتاب "تبيين كذب المفتري": "والنسخة المطبوعة في الهند من الإبانة نسخة مصحَّفة محرفة تلاعبت بها الأيدي الأثيمة، فيجب إعادة طبعها من أصل موثوق". وللشيخ وهبي غاوجي حفظه الله رسالة في هذا الموضوع بعنوان: "نظرة علمية في نسبة كتاب الإبانة جميعه إلى الإمام أبي الحسن" أتى فيها بأدلة موضوعية تدل على أن قسمًا كبيرًا مما في الإبانة المتداولة اليوم بين الناس لا يصح نسبته للإمام الأشعري. ومن الأدلة أيضا على التحريف أن الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى قد نقل في كتاب تبيين كذب المفتري فصلين من الإبانة، وعند مقارنة الإبانة المطبوعة المتداولة مع الفصلين المنقولين عند ابن عساكر يتبين بوضوح قدر ذلك التحريف الذي جرى على هذا الكتاب. ()
وإن بالغنا في الافتراض فنقول: هَبْ - جدلاً - أن كتاب الإبانة المتداول غير محرَّفٍ، وأنه ثابت النسبة إلى الإمام الأشعري، وأنه قد رجع فعلا عمَّا كان يعتقده من التنزيه فهل يلزم الأمة أن تتابعه في هذا الأمر؟!
إن من يعتقد ذلك يسيء الظن بعقول أكثر من عشرة قرون من العلماء والأئمة، وينسبهم إلى التقليد الأعمى في العقائد، ويغيب عنه أن الأمة نُسِبت إلى الإمام الأشعري من حيث كونه وقف حاملا لواء السنة على طريق السلف في وجه أصحاب البدع والأهواء، لا لأنهم قلّدوه في ما ذهب إليه، فمتى رجع عن اعتقاده رجعوا! كلا.
فهم في الحقيقة منتسبون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الصالح، وما الإمام الأشعري -رحمه الله- وغيره من أئمة أهل السنة إلا أَدِلاَّء على الطريق، ومَن يروِّج لمثل هذه الدعاوى يريد أن يقول بلسان حال هذه الدعوى وأمثالها أن هذا الذي رجع عنه هؤلاء الأكابر لو كان حقًّا ما رجعوا عنه! فالحق عنده يعرف بمن قال به وتبناه وليس بما اعتضد به من أدلة وبراهين! وهل أُتِيَ من أتِيَ إلا من قبل هذا الأمر الذي هو تعظيم الكبراء إلى الحدِّ الذي أعمى أعينهم عن الأخطاء، فاتبعوهم مقلدين لهم في أخطائهم معتقدين أنها هي الحق الذي لا يأتيه الباطل ولا يتطرَّق إليه.
بهذا يتَّضِحُ أن أقدار أئمة الإسلام أكبر وأجَلّ من أن تنقاد في مسائل أصول الدين إلى أحد غير رسول الله عليه الصلاة والسلام تقليدًا بلا تبصر، حتى وإن كان إمام أهل السنة والجماعة أبا الحسن الأشعري، فإن اتباع الأمة له اهتداء لا تقليدًا، لذا فإن أي محاولة للتشكيك في معتقد الأشاعرة بادعاء رجوع الإمام أبي الحسن أو رجوع أحد من الأئمة لن تجدي نفعًا ولن تُغَيِّر من الحق الذي أطبقت عليه الأمة بعلمائها ودهمائها شيئًا، فإن غاية ما يقال في أي دعوى من هذا القبيل إذا صحت عن أحد من العلماء هو أنه أخطأ فيما ذهب إليه، ولا يُقَلَّد في ذلك، وكل يؤخذ منه ويُرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم.
ـ[أبو مالك النحوي]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 05:07 م]ـ
الإخوة الأكارم
أولا / أثبت شهادتي لفضيلة الدكتور بسيوني فيود - حسب علمي - بأنه من أهل القرآن وأهل العلم والفضل والصلاح، وهو من علماء الأزهر الشريف، وقد كان أستاذا لنا في جامعة الإمام، كما كانوا تلامذته فيما بعد كالدكتور فتحي حجازي أيضا أساتذة لنا.
كل ما في الأمر أن أ. د. بسيوني فيود في سلسلته (علم البيان، علم المعاني، علم البديع) أراد حشد أكبر كمّ ممكن من الأمثلة والآراء، ولذا حوى كتابه أقوال كثير من البلاغيين السابقين وعلى رأسهم شيخ العربية وشيخ المعتزلة الزمخشري - عفا الله عنه -، فليس من الضرورة أن يكون د. بسيوني معتقدا بما نقله ومسلما به.
وإذا كنا هنا في تلك البلاد الطيبة نقيم الدنيا ولا نقعدها إذا مررنا بخطأ عقدي في كتاب نحوي غير مقصود لذاته، فإنّ الإخوة في مصر- وفقهم الله - لا يلقون لذلك بالا، بل يكرسون جهدهم على ما هم بصدده من أمر اللغة دون الخوض في مسائل العقيدة.
إضافة إلى أن كثيرا منهم يؤمنون بمذهب الأشعرية في تأويل الصفات، لأنهم - وعن حسن نية - يريدون أن ينزهوا الله تعالى من أن يكون له جسم فيحويه مكان.
من المفترض أن نترك الخوض في مسائل العقيدة في هذا المنتدى، وإن كان ولا بد فلننبه إليه تنبيها عابرا دون أن نتبادل التهم، لأن ذلك هو منهج عقلاء أهل العلم.
بارك الله في شيخنا د. بسيوني وأطال في عمره ومتعه بالصحة والعافية، وعليكم بكتبه ففيها خير كثير، وقد درستها في جامعة الإمام كاملة، وبارك فيكم جميعا، ونحن قوم سيبويه والسكاكي، نحب من أحبهم ونقلي من يقلاهم.
أرجو أن لا يكون في كلام وَكَسٌ ولا شطط، ونستغفر الله من الزلل والغلط، والله يرعاكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جلمود]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 06:10 م]ـ
سلام الله عليكم،
أظن أن الإدارة تمنع الخوض في مثل هذا الكلام هنا في شبكة الفصيح اللغوية فقط، وهناك منتديات متخصصة أخرى لمناقشة مثل هذا الأمور؛ لذا نرجو من الإخوة الكرام الالتزام بما التزموه حين وافقوا على شروط التسجيل؛ كما أرجو غلق الموضوع.
والسلام!
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 10:33 ص]ـ
نأسف لإزعاجكم ولكني أردت أن أبين الحقيقة فقط وأنا مدرك تماما أن هذا الموقع خاص باللغة وهذا أمر يسعدني كثيرا
شكرا لكم كثيرا
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 02:38 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,,
اعتذر إن كان موضوعي قد أثار ضجة في هذا المنتدى , لكنّي أُشهد الله أني لم أرد إلا التنبيه و أني ما كتبت هذا الموضوع إلا عن حسن نية و لم أكن أتوقع أن يصل إلى هذا المستوى من النقاش و الجدال.
لذا أطلب من مشرفي هذا المنتدى أن يغلقوا هذا الموضوع أو أن يتم حذفه سداً للذرائع.
و لكل من شارك جزيل الشكر و الإمتنان , و أكرر الإعتذار عمّا بدر.
ـ[رسالة]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 10:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس فيما ذكر من بيان إسفاف أو اتهام لأحد ولا نرضى لعلمائنا بذلك، وإن لم يكن تعلم اللغة العربية من أجل فهم القرآن فبئست اللغة هي.
أكرر ليس فيما ذكر اتهام لأحد. وإنّما البيان واجب فيما وجد فيه شي من الشبهة.
والحمد لله أن الجميع على قدر كبير من الاحترام في هذا الحوار، وهذا مانطلبه جميعا.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 05:45 ص]ـ
بارك الله في الجميع ..
ـ[~.* كِناية *~.]ــــــــ[08 - 10 - 2009, 09:32 م]ـ
الرسالة/ سلمت يمناكِ
صاحب الموضوع/ بارك الله فيك وأثابك ونفع بك
أرجو إغلاق الموضوع دون حذفه لما فيه من أهمية
استفدتها شخصيًا ...
حقًا إنها مشاركة تستحق التقييم ...
بوركتم
ختامًا: نحن لسنا أتباع سيبويه ولا الكسائي ولا السكاكي
ولا الجرجاني ... القائمة تطول
نحن أتباع القرآن الكريم والسنة النبوية على فهم السلف الصالح
وكما قالت أختنا رسالة نحن لا نخدم اللغة العربية لذاتها
ولكن لأنها لغة منهج حياتنا "القرآن الكريم"(/)
الفرق بين (ميّت) بتشديد الياء وبين (ميْت) بتسكين الياء
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[06 - 04 - 2008, 03:05 ص]ـ
الفرق بين (ميّت) بتشديد الياء وبين (ميْت) بتسكين الياء
فالميِّت: مخلوق حي، ما زال يعيش حياته، وينتظر أجله، فهو ميَّت مع وقف التنفيذ، ونرى هذا المعنى واضحاً في قوله تعالى وهو يخاطب رسوله الكريم
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُون).
الآية الكريمة تخاطب رسول الله صلى الله غليه و سلم وتخبره بأنه سيموت وأن خصومه الكفار سيموتون و لكنه وقتها عليه السلام كان حيا،، فكل حي» ميِّت «حال حياته ينتظر حلول الأجل.
والميْت: هو المخلوق الذي مات فعلاً وخرجت روحه وأصبح جثة هامدة، وأطلق القرآن هذا اللفظ على:
البلد الميْت، فقال الله تعالى:
(وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ).
والبهيمة الميْتة، قال الله تعالى:
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِه).
وَتَسْأَلُني تَفْسيرَ مَيْتٍ وَمَيِّتٍ ... فَدونَكَ ذا التفسيرُ إنْ كنتَ تَعْقِلُ
فَمَنْ كانَ ذا روحٍ فَذلِكَ مَيِّتٌ ... وَما المَيْتُ إلاَّ مَنْ إلى القَبْرِ يُحْمَلُ
علماً بأنه يجوز أن تأتي أحدى الكلمتين مكان الأخرى إذا وجد قرينة تدل على المعنى.
ـ[ابوهدى]ــــــــ[06 - 04 - 2008, 04:22 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[هاني السمعو]ــــــــ[06 - 04 - 2008, 04:52 ص]ـ
تشكر على المعلومة
فالميّت أي سيموت في المستقبل
أما ميت فقد وقع عليه الموت وانتهى
ـ[الوافية]ــــــــ[06 - 04 - 2008, 08:45 ص]ـ
بارك الله فيك.
ـ[سيف959]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 11:27 م]ـ
بارك الله فيك
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 02:54 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله عنا خير الجزاء ...
احسنت ..
ـ[أحب الفله]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 04:57 م]ـ
مشكور وما قصرت
ـ[محمد العتيبي]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 02:44 ص]ـ
جزاكَ اللهُ خيراً أ. محمد على هذه المعلومة المفيدة
ـ[ضاد]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 06:58 ص]ـ
معلومة رائعة. بوركت. هل ورد استعمال \مائت\ في العربية؟
ـ[مختار العزيزي]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 02:20 م]ـ
بارك الله فيك،،
وأتمنى معرفة هذه المعلومة.
معلومة رائعة. بوركت. هل ورد استعمال \مائت\ في العربية؟
ـ[لون السماء]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 04:24 م]ـ
ماشاء الله معلومة رائعة لم ننتبه لها يوماً .. !
بارك الله فيكم ..
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 09:33 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء، ونفع بما أوردت(/)
الفرق بين شرعة ومنهاجا.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[06 - 04 - 2008, 03:07 ص]ـ
قال تعالى: ـ
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً
وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}
(المائدة 48)
* الفرق قال أبو هلال العسكري في كتابه الفروق اللغوية: ـ
أن المقصود بكلمة شرعة أي كلام الله عز وجل فهو الشرع.
أما منهاجا فهو سنة النبي صلى الله عليه وسلم أي منهجه والطريقة التي كان عليها.
والله أعلم
ـ[(أديبة عصري)]ــــــــ[06 - 04 - 2008, 08:14 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
بوركت اخي ..
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 05:57 م]ـ
جزاك الله خيرا0(/)
البشرى بأحمد والسبق التاريخي
ـ[العرابلي]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 10:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
البشرى بأحمد والسبق التاريخي
البشرى بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الهدف الثاني في رسالة عيسى عليه السلام، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه: (أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى بي، ورؤيا أمي)، وقد جاءت البشرى بلفظ "أحمد" بدلاً من "محمد" وكلاهما اسم للرسول صلى الله عليه وسلم، والمشهور هو محمد صلى الله عليه وسلم؛
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6) الصف
ولكن لماذا يسجل القرآن التسمية "بأحمد" بدلاً من "محمد"؟! ... يرجع سر ذلك إلى بلاغة الكلمة القرآنية المعجزة، فمحمد وأحمد ومحمود كلها من الحمد، وتحمل هذه الأسماء في طياتها الثناء، ولفظ "محمد" ورد في أربع آيات من آيات القرآن الكريم فقط، مع أن كثيرًا من الأنبياء وردت أسماؤهم أكثر من ذلك بكثير، فموسى عليه السلام ورد اسمه؛ (136مرة) وهو أكثر الأنبياء ذكرًا في القرآن، لأنه نال شرف تكليم الله له في الدنيا، فكثرة عدد مرات ذكره عليه السلام تتناسب مع وصفه كليم الله، والقرآن الكريم نزل على محمد عليه السلام فلم يكثر من تكرار اسمه الصريح، فلم يكن ذكر الاسم لأجل الاسم، فكل القصص والأحداث التي تحدثت عن مسيرة دعوته صلى الله عليه وسلم إلى الله قد سجلها القرآن، ويعرف من يقرؤها بأن مناداته بالرسول، وبالنبي، والضمائر والخطابات العائدة على الرسول صلى الله عليه وسلم أنه هو المقصود دون التصريح باسمه.
واسم محمد صلى الله عليه وسلم، كما قلنا هو من "الحمد"، و"محمد" هو "محمود" ولكن بعد أن يوجد في الدنيا، ويعرف فيها، ويحمده الناس بعد معرفتهم به أنه يستحق الحمد وليس قبلها.
وتدبر المواضع الأربع التي جاء فيها ذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم؛
: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران.
: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) الأحزاب.
: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) محمد.
: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) الفتح.
تجد فيها أن اسم "محمد" صلى الله عليه وسلم جاء بعد ذكر الخواتيم أو الإشارة إليها؛
فآية "آل عمران" تحدثت بأن خاتمة حياة محمد صلى الله عليه وسلم بالموت وإما بالقتل.
وآية "الأحزاب" وصف فيها محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ليس أبا أحد من الرجال، وكان صلى الله عليه وسلم في آخر عمره، وأنه خاتم النبيين.
وفي آية "محمد" تحدثت عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات على ما عرفوا من دينهم، وانتهى بهم طريق الإيمان بعد ذلك إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فكان الإيمان به خاتمة لهم.
وفي آية "الفتح" تحدثت عن حالهم في الشدة على الأعداء، والرحمة التي بينهم، كمثل من سبقهم على درب الإيمان في التوراة والإنجيل، فكانوا هم المتأخرين فيهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا فإن تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بمحمد جاءت من "حَمْدٍ" قد عُرف بعد مجيء صاحبه، وإذا انتهى على هذه الصفة من "الحمد" فسيظل حمده مستمرًا ... واسمعه عليه الصلاة والسلام على وزن؛ مُبَجَّل، ومُعَظَّم، ومُوَقَّر، ...... ، دالا على كثرة الحامدين له، ولا يخفى على أحد من أهل العلم في الأرض أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو أكثر إنسان يذكر يوميًا في الأرض، وأنه على رأس قائمة المعظمين في التاريخ، ويصلي ويسلم عليه مئات الملايين في صلواتهم الخمس، وفي مجالسهم، وعند ذكر اسمه، فلا أحد له من التعظيم، والتبجيل، والتوقير في الأرض ما للرسول صلى الله عليه وسلم، .. فلما كان حمده بعد الوجود، واستمر وعظم بعد الانقطاع عن الدنيا، فحمده كان من بضع مئات الآلاف في حياته وقبل موته، إلى مئات الملايين بعد وفاته، يدرك المرء لِمَ لَمْ يتردد اسم محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن كثيرًا.
أما تسمية عيسى عليه السلام لـ "محمد" صلى الله عليه وسلم في بشراه بـ"أحمد" فلأسباب عدة منها:
أولاً: أن التبشير بمحمد كان من جميع من سبقه من الأنبياء، فهو مذكور في التوراة، ومذكور في الإنجيل، وآمن على هذه البشرى خلق كثير من أهل الكتاب .... ثم اختفت هذه النصوص بعد ذلك منها، أو من ترجماتها، لئلا تظل هذه النصوص حجة على من بقي منهم على مذهبه، ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولكنْ هناك بعض النصوص التي سلمت واستطاع بعض العلماء أن يستخرجوا منها الأدلة المشيرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ... فلما كان هو واحدًا من الأنبياء والرسل، وخاتمهم فالتبشير به يبين منزلته وفضله عليهم، والفضل كله من الله له ولهم.
وثانيًا: أن لفظ "أحمد" جاء على صيغة التفضيل "أفعل" أي أفضل وأحسن ... أي أنه أفضل من كل الأنبياء السابقين له، فلما كان هو خاتمهم، وأفضلهم، فلن يأتيَ الله عز وجل بعده بنبي مرسل هو دونه في الفضل ... لقد أتى الله بأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى عليهم السلام، وكانوا دونه في الفضل، - الفضل زيادة تعطى لأحد فوق ما أعطي أمثاله، والله فضل بعض النبيين على بعض- لأنهم أتباع للتوراة، هم دعاة لها، ومصححون لتحريف بني إسرائيل لها، وخروجهم عن الشرع الذي شرع لهم فيها، أما القرآن الكريم فهو محفوظ من الله تعالى، وما فيه يغني عن بعث الرسل، وتجديد الدين بهم، ولو كان هناك رسول سيبعثه الله بعد محمد صلى الله عليه وسلم لبشر به، ولوجب أن يكون أكثر منه حمدًا، وينزل عليه كتابًا أعظم من القرآن .... فكيف إذا صرح في القرآن بكل وضوح أنه خاتم النبيين، وتصريحه صلى الله عليه وسلم أنه لا نبي بعده.
وثالثًا: أن وصف عيسى لمحمد عليهما الصلاة السلام بـ"أحمد" موجه لبني إسرائيل الذين أرسل إليهم، ولكل من آمن به أن يؤمن به، لأنه أحمد الأنبياء والرسل، وحتى لا يغتر أحد منهم بعد ذلك فيجعل لسبق زمن أنبياء بني إسرائيل - ابتداء بأولهم موسى عليه السلام إلى آخرهم عيسى عليه السلام - فضلاً على محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه جاء بعدهم فيصرفهم ذلك عنه، ويحجبهم عن الإيمان به، بغير عذر لهم من الله في عدم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيكون في ذلك هلاكهم.
ورابعًا: أن في قول عيسى عليه السلام إقرارًا منه أمام بني إسرائيل أنه ليس خاتم الأنبياء، وأن ما يريده الله من البشر لم ينته بعد، وسيأتي من بعده من يختم مهمة الأنبياء، وأن ما سينزل عليه فيه الكفاية لهم حتى نهاية الحياة الدنيا، دون الحاجة لنبي أو كتاب بعده.
وخامسًا: أن عيسى عليه السلام جعل من نفسه بشرى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقرب مبعثه، ... وذلك أن أبانا آدم عليه السلام تلقى من ربه كلمات فتاب عليه ووعده بأنه سيعيده إلى الجنة وذريته ممن آمن وعمل صالحًا، وأن الله تعالى ابتلى خليله إبراهيم أبا الأنبياء عليه السلام بكلمات فأتمهن، ووفى بهن، فجعله للناس إمامًا، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، وأن الله عز وجل كلم بعده موسى عليه السلام تكليمًا، وأرسله إلى فرعون ألد أعدائه من الإنس، وجعل عيسى عليه السلام كلمته، فحفظه بالوفاة والرفع، حتى يتلقى كلماته عندما يحين نزولها، وجعله الله بشرى بنزول كلماته، على أحمد الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم، وهي القرآن الكريم، ولا شك فيه أن من خصه الله بنزول كلمات
(يُتْبَعُ)
(/)
الله عليه، ونال ذلك الفضل، هو أفضل وأحمد الأنبياء والرسل جميعًا، كما صرح بذلك عيسى عليه السلام، لأن كلمات الله صفة من صفاته سبحانه وتعالى، وهي خالدة في الدنيا والآخرة.
لقد خلق الله الإنس والجن لعبادته، وقد حددت عبادته بكلماته، وإن رافق أداءَ الكلمات هيئات وأوضاع معينة لجسم الإنسان، أو بعض أعضائه، كالقيام، والركوع، والسجود، لكن تبقى الكلمات هي لب العبادة ... وقمتها في الدعاء، حيث يكون الاتصال بين العبد وربه في أعلى درجاته، وفيه توجه الكلمات إلى الله، جاء في المستدرك على الصحيحين (رقم 1802) حديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الدعاء هو العبادة) ثم قرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وتمام الآية: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر، فجعل ترك الدعاء هو الاستكبار عن العبادة.
وأعلى درجات العبادة بالكلمات هي أن تكون هذه الكلمات من الله نفسه، وكلماته أيضًا قد احتوت كل عبادة أخرى لله.
ولما لم يكن للإنسان حول في أن يرقى باللغة إلا بعد زمن طويل كانت كلمات الله هي آخر ما أنزله سبحانه وتعالى، وذلك بعد أن وصل الإنسان إلى الدرجة المطلوبة من القدرة على البيان والفصاحة، .... والقوم الذين خصهم الله تعالى بذلك هم العرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، لأن لغتهم هي الأوسع، والأشمل، والأعظم، من دون كل اللغات البشرية، في عدد جذورها وكثرة مفرداتها ودقة تفاصيلها، والأجيال التي أتت بعد نزول القرآن لم تصل إلى فصاحتهم، لأن فصاحتهم سليقة وفطرة فيهم، وفصاحتنا تدريب على فصاحتهم.
أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي
أما اسم الله تعالى فذكر (2369 مرة)، ولا تكاد تكون هناك ثلاث آيات متتالية في القرآن إلا ما ندر؛ إلا ويذكر فيها الله بأحد أسمائه، أو يكون فيها ضمير ظاهر، أو مستتر، أو اسم موصول، يعود على الله سبحانه وتعالى، يقول لك فيها: بأن هذه الآيات من الله، وأن الذي يكلمك في هذا الكتاب هو الله عز وجل، ولو تصفحت أي كتاب في الدنيا لغاب صاحب الكتاب من بين أسطر الكتاب، أو في صفحات كثيرة متتالية منه، إلا القرآن الكريم، فهو الكتاب الوحيد الذي يذكرك بشكل متواصل على أنه من عند الله، وأن هذا الكتاب الذي بين يديك هو القرآن الكريم، كتاب الله، وأن المواضيع التي يتكلم الله سبحانه وتعالى عنها في القرآن؛ من أمور الغيب، وبداية الخلق، وأحداث يوم القيامة، وخلق السماوات والأرض وما فيهن، والجنة والنار، لا يصح لأحد من البشر أن يتكلم فيها دون أن ينسبها إلى الله، فضلاً عن أن ينسب أحداثها إليه، وكثير من سير الأنبياء وقصصهم، وتكذيب الأمم السابقة وهلاكهم، مما كان مجهولاً عند أهل الكتاب والناس جميعًا ومواضيع كثيرة عن الماضي المنتهي، أو الحاضر القائم، أو عن المستقبل المغيب من الدنيا أو الآخرة، ومما لا يعرف حقيقته إلا الله عز وجل قد بينه تعالى للناس.(/)
هل هذا من حسن التعليل؟
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[07 - 04 - 2008, 10:54 م]ـ
قال الشاعر:
لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً=فالطير يرقص مذبوحاً من الألم
هل في هذا البيت لون من ألوان البديع , و هو حسن التعليل؟
إذا كان كذلك أرجو التوضيح؟ ألا يشترط في حسن التعليل أن يكون لغرض الاستطراف؟ فأين الطرافة في هذا التعليل؟
أرجو توضيح المسألة , و توضيح الصور البيانية في البيت إن وجدت؟
ـ[الكاتب1]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 02:40 ص]ـ
قال الشاعر:
لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً=فالطير يرقص مذبوحاً من الألم
هل في هذا البيت لون من ألوان البديع , و هو حسن التعليل؟
إذا كان كذلك أرجو التوضيح؟ ألا يشترط في حسن التعليل أن يكون لغرض الاستطراف؟ فأين الطرافة في هذا التعليل؟
أرجو توضيح المسألة , و توضيح الصور البيانية في البيت إن وجدت؟
أخي الفاضل، حين عرفوا علماء البلاغة حسن التعليل بقولهم: (أن يذكر الأديب – صراحةً أو ضمناً – علة الشيء المعروفةَ، ويأتيَ بعلة أدبية طريفة تناسب الغرض الذي يقصد إليه.)
فقد قصدوا بـ " علة أدبية طريفة " أي: مستحسنة ومبتكرة.
فقد جاء في المعجم:
الطريف: الحديثُ المستحسَنُ، والمؤنث منه " طريفة "
أرجو أن تكون الصورة وضحت لديك.
أمَّا الصورة البيانية ففي قوله " يرقص " استعارة مكنية حيث شبه العصفور بإنسان يرقص وحذف المشبه به وترك شيئا من لوازمه وهو " يرقص، وإن كنت أرى أننا نخرج الصورة في البيت على حسن التعليل.
ولعل أهل البلاغة يوجهوني إن كنت أخطأت.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 02:10 م]ـ
بوركت أيها النحوي الصغير و البلاغي الكبير ,,,
لقد اتضحت الصورة , إذاً: ليس المقصود بالاستطراف الأمر الطريف المضحك.
ـ[الهمام2003]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 04:17 م]ـ
قال الشاعر:
لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً فالطير يرقص مذبوحاً من الألم
أشكر أخي النحوي الصغير، وقوله صحيحاً إذا قصدنا الشطر الثاني من البيت فقط. أما البيت ككل فهو من باب التشبيه التمثيلي الذي يكون وجه الشبه فيه منتزع من متعدد (الشطر الأول يمثل صورة الشاعر وهو يرقص من شدة الألم والمصائب التي لحقته) (الشطر الثاني يمثل صورة الطير وهو يرقص بعد ما يسفك دمه) (وجه الشبه أجتماع الرقص مع الألم).بوركتم وزاد الله في معرفتكم.
ـ[أبوحسام ألأشقر]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 12:17 ص]ـ
ما جاء به الشاعر في عجز البيت ليس تعليلا انما هو تشبيه ضمني قائم على التعليل للربط بين الحالة التي هو عليها وهي حالة شاذة عند البشر بحالة مألوفة عند الطيور (التخبط) عندما تذبح ........ والله أعلم ..... ؟؟؟؟؟؟
ـ[أم خالد أيمن]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 07:13 م]ـ
ما جاء به الشاعر في عجز البيت ليس تعليلا انما هو تشبيه ضمني قائم على التعليل للربط بين الحالة التي هو عليها وهي حالة شاذة عند البشر بحالة مألوفة عند الطيور (التخبط) عندما تذبح ........ والله أعلم ..... ؟؟؟؟؟؟
أوافقك الرأى
ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[19 - 04 - 2008, 04:17 ص]ـ
.. قد يكون كلام الأخوة على أنه تشبيه ضمني .. أقرب .. فالشاعر يشبه رقصه برقص الطير المذبوح من الألم .. ولم يذكر أداة للتشبيه .. ولكن من باب ضرب الأمثال .. وهذه الحالة مشابهة لحالة الشاعر الذي قال:
.. سيذكرني قومي إذا جد جدهم .. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ..
.. فالشاعر شبه نفسه بالبدر .. دون ذكر أداة ولكن من سبيل ضرب الأمثال .. أوافق من قال أنه تشبيه ضمني .. أما حسن التعليل فهو أن يذكر الشخص كلاما مبتكرا .. كأن يقول مثلا: غابت الشمس بفراق الحبيب .. فغياب الشمس معروف .. ولكنه ربط ذلك بفراق الحبيب من باب ذكر الجواب الطريف والجديد .. شكرا لكم:)
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[19 - 04 - 2008, 09:47 م]ـ
أشكر كل من ساهم في هذا الموضوع , فإجاباتكم شفت غليلي
ـ[(الفارس المترجل)]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 03:31 ص]ـ
أوافق من قال أنه تشبيه، وهو ليس من باب حسن التعليل، ولو انعمت النظر في أبيات ابن الرومي التي استشهد بها البلاغيون لحسن التعليل لبان لك الفرق واتضح لك الأمر، يقول ابن الرومي في أبيات جميلة يعلل فيها بكاء الطفل ساعة الولادة، بعلة جديدة (طريفة):
لِما تؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأوسع مما كان فيه وأرغد؟!
وهذا من منطلق تشاؤمه المعروف عنه،،(/)
احتسبوا الأجر يا أهل البلاغة ....
ـ[فيض]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 01:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أيُّها الأحبة ...
ماهي مناهج التأليف البلاغي وماذا يقصد بكل منهج؟
أرجو الإجابة فالرجاء فيكم لايخيب ..
ولكم شكري,,,,
ـ[العبد اللطيف]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 07:21 م]ـ
أحيلك إلى كتاب بعنوان:
إتجاهات البلاغة في العصر الحاضر
تأليف: محمد بركات حمدي ابو علي
سعره قيمة 4 دولار.
النوع: غلاف عادي، 21×14، 88 صفحة الطبعة: 1 مجلدات: 1
الناشر: دار الفكر للنشر والتوزيع تاريخ النشر: 01/ 01/1997
ـ[(الفارس المترجل)]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 03:05 ص]ـ
بسم الله،،
يقصد - فيما أعلم - بمناهج التأليف البلاغي: النهجان المعروفان في هذا العلم في مجال التأليف، وهما: (1) المنهج العقلي: الذي يتسم بعنايته بالتقسيم والتقعيد، ولا يهتم بالجانب التطبيقي على القواعد، بل يكتفي بمثال أو اثنين، ومن عيوب هذه المدرسة أو المنهج: التعقيد وصعوبة الأسلوب، حيث تحتاج من القارئ جهدا عقليا كبيرا، ولذلك كثرت شروح مؤلفات هذه المدرسة، التي من أبرز رجالاتها: السكاكي، والخطيب القزويني، وقبلهما الرازي.
(2) المنهج الأدبي: يتميز أول ما يتميز به بالسهولة وقرب المأخذ، كما أنه يهتم بالجانب التطبيقي، فيحرص أصحاب هذا الاتجاه على كثرة الأمثلة والشواهد مما يسهل على القارئ عملية الفهم، كما أن أسلوبهم يساعد على تربية الذوق وتنمية الملكة الادبية والكتابية، ولكنهم في المقابل لا يعبؤون كثيرا بالتقعيد والتقسيم، مما حدا ببعضهم إلى الخلط بين الأقسام والفنون البلاغية، كما وقع من ابن الأثير، وأبرز من مر على هذه المدرسة: شيخ البلاغيين: عبد القاهر، وابن الأثير، ويحيى العلوي وغيرهم كثير.
آمل أن أكون أجبت ولو باختصار عن التساؤل، بالتوفيق،،
ـ[فيض]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 11:48 م]ـ
العبد اللطيف ... جزاك الله خيرا
ـ[فيض]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 11:51 م]ـ
الفارس المترجل .... وشكرٌ متأخر أيضاً حفظك المولى
أشكرك,,,,,,,
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 03:08 م]ـ
هناك رسالة للشيخ إبراهيم الخولي أطال الله في عمره طبعت في دار البصائر بالقاهرة بعنوان مقتضى الحال بين البلاغة والنقد فيها بيان للمناهج وكيفية التحليل البلاغي للنصوص(/)
استعارة تمثيلية لطيفة
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 06:40 ص]ـ
وذلك في قوله جلّ وعلا:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} ل [الشعراء: 225].
لأنه ليس هناك ثمة وادٍ، ولا شعاب، ولا هيام!!
وإنما هو تغلغل إلى مناحي القول، واعتساف في الأوصاف، والتغزل، والتشبيب، والنسيب، والهجاء، وقلة مبالاة بما يهتكونه من أعراض الناس،
ويرجفون به من أقوال ...
وإليك ما جاء عن الفرزدق، عندما سمعه الخليفة سليمان بن عبد الملك، وهو ينشد:
فبتنَ بجانبيَّ مصرعاتٍ = وبتُّ أفضُّ أغلاقَ الختامِ
كأنَّ مفالقَ الرمانِ فيها = وجمرَ غضًى قعدنَ عليه حامِ
فقال له:
قد أقررت بما أوجب علي أن أقيم عليك الحد،
فقال: يا أمير المؤمنين يمنعك من ذلك آية من كتاب الله عز وجل،
فقال: وما هي!!؟
قال: قوله عز وجل:
"وأنهم يقولون ما لا يفعلون" [الشعراء: 226].
ـ[فيض]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 06:47 م]ـ
أحسن الله إليك,,
كم أهيم في هذه اللطائف. (زدنا زادك الله إيمانا وعلما)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 07:04 م]ـ
أحسن الله إليك,,
كم أهيم في هذه اللطائف. (زدنا زادك الله إيمانا وعلما)
شكرا لك أختنا الكريمة فيض
ومرحبا بك
وهلا وغلا
وعلى الرحب والسّعة(/)
أثر التشبيه في المعنى!!
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 11:53 م]ـ
أثر التشبيه في المعنى!!
1 ـ قد يكون القصد من التشبيه إيضاح جانب، أو جوانب من الواقع؛
كقول الجاحظ يصف الحية:
وانتصبت كأنها رمح مركوز، أو عود ثابت!!
2 ـ يستخدم الأديب التشبيه أحيانا لتجسيم الفكرة وبيانها وشرحها، وذلك
عندما يكون المشبه مجردا؛ كقول البوصيريّ:
والنَّفْسُ كالطِّفْلُ إنْ تُهْمِلُهُ شَبَّ عَلَى = حُبِّ الرِّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
3 ـ وقد يكون القصد التصوير مع الإيحاء؛ والمقصود بالإيحاء أن تثير الصورة
خيال القارئ، وأن تدفعه إلى أبعد مما قاله الأديب!!
قال الشاعر خليل مطران يصف نهر "التبر"، بعد أن أحرق نيرون روما:
دَفَقَ التِّبْرُ ضِيَاءً وَدَماً = مُسْتَفِيضَ اللّجِّ ياقُوتاً وَتِبْرَا
كانَ بِالأَمْسِ كَمِرْآةٍ صَفَتْ = رُبَّمَا كَدَّرَهَا الطَّائِرُ نَقْرَا
تَلتَقِي فِيهَا صُرُوحٌ عَبَسَتْ = قَاتِمَاتٍ وَرُبىً تَبْسِمُ خُضْرا
فإِذا مَرَّتْ نُسيْمَات بِها = حطَّمتْهَا قِدَداً رُبْداً وَغُرَّا
4 ـ أو التعبير عن انفعال الأديب، وبعث الانفعال في القارئ، وربما كانت هذه هي الصفة الأساسية للتشبيه في الشعر ..
قال الشاعر أبو القاسم الشابيّ:
عذبة أنت كالطفولة كالأح = لام كالحن كالصباح الجديد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ = كالوردِ كابتسامِ الوليدِ
5 ـ أو الزينة والزخرفة؛ ويقع هذا عندما يعنى الأديب بالشكل؛ كما هو الحال في الشعر الرمزي، وفي العصور التي تسودها الصنعة والتكلف ..
وفي الحالة الأولى: تكون غاية التشبيه أن يسهم في خلق الإيقاع الشعري.
وفي الحالة الثانية: تكون الغايه إظهار البراعة اللفظية، وعلى هذا فالشواهد من عصر الدول المتتابعة كثيرة، وهي خير شاهد على ذلك.(/)
من آية الكرسي
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 10:03 ص]ـ
من قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
قوله تعالى: (الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ):
حصر بأقوى أساليبه: النفي والاستثناء، فخبر: "لا" محذوف تقديره: بحق، و الضمير: "هو" بدل من الضمير المستكن في الخبر، فإن قيل: هو اسم جامد، فالجواب: أنه يتحمل الضمير من جهة كونه مؤولا بالمشتق، فتقدير الكلام: لا إله مستحق للعبادة إلا هو، فـ: "مستحق": اسم فاعل، وهو: اسم وصف يتحمل الضمير، وإن كان تحمله أضعف من تحمل الفعل، لأنه فرع عليه، بدليل أنه لا يتغير مع المتكلم أو المخاطب أو الغائب، فضمير اسم الوصف: "كريم" في قولك: أنا كريم، و: أنت كريم، و: هو كريم تقديره واحد: "هو"، بخلاف: أشرب الماء فتقديره: "أنا"، و تشرب الماء فتقديره: "أنت"، و: يشرب الماء فتقديره: "هو"، وقد تقرر أن الفرع أضعف من الأصل في العمل.
قوله تعالى: (الْحَيُّ الْقَيُّومُ):
"أل": جنسية تستغرق جنس ما دخلت عليه، فله من الحياة أكملها، حياة: أزلية أبدية لا يعتريها نقص من نصب أو مرض أو موت، وله من القيومية أكملها، فهو القائم بنفسه، المقيم لغيره، القائم عليه إيجادا وإعدادا وإمدادا وإحصاء، فيخلق من عدم، وييسر إلى: يسرى منجية أو عسرى مهلكة، ويرزق ويحصي الأقوال والأعمال، فمن وجد خيرا فليحمد الله، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه.
يقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:
"فالْحَيُّ الَّذِي الْحَيَاةُ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ اللَّازِمَةِ لَهَا، هُوَ الَّذِي وَهَبَ الْمَخْلُوقَ تِلْكَ الْحَيَاةَ الدَّائِمَةَ، فَهِيَ دَائِمَةٌ بِإِدَامَةِ اللَّهِ لَهَا، لَا أَنَّ الدَّوَامَ وَصْفٌ لَازِمٌ لَهَا لِذَاتِهَا، بِخِلَافِ حَيَاةِ الرَّبِّ تَعَالَى. وَكَذَلِكَ سَائِرُ صِفَاتِهِ، فَصِفَاتُ الْخَالِقِ كَمَا يَلِيقُ بِهِ، وَصِفَاتُ الْمَخْلُوقِ كَمَا يَلِيقُ بِهِ، (فالله عز وجل: الحي بنفسه المحيي لغيره) ................... فَعَلَى هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ مَدَارُ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى كُلِّهَا، وَإِلَيْهِمَا تَرْجِعُ مَعَانِيهَا. فَإِنَّ الْحَيَاةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، ولَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا صِفَةٌ مِنْهَا إِلَّا لِضَعْفِ الْحَيَاةِ، فَإِذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ - تَعَالَى - أَكْمَلَ حَيَاةٍ وَأَتَمَّهَا، اسْتَلْزَمَ إِثْبَاتُهَا إِثْبَاتَ كُلِّ كَمَالٍ يُضَادُّ نَفْيُهُ كَمَالَ الْحَيَاةِ. وَأَمَّا " الْقَيُّومُ " فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ كَمَالَ غِنَاهُ وَكَمَالَ قُدْرَتِهِ، فَإِنَّهُ الْقويمُ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ، فَلَا قِيَامَ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِإِقَامَتِهِ. فَانْتَظَمَ هَذَانِ الِاسْمَانِ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَتَمَّ انْتِظَامٍ". اهـ بتصرف.
قوله تعالى: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ):سنة و نوم: نكرتان في سياق النفي فتفيدان: العموم، فلا تأخذه أي سنة أو نوم، وترتيب: السنة فالنوم، إنما هو لمراعاة الترتيب الوجودي، فوجود السنة متقدم على وجود النوم.
يقول أبو السعود رحمه الله: "فلا سبيلَ إلى حمل النظم الكريمِ على طريقة المبالغةِ والترقي بناءً على أن القادرَ على دفع السِنة قد لا يقدرُ على دفع النوم القويِّ كما في قولك: فلانٌ يقِظٌ لا تغلِبُه سِنةٌ ولا نوم وإنما تأخيرُ النوم للمحافظة على ترتيب الوجودِ الخارجي، وتوسيطُ كلمةِ لا للتنصيص على شمول النفي لكلَ منهما كما في قوله عز وجل: {وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً} ". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ):تقديم ما حقه التأخير فيفيد: الحصر والتوكيد، واللام في: "له" تفيد الملكية والاستحقاق، و "ما": تفيد هنا عموم الملكية فهو، عز وجل، مالك الأعيان والأوصاف، المتصرف فيها: إيجادا وإعداما، ورفعا وخفضا، وإيتاء ونزعا ............. ، وفي التنزيل: (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ).
قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ):استفهام إنكاري إبطالي، فلا أحد يملك الشفاعة إلا بإذن الله، عز وجل، ورضاه عن المشفوع له، فلا شفاعة إلا لأهل التوحيد، وإن دخلوا النار ابتداء.
وإذن الله عز وجل:
كوني: فيأذن بالحوادث الكونية، مصداق قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
وشرعي: كالإذن بجماع الحليلة بكلمة الله، مصداق قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، والإذن بالإفطار بغروب شمس يوم الصيام والإذن بمباشرة النساء في ليل رمضان ........ إلخ.
قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ):
عموم آخر كعموم: (له ما في السماوات وما في الأرض).
قوله تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ):عموم مؤكد بوروده في سياق النفي، وزيادة الباء في: "بشيء"، وقد خص بالاستثناء: "إلا بما شاء"، فيطلع من شاء من رسله على ما شاء من غيبه، مصداق قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا)، ولا يعلم الغيب المطلق إلا هو، مصداق قوله تعالى: (قلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)، وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله:
"ومنها، (أي: من صيغ العموم): الفعل المضارع المنفي من جهة كون النفي، عند التحقيق، متسلطا على مصدر الفعل كما في: قوله تعالى: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما). فقوله: يحيطون به فعل مضارع والفعل الصناعي الذي يسمى بالفعل المضارع وفعل الأمر والفعل الماضي ينحل عند النحويين عن مصدر وزمن كما قال ابن مالك في الخلاصة:
المصدر اسم ما سوى الزمان من * * مدلولي الفعل كأمْنٍ مِنْ أَمِن
وقد حرر علماء البلاغة في مبحث الاستعارة التبعية أنه ينحل عن (مصدر وزمن ونسبة)، فالمصدر كامن في مفهومه إجماعا. فـ (يحيطون) تكمن في مفهومها (الإحاطة) فيتسلط النفي على المصدر الكامن في الفعل فيكون معه كالنكرة المبنية على الفتح، (أي: التي دخلت عليها "لا" النافية للجنس فتبنى على ما تنصب به، وهو الفتح)، فيصبر المعنى لا إحاطة للعلم البشرى برب السموات والأرض، فينفي جنس أنواع الإحاطة عن كيفيتها". اهـ بتصرف.
فصار العموم حاصلا في العامل: "يحيطون"، و: المعمول: "بشيء" من جهة: وقوعه في حيز النفي وزيادة الباء، فآل المعنى إلى: ولا يحيطون أي إحاطة بأي شيء من علمه، أو: ولا إحاطة لهم بأي شيء من علمه، فتكون النكرة: "إحاطة": اسم لا النافية للجنس، وهي نص في نفي عموم ما دخلت عليه.
واختلف في عائد الضمير في: "علمه": هل يعود على الله، عز وجل، فلا يحيطون بشيء من علم ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله إلا بما شاء، أو: يعود على علم الله، عز وجل، فلا يحيطون بشيء من علمه، وهو يعم علم ذاته القدسية وما سواها مما تعلق بخلقه، فيكون المعنى الثاني كليا للمعنى الأول، فهو يشمله وزيادة، ولا إشكال في اختياره لأن فيه زيادة معنى، والله أعلم.
قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ):
(يُتْبَعُ)
(/)
الكرسي: مشتق من التكريس، وهو: الجمع، فهو معنى كلي يدل على مطلق الجمع، فإذا ما ورد عليه التقييد، كان تبعا لقيده، فالكرسي المعهود لدينا: مجموع من أعواد، والكراسة: مجموعة من أوراق ............. إلخ، وسمي العلماء: كراسي العلم لأنهم جامعوه، ولا يعلم كنه كرسي الله، عز وجل، الذي هو موضع القدمين إلا هو، وإن كان العقل يدرك معناه، ولا إشكال في إدراك المعنى، لأن إثباته لا يقتضي تشبيها، لكونه أمرا عقليا لا وجود له خارج الذهن، فمن قاسه على الكرسي المخلوق فقد خلط من جهة أن الإثبات في هذا الباب: إثبات وجود لا كيفية، وإثبات المعنى الكلي كاف في إثبات الوجود، الذي لا يعلم كنهه إلا الله، عز وجل، كما سبق، فلا يتعدى إلى إثبات الكيفية بتقييد هذا المعنى الكلي بقياسه قياس تمثيل أو شمول على كراسي المخلوقين، فهذا قياس فاسد الاعتبار من جهة: قياس الغائب على الشاهد، وقياس الخالق الذي ليس كمثله شيء على المخلوق الذي يشبه غيره، وهذا أصل مطرد في باب الصفات، فالمعنى الكلي المطلق هو المراد في الإثبات، والمعنى المقيد بآحاد المخلوقين هو المراد في النفي.
قوله تعالى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا):نفي يفيد العموم، كنفي: (ولا يحيطون بشيء)، وتقدم كلام الشيخ الشنقيطي، رحمه الله، عليه، فالمعنى: ولا ثقل عليه، أي ثقل من حفظ السماوات والأرض.
قوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ):
حصر بتعريف الجزأين: "هو" و "العلي"، و "أل" في: "العلي": جنسية تفيد استغراق كل أنواع العلو: علو القهر وعلو الذات وعلو الشأن، أو: علو الذات وعلو الصفات، وكذا: "أل" في "العظيم": تستغرق كل أنواع العظمة.
وللشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، تعليق لطيف على هذه الآية في "شرح الواسطية"، استفدت منه، ولله الحمد والمنة، في هذه المداخلة.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 01:04 م]ـ
جزاك خيرا الله الحي القيوم وحفظك العلي العظيم
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 02:38 م]ـ
وجزاك خيرا أيها الكريم الفاضل وحفظك بكلماته الكونيات من كل سوء، والشرعيات من كل زلل وتقصير.
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 12:29 ص]ـ
جزاك الحى القيوم الجنة , وشفع فيك حبيبه "صلى الله عليه وسلم"0(/)
أين لي بأبيات مماثلة لهذه ... ؟
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 09:21 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
وددت لو يأيني أحدكم ببعض الأبيات التي تصلح أن تكون ألغازاً بواسطة الجناس , أي يكون فيها جناس و هي شبيهة باللغز في نفس الوقت ....
مثل هذا البيت:
طرقت الباب حتى كل متني = فلما كل متني كلمتني
فقات أيا اسماعيل صبرا = فقلت أيا اسما عيل صبري
ـ[الباز]ــــــــ[10 - 04 - 2008, 11:26 م]ـ
دعاني من ملامكما دعاني؛؛؛ فذا الشوقُ قبلكما دعاني
دعاني الاولى و الثانية: اتركاني
دعاني الأخيرة: ناداني
----------
يكاد الصخر ينطق عن هوانا؛؛؛ مبينا أننا نأبى الهوانا
--------
نشرنا في البلاد هدًى و سلمًا؛؛؛؛ فحتى الذئبُ يخشى إن عصانا
و يعلم إن عدا يوما بأرضٍ؛؛؛؛ ستقرعه بلا ريب عصانا
ناظِراه فيما جنى ناظراه؛؛؛ أو دعاني أمت بما أودعاني
سميته يحيى ليحيا، ولم يكن؛؛؛ إلى رد أمر الله فيه سبيل
فلم تُضع الأعادي قدر شاني؛؛؛ ولا قالوا فلان قد رشاني
عضنا الدهر بنابه؛؛؛ ليت ما حل بنا به
إذا رماك الدهر في معشر؛؛؛ وأجمع الناس على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم؛؛؛ وأرضِهم ما دمتَ في أرضهم
لا تعرضن على الرواة قصيدة؛؛؛ ما لم تكن بالغت في تهذيبها
وإذا عرَضت الشعرَ غيرَ مهذّب؛؛؛ ظنوه منك وساوس تهذي بها
رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مالُ؛؛؛ ومن ما عنده مال، فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب؛؛؛ ومن ما عنده ذهب، فعنه الناس قد ذهبوا
رأيت الناس منفضّة إلى من عنده فضة؛؛؛ ومن ما عنده فضة، فعنه الناس منفضة
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 10:50 ص]ـ
بوركت أيها الباز , فقد كفيت و وفيت , اسمٌ على مسمى ....(/)
جمال اللفظ القرآني
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 04 - 2008, 11:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تسمع الأذن كلمة (اثَّاقلتم) في قوله نعالى: " يا ايها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض" فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل، يرفعه الرافعون في جهد، قيسقط من ايديهم في ثقل ولو قيل: " تثاقلتم" لخف الجرس ولضاع الأثر المنشود، ولتوارت الصورة المطلوبه التي رسمها هذا اللفظ واستقلّ برسمها(/)
ذات بكاء .. !!
ـ[عبير المحبة .. ]ــــــــ[11 - 04 - 2008, 09:07 ص]ـ
"" ذات بُكاء،،!! أيقَنَ الكونُ بِبِدايةٍ تَختَلِفُ تَضارِيسُها عَن كُلِ البِداياتفأبى ذَلِكَ الكَون إلاّ أن يُمارِسَ طُقوسِهِ الكَونية ""
صباحكم فرح ..
النص السابق جزء من خاطرة كتبها أحدهم .. واختلف القراء في صحة التعبير وتجاوزه الديني من عدمه ..
هل من رأي يضيء الطريق .. ؟
شاكرة سلفا ..(/)
فروق لغوية الأستاذ / نادر شعوط.
ـ[العبد اللطيف]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 01:28 ص]ـ
1ـ الفرق بين آخر الشي ء ونهايته: أن آخر الشىء خلاف أوله وهما اسمان، والنهاية مصدر مثل الحماية والكفاية إلا أنه سمي به منقطع الشىء فقيل هو نهايته أي منتهاه، وخلاف المنتهى المبتدأ فكما أن قولك المبتدأ يقتضي ابتداء فعل من جهة اللفظ وقد انتهى الشئ إذا بلغ مبلغا لا يزاد عليه وليس يقتضي النهاية منتهي إليه ولو اقتضى ذلك لم يصح أن يقال للعالم نهاية، وقيل الدار الآخرة لان الدنيا تؤدي إليها والدنيا بمعنى الاولى، وقيل الدار الآخرة كما قيل مسجد الجامع والمراد مسجد اليوم الجامع ودار الساعة الآخرة، وأما حق اليقين فهو كقولك محض اليقين ومن اليقين وليس قول من يقول هذه إضافة الشئ إلى نعته بشئ لان الإضافة توجب دخول الأول في الثاني حتى يكون في ضمنه، والنعت تحلية وإنما يحلى بالشىء الذي هو بالحقيقة ويضاف إلى ما هو غيره في الحقيقة، تقول هذا زيد الطويل فالطويل هو زيد بعينه، ولو قلت زيد الطويل وجب أن يكون زيد غير الطويل ويكون في تلك الطويل، ولا يجوز إضافة الشىء إلا إلى غيره أو بعضه فغيره نحو عبد زيد وبعضه نحو ثوب حرير وخاتم ذهب أي من حرير ومن ذهب، وقال المازني: عام الأول إنما هو عام زمن الأول.
2ـ الفرق بين الآلاء والنعم: أن الآلي واحد الآلاء وهي النعمة التي تتلو غيرها من قولك وليه يليه إذا قرب منه وأصله ولي، وقيل واحد الآلاءآلي وقال بعضهم الآلي مقلوب من إلى الشىء إذا عظم علي قال فهو اسم للنعمة العظيمة.
3ـ الفرق بين الإباحة والإذن: أن الإباحة قد تكون بالعقل والسمع، والإذن لا يكون إلا بالسمع وحده، وأما الإطلاق فهو إزالة المنع عمن يجوز عليه ذلك، ولهذا لا يجوز أن يقال إن الله تعالى مطلق وإن الأشياء مطلقة له.
4 ـ الفرق بين الاختراع والابتداع: أن الابتداع إيجاد ما لم يسبق إلى مثله يقال أبدع فلان إذا أتى بالشئ الغريب وأبدعه الله فهو مبدع وبديع ومنه قوله تعالى " بديع السموات والارض ".
5 ـ الفرق بين الابتلاء والاختبار: أن الابتلاء لا يكون إلا بتحميل المكاره والمشاق. والاختبار يكون بذلك وبفعل المحبوب، ألا ترى انه يقال اختبره بالإنعام عليه ولا يقال ابتلاه بذلك ولا هو مبتلى بالنعمة كما قد يقال إنه مختبر بها، ويجوز أن يقال إن الابتلاء يقتضي استخراج ما عند المبتلي من الطاعة والمعصية، والاختبار يقتضي وقوع الخبر بحاله في ذلك والخبز: العلم الذي يقع بكنه الشئ وحقيقته فالفرق بينهما بين.
6 ـ الفرق بين الأبناء والذرية: أن الأبناء يختص به أولاد الرجل وأولاد بناته لأن أولاد البنات منسوبون إلى آبائهم كما قال الشاعر: بنوهن أبناء الرجال الأباعد بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ثم قيل للحسن والحسين عليهما السلام ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على التكريم ثم صار اسما لهما لكثرة الاستعمال، والذرية تنتظم الأولاد والذكور والإناث والشاهد قوله عزوجل " ومن ذريته داود وسليمان " (4) ثم أدخل عيسى في ذريته.
7 ـ الفرق بين الابن والولد: أن الابن يفيد الاختصاص ومداومة الصحبة ولهذا يقال ابن الفلاد لمن يداوم سلوكها وابن السري لمن يكثر منه، وتقول تبنيت ابنا إذا جعلته خاصا بك، ويجوز أن يقال إن قولنا هو ابن فلان يقتضي أنه منسوب إليه ولهذا يقال الناس بنو آدم لأنهم منسوبون إليه وكذلك بنو إسرائيل، والابن في كل شأ صغير فيقول الشيخ للشاب يا بني ويسمي الملك رعيته الأبناء وكذلك أنبياء من بني إسرائيل كانوا يسمون أممهم أبناء هم ولهذا كني الرجل بأبي فلان وإن لم يكن له ولد على التعظيم، والحكماء والعلماء يسمون المتعلمين أبناء هم ويقال لطالبي العلم أبناء العلم وقد يكنى بالابن كما يكنى بالأب كقولهم ابن عرس وابن نمرة وابن آوى وبنت طبق وبنات نعش وبنات وردان، وقيل أصل الابن التأليف والاتصال من قولك بنيته وهو مبني وأصله بني وقيل بنو ولهذا جمع على أبناء فكان بين الأب والابن تأليف، والولد يقتضي الولادة ولا يقتضيها الابن والابن يقتضي أبا والولد يقتضي والدا، ولا يسمى الإنسان والدا إلا إذا صار له ولد وليس هو مثل الأب لأنهم يقولون في التكنية أبوفلان وإن لم يلد فلانا ولا يقولون في هذا والد فلان إنهم أنهم قالوا في الشاة والد في حملها قبل أن تلد وقد
(يُتْبَعُ)
(/)
ولدت إذا ولدت إذا أخذ ولدها والابن للذكر والولد للذكر والأنثى.
8 ـ الفرق بين الابن والولد (1): الأول للذكر: والثاني يقع على الذكر والأنثى، والنسل والذرية يقع على الجميع. (اللغات).
9ـ الفرق بين الإتقان والإحكام: أن إتقان الشئ إصلاحه وأصله من التقن وهو الترنوق (1) الذي يكون في المسيل أو البئر وهو الطين المختلط بالحمأة يؤخذ فيصلح به التأسيس وغيره فيسد خلله ويصلحه فيقال أتقنه إذا (2) طلاه بالتكن ثم استعمل فيما يصح معرفته فيقال أتقنت كذا أي عرفته صحيحا كأنه لم يدع فيه خللا، والإحكام إيجاد الفعل محكما ولهذا قال الله تعالى " كتاب أحكمت آياته " (3) أي خلقت محكمة ولم يقل أتقنت لأنها لم تخلق وبها خلل ثم سد خللها. وحكي بعضهم أتقنت الباب إذا أصلحته قال أبهلال رحمه الله تعالى: ولا يقال أحكمته إلا إذا ابتدأته محكما.
10ـ الفرق بين الإتمام والإكمال (4): قد فرق بينهما بأن الإتمام: لإزالة نقصان الأصل. والإكمال: لإزالة نقصان العوارض بعد تمام الأصل. قيل: ولذا كان قوله تعالى: " تلك عشرة كاملة " (5) أحسن من (تامة).
فإن التام من العدد قد علم، وإنما نفي احتمال نقص في صفاتها. وقيل: تم: يشعر بحصول نقص (6) قبله. وكمل: لا يشعر بذلك. وقال العسكري: الكمال: اسم (1) لاجتماع أبعاض الموصوف به. والتمام: (2) اسم للجزء الذي يتم به الموصوف. ولهذا يقال: القافية تمام البيت، ولا يقال: كماله. ويقولون: البيت بكماله، أو باجتماعه. (اللغات).
11 ـ الفرق بين الأجر والثواب: أن الأجر يكون قبل الفعل المأجور عليه والشاهد أنك تقول ما أعمل حتى آخذ أجري ولا تقول لا أعمل حتى آخذ ثوابي لان الثواب لا يكون إلا بعد العمل على ما ذكرنا (1) هذا على أن الأجر لا يستحق له إلا بعد العمل كالثواب إلا أن الاستعمال ويجري بما ذكرناه وأيضا فان الثواب قد شهر في الجزاء على الحسنات، والأجر يقال في هذا المعنى ويقال على معنى الأجرة التي هي من طريق المثامنة بأدنى الإثمان وفيها معنى المعاوضة بالانتفاع.
12 ـ الفرق بين الأجر والثواب (2): الثواب: وإن كان في اللغة الجزاء الذي يرجع إلى العامل بعلمه، ويكون في الخير والشر، إلا أنه قد اختص في العرف بالنعيم على الإعمال الصالحة من العقائد الحقة، والإعمال البدنية والمالية، والصبر في مواطنه بحيث لا يتبادر منه عند الإطلاق إلا هذا المعنى. والأجر: إنما يكون في الأعمال البدنية من الطاعات، ويدل عليه قول أمير المؤمنين (1) عليه السلام لبعض أصحابه في علية اعتلها: " جعل الله ما كان من شكواك حطا بسيئاتك " فإن المرض لا أجر فيه، لكنه يحط السيئات، ويحتها حتى الأوراق، وإنما الأجر في القول باللسان، والعمل بالأيدي والإقدام. وإن الله يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة. (اللغات).
13ـ الفرق بين الأجل والعمر (2): [الأجل: هو آخر مدة العمر المضروبة
(2) الأجل والعمر: لم تردا في نسخة خ: والمثبت من نسخة ط. ولهذا وضعت المادة المنقولة بين عكوفتين. وفي القاموس: العمر: الحياة. والأجل: غاية الوقت في الموت. والمادة في: الكليات 1: 59 و 3: 259، و (الأجل) في مجمع البيان 2: 272 414، و (العمر) فيه في 4: 403.وفي كشاف اصطلاحات الفنون للتهاوي 1: 121.وفي مفردات الراغب (الأجل: 10 والعمر: 518).وتحت كلام المصنف هنا نظر فإن تفرقته بين العمر والأجل على هذا الوجه لم أقف عليه، ولا سند قويا له من اللغة ولا من الاصطلاح. ويراجع في ذلك كتب التفسير العمدة في قوله تعالى (الرعد: 39): " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ".ويراجع تفصيل الطبرسي في مجمع البيان (3، 297 299) فيما رواه من وجوه تفسير الآية الكريمة، وهي ثمانية.
وقال في تفسير قوله تعالى (آل عمران 3: 145): " وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا " معناه: " كتب الله لكل حي أجلا وقتا لحياته ووقتا لموته لا يتقدم ولا يتأخر. وقيل حتما مؤقتا وحكما لازما مبرما ".مجمع البيان (1: 515).
في علمه تعالى، فهو لا يتبدل. والعمر: هو ما يتبدل ويحتمل الزيادة والنقصان. وتوضيح المقام، وتقريب المرام يقتضي تقديم مقدمة في الكلام: وهي أن لله تعالى كتابين: كتاب مخزون محفوظ عنده، وهو المعبر عنه بأم الكتاب، وكتاب محو وإثبات وفيه البداء.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن الحكمة الالهية اقتضت أن يكون: يكتب عمر زيد مثلا: " ثلاثون سنة " إن لم يصل رحمه أو لم يدع، أو لم يتصدق مثلا، وستون: إن وصل، أو دعا، أو تصدق، فهو يطلع ملائكته أو رسله وأنبياء ه على العمر الاول منغير إعلامهم بالشرط، فإذا حصل الشرط بغير علمهم فيقولون: بد الله، وهو سبحانه لا يتغير علمه، وهذا هو معنى البداء. ويستأنس هذا الفرق بينهما في قوله تعالى (1): " وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب .. " (2).
(2) قال في مجمع البيان 4: 404 نقلا عن الحسن البصري وغيره. " قيل هو ما يعلمه الله أن فلانا لو أطاع لبقي إلى وقت كذا، وإذا عصى نقص عمره فلا يبقى. فالنقصان على ثلاثة أوجه: إما يكون من عمر المعمر أو من عمر معمر آخر أو يكون بشرط " انتهي. وفصل القرطبي في تفسير هذه الآية (الجامع لاحكام القرآن 14: 332 334) وفيما نقله ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما (وما يعمر من معمر) إلا كتب عمره كم هو سنة، كم هو شهرا، كم هو يوما، كم هو ساعة.
ثم يكتب في كتاب آخر: نقص من عمره يوم، نقص شهر، نقص سنة حتى يستوفي أجله. وقال سعيد بن جبير وهو راوي الخبر عن ابن عباس: فما مضى من أجله فهو النقصان وما يستقبل فهو الذي يعمره. فالهاء على هذا للمعمر ".وزاد في اثناء تفسير الآية: - >
" وقيل: إن الله كتب عمر الانسان مئة سنة إن أطاع، وتسعين إن عصى فأيهما بلغ فهو في كتاب. وهذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام: من أحب أن يبسط له في رزقه ويسأله في أثره فليصل رحمه أي أنه يكتب في اللوح المحفوظ عمر فلان كذا سنة فإن وصل رحمه زيد في عمره كذا سنة فبين ذلك في موضع آخر من اللوح المحفوظ أنه سيصل رحمه.
فمن اطلع على الاول دون الثاني ظن أنه زيادة أو نقصان ".ونقل في مكان آخر من تفسيره (9: 330).وقد أورد الحديث السابق قيل لابن عباس كيف يزاد في العمر والاجل فقال: قال الله عزوجل " هو الذي خلقكم من طين ثم قضي أجلا وأجل مسمى عنده " فالاجل الاول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته. والاجل الثاني يعني المسمى عنده من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله.
فإذا اتقى العبد ربه ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره من أجل البرزخ ما شاء. وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء. فيزيده في أجل البرزخ. فإذا تختم الاجل في علمه السابق امتنع الزيادة والنقصان لقوله تعالى: " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " فتوافق الخبر والآية. وهذه زيادة في نفس العمر وذات الاجل على ظاهر اللفظ في اختيار جبر الامة. والله أعلم.
وقوله في غير موضع: " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " (1)] (اللغات)
14ـ الفرق بين المدة والاجل: أن الاجل الوقت المضروب لانقضاء الشئ ولا يكون أجلا بجعل جاعل وما علم أنه يكون في وقت فلا أجل له إلا أن يحكم بأنه يكون فيه وأجل الانسان هو الوقت لانقضاء عمره، وأجل الدين محله وذلك لانقضاء مدة الدين، وأجل الموت وقت حلوله وذلك لانقضاء مدة الحياة قبله فأجل الآخرة الوقت لانقضاء ما تقدم قبلها قبل ابتدائها ويجوز أن تكون المدة بين الشيئين بجعل جاعل وبغير جعل
جاعل، وكل أجل مدة وليس كل مدة أجلا.
نادر شعوط. المملكة العربية السعودية. جده.
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 10:51 ص]ـ
احسنت وبارك الله فيك
ـ[الهمام2003]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 06:49 م]ـ
جزيت خيراً. لو أوجدت الكتاب كاملاً لكان أعم للفائده.
ـ[عكور]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 10:19 م]ـ
كم هي شهية وماتعة لغتنا العربية!
لقد طافتْ بي حروفك في أسرار السحر فلك زاكي الود ..
وزدنا من هذه اللطائف ياعبد اللطيف ..
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 02:44 ص]ـ
أليست هذه الفروق مأخوذة من كتاب الفروق اللغوية لأبي الهلال العسكري أم إني أخطأت الظن؟
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 08:38 ص]ـ
إذا ما الفرق بين لم ولما الجازمتين؟
ـ[العبد اللطيف]ــــــــ[30 - 04 - 2008, 08:31 م]ـ
الفرق أخي العزيز هو أن ــ والله أعلم ــ مع اتفاقنا في الاتحاد في الوظيفة النحوية وهي النفي والجزم لكن يبقى أن: ـ
لم: لنفي الفعل مثل: لم يحضر المعلم.
لما: لنفي العل مع توقع حدوثه بعد وقت الكلام: لما يحضر المعلم (أي لما يحضر بعد).
قال صاحب معجم الفروق العسكرية: ـــ
الفرق بين لما ولم: أن لما يوقف عليها نحو قد جاء زيد فتقول لما أي لما يجئ ولا يجوز في ذلك كلامهم كاد ولما كاد يفعل ولم يفعل، ولما جواب قد فعل ولم جواب فعل لان قد للتوقع وقال سيبويه: ليست ما في لما زادة لان لما تقع في مواضع لا تقع فيها لم فإذا قال القائل لم يأتني زيد فهو نفي لقوله أتاني زيد وإذا قال لما يأتني فمعناه أنه لم يأت وإنما يتوقعه.
والله تعالى أعلم.
ـ[مختار العزيزي]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 02:44 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 09:42 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 03:24 ص]ـ
شكرا واعلم كما وجدت أن النفي بلما متصل بالحال(/)
ابيات تحتاج الى تحليل بلاغي؟؟
ـ[رناوي]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 03:32 م]ـ
ان لم تطاوعك الدموع فدارها.:. يكفيك ما افشيت من اسرارها
ولي بين الضلوع دم ولحم.:. هما الواهي الذي ثكل الشباب
تسرب في الدموع فقلت ولى.:. فصفق في الضلوع فقلت ثابا
قوم اذا شرو أبدى ناجذيه لهم.:. طاروا اليه زرافات ووحدانا
واتمنى ان توضحوا ما في هذه الايات ..
(فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ) [الأنبياء: 15]
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ... الآية) [طه: 131]
....
شاكرة لكم ..
ـ[بوادر الأمل]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 11:23 ص]ـ
:::
أتمنى مساعدتك في التحليل ...
:) وسأساعدك بم أستطيع:)
بنسبة للآيات القرآنية أفضل من يحللها كتب التفاسير مثل (تفسير التحرير والتنوير- والبحر المحيط) فهو موضح فيه جميع الصور البلاغية
أما الأبيات الشعرية فسأدعها لأرباب الشعر;)
ولك مني صادق الحب التقدير
ـ[ضاد]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 12:51 م]ـ
أختاه, ينبغي لك أن تتأكدي من الآيات تمامها وتشكيلها. هناك العديد من المواقع التي تتيح لك البحث في القرآن: www.al-islam.com
ـ[رناوي]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 04:08 م]ـ
شكرا لكم
والابيات اين اجد تحليلها؟
ـ[محمد سعد]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 04:57 م]ـ
قول الشاعر:
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه =طاروا إليه زرفات ووحدانا
تصوير رائع لسرعة هؤلاء القوم وإقدام هؤلاء على عدوهم، فإنهم لا يبالون، صور الشر بأنه أبدى ناجذيه، يعني صور الشر بسبع مفترس إذا بدا فإن الإنسان الشجاع يطير إليه ويفتك به أو يقتله أو يباعد بينه، طاروا إليه، صور أيضًا سرعتهم.(/)
مساعدة: أبعد كلمة تدل على الكره و أبعد كلمة تدل على الحب في اللغة العربية
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[12 - 04 - 2008, 08:20 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأحباء
اريد أن أجد كل الكلمات التي تدل على أبعد كلمة عربية تدل على الكره
و أبعد كلمة عربية تدل على الحب
يعني ما بين الحب و الكره
و ليس بالضرورة بينهما
فقد نجد كلمات أقوى من الحب و أقوى من الكره
كلمات الكره بالترتيب الذي أراه (و أرجو التصحيح)
1 - يكرهك
2 - يبغضك
3 - يحقد عليك
4 - يشمأز منك
5 - يشنئك (شانئك هو الأبتر)
كلمات الحب بالترتيب الذي أراه (و أرجو التصحيح)
1 - يحبك
2 - يعشقك
3 - يهيم بك
إخواني
قد تكون هناك أخطاء - فلذلك صححو لي بارك الله فيكم
و الأهم عندي هو الحصول على كلمات الكره و ترتيبها
لوصول إلي أبعد كلمة تدل على الكره في اللغة العربية
فأرجوا من أخواني الاعضاء -- بأن يدلوا بدلوهم
/////////////////////////////////////////////////(/)
مسألة ..
ـ[الكندية]ــــــــ[13 - 04 - 2008, 08:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قالى تعالى ((بديع السموات والأرض)) ولم يقل مبدع، أو منشىء، أو خالق. فلماذا اختار لفظة بديع؟ وعلى ماذا تدل هذه الصيغة؟.
وشكراً ..
ـ[حياء زهرة]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 11:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (بديع السماوات والأرض)
ذكرت هذه االآية في موضعين في سورة البقرة آية (117)
وسورة الأنعام آية (101)
في قوله تعالى (بديع) خالقهما ومتقن صنعتهما على غير مثال سبق بأحسن خلق ونظام و بهاء لاتقترح عقول الألباب مثله.
بديع: مبنية على وزن فعيل وهذا الوزن أي زيادة المدّ بين الحرف الثاني (د) والحرف الثالث (ع) من المادة (بدع) يدل على التمييز والمبالغة أي أن صاحبه يتميز بتلك الصفة لدرجة أنها أصبحت غالبة عليه.
والله سبحانه أعلم
دمتم في حفظ الله ورعايته(/)
ماذا يسمى هذا الأسلوب
ـ[رحيل2007]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 03:07 ص]ـ
:::
ماذا يسمى هذا الأسلوب في البلاغة؟
استمنحت واعتررت كما في شيطان وليطال؟(/)
محاضرات صوتية في البيان القرآني
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 06:12 م]ـ
لدي محاضرات صوتية كنت قد ألقيتها على طلاب الدراسات العليا في جامعة ذمار تناولت فيها قضايا بيانية في الدراسات اللغوية القرآنية تكشف عن جوانب بديعة في النظم القرآني وإعجازه البياني ومن هذه القضايا مسائل دار فيها الخلاف قديما وحديثا، وهذه الموضوعات التي حاضرت فيها طلاب الدراسات العليا هي:
1)
القيم الصوتية في القرآن الكريم.
2) دلالات الظاهرة الصوتية في القرآن.
3) التضمين في البيان القرآني.
أ) تناوب الحروف.
ب) دقة حروف المعاني وعدم الزيادة فيها.
ج) التوازن الدقيق بين ذكر الحرف وحذفه.
4) العدول في حروف المعاني.
5) الكلمة القرآنية وأثرها في الدراسات اللغوية.
6) الفروق بين الألفاظ المتقاربة وعدم الترادف.
7) التشابه والاختلاف في البيان القرآني.
8) التعريف والتنكير في البيان القرآني.
9) المفردات القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز.
10) ألفاظ القرآن بين التوكيد وعدمه.
11) الإعجاز في تنوع الصيغ المشتقة في القرآن.
أ - تنوع صيغ الأفعال المشتقة من أصل لغوي واحد.
ب - تنوع صيغ المشتقات من أصل لغوي واحد.
ج - تنوع صيغ المصادر من أصل لغوي واحد.
12) تعدد الجموع للمفرد الواحد في القرآن.
13) المناسبة في وحدة النسق واختيار التراكيب.
أ - التقديم والتأخير.
ب - الحذف والزيادة.
14) موقف النحاة من القراءات.
15) أثر القراءات القرآنية في القواعد النحوية.
16) أثر القراءات القرآنية في تعدد وجوه الإعراب.
17) القراءات القرآنية من الوجهة البلاغية.
وقد قام الطلاب بتسجيلها في أشرطة كاست، لكن لا أدري كيف يمكن تنزيلها على الموقع وما الطريقة المناسبة لذلك؟
د عبدالله علي الهتاري
أستاذ اللغة والنحو والبيان القرآني
كلية الآداب جامعة ذمار - اليمن
ahetary***********
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 06:47 م]ـ
حياك الله د. عبد الله
عليك أن تتطلب من طلابك أن يقوموا بتنزيل المادة الصوتية من الكاسيت إلى جهاز الحاسب أولا. وذلك عن طريق سلك يمد من جهاز التسجيل عن طريق مدخل سماعات الأذن إلى مدخل ( line ) أو مدخل (اللاقط) ثم ضبط الصوت بدرجة مناسبة وبعد ذلك تسجيل المادة عن طريق أحد برامج تحرير الصوت على الحاسب. و من ثم تقسيمها إلى ملفات.
بعد ذلك ترفع هذه الملفات على موقع لتحميل الملفات الصوتية ثم تنسخ الرابط الذي يقدمه لك الموقع وتضعه هنا في المنتدى.
آمل أن تكون الصورة واضحة
تحيتي وتقديري.
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 08:23 م]ـ
بارك الله فيك وشكرا لك على هذا التوضيح لكن ماهي المواقع المناسبة للرفع وبأحجام كبيرة ومجانا.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 10:36 م]ـ
http://www.mediafire.com/
http://www.azoree.com/
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 12:11 ص]ـ
http://www.mediafire.com/?ezndmjrxw9n
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[15 - 04 - 2008, 08:45 ص]ـ
حياكم الله وبياكم يا دكتور عبدالله .. ولقد سرّنا والله انضمامكم إلى شبكة الفصيح التي تشرف بكم وبعلمكم، ونحن في انتظار ما تتحفوننا به من علمكم الذي عرفنا طرفاً منه ينادي على ما ورائه من الغزارة والعمق، سدّدكم الله وفتح عليكم ..(/)
سؤال بسيط لكنه هام جدا بالنسبة لي
ـ[محب المسلمين]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 12:09 ص]ـ
الإخوة البلاغيين الأفاضل
سلام الله عليكم
عندي سؤال بسيط لكنه هام جدا بالنسبة لي فأرجو منكم التكرم بالإجابة عليه من فضلكم، والسؤال هو: هل يوجد كتاب لتعليم البلاغة (البيان ـ المعاني ـ البديع) للمبتدئين أسهل من كتاب البلاغة الواضحة لعلي الجارم رحمه الله؟ إنني أبحث عن كتاب للمبتدئ "المحض" في البلاغة يكون مثلا على درجة سهولة الآجرومية أو شرحه الموسوم بـ "التحفة السنية" في النحو فهل يوجد مثل هذا الكتاب بالنسبة للبلاغة؟
شكرا لكم
والسلام عليكم
محب المسلمين
ـ[حياء زهرة]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 01:13 ص]ـ
هناك كتاب الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني
أسال الله لك التوفيق.
ـ[فهد عبدالله الزامل]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 11:33 ص]ـ
السلام عليكم
بغيه الايضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة
2. في البلاغة العربية علم البيان
3. جواهر البلاغة في المعاني و البيان و البديع
4. دليل البلاغة الواضحة
5. البلاغة العالية
6. البلاغة الواضحة
7. دراسة البلاغة العربية في ضوء النص الأدبي
8. فلسفة البلاغة بين التقنية والتطور
9. البلاغة الإصطلاحية
10. البلاغة والأسلوبية
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 01:35 م]ـ
عليك بكتب الدكتور بسيوني عبد الفتاح (علم البيان - علم المعاني - علم البديع)
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 02:43 م]ـ
يا جماعة هو يقول لكم أسهل من كتاب البلاغة الواضحة وما ذكرتموه من كتب هي أصعب بكثير من البلاغة الواضحة.
وأنصحك أن تبدأ به وتحمل الصعاب وإلا فهناك الكتب التي تقرر على طلبة المدارس الثانوية فابدأ بها.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[16 - 04 - 2008, 08:52 م]ـ
هناك مؤلفات للدكتور عبد العزيز عتيق ذُكِرت لي ووصفت بالسهولة والبيان.
أنا لم أقرأها ولكن من قرأها امتدحها
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 05:41 ص]ـ
هناك مؤلفات للدكتور عبد العزيز عتيق ذُكِرت لي ووصفت بالسهولة والبيان.
أنا لم أقرأها ولكن من قرأها امتدحها
بارك الله فيك أخي أبا يزن ..
والحقّ أنّ كتاب علم المعاني - البيان - البديع للدكتور عبدالعزيز العتيق سهل الفهم، ومفيد جداً .. وأنصح كذلك بكتاب البلاغة العربية للشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني رحمه الله .. فقد ضرب فيه صاحبه الكثير من الأمثلة التطبيقية ..
ـ[محب المسلمين]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 05:11 م]ـ
الإخوة الكرام والأخوات الكريمات
سلام الله عليكم
خالص شكري وثنائي على تفضلكم بالتفاعل مع سؤالي وما أوصيتم به من أسماء كتب بهذا الخصوص.
خالص تحياتي الأخوية
والسلام
محب المسلمين
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 03:33 م]ـ
من الكتب الجليلة في البلاغة العربية كما ذكر استاذنا الفاضل لؤي الطيبي هو
(البلاغة العربية للشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني رحمه الله رحمة واسعة)
علما بأنني في هذا الوقت ادرس فيه
فأنصح به(/)
في الموازنة!!!
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 08:44 ص]ـ
في الموازنة:
وهي أن تكون ألفاظ الفواصل من الكلام المنثور متساوية في الوزن، وأن يكون صدر البيت الشعري وعجزه متساوي الألفاظ وزناً، وللكلام بذلك طلاوة ورونق، وسببه الاعتدال؛ لأنه المطلوب في جميع الأشياء، وإذا كانت مقاطع الكلام معدلةً وقعت من النفس موقع الاستحسان، وهذا لا مراء فيه لوضوحه.
وهذا النوع من الكلام هو أخو السجع في المعادلة دون المماثلة؛ لأن في السجع اعتدالاً وزيادة على الاعتدال، وهي تماثل أجزاء الفواصل لورودها على حرف واحد، وأما الموازنة ففيها الاعتدال الموجود في السجع، ولا تماثل في فواصلها؛ فيقال إذاً: كل سجع موازنة، وليس كل موازنة سجعاً!!؟
وعلى هذا فالسجع أخص من الموازنة فمما جاء منها قوله تعالى:"وآتيناهما الكتاب المستبين، وهديناهما الصراط المستقيم" والمستبين والمستقيم على وزن واحد.
وكذلك قوله تعالى في سورة مريم عليها السلام:
" واتخذوا من دون الله آلهةً ليكونوا لهم عزاً، كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً، ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً، فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً".
وكذلك قوله تعالى في سورة حم عسق:
"والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضةٌ عند ربهم وعليهم غضبٌ ولهم عذابٌ شديدٌ، الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريبٌ، يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها يعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلالٍ بعيدٍ، الله لطيفٌ بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز، من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب، أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذابٌ أليمٌ، ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقعٌ بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير" ..
وهذه الآيات جميعها على وزن واحد، فإن "شديد" و"قريب" و"بعيد" و"عزيز" و"نصيب" و"أليم" و"كبير" ..
كل ذلك على وزن فعيل، وإن اختلف حروف المقاطع التي هي فواصلها.
وأٍمثال هذا في القرآن كثير، بل معظم آياته جاريه على هذا النهج، حتى إنه لا تخلوا منه سورة من السور، ولقد تصفحته فوجدته لا يكاد يخرج منه شيء عن السجع والموازنة.
وأما ما جاء من هذا النوع شعراً فقول ربيعة بن ذؤابه:
إن يقتلوك فقد ثلت عروشهم = بعتيبة بن الحرث بن شهاب
بأشدهم بأساً على أصحابه = وأعزهم فقداً على الأصحاب
فالبيت الثاني هو المختص بالموازنة؛ فإن بأساً وفقداً على وزن واحد.
(المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر؛ لابن الأثير الكاتب)
ـ[فهد عبدالله الزامل]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 02:46 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء موضوع رائع استفدت منه كثيراً جعله الله في موازين حسناتك
ياأستاذي الفاضل لك كل الشكر والتقدير من تلميذك
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 03:03 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء موضوع رائع استفدت منه كثيراً جعله الله في موازين حسناتك
ياأستاذي الفاضل لك كل الشكر والتقدير من تلميذك
هلا وغلا بأخي الحبيب أبي غيداء
حمدا لله على ماتفضلت به مشكورا
ولك مني كل الحبّ والتقدير
مع أطيب التمنيات
شكرا لك
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 06:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم0
ـ[هاني السمعو]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 07:04 م]ـ
أستاذنا في بعض الكتب ورد شرح حسن التقسيم لنفس ما ذكرت فلو تكرمت التوضيح بالفرق بين حسن التقسيم والموازنة بارك الله فيك
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 07:26 م]ـ
أستاذنا في بعض الكتب ورد شرح حسن التقسيم لنفس ما ذكرت فلو تكرمت التوضيح بالفرق بين حسن التقسيم والموازنة بارك الله فيك
حسن التقسيم: وهو بناء البيت الواحد على عدة جمل متساوية وزنا وموسيقى ويصنع إيقاعا داخل بنية النص موازيا للإيقاع الخارجي ويتفق مع السجع في وظيفته على رتابة النثر الاعتيادي التنبيه بتحقق شرط (أبو هلال العسكري) بأن يسلم من التكلف ويبرأ من التعسف ويسمح بمرور المعاني مقرونة بالمباني فتخترق الآذان وتصل إلى الوجدان فتسمو الأفهام.
والتقسيم الذي يتمثل في التقطيع ويقصد به تقطيع ألفاظ البيت الواحد من الشعر إلى أقسام تمثل تفعيلاته العروضية أو إلى مقاطع متساوية في الوزن ويسمى التقسيم حينئذ (التقسيم بالتقطيع) ومن أمثلة ذلك، وهو من بحر الطويل قول المتنبي:
فَيا شَوقِ ما أَبقى وَيالي مِنَ النَوى = وَيا دَمعِ ما أَجرى وَيا قَلبِ ما أَصبى
فقد جاء المتنبي بهذا البيت مقسما على تقطيع الوزن كل لفظتين ربع بيت.
ومنه، وهو من بحر البسيط، قول المتنبي أيضا:
للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا = والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا
فقد جاء البيت مقسما مقطعا إلى أربعة مقاطع متساوية في الوزن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[هاني السمعو]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 01:26 م]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 03:53 م]ـ
جزاك الله كل خير
أهلا وسهلا ومرحبا
وعلى الرحب والسعة(/)
من قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ......... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 04 - 2008, 08:22 م]ـ
من قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)
قوله تعالى: (يا أهل الكتاب): نداء البعيد هنا يدل على غفلة المخاطَب، وأي غفلة أعظم من غفلة المُثَلِث عن التوحيد؟!!!.
و: "أهل الكتاب": عام يشمل أصحاب الكتابين: اليهود والنصارى، أريد به في هذا الموضع: خاص، وهو: أهل الكتاب الثاني: النصارى، ففي النداء: تجريدٌ للخطاب وتخصيصٌ له بالنصارى زجراً لهم عما هم عليه من الكفر والضلال، كما يقول أبو السعود رحمه الله.
قوله تعالى: (ولا تقولوا على الله إلا الحق):
ضمن الفعل: "قال" معنى الفعل: "ادعى"، فتقدير الكلام: لا تدعوا على الله إلا الحق، والتضمين باب واسع في لغة العرب في الأفعال وفي الحروف على قول بعض النحاة، ومن المحققين من قال بأن التضمين في الأفعال أولى من التضمين في الحروف عند اجتماعهما، كما في قوله تعالى: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا)، فالقول بتضمين الفعل: "يشرب" معنى الفعل: "يروى" أول من تضمين الباء في: "بها" معنى حرف الجر: "من"، فالسياق يحتمل كليهما: عينا يروى بها عباد الله، و: عينا يشرب منها، ووجه ترجيح الوجه الأول على الثاني أن فيه زيادة معنى، فالري: شرب وزيادة، بخلاف الشرب فلا يدل بمادته على الري، فكل ري شرب ولا عكس، وتضمين "يشرب" معنى "يروى" فيه تأسيس فائدة جديدة، بخلاف تضمين الباء معنى "من"، فلا جديد فيه، وقد تقرر أن الكلام إذا دار بين التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أولى، مع أن في التوكيد فائدة جديدة ولكنها تابعة للمعنى الأول فلا تفيد معنى مستقلا، فكيف إذا كان مقابل التأسيس أصل المعنى بلا توكيد، فلا فائدة ولو تابعة فيه، وإنما سيق لمجرد تقرير المعنى الأصلي.
قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ):
قصر المسيح عليه الصلاة والسلام على صفة الرسالة، وهو: قصر قلب إضافي: لأنه يقلب اعتقاد القوم في المسيح عليه الصلاة والسلام، فليس قصرا حقيقيا، لأن المسيح صلى الله عليه وسلم ليس رسول الله فقط، وإنما له من الصفات غير صفات الرسالة ما يشاركه فيها بقية البشر، كسائر صفات الذات والأفعال البشرية.
ونسبه إلى أمه: مريم البتول، عليها السلام، إمعانا في إثبات بشريته في مقابل من ادعى أنه: الله، أو: ابن الله، تعالى الملك الحق عما يقولون علوا كبيرا.
ومثله القصر في قوله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ):
فهو قصر قلب في مقابل ادعاء من غلا في المسيح عليه الصلاة والسلام.
فالقصر هنا كالقصر في قوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)، فإن القصر هنا ليس حقيقيا بدليل ورود نصوص أخرى في الكتاب والسنة فيها زيادة محرمات على المذكورات في الآية، كـ:
قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وحديث ابن عباس، رضي الله عنهما، مرفوعا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ)، و "أل" في: "الطير" جنسية تفيد استغراق ما دخلت عليه بدليل مقابلتها الجمع المحلى بـ: "أل" في "السباع"، فدل المتقدم على المتأخر، فضلا عن كون "من" الداخلة عليه لبيان: "الجنس" ففيها، أيضا، معنى العموم، فتقدير الكلام: ونهى عن كل ذي مخلب من جنس الطيور، في مقابل نهيه عن كل ذي ناب من جنس السباع.
الشاهد أن هذه النصوص قد أثبتت محرمات أخرى، فدل ذلك على أن الحصر في الآية غير حقيقي، وإنما هو أيضا: قصر قلب إضافي، ليقلب اعتقاد القوم استحلال المذكورات، فتقدير الكلام: لا حرام إلا ما أحللتموه، بغض النظر عن بقية المحرمات، بمنزلة من قيل له: لا تأكل اليوم حلاوة، فرد متحديا: لا آكل اليوم إلا حلاوة، فلا يقصد بقوله هذا اقتصاره عليها، وإنما يقصد قلب اعتقاد المتكلم بفعل نقيضه، وإلى ذلك أشار الزركشي، رحمه الله، في "البرهان" بقوله:
"ومن الفوائد أيضا، (أي: من فوائد معرفة أسباب النزول): دفع توهم الحصر. قال الشافعي ما معناه: في معنى قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما ....... ) الآية، إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم فكأنه قال لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة فكأنه قال لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والذم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل قال إمام الحرمين، (أبو المعالي الجويني رحمه الله): وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجير مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته الآية". اهـ بتصرف يسير من "البرهان"، (1/ 23، 24).
وقد يقال من جهة ثانية بأن صيغة الفعل الماضي: "أوحي" ترفع الإشكال ابتداء، بناء على أن آية الأنعام الحاصرة: مكية، فيكون المعنى: قل لا أجد فيما أوحي إلي حتى الآن محرما ....... ، ولا يمنع ذلك ورود التحريم على أعيان أخرى، لاسيما إذا ورد في آية مدنية متأخرة كآية المائدة، فتكون الصورة: زيادة في النص، وهي نسخ باصطلاح المتقدمين الذين يطلقون النسخ على التخصيص والتقييد والزيادة ......... إلخ، وليست نسخا لتحريم الأعيان الواردة في آية الأنعام عند المتأخرين، لأنه لم يتعرض له بإبطال، وإنما زاد عليه تحريم أعيان أخرى.
وقد يقال من جهة ثالثة بأن آية الأنعام قد دلت على إباحة ما سوى المحصور بدلالة: المفهوم المستفاد من الحصر، فقصر التحريم على أشياء بعينها يدل على إباحة ما سواها، بينما آية المائدة والحديث يدلان على تحريم غيرها بدلالة: المنطوق الصريح، والمنطوق يقدم على المفهوم عند حصول التعارض بينهما لأن دلالته أقوى، فهو بمنزلة النص في محل النزاع.
ومثلها القصر في قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)، فهو قصر موصوف على صفة، إذ قصر المسيح عليه الصلاة والسلام، مرجع ضمير الغائب: "هو" على صفة العبودية التي دل عليها لفظ: "عبد"، ولما كان الرد في هذا الموضع على من ضرب المثل بقوله: (أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ)، جاء الرد نصا في محل النزاع، فأثبت للمسيح، عليه الصلاة والسلام، نقيض الألوهية: العبودية، بأقوى أساليب الحصر: النفي والاستثناء، ولا يعني ذلك قصر صفات المسيح عليه الصلاة والسلام على صفة العبودية فقط، بل له من الصفات غيرها، وإن كانت العبودية الخاصة: عبودية الانقياد والمحبة، أشرف ما وصف به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وقد وصف الله، عز وجل، نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعبودية في أشرف المقامات، كما في:
قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ).
فوصفه بالعبودية التامة في أشرف المنازل: الإسراء والوحي.
ووصف داوود، عليه الصلاة والسلام، بقوله: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
ووصف أيوب، عليه الصلاة والسلام، بقوله: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ).
ووصف نوحا، عليه الصلاة والسلام، بقوله: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ).
فحيث كانت القوة في الدين والرجوع إلى الله عز وجل، ودعاؤه لرفع الضر، والانتصار ممن كذب الرسالة، فثم وصف العبودية: أكمل أوصاف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وهذا القصر بخلاف القصر في نحو قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، فهو قصر إضافي، أيضا، لأن صفات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليست مقصورة على صفة الرسالة فقط، على التفصيل السابق في حق المسيح عليه الصلاة والسلام، ولكنه ليس قصر قلب، لأن لازم ذلك أن الصحابة، رضي الله عنهم، كانوا منكرين لرسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقلبت الآية اعتقادهم، ولا أفسد من هذا اللازم، بل هو قصر: "إفراد"، لأنهم اعتقدوا في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الرسالة والبقاء، فأفرده الله، عز وجل، بالأولى دون الثانية، وفي التنزيل: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ)، وفي حديث عمر رضي الله عنه: (ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا)، أي: سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها.
ومثله قوله تعالى: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ)، وقوله تعالى: (وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ)، فهو قصر إضافي من جهة: البلاغ والإنذار، فلا يعني: قصر صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليهما، فهو: نبي، مرسل، مبلغ، نذير، بشر، زوج، أب، حاكم، قائد ......... إلخ.
وغالبا ما يكون هذا القصر في معرض إبطال دعوى سابقة، كما في قوله تعالى: (وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ)، فهو رد على قولهم: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ)، فالآيات هي: المعجزات كعصا موسى وناقة صالح، فجاء الرد بـ:
قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا الايات عِندَ الله): وهو قصر حقيقي، على بابه، فالمعجزات لا يجريها على أيدي الرسل، عليهم الصلاة والسلام، إلا مرسِلهم تبارك وتعالى.
و: (وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ)، وهو: قصر إضافي على التفصيل المتقدم.
قوله تعالى: (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ):
إضافة الكلمة إلى الله، عز وجل، من باب: إضافة الصفة إلى الموصوف، لا المخلوق للخالق، لأن كلمة الله، عز وجل، الشرعية، أو الكونية، وهي المقصودة في هذا السياق صفة من صفاته العلى، والصفة فرع على الموصوف، فكما أن ذاته القدسية غير مخلوقة، فكذا صفاته القائمة بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالله، عز وجل، خلق عيسى عليه الصلاة والسلام بكلمته الكونية: "كن"، وإطلاق المصدر على المفعول أمر جار في لغة العرب، كما في قوله تعالى: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)، أي: هذا مخلوقه، فأطلق المصدر على المفعول، وهذا ما يعرف بـ: "تبادل الصيغ"، وهو باب واسع في لغة العرب، إذ قد تأتي الصيغة دالة على معنى صيغة أخرى، فتأتي: "فعول" دالة على "فاعل"، كما في: "غضوب" و "صبور" فيستوي فيها المذكر والمؤنث، وتأتي "فعيل" دالة على "فاعل" كما في: "كريم" فتلحقها تاء التأنيث، وتأتي، أيضا، بمعنى "مفعول" كما في: "جريح" و "قتيل" فيستوي فيها المذكر والمؤنث .......... إلخ.
وإلى ذلك أشار شيخ الإسلام، رحمه الله، بقوله:
"ثم نقول أيضا: أما قوله: (وكلمته)، فقد بين مراده أنه خلقه بـ: "كن" وفي لغة العرب التي نزل بها القرآن أن يسمى المفعول باسم المصدر فيسمى المخلوق خلقا لقوله هذا خلق الله ويقال درهم ضرب الأمير أي مضروب الأمير ولهذا يسمى المأمور به أمرا والمقدور قدرة وقدرا والمعلوم علما والمرحوم به رحمة كقوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}، "أي: مأموره، وكذا في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)، أي: من مأموره، فهي مخلوقة بأمره الكوني فأطلق المصدر على المفعول المخلوق".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ويقول للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي". وقال: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مئة رحمة أنزل منها رحمة واحدة فيها يتراحم الخلق ويتعاطفون وأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة فإذا كان يوم القيامة جمع هذه إلى تلك فرحم بها الخلق".
ويقال للمطر هذه قدرة عظيمة ويقال: غفر الله لك علمه فيك أي معلومه فتسمية المخلوق بالكلمة كلمة من هذا الباب"
بتصرف من "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، (2/ 339).
فليس بمستنكر في كلام العرب التي نزل بها الوحي: الإتيان بالمصدر دالا على المفعول، ولغة العرب فيصل في مثل هذه المواضع المشتبهة.
والكلمة التكوينية غير المخلوقة لا تحل أو تتحد بجسد مخلوق كما زعم المبطلون، لأن صفات الله، عز وجل، لا تتجسد في صور مخلوقة، وإلا لزم من ذلك فناؤها، لأن كل مخلوق فان، مصداق قوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)، وفناء الصفة دال على فناء الموصوف، فهل يقول عاقل: عن ذات الله، عز وجل، القدسية، المتصفة بكل كمال مطلق، أنها: تفنى كذوات الخلق؟!!!.
ولذا أنكر أهل السنة على المعتزلة قولهم بتجسد كلام الله، عز وجل، موسى عليه الصلاة والسلام في شجرة، فنفس اللازم يلزمهم، لأن الشجرة، أيضا، مخلوقة، بل قولهم أقبح من جهة أن تجسد الكلمة في صورة المسيح عليه الصلاة والسلام، وإن كان باطلا، إلا أنه أشرف من تجسدها في صورة شجرة، لأن ذات المسيح، عليه الصلاة والسلام، أشرف من ذات الشجرة.
وإطلاق الكلمة هنا على المسيح عليه الصلاة والسلام من باب: "إطلاق السبب وإرادة المسبَب"، وهو أمر، جار في لغة العرب، ورد به التنزيل في نحو:
قوله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ)، فأطلق سبب الحدث، وهو: "أكل الطعام"، وهو من عوارض النقص البشرية التي لا تليق بالخالق، عز وجل، وأراد مسبَبه، وهو: الحدث، ففي كليهما من النقص والحاجة ما يتنزه عنه الرب، جل وعلا، الغني بنفسه المغني لسواه، مصداق قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).
(يُتْبَعُ)
(/)
فكنى عما يستقبح ذكره، وهو أمر، أيضا، جار في لغة العرب، فقد أطلقوا لفظ: "الغائط" على الخارج، مع أنه في اللغة: الأرض المطمئنة التي كان العرب يرتادونها لقضاء حوائجهم، وأطلقوا لفظ: "العذرة" على الخارج، أيضا، مع أنه في اللغة: فِناء الدار لأنهم كانوا يلقون فيه فضلاتهم، فأطلق المحل فيهما وأريد الحال استقباحا لذكره صراحة.
ومنه الكناية عن الجماع وأمور النساء بـ: "الملامسة" و "الغشيان" و "المباشرة" و "الإتيان".
ومنه قول عائشة رضي الله عنها: (وكنت لا أصلي)، كناية عن الحيض المانع من الصلاة.
ومن إطلاق السبب وإرادة المسبب:
قول الشاعر:
أكلت دما إن لم أرعك بضرة ******* بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
فأطلق السبب: "الدم"، وأراد مسبَبَه: "الدية"، فهو يتوعدها بذلك إن لم يرعها بضرة، كنى عن طول عنقها، ببعد مهوى قرطها، طيب ريحها، وفي ذكر محاسن الضد تعريض بالضد الآخر.
ومنه قولك: ما زلنا نطأ السماء:
أي: الطين والعشب، لأنهما مسببان عن نزول المطر، فأطلق السبب: "المطر"، وأراد مسبَبَه: "الطين والعشب"، وإليه أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله:
"ويسمى الطين والكلأ أيضا سماء، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم. يريدون الكلأ والطين". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 218).
وقول الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم ******* رعيناه وإن كانوا غضابا
أي: إذا نزل ماء السماء بأرض قومه رعينا مسبَبَه: العشب، وإن كانوا غضابا.
فالهاء في: "رعيناه" ترجع على لفظ "السماء" دون معناه في الشطر الأول، فهي راجعة على مذكور لفظا، غير مذكور معنى، لأنه أراد معنى آخر غير المقصود في الشطر الأول، فهو:
في الأول: السبب "المطر"، فإطلاق السماء عليه مجاز علاقته "المحلية"، إذ أطلق المحل وأراد الحال فيه، وهو الماء الذي يحمله السحاب.
وفي الثاني: المسَبَب "العشب"، فإطلاق السماء عليه مجاز علاقته "السببية" كما تقدم.
واستعمال اللفظ المشترك بين معنيين على هذه الصورة يسميه البلاغيون: "الاستخدام"، إذ استخدم في كل شطر بأحد معنييه.
ومن ينكر وقوع المجاز في لغة العرب، فإنه يقول بأن جريان هذا الأمر في لغة العرب دليل على أنه حقيقة، لأن اللفظ إذا اطرد استعماله في اللغة لغير ما وضع له، صار حقيقة عرفية، والحقيقة العرفية مقدمة على الحقيقة اللغوية فضلا عن المجاز، والقائلون بالمجاز يسلمون بذلك، لأن الحقيقة العرفية عندهم: مجاز مشتهر يقدم على الحقيقة اللغوية.
الشاهد أن مؤدى كلا القولين: يرجح كون المسيح، عليه الصلاة والسلام، مخلوقا بالكلمة التكوينية: "كن"، ولا يقال بأنها الخالقة، لأن الصفة لا تخلق، كما أن الصفة لا تدعى من دون الله، فلا يقال: يا كلمة الله أنقذيني، وإن جاز التوسل بها، كما في حديث: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)، ولم يقل: يا رحمة الله أغيثيني، وإنما توسل بها إلى الله، عز وجل، ليغيثه.
وقد جاء ذكر "الكلمة" في سياق الإثبات، فتفيد الإطلاق، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)
والمطلق، كما تقرر في الأصول: قسم من أقسام الخاص، فلا يدل على عموم الكلمات، وإنما يدل على كلمة واحدة، وهي الكلمة التكوينية: "كن" التي خلق بها عيسى عليه الصلاة والسلام، وإلى ذلك أشار شيخ الإسلام، رحمه الله، بقوله:
"وذلك أن الله تعالى قال: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} سورة آل عمران.
ففي هذا الكلام وجوه تبين أنه مخلوق وليس هو ما يقوله النصارى منها: أنه قال: (بكلمة منه)، وقوله: (بكلمة منه): نكرة في الإثبات تقتضي أنه كلمة من كلمات الله ليس هو كلامه كله كما يقول النصارى". اهـ
"الجواب الصحيح"، (2/ 337، 338).
قوله تعالى: (وروح منه):
(يُتْبَعُ)
(/)
من: لابتداء الغاية، أي: روح من الأرواح التي ابتدأ الله، عز وجل، خلقها، وإنما خصت بالذكر، تشريفا، فالإضافة هنا على عكس الإضافة في: (كلمته)، فهي: إضافة مخلوق إلى خالق، كالإضافة في نحو:
قوله تعالى: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً).
وحديث عقبة بن عامر، رضي الله عنه، وفيه: (نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وإضافة التشريف، أيضا، أمر جار في لغة العرب، فيقول الملك معظما شأن رسوله: هذا رسولي، ولا يقصد بذلك أنه صفة من صفاته، وإنما أضافه إليه على جهة التشريف، ولله المثل الأعلى.
وإلى أقسام الإضافة إلى الله، عز وجل، أشار ابن أبي العز الحنفي، رحمه الله، بقوله:
"فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُضَافَ إلى الله تعالى نَوْعَانِ:
صِفَاتٌ لَا تَقُومُ بِأَنْفُسِهَا، كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَة وَالْكَلَامِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، فهذه إِضَافَة صِفَة إلى الْمَوْصُوفِ بِهَا، فَعِلْمُه وَكَلَامُه وَقُدْرَتُه وَحَيَاتُه صِفَاتٌ له، وَكَذَا وَجْهُه وَيَدُه سبحانه.
والثاني: إِضَافَة أَعْيَانٍ مُنْفَصِلَة عنه، كَالْبَيْتِ وَالنَّاقَة وَالْعَبْدِ وَالرَّسُولِ وَالرُّوحِ، فهذه إِضَافَة مَخْلُوقٍ إلى خَالِقِه، لَكِنَّهَا إِضَافَة تَقْتَضِي تَخْصِيصًا وَتَشْرِيفًا، يَتَمَيَّزُ بِهَا الْمُضَافُ عَنْ غيره". اهـ
"شرح الطحاوية"، ص380، 381.
ويلزم من قال بأن "من" في قوله تعالى: (وروح منه) للتبعيض أن يطرد القول في نحو:
قوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)
وقوله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)، ولا أفسد من هذا اللازم.
وإلى ذلك أشار شيخ الإسلام، رحمه الله، بقوله:
"وقوله: "بروح منه" لا يوجب أن يكون منفصلا من ذات الله كقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ}، وقوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}، وقال: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}.
فهذه الأشياء كلها من الله وهي مخلوقة وأبلغ من ذلك روح الله التي أرسلها إلى مريم وهي مخلوقة.
فالمسيح الذي هو روح من تلك الروح أولى أن يكون مخلوقا قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} ". اهـ بتصرف يسير.
وابتداء الغاية: أشهر استعمالات "من" حتى قال بعض النحاة بأن كل استعمالاتها إنما ترجع إليه، كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، في "مغني اللبيب".
قوله تعالى: (انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ):
إيجاز بحذف ما دل السياق عليه، فتقدير الكلام: انتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم، فَحَذَف كان واسمها، وهو أمر استعملته العرب في كلامها، لاسيما بعد: "إن"، و "لو"، كما في:
قوله عليه الصلاة والسلام في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: (الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)، أي: ولو كان ملتمسك خاتما من حديد.
وقول الشاعر:
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا ******* فما اعتذارك من قول إذا قيلا.
أي: إن كان ما قيل صدقا، أو: إن كان كذبا.
وإلى ذلك أشار ابن مالك، رحمه الله، بقوله:
ويحذفونها ويبقون الخبر ******* وبعد "إن" و "لو" كثيرا ذا اشتهر
وإلى حذف ما يعلم أشار ابن مالك، رحمه الله، أيضا، بقوله:
وحذف ما يعلم جائز كما ******* تقول "زيد" بعد "من عندكما"
قوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ):
(يُتْبَعُ)
(/)
قصر إضافي آخر، لقلب اعتقاد القوم في التثليث، فليست صفات الله، عز وجل، محصورة في الألوهية فقط، فهو: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .......... إلخ من صفات الكمال المطلق.
وإنما خص الألوهية بالذكر هنا لأنها محل النزاع بين الموحد والمثلث.
قوله تعالى: (سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)
إيغال في تقرير إفراد الله، عز وجل، بالألوهية، كما في قول الخنساء، رضي الله عنها، ترثي أخاها صخرا:
وإن صخرا لتأتم الهداة به ******* كأنه علم في رأسه نار
فالمعنى الأصلي قد تم بقولها: "كأنه علم"، ولكنه أوغلت في تقرير ذلك بقولها: "في رأسه نار"، فالجبل بارز، فما ظنك إن كان في رأسه نار موقدة، أفلا يكون هاديا تأتم الهداة به؟!
فالمعنى الأصلي قد تقرر بقوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ)، فزيد في تقريره بتنزيه الله، عز وجل، عن اتخاذ الولد، لما فيه من الحاجة والافتقار، وهو يدل على نفي اتخاذ الصاحبة من باب: انتفاء الملزوم بانتفاء لازمه، فذكر أحدهما وسكت عن الآخر لدلالة المذكور على المحذوف، وهذا، أيضا، من أوجه الحذف البليغ في لغة العرب.
ويمكن جعل هذا، أيضا، من: "التذييل" إذ ذكر بعد تقرير الألوهية، عدة جمل مؤكدة لمعناها.
قوله تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ):
حصر وتوكيد بتقديم ما حقه التأخير، و: "ما" نص في العموم، و "أل" في: "السماوات" و "الأرض" جنسية تفيد الاستغراق، وسبق بيان ذلك عند الكلام على آية الكرسي.
قوله تعالى: (وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا):
توكيد بزيادة الباء في فاعل "كفى" وهو أمر مطرد في لغة العرب، وإن ورد السماع قليلا بحذفها، كما في قول سحيم بن وثيل الرياحي:
عميرةَ ودع إن تجهزت غازيا ******* كفى الشيبُ والإسلامُ وازعا.
والله أعلى وأعلم.(/)
سؤال أتمنى أن أجد الإجابة عليه .. ؟
ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[19 - 04 - 2008, 04:28 ص]ـ
السلام عليكم .. في كتاب الكافي في العروض والقوافي .. ذكر التبريزي في نهاية كتابه قسم للبلاغة .. وذكر [المواربة] .. ثم ذكر ثلاثة أو أربعة أمثلة .. أريد منكم أمثلة جديدة وكثيرة .. ولو كان هناك رابط يجمع هذه الأمثلة .. جزاكم الله خيرا .. :)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 11:33 م]ـ
المواربة في اللغة: المخادعة والمخاتلة.
وفي الاصطلاح: أن يقول المتكلّم قولاً يتضمّن ما يُنكَر عليه به، فإذا وُجِّه له الإنكار استحضر بحذقه وجهاً من الوجوه يتخلّص به، إمّا بحمل الكلمة على أحد معانيها، أو بتحريفها، أو بتصحيفها، أو نحو ذلك.
أمثلة:
- قول يهود عند السلام: السَّام عليكم، يُوهمون أنّهم يقولون: السلام عليكم، وهم يقصدون: الموت، لأنّ السّام الموت.
- ومنها حين أمر الله تعالى يهود على لسان نبي من أنبيائهم أن يدخلوا باب القرية سُجَّداً ويقولوا: حطَّة، بمعنى: اللَّهم احطط عنّا خطيئاتنا، حرّفوا الكلمة وواربوا فيها، وقصدوا معنى غير الذي طُلب منهم.
- ومنها قوله تعالى ? (ارجعُوْا إلى أبيكُم فقولواْ يا أبانا إن ابنَك سرَقَ) [يوسف: 81]، فإنّ بعض العلماء قرأها (سُرِّق) تنزيهاً للنبي الكريم عن السرقة.
- ومنها قول عتبان الحروري حين أنكر عليه عبد الملك بن مروان قوله ?
فإن يكُ منكم كان مروان وابنه ... وعمرو ومنكم هاشم وحبيبُ
فمِنا الحُصَين والبطين وقُعنب ... و مِنا أميرُ المؤمنين شبيبُ
قال: إنّما قصدت نداءاً لك يا أمير المؤمنين، أي: أنّه قلب الضمة فتحة
(لتكون: "أمير المؤمنين" منادى، كي يستقيم له هذا المعنى ..
- ومنها قول أبي نواس:
لقد ضاع شعري على بابكم ... كما ضاع عقدٌ على خالصه
فلمّا أنكر عليه (الرشيد) ذلك، قال أبو نواس: لم أقل إلا
لقد ضاء شعري على بابكم ... كما ضاء عقد على خالصه
ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 06:07 ص]ـ
شكرا أخي الكريم على الرد الجميل .. :)(/)
القول في "التحيات لله" مثل القول في "الحمد لله"
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 11:59 ص]ـ
:::
القول في "التحيات لله" مثل القول في "الحمد لله"
قال تعالى:
الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الفاتحة 2)
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (أنعام 45)
... وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (يونس 10)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الصافات 182)
... وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الزمر 75)
... فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (غافر 65)
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من لم يحمد الناس لم يحمد الله".
فاللفظ المختص به الله سبحانه وتعالى هو "الحمد لله"، لكن اختصاص الله عز وجل بهذه العبارة لا يمنع أن يحمد الناس بعضهم بعضا كما يتبين من الحديث الشريف الذي ورد بألفاظ أخرى إذ روى الترمذي وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله وفي لفظ لأحمد وأبي داود وابن حبان: لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
ولا يخفى على أي لغوي أن القول في "التحيات لله" هو مثل القول في "الحمد لله".
لقد تعرض الدكتور فاضل السامرائي في لمساته البيانية لشرح البلاغة والبيان في عبارة "الحمد لله"، وأعتقد أن ما أورده الدكتور الفاضل السامرائي بخصوص هذه العبارة ينطبق في معظمه على عبارة "التحيات لله" أيضا.
ومن شرح الدكتور السامرائي الذي أقتبسه بأدناه للفائدة نفهم قياسا أن العبارات مثل تحيتي وتحياتي تختص بالمتكلم، في حين أن عبارة "التحيات لله" مطلقة لا تختص بفاعل معين، فالتحيات له سبحانه وتعالى على وجه الإطلاق والخصوص.
فمن قال "تحيتي" أو "تحياتي" فإنما يخبر عن تحياته هو بغض النظر عن كون المخاطب مستحقا للتحية أو غير مستحق، في حين إذا قلنا "التحيات لله" فإن ذلك يفيد استحقاق الله للتحيات.
وأضيف قياسا إن عبارة "تحيتي" أو "تحياتي" ترتبط بزمن معين لأن لها دلالة زمنية معينة بحكم ارتباطها بالمتكلم الفاني، ولأن أقصى ما يستطيع المتكلم أن يفعله من التحية مرتبط بعمره، ولا يكون قبل ذلك ولا بعده، بينما "التحيات لله" مثل "الحمد لله" لا ينبغي أن تنقطع ولا أن تحد بفاعل أو بزمان، وهي عبارة مطلقة غير مقيدة بزمن معين ولا بفاعل معين فالتحية فيها مستمرة غير منقطعة مثلما هو الأمر في "الحمد لله".
وقياسا على ما جاء في تفسير الرازي بخصوص "الحمد لله" يمكننا أن نقول إن قول أحدهم "تحيتي" أو "تحياتي" يفيد كون القائل قادرا على التحية، أما قوله "التحيات لله" فيفيد أن "التحيات لله" بغض النظر عن قدرة قائل العبارة، لأن "التحيات لله" من الأزل إلى الأبد سواء أقيلت هذه العبارة أم لا. والعبارة بهذا الشكل تدل على الثبات والاستمرار.
وقياسا أيضا يمكننا أن نقول إن عبارة "التحيات لله" بهذا الشكل مثلها مثل عبارة "الحمد لله" تفيد أن التحيات حق لله وملك له، وأنه المستحق للتحيات لذاته كما هو مستحق للحمد لذاته "بسبب كثرة أياديه وأنواع آلائه على العباد".
وهناك أيضا فرق التعريف بـ "ال التعريف"، فالتعريف يفيد ما لا يفيده التنكير ذلك أن "أل" قد تكون لتعريف العهد فيكون المعنى: أن التحيات المعروفة بينكم هي لله، وقد يكون لتعريف الجنس على سبيل الاستغراق فيدل على استغراق التحيات كلها. وعلى هذا يكون المعنى: أن التحيات المعروفة بينكم هي كلها لله على سبيل الاستغراق والإحاطة.
إن اللفظ المختص بالله سبحانه وتعالى هو لفظ "التحيات لله" فقط، لذلك يَجوز أن يقول الإنسان لآخر: "مع تحياتي" أو "مع تحيتي" من دون نسبة التحيات إلى أحد غير الله، ومن دون فتوى، ومن دون خلط للشرعي باللغوي.
والله أعلم.
منذر أبو هواش
مقتطفات من موضوع "لمسات بيانية في سورة الفاتحة" للدكتور فاضل السامرائي:
معنى الحمد: الثناء على الجميل من النعمة أو غيرها مع المحبة والإجلال، فالحمد أن تذكر محاسن الغير سواء كان ذلك الثناء على صفة من صفاته الذاتية كالعلم والصبر والرحمة أم على عطائه وتفضله على الآخرين. ولا يكون الحمد إلا للحي العاقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا أشهر ما فرق بينه وبين المدح فقد تمدح جمادا ولكن لا تحمده؛ وقد ثبت أن المدح أعم من الحمد. فالمدح قد يكون قبل الإحسان وبعده؛ أما الحمد فلا يكون إلا بعد الإحسان، فالحمد يكون لما هو حاصل من المحاسن في الصفات أو الفعل فلا يحمد من ليس في صفاته ما يستحق الحمد؛ أما المدح فقد يكون قبل ذلك فقد تمدح إنساناً ولم يفعل شيئا من المحاسن والجميل ولذا كان المدح منهياً عنه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"احثوا التراب في وجه المداحين" بخلاف الحمد فإنه مأمور به فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من لم يحمد الناس لم يحمد الله".
وبذا علمنا من قوله: الحمد لله" أن الله حي له الصفات الحسنى والفعل الجميل فحمدناه على صفاته وعلى فعله وإنعامه ولو قال المدح لله لم يفد شيئا من ذلك، فكان اختيار الحمد أولى من اختيار المدح.
ولم يقل سبحانه الشكر لله لأن الشكر لا يكون إلا على النعمة ولا يكون على صفاته الذاتية فانك لا تشكر الشخص على علمه أو قدرته وقد تحمده على ذلك وقد جاء في لسان العرب "والحمد والشكر متقاربان والحمد أعمهما لأنك تحمد الإنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته. فكان اختيار الحمد أولى أيضاً من الشكر لأنه أعم فانك تثني عليه بنعمه الواصلة إليك والى الخلق جميعا وتثني عليه بصفاته الحسنى الذاتية وان لم يتعلق شيء منها بك. فكان اختيار الحمد أولى من المدح والشكر.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنه قال: الحمد لله ولم يقل أحمد الله أو نحمد الله وما قاله أولى من وجوه عدة:
إن القول " أحمد الله " أو " نحمد الله " مختص بفاعل معين ففاعل أحمد هو المتكلم وفاعل نحمد هم المتكلمون في حين أن عبارة "الحمد لله" مطلقة لا تختص بفاعل معين وهذا أولى فإنك إذا قلت " أحمد الله " أخبرت عن حمدك أنت وحدك ولم تفد أن غيرك حمده وإذا قلت " نحمد الله " أخبرت عن المتكلمين ولم تفد أن غيركم حمده في حين أن عبارة "الحمد لله" لا تختص بفاعل معين فهو المحمود على وجه الإطلاق منك ومن غيرك.
وقول " أحمد الله " تخبر عن فعلك أنت ولا يعني ذلك أن من تحمده يستحق الحمد؛ في حين إذا قلت " الحمد لله" أفاد ذلك استحقاق الحمد لله وليس مرتبط بفاعل معين.
وقول " أحمد الله " أو " نحمد الله " مرتبط بزمن معين لأن الفعل له دلالة زمنية معينة، فالفعل المضارع يدل على الحال أو الاستقبال ومعنى ذلك أن الحمد لا يحدث في غير الزمان الذي تحمده فيه، ولا شك أن الزمن الذي يستطيع الشخص أو الأشخاص الحمد فيه محدود وهكذا كل فعل يقوم به الشخص محدود الزمن فإن أقصى ما يستطيع أن يفعله أن يكون مرتبطا بعمره ولا يكون قبل ذلك وبعده فعل فيكون الحمد أقل مما ينبغي فإن حمد الله لا ينبغي أن ينقطع ولا يحد بفاعل أو بزمان في حين أن عبارة "الحمد لله" مطلقة غير مقيدة بزمن معين ولا بفاعل معين فالحمد فيها مستمر غير منقطع.
جاء في تفسير الرازي أنه لو قال " احمد الله " أفاد ذلك كون القائل قادرا على حمده، أما لما قال "الحمد لله" فقد أفاد ذلك، أنه كان محمودا قبل حمد الحامدين وقبل شكر الشاكرين فهؤلاء سواء حمدوا أم لم يحمدوا فهو تعالى محمود من الأزل إلى الأبد بحمده القديم وكلامه القديم.
وقول "أحمد الله" جملة فعلية و"الحمد لله" جملة اسمية والجملة الفعلية تدل على الحدوث والتجدد في حين أن الجملة الاسمية دالة على الثبوت وهي أقوى وأدوم من الجملة الفعلية. فاختيار الجملة الاسمية أولى من اختيار الجملة الفعلية ههنا إذ هو أدل على ثبات الحمد واستمراره.
وقول "الحمد لله" معناه أن الحمد والثناء حق لله وملكه فانه تعالى هو المستحق للحمد بسبب كثرة أياديه وأنواع آلائه على العباد. فقولنا "الحمد لله" معناه أن الحمد لله حق يستحقه لذاته ولو قال "احمد الله" لم يدل ذلك على كونه مستحقا للحمد بذاته ومعلوم أن اللفظ الدال على كونه مستحقاً للحمد أولى من اللفظ الدال على أن شخصاً واحداً حمده.
(يُتْبَعُ)
(/)
والحمد: عبارة عن صفة القلب وهي اعتقاد كون ذلك المحمود متفضلا منعما مستحقا للتعظيم والإجلال. فإذا تلفظ الإنسان بقوله: "أحمد الله" مع أنه كان قلبه غافلا عن معنى التعظيم اللائق بجلال الله كان كاذبا لأنه أخبر عن نفسه بكونه حامدا مع انه ليس كذلك. أما إذا قال "الحمد لله" سواء كان غافلاً أو مستحضراً لمعنى التعظيم فإنه يكون صادقاً لأن معناه: أن الحمد حق لله وملكه وهذا المعنى حاصل سواء كان العبد مشتغلاً بمعنى التعظيم والإجلال أو لم يكن. فثبت أن قوله "الحمد لله" أولى من قوله أحمد الله أو من نحمد الله. ونظيره قولنا "لا اله إلا الله" فانه لا يدخل في التكذيب بخلاف قولنا "اشهد أن لا اله إلا الله" لأنه قد يكون كاذبا في قوله "أشهد" ولهذا قال تعالى في تكذيب المنافقين: "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" (المنافقون، آية 1)
فلماذا لم يقل " الحمدَ لله " بالنصب؟
الجواب أن قراءة الرفع أولى من قراءة النصب ذلك أن قراءة الرفع تدل على أن الجملة اسمية في حين أن قراءة النصب تدل على أن الجملة فعلية بتقدير نحمد أو احمد أو احمدوا بالأمر. والجملة الاسمية أقوى وأثبت من الجملة الفعلية لأنها دالة على الثبوت.
وقد يقال أليس تقدير فعل الأمر في قراءة النصب أقوى من الرفع بمعنى "احمدوا الحمد لله" كما تقول "الإسراع في الأمر" بمعنى أسرعوا؟ والجواب لا فإن قراءة الرفع أولى أيضاً ذلك لان الأمر بالشيء لا يعني أن المأمور به مستحق للفعل. وقد يكون المأمور غير مقتنع بما أمر به فكان الحمد لله أولى من الحمد لله بالنصب في الأخبار والأمر.
ولماذا لم يقل " حمداً لله "؟ الحمد لله معرفة بأل و" حمداً " نكرة؛ والتعريف هنا يفيد ما لا يفيده التنكير ذلك أن "أل" قد تكون لتعريف العهد فيكون المعنى: أن الحمد المعروف بينكم هو لله، وقد يكون لتعريف الجنس على سبيل الاستغراق فيدل على استغراق الأحمدة كلها. ورجح بعضهم المعنى الأول ورجح بعضهم المعنى الثاني بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لك الحمد كله" فدل على استغراق الحمد كله فعلى هذا يكون المعنى: أن الحمد المعروف بينكم هو لله على سبيل الاستغراق والإحاطة فلا يخرج عنه شيء من أفراد الحمد ولا أجناسه.
"الحمد لله" أهي خبر أم إنشاء؟ الخبر هو ما يحتمل الصدق أو الكذب والإنشاء هو ما لا يحتمل الصدق أو الكذب.
قال أكثر النحاة والمفسرين: أن الحمد لله إخبار كأنه يخبر أن الحمد لله سبحانه وتعالى، وقسم قال: أنها إنشاء لأن فيها استشعار المحبة وقسم قال: أنها خبر يتضمن إنشاء.
أحيانا يحتمل أن تكون التعبيرات خبرا أو إنشاء بحسب ما يقتضيه المقام الذي يقال فيه. فعلى سبيل المثال قد نقول (رزقك الله) ونقصد بها الدعاء وهذا إنشاء وقد نقول (رزقك الله وعافاك) والقصد منها أفلا تشكره على ذلك؟ وهذا خبر.
والحمد لله هي من العبارات التي يمكن أن تستعمل خبرا وإنشاء بمعنى الحمد لله خبر ونستشعر نعمة الله علينا ونستشعر التقدير كان نقولها عندما نستشعر عظمة الله سبحانه في أمر ما فنقول الحمد لله.
فلماذا لم يقل سبحانه " إن الحمد لله "؟ لا شك أن الحمد لله لكن هناك فرق بين التعبيرين أن نجعل الجملة خبراً محضا في قول الحمد لله (ستعمل للخبر أو الإنشاء) ولكن عندما تدخل عليه " إن " لا يمكن إلا أن يكون إنشاء، لذا فقول " الحمد لله " أولى لما فيه من الإجلال والتعظيم والشعور بذلك. لذا جمعت الحمد لله بين الخبر والإنشاء ومعناهما، مثلا نقول رحمة الله عليك (هذا دعاء) وعندما نقول إن رحمة الله عليك فهذا خبر وليس دعاء
من المعلوم انه في اللغة قد تدخل بعض الأدوات على عبارات فتغير معناها مثال: رحمه الله (دعاء)، قد رحمه الله (إخبار)، رزقك الله (دعاء)، قد رزقك الله (إخبار).
لماذا لم يقل سبحانه " لله الحمد "؟
الحمد الله تقال إذا كان هناك كلام يراد تخصيصه (مثال: لفلان الكتاب) تقال للتخصيص والحصر فإذا قدم الجار والمجرور على اسم العلم يكون بقصد الاختصاص والحصر (لإزالة الشك أن الحمد سيكون لغير الله)
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمد لله في الدنيا ليست مختصة لله سبحانه وتعالى، الحمد في الدنيا قد تقال لأستاذ أو سلطان عادل، أما العبادة فهي قاصرة على الله سبحانه وتعالى، المقام في الفاتحة ليس مقام اختصاص أصلاً وليست مثل (إياك نعبد) أو (إياك نستعين). فقد وردت في القران الكريم (فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين) الجاثية (لآية 36)
:)
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 09:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لا شك بكون التقاطعات هي الوسيلة المثلى لتحديد وتجسيد وتجسيم المفاهيم والمعاني في اللغة والفلسفة والعلوم الأدبية أو الأشكال والأبعاد في الهندسة والرياضيات والعلوم المادية.
في الهندسة لا يحدد البعد الواحد أي شيء، فهو عبارة عن الخط أو الطريق التي تسلكها نقطة ما بشكل ما، وإن المستوى الذي هو الشكل الأبسط من أشكال الهندسة والرياضيات والفيزياء لا يحدث إلا إذا تقاطع البعدان السيني والصادي في نقطة ما، وأما الأشكال المادية فلا يمكننا أن نفهمها أو أن نحدد ملامحها أو أن نتحدث عنها إلا إذا تقاطعت لدينا أبعاد ثلاثة هي الطول والعرض والارتفاع.
لقد أراد آينشتاين أن يفسر المفاهيم الكونية ويحددها فاكتشف الحاجة إلى استخدام البعد الرابع الذي هو الزمن.
عندما يفقد الإنسان إحدى عينيه فإنه يفقد القدرة على تحديد أبعاد الأشياء، لذلك فقد شاءت قدرة خالق الإنسان في أحسن تقويم أن تكون له عينان حتى يستطيع بتقاطع الصور أن يحدد أبعاد الأشياء، وأن يكون في ذهنه فكرة جيدة محددة عن أشكالها وأحجامها.
كذلك فإن الأمر هو نفسه بالنسبة إلى التقاطعات عبر اللغات أو بينها، فاللغة الواحدة تساعد الإنسان في تحديد المعاني والدلالات إلى حد ما، لكننا بوصفنا متعددي اللغة فإننا ندرك من خلال تجربتنا الشخصية أن قدرة الإنسان على تحديد المعاني تزداد بازدياد عدد اللغات التي يعرفها، وأنا – على سبيل المثال – حين يصعب علي أحيانا فهم شيء بلغة ما فإنني أبحث عن معناها في اللغة الأخرى، ومن الغريب أن اللغة الثانية كانت تكفي لتحديد المعنى والدلالة في معظم الأحيان والأحوال.
يروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قلنا: السلام على الله، السلام على فلان، السلام على فلان، فقال لنا: قولوا التحيات لله والصلوات الطيبات ... إلى آخر التشهد، فإنكم إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السموات والأرض.
هذا هو الأساس على وجه التحديد وإن تعددت الروايات. كان أصحاب رسول الله عندما يريدون الصلاة يستشعرون أنهم في حضرة الله فيعتقدون (وهم الموحدون العالمون بحق الله عز وجل) بوجوب تحيته والسلام عليه كما يسلمون على بعضهم (لكون السلام تحية) بقولهم: "السلام على الله" يعني " Peace upon Allah"،
ومع أن المعنى كان صحيحا من حيث القصد إلا أنه لم يكن صحيحا من حيث اللفظ، فهو لا يجوز لأن الله سبحانه وتعالى هو السلام ومنه السلام كما قال رسول الله عندما نهاهم عن قول ذلك تحديدا، وأمرهم بتحية الله عز وجل من خلال توجيه التحية والتعظيم إليه بالقول: "التحيات لله" أي " Greetings to Allah".
هذا هو كل شيء، وهذا هو ما حصل بالضبط، وهذا هو ما علمه رسول الله لصحابة رسول الله، قال لهم: "لا تقولوا: السلام على الله" بل قولوا: "التحيات لله"، وقد نفذ المسلمون أمر رسول الله، وما زالوا يقومون بتنفيذه حتى يومنا هذا، وإلى لحظتنا هذه.
وأما القول المنسوب إلى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بوجوب "توجيه التحية بصيغة المفرد وعدم توجيهها بصيغة الجمع بدعوى أن فيه إقرانا وشركا بالله عز وجل" ووجوب "قولنا تحيتي أو مع التحية بدلا من تحياتي أومع التحيات" فهو قول مكذوب لا أصل ولا صحة له قام بنشره أحدهم في الانترنت، ثم قام آخرون بنقله وترويجه والبناء عليه بشكل واسع من دون العمل على التحقق من مصدره أو التأكد من مدى صحته أو موافقته لما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولما ورد عمن جاء بعده من السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
وأما الشيخ العالم الجليل محمد بن عثيمين رحمه الله فقد سئل عن هذه المسألة غير مرة، وكانت إجاباته كما يلي:
1 - لا حرج أن يقول الشخص لآخر: لك تحياتي أو معتحياتنا ونحو ذلك من العبارات. وأما التحيات التي هي لله وحده، فهيالتحيات الكاملة العامة، كما في التشهد في الصلاة: (التحيات لله والصلواتوالطيبات) وأما التحية الخاصة من رجل لآخر فلا بأس بها.
2 - لا بأس أن تقول لفلان " أرجوك " في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به. وكذلك" تحياتي لك "، و " لك منى التحية "، وما أشبه ذلك لقوله تعالى: (وإذاحييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) النساء/86، وكذلك " أنعم صباحاً " و " أنعم مساءً " لا بأس به، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي.
3 - عبارة " لكم تحياتنا "، و " أهدي لكم تحياتي " ونحوهمامن العبارات: لا بأس بها، قال الله تعالى: (إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منهاأو ردوها) النساء/86. والتحية من شخصٍ لآخر جائزة، وأما التحيَّات المطلقةالعامة فهي لله، كما أن الحمد لله، والشكر لله، ومع هذا فيصح أن نقول " حمدتُفلاناً على كذا " و " شكرتُه على كذا "، قال الله تعالى (أن اشكُر لي ولوالديك) لقمان/14. والله أعلم.
والله أعلم، وبالله التوفيق،
منذر أبو هواش
:)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 12:10 ص]ـ
بارك الله فيكم أستاذنا الكريم منذر، وشكر لكم هذه المعاني الجميلة ..(/)
العدول في حروف المعاني مظهر من مظاهر الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 12:45 م]ـ
هذا بحث لي في جانب من جوانب الإعجاز البياني في القرآن الكريم، أسأل المولى عز وجل أن ينفع به، ويكتب الأجر لصاحبه.
http://www.bayan7.com/bayan888/modules/xfsection/article.php?articleid=114
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 07:44 ص]ـ
http://www.bayan7.com/bayan888/modules/xfsection/article.php?articleid=116(/)
سؤال
ـ[عزّي إيماني]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 03:30 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين
سادة الفصيح الكرام ... عندي تساؤل بسيط ..
ورد الفعل (يحب) في القرآن مقترنا بالـ (لا) في 23 موضعا
مثال
{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً}
(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
"وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ "
سؤالي .. : لغة: لا يحب أي يكره .. لماذا لم ينسب ذلك له عزووجل؟!!
و نحن نعلم بأن القرآن ليس من أسلوبه الإطالة حتى بحرف!!
ـ[عزّي إيماني]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 05:09 م]ـ
انسوا ما تقدم ظهر سؤال غيره.
أتمنى أن لا يلقى مصير سابقه من التجاهل .. ( ops
لماذا لم يذكر حرف العطف في هذه الأيات
" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ "
وتأملوا معي هنا
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ "
وهنا أيضا لدي استفسار
" غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ "
غافر الذنب وقابل التوب
فصل بينها بحرف عطف.
لكن ..
قابل التوب شديد العقاب ذي الطول
ذكرت بدون حرف عطف
ما هي أسرار حرف العطف في القرآن؟
هل يمكن تجاوز حرف العطف؟
والاستعاضة بذكر الصفات دون فاصل
مثال
سماء بلادي صافية ٌ مشرقة ٌ بهية ٌ << مجرد مثال: D
هل يصح القول
سماء بلادي صافية مشرقة وزرقاء بهية؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[27 - 04 - 2008, 11:07 م]ـ
الأخ الفاضل عزّي إيماني ..
إنّ لابن الزملكاني توجيهاً لطيفاً لحذف الواو وذكرها، فقد قال في تفسير قوله تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ ... الآية): عندي فيه وجه حسن وهو أنّ الصفات تارة تنسق بحرف العطف وتارة تذكر بغيره، ولكل مقام معنى يناسبه. فإذا كان المقام مقام تعداد صفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف. وإن أريد الجمع بين الصفتين أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف، وكذلك إذا أريد التنويع بعدم اجتماعهما أتي بالحرف أيضاً.
وفي القرآن الكريم أمثلة تبيّن ذلك، قال الله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)، فأتى بالواو بين الوصفين الأخيرين لأنّ المقصود بالصفات الأول ذكرها مجتمعة والواو قد توهم التنويع فحذفت، وأما الأبكار فلا يكنّ ثيّبات والثيّبات لا يكنّ أبكاراً، فأتى بالواو لتضاد النوعين.
وقال تعالى: (حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ)، فأتى بالواو في الوصفين الأولين وحذفها في الوصفين الأخيرين لأنّ غفران الذنب وقبول التوب قد يُظنّ أنّهما يجريان مجرى الواحد لتلازمهما، فمن غفر الذنب قبل التوب فبيّن الله سبحانه وتعالى بعطف أحدهما على الآخر أنّهما مفهومان متغايران ووصفان مختلفان يجب أن يُعطى كلّ واحد منهما حُكمه وذلك مع العطف أبين وأوضح.
وأما شديد العقاب وذو الطول فهما كالمتضادين، فإنّ شدة العقاب تقتضي إيصال الضرر والاتصاف بالطول يقتضي إيصال النفع فحذف ليعرف أنّهما مجتمعان في ذاته، وأنّ ذاته المقدّسة موصوفة بهما على الاجتماع فهو في حالة اتصافه بشديد العقاب ذو الطول وفي حال اتصافه بذي الطول شديد العقاب فحسن ترك العطف لهذا المعنى.
وفي هذه الآية التي نحن فيها يتضح معنى العطف وتركه مما ذكرناه لأنّ كل صفة مما لم ينسق بالواو مغايرة للأخرى والغرض أنهما في اجتماعهما كالوصف الواحد لموصوف واحد فلم يحتج إلى عطف. فلما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما متلازمان أو كالمتلازمين مستمدان من مادة واحدة كغفران الذنب وقبول التوب حسن العطف ليبين أنّ كل واحد معتدّ به على حدته قائم بذاته لا يكفي منه ما يحصل في ضمن الآخر، بل لا بدّ أن يظهر أمره بالمعروف بصريح الأمر ونهيه عن المنكر بصريح النهي، فاحتاج إلى العطف. وأيضا فلما كان النهي والأمر ضدين أحدهما طلب الإيجاد والآخر طلب الإعدام كانا كالنوعين المتغايرين في قوله تعالى (ثيبات وأبكارا) فحسن العطف بالواو. ا. هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزّي إيماني]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 06:29 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم وجزاك عني خير الجزاء واسكنك نزل الشهداء(/)
أيهما أبلغ وأفصح؟!
ـ[طالبة عربي]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 02:49 م]ـ
أباها
او
أبيها
او
ابوها
اتمنى الأجابه ( ops ..
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 03:02 م]ـ
ما هو السياق الذي وردت فيه؟
فبلاغة الكلمة لا تظهر إلا في كلام مركب، بخلاف الفصاحة فهي تظهر في اللفظ وفي الكلام المركب، كليهما، ومادة الكلمة: "أب" تستوي فيها الكلمات الثلاثة المذكورة، فلا وجه لتفضيل أحدها منفردة على بقيتها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[طالبة عربي]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 03:53 م]ـ
شكراً اخي الكريم ..
والسياق التي وردت فيه هكذا ..
العين أمُ لها و منديلي أبوها!
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 04:00 م]ـ
الأفصح: أبوها: لأنها اسم من الأسماء الخمسة، وموقعها من الإعراب: خبر مرفوع بعلامة الواو، علامة رفع الأسماء اللخمسة:
ويليها في الفصاحة: لغة القصر على الألف: ومنديلي أباها، فتكون مرفوعة بضمة مقدرة.
ويليها لغة النقص: ومنديلي أبُها: برفعها بضمة ظاهرة.
والله أعلى وأعلم.(/)
ما العلاقة يا ترى؟
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 04:34 م]ـ
قال الله تعالى: ((وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)) [النساء: 3]
فقد بدأت الآية بالحديث عن اليتامى ثم تحول الحديث فجأة عن النكاح في نفس الآية , فهل من سرٍ بلاغي؟
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 07:37 م]ـ
قال شيخنا العلامة الكبير محمود مشوِّح؛
(أبو طريف)، رحمه الله، وذلك
من خلال تفسيره لسورة النساء:
الله جلّ وعلا ينهى الأوصياء عن ذلك، لينزه العلاقة الزوجية عن شوائب الطمع وعلائق المادة المقيتة، فيوجه أنظار الأوصياء توجيهاً حكيماً، ولكن في نفس الوقت هو توجيه شديد الدلالة، فالله جلّ وعلا بعد أن يقول:
(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى)، يقول: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) لاحظوا (ما طاب لكم من النساء) ومن قبل تكلمنا عن معنى الطيب من النساء ومن الرزق ومن الأخلاق، وقلنا إن الطيب في غالب استعمالات الشريعة هو الحلال، وقلنا إن دلائل ذلك في الكتاب والسنة كثيرة، فحين يقول الله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) بعد قوله تعالى:
(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) فكأن الذي يستقر في الذهن أن إجبار اليتيمة على أن تتزوج من وصيها بمهر هو أدنى من مهر أمثالها من نسائها ليخرجوا هذه العلاقة عن أن تكون علاقةً طيبة ويلحقها بالعلاقة الخبيثة، لأن فيها معنى من معنى الإكراه ومعنى زائداً على معنى الإكراه وهو الطمع والجشع في نفس الوصي وفي نفس الولي. فالله تعالى يوجه هؤلاء الناس إلى شعور بالمقت والتقزز من علاقة زوجية مبنية على الشره والطمع، وعلاقة زوجية ليست مبنية على الرغبة وعلى التفاؤل.
(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) أي اتركوا التزوج باليتيمة التي هي في حجركم وتحت وصايتكم وابتغوا غيرها من حلائل النساء، لأن الطيب هو الحلال.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 03:56 م]ـ
بوركت شيخنا الفاضل , حقاً توجيه لطيف(/)
هل هذا التخريج صحيح؟
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 04 - 2008, 11:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في قوله تعالى: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
استعارة إذ شبه الغيبة بأكل لحم الميت، ومن ثم حذف أحد طرفي التشبيه: المشبه: وهو الغيبة، وذكر المشبه به، وقد وقعت الاستعارة في الفعل: "يأكل" فصارت تبعية.
والاستفهام إنكاري، لبيان بشاعة هذه الفعلة.
هل هذا التخريج صحيح، وهل الاستعارة، إن كان هناك استعارة: مكنية أم تصريحية، وما وجه ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 06:21 ص]ـ
أخي الفاضل مهاجر ..
إنّ في الآية استعارتين ..
مكنية في تشبيه المغتاب الذي يأكل أعراض الناس، ولا يفرق بينهم، بحيوان مفترس، لا يفرق بين ما يأكل، من صغير أو كبير، أو حلال أو حرام، بجامع الانتقاص في (كلٍ) .. فالحيوان المفترس ينتقص من الميتة وأيضاً المغتاب ينتقص من أعراض إخوانه .. ثمّ حذف المشبّه به حذف المكنية، ودلّ عليه بلازم من لوازمه وهو الأكل، الفعل المضارع (يأكل) ..
وتصريحية تبعية في استعارة الأكل للاغتياب، حيث شبّه الاغتياب بالأكل بجامع الانتقاص في كلٍ واللامبالاة، واشتقّ من الفعل المضارع يأكل بمعنى يغتاب، ثمّ اشتق من المصدر وهو الأكل الفعل المضارع يأكل بمعنى يغتاب، وذلك على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية ..
والقرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي هي: كلمة ? أَحَدُكُمْ ? لأنّ الأحد وهو يغتاب لا يأكل أكلاً حسياً، ولا ينهش اللحم، وإنّما يغتاب وينتقص عرض أخيه بلسانه ..
فالاستعارة مكنية في المغتاب، وتصريحية تبعية في (يأكل)!
وحمل الاستفهام على الإنكار صحيح!
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 06:30 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذ لؤي، أو: "باش مهندس لؤي" باعتبار التخصص!!!:):)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 04:13 م]ـ
حياكم الله أخي الفاضل مهاجر ..
ـ[همس الجراح]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 08:25 ص]ـ
أرى أن قوله تعالى " .. أن يأكل لحم أخيه .. " استعارة تصريحية حين صرح بالأكل، فكأن الغيبة أكلٌ، وحذف الغيبة " المشبه ". والله أعلم(/)
تحليل فني للفرزدق والذئب
ـ[بنت الرحيلي]ــــــــ[23 - 04 - 2008, 11:58 م]ـ
اريد تحليل ونقد فني لقصيد الفرزدق والذئب
ارجووووووووووووووووكم
ـ[عنتر الجزائري]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 02:30 م]ـ
النص:
دعوت بِنَاري مَوْهِناً فأتاني
1 - وَأطْلَسَ عسّالٍ وما كان صاحباً
وإِيَّاكَ في زادي لَمُشْتَرِكَانِ
2 - فلما دَنَا قلت ادْنُ دونك إنّني
على ضوء نار مرة ودخان
3 - فبت أُسَوَّي الزاد بيني وبينه
وقائمُ سَيْفِي من يدي بمكان
4 - فقلت له لما تَكَشَّر ضاحكاً
نكن مِثْلَ من يا ذئبُ يصطحبان
5 - تَعَشَّ فإن واثقتني لا تخونني
أُخَيّيْنِ كانا أُرْضِعَا بِلِبَانِ
6 - وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما
أتاك بسهم أو شبَاةِ سِنَانِ
7 - ولو غيرنا نَبَّهْتَ تَلْتَمِسُ القِرَى
1 - المناسبة:
كان الفرزدق قد خرج من الكوفة هو وبعض أصحابه، ولما طال بهم المسير أناخوا ركابهم في منتصف الليل وناموا، وكانوا قد هيؤوا للعشاء شاة وسلخوها وعلقوها على جمل لهم، ولكن النوم غلبهم فاستجابوا له، وبينما هم في نومهم إذ هجم ذئب على تلك الشاة المسلوخة وأخذ ينهشها، فاستيقظ الفرزدق، وأناخ الإِبل وقطع رجل الشاة ورماها للذئب، فأخذها الذئب وتنحى جانباً وأكلها ثم عاد، فما كان من الفرزدق إلا أن قطع له يد الشاة فأخذها الذئب وذهب لسبيله. وفي الصباح قص الفرزدق على أصحابه ما كان بينه وبين الذئب، وكان قد صنع هذه الأبيات.
2 - شرح الأبيات:
(1) أطلس: أغبر. عسال: يهتز ويضطرب في سيره. الموهن: نصف الليل.
إن ناري في الليل المظلم ترحب بالجائع، وقد اهتدى بها ذئب أغبر اللون يضطرب في مشيته وفد علي في نصف الليل.
(2) ولما اقترب ناديته أن يدنو مني، ولاطفته ليشترك معي في طعامي.
(3) فأخذت أقطع له اللحم في تلك الليلة، مهتدياً بضوء ناري، وأحياناً لا يتيح لي الفرصة لمواصلة اشتعال النار فأكتفي بدخان النار.
(4، 5) ولما رأيته قد كشف عن أسنانه استعداداً للافتراس والعراك، قلت له تعش فاللحم أمامك فإن أعطيتني موثقاً بعدم الخيانة فإنني وإياك سنصبح صديقين، أقول ذلك وقد وضعت مقبض سيفي في يدي لأنني أعرف أن ضحك الذئب غير ضحكنا.
(6) اِّللبَان: الرضاع.
إنك أيها الذئب أخ للغدر فقد رضعتما من لبان واحد فكيف تفترقان؟
(7) القرى: ما يقدم للضيف. السنان: نصل الرمح. وشباته: حد طرفه. لو طرقت غيرنا أيها الذئب تطلب الطعام أتاك سهم منطلق أو حربة سنان حادة.
3 - مناقشة وتحليل:
هذه القصيدة من الشعر القصصي وهو قليل في الشعر العربي مع وجوده بكثرة في شعر الشعوب الأخرى، وأكثر ما نجد الشعر القصصي في الغزل، وزعيم شعراء الجاهلية في هذا الفن امرؤ القيس، وزعيمهم في الإِسلام عمر بن أبي ربيعة. إلا أن القصة الشعرية لا تقتصر على الغزل فنجدها أحياناً في وصف الظعائن، ووصف رحلات الصيد، وقد تخرج القصة الشعرية عما ذكرنا فللحطيئة قصة شعرية لطيفة تصف اهتمام العربي بالضيف، وقصيدة الفرزدق هذه تصف الذئب وحال الشاعر معه في تلك الليلة.
وإذا نظرنا في أفكار القصيدة وجدناها تغاير ما اعتاد عليه الشعراء من استقلال البيت بمعناه وعدم ارتباطه بما قبله أو بعده إلا في القليل النادر. فالأفكار في هذه القصيدة منظمة مرتبة، فكل فكرة جزئية تؤدي المعنى إلى الفكرة الجزئية التالية، وبذلك انتظمت الأفكار في الأبيات انتظاماً أكسب القصيدة ترابطاً وثيقاً وتآلفاً بين أبياتها. فالوحدة في أفكار القصيدة واضحة جلية.
والأفكار وإن لم تكن جديدة كل الجدة إلا أنها ليست مملولة من كثرة تكرارها، فجاءت خفيفة على السمع مقبولة من قبل السامعين، والفرزدق صادق في أفكاره؛ وصدقه إما أن يكون صدقاً حقيقياً وهو ما رواه الرواة من واقعية هذه القصة الشعرية، وإما أن يكون صدقاً فنياً فرض احترام القصيدة على من يستمع إليها. وهذا الصدق أكسب القصيدة التأثير الاجتماعي فأخذ الرواة يتناقلونها في المجالس لطرافتها. والأفكار بعد ذلك واضحة وجلية وليس فيها غموض.
وأسلوب القصيدة أسلوب قصصي سهل، خال من الغموض والتعقيد، فالشاعر عندما يهتم بالأفكار يسهل أسلوبه، وهذا ما عمله الفرزدق في قصيدته هذه، فالألفاظ قريبة من السامع إلا ما قلّ مثل (أطلس - عسال - موهن - شباة).
والتراكيب خالية من التعقيد متآلفة فيما بينها، وهي قريبة من الكلام العادي إذا قورنت بشعر الفرزدق القوي، ولكنها مع ذلك بعيدة عن الابتذال، وقد استطاع الشاعر أن يصور الذئب تصويراً دقيقاً فهو أغبر مضطرب لا يؤمن جانبه، وقد وصفه بالضحك. وبما أن الأسلوب يخدم الأفكار ويبرزها للسامع فإن أسلوب الشاعر قد أدى هذا الغرض؛ فالأفكار في هذه القصيدة أديت بأسلوب يلائمها حيث تحقق غرض الشاعر فيما يريد، وهو وصف نفسه بالكرم والشجاعة.
منقول والسلام عليكم
ـ[بنت الرحيلي]ــــــــ[27 - 04 - 2008, 06:14 م]ـ
مشكوووووووور اخوي عنتر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[همس الجراح]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 08:35 ص]ـ
http://www.odabasham.net/show.php?sid=13367
يمكنك مطالعة الموضوع في هذا الرابط(/)
تحليل قصيدة للمتنبي
ـ[احلامم]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 04:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي تكليف مهم وهو تحليل قصيدة المتنبي تحليل ادبي وبلاغي ولله الحمد حللتها كلها ولكن وجدت 3 ابيات لم اعرف استخرج النواحي البلاغية
كم من دَمٍ رَوِيت منهُ أَسنَّتُهُ وَمُهْجَةٍ وَلَغَت فيها بَواتِرُهُ
وحائِنٍ لَعِبَتْ شُمُّ الرماحِ بِهِ فالعَيشُ هاجِرُه والنسرُ زائِرهُ
مَن قالَ لَست بِخَير النَّاسِ كُلِّهِمِ فجَهلُهُ بِك عِنْدَ الناسِ عاذرُهُ
اتمنى منكم مساعدتي في اقرب وقت
ـ[(الفارس المترجل)]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 11:38 م]ـ
بسم الله،،
بنظرة عجلى، واستقراء سريع، بعد رؤيتي أن النص غرضه المديح، إليك:
في البيان: هناك كناية في البيتين الأولين عن الشجاعة وقوة البأس، وفي البيت الثاني في شطره الثاني كناية عن الموت أو الاحتضار.
في المعاني: استعارة، في كلمة (لعبت) حيث إن الرياح لاتلعب، والمعنى الحقيقي: وحائن حركته شم الرماح، فاستعمل كلمة (لعبت) في غير ماوضعت له في أصل اللغة، والقرينة هنا عقلية؛ إذ ليس من المعهود عقلاً لعب الرماح، والعلاقة بين المعنى المجازي والحقيقي هي المشابهة بينهما في الحركة.
في البديع: طباق في البيت الثاني بين: (هاجره) و (زائره).
وهكذا تساهم هذه الوسائل التعبيرية الفنية في إبراز البنية الكلية للنص وخدمة الغرض الرئيس فيها وهو تعظيم الممدوح.
هذا ماظهر لي، وقد يبدو لك أكثرمن ذلك إذا ما تبينتَ معاني الكلمات واتضحت لك جلياً.
دمت موفقاً،،(/)
جماليات مقدمة تفسير الطبري
ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 08:51 ص]ـ
القارئ لمقدمة تفسير الطبري، وكتب التفسير التراثية، يجد أن هذه المقدمات لكتب التفاسير لم تكن مجرد مقدمة يُعرِّف فيها المُفسر بمنهجه في التفسير وطريقته في التبيين، بل يجد أن مقدمات التفاسير هي لطائف أدبية، وتراكيب إبداعية، تستقطب العقل وتمتع الفكر، وتهف إلى الإقناع والإمتاع معاً. ومقدمة تفسير الطبري بصفة عامة قد جمعت وشملت مواضيع متعددة فتحدث فيها الطبري عن صفات الله (عز وجل) وعن صفات الرسل (عليهم الصلاة والسلام) واستشهد فيها بالآيات القرآنية الكريمة، كما تحدث فيه عن صفات البشر، وبين هدف إرسال الرسل، وغير ذلك الكثير مما جاء في مقدمة تفسير الطبري، فأصبحت مقدمة كتابه عبارة عن موضوع شامل متكامل يُذكر البشر بأساسيات التدين، ويجمع لهم في مقدمته موجزاً دينياً للفكر الإسلامي عن الدين والرسل والقرآن والرسول والمعجزة وهف العلم بصفة عامة.
وتمثل منهج الطبري في مقدمته بالآتي:
1ـ البدء بالبسملة.
2ـ العمل الذي سوف يقوم به، هو بركة من عند الله، وأمر من الله.
3ـ توضيح السَنة التي بدأ فيها هذا الأمر، (وهي سنة 306هـ).
4ـ ذكر (الحمد لله)، بعد بيان بركة هذا العمل.
5ـ بيان تأثير دلائل وآيات الله عز وجل على أولي الألباب.
6ـ التحدث عن بعض صفات الله عز وجل.
7ـ الاستشهاد بآيات قرآنية كريمة في المقدمة.
8ـ التحدث عن صفات البشر.
9ـ بيان هدف إرسال الله للرسل.
10ـ التحدث عن رسل الله عز وجل.
أـ تأييد الله للرسل بالمعجزات.
ب ـ الرسل سفراء وأمناء على الوحي.
ج ـ تفضيل الله للرسل بعضهم على بعض.
د ـ تفضيل الله لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
هـ ـ بيان ما حدث للرسل السابقين وما تعرضوا له.
وـ حمد الله على الإيمان بالله واتباعنا لرسولنا.
زـ الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
11ـ استخدام المؤلف لتركيب (أما بعد).
12ـ بيان ما خص الله به أمة محمد (صلى الله عليه وسلم).
13ـ بيان ما خص الله به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم).
14ـ تضمين آيات قرآنية كريمة خلال كلام المؤلف.
15ـ بيان قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
16ـ حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم والمعجزة الباقية.
17ـ بيان أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان
18ـ الدعاء بالتوفيق في إصابة التفسير.
19ـ إخبار الناس أن غاية العلم هو خدمة كتاب الله.
20ـ بيان منهج التفسير الذي يتبعه في كتابه.
21ـ الدعاء.
22ـ بيان أول ما سيبدأ به في كتابه.
وهاك تفسيراً لهذا المنهج الذي سار عليه الطبري في مقدمته:
1ـ البدء بالبسملة. إذا نظرنا إلى مقدمة الطبري في تفسيره فإنه يبدأ بقوله: (بسم الله الرحمن الرحيم).
2ـ العمل الذي سوف يقوم به، هو بركة من عند الله، وأمر من الله.
ويخبر الطبري أن هذا العمل هو (بركة من الله وأمر) فيبدأ بالبسملة، لكي لا يكون عمله ناقصاً مقطوعاً، ثم يبين أن كل ما جاء في هذا التفسير هو (بركة من الله وأمر).
3ـ توضيح السَنة التي بدأ فيها هذا الأمر، (وهي سنة 306هـ).
ثم يقول: (قرئ على أبي جعفر محمد بن جرير الطَّبري في سنة ست وثلثمئة، قال:).
4ـ ثم ذكر (الحمد لله)، بعد بيان بركة هذا العمل.
بعد ذلك يحمد الله، ويثني عليه، يقول: (الحمد لله).
5ـ بيان تأثير دلائل وآيات الله عز وجل على أولي الألباب.
ثم يبين أن الحجة للألباب هي بدائع الحكمة، وأن لطائف هذه الحجة أخرست العقول. وعجائب الصنع قطعت أعذار الملحدين، وأن أدلة وجود الله وآياته أسمعت العالمين من خلال ألسنتها التي تتحدث بها، والتي تشهدا أن الله عز وجل واحداً. يقول: (الحمد لله. الذي حَجَّت الألبابَ بدائعُ حِكَمه، وخَصَمت العقولَ لطائفُ حُججه وقطعت عذرَ الملحدين عجائبُ صُنْعه، وهَتفتْ في أسماع العالمينَ ألسنُ أدلَّته، شاهدةٌ أنه الله الذي لاَ إله إلا هو)
(يُتْبَعُ)
(/)
6ـ التحدث عن بعض صفات الله عز وجل. ثم يظهر الثناء على الله (عز وجل) بذكر صفات الله سبحانه وتعالى، يقول: (أنه الله الذي لاَ إله إلا هو، الذي لاَ عِدْلَ له معادل ولا مثلَ له مماثل، ولا شريكَ له مُظاهِر، ولا وَلدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبةٌ ولا كفوًا أحدٌ؛ وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزّته الملوكُ الأعزّة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوُو المهابة، وأذعنَ له جميعُ الخلق بالطاعة طوْعًا وَكَرْهًا، كما قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه)
فيصف الله عز وجل بأنه لا مثيل له، ولا شريك له في الظاهر ولا شريك له في الخفاء، ولا ولد ولا والد، ولا صاحبة له ولا زوجة، وليس له مثيل وليس له كفئ. فهو الجبار العزيز.
7ـ الاستشهاد بآيات قرآنية كريمة في المقدمة يستشهد المؤلف في مقدمته بآيات قرآنية كريمة منها: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [سورة الرعد: 15].
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: ({لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سورة النساء: 165])
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: {مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [سورة المؤمنون: 33 - 34]
وفي مكان آخر من مقدمته يستشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة المائدة: 16].
8ـ التحدث عن صفات البشرثم تحدث المؤلف في مقدمته عن صفات البشر الناقصة المحتاجة، يقول: (فكل موجود إلى وَحدانيته داع، وكل محسوس إلى رُبوبيته هاد، بما وسَمهم به من آثار الصنعة، من نقص وزيادة، وعجز وحاجة، وتصرف في عاهات عارضة، ومقارنة أحداث لازمة، لتكونَ له الحجة البالغة.)
9ـ بيان هدف إرسال الله للرسلثم يبين المؤلف هدف إرسال الله للرسل، يقول المؤلف: (ثم أرْدف ما شهدتْ به من ذلك أدلَّتُه، وأكد ما استنارت في القلوب منه بهجته، برسلٍ ابتعثهم إلى من يشاء من عباده، دعاةً إلى ما اتضحت لديهم صحّته، وثبتت في العقول حجته، {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سورة النساء: 165])
10ـ التحدث عن رسل الله عز وجل بعد ذلك يبدأ المؤلف حديثاً مفصلاً عن الرسل، في العناصر التالية:
أـ تأييد الله للرسل بالمعجزات: يوضح المؤلف أن الله أرسل مع الرسل ما يؤيد صدقهم، يقول:
(وليذَّكَّر أولو النهي والحلم. فأمدَّهم بعوْنه، وأبانهم من سائر خلقه، بما دل به على صدقهم من الأدلة، وأيدهم به من الحجج البالغة والآي المعجزة، لئلا يقول القائل منهم (1) {مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [سورة المؤمنون: 33 - 34])
ب ـ الرسل سفراء وأمناء على الوحي: يوضح المؤلف أن الرسل سفراء الله وأمناء على وحيه، يقول المؤلف في مقدمته: (فجعلهم سفراءَ بينه وبين خلقه، وأمناءه على وحيه، واختصهم بفضله، واصطفاهم برسالته).
ج ـ تفضيل الله للرسل بعضهم على بعض: ثم يوضح المؤلف أفضلية بعض الرسل على بعض ودرجات كل واحد منهم، ودرجة قربه من الله عز وجل، يقول: (ثم جعلهم -فيما خصهم به من مواهبه، ومنّ به عليهم من كراماته- مراتبَ مختلفة، ومنازل مُفترقة، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، متفاضلات متباينات. فكرَّم بعضهم بالتكليم والنجوى، وأيَّد بعضهم برُوح القدس، وخصّه بإحياء الموتى، وإبراء أولى العاهة والعمى).
(يُتْبَعُ)
(/)
د ـ تفضيل الله لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ثم يوضح المؤلف تفضيل الله عز وجل لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، يقول المؤلف: (وفضَّل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، من الدرجات بالعليا، ومن المراتب بالعُظمى. فحباه من أقسام كرامته بالقسم الأفضل وخصه من درجات النبوّة بالحظ الأجزَل، ومن الأتباع والأصحاب بالنصيب الأوفر. وابتعثه بالدعوة التامة، والرسالة العامة، وحاطه وحيدًا، وعصمه فريدًا، من كل جبار عاند، وكل شيطان مارد حتى أظهر به الدّين، وأوضح به السبيل، وأنهج به معالم الحق، وَمَحق به منار الشِّرك. وزهق به الباطلُ، واضمحل به الضلالُ وخُدَعُ الشيطان وعبادةُ الأصنام والأوثان مؤيدًا بدلالة على الأيام باقية، وعلى الدهور والأزمان ثابتة، وعلى مَرِّ الشهور والسنين دائمة، يزداد ضياؤها على كرّ الدهور إشراقًا، وعلى مرّ الليالي والأيام ائتلاقًا، خِصِّيصَى من الله له بها دون سائر رسله)
هـ ـ بيان ما حدث للرسل السابقين وما تعرضوا لهثم يوضح المؤلف أن سائر الرسل أرسلوا إلى أناس وأمم بأعينهم، فيقول: (خِصِّيصَى من الله له بها دون سائر رسله -الذين قهرتهم الجبابرة، واستذلَّتهم الأمم الفاجرة، فتعفَّتْ بعدهم منهم الآثار، وأخملت ذكرهم الليالي والأيام- ودون من كان منهم مُرْسلا إلى أمة دون أمة، وخاصّة دون عامةٍ، وجماعة دون كافَّة.)
وـ حمد الله على الإيمان بالله واتباعنا لرسولنا. ثم يثني المؤلف على الله بالحمد له على الإيمان واتباع رسولنا الكريم، فيقول: (فالحمدُ لله الذي كرمنا بتصديقه، وشرّفنا باتِّباعه، وجعلنا من أهل الإقرار والإيمان به وبما دعا إليه وجاء به،)
زـ الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم). يقول المؤلف: (صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أزكى صلواته، وأفضلَ سلامه، وأتمَّ تحياته).
وفي مكان آخر من المقدمة يقول المؤلف: (وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما.)
11ـ استخدام المؤلف لتركيب (أما بعد).يقول المؤلف: (ثم أما بعد)
12ـ بيان ما خص الله به أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ثم تحدث الملف عن الاختصاصات التي خص الله بها أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول المؤلف: (وشرَّفهم به على سائر الأمم من المنازل الرفيعة، وحباهم به من الكرامة السنية، حفظَه ما حفظ عليهم -جلّ ذكره وتقدست أسماؤه- من وحيه وتنزيله، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم دلالة).
13ـ بيان ما خص الله به نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) ثم تحدث المؤلف عن الاختصاصات التي خص الله بها نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول المؤلف: (وعلى ما خصه به من الكرامة علامةً واضحة، وحجةً بالغة، أبانه به من كل كاذب ومفترٍ، وفصَل به بينهم وبين كل جاحد ومُلحِد، وفرَق به بينهم وبين كل كافر ومشرك)
14ـ تضمين آيات قرآنية كريمة خلال كلام المؤلف. حيث ضمن المؤلف كلامه بكلمات من آيات القرآن الكريم دون أخذ الآية مأخذ الاستشهاد بل بتضمين كلماتها، يقول المؤلف: (الذي لو اجتمع جميعُ من بين أقطارها، من جِنِّها وإنسها وصغيرها وكبيرها، على أن يأتوا بسورة من مثله لم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا)
حيث ضمّن المؤلف ما جاء في سورة البقرة: 23، ويونس: 38، والإسراء: 88.
وضمن في قول آخر آية 2 من سورة البقرة، حيث قال: (وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه).
وضمن كذلك آية سورة فصلت 42 حيث قال في موضع آخر: (الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد).
15ـ بيان قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ثم يبين المؤلف قوة معجزة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيقول: (فجعله لهم في دُجَى الظُّلَم نورًا ساطعًا، وفي سُدَف الشُّبَه شهابًا لامعًا وفي مضَلة المسالك دليلا هاديًا، وإلى سبل النجاة والحق حاديًا، {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة المائدة: 16].)
(يُتْبَعُ)
(/)
16ـ حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم والمعجزة الباقية: ثم يتحدث المؤلف عن حفظ الله لكتابه الكريم، يقول المؤلف: (حرسه بعين منه لاَ تنام، وحاطه برُكن منه لاَ يضام، لاَ تَهِي على الأيام دعائمه، ولا تبيد على طول الأزمان معالمه).
17ـ بيان أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسانبعد ذلك يوضح المؤلف أهمية القرآن الكريم في تقويم حياة الإنسان بصفة عامة، يقول المؤلف: (ولا يجوز عن قصد المحجَّة تابعه ولا يضل عن سُبُل الهدى مُصَاحبه. من اتبعه فاز وهُدِى، ومن حاد عنه ضلَّ وغَوَى، فهو موئلهم الذي إليه عند الاختلاف يَئِلون، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعقلون وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون، وفصْل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون، وعن الرضى به يصدرون، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون.)
18ـ الدعاء بالتوفيق في إصابة التفسير ثم يدعو المؤلف بأن يوفقه الله عز وجل في إصابة الهدف الذي يسعى إليه، يقول: (اللهم فوفقنا لإصابة صواب القول في مُحْكَمه ومُتَشابهه، وحلاله وحرامه، وعامِّه وخاصِّه، ومجمَله ومفسَّره، وناسخه ومنسوخه، وظاهره وباطنه، وتأويل آية وتفسير مُشْكِله. وألهمنا التمسك به والاعتصام بمحكمه، والثبات على التسليم لمتشابهه. وأوزعنا الشكر على ما أنعمتَ به علينا من حفظه والعلم بحدوده. إنك سميع الدعاء قريب الإجابة).
ثم يصلي المؤلف علي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، مرة أخرى فيقول: (وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما).
19ـ إخبار الناس أن غاية العلم هو خدمة كتاب الله. ثم يوضح المؤلف للناس هدف العلوم المختلفة وأنها جميعها يجب أن تخدم كتاب الله عز وجل، يقول: (اعلموا عبادَ الله، رحمكم الله، أن أحقَّ ما صُرِفت إلى علمه العناية، وبُلِغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضًى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وأن أجمعَ ذلك لباغيه كتابُ الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مِرْية فيه، الفائزُ بجزيل الذخر وسنىّ الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حَميد).
20ـ بيان منهج التفسير الذي يتبعه في كتابه. بعد ذلك يأتي المؤلف إلى الهدف من مقدمته وهو بيان المنهج الذي سوف يتبعه في تفسيره، يقول: (ونحن - في شرح تأويله، وبيان ما فيه من معانيه- منشئون إن شاء الله ذلك، كتابًا مستوعِبًا لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه، جامعًا، ومن سائر الكتب غيره في ذلك كافيًا. ومخبرون في كل ذلك بما انتهى إلينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه واختلافها فيما اختلفت فيه منهُ. ومُبيِّنو عِلَل كل مذهب من مذاهبهم، ومُوَضِّحو الصحيح لدينا من ذلك، بأوجز ما أمكن من الإيجاز في ذلك، وأخصر ما أمكن من الاختصار فيه).
21ـ الدعاء بعد ذلك يته المؤلف بالدعاء إلى الله عز وجل بأن يكون هذا العمل مما يقرب لمحبة الله سبحانه وتعالى، يقول: (والله نسألُ عونه وتوفيقه لما يقرب من محَابِّهِ، ويبْعد من مَساخِطه. وصلى الله على صَفوته من خلقه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا).
22ـ بيان أول ما سيبدأ به في كتابهينهي المؤلف مقدمته ببيان أول ما سيبدا به كتابه، يقول: (وأولُ ما نبدأ به من القِيل في ذلك: الإبانةُ عن الأسباب التي البدايةُ بها أولى، وتقديمها قبل ما عداها أحْرى. وذلك: البيانُ عما في آي القرآن من المعاني التي من قِبَلها يدخل اللَّبْس على من لم يعان رياضةَ العلوم العربية، ولم تستحكم معرفتُه بتصاريف وجوه منطق الألسُن السليقية الطبيعية).
وبذلك فإن مقدمة الطبري لتفسيره مقدمة جامعة جمع فيها كل ما يتعلق بالإسلام من توضيح هدف المعجزة وهدف إرسال الرسل، وما تعرضوا له، وكذلك أفضلية بعضهم على بعض وتفضيل الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتفضيل أمته، وفظ الله تعالى لكتابه الكريم، وهدف هذا الكتاب تقويم حياة الإنسان.
فمقدمة الطبري في تفسيره جامعة لمعظم تعاليم الإسلام التي يجب على الإنسان معرفتها.
ـ[الهمام2003]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 02:07 م]ـ
جزيت خيراً على هذا العرض الذي ذكرني بمقدمة ابن خلدون التي نالت شهره واسعه. وأحتوت على منهجاً خاصاً في طريقة العرض والإقناع.(/)
أريد أمثلة من القرآن حول التشخيص والتجسيم
ـ[عنتر الجزائري]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 02:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سادتي الكرام أريد معرفة خصائص التصوير الفني في القرآن الكريم
وبعض الأمثلة التي يتجلى فيا كل من التشخيص والتجسيم في القران الكريم
ودمتم سالمين
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 03:29 م]ـ
أخب الكريم عنتر ..
أختصر عليك الطريق وأرشدك إلى كتاب سيد قطب رحمه الله تحت هذا الإسم الذي أوردته في الأعلى.
وهو من الكتب الفريدة والمفيدة في هذا الباب، وأظن أنه متوفر في جميع المكتبات.
وهو أمامي على الطاولة الآن ولكن .. رحم الله المعري!
ـ[عنتر الجزائري]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 03:54 م]ـ
حفظك الله ورعاك
سأبحث عنه في الشبكة العنكبوتية
ومشكلتي عدم وجود المكاتب في المكان الذي أسكن فيه
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 08:03 م]ـ
حمله من هنا أخي الكريم:
http://www.4shared.com/file/34359605/6ca19bec/___.html?cau2=403tNull
وأهلا وسهلا ومرحبا
وعلى الرحب والسعة
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 08:56 م]ـ
أو من ها هنا (نسخة وورد)
التصوير الفني في القرآن كتاب الكتروني رائع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=114807&highlight=%C7%E1%CA%D5%E6%ED%D1+%C7%E1%DD%E4%EC+%C7%E1%DE%D1%C2%E4
ـ[عنتر الجزائري]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 11:34 م]ـ
بارك الله في استاذنا المحترم الدكتور مروان
على هذه المشاركة المفيدة
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[26 - 04 - 2008, 11:40 م]ـ
بارك الله في استاذنا المحترم الدكتور مروان
على هذه المشاركة المفيدة
وبارك الله فيك أيضا أخي الحبيب عنتر
ولا تنسونا من دعواتكم
ودمتم سالمين
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[27 - 04 - 2008, 11:12 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور مروان ..
فإنّي كنت أيضاً من الذين يبحثون عن كتاب سيد - رحمه الله - على الشبكة ..
وها أنت ذا قد أسعفتنا .. فجزاك الله عنا خير الجزاء ..
ـ[عنتر الجزائري]ــــــــ[30 - 04 - 2008, 03:42 م]ـ
وبارك الله فيك أيضا أخي الحبيب عنتر
ولا تنسونا من دعواتكم
ودمتم سالمين
جزاكم الله الفردوس سيدي
وأقول إذا نستكم لوحة المفاتيح فالقلب لن ينساكم
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[30 - 04 - 2008, 04:07 م]ـ
جزاكم الله الفردوس سيدي
وأقول إذا نستكم لوحة المفاتيح فالقلب لن ينساكم
بارك الله فيكم
وحفظكم ورعاكم
ودمتم سالمين
ـ[همس الجراح]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 08:38 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، فهذا الكتاب كنز قيّم
ـ[ود أبونا]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 11:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
رداً على الجزء الثاني من الاستفسار أرجو أن تنظر في هذه الإجابة عن التشخيص والتجسيم في القرآن الكريم .. فمن المعروف أنك حين تنسب صفات الكائن الحي (الإنسان خاصة) إلى ما لا حياة له في الواقع؛ فإنك بذلك تبعث الحياة والحركة في الجماد وغير العاقل، كما في قول خليل مطران:
وَالبَحْرُ خَفَّاقُ الْجَوَانِبِ ضَائِقٌ كَمَداً كصَدْرِي سَاعَةَ الإِمْسَاءِ
وَالأُفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ يُغْضِي عَلَى الْغَمَرَاتِ وَالأَقْذَاءِ
فالبحر كالإنسان يضيق صدره، ويخفق جوانبه كما يخفق قلب الإنسان، والأفق قريح جفنه ... هذا ما نسميه (التشخيص) أي خلع المشاعر والصفات البشرية على الطبيعة الجامدة .. وتجد كثيراً من التطبيقات التي تنسب فيها أجزاء من الجسم البشري عى أجزاء من أشياء جامدة، فتقول: رجل الكرسي، عنق الزجاجة ..
بينما إذا أبرزت المعنوي في صورة حسية بأن تخلع صفات الأشياء المحسوسة على المعاني المجردة فهذا ما يسمى بالتجسيم؛ كقولك: الظلم مر، والحرية الحمراء، الرأي القاطع ونحوه أن تنسب فيها أجزاء من الجسم البشري على المعاني المجردة، مثل: عين الحقيقة، رأس الحكمة. فحاول أن تطبق هذه الضوابط على القرآن الكريم
ـ[عنتر الجزائري]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 12:54 ص]ـ
بارك الله فيك وادخلك الفردوس اللهم امين
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 09:52 ص]ـ
شكرا أخي عنتر على طرحك
وكتب الله للدكتور مروان الأجر على ما قدم
ـ[أسامة عبد الرؤوف]ــــــــ[16 - 01 - 2010, 10:49 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا
الحمد لله حصلت الاستفادة(/)
ضروري جدا
ـ[مشعل الليل]ــــــــ[27 - 04 - 2008, 01:10 ص]ـ
ماالموضوع العام لهذه القصيدة مع بيان الأساليب البلاغية فيها؟
قَلَمٌ
محمد عبدالرحمن الحفظي
ذا .. أنا ..
بعد أن أنبتَ العطرُ بدءَ الخطى ..
واجْتَلى ماءَهُ.
قال هذا الخصيمُ:
بأوزارِ تَاراتِهِ القادمةْ
..
حينما فرّق الشِّعرُ إذعانهُ
واهتَدَى لانحِسَارِ النّفَقْ
وأتى مَائداً كالخُرافاتِ
يتركُ في مهْمَهِ النهر صوتَ الحيارى
ويبدأ من حيث كان العَناء ْ.
..
إنّهُ وجهُ وِرْدٍ
وقافلةُ السّقم المُنتَهِي
في فواصلِ مَدِّ الجسدْ.
حلّةٌ ما ارتَوتْ من وُجُوم الحِداء ِ
ولا أقْبلَتْ كي تَفُوقَ المنارات ِ
والعمر .. والإرثَ والمَسألةْ.
** ** **
في حُضُورِ القناديل
تأبَى الأراضينُ إلا الدخول َ
وتمسكُ ناصِيةَ القلبِ
تَفْتَحُ في جَوفهِ وَثَبَةً من حُروق الزَّمنْ ..
وامتِثَالا ً ..
تكادُ الحنايا المُسَجّاة بالوجْدِ أن تشتري ثُقْلَهُ ..
لو تجودُ العيونْ.
...
التباريحُ أوْهَى احتمالا ً ..
والبواقيْ انبهارُ الثوانيْ
وأفئدةٌ عبر خطِّ البَصَرْ.
...
كيف صَفَّ الرُّكَامَ المُبَاهِيَ .. والقَيْدَ؟؟
أعْجَزَهُ بانقطاعِِ الوَتَنْ ..
ثُمّ فَتَّتَهُ بالرَّحِيقِ الضَّنينِ
وأجْلَسَهُ في فَراغ القلمْ.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[27 - 04 - 2008, 04:51 ص]ـ
الشيء الوحيد الذي فهمته وتيقنت منه في هذه القصيدة ـ إن جاز أن نسميها قصيدة ـ
آخر كلمتين منها (فراغ القلم)
أعانك الله
لا معنى ولا موضوع ولا بلاغة(/)
التكرار في العربية
ـ[عاشقة الشعر]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 12:56 م]ـ
سلام الله عليكم يا أهل الفصيح
معذرة أن جاءت أول مشاركاتي هنا طلبا. لكني أقول: لولا الحاجة أولا لما استطعنا أن نجد هكذا "مواقع"، فبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم.
وإن كنت أثقل عليكم، هل لي أن أسأل عن ظاهرة التكرار في اللغة العربية؟ ما أعلمه حقيقة أن العربية تُجيز التكرار أكثر من غيرها، كالإنجليزية مثلا. ومع ذلك يوجد مواضع يكون فيها التكرار في العربية عجزا، ولا أتحدث عن التكرار البلاغي هنا.
لأوضح لكم ما أعني أكثر. علمت مؤخرا أن الشاعر عندما ينظم قصيدة عمودية فإنه لا يكرار استخدام مفردة في القافية قبل مرور (7) سطور شعرية. يقولون أنه إن كرر المفردة قبل ذلك يعد هذا عجزا في القصيدة.
سؤالي: هل هناك أي شيء يتعلق بتكرار العربية يشبه هذه القاعدة الذهبية؟ ليس في الشعر فقط وإنما في القصة أيضا، أو لنقل في الكتابة العربية بشكل عام.
ولكم من الشكر أجزله
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 02:23 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
نرحب بالأخت الفضلى عاشقة الشعر في شبكة الفصيح، ونرجو لها النفع والفائدة .. وبخصوص ما تفضلت به، فقد خصّص الدكتور عبدالحميد هنداوي فصلاً كاملاً لظاهرة التكرار في الشعر والأدب، في كتابه القيّم الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم .. فارجعي إليه إن تيسّر لك ذلك، أو لعلّي آتيك منه بقبس إن شاء الله تعالى ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 03:06 م]ـ
عاشقة الشعر أهلاً بك في منتدى الفصيح، نأمل لك الفائدة وننتظر مساهماتك.
ـ[عاشقة الشعر]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 08:57 ص]ـ
الأخ لؤي
شكرا لك على ردك الكريم. سأبحث عن الكتاب اليوم بإذنه تعالى، أتمنى أن أجد فيه ضالتي.
واسلم
ـ[عاشقة الشعر]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 09:01 ص]ـ
عاشقة الشعر أهلاً بك في منتدى الفصيح، نأمل لك الفائدة وننتظر مساهماتك.
أشكرك أخي أحمد على الترحيب.
إن شاء الله سأحاول المساهمة ما استطعت.
واسلم
ـ[نهر النيل الجارى]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 08:53 م]ـ
اظن ان هذه ليست قاعدة بل هى ملاحظة عامة فى معظم الأشعار فهناك منكرر اللفظ بعض ثمانية أبو سبع أو ست ابيات وهناك من كررها فى بيتين متلاحقين ... ولا اعتقد أن فى هذا عيب المهم المدلول وألا يكون التكرارمجوب للقافية .. والله اعلم(/)
من حديث: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ ....... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 06:28 م]ـ
من حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، مرفوعا: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا).
أحل:
حذف الفاعل للعلم به، فالله، عز وجل، هو الشارع، الذي يحل ويحرم، لا شريك له في حكمه الكوني والشرعي، وإن نازعه بعض خلقه الثاني، فهو نزاع باطل، مصداق قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، فأي حكم يضارع حكم الملك، عز وجل، الذي علم من الأزل ما يصلح عباده، فخلقهم بعلمه، وأنزل إليهم الكتاب مفصلا، فبين مجمل الفطرة، وأزال اعوجاجها، وشرع لنا من الدين على لسان رسله ما تزكو به الأنفس وتحفظ به الأديان والأبدان، فكيف سوى من سوى بين شرع من يعلم السر وأخفى، وشرع من تجري عليه عوارض النقص من أكل وشرب ونوم ومرض وموت؟!!!.
قوله: لِإِنَاثِ أُمَّتِي:
تعليق للحكم على وصف الأنوثة، فدخل في ذلك: البنت الصغيرة والشابة والمرأة، بل والمسنة، فهو أمر قد فطرت عليه النساء، مصداق قوله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)، فكان اللفظ بليغا من جهة عمومه كل أفراد الجنس الذي يجوز له التحلي بالذهب ولبس الحرير، ولو قال: لنساء أمتي لأغفل حاجة الطفلة الصغيرة والمرأة العجوز إلى الزينة وهي أمر لا غنى لأنثى عنه، وإن بلغت من الكبر عتيا!!!.
وقوله: (وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا):
تعليق لحكم التحريم على وصف الذكورة، ومن هنا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى تحريمهما، ولو على الطفل الصغير الذي لم يكلف بعد، تعويدا له على اجتنابهما، كما يؤمر بالأفعال والتروك تأديبا ولما يجر عليه القلم بعد، ويؤيد ذلك حديث جابر رضي الله عنه: (كُنَّا نَنْزِعُهُ عَنْ الْغِلْمَانِ وَنَتْرُكُهُ عَلَى الْجَوَارِي)، أي: الحرير، والحديث عند أبي داود، رحمه الله، من طريق: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ.
ولبس الحرير والتحلي بالذهب مظنة التنعم الذي لا يليق بالرجال، فينهى عنه الذكور، وإن كانوا صغارا، لئلا تفسد أخلاقهم، بالخروج على مقتضى الفطرة، فإن خروج أي من الجنسين على فطرته مظنة وقوع الفساد في الأديان والبلدان، وواقع شباب المسلمين اليوم خير شاهد على ذلك.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (أمتي):
إما أن يكون المقصود به: "أمة الدعوة"، فيكون الخطاب عاما في حق كل من بلغته الرسالة، وإما أن يكون خاصا بـ: "أمة الإجابة"، وقد وقع الخلاف بين الأحناف، رحمهم الله، من جهة، والجمهور من جهة أخرى، في مثل هذه المواضع، تبعا لاختلافهم في مسألة: خطاب الكفار بفروع الشريعة، فمن قال بأنهم مخاطبون بها وبما لا تصح إلا به من الإسلام، حمل الأمة هنا على: أمة الدعوة، ومن قصر خطاب الفروع على المسلمين حملها على: أمة الإجابة، فلا يتعدى الخطاب إلى غيرهم، وهذا قول الأحناف رحمهم الله.
وقول الجمهور أولى، لأن حمل النصوص على العموم ما أمكن، هو الأصل، فيكون خطاب التحليل لكل الإناث من كل الأمم، وخطاب التحريم لكل الذكور من كل الأمم، فيعمل النص على أوسع نطاق، فنصوص الشريعة لم تأت لآحاد المكلفين.
وفي قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
"أُحِلَّ"، و "حرم"، و: "إناث أمتي" و "ذكورها":
مقابلة بذكر الأضداد، كما في:
قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، فقابل بين: الحل والحرمة، و: البيع والربا.
والمقابلة من أنواع البديع التي تظهر بها الفروق بين الأشياء المتقابلة، فبضدها تتميز الأشياء.
والله أعلى وأعلم.(/)
أطلب مساعدة هل من مجيب؟
ـ[سالم ابو طيف]ــــــــ[30 - 04 - 2008, 04:33 م]ـ
رابط الموضوع
http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=34263(/)
الطباق والمقابلة
ـ[احلامم]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 04:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم اريد مساعدتكم بخصوص الطباق والمقابلة المختص بالمنهج المدرسي
اعلم الدرس جدا سهل ولكن وجدت نقطة لم افهمها
وهي انها توجد امثلة تصلح ان تكون مقابلة وتصلح ان تكون طباق
كيف افهم الطالبة على ذلك لان الطالبة سوف تتتلخبط ولم تعد قادرة على التمييز.
مثال
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الطباق (يأمر وينهي)
المقابلة يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر)
وفي قوله (والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى وماخلق الذكر والانثى ان سعيكم لشتى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى ......... )
الطباق
الليل 0النهار
يغشى 0تجلى
ذكر0انثى
صدق 0كذب
يسرى 0عسرى
والمقابلة
والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى
صدق بالحسنى 0كذب الحسنى
وهكذا
فكيف استطيع افهام الطالبات وانا لم استوعب
اعذروني فانا معلمة جديدة
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 06:53 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين،،، وبعد:
لابد من معرفة الفرق في التعريف بين الطباق والمقابلة، لأنه متى ما عرف الفرق سهل فهمهما، وبناء على ذلك نقول:
إن الطباق مقابلة بين معنى واحد فقط.
وإن المقابلة هي بين معنيين فأكثر.
أي متى ما كان المعنى المتضاد عندنا واحد فقط كان ذلك طباقا، مثال ذلك: جاء رجل غني وآخر فقير.
ففي هذا المثال نجد (غني: فقير) أتى ضده بعده مباشرة.
أما إن أتى أكثر من معنى ثم أتت بما يضادها على الترتيب كان ذلك مقابلة،
مثال ذلك قوله تعالى:
(يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، فأتى هنا الأمر ثم المعروف، ثم أتت ضدهما وهو النهي ثم المنكر.
أرجو أن أكون قد أفهمت.
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 07:51 ص]ـ
:::
الأخ ألف حا لام ميم
الطباق طباق مفرد، وجمع ومقابلة بين الشيء وضده، بينما المقابلة طباق متعدد. وفي الطباق (المفرد) تكون كلمتان متضادتان ايجابيتان فيما يسمى طباق الإيجاب أو كلمتان متشابهتان إحداهما مسلوبة بحرف نفي فيما يسمى طباق السلب.
بيض الصفائح لا سود الصحائف
فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ
وأما المقابلة فهي طباق متعدد، وجمع ومقابلة بين المعاني وأضدادها، أي أنها استمرار للطباق. وفي المقابلة (الطباق المتعدد) تتعدد المعاني المتضادة، يعني أنه يأتي معنيان أو أكثر ثم يأتي بعدهما معان أخرى تقابلها على الترتيب.
وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم
فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)
فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)
والله أعلم،
منذر أبو هواش
:)
ـ[نهر النيل الجارى]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 08:49 م]ـ
الامر باختصار شديد
ان المقالبلة والطباق هما من نبع واحد (التضاد)
ومن المعروف لديك أن:
كلمة × كلمة = طباق
جملة × جملة = مقابلة
واعلمى أن كل مقابلة تحتوى على طباق , ولكن ليس العكس
فقولى للطالب الآتى:
إذا يابنى لقيت كلمتين عكس بعض انظر إلى الجملة كلها مرة أخيرة فإذا وجدت أكثر من كلمة عكس أكثر من كلمة فى نفس الجملة
(يبقى المحين البديعى مقابلة)
ولو لقيت ابنى ان مافى غير هاتين الكلمتين بس عكس لبعضهما يبقى قول
(طباق)
يعنى لا تلخبطى نفسك فى (يأمرون بالمعروف , ينهون عن المنكر) مقابلة ولا تقولى ان فيها طباق ...
ارجو أن أكون افهمت
ـ[الراجي علما]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 08:56 م]ـ
الطِّباق
الأمثلة:
(1) قال تعالى: {وتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} [1].
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) وقال صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الْمَالِ عَيْنٌ سَاهِرَة لِعَيْنٍ نَائمة" [2].
* * *
(2) وقال تعالى: {يَسْتَخفُون مِنَ النَّاس وَلا يَسْتَخفُونَ مِنَ اللهِ}.
(4) وقال السموءَل:
وَنُنْكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَّاس قَوْلَهُمْ
وَلا يُنْكِرُونَ القَوْلَ حِينَ نَقُولُ [3]
البحث:
إِذا تأَملت الأمثلةَ المتقدمةَ، وجدت كلا منها مشتملاً على شيءٍ وضده، فالمثال الأول مشتمل على الكلمتين: "أيقاظاً" و "رقود" والمثال الثاني مشتمل على الكلمتين: "ساهر" و "نائمة".
أما المثالان الأَخيران فكل منهما مشتمل على فعلين من مادة واحدة أَحدهما إيجابي والآخر سَلبي، وباختلافهما في الإيجاب والسلب صارا ضدين، ويسمى الجمع بين الشيءِ وضده في الأَمثلة المتقدّمة وأَشباهها طباقاً، غير أَنه في المثالين الأَولين يدعى "طباق الإيجاب" وفي المثالين الأخيرين يدعى "طباق السلب".
القَاعدة:
(72) الطِّباقُ الْجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْءِ وضِدّه في الكلام، وهوَ نَوْعان:
(أ) طِبَاقُ الإيجاب، وَهُو ما لَمْ يَختَلِفْ فِيهِ الضدَّان إِيجَاباً وَسَلْباً.
(ب) طِباَقُ السَّلبِ، وَهُو ما اخْتَلَف فِيه الضِّدان إِيجَاباً وسَلْباً.
تمرينات
(1)
بيِّن مواضع الطباق في الأمثلة الآتية، ووضح نوعه في كل مثال:
(1) قال تعالى: {أوَمَن كان مَيْتاً فأحْيَيْنَاهُ}.
(2) وقال دِعْبل الخُزاعيُّ:
لا تعجبي يا سلْمُ مِنْ رجُلٍ ضَحِكِ المشِيبُ برأسِهِ فَبكَى [4]
(3) وقال غيره:
على أنني راضٍ بأنْ أَحْمِلَ الهوَى وأَخْرُجَ مِنْهُ لاَ عليّ ولا لِياَ [5]
(4) وقال البحترى:
ويَسرى إِليَّ الشَّوق مِنْ حيْثُ أَعْلمُ [6]
يُقَيِّضُ لِي مِنْ حيْثُ لا أَعْلَمُ النوى
(5) وقال المُقنَّع الكندِى [7]:
وإِنْ قَلَّ مالي لَمْ أُكلَّفُهمُ رفْدا [8]
لهُمْ جلُّ مالي إِن تَتابع لي غِنًى
(6) وقال تعالى:
{ولكِنَّ أَكْثَر النَّاسِ لا يعْلَمُون} [9]. {يعْلَمُونَ ظَاهرًا مِنَ الْحياةِ الدُّنْيا} [10].
(7) وقال تعالى:
{لَهاَ ما كَسبتْ وعلَيْها ما اكْتَسبتْ} [11].
(8) وقال السموءَل بن عادياء:
فَليْس سواءً عالم وجهُولُ [12]
سلِي إِن جهلْتِ النَّاس عنا وعنْهُمُ
(9) وقال الفرزدق يهجو بني كُلَيْب:
لا يغدِرونَ ولا يُفُونَ بِجَار [13]
قبَّح الإلهُ بني كُلَيْبٍ إِنَّهمْ
(10) وقال أَبو صخْر الْهُذليّ [14]:
أَماتَ وأَحْيا والذي أَمرُه الأَمرُ
أَما والَّذي أَبْكَى وأَضْحكَ والذي
خَلِيليْن مِنْها لا يروعُهُما الذعْر [15]
لَقَدْ تَركَتْني أَحْسُد الوحْش أَنْ أَرى
(1) قال الحماسيُّ:
لِنَفْسي حياةً مِثل أَنْ أَتَقَدّما [16]
تأَخَّرْتُ أَسْتَبْقى الْحياةَ فَلَم أَجدْ
(2)
اقرأ ما كتبه ابن بطوطة [17] في وصف مصر وبيِّن جمال الطباق في أسلوبه:
هي مجْمعُ الوارد والصادر [18]، ومحط رَحْل [19] الضعيف والقادر، بها ما شِئتَ من عالِم وجاهِل، وجادّ وهازل، وحليم وسفِيه، ووضيعِ ونبيه، وشريف ومشروف، ومُنْكَر ومعروف، تمُوج موْج البحر بسكَّانها، وتكاد تَضِيق بهم على سَعة مكانها.
(3)
حول طباق الإيجاب في الأمثلة الآتية إلى طباق السلب:
(1) العدوُّ يُظهر السيئة ويُخْفى الحسنة.
(2) ليس من الحزم أن تُحسِن إِلى الناس وتسيءَ إِلى نَفْسك.
(3) لا يليق بالمُحْسن أن يُعْطى البعيد ويمْنَعَ القريب.
(4)
حول طباق السلب في الأمثلة الآتية إلى طباق الإيجاب:
(1) يَعْلم الإنسانُ ما في اليوم والأمس، ولا يعلم ما يأتي به الغد.
(2) اللئيم يعْفُو عند العجز، ولا يعفو عند المقدرة.
(3) أحب الصدق ولا أحب الكذب.
(5)
(1) مثل لكل من طباق الإيجاب وطباق السلب بمثالين من إنشائك.
(2) هات مثالين لطباق الإيجاب، ثم حولهما إلى طباق السلب.
(3) هات مثالين لطباق السلب، ثم حولهما إلى طباق الإيجاب.
(6)
اشرح البيت الآتي، وبيِّن نوع الطباق به:
لَيْلٌ يصِيحُ بجانِبيْهِ نَهَار [20]
والشَّيْبُ ينهضُ في الشَّبابِ كأَنه
ـ[سالم سليمان سلامة]ــــــــ[28 - 12 - 2009, 04:08 م]ـ
مشكورين جميعا على هذا الطرح الجميل و المعلومات القيمة وجزاكم الله خيرا كل الود والتقديرمع تحياتي
ـ[الراجي علما]ــــــــ[30 - 12 - 2009, 03:02 ص]ـ
تحيبه أيقظا هم رقود(/)
الكثير من كتب البلاغة
ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 01:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه صفحة تحوي الكثير من كتب البلاغة العربية والقرانية , والصفحة متجددة يومياً , تفضل على هذا الرابط:-
http://www.pdfbooks.net/vb/showthread.php?t=5092
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 04:10 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ..
بارك الله فيكم يا دكتور عدنان، وجزاكم الله خيراً كثيراً ..
وقد والله افتقدناك وكتاباتك القيّمة في منتدى البلاغة العربية ..
ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 07:56 م]ـ
وفيك بارك أخي الحبيب لؤي الطيبي ونفع بك
أشغلتنا الدنيا وهمومها , وحال العراق لايخفى
عليك , لنا عودة بإذن الله تعالى , ولا تنسانا من
الدعاء.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 08:32 م]ـ
أخي الكريم د. عدنان ..
لا والله لا يخفى علينا ولا يغيب عنا ما يحدث لإخواننا في العراق ..
نسأل الله أن يعينكم على ما أنتم فيه من كرب وضيق، وأن يفرغ عليكم الصبر، وأن يرفع عنكم البلاء ..
ودمتَ بحفظ من الرحمن ..
ـ[مولدي]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 11:46 م]ـ
شكرا على هذا المجهود، لي رجاء لو تكرّمت هل هناك كتاب (إصلاح تمارين البلاغة الواضحة لمصطفى أمين وعلي الجارم)(/)
اللهم نفس عن من نفس عن كربتي كربه من كرب يوم القيامه
ـ[الشمووووووخ]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 08:53 م]ـ
:::
السلام عليكم جميعا,,,,
طرقت جميع الابواب لحل مشاكلاتي البلاغية فلم اجد سوا الفصيح بارك الله القائمين عليه امانة (ن) انا متابعه لهذا المنتدى ولو اول مره اشارك بمعنى اسجل
رجوتكم من يستطيع افادتي فلا يبخل علي بعلمه
اريد من حضراتكم الاستفسار عن 8*الحصر الادعائي المراد به المبالغه في قوله تعالى (وماكان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطئا)
تعريفه وماذا يفيد هذا الاسلوب في القران
*اسلوب التوبيخ في قوله تعالى (عرض الحياه) المراد به الغنيمه وعبر عنه بذلك تحقيرا لها لانها نفع زائل (تبتغون) زيادة للتوبيخ (كذلك كنتم من قبل) اي كفار ودخلتم الاسلام بكلمةالاسلام للتوبيخ
تعريفه وماذا يفيد هذا الاسلوب في القران
*جملة (فضل الله المجاهدين) بيان لجملة (لايستوي القاعدون من المؤمنين)
بيان الجمل في القران ماذا يفيد
##كل ذلك في سورة النساء من92الى96##
اتمنى افادتي فاني في امس الحاجه لها
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[الشمووووووخ]ــــــــ[03 - 05 - 2008, 09:05 م]ـ
الله يعطيكم الجنه رددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددوا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 09:58 ص]ـ
أجيبك عن السؤال الأول فأقول إنّ معنى الحصر الادعائي أن يتجاهل المتكلم أكثر الفاعلين ويحصر الفعل في معين مدعياً الحقيقة، وذلك من أجل لفت النظر إلى امتياز ذلك الفاعل المعين. ففي قوله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلاّ خطئاً) جيء بصيغة المبالغة في النفي ليدلّ على أنّه ما وُجد لمؤمن أن يقتل مؤمناً في حال من الأحوال إلاّ في حال الخطأ، أو أن يَقتُل قَتْلاً من القتل إلاّ قَتْل الخطأ، فكان الكلام حصراً من باب الحصر الادّعائي الذي يُراد به المبالغة، كأنّ صفة الإيمان في القاتل والمقتول تنافي الاجتماع مع القتل في نفس الأمر منافاة الضدّين، لقصد الإيذان بأنّ المؤمن إذا قتل مؤمناً فقد سُلب عنه الإيمان وما هو بمؤمن ..
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الكبائر سبع"، فإنّ فيه حصراً، لأنّه يلزم تعيين الصغائر فيما عداها .. وهذا من الحصر الادعائي الذي يراد به المبالغة، ولذا جاء في روايات أُخر "تسع"، وجاء التعيين في كبائر أُخر أيضاً ..(/)
أيهما أبلغ: (أقوال مأثورة) أم (أقوال مأثورات)؟!
ـ[المجرب]ــــــــ[03 - 05 - 2008, 03:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين
إخواني أهل الفصيح الكرام
أيهما أبلغ وأجزل؛ قولنا:
"أقوالٌ مأثورة"
أم
"أقوالٌ مأثورات"
أو أي العبارتين تحسون أن لها جرسا أكثر من الأخرى؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 06:13 ص]ـ
وجزاك خيرا أيها الكريم.
في التنزيل:
(وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ).
و: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ)، أي: دروعا سابغات.
و: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ).
وقد قرر النحاة جواز نعت المذكر غير العاقل بجمع المؤنث السالم.
والوصف حينئذ يفيد القلة.
فتكون: أقوال مأثورات مفيدةً قلتها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[المجرب]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 11:37 ص]ـ
ما شاء الله ...
زادك الله علما
طيب نعت المذكر غير العاقل بجمع المؤنث السالم ألا يمكن أن يدل على النفاسة أو الندرة من حيث النوعية .. ؟
أقصد هل "القلة" التي يفيدها هذا الأسلوب هي قلة تدل على التفخيم أم على تقليل الشأن؟
أحس أنها تفيد الفخامة
كما في الأمثلة التي أوردتها أخي
وكذلك في قولنا:
"أقوال مأثورات" (الأسلوب يُشعر بقيمة هذه الأقوال، لا بقلتها)
أما "أقوال مأثورة" فلا أجدها تُشعر بشيء سوى وصف بسيط المعنى للأقوال
لست متخصصا في البلاغة .. ولكن هذا ما أحس به ويتبادر إلى خاطري عندما أسمع صيغة جمع المؤنث السالم.
فما رأيكم ورأي الإخوة الأفاضل
لا حرمناكم
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[04 - 05 - 2008, 01:05 م]ـ
:::
جمع غير العاقل بمفرد مؤنث للقلة
أو على صيغة جمع المؤنث للكثرة
" تقول اللغة بجواز أن يُنعت جمع غير العاقل بمفرد مؤنث، لأن الجمع قد أُوِّل بالجماعة، والجماعة كلمة مفردة، وهذا هو الغالب. غير أنهم إذا أرادوا التنبيه على كثرة ذلك الجمع، أجروا وصفه على صيغة جمع المؤنث؛ ليكون في معنى الجماعات، وأن الجمع ينحل إلى جماعات كثيرة، وقال ابن عاشور أن {معدودات} أكثر من {معدودة}، ولأجل هذا قال تعالى: {وقالوا لن تمسسنا النار إلا أياما معدودة} (البقرة:80) لأنهم يقللونها غرورًا أو تغريرًا، ولأجل هذا قال تعالى: "أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة:184) لأنها ثلاثون يومًا، وهذا مثل قوله في جمع (جمل) {جمالات} (المرسلات:33) على أحد التفسيرين، وهو أكثر من (جِمال). كما تقول: جبال شامخة، وجبال شامخات، وأعمدة راسخة، وأعمدة راسخات. فتجعل صفة جمع التكسير للمذكر غير العاقل، تارة كصفة الاسم المؤنث المفرد، وتارة كصفة جمع المؤنث السالم. فكما تقول: نساء قائمات، كذلك تقول: جبال راسيات. قال أبو حيان: وذلك مقياس مطرد فيه، أي أن كلا الاستعمالين صحيحين فصيحين ومستقيمين لغة، ومسموعين في كلام العرب، والقرآن جاء على وفاقهما، فمرة جاء بهذا، وتارة أتى بذاك. "
:)
ـ[المجرب]ــــــــ[14 - 05 - 2008, 09:38 م]ـ
تبارك الله!
جزاك الله كل خير أخي منذر أبو هواش
رد مفيد جدا أوضح ما كان يجول ببالي ولم أتمكن من التعبير عنه
سلمت يداك
والمعذرة إن تاخرت بالرد إذ لا يصلني على الإيميل تبليغ بالردود
ـ[أحمد الخضري]ــــــــ[21 - 05 - 2008, 12:36 م]ـ
أنا أرى أن أقوال مأثورات أبلغ لأنه أفاد شيء من النفاسة والندرة كقول أخي مهاجر
وأستشهد بقولها تعالى: (حور مقصورات في الخيام) وهذا لعظم شأن الحور العين وأنهن لا يطلع عليهن أحد إلا من كتب الله له ذلك.
وإنما سميت أقوال مأثورات لعظم شأنها وقلة امتثال الناس لها.
تحياتي.(/)
الفرق بين (إلى) و (حتى)
ـ[محمد العتيبي]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 09:39 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الفرق بين إلى و حتى في قولنا: أكلت السمكة حتى رأسها، وأكلت السمكة إلى رأسها؟
وهل حتى تفيد أكل الرأس أيضا؟
جزاكم الله خيرا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 10:04 ص]ـ
إلى تدلّ على انتهاء الغاية، كقولك: سرتُ من البصرة إلى بغداد. وحتى تفارقها في أنّ مجرورها يجب أن يكون آخر الشيء، أو ما يلاقي آخر جزء منه، لأنّ الفعل المُعدَّى بها الغرض فيه أن يتقضّى ما يتعلق به شيئاً فشيئاً حتى يأتي عليه، وذلك كقولك في المثال الذي أوردته: أكلتُ السمكة حتى رأسها. فلا تقول: "حتى نصفها"، أو "ثلثها"، كما تقول: "إلى نصفها" و "إلى ثلثها" ..
ـ[محمد العتيبي]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 12:15 ص]ـ
جزاكَ اللهُ خيراً أستاذي الموقّر لؤي الطيبي
إجابة شافية كافية
ـ[محمد سعد]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 01:04 ص]ـ
إلى أقعد في باب الغاية (1) ألا ترى أنك تقول خرجت حتى بلغت إليه ولا يجوز: حتى بلغت حتَّاه وإلى تدخل على المظهر والمضمر وحتى لا تدخل على المضمر؛ لأنها لم تستحكم في الحروف العوامل، من حيث كانت تختلف مواضعها وأحكامها، وهو قول أبي العباس المبرد، وقد أجاز بعضهم: حتَّاه (2).
.................
(1) أقعد: يعني أقرب وأنسب وإلى هو أصل الغاية، وقد استدل المجاشعي على أن إلى أقعد في الغاية من حتى بدليلين وأضاف إليهما العلماء دليلين آخرين: أحدهما: أن مجرور إلى لا يلزم كونه آخر جزء أو مُلاقِي آخر جزء تقول: أكلت السمكة إلى نصفها، بخلاف حتى
والثاني: أن أكثر المحققين على أن إلى لا يدخل ما بعدها فيما قبلها بخلاف حتى: الجنى الداني ص500
(2) المجيزون هم الكوفيون أما البصريون فيجعلونه ضرورة
ـ[محمد العتيبي]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 02:24 ص]ـ
جزاكَ اللهُ خيراً أستاذ محمد على التعقيب المفيد
ولدي سؤال إن سمحت لي، عندما نقول: عورة الرجل من السرّة إلى الركبة، فهل الركبة هنا ليست من ضمن العورة؟، وماذا لو قلنا: من السرّة حتى الركبة؟ فهل هنا الركبة من ضمن العورة؟
السؤال ليس فقهيّاً بل لغوياً وهو مجرّد مثال (ابتسامة)
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 07:15 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الكرام.
من باب المدارسة أخي محمد:
ذكر بعض أهل العلم المعاصرين ضابطا لطيفا لهذه المسألة في معرض الرد على الظاهرية، رحمهم الله، الذين قالوا بعدم وجوب غسل المرافق في الوضوء عملا بظاهر قوله تعالى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، لأن الغاية، وهي: المرافق، خارجة فلا يثبت لها حكم ما قبلها، فلا يشملها حكم الغسل.
ومثله: قوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، فالغاية هنا، أيضا، خارجة، فلا يثبت لها حكم ما قبلها من النهار: ظرف الصيام، فلا يشملها حكم الصيام.
والجواب: أن ذلك إنما يصح في الآية الثانية: لأن الغاية فيها ليست من جنس ما قبلها فالليل ليس من جنس النهار.
بخلاف المرافق، في الآية الأولى، فإنها، وإن كانت غاية الغسل، إلا أنها من جنس ما قبلها، فالمرفق من جنس اليد فيدخل في حكم الغسل.
*****
فصار الضابط: هل الغاية من جنس ما قبلها فتدخل أو من غير جنس ما قبلها فتخرج.
*****
فإذا ما طبقت هذا الضابط على العورة فإنه يقال:
هل الركبة من جنس ما قبلها فتدخل في حد العورة، أو هي من غير جنس ما قبلها فلا تدخل؟
والراجح، والله أعلم، أنها ليست من جنس ما قبلها، فتخرج، فالجمهور على أنها ليست من العورة، وقد ثبت ذلك في مجموعة من الأحاديث عن: علي وعبد الله بن عمرو وأبي أيوب الأنصاري وأبي الدرداء وأبي موسى وأنس، رضي الله عنهم جميعا، وقد تكلم في أسانيد بعضها، ولكنها تفيد بمجموع طرقها ما لا تفيده بآحادها، فيحتج بها، ولفظ حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (ما بين السرة والركبة عورة)، وهو نص في محل النزاع، لأن العورة حددت بما بينهما فلا يدخلان فيها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد العتيبي]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 08:26 م]ـ
جزاكَ الله خيراً أخي الحبيب مهاجر
افدت واجدت بارك الله فيك
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 07:42 ص]ـ
وجزاك أخي محمد وبارك فيك أيها الكريم.
ومن باب الإحالة: للحافظ ابن دقيق العيد، رحمه الله، بحث لطيف مختصر حول هذه المسألة بعينها في "إحكام الأحكام"، في شرح الحديث السابع، حديث وضوء عثمان، رضي الله عنه، وفيه: "ويديه إلى المرفقين ثلاثا".
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد العتيبي]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 11:43 م]ـ
جزاكَ اللهُ خيراً أستاذي الفاضل المهاجر
لا أملكُ إلاّ أن أقول لك جزاكَ الله الجنّة على اهتمامك ومساعدتك المفيدة جدا
فعلاً استفدت من ردودك واحالتك الكريمة، ولا يهونون باقي الإخوة الكِرام(/)
ما الحكمة من تغيير حرف الجر ثم الرجوع إليه في هذه الآية؟
ـ[ضاد]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 10:49 م]ـ
يقول ربنا جل وعلا:
قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [يونس: 35]
وفي هذه الآية تعدى الفعل \هدى\ مرة بـ\إلى\ ثم بـ\لِـ\ ثم عاد لـ\إلى\؟
عندي إحساس لسبب هذا التغيير, ولكني لا أريد أن أتقول في القرآن. فهل يفيدنا الأساتذة في المسألة؟
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 11:27 م]ـ
أهلا بك رفيقي
أنقل إليك ما جاء على لسان صاحب الدر المصون:" قوله تعالى: {يَهْدِي? إِلَى ?لْحَقِّ}: "هَدَى?" يتعدَّى? إلى اثنين ثانيهما: إمَّا باللام أو بإلى، وقد يُحْذَفُ الحرفُ تخفيفاً. وقد جُمع بين التعديتين هنا بحرف الجر فَعَدَّى الأول والثالث بـ"إلى" والثاني باللام، وحُذِف المفعولُ الأول من الأفعال الثلاثة، والتقدير: هل مِنْ شركائكم مَنْ يَهْدي غيره إلى الحق قل اللَّهُ يَهْدي مَنْ يشاء للحق، أفَمَنْ يهدي غيرَه إلى الحق. وزعم الكسائي والفراء وتبعهما الزمخشري أنَّ "يهدي" الأولَ قاصرٌ، وأنه بمعنى اهتدى?. وفيه نظر، لأن مُقابلَه وهو {قُلِ ?للَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} متعدٍّ. وقد أنكر المبرد أيضاً مقالة الكسائي والفراء وقال: "لا نَعْرِفُ هَدَى بمعنى اهتدى"، قلت: الكسائي والفراء أَثْبتاه بما نقلاه، ولكن إنما ضَعُف ذلك هنا لِما ذَكَرْت لك من مقابلته بالمتعدي، وقد تقدَّم أن التعديةَ بـ"إلى" أو اللام من باب التفنُّن في البلاغة، ولذلك قال الزمخشري: "يقال: هَدَاه للحق وإلى الحق، فجمع بين اللغتين". وقال غيره: "إنما عَدَّى? المسندَ إلى الله باللام/ لأنها أَدَلُّ في بابها على المعنى المرادِ من "إلى"؛ إذ أصلُها لإِفادةِ المُلْك، فكأن الهداية مملوكة لله تعالى?" وفيه نظر، لأن المراد بقوله: {أَفَمَن يَهْدِي? إِلَى ?لْحَقِّ} هو الله تعالى? مع تَعدِّي الفعلِ المسند إليه بـ"إلى"." أهـ
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 07:45 ص]ـ
في قوله تعالى: ?قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي
لِلْحَقِّ? [يونس: 35].
اللافت للنظر في هذا السياق تعدي فعل الهداية بحرف الجر (إلى) مع الشركاء، فقال: (هل من شركائكم من يهدي إلى الحق) ثم عدل عنه إلى التعدي بـ (اللام) في نسبته إلى الله –عزوجل- فقال: "قل الله يهدي للحق"، ولم يقل: (قل الله يهدي إلى الحق) ليطرد السياق على نسق واحد.
وقد ذهب بعضهم إلى أن هذا من قبيل تداخل الحروف وتناوبها، يقول: البطليوسي (ت 521هـ) "معلقاً على هذه الآية" (): "جاز وقوع (اللام) موقع (إلى)، ووقوع (إلى) موقع (اللام)، لما بين معنييهما من التداخل والتضارع، ألا ترى أن (اللام) لا تخلو من أن تكون بمعنى الملك أو الاستحقاق أو التخصيص، أو العلة والسبب، و (إلى) للانتهاء والغاية، وكل مملوك فغايته أن يلحق بمالكه، وكل مستحق فغايته أن يلحق بمستحقه، وكل مختص فغايته أن يلحق بمختصه، وكل معلول فغايته أن يلحق بعلته، فكلها يوجد فيها معنى (إلى) وموضوعها الذي وضعت له" وإلى هذا ذهب ابن منظور فقال (): "يقال: هَدَيْتُ للحق وهَدَيْتُ إلى الحق بمعنىً واحد".
ومع أن الزمخشري له حس بلاغي في تتبع الفروق الدلالية للحروف إلا أنه في هذا الموضع سوَّى بينهما في الدلالة إذ عدَّهما تنوُّعاً في اللغات فقال (): "هداه للحق وإلى الحق فجمع بين اللغتين".
والحقيقة أن الفعل إذا عُدِّي بحرف ثم عُدِّي بحرف آخر، فلا بد أن يكون له مع كل حرف دلالة خاصة تختلف عن الأخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن القيم (): "إن الفعل المعدَّى بالحروف المتعدِّدة، لا بد أن يكون له مع كل حرف معنى زائد على معنى الحرف الآخر، وهذا بحسب اختلاف معاني الحروف، فإن ظهر اختلاف الحرفين ظهر الفرق، نحو رغبت عنه، ورغبت فيه، وعدلت إليه، وعدلت عنه، وملت إليه وملت عنه، وسعيت إليه وبه، وإن تفاوت معنى الأدوات عسر الفرق، نحو: قصدت إليه وقصدت له، وهديته إلى كذا وهديته لكذا، وظاهرية النحاة يجعلون أحد الحرفين بمعنى الآخر، وأما فقهاء أهل العربية فلا يرتضون هذه الطريقة، بل يجعلون للفعل معنى مع الحرف ومعنى مع غيره".
وبناء على ذلك فالهداية تختلف في دلالتها باختلاف الحرف الداخل على فعلها، والقرآن قد ذكر نوعين من الهداية، الأولى هداية الإرشاد والبيان، ويتمثل ذلك في توضيح المنهج الحق والإرشاد إليه، وهذه هداية عامة. والهداية الأخرى هداية التوفيق والإلهام وهي أخص من الأولى وتترتب عليها، والمقصود بها إلهام الله النفوس وتوفيقه لها في سلوك طريق الهداية والاستقامة عليه. وهذا النوع من الهداية يختص به – الله عزوجل – لأنه هو وحده الذي يملك القلوب ويوجهها.
لذلك ففعل الهداية إذا عُدِّي بـ (إلى) "دلَّ على الإرشاد وإيصال المهدي إلى الغاية المنشودة، وحين يعدى بـ (اللام) يدل على التوفيق وتهيئة القلب والنفس للسعي من أجل هذه الغاية، انبثاقاً من معنى الاختصاص في اللام" ().
ولهذا الفعل نظائر في القرآن الكريم من ذلك قوله تعالى على لسان أهل الجنة:
?وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ? [الأعراف:
43].
وقوله تعالى: ?وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى? [النازعات: 19].
وقوله تعالى: ?وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ? [الشورى 52].
ويقول ابن كثير (ت 774هـ) -وهو يتحدث عن فعل الهداية وتعديه () " وقد تعدَّى بـ (إلى)، كقوله تعالى: ? اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ? [النحل: 121]، و:?فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ? [الصافات: 23]، وذلك بمعنى الإرشاد والدَّلالة، وكذلك قوله: ?وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ? [الشورى: 52]، وقد تعدَّى باللام، كقول أهل الجنة: ?الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا? [الأعراف: 43]؛ أي: وفقنا لهذا وجعلنا أهلاً".
ومن هنا ندرك سر العدول في آية يونس التي نحن بصددها، وهي قوله تعالى:
?قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ? [يونس: 35] ففي ذلك آية من آيات الإعجاز والتحدي لهذه الآلهة المزعومة ولأصحابها، إذ تحدَّاهم أن يوجد منها من يملك هداية البيان والإرشاد؛ للدلالة على طريق الحق، فضلاً أن يوجد منها هداية التوفيق والإلهام، فهذه هداية لا يملكها إلا –الله عزوجل- الذي لا يملك توجيه القلوب وتوفيقها إلا هو؛ لذا عدَّى فعل الهداية مع الشركاء بـ (إلى)، ومع المولى –عزوجل- بـ (اللام) للدلالة على أنه المختص وحده بهذه الهداية، فيكون نفيه عن الشركاء هداية الإرشاد قد تضمن نفي هداية التوفيق عنهم قطعاً، ويكون إثباتها لله – عزوجل – واختصاصه بها، يتضمن إثبات هداية الإرشاد له من باب أولى.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 10:08 ص]ـ
بارك الله في الجميع، وتحليل الدكتور عبدالله الهتاري أكثر من رائع، ويؤيّده أنّ الهداية التي هي للغاية والانتهاء إليها قد اختصّها الله تعالى لنفسه أو لقرآنه، فلم يستعمل (هدى لكذا) إلا له سبحانه أو لكتابه، فهو المبلغ للغايات بخلاف (هداه إلى كذا)، فقد استعمله له ولغيره ..
ـ[ضاد]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 01:52 م]ـ
جوزيتم كل خير. وهذا الذي ذهبت إليه في استشعاري للآية, فالتعدية باللام أقرب إلى المتعدى إليه من التعدية ب\إلى\. ففي العموم كانت التعدية ب\إلى\ ثم في التخصيص والاستئثار كانت التعدية باللام وهي أقرب بين الفعل والمتعدى إليه, عكس \إلى\ التي تفصل بين الفعل والمتعدى إليه, وكأن المولى يقول أن المسافة بين الهداية والحق عن طريقه تعالى لا تمر بشيء, لأنها مباشرة, أما عن طريق غيره فهي محمولة بعربة \إلى\ وربما تصل وربما لا. والله تعالى أعلم بكلامه الحكيم.
وفيما يخص تغير المعنى بتغير حرف التعدية فهذا صحيح.(/)
التكرار في قصة يوسف
ـ[أحلام]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 03:09 م]ـ
ذكر العلم في سورة يوسف:
تزخر سورة يوسف بذكر العلم في آيات كثيرة منها، وإن كان لكل لفظة مدلولها ومعناها إلا أن كثرة ورود العلم تشير إلى المكانة البالغة للعلم وأهله وحضوره داخل فصول القصة، وقد ورد ذكر العلم على ألسنة متعددة وبصيغ متنوعة في سياق هذه القصة، فحيناً على لسان يعقوب وحيناً على لسان يوسف وحيناً على لسان أخوته، ولنتتبع معاً ورود العلم من خلال آيات السورة
الآية (6) ? وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ?.
ورد ذكر العلم بهذه الآية مرتين: الأولى " ويعلمك " وبه إشارة إلى أن تأويل الرؤى علم، لا يكون التأويل اعتباطاً، وقد أوتيه يوسف عليه السلام
الثانية: " عليم ".
الآية (21) وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ?.
ورد ذكر العلم مرتين:
الأولى مشابهة صيغة الآية السادسة من حيث تعليمه عليه السلام تأويل الأحاديث، غير أن الآية السادسة جاءت " ويعلمك " والآية التي بين أيدينا بصيغة " ولنعلمه "
الثانية " يعلمون " وجاءت لنفي العلم عن أكثر الناس.
الآية (22) ? وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ?
جاء ذكر العلم في هذه الآية مشابها من حيث المعنى للآيتين السابقتين، إلا أنه هنا جاء بصيغة الماضي، وفيما سبق جاء بصيغة المضارع.
الآية (34) ? فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ?
ورد هنا صفةً لله عز وجل " العليم "
الآية (37) ? قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ?
جاء ذكر العلم هنا على لسانه عليه السلام، راداً الفضل لصاحب الفضل، ومقراً بأن العلم كله من الله عز وجل.
الآية (40) ? مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ?
في الآية الكريمة هذه تكرر نفي العلم عن أكثر الناس كما في الآية الحادية والعشرين
الآية (44) ? قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ ?
يتكرر نفي العلم غير أنه في هذه الآية كان النفي عن العلم بتأويل الأحلام، وهذا على لسان الملأ.
الآية (46) ? يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ?
وفي هذه الآية ورد ذكر العلم على لسان صاحب السجن الذي نجا وادكر بعد مدة.
الآية (50) ? وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ?
ورد على لسان يوسف عليه السلام.
الآية (52) ? ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ?
وفي هذه الآية ورد ذكر العلم على لسان امرأة العزيز بعد أن أظهر الله الحق.
الآية (55) ? قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ?
جاءت في هذه الآية لفظة " عليم " على لسان يوسف في سياق حديثه مع الملك.
(يُتْبَعُ)
(/)
الآية (68) ? وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ?
تكرر لفظ العلم بهذه الآية ثلاث مرات:
الأولى: جاءت مضاف إليه والمراد أن يعقوب عيه السلام كان ذا علم.
الثانية: لما علمناه. فإن ما يقوم به يعقوب إنما على علم وبصيرة، والله هو الذي أمده بالعلم.
الثالثة: تكرر نفي العلم عن أكثر الناس كما في الآية الحادية والعشرين والآية الأربعين.
الآية (73) ? قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ?
وفي هذا الموضع جاء ذكر العلم على لسان أخوة يوسف.
الآية (77) ? قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ ?
في الآية هذه جاء ذكر العلم ليقر بأن الله أعلم بما يصفون أي أخوة يوسف.
الآية (80) ? فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ ?
أما في هذه الآية فقد جاء ذكر العلم على لسان أحد أخوة يوسف وهو كبيرهم.
الآية (81) ? ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ ?
ورد ذكر العلم على لسان أخوة يوسف في معرض حديثهم مع أبيهم.
الآية (83) ? قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ?
تتكرر صفة العلم لله عز وجل كما في الآية السادسة غير أنها جاءت بدون" أل " أما في الأية هذه فقد وردت ب " أل".
الآية (86) ? قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?
ورد على لسان يعقوب عليه السلام.
الآية (89) ? قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ?
قالها يوسف عليه السلام عندما كان أخوته حاضرون لديه.
الآية (96) ? فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ?
وقد تكرر ذكر العلم على لسان يعقوب عليه السلام.
الآية (100) ? وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ?
تكررت الصيغة نفسها إذ وردت " العليم الحكيم " في الآية الثالثة والثمانين
الآية (101) ? رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ?
وجاء في هذه الآية على لسان يوسف عليه السلام وهو يناجي ربه ويدعوه ...
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 02:19 ص]ـ
جزاك الله خيراً أستاذة أحلام، وشكر لك هذه الفوائد الجمّة .. ولعله من المناسب أن نذكر هنا توجيهاً لطيفاً للدكتور السامرائي في بيان تقديم العلم على الحكمة حيث اجتمعا في سورة يوسف، وذلك لأنّه في سورة يوسف تقدّم قوله تعالى: (ويعلمك من تأويل الأحاديث)، وهذا موطن علم فقدّم العلم على الحكمة لذلك .. بخلاف سورة الأنعام مثلاً حيث قدّم فيها الحكمة على العلم حيث اجتمعا، وذلك لأنّ في الأنعام مقام تشريع الأحكام ..
ـ[أحلام]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 02:41 م]ـ
استاذنا الفاضل لؤي الطيبي الموقر
جزاك الله على هذا المرور الطيب
في سورة سيدنا يوسف عزاء لكل مكلوم ومهموم
فنجد حكمة الله وعلمه في كل حركة وتصرف يقوم به أشخاص القصة
فمثلا لو لم يُنسَ سيدنا يوسف (عليه السلام) في السجن؟ فمن أين يجده الرجل الذي
خرج من السجن _سبحان الله_حتى يستطيع تأويل الرؤيا!!!
فهو يعرف مكانه فبسهوله رجع إليه ,وأوّل له رؤيا الملك
والسلام عليكم(/)
الاستفهام المجازي في كتاب (الصاحبي) لابن فارس
ـ[محمد سعد]ــــــــ[07 - 05 - 2008, 06:28 م]ـ
التبكيت: [/ B]
[B] ويدل على خروج الاستفهام عن أصل وضعه إلى معنى (التبكيت) بقوله: "ويكون استخباراً، والمعنى تبكيت نحو: "أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ" [المائدة: 5/ 116]، تبكيت للنصارى فيما ادعوه.
وابن فارس بإفراده لهذا الغرض، يُفهم منه أنه يُفرق بين التبكيت والتوبيخ، وهو بهذا محق؛ لأن المعنى اللغوي للتبكيت، وإن أفاد ما أفاد التوبيخ: التقريع والتعنيف، غير أن التبكيت يُفهم منه الحِجاج، يقول ابن منظور: "وبكته بالحجة، أي غلبه"، و"لعل التبكيت أعلى درجة من التوبيخ، فهو توبيخ، وتقريع وتعنيف واستنكار".
وما ذهب إليه ابن فارس من أن الاستفهام أفاد التبكيت وافقه عليه الزركشي، ونقل عنه هذا الشاهد، لكن ثمة علماء غيرهما ذهبوا مذهباً مغايراً، فرأى أبو عبيدة أنه من "باب التفهيم، وليس باستفهام عن جهل ليعلمه ... ، وإنما يراد به النهي عن ذلك، ويتهدد به" ثم ساق أمثلة اختلطت فيه معاني التهديد بالتقرير
قال القرطبي (ت 671 هـ) إنّه "توبيخ لمن ادعى ذلك عليه، ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغ من التكذيب، وأشد في التوبيخ والتقريع". أما المرادي فذهب إلى أنه للتقرير
وهكذا نلحظ أن الآراء تتباين، لكن يبقى لرأي ابن فارس بعد دقيق؛ ذلك لأنه أدرك أن الاستفهام وإن كان موجهاً إلى سيدنا عيسى عليه السلام، إلا أنه لا يعنيه؛ لأنه ـ عز شأنه ـ يعلم أن هذا القول لم يقع منه، بدليل قوله عليه السلام: "سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ" [المائدة: 5/ 116]، كما أن النصارى يعلمون أنه لم يقله، لكنه أراد من هذا الاستفهام أن يكون تبكياً لهم، ليعلموا أنهم المراد بذلك.
وثمة مسألة بلاغية تؤكد أن ما ذهب إليه ابن فارس من أن الاستفهام أفاد تبكيتاً، ولم يكن استفهاماً محضاً، أو نهياً أو تفهيماً كما قال أبو عبيدة، أو تقريراً كما ذهب المرادي هي أن "إيلاء الاستفهام الاسم، ومجيء الفعل بعده دلالة على صدور الفعل في الوجود، لكن وقع الاستفهام عن النسبة، سواء أكان هذا الفعل الواقع صادراً عن المخاطب أم ليس بصادر عنه، وفي هذا يقول عبد القاهر: "إذا بدأت بالفعل، فقلت: (أفعلت؟) كان الشك في الفعل نفسه، وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده. وإذا قلت (أأنت فعلت؟) فبدأت بالاسم كان الشك في الفاعل من هو؟، وكان التردد فيه ... ومثال ذلك أنك تقول: (أبنيت الدارَ التي كنت على أن تبنيها؟) ... وتقول: أأنت بنيتَ هذه الدار؟)، فتبدأ في ذلك كله بالاسم، وذلك لأنك لم تشك في الفعل أنه كان. كيف؟ وقد أشرت إلى الدار مبنية، وإنما شككت في الفاعل من هو؟ فهذا من الفرق لا يدفعه دافع، ولا يشك فيه شاك، ولا يخفى فساد أحدهما من موضع الآخر.(/)
معنى (ربيبة)
ـ[نور*]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 06:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم بـ كل خيرٍ
أريد أن أعرف المعنى الشامل لـ كلمة (ربيبة)
ودمتم بـ خير
نور*
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 06:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم بـ كل خيرٍ
أريد أن أعرف المعنى الشامل لـ كلمة (ربيبة)
ودمتم بـ خير
نور*
ضعيها ضمن سياقها، الذي جاءت فيه؛
لأن الكلمة لامعنى لها،
إلا ضمن سياقها!!
وأهلا وسهلا ومرحبا
ـ[نور*]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 05:44 ص]ـ
شكراً للرد,,.د/مروان
(ربيبة المنفى)
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 06:02 ص]ـ
الرَّبِيبَةُ: مذكر الرَّبِيبُ.
-: الحاضنة العربية للصَّبي.
-: بنتُ الزوجة.
-: امرأةُ الرَّجل إذا كان له ولد من غيرها.
(بِنْتُ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوَاجٍ سَابِقٍ)
-: الشَّاةُ تُرَبَّى في البيتِ للبنها
جمعها: رَبَائبُ.
مثل: "يُعَامِلُ رَبِيبَتَهُ بِلُطْفٍ"
ـ[نور*]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 07:12 ص]ـ
يعني المقصود التي تربت أو الذي تربى
شكراً جزيلاً د. مروان(/)
تقديم شبه الجملة
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 04:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تأملوا معي إخوتي الآيات التالية:
قال تعالى: (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا)
فقد تأخر شبه الجملة (به) عن عامله وهو الفعل (آمنا)
ولكنه في قوله: (عليه توكلنا) قدم شبه الجملة (عليه)
على العامل (توكلنا) وذلك لأن الإيمان ليس مختصابالله تعالى،
فمن شروط الإيمان:
الإيمان بالله والملائكة والرسل .... الخ
ولذلك جعله على التأخير لعدم الاختصاص- عدم اختصاص الإيمان بالله تعالى -
ولكنه حين جاء الفعل حول التوكل جاء مختصا،
فقدم شبه الجملة؛ لأن التوكل لا يجوز
أن يكون إلا على الله.
ومن ذلك قوله أيضا: (إليه يرد علم الساعة)
تقديم شبه الجملة (إليه) على العامل (يرد)
وذلك أيضا للاختصاص؛ لأن علم الساعة
مختص بذات الله -جل في علاه-
وكذلك قوله: (وعنده علم الساعة)
والله تعالى أعلم .............
ـ[عبدالدائم مختار]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 04:44 م]ـ
أنعم بك وأكرم
تأملك موضع تقدير وإعجاب
فالإيمان مطلق وله أقانيم، وأما التوكل فلا يكون إلا مختصا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[08 - 05 - 2008, 05:02 م]ـ
أخي الطيب محمد ..
أحسنتَ التعليل بارك الله فيك، وزادك علماً ونوراً ..
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 06:54 م]ـ
شكرا لكم جميعاً ..
فما كان هذا من جهدنا **** ولكن منكم يكون المعين
وجزاكم الله خيرا
ـ[أحمد الشهري]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 01:19 م]ـ
فائدة قيمة
جزاك الله خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 02:14 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيرا أخي محمد.
ويقال عموما: تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 09:40 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء(/)
ارجو الاجابة ولكم الاجر والثواب ..........
ـ[القادري]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 06:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
احبتي اسعد الله ايامكم وكل عام وانتم بخير
اخوتي اريد ان اعرف الفرق بين الطباق والمقابلة وبين الجناس والكناية الحقيقة موضوع الطباق والمقابلو موجدود في احد المشاركات لكن لللاسف لم تصل الفكرة اريد توضيحا با لامثلة وجزيتم خيراً
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 02:11 ص]ـ
المقابلة أسلوب في التعبير يقوم على مبدأ إقامة تضادّ بين الألفاظ والمعاني والأفكار والصور تحقيقاً لغايات بلاغية وقيم فكرية .. وهي تُعدّ من الأساليب البارزة التي يجيء الاعتماد عليها عن قصد، وفي مواضع كثيرة من القرآن العظيم، كما أنّ الأدب العربي بشعره ونثره قد تميّز بها، وبخاصّة الشعر الجاهلي ..
ومع أنّ المقابلة في مذهب أغلب القدماء محسّن بديعيّ، غير أنّ المتأمّل في دِلالاتها واستخداماتها الكثيرة يرى أنّ لها أغراضاً أبعد من ذلك، فهي فنّ بلاغيّ، وطريقة في أداء المعنى لها آثارها وقيَمها البعيدة، كما أنّها تساهم في إبراز كثير من المعاني بما فيها من ثنائيّة وتضادّ ..
وأصل المقابلة من قابل الشيء بالشيء مقابلة وقِبالاً إذا عارضه، فإذا ضممتَ شيئاً إلى شيء تقول: قابلتُه به .. والمقابلة: المواجهة، والتقابل مثله وهو نقيض التدابر، وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى في وصف أهل الجنة: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ) [الحجر: 47] .. قال أهل التفسير: إنّ التقابل في هذه الآية هو التواجه بحيث لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه، لأنّ الأَسِرَّة تدور بهم حيث داروا فهم في جميع أحوالهم متقابلون ..
ومع أنّ أغلب آراء النُقّاد والبلاغيّين في مفهوم المقابلة متشابهة ومتقاربة، إلا أنّنا نلاحظ عندهم ثمّة خلطاً والتباساً بين معنى المقابلة والطباق، وهو خلط قد يعود إلى حرص أغلبهم على كثرة التقسيم والتفريع في الأساليب البلاغية ..
ولعلّ أوّل من تفطّن إلى ذلك الخلط والالتباس هو ابن رشيق القيرواني، يقول في كتابه (العمدة): "المقابلة أصلها ترتيب الكلام على ما يجب، فيعطي أوّل الكلام ما يليق به أوّله، وآخره ما يليق به آخره، ويأتي في الموافق بما يوافقه، وفي المخالف بما يخالفه، وأكثر ما تجيء المقابلة في الأضداد، فإذا جاوز الطباق ضدين كان مقابلة" ..
يُلاحظ في هذا التعريف أنّ ابن رشيق يفرّق بنظره الثاقب بين الطباق والمقابلة من حيث عدد الأضداد في الكلام. فالطباق عنده هو الجمع بين الضدّين فحسب، أمّا المقابلة فتختصّ بالجمع بين أكثر من متضادّين ..
وإذا كان بعض النقاد والبلاغيين قد فرّق بين الطباق والمقابلة، كابن رشيق، فإنّ البعض الآخر جعلها نوعاً واحداً، كالعلويّ وابن الأثير والسيوطي، بل إنّ العلوي وابن الأثير لم يُحبّذا اسم الطباق واقترحا أنْ يُسمّى هذا النوع البلاغي مقابلة ..
وإذا كان ابن رشيق قد أزال الخلط والالتباس في التفرقة بين المقابلة والطباق في عمدته، فإنّ العلوي قد أبدع في بيان تقسيمات المقابلة في طرازه، حيث قسّمها إلى أربعة أضرب:
الضرب الأول: في مقابلة الشيء بضده من جهة لفظه ومعناه، ومثاله قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ) [النحل: 90] فانظر إلى هذا التقابل العجيب في هذه الآية ما أحسن تأليفه وأعجب تصريفه، فلقد جُمع فيه بين مقابلات ثلاث، الأولى منها مأمور بها والثلاث التوابع منهيّ عنها، ثمّ هي فيما بينها متقابلة أيضاً ..
الضرب الثاني: في مقابلة الشيء بضدّه من جهة معناه دون لفظه، ومثاله قوله تعالى: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا) [الأنعام: 125] فقوله يهدي ويضلّ من باب الطباق اللفظي، وقوله يشرح صدره مع قوله يجعل صدره ضيّقاً حرجاً من الطباق المعنوي، لأنّ المعنى بقوله يشرح يوسعه للإيمان ويفسحه بالنور حتى يطابق قوله ضيّقاً حرجاً ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا قوله تعالى: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) [الليل: 5 - 7] فقوله كذب وصدق، وقوله اليسرى والعسرى من باب الطباق اللفظي، وقوله أعطى مع قوله بخل فإنّما هو من الطباق المعنوي لأنّ المعنى في أعطى كَرُمَ ليطابق بخل في معناه دون لفظه ..
الضرب الثالث: في مقابلة الشيء بما يخالفه من غير مضادّة، وذلك يأتي على وجهين:
الوجه الأول: أن يكون أحدهما مخالفاً للآخر، خلا أن بينهما مناسبة، وهذا نحو قوله تعالى: (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا) [آل عمران: 120] فالمصيبة مخالفة للحسنة من غير مضادّة، إلا أنّ المصيبة لا تقارب الحسنة، وإنّما تقارب السيّئة، لأنّ كلّ مصيبة سيّئة وليس كلّ سيّئة مصيبة، فالتقارب بينهما من جهة العموم والخصوص ..
وهكذا قوله تعالى: (أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) [الفتح: 29] فالرحمة ليست ضدّاً للشدّة، وإنّما ضدّ الشدّة اللين، خلا أنّه لمّا كانت الرحمة من مسبّبات اللين، حسُنت المطابقة وكانت المقابلة لائقة.
الوجه الثاني: ما لا يكون بينهما مقاربة وبينهما بُعد لا يتقاربان ولا مناسبة بينهما، ومثاله ما قاله أبو الطيب المتنبي:
لمَن تطلب الدّنيا إذا لم تُرد بها ... سرور مُحبّ أو إساءة مُجرمٍ
فالمقابلة الصحيحة أن تكون بين محبّ ومبغض، لا بين محبّ ومجرم، فإنّ بين المحبّ والمجرم تباعداً كبيراً، فإنّه ليس كلّ مَن أجرم إليك فهو مبغض لك .. وممّا يجري هذا المجرى ما قاله بعض الشعراء:
فكم مِن كريم قد مناه إلهُه ... بمذمومة الأخلاق واسعة الهَنِ
فقوله: بمذمومة الأخلاق واسعة الهَنِ، من باب المقابلة البعيدة التي لا مناسبة فيها وكان الأخلق (بضيّقة الأخلاق وساعة الهَنِ) ..
الضرب الرابع: المقابلة للشيء بما يماثله، وذلك يكون على وجهين:
الوجه الأول: مقابلة المفرد بالمفرد، كقوله تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) [الشورى: 40]، وقوله تعالى: (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ) [الرحمن: 60]، وقوله تعالى: (مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) [الروم: 44]، وغير ذلك من الأمور المفردة، فضابط المماثلة أنّ كلّ كلام كان مفتقراً إلى جواب يكون مماثلاً كما قرّرناه ..
الوجه الثاني: مقابلة الجملة بالجملة، كقوله تعالى: (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [آل عمران: 54]، وقوله تعالى: (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي) [سبأ: 50] .. فما هذا حاله من المقابلة في الوجهين جميعاً له حظّ في البلاغة، ومقصد عظيم لا يخفى على مَن له أدنى ذوق مستقيم ..
ولعلّ هذا التقسيم أقرب شيء إلى التقسيمات الحديثة التي تجعل المقابلة قسمين، قسم فيه تضادّ حقيقيّ بين الكلمات أو الجمل، وقسم آخر ليس فيه تضادّ حقيقيّ وإنّما تقابل بين الكلمات أو الجمل المتماثلة أو شبه تضادّ ..
ـ[القادري]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 04:57 م]ـ
بارك الله فيك وسدد على طريق الحق خطاك
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 09:38 ص]ـ
بارك الله فيك على هذا التوضيح(/)
ما هي معاني [حتى] المختلفة؟
ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 04:32 ص]ـ
.. سمعت أن حرف الجر [حتى] له معاني كثيرة ومختلفة .. أتمنى أن أجد جوابا مفصلا ً لاستخدامات [حتى] .. وشكرا لكم
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 05:52 ص]ـ
منها:
الغاية: وهي أشهرها، فترادف "إلى"، كما في قوله تعالى: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، أي: إلى أن تفيء إلى أمر الله، ومفهوم الغاية من أقسام مفهوم المخالفة عند الأصوليين، فحكم ما بعد الغاية مخالف لحكم ما قبلها، فقبل الفيء الحكم: وجوب القتال المستفاد من صيغة الأمر في قوله تعالى: (فَقَاتِلُوا)، وبعده: وجوب الإصلاح المستفاد من صيغة الأمر في قوله تعالى: (فَأَصْلِحُوا).
ونظيره قوله تعالى: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، أي: إلى طلوع الفجر.
وقول الشاعر:
ليس العطاء من الفضول سماحة ******* حتى تجود وما لديك قليل.
أي: إلى أن تبلغ مرتبة الجود من القليل، فتكون صدقتك: جهد المقل.
والتعليل: كما في نفس الآية السابقة، فالمعنى: فقاتلوا التي تبغي كي تفيء إلى أمر الله.
والعطف: سواء كان التدرج فيه من:
الأدنى إلى الأعلى، كقولك: مات الناس حتى الأنبياء.
أو من الأعلى إلى الأدنى، كقولك: جاء الناس حتى الحجامون، باعتبار الحجامة من المهن الدنية، وإن كانت مباحة.
والابتداء: نحو: أكلت السمكة حتى رأسُها، فحتى ابتدائية بدليل رفع ما بعدها، فيكون تقدير الكلام: حتى رأسُها مأكولٌ.
بخلاف: حتى رأسِها: فهي غائية.
و: حتى رأسَها: فهي عاطفة.
وبإمكانك مراجعة فصل "حتى" في "مغني اللبيب" للشيخ للعلامة ابن هشام الأنصاري رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 06:50 ص]ـ
في مغني اللبيب عن كتب الأعاريب؛ لابن هشام اللغوي:
((حتى:
حرف يأتي لأحد ثلاثة معان:
انتهاء الغاية وهو الغالب، والتعليل، وبمعنى إلاّ في الاستثناء وهذا أقلها، وقلَّ من يذكره.
وتستعمل على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون حرفاً جاراً بمنزلة الى في المعنى والعمل، ولكنها تخالفها في ثلاثة أمور: أحدها: أن لمخفوضها شرطين، أحدهما عام، وهو أن يكون ظاهراً لا مضمراً، خلافاً للكوفيين والمبرد، فأما قوله:
أتتْ حتّاكَ تقصدُ كلَّ فجٍّ = تُرجّي منكَ أنها لا تخيبُ
فضرورة، واختلف في علة المنع؛ فقيل:
هي أنّ مجرورها لا يكون إلا بعضاً مما قبلها أو كبعض منه، فلم يمكن عود ضمير البعض على الكل، ويرده أنه قد يكون ضميراً حاضراً كما في البيت فلا يعود على ما تقدم، وأنه قد يكون ضميراً غائباً عائداً على ما تقدم غير الكل، كقولك زيدٌ ضربتُ القومَ حتّاهُ، وقيل:
العلة خشية التباسها بالعاطفة، ويرده أنها لو دخلت عليه لقيل في العاطفة قاموا حتى أنتَ وأكرمتهم حتى إياك، بالفصل؛ لأن الضمير لا يتصل إلا بعامله، وفي الخافضة حتاك بالوصل كما في البيت، وحينئذٍ فلا التباس، ونظيرُه أنهم يقولون في توكيد الضمير المنصوب رأيتُكَ أنتَ، وفي البدل منه رأيتُكَ إيّاك، فلم يحصل لبسٌ، وقيل: لو دخلت عليه قلبت ألفها ياء كما في إلى، وهي فرع عن إلى، فلا تحتمل ذلك، والشرط الثاني خاص بالمسبوق بذي أجزاء، وهو أن يكون المجرورُ آخراً نحو أكلتُ السّمكةَ حتّى رأسِها، أو ملاقياً لآخر جزء نحو (سلامٌ هي حتى مطلعِ الفجرِ) ولا يجوز سرتُ البارحةَ حتى ثُلثِها أو نصفِها، كذا قال المغاربة وغيرهم، وتوهم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزمخشري، واعترض عليه بقوله:
عيّنتْ ليلةً فما زلتُ حتى = نصفِها راجياً فعدتُ يؤوسا
وهذا ليس محلَّ الاشتراط؛ إذ لم يقل فما زلت في تلك الليلة حتى نصفها، وإن كان المعنى عليه، ولكنه لم يصرح به.
الثاني: أنها إذا لم يكن معها قرينةٌ تقتضي دخول ما بعدها كما في قوله:
ألقى الصّحيفةَ كي تُخفِّفَ رحلهُ = والزّادَ حتّى نعلَهُ ألقاها
أو عدم دخوله كما في قوله:
سقى الحيا الأرضَ حتى أمكُن عُزيت = لهم فلا زالَ عنها الخيرُ مجدُودا
(يُتْبَعُ)
(/)
حُملَ على الدخول، ويحكم في مثل ذلك لما بعد الى بعدم الدخول؛ حَملاً على الغالب في البابين، هذا هو الصحيح في البابين.
وزعم الشيخُ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى، وليس كذلك، بل الخلاف فيها مشهور، وإنما الاتفاقُ في حتى العاطفة، لا الخافضة، والفرق أن العاطفةَ بمعنى الواو.
والثالث: أن كلاً منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للآخر.
فمما انفردت به إلى أنه يجوز كتبتَ الى زيد وأنا الى عمرو، أي هو غايتي، كما جاء في الحديث أنا بكَ وإليك، وسرتُ من البصرة الى الكوفة، ولا يجوز: حتى زيد، وحتى عمرو، وحتى الكوفة، أما الأولان فلأنّ حتى موضوعة لإفادة تقضِّي الفعل قبلها شيئاً فشيئاً الى الغاية، وإلى ليست كذلك، وأما الثالث فلضعفِ حتى في الغاية؛ فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية.
ومما انفردت به حتى أنه يجوز وقوعُ المضارع المنصوب بعدها نحو سرتُ حتى أدخلها، وذلك بتقدير حتى أنْ أدخُلها، وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بحتى ولا يجوز سرت الى أدخلها، وإنما قلنا إن النصب بعد حتى بأن مضمرة لا بنفسها، كما يقول الكوفيون لأن حتى قد ثبت أنها تخفضُ الأسماء وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال، وكذا العكس.
ولحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثةُ معان:
مُرادفة الى نحو (حتّى يرجعَ إلينا مُوسى).
ومرادفة كي التعليلية نحو (ولا يزالونَ يُقاتلونكم حتى يُردّوكم) (هُم الذينَ يقولونَ لا تنفقوا على من عندَ رسولِ اللهِ حتّى ينفضّوا) وقولك أسلِم حتّى تدخلَ الجنّةَ، ويحتملهما (فقاتلوا التي تبغي حتّى تفيءَ الى أمرِ الله).
ومرادفة إلاّ في الاستثناء، وهذا المعنى ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم واللهِ لا أفعلُ إلاّ أن تفعلَ، المعنى حتى أن تفعل، وصرح به ابن هشام الخضراوي وابن مالك، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في (وما يُعلِّمان من أحدٍ حتّى يقولا) والظاهر في هذه الآية خلافُه، وأن المراد معنى الغاية، نعم هو ظاهر فيما أنشده ابن مالك في قوله:
ليسَ العطاءُ منَ الفضولِ سماحةً = حتّى تجودَ وما لديكَ قليلُ
وفي قوله:
واللهِ لا يذهبُ شيخي باطلا = حتّى أبيرَ مالكاً وكاهلا
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 06:56 ص]ـ
لأن ما بعدهما ليس غاية لما قبلهما ولا مسبباً عنه، وجعل ابن هشام من ذلك الحديث كُلُّ مولودٍ يولدُ على الفطرةِ حتّى يكونَ أبواهُ هما اللذانِ يُهوِّدانهِ أو يُنصِّرانِهِ، إذ زمنُ الميلادِ لا يتطاول فتكون حتى فيه للغاية، ولا كونه يولد على الفطرة علتُه اليهودية والنصرانية فتكون فيه للتعليل، ولك أن تخرجه على أن فيه حذفاً، أي يولد على الفطرة ويستمر على ذلك حتى يكون ...
ولا ينتصب الفعل بعد حتّى إلا إذا كان مستقبلاً، ثم إن كان استقباله بالنظر الى زمن التكلم فالنصب واجب، نحو (لن نبرحَ عليهِ عاكفينَ حتّى يرجعَ إلينا موسى) وإن كان بالنسبة الى ما قبلها خاصة فالوجهان، نحو (وزُلزلوا حتّى يقولُ الرّسولُ) الآية؛ فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر الى الزلزال، لا بالنظر الى زمن قصِّ ذلك علينا.
وكذلك لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا إذا كان حالاً، ثم إنْ كانت حاليته بالنسبة الى زمن التكلم فالرافع واجب، كقولك سرتُ حتّى أدخلُها، إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، وإن كانت حاليته ليست حقيقية، بل كانت محكية؛ رُفعَ، وجاز نصبه إذا لم تقدر الحكاية نحو (وزُلزلوا حتّى يقولَُ الرّسولُ) قراءة نافع بالرفع بتقدير حتى حالتهم حينئذٍ أن الرسول والذين آمنوا يقولون كذا وكذا.
واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون حالاً أو مؤولاً بالحال كما مثلنا،
والثاني: أن يكون مسبباً عما قبلها؛ فلا يجوز سرتُ حتّى تطلع الشمس، ولا ما سرتُ حتى أدخلها، وهل سرت حتى تدخلها، أما الأول فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير، وأما الثاني فلأن الدخول يتسبب عن عدم السير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الثالث فلأن السبب لم يتحقق وجوده، ويجوز أيُّهم سار حتى يدخلها، ومتى سرت حتى تدخلها، لأن السير محقق، وإنما الشك في عين الفاعل وفي عين الزمان، وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجاباً ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسرهِ، لا على ما قيل حتى خاصة، ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها، وإنما منعه إذا كان النفي مسلطاً على السبب خاصة، وكل أحد يمنع ذلك.
والثالث: أن يكون فضلةً فلا يصح في نحو سَيري حتى أدخلها، لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر، ولا في نحو كان سيري حتى أدخلها، إنْ قدرت كان ناقصة، فإن قدرتها تامة أو قلت سيري أمسِ حتى أدخله، جاز الرفع، إلا إن علقت أمس بنفس السير، لا باستقرار محذوف.
الثاني من أوجُه حتى:
أن تكون عاطفة بمنزلة الواو، إلا أن بينهما فرقاً من ثلاثة أوجه: أحدها: أن لمعطوف حتى ثلاثة شروط: أحدها أن يكون ظاهراً لا مضمراً كما أن ذلك شرط مجرورها، ذكره ابن هشام الخضراوي، ولم أقف عليه لغيره. والثاني أن يكون إما بعضاً من جمع قبلها كقدمَ الحاجُّ حتّى المشاةُ، أو جزءاً من كل نحو أكلتُ السّمكةَ حتى رأسَها، أو كجزء نحو أعجبتني الجاريةُ حتى حديثُها، ويمتنع أن تقول حتى ولدُها، والذي يضبط لك ذلك أنها تدخل حيث يصبح دخول الاستثناء، وتمتنع حيث يمتنع، ولهذا لا يجوز ضربت الرجلين حتى أفضلهما، وإنما جاز: ...
حتى نعلَه ألقاها
لأن إلقاء الصحيفة والزاد في معنى ألقى ما يثقله، والثالث أن يكون غاية لما قبلها إما في زيادة أو نقص؛ فالأول نحو مات الناسُ حتى الأنبياءُ، والثاني نحو زاركَ الناسُ حتى الحجّامونَ، وقد اجتمعا في قوله:
قهرناكمُ حتى الكماةَ؛ فأنتمُ = تهابُوننا حتى بنينا الأصاغرا
الفرق الثاني: أنها لا تعطف الجمل، وذلك لأن شرط معطوفها أن يكون جزءاً مما قبلها أو كجزء منه، كما قدمناه، ولا يتأتى ذلك إلا في المفردات، هذا هو الصحيح، وزعم ابن السّيد في قول امرئ القيس:
سريتُ بهم حتّى تكِلُّ مطيُّهم = وحتّى الجيادُ ما يُقدنَ بأرسانِ
فيمن رفع تكلّ أن جملة تكل مطيهم معطوفة بحتى على سريت بهم.
الثالث: أنها إذا عطفت على مجرور أعيد الخافض، فرقاً بينها وبين الجارة، فتقول مررتُ بالقوم حتى بزيدٍ، ذكر ذلك ابن الخباز وأطلقه، وقيّده ابن مالك بأن لا يتعين كونُها للعطف نحو عجبتُ من القومِ حتّى بنيهم، وقوله:
جُودُ يُمناكَ فاضَ في الخلقِ حتّى = بائسٍ دانَ بالإساءةِ دينا
وهو حسن، ورده أبو حيان، وقال في المثال: هي جارة؛ إذ لا يشترط في تالي الجارة أن يكون بعضاً أو كبعض، بخلاف العاطفة، ولهذا منعوا أعجبتني الجاريةُ حتى ولدها، قال: وهي في البيت محتملة، انتهى. وأقول: إن شرط الجارية التالية ما يُفهم الجمع أن يكون مجرورها بعضاً أو كبعض، وقد ذكر ذلك ابن مالك في باب حروف الجر، وأقره أبو حيان عليه، ولا يلزم من امتناع أعجبتني الجارية حتى ابنها، امتناعُ عجبت من القوم حتى بنيهم، لأن اسم القوم يشمل أبناءهم، واسم الجارية لا يشمل ابنها، ويظهر لي أن الذي لحظهُ ابن مالك أن الموضع الذي يصحُّ أن تحل فيه إلى محل حتّى العاطفة فهي فيه محتملة للجارة؛ فيحتاج حينئذ الى إعادة الجار عند قصد العطف نحو اعتكفتُ في الشّهرِ حتى في آخره، بخلاف المثال والبيت السابقين، وزعم ابن عصفور أن إعادة الجار مع حتى أحسن، ولم يجعلها واجبة.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 07:44 ص]ـ
تنبيه:
العطفُ بحتى قليلٌ، وأهلُ الكوفة ينكرونه البتة، ويحملون نحو جاء القومُ حتى أبوك، ورأيتهم حتى أباك، ومررت بهم حتى أبيك على أن حتى فيه ابتدائية، وأن ما بعدها على إضمار عامل.
الثالث من أوجُه حتى:
أن تكون حرفَ ابتداء، أي حرفاً تُبتدأ بعده الجملُ أي تستأنف؛ فيدخل على الجملة الاسمية كقول جرير:
فما زالتِ القتلى تمُجُّ دماءَها = بدجلةَ حتّى ماءُ دجلةَ أشكلُ
وقول الفرزدق:
فوا عجباً حتّى كُليبٌ تسُبُّني = كأنّ أباها نهشلٌ أو مجاشعُ
ولابد من تقدير محذوف قبل حتى في هذا البيت يكون ما بعد حتى غاية له، أي فوا عجبا يسبني الناسُ حتى كليبٌ تسبني، وعلى الفعلية التي فعلها مضارع كقراءة نافع رحمه الله (حتّى يقولُ الرّسولُ) برفع يقول، وكقول حسّان:
(يُتْبَعُ)
(/)
يُغْشون حتّى ما تهرُّ كلابُهم = لا يسألونَ عن السّوادِ المقبلِ
وعلى الفعلية التي فعلها ماضٍ نحو (حتى عفَوا وقالوا) وزعم ابن مالك أن حتى هذه جارّة وأنّ بعدها أنْ مضمرة، ولا أعرف له في ذلك سلفاً، وفيه تكلفُ إضمارٍ من غير ضرورة، وكذا قال في حتى الداخلة على إذا في نحو (حتى إذا فشلتم وتنازعتم) إنها الجارة، وإن إذا في موضع جر بها، وهذه المقالة سبقه إليها الأخفشُ وغيره، والجمهور على خلافها وأنها حرفُ ابتداء، وأن إذا في موضع نصب بشرطها أو جوابها، والجوابُ في الآية محذوف، أي امتحنتم، أو انقسمتم قسمين؛ بدليل (منكم من يريدُ الدنيا، ومنكم من يُريدُ الآخرة) ونظيره حذف جواب لما في قوله تعالى (فلمّا نجّاهم الى البر فمنهم مُقتصدٌ) أي انقسموا قسمين فمنهم مقتصد ومنهم غير ذلك، وأما قول ابن مالك إن (فمنهم مقتصد) هو الجواب فمبني على صحة مجيء جواب لما مقروناً بالفاء ولم يثبتْ، وزعم بعضهم أن الجواب في الآية الأولى مذكور وهو (عصيْتم) أو (صرفكم) وهذا مبني على زيادة الواو وثم، ولم يثبت ذلك.
وقد دخلت حتى الابتدائيةُ على الجملتين الاسمية والفعلية في قوله:
سريتُ بهم حتى تكلُّ مطيُّهم = وحتّى الجيادُ ما يُقدنَ بأرسانِ
فيمن رواه برفع تكل، والمعنى حتى كلّت، ولكنه جاء بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية كقولك رأيتُ زيداً أمسِ وهو راكب وأما من نصب فهي حتى الجارة كما قدمنا، ولابد على النصب من تقدير زمنٍ مضاف الى تكلُّ، أي الى زمان كلالِ مطيهم.
وقد يكون الموضع صالحاً لأقسام حتى الثلاثة كقولك أكلتُ السّمكة حتى رأسها فلك أن تخفض على معنى إلى، وأن تنصب على معنى الواو، وأن ترفع على الابتداء، وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله:
عممتَهم بالنّدى حتى غُواتَُِهمُ = فكنتَ مالكَ ذي غَيٍّ وذي رَشَدِ
وقوله: ... حتّى نعلَُِه ألقاها
إلا أن بينهما فرقاً من وجهين: أحدهما:
أن الرفع في البيت الأول شاذ؛ لكون الخبر غير مذكور، ففي الرفع تهيئة العاملِ للعمل وقطعهُ عنه، وهذا قول البصريين، وأوجبوا إذا قلت حتى رأسُها بالرفع أن تقول مأكول.
والثاني: أن النصب في البيت الثاني من وجهين؛ أحدهما: العطف، والثاني إضمار العامل على شريطة التفسير، وفي البيت الأول من وجه واحد.
وإذا قلت قام القوم حتى زيد قام جاز الرفع والخفض دون النصب، وكان لك في الرفع أوجُه؛ أحدها: الابتداء، والثاني العطف، والثالث إضمار الفعل؛ والجملة التي بعدها خبر على الأول، ومؤكدة على الثاني، كما أنها كذلك مع الخفض، وأما على الثالث فتكون الجملة مُفسِّرة.
وزعم بعض المغاربة أنه لا يجوز ضربت القوم حتى زيدٍ ضربتهُ بالخفض، ولا بالعطف، بل بالرفع أو بالنصب بإضمار فعل؛ لأنه يمتنع جعلُ ضربته توكيداً لضربت القوم، قال: وإنما جاز الخفض في حتى نعله لأن ضمير ألقاها للصحيفة، ولا يجوز على هذا الوجه أن يقدر أنه للنعل.
ولا محل للجملة الواقعة بعد حتى الابتدائية، خلافاً للزجاج وابن درستويه، زعمَا أنها في محل جر بحتى، ويرده أن حروف الجر لا تُعلَّقُ عن العمل، وإنما تدخل على المفردات أو ما في تأويل المفردات، وأنهم إذا أوقعوا بعدها إنّ كسروها فقالوا مرضَ زيدٌ حتى إنهم لا يرجونه والقاعدة أن حرف الجر إذا دخل على أنّ فتحت همزتها نحو (ذلكَ بأنّ اللهَ هوَ الحقّ).
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 09:25 ص]ـ
حيّاك الله د. مروان لم تترك لنا شيئا نقوله(/)
أثرقصة سيدنا يوسف (عليه السلام) في الأدب والشعرالعربي
ـ[أحلام]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 03:25 م]ـ
:::أثر قصة يوسف في الأدب والشعر.
كانت قصة يوسف مطمح أنظار الكتاب والشعراء قديماً وحديثاً، ومنبعاً يستوحون منه خيالاتهم وإبداعاتهم؛ وقد قال تعالى: ? لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ?؛ فهذه زوجة شاعر لم تصدق دموع زوجها حين رأته يبكي؛ فشبهتها بقميص يوسف لما جاء به أخوته وعليه دم كذب، وهذه إحدى دلالات القميص في القصة فقالت:
جفونك والدموع تجول فيها وقلبك ليس بالقلب الكئيبِ
نظير قميص يوسف يوم جاءوا على لباته بدمٍ كذوبِ
وقال أبو الطيب المتنبي:
يَحِطَّ كُلَّ طَويلِ الرُمحِ حامِلُهُ مِن سَرجِ كُلِّ طَويلِ الباعِ يَعبوبِ
كَأَنَّ كُلَّ سُؤالٍ في مَسامِعِهِ قَميصُ يوسُفَ في أَجفانِ يَعقوبِ
وقال آخر يمجد صاحبته ويندب حظه فيقول:
لها علم لقمان وسورة يوسف ولي حزن يعقوب وقصة آدم
فلا تقتلوها إن قتلت بها جوىً بلى فاسألوها كيف حل لها دمي
ويقول ابن الفارض:
وأرغَمَ أنفَ البَين لُطْفُ اشتِمالِها عليَّ بما يُرْبي على كُلّ مُنيَة
بها مثلمَا أمسَيتُ أصْبحتُ مُغرَماً وما أصْبحتْ فيه من الحسنِ أمست
فلوْ منحتْ كلّ الورى بعضَ حُسنها خَلا يوسُفٍ ما فاتَهُم بمَزِيَّة
وقال ابن عبد ربه الأندلسي وفي حديثه إشارة إلى الحسن اليوسفي الذي اكتحلت به الأبصار:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا مَن عليهِ رداءُ البأسِ والجودِ من جودِ كفكَ يجري الماءُ في العودِ
لمَّا تطلعتَ في يومِ الخميسِ لنا والناسُ حولك في عيدٍ بلا عيدِ
وبادرتْ نحوكَ الأبصارُ واكتحلتْ بحسنِ يوسُفَ في محرابِ داودِ
وهذا العباس بن الأحنف يستشهد بإحدى دلالات قميص يوسف وهي البراءة مما اتهمته به امرأة العزيز، فقال:
رَماني فَلَمّا أَقصَدَتني سِهامُهُ بَكى لي وَشامَ الباقِياتِ مِنَ النَبلِ
وَقَد زَعَمَت يُمنٌ بِأَنّي أَرَدتُها عَلى نَفسِها تَبّاً لِذَلِكَ مِن فِعلِ
سَلوا عَن قَميصي مِثلَ شاهِدِ يوسُفٍ فَإِنَّ قَميصي لَم يَكُن قُدَّ مِن قُبلِ
وقال ابن عبد ربه الاندلسي:
بَكيتُ حَتَّى لم أَدَعْ عَبرَةً إِذْ حَملوا الهودَجَ فَوقَ القَلوصْ
بُكاءَ يَعقوبٍ على يُوسُفٍ حَتَّى شَفَى غُلَّتَهُ بالقَميصْ
وقال ابن النقيب:
كأنَّه وهو في كفي أقلبه قميصُ يوسفَ في أجفان يعقوب
ويقول ابن راشد الحمامي:
لِلّهِ وَردٌ ناضِرٌ في سَوسَن غَضٌّ حَيا اِستِحيائِهِ يَحمِيهِ
عَن سِحرِ هارُوتٍ يُحدِّثُ لَحظُهُ وَجَمالُهُ عَن يُوسُفٍ يَروِيه
وقال ابن سالم الهمداني:
وَلَكِنَّهُ مُذ لاحَ لامَ عذارِهِ تَجَنّى فَلا يَلوي عَلى مَن تَعَذّرا
شَراني بِبَخسٍ وَهُوَ في الحُسنِ يُوسُفٌ وَما بِاعَني إِلّا بِأَرخَصِ ما اِشتَرى
فَيُمسي إِذا ما أظَلَمَ اللَيلُ ظالِمي وَيَهجُر إِن صامَ النَهارُ وَهَجّرا
أما أمير الشعراء أحمد شوقي فقد استحضر قمة الحسن التي ليوسف، وكذلك استحضر الحدث الذي وقع عند خروج يوسف عليه السلام على نسوة المدينة اللاتي قطعن أيديهن، يقول شوقي:
الحسنُ حلفت بيوسفه والصورة أنك مفردُهُ
إذ ودَّتْ كلُّ مقطِّعةٍ يدها لو تُبْعَث تشهدُهُ
وقال ابراهيم الأحدب:
يا من بيوسف سموه فتاه على أهل الصبابة واستعلى على البشر
ما فيك من يوسف المشهور من صفة سوى القميص الذي قد قد من دبر
وقال ابن الوردي:
أقسمتُ لو شاهدتَهُ يختالُ تحتَ المصحفِ
لحسبتَ صورةَ يوسفٍ تمشي بسورةِ يوسفِ
ويزخر الأدب العربي بنتاجٍ وافرٍ يستلهم من القصة أدواته وخيالاته ومداده؛ ذلك لما للقصة من أثر واضح في نفوس الأدباء.(/)
علم اللغة
ـ[الوووووسن]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 04:26 ص]ـ
بحثت عن أبرز العلماء في علم اللغة
ولكني لم أجد منهم إلا القليل ..
فهل أجد بين صفحاتكم الخير الوفير ..
فمن هم؟؟؟
وجزاااااااكم الله عني ألف خير
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 07:41 ص]ـ
اقرأي أحد كتب علم اللغة وانظري في الهوامش وستجدين العديد من الكتب(/)
استفسار في مخالفة ظاهر الكلام
ـ[7746]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 04:26 م]ـ
:::
مرحبا بالجميع ...
سؤالي:
هل يأتي فعل مستقبل يكون لماضي الزمان؟؟؟
أفيدونا،،،،،،،،،،،،
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 05:49 ص]ـ
ومرحبا بك أيها البلاغي الكريم.
يأتي المضارع، وهو للحال والاستقبال، دالا على الماضي استحضارا لصورة المعنى في نحو:
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، فتقدير الكلام: فأصبحت الأرض مخضرة، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة.
فالمعنى الأصلي قد أُدِيَ، فعرف المخاطب أن الله، عز وجل، أنزل من السماء ماء صير الأرض مخضرة، بإذنه فنسبة الإنبات إلى الماء: مجاز إسنادي فالمنبت حقيقة هو الله عز وجل، ولكن التعبير عن الماضي بصيغة المضارع أفاد استحضار الصورة، وكأن المطر قد نزل الآن فأصبحت الأرض مخضرة، وهذا معنى تابع لا يدرك ابتداء من مبنى الكلمات التي صيغت منها الجملة.
وقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا)، فتقدير الكلام: فأثارت سحابا، ولكنه جاء بالمضارع استحضارا للصورة، ومثاله قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ).
وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)، فالمعنى: لو أطاعكم في كثير من الأمر، ولكنه جاء بالمضارع لإفادة الاستمرار فيما مضى، فالمعنى: لو استمر على طاعتكم لهلكتم، فلوحظ معنى الاستمرار في المضارع، وإن كان الفعل ماضيا قد انقضى، فالمقصود من المضارع أصالة: معنى الاستمرار فيه.
وقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، في قراءة من رفع: "يقولُ"، استحضارا للصورة المنقضية، فقول الرسول قد انتهى، ولذا امتنع نصب "يقول" على هذا التأويل لأن نصبها يمحضها للاستقبال، والكلام، كما تقدم، ماض انتهى.
وقوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
فالبيت قد رفعت قواعده، وانتهى الأمر، فيصح في غير القرآن أن يقال: وإذ رفع إبراهيم القواعد من البيت، ولكنه جاء بالمضارع: "يرفع" استحضارا للصورة.
وقوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ).
فالقياس: وإذ قلت للذي أنعم الله عليه، ولكنه أتى بالمضارع استحضارا للصورة، لأن في القصة من العبر والأحكام ما يستحق التدبر.
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
فجاء بالمضارع في: "تَحُسُّونَهُمْ"، و: "تُصْعِدُونَ" استحضارا لصورة القتال.
وقوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ)، فالمعنى: إذ ألقوا أقلامهم، فأتى بالمضارع استحضارا للصورة.
وقولك: هجم الذئب وأنا أصك عينيه، فتقدير الكلام: فصككت عينيه، ولكنه عبر بالجملة الحالية، وفعلها مضارع: أصك، التي تفيد وقوع الفعل في الزمن الحاضر، استحضارا للصورة.
ومنه قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فتقدير الكلام: ثم قال له: كن فكان، فجاء بالمضارع استحضارا للصورة، لأن الآية نزلت في جدال النصارى الذين غلوا في المسيح صلى الله عليه وسلم، فاستحضار الصورة يقرب الأمر إلى عقولهم فكأنه رأي عين، وفي هذا إبطال لمعتقدهم الفاسد.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[7746]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 08:55 ص]ـ
شكرا لك أخي الكريم على هذا الإيضاح ...(/)
من حديث: (لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ .......... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 06:39 ص]ـ
من حديث حفصة رضي الله عنها: (لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ):
صيام: نكرة في سياق النفي فتفيد عموم النفي، والنفي إنما ينصب ابتداء على الحقيقة، فإن تعذر حمله على الحقيقة صير إلى أقرب المجازين: الصحة أو الكمال، فالمعنى دائر بين:
لا صيام: بمعنى نفي وقوعه، وهذا مخالف للواقع، فإن الصيام قد يقع بلا نية كمن يصوم حمية.
و: لا صيام صحيحا: حملا على أقرب المجازين.
و: لا صيام كاملا: حملا على أبعدهما.
فترجح من بينها المعنى الثاني: لتعذر حمل الكلام على الحقيقة كما تقدم.
ومثله:
دلالة الاقتضاء في حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، فتقدير الكلام: إنما صحة الأعمال، ولا يقال كمالها، لأن حمل الكلام على أقرب المجازين أولى عند تعذر حمله على الحقيقة، وقد تعذر حمله على الحقيقة في هذا السياق، من جهة أن كثيرا من الأعمال يقع بلا نية، فجل أفعال المكلف من قسم: المباح، والمباح لا يحتاج إلى نية، إلا إذا قصد المكلف الثواب فيكون ذلك لأمر خارج عنه، فأقرب المجازين في هذا السياق أيضا: الصحة، لا الكمال.
ومثله حديث: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)، فالراجح نفي الصحة، أقرب المجازين، لتعذر حمله على الحقيقة، فيكون التقدير: لا صلاة صحيحة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، بخلاف الأحناف، رحمهم الله، الذين حملوا النفي على الكمال، أبعد المجازين، فتصح الصلاة عندهم، إن قرأ ما تيسر من القرآن، عملا بقوله تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ)، وإن لم يقرأ الفاتحة معه.
ومثله أيضا: حديث: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)، فقد تعذر حمل الكلام على الحقيقة، وإلا لزم الحكم على الزاني بانتفاء أصل الإيمان، وهذا معارض بآية الجلد وحديث الرجم، فلو كان المنفي: أصل الإيمان لوجب قتله ردة، فدار الكلام بين: نفي الكمال الواجب ونفي الكمال المستحب، فترجح حمله على أقرب المجازين، الكمال الواجب، فيكون الزاني: مؤمنا باعتبار أصل الإيمان في قلبه، فاسقا بكبيرته، فيلحقه الوعيد من جهة انتفاء الكمال الواجب، ولو حمل الكلام على المجاز البعيد، الكمال المستحب، لما لحقه ذم أصلا، لأن انتفاء كمال الإيمان المستحب يكون بترك مسنون، أو فعل مكروه، وكلاهما، وإن قدح في مروءة فاعله إن داوم عليه إلا أنه لا يلحق به ذما، فالذم لا يكون إلا على ترك واجب أو فعل محرم.
لِمَنْ: موصول يفيد العموم بصيغته فالحكم عام في حق كل المكلفين.
الصِّيَامَ: "أل" إما أن تكون:
جنسية تفيد الاستغراق: فتفيد عموم الصيام سواء أكان فرضا أم نفلا، فيجب تبييت النية لأي صوم، ولو كان نفلا، وهذا اختيار مالك وداود الظاهري، رحمهما الله، كما أشار إلى ذلك صاحب "المغني" رحمه الله.
وعضد بعض أهل العلم هذا القول بحديث عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهَا فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ فَقُلْتُ لَا قَالَ إِنِّي صَائِمٌ ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا آخَرَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَدَعَا بِهِ فَقَالَ أَمَا إِنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ.
وهذه رواية النسائي رحمه الله.
فيكون صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أصبح مبيتا الصيام من الليل.
وإما أن تكون:
"عهدية": أي: من لم يبيت الصيام المعهود، وهو صيام الفرض سواء أكان من رمضان أم من غيره فلا صيام له، وهذا اختيار الجمهور، وقد رجحه صاحب المغني رحمه الله.
وعضده بعض أهل العلم برواية مسلم، رحمه الله، لحديث عائشة، رضي الله عنها، السابق، وفيها: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ.
فـ: "إذن" ظرف للزمان الحاضر، كما أشار إلى ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع"، أي أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم ينشئ نية الصيام إلا بعد أن لم يجد الطعام، فلم يبيتها من الليل كما رجح مالك رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 07:39 ص]ـ
بوركت أناملك أيها المهاجر(/)
ثنائيات في سورة سيدنا يوسف عليه السلام
ـ[أحلام]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 03:10 م]ـ
ثنائيات في سورة يوسف
* قوله تعالى: " قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ "
الآية (18) ? وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ?
وذلك عندما جاءه أبناؤه حاملين قميص يوسف.
الآية (83) ? قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ?لما رفع إليه خبر ما جرى على بنيامين.
* قوله تعالى: (معاذ الله) في هذه السورة في موضعين الأول قوله تعالى: (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الآية (23) ذكر حين دعته إلى المواقعة، والثاني قوله تعالى: (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذًا لَّظَالِمُونَ) الآية (79) وذلك حين دُعِي إلى تغيير حكم السرقة.
* قوله تعالى: (قلن حاش لله) في موضعين أحدهما في حضرة يوسف عليه السلام حين نفين عنه البشرية بزعمهن قال تعالى: (وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) الآية 31 والثاني بظهر الغيب حين نَفَيْنَ عنه السوء قال تعالى: (قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ) الآية 51.
* قوله تعالى: (إنا نراك من المحسنين) وردت في موضعين، الأول: من كلام صاحبي السجن ليوسف عليه السلام قال تعالى: (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الآية 36 والثاني من كلام إخوة يوسف ليوسف قال تعالى: (فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الآية 78
* قوله تعالى: (يا صاحبي السجن) كذلك وردت في موضعين، الأول منهما ذكره يوسف حين عدل عن جوابهما إلى دعائهما إلى الإيمان قال تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) الآية 39. والثاني حين شرع في تعبير الرؤيا لهما قال تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ) الآية41
ـ[هاني السمعو]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 03:29 م]ـ
بوركت أخت أحلام وفقك الله
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[12 - 05 - 2008, 04:01 م]ـ
بوركت أخية على هذه اللفتات الطيبة، جعلها الله في ميزانك يوم العرض.(/)
أطلب المساعدة من أساتذة اللغة العربية
ـ[صمت الأحزان]ــــــــ[13 - 05 - 2008, 09:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة إنتساب قسم لغة عربية في كلية التربية
أتمنى تساعدوني في معرفة الصور البلاغية في هذا الحديث الشريف
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا, الموطأون أكنافاَ، الذين يألفون ويؤلفون، ألا أخبركم بأبغضكم إليً وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة؟ الثرثارون المتفيقهون)
ويار يت تعربوه لي
وشكرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[14 - 05 - 2008, 05:56 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه بعض المحاولات:
ألا أخبركم: عرض برفق على المخاطب، وهو أولى في استمالته وقبوله الحقَ، وفي الاستفهام: تشويق لما بعده، لأن المخاطب يتطلع إلى معرفة الجواب بخلاف ما لو ألقي إليه ابتداء، فلا يقع في نفسه ذاك الموقع.
ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة
ألا أخبركم بأبغضكم إليً وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة
طباق إيجاب بين: "أحبكم" و "أبغضكم"، و: "أقربكم" و "أبعدكم".
الذين يألفون ويؤلفون: جناس ناقص، لاختلاف مبنى الكلمتين، وإن تشابهتا في معظم حروفهما.
والله أعلى وأعلم.
ـ[صمت الأحزان]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 07:42 م]ـ
أشكرك يا أستاذي الفاضل(/)
من يحل لي هذا الإشكال
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 11:31 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لقد أشكل عليّ التوفيق بين معنى أيتين في كتاب الله , هما:
قال تعالى: ((ولِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً))
ظاهر المعنى لهذه الآية أنّ الحج ليس مقصوراً على المسلمين فقط لدليل " على الناس " و لم يقل على المسلمين أو المؤمنين.
و هناك أية أخرى و هي قوله تعالى: ((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا))
فالمعنى الظاهر من هذه الآية أنه لا يجوز دخول المشركين المسجد الحرام , و هذا ما هو معمول به في بلد الله الحرام فلا يدخلها إلا المسلمين.
إذاً ماذا لو أراد أحد المشركين الحج بناءً على معنى الآية الأولى , فالآية الثانية تمنعه من دخول المسجد الحرام؟
فكيف أوفق بين معنى الآيتين , أم أن هناك نسخ لأحد الآيتين , ارجو توضيح المعنى و التوفيق بين المعنيين ....
و لكم جزيل الشكر ,,,
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 02:47 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ولك جزيل الشكر أيها الكريم.
يقال والله أعلم:
إن الكفار، على قول الجمهور، مخاطبون بفروع الشريعة، خلافا للأحناف، رحمهم الله، فيلزم المشرك الحج من جهة: تكليفه بالفرع، وبما لا يصح إلا به من الأصل، فهم مخاطبون بالحج وبالإيمان قبله، إذ الإيمان شرط في صحة العمل، تماما كما يقال في حق المحدث إذا دخل وقت الصلاة: فهو مخاطب بالصلاة وبما لا تصح إلا به من الوضوء، لأن الوضوء شرط في صحة الصلاة.
ويقال، أيضا، هو مخاطب به، مع انتفاء الموانع، وقد قام به مانع الشرك، فتلزم إزالته أولا حتى يصح حجة، كالحائض، مثلا، فهي مخاطبة بالصلاة، ولكنها تسقط عنها لقيام مانع الحيض بها، فإذا زال المانع ثبت الحكم، مع الفارق بين الصورتين إذ الحائض غير مكلفة بإزالة حيضتها، لأنها أمر جبلي لا حيلة لها فيه، بينما المشرك مكلف بإزالة شركه إذ ذلك مما يدخل تحت طاقته إن شاء الله، عز وجل، له الهداية كونا.
فلا تعارض بين الآيتين، إذ الثانية مخصصة لعموم الأولى، ولا تعارض بين عام وخاص لأن الخاص القطعي يقضي على العام الظني.
أو يقال: "الناس": عام أريد به خاص، فيكون مجازا، عند من يقول به، إذ أطلق العام: الناس، وأراد الخاص: المؤمنين، كما قال أهل العلم في:
قوله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ): فالناس: عام، أريد به: خاص، وهو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي حسدته قريش على نعمة الرسالة، وفي التنزيل: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
وقوله تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)، أي: من حيث أفاض الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
أو يقال: هو عام خص بدلالة العقل، إذ العقل قد دل على خروج: الكافر والمجنون والصغير من خطابات التكليف.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 05:26 م]ـ
بارك الله فيك و جزاك الله خيراً استاذنا الفاضل على هذا الرد الوافي الذي وضحت فيه الإشكال بحسن المقال و ضرب المثال.(/)
الإعجاز البلاغي
ـ[أحلام]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 06:36 م]ـ
:
:::يعد الإعجاز البلاغي وجهاً من الوجوه البارزة الواضحة للإعجاز القرآني بصفةٍ عامةٍ، وهو يصلح لأن يلازمه على مر الزمن، والإعجاز هو خرق العادة وعدم الاستطاعة مع المعرفة بما يعجز به، وبما أن القرآن معجز، وهو كلام يتكلم به العرب ـ أي لغتهم ـ فالمعجز هو أن يأتي المعنى بطريقة هي أبلغ من غيرها من الطرق، وبمعنى آخر فالإعجاز القرآني صفة عالية في الكلام، خارقة، تفوق غيرها من الدرجات، ومرتبة عالية لا ترقى إليها المراتب، بينها وما بين غيرها ما بين الخالق والمخلوق، فقد قال النبي الكريم: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
وقد أدرك العرب بفطرتهم هذا الفضل، وأقروا بمكانته، وأحسوا إحساساً سطرته كلمات الوليد بن المغيرة، وهو خصم معاند لديد، حيث قال: " والله إن لقوله حلاوة، وأن أصله لعذق، وأن فرعه لجناة ... "، من هذا وغيره نجد أن للقرآن تأثيراً في النفس؛ ذلك لجلال عظمته، ومن التأثير في النفس يأتي الإعجاز البلاغي، غير أنه ثمة إشكال على العلماء المختصين به، وكذلك على متذوقيه، فصاروا إذا ما سئلوا عن تحديد هذه البلاغة الفائقة في وصفها سائر البلاغات، والتي اختص بها القرآن، وعن المعنى الذي يتميز به عن سائر الكلام الموصوف بالبلاغة قالوا:" إنه لا يمكن تصويره، ولا تحديده بأمرٍ ظاهرٍ، نعلم مباينة القرآن عن غيره من الكلام، وإنما يعرفه العالمون به ضرباً من المعرفة لا يمكن تحديده، وقد شبه أثر البلاغة القرآنية بما يحسه الإنسان من استقامة الوزن، أو الملاحة، أو طيب النغم العارض للصوت وقال السكاكي:" اعلم أن إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطرة السليمة إلا بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيهما " (1).
ولو نظرنا إلى لفظة " بليغ " نجد أنها وردت بهذا اللفظ في سورة النساء قال تعالى:? أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا? (2) فقد تكلم فيها الزمخشري فقال:"بليغاً أي قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم، مؤثراً في قلوبهم، يغتمون به اغتماماً، ويستشعرون منه الخوف استشعاراً" (3)، أما أمر النبي المكرم صلى الله عليه وسلم فإنه يتجاوز حد البلاغ؛ أي يتعدى معنى الوصول إليهم بالقول؛ و أُمر أن يكون قوله مؤثراً في أنفسهم، وذهب الفخر الرازي فيما يخص قوله: " بليغاً " إلى قولين، أحدهما: أن القول البليغ صفة للوعظ، فأمر جل جلاله بالوعظ، ثم أمر أن يكون ذلك الوعظ بالقول البليغ، وهو أن يكون كلاماً بليغاً طويلاً حسن الألفاظ، حسن المعاني، مشتملاً على الترغيب والترهيب، فإن الكلام إذا كان هكذا عظم وقعه في القلب، وإذا كان مختصراً ركيك التلفظ لم يؤثر في القلوب (1).
وهذا ما يؤيد أن التأثير في النفس وتحفيزها بإطلاق المشاعر والأحاسيس، هو معنى البلاغة وليس التوصيل المجرد للمعنى (2).
ولا يمكن الوصول إلى هذا التأثير النفسي إلا إذا كان الكلام يتسم بالبيان، وما يتبعه من دقة الألفاظ، وروعتها، وجزالتها، والتناسق والتناغم فيما بينها، والاستعارات، والكناية، والمجاز بأنواعه وما إلى ذلك من ضروب البلاغة وفنون القول.
والمتتبع لآيات القرآن والمتمعن فيها يجد الكثير من الآيات التي تشع منها البلاغة، ويقع في القلوب منها روعة الأثر، ويتجلى الإعجاز البلاغي من خلالها ................(/)
سؤال عن الإستعارة للأساتذة
ـ[صمت الأحزان]ــــــــ[15 - 05 - 2008, 07:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحب أن أسالكم عن الإستعار التبعية؟
والإستعارة المكنية؟
ولكم جزيل الشكر
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 06:23 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ولك جزيل الشكر.
هذه محاولة تحتاج إلى مراجعة.
الاستعارة عموما: تشبيه حذف أحد طرفيه.
فـ: رأيت محمدا كالبحر في جوده: تشبيه ذكر طرفاه، المشبه: محمد، والمشبه به: البحر.
و: رأيت بحرا: استعارة إذ حذف أحد طرفي التشبيه: المشبه، وهو الشخص المتصف بالكرم.
وتكون الاستعارة:
تصريحية: كالمثال السابق، لأن المشبه به قد جاء ذكره صراحة: "بحر".
وتكون:
مكنية: إذا حذف المشبه به وكني عنه بلازم من لوازمه، كقولك:
أنشبت المنية أنيابها في جسد فلان.
فشبه المنية بوحش له أنياب، وحذف المشبه به: الوحش، وكنى عنه بلازم من لوازمه وهو: إنشاب الأنياب، فإن ذلك من خصائص الوحوش عند التهام فرائسها.
*****
والتبعية تقع في الفعل أو الاسم المشتق كما في:
قوله تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ)، فيقال هنا والله أعلم:
شبه الماء بالطاغية المجاوز الحدَ، وحذف المشبه به، وكنى عنه بلازم من لوازمه، وهو: الطغيان، فتكون مكنية من هذا الوجه، وقد وقعت الاستعارة في لفظ الفعل: "طغى"، فلم تقع في اسم جامد فتكون تبعية من هذا الوجه.
وقوله تعالى: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ)، فيقال هنا أيضا:
شبه الغضب بإنسان يتكلم، وحذف المشبه به، وكنى عنه بلازم من لوازمه، وهو: السكوت، لأن الكلام والسكوت من لوازم البشرية، فتكون مكنية من هذا الوجه، وقد وقعت الاستعارة في لفظ الفعل: "سكت"، فلم تقع في اسم جامد فتكون تبعية من هذا الوجه.
والله أعلى وأعلم.
ـ[د/أم عبدالرحمن]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 06:51 ص]ـ
بارك الله فيكما
وهذا مثال على اجتماع الاستعارة في كونهما مكنية وتبعية في آن واحد وذلك في قولنا (يعجبني إراقة الضارب دم الباغي)
فقد شُبِّه الضرب الأليم بالقتل بجامع الإيذاء الشديد في كُلِّ، وبعد التناسي والادعاء استعار في نفسه القتل للضرب الشديد، واشتق من القتل"قاتل"لـ"ضارب ضربا شديدا"،ثم حذفه ودل عليه بلازمه وهو"الإراقة"على سبيل الاستعارة المكنية التبعية.
ـ[صمت الأحزان]ــــــــ[17 - 05 - 2008, 12:59 ص]ـ
أشكركم أساتذتي الكرام على التفاعل معي
وجزاكم الله عني وعن زميلاتي ألف خير
ـ[ثابت في زمن خافت]ــــــــ[19 - 05 - 2008, 05:21 م]ـ
الاستعارة: هي التشبيه البليغ؛ إذا حذف أحد طرفيه.(/)
الرجاء الدخول بسرعة
ـ[مشعل الليل]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 01:50 ص]ـ
:::
أريد مساعدتي في الحصول على إيميل الأستاذ عبد الرحمن الأزهري.؟(/)
تكفون سااااااعدوووني
ـ[لؤلؤة الشرق]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 09:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ........
ولم ترد حياة بعد تولية ** ولم تفث داععية بالويل والحرب
أرى العراق طويل الليل مذ نعيت ** فكيف ليل فتى الفتيلن في حلب
يظن أن فؤادي غير ملتهب ** وأن دمع جفوني غير منسكب
هذه القصائد للمتنبي في رثاء خولة أخت سيف الدولة
أريد الشرح البلاغي لها
ياليت تساعدوني(/)
من قوله تعالى: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ........... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 - 05 - 2008, 06:30 ص]ـ
من قوله تعالى: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
يقولون: استحضار لقولهم مع أنه قد انقضى، ففيه توبيخ لهم، بإنزاله منزلة الواقع حالا، فلم يسقط بالتقادم، كما يقول القانونيون في عصرنا الحاضر.
ونسب الفعل لهم، مع أن القائل واحد، وهو عبد الله بن أبي، عليه من الله ما يستحق، فيكون من باب: العام الذي أريد به خاص، أو يقال بأن سكوتهم على قوله: مظنة الرضا به، فالسكوت في موضع البيان بيان، فنسب القول إليهم لإقرارهم، فالإقرار ينزل منزلة الفعل الضمني، فهو أدنى من الفعل الصريح ولكنه كاف في نسبة القول أو الفعل إلى المقر.
لئن: توكيد بالقسم، المقترن باللام الموطئة، التي محضت الجواب له، وإن اقترن بالشرط.
المدينة: علم بالغلبة على مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كقولك: "الكتاب" لكتاب سيبويه رحمه الله.
ليخرجن: توكيد القسم باللام ونون التوكيد المثقلة، فكأن الأمر بالنسبة لهم واقع لا محالة.
الأعز: "أل" المقترنة بـ: "أفعل" التفضيل تفيد العهد، لأن أفعل التفضيل مظنة العهد، لدلالته على مُفَضَلٍ بعينه، ويؤيد ذلك سبب نزول الآية.
وكذا الأذل: فهو، بزعمهم، يدل على جمع معهود، وهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والصحابة، رضي الله عنهم، وكذبوا فهم الجمع الأذل لا خير طباق الأمة.
ولله العزة: قول بالموجب، إذ أثبت نقيض ما ادعوه، وإن لم يتعرض لحكم إخراج المؤمنين أو إدخالهم، وإنما تعرض للدفاع عنهم، فهذا ما يلزم أصالة.
وفيه حصر وتوكيد بتقديم ما حقه التأخير.
وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ: حذف معمول "لا يعلمون" لدلالة السياق عليه، فتقدير الكلام: ولكن المنافقين لا يعلمون أن لله العزة ولرسوله وللمؤمنين، وحذف ما دل السياق عليه من أوجه البلاغة إذ ذكره تكرار معيب.
والله أعلى وأعلم.
ـ[الفهد التائه]ــــــــ[17 - 05 - 2008, 06:54 ص]ـ
http://www.moeforum.net/vb1/uploaded/279354_1210996414.gif
سلمت يداك.(/)
هل أجد لديكم المساعدة
ـ[الوووووسن]ــــــــ[18 - 05 - 2008, 11:45 م]ـ
أريد من فطاحلة اللغة شرحاً مفصلاً عن التشبيه التمثيلي مع الأمثلة
كذلك التشبية الضمني " أو أي تشبيه آخر "
فلقد طُلب مني بحثاً عن ذلك ..
وبحثت عن ذلك مطولاً ولم أجد تفصيلاً مملاً لذلك ..
ولكم مني جزيل الشكر
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 05 - 2008, 05:46 ص]ـ
ولك جزيل الشكر:
باختصار يمكن أن يقال:
بأن في تشبيه التمثيل: تشبيه صورة مركبة بصورة مركبة، فوجه الشبه منتزع من صورة مركبة، كما في قول الشاعر:
كأن سهيلاً والنجوم وراءه ******* صفوف صلاةٍ قام فيها إمامها
فليس المقصود تشبيه النجم سهيل بالإمام، والنجوم بالمصلين، وإنما المقصود الصورة المركبة التي يتقدم فيها سهيل النجوم تقدم الإمام المصلين في صلاتهم.
وأما التشبيه الضمني فليس تشبيها قياسيا تحققت فيه أركان التشبيه من: مشبه ومشبه به وأداة تشبيه ووجه شبه، وإنما لُمِحَ التشبيه فيه لمحا كما في:
قول أبي الطيب:
فإن تفق الأنام وأنت منهم ******* فإن المسك بعض دم الغزال
فأركان التشبيه القياسية غير متحققة، ومع ذلك استفاد القارئ تشبيه الممدوح في علو شأنه على بقية الأنام مع أنه من جنسهم، بالمسك الذي هو من جنس دم الغزال، ولكنه علا عليه بطيب ريحه.
وكما في:
جبلت على كدر و أنت تريدها ******* صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ******* متطلب في الماء جذوة نار
فالصورة القياسية أيضا: غير متحققة، ومع ذلك استفاد القارئ تشبيه من يريد الحياة صفوا بلا كدر، بمن يحاول إشعال النار في الماء، بجامع استحالة كليهما.
وكما في قول أبي العتاهية:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ******* إن السفينة لا تمشي على اليبس
فشبه من يريد النجاة بلا بذل سبب بسفينة تقف على اليبس، فأنى لها الإبحار؟، وهنا، أيضا، لم تتحقق صورة التشبيه القياسية.
ويمكن مراجعة كتابي: "البلاغة الواضحة" و "جواهر البلاغة" لمزيد من الإيضاح، وبعد "الجواهر" يمكن الرجوع إلى أصله: "الإيضاح" للخطيب القزويني، رحمه الله، فالجواهر بمنزلة المرقاة إليه.
والله أعلى وأعلم.(/)
من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ .............. )
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 05 - 2008, 06:18 ص]ـ
من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ).
من: شرط فيفيد العموم بمادته إلا ما استثني بقرينة خارجية كمن مرض مرضا يرجى شفاؤه، ولكنه مات من مرضه هذا، فلم يُمْهَل لقضاء ما فاته، فليس على وليه قضاء أو إطعام.
صيام: نكرة في سياق الشرط، فتفيد العموم، فمن مات، وعليه أي صيام: سواء أكان فرضا أم نذرا، فإن وليه يصوم عنه، وخصه بعض أهل العلم بالنذر، فيكون من قبيل: العام الذي أريد به خاص، فأطلق عموم الصيام وأراد أحد أفراده: صيام النذر، وكأن في الكلام عهدا يشير إلى صيام بعينه لا مطلق الصيام، لأن النذر يشبه الدين، فيلزم أداؤه عن المدين، ولو بعد وفاته.
وأجاب من أبقى العموم محفوظا بأن في هذا التقدير: إهدارا لكثير من أفراد العام، إذ عدد من يموتون وعليهم صيام فرض أكثر بكثير من عدد من يموتون وعليهم صيام نذر، فحمل النص على النادر مما يضيق دائرة الاستدلال به، لأن: النادر لا حكم له، كما قرر أهل العلم، وكلما ازداد المعنى اتساعا ليشمل أفرادا أكثر زاد بيانه فحصلت الفائدة المرجوة.
صَامَ عَنْهُ: خبر أريد به الإنشاء، فتقدير الكلام: فليصم عنه وليه، وهو أمر استحباب بقرينة جواز العدول عنه إلى الإطعام.
وليه: نكرة مضافة فتعم، فهي بمنزلة اسم الجنس فتعم كل الأولياء.
والله أعلى وأعلم.(/)
تطور مفهوم الكناية في الدرس البلاغي العربي
ـ[عبد القادر مالك]ــــــــ[19 - 05 - 2008, 08:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد،
إخواني في شبكة رواء، أود من كل المتخصصين إن أمكن أن يمدوا يد العون لي في إنجاز بحث حول تطور مفهوم الكناية في التراث البلاغي العربي، وإن أمكن مساعدتي في إعداد خطة أو تصور للبحث تلم بكافة جوانبه
وأقترح هذه العناوين الأولية:
بيبلوغرافيا الكناية في التراث العربي
مفهوم الكناية لغة واصطلاحا.
بنية الكناية
القيمة الجمالية للتعبير الكنائي.
أريد تفصيلا لهذه العناوين إن أمكن وبارك الله في أساتذتنا.
بريدي الإلكتروني في متناولكم.(/)
من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ)
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 05 - 2008, 05:51 ص]ـ
من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا).
وفي بضع: البضع يطلق على الجماع وعلى الفرج جميعا، كما ذكر النووي، رحمه الله، في "شرح مسلم"، ويؤيد المعنى الثاني حديث عمر، رضي الله عنه، موقوفا: (إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته فليأت أهله، فإن البضع واحد، ومعها مثل الذي معها)، والأثر عند الخطيب البغدادي، رحمه الله، في "تاريخ بغداد"، فيكون من باب: الكناية عما يستقبح ذكره صراحة، وهذا باب واسع في لغة العرب، فالجماع يكنى عنه: بالإتيان والغشيان والملامسة ......... إلخ، والحائض تكني فتقول: لا أصلي، والخارج من البدن يكنى عنه بـ: "العائط"، أو "العذرة" وهي في الأصل محال له، فيكون من باب إطلاق المحل وإرادة الحال فيه كراهة ذكره صراحة .......... إلخ.
أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ: تعجب غير قياسي، إذ كيف يثاب الإنسان على قضاء وطره، والأصل في العبادات الابتلاء، وإن لم تكن المشقة فيها مقصودة، بل تأتي تبعا، فلم يتعبدنا الباري، عز وجل، بتعذيب أنفسنا، فهو عن ذلك غني.
شَهْوَتَهُ: مجاز مرسل، عند من يقول بالمجاز، علاقته: السببية، إذ أطلق السبب: الشهوة، وأراد المُسَبَبَ: المني، بقرينة: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا)، والشهوة لا توضع، وإنما الماء هو الذي يوضع في الأرحام، وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، في كتاب الصيام من "الشرح الممتع".
أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا:
استفهام لبيان المراد، فيكون أبلغ في تثبيت المعنى في ذهن السامع.
وقد تضمن قياسا عكسيا، إذ أثبت عليه الصلاة والسلام لضد الحرام نقيض حكمه، فكما أن الحرام يأثم فاعله، فكذا الحلال يثاب فاعله، فيكون في الكلام مقابلة، تزيد المعنى وضوحا ورسوخا في ذهن السامع إذ بضدها تتميز الأشياء.
والله أعلى وأعلم.(/)
الاعجاز القرآني
ـ[أحلام]ــــــــ[20 - 05 - 2008, 11:13 م]ـ
الإعجاز القرآني:
يعدُّ القرآن الكريمُ بالإجماع معجزة النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم الكبرى، وإن كان قد أُيِّد بمعجزات كثيرةٍ؛ غير أن تلك المعجزات قامت في أوقات خاصة، وأحوال خاصة، أما القرآن الكريم فهو للناس عامة، وفي كل وقت وحين، فعن أبي هريرة قال: قال الني صلى الله عليه وسلم:
? ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُتيت وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ?.
وقد حمل القرآن دعوة التحدي إلى الناس عامة، وإلى العرب خاصةً وقت نزول القرآن الكريم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو بعشر سورٍ مثله مفتريات، أو بسورة من مثله، فقال عز وجل: ?قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ? وقد تحداهم بأن يأتوا بعشر سورٍ فقال تعالى: ?أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ?، أما من حيث التحدي بالإتيان بسورة من مثله فقد قال عز وجل: ?وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ
النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ?.
ولم تقف دعوة التحدي عند العربِ خاصة، أو غيرهم، بل تعدت إلى الثقلين " الإنس والجن "عامةً، وذلك في قوله تعالى: ?قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا? وقد نتج عن هذا التحدي عجز العرب وغيرهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن، أو بعشر سورٍ مثله، أو بسورة مثله، وعلى الرغم من تسليم العرب بالعجز في حينه فإن الوقوف على الجهة التي كان فيها الإعجاز القرآني أمراً لم تلتق عنده الآراء، ولم يكن محل اتفاق بين العلماء والباحثين والناظرين في وجوه الإعجاز في كل مكان وزمان، فثمة آراء في الجهة أو الجهات التي كان بها القرآن معجزاً، وليس ذلك شأن معجزات سائر الأنبياء؛ إذ كل معجزة كانت تنادي بوضوح معلنةً صفتها التي أعجزت بها، وتشير بصراحة إلى الجهة التي جاء منها الإعجاز، فيعلم الناس حينذك ماذا في المعجزة من دلائل الإعجاز، وما فيها من القوة الظاهرة والقاهرة التي لا يتسنى لهم القيام بها. ويرى المتدبر في قصة موسى عليه السلام أن معجزة يده تتمثل في أنها مثل أيدي الناس، لحم ودم وعظم وعصب، لا تختلف مطلقاً عن أيدي البشر، إلا أن هنالك قدرة لا تُرى، هي قوة الله عز وجل التي تمد موسىعليه السلام بهذه المعجزات، وليست يده، والأمر نفسه في عصاه؛ إذ هي في حد ذاتها مجرد عصا، مثل أي عصا أخرى، لا تخرج عن صفات العصي، ولكنها في يده تفعل الأعاجيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(/)
ما معنى البيت الأخير؟؟؟
ـ[حااجي]ــــــــ[21 - 05 - 2008, 07:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداء له وخصوم
وكذاك من عظمت عليه نعمة ... حساده سيف عليه صروم
وترى اللبيب محسدا لم يحترم ... شتم الرجال وعرضه مشتوم
الأسئلة:
اضبط الأبيات الشكل التام ..
أعرب ما تحه خط
استخرج من الأبيات صورة بيلنية وعلق عليها.
ما بحر الأبيات؟
عرف صاحب هذه الأبيات تعريفا موجزا ..
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[22 - 05 - 2008, 05:52 ص]ـ
1 / البحر: بحر الكامل.
2 / القائل: أبو الأسود الدؤلي.
1 ق. هـ - 69 هـ / 605 - 688 م
ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني.
تابعي، واضع علم النحو، كان معدوداً من الفقهاء والأعيان والأمراء والشعراء والفرسان والحاضري الجواب.
قيل أن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) رسم له شيئاً من أصول النحو، فكتب فيه أبو الأسود، وفي صبح الأعشى أن أبا الأسود وضع الحركات والتنوين لا غير، سكن البصرة في خلافة عمر (رضي الله عنه) وولي إمارتها في أيام علي (رضي الله عنه).
ولم يزل في الإمارة إلا أن قتل علي (رضي الله عنه)، وكان قد شهد معه (صفين) ولما تم الأمر لمعاوية قصده فبالغ معاوية في إكرامه، وهو في أكثر الأقوال أول من نقط المصحف، مات بالبصرة.
3/ ترى: فعل مضارع، والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنت.
اللبيب: مفعول به منصوب بالفتحة.
محسدا: حال منصوبة (الله أعلم).
إذ: ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط.
ـ[حااجي]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 11:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف ترد على من أعرب محسدا مفعولا به؟
علل إجابتك مفندا و داحضا إجابة الآخر؟؟؟
شكرا جزيلا ...
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 09:18 م]ـ
أولا: ترى لا تنصب مفعولين.
ثانيا: ذُكِر المفعول به وهو اللبيب.
ثالثا: محسدا: هو حال اللبيب (انتبه ليس أنا)
فهي تبين الحال التي هو عليها.
والله أعلم.(/)
أسلوب التقديم والتأخير المعنوي
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[21 - 05 - 2008, 10:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا بحث موجز عن أسلوب قرآني له من القيم الجمالية في التوظيف الكثير والكثير ... أردت فيه لمح بعض تلك القيم الجمالية ...
أسلوب التَّقْدِيمِ وَالتَّأْْخِيرِ الْمَعْنَوِيّ
مقاربة جمالية
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
لما كانت علاقات التركيب محكومة بتقريرات النحويين في مسألة الرتبة، وما تلا ذلك من تناولات البلاغيين لمسألة جماليات " الإسناد " وتحولات السياق بالتقديم والتأخير. لذا كان لابد للنظرة البلاغية أن تتسع لتشمل في دراساتها وبحوثها شكلا آخر من أشكال هذه التحولات التركيبية؛ لكنه لا يخضع لمقررات وتقنينات النحويين في مسألة " الرتبة ". هذا الشكل الذي عايشه البلاغيون بصورة أدق وأعمق من تناولات النحويين. وقد نبع هذا الشكل من خلال التأملات الذوقية لآيات النص القرآني؛ هذا التأمل الذي أفرز في بداياته خاطرات تم تسجيلها على هيئة ملحوظات في كتب الإعجاز القرآني، والتي سرعان ما تنامت لتصل على يد الإمام الزركشي في كتابه " البرهان في علوم القرآن " إلى القدر الذي يمكن معه عدها " علما " استوى على سوقه يعجب الزراع.
إن المقصد هنا هو مبحث " التقديم والتأخير المعنوي " والذي يعد بحق من إعجازات التوظيف في النص القرآني. وأهمية هذا الشكل من " التقديم والتأخير " تكمن في كون أي محاولة للوقوف على أسراره في التوظيف القرآني من المؤكد أنها ستفضي بنا إلى ولوج باب من الفهم التأملي الذوقي للنص القرآني؛ هذا الفهم سيكون ممزوجا بالرقي الذوقي، وبالحس التأملي الذي افتقدناه في سياق الانقياد في الفلك المنطقي المدرسي الذي هيمن على مقدرات البلاغة العربية منذ ما بعد الإمام عبد القاهر الجرجاني.
ويرى السهيلي أن " هذا الشكل من التقديم والتأخير أصل يجب الاعتناء به، لعظم منفعته في كتاب الله تعالى، وحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ لابد من الوقوف على الحكمة في تقديم ما قدم، وتأخير ما أخر نحو: ?السَّمْعَ وَالْبَصَرَ? () و? الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ? () و? اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ? () و?الْجِنَّ وَالإِنْسَ? () في أكثر الآي، وفي بعضها ? الإِنْسِ وَالْجِنِّ? () وتقديم (السماء) على (الأرض) في الذكر، وتقديم (الأرض) عليها في بعض الآي " ().
وهذا النص الذي ذكره السهيلي هو عين ما ردده المتناولون للمحات " التقديم والتأخير المعنوي " في سياقات النص القرآني. إذ لابد من حكمة كلية تندرج تحتها (أسرار) لتوظيف هذا اللون من " التقديم والتأخير ". وباتباع بداية الطريق مع هذه الأسرار يمكننا الاقتراب – على استحياء – من سياقات (الحكمة الكلية) الكامنة وراء هذا التوظيف.
ويرى الخطيب الإسكافي (ت 420 هـ) أنه " إذا أورد الحكيم – تقدست أسماؤه – آية على لفظة مخصوصة، ثم أعادها في موضع آخر من القرآن وقد غير فيها لفظة عما كانت عليه في الأولى، فلابد من حكمة هناك تطلب، وإن أدركتموها فقد ظفرتم، وإن لم تدركموها فليس لأنه لا حكمة هناك بل جهلتم " ().
إن عدم الاستطاعة لبلوغ هذه الحكمة العليا ليس إلا عيبا فينا، لأننا لم نتسلح بما يجب من وسائل وأدوات للوصول إليها، فما حجب الغمام للشمس معناه انتفاء وجودها، لكنه مشعر بمشقة رؤيتها.
ومن الجميل هنا في هذا المقام أن نطالع خاطرات العلماء؛ (نحويين وبلاغيين) حول هذه المواضع، كلٌّ يُعمل ذوقه لا عقله لإدراك كنه هذه التنويعات السياقية للألفاظ بالتقديم تارة، وبالتأخير تارة أخرى، مما شكل لنا تراثا ذوقيا تحليليا لهذه المواضع، نرى فيه اجتهادات تقترب أو تبتعد عن مناط الاستحسان، لكن يبقى لهم دوما فضل الاجتهاد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل توظيف هذا اللون من البلاغة على هذا النسق الإعجازي يكون بمثابة المنبه القوي للعلماء - على اختلاف زوايا نظرهم إلى النص القرآني – بأن بحوثهم لابد وأن تبدأ أولاً من النص القرآني ثم تنتهي به. لابد لا أن تبدأ تلك البحوث بالتقريرات والتقعيدات ثم محاولة قياس النص في ضوء هذه التقريرات. فالذي يتضح جليا أن لهذا النص الجليل نمط من التوظيف غير ثابت، نمط متحرر بلاغيا وتركيبيا وسياقيا ودلاليا. نمط توظيف خاص به، وهذا أحد أوجه إعجاز هذا النص العظيم.
و" التقديم والتأخير" المعنوي تناوله العلماء بالتحليل من خلال سياقات النص القرآني، وكانوا على وتيرة واحدة إذ يقررون أن " الألفاظ تابعة للمعاني، والمعاني لها في التقديم أحوال خمسة هي: التقدم بالشرف، والتقدم بالذات، وتقدم العلة على معلولها، والتقدم بالمكان، والتقدم بالزمان " (). أي انه يؤكد على فكرة تبعية الألفاظ للمعاني، فما تقدم من الكلام تابع في تقدمه في اللسان على حسب ما يدور من معان في الذهن والعقل. وابن الزملكاني في كتابه " المُجيد في إعجاز القرآن المَجيد " () يدور مع الفكرة ذاتها، وكذلك فعل ابن القيم في كتابه " بدائع الفوائد " ()، والعلوي في كتابه " الطراز " ().
هذا وقد جاء اتفاق البلاغيين على تحديد ثلاثة ألوان للتقديم والتأخير المعنوي مستنبطة من سياقات التوظيف في النص القرآني. هذه الألوان هي:
1 – ما قُدِّم والمعنى عليه، أي أن هذا التقديم مقصود لأغراض معينة.
2 – ما قُدِّم والمراد به التأخير، ولهذا أشكل، فلما اتضح ما فيه من تقديم أو تأخير زال إشكاله.
3 – ما قُدِّم في آية وأُخِّرَ في أخرى.
وهذه الألوان حظيت من البلاغيين بالعناية، ولهذا نفصل القول فيها كلٌّ على حدة:
أولاً: ما قُدِّمَ والمعنى عليه
يقصد بهذا اللون أن الكلمة الموظفة في سياق النص القرآني إذا قُدّمت فإنما يكون ذلك لغرض مقصود ومبتغى من وراء هذا التقديم. ولعل أولى الإشارات المفصَّلة التي وردت إلينا في بيان أسباب هذا " التقديم والتأخير المعنوي " كانت في كتاب " الأمالي " للزجاجي إذ يقول: " اعلم أن للأشياء مراتب في التقديم والتأخير، فمنها ما يكون إما بالتفاضل، أو بالاستحقاق، أو بالطبع، أو على حسب ما يوجبه المعقول، فإذا سبق معنى من المعاني على الخلد والفكر بأحد هذه الأسباب أو بأكثرها، سبق اللفظ الدال على ذلك المعنى السابق، وكان ترتب الألفاظ بحسب ذلك " (). فقد ذكر الزجاجي هنا أسبابا أربعة للتقديم هي:
1 - التقديم بالتفاضل، أو الفضل والشرف.
2 - التقديم بالاستحقاق، أي يكون الأصل في هذا اللفظ هو التقديم.
3 - التقديم بالطبع أو الذات.
4 - التقديم بحسب ما يقتضيه العقل. ولعل هذا السبب الرابع يمكن رده إلى السبب الثاني أي " التقديم بالاستحقاق " لكون العقل يحكم للمتقدم بما يستحقه من التقديم.
والسهيلي يأخذ من قول الزجاجي ويضيف إليه، مفصِّلاَ كل سبب، ومستشهدا بالآيات القرآنية. يقول السهيلي: " ما تقدم من الكلام فتقديمه في اللسان على حسب تقديم المعاني في الجنان، والمعاني تتقدم بأحد خمسة أشياء: إما بالزمان، وإما بالطبع، وإما بالرتبة، وإما بالسبب، وإما بالفضل والكمال، فإذا سبق معنى من المعاني على الخلد والفكر بأحد هذه الأسباب أو بأكثرها، سبق اللفظ الدال على ذلك المعنى السابق، وكان ترتب الألفاظ بحسب ذلك " (). فهو هنا يورد أسبابا خمسة لهذا اللون من التقديم هي:
1 - التقديم بالزمان.
2 - التقديم بالطبع.
3 - التقديم بالرتبة = التقديم بالاستحقاق.
4 - التقديم بالسبب.
5 - التقديم بالفضل والكمال.
ثم يعود الإمام السهيلي ويذكر سببا سادسا للتقديم والتأخير المعنوي هو: (خفة اللفظ) مثل قولك: (ربيعة ومضر). يقول: " كان تقديم (مضر) أولى من جهة الفضل، ولكنهم آثروا الخفة، لأنك لو قدمت (مضر) في اللفظ كثرت الحركات وتوالت، فلما أخرت وقف عليها بالسكون " (). فهو بذلك كان مجددا بذكره ثلاثة أسباب لم يذكرها الزجاجي هي:
1 - التقدم بالزمان.
2 - التقدم بالسبب.
3 - التقدم للخفة اللفظية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويحمد للسهيلي روعة التدليل بالآيات القرآنية لكل سبب من هذه الأسباب، وكذلك جمال تحليله. ومن أمثلة ذلك تحليله لسبب التقديم في قوله تعالى: ? وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ? سورة آل عمران آية رقم (43) إذ حلل هنا سبب تقديم (السجود) على (الركوع) فيجعله من باب " التقديم للفضل والشرف " لأن السجود أفضل. لكنه لا يترك المسألة هكذا دون تفصيل، بل يسأل سؤالا يجيب عنه في طلاقة وتمكن يحسبان له. يقول: " إن قيل: فالركوع قبل السجود بالزمان وبالطبع والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض، والعلو بالطبع قبل الانخفاض، فهلاَّ قدَّم في الذكر على السجود لهاتين العلتين؟! فالجواب أن يقال لهذا السائل: انتبه لمعنى هذه الآية من قوله (اركعي مع الراكعين)، ولم يقل: (اسجدي مع الساجدين)؛ فإنما عبَّر بالسجود عن الصلاة كلها، وأراد صلاتها في بيتها، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من صلاتها مع قومها. ثم قال لها: (اركعي مع الراكعين) أي: صلِّي مع المصلين في (بيت المقدس)، ولم يرد أيضا الركوع وحده دون سائر أجزاء الصلاة، ولكنه عبَّر بالركوع عن الصلاة كلها كما تقول: (ركعت ركعتين) و (ركعت أربع ركعات) إنما تريد الصلاة لا الركوع بمجرده؛ فصارت الآية متضمنة لصلاتين؛ صلاتها وحدها، عبَّر عنها بالسجود، لأن السجود أفضل حالات العبد، وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها، ثم صلاتها في المسجد عبَّر عنها بالركوع، لأنه في الفضل دون السجود، وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها في بيتها ومحرابها، وهذا نظم بديع، وفقه دقيق". () هكذا كان التحليل الدقيق لموضع التقديم في هذه الآية، وهذا يدل على ذوق تأملي راق للإمام السهيلي.
وابن الأثير يتناول المسألة عرضا في كتابه " المثل السائر " إذ يجعل " التقديم والتأخير " على ضربين هما ():
الأول: يختص بدلالة الألفاظ على المعاني، ولو أخر المقدم أو قدم المؤخر لتغير المعنى، وهذا هو التقديم والتأخير الرتبي.
والثاني: يختص بدرجة التقدم في الذكر لاختصاصه بما يوجب له ذلك، ولو أخر لما تغير المعنى. وهو يقصد هنا التقديم والتأخير المعنوي.
ويشير ابن الأثير إلى قيمة هذا اللون من " التقديم والتأخير " بقوله: " إنه مما لا يحصره حدّ، ولا ينتهي إليه شرح " ().ثم يذكر أسبابا خمسة لها اللون هي ():
1 - التقديم بالسبب.
2 - تقديم الأكثر على الأقل.
3 - التقديم للدلالة على قدرة الخالق.
4 - التقديم لمناسبة المعنى لسياق الآيات السابقة.
5 - التقديم للاهتمام.
ونلاحظ أن ابن الأثير قد تفرد بذكر أربعة أسباب لم يذكرها من سبقوه؛ إذ تفرد بذكر:
* التقديم للدلالة على قدرة الخالق.
* والتقديم للأكثر على الأقل.
* والتقديم للمناسبة.
* والتقديم للاهتمام.
وإن كان يمكن رد (تقديم الأكثر على الأقل) إلى كونه من باب (التقديم بالاستحقاق) لأن الأكثر أولى بالتقديم من الأقل. ويعتمد ابن الأثير تحليل الآيات القرآنية سبيلا للتدليل على هذه الأسباب، لكنه يكتفي بذكر آية واحدة تدليلا لكل سبب.
وأمكننا الوقوف على جماليات التحليل عند ابن الأثير من خلال تعرضه بالتحليل لقوله تعالى:? وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ? سورة يونس آية رقم (61) بقوله:" إنما قدم الأرض في الذكر على السماء، ومن حقها التأخير، لأنه لما ذكر شهادته على شؤون أهل الأرض وأحوالهم، ووصل ذلك بقوله: (وما يعزب) لاءم بينهما؛ ليلي المعنى المعنى. فإن قيل: قد جاء تقديم الأرض على السماء في الذكر في مواضع كثيرة من القرآن. قلنا: إذا جاءت مقدمة في الذكر فلابد لتقديمها من سبب اقتضاه، وإن خفي ذلك السبب، وقد يستنبطه بعض العلماء دون بعض " (). فهو هنا يؤكد على أن تقديم (السماء) على (الأرض) هو الأصل لأنه تقديم بالفضل والشرف، لكن العدول عن ذلك هنا كان مقصودا لمناسبة سياق الآية كما وضح. كما أنه في ختام تحليله يؤكد على تفرد النص القرآني بهذا التوظيف، وخفاء أسراره على الكثيرين، فقد
(يُتْبَعُ)
(/)
يصل الفهم الذوقي عالم، ويخفق آخرون.
أما ابن الزملكاني فيتناول المسألة نفسها من خلال السبيل ذاته إذ يقول: " لما كانت الألفاظ تابعة للمعاني، والمعاني تتقدم باعتبارات خمسة: الأول: تقدم العلة والسببية على المعلول والسبب. والثاني: التقدم بالذات، كالواحد مع الاثنين. والثالث: التقدم بالشرف كالأنبياء. والرابع: بالرتبة؛ كالإمام، والجنس الأعلى. والخامس: بالزمان؛ كـ (وعادا وثمود) () " (). فهو هنا يورد خمسة أسباب للتقديم والتأخير المعنوي، هي في مجملها تكرار لما سبقه إليه السابقون من قبل.
أما ابن النقيب (ت 698 هـ) فيرى أن للتقديم والتأخير أقسام أربع هي: " إما أن يكون موجبا لزيادة في المعنى، أو لا يكون كذلك. وإما أن يكون ما قدم الأولى به التقديم، أو الأولى به التأخير، أو يتكافأ الأمران فيه " (). ثم يفصل القول في كل قسم على حدة. وما يهمنا هنا في هذا المقام هو القسم الثاني (أن يكون ما قدم الأولى به التقديم، أو الأولى به التأخير) وقد جعل له ابن النقيب أسبابا مؤدية، وأمورا موجبة هي ():
1 - كون التقديم أدل على قدرة الخالق من التأخير.
2 - أن يكون للمتقدم تأثير في وجود المتأخر = (العلة والسببية).
3 - أن يكون المتقدم أكثر وجودا = (الأكثر على الأقل).
4 - أن يكون المتقدم في الوجود بالذات.
5 - أن يكون متقدما لأجل كلام تقدم = (مناسبة السياق المتقدم).
6 - أن يكون التقديم للاهتمام.
7 - أن يكون التقديم رعاية للسجع (الفاصلة).
والسبب الأخير هو الوحيد الذي تفرد ابن النقيب بذكره. وهذه إشارة جميلة، ذات دلالة بليغة في مسألة " التقديم والتأخير المعنوي ". لكن يلاحظ أن تناول ابن النقيب للآيات القرآنية بالتحليل، ولبيان مواضع التقديم فيها كان بسيطا غير مسهب. يقول في تعليقه على قوله تعالى: ? ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ? سورة الحاقة آية رقم (31):" لو قال: (ثم صلوه الجحيم) لأفاد المعنى، لكن كان يفوت السجع، فلذلك كان الأحسن تقديم الجحيم " (). وهذه إشارة على وجازتها تحمل دلالات رائعة في بلاغة التوظيف القرآني للفواصل في ثنايا الآيات والسور القرآنية.
والإمام الطيبي يدلي في المسألة برأيه، إذ تناولها في سياق تناوله " للتقديم الواقع بين المفعولات " ويجعل لهذا اللون من " التقديم والتأخير المعنوي " أسبابا هي ():
1 - أن يكون التقديم للاهتمام.
2 - أن يكون التقديم للفضل والشرف.
3 - أن يكون التقديم للاحتياط.
4 - أن يكون التقديم رعاية للفاصلة.
5 - أن يكون التقديم لمراعاة النظم.
6 - أن يكون التقديم للكثرة.
7 - أن يكون التقديم للسبب على المسبب.
ويلاحظ تفرد الإمام الطيبي بذكر سببين لم يذكرهما من سَبقه هما:
الأول: أن يكون التقديم للاحتياط.
والثاني: أن يكون التقديم لمراعاة النظم.
يقول الطيبي:"ربما يكون التقديم للاحتياط نحو قوله تعالى: ? وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ? () فلو أخر (من آل) لأوهم أنه من صلة (يكتم) فلم يفهم أن الرجل من الآل " (). وهذا فهم دقيق لم يسبقه إليه سابق.
أما تناوله للتقديم من أجل (مراعاة النظم) فيقول فيه:" ولمراعاة النظم قدم قوله: (والقمر قدرناه منازل) () ليكون على نسق الآيتين السابقتين " (). وهذا فهم دقيق إذ جعل من تقديم المفعول به (القمر) داعيا لمراعاة النظم في الآية في تضافره مع الآيتين السابقتين.
أما العلوي فيتناول المسألة نفسها من خلال إشارته إلى أن للمعاني في التقديم أحوال خمسة هي ():
الأول: تقدم العلة على المعلول، مثل تقدم السراج على ضوئه.
والثانية: التقدم بالذات، نحو تقدم الواحد على الاثنين.
والثالثة: التقدم بالشرف، نحو تقدم الأنبياء على الأتباع، والعلماء على الجهال.
والرابعة: التقدم بالمكان، نحو تقدم الإمام على المأموم.
والخامسة: التقدم بالزمان، نحو تقدم الظلمات على النور، والجهل على العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهي كما نرى أسباب مكررة في كتب السابقين، فلم يأت بجديد في ها المضمار، وكان له منهج خاص في تحليل الآيات الدالة على سياقات " التقديم والتأخير المعنوي " أشبه ما يكون بالمنهج الفلسفي التاملي. يقول العلوي في تعليقه على قوله تعالى: ? وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ? سورة الحج آية رقم (27): " تقديم (رجالا) فيه وجهان، أحدهما: أن يكون تقدما بالرتبة، فإن الغالب أن (الرجالة) إنما يأتون من الأمكنة القريبة، و (الركبان) يأتون من الأمكنة البعيدة، فلهذا قدم (الرجالة). وثانيهما: أن يكون تقديم (الرجالة) لأجل الفضل، فإن من حج (راجلا) أفضل ممن حج (راكبا)، فلهذا قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: (وددت لو حججت راجلا، فإن الله قدم (الرجالة) على (الركبان) في القرآن). فدل ذلك على أنه فهم من التقديم في الآية الفضل، فالمعنيان محتملان في الآية كما ترى " (). فالرجل يفتح قلبه وعقله للتأمل الذوقي لفهم السر وراء التقديم في الآية، وهذا الفهم الجميل هو الذي أتاح له إدراك (سرَّيْن) من أسرار التقديم في هذه الآية.
أما ابن القيم فقد نقل في كتابه (بدائع الفوائد) كل ما ذكره السهيلي في هذه الجزئية بالنص دون أن يغفل ذكر اسم السهيلي، بل ويعقب على هذا بذكر فضل السهيلي في هذه المسألة بقوله: " فهذا تمام الكلام على ما ذكره من الأمثلة، وله – رحمه الله – مزيد السبق، وفضل التقدم " (). وهذا كل ما فعله ().
أما قمة تناول المسألة فكانت على يد الإمام (الزركشي) في كتابه (البرهان في علوم القرآن) إذ فصل الكلام فيها، وجعل لها (25 خمسة وعشرين سببا)، كرر فيها (17 سبعة عشر سببا) ذكرها السابقون، وتفرد بذكر (8 ثمانية اسباب) لم يسبق إليها، ولم يحصيها السابقون، وهذه الأسباب هي ():
1 - التقديم لتحقق ما بعده.
2 - التقديم للتنبيه على أنه مطلق لا مقيد.
3 - التقديم للتنقل.
4 - التقديم للتنبيه على أن السبب مرتب.
5 - التقديم لمراعاة الإفراد.
6 - التقديم للتحذير منه والتنفير عنه.
7 - التقديم للتعجيب من شأنه.
8 - التقديم للترتيب.
وهذه الأسباب ليست جديدة تماما إلا في المسميات. فمثلا: يرى الزركشي أن التقديم في قول تعالى: ? وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الْجِنَ ? سورة الأنعام آية رقم (100) إنما هو من باب التقديم (للتنبيه على أنه مطلق لا مقيد) (). على حين يرى الإمام الطيبي في هذه الآية تقديما من باب (الاهتمام عند المخاطب). ولعل الرأي الراجح هنا هو رأي الطيبي، إذ المخاطب أكثر شغفا بمعرفة من هؤلاء الشركاء، ليزدادوا لهم إنكارا واحتقارا.
وكذلك ما ذكره في باب (التقديم للتنقل) والذي جعله الزركشي على أقسام هي ():
الأول: التنقل من الأقرب إلى الأبعد، وعليه قوله تعالى: ? الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً? سورة البقرة آية رقم (22).
والثاني: التنقل من الأبعد إلى الأقرب، وعليه قوله تعالى:? قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ? سورة المؤمنون آية رقم (86).
والثالث: التنقل من الأعلى إلى الأدنى، وعليه قوله تعالى: ? شَهَدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إلِهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَة وَأَولُوا الْعِلْمِ ? سورة آل عمران آية رقم (18).
والرابع: التنقل من الأدنى إلى الأعلى، وعليه قوله تعالى: ? وَلاَ يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً ? سورة التوبة آية رقم (121).
وهذه الأقسام أجملها الإمام السيوطي فيما بعد في كتابيه (الإتقان في علوم القرآن) و (معترك الأقران في إعجاز القرآن) تحت عنوان (الترقي من الأدنى إلى الأعلى) و (التدلي من الأعلى إلى الأدنى) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك ما ذكره في باب (التقديم للتنبيه على أن السبب مرتب) ودلل عليه بقوله تعالى: ? يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ? سورة التوبة آية رقم (35). يقول الزركشي: " قدم الجباه ثم الجنوب لأن مانع الصدقة في الدنيا كان يصرف وجهه أولا عن السائل، ثم ينوء بجانبه، ثم يتولى بظهره " (). وهذا السبب مما تفرد الزركشي بذكره، ولم نجد له ذكرا عند سابق ولا لاحق ممن تناولوا هذا اللون من التقديم والتأخير بالتحليل.
أما ما ذكره عن (التقديم لمراعاة الإفراد)، والذي جعل منه تقديم (الأموال) على (البنين) في قوله تعالى: ? الْمَالُ وَالْبَنُونَ ? سورة الكهف آية رقم (46). فالتقديم في هذه الآية عند السهيلي من باب (التقديم بالعلة والسببية) (). وعند ابن الزملكاني من باب (التقديم بالعلة والسببية) (). وعند ابن القيم من باب (التقديم بالعلة والسببية) (). فلذا فالزركشي هنا ليس مجددا بالمعنى الصحيح، بل هو فقط مجدد في ذكر المسمى.
كذلك ما ذكره عن التقديم من باب (التقديم للتحذير منه والتنفير عنه)، ودلل عليه بقوله تعالى: ? الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةَ? سورة النور آية رقم (3)، وقوله تعالى: ? لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ? سورة الإخلاص آية رقم (3). يقول الزركشي في تعليقه على آية سورة الإخلاص: " إنه لما وقع في الأول منازعة الكفرة وتقولهم، اقتضت الرتبة بالطبع تقديمه في الذكر؛ اعتناء به قبل التنزيه عن الوالد الذي لم ينازع فيه احد من الأمم " (). فهذا مما تفرد بذكره أيضا.
أما تناوله لسبب التقديم في قوله تعالى: ? وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ? سورة الأنبياء آية رقم (79)، والذي جعله من باب (التقديم للتعجيب من شأنه) فهذا مما تفرد الزركشي بذكره أيضا.
وكذلك ما ذكره عن (التقديم لقصد الترتيب)، والذي دلل عليه بقوله تعالى: ? فَاغْسِلُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ عَلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ? سورة المائدة آية رقم (6). فقد ذكر هذه الآية من قبل في تدليله على باب (التقديم بالفضل والشرف)، وذكر فيها فضل تقديم (الوجه) على (اليد) (). وذكرها السهيلي في باب (التقديم بالفضل والشرف) ()، والعلوي في باب (التقديم بالشرف) ().
وهكذا فإن ما تفرد الزركشي بذكره من أسباب (التقديم والتأخير المعنوي) ينحصر في أربعة أسباب هي:
1 - التقديم لتحقق ما بعده.
2 - التقديم للتحذير منه والتنفير عنه.
3 - التقديم للتعجيب من شأنه.
4 - التقديم للتنبيه على أن السبب مرتب.
ويحمد للزركشي هذا الجهد الكبير في محاولته إحصاء الأسباب الداعية إلى (التقديم والتأخير المعنوي) مما وضعه في مقدمة أهل العلم الذين تناولوا هذا النوع بالدرس والتحليل.
أما السيوطي فقد تناول المسالة في مؤلفين هما (الإتقان في علوم القرآن) و (معترك الأقران في إعجاز القرآن). وإن كان ما ذكره في المؤَلَف الثاني لم يخرج قيد أنملة عما ذكره في كتابه (الإتقان) وتلك من عادات السيوطي الأثيرة لديه. هذا وقد جعل السيوطي للتقديم والتأخير قسمين هما:
الأول: ما أشكل معناه بحسب الظاهر، فلما عُرِفَ انه من الباب اتضح.
والثاني: ما ليس كذلك.
وجعل للقسم الثاني عشرة أنواع نقلها عن الإمام شمس الدين ابن الصائغ الحنفي في كتابه المفقود (المقَدِّمَة في سر الألفاظ المُقَدَمَة). وهذه الأنواع هي ():
1 - التقديم للتبرك، نحو قوله تعالى: ? شَهَدَ اللهُ أنََّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ ? سورة آل عمران آية رقم (18).
2 - التقديم للتعظيم، نحو قوله تعالى:?إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْنَّبِيِّ? الأحزاب (56).
3 - التقديم للتشريف.
4 - التقديم للمناسبة.
5 - التقديم للحث عليه، والحض على القيام به.
6 - التقديم بالسبق المكاني أو الزماني، أو بالإيجاد، أو بالوجوب، أو بالذات.
7 - التقديم بالعلة والسببية.
8 - التقديم بالغلبة والكثرة.
9 - التقديم للترقي من الأدنى إلى الأعلى.
(يُتْبَعُ)
(/)
10 - التقديم للتدلي من الأعلى إلى الأدنى.
وهذه الأسباب من نقولات السيوطي عن ابن الصائغ. وقد أضاف إليها سببين هما ():
الأول: كون التقديم أدل على قدرة الخالق.
والثاني: التقديم لرعاية الفاصلة.
ويلاحظ أن السيوطي في نقله لم يقدم جديداً اللهم ما نقله عن ابن الصائغ الحنفي الذي ذكر سبباً جديداً هو: (التقديم للتبرك). تلك هي أهم إسهامات البلاغيين في هذا النوع من " التقديم والتأخير". ويمكننا إيجاز هذه الآراء في جدول كلي يمنحنا نظرة إجمالية لهذه الجهود:
العالم
التقديم السهيلي ابن الأثير ابن الزملكاني ابن النقيب الطيبي العلوي ابن القيم الزركشي السيوطي
الدلالة على القدرة -- ++ -- ++ -- -- - ++ ++
الغلبة والكثرة -- ++ -- ++ ++ -- - ++ ++
العلة والسببية ++ ++ ++ ++ ++ ++ + ++ ++
رعاية الفاصلة -- -- -- ++ ++ -- - ++ ++
الذات = الطبع ++ -- ++ -- -- ++ + ++ ++
الشرف والفضل ++ -- ++ -- ++ ++ + ++ ++
الرتبة ++ -- ++ -- -- -- + ++ --
السبق بالزمان ++ -- ++ -- -- ++ + ++ ++
الخفة اللفظية ++ -- ++ -- -- -- + ++ --
التبرك -- -- -- -- -- -- - -- ++
التعظيم -- -- -- -- -- -- - -- ++
المناسبة -- ++ -- ++ -- -- - -- ++
الحث عليه -- -- -- -- -- -- - ++ ++
الترقي من الأدنى إلى الأعلى -- -- -- -- -- -- - ++ ++
التدلي من الأعلى إلى الأدنى -- -- -- -- -- -- - ++ ++
سبق ما يقتضي تقديمه -- -- -- -- -- -- - ++ --
مراعاة اشتقاق اللفظ -- -- -- -- -- -- - ++ ++
تحقق ما بعده -- -- -- -- -- -- - ++ --
التنبيه على أنه مطلق لا مقيد -- -- -- -- -- -- - ++ --
التنقل -- -- -- -- -- -- - ++ --
التنبيه على أن السبب مرتب -- -- -- -- -- -- - ++ --
مراعاة الإفراد -- -- -- -- -- -- - ++ --
التحذير منه -- -- -- -- -- -- - ++ --
التعجيب من شأنه -- -- -- -- -- -- - ++ --
الترتيب -- -- -- -- -- -- - ++ --
الاحتياط -- -- -- -- ++ -- - -- --
مراعاة النظم -- -- -- -- ++ -- - -- --
الداعية -- -- -- -- -- -- - ++ --
السبق بالمكان -- -- -- -- -- ++ - -- --
السبق باعتبار الإنزال -- -- -- -- -- -- - -- ++
السبق بوجوب التكليف -- -- -- -- -- -- - -- ++
الاهتمام عند المخاطب -- ++ -- ++ ++ -- - ++ --
جدول رقم (1)
تلك هي أهم الأسباب الداعية إلى تقديم " ما قدم والمعنى عليه ".
ثانياً: ما قدم والمراد به التأخير
وهذا النوع مشكل ظاهرا، فلما اتضح ما به من تأخير زال ما به من إشكال. وقد تناول هذا النوع العديد من البلاغيين (). فالزركشي يجعل لهذا النوع دلالتان تدلان عليه هما ():
1 - ما يدل عليه الإعراب، مثل تقديم المفعول على الفاعل نحو قوله تعالى: ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ? سورة فاطر آية رقم (28).
وتقديم الخبر على المبتدأ كقوله تعالى: ? وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ ? سورة الحشر آية رقم (2) وغير ذلك مما يجب في الصناعة النحوية.
2 - ومنه ما يدل عليه المعنى نحو قوله تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ? سورة الجاثية آية رقم (23). يقول الزركشي: " أصل الكلام: (هواه إلهه) كما تقول: (اتخذ الصنم معبودا) لكن قدم المفعول الثاني على الأول للعناية، كما تقول: (علمت منطلقا زيدا) لفضل عنايتك بانطلاقه " (). ونحو قوله تعالى:? فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى? سورة الأعلى آية رقم (5). يقول الزركشي:" أي: أحوى غثاء، أي: أخضر يميل إلى السواد، والموجب لتأخير (أحوى) رعاية الفواصل " ().
هذا وقد دلل الإمام الزركشي على وجود هذا النوع بـ (46 ست وأربعين آية) مما أتاح له الفرصة لأن يدقق رأيه في ثنايا هذا التحليل، ويوضح ما في هذه الآيات من نكات التقديم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويتعرض الإمام السيوطي لهذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي" ودلل عليه بالعديد من الآيات القرآنية، نحو قوله تعالى: ? وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ? سورة النساء آية رقم (83). يقول السيوطي: " هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي أذاعوا به إلا قليلا منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته، لم ينج قليل ولا كثير" (). ونحو قوله تعالى:? فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ? سورة النساء آية رقم (153). يقول: " قال ابن عباس: (إنهم إذا رأوا نفسه رأوه، إنما قالوا: (جهرة أرنا الله). قال: هو مقدم ومؤخر. قال ابن جرير: (يعني أن سؤالهم كان جهرة) () " ().
تلك هي أهم إحاطات العلماء بهذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي ".
ثالثاً: ما قدم في آية وأخر في أخرى
ويقصد بهذا النوع ورود اللفظة (مقدمة) على كلمات أخرى في آية قرآنية، ثم ورودها مؤخرة في آية أخرى نحو قوله تعالى: ? وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى? سورة يس آية رقم (20)، وفي آية أخرى يقول تعالى: ? وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى? سورة القصص آية رقم (20). يقول الزركشي: " قدم المجرور على المرفوع لاشتمال ما قبله من سوء معاملة أصحاب القرية الرسل، وإصرارهم على تكذيبهم، فكان مظنة التتابع على مجرى العبارة تلك القرية، ويبقى مخيلاً في فكره: أكانت كلها كذلك، أم كان فيها خلاف لك، بخلاف ما في سورة القصص " ().
ويقصد بالمجرور هنا (من أقصى المدينة) على المرفوع؛ الفاعل (رجلٌ).ويقول: " من ذلك قوله في فاتحة الكتاب: (الحمد لله) () وفي خاتمة الجاثية: (فلله الحمد) () فتقديم (الحمد) في الأول جاء على الأصل، والثاني جاء على تقدير الجواب، فكأنه قيل عند وقوع الأمر: (لمن الأمر؟! ومن أهله؟) فجاء الجواب عن ذلك " (). وقد قام الإمام الزركشي في سياق هذا التناول بتحليل (12 اثنتي عشرة آية).
أما العلوي فقد تناول المسألة بالتحليل الدقيق كعادته. يقول: " قوله تعالى ? وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ? يونس (61)، وقال في آية أخرى: ? وَلاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ? سبأ (3)، والتفرقة بينهما هو أنه أراد في الثانية ذكر إحاطة علمه وشموله لكل المعلومات الجزئية والكلية، فلا جرم صدّرَ بالسماوات قبل الأرض لاشتمالها على لطائف الحكمة، وعجائب الصنعة، ومحكم التأليف، وكثرة المعلومات كما قال تعالى:? وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ? الأنعام (75) وأما الأولى فإنها كانت مسوقةً في شأن أهل الأرض كما قال تعالى: ? وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً ? يونس (61) فقدم ذكر الأرض تنبيهاً على ذلك لما كان له اختصاص به " ().
لكن أجمل ما قال العلوي هو ما ذكره من حكمة دقيقة، وفهم راق لأسرار" التقديم والتأخير القرآني" قوله: " اعلم أنه إذا كان مطلع الكلام في لإفادة معنى من المعاني ثم يجيء بعده ذكر شيئين و أحدهما أفضل من الآخر، وكان المفضول مناسباً لمطلع الكلام، فأنت ههنا بالخيار، فإن شئت قدمت المفضول لما له من المناسبة لمطلع الكلام، وإن شئت قدمت الفاضل لما له من رتبة الفضل، وقد جاء في التنزيل تقديم (السماء) على (الأرض)، وتقديم (الأرض) على (السماء)، وكل واحد منهما تحته سر ورمز إلى لطائف غريبة، ومعان عجيبة " (). وقد أجاد في هذا التحليل الدقيق حقاً، مما يدل على فهم واع راق لهذا اللون من " التقديم والتأخير".
غير أن أهم ما يسترعي الانتباه في هذا المقام هو كلام ابن النقيب الذي يرى في هذا النوع من " التقديم والتأخير" نوعاً من التكافؤ فيسميه (ما يتكافأ تقديمه وتأخيره). يقول ابن النقيب: " قال بعض العلماء في قوله تعالى: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ? يوسف (24) إن في الكلام تقديما وتأخيرا تقديره: (ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه هم بها). وهذا حسن، لكن في تأويله قلق. ولا يضطر إلى هذا التأويل إلا على قول من قال: (إن الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر). وأما على قول من قال: (إن الصغائر يجوز وقوعها منهم) فلا يضطر إلى هذا التقديم والتأخير " ().
فهو هنا يربط بين جوانب اعتقادية خاصة بأحوال الأنبياء وما يجوز لهم من العصمة المطلقة على رأي الجمهور، والعصمة من الكبائر فقط على رأي بعض الأحناف والحنابلة، وبين تأويل التقديم والتأخير في الآية وفقاً لهذا الاعتقاد (). وإن ظل التساؤل قائماً: كيف يتكافأ " التقديم والتأخير" في هذا النوع؟ وكيف نقول أن قوله تعالى: ? فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ? سورة الأعلى آية رقم (5) هي هي في السياق نفسه إذا قلنا – في غير القرآن -: (فجعله أحوى غثاء). وفي قوله تعالى: ? اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ? سورة القمر آية رقم (1) هي هي في السياق نفسه إذا قلنا – في غير القرآن -: (انشق القمر واقتربت الساعة).
إن ابن النقيب في هذا التوجه يلغي جماليات متولدة من توظيف هذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي" بل وينسفها نسفاً عندما يقول بالتكافؤ، وهذا رأيه وله كل الاحترام في هذا الاجتهاد وإن جانبه الصواب.
تلك هي أنواع " التقديم والتأخير المعنوي" وقفنا فيها على أهم إشارات العلماء وتلميحاتهم وتحليلاتهم في هذا السياق، وما نتج عن هذه الوقفات من جماليات في النص الجزئي والكلي معاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 03:15 ص]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته, وبعد؛
فحيّاك الله وبيّاك أخي الكريم الدكتور أسامة!
و أشكر لك هذا الجهد المبارك المتميز بحسن البيان وجمال العرض و حسن التأتّي, و فيه جِدّةٌ لائحة في العرض والتقسيم ,و ليتك تعيده مشكورًا في منتدى البلاغة ـ أو يقوم أحد المشرفين الكرام بنقله إليه؛ ليلقى ما يستحق من الاهتمام و المشاركة.
و أعتذر عن المشاركة الآن؛ لضيق الوقت.
وأهلا بك في الفصيح!
ـ[عبد السميع]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 10:22 ص]ـ
السلام عليكم استاذ لو تكرمت احتاج اساليب التأويل النحوي(/)
نظرية النظم
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[22 - 05 - 2008, 06:50 ص]ـ
فضلا لا أمرا، أريد منكم أن تعرضوا لنظرية
النظم عرضا ملما باختصار؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 01:49 ص]ـ
إخوتي ألا يوجد شبيه عبدالقاهر؟
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 04:32 م]ـ
أكرر ألا يوجد شبيه عبدالقاهر.
فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم ------- إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ.
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[08 - 06 - 2008, 12:15 ص]ـ
من أيسر الكتب التي عرضت النظرية بأسلوب جميل، نظرية النظم للدكتورة / نجاح الظهار
ـ[عربي سوري]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 05:08 م]ـ
نظرية النظم لا يمكن اختصارها بكلمات يا سيدي ولكن يمكن القول أنها البذرة الأولى للبنيوية الحديثة
بدأت كفكرة مع الجاحظ ثم توسعت على يد الجرجاني وهي إحدى النظريات التي حاولت تفسير الإعجاز القرآني حيث رأى أصحابها أن الإعجاز في القرآن يكمن في طريقة النظم وصياغة الجمل فكلمات القرآن من الواضح والمفهوم والمتداول بين الناس ولكن النظم والصياغة تختلف عما يبدعه الخلق وهنا يكمن الإعجاز وكما تعلم أن البعض فسر الحروف المقطعة في بداية بعض السور مثل (ألم) في بداية سورة البقرة فسروها أن الله سبحانه وتعالى يقول أن هذا القرآن من الحروف التي تستعملونها فهاتوا بمثله إن استطعتم
وتقوم على أساس أن الكلمة لها معنى مختلف في كل تركيب أو جملة تكون فيها
ويختلف المعنى باختلاف التركيب حتى ولو كانت ذات الكلمة
وارى ان تقرأ عن الموضوع أنسب لك سيدي الكريم
ـ[عبد السميع]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 11:51 م]ـ
اخي عندي كتاب مضغوط يشرح النظرية شرحا جيدا انا شخصيا استفدت منه كثيرا هو
لمحمود توفيق محمد سعد * كيف انزله لا اعرف على الموقع*
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:08 ص]ـ
اخي عندي كتاب مضغوط يشرح النظرية شرحا جيدا انا شخصيا استفدت منه كثيرا هو
لمحمود توفيق محمد سعد * كيف انزله لا اعرف على الموقع*
أهلا بك وسهلا ومرحبا في شبكة الفصيح.
في الحقيقة أنا نسيت الموضوع، فإن تاريخه قديم، ولكم قرأت عنها،
ولكن الأفاضل - مثلك - لا يهم وقت المشاركة المهم عندهم نفع الآخرين،
" أفضل الناس أنفعهم للناس ".
نعم أخي الكريم، ما دام علما فإننا نريده، ومن يشبع من العلم!
أما عن طريقة رفعه:
فاكتب في google رفع الملفات، ثم ما يأتيك من المواقع فادخله، ثم تجد مكانا - فراغا - ضع الماوس فيه ثم اختر الملف من الجهاز ثم اضغط على كلمة رفع - أو ما شابهها، ثم يظهر لك رابطا ضعه لنا.
ولا أدري كيف أشكرك أخي الكريم، فلا أملك إلا أن أقول:
وفقك الله ورعاك، وسدد على طريق الخير خطاك.
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:21 ص]ـ
انتهى إلى أنَّ المعول عليه في شأن معنى بلاغة الخطاب وفصاحته (أدبيّته) أنَّ ههنا: نظماً وترتيباً وتأليفاً وتركيباً، وأن ههنا صياغة وتصويراً ونسجاً وتحبيراً. وانتهى إلى أن هذه الخصال الثمانية في شأن الكلام سبيلها في شأن الصناعات، إلا أنها في الصناعات حقيقة، وفي الكلام مجاز. فهي قائمة في الصناعات اليدوية على سبيل الحقيقة الفعلية، ولكنها في الكلام على سبيل المجاز، وبرغم من ذلك فإنّ معيار المفاضلة بين هذه السمات الثمانية في الكلام هو هو عيارها في الصناعات ().
وأنت إذا ما نظرت في هذه الثمانية ترى أنها بدأت بالنظم وانتهت بالتحبير، وأن الإمام قد نسقها على نحو لم يقع منه في أي موطن من كتابه "دلائل الإعجاز" ولا غيره، وأنت إذا نظرت في نسقها رأيت في توقيعها النغمي توازناً؛ (نظم وترتيب)، (تأليف وتركيب)، (صياغة وتصوير)، (نسج وتحبير). وهذا النسق ترى فيه تصاعداً يشير إلى منازل هذه السمات من بلاغة الخطاب، فمبدأ بلاغته: النظم، ومنتهاها: التحبير.
وهذه السمات الثمانية لبلاغة الكلام قسمان، كل قسم أربع سمات، وكل قسم ضربان:
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:22 ص]ـ
اذن ساكتب لك باختصار
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:24 ص]ـ
القسم الأول: سمات البناء: النظم والترتيب، والتأليف والتركيب. فالأول والثاني يمثلان درجة الجوار بين عناصر الكلام البليغ: (علاقة ظاهرية)، والثالث والرابع يمثلان درجة الحوار بين عناصر الكلام البليغ: (علاقة باطنية) القسم الثاني: سمات التصوير: الصياغة والتصوير، والنسج والتحبير. فالأول والثاني يمثلان درجة السبك (صناعة المعادن) والرسم، والثالث والرابع يمثلان درجة الحبك (صناعة النسيج) والنقش.
البناء مبدؤه: "نظم"، ومنتهاه: "تركيب". والتصوير مبدؤه: "صياغة"، ومنتهاه: "تحبير". فالتناسق التصاعدي ظاهر للعيان في جمع وتنفيذ هذه السمات على هذا النحو في ذلك الموضع الفريد، الذي لم يتكرر مثله في أي موطن من كتبه. وهذه السمات الثمانية جامعة لما يعرف بتمام بلاغة الخطاب، ولما به عمود بلاغته، كما سيأتي.
وهو إذْ يشير إلى أنَّ هذا قائم في مقالة العلماء في بيان معنى البلاغة وجوهرها، وكان حقه أن يكون كافياً، فإنه يصرح بأنه قد وجده على خلاف ما حسب، فما يزال كثير في حاجة حوجاء عظيمة إلى تفصيل وتبيين.
وهو يؤكد أنّ الإجمال في تفسير الفصاحة غير كاف في معرفتها، وغير مغن في العلم بها الآن، فشأن الفصاحة شأن الصناعات كلها، فكما أنه لا يكفيك أن يقال لك: النسج هو ترتيب للغزل على وجه مخصوص، وضمّ لطاقات الإبرسيم بعضها إلى بعض على
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:24 ص]ـ
طرق شتى، فإنَّ ذلك لا يوقفك على حقيقة النسج وطريقته، فالأمر كمثله في شأن نظم الكلام وبلاغته ().
ومن ثمَّ قرر الإمام عبد القاهر ضرورة المنهج التحليلي في شأن العلم بالبلاغة، فهو من أكثر العلوم اقتضاء إلى التفصيل والتحليل، فالبلاغة لا يكفي ((أن تنصب لها قياساً ما، وأن تصفها وصفاً مجملاً، وتقول فيها قولاً مرسلاً، بل لا تكون معرفتها في شيء حتى تفصِّل القول وتحصِّل، وتضع اليد على الخصائص التي تعرض في نظم الكلم، وتعدها واحدة واحدة، وتسميها شيئاً شيئاً، وتكون معرفتك معرفة الصَّنَعِ الحاذق، الذي يعلم علم كل خيط من الإبرسيم الذي في الديباج، وكل قطعة من القطع المنجورة في الباب المقطَّع، وكل آجُرَّة من الآجُرّ الذي في البناء البديع)).
ويقول في موطن آخر: ((واعلم أنك لا تشفي العلة، ولا تنتهي إلى ثلج اليقين، حتى تتجاوز حَدَّ العلم بالشيء مجملاً إلى العلم به مفصلاً، وحتى لا يقنعك إلا النظر في زواياه والتغلغل في مكانه، وحتى تكون كمن تتبع الماء حتى عرف منبعه، وانتهى في البحث عن جوهر العود الذي يصنع فيه إلى أن يعرف منبته، ومجرى عروق الشجر الذي هو فيه)). وتحقيق ذلك التفصيل مقتض صبراً جميلاً على التَّأمل، وإدماناً حميداً على التدبر، فإن المطمح نبيل والمستشرف جميل.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:26 ص]ـ
إذن سأكتب لك باختصار
ما أجملك وأروعك.
لا يجوز ترويع المسلم!!
يبدو أنني أدخلت الروع فيك حينما شرحت لك الطريقة.
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:32 ص]ـ
واليك الرابط اخي و جزاك الله على نصيحتك و عنوان الكتاب: نظرية النظم و قراءة الشعر لعبد القاهر الجرجاني http://www.vip700.com/up/index.php?action=viewfile&id=6204
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:36 ص]ـ
اخي انا لي مذكرة تخرج بصدد اعدادها بعنوان منهج ابن الانباري في الرد على الكوفة و البصرة اذا عندك نصائح او لك ان ترشدني او مراجع، اسال الله لك الثبات على دينه
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:42 ص]ـ
اخي انا لي مذكرة تخرج بصدد اعدادها بعنوان منهج ابن الانباري في الرد على الكوفة و البصرة اذا عندك نصائح او لك ان ترشدني او مراجع، اسال الله لك الثبات على دينه
لن أقصر في خدمتك إن وجدت أي شيء عن موضوعك.
وحتى يطلع الأعضاء على طلبك، ضع موضوعا جديدا في منتدى الدراسات العليا بهذا الخصوص.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:49 ص]ـ
بارك الله في علمك وجهدك، وحفظك وتولاك ورعاك.
ـ[معالي]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 03:02 ص]ـ
نظرية النظم لا يمكن اختصارها بكلمات يا سيدي ولكن يمكن القول أنها البذرة الأولى للبنيوية الحديثة
لا ينقضي العجب من هذه!!
ـ[معالي]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 03:06 ص]ـ
الأستاذ القدير عبدالسميع
لا أعرف كيف أزجي لك الشكر على دلالتك لنا على مكتوبٍ لهذا الحبر العلامة الذي لا تخفى مكانته العلمية الرفيعة على أهل الصناعة!
الأستاذ الدكتور محمود توفيق ممن تشرفت جامعة أم القرى باستضافته لتدريس طلاب الدراسات العليا الذين كنت منهم، وقد التقينا بحرًا لا ساحل له، ويكفيك شهادة شيخنا الجليل محمد أبي موسى له في مقدمة كتابه (قراءة في الأدب القديم) بنعته بـ (الأستاذ العلامة الـ ... ).
حفظ الله أشياخنا، ولا حرمنا علمهم وفضلهم، وجزاك خير الجزاء.
ـ[عبدالمجيد هاشم]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 01:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم (النظم عند عبدالقاهر) في مقدمة كتابه {دلائل الإعجاز} يعرف عبدالقاهرالنظم بأنه تعلق الكلم بعضها ببعض, وجعل بعضها بسبب من بعض, ويجعل وجوه التعلق ثلاثة: تعلق اسم باسم, وتعلق اسم بفعل, وتعلق حرف بهما. ويشرح وجوه التعلق شرحا وافيا. ويؤكد أن نظم الكلام يقتفي فيه آثار المعاني وترتبها حسب المعاني في النفس. وليس النظم في مجمل الأمر عنده إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو , وتعمل على قوانينه وأصوله , وتعرف مناهجه فلا تزيغ عنها. فمداره على معاني النحو , وعلى الوجوه والفروق التي من شأنها أن تكون فيه وليس هو إلا توخي معاني النحو في معاني الكلم , فلا معنى للنظم غير توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم , أو فيما بين معاني الكلم بتعبير آخر ,
(يُتْبَعُ)
(/)
والفكر لا يتعلق بمعاني الكلم المفردة مجردة عن معاني النحو, أو منطوقا بها على وجه لا يتأتى معه تقدير معاني النحو وتوخيها فيها. ويشير عبدالقاهر إلى أنه من الضروري في معرفة الفصاحة أن تضع اليد على الخصائص التي تعرض في نظم الكلام , وأن الألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة ولا من حيث هي كلمة مفردة , وإنما تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملاءمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها , أو ما أشبه ذلك , مما لا تعلق له بصريح اللفظ. ويأخذ في تفصيل أمر المزية , وبيان الجهات التي منها تعرض , فيتحدث عن وجوه النظم في التقديم والتأخير , والحذف والذكر , والتعريف والتنكير , والوصل والفصل , والقصر. ويفيد في ذكر ضروب تأكيد الخبر , ويعرض التشبيه والتمثيل , والكناية , والمجاز , والاستعارة , مقررا أن المزية فيها ليست في أنفس التي يقصد المتكلم إليها بخبر , ولكنها في طريق إثباته لها , وتقريره إياها , وإذا عرّض للاستعارة في بيت ابن المعتز المشهور: {سالت عليه شعاب الحي حين دعا = أنصاره بوجوه كالدنانير} أكد أن الاستعارة هنا , على لطفها وغرابتها , إنما تم لها الحسن بما توخي في وضع الكلام من التقديم والتأخير , وتجدها وقد ملحت ولطفت ذلك ومؤازرته لها , وكذلك يفصل الكلام على مدخل النظم في بلاغة الاستعارة في قوله تعالى: (واشتعل الرأس شيبا) , وقوله: (وفجرنا الأرض عيونا) , ويتحدث عن التشبيه في مثل: زيد كالأسد , وكأن زيدا الأسد , وأن في المثال الثاني زيادة في معنى التشبيه ليست في الأول , وهذه الزيادة لم تكن إلا بما توخى في نظم اللفظ وتركيبه وترتيبه , حيث قدم الكاف إلى صدر الكلام مع {أن} كما يتحدث عن ضروب المجاز العقلي , أو المجاز في الإسناد , وعن المجاز بالحذف , وعن ضروب الكناية في النسبة , ومدخل النظم في بلاغتها ... بل إنه ليقرر أن الاستعارة والكناية وسائر ضروب المجاز من مقتضيات النظم , وعنها يحدث , وبها يكون , لأنه لا يتصور أن يدخل شئ منها في الكلم وهي أفراد. فإذا قلنا في لفظ {اشتعل} من الآية السابقة. أنها في أعلى المرتبة من الفصاحة لم توجد تلك الفصاحة لها وحدها , ولكن موصولا بها الرأس معرفا بالألف واللام , ومقرونا إليهما الشيب منكرا منصوبا , فليست الفصاحة للفظ {اشتعل} وحده .. / .. وللحديث بقية.
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 04:11 م]ـ
الاسم: بحث الفنون البلاغية في سورة هود
الرابط: http://www.vip700.com/up/index.php?action=viewfile&id=6214
ـ[عبد السميع]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 04:23 م]ـ
الاسم: شرح رسالة ابي زيد القيرواني
الرابط: http://www.vip700.com/up/index.php?action=viewfile&id=6215
ـ[أنوار]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 03:24 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء ... ونفع بعلمكم ... وجعله في موازين حسناتكم ...
ـ[عبد السميع]ــــــــ[20 - 12 - 2008, 10:37 م]ـ
السلام عليكم اخوتي أريد مساعدة في مذكرتي بعنوان
أساليب التأويل النحوي في كتاب إعراب الحديث للإمام العبكري
ـ[عبد السميع]ــــــــ[20 - 12 - 2008, 10:45 م]ـ
بحث الفنون البلاغية في سورة هود
: http://www.vip700.com/up/index.php?action=viewfile&id=6317
ـ[عبد السميع]ــــــــ[20 - 12 - 2008, 10:51 م]ـ
الاسم: إن, وإذا , ولما , في سياقات الابتلاء بالخير والشر في القرآن الكريم
الرابط: http://www.vip700.com/up/index.php?action=viewfile&id=6318
ـ[عبد السميع]ــــــــ[20 - 12 - 2008, 10:53 م]ـ
العكبري و ليس العبكري(/)
من قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ .... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 05 - 2008, 08:04 ص]ـ
من قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
أُحِلَ: حُذِفَ الفاعل للعلم به، فالله، جل وعلا، هو مشرع الأحكام، ومنزل القرآن، وفي التنزيل: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).
الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ: ضمن معنى: "الإفضاء" فتعدى بـ: "إلى"، وفيه كناية لطيفة عما يستقبح ذكره صراحة.
وفي قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ): تقديم ما حقه التأخير، تشويقا للمخاطَب واسترعاء لسمعه.
يقول أبو السعود رحمه الله: "وتقديمُ الظرف على القائم مقامَ الفاعل لما مرَّ مراراً من التشويق فإن ما حقُّه التقديمُ إذا أُخِّر تبقى النفسُ مترقبةً إليه فيتمكن وقتَ ورودِه فضلَ تمكن". اهـ
هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ: تشبيه بليغ: حذفت فيه أداة التشبيه ووجهه: فتقدير الكلام: هن كاللباس لكم في مخالطتهن لكم مخالطة الثياب الأجسادَ، فكأن الزوجة قد صارت شعارا لزوجها، فهي لباسه حسا ومعنى لما بينهما من تمام الخلطة وغاية الانبساط، فكلاهما قد أرسل السجية وتحاشى وحشة الحشمة وسار مع الجبلة، فسبحان من جعل منهن السكن والأنيس، وفي التنزيل: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ: توكيد بـ: "أن" وما بعدها، فهي أبلغ في الدلالة على إحاطة علم الله، عز وجل، فقولك: علمت أنك فاضل، أبلغ في الدلالة على فضل المخاطب من قولك: علمت فضلك، مع أن الأول من جهة الصناعة النحوية يؤول إلى الثاني.
تَخْتَانُونَ: يقول أبو السعود رحمه الله: "والاختيانُ أبلغُ من الخيانة كالاكتساب من الكسْب". اهـ، فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى.
فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ: إطناب لبث الطمأنينة في قلوب من خالف الأمر، فلا يقنط من رحمة ربه، جل وعلا، وفي التنزيل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ: أمر بعد حظر فيفيد الإباحة، أو الرجوع إلى ما كان عليه الحال قبل الحظر، كما قرر المحققون، وهو هنا أيضا: الإباحة، والمباشرة كناية ثانية عما يستقبح ذكره صراحة من أمور النساء، فكنى عنه بلازمه من التقاء أبشارهما حال الوقاع.
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ: أمر آخر يفيد الإباحة ابتداء.
وفيما سبق إشار لطيفة إلى جواز الإصباح جنبا من جماع في رمضان، فلا يجب الغسل قبل طلوع الفجر، وإنما يجب الغسل قبل طلوع الشمس لإدراك صلاة الفجر، وهذا ما اصطلح أهل العلم على تسميته بـ: "دلالة الإشارة".
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ: أمر يفيد الوجوب، وهو الأصل فيه، كما قرر الأصوليون والبلاغيون.
وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ:
نفي تسلط على المصدر الكامن في: "تباشروهن" فيفيد عموم النهي عن أي صورة من صور المباشرة إلا ما استثني كترجيل المرأة شعرَ زوجها، كما في حديث عائشة رضي الله عنها.
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا: أي ما سبق، على طريقة الإشارة إلى ما انقضى قريبا باسم الإشارة للبعيد، وفي التنزيل: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)، فالإشارة في "ذلك" للكلام المنقضي في الآية السابقة.
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: أي: "ليتقوا"، فـ: "لعل": تفيد التعليل في هذا الموضع.
والله أعلى وأعلم.(/)
التقديم والتأخير في الفاصلة القرآنية
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[22 - 05 - 2008, 10:08 ص]ـ
التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْفَاصِلَةِ الْقُرْآنِيَّةِ
دراسة بلاغية تطبيقية على حزب المفصل في القرآن الكريم
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
قسم اللغة العربية - كلية الآداب
جامعة كفر الشيخ
للنص القرآني خصوصية متفردة في شتى أركانه وفي جميع نطاقات عمله، في تراكيبه وجمله، في كلماته ومفرداته، في سوره وآياته، في نظمه، في رسمه، في تقسيم الآيات، في فَصْله ووصْله، في بلاغاته، في نهاية آياته (فواصله)، في كل ما يتعلق به. هذا التفرد والتميز لابد من البحث في وسائله وسبله، للوقوف على نطاقات الإعجاز فيه، ومدارات الخصوصية لهذا النص الفريد.
ومن بين هذه الإعجازات، الإعجاز في توظيف الفواصل القرآنية، تلك الفواصل التي تحوي ألواناً إعجازية ودلالية بالغة الجمال، ورائقة السياق مما يمنحها رخصة الاشتراك في الإسهام في منظومة الإعجاز القرآني بكل تأكيد وفاعلية.
هذا وقد تعددت تعريفات الفاصلة القرآنية كما يلي:
ففي الاصطلاح اللغوي لها: الفصل: بونْ ما بين الشيئين. والفصل من الجسد: موضع المفصل، وبين كل فصلين وصل. والفاصلة: الخرزة التي تفصل بين الخرزتين في النظام. وعقد مفصل أي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. الفصل: القضاء بين الحق والباطل. والتفصيل: التبيين ().
ويعد الخليل بن أحمد الفراهيدي أول من أشار للمصطلح كما هو إذ يقول: " سجع الرجل؛ إذا نطق بكلام له فواصل كقوافي الشعر من غير وزن كما قيل: " لصّها بطل، وتمرها دقل، إن كَثُرَ الجيش بها جاعوا، وإن قلوا ضاعوا " (). فهو هنا يشير إلى (الفواصل) الكلامية غير الموزونة، ويدخل فيها بالطبع الفواصل القرآنية.
وخلاصة الرأي اللغوي فيما يخص الفاصلة، أنها الفصل بين شيئين متصلين، ويدور ذلك المعنى في ثنايا التخريجات اللغوية. أما الفاصلة في الاصطلاح فتعددت تعريفاتها بتعدد مشارب العلماء، ومن هذه التعريفات:
ما يراه الرماني (ت386 هـ) من أن " الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع، توجب حسن إفهام المعاني، والفواصل بلاغة، والأسجاع عيب، وذلك أن الفواصل تابعة للمعاني، وأما الأسجاع فالمعاني تابعة لها " ().
فهو هنا يؤكد على دور الفاصلة في المعنى، بالإضافة إلى دورها في الإيقاع المتولد من المقاطع المتشاكلة. إلا أن كلمة الرماني (والأسجاع عيب) جعلته مقصدا للنقد خاصة من جانب ابن سنان الخفاجي الذي رأى في هذا الرأي تعميما غير مقبول، فرد على الرماني بقوله: " أما قول الرماني: إن السجع عيب، والفواصل بلاغة على الإطلاق فغلط، لأنه إن أراد بالسجع ما يكون تابعا للمعنى، وكأنه غير مقصود، فذلك بلاغة، والفواصل مثله. وإن كان يريد السجع ما تقع المعاني تابعة له وهو مقصود متكلف فذلك عيب، والفواصل مثله " (). فالخفاجي في رده هذا إنما يحفظ للمبدع حقه، ويصون النص القرآني عما قد يظنه ظان من التشابه بين فواصله وأسجاع المتكلمين.
والباقلاني يعرف الفواصل بأنها: " حروف متشاكلة في المقاطع، يقع بها إفهام المعاني " (). وأبو عمرو الداني (ت444هـ) يجعل الفاصلة: " كلمة آخر الجملة " (). ويعود الداني ليفرق بين (الفاصلة) و (رؤوس الآي) بقوله: " أما الفاصلة فهي الكلام المنفصل مما بعده، والكلام المنفصل قد يكون رأس آية، وغير رأس. وكذلك الفواصل يكن رؤوس آي وغيرها. وكل رأس آية فاصلة، وليس كل فاصلة رأس آية. فالفاصلة تعم النوعين، وتجمع الضربين " (). ونلمح هنا أن الداني يؤكد على مبحث " الوقف " القرآني، فقد يكون الوقف داخل آية، فهو عندئذ ليس بفاصلة. أما إذا انتهت الآية، فالفاصلة هنا رأس آية. إذن الفاصلة عنده على نوعين هما:
1 – فاصلة داخلية: تقع في داخل الآيات، وهي خاضعة لأحكام الوقف والابتداء.
2 – فاصلة خارجية: وهي ما يسمى عنده (رأس الآية)، وهي خاتمة الآية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويرى الزركشي أن: الفاصلة هي كلمة آخر الآية، كقافية الشعر، وقرينة السجع " (). ويضيف الزركشي إلى هذا التعريف رأيا يوضح فيه موضع ومقام الفاصلة إذ يقول: " تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها. وهي الطريقة التي يباين بها القرآن سائر الكلام، وتسمى فواصل، لأنه ينفصل عندها الكلام، وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها أخذا من قوله تعالى: ? كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ? () ولم يسموها أسجاعا، ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعا " ().
إن مقصد الزركشي هنا هوالإشارة إلى كون الفاصلة حالة خاصة بالنص القرآني وأحد نطاقات إعجازه وتميزه وتفرده عما سواه. والواضح الجلي من هذه التعريفات السابقة هو اتفاقها على:
1 - كون الفاصلة هي خاتمة الآية وآخرها.
2 - كون الفاصلة متشاكلة المقاطع إيقاعاً.
3 - لها دور في تحسين الكلام، وهذا هو جوهر عملها.
والسؤال الآن: كيف يمكننا معرفة الفاصلة القرآنية؟! والإجابة عند السيوطي في كتابه (الإتقان) إذ ينقل لنا من كتاب " أحكام الرأي في معرفة فواصل الآي " للجعبري الذي ضاع ولم يصلنا، ونقل منه السيوطي نصوصا، هي ما بين أيدينا في كتاب " الإتقان في علوم القرآن ". ينقل السيوطي لنا طريقتين لمعرفة تواصل الآيات هما: الأولى: توفيقية: أي ما ثبت من كونه ? وقف عليه، فتحقق أنه فاصلة بلا شك. من ذلك ما رواه أبو داود عن أم سلمة لما سئلت عن قراءة رسول الله ? قالت: " كان يقطع قراءته آية آية. وقرأت: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين) ().
والمستفاد من الحديث السابق هو كون فعله ? هو المحدد للوقف في النص القرآني. أما الطريقة الثانية؛ فهي قياسية؛ أي اتباع أحكام الوقف في النص القرآني. لكن ليس كل وقف في القرآن (فاصلة)، فالقرآن كله مبني على الوصل لا الوقف والفصل، ومن ثم كان لابد من طرق ووسائل لمعرفة القياسي من الفواصل. هذه الطرق والوسائل تنبع من النص القرآني ذاته، إذ يقاس على المنصوص عليه، فيلحق به، وذلك للمناسبة، ولا شيء في ذلك. ولذا سميت هذه الطريقة (بالقياسية).
أنواع الفواصل القرآنية:
تتنوع الفواصل القرآنية بحسب عدة مداخل لها. فالعلماء ينوعون الفواصل بحسب مداخل خمسة هي ():
1 - أنواعها من حيث حرف الروي (الحرف الأخير من الفاصلة).
2 - أنواعها من حيث طول الفقرة المبنية عليها.
3 - أنواعها من حيث موقع الفاصلة.
4 - أنواعها من حيث مقدارها من الآية.
5 - أنواعها من حيث الوزن. ونفصل القول في كل مدخل على حدة كما يلي:
أولاً: أنواع الفواصل من حيث حرف الروي:
الروي هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وتنسب إليه. والروي يلتزم بعينه في سائر أبياتها. يقول ابن رشيق: " حرف الروي الذي يقع عليه الإعراب، وتبنى عليه القصيدة، فيتكرر في كل بيت وإن لم يظهر فيه الإعراب لسكونه " ().
هذا في جانب الشعر، أما في النص القرآني فلم تلتزم الآيات حرف روي واحد، وإنما كان تنوعها من مناطات إعجازها. وقد تنوعت الفاصلة القرآنية حسب حرف الروي إلى ثلاثة أنواع هي:
1 - المتماثلة (): وهي التي تماثلت حروف رويها، مثل قوله تعالى: ? وَالطُّورِ وَكِتَابٍ
مَسْطُورٍ فِي رِقٍّ مَنْشُورٍ? سورة الطور الآيات رقم (1، 2، 3).
2 - المتقاربة (): وهي المبنية على حروف متقاربة المخارج صوتيا، مثل قوله تعالى: ?الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّين ?سورة الفاتحة الآيتان رقم (2، 3) (فالميم) و (النون) متقاربان في المخرج.
3 - المنفردة: وهي نادرة، فلم تتماثل حروف رويها، ولم تتقارب، مثل: فاصلة آخر آية في سورة الضحى، قال تعالى: ? وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ? سورة الضحى آية رقم (12). فهي على حرف (الثاء) وما قبلها على حرف (الراء) فلا تماثل ولا تقارب هنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويلاحظ أن أغلب فواصل القرآن على النوعين الأول والثاني من حروف الروي. ويرى د. محمد الحسناوي أن: " الفواصل المتماثلة تشيع في الآيات والسور المكية، على حين تغلب المتقاربة على الآيات المدنية " (). ولعل مرد ذلك هو تحقيق الجذب الإيقاعي والموسيقي عن طريق هذا التماثل في الفواصل في صدر الإسلام، ليحقق هذا الإيقاع نوعا من الإبهار، ومن ثم يذوق الكفار حلاوة النص وينجذبوا إليه، فيدخلوا في دين الله أفواجا.
ثانياً: نوع الفاصلة من حيث طول الفقرة:
يقصد بالفقرات في القرآن (الآيات)، وهي على ثلاث أنواع ():
1 - قصير موجز: وهو ما يتكون من لفظ واحد، أو من عدد من الحروف كقوله تعالى:?الرَّحْمَنُ ? سورة الرحمن آية رقم (1)، و?الْحَاقَةُ? سورة الحاقة آية رقم (1)، و?ألَم? سورة البقرة آية رقم (1).
2 - متوسط معجز: وهو ما تكون من لفظين، مثل قوله تعالى: ?وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى? سورة النجم الآيتان رقم (1، 2).
3 - طويل مفصح مبين: وهو بقية آيات القرآن، إذ قد تصل آية ما إلى (عشرين لفظا) مثل قوله تعالى: ?وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ?سورة هود الآيتان رقم (9، 10).
ثالثاً: نوع الفاصلة من حيث موقعها:
ويقصد بموقع الفاصلة هنا أن هناك كلمات في الآية تتشاكل وتتماثل مع الفاصلة الأخيرة فيها. هذا التماثل يمنح هذه الكلمات الداخلية صفة (الفاصلة الداخلية). وعلى هذا الأساس تقسم الفاصلة إلى:
1 - الفاصلة الداخلية: وهي ما يسميها البلاغيون مثل ابن حجة (بالتشريع) ومعناها: أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض، فإذا أسقط جزءاً أو جزئين صار الباقي بيتا من وزن آخر ().
2 - الفاصلة الخارجية: وهي مناط الفائدة، ومحور الآيات.
وتقسم الفاصلة الداخلية قسمين هما:
الأول: داخلية متماثلة، مثل قوله تعالى: ? فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ? سورة الروم آية رقم (7)، فالتماثل هنا واضح بين الفاصلة الداخلية (تمسون) والفاصلة الخارجية (تصبحون) من حيث الاتفاق في حرف الروي (الواو والنون).
والثاني: داخلية متباعدة، وعليها قوله تعالى: ?اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ? سورة المائدة آية رقم (101)، فالفاصلة الداخلية هنا (العقاب) غير متماثلة تماما مع الفاصلة الخارجية (رحيم).
رابعاً: نوع الفاصلة من حيث مقدارها من الآية:
والمقصد هنا يقوم على كون الفاصلة آية أو بعض آية وعليه بقية آيات القرآن. ويمكن أن ندمج هذا النوع في النوع الثاني المتعلق بتقسيم الفاصلة حسب طول الفقرة، إذ أنهما يتمحوران حول جزئية متحدة لا جديد في هيكلها.
خامساً: نوع الفاصلة من حيث الوزن:
وهذا النوع ينحو منحى التقسيم الوارد في أنواع السجع، وخاص به. لكننا هنا لا نمنع إقامة الفواصل على مثل هذا التقسيم إمعانا في إثبات فرادة النص القرآني على غيره، واشتماله على ما في كلام العرب، بل وزيادة عليه. وتقسم الفاصلة حسب الوزن إلى ():
1 - المطرفة: وهي ما اتفقت في حروف الروي لا الوزن، مثل قوله تعالى: ? مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ? سورة نوح الآيتان رقم (13، 14) فالكلمتان (وقارا) و (أطوارا) متفقتان في (الروي) ومختلفتان في (الوزن) فالأولى على (فَعَالا) والثانية على (أفْعَالا).
2 - المتوازية: وهي ما اتفقت في حروف الروي والوزن، مثل قوله تعالى: ? فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ ? سورة الغاشية الآيتان رقم (13، 14)، فالكلمتان (مرفوعة) و (موضوعة) متفقتان في حرف الروي والوزن.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - المتوازنة: وهي ما اتفقت في الوزن دون حرف الروي، مثل قوله تعالى: ? وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيّ مَبْثُوثَةٌ ? سورة الغاشية الآيتان (15، 16)، فالكلمتان (مصفوفة) و (مبثوثة) متفقتان في (الوزن) على وزن (مَفْعُولة) دون حرف الروي فهما مختلفتان فيه.
4 - المرصعة: وهي تقابل الآيتين بكل مفرداتهما واختلافهما. فالأساس هنا لابد وأن يشتمل على تقابل (الوزن) و (التقفية) و (الدلالة)، وعليه قوله تعالى: ?إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ? سورة الغاشية الآيتان رقم (25، 26) فالتشريح التركيبي يجعل شكل الآيتين هكذا:
(إن / إلينا / إيابهم).
(إن / علينا / حسابهم).
(إلينا) مقابل (علينا) وزنا وقافية،، و (إيابهم) مقابل (حسابهم) وزنا وقافية.
5 - المتماثلة: وهي أن تتساوى الآيتان في الوزن دون التقفية، وتكون مكونات كل آية مقابل الأخرى وزنا وقافية، مثل قوله تعالى: ?وَأَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ المُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ? سورة ص الآيتان رقم (117، 118) فكل مفردات الآيتين على الوزن نفسه دون القافية. تلك هي أنواع الفاصلة من حيث الوزن.
كان ما سبق مدخلا طبيعيا للحديث عن " التقديم والتأخير في الفاصلة القرآنية "، مع تطبيق ذلك على (حزب المفصل) في القرآن الكريم، وما نتج من دلالات في هذا السياق نفصّلها فيما يأتي:
أولاً: ورد " التقديم والتأخير " ملابسا لسياق الفاصلة القرآنية في (حزب المفصل) في (402 أربعمائة وآيتين) فقط من جملة آيات الحزب، بنسبة (25.4%) أي (ربع) آيات الحزب، وهي نسبة مرتفعة إذا ما اطردت في سائر سياقات النص القرآني وتم إحصاؤها.
ثانياً: تتوزع هذه المواضع التي لابس فيها " التقديم والتأخير " الفاصلة القرآنية إلى (21 واحد وعشرين نوعا)، يمثلها الجدول التالي:
م نوع التقديم والتأخير العدد
1 الابتداء بالنكرة 14
2 تقديم الخبر على المبتدأ 56
3 تقديم خبر كان على اسمها 13
4 تقديم خبر إن على اسمها 19
5 تقديم المفعول به على الفاعل 34
6 تقديم المفعول به على الفعل 9
7 تقديم المفعول الثاني على المفعول الأول 15
8 تقديم المفعول المطلق على الفاعل 5
9 تقديم المفعول المطلق على الفعل 1
10 تقديم الحال على عاملها 10
11 تقديم النعت على منعوته 2
12 تقديم الظرف على المفعول به 2
13 تقديم الجار و المجرور على المتعلق به 53
14 تقديم الجار والمجرور على المفعول به 52
15 تقديم الجار والمجرور على الحال 5
16 تقديم الجار والمجرور على المفعول المطلق 8
17 الفصل بين الفعل والفاعل بالجار والمجرور 14
18 الفصل بين المبتدأ والخبر بالجار والمجرور 53
19 الفصل بين الصفة والموصوف بالجار والمجرور 7
20 الفصل بين اسم كان وخبرها 12
21 الفصل بين اسم إن وخبرها 18
المجموع: 402
جدول رقم (2)
يتضح من خلال الجدول السابق أن أكثر الأنواع استحواذا على سياقات " التقديم والتأخير " في الفاصلة في (حزب المفصل) هي أربعة ألوان هي:
1 - تقديم الخبر على المبتدأ، والذي تمثل في (56 ستة وخمسين موضعاً).
2 - تقديم الجار والمجرورعلى المتعلق به، والذي تمثل في (53 ثلاثة وخمسين موضعاً).
3 - الفصل بين المبتدأ والخبر بالجار والمجرور، والذي تمثل في (53 ثلاثة وخمسين موضعاً).
4 - تقديم الجار والمجرور على المفعول به، والذي تمثل في (51 إحدى وخمسين موضعاً).
فهذه الألوان الأربعة هي الأكثر استحواذا على سياقات " التقديم والتأخير " في الفاصلة، إذ حازت (213 مائتين وثلاثة عشر موضعاً) من إجمالي المواضع، بنسبة (53 %) من جملة المواضع، وهي نسبة مرتفعة بالقياس إلى بقية الألوان وعددها (17 سبعة عشر لوناً).
ثالثاً: يمكن تصنيف مواضع " التقديم والتأخير " في الفاصلة القرآنية أقساما أربعة هي:
الأول: ما يختص بالجملة الاسمية.
الثاني: ما يختص بالجملة الفعلية.
الثالث: ما يختص بالمكملات.
الرابع: ما يختص بالفصل النحوي. ونفصل القول في كل قسم على حدة كما يلي:
القسم الأول: ما يختص بالجملة الاسمية:
(يُتْبَعُ)
(/)
ويدور الحديث في هذا القسم عن سياقات " التقديم والتأخير " في الفاصلة القرآنية الملابسة للجملة الاسمية والتي تتمثل في:
1 - الابتداء بالنكرة.
2 - تقديم الخبر على المبتدأ.
3 - تقديم خبر كان على اسمها.
4 - تقديم خبر إن على اسمها.
فهذه الفروع تتضافر فيما بينها لتشكل منظومة " التقديم والتأخير " في الجملة الاسمية. والشيء العجيب حقا أن خروج (الفاصلة) بالتقديم أو بالتأخير عن مقررات النحو في المواضع الملابسة لها، إنما هو في جوهر الأمر مجرد شكل من أشكال " التقديم والتأخير " في الجملة الاسمية. فالفاصلة القرآنية في هذه المواضع لابد وأن تكون أحد طرفي الجملة الاسمية ملابساً لحالة (التأخير) دوما. فمثلا: في الابتداء بالنكرة ورد " التقديم والتأخير " ملابساً للفاصلة في (14 أربعة عشر موضعاً) كانت الفاصلة في كل هذه المواضع (خبرا) مؤخرا على خلاف القياس النحوي الذي يحكم للخبر في هذه المواضع بالتقديم لكون المبتدأ (نكرة). فمثلا قوله تعالى:? وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذَّبِينَ ? سورة المرسلات آية رقم (15). تكررت في هذه السورة في (10 عشر آيات) ودارت على الهيكلة التركيبية التالية:
(ويل + يومئذ + للمكذبين). (مبتدأ نكرة + ظرف + خبر شبه جملة).
والأصل في مثل هذا الأسلوب أن يؤخر (المبتدأ) لكونه نكرة، ويُقَدَّم (الخبر) لكونه (شبه جملة). وعلى هذا كان لابد أن يكون تركيب الآية – في غير القرآن – على النحو التالي: (للمكذبين يومئذ ويلٌ) أو (للمكذبين ويلٌ يومئذ).
فيختلف الأمر تماما حينئذ في السياق القرآني. ولذا كان لابد من مخالفة الأصل النحوي للحفاظ على الإيقاع الموسيقي المتولد من بناء أغلب فواصل السورة على حرف (النون) الذي تكرر في (29 تسع وعشرين آية) من إجمالي (50 خمسين آية) هي جملة آيات سورة المرسلات. ولنتخيل الأمر فلو كانت الآية – حاشا لله – على التركيب التالي: (للمكذبين يومئذ ويلٌ) فالإيقاع والنغم الجميل يختفي تماما.
إذن المخالفة للأصل النحوي هنا تمت حفاظا على السياق الإيقاعي بالدرجة الأولى. يقول العلوي: " الظروف لا وجه لتقديمها على عاملها إلا ما ذكرناه من الاختصاص. وثانيهما: أن يكون تقديمه من أجل مراعاة المشاكلة لرؤوس الآي في التسجيع " (). فهو هنا يرى في " التقديم والتأخير " الملابس للفاصلة أمرين هما:
الأول: التقديم للاختصاص. والأمر الثاني: مراعاة المشاكلة الصوتية المتولدة من بناء الفواصل على حرف متماثل. فالاختصاص هنا في هذه الآية السابقة لا يتحقق لكون (الخبر) غير مقدم. أما مراعاة المشاكلة الصوتية والإيقاعية فهو المراد هنا.
وفي " تقديم الخبر على المبتدأ " في الفاصلة القرآنية، نجد أن هذا ورد ممثلاً في (56 ستة وخمسين موضعاً)، منها على سبيل المثال:
- قوله تعالى: ? وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? سورة ق آية رقم (4).
- قوله تعالى: ? مَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ? سورة ق آية رقم (6).
- قوله تعالى: ?وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ? سورة ق آية رقم (43).
- قوله تعالى: ?وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ? سورة الممتحنة آية رقم (43).
هذه الآيات وظفت فيها الفواصل كأحد ركني الجملة الاسمية، وكانت دائما في هذه السياقات (مبتدأ) مؤخرا. والشيء الغريب أن التأخير في هذه السياقات لا ينحو نحو المشاكلة الصوتية للفاصلة، بل الأمر هنا على أغراض بلاغية متولدة من سياقات تقديم الخبر (شبه الجملة). وليست فقط على (الاختصاص) الذي تواطأ البلاغيون على وسم مبحث " التقديم والتأخير " به في كل مناسبة.
ونظرة بسيطة إلى مواضع " تقديم الخبر على المبتدأ " في سياقات الفاصلة القرآنية تبين بحق المواضع المستحقة للتأخير، والمواضع الأخرى التي لا تستحق هذا التأخير. فقد استحق المبتدأ التأخير لكونه (نكرة) مجرورة في (15 خمسة عشر موضعاً) فقط. ونظراً لكون الخبر (شبه جملة)، وكان المبتدأ في هذه المواضع هو (الفاصلة). في حين تأخر (المبتدأ) في بقية المواضع وعددها (41 إحدى وأربعين موضعاً)، ولم يكن يستحق التأخير في هذه المواضع لكونه ملابسا لما يوجب له التقديم. فقد توزع المبتدأ في هذه المواضع كما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - مبتدأ (نكرة موصوفة)، وقد ورد في (21 إحدى وعشرين موضعا) والوصف أحد المسوغات المبيحة للابتداء بالنكرة.
2 - مبتدأ (معرف بال)، وقد ورد في (14 أربعة عشر موضعا).
3 - مبتدأ (معرف بالإضافة)، وقد ورد في (6 ستة مواضع).
أي أن المبتدأ (المؤخر) في هذه المواضع كان حقه التقديم، وكان حق الخبر أن يكون (فاصلة) مؤخرة كما يقتضي التركيب النحوي ذلك، لكن ذلك لم يحدث!!
إن القول بأن غاية هذا التقديم هو الحفاظ على (التشاكل الصوتي) المتولد عن بناء الفواصل على حرف أو حروف متماثلة (صوتياً) أو قريبة التماثل، أمر لا يتضح هنا في كل مواضع " التقديم والتأخير " في الفاصلة القرآنية. فمثلا الآية رقم (4) من سورة (ق) قال تعالى: ?وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? مكونة من (خبر شبه جملة مقدم + مبتدأ نكرة موصوفة مؤخر). وحق المبتدأ هنا (التقديم) لوجود ما يسوغ له هذا التقديم وهو (الوصف). والفاصلة هنا هي كلمة (حفيظ) مبنية على حرف (الظاء) فهل نحكم للفاصلة بأنها متماثلة (صوتيا) مع بقية الفواصل في السورة؟! والإجابة أن فواصل سورة (ق) جاءت على (7 سبع أحرف) توزعت على آيات السورة البالغ عددها (خمس وأربعين آية) كما يلي:
م الحرف عدد مرات الورود
1 الباء 7
2 الجيم 5
3 الدال 27 بنسبة (60 %)
4 الراء 2
5 الصاد 1
6 الطاء 1
7 الظاء 2
جدول رقم (3)
إذ أغلب فواصل السورة مبني على حرف (الدال)، والفاصلة التي بين أيدينا مبنية على حرف (الظاء) وليس بينهما أي تقارب في المخرج. إذ أمر المشاكلة الصوتية غير وارد في هذه الآية. فالتقديم هنا بلاغي محض وليس نحويا أيضا لكسره التقرير النحوي المسوغ للابتداء بالنكرة إذا وصفت. فالتقديم هنا (للخبر) والتأخير (للمبتدأ) على إرادة إثبات (طلاقة قدرة الخالق) وليس (الاختصاص)، فالسياق يدور على إنكار البعث من جانب الكفار وتحدثهم بأن الأرض (تبلع) فقط، فهو الفناء المحض، فكان الرد الإلهي بأن الذي خلق أولا يسهل عليه الخلق مرة ثانية، كما أن (طلاقة القدرة) تتمثل في معرفة المقدار الذي تأخذه الأرض من أجسادهم، لأن كل هذا (عندنا) فقط في (كتاب حفيظ). ونفي التقديم للاختصاص هنا أمر حتمي، لأن إرادة الاختصاص تقتضي الظن بمحاولات الاشتراك، وهذا الموضع لا اشتراك فيه، فلذا ينتفي هذا الغرض هنا.
ولو تتبعنا كل مواضع التقديم والتأخير (الاسمي) في الفاصلة القرآنية لكان لكل فاصلة خصوصية ذاتية بها في مقامها الذي ثبت فيه وتمكنت، هذه الخصوصية تنبع من أداءات المفردات المكونة لتركيب جملة الفاصلة، وتضافرها معا للوصول إلى قمة الأداء عند الفاصلة.
ولنأخذ مثالا آخر، الآية رقم (4) من سورة الممتحنة قال تعالى: ? وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ? مبنية على الهيكل التركيبي التالي: (خبر شبه جملة مقدم + مبتدأ مؤخر). وتأخير المبتدأ هنا على خلاف القياس النحوي الذي يحكم للمبتدأ المعرفة بالتقديم، وعليه كان لابد في - غير القرآن – أن يكون شكل الجملة: (والمصير إليك). لكننا هنا نكون إزاء نفور جمالي في الأداء الصوتي المؤدي إلى الجمال الايقاعي (للمتلقي). فلو كان بناء الفاصلة على (الخبر) أي على حرف الكاف في (إليك) لما أحسسنا بالجمال الأدائي لهذه الآية. إن التقديم هنا حقق أمرين هما:
1 - المشاكلة الصوتية لتقارب حرف (الراء) من مخرج حرف (الباء) الذي بنيت عليه فواصل السورة.
2 - الاختصاص المنتج من تقديم الخبر (إليك) على المبتدأ (المصير)، فالسياق يقتضي الإقرار باختصاص المولى – عز وجل – وحده بأن المآل إليه، ونهاية المطاف لديه. ويستفاد ذلك من سياق الدعاء قبل الفاصلة ? رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ? فالدعاء في الآية مبني على تقديم (شبه جملة) كوحدة دلالية مستقلة، على (المتعلق به)، حتى إذا ما وصلنا إلى موضع الفاصلة قدم (شبه الجملة) على المبتدأ اطرادا على ما سبق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي سياق تقديم خبر كان على اسمها، وتقاطع سياقاته مع سياقات الفاصلة، نجد أن هذا التقاطع ورد ممثلاً في (13 ثلاث عشرة آية). ورد فيها خبر كان مقدما على اسمها (الفاصلة)، ولنضرب مثالاً لنوضح به كيفية ورود هذا النمط الأسلوبي:
قال تعالى: ?فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ? سورة الملك آية رقم (18). فقد قدم الخبر (كيف) أداة الاستفهام ذات الخصوصية المتفردة، على (كان) واسمها المعرفة (نكير). وتقديم (كيف) هنا واجب لاستحقاق أسماء الاستفهام الصدارة. ولكون (كيف) مستحقة للتصدير كانت الآيةعلى النسق الذي لابد أن تكون عليه. واسم كان (نكير) ليس مؤخراً بالمعنى المفهوم لنا، بل هو على نسقه، فهو (تالٍ) للفعل الناسخ ولم يؤخر، ولكن الخبر هو الذي قدم ليس على (اسم كان) بل على (كان) نفسها، لوجود ما يبيح له هذا التقديم. والذي حدث في اسم كان (الفاصلة) هو حذف (ياء المتكلم) من آخره، فكان حقه أن يكون (نكيري) لكن لاستمرار الدفقة الإيقاعية للفاصلة، والمتولدة من بناء أغلب فواصل السورة على حرف (الراء) الذي تكرر في (21 إحدى وعشرين فاصلة) من إجمالي (30 ثلاثين آية) هي جملة آيات السورة، وبنسبة (70%)، ثم حذف (ياء المتكلم). والحذف هو أحد الأحكام الموجبة للمناسبة والمشاكلة الصوتية للفاصلة القرآنية. إذ يعدده السيوطي من جملة الأحكام الأربعين الموجبة للمناسبة في الفاصلة القرآنية. يقول السيوطي: " وحذف فاء الإضافة، نحو:? فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ? ()، و?فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ? () " (). فعلى هذا الأساس حذفت الياء من (نكير)، رعاية للمناسبة في الفاصلة.
ومثال آخر الآية رقم (4) من سورة الإخلاص، قال تعالى: ? وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ?. فالهيكلة التركيبية للآية تقوم على المفردات الآتية: (لم جازمة + فعل مضارع مجزوم (ناسخ ناقص) + جار ومجرور متقدم على متعلقه + خبر يكن مقدم + اسم يكن مؤخر) و " التقديم والتأخير " هنا ليس على القياس النحوي، فالأصل – في غير القرآن – (ولم يكن أحد كفوا له) فتقديم الخبر هنا على المبتدأ على غير قياس. ولذا يجب التساؤل لم حدث هذا الاختراق التركيبي للآية؟!
يرى مكي بن أبي طالب أن: " (أحد) اسم كان، و (كفوا) خبر كان، و (له) ملغي. وقيل: (له) الخبر، وهو قياس قول سيبويه ()، لأنه يقبح عنده إلغاء الظرف إذا تقدم، وخالفه المبرد ()، فأجازه على غير قبح، واستشهد بالآية، ولا شاهد للمبرد في الآية، لأنه ممكن أن يكون (كفوا) حالا من (أحد) مقدما، لأن نعت النكرة إذا تقدم عليها نصب على الحال " (). فعلى هذا هناك إعرابان لكلمة (كفواً):
الأول: أن تكون (خبرا) لكان مقدما على اسمها. والثاني: أن تكون (حالا) من (أحد) تقدمت عليه لكونه نكرة موصوفة في الأصل، فقدمت (الصفة) فنصبت على (الحال).
وعلى هذا يكون (له) الجار والمجرور (خبراً) لكان. وقد رد أبو حيان على هذا الرأي بقوله: " ليس الجار والمجرور منه (تاما)، إنما هو ناقص لا يصلح أن يكون خبرا لكان، بل هو متعلق بـ (كفوا) وقدم عليه. فالتقدير: (ولم يكن أحد كفوا له) أي: مكافئه. فهو في معنى المفعول متعلق بكفوا. وتقدم على (كفوا) للاهتمام به، إذ فيه ضمير الباري تعالى، وتوسط الخبر وإن كان الأصل التأخر، لأن تأخر الاسم هو فاصلة فحسن ذلك " (). وهذا الرأي الذي فنده أبو حيان هو الفصل إذ جعل الأمور في نصابها، فالخبر هنا هو (كفواً)، والجار والمجرور (له) متعلق بالخبر مقدما عليه لاشتماله على ضمير يعود على المولى- سبحانه وتعالى- فاستحق التقديم لهذا، وللاهتمام به. أما تقدم الخبر فهو على سبيل التجوز، وحقه التأخر، إلا أن اسم كان حسن تأخيره لكونه (فاصلة)، أي أن (أحد) فاصلة مبنية على حرف (الدال) الذي بنيت عليه فواصل السورة جميعها، ومن هنا حسن تأخير (اسم كان) رعاية للتشاكل الصوتي، ومناسبة للإيقاع المتولد من هذا التشاكل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الرأي ارتآه أبو حيان هو خلاصة رأي أغلب النحويين و المفسرين (). وعليه فإن بناء (الفاصلة) القرآنية يخضع لقوانين نحوية وصرفية وصوتية وبلاغية تتضافر معا لتشكل منظومة الفاصلة في تقاطعات سياقاتها مع سياقات مبحث " التقديم والتأخير ".
أما شكل (الفاصلة) في سياق تقديم (خبر إن) على (اسمها) فقد ورد ممثلا في (19 تسعة عشر موضعا) في (حزب المفصل). هذه السياقات هي في جوهر أمرها سياقات لتقديم الخبر على المبتدأ، لابسها دخول الحروف النواسخ عليها. فمثلا قوله تعالى: ? إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ? سورة الغاشية الآيتان رقم (25، 26). فهاتان الآيتان وردتا على هيكلة تركيبية واحدة تتمثل في: (حرف ناسخ + خبر إن شبه جملة (جار ومجرور) مقدم + اسم إن معرفة مؤخر). وسبب تقديم (الخبر) هنا على غير القياس، لأن المبتدأ معرفة مستحق للتقديم، وتأخيره على غير قياس. وأصل الكلام - في غير القرآن - (إن إيابهم إلينا ثم إن حسابهم علينا).
ولن نحكم هنا على التأخير لـ (اسم إن) بأنه مراعاة للتشاكل الصوتي للفاصلة، فهذا لا يمكن لكون الفاصلة في الآيتين على حرف (الميم)، وأغلب فواصل السورة على (تاء التأنيث المتحركة) والتي وردت في (14 أربع عشر آية) من جملة (25 خمس وعشرين آية) هي جملة الآيات في السورة. ولو تقدم (اسم إن) إلى مكانه المحكوم به نحويا، لكانت الفاصلة (خبر إن) على حرف واحد هو حرف (النون ملابساً ألف المد). فالتشاكل الصوتي للفاصلة لا مقام له هنا، بل إن تقديم (خبر إن) على غرض الاختصاص لكون المحكوم به هنا (البعث والحساب) مما لا سبيل لأحد إليه، فهو بيد المولى – عز وجل – وحده.
ويلاحظ أن جميع المواضع التي تقدم فيها (خبر إن) كان (شبه جملة؛ جار ومجرور) وهذا - وفق تقرير النحويين - مسوغ لتقديم (خبر إن). أما (اسم إن) فكان على ثلاثة أحوال:
1 - نكرة مجردة، وقد وردت في (6 ستة مواضع).
2 - نكرة موصوفة، وقد وردت ممثلة في (موضعين فقط).
3 - معرفة، وقد وردت ممثلة في (11 أحد عشر موضعاً).
معنى ذلك أن استحقاق (اسم إن) للتأخر لا يتمثل إلا في (6 ستة مواضع) أما تأخره على غير القياس في (13 ثلاثة عشر موضعا) وما كان ذلك إلا لأغراض بلاغية مستقاة من وراء هذا التوظيف لهيكل جملة (إن واسمها وخبرها) أو بالهيكل الفرعي (إن + خبرها + اسمها)، بالإضافة إلى وضع المناسبة والمشاكلة الصوتية للفاصلة في الحسبان في الكثير من الآيات مثلما نجد في:
1 - قوله تعالى: ? وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى? سورة النجم آية رقم (13).
2 - قوله تعالى: ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى? سورة النجم آية رقم (42).
3 - قوله تعالى: ? وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةُ الأُخْرَى? سورة النجم آية رقم (47).
4 - قوله تعالى: ? وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ? سورة القلم آية رقم (3).
5 - قوله تعالى: ? إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى? سورة الليل آية رقم (12).
فهذه الآيات رُوعِيَ فيها بناء الفاصلة في سياق بنائها في فواصل السورة، وذلك حتى تتوافق مع الإيقاع المتولد من بناء الفواصل على التماثل والمناسبة.
وعلى كل فإن بناء وتشكيل الفاصلة في سياقات " التقديم والتأخير " في الجملة الاسمية كان خاضعا في المقام الأول لمقررات الحكم النحوي في تفصيلات تقديم الخبر وما يتبعه، وأغراض هذا التقديم، والدلالات المستفادة من هذا التقديم تتضافر مع خصائص الفاصلة وتوظيفها في سياق هذه التفصيلات.
القسم الثاني: ما يختص بالجملة الفعلية:
تدور هيكلة الجملة الفعلية على اعتماد الفعل والفاعل ركنين أصليين لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا قيام للهيكلة التركيبية في الجملة الفعلية بأحدهما دون الآخر. ويتعدى الفعل إلى نصب ركن آخر هو (المفعول به) بل ويمنحه رخصا تركيبية غاية في الجمال. فيمنحه التقدم على (الفاعل) بل والتقدم على (الفعل) نفسه وفقا لمنظومة سياقية يؤديها (المفعول) في هذه التحركات. وما يعنينا هنا هو ملابسة سياقات " التقديم والتأخير " في الجملة الفعلية، لسياقات الفاصلة في هذه الجملة. ولذا فإن سياقات " التقديم والتأخير " في
(يُتْبَعُ)
(/)
الجملة الفعلية في تقاطعاتها مع سياقات الفاصلة تشمل ما يلي:
1 - تقديم المفعول به على الفاعل.
2 - تقديم المفعول به الفعل.
3 - تقديم المفعول الثاني على المفعول الأول.
فهذه التفصيلات هي محور سياقات " التقديم والتأخير " في الجملة الفعلية، ولذا نفصل القول فيها.
أولاً: تقديم المفعول به على الفاعل:
ورد المفعول به مقدما على (الفاعل) في سياق (الفاصلة) أي كون (الفاعل) هو (الفاصلة) في الآية، ورد ممثلا في (34 أربعة وثلاثين موضعا). توزع المفعول في هذه المواضع كما يلي:
1 - المفعول (ضمير متصل بالفعل) مقدم على (الفاعل) المظهر المنفصل، واجب التقديم في هذه الحالة، ورد ممثلا في (31 إحدى وثلاثين موضعا).
2 - المفعول (اسم ظاهر) والفاعل (اسم ظاهر)، المفعول (غير مستحق للتقديم) ورد ممثلاً في (3 ثلاثة مواضع فقط).
وعلى هذا فإن الحديث عن تقديم المفعول به (المضمر) على (الفاعل) الذي هو بدوره (فاصلة) يكون من جانب (بلاغية هذا التقديم الواجب) هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هي مراعاة (المشاكلة والمماثلة) للفاصلة (الفاعل) مع فواصل السور التي ترد فيها. فمثلا قوله تعالى: ?عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى? سورة النجم آية رقم (5) قدم فيها المفعول به (هاء الغيبة) في الفعل (علمه) على الفاعل (شديد العقاب) وهذا التقديم واجب لكون المفعول به (ضمير متصلاً) والفاعل (اسما ظاهراً). ومن ناحية أخرى جاء (الفاعل المؤخر) والذي هو بدوره (فاصلة) متشاكلاً مع أغلب فواصل السورة المبنية على (الألف المقصورة) والمتمثلة في (27 سبع وعشرين آية) من إجمالي (62 اثنتين وستين آية) هي إجمالي آيات سورة النجم. وبلاغية التقديم هنا على غرض (التفرد) و (الاختصاص) فالرسول ? لم يعلمه بشر، بل علمه رسول من عند رب البشر، وهذا هو مناط الفرق بين تعليم البشر للبشر، وتعليم رب البشر للرسول ?.
ومثال آخر؛ قوله تعالى: ?وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْْغَرُورُ? سورة الحديد رقم (56). فقد وردت الآية على الهيكلة التركيبية الآتية: (فعل+ مفعول به مقدم + جار ومجرور متعلق بالفعل + فاعل مؤخر وجوبا).
فقد قدم المفعول به هنا وجوبا على (الفاعل) لإرادة (التوبيخ) الإلهي للمؤمنين أو للبشر إذ كيف يستحوذ عليكم الشيطان، وقد أتتكم رسلي وكتبي، ولذا استحققتم هذا (التوبيخ) في معرض (الحساب) يوم القيامة. أم بالنسبة للماثلة الصوتية في الفاصلة (الفاعل) كلمة (الغرور) فهي حاضرة هنا وبقوة لكون أغلب فواصل السورة مبنياً على حرف (الراء) الذي تمثل في (11 إحدى عشرة آية) من إجمالي (29 تسع وعشرين آية) هي جملة آيات السورة، وبذلك يتحقق الغرض البلاغي من تقديم المفعول به، ويتحقق التشاكل الصوتي والإيقاعي من تأخير (الفاعل).
إن المقصد من الإشارة إلى وجوب " تقديم المفعول " أو " جواز تقديمه " هو النظر بعين أخرى غير عين البلاغة، هذه العين تكون موجهة للمؤخر (الفاعل) لا للمقدم (المفعول) لأن مناط الاهتمام هنا هو هذا المؤخر لكونه (فاصلة).
أما على صعيد جواز تقديم المفعول، فقد ورد ممثلا في (3 ثلاثة مواضع) فقط منها قوله تعالى:? وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ? سورة القمر آية رقم (41). فقد قدم المفعول به (آل فرعون) على الفاعل (النذر) جوازا وعلى غير قياس لكون كل من الفاعل والمفعول اسمين ظاهرين. وتحقيق البلاغة لهذا التقديم هو (إبطال الحجة) بمعنى أن الله – عز وجل – إذا عذبهم وعمهم بهذا العذاب فقد أبطل حجتهم بإرسال الرسل (النذر). أما على صعيد (الفاصلة) فإن إعادة الجملة إلى رتبتها - في غير القرآن - يكون كما يلي: (ولقد جاء النذر آل فرعون). فالأمر هنا يكون على اعتماد كلمة (آل فرعون) هي (الفاصلة)، وهي بذلك لا تتواءم مع بناء هيكل الفاصلة في السورة الكريمة، إذ (الفاصلة) في السورة مبنية على حرف (الراء) فقط منفردا. فقد هيمن على فواصل السورة كلها، فورد في جميع آياتها ولو تحقق ما رمينا إليه لشكل هذا نبوا إيقاعيا، ونشاذا موسيقيا في سياق إيقاعي منتظم، وهذا لا يكون. وعلى هذا يمكن القول بأن " التقديم والتأخير " هنا كان – بلا شك – من أجل رعاية
(يُتْبَعُ)
(/)
الفاصلة ولأجل المناسبة والمماثلة والمشاكلة الصوتية في فواصل السورة كلها.
وعلى هذا النمط يسير سياق (الفاصلة) في تقاطعاتها مع سياقات تقديم المفعول به على الفاعل.
ثانياً: تقديم المفعول به على الفعل:
في (حزب المفصل) ورد المفعول به مقدما على (الفعل) في سياق (الفاصلة) في (9 تسعة مواضع). والنحويون يقررون مواضعا لتقديم المفعول به على الفعل تتمثل في ():
1 - كون المفعول به من الأسماء التي لها الصدارة، كأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، وكم الخبرية.
2 - أن يكون المفعول به ضميرا متصلا، لو تأخر لزم اتصاله.
3 - أن يقع المفعول به في جواب (أما) الظاهرة أو المقدرة ولا يفصل بينها وبين الفعل سوى المفعول به.
ومن خلال الاستضاءة بهذه التقريرات النحوية لتقديم المفعول به وجوبا على الفعل يمكننا تقسيم المواضع التي تقاطعت فيها (الفاصلة) مع سياق تقديم المفعول على الفعل كما يلي:
القسم الأول: ورد المفعول به مقدما وجوبا على (الفعل) في (5 خمسة مواضع) هي:
1 - قوله تعالى: ? وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ? سورة المدثر آية رقم (3).
2 - قوله تعالى: ? وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ? سورة المدثر آية رقم (4).
3 - قوله تعالى: ? وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ? سورة المدثر آية رقم (5).
4 - قوله تعالى: ? أَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ? سورة الضحى آية رقم (9).
5 - قوله تعالى: ? وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ? سورة الضحى آية رقم (9).
القسم الثاني: ورد المفعول به مقدما على غير القياس النحوي على (الفعل) في (3 ثلاثة مواضع) هي:
1 - قوله تعالى: ? وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىَ? سورة النجم آية رقم (53).
2 - قوله تعالى: ? وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا? سورة النازعات آية رقم (32).
3 - قوله تعالى: ? وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا? سورة النازعات آية رقم (32).
فالتقديم (وجوبا) للمفعول به في القسم الأول جاء على وقوع المفعول به في جواب (أما) سواء الظاهرة كما في الآيتين الأخيرتين، أو (أما) المقدرة كما في الآيات الثلاث الأول. هذا (الوجوب) ساهم في إبراز أغراض هذا التقديم وهي جميعا على إرادة (الاهتمام) لأن المخاطب هو الرسول ? في جميع هذه الآيات. كما لا ينكر أن بناء الأفعال (الفواصل) هنا على (حرف الراء) في آيات سورة المدثر جاء متوافقا مع فواصل السورة، والتي بُنِيَ معظم فواصلها على هذا الحرف الذي ورد ممثلاً في (31 إحدى وثلاثين آية) من إجمالي (56 ست وخمسين آية) هي عدد آيات السورة. فالتماثل الصوتي والإيقاعي لهذه الفواصل كان حاضرا في سياق هذا التقديم. وليس الحال كذلك في آيتي سورة الضحى، إذ أن الفاصلة في الآيتين على حرف (الراء) الذي لم يُمثَّل في السورة إلا في هاتين الآيتين. ولذا فإن الاتكاء على (المشاكلة الصوتية) هنا ليست بذات طائل. بل إن التوجيه البلاغي هنا يكون أقوى.
أما القسم الثاني، والذي تقدم فيها المفعول به على (الفعل) بلا سند، أو قياس نحوي، فمناط الأمر فيه كما يتضح من سياق السور الواردة فيها تلك الآيات على إرادة التماثل والمناسبة للفواصل. ففي الآية الأولى بنيت الفاصلة على حرف المد (الألف) مناسبة لفواصل سورة النجم والذي جاء فيها (المد) أساساً للفواصل في (55 خمس وخمسين آية) من إجمالي (62 اثنتين وستين آية) هي عدد آيات السورة.
وكذلك الحال في سورة النازعات فالآيتان هم\نا مبنيتان على فاصلة مختومة بمد (الألف). وقد جاءت هكذا لتتوافق مع أغلب فواصل السورة التي جاءت على النمط نفسه، والتي تمثلت في (11 إحدى عشرة آية) من إجمالي (46 ست وأربعين آية) هي عدد آيات السورة.
وخلاصة القول:
أن البحث في سر " التقديم والتأخير " في (الفاصلة) المتقاطعة على سياق تقديم المفعول به (الفعل) إنما هو في جلي الأمر مستند للتقرير النحوي والبلاغي اللذين يوجهان – بلا شك – السياق الصوتي والإيقاعي المبتغي من وراء توظيف الفاصلة.
ثالثاً: تقديم المفعول الثاني:
ورد المفعول الثاني مقدما على المفعول الأول في جملة (المفعولين) اللذين أصلهما (المبتدأ والخبر) في (حزب المفصل) ممثلا في (15 خمسة عشرة آية). ونجد أن هذه المواضع على ضربين هما:
(يُتْبَعُ)
(/)
الضرب الأول: تقديم المفعول الثاني على المفعول الأول، وقد ورد ممثلا في (14 أربع عشرة آية).
والضرب الثاني: تقديم المفعول الثاني على (الفعل)، وقد ورد ممثلا في (آية واحدة) هي قوله تعالى: ? ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ? سورة الحاقة آية رقم (31).
فالضرب الأول ورد (المفعول الثاني) في جميع المواضع على هيئة (شبه الجمة) التي سدت مسد (المفعول الثاني). وقد توزعت إلى:
1 - الظرف، وقد ورد (مفعولا ثان) ممثلا في (آية واحدة) هي قوله تعالى: ?سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ? سورة الطلاق آية رقم (7).
2 - الجار والمجرور، وقد ورد (مفعولا ثان) ممثلا في (13 ثلاث عشرة آية).
وهذا التقسيم مفاده الوقوف على نطاقات عمل (المفعول الثاني) المقدم على (المفعول الأول). هذه النطاقات تستفاد من كون المفعول الثاني في الأصل (خبر)، والمفعول الأول في أصله (مبتدأ)، فالتقديم هنا يدور على دلالات تقديم الخبر (شبه الجملة) على (المبتدأ) النكرة دوما في هذه المواضع. كما أن هذه الدلالات تتواءم وتتضافر مع الدلالات المستفادة من عد (المفعول الأول) في هذه المواضع (فاصلة). وهذا التضافر يمنح سياقات السورة القرآنية أبعادا جمالية ودلالية رائعة. ولنضرب مثالا تطبيقيا لهذا التضافر. فمثلا قوله تعالى:? وَمَنْ َيتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا? سورة الطلاق آية رقم (2). فالهيكلة التركيبية لهذه الآية قائم على: (جعل فعل ناسخ ناصب لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر + فاعل (ضمير مستتر) + مفعول به ثان مقدم (جار ومجرور) + مفعول به أول مؤخر (مخرجا). وكان أصل الكلام - في غير القرآن – أن يكون كالتالي: (يجعل مخرجا له). لكن تم العدول عن هذا الأصل بتقديم ما هو أصل المفعول الثاني (الجار والمجرور) الذي كان (خبر شبه جملة) على المفعول الأول (المبتدأ النكرة) في الأصل. والنحو يقرر وجوب تقديم الخبر (شبه الجملة) على المبتدأ النكرة. ولتتخيل أن هذا الأمر سار في خطوات هي:
1 - الابتداء بالنكرة على غير القياس، (مخرجٌ له).
2 - تحكيم التقرير النحوي بتأخير المبتدأ وجوبا (له مخرجٌ).
3 - دخول الفعل الناسخ الناصب لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، (يجعل الله له مخرجا).
4 - استتار الفاعل لدلالة السياق قبله عليه (يجعل له مخرجا).
هذه الخطوات هي بالفعل ما انتظم كل المواضع التي قدم فيها المفعول الثاني على المفعول الأول.
الدلالات المستنبطة من التقديم في هذه المواضع هي في جوهرها دلالات تقديم الخبر على المبتدأ، ولا مجال هنا للحديث عن (التشاكل والمماثلة الصوتية) للفواصل.
أما الضرب الثاني، والذي تقدم فيه (المفعول الثاني) على (الفعل) وبالتالي على (الفاعل) و (المفعول الثاني)، فقد ورد ممثلا في قوله تعالى: ? ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ?. على الهيكلة التالية:
(مفعول ثان + فعل + فاعل + مفعول أول).
لكننا هنا نجد أنفسنا إزاء (فعل) ليس في جملة الأفعال الناصبة لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، ونجد أن المفعول الثاني والأول هنا لا يكونان جملة اسمية مفيدة، فما معنى قولك: (الجحيم هو) أو (هو الجحيم) لا معنى حقيقي مستفاد من وراء هذا التركيب. يقول الزمخشري: " لا تصلوه إلا الجحيم، وهي النار العظمى لأنه كان سلطانا يتعظم على الناس" ().
ولا ندري لم قدر الزمخشري هنا الاستثناء المنفي؟. وقد رد عليه أبو حيان بقوله: " إنما قدره لا تصلوه إلا الجحيم، لأنه يزعم أن تقديم المفعول يدل على الحصر" (). فالزمخشري يقدم المفعول هنا على غرض الحصر، ولذا قدر النفي هنا. لكن لم نجد من يشير إلى المفعول الأول (الضمير المتصل) في الفعل (صلوه)، وينصب اهتمام النحويين والبلاغيين على المفعول الثاني وسبب تقديمه. يقول النسفي: " نصب الجحيم بفعل يفسره صلوه " (). ويرى العلوي أن الجحيم إنما قدم: " من أجل المشاكلة لرؤس الآي، ومراعاة حسن الانتظام، واتفاق أعجاز الكلم السجعية " (). إذن الأمر يخرج على عدَّ الفعل ناصبا لمفعولين، دون تحديد لهوية هذا الفعل، وأن المفعول الثاني إنما قدم هنا للحفاظ على التشاكل الصوتي للفواصل. وهذا هو الرأي السائد.
(يُتْبَعُ)
(/)
تلك أهم الدلالات التي لابست فيها (الفاصلة) سياقات " التقديم والتأخير " في الجملة الفعلية.
القسم الثالث: ما يختص بالمكملات:
يدور سياق " التقديم والتأخير " في المكملات متقاطعا مع سياق (الفاصلة) على مدار كون التقديم تسبب في نقل (الفاصلة) من دالة إلى دالة، هذا التحول والنقل هما مناط عملية " التقديم والتأخير ". وبالنسبة للمكملات فالأمر على السياق نفسه بلا اختلاف. وتقديم المكملات في سياق الفاصلة ورد ممثلا في:
1 - تقديم المفعول المطلق.
2 - تقديم الحال على عاملها.
3 - تقديم النعت على منعوته.
4 - تقديم أشباه الجمل. ومن خلال هذه الجزئيات نحاول تلمس سياق (الفاصلة) في تقاطعات " التقديم والتأخير " مع سياق المكملات.
1 - تقديم المفعول المطلق:
المفعول المطلق أحد المكملات في الجملة الفعلية، والمنوط بها أداء أدوار دلالية غاية في الأهمية. إذ يرجى من وراء توظيفه أغراض، تتضافر بدورها مع الأغراض المتولدة من سياقات تقديمه.
هذا وقد ورد المفعول المطلق مقدما على عامله في (حزب المفصل) ومتقاطعا مع سياق (الفاصلة) في جملتها، ممثلا في (6 ست آيات)، كانت الفاصلة ممثلة فيها بشكل ما كما سيتضح. فقد ورد المفعول المطلق. وورد مقدما على (الفاعل) منه في (4 أربع آيات) هي:
1 - قوله تعالى: ? كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ َشَكرَ? سورة القمر آية رقم (35).
2 - قوله تعالى: ? قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ? سورة الملك آية رقم (23).
3 - قوله تعالى: ? قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ ? سورة الحاقة آية رقم (41).
4 - قوله تعالى: ? قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ? سورة الحاقة آية رقم (42).
ومقدما على (الفاعل) في (آيتين) هما:
1 - قوله تعالى: ? فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ? سورة الفجر آية رقم (25).
2 - قوله تعالى: ? وَلاَ يُوِثقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ? سورة الفجر آية رقم (26).
وهذان النمطان من تقديم المفعول المطلق تقاطع مع سياق الفاصلة في هذه الآيات فمثلا في النمط الأول، قدم المفعول المطلق على العامل فيه بألفاظ محددة هي (كذلك، قليلا) وكانت الفاصلة في هذه الآيات الأربع هي على التوالي الأفعال التالية: (شكر، تشكرون، تؤمنون، تذكرون). فهذه الأفعال كانت هي (الفاصلة) في سياق هذه الآيات الأربع السابقة. والأصل في هذه الآيات أن يكون التركيب الهيكلي لها - في غير القرآن – كما يلي:
- الآية الأولى: (نجزي من شكر جزاءً).
- الآية الثانية: (تشكرون شكرا قليلاً).
- الآية الثالثة: (تؤمنون إيمانا قليلاً).
- الآية الرابعة: (تذكرون تذكرا قليلاً).
وما حدث أن حذف (المفعول المطلق) ليقوم (نوابه) بدوره، ويراد التقديم فتتقدم النواب عن المفعول المطلق. وكان الأصل أن تكون صفات المفعول المطلق (قليلا) والتي أصبحت (نوابا) له هي (الفاصلة). لكن بعد حدوث التقديم تحول مركز الثقل الدلالي في الآيات ليصبح (الفعل)، ومن ثم تصبح الأفعال هي (الفواصل) في هذه الآيات.
* ففي الآية الأولى بنيت (الفاصلة) على حرف (الراء) في السورة كلها، ومن ثم كان التقديم هنا حتميا للحفاظ على هذا النسق الموسيقي والإيقاعي المتولد من بناء الفواصل في السورة كلها على حرف واحد هو حرف (الراء).
* وفي بقية الآيات لم يكن التشاكل الصوتي، أو رعاية رؤوس الآي حاضرا بشكل قوي، لكون فواصل هذه الآيات على حرف غير مماثل لفواصل السور الواردة فيها ولذا كان (الغرض البلاغي) المتوقع من وراء هذا التقديم هو محور السياق في هذه الآيات الثلاث، والتي كان المفعول المطلق حاضرا فيها بلفظ نائب عنه هو (قليلا)، قدم على (العامل) فيه لمناسبات السياق، كما سبق توضيحه عند الحديث عن تقديم المفعول المطلق ().
(يُتْبَعُ)
(/)
أما النمط الثاني، والذي قدم فيه المفعول المطلق على (الفاعل)، والمتمثل في آيتي سورة الفجر. فالأمر فيهما على الاهتمام بالأغراض المتوخاة من هذا التقديم مع النظر إلى التماثل والمشاكلة الصوتية للفاصلة الممثلة في كلمة (أحد) والتي تقع (فاعلا)، والفاصلة هنا مبنية على حرف (الدال) الذي شكل (10 عشر آيات) من جملة آيات السورة البالغ عددها (30 ثلاثين آية). إذن يتحقق هنا امران: الأول: التقديم لغرض الاختصاص " مراعاة جانب اللفظ والمعنى جميعا، فالاختصاص أمر معنوي، والتشاكل أمر لفظي " (). ولذا لا منافاة إطلاقا بين الأمرين، بل إن تضافرهما معا هو عين المراد.
تلك هي أهم دلالات " التقديم والتأخير " في الفاصلة في سياق " التقديم والتأخير " في جملة المفعول المطلق.
2 - تقديم الحال على عاملها:
وردت الفاصلة القرآنية في جملة الحال المتقاطعة مع سياقات " التقديم والتأخير " في (10 عشرة آيات). وتقديم الحال " يفيد أنه جاء على هذه الصفة مختصا بها من غيرها من سائر صفاته " (). وقد تنوع الحال المقدم إلى نوعين هما:
1 - لفظ (كيف)، وقد ورد ممثلا في (7 سبع آيات).
2 - شبه الجملة، (الجار والمجرور)، وقد ورد ممثلا في (3 ثلاث آيات).
فالنمط الأول للحال قدم فيه لاستحقاق اسم الاستفهام الصدارة، فلا سبيل إلى تأخير الحال وعلى هذا فإن الفاصلة في هذه الآيات السبع هي (الفاعل) في الحال أي (الفعل). لكن حفظ الرتبة هنا للحال المقدم هل أسهم في الحفاظ على السياق الإيقاعي للفاصلة؟! والإجابة تتضح من استعراض سياق الحال في هذه الآيات:
* ففي الآية رقم (36) من سورة القلم ? مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ? بنيت الفاصلة هنا، الفعل (تحكمون) على حرف النون، وهو الحرف الذي بنيت عليه أغلب فواصل السورة، إذ ورد هذا الحرف في بناء فواصل آيات السورة ممثلا في (43 ثلاث وأربعين آية) من جملة (52 اثنتين وخمسين آية) هي عدد آيات السورة ولذلك فإن بناء (الفاصلة) هنا على حرف (النون) أسهم في الحفاظ على التماثل الصوتي والإيقاعي لفواصل السورة.
* وفي الآيتين (19، 20) من سورة المدثر ? فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ? تكرر الأمر نفسه، إذ كان بناء الفاصلة هو الموجه لهذا التقديم. فالفاصلة في الآيتين هنا الفعل (قدر) مبنية على حرف (الراء) الذي بنيت عليه معظم فواصل السورة، فقد ورد ممثلا في (31 إحدى وثلاثين آية) بنسبة (55 %) من جملة فواصل السورة البالغ عدد آياتها (56 ست وخمسين آية).
* وفي الآيات (17، 18،19، 20) من سورة الغاشية ? أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَِتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفَعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ? كان بناء الفاصلة على حرف (التاء)، وهي (تاء التأنيث الساكنة) والتي لم ترد ممثلة إلا في هذه الآيات الأربع فقط. فالأمر إذن ليس على مدار الحفاظ على إيقاع الفاصلة، بل هو حينئذ على الأغراض البلاغية المتوخاة من وجوب تقديم الحال على (العامل) فيه. هذه الأغراض تقوم على الإشارة إلى مواقف متعلقة بعملية الخلق هي (خلق الإبل، وخلق السماء، وخلق الجبال، وخلق الأرض)، وهذه المواقف لم يكن ثمة سبيل لبشر أن يعاينها، فالأمر هنا على (الاعتبار والعظة) المستفادة من بيان (الكيفية) التي تمت بها عمليات الخلق هنا. فتوظيف (كيف) كحال مقدمة على (عاملها) تفتح باب التصور الذهني مصحوبا بالانبهار من عظمة عملية الخلق المتنوعة هنا، ومن ثم فإن هذا التصور يفضي بنا إلى الانبهار بالخالق – جل وعلا – وهذا هو المراد من وراء التقديم في هذه الآيات.
أما توظيف (شبه الجملة؛ الجار والمجرور) كحال مقدمة على (عاملها)، فقد ورد في (ثلاث آيات) هي:
- قوله تعالى: ? فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ? سورة المدثر آية رقم (40).
- قوله تعالى: ? عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ? سورة المطففين آية رقم (23).
- قوله تعالى: ?َ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ? سورة المطففين آية رقم (35).
(يُتْبَعُ)
(/)
فمدار التقديم هنا بالدرجة الأولى على جواز هذا التقديم لا وجوبه، وهذا يفضي بنا إلى استنتاج أن التقديم كان بهدف الحفاظ على النسق الإيقاعي للفواصل في هذه الأبيات.
* فآية سورة المدثر الفاصلة فيها مبنية على حرف (النون)، والذي هو أحد الحروف التي بنيت عليها فواصل السورة، إذ ورد ممثلا في (10 عشر آيات) من آيات السورة. ويمكن القول أيضا بأن تقديم (الحال) هنا على غرض بلاغي دقيق وهو (البشارة) هذه البشارة للمؤمنين يجعل الأمر على كونهم في الجنات (يتسامرون). ومن هذه المسامرات سؤالهم عن (المجرمين). لكن لو دار الأمر على الابتداء بالسؤال أولا ثم بناء الحال (شبه الجملة) على (الفعل) لكان الأمر على غير ذلك، فيكون مدار السياق على أن السؤال هنا على وجهه، لا على وجه المسامرة.
* أما الآيتان رقم (23، 35) من سورة المطففين فهما على مدار السياق السابق نفسه، على مراعاة التشاكل الصوتي والإيقاعي للفاصلة والتي هي مبنية على حرف (النون) الذي ورد ممثلا في نهاية الفواصل في (27 سبع وعشرين آية) من جملة آيات السورة البالغ عددها (36 ست وثلاثين آية). وعلى غرض (البشارة) المتوقع من تقديم الحال (شبه الجملة)، و (النكاية) بأعداء الله الكافرين الذين كانوا يسخرون منهم في الدنيا. هكذا تسير دلالات توظيف الفاصلة القرآنية في سياق التقديم في جملة الحال.
3 - تقديم النعت على منعوته:
اتفق النحويون على أن النعت إذا صلح لمباشرة العامل وكان معرفة جاز تقديمه، على أن يعرب المنعوت بدلاً منه (). ويرى ابن عصفور: أنه لا يجوز تقدم النعت على المنعوت إلا ما سمع منه وهو قليل (). هذا وللعرب في مثل هذا الأسلوب وجهان:
الأول: تقديم النعت وإبقاؤه على ما كانت عليه قبل التقديم، أي على حكمها الإعرابي.
والثاني: أن تضاف الصفة المقدمة إلى الموصوف. أما إذا كان المنعوت نكرة، وتقدم على منعوته، فإنه ينصب على (الحال).
هذا وقد ورد تقديم النعت على المنعوت في (حزب المفصل) في (آيتين) هما:
- قوله تعالى: ? وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ? سورة الحاقة آية رقم (17).
- قوله تعالى: ? يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ? سورة الحاقة آية رقم (18). فقد قدم النعت هنا (شبه الجملة) في الآية الأولى الظرف المكاني (فوقهم) مقدم على المنعوت الفاعل (ثمانية). ووفقا لرأي مكي بن أبي طالب () فإن (فوقهم) هنا أصلح (للحالية) منها للنعتية، لأن نعت النكرة إذا قدم عليها نصب على الحال. لكننا هنا نخرج هذا النعت على النعتية تقيداً بمفردات النحويين في هذا الأمر. والفاصلة هنا متمثلة في الفاعل (ثمانية) وسياق الكلام - في غير القرآن - (ويحمل ثمانيةٌ عرشَ ربك فوقهم يومئذ). لكن الذي حدث هنا هو توالي ألوان من التقديم تمثلت في:
1 - تقديم المفعول (عرش) على الفاعل (ثمانية) على غير قياس.
2 - تقديم النعت (فوقهم) على المنعوت (ثمانية) على غير قياس.
3 - تقدم الظرف الزماني (يومئذ) بحرية، إذ لا رتبة له.
هذه الألوان من التقديم تضافرت معاً تشكل منظومة سياقية ودلالية في هذه الآية مدارها (التسليم التام) بالقدرة العظمى للمَلِكِ - جل شأنه - فمن يَحمل؟ وكيف يَحمل؟ أيَحمل أم يُحمل؟. كما أن إرادة الحفاظ على النسق الصوتي والإيقاعي المتولد من بناء الفاصلة على (تاء التأنيث المتحركة) والتي وردت ممثلة في آيات السورة في (23 ثلاث وعشرين آية) من إجمالي (52 اثنتين وخمسين آية) هي جملة آيات السورة. فهذه التداخلات السياقية كان لها أكبر الأثر في التوجيه البلاغي لهذه الآية.
* أما الآية الثانية فهي على المدار نفسه، لا تكاد تختلف في دلالاتها إلا في كون النعت شبه الجملة المقدم هنا (جار و مجرور) وهو (لكم) مقدم على المنعوت النكرة (خافية). فالدلالات في هذه الآية هي نفسها المنتجة من سياق الآية السابقة.
تلك هي أهم دلالات ورود الفاصلة في سياق التقديم في جملة النعت.
4 - تقديم أشباه الجمل:
(يُتْبَعُ)
(/)
يقصد بأشباه الجمل هنا؛ الظرف، والجار والمجرور. وتوظيف الظرف والجار والمجرور في سياق تفصيلات " التقديم والتأخير " أمر غريب إذ أن التقرير النحوي لأشباه الجمل أنهما مما لا رتبة له، والعرب تتوسع فيها ما لا تتوسع في غيرهما. لكننا في سياق البحث عن " التقديم والتأخير " في الفاصلة القرآنية وجدنا لأشباه الجمل دوراً كبيراً ومؤثراً في توجيه تفصيلات " التقديم والتأخير " في الفاصلة القرآنية. فقد أحصينا مواضعا كان لأشباه الجمل فيها الكلمة العليا في توجيه دلالات الفواصل القرآنية. هذه المواضع تمثلت في:
1 - تقدم الظرف على المفعول به، والذي ورد ممثلاً في (آيتين فقط).
2 - تقدم الجار والمجرور على المفعول به، والذي ورد ممثلاً في (52 اثنتين وخمسين آية).
3 - تقدم الجار والمجرور على المفعول المطلق، والذي ورد ممثلاً في (8 ثماني آيات).
4 - تقدم الجار والمجرور على الحال، والذي ورد ممثلاً في (5 خمس آيات).
5 - تقدم الجار والمجرور على المتعلق به، والذي ورد ممثلاً في (53 ثلاث وخمسين آية).
أي أن أشباه الجمل أسهمت في توجيه سياقات التقديم في الفاصلة القرآنية، وتمثلت في (110 مائة وعشر آيات) بنسبة (29.6%) من جملة الآيات التي تقاطعت فيها الفاصلة القرآنية مع سياقات " التقديم والتأخير ".
ولتقديم أشباه الجمل دلالات عديدة، يقول العلوي: " اعلم أن الظرف لا يخلو حاله إما أن يكون وارداً في الإثبات، أو يكون وارداً في النفي. فإذا ورد في الإثبات فتقديمه على عامله إنما يكون لغرض لا يحصل مع تأخيره، فلا جرم التزم تقديمه، لأن في تأخيره إبطالاً لذلك الغرض " (). وعلى هذا الرأي فإن تقديم أشباه الجمل يكون على إفادة غرض ما من وراء هذا التقديم، هذا الغرض ينتفي إذا تأخرت أشباه الجمل.
ولنحاول الآن الوقوف على حركية (أشباه الجمل) في هذه التركيبات للوقوف على مدى ما أسهمت به من دلالات في سياق (الفاصلة القرآنية). فمثلاً قوله تعالى: ? إِنَّ هَؤُلاَء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًاً ثَقِيلاً? سورة الإنسان آية رقم (27) ضربت هذه الآية للدلالة على تقدم (الظرف) على ما هو أولى منه بالتقديم (المفعول به) فأصل الكلام - في غير القرآن -: (إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون يوماً ثقيلاً وراءهم). وما حدث هنا هو تقديم ظرف المكان (وراءهم) على المفعول به (يوماً). والتقديم الذي حدث هنا على غرضين:
الأول: بلاغي يتعلق بمدلول كلمة (وراءهم) التي تشير إلى (اليوم الآخر)، فكأن هؤلاء المعرضين عن الآخرة، استقبلوا (العاجلة) الدنيا بوجوههم، وأداروا الظهور للآخرة (وراءهم) فصارت بمنزلة (الوراء) مع كونها هي (الأمام). وهذا الجمال في الآداء التعبيري بهذا اللفظ عضد الغرض من وراء وصف المفعول به هنا؛ وهو (الإشعار بالغفلة الشديدة). والذي عضد أيضا هذا الغرض وصف المفعول به بالصفة (ثقيلاً)، فهذا الوصف أمعن في إبراز الغفلة، وهول ما ينتظرهم في هذا اليوم.
والغرض الثاني: إيقاعي يتعلق ببناء الفاصلة في الآية، والتي بنيت على حرف (اللام المعانق لألف المد)، هذا الحرف الذي بنيت عليه (9 تسع فواصل) في السورة. ومعظم فواصل السورة على حرف (الراء المعانق لألف المد)، وحرف (الميم المعانق لألف المد) وهذه الأحرف الثلاثة جميعها متقاربة المخارج، ولذا فالقول بالتشاكل والمماثلة الصوتية يكون حاضراً في هذا المقام. ويكفينا أن نشير إلى شكل الآية لو لم يقاطع سياقها "التقديم والتأخير" فشكلها - في غير القرآن - يكون كالتالي: (ويذرون يوماً ثقيلاً وراءهم).
فاعتماد الفاصلة هنا سيكون كلمة (وراءهم) مما سيشكل نبوا موسيقياً وإيقاعياً في سياق فواصل السورة. ومن هنا تأتي الإشارة إلى الأهمية البلاغة لهذا التقديم في الحفاظ على سياق الفاصلة في السورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
* أيضا قوله تعالى: ? مَالَكُم لاَ تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا? سورة نوح آية رقم (13). تم تقديم الجار والمجرور (لله) على ما هو أولى منه بالتقديم المفعول به (وقارا). هذا التقديم يفنده الزمخشري بقوله: " ? لاَ تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا? لا تأملون له توقيراً أي تعظيما. والمعنى مالكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب. و (لله) بيان للموقر، ولو تأخر لكان صلة للوقار " (). وقد أحسن الزمخشري في هذا التحليل البلاغي، لكني لم أفهم مقصده بكلمة (صلة) ولعل مقصده أن يكون (صفة) لهذا المفعول.
والغرض المتوخى من وراء توظيف هذا التقديم هو (التهويل) إذ كيف لا ترجون (لله) وقارا؟!، فهذا التقديم هو مناط الاهتمام في الآية. كما أن للتقديم دوراً في الإسهام في المشاكلة الصوتية للفاصلة في السورة، إذ هي مبنية في معظم فواصلها على حرف (الراء المعانق لألف المد)، وتكرر ذلك في (17 سبع عشرة آية) من إجمالي (28 ثمان وعشرين آية) هي جملة آيات السورة.
* وفي قوله تعالى: ? وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ? سورة التغابن آية رقم (13) تقدم الجار والمجرور (على الله) على المتعلق به الفعل (يتوكل)، على قصد (القصر) أي أنه لا يجوز للمؤمنين أن يتوكلوا إلا على الله وحده. فهذا (القصر) هو عين الحقيقة المرادة في الآية. والآية مصدرة بالتوحيد، ونفى الإشراك، ولذا كان لا بد من اتباع هذا التوحيد بكمال الاتكال على الله - عز وجل -. يقول البيضاوي: " لأن إيمانهم بأن الكل منه يقتضي ذلك " (). فالتوحيد يقتضي حسن التوكل على هذا الإله الواحد المتكفل بقضاء حوائج خلقه.
* وفي قوله تعالى: ?وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ? سورة المدثر رقم (7) تقدم الجار والمجرور (لربك) على المتعلق به الفعل (اصبر). هذا التقديم قائم في المقام الأول من أجل الحفاظ على التشاكل الصوتي في الفواصل المتتالية والمبنية على (حرف الراء) من أجل إشعار المتلقي بأهمية ما يتلى. يقول د. السيد خضر: " الفاصلة عنصر أساسي من عناصر التصوير باللوحة القرآنية، حيث أن اللوحة القرآنية تتبع كل آياتها تقريباً فاصلة واحدة أو فواصل متقاربة الإيقاع " (). هذه اللوحات هي مكونات إبداعية للسور القرآنية. ففي كل سورة تتكرر اللوحات وتتضافر فيما بينها لتؤدي أهدافا ومقاصدا من وراء هذا التوظيف الدلالي الرائع. وفي سورة المدثر تبدأ بنداء الله تعالى لرسوله ?، وإسداء بعض الأوامر والنواهي إليه في الآيات من (1 - 7)، ونجد الفواصل في هذه اللوحة تنتهي (براء) قبلها حرف متحرك مع تقارب في الوزن، ومنها (المدثر، وأنذر، وكبر، طهر) (). والسؤال الآن لم اختيار حرف (الراء) هنا في هذه الآيات؟! والإجابة نجدها في الإحصاء الذي قدمه لنا د. السيد خضر حول فواصل القرآن إذ احتلت (الراء) المركز الثالث في أكثر فواصل القرآن عددا، وتكررت (الراء) في الفواصل القرآنية في (690 ستمائة وتسعين آية) بنسبة (11.04 %) من جملة فواصل القرآن ().
وبناء على هذه الملاحظة نشير إلى أن (حرف الراء) يتميز بنسبة وضوح سمعي كبيرة، هذا الوضوح السمعي جعله يتكرر في فواصل القرآن. كما أن بناء الفاصلة على شكل (الراء الساكنة) لا يتمثل إلا في مواضع (الحث والاستنفار) كما في آيات سورة (المدثر) التي بين أيدينا فهي محققة للمراد من الأمر والنهي للنبي ?، وهو هذا الاستنفار.
هكذا تسهم (أشباه الجمل) في تعضيد سياقات (الفاصلة) في تقاطعاتها مع سياقات " التقديم والتأخير " فيها. كما أن الهدف الأسمى لألوان " التقديم والتأخير " في أشباه الجمل هو الحفاظ على التدفق الإيقاعي، والتشاكل الصوتي للفواصل القرآنية في سياقات (حزب المفصل).
القسم الرابع: ما يختص بالفصل:
لأشباه الجمل دور آخر غير الذي تقوم به بالنسبة للمتعلق به. هذا الدور يتمثل في كونها (فواصل) بمعنى (معترضات) بين ما يكون كالجملة الواحدة. وقد قرر النحويون مواضعاً لا يحسن فيها الفصل، ويقبح. من هذه المواضع التي قرروها ():
1 - الفصل بين الصلة والموصول.
2 - الفصل بين العدد وتمييزه.
3 - الفصل بين الجار والمجرور.
4 - الفصل بين (قد) والفعل بعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - الفصل بين المضاف والمضاف إليه.
6 - الفصل بين الصفة والموصوف.
7 - الفصل بين حرف العطف وتاليه.
8 - الفصل بين الحروف النواصب وبين منصوبها.
9 - الفصل بين (لم) ومجزومها.
10 - الفصل بين كم الخبرية ومميزها المجرور. أما بالنسبة للفصل في (حزب الفصل) فقد وقع في سياق (الفاصلة) على خمسة أضرب هي:
1 - الفصل بين المبتدأ والخبر بالجار والمجرور.
2 - الفصل بين اسم كان وخبرها بالجار والمجرور.
3 - الفصل بين اسم إن وخبرها بالجار والمجرور.
4 - الفصل بين الفعل والفاعل بالجار والمجرور.
5 - الفصل بين الصفة والموصوف بالجار والمجرور.
و الأضرب الثلاث الأولى هي في حقيقة أمرها نوع واحد، إذ يمكن رد كل من (الفصل بين اسم كان وخبرها)، و (الفصل بين اسم إن وخبرها) إلى النوع الأول، وهو الفصل بين (المبتدأ والخبر) واعتماد ذلك نوعاً واحداً. هذا وقد ورد (الفصل) بين ركني الجملة الاسمية (المبتدأ والخبر) و (اسم كان وخبرها) و (اسم إن وخبرها) ممثلاً في (83 ثلاث وثمانين آية).
أما الفصل بين (الفعل والفاعل) فتمثل في (14 أربع عشرة آية). وتمثل الفصل بين (الصفة والموصوف) في (7 سبع آيات).
ومما يجب ملاحظته هنا أن (الجار والمجرور) هو (الفاصل) بين أركان هذه الجمل، كما أنه - في أصل الكلام - كان يجب أن يكون هو (الفاصلة) التي تختم بها الآيات. إلا أن محكمات السياق والدلالات هي التي سمحت له بهذا التقديم غير الرتبي، والفصل بين هذه الأركان. فمثلاً في النوع الأول كان يجب أن يكون (الجار والمجرور) هو (الفاصلة)، فلما حدث هذا الفصل، تحولت مركزية الفاصلة إلى (الخبر). ويمكننا تمثيل ما حدث في الجدول التالي:
م النوع الفاصلة في غير القرآن الفاصلة في القرآن
1 - الفصل بين المبتدأ والخبر بالجار والمجرور. الجار والمجرور الخبر.
2 - الفصل بين اسم كان وخبرها بالجار والمجرور. بالجار والمجرور خبر كان.
3 - الفصل بين اسم إن وخبرها بالجار والمجرور. بالجار والمجرور خبر إن.
4 - الفصل بين الفعل والفاعل بالجار والمجرور. بالجار والمجرور الفاعل.
5 - الفصل بين الصفة والموصوف بالجاروالمجرور. بالجار والمجرور الصفة.
جدول رقم (4)
إذن تم العدول عن وضعية (الركن الثاني) من هذه الأنماط التركيبية للجمل السابقة لإحلال عنصر آخر في وصفية أخرى. كل هذا لإرادة بناء الفاصلة في هذه المواضع على نمط معين. وقد نتساءل ألا يمكن عد (الفصل) بين هذه الأركان من قبيل تقديم أشباه الجمل؟! والإجابة أن وضعية (الجار والمجرور) هنا هي التي حكمت له بحكم (الفصل)، لوقوعه بين هذه الأركان.
ولنحاول الآن تلمس الدلالات من بعض النماذج التطبيقية لهذه المواضع. فمثلاً قوله تعالى: ? ذَلِكَ حَشْرٌعَلَيْنَا يَسِيرٌ? سورة ق آية رقم (44). فقد فصل هنا بالجار والمجرور (علينا) بين الخبر (حشرٌ) الموصوف وصفته (يسيرٌ). فالفصل هنا فصل بين (الصفة والموصوف). وأصل الكلام - في غير القرآن -: (ذلك حشرٌ يسيرٌ علينا). إلا أن إرادة المحافظة على التماثل الصوتي والإيقاعي للفاصلة في السورة كان هو الموجه الأول لهذا الفصل، رغم أن بناء الفاصلة في سورة (ق) على حرف (الراء) لم يكرر إلا في (آيتين) فقط، منهما هذه الآية التي بين أيدينا. إذن الموجه هنا هو الحفاظ على نمط سياقي وإيقاعي مقبول، إذ لو بنيت الفاصلة هنا على كلمة (علينا)، وأردنا وصل الآية بما بعدها لشكل ذلك نبوا إيقاعياً وصوتيا ملحوظاً.
كذلك قوله تعالى: ?فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى? سورة النجم آية رقم (10). تم الفصل هنا بالجار والمجرور (إلى عبده) بين الفعل (أوحى) والفاعل الاسم الموصول (ما). هذا الفصل الذي كان بغرض الحفاظ على النمط السياقي والإيقاعي للفاصلة في السورة، والتي بني مقطعها على (الألف المقصورة) بالنسبة للأسماء، وعلى (ألف المد) بالنسبة للأفعال. والفاصلة هنا (أوحى) مبنية على (ألف المد) الذي تكرر في فواصل السورة في (28 ثمان وعشرين آية) بنسبة (45%) من جملة آيات السورة. وهذا الفصل بين الفعل والفاعل بالجار والمجرور كان مراداً منه غرضان هما:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: الحفاظ على سياق المماثلة والمشاكلة في بناء الفاصلة في السورة. والثاني: بلاغي، يتمثل في إفادة الاختصاص ونفي المشاركة، فالوحي لا يكون إلا (لعبده) ?.
وهكذا يدور (الفصل) على مدار سياقي ودلالي يهدف من ورائه، ويقصد من توظيفه.
وخلاصة القول:
إن " التقديم والتأخير " في سياق الفاصلة القرآنية كان متمحوراً في المقام الأول حول المشاكلة والمماثلة الصوتية، إذ هي مناط الأمر كله. ولم يمنع ذلك أداء سياقات " التقديم والتأخير" لأغراض بلاغية متضافرة مع سياق الفاصلة.
على أنه يجب أن نلاحظ أن " التقديم والتأخير " في الفاصلة في سياق الجملة الفعلية كان أكثر استحواذاً وهيمنة، إذ بلغ عدد الفواصل المقدمة في سياق الجملة الفعلية كان أكثر استحواذاً وهيمنة، إذ بلغ عدد الفواصل المقدمة في سياق الجملة الفعلية (217 مائتين وسبع عشرة آية) بنسبة (53.9 %) على حين بلغ عدد الفواصل المقدمة في سياق الجملة الاسمية (185 مائة وخمس وثمانين آية) بنسبة (46 %) من إجمالي الآيات. وهذه الهيمنة يجب تفسيرها في إطار إفادات التعبير بالجملة الفعلية، والتي تدور على مدارات التجدد، وهذا مناسب لسياقات النص القرآني، التي تتسم بالعطاء المستمر، والمنح المتواصل، وهذا أحد إعجازات هذا النص الكريم.
وبحق فإن الفاصلة القرآنية تحتاج إلى دراسة متكاملة تضم في جنباتها المستويات الأربع للغة من حيث النحو والصرف والدلالة والصوت، للوقوف على الشبكة الدلالية التي تحكم النسيج السياقي للفاصلة، وتوظيف ذلك في إطار النسيج القرآني كله.
الهوامش:
- ينظر: الجوهري الصحاح، مادة (فصل)، 4/ 116. – الرازي، مختار الصحاح، 298. – الفيومي، المصباح المنير، 246. - ابن منظور، لسان العرب، مادة (فصل)، 8/ 177.
2 - الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، مادة (سجع)، 2/ 244.
3 - الرماني (أبو الحسن على بن عيسى)، النكت في إعجاز القرآن، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، تحقيق: محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام، دار المعارف، القاهرة، ط 4، 91.
4 - ابن سنان الخفاجي، سر الفصاحة، 173.
5 - الباقلاني، إعجاز القرآن، 270.
6 - أبو عمرو الداني، التيسير في مذاهب القراء السبعة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1985، 32.
7 - المرجع السابق، 37.
8 - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 1/ 53.
9 - سورة فصلت: آية رقم (3).
10 - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 1/ 54.
11 - أبو داود، السنن، باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي ?، حديث رقم (1466).
12 - ينظر: د. محمد الحسناوي، الفاصلة في القرآن، 145 – 162. – د. عيد شبايك، الفاصلة القرآنية بين المبنى والمعنى، 50 - 68.
13 - ابن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، 1/ 154.
15 - سماها (الرماني) بالمتجانسة، وسماها كل من (الخفاجي) و (الزركشي) و (السيوطي) " بالمتماثلة " وسماها (ابن القيم) ذات المناسبة التامة. ينظر: - الرماني، ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، 90. - ابن سنان، سر الفصاحة، 203. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 738. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 2/ 105. - ابن القيم الجوزية، بدائع الفوائد، 1/ 88.
16 - سماها الرماني، والخفاجي، والزركشي، والسيوطي (بالمتقاربة)، وسماها ابن القيم (ذات المناسبة غير التامة). ينظر:- الرماني، ثلاث في إعجاز القرآن، 90. - ابن سنان الخفاجي، سر الفصاحة، 204. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 1/ 73. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 2/ 104. - ابن القيم، بدائع الفوائد، 1/ 89.
17 - د. محمد الحسناوي، الفاصلة في القرآن، 146.
18 - ابن قيم الجوزية، الفوائد المشوق لعلوم القرآن، 255 – 228.
19 - ابن حجة، خزانة الأدب، 119. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 2/ 104.
20 - ينظر: ابن القيم الجوزية، الفوائد المشوق لعلوم القرآن، 1/ 76. - ابن أبي الإصبع المصري، بديع القرآن، 107.
21 - العلوي، الطراز، 236.
22 - سورة القمر: آية رقم (18).
23 - سورة الرعد: آية رقم (3).
24 - السيوطي، معترك الأقران في إعجاز القرآن، 1/ 27.
25 - ينظر: سيبويه، الكتاب، 1/ 56.
26 - ينظر: المبرد، المقتضب، 4/ 90.
27 - مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 2/ 854.
28 - أبو حيان، البحر المحيط، رقم (3).
29 - ينظر: الأخفش، معاني القرآن، 2/ 589. - النحاس، إعراب القرآن، 5/ 312.
30 - ينظر: ابن جني، الخصائص، 2/ 384. - ابن الناظم، شرح الألفية، 227. – المرادي، توضيح المقاصد، 2/ 16.
31 - الزمخشري، الكشاف، 4/ 604.
32 - أبو حيان، البحر المحيط، 10/ 261.
33 - النسفي، تفسير النسفي، 4/ 288.
34 - العلوي، الطراز، 234.
35 - ينظر: التقديم والتأخير في المكملات في حزب المفصل.
36 - العلوي، الطراز، 235.
37 - السابق، 237.
38 - ابن مالك، شرح التسهيل، 169. - الرضي، شرح الكافية، 1/ 317.
39 - ابن عصفور، شرح جمل الزجاجي، 1/ 218.
40 - مكي بن أبي طالب، مشكل إعراب القرآن، 2/ 854.
41 - العلوي، الطراز، 236.
42 - الزمخشري، الكشاف، 4/ 918.
43 - البيضاوي، أنوار التنزيل، 5/ 318.
44 - د. السيد خضر، الفاصلة القرآنية، مكتبة الإيمان، المنصورة، 2000، 147.
45 - المرجع السابق، 148.
46 - د. السيد خضر، الفواصل القرآنية،148.
47 - ينظر: -سيبويه، الكتاب، 1/ 176 - 179، 1/ 180، 2/ 164 - 166. - المبرد، المقتضب، 1/ 25، 2/ 323، 3/ 55، 3/ 195، 4/ 98 - 4/ 302. - ابن جني، الخصائص، 2/ 392 - 413. - ابن عقيل، شرح الألفية، 2/ 89، 3/ 344. [/ font](/)
جماليات الإيقاع في اللغة العربية
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[22 - 05 - 2008, 10:21 ص]ـ
جماليات الإيقاع في اللغة العربية
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
ربما يكون مفهوم الإيقاع من أكثر المفاهيم الشعرية إشكالاً لكونه يتعالق مع مفهوم (الوزن Meter ) عند أهل العروض، خاصة إذا ما نظرنا إلى مفهوم الإيقاع باعتباره نقلة موسيقية حدثت من شعر البحور إلى شعر التفعيلة. كذلك يزيد من إشكالية هذا المفهوم النظر إليه كمصطلح وافد لا علاقة له باللغة العربية مع أن العرب قد ميزوا بين (الإيقاع) و (النظم Verse ) منذ بداية اجتهادات الخليل في هذا المضمار.
ويرى البعض أن الإيقاع " ليس شيئاً آخر سوى نظم التفعيلات في البيت الواحد، أو الانتقال من نظم الأبيات والبحور إلى شعر التفعيلة بما يتيح حرية أوسع في حركة تنظيم التفعيلات " ().
والوزن أو النظم من الناحية التاريخية أكثر التصاقاً بالشعر دون غيره من الفنون. فالوزن هو المقياس الذي: ينظم الخصائص الصوتية في اللغة، ويضبط الإيقاع في النثر، ويقربه من التساوي في الزمان، ومن ثم يبسط الصلة بين أطوال المقاطع الهجائية. كما أنه يبطئ التوقيت، ويطول أحرف المد بغية عرض لون الطبقة الصوتية أو النغمة الممدودة " (). وعلى هذا فإن مفهوم الوزن مهيمن على مفهوم الإيقاع وموجه له، وذلك لكون الوزن واقع في النثر كما هو واقع في الشعر.
ويرى د. كمال أبو ديب أن " للنثر إيقاعه، وبمعنى آخر أنه يقوم على إيقاع الفقرة أو السطر لأنه يستند بقوة إلى الفصل والوصل. فقد كانت مبادئ الفصل والوصل في الشعر الخليلي تقوم على طول التفعيلات وحدودها، وعلى الشطر ثم على السطر، والشطر والسطر محددان بالقافية ونهاية البيت. أما إيقاع النثر فيقوم على فصل ووصل من نمط مختلف ينشئه البعد الدلالي المتعلق بامتداد النفس، والضغط النابع من تموجات التجربة والقراءة، والحركة الداخلية للهجة الشعرية " ().
ويرى كوهن أن الوزن اعتماد تحليلي على توافر عدد معين من المقاطع يتكون منها البيت الشعري. وليست العبرة في هذا السياق عدد هذه المقاطع بل تكرارها في سياق البيت والأبيات اللاحقة، وذلك لأن " ليس عروضياً إلا لكونه متماثل الوزن، وهو ما يتيح له تحقيق تماثل وزني داخلي" (). فحقيقة الوزن هو توالي مقاطع صوتية طويلة وقصيرة على نحو منتظم ومتكرر، يوظف شكل الساكن والمتحرك للقيام بهذا الدور خلوصاً إلى تحديد شكل التفعيلة الصوتية التي يتم النسج على منوالها في سياق البحر الشعري.
والإيقاع بمفهومه العام هو التنظيم أي تنظيم أي شيء في هذه الحياة. أما الإيقاع كمصطلح فني له حدوده وقوانينه في الشعر والنثر معاً فإنه ينطلق من مفهوم العام وهو التنظيم ليمارس مثل هذا الدور في سياق المستويات اللغة، إذ يناط به تنظيمها ليسهل أداء الوظائف المبتغاة من استخدامها. ولأن الشعر جزء من هذه اللغة، فإنه يعد لغة فوق اللغة، بمعنى أنه يُوَظِّف اللغة جمالياً (فنياً) في مفارقة واضحة للمستوى المعياري لهذه اللغة، فلغة الشعر" هي إعادة تنظيم للغة العادية " (). ويتم هذا التنظيم من خلال المستوى الصوتي للغة، والذي يقوم بهذا الدور التنظيمي هو الإيقاع لأنه الميزان الحاكم لهذه العملية. فالإيقاع هو الميزان، والميزان هو الإيقاع، والعلاقة بينهما كعلاقة العين والبصر، وإذا أسندنا إلى الإيقاع وظيفة ما فإنه يصبح ميزاناً ضابطاً لهذه الوظيفة ().
وغالباً ما تكون الوظيفة المنوط بالإيقاع تنظيمها هي تحقيق (الشعرية) للقول الشعري من خلال عناصر التشكيل الشعري (اللغوية، والتقنية، والشكلية). وهذا ما عُرِفَ في العصر الحديث عند جاكوبسن بـ (نحو الشعر) () فلا توجد كلمة في السياق الشعري منفصلة عن موسيقاها أو إيقاعها وذلك لأنها ليست مجرد كلمة، بل هي مجموعة من التراكمات النصية على مستوى النص كله. ولذا فإن الكلمة تكون حاملة لخصائص هذه المستويات النصية، وممثلة لها بما تحمله من خصائص ().
مستويات الإيقاع:
يمكننا أن نصنف مستويات الإيقاع في العربية في ثلاثة مستويات هي:
الأول: ويظهر فيه الإيقاع معتمداً على توزيع المقاطع اللغوية، وعندئذ يسمى الإيقاع الكمي ().
(يُتْبَعُ)
(/)
والمستوى الثاني: ويعتمد الإيقاع فيه على (النبر) في الجمل، إذ تنظم المقاطع تبعاً لانتظام النبر. فالإيقاع يعطي نوعاً من النظام للمقاطع المنبورة، ويمكن عده في اللغة العربي تبادلاً بين المقاطع المنبورة وغير المنبورة في داخل انتظامات إحصائية محددة ().
ويخضع النبر في اللغة العربية لانتظامات وقواعد محددة تتمثل في ():
1 - يقع النبر على المقطع الأخير من الكلمة إذا كان هذا المقطع طويلاً مثل كلمة (مكتوب).
2 - يقع النبر على المقطع قبل الأخير من الكلمة إذا كان هذا المقطع متوسطاً مثل كلمة (الأعلى).
3 - يقع النبر على المقطع ما قبل الأخير من الكلمة إذا كان المقطع قصيراً مثل كلمة (عَلامَ، إلامَ).
ملحوظة: إذا كان المقطع الثاني من آخر الكلمة قصيراً فإن النبر يقع على ما قبله مثل (سيكتب).
وعلى هذا فإنه وفقاً للمقطع الأخير من الكلمة يتحدد موقع المقطع المنبور فيها ().
أما المستوى الثالث: فالإيقاع يعتمد فيه على (التنغيم) أي أصوات الجمل من صعود وانحدار وما شابه ذلك. ويرى د. سيد البحراوي أنه " حسبما تنتهي الجملة صوتياً ودلالياً يأخذ التنغيم شكله. فالجملة التقريرية (الإثبات، والنفي، والشرط، والدعاء) تنتهي بنغمة هابطة (/). كذلك الأمر بالنسبة للجملة الاستفهامية بغير الأداتين (هل والهمزة). أما الاستفهام بهاتين الأداتين فإن الجملة الاستفهامية تنتهي بنغمة صاعدة (\). لكن إذا وقف المتكلم قبل تمام المعنى وقف على نغمة مسطحة (ــ) لا هي بالصاعدة ولا بالهابطة " (). ويمكننا أن نمثل لهذا الإجمال بتفصيل جلي من خلال الآيات القرآنية كما يلي:
1 – النغمة الهابطة (/) Falling :
تتمثل النغمات الهابطة في الجمل التقريرية (الإثبات، والنفي، والشرط، والدعاء).
- فالإثبات يمثله قوله تعالى: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? (). فقد تم الوقوف على كلمة (القدر)، وهو وقوف على نغمة هابطة في سياق جملة مثبتة.
- والنفي يمثله قوله تعالى: ?مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ? (). فالوقف هنا على كلمة (قلى) يمثل نغمة هابطة في سياق ختام جملة منفية.
- والشرط يمثله قوله تعالى: ? وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ ? (). فالوقف هنا على لفظ الجلالة (الله) يمثل نغمة هابطة في سياق جملة جواب الشرط.
- والدعاء يمثله قوله تعالى: ? رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً ? (). فالوقف هنا متعدد لأنه سياق دعاء. فقد تم الوقوف على (لي) و (لوالدي)، و (مؤمناً) و (المؤمنات) و (تباراً) في تشكيلات بنائية لجملة دعاء متصلة السياق، نلمح من خلال هذا السياق نغمات هابطة في هذه الوقفات.
- والاستفهام بغير (هل والهمزة) يمثله قوله تعالى: ?عَمَّ يَتَسَاءلُونَ ? ()، وقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ? (). ونلمح هنا النغمات الهابطة في (يتساءلون) و (مرساها) و (ذكراها)، لأن الاستفهام هنا دلالي سياقي أكثر منه طلباً للإخبار.
2 – النغمة الصاعدة (\) Rising :
وتتمثل تلك النغمات في السياق الاستفهامي من خلال الأداتين (هل والهمزة)، وذلك كما يلي:
* الاستفهام بهل وهي متعددة المعاني والدلالات ().
- فتأتي لمعنى التقرير والإثبات كما في قوله تعالى: ?هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً ? ().
- وبمعنى (ما) كما في قوله تعالى: ? هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ ? ().
- وبمعنى (قد) كما في قوله تعالى: ? هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ? ().
- وبمعنى (ألا) كما في قوله تعالى: ?هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ? ().
- وبمعنى الأمر كما في قوله تعالى: ? فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ? ().
- وبمعنى السؤال كما في قوله تعالى: ?هَلْ مِن مَّزِيدٍ ? ().
(يُتْبَعُ)
(/)
- وبمعنى التمني كما في قوله تعالى: ?هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ ? ().
- وبمعنى (أدعوك) كما في قوله تعالى: (هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ? ().
فالوقوف على كلمات (مذكوراً) و (الغمام) و (موسى) و (أعمالاً) و (منتهون) و (مَزِيد) و (حِجْر) و (تَزَكَّى) يتم في سياق نغمات صاعدة قوية تترصد الإجابة التي تستقر عندها هذه الأسئلة، لتشكل هذه الإجابات نغمات هابطة قارة في هذا السياق. وتَرَصُّد الإجابات مرحلة تدوم فترة من الوقت ليظل المعنى القرآني مفتوحاً أمام متلقيه ليسهم بدوره في رصدها بتأمل هذه السياقات.
أما الاستفهام بالهمزة فله دلالات أخر تتنوع في مراميها وأهدافها، فتأتي ():
- بمعنى الاستفهام كقوله تعالى: ? أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً? ().
- وبمعنى الإثبات كقوله تعالى: ? أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ? ().
- وبمعنى الإنكار التوبيخي كقوله تعالى: ?أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ? ().
- وبمعنى التقرير كقوله تعالى: ?أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ? ().
- وبمعنى التهكم كقوله تعالى: ?أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ? ().
- وبمعنى الأمر كقوله تعالى: ? وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ? ().
- وبمعنى التعجب كقوله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ? ().
- وبمعنى الاستبطاء كقوله تعالى: ?أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ? ().
فالوقوف على نهايات الأسئلة بما تحمله من شحنات دلالية وسياقية يظل متصاعداً في سياق نغمي لأن الإجابات على هذه السياقات الاستفهامية لم يتم رصدها، وإن تم هذا الرصد في سياق لاحق على هذه الأسئلة، ومن ثم يظل المعنى مفتوحاً، وقابلاً لممارسة فعل التلقي في إطار هذا السياق.
3 – النغمة المسطحة (ـــ):
هي تلك النغمة التي تقع (بين بين) أي بين النغمة الهابطة والنغمة الصاعدة لكون المعنى لم يتم عندها، لأن هذه النغمة لا تملك مقومات الأداء التصاعدي الموجود في سياق الاستفهام بهل والهمزة، كما أنها لا تملك الحس التقريري الذي تسمح بنية به الجمل التقريرية (الإثبات والنفي والشرط والدعاء) فتنتمي إلى سياق النغمة الهابطة، لكنها تتأرجح بين السياقين إلى أن يتم تغليب أحدهما، و إنهاء هذا التأرجح السياقي.
ونمثل لتلك النغمة المسطحة بقوله تعالى: ? إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ? (). فالوقوف على فواصل الآيات السابقة على فاصلة جواب الشرط (أخبارها) هو وقوف على نغمات مسطحة لم يتم المعنى عندها، ولم تستقر بالجواب، ويتمثل ذلك في الوقوف على كلمتي (زلزالها) و (أثقالها). أما الوقوف على كلمة (لها) فهو وقوف على نغمة هابطة في سياق استفهامي بغير (هل والهمزة)، وهو استفهام بالأداة (ما).
إن التنغيم بهذا الدور الصوتي الهام يؤدي وظيفة عظيمة تتمثل في " انسجام الأصوات حيث تكتمل فيه النغمات وتتآزر مؤدية المعاني والمقاصد " (). والتنغيم بهذا المفهوم ما هو إلا " تغييرات موسيقية تتناوب الصوت من صعود وهبوط، أو من انخفاض إلى ارتفاع، ويحصل في كلامنا وأحاديثنا لغاية وهدف، وذلك حسب المشاعر والأحاسيس التي تنتابنا من رضى وغضب، ويأس وأمل، وتأثر ولا مبالاة، وإعجاب واستفهام، وشك ويقين، ونفي وإثبات. فنستعين بهذا التغير النغمي الذي يقوم بدور كبير في التفريق بين الجمل. فنغمة الاستفهام تختلف عن نغمة الإخبار، ونغمة النفي تختلف عن نغمة الإثبات " ().
والأمر بهذا الشكل له صلة وثقى بحالة (المتكلم) وسيكولوجيته، وهذا جوهر ما أشار إليه د. سمير ستيتية إذ يقول: " قد تكون النغمة نغمة تفاؤل فيسميها بعضهم النغمة الوجدانية، وقد تكون نغمة تشكك أو ضجر أو يأس أو استسلام أو غير ذلك مما له علاقة بسيكولوجية المتكلم " ().
(يُتْبَعُ)
(/)
والتنغيم بهذا الشكل يلعب دوراً رائعاً في تغيير دلالات الجمل من تركيب إلى آخر، ومن باب إلى باب مثلما نجد أنفسنا في زخم دلالي وسياقي عند قراءة قوله تعالى: (قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ) (). فالنغم الموسيقي في هذه الآية له دلالة كبرى في الكلام. فالتنغيم في الجزء الثاني من الآية يُعَدُّ محوراً رئيساً في تحديد التركيب. فيمكن أن نقرأ كما يلي:
- جملة (قالوا جزاؤه) بنغمة الاستفهام، أي: ما جزاؤه؟!
- وجملة (من وجد في رحله فهو جزاؤه) على التقرير جملة واحدة.
- ونقرأ على التعجب والاستهجان (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه).
- ونقرأ على التبرم والانزعاج (من وجد في رحله فهو جزاؤه).
وهكذا في تقليبات تنغيمية في سياق الآية دون المساس بالأصل الدلالي، بل يتم التنويع في إطار هذا الأصل الدلالي ودون العدول عنه. وعلى هذا فإن المستويات الثلاثة المشكلة لجوهر الإيقاع من مقاطع ونبر وتنغيم هي في جوهرها منظومة متكاملة للمعنى الإيقاعي في سياق النص القرآني. كما أنها تسهم في إضفاء لمسة نظمية على سياق الإيقاع من ناحية، وتشييد بعد جمالي في إطار هذا النظم من ناحية أخرى، وما ذاك إلا تنويع على الوتر الصوتي الذي يمثله هذا المفهوم.
ويجب أن نقرر أن التعامل مع المستوى الأول من مستويات الإيقاع وهو المستوي (الكمي) هو الأكثر حضوراً في هذا السياق، وإن كان ذلك لا يمنع حضور المستويين الآخرين بشكل ضمني في سياق هذا المستوى. كما أنه يمكننا اعتماد الإيقاع كبنية بلاغية تنطلق من كون (الوزن) أساسه التعامل مع الكلمة، في حين أن الإيقاع لا يتعامل مع الكلمات، بل إن أساسه (الجملة الواحدة). وهذه البنية البلاغية تتمثل في مستويين هما ():
أ - المستوى الصوتي: ويهدف هذا المستوى إلى توظيف الجماليات البلاغية في إطار إيقاعي، مثل توظيف فنون البديع الصوتية (الجناس، والتكرار، والتوازي، التضمين، والمشاكلة، ورد الإعجاز على الصدور، والترديد) وغيرها مما سنتناوله فيما بعد.
ب – المستوى الدلالي: حيث يتم هنا استثمار دلالات التراكيب على المستوى الإفرادي (ما يخص الكلمة كالطباق)، وعلى المستوى الجملي (ما يخص التركيب كالمقابلة، والتقديم والتأخير، والفصل والوصل) وغير ذلك.
وبتعاضد هذين المستويين تتشكل بنية الإيقاع البلاغي بما يحمله من خصائص مائزة ومميزة تسهم في إبراز جمالية الأداء الصوتي، وما يلحقها من تأثيرات سياقية.
الإيقاع القرآني:
كما علمنا فإن الإيقاع يحدث بالإفادة من جرس الألفاظ وتناغم العبارات لإحداث التوافق الصوتي بين مجموعة من الحركات والسكنات لتأدية وظيفة سمعية والتأثير في المستمع. ويأتي الإيقاع من اختيار الكلمات من حيث كونها تعبر عن قيمة التأثير الذي تحدثه وظيفة الكلمة في مدلولها الإيقاعي، فهو إحداث استجابة ذوقية تمتع الحواس وتثير الانفعالات (). كما أن عدد الكلمات التي تكون الإيقاع بتركيباتها تعتمد تماماً على عدد الكلمات اللازمة لتوصيل المعنى في النثر.
والقرآن الكريم يمتاز في كل سورة منه وآية، وفي كل مقطع منه وفقرة، وفي كل مشهد فيه وقصة، وفي كل مطلع منه وختام بأسلوب إيقاعي فني (). فالعربية لغة موسيقية، والقرآن الكريم يسير على سنن العربية وأساليبها في التعبير فتميز أسلوبه بالإيقاع المعجز والجرس اللافت للنظر.
والإيقاع في القرآن الكريم صورة للتناسق الفني، ومظهر من مظاهر تصوير معانيه، وآية من آيات الإعجاز الذي يتجلى في أسلوبه المتميز. ويحوي القرآن الكريم إيقاعاً موسيقياً متعدد الأنواع ليؤدي وظائف جمالية متعددة إذ " إن الأثر الممتع للإيقاع ثلاثي: عقلي، وجمالي، ونفسي. أما العقلي فلتأكيده المستمر أن هناك نظاماً ودقة وهدفاً في العمل. وأما الجمالي فلأنه يخلق جواً من حالة التأمل الخيالي الذي يضفي نوعاً من الوجود الممتلئ في حالة شبه واعية على الموضوع كله. وأما النفسي فإن حياتنا إيقاعية: المشي والنوم والشهيق والزفير وانقباض القلب وانبساطه " ().
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد جمع النسق القرآني بين مزايا الشعر والنثر، فهو قد تجاوز قيود القافية الموحدة والتفعيلات التامة، فنال بذلك حرية التعبير الكاملة عن جميع أغراضه العامة. وتضمن في الوقت ذاته من خصائص الشعر الموسيقى الداخلية، والفواصل المتقاربة في الوزن التي تغني عن التفاعيل، والتقفية التي تغني عن القوافي. فالموسيقى القرآنية إشعاع للنظم الخاص في كل موضع، وتابعة لقصر الفواصل وطولها. كما أنها تابعة لانسجام الحروف في الكلمة المفردة، ولانسجام الألفاظ في الفاصلة الواحدة (). فالعطاء الموسيقي في القرآن الكريم يأتي من اللغة إذ أن الموسيقى فيه لا تنبع من وزن شعري كالذي عرفناه في تفعيلات الشعر العربي، ولكنها تنبع من اللغة نفسها، وهي ائتلاف الأصوات في اللفظة الواحدة، وفي سياق الألفاظ وتناسقها وتناغمها وأدائها للمعنى ودلالتها عليه.
ولا شك أن الانتظام في الإيقاع النثري قابل للتحقق دون موازين الخليل , وأكبر دليل على ذلك النص القرآني. ولنتأمل سورة الإخلاص مثالاً على ذلك. يقول تعالى: ? قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ? (). إن الانتظام هنا لا يتمثل في تكرار ظواهر صوتية معينة على مسافات معينة بقدر ما يتمثل في انتظام تزايد زخم الإيقاع النبري من نبرتين إلى أربع نبرات إلى خمس نبرات في الأخير، بعد أن كان استهل بنبرتين قويتين متتاليتين على الكلمتين (قل هو)، ونبرتين بعدهما على (الله أحد). أي أن النص شكل قدراً من التوازن أولاً ثم كسر هذا التوازن (أربع نبرات + نبرتين + أربع نبرات + خمس نبرات) خالقاً بذلك نسقه الإيقاعي الحاد حدة باترة من جهة، والمتلطف قليلاً من جهة أخرى (). ويمكننا أن نعد ذلك جوهر موقف القرآن الكريم من المذاهب التي تنسب لله ولداً. غير أن هذا الانتظام ليس له صيغة محددة تشترك بها نصوص عديدة , بل ينشأ حين ينشأ بنهج خاص بالنص الذي يحدث فيه. وينجلي ذلك بمقارنة إيقاع هذه السورة مع سور قصيرة مماثلة لها مثل سورة الناس , وسورة الفلق, وسورة المسد وغيرها.
إن منابع الإيقاع القرآني الظاهرة في العمل يمكن ردها إلى ما يأتي ():
1 - الموسيقى النابعة من تآلف أصوات الحروف في اللفظة الواحدة، كما لا يخفى أن الأصوات متفاوتة في الجرس يقرع بعضها بعضاً حين تجتمع في اللفظ، فينتج عن تقارعها المتناغم لغة موسيقية جميلة.
2 - الموسيقى النابعة من تآلف الكلمات حين تنتظم في الترتيب فقرات وجمل، فالألفاظ المفردة تقرع الألفاظ المفردة المجاورة لها سابقاً ولاحقاً، وينجم عن تقارعها المتناسق لغة موسيقية جميلة ().
وليست غاية الألفاظ للوصف والتصوير فحسب بل النغم أيضاً، والذي يأتي من طبيعة الحروف. وهذا النغم ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة للإيحاء. وللألفاظ قيمة ذاتية إذ تقدم المتعة الحسية التي يجدها المتلقي مستمعاً أو قارئاً، فتنشأ من تتابع أجراس حروفها، ومن توالي الأصوات التي تتآلف منها في النطق، وفي الوقوع على الأسماع. كما أن التلاؤم يكون في الكلمة بائتلاف الحروف والأصوات وحلاوة الجرس، ويكون في الكلام بتناسق النظم وتناسب الفقرات وحسن الإيقاع (). وليست آيات القرآن الكريم موزونة حسب قواعد السجع، ولا يمكن أن نسمي ما فيه من جرس وإيقاع سجعاً، لأن هذا الاسم مأخوذ من مصدر بشري هو سجع الكهان، وسجعات القرآن توضع تحت اسم فاصلة ().
كما أن للقرآن الكريم نظام صوتي وجمال لغوي، ينتظم باتساقه وائتلافه في الحركات والسكنات والمدات والغنات اتساقاً عجيباً وائتلافاً رائعاً. فهذا الجمال الصوتي هو أول شيء أحسته الأذان العربية، أما الجمال اللغوي فيتميز برصف الحروف وترتيب الكلمات. كما أن للقرآن الكريم تعاملاً خاصاً مع الحرف والكلمة، فهو له تعابيره الفريدة، وكذلك قدراته التعبيرية لتقديم الصورة الفنية، وتعميق الملامح، وعرض التجربة كما لو كانت حية معاشة تتخلق أمامنا، فهو قد بُنِيَ على تقطيع الأصوات، وجرس الحروف، وإيقاع الكلمات. فما من قدرة تعبيرية للحرف والكلمة إلا فجرها كتاب الله - عز وجل - وبنى عليها معماره المتناسق الجميل ().
إعجاز النغم القرآني:
(يُتْبَعُ)
(/)
ونحن عند قراءتنا للقرآن قراءة سليمة ندرك أنه يمتاز بأسلوب إيقاعي ينبعث منه نغم ساحر يبهر الألباب، ويسترق الأسماع، ويستولي على الأحاسيس و المشاعر. وأن هذا النغم يبرز بروزاً واضحاً في السور القصار والفواصل السريعة، ومواضع التصوير والتشخيص بصفة عامة، ويتوارى قليلاً أو كثيراً في السور الطوال، ولكنه يظل دوماً ملاحظ في بناء النظم القرآني.
و لعلنا لا نخطئ إن رددنا سحر هذا النغم إلى نسق القرآن الذي يجمع بين مزايا النثر والشعر جميعاً. يقول سيد قطب: " النسق القرآني قد جمع بين مزايا الشعر والنثر جميعاً، فقد أعفى التعبير من قيود القافية الموحدة والتفعيلات التامة، فنال بذلك حرية التعبير الكاملة عن جميع أغراضه العامة، و أخذ في الوقت ذاته من خصائص الشعر؛ الموسيقى الداخلية، والفواصل المتقاربة في الوزن التي تغني عن التفاعيل، والتقفية التي تغني عن القوافي، وضم ذلك إلى الخصائص التي ذكرنا فجمع النثر والنظم جميعاً " ().
كما أن هذا النغم القرآني ليبدو في قمة السحر والتأثير في مقام الدعاء، إذا الدعاء بطبيعته ضرب من النشيد الصاعد إلى الله، فلا يحلو وقعه في نفس المبتهل إلا إذا كانت ألفاظه جميلة منتقاة، وجمله متناسقة متعانقة، و فواصله متساوية ذات إيقاع موسيقي متزن.
والقرآن الكريم لم ينطق عن لسان النبيين والصديقين والصالحين إلا بأحلى الدعاء نغماً , وأروعه سحراً وبياناً. كما أن النغم الصاعد من القرآن خلال الدعاء يثير بكل لفظةٍ صورةً، وينشئ في كل لحن مرتعاً للخيال فسيحاً. فتصور مثلاً ونحن نرتل دعاء سيدنا زكريا ? شيخاً جليلاً مهيباً على كل لفظه ينطق بها مسحة من رهبة، وشعاع من نور، و نتمثل هذا الشيخ الجليل ـ على وقاره ـ متأجج العاصفة، متهدج الصوت، طويل النفس، ما تبرح أصداء كلماته تتجاوب في أعماق شديدة التأثير، بل أن زكريا في دعائه ليحرك القلوب المتحجرة بتعبيره الصادق عن حزنه وأساه خوفاً من انقطاع عقبه، وهو قائم يصلي في المحراب لا ينئ ينادي اسم ربه نداء خفياً، ويكرر اسم (ربه) بكرة وعشياً، ويقول في لوعة الإنسان المحروم، وفي إيمان الصديق الصفي في هذه الآيات من سورة مريم: ? رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً ? ().
إن البيان لا يرقى هنا إلى وصف العذوبة التي تنتهي في فاصلة كل آية بيائها المشددة وتنوينها المحول عند الوقف ألفا لينة كأنها في الشعر ألف الإطلاق. فهذه الألف اللينة المرخية المنسابة تناسقت بها كلمات (شقياً) و (ولياً) و (رضياً) مع عبد الله زكريا ينادي ربه نداء خفياً، ولقد استشعرنا هذا الجو الغنائي ونحن نتصور نبياً يبتهل وحده في خلوة مع الله، وكدنا نصغي إلى ألحانه الخفية تتصاعد في السماء.
ولو تصورنا جماعة من الصالحين مختلفي الأعمار، وهم يشتركون ذكرانا وإناثاً، شباناً وشيوخاً بأصوات رخيمة متناسقة تصعد معاً وتهبط معاً، وهي تجأر إلى الله و تنشد هذا النشيد الفخم الجليل في آيات من سورة آل عمران: ?رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ? (). ففي تكرار عبارة (ربنا) ما يلين القلب، ويبعث فيه نداوة الإيمان، وفي الوقوف بالسكون على الراء المسبوقة بالألف اللينة ما يعين على الترخيم والترنم.
(يُتْبَعُ)
(/)
و لئن كان في موقفي الدعاءين هذين نداوة ولين، ففي بعض مواقف الدعاء القرآني الأخرى صخب رهيب. ها هو ذا نوح - عليه السلام- يدأب ليلاً و نهاراً على دعوة قومه إلى الحق، ويصر على نصحهم سراً وعلانية، وهم يلجون في كفرهم وعنادهم، ويفرون من الهدى فراراً، ولا يزدادون إلا ضلالاً واستكباراً، فما على نوح ـ وقد أيس منهم ـ إلا أن يتملكه الغيظ و يمتلئ فمه بكلمات الدعاء الثائرة الغضبى تنطلق في الوجوه مديدة مجلجلة، بموسيقاها الرهيبة، وإيقاعها العنيف، وما تتخيل الجبال إلا دكاً، والسماء إلا متجهمة عابسة والأرض إلا مهتزة مزلزلة، والبحار إلا هائجة ثائرة، حين دعا نوح على قومه بالهلاك والتبار فقال في سورة نوح: ? رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً ? ().
أما الحناجر الكظيمة المكبوتة التي يتركها القرآن في بعض مشاهده تطلق أصواتها الحبيسة ـ بكل كربها وضيقها وبَحَّتِها وحشرجتها ـ فهي حناجر الكافرين النادمين يوم الحساب العسير، فيتحسرون ويحاولون التنفيس عن كربهم ببعض الأصوات المتقطعة المتهدجة، كأنهم بها يتخففون من أثقال الديْن، يدعون ربهم دعاء التائبين النادمين ويقولون في سورة الأحزاب: ? رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ? ().
إن هذه الموسيقى الداخلية لتنبعث في القرآن حتى من اللفظة المفردة في كل آية من آياته، فتكاد تستقل ـ بجرسها و نغمها ـ بتصوير لوحة كاملة فيها اللون زاهياً أو شاحباً، وفيها الظل شفيقاً أو كثيفاً. أرأيت لوناً أزهي من نضرة الوجوه السعيدة الناظرة إلى الله، ولوناً أشد تجهماً من سواد الوجوه الشقية الكالحة الباسرة في قوله تعالى في سورة القيامة: ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ? (). لقد استقل الإيقاع في لوحة السعداء بلفظة (ناضرة) وبتصوير أزهى لون وأبهاه، كما استقل في لوحة الأشقياء لفظة (باسرة) برسم أمقت لون وأنكاه.
إن العلاقة بين القرآن الكريم والموسيقى اللغوية علاقة وطيدة، فموسيقى القرآن اللغوية من أروع أنواع الموسيقى اللغوية وأجملها على الإطلاق، وأشدها تجانساً، وأكثرها تناغماً وانسجاماً. وهي موسيقى ناشئة من تخير الكلمات وترتيب الحروف والجمل حسب أصواتها ومخارجها، وما بينها من تناسب في الجهر والهمس والشدة والرخاوة، إلى درجة الرافعي أن هذه الموسيقى جزء من إعجاز القرآن الكريم، ولكن هذه الموسيقى لا تخرج عن كونها موسيقى لغوية هدفها هز مشاعر النفس وإذكاء الروح حتى تستجيب لأمر الله وتنقاد لشرعه ().
حقيقة الإيقاع القرآني:
يرى كثير من الباحثين أن الإيقاع القرآني يصعب شرحه لما يمتاز به من عمق وسحر لا يعرف مصدره تحديداً، وإن كان من الممكن الحديث عنه أو تفسيره تخمينا. يقول سيد قطب: " على أن هناك نوعاً من الموسيقى الداخلية يلحظ ولا يشرح، وهو كامن في نسيج اللفظة المفردة، وتركيب الجملة الواحدة، وهو يدرك بحاسة خفية وهبة لدنية " ().
وكثيراً ما نلمح في النص القرآني ما يعضد هذا الإيقاع، ويقوي أصوله، مثلما نلمح في قوله تعالى من سورة طه: ? وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لاَ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ? ()، كلمات في غاية الرقة مثل (يبساً) أو (لا تخاف دركاً) فالكلمات تذوب في يد خالقها، وتصطف وتتراص في معمار ورصف موسيقي فريد، هو نسيج وحده بين كل ما كتب بالعربية سابقاً ولا حقاً، لا شبيه بينه وبين الشعر الجاهلي، ولا بينه وبين الشعر والنثر المتأخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويرى مصطفى صادق الرافعي أن هذا الإيقاع القرآني الفريد هو مناط الإعجاز والتحدي لقريش لما قرأه عليهم رسول الله ? في بدء الدعوة. يقول الرافعي: " لما قرئ عليهم [يعني قريشاً] القرآن رأوا حروفه في كلماته، وكلماته في جمله، ألحاناً لغوية رائعة، كأنها لائتلافها وتناسبها قطعة واحدة، قراءتها هي توقيعها، فلم يفتهم هذا المعنى وأنه أمر لا قبل لهم به؛ وكأن ذلك أبين في عجزهم حتى إن من عارضه منهم كمسيلمة جنح في خرافاته إلى ما حسبه نظماً موسيقياً أو باباً منه، وطوى عما وراء ذلك من التصرف في اللغة وأساليبها ومحاسنها ودقائق التركيب البياني، كأنه فطن إلى أن الصدمة الأولى للنفس العربية إنما هي في أوزان الكلمات وأجراس الحروف دون ما عداها. وليس يتفق ذلك في شيء من كلام العرب إلا أن يكون وزناً من الشعر أو السجع " ().
وقد حاول سيد قطب توضيح حقيقة الإيقاع في القرآن فقال: " إن في القرآن إيقاعاً موسيقياً متعدد الأنواع يتناسق مع الجو ويؤدي وظيفة أساسية في البيان. فالإيقاع الموسيقيي في القرآن الكريم ينبعث من تآلف الحروف في الكلمات، وتناسق الكلمات في الجمل، ومرده إلى الحس الداخلي. والإدراك الموسيقي الذي يفرق بين إيقاع موسيقي وإيقاع ولو اتحدت الفواصل والأوزان " ().
ويقترب الرافعي قليلاً من سر هذه الموسيقى فيقول: " فتألفت كلماته من حروف لو سقط واحد منها أو أبدل بغيره، أو أقحم معه حرف آخر، لكان ذلك خللاً بيناً أو ضعفاً ظاهراً في نسق الوزن وجرس النغمة، وفي حس السمع وذوق اللسان، وفي انسجام العبارة وبراعة المخرج وتساند الحروف وإفضاء بعضها إلى بعض، ولرأيت لذلك هجنة في السمع كالذي تنكره من كل مرئي لم تقع أجزاؤه على ترتيبها، ولم تتفق على طبقاتها، وخرج بعضها طولاً وبعضها عرضاً " ().
ويجب أن نلاحظ أن الإيقاع القرآني لا يعمل بصورة منفردة وبمعزل عن السياقات المتنوعة في النص القرآني، وذلك لأن النص القرآني منظومة متكاملة الأطراف يفضي بعضها إلى بعض في سياق تنظيمي فريد. فالإيقاع القرآني يتبع في نطاق عمله الموضوع الذي تتكلم عنه الآيات القرآنية.
ويرى سيد قطب أن الإيقاع القرآني يتنوع تبعاً للموضوع الذي تتحدث عنه الآيات القرآنية فمثلاً " التكوين الموسيقي في قوله تعالى: ?وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ? () يذهب طولاً وعرضاً في عمق وارتفاع، ليشترك في رسم الهول العريض العميق، والمدات المتوالية المتنوعة في التكوين اللفظي للآية تساعد في إكمال الإيقاع وتكوينه واتساقه مع جو المشهد الرهيب العميق " ().
وإذا كانت العبارة القرآنية لا تقع على آذاننا اليوم موقع السحر والعجب والذهول، فالسبب هو التعود والألفة والمعايشة منذ الطفولة، والبلادة والإغراق في عامية مبتذلة أبعدتنا عن أصول لغتنا. ثم أسلوب الأداء الرتيب الممل الذي نسمعه من مرتلين محترفين يكررون السور من أولها إلى آخرها بنبرة واحدة لا يختلف فيها موقف الحزن من موقف الفرح من موقف الوعيد من موقف البشرى من موقف العبرة. نبرة واحدة رتيبة تموت فيها المعاني وتتسطح العبارات.
التشكل الإيقاعي في القرآن ():
تنبع من النظم القرآني خصائص نغمية وإيقاعية تتشكل وفقاً للتوجه السياقي في كل جملة من آياته. ويتم هذا التشكل من خلال وضع الحرف أو الكلمة أو الجملة على هذا النحو من الأنحاء وذلك قصدأً إلى ملامح فنية تأتي في مقدمتها الموسيقى، وبذلك يضحي التعبير أبرع والتأثير أروع.
إن دور الإيقاع في القرآن- هذا الدور الكبير- لا تنبع أهميته من أنه أحد عناصر الأسلوب الفني أو وسيلته البارزة وسيلة التصوير والتعبير والتأثير فحسب، بل لأن له هدفاً دينياً أولاً، ولأننا نستطيع أن نجعله- ثانياً- أساساً أو معياراً أو مفتاحاً- اختر ما شئت- لأحد علوم القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالإيقاع ذو هدف ديني من جانبين: جانب الحافظ وجانب المستمع، فالأول يساعده على حفظ القرآن وتذكره وتلاوته، والثاني يجعله ينفعل له ويتأثر به. ولعلنا نلمح أن إدراك الطفل لنغم الكلام وجرسه يسبق إدراكه لمعناه وأخيلته، كما أن الإنسان لديه ميلاً غريزياً أو استعداداً فكرياً لالتقاط وتذكر جملة من المقاطع الصوتية المنغمة والمترددة أكثر بكثير من استعداده لالتقاط بعض المقاطع العادية غير المموسقة من الكلام، وكل من شاهد حفظة القرآن من الأطفال يعرف أنهم يجدون سهولة واضحة في حفظه وتذكره أكثر مما يجدون في حفظ غيره من النصوص وتذكرها لأن الإيقاع يساعدهم على هذا.
وبالإيقاع نستطيع أن نعرف المكي من المدني لا سيما في تلك السور التي وقع حولها خلاف فقيل إنها مكية كما قيل إنها مدنية (). ويمكن عن طريق فحص الموضوع والأسلوب وطريقة الأداء والوقوف عند نغم الآيات وإيقاعها أن نحدد - ونحن مطمئنون - مكية بعضها مثل: (التكاثر، والعاديات، والزلزلة، والرعد، والرحمن)، ومدنية بعضها الآخر مثل: (الجمعة، ومحمد، والحج، والنساء). ولنأخذ سورة الزلزلة مثالاً على هذا الإيضاح الإيقاعي (). يقول تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا {1} وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا {2} وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا {3} يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا {4} بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا {5} يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ {6} فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ {8}).
تبدأ حركة النص عنيفة قوية، إنه يوم القيامة حيث ترجف الأرض وتزلزل، وتنفض ما في جوفها، تتخفف من أثقالها التي حملتها وناءت بها، ويقف الإنسان دهشاً ضائعاً مذعوراً يتساءل: ما الأمر؟ ما لهذه الأرض ترج وتزلزل، ماذا أصابها؟ وتتحدث الأرض، تصف ما جرى لها، إنه أمر الله، أمرها أن تمور فمارت، أن تقذف ما في بطنها فقذفت، هنا والإنسان مشدوه يكاد لا يلتقط أنفاسه، خائف يترقب، في لمحة سريعة يعرض مشهد القيامة من البعث حتى الحساب، الناس يصدرون كالجراد، وينتشرون موزعين متخالفين، فقوة الزلزلة وهول البركان العظيم فرقهم، جعلهم مذعورين خائفين أشتاتاً أشتاتاً حيارى يهرعون في كل اتجاه، ولكن إلى أين؟ إلى الميزان ليحاسبوا، ليروا أعمالهم، فمن يعمل الخير أو الشر مهما يكن هذا أو ذاك ضئيلاً ودقيقاً سيجده ماثلاً إزاءه، يراه رأي العين.
إيقاع النص يساوق هذا المعنى ويحمله فهو مثله لاهث سريع يرجف كالأرض وكالإنسان فرقاً واضطرابا ً. كل ما فيه متحرك بارز ماثل، الكلمات في جرسها، في طباقها وتوافقها، فيما تنشره من أفياء وظلال. كلمات (الزلزلة، أثقال، مثقال، ذرة، أشتاتاَ، ليروا، يره) كلها تشي بالموقف وتعبر عنه، ومع ذلك فهذه الكلمات وسائر ما في المعجم من أمثالها لا تبلغ في وصف المشهد قدر ما يبلغه الخيال السمعي والبصري حين يتملى النص، فالسورة هزة، وهزة عنيفة للقلوب الغافلة، هزة يشترك فيها الموضوع والمشهد والإيقاع اللفظي، إنها صيحة قوية مزلزلة للأرض ومن عليها، فما يكادون يفيقون حتى يواجههم الحساب والوزن والجزاء في بضع فقرات قصار، فهل هذا أو بعض هذا مما يجيء في السور المدنية، أو تعبر عنه وتصفه السور المدنية؟! ().
مصدر الإيقاع القرآني:
أحياناً قد نتساءل: ما مصدر الإيقاع في القرآن؟ وإلامَ يرجع؟ أو َيرجع إلى الآيات بما فيها من قيم موسيقية؟ أم يرجع إلى التنغيم بما فيه من قيم إنشائية، أم يرجع إلى مصدر غيبي بما له من سحر خفي نحس أثره في النفس ولا نعرف منبعه؟ وبكلمات أخرى هل يعود الإيقاع في القرآن إلى النص، أو إلى المقرئ (التالي)، أو إلى المتلقي (السامع)؟ ولنناقش المصادر الثلاثة.
أولاً: مصدر النص:
قررنا فيما سبق أن الإيقاع من خصائص الشعر والنثر معاً، ولذا فإنه من المفترض بنا الآن أن نميز بين ثلاثة أنواع من الإيقاعات النثرية:
الأول: إيقاع النثر العادي أو العام الذي يفلت من عنصري الانتظام والتوقيت ().
والثاني: إيقاع النثر الفني الذي يعتمد بالصنعة عليهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
والثالث: إيقاع القرآن الذي يباينهما لينشئ تدرجات صوتية مختلفة، وكيفيات نغمية تتراوح بين الانتظام والتناسب، وبين التوازن والتقابل، تبعاً للفكرة أو للموضوع، وللموقف أو للمعنى الذي يريد أن يعبر عنه أو يوصله. وفي كل سورة أو نص قرآني ينبع الإيقاع من اندماج عنصرين هما:
1 - نغمة خاصة تناسب الفكرة، وتقوم الفاصلة فيها بدور المفتاح.
2 - لحن ينتظم النغمات جميعاً على اختلافها، في شكل منسجم، يخلف في روح المتلقي شعوراً ما.
وبالنغمات يوقع القرآن إيقاعات شتى على أوتار النفس، وباللحن المتساوق يترك وحده الأثر، والعلاقة بين النغمات التي تصنع اللحن علاقة ذات أساليب شتى، فقد تقوم على الشوق أو الترقب، أو على الترجيع أو على سواها حتى يثير القرآن في أنفسنا ألواناً من الانفعالات تنصهر أخيراً في بوتقة الإحساس النهائي حين تتجه إلى غايتها المنشودة. ولعل التطبيق الإيقاعي على أحد السور القرآنية يكون مفتاحاً لتبيان هذا التقرير التفصيلي لأنواع الإيقاع كما يلي:
سورة النازعات: مكية، وعدد آياتها (46) آية. تُقَسَّم إلى ستة محاور تبعاً للسياق القصصي فيها. يقول تعالى:
الأول: ? وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً {1} وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً {2} وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً {3} فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً {4} فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً {5} ?.
الثاني: ?يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ {6} تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ {7} قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ {8} أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ {9} يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ {10} أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً {11} قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ {12} فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ {13} فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ {14} ?.
الثالث: ? هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى {15} إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى {16} اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى {17} فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى {18} وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى {19} فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى {20} فَكَذَّبَ وَعَصَى {21} ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى {22} فَحَشَرَ فَنَادَى {23} فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى {24} فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى {25} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى {26} ?.
الرابع: ? أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا {27} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا {28} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا {29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا {30} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا {31} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {32} مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ {33} ?.
الخامس: ? فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى {34} يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى {35} وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى {36} فَأَمَّا مَن طَغَى {37} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {38} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى {39} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {41} ?.
السادس: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا {42} فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا {43} إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا {44} إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا {45} كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا {46} ?.
المعنى الجامع:
موضوع السورة يوم البعث، وهذا الموضوع أكثر هيمنة في الآيات المكية عنها في المدنية. فهذا اليوم ينكره الكافرون ويهزأون به. فكيف يثيره القرآن في نفوسهم؟ لا بد أن يلفت نظرهم أولاً إلى واقع مادي مماثل يشاهدونه كل يوم، وليس لدى العربي أجمل من منظر الخيل المغيرة السابحة التي تكابد وتنزع في أعنتها حتى تنهي الحرب، وتدبر أمر الظفر والغلبة. ثم يستحضر لهم في المقابل واقعاً آخر من الغيب الذي يرفضونه ولا يؤمنون به، ويمثل لهم ما يحدث فيه من هزة عنيفة تغير الثابت من نظام الكون. ثم يأخذ بهم ثانياً في الماضي وفي الحاضر، فيما يسمعون من قصص الغابرين، وفيما يرون من آثارهم الدارسة أمامهم. ويعود بعد ذلك إلى القضية الأم،
(يُتْبَعُ)
(/)
المسألة الأصل، يوم القيامة فيصف مآل الناس فيها إلى نعيم مقيم أو عذاب خالد، ويختم بالسؤال عن موعد هذا اليوم وعن ترقبه الداهم، وخفاء ذلك على كل البشر حتى المصطفى – صلى الله عليه وسلم -.
التحليل الإيقاعي:
يتألف إيقاع السورة من ست جمل موسيقية:
1 - الجملة الأولى واجفة مسرعة، تركض ركضاً، وتنزع نزعاً، وتستحيل في ارتفاع درجتها، وحدة جيشانها إلى خمسة تركيبات متساوية كأنها موزونة وزن الشعر (مستفعلن فعولن)، وهذا المطلع السريع يتفق مع ظل المعنى الغامض وإيماءاته المتعددة، وما يثيره في النفس من هزة ورهبة وتوجس. إن الأنفاس تكاد تتقطع ذعراً وارتجافاً وانبهاراً مرة بالموسيقى الخاطفة القارعة، ومرة بفيء المعنى الغامض.
2 - ثم تجيء الجملة الثانية طابعها من طابع المطلع، وإيقاعها من إيقاعه، كأنما المطلع لهذا المشهد إطار، الموسيقى ما زالت واجفة، هزاتها في الحس قوية، وتوجساتها في الشعور تهول وتروع.
3 - تتغير النغمة أو الإيقاع في العبارة الثالثة، فجو الحكاية وعرض الماضي واستحضار الذكريات لا تناسبه نغمات قارعة ولا واجفة، معها يهدأ الإيقاع وينساب، فتمتد العبارة، وتطول الجملة، ويتحول الخيال السمعي إلى خيال تأملي استرجاعي، ومما يوافق هذا الخيال نغمات لا تعنف ولا تشتد بل تبطئ وتسترخي.
4 - ترتفع نبرة النغمة في الجملة الرابعة حين ننتقل من ساحة التاريخ والذكرى إلى كتاب الكون المفتوح ومشاهده الهائلة، هنا يبدو التعبير قوي الأسر قوي الإيقاع، ولكنه لا يصل إلى درجة المطلع أو المشهد الأول في حدته، وإيقاعه اللاهث.
5 - وتجيء الجملة الخامسة في سياق مشهد الطامة الكبرى، فتعود النغمة حادة كما كانت في المطلع، تتسق معه قوة وعنفاً وبروزاً.
6 - في اللحظة التي يغمر فيها الوجدان ذلك الشعور المنبعث من التوقيعات المختلفة، واللمسات الموحية، يرتد السياق في الجملة الأخيرة إلى المكذبين بيوم الساعة بإيقاع حازم هائل وسريع يزيد من روعة الساعة وهولها وضخامتها في الحس وفي النفس، وتشارك الهاء الممدودة في تجسيم الهول وتشخيص الضخامة.
ولقد كانت الفاصلة (القافية) في النغمات جميعاً تقوم بدور المفتاح، فتلون النغمة وتمنحها درجتها، وتعددت الفواصل بتعدد النغمات حتى بدت كأنها النهايات الطبيعية التي كانت تصل إليها كل موجة متدفقة من موجات التعبير الزاخر بالحركة والجيشان.
أما لحن السورة وهو مجموع النغمات بمفاتيحها وفواصلها في حالات ارتفاعاتها وانخفاضاتها فإنه يعتمد على لونين من الإيقاع:
- أولهما: إيقاع هادئ بطيء هو اللون الثانوي كما في الجملة الثانية.
- وثانيهما: إيقاع شديد بارز هو النغمة الرئيسة، ويبدو في حدة كلماته، وشدة نبراته ممثلاً في (النزع، والغرق، والراجفة، والرادفة، والزاجرة، والطامة، وطغى، وبرِّزت، والجحيم). وكان يتم الانتقال من نغمة إلى نغمة، أو من جملة إلى جملة ضمن الإيقاع العام، ويجمعها جميعاً صور من صور التعانق أو التآلف التي تسري فيها حركة واحدة رغم تموجها، هي حركة الإيقاع وحركة الصورة، وحركة الكون الخارجي، وحركة النفس الداخلية. وهي حركات تقوم على الرجف والوجف والاضطراب، وتكون النتيجة أن القلب البشري يحس في ذاته آثار الزلزلة والهول، ويهتز هزة الخوف والوجل، ويتهيأ لإدراك ما يصيب القلوب يوم الفزع الأكبر من ارتعاش لا ثبات معه، وبذلك يصل القرآن إلى مقصده.
هذا هو المصدر الأول لإيقاع القرآن متمثلاً في إيقاع النص , و يتجلى واضحاً لكل من عاش القرآن، واستلهم روحه، وأرهف السمع لنغماته.
ثانياً: مصدر المقرئ (التالي) – التنغيم:
نميز تلاوة القرآن من تنغيمه، فالتلاوة بطرائقها الثلاث: الترتيل والتدوير والحدر علم شرعي يتناول الحروف في مخارجها وصفاتها، وهو علم قديم له أصوله وقواعده التي ثبتت عبر العصور فلم تتغير، ولعل القرآن من هذه الجهة هو الحافظ الوحيد الذي حفظ العربية وطريقة نطق حروفها، ومن يستمع إلى المصحف المرتل يستطيع أن يتمثل أحكام النطق ومواقع النبرات في لغتنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما التنغيم أو التغني فأمر آخر مختلف، إنه فن المقرئ الخاص، وكيفية أدائه للقرآن، مظهر من مظاهر الإبداع، أو محاولة من المرتل لإظهار براعته، علاوة على تعميق أثر النص الذي يقرؤه في نفوس سامعيه، وبهذه الدلالة للتغني يكون أقرب إلى الموسيقى منه إلى التلاوة، فهو والغناء صنوان يلتقيان في الأصل الإيقاعي وفي الجذر اللغوي ثم يفترقان أو يتخالفان.
ثالثاً: مصدر المتلقي:
لا شك أن في القرآن نوعاً من الموسيقى الخفية تلفظ ولا تشرح، لكن كيف ندرك هذه الموسيقى، وهذا الإيقاع؟ وهذا التساؤل يلحق به تساؤل آخر مكمل له هو: كيف نتلقى القرآن؟ فالدراسات النفسية والجمالية لعملية التلقي تثبت أن تركيب الأثر الفني لا يكون تاماً ولا كاملاً إلا إذا التقت في رحابه وتداخلت طاقتان الطاقة الكامنة في النص والطاقة المنبثقة عن التلقي ().
والتقاء عالَم النص وعالَم المتلقي أمر ضروري لحياة النص، فللنص حياة تعج بالحركة والامتداد بما يحمله من كلمات تعبيرية وصور فنية، وقيم موسيقية، وتركيبات بلاغية. أما عالم المتلقي فله حياة وخبرات جمالية وثقافية تتصف هي الأخرى بالحركة والتقابل والامتداد. ومن خلال عملية الإدراك تتصالح الحياتان، وتلتقي الطاقتان؛ الطاقة الكامنة في النص، والطاقة المنبثقة عن القارئ، ولن يكون التلقي كاملاً، ولن يدرك القرآن إدراكاً كاملاً، إلا إذا تداخل العالمان وتناغما.
فالقرآن يملك قيمه الروحية والفنية الخاصة به، وهذه القيم لا تحضر إليه أو تفرض عليه، والمتلقي الذي يكابد قراءته وتدبره، ويعيش عالمه، ويحلله لا يجلب معه قيماً يتخيلها، أو لا يفترض في النص الذي بين يديه قيماً غير موجودة، إنه يكشف القيم الكامنة فيه. وفي حالة القرآن تبدو العلاقة بين النص وقارئه أقوى لأن الأمر يتعلق بالإيمان، بتلك الحالة النفسية التي اشترط بعضهم وجودها لإدراك ما في الكتاب من جمال ومن أداء ومن إعجاز. وحين يعايش المتلقي عالم الإيقاع القرآني يجد نفسه في واحد من أربعة مواقف ():
1 - أن يشعر بالإيقاع وجوداً ونوعاً ويعلله.
2 - ألا يلاحظ شيئاً اسمه إيقاع.
3 - أن يرى تناقضاً بين المعلومات التي يعرفها عن الإيقاع وهذا الذي يجده في النص.
4 - أن يحس الإيقاع ولكنه لا يستطيع أن يشرحه ويعلله، أو يحدد مصدره.
فالموقف الأول منطقي ومتماسك، والثاني يشير إلى أن إحدى الطاقتين الكامنة أو المنبثقة معطلة، والثالث يدعونا إلى أن نجعل من معلوماتنا أداة موظفة لخدمة الإحساس وإلا حكمنا بفسادها ولو جزئياً إذا ناقضته، أما الرابع فقد أغنانا عن التعليق عليه الخطابي حيث ذهب في رسالته عن إعجاز القرآن) إلى أن (السبب قد يخفى وأثره في النفس واضح، وهذا لا يقنع في باب العلم) ().
ودون أن نصل إلى ذلك نقول أن مجرد المحاولة لتلمس الظواهر الإيقاعية في التعبير القرآني مهما خفيت تظل ضرورية بغض النظر عن نتائجها. وتظل موسيقى القرآن هي موسيقى النفس، ويظل الإيقاع هو المعبر عن حالات تلك النفس، ويرتبط بحركة شعورها، لأنه في حقيقة الأمر هو صوت النفس البشرية، صوت حالاتها المتباينة، صوت فرحها وحزنها، أملها ويأسها، غضبها وسعادتها. لقد صور حركة إحساسها، وكان صدى مشاعرها وانفعالاتها، وبلغ في ذلك الغاية، وأربى على الغاية تعبيراً وتأثيراً.
الهوامش:
1. - نديم الوزة، مدخل إلى الإيقاع الداخلي للشعر، 21.
2. - أوستن وارين ورينيه ويلك، نظرية الأدب، ترجمة: محيي الدين صبحي، دار القلم، دمشق، 1988، 225.
3. - د. كمال أبو ديب، في البنية الإيقاعية للشعر العربي، 221.
4. - جان كوهن، بنية اللغة الشعرية، ترجمة: محمد العمري ومحمد الولي، دار توبقال، الدار البيضاء، 1986، 84.
5. - د. سيد البحراوي، الإيقاع وعروض الشعر العربي، 111.
6. - د. محمد العياشي، نظرية إيقاع الشعر العربي، دار الكتاب العربي، دمشق، 1986، 90.
7. - جاكوبسن، قضايا الشعرية، 19.
8. - د. سيد البحراوي، الإيقاع وعروض الشعر العربي، 245.
9. - ينظر: ليلى الشربيني وسيد البحراوي، إنتروبيا الإيقاع في العربية، مجلة فصول، القاهرة، مج 15، ع 4، شتاء 1997، 270.- د. سلمان العاني، التشكيل الصوتي،133.
(يُتْبَعُ)
(/)
10. - ينظر: د. سلمان العاني، التشكيل الصوتي، 134– 135. - د. كمال أبو ديب، في البنية الإيقاعية، 297 – 298. - د. سيد البحراوي، الإيقاع، 118.
11. - د. كمال أبو ديب، في البنية الإيقاعية، 302– 303. -د. عصام نور الدين، علم الأصوات اللغوية (الفنولوجيا)،110–116.
12. - ينظر: د. ليلى الشربيني، إنتروبيا الإيقاع في العربية، 272. – د. شكري عياد، موسيقى الشعر، 43 – 44.
13. - د. سيد البحراوي، الإيقاع، 127. وينظر: د. تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، 230.– د. سلمان العاني، التشكيل الصوتي، 143 – 144.
14. - سورة القدر: آية رقم (1).
15. - سورة الضحى: آية رقم (3).
16. - سورة البقرة: آية رقم (284).
17. - سورة نوح: آية رقم (28).
18. - سورة النبأ: آية رقم (1).
19. - سورة النازعات: الآيتان رقم (42، 43).
20. - ينظر: الزركشي، البرهان، 4/ 433 – 434. – ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق: د. مازن المبارك، دار الفكر، بيروت، 1998، 339 – 342.
21. - سورة الإنسان: آية رقم (1).
22. - سورة البقرة: آية رقم (210).
23. - سورة النازعات: آية رقم (15).
24. - سورة الكهف: آية رقم (103).
25. - سورة المائدة: آية رقم (91).
26. - سورة ق: آية رقم (30).
27. - سورة الفجر: آية رقم (5).
28. - سورة النازعات: آية رقم (18).
29. - ابن هشام، مغني اللبيب، 21 – 28.
30. - سورة الزمر: آية رقم (8).
31. - سورة الشرح: آية رقم (1).
32. - سورة الصافات: آية رقم (86).
33. - سورة الأنبياء: آية رقم (62).
34. - سورة هود: آية رقم (87).
35. - سورة آل عمران: آية رقم (20).
36. - سورة الفرقان: آية رقم (45).
37. - سورة الحديد: آية رقم (16).
38. - سورة الزلزلة: الآيات (1 - 5).
39. - د. عليان بن محمد الحازمي، التنغيم في التراث العربي، مجلة جامعة أم القرى، مكة المكرمة، مج 12، 1995، 283.
40. - د. عبد الكريم مجاهد، الدلالة اللغوية عند العرب، دار الحوار، دمشق، 2000، 178.
41. - د. سمير ستيتية، منهج التحليل اللغوي في النقد الأدبي، مجلة التراث العربي، دمشق، ع 15،يناير 1985، 154.
42. - سورة يوسف: الآيتان رقم (74، 75).
43. - نديم الوزة، مدخل إلى الإيقاع الداخلي للشعر، 282.
44. - د. عبد القادر فيدوح، الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1992، 335.
45. - ينظر: د. صبحي الصالح، مباحث في علوم القرآن، دار العلم للملايين، بيروت، ط2، 1988، 334.- د. حامد صادق قنيبي، المشاهد في القرآن؛ دراسة تحليلية وصفية، مكتبة المنار، الأردن، 1998، 273.
46. - د. عز الدين إسماعيل، الأسس الجمالية في النقد الأدبي، دار الفكر العربي، القاهرة، ط3، 2001، 361.
47. - سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، دار الشروق، القاهرة، ط14، 1993، 102.
48. - سورة الإخلاص: الآيات (1 – 4).
49. - د. كمال أبو ديب، جماليات الخروج والانقطاع، مجلة دراسات لسانية وسيميائية، الدار البيضاء، ع 22، 1999، 68.
50. - إبراهيم جنداري، الإيقاع في القصة القرآنية، مجلة الموقف الأدبي، دمشق، 379، تشرين الثاني،2002،186– 173.
51. - د. مجيد عبد الحميد ناجي، الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت،1985،41.
52. - د. بدوي طبانة، قضايا النقد الأدبي، دار المريخ، الرياض، 1988، 147.
53. - د. محمد الحسناوي، الفاصلة في القرآن، 100 – 124.
54. - د. عماد الدين خليل، مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1988، 28 – 29.
55. - سيد قطب، التصوير الفني في القرآن، 103.
56. - سورة مريم: الآيات من (4 – 6).
57. - سورة آل عمران: الآيات من (191 – 194).
58. - سورة نوح: الآيات من (26 – 28).
59. - سورة الأحزاب: الآيتان رقم (67، 68).
60. - سورة القيامة: الآيات من (22 – 25).
61. - الرافعي، إعجاز القرآن، 167 – 168.
62. - سيد قطب، التصوير الفني، 106.
63. - سورة طه: الآيات من (77 – 79).
64. - الرافعي، إعجاز القرآن، 168 – 169.
65. - سيد قطب، التصوير الفني، 103 - 104.
66. - الرافعي، إعجاز القرآن، 171.
67. - سورة هود: الآيتان رقم (42، 43).
68. - سيد قطب، التصوير الفني، 113.
69. - د. نعيم اليافي، عودة إلى موسيقى القرآن، 166 – 170.
70. - ينظر: - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 1/ 187. – السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 1/ 6.
71. - ينظر ما سطره د. نعيم اليافي في محاولاته المتعددة لإبراز الموسيقى القرآنية وأثرها على السياق المكي والمدني. - د. نعيم اليافي، عودة إلى موسيقى القرآن، 166 – 187.
72. - استعنا في هذا التحليل بما سطره الأسلاف العظام مثل: سيد قطب، والرافعي في مؤلفاتهم الثرية، فعليهم رحمة الله تعالى.
73. - عناصر الإيقاع سبعة عناصر هي (النظام، والتغير، والتساوي، والتوازي، والتوازن، والتلازم، والتكرار). ينظر: - عز الدين إسماعيل، الأسس الجمالية في النقد العربي، 122.
74. - ينظر:- حاتم الصكر، ترويض النص، 51.– ميشال ريفاتير، معايير تحليل الأسلوب، 8. – رامان سلدن، النظرية الأدبية المعاصرة، 165–186.–سي هول، نظرية الاستقبال، 129–138.– د. محمد مفتاح، التلقي والتأويل، 86 – 94.
75. - د. نعيم اليافي، عودة إلى موسيقى القرآن، 188 - 193.
76. - الخطابي، القول في بيان إعجاز القرآن، 24.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[24 - 08 - 2009, 12:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل.
لقد أثار نقلك موضوعا بخاطري، وهو دراسة البديع الإيقاعي في شعر أحد الشعراء، فما رأيكم؟
وكيف تتم الدراسة حسب تصوركم؟(/)
أريد أن أعرف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[لؤلؤة الشرق]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 12:34 ص]ـ
: rolleyes: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أعرف أمثلة في المديح النبوي عن:
المجاز.
والإستعارة.
والكناية.
ولكم جزيل الشكر والدعاء(/)
عن الكناية والمجاز في حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 08:22 ص]ـ
في حديث: (إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ).
كناية عما يستقبح ذكره، فاحتمال بيتوتة اليد في محل مستقذر، هو موجب غسلها بعد الاستيقاظ من النوم.
*****
وفي حديث: (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ).
كناية عن الجماع بالإتيان، فهو، أيضا، مما يستقبح ذكره صراحة.
*****
وفي حديث: (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا)
كناية عن الخارج من البدن بالغائط وهو: الأرض المطمئنة، وكانت العرب ترتادها طلبا للاستتار حال قضاء الحاجة، ثم صارت مجازا مشتهرا، أو حقيقة عرفية في الخارج من البدن، فتقدم على الحقيقة اللغوية مع كونها مجازا، والأصل: حمل الكلام على الحقيقة إذا دار بين الحقيقة والمجاز، ولكن لما كان المجاز هنا مشتهرا بحيث صح إنزاله منزلة الحقيقة العرفية صارت دلالته على معنى الخارج من البدن أقوى من دلالته على الأرض المطمئنة، فيقدم أقوى المعنيين.
يقول الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله: "الغائط: المطمئن من الأرض ينتابونه للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث، كراهية لذكره بخاص اسمه". اهـ
"إحكام الأحكام"، ص 98، 99.
ويقول ابن دقيق العيد رحمه الله: " (الغائط) في الأصل: هو المكان المطمئن من الأرض، كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة، ثم استعمل في الخارج. وغلب هذا الاستعمال على الحقيقة الوضعية، فصار حقيقة عرفية". اهـ
"المصدر السابق"، ص 101.
فإما أن يقال بأن في الكلام: كناية عما يستقبح ذكره.
وإما أن يقال بأن فيه: مجازا مرسلا علاقته: "المحلية"، إذ أطلق المحل وأراد الحال فيه، ومن ثم صار هذا المجاز: مجازا مشتهرا نزل منزلة الحقيقة العرفية التي تقدم على الحقيقة اللغوية.
والقول بأنه من باب الحقيقة العرفية أرجح من جهة أن العرف قد رجح معنى على آخر، حتى صار الأخير: مهجورا فلا يكاد يعرفه إلا آحاد المشتغلين بعلوم العربية، فصار المتبادر إلى الذهن عند إطلاقه: الخارج الحال لا المحل، فلا يكون في الكلام مجاز على هذا الوجه، وطالما أمكن حمل الكلام على حقيقته على وجه صحيح فلا داعي إلى تكلف علاقات وقرائن المجاز.
ومثله لفظ: "العذرة"، فحقيقته اللغوية: فناء الدار، ولكنه صار أيضا: مجازا مشتهرا في الخارج من البدن، فنزل منزلة الحقيقة العرفية، لأنهم كانوا يلقون فضلة الأبدان فيه، فعلاقته هي نفس علاقة: "المحلية" في الغائط.
ومثله، أيضا، لفظ: "الخلاء":
يقول ابن دقيق العيد رحمه الله: "الخلاء بالمد في الأصل: هو المكان الخالي. كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة. ثم كثر حتى تجوز به عن غيره". اهـ
"إحكام الأحكام"، ص 97.
*****
وفي حديث: (شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).
مجاز إسنادي، بإسناد فعل: "التشييب" إلى هود وأخواتها، والله، عز وجل، هو الذي خلق الشيب وأسبابه، فهو المشيب حقيقة، فصحت نسبة الفعل إليه نسبة قدرية كونية.
وقد يقال إن في الكلام مجازا من نوع آخر، وهو: مجاز الحذف، كأن يقدر مضاف نحو: شيبتني قراءة أو مواعظ أو زواجر هود وأخواتها، ومن ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
ومنكر المجاز يجيب على ذلك بأن حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أمر قد اطرد في لغة العرب، فالمخاطب يدرك مراد المتكلم ابتداء دون أن يضطر إلى إعمال ذهنه في علاقات وقرائن المجاز العقلية.
وإليه أشار ابن مالك، رحمه الله، بقوله:
وما يلي المضاف يأتي خلفا ******* عنه في الإعراب إذا ما حذفا
*****
ومن ذلك أيضا:
(يُتْبَعُ)
(/)
حديث: (سَوْدَاءُ وَلُودٌ خَيْرٌ مِنْ حَسْنَاءَ لا تَلِدُ)، وهو عند الطبراني، رحمه الله، في "الكبير" من حديث: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
ففيه مجاز بحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، فتقدير الكلام: امرأة سوداء ولود خير من امرأة حسناء لا تلد، ولهذا جاز الابتداء بالنكرة، لأنها قد خصت بالوصف، والتخصيص نوع تعريف يسوغ الابتداء بالنكرة المخصوصة.
ومثله قوله تعالى: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ)، أي: دروعا سابغات، فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
ومنكر المجاز يجيب على ذلك أيضا: بأن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه أمر قد اطرد هو الآخر في لغة العرب، فالمخاطب يدرك مراد المتكلم ابتداء، بقرينة السياق: "ولود"، فالمقصود بداهة: الآدمية الولود، و: "السابغات" هي الدروع التي تغطي جسد المقاتل، فلا يضطر إلى إعمال ذهنه في علاقات وقرائن المجاز العقلية.
*****
وحديث: (فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا):
ففيه كناية عن بر الأم وطاعتها والخضوع لها، والكناية لا تمنع إرادة المعنى الأصلي، كما قرر البلاغيون، فلا مانع من الجمع بين لزوم قدميها حسا، والخضوع لها معنى، وقل بل عُدِم من يفعل ذلك في زماننا إلى من رحم ربك!!!.
*****
وحديث: (لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ)، وهو متكلم في إسناده، إذ أعل بعَمْرُو بْنُ شِمْرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، كما ذكر الشوكاني، رحمه الله، في "نيل الأوطار".
فقد قرر البلاغيون: حمل النفي على أقرب المجازين: الصحة أو الكمال، إذا تعذر حمله على الحقيقة، فإن الصلاة قد وجدت حسا، وإن انتفت شرعا لاختلال شرط الطهارة، فاستحال نفي الوجود بعد الأداء، وإن لم يعتد به، فلزم حمل الكلام على أقرب المجازين وهو: الصحة، فيكون تقدير الكلام: لا صلاة صحيحة إلا بطهور، فالوصف المحذوف قد دل عليه السياق بدلالة الاقتضاء، ويقال هنا أيضا: إن في الكلام مجازا بالحذف إذ حذف الوصف وذكر الموصوف، فلزم تقدير الوصف المحذوف على التفصيل السابق.
ومنكر المجاز يقول: لا حاجة إلى هذه الطريق الوعرة، فإن مراد المتكلم قد ظهر ابتداء، فالطهارة من الحدث شرط من شروط صحة الصلاة، فيلزم من انتفائه انتفاء صحتها لا كمالها، فلا حاجة إلى القول بمجاز بعيد منتف أو قريب مثبت، لأن المخاطب قد أدرك ابتداء أن المقصود: نفي صحة الصلاة فتلزمه إعادتها.
*****
ومثله حديث: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)، فإن نفي الإيمان في هذا الحديث متردد بين ثلاثة احتمالات:
أولها: نفي الإيمان بالكلية، فيكون النفي قد تسلط على الحقيقة، ولازم هذا القول: تكفير الزاني، وهذا قول الخوارج.
وثانيها: نفي الكمال الواجب، فيكون الزاني من أهل الوعيد وإن لم يكفر بكبيرته إلا إذا استحلها.
وثالثها: نفي الكمال المستحب، فيكون هو وتارك النافلة سواء!!!، وهذا قول ظاهر البطلان.
فصار اللفظ مجملا لازدحام المعاني فيه، فلزم طلب المرجح من خارج:
فقد دلت النصوص الأخرى، كنصوص الحدود، على أن الزاني لا يكفر بكبيرته، وإلا كان مرتدا يجب حده حد الردة، فلما قرر الشارع، عز وجل، لكبيرته حد آخر غير حد الردة علم يقينا أنه مسلم عاص.
فضلا عن كون الاسم المطلق، ينصرف في الغالب إلى معنى الكمال منه، فيكون تقدير الكلام: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن كامل الإيمان الواجب، فدل بمفهومه على أن إيمانه قد انتقص منه بقدر جنايته فصار من أهل الوعيد وإن لم ينتف عنه أصله.
ومنكر المجاز يقول: لا حاجة إلى هذه التقديرات، لأن في جمع نصوص الوعد والوعيد غنى عنها، فالمعنى قد ظهر ابتداء، فصار معلوما أن الزاني: مؤمن بما معه من التصديق والإقرار، فاسق متوعد بكبيرته.
*****
وقد تدل القرائن الخارجية في بعض الصور على إرادة المجاز البعيد كقول علي رضي الله عنه: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد).
فإن نفي الصلاة في هذا الحديث متردد هو الآخر بين ثلاثة احتمالات:
أولها: نفي الصلاة بالكلية، وهذا مناف للحس، لأن الأداء قد ثبت فلا سبيل إلى رفعه.
وثانيها: نفي الصحة، فتكون صلاة المنفرد بلا عذر باطلة، وهذا قول الظاهرية رحمهم الله.
وثالثها: نفي الكمال، فيكون المنفرد بلا عذر، آثما من جهة تركه الجماعة بلا عذر شرعي، مثابا من جهة: أدائه الواجب، فآلت المسألة إلى انفكاك الجهة، فصلاته غير كاملة، وإن كانت صحيحة مجزئة.
فدلت القرينة الخارجية على إرادة المجاز البعيد: نفي الكمال، لأن من صلى منفردا بلا عذر صلاة استوفت الشروط والأركان فقد برئت ذمته بأداء الفرض، وإن استحق الإثم من جهة أخرى على التفصيل المتقدم.
ومنكر المجاز يقول هنا أيضا: القرينة الخارجية في حد ذاتها تدل على المعنى المراد دون حاجة إلى تكلف مجاز.
والخلاف بين مثبتي المجاز ومنكريه يضيق ويسوغ إذا اقتصر فيه على مسائل اللغة والأحكام، دون خوض في مسائل الغيب والإيمان والقدر، فقد كان المجاز أحد الطواغيت التي سلطها أصحاب المقالات المحدثة على نصوص الوحي في مسائل كـ: صفات الله، عز وجل، فهي عندهم مجاز!!!، والإيمان فهو عندهم: حقيقة في التصديق مجاز في الأعمال فأخرجوها منه، والقدر فأفعال العبد عندهم إنما تنسب إليه على جهة المجاز لا الحقيقة، وإنما الفاعل حقيقة: الله، عز وجل، فسلبوا العبد إرادته، وصيروه مجبورا غير مختار، وكلما ضاق بهم الأمر اتسع بحجة: المجاز!!!!، وصار هذا مسوغا لأصحاب المقالات المغلظة، كالفلاسفة وغلاة الباطنية والصوفية، تأويل كل النصوص بما فيها نصوص اليوم الآخر التي أجمع أهل القبلة بمختلف نحلهم على إجرائها على ظاهرها.
وقرينة المجاز: قرينة عقلية في الغالب فلا عمل لها في عالم الغيب، إذ العقل لا يدركه ليقيم علاقة بينه وبين عالم الشهادة، وهذا رأي أحد الفضلاء المعاصرين، وهو أكاديمي متخصص في علوم البلاغة، في هذه المسألة الشائكة، لخصته كما فهمته، وهو رأي جدير بالتأمل.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 04:24 م]ـ
معذرة:
في: "وفي حديث: (شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).
مجاز إسنادي، بإسناد فعل: "التشييب" إلى هود وأخواتها، والله، عز وجل، هو الذي خلق الشيب وأسبابه".
المقصود أن الله، عز وجل، هو خالق الشيب وأسبابه الكونية، لا أنه خالق هذه السور التي نسب إليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعل التشييب على جهة المجاز الإسنادي، فهي من كلامه، وكلامه، عز وجل، غير مخلوق كما قرر أهل السنة، فلزم التنبيه خشية الالتباس.
*****
وفي: "يقول الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله: "الغائط: المطمئن من الأرض ينتابونه للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث، كراهية لذكره بخاص اسمه". اهـ
"إحكام الأحكام"، ص 98، 99".
الأدق في العزو أن يقال: إن هذا من كلام الحافظ المقدسي، رحمه الله، في "عمدة الأحكام"، تعليقا على الحديث الثاني، وإنما نقلت كلامه من شرح "إحكام الأحكام"، فعزوت إلى الشرح مباشرة.
*****
وفي: "والخلاف بين مثبتي المجاز ومنكريه يضيق ويسوغ إذا اقتصر فيه على مسائل اللغة والأحكام".
المقصود ما يسوغ الخلاف فيه من استنباط الأحكام تبعا لاختلاف الدلالات اللفظية المعتبرة، فقد وقع التأويل في الأحكام من غلاة الباطنية كالإسماعيلية والنصيرية، فلم يكتفوا بتأويل الأخبار بل زادوا على ذلك: تأويل الأحكام: فالصلاة: أسماء الأئمة، والصيام: كتمان السر، والجنابة: إفشاؤه، والحج: السفر إلى مشايخهم ........... إلخ من التأويلات المارقة التي جعلت النصوص أشبه بالأحاجي والألغاز تحت ستار المجاز الفضفاض.
والله أعلى وأعلم.(/)
صفحات مشرقة من تراثنا؛ من كتاب المجازات النبوية؛ للشريف الرضيّ
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 01:37 م]ـ
كتاب المجازات النبوية (أو: مجازات الآثار النبوية)؛
للعلامة الشاعر الشريف الرضيّ المتوفى سنة 406 هـ
وهذا الكتاب كنت قد نشرته منذ أكثر من عشرين عاما أنا وأخي
الأستاذ الدكتور محمد رضوان الداية، وذلك في دمشق
سنة 1986 م.
وقد حظيت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما هي أهله من مكان علي، ومنزلة شريفة، ودرجة عالية في حياة المسلمين الأولين:
دينا وشرعا، وسنة ومنهاجاً وفكراً ومعرفة، ولغة وأدبا. لقد أدرك علماء اللغة ورواتها وحملتها ونقلتها ما لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من أثر بالغ في تهذيب النفوس وتقويم الألسنة، فاندفعوا يؤلفون فيها ويصنفون، وانطلقوا يبيّنون ما فيها من ضروب البلاغة، وصنوف البديع، وألوان البيان، وغريب اللغة.
فأبو عبيدة معمر بن المثني، وأبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، وابن الأثير وجلال الدين السيوطي وغيرهم يؤلفون في غريب الحديث والأثر، والشريف الرضي يؤلف كتاباً في المجازات ا لنبوية وقد جمع جملة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم اشتملت على كثير من الألفاظ اللغوية الجزلة والأساليب البلاغية العالية، وجمعت من التشبيهات والاستعارات والكنايات قدراً يرتفع بتحصليه شأن عالم البلاغة فضلاً عن طالبها ويبز بها عالم اللغة أقرانه، ويفوق بحفظها ناشئ العرب أترابه.
وقد أحببت أن أنتقي من كتابي هذا مجموعة من الدلائل البلاغية، تدل عليه، وتبين طريقة المؤلف في معالجة القضايا البلاغية، والمجاز في الأحايث النبوية الشريفة.
=========
(الشريف الرضي):
(359 - 406 ه = 970 - 1015 م):
وهو محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي: أشعر الطالبيين، على كثرة المجيدين فيهم. مولده ووفاته في بغداد. انتهت إليه نقابة الاشراف في حياة والده. وخلع عليه بالسواد، وجدد له التقليد سنة 403 ه.
له (ديوان شعر - مطبوع) في مجلدين، وكتب، منها (الحسن من شعر الحسين - مخطوط) السادس والثامن منه، وهو مختارات من شعر ابن الحجاج، مرتبة على الحروف في ثمانية أجزاء، و (المجازات النبوية - مطبوع) و (مجاز القرآن - مطبوع) باسم (تلخيص البيان عن مجاز القرآن) و (مختار شعر الصابئ) و (مجموعة ما دار بينه وبين أبي إسحاق الصابئ من الرسائل) طبعت باسم (رسائل الصابي والشريف الرضي) و (حقائق التأويل في متشابه التنزيل - مطبوع) و (خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - مطبوع) و (رسائل) نشر بعضها. وشعره من الطبقة الاولى رصفا وبيانا وإبداعا. ولزكي مبارك (عبقرية الشريف الرضي - ط) ولمحمد رضا آل كاشف الغطاء (الشريف الرضي - ط) ومثله لعبد المسيح محفوظ، ولحنا نمر (1).
************
(1) وفيات الاعيان 2: 2 وتاريخ بغداد 2: 246 وفيه: (كان يلقب بذي الحسبين). والمنتظم 7: 279 ويتيمة الدهر 2: 297 - 315 ونزهة الجليس 1: 359 والذريعة 7: 16.
للحديث بقية >>
يتبع ـ بمشيئة الله ـ
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 04:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله يا دكتور مروان، وبارك في جهدك، وجعلك الله دائما في خدمة تراثنا المشرق.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[23 - 05 - 2008, 04:36 م]ـ
[1]
فمن ذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ (1):
"هذه مكة قد رمتكم بأفلاذ (2) كبدها "، وفي رواية أخرى:
"قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها".
وهذه من أنصع العبارات.
وقال ذلك عليه الصلاة والسلام عند خروجه إلى بدر (3) للقتتال؛ وقد خرج (4) قريش من مكة مجلبة عليه (5)، ومجلبة إليه؛ وكان المسلمون قد ظفروا ببعض فرّاطهم (6)، فأتوا النبي عليه الصلاة والسلام، فسأله عمن خرج في ذلك الجمع، من علية قريش، فقال:
فلان وفلان، وعدّد قادتهم وذادتهم (7)، والوجوه والسادات منهم؛ فقال عليه الصلاة والسلام:
"هذه مكة قد رمتكم بأفلاذ كبدها ".
ولهذا الكلام معنيان:
أحدهما:
أن يكون المراد به أن هؤلاء المعدودين صميم قريش ومحصنها ولبابها وسرّها؛
كما يقول القائل منهم:
(يُتْبَعُ)
(/)
فلان قلب في بني فلان؛ إذا كان من صرحائهم (8)، وفي النضار (9) من أحسابهم، فيجوز أن يكون المراد بالكبد ها هنا كالمراد بالقلب هناك؛ لتقارب الشيئين، وشرف العضوين، فيكنى باسم كل واحد منهما عن العِلق الكريم، واللباب الصميم.
والأفلاذ: القطع المتفرقة عن الشيء، وقلّ ما يستعمل ذلك إلا في الكبد خاصة.
قال الشاعر (10):
تكفيه فلذة كبدٍ (11) إن ألم بها = من الشواء ويكفي شربة الغمر
=========
1 ـ الخبر مع الحديث في نسب قريش؛ لمصعب الزبيريّ، والأغاني، ووفيات الأعيان، والوافي بالوفيات، وفي نسب قريش:
((وكان هاجر في التاسع بعد الحديبية في الهدنة، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هو وخالد بن الوليد بن المغيرة، ولقوا عمرو بن العاصي مقبلاً من عند النجاشي، يريد الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لقوه بالهدأة؛ فأصبحوا جميعاً، حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال صلى الله عليه وسلم حين رآهم مقبلين:
"رمتكم مكة بأفلاذ كبدها"،
يقول: إنهم وجوه أهل مكة.
وهو في النهاية في غريب الحديث، واللسان والتاج (فلذ).
2 ـ الأفلاذ: جمع فلذة، والفِلْذَةُ: القطعةُ من الكَبِد واللَّحمِ والذَّهبِ والفضَّة ج فلَذَّا وأَفْلاذٌ/ أَفْلاذُ الأكباد، همَ الأولاد/ أفلاذُ الأرض، هي كنوزُها.
3 ـ بَدْرٌ وبَدَرُ: اسم موضع في الحجاز بين الحرمين، وقع فيهِ في أوَّل الإسلام قتالٌ مشهور، يُذكَّر ويُؤَنَّث.
4 ـ لم يؤنث الفعل؛ لأنه يريد (بنو قريش)؛ أو (حيّ قريش)، لا القبيلة، انظر كتاب سيبويه 3/ 247.
5 ـ أجْلَبَ يُجْلِبُ إجْلابًا:- القومُ: اجتمعوا واحتشدوا.- على القوم: هددهم بالشرّ وجَمَع الجَمْع عليهم؛ {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}؛ أي صِحْ.
وأجلب القوم بمعنى جلبوا وتجمَّعوا من كل وجه للحرب
6 ـ فرَط القومَ يفرِطهم فَرْطًا وفَرَاطَة تقدَّمهم إلى الوِرْد لإصلاح الحوض والدلاءِ. قيل هذه المادة موضوعة في الأصل للسبق والتقدم وباقي المعاني متفرّعة منهُ، وهؤلاء هم الطليعة والكشافة.
7 ـ الذادة؛ ذائِدٌ - وجمعها: ذُوَّدٌ، ذُوَّادٌ. [ذ ي د]. (اسم فاعل. مِنْ ذادَ).
"ذائِدٌ عَنْ حَوْزَةِ الوَطَنِ": مُدافِعٌ، أَي الحامِي عَنْ حَوْزَتِهِ وَحُرْمَتِهِ.
8 ـ صُرَحاءُ؛ جمع الصَّرِيحُ: الواضح؛ هذه الشهادة صريحةٌ لا غموض فيها.
وكلامٌ صريح.-: الخالص مما يشوبه؛ وشرابٌ صريحٌ،
ونسب صَرِيح، وفرس صَرِيح، أي أصيل.
9 ـ النُّضَارُ: الخالص من كل شيء.
10 ـ البيت لأعشى باهلة من قصيدة يرثي بها المنتشر بن وهب الباهليّ، واسم
الأعشى هذا عمرو بن الحارث ويكنى أبا قحافة.
وهو شاعر جاهلي مجيد (راجع إحالات ترجمته في الأصمعيات 87).
ـ والبيت هو الرابع والعشرون، من قصيدة مشهورة في فن الرثاء (بترتيب الأصمعيات)، رثى بها أخاه لأمه النتشر بن وهب.
وقال قطرب: إنه للدعجاء بنت وهب، وإنها هي التي ترثي أخاها المنتشر بالقصيدة المعروفة التي أولها:
إني أتتني لسان لا أسرّ بها = من علو لا عجب فيها ولا سخر
وبعد البيت الشاهد:
لا يتأرّى لما في القدر يرقبه = ولا تراه أمام القوم يقتفر
لا يغمز الساق من أين ومن وصب = ولا يعضّ على شرسوفه الصفر
التأرّي: التحبّس والمكث. والاقتفار: أن يأكل خبزه قفاراً دون أدم جشعاً قبل أن يدرك الطعام. والصفر: حيّة في البطن تعضّ الشرسوف إذا جاع صاحبه. وقيل الصفر داء يعالج بقطع النائط. قال الراجز:
قطع الطبيب نائط المصفور
وكانت العرب تزعم أنه يعدي.
وفي الحديث: لا عدوى ولا هامة ولا طيرة ولا صفر.
وقال قوم: معنى صفر في الحديث غير هذا ويروى:
ولا يزال أمام القفر يقتفر
أي لا يزال هادياً لهم متقدماً يقتفر الآثار.
وكان في حديث المنتشر وكان يغير على بني الحارث بن كعب فقتل منهم عمرو بن عاهان.
11 ـ "فلذة كبد"؛ هي رواية الكامل 4/ 65، وروي أيضا:
"حزة فلذ"، و"فلذة لحم"، وهي متقاربة المقاصد، والغُمَرُ: قَدَح صغيريقتسم به القوم الماء بينهم إذا قل فى السَّفَر.
للحديث بقية >>
يتبع ـ بمشيئة الله ـ
أرجو ملاحظة طريقة قراءتنا للكتاب، وكيفية تحقيقه
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 05:05 م]ـ
والمعنى الآخر:
أن يكون المراد بذلك أعيان القوم ورؤساؤهم، والعرانين (1) المتقدمة منهم؛ فكأنه عليه الصلاة والسلام أقام مكة مقام الحشا (2)، التي تجمع الأعضاء الشريفة؛ كالقلب، والنياط (3)، والكبد، والفؤاد (4)، وجعل رجال قريش كشعب الكبد التي تحنو عليها الأضالع (5)، وتشتمل عليها الجوانح، وقاية لها، ورفرفة عليها.
===========
1 ـ (العِرْنِينُ): أَوَّلُ كلِّ شيءٍ.
و- ما صَلُبَ من عَظْم الأنف حيث يكون الشَّمَمُ.
(جمعه) عَرَانينُ.
ويقال: هم شُمُّ العرانين: أَعِزَّةٌ أُباةٌ.
وعَرانينُ القوم: ساداتُهُم وأَشرافُهم.
2 ـ الحشا، مفرد الأحشاء؛ والحَشَا ما دُون الحِجابِ مما في البَطْن كُلِّ من الكَبِد والطِّحال والكَرِش وما تَبعَ ذلك حَشىً كُلُّه.
3 ـ النِّياطُ: عِرق غليظ متصل بالقلب فإذا قطع مات صاحبه؛
كقولهم: قطع الحزنُ نياط قلبه.
و"يُمَزِّقُ الأَسَى نِيَاطَ قَلْبِهِ".
جمعه: أَنْوِطَةٌ، نُوطٌ.
والنياط أيضا: القلب.
4 ـ الفُؤَادُ: وسط القلب، أو غشاؤه، أو وعاؤه، أو داخله.
جمعه: أَفْئِدَةُ.
والفؤاد؛ هو القلب أيضا.
5 ـ الأضالع؛ جمع الجمع.
والضِّلْعُ: [مؤنثة ويجوز تذكيرها]، وهي قوسٌ عظميّةٌ مسطَّحة يؤلِّف مجموعها القَفَص الصَّدريَّ.
وجمعه: أضْلُعٌ وضُلُوعٌ وأَضْلاَعٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 05:11 م]ـ
ما شاء الله د. مروان
لا تبخل علينا من علمك
عرض رائع، لمحقق بارع
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 06:01 م]ـ
ما شاء الله د. مروان
لا تبخل علينا من علمك
عرض رائع، لمحقق بارع
بارك الله فيك أخي الكريم محمد
هذا من حسن ظنك بأخيك
جزاك الله خيرا
وشكرا لك(/)
هل هذا التحليل صحيح؟
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 07:00 ص]ـ
في حديث أبي سفيان، رضي الله عنه، مع هرقل: "فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ"
هل يقال بأن في: "حاصوا": استعارة تصريحية تبعية، من جهة تشبيه نفورهم بالحيص ومن ثم حذف أحد طرفي التشبيه: النفور، وذكر الآخر صراحة، فتكون تصريحية من هذا الوجه، تبعية من جهة: وقوعها في الفعل "حاص".
وفي نفس الوقت يقال بأن في الكلام: تشبيها بليغا، دل عليه المصدر المبين لنوع عامله: "حيصة حمر الوحش"، فتقدير الكلام فحاصوا حيصة كحيصة حمر الوحش في شدة نفورها، فحذف أداة التشبيه: (الكاف في: كحيصة)، ووجهه: (في شدة نفورها)، فصار بليغا من هذا الوجه؟
والله أعلى وأعلم.(/)
هل تعرف «بيضة البُقَيْلَة»؟؟؟!!!!
ـ[كاتب]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 10:47 ص]ـ
****
هل تعرف «بيضة البُقَيْلَة»؟؟؟!!!!
* في كتاب «البخلاء» للجاحظ قال: فإن كان لابد من المؤاكلة، ولابد من المشاركة، فمع مَن لا ينتهز بيضة البقيلة.
*وفيه أيضا: ولقد كانوا يتحامون بيضة البقيلة، ويدعها كل واحد منهم لصاحبه؛ حتى إن القصعة لَتُرْفَع وإن البيضَ خاصةً لعلى حالِه. وأنت اليوم إذا أردت أن تمتع عينك بنظرة واحدة منها، لم تقدر على ذلك!.
*وفي «ثمار القلوب» للثعالبي، و «البصائر والذخائر» لأبي حيان التوحيدي: وحكي عن محمد بن أبي المؤمل، أنه قال في كلام: ولقد كانوا متحامين بيضة البقيلة، ويدعها كل امرئ لصاحبه، وأنت اليوم لو أردت أن تمتع عينيك بنظرة واحدة إليها لم تقدر عليها.
*وفي «نثر الدر» للآبي: قيل لطفيلي: لم قطعت فلاناً صديقك؟ قال: لأنه يسبقني إلى بيضة البقيلة.
* وفي «البيان والتبيين» للجاحظ: قبل لبلاَلِ بن أبي بُرْدَة: لم لا تُوَلِّي أبا العَجُوزِ بن أبي شَيخ العَرّافَ - وكان بلالُ مسترضَعاً فيهم، وهو مِن بَلْهُجَيْم - قال: لأني رأيتُ منه ثلاثاً:
رأيتُه يحتَجمُ في بُيوتِ إخوانه،
ورأيتُ عليه مِظلّةً وهو في الظلِّ،
ورأيتُه يُبادِرُ بَيضَ البُقَيْلة.
وفي «ربيع الأبرار» للزمخشري: ثلاث ينتهي الحمق إليها: أن يستظل الرجل بمظلة وهو في الظل، وأن يسابق الرجل إلى بيضة البقيلة، وأن يحتجم في غير داره.
بعد ما تقدم > هل يعرف أحد الأفاضل هنا ما المقصود بـ: " بيضة البُقيلة "؟! بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[محمد سعد]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 01:09 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك أخي كاتب هذه معلومة قيمة
تشكر عليها، ونحن بانتظار المزيد من هذا القلم المِعْطاء
ـ[كاتب]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 09:18 ص]ـ
[ QUOTE= كاتب;241299]
****
هل تعرف «بيضة البُقَيْلَة»؟؟؟!!!!
هل يعرف أحد الأفاضل هنا ما المقصود بـ: " بيضة البُقيلة "؟! / QUOTE]
هل يعرف أحد الأفاضل ما هي بيضة البقيلة؟؟
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 04:13 م]ـ
[ QUOTE= كاتب;241299]
****
هل تعرف «بيضة البُقَيْلَة»؟؟؟!!!!
هل يعرف أحد الأفاضل هنا ما المقصود بـ: " بيضة البُقيلة "؟! / QUOTE]
هل يعرف أحد الأفاضل ما هي بيضة البقيلة؟؟
مما أذكره أخي الكريم، ولا أستحضر مكانه الآن؛
ولعله من شروح أحد جهابذة المحققين السابقين،
ولعله الأستاذ عبد السلام هارون، في شرحه
وتحقيقه: للبيان والتَّبيُّن؛
أن بيضة البقيلة:
قطعة من متخير اللحم تشبه البيض
وشكرا لك
ـ[محمد سعد]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 04:51 م]ـ
بيضة البقيلة
قال الثعالبي في ثمار القلوب 393: " تذكر في عيون الأطعمة: ولا يستحسن المبادرة إليها" ولم يفسرها بأكثر من هذا. ثم نقل عن الجاحظ في البخلاء قوله: " فإن كان لابد من المؤاكلة، ولابد من المشاركة، فمع مَن لا يستأثر علىَّ بالمخ، وينتهز بيض البقيلة، ولا يلتهم كبد الدجاجة، ولا يبادر إلى دماغ رأس السلاءة، ولا يختطف كلية الجدي، ولا يزدر قانصة الكركي "
يقول هارون: فيفهم من سوقها مع هذه النظائر أنها قطعة من متخير اللحم، تشبه البيض.
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 06:54 م]ـ
"بيضة البقيلة" ... هل هي "بيضة الأرض"؟
في غياب الأدلة القطعية من التراث العربي فإنني أعتقد أن تعريف الأستاذ عبد السلام هارون لبيضة البقيلة على أنها قطعة من متخير اللحم، تشبه البيض يبقى مجرد اجتهاد غير قطعي بحاجة إلى ما يوثقه.
إذا نظرنا في سياقات المراجع التراثية التي وردت فيها هذه الكلمة فغاية ما يمكننا فهمه هو أن "بيضة البقيلة" طعام يؤكل، وأي تفسير أكثر من ذلك يمكن اعتباره اجتهادا غير أكيد أو مجرد رجم بالغيب. فبيضة البقيلة اسم لطعام مكون من كلمتين إحداهما "بيضة"، وهي كلمة لها كثير من الدلالات والمرادفات، والأخرى كلمة "البقيلة" التي من معانيها "البقلة" التي لا توحي لنا في البداية بأي شيء يربطها مع كلمة "البيضة".
وأمام هذه الحقيقة فإن الكلمة الثانية تجعلنا نستبعد احتمال أن تكون هذه البيضة بيضة عادية من بيوض الطيور أو الدواجن المعتادة التي نعرفها كلنا. وهذا الأمر يدفعنا إلى البحث عن معنى آخر يتناسب مع الدلالة المجهولة لهذه العبارة الغامضة لغاية الآن.
قال الجوهري في الصحاح: أبقلت الأرض: خرج بقلها، والأرض التي تخرج بقلها يقال لها "بقيلة". لذلك فالاحتمال كبير أن تكون كلمة "الأرض" هي المقصودة بقولهم "البقيلة"، وأن عبارة "بيضة الأرض" هي المرادف المقصود بقولهم "بيضة البقيلة" موضوع البحث.
وقد يبدو هذا الاجتهاد منطقيا إذا علمنا أن "بيضة الأرض" التي هي الثمرة المعروفة بالـ "كمأة" يقال لها أيضا "بيضة البلد" المذكورة في المثل المشهور "هو أذل من بيضة البلد" بمعنى أن ذلك الشخص ذليل منفرد لا ناصر له بمنزلة "بيضة البلد" أي "الكمأة" التي تنمو وحيدة متروكة بلا جذر ولا ساق ولا ألياف ولا أغصان ولا براعم ولا أوراق ولا أزهار, ويعجز الإنسان عن زراعتها وإنباتها رغم أنها طيبة الرائحة لذيذة الطعم.
وقد جاء في أساس البلاغة: "وباضت الأرض: أنبتت الكمأة وهي بيضة الأرض".
هذا مجرد اجتهاد لغوي آخر إلى أن يثبت العكس،
وبالله التوفيق،
منذر أبو هواش
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 07:13 م]ـ
اشكرك أيها الكريم الاستاذ منذر ونفعنا من علمك، وما تفضلت به رائع واستنتاج يقربنا من المعنى
ونحن بانتظار مشاركات الإخوة حتى ينجلي الأمر
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 12:33 م]ـ
لله درك استاذ منذر!!!:)
ـ[كاتب]ــــــــ[16 - 06 - 2008, 10:07 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ... ونفع بكم، ورفع قدركم، وأثابكم ..(/)
آيات قرآنية
ـ[ابن طيبة]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 01:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالي: (ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين*ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين*اذ قال الله ياعيسى اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامه ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون*فاما الذين كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخره ومالهم من ناصرين*واما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم والله لايحب الظالمين*ذلك نتلوه عليك من الايات والذكر الحكيم*ان مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون*الحق من ربك فلاتكن من الممترين*فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) صدق الله العظيم
اخواني الكرام ارجوا ممن من الله عليه بالعلم ان يفيدني في استخراج الفصل والوصل والقصر من الايات الكريمه السابقة
ولكم جميعا جزيل الشكر
اخوكم ابن طيبة(/)
أسلوب التقديم والتأخير المعنوي
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 06:57 م]ـ
أسلوب التَّقْدِيمِ وَالتَّأْْخِيرِ الْمَعْنَوِيّ
مقاربة جمالية
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
لما كانت علاقات التركيب محكومة بتقريرات النحويين في مسألة الرتبة، وما تلا ذلك من تناولات البلاغيين لمسألة جماليات " الإسناد " وتحولات السياق بالتقديم والتأخير. لذا كان لابد للنظرة البلاغية أن تتسع لتشمل في دراساتها وبحوثها شكلا آخر من أشكال هذه التحولات التركيبية؛ لكنه لا يخضع لمقررات وتقنينات النحويين في مسألة " الرتبة ". هذا الشكل الذي عايشه البلاغيون بصورة أدق وأعمق من تناولات النحويين. وقد نبع هذا الشكل من خلال التأملات الذوقية لآيات النص القرآني؛ هذا التأمل الذي أفرز في بداياته خاطرات تم تسجيلها على هيئة ملحوظات في كتب الإعجاز القرآني، والتي سرعان ما تنامت لتصل على يد الإمام الزركشي في كتابه " البرهان في علوم القرآن " إلى القدر الذي يمكن معه عدها " علما " استوى على سوقه يعجب الزراع.
إن المقصد هنا هو مبحث " التقديم والتأخير المعنوي " والذي يعد بحق من إعجازات التوظيف في النص القرآني. وأهمية هذا الشكل من " التقديم والتأخير " تكمن في كون أي محاولة للوقوف على أسراره في التوظيف القرآني من المؤكد أنها ستفضي بنا إلى ولوج باب من الفهم التأملي الذوقي للنص القرآني؛ هذا الفهم سيكون ممزوجا بالرقي الذوقي، وبالحس التأملي الذي افتقدناه في سياق الانقياد في الفلك المنطقي المدرسي الذي هيمن على مقدرات البلاغة العربية منذ ما بعد الإمام عبد القاهر الجرجاني.
ويرى السهيلي أن " هذا الشكل من التقديم والتأخير أصل يجب الاعتناء به، لعظم منفعته في كتاب الله تعالى، وحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ لابد من الوقوف على الحكمة في تقديم ما قدم، وتأخير ما أخر نحو: ?السَّمْعَ وَالْبَصَرَ? () و? الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ? () و? اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ? () و?الْجِنَّ وَالإِنْسَ? () في أكثر الآي، وفي بعضها ? الإِنْسِ وَالْجِنِّ? () وتقديم (السماء) على (الأرض) في الذكر، وتقديم (الأرض) عليها في بعض الآي " ().
وهذا النص الذي ذكره السهيلي هو عين ما ردده المتناولون للمحات " التقديم والتأخير المعنوي " في سياقات النص القرآني. إذ لابد من حكمة كلية تندرج تحتها (أسرار) لتوظيف هذا اللون من " التقديم والتأخير ". وباتباع بداية الطريق مع هذه الأسرار يمكننا الاقتراب – على استحياء – من سياقات (الحكمة الكلية) الكامنة وراء هذا التوظيف.
ويرى الخطيب الإسكافي (ت 420 هـ) أنه " إذا أورد الحكيم – تقدست أسماؤه – آية على لفظة مخصوصة، ثم أعادها في موضع آخر من القرآن وقد غير فيها لفظة عما كانت عليه في الأولى، فلابد من حكمة هناك تطلب، وإن أدركتموها فقد ظفرتم، وإن لم تدركموها فليس لأنه لا حكمة هناك بل جهلتم " ().
إن عدم الاستطاعة لبلوغ هذه الحكمة العليا ليس إلا عيبا فينا، لأننا لم نتسلح بما يجب من وسائل وأدوات للوصول إليها، فما حجب الغمام للشمس معناه انتفاء وجودها، لكنه مشعر بمشقة رؤيتها.
ومن الجميل هنا في هذا المقام أن نطالع خاطرات العلماء؛ (نحويين وبلاغيين) حول هذه المواضع، كلٌّ يُعمل ذوقه لا عقله لإدراك كنه هذه التنويعات السياقية للألفاظ بالتقديم تارة، وبالتأخير تارة أخرى، مما شكل لنا تراثا ذوقيا تحليليا لهذه المواضع، نرى فيه اجتهادات تقترب أو تبتعد عن مناط الاستحسان، لكن يبقى لهم دوما فضل الاجتهاد.
ولعل توظيف هذا اللون من البلاغة على هذا النسق الإعجازي يكون بمثابة المنبه القوي للعلماء - على اختلاف زوايا نظرهم إلى النص القرآني – بأن بحوثهم لابد وأن تبدأ أولاً من النص القرآني ثم تنتهي به. لابد لا أن تبدأ تلك البحوث بالتقريرات والتقعيدات ثم محاولة قياس النص في ضوء هذه التقريرات. فالذي يتضح جليا أن لهذا النص الجليل نمط من التوظيف غير ثابت، نمط متحرر بلاغيا وتركيبيا وسياقيا ودلاليا. نمط توظيف خاص به، وهذا أحد أوجه إعجاز هذا النص العظيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
و" التقديم والتأخير" المعنوي تناوله العلماء بالتحليل من خلال سياقات النص القرآني، وكانوا على وتيرة واحدة إذ يقررون أن " الألفاظ تابعة للمعاني، والمعاني لها في التقديم أحوال خمسة هي: التقدم بالشرف، والتقدم بالذات، وتقدم العلة على معلولها، والتقدم بالمكان، والتقدم بالزمان " (). أي انه يؤكد على فكرة تبعية الألفاظ للمعاني، فما تقدم من الكلام تابع في تقدمه في اللسان على حسب ما يدور من معان في الذهن والعقل. وابن الزملكاني في كتابه " المُجيد في إعجاز القرآن المَجيد " () يدور مع الفكرة ذاتها، وكذلك فعل ابن القيم في كتابه " بدائع الفوائد " ()، والعلوي في كتابه " الطراز " ().
هذا وقد جاء اتفاق البلاغيين على تحديد ثلاثة ألوان للتقديم والتأخير المعنوي مستنبطة من سياقات التوظيف في النص القرآني. هذه الألوان هي:
1 – ما قُدِّم والمعنى عليه، أي أن هذا التقديم مقصود لأغراض معينة.
2 – ما قُدِّم والمراد به التأخير، ولهذا أشكل، فلما اتضح ما فيه من تقديم أو تأخير زال إشكاله.
3 – ما قُدِّم في آية وأُخِّرَ في أخرى.
وهذه الألوان حظيت من البلاغيين بالعناية، ولهذا نفصل القول فيها كلٌّ على حدة:
أولاً: ما قُدِّمَ والمعنى عليه
يقصد بهذا اللون أن الكلمة الموظفة في سياق النص القرآني إذا قُدّمت فإنما يكون ذلك لغرض مقصود ومبتغى من وراء هذا التقديم. ولعل أولى الإشارات المفصَّلة التي وردت إلينا في بيان أسباب هذا " التقديم والتأخير المعنوي " كانت في كتاب " الأمالي " للزجاجي إذ يقول: " اعلم أن للأشياء مراتب في التقديم والتأخير، فمنها ما يكون إما بالتفاضل، أو بالاستحقاق، أو بالطبع، أو على حسب ما يوجبه المعقول، فإذا سبق معنى من المعاني على الخلد والفكر بأحد هذه الأسباب أو بأكثرها، سبق اللفظ الدال على ذلك المعنى السابق، وكان ترتب الألفاظ بحسب ذلك " (). فقد ذكر الزجاجي هنا أسبابا أربعة للتقديم هي:
1 - التقديم بالتفاضل، أو الفضل والشرف.
2 - التقديم بالاستحقاق، أي يكون الأصل في هذا اللفظ هو التقديم.
3 - التقديم بالطبع أو الذات.
4 - التقديم بحسب ما يقتضيه العقل. ولعل هذا السبب الرابع يمكن رده إلى السبب الثاني أي " التقديم بالاستحقاق " لكون العقل يحكم للمتقدم بما يستحقه من التقديم.
والسهيلي يأخذ من قول الزجاجي ويضيف إليه، مفصِّلاَ كل سبب، ومستشهدا بالآيات القرآنية. يقول السهيلي: " ما تقدم من الكلام فتقديمه في اللسان على حسب تقديم المعاني في الجنان، والمعاني تتقدم بأحد خمسة أشياء: إما بالزمان، وإما بالطبع، وإما بالرتبة، وإما بالسبب، وإما بالفضل والكمال، فإذا سبق معنى من المعاني على الخلد والفكر بأحد هذه الأسباب أو بأكثرها، سبق اللفظ الدال على ذلك المعنى السابق، وكان ترتب الألفاظ بحسب ذلك " (). فهو هنا يورد أسبابا خمسة لهذا اللون من التقديم هي:
1 - التقديم بالزمان.
2 - التقديم بالطبع.
3 - التقديم بالرتبة = التقديم بالاستحقاق.
4 - التقديم بالسبب.
5 - التقديم بالفضل والكمال.
ثم يعود الإمام السهيلي ويذكر سببا سادسا للتقديم والتأخير المعنوي هو: (خفة اللفظ) مثل قولك: (ربيعة ومضر). يقول: " كان تقديم (مضر) أولى من جهة الفضل، ولكنهم آثروا الخفة، لأنك لو قدمت (مضر) في اللفظ كثرت الحركات وتوالت، فلما أخرت وقف عليها بالسكون " (). فهو بذلك كان مجددا بذكره ثلاثة أسباب لم يذكرها الزجاجي هي:
1 - التقدم بالزمان.
2 - التقدم بالسبب.
3 - التقدم للخفة اللفظية.
ويحمد للسهيلي روعة التدليل بالآيات القرآنية لكل سبب من هذه الأسباب، وكذلك جمال تحليله. ومن أمثلة ذلك تحليله لسبب التقديم في قوله تعالى: ? وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ? سورة آل عمران آية رقم (43) إذ حلل هنا سبب تقديم (السجود) على (الركوع) فيجعله من باب " التقديم للفضل والشرف " لأن السجود أفضل. لكنه لا يترك المسألة هكذا دون تفصيل، بل يسأل سؤالا يجيب عنه في طلاقة وتمكن يحسبان له. يقول: " إن قيل: فالركوع قبل السجود بالزمان وبالطبع والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض، والعلو بالطبع قبل الانخفاض، فهلاَّ قدَّم في الذكر على السجود لهاتين العلتين؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
فالجواب أن يقال لهذا السائل: انتبه لمعنى هذه الآية من قوله (اركعي مع الراكعين)، ولم يقل: (اسجدي مع الساجدين)؛ فإنما عبَّر بالسجود عن الصلاة كلها، وأراد صلاتها في بيتها، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من صلاتها مع قومها. ثم قال لها: (اركعي مع الراكعين) أي: صلِّي مع المصلين في (بيت المقدس)، ولم يرد أيضا الركوع وحده دون سائر أجزاء الصلاة، ولكنه عبَّر بالركوع عن الصلاة كلها كما تقول: (ركعت ركعتين) و (ركعت أربع ركعات) إنما تريد الصلاة لا الركوع بمجرده؛ فصارت الآية متضمنة لصلاتين؛ صلاتها وحدها، عبَّر عنها بالسجود، لأن السجود أفضل حالات العبد، وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها، ثم صلاتها في المسجد عبَّر عنها بالركوع، لأنه في الفضل دون السجود، وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها في بيتها ومحرابها، وهذا نظم بديع، وفقه دقيق". () هكذا كان التحليل الدقيق لموضع التقديم في هذه الآية، وهذا يدل على ذوق تأملي راق للإمام السهيلي.
وابن الأثير يتناول المسألة عرضا في كتابه " المثل السائر " إذ يجعل " التقديم والتأخير " على ضربين هما ():
الأول: يختص بدلالة الألفاظ على المعاني، ولو أخر المقدم أو قدم المؤخر لتغير المعنى، وهذا هو التقديم والتأخير الرتبي.
والثاني: يختص بدرجة التقدم في الذكر لاختصاصه بما يوجب له ذلك، ولو أخر لما تغير المعنى. وهو يقصد هنا التقديم والتأخير المعنوي.
ويشير ابن الأثير إلى قيمة هذا اللون من " التقديم والتأخير " بقوله: " إنه مما لا يحصره حدّ، ولا ينتهي إليه شرح " ().ثم يذكر أسبابا خمسة لها اللون هي ():
1 - التقديم بالسبب.
2 - تقديم الأكثر على الأقل.
3 - التقديم للدلالة على قدرة الخالق.
4 - التقديم لمناسبة المعنى لسياق الآيات السابقة.
5 - التقديم للاهتمام.
ونلاحظ أن ابن الأثير قد تفرد بذكر أربعة أسباب لم يذكرها من سبقوه؛ إذ تفرد بذكر:
* التقديم للدلالة على قدرة الخالق.
* والتقديم للأكثر على الأقل.
* والتقديم للمناسبة.
* والتقديم للاهتمام.
وإن كان يمكن رد (تقديم الأكثر على الأقل) إلى كونه من باب (التقديم بالاستحقاق) لأن الأكثر أولى بالتقديم من الأقل. ويعتمد ابن الأثير تحليل الآيات القرآنية سبيلا للتدليل على هذه الأسباب، لكنه يكتفي بذكر آية واحدة تدليلا لكل سبب.
وأمكننا الوقوف على جماليات التحليل عند ابن الأثير من خلال تعرضه بالتحليل لقوله تعالى:? وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ? سورة يونس آية رقم (61) بقوله:" إنما قدم الأرض في الذكر على السماء، ومن حقها التأخير، لأنه لما ذكر شهادته على شؤون أهل الأرض وأحوالهم، ووصل ذلك بقوله: (وما يعزب) لاءم بينهما؛ ليلي المعنى المعنى. فإن قيل: قد جاء تقديم الأرض على السماء في الذكر في مواضع كثيرة من القرآن. قلنا: إذا جاءت مقدمة في الذكر فلابد لتقديمها من سبب اقتضاه، وإن خفي ذلك السبب، وقد يستنبطه بعض العلماء دون بعض " (). فهو هنا يؤكد على أن تقديم (السماء) على (الأرض) هو الأصل لأنه تقديم بالفضل والشرف، لكن العدول عن ذلك هنا كان مقصودا لمناسبة سياق الآية كما وضح. كما أنه في ختام تحليله يؤكد على تفرد النص القرآني بهذا التوظيف، وخفاء أسراره على الكثيرين، فقد يصل الفهم الذوقي عالم، ويخفق آخرون.
أما ابن الزملكاني فيتناول المسألة نفسها من خلال السبيل ذاته إذ يقول: " لما كانت الألفاظ تابعة للمعاني، والمعاني تتقدم باعتبارات خمسة: الأول: تقدم العلة والسببية على المعلول والسبب. والثاني: التقدم بالذات، كالواحد مع الاثنين. والثالث: التقدم بالشرف كالأنبياء. والرابع: بالرتبة؛ كالإمام، والجنس الأعلى. والخامس: بالزمان؛ كـ (وعادا وثمود) () " (). فهو هنا يورد خمسة أسباب للتقديم والتأخير المعنوي، هي في مجملها تكرار لما سبقه إليه السابقون من قبل.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ابن النقيب (ت 698 هـ) فيرى أن للتقديم والتأخير أقسام أربع هي: " إما أن يكون موجبا لزيادة في المعنى، أو لا يكون كذلك. وإما أن يكون ما قدم الأولى به التقديم، أو الأولى به التأخير، أو يتكافأ الأمران فيه " (). ثم يفصل القول في كل قسم على حدة. وما يهمنا هنا في هذا المقام هو القسم الثاني (أن يكون ما قدم الأولى به التقديم، أو الأولى به التأخير) وقد جعل له ابن النقيب أسبابا مؤدية، وأمورا موجبة هي ():
1 - كون التقديم أدل على قدرة الخالق من التأخير.
2 - أن يكون للمتقدم تأثير في وجود المتأخر = (العلة والسببية).
3 - أن يكون المتقدم أكثر وجودا = (الأكثر على الأقل).
4 - أن يكون المتقدم في الوجود بالذات.
5 - أن يكون متقدما لأجل كلام تقدم = (مناسبة السياق المتقدم).
6 - أن يكون التقديم للاهتمام.
7 - أن يكون التقديم رعاية للسجع (الفاصلة).
والسبب الأخير هو الوحيد الذي تفرد ابن النقيب بذكره. وهذه إشارة جميلة، ذات دلالة بليغة في مسألة " التقديم والتأخير المعنوي ". لكن يلاحظ أن تناول ابن النقيب للآيات القرآنية بالتحليل، ولبيان مواضع التقديم فيها كان بسيطا غير مسهب. يقول في تعليقه على قوله تعالى: ? ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ? سورة الحاقة آية رقم (31):" لو قال: (ثم صلوه الجحيم) لأفاد المعنى، لكن كان يفوت السجع، فلذلك كان الأحسن تقديم الجحيم " (). وهذه إشارة على وجازتها تحمل دلالات رائعة في بلاغة التوظيف القرآني للفواصل في ثنايا الآيات والسور القرآنية.
والإمام الطيبي يدلي في المسألة برأيه، إذ تناولها في سياق تناوله " للتقديم الواقع بين المفعولات " ويجعل لهذا اللون من " التقديم والتأخير المعنوي " أسبابا هي ():
1 - أن يكون التقديم للاهتمام.
2 - أن يكون التقديم للفضل والشرف.
3 - أن يكون التقديم للاحتياط.
4 - أن يكون التقديم رعاية للفاصلة.
5 - أن يكون التقديم لمراعاة النظم.
6 - أن يكون التقديم للكثرة.
7 - أن يكون التقديم للسبب على المسبب.
ويلاحظ تفرد الإمام الطيبي بذكر سببين لم يذكرهما من سَبقه هما:
الأول: أن يكون التقديم للاحتياط.
والثاني: أن يكون التقديم لمراعاة النظم.
يقول الطيبي:"ربما يكون التقديم للاحتياط نحو قوله تعالى: ? وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ? () فلو أخر (من آل) لأوهم أنه من صلة (يكتم) فلم يفهم أن الرجل من الآل " (). وهذا فهم دقيق لم يسبقه إليه سابق.
أما تناوله للتقديم من أجل (مراعاة النظم) فيقول فيه:" ولمراعاة النظم قدم قوله: (والقمر قدرناه منازل) () ليكون على نسق الآيتين السابقتين " (). وهذا فهم دقيق إذ جعل من تقديم المفعول به (القمر) داعيا لمراعاة النظم في الآية في تضافره مع الآيتين السابقتين.
أما العلوي فيتناول المسألة نفسها من خلال إشارته إلى أن للمعاني في التقديم أحوال خمسة هي ():
الأول: تقدم العلة على المعلول، مثل تقدم السراج على ضوئه.
والثانية: التقدم بالذات، نحو تقدم الواحد على الاثنين.
والثالثة: التقدم بالشرف، نحو تقدم الأنبياء على الأتباع، والعلماء على الجهال.
والرابعة: التقدم بالمكان، نحو تقدم الإمام على المأموم.
والخامسة: التقدم بالزمان، نحو تقدم الظلمات على النور، والجهل على العلم.
وهي كما نرى أسباب مكررة في كتب السابقين، فلم يأت بجديد في ها المضمار، وكان له منهج خاص في تحليل الآيات الدالة على سياقات " التقديم والتأخير المعنوي " أشبه ما يكون بالمنهج الفلسفي التاملي. يقول العلوي في تعليقه على قوله تعالى: ? وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ? سورة الحج آية رقم (27): " تقديم (رجالا) فيه وجهان، أحدهما: أن يكون تقدما بالرتبة، فإن الغالب أن (الرجالة) إنما يأتون من الأمكنة القريبة، و (الركبان) يأتون من الأمكنة البعيدة، فلهذا قدم (الرجالة). وثانيهما: أن يكون تقديم (الرجالة) لأجل الفضل، فإن من حج (راجلا) أفضل ممن حج (راكبا)، فلهذا قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: (وددت لو حججت راجلا، فإن الله قدم (الرجالة) على (
(يُتْبَعُ)
(/)
الركبان) في القرآن). فدل ذلك على أنه فهم من التقديم في الآية الفضل، فالمعنيان محتملان في الآية كما ترى " (). فالرجل يفتح قلبه وعقله للتأمل الذوقي لفهم السر وراء التقديم في الآية، وهذا الفهم الجميل هو الذي أتاح له إدراك (سرَّيْن) من أسرار التقديم في هذه الآية.
أما ابن القيم فقد نقل في كتابه (بدائع الفوائد) كل ما ذكره السهيلي في هذه الجزئية بالنص دون أن يغفل ذكر اسم السهيلي، بل ويعقب على هذا بذكر فضل السهيلي في هذه المسألة بقوله: " فهذا تمام الكلام على ما ذكره من الأمثلة، وله – رحمه الله – مزيد السبق، وفضل التقدم " (). وهذا كل ما فعله ().
أما قمة تناول المسألة فكانت على يد الإمام (الزركشي) في كتابه (البرهان في علوم القرآن) إذ فصل الكلام فيها، وجعل لها (25 خمسة وعشرين سببا)، كرر فيها (17 سبعة عشر سببا) ذكرها السابقون، وتفرد بذكر (8 ثمانية اسباب) لم يسبق إليها، ولم يحصيها السابقون، وهذه الأسباب هي ():
1 - التقديم لتحقق ما بعده.
2 - التقديم للتنبيه على أنه مطلق لا مقيد.
3 - التقديم للتنقل.
4 - التقديم للتنبيه على أن السبب مرتب.
5 - التقديم لمراعاة الإفراد.
6 - التقديم للتحذير منه والتنفير عنه.
7 - التقديم للتعجيب من شأنه.
8 - التقديم للترتيب.
وهذه الأسباب ليست جديدة تماما إلا في المسميات. فمثلا: يرى الزركشي أن التقديم في قول تعالى: ? وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الْجِنَ ? سورة الأنعام آية رقم (100) إنما هو من باب التقديم (للتنبيه على أنه مطلق لا مقيد) (). على حين يرى الإمام الطيبي في هذه الآية تقديما من باب (الاهتمام عند المخاطب). ولعل الرأي الراجح هنا هو رأي الطيبي، إذ المخاطب أكثر شغفا بمعرفة من هؤلاء الشركاء، ليزدادوا لهم إنكارا واحتقارا.
وكذلك ما ذكره في باب (التقديم للتنقل) والذي جعله الزركشي على أقسام هي ():
الأول: التنقل من الأقرب إلى الأبعد، وعليه قوله تعالى: ? الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً? سورة البقرة آية رقم (22).
والثاني: التنقل من الأبعد إلى الأقرب، وعليه قوله تعالى:? قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ? سورة المؤمنون آية رقم (86).
والثالث: التنقل من الأعلى إلى الأدنى، وعليه قوله تعالى: ? شَهَدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إلِهَ إِلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَة وَأَولُوا الْعِلْمِ ? سورة آل عمران آية رقم (18).
والرابع: التنقل من الأدنى إلى الأعلى، وعليه قوله تعالى: ? وَلاَ يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً ? سورة التوبة آية رقم (121).
وهذه الأقسام أجملها الإمام السيوطي فيما بعد في كتابيه (الإتقان في علوم القرآن) و (معترك الأقران في إعجاز القرآن) تحت عنوان (الترقي من الأدنى إلى الأعلى) و (التدلي من الأعلى إلى الأدنى) ().
كذلك ما ذكره في باب (التقديم للتنبيه على أن السبب مرتب) ودلل عليه بقوله تعالى: ? يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ? سورة التوبة آية رقم (35). يقول الزركشي: " قدم الجباه ثم الجنوب لأن مانع الصدقة في الدنيا كان يصرف وجهه أولا عن السائل، ثم ينوء بجانبه، ثم يتولى بظهره " (). وهذا السبب مما تفرد الزركشي بذكره، ولم نجد له ذكرا عند سابق ولا لاحق ممن تناولوا هذا اللون من التقديم والتأخير بالتحليل.
أما ما ذكره عن (التقديم لمراعاة الإفراد)، والذي جعل منه تقديم (الأموال) على (البنين) في قوله تعالى: ? الْمَالُ وَالْبَنُونَ ? سورة الكهف آية رقم (46). فالتقديم في هذه الآية عند السهيلي من باب (التقديم بالعلة والسببية) (). وعند ابن الزملكاني من باب (التقديم بالعلة والسببية) (). وعند ابن القيم من باب (التقديم بالعلة والسببية) (). فلذا فالزركشي هنا ليس مجددا بالمعنى الصحيح، بل هو فقط مجدد في ذكر المسمى.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك ما ذكره عن التقديم من باب (التقديم للتحذير منه والتنفير عنه)، ودلل عليه بقوله تعالى: ? الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةَ? سورة النور آية رقم (3)، وقوله تعالى: ? لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ? سورة الإخلاص آية رقم (3). يقول الزركشي في تعليقه على آية سورة الإخلاص: " إنه لما وقع في الأول منازعة الكفرة وتقولهم، اقتضت الرتبة بالطبع تقديمه في الذكر؛ اعتناء به قبل التنزيه عن الوالد الذي لم ينازع فيه احد من الأمم " (). فهذا مما تفرد بذكره أيضا.
أما تناوله لسبب التقديم في قوله تعالى: ? وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ? سورة الأنبياء آية رقم (79)، والذي جعله من باب (التقديم للتعجيب من شأنه) فهذا مما تفرد الزركشي بذكره أيضا.
وكذلك ما ذكره عن (التقديم لقصد الترتيب)، والذي دلل عليه بقوله تعالى: ? فَاغْسِلُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ عَلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ? سورة المائدة آية رقم (6). فقد ذكر هذه الآية من قبل في تدليله على باب (التقديم بالفضل والشرف)، وذكر فيها فضل تقديم (الوجه) على (اليد) (). وذكرها السهيلي في باب (التقديم بالفضل والشرف) ()، والعلوي في باب (التقديم بالشرف) ().
وهكذا فإن ما تفرد الزركشي بذكره من أسباب (التقديم والتأخير المعنوي) ينحصر في أربعة أسباب هي:
1 - التقديم لتحقق ما بعده.
2 - التقديم للتحذير منه والتنفير عنه.
3 - التقديم للتعجيب من شأنه.
4 - التقديم للتنبيه على أن السبب مرتب.
ويحمد للزركشي هذا الجهد الكبير في محاولته إحصاء الأسباب الداعية إلى (التقديم والتأخير المعنوي) مما وضعه في مقدمة أهل العلم الذين تناولوا هذا النوع بالدرس والتحليل.
أما السيوطي فقد تناول المسالة في مؤلفين هما (الإتقان في علوم القرآن) و (معترك الأقران في إعجاز القرآن). وإن كان ما ذكره في المؤَلَف الثاني لم يخرج قيد أنملة عما ذكره في كتابه (الإتقان) وتلك من عادات السيوطي الأثيرة لديه. هذا وقد جعل السيوطي للتقديم والتأخير قسمين هما:
الأول: ما أشكل معناه بحسب الظاهر، فلما عُرِفَ انه من الباب اتضح.
والثاني: ما ليس كذلك.
وجعل للقسم الثاني عشرة أنواع نقلها عن الإمام شمس الدين ابن الصائغ الحنفي في كتابه المفقود (المقَدِّمَة في سر الألفاظ المُقَدَمَة). وهذه الأنواع هي ():
1 - التقديم للتبرك، نحو قوله تعالى: ? شَهَدَ اللهُ أنََّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ ? سورة آل عمران آية رقم (18).
2 - التقديم للتعظيم، نحو قوله تعالى:?إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْنَّبِيِّ? الأحزاب (56).
3 - التقديم للتشريف.
4 - التقديم للمناسبة.
5 - التقديم للحث عليه، والحض على القيام به.
6 - التقديم بالسبق المكاني أو الزماني، أو بالإيجاد، أو بالوجوب، أو بالذات.
7 - التقديم بالعلة والسببية.
8 - التقديم بالغلبة والكثرة.
9 - التقديم للترقي من الأدنى إلى الأعلى.
10 - التقديم للتدلي من الأعلى إلى الأدنى.
وهذه الأسباب من نقولات السيوطي عن ابن الصائغ. وقد أضاف إليها سببين هما ():
الأول: كون التقديم أدل على قدرة الخالق.
والثاني: التقديم لرعاية الفاصلة.
ويلاحظ أن السيوطي في نقله لم يقدم جديداً اللهم ما نقله عن ابن الصائغ الحنفي الذي ذكر سبباً جديداً هو: (التقديم للتبرك). تلك هي أهم إسهامات البلاغيين في هذا النوع من " التقديم والتأخير".
تلك هي أهم الأسباب الداعية إلى تقديم " ما قدم والمعنى عليه ".
ثانياً: ما قدم والمراد به التأخير
وهذا النوع مشكل ظاهرا، فلما اتضح ما به من تأخير زال ما به من إشكال. وقد تناول هذا النوع العديد من البلاغيين (). فالزركشي يجعل لهذا النوع دلالتان تدلان عليه هما ():
1 - ما يدل عليه الإعراب، مثل تقديم المفعول على الفاعل نحو قوله تعالى: ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ? سورة فاطر آية رقم (28).
(يُتْبَعُ)
(/)
وتقديم الخبر على المبتدأ كقوله تعالى: ? وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ ? سورة الحشر آية رقم (2) وغير ذلك مما يجب في الصناعة النحوية.
2 - ومنه ما يدل عليه المعنى نحو قوله تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ? سورة الجاثية آية رقم (23). يقول الزركشي: " أصل الكلام: (هواه إلهه) كما تقول: (اتخذ الصنم معبودا) لكن قدم المفعول الثاني على الأول للعناية، كما تقول: (علمت منطلقا زيدا) لفضل عنايتك بانطلاقه " (). ونحو قوله تعالى:? فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى? سورة الأعلى آية رقم (5). يقول الزركشي:" أي: أحوى غثاء، أي: أخضر يميل إلى السواد، والموجب لتأخير (أحوى) رعاية الفواصل " ().
هذا وقد دلل الإمام الزركشي على وجود هذا النوع بـ (46 ست وأربعين آية) مما أتاح له الفرصة لأن يدقق رأيه في ثنايا هذا التحليل، ويوضح ما في هذه الآيات من نكات التقديم.
ويتعرض الإمام السيوطي لهذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي" ودلل عليه بالعديد من الآيات القرآنية، نحو قوله تعالى: ? وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ? سورة النساء آية رقم (83). يقول السيوطي: " هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي أذاعوا به إلا قليلا منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته، لم ينج قليل ولا كثير" (). ونحو قوله تعالى:? فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ? سورة النساء آية رقم (153). يقول: " قال ابن عباس: (إنهم إذا رأوا نفسه رأوه، إنما قالوا: (جهرة أرنا الله). قال: هو مقدم ومؤخر. قال ابن جرير: (يعني أن سؤالهم كان جهرة) () " ().
تلك هي أهم إحاطات العلماء بهذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي ".
ثالثاً: ما قدم في آية وأخر في أخرى
ويقصد بهذا النوع ورود اللفظة (مقدمة) على كلمات أخرى في آية قرآنية، ثم ورودها مؤخرة في آية أخرى نحو قوله تعالى: ? وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى? سورة يس آية رقم (20)، وفي آية أخرى يقول تعالى: ? وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى? سورة القصص آية رقم (20). يقول الزركشي: " قدم المجرور على المرفوع لاشتمال ما قبله من سوء معاملة أصحاب القرية الرسل، وإصرارهم على تكذيبهم، فكان مظنة التتابع على مجرى العبارة تلك القرية، ويبقى مخيلاً في فكره: أكانت كلها كذلك، أم كان فيها خلاف لك، بخلاف ما في سورة القصص " ().
ويقصد بالمجرور هنا (من أقصى المدينة) على المرفوع؛ الفاعل (رجلٌ).ويقول: " من ذلك قوله في فاتحة الكتاب: (الحمد لله) () وفي خاتمة الجاثية: (فلله الحمد) () فتقديم (الحمد) في الأول جاء على الأصل، والثاني جاء على تقدير الجواب، فكأنه قيل عند وقوع الأمر: (لمن الأمر؟! ومن أهله؟) فجاء الجواب عن ذلك " (). وقد قام الإمام الزركشي في سياق هذا التناول بتحليل (12 اثنتي عشرة آية).
أما العلوي فقد تناول المسألة بالتحليل الدقيق كعادته. يقول: " قوله تعالى ? وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ? يونس (61)، وقال في آية أخرى: ? وَلاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ? سبأ (3)، والتفرقة بينهما هو أنه أراد في الثانية ذكر إحاطة علمه وشموله لكل المعلومات الجزئية والكلية، فلا جرم صدّرَ بالسماوات قبل الأرض لاشتمالها على لطائف الحكمة، وعجائب الصنعة، ومحكم التأليف، وكثرة المعلومات كما قال تعالى:? وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ? الأنعام (75) وأما الأولى فإنها كانت مسوقةً في شأن أهل الأرض كما قال تعالى: ? وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً ? يونس (61) فقدم ذكر الأرض تنبيهاً على ذلك لما كان له اختصاص به " ().
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن أجمل ما قال العلوي هو ما ذكره من حكمة دقيقة، وفهم راق لأسرار" التقديم والتأخير القرآني" قوله: " اعلم أنه إذا كان مطلع الكلام في لإفادة معنى من المعاني ثم يجيء بعده ذكر شيئين و أحدهما أفضل من الآخر، وكان المفضول مناسباً لمطلع الكلام، فأنت ههنا بالخيار، فإن شئت قدمت المفضول لما له من المناسبة لمطلع الكلام، وإن شئت قدمت الفاضل لما له من رتبة الفضل، وقد جاء في التنزيل تقديم (السماء) على (الأرض)، وتقديم (الأرض) على (السماء)، وكل واحد منهما تحته سر ورمز إلى لطائف غريبة، ومعان عجيبة " (). وقد أجاد في هذا التحليل الدقيق حقاً، مما يدل على فهم واع راق لهذا اللون من " التقديم والتأخير".
غير أن أهم ما يسترعي الانتباه في هذا المقام هو كلام ابن النقيب الذي يرى في هذا النوع من " التقديم والتأخير" نوعاً من التكافؤ فيسميه (ما يتكافأ تقديمه وتأخيره). يقول ابن النقيب: " قال بعض العلماء في قوله تعالى: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ? يوسف (24) إن في الكلام تقديما وتأخيرا تقديره: (ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه هم بها). وهذا حسن، لكن في تأويله قلق. ولا يضطر إلى هذا التأويل إلا على قول من قال: (إن الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر). وأما على قول من قال: (إن الصغائر يجوز وقوعها منهم) فلا يضطر إلى هذا التقديم والتأخير " ().
فهو هنا يربط بين جوانب اعتقادية خاصة بأحوال الأنبياء وما يجوز لهم من العصمة المطلقة على رأي الجمهور، والعصمة من الكبائر فقط على رأي بعض الأحناف والحنابلة، وبين تأويل التقديم والتأخير في الآية وفقاً لهذا الاعتقاد (). وإن ظل التساؤل قائماً: كيف يتكافأ " التقديم والتأخير" في هذا النوع؟ وكيف نقول أن قوله تعالى: ? فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ? سورة الأعلى آية رقم (5) هي هي في السياق نفسه إذا قلنا – في غير القرآن -: (فجعله أحوى غثاء). وفي قوله تعالى: ? اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ? سورة القمر آية رقم (1) هي هي في السياق نفسه إذا قلنا – في غير القرآن -: (انشق القمر واقتربت الساعة).
إن ابن النقيب في هذا التوجه يلغي جماليات متولدة من توظيف هذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي" بل وينسفها نسفاً عندما يقول بالتكافؤ، وهذا رأيه وله كل الاحترام في هذا الاجتهاد وإن جانبه الصواب.
تلك هي أنواع " التقديم والتأخير المعنوي" وقفنا فيها على أهم إشارات العلماء وتلميحاتهم وتحليلاتهم في هذا السياق، وما نتج عن هذه الوقفات من جماليات في النص الجزئي والكلي معاً.
هوامش البحث:
1. - سورة الإسراء: آية رقم (36).
2. - سورة الأنعام: آية رقم (1).
3. - سورة البقرة: آية رقم (164).
4. - سورة الأنعام: آية رقم (130).
5. - سورة الأنعام: آية رقم (112).
6. - السهيلي، نتائج الفكر، 266.
7. - الإسكافي، درة التنزيل وغرة التأويل، تحقيق: د. محمد آيدين، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 2001، 1/ 251.
8. - السهيلي، نتائج الفكر، 267.
9. - ابن الزملكاني، المُجيد في إعجاز القرآن المَجيد، 146.
10. - ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، 1/ 58.
11. - العلوي، الطراز، 230.
12. - الزجاجي، الأمالي النحوية، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة المدني، القاهرة، ط2، 1967، 382.
13. - السهيلي، نتائج الفكر، 267.
14. - نفسه.
15. - نفسه، 272.
16. - ابن الأثير، المثل السائر، 2/ 35.
17. - السابق، 2/ 43.
18. - نفسه، 2/ 43 – 2/ 45.
19. - ابن الأثير، المثل السائر، 2/ 45.
20. - سورة العنكبوت: آية رقم (38).
21. - ابن الزملكاني، المجيد في إعجاز القرآن المجيد، 146.
22. - ابن النقيب، مقدمة تفسير ابن النقيب، تحقيق: د. زكريا سعيد، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1995، 167.
23. - السابق، 169 - 171.
24. - السابق، 171.
25. - الطيبي، التبيان في البيان، 287 – 291.
26. - سورة غافر: آية رقم (28).
27. - الطيبي، التبيان في البيان، 289.
28. - سورة يس: آية رقم (39).
29. - الطيبي، التبيان في البيان، 289.
(يُتْبَعُ)
(/)
30. - العلوي، الطراز، 230 – 239.
31. - العلوي، الطراز، 231.
32. - ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، 1/ 76.
33. - السابق، 1/ 58 – 1/ 76.
34. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 238 - 3/ 275.
35. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 267.
36. - السابق، 3/ 268 – 3/ 270.
37. - السيوطي، معترك الأقران، 1/ 135.
38. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 268.
39. - السهيلي، نتائج الفكر، 270.
40. - ابن الزملكاني، المجيد في إعجاز القرآن المجيد، 147.
41. - ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، 1/ 62.
42. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 1/ 272.
43. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 256.
44. - السهيلي، نتائج الفكر، 269.
45. - العلوي، الطراز، 232.
46. - السيوطي، معترك الأقران، 1/ 130 – 1/ 136.
47. 3 - السابق، 1/ 136.
48. - ينظر: أبو عبيدة، مجاز القرآن، 1/ 12، 1/ 185، 1/ 398، 2/ 15، 2/ 154. - الأخفش، معاني القرآن، 1/ 328، 2/ 466، 2/ 574. – ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، 37، 193، 205، 206. - المبرد، الكامل في اللغة والأدب، 1/ 275، 1/ 246. – الصولي، أدب الكاتب، 73. – الآمدي، الموازنة، 1/ 217، 1/ 218. - الرضي، تلخيص البيان في مجازات القرآن، 160، 225، 251. - الثعالبي، فقه اللغة وسر العربية، 164. - الأندلسي، المعيار في نقد الأشعار، 179، 180، 181. - الكرماني ـ البرهان في متشابه القرآن، 98، 103، 108، 113، 121، 128، 130. - ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 43، 68، 109، 160، 210. – ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 309، 405.
49. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 275 – 3/ 283.
50. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 277.
51. - السابق، 3/ 280.
52. - السيوطي، معترك الأقران، 1/ 129. وينظر: الطبري، جامع البيان، 3/ 131.
53. - الطبري، جامع البيان، 4/ 69.
54. - السيوطي، معترك الأقران، 1/ 130.
55. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 284.
56. - سورة الفاتحة: آية رقم (1).
57. - سورة الجاثية: آية رقم (36).
58. - الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 3/ 284.
59. - العلوي، الطراز، 239.
60. - العلوي، الطراز، 239. وينظر: ابن الأثير، المثل السائر، 2/ 44.
61. - ابن النقيب، مقدمة تفسير ابن النقيب، 173.
62. - ينظر: د. محمد ربيع جوهري، عقيدتنا، دار التراث، القاهرة، 1997، 314 – 320.
ـ[أبو ريان]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 01:51 م]ـ
جزاك الله خيرا(/)
جماليات التلاؤم والتنافر بين البلاغيين والنحويين
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 06:59 م]ـ
جماليات التلاؤم والتنافر بين البلاغيين واللغويين
مقاربة تحليلية
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – كفر الشيخ
1– التلاؤم والتنافر عند البلاغيين:
يجمع البلاغيون على أن التنافر هو ما يعتري الكلمة المفردة أو الكلام المؤلف من ثِقَل يشكل عبئاً على النطق، لأنه يتطلب - تبعاً لهذا الثقل- جهداً عضلياً زائداً على اللسان الذي هو آلة النطق (). والجاحظ من أوائل من تنبهوا إلى هذه المسألة لمّا جعل من اقتران الحروف مدخلاً للبحث فيها. فقد يعرض للحروف عند ائتلافها في اللفظة بعض التنافر. فالجيم لا تقارن الشين وهكذا ().
أما التلاؤم فهو تعديل الحروف في التأليف (). وهو أحد شروط البلاغة " لأن الكلام لا يكون بلاغة - وإن ثقفت ألفاظه كل التثقيف - إذا تنافرت حروفه. وتنافر الحروف أن تكون مخارجها متلاصقة كالجيم والشين، أو كالصاد والسين والزاي. ألا ترى أنك لو بنيت اسماً ثلاثياً من الجيم والشين والضاد على أي ترتيب أحببت أن تضعه عليه من الترتيبات الستة لم تقدر على استعماله إلا بعسر شديد. وكذلك لو بنيته من الصاد والسين والزاي على أي ترتيب وضعته عليه كان استعماله عسيراً شاقاً " ().
ومن فوائد التلاؤم سهولة الكلام في النطق، وحسنه في السمع، وتقبل النفس لمعناه لما يرد عليها من جماليات الصورة والدلالة ().
أقسام التنافر عند البلاغيين:
يقسم التنافر عند البلاغيين قسمين هما:
أ – التنافر في اللفظ المفرد.
ب – التنافر في الكلام المؤلف.
ثم يوضع تحت كل قسم منهما أقسام أخرى نوضحها فيما يلي:
أولاً: التنافر في اللفظ المفرد:
ويقسم هذا القسم إلى:
1 - تنافر شديد: وهو ناتج عن الثقل الشديد الذي يظهر عند تأليف الكلمة من حروف تعسر في النطق بسبب المخرج أو الضبط. ويمثل البلاغيون لهذا القسم بكلمة (الهُعْخُع) () التي وردت في قول أحد الأعراب لما سئل عن ناقته فقال: تركتها ترعى الهعخع (). وقد جعل ابن سنان هذه اللفظة دليلاً على المهمل الذي يصعب النطق به لتقارب الحروف، فلا يكاد يجيء في كلام العرب ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة لحزونة ذلك على ألسنتهم وثقله.
وينكر ابن سنان الكلمة بهذا التأليف ويعدل إلى تأليف آخر هو (الخُعْخُع) وهو الأقرب إلى تأليف العرب، لأن تأليفه على حرفين فقط، وحروف الحلق خاصة مما قل في تأليفهم من غير فصل يقع بينها (). ويذكر السبكي أن ثقل هذه الكلمة ناشئ من تقارب حروفها ().
ويحاول د. محمد أبو موسى أن يعلل هذا التنافر الحادث في اللفظة بأن (الهعخع) قد يكون " شجراً كريهاً مراًّّّّ لا يطاق طعمه، كأنه هذه الكلمة التي لا يطاق النطق بها، والتي تحكي صوت المتقيئ. ولم لا يكون لفظاً مخترعاً للثقل، أو لا معنى له " ().
ويرى د. عبد الحليم شادي أن ما ذهب إليه د. أبو موسى في تعليله لهذا الثقل قد يكون صحيحاً لأمرين هما (): الأول: أن مقطعي الكلمة يحكيان صوت القيء. فالمقطع الأول (هُعْ) يحكي صوت القيء وهو مندفع من جوف الإنسان إلى حلقه. والمقطع الثاني (خُعْ) يحكي صوته وهو خارج من حلقه إلى الخارج. والثاني: أن الأشياء قد يطلق عليها أسماء أصواتها وذلك فيما قبل وضوح اللغة. فربما يكون اسم شجرة يقزز طعمها النفس إلى درجة التقيؤ، وأطلق القيء مجازاً مرسلاً علاقته المسببية بإطلاق المسبب وهو (الهُعْخُع) = (القيء) على السبب وهو ذلك النبات المقزز.
وهذا الذي ذهب إليه د. أبو موسى ود. شادي من محاولة التعليل يحمد لهما، إلا أن الأمر في جوهره يعود إلى أن ثقل هذه الكلمة ينبع منها ذاتها خاصة، ومن تأليفها (العفوي أو المقصود) على هذا النحو، وهو ما أدركه الأوائل فاكتفوا بوصفها بالثقل والتنافر الشديد.
2 – تنافر خفيف: وهو أقل وطأة من سابقه، إذ يشعر السامع في هذا النوع بشيء من الثقل الصوتي في نطق الكلمة يتبعه ثقل سمعي لدى المتلقي. أي أنه يجتمع في هذا القسم نوعان من الثقل: أولهما: ثقل نطقي يعانيه الناطق ويشعر به السامع. وثانيهما: ثقل سمعي يعانيه السامع وحده. وقد مثل البلاغيون لهذا النوع بكلمة (مستشزرات) في قول امرئ القيس:
(يُتْبَعُ)
(/)
غدائرهُ مستشزراتٌ إلى العلا تَضِلّ المَدَارَى في مثنى ومرسلِ
إذ ردوا الثقل فيها إلى توسط (الشين) بين التاء والزاي.
ويرى الدسوقي (ت 1230 هـ) " سبب الثقل فيها راجع إلى توسط الشين المهموسة الرخوة بين التاء المهموسة الشديدة فاختلفتا [أي الشين والتاء] في الشدة والرخاوة، والثقل جاء من هذا الاختلاف. وبين الزاي المجهورة، فاختلفتا [أي الشين والزاي] في الجهر والهمس، والثقل جاء أيضاً من هذا الاختلاف. فالحاصل أن الشين اتصفت بصفتين: ضاربت بإحداهما - وهي الرخاوة - التاء الشديدة قبلها. وضاربت بالأخرى -وهي الهمس - الزاي المجهورة بعدها " ().فالتنافر هنا ليس لقرب المخارج، وإنما لثقل الكلمة في السمع نظراً لهذا الاختلاف في صفات الحروف المؤلَّفة منها اللفظة، وتضارب هذه الصفات.
ثانياً: التنافر في الكلام المركب
ويقصد به أن تكون الكلمات المركبة في سياق ما ثقيلة في الأداء الصوتي في صورتها المركبة والمفارقة لوضع كل كلمة في هذا التأليف في صورتها المفردة، وذلك بالرغم من كون هذه المفردات في صورتها المفردة تتميز بفصاحتها. ويقسم البلاغيون التنافر في الكلام المركب إلى:
1– تنافر شديد: ناتج عن التقاء كلمات ذات مورفيمات صوتية متشابهة في المخرج الصوتي، كما في قول الشاعر:
وقبرُ حربٍ بمكان قَفْرُ وليس قُرْبَ قبرِ حربٍ قَبْرُ
فتركب الألفاظ في هذا البيت أدى إلى تنافره، وذلك لتقارب ألفاظه التي يعسر النطق بها من ناحية، ولتداخل حروف هذه الألفاظ مع بعضها البعض من ناحية أخرى ().
2 - تنافر خفيف: وهو ناتج عن تكرار وحدات صوتية (كلمات) متشابهة أو متقاربة المخارج في سياق كلامي واحد مثلما نجد في قول أبي تمام ():
كريم متى أمدحه أمدحه والورى معي وإذا ما لمته لمته وحدي
فتكرار كلمة (أمدحه) مرتين في الشطر الأول، وكلمة (لمته) مرتين في الشطر الثاني أدى إلى الثقل والعسر النطقي والسماعي معاً، فكلمة (أمدحه) احتوت على حرفي الحاء والهاء الحلقيين وهما متقاربا المخرج مما شكل نبواً في النطق لحِقَهُ كذلك ثقلاً في السمع. وهذا ما ذهب إليه القزويني ().
ويخالف السبكي (ت 773هـ) ما ذهب إليه القزويني إذ يرى أن اجتماع الحاء مع الهاء فصيح لوروده في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى: ? وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ? (). كما أن وضع الحاء مع الهاء في بيت الشعر مختلف عن وضعهما الآية الكريمة، فالثقل في البيت في كلمة (أمدحه) ناتج عن اجتماع الحاء والهاء بعد الفتحة على (الدال)، وليس ذلك في الآية الكريمة (). وهو تعليل جميل يقصد السبكي به تنزيه النص القرآني عما يشينه مما يلحق غيره من النصوص البشرية. ويرى ابن رشيق في هذا البيت لوناً من المعاظلة التي تقوم على تداخل الحروف وتركيبها ().
تنوير:
دائماً ما يثور سؤال مفاده: هل يكون التنافر فقط ناتج عن تقارب المخارج أو تباعدها؟! والإجابة عن مثل هذا السؤال تكمن في رأي الخليل بن أحمد الذي علل هذا التنافر بالبعد الشديد أو القرب الشديد لمخارج الحروف , ونقل هذا الرأي عنه الرماني في (النكت في إعجاز القرآن) (). وتواتر البلاغيون على هذا التعليل إما شرحاً أو تأويلاً أو توسعة لهذا التعليل ().
غير أن ابن سنان لا يرى تنافراً إذا ما تباعدت مخارج الحروف كما ذهب الخليل والرماني، بل يجعل هذا التنافر محصوراً في قرب المخارج فقط ويستدل على ذلك بكلمة (ألم) التي تباعدت مخارج حروفها ومع ذلك فلا تنافر فيها. فالهمزة من أقصى الحلق، والميم شفوية، واللام متوسطة بينهما ().
أما التنافر بقرب المخرج فهو كما في كلمتي (عخ) و (لاسز) لما فيهما من قرب لمخارج حروفهما. كما يستدل على ما ذهب إليه بأن الإدغام والإبدال إنما يحدثان تخلصاً من التنافر الحادث لقرب المخارج لا لتباعدها ().
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ابن الأثير فيرى في تباعد المخارج مع اقترانها بحركات خفيفة يكون أحياناً أحسن تأليفاً من قربها في المخارج، ويعلل ذلك بأن الكلمة المتباعدة المخارج تسمح للناطق بها عند أدائها الصوتي أن يأخذ مهلة وأناة لما بين المخرج والمخرج التالي من الفسحة والبعد، فتمكن الحروف في مواضعها، بخلاف الكلمة المتقاربة المخارج فإنه عند النطق بها يحاول اللسان أن ينطقها فلا يكاد يتخلص من مخرج إلا ووقع في الآخر الذي يليه لقرب ما بينهما، فتأتي حروف الكلمة قلقة غير مستقرة في أماكنها، ولذا كان العرب يعدلون عن الأثقل في كلامهم إلى الأخف طلباً للاستحسان ().
وابن الأثير يؤصل هنا لدور الحركة في مسألة التنافر والتلاؤم والانسجام. فقد تكون اللفظة هي هي لكن تغيير الحركة يؤدي إلى نقلها من باب التنافر إلى باب التلاؤم، لأن الحركة تخلص الكلمة مما أصابها من ثقل في النطق. كما أن خفة الحركات تؤدي إلى سرعة نطقها من غير عناء. فإذا التقت حركتان خفيفتان في كلمة واحدة لم تستنكر ولم تثقل، بخلاف الحركات الثقيلة إذا توالت منها اثنتان في كلمة واحدة استكرهت واستثقلت لما يعانيه الناطق بالكلمة من مشقة في أدائها الصوتي، ولذا كانت الفتحة أخف الحركات تليها الكسرة ثم الضمة.
فالفتحة إذا كانت فوق حروف كلمة ثلاثية كان ذلك من ميسرات النطق والأداء، وإن كان وسط الكلمة ساكناً ساعد ذلك أيضاً على هذا اليسر الأدائي. غير أننا نجد في البيان القرآني كلمات وُظفت فيها حركة (الضمة) وهي حركة ثقيلة، وتتابعت في بعض الكلمات مرتين مثلما نجد في الآيات التالية من سورة القمر:
- قوله تعالى: ?حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ {5} فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ {6} ?.
- قوله تعالى: ?وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ {13} ?.
- قوله تعالى: ? كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ {18} ?.
- قوله تعالى: ?فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ {21} ?.
- قوله تعالى: ?كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ {23} فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ {24} ?.
- قوله تعالى: ?كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ {33} ?.
- قوله تعالى: ? وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ {36} وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ {37} ?.
- قوله تعالى: ? فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ {39} ?.
- قوله تعالى: ? وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ {41} ?.
- قوله تعالى: ? سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ {45} ?.
- قوله تعالى: ? إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ {47} ?.
- قوله تعالى: ? وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ {52} ?.
فالكلمات (النُذُر- نُكُر- دُسُر- نُذُر- سُعُر- الدُّبُر- الزُّبُر) توالت فيها حركتان ثقيلتان؛ ضمتان ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يُنكر فصاحتها أو خفتها على اللسان حين الأداء الصوتي لها، كما أننا لم نجد زاعماً يزعم نبوها في السمع.
ويلاحظ أن هذه الكلمات وردت على هيئة الجمع، وعلى الوزن الصرفي نفسه وهو وزن (فُعُل)، غير أنها لم تتفق مع مفردها في الابتداء بنفس حركته مثلما نجد في كلمة (خُطُوَات) في قوله تعالى: ? وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ? () التي اتبع فيها وزن الجمع الابتداء بحركة مفردها (خُطوَة) وهو الابتداء بالضم. وتقرأ (خُطُوات) بضم الطاء وهي قراءة حفص، وقرأ شعبة والباقون (خُطْوات) بالإسكان (). وهي تتكون من مقطعين هما (خُطْ + وات)، وقد حوفظ فيها على سلامة المفرد، وخفة اللفظ.
ويرى د. صبري المتولي " أن الأصل في جمع هذا الدرب من المفردات يكون بالإبقاء على العين ساكنة خلافاً لما يراه بعض الصرفيين ()، وما عدل الناطق عن هذا الأصل إلا التماساً لجمال صوتي يجري وفق قانون الاتباع في الحركات " ().
(يُتْبَعُ)
(/)
والكلمات التي بين أيدينا ليست من هذا النوع؛ إذ أن مفرها لا يسير وفق هذه القاعدة، فلا خضوع فيها لقانون الإتباع؛ أي إتباع الضم بالضم، والكسرة بالكسرة، والفتحة بالفتحة، الذي يسميه ابن جني (هجوم الحركات على الحركات) (). وقد فهمنا من كلامه أن هجوم الحركة يأتي بصورة أساسية من هجوم حركة موجودة أصلاً في صيغة صرفية معينة على حركة موجودة أصلاً في البنية الأولية للمفردة. وهذا ما لم ينطبق على هذه الكلمات القرآنية في سورة القمر.
لكن هجوم الحركات على الحركات ينتقض إذا ما ارتبطت الحركة بالحرف وكانت من جنسه، فلربما يكون الثقل نابعاً من هذا الأمر. فمثلاً كلمة (جَزَعَ) تكون سهلة في متناول الأداء الصوتي إذا ما بقيت على صورتها؛ أي فتح الجيم والزاي، بخلاف ضمهما فتصبح الكلمة (جُزُعَ)، أو ضم الأول وكسر الثاني فتصبح (جُزِعَ). فهذا التغيير يُدْخِل الكلمة في دائرة الثقل النطقي، وصعوبة الأداء الصوتي رغم أن المخارج ثبتت ولم تتغير. ونستنج من هذا أن هناك عامل آخر سَوَّغَ مثل هذا التنافر أو نفاه ألا وهو (الذوق). فربما نجد أنفسنا نستسيغ الكلمة السابقة وهي مفتوحة الجيم والزاي، وربما نستسيغ ضم الأول والثاني، لكننا نتردد فيما هو خلاف ذلك من أحوال للتشكيل الصرفي والحركي للكلمة ().
كذلك قد ينتفي التنافر في كلمة ما إذا ما كانت ثلاثية وسكن وسطها، لأن السكون في هذا الموضع يساعد على: التدرج في النطق أولاً بانسيابية الحركة الصوتية من ضم للحرف الأول ثم سكون الوسط انتقالاً إلى فتح الثالث. أو من ضم للأول ثم سكون الوسط إلى ضم الثالث، أو إلى أي حركة أخرى ثانياً. نلمح ذلك جلياً في قوله تعالى: ? وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ? () إذ نجد كلمة (خُسْرٍ) تم الانتقال فيها من ضم الحرف الأول (الخاء) إلى الكسر للثالث (الراء) بسهولة ويسر وذلك لسكون الوسط نزولاً على حكم الذوق السياقي الصوتي ().
كما أننا نلمح في هذا الإطار ضرباً من موسيقى الفواصل يسهم في تشييده الإدغام الذي يكسب الكلمات مذاقاً خاصاً وهو ما نلاحظه في قوله تعالى: (فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ) () فأدغم التنوين في الواو، أو كما في قوله تعالى: ? كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ ? () فالبرغم من توالي ثلاث ضمات إلا أننا لم نشعر بتنافر، ومرد ذلك كله إلى السياق الذي وقعت فيه الكلمة.
ونخلص مما سبق أن ما عده الذوق السليم ثقيلاً متعسراً في الأداء فهو كذلك، والعكس صحيح. كذلك يتم التأكيد هنا على أن للحركات الإعرابية، والسياق، والذوق، ومخارج الحروف قرباً وبعداً، كلها لها أدوار غاية في الأهمية في مسألة التنافر، لكن لماّ غلب على دراسات البلاغيين الاقتصار على مخارج الحروف فصلوا القول فيها دون غيرها، وأهملوا ما سواها رغم أهميته القصوى في سياق هذه المسألة.
التلاؤم والتنافر عند اللغويين:
تنبه اللغويون منذ بداية الدرس التحليلي لظواهر اللغة إلى مسألة (أصول الكلمات) وإقامتها على ما عُرِفَ فيما بعد بالميزان الصرفي الذي تعتمد عليه الكلمة في انبنائها. فالكلمة العربية تعتمد على جذر ثلاثي هو (فَعَلَ). وما يتم من تآليف على نهج هذا الميزان هو ضرب من التآليف الصوتية. وبناء على ذلك اهتم اللغويون بمسألة الفصاحة القائمة على قرب المخارج أو بعدها. فقد اشترطوا لذلك ضرورة مراعاة التناسب الصوتي في ترتيب مخارج حروف الكلمة. ويمكن ملاحظة ذلك الجهد المبذول في حقل البحث الصوتي عند العرب من خلال الفصل الأول لهذا البحث. لكننا نستطيع تضييق نظرتنا البحثية هنا لنركز على المسألة ذات الصلة وهي (التنافر الصوتي) وما يلحقه من قضايا ومسائل لغوية. فما كان اللغويون ليدرسوا هذه المسألة إلا ليقرروا لنا أصولاً تسهم بدورها في اجتناب العسر النطقي، والثقل السمعي، وتيسر الأداء الصوتي، بالإضافة إلى مراعاة الخفة والجمال في آن. فقد دفعهم هذا إلى تقرير مفاده: (أنّ حروف الحلق هي أثقل الحروف تركيباً)، ولذا نادوا بتقليل مجيئها في تآليف الكلمة، وأكدوا على أن تقارب حرفين حلقيين لا بد وأن يؤدي إلى تقديم أقواهما نطقاً تخلصاً من هذا الثقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
فابن جني يرى في تباعد تأليف الحروف مزية كبيرة لا تتحقق في تقاربها المؤدي إلى قبحها خاصة إذا كانت من حروف الحلق. ولذا جعل تأليف الكلام على ثلاثة أنواع ():
الأول: تأليفه من حروف متباعدة المخارج. وهذا أحسن الكلام، وهو أغلب كلام العرب.
والثاني: تأليف الكلام من الحروف المتقاربة المخارج. وهو تالٍٍٍٍ للأول في الحسن.
والثالث: تأليف الكلام من الحروف المتقاربة. وهو الأقل في الحسن.
ويقرر ابن دريد (ت 321هـ) أن قرب مخارج الحروف يؤدي إلى الثقل في النطق عكس المتباعد منها. كما أنه يستثقل حروف الحلق لأنه لو نسج الكلام منها دون حروف الذلاقة لأدى ذلك إلى زيادة الجهد المبذول من جانب اللسان لأداء هذه التراكيب، ذلك لأن الجرس الصوتي لها واحد، والحركات مختلفة، مما يؤدي باللسان إلى الانحراف في النطق ببعض هذه التراكيب والأصوات ().
وابن منظور (ت 711هـ) يجعل الحروف التي يتألف منها الكلام أربعة أقسام هي ():
الأول: حروف يجب وقوعها في التراكيب، وهي الحروف الذلقية والشفوية. وذلك لخفتها وسهولتها في النطق، ولذلك كثرت في أبنية العرب وكلامهم خاصة الثلاثي.
والثاني: الحروف التي تحسن في التراكيب وهي (القاف) و (العين) لأنهما أطلق الحروف. فالعين أنصع الحروف جرساً. والقاف أمتن الحروف، وأصحها جرساً.
والثالث: الحروف التي يمتنع مجيئها في التراكيب، وهي الحروف ذات المخرج الواحدكحروف الحلق، إلا أن يقدَّم حرف منها على الآخر، ولا يجتمعا إذا تأخر.
والرابع: الحروف التي لا تتركب مع بعضها بلا تقدم أو تأخر وهي (السين، والتاء، والصاد، والزاي، والظاء) وما ذلك إلا لتقارب مخارجها تقارباً يؤدي إلى ثقلها الأدائي، ومعاظلتها في النطق.
وتخلصاً من هذا آثر العرب استعمال الثلاثي بعد مراعاة تأليفه من حروف متناسقة حسب القواعد، وذلك لقلة حروف الثلاثي، وكون عينه تتوسط (الفاء) و (اللام). فالفاء لابد أن تكون متحركة، ولامه لابد أن تكون ساكنة عند الوقف، لأنه لا يصح الابتداء بساكن، كما لا يوقف إلا على ساكن ().
ويرى ابن جني أن العرب اختلست الحركات اختلاساً لطيفاً، ولم يمكنوها في أماكن كثيرة بعداً عن الثقل، وطلباً للخفة الصوتية (). نلمح ذلك في قراءة أبي عمرو لقوله تعالى: ?يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ? () مختلساً غير محقق (). فقد تم اختلاس حركة (النون) وهي الضمة للتخفيف ().
ونخلص من هذا إلى أن الفكرة الرئيسة التي يتلاقى عندها أهل اللغة والبلاغة معاً هي التخلص من مسببات التنافر لأن ذلك ضروري ومقرر. كما أن فكرة بعد المخارج أو قربها هي أول درجات التنافر، يشاركها في ذلك السياق، والذوق، والحركات الإعرابية لتكتمل بذلك الصورة العامة لمسببات التنافر والثقل، وهذا ما عالجه أهل اللغة والبلاغة معاً كل في سياقه الخاص.
الهوامش:
1 - ينظر: الجاحظ، البيان والتبيين، 1/ 65 – 66. – القزويني، الإيضاح، 2.
2 - ينظر: السابق، 1/ 69.
3 - ينظر: الرماني، النكت في إعجاز القرآن، 94.
4 - مجهول، شرح رسالة الرماني في إعجاز القرآن، تحقيق: د. زكريا سعيد، دار الفكر العربي، القاهرة،1997،59.
5 - ينظر: الباقلاني، إعجاز القرآن، 270.– د. عبد الواحد الشيخ، التنافر الصوتي والظواهر السياقية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1999، 9.
6 - يذكر أنه ضرب من النبات يُتداوى به. السيوطي، المزهر في علوم اللغة، 1/ 185.
7 - القزويني، الإيضاح، 3.
8 - ينظر: ابن سنان، سر الفصاحة، 55.
9 - ينظر: السبكي، عروس الأفراح، 1/ 81.
10 - د. محمد أبو موسى، خصائص التراكيب، 62.
11 - ينظر: د. عبد الحليم شادي، بلاغة المعاني، 27.
12 - الدسوقي (محمد بن عرفة)، حاشية الدسوقي على مختصر السعد، مطبعة الهادي، بيروت، 1989، 1/ 80.
13 - د. عبد الواحد الشيخ، التنافر الصوتي، 11. وينظر: عبد القاهر، دلائل الإعجاز، 57. - الرماني، النكت، 95. – مجهول، شرح رسالة الرماني، 61.– الرازي، نهاية الإيجاز، 123.– السبكي، عروس الأفراح، 1/ 100.– د. محمد أبو موسى، خصائص التراكيب، 68.– د. محمد الخفاجي، علم الفصاحة، 141.
(يُتْبَعُ)
(/)
14 - أبو تمام، الديوان، 2/ 116. وهو في الديوان (ومتى لمته).
15 - ينظر: القزويني، الإيضاح، 6.
16 - سورة ق: آية رقم (40).
17 ينظر: السبكي، عروس الأفراح، 1/ 101.
18 - ينظر: ابن رشيق، العمدة، 2/ 264.
19 - ينظر: الرماني، النكت، 96.
20 - ينظر: الباقلاني، إعجاز القرآن، 270.
21 - ينظر: ابن سنان، سر الفصاحة، 91.
22 - نفسه.
23 - ينظر: ابن الأثير، المثل السائر،1/ 157– 160. - العلوي، الطراز،108.
24 - سورة البقرة: آية رقم (168).
25 - ابن مجاهد، السبعة في القراءات، 174.
26 - ينظر: ابن جني، الخصائص، 1/ 54. - ابن عقيل، شرح ألفية ابن مالك، 2/ 387.
27 - د. صبري المتولي، التوجيه اللغوي والبلاغي لقراءة الإمام عاصم، دار غريب للطباعة، القاهرة، 1998، 52.
27 - ابن جني، الخصائص، 3/ 138. وينظر: سيبويه، الكتاب،1/ 76، 1/ 436 –437،2/ 533، 4/ 107– 109. – المبرد، المقتضب، 1/ 270. – ابن فارس، الصاحبي، 230.
28 - ينظر: ابن الأثير، الجامع الكبير، تحقيق: مصطفى جواد وجميل سعيد، دار الرشيد، بغداد، 1988، 59.
29 - سورة العصر: الآيتان رقم (1، 2).
30 - ينظر: د. عبد الواحد الشيخ، التنافر الصوتي، 14.
31 - سورة القمر: آية رقم (47).
32 - سورة المدثر: آية رقم (50).
33 - ينظر: ابن جني، سر صناعة الإعراب، 1/ 71 - 72، 2/ 331.
34 - ينظر: ابن دريد، جمهرة اللغة، 1/ 9.
35 - ينظر: ابن منظور، لسان العرب، 1/ 8، 9/ 349.
36 - ينظر: د. عبد الواحد الشيخ، التنافر الصوتي، 26.
37 - ابن جني، الخصائص، 1/ 72.
38 - سورة يوسف: آية رقم (11).
39 - ينظر: ابن مجاهد، السبعة في القراءات، 245. ينظر: محمد الصادق قمحاوي، طلائع البشر في توجيه القراءات العشر، مطبعة النصر، القاهرة، 1978، 124.(/)
جماليات المناسبة الصوتية في اللغة العربية
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[24 - 05 - 2008, 07:09 م]ـ
جماليات المناسبة الصوتية في اللغة العربية
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – كفر الشيخ
من المؤكد أن شيوع مصطلح المناسبة في هيكل الدراسات اللغوية قد أدى إلى شيوع العديد من المصطلحات القريبة منه في الدلالة مثل: الانسجام، والتوافق، والإتباع. وكلها تشترك في حيازتها دلالة عامة في مجملها، فهي تشير إلى أن النظام الصوتي في الدراسات اللغوية يأتي تبعاً لقانون التوازن الإيقاعي، ومن ثم أُطْلِقَ على اللغة العربية أنها اللغة الموسيقية ().
والمناسبة الصوتية " جزء من النظام العام للغة تنتج عن اتفاق يوجد بين جميع الأعضاء النطقية بحيث لا نجد صوتاً مناوئاً لصوت مجاور، ولا عضواً منافياً في وضعه النطقي لعضو آخر، وإنما تتعاون الأعضاء في خلق نوع من الانسجام الحركي في أثناء العملية النطقية. ومثله انسجام في حروف الكلمة والجملة، فلا يكون هناك صوت شاذ عن آخر، ولا حركة مناقضة لحركة أخرى، فيؤدي ذلك بالطبع إلى نوع من التوازن والتوافق " ().
أما كيفية حدوث المناسبة فذلك نابع من طبيعة الوحدات الصوتية داخل الكلمة. فالوحدات الصوتية تختلف في قيمتها من حيث طولها أو قصرها، أو قوتها أو ضعفها، أو كونها ساكنة أو متحركة، وكل هذا يؤدي إلى أنها لا يمكن أن تتساوى في قيمتها داخل الكلمة الواحدة، مما يؤدي أحياناً إلى إحداث بعض التناقض فيما بينها، فتلجأ اللغة إلى التخلص من هذا التناقض عن طريق ظواهر المناسبة والانسجام ().
ويلحظ أن الفصحى تضحي ببعض قوانينها من أجل تحقيق هذه المناسبة، مثلما نجد في حالات الجر بالمجاورة، وحذف أواخر الفواصل للتوافق مع بقية الفواصل الأخرى سواء كان المحذوف حرفاً أو كلمة. والإعلال في جوهره ما هو إلا تخفيف قائم على المناسبة والانسجام والمجانسة، وكذلك الإدغام. ويرى د. محمد حماسة عبد اللطيف أن المناسبة والانسجام يعد أساساً من الأسس التي قام عليها الإعلال، حيث يقول عن هذا الأساس: " هو مراعاة الانسجام والتناسق الصوتيين، أو ما سموه بالمناسبة الصوتية في الكلمة، ولذلك عللوا حدوث الإعلال بأنه للتخفيف " ().
وينتج عن المناسبة الحادثة لتجاور الأصوات عدة ظواهر تتمثل في (المماثلة الصوتية، والمخالفة الصوتية، والقلب المكاني، والإتباع الحركي). ونفصل القول في كل منها كما يلي:
1 – المماثلة الصوتية Assimilation ( )
ويقصد بها تأثر الأصوات المجاورة بعضها لبعض تأثراً يؤدي إلى التقارب في الصفة والمخرج، تحقيقاً للانسجام الصوتي، وتيسيراً لعملية النطق، واقتصاداً في الجهد العضلي (). والمماثلة شائعة في اللغات كلها بصفة عامة، غير أن اللغات تختلف في نسبة هذا التأثر ونوعه (). وللقدماء من أهل اللغة إشارات جلية توضح إدراكهم لهذه الظاهرة، وذلك مضمن في ثنايا حديثهم عن الإدغام، وإن لم يطلقوا عليها هذا الاسم. فقد أطلق عليها سيبويه اسم (المضارعة) ويقصد بذلك تقريب الأصوات المجاورة بعضها مع بعض، فضارعوا بها أشبه الحروف (). وأطلق عليها ابن جني اسم (التقريب) أثناء كلامه على الإدغام الأصغر إذ يقول: " والإدغام المألوف المعتاد إنما هو تقريب صوت من صوت " (). ويطلق عليها ابن يعيش اسم التجنيس أو تقريب الصوت من الصوت ().
ولم يبتعد المحدثون من أهل اللغة عن تقريرات القدماء لهذه الظاهرة الصوتية، وأدرجوها تحت اسم (المماثلة)، وذكروا أن الأصوات اللغوية تتأثر ببعضها في المتصل من الكلام، وهي في هذا التأثر تهدف إلى تحقيق نوع من المماثلة بينها ليزداد مع مجاورتها قربها في الصفات والمخارج (). غير أننا لهذا المصطلح تسمية أخرى هي (التحييد) كما يطلقها عليه د. كريم حسام الدين ويعرفه بأنه " تداخل أو ذوبان فونيم في فونيم آخر حتى يصير فونيماً واحداً في سياق صوتي معين. أو بعبارة أخرى: إلغاء أو محو فونيم معين نتيجة لتفاعله مع فونيم آخر يختلف معه في ملمح صوتي واحد على الأقل. ويكون الفونيم الجديد الناتج من عملية (التحييد) صورة جديدة، أو وسطاً بين الفونيمين المحوَّل عنه والمحوَّل إليه نتيجة عملية المماثلة " ().
(يُتْبَعُ)
(/)
أنواع المماثلة الصوتية: يقسم اللغويون المماثلة الصوتية قسمين رئيسين هما ():
1 – المماثلة التقدمية المقبلة Progressive :
وفيها يكون للصوت الأول القوة في التأثير على الصوت الثاني، وهذا التأثير يترتب عليه فناء الصوت الأول في الثاني بحيث ينطق الصوتين صوتاً واحداً من جنس الثاني. ويتضح هذا النوع في صيغة الافتعال حيث تقلب تاء الافتعال طاءً أو دالاً. فتاء الافتعال تقلب طاءً إذا كانت فاء الافتعال حرفاً من حروف الإطباق (الصاد والضاد والطاء والظاء) كما في الأمثلة التالية:
- اصتبر ـــــــ افتعل ـــــــ اصطبر
- اضترب ـــــــ افتعل ــــــ اضطرب
- اطتلم ـــــــ افتعل ـــــــ اظطلم ـــ اظْظَلم ـــــ اظَّلم
- اطتلع ــــ افتعل ــــــ اطْطلع ــــــ اطَّلَع
فالمثالان الأول والثاني يبدو التماثل فيهما (تقارباً)، أما الثالث والرابع فقد تحقق هذا التماثل فيهما نظراً لحدوث التماثل التام بين صوتين متجانسين، أو ما يسمى (الإدغام). ويعلل الشيخ خالد الأزهري سبب التماثل فيما يحدث في صيغة الافتعال بقوله تعالى: " إنما أبدلت تاء الافتعال إثر المطبق لاستثقال اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من اتفاق المخرج وتباين الصفة، إذ التاء من حروف الهمس، والمطبق من حروف الاستعلاء، فأبدلت من التاء حرف استعلاء من مخرج المطبق، واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء " ().
ويرى د. كريم حسام الدين أن " التاء تشترك مع هذه الفونيمات في الخصائص النطقية كالهمس واللثوية (ما عدا الضاد فهي مجهورة) ولكنها تختلف معها في شيء أساسي وهو الإطباق وعدم الإطباق، وقد اكتسبت التاء هذه الخاصية بالمماثلة أي بالمماثلة في الصفات، لأن تقريب الحرف من الحرف أدى إلى المماثلة في الصفات " ().
وهذا التأويل لقلب تاء الافتعال طاء هو ما تعاوره أهل اللغة في تفسير ما حدث من تغير صوتي أو مماثلة في قوله تعالى: ? إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ? ()، وقوله تعالى: ? وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ? ()، وقوله تعالى: ? فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ ? () والكثير من الآيات على هذا النهج. فقد رأوا في هذا التغيير فراراً من الثقل، ونزوعاً إلى التخفيف بتحقيق الانسجام الصوتي في الصيغة الجديدة من صيغة الافتعال ().
2 – المماثلة الرجعية المدبرة Regressive :
وفيها يؤثر الصوت الثاني في الصوت الأول الذي يتغير بما يناسب الصوت الثاني، ويقلب إليه ثم يدغم فيه. ومثال ذلك قوله تعالى: ? بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ? () فقد قرئت الآية بإدغام اللام في الراء من غير إمالة قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وأبي عمرو، وبالإمالة قراءة الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي، وكذلك قرئت الإظهار وهي قراءة الحسن وابن أبي إسحق (). وقد عد النحاة هذا التأثر تأثراً رجعياً مدبراً لتأثر الصوت الأول (اللام) بالصوت الثاني (الراء)، ونقل اللام إلى الراء ثم الإدغام فيها (). ولابن خالويه (ت 370 هـ) رأي في هذه الآية إذ يقول: " اتفق القراء على إدغام اللام في الراء لقربها منها في المخرج، إلا ما رواه حفص عن عاصم من وقوفه على اللام وقفة خفيفة ثم يبتدئ (رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم) ليعلم بانفصال اللام من الراء، وأن كل منهما كلمة بذاتها " ().
* ويضم إلى هذا القسم من المماثلة ما يحدث من تغير في مضارع صيغتي (تَفَعَّلَ) و (تَفَاعَلَ) وذلك إذا كانت فاء الفعل صوتاً صفيرياً أو أسنانياً. يقول د. رمضان عبد التواب: " تتأثر التاء بعد تسكينها للتخفيف بفاء الفعل " (). ومن الأمثلة القرآنية الممثلة لهذه الجزئية:
- قوله تعالى: ? مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ? ().
- قوله تعالى: ? وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ? ().
- قوله تعالى: ? أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ? ().
(يُتْبَعُ)
(/)
* فكلمة اثَّاقلتُم من المضارع يتثاقل على وزن (يتفاعل)، وعند الإتيان بصيغة الماضي منه تثَاقَلَ على وزن (تَفَاعَلَ)، ثم يتم تسكين التاء للتخفيف فتصير الكلمة (تْثَاقَل)، ولأنه لا يصح الابتداء بالساكن جلبت الألف الموصولة للابتداء بها مع بقاء حركة التاء (السكون التخفيفي) كما هي، ثم قلبت التاء الساكنة إلى مماثل فاء الكلمة (حرف الثاء) تبعاً لقانون المماثلة الرجعية حيث أثر الصوت الثاني (الثاء) في الصوت الأول (التاء)، فأصبح لدينا مماثلين جاز إدغامهما في صوت واحد، فوصلت الكلمة إلى صيغتها النهائية وهي (اثَّاقَلْتُم) كما تم توظيفها في الآية القرآنية (). ويقاس على هذا ما حدث من تغيير في كلمة (ادَّارأتم) في الآية القرآنية.
* كلمة (يذَّكّر) فعل مضارع على وزن (يتفعَّل) حدث فيه مماثلة رجعية نوضحها كما يلي: فقد تم تسكين تاء التفعّل للتخفيف فأصبح الفعل على الصورة (يَتْفَعَّل)، ثم حدثت المماثلة الرجعية عندما أثر الصوت الثاني (الذال) في الأول (التاء) فقلب إلى مماثل للثاني، فوُجِدَ لدينا عندئذ متماثلان فلزم إدغامهما.
* ومن ألوان التماثل الرجعي مماثلة صوت (النون) إذا تلاها صوت (الميم) أو (اللام) كما في:
- إنْ + مَا ـــــــــــــــــــــــ إمَّا
- إنْ + لا ــــــــــــــــــــــــ إلاَّ
- منْ + مَا ــــــــــــــــــــــ مِمَّا
وفي القرآن قوله تعالى: ? مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً ? () إذ قُلبت (النون) إلى مماثل للحرف التالي لها وهو (الميم)، وأصل الكلام (منْ + مَا)، ثم أدغم المثلين معاَ.
* وما يحدث من دخول (ال) التعريفية على الأحرف الشمسية، وما يتم من تأثر الصوت الأول (اللام) بالصوت الشمسي التالي له، وانقلاب الصوت الأول إلى مماثل للصوت الشمسي، ثم إدغامه فيه، ما هو إلا من قبيل المماثلة الرجعية.
تنوير:
يتضح من ملاحظة تقاطعات سياقات مصطلح الماثلة الصوتية أنه يتداخل مع مصطلح آخر هو (الإدغام)، ولذا يجب إيضاح هذه العلاقة بين المصطلحين. فالقدماء لما تناولوا المماثلة بإيضاح أشكالها دون أن ينصوا على مسماه الحديث كانوا يدورون في فلك التعريف بمصطلح (الإدغام) مثلما رأينا عند سيبويه، وابن جني، وابن يعيش (). ويرى د. أحمد مختار عمر أن " المماثلة تعني إزالة الحدود بين الصوتين المدغمين وصهرهما معاً " (). فالصلة قوية بين المماثلة والإدغام لاجتماعهما في حالة التماثل الكلي أو التام. غير أنه يجب القول بأن الإدغام أحد أشكال المماثلة، بل إنه أقيس أشكالها في العربية ().
ويوضح برجشتراسر علاقة المماثلة الصوتية بالإدغام بقوله: " إن حروف الكلمة مع توالي الأزمان كثيراً ما تتقارب ببعضها من بعض في النطق وتتشابه، وهذا التشابه نظير لما سماه قدماء العرب إدغاماً، غير أن التشابه والإدغام وإن اشتركا في بعض المعاني، اختلفا في بعضها " (). والشرط الأساسي للتأثر بين أي صوتين أن يكون الصوت متبوعاً بحركة غير قابلة للسقوط والإهمال، إما لكون هذه الحركة طويلة، وإما لكونها سبقت بحركة سقطت من قبل إسقاط الأخرى لأنها تزداد تشبساً بموقعها، وتمنح الصوت قبلها قوة دلالية في موقعها، وتمارس تاثيراً ما على الصوت السابق عليها ().
درجات التأثر:
يمكننا استنباط درجات التأثر وألوانه التي أجملها اللغويون في أربعة أنماط هي:
الأول: تغير المخرج فقط (): مثل قوله تعالى: ? لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ? () فالنون مخرجه طرف اللسان مع اللثة العليا، والباء من الشفتين، ولأن ذلك يتطلب جهداً كبيراً في إخراج الصوتين متتاليين النون ثم الباء تحولت النون إلى صوت من مخرج الباء له صفة الغنة وهو الميم، وبالتالي قلَّ الجهد العضلي المبذول.
والنمط الثاني: تغير صفة الصوت (): مثل قوله تعالي: ?قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ? () فالدال مجهورة لكنها أخذت صفة (التاء المهموسة) بتحولها إلى صورتها في النطق.
(يُتْبَعُ)
(/)
والنمط الثالث: تغير المخرج والصفة معاً (): مثل قوله تعالى: ?اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ? () فأصل الفعل (تثاقلتم) فتجاورت التاء الشديدة مع الثاء الرخوة، وهما متقاربتان مخرجاً؛ لأن التاء من طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، والثاء من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا. وتقليلاً للجهد العضلي تحولت (التاء) إلى (ثاء) فتغيَّر المخرج والصفة معاً، ثم وقع (الإدغام).
والنمط الرابع: الإدغام (): وهو إدخال حرف في حرف بحيث يرتفع بهما اللسان ارتفاعة واحدة. وعرفه ابن جني بأنه " تقريب صوت من صوت " (). والإدغام يلتقي فيه ():
أ – الصوتان المتماثلان: أي المتحدان في المخرج والصفة، مثل (التاءين) و (الراءين).
ب – الصوتان المتجانسان: أي المتفقان في المخرج المختلفان في الصفة، مثل (التاء والطاء).
ج – الصوتان المتقاربان: أي اللذان بينهما تقارب في المخرج أو الصفة أو فيهما معاً، مثل (الدال والسين) أو (الذال والشين). ولهذا كله تفصيل واف مكانه علم التجويد ().
ثانياً: المخالفة الصوتية Dissimilation
يقصد بالمخالفة الصوتية حدوث اختلاف بين الصوتين المتماثلين في الكلمة الواحدة، ويحدث هذا الاختلاف في الكلمة المشتملة على التضعيف بان يتغير أحد الصوتين المضعفين إلى صوت لين طويل أي إلى (واو المد، أو ياء المد، أو ألف المد)، أو إلى أحد الأصوات الشبيهة بأصوات المد وهي الأصوات المسماة بالأصوات (المائعة Liquid ) وهي (اللام، والنون، والميم، والراء) ().
ويرى د. إبراهيم أنيس أن كلاً من المماثلة والمخالفة تهدف إلى تيسير النطق، وأن المخالفة تبدأ عملها من حيث تنتهي المماثلة (). والمخالفة لا تكاد تتم إلا حين يتجاور صوتان من أصوات الإطباق، أو الأصوات الرخوة. أي أنها تحدث بين الحروف التي تحتاج إلى جهد عضلي (). وقد لاحظ القدماء هذه الظاهرة في اللغة، وأشار إليها سيبويه في باب (ما شذَّ فأبدل مكان اللام كراهية التضعيف، وليس بمطرد) (). وأشار إليها ابن جني أيضاً ().
أقسام المخالفة الصوتية:
تنقسم المخالفة من حيث موقع الصوت المتغير قسمين هما ():
الأول: المخالفة التجاورية المتماسة (المتصلة): وذلك عند عدم وجود صوت يفصل بين الصوتين المتخالفين، وذلك في الحروف المشددة.
والثاني: المخالفة التباعدية (المنفصلة): وتحدث في حالة وجود فاصل صامت بين حرفي المخالفة، مثل كلمة (اخضوضر) من (أخضر)، إذ أبدلت الراء الأولى واواً لجواز مثل ذلك ().
ويلحظ أن الأساس الذي تقوم عليه المخالفة الصوتية هو كراهية التضعيف، واستثقال الأداء النطقي، فاختلاف الحروف أخف على اللسان من النطق بها مضعَّفة، وذلك من التيسير اللغوي (). وبتأمل بعض الأمثلة القرآنية تتضح لنا المسارات السياقية لمصطلح المخالفة الصوتية، تنوع تلك المسارات بما يحقق بلاغة الأداء في هذه السياقات.
* فمثلاً قوله تعالى: ? أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ? () نجد كلمة (يملل) حدث فيها تخالف صوتي متصل بفك تضعيف صوت اللام. ولأصل الأول للفعل هو (يُمْلِي) على وزن (يُفْعِل) لكنهم استثقلوا المثلين فقلبوا أحدهما. وتعليل ذلك أن المثلين إذ لم يُدغَم أحدهما في الآخر يستثقلان على اللسان، لأن الرجوع من أحدهما بعد الاستثقال عنه إلى الآخر يسبب صعوبة في النطق. كما أن الماضي من (يُمْلِي) هو (أَمْلَى) على وزن (أَفْعَل) ثم أُبْدِلَت اللام الثانية في (أمَلَّ) ألفاً ليصير الفعل على صورة (أمْلَى) ().
ومن العجيب توظيف القرآن لهذا الفعل أنه وظفه مدغماً وغير مدغم (بفك الإدغام وفقاً لقانون المخالفة الصوتية) في آية واحدة هي قوله تعالى: ?أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ?. فقد جاء الفعل الأول (يُمِلّ) بالإدغام، والفعل الثاني (يُمْلِل) بالإظهار وفك التضعيف. ويرى أبو حيان أن (أَمَلَّ) لغة أهل الحجاز وبني أسد، و (أَمْلَى) لغة تميم. وقيل الأصل: (أمللتُ) أبدل من اللام ياء لأنها أخف ().
(يُتْبَعُ)
(/)
* قوله تعالى: ? فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ? () نلاحظ تماثل الصوت الأول والثالث في الفعل كبكبوا، وهو صوت (الكاف)، وكذلك تماثل الصوت الثاني والرابع في الفعل نفسه وهو صوت الباء. وقد تم إبدال الباء الثالثة إلى (الكاف) للتخالف الصوتي لأن أصل الفعل (تكبَّب)، إذ أن الصوتين المتماثلين يحتاجان إلى جهد عضلي كبير حين النطق بهما في كلمة واحدة، ولهذا تطور الصوت الثالث في الفعل (تكبب) وهو (الباء) بتأثير المخالفة الصوتية من أجل سهولة النطق ويسر الأداء، وتقلي الجهد العضلي المبذول.
ثالثاً: القلب المكاني Metathesis ( )
وهو ظاهرة صوتية تعني " تبادل صوتين لمكانيهما بأن يحل كل منهما محل الآخر" (). وهذا التبادل محله الكلمة المفردة فقط، مثل: القلب المكاني في كلمة (مَسْرَح) ــ قلب مكاني ــ مَرْسَح. وعلى هذا فالقلب المكاني وسيلة من وسائل الأداء الصوتي في اللغة. ويرى مالمبرج أن للقلب نوعان هما ():
الأول: إذا كانت الفونيمات المتبادلة المواقع متصلة سُمِّي القلب بالمتقارِب ( Inversion ) . ويقصد بالتقارب هنا تقارب المخرج الصوتي والصفة معاً.
والثاني: إذا كانت الفونيمات المتبادلة المواقع منفصلة سُمّيَ عندئذ بالمتباعد ( Metathesis ) .
ويمكن تلمس بعض سياقات القلب المكاني في النص القرآني في قوله تعالى: ? فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ? (). ففي هذه الآية قرأ عبد الله بن كثير (آفِدَة) () على القلب. ويرى أبو حيان أنها من (أَفِدَ) بمعنى عجل (). ويرى د. عبد الصبور شاهين أن في لسان العرب من معاني الفعل أيضاَ " أفِدْتُم: أي أبْطَأْتُم (). وعليه فلا قلب في الكلمة " ().
وهذا التأويل على نفي القلب هنا، ومن ثم تمّ تلمس بعض المعاني اللغوية لهذه الصيغة الجديدة (أَفِدَ)، ومن هذه المعاني (العجلة) وهو ما يتسق مع السياق الدلالي لمعنى الآية الكريمة، إذ المراد من دعاء الخليل إبراهيم ? هو أن يستجيب الله له بإرشاد الناس إلى هذا المكان ليأنس بهم زوجه هاجر وابنه الرضيع إسماعيل ? وهو ما يمكن تلمسه من دلالة (أَفِدَ) الدالة على العجلة.
رابعاً: الإتباع ()
يحدث الإتباع في مناطق توافق الحركات وانسجامها، وكذلك أنصاف الحركات، إذ يناط به فضيلة المحافظة على هذا الانسجام الصوتي. ونظراً لأن جهازنا الصوتي يمتلك إمكانية محددة في نطق الكلمات مع الحركات الموجودة على حروفها، فإن العربي استثقلت توالي أربعة متحركات في كلمة ما لعسر ذلك على الأداء النطقي. وقد أدى ذلك إلى قول أحد الباحثين: " إنما تتعاقب الحركات والسواكن طلباً للخفة وجريان موسيقى الأصوات. ولهذا تضحي اللغة ببعض الحركات، حتى لو كانت حركة إعراب – مع معرفتنا بمدى أهميتها – طلباً لخفة التناسب الحركي " (). ولذا تم تصنيف الحركات في العربية على أساس الخفة الصوتية، فالفتحة أخف الحركات تليها الكسرة فالضمة، ومن ثم كان الحديث عن أهمية الانسجام الصوتي بين الحركات الذي يرى د. كريم حسام الدين أنه " تأثير الحركة الأساسية في الكلمات أو المقاطع على الحركة التالية أو السابقة بالمماثلة " (). والتتابع الحركي ينتج عنه خفة ملحوظة، لأنه يقوم على الاقتصاد في الجهد العضلي. يقول د. أحمد مختار عمر: " التغيرات الصوتية الهامة في اللغة ترجع أساساً إلى الميل إلى استعمال الوسائل الفونيمية في اللغة اقتصاداً، وبطريقة سهلة بقدر الإمكان " (). والإتباع كما يرى د. أحمد الفيومي " هو النطق بالحركة على حذو ومثال حركة أخرى في كلمتها أو في كلمة مجاورة، وكذا النطق بها على وجه يناسب ويلائم الحركة قبلها أو بعدها " (). ولذا فإن مناط عمل الإتباع هو تحقيق المناسبة الصوتية.
أضرب الإتباع:
يتمثل الإتباع الحركي في العربية في ضربين هما:
الأول: إتباع حركي تام (كلي): وفيه تماثل الحركةُ الحركة الأخرى، وتصير مثلها تماماً. يقول ابن جني: " قد كثر عنهم الإتباع نحو: (شُدّ) و (ضُرّ) وبابه " (). وهو هنا يتحدث عن إتباع الحركة حركة أخرى، أي قلب الحركة إلى أخرى لتجانسها (صوتياً).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويحدد ابن جني نوعاً آخر من الإتباع الكامل وهو الإتباع الناتج عن قلب حركتي (الضمة أو الكسرة) إلى (الفتحة) لتلائم نطق الحرف الحلقي وتناسبه، فهو إتباع الحركة للحرف. يقول ابن جني: " ومن ذلك قولهم: (فَعَلَ يَفْعَلُ) مما عينه أو لامه حرف حلقي نحو: (سَاَلَ يَسْأَلُ، وقَرَأَ يَقْرَأُ، وسَعَرَ يَسْعَرُ، وقَرَعَ يَقْرَعُ، وسَحَلَ يَسْحَلُ، وسَبَحَ يَسْبَحُ). وذلك أنهم ضارعوا بفتحة العين في المضارع جنس الحرف الحلقي لما كان موضعاً منه مخرج الألف التي منها الفتحة " (). والمضارعة التي يعنيها ابن جني تتمثل في أن نطق حروف الحلق يصحبه انفتاح في الفم يسهل عملية انقباض الحلق، والحركة الوحيدة التي تتصف بالانفتاح هي الفتحة، ولذا يتم الإتباع هنا ().
والضرب الثاني: إتباع حركي ناقص (جزئي): ويتمثل في إتباع الحركة الحركة أو الحرف في بعض خواصه النطقية، دون أن تقلب إلى مماثل لها. فالفتحة؛ قصيرة كانت أو طويلة يتم النطق بها قريبة من الكسرة، وذلك إتباعاً للكسرة قبلها أو بعدها. يقول سيبويه: " الألف تُمال إذا كان بعدها حرف مكسور، وذلك قولك: عالِم وعالِم وساجِد ومفاتيح وعذافير وهابيل. وإنما أمالوها للكسرة التي بعدها، أرادوا أن يقربوها منها " (). ويبدو أن هذا النوع من الإتباع الحركي الناقص يشبه تقريرات النحاة وأهل التجويد والقراءات في باب (الإمالة) ().
كذلك يدخل في هذا الضرب من الإتباع الناقص نطق الفتحة القصيرة أو الطويلة قريبة من الضمة، ولك مجانسة لحروف التفخيم، مثلما نجد في قولك: (كتابُ اللهِ)، و (إنَّ كتابَ اللهِ). فاللام في المثالين مفخمة، لكنها في المثال الأول أكثر تفخيماً من المثال الثاني، وسبب ذلك هو انتقال اللسان واختلافه في موضع النطق باللام (). ويُدْرَس هذا الضرب من الإتباع في ثنايا باب التفخيم في النحو العربي، وكتب القراءات القرآنية (). تلك هي أضرب الإتباع كما قررها أهل العربية.
من مظاهر الإتباع في العربية:
تتعدد مظاهر الإتباع الحركي في العربية وتتنوع في هيئات كثيرة يحكمها في ذلك كله تحقيق الانسجام والتناسب الصوتي. ومن أهم مظاهر الإتباع الحركي ما يلي:
المظهر الأول: إتباع حركة همزة الوصل في أمر الثلاثي لحركة (عينه). ويرى أحمد عفيفي أنه من " الغريب أن يكون الثاني متبوعاً والأول تابعاً، والمنطق يؤكد أن العكس هو المشهور " (). ويجب الانتباه هنا لرأي نحاة البصرة في همزة الوصل في أمر الثلاثي الذي يتلخص في أنها مكسورة على الأصل، أو أنها اجْتُلِبَت ساكنة وكُسِرَت لالتقاء الساكنين، أو أنها اجْتُلِبَت متحركة، وكانت أولى الحركات بها الكسرة لأنها أخف من الضمة (). والرأي الأرجح وهو رأي الجمهور أن همزة الوصل مكسورة على الأصل، وأنها اجْتُلِبَت للتوصل إلى النطق بالساكن.
ونتمثل الآن ببعض الأمثلة القرآنية التي يتضح فيها هذا المظهر من الإتباع الحركي مصنفين هذه الأمثلة تبعاً لحركة عين الفعل من (ضم، وكسر، وفتح) كما يلي:
المجموعة الأولى: وفيها يتم إتباع همزة الوصل بضمها تبعاً لحركة عين الفعل المضمومة. وعليها:
- قوله تعالى: ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ? ().
- قوله تعالى: ? اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ? ().
- قوله تعالى: ? ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ ? ().
المجموعة الثانية: وفيها يتم إتباع همزة الوصل بكسرها تبعاً لحركة عين الفعل المكسورة. مثل:
- قوله تعالى: ? فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء ? ().
- قوله تعالى: ? مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ? ().
- قوله تعالى: ? فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ? ().
المجموعة الثالثة: وفيها تبقى همزة الوصل مكسورة لأن حركة عين الفعل هي الفتحة. وعليها:
- قوله تعالى: ? فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ? ().
- قوله تعالى: ? اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ? ().
- قوله تعالى: ? اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ? ().
(يُتْبَعُ)
(/)
نلحظ من خلال هذه الأمثلة القرآنية في المجموعات الثلاث أن الإتباع حدث في المجموعتين الأولى والثانية، ولم يحدث في المجوعة الثالثة.
ففي المجموعة الأولى تم إتباع حركة همزة الوصل في الأفعال (اسْجُدوا، واذْكُروا، وادْخُلوا) بالضم تبعاً لحركة عين الفعل المضمومة في هذه الأفعال، وكان هذا الضم إتباع حركة الأول (همزة الوصل) لحركة الثاني (عين الكلمة). ونلاحظ أن الكسر في همزة الوصل في هذه الأفعال على الأصل قد تحول إلى الضم لثقل الانتقال من الكسر إلى الضم، ولهذا تم التحول للمناسبة الصوتية مع إهمال الحركات الفاصلة (السواكن) بين حركة همزة الوصل وحركة عين الفعل. يقول ابن جني: " ضموا الهمزة لضمة العين، ولم يعتد بالفاء حاجزا لسكونها، فصارت الهمزة لذلك كأنها قبل العين المضمومة، فضُمَّت كراهة الخروج من كسر إلى ضم " (). ويلحظ أن الانتقال من الكسر إلى الضم مستثقل في الأبنية عند العرب، وإن كان التخلص من ذلك يتم بالإتباع الحركي الذي يجلب في هذه الحالة ضمتان لكنهما بتماثلهما يحققان شيئاً من الخفة الصوتية ().
أما المجموعة الثانية فقد بقيت همزة الوصل فيها على الأصل الأول (الكسر) إتباعا لحركة عين الأفعال (اقضِ، وانبِذ، وانفِروا) المكسورة. فالإتباع هنا حادث دون قصد.
والمجموعة الثالثة بقيت همزة الوصل فيها على الأصل الأول وهو (الكسر) مع فتح حركة عين الأفعال (اجعَل، واقرَأ، واذهَب، واشرَح)، وذلك لأن الفتحة على عين الفعل خفيفة بطبيعتها، ولهذا لم يتم الإتباع. ولو حدث الإتباع لالتبس (الأمر) بالخبر كما يرى الأشموني ().
المظهر الثاني: ما يحدث في (ضمير الغائب) من إتباع بالفتح والكسر للمفرد المذكر، والمثنى والجمع بنوعيه. فأضل حركة الضمير (هم) الضم كما يلي: (ــهُ) للمفرد المذكر، و (هُما) للمثنى، و (هُم) لجمع الذكور، و (هُنّ) لجمع الإناث. وهذا ما جعل ابن يعيش يتصور أن ضمير جمع الذكور أصله (هُمو) بإشباع الهاء المضمومة، وأنها تطورت في الاستخدام حتى آل إلى ما هو عليه الآن (). لكن هذه الضمة الأصلية على (الهاء) لا تثبت بل تتغير إتباعاً لما قبلها من حركات مثل (الكسرة الطويلة أو القصيرة) أو (الياء) فتقلب إلى تلك الكسرة. نلمح ذلك في بعض الأمثلة القرآنية كما يلي:
1 - قوله تعالى: ? أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً ? ().
2 - قوله تعالى: ? وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ? ().
3 - قوله تعالى: ? فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ? ().
4 - قوله تعالى: ? لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ? ().
5 - قوله تعالى: ? فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ? ().
ونفصل القول في كل مثال مما سبق للوقوف على مظاهر الإتباع الصوتي الحركي الحادث فيه.
* ففي الآية الأولى نجد كلمة (عَذَابُهُ) اتصل ضمير الغائب للمفرد المذكر بكلمة مرفوعة على الفاعلية، وبقيت (الهاء) على حركتها الأصل وهي (الضم) إتباعاً للضمة التي قبلها.
* وفي الآية الثانية نجد كلمة (منْهُ) اتصل ضمير الغائب للمفرد المذكر بحرف جر مبني على السكون، وبقيت (الهاء) على حركتها الأصل وهي (الضم) لسكون ما قبلها، والسكون ليس مماثلاً لثقل الياء، ولذا ليس من سبب يدعو إلى الإتباع في هذه الآية.
* وفي الآية الثالثة نجد كلمة (كتابَهُ) اتصل ضمير الغائب للمفرد المذكر بكلمة منصوبة على المفعولية، وبقيت (الهاء) على حركتها الأصل وهي (الضم) لأن ما قبل الهاء مفتوح، والفتحة أخف الحركات، ولذا لا يلزم هنا إعمال الإتباع لانتفاء الثقل.
* وفي الآية الرابعة نجد كلمة (فيهِ) تم الإتباع فيها، حيث كُسِرَت الهاء إتباعاً لحركة ما قبلها وهي الكسرة الطويلة (ياء المد). وقد تم هذا الإتباع تخلصاً من الثقل بالانتقال من حركة الكسرة الطويلة إلى حركة الضم للهاء على أصلها، وهذا مما يستثقل لذا تم التخلص منه.
* وفي الآية الخامسة نجد كلمة (عليْهِ) تم الإتباع فيها، حيث كُسِرَت الهاء إتباعاً لحركة ما قبلها وهي الياء الساكنة. وقد تم هذا الإتباع مجانسة لهذه الياء وللمناسبة الصوتية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الإتباع تحقق به التخلص من الثقل، والمناسبة للذوق، والتيسير للأداء الصوتي.
إضاءة:
ما سبق تقريره في التفاصيل الخاصة بضمير الغائب في تقاطعات سياقاته مع الأصول التي ذكرناها يمكن تجاوزه وإهماله لمطلب جمالي أو دلالي أو لغوي خاصة إذا ما عاينا ذلك موظفاً في النص القرآني. فمثلاً نقرأ قوله تعالى: ? وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ ? ()، فبحسب التقريرات السابقة فإن كلمة (عليْهُ) اتصل ضمير الغائب للمفرد المذكر بحرف جر، وقبله ياء ساكنة. ولذا كان يجب أن يتم الإتباع بكسر حركة الضمير وفقاً لحركة الياء قبلها. لكن هذا لم يتم في هذه الآية. فالقراءة الواردة عن حفص عن عاصم بضم (الهاء) دون إتباعها ().
ونلحظ في قراءات الحجازيين أن القراءة للضمير بضم الهاء على الأصل في حركتها، مع وجود الداعي إلى إتباع حركة الضمير لما قبلها، أي لوجود حركة طويلة متمثلة في (الياء) وذلك مثل قوله تعالى: (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ) () في قراءة حفص عن عاصم بضم الهاء من غير صلة بواو (). يقول ابن خالويه: " الحجة لمن ضم، أنه أتى بلفظ الهاء على اصل ما وجب لها. والحجة لمن قرأ بكسر لمجاورة الياء. ومثله: ? وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ ? " (). ويقول في موضع آخر: " أجمع القراء على كسر الهاء لمجاورة الياء، إلاّ ما رواه حفص عن عاصم من ضمها على أصل ما يجب من حركتها بعد الساكن " (). فقد خولف الإتباع الحركي هنا مراعاة للأصل الحركي الذي ورد عليه الضمير وهو (الضم).
المظهر الثالث: ما قرره الصرفيون من إتباع حركة (العين) للفاء في صيغة جمع الإناث إذا كان المفرد لهذا الجمع اسماً ثلاثياً صحيح العين ساكنها مفتوح الفاء، فعندئذ يجب الإتباع. كما في:
- قوله تعالى: ? فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ? ().
- وقوله تعالى: ? لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى ? ().
- وقوله تعالى: ? وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ? ().
فمثلاً كلمة (حَسَرَاتٍ) التي وردت في الآية الأولى وردت على إتباع حركة العين (السين) بالفتح موافقةً للفاء المفتوحة في المفرد (حَسْرَة). فحدث هنا إتباع حركي. وعلي هذا يتم تأويل الإتباع الحركي في كلمتي (صَدَقَاتِكُم، و دَرَجَاتٍ) في الآيتين التاليتين.
إذا كان الاسم الثلاثي صحيح العين ساكنها مكسور الفاء أو مضمومها، فيجوز فيه ثلاث حالات هي:
1 - إتباع حركة العين لحركة الفاء في المفرد.
2 - الفتح للعين مطلقاً.
3 - التسكين للعين مطلقاً.
ويمكن بيان ذلك من خلال النص القرآني في قوله تعالى: ? وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ? () فكلمة الغرفات مفردها ثلاثي صحيح العين ساكنها، غير أن فاء الكلمة مضمومة (غُرْفَة)، ولذا يجوز في كلمة (الغرفات) ثلاث حالات صوتية وفقاً لقانون الإتباع كما يلي:
1 - الإتباع: (الغُرُفَات) بإتباع حركة العين (الضم) لحركة فاء المفرد المضمومة.
2 - الفتح: (الغُرَفَات) بفتح حركة عين الكلمة مخالفة لحركة فاء المفرد المضمومة، أي بلا إتباع.
3 - السكون: (الغُرْفَات) بإسكان عين الكلمة بلا إتباع حركي. وتعلي ذلك كما يرى د. أحمد عفيفي أنه " إذا كان الإتباع فيه شيء من التخفيف، لأن اللسان يعمل من جهة واحدة، فإن التسكين أخف من الإتباع، ولهذا جاز كلاهما. أما الفتح فإنه يجوز لخفته " ().
وعلى هذا التخريج يمكن تفسير ما يحدث من حالات الإتباع في: قوله تعالى: ? وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ? ()، وقوله تعالى: ? وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ? ().
تنوير:
(يُتْبَعُ)
(/)
قد نجد في الآيات القرآنية كلمات على صيغة جمع الإناث لكنها معتلة العين، ولذا لا يحدث فيها الإتباع مثل قوله تعالى: ? ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ? () فكلمة (عوْرات) جمع مؤنث سالم لم يتم فيه الإتباع لحركة العين مماثلة لحركة الفاء في المفرد، إذ بقيت حركة العين على (السكون) في حين أن حركة الفاء هي (الفتحة). وتعليل ذلك: أنه لو حدث الإتباع هنا للزم لمناسبة فتح العين قلب حرف العلة ألفاً مما يؤدي إلى التباس الصيغ. يقول ابن يعيش عن هذا الإتباع أنه لو تم: " لالتبس (فَعْلَة) ساكنة العين بـ (فَعَلَة) مفتوحة العين نحو: دارة ودارات، وقامة وقامات " ().
وعلى هذا التأويل يخرج قوله تعالى: ? قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ ? ()، وقوله تعالى: ? وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ? ().
هوامش البحث:
1. - د. إبراهيم أنيس، دلالة الألفاظ، 191.
2. - د. أحمد عفيفي، ظاهرة التخفيف في النحو العربي، 139.
3. - د. بناني الصغير، النظريات اللسانية والبلاغية عند العرب، دار الحداثة، بيروت، 1986، 342.
4. - د. محمد حماسة عبد اللطيف، ظاهرة الإعلال والإبدال بين القدماء والمحدثين، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، ج 46، 1980، 168.
5. - ينظر: مالمبرج، الصوتيات، 117. –أبروكرومبي، مبادئ علم الأصوات العام، 193. – د. أحمد مختار عمر، دراسة الصوت اللغوي، 333.
6. - د. عبد العزيز مطر، لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة، دار المعارف، ط2، 1981، 245.
7. - د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 126.
8. - سيبويه، الكتاب، 4/ 477.
9. - ابن جني، الخصائص، 2/ 141.
10. - ابن يعيش، شرح المفصل، 10/ 47 – 49.
11. - د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 179.
12. - د. كريم حسام الدين، أصول تراثية، 192.
13. - ينظر: مالمبرج، الصوتيات، 118 – 120. –أبروكرومبي، مبادئ علم الأصوات،194– 195. – برجشتراسر، التطور النحوي، 31. – د. أحمد مختار عمر، دراسة الصوت اللغوي، 328. – د. عبد الصبور شاهين، أثر القراءات في الأصوات، 237 – 238. – د. عبد العزيز مطر، لحن العامة، 251. – د. محمد الصغير، الصوت اللغوي في القرآن، 25 – 27.
14. - الشيخ خالد الأزهري، شرح التصريح على التوضيح، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1968، 3/ 391.
15. - د. كريم حسام الدين، أصول تراثية، 194.
16. - سورة آل عمران: آية رقم (33).
17. - سورة طه: آية رقم (132).
18. - سورة الصافات: آية رقم (55).
19. - ينظر: سيبويه، الكتاب، 4/ 240. – ابن السرج، الأصول، 3/ 272. – ابن جني، سر صناعة الإعراب، 1/ 223. – أبو حيان، ارتشاف الضرب،1/ 89.
20. - سورة المطففين: آية رقم (14).
21. - ينظر: النحاس، إعراب القرآن، 5/ 177. - الداني، التيسير، 142.
22. - د. أحمد عفيفي، ظاهرة التخفيف، 147.
23. - ابن خالويه، الحجة في القراءات السبع، تحقيق: د. عبد العال سالم مكرم، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1993، 365.
24. - د. رمضان عبد التواب، التطور اللغوي، 29.
25. - سورة التوبة: آية رقم (38).
26. - سورة البقرة: آية رقم (72).
27. - سورة عبس: آية رقم (4).
28. - ينظر: سيبويه، الكتاب، 4/ 475. – الأخفش، معاني القرآن، 1/ 238. – الفراء، معاني القرآن، 1/ 437. - النحاس، إعراب القرآن، 1/ 283.
29. - سورة نوح: آية رقم (25).
30. ينظر: سيبويه، الكتاب، 4/ 437–476.– المبرد، المقتضب، 1/ 197– 226.–ابن جني، الخصائص،2/ 139– 145. - ابن يعيش، شرح المفصل، 10/ 121–155.– أبو حيان، ارتشاف الضرب، 1/ 163.
31. - د. أحمد مختار عمر، دراسة الصوت اللغوي، 333.
32. - د. مجدي إبراهيم، في أصوات العربية، دار النهضة المصرية، القاهرة، 2001، 106.
33. - برجشتراسر، التطور النحوي، 29.
34. - د. عبد الصبور شاهين، المنهج الصوتي للبنية العربية، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة، 1977، 208 – 209.
(يُتْبَعُ)
(/)
35. - ينظر: د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 185. - د. إبراهيم نجا، التجويد والأصوات، 100.
36. - سورة الروم: آية رقم (4).
37. - ينظر: د. محمد حسن جبل، أصوات اللغة العربية، 287. - د. إبراهيم نجا، التجويد والأصوات، 101.
38. - سورة البقرة: آية رقم (256).
39. - د. عبد الغفار هلال، أصوات اللغة العربية،237.
40. - سورة التوبة: آية رقم (38).
41. - ينظر:: د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 186 – 203. - د. محمد حسن جبل، أصوات اللغة العربية، 282 – 286.
42. - ابن جني، الخصائص، 2/ 142.
43. - ينظر: د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 187 – 195. - د. عبد الغفار هلال، أصوات اللغة العربية، 238.
44. - ينظر: مكي، التبصرة، 109 – 116. القرطبي، الموضح، 139 – 143.- ابن الجزري، التمهيد، 204.
45. - ينظر: د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 212.– د. أحمد هريدي، ظاهرة المخالفة الصوتية ودورها في نمو المعجم العربي، مكتبة الزهراء، القاهرة، 1995، 11.
46. - إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 214.
47. - السابق، 213.
48. - سيبويه، الكتاب، 2/ 401.
49. - ينظر: - ابن جني، الخصائص، 2/ 231. – ابن جني، المحتسب، 1/ 283.
50. - ينظر: كانتينو، دروس في على أصوات العربية، 46 – 48. – د. رمضان عبد التواب، التطور اللغوي، 58. – د. أحمد هريدي، ظاهرة المخالفة، 27.
51. - د. مجدي إبراهيم، في أصوات العربية، 116.
52. - ينظر: برجشتراسر، التطور النحوي، 34. –مالمبرج، الصوتيات، 120 – 121. - د. إبراهيم أنيس، الأصوات اللغوية، 121.- د. رمضان عبد التواب، التطور اللغوي، 64.- د. عبد العزيز مطر، لحن العامة، 166 – 269.
53. - سورة البقرة: آية رقم (282).
54. - د. عبد الغفار هلال، أصوات اللغة العربية، 240.
55. - أبو حيان، البحر المحيط، 2/ 342. وينظر: النحاس، إعراب القرآن، 1/ 344.
56. - سورة الشعراء: آية رقم (94).
57. - ينظر: ماريو باي، أسس علم اللغة، 149. - د. الطيب البكوش، التصريف العربي من خلال علم الأصوات الحديث، 73.
58. - - برتيل مالمبرج، الصوتيات، 121.
59. - نفسه.
60. - سورة إبراهيم: آية رقم (37).
61. - ينظر: أبو حيان، البحر المحيط، 3/ 72.
62. - أبو حيان، البحر المحيط، 5/ 432.
63. - ابن منظور، لسان العرب، 3/ 74.
64. - د. عبد الصبور شاهين، القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث، 195.
65. - ينظر: سيبويه، الكتاب، 1/ 76،436– 437. 4/ 107– 109.– المبرد، المقتضب، 1/ 270.– ثعلب، مجالس ثعلب، 1/ 205 – 206، 414 – 415. – ابن جني، الخصائص، 2/ 145،337. 3/ 141. – ابن فارس، الصاجبي، 270.
66. - د. أحمد عفيفي، ظاهرة التخفيف، 196.
67. - د. كريم حسام الدين، أصول تراثية، 196.
68. - د. أحمد مختار عمر، البحث اللغوي عند العرب، 89.
69. - د. أحمد الفيومي، أبحاث في علم أصوات العربية، 147.
70. - ابن جني، الخصائص، 2/ 164.
71. - السابق، 2/ 336.
72. - د. الطيب البكوش، التصريف العربي، 90.
73. - سيبويه، الكتاب، 2/ 259.
74. - ينظر: سيبويه، الكتاب، 259 – 270. – الداني، التسيير، 46. – مكي، التبصرة، 118– 125. – ابن يعيش، شرح المفصل، 9/ 64.– القرطبي، الموضح في التجويد، 209.– ابن الباذش، الإقناع،1/ 284. ابن الجزري، النشر،2/ 30.
75. - د. أحمد عفيفي، ظاهرة التخفيف، 161.
76. - ينظر: الداني، التيسير، 58.– مكي بن أبي طالب، التبصرة، 145 – 146 - ابن الباذش، الإقناع، 1/ 342 – 343.- ابن الفحام، التجريد، 180– 182.-ابن الجزري، النشر، 2/ 114.- أبو شامة، إبراز المعاني، 190.– علي القاري، المنح الفكرية، 29.– المرعشي، جهد المقل، 94 – 96.
77. - د. أحمد عفيفي، ظاهرة التخفيف، 152.
78. - ينظر: الأشموني، شرح الألفية، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، المكتبة التوفيقية، القاهرة، 1997،4/ 279–283.
79. - سورة البقرة: آية رقم (34).
80. - سورة البقرة: آية رقم (47).
81. - سورة البقرة: آية رقم (58).
82. - سورة الأنفال: آية رقم (58).
83. - سورة التوبة: آية رقم (38).
84. - سورة طه: آية رقم (72).
85. - سورة إبراهيم: آية رقم (37).
86. - سورة الإسراء: آية رقم (14).
87. - سورة طه: الآيتان رقم (24، 25).
88. - ابن جني، المنصف في شرح كتاب التصريف للمازني، تحقيق: إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، مطبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1974، 2/ 22.
89. - الرضي، شرح الشافية، 1/ 36.
90. - الأشموني، شرح الألفية، 4/ 479.
91. - ابن يعيش، شرح المفصل، 3/ 97.
92. - سورة يونس: آية رقم (50).
93. - سورة المجادلة: آية رقم (22).
94. - سورة الحاقة: آية رقم (19).
95. - سورة البقرة: آية رقم 0 2).
96. - سورة الفجر: آية رقم (16).
97. - سورة الفتح: آية رقم (10).
98. - ينظر: - ابن جني، المحتسب، 1/ 43 – 45. - ابن خالويه، الحجة، 226.- القرطبي، الموضح، 58.
99. - سورة الكهف: آية رقم (63).
100. - ابن الفحام، التجريد لبغية المريد، 258.
101. - ابن خالويه، الحجة، 226.
102. - السابق، 330.
103. - سورة فاطر: آية رقم (8).
104. - سورة البقرة: آية رقم (264).
105. - سورة الإسراء: آية رقم (21).
106. - سورة سبأ: آية رقم (37).
107. - د. أحمد عفيفي، ظاهرة التخفيف، 158.
108. - سورة البقرة: آية رقم (19).
109. - سورة البقرة: آية رقم (168).
110. - سورة النور: آية رقم (58).
111. - ابن يعيش، شرح المفصل، 5/ 30.
112. - سورة الأعراف: آية رقم (26).
113. - سورة الشورى: آية رقم (22).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نسيم علي]ــــــــ[18 - 10 - 2009, 01:10 م]ـ
هذا الموضوع لابد أن تهتم به أكثر ,,, اخبركم بخبر ربما يكون غريبا وربما هو واقع في غير جامعة من جامعاتنا العربيبة!
هذا الموضوع لم أدرسه باللغة العربية في جامعة الأقصى , وكان تخصصي , اللغة العربية وأساليب تدريسها.
وفوجئت لأول مرّة به في منهاج الصف العاشر. حيث كان من ضمن موضوعات الأصوات , وفهمته فقط من كتاب هذه المرحلة.
فبارك الله فيكم , لو تهتموا أكثر بكل تفصيلات هذا الموضوع وشكرا لكم.(/)
من قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ ........... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 05 - 2008, 07:11 ص]ـ
من قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
تفصيل ثان لمجمل قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، فكأن في السياق سؤالا مقدرا: من أولئك؟، فجاء الجواب بـ: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)، و: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
"الناس": عام أريد به خاص، و وهو: أبو سفيان، رضي الله عنه، وكان يومئذ على الشرك قائدا لجيش المشركين، فيكون إطلاق الناس عليه من باب المجاز عند من يقول به.
وكذلك "الناس" الثانية: فهو، أيضا، عام أريد به خاص، وهو: نعيم بن مسعود، رضي الله عنه، وكان، هو الآخر، يومئذ مشركاً.
يقول أبو السعود رحمه الله: "وإطلاقُ الناس عليه لما أنه من جنسهم وكلامُه كلامُهم، يقال: فلان يركبُ الخيلَ ويلبَسُ الثيابَ وما له سوى فرسٍ فردٍ وغيرُ ثوبٍ واحد". اهـ
ومثله:
قوله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ): أي: الخليل الأول: محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على نعمة الرسالة.
و: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)، أي: الخليل الثاني: إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
"وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ": تذييل يناسب السياق، و: "حسبنا الله": قصر بتعريف الجزأين، فحسبنا الله، ولا حسب لنا سواه.
"ونعم الوكيل": حذف ما دل السياق عليه من المخصوص بالمدح، فتقدير الكلام: ونعم الوكيل الله الممدوح، فحذف المخصوص بالمدح: لفظ الجلالة: "الله"، و: خبره: "الممدوح"، أو يكون التقدير: ونعم الوكيل هو الله، فحذف المبتدأ والخبر: "هو الله".
والله أعلى وأعلم.(/)
الانتقال من الكلمة إلى متعلقها المعنوي
ـ[ضاد]ــــــــ[25 - 05 - 2008, 03:52 م]ـ
يقول الله في سورة آل عمران:
(أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ)
حيث انتقل من \لعنة الله\ إلى متعلقها المعنوي الذي هو \النار\ حيث \لا يخفف عنهم العذاب\ فيها. والله تعالى أعلم.
تفكرت في الآيتين حين سمعتهما قبل قليل.
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 05 - 2008, 07:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي ضاد.
فالمسألة أشبه ما تكون بالبيان بعد الإجمال، فاللعنة: مجملة فسرت بـ: "النار" كما ذكرت، وحالهم في النار مجمل بينه ما بعده: "خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ".
ومن باب المدارسة تأمل أيها الكريم:
الإشارة إليهم باسم الإشارة: "أُوْلَئِكَ": الذي يشار به إلى البعيد، تحقيرا لشأنهم، فالبعد هنا سفلي، لا علوي كما في آيات المؤمنين نحو قوله تعالى: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، فصار اللفظ الواحد: مشتركا لفظيا مجملا، بل يمكن اعتباره من الأضداد التي تدل على المعنى وعكسه في آن واحد، وهذا أشد إجمالا، فلا يحصل بيانه إلا بقرينة السياق، فإن كان الكلام عن معظم صار للتعظيم، وإن كان الكلام عن محقر صار للتحقير.
وقد أكد وقوع اللعنة عليهم بـ:
"أَنَّ": المؤكدة، و: تقديم ما حقه التأخير في: "عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ"، فأصلها: لعنة الله والملائكة والناس أجمعين عليهم، و: اسمية الجملة التي تدل على الثبوت والاستمرار فهي لعنة دائمة، و: تعدد جهات اللعن: من الله، عز وجل، والملائكة، والناس، مع توكيد ذلك بـ: "أجمعين"، فكلها مؤكدات تزيد المعنى قوة.
ويمكن أن يقال بأن: "الناس" في الآية من: العام الذي أريد به خاص، فيكون مجازا عند من يقول به، فليس اللاعنون كلَ الناس حقيقة، لأن منهم كفارا مثلهم يشتركون معهم في اللعنة، فيكون المقصود: الناس الذين يعتد بلعنهم، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، وهم المؤمنون، فهم الصنف الناجي الذي استأثر بالاسم العام في هذا السياق.
وفي قوله: "خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ": عود للضمير في "فيها" على غير مذكور، إن قصد عوده على النار، فيكون ذلك لفخامة شأنها ونباهة ذكرها فهي غنية عن الذكر، لاسيما وقد دل السياق عليها، فاللعنة دالة عليها دلالة المقتضي لمقتضاه، فمقتضى وقوع لعنة الله، عز وجل، عليهم أنهم في النار خالدون.
وفي قوله: "ولا هم ينظرون": أكد اختصاصهم بذلك بالضمير "هم"، فهم لا غيرهم الذين لا ينظرون، فضلا عن اسمية الجملة، فإيثارها لإفادة دوامِ النفي واستمراره كما أشار إلى ذلك أبو السعود رحمه الله.
والله أعلى وأعلم.(/)
التلوين بالمحسنات الصوتية في القرآن الكريم
ـ[ابن عبد العزيز الرجداوي]ــــــــ[26 - 05 - 2008, 09:27 م]ـ
التلوين بالمحسنات الصوتية في القرآن الكريم
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
اهتم أهل البلاغة في إطار بحوثهم الجمالية لتصرفات المباحث البلاغية بصور مختلفة من الألوان البديعية الصوتية التي لها مزية حسن الوقع السمعي، والتي صُُنِّفَت مندرجة تحت مسمى (المحسنات اللفظية). وهذا الاهتمام بالأثر الصوتي لهذه المحسنات الصوتية، يصدر عن نزعة جمالية لديهم.
ولا شك أننا نجد في الشعر الجيد إيقاعاً موسيقياً غير متولد عن معانقة الوزن فقط، بل هو ناتج عن علاقات نسقية بين الألفاظ من الناحية الصوتية، وما يتخلل ذلك من الاتكاء على معطيات النبر والتنغيم عند الأداء الصوتي لهذا الشعر. وهذا الإيقاع الموسيقي الناتج عن مثل هذه العلاقات النسقية لا نستطيع أن نفصله عن ألوان الإيقاعات الأخرى داخل السياق الأدائي، لأنها جميعاً تتداخل معاً لتنتج لنا مزيجاً صوتياً عذباً، يتآلف مع المقومات الأخرى للعمل الفني كالصور والأخيلة والمعاني والانفعالات. على أنه يجب الحذر من الإسراف في تنمية مثل هذه العلاقات الصوتية لأن ذلك سيؤدي إلى نشاز جمالي داخل السياق الكلي للعمل الفني. فهذه العلاقات يجب أن يكون مقدارها موازياً لمقدار الإيقاع، ومنضبطة معه.
ونجد عند ابن سنان لمحات عبقرية إذ أدرك الأثر الجمالي لهذه العلاقات الصوتية، وتمثلها في نواح متعددة داخل السياق الإبداعي، بل وجعلها شرطاً من شروط الفصاحة، وهي ما سماه (المناسبة بين اللفظين)، وهي عنده على ضربين هما ():
الأول: مناسبة بين اللفظين من طريق الصيغة.
والثاني: مناسبة بين اللفظين من طريق المعنى.
وقد جعل ابن سنان المناسبة اللفظية متمثلة في ألوان البديع الصوتي مثل: (السجع، والازدواج، والجناس، والترصيع) ().
وابن سنان بهذا الصنيع يكون سابقاً للدراسات التعبيرية الحديثة عندما تعقد للأصوات في وضعها التعبيري أهمية قصوى لأنه " ثمة إمكانات تعبيرية كامنة في المادة الصوتية. هذه التأثيرات تظل كامنة في اللغة العادية حيث تكون دلالة الكلمات التي تتآلف منها، والظلال الوجدانية لهذه الكلمات بمعزل عن قيم الأصوات نفسها، ولكنها تتفجر حيثما يقع التوافق من هذه الناحية. إذن فثمة مجال بجانب علم الأصوات بمعناه الدقيق لعلم أصوات تعبيري " ().
هذا العلم بمعناه الجديد هو عين ما عناه جان كوهين باسم علم (الأسلوبية الصوتية) ()، وهي تلك الأسلوبية التي تنبع أصلاً من الدلالة الصوتية للكلمات. ويجعل كوهين هذه الدلالة على شقين هما:
الأول: دلالة الوزن والقافية الشعرية.
والثاني: الدلالة الصوتية الذاتية للكلمات المنتظمة داخل النسق الشعري.
والشق الثاني هو مناط الاهتمام في هذا المقام ().
ويرى بيير جيرو أن " في حوزة اللغة نسقاً كاملاً من المتغيرات الأسلوبية الصوتية، ويمكن أن نميز من بينها: الآثار الطبيعية للصوت، والمحاكاة الصوتية، والمد، والتكرار، والجناس، والتناغم " ().
كما أن هذه المحسنات الصوتية في توظيفها الصوتي تكون منطلقاً للوعي والتأثير. " فالشاعر حينما يكرر حرفاً بعينه، أو مجموعة من الحروف، إنما يكون لهذا مقصد ومغزى يعكس شعوراً داخلياً للتعبير عن تجربته الشعرية. وقد يتفوق الجرس الصوتي على منطق اللغة فيخرج عن قيد الصوت المحض إلى فيض الدلالة التي تحرك المعنى وتقويه. وليس من شك في كون الشاعر دائماً ما يحمل هم إحداث التناغم بين الذات والصوت، وهو في ذلك يرتكز على قيمتين تختزنهما أبجدية الحروف اللغوية هما: الأثر السمعي والمعنى " (). كما أن لهذه المحسنات أهمية قصوى في الإسهام بفاعلية في إنتاج بنية التوازي " التي يحظى فيها الصوت حتماً بالأسبقية على الدلالة " ().
والتلوينات (التنويعات) الصوتية التي تزخر بها اللغة، بما لها من أثر تحسيني في بنية الأداء لهذه اللغة، هو ما دفع البلاغيين إلى مراقبة البنية التكوينية للجملة، والتدقيق في رصد الخواص الصوتية التي تتصل بعملية التحسين في هذا السياق.
(يُتْبَعُ)
(/)
والدراسات اللسانية والنصية الحديثة تتخذ من محددات النص - أي المكونات التي يكون بها النص نصياً – محوراً للدراسات والبحوث. والأسلوبية الصوتية التي دعا إليها كوهين ترى في توافق تام مع مقررات اللسانيات النصية أن من أهم هذه المحددات النصية عنصر (السبك Cohesion ) الذي يتحقق بفضل انسجام عناصر نحوية وعناصر معجمية ().
والنحوية هنا تتسع في دلالاتها لتشمل المستويات الصوتية والصرفية والتركيبية والدلالية. وليس هناك أدل على إدراك أهل البلاغة لمفهوم السبك من مقالة ابن الأثير حين تحدث عن العلة في تفضيل لفظ على آخر بقوله: " ومن عجيب ذلك أنك ترى لفظين تدلان على معنى واحد، وكلاهما حسن الاستعمال، وهما على وزن واحد، وعدة واحدة، إلا أنه لا يحسن استعمال هذه في كل موضع تستعمل فيه هذه، بل يفرق بينهما في مواضع السبك. وهذا لا يدركه إلا من دقَّ فهمه، وجلَّ نظره. فمن ذلك قوله تعالى: (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ()، وقوله تعالى: (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) () فاستعمل (الجوف) في الأولى و (البطن) في الثانية، ولم يستعمل الجوف موضع البطن، ولا البطن موضع الجوف، واللفظتان سواء في الدلالة، وهما ثلاثيتان في عدد واحد، ووزنهما واحد أيضاً، فانظر إلى سبك الألفاظ كيف تفعل؟! " ().
والنص واضح بذاته ويدلنا على مدى الفهم الواعي لمحددات الذوق البلاغي الذي كان عليه أهل البلاغة في تعاملهم مع النص القرآني، ومحاولاتهم تفسير ظواهره الأسلوبية الثرية.
والسبك المعجمي هو المنوط به تحقيق الصوتية الدلالية في نص ما، لأنه يرتكز على تصرفات الألفاظ والمفردات. كما أنه يتحقق عبر ظاهرتين لغويتين هما: التكرار ( Reiyeration ) ، والمصاحبة المعجمية ( Collocation ) وهي تلك الألفاظ المتصاحبة دوماً، بمعنى أن ذكر أحدهما يستدعي ذكر الآخر، ومن ثم يظهران معاً دوماً (). وما يهمنا هنا في هذا المقام هو الحديث عن ظاهرة التكرار بكل أشكالها مع مراعاة أن الجانب التراثي لتناول هذه الظاهرة لن يكون حاضراً بشكله، بل من خلال معطياته وفق تصنيف آخر يتضح من خلال السرد البحثي.
فالتكرار في صورته العامة عبارة عن تكرار لفظين مرجعهما واحد، أي أن الأصل المعجمي لهما واحد، دون الاعتداد بالمعنى في هذا السياق. كما " أن مثل هذا التكرار يعد ضرباً من ضروب الإحالة إلى سابق ( Anaphora) بمعنى أن الثاني منهما يُحيل إلى الأول؛ ومن ثم يحدث السبك بينهما، وبالتالي بين الجملة أو الفقرة الوارد فيها الطرف الأول من طرفي التكرار، والجملة أو الفقرة الوارد فيها الطرف الثاني من طرفي التكرار " ().
كذلك ينظر إلى التكرار من زاويتين هما: زاوية الألفاظ، وزاوية المعاني. فالتكرار من الناحية اللفظية يحقق إيقاعاً موسيقياً متناغماً، وذلك إذا كان قائماً على وحدات متساوية من الأصوات التي اتصفت بالحسن. أما إذا قام على أصوات أو ألفاظ توصف بالثقل أو الغرابة فإنها تؤدي إلى نتائج عكسية وهي التنافر والقبح السمعي (). أما التكرار من الناحية المعنوية فإنه يرتبط بالإيجاز والإطناب والمساواة، ويرتبط بصورة أوثق بمقام التلقي وأقدار المستمعين، فهو يحسن في مقامات ويقبح في أخرى.
والنص القرآني لديه المثال الأوفى في توظيف التكرار واستعماله، فهو يعتمد الإيجاز البلاغي في مخاطبة العرب أهل الفصاحة. يقول الجاحظ: " رأينا الله تبارك وتعالى إذا خاطب العرب والأعراب أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي والحذف. وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم جعله مبسوطاً، وزاد في الكلام " ().
وهذا اللون من التكرار المستعذب للأصوات التي تحدث إيقاعاً موسيقياً يختلف تماماً عن الإيقاع الناتج عن الأوزان الشعرية، والقائم على تكرار التفعيلة، وهو ناتج عن تكرار الحركات والسكنات على نحو منتظم لا يقتصر على الشعر بل يكثر أيضاً في النثر. واللسانيات النصية قدمت لنا تصنيفاً فريداً لجمالية التكرار لكن من زاوية لسانية بحته. هذا التصنيف يتمثل في أربع درجات هي ():
(يُتْبَعُ)
(/)
الأولى: إعادة العنصر المعجمي ( Repetition of Lexical Item ) ويقصد به تكرار الكلمة ذاتها دون تغيير، ولذا يسمى التكرار التام ( Full Repetition ) . وهو عند علماء البلاغة العربية تحت مسمى (التكرير اللفظي) ().
والدرجة الثانية: الترادف أو شبه الترادف ( Synonym or Near Synonym ) ويقصد به تكرا المعنى دون اللفظ. ويكون شبه الترادف حين يتقارب اللفظان تقارباً شديداً لدرجة يصعب معها التفريق بينهما مثل كلمتي (عام) و (سنة) (). وهذا اللون من التكرار يسمى عند البلاغيين العرب باسم (التكرير المعنوي) ().
والدرجة الثالثة: الاسم المشترك ( Super Ordiante ) ويقصد به الاسم الشامل الذي يحمل أساساً مشتركاً بين عدة أسماء ترتكز في سياقاتها جميعاً على هذا الأساس المشترك مثل كلمة (إنسان) التي تحمل أساساً مشتركاً للعديد من الكلمات مثل (رجل، وامرأة، وولد، وبنت، وشيخ ... إلخ) ().
والدرجة الرابعة: الكلمات العامة ( General Words ) ويقصد بها تلك المجموعة من الكلمات التي فيها من العموم والشمول حيزاً أكبر بكثير مما في درجة الاسم المشترك أو الاسم الشامل.
وهذا التقسيم اللساني لعنصر التكرار روعي فيه التدرج التوزيعي، والمنطقة التوليدية تأثراً بنا قدمته المدارس اللسانية السابقة كالتحويلية والتوزيعية والتوليدية، فجاء هذا التقسيم متفرداً عنها، ومنطلقاً في الوقت ذاته من أساساتها المتعددة.
وتأسيساً على التقسيم السابق فإنه يمكننا التعرض للسياق التكراري كقيمة صوتية تنضوي في طياتها العديد من القيم الصوتية البلاغية التي تؤدي الدور الأهم في السياق الدلالي. ولذلك فإنه يمكن تقسيم التكرار إلى لونين هما:
الأول: تكرار اللفظ والمعنى.
والثاني: تكرار اللفظ دون المعنى.
ونفصل القول في كل منهما على حدة.
أولاً: تكرار اللفظ والمعنى
وهذا القسم هو بعينه ما تناوله أهل البلاغة العربية قديماً في ثنايا مؤلفاتهم تحت مسمى (التكرير أو التكرار) (). وقد عولج هذا اللون البديعي عند البلاغيين على أساس أن حده (دلالة اللفظ على المعنى مردداً) كقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) () بتكرار كلمة (السابقون) لفظاً ومعنى. وهذا التكرار اللفظي رصد له ابن رشيق تسع وظائف دلالية ترتبط كل منها بغرض شعري معين. وهذه الوظائف تتمثل في (التشويق، والاستعذاب، والتقرير، والتوبيخ، والوعيد والتهديد، والتوجع، والازدراء، والتهكم، والتنقيص). وقد عدَّد ابن رشيق لكلٍ منها مجموعة كبيرة من الشواهد الشعرية المدللة على كل منها (). وما فعله ابن رشيق هو في حقيقته خلاصة ما تعاوره أهل البلاغة في دراسة مسائل التكرير، وذلك بشيء من التفصيل والإيضاح ().
ولا شك في امتلاك ابن الأثير فنية الحس الذوقي عندما تعامل مع مسائل هذا المبحث على المستوى الإفرادي بشيء من الحرفية والإحساس الراقي. يتضح ذلك بصورة جلية من خلال تحليله لقوله تعالى: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) () حيث يقول عن تكرار (الرحمن الرحيم): " كرر (الرحمن الرحيم) مرتين، والفائدة في ذلك ـن الأول يتعلق بأمر الدنيا، والثاني يتعلق بأمر الآخرة. فما يتعلق بأمر الدنيا يرجع إلى خلق العالمين في كونه، خلق كلا منهم على أكمل صفة، وأعطاه جميع ما يحتاج إليه حتى البقة والذباب. وقد يرجع إلى غير الخلق كإدراك الأرزاق وغيرها. وأما ما يتعلق بأمر الآخرة فهو إشارة إلى الرحمة الثانية يوم القيامة، الذي هو يوم الدين " ().
وابن الأثير يحلل التكرار في سياق إفرادي خالص، دون أن يتطرق إلى دوره في السياق الكلي للآيات، وما له من وظائف في هذا السياق. و هنا يثور سؤال مفاده: هل للتكرار دور وظيفي في تحقيق السبك السياقي، بعيدا عن وظيفته التقليدية وهي التوكيد؟! والإجابة عم هذا السؤال نتلمسها عند السجلماسي إذ يقول عن تكرار (البناء) وهو ضرب من أضرب التكرار عنده: " هو إعادة اللفظ الواحد بالعدد وعلى الإطلاق المتحد المعنى كذلك مرتين فصاعداً خشية تناسي الأول لطول العهد به في القول. ومن صوره الجزئية قوله عز وجل: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ) () فقوله: (أنكم) الثاني بناء على الأول، وإذكار به خشية تناسيه لطول العهد به في القول " (). وهذا التكرار يسهم في تنشيط ذاكرة المستمع والمتلقي وذلك بإحالة مدلولات اللفظ الثاني إلى محكمات الأول في إطار السياق ذاته.
ويتخذ تكرار اللفظ والمعنى أشكالاً متعددة في هيكل البلاغة العربية، تتحد هذه الأشكال على تباعدها التنظيمي في أداء الوظيفة الصوتية الدلالية، إذ يجمعها هذا الرابط، ويحدد هدفها في هذا الاتجاه. فمن هذه الألوان ما يلي:
1 - الترديد:
ويقصد به أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى، ثم يرددها هي بعينها مع تعلقها بمعنى آخر في البيت الشعري نفسه، أو في جزء منه (). وعليه قول زهير ():
مَنْ يَلْقَ يَوْماً عَلَى علاَتِهِ هَرَماً يَلْقَ السَّمَاحَةَ مِنْهُ وَالنَّدَى خُلُقاً
فقد علَّق (يلق) الأولى بلفظة (هرماً) ثم علّقها ثانية بلفظة (السماحة)، فردد اللفظة ذاتها (يلق) مع تعلقها بمعنيين.
ويرى ابن أبي الإصبع أن الترديد هو " أن يعلق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى ثم يردها بعينها بمعنى آخر كقوله سبحانه وتعالى: (حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) () فالجلالة الأولى مضافاً إليها، والثانية مبتدأ بها " ().
وينصب الترديد أحياناً على حروف المعاني إذ يتم تكرارها مرتين أو أكثر كقوله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) () فقد تردد حرف الجر (من) في السياق الأول بكاف الخطاب، ثم اتصل الحرف ذاته في السياق الثاني بضمير الغائب للجمع. وهذا الاتصال أسهم دلالياً في تحقيق قيمة التوقع عند المتلقي، إذ يتوقع القارئ أنه عند موالاة الكفار يُصبح (الموالِي) منهم. وهذا التوقع هو الناتج الأسلوبي لقيمة الترديد في سياق هذه الآية ().
والترديد ظاهرة لغوية ذات طبيعة صوتية محضة، ولكنها لا تهمل الجانب الدلالي الذي ينبغي أن تؤديه من خلال علاقاتها التركيبية. وقوام هذه الظاهرة هو التكرار والإعادة. والترديد بهذا الشكل يمثل مظهراً إيقاعياً يلعب فيه ذكر اللفظ ثانية دوراً موسيقياً حراًّ ().
وظائف الترديد:
للترديد ثلاث وظائف متكاملة تتمثل في ():
الأولى: إيقاعية. وأبرز ما يمثلها ترديد اللفظة نفسها في السياق.
والثانية: دلالية. وهي تقوم على ما تؤديه اللفظة المرددة من أدوار نحوية تتبعها أغراض سياقية دلالية أهمها على الإطلاق التوكيد.
والثالثة: شعرية. تقوم على ما تفرزه الألفاظ المترددة من أنماط تركيبية وإخبارية وبيانية متنوعة على مستوى الخطاب، وتحقيق عناصر دلالية مثل المفاجأة، والإثارة اللتين تجلبان اهتمام السامع، وتحقيق سياق التوقع الجمالي لديه.
2 - التعطف:
ويقصد به: أن تذكر اللفظ ثم تكرره والمعنى مختلف (). ولذا فهو شبيه بالترديد لكنه يختلف عنه من وجهين هما:
الأول: أن الترديد يشترط فيه إعادة اللفظة بصيغتها، التعطف لا يشترط فيه ذلك.
والثاني: أن الترديد قد يكون في أحد أقسام البيت؛ في المصراع الأول أو الثاني أو هما معاً، أما التعطف فيشترط فيه أن يتباعد اللفظان بحيث يكون كل منهما في قسم منفصل.
ومن أمثلة التعطف في النص القرآني قوله تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ) (). فالتعطف في الآية ورد في موضعين متعلقين بلفظة (تربصون) التي تعلقت بالجار والمجرور (بنا)، ولفظة (نتربص) التي تعلقت بالجار والمجرور (منكم)، فتم العقد بين كل متربصين تعطفاً.
ويلاحظ ما يسهم به التعطف في سياق المنظومة الصوتية، وما يتبعها من جماليات دلالية وسياقية قوامها (التعلق) الذي هو عين (السبك) في الدراسات النصية والأسلوبية الحديثة.
3 – رد الأعجاز على الصدور:
ولهذا المبحث تصرفات متنوعة في سياق الشعر والنثر، ولذا فإنه يتنوع في أداء وظائفه الجمالية تبعاً لتنوع هذه السياقات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقصد به في السياق النثري: أن يجعل أحد اللفظين المكررين أو المتجانسين أو الملحقين بهما في أول الفقرة، والآخر في آخرها. وعليه يخرج قوله تعالى: (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) () ويقصد به في السياق الشعري: أن يكون أحد اللفظين في آخر البيت والآخر في صدر المصراع الأول، أو في حشوه، أو في آخره، أو في صدر المصراع الثاني. ومثال ذلك قول الأقيشر الأسدي ():
سَرِيعُ إلَى ابْنِ الْعَمِّ يَشْتُمُ عِرْضَهُ وَلَيْسَ إلَى دَاعِي النَّدَى بِسَرِيع ِ
فقد وافق الجزء الأخير من البيت (بسريع) الجزء الواقع في فاتحة البيت وصدره.
ويسمي بعض أهل البلاغة هذا اللون باسم (التصدير) ()، وإن كان أغلبهم على تسميته بـ (رد الأعجاز على الصدور) خصوصاً المتأخرين منهم ().
أقسام رد الأعجاز على الصدور:
لهذا اللون أقسام عديدة تصل إلى ستة عشر فرعاً، وذلك بحسب موقع اللفظة الأولى (الصدر) لأنها الدالة المتحركة بحرية بخلاف الثانية (العجز) الثابتة دوماً في نهاية البيت.
وهذه الأقسام العديدة ناتجة عن عملية حسابية تعدت الأصل فصارت على هذا التزيد. فنحن لدينا أربعة أشكال من الألفاظ التي يقع فيها هذا اللون، وهذه الأشكال هي (المكرران، والمتجانسان، والملحقان بالمتجانسين اشتقاقاً، والملحقان بالمتجانسين بشبه الاشتقاق). كذلك لدينا أربعة مواقع للفظ الأول (الصدر) وذلك لثبات الموقع للفظ الثاني (العجز). وهذه المواقع هي:
- أول المصراع الأول.
- حشو المصراع الأول.
- آخر المصراع الأول.
- أول المصراع الثاني.
وعليه يكون مجموع ما لدينا من أضرب وأقسام لهذا اللون هو الناتج من حاصل ضرب الأشكال الأربعة في المواقع الأربعة. وما يهمنا من هذه الأضرب هو ما ورد من توظيف في سياق النص القرآني، وبيان هذه الأنماط كما يلي:
النمط الأول: أن يكون أحد اللفظين المكررين - وهما المتفقان لفظاً ومعنى – في سياق الآية القرآنية، في بداية الآية، أو ما يشبه بدايتها. وعليه قوله تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (). فقد بدأت الآية بكلمة (استهزئ)، وختمت بكلمة (يستهزئون). واللفظان متفقان لفظاً ومعنى، فهما مكرران.
والنمط الثاني: أن يكون اللفظان متجانسان، أي متشابهان في اللفظ دون المعنى. ونظراً لإمكانية خلط هذا النمط بمبحث (الجناس التام) الذي تتفق صورته ويختلف معناه، فإنه يجب إيضاح الفارق بين اللونين. فمثلاً قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) () هناك تجانس تام بين لفظي (الساعة) أي: يوم القيامة و (ساعة) أي: مدة زمنية معينة. وهذا التجانس قائم بصورة أساسية على التماثل الحادث في المستوى الشكلي (البصري)، أي على مستوى (البنية السطحية Surfuce Structure ) ، لكنهما تختلفان بالطبع على مستوى (البنية العميقة Deep Structure ) ، وهذا هو عين تعريف الجناس التام. لكن المفارقة هنا بين الجناس التام وهذا النمط من رد الأعجاز على الصدور تكمن في أن هذا النمط من رد الأعجاز يستلزم التجانس وليس التماثل الكامل (التكرار التام)، وهذا ما لا يتحقق سوى في (الجناس التام) فقط.
ومن أمثلة البلاغيين لهذا النمط من رد الأعجاز قولهم (): (سَائِل اللئيم يرجع ودمعه سَائِل) ومعناه: أن طالب المعروف من الرجل اللئيم يرجع ودمع هذا اللئيم سائل، وهذا أبلغ في الذم لهذا الشخص. فكلمة (سائل) في أول الفقرة وآخرها متجانستان لأن الأولى من (السؤال) والثانية من (السيلان) ().
والنمط الثالث: أن يكون اللفظان ملحقين بالمتجانسين عن طريق الاشتقاق، أي أنهما يشتركان في الأصل اللغوي دون النظر إلى الصورة الشكلية التي وردا عليها. وعليه يخرج قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (). فكلمتا (استغفروا) و (غفاراً) بينهما اشتراك في أصل المادة اللغوية (غفر)، وكذلك بينهما شبه تجانس بالاشتقاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك يخرج على هذا النمط قوله تعالى: (وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) () فكلمتا (هب) فعل أمر من وهب، و (الوهاب) صيغة مبالغة من المادة نفسها، وبينهما اشتراك في أصل المادة اللغوية (وهب)، وكذلك بينهما شبه تجانس بالاشتقاق.
والنمط الرابع: أن يكون اللفظان ملحقين بالمتجانسين عن طريق شبه الاشتقاق، أو الصورة المشبهة للاشتقاق شكلاً. وعليه يخرج قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ) () فبين كلمة (قال) فعل ماض من (قَوَلَ)، وكلمة (القالين) اسم فاعل للجمع من (قَلَى) أي بغض وكره، تجانس عن طريق شبه الاشتقاق بصورة شكلية، أي على المستوى البصري.
وكذلك يخرج على هذا النمط قوله تعالى: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) () فبين كلمة (الظلمات) من (الظُلْمَة)، وكلمة (الظالمين) اسم فاعل للجمع من (ظَلَمَ)، تجانس عن طريق شبه الاشتقاق بصورة شكلية، أي على المستوى البصري.
وكذلك يخرج على هذا النمط قوله تعالى: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ) () فبين كلمة (أعْرَضَ) من (الإعراض)، وكلمة (عريض) صيغة مبالغة للكثرة، تجانس عن طريق شبه الاشتقاق بصورة شكلية، أي على المستوى البصري.
ويرى د. محمد عبد المطلب أن التكرارية ملحوظة في هذا اللون على المستوى الشكلي، كما أنها ملحوظة على مستوى البنية العميقة عندما تتوارد لفظتان بمعنى واحد أو بمعنيين مختلفين، ولكن طبيعة البعد المكاني للفظتين هو الذي نقل هذا اللون من بنية التكرار إلى هذا السياق، فكأن التكرار هنا لابد من أن يتوفر فيه ذهنياً مسافة في الدلالة تسمح للفظة أن تستقر محققة نوعاً من اكتمال المعنى أو تحقيقه ().
تلك هي أهم أنواع هذا اللون البديعي الموظف صوتياً في السياق الدلالي للكثير من النصوص الشعرية والنثرية.
4 – تشابه الأطراف:
ويقصد به: أن يُختم الكلام بما يناسب أول في المعنى (). ويرى ابن أبي الإصبع أن هذا اللون يُسمى (التسبيغ) ومعناه " أن يعيد لفظ القافية في أول البيت الذي يليها، والتسبيغ زيادة في القول " (). وقد خرج أبن أبي الإصبع على هذا اللون قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) (). فقد تشابهت أطراف الجمل القرآنية بتكرار ختام كل جملة في بداية الجملة التالية كما يلي:
- كمشكاة فيها مصباح.
- المصباح في زجاجة.
- الزجاجة كأنها كوكب دريّ.
إذ تبادلت لفظتا (مصباح) و (زجاجة) أدوارهما من كونهما ختام الجمل القرآنية، إلى الابتداء بهما في سياق الجملة التالية. ويرى د. محمد عبد المطلب أن تشابه الأطراف " يقدم بنية تكرارية تعتمد على إعادة الشاعر لفظ القافية في أول البيت التالي لها، أو أن يعيد الناثر القرينة الأولى في أول القرينة التي تليها. فالتكرارية هنا ملحوظ فيها البعد المكاني في تجاوز الدالين، برغم تمايز التراكيب التي تضم كلا منهما من حيث الختام والابتداء " ().
وواضح أن هذا اللون التكراري يعتمد في أداء وظيفته على المفاجأة الأسلوبية واختراق توقع القارئ الذي يتوقع اختلاف البداية للبيت التالي، فيجد نفسه مع ختام السابق مع بداية التالي من خلال الابتداء بهذا السابق، فينتقل أفق توقعاته إلى مدار أسلوبي أرقى وأفسح على المستوى الدلالي والنصي ().
5 - المجاورة ():
وهذا اللون البديعي من مبتدعات العسكري الذي يرى في تعريفه أنه " تردد لفظين في البيت ووقوع كل واحد منهما بجنب الأخرى أو قريباً منها من غير أن يكون أحدهما لغواً لا يحتاج إليها " (). وقد خرج العسكري على هذا اللون قول علقمة الفحل ():
وَمُطْعِمُ الْغُنْمِ يَوْمَ الْغُنْمِ مُطْعِمه أَنَّى تَوَجَّهَ والْمَحْرُومُ مَحْرُوم
فقوله: (الغنم يوم الغنم) مجاورة، وكذلك قوله: (المحروم محروم).
(يُتْبَعُ)
(/)
ونتلمس هذا اللون في سياق النص القرآني في قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (). فقد تجاور لفظ الجلالة (الله) مرتين بلا فاصل، ولكل منهما دلالته العامة والخاصة، كما أنه لا يمكن الاستغناء عن أحدهما على الإطلاق.
وهذا اللون البديعي تعتمد فيه الأسلوبية الصوتية على بنية التكرار الخالصة وذلك على مستوى البنية السطحية والعميقة معاً. كما أن حركة المعنى فيه تأخذ شكلاً رأسياً بوضع المعنى طبقات بعضها فوق بعض، مع توازيها في قيمتها التعبيرية، وإن اختلف الأثر الدلالي النهائي نتيجة لتراكم هذه الدلالات ().
تلك هي أهم الأنماط التكرارية التي تتخذ من تكرار اللفظ والمعنى شكلاً تعبيرياً خاصاً بها في أداء ما يناط بها من وظائف أسلوبية سياقية في تقاطعات سياقاتها مع سياقات الألوان الأخرى، وما يؤدي غليه كل ذلك من جماليات نصية هي المبتغى من وراء هذه التوظيفات.
ثانياً: تكرار اللفظ دون المعنى
ويقصد به ذلك اللون من التكرار الذي يعتمد التوافق السطحي الشكلي بين البنى التركيبية مع الاختلاف على مستوى البنية العميقة لهذه البنى. ولهذا اللون من التكرار أشكال متنوعة تفصيلها كالتالي:
1 - الجناس التام:
وله ثلاثة أضرب هي (المماثل، والمستوفي، والمركب) ()، نفصل القول فيها كما يلي:
أ – المماثل: ويقصد به اتفاق اللفظين في أنواع الحروف وعددها وهيئاتها وترتيبها مع الاختلاف في المعنى. وقد يكون اللفظان اسمين كما في قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) (). فقد جانس هنا بين كلمتي (الساعة) أي يوم القيامة، و (ساعة) أي مدة زمنية قصيرة. وواضح هنا أن التماثل على المستوى (الخطي) فقط، وهناك اختلاف على مستوى البينة العميقة للكلمتين.
وقد يكونا فعلين كقولهم: (فلان يضرب في البيداء فلا يضل، ويضرب في الهيجاء فلا يكل). فالجناس هنا بين فعلين (يضرب) الأول منهما بمعنى يقطع المسافة، والثاني بمعنى الحمل على الأعداء.
وقد يكون اللفظان حرفين كقولهم: (قد يجود الكريم، وقد يعثر الجواد). فالجناس هنا بين حرفين (قد) الأول منهما يدل على الكثرة لدلالة القرينة اللفظية التالية لها (الكريم)، والثاني يدل على القلة.
ويعتمد هذا اللون من الجناس على فكرة (المخادعة) وكسر أفق التوقع الدلالي الناتج عن اتحاد اللفظين شكلياً، وذلك عند تلقيهما من جانب القارئ خاصة في ظل اتحادهما الصوتي. فالمتلقي هنا يكون أمام نوعين من التلقي هما:
الأول: التلقي البصري الناتج عن التماثل الشكلي الذي يؤدي إلى توهم خاطئ بفكرة الاتحاد الدلالي.
والثاني: التلقي الثقافي أي وفق الخلفية الثقافية للمتلقي من خلال إدراكه لفنية الاختلاف الدلالي بين اللفظين، وتخالف البنية العميقة لكل منهما، ثم إدراك المخادعة الدلالية التي تمت في سياق هذا اللون البديعي، وما لها من أثر جمالي في هذا السياق ().
ب – المستوفي (): وهو ما كانت كلمتاه من نوعين مختلفين كأن يكون أحدهما اسما والآخر فعلاً، أو أن يكون إحداهما اسماً أو فعلاً والآخر حرفاً. فمن أمثلة الجناس المستوفي بين اسم وفعل قول أبي تمام ():
مَا مَاتَ منْ كَرَمِ الزَّمَانِِ فَإِنَّهُ يَحْيَا لَدَى يَحْيَى بن عَبْدِ الله ِ
فقد جانس هنا بين اسم (يحيى) وفعل (يحيا).
ومن أمثلة المستوفي بين فعل وحرف قولنا: (علا سيدنا محمد على جميع الأنام). فقد جانس هنا بين فعل (عَلا) وحرف جر هو (على).
ومن أمثلة الجناس المستوفي بين اسم وحرف قوله – صلى الله عليه وسلم -: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرْتَ عليها، حتى ما تجعل في فِي امرأتك) (). فقد جانس هنا بين اسم (فِي) وهو الفم وحرف جر هو (في).
جـ- المركب (): إذا كان أحد طرفيه مركباً من أكثر من كلمة والآخر مفرداً. وهو ثلاثة أقسام هي:
1 - المرفو: إذا كان طرفه المركب مركباً من كلمة وبعض كلمة، وذلك مثل قول أبي القاسم الحريري ():
ولا تَلْهُ عَنْ تِذْكَارِ ذَنْبِكَ وابْكِهِ بِدَمْعٍ يُحَاكِي الْوَبلَ حَالَ مَصَابِهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَمَثِّلْ لِعَيْنِكَ الْحِمَام وَمَوْقِعَهُ وَرَوْعَة مَلْقَاه ومُطْعَم صَابِهِ
فقد جانس في هذا البيت بين لفظة مكتملة مفردة هي (مصابه) في قافية البيت الأول، ولفظة أخرى مركبة من حرف الميم من كلمة (مطعم) والكلمة التالية وهي الفعل (صابه)، لتصبح هذه الكلمة المركبة هي (م + صابه) مساوية صوتياً للكلمة المفردة (مصابه).
2 - المتشابه: وهو ما كان طرفه المركب مركباً من كلمتين كاملتين أولاً، وأشبه اللفظة المفردة نطقاً وخطاً ثانياً. وعليه قول أبي الفتح البستي ():
إِذا مَلِك لَمْ يَكُنْ ذَا هِبَهْ فَدَعْهُ فَدَوْلَتُهُ ذَاهِبَهْ
فقد جانس في هذا البيت بين لفظتين الأولى مركبة من كلمتين كاملتين هما (ذا) و (هبة) أي عطية، وكلمة مفردة كاملة هي (ذاهبة) من الذهاب.
3 – المفروق: وهو كالمتشابه تماماً في تكون اللفظة المركبة من لفظتين كاملتين، غير أنه يختلف عن المتشابه في كون اللفظ المركب لا يشبه اللفظ المفرد خطاً بل يشبه نطقاً فقط. وعليه قول الميكالي ():
لاَ تَعْرِضَنَّ عَلَى الرُّوَاةِ قَصِيدَةً مَا لَمْ تُبَالِغْ فِي تَهْذِيبِهَا
فَمَتَى عَرَضْتَ الشِّعْرَ غَيْرَ مُهَذَّبٍ عَدُّوهُ مِنْكَ وَسَاوِساً تَهْذِي بِهَا
فالجناس بين (تهذيبها) في البيت الأول وهي كلمة كاملة، و (تهذي بها) المركبة من الفعل المضارع (تهذي) والجار والمجرور (بها). والجناس هنا جناس صوتي فقط دون أن يكون هناك تشابه خطي.
وأهل الأسلوب يرون في التعامل مع بنية الجناس نوعاً من الاتكاء على المعطى الصوتي المتوافر فيها تحقيقاً للإيقاع النغمي من ناحية، وإثارة لأفق التوقعات الجمالية لدى القارئ من ناحية أخرى. ويتم التعامل مع هذه البنية الجناسية على مستويين هما:
الأول: تتسلط فيه عملية (الاختيار Choice) ، إذ يتم اعتماد مفردتين تتطابق صوتياً. ويكون هذا الاختيار بمثابة المنبه التعبيري، ويكون أقوى تأثيراً نتيجة للهزة الدلالية التي يتلقاها المتلقي بمخالفة التوقع " لأن اللفظ المشترك إذ ا حُمِلَ على معنى ثم جاء المراد به معنى آخر كان للنفس تشوف إليه " ().
والمستوى الثاني: تتسلط فيه عملية الاختيار على مفردتين بينهما من التماثل (الشكلي والدلالي) أكثر مما بينهما من التخالف على المستوى العميق ().
2 – جناس الزيادة:
وهو ما تغايرت فيه إحدى اللفظتين بزيادة عن اللفظة الأخرى. وهو نوعان هما:
الأول: الجناس المطرف: وهو من ألوان الجناس غير التام. ويقصد به: ما زاد أحد ركنيه على الآخر حرفاً في نهايته (). وهذا التحديد الدقيق لأصل هذا النوع من الجناس يُراعى فيه الحفاظ على الأصل الشكلي المراد من بنية التكرار، إذ ليسمن المجدي هنا في هذا المقام الاتكاء على المعطى الدلالي فقط، بل يجب أن يُراعى هنا فنية التماثل في الهيئة التي تتحقق عن طريق تماثل اللفظين، ونقصان أحدهما عن الآخر حرفاً. ويخرج على هذا النوع قول أبي تمام ():
يَمُدًونَ مِنْ أَيْدٍ عَواصٍ عَوَاصِمِ نُصُول بِأَسْيَافٍ قَوَاضٍ قَوَاضِبِ
فجانس هنا بين (عواص، و عواصم)، وكذلك بين (قواض، وقواضب) بزيادة حرف في نهاية الثانية عن الكلمة الأولى.
ويعلق عبد القاهر على هذا اللون من الجناس بقوله: " وذلك أنك تتوهم قبل أن يرد عليك آخر الكلمة كالميم من (عواصم)، والباء من (قواضب) أنها هي التي مضت، وقد أرادت أن تجيئك ثانية، وتعود إليك مؤكدة، حتى إذا تمكن في نفسك تمامها، ووعى سمعك آخرها، انصرفت عن ظنك الأول، وزلت عن الذي سبق من التخيل، وفي ذلك ما ذكرت لك من طلوع الفائدة بعد أن يخالطك اليأس منها، وحصول الربح بعد أن تغالط فيه حتى ترى أنه رأس المال " ().
ويرى د. جميل عبد المجيد أن لحظة التوهم الدلالي في هذا النوع من الجناس أقل بكثير مما يحدث في حالة الجناس التام، وذلك " لأن في اللفظ المكرر نفسه، وباستكمال سماع / قراءة الحرف الأخير منه يتبين للسامع / القارئ أنه قد وهم " ().
إضاءة:
يتغير نوع الجناس المرتبط بزيادة حرف حسب موقع هذا الحرف كما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 – إذا كان هذا الحرف المُزَاد في أول الكلمة كقوله تعالى: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ) (). فقد تم الجناس هنا بين كلمتي (الساق) و (المساق) بزيادة حرف هو (الميم) في بداية الكلمة الثانية (م + ساق)، وعندئذ يُسَمَّى هذا الجناس بالناقص.
2 - فإذا كان الحرف المُزَاد واقعاً في وسط أحد الكلمتين كقولهم: (جدّي جهدي) بزيادة الهاء في وسط الكلمة الثانية. وهو أيضاً في هذه الحالة جناس ناقص.
3 – فإذا كان الحرف المُزَاد واقعاً في نهاية أحد الكلمتين، فهو الجناس المطرف السابق الذكر.
والنوع الثاني: الجناس المذيل (). وهو ما اختلفت فيه أحد الكلمتين بزيادة أكثر من حرف عن الأخرى.
* فقد تكون الكلمة مزيدة بأكثر من حرف في أولها عن الكلمة الأخرى كقوله تعالى: (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ) (). فقد جانس بين كلمتي (ربهم) و (بهم)، والأولى مزيدة بحرفين في أولها هما (الراء، والباء المشددة). وكذلك قوله تعالى: (وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) (). فقد جانس بين كلمتي (لكنا) و (كنا)، والأولى مزيدة بحرفين في أولها هما (اللام، والألف).
* وقد تكون الكلمة مزيدة بأكثر من حرف في آخرها عن الكلمة الأخرى كقوله تعالى: (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً) (). فقد جانس بين كلمتي (إلى) و (إلهك)، والثانية مزيدة بحرفين في آخرها هما (الهاء، والكاف). وهذا النوع عند أهل البلاغة هو ما يستحق أن يطلق عليه (المُذَيَّل)، لأن التذييل عبارة عن زيادة تلحق أواخر الكلمات.
3 - جناس التغاير:
ويقصد به مغايرة أحد اللفظين للآخر في الحركة، أو في النقط و الخط، أو في ترتيب حروفه، أو في تغاير الحرف بلا مشابهة.
أ- فإذا تماثلت الكلمتان في الحروف مماثلة تامة، وتغايرتا في الحركات سواء كانا اسمين، أو فعلين، أو اسم وفعل،، فعندئذ يُسَمى هذا اللون من الجناس باسم (الجناس المحرَّف) (). وعليه يخرج قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ) () فقد جانس هنا بين كلمتي (منذِرين) بكسر الذال وهم الرسل – عيهم السلام - و (المنذَرين) بفتح الذال وهم الأقوام المُرسَل إليهم.
ب – وإذا اختلف اللفظان المتجانسان في النقط، وذلك يكون بين الحروف الأخوات مثل (الباء، والتاء، والثاء) و (الجيم، والحاء، والخاء،) و (الدال، والذال) و (الراء، والزاي) و (والسين، والشين) و (الصاد، والضاد) و (الطاء، والظاء) و (العين، والغين) و (الفاء، والقاف)، فعندئذ يُسَمَّى هذا اللون من الجناس باسم (جناس التصحيف) ()، ويخرج عليه قوله تعالى: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (). فقد جانس بين كلمتي (يسقيني) و (يشفيني) فناظر السين بالشين، والقاف بالفاء. فالجناس هنا في النقط فقط.
ج – وإذا اتفق اللفظان في الحروف، واختلفا في ترتيبها داخل بنية الكلمة سواء كان هذا الترتيب كلياً أو جزئياً، عندئذ يُسَمَّى هذا الجناس باسم (المقلوب) (). ومن أمثلة الاختلاف الكلي في ترتيب الحروف في الكلمة قوله – صلى الله عليه وسلم – في الدعاء المبارك: (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا) ()، فقد جانس بالقلب الكلي بين كلمتي (عوراتنا) و (روعاتنا)، وهما متماثلتان في الحروف ذاتها، وإن اختلفتا في ترتيب هذه الحروف.
ومن أمثلة الاختلاف الجزئي في ترتيب الحروف قوله تعالى: (إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) ()، فقد جانس بالقلب الجزئي بين كلمتي (بين) و (بني)، وهما متماثلتان في الحروف ذاتها، وإن اختلفتا في ترتيب حرفي النون والياء فقط مع ثبات حرف (الباء) في صدر الكلمتين بلا اختلاف.
د – وإذا اختلف اللفظان المتجانسان في نوع الحرف (الذي يشترط كونه واحداً لا أكثر)، فالجناس في هذا النوع على قسمين:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولهما: أن يكون الحرفان المتغايران متقاربين في المخرج الصوتي كقوله تعالى: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) (). فقد جانس بين كلمتي (ينهون) و (ينأون)، والاختلاف بينهما فقط في حرفي (الهاء) و (الهمزة) كل في موقعه، والحرفان من مخرج صوتي واحد وهو أقصى الحلق. وهذا النوع من الجناس يُسَمَّى (الجناس المضارع) ().
وثانيهما: إذا كان الحرفان المتغايران متباعدين في المخرج الصوتي كقوله تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) ()، فقد جانس بين كلمتي (همزة) و (لمزة)، والاختلاف بينهما فقط في حرفي (الهاء) و (اللام) كل في موقعه، والحرفان متباعدان في المخرج الصوتي؛ فالهاء من أقصى الحلق، واللام من طرف اللسان.
كذلك يخرج عليه قوله تعالى: (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ()، فقد جانس بين كلمتي (شهيد) و (شديد)، والاختلاف بينهما فقط في حرفي (الهاء) و (الدال) كل في موقعه، والحرفان متباعدان في المخرج الصوتي؛ فالهاء من أقصى الحلق، والدال من طرف اللسان. وهذا النوع من الجناس يُسَمَّى (الجناس اللاحق) ().
وهذا التفصيل المسهب في تبيان ألوان الجناس الصوتي إنما مقصده الإلمام بمعطيات هذا اللون صوتياً وما يتبع ذلك من دلالات سياقية. ولا شك أن الجناس من أهم أنواع التكرارات وأشيعها في التوظيف والاستخدام الجمالي للغة.
4 – المشاكلة:
ويقصد بها أن يقوم المتكلم بذكر المعنى بلفظ غيره، أو بلفظ مضاد للفظ الغير، أو مناسب له، لوقوعه في صحبته تحقيقاً أو تقديراً (). فمن أمثلة ذكر الشيء بلفظ غيره لصحبته إياه تحقيقاً قوله تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) ()، فالسيئة الأولى على حقيقتها لأنها صادرة عن أفعال العباد، أما الثانية فهي الجزاء على الأولى، والجزاء لا يسمى سيئة، وإنما أطلق ذلك من باب المشاكلة اللفظية لوقع اللفظ الثاني في صحبة الأول على الحقيقة. ومن أمثلة ذلك أيضاً قوله تعالى: (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ()، وقوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) ().
أما ذكر الشيء بلفظ غيره لصحبته إياه تقديراً فعليه قوله تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ) ()، فقوله (صبغة الله) مصدر مؤكد لمضمون قوله (آمنا بالله)، والمعنى طهرنا الله بالإيمان تطهيراً مخالفة لفعل النصارى فيما يذهبون إليه من فعل التعميد وغيره ().
5 - طباق السلب:
وهو الجمع بين فعلي مصدر واحد أحدهما مثبت والآخر منفي، أو أمر ونهي (). وعليه يخرج قوله تعالى: (فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) ()، فقد كرر لفظ (الخشية) بالإثبات والنفي، فطابق بينهما سلباً. وكذلك قوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ()، فقد كرر لفظ (العلم) بالإثبات والنفي، فطابق بينهما سلباً. وكذلك قوله تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) ()، فقد كرر لفظ (الاستخفاء) بالإثبات والنفي، فطابق بينهما سلباً.
ويلاحظ أن التضاد في هذا اللون من الطباق إنما هم تضاد صوتي بنفي الدال وإثباته في آن، كما أن طرفي الطباق ليسا هما محور هذا التضاد الأسلوبي، إنما المحور الحقيقي هو (أداة النفي)، إذ يتم في ضوئها هذا الانزياح الصوتي والدلالي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المؤشرات الأسلوبية لتوظيف هذا اللون البديعي في سياق النص القرآني، أننا نجد الآيات القرآنية الموظف فيها هذا اللون لا يسير على نمط تركيبي واحد، إذ نجد آيات يتقدم فيها الفعل المنفي أولاً ويلحقه بعد ذلك الفعل المثبت كما في الآيات التالية:
- قوله تعالى: (فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) سورة المائدة: آية رقم (44).
- قوله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) سورة الأنفال: آية رقم (17).
- قوله تعالى: (فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) سورة إبراهيم: آية رقم (22).
- قوله تعالى: (لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) سورة النحل: آية رقم (20).
- قوله تعالى: (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) سورة الإسراء: آية رقم (23).
ثم يوظف النص القرآني هذه البنية البديعية بتقديم الطرف المثبت أولاً على الطرف المنفي في:
- قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم) سورة البقرة: آية رقم (9).
- قوله تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) سورة النساء: آية رقم (108).
- قوله تعالى: (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ) سورة المائدة: آية رقم (115).
- قوله تعالى: (مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ) سورة الأنعام: آية رقم (6).
- قوله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) سورة التوبة: آية رقم (80).
- قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) سورة الزمر: آية رقم (9).
وهذا التنوع الأسلوبي في توظيف سياق التكرار الطباقي السلبي ما هو إلا مؤشر على تنوع الصياغة القرآنية وفرادتها في توظيف الدوال نفسها على مستويات مختلفة من السياقات التركيبية. كما أن الوظيفة الأهم في توظيف طباق السلب صوتياً هو الكشف عن الدلالة بأبعادها المختلفة خلال هذه البنية اللغوية ().
تلك هي أهم أضرب المحسنات البلاغية الصوتية بنسقها الأسلوبي، وبما تحمله من تشكيلات جمالية، وإبداعات أدائية موظفة في ثنايا النص القرآني كقيم صوتية نصية دلالية.
هوامش البحث:
1. - ابن سنان، سر الفصاحة، 162.
2. - السابق، 163 - 190.
3. - د. شكري عياد، اتجاهات البحث الأسلوبي، 32. وينظر: د. جوزيف شريم، دليل الدراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1984، 36.
4. - جان كوهين، بنية اللغة الشعرية، 11 - 12.
5. - ينظر: - د. لطفي عبد البديع، التركيب اللغوي للأدب، 66. – د. محمد رضا مبارك، اللغة الشعرية في الخطاب النقدي، 268.
6. - بيير جيرو، الأسلوب والأسلوبية، 40.
7. - جان كانتينو، دروس في علم أصوات العربية، 39.
8. - ياكوبسن، قضايا الشعرية، 108.
9. - د. سعد مصلوح، نحو أجرومية للنص الشعرية، مجلة فصول، القاهرة، مج 10، ع 1، 2، أغسطس 1991، 154.
10. - سورة الأحزاب: آية رقم (4).
11. - سورة آل عمران: آية رقم (35).
12. - ابن الأثير، المثل السائر، 1/ 164.
13. - ينظر: د. محمد خطابي، لسانيات النص، 11 - 25. – د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، 74. د. جميل عبد المجيد، البديع، 77.
14. - د. جميل عبد المجيد، البديع، 79.
15. - د. محمد الخفاجي، علم الفصاحة العربية، 165.
16. - الجاحظ، الحيوان، 1/ 94. وينظر: الجاحظ، البيان والتبيين، 1/ 105.
17. - ينظر: د. محمد خطابي، لسانيات النص، 20 – 25. – د. جميل عبد المجيد، البديع، 79 – 83.
18. - ينظر: السجلماسي، المنزع البديع، 476.
19. - ينظر: جون لاينز، علم الدلالة، ترجمة: مجيد الماشطة وآخرين، دار القلم، دمشق،1988،16،48 - 49. – د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، 220 –221.
20. - السجلماسي، المنزع البديع، 473.
(يُتْبَعُ)
(/)
21. - جون لاينز، اللغة والمعنى والسياق، ترجمة: د. عباس صادق، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد، 1987، 91.
22. - ينظر: الفراء، معاني القرآن، 2/ 234، 3/ 287. – أبو عبيدة، مجاز القرآن، 1/ 12. – الجاحظ، البيان والتبيين، 1/ 104. – ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، 232 – 235. – الباقلاني، إعجاز القرآن، 160. - ابن رشيق، العمدة، 2/ 59. – المرتضى، أمالي المرتضى، 1/ 120. - ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 375. – الحموي، خزانة الأدب، 165. – الطيبي، التبيان في البيان، 299. – ابن الأثير، المثل السائر، 2/ 128. الكرماني، البرهان في متشابه القرآن، 122. – القزويني، الإيضاح، 141. – ابن البناء، الروض المريع، 155. - السجلماسي، المنزع البديع، 476.
23. - سورة الواقعة: الآيتان رقم (10، 11).
24. - ابن رشيق، العمدة، 2/ 74 – 2/ 76.
25. - ينظر: الطوفي، الإكسير في علم التفسير، 269 – 278. – ابن الناظم، المصباح، 232 – 234.
26. - سورة الفاتحة: الآيات رقم (1 – 3).
27. - ابن الأثير، المثل السائر، 2/ 149.
28. - سورة المؤمنون: آية رقم (35).
29. - السجلماسي، المنزع البديع، 478.
30. - ينظر: الحاتمي، حلية المحاضرة، 1/ 154. – ابن وكيع، المنصف، 1/ 16. – ابن رشيق، العمدة، 1/ 323. – البغدادي، قانون البلاغة، 453. – ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 254. – ابن منقذ، البديع، 51. – ابن الأثير، المثل السائر، 1/ 252. – العلوي، نضرة الإغريض، 123. – ابن الناظم، المصباح، 76. – ابن البناء، الروض المريع، 162.
31. - زهير بن أبي سلمى، الديوان، 43. وعلاته: قلة ماله، أو عدمه.
32. - سورة الأنعام: آية رقم (124).
33. - ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 253.
34. - سورة المائدة: آية رقم (51).
35. - ينظر: ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 96.
36. - د. رشيد شعلال، ظاهرة الترديد في شعر أبي تمام، مجلة التراث العربي، دمشق، يونية 2003، 121.
37. - ينظر: د. محمد عبد المطلب، بناء الأسلوب في شعر الحداثة، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1995، 116 –117. – د. جميل عبد المجيد، البديع، 94 – 95.
38. - ينظر: العسكري، كتاب الصناعتين، 307 – 420. – البغدادي، قانون البلاغة، 453. - ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 254 – 257. - ابن الناظم، المصباح، 77. – السيوطي، شرح عقود الجمان، 73.
39. - سورة التوبة: آية رقم (52).
40. - سورة الأحزاب: آية رقم (37).
41. - ينظر: ابن رشيق، العمدة، 2/ 3. – ابن منقذ، البديع، 51.
42. - ينظر: ابن المعتز، البديع، 47. – العسكري، كتاب الصناعتين، 385. – الباقلاني إعجاز القرآن، 140. - الحاتمي، حلية المحاضرة، 1/ 162. – ابن رشيق، العمدة، 1/ 235. – ابن منقذ، البديع، 51. – الرازي، نهاية الإيجاز، 30.
43. - ينظر: - ابن الأثير، المثل السائر، 1/ 251. – السكاكي، مفتاح العلوم، 203. – القزويني، الإيضاح، 390. – ابن الناظم، المصباح، 77.
44. - سورة الأنعام: آية رقم (10).
45. - سورة الروم: آية رقم (55).
46. - ينظر: القزويني، الإيضاح، 338.
47. - ينظر: د. عائشة حسن فريد، وشي الربيع بألوان البديع، دار قباء، القاهرة، 2001، 190.
48. - سورة نوح: آية رقم (10).
49. - سورة آل عمران: آية رقم (8).
50. - سورة الشعراء: آية رقم (168).
51. - سورة الأنبياء: آية رقم (87).
52. - سورة فصلت: آية رقم (51).
53. - د. محمد عبد المطلب، بناء الأسلوب، 113.
54. - ينظر: - ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 520.- ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 229.– الحموي، خزانة الأدب، 102.– القزويني، الإيضاح، 344. - السيوطي، شرح عقود الجمان، 149.
55. - ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 230.
56. - سورة النور: آية رقم (35).
57. - د. محمد عبد المطلب، البلاغة العربية قراءة أخرى، دار لونجمان للطباعة، القاهرة، ط2، 1990، 363.
(يُتْبَعُ)
(/)
58. - ينظر: د. محمد عبد المطلب، بناء الأسلوب، 116. – د. جميل عبد المجيد، البديع، 100.
59. - ينظر: العسكري، كتاب الصناعتين، 467 – 469. – ابن الأثير، الجامع الكبير، 164.
60. - العسكري، كتاب الصناعتين، 466.
61. - علقمة بن عبدة (الفحل)، الديوان بشرح الأعلم الشنتمري، تحقيق: لطفي الصقال ودرية الخطيب، دار الكتاب العربي، حلب، 1969، 310.
62. - سورة الأنعام: آية رقم (124).
63. - د. محمد عبد المطلب، بناء الأسلوب، 117.
64. - ينظر: - سيبويه، الكتاب، 1/ 24. – المبرد، المقتضب، 1/ 46. – ثعلب، قواعد الشعر، 56. – ابن منقذ، البديع، 25. – البغدادي، قانون البلاغة، 410. – العسكري، كتاب الصناعتين، 321. – الحاتمي، حلية المحاضرة، 1/ 146. – الآمدي، الموازنة، 1/ 265. – ابن رشيق، العمدة، 1/ 321. – الرماني، النكت، 91. – الباقلاني، إعجاز القرآن، 126. – الحموي، خزانة الأدب، 22. – ابن الأثير، المثل السائر، 1/ 246.
65. - سورة الروم: آية رقم (55).
66. - ينظر: ياكوبسن، قضايا الشعرية، 108. – جان كوهين، بناء اللغة الشعرية، 52.
67. - ينظر: عبد القاهر الجرجاني، أسرر البلاغة، 17. - السكاكي، مفتاح العلوم، 202. – القزويني، الإيضاح، 382. – السيوطي، شرح عقود الجمان، 143.
68. - أبو تمام، الديوان، 3/ 347.
69. - ينظر: البخاري، الجامع الصحيح، باب ميراث البنات، حديث رقم (6352)، 5/ 244. – مسلم، صحيح مسلم، باب الوصية بالثلث، حديث رقم (1628)، 3/ 377.
70. - ينظر: – ابن منقذ، البديع، 33. – ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 109. – ابن الأثير، الجامع الكبير، 257. – الحموي، خزانة الأدب، 22.
71. - ينظر: الجرجاني، الإشارات والتنبيهات، 290. – القزويني، الإيضاح، 537.
72. - ينظر: - ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 110. – الجرجاني، الإشارات والتنبيهات، 290. – الرازي، نهاية الإيجاز، 132. – القزويني، الإيضاح، 537.
73. - ينظر: الحصري، زهر الآداب، 1/ 371.
74. - السبكي، عروس الأفراح، 4/ 413.
75. - ينظر: د. محمد عبد المطلب، البلاغة العربية، 374.
76. - ينظر: - ابن رشيق، العمدة، 1/ 325. – الرازي، نهاية الإيجاز، 29. - السكاكي، مفتاح العلوم، 202. – القزويني، الإيضاح، 202، 385.
77. - أبو تمام، الديوان، 1/ 206.
78. - عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، 13.
79. - د. جميل عبد المجيد، البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية، 105.
80. - سورة القيامة: الآيتان رقم (29، 30).
81. - ينظر: ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 107 – 108. – ابن أبي الإصبع، بديع القرآن، 30. – ابن منقذ، البديع، 26. – القزويني، الإيضاح، 334.
82. - سورة العاديات: آية رقم (11).
83. - سورة القصص: آية رقم (45).
84. - سورة طه: آية رقم (97).
85. - ينظر: ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 106. – ابن منقذ، البديع، 20. – ابن الناظم، المصباح، 186. – الحموي، خزانة الأدب، 36.
86. - سورة الصافات: الآيتان رقم (72، 73).
87. - ينظر: ابن سنان، سر الفصاحة، 233. – ابن منقذ، البديع، 17. – الزنجاني، معيار النظار، 77. – الرازي، نهاية الإيجاز، 29. – السكاكي، مفتاح العلوم، 203. – القزويني، الإيضاح، 384. – ابن الناظم، المصباح، 188. – السجلماسي، المنزع البديع، 488. – الحموي، خزانة الأدب، 362.
88. - سورة الشعراء: الآيتان رقم (79، 80).
89. - ينظر: القزويني، الإيضاح، 388. – السجلماسي، المنزع البديع، 487. – ابن البناء، الروض المريع، 166.
90. - ينظر: ابن ماجه، صحيح ابن ماجه، 3/ 332. – الإمام أحمد بن حنبل، المسند، 8/ 236. – ابن حجر العسقلاني، بلوغ المرام، 312.
91. - سورة طه: آية رقم (94).
92. - سورة الأنعام: آية رقم (26).
93. - ينظر: ابن الزملكاني، التبيان، 167. – الطيبي، التبيان، 405. – الطوفي، الإكسير، 336. – التنوخي، الأقصى القريب، 111. – الرازي، نهاية الإيجاز، 29. – القزويني، الإيضاح، 386. – ابن البناء، الروض المريع، 164. – الحموي، خزانة الأدب، 29.
94. - سورة الهمزة: آية رقم (1).
95. - سورة العاديات: الآيتان رقم (7، 8).
96. - ينظر: البغدادي، قانون البلاغة، 89. – الطوفي، الإكسير، 337. – ابن منقذ، البديع، 22 - 26. – الزنجاني، معيار النظار، 78. - ابن الناظم، المصباح، 189. - القزويني ن الإيضاح، 336. – السجلماسي، المنزع البديع، 488.
97. - ينظر: - السكاكي، مفتاح العلوم، 200. – ابن الناظم، المصباح، 89. – القزويني، الإيضاح، 308. – الطيبي، التبيان، 289. – ابن البناء، الروض المريع، 110. – السيوطي، شرح عقود الجمان، 110.
98. - سورة الشورى: آية رقم (40).
99. - سورة آل عمران: آية رقم (54).
100. - سورة النساء: آية رقم (142).
101. - سورة البقرة: الآيات رقم (136 – 138).
102. - ينظر: - الجرجاني، الإشارات والتنبيهات، 286. – القزويني، الإيضاح، 309.
103. - ينظر: - ثعلب، قواعد الشعر، 56. – قدامة بن جعفر، 85. – العسكري، كتاب الصناعتين، 307. – ابن أبي الإصبع، تحرير التحبير، 114. – ابن سنان، سر الفصاحة، 197. – ابن رشيق، العمدة، 2/ 12. – الجرجاني، الإشارات والتنبيهات، 45. – السكاكي، مفتاح العلوم، 225. – القزويني، الإيضاح، 302. – ابن الأثير، المثل السائر، 2/ 279. – الحموي، خزانة الأدب، 86.
104. - سورة المائدة: آية رقم (44).
105. - سورة الروم: الآيتان رقم (6، 7).
106. - سورة النساء: آية رقم (108).
107. - د. سعد أبو الرضا، في البنية والدلالة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1987، 39.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضاد]ــــــــ[26 - 05 - 2008, 09:43 م]ـ
المصدرَ أو الصفحةَ الأم من فضلك.
وأشكرك على هذا النقل الطيب.(/)
من قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ ....... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 05 - 2008, 07:53 ص]ـ
من قوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ألم يعلموا: استفهام لبث الطمأنينة في قلوب المتصدقين، فالله، عز وجل، هو الذي يقبل صدقاتهم فيطهرهم ويزكيهم بها.
وقد أكد السياق بعدة مؤكدات إمعانا في طمأنتهم، فأُكِدَ بـ:
"إن"، وضمير الفصل: "هو"، والفاعل في: "يقبل"، فهو ضمير مستتر تقديره هو، فيؤول الكلام إلى: الله هو يقبل هو، وهذا ما يعرف في البلاغة بالتوكيد بالفاعل المعنوي، فقد كُرِرَ مرتين: مرة بارزا كمبتدأ: لفظ الجلالة: "الله" ومرة مستترا في الفعل: "يقبل"، فضلا عن اسمية الجملة.
وقوله: "وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ": تذييل يناسب السياق، فلازم القبول: التوبة والرحمة، وفيه من المؤكدات: "إن"، وضمير الفصل "هو"، وتعريف الجزأين: "الله" و "التواب"، واسمية الجملة.
فعجبا لمن يئس من روح الله بعد كل هذه المؤكدات!!!.
والله أعلى وأعلم.(/)
من قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ......... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 05 - 2008, 08:52 ص]ـ
من قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ):
إله: خبر موطئ لما بعده، فالله، عز وجل، إله، لا يجادل في ذلك إلا فاسد العقل مختل، أو فاسد الفطرة منتكس، أو جاحد مستكبر، ولكن محط الفائدة فيما بعده وهو: الإقرار بوحدانيته، فكان ما قبلها موطئا لها، فليس الشأن: أن يُعْرَف الواحد، وإنما الشأن أن يُوَحَد الواحد، ولو كانت المعرفة كافية لكان إبليس لعنه الله أول الناجين فما أعرفه بربه!!، وما أجحده لحقه!!!.
لا إله إلا هو: توكيد لما قبله، فهو بمنزلة التتميم أو التذييل المؤكد له، وقد تضمن إفراد الله، عز وجل، بالألوهية بحصر معناها فيه بأقوى أساليب الحصر: النفي والاستثناء.
الرحمن الرحيم: خبران لمبتدأ محذوف تقديره "هو" في أحد الأقوال، فيكون في الكلام: حصر وتوكيد بتعريف الجزأين.
فاحتوت هذه الآية على قِصَرها كل أنواع التوحيد:
فتوحيد الإلهية في أولها.
وتوحيد الربوبية في اسم "الرحمن" ذو الرحمة الواسعة التي شملت البر والفاجر، فيصلهم من عطاء الربوبية ما يصلهم.
وتوحيد الأسماء والصفات في إثبات اسمي: الرحمن ذو الرحمة العامة، و: الرحيم: ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 09:26 م]ـ
أنا أستمتع بقراءة هذه الآية كلما مررت عليها وعلى التي بعدها
ففي هذه الآية نفي لجميع الملل التي تشرك بالله سواء عبدوا وثنا أم بشرا أم حجرا
كما تنفي الإلحاد ثم تليها الآية التي تقيم الأدلة على فساد عقولهم.
فيقولون الطبيعة فعلت وفعلت
وما الطبيعة إلا (مجموعة الأنظمة التي تسير الأرض) والتي خُلِقت مع خلق الكون
فالأنظمة الفيزيائية والكيميائية والبيئية وما شابهها كلها مخلوقة ومجموعها يسمى الطبيعة
جزيت خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 07:56 ص]ـ
وجزاك الله خيرا: شيخ محمد، شيخ الفصيح، ونفعك ونفع بك.
ملاحظة دقيقة ومسلك لطيف في النظر.
فذكر الله، عز وجل، القضية في الآية الأولى، ثم أقام البراهين على صحتها في الآية التالية وأبطل دعوى الخصوم، ففي الآيتين خطاب مؤثر للعقل والقلب معا، فهي ترسخ يقين الألوهية المبني على تقرير الربوبية المفصل في الآية الثانية، وتقيم البرهان العقلي الدامغ على ذلك، فالقرآن: خطاب قلبي عقلي في نفس الوقت، لما كا ادعى الفلاسفة والمتكلمون من كون خطاب القرآن: خطابا إنشائيا عاطفيا يخاطب القلب دون العقل، أو مسائل خبرية لا دليل عقلي عليها، فراحوا يلتمسون الأدلة العقلية في حكمة الأوائل، فصارت براهين فلاسفة اليونان أصلا عندهم دون براهين مُنْزِل الفرقان، فوقع لهم من الضلال ما قد علم.
والله أعلى وأعلم.(/)
من حديث: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا .......... )
ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 05 - 2008, 03:08 م]ـ
من حديث: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ)
أيما: صيغة شرط تفيد العموم بمادتها، و "ما" مزيدة لتوكيد العموم.
امرأة: نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم هي الأخرى، فأي امرأة: صغيرة كانت أو كبيرة، بكرا أو ثيبا ......... إلخ، تنكح بلا ولي فنكاحها باطل.
نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا: قيد له مفهوم، فالمنطوق: بطلان النكاح بلا ولي، والمفهوم: صحته بولي.
فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ: ترتيب بطلان النكاح على الشرط في معرض الجزاء، وهو، أيضا، في غاية من الدلالة على العموم مع الفصاحة والجزالة، كما قال صاحب "تلخيص الروضة" رحمه الله.
فاجتمع في هذا السياق من أدلة العموم ما اجتمع.
فنكاحها: مجاز عند من يقول بالمجاز علاقته: المسببية الغائية، فإن النكاح هنا مجاز عن العقد، فأطلق المُسَبَبَ وأراد سببه: العقد، فإن الوطء فرع على العقد، لأنه غايته.
ويقال: نكح فلان فلانة: إذا عقد عليها فيكون مجازا في العقد.
و: نكح فلان زوجه: إذا جامعها فيكون حقيقة في الوطء في هذا الموضع بقرينة السياق، إذ قيد النكاح بالزوجة، والزوج لا يعقد على زوجته كلما أراد إتيانها، وإنما يكون العقد مرة واحدة.
وتكرار الجواب: ثلاث مرات توكيد، يزيد المعنى قوة، وفيه رد صريح على الأحناف، رحمهم الله، الذين أجازوا النكاح بلا ولي.
والله أعلى وأعلم.(/)
استنطاق السائل بالجواب
ـ[مهاجر]ــــــــ[31 - 05 - 2008, 08:00 ص]ـ
من صور البلاغة في حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
استنطاق السائل بالجواب، بطرح المسألة على هيئة سؤال يجيب عنه السامع بنفسه، فمن ذلك:
حديث ابن عمر، رضي لله عنهما، مرفوعا: (إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟)، فأثار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأفهام بطرح السؤال، فـ: "فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي"، كما يقول ابن عمر، رضي الله عنهما، فكل ينظر ويتأمل بحثا عن الجواب، وفي هذا تثبيت للمسألة في الأذهان، فإن ورودها على سبب أو سؤال أدعى لحفظها وضبطها.
ومنه:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟).
فإن السؤال يتضمن جوابا عن الفتوى، فإن الغالب على الصحابة، رضي الله عنهم، في ذلك الوقت، فقر الأبدان وإن كانوا أغنى الناس قلوبا، فكان معظمهم لا يجد إلا الثوب الواحد يصلي فيه، فعلم من سكوت الشارع، عز وجل، على ذلك: جوازه، إذ: السكوت في موضع البيان بيان، ولو كان محرما لنبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة في حقه، فكأنه أجاب السائل قائلا: ما كان لك أن تتوقف في ذلك، لأنك ترى معظم أصحابي لا يملكون إلا ثوبا واحدا يصلون فيه، ولم أنكر ذلك عليهم.
ومنه حديث:
تقبيل عمر، رضي الله عنه، زوجَه، وهو صائم وفيه: (أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ قُلْتُ، (أي: عمر رضي الله عنه)، لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيمَ)، فأجاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بسؤال تضمن قياس القبلة على المضمضة بجامع أن كليهما، كما يقول ابن قدامة، رحمه الله، في "المغني"، مقدمة لمفطر، ومع ذلك لا يفطر الصائم بمباشرته، فالمضمضة مقدمة ابتلاع الماء، والقبلة مقدمة الجماع، وفي هذا من البيان ما فيه، إذ أحال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصورة المختلف فيها إلى صورة متفق عليها فحصل البيان بأوجز عبارة وأوضح إشارة.
ومنه حديث: أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ: نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ: حُمْرٌ قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَنَّى ذَلِكَ قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ).
، فهنا، أيضا، استنطق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأعرابي الذي أنكر غلامه بقياسه على الجمل الأورق، فقد يكون اللون المختلف في كليهما موروثا من جد قديم، كما أثبت العلم الحديث إذ الصفات المتنحية قد تظهر في بعض الأجيال الآتية، وإن كان الأصل ظهور الصفات السائدة عليها.
ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)، فقاس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دين الخالق، عز وجل، على دين المخلوق، قياسا أولويا، فحصل البيان، أيضا، بأقوى أنواع القياس، إذ تحقق العلة في الفرع أقوى منه في الأصل، وفي هذا من قوة البيان ما فيه.
ومنه حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ).
(يُتْبَعُ)
(/)
إذ استنطق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم السائلين بعلة النهي، فإن الرطب إذا جفت حصل التباين في الكيل، فلابد من وقوع زيادة أو نقصان في بيع الرطب الندية بخرصها من التمر الجاف مهما كان الخارص حاذقا، لأن المسألة تقديرية، و: الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل المحرم كما قرر أهل العلم.
ومنه أيضا:
حديث أبي ذر، رضي الله عنه، مرفوعا، وفيه: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا).
فأجاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بسؤال يتضمن قياس العكس، فكما أن من وضعها في حرام عليه وزر، فكذلك من وضعها في حل فله أجر.
ومن صور استرعاء انتباه السامعين ولو بغير سؤال:
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَعَجِبْنَا لَهُ وَقَالَ النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهُوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ)، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أشار إلى دنو أجله إشارة خفية أثارت انتباه السامعين، ولكن الصديق، رضي الله عنه، أعلم الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان السابق إلى فهمها فبكى إشفاقا من فراق حِبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والله أعلى وأعلم.(/)
أي السلامين أفضل؟؟؟؟
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[01 - 06 - 2008, 10:07 م]ـ
قال تعالى {فقالوا سلاماً قال سلامٌ قوم منكرون}.
توضح هذه الآية الكريمة سلام الملائكة لنبي الله ابراهيم ورده السلام لهم.
السؤال: ـ
أيُ السلام كان أفضل؟؟؟؟؟
الجواب /
إن سلام إبراهيم عليه السلام كان أفضل، والدليل أن سلام إبراهيم عليه السلام كان جملة أسمية
وسلام الملائكة كان جملة فعلية.
والجملة الأسمية أقوى من الجملة الفعلية (الدليل على ذلك هو ان الجملة الاسمية لا تحتاج إلى فعل أما الجملة الفعلية فتحتاج إلى اسم).
والله أعلى و أعلم
ـ[المصباح في اللغة]ــــــــ[02 - 06 - 2008, 09:31 ص]ـ
ولأن الجملة الاسمية تدل على الدوام والثبوت.
وشكرا لك أخي محمد على هذه الفائدة.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 01:46 ص]ـ
شكرا لك أخي الحبيب.
وأهدي لك هذا المثل ((وافق شن طبقة))
فأنت شن ن و اسمك (المصباح) طبقة.
وجزاك الله خيرا
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 04:36 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
اسمحو لي أن أضيف هذا السؤال: ما هو سبب دلالة الجملة الاسميّة على الثبوت؟
الجواب: لأنّا خاليةٌ من عنصر الزمن.
و الله أعلى و أعلم
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 10:19 م]ـ
الجميل من الأعضاء هو إثراء المواضيع بما لديهم من معلومات فبارك الباري بالجهود.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 10:23 م]ـ
أحسنتم بارك الله فيكم
ـ[ديمة]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 01:56 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفائدة.
ـ[رحيق الزهور]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 03:03 م]ـ
جزاكمـ الله خير .. استفدت من المعلومة ^^
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[11 - 11 - 2008, 07:50 م]ـ
شكرا لك أخي الكريم على هذه اللفتة البلاغية النحوية
ولزيادة الفائدة:
قوله تعالى: سلام: مبتدأ، وساغ الابتداء به مع أنه نكرة؛ وذلك لتضمنه
معنى الدعاء، وإنما عدل إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات، وديمومة السلام
حتى تكون تحيته أحسن من تحيتهم.
طبعا هنا:
الخبر محذوف، وتقديره: سلام عليكم.(/)
من قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ........ )
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 06 - 2008, 02:25 م]ـ
من قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ ....... :
توكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، واللام الداخلة على خبرها: "للذي".
وُضِع: حذف الفاعل للعلم به، فالله، عز وجل، هو مقرر الشرائع، ومنها: حج البيت الحرام.
للذي: إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: للبيت الذي ................ ، كما في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)، فتقدير الكلام: وإن أحد من أهل الكتاب ............
وفي حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه إشعار بنباهة ذكره وعظم شأنه فهو غني عن التعريف.
وإلى ذلك أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "وفي ترك الموصوفِ من التفخيم ما لا يخفى". اهـ
فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ: تقديم متعلق الخبر: "فيه"، وحقه التأخير فيفيد الحصر والتوكيد.
مقام إبراهيم: تفصيل بعد إجمال، فذكرت الآيات أولا: مجملة، فأثارت انتباه السامع، فتساءل: ما هي هذه الآيات البينات؟، فجاء الجواب: "مقام إبراهيم".
وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا: خبر أريد به الإنشاء، فتقدير الكلام: فأمنوه، وإيراد الأمر بصيغة الخبر يزيده توكيدا، فكأنه واقع يخبر عنه، لا أمر يطلب إنشاؤه.
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ: اللام في لفظ الجلالة للاستحقاق، فله وحده، عز وجل، تكون العبادة سواء أكانت بدنية، كالصلاة، أم مالية كالزكاة، أم مركبة من كليهما كالحج.
عَلَى النَّاسِ: عام أريد به خاص وهم المؤمنون لمن يقول بأن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة، فيكون مجازا، عند من يقول بالمجاز، إذ أطلق الكل وأراد البعض، بخلاف من قال بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وبما لا تصح إلا به من أصول الدين، فالعموم عنده: محفوظ لم يدخله تخصيص.
حج البيت: من إضافة الفعل إلى المفعول.
مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا: بيان لمجمل الأمر، فإنه قد ورد عاما، ثم خص ببدل بعض من كل، فحصل بيان عمومه، وفي هذا من الامتنان على العباد ما فيه، لأن الأمر قد طرق سمعهم أول الأمر: عاما، ثم حصل التخفيف باشتراط القدرة، فهدأت نفوس الفقراء والمرضى ........ إلخ ممن لا يقدرون على امتثاله، بعد اضطراب، بخلاف ما لو ورد الأمر خاصا من أول الأمر، فإن العباد لن يستشعروا منة الله، عز وجل، عليهم، بالتخفيف عن غير القادر ببدنه أو ماله.
وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ: احتراس، لئلا يتوهم أحد أن الله، عز وجل، قد فرض الحج افتقارا إلى مؤديه، فالله، عز وجل، هو الغني عن خلقه، ومن سواه مفتقر إليه: إيجادا وإعدادا وإمدادا بعطاء الربوبية العام وعطاء الألوهية الخاص الذي امتن به على عباده الموحدين، ولا منة أعظم من منة الإسلام.
وفي التنزيل: (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ)، و: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
والله أعلى وأعلم.(/)
أبحث عن الفرق بين الولد و الابن
ـ[أسير همّته]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 04:06 م]ـ
إخواني الكرام سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
فقد كنت قرأت فائدة طريفة هنا عن الفرق بين لفظة الولد الابن تحت ضوء حديث ... أو ولد صالح يدعو له وان الولد غير الابن
و تحت ذلك فائدة شرعية من جهة عموم الولد لكل من ربّاه الميت او شيء من هذا ... لا اذكر
فأنا أريد أن أستوثق لو تكرمتم وأتأكد، بحثت في المنتدى فلم أستطع العثور على شيء من ذلك فهل من كريم يتحفنا بذلك؟
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 04:50 م]ـ
ـ الفرق بين الابن والولد:
أن الابن يفيد الاختصاص ومداومة الصحبة ولهذا يقال ابن الفلاد لمن يداوم سلوكها وابن السري لمن يكثر منه، وتقول تبنيت ابنا إذا جعلته خاصا بك، ويجوز أن يقال إن قولنا هو ابن فلان يقتضي أنه منسوب إليه ولهذا يقال الناس بنو آدم لأنهم منسوبون إليه وكذلك بنو إسرائيل، والابن في كل شأ صغير فيقول الشيخ للشاب يا بني ويسمي الملك رعيته الأبناء وكذلك أنبياء من بني إسرائيل كانوا يسمون أممهم أبناء هم ولهذا كني الرجل بأبي فلان وإن لم يكن له ولد على التعظيم، والحكماء والعلماء يسمون المتعلمين أبناء هم ويقال لطالبي العلم أبناء العلم وقد يكنى بالابن كما يكنى بالأب كقولهم ابن عرس وابن نمرة وابن آوى وبنت طبق وبنات نعش وبنات وردان، وقيل أصل الابن التأليف والاتصال من قولك بنيته وهو مبني وأصله بني وقيل بنو ولهذا جمع على أبناء فكان بين الأب والابن تأليف، والولد يقتضي الولادة ولا يقتضيها الابن والابن يقتضي أبا والولد يقتضي والدا، ولا يسمى الإنسان والدا إلا إذا صار له ولد وليس هو مثل الأب لأنهم يقولون في التكنية أبوفلان وإن لم يلد فلانا ولا يقولون في هذا والد فلان إنهم أنهم قالوا في الشاة والد في حملها قبل أن تلد وقد ولدت إذا ولدت إذا أخذ ولدها والابن للذكر والولد للذكر والأنثى
ـ الفرق بين الابن والولد:
الأول للذكر: والثاني يقع على الذكر والأنثى، والنسل والذرية يقع على الجميع.
(من كناشات على سطح حاسوبي)
ـ[أبو طارق]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 05:09 م]ـ
سلمت د. مروان
أتيت للإضافة فوجدتك - كما عهدناك - سباقًا للخير
فجزاك الله خيرًا , ورفع في الدارين قدرك
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 05:18 م]ـ
سلمت د. مروان
أتيت للإضافة فوجدتك - كما عهدناك - سباقًا للخير
فجزاك الله خيرًا , ورفع في الدارين قدرك
هلا وغلا بالحبيب الغالي (أبو طارق)
بارك الله فيك
وأحسن إليك
ودمت بودٍّ
ـ[بديع]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 12:18 م]ـ
قال تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 02:57 م]ـ
ما نقله د. مروان من معلومات هي من كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري
شكرا جزيلا للدكتور مروان وللإخوة جميعا
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 04:19 م]ـ
ما نقله د. مروان من معلومات هي من كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري
شكرا جزيلا للدكتور مروان وللإخوة جميعا
ليتك يا أخي الحبيب عمر تتفضل
علينا ـ إذا كنت متأكدا ـ وتحيلنا على الصفحة
أو على الباب؛ لأنني كما قلت:
(من كناشات على سطح حاسوبي)
ووجدته أيضا في بعض المنتديات بلا نسبة
وجزاك الله خيرا
ـ[جمال الشريف]ــــــــ[16 - 06 - 2008, 02:19 ص]ـ
الفروق اللغوية صفحة (315)
تحياتي للجميع
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[16 - 06 - 2008, 06:30 ص]ـ
الفروق اللغوية صفحة (315)
تحياتي للجميع
أحسنت
بارك الله فيك
وأحسن إليك
وشكرا لك
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 10:15 م]ـ
بارك الله بالجميع معلومة جديدة ...
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 10:26 م]ـ
احسنتم صنيعا .......(/)
وافصحاء
ـ[رشيدة]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 08:20 م]ـ
:::ما نوع الصورة البيانية الواردة في هذه اللآية الكريمة:
قال الله تعالى (وينزّل لكم من السّماء رزقا):=
وهل إستعمال كلمة (رزقا) في اللآية الكريمة استعمال حقيقي أم مجازي؟
ـ[أبو طارق]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 08:57 م]ـ
الله سبحانه وتعالى يُنزل من السماء ماءً يكون سببًا في الرزق.
فذكر المسَبَّب على سبيل المجاز المرسل
ـ[رسالة]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 11:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صحيح أن الماء سببا للرزق، ولكن ألا ترون أنّ الماء أيضا رزقا بعينه، فالكائنات الحيّة تصبر عن الطعام ولكن لا تصبر عن الماء. لذا أفهم أنّ المعنى يجوز فيه الإثنان. معنى حقيقي ومجازي.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 12:03 ص]ـ
{وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم}
هذه الآية تفسر تلك، أما عن الماء انه هو الرزق على الحقيقة فلا أحد قال به والله أعلم.
وكما ذكر الأستاذ أبو طارق فيه مجازاً مرسلاً.
ـ[رسالة]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 12:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على التوضيح والإبانة.
ـ[رشيدة]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 02:48 م]ـ
بارك الله فيكم إخواني الفصحاء على التوضيح مع أن هناك من قال أن الصورة البيانية كناية وهناك من ذهب إلى الاستعارة التصريحية؟؟
ـ[حااجي]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 07:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يارشيدة، منهاج اللغة العربية خال من درس المجاز المرسل، و الله أعلم أن واضع السؤال يقصد استعارة، فالمنهاج في واد والوزارة في واد آخر و فلذات أكبادنا يدفعون ثمن غفلة المتسرعين الغافلين التي طالت كل شيء، وطال عمرها في البلاد ... إن انتدبت ضمن لجان التصحيح فارحمي أكبادانا التي تمشي على الأرض ... يرحمك الله و يصلح أمرك و أمر الوضاعين ...
ـ[هرمز]ــــــــ[05 - 06 - 2008, 08:50 م]ـ
سلامي
اشاطرك الر اي اخي حاجي كان هذا ما قلته للمفتشين. ان منهاج السنة الرابعة خال من درس المجاز المرسل و لهذا فان الصورة البيانية مجاز مرسل علاقته المسببية و هو مثال مشهور نجده في معظم مؤلفات البلاغة في مفتاح العلوم للسكاكي في الايضاح للقزويني و غيرهما و لست اذكر سوى اشارات عابرة عنه في درس البترول حيث صادفت المثال التالي" ركبت البترول" و هو من المجاز المرسل علاقته "اعتبار ماكان" و لكنني لم اتوسع فيه للتلاميذ
مهزلة ما بعدها مهزلة تلاميذنا لا يجيدون اجراء بعض الاستعارة على بساطتها فما بالكم بالمجاز المرسل و علاقاته العديدة و الصعبة. و كم صادفت من استاذ لا يدري اهي استعارة ام ماذا و لكن المطلع يدرك مباشرة انه مجاز مرسل و المثال نفسه نجده في اشهر كتب البلاغة طبعا لمن كان مطلعا.’؟ ’؟ ’’’’
سلامي
حتى فرصة التصحيح فاتتنا هذه المرة لم يرسل تسخير التصحيح الينا كما كنا معتادين ربما لقلة كفاءتنا و اذكر استاذا ممن سخروا اخد يخلط الاجابة فذكر كل شيء الا المجاز المرسل.
سلام على الدنيا صدق الشافعي رحمه الله. حين قال:
و في السماء نجوم لاعداد لها و ليس يكسف الا الشمس و القمر.
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 03:50 ص]ـ
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان
"قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السمآء رِزْقاً}.
أطلق جل وعلا في هذه الآية الكريمة الرزق وأراد المطر، لأن المطر سبب الرزق، وإطلاق المسبب وإرادة سببه لشدة الملابسة بينهما أسلوب عربي معروف، وكذلك عكسه الذي هو إطلاق السبب وإرادة المسبب كقوله:
أكنت دماً إن لم أرعْكِ بضرَّةٍ ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
فأطلق الدم وأراد الدية لأنه سببها.
وقد أوضحنا في رسالتنا المسمات " منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز " أن أمثال هذا أساليب عربية، نطقت بها العرب في لغتها، ونزل بها القرآن، وأن ما يقوله علماء البلاغة من أن في الآية ما يسمونه المجاز المرسل الذي يعدون من علاقاته السببية والمسببية لا داعي إليه، ولا دليل عليه، يجب الرجوع إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإطلاق الرزق في آية المؤمن ـ غافر ـ هذه على المطر جاء مثله في غير هذا الموضع كقوله تعالى في أول سورة الجاثية {وَمَآ أَنَزَلَ الله مِنَ السمآء مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} [الجاثية: 5] فأوضح بقوله {فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} أن مراده بالرزق المطر لأن المطر هو الذي يحيي الله به الأرض بعد موتها.
وقد أوضح جل وعلا، أنه إنما سمي المطر رزقاً، لأنه سبب الرزق في آيات كثيرة من كتابه، كقوله تعالى في سورة البقرة {وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ} [البقرة: 22] الآية، والباء في قوله فأخرج به سببية كما ترى.
وكقوله تعالى في سورة إبراهيم: {الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك} [إبراهيم: 32] الآية. وقوله تعالى في سورة ق: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السمآء مَآءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحصيد والنخل بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ} [ق: 911].
وبين في آيات أخر أن الرزق المذكور شامل لما يأكله الناس وما تأكله الأنعام، لأن ما تأكله الأنعام يحصل بسببه للناس الانتفاع بلحومها وجلودها وألبانها وأصوافها وأوبارها وأشعارها كما تقدم كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأرض الجرز فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27] وقوله تعالى: {هُوَ الذي أَنْزَلَ مِنَ السماء مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرع والزيتون والنخيل والأعناب وَمِن كُلِّ الثمرات إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 1011] الآية.
فقوله: فيه تسيمون، أي تتركون أنعامكم سائمة فيه تأكل منه من غير أن تتكلفوا لها مؤونة العلف كما تقدم إيضاحه بشواهده العربية، في النحل وكقوله تعالى {الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شتى كُلُواْ وارعوا أَنْعَامَكُمْ} [طه: 5354] الآية. وقوله تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا والجبال أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} [النازعات: 3133] إلى غير ذلك من الآيات."اهـ
ـ[هرمز]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 08:36 م]ـ
سلام
يا ابا سهيل: السؤال يقول ما نوع الصورة البيانية اي حددها بالشرح و تلا ميذنا لا يعرفون شيئا عن المجاز المرسل فكيف سيجيبون’؟
سلام
ـ[أبو طارق]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 10:29 م]ـ
تلاميذنا لا يعرفون شيئا عن المجاز المرسل فكيف سيجيبون’؟
حينما درستُ العروض في الجامعة ظننت أني قد تعلمت العروض كله , ولم يتبقَ لي شيئًا لم أعرفه عنه , وكذلك البلاغة والنحو. وحين عرفت الفصيح واجهت الكثير من المسائل التي لم أتعرض لها من قبل. ولا أظن أن الطالب سيتعلم كل شيء في المدرسة , وهذا لايعني أن تبقى مثل هذه العلوم غائبة عنهم , كان يجب أن يتعلموها , فإن لم يجدوها فليشمروا عن ساعد الجد , وسيتعلمون ما كانوا يجهلونه.
وقد أوضحنا في رسالتنا المسمات
لمن هذا القول؟
ـ[حااجي]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 10:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكتاب يشتمل على درس المجاز المرسل للفائدة ...
http://s166728140.onlinehome.us/books/01/0053/0053_01.rar
http://s166728140.onlinehome.us/books/01/0053/0053_02.rar
ـ[حااجي]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 10:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
http://s166728140.onlinehome.us/books/01/0053/0053_01.rar
http://s166728140.onlinehome.us/books/01/0053/0053_02.rar
افتح كتاب البلاغة الواضحة، المجاز المرسل تجد ضالتك إن شاء الله تعالى ...
دمتم منتفعين ....
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 11:24 م]ـ
وقد أوضحنا في رسالتنا المسمات
لمن هذا القول؟
للشنقيطي بالتأكيد
ـ[أبو طارق]ــــــــ[07 - 06 - 2008, 02:30 م]ـ
سلمكما الله(/)
محير جدا
ـ[المعتصم]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 11:44 ص]ـ
في سورة القمر لفت انتباهي شيء ما وهو
نلحظ ما يلي
نسبة الصوامت: 1332
نسبة الحركات:1228
لماذا؟
ثم إن عدد الصوامت الانفجارية 335
الأصوات الاحتكاكية 369
فلماذا الأصوات الاحتكاكية أكثر مع أن السورة تتحدث عن عذاب يوم القيامة فمن المتوقع أن يكون الانفجارية أكثر من الاحتكاكية لمناسبة المشهد؟؟
فلماذا جاء العكس؟؟
وبارك الله فيكم
ـ[ضاد]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 02:36 م]ـ
ولماذا وجب أن يكون كما ذكرت؟ ليس بهذه الطريقة نفسر القرآن, لأن ذلك ليس قاعدة مطردة, فلو وجد في سورة فلا يعني أنه ينبغي أن يوجد في القرآن كله.
ـ[المعتصم]ــــــــ[05 - 06 - 2008, 11:43 ص]ـ
أشكرك أولا أخي ضاد
ثم من قال أنني أعمم ذلك في القرآن كله
كل ما أرجوه من الأخوة تزويدي بتفسير لذلك
وشكرا لكم
ـ[المعتصم]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 09:57 ص]ـ
أخواني أعضاء الفصيح
ما لي أركم لا تشاركون
أتراني طلبت ما ليس يطلب
أم أن مشاركتي لا تحظى باهتمامكم
أفيدوني بارك الله فيكم
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 10:04 ص]ـ
أخي المعتصم كل المشاركات تحظى بالاهتمام
ولكنه سؤال بحاجة إلى دراسة
أليس كذلك، مع الشكر الجزيل لك
ـ[ضاد]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 12:02 م]ـ
أخي المعتصم, لماذا نسأل عن عدم وجود شيء إذا كان ليس لوجوده ضرورة؟ هل كان ينبغي أن تكون السورة كما ذكرت؟ لا أظن ذلك, ولذلك لا نستطيع أن نفسر عدم وجود شيء ليس لوجوده ضرورة أو هو غير منتظر أصلا.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[07 - 06 - 2008, 04:56 م]ـ
أخي الكريم المعتصم
بناء على طلبك في مكان آخر من هذا المنتدى الكريم
حمل هذا الكتاب، واستخرج منه ماتريد ..
وإليك رابطه:
الصّوت اللغويّ في القرآن الكريم:
http://www.rafed.net/books/olom-quran/al-saut/index.html
وخاصة ..
الفصل السادس منه:
(الدلالة الصوتية في القرآن)
وهلا وغلا
وعلى الرحب والسعة
ـ[المعتصم]ــــــــ[08 - 06 - 2008, 09:49 ص]ـ
شكرا لك أخي الدكتور مروان على ما أحلتني إليه من كتاب
بارك الله فيك
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[08 - 06 - 2008, 04:18 م]ـ
شكرا لك أخي الدكتور مروان على ما أحلتني إليه من كتاب
بارك الله فيك
أهلا وسهلا ومرحبا
وأرجو أن تنتفع به كثيرا
ولا تنسنا من دعواتكم(/)
عن التذييل
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 09:33 ص]ـ
من أجمل ما يشير إليه علماء البلاغة العربية وهم يتناولون تراثنا الشعري بالدراسة والتأمل والتحليل ما يسمونه" التذييل" ويعنون به إطلاق الشاعر للمثل أو الحكمة يختتم بها بيته لشعري فيكون له وقع عميق وصدى قوي في النفس والقلب، كما يكون أسرع إلى تركيز المعنى المطلوب وأنفذ في إيصاله وتبليغه
يقول أبو فراس الحمداني:
تهون علينا في المعالي نفوسنا= ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر
ويقول أبو الطيب المتنبي:
وحيد من الخلان في كل بلدة= إذا عظم المطلوب قل المساعد
بذا قضت الأيام ما بين أهلها= مصائب قوم عند قوم فوائد
ويقول شاعر قديم، وجميع أبيات مقطوعته مختومة بهذا التذييل البديع الذي يتضمن مثلا أو حكمة:
يحيرني من طرفه لحظته= وهل في الورى من لا يحيره السحر
أرى منه جمرًا مضرمًا في جوانحي= وكل محب في جوانحه جمر
لقد عيل في الأحزان صبري كاه= ومن خالف الأحزان خالفه الصبر
عشقت وقلبي ضاع في العشق سرَّه= وفي أي قلبٍ يجمعُ العشقُ والسرُّ
ولنا وقفة أخرى مع التذييل
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 06 - 2008, 10:00 ص]ـ
تكملة لما سبق
ويلاحظ البلاغيون أن بعض الشعراء يتفننون في التذييل فيأتون في البيت الواحد بمثلين أو حكمتين يقول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل = وكل نعيم لا محالة زائل
ويقول المتنبي:
أعز مكان في الدنا ظهر سابح= وخير جليس في الزمان كتاب
ويقول:
وكل امريء يولي الجميل محبب= وكل مكان ينبت العزّ طيب
ويقول أبو فراس الحمداني:
ومن لم يُوق الله فهو مضيَّع= ومن لم يُعزّ الله فهو ذليل(/)
أدب الأنبياء في الخطاب مع الله
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[08 - 06 - 2008, 09:16 ص]ـ
السلام عليكم أحبّتي في الله
إنّ الناظر في خطاب الأنبياء عليهم سلام الله يلحظ استعمالهم لفظة (ربّ) من ذلك " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) آل عمران , و " قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) المائدة , و " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) الأعراف و " قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) هود , و " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) يوسف .. و غيرها في كثير من سور القرآن و السؤال هنا ما السبب في عدم استبدالهم هذه اللفظة بأحد الأسماء الحسنى كما في قوله تعالى " و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها " 180الأعراف و نحو قوله: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) الإسراء.
و لو علمنا أنّ كلمة (ربّ) من الأصل ربَّ يربّ و معناها في اللسان " وربُّ كلِّ شيءٍ مالِكُه ومُسْتَحِقُّه وقيل صاحبُه ويقال فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً فهو رَبُّه يقال هو رَبُّ الدابةِ ورَبُّ الدارِ وفلانٌ رَبُّ البيتِ وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ ويقال رَبٌّ مُشَدَّد ورَبٌ مخفَّف وأَنشد المفضل
وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه ... رَبٌ غيرُ مَنْ يُعْطِي الحُظوظَ ويَرْزُقُ
وفي حديث أَشراط الساعة وأَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّها أَو رَبَّتَها قال الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ والسَّيِّدِ والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّمِ والمُنْعِمِ قال ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه عزّ وجلّ وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِيفَ فقيلَ ربُّ كذا قال وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى وليس بالكثيرِ ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر ... والعرب تقول لأَنْ يَرُبَّنِي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِي فلان يعني أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِي وسَيِّداً يَمْلِكُنِي وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين فقال أَبو سفيانَ غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ فأَجابه صفوانُ وقال بِفِيكَ الكِثْكِثُ لأَنْ يَرُبَّنِي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَرُبَّني رجلٌ من هَوازِنَ ... ويكون الرَّبُّ المُصْلِحَ رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه وأَنشد
يَرُبُّ الذي يأْتِي منَ العُرْفِ أَنه ... إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ زادَ وتَمَّما "
أفي ذلك إلماح إلى أنّهم عليهم السلام علموا أنّ كلمة (ربّ) تثبت لله سبحانه الملك و الفضل في نقلهم من الظلام إلى النور و تربيتهم على أفاضل الأعمال و الأخلاق , في حين أنّ لفظ من ألفاظ الجلال لا تثبت ذلك.
أنار الله أبصارنا و بصائرنا و أعاننا على عمل ما يرضيه
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[08 - 06 - 2008, 07:31 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل على هذا الموضوع الرائع ..... و اسمح لي بالإضافة:
و من الصور أيضاً:
تأدب نبي الله موسى - عليه السلام - مع ربه عندما أخبر عن نعم الله عليه فقال: ((الذي يطعمني و يسقين .. ))
فلما أراد الإخبار عن المرض لم يقل: "يمرضني" بل قال: ((و إذا مرضت فهو يشفين)) فلم ينسب المرض إلى الله تأدباً معه - عزّ و جلّ-.
ثم أكمل قائلاً: ((و الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين)).
و من صور التأدب مع الله -عزّ وجلّ- أيضاً:
ما فعله الخضر عندما أراد أن يخبر موسى -عليه السلام- عن سبب خرق السفينة و قتل الغلام و بناء الجدار ...
فعندما أراد الإخبار عن سبب خرقه للسفينة قال: ((فأردت أن أعيبها)) فنسب العيب إلى نفسه تأدباً مع الله.
و عندما أراد الإخبار عن سبب قتل الغلام قال: ((فأردنا أن يبدلهما ربهما خير منه)) فاستخدم ضمير المتكلمين "نا" و هذا الضمير يعود عليه و على الله - عزّ وجلّ - فكأنه نسب القتل - الذي هو عيب أو نقص - إلى نفسه , و نسب الإبدال -أي رزق الوالدين بغلام خير من غلامهما- إلى الله جلّ في علاه.
و عندما أراد الإخبار عن سبب بناء الجدار قال: ((فأراد ربك)) و ذلك لأنّ الله -عزّ و جلّ- هو الذي سيجعل الغلامين يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحلام]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 11:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 08:28 ص]ـ
من قول ابن الربيع الحلبي:
"وفي ذلك إلماح إلى أنّهم عليهم السلام علموا أنّ كلمة (ربّ) تثبت لله سبحانه الملك والفضل في نقلهم من الظلام إلى النور وتربيتهم على أفاضل الأعمال والأخلاق , في حين أنّ لفظا من ألفاظ الجلال لا يثبت ذلك". اهـ
فمطالب: الذرية، والهداية ........ إلخ هي من عطاء الربوبية لا الألوهية فناسبها الدعاء بـ مادة "رب" ومشتقاتها.
ومن صور التأدب الشهيرة في الكتاب المنزل:
قول الجن: (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا).
فبنوا الفعل في حالة الشر لما لم يسم فاعله، مع أن الله، عز وجل، هو خالق الشر كونا، وإن أبغضه شرعا، ولكن الأدب اقتضى عدم نسبته إلى الله، عز وجل، مباشرة، فإنه إما:
أن يبنى لما لم يسم فاعله، كما في هذه الآية.
أو يقال بأن الشر في المقدور المخلوق، كما في قوله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)، لا في قدر الله، عز وجل، فكله خير، وإن بدا غير ذلك، للوهلة الأولى لمن لم يمعن النظر، فلم يقل في الآية: من شر خلقه، الذي هو فعله، مصدر: خلق، وإنما نسب الشر إلى المخلوق.
أو يرد في عموم كعموم قوله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
فالشر ليس إليه شرعا، وإن أراد كونا لمصلحة تربو على مفسدة إيجاده.
بينما نسبوا الخير إليه، جل وعلا، مباشرة فقالوا: (أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)، ولم يقولوا: أم أريد بهم رشد.
والله أعلى وأعلم.
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 04:29 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
جزى الله خيرًا صاحب الإحسان أعوذ به من قلّة الحسنات
شكرًا لكم على هذه الكلمات الطيّبة و أرجو أن أقرأ ردودكم حول موضوعي في الأدب و السّلام.(/)
أوصاف بليغة في البلاغات
ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 10:42 م]ـ
أوصاف بليغة في البلاغات على ألسنة أقوام من أهل الصناعات:
قال بعضُ من ولَد عقائل هذا المنثور، وألَف فواصل هذه الشذور: تجمَع قوم من أهل الصناعات، فوصفوا بلاغاتِهم، من طريق صناعاتهم:
فقال الجوهري:
أحسنُ الكلام نِظاماً ما ثقبته يَد الفكرة، ونظمته الفِطْنة، ووُصِل جَوْهَرُ معانيه في سُموط ألفاظه، فاحتملته نحورُ الرواة.
وقال العطار:
أطيبُ الكلامِ ما عُجِنَ عَنْبَر ألفاظه بمسْك مَعَانيه، ففاح نسيمُ نَشَقِه، وسطعت رائحة عبَقه، فتعلّقت به الرُوَاة، وتعطَرت به السَّراة.
وقال الصائغ:
خيرُ الكلام ما أَحْمَيْتَه بكِير الفِكر، وسبَكْتَه بمشَاعِل النّظر، وخلَّصته من خَبَث الإطناب، فبرز بروزَ الإبريز، في معنى وَجيز.
وقال الصيرفي:
خيرُ الكلام ما نَقَدَتْهُ يدُ البصيرة، وجلَته عين الروية، ووزنْتَه بمِعْيار الفصاحة، فلا نظر يُزَيّفه، ولا سماعَ يُبَهْرِجُه.
وقال الحداد:
أحسن الكلام ما نصبت عليه مِنْفَخة القريحة، وأشعلْتَ عليه نارَ البصيرة، ثم أخرجتَه من فحم الإفحام، ورقَّقته بفطِّيس الإفهام.
وقال النجار:
خيرُ الكلام ما أحكمتَ نَجْرَ معناه بقدُوم التقدير، ونَشَرْتَه بمنشار التدبير، فصار باباً لبيت البيان، وعارِضة لسَقفِ اللسان.
وقال النجاد:
أحسنُ الكلام ما لطُفت رَفَارِف ألفاظه، وحسُنت مَطارح معانيه، فتنزّهت في زَرَابيِّ محاسنه عيونُ الناظرين، وأصاخت لنمارِق بَهْجَتهِ آذان السامعين.
وقال الماتح:
أبْيَن الكلام ما علقتْ وَذَمُ ألفاظه ببكرة معانيه، ثم أرسلته في قَلِيب الفطَن فمتحت به سقاء يكشِفُ الشبهات، واستنبطت به معنى يروي من ظمإ المشكلات.
وقال الخياط:
البلاغة قميص؛ فجُربانه البيان، وجَيْبُه المعرفة، وكُفَاه الوجازة، ودَخَارِيصه الإفهام، ودُرُوزُه الحلاوة، ولابس جَسَدُه اللفظ، وروحُه المعنى.
وقال الصباغ:
أحسن الكلام ما لم تنْضَ بهجة إيجازه، ولم تكشف صبغة إعجازه، قد صَقَلتْه يَدُ الروِيةِ من كُمُود الإشكال، فَرَاعَ كواعِبَ الآداب، وألَف عَذَارَى الألْبَابِ.
وقال الحائِك:
أحسنُ الكلام ما اتَّصَلت لُحمة ألفاظه بسَدَى معانيه، فخرج مُفوَّفاً مُنيراً، وموشَّى محبراً.
وقال البزار:
أحسن الكلام ما صدقَ رقم ألْفاظه، وحسن نَشْرُ معانيه فلم يستَعْجِم عنك نَشر، ولم يستبهم عليك طَيّ.
وقال الرائض:
خيرُ الكلام ما لم يخرج عن حَدِّ التَّخْليع، إلى منزلة التَّقْرِيب إلاَّ بعد الرياضة، وكان كالمُهْرِ الذي أطمع أوَل رياضته في تمام ثَقافته.
وقال الجمَال:
البليغُ من أخذَ بخِطام كلامه، فأناخَه في مَبْرك المعنى، ثم جعل الاختصار له عِقَالاً، والإيجاز له مَجالاً، فلم يَندَّ عن الآذان، ولم يشذَّ عن الأذهان.
وقال الخمّار:
أبلغُ الكلام ما طبَخَتْه مَرَاجِلُ العلم، وصَفَاه رَاوُوق الفَهْمِ، وضمَّته دِنَان الحكمة، فتمشَّت في المفاصل عُذُوبَتُه، وفي الأفكارِ رِقَته، وفي العقول حِدّته.
وقال الفقاعي:
خيرُ الكلام ما رَوَّحَتْ ألفاظُه غَبَاوَةَ الشكّ، ورفعت رِقَته فظاظةَ الجهل، فطاب حِساءُ فطنته، وعذُب مَصُّ جُرَعِهِ.
وقال الطبيب:
خيرُ الكلام ما إذا باشر دواءُ بيانه سَقَمَ الشُبهة استطلقت طبيعةُ الغباوة؛ فشُفِي من سوء التفهّم، وأورث صحة التوهم.
وقال الكحَّال:
كما أن الرمَد قذى الأبصارِ، فكذا الشبهة قَذَى البصائر، فاكْحَلْ عَيْنَ اللكنة بميلِ البلاغة، واجْلُ رمَصَ الغَفْلة بِمرْوَدِ اليقظة.
ثم قال:
أجمعوا كلّهم على أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمْسُه، انكشف لَبْسه، وإذا صدقت أنواؤه اخضرّت أحماؤه.
ـ[أحلام]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 11:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وجعل ذلك في ميزان حسناتكم
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 07:30 م]ـ
و أجمل المواضيع موضوعك هذا ...... سلمت يمينك .... :):):)
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 09:44 م]ـ
بورك فيكم أستاذ محمد على هذا الجمع الطيب.(/)
لمسات بيانية في آي القرآن الكريم
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 04:21 م]ـ
:::
لمسات بيانية في آي القرآن الكريم للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي استاذ الآدب في كلية اللغة العربية في جامعة الشارقة
1 - سؤال: ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (هذا بلاغ للناس) سورة ابراهيم آية 52 و (بلاغ) سورة الأحقاف آية 35؟
كلمة بلاغ في سورة الأحقاف هي خبر لمبتدأ محذوف وتقديره هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ فجاءت كلمة بلاغ ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ. أما في سورة ابراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية (هذا بلاغ للناس) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يفعل الظالمون) آية 42.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 04:22 م]ـ
2 - سؤال: ما الفرق بين البأساء والضرّاء من حيث المعنى في القرآن الكريم؟
البأساء هي الشدّة عموماً ولكن أكثر ما تُستعمل في الأموال والأنفس. أما الضرّاء فتكون في الأبدان.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 04:24 م]ـ
3 - سؤال: (إن ربك هو أعلم من يضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) سورة الأنعام والآية (إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله) سورة النحل، ما الفرق من الناحية البيانية بين (بمن ضلّ) و (من يُضلّ)؟
من استفهامية وهي من باب التعليق ومعلّقة والجملة في محل نصب مفعول به لفعل مقدّر.
بمن: موصولة ومعناها هو أعلم بالذي ضلّ عن سبيله.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 05:13 م]ـ
4 - ما الفرق بين كلمتي عباد وعبيد في القرآن؟
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة فيزدادون تشريفاً فيقال عباد الله كما ورد في سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63})، أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً وعادة تضاف إلى الناس والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم كما ورد في سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29}). العبد يُجمع على عباد وعبد يُجمع على عبيد.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 05:20 م]ـ
بوركت أخي ليث على جهودك الكبيرة
زادك الله من فضله
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 05:25 م]ـ
5 - ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (الله) و (الربّ) في الآيتين: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) سورة النساء وقوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم) سورة النساء؟
لفظ الجلالة الله هو اللفظ العامّ لله تعالى ويُذكر هذا اللفظ دائماً في مقام التخويف الشديد وفي مقام التكليف والتهديد. أما كلمة الربّ فتأتي بصفة المالك والسيّد والمربي والهادي والمشد والمعلم وتأتي عند ذكر فضل الله على الناس جميعاً مؤمنين وغير مؤمنين فهو سبحانه المتفضّل عليهم والذي أنشأهم وأوجدهم من عدم وأنعم عليهم. والخطاب في الآية الثانية للناس جميعاً وهو سبحانه يذكر النعمة عليهم بأن خلقهم والذين من قبلهم، ولذا جاءت كلمة (ربكم) بمعنى الربوبية. وعادة عندما تذكر الهداية في القرآن الكريم تأتي معها لفظ الربوبية (ربّ).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 05:27 م]ـ
بوركت أخي ليث على جهودك الكبيرة
زادك الله من فضله
بارك الله فيك أخي محمدا على مرورك العذب، زادنا الله وإياك من فضله.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 05:31 م]ـ
6 - ما دلالة كلمة (لنريه) في سورة الإسراء؟
قد يحتمل المعنى أن الرسول r أُعطي الرؤية الإلهية وتعطلت الرؤية البشرية وربما يكون سبحانه وتعالى قد أعطاه رؤية قوية أكثر من قدرة البشر بدليل أنه رأى القافلة ورأى موسى وهو يصلي في قبره ورأى جبريل عليه السلام. والله أعلم.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 08:34 م]ـ
7 - في سورة يوسف الآية (ليسجنن وليكوناً من الصاغرين) جاءت لفظة (ليكوناً) بالتنوين لماذا؟
في (ليكوناً) هذه ليست تنوين وإنما هي نون التوكيد الخفيفة إذا وُقف عليها يوقف عليها بالألف ويجوز أن تُرسم بالتنوين. وفي كلمة (ليسجنن) هذه نون التوكيد الثقيلة وهي مؤكّدة أكثر من الخفيفة وقد دلّت في المعنى أن دخوله السجن آكد من كونه من الصاغرين.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 08:42 م]ـ
8 - لماذا الإستثناء في قوله تعالى في سورة هود (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك)؟
قال تعالى في سورة هود (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ {106} خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ {107} وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ {108}) أولاً السماوات والأرض في هذه الآية هي غير السماوات والأرض في الدنيا بدليل قوله تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات). أما الاستثناء فلأن الخلود ليس له أمد، والحساب لم ينته بعد ولم يكن أهل الجنة في الجنة ولا أهل النار في النّار فاستثنى منهم من في الحساب. وقول آخر أن أهل النار قد يُخرج بهم إلى عذاب آخر أما أهل الجنة فهناك ما هو أكبر من الجنة ونعيمها وهو رضوان الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم والله أعلم. قسم يقولون أن الاستثناء هو في مدة المكث في الحشر (مدته خمسين ألف سنة) وقسم من قال هذا حتى يقضي الله تعالى بين الخلائق، وقسم قال هم من يخرجون من النار من عصاة المسلمين، وقسم قال الاستثناء من بقائهم في القبر وخروجهم من الدنيا، وقسم قال هو استثناء من البقاء في الدنيا وهذه المعاني كلها قد تكون مرادة وتفيد أنهم خالدين فيها إلا المدة التي قضاها الله تعالى قبل أن يدخلوا الجنة أو قد تكون عامة لكن قضى الله تعالى أن يكونوا خالدين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 09:09 م]ـ
9 - لماذا ذكر (شعيب) في سورة الشعراء بينما ذكر (أخوهم شعيب) في سورة هود؟
شعيب أُرسل إلى قومين هما قوم مدين وهو منهم فعندما ذهب إليهم قال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ {84}) وأصحاب الأيكة ولم يكن منهم وليسوا من أهله فلم يذكر معهم أخوهم شعيب لأنه ليس أخاهم (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ {176} إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ {177}). وكذلك في القرآن الكريم لم يذكر في قصة عيسى u أنه خاطب قومه بـ (يا قوم) وإنما كان يخاطبهم بـ (بني إسرائيل) لأنه ليس له نسب فيهم أما في قصة موسى فالخطاب على لسان موسى جاء بـ (يا قوم) لأنه منهم.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 09:13 م]ـ
10 - ما اللمسة البيانية في استخدام (لا أقسم) في القسم في القرآن الكريم؟ (لا أقسم بيم القيامة) (لا أقسم بهذا البلد)؟
لم يرد في القرآن كله كلمة (أقسم) أبداً وإنما استخدم لفظ (لا أقسم) بمعنى أقسم و (لا) لتأكيد القسم. فقد يكون الشيء من الوضوح بمكان بحيث لا يحتاج لقسم وفي هذا تعظيم للشيء نفسه. وقد تعني (لا أقسم) أحياناً أكثر من القسم (زيادة في القسم).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 11:44 م]ـ
11 - ما الفرق البياني بين قوله تعالى (ما منعك أن تسجد) سورة ص و (ما منعك ألا تسجد) سورة الأعراف؟
هناك قاعدة (لا) يمكن أن تُزاد إذا أُمن اللبس، وسُمّيت حرف صلة وغرضها التوكيد وليس النفي. ونلاحظ أن سياق الآيات مختلف في السورتين ففي سورة الأعراف الآيات التي سبقت هذه الآية كانت توبيخية لإبليس ومبنية على الشدة والغضب والمحاسبة الشديدة وجو السورة عموماً فيه سجود كثير.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 10:07 ص]ـ
12 - ما دلالة تكرار الآية (فبأي آلآء ربكما تكذبان) في سورة الرحمن؟
تكرار الآيات قد يكون للتوكيد ففي ذكر النار من قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيها الثقلان) تكررت الآية 7 مرات على عدد أبواب جهنم أما في الجنة (من دونهما جنتان) تكررت الآية 8 مرات على عدد أبواب الجنة.
وفي نفس الآية لمن يوجّه الله تعالى خطابه في قوله (فبأي آلآء ربكما تكذبان)؟
نلاحظ أول آية في سورة الرحمن ابتدأت فيها هذه الآية ويقول المفسرون أن المقصود بهما الثقلان أي الإنس والجنّ. لكن السؤال لماذا جاءت أول مرة ولمن الخطاب هنا؟ يقول عامة المفسرون أنه ليس بالضرورة عندما تخاطب واحداً أو جماعة أن يسبقه كلام فمن الممكن مخاطبة جماعة لأول مرة بدون سابق خطاب (أين أنتم ذاهبون؟) ومع ذلك فقد ورد قبلها ما يدل على المخاطبين فقد قال تعالى: (والأرض وضعها للأنام) والأنام من معانيها الثقلان أي الإنس والجنّ (وقسم من المفسرون يحصرونها بهذا المعنى) ومن معانيها البشر وقسم آخر يقول أنها تعني كل المخلوقات على الأرض لكن قطعاً من معانيها الثقلان مما يشمل الإنس والجنّ. والأمر الثاني هو أنه قبل الآية الأولى فيها خطاب المكلفين وهما الإنس والجن (أن لا تطغوا في الميزان* وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) والمكلفين هما الإنس والجنّ. وإذا أخذنا معنى الأنام المقصور على الثقلين انتهى الأمر وإذا أخذنا المعنى أنه المخلوقات جميعا فالآيات تفيد التخصيص. ثم قال تعالى (الرحمن * علّم القرآن) والقرآن هو للإنس والجنّ. إذن من الممكن أن يخاطب تعالى الثقلين مباشرة دون أن يسبقه كلام وإنما في هذه الآيات سبقه كلام وأوامر ونواهي للثقلين والكتاب الذي أُنزل للإنس والجنّ إذن هو خطاب عادي للثقلين في قوله تعالى: (فبأي آلآء ربكما تكذبان).
يبقى سؤال آخر: جاء الخطاب في الآية للثقلين (بالمثنّى) وقال تعالى (وأقيموا الوزن) بالجمع لماذا؟ الخطاب للثقلين بالمثنى هو للفريقين عموماً وهما فريقان اثنان (فريق الإنس وفريق الجنّ) على غرار قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اققتلوا) وصيغة الجمع تدل على أن الخطاب هو لكل فرد من أفراد هذين الفريقين.
في بداية السورة قال تعالى (خلق الإنسان * علّمه البيان) الآية تدل على خلق الإنسان مع أن الأنام فيما بعد تدل على المخلوقات عامة وذلك لأن الإنسان هو الذي أُنزل عليه الكتاب أو القرآن وبيّنه للثقلين. وعلّمه البيان بمعنى ليبيّن عن نفسه والبيان هو القدرة على التعبير عمّا في النفس، والله أعلم.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 01:45 م]ـ
13 - ما الفرق بين كلمة (المخلَصين) بفتح اللام وكلمة (المخلِصين) بكسر اللام؟
المخلَصين بفتح اللام تعني من أخلصه الله لعبادته وطاعته، أما المخلِصين بكسر اللام فتعني من أخلص نفسه لعبادة الله وطاعته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 01:47 م]ـ
14 - ما معنى قوله تعالى (وأُمرت أن أكون أول المسلمين) عن سيدنا محمد مع العلم أن الأنبياء قبله كانوا مسلمين؟
الإسلام هو دين الله وهو الدين من أول الأنبياء إلى يوم الدين وقد سبق في القرآن الكريم ذكر نوح وإبراهيم ولوط ومن اتبعهم بأنهم من المسلمين لكن دين الإسلام كإسلام أُطلق على ديننا وسيدنا محمد r هو أول من أسلم.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 01:52 م]ـ
15 - ما اللمسة البيانية في استعمال صيغة المضارع مرة وصيغة الماضي مرة أخرى في قوله تعالى (من كان يريد الآخرة) و (من أراد الآخرة)؟
استعمال فعل المضارع مع الشرط يكون إذا كان مضمون أن يتكرر. أما استعمال فعل الماضي فالمضمون أن لا يتكرر أو لا ينبغي أن يتكرر. كما نلاحظ أيضاً في قوله تعالى (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد) ينبغي تكرار الشكر لذا جاء بصيغة الفعل المضارع (يشكر) أما الكفر فيكون مرة واحدة وهو لا ينبغي أن يتكرر فجاء بصيغة الماضي في قوله (كفر). كذلك في قوله تعالى (من قتل مؤمناً خطأ) المفروض أن القتل وقع خطاً وللمفروض أن لا يتكرر أما في قوله تعالى (من يقتل مؤمناً متعمداً) هنا تكرار للفعل لأنه قتل عمد.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 02:17 م]ـ
موضوع رائع أخ ليث وفقك الله وجزاك خيراً
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 02:34 م]ـ
موضوع رائع أخ ليث وفقك الله وجزاك خيراً
بارك الله فيك أختي الباحثة عن الحقيقة على مرورك العطر.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 03:57 م]ـ
16 - ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى: (لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) سورة الإسراء وقوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق)؟
في الآية الأولى في سورة الإسراء الأهل ليسوا فقراء أصلاً وعندهم ما يكفيهم ولا يخشون الفقر ولكنهم يخشون الفقر في المستقبل إذا أنجبوا بأن يأخذ المولود جزءاً من رزقهم ويصبح الرزق لا يكفيهم هم وأولادهم ويصبحوا فقراء فخاطبهم الله تعالى بقوله نحن نرزقهم وإياكم ليطمئنهم على رزقهم أولاً ثم رزق أولادهم ولهذا قدّم الله تعالى رزقهم على (إياكم) لأنه تعالى يرزق المولود غير رزق الأهل ولا يأخذ أحد من رزق الآخر. أما في الآية الثانية فهم فقراء في الأصل وهمّهم أن يبحثوا عن طعامهم أولاً ثم طعام من سيأتيهم من أولاد فالله تعالى يطمئن الأهل أنه سيرزقهم هم أولاً ثم يرزق أولادهم، ان الأهل لهم رزقهم والأولاد لهم رزفهم أيضاً.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 12:44 ص]ـ
17 - ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (من عزم الأمور) سورة لقمان وقوله تعالى (لمن عزم الأمور) في سورة الشورى؟
لو لاحظنا الآيات قبل هذه لوجدنا أن في سورة لقمان جاءت الآية (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) سورة لقمان آية 17 أما في الآية الأخرى في سورة الشورى (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) آية 43 وهنا ورد ذكر أمرين الصبر والغفران وهما أشدّ من الصبر وحده التي وردت في سورة لقمان فكانت الحاجة لتوكيد الأمر باستخدام لام التوكيد والقسم في كلمة (لمن) لأنه أشقّ على النفس. فالصبر قد يقدر عليه كثير من الناس لكن أن يصبر ويغفر هذا بالطبع لا يقدر عليه الكثيرون ويحتاج إلى مشقة أكبر لذا اقتضى توكيد الأمر بأنه من عزم الأمور مؤكداً بخلاف الصبر وحده الذي ورد في سورة لقمان.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 12:53 ص]ـ
جعله الله في ميزان حسناتك أخي ليث، جهد كبير فبارك الله لك ونفع بك.
نتابعه ..
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 01:33 ص]ـ
جعله الله في ميزان حسناتك أخي ليث، جهد كبير فبارك الله لك ونفع بك.
نتابعه ..
بارك الله فيك أخي أحمد على مرورك الكريم الذي يحفزني على المواصلة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 01:37 ص]ـ
18 - ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (واصبر نفسك) سورة الكهف وقوله تعالى (وأْمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) سورة طه؟
اصطبر جاءت في الصلاة لأنها مستمرة كل يوم وزيادة المبنى تفيد زيادة المعنى والصلاة كل يوم في أوقاتها وتأديتها حق أدائها وإتمامها يحتاج إلى صبر كبير لذا جاءت كلمة (اصطبر) للدلالة على الزيادة في الصبر.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 01:41 ص]ـ
19 - ما اللمسة البيانية في استعمال كلمة (اليم) في قصة سيدنا موسى مع فرعون؟
اليمّ كلمة عبرانية وقد وردت في القرآن الكريم 8 مرات في قصة موسى وفرعون فقط لأن قوم موسى كانوا عبرانيين وكانوا يستعلون هذه الكلمة في لغتهم ولا يعرفون كلمة البحر ولهذا وردت كلمة اليمّ كما عرفوها في لغتهم آنذاك.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 01:43 ص]ـ
20 - لماذا جاءت كلمة سيّد في القرآن الكريم في سورة يوسف (وألفيا سيدها لدا الباب)؟
أهل مصر كانوا يسمون الزوج سيداً وقد وردت هذه الكلمة مرة واحدة في سورة يوسف وفي القرآن كله لأنها كانت معروفة في لغتهم آنذاك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 01:47 ص]ـ
21 - ما الفرق من الناحية البيانية بين كلمتي (واللائي) و (اللاتي) في القرآن الكريم؟
لفظ اللائي هي لفظة متخصصة وهي مشتقة من اللاء أو التعب وقد استخدم هذا اللفظ في الآيات التي تفيد التعب للنساء كما في الحيض في قوله تعالى: (واللائي يئسن من المحيض). أما لفظ (اللاتي) فهو لفظ عام.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 10:47 ص]ـ
22 - ما الحكم النحوي في استخدام (من) و (ما)؟
من وما يعامل لفظها الإفراد والتذكير ثم يؤتى بما يدلّ على المعنى. (ومن الناس من يقول آمنا بالله وماهم بمؤمنين) نبدأ بالإفراد والتذكير (هذا هو القياس) (ومن يقنت منكن).
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {74}) لما ومنه، لما ويشقق ومنه، لما ويهبط كلها فيها إفراد وتذكير. الأصل والأكثر في القرآن البدء بالإفراد والتذكير ثم يأتي ما يدل على المعنى.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 07:05 م]ـ
23 - ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى في سورة الأنعام (مشتبهاً وغير متشابه) وقوله تعالى (متشابهاً وغير متشابه)؟
قوله تعالى (مشتبهاً وليس متشابه) تفيد لفت النظر إلى قدرة الله تعالى وهذا يفيد اللبس والالتباس، أما في قوله تعالى (متشابهاً وغير متشابه) فهذا للتشابه وقد وردت الآيات في الإبل عامة ولا داعي للفت النظر إلى القدرة الإلهية هنا. فنفي التشابه ينفي الاشتباه من باب أولى، والتشابه قد يكون في جزئية معينة والاشتباه هو الالتباس لشدة التشابه.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 01:28 ص]ـ
24 - ما الفرق بين هذه الكلمات؟
سِخرياً وسُخرياً: سخرياً بكسر السين هي من الاستهزاء والسخرية أما سُخرياً بضم السين فهي من باب الاستغلال والتسخير.
يُقبل ويُتقبل: يقبل من الرسول:= يقبل الصلاة والزكاة ومن العباد وهو في الدنيا، أما يتقبل فهو من الله تعالى يتقبل الأعمال أو لا وهذا في الآخرة.
كُرهاً وكَرهاً: كُرهاً بضم الكاف هو العمل مع المشقة أما كَرهاً بفتح الكاف فتفيد العمل بالإجبار من آخر.
طوعاً وطائعاً: طوعاً تعني تلقائياً من النفس وطائعاً تعني طائعاً لإرادة الله سبحانه وتعالى.
ضياء ونور: الضياء هو ضوء وحرارة مثل ضوء الشمس والسراج أما النور فهو ضوء بدون حرارة كنور القمر.
وعد وأوعد: وعد تأتي دائماً بالخير (وعد الله الذين آمنوا منكم) وأوعد تأتي بالشرّ.
قِسط وقَسط و قَسَط: القِسط بكسر القاف تعني العدل، والقَسط بفتح القاف تعني الظلم والقَسَط بفتح القاف والسين تعني الانحراف.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 01:32 ص]ـ
25 - ما الفرق بين قوله تعالى (رب اجعل هذا بلداً آمناً) سورة البقرة وقوله تعالى (رب اجعل هذا البلد آمناً)؟
الآية الأولى هي دعاء سيدنا إبراهيم قبل أن تكون مكة بلداً فجاء بصيغة التنكير (بلداً) أما الآية الثانية فهي دعاء سيدنا إبراهيم بعد أن أصبحت مكة بلداً معروفاً فجاء بصيغة التعريف في قوله (البلد).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 12:40 م]ـ
26 - ما اللمسة البيانية في إفراد اليمين وجمع الشمائل في سورة النحل في قوله تعالى (يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجّداً لله وهم داخرون) آية 48؟
اليمين يُقصد بها جهة المشرق والشمائل يقصد بها جهة المغرب. وقد قال المفسرون أن كل المشرق جهة اليمين أما في جهة الغرب تكثر الظلال خاصة بعد الزوال بخلاف جهة المشرق حتى اتجاهات الظلال تختلف فلذلك أصبحت شمائل، يتحول الظل ويتسع ويمتد. والأمر الآخر أن اليمين جهة مطلع النور أو الشمس والشمال جهة الظلمة والمغرب والله تعالى في القرآن كله أفرد النور وجمع الظلمات (يخرجونهم من النور إلى الظلمات) (الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وهذا لأن النور له جهة واحدة ومصدر واحد سواء كان نور الهداية أو نور الشمس وهو يأتي من السماء أما الظلمات فمصادرها كثيرة كالشيطان والنفس وأصدقاء السوء والوسوسة من الجِنّة والناس. إذن الظلمات مصادرها كثيرة والنور مصدره واحد، ولمّا كانت اليمين جهة مطلع النور أفردها ولما كانت الشمال الجهة الأخرى والتي تفيد الظلمات جمعها. وذكر المفسرون أمراً آخر هو الآية (ما خلق الله من شيء) شيء مفرد ولمًا قال سجّداً قال الشمائل فقالوا أمر لفظي الجمع ناسب الجمع والإفراد ناسب الإفراد ولكني (والكلام للدكتور فاضل) لا أراه مناسباً تماماً.
وكلمة يتفيأ هي من الفيء والظلّ والفيء هو بمعنى العودة (فاء فيء بمعنى عاد).
الظلّ هو ما نسخته الشمس والفيء هو ما نسخ الشمس.
..............................................................................
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) النحل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 05:03 م]ـ
27 - ما الفرق بين كلمتي (ألفينا) و (وجدنا) في الآيتين: (بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا) سورة البقرة آية 170 (وحسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)؟
ألفى في اللغة تستعمل في الأمور المادية فقط وقسم من النحاة يقولون أنها لا تأتي في أفعال القلوب كما في قوله تعالى: (إنهم ألفوا آباءهم ضالين) وقوله (ألفيا سيدها لدى الباب). أما كلمة (وجدنا) فيه تأتي مع أفعال القلوب (لوجدوا الله تواباً رحيما) وقد تأتي أحياناً في الأشياء الحسّية. وعندما يذكر القرآن كلمة ألفينا يريد أن يذمّهم أكثر وينفي عنهم العقل كما في قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ سورة البقرة {170}) ولو لاحظنا الآية التي سبقت هذه في سورة المائدة (مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ {103}) فالذي يٌشرّع ليس عنده علم ولكن عنده عقل. وعندما يذكر كلمة وجدنا ينفي عنهم العلم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ سورة المائدة {104}) وكذلك في سورة لقمان (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ {20} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ {21}). وقد تنفي العلم عن أحدهم ولكنه يبقى عاقلاً لكن إذا نفى عنهم العقل أصبحوا كالبهائم فكلمة ألفينا تأتي إذن في باب الذمّ.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[17 - 06 - 2008, 01:46 م]ـ
28 - ما اللمسة البيانية في قوله تعالى في سورة الحجر (ربما يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين) بتخفيف الباء في كلمة (ربما)؟
هذه الآية فيها قراءتان متواتران صحيحتان نزل بهما الروح الأمين إحداهما مشددة (ربّما) والأخرى مخففة (ربما) فهي من الناحية اللغوية موجودة في اللغة ولا إشكال في هذا. أما من ناحية السر البياني فقد اختلفوا في (رُبّ) وقسم قالوا أنها تفيد التكثير (رُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه) وقسم قال إنها تفيد التقليل وهذا معناها على العموم. ويكون التقليل أو التكثير بحسب المعنى. يبقى التخفيف وعدم التخفيف يوجد في اللغة حروف تخفف مثل (إنّ) وتخفف وتصبح (إن) وكذلك نون التوكيد الثقيلة تخفف إلى نون التوكيد الخفيفة مثل قوله تعالى (وليسجنن وليكوناً) في سورة يوسف فالنون في (ليسجنن) نون توكيد ثقيلة وفي (ليكوناً) هي نون توكيد مخففة. وقديماً كانت النون المخففة أخف من النون الثقيلة لأن تكرار النون بمثابة تكرار التوكيد مثل السين وسوف؛ السين مقتطعة من سوف وتفيد زمناً أقل.
(رب) في معناها أقل في التقليل والتكثير من (رُبّ) و (ربّما) أشد في معناها من ربما المخففة. وكلمة (ربما) تحتمل أن تكون قد قيلت في الدنيا عندما رأوا الغنائم في بدر وغيرها فقسم تمنى أن يكون مسلماً ليأخذ الغنائم وهنا جاءت بمعنى التمني. ويحتمل أن تكون قد قيلت في الآخرة عندما يُعطى المسلمون الأجور العظيمة فيتمنى الكافرون لو كانوا مسلمين وهنا تأكيد على تمنيهم لأنهم رأوا أجر المسلمين. وفي الدنيا هناك من يتمنى كثيراً أن يكون مسلماً ومنهم من يتمنى قليلاً أن يكون مسلماً عند رؤية الغنائم فكل منهم يتمنى حسب رغبته في الغنائم وحسب ما يرى من الغنائم، أما في الآخرة فهم يرغبون قطعاً رغبة قوية أن يكونوا مسلمين وهذان الإحتمالان التمني القليل والتمني الكثير لا يمكن أن يُعبّر عنهما إلا باستخدام القراءتين اللتين وردتا في الآية (ربّما المشددة) و (ربما المخففة) فشمل كل
(يُتْبَعُ)
(/)
الإحتمالات في جميع المواقف في الدنيا وفي الآخرة.
(ربما) بدون شدّة تأتي للتخفيف وهو لغرض التخفيف في الحدث، لم تكن المودة قوية لتحملهم على الإسلام لذا قال تعالى (ربما) مخففة. فإذا أراد تشديد المودة جاء بلفظ (ربّما) مشددة، وإذا أراد تخفيف المودة جاء بلفظ (ربما) دون شدّة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 01:28 ص]ـ
29 - ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (خالدين فيها) وقوله (خالدين فيها أبدا)؟
هناك قاعدة في القرآن الكريم سواء في أهل الجنة أو في أهل النار، إذا كان المقام مقام تفصيل الجزاء أو في مقام الإحسان في الثواب أو الشدة في العقاب يذكر (أبدا) وإذا كان في مقام الإيجاز لا يذكرها. في سورة النساء آية 57 (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً) هذه الآية فيها تفصيل للجزاء فذكر فيها أبدا، أما الآية 13 من سورة النساء (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ليس فيها تفصيل فلم يذكر فيها (أبدا). كذلك في سورة البيّنة لم يذكر مع الكافرين (أبدا) لأنه لم يفصّل في عقابهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) آية 6، وذكرها مع المؤمنين لأنه فصّل الجزاء لهم (جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) آية 8، فالتفصيل زيادة في الجزاء ويتسع في قوله (أبداً) فيضيف إكراماً إلى ما هم فيه من إكرام وكذلك في العذاب. وقد وردت خالدين فيها أبداً في أهل الجنة 8 مرات في القرآن الكريم ووردت في أهل النار 3 مرات وهذا من رحمته سبحانه وتعالى لأن رحمته سبقت غضبه. والخلود عند العرب تعني المكث الطويل وليس بالضرورة المكث الأبدي.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 01:38 ص]ـ
30 - ماذا تفيد الفاء في الآيات الآتية من سورة مريم من الناحية البيانية؟
في سورة مريم الآيات (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29}) تكرر استخدام حرف الفاء وهي تفيد تعقيب كل شيء بحسبه أي تفيد تعقيب الأحداث التي وردت في السورة. إذا كان الحمل في موعده تستخدم الفاء وإذا تأخر الحمل نستخدم (ثمّ) للترتيب والتراخي في الزمن. فمريم عليها السلام حملت عندما نفخ فيها ثم لم يكن هناك أي معوقات بعدها فانتبذت مكاناً قصياً وجاء الحمل بالمدة المقررة عُرفاً. كقوله تعالى (ثم أماته فأقبره) القبر يأتي عقب الموت مباشرة فاستخدم الفاء أما قوله تعالى (ثم إذا شاء أنشره) فالنشور والقيامة يأتي بعد القبر بمد طويلة لذا استخدم ثمّ التي تفيد الترتيب والتراخي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونأخذ مثال: إذا قلنا دخلت البصرة فالكوفة والمسافة بينهما تستغرق يومين تفيد أنه لو دخلت الكوفة في اليوم الثاني نستخدم الفاء لأنها هي التي دخلتها بعد البصرة مباشرة أما إذا دخلتها بعد عشر ساعات نستخدم ثمّ، لأنه كما يقول النحاة إذا كانت المدة طبيعية يُؤتى بالفاء. مثال آخر لو قلنا تزوج فلان فولد له بمعنى أنه وُلد له بعد فترة الحمل الطبيعية تزوج فحملت فولدت ولو تأخر الحمل يقال ثم وُلد له.
أما استخدام الواو كما في قولنا جاء محمد وخالد لا تفيد الترتيب إنما تفيد مطلق الجمع فقد يكون محمد هو الذي أتى أولاً وقد يكون خالد هو الذي أتى أولاً. أما الفاء وثمّ فتفيدان الترتيب والتعقيب أو الترتيب والتراخي.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 10:05 ص]ـ
31 - لماذا في سورة المؤمنون آية 15 و 16 جاء توكيدان في الموت وتوكيد واحد في البعث مع أن الناس يشككون في البعث أكثر؟
(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ {15} ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ {16}) جاء التوكيد في الآية 15 مع ذكر الموت بـ (إنّ) واللام، أما في الآية 16 مع ذكر البعث جاء التوكيد بـ (إنّ) فقط ولم يأتي باللام لأن هناك قاعدة نحوية أن اللام إذا دخلت على الفعل المضارع أخلصته للحال فلا يصح أن يقال لتبعثون لأنها لن تفيد الإستقبال ولكنها تخلص الفعل المضارع للحال وليس هذا هو المقصود في الآية.
يوم القيامة استقبال ولا تصح اللام هنا لأن الكلام على يوم القيامة واللام تخلّصه للحال ولو أن عندي رأي آخر كما جاء في قوله تعالى (إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة) قال النحاة هذا تنزيل المستقبل تنزيل الماضي.
وفي سورة يوسف الآية (ليسجنن وليكوناً من الصاغرين) النون نون التوكيد التي تخلص الفعل للمستقبل واللام هي لام القسم وليست لام التوكيد هنا.
مسألة التوكيد أولاً تعود للسياق ومع أنه أكد الموت بتوكيدين في آية سورة المؤمنون ومرة واحدة في آية سورة الزمر (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ {30}) ولم يذكر اللام هنا والسبب أنه ذكر الموت في سورة المؤمنون 10 مرات بينما ذكر في سورة الزمر مرتين فقط وتكررت صور الموت في سورة المؤمنون أكثر منها في سورة الزمر ففي سورة المؤمنون الكلام أصلاً عن خلق الإنسان وتطويره وأحكامه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14}) وهذا أكبر دليل على أن إعادته ممكنة ولا شك أنها أسهل من الخلق والابتداء فلهذا جعل سبحانه وتعالى توكيدين في الخلق وتوكيداً واحداً في البعث لأن البعث أهون عليه من الخلق من عدم وكلهما هين على الله تعالى.
الأمر الآخر لو لاحظنا ما ذكره تعالى في خلق الإنسان لتُوهّم أن الإنسان قد يكون مخلّداً في الدنيا لكن الحقيقة أن الإنسان سيموت وكثيراً ما يغفل الإنسان عن الموت وينساق وراء شهواته (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) فيعمل الإنسان عمل الخلود (ألهكم التكاثر) فأراد تعالى أن يُذكّرهم بما غفلوا عنه كما ورد في الحديث الشريف (أكثروا من ذكر هادم اللذات) ثم الآية لم ترد في سياق المنكرين للبعث فليس من الضرورة تأكيد البعث كما أكّد الموت. وقد أكّد لأطماع الناس في الخلود في الدنيا وكل المحاولات للخلود في الدنيا ستبوء بالفشل مهما حاول الناس للخلود لا يمكنهم هذا.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 01:21 م]ـ
32 - ما اللمسة البيانية في استخدام اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول والعكس في القرآن الكريم؟
قسم من المفسرين يرون أحياناً في الاستعمالات القرآنية أن اسم الفاعل يكون بمعنى اسم المفعول كما في قوله تعالى (من ماء دافق) يقولون بمعنى مدفوق، وقوله (لا عاصم اليوم من أمر الله) بمعنى لا معصوم، و (عيشة راضية) بمعنى مرضية، و (حجاباً مستوراً) بمعنى ساتراً، و (سقفاً محفوظاً) بمعنى حافظ. ومن الممكن تخريجها على صورتها الظاهرة ويبقى المعنى وليس بالضرورة أن نؤوّل كلمة دافق لمعنى مدفوق لكن يمكن إبقاؤها بصيغها ومعانيها. وقد ذكر المفسرون آراء أخرى تؤكد الإقرار على المعاني والصيغ اسم الفاعل واسم المفعول ويستقيم المعنى.
المصدر قد يأتي بمعنى اسم الفاعل أو اسم المفعول في القرآن مثل كلمة (خلق) فهي تأتي بمعنى مخلوق أحياناً.
وفي قوله تعالى في سورة هود (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) تحتمل معنيين: لا عاصم إلا الراحم وهو الله، ولا معصوم إلا الناجي فقد يختلف التأويل لكن المعنى يحتمل هذه التأويلات لأن لا عاصم إلا من رحمه الله تعالى أي ليس هناك من ينجيه إلا الله الراحم وتأتي الآية بعده (وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) لا تمنع كلا التفسيرين وهذا ما يُسمى من باب التوسع في المعنى.
هل يوجد اختلافات دلالية بين المشتقات وبعضها؟
أحياناً الصيغة الواحدة يمكن تخريجها على أكثر من دلالة كما في كلمة (حكيم) فقد تكون اسم مفعول مثل قتيل أو حكيم بمعنى ذو حكمة (حكيم عليم). وفي سورة يس (يس* والقرآن الحكيم) هل المقصود أنه مُحكم أو هو ينطق بالحكمة فيكون حكيم؟ يحتمل المعنى كل هذه التفسيرات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[24 - 06 - 2008, 05:10 م]ـ
33 - ما الفروق الدلالية بين فعل سار ومشى؟
السير غير المشي في اللغة ويقال سار القوم إذا امتدّ بهم السير من جهة إلى جهة معينة في الخصوص. والسير في القرآن الكريم قد يكون لغرض وفي جهة وهو إما للعظة والاعتبار أو للتجارة أو غير ذلك كما في قوله تعالى (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله) سورة القصص فالسير هنا ممتد من مدين إلى مصر وهو ليس مشياً. وقد يكون معنى السير السير لفترة طويلة للعبرة والاتعاظ كما في قوله تعالى (قل سيروا في الأرض ثم انظروا) وقد ورد هذا المعنى للسير في 11 آية قرآنية (أفلم يسيروا في الأرض) (قل سيروا في الأرض فانظروا) والسير هنا هو الامتداد وكما قلنا يكون في القرآن الكريم إما لمسافة طويلة بغرض التجارة وإما لغرض العبرة والاتعاظ.
أما المشي فهو مجرد الانتقال وليس بالضرورة توجّه إلى هدف محدد كما في قوله تعالى (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 07:03 م]ـ
34 - ما اللمسة البيانية في وصف الله تعالى لإسماعيل عليه السلام بالحليم واسحق بالعليم؟
(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) سورة الصافات آية 101 و (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) سورة الذاريات آية 28 و (قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) سورة الحجر آية 53.
الحلم هو أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب وهذا يظهر في علاقته مع الآخرين إذا غضب. وربنا تعالى لما ذكر إسماعيل وذكر علاقته مع أبيه والآخرين في سورة الصافات ذكر في الآية بعدها (قال يا أبت افعل ما تؤمر) بعد أن أخبره أبوه بأنه أوحي إليه أن يذبحه وكذلك الحلم في علاقته مع أبيه في بناء البيت (وإذ يرفع إبراهيم البيت وإسماعيل). وقد ذكر الله تعالى إسماعيل بأنه رسول نبي وأنه كان صادق الوعد كما في سورة مريم (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا) آية 54، فكان صادق الوعد في التبليغ للآخرين وفي الرسالة. ولم يذكر تعالى مع اسحق علاقته بالآخرين في القرآن كله مطلقاً لكنه تعالى بيّن العلم فقط وهذا لا يتعلق بالعلاقة مع الآخرين إذن صفات إسماعيل التي ذُكرت في القرآن تقتضي الحلم.
والأمر الآخر أن الله تعالى لمّا يذكر صفات الأنبياء يذكر صفة بارزة لكل نبي منهم لكن هذا لا ينفي باقي الصفات عن كل نبي فإذا ذكر الحلم فلا ينتفي العلم، وقد وصف تعالى إبراهيم عليه السلام بأنه أواه منيب وحليم ومع هذا لم ينف صفات الإنابة عن غيره من الأنبياء فهم جميعاً منيبون إلى ربهم ويدعونه. والصفة البارزة في إسماعيل عليه السلام هي الحلم وقد أخذها عن أبيه إبراهيم أما صفة اسحق فهي ليست كذلك.
والأمر الآخر أنه في تبشير إبراهيم بإسماعيل جاءت البشارة مباشرة من الله تعالى كما ورد في آية سورة الصافات (فبشرناه بغلام حليم) أما في البشارة باسحق فهي جاءت على لسان الملائكة ولم تكن مباشرة من الله تعالى لإبراهيم كما في الآيتين في سورة الذاريات (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) وسورة الحجر (قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيم)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 10:41 م]ـ
35 - ما اللمسة البيانية في تكرار كلمة إله في قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)؟
قد يصح لغوياً القول (وهو الذي في السماء وفي الأرض إله) لكن لو جاءت هكذا في القرآن لدلت على أنه في السماء (موجود في السماء)، وفي الأرض إله (إله في الأرض) وهذا الاحتمال غير مراد أصلاً في الآية لأنه سبحانه إله في السماء وإله في الأرض أيضاً. كذلك يمكن القول من ناحية اللغة (وهو الذي في السماء والأرض إله) لكن هذا يؤدي إلى أنه إله مشترك فيهم وقد تعني أنه قد يكون هناك آلهة غيره وهذا لا يكون ولا يصح لأنه سبحانه هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله حصراً لا إله غيره في السماء ولا في الأرض. (إله) في الآية هي خبر عن مبتدأ محذوف تقديره هو أي بمعنى (هو الذي في السماء هو إله) لذا كان التكرار لمقتضى المعنى المراد.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 07:34 م]ـ
36 - ما اللمسة البيانية في كلمة (عليهُ) في قوله تعالى (ومن أوفى بما عاهد عليهُ الله) في سورة الفتح؟
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) آية 10. هذه الآية في سورة الفتح جاءت في سياق الحديث عن صلح الحديبية. ولم ترد هذه الصيغة بالرفع أو بغيره في القرآن إلا في هذا الموضع. أولاً عليهُ بضم الهاء هي لغة قريش وكذلك يقولون فيهُ أما سائر العرب فيقولون عليهِ وفيهِ وإليهِ وبهِ. وقد ورد هذا الأمر (أي الضم) مرتين في القرآن كله في هذا الموضع وفي سورة الكهف (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً {63}) والقياس أن يقول أنسانيه بالكسر.
قوله تعالى (عليهُ الله) في سورة الفتح ليس للموضوع علاقة بكون عليه حرف جر لكن هناك أكثر من سبب لاختيار الضم في عليهُ أولها أن الكلام في صلح الحديبية والعهد الذي كان بينهم وبين الرسول وهو عهد على الموت فكان الضم في عليهُ يؤدي إلى تفخيم لفظ الجلالة لتفخيم العهد فأراد سبحانه أن يتسق ويتناسق تفخيم العهد مع تفخيم لفظ الجلالة حتى لا يُرقق لفظ الجلالة بالكسرة. والأمر الثاني أن الضمة هي أثقل الحركات بالاتفاق وهذا العهد هو أثقل العهود لأنه العهد على الموت فجاء بأثقل الحركات مع أثقل العهود.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 07:39 م]ـ
37 - ما الفرق بين كلمتي (دارهم) و (ديارهم) من الناحية البيانية في القرآن الكريم؟
الصيحة هي أشمل وأهمّ من الرجفة لذا فإنها تُصيب عدداً أكبر وتبلغ أكثر من الرجفة والمعلوم أن الصوت يمتد أكثر من الرجفة ولهذا فهي تؤثر في ديار عديدة لذا جاء استخدام كلمة (ديارهم) مع الصيحة كما في الآية 67 والآية 94 في سورة هود (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، أما الرجفة فيكون تأثيرها في مكانها فقط لذا جاء استخدام كلمة (دارهم) مع الرجفة كما في قوله في سورة الأعراف (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) آية 78 و91 (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) وكذلك في قوله تعالى (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) سورة العنكبوت آية 37.ولم ترد في القرآن كلمة ديارهم إلا مع العذاب بالصيحة ولم ترد كلمة (دارهم) إلا مع العذاب الرجفة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[28 - 06 - 2008, 06:44 م]ـ
38 - ما اللمسة البيانية في التقديم والتأخير في القرآن الكريم؟
قال تعالى في سورة الأنفال (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {10}) وفي سورة آل عمران (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {126}) لماذا جاءت قلوبكم مقدّمة على به في الأنفال ومتأخرة في آل عمران؟ يجب أن نرى أولاً سياق الآيات في السورتين، سياق آية آل عمران فيه ذكر لمعركة بدر وتمهيد لمعركة أحد وما أصاب المسلمين من حزن وقرح والمقام مقام مسح على القلوب وطمأنة لها (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}) وغيرها من آيات التصبير والمواساة وخصص البشرى بهم (بشرى لكم) وبه تعود على الإمداد السماوي لذا قدّم القلوب (قلوبكم) على (به) لأن المقام مقام تصبير ومواساة والكلام مسح على القلوب. أما في آية الأنفال قدّم (به) على (قلوبكم) لأن الكلام على الإمداد السماوي الذي هو محور آيات سورة الأنفال وكذلك لم يخصص البشرى وجعلها عامة (وما جعله الله إلا بشرى).
ومثال آخر قوله تعالى سورة هود: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ {28}) وقوله تعالى في سورة هود أيضاً (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ {63}). في الآية الأولى قدّم الرحمة على الجارّ والمجرور، والآية تتكلم عن الرحمة (فعمّيت، أنلزمكموها، وأنتم لها كارهون) كلها تعود على الرحمة لذا اقتضى السياق تقديم الرحمة على الجارّ والمجرور. أما في الآية الثانية فالآية تتكلم عن الله تعالى (ربي، الله، منه، الضمير في عصيته) كلها تعود على الله تعالى لذا اقتضى السياق تقديم (منه) على الرحمة.
وفي القرآن الكريم أمثلة عديدة في التقديم والتأخير كما في قوله تعالى (لهم ما يشاؤون فيها) و (لهم فيها ما يشاؤون) وكذلك في قوله تعالى (ورفعنا فوقكم الطور) و (وإذ نتقنا الحبل فوقكم كأنه ظلّة)، وقوله تعالى (ومما رزقناهم ينفقون) و (وأنفقوا مما رزقكم الله).
ولا ينبغي الاكتفاء بالاهتمام لتفسير التقديم والتأخير في القرآن بل يجب أن يُعرف سياق الآيات ودلالتها على الاهتمام لأن السياق يقتضي هذا التقديم والتأخير يجب توضيح موطن الاهتمام.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[29 - 06 - 2008, 12:20 ص]ـ
39 - ما دلالة كلمة (ظنّ) في قوله تعالى في سورة يوسف (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ {42})؟
الظنّ هو أعلى درجات العلم وهو الشعور في الذهن الذي يصل إلى أعلى درجات العلم وهذا الظنّ الذي يصل إلى درجة التوكيد كما قال تعالى في سورة الحاقّة (إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ {20}) وكذلك في قوله تعالى في سورة البقرة (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {249}).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[29 - 06 - 2008, 12:15 م]ـ
40 - ما اللمسة البيانية في استخدام فعل (سُيّرت) وفعل (نُسفت) في وصف الجبال في القرآن الكريم؟
قال تعالى في سورة التكوير (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ {3}) وقال في سورة المرسلات (وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ {10}) والفرق بين النسف والتسيير أن النسف قد يكون له معنيان إما الاقتلاع والإزالة وإما التذرية في الهواء كما جاء في قصة السامري في سورة طه (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً {97}). والنسف والتسيير هي مشاهد من مشاهد يوم القيامة كالدكّ والنصب وغيرها فهي إذن تتابعات مشاهد يوم القيامة فتكون الجبال كالعهن المنفوش ثم يأتي النسف والتذرية في النهاية.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 12:55 ص]ـ
41 - ما دلالة كلمة الأيمن في قوله تعالى في سورة مريم (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً {52})؟
الأيمن في هذه الآية هي صفة للجانب وليس للطور أي معرّفة بالإضافة ويدل على ذلك قوله تعالى (وواعدناه جانب الطور).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 01:52 م]ـ
42 - ما الفرق بين (ثُمّ) و (ثَمّ) في القرآن الكريم؟
ثُمّ بضمّ الثاء هي حرف عطف تفيد الترتيب والتراخي كما في قوله تعالى في سورة البقرة (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {28}) وسورة الكهف (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً {37}).
أما (ثَمّ) بفتح الثاء فهي اسم ظرف بمعنى هناك كما في قوله تعالى في سورة الشعراء (وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ {64}).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 09:28 م]ـ
43 - ما اللمسة البيانية في تذكير كلمة شفاعة مرة وتأنيثها مرة أخرى في سورة البقرة؟
قال تعالى في سورة البقرة: (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ {48}) وقال في نفس السورة: (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ {123}).جاءت الآية الأولى بتذكير فعل (يقبل) مع الشفاعة بينما جاء الفعل (تنفعها) مؤنثاً مع كلمة الشفاعة نفسها. الحقيقة أن الفعل (يقبل) لم يُذكّر مع الشفاعة إلا في الآية 123 من سورة البقرة وهنا المقصود أنها جاءت لمن سيشفع بمعنى أنه لن يُقبل ممن سيشفع أو من ذي الشفاعة. أما في الآية الثانية فالمقصود الشفاعة نفسها لن تنفع وليس الكلام عن الشفيع. وقد وردت كلمة الشفاعة مع الفعل المؤنث في القرآن الكريم في آيات أخرى منها في سورة يس (أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ {23}) وسورة النجم (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى {26}).
وفي لغة العرب يجوز تذكير وتأنيث الفعل فإذا كان المعنى مؤنّث يستعمل الفعل مؤنثاً وإذا كان المعنى مذكّراً يُستعمل الفعل مذكّراً، والأمثلة في القرآن كثيرة منها قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ {11}) وسورة يونس (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ {73}) المقصود بالعاقبة هنا محل العذاب فجاء الفعل مذكراً، أما في قوله تعالى في سورة الأنعام (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {135}) سورة القصص (وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {37}) فجاء الفعل مؤنثاً لأن المقصود هو الجنّة نفسها.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[05 - 07 - 2008, 03:29 م]ـ
44 - ما دلالة كلمة (أهلك) في قوله تعالى في سورة هود (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ {40})؟
أهلك هنا اسم أو فعل؟ الحكم القاطع هو اسم بمعنى الأهل وهناك مرجحات وهناك ما يقطع مبدئياً من الترجيح فالآية تشير أن الهلاك لم يحصل بعد لأنهم لم يركبوا. فالركوب لم يحصل ولم يحصل الهلاك فلا يصح أن تعتبر كلمة (أهلك) بمعنى الإهلاك. والأمر الآخر أنه لو كان (أهلك) فعل بمعنى الهلاك عادة يكون الاستثناء مفرّقاً والاستثناء المفرّق لا يكون إلا مسبوقاً بنفي أو ما يشبه النفي. (وأهلك إلا من سبق عليه القول) مفرّق وليس مسبوقاً بنفي وهذا ما يُضعّف أن يكون أهلك بمعنى فعل الإهلاك.
أما الآية (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ {27}) في سورة المؤمنون فالضمير يعود على الأهل إذن نستدلّ من هذه الآية أن المقصود هو الأهل وليس فعل الإهلاك وهذه كلها مرجّحات. أما ما يقطع بأن المقصود هم الأهل فهو أنه لو كان أهلك فعلا ماضيا سيكون الناجون قسمين الأول (من سبق عليه القول) والثاني (من آمن) إذن من سبق عليه القول غير من آمن إذن فالناجون اثنين المؤمنون ومن سبق عليه القول وهؤلاء ليسوا مؤمنين لكن في الواقع أن الناجين هم المؤمنون فقط لذا فلا يمكن ولا يصح أن تكون النجاة لغير المؤمنين.
وهناك سؤال فني آخر: استدللنا بما في سورة المؤمنون (وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم) وفي آية سورة هود لم ترد منهم. وقد سبق القول عليه بالهلاك والعذاب. المقصود بقوله تعالى (المجيء على) تعني العذاب كما في قوله تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا) اللام تفيد الخير. والأهل هم من المؤمنين من آمن منهم ومن آمن من غير الأهل هم الناجون.
ولماذا قال تعالى في آية هود (احمل) (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ {40}) وفي سورة المؤمنون (فاسلك) (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ {27}) فما المقصود بالسلوك؟ سلك هو النفاذ في الطريق كما قال تعالى (فاسلكي سبل ربك) سورة النحل وقد يأتي فيها معنى الدخول (ما سلككم في سقر) أما الحمل فيكون بعد السلوك، أولاً يدخل السفينة ثم يحمل بعد دخوله. في سورة هود ذكر ما دلّ على الحمل لأن الحمل جاري في السفينة (حمل السفينة للأشخاص) وقال (اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها) وهي تجري بهم بمعنى تحملهم (يا نوح اهبط بسلام) إذن سورة هود فيها حمل. بينما في سورة المؤمنون لم يذكر الحمل أو صورة الحمل (وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين).
والقول (من سبق عليه القول) أعمّ من القول (من سبق عليه القول منهم) فسورة هود مبنية على العموم وليس على الخصوص (إلا من سبق عليه القول ومن آمن) فلم يذكر تعالى من آمن أي هي أعمّ، وكذلك الآيات (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) (يا أرض ابلعي ماءك) (بُعداً للقوم الظالمين) (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) أما في سورة المؤمنون فالسياق في التخصيص فذكر تعالى السلام والبركات في سورة هود وهذا دليل العموم، وفي سورة المؤمنون لم يذكر السلام والبركات وإنما خصص كما في الآية (أنزلني منزلاً مباركاً)، ولهذا ذكر (منهم) و (اسلك) في سورة المؤمنون ولم يذكرهما في سورة هود.
ـ[عاشقة الضاد]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 06:18 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
موضوع قيم ومفيد جدا. وشكرا جزيلا لك أخي "ليث "على هذا المجهود الطيب و المثمر. فلطالما كان يحز في نفسي عدم قدرتي دائما على مسايرة جميع حلقات دكتورنا فاضل السمرائي أثناء عرض برنامجه على قناة الشارقة. بارك الله في علمكما وجراكما الله عنا خيرا وجعل أجر هذا العمل في ميزان حسناتكما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 09:58 م]ـ
عفواً بدأت بقراءة مجموعة لا بأس بها من موضوعك لكن لدي تساؤل؛ من هو (فاضل السمرائي)؟ اسم جديد علي ّ أود معرفة صاحبه إن تفضلت.
ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 03:37 ص]ـ
السلام عليكم
أ. د. فاضل صالح السامرائي.
استاذ في جامعة الشارقة، استاذ اللغة العربية.
له كتب أكثر من رائعة مثل: ـ
1ـ لمسات بيانية.
2ـ التعبير القراني.
3ـ الكلمة في القران.
4ـ معاني النحو.
وله برنامج اسمه لمسات بيانية يأتي في قناة الشارقة يوم الاثنين بعد صلاة المغرب ويعاد الثلاثاء بعد الظهر.
والشكر موصول للجميع
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 01:37 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
موضوع قيم ومفيد جدا. وشكرا جزيلا لك أخي "ليث "على هذا المجهود الطيب و المثمر. فلطالما كان يحز في نفسي عدم قدرتي دائما على مسايرة جميع حلقات دكتورنا فاضل السمرائي أثناء عرض برنامجه على قناة الشارقة. بارك الله في علمكما وجراكما الله عنا خيرا وجعل أجر هذا العمل في ميزان حسناتكما.
بارك الله فيك أختي عاشقة الضاد على مرورك العذب.
متواصل معكم إن شاء الله في قراءة اللمسات البيانية وتنسيقها وتقديمها في هذه النافذة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 01:56 م]ـ
عفواً بدأت بقراءة مجموعة لا بأس بها من موضوعك لكن لدي تساؤل؛ من هو (فاضل السمرائي)؟ اسم جديد علي ّ أود معرفة صاحبه إن تفضلت.
حياك الله أختي الكريمة
السلام عليكم
أ. د. فاضل صالح السامرائي.
استاذ في جامعة الشارقة، استاذ اللغة العربية.
له كتب أكثر من رائعة مثل: ـ
1ـ لمسات بيانية.
2ـ التعبير القراني.
3ـ الكلمة في القران.
4ـ معاني النحو.
وله برنامج اسمه لمسات بيانية يأتي في قناة الشارقة يوم الاثنين بعد صلاة المغرب ويعاد الثلاثاء بعد الظهر.
والشكر موصول للجميع
بارك الله فيك أخي الكريم محمدا على ما تقدمت به.
هو فاضل بن صالح بن مهدي بن خليل البدري من عشيرة " البدري " إحدى عشائر سامراء، ويُكنّى بـ (أبي محمد) ومحمد ولده الكبير. ولد في سامراء عام 1933م في عائلة متوسطة الحالة الاقتصادية، كبيرة في الحالة الاجتماعية والدينية أخذه والده منذ نعومة أظفاره إلى مسجد حسن باشا أحد مساجد سامراء لتعلم القرآن الكريم، وكشف ذلك عن حدة ذكاءه، حيث تعلم القرآن الكريم في مدة وجيزة. أكمل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في سامراء، ثم انتقل إلى بغداد في مدينة الأعظمية ليدخل دورة تربوية لإعداد المعلمين، وتخرج فيها عام 1953م، وكان متفوقا في المراحل الدراسية كافة. عُيّن معلماً في مدينة بلد عام 1953 م، وبعدها أكمل دراسته في دار المعلمين العالية بقسم اللغة العربية (كلية التربية) عام 1957م وتخرج فيها عام 1960م ـ 1961م. حاز درجة (البكالوريوس)، بتقدير امتياز، ورجع إلى التدريس في الثانوي. وفي أول دورة فتحت للدراسات العليا في العراق دخل في قسم الماجستير (القسم اللغوي) وكان أول من حاز درجة الماجستير في كلية الآداب وفي السنة نفسها عُيّن مُعيداً في قسم اللغة العربية بكلية التربية بجامعة بغداد ومن جامعة عين شمس في كلية الآداب في قسم اللغة العربية، نال شهادة الدكتوراه عام 1968م. ثم عاد إلى العراق، وعُيّن في كلية الآداب / جامعة بغداد بعد دمج كلية التربية بكلية الآداب. وعُيّن عميداً لكلية الدراسات الإسلامية المسائية في السبعينات إلى حين إلغاء الكليات الأهلية في العراق. بعدها أُعير إلى جامعة الكويت للتدريس في قسم اللغة العربية عام 1979م ثم رجع إلى العراق، أصبح خبيرا في لجنة الأصول في المجمع العلمي العراقي عام 1983، وعين عضواً عاملاً في المجمع العلمي العراقي عام 1996م، وأُحيل إلى التقاعد عام 1998م، بعد ما قضى ما يقارب أربعين عاما أستاذاً للنحو في جامعة بغداد في التدريس ثم رحل إلى الخليج، ليعمل أستاذاً في جامعة عجمان التي أمضى فيها سنة ثم انتقل إلى جامعة الشارقة أستاذاً لمادة النحو والتعبير القرآني عام 1999م إلى صيف عام 2004م حيث عاد الدكتور فاضل إلى بلده الحبيب العراق وعاد للتدريس في جامعته الحبيبة بغداد، أمد الله في عمره وزاده الله تعالى علماً وفهماً بكتابه العزيز وعلّمه ما ينفعه وينفعنا ونفع به الإسلام والمسلمين وجعل عمله في ميزان حسناته اللهم آمين، وقد عاد إلى الشارقة بعد ذلك.
وبالإضافة لكون الدكتور نحوياً فذّاً وعالماً جليلاً فهو أيضاً شاعر عظيم مع أنه لا يحب أن يُعرّف عنه أنه شاعر وقد نظم الشعر في سن مبكرة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 02:01 م]ـ
45 - ما اللمسة البيانية في استخدام (الذي) مرة ومرة (التي) مع عذاب النار؟
في سورة السجدة (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ {20}) الخطاب في السورة موجّه للفاسقين و (الذي) يشير إلى العذاب نفسه. أما في سورة سبأ (فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلَا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ {42}) فالخطاب في هذه السورة موجّه إلى الكافرين و (التي) مقصود بها النار نفسها. فالفاسق يمكن أن يكون مؤمناً ويمكن أن يكون كافرًا فهو لا يُكذّب بالنار إنما يُكذّب بالعذاب أما الكافرون فهم يُكذّبون بالنار أصلاً ولا ينكرون العذاب فقط وإنما يُنكرون النار أصلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 02:05 م]ـ
أكرمك الله صاحب الوسام بنقل هذه اللفتات التي تنم عن استقراء ووعي
دمت عطرا فواحا
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 05:48 م]ـ
" محمد الغامدي " و " ليث " شكراً لإجابتكم على استفساري و على سعة صدوركم وفقك المولى مسعاكم.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 07 - 2008, 12:37 ص]ـ
أكرمك الله صاحب الوسام بنقل هذه اللفتات التي تنم عن استقراء ووعي
دمت عطرا فواحا
بارك الله فيك أخي الكريم، إذا كان من وسام لي فهو معرفتي الإخوة الكرام.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[10 - 07 - 2008, 12:39 ص]ـ
" محمد الغامدي " و " ليث " شكراً لإجابتكم على استفساري و على سعة صدوركم وفقك المولى مسعاكم.
حياك الله أختي الكريمة
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[11 - 07 - 2008, 06:39 م]ـ
46 - ما الفرق بين كلمتي (سنبلات) و (سنابل) في القرآن الكريم وكلاهما جمع؟
سنابل جمع كثرة وقد استخدمت هذه الكلمة في سورة البقرة (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {261}) والحديث في السورة عن مضاغفة ثواب المنفق في سبيل الله لذا ناسب السياق أن يُؤتى بجمع الكثرة (سنابل)
أما كلمة سنبلات كما وردت في سورة يوسف (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ {43})، فهي تدلّ على جمع قَلّة والسياق في سورة يوسف في المنام وما رآه الملك فناسب أن يُؤتى بجمع القلة (سنبلات).
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[13 - 07 - 2008, 12:10 ص]ـ
47 - لماذا استعملت (من) مع الجنات في القرآن كله (جنات تجري من تحتها الأنهار) إلا في آية سورة التوبة جاءت جنات بدون (من)؟
قال تعالى في سورة النور (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {100}). ومعنى جنات تجري تحتها الأنهار دلالة على أن بداية الجريان ليس من تحتها وهي منزلة أقل لأن هذه الآية جاءت في ذكر السابقون الأولون ولم يُذكر معهم الأنبياء أبداً، وقد جاءت على هذه الصيغة في آية واحدة فقط في القرآن كله وهي هذه الآية في سورة التوبة. أما في باقي الآيات التي وردت فيها (جنات تجري من تحتها الأنهار) فالمؤمنون ذُكروا مع الأنبياء وهي دلالة على أن بداية الجريان من تحت هذه الجنات وهذه منزلة أكبر لأن بين أهل هذه الجنات أنبياء الله تعالى وهو الأعلى منزلة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[14 - 07 - 2008, 12:54 م]ـ
48 - ما دلالة القسم بحرف التاء في القرآن الكريم؟
التاء حرف قسم مثل الواو لكن التاء تكون مختصّة بلفظ الجلالة (الله) وتستعمل للتعظيم وقد وردت في القرآن الكريم خمس مرات ثلاثة في سورة يوسف (قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ {73}) (قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ {85}) (قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ {91}) ومرتين في سورة النحل (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ {56}) (تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63}). أما الواو فهي عادة تستخدم مع غير لفظ الجلالة مثل الفجر والضحى والليل والشمس وغيرها مما يقسم الله تعالى به في القرآن الكريم. والتاء في أصلها اللغوي مُبدلةٌ من الواو.
ـ[عفاف صادق]ــــــــ[14 - 07 - 2008, 09:24 م]ـ
موضوع مفيد، وجهد تثاب عليه أخي ليث.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[19 - 07 - 2008, 12:50 ص]ـ
موضوع مفيد، وجهد تثاب عليه أخي ليث.
بارك الله فيك أختي عفاف على المرور العطر
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[19 - 07 - 2008, 01:43 ص]ـ
دام ظلالك باردًا، وعطاؤك ناضجًا.
بارك الله فيك أخي ليثًا:
لكنْ تخصُّ التاءَ باسم ِ الله ِ * إذا تعجبتَ بلا اشتباه ِ
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[19 - 07 - 2008, 04:51 م]ـ
بارك الله فيك وسدد خطاك
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[19 - 07 - 2008, 05:11 م]ـ
دام ظلالك باردًا، وعطاؤك ناضجًا.
بارك الله فيك أخي ليثًا:
لكنْ تخصُّ التاءَ باسم ِ الله ِ * إذا تعجبتَ بلا اشتباه ِ
بارك الله فيك أخي عبد العزيز، وأشكرك على التعليق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[19 - 07 - 2008, 05:13 م]ـ
بارك الله فيك وسدد خطاك
بارك الله فيك ختي مبحرة في علم لا ينتهي
سعدنا بحضورك بعد هذا الغياب
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 01:31 م]ـ
49 - ما دلالة كلمة (الحيوان) في التعبير عن الدار الآخرة في سورة العنكبوت؟
قال تعالى في سورة العنكبوت (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {64}). الحيوان مصدر على وزن فعلان مثل غثيان وفيضان ودوران وغليان. والحيوان صيغة في المصادر تدلّ على الحركة المستمرة والحدوث وهي أعلى أنواع الحياة لأن من أهم صفات الحياة الحركة، فالحياة الدنيا عبارة عن نوم وسُبات بالنسبة للآخرة وهي ليست حياة إذا ما قورنت بالآخرة من حيث الحركة المستمرة. والآخرة كلها حركة وفيها سعي وتفكر وانتقال وليس فيها نوم. ولو استعملت كلمة الحياة لدلّت على التقلب فقط ولم تدل على الحركة والحدوث فناسب استعمال كلمة الحيوان مع الحركة والحدوث الذي يكون في الآخرة.
ـ[العبد اللطيف]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 02:04 م]ـ
جزاك الباري في صحيح البخاري أخي الفاضل.
بحثت ما وجدت أجمل من كلمة أدخلك الله جنة الفردوس بلا حساب.
هل تعرف أين سعادة الدنيا و سعادة الآخرة إنها في طريق الالتزام.
يوم أن تشعر بفراغ وضيق ردد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 11:12 م]ـ
جزاك الباري في صحيح البخاري أخي الفاضل.
بحثت ما وجدت أجمل من كلمة أدخلك الله جنة الفردوس بلا حساب.
هل تعرف أين سعادة الدنيا و سعادة الآخرة إنها في طريق الالتزام.
يوم أن تشعر بفراغ وضيق ردد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
يا الله ما أجمله من دعاء
أسأل الله لك أكثر مما سألته لي
بارك الله فيك يا أخي
هكذا يكون الأخ الصادق
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 11:22 م]ـ
:::
لمسات بيانية في آي القرآن الكريم للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي استاذ الآدب في كلية اللغة العربية في جامعة الشارقة
1 - سؤال: ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (هذا بلاغ للناس) سورة ابراهيم آية 52 و (بلاغ) سورة الأحقاف آية 35؟
كلمة بلاغ في سورة الأحقاف هي خبر لمبتدأ محذوف وتقديره هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ فجاءت كلمة بلاغ ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ. أما في سورة ابراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية (هذا بلاغ للناس) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يفعل الظالمون) آية 42.
مرجع هام يستحق الإهتمام، علم نافع وكنوز لا تقدر بثمن.
ـ[ابن مضحي]ــــــــ[21 - 07 - 2008, 11:53 م]ـ
بارك الله فيك أخي ليث مجهود رائع وفقك الله
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 11:16 م]ـ
بارك الله فيك أخي ليث مجهود رائع وفقك الله
بارك الله فيك أخي الكريم على مرورك العطر.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 11:40 م]ـ
50 - ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (زوجك) بدل زوجتك في قوله تعالى (اسكن أنت وزوجك الجنة)؟
لغوياً الأصل هو كلمة زوج وفي اللغة الضعيفة تستعمل زوجة. ففي اللغة يقال المرأة زوج الرجل والرجل زوج المرأة. أما استخدام كلمة زوجة فهي لغة ضعيفة رديئة فالأولى والأصح أن تستخدم كلمة زوج ولذا استخدمها القرآن الكريم في الآية.
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[17 - 12 - 2009, 11:55 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفوائد الجمة
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 12 - 2009, 12:16 ص]ـ
بورك الجهد .. وأجزل الثناء ..
أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم
ـ[ابوعلي الفارسي]ــــــــ[18 - 12 - 2009, 09:50 ص]ـ
السلام عليكم وبورك فيكم على هذا العطاء الجم.
أقول:
العلة في عدم ورود كلمة زوجة في القرآن هي: أنه "بملحظ دقيق من تقرير التكامل بين الزوجين".
انظر: الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق للدكتورة عائشة عبدالرحمن.
وقد ورد لفظ (زوجة) في الحديث الشريف في مواضع كثيرة وإليكم بعضها:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلاَ تُزَعْزِعُوهَا وَلاَ تُزَلْزِلُوهَا وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعٌ، كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ وَلاَ يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ.
2 - حدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضى الله عنه - لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّى أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِى، وَانْظُرْ أَىَّ زَوْجَتَىَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ حَاجَةَ لِى فِى ذَلِكَ، هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعَ. قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ - قَالَ - ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَزَوَّجْتَ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ «وَمَنْ». قَالَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ «كَمْ سُقْتَ». قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ».
3 - حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس
: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فجاء فقال يا فلان هذه زوجتي فلانة فقال يا رسول الله من كنت أظن به فلم أكن أظن بك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم
وقال الفرزدق:
وإن امرأ يسعى يخبب زوجتى ... كساع إلى أسد الشرى يستبيلها
وقال:
تقول وقد ضمت بعشرين حوله ... ألا ليت إني زوجة لابن غالب
وفي المزهر للسيوطي:
وقال أبو حاتم: كان الأصمعي ينكر زَوْجة، ويقول: إنما هو زوج ويحتج بقوله تعالى: " أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجكَ ".
قال: فأنشدته قول ذي الرُّمة:
أذو زوجة بالمِصْرِ أم ذو خصومة ... أراك لها بالبَصْرَة اليومَ ثَاوِياً
فقال: ذو الرُمة طالما أكل المالح والبقل في حوانيت البقالين.
قال: وقد قرأنا عليه من قبل لأَفصح الناس فلم ينكره:
فبكى بناتي شَجْوَهُنَّ وزوجتي ... والطامعون إليّ ثم تصدّعوا
وقال آخر:
مِنْ منزلي قد أخرجتني زوجتي ... تهِرّ في وجهي هَرِير الكلْبِة
والغريب مانقله ابن دريد في الجمهرة، قال:
وقال الأصمعي: والخالي: الذي لا زوجة له. قال امرؤ القيس:
كذبتِ لقد أُصْبي على المرء عِرْسَه ... وأمنعُ عِرْسي أن يُزَنَّ بها الخالي
وكذلك فعل الجوهري في الصحاح.
وفي المذكر والمؤنث لابن التستري:
الزَّوج: عند أهل الحجاز يقع على الذكر والأنثى جميعاً. وعلى واحد منهما. الرجل زوج المرأة والمرأة زوج الرجل بغير هاء وهما جميعاً زوج، وذلك أفصح عند العلماء وأصح. وأهل نجد يقولون: زوجة للأنثى وهو أكثر من زوج، وزوج أفصح من زوجة.
والله -سبحانه وتعالى -العالم بصواب القول.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 12:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفوائد الجمة
جزاك الله خيرا أخي الفاضل ابن القاضي وأدخلك الفردوس الأعلى على مرورك الكريم المشجع على المواصلة.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 12:04 ص]ـ
بورك الجهد .. وأجزل الثناء ..
أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم
بارك الله فيك أختي الكريمة أنوار
أدعو الله لك مثلما دعوته لي.
ـ[احمد اليافعي]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 07:20 ص]ـ
جزاك الله خيرآ اخي العزيز موضوعك في غاية الاهمية
ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 12:52 م]ـ
لمسات بيانية من سورة الجمعة
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور فاضل السامرائي
سأل سائل عن قوله تعالى:
(وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) (آخر سورة الجمعة)
لم قدمت التجارة على اللهو أولاً فقال: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً) وأخرها عنه بعد فقال: (خير من اللهو ومن التجارة)
والجواب والله أعلم أن سبب تقديم التجارة على اللهو في قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً) أنها كانت سبب الانفضاض ذلك أنه قدمت عير المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، وكان من عرفهم أن يدخل بالطبل والدفوف والمعازف عند قدومها فانفض الناس إليها ولم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً فأنزل الله قوله: (وإذا رأوا تجارة ... ) [1].
فقدمها لأنها كانت سبب الانفضاض وليس اللهو، وإنما كان اللهو والضرب بالدفوف بسببها فقدمها لذلك. ولهذا أفرد الضمير في (إليها) ولم يقل (إليهما) لأنهم في الحقيقة إنما انفضوا إلى التجارة وكان قد مسهم شيء من غلاء الأسعار.
وأما تقديم اللهو عليها فيما بعد في قوله تعالى: (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة) فذلك لأن اللهو أعم من التجارة، فليس كل الناس يشتغلون في التجارة ولكن أكثرهم يلهون. فالفقراء والأغنياء يلهون، فكان اللهو أعم فقدمه لذلك إذ كان حكماً عاماً فقدم التجارة في الحكم الخاص لأنها في حادثة معينة وقدم اللهو في الحكم العام لأنه أعم. ولأنها مناسبة لقوله:
(والله خير الرازقين) فالتجارة من أسباب الرزق وليس اللهو فوضعها بجنبه ولأن العادة أنك إذا فاضلت بين أمور فإنك تبدأ بالأدنى، ثم تترقى فتقول: (فلان خير من فلان ومن فلان أيضاً)، وذلك كأن تقول: (البحتري أفضل من أبي فراس، ومن أبي تمام ومن المتنبي أيضاً)، فإنك إذا بدأت بالأفضل انتفت الحاجة إلى ذكر من هو أدنى، فبدأ باللهو لأنه ظاهر المذمة ثم ترقى إلى التجارة التي فيها كسب ومنفعة.
وكرر (من) مع اللهو ومع التجارة فقال تعالى: (خير من اللهو ومن التجارة) ليؤذن باستقلال الأفضلية لكل واحد منهما لئلا يتصور أن الذم إنما هو لاجتماع التجارة واللهو، فإن انفراد اللهو أو التجارة خرج من الذم، فأراد أآن يبين ذم كل منهما على جهة الاستقلال لئلا يتهاون في تقديم ما يرضي الله و تفضيله. ونحو ذلك، أن تقول: (الأناة خير من التهور والعجلة) فإن ذلك قد يفهم أنها خير من اجتماعهما، ذلك لأن اجتماعهما أسوأ من انفرادهما فإن الذي يجمع التهور والعجلة أسوأ من اتصف بإحدى الخلتين. فإن قلت: (الأناة خير من التهور ومن العجلة) أفاد استقلال كل صفة عن الأخرى، وأنها خير من أية صفة منهما، فإن اجتمعتا كان ذلك أسوأ. فجاء بـ (من) ليؤذن باستقلال كل من اللهو والتجارة وأنه ليس المقصود ذم الجميع بين الأمرين بل ذم وتنقيص كل واحد منهما، بالنسبة إلى ما عند الله.
جاء في (روح المعاني): "واختبر ضمير التجارة دون اللهو، لأنها الأهم المقصود، فإن المراد ما استقبلوا به العير من الدف ونحوه. أو لأن الانفضاض للتجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموماً، فما ظنك بالانفضاض إلى اللهو وهو مذموم في نفسه.
(خير من اللهو ومن التجارة) وتقديم اللهو ليس من تقديم العدم على الملكة كما توهم، بل لأنه أقوى مذمة فناسب تقديمه في مقام الذم. وقال ابن عطية: قدمت التجارة على اللهو في الرؤية لأنها أهم وأخرت مع التفضيل، لتقع النفس أولاً على الأبين.
وقال الطيبي: قدم ما كان مؤخراً وكرر الجار، لإرادة الإطلاق في كل واحد واستقلاله فيما قصد منه، ليخالف السابق في اتحاد المعنى، لأن ذلك في قصة مخصوصة [2].
الهوامش:
[1] انظر البحر المحيط 8/ 268، روح المعاني 28/ 104
[2] روح المعاني 28/ 105 - 106
عن موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 12:54 م]ـ
لمسات بيانية من سورة القمر
الدكتور فاضل السامرائي
قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) [القمر].
سأل سائل: لم وحد تعالى: (النهر) في هذه الآية ولم يجمعه مع أن الجنات قبله جمع بخلاف المواضع الأخرى من القرآن الكريم، فإنه إذا جمع الجنة، جمع النهر أيضاً فيقول: (جنات تجري من تحتها الأنهار)
(يُتْبَعُ)
(/)
والجواب: أنه جمع في لفظ (النهر) عدة معان وأعطى أكثر من فائدة لا يفيدها فيما لو قال: (أنهار) ذلك أنه علاوة على أن فواصل الآيات، تقتضي (النهر) لا (الأنهار) لأن آيات السورة على هذا الوزن فقد جاء قبلها: (وكل شيء فعلوه في الزبر * وكل صغير وكبير مستطر) وجاء بعدها: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) فإن المعنى أيضاً ذلك من جهات أخرى منها:
أن النهر اسم جنس بمعنى الأنهار، وهو بمعنى الجمع [1]
والكثرة، ومنه قوله: صلى الله عليه وسلم "أهلك الناس الدينار والدرهم" والمراد بالدينار والدرهم الجنس لا الواحد.
وجاء في (معاني القرآن): "ونهر معناه أنهار وهو في مذهبه كقوله تعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) [2] وزعم الكسائي أنه سمع العرب يقولون: أتينا فلاناً فكنا في لحمة ونبيذة فوحد ومعناه الكثير " [3].
ومنها: أن معاني (النهر) أيضاً السعة [4]
والسعة ههنا عامة تشمل سعة المنازل وسعة الرزق والمعيشة، وكل ما يقتضي تمام السعادة السعة فيه. جاء في (البحر المحيط): " (ونهر): وسعة في الأرزاق والمنازل " [5].
وجاء في (روح المعاني): "وعن ابن عباس تفسيره بالسعة والمراد بالسعة سعة المنازل على ما هو الظاهر، وقيل: سعة الرزق والمعيشة، وقيل: ما يعمهما " [6].
ومنها: أن من معاني (النهر) أيضاً الضياء [7].
جاء في (لسان العرب): "وأما قوله عز وجل: (إن المتقين في جنات ونهر) فقد يجوز أن يعني به السعة والضياء، وأن يعني به النهر الذي هو مجرى الماء، على وضع الواحد موضع الجميع ... وقيل في قوله: (جنات ونهر) أي: في ضياء وسعة، لأن الجنة ليس فيها ليل، إنما هو نور يتلألأ " [8].
وجاء في (معاني القرآن) للفراء: "ويقال: (إن المتقين في جنات ونهر) في ضياء وسعة " [9].
وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فإن المتقين في جنات وأنهار كثيرة جارية، وفي سعة من العيش والرزق والسكن وعموم ما يقتضي السعة، وفي ضياء ونور يتلألأ ليس عندهم ليل ولا ظلمة.
فانظر كيف جمعت هذه الكلمة هذه المعاني كلها، إضافة إلى ما تقتضيه موسيقى فواصل الآيات بخلاف ما لو قال (أنهار)، فإنها لا تعني إلا شيئاً واحداً.
ثم انظر كيف أنه لما كان المذكورون هم من خواص المؤمنين، وهم المتقون وليسوا عموم المؤمنين أعلى أجرهم ودرجتهم، فقال: (ونهر) ولم يقل: (وأنهار) ولما أعلى أجرهم ودرجتهم وبالغ في إنعامهم وإكرامهم جاء بالصفة والموصوف بما يدل على المبالغة فقال: (عند مليك مقتدر) ولم يقل: (ملك قادر) فإن (مليك) أبلغ من (ملك) و (مقتدر) أبلغ من (قادر) فإن كلمة (مليك) على صيغة (فعيل) وهي أبلغ واثبت من صيغة (فعل)
[10].
جاء في (روح المعاني): " (عند مليك)، أي: ملك عظيم الملك، وهو صيغة مبالغة، وليست الياء من الإشباع" [11].
ولما جاء بالصيغة الدالة على الثبوت، قال: (في مقعد صدق) "ذلك لأن هذا المقعد ثابت لا يزول، فهو وحده مقعد الصدق، وكل المقاعد الأخرى كاذبة، لأنها تزول إما بزوال الملك صاحبه، وإما بزوال القعيد، وإما بطرده، وهذا المقعد وحده الذي لا يزول، وقد يفيد أيضاً أنه المقعد الذي صدقوا في الخبر به " [12].
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن معنى الصدق ههنا يفيد معنى الخير أيضاً والجودة والصلاح [13] فجمعت كلمة (الصدق) ههنا معنيي الخير والصدق معاً، كما جمع (النهر) أكثر من معنى ثم انظر كيف أنهم لما صدقوا في إيمانهم وعملهم، كان لهم مقعد الصدق.
و (المقتدر) أبلغ أيضاً من (القادر) ذلك أن (المقتدر) اسم فاعل من (اقتدر) وهذا أبلغ من (قدر) فإن صيغة (افتعل) قد تفيد المبالغة والتصرف والاجتهاد والطلب في تحصيل الفعل بخلاف فعل [14]
ومنه اكتسب واصطبر واجتهد قال تعالى:
(لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) [البقرة].
جاء في (الكشاف) في هذه الآية: "فإن قلت: لم خص الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس، وهي منجذبة إليه وأمارة به كانت في تحصيله أعمل وأجد، فجعلت لذلك مكتسبة فيه، ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال " [15].
وجاء في (البحر المحيط): "والذي يظهر لي أن الحسنات، هي مما تكتسب دون تكلف والسيئات ببناء المبالغة" [16].
وقال سيبويه: "كسب: أصاب، واكتسب: تتصرف واجتهد " [17].
(يُتْبَعُ)
(/)
فجاء ههنا، أي: في قوله: (مقتدر) بالصيغة الدالة على القدرة البالغة مع الملك الواسع الثابت.
فانظر كيف بالغ وأعظم في الأجر، وبالغ وأعظم في الملك، وبالغ وأعظم في القدرة لمن بالغ وجد في عمله وصدق فيه وهم المتقون.
ونريد أن نشير إلى أمر، وهو إطلاق وصف (المبالغة) على صفات الله نحو علام، وعليم، وغفور، وما إلى ذلك فقد توهم بعضهم أنه ينبغي أن لا يطلق على صفات الله وصف المبالغة، لأنها صفات الله وصف المبالغة، لأنها صفات حقيقية وليست مبالغاً فيها. وقد اعترض علي معترض ذات مرة بنحو هذا. مع أنهه من الواضح أن ليس المقصود كما ظن الظان أو توهم فالمقصود أن هذا البناء يفيد كثرة وقوع الفعل، وليس المقصود أن الأمر مبالغ فيه. فـ (عليم) أبلغ من (عالم) و (صبور) أبلغ من (صابر) ذلك أن الموصوف بعليم معناه أنه موصوف بكثرة العلم، وليس المقصود أن صاحبه وصف بهذا الوصف وهو لا يستحق أن يوصف به فكان الوصف به مبالغة.
ولا نريد أن نطيل في كشف هذه الشبهة، فإنها فيما أحسب لا تستحق أكثر من هذا.
الهوامش:
[1] الكشاف 3/ 186، والبحر المحيط 8/ 184، روح المعاني 27/ 958
[2] سورة القمر 45
[3] معاني القرآن 3/ 111
[4] لسان العرب (نهر 7/ 96، القاموس المحيط (نهر 2/ 150، تاج العروس 3/ 591، الكشاف 3/ 186
[5] البحر المحيط 8/ 184
[6] روح المعاني
27/ 95 [7] لسان العرب (نهر 7/ 96، تاج العروس (نهر 3/ 591، الكشاف 3/ 186
[8] لسان العرب
7/ 96 [9] معاني القرآن 3/ 111 وانظر الكشاف 3/ 186
[10] انظر كتاب (معاني الأبنية بابي صيغ المبالغة والصفة المشبهة.
[11] روح المعاني 27/ 96
[12] البحر المحيط 8/ 184
[13] البحر المحيط 8/ 184
[14] انظر كتاب سيبويه 2/ 241 شرح الشافيه للرضي 1/ 110، البحر المحيط 2/ 366
[15] الكشاف 1/ 308
[16] البحر المحيط 2/ 366
[17] كتاب سيبويه 2/ 241، وانظر لسان العرب (كسب) 2/ 211
عن موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[28 - 12 - 2009, 05:42 م]ـ
لمسات بيانية في آية الكرسي
الدكتور فاضل السامرائي
قال الله تعالى: (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَنَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [سورة البقرة].
آية الكرسي هي سيّدة آي القرآن الكريم. بدأت الآية بالتوحيد ونفي الشرك وهو المطلب الأول للعقيدة عن طريق الإخبار عن الله. بدأ الإخبار عن الذات الإلهية ونلاحظ أن كل جملة في هذه الآية تصح أن تكون خبراً للمبتدأ (الله) لأن كل جملة فيها ضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى: الله لا تأخذه سنة ولا نوم، الله له ما في السموات وما في الأرض، الله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، الله يعلم مابين أيديهم وما خلفهم، الله لا يحيطون بعلمه إلا بما شاء، الله وسع كرسيّه السموات والأرض، الله لا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.
- قوله تعالى (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ):
الحيّ معرّفة والقيّوم معرّفة. والحيّ هو الكامل الاتصاف بالحياة ولم يقل حيّ لأنها تفيد أنه من جملة الأحياء. فالتعريف بـ (ال) هي دلالة على الكمال والقصر لأن ما سواه يصيبه الموت. والتعريف قد يأتي بالكمال والقصر، فالله له الكمال في الحياة وقصراً كل من عداه يجوز عليه الموت وكل ما عداه يجوز عليه الموت وهو الذي يفيض على الخلق بالحياة، فالله هو الحيّ لا حيّ سواه على الحقيقة لآن من سواه يجوز عليه الموت.
القيّوم: من صيغ المبالغة (على وزن فيعال وفيعول من صيغ المبالغة وهي ليست من الأوزان المشهورة) هي صيغة المبالغة من القيام ومن معانيها القائم في تدبير أمر خلقه في إنشائهم وتدبيرهم، ومن معانيها القائم على كل شيء، ومن معانيها الذي لا ينعس ولا ينام لأنه إذا نعس أو نام لا يكون قيّوماً ومن معانيها القائم بذاته وهو القيّوم جاء بصيغة التعريف لأنه لا قيّوم سواه على الأرض حصراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
- قوله تعالى (لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَنَوْمٌ):
سنة هي النعاس الذي يتقدم النوم ولهذا جاءت في ترتيب الآية قبل النوم وهذا ما يعرف بتقديم السبق، فهو سبحانه لا يأخذه نعاس أو ما يتقدم النوم من الفتور أو النوم، المتعارف عليه يأتي النعاس ثم ينام الإنسان. ولم يقل سبحانه لا (تأخذه سنة ونوم) أو (سنة أو نوم) ففي قوله سنة ولا نوم ينفيهما سواءً اجتمعا أو افترقا لكن لو قال سبحانه سنة ونوم فإنه ينفي الجمع ولا ينفي الإفراد فقد تأخذه سنة دون النوم أو يأخذه النوم دون السنة.
- قوله تعالى (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)
دلالة (ما): ما تفيد ذوات غير العاقل وصفات العقلاء، إذن لمّا قال (له ما) جمع العقلاء وغيرهم ولو قال (من) لخصّ العقلاء. (ما) أشمل وعلى سبيل الإحاطة. قال (ما في السموات وما في الأرض) أولاً بقصد الإحاطة والشمول، وثانياً قدّم الجار والمجرور على المبتدأ (له ما في السموات) إفادة القصر أن ذلك له حصراً لا شريك له في الملك (ما في السموات وما في الأرض) ملكه حصراُ قصراً فنفى الشرك. وجاء ترتيب (له ما في السموات وما في الأرض) بعد (الحيّ القيّوم) له دلالة خاصة: يدلّ على أنه قيوم على ملكه الذي لا يشاركه فيه أحد غيره وهناك فرق بين من يقوم على ملكه ومن يقوم على ملك غيره فهذا الأخير قد يغفل عن ملك غيره أما الذي يقوم على ملكه لا يغفل ولا ينام ولا تأخذه سنة ولا نوم سبحانه. فله كمال القيومية. وفي قوله (له ما في السموات وما في الأرض) تفيد التخصيص فهو لا يترك شيئاً في السموات والأرض إلا هو قائم عليه سبحانه.
- قوله تعالى (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)
دلالة واضحة على تبيان ملكوت الله وكبريائه وأن أحداً لا يملك أن يتكلم إلا بإذنه ولا يتقدم إلا بإذنه مصداقاً لقوله تعالى: (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) هذا الجزء من الآية والجزء الذي قبلها (له ما في السموات وما في الأرض) يدل على ملكه وحكمه في الدنيا والآخرة لأنه لمّا قال (له ما في السموات وما في الأرض) يشمل ما في الدنيا وفي قوله (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) هذا في الآخرة فدلّ هذا على ملكوته في الدنيا والآخرة وأخرجه مخرج الإستفهام الإنكاري لأنه أقوى من النفي. فدلّ هذا على أنه حيّ قيّوم كيف؟ لأن الذي يَستشفع عنده حيّ والذي لا يستطيع أحد أن يتقدم إلا بإذنه يجعله قائم بأمر خلقه وكلها تؤكد معنى أنه الحيّ القيّوم.
من ذا: فيها احتمالين كما يذكر أهل النحو: فقد تكون كلمة واحدة بمعنى (من) استفهامية لكن (من ذا) أقوى من (من) لزيادة مبناها (يقال في النحو: زيادة المبنى زيادة في المعنى)، فقد نقول من حضر، ومن ذا حضر؟
لماذا الاختلاف في التعبير في قصة إبراهيم في سورة الصافات (ماذا تعبدون) وفي سورة الشعراء (ما تعبدون)؟ في الأولى استعمال (ماذا) أقوى لأن إبراهيم لم يكن ينتظر جواباً من قومه فجاءت الآية بعدها (فما ظنكم برب العالمين)، أما في الشعراء فالسياق سياق حوار فجاء الرد (قالوا نعبد أصناماً). إذن (من ذا) و (ماذا) أقوى من (من) و (ما).
(من ذا) قد تكون كلمتان (من) مع اسم الإشارة ذا (من هذا) يقال: من ذا الواقف؟ من الواقف؟ ومن هذا الواقف؟ فـ (من ذا الذي) تأتي بالمعنيين (من الذي) و (من هذا الذي) باعتبار ذا اسم إشارة فجمع المعنيين معاً.
في سورة الملك قوله: (أمّن هذا الذي هو جند لكم) هذا مكون من (هـ) للتنبيه والتوكيد و (ذا) اسم الإشارة وكذلك (هؤلاء) هي عبارة عن (هـ) و (أولاء). فالهاء تفيد التنبيه والتوكيد فإذا كان الأمر لا يدعو إليها لا يأتي بها فلنستعرض سياق الآيات في سورة الملك مقابل آية الكرسي: آيات سورة الملك في مقام تحدّي فهو أشد وأقوى من سياق آية الكرسي لأن آية سورة الملك هي في خطاب الكافرين أما آية الكرسي فهي في سياق المؤمنين ومقامها في الشفاعة والشفيع هو طالب حاجة يرجو قضاءها ويعلم أن الأمر ليس بيده وإنما بيد من هو أعلى منه. أما آية سورة الملك فهي في مقام الندّ وليس مقام شفاعة ولذلك جاء بـ (هـ) التنبيه للإستخفاف بالشخص الذي ينصر من دون الرحمن (من هو الذي ينصر من دون الرحمن) وهذا ليس مقام آية الكرسي. والأمر الآخر أن التعبير في آية الكرسي اكتسب معنيين: قوة الإستفهام
(يُتْبَعُ)
(/)
والإشارة بينما آية الملك دلت على الإشارة فقط ولو قال من الذي لفاتت قوة الإشارة. ولا يوجد تعبير آخر أقوى من (من ذا) لكسب المعنيين قوة الاستفهام والإشارة معاً بمعنى (من الذي يشفع ومن هذا الذي يشفع).
- قوله تعالى (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ)
يعلم ما أمامهم مستقبلاً وما وراءهم والمقصود إحاطة علمه بأمورهم الماضية والمستقبلية ويعلم أحوال الشافع الذي يشفع ودافعه ولماذا طلب الشفاعة ويعلم المشفوع له وهل يستحق استجابة الطلب هذا عام فهذه الدلالة الأولية.
في سورة مريم قال تعالى: (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) فما الحكمة أنها لم ترد على هذا الأسلوب في آية الكرسي؟ في سورة مريم سياق الآيات عن الملك (ولهم رزقهم فيها، تلك الجنة التي نورث من عبادنا، رب السموات والأرض .. ) الذي يرزق هو الذي يورّث فهو مالك وقوله رب السموات فهو مالكهم) أما في سورة آية الكرسي فالسياق عن العلم (يعلم ما بين أيديهم) وبعد هذه الجملة يأتي قوله (ولا يحيطون بعلمه إلا بما شاء) أي أن السياق في العلم لذا كان أنسب أن تأتي في سورة مريم (له ما بين أيدينا وما خلفنا) وهذه الجملة هي كما سبق توطئة لما سيأتي بعدها.
- قوله تعالى (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء)
ما هي فائدة (ما)؟ هي تحتمل معنيين في اللغة هنا تحتمل أن تكون مصدرية بمعنى (لا يحيطون بشيء من علمه إلا بمشيئته) وتحتمل أن تكون اسماًً موصولاً بمعنى (إلا بالذي شاء) وهنا جمع المعنيين أي لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه أي بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي يريد. المقدار الذي يشاؤه نوعاً وقدراً. فمن سواه لا يعلم شيئاً إلا إذا ما أراده الله بمشيئته وبما أراده وبالقدر الذي يشاؤه والبشر لا يعلمون البديهيات ول أنفسهم ولا علّموا أنفسهم، فهو الذي شاء أن يعلّم الناس أنفسهم ووجودهم والبديهيات التي هي أساس كل علم. من سواه ما كان ليعلم شيئاً لولا أن أراد الله تماماً كما في قوله في سورة طه: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) أي بذاته في المعنى. إذن لماذا ذكر نفي الإحاطة بالذات في سورة طه ونفى الإحاطة بالعلم في آية الكرسي؟ في سورة طه جاءت الآية تعقيباً على عبادة بني إسرائيل للعجل وقد صنعوه بأيديهم وأحاطوا به علماً والله لا يحاط به، لقد عبدوا إلهاً وأحاطوا به علما فناسب أن لا يقول العلم وإنما قال (ولا يحيطون به علما) أما في آية الكرسي فالسياق جاء في العلم لذا قال تعالى (و لا يحيطون بشيء من علمه).
- قوله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ)
دلّ أولاً على أنه من ملكه (السموات والأرض من ملكه) وقبل هذه الجملة قال تعالى (له ما في السموات وما في الأرض) فدلّ على أن الذي فيهما هو ملكه أيضاً لأن المالك قد يملك الشيء لكن لا يملك ما فيه وقد يكون العكس. فبدأ أولاً (له ما في السموات وما في الأرض) أي أن ما فيهما ملكه لم يذكر أن السموات والأرض ملكه وهنا ذكر أن السموات والأرض وما فيهما هو ملكه. وإن الكرسي وسع السموات والأرض كما ورد في الحديث القدسي (السموات والأرض كحلقة في فلاة في العرش، والكرسي كحلقة في فلاة في العرش)
فما الحكمة من استخدام صيغة الماضي في فعل (وسع)؟ الحكمة أن صيغة الماضي تدلّ على أنه وسعهما فعلاً فلو قال يسع لكان فقط إخبار عن مقدار السعة فعندما نقول تسع داري ألف شخص فليس بالضرورة أن يكون فيها ألف شخص ولكن عندما نقول وسعت داري ألف شخص فهذا حصل فعلاً. تسع: تعني إخبار ليس بالضرورة حصل، لكن وسع بمعنى حصل فعلاً وهذا أمر حاصل فعلاً.
- قوله تعالى (وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
أي لا يثقله ولا يجهده وجاء بـ (لا) للدلالة على الإطلاق لا تدل على الزمن المطلق وإن كان كثير من النحاة يجعلونها للمستقبل لكن الأرجح أنها تفيد الإطلاق (لا يمكن أن يحصل). والعليّ من العلو والقهر والتسلط والغلبة والملك والسلطان والعلو عن النظير والمثيل. والعظيم من العظمة وقد عرّفهما ـ (أل التعريف) لأنه لا علليّ ولا عظيم على الحقيقة سواه فهو العليّ العظيم حصراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذين الوصفين وردا مرتين في ملك السموات والأرض في آية الكرسي في سورة البقرة، وفي سورة الشورى (له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم) والأمرين في ملك السموات والأرض بما يدلّ على العلو والعظمة حصراً له سبحانه.
الملاحظ في آية الكرسي أنها ذكرت في بدايتها صفتين من صفات الله تعالى (الحيّ القيّوم) وانتهت بصفتين (العليّ العظيم) وكل حملة في الآية تدل على أنه الحيّ القيّوم والعليّ العظيم سبحانه تقدست صفاته. فالذي لا إله إلا هو؛ هو الحي القيوم؛ والذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو حيّ وقيّوم والذي له ما في السموات وما في الأرض أي المالك والذي يدبر أمر ملكه هو الحيّ القيوم والذي لا يشفع عنده هو الحي القيوم ولا يشفع إلا بإذنه والذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحاط بشيء من علمه هو الحيّ القيّوم القيّم على الآخرين والذي وسع كرسيه السموات والأرض هو الحيّ القيّوم والذي لا يؤده حفظهما هو الحيّ القيّوم لأن الذي يحفظ هو الحي القيوم وهو العلي العظيم.
والحي القيوم هو العلي العظيم والذي لا تأخذه سنة ولا نوم والذي له ما في السموات والأرض والذي لا يشفع عنده إلا بإذنه والذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم والذي لا يحاط بعلمه إلا بما شاء هو العليّ العظيم فكل جملة في آية الكرسي المباركة تدلّ على أنه الحيّ القيّوم والعلي العظيم.
الخطوط التعبيرية في الآية:
الملاحظ في الآية أنها تذكر من كل الأشياء اثنين اثنين، بدأها بصفتين من صفات الله تعالى (الحي القيوم) وذكر اثنين من النم (سنة ولا نوم) وكرّر (لا) مرتين (لا تأخذه سنة ولا نوم) وذكر اثنين في الملكية (السموات والأرض) وكرر (ما) مرتين وذكر اثنين من علمه في (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) وذكر اثنين مما وسعه الكرسي (وسع كرسيه السموات والأرض) وختم الآية باثنين من صفاته (العليّ العظيم).
وقد ورد اسمين من أسماء الله الحسنى مرتين في القرآن: في سورة البقرة (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) ومرة في سورة (آل عمران) في الآية الثانية (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (لاحظ الرقم 2). و (العلي العظيم) وردت في القرآن مرتين في القرآن أيضاً مرة في سورة البقرة ومرة (له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم) في سورة الشورى في الآية الرابعة (أربع أسماء في الآية الرابعة).
الدلالة: القرآن هو تعبير فني مقصود كل لفظة وكل عبارة وردت فيه لعظة على حروفها وهو مقصود قصداً.
المصدر: منقول عن موقع إسلاميات http://www.islamiyyat.com/
عن موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ـ[أحلام]ــــــــ[05 - 01 - 2010, 12:55 ص]ـ
جزيت خيراعلى هذه اللمسات الرائعة
بارك الله بك وبشيخنا الاستاذالدكتور فاضل صالح السامرائي
ـ[فصيحيح]ــــــــ[18 - 01 - 2010, 09:31 م]ـ
طرح جميل بل أكثر من رائع، تشكر عليه وجعله الله في ميزان حسناتك
ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[24 - 01 - 2010, 09:59 م]ـ
لمسات بيانية في آي القرآن
أسئلة وأجوبة في سورة الكهف
د. فاضل السامرائي
ـ في سورة الكهف قال الله تعالى (ماكثين فيه أبدا) آية 3 فلماذا لم تستخدم كلمة (خالدين)؟
قال الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا {1} قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا {2} مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا {3} وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا)
المكث في اللغة: هو الأناة واللبث والإنتظار وليس بمعنى الخلود أصل المكث. الله تعالى يقصد الجنّة (أن لهم أجراً حسنا) والأجر الذي يُدفع مقابل العمل وننظر ماذا يحصل بعد الأجر. والجنّة تكون بعد أن يوفّى الناس أجورهم وفي الآية قال تعالى (أجراً حسناً) فالمقام هنا إذن مقام انتظار وليس مقام خلود بعد وعلى قدر ما تأخذ من الأجر يكون الخلود فيما بعد الأجر وهو الخلود في الجنّة. ومن حيث الدلالة اللغوية الأجر ليس هو الجنّة لذا ناسب أن يأتي بالمكث وليس الخلود للدلالة على الترقّب لما بعد الأجر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ما اللمسة البيانية في استخدام (فأردت) (فأردنا) (فأراد ربك) في سورة الكهف في قصة موسى والخضر؟
الملاحظ في القرآن كله أن الله تعالى لا ينسب السوء إلى نفسه؛ أما الخير والنِعم فكلها منسوبة إليه تعالى كما في قوله (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسّه الشر كان يؤوسا) سورة الإسراء ـ 83، ولا نجد في القرآن فهل زيّن لهم سوء أعمالهم أبدا إنما نجد (زُيّن لهم سوء أعمالهم) التوبة ـ من الآية 37، وكذلك في قول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام (الذي يميتني ثم يحيين) الشعراء ـ 81، وقوله (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء ـ 80، ولم يقل يمرضني تأدباً مع الله تعالى. (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً {79}) في هذه الآية الله تعالى لا ينسب العيب إلى نفسه أبداً فكان الخضر هو الذي عاب السفينة فجاء الفعل مفرداً.
(فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً {81}) في هذه الآية فيها اشتراك في العمل قتل الغلام والإبدال بخير منه حسن فجاء بالضمير الدالّ على الاشتراك. في الآية إذن جانب قتل وجانب إبدال فجاء جانب القتل من الخضر وجاء الإبدال من الله تعالى لذا جاء الفعل مثنّى.
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً {82}) في هذه الآية الجدار كلّه خير فنسب الفعل لله وحده وأنه يدلّ على أن الله تعالى هو علاّم الغيوب وسبق في علمه أن هذا الجدار تحته كنز لهما وأنه لو سقط سيأخذ أهل القرية المال من الأولاد اليتامى وهذا ظلم لهم والله تعالى ينسب الخير لنفسه عزّ وجلّ. وهذا الفعل في الآية ليس فيه اشتراك وإنما هو خير محض للغلامين وأبوهما الصالح والله تعالى هو الذي يسوق الخير المحض. وجاء بكلمة رب في الآيات بدل لفظ الجلالة (الله) للدلالة على أن الرب هو المربي والمعلِّم والراعي والرازق والآيات كلها في معنى الرعاية والتعهد والتربية لذا ناسب بين الأمر المطلوب واسمه الكريم سبحانه.
ـ ما الفرق بين كلمة (القرية) وكلمة (المدينة) في القرآن الكريم كما وردتا في سورة يس وسورة الكهف؟
في اللغة: إذا اتّسعت القرية تُسمى مدينة، والقرية قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة. وفي سورة يس وردت الكلمتان (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ {13}) و (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ {20}) أي أن أصحاب القرية جدّوا في التبليغ حتى وصل إلى أبعد نقطة في المدينة مع بُعدها. وقوله تعالى (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) أي أن هذا الرجل جاء يحمل همّ الدعوة والتبليغ. ووصل التبليغ إلى أقصى نقطة في المدينة مع أنها متّسعة وهذا فيه دليل على جهدهم لنشر الدعوة والذي جاء حمل همّ الدعوة من أقصى المدينة.
وفي سورة الكهف (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً {77}) و (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً {82}) استطعم موسى والخضر أهل القرية على سعتها أي أنهما جالا فيها كلها وبلغ بهم الجوع كثيراً حتى استطعموا أهلها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ في سورة الكهف ما دلالة حرف العطف واو في قوله (سبعة وثامنهم كلبهم) مع أنها لم ترد فيما قبلها (ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم)؟
الواو تفيد التوكيد والتحقيق كما صرّح المفسرون أي كأنها تدل على أن الذين قالوا أن أصحاب الكهف كانوا سبعة وثامنهم كلبهم هم الذين قالوا القول الصحيح الصواب ومنهم الزمخشري. الواو إذن هي واو الحال ولكنها أفادت التوكيد والتحقيق بأن هذا القول صحيح لأن الواو يؤتى بها إذا تباعد معنى الصفات للدلالة على التحقيق والإهتمام، قال تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) سورة الحديد، وإذا اقترب معنى الصفات لا يؤتى بالواو، قال تعالى: (همّاز مشّاء بنميم) سورة القلم، هنا الصفات متقاربة فلم يؤتى بالواو.
وفي قوله تعالى في سورة التوبة (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {112}) التوبة ـ 112، نلاحظ أن الواو ذكرت مع الصفة الأخيرة وهي الأشد على النفس والآخرين وباقي الصفات الأولى كلها متقاربة لكن النهي عن المنكر يكون أشدّ على الإنسان وقد يؤدي إلى الإهانة والقتل أحياناً.
ـ ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى في سورة الكهف (فأتبع سببا) وقوله (ثم أتبع سببا)؟
الحكم العام في النحو: الفاء تفيد الترتيب والتعقيب. وثمّ تفيد الترتيب والتراخي أي تكون المدة أطول.
وفي سورة الكهف الكلام عن ذي القرنين ففي الآية الأولي (فأتبع سببا) لم يذكر قبل هذه الآية أن ذي القرنين كان في حملة أو في مهمة معينة وإنما جاء قبلها الآية (وآتيناه من كل شيء سببا) هذا في الجملة الأولى لم يكن قبلها شيء وإنما حصل هذا الشيء بعد التمكين لذي القرنين مباشرة، أما في الجملة الثانية (ثم أتبع سببا) فهذه حصلت بعد الحالة الأولى بمدة ساق ذو القرنين حملة إلى مغرب الشمس وحملة أخرى إلى مطلع الشمس وحملة أخرى إلى بين السدين وهذه الحملات كلها تأتي الواحدة بعد الأخرى بمدة وزمن ولهذا جاء استعمال ثم التي تفيد الترتيب والتراخي في الزمن.
ـ ما دلالة قوله تعالى (ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً) ولماذا استخدام اللام في (لشيء) ولم يقل (عن شيء)؟
ورود اللام بعد القول له أكثر من دلالة وهو ليس دائماً للتبليغ وإنما تأتي لبيان العِلّّة إما بمعنى عن أو بسبب أمر ما (قال له). وقد جاء في سورة الكهف في قصة الخضر مع موسى قوله تعالى: (ألم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبرا)، ويقال في اللغة: قلت له كذا وكذا. وقد تأتي اللام مع القول لغير التبليغ وتأتي بمعنى عن كما جاء في قول الشاعر (كضرائر الحسناء قلن لوجهها إنه لدميم) قلن لوجهها بمعنى عن وجهها. وقد تأتي اللام بعد فعل قال للتعليل بمعنى لأجل ذلك أو بسبب ذلك
ـ ما إعراب كلمة (كلمة) في قوله تعالى (كبرت كلمة تخرج من أفواههم) سورة الكهف؟
كلمة هي تمييز، الفاعل ضمير مستتر ويأتي التمييز ليفسرها وتسمى في النحو: الفاعل المفسّر بالتمييز.
ـ ما إعراب (أيّ) في الآية (لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أبدا) في سورة الكهف؟
أي: هي مبتدأ. وهي من أسماء الإستفهام وكل الأسماء التي لها صدر الكلام لا يعمل بها ما قبلها إلا حروف الجرّ ولكن يعمل فيها ما بعدها، قال تعالى: (ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذاباً وأبقى).
ـ ما السبب في تنكير الغلام وتعريف السفينة في سورة الكهف في قوله تعالى:
(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً {74}) و (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً {71})؟
حسب التفاسير أن الخضر وموسى عليه السلام لم يجدا سفينة لما جاءا إلى الساحل ثم جاءت سفينة مارّة فنادوهما فعرفا الخضر فحملوهما بدون أجر ولهذا جاءت السفينة معرّفة لأنها لم تكن أية سفينة. أما الغلام فهما لقياه في طريقهم وليس غلاماً محدداً معرّفاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ما اللمسة البيانية في إختيار كلمة الأخسرين في قوله تعالى في سورة الكهف (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103})؟
وما الفرق بين (الخاسرون) و (الأخسرون)؟
ورد في القرآن الكريم استخدام كلمتي (الخاسرون) كما جاء في سورة النحل (لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ {109}) و (الأخسرون) كما جاء في سورة هود
(لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ {22})، وفي سورة النمل
(أوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ {5}) وآية سورة الكهف أيضاًََ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً).
وفي اللغة الأخسر هو أكثر خسراناً من الخاسر،
ندرس أولاً ما السبب في إختيار كلمة (الأخسرون) في سورة هود؟
إذا لاحظنا سياق الآيات في سورة هود نجد أنها تتحدث عن الذين صدوا عن سبيل الله وصدّوا غيرهم أيضاً، إنما السياق في سورة النحل فهو فيمن صدّ عن سبيل الله وحده ولم يصُدّ أحداً غيره فمن المؤكّد إذن أن الذي يصدّ نفسه وغيره عن سبيل الله أخسر من الذي صدّ نفسه عن سبيل الله لوحده فقط (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {107}).
وإذا قارنّا بين آية سورة هود وآية سورة النمل (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ {4} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ {5})
نجد أنه في سورة هود جاء التوكيد بـ (لا جرم) وهي عند النحاة تعني القسم أو بمعنى حقاً أو حقَّ وكلها تدل على التوكيد وإذا لاحظنا سياق الآيات في سورة هود الآيات (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ {18} الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ {19} أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ {20} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ {21}).
أما في سورة النمل فسياق الآيات يدل على أنهم لا يؤمنون بالآخرة فقط أما في سورة هود فقد زاد على ذلك أنهم يصدون عن سبيل الله وأنهم يفترون على الله الكذب وفيها خمسة أشياء إضافية عن آية سورة النمل لذا كان ضرورياً أن يؤتى بالتوكيد في سورة هود باستخدام (لا جرم) والتوكيد بـ (إنهم) ولم يأتي التوكيد في سورة النمل.
ونعود إلى آية سورة الكهف (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً {104}). نلاحظ استخدام كلمة (ضلّ) مع كلمة (سعيهم) ولم يقل ضل عملهم لأن السعي هو العدو أو المشي الشديد دون العدو، وقال في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يُحسن صنعا، والإحسان هو الإتقان وليس العمل العادي، في اللغة لدينا: فعل وعمل وصنع. أما الفعل فقد تقال للجماد (نقول هذا فعل الرياح) والعمل ليس بالضرورة صنعاً فقد يعمل الإنسان بدون صنع، أما الصنع فهو أدقّ وهو من الصَّنعة كما في قوله تعالى (صُنع الله الذي أتقن كل شيء) النمل ـ من الآية 88، والصنع لا تستعمل إلا للعاقل الذي يقصد العمل بإتقان.
إذن آية سورة الكهف جاء فيها ضلال وسعي وصُنع لذا استوجب أن يؤتى بكلمة (الأخسرين أعمالاً) ومن الملاحظ أنه في القرآن كله لم يُنسب جهة الخُسران للعمل إلا في هذه الآية. ولأن هذه الآية هي الوحيدة التي وقعت في سياق الأعمال من أولها إلى آخرها (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات).
(يُتْبَعُ)
(/)
و الأخسرين: اسم تفضيل أي أنه هناك اشتراك في الخُسران، يوجد خاسرون كُثُر والأخسرين بعضهم أخسر من بعض أي التفضيل فيما بين الخاسرين أنفسهم.
ـ ما الفرق من الناحية البيانية بين فعل (استطاعوا) و (اسطاعوا) و فعل (تسطع) و
(تستطع) في سورة الكهف؟
قال تعالى: (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً {97}). زيادة التاء في فعل استطاع تجعل الفعل مناسباً للحث وزيادة المبنى في اللغة تفيد زيادة المعنى. والصعود على السدّ أهون من إحداث نقب فيه لأن السدّ قد صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المذاب لذا استخدم اسطاعوا مع الصعود على السد واستطاعوا مع النقب. فحذف مع الحدث الخفيف أي الصعود على السد ولم يحذف مع الحدث الشاق الطويل بل أعطاه أطول صيغة له، وكذلك فإن الصعود على السدّ يتطلّب زمناً أقصر من إحداث النقب فيه فحذف من الفعل وقصّر منه ليجانس النطق الزمني الذي يتطلبه كل حدث.
أما عدم الحذف في قوله تعالى (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً {78}) وحذف التاء في الآية (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً {82}) لأن المقام في الآية الأولى مقام شرح وإيضاح وتبيين فلم يحذف من الفعل أما في الآية الثانية فهي في مقام مفارقة ولم يتكلم بعدها الخضر بكلمة وفارق موسى عليه السلام فاقتضى الحذف من الفعل.
ـ لماذا قدّم البصر على السمع في آية سورة الكهف و سورة السجدة؟
قال تعالى في سورة الكهف (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً {26}) وقال في سورة السجدة: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ {12})
والمعلوم أن الأكثر في القرآن تقديم السمع على البصر لأن السمع أهم من البصر في التكليف والتبليغ لأن فاقد البصر الذي يسمع يمكن تبليغه أما فاقد السمع فيصعب تبليغه ثم إن مدى السمع أقل من مدى البصر فمن نسمعه يكون عادة أقرب ممن نراه، بالإضافة إلى أن السمع ينشأ في الإنسان قبل البصر في التكوين؛ أما لماذا قدّم البصر على السمع في الآيتين المذكورتين؟ فالسبب يعود إلى أنه في آية سورة الكهف الكلام عن أصحاب الكهف الذين فروا من قومهم لئلا يراهم أحد ولجأوا إلى ظلمة الكهف لكيلا يراهم أحد لكن الله تعالى يراهم في تقلبهم في ظلمة الكهف وكذلك طلبوا من صاحبهم أن يتلطف حتى لا يراه القوم إذن مسألة البصر هنا أهم من السمع فاقتضى تقديم البصر على السمع في الآية.
وكذلك في آية سورة السجدة، الكلام عن المجرمون الذين كانوا في الدنيا يسمعون عن القيامة وأحوالها ولا يبصرون لكن ما يسمعوه كان يدخل في مجال الشك والظنّ ولو تيقنوا لآمنوا أما في الآخرة فقد أبصروا ما كانوا يسمعون عنه لأنهم أصبحوا في مجال اليقين وهو ميدان البصر (عين اليقين) والآخرة ميدان الرؤية وليس ميدان السمع وكما يقال ليس الخبر كالمعاينة. فعندما رأوا في الآخرة ما كانوا يسمعونه ويشكون فيه تغير الحال ولذا اقتضى تقديم البصر على السمع.
ـ ما دلالة كلمة (لنعلم) في آية سورة الكهف (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً {12})؟
قال تعالى في سورة الكهف (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً {12}) والعلم قسمان قسم يتعلق بالجزاء وقسم يعلمه الله ابتداء لا يتعلق بالجزاء. ما يفعله الإنسان هو من علم الله لكن حتى ما نفعله يتعلق بالجزاء وهناك علم آخر وهو العلم الذي قضاه الله تعالى وما يفعله الإنسان هو تصديق لعلم الله هذا. وقوله تعالى (لنعلم أي الحزبين) يعني لنعلم أي منهم يعلم الحقيقة لأن كل قسم قال شيئاً فمن الذي يعلم الحقيقة؟ الله تعالى. هناك علمان علم سابق الذي سجّل فيه الله تعالى القدر وعلم لاحق يحقق هذا العلم وهو الذي يتعلق بالجزاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ماذا عن ربط المستقبل بـ (غَدًا) فقط في قوله تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) الكهف)؟
سبب نزول الآية هو الذي يحدد. سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة أسئلة من قبل الكفار منها عن أهل الكهف فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: سأجيبكم غداً لأنه لم يكن لديه علم وجاء غد ولم يُجِب الرسول صلى الله عليه وسلمولم ينزل عليه الوحي مدة خمس عشرة ليلة فحصل إرجاف لأن الوحي يتنزّل بحكمة الله تعالى ثم نزلت الآية (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23)) فهي مناسبة لأصل سبب النزول وهذا ينسحب لأنه أحياناً سبب النزول لا يتقيّد بشيء. مثلاً في مسألة (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) (سورة النور) ماذا إذا لم يردن تعففاً؟ الحادثة التي حصلت أن عبد الله بن أبيّ أراد إكراههن وهن يردن التحصّن فذكر المسألة كما هي واقعة ثم تأتي أمور أخرى تبيّن المسألة.
(غداً) في الآية موضع السؤال لا تعني بالضرورة الغد أي اليوم الذي يلي وإنما (قد) تفيد المستقبل وهي مناسبة لما وقع وما سيقع.
- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (شيئاً إمرا) و (شيئاً نُكرا) في سورة الكهف؟
قال تعالى على لسان موسى للرجل الصالح عندما خرق السفينة (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)) وقال تعالى عندما قتل الرجل الصالح الغلام: (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)).
فوصف خرق السفينة بأنه شيء إمر ووصف قتل الغلام بأنه شيء نُكر وذلك أن خرق السفينة ونزع لوح خشب منها دون قتل الغلام شناعة فإنه إنما خرق السفينة لتبقى لمالكيها وهذا لا يبلغ مبلغ قتل الغلام بغير سبب ظاهر. والإمر دون النُكر فوضع التعبير في كل موضع بما يناسب كل فعل. وعن قتادة: النُكر أشدّ من الإمر. فجاء كل على ما يلائم ولم يكن ليحسن مجيء أحد الوصفين في موضع الآخر.
وهذا الاختلاف يدخل في فواصل الآي في القرآن الكريم.
المصدر: منقول عن موقع إسلاميات http://www.islamiyyat.com/(/)
المجاز والرد على مقالة عماد الزبن
ـ[طه محمد السندوبي]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 10:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.
قرأت في منتدى الأصلين (الضلالين) بحثا بعنوان: المجاز بين المانعين والمثبتين حوار هادئ مع الشيخ ابن تيمية، للكاتب اللغوي عماد أحمد الزبن والحق أن هذا الكاتب على درجة واضحة من العلم في مجال اللغة ولكنه اخطأ في بحثه في مواضع عده وقد ظلم فيها شيخ الاسلام ابن تيمية وتطاول عليه، شأن من يكتب في هذا المنتدى من المتنطعين ومن هذه المواضع التي أساء فيها هذا الكاتب:
أولا: مواضع أساء فيها الفهم:
1ـ حاول إثبات المجاز على الشافعي فقال: (أما مضمون مصطلح المجاز فقد قاله الإمام وأقره في كتابه الرسالة، وهالك بعض نصوصه، قال الإمام في كتابه الرسالة:
فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها، على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها"
أقول: فهل الاتساع في اللغة يعني بالضرورة المجاز، فالشافعي يتكلم عن الاتساع في الاستخدام الحقيقي ولم يذكر المجاز، لكنك قليل الفهم، وتحمل كلام الشافعي على هواك وبدعك.
2ـ ونقل كلام الشافعي: وظاهر يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره، فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره حقيقة لا مجازا فهذا ظاهر حقيقة وهذا غير ظاهر حقيقة بسبب الاستخدام فافهم وأنت تعلم هذا ولكنك تراوغ شأن كل المبتدعة. وهذا وضحه شيخ الاسلام في كتبه فارجع اليها.
3ـ ونقل كلمة المجاز عن ابي حنيفة والامام احمد وظن ان المجاز هنا بالمعنى الذي في عقله وليس كذلك فالمجاز في كلام الامام احمد بمعنى المجاز اللغوي أي ما يجوز في اللغة وليس المقابل للحقيقة وهؤلاء يفهمون الامور بحسب عقولهم القاصرة الا عن فهم اصولهم الارسطية والافلاطونية نسال الله السلامة.
4ـ ونقل كلام شيخ الاسلام في ضمير المتكلم المعظم نفسه (نحن) ولم يفهمه وحمله على المجاز بدعوى ضعيفة ولم يفهم وهو كما يصفونه ابن مالك زمانه أن الضمير موضوع على الابهام فحمله على معنى دون معنى على سبيل حقيقة ومجاز تفريق لا يصح، فكيف غفل سيبويه الاردن (كما يصفونه في منتدى الضلالين) عن هذه الحقيقة البسيطة.
5ـ وقال عماد الزبن في رده على شيخ الاسلام: " أما الإلهام الذي أشار إليه ابن تيمية فلم أجده في مذاهب العلماء؛ إذ الإلهام بمعنى القذف في القلب والمشاعر، لم يقل به عالم قبله"
أقول: بل قال به صاحبك ورفيق مذهبك ابن جني، ولكنك دلست ولويت كلامه مع علمك به وفقا لأهوائك الاشعرية المعروفة فاتق الله تعالى.
6ـ وقال سيبويه عماد الزبن: " كل عاقل يجد في نفسه تقبلا لبعض المعاني دون الحاجة إلى ما هو خارج عن اللفظ ذاته، وبعض المعاني لا يتأتى فهمنا لمعانيها إلا بملاحظة ما هو خارج عن مجرد اللفظ، وإنكار ذلك مكابرة عظيمة "
أقول: وهل يوجد مكابر مثلك يا سيبويه الاردن، فهذا قرائن بسبب الاستخدام وليس للخروج عن وضع او ما اسميته انت بالعدول فالحقيقة الغير مستخدمة تحتاج الى قرائن عند بعض من لا يستخدمها، فكفاك مغالطة يا ابن مالك زمانك
7ـ ينقل كلاما عن شيخ الاسلام ابن تيمية ولا يفهمه ويقرر أنه اقر بالوضع فكيف ينفيه ومن ذلك قول شيخ الاسلام الذي نقله سيبويه زمانه: " وكذلك الاستثناء و إن كان في الأصل للإخراج من الحكم، فإنه صار حقيقة عرفية في مناقضة المستثنى منه، فالاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، واللفظ يصير بالاستعمال له معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع"
اقول: جعل من هذا الكلام دليلا على قول الشيخ بالوضع بفهمه هو ليلزمه بالتناقض وهو بهذا يمارس طرائق ساداته اعني بهم: ارسطو وافلاطون وسقراط وابن سينا والغزالي وغيرهم من شلة الهم والاسى وفلاسفة السواد ولم يدري المسكين ان شيخ الاسلام هنا يعني الاستعمال الذي فسره قبل صفحات فحمل الوضع في كلامه على هذا المعنى هو الصحيح والغريب ان سيبويه الاردن ربما يعلم هذا فكيف يتعامى عنه الا لانه يريد الزام شيخ الاسلام بالتناقض غصبا!!
ثانيا ـ عماد الزبن يقول كلاما يشبه الطلاسم:
(يُتْبَعُ)
(/)
ان هذا الرجل يمارس كلاما لا يفهمه احد كطلاسم السحرة، ثم يجد من يصفق له ممن وصفهم عماد الزبن نفسه في منتدى (الضلالين) بالنعام والأغبياء والسفهاء ومن ذلك:
1ـ قال سيبويه الاردن في حزورته العجيبة: " أما الدليل النقلي فقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ)، فهذا يقتضي سبق اللغة على البعثة، فلو كانت اللغة توقيفية، والتوقيف لا يحصل إلا بالبعثة؛ وقع الدور، وهو محال، فيلزم الوضع والاصطلاح، ولا يشغب على هذا الدليل إلا إذا تم كسر حصر حصول التوقيف بالبعثة "
فهل يستطيع حتى شيخك ابن سينا ان يفهم هذا الكلام العجيب الذي يشبه كلام النفاثات في العقد.
2ـ وقال ابن مالك زمانه في بعض احجياته: " أما الدليل العقلي، فهو أن اللغة لو كانت توقيفية لكان: إما أن يقال إنه تعالى يخلق العلم الضروري بأنه تعالى وضعها لتلك المعاني أو لا يكون كذلك، والأول لا يخلو إما أن يقال إنه تعالى يخلق ذلك العلم في العاقل أو في غير عاقل، وباطل أن يخلقه تعالى في عاقل؛ لأن العلم بأنه تعالى وضع تلك اللفظة لذلك المعنى يتضمن العلم به تعالى، فلو كان ذلك العلم ضروريا لكان العلم به تعالى ضروريا؛ لأن العلم بصفة الشيء متى كان ضروريا كان العلم بذاته أولى أن يكون ضروريا، ولو كان العلم به تعالى ضروريا لبطل التكليف، لكن ذلك باطل لما ثبت أن كل عاقل فإنه يجب أن يكون مكلفا، وباطل أن يخلقه في غير العاقل لأنه من البعيد أن يصير الإنسان غير العاقل عالما بهذه اللغات العجيبة والتركيبات النادرة اللطيفة، وأما الثاني: وهو أن لا يخلق الله تعالى العلم الضروري بوضع تلك الألفاظ لتلك المعاني؛ فحينئذ لا يعلم سامعها كونها موضوعة لتلك المعاني إلا بطريق آخر؛ والكلام فيه كالكلام في الأول فيلزم إما التسلسل وإما الانتهاء إلى الاصطلاح. وفي هذا رد على نفاة الوضع والاصطلاح بشتى مشاربهم "
أقول: من يستطيع شرح هذا الكلام من البشر والجن واظنه هولا يستطيع شرحه فهو كلام والسلام.
خلاصة:
احتوى رد اللغوي الفيلسوف عماد الزبن الذي يلقبه المغرورون به ممن يصفهم هو بالنعام والطغام الخ فلسفاته بسيبويه الاردن وابن مالك زمانه، على اخطاء جسيمة في الفهم وعدم القدرة على ادراك كلام شيخ الاسلام، وفي مواضع كان يفهم المراد ولكنه يتعامى ويلوي النصوص لحاجة في نفسه التي تلوثت بلوثة الفلسفة وعلم الكلام نسال الله السلامة، وفي مواضع لا يبين فيها أراء الأئمة الكبار في المجاز كنفي الامام الشافعي له ويسكت عنه مع علمه به تدليسا على قارئه، كما انه تطاول على الائمة في بحثه ولم يحترم منزلتهم، عدا عن تعمده تغميض كلامه كيلا يفهم الناس كلامه ويظنوه على شيء من العلم. فعليه ان يحترم العلم ولا يغالط احتراما للحقيقة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 02:47 م]ـ
أخي الكريم
بغض النظر عن الراجح في المسألة، ولكن ألا ترى أنك تطاولت على الكاتب أكثر مما تطاول هو على شيخ الإسلام؟
والمواضع التي تقول إنه أساء فيها الفهم يظهر للناظر أنها تحتمل ما قال احتمالا راجحا، فليس سوء الفهم فيها واضحا كما يفيد كلامك، بل الخلاف بين شيخ الإسلام وبين مخالفيه في مسألة المجاز يشمل هذه المواضع كما يشمل غيرها.
والذي يظهر لي - والله أعلم - أنك لم تتعمق في بحث هذه المسألة؛ لأن الخلاف بين شيخ الإسلام وبين خصومه هو في إثبات وجود وضع أول سابق على الاستعمال، وكلام الشافعي يدل على وجود هذا الوضع كما يفيده كلام غيره من أهل العلم، فهذا هو المقصود من استدلال الكاتب.
فأنت تعترض على الكاتب بأنه أساء الفهم، وأن المجاز في كلام فلان وفلان لا يقصد به المجاز الذي في عقله، ولم تبين -حفظك الله -الفرق بين الأمرين حتى يكون كلامك واضحا.
وأما الكلام الذي تقول عنه إنه يشبه الطلاسم، فالذي أراه أنه كلام اضح، ولا يقدح فيه أنك لم تستطع فهمه.
فإن كنت تنكره عليه لأنك لم تستطع فهمه فليس هذا من الإنصاف، فكان عليك أن تحاول فهم الكلام أولا، أو تسأل عنه الكاتب أو تسأل غيره عن معناه لتفهمه أولا قبل أن تطلق هذه الإطلاقات.
وينبغي أن لا يحملنا خلافنا مع الأشعرية على الطعن في بعض المسائل التي يقول بها كثير من أهل السنة، مثل مسألة المجاز التي يقول بها كثير من علماء السنة، كابن قتيبة والطبري وابن فارس وغيرهم كثير.
ومن أراد التوسع في مبحث المجاز وما يتعلق به فلينظر هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13474
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13307
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13065
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13700
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=15041
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=126932
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضاد]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 03:50 م]ـ
موضوع شائك ومعقد ولو بدأت بسرد آراء اللسانيات في لزدته تعقيدا على تعقيد. على كل حال, لا يتسرع أحد في الحكم على رأي حتى يفهمه جيدا ويرجع إلى سياقه الأصل, لأنه المسألة فعلا صعبة وتتطلب ذكاء حادا.(/)
التشبية
ـ[نور العين]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 02:17 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمدوعلى آله وصحبه وسلم وبعد
اليكم الفصل الاول
التشبيه
أ- تعريف التشبيه:
هو: بيان أن شيئا أو أشياء شاركت غيرها في صفة أو أكثر بأداة هي الكاف أو نحوها ملفوظة أو ملحوظة.
ب- أركان التشبيه:
أركان التشبيه أربعة هي: المشبه والمشبه به ويسميان طرفا التشبيه وأداة التشبيه ووجه الشبه ويجب أن يكون أقوى وأظهر في المشبه به منه في المشبه.
كقول الشاعر:
أنت كالليث في الشجاعة والإقـ ـدام والسيف في قراع الخطوب
ج- أقسام التشبيه:
التشبيه المرسل وهو: ما ذكرت فيه الأداة.
نحو:
وكأن أجرام النجوم لوامعا درر نثرن على بساط أزرق
التشبيه المؤكد وهو: ما حذفت منه الأداة.
مثل:
قوله تعالى:) وهي تمر مر السحاب (
" المجمل وهو: ما حذف منه وجه الشبه.
مثل: "العالم سراج أمته".
" المفصل وهو: ما ذكر فيه وجه الشبه.
كقول الشاعر:
أنت كالشمس في الضياء وإن جا وزت كيوان في علو المكان
" البليغ وهو: ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه.
نحو: "علي أسد"
د- تشبيه التمثيل:
يسمى التشبيه تمثيلا إذا كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد، وغير تمثيل إذا لم يكن وجه الشبه كذلك.
كقول الشاعر:
وكأن الهلال نُون لجين غرقت في صحيفة زرقاءِ
ل- التشبيه الضمني:
هو: تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة بل يلمحان في التركيب.
وهذا النوع يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أسند على المشبه ممكن الوقوع.
كقول الشاعر:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
هـ- أغراض التشبيه:
أغراض التشبيه كثيرة منها:
بيان إمكان المشبه، وذلك حين يسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له.
كقول الشاعر:
كم من أب قد علا بابن ذرا شرف كما علت برسول الله عدنان
بيان حاله، وذلك حينما يكون المشبه غير معروف الصفة قبل التشبيه فيفيده التشبيه الوصف.
مثل:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي
بيان مقدار حاله، وذلك إذا كان المشبه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية وكان التشبيه يبين مقدار هذه الصفة.
كقول الشاعر:
مداد مثل خافية الغراب وقرطاس كزقزاق السحاب
تقرير حاله: كما إذا كان ما أسند إلى المشبه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح بالمثال.
كقول الشاعر:
إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
تزيين المشبه أو تقبيحه.
كقول الشاعر:
مدد يديك نحوهم احتفاء كمدهما إليهم بالهبات
وقول آخر:
وتفتح –لا كانت- فماً لو رأيته توهمته بابا من النار يفتح
و- التشبيه المقلوب:
هو جعل المشبه مشبها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر.
كقول الشاعر:
وبدا الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح
الحقيقة والمجاز
المجاز اللغوي:
المجاز اللغوي هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
والعلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قد تكون المشابهة وقد تكون غيرها والقرينة قد تكون لفظية وقد تكون حالية.
كقول الشاعر:
قامت تظللني من الشمس نفس أحب إلى من نفسي
قامت تظللني ومن عجب شمس تظللني من الشمس
وقول آخر:
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ظنوا علي غضاب.
وقول آخر:
لعيني كل يوم منك حظ تحير منه في أمر عجاب
حِمالة ذا الحسام على حسام وموقع ذا السحاب على سحاب
ب- الاستعارة التصريحية والمكنية:
الاستعارة من المجاز اللغوي وهي تشبيه حذف أحد طرفيه، فعلاقتها المشابهة دائما، وهي قسمان:
تصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به.
كقول الشاعر:
ناهضتهم والبارقات كأنها شعل على أيديهم تلتهم
وقول آخر:
لما غدا مظلم الأحشاء من أشر أسكنت جانحتيه كوكبا يقد
مكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه.
كقول الشاعر:
وإذا المنيت أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
ج- تقسيم الاستعارة إلى أصليه وتبعية:
- تكون الاستعارة أصلية إذا كان اللفظ الذي جرت فيه اسما جامدا.
كقول الشاعر:
يمج ظلاما في نهار لسانه ويفهم عمن قال ما ليس يسمع
- " " تبعية إذا كان اللفظ الذي جرت فيه مشتقا أو فعلا.
كقول الشاعر:
قوله تعالى:) ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح ... (
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل تبعية قرينتها مكنية، وإذا أجريت الاستعارة في واحدة منها امتنع إجراؤها في الأخرى.
د- تقسيم الاستعارة إلى مرشحة ومجردة ومطلقة:
1 - الاستعارة المرشحة: ما ذكر معها ملائم المشبه به
كقوله تعالى:) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ (.
2 - " المجردة: ما ذكر معها ملائم المشبه.
كقول الشاعر:
فإن يهلك فكل عمود قوم من إلنيا إلى هُلك يصير
3 - " المطلقة: ما خلت من ملائمات المشبه به أو المشبه.
كقوله تعالى:) إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية (.
وقول الشاعر:
قوم إذا أبدى ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا
ولا يتم الترشيح أو التجريد إلا بعد أن تتم الاستعارة باستيفائها قرينتها لفظية أو حالية، ولهذا لا تسمى قرينة التصريحية تجريدا ولا قرينة المكنية ترشيحا
هـ- الاستعارة التمثيلية:
هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة معناه الأصلي
مثل:
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا
يقال: لمن لم يرزق الذوق لفهم الشعر الرائع
و- المجاز المرسل:
هو: كلمة استعملت في غير معناها الأصلي لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي
من علاقات المجاز المرسل:
السببية: نحو: "رعينا الغيث".
المسببية: نحو: أمطرت السماء نباتا".
الجزئية: كقوله تعالى:) قم الليل إلا قليلا (.
الكلية: " ":) جعلوا أصابعهم في آذانهم (
اعتبار ما كان: كقوله تعالى: كقوله تعالى:) وآتوا اليتامى أموالهم (.
اعتبار ما يكون: كقوله تعالى:) إني أراني أعصر خمرا (.
المحلية: كقوله تعالى:) فليدع ناديه (
الحالية: كقوله تعالى:) وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله (.
الكناية
أ- تعريف الكناية:
الكناية: لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى.
مثل: "فلان طويل النجاد".
ب- أقسام الكناية:
تنقسم الكناية باعتبار المكني عنه ثلاثة أقسام:
أن يكون المكني عنه صفة:
مثل:
- "فلان عريض القفا"
- "فلان كثير الرماد".
أن يكون المكني عنه موصوفا:
كقول الشاعر:
الضاربين بكل أبيض مِخذم والطاعنين مجامع الأضغان
أن يكون المكني عنه نسبة:
كقول الشاعر:
إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[نور العين]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 02:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين اليكم المزيد باذن الله وشكرا سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين السلام عليك ورحمة الله وبركاته شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 03:23 م]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة على هذا الجهد المبارك الشامل، لكن لي ملحوظتان عليه:
1 - لقد تناولت دروسا كبيرة في عجالة سريعة، وكأنك تلخصين هذه الموضوعات بعد أن شرحت.
2 - كان ينبغي عليك أختي الكريمة أن تضعي خطا تحت ما فيه مجاز أو كناية، حتى يعرف موطنها من ليس عنده علم بها.
ـ[حااجي]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 10:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما أسهل دروس البيان في الموقع، وما اعسرها في الإمتحان .... !
أقبل البحر .. هل هي مجاز عقلي أم استعارة؟
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 12:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما أسهل دروس البيان في الموقع، وما اعسرها في الإمتحان .... !
أقبل البحر .. هل هي مجاز عقلي أم استعارة؟
أرى في هذا التعبير استعارة تصريحية.
شبه القائل الممدوح بالبحر، حذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية.(/)
فصيح ثعلب
ـ[7746]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 08:49 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
مرحبا بالجميع ..
استفسار بسيط ...
هل كتاب (الفصيح) لثعلب، يعد من كتب البلاغة؟ أم فقه اللغة؟
أفيدونا
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 10:36 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(فصيح ثعلب) من كتب متون اللغة المرتبة ترتيبا موضوعيا (غير هجائي)؛ فقد بوبه أبوابا؛ باب فعلت بفتح العين، باب فعلت بكسر العين، باب المصادر، باب ما يهمز، باب المهموز، ما جاء بلغتين، وهكذا.
ويمكن أن يقال أيضا إنه من كتب التصحيح اللغوي؛ لأنه يشير في كثير من أبوابه إلى ما يقال مخالفا الفصيح من لغات العرب.
ولست أدري لم يعده بعض الناس من كتب الصرف، أو من كتب البلاغة؟
فليس له علاقة بهذين العلمين.
ـ[7746]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 09:41 م]ـ
:::
بما أن الكتاب يهدف إلى تقديم الزاد اللفظي للأديب، كما أن مؤلفه جمع فيه الكثير من الصياغات اللفظية الفصيحة، حتى قال فيه: ((هذا كتاب اختيار فصيح الكلام مما يجري في كلام الناس وكتبهم .. ))
فلماذا لايمكن أن يقال: إن الكتاب في البلاغة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[13 - 06 - 2008, 10:27 م]ـ
كتب اللغة ومعجماتها مليئة بقولهم (هذا فصيح، وهذا أفصح)، فلماذا لا يقال إن لسان العرب وتاج العروس وصحاح الجوهري وغيرها من كتب البلاغة؟!
وبما أن جميع كتب اللغة تهدف إلى تقديم الزاد اللفظي للأديب، كما أن فيها الكثير من الصياغات اللفظية الفصيحة، فلماذا لا يقال إنها من كتب البلاغة؟!
هذه الطريقة في البحث ليست طريقة علمية؛ لأن كثيرا من العلوم بينها ترابط وقد تجد بعض المسائل والبحوث المكررة في علوم مختلفة، ولا يعني ذلك أن هذا العلم هو بعينه ذاك العلم، كما أنك تجد في كتب التفسير كثيرا من مباحث النحو واللغة والفقه، ولم يقل أحد إن علم التفسير هو علم الفقه، ولا أن علم التفسير هو علم النحو.
فكتب البلاغة هي الكتب التي تبحث في القوانين الكلية والقواعد العامة لعلم المعاني وعلم البيان وعلم البديع.
أما تفاصيل الألفاظ المعبرة عن المعاني المختلفة، وتفاصيل الجمل التي يقع بها البيان، وتفاصيل المحسنات التي يقع بها تحسين الكلام فكل ذلك يدخل في علوم أخرى لا تسمى اصطلاحا بعلوم البلاغة.
وإلا صارت كل الدواوين الشعرية، والمجاميع الأدبية من كتب البلاغة.
إلا إن كنت تقصد بالبلاغة (البلاغة العملية)، فحينئذ لا مشاحة في الاصطلاح، ولكنه اصطلاح خاص ينبغي التقييد عند استعماله.
ـ[7746]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 04:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم ...
لكن لو قيل لك: تحت أي العلوم يمكن تصنيف هذا الكتاب؟ فماذا أنت فاعل؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 04:59 ص]ـ
وجزاك الله خيرا أخي الفاضل
قد ذكرت لك الجواب في مشاركتي الأولى.
فهذا الكتاب من كتب متون اللغة المرتبة موضوعيا؛ ومثله في ذلك مثل كتاب (إصلاح المنطق) لابن السكيت، وكتاب (أدب الكاتب) لابن قتيبة، وغيرها من الكتب.
فلك أن تجعله من كتب متون اللغة كهذه الكتب المذكورة.
ولك أن تجعله من كتب فقه اللغة (بالمعنى القديم) ككتاب الثعالبي وابن فارس.
ولك أن تجعله من كتب التصحيح اللغوي ومعالجة اللحن.
وفي جميع الأحوال فهو يندرج تحت علم اللغة (بالمعنى القديم).
ـ[عربي سوري]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 04:53 م]ـ
أعتقد أنه أقرب للسانيات بالمعنى الحديث(/)
أفضل ثلاثة كتب في البلاغة.
ـ[كشاجم]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 02:20 ص]ـ
ما أفضل ثلاثة كتب حديثة في البلاغة، لأن الكتب في البلاغة كثيرة جدًا، لكن بشرط
أن تنمي هذه الكتب الذوق الأدبي والبلاغي لدى القارئ.
ـ[عاشق البيان]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 02:22 م]ـ
الأخ كشاجم حفظك الله، أنصح بقراءة كتب كل من:
د. فاضل السامرائي (معاني النحو، بلاغة الكلمة، التعبير القرآني)،وهي كتب تطبيقية.
د. فضل حسن عباس (البلاغة فنونها وأفنانها علم المعاني ـ علم البيان والبديع) وقد أحسن المؤلف إخراجها وتنظيمها وأفاض من الأمثلة والشواهد، فكتبه خير معين على فهم البلاغة.
د. محمد محمد أبو موسى، (التصوير البياني، دلالات التراكيب، مدخل لكتابي عبد القاهر) كتاباته جميلة جدا وهي ذات ذوق بلاغي عال، لكنني وجدت فيها بعض الوعورة.
ـ[صاحبة السر العنيد]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 10:07 م]ـ
عاشق البيان؛ شكراً على انتقائك.
ـ[عبدالمجيد هاشم]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 11:27 ص]ـ
عليك بقراءة كتاب (المطول) لسعد الدين , فسوف تجد فيه بغيتك
ـ[أحلام]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 03:57 م]ـ
السلام عليكم
الأخ الفاضل: الكتب التي طلبت تحقق ما تريد بإذن الله:
هناك كتاب البلاغة العربية للدكتور عبدالرحمن الميداني رحمه الله
من جزاءين
دار القلم -دمشق
وكتاب من البلاغة العربية للدكتور أحمدأحمد بدوي
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[18 - 12 - 2008, 04:32 م]ـ
د. أحمد مطلوب
.أساليب بلاغية.
.فنون بلاغية.
.معجم المصطلحات البلاغية ..
هذه الكتب الثلاثة مهمة بحق وأصيلة في بابها تأخذ من القديم خطوطها وتعتمد على السابقين في فصولها .. بأسلوب يجمع بين عباراتهم وينسق آراءهم، لتكون منطلقا إلى التجديد ..
إضافة إلى كتاب د. عبده قلقيلة البلاغة الاصطلاحية
المنهاج الواضح حامد عوني
علوم البلاغة للمراغي
البلاغة فنونها وأفنانها حسن فضل
البلاغة في ثوبها الجديد بكري شيخ أمين
وإني لأرشح لك العودة للقديم أمثال الزمخشري والسكاكي والجاحظ والجرجاني وغيرهم فهو أجود وأقيّم كما تعلم.
وفقك الله أخي الكريم وكُل المُسلمين
ـ[د/نصر الدين عبد العظيم]ــــــــ[24 - 12 - 2008, 12:08 ص]ـ
أرى أن كتابي (دلائل الإعجازفي علم المعاني) و (أسرار البلاغة) لشيخ النقاد والبلاغيين عبد القاهر الجرجاني هما مصدرا كل بليغ وهما من أفضل كتب البلاغة
ـ[بكري البكري]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 01:58 م]ـ
كما أنصح الطالب بـ
البلاغة الواضحة
علي الجارم
ـ[نسيم المساء]ــــــــ[02 - 11 - 2009, 11:11 م]ـ
شكرا لك على جهودك
ـ[طالب عِلم]ــــــــ[03 - 11 - 2009, 12:09 ص]ـ
بارَكَ اللهُ بكم جميعاً لأنكم وجّهتُمونا للنافِعِ والمُفيد.
وباركَ في السائل لأنهُ أتاح لنا الإستزادة في المعلومة.
ـ[فهد عبد الرحمن الصلوح]ــــــــ[23 - 11 - 2009, 02:54 ص]ـ
البلاغة العربية في ثوبها الجديد، للدكتور بكري الشيخ أمين.
وكتاب المفصل في علوم البلاغة، لعيسى العاكوب.
ـ[الضَّيْغَمُ]ــــــــ[27 - 11 - 2009, 03:58 م]ـ
ذوقٌ رفيعٌ ...
أ عِندَكُم وصلاتٌ لتحميلها كنسخٍ إلكترونية .. ؟؟
شاكراً ...
ـ[عمر المعاضيدي]ــــــــ[27 - 11 - 2009, 05:21 م]ـ
كما أنصح الطالب بـ
البلاغة الواضحة
علي الجارم
بارك الله فيك
وانا افادني هذا الكتاب ومازال لدي الكثير لأقراه
ولكن الكتاب لعلي الجارم ولمحمد الأمين
حفظا للحقوق(/)
أفضل ثلاثة كتب في البلاغة.
ـ[كشاجم]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 02:21 ص]ـ
ما أفضل ثلاثة كتب حديثة في البلاغة، لأن الكتب في البلاغة كثيرة جدًا، لكن بشرط أن تنمي هذه الكتب الذوق الأدبي والبلاغي لدى القارئ.
ـ[أحلام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 02:43 م]ـ
الاخ الفاضل كشاجم
من الكتب الرائعة في البلاغة العربية (كتاب البلاغة العربية جزاءان) الشيخ الجليل عبدالرحمن حبنكة رحمه الله -صادرعن دار القلم بدمشق
للعلم كان الشيخ (استاذا في جامعة أم القرى في مكة) توفي منذ2006 رحمه الله رحمة واسعة ونسأله سبحانه أن يسكنه فسيح جناته
ـ[أحلام]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 02:56 م]ـ
الاخ الفاضل كشجم
لاتنس كتب الاستاذ فاضل صالح السامرائي
من أجمل الكتب (بلاغة الكلمة)
ـ[عربي سوري]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 04:51 م]ـ
أيضا المفصل في علوم البلاغة العربية للدكتور عيسى العاكوب
ـ[عمر خطاب]ــــــــ[16 - 06 - 2008, 10:30 ص]ـ
عليك بهذه الكتب: كتاب: دلائل الإعجاز، وكتاب أسرار البلاغة، للعلامة عبد القاهر الجرجاني
وعليك بكتاب الإيضاح للخطيب القزويني
ـ[محمد ماهر]ــــــــ[16 - 06 - 2008, 09:05 م]ـ
البلاغة الواضحة
ـ[حااجي]ــــــــ[22 - 06 - 2008, 09:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من بين أفضل الكتب في البلاغة، كتاب السيد أحمد الهاشمي
الذي علق عليه ودققه السيد سليمان الصالح ..
من دار المعرفة. بيروت. لبنان
الطبعة الأولى صدرت 1426هـ 2005م
ـ[فهد الخلف]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 08:29 م]ـ
من أهم كتب البلاغة العربية كتب محمد محمد أبي موسى خصائص التراكيب و دلالات التراكيب و التصوير البياني و كتب فضل حسن عباس البلاغة فنونها و أفنانها البيان و البديع و علم المعاني و علوم البلاغة لأحمد المراغي هذه الكتب من أفضل ما كتب في البلاغة في العصر الحديث.
ـ[العجيب10]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 05:38 م]ـ
ياأخوتي عند القراءة في كتب البلاغة أحذروا من تأويل أسماء الله وصفاته فقد وقع فيها الكثير من الكتاب القدماء والمعاصرين وخصوصا في قوله تعالى: (ثم استوى على العرش) وقوله: (وجاء ربك والملك)
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 04:19 م]ـ
ياأخوتي عند القراءة في كتب البلاغة أحذروا من تأويل أسماء الله وصفاته فقد وقع فيها الكثير من الكتاب القدماء والمعاصرين وخصوصا في قوله تعالى: (ثم استوى على العرش) وقوله: (وجاء ربك والملك)
لا أعتقد أن المعتزلة وأهل السنة تركوا لأحد قدرة تفكير بهذا الأمر فما جرته هذه المسألة من ويلات وتكفير
تجعلنا ننأى بأنفسنا عن مجرد التفكير بهذا الأمر
شكرا لك على الملاحظة
ـ[عاشق البيان]ــــــــ[01 - 07 - 2008, 02:59 ص]ـ
لعل أشمل ما قرأت من كتب البلاغة كتاب الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي (معاني النحو)، وهو كتاب واسع جاء في أربعة مجلدات، وقد فصل فيه مؤلفه مسائل علم المعاني بالذات، منطلقا من القاعدة التي أرساها شيخ البلاغة عبد القاهر الجرجاني رحمه الله حيث عرف علم البلاغة بقوله: هو توخي معاني النحو.
وأنا أرى أن يكون هذا الكتاب قبلة كل من أراد أن يلج باب علم البلاغة.(/)
من الأسجاع الحسنة
ـ[محمد سعد]ــــــــ[17 - 06 - 2008, 07:38 م]ـ
ومن الأسجاع الحسنة قول الأعرابية حين خاصمت ابنها إلى عامل الماء فقالت: " أما كان بطني لك وعاءً؟ أما كان حجري لك فناءً؟ أما كان ثديي لك سقاءً؟ فقال ابنها: " لقد أصبحتِ خطيبةً رضي الله عنك"
لأنها قد أتت على حاجتها بالكلام المُتَخيَّر كما يبلغ الخطيب بخطبته
البيان والتبيين
ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 10:40 ص]ـ
يقول ابن الأثير في هذا الموضوع: "وإذا كانت مقاطع الكلام معتدلة وقعت من النفس موقع الاستحسان، وهذا لا مراء فيه لوضوحه" (1)
كما خصص الجاحظ لهذه الظاهرة الشائعة في الأداء الكلامي عند العرب الأولين أكثر من موضع في كتابه البيان والتبيين (2) نقتطف أمثلة منها لتبيين بعض ما كان يدور على ألسنتهم من أسجاع سواء لدى الرجال أم لدى النساء ـ ولا نعدم بقاءه إلى اليوم في كلامنا.
من ذلك أن أعرابياً وصف رجلاً، فقال: صغير القدر، قصير الشبر (3)، ضيق الصدر، لئيم النجر (4)، عظيم الكبر، كثير الفخر.
ومنه أن أعرابياً سأل رسولاً قدم من أهل السند: كيف رأيتهم البلاد؟ قال: ماؤها وشل (5) ولصها بطل وتمرها دَقَل (6)، إن كثر الجند بها جاعوا وإن قلوا بها ضاعوا.
ومما أورده كذلك أنه قيل لصعصعة بن معاوية: من أين أقبلت؟ قال: من الفج العميق. قيل: فأين تريد؟ قال: البيت العتيق. قالوا: هل كان من مطر؟ قال: نعم، حتى عفى الأثر وأنضر (7) الشجر، ودهدى (8) الحجر.
إن هذه النصوص وما يشبهها تصدع بأنهم كانوا يستحسنون السجع ويفضلونه على ما سواه، لما فيه من مزايا لا توجد في غيره، فقد "قيل لعبد الصمد بن المفضل بن عيسى الرقاشي لم تؤثر السجع على المنثور وتلزم نفسك القوافي وإقامة الوزن؟
قال: إن كلامي لو كنت لا آمل فيه إلا سماع الشاهد لقل خلافي عليك ولكني أريد الغائب والحاضر والراهن والغابر، فالحفظ إليه أسرع والآذان لسماعه أنشط وهو أحق بالتقييد وبقلة التفلت، وما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عشره ولا ضاع من الموزون عشره" (9).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المثل السائر 1/ 272.
(2) ينظر مثلاً: 1/ 284، 285، 286، 305 ...
(3) الشبر: قدر القامة.
(4) النجر: الطباع.
(5) الوشل: الماء القليل.
(6) الدقل: محركة أردأ أنواع التمر.
(7) أنضره: أي صيره وجعله ناضراً.
(8) يقال: دهديت الحجر ودهدهته: أي دحرجته وقذفته من أعلى إلى أسفل وهو تصوير لقوة السيل حتى جرف معه الحجر.
(9) البيان والتبيين 1/ 287.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 11:01 ص]ـ
قيل لآخر: وصلَّى ركعتين فأطال فيهما، وقد كان الأمير أمر بقتله: جزعت من الموت؟ فقال: إن أجزع فقد أرى كفنا منشورا، وسيفا مشهورا، قبرا محفورا"
البيان والتبيين 1/ 286(/)
دلالة اللفظ على أكثر من معنى.
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 06 - 2008, 08:50 ص]ـ
الجمع بين معنيين: أحدهما حقيقة والآخر مجاز في لفظ واحد، أو دلالة اللفظ في نفس السياق على أكثر من معنى، مسألة اختلف فيها أهل العلم، وقد اصطلحوا على تسميتها بـ: "عموم المجاز"، أو "عموم المشترك اللفظي"، وقد يصح إطلاق: "عموم المشترك" ليشمل المشترك اللفظي والمشترك المعنوي.
فمن صور الجمع بين الحقيقة والمجاز:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ)، ولا يتأتى ذلك إلا على على القول بأن: "من" حقيقة في ابتداء الغاية، مجاز في بقية معانيها، فتكون "من" في: "من طيبات": حقيقة في ابتداء الغاية، فابتداء غاية الإنفاق إنما يكون من المال المكتسب، مجازا، عند من يقول بالمجاز في "التبعيض"، فالواجب: إنفاق بعض هذا المال لا كله، كما دلت على ذلك نصوص مقادير الزكوات المشروعة، فصارت "من" دالة على أكثر من معنى في نفس الوقت، ولم يمتنع ذلك لعدم التعارض بل كلا المعنيين متمم للآخر.
ومنه قولك: اغتسلت من الجنابة: فإن "من": حقيقة في ابتداء الغاية، فهي سبب الغسل، والسبب ابتداء مُسَبَبِهِ، مجاز في السببية، فالجنابة سبب الغسل.
وفي قولك: ما معي من درهم: جمعت "من" بين ابتداء الغاية، فـ: ما معي من درهم فصاعدا، والتنصيص على عموم النفي.
ومن ذلك أيضا:
قوله تعالى: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)، إذ اجتمع لـ: "حتى" معنيان:
الغاية، فيكون تقدير الكلام: إلى أن تفيء.
والتعليل، فيكون تقدير الكلام: لكي تفيء، ولم يمتنع ذلك أيضا لأن كليهما متمم للآخر.
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ)، فاستعمل اللفظ "يسجد" في سياق واحد:
تارة بحقيقته اللغوية العامة التي تفيد الخضوع المطلق، وهو أمر تشترك فيه كل الكائنات، فكلها مقهورة بأمر الله، عز وجل، الكوني الذي لا تبديل له.
وتارة بحقيقته الاصطلاحية الخاصة، وهي: السجود المعهود بوضع الجبهة على الأرض في الصلاة أو خارجها، فهو يتفق مع السجود الأول في معنى الخضوع الكلي المشترك، ولكنه يمتاز عنه بهيئة مخصوصة جعلته نوعا من أنواع الخضوع، فكأن الخضوع: جنس تندرج تحته أنواع منها: الخضوع بالجبهة، فصارت دائرة الحقيقة الاصطلاحية أضيق، وهو أمر مطرد في كل الحقائق التي نقلها الشارع، عز وجل، من اللغة إلى الاصطلاح.
وفي قوله تعالى: (نسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)، لـ: "أنى" ثلاثة معان صح اجتماعها في هذا السياق:
فأنى تأتي بمعنى: "كيف" فيجوز للرجل الاستمتاع بأهله كيف شاء إلا أن يطأ في موضع أو زمن لا يحل له الوطأ فيه، ونفس السياق قد دل على ذلك ابتداء، فإن قرينة: "حرثكم": تدل على مقصود النكاح الأول: وهو ابتغاء الولد، ولا يكون ذلك إلا ببذر النطفة في أرض صالحة، فمن جامع في غير الموضع، أو بذر في زمن المانع، فإنه لا يصدق عليه أنه أتى حرثه، لأن المرأة في كلا الحالين ليست أرضا صالحة للحرث.
وتأتي بمعنى: "من أين"، فيجوز الإتيان من أي جهة، بنفس القيد السابق: قيد "حرثكم"، فيكون البذر في موضع الإنبات.
وتأتي بمعنى: "متى" فيجوز الاستمتاع في كل الأوقات إلا ما خصه الدليل من أوقات الأذى، والمعنى هنا، أيضا، مقيد بـ: "حرثكم"، فالمرأة، كما تقدم، ليست بأرض صالحة للبذر زمن الأذى، فإذا ارتفع الأذى حل الوطء وصار الرحم وعاء نقيا يقبل الحرث.
ومنه قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)
فإن من أجود ما قيل في تفسير هذه الآية قول القائل: "جعل" هنا شرعية في "الرأفة والرحمة"، كونية في "الرهبانية"، فقد أراد الله، عز وجل، منهم الرأفة والرحمة شرعا، ولم يرد منهم الرهبانية لما فيها من التنطع المفضي إلى الملل والسآمة وترك العبادة، فقضى بوقوعها كونا، وإن لم يرضها شرعا، فاستعملت "جعل" في السياق الواحد بمعنيين مختلفين يفصلان النزاع في مسألة الأمر الشرعي والأمر الكوني.
وفي حديث هرقل وُصِف ابن الناطور بأنه: صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، فكانت صحبته إيلياء: مجازية، عند من يقول بالمجاز، بمعنى الوِلاية، بكسر الواو، وصحبته هرقل: حقيقية بمعنى: "الوَلاية" بفتح الواو.
وفي قول أبي الطيب:
تعرض لي السحاب وقد قفلنا ******* فقلت إليك عني إن معي السحابا
فالأول: حقيقة، والثاني: مجاز في كثرة العطاء عند من يقول بالمجاز، وقد جمعهما سياق واحد، دلت فيه القرائن على المعنى المراد من كليهما.
وهكذا بتقليب اللفظ الواحد على أكثر من وجه تظهر معان ثانوية تزيد المعنى الأصلي قوة وبيانا، وهذا من لطائف لغة العرب.
والله أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[باهي]ــــــــ[28 - 06 - 2008, 05:59 م]ـ
وفقك الله على لطرحك الرائع، ومن المعلوم في أصول التفسير أن الآية واللفظ القرآني إذا
دلَ على معنيين ليس بينهما تعارض فإن الآية تدل عليهما.
ـ[حمد]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 01:50 م]ـ
فرصة،
أرجو أن تساعدني أخي مهاجر في توضيح معنى (مِن) هنا:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=35751
ـ[عاشق البيان]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 02:08 م]ـ
بار الله فيك يا أخ مهاجر على هذه المعلومات القيمة،
وهل كتبت رسالة جامعية عن المشترك اللفظي في القرآن على حد علمك؟
أرجو إبلاغي.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 03:08 م]ـ
وبارك فيك أيها الكريم.
ذكر أحد الفضلاء عندنا في إحدى المحاضرات أن أحد الباحثين في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة قد أعد رسالة علمية عن المشترك اللفظي في القرآن الكريم تحديدا، ولا يحضرني اسم الرسالة، ولكنه بالفعل موضوع جدير بالدراسة.
والله أعلى وأعلم.(/)
أبحث عن كتاب: الأمثال الكامنة في القرآن تأليف الحسن بن الفضل:: من يساعدني؟؟؟
ـ[الأخفشية]ــــــــ[19 - 06 - 2008, 11:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
من يسعفني بكتاب:
الأمثال الكامنة في القرآن تأليف الحسن بن الفضل
أقصد الكتاب الألكتروني على الشبكة الانترنيتية ..
فقد بحثت عنه في قوقل حتى سقط رأسي ...
أبحث عنه ولم أجده ...
ولكم دعواتي في ظهر الغيب ..
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[20 - 06 - 2008, 07:34 ص]ـ
لماذا هذا الكتاب حصرا:
(الأمثال الكامنة في القرآن، تأليف الحسن بن الفضل)!!؟
وهناك كتب كثيرة؛ لعلها أفضل منه ..
وثمة صفحات منشورة منه على الشبكة، إن أحببت
نقلتها لك ..
وعلى الرحب والسعة(/)
الاستعارة في اللغة العربية
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 03:06 م]ـ
- ذلك من سنن العرب. هي أن تستعير للشيء ما يليق به، ويضعوا الكلمة مستعارة له من موضع آخر. كقولهم في استعارة الأعضاء لما ليس من الحيوان: رأسُ الأمرِ، رأسُ المال، وجهُ النَّار، عين الماءِ، حاجِبُ الشَّمس، أنفُ الجبل، أنفُ الباب، لِسانُ النَّارِ، رِيقُ المُزْنِ، يَدُ الدَّهرِ، جَناحُ الطَّريقِ، كَبِدُ السَّماءِ، ساقُ الشَّجَرَةِ.
وكقولهم في التَّفرُّق: انْشَقَّتْ عَصاهُمْ، شالَت نَعامَتهم، مرُّوا بين سنع الأرض وبَصرِها، فَسا بينَهم الظِّربان.
وكقولهم في اشتداد الأمر: كَشَفَتِ الحَرْبُ عن ساقِها، أبدى الشَّرُّ عن ناجِذَيه، حَمِيَ الوَطيسُ، دارَتْ رحى الحَربُ.
وكقولهم في ذكر الآثار العُلويَّة:
افتَرَّ الصُبْحُ عن نواجِذَهُ،
ضَرَبَ بِعَموده،
سُلَّ سَيفُ الصُّبْحِ من غِمد الظَّلام،
نَعَرَ الصُّبحُ في قفا الليل،
باحَ الصُّبحُ بِسرِّهِ،
وهي نطاق الجوزاء،
انحَطَّ قِنْديلُ الثُرَيَّا،
ذّرَّ قرْن الشَّمس/ ارتَفع النَّهار، ترحَّلت الشَّمس، رَمَتِ الشَّمس بِجَمَرات الظَّهيرَةِ، بَقَلَ وجهُ النَّهار،
خَفَقَتْ راياتُ الظَّلام، نَوَّرت حدائِقُ الجوِّ، شابَ رأسُ الليل، لَبِسَت الشَّمس جِلبابها، قام خَطيب الرَّعد،
خَفَقَ قَلب البَرق، انحَلَّ عِقْدُ السَّماء،
وَهَى عِقد الأنداد، انْقَطَعَ شِريان الغَمام، تَنفَّسَ الرَّبيع، تَعَطَّرَ النَّسيمُ، تَبَرَّجَت الأرضُ، قَوِيَ سلطان الحرِّ، آنَ أن يَجيشَ مِرْجَلُهُ، ويثورَ قَسْطُلُه، انْحَسَرَ قِناع الصَّيف، جاشَت جُيوشُ الخَريفِ، حَلَّت الشَّمس الميزان، وعَدَل الزَّمان، دبَّت عَقاربُ البردِ، أقدمَ الشِّتاء بِكَلْكَلِه، شابَت مَفارِقُ الجِبالِ، يوم عبوسٌ قَمْطَرير، كشَّرَ عن نابِ الزَّمْهَرير.
وكقولهم في محاسن الكلام:
الأدَبُ غِذاءُ الرُّوح،
الشَّباب باكورَةُ الحَياةِ،
الشَّيب عنوان الموت،
النَّار فاكهة الشِّتاء،
العِيال سوسُ المال،
النَّبيذُ كيمْياء الفَرَح،
الوحدة قَبر الحيِّ،
الصَّبر مفْتاحُ الفَرَج،
الدَّين داء الكرم،
النَّمَّام جسرُ الشرِّ،
الإرجافُ زَندُ الفِتنةِ،
الشُّكرُ نسيمُ النَّعيم،
الرَّبيع شبابُ الزَّمان،
الولَدُ ريحانَةُ الروحِ،
الشَّمس قَطيفَةُ المساكين،
الطِّيب لسانُ المُروءة ....(/)
في الإشباع والتأكيد
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 03:10 م]ـ
- العرب تقول: عشّرَة وعَشَرَة فتلك عشرون كاملة. ومنه قوله تعالى: "فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ في الحجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِله". ومنه قوله تعالى: "ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ". وإنما ذكر الجناحين لأنَّ العَرَب قد تُسَمِّي الإسراع طَيَرانا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلَّما سَمِعَ هَيْعَةً طارَ إِلَيْها). وكذلك قال الله عزّ وجلّ: "يَقولونَ بِألْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ في قُلوبِهِم"، فذكر الألسنة لأنَّ الناس يقولون: قال في نفسه، وقلت في نفسي، وفي كتاب الله عزّ وجلّ: "ويَقولونَ في أنْفُسِهِم لولا يُعَذِّبُنا الله بِما نَقولُ" فاعلم أنَّ ذلك القول باللسان دون كلام النفس.
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 03:13 م]ـ
خصائص من كلام العرب
- للعرب كلام تَخُصُّ به معاني في الخير والشَّرِّ وفي الليل والنهار وغيرهما فمن تلك التتابع والتَّهافُت لا يكونان إلا في الشَّرِّ.
وهاج الفحل، والشَّر، والحرب، والفتنة. ولا يُقال: هاج، لِما يؤدي إلى الخير.
وظَلَّ يفعل كذا، إذا فعله نهارا، وبات يفعل كذا، إذا فعله ليلا.
والتَّأويب: سير النَّهار لا تَعْريج فيه.
والإسْئادُ: سيرُ الليل لا تَعريس فيه.
ومن ذلك قوله تعالى: "فَجَعَلْناهُمْ أحاديثَ" أي مَثَّلنا بهم، ولا يُقال: جُعِلوا أحاديثَ إلا في الشَّرِّ.
ومن ذلك: التأبين: لا يكون إلا مدحا للميت.
والمساعاة: لا تكون إلا للزنا بالإماء، دون الحرائر.
ويُقال نَفَشَتِ الغَنَمُ لَيلاً، وهَمَلَتْ نهاراً.
وخُفِضَتِ الجاريةُ، ولا يُقال: خُفِضَ الغُلام.
ولَقَمَهُ بِبَعْرَةٍ إذا رماه بها، ولا يُقال ذلك لغيرها(/)
خصائص من كلام العرب
ـ[أحلام]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 03:16 م]ـ
- للعرب كلام تَخُصُّ به معاني في الخير والشَّرِّ وفي الليل والنهار وغيرهما فمن تلك التتابع والتَّهافُت لا يكونان إلا في الشَّرِّ.
وهاج الفحل، والشَّر، والحرب، والفتنة. ولا يُقال: هاج، لِما يؤدي إلى الخير.
وظَلَّ يفعل كذا، إذا فعله نهارا، وبات يفعل كذا، إذا فعله ليلا.
والتَّأويب: سير النَّهار لا تَعْريج فيه.
والإسْئادُ: سيرُ الليل لا تَعريس فيه.
ومن ذلك قوله تعالى: "فَجَعَلْناهُمْ أحاديثَ" أي مَثَّلنا بهم، ولا يُقال: جُعِلوا أحاديثَ إلا في الشَّرِّ.
ومن ذلك: التأبين: لا يكون إلا مدحا للميت.
والمساعاة: لا تكون إلا للزنا بالإماء، دون الحرائر.
ويُقال نَفَشَتِ الغَنَمُ لَيلاً، وهَمَلَتْ نهاراً.
وخُفِضَتِ الجاريةُ، ولا يُقال: خُفِضَ الغُلام.
ولَقَمَهُ بِبَعْرَةٍ إذا رماه بها، ولا يُقال ذلك لغيرها
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 03:52 م]ـ
الأخت أحلام
افدتنا وأمتعتنا شكرا لك على هذه المعلومات الرائعة. وهذا جزء مما تفردت به اللغة العربي:
قال الأصمعي الجَوْن: الأسود والجَوْنُ: الأبيض والمشِيح: الجادّ والمشيح: الحذر والجَلَل: الشيء الصغير والجلَلَ: العظيم والصَّارِخ: المستغيث.
ـ[أبو ريان]ــــــــ[23 - 06 - 2008, 04:05 م]ـ
يفيد في ذلك المخصص لابن سيدة- فقه اللغة للثعالبي
ـ[أحلام]ــــــــ[23 - 06 - 2008, 10:33 م]ـ
الاساتذة الافاضل محمد سعد و أبو ريان:
شكرا للمرور الطيب
والله مانقلت ذلك إلا من غيرتي وحبي اللغة العربية
فأحببت أن يشاركني هذه المحبة من يتذوق هذه اللغة الحّية بحياة أهلها
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 01:45 م]ـ
الأخت أحلام
افدتنا وأمتعتنا شكرا لك على هذه المعلومات الرائعة. وهذا جزء مما تفردت به اللغة العربي:
قال الأصمعي الجَوْن: الأسود والجَوْنُ: الأبيض والمشِيح: الجادّ والمشيح: الحذر والجَلَل: الشيء الصغير والجلَلَ: العظيم والصَّارِخ: المستغيث.
هذا ما يطلق عليه مصطلح الأضداد، بحيث أن الكلمة تحمل المعنى وعكسه، وأمثلته في لغتنا العربية كثيرة، وقد أفردت له مؤلفات خاصة به.
ـ[بو صقر]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 08:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الأنبياء والمرسلين السلام عليك ورحمة الله وبركاته شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية أعتذر على إنطاعي عنكم وذلك لظروفي , ولكن عندما قرأت رسلتكم في بريدي الالكتروني أخذنتي الحمية وآليت على نفسي رغم مشاغلي وراتباطاتي أن أدخل على الموقع وأرد على الرسالة التي يعلم الله أني تأثرت عندما فرأتها , فأشكركم من صميم قلبي على الرسالة , واعذروني على الإطالة سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 10:27 ص]ـ
أحسنت الأخت أحلام، ولكن أتحفظ على: لقمه ببعرة ولا تستخدم لغيرها، إذ يقول الشاعر:
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا ... لكانت الصخر مثقالا بدينار(/)
ساعدوني في الايجاز والاطناب
ـ[المهاج]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 04:53 م]ـ
تكفون ساعدون يأهل الفصاحة في الايجاز والاطناب وهل في طريقة مختصرة كي نفرق بين الايجاز والاطناب
بحيث
1:التفصيل بعد الاجمال
2:الاعتراض
3: ذكر العام بعد الخاص
4:ذكر الخاص بعد العام
ـ[ابراهيم ليلة]ــــــــ[22 - 06 - 2008, 07:24 م]ـ
الايجاز: هو عرض المعاني الكثيرة في الفاظ قليلة مع الابانة والافصاح ليسهل تعلقها بالذهن وتذكرها عند الحاجة إليها في المناسبات المختلفة
مثل: ولكم في القصاص حياة
والاطناب: هو عرض المعني في عبارة زائدة بحيث تحقق هذة الزيادة فائدة
مثل قول علي ابن أبي طالب: الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليئه وهو درع الله الحصينة00000
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 06 - 2008, 09:20 ص]ـ
والصور الأربعة التي ذكرتها من صور الإطناب فمن أمثلة:
التفصيل بعد الاجمال: حديث: "الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ".
فذكر أسباب الشفاء إجمالا ثم فصلها بـ: شربة العسل وشرطة المحجم وكية النار.
وقوله تعالى: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ)، فـ: الأنعام والبنون تفصيل لإجمال: "ما تعلمون".
*****
ومن أمثلة الاعتراض:
قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ)، فـ: "سبحانه": تنزيه اعتراضي.
وقول الشاعر: إن الثمانين وبلغتها ******* قد أحوجت سمعي إلى ترجمان.
فجملة: "وبلغتها": دعائية اعتراضية.
*****
ومن أمثلة ذكر العام بعد الخاص: قوله تعالى: (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ)، فذكر العام: "النبيون" بعد ذكر أنبياء بعينهم، فخص تنويها بذكر المخصوص ثم عم إشارة إلى وجوب الإيمان بكل ما جاء من عند الله عز وجل.
ومنه أيضا:
قوله تعالى: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا)، فذكر العام: "للمؤمنين" بعد خصوص نفسه ووالديه ومن دخل بيته مؤمنا، إشعارا بتعليق المغفرة على سبب الإيمان الذي اشتق منه وصف "المؤمنون"، فيكون الإيمان علة المغفرة.
*****
ومن أمثلة ذكر الخاص بعد العام: قوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)، فعم ابتداء بذكر الملائكة، ثم خص: جبرائيل وميكائيل، عليهما السلام، بالذكر، تنويها بشرفهما، فالأول موكل بالوحي الذي به حياة الأرواح، والثاني موكل بالقطر الذي به حياة الأبدان.
وبإمكانك تتبع الأمثلة الشبيهة بالمذكورات لتجمع حصيلة كبيرة تسهل عليك، إن شاء الله، ضبط هذه الكليات.
والله أعلى وأعلم.
ـ[عين الحياة]ــــــــ[26 - 06 - 2008, 07:35 م]ـ
روعة
ـ[العجيب10]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 05:05 م]ـ
أحسنت يأخي على البيان الرائع وأنصح الأخ بقتناء كتاب البلاغة العربية لدكتوروليد قصاب فقد جمع بين الإيضاح وسهولة العبارة وبساطة العرض(/)
من مُعجِز البلاغة
ـ[محمد سعد]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 10:12 م]ـ
من معجز المبالغة قول الله عز وجل: " سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار " فجعل من يسر القول كمن يجهر به، والمستخفي بالليل كالسارب بالنهار، وكل واحد منهما أشد مبالغة في معناه وأتم صفة.(/)
ما الفرق بين قولنا (هذا لي دونك) وبين (هذا لي مِن دونك)؟
ـ[حمد]ــــــــ[24 - 06 - 2008, 06:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
كيف حالكم يا إخوتي:
ما الفرق بين قولنا (هذا لي دونك) وبين (هذا لي مِن دونك)؟
أقصد ما معنى (مِن) هنا وماذا أفادت؟
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 04:25 م]ـ
الجملة الاولى تدل على أنك فضلت شيئا على شيء أي أن الكاف في دونك تعود على شيء مطروح كخيار وأنت لم تختره
أما في الجملة الثانية
فأنت أخذت هذا الشيء دون أن يحصل عليه الآخر أي أن الكاف تعود على من يستطيع مزاحمتك على هذا الشيء الذي أخذته انت أي أنه ليس مطروح كخيار بل كند لك
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 05:04 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أخي بحر الرمل
هل هذا الشيء مطروح كخيار أو مطروح خيارا حقيقيا
وهل هو كند أم ند حقيقي
قلبت هذه الكاف فلم أجد لها مكانا في المعنى
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 05:39 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أخي بحر الرمل
هل هذا الشيء مطروح كخيار أو مطروح خيارا حقيقيا
وهل هو كند أم ند حقيقي
قلبت هذه الكاف فلم أجد لها مكانا في المعنى
لا أدري على أية كاف تعلق ولكن الذي فهمته أنك تعلق على الكاف في ردي على موضوع الأخ حين قلت: كـ (خيار)
يجوز ذكرها ويجوز عدمه يقول تعالى:
ليس كمثله شيء
اتفق النحويون على أن الكاف زائدة إذ أن إثباتها كحرف أصلي يقتضي معنى يقود إلى الكفر
فالكاف الأصلية تفيد التشبيه والمثلية فإذا أثبت مثل المثل لله تعالى فأنت تثبت المثل وهذا كفر بين والعياذ بالله
ففساد المعنى هنا قاد إلى اعتبار الكاف زائدة
ويمكنك قياس الكاف في كلامي على هذه الكاف في الآية
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[30 - 06 - 2008, 07:54 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم هنا ستجد الكلام على الآية الكريمة ( http://www.alhawali.org/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=4459)
أما استعمالك لها في هذا الموقف ليس كما ورد في القرآن
فالعمدة على ما بعد الكاف
ففي الآية ما بعد الكاف معدوم الوجود إذا كان المقصود بالمثل حقيقة الكلمة
أو أن الكاف ليست زائدة باعتبار معنى المثل الذات أو الصفة فيصبح المعنى (ليس كذات الله شيء) سبحانه وكما يقال (مثلك لا يجبن عند اللقاء) أي أنت
لذا ليس كل النحاة يقدرونها زائدة
وفي كلامك ما بعد الكاف وجوده حقيقي والأصل عدم وجود الكاف
ثم إن هذا الأسلوب لا يسير على سنن العرب في كلامها بل على سنن العجم فهي المقابل في الترجمة لكلمة as في الإنجليزية.
والله أعلى وأعلم
ـ[حمد]ــــــــ[01 - 07 - 2008, 05:34 ص]ـ
سؤالي بارك الله فيكم عن (مِن)؟
ما معناها هنا
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[01 - 07 - 2008, 10:51 ص]ـ
:::
عندما لا يتغير المعنى بـ (مِن)
فإنها تكون زائدة للتوكيد ... !
قولنا (هذا لي دونك)
يعني: هذا لي وحدي دون أن تشاركني فيه
وقولنا (هذا لي مِن دونك)
يعني: هذا لي وحدي من دون أن تشاركني فيه
أي أن (مِن) لا تغير المعنى، وأنها زائدة للتوكيد!
والله أعلم،
منذر أبو هواش
:)
ـ[حمد]ــــــــ[01 - 07 - 2008, 01:58 م]ـ
بارك الله فيك أخي منذر.
لكن الإشكال، هو:
لِمَ أُكِّد بهذا الحرف بالذات؟
لا بدّ من بيان سبب التوكيد به دون غيره.
القاموس المحيط ج1/ص1594
و (من) بالكسر لابتداء الغاية غالباً وسائر معانيها راجعة إليه.
وهذا ما أحتاج إلى توضيحه في المثال
ـ[منذر أبو هواش]ــــــــ[01 - 07 - 2008, 03:25 م]ـ
:::
هذا الكتاب لي من دونك
أخي حمد،
أكد بإدخال (مِن) بالذات ليؤكد أنه هو صاحب الكتاب بدلا مِن مخاطبه، وليُضمِّن ملكية المتكلم معنى البدل مِن ملكية غيره.
والله أعلم،
منذر أبو هواش
:)
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 03:01 م]ـ
سألت أحد الفضلاء عندنا عن هذا المثال فقال لي ما ملحصه:
أن هذا لي دونك: مشعر باستحقاقي لهذا الشيء ابتداء فقد حصلت عليه بلا أدنى استحقاق أو منافسة منك.
بينما في: هذا لي من دونك: مشعر بنوع استحقاق ومنافسة منك، فكأنني انتزعته منك انتزاعا، فتكون: "من" مزيدة لتوكيد هذا المعنى، كما قال الأستاذ منذر حفظه الله وسدده.
والله أعلى وأعلم.
ـ[حمد]ــــــــ[02 - 07 - 2008, 03:35 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا إخوة
عندي توجيه ظهر لي. وأسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا.
(دون) هنا بمعنى أقرب.
فيمكن حمل (مِن) هنا على أنها لابتداء الغاية جيء بها للتوكيد.
فلو قلتُ: هذا الكتاب لي دونك. أي: أنه أقرب لي منك.
ولو زدتُ (مِن)، فقلت: هذا الكتاب لي من دونك.
لأفدتُ بأنّ الكتاب لي من غير أن يكون لك حق فيه يوما ما، بل أتى من مكان أقرب إليّ منك.
فلم تجتمع أنت والكتاب.
الله أعلم.
----------
tipello.net - i am not referring you, i just DO recommend it.
----------
tipello.net - i am not referring you, i just DO recommend it.(/)