ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 10:32 ص]ـ
". "
من معاني وصفات؟!
فليس مطلوب منه!!!!!
[]
أفضل أن تدرسوا قليلا في قواعد اللغة العربية قبل أن تفسروا هذه التفسيرات الغريبة
فما وضعته من كلامك بالأحمر خطأ لا يرتكبه إبن الرابع الإبتدائي
ـ[صوت الحق]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 12:27 م]ـ
ممتاز يا جمال ما هذا!! رائع!! الله يعينك على المتابعة الإملائية والقواعدية
تبع لما سأكتبه الآن وانسخ بعدها!
الأخ الفاضل جمال ..
بالإضافة إلى ما ذكرته - حفظك الله - من تطابق اسم الجبل حيث اكتُشفت السفينة مع اسمه في القرآن ..
أراك تتخبط بالإجابات فلو وضحت لنا رأيك منذ البداية أنك لست مع ما جاء به جمال لكن أفضل
أما عن أسئلتك و"انتقادك" فأرى أنك لم تقرأ ما جاء في دراسة الشيخ صلاح الدين!
أضع بين أيديكم آيات من سورة الإسراء لعلها تشجعكم على قراءة الموضوع
{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} ..
{وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل} ..
{ذرية من حملنا مع نوح}.
http://www.alassrar.com/sub.asp?pag...d=studies&id=57
اللهم هذا مبلغنا من العلم, فاغفر لنا خطأنا وزلتنا.
ـ[صوت الحق]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 01:49 م]ـ
ممتاز يا جمال ما هذا!! رائع!! الله يعينك على المتابعة الإملائية والقواعدية
تبع لما سأكتبه الآن وانسخ بعدها!
لكن أفضل
.
تأخرت يا جمال فخسرت نقطة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 01:53 م]ـ
كلام لا يفهم--لا أدري كيف يدرسّون العربية هذه الأيام---والله عيب أن يتسور ناس سور التفسير وهم لا يعرفون تركيب جملة مفهومة
ـ[محمد الحديثي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 06:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هذا؟
لماذا لا يتقون الله سبحانه وتعالى من يتناجشون في هذا المنتدى؟
عربي أعيش في غربة قد حسبت لوهلة أن في هذا المنتدى ضالتي
تصورت أني سأجد علوما دينية ولغوية
وجدت منها لكي لا أظلم المشاركين
ولكن أحزنني التناجش والتنابذ والكلام الرخيص
وقروا العلم والعلماء وإحرصوا على طيب الكلام هداكم الله
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 09:41 م]ـ
الأخ محمد الحديثي
أعجبني كلامك--فيا ليت أهلي يعلمون
ـ[صوت الحق]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 04:04 م]ـ
إذن فراجع نفسك وراجع الصورة فأنت بذلك تُنقص من الحكمة التي أرادها الله العليم الحكيم فأين الصفات التي أرادها الله بصوركم التي نقلتموها لنا لِ "الجودي" فبنقلكم هذا توحون لنا أنه لو سمي "الجبل القاحل" لاكتملت الحكمة الإلهية تعالى الله عما تنقلون علواً كبيرا
"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"
فالجودي بأل التعريف عند علماء اللغة للعهد, أي للقصد بالعين, فهي تعني جوديا معينا, لا أي جودى بالإطلاق.
وهي في جذرها من "الجود", وهي بذاتها من الكرم والعطاء والبركة.
فلنعد مرة أخرى إلى "موسوعتنا" المباركة -القرآن- ولنبحث عن بقعة "جواد" معطاء, أين نجدها؟
http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=study1&field=studies&id=57
اللهم هذا مبلغنا من العلم, فاغفر لنا خطأنا وزلتنا
أخي تهامي أين أنت؟!
كنت قد سألتك برد سابق وأعيد السؤال
أين الصفات التي أرادها الله بصور جمال التي نقلها لنا لِ "الجودي"؟!
ألا ترى معي أنه كان من الأفضل حسب هذه الصور أن يكون اسم الجبل "القاحل"!!!!!
تعالى الله عما تنقل علواً كبيراً
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 07:56 م]ـ
الكلام بأنّ الجودي هو جبل الطور لا يصمد أمام المكتشفات العلمية على جبل الجودي الحقيقي--فقد اكتشفت السفينة هناك--وصور الجبل من حيث المزروعات لا تنبىء بأنّه قاحل --ففيه خضرة ولكن ليس فيه زيتون--وليس هناك ما يدل على أنّ الجبل المذكور في القرآن يجب أن يكون مليئا بالزيتون--ولو فرضنا أنّ الجودي من الجود وهذا بعيد فقد يجود بما في داخله من معادن
ففكروا ولا تتحجروا يرحمكم الله
ـ[صوت الحق]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 01:25 ص]ـ
إذن أخرج لي شجرة واحدة من الصور التي نقلتها إلا أن لا تكون قد رأيت الصور بعد!!!!!!!
فلا يوجد من خلال الصور ما قصده الله العليم الحكيم ب"الجودي" فلا تكابر عليها بما عندك من ضلالات لأنك بذلك تكون قد انتقصت من الحكمة التي أرادها الله!
كلمة الله "الجودي" فلا تقنع نفسك لأن ما نقلته لنا عبارة عن جبل "قاحل" لا زرع فيه
بانتظار التهامي إلا أن تكون قد اقتنعت أن هذا ليس ولا بأي حال "الجودي" الذي قصده الله الحكيم
تعالى الله عما تنقل علواً كبيرا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 05:36 ص]ـ
[ QUOTE= صوت الحق] فلا يوجد من خلال الصور ما قصده الله العليم الحكيم ب"الجودي" فلا تكابر عليها بما عندك من ضلالات / QUOTE]
الله يعلم أين تكون الضلالات والجهالات والمكابرات---دعونا منكم فقد مللنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو ورد]ــــــــ[01 - 05 - 2006, 01:58 م]ـ
يسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أجمعين،
أرجو أن أكون ضيفا خفيف الظل عليكم جميعا وأن أكون سببا بإذن الله تعالى على تبيان ولو جزء بسيط من القضية المطروحة، وخصوصا أنها من القضايا التي لا يزداد المرء بمعرفة تفاصيلها إيمانا وإنما تنصب الفائدة في العبرة من القصة، ولنبتعد عن النقاش (البيزنطي) ولنحكم ديننا فيما اختلفنا فيه، وليكن شعارنا في كل حواراتنا قول الرسول الأغر (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وزعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وزعيم بيت بأعلى الجنة لمن حسن خلقه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فأضع بين أيديكم بحثا لأحد الباحثين نحسبه على خير ولا نزكي على الله أحد، وفي نهاية الأمر كما قلت لا يعني هذا أنه الفصل، فهو اجتهاد قد يخطئ و قد يصيب، فإن أخطأ فمن النفس و الشيطان و إن أصاب فمن توفيق الرحمن، ولن يفسد الاختلاف في مثل هذه القضية الود فيما بيننا.
ثم تقبلوا فائق الاحترام،،،
أخوكم أبو ورد.
البحث:-
للباحث السوري: مختار فوزي النعال
الجودي الجبل الذي استقرت عليه سفينة نوح في القرآن الكريم
والكتب المقدسة وكتب التاريخ
ذكر الإخباريون والرواة حكايات مختلفة متباينة عن الطوفان ومدته، وعن سفينة نوح (، وما حُمل فيها من الناجين ومكان رُسوّها ... وقد شاب هذه الحكايات كثير من المبالغات والأقاويل التي لا تقوم على سند صحيح، حتى كان بعضها ضرباً من الأساطير، كما قيل في قصة السباع والطير والوحش والبهائم التي حملها نوح معه في السفينة، وتعلّقِ الشيطان بذنب الحمار، وقصة الحية والعقرب، والفأر التي قرضت حبال السفينة، وسواها (1) ...
غير أن رجال الدين وعلماء الجغرافية لم يختلفوا في وقوع الطوفان، ولا في مكانه الذي استوت عليه سفينة نوح (، وإن كان هناك خلاف في تسمية هذا المكان، فقد قيل: هو جبل بالجزيرة قرب الموصل، وقيل: إنه بآمِد ـ ديار بكر ـ وقيل: هو جبل يقع في جنوب أرمينية، وقيل: هو جبل مطلّ على جزيرة ابن عُمر، في الجانب الشرقي من نهر دجلة (2). فجميع هذه المسميات هي لمكان واحد تعاورته أسماء جمّة، فآمِد في الجزيرة جنوب أرمينية وقرب الموصل، وجزيرة ابن عمر قرب الموصل جنوب أرمينية، يطل عليها جبل آرارات.
وقد أيدت الكتب المقدسة وعلماء الجغرافية قصة الطوفان ووقوعه، كما حدد بعضهم مكان رسو السفينة، فالطوفان حادثة كونية كبرى شملت أنحاء المعمورة في رأي المفسرين وعند أهل الكتاب، ويؤيد هذا الرأيَ ما عثر عليه الجيولوجيون من المستحاثات والأحافيز، فقد عثروا على أصداف وأسماك متحجرة في أعالي الجبال، وهي لا تكون عادةً إلا في البحار.
والذي انعقد عليه الرأي: أن الطوفان كان شاملاً لقوم نوح الذين لم يكن في الأرض غيرهم يومذاك. فقد كانوا مُقيمين في منطقة الشرق الأوسط، أما في سائر أجزاء الكرة الأرضية، فليس ثمة نص قاطع ـ لا في القرآن الكريم، ولا في سواه ـ يشير إلى تغطية الأرض جميعها بالمياه.
يقول عبد الوهاب النجار: (ليس في هذه المسألة نص قاطع في القرآن، والذي أميل إليه أن يكون الطوفان خاصة، وأن النوع الإنساني لم يكن منتشراً في جميع أنحاء الكرة الأرضية) (3).
ذكر الطوفان في القرآن الكريم بلفظه صراحة مرة واحدة وذلك في قوله تعالى: (ولقد أرسلْنا نوحاً إلى قومه فلبِثَ فيهم ألفَ سنةٍ إلاَّ خمسين عاماً، فأخذهم الطوفانُ وهم ظالمون (العنكبوت /14. وأشير إليه بغير لفظة في سورة القمر بقوله تعالى:
(ففَتْحنا أبوابَ السماءِ بماءٍ منهمرٍ، وفجّرنا الأرضَ عيوناً، فالتقى الماءً على أمر قد قُدِر (القمر /11 ت 12. أما "قصة الطوفان" فقد جاءت موسعة في سورة هود وذلك في قوله تعالى، بعد الكلام على نوحٍ وصُنعه للسفينة: (حتى إذا فارَ التنُّور قلنا احمِلْ فيها من كلّ زوجِيْنِ اثنَيْنِ وأَهْلَكَ، إلاَّ مَن سَبقَ عليه القولُ ومَن آمَنَ، وما آمنَ معه إلاَّ قليل، وقال اركبوا فيها باسم الله مَجراها ومُرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيم* هي تَجري بهم في موجٍ كالجبال، ونادى نوحٌ ابنَه، وكان في مَعزِلٍ يا بنيَّ اركبْ معَنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا تكن من الكافرين* قال سآوي إلى جبلٍ يَعصمني من الماء، قال لا عاصمَ اليومَ من أمرِ اللهِ إلاَّ مَن رَحِمَ. وحالَ بينهما الموجُ فكان من المُغرَقين* وقيل يا أرضُ ابلَعي ماءكِ ويا سماءُ اقلِعي. وغِيضَ الماءُ وقُضي الأمرُ واستَوتْ على الجُودِيّ، وقيلَ بُعداً للقوم الظالمين (هود / الآيات 40 ـ 44.
فهذه الآيات تفصّل القول في قصة "الطوفان" دون أن تسميه، كما تشير الآيات الأخيرة إلى أن السفينة استقرّت على "الجودي" .. هكذا أطلق القرآن الكريم اسم "الجودي" على هذا الجبل التي استوت عليه سفينة نوح ... وفي اسم هذا الجبل أقوال تختلف لفظاً باختلاف الأمم التي تعاقبت عليه، وأطلقت كل أمة عليه اسماً وفق لغتها، لكن جميع هذه الأسماء حدّدت له مكاناً مخصوصاً معلوماًن نذكر منها ما جاء في الكتاب المقدس: (وكان الطوفان أربعين يوماً على الأرض، وأَجاءَ اللهُ ريحاً على الأرض، فهدأت المياه وانسدّت ينابيع الغّمْر، ورجعت المياه عن الأرض واستقرّ الفُلك على أراراط (التكوين /7 ـ 8.
وآراراط هذا لفظ عِبريّ مأخوذ من أصل أكادي (أورارطو) أُطلق على منطقة جبلية في آسية، وهي أعلى مكان في هضبة أرمينية، وعلى أحد هذه الجبال استقرّ فُلك نوح، وقمة هذا الجبل يطلق عليها "أرارات"، واسمها في التركية "اغري داغ" (4)، ويقول ابن الأثير: ( ... انتهت السفينة إلى الجودي، وهو جبل بناحية "قردي" (5) قرب الموصل) (6)، فالجودي جبل في "أرارات" يقع شمال العراق، ولفظ "أرارات" في النصوص الآشورية جاء بصيغة "أورارتو"، ولفظ الجودي في اللغة البابلية والكلدانية من "جدا ـ جوديا" أي علا وشب وارتفع. قال ياقوت الحموي: " ... واستقرّت السفينة على الجودي ... فلما جفّت الأرض خرج نوح ومن معه من السفينة وبنى مسجداً ومذبحاً لله تعالى وقرّب قرباناً، هذا لفظ تعريب التوراة حرفاً حرفاً، ومسجد نوح (موجود إلى الآن، بالجوديّ) (7).وجاء في دائرة المعارف الإسلامية ( ... الجُوديّ جبل شامخ في الشمال الشرقي لجزيرة ابن عُمر، وترجع شهرة هذا الجبل إلى استواء سفينة نوح عليه، وجاء في الكتاب المقدس: أن الفُلك استقر على جبل أرارات، هذا الجبل يعرف بـ (ماسيس) في أرمينيا، وتذهب بعض التفاسير الدينية إلى أن الجبل المعروف بجبل الجودي هو بالأرمينية "كردخ" كما تقول المصادر النصرانية، وهو المكان الذي استقر عليه فُلك نوح) (8).
وجاء في الصفحة 691 من المجلد الأول للموسوعة الأرمنية: "إن لأرارات ثلاثة أسماء هي: الجودي، قردى، أرارات". وقال القرطبي: (الجودي: اسم لكل جبل ... ويقال إنّ الجُوديّ من جبال الجنة، فلهذا استوت عليه [السفينة]، ويقال: أكرم الله ثلاثة جبال بثلاثة نفر: الجوديّ بنوح، وطُور سِيناء بموسى، وحراء بمحمدٍ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) (9).
وقال الفيروز أبادي: "الجوديّ جبل بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح (" (10)). كما وردت قصة الطوفان لدى البابليين في ملحمة "جلجامش". وجاءت قصة الطوفان في التوراة: "إن عدداً من البشر ازدادوا فكثرت شرورهم وآثامهم فعزم الرب على محو الجنس البشري وأمر نوحاً أن يصنع سفينة ضخمة يُدخِل فيها من كل زوجين اثنين، أهله وزوجاته وأبناءه ثم كان الطوفان". وقال الحميري: (جبل الجودي بالجزيرة وهو قبل "قردي" وحدّث من رآه أنه ثلاثة أجبل بعضها فوق بعض .... وهناك بيعتان للنصارى ومسجد للمسلمين ... وفي أسفل هذا الجبل مدينة "ثمانين") (11).
وذهب الأخباريون والمؤرخون ورجال التاريخ القدامى مذهباً بعيداً، فيه شيء من التمحل والتعسف، فذكروا في تاريخ ركون نوح ومن معه من الناجين في السفينة وفي تاريخ استوائها ورسوّها على الجودي أقوالاً لا يُطمأن إليها، فقالوا: كان ركوب نوح ومن معه في السفينة لعشر خلون من رجب، وكان خروجهم منها بعد استوائها على الجودي في العاشر من شهر المحرم أي في عاشوراء، فالشهور العربية في الجاهلية كانت شهوراً منسوبة إلى عاد أو إلى ثمود، وكانت بأسماء أخرى غير هذه الأسماء المعروفة اليوم، فضلاً عن النسيء الذي كانوا يؤرخون به شهراً ويقدمون شهراً آخر ..
نخلص من هذه الأقوال إلى النتائج التالية:
ـ الطوفان حادثة كونية وقعت في زمن نوح (أيدتها الكتب الدينية المقدسة، ورجال العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ الطوفان كان خاصاً بقوم نوح، لأنّ النوع البشري لم يكن منتشراً في الكرة الأرضية.
ـ في مكان استواء السفينة ورسوّها تذكر عدة أسماء هي: آراراط، قردي، اغرى داغ، كردخ، ماسيس، الجودي ...
وجميع هذه الأسماء اسم لمكان واحد بعينه استوت عليه سفينة نوح ثم نزل منها هو ومن معه فبنوا حيث نزلوا قرية سماها نوح "ثمانين" بعدد الأشخاص الناجين من الغرق، وبنى مسجداً لا تزال آثاره باقية. وقد ذكرت وكالات الأنباء العالمية إن إحدى طائرات التجسس الأمريكية اكتشفت بقايا سفينة قديمة فوق جبل أرارات قيل إنها سفينة نوح، ولا تزال هذه البقايا موجودة عليه ومتحجرة.
ـ لم يذكر القرآن الكريم مكان الجودي (12)، لأن العبرة ليست في المكان وإنما فيما آلت إليه قصة الطوفان وأسبابه، وما آل إليه مصير الكافرين حيث تمت كلمة الله وقيل بعداً للقوم الظالمين.
ثبت المصادر والمراجع:
1) الجامع لحكام القرآن: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ـ دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ـ القاهرة.
2) حياة الحيوان الكبرى ـ كمال الدين بن محمد الدميري ـ دار التحرير للطباعة والنشر ـ القاهرة.
3) دائرة المعارف الإسلامية ـ لفيف من المستشرقين ـ مركز الشارقة للإبداع الفكري.
4) الروض المعطار في خبر الأقطار ـ محمد عبد المنعم الحميري ـ مكتبة لبنان الطبعة الثانية 1984م.
5) قاموس الكتاب المقدس ـ بطرس عبد الملك وزميلاه ـ منشورات مكتبة المشعل، بيروت 1981م.
6) القاموس المحيط ـ مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الأولى ـ القاهرة 1986 م.
7) قصص القرآن ـ عبد الوهاب النجّار ـ مكتبة وهبة ـ الطبعة الثالثة ـ القاهرة. 0د. ت)
8) الكامل في التاريخ ـ محمد بن محمد بن عبد الكريم، المعروف بابن الأثير ـ نشر وتوزيع دار صادر ـ بيروت.
9) معجم البلدان ـ ياقوت بن عبد الله الحموي ـ دار صادر ودار بيروت للطباعة والنشر ـ بيروت 1955 ـ 1957م.
الحواشي:
(1) حياة الحيوان الكبرى لكمال الدين محمد الدميري ج2 مادة "السنور" وينظر الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزء الأول ص 71.
(2) يقول ياقوت في معجم البلدان الجزء الأول ص 138: ((جزيرة ابن عُمر فوق الموصل، يحيط بها نهر دجلة)).
(3) قصص الأنبياء لعبد الوهاب نجار، ص: 36.
(4) قاموس الكتاب المقدس مادة (ارارات) ص 42.
(5) يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان الجزء الرابع، مادة (قردي): "قردي قرية قريبة من جبل الجودي وعندها رست سفينة نوح (".
(6) الكامل في التاريخ الجزء 1 ص 73.
(7) معجم البلدان لياقوت الحموي "الجودي" الجزء 2 ص 179.
(8) دائرة المعارف الإسلامية، مركز الشارقة للإبداع الفكري: "الجودي".
(9) الجامع لأحكام القرآن ج9 ص 42 عند الآية 44 من سورة هود.
(10) القاموس المحيط، للفيروز أبادي، مادة (جود) [وزارة الزبيدي في التاج بعد قول الفيروز أبادي "بالجزيرة": "قرب الموصل. وقيل: بالشآم، وقيل: بالهند" ـ هيئة التحرير].
(11) الروض المعطار في خبر الأقطار ص 181 مادة (الجودي).
(12) قال العلامة محمود محمد شاكر في تقديمه للكتاب "جمهرة نسب قريش" للزبير بن بكار ص52 عن ط الجودي":" قالوا: جبلٌ بالجزيرة، استوت عليه سفينة نوح، ولا أقطع القول في أي جبل هو؟ فإنهم ذكروا أن "الجودي" أيضاً جبل آخر بأجأ، أحدِ جبلَيْ طيّء. وقيل أيضاً: إن الجودي اسم لكل جبل. وقيل: الجودي هو جبل الطور. وكل ما لم يأت فيه بيانٌ فصلٌ في كتاب الله، فهو من الحقائق التي لا تُدرك إلاَّ بخبرٍ عن رسول الله (، وهو الذي جعل اله إليه بيان القرآن، فإنْ لم يأت "البيانُ عنه، فالتوقف فيه واجب، أيّ الجبال التي ذكروها هو؟. اهـ. [هيئة التحرير].
المصدر:
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-العدد 97 - السنة الرابعة والعشرون - آذار 2005 - آذار 1425
__________________
د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري
كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد
am33s************* [/mark]
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 05 - 2006, 02:17 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
نرحّب بالأخ الكريم أبي ورد ..
ونشكره على هذا النقل الموفّق إن شاء الله ..
ونسأل الله له التوفيق والسداد في القول والعمل ..(/)
صور لسفينة نوح على جبل الجودي
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 05:30 ص]ـ
نظرا لأن الموضوع الأصلي له عنوان فيه الآية غير كاملة فإنني أنقله هنا كاملا عسى أن يقوم المشرف بحذفه هناك مبقيا على هذا
واستوت على الجودي ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7872)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 06:36 ص]ـ
في قوله نعالى
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
قوله تعالى (وَغِيضَ المَاءُ) يعني لغة نقص وقل---إلا أنّه لا يصلح استبدال نقص بغيض
لماذا؟ ---لأن النقص يكون مع بقاء الأصل وبغير بقاء الأصل---ولكن الغيض نقص بانتهاء الأصل--
فالغيض نقص فنضوب وهنا تكمن دقة الألفاظ بحيث لا تستبدل لفظة بأخرى.
جاء في لسان العرب (نقَص أَو غارَ فذهبَ، وفي الصحاح: قَلَّ فنضَب)
ما رأي الأخوة؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 02:31 م]ـ
قال الرحالة إبن بطوطة
(ثم رحلنا من الموصل ونزلنا قرية تعرف بعين الرصد وهي على نهر عليه جسر مبني وبها خان كبير. ثم رحلنا ونزلنا قرية تعرف بالمويلحة ثم رحلنا منها ونزلنا جزيرة ابن عمر وهي مدينة كبيرة حسنة محيط بها الوادي ولذلك سميت جزيرة وأكثرها خراب ولها سوق حسنة ومسجد عتيق مبني بالحجارة محكم العمل وسورها مبني بالحجارة أيضاً وأهلها فضلاء لهم محبة في الغرباء ويوم نزلنا بها رأينا جبل الجودي المذكور في كتاب الله عز وجل الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام وهو جبل عال مستطيل)
والذي يظهر أن مكتشفي السفينة قد استضاءوا بمثل هذه الكتابات
ـ[أمين هشام]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 06:29 م]ـ
كنا في القرطبي والطبري صرنا بابن بطوطة!!!!!!!!!!
متى يجيء سندباد؟؟.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 07:09 م]ـ
العلم في العالَمِ مبثوث ----- ونحوَه العاقلُ محثوث
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 08:28 م]ـ
الجبل موجود ويعرفه الناس وفيه جامع سيدنا نوح ولقد ذكره عظام المؤرخين كإبن عساكر---والذي يظهر أنّ البعثة التي اكتشفت بقايا السفينة تأثرت بأقوال المؤرخين والرحالة فشدت الرحال إلى جبل الجودي--وهو قطعا ليس جبل الطور---إلا إذا حصل بث للمادة كما يتخيل صاحب هذا الرأي فقام شخص ببث السفينة من الطور في القدس إلى الجودي(/)
وذلك دين القيمة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 11:37 ص]ـ
قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ) 5 البينّة
هذه الآية مثال على ما يسميه علماء اللغة حذف الموصوف ففي الجملة (وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ) تمّ حذف الموصوف وهو في هذه الجملة يُقدّر بلفظ "الأمة"--أي ذلك دين الأمّة القيّمة أو يقدّر بالملّة الحنيفية
قال القرطبي (وقوله تعالى: وذلك دِين القَيِّمة؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق، ويجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد المِلة الحنيفية. والقَيِّمُ: السيّد وسائسُ الأَمر. وقَيِّمُ القَوْم: الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم. وفي الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُم امرأة.)
وقد يكون المحذوف هو الملة الحنيفية أجود من القول بأنّ المحذوف هو" الأمّة" لأن وصف القيّمة دال على الموصوف المحذوف وهو الملّة أكثر من دلالته على الأمة
هل لديكم أمثلة أخرى؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 05:56 ص]ـ
قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ) 5 البينّة
هذه الآية مثال على ما يسميه علماء اللغة حذف الموصوف ففي الجملة (وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ) تمّ حذف الموصوف وهو في هذه الجملة يُقدّر بلفظ "الأمة"--أي ذلك دين الأمّة القيّمة أو يقدّر بالملّة الحنيفية
قال القرطبي (وقوله تعالى: وذلك دِين القَيِّمة؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق، ويجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد المِلة الحنيفية. والقَيِّمُ: السيّد وسائسُ الأَمر. وقَيِّمُ القَوْم: الذي يُقَوِّمُهم ويَسُوس أَمرهم. وفي الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُم امرأة.)
وقد يكون المحذوف هو الملة الحنيفية أجود من القول بأنّ المحذوف هو" الأمّة" لأن وصف القيّمة دال على الموصوف المحذوف وهو الملّة أكثر من دلالته على الأمة
هل لديكم أمثلة أخرى؟
أين البحّاثة(/)
إذا مزقتم كل ممزق
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 04:32 م]ـ
قوله تعالى (هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد) 7 سبأ
القائلون هم كفّار مكة ويقصدون النبي:= وهم أي أهل مكة يعرفونه حق المعرفة--وخبروه بدقة وخبروا كلامه عن البعث من القبور بعدما تبلى العظام--فلم أشاروا إليه كمجهول لا يعرف؟؟
الجواب أنّ هذه طريقة هزء وسخرية بالمحكي عنه----تماما عندما تقول لمحدثك: يوجد شخص يدّعي أنّه قادر على السيطرة على العراق: فأنت لا شك هازىء ساخر به لأن العراق ما زال يغلي
هل هناك ما تريدون إضافته؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 08:14 م]ـ
قوله تعالى (هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد) 7 سبأ
القائلون هم كفّار مكة ويقصدون النبي:= وهم أي أهل مكة يعرفونه حق المعرفة--وخبروه بدقة وخبروا كلامه عن البعث من القبور بعدما تبلى العظام--فلم أشاروا إليه كمجهول لا يعرف؟؟
الجواب أنّ هذه طريقة هزء وسخرية بالمحكي عنه----تماما عندما تقول لمحدثك: يوجد شخص يدّعي أنّه قادر على السيطرة على العراق: فأنت لا شك هازىء ساخر به لأن العراق ما زال يغلي
هل هناك ما تريدون إضافته؟؟
الحمد لله
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 04:35 م]ـ
الأستاذ جمال المحترم ..
ولكن ما قولك في تفسير صلاح الدين أبي عرفة لنفس الآية وهذا تفسير متطور متحضّرجدا؟؟؟
يقول أبو عرفة في تفسيره الغريب:
{وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق, إنكم لفي خلق جديد}؟.
ولن نسهب كثيرا في القول فيما تقوله كتب التفسير فيها, فالآية جلية في محلها ومعناها, ولكن هل لنا أن نقف عند تراكيبها ومضامينها بما يتفق مع السياق الذي نعتمد عليه, من قدرة النبي المؤتى من كل شيء, وورودها في هذه السورة بالذات؟.
فإذا كنا نتحدث عن "البث" المتطور, للصوت والصورة, وما يسعى إليه العلم الحاضر –مسبوقا بقدرات النبي سليمان-, إذا كنا نتحدث عن هذا "البث" مدركين لآلية عمله, ومراحل تطبيقه, القائمة على "التحول" من شكل ما للمادة أو للطاقة, إلى شكل آخر يمكن "بثه", ثم استقباله مرة آخرى, و"تجميعه" ليعود على ما كان عليه قبل البث.
وهذا ذاته ما تسعى التقنية الحاضرة من خلاله, إلى "بث" الأجسام المادية وترحيلها إلى مكان آخر, ثم استقبالها و"تجميعها" بسرعة تضاهي سرعة الضوء, أو ما يعدل لمح البصر.
والعلماء التقنيون, يقولون إن ذلك ممكن إذا حولنا الجسم المادي إلى ذراته الأولية, لنبثها على شكل طاقة, ثم نعيد "تجميعها" من جديد.
والآن يمكن أن نقرأ الآية بعين تتفق مع سياقات القدرة الفائقة لسليمان, مثلما فعل بعرش سبأ, فهو فعلها بعلم من الكتاب لا بدعوة نبي, فالآية تصف هذا الوصف البليغ لتحول الجسم إلى ذراته الأولى {إذا مُزقتم كل ممزق} , ولا يكون التمزيق "كل ممزق", ما بقي في الجسم ما يمكن قسمته أو "تمزيقه"!.
ثم تأتي المرحلة التالية, لإعادة الاستحضار و"التجميع" من جديد {إنكم لفي خلق جديد}!.
وقد يقول قائل: إن الآية جاءت في معرض الموت والبعث, فنقول: نعم, ولكن من يجزم لنا أنها لم تكن لأشياء وعلوم أخرى؟. وها هو "التفتيت" ثم "التجميع" من جديد, بما لا تكلف فيه!.
أليس هذا تفسيرا متطورا متنورا ومقرفا في نفس الوقت ... ؟؟؟؟ [ i][u]
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 08:25 م]ـ
كلام لا تحتمله قواعد اللغة أبدا---كما أنّه كلام لا علاقة له بالناحية العلمية ---إنّما هي تهيؤات لا دليل عليها--غفر الله لهم فقد نقلوا معاني ما أنزله الله إلى أمور فاقت ما قاله الباطنيون
قال الطبري رحمه الله فيها
(صَلَّى اوقال الذين كفروا بالله وبرسوله محمد لله عَلَيْهِ وَسَلَّم متعجبين من وعده إياهم البعث بعد الممات بعضهم لبعض (هَلْ نَدُلُّكُمْ) أيها الناس (عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) يقول: يخبركم أنكم بعد تقطعكم في الأرض بلاء وبعد مصيركم في التراب رفاتًا، عائدون كهيئتكم قبل الممات خلقًا جديدًا.)
هذا هو معناها--ولا دخل لها لا بتفتيت المادة ولا ببث المادة---فلا يكثرن المرء من مشاهدة أفلام الخيال العلمي فيأتينا بالغرائب من آلات التحكم بالزمن أو من قدرات على بث المادة--أو ربما بقدرات على الإستنساخ كانت لدى النبي سليمان
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 08:49 م]ـ
الأخ عمر .. حفظه الله ..
إن ما جاء في هذا التأويل من أمور .. لهو فوق قدراتنا العقلية ..
إذ كيف لعقولنا الضعيفة - كما وصفها صوت الحق في إحدى مداخلاته - أن تدرك أموراً لا يفهمها إلا الملهمون؟
ثم إن وصف هذه التقنية الحديثة، بأنها أمر حاصل .. وبأن شغل العلماء الشاغل هو السعي لتحقيقها .. فهذا معناه أننا نحن لا نعيش إطلاقاً على هذا الكوكب الأرضي ..
فأنا أعمل منذ سبع سنوات في شركة متخصّصة في الهندسة الطبية، وشغلنا الشاغل فيها البحث عن حلول لصناعة أعضاء صناعية (كالقلب الصناعي والأطراف الصناعية وما إلى ذلك) .. ولم أقرأ لأحد من العلماء أن التقنية الحديثة تسعى إلى ما طرحه أخونا من أفكار خيالية .. ولم أسمع لأحد منهم في المحاضرات ولا حتى في الندوات (التي أشارك بها سنوياً)، شرحاً لإمكانية حصول أمر كهذا ..
فإنها والله أفكار مستمدّة من روح أفلام الـ ( Science Fiction) .. ولا علاقة لها بالعلم ..
ولن تجد ذا عقل يقول بها .. ولا حتى يدّعي إمكانية حصولها ..
إلا إذا كان الأخ أبو عرفة مطّلعاً على ما لا علم لنا به .. فليفدنا جازاه الله خيراً ..
أو ليكشف لنا عن المعادلات التي توصّل إليها العلماء في هذا المجال ..
علّها تفيدنا في بثّ أجسام الصهاينة وترحيلها إلى غير رجعة ..
أمر مضحك فعلاً ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 05:56 ص]ـ
الأخ عمر .. حفظه الله ..
إن ما جاء في هذا التأويل من أمور .. لهو فوق قدراتنا العقلية ..
إذ كيف لعقولنا الضعيفة - كما وصفها صوت الحق في إحدى مداخلاته - أن تدرك أموراً لا يفهمها إلا الملهمون؟
ثم إن وصف هذه التقنية الحديثة، بأنها أمر حاصل .. وبأن شغل العلماء الشاغل هو السعي لتحقيقها .. فهذا معناه أننا نحن لا نعيش إطلاقاً على هذا الكوكب الأرضي ..
فأنا أعمل منذ سبع سنوات في شركة متخصّصة في الهندسة الطبية، وشغلنا الشاغل فيها البحث عن حلول لصناعة أعضاء صناعية (كالقلب الصناعي والأطراف الصناعية وما إلى ذلك) .. ولم أقرأ لأحد من العلماء أن التقنية الحديثة تسعى إلى ما طرحه أخونا من أفكار خيالية .. ولم أسمع لأحد منهم في المحاضرات ولا حتى في الندوات (التي أشارك بها سنوياً)، شرحاً لإمكانية حصول أمر كهذا ..
فإنها والله أفكار مستمدّة من روح أفلام الـ ( Science Fiction) .. ولا علاقة لها بالعلم ..
ولن تجد ذا عقل يقول بها .. ولا حتى يدّعي إمكانية حصولها ..
إلا إذا كان الأخ أبو عرفة مطّلعاً على ما لا علم لنا به .. فليفدنا جازاه الله خيراً ..
أو ليكشف لنا عن المعادلات التي توصّل إليها العلماء في هذا المجال ..
علّها تفيدنا في بثّ أجسام الصهاينة وترحيلها إلى غير رجعة ..
أمر مضحك فعلاً ..
العلماء يتراجعون عن أخطائهم--أمّا الأغرار فيتمسكون بها(/)
قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ
ـ[الضاد1]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 10:32 م]ـ
قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى
(طه:63)
يقول القرطبي
أما قوله {إن هذان لساحران} ففيه أوجه.
أحدها: أنه جاز على لغة من يجري المثنى بالألف في أحواله الثلاث وهي لغة مشهورة لكنانة وقيل لبني الحارث.
الثاني: أن اسم ضمير الشأن محذوفًا والجملة مبتدأ وخبر خبر إن.
الثالث: كذلك إلا أن ساحران خبر مبتدأ محذوف والتقدير: لهما ساحران.
الرابع: أن إن هنا بمعنى نعم.
الخامس: أن ها ضمير القصة اسم إن وذان لساحران مبتدأ وخبر وتقدم رد هذا الوجه بانفصال إن واتصال ها في الرسم.
انتهى
هل من توضيح ... بارك الله بكم
أخوكم/ عمار
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 10:41 م]ـ
ممكن أن يفيدك كلام الدتور أبي طالب
ثم نكمل بالمزيد
إن هذان لساحران ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7849)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 12:40 ص]ـ
الأخ العزيز الضاد 1:
تابع معنا في الرابط الذي وضعه الأخ العزيز جمال حسني مشكورا.
سأوافيك بتفاصيل الإجابة هناك.(/)
الجهات ستة وذكرت الأية أربعة فقط؟؟؟؟
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 11:35 م]ـ
:::
قال تعالى: ((قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ {16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {17})) الأعراف
نحن نعلم أن الجهات ستة:1/الأمام 2/الخلف 3/اليمين4/ الشمال 5/الأعلى6/ الأسفل
وهنا في الأية ذكرت أبواب الشيطان على الإنسان أربعة وليست ستة،1الأمام (من بين أيديهم) 2الخلف (ومن خلفهم) 3اليمين (وعن أيمانهم) 4اليسار (وعن شمائلهم)
بقيت جهتان 5الأعلى 6 الأسفل، وحاولت البحث عن السبب؟ وماالسر أن الشيطان لا يأتي الإنسان من فوقه ولا من تحته .. واهتديت إلى كلام أحد العلماء الأفاضل في بيان السبب .. وأعجبني كلا مه وأنقل لكم طرفا منه
يقول العلامة الفاضل راتب النابلسي: أبواب الشيطان على الإنسان أربعة جهات، وليس ست جهات، من بين أيديهم ـ من أمامهم ـ ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، وكأن جهة " من فوقهم " هو الطريق الموصل إلى الله، فمن فوق لا يستطيع الشيطان أن يأتيك من هذه الجهة، إذا اتجهت إلى الله، إذا استعذت بالله عز وجل، إذا أقبلت عليه، إذا عقدت العَزْمَ على طاعته، إذا استلهمته، إذا أحببته، إذا اتَّصلت به، كل هذه الكلمات تعني أنك اتَّجهت إليه، كل هذه الكلمات تعني أن الطريق الذي فوقك إلى الله سالك، الشيطان لا يستطيع بحال أن يأتيك من فوقك.
وأما من تحتك، تعني العبودية لله عز وجل، فما دمت عبداً لله تشعر بضعفك، تشعر أنك لا شيء، وأن الله هو كل شيء، تشعر أنك فقير والله هو الغني، تشعر أنك ضعيف والله هو القوي، تشعر أنك لا تَعْلَم والله يَعْلَم، إذا شعرتَ بضعفك، إذا شعرت بفنائك، إذا شعرت بعبوديتك، فالشيطان لا يستطيع أن يأتيك من تحت.
و " تحت " تعني العبودية لله عز وجل، و " فوق " يعني الاتصال بالله عز وجل، فلا إذا كنت متصلاً بإمكانه أن يغويك، ولا إذا كنت معترفاً بعبوديتك بإمكانه أن يغويك، ولكن من أين يأتيك؟
يأتيك مِن بين يديك، من أمامك، تبحث عن الجديد، تبحث عن غير المألوف، تبحث عن علاقاتٍ غير علاقات الدين، تبحث عن أنماطٍ في كسب الرزق غير الأنماط الشَرْعِيَّة، تبحث عن مُتَعٍ ومباهج غير التي سمح الله لك بها، تبحث عن أمامك عن شيءٍ جديد، ما دمت ترى الدين شيئاً لا يصلُح فهذا مأخذٌ خطير من مآخذ الشيطان، تريد علاقةً مع النساء غير علاقتك مع زوجتك، التي شَرَعَهَا الله عز وجل، تريد أن تأخذ مالاً من طريقٍ ما أقرَّه الشرع، تريد أن تعتقد اعتقاداً ما وَرَدَ في الدين، تريد أن تبتدع شيئاً ليس من الدين، تبتدع عقيدةً، أو تبتدع سلوكاً، أو تبتدع طريقاً، أو تقليداً، أو نمطاً هذا من أمامهم ..
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 08:05 ص]ـ
الأخ عمر
كلام النابلسي لطيف جدا
أمّا أنا فوجدت كلام من حدد هذه الجهات بأنّها الجهات التي عادة ما يأتي العدو منها كلاما نفيسا ---العدو يأتي عادة بحسب وسائل القتال المعروفة
إمّا من الأمام
أو من الخلف
أو عن الشمال
أو عن اليمين
قال تعالى: ((قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ {16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {17})) الأعراف
لاحظ (مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أُستخدم فيهما حرف الإبتداء " من" لأن المواجهة مع الأعداء تكون غالبا من هذين الجانبين---الأمام وجها لوجه----والخلف وهو الغدر--وابتدأ بالأمام لأن غالبية المواجهة من الأمام وهاتان الجهتان أمكن في الإتيان من غيرهما فخصتا بحرف الإبتداء من.
ولاحظ (وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ) استخدم فيهما حرف المجاوزة " عن " فالمواجهة في هاتين المنطقتين نادرة ولا تحصل إلا من ضربات منحرفة عن جهتي المواجهة الأصل وهما الأمام والخلف
ـ[أم أحمد بدر]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 12:14 م]ـ
:::
بارك الله بكم
ما قولكم بالرأي القائل أن المذكورات في الآية عناصر أو موجودات داخل جسم الإنسان يدخل الشيطان منها
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 02:16 م]ـ
أهلا بك أم أحمد ..
لكن هلا بيّنت لنا ما المقصود بتلك العناصر أو الموجودات إن أمكن
وبوركت(/)
"الميزان" مخطىء في تفسيره للأجل
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 10:19 م]ـ
قوله تعالى
(هُوَ الّذِى خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمّ قَضى أَجَلاً وَ أَجَلٌ مّسمّى عِندَهُ ثُمّ أَنتُمْ تَمْترُونَ (2)) الأنعام
قال فيها كتاب " الميزان" لمؤلفه الطباطبائي
(قوله تعالى: "و أجل مسمى عنده" تسمية الأجل تعيينه فإن العادة جرت في العهود و الديون و نحو ذلك بذكر الأجل و هو المدة المضروبة أو آخر المدة باسمه، و هو الأجل المسمى، قال تعالى: "إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه": البقرة: - 282 و هو الأجل بمعنى آخر المدة المضروبة، و كذا قوله تعالى: "من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت": العنكبوت: - 5 و قال تعالى في قصة موسى و شعيب: "قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك - إلى أن قال - قال ذلك بيني و بينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي": القصص - 28 و هو الأجل بمعنى تمام المدة المضروبة.
و الظاهر أن الأجل بمعنى آخر المدة فرع الأجل بمعنى تمام المدة استعمالا أي أنه استعمل كثيرا "الأجل المقضي" ثم حذف الوصف و اكتفي بالموصوف فأفاد الأجل معنى الأجل المقضي، قال الراغب في مفرداته: يقال للمدة المضروبة لحياة الإنسان "أجل" فيقال: دنا أجله عبارة عن دنو الموت، و أصله استيفاء الأجل، انتهى.
و كيف كان فظاهر كلامه تعالى أن المراد بالأجل و الأجل المسمى هو آخر مدة الحياة لإتمام المدة كما يفيده قوله: "فإن أجل الله لآت" الآية.
فتبين بذلك أن الأجل أجلان: الأجل على إبهامه، و الأجل المسمى عند الله تعالى.
و هذا هو الذي لا يقع فيه تغير لمكان تقييده بقوله "عنده" و قد قال تعالى: "و ما عند الله باق": النحل: - 96 و هو الأجل المحتوم الذي لا يتغير و لا يتبدل قال تعالى: "إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون": يونس: 49.
فنسبة الأجل المسمى إلى الأجل غير المسمى نسبة المطلق المنجز إلى المشروط المعلق فمن الممكن أن يتخلف المشروط المعلق عن التحقق لعدم تحقق شرطه الذي علق عليه بخلاف المطلق المنجز فإنه لا سبيل إلى عدم تحققه البتة.
و التدبر في الآيات السابقة منضمة إلى قوله تعالى: "لكل أجل كتاب، يمحوا الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب": الرعد: 39 يفيد أن الأجل المسمى هو الذي وضع في أم الكتاب، و غير المسمى من الأجل هو المكتوب فيما نسميه بلوح المحو و الإثبات، و سيأتي إن شاء الله تعالى أن أم الكتاب قابل الانطباق على الحوادث الثابتة في العين أي الحوادث من جهة استنادها إلى الأسباب العامة التي لا تتخلف عن تأثيرها، و لوح المحو و الإثبات قابل الانطباق على الحوادث من جهة استنادها إلى الأسباب الناقصة التي ربما نسميها بالمقتضيات التي يمكن اقترانها بموانع تمنع من تأثيرها.
و اعتبر ما ذكر من أمر السبب التام و الناقص بمثال إضاءة الشمس فإنا نعلم أن هذه الليلة ستنقضي بعد ساعات و تطلع علينا الشمس فتضيء وجه الأرض لكن يمكن أن يقارن ذلك بحيلولة سحابة أو حيلولة القمر أو أي مانع آخر فتمنع من الإضاءة، و أما إذا كانت الشمس فوق الأفق و لم يتحقق أي مانع مفروض بين الأرض و بينها فإنها تضيء وجه الأرض لا محالة.
فطلوع الشمس وحده بالنسبة إلى الإضاءة بمنزلة لوح المحو و الإثبات، و طلوعها مع حلول وقته و عدم أي حائل مفروض بينها و بين الأرض بالنسبة إلى الإضاءة بمنزلة أم الكتاب المسمى باللوح المحفوظ.
فالتركيب الخاص الذي لبنية هذا الشخص الإنساني مع ما في أركانه من الاقتضاء المحدود يقتضي أن يعمر العمر الطبيعي الذي ربما حددوه بمائة أو بمائة و عشرين سنة و هذا هو المكتوب في لوح المحو و الإثبات مثلا غير أن لجميع أجزاء الكون ارتباطا و تأثيرا في الوجود الإنساني فربما تفاعلت الأسباب و الموانع التي لا نحصيها تفاعلا لا نحيط به فأدى إلى حلول أجله قبل أن ينقضي الأمد الطبيعي، و هو المسمى بالموت الاخترامي.
و بهذا يسهل تصور وقوع الحاجة بحسب ما نظم الله الوجود إلى الأجل المسمى و غير المسمى جميعا، و أن الإبهام الذي بحسب الأجل غير المسمى لا ينافي التعين بحسب الأجل المسمى، و أن الأجل غير المسمى و المسمى ربما توافقا و ربما تخالفا و الواقع حينئذ هو الأجل المسمى البتة.)
تفسير غريب يجعل علم الله ناقصا ومتغيرا بتغير الظروف والأحوال
عنده لوح المحو والإثبات يغيّر الله فيه ويبدل الأحداث بحسب الطوارىء--وهذا قصور حاد في فهم الآيات
وأنتظر من الأخوة تسليط الضوء على كلامه أكثر
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 12:37 ص]ـ
الأخ جمال
تحية وبعد
ماهو تعليقك على هذه الآية؟
يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده علم الكتاب: الرعد - 39
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 06:27 ص]ـ
:::
# لقد أخطأت في الآية والصحيح هو (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ)
# المحو والإثبات يشمل
1 - محو شرائع وتثبيت أخرى بحسب ما اقتضته حكمته تعالى
2 - محو ما سجلّته الملائكة من ذنوب في اللوح المحفوظ لغفرانه عز وجل لهم وتثبيت ما سجلته الملائكة من ذنوب من لم يغفر لهم
وأمّ الكتّاب هو الكتاب الأصل لأن الأم أصل المولود--وهو اللوح المحفوظ الذي تُحفظ فيه صحائف أعمال العباد
ولا يجوز أن يخطر في بالك أن علم الله يتغير بما يطرأ من حوادث فيغير ويبدل بحسب ما فاجئه--لا يجوز لك أن تفكر بذلك فعلم الله يشمل ما كان وما هو كائن وما سيكون--وما قدّره منذ الأزل كائن ومعلوم له بداهة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الملهم]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 08:21 ص]ـ
إستاذي الفاضل،
ما صحة ماورد من أثر قيل فيه: (اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا، فامحني واكتبني سعيدا فإنك تمحو ماتشاء وتثبت وعندك أم الكتاب) وما هو تعليقك
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 10:25 ص]ـ
# الحقيقة أنّ معلوماتي في الجرح والتعديل قليلة--وأعتمد على أقوال أهل الخبرة--
# الأثر إن صح (اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا، فامحني واكتبني سعيدا فإنك تمحو ماتشاء وتثبت وعندك أم الكتاب) فإنّه يحمل على الشقاء الأخروي--بمعنى أمح سيئاتي واكتبني مع الذين يسعدون بمغفرتك
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 03:36 م]ـ
لم يقل السيد الطباطبائي بأن علم الله ناقص ومتغير بتغير الظروف والأحوال, فلايفهم هذا فيما كنبه الطباطبائي.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 04:32 م]ـ
الأخ العاشق
كلامه واضح جدا ويتماشى مع ما لديهم من عقيدة البداء--وإليك التفصيل
# قوله (و سيأتي إن شاء الله تعالى أن أم الكتاب قابل الانطباق على الحوادث الثابتة في العين أي الحوادث من جهة استنادها إلى الأسباب العامة التي لا تتخلف عن تأثيرها، و لوح المحو و الإثبات قابل الانطباق على الحوادث من جهة استنادها إلى الأسباب الناقصة التي ربما نسميها بالمقتضيات التي يمكن اقترانها بموانع تمنع من تأثيرها.) فهو قد قسّم ما ما قدره الله إلى حوادث ثابتة لا تتخلف (أم الكتاب قابل الانطباق على الحوادث الثابتة)
وإلى حوادث تتغير وتتبدل بحسب مقتضيات وموانع (و لوح المحو و الإثبات قابل الانطباق على الحوادث من جهة استنادها إلى الأسباب الناقصة التي ربما نسميها بالمقتضيات التي يمكن اقترانها بموانع تمنع من تأثيرها.)
وهذا الكلام لا دليل عليه من حيث البناء العقدي لكون الله عز وجل لا يعوزه محو ولا إثبات فهو معلوم عنده منذ الازل كافة الحوادث والطوارىء فلا يمحو ولا يثبت بحسب موانع أو طوارىء تقع للبشر ولا تقع لغير المخلوقات
# ثم لاحظ المشكلة عنده في جعله حصول الموت لا بالأجل المفروض إنّما بعوامل أدخلها في لوح المحو والإثبات المفروض عنده
(فالتركيب الخاص الذي لبنية هذا الشخص الإنساني مع ما في أركانه من الاقتضاء المحدود يقتضي أن يعمر العمر الطبيعي الذي ربما حددوه بمائة أو بمائة و عشرين سنة و هذا هو المكتوب في لوح المحو و الإثبات مثلا غير أن لجميع أجزاء الكون ارتباطا و تأثيرا في الوجود الإنساني فربما تفاعلت الأسباب و الموانع التي لا نحصيها تفاعلا لا نحيط به فأدى إلى حلول أجله قبل أن ينقضي الأمد الطبيعي، و هو المسمى بالموت الاخترامي.)
لاحظ قوله بحلول الأجل بسبب عوامل أدت إلى ذلك لا بسبب تقدير المولى عز وجل (فأدى إلى حلول أجله قبل أن ينقضي الأمد الطبيعي،)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 01:39 ص]ـ
أثار الأخ عاشق جمال الفصحى - حفظه الله - قضية خطيرة .. وجب علينا أن نعيرها ما تستحقّه من الأهمية ..
والذي نراه أن المحو والإثبات في قوله تعالى: " يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ "، لا علاقة لهما بالقرآن الكريم، ولا بأمّ الكتاب.
فجميع مشتقّات الجذرين (م ح و) و (ث ب ت) في القرآن الكريم، نراها لا علاقة لها بالكتاب والكتابة .. وهذه هي جميع المشتقات دون استثناء - كما وردت في القرآن الكريم:
1) " رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا " (البقرة: 250)
2) " وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ " (البقرة: 265)
3) " وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا " (آل عمران: 147)
4) " وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا " (النساء: 66)
5) " وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ " (الأنفال: 11)
6) " إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ " (الأنفال: 12)
(يُتْبَعُ)
(/)
7) " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ " (الأنفال: 30)
8) " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ " (الأنفال: 45)
9) " وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ " (هود: 120)
10) " يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ " (الرعد: 39)
11) " كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء " (إبراهيم: 24)
12) " يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ " (إبراهيم: 27)
13) " وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا " (النحل: 94)
14) " قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ " (النحل: 102)
15) " فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً " (الإسراء: 12)
16) " وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً " (الإسراء: 74)
17) " كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا " (الفرقان: 32)
18) " وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ " (الشورى: 24)
19) " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " (محمد: 7)
هذه هي الآيات التي ورد فيها اللفظان (م ح و) و (ث ب ت) في كتاب الله العزيز .. وكما نرى في هذه الآيات، فإن المحو والإثبات هما مسألة زمانية مكانية، ساحتها عالم الخلق وليس عالم الأمر ..
فثبات المؤمنين في القتال، وتثبيت الأقدام، وتثبيت الفؤاد، والقول الثابت، ومحو آية الليل، ومحو الباطل .. كل ذلك ساحته عالم الخلق المحكوم للأسباب ولقوانين الزمان والمكان.
وما يؤكّد ذلك أيضاً هو أن المحو والإثبات في الآية الكريمة المدروسة يرتبطان بالمشيئة ولا يرتبطان بالإرادة: " يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ".
فكل حركة من حركات هذا الكون تتنقّل بين المحو والإثبات، لا تخرج عن إطار مشيئة الله تعالى .. فنقصان الرزق وزيادته، والموت والحياة، والشقاء والسعادة، وممارسة الكفر والإيمان .. وكل ما يُمحى ويثبت بين هذه المسائل المتناقضة، لا يخرج عن إطار مشيئة الله عزّ وجلّ، التي تسخّر أسباب كل شيء في هذا الكون.
والآية الكريمة موضع الدرس، إنما فيها ردّ على طلب المشركين معجزة (آية) من الرسول صلى الله عليه وسلم .. والله تعالى يردّ عليهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره من الرسل، بشر له ذرية وأزواج، وإن المعجزة والبرهان والدليل والعذاب .. وكل ما طلبوه من شواهد حسيّة تنتمي لعالم الخلق الذي يشاهدونه، هو حدث له وقته المحدّد بعلم الله سبحانه وتعالى، ولا يستطيع أي رسول أن يأتي به من تلقاء نفسه، قال تعالى: " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ " (الرعد: 38 - 39).
فالآية التي طلبوها ليست آية قرآنية تنتمي لعالم الأمر .. إنها معجزة حسيّة تنتمي لعالم الخلق ..
وما يؤكّد أيضاً أن المحو والإثبات هما في ساحة المشيئة وينتميان لعالم الخلق، وليس في القرآن، هو ورودهما بصيغة الاستمرارية: " يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ ". فلو كان المحو في القرآن الكريم لأتيا بصيغة الماضي، لأن القرآن الكريم نزل وانتهى نزوله ..
ولكن المحو والإثبات يعنيان الحركة المستمرّة للأشياء بين هذين النقيضين في عالم الخلق، لذلك نراهما بصيغة الاستمرارية، فالذي يموت مثلاً يُمحى من ساحة الأحياء ويثبت في ساحة الأموات، والذي يؤمن يُمحى من ساحة الكفّار ويثبت في ساحة المؤمنين، والذي يكفر يُمحى من ساحة المؤمنين ويثبت في ساحة الكافرين ... وهكذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأمّ الكتاب " وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ "، ترتبط بعلم الله تعالى الكاشف المطلق لما سيكون، علماً مسجّلاً في اللوح المحفوظ، وبالتالي فإن أمّ الكتاب (اللوح المحفوظ) عند الله تعالى، هي في عالم ما فوق المادة والمكان والزمان. وبالتالي لا تناسبها صيغة المشيئة التي نراها ترتبط بالمحو والإثبات كمسألتين متناقضتين، إنما تناسبها صيغة الإرادة. ومما يؤكّد أيضاً أن المحو والإثبات مسألة لا علاقة لها بأمّ الكتاب، هو حرف الواو الاستئنافية في العبارة القرآنية " وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ".
وهكذا فالمحو والإثبات مسألة ترتبط بعالم الخلق ضمن إطار مشيئة الله تعالى، ولذلك نرى كيف أن المسألتين المتناقضتين تتعلّقان بمشيئة واحدة (ورود كلمة يشاء مرة واحدة لكلمتي يمحو ويثبت) .. ولا يمكن لمسألة المحو والإثبات أن تتعلّق بالآيات القرآنية التي تنتمي لعالم الأمر الذي لا يحوي المتناقضات، وكذلك لا يمكنها أت تتعلّق بأمّ الكتاب المرتبطة بعلم الله تعالى الكاشف لما سيكون (القدر) ..
ولو كان المحو والإثبات يتعلّقان بآيات القرآن الكريم، لكانت الآية الكريمة على الشكل التالي: (محا الله ما أراد وأثبت ما أراد في أم الكتاب)، أو لو كان المحو والإثبات يتعلّقان بأمّ الكتاب (اللوح المحفوظ)، لكانت الآية الكريمة على الشكل التالي: (يمحو الله ما يريد وثبت ما يريد في أم الكتاب).
لأن المحو والإثبات مسألتان متناقضتان، فلا بدّ أن تتعلّق كل واحدة منهما بإرادة مستقلّة، ولذلك لا بدّ من ورود كلمة (أراد) مرتين: مرة للمحو، ومرة للإثبات، فلا تُعطف في القرآن الكريم مسألتان متناقضتان (كالموحو والإثبات) على إرادة واحدة. ونمثل لذلك بقوله تعالى: " يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " (البقرة: 185).
وهكذا نرى أن ما تعنيه الآية موضع الدرس هو أن كل ما يجري من محو وإثبات في عالم الخلق، ضمن إطار مشيئة الله تعالى: " يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ "، يوافق موافقة مطلقة ما علمه الله تعالى بعلمه الكاشف، علماً مسجّلاً عنده في أمّ الكتاب: " وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ".
والله تعالى أعلم ..
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 07:16 ص]ـ
كلام لطيف
ولكن أخي لؤي --المقصود لدى الشيعة هو عقيدة البداء--والتي تعني أنّ الله يغير ما قدّره منذ الأزل بحسب طوارىء تطرأ--فقالوا بوجود لوح محو وإثبات وهذا ما ننتقده عليهم --وعندنا أخ شيعي في المنتدى ربما يوضح لنا ما أشكل علينا من عقيدتهم تلك
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:47 ص]ـ
أخي جمال
صحيح أن الشيعة تعتقد بالبداء, ولكنها لا تعتقد بأن نّ الله يغير ما قدّره منذ الأزل بحسب طوارىء تطرأ.
مفهوم البداء لدى الشيعة يختلف عن مفهوم البداء لدى الآخرين, فما يحمله الآخرون من مفهوم حول لبداء لا تعتقد به الشيعة بشكل قطعي وإليك التفاصيل.
الشيعة لا ينسبون الجهل إلى الله أبدا, وكتبهم شاهدة على ذلك, والشيء ينبغي أن يؤخذ من أصوله لا من كلام الخصوم.
دعنا نحلق معكم في مفهوم البداء لدى الشيعة كي تتضح الصورة.
قال خصوم الشيعة:
البداء هو بمعنى الظهور بعد الخفاء، أو بمعنى نشأة رأي جديد. والبداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم، وكلاهما محال على الله، لكن الرافضة تنسب البداء إلى الله.
هذا المفهوم حول البداء لا تقول به الشيعة ولا يوجد لديهم ما يثبت هذه الفرية.
إن المعنى الذي تريده الشيعة من البداء ليس هو المعنى نفسه الذي ذهب الذين كتبوا عن الشيعة إلى التعريف به.
قبل كل شيء أود إعطاء إشارة مختصرة حول معنى البداء.
البداء لغة هو بمعنى الظهور. مأخوذ من: بدا يبْدو بدواً و بُدُوّاً و بداءةً وبداءً و بدوءً، كما جاء في اللسان لابن منظور.
فيقال: فلان بدا له في الرأي، أي ظهر له ما كان مخفيّاً عنه، و فلان برز فبداله من الشجاعة ما كان مخفيّأً عن الناس.
فالبداء في المثال الأول لدى الإنسان هو أن يتضح له رأي في الشيء لم يكن يعرفه سابقا, أو أن يكون مصمما على عمل شيء ثم يبدو له خلاف ذلك, إذ تتغير نظرته إلى هذا الأمر بسبب وجود ما يستجد.
والبداء في المثال الثاني, هو أن يظهر للناس ماكان مخفيا عليهم, فالشخص كان شجاعا, والشجاعة معروفة لديه, ولكنها خافية على الناس, وقد أبدى " أظهر " بطولته أمامهم, فبدت شجاعته أمامهم, فعرفوها.
ومن الأمثلة على المتصلة بالمثال الثاني, أن تتضح درجة شخص العلمية لدى أناس, بعد أن أظهر لهم من تمنكه من العلم ما أعجبهم, فالبداء كان بالنسبة إليهم, لا بالنسبة إليه, فالعلم الذي أبداه لهم, كشف لهم شيئا مخفيا عنهم.
إن مفهوم البداء بالمعنى الأول - أن يبدو لله تعالى شيئا كان مخفيا عنه - يستحيل على الله, ولا يقول به أي شخص من الشيعة, لأنه يدل على الجهل والنقص, والله سبحانه وتعالى كامل مطلق, لا نقص في علمه, محيط بكل شيء, وعالم بكل شيء.
نحن - الإمامية - عندما نقول بالبداء, نقصد إظهار الله سبحانه وتعالى شيئا مخفيا لدى الناس, وليس معناه أن يبدو لله شيئا لم يكن على معرفة به من ذي قبل, تعالى الله علوا كبيرا.
البداء هو إظهار الله للناس ماكان مخفيا عنهم
ليس البداء أن يظهر لله شيئا كان مخفيا عنه
إن الإمامية هي فرقة إسلامية تنزه الله عما لا يليق بساحة قدسه, وتنفي عنه كل صفات العجز والنقص, وكتب العقائد لديهم شاهدة على ذلك.
إن الإمامية تنفي عن الله الجهل الذي يسعى لآخرون إلصاقه بالشيعة, وسأبين بعض الاستشهادات على ذلك فيما يلي:
عزيزي جمال ... كلماتي بالآخرين لست أنت المقصود بها, بل المقصود بها المكابرون الذين يطلقون الأحكمام دون بينة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:48 ص]ـ
ما هي مدى صحة أقوال المغرضين, في أن الإمامية تنسب الجهل إلى الله تعالى؟
لا صحة لهذه الأقوال, بل هي زيف وتضليل وافتراءت, لا وجود لها في عالم الأوهام.
نحن نستقي معارفنا من المعين الصافي - أهل البيت عليهم السلام- و سأورد تفنيد هذه الأقوال من كلام أئمتنا أولا ثم من كلام علمائنا ثانيا, لأن البعض قد يقول حتى وإن نفى أئمتكم ذلك فإن علماؤكم يقولون بها.
لقد نزه أئمتنا عليهم السلام , ونزه علماؤنا الأبرار الله عن كل عيب ونقص.
جاء في أصول الكافي - باب البداء:
في صحيح عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام:
«ما بدا الله في شي ء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له» (1).
و رواية عمروبن عثمان، عنه عليه السلام:
«إن الله لم يبدُ له من جهل» (2).
وعن منصور بن حازم: «سألت أبا عبدالله عليه السلام: هل يكون اليوم شي ء لم يكن في علم الله بالأمس؟
قال عليه السلام: لا من قال هذا فأخزاه الله.
قلت: أرأيت ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة، أليس في علم الله؟!
قال عليه السلام: بلى، قبل أن يخلق الخلق» (3).
و روى الشيخ الصدوق في «إكمال الدين» بإسناده عن أبي بصير و سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال:
«من زعم أنّ الله عزّو جلّ يبدو له في شيء اليوم لم يعلمه أمس فابرأوا منه» (4).
وروى العياشي عن ابن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام، يقول:
«إن الله يقدّم ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء، ويمحو ما يشاء و يثبت ما يشاء، و عنده أم الكتاب. و قال: فكلّ أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، ليس شيء يبدو له إلا و قد كان في علمه، إن الله لا يبدو له من جهل» (5).
قال علي بن الحسين، و علي بن أبي طالب قبله، و محمد بن علي، و جعفربن محمد: كيف لنا بالحديث مع هذه الآية: «يمحوالله ... » فأما من قال بأن الله تعالى لا يعلم الشيء إلا بعد كونه، فقد كفر و خرج عن التوحيد» (6)
حواشي:
(1) الكافي - باب البداء ج 1 ص 148 - الطبعة 1405 - دار الأضواء اللبنانية.
(2) نفس المصدر السابق
(3) نفس المصدر السابق
(4) إكمال الدين: 70
(5) تفسير العياشي 2/ 218 ح 71
(6) الغيبة: 430 ح 420، و عنه في بحارالأنوار4/ 115
أقوال علماء الإمامية في تنزيه الله تعالى عن الجهل:
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:49 ص]ـ
سأورد جملة من أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين والتي تنفي بشكل واضح التهمة التي ألصقها أعداء الحق في أن الشيعة تصف الله بالجهل:
قال شيخ الطائفة الطوسي- أعلى الله مقامه في " الرسائل العشر ص 94 المسألة السادسة ":
" ... وأنه تعالى عالم، بمعنى أن الأشياء واضحة له حاضرة عنده غير غائبة عنه، بدليل أنه فعل الأفعال المحكمة المتقنة وكل من كان كذلك فهو عالم بالضرورة. "
ويقول الشيخ محمد بن محمد المفيد - أعلى الله منزلته - في كتابه أوائل المقالات ص 60:
" إنّ الله تعالى عالم بكل ما يكون قبل كونه وأنّه لا حادث إلاّ وقد علمه قبل حدوثه، ولا معلوم وممكن أن يكون معلوماً إلاّ وهو عالم بحقيقته، وأنّه سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السّماء وبهذا اقتضت دلائل العقول والكتاب المسطور، والأخبار المتواترة من آل الرّسول صلى الله عليه وآله وسلّم وهو مذهب جميع الإمامية. "
هذان قولان لعالمين من علماء الإمامية الأبرار البارزين المتقدمين وهما ينفيان بشكل صريح تهمة نسبة الجهل إلى الله تعالى, وسأورد أقوال أخرى لعلماء آخرين فيما يأتي.
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:51 ص]ـ
البداء في صحيح البخاري
كتاب أحاديث الأنبياء
3205 حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم
(يُتْبَعُ)
(/)
حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا فَقَالَ أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْإِبِلُ أَوْ قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ إِنَّ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ قَالَ أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ وَقَالَ الْآخَرُ الْبَقَرُ فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ كَأَنِّي أَعْرِفُكَ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي فَخُذْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ *
جاء في " فتح الباري بشرح صحيح البخاري" عند شرحه لهذا الحديث:
قوله: (بدا لله)
بتخفيف الدال المهملة بغير همز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره , وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا لأن ذلك محال في حق الله تعالى , وقد أخرجه مسلم عن شيبان بن فروخ عن همام بهذا الإسناد بلفظ " أراد الله أن يبتليهم " , فلعل التغيير فيه من الرواة , مع أن في الرواية أيضا نظرا ; لأنه لم يزل مريدا والمعنى أظهر الله ذلك فيهم. وقيل: معنى أراد قضى. وقال صاحب " المطالع " ضبطناه على متقني شيوخنا بالهمز أي ابتدأ الله أن يبتليهم , قال: ورواه كثير من الشيوخ بغير همز وهو خطأ انتهى. وسبق إلى التخطئة أيضا الخطابي , وليس كما قال لأنه موجه كما ترى , وأولى ما يحمل عليه أن المراد قضى الله أن يبتليهم , وأما البدء الذي يراد به تغير الأمر عما كان عليه فلا.
انتهى كلام صاحب " فتح الباري بشرح صحيح البخاري"
أقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
" (بدا لله) بتخفيف الدال المهملة بغير همز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره , وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا لأن ذلك محال في حق الله تعالى "
إن المعنى الذي ذكره صاحب فتح الباري حول معنى البداء, هو المعنى نفسه الذي ورد عند الإمامية, فلماذا هذا التحامل, والتجاهل والتمويه ونشر الأباطيل التي لا وجود لها إلا في عالم الأوهام؟
لماذا تُتتهم الشيعة أنها تنشب الجهل إلى الله؟
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
لم يرد في كتب الإمامية أي إشارة إلى وصف الله بالجهل.
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:53 ص]ـ
مسند أحمد
مسند المكثرين من الصحابة
3748:: حدثنا أسباط وابن فضيل المعنى قالا حدثنا مطرف عن أبي الجهم عن أبي الرضراض عن ابن مسعود قال
كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علي فسلمت عليه ذات يوم فلم يرد علي شيئا فوجدت في نفسي فقلت يا رسول الله كنت أسلم عليك وأنت في الصلاة فترد علي وإني سلمت عليك فلم ترد علي شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحدث في أمره ما يشاء
::: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل يحدث عن عبد الله قال
كنا نتكلم في الصلاة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قدم وما حدث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحدث لنبيه ما شاء قال شعبة وأحسبه قد قال مما شاء وإن مما أحدث لنبيه صلى الله عليه وسلم أن لا تكلموا في الصلاة
و آخر
أبي داود
الصلاة سنن
789:: حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا أبان حدثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال
كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن الله جل وعز قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة فرد علي السلام
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:55 ص]ـ
أواصل تقديم أراء و تصريحات بعض علماء الطائفة حول علم الله من باب الاستشهاد لا الحصر, فعلم الله مطلق وشامل ولا نقص فيه بإجماع علماء الطائفة الأبرار:
يقول السيد محسن الأمين العاملي , في كتابه نقض الوشيعة ص 515:
" وعلمه تعالى محيط بجميع الأشياء إحاطة تامة جزئياتها وكلّياتها لا يمكن أن يخفى عليه شيء "
" إن الإمامية يقصدون بالبداء الظهور بعد الخفاء بالنسبة للناس، لا بالنسبة لله تعالى، لأن جميع الأمور ظاهرة إليه تعالى، وهو محيط بكل شيء, أن أنهم يقصدون به الإظهار بعد الخفاء, وليس الظهور."
ويقول آية الله العظمى, السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي - قدّس الله سرّه - كما ورد في محاضرات في أصول الفقه للفياض ج5 ص:
" وقد اتفقت كلمة الشيعة الإمامية على أن الله تعالى لم يزل عالماً قبل أن يخلق الخلق بشتى أنواعه بمقتضى حكم العقل الفطري وطبقاً للكتاب والسّنة "
ويقول الشيخ العلامة المعاصر جعفر السبحاني - رعاه الله - في كتابه الإلهيات ص 566:
" اتفقت الإمامية – تبعاً لنصوص الكتاب والسّنة والبراهين العقلية – على أنّه سبحانه عالم بالأشياء والحوادث كلّها غابرها وحاضرها ومستقبلها كلّيها وجزئيّها لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض "
ويقول السيد العلامة عبد الله شبّر في كتابه حق اليقين ج 1 ص 63:
" ويكفي في ثبوت علمه تعالى الآيات المتضافرة والأخبار المتواترة .... أن الله تعالى يعلم الأشياء قبل وجودها كعلمه بها بعد وجودها، لا يخفى عليه خافية، يعلم السّر وأخفى، ما تكن الصدور ولا يجهل شيئاً "
يقول الشيخ محمد رضا المظفر- رحمه الله تعالى - في كتابه عقائد الإمامية:
" عقيدتنا في البداء
البداء في الإنسان: أن يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقا، بأن يتبدل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه، إذ يحدث عنه ما يغير رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على ما سبق منه.
والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى لأنه من الجهل والنقص وذلك محال عليه تعالى ولا تقول به الإمامية. قال الصادق عليه السلام: (من زعم أن الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم) وقال أيضا (من زعم ان الله بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه).
غير انه وردت عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدم، كما ورد عن الصادق عليه السلام: (ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني) ولذلك نسب بعض المؤلفين في الفرق الإسلامية الى الطائفة الإمامية القول بالبداء طعنا في المذهب وطريق آل البيت، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة.
والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب). ومعنى ذلك انه تعال قد يظهر شيئا على لسان نبيه أو وليه أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الإظهار، ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولا، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة إسماعيل لما رأى أبوه إبراهيم انه يذبحه، فيكون معنى قول الإمام عليه السلام انه ما ظهر لله سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في إسماعيل ولده إذ اخترمه قبله ليعلم الناس انه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال انه الإمام بعده لأنه أكبر ولده.
وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبينا (ص)، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. "
فأي إنسان يحترم نفسه, يصف الشيعة في أنهم ينسبون الجهل إلى الله, بعد اطلاعه عل هذا الأقوال؟
مرة أخرى أقول أن الخطاب ليس موجها إلى الأخ جمال, بل إلى المكابرين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 12:42 م]ـ
الأخ عاشق الفصحى
في رأيي أن هذا القول المنسوب لجعفر الصادق ليس صحيحا
(: (ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني)
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 02:58 م]ـ
أضع أمامكم هذا البحث حول البداء للسيد مرتضى العسكري أحد علماء الإمامية
البَداء في اللّغة والإصطلاح
البَداء في اللغة
للبَداء في اللّغة معنيان:
أ ـ بدا الأمر بُدُوّاً وبَداءً: ظهر ظهوراً بيّناً.
ب ـ بدا له في الأمر كذا: جدّ له فيه رأي، نشأ له فيه رأي.
البداء في مصطلح علماء العقائد الإسلامية
بدا لله في أمر بَداءً، أي: ظهر له في ذلك الأمر ما كان خافياً على العباد.
وأخطأ من ظنّ أنّ المقصود من بَدا لله في أمر بداءً جَدَّ له في ذلك الأمر غير الأمر الذي كان له قبل البداء، تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 10
--------------------------------------------------------------------------------
البَداء في القرآن الكريم
أ ـ قال الله تعالى في سورة الرعد:
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) (الآيتان 7و27).
ثمّ قال تعالى:
(وَمَا كَانَ لِرَسُول أَنْ يَأْتِيَ بِآيَة اِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجْل كِتَاب * يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمَّ الْكِتَابِ * وَإِنْ مَا نُرِينَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (الآيات 38 - 40).
شرح الكلمات
1 ـ آية:
الآية في اللغة: العلامة الظاهرة كما قال الشاعر:
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 11
--------------------------------------------------------------------------------
وفي كلّ شيء له آية تدلّ على أنَّه واحد
وسُمِّيت معجزات الأنبياء آيةً لأنّها علامة على صدقهم وعلى قدرة الله، الذي مكّنهم من الإتيان بتلك المعجزة، مثل عصا موسى وناقة صالح، كما جاءت في الآية (67) من سورة الشعراء والآية (73) من سورة الأعراف.
وكذلك سمّى القرآن أنواع العذاب الذي أنزله الله على الأُمم الكافرة بالآية والآيات، كقوله تعالى في سورة الشعراء عن قوم نوح: (ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً) (الآيتان/120 - 121).
وعن قوم هود:
(فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً) (الآية/139).
وعن قوم فرعون في سورة الأعراف:
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَات مُفَصَّلاَت) (الآية/133).
2 ـ أجل:
الأجل: مدّة الشيء والوقت الذي يحدّد لحلول أمْر وانتهائه، يقال: جاء أجله اذا حان موته، وضربت له أجلا: أي
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 12
--------------------------------------------------------------------------------
وقتاً محدَّداً لعمله.
3 ـ كتاب:
للكتاب معان متعدّدة، والمقصود منها هنا: مقدار مكتوب أو مقدّر، ويكون معنى (لِكُلِّ أَجَل كِتاب): لوقت إتيان الرسول بآية زمان مقدّر معيّن.
4 ـ يمحو:
محاه في اللّغة: أزاله وأبطله، أو أزال أثره، مثل قوله تعالى:
أ ـ في سورة الإسراء:
(فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَة) (الآية/12).
وآية اللّيل هي اللّيل، ومحو اللّيل: إزالته.
ب ـ في سورة الشورى:
(وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ) (الآية/24).
أي يذهب بآثار الباطل.
تفسير الآيات
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 13
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنّ كفار قريش طلبوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يأتيهم بآيات، كما بيّن طلبهم ذلك في قوله تعالى في سورة الإسراء: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تفْجرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعاً * ... أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ قَبِيلا) (الآيتان/90و92).
وقال في الآية (38) من سورة الرعد: (وَمَا كَانَ لِرَسُول أَنْ يَأْتِيَ بِآيَة) مقترحة عليه (إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ) وأنّ لكلّ أمر وقتاً مُحدّداً سجّل في كتاب.
واستثنى منه في الآية بعدها وقال: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ) من ذلك الكتاب ما كان مكتوباً فيه من رزق وأجل وسعادة وشقاء وغيرها (وَيُثْبِتُ) ما يشاء ممّا لم يكن مكتوباً في ذلك الكتاب (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، أي: أصل الكتاب وهو اللّوح المحفوظ، الذي لا يتغيّر ما فيه ولا يبدل.
وبناءً على ذلك قال بعدها: (وَإِنْ مَا نُريَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب في حياتك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل ذلك (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغ) فحسب ... .
ويدلّ على ما ذكرناه ما رواه الطبري والقرطبي وابن كثير
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 14
--------------------------------------------------------------------------------
في تفسير الآية وقالوا ما موجزه:
إنّ عمر بن الخطاب كان يطوف بالبيت ويقول: اللّهمّ إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أُمّ الكتاب.
وروي عن ابن مسعود أنّه كان يقول:
اللّهمّ إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أُمّ الكتاب.
وروي عن أبي وائل أنّه كان يكثر أن يدعو: اللّهمّ إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أُمّ الكتاب (1).
وفي البحار: وإن كنت من الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني من السّعداء، فإنّك قلت في كتابك المنزّل على نبيّك
____________
1 - أخرج الأحاديث الثلاثة الطبري بتفسير الآية.
وأبو وائل شفيق بن سلمة الأسدي الكوفي. قال في ترجمته بتهذيب التهذيب: ثقة مخضرم، أدرك عهد الصحابة والتابعين، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة، أخرج له جميع أصحاب الصِّحاح والسنن (10: 354).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 15
--------------------------------------------------------------------------------
صلواتك عليه وآله: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (1).
واستدلّ القرطبي ـ أيضاً ـ على هذا التأويل بما روى عن صحيحي البخاري ومسلم أنّ رسول الله (ص) قال:
"من سرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقهِ ويُنسأَ لهُ في أثرهِ ـ أجلهِ ـ فلْيصلْ رَحِمَه".
وفي رواية: "مَن أحبّ أن يَمُدَّ الله في عمره ويبسطَ له رزقهُ فليتَّق الله وليصلْ رحمه" (2).
ونقل عن ابن عباس أنّه قال في جواب من سأله وقال: كيف يزاد في العمر والأجل؟
قال الله عزّوجلّ: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِين ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ)، فالأجل الأوّل أجل العبد من حين ولادته الى حين موته، والأجل الثاني ـ يعني المسمّى عنده ـ من حين وفاته الى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلاّ الله، فإذا
____________
1 - البحار 98: 162.
2 - صحيح البخاري 3: 34 كتاب الأدب، باب 12 و13. وصحيح مسلم: 1982 ح20و21 من باب صلة الرحم. ومسند أحمد 3: 156و247و266 و 5: 76.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 16
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
اتّقى العبد ربّه ووصل رَحِمَه، زاده الله في أجل عمره الأوّل من أجل البرزخ ما شاء، واذا عصى وقطع رحمه، نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء، فيزيده من أجل البرزخ ... الحديث (1).
وأضاف ابن كثير على هذا الإستدلال وقال ما موجزه:
وقد يستأنس لهذا القول ما رواه أحمد والنسائي وابن ماجة عن النبي (ص) أنّه قال:
"إنّ الرجل ليُحرَمُ الرزقَ بالذنب يُصيبه ولا يردُّ القدر إلاّ الدّعاءُ ولا يزيدُ في العمر إلاّ البرّ" (2).
وقال: وفي حديث آخر:
"إنّ الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السّماء والأرض" (3).
كان ما ذكرناه وجهاً واحداً ممّا ذكروه في تأويل هذه الآية، وذكروا معها وجوهاً أُخر في تأويل الآية مثل قولهم:
إنّ المراد محو حكم وإثبات آخر، أي نسخ الأحكام،
____________
1 - تفسير القرطبي 9: 329 - 331.
2 - والرواية في سنن ابن ماجة، المقدّمة، باب 10، الحديث 90.
3 - تفسير ابن كثير 2: 519.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 17
--------------------------------------------------------------------------------
والصواب في القول: إنّه يعمّ الجميع، وهذا ما اختاره القرطبي ـ أيضاً ـ وقال:
... الآية عامّة في جميع الأشياء وهو الأظهر والله أعلم (1).
وروى الطبري والسيوطي عن ابن عباس في قوله تعالى: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، قال: يُقَدِّرُ الله أمر السّنة في ليلة القدر إلاّ السعادة والشقاء (2).
(يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبتُ) قال: من أحد الكتابين هما كتابان يمحو الله من أحدهما ويثبت، (وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَاب) أي حملة الكتاب (3).
* * *
ب ـ قال سبحانه وتعالى في سورة يونس:
(فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا اِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين) (الآية/98).
____________
1 - تفسير القرطبي 9: 329.
2 - تفسير الطبري 13: 111 والسيوطي واللفظ للطبري.
3 - تفسير السيوطي 4: 65 عن ابن جرير الطبري والحاكم قال: وصحّحه.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 18
--------------------------------------------------------------------------------
شرح الكلمات
1 ـ كَشَفْنا:
كشف عنه الغمّ: أزاله، وكشف العذاب: أزاله.
2 ـ الخِزْيُ:
خَزيَ خِزْيا: هان وافتضح.
3 ـ حين:
الحين: الوقت والمدّة من غير تحديد في معناه بقلّة أو كثرة.
تفسير الآية
قصة يونس بإيجاز كما في تفسير الآية بتفسير الطبري والقرطبي ومجمع البيان: (1) أنّ قوم يونس كانوا بنينوى من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله اليهم يونس (عليه السلام) يدعوهم الى الإسلام وتَرْك ما هم عليه فأبوا، وتبعه منهم عابد وشيخ من بقيّة علمائهم، وكان العابد يشير على
____________
1 - مجمع البيان 3: 135. القرطبي 8: 384. الطبري 11: 118. والدرّ المنثور 3: 317.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 19
--------------------------------------------------------------------------------
يونس بالدعاء عليهم والعالم ينهاه ويقول له: لا تدعُ عليهم فانّ الله يستجيب لك ولا يحبّ هلاك عباده، فقبل يونس قول العابد فأخبر الله تعالى أنّه يأتيهم العذاب في شهر كذا في يوم كذا، فأخبرهم يونس بذلك، فلمّا قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيهم، وقال قومه: لم نجرّب ـ يونس ـ عليه كذباً، فانظروا فإنْ باتَ فيكم الليلة فليس بشيء، وإن لم يبت فاعلموا أنّ العذاب مصبحكم، فلمّا كان في جوف اللّيل خرج يونس من بين أظهرهم، ولمّا علموا ذلك ورأوا آثار العذاب وأيقنوا بالهلاك ذهبوا الى العالم فقال لهم: افزعوا الى الله فإنّه يرحمكم ويردّ العذاب عنكم، فاخرجوا الى المفازة وفرّقوا بين النساء والأولاد وبين سائر الحيوان وأولادها ثمّ ابكوا وادعوا، ففعلوا: خرجوا الى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابّهم، ولبسوا المسوح، وأظهروا الإيمان والتوبة، وأخلصوا النيّة،
(يُتْبَعُ)
(/)
وفرّقوا بين كلّ والدة وولدها من الناس والأنعام، فحنّ بعضها الى بعض، وعلت أصواتها، واختلطت أصواتها بأصواتهم، وتضرّعوا الى الله عزّوجلّ وقالوا: آمنّا بما جاء به يونس;
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 20
--------------------------------------------------------------------------------
فرحمهم ربّهم واستجاب دعاءهم وكشف عنهم العذاب بعدما أظلّهم، بعد أن بلغ من توبتهم الى الله، رَدّوا المظالم بينهم، حتى أن كان الرجل ليأتي الحجر وقد وضع عليه أساس بنيانه فيقتلعه ويرده، وكذلك محا الله العذاب عن قوم يونس بعد أن تابوا، وكذلك يَمحُو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.
* * *
ج ـ قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف:
(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَة) (الآية/142).
وقال في سورة البقرة:
(وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) (الآية/51).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 21
--------------------------------------------------------------------------------
البداء في روايات مدرسة الخلفاء
روى الطيالسي وأحمد وابن سعد والترمذي واللفظ للطيالسي بايجاز، قال: قال رسول الله (ص):
"إنّ الله أرى آدم ذرّيّته فرأى رجلا أزهراً ساطعاً نوره.
قال: يا ربّ من هذا؟
قال: هذا ابنك داود!
قال: يا ربّ فما عُمره؟
قال: ستّون سنة!
قال: يا ربّ زِدْ في عمره!
قال: لا إلاّ أن تزيدَهُ من عمرك!
قال: وما عمري؟
قال: ألف سنة!
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 22
--------------------------------------------------------------------------------
قال آدم: فقد وهبتُ له أربعين سنة من عمري.
... فلمّا حضره الموت وجاءته الملائكة قال: قد بقي من عمري أربعون سنة.
قالوا: إنّك قد وهبتها لداود .. " (1).
هذه الرواية بالإضافة إلى ما سبق إيراده من أخبار آثار صلة الرحم ونظائرها بمدرسة الخلفاء من مصاديق (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ).
وقد سمّى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) المحْوَ والاثبات بالبداء، كما سندرسه إن شاء الله تعالى في ما يأتي.
____________
1 - الطيالسي: 350 ح2692. ومسند أحمد 1: 251و298و371. وطبقات ابن سعد 1: 7 - 9 ق1 ط أوربا. وسنن الترمذي 11: 196 - 197 بتفسير سورة الأعراف.
وفي البحار 4: 102 - 103 عن الإمام الباقر (عليه السلام) باختلاف يسير في اللفظ.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 23
--------------------------------------------------------------------------------
البَداء في روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام)
في البحار عن أبي عبد الله (الإمام الصادق) (عليه السلام) قال: "ما بعثَ الله عزّوجلّ نبيّاً حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار بالعبوديّة، وخلع الأنداد، وأنّ الله يُقدِّمُ ما يشاء ويؤخِّرُ ما يشاء" (1).
وفي رواية أُخرى وصف الإمام الصادق (عليه السلام) هذا الأمر بالمحو والاثبات وقال: "ما بعث نبيّاً قطُّ حتى يأخذ عليه ثلاثاً: الإقرار لله بالعبودية وخلع الأنداد، وأنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء" (2).
وفي رواية ثالثة سمّى المحو والإثبات بالبداء، وقال ما موجزه: "ما تنبّأ نبيٌّ قطّ حتى يُقِرَّ لله تعالى .. بالبداء"
____________
1 - البحار 4: 108 نقلا عن توحيد الصدوق.
2 - المصدر نفسه، نقلا عن المحاسن.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 24
--------------------------------------------------------------------------------
الحديث (1).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "ما بعث نبيّاً قطُّ إلاّ بتحريم الخمر، وأن يُقرّ له بالبداء" (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي رواية أُخرى أخبر الإمام الصادق (عليه السلام) عن زمان المحو والاثبات وقال: "اذا كان ليلة القدر نزلت الملائكةُ والروحُ والكتبةُ الى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء الله تعالى في تلك السنة، فإذا أراد اللهُ أن يقدّم شيئاً أو يؤخّره أو ينقصَ شيئاً أمر الملك أن يمحو ما يشاءُ ثمّ أثبتَ الذي أراد" (3).
وأخبر الإمام الباقر (عليه السلام) عن ذلك وقال ما موجزه: "تنزل فيها الملائكة والكتبةُ الى سماء الدنيا فيكتبون ما هو كائنٌ في أمر السّنة وما يصيبُ العباد فيها". قال: "وأمرٌ موقوفٌ لله تعالى فيه المشيئة يقدّمُ منه ما يشاء ويؤخّر ما يشاء، وهو قوله تعالى: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) " (4).
____________
1 - البحار 4: 108 نقلا عن توحيد الصدوق.
2 - المصدر نفسه.
3 - البحار 4: 99 عن تفسير عليّ بن ابراهيم.
4 - البحار 4: 102 نقلا عن أمالي الشيخ المفيد.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 25
--------------------------------------------------------------------------------
وفي حديث آخر له قال: في قول الله: (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا):
"إنّ عند الله كتباً موقوتة يقدّمُ منها ما يشاءُ ويؤخّرُ، فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كلّ شيء يكون الى ليلة مثلها، وذلك قوله: (لَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا) إذا أنزل، وكتبهُ كتّاب السماوات وهو الذي لا يؤخّره" (1).
وروى المجلسي في هذا الباب خبر هبة آدم (عليه السلام) أربعين سنة من عمره لداود (عليه السلام) الذي أوردناه آنفاً في روايات مدرسة الخلفاء (2).
هذا هو البداء في أخبار أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
وأمّا البداء بمعنى أنّ الله جدّ له رأي في الأمر لم يكن يعلمه ـ معاذ الله ـ فقد قال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فيه ما رواه المجلسي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "من زعمَ أنّ الله عزّوجلّ يبدو له في شيء لم يعلمهُ أمسِ فابرأوا منه" (3).
____________
1 - البحار 4: 102 نقلا عن تفسير عليّ بن إبراهيم.
2 - المصدر نفسه، عن علل الشرائع.
3 - البحار 4: 111 نقلا عن اكمال الدين.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 26
--------------------------------------------------------------------------------
أثر الاعتقاد بالبَداء
لو اعتقد الإنسان أنّ مِنَ الناس من كتب في السعداء فلن تتبدّل حاله ولن يكتب في الأشقياء، ومنهم من كتب في الأشقياء فلن تتبدّل حاله ولن يكتب في السعداء، وجفّ القلم بما جرى لكلّ إنسان، عندئذ لا يتوب العاصي من معصيته، بل يستمرّ في ما هو عليه، لاعتقاده بأنّ الشقاء قد كُتب عليه ولن تتغيّر حاله، ومن الجائز أن يوسوس الشيطان الى العبد المنيب أنّه من السعداء ولن يكتب في الأشقياء وتؤدّي به الوسوسة الى التساهل في الطاعة والعبادة، وعدم استيعاب بعض المسلمين معاني الآيات والروايات المذكورة في المشيئة، اعتقد بعضهم أنّ الإنسان مجبور على ما يصدر منه، وآخرون على أنّ الأمر كلّه مفوّض للإنسان، كما سندرسه في البحث الآتي لنعرف الحقّ في ذلك بإذنه تعالى.
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 03:08 م]ـ
أرجو أن يكون قد زال اللبس حول مفهوم البداء لدى الإمامية.
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 03:11 م]ـ
لعل فيما تقدم كفاية.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 03:25 م]ـ
الأخ عاشق الفصحى
في رأيي أن هذا القول المنسوب لجعفر الصادق ليس صحيحا
(: (ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني)
لم تجاهلته؟؟
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 03:50 م]ـ
تفسير ذلك
كان الناس يحسبون أنّ إسماعيل بن الصادق عليه السلام هو الإمام بعد أبيه، لما عملوه من أنّ الإمامة للولد الأ كبر ما؛ و لأنّ الغالب في الحياة الدنيا وأسباب البقاء أن يبقى إسماعيل بعد أبيه عليه السلام، فبدا و ظهر بموت إسماعيل انّ الإمام هو الكاظم عليه السلام.
الظهور كان للناس.
ـ[الجابري]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 11:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ارجو ان يكون النقاش في كسب الفائدة , وماذكر من تفسير الطباطبائي ليس له علاقة بتغير علم الله , ولكن القارئ قد اشتبه عليه الامر , ومحصل القول هو ان هناك امور محتومة وهي الاجل الذي كتبه الله , وهناك امور اخرى جعلها الله تعالى معلقة بفعل العبد, وهي ليست تبدل في علم الله , ومثال ذلك دعاء العبد للولد او الرزق او غيرها , فاذا كان الله قد حتم ذلك فمافائدة الدعاء , وكيف قال المولى تعالى ادعوني استجب لكم؟؟؟؟؟؟؟
والحق هو ان هناك اجال مناطة بفعل العبد , وهو ماذكره العلامة الطبطبائي في تفسيره , وهو لا يمت للرجعة بصلة لمن كان له ادنى تامل ومقدمة عقائدية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[27 - 08 - 2005, 08:47 ص]ـ
قولك (وهناك امور اخرى جعلها الله تعالى معلقة بفعل العبد,))
هو المنزلق العقدي الذي قد تكون ألصقته بمؤلفكم---فكلامك هذا هو البداء--فالله عز وجل حسب كلامك ينتظر فعل العبد --فإن فعل العبد كذا يفعل الله كذا---يعني ردّات فعل --تعالى الله علوا كبيرا عن هذا الفهم السقيم
وقولك (والحق هو ان هناك اجال مناطة بفعل العبد)) من أسوأ ما قرر في موضوع الأجل--فلا أجل مناط بفعل العبد---وإن كنت تقصد أن يقوم عبد بقتل آخر فهذا هو عينه ما وقعت فيه المعتزلة---ويظهر لي أنّكم تأثرتم بهم إن كنتم تقولون بهذا--أو على أحسن الأحوال هو قولك فقط
ـ[أبو سارة]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 06:39 ص]ـ
أستاذنا المفضال جمال
يحضرني الحديث النبوي: من سره ان يبسط له في رزقه و ينسأ له في اثره فليصل رحمه.
أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهناك رسالة أظنها للسيوطي رحمه الله، عنوانها: إرشاد ذوي العرفان لما للعمر من الزيادة
والنقصان.
والذي يظهر من شروح الحديث ومؤدى تلك الرسالة أنها استثناءات مناطة بفعل العبد، كما أشار الأخ الجابري.
وهذا الأمر له نظائر في أشياء أخرى، نحو موت العبد وأن عمله ينقطع إلا من ثلاث، منها الولد الصالح الذي يدعو له، إذ قد يكون العبد من أهل النار أخذا بقلة حسناته، وقد تكون كثرة حسنات ولده سببا لدخوله الجنة.
ومنكم نستفيد
والله تعالى أعلم وأحكم
وكما يقول إخواننا في مصر: (بحبحها شوية):)
وللجميع أرق التحايا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 08:31 ص]ـ
خي المشرف الفاضل
قوله:= (من سره ان يبسط له في رزقه و ينسأ له في اثره فليصل رحمه.)
لا يفهم منه الإخبار---أي أن الرسول:= لا يخبرنا في هذا الحديث أنّ صلة الرحم تؤدي إلى الزيادة في عمر الشخص فنحن أصلا لا نعرف كم قدّر الله من عمره لنعرف هل ازداد أم لا--وكثير ممن يصلون الرحم يموتون صغارا
ما أريد قوله أنّ كلامه:= هو قرينة على وجوب صلة الرحم---فلأن الزيادة في الأجل أمر مرغوب--فإذا أردتم الحصول على ما يساويه عطاء فصلوا أرحامكم
أي أنّ الحديث موضوعه الأحكام لا العقائد
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 07:47 م]ـ
ذكر بعض العلماء إن صلة الرحم تزيد حقيقة في العمر من ناحبة العدد واكتفي بإيراد قولين:
القول الأول:
قال المازري: هنا قد تقرر بالدلائل القطعية أن الله تعالى أعلم بالآجال والأرزاق وغيرها، وحقيقة العلم معرفة المعلوم على ما هو عليه، فإذا علم الله تعالى أن زيداً يموت سنة خمسمائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها لئلا ينقلب العلم جهلاً فاستحال أن الآجال التي علمها الله تعالى تزيد وتنقص، فيتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبة إلى ملك الموت أو غيره ممن وكله الله بقبض الأرواح وأمره فيها بآجال ممدودة، فإنه بعد أن يأمره بذلك أو يثبته في اللوح المحفوظ ينقص منه ويزيد على حسب ما سبق به علمه في الأزل وهو معنى قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} وعلى ما ذكرناه يحمل قوله تعالى: ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده.
شرح النووي كتاب القدر الجزء 16 - 182
--
القول الثاني:
ذكر مؤلف فتح الباري الرأين, الرأي القائل بأن الزيادة تعني أن صلة الرحم تكون سببا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل، فكأنه لم يمت، ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده.
ثم أشار إلى الاحتمال الآخر من مفهوم الحديث:
ثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، وأما الأول الذي دلت عليه الآية فبالنسبة إلى علم الله تعالى، كأن يقال للملك مثلا: إن عمر فلان مائة مثلا إن وصل رحمه، وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص وإليه الإشارة بقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة، ويقال له القضاء المبرم، ويقال للأول القضاء ..
فتح الباري الجزء 12, ص 21(/)
{وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 07:29 ص]ـ
قوله تعالى
({وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} فسرته الشيعة تفسيرا موغلا في الباطنية--فكان الإمام المبين عندهم هو علي رضي الله عنه--كذا ورد في تفسير القمّي--وغيره
قال القمي (في قوله تعالى: «و كل شيء أحصيناه في إمام مبين» أي في كتاب مبين و هو محكم، و ذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا و الله الإمام المبين أبين الحق من الباطل ورثته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهو قول لا تحتمله اللغة بتاتا لأن الإمام المبين هو أمّ الكتاب الذي تحصى فيه الأعمال
وتمام قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)) مبين عن المقصود ألا وهو اللوح المحفوظ الذي تكتب فيه الأعمال
قال الطبري فيها (وقوله (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) يقول تعالى ذكره: وكل شيء كان أو هو كائن أحصيناه، فأثبتناه في أم الكتاب، وهو الإمام المبين. وقيل (مُبِينٌ) لأنه يبين عن حقيقة جميع ما أثبت فيه.)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 05:53 ص]ـ
قوله تعالى
({وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} فسرته الشيعة تفسيرا موغلا في الباطنية--فكان الإمام المبين عندهم هو علي رضي الله عنه--كذا ورد في تفسير القمّي--وغيره
قال القمي (في قوله تعالى: «و كل شيء أحصيناه في إمام مبين» أي في كتاب مبين و هو محكم، و ذكر ابن عباس عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا و الله الإمام المبين أبين الحق من الباطل ورثته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهو قول لا تحتمله اللغة بتاتا لأن الإمام المبين هو أمّ الكتاب الذي تحصى فيه الأعمال
وتمام قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)) مبين عن المقصود ألا وهو اللوح المحفوظ الذي تكتب فيه الأعمال
قال الطبري فيها (وقوله (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) يقول تعالى ذكره: وكل شيء كان أو هو كائن أحصيناه، فأثبتناه في أم الكتاب، وهو الإمام المبين. وقيل (مُبِينٌ) لأنه يبين عن حقيقة جميع ما أثبت فيه.)
الحمد لله(/)
نظرات في آيات
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 11:02 ص]ـ
هذه روابط بكافة المواضيع التي ناقشت فيها بعض آيات الكتاب
# سفينة نوح على جبل الجودي في تركيا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7872)
# " الميزان" مخطىء في تفسيره للأجل ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7901)
# وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7905)
# إذا مزقتم كل ممزق ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7880)
# مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7529)
# وذلك دين القيمة ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7879)
# وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7851)
ونكمل إن شاء الله--أو يقوم أحد الشباب بإكمال ما بدأت فللكهولة متطلباتها(/)
وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 02:59 م]ـ
قوله تعالى
(وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُم قَالُوا مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) 46 - 48 الأعراف
والأعراف لغة هو المكان العالي المشرف--ومنه عرف الديك --
ما المقصود بأهل الأعراف؟؟
المقصود أنّهم رجال من المسلمين من الذين يرجون عفو ربهم والذين تساوت سيئاتهم مع حسناتهم يوضعون على أعلى سور يفصل بين الجنّة والنار--قال تعالى (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ) إنتظارا لحكم الله فيهم
وهم في موقفهم هذا يعرفون أصحاب الجنة من أشكالهم المستبشرة الفرحة ويعرفون أصحاب النّار من سحنتهم البائسة العابسة
هؤلاء ينادون على أصحاب الجنّة أحيانا وهم لم يدخلوا الجنّة إلأ أنّهم طامعون بدخولها--
وينظرون نحو أصحاب النار أحيانا فيبتهلون إلى ربهم أن لا يجعلهم مع القوم الظالمين--وهم في موقفهم هذا يعرفون بعضا من أهل النار المستكبرين فيشمتون بهم وباستكبارهم الذي لم يغن عنهم من الله شيئا
هذا هو المعنى الراجح لأهل الأعراف--والمنسجم مع دلالات اللغة العربية
وهذا الأثر الذي نقله الطبري يعضد قولنا فيهم (عن الشعبي, عن حذيفة, أنه سئل عن أصحاب الأعراف, قال فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة, وخلّفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوُقِفوا هنالك على السور حتى يقضي الله فيهم.)
وهذا الأثر الذي نقله الطبري أيضا والمنسوب لإبن عباس يعضده (قال ابن عباس: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم، ولا سيئاتهم على حسناتهم.)
وذكر القرطبي ما يلي (فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَابْن عَبَّاس وَالشَّعْبِيّ وَالضَّحَّاك وَابْن جُبَيْر: هُمْ قَوْم اِسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ.
قَالَ اِبْن عَطِيَّة: وَفِي مُسْنَد خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان (فِي آخِر الْجُزْء الْخَامِس عَشَر) حَدِيث عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تُوضَع الْمَوَازِينُ يَوْم الْقِيَامَة فَتُوزَن الْحَسَنَات وَالسَّيِّئَات فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاته عَلَى سَيِّئَاته مِثْقَال صُؤَابَة دَخَلَ الْجَنَّة وَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاته عَلَى حَسَنَاته مِثْقَال صُؤَابَة دَخَلَ النَّار). قِيلَ: يَا رَسُول اللَّه , فَمَنْ اِسْتَوَتْ حَسَنَاته وَسَيِّئَاته؟ قَالَ: (أُولَئِكَ أَصْحَاب الْأَعْرَاف لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ))
والحقيقة أننا لا نترك قول أعلام وصحابة كإبن عباس وحذيفة بن اليمان وعبدالله بن مسعود--ولا نترك قول تابعين بررة لقول عاشقي الغرائب
ـ[أمين هشام]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 03:56 م]ـ
كل الأحاديث التي وردت في أصحاب الأعراف ضعيفة!!.
ثم اعلم أن من البررة الأعلام من يخالف البررة الأصحاب ..
ففي "أصحاب الأعراف" أكثر من عشرة "أقوال" .... كلها للبررة .... وكلهم يتضاربون ويختلفون .... من قولهم إنهم "أبناء الزنى" إلى قولهم إنهم "الملائكة" ......... وطبعا وكما ترون ليس بذلك الفرق!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فيا ترى إذا خالف البررة البررة
فأي البررتين تأمرنا نتبع ... يا عاشق الأبرار!!!!!!!
ثم احيلك على "اهل التفسير" فثم شيء من الخير!.
إلا إن كنت تركت أولئك البررة!.
ثم نشكرك باسم أهل القرآن لنشرك للبحوث المسددة بإذن الله ... فداوم عليها!.
ونحتفظ باسم "علم " من أعلام الفقه والتفسير المعاصرين, يقول -بعد الاطلاع على جميع أقوال البررة- يقول بعدما قال شيخنا, يقول بقوله!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 04:38 م]ـ
قوله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُم قَالُوا مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) 46 - 48 الأعراف
والأعراف لغة هو المكان العالي المشرف--ومنه عرف الديك --
ما المقصود بأهل الأعراف؟؟
المقصود أنّهم رجال من المسلمين من الذين يرجون عفو ربهم والذين تساوت سيئاتهم مع حسناتهم يوضعون على أعلى سور يفصل بين الجنّة والنار--قال تعالى (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ) إنتظارا لحكم الله فيهم
وهم في موقفهم هذا يعرفون أصحاب الجنة من أشكالهم المستبشرة الفرحة ويعرفون أصحاب النّار من سحنتهم البائسة العابسة
هؤلاء ينادون على أصحاب الجنّة أحيانا وهم لم يدخلوا الجنّة إلأ أنّهم طامعون بدخولها--
وينظرون نحو أصحاب النار أحيانا فيبتهلون إلى ربهم أن لا يجعلهم مع القوم الظالمين--وهم في موقفهم هذا يعرفون بعضا من أهل النار المستكبرين فيشمتون بهم وباستكبارهم الذي لم يغن عنهم من الله شيئا
هذا هو المعنى الراجح لأهل الأعراف--والمنسجم مع دلالات اللغة العربية
وهذا الأثر الذي نقله الطبري يعضد قولنا فيهم (عن الشعبي, عن حذيفة, أنه سئل عن أصحاب الأعراف, قال فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة, وخلّفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوُقِفوا هنالك على السور حتى يقضي الله فيهم.)
وهذا الأثر الذي نقله الطبري أيضا والمنسوب لإبن عباس يعضده (قال ابن عباس: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم، ولا سيئاتهم على حسناتهم.)
وذكر القرطبي ما يلي (فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَابْن عَبَّاس وَالشَّعْبِيّ وَالضَّحَّاك وَابْن جُبَيْر: هُمْ قَوْم اِسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ.
قَالَ اِبْن عَطِيَّة: وَفِي مُسْنَد خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان (فِي آخِر الْجُزْء الْخَامِس عَشَر) حَدِيث عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تُوضَع الْمَوَازِينُ يَوْم الْقِيَامَة فَتُوزَن الْحَسَنَات وَالسَّيِّئَات فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاته عَلَى سَيِّئَاته مِثْقَال صُؤَابَة دَخَلَ الْجَنَّة وَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاته عَلَى حَسَنَاته مِثْقَال صُؤَابَة دَخَلَ النَّار). قِيلَ: يَا رَسُول اللَّه , فَمَنْ اِسْتَوَتْ حَسَنَاته وَسَيِّئَاته؟ قَالَ: (أُولَئِكَ أَصْحَاب الْأَعْرَاف لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ))
والحقيقة أننا لا نترك قول أعلام وصحابة كإبن عباس وحذيفة بن اليمان وعبدالله بن مسعود--ولا نترك قول تابعين بررة لقول عاشقي الغرائب
هذا هو الرأي الراجح فكفى تهويشا
ـ[أمين هشام]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 05:11 م]ـ
"كفى تهويشا" .........
هذه لي أم للسادة الأبرار الذين تدنوا عن قولك الراجح!!!!!!!!!!!!!
ثم لا تستخدم -أصلحك الله- طرق رجال الأمن والمباحث ..... ز
فلا أنت من السادة العلماء ولا من السادة الأمن الموقر!.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 05:34 م]ـ
قوله تعالى
(وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُم قَالُوا مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) 46 - 48 الأعراف
والأعراف لغة هو المكان العالي المشرف--ومنه عرف الديك --
ما المقصود بأهل الأعراف؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
المقصود أنّهم رجال من المسلمين من الذين يرجون عفو ربهم والذين تساوت سيئاتهم مع حسناتهم يوضعون على أعلى سور يفصل بين الجنّة والنار--قال تعالى (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذَابُ) إنتظارا لحكم الله فيهم
وهم في موقفهم هذا يعرفون أصحاب الجنة من أشكالهم المستبشرة الفرحة ويعرفون أصحاب النّار من سحنتهم البائسة العابسة
هؤلاء ينادون على أصحاب الجنّة أحيانا وهم لم يدخلوا الجنّة إلأ أنّهم طامعون بدخولها--
وينظرون نحو أصحاب النار أحيانا فيبتهلون إلى ربهم أن لا يجعلهم مع القوم الظالمين--وهم في موقفهم هذا يعرفون بعضا من أهل النار المستكبرين فيشمتون بهم وباستكبارهم الذي لم يغن عنهم من الله شيئا
هذا هو المعنى الراجح لأهل الأعراف--والمنسجم مع دلالات اللغة العربية
وهذا الأثر الذي نقله الطبري يعضد قولنا فيهم (عن الشعبي, عن حذيفة, أنه سئل عن أصحاب الأعراف, قال فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة, وخلّفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوُقِفوا هنالك على السور حتى يقضي الله فيهم.)
وهذا الأثر الذي نقله الطبري أيضا والمنسوب لإبن عباس يعضده (قال ابن عباس: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم، ولا سيئاتهم على حسناتهم.)
وذكر القرطبي ما يلي (فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَابْن عَبَّاس وَالشَّعْبِيّ وَالضَّحَّاك وَابْن جُبَيْر: هُمْ قَوْم اِسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ.
قَالَ اِبْن عَطِيَّة: وَفِي مُسْنَد خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان (فِي آخِر الْجُزْء الْخَامِس عَشَر) حَدِيث عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تُوضَع الْمَوَازِينُ يَوْم الْقِيَامَة فَتُوزَن الْحَسَنَات وَالسَّيِّئَات فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاته عَلَى سَيِّئَاته مِثْقَال صُؤَابَة دَخَلَ الْجَنَّة وَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاته عَلَى حَسَنَاته مِثْقَال صُؤَابَة دَخَلَ النَّار). قِيلَ: يَا رَسُول اللَّه , فَمَنْ اِسْتَوَتْ حَسَنَاته وَسَيِّئَاته؟ قَالَ: (أُولَئِكَ أَصْحَاب الْأَعْرَاف لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ))
والحقيقة أننا لا نترك قول أعلام وصحابة كإبن عباس وحذيفة بن اليمان وعبدالله بن مسعود--ولا نترك قول تابعين بررة لقول عاشقي الغرائب
الحمد لله على وجود جمهورالأمّة الذي يقدّر ويثمّن كلام الصحابة الأخيار كإبن عباس لا كلام عشّاق الغرائب وأفلام الخيال العلمي الذين يتخيلون سليمان ممتلكا المفاعلات النووية وقادرا على بث البشر من مكان إلى مكان
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 11:36 م]ـ
السلام عليكم
الأستاذ جمال -رعاك الله- واصل كتاباتك ولا يزعجك بعض المرضى فمكانهم المصحات وليس المنتديات
ـ[أمين هشام]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 12:38 ص]ـ
عشّاق الغرائب وأفلام الخيال العلمي الذين يتخيلون سليمان ممتلكا المفاعلات النووية وقادرا على بث البشر من مكان إلى مكان!!
على كل هم كما قلت "يتخيلون" أنه كان عظيما سابقا ...
وهو خير عند ربهم ممن "يصرون" أنه كان "دونجوانا" خبيرا بالسيقان!!
فحسبنا الله ونعم الوكيل على عشاق "الاصول"!!!!!!!!!
واصل أخي واصل ...
ـ[صوت الحق]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 02:11 م]ـ
السلام عليكم
الأستاذ جمال -رعاك الله- واصل كتاباتك ولا يزعجك بعض المرضى فمكانهم المصحات وليس المنتديات
أين القاسم من هذا الكلام البذيء؟
أرى فيك تحيزاً واضحاً!!
نصف إنذار على الأقل!
.
.
ونحتفظ باسم "علم " من أعلام الفقه والتفسير المعاصرين, يقول -بعد الاطلاع على جميع أقوال البررة- يقول بعدما قال شيخنا, يقول بقوله!!!!!!!
الدكتور حسن الترابي
فهل أنت أعلم منه يا جمال حتى تعارض الموضوع بغير بينة؟
أضع بين أيدي العقلاء ما جاء في الأعراف للشيخ الفاضل صلاح الدين ابراهيم أبوعرفة http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=study1&field=studies&id=58
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 02:51 م]ـ
نحتاج هنا إلى مناقش لا إلى وصلات دعائية--ونحن معنا إبن عباس وعبد الله بن مسعود وجمع من الصحابة والتابعين إن كان معكم أحد
فإن كان لديكم من يناقشنا الحجّة بالحجة فنحن جاهزون ولغير ذلك نحن آسفون
ـ[صوت الحق]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 03:11 م]ـ
إذن هيا يا فصيح فإذا أردت الإعتراض فلا حجة لأحد بعد الكتاب والحديث
لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
ونحتفظ باسم "علم " من أعلام الفقه والتفسير المعاصرين, يقول -بعد الاطلاع على جميع أقوال البررة- يقول بعدما قال شيخنا, يقول بقوله!!!!!!!
الدكتور حسن الترابي
فهل أنت أعلم منه يا جمال حتى تعارض الموضوع بغير بينة؟
أضع بين أيدي العقلاء ما جاء في الأعراف للشيخ الفاضل صلاح الدين ابراهيم أبوعرفة
http://www.alassrar.com/sub.asp?pag...d=studies&id=58
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 07:02 م]ـ
نحتاج هنا إلى مناقش لا إلى وصلات دعائية--ونحن معنا إبن عباس وعبد الله بن مسعود وجمع من الصحابة والتابعين إن كان معكم أحد
فإن كان لديكم من يناقشنا الحجّة بالحجة فنحن جاهزون ولغير ذلك نحن آسفون
الله أكبر
ـ[رجل صالح]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 11:51 م]ـ
ارى ان البحث الذي جاء به الشيخ صلاح الدين ابو عرفة له وفقة!! البحث عبارة عن تدبر ممتاز على عكس ما راينا في التفاسير.
من جهة اخرى, اذا كان الاعراف هو مكان من تساوت حسناته مع سيئاته فلماذا اختص به الرجال!!
هل في هذه الحالة ليس من نصيب النساء شيىء!!
ارى ان اختصاص الموقف والمكان "الاعراف" للرجال, الرسل, دون النساء, خاصة ان كلمة رجال لا تحتمل معنى متضادين كمثل كلمة زوج, يدعم بحث الشيخ صلاح الدين ابو عرفة.(/)
الكشف عن الهندسة الإلهية في سورة الكهف (حلقات)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 04:01 م]ـ
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا "، وبهر ببيان تراكيبه وبلاغة تعابيره العلماء، أنزله بحجج بيّنات، وفصّله سوراً وآيات، ونظمه بإحكام عجيب فاق جميع المعجزات.
ونصلّي ونسلّم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، الذين دعوا إلى عبادة الله مخلصين له الدين، فأقام الله بهم الحُجّة على الكافرين.
أما بعد:
فإن التفكّر في آيات القرآن الكريم، والتدبّر في سوره، يكشف بعض جوانب الإعجاز في هذا الكتاب العظيم، ويبيّن أن لكل سورة من سوره (هندسة إلهية) خاصّة، تربط بين أجزائها ربطاً محكماً، مهما بدا ظاهرها خالياً من الترابط.
ولقد كشف الله سبحانه وتعالى عن وجود (هندسة إلهية) في أول سورة في ترتيب المصحف الشريف: فاتحة الكتاب. فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد " الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال " الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ "، قال الله تعالى: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ "، قال: مجّدني عبدي، وإذا قال " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال " اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ "، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ".
وهكذا جعل الله تعالى فاتحة الكتاب نصفين، نصفاً لحمد الله تعالى وتمجيده، ونصفاً لما يطلبه العبد من ربه. وبحسب هذه (الهندسة)، جعل الله تعالى في وسط السورة وقلبها آية " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "، التي هي بدورها نصفان: أحدهما لتمجيد الله، والآخر لسؤال العبد وتمجيده.
وسورة الكهف المباركة تحوي إشارات عديدة رائعة، منها ما يشكّل (هندسة إلهية) فريدة، يصحبها تناسق بديع في مواقع كلماتها، وإحكام عجيب في ترتيب آياتها .. وهذا ما نريد الكشف عنه بإذن الله تعالى .. سائلين المولى عزّ وجلّ أن يكون في هذا العمل ما يزيد القاريء للقرآن علماً بجلال حقائقه وروعة أسراره ..
يتبع ..
ـ[أمين هشام]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 04:25 م]ـ
وهكذا جعل الله تعالى فاتحة الكتاب نصفين، نصفاً لحمد الله تعالى وتمجيده، ونصفاً لما يطلبه العبد من ربه. وبحسب هذه (الهندسة) ..
يا أخي لؤي هذه في العربية إسمها "قسمة" وليست هندسة!!
إلا إذا أتيت بها لأجل الموسيقى التأثيرية!!
فقولك هذا لم يقل به أحد, فلم أجدها لا عند الطبري ولا عند القرطبي ولا الزركشي ولا حتى ابن بطوطة!.
فلا تقل بالقرآن برأيك, يرحمك الله!.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 10:39 م]ـ
يا شيخ أمين ..
لو أنكم تحلّيتم بالصبر وتريّثتم قليلاً ..
لعلمتم سبب اختيارنا لاسم "الهندسة" ..
فإن الذي قرأتموه، لم يكن إلا مقدّمة قد خلت من تمهيد ..
ثم واعجبي من حالكم – عفا الله عنا وعنكم ..
فما زلت أراكم مصرّين على ركوب مطية الجدل العقيم ..
فملتم بهذا الركب إلى الشغب بالتعصّب ..
وقابلتم الأمور بتحسينها وتقبيحها وتهجينها ..
حتى جهلتم أن وراء ذلك ما يفوت ذرعكم، ويتخلّف عن لحاقه رأيكم ونظركم، ويعمى دون كنه ذلك بصركم ..
أتدرون ما الفرق بين القسمة والهندسة .. يا أستاذ أمين؟
لا أظنّكم تفقهوه ..
وأنّى لكم أن تفقهوا ما ليس لكم به علم؟
ومع ذلك .. فلا نراكم إلا كالمستخفّين بعقولنا ..
ويأبى الله سبحانه إلا أن يبيّن عيوب عقولكم أنتم ..
فلقد رأينا ضعف استدلالكم في التفسير وفي علوم القرآن ..
ثم هأنتم هؤلاء تحاجّوننا بعلم .. نحن أحق به منكم ..
فالهندسة من تخصّصاتنا ..
ولا علاقة للموضوع بالموسيقى التأثيرية ..
التي – من الظاهر – أنها أثّرت في عقولكم لدرجة السكر والهذيان ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا نراكم إلا كمن ظنّ أن الطبيب والمهندس والمفسّر والمؤوّل .. وكذلك كل صاحب مهنة وصنعة .. وكل من فاهَ بلفظ وأمَّ غرضاً .. كلهم فقير إليكم .. محتاج إلى ما في يديكم .. وحالكم هذه أشبه بمن هو في حالة احتضار نفسي ..
ووالله الذي لا إله إله غيره .. ما أردنا منكم أبداً إلا علماً نافعاً، وما أردنا لكم أبداً إلا النصح والنصيحة ..
فاخترتم التنصّل من الأولى .. وأبيتم الأخذ بالأخرى ..
ولهذا فإننا قد والله سئمنا .. ومللنا .. وضجرنا من كلامكم الطائش، الذي لا طائل منه ..
فلا نجد فيه إلا تعطيلٌ للعلم، وطعنٌ متواصلٌ في الأشخاص ..
------------------
ومع هذا - وقبل أن أبيّن لكم الفرق بين القسمة والهندسة - أنقل لكم ما أورده السيوطي في العلوم المستنبطة من القرآن. قال – رحمه الله: " وقد احتوى – أي القرآن الكريم – على علوم أخرى من علوم الأوائل، مثل الطب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر، والمقابلة ... "، وبعد أن استنبط الدليل على كل علم مما ذكر، قال عن الهندسة: " وأما الهندسة، ففي قوله تعالى: " انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ " (المرسلات: 30) ".
وقد نقل السيوطي نفسه عن ابن سراقة (صاحب إعجاز القرآن)، قوله – رحمه الله: " من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب، والجمع، والقسمة، والضرب، والموافقة، والتأليف، والمناسبة، والتصنيف، والمضاعفة، ليعلم بذلك أهل العلم بالحساب أنه صلى الله عليه وسلم صادق في قوله، وأن القرآن ليس من عنده، إذ لم يكن ممن خالط الفلاسفة، ولا تلقّى الحساب وأهل الهندسة ".
ولئن شئتم الإبحار في هذا الموضوع ..
فلكم مني هدية بحثاً كاملاً، كنت قد دوّنته قبل أربع سنوات .. ولم يُطبع بعد ..
والآن .. إليكم الفرق بين القسمة والهندسة:
أما القسمة، فهي: عملية تفكيك لعناصر بين أجزاء مرتبطة مع بعضها البعض.
وأما الهندسة، فهي: عمليّة ربط بين عناصر الأجزاء، وكشف عن المناسبات في النظام الرابط بين هذه العناصر ..
وأما فائدة الهندسة في اللغة، فجعل أجزاء الكلام بعضها آخذاً بأعناق بعض، ليقوى بذلك الارتباط ويصير التأليف حاله البناء المحكم، المتلائم الأجزاء .. فهي تصف النظام في بناء الكلام ..
وهي تفاعل أصيل بين الكلمات والأرقام يكوّن صورة معبّرة ومنظّمة، صورة فيها جمالية الكلمات ودقّة الأرقام، ولكنها ليست كلمة ولا رقماً ولا قسمة، بل هي هندسة بموجب مفهومنا في هذا المجال ..
فإذا كانت هذه الهندسة كلاماً، كانت كلاميّة، أو كلاماً مهندساً. والقرآن الكريم فيه مواصفات الجمال والدقّة. فجماله قمّة الأدب والبلاغة والفنّ الرفيع، ودقّته كذلك قمّة الحساب والهندسة والقانون البديع ..
فلا نجد في جماله خيالاً ولا سراباً، ولا نجد في دقّته جفافاً أو تجريداً، بل هو الجمال الحقيقي والقانون الحقّ ..
-----------------
وبعد الكشف عن هذه التعاريف التي أظهرناها قبل أوانها ..
أقدّم إليكم - أخي الفاضل - هذه النصيحة ..
مهداة من ابن المقفّع، قال:
عمل الرجل يعلم أنه خطأ: هوى، والهوى آفة العفاف.
وتركه العمل بما يعلم أنه صواب: تهاون، والتهاون آفة الدِّين.
وإقدامه على ما لا يعلم أصواب هو أم خطأ: لجاج، واللجاج آفة الرأي.
فانظروا – حفظكم الله – أين أنتم من هذا الكلام ..
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 10:49 م]ـ
أخي لؤي
واصل رعاك الله حديثك الممتع.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 11:37 م]ـ
الأخ عاشق جمال الفصحى - حفظه الله ..
شكر الله لكم حسن كلامكم ..
سأكمل المشوار بإذن الله تعالى ..
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[21 - 08 - 2005, 11:40 م]ـ
الأستاذ لؤي
واصل كلامك الشيق ولا تلتفت إلى العابثين فإن الرد عليهم مضيعة للوقت
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 12:21 ص]ـ
من أوجه الابتلاء في سورة الكهف
سورة الكهف فيها خمس قصص، توسّطتها قصّة آدم عليه السلام. إذ سبقتها قصّتان: قصّة أصحاب الكهف، وقصّة صاحب الجنتين. كما تلتها قصّتان: قصّة موسى عليه السلام والعبد الصالح، وقصّة ذي القرنين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعند إمعان النظر في هذه القصص، نلاحظ أن معاني قصّة آدم عليه السلام تنعكس على ما قبلها وعلى ما بعدها من القصص بشكل تناظري عجيب رائع، وبيان ذلك فيما يلي:
قصّة أصحاب الكهف، وقصّة صاحب الجنتين:
هاتان القصّتان تتعلّقان بقوم من عامّة الناس ..
فأصحاب الكهف فتية من عامّة الناس، ابتلاهم الله تعالى باضطهاد الملك الوثني، فصبروا على فراق أهلهم وديارهم، وعلى العيش في كهف مظلم لا تدخله الشمس .. وقد لجؤوا إلى الكهف بأبدانهم، لكنهم لجؤوا إلى الله ورحمته بقلوبهم " فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا " (الكهف: 16)، مؤمنين بأن لا ملجأ إلا إلى الله .. فكانوا ناجحين في ابتلاء الصبر بلجوئهم إلى الله تعالى.
وأما صاحب الجنتين، فهو من عامّة الناس أيضاً، وقد ابتلاه الله ابتلاء شكر، فأغدق عليه النعم الدنيوية من شجر وزرع وماء، لكنه لم يشكر الله، ولجأ إلى هواه وإلى متاع الدنيا معتقداً أنه لن يفنى " قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً " (الكهف: 35 - 36)، فكفر باليوم الآخر، ودفعه هواه إلى الاستعلاء على صاحبه الفقير المؤمن، فقال: " أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا " (الكهف: 34). وهكذا أخفق هذا الرجل في ابتلاء الشكر.
قصّة آدم عليه السلام:
تمتاز قصّة آدم عليه السلام بأهمية خاصّة، فبعد أن أسكنه الله تعالى - هو وزوجه – الجنة وأباح له الأكل من جميع أشجارها إلا شجرة واحدة حرّمها عليه، فكان في تحريم هذه الشجرة ابتلاء له: وهو ابتلاء ذو شقّين: أولهما ابتلاء شكر، وليس الشكر مجرد قول (أشكرك) للمنعم، بل الشكر الحقيقي تصرف وسلوك يرضيه بهما. فهل يشكر آدم ربّه على نعمتي العلم والجنة، فيطيع ربّه؟ وأما ثانيهما، فابتلاء صبر: فهل يصبر آدم عن الأكل من الشجرة المحرّمة؟ وهل يصمد أمام إغراء الشهوة والهوى؟ وهل يصمد أمام استدراج الشيطان الذي حذّره الله تعالى منه قائلاً: " إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى " (طه: 117)؟
إن أبانا آدم عليه السلام لم يصبر عن الأكل من الشجرة، فأخفق في ابتلاء الصبر، وهو يكون بذلك قد أخفق في ابتلاء الشكر، لأنه قابل نعم ربه عليه بالعصيان. ومن ناحية أخرى، فإن قصّة آدم تتناول مبدأ التكليف وحمل المسؤولية وما يتبعه من عقاب وثواب. إنها تقرّر مبدأ الحلال والحرام. فأشجار الجنّة حلال لآدم إلا شجرة واحدة محرّمة عليه، فإن أكل منها أصابه العقاب، وهو الطرد من الجنة. ونحن الآن نعيش حياة المسؤولية هذه، وحياة الحلال والحرام ووقوع آدم عليه السلام في الخطأ يشير إلى أصالة الخطأ في الطبيعة البشرية.
قصّة موسى والعبد الصالح، وقصّة ذي القرنين:
تقع هاتان القصّتان بعد قصّة آدم عليه السلام، وتتعلّقان برجلين من خاصّة الناس، فموسى عليه السلام ليس كسائر الناس، بل هو نبي مرسل اختصّه الله تعالى بمقام روحاني سامٍ. وذو القرنين ليس كسائر الناس، بل هو ملك عظيم حكم كثيراً من الشعوب.
أما قصّة موسى عليه السلام، فهي قصّة ابتلاء وصبر، إذ أرسله الله تعالى إلى العبد الصالح " قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا " (الكهف: 67)، وهذا ما حدث فعلاً. إذ حدثت ثلاثة أحداث، تصرّف العبد الصالح أثناءها تصرّفات أثارت موسى عليه السلام. فقد خرق سفينة المساكين وقتل غلاماً بريئاً ودعم جداراً دون أجر لقوم لئام أبوا أن يضيّفوهما. وكان موسى عليه السلام يعترض في كل مرة على العبد الصالح رغم وعده له ألا يفعل. وهكذا أخفق موسى في ابتلاء الصبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما ذو القرنين فقد آتاه الله تعالى مُلك الدنيا وفتحها عليه من مشرقها إلى مغربها، فهل شكر ربّه على هذه النعم العظيمة؟ تبيّن السورة أن ذا القرنين قد شكر ربّه بالصور التالية: أولاً: إنه أقام العدل في الأرض، فعاقب الظالم وأحسن إلى المحسن " قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا " (الكهف: 87 - 88). ثانياً: منع ظلم يأجوج ومأجوج عن جيرانهم، فأقام سدّاً هائلاً دون أن يأخذ عليه أجراً، معترفاً بأن الله تعالى أنعم عليه بالأموال الكثيرة " قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ " (الكهف: 94 - 95). ثالثاً: عندما أنهى بناء السدّ، لم ينسب الفضل في ذلك إلى نفسه، بل نسبه إلى رحمة الله تعالى " قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي " (الكهف: 98). وبذلك نجح ذو القرنين في ابتلاء الشكر، إذ التجأ إلى الله تعالى مرجعاً الأمور إليه، ولم يلجأ إلى هوى نفسه، ولا إلى الشيطان وإغراءاته ..
وهكذا يظهر اول وجه من الهندسة الإلهية في مواضيع هذه القصص الأربع – التي تتوسّطها قصّة آدم عليه السلام، وذلك في استيعابها لجميع النماذج البشرية، فنموذجان من عامّة الناس: أصحاب الكهف، وصاحب الجنتين. ونموذجان من خاصّة الناس: أحدهما نبيّ مرسل: موسى عليه السلام، والآخر ملك عظيم: ذو القرنين.
ومن عجب أن يخفق صاحب القمّة الروحية (موسى عليه السلام) في ابتلاء الصبر، بينما ينجح صاحب القمّة الدنيوية (ذو القرنين) في ابتلاء الشكر. ومن عجب أن ينجح فتية ليسوا في مقام موسى عليه السلام في ابتلاء الصبر، بينما يخفق صاحب الجنتين في ابتلاء شكر على نعم كثيرة أغدقها الله تعالى عليه، ولم يكن يكلّفه هذا الشكر سوى الاعتراف بفضل الله عليه.
والملاحظ أن ابتلاءات الصبر والشكر تتوزّع على القصص الأربع بالتساوي، كما يتوزّع النجاح والإخفاق عليها بالتساوي، وهو تنويع مرتّب متناسق يشمل جميع الحالات الممكنة التي قد يتعرّض لها البشر، وجميع النماذج البشرية التي تزخر بها الحياة:
أصحاب الكهف ==== > صبر === > نجاح
صاحب الجنتين ==== > شكر === > إخفاق
آدم عليه السلام ==== > صبر وشكر
موسى عليه السلام ==== > صبر === > إخفاق
ذو القرنين ===== > شكر === > نجاح
هذا هو المشهد الأمامي لموضوع الابتلاء في هذه السورة المباركة، غير أننا إذا تعمّقنا فيها، وجدنا أنواعاً أخرى من الابتلاء تموج بها سورة الكهف، وكأنها سورة ابتلاء .. وهذا ما سنحاول بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى ..
يتبع ..
ـ[أمين هشام]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 12:54 ص]ـ
ومع هذا - وقبل أن أبيّن لكم الفرق بين القسمة والهندسة - أنقل لكم ما أورده السيوطي في العلوم المستنبطة من القرآن. قال – رحمه الله: " وقد احتوى – أي القرآن الكريم – على علوم أخرى من علوم الأوائل، مثل الطب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر، والمقابلة ... "، صدق الله العظيم!.
ـ[أمين هشام]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 01:13 ص]ـ
يا شيخ أمين ..
لو أنكم تحلّيتم بالصبر وتريّثتم قليلاً ..
لا أظنّكم تفقهوه ..
أين الفصيح القناص جمال عن هذا البديع!!!!!!!!!!!!!!
ـ[أمين هشام]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 01:26 ص]ـ
يا شيخ أمين ..
لو أنكم تحلّيتم بالصبر وتريّثتم قليلاً ..
لا أظنّكم تفقهوه ..
أين الفصيح القناص جمال عن هذا البديع!!!!!!!!!!!!!!
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 04:06 ص]ـ
جمد اشتراك أمين هشام.
فلا داعي للرد عليه بعد اليوم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 05:22 ص]ـ
[ B] ومع هذا - وقبل أن أبيّن لكم الفرق بين القسمة والهندسة - أنقل لكم ما أورده السيوطي في العلوم المستنبطة من القرآن. قال – رحمه الله: " وقد احتوى – أي القرآن الكريم – على علوم أخرى من علوم الأوائل، مثل الطب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر، والمقابلة ... "، صدق الله العظيم!.
هذا الكلام منهم كفر صريح
لقد ذيّلوا كلام الأخ لؤي والذي هو كلام بشر بقولهم "صدق الله العظيم"ولا يذيل إلا كلام الله بهذا القول--فلبئس ما فعلتم
ـ[صوت الحق]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 03:49 م]ـ
حتى هذه لم تفهمها يا جمال فكفرت قول الرجل
فما أراده أخونا الأمين ((الإستهزاء))
أجعلتم قول السيوطي رحمه الله حجة بعد الرسل
.
أما ما جاء في قولك أخي لؤي من تعريف للهندسة والقسمة
(((أما القسمة، فهي: عملية تفكيك لعناصر بين أجزاء مرتبطة مع بعضها البعض.
وأما الهندسة، فهي: عمليّة ربط بين عناصر الأجزاء، وكشف عن المناسبات في النظام الرابط بين هذه العناصر .. )))
فكيف يا فصيح تكون الهندسة = القسمة وهما متضادات بالمعنى حسب قولك!!!؟!!!!
أما مصطلح الهندسة البشري فلا علاقة له بالربط بل هي في (لسان العرب) الحدُّ والقياس
فأين الحد من الربط؟!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 07:05 م]ـ
[ B]
هذا الكلام منهم كفر صريح
لقد ذيّلوا كلام الأخ لؤي والذي هو كلام بشر بقولهم "صدق الله العظيم"ولا يذيل إلا كلام الله بهذا القول--فلبئس ما فعلتم
الله أكبر على الظالمين
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 07:53 م]ـ
الأخ صوت الحق - حفظه الله ..
هل تريدون أن نتحاور حواراً بنّاءاً فعلاً؟؟
أم ستكملون المشوار بالـ (الاستهزاء) على حدّ تعبيركم؟
أعلمونا .. هداكم الله ..
والسلام ..
ـ[صوت الحق]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 01:47 ص]ـ
حتى هذه لم تفهمها يا جمال فكفرت قول الرجل
فما أراده أخونا الأمين ((الإستهزاء))
أجعلتم قول السيوطي رحمه الله حجة بعد الرسل
.
أما ما جاء في قولك أخي لؤي من تعريف للهندسة والقسمة
(((أما القسمة، فهي: عملية تفكيك لعناصر بين أجزاء مرتبطة مع بعضها البعض.
وأما الهندسة، فهي: عمليّة ربط بين عناصر الأجزاء، وكشف عن المناسبات في النظام الرابط بين هذه العناصر .. )))
فكيف يا فصيح تكون الهندسة = القسمة وهما متضادات بالمعنى حسب قولك!!!؟!!!!
أما مصطلح الهندسة البشري فلا علاقة له بالربط بل هي في (لسان العرب) الحدُّ والقياس
فأين الحد من الربط؟!!!
من بدأ بالإستهزاء فعليه أن يتحمل فما نوقشت دراسة للشيخ إلا وكانت بصمات الإستهزاء من قبلكم واضحة جلية
أنتظر الرد هدانا وإياك الله لما يحبه ويرضاه
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 02:42 ص]ـ
الأخ صوت الحق ..
تقول – حفظك الله: أما مصطلح الهندسة البشري فلا علاقة له بالربط بل هي في (لسان العرب) الحدُّ والقياس. فأين الحدّ من الربط؟!!!
ولا أدري حقيقة من أين أتيت بهذا التعريف؟
فما الذي تقصده في قولك: الهندسة في لسان العرب، هي: الحدّ والقياس؟
الهندسة في لسان العرب – أخي الكريم – هي: المقادير.
جاء في مفاتيح العلوم للخوارزمي: الهندسة: كلمة فارسية معربة، وفي الفارسية: إندازة، أي المقادير.
وجاء في القاموس المحيط للفيروزآبادي: المهندس: مقدّر مجاري القُنيّ حيث تُحفر، والاسم: الهندسة، مشتقّ من الهِنداز، معرّب آب آنداز، فأُبدلت الزاي سيناً، لأنه ليس لهم دال بعده زاي. وهُندوسَ الأمر، بالضمّ: العالِم به.
وجاء في أبجد العلوم لصديق تاقنوجي: علم الهندسة: هو: علم بقوانين تعرف منه الأصول العارضة للكمّ من حيث هو كمّ. والكمّ هو كل شيء أمكن أن يقدر جميعه بجزء منه. ولذلك يعرف من علم الهندسة أحوال المقادير ولواحقها وأوضاع بعضها عند بعض، ونسبتها وخواص أشكالها، والطرق إلى عمل ما سبيله أن يعمل بها، واستخراج ما يحتاج إلى استخراجه بالبراهين اليقينية.
وقال الخليل: المهندس: الذي يقدر مجاري القُنِيّ ومواضعها حيث تحتضر، وهو مشتقّ من الهندزة وهي فارسية فصيرت الزاي سيناً في الإعراب لأنه ليس بعد الدال زاي في كلام العرب.
وقال ابن خلدون في مقدّمته: هذا العلم – أي الهندسة - هو النظر في المقادير، إما المتصلة: كالخط، والسطح، والجسم. وإما المنفصلة: كالأعداد، وفيما يعرض لها من العوارض الذاتية.
وعلم الهندسة، بمفهومه الحديث، هو تجسيد للعدد في المكان، ووسيلة لإدراك نظام معيّن من خلال البحث عن التناسق والانسجام بين عناصره، والكشف عن أوجه المناسبة فيما بين هذه العناصر.
ومن المعلوم أن لكل علم، ولكل كمال، ولكل فنّ أياً كان حقيقة سامية عالية، وأن تلك الحقيقة تستند دائماً إلى اسم من أسماء الله الحسنى، وباستنادها إلى ذلكم الاسم، الذي له حُجُب مختلفة، وتجلّيات متنوّعة، ودوائر ظهور متباينة، يجد ذلك الفنّ وذلك الكمال، وتلك الصنعة، كل منها كماله، ويصبح حقيقة فعلاً.
ولمّا كانت الهندسة علم كباقي العلوم، وحقيقتها وغاية منتهاها هي الوصول إلى اسم (العادل والمقدّر) من الأسماء الحسنى، وبلوغ مشاهدة التجلّيات الحكيمة لذلكم الاسم، بكل عظمتها وهيبتها في مرآة علم الهندسة، فاخترناها لتكون عنواناً لمقالتنا .. التي أردنا من خلالها الكشف عن " المقادير " في سورة الكهف المباركة، وذلك عن طريق النظر في نظامها من حيث ترتيب آياتها ومواضيعها وكلماتها وحروفها، وكذلك البحث عن أوجه المناسبة بين هذه العناصر مجتمعة ..
ودمتم لنا سالمين ..
ـ[صوت الحق]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 05:43 م]ـ
أما من أين أتيت به فتجده في لسان العرب
الهَنْدَسَة الحدُّ والقياس وأصلهُ إنذاره بالفارسيَّة!!!. وفي الاصطلاح علم يبحث فيهِ عن أحوال المقادير من حيث التقدير
الهَنْدَسَة الحدُّ والقياس (لغةً)
وما جئت به إصطلاحاً
لكن سؤالي
كيف تكون الهندسة = القسمة وهما متضادات بالمعنى حسب قولك!!!؟!!!!
وأنهي مشاركتي
بما أن المقارنة بين كلمة من كلام الله "القسمة" وكلمة قد يكون أصلها غير عربي فلذلك وجب عليك أن تعيد النظر في بحثك أخي لؤي
* إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 08:31 م]ـ
الأخ صوت الحق - حفظه الله ..
أما بالنسبة لقولك إن الهندسة اصطلاحاً هي الحدّ والقياس، فهذا ينطبق على علم واحد من علوم الهندسة التي كانت سائدة أيام العرب: وهي هندسة المساحة ..
ولكن هل هذا المصطلح ينطبق على علوم الهندسة الأخرى .. كالماكينات، والكهرباء، والطاقة النووية، والهندسة الوراثية، والهندسة الطبية، والهندسة الزراعية .. وما إلى ذلك؟ فشتّان بين هذه وتلك ..
وأما قولك كيف تكون الهندسة = القسمة؟
فهذا قولكم أنتم - أخي الكريم ..
ولا أراني متفقاً معكم على هذا التعريف ..
فلا أظنّ إلا أنك أنت في واد، وأنّني في واد آخر ..
فأنت - حفظك الله - تتحدّث عن شيء .. وأنا أتحدّث عن شيء مغاير تماماً ..
أنا أتحدّث عن تفكيك عناصر السورة، والبحث عن القواسم المشتركة فيما بينها، ثم الكشف عن التناسق والانسجام بين هذه العناصر، التي تشكّل حين الربط بينها - في النهاية - شكلاً هندسياً .. كعملية الربط بين ثلاث نقاط في الفراغ .. فإنك حين تمدّ خطوطاً وتربط بينها .. فتحصل على شكل هندسي مبسط اسمه مثلث .. وهذه العملية لا يمكنني أن أطلق عليها اسم " القسمة " ..
وآخر ما في الأمر .. شكر الله لكم نصيحتكم البنّاءة .. وغيرتكم على المصطلحات العربية .. وعدم استعمال مصطلحات معرّبة .. وأنا لا أخالفك الرأي في هذه ..
ولئن أعانك الله على ابتكار مصطلح جديد في العربية .. يفيدني فيما ذهبت إليه .. فسأقبله منكم .. دون التفكّر فيه مرتين .. حتى إنني سأقوم بتغيير اسم مهنتي من " مهندس طبي " إلى ما ستبتكرونه إن شاء الله تعالى .. أما أن يكون اسم مهنتي " مقسم طبي " .. فلا أراني موافقاً على ذلك ..
ودمتم لنا سالمين ..
ـ[صوت الحق]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 01:09 ص]ـ
أعود للتوضيح
(القسمة = الهندسة) أخذناه من خلال بحثك
فهذا قولك: وهكذا جعل الله تعالى فاتحة الكتاب نصفين، نصفاً لحمد الله تعالى وتمجيده، ونصفاً لما يطلبه العبد من ربه. وبحسب هذه (الهندسة)
فبالرجوع لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام فالحديث يذكر القسمة وهو ما ذكرته (نصفين)
وبإشارتك (هذه الهندسة) بذلك تضع كلمة أخرى غير التي أرادها الله العليم الحكيم ((((القسمة))))
أما قولك
أما أن يكون اسم مهنتي " مقسم طبي " فهي نفسها الإشارة التي ذكرتها!
لكن لا تستغرب إذا كان اسم مهنتك كاملاً بحاجة إلى إعادة نظر!
فحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحيح
فقال له أبي: أرني هذا الذي بظهرك فإني رجل طبيب. قال: "الله الطبيب بل أنت رجل رفيق طبيبها الذي خلقها".
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 02:15 ص]ـ
الأخ صوت الحق ..
أحسنتم وجازاكم الله خيراً على هذه اللفتة الموفّقة ..
ولكن يا أخي الكريم ..
ألا ترى أن كلمة الهندسة في عبارتي لا تعود على القسمة بحدّ ذاتها، وإن كانت هي حقاً تحت الدرس ..
فإن كلمة (الهندسة) كما أنها تعود على القسمة ككلّ، ولكنها جاءت لتعبّر عن وسطية آية " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " في السورة، والتي بدورها انقسمت أيضاً إلى نصفين: أحدهما لتمجيد الله، والآخر لسؤال العبد وتمجيده ..
وهذه العملية لا تفيدها كلمة (قسمة) التي عبّر بها الرسول صلى الله عليه وسلم عن قسمة الصلاة إلى " نصفين " فحسب ..
ولكن إن رأى المشرف - حفظه الله - وبعد الاستفتاء، أن إبدال كلمة (الهندسة) بكلمة (القسمة) في هذه العبارة بالذات واجب، فلا مانع عندي من تغييرها ..
وأما بالنسبة لقولك - حفظك الله: لكن لا تستغرب إذا كان اسم مهنتك كاملاً بحاجة إلى إعادة نظر!
فهنا أرى أنك قد جانبت الصواب ..
ولا أرى علاقة لما جاء في الحديث بهذا الموضوع ..
ولقد اقترحت عليك من قبل أن تبتكر اسماً معرّباً للهندسة ..
ولا مانع عندئذ من أن نأخذ به إن أدّى المعنى المراد من كلمة (هندسة) ..
ودمتم لنا سالمين
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 11:32 ص]ـ
نبقى في جوّ سورة الكهف المباركة ..
وأول ما يلفت انتباهنا فيها، هو أن قصة "أصحاب الكهف" بدأت بآية رقمها (9)، وانتهت بآية رقمها (26)، وأن عدد الآيات التي روت لنا قصتهم يساوي (18) آية بالضبط، والذي يساوي رقم ترتيب السورة في القرآن الكريم!
(يُتْبَعُ)
(/)
وقبل أن نبحث عن دلالة هذه الأعداد في السورة، سنحاول أن نكشف عن الحكمة من الوسطيّة المطلقة التي تحلّت بها السورة دون غيرها من السور، والتي نجد لها إشارة في ثلاث أحاديث عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والمتعلّقة بفضلها.
فقد أخرج الإمام أحمد ومسلم وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حفظ الآيات العشر الأوائل من سورة الكهف عُصم من فتنة الدجال ".
وروى الإمام أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم أنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال أيضًا: " من قرأ الآيات العشر الأواخر من سورة الكهف عُصم من فتنة الدجال ".
وروى الإمام الحاكم وصحّحه في مستدركه على الصحيحين والإمام البيهقي في السنن، عن أبي سعيد رضي الله عنهم جميعًا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ".
فما هو السرّ الكامن في سورة الكهف، والذي لأجله عيّنها الرسول صلى الله عليه وسلم برأسها وبذيلها وبذاتها من بين كل سور القرآن الكريم؟ ولماذا خصّها صلى الله عليه وسلم كمنجىً ومُعْتَصَمٍ من فتنة الدجال؟
نقول، والله تعالى أعلم، إن سورة الكهف قد تفرّدت بقصص عجيبة لم تتكرّر في أي موضع آخر من سور القرآن الكريم، وهي: قصّة أصحاب الكهف، وقصّة نبي الله موسى مع الخضر عليهما السلام، وقصّة الملك فاتح الآفاق ذي القرنين.
فهي قصص يتيمة وردت لمرة واحدة في كل القرآن. وليس بسط هذه القصص من مقصودنا في هذا البحث، ولكنّا نريد أن نكشف بعون الله تعالى عن شيء من هذا السرّ، الذي لأجله خصّ الرسول صلى الله عليه وسلم هذه السورة دون غيرها من السور بهذه الميزات، والتي نراها مرتبطة بموقع السورة من جهة، وبالتحام آياتها وكلماتها من جهة أخرى.
فمن تأمّل هذه السورة وقرأها بعين اليقين، وجد أن سياقها واحد، وأن موضوعاتها على ما يبدو من اختلاف ظاهر بينها إنما تدور على محور واحد، هو محور الإعتقاد والعقيدة، وتصحيح القيم والمعايير والموازين وفق قيم هذه العقيدة.
ثم إن القصص الواردة فيها تحدّثت عن كثير من العطايا الربانية التي يؤتيها الله من يشاء من عباده، نذكر منها: عطاء الإيمان متمثّلاً في قصة فتية الكهف الذين تحدّوا الجاهلية جمعاء، وخرجوا عليها غير آسفين على ما يفوتون ولا آبهين بما يلاقون، ثم آووا إلى الكهف، " فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً ".
ومنها عطاء العلوم والفتوح الغيبية متمثّلاً في قصة نبي الله موسى عليه السلام وفتاه مع الخضر، الذي آتاه الله من العلوم التي لا تُحصّل بفكر ولا بإعمال نظر، وإنما مصدرها روح قدسيّة ونفس زكيّة وصلت نفسها بحبل الله تعالى، " فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ".
ومنها أيضًا عطاء القوة المادية متمثّلاً في قصة ذي القرنين، الذي آتاه الله تعالى من قوة مادية استظهر بها لنصرة المستضعفين وحرب العالين المفسدين في الأرض، "إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ".
ثم إن هذه المعاني لم ترد مجرّدة، بل إن أوجه المناسبة الكامنة بينها كثيرة، والعلاقات الرابطة بينها لهي من الخوارق التي توحي إلى دلالة مباشرة على ما ورد في الأحاديث التي ذكرناها آنفًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما أن هذه السورة الجليلة تفرّدت دون غيرها من السور بإيراد هذه القصص العجيبة، فهي كذلك تفرّدت أيضاً من دون سائر سور القرآن بجملة خصائص ومجموعة مزايا، على رأسها ما يشبه أن يكون كرامة قرآنية عجيبة تدلّ على عظمتها. كيف؟
(يُتْبَعُ)
(/)
عند التمعّن في موقع سورة الكهف من القرآن، نجد أولاً أنها تقارب أن تنتصف القرآن من ناحية صفحاته. ثم نلاحظ أن الجزء الخامس عشر انتهى فيها بالآية (74)، ليبتديء الجزء السادس عشر في الآية (75) من السورة نفسها، وعليه فقد انتصفت فيها أيضًا أجزاء القرآن الثلاثون. ثم نجد فيها أنه بحرف "النون" في قوله تعالى " نُّكْراً " من الآية (74): " فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً " قد انتصف عدد حروف القرآن، ليكون حرف الـ"الكاف" من الكلمة نفسها هو بداية النصف الثاني من حروف القرآن. ثم نجد أيضًا أن عدد الآيات التي روت لنا القصص اليتيمة الثلاث يساوي بالضبط (57) آية كريمة، وهو ما يعادل نصف سور القرآن.
ثم نجد أن هذه السورة الكريمة توسّطت أيضًا السور الخمس التي افتتحت بثناء الله تعالى على نفسه وذاته الكريمة بقوله سبحانه: ((الحمد لله))، وهي سور: الفاتحة (1)، الأنعام (6)، الكهف (18)، سبأ (34)، وفاطر (35). ثم إن اسمها من بعد ذلك ومن قبل سورة الكهف، والكهف يقع في قلب الجبل، فحريّ بها أن تقع إذن في قلب القرآن لأنها سورة الكهف.
ففي هذه المناسبات الجليّة وغيرها دلالات لطيفة، اتخذت منها سورة الكهف موضعًا يتّصف بالـ"الوسطيّة" في كثير من الجوانب العددية. والعلّة من ذلك، والله أعلم، أن الوسط بطبيعة الحال دائمًا محميّ الأطراف ومحفوظ. لأنه يشكّل المنزل الأوقى والموضع الأقوى من حيث أنه محروس ومحميّ بما حوله، فهو يمثّل الأمان والبعد عن المخاطر، في حين أن الأطراف هي التي تتعرّض عادة للخطر والفساد.
وفي هذا قال الشاعر:
كانت هي الوسطَ المحميَ فاكتنفت ----- بها الحوادث حتى أصبحت طرفًا
فالوسط يشير دائمًا إلى الأمن والاستقرار ويشكّل في الوقت نفسه مركز القوة. فأشعة الشمس مثلاً لا تكون أقوى تأثيرًا وإضاءة وحرارة إلا في وسط النهار وفي وسط قبّة السماء، ولا يكون الإنسان في أقوى حالاته إلا في شبابه وهو وسط بين ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة. والوسط يمثّل أيضًا نقطة الوحدة ومركز التلاقي، فقد تتعدّد الأطراف تعدّدًا لا يتناهى ويبقى الوسط واحدًا يمكن لكل الأطراف أن تلتقي عنده، فهو المنتصف وهو المركز.
والوسطية تعني أيضًا استقامة المنهج، والبعد عن الميل والإنحراف. فالصراط المستقيم هو الطريق السويّ الواقع وسط الطرق المنحرفة عن القصد، فإذا فرضنا خطوطًا كثيرة واصلة بين نقطتين متقابلتين فالخط المستقيم إنما هو الخط الواقع في وسط تلك الخطوط المنحنية، وهو وسطها وأقصرها إلى الهدف.
ومن ثم فإن الوسطية في الإسلام تعني الخيريّة والفضل والتميّز في الأمور المادية والمعنوية، فأفضل حبّات العقد واسطته، ورئيس القوم في الوسط والأتباع من حوله. وقال أحد الحكماء: الفضيلة وسط بين رذيلتين، وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا": الوسط هنا الخيار والأجود، كما يقال قريش أوسط العرب نسبًا، أي خيرها، وكان عليه الصلاة والسلام وسطًا في قومه أي أشرفهم نسبًا ..
ولذلك نجد من المعاني التي تمّ ذكرها، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خصّ هذه السورة الكريمة بهذه المزايا والصفات الدالّة على الوسطيّة، كإشارة لطيفة إلى أن من حفظها حُفظ من الدجال، كما أنها محفوظة في وسط القرآن.
ونلفت الانتباه هنا إلى أن هذه الإشارة ليست من الهوى والخيال، والدليل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى عندما تكلّم عن وسطيّة هذه الأمّة في آية البقرة بقوله عزّ وجلّ: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً "، وجدنا أن رقم هذه الآية في السورة هو (143)، مع العلم أن سورة البقرة تعدّ (286) آية كريمة. فذكر الله تعالى آية الوسط في وسط سورة البقرة.
إذن أن توضع سورة الكهف في هذا المكان أيضًا إشارة إلى ما تقدّم من معاني. واستنادًا إلى ما ذكرنا من عطايا الإيمان فيما سبق، تكون هذه السورة الكريمة بمثابة عصمة وحفظ من كل دجل الدجاجلة، وليس من دجل الدجّال الأكبر وحده. بل من كل تدجيل المدنيات والحضارات والثقافات والكذبة من رؤوس الشرّ في هذه البشرية، لأن دجل الدجاجلة جميعًا يستغلّ إما ضعف العقل أو ضعف الإيمان أو ضعف الإرادة أو الضعف المادي. أما من كان قويًا في عقله وإيمانه ومتدرّعًا في أسباب النصر، فأنّى أن يكون للدجاجلة عليه سبيل؟
فكأن القرآن عرض لنا هذه العطايا في هذه القصص لكي يدلّ على أن من تحفّظ بها، فقد عُصم وحُفظ من كل أشكال الدجل بشكل عام، ومن الدجّال الأكبر بشكل خاص.
يتبع ..
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 11:50 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء على هذه اللفتات والوقفات القيمة أخانا لؤي
هل هناك فرق بينم الوسْط بسكون السين و الوسَط بفتح السين؟
وبالسبة للوسطية في (((وَجَعَلْناكُم أُمَّةً وَسَطاً))): فهي العدل أياً كان موضعها (أي الوسطية) في المنتصف أو على الأطراف ..
والله تعالى أعلى وأعلم
بانتظار ردكم الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 12:06 م]ـ
الأخ عمار - حفظه الله ..
الوسْط: لا يكون إلا ظرفاً.
تقول: قعدت وسْط القوم.
وتقول: ثوبي وسْط الثياب ..
فإذا حرّكت السين، كان اسماً، وكان بمعنى بعض الشيء.
تقول: وسَط رأسه صلب.
والوسَط: اسم الشيء الذي لا ينفك من الشيء المحيط به جوانبه كوسَط الدار.
وإذا حرّكت السين دخلت عليه (قي)، فتقول: احتجم في وسَط رأسه، ووسَط رأسه بموضع هذا في وسَط القوم. ولا يُقال قعدت في وسْط القوم.
وأما بالنسبة للوسطية والعدل ..
فكيف يكون عدل في (الأطراف)؟
فهلا وضّحت لنا ما دار في مخيّلتك من مثال على ذلك - بارك الله فيك؟
حان موعد الذهاب إلى الصلاة ..
نكمل لاحقاً إن شاء الله تعالى ..
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 01:43 م]ـ
العزيز لؤي: بارك الله بك لتوضيحك الأمر حول الوسْط والوسَط.
أما بالنسبة للعدل، فالأرجح أن أكون مخطئاً في التعبير.
فعندما أقول أن الوسطية بمعنى العدل؛ فكلمة العدل هي الملائمة للوسطية والله أعلم.
أما أن أقول العدل على الأطراف: فالأصح أن أقول: أثر العدل يظهر على الأطراف.
بالنسبة لكلامنا عن الإسلام وحول الآية: (((وَكَذلِكَ جَعَلْناكُم أُمَّةً وَسَطاً)))
فإني أشبه هذا الأمر بمثال وهو: كفتا الميزان؛ فعندما تكون نقطة الإرتكاز في المنتصف يظهر عدل الميزان على الأطراف. أي أن الأطراف لا يصيبها الفساد عندما تكون نقطة الإرتكاز في المنتصف ..
ولكن إذا حركنا نقطة الإرتكاز ناحية اليمين أو اليسار؛ فبقصر المسافة ناحية أحد الأطراف وطولها ناحية الأخرى يجبرنا على وضع ثقل على الطرف الذي مسافته أقصر حتى يتلاءم مع مبدأ الميزان .. وهذا ما يفعله بعض العلماء المسلمين سامحهم وهداهم الله ... وهذا ما يحدث في العقائد الأخرى والمبادئ غير الإسلامية.
فعلينا أن نفهم، كما تفضلت مشكوراً أن الوسط هو المركز ولكن مع الأخذ بعين الإعتبار أن لا تتزحزح نقطة الإرتكاز وهي العقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية حتى تبقى ما انبثق عنها من شؤون حياتنا متزناً كرد فعل وأثر.
أرجو أن تكون الفكرة واضحة، وأرجو أن تسامحني للخروج قليلاً عن الموضوع حول سورة الكهف. دمتم لنا سالمين.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 02:35 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب عمار ..
وما تفضّلت به هو عين الإنصاف والعدل ..
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 08:06 م]ـ
وفيك بارك أخي الحبيب لؤي ..(/)
الكلام والكلمة في القرآن
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 08:00 ص]ـ
:::
الكلام مشتق من الكلم وهو الجرح وذلك لتشابههما في التأثير وهو عبارة عن الجملة المفيدة لمعنى تام
أمّا الكلمة فهي اللفظة المفردة
قال تعالى ({وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ} (6) سورة التوبة؛ أي حتّى يسمع جملا مفيدة لمعنى
وقال تعالى (يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (15) سورة الفتح؛ ---أي تبديل الجمل المفيدة للمعنى التام
وقال تعالى (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} (75) سورة البقرة؛ ولا يكون عقل إلا للجمل التّامة المعنى
وقال تعالى ({يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} (46) سورة النساء؛ أي يفترضون معنى مغايرا للمعنى المقصود للجمل التامة المعنى
أمّا قوله (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (5) سورة الكهف؛ فالكلمة هنا مجاز عبر بالجزء وهو الكلمة وأراد الكل وهو الكلام إذ لا يقصد بالكلمة هنا اللفظ المفرد إنّما الكلام أي الجملة المفيدة لمعنى تام--لأن الكلمة الواحدة لا تكون كذبا--إنّما الجملة التي يكون فيها كذب
وكذلك قوله (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} (115) سورة فالمقصود تمام كلام ربك أي تمام الجمل الدالة على المعنى ولكنه استخدم المجاز عبر بالجزء وأراد الكل
هل لأحدكم رأي آخر
-----------------------------------------
كتبت هذا الموضوع متأثرا بكتاب أبي البقاء العكبري "مسائل الخلاف"
ـ[الأهدل]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 08:39 م]ـ
أخي الكريم (جمال)
----------------------
قولك (أمّا الكلمة فهي اللفظة المفردة) فيدخل في هذا التعريف اللفظة التي لها معنى
والتي لا معنى لها لذا عرف الكلمة معظم النحاة بقولهم (الكلمة قول مفرد)
والمراد بالقول المفرد اللفظ الدال على معنى وهذا التعريف أفضل بكثيييير من تعريفك
----------------------
وقولك عند قوله تعالى {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}
(فالكلمة هنا مجاز عبر بالجزء وهو الكلمة وأراد الكل وهو الكلام)
وقولك: عند قوله تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً}
(ولكنه استخدم المجاز عبر بالجزء وأراد الكل)
فلم استخدمت كلمة مجاز في الموضعين علما أن الكلمة
في أصل اللغة تطلق على الجمل المفيدة حقيقة لا مجازا
قال تعالى {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} أراد بها
{رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}
وقال صلى الله عليه وسلم (أصدق كلمة قالها لبيد) أراد بها قوله:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل - فأين المجاز والكلمة هي الكلام في أصل اللغة.
-----------------------------------
هذا هو الرأي الآخر الذي طلبته في قولك (هل لأحدكم رأي آخر).
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 09:15 م]ـ
الأخ الأهدل
أسعدني جدا حضورك بيننا هنا
أمّا قولك (علما أن الكلمة
في أصل اللغة تطلق على الجمل المفيدة حقيقة لا مجازا) يحتاج منك إلى شواهد وأدّلة من غير القرآن الكريم
فما نعرفه من أساسيات اللغة أنّ الكلمة هي اللفظ المفرد--
قال أبو البقاء عبد الله بن الحسين العُكْبُري (الكلام عبارة عن الجملة المفيدة فائدة تامة، كقولك: زيد منطلق، وإن تأتني أكرمك، وقم وصه، وما كان نحو ذلك؛ فأما اللفظة المفردة نحو: زيد وحده ونحو ذلك، فلا يسمى كلاما بل كلمة.)
ـ[الضاد1]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 09:51 م]ـ
أخي جمال رعاك الله
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً
جاءت (كلمت) بالتاء المفتوحة، وفسرتها لنا مشكوراً على أنها
تمام كلام ربك أي تمام الجمل الدالة على المعنى ولكنه استخدم المجاز عبر بالجزء وأراد الكل
هل (كلمت) هنا نفس (كلمات) في الآية التالية:
وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (لقمان: 27)
أعزكم الله
ـ[الأهدل]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 11:38 م]ـ
الأخ الأهدل
أسعدني جدا حضورك بيننا هنا
أمّا قولك (علما أن الكلمة
في أصل اللغة تطلق على الجمل المفيدة حقيقة لا مجازا) يحتاج منك إلى شواهد وأدّلة من غير القرآن الكريم
فما نعرفه من أساسيات اللغة أنّ الكلمة هي اللفظ المفرد--
قال أبو البقاء عبد الله بن الحسين العُكْبُري (الكلام عبارة عن الجملة المفيدة فائدة تامة، كقولك: زيد منطلق، وإن تأتني أكرمك، وقم وصه، وما كان نحو ذلك؛ فأما اللفظة المفردة نحو: زيد وحده ونحو ذلك، فلا يسمى كلاما بل كلمة.)
-----------------------
القرآن قاموس من لا قاموس له
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 05:06 ص]ـ
-----------------------
القرآن قاموس من لا قاموس له
كأن أخي الأهدل لم يعجبه طلبي آيراد شواهد من غير القرآن فآتاني بعبارة "القرآن قاموس من لا قاموس له"
عند محاولة التفسير يأتون بشواهد لغوية من غير القرآن للدلالة على أنّ المعنى قالته العرب--هذه هي الطريقة
وإليك ما جاء في صحاح الجوهري
(الكَلامُ: اسم جنسٍ يقع على القليل والكثير. والكَلِمُ لا يكون أقلّ من ثلاث كلمات؛ لأنَّه جمع كَلِمَةٍ، مثل نَبِقَةٍ ونَبِقٍ. ولهذا قال سيبويه: هذا بابُ علم ما الكَلِمُ من العربية، ولم يقل: ما الكلامُ، لأنَّه أراد نفس ثلاثة أشياء: الاسم والفعل والحرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعاً، وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة. وتميمٌ تقول: هي كَلِمَةٌ بكسر الكاف. وحكى الفراء فيها ثلاث لغات: كَلِمَةٌ، وكِلْمَةٌ، وكَلْمَةٌ. والكَلِمَةُ أيضاً: القصيدة بطولها. والكَليمُ: الذي يُكَلِّمُكَ. يقال: كَلَّمْتُهُ تَكْليماً وكَلاماً. وتَكَلَّمْتُ كِلْمَةً وبكِلْمَةٍ. وكالَمْتُهُ، إذا جاوبته. وتَكالَمْنا بعد التهاجر. ويقال: كانا مُتَصارِمَيْنِ فأصبحا يَتَكالَمانِ، ولا تقل يَتَكَلَّمانِ. وما أجد مُتَكَلَّماً، أي موضعَ كَلامٍ. والكَلمانِيُّ: المِنْطيق. والكَلْمُ: الجراحة، والجمع كُلومٌ وكِلامٌ. تقول: كَلَمْتُهُ كَلْماً. وقرأ بعضهم: "دابَّةً من الأرض تَكْلِمُهُمْ"، أي تجرحُهم وتَسِمُهُمْ. والتَكْليمُ: التجريح. قال عنترة: إذ لا أزالُ على رِحالَةِ سابحٍ نَهْدٍ تَعاوَرَهُ الكُماةُ مُكَلَّم)
ـ[الأهدل]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 02:47 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ (جمال حسني)
قولك (عند محاولة التفسير يأتون بشواهد لغوية من غير القرآن
للدلالة على أنّ المعنى قالته العرب هذه هي الطريقة) كلام حق
ولمزيد من التأكيد لما قلته فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن بعض العرب قال له
نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادقة ذلك
من كلام العرب فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين
ثم قام إلى ابن عباس نافع بن الأزرق فقال يا ابن عباس أخبرني عن قول الله تعالى
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} قال العزين حلق الرفاق قال وهل تعرف العرب ذلك
قال نعم أما سمعت عبيدة بن الأبرص وهو يقول
فجاؤا يهرعون إليه حتى @ يكونوا حول منبره عزينا
قال أخبرني عن قوله تعالى {َ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ} قال الوسيلة الحاجة
قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت عنترة وهو يقول
إن الرجال لهم إليك وسلة @ إن يأخذوك تكحلي وتخضبي
واستمر يسأله وهو يرجيبه قرابة مائة سؤال وربما أكثر أو أفل
قال السيوطي بعد سرد ما ورد من سؤال وجواب (وهي مسألة مشهورة
أخرج الأئمة أفرادا منها بأسانيد مختلفة إلى ابن عباس.
تحيتي وتقديري لك أخي الكريم
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:38 م]ـ
حبيبنا جمال/
قال ابن مالك: وكلمة بها كلام قد يؤم
وقال رسول الله=:أصدق كلمة قالها شاعر:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وهذا استعمال للكلمة بمعنى الكلام، وقال ابن هشام: وهذا كثير
لا أدري هل أصبت محل النزاع أم لا؟
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:50 م]ـ
قولك هو عين قولي
فالكلام هو الجملة المفيدة--والكلمة هي اللفظ--فإذا عبرنا بالكلمة ونقصد الكلام كان هذا من المجاز--فقوله:= (أصدق كلمة قالها شاعر:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل) متضمن لقرينة تصرف الكلام عن ظاهره--
والقرينة هي ذكره جملة مفيدة بعد قوله (أصدق كلمة) وهي (ألا كل شيء ما خلا الله باطل)
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 09:17 م]ـ
حبيبنا الشيخ جمال
كان ما توقعت من أني لم أصب محل النزاع، وإذا فمحل النزاع الجديد هو: هل إطلاق الكلمة على الكلام المفيد هو من قبيل المجاز ام .... ؟
وهذا ما لا طاقة لي ببحثه حيث إن أخوك من المبتلين بإنكار المجاز في اللغة والقرآن، والله المستعان
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 04:22 ص]ـ
وهذا ما لا طاقة لي ببحثه حيث إن أخوك من المبتلين بإنكار المجاز في اللغة والقرآن، والله المستعان
ودمتم للمحب/أبو فهر
أضحكني كلامك--
على فكرة---هل يباع عندكم دواء في الصيدليات لهذا الإبتلاء؟؟
إن لم يكن موجودا سأفتش لك عليه في القدس
المحب\ أبو بكر(/)
المضارع بدل الأمر ما الحكمة .. ؟؟
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 09:34 ص]ـ
السلام عليكم
قال تعالى::::
{قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} إبراهيم31
جاء الخطاب بالفعلين المضارعين يقيموا وينفقوا، والمقام مقام أمر صريح؟؟
ما الحكمة البلاغية في استعمال المضارع المجزوم بدل الأمر؟؟
أليست الحكمة هنا أن الفعلين أتيا بعد نداء العباد المؤمنين وكأنه قال: إن تقل لهم أقيموا يقيموا، وإن تقل لهم أنفقوا ينفقوا ..
أم لكم رأي آخر؟؟
ـ[الضاد1]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 12:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
يوجد آيات مشابهة لهذه الآية حول نفس الموضوع:
وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ
عَدُوًّا مُّبِينًا (الإسراء: 53)
قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (آل عمران: 12)
وهي مشتركة بملاحظة؛ ألا وهي: أنه إذا ذكر في الخطاب لمن الأمر ولمن نقل الخطاب يأتي الفعل المضارع .... والله أعلى وأعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 01:53 م]ـ
الأخ الحبيب عمر
الأخ الحبيب عمّار
قوله تعالى (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ) استخدم فيه المضارع لإفادة استمرارية العمل--فلو قال أقيموا لكانت المرة الواحدة كافية--أمّا في قوله" يقيموا" ففيه معنى الإستمرارية والمواظبة على العمل
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 02:52 م]ـ
الأخ الحبيب عمر
الأخ الحبيب عمّار
قوله تعالى (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ) استخدم فيه المضارع لإفادة استمرارية العمل--فلو قال أقيموا لكانت المرة الواحدة كافية--أمّا في قوله" يقيموا" ففيه معنى الإستمرارية والمواظبة على العمل
قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (آل عمران: 12)
الأخ عمار أين الشبه هنا؟؟
ويا أستاذ جمال هل من توضيخ آخر؟؟
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 02:56 م]ـ
عفوا وعذرا لقد اقتبست رد الأستاذ جمال بدل الأخ عمار (الضاد 1) عن طريق الخطأ معذرة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 03:05 م]ـ
أرجو من الأخ عمر أن يوضح لي ما يريد بالضبط--فانا أميل إلى الآيجاز في كلامي--فأين النقطة التي يريد مني مناقشتها بالضبط
ـ[الضاد1]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 09:38 م]ـ
قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (آل عمران: 12)
الأخ عمار أين الشبه هنا؟؟
ويا أستاذ جمال هل من توضيخ آخر؟؟
الأخ عمر، حفظك الله
لقد ذكر بنص صريح لمن الخطاب سيكون وهم: الذين كفروا. وجاء الفعل المضارع
المقرون بـ (سين المستقبلية) ... فهمتها بهذه الطريقة، ربما تكون خاطئة، وأنتظر
من يصحح لي هفواتي وله الخير من الله تعالى بإذنه
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 10:50 م]ـ
السلام عليكم
سؤالي لعمار هو أنني لم أجد شبها-حسب فهمي القاصر- بين الآية المذكورة والاية المطروحة للنقاش
أما طلبي من جمال فهو هل هناك إضافة إلى ماذكر أم تلك هي الحكمة فقط؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 07:30 ص]ـ
الأخ عمر
# أمّا الآية التي ذكرها الأخ عمّار فهي على نفس شاكلة الآية التي ذكرتها أنت
قوله تعالى (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))
تشبه صياغة آية ((قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ)
# أمآ الأية الأخرى التي ذكرها الأخ عمّار (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ)
فلا تشبه من حيث الصياغة آية (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ)
# أمّا بالنسبة للآيات التي ذكرتها (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ)
فليس عندي إلا أنّ الطلب في هذه الصياغة طلب استمرار ومواصلة لحالة الإقامة وحالة الإنفاق إقامة يتلوها إقامة وإنفاق يتلوه إنفاق
ـ[الضاد1]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 10:44 م]ـ
أخي الكريم عمر
كان هدفي أن أقول أن الأمر لطرف ثالث بواسطة طرف ثانٍ يستلزم الفعل
المضارع أو مقروناً معه (سَ) أو (سوف)، ولا يتأتى هذا إلا إذا ذُكرَ اسم الطرف الثالث .... ولكن واضح أن الأخ جمال لم يؤيد كلامي وحضرتك أيضاً، وبالتالي قريبٌ تحليلي هذا إلى الخطأ والله أعلم.(/)
المنسأة لذوي العقول النيرة ..
ـ[صوت الحق]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 04:31 م]ـ
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}
إذا كانت "المنسأة" هي العصا, فلم قال الله الحكيم "منسأته", ولم يقل "عصاه"؟.
وظاهر الآية يشير بشكل جلي, أن من استدل على موته, ممن حضره, إنما استدل بما رآه من أن دابة الأرض "تأكل" منسأته, بالفعل المضارع, فهو استدل على الموت من الفعل الحاضر في الأكل, لا بعدما مضى الفعل وصار ما صار!.
فعندما رآى الدابة "تأكل" المنسأة, علم أن سليمان قد مات, أي قبل أن يخر سليمان, وإنما أفاد الخرّ شيئا آخر يخص الجن, بأنهم لا يعلمون الغيب, {فلما خر تبينت الجن} , أما دلالة الموت فكانت حاصلة قبل الخر, بأن "الدابة" "تأكل" "المنسأة"!!.
إذا في القصة شيء آخر غير ما يروى, فما هو؟.
فلذوي العقول النيرة أضع بين أيديكم دراسة الشيخ صلاح الدين أبوعرفة
منسأة سليمان .. أعلى ما يطمح إليه العلم, والتقنية البشرية!!
http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=study1&field=studies&id=59
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 03:06 ص]ـ
يمنع الاستهزاء بكافة أشكاله في هذا المنتدى
حذفت الردود التي تتضمن مخالفة هذا الشرط
http://www.alfaseeh.net/vb/law.php(/)
تجري من تحتها. و .. تجري تحتها
ـ[الضاد1]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 10:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لقد وردت: تجري تحتها مرة واحدة في القرآن الكريم (والله أعلم) وهي:
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة: 100)
وباقي الآيات المشتبهات أتت: تجري من تحتها مثل:
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(البقرة: 25)
فهل من مبين لنا الفرق بينهما وما وجه البلاغة في ذلك ... أحييكم
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[22 - 08 - 2005, 11:28 م]ـ
أهلا ومرحبا بأخينا أبي عمار
وأما موضع السؤال فصحيح
فقوله (تحتها) بدون (من) جاءت مرة واحدة في ذكرا لجنات
والمرات الأخرى كلها اقترنت فيها بمن
و (من) ابتدائية أو بيانية، فهي توضح ابتداء جريان الأنهار وتفجرها من منبعها
وحين تتجرد العبارة من الحرف (من) فهي تعطي المشهد صورة الأنهار الجارية دون تسليط الضوء على منبعها فهي كالصورة العامة لنهر جار
وهذا يعني أن وجود (من) يعطي المعنى غنى أكثر، وفيه بالتالي نعيم أكثر للجمع بين معنيين ومشهدين من مشاهد النعيم
والله العالم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 01:35 ص]ـ
بارك الله في الأخت أنوار الأمل على هذه اللفتات الجميلة الرائعة من البيان القرآني العظيم ..
واسمحي لي - حفظك الله - أن أتوسّع بعض الشيء في شرح ما جاء في إضاءاتك القيّمة ..
ذلك أن في آية التوبة، وفي حذف حرف الجر منها في وصف الجنات .. سموّ في التعبير وروعة في البيان .. لا نجد لهما مثيل في غير هذا القرآن ..
ومع أن أخانا عمار اختار آية البقرة للاستدلال على ذكر حرف الجر في وصف الجنات، إلا أنني آثرت المقارنة هنا بين قوله تعالى: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (التوبة: 96)، وبين قوله عزّ من قائل في السورة نفسها: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (التوبة: 100).
فمع أن هاتين الآيتين جاءتا في سورة واحدة، ومع أن موضوعهما واحد، وهو إدخال المؤمنين جنات النعيم يوم القيامة، إلا أن التعبير بينهما لم يكن واحداً .. وإذا ما حاولنا تفكيك عناصر كل واحدة من هاتين الآيتين الكريمتين، فسنجد مظاهر متعدّدة من الاختلاف في التعبير بينهما، نذكر منها ما يلي:
1) قال في الأولى: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ"، وقال في الثانية: " جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ"، فحذف حرف الجرّ (من).
2) أخبر عن الرضى في الأولى بالجملة الاسمية، فقال: " وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ "، بينما أخبر عنه في الثانية بالجملة الفعلية، فقال: " رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ".
3) جاء في الأولى بضمير الفصل، فقال: " ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "، فأكّد الفوز هنا، ولم يؤكّده بضمير الفصل في الثانية، فقال: " ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ".
4) ذكر في الأولى زيادة على الجنات ما هو أكبر منها، ألا وهو رضوان الله، فقال: " وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ "، أي: أكبر من الجنات وملذاتها ونعيمها، ولم يذكر شيئاً من هذا في الثانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
5) زاد على الجنات - في الأولى - ذكر المساكن الطيبة، فقال: " وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ "، حيث ذكر هنا الجنة وذكر علاوة على ذلك المساكن الطيبة، ولم يذكر هذه الجملة في الثانية.
6) اكتفى في الأولى بالإخبار عن خلود المؤمنين في الجنة، فقال: " خَالِدِينَ فِيهَا "، بينما وصف الخلود في الآية الثانية بأنه أبديّ، فقال: " خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ".
7) أخّر الرضى في الأولى على إدخالهم الجنات، فقال: " تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ "، وقدّم الرضى في الثانية على الجنّات، فقال: " رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ".
8) أخبر في الأولى عن ذلك النعيم بلفظ الوعد، ووعد الله متحقّق، فقال: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ "، وأخبر عن ذلك في الثانية بلفظ الإعداد، فقال: " وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ".
9) الوعد في الأولى مستأنف وليس معطوفاً على ما قبله، بينما إعداد الجنات للمؤمنين في الثانية معطوف على ما قبله، وهو رضى الله عنهم، قال تعالى: " رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ".
10) ذكر المؤمنين والمؤمنات في الأولى بالوصف العامّ، وهو الإيمان، ونصّ على الذكور والإناث، فقال: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ "، بينما خصّص في الثانية المؤمنين بانهم سابقون أوّلون من المهاجرين، وسابقون أوّلون من الأنصار، وتابعون لهم بإحسان، فقال: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ".
11) الموقع الإعرابي (للمنعَّمين) في الآية الأولى منصوب، لأنه مفعول به أول: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ "، بينما موقعهم الإعرابي في الثانية مرفوع، لأنه مبتدأ: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ... رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ".
هذه بعض مظاهر للفروق في التعبير بين الآيتين، ولا يتّسع المجال للحديث عن كل واحد منها، مع أن لكل واحد منها توجيه وتبيين وتعليل .. ولكن وقفتنا هنا ستكون في البحث عن الحكمة من ذكر حرف الجر في الآية الأولى وحذفه من الثانية، والظاهر أن ذلك كان لجملة أسباب، منها ما يلي:
أولاً: النعيم في الآية الأولى أعظم منه في الآية الثانية، ولهذا أُدخلت (من) على شبه الجملة: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ". وبما أن النعيم في الآية الثانية أقلّ، لذلك حُذفت (من) من شبه الجملة: " جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ". وبيان ذلك أن (من) ابتدائية، فمعنى قوله تعالى: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ "، أن ابتداء جريان الأنهار من تحت أشجار تلك الجنات، أي: الأنهار تتفجّر تفجّراً من تحتها، وتنبع من تحتها، ثم تسير في مجاريها إلى أماكن أخرى.
ولا شكّ أن منظر تفجّر الأنهار ونبعها أجمل، وأن نعيم ذلك المكان الذي ابتداء منبعها وجريانها منه أكمل وأفضل، والذي دلّ على هذا التخصيص في الإنعام (من) الابتدائية: " تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ".
أما الجنات الأخرى المذكورات في الآية الثانية، فإن نعيمها أقلّ. لأن الأنهار تمرّ بها مروراً، وتجري فيها جرياناً، وتتجاوزها إلى جنّات أخرى، فجمال جريان الأنهار ومرورها هنا أدنى وأقلّ من جمال تفجّرها، ولهذا حُذفت (من) من الجنّات الأخريات: " جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ".
ثانياً: الدليل على أن الجنات في الآية الأولى أفضل وأكرم من الجنات في الآية الثانية، هو المؤمنون المنعّمون الذين يدخلونها .. إن هؤلاء المؤمنين المنعّمين أفضل وأكرم من المؤمنين الذين يدخلون الجنات في الآية الثانية. قال الله تعالى عن الصنف الأول من المؤمنين: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ". ووصف الإيمان المذكور في الآية وصف عامّ، وهو يشمل جميع أنواع المؤمنين الصالحين، وفي مقدّمة هؤلاء الأنبياء والمرسلون.
ولا شكّ أن الأنبياء والمرسلين أفضل وأكرم من سائر المؤمنين، ولذلك أعطاعم الله تعالى مزيداً من الفضل والتكريم، وجاء الكلام عن جناتهم ونعيمهم خاصّاً، فذُكرت (من) الابتدائية، الدالّة على تفجّر الأنهار تفجيراً من تحت جناتهم: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ".
ثالثاً: أما الصنف الثاني من المؤمنين المذكورون في الآية الثانية، فقد قال الله تعالى عنهم: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ "، وهذا تخصيص لهم. فهم ثلاثة أقسام: سابقون أوّلون من المهاجرين، وسابقون أوّلون من الأنصار، وتابعون لهم بإحسان. وهؤلاء مؤمنون مخصوصون بأنهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه أنه ليس فيهم نبي ولا رسول. إذن هم أدنى درجة من الصنف الأول المذكور في الآية الأولى، لدخول الأنبياء والرسل فيها، وعدم دخولهم في الآية الثانية.
ولذلك جاء نعيم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان أدنى درجة من نعيم المؤمنين الأنبياء والمرسلين، ولذلك كانت الأنهار تجري (تحت) جنات هؤلاء المؤمنين، وتمرّ فيها مروراً، بينما هذه الأنهار (تجري من تحت) جنات المؤمنين الأنبياء، وتنبع منها نبعاً، وتتفجّر منها تفجّراً.
فسبحان الذي لا يصل إلى مستوى كلامه كلام، بل كلامه يعلو على كل كلام ..
هذا والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 05:55 ص]ـ
بارك الله في الأخت أنوار الأمل على هذه اللفتات الجميلة الرائعة من البيان القرآني العظيم ..
واسمحي لي - حفظك الله - أن أتوسّع بعض الشيء في شرح ما جاء في إضاءاتك القيّمة ..
ذلك أن في آية التوبة، وفي حذف حرف الجر منها في وصف الجنات .. سموّ في التعبير وروعة في البيان .. لا نجد لهما مثيل في غير هذا القرآن ..
ومع أن أخانا عمار اختار آية البقرة للاستدلال على ذكر حرف الجر في وصف الجنات، إلا أنني آثرت المقارنة هنا بين قوله تعالى: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (التوبة: 96)، وبين قوله عزّ من قائل في السورة نفسها: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (التوبة: 100).
فمع أن هاتين الآيتين جاءتا في سورة واحدة، ومع أن موضوعهما واحد، وهو إدخال المؤمنين جنات النعيم يوم القيامة، إلا أن التعبير بينهما لم يكن واحداً .. وإذا ما حاولنا تفكيك عناصر كل واحدة من هاتين الآيتين الكريمتين، فسنجد مظاهر متعدّدة من الاختلاف في التعبير بينهما، نذكر منها ما يلي:
1) قال في الأولى: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ"، وقال في الثانية: " جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ"، فحذف حرف الجرّ (من).
2) أخبر عن الرضى في الأولى بالجملة الاسمية، فقال: " وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ "، بينما أخبر عنه في الثانية بالجملة الفعلية، فقال: " رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ".
3) جاء في الأولى بضمير الفصل، فقال: " ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "، فأكّد الفوز هنا، ولم يؤكّده بضمير الفصل في الثانية، فقال: " ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ".
4) ذكر في الأولى زيادة على الجنات ما هو أكبر منها، ألا وهو رضوان الله، فقال: " وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ "، أي: أكبر من الجنات وملذاتها ونعيمها، ولم يذكر شيئاً من هذا في الثانية.
5) زاد على الجنات - في الأولى - ذكر المساكن الطيبة، فقال: " وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ "، حيث ذكر هنا الجنة وذكر علاوة على ذلك المساكن الطيبة، ولم يذكر هذه الجملة في الثانية.
6) اكتفى في الأولى بالإخبار عن خلود المؤمنين في الجنة، فقال: " خَالِدِينَ فِيهَا "، بينما وصف الخلود في الآية الثانية بأنه أبديّ، فقال: " خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ".
7) أخّر الرضى في الأولى على إدخالهم الجنات، فقال: " تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ "، وقدّم الرضى في الثانية على الجنّات، فقال: " رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ".
8) أخبر في الأولى عن ذلك النعيم بلفظ الوعد، ووعد الله متحقّق، فقال: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ "، وأخبر عن ذلك في الثانية بلفظ الإعداد، فقال: " وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ".
9) الوعد في الأولى مستأنف وليس معطوفاً على ما قبله، بينما إعداد الجنات للمؤمنين في الثانية معطوف على ما قبله، وهو رضى الله عنهم، قال تعالى: " رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ".
(يُتْبَعُ)
(/)
10) ذكر المؤمنين والمؤمنات في الأولى بالوصف العامّ، وهو الإيمان، ونصّ على الذكور والإناث، فقال: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ "، بينما خصّص في الثانية المؤمنين بانهم سابقون أوّلون من المهاجرين، وسابقون أوّلون من الأنصار، وتابعون لهم بإحسان، فقال: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ".
11) الموقع الإعرابي (للمنعَّمين) في الآية الأولى منصوب، لأنه مفعول به أول: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ "، بينما موقعهم الإعرابي في الثانية مرفوع، لأنه مبتدأ: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ... رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ ".
هذه بعض مظاهر للفروق في التعبير بين الآيتين، ولا يتّسع المجال للحديث عن كل واحد منها، مع أن لكل واحد منها توجيه وتبيين وتعليل .. ولكن وقفتنا هنا ستكون في البحث عن الحكمة من ذكر حرف الجر في الآية الأولى وحذفه من الثانية، والظاهر أن ذلك كان لجملة أسباب، منها ما يلي:
أولاً: النعيم في الآية الأولى أعظم منه في الآية الثانية، ولهذا أُدخلت (من) على شبه الجملة: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ". وبما أن النعيم في الآية الثانية أقلّ، لذلك حُذفت (من) من شبه الجملة: " جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ". وبيان ذلك أن (من) ابتدائية، فمعنى قوله تعالى: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ "، أن ابتداء جريان الأنهار من تحت أشجار تلك الجنات، أي: الأنهار تتفجّر تفجّراً من تحتها، وتنبع من تحتها، ثم تسير في مجاريها إلى أماكن أخرى.
ولا شكّ أن منظر تفجّر الأنهار ونبعها أجمل، وأن نعيم ذلك المكان الذي ابتداء منبعها وجريانها منه أكمل وأفضل، والذي دلّ على هذا التخصيص في الإنعام (من) الابتدائية: " تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ".
أما الجنات الأخرى المذكورات في الآية الثانية، فإن نعيمها أقلّ. لأن الأنهار تمرّ بها مروراً، وتجري فيها جرياناً، وتتجاوزها إلى جنّات أخرى، فجمال جريان الأنهار ومرورها هنا أدنى وأقلّ من جمال تفجّرها، ولهذا حُذفت (من) من الجنّات الأخريات: " جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ".
ثانياً: الدليل على أن الجنات في الآية الأولى أفضل وأكرم من الجنات في الآية الثانية، هو المؤمنون المنعّمون الذين يدخلونها .. إن هؤلاء المؤمنين المنعّمين أفضل وأكرم من المؤمنين الذين يدخلون الجنات في الآية الثانية. قال الله تعالى عن الصنف الأول من المؤمنين: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ". ووصف الإيمان المذكور في الآية وصف عامّ، وهو يشمل جميع أنواع المؤمنين الصالحين، وفي مقدّمة هؤلاء الأنبياء والمرسلون.
ولا شكّ أن الأنبياء والمرسلين أفضل وأكرم من سائر المؤمنين، ولذلك أعطاعم الله تعالى مزيداً من الفضل والتكريم، وجاء الكلام عن جناتهم ونعيمهم خاصّاً، فذُكرت (من) الابتدائية، الدالّة على تفجّر الأنهار تفجيراً من تحت جناتهم: " جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ".
ثالثاً: أما الصنف الثاني من المؤمنين المذكورون في الآية الثانية، فقد قال الله تعالى عنهم: " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ "، وهذا تخصيص لهم. فهم ثلاثة أقسام: سابقون أوّلون من المهاجرين، وسابقون أوّلون من الأنصار، وتابعون لهم بإحسان. وهؤلاء مؤمنون مخصوصون بأنهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه أنه ليس فيهم نبي ولا رسول. إذن هم أدنى درجة من الصنف الأول المذكور في الآية الأولى، لدخول الأنبياء والرسل فيها، وعدم دخولهم في الآية الثانية.
ولذلك جاء نعيم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان أدنى درجة من نعيم المؤمنين الأنبياء والمرسلين، ولذلك كانت الأنهار تجري (تحت) جنات هؤلاء المؤمنين، وتمرّ فيها مروراً، بينما هذه الأنهار (تجري من تحت) جنات المؤمنين الأنبياء، وتنبع منها نبعاً، وتتفجّر منها تفجّراً.
فسبحان الذي لا يصل إلى مستوى كلامه كلام، بل كلامه يعلو على كل كلام ..
هذا والله تعالى أعلم
رجل موسوعي يساوي مليون رجل--بارك الله بك
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 02:16 م]ـ
الأخ جمال .. حفظه الله
شكر الله لكم كلماتكم الطيّبة ..
على أن ما جاء في مقالتي - أخي الكريم - ما هي إلا زهور اقتطفتها من موسوعات علمائنا الأفاضل ..
فهم الذين أبحروا وغاصوا في محيطات القرآن الكريم ..
وخلفوا لنا من العلوم والمعارف ما لا نجده في أي تراث آخر، ولا عند أية حضارة أخرى على وجه الخليقة.
فقد امتازوا بالذكاء الباهر، ودقّة الاستنتاج، وتوليد المعاني، وسيلان القلم، والاطلاع الواسع على جميع العلوم، الدينية منها والدنيوية.
فنسأل الله أن يدخلهم برحمته في جنات تجري من تحتها الأنهار، وأن يثيبهم عنا وعن الإسلام والمسلمين أفضل الثواب وخير الجزاء .. على ما خلفوه لنا من علوم ومعارف لا تُحصى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 09:24 م]ـ
بارك الله بكم جميعا دون استثناء
أخي لؤي أشكرك على استبدال الآية في سورة البقرة بالآية في سورة التوبة: 96
فهي بالفعل ملاحظة في محلها وأشكرك على البيان والتبيين.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر
فإننا نلاحظ أن المنزلة العليا (في الأولى) يوجد (خالدين) فقط بدون أبداً مع أنها العليا
بينما في الثانية (الأدنى منزلة) يوجد خالدين فيها أبداً مع أنها الأدنى منزلة؟
فهل الخلود ليس بالضرورة أن يكون أبداً؟
أحييكم
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 09:44 م]ـ
أخي لؤي أشكرك على استبدال الآية في سورة البقرة بالآية في سورة التوبة: 96
عفواً …أشكرك على استبدال الآية في سورة التوبة:96 بالآية في سورة البقرة
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 03:03 ص]ـ
الأخ الفاضل عمار ..
أطال الله بقاءك .. وجعلك من الأخيار ..
الأبد - أخي الكريم - عبارة عن مدّة الزمان التي ليس لها حدّ محدود، وهو في المستقبل، خلاف قطّ في الماضي. وهو في الآية ظرف زمان منصوب، جاء توكيداً للخلود.
فقوله تعالى: " خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً "، أي زماناً لا انقضاء لآخره.
وهذا الظرف (أبداً) يرد أحياناً مع أهل النار، وأحياناً مع أهل الجنة، كما أن كثيراً من الآيات تذكر الخلود من دون (ابداً).
والقاعدة هي أنه إذا كان المقام مقام تفصيل وبسط للموضوع، أو إذا كان المقام مقام تهديد وتفصيل للوعد والوعيد، فيذكر (أبداً) للتوكيد.
كما جاء في التفصيل في جزاء المؤمنين في سورة، قال تعالى: " جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ "، وفي الوعيد الشديد للكافرين في سورة الجن، قال تعالى: " إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً "، وفي الوعيد الشديد للكافرين في سورة الأحزاب، قال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ".
أما إذا كان المقام مقام إيجاز، فلا يذكر (أبداً)، كقوله تعالى في سورة البيّنة: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ".
والله أعلم
ـ[الضاد1]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 12:48 م]ـ
أخي لؤي، بوركت وزادك الله علماً
ـ[أحلام]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:14 م]ـ
الشكر الجزيل للأخت الفاضلة أنوار الأمل التي لاتبخل علينابمثل هذه اللطائف جزاك الله خيرا
الأخ الفاضل لؤي الطيبي الموقر
جزاك الله خيرا وبارك الله بعلمك وعملك
توضيح رائع وتوسع موفق وامل منكم المزيد
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:36 م]ـ
بارك الله في الأخت الكريمة .. على هذه الكلمات الطيبة ..
ونسأل الله أن يرزقنا وإياك علماً نافعاً .. وعملاً صالحاً ..
ودمت سالمة معزّزة مكرّمة ..(/)
من روائع الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 01:37 ص]ـ
لقد أعيت فصاحة القرآن الكريم وبلاغته كل الفصحاء والبلغاء الذين وقفوا وقفة إجلال وتعظيم أمام هذا الإعجاز المضطرد.
روى هشام, أحد أصحاب الإمام جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
اجتمع في بيت الله الحرام أربعة من مشاهير الدهرية وأعاظم الأدباء وكبار الزنادقة وهم عبد الكريم بن أبي العوجاء وأبو شاكر ميمون بن ديصان وعبد الله بن المقفع وعبد الملك البصري فخاضوا في الحج ونبي الإسلام وما يجدونه من الضغط على أنفسهم من قوة أهل الدين ثم استقرت آراؤهم على معارضة القرآن الذي هو أساس الدين ومحوره. . فتعهد كل واحد منهم أن ينقض ربعاً من القرآن إلى السنة الآتية ... ولما اجتمعوا في الحج القابل وتساءلوا عما فعلوا اعتذر ابن أبي العوجاء قائلاً أنه أدهشته آية:
" قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (1)
فأشغلته بلاغتها وحجتها البالغة.
وأعتذر الثاني قائلاً أنه أدهشته آية:
" ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب). (2)
فأشغلته عن عمله ...
وقال ثالثهم أدهشتني آية نوح:
(وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين).
فأشغلتني الفكرة عن غيرها.
وقال رابعهم أدهشتني آية يوسف: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا). (4)
فأشغلتني بلاغتها الموجزة عن التفكير في غيرها.
قال هشام وإذا بأبي عبد الله الصادق يمر عليهم ويومئ إليهم قائلاً:
" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " (5) ... (6) .... انتهى
انطلاقا من هذه القصة التي تصور عجز البشر مهما أوتوا من قوة عن تحدي القرآن, ننطلق وإياكم لنتأمل في بعض الأسرار البلاغية واللغوية في القرآن الكريم, حيث يمثل هذا أحد جوانب فهم بعض أسراره العظيمة, وكنوزه الثمينة.
---
(1) سورة الأنبياء: الآية 22
(2) سورة الحج: الآية 73
(3) سورة هود: الآية 44
(4) سورة يوسف: الآية 80
(5) سورة الإسراء: الآية 8
(6) المعجزة الخالدة لهبة الدين الشهرستاني.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 02:31 م]ـ
سأبدأ رحلتي قي رياض القرآن مع الآيات التي تقدم ذكرها, وسنبدأ بهذه الآية الشريفة:
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
قال فيها طائفة من علماء العرب: إن هذه الآية تعد أفصح آيات القرآن وأبلغها, وإن كانت آياته جميعا في غاية البلاغة والفصاحة. (1)
وروى أن أعرابيا سمع بهذه الآية فقال: هذا كلام القادرين. (2)
في هذه الآية صور بلاغية في قمة الروعة والجمال.
لا عجب في ذلك, فإن هذه الآية مع قصرها قد احتوت على أكثر من خمسة وعشرين فنا بلاغيا, وقد ذكر ابن أبي الاصبع أن فيها عشرين ضربا من البديع.
هذه الآية تصور حدثا تاريخيا ثابتا بعبارات موجزة مختصرة, تحتوي على لمسات بلاغية في غاية الجمال.
لننظر إلى هذه الآية الشريفة من زوايا أربع:
- علم البيان.
- علم المعاني.
- الفصاحة المعنوية.
- الفصاحة اللفظية.
يتجلى في هذه الآية النظم المحكم للمعاني وتأديته لها بشكل جلي بعيد عن الغموض والتكلف, وهذا ما يعبر عنه بالفصاحة المعنوية.
كما أن ألفاظ هذه الآية من الألفاظ العربية السلسة, البعيدة عن التنافر, المتدفقة بكل عذوبة ورقة, وهذا ما يعبر عنه بالفصاحة اللفظية.
تأملوا هذا المقطع:
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي "
فيه إشارة موجزة إلى اشتراك السماء والأرض في عملية إطغاء الماء بأمر الله سبحانه وتعالى.
قيل: كلمة تحتوي داحلها الشيء الكثير, أُريد منها التعبير على سبيل المجاز عن الإرادة.
ياأرض ... يا سماء ...
الخطاب موجه إلى الجماد, مسبوقا بياء النداء.
كذلك تأملوا الترتيب في الجمل:
يا أرض ابلعي, وياسماء اقلعي.
تم تقديم أمر الأرض على أمر السماء, لأنها كانت ابتداء الطوفان.
لا حظوا الاستعارة في (ابلعي) و (اقلعي)
لاحظوا الطباق بين السماء الأرض.
لا حظوا المجاز في (يا سماء) فالتقدير: يا مطر السماء.
تأملوا هذه المقاطع:
(قيل)
(قضي الأمر)
(قيل بعدا)
لم يُصرح باسم الفاعل في هذه المقاطع الثلاثة, بل جاءت الأفعال في صيغة المبني للمجهول, وذلك من باب التعظيم, حيث أن هذه الأحداث التي تمت إنما فاعلها واحد لا يشاركه في أفعاله أحد, وأنه فاعل قادر مكون قاهر.
تأملوا هذين المقطعين:
وَغِيضَ المَاءُ (حذف الفاعل وهو الأرض)
وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ - (حذف الفاعل وهو السفينة)
تأملوا التجانس اللغوي في الكلمتين (اقلعي) و (ابلعي).
تأملوا هذا المقطع القرآني مرة أخرى:
(يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ)
أمر إلهي يصدر إلى الجمادات فتستجيب لأمره.
على ما ذا يدل هذا؟
الفائدة الأولى:
توجيه النداء الإلهي إلى السماء والأرض بخطاب كأنه موجه إلى العقلاء والمميزين (اقلعي - بلعي) , وتستمع السماء والأرض لهذا الخطاب فتستجيب له.
معروف أن السماء والأرض من الموجودات الضخمة جدا, ولذا فإن وجود متصرف وقادر يمتلك القدرة في أن تستجيب هذه الأشياء الضخمة لأمره, ليدل على عظمته اللامتناهية وقوته النافذة.
الفائدة الثانية:
إذا كانت القدرة الألهية تنفذ إلى الجمادات فنفوذها إلى الأحياء سيكون من باب أولى.
---
(1) تفسير الأمثل المجلد6.
(2) التفسير المحيط لأبي حيان الأندلسي.
لا زال البحث مستمرا حول هذه الآية:
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 02:56 م]ـ
نضّر الله وجهك أيها الأخ الكريم ..
ونسأله سبحانه أن يطيل يدك في الخيرات، ويزيد في همّتك رغبة في اصطناع المُكرَمات، ويجريك على أحسن العادات في تقديم طلاب العلم وأهل البيوتات ..
فما عهدنا من روايتك إلا ما يشوقنا إلى رؤيتك ..
ودمتم لنا سالمين ..
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 09:07 م]ـ
العزيز لؤي:
حضوركم يسعدني كثيرا.
رعاكم الله سالمين من كل مكروه.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 08:52 م]ـ
أواصل معكم الرحلة البلاغية في رياض الآية الكريمة المتقدمة:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
من الجوانب البلاغية التي يلمسها المتأمل في هذه الآية:
- إفراد الماء, وفي ذلك إشارة إلى أن الماء لم يحصل من تكاثر المياه واجتماعها, بل هو نوع واحد حصل بأمر الله سبحانه وتعالى.
- إفراد أرض, وفي ذلك إشارة إلى شمولية هذا الماء كل الأرض.
- " يسماء اقلعي "
في هذا المقطع القرآني مجاز مرسل , علاقته السببية, وتقديره يامطر السماء اقلع.
- " يا أرض ابلعي ماءك ":
في إضافة الماء إلى الأرض مجاز, تشبيها لاتصاله بها اتصال الملك بالمالك, كما أن فيه تنبيه على أن الأرض مصدر حدوث هذا الماء أيضا.
- في الآية فن بلاغي وهو الإرداف:
المقصود بالإرداف وهو أن يريد المتكلم معنى ولا يعبر عنه بلفظ الموضوع له, ولا بدلالة الإشارة بل بلفظ يرادفه.
المثال الأول: " وقضي الأمر "
والأصل: وهلك من قضى الله هلاكه ونجا من قضى الله نجاته.
إن في استخدام لفظ الإرداف إيجاز وتنبيه على أن هلاك الهالك ونجاة الناجي كان بأمر آمر مطاع وقضاء من لا يرد قضاؤه والأمر يستلزم آمرًا فقضاؤه يدل على قدرة الآمر به وقهره.
المثال الثاني: " واستوت على الجودي "
حقيقة ذلك جلست فعدل عن اللفظ الخاص المعنى إلى مرادفه لما في الاستواء من الإشعار بجلوس مستقر لا ميل فيه وهذا لا يحصل من لفظ الجلوس.
وللبحث بقية:
ـ[الضاد1]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 09:29 م]ـ
أخي أبا طالب
بما أن:
قضي الأمر الأصل فيها: وهلك من قضى الله هلاكه ونجا من قضى الله
نجاته.
ولكن هلك من قضى الله هلاكه ونجا من قضى الله نجاته قبل أن تبلع الأرض ماءها وقبل أن تقلع السماء ومع ذلك جاءت بعدها في ترتيب الأحداث ... فما الوجه البلاغي في ذلك؟ والله أعلم ... بارك الله بك
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 11:26 م]ـ
العزيز عمار:
في بلع الأرض للماء وإقلاع السماء تبدأ المرحلة الأخيرة من الطوفان (المرحلة المعاكسة لمسيرة بدء الطوفان, فالحدث لم ينته بعد, حيث أن حدث الطوفان ينقسم إلى قسمين:
- المرحلة الأولى: إطغاء الأرض بالماء.
- المرحلة الثانية: انحسار هذا الإطغاء.
القرآن يشير إلى نتائج الحدث, فلم ينته حدث الطوفان بشكل كامل إلا بعد استواء السفينة على الجودي, حيث تم فيها اختتام المشهد الأخير من حدث الطوفان.
كما هو معتاد, فإن نتائج أي عمل, إنما يشار إليها في نهاية العمل, وليس في وسطه.
هل الإجابة واضحة.
ـ[الضاد1]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 10:35 م]ـ
أجل، إنها واضحة ووصلت الفكرة وبارك الله بك
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[27 - 08 - 2005, 10:00 م]ـ
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
إكمالا لما تقدم حول هذه الآية الشريفة:
فن الاحتراس:
ويسمى أيضا بالتكميل
(وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
في هذا المقطع جانب بلاغي - الاحتراس - ففيه إشارة إلى أن ذلك الطوفان بصورته المرعبة لم يكن عبثا, و إنما هو عقاب لأولئك الظالمين المكابرين, لئلا يتوهم أحد أن هذا العذاب جاء إلى من لا يستحقه, وفي هذا إشارة إلى عدل الله وأن أفعاله تصدر بحكمة, فهذا العذاب جزاء لهم على استكبارهم واستعلائهم على الله تعالى.
لإعطاء مزيد من الإيضاح حول فن الاحتراس, أفيد بما يلي:
الاحتراس لغة: هو التحفظ في انتباه وتيقظ. (1)
والمقصود به: ذكر معنى فيه غموض ثمّ الإتيان بما يزيل هذا الغموض. (2)
أي بعبارة أخرى: تقييد الكلام بنكتة تدفع وهماً.
يعتبر الاحتراس أحد أسباب الإطناب, وأحد فنون علم المعاني.
ومن شواهد الاحتراس الأخرى في القرآن الكريم:
" وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء" (3)
فقوله تعالى (من غير سوء) احتراس من توهم البرص وغيره.
والاحتراس فن معروف, ومن شواهده قول المتنبي:
ويحتقر الدنيا احتقار مجرب
يرى كل ما فيها , وحاشاك, فانيا
فقوله (وحاشاك) احتراس من دخوله في كل من فيها.
وقول طرفة بن العبد (4):
فسقى ديارَك ـ غير مفسدها ـ
صوْبُ الربيع وديمة تهمي
فقوله (غير مفسدها) احتراس عن المطر المسترسل الذي يسبب الخراب والدمار.
وقول نافع الغنوي:
رجال إذا لم يقبل الحق منهم
ويُعطوه عاذوا بالسيوف القواضب
الاحتراس في قوله (يعطوه) , فمجيء الشاعر بهذه الكلمة تفيد أن قومه لا يلجأون إلى الحرب إلا إذا منعوا حقوقهم, وفي ذلك دفع لوهم من توهم أنهم يحملون سيوفهم, وينزلون ساحة الحرب, إذا لم يقبل الحق منهم.
سأتناول فن الاحتراس في القرآن الكريم بشكل مستقل في الأبحاث القادمة.
-------
(1) ابن منظور، لسان العرب، مادة حرس. 6/ 48.
(2) القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، ص 195.
(3) النمل: 50
(4) ديوان طرفة بن العبد، ص 88, العسكري، الصناعتين، ص 390، وابن رشيق.
ولا زلنا نسبح في بحر الآية الكريمة:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحلام]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 05:28 م]ـ
الاخ الفاضل ابو طالب بارك الله بكم وبعلمكم ونطمع منكم المزيد
مصداقا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (اثنان لايشبعان طالب علم وطالب دنيا) أو كماقال
وجزاك الله على كل حرف كخطه يمينك
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[30 - 08 - 2005, 11:49 م]ـ
الأخت الكريمة أحلام:
أشكر لك حضورك وكلماتك.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 06:45 ص]ـ
سلم يراعك وجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 09:52 ص]ـ
الأخ الكريم أبو سارة:
أشكر لكم اهتمامكم ومتابعتكم.
رعاكم الله سالمين.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 02:48 م]ـ
أواصل معكم رحلة البحث في معالم الإعجاز البلاغي للآية القرآنية:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
حسن النسق:
يراد بالنسق أن تكون الكلمات المتتالية ذات تلاحم قوي ومحكم وسليم, بحيث إذا أفردت كل جملة منه قامت بنفسها, واستقل معناها بلفظها عن الأخرى.
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
إن هذه الآية مثال قوي على تجسيد هذا الفن البلاغي, فجمل الآية الشريفة جاءت مترادفة بواو النسق, بترتيب في غاية الجمال, فالهدف الأسمى هو أن ينطلق أصحاب نوح من السفينة إلى الأرض, وذلك لا يتحقق إلا بانحسار الماء عن الأرض, فلذلك تم توجيه النداء إلى الأرض أولا حيث أُمرت بابتلاع الماء, ثم وجه النداء الثاني إلى السماء بالإقلاع, ثم تلى ذلك مجيء خبر (غيض المااء) حيث انحسار الماء, وأعقب ذلك بيان (وقضي الأمر) والذي يوحي بهلاك القوم العصاة ونجاة القوم المؤمنين, ثم الإشارة إلى استواء السفينة واستقرارها ليبعث الأمن في أنفس النجاة, ثم اختتام المشهد بالدعاء على العصاة المكابرين.
يوجد تناسق قوي بين هذه الجمل المعطوفة.
لا حظوا أن كل جملة قائمة بذاتها, وبمكن أن تعطي معنى مستقلا منفردة:
" قيل يا أرض ابلعي ماءك "
" يا سماء اقلعي "
" غيض الماء "
" قُضي الأمر "
" استوت على الجودي "
" قيل بعدًا للقوم الظالمين "
فن الإشارة:
يراد بفن الإشارة دلالة اللفظ القليل على معان كثيرة.
في المقطع القرآني {وَغِيضَ ?لْمَاء} مثال قوي على فن الإشارة, فلقد عبر هذا المقطع عن معان كثيرة, فالماء لا يغيض حتى تكف السماء عن المطر, وتبلع الأرض ما يخرج منها فينقص ما على وجه الأرض من ماء.
ولا زلنا نسبح في بحر بلاغة هذه الآية الشريفة:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
ـ[الضاد1]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 10:21 م]ـ
السلام عليكم أخي أبا طالب والإخوة الكرام
غيض، قضي وقيل: لماذا جاءت مبنيةً للمجهول؟ فليس بالضرورة أن الله يفعل هذا بشكل مباشر ولكن ربما تكون الملائكة بأمر من الله تعالى قامت بهذا العمل ... والله تعالى اعلم، بانتظار ردك الكريم .. وبارك الله بكم
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 01:18 ص]ـ
العزيز الضاد1:
أشكر لكم تواصلكم.
من ناحية بلاغية, فإن من أمثلة إيجاز الحذف في علم البيان هو حذف الفاعل عندما يكون معلوما, كما في قوله تعالى:
" وخلق الإنسان ضعيفا " - النساء
أي خلق اللهُ الإنسان ضعيفا.
وكذلك في هذه الأمثلة (قيل - قُضي) , فالفاعل الحقيقي معروف وهو الله سبحانه وتعالى, ولذلك حذف الفاعل وجيء بالفعل في صيغة المجهول من أجل إيصال المعنى المراد بأقل لفظ ممكن, وهذا ما يسمى بالإيجاز.
أما فاعل غيض فهي الأرض, التي قامت بابتلاع الماء بأمر من الله سبحانه وتعالى.
إن الفعل إذا تعين لفاعل بعينه استتبع لذلك أن يترك ذكر الفاعل, ويبني الفعل للمجهول.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 12:18 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم أبا طالب على هذه اللفتات الرائعة والكلمات الباهرة ..
واسمح لي - حفظك الله - أن أزيد على ما تفضّلت به احتمالين آخرين لسبب ورود العبارة بصيغة المبني للمجهول:
فصحيح أن نهاية المشهد جاءت سريعة متلاحقة وكأنها تمّت في لحظة واحدة، وأن البناء للمجهول يقصّر العبارة بحيث تحكي حال السرعة الظاهرة في هذا المشهد ..
على أنه عند التدبّر يتبيّن لنا أيضاً أن قَصَص الطوفان بدأ بالبناء للمجهول، وهو: " وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ "، فكانت المشاكلة تقتضي بأن ينتهي المشهد بالبناء للمجهول كما بدأ به. وهذا لون من التناظر الباهر الذي لا يأتي به على هذا الحسن من التقدير إلا كلام الله تعالى. أما الخلق فلا يستطيعون مثله.
ومن الممكن أيضاً أن نوحاً عليه السلام ومَن آمن معه قالوا: " يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ "، كما قالها الله تعالى أصلاً. إذن ليس من المناسب في حقّ الله تعالى أن يُقال: قال الله وقال نوح ومَن آمن معه: " يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ "، لأن الله تعالى هو الآمر على الحقيقة.
أما نوح عليه السلام ومن آمن معه فأمرهم للأرض هو نوع من التمنّي، أي: إنهم يتمنّون أن تزول مظاهر غضب الله على قوم نوح بعد أن قُضي عليهم بالغرق، فلم يعُد الطوفان مطلوباً، لذلك كان الأنسب لهذه الحالة هو البناء للمجهول الذي يُفهم منه أن الله تعالى هو الآمر على الحقيقة، وأن أمر غيره هو مجرّد تمنّ، وأمر الله تعالى نافذ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 09:53 ص]ـ
((- " يسماء اقلعي "
في هذا المقطع القرآني مجاز مرسل , علاقته السببية , وتقديره يامطر السماء اقلع.
- " يا أرض ابلعي ماءك ":
في إضافة الماء إلى الأرض مجاز , تشبيها لاتصاله بها اتصال الملك بالمالك , كما أن فيه تنبيه على أن الأرض مصدر حدوث هذا الماء أيضا.))
جازاكم الله خيراً على هذا البيان الماتع أخي أبا طالب ..
وإن ما دوّنته - حفظك الله - فيه مورد عذب .. ومشهد عجيب .. ومقصد بعيد .. يدلّ على عمق تدبّرك لكتاب الله العزيز ..
فعند إمعان النظر في هذه العبارة نجد حقّاً أن الله تعالى ذكر للأرض ماذا تبلع وهو الماء: " وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ ". ولكنه لم يذكر للسماء عمّا تُقلع، أي: لم يقل لها: ويا سماء أقلعي عن سحّ مائك، وإنما قال عزّ من قائل: " وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي ".
فالأرض هي فعلاً مصدر حدوث هذا الماء.
فالماء أصلاً من الأرض وليس من السماء.
قال تعالى: " وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا " (النازعات: 30 - 31).
ولذلك كان العدل أن يأتي لفظ الماء مع الأرض، ولا يأتي مع السماء، لأن الأرض مصدره.
وهناك لطيفة يجدر أن نلفت الانتباه إليها، وهي أن الله تعالى قال: " يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ "، ولم يقل: ابلعي الماء، فأضافه إليها في العبارة الأولى، لأنه جزء منها، أي: خُلقت الأرض وفيها ماؤها. ولم يكن في السماء ماء، لأن الماء الذي في السماء إنما هو ماء الأرض الذي يتبخّر بفعل الحرارة ..
فيا أخي الفاضل ..
لا تبخل علينا بالمزيد من جملة هذه الحكم التي تضربها، والعيون التي تستخرجها، والمعاني التي تقرّبها ..
أحسن الله توفيقك، وأطال عمرك، وأصلح شأنك وأمرك ..
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 01:40 م]ـ
الأخ العزيز لؤي:
ما أجمل حضوركم.
لقد أشرقت هذه الصفحات بوجود فلمكم المعطاء.
بوركت من إنسان مهتم بالقرآن الكريم, سائلا الله سبحانه وتعالى أن يرعاكم بمنه ولطفه.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[05 - 09 - 2005, 02:02 م]ـ
أواصل معكم رحلة الإعجاز البلاغي للآية الشريفة:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
الإيجاز:
فلقد قص الله سبحانه وتعالى هذه القصة مستوعبة, بكل أحداثها بعبارات مختصرة تحمل معان عميقة, و في هذا يتجلى فن بلاغي, ألا وهو الإيجاز.
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
يعتبر الإيجاز أحد فنون علم المعاني, ويعرف بأنه التقليل من استخدام الألفاظ والتكثير من المعنى, دون أن يؤدي ذلك إلى حدوث إخلال بالمعنى, أو بعبارة أخرى التعبير عن المعنى الكثير بأقل لفظ دون أن يؤدي ذلك إلى فساد المعنى.
كي نفهم بشكل أعمق جانب الإيجاز في هذه الآية الكريمة, تأملوا معي تركيب الكلم في هذه الآية العظيمة:
استخدم جل جلاله صيغة المبني للمجهول " قيل " " قُضي" " غِيض " وفي هذا إيجاز حذف, حيث حُذف الفاعل, للعلم به.
قال الله تعالى " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي " ولم يقل " يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ويا سماء أقلعي أقلعت ", فالتقدير قيل لهما ذلك فامتثلا الأمر ونقص الماء,, وفي هذا إيجاز.
تأملوا هذا المقطع مرة أخرى, " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي ":
لم يذكر سبحانه وتعالى متعلق (يا سماء اقلعي) بغية للاختصار والإيجاز, وابتعادا عن حشو الكلام, حيث أن المراد هو (أن تمسك السماء ماءها) , وذلك يفهم من سياق المقطع السابق (يا أرض ابلعي ماءك) , فلم تعد حاجة لذكر الماء مرة أخرى.
ولعل قائل يقول: ألا يمكن الاستغناء عن الكلمة (ماءك) في الخطاب الموجه إلى الأرض؟ وهل يعتبر وجودها زيادة؟
إن وجود هذه الكلمة من الأهمية بمكان كبير, فوجودها ليس زيادة, بل إن في وجودها إعطاء مزيد من الإيضاح حول المراد من البلع, الذي انحصر في بلع الماء, وليس في بلع الموجودات الأخرى كالجبال والتلال والبحار, والكائنات التي تعيش في الماء, الخ ....
كذلك قال " وغيض الماء " ولم يقل " وغيض ماء الطوفان "
وقال " وقضي الأمر " ولم يقل " وقضي أمر نوح وقومه " فاستغنى عن ذلك بحرف التعريف (أل).
وقال " واستوت على الجودي " ولم يقل " وسويت على الجودي "
نلاحظ أن هذه الأفعال في هذه الآية قد جاءت بصيغة المبني للمفعول – قِيل, قُضي, غيِض - بينما جاء الفعل الفعل (استوت) بصيغة الماضي, وذلك لأن استواء السفينة واستقرارها مقابلٌ للجريان المنسوب إليها في قوله تعالى:
وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال ... " – هود: 42
وقال سبحانه " وقيل بعدا للقوم .. " ولم يقل " و قيل ليبعد القوم .. " طلباً للتأكيد مع الاختصار, وأحب أن أقف وقفة تأمل في هذا المقطع القرآني:
- جاء سبحانه وتعالى بالمصدر " بعدًا" ليعطي نفس دلالة " ليبعدوا بعداً ".
- جاء بحرف اللام – للقوم - للدلالة على استحقاق أولئك العصاة الهلاك وما حل بهم من عقاب.
- جاء بالكلمة (الظالمين) دون تقييد بل بشكل مطلق, للدلالة والتأكيد على فظاعة سوء اختيار العصاة من قوم نوح حيث كذبوا نبيهم, وظلموا أنفسهم بإعراضهم عن دعوته.
ولا زال البحث مستمرا حول الجوانب الإعجازية لهذه الشريفة:
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 12:18 ص]ـ
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " 44 هود
التسهيم:
المقصود من التسهيم هو دلالة الكلام المتقدم على الكلام المتأخر, أو بالعكس, و نجد ذلك في هذه الآية حيث أن أول الآية يدل على آخرها.
التهذيب:
ويراد منه أن تكون الألفاظ حسنة, وكل لفظة سهلة مخارج الحروف, بعيدة عن الغرابة والتنافر.
إن كل كلمات هذه الآية ذات تهذيب, فهي ألفاظ جميلة و سهلة النطق, وذات معان واضحة, فالسامع لا يشكل عليه شيء في استيعاب المعنى المراد.
ائتلاف اللفظ والمعنى:
قيل أن ألفاظ هذه الآية الشريفة تسابق معانيها ومعانيها تسابق ألفاظها, حيث يوجد انسجام قوي, وائتلاف محكم بين الألفاظ ودلالتها بحيث أنه لا يصلح في موضعها غيرها, وهذا يدل على حسن اختيار الألفاظ المعبرة عن المعنى المطلوب.
قال " يا أرض " ولم يقل " يا أيتها الأرض " قصداً إلى الاختصار واحترازا عن تكلف التنبيه المشعر بالغفلة غير المناسبة للمقام.
اختير لفظ الأرض والسماء - ولم يتم اختيار الألفاظ الأخرى الدالة عليهما كالمقلة والغبراء وكالمظلة والخضراء - لكونهما أخف وأكثر استعمالا.
تأملوا اختيار الكلمة (ابلعي) بدلا من (ابتلعي) رعاية للاختصار, وتحقيقا للتناسق اللفظي بينها وبين الكلمة (اقلعي).
لم يورد القرآن الكلمة (غيض) المشددة بدلا من (غيض) رعاية للاختصار.
رد العجز على الصدر:
يعتبر رد العجز على الصدر من الفنون البلاغية التي احتوتها هذه الآية الشريفة, وهو أحد ضروب علم البديع.
يراد برد العجز على الصدر" أن تتكرر كلمتان متماثلتان: إحداهما في صدر الكلام, والأخرى في عجزه " , وهذان اللفظان قد يكونان متماثلين لفظا ومعنى, أو بينهما جناس, ثماثل في اللفظ دون المعنى, وقد يجمع بينهما الاشتقاق.
تكرر مجيء الكلمة (قيل) في بداية الآية وآخرها.
بداية الآية: " وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي "
عجز الآية: " وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "
من الشواهد القرآنية الأخرى حول هذا الفن:
" وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " – الأحزاب: 37
جاءت الكلمة (تخشي) في أول المقطع القرآني وآخره.
" استغفروا ربكم إنه كان غفارا" – نوح: 10
جاءت الكلمة (استغفروا) في أول المقطع القرآني, و (غفارا) في آخره, وقد جمع الاشتقاق بين هذين اللفظين.
ولا زلنا نسبح في جمال بلاغة الآية القرآنية:
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " 44 هود
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 12:12 ص]ـ
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " 44 هود
جاء التعبير بالكلمة (قِيلَ) على سبيل المجاز عن الإرادة من باب ذكر المسبب وإرادة السبب لأن الإرادة تكون سبباً لوقوع القول في الجملة.
في المقطع " يا أرض ابلعي " استعارة مكنية, حيث جاءت الكلمة (ابلعي) للإشارة إلى غور الماء في الأرض.
في المقطع " يا سماء اقلعي " استعارة مكنية, حيث دلت اقلعي على احتباس الماء.
هذا ما استطعت أن استقصيه من جوانب بلاغية في هذه الآية الشريفة, ولا أقول أن هذا الاستقصاء قد أحاط بكل جوانب الإعجاز البلاغي فيها, وإلى الملتقى في رحاب جمال آية أخرى.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 12:04 ص]ـ
قبل أن انتقل إلى آية أخرى, أود أن أشير إلى بعض معاني الكلمات التي تضمنتها هذه الآية الشريفة:
" وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " 44 هود
الإقلاع عن الأمر الكف عنه.
أقلع فلان عما كان عليه: أي كف عنه.
أقلع الشيء: انجلى.
أقلعت السماء أي ذهب مطرها حتى لا يبقى منه شيء.
أقلع عن الأمر أي تركه.
غيض:
غاض الماء: نقص أو غار فذهب.
وفي الصحاح: قل فنضب
الغيض: النقصان, ومنه الآية القرآنية " وما تغيض الأرحام " أي تنقص.
يمكن مراجعة هذه المعاني في معاجم اللغة كاللسان وغيره.
الجودي:
ذكرت كتب التفسير موقع جبل الجودي في أماكن ثلاثة:
- الموصل.
- قرب الموصل.
- بآمل بالشام.
كما ذكرت بعصها أنه الجودي تعني أي جبل.
" الجودي جبل بقرب الموصل " (1)
" ... الجودي , جبل بالوصل وقيل بالشام وقيبل بآمل " (2)
قال الزجاج: هو بناحية آمد. وقال غيره بقرب الموصل. (3)
الجودي ... جبل بالجزيرة بقرب الموصل. (4)
" واستوت السفينة على جبل بالجزيرة يقال له الجودي " (5)
" واستقرت السفينة على الجودي وهو جبل بالموصل " (6)
" على الجودي وهو جبل بالجزيرة بقؤب الموصل " (7)
" واستوت السفينة على الجودي وهو جبل بالموصل عظيم " (8)
" على الجودي .... وهو جبل بالموصل أو باالشام أو بآمل ... والمشهور الأول " (9)
وقال ابن كثير: قال الضحاك الجودي جبل بالموصل. وقال بعضهم هو الطور. (10)
إن المتتبع لكتب التفسير يجد بعضها تشير إلى الجودي أنه بالموصل , وبعضها تضع احتمالات أخرى ولكن يبقى الموصل من ضمن تلك الاختيارات, والذي يستنتجه المتتبع لأقوال العلماء أن احتمالية الجودي هو الجبل الذي رست عليه السفينة احتمال قوي.
---
(1) تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
(2) أنوار التنزيل للبيضاوي.
(3) مجمع البيان للطبرسي.
(4) تفسير الجلالين للسيوطي.
(5) التفسير للكبير للرازي.
(6) الكشاف للزمحشري.
(7) معالم التنزيل للبغوي.
(8) تفسير القمي.
(9) روح المعاني للألوسي.
(10) تفسير ابن كثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 07:59 م]ـ
ملحوظة عابرة: استحسن فريق من أهل العلم التعبير عن الفعل المبني للمجهول والذي يعلم فاعله من السياق=استحسنوا أن يعبر عنه بالمبني لما لم يسمى فاعله، وخاصة إذا كان الفاعل هو رب العزة تبارك وتعالى. [ b]
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 12:21 ص]ـ
الأخ العزيز أبو فهر:
أسعدني حضوركم.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 12:29 ص]ـ
" فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين " – الإسراء: 80
سأقف معكم وقفة تأمل في هذا المقطع القرآني:
" فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا "
تعد " خلصوا نجيا " من العبارات القرآنية الموغلة في الفصاحة, و سأتخذ منها رحلة الانطلاقة القادمة لا ستكشاف معالم جمالها البلاغية.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 02:52 ص]ـ
فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا " – يوسف: 80
في هذه الآية إعجاز بلاغي, وفيها فصاحة واضحة, حيث الاختيار الدقيق للألفاظ والتلاؤم القوي بين اللفظ والمعنى.
الفائدة البلاغية الأولى:
لنبدأ بالكلمة (استيئسوا)
لماذا تم اختيار هذه الكلمة, ولم يتم اختيار الكلمة (يئسوا) رعاية للاختصار.
لا حظوا زيادة السين والتاء في (استيئسوا) والتي تدل على المبالغة, هل في هذه الزيادة فائدة بلاغية؟
الجواب: نعم.
نحن نؤمن أن ألفاظ القرآن اختيرت بكل دقة, وأنه لا يصلح أن يحل لفظ محل لفظ آخر, وأن القرآن مليء بأساليب الإيجاز في العبارات, والاختصار في حروف الألفاظ مع المحافظة على إيصال المعنى المراد بأقل كم من الألفاظ.
لو كانت الكلمة يئسوا تصلح لأن تحل محل الكلمة (استيئسوا) لجاء بها القرآن لأنها أخصر.
قال الرازي في تفسيره لهذه لآية: " وهو مبالغة في يأسهم من رده " (1)
وذهب الزمخشري إلى " أن السين والتاء للمبالغة " (2)
استيئسوا تفيد أن درجة اليأس لديهم عالية جدا, بعد أن باءت كل محاولاتهم مع عزيز مصر بالفشل في إنقاذ أخيهم, ولذلك عبر عنها بالكلمة (استيئسوا) لا الكلمة (يئسوا).
وقد ورد مجيء الفعل (استفعل) في أكثر من مورد في سورة يوسف:
تكررت كلمة (استيأس) مرة أخرى في سورة يوسف في قوله تعالى:
" حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " – يوسف 110
قال الطبرسي: " استيأس: بمعنى يئس كأنه طلب اليأس لعلمه بامتناع الأمر. (3)
تأملوا هذا المقطع القرآني من سورة يوسف , أيضا:
" ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " - يوسف: 36
استعصم: فعل مبالغة يفيد الامتناع البليغ, والتحفظ الشديد.
استعصم: امتنع وأبى. (4)
وكذلك الآية:
" وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي " يوسف: 54
" الاستخلاص: طلب خلوص الشيء من شائب الاشتراك, كأن يريد أن يكون خالصا له" (5)
(1) التفسير الكبير للرازي, المجلد 9
(2) تفسير الكشاف للزمخشري, المجلد 3
(3) مجمع البيان للطبرسي المجلد 3
(4) معجم تهذيب اللغة للزهري.
(5)) مجمع البيان للطبرسي المجلد 3
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 01:52 م]ـ
" فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا " – يوسف: 80
تأملوا الإيجاز المحكم في هذا المقطع, حيث لم يقل القرآن: " فلما استيئس أخوة يوسف من العزيز "
تأملوا هذه الجملة:
" خلصوا نجيا "
في هاتين الكلمتين إعجاز بلاغي من الدرجة العالية, حيث أن تفسير هذه العبارة يحتاج إلى عدة جمل.
خلصوا: من الخلوص, أي انفردوا عن غيرهم واعتزلوا الناس, واجتمعوا في جلسة خاصة.
نجيا: نجيا حال من فاعل خلصوا, أي متناجين متشاورين فيما يقولونه لأبيهم في شأن أخيهم.
النجي: الذي تساره, والجمع أنجية. (1)
للكلمة نجي ارتباط بالكلمة (نجوة) التي تعني الربوة الأرض المرتفعة, وحيث أن الربوات منعزلة عن أراضيها المجاورة, سميت الجلسات الخاصة, البعيدة عن الآخرين , نجوى.
فالكلمة نجوى تدل على ما يدور في جلسة خاصة بين اثنين أو أكثر, من حديث خاص وسري لايعلم به غيرهم.
كما في قوله تعالى: " وإذ هم نجوى " - الإسراء: 47
أي يتناجون, حيث نزل المصدر- نجوى - منزلة الأوصاف.
" ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ... " - المجادلة: 7
لماذا جيء بـ (نجيا) في حالة الإفراد لا لجمع؟
قال أبو اسحاق: نجي لفظ واحد في معنى جميع. (2)
ويجوز: قوم نجي وقوم أنجية وقوم نجوى. (3)
نجي فعيل على وزن مفاعل كعشير وخليط وجليس, بمعنى معاشر ومخالط ومجالس.
يجوز أن نقول: هؤلاء خليطك.
أو: هؤلاء مخالطوك.
وتأتي (نجي) بمعنى المصدر الذي هو التناجي أو النجوى.
لاحظوا أن القرآن لم يقل " انفردوا " لأن الكلمة (خلصوا) تحمل معنى أعمق من الكلمة (انفردوا) , كذلك لم يأت بالتعبير " خلصوا يتشاورون " أو ما شابه ذلك من كلمات.
إن في المقطع " خلصوا نجيا " صورة فنية رائعة, تصف هاتين الكلمتين حالة أخوة يوسف في ذلك الموقف الصعب الذي جعلهم ينفردون عن الآخرين ب وكلهم جد واهتمام, يعيشون حقيقة التناجي بأروع تجلياتها.
(1) لسان العرب المجلد 14
(2) المصدر السابق.
(3) نفس المصدر السابق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 07:06 ص]ـ
رحلتنا القادمة ستكون في بحر بلاغة الآية القرآنية الشريقة:
" قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " - الأنبياء: 22
قبل الولوج في الجانب الإعجازي البلاغي لللآية, سأمر ببعض الجوانب اللغوية والنحوية المرتبطة بالآية, لأهمية ذلك في إدراك جوانب قوة بلاغتها.
فيهما: أي في السماء والأرض, ويراد به العالم كله: السفلي والعلوي.
إلا هنا بمعنى غير, بمعنى: لو كان فيهما آله غير الله لفسدتا.
الأصل أن تأتي (لا) للاستثناء, و (غير) وصفا, ولكن قد ينعكس الأمر فيستثنى بغير, ويوصف بإلا, كما في هذه الآية الشريفة.
لا يصح أن تكون (لا) للاستثناء, لأن السياق سيكون: لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا, ويقود ذلك إلى القول بأنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا, وهذا المعنى باطل, وليس هو المراد من مفهوم الآية.
كذلك لا يجوز رفع (الله) على البدل, لأنه حيث لا يصح الاستثناء, لا تصح البدلية من جهة, ومن جهة أخرى, فإن (لو) بمنزلة إن في المستقبل, و الكلام موجب , والبدل لا يجوز إلا في الكلام غير الموجب كقوله تعالى: " ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك " هود: 81
لو حرف امتناع لامتناع, حرف شرط لما مضى, فتفيد امتناع شيء لامتناع غيره.
مثال ذلك: لو كان أحمد في المدينة لزارنا, يفهم منه أنه ليس في المدينة.
لا زلنا نسبح في بحر جمال الآية الشريفة:
" قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " - الأنبياء: 22
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 04:26 ص]ـ
" قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " - الأنبياء: 22
تشير هذه الآية إلى دليل التمانع والذي يعتبر من الأدلة الفلسفية على نفي تعدد الآلهة, فالانسجام المحكم الذي نلمسه في جميع أجزاء الكون يوحي أن مدبر أمور الكون واحد, لأن تعدد الإرادات سيؤدي إلى تضاربها واختلاف تدبيرها وبالتالي فإن إحداها ستمحو أثر الأخرى, و حتى عندما يكون هناك تعاون بين هذه الإرادت, فسيوجد اختلاف في التدبير لأن التعدد يفضي إلى الاختلاف, , وتبعا لذلك فلن يُرى انسجام بين القوانين والأنظمة الكونية , وهذا ما عبر عنه القرآن بالفساد.
قال الزمخشري في تفسيره لهذه الآية: " والمعنى: لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما, لفسدتا, وفيه دلالة على أمرين:
أحدهما: وجوب ألا يكون مدبرهما إلا واحدا.
والثاني: ألا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده لقوله: " إلا الله " " (1)
و قال صاحب الميزان: وتقرير حجية الآية أنه لو فرض للعالم آلهة فوق الواحد لكانوا مختلفين ذاتا متباينين حقيقة وتباين حقائقهم يقضي تباين تدبيرهم فيتفاسد التدبيرات وتفسد السماء والأرض لكن النظام الجاري نظام واحد متلائم الأجزاء في غاياتها فليس للعالم آلهة فوق الواحد وهو المطلوب " (2)
وبمكن فهم برهان التمانع من خلال هذه المحاورة التي رواها هشام بن الحكم عن الإمام الصادق في جواب الرجل الملحد الذي كان يتحدث عن تعدد الآلهة, حيث قال الإمام الصادق:
" لا يخلو قولك أنهما اثنان من أن يكونا قويين أو يكونا ضعيفين, أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا, فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير, وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول, للعجز الظاهر في الثاني, وإن قلت: إنهما اثنان, لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة, فلما رأينا الخلق منتظما, والفلك جاريا, واختلاف الليل والنهار, والشمس والقمر, دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر أن المدبر واحد ... " (3)
لقد سأل هشام بن الحكم الإمام الصادق: ما الدليل على أن الله واحد؟ فأجابه: " اتصال التدبير, وتمام الصنع, كما قال الله عز وجل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (4)
لقد أشارت هذه الآية الكريمة إلى هذه المعاني العميقة بكل إيجاز, وقد اتخذ الفلاسفة هذه الآية أصلا أثبتت عليه دلالة التمانع في علم الكلام, فتأمل روعة التعبير القرآني.
(1) تفسير الكشاف للزمخشري المجلد 4
(2) الميزان للطباطبائي , المجلد 14
(3) التوحيد للشيخ الصدوق.
(4) المصدر السابق.
ـ[الضاد1]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 06:03 م]ـ
بوركت أخي الدكتور أبا طالب على هذه الجواهر التي تهديها إلينا وزادك الله علماً وحسناتٍ.
فضلاً أقول أن حال المسملين اليوم هو أن ليس فيهم حاكم واحد يحكمهم وبلادهم فاسدة بغياب هذا الحاكم يحكم
بالإسلام. وهي عبرة (في نظري والله أعلم) لنا في أمرنا هذا. ففي بلاد الإسلام حكام إلا الخليفة، فهي فاسدة.
ولكم تحياتي.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 11:03 ص]ـ
الأخ الكريم أبو طالب ..
نقلت لنا ما ذكره الطبرسي في معنى كلمة (استيأس) في قوله تعالى: " حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا " (يوسف 110)، وهو قوله: " استيأس: بمعنى يئس كأنه طلب اليأس لعلمه بامتناع الأمر ".
ولكن التعبير عن الرسل - عليهم السلام - بهذا المعنى لا يصحّ ..
لأن كلمة (استيأس) مع الرسل معناها: أوشكوا على اليأس أو استشعروا اليأس، وهذا المعنى جاءها من الزيادة التي دخلت على الأصل (يئس)، وهي: الألف والسين والتاء. والرسل أوشكوا على اليأس، ولم ييأسوا، لأن الرسل لا يصيبهم اليأس بل يدأبون على دعوة قومهم والأمل في استجابتهم ما رُزقوا الحياة. ولهذا لا يصحّ أن يُقال: حتى إذا يئس الرسل.
فمعنى استيأسوا هنا: أوشكوا على اليأس أو استشعروه.
بخلاف معناها في الآية الثمانين من السورة نفسها: استحكام اليأس في نفوس إخوة يوسف عليه السلام.
ودمتم لنا سالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 03:13 م]ـ
الأخ العزيز لؤي:
إنني لسعيد بحضورك.
هذه الحالة يعيشها أولئك الرسل في المرحلة النهائية من دعواتهم, حيث يصل الأمر بهم إلى اليأس الكامل من استجابة أولئك القوم لما يرونه من مواقف قومهم الآخذة في العناد, وما دعاء الرسل على قومهم بعذاب الاستئصال إلا دليل على ذلك, فو كان الرسل لم يقطعوا الأمل في استجابة قومهم, لما دعوا عليهم بعذاب الاستئصال.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 04:36 م]ـ
الأخ أبو طالب
إسمح لي أن أعترض على عبارتك
(وقد اتخذ الفلاسفة هذه الآية أصلا أثبتت عليه دلالة التمانع في علم الكلام,) فلم يقل الفلاسفة بدليل التمانع--فهم لا يثبتون الخالق ولا يثبتون وحدته إنّما يقولون بالعليّة والتي تعني انبثاق المخلوقات عن مسبب لها دون تقدير
الفلاسفة كإبن سينا والفارابي والكندي كفّار لا مكان لهم بين علماء الكلام كالفخر الرازي والجويني والغزالي والآمدي والشهرستاني وغيرهم
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 04:56 م]ـ
الأخ العزيز الضاد 1:
أشكر لكم حضوركم وتواصلكم.
الأخ العزيز جمال:
أشكرك كثيرا من الأعماق على هذه الإطلالة الجميلة.
إنما أردت علما ءالكلام, وقد وردت كلمة الفلاسفة خطأ.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[26 - 09 - 2005, 09:01 م]ـ
رحلتنا البلاغية القادمة ستكون في رحاب الآية الكريمة:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
استخدم القرآن الكريم الأمثال بما ترسمه من مشاهد تصويرية تقريرا للحق وترغيبا للأخذ به.
للأمثال قيمة بيانية وجمالية عالية وتاثير فاعل في النفس, فهي تخاطب العقل والحس في آن واحد, فتكون الفكرة اكثر وضوحا و قوة واستحكاما , لأن إشراك الحس في تصورها يجعلها أكثر رسوخا في النفس, حيث تتجلى الصورة الحركية للمشهد المنقول الذي يخلق للفكرة بعدا واسعا لا تعطيه المعاني الذهنية المجردة.
ما ذا لو جاء النعبير القرآني هكذا:
" إن ما تعبدون من دون الله لعاجزة عن خلق أي شيء مهما دق "
إن تجليات الصورة الفنية التي رسمها القرآن الكريم في هذه الآية الشريفة لا يحققها هذا التعبير الذهني المجرد, ففي المشهد التمثيلي القرآني تكثيف للمعنى من خلال تلك الصور المتحركة المتتالية.
لا زلنا نسبح في بلاغة الآية الشريفة:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 01:10 م]ـ
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
أول جانب بلاغي نلمسه في هذه الآية الشريفة هو ما يعبر عنه بـ (جدة اختراع المعنى أو سلامة الاختراع) , والمقصود به الإتيان بمعنى لم يُسبق إليه, فالمعنى الذي تضمنه التعبير القرآني " إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا " لم يأت به أحد من قبل, ويعتبر من أبلغ ما قيل في تجهيل الكافرين وتسخيف أحلامهم.
إكمالا للفائدة, أود أن أشير إلى أن البلاغيين قسموا سلامة الاختراع إلى قسمين: الأول المعاني ذات الاتصال بالحوادث المتجددة والأمور الطارئة, والآخر تلك المعاني المستخرجة من غير شاهد حال متصورة. وقد أبدع شعراء العربية كأبي تمام وابن الرومي في هذا المجال, حيث أبدع الأخير في خلق الأشكال للمعاني المجردة , أو خلق بعض الرموز لبعض الأشكال المحسوسة, ويمكن إدراك ذلك في مطالعة نتاجهم الشعري.
كمثال للنوع الأول استشهد بأبيات أبي تمام في إحراق الأفشين:
ما زال سر الكفر بين ضلوعه
حتى اصطلى سر الزناد الواري
نارا يساور جسمَه من حرها
لهب كما عصفرت شق إزار
طارت لها شعل يُهدم لفحها
أركانه هدما بغير غبار
فصلن منه كل مجمع مفصل
وفعلن فاقرة بكل فقار
مشبوبة رفعت لأعظم مشرك
ما كان يَرفع ضوءها للساري
صلى لها حيا وكان وقودها
ميتا ويدخلها مع الفجار
(يُتْبَعُ)
(/)
وكشاهد على النوع الثاني قول أبي تمام في الشيب:
شعلةٌ في المفارق استودعتني
في صميم الفؤاد ثكلا صميما
يستثير الهموم ما اكتن منها
صُعُدا وهي تستثير الهموما
لا زلنا نسبح في بلاغة الآية الشريفة:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[02 - 10 - 2005, 09:35 م]ـ
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
من ضمن الفوائد البلاغية التي يستفيدها المتأمل في هذه الآية الكريمة هي أنها من أقوى دلائل (المذهب الكلامي) الذي يعتبر أحد فنون علم البديع.
المقصود بالمذهب الكلامي هو أن يأتي المتكلم بحجة عقلية قاطعة لإثبات صحة ما يدعو إليه وإبطال دعوى خصمه على طريقة أهل الكلام, وبلاغة الأسلوب في هذه الحالة وقوة تأثيره يتناسب مع مدى قرب هذه البراهين من المنطق والعقل.
دعونا نتأمل المذهب الكلامي في هذه الآية الشريفة:
ابتدأ سبحانه وتعالى خطابه إلى الناس بصفة عامة والمشركين بصفة خاصة ببيان عجز تلك الأصنام المعبودة عن خلق هذه الحشرة الصغيرة حتى مع اجتماعها وتساندها وتضافرها.
ثم تحداهم بما هو أسهل من الخلق, وهو عجز تلك الأصنام عن مقاومة الذباب, حيث يسلبها ما وضع عليها من عسل ونحوه- حيث دأب المشركون على إغراقها بالعسل والزعفران والمسك – وهي لا تملك المقاومة, أو استرداد ما سلب منها, وفي هذا عرض لمشهد هزيمة تلك الأوثان أمام هذا الكائن الصغير الحقير.
هذا التدرج القرآني في العرض يرسم حجة عقلية قاطعة عن ضعف تلك الأوثان, وتفاهة عقول من عبدوها.
إكمالا للفائدة أود الإشارة إلى المذهب الكلامي كفن بلاغي.
أول من أشار إلى هذا الفن هو الجاحظ, من خلال إعطاء بعض الأمثلة عليه, وقد ذكره ابن المعتز في كتابه (البديع) فقال: " وهو مذهب سماه عمرو بن الجاحظ المذهب الكلامي .... "
القرآن الكريم مليء بشواهد على المذهب الكلامي, أذكر بعضا منها.
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " – الأنبياء: 22
قد أشرت إلى ذلك فيما تقدم.
" قال من يحي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي خلقها أول مرة وهو بكل خلق عليم " - يس: 78 - 79
تشير هذه الآية إلى دليل عقلي وهو أن الذي خلق الأشياء أول مرة يمتلك القدرة على إعادة خلقها بعد أن بليت وصارت رميما, حيث إن إعادة الخلق أسهل من الخلق الأول كمنطق عقلي.
" وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " – الروم: 27
في هذه الآية حجة عقلية تتلخص في أن الله الذي خلق الأشياء لا من شيء كان قبلها, قادر على إعادة خلقها, فالإعادة أهون من البدء كمنطق عقلي.
" وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماء والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " – الأنعام 75 - 79
المذهب الكلامي في هذه الآيات هو عرضها لأدلة التوحيد, من خلال رسمها لهذه الحجج العقلية التي أراد بها إبراهيم أن يوصل الناس إلى أصل التوحيد من خلال الاستدلال العقلي القطعي.
ابتدأ السياق القرآني بـ " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماء والأرض " للإشارة الإجمالية إلى حكومة الله المطلقة على الوجود, كل الوجود, ثم شرع في ذكر التفاصيل. تشير هذه الآيات الشريفة إلى إن أفول الشمس والكواكب دليل على عدم ألوهيتها, ولذا أعلن نبي الله إبراهيم قراره النهائي لقومه ببطلان عبادة هذه المعبودات التي يعبدونها من دون الله, ونفي صفات الألوهية عنها, فهي تخضع لقوانين الطبيعة من خلال ظهورها فنرة وأفولها فنرة أخرى, وأنها بأفولها تنقطع صلتها بالكائنات, وهذا مناف لكونها آلهة, بالإضافة أن في تحركها دلالة على حدوثها.
وكما يقع المذهب الكلامي في النثر, فإنه يقع في الشعر, ومن شواهد ذلك:
قول الكميت في الاحتجاج على أحقية آل البيت في الخلافة والرد على بني أمية:
وقالوا ورثناها أبانا وأمنا
وما وورثتهم ذاك أم ولا أب
فإن هي تصلح لحي سواهم
فإن ذوي القربى أحق و أقرب
وكقول النابغة الذبياني للنعمان معتذرا عندما انصرف عنه ومدح آل جفنة من الغساسنة:
حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبة
وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن كنت قد بُلغت عني خيانة
لمبلغك الواشي أغش و أكذب
و لكنني كنت امرأ لي جانب
من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك وإخوان إذا ما أتيتهم
أحكّم في أموالهم و أقرَّب
كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم
فلم ترهم في مدحهم لك أذنبوا
يورد النابغة حججا منطقية كي يقنع النعمان بصحة دعواه, فيقول له: أنت أيها النعمان مستاء مني لأني مدحت آل جفنة الذين أحسنوا إلي. إنك أحسنت إلى أناس فمدحوك, وأنا أحسنت إلى أناس فمدحتهم, فكما ذلك لا يعد ذنبا, فكذلك مدحي للذين أحسنوا إلي لا يعد ذنبا.
لا زلنا نسبح في بلاغة الآية الشريفة:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 03:48 ص]ـ
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
من الصور البلاغية التي تضمنتها هذه الآية الشريفة ما يلي, والتي تعتبر من فنون علم البديع:
- الطباق بين (يسلبهم) و (يستنقذوه) فالاستنقاذ هو تخليص ما سلب, والجمع بين معنيين متضادين في الجملة يوجد جمالا في التعبير.
- الجناس بين الكلمتين (الطالب) و (المطلوب) , حيث يوجد بينهما تجانس لفظي مع اختلافها في المعنى, وللجناس أسلوب بلاغي مؤثر كما نلمسه في هذا التعبير القرآني " ضعف الطالب والمطلوب".
وللآية الشريفة إضاءات بلاغية في علم المعاني, من بينها: الإيضاح بعد الإبهام
تأملوا هذا المقطع القرآني:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له "
و هذا المقطع الثاني:
" إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب "
نجد أن الآية الشريفة تكشف أمامنا صورة بلاغية جميلة, وهو ما يعرف بـ (الإيضاح بعد الإبهام).
توجد في الإيضاح بعد الإبهام صورتان:
الصورة الأولى: مجيء التعبير مبهما مجملا.
الصورة الثانية: مجيء التعبير مفصلا.
يوجد إبهام في قوله " " يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له "
حيث ألقى المعنى على سبيل الإجمال لما فيه من تعظيم, كي يخلق لدى المتلقي تشويقا إلى معرفته على سبيل التفصيل.
ثم جاء بيان المراد في قوله تعالى:
" " إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له .... "
ويعتبر الإيضاح بعد الإبهام أحد فنون البلاغة في علم المعاني, وأحد أسباب الإطناب, وفي القرآن الكريم شواهد كثيرة على هذا الفن منها قوله تعالى, أذكر بعضا منها زيادة في إيضاح هذا الفن البلاغي:
" اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " – الفاتحة: 6 - 7
فصراط الذين جاء لإيضاح ما قبله وهو (الصراط المستقيم).
" يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم " – البقرة -49
الإبهام في قوله " يسومونكم " أوضحه قوله تعالى " يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ".
" فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " - طه: 120
ذكرت الوسوسة بشكل إجمالي ثم جاء البيان عنها بشكل تفصيلي.
" فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا " المؤمنون: 27
الإبهام في قوله تعالى " فأوحينا إليه " والإيضاح في قوله تعالى " أن اصنع الفلك "
قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم من بين يدي عذاب شديد" – سبأ: 46
جاء قوله تعالى " أن تقوموا ..... " إيضاحا للإبهام في قوله تعالى " واحدة ".
" إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى. إن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فيلقيه اليم بالساحل ... " طه: 38 - 39
" ما يوحى " مبهم أوضحه قوله تعالى " أن اقذفيه ".
" واتقوا الذي أمدكم بما تعملون. أمدكم بأموال وبنين. وجنات وعيون " – الشعراء 132 – 134
جاء بذكر ما أمدهم به مجملا, ثم شرع في تفصيل ألوان ذلك.
" و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا" – الأعراف: 44
في قوله " ونادى " إبهام أوضحه قوله نعالى " أن قد وجدنا ... "
" يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم " الصف: 10 - 11
جيء بذكر التجارة مبهمة مجملة, ثم جاء الإيضاح في بيان نوع تلك التجارة " تؤمنون بالله .... ".
لا زال الحديث متصلا حول بلاغة هذه الآية الشريفة:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 03:52 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
من الجوانب البلاغية التي نلمسها في هذه الآية الجانب اللفظي وهو دقة استخدام الكلمات وتلاؤمها مع المعنى المراد, وسأشير إلى ثلاث كلمات في الآية الشريفة - وهي: ذباب, و يسلب, ويستنقذ – كي ندرك الجانب الإعجازي في اختيار هذه الكلمات.
سأبدأ بكلمة (ذباب).
اختير الذباب دون غيره لكثرته ولحقارته ولضعفه, وعجز الإلهة المزعومة عن مقاومته مع ما به من ضعف.
جاء خطاب التحدي لبيان عجز تلك الآلهة عن خلق ذباب واحد, فالذباب اسم جنس يطلق على المذكر والمؤنث, وجمعه أذبة وذبَّان.
ما هو السر في اختيار الذباب؟
على الرغم من أن النظرة علمية في هذا الجانب, إلا أنها تخدم الناحية البلاغية بشكل غير مباشر.
سننظر إلى هذا من ناحيتين: الإعجاز في الخلق, والإعجاز في الأداء الوظيفي للذباب.
كي ندرك سر التحدي الإلهي لا بد أن نتعرف على سر الإعجاز في خلق الذباب, فهذه الحشرة على صغرها تتكون من ملايين من الخلايا لكل مجموعة وظيفة تختص بها دون غيرها, وهي تتكون من رأس وصدر وبطن, ومزودة بستة أرجل, و أقدام مغطاة بزغب كثيف , وذات قدرة على إفراز مواد تساعد الذباب على الالتصاق بأي سطح, سواءا أكان في وضعها المعتدل أو وضعها المقلوب. ويوجد بجسم الذباب ما يربو عن مليون خلية عصبية متناسقة مع ما يقوم به الذباب من حركات, وهذه الخلايا العصبية مرتبطة بثمانية وثلاثين زوجا من العضلات منها سبعة عشر زوجا لحركة الجناحين , وواحد وعشرون زوجا لحركات الرأس. كذلك فإن بالذباب عينان مركبتان, تتكون الواحدة منها من ستة آلاف عيينة سداسية, ويتصل بكل واحدة ثمانية خيوط عصبية مستقبلة للضوء بمجموع ثمانية و أربعين ألف خيط عصبي للعين الواحدة ذات قدرة على معالجة مائة صورة في الثانية الواحدة. ومن هنا ندرك سر تحدي الله لتلك الأصنام عن خلق الذباب لما فيه من أسرار خلق في غاية التعقيد والإتقان.
النقطة الثانية:
لماذا جاء التعبير القرآني بالكلمة (يسلبهم) دون غيرها, أي هل يكون هناك فرق في المعنى لو كان التعبير القرآني " وإن يأخذ الذباب منهم شيئا ... "
إن هناك جمال بياني في اختيار (يسلبهم)
الاستلاب في اللغة هو الاختلاس , والسلب هو نزع الشيء من الآخر قهرا.
هناك إعجاز بلاغي في استخدام الكلمة (يسلب) فالذباب يختلس ما يأخذه من تلك الأصنام اختلاسا , وينزعها منهم قهرا, لعجزهم عن مقاومته.
والسر في مقدرة الذباب على الاختلاس يتضح من خلال قراءة هذه الإشارات العلمية التي كتبها الدكتور زغلول النجار في أحد أعداد جريدة الأهرام المصرية, والتي تساعد في فهم الجانب اللغوي:
" حركات الذبابة المنزلية علي درجة عالية من التعقيد إذ تبدأ في الاستعداد للطيران بتحديد العضلات التي سوف تستخدمها , ثم تأخذ وضع التأهب للطيران وذلك بتعديل وضع أعضاء التوازن في الجهة الأمامية من الجسم , حسب زاوية الإقلاع , واتجاه وسرعة الريح وذلك بواسطة خلايا حسية خاصة موجودة علي قرون الاستشعار في مقدمة الرأس. وهذه العمليات المعقدة لا تستغرق أكثر من واحد من مائة من الثانية. ومن الغريب أن الذبابة لها قدرة علي الإقلاع عموديا من المكان الذي تقف عليه , كما أن لها القدرة علي المناورة بالحركات الأمامية والخلفية والجانبية بسرعة فائقة لتغيير مواقعها , وبعد طيرانها تستطيع الذبابة زيادة سرعتها إلي عشرة كيلو مترات في الساعة , وهي تسلك في ذلك مسارا متعرجا ثم تحط بكفاءة عالية علي أي سطح بغض النظر عن شكله , وارتفاعه , واستقامته أو انحداره , وملاءمته أو عدم ملاءمته لنزول شيء عليه. ويساعد الذبابة علي هذه القدرة الفائقة في المناورة جناحان ملتصقان مباشرة بصدرها بواسطة غشاء رقيق جدا مندمج مع الجناح ; ويمكن لأي من هذين الجناحين أن يعمل بشكل مستقل عن الآخر , وإن كانا يعملان معا في أثناء الطيران علي محور واحد إلي الأمام أو إلي الخلف يدعمهما نظام معقد من العضلات يعين هذين الجناحين علي أن يتما إلي مائتي خفقة في الثانية (كما هو الحال في الذباب الأزرق) , وعليها أن تستمر علي ذلك لمدة نصف الساعة وأن تتحرك لمسافة ميل
(يُتْبَعُ)
(/)
كامل علي هذه الحال. وتستمد الذبابة مهاراتها الفائقة في الإقلاع , والطيران , والهبوط من التصميم المثالي لجسدها , ولأجنحتها إذ أن النهايات السطحية للأوردة المنتشرة في تلك الأجنحة تحمل شعيرات حساسة جدا لقياس ضغط الهواء واتجاه الرياح , كذلك فإن أجهزة الحس الموجودة تحت الأجنحة , وخلف رأس الذبابة تقوم بنقل معلومات الطيران إلي دمائها باستمرار ثم إلي رأسها الذي يرسل أوامره إلي العضلات باستمرار أيضا لتوجيه الأجنحة في الاتجاه الصحيح , وبذلك يتم توجيه الذبابة في أثناء الطيران بدقة وإحكام فائقين مما يعينها علي إصابة الهدف , وتجنب المخاطر بكفاءة عالية.
ويعين الذبابة في ذلك أيضا عينان مركبتان , لا يزيد حجم الواحدة منهما علي نصف الملليمتر المكعب , وتتكون كل عين منهما من ستة آلاف عيينة سداسية لها القدرة علي الرؤية في جميع الاتجاهات , وكل واحدة من هذه العيينات مرتبطة مع ثمانية أعصاب مستقبلة للضوء , اثنان منها للألوان , وستة متخصصة في ضبط تحركات الذبابة لأنها تكشف كل شيء في المجال البصري لها وبذلك يكون مجموع الخيوط العصبية في الواحدة من عيني الذبابة ما يقدر بـ 48 ألف خيط عصبي يمكنها معالجة أكثر من مائة صورة في الثانية الواحدة.
هذا بالإضافة إلي مليون خلية عصبية متخصصة بالتحكم في حركة الذبابة من أعلي إلي أسفل وبالعكس , ومن الأمام إلي الخلف وبالعكس. كل ذلك يعين الذبابة على الانقضاض علي الشراب أو الطعام فتحمل منه بواسطة كل من فمها والزغب الكثيف المتداخل الذي يغطي جسمها ما تحمل ثم تهرب مبتعدة في عملية استلاب حقيقية بمعنييها: الاختلاس , ونزع الشيء على القهر. " ... انتهى كلام الدكتور النجار.
النقطة الثالثة:
أما الجانب الإعجازي اللغوي الثالث فهو في اختيار الكلمة (لا يستنقذوه).
للذباب خرطوم تمتص به ما تسلبه , ليصل إلي جهازها الهضمي المزود بخمائر لها القدرة علي هضم الطعام وتمثيله تمثيلا كاملا في ثوان معدودة. أما إذا كان الطعام صلبا فإن الذباب يفرز إنزيمات هاضمة تذيب الطعام الصلب, ثم تقوم بامتصاصه سريعا, وفي كلتا الحالتين لا يمكن استرجاع ما استلبه الذباب لأنه تحول إلى أجزاء دقيقة, فتأمل الدقة في استخدام (لا يستنقذوه).
الكلمة (استنقذ) على وزن استفعل, ومعروف أن الزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى, وهي بمعنى أنقذ لكن فيها مبالغة, فالعبارة (لا يستنقذوه) تفيد عجز الآلهة الزائفة عن إنقاذ ما سلبه الذباب مهما بذلوا من جهد ومحاولات.
ولا زلنا نسبح في بحر عظمة بلاغة الآية الشريفة:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 05:06 ص]ـ
أظنّ أنّك توافقني على وجود فرق بين الإستلاب والإختلاس---فالإستلاب هو أخذ ما للغير قهرا وأمام عينيه لذلك استخدمها السياق---أمّا الإختلاس فهو أخذ ما للغيرمن وراء ظهره وغالبا ما يكون بالتدبير والحيلة---حتّى أن الفقهاء لا يقطعون المختلس---وما يقوم به الذباب ليس اختلاسا
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 08:03 م]ـ
عزيزي جمال:
أسعدني حضور شخصكم الكريم.
سلبه سلْبا وسلََبا: اختلسه. (1)
الاستلاب: الاختلاس. (2)
الاسْتِلابُ الاختِلاس. و السَّلَب ما يُسْلَبُ (3)
سلَبهُ يسلُبهُ سَلْبًا وسَلَبًا اختلسهُ. (4)
---
(1) القاموس المحيط للعلامة اللغوي الفيروزآبادي, المجلد الأول.
(2) معجم الصحاح للعلامة اللغوي ألبي نصر اسماعيل بن حماد الجوهري, المجلد الأول.
(3) لسان العرب للعلامة اللغوي ابن منظور, المجلد السادس: ز- س
(4) معجم محيط المحيط لبُطْرُس البُسْتاني
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 08:47 م]ـ
ومع ذلك فرق شاسع بين من تسلبه قهرا وجها لوجه وبين من تختلس منه من وراء ظهره وتولّي هاربا---حاول تجاوز القواميس وتأمل في استخدام القرآن للكلمة" يسلبهم" إذ لا يمكن أن يحل محلها " يختلس منهم"
ولو حاولت أخي الكريم أن تفتش عندنا في كتبنا الفقهيّة عن معنى الإختلاس لوجدت الفرق
قال الشوكاني (وَالْمُخْتَلِسُ الَّذِي يَسْلُبُ الْمَالَ عَلَى طَرِيقَةِ الْخِلْسَةِ) نيل الأوطار
وورد في الموسوعة الفقهية (الِاخْتِلَاسُ وَالْخَلْسُ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ مُخَادَعَةً عَنْ غَفْلَةٍ. قِيلَ الِاخْتِلَاسُ أَسْرَعُ مِنْ الْخَلْسِ، وَقِيلَ الِاخْتِلَاسُ هُوَ الِاسْتِلَابُ. وَيَزِيدُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ: أَخْذُ الشَّيْءِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ جَهْرًا مَعَ الْهَرَبِ بِهِ سَوَاءٌ جَاءَ الْمُخْتَلِسُ جِهَارًا أَوْ سِرًّا، مِثْلُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إلَى مِنْدِيلِ إنْسَانٍ فَيَأْخُذَهُ)
http://feqh.al-islam.com/Display.asp?Mode=1&DocID=100&MaksamID=165&ParagraphID=827&Sharh=0&HitNo=15&Source=1&SearchString=G%241%23%C7%E1%E3%CE%CA%E1%D3%230%230%230%23%23%23%23%23
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 03:21 ص]ـ
العزيز جمال:
أنا لم أقل أنه يمكن استبدال الكلمة يسلب بالكلمة يختلس في القرآن الكريم, فالكلمة يسلب أقل اخصر من الكلمة يختلس, كل ما أشرت إليه هو بيان معنى السلب كما أشارت إليه معاجم اللغة المعتبرة, والتي هي محل الاحتكام في الخلاف.
للكلمة استخدامان: حقيقي ومجازي.
استخدام الكلمة (يسلب) هنا حقيقة لا مجازا.
في الاستخدام الحقيقي للكلمة نرجع إلى معاجم اللغة المعتبرة للوقوف على معناها.
قلتم أخي الكريم:
ا" لِاخْتِلَاسُ وَالْخَلْسُ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ مُخَادَعَةً عَنْ غَفْلَةٍ. قِيلَ الِاخْتِلَاسُ أَسْرَعُ مِنْ الْخَلْسِ، وَقِيلَ الِاخْتِلَاسُ هُوَ الِاسْتِلَابُ. وَيَزِيدُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ: أَخْذُ الشَّيْءِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ جَهْرًا مَعَ الْهَرَبِ بِهِ سَوَاءٌ جَاءَ الْمُخْتَلِسُ جِهَارًا أَوْ سِرًّا، مِثْلُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إلَى مِنْدِيلِ إنْسَانٍ فَيَأْخُذَهُ)
ففي هذا المقطع " ... وَقِيلَ الِاخْتِلَاسُ هُوَ الِاسْتِلَابُ "
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 03:59 ص]ـ
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
نجد في هذه الآية تهيئة للمستمع لتلقي الخطاب الصادر من الله سبحانه وتعالى.
تأملوا افتتاحية الخطاب بأداة النداء (يا) والتي تفيد طلب الإقبال, ثم مجيء (أيها) بعدها, والتي تستخدم للتنبيه, وكأنه خطاب للناس كي ينتبهوا من غفلتهم, ثم جاء بـ (فاستمعوا) كي يوجد لدى المخاطبين استعداد لإدراك فهم الخطاب, ولم يكتف بذلك بل جاء بالكلمة (له) وذلك لبيان أهمية الأمر المدعو له, و لإشعار المخاطبين بغفلتهم عن هذا الأمر الذي يقتضي الانتباه.
تأملوا كذلك مجيء الفعل (ضرب) في صيغة المبني للمفعول, وقد أشرت إلى أهمية ذلك الحديث حول الآية 44 من سورة هود.
كذلك تأمل استخدام " تدعون " بدل " تعبدون " لا رتباطها القوي بالحديث المشار إليه, وهو الاستخفاف بعقول هؤلاء المشركين الذين يدعون من يمتلك كل سمات الضعف والعجز.
هذه بعض الإشارات الجمالية في هذه الآية, وليست كلها, فهناك مواطن جمال أخرى في الآية الشريفة.
وقبل أن أنهي رحلتي مع هذه الآية, أدعوكم لتأمل الآية التي بعدها:
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب. ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز " - الحج:73 - 74
تأملوا المقطعين:
" ضعف الطالب والمطلوب "
الذي يشير إلى ضعف الألهة وعجزها.
" إن الله لقوي عزيز "
الذي يشير إلى قوة الله وعظمته, وأنه قادر لا مثيل لقدرته, فهو ليس كتلك الآلهة التي يعبدها المشركون, العاجزة عن خلق ذباب واحد أو إستنقاذ ما سلبه الذباب منها.
قد جاء سبحانه بالبيان القرآني " إنه لقوي عزيز " تتمة لما أشار إليه في الآية السابقة, حيث وصف نفسه بالقوة والعزة فأفاد أنه قوي لا يعتريه ضعف, وعزيز لا تناله ذلة, خلافا لتلك الآلهة المزعومة التي تتسم بالضعف والذلة, فتأمل روعة التعبير القرآني.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 09:12 م]ـ
" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " الإسراء: 88.
تأملوا هذه الآية وقارنوها بهذه الآية:
" يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " - الرحمن: 33
إن أول فارق ندركه في هاتين الآيتين الشريفتين هو تقديم الإتس على الجن في الآية الأولى, وتقديم الجن على الإنس في الآية الثانية, فهل يوجد في ذلك سر؟
إن ترتيب كلمات الآيات تابع لأهميتها المعنوية, فالكلمات الأكثر أهمية تأتي أولا, حسب ما يقتضيه الواقع, وذلك يمثل أحد جوانب الإعجاز البلاغي في القرآن.
ماهو السبب في تقديم الإتس على الجن في الآية الأولى؟ , وتقديم الجن على الإنس في الآية الثانية؟
إن تقديم الإنس في الآية الأولى لم يأت جزافا, والسر يكمن في أن المصادمة الظاهرة والمباشرة كانت مع الإنس في هذه الناحية, وما حدث بين الرسول الأعظم - صلى الله عليه وآله - و المشركين خير شاهد على ذلك.
أما تقديم الجن على الإنس في الآية الثانية فلأن الجن أقرب من الإنس وأقدر منهم في العبور والنفوذ من نواحي السماء الأرض بما يمتلكونه من أمور خارقة وحركات سريعة, وسورة الجن خير شاهد على ذلك.
ونجد شاهدا آخر:
" وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون " - النمل: 17
إن حكومة نبي الله سليمان لم تكن حكومة عادية, بل كانت مقرونة بالمعاجز وما هو خارق للعادات , وحيث أن الحديث في هذه الآية كان عن حكومة نبي الله سليمان فقد قدم الجن على الإنس في هذه الآية لأن الحديث عن مظهر قوة غير عادية, والجن أقوى من الإنس في خرق العادات فلذلك جيء بذكرهم أولا.
تأملوا هذه الآية:
" وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " - الأنعام: 112
قدم الإنس على الجن في هذه الآية, لأن الآية تشير إلى أعداء الأنبياء, ومن المعروف أن شياطين الإنس أكثر تعرضا للأنبياء من شياطين الجن, وفي تتبع قصص الأنبيياء وما حدث لهم من إيذاء من أقوامهم لشاهد على ذلك, ولذا كان من المناسب تقديم الإنس على الجن.
فتقديم الكلمات وتأخيرها إنما هو خاضع لأهميتها المعنوية, والقرآن يأتي بالكلمات ذات الأهمية الأعظم في البداية, ثم يأتي بعدها الكلمات التي تليها في الأهمية وهكذا.
لا زلنا نسبح في بحر عظمة الآية الشريفة:
" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " الإسراء: 88.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أميرة]ــــــــ[24 - 11 - 2006, 07:19 م]ـ
كل الشكر لك وجزاك الله الف خير
لا نوا استفدت كثير من طرحك للموضوع وكان شامل ووافي لانوا اية (وقيل ياأرض ..... ) موضوع بحث ليا.
ـ[المعتصم]ــــــــ[25 - 11 - 2006, 07:26 ص]ـ
أشكرك أخي على علمك الفياض ولكم نحن بحاجة إلى من يستخرج هذه اللمسات الفنية الرائعة من كتاب ربنا الذي لا تنقضي عجائبه ولا زلنا نرجو أن يكمل الدكتور مشواره في بقية الآيات ودمت بخير.(/)
تنبيه
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 03:19 ص]ـ
السلام عليكم
نريد التذكير بشرطين من شروط المنتدى
الأول: كل قسم له تخصصه ولا يجوز نشر مشاركات خارجة عن تخصص القسم الذي أدرجت فيه.
الثاني: يمنع انتقاد أشخاص المحاورين ولا يجوز التعرض لهم بالهمز واللمز ولا انتقاصهم.
وما دعانا لذلك هو ما رأيناه من تجاوزات لهذين الشرطين وهذا غير مقبول إطلاقا من أي أحد.
لذا ننبه الأعضاء إلى أن مخالفة الشروط توجب الإنذار وتكرار المخالفات يوجب تجميد الاشتراك.
كما ننبه إلى أن المشاركات التي تتضمن منهج صلاح الدين عرفة يجب أن تخلو من عبارات التنقيص والاستهزاء من قبل مؤيدي المنهج ومخالفيه وكل مخالفة لذلك سنتعامل معها على أنها مخالفة لشروط المنتدى.
شكرا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 05:51 ص]ـ
الأخ القاسم
بارك الله بك
نريد منك أن تعلم علم اليقين أننا نظل كاظمين الغيظ من تناولهم لأشخاصنا وتعرضهم لما نكتب مع أننا لا نذكرهم وهدفهم إجبارنا على حمل آرائهم وترك ما رجح عندنا من آراء علمائنا الأخيار----نحن نطلب وببساطة أن لا يتدخل أيّ منهم في مشاركة كتبناها بتعقيب ولا وصلة دعائية لموقعهم--فليس عندنا الوقت للدخول في مخاصمات(/)
وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 12:28 م]ـ
قوله تعالى
(وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) 56 الذاريات
ما هو المقصود بالعبادة؟
هل هي الأفعال المخصوصة والأقوال المخصوصة الدالة على الخضوع والتذلل؟
فإذا كانت كذلك فإن الكثيرين غير عابدين والاقلة عابدون--ولا بد أن تكون الآية صادقة لا يتطرق شك إليها--فلنبحث عن معنى آخر
هل المعنى هو "ما خلقت أهل الجنة من الجن الإنس إلّا ليعبدوني" أي هو خصوص جاء في لفظ العموم-- وَفِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه: " وَمَا خَلَقْت الْجِنّ وَالْإِنْس مِنْ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "
أم هل المعنى ما خلقت الجن والإنس إلّا لآمرهم بالعبادة قال تعالى "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا "؟؟
أم هل المعنى هو أن يقرّوا لله بالعبادة طوعا وكرها؟؟
أم هل المعنى أنّه خلقهم ليعرفوه كما دل على ذلك قوله تعالى " وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه " (؟؟
-----------------------------------------------------------.
أنتظر ترجيحاتكم ثمّ نكمل
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 01:09 م]ـ
طيب
أنا رأيت أن المعنى الأنسب هو المعرفة الفطرية--إذ كل إنسان مقرٌ في فطرته بوجود خالق مدبّر لهذا الكون--وأنّ الإنسان خاضع ضعيف لهذا الخالق المسيّر للكون وللوجود كله--هذا الشعور الغريزي المسمّى بغريزة التدين هو المعرفة الفطرية التي توجد مع كل إنسان--والذي غالبا ما يلجأ الإنسان بحسبها لخالقه عند الشدائد--فكل النّاس عندهم هذا الشعور بالنقص والإحتياج إلى الخالق الجبّار --وهذا الإحساس الغريزي هو الذي خلق الإنسان لأجله
ـ[رجل صالح]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 02:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جميل ما جئت به أخي جمال.
كما أنني أرى أن أضيف زاوية وإمكانية أخرى وجب التطرق لها عند طرح الترجيحات!!
أرى منظار آخر لمعنى الآية, بالإضافة لما طرح من قبلك, وهو وجه الحال!!
حيث يتساءل المرء هل المراد من الآية الكريمة هو تبيان بنية وطبيعة وحالة الأنس والجن عامة!! القصد هنا, بان طبيعة الإنس والجن أن يعبدوا إلها بحسب "اختيارهم", فهنالك من يعبد الله عز وجل وهنالك من يعبد الشمس وهنالك من يعبد النار وهنالك من يعبد ..... !!
لكن الاختيار بين عبادة الإله الحق – الله عز وجل – وبين عبادة الإله الباطل – جميع الآلهة التي تعبد من دون الله - هو الأساس كما تؤكد ذلك الآية 51 من نفس السورة.
فان كانت كلمة "َ لِيَعْبُدُونِ" تعود على حالة وطبيعة الإنس والجن بحيث أن العبادة هي حالة وليست فعل أو قول, تكون تفسير الآية لهذه السورة مغاير للتفاسير المتبعة!!
حيث, كما ذكر, جاءت الآية 51 مستبقة الآية 56 ونصت:
"وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" الذاريات (51)
فالقصد _ والله اعلم _ بالآية "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" - الذاريات (56) ليس أن يقيموا العبادة فقط على وجه العموم (أي يعبدون) بالأفعال والأقوال ولكن الهدف من خلق الإنس والجن أن لا (يعبدوا) إلا الله, كحال دائم, وان يعبدوه مخلصين له الدين, " وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ" الذاريات (6) , دون أن يجعلوا لهم, الإنس والجن, إلها آخر.
لذلك أرى بان كلمة "َ لِيَعْبُدُونِ" هي حالة وليست فعل أو قول, والله اعلم!!
ما رأيكم, هل يمكن ترجيح ما ذكرت أو هنالك خطأ فيما أثرت!!
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 03:16 م]ـ
الأخ العزيز جمال:
وقفة جمالية في رياض القرآن الكريم.
أي فرد عاقل حكيم عند قيامه بعمل ما, فإنه يهدف من ذلك العمل تحقيق هدف من عمله, وإلا كان عمله عبثا ولهوا.
نحن نقطع يقينا بأن الله سبحانه وتعالى هو منتهى الحكمة, إذ كل أعمال الله سبحانه وتعالى موجهة لهدف وغاية, ولا يوجد فيها عبث, ومن ذلك خلق الإنسان.
السؤال الآخر؟
ما هو هدف الله من خلق الإنسان؟
هل هو شيء راجع إلى الله تعالى, أم شيء راجع إلى الإنسان؟
بمعنى هل يستفيد الله شيئا من خلقه الإنسان؟
الجواب:
قطعا, إن الله لا يستفيد شيئا من خلق الإنسان, فالله غني مطلق, غني عن عباده, ولكن الإنسان هو المستفيد من خلق الله له.
إذا , الهدف من الخلق هو خارج الذات الإلهية المقدسة.
لقد ورد في القرآن الكريم إشارات للهدف من الخلق:
" الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " - الملك -6
فهذه الآية تشير أن الامتحان الإلهي هو علة وسبب خلق الإنسان.
" ولو شاء ربك لجعل الله الناس أمة واحدة, ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" - هود 118, 119
تشير هاتان الآيتان أن الهدف من خلق الإنسان هو رحمة الله.
دعونا نعود إلى الآية الشريفة:
" وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " - الذاريات 56
هذه الآية ترتكز إلى مسألة العبودية, وتعتبرها الهدف النهائي من خلق الجن والإنس, فهل يوجد تضاد وتعارض بين هذه الآية والآيات المتقدمة؟
الجواب:
لا ... لا يوجد تضاد.
كبف؟
هذه الآية تشير إلى أن العبودية هي الهدف الأساسي من الخلق.
ما أشارت إليه الآيات الأخرى (كالابتلاء والامتحان ... الخ) إنما هي أهداف تتحقق في ظل هذه العبودبة لله.
يأتي السؤال الآخر:
ما هي ماهية هذه العبادة؟
هل يراد منها أداء الشعائر الإسلامية كالصوم والصلاة والحج والزكاة ... أم شيء آخر؟
للحديث تتمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 04:12 م]ـ
أخي الدكتور
عجّل علينا بإشراقتك---لا حرمنا الله منك
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 06:17 م]ـ
الأخ العزيز جمال:
أشكر لكم كرم الضيافة.
أواصل معكم البحث حول الآية المتقدمة.
دعونا ننظر بعمق في معنى الكلمة (يعبدون)
كيف تفسر اللغة هذه الكلمة.
(أياك نعبد): اياك نطيع الطاعة التي نخضع لها. (1)
ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع. (2)
إذا, العبودية هي إظهار منتهى الخضوع للمعبود.
نحن كمسلمين, نؤمن أن المعبود الذي يستحق العبادة هو الله سبحانه وتعالى, فبناءا على ذلك نستنتج أن العبودية هي قمة الاقتراب من الله سبحانه وتعالى والتسليم له, بلا قيد ولا شرط, بمعنى امتثال أوامره في جميع المجالات.
والعبودية قد تكون كاملة أو ناقصة, فالعبودية الكاملة هي أن يعتبر الإنسان الله معبوده الحقيقي, وأن ينسى سواه.
يقول الله تعالى في آية أخرى:
" الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير, وأن الله قد أحاط بكل شيء علما " الطلاق - 12
تشير هذه الآية إلى أن الحكمة في خلق السموات والأرض هي أن يتوصل المرء إلى معرفة الله ومدى قدرته الواسعة.
القرآن يدعم بعضه بعضا, ويساعد فهم جزء منه على فهم جزء آخر.
دعونا نقيم رابطة بين هذه الآيات الشريفة.
العبادة هي الهدف الأساسي من الخلق, وتتجلى مظاهر هذه العبادة من خلال الامتحان الذي أعده الله للإنسان في هذه الحياة (كما أشارت الآية السابقة) , ومن خلال استفادة الإنسان في توظيف العلم والمعرفة اللذين أعطاهما الله للإنسان.
نجاح الإنسان في الاختبار واستفادته من التأمل في ملكوت السموات والأرض, سيخلق لديه درجة من التكامل الإنساني, هذا التكامل الذي لن يحصل عليه إلا إذا كان قريبا من الله تعالى.
خلاصة ذلك أن الهدف النهائي الذي أشارت إليه الآية الشريفة بالعبادة, هو بشكل ضمني التكامل الإنساني الذي يتولد في نفس الإنسان نتيجة لهذه العبادة, وهذا هو الهدف من الخلق.
بعد هذه الإشارة دعونا نطرح هذا السؤال:
إذا كان هدف الله من الخلق هو عبادته (التي عبرنا بشكل ضمني بالتكامل الإنساني الناتج عن العبادة) فلماذا لا يعبده كل الناس, حيث نجد أنه ليس كل الناس يعبد الله تعالى, فهل تتخلف إرادة الله عن هدفه؟
للحديث تتمة:
--
(1) تهذيب اللغة للأزهري
(2)) نفس المصدر السابق.
ـ[رجل صالح]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 06:52 م]ـ
اخي د. ابو طالب
لقد أثرت سؤال عظيم ولكنني سأصيغه بشكل أخر وهو – لماذا خلقنا الله – وليس على غرار سؤالك ما هو هدف الله من خلق الإنسان؟
والسبب في اختيار السؤال كما ذكر أعلاه وليس على غرار سؤالك ناتج بسبب أن الفرضية التي أثرتها في تساؤلك بقولك " هل هو شيء راجع إلى الله تعالى, أم شيء راجع إلى الإنسان؟ " و "بمعنى هل يستفيد الله شيئا من خلقه الإنسان؟ ", تعاني من خلل منطقي جوهري من الدرجة الاولى!!
ففي إجابتك قلت, إن الله لا يستفيد شيئا من خلق الإنسان, فالله غني مطلق, غني عن عباده, ولكن الإنسان هو المستفيد من خلق الله له.
على غرار هذا المنطق الباطل فان الجان هو المستفيد من خلقه, والملائكة هي المستفيدة أيضا من خلقها, والسماوات والأرض كل مستفيد من خلقه وحتى النملة التي ذكرت في سورة النمل هي المستفيدة من خلقها, وكل ذلك لأنك جعلت للمخلوق غاية وهي غاية الاستفادة من خلقها, في الوقت أن الغاية من خلق جميع المخلوقات هي غاية ومشيئة الخالق.
"أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ" الروم (8)
فلا غاية ولا استفادة ولا مشيئة البتة للمخلوق بما فيها الإنسان!!
"وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" التكوير (29)
وكل ذلك لان الخلق لم يأتي لهدف, يا اخي ابو طالب, ولكن الخلق اجمعه مسخر لحكمة قدرها الحكيم العليم.
الفرضية بأن الامتحان الإلهي هو علة وسبب خلق الإنسان ينافي إجابة العزيز الحكيم لسؤال الملائكة قبل خلق الإنسان:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" البقرة (30).
لذلك الخلق جاء لحكمة وليست لرحمة يا أخي د. ابو طالب!!
كما أن الاستدلال بالآية " ولو شاء ربك لجعل الله الناس أمة واحدة, ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" - هود 118, 119" ليس بمحله وذلك لان الآية نصت "إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" هود (119) , بحيث قوله عز وجل" وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ" تجزم بان العزيز الحكيم قد قدر كل شيء قبل خلق الإنسان, بقوله:
"الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" الفرقان (2)
ولذلك الإنسان غير مستفيد من خلقه إنما هو مسخر في خلقه لحكمة الله في الأرض بأنه – لا الله إلا الله – التي حارب عليها جميع الرسل وخاتمهم المصطفى – صلى الله عليه وسلم.
لذلك السؤال العظيم هو لماذا خلقنا الله فان كانت الإجابة " وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " – الذاريات 56, السؤال المطروح هل الله بحاجة إلى عبادتنا ولديه الملائكة تسبح وتقدس له, السماوات والأرض والجميع يسبح له:
"تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" الإسراء (44)
فأن العبودية ليست هي الهدف الأساسي من الخلق ولكن حالة الاختيار هي الهدف – والمراد أي عبودية يريد الإنسان لنفسه – عبودية لله عز وجل أو عبودية لما هو من دون الله.
وحيث ذكرت بان من طبيعة الإنس والجن بأن يعبدوا إلها بحسب "اختيارهم", فالاختيار هو الأساس اما الابتلاء والامتحان فذلك ناتج من الاختيار أي اله يعبد الاله الحق _ الله عز وجل - او الهة الشرك.
فان كانت كلمة "َ لِيَعْبُدُونِ" تعود على حالة وطبيعة الإنس والجن بحيث أن العبادة هي حالة وليست فعل أو قول, فالقصد _ والله اعلم _ بالآية "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" - الذاريات (56) ليس أن يقيموا العبادة فقط على وجه العموم (أي يعبدون) بالأفعال والأقوال ولكن الهدف من خلق الإنس والجن أن لا (يعبدوا) إلا الله, كحال دائم, وان يعبدوه مخلصين له الدين دون أن يجعلوا لهم, الإنس والجن, إلها آخر.
لذلك أرى بان كلمة "َ لِيَعْبُدُونِ" هي حالة وليست فعل أو قول, والله اعلم!!
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 07:04 م]ـ
الجواب على السؤال السابق:
إن إرادة الله لا تتخلف عن هدفه.
إذا كيف نفسر ذلك.
الجواب:
توجد نوعان من الإرادة الإلهية:
- الإرادة التكوينية.
- الإرادة التشريعية.
الإرادة التكوينية:
وهي التي عبّر عنها القرآن الكريم بقوله:
(إ نّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) - يس: 82
هذه الآية تشير إلى الإرادة التكوينية بكل جلاء ووضوح، وكيف أنّ الشيء يكتسب نور التحقّق بمجرّد توجّه العناية والرغبة الربّانية إليه.
" إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ" - الحج: 14
". . . إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ " - هود: 107
" ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" - البروج: 15 ـ 16
من مصاديق الإشارة إلى الإرادة الربانية التكوينية، إذ بمجرّد انبعاثها يتحقّق المراد، وما يريده الباري فهو ما سيقع ويتحقّق.
أراد اللّه تعالى أن نُخلق فخُلقنا، وأراد أن يخلُق الأرض والسماء فخُلقتا، وقال العلماء إنّ إرادة اللّه التكوينية لا تختلف عن المراد، أي أنّ اللّه تعالى حينما يُريد لشي ما أن يُخلق، فإنّ ذلك الشي يُخلق بمجرد إرادته تعالى لخلقه.
الإرادة التشريعية:
(يُتْبَعُ)
(/)
وتتمثل في ما يريده اللّه تبارك وتعالى من تشريعات وأحكام، فهي إرادة راجعة إلى التشريعات والأحكام، فتحريم الخمر والميسر وإيجاب الصلاة والزكاة مثلاً، يعني أنّ اللّه قد أراد من الخلق أن يتركوا الخمر ويتركوا الميسر وأن يقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة وهذا النوع من الإرادة يسمى بالإرادة التشريعية «أي أنّه تعالى قد أراد منا بتشريعاته وأحكامه وقوانينه ونظمه أن نترُك الخمر ونترُك الميسر ونُقيم الصلاة ونُؤتي الزكاة.
كقوله تعالى:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " - المائدة: 6
تأملوا: يريد ليطهركم
الإرادة هنان إرادة تشريعية، أي أنّ الهدف الإلهي من جعل هذه الأحكام هو تطهير الناس، إذن فالإرادة التشريعية هنا هي وضع أحكام الطهارة من غسل ووضوء وتيمّم، والهدف هو طهارة الناس من الحدث والخبث، وبديهي أنّ البعض سيمتثل لهذه الأحكام ويعمل بها، بينما سيعرض عنها آخرون ولا ينفذونها، أمّا لو كانت إرادة إلهية على نحو التكوين لما أمكن لأحد أن يتخلّف عن تطهير نفسه.
". . . فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُم الْعُسْرَ. . ." - البقرة 185
الإرادة» في هذه الآية من قبيل سابقتها تشريعية أيضاً، وأنّها بصدد وضع قانون الصيام وضوابطه المختلفة المتعلّقة بالسفر والحضر أو الصحّة والمرض، بما يخفّف على المضطرّين، ولا يوقعهم في العُسر والمشقّة، ويجعل الصيام مفروضاً على الجميع دون مراعاة للحالات الخاصّة، إذن الإرادة في الآية تتعلّق بتشريع الأحكام والفروض، وليست هذه إلاّ الإرادة التشريعيّة بعينها.
الإرادة التشريعية تتخلف عن المراد، أي أنّ إرادة اللّه تعالى الكامنة في الأحكام والتشريعات تتخلف عن مراده، فقد أراد اللّه منهم أن يُقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة و ... الخ، ولكنّ الكثير منهم لا يُصلي ولا يُؤدي، وأراد اللّه منهم أنّ لا يشربوا الخمر ولا يفعلوا الميسر ولايزنوا , بينما نرى أنّ هناك من يشرب أو يزني وهذا هو معنى تخلف الإرادة التشريعية عن المراد الإلهي.
في من هذين القسمين نضع هذه الآية الآية الشريفة؟
هذه من ضمن الإرادة التشريعية.
كيف؟
إن الهدف من عبادة الله ليس إجباريا, وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك:
فهي عمل اختياري.
عندما يبني إنسان ما مسجدا للصلاة, ويهيؤ أسباب الراحة فيه, فالمفوم من ذلك أن هذا العمل أريد منه أن يكون مكانا للصلاة, ولا يفهم من بناءه إجبار الناس على الصلاة فيه بشكل قسري.
وكذلك الحال هنا, فالله سبحانه وتعالى قد هيأ أسباب العبادة للإنسان, وأتاح له كل السبل التي تقويها وتعمق درجتها لديه, من إرسال الأنبياء وإنزال الكتب والتشريعات, الخ ....
هذه الوسائل نتاحة للكافر, كما هي متاحة للمؤمن, إلا أن الفرق بينهما هو أن الأول لم يستفد منها, بينما استفاد الثاني من تلك الوسائل.
أتمنى أن يكون الجواب شافيا وواضحا, ومن الله استمد العون والسداد.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 07:13 م]ـ
حول الإرادة
أود أن أبحث معك أخي الدكتور الموضوع في رابط مستقل
فهل تتفضل بدعوتي إلى مثل هذا الرابط؟؟
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 08:52 م]ـ
العزيز رجل صالح:
ألا تستفيد من عبادتك لله؟
أليس التكامل الروحي الذي تحققه لك عبادة الله استفادة؟
ألا يوجد فائدة من الصلاة, وهي أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر؟
ألا يوجد فائدة من الزكاة, وهي تطهيرها للمرء, أم أن تشريعها عبثا؟
ألا يوجد فائدة من تشريع الصيام والحج وسائر العبادات الأخرى؟
إذا كانت لا توجد فائدة تعود على الإنسان جراء عبادته لله, فلا فرق بين من يؤدي تلك العبادات ومن لا يؤديها.
ولماذا شرعها؟
هذه الفوائد العبادية والتي تشمل سائر العبادات الأخرى هي النتيجة المرتقبة التي يحصل عليها العبد عند امثثاله لأوامر الله ونواهيه.
الله ليس في حاجة لعبادتنا.
ولكنه لم يخلقنا عبثا, بل خلقنا لحكمة, وتلك الحكمة هي الهدف من الخلق, كما تقدم الكلام.
وهذا لا يتعارض مع غنى الله المطلق عن كل المخلوقات, بل يمثل مظهرا لعظمته, مع أنه غني عن هذا المظهر, ولكننا مفتقرون إليه سبحانه وتعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 09:01 م]ـ
أرجو ألا يفهم أحد أنني أهاجم الأخ العزيز رجل صالح:
بل هو نقاش علمي, تحقيقا للفائدة.
أخي رجل صالح:
إنني أحبك في الله.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 09:19 م]ـ
قال الأخ العزيز رجل صالح, رعاه الله أنه لا توجد غاية من الخلق
"أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ" الروم (8)
عزيزي صالح:
الآية تشير أن هناك غاية من الخلق والتي عبر عنا (إلا بالحق)
أي أنها لم تخلق عبثا لا غاية لها, من غير غرض أو غاية بل خلقها لغاية عبر عنها (إلا بالحق) , أي ليست عبثا.
ليست عبثا, أي أن هناك هدف من خلقها.
وقد عبر عن ذلك في آية أخرى:
" أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون. " - المؤمنون: 115
فهذه الآية تشير إلى أن الخلق ليس عبثا, بمعنى أن هناك حكمة من خلقه ووجوده.
نفي العبث في وجود هذا الخلق هو ما أشرت إليه, بالهدف من الخلق أو الحكمة أو الغاية.
ـ[رجل صالح]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 03:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي العزيز د. ابو طالب, ارى انه من اصول العلم اقتباس اقوالي بصورة صحيحة وابرازها في الرد وذلك لكي يتبين القارىء الصح من الخطأ!!
مع ذلك ارى بانه من الواجب ان تقرأ ردي بتمعن اكثر!!
لقد جاء ردي بان لا غاية للمخلوق وليس "لا توجد غاية من الخلق" كما جاء في بداية ردك!!!
لقد قلت في ردي بان الكل, اي جميع المخلوقات بالنواعها المختافة لا غاية لها, وجميعها مسخرة لحكمة الخالق - الله عز وجل!!
الايات التي تم اقتباسها في محلها وارى بان تقييم ردك بصورة اكثر موضوعية وعلمية!!
ردي كان على النحو التالي:
اخي د. ابو طالب
لقد أثرت سؤال عظيم ولكنني سأصيغه بشكل أخر وهو – لماذا خلقنا الله – وليس على غرار سؤالك ما هو هدف الله من خلق الإنسان؟
والسبب في اختيار السؤال كما ذكر أعلاه وليس على غرار سؤالك ناتج بسبب أن الفرضية التي أثرتها في تساؤلك بقولك " هل هو شيء راجع إلى الله تعالى, أم شيء راجع إلى الإنسان؟ " و "بمعنى هل يستفيد الله شيئا من خلقه الإنسان؟ ", تعاني من خلل منطقي جوهري من الدرجة الاولى!!
ففي إجابتك قلت, إن الله لا يستفيد شيئا من خلق الإنسان, فالله غني مطلق, غني عن عباده, ولكن الإنسان هو المستفيد من خلق الله له.
على غرار هذا المنطق الباطل فان الجان هو المستفيد من خلقه, والملائكة هي المستفيدة أيضا من خلقها, والسماوات والأرض كل مستفيد من خلقه وحتى النملة التي ذكرت في سورة النمل هي المستفيدة من خلقها, وكل ذلك لأنك جعلت للمخلوق غاية وهي غاية الاستفادة من خلقها, في الوقت أن الغاية من خلق جميع المخلوقات هي غاية ومشيئة الخالق.
"أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ" الروم (8)
فلا غاية ولا استفادة ولا مشيئة البتة للمخلوق بما فيها الإنسان!!
"وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" التكوير (29)
وكل ذلك لان الخلق لم يأتي لهدف, يا اخي ابو طالب, ولكن الخلق اجمعه مسخر لحكمة قدرها الحكيم العليم.
الفرضية بأن الامتحان الإلهي هو علة وسبب خلق الإنسان ينافي إجابة العزيز الحكيم لسؤال الملائكة قبل خلق الإنسان:
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" البقرة (30).
لذلك الخلق جاء لحكمة وليست لرحمة يا أخي د. ابو طالب!!
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أن الاستدلال بالآية " ولو شاء ربك لجعل الله الناس أمة واحدة, ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" - هود 118, 119" ليس بمحله وذلك لان الآية نصت "إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" هود (119) , بحيث قوله عز وجل" وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ" تجزم بان العزيز الحكيم قد قدر كل شيء قبل خلق الإنسان, بقوله:
"الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" الفرقان (2)
ولذلك الإنسان غير مستفيد من خلقه إنما هو مسخر في خلقه لحكمة الله في الأرض بأنه – لا الله إلا الله – التي حارب عليها جميع الرسل وخاتمهم المصطفى – صلى الله عليه وسلم.
لذلك السؤال العظيم هو لماذا خلقنا الله فان كانت الإجابة " وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " – الذاريات 56, السؤال المطروح هل الله بحاجة إلى عبادتنا ولديه الملائكة تسبح وتقدس له, السماوات والأرض والجميع يسبح له:
"تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" الإسراء (44)
فأن العبودية ليست هي الهدف الأساسي من الخلق ولكن حالة الاختيار هي الهدف – والمراد أي عبودية يريد الإنسان لنفسه – عبودية لله عز وجل أو عبودية لما هو من دون الله.
وحيث ذكرت بان من طبيعة الإنس والجن بأن يعبدوا إلها بحسب "اختيارهم", فالاختيار هو الأساس اما الابتلاء والامتحان فذلك ناتج من الاختيار أي اله يعبد الاله الحق _ الله عز وجل - او الهة الشرك.
فان كانت كلمة "َ لِيَعْبُدُونِ" تعود على حالة وطبيعة الإنس والجن بحيث أن العبادة هي حالة وليست فعل أو قول, فالقصد _ والله اعلم _ بالآية "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" - الذاريات (56) ليس أن يقيموا العبادة فقط على وجه العموم (أي يعبدون) بالأفعال والأقوال ولكن الهدف من خلق الإنس والجن أن لا (يعبدوا) إلا الله, كحال دائم, وان يعبدوه مخلصين له الدين دون أن يجعلوا لهم, الإنس والجن, إلها آخر.
لذلك أرى بان كلمة "َ لِيَعْبُدُونِ" هي حالة وليست فعل أو قول, والله اعلم!!
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 04:15 م]ـ
أخي العزيز رجل صالح:
إنني أدرك معنى ما أكتب.
مع عدم اقتناعي بوجهة نظرك حول الآية المشار إليثها إلا أنني احترم وجهة نظرك.
لك خالص التحية.
ـ[رجل صالح]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 04:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاحترام متبادل اخي د. ابو طالب ولي ملاحظات جامة على ما اثرت في مقالتك وساقوم بكتابتها لاحقا.
تحياتي.
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 09:05 م]ـ
أحبتي، الذي أراه والله أعلم في معنى قوله تعالى: (وما خلق الجن والإنس إلا ليعبدون)
أن قوله: (ليعبدون) استثناء مفرغ من أعم الأحوال؛ أي: ما خلق الجن والإنس لأي شيء إلا للعبادة.
واللام في قوله: (إلا ليعبدون) للتعليل، وهذا التعليل لبيان الحكمة من الخلق، وليس التعليل الملازم للمعلول؛ إذ لو كان كذلك للزم أن يكون الخلق كلهم عباداً يتعبدون له، وليس الأمر كذلك، فهذه العلة غائية، وليست موجبة.
فالعلة الغائية لبيان الغاية والمقصود من هذا الفعل، لكنها قد تقع، وقد لا تقع، مثل: بريت القلم لأكتب به؛ فقد تكتب، وقد لا تكتب.
والعلة الموجبة معناها: أن المعلول مبني عليها؛ فلابد أن تقع، وتكون سابقة للمعلول، ولازمة له، مثل: انكسر الزجاج لشدة الحرة.
وما تقدم هو مفاد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ العثيمين
ودمتم للمحب/أبو فهر(/)
ما الرابط بين: وَمَا خَلَقْتُ الجن .. و .. إنا عرضنا الأمانة
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 10:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمةالله
الإخوة الكرام؛ لقد قرأت تعليقات بعضكم حول موضوع وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ: الذاريات: 56
وهذه التعليقات من الإخوة مشكورين خاصة من الأخ أبي طالب مشكوراً
فراودني سؤال: كيف نربط بين (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وبين
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا): الاحزاب: 72
جعلكم الله حراس الضاد متدبرين آيات كتابه العزيز
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 10:34 م]ـ
الأخ عمّار
أود أن تسير لوحدك في عملية آيجاد الجواب
وكخطوة أولى أن تبحث عن تفسير الآية (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا): الاحزاب: 72 لدى علمائنا الأفذاذ
وإليك هذه المواقع الهامة
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=KORTOBY&nType=1&nSora=1&nAya=1
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=TABARY&nType=1&nSora=1&nAya=1
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp
والموقع الأخير فيه كافة التفاسير إلا أنّه عطلت عملية النسخ منه ولا أدري ما السبب
ـ[الضاد1]ــــــــ[23 - 08 - 2005, 11:35 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي جمال
أتيت بتفسير القرطبي من الرابط التالي: http://www.quranway.net/Library/hadviewer.asp?fId=258&nid=48846
وذلك لأني لم أستطع التعامل مع الرابط الذي تفضلت بتقديمه لي فضلاً، تطبيقه على الجهاز ثقيل.
فمجمل الكلام أن ما تعنيه الآية حول الأمانة: هي الفرائض، وعليها يكون الحساب
ولكن، هذه الآية تعني الإنسان لوحده في تحمله الفرائض ... وهي الإرادة التشريعية كما ذكر الأخ أبو طالب مشكوراً.
ولكن الآية: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون؛ هناك أمر وهو
إرادة الله في خلق الجن والأنس هنا كانت إرادة تكوينية و (كن) الخاص بها سبق إظهار الأمانة للسموات والأرض والجبال والإنسان. ومن الجدير ذكره أن السموات والأرض والجبال وما يستقر بها من ملائكة وجان .. حسبما فهمته من تفسير القرطبي
ولكن ما زلت متردداً في الإجابة الشافية الوافية؟؟
وهناك أمر آخر في (وما خلقت الجن والإنس .. ) أن تأدية فرض عبادة الله وحده
(ربما) تختلف عن الكيفية التي يؤديها الإنسان لله وحده.
كيف أبت الجن الأمانة وأشفقت منها؛ ثم مطلوب منها العمل بالفرائض كما الإنس؟ فهل الأمر مربوط بـ: (إني جاعل في الأرض خليفة)؟
بانتظاركم
ى
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 04:33 ص]ـ
السلام عليكم أخ عمّار
قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ:) الذاريات: 56
وقوله تعالى ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا): الاحزاب: 72
لا تعارض بين الآيتين لأنّ ذكر صنف في آية لا يعني قصر ما في الآية على المذكور.
فآية الذاريات ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ:) ذكر فيها الإنس والجان مع أنّ الملائكة أيضا من العابدين
وآية الأحزاب (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) ذكر فيها الإنسان فقط مع أنّ الجنّ أيضا مكلفون.
على هذا فلا تعارض
أمّا بالنسبة لترجيحي لمعنى آية الذاريات (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ:) فإنّ معناها عندي أنّه خلقهم وفيهم غريزة التدين جميعا وبهذا الفهم تنطبق الآية كليّا
أمّا ترجيحي بالنسبة لآية الأحزاب (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) فإنّ الأمانة المعروضة على الإنسان هي نعمة العقل---وأن الجمادات لم تحملها لا على سبيل القرار لأنّها لا تقرر إنّما على سبيل المجاز الدّال على أنّها حرمت العقل---وذكره الإنسان لوحده في هذه الآية لا يعني قصر العقل على الإنسان فالجان عاقلة أيضا
ـ[الضاد1]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 12:40 م]ـ
أخي في الله جمال رعاك الله ووفقك
وماذا عن (إني جاعل في الارض خليفة)؟ أعذرني لأن الموضوع لا يتعلق بهذه الآية
أحييك
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 01:17 م]ـ
قوله تعالى
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) 30 البقرة
فقد اختلفت تفسيرات العلماء للخليفة---منها أنّ آدم خليفة لمن سكن الأرض من غير الإنسان---وهذا الإحتمال لا دليل عليه--فلا معلومات عندنا موثوقة عن ساكنين للأرض قبل آدم عليه السلام---
ومنها أنّه خليفة لله تعالى في تطبيق أحكام وتشريعات--ولا دليل على هذا القول أيضا فلم تكن حينئذ تشريعات
ومنها أنّه لم يكن خليفة لأحد بل خليفة بمعنى الخلف أي أنّ بعضهم يخلفون بعض وهذا القول الذي ذكره الطبري (وَقَالَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيل قَوْله: {إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة} أَيْ خَلَفًا يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا , وَهُمْ وَلَد آدَم الَّذِينَ يَخْلُفُونَ أَبَاهُمْ آدَم , وَيَخْلُف كُلّ قَرْن مِنْهُمْ الْقَرْن الَّذِي سَلَف قَبْله. وَهَذَا قَوْل حُكِيَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ) أجد فيه قوة وغيره آراء لا دليل عليها
وأجد لزاما أن أذكر قولا شاذا لعاشق للغرائب مفاده أنّ آدم خلف نوعا آخر من البشر سكن الأرض قبله--وهو من قبيل الظنون التي لا تستاهل البحث
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 01:18 م]ـ
:; allh
ـ[الضاد1]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 09:32 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي جمال(/)
هل يمكن أن ننكر تأثير السحر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 04:44 م]ـ
المعتزلة ينكرون تأثير السحر--لذلك قال الزمخشري في الكشّاف في تفسيره لآية (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ)
(النفاثات النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين والنفث النفخ مع ريق ولا تأثير لذلك الهم إلا إذا كان ثم إطعام شيء ضار أو سقيه أو إشمامه.)
ثم قال
(فإن قلت: فما معنى الاستعاذة من شرهن قلت: فيها ثلاثة أوجه
أحدها: أن يستعاذ من عملهن الذي هو صنعة السحر ومن إثمهن في ذلك.
والثاني: أن يستعاذ من فتنتهن الناس عند نفثهن ويجوز أن يراد بهن النساء الكيادات من قوله: {إن كيدكن عظيم} يوسف 28 تشبيهاً لكيدهن بالسحر والنفث في العقد.
أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهن لهم وعرضهن محاسنهن كأنهم يسحرونه)
و مناسبة سورة الفلق هي قيام اليهودي لبيد بن الأعصم وبناته بعمل سحر ضد الرسول:= كما جاء في البخاري ومسلم--وقد قاموا بعمل السّحر إلّا أنّه لم يسحر لقوله تعالى (والله يعصمك من النّاس)
فهل النفاثات في العقد هنّ النساء الفاتنات السواحر بجمالهن كما يقول؟
أم هنّ الكيّادات حيث شبه الكيد بالسحر؟
وهل السحر بلا تأثير كما يقول (ولا تأثير لذلك الهم)
نحن أمام موقف المعتزلة نقول أنّ السحر حقيقة واقعة--وليس مجرد وهم أو تخييل--
قال تعالى (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)
وقال (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ)
وقال (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) فهذه كلها آيات تبين أنّ السحر حقيقة واقعة--ومن فنونه الآيهام والتخييل
إذن
إذا كان الزمخشري قد حاول أن يفسر النفّاثات في العقد على أنّهن النساء الفاتنات--فما هو تفسيرنا نحن لها؟
إسمحوا لي بالقول التالي وهو--النفاثات لا تعني النساء السواحر--لإن هناك سحرة رجال وساحرات إناث--إنما هي المنفوثات في العقد--وهي الرّقى المعمولة بطريقة النفث لآيقاع الأذى في الناس
وكثير من آيات الكتاب يستخدم فيها اسم الفاعل بدل المفعول كقوله "خلق من ماء دافق"
ـ[رجل صالح]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 04:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" البقرة (102)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 08 - 2005, 06:58 م]ـ
لم أفهم لم كررت كتابة الآية التي كتبتها أنا كدليل على ثبوت حقيقة السحر؟؟
قلت (قال تعالى (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)
وهي تدل على ثبوت وجود السحر والذي من فنونه التخييل والآيهام
وخوفا من أن يضيع على المشاركين ملاحظة ما قلته في معنى النفاثات فأنا أعيده مرة أخرى فأقول
--النفّاثات في العقد معناها المنفوثات في العقد
ـ[رجل صالح]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 02:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جاء في الحديث الصحيح - البخاري ومسلم - بان المصطفى عليه الصلاة والسلام قال:
"من (اصطبح) , (تصبح) بسبع تمرات عجوة، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر"
يفهم بوضوح من حديث المصطفى - عليه الصلاة والسلام, بان هنالك تأثير للسحر يعادل تأثير السم!!
السحر حقيقة كما هو السم حقيقة.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 03:32 م]ـ
وهل قلت غير ذلك؟
على أية حال ---إلى الأخوة المتنورين--ما رأيكم في قولي
"النفّاثات في العقد" هي " المنفوثات في العقد"
ـ[الكوفي]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 07:49 م]ـ
رأينا أنه قولك وحدك (فيما يظهر) ولم يقل به من هم أعلم منك ... ولماذا لا تكون النفاثات على حقيقتها وأنهن النساء ... لأن السحر منهن أكثر وهو منهن أسوأ ... أو لماذا لا يكون المقصود الأنفس النفاثات ... وما تقول أنت في حاسد هل هو للمذكر أم أن معناه محسود لأن الحسد أيضا لا يختص بالرجال؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 09:57 م]ـ
هلا بالكوفي
قد مضى زمن لم نقرأ لك شيئا
ثم ها أنت قرأنا لك اليوم فيا مرحبا بك
وبنقاشك العلمي القيّم---النفّاثات ليست المنفوثات والسبب عندك (ولم يقل به من هم أعلم منك ... )
واسمح لي
هل سؤالك (وما تقول أنت في حاسد هل هو للمذكر أم أن معناه محسود لأن الحسد أيضا لا يختص بالرجال؟)
يمكن أن ُيسأل؟
هل يستقيم الكلام إذا ما قلت "من شر محسود إذا حسد"؟؟
أنا لم أجده معقولا فما رأيك أنت؟
أدعو الله لي ولك بالرحمة
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:31 م]ـ
حبيبنا الشيخ جمال
في الأية ثلاثة أقوال:
1 - النفاثات في العقد: أي السحرة وعبر بالمؤنث لكون الغالب على سحر الرقى الإناث، قلت: وهذا واقع مشاهدوهو قول الحسن
2 - المراد بالنفاثات: الأنفس السواحر
3 - المراد بالنفاثات: ما خالط السحر من الرقى وهو قول: ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، وأخونا جمال.
والذي أراه أن الخلاف هنا من قبيل خلا ف التنوع والله أعلم
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:42 م]ـ
أنت تخجلني جدا بأدبك الجمّ معي
وتخاطبني بما لا أستحق--فبارك الله بك من أخ وابن أخ(/)
الرياح والريح في القرآن ..
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 01:16 ص]ـ
السلام عليكم
عندما يرد لفظ الرياح في القرآن يكون مناسبا للخير والنعم
ولما يردلفظ الريح يكون مرادفا للعذاب والانتقام
1/ الرياح:
قال تعالى: (( ... أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} البقرة164
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} الأعراف57
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} الحجر22
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً} الكهف45
{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} الفرقان48
{أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} النمل63
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الروم46
{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} الروم48
{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} فاطر9
{وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} الجاثية5
بقيت الأية لا ينطبق عليها ما تقرر سابقا: ففي قراءة ورش للأية:
{مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّياحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ} إبراهيم18 ... لماذا؟
2/الريح:
{مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ} إبراهيم18
{أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} الإسراء69
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} الأنبياء81
{حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} الحج31
{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} الذاريات
بقيت الآيتين:
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} سبأ12
{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ} ص36 .. لماذا؟؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 06:34 ص]ـ
الأخ الحبيب عمر
السلام عليكم
# قوله تعالى (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ} ص36 .. ففي قراءة أخرى "الرياح"
# قوله تعالى (: (( ... أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} البقرة164 في قراءة أخرى " الريح"
# قوله تعالى ({مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ} إبراهيم18 .. وفي قراءة ورش كما ذكرت يا أخ عمر "الرياح"
هذه الملاحظات عن القرائتين--الريح والرياح---تنبيء أن القاعدة غير مطردة---وقد احتاج بعض العلماء إلى محاولة تبرير خروج بعض الآيات عن القاعدة كقول الزركشي
((وقد اطردت هذه القاعدة إلا في مواضع يسيرة لحكمة
فمنها قوله سبحانه في سورة يونس) هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف (
فذكر ريح الرحمة بلفظ الإفراد لوجهين
أحدهما لفظي وهو المقابلة فإنه ذكر ما يقابلها ريح العذاب وهي لا تكون إلا مفردة ورب شىء يجوز في المقابلة ولا يجوز استقلالا نحو) ومكروا ومكر الله (
الثاني معنوي وهو أن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد فإن اختلفت عليها الرياح وتصادمت كان سبب الهلاك والغرق فالمطلوب هناك ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى فوصفها بالطيب دفعا لتوهم أن تكون عاصفة بل هي ريح يفرح بطيبها
ومنها قوله تعالى) إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ())
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 02:14 م]ـ
الأخ الحبيب عمر
السلام عليكم
# قوله تعالى (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ} ص36 .. ففي قراءة أخرى "الرياح"
# قوله تعالى (: (( ... أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} البقرة164 في قراءة أخرى " الريح"
# قوله تعالى ({مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ} إبراهيم18 .. وفي قراءة ورش كما ذكرت يا أخ عمر "الرياح"
هذه الملاحظات عن القرائتين--الريح والرياح---تنبيء أن القاعدة غير مطردة---وقد احتاج بعض العلماء إلى محاولة تبرير خروج بعض الآيات عن القاعدة كقول الزركشي
((وقد اطردت هذه القاعدة إلا في مواضع يسيرة لحكمة
فمنها قوله سبحانه في سورة يونس) هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف (
فذكر ريح الرحمة بلفظ الإفراد لوجهين
أحدهما لفظي وهو المقابلة فإنه ذكر ما يقابلها ريح العذاب وهي لا تكون إلا مفردة ورب شىء يجوز في المقابلة ولا يجوز استقلالا نحو) ومكروا ومكر الله (
الثاني معنوي وهو أن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد فإن اختلفت عليها الرياح وتصادمت كان سبب الهلاك والغرق فالمطلوب هناك ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى فوصفها بالطيب دفعا لتوهم أن تكون عاصفة بل هي ريح يفرح بطيبها
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنها قوله تعالى) إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ())
أرغب بالإطلاع على آراء الأخوة المتعمقين حول قولي بعدم إطراد القاعدة التي قال بها الزركشي وتابعه عليها السيوطي من كون التنزيل يستخدم الرياح لأمر الخير والريح لأمر الشّر
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 01:53 ص]ـ
ذكر الأخ عمر - حفظه الله - أن استعمال القرآن الكريم للفظة (رياح) يأتى بمعنى الرحمة، على أن هذا المعنى لم يطّرد في قراءة ورش لقوله تعالى: " مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّياحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ " (إبراهيم: 18).
كما أنه بيّن أيضاً أن المواطن التي جاء فيها استعمال القرآن للفظة (ريح) كان بمعنى العذاب، إلا في قوله تعالى: " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ " (سبأ: 12)، وقوله تعالى عن نفس الريح التي سخّرها الله تعالى لسليمان: " فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ " (ص: 36).
والسؤال هو: لماذا لم يطّرد معنى الرحمة في (الرياح)؟ ولماذا لم يطّرد معنى العذاب في (الريح)؟
نقول - وبالله التوفيق - إن هذا الإشكال الظاهر يزول باعتبارين:
الأول: القول بأن لفظ (الريح) - مفرداً - يأتي للرحمة وللعذاب، كما في قوله تعالى: " حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ " (يونس: 22). أما (الرياح) - بالجمع - فلا تأتي إلا للرحمة.
وإلى هذا المعنى أشار القرطبي في تفسيره، قال: " فمن وحّد الريح فلأنه اسم للجنس يدلّ على القليل والكثير، ومن جمع فلاختلاف الجهات التي تهبّ منها الرياح. ومن جمع مع الرحمة ووحّد مع العذاب، فإنه فعل ذلك اعتباراً بالأغلب في القرآن نحو: (الرياح مبشرات) و (الريح العقيم)، فجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب، إلا في يونس في قوله: " وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ " (يونس:22)، وذلك لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جزء واحد، وريح الرحمة ليّنة متقطّعة، فلذلك هي رياح. فأفردت مع الفلك في يونس، لأن ريح إجراء السفن إنما هي ريح واحدة متّصلة، ثم وصفت بالطيب فزال الاشتراك بينهما ".
وعلى هذا فإن حُجّة مَن قرأ (الريح) بالإفراد: أن الواحد يدلّ على الجنس فهو أعمّ، كما تقول: (كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس)، إنما تريد هذا الجنس. قال الكسائي: والعرب تقول: (جاءت الريح من ((كل)) مكان)، فلو كانت ريحاً واحدة جاءت من مكان واحد، فقولهم (من كل مكان) وقد وحّدوها، تدلّ على أن بالتوحيد معنى الجمع.
وحُجّة مَن قرأ (الرياح) بالجمع: أنها الرياح المختلفة المجاري في تصريفها وتغاير مهابّها في الشرق والمغرب، وتغاير جنسها في الحرّ والبرد، فاختاروا الجمع فيهن لأنهن جماعة مختلفات المعنى.
أما الاعتبار الثاني: فبالنظر إلى التنوّع في وصف القرآن الكريم لـ (الريح) - إفراداً وجمعاً. حيث يلفت انتباهنا في آية سورة إبراهيم - عليه السلام - أن الريح (الرياح) وُصفت بصفة مذكّرة، بصيغة (عاصف)، فقال تعالى: " مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّياحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ " (إبراهيم: 18)، وقد رأينا هذه الصفة المذكّرة للريح أيضاً في قوله تعالى في آية سورة يونس: " جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ ".
في حين أن الريح التي سخّرها الله تعالى لنبيّه سليمان عليه السلام وصفها الله تعالى في آية أخرى بصفة مؤنّثة، بصيغة (عاصفة)، فقال عزّ من قائل: " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ " (الأنبياء: 81).
ومن المعلوم أن الوصف المذكّر (= عاصف)، فيه معنى القوّة والشدّة والقسوة والخشونة، ويلقي هذه الظلال المرادة. أما الوصف المؤنّث (= عاصفة)، ففيه معنى الليونة والخير والغيث والبركة والعطاء، ويلقي هذه الظلال المرادة.
والملاحظ أن السياق في سورة إبراهيم سياق شدّة وخشونة وهول وتوبيخ وتقريع، بحيث يناسبه وصف الريح بأنها عاصف. فالله تعالى يخبر بأن أعمال الكافرين التي عملوها في وجوه البرّ، كرماد طيّرته الريح العاصف، فلا يرون لأعمالهم تلك أثراً من ثواب أو تخفيف عذاب، كدأب الرماد المذكور.
فالاضطراب الذي يسيطر على هذا الموقف، يناسبه وصف الريح بأنها عاصف .. والوصف المذكّر (عاصف) فيه معنى الشدّة والقسوة والخشونة، ويلقي بذلك الظلال المرادة من الآية، سواء استُعمل فيها لفظة (ريح) أو (رياح) .. فهي موصوفة بالشدّة والقسوة والخشونة.
أما السياق في سورة الأنبياء فإنه سياق إيجابي، والحديث فيه عن نعم الله تعالى على داود وسليمان عليهما السلام، فالجبال والطير تسبّح مع داود عليه السلام، والله علّمه صنعة لَبوس ودروع يلبسها جنوده في الحروب، والله تعالى سخّر لسليمان عليه السلام (الريح الطيّبة)، التي تحمل الغيث والخير إلى الأرض المباركة، والتي ينتج عنها النبات والعُشب والزرع والثمار.
وهذه المعاني الإيجابية الطيّبة في السياق يناسبها وصف الريح بأنها (عاصفة)، لأن هذه الصفة تلقي ظلال الرخاء والنعومة والبركة والعطاء. فالوصف المؤنّث (عاصفة) فيه معنى الليونة والخير والغيث والبركة والعطاء، ويلقي هذه الظلال المرادة على استعمال لفظة (الريح) في هذا المقام.
وسبحان الله منزل القرآن المعجز ..
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 07:59 ص]ـ
الأخ لؤي
هل معنى كلامك --لا قاعدة مطّردة في استخدام التنزيل للريح أو للرياح ولكل آية أجوائها وملابساتها؟؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:01 م]ـ
الأخ جمال - حفظه الله ..
قد وجدت إشكالاً في آية سورة إبراهيم ..
وأنا أعمل على إزالته ..
وقد توجّهت بالمسألة إلى أهل التفسير ..
علّهم يفيدونا بإجابة شافية لقضية الاطراد إن شاء الله تعالى ..
ودمتم ..
للمتابعة هنا ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3815) ..
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:26 م]ـ
الأخ الحبيب جمال - حفظه الله ..
لقد وجدت إشكالاً في آية سورة إبراهيم .. وأنا أعمل على إيجاد حلّ لإزالته ..
وقد توجّهت إلى أهل التفسير بسؤال ..
نسأل الله أن يعينهم على إفادتنا فيه ..
علّنا نصل إلى إجابة شافية لقضية الاطراد إن شاء الله تعالى ..
ودمتم لنا سالمين ..
لا حرمنا الله من كلامك
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 11:03 م]ـ
شكرا لكما
بالفعل ما أثار سؤالي هو الأية الواردة في سورة إبراهيم
علما أن القراءة المعتمدة عندنا هي قراءة ورش (حفظتها هكذا)
ـ[أحلام]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 03:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخوة الافاضل
ارجو اتمام ذكر الريح في القرآن
({وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال46بمعنى قوتكم
({وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} يوسف94 بمعنى الرائحة الخاصة بسيدنا يوسف عليه السلام
وجزاكم الله خيرا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 08:56 م]ـ
عفوا
الموضوع هو عن الرّيح المعروفة والمكونة من الهواء المتحرك والتي تحمل بخار الماء
ـ[أحلام]ــــــــ[29 - 08 - 2005, 07:47 م]ـ
سبحان الله والحمد لله رب العالمين
الاخ تافاضل جمال حسني الشرباتي
وجدت من خلال دراستي المتواضعة امام علمكم الجم بانه (عندما تذكر الرياح والريح يعرجون على لفظة {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال46
وكذلك ({وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} يوسف94
والعلم بالشيئ خيرمن الجهل به
لك شكري وتقديري
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 - 08 - 2005, 08:15 م]ـ
بارك الله بك(/)
سُجَّداً لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 03:22 م]ـ
:::
قوله (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) 48 النحل
# أمّا داخرون فمعناها صاغرون---جاء في لسان العرب (دخر
دَخَرَ الرجلُ، بالفتح، يَدْخَرُ دُخُوراً، فهو دَاخِرٌ، ودَخِرَ دَخَراً: ذَلَّ وصَغُرَ يَصْغُرُ صَغَاراً، وهو الذي يفعل ما يؤمر به، شاء أَو أَبى صاغِراً قَمِيئاً. والدَّخَرُ: التحير. والدُّخُورُ: الصَّغَارُ والذل، وأَدْخَرَهُ غيره.)
# واليمين هنا بمعنى الأيمان إذ أنّ دخول الألف واللام جعل اليمين إسم جنس فهو عموم قام مقام الجمع فوافق ذلك ذكره للشمائل
# سجود الظلال لله يعني خضوعها لنظام الله المفروض عليها والذي عادة لا يتخلف--وليس كالسجود المعروف كعبادة
# الظل كما هو معروف ناتج من حجب الجسم المعتم لضوء الشمس الواقع عليه ويختلف طول الظل باختلاف موقع الشمس بالنسبة للجسم
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:08 ص]ـ
ألا تلاحظ أخي جمال, أن القرآن استخدم (اليمين) بصيغة المفرد , و (الشمائل) بصيغة الجمع؟
لي عودة.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:19 ص]ـ
مستغرب أخي الدكتور من كلامك--
واضح أنني ملاحظ لذلك فانظر قولي
(واليمين هنا بمعنى الأيمان إذ أنّ دخول الألف واللام جعل اليمين إسم جنس فهو عموم قام مقام الجمع فوافق ذلك ذكره للشمائل)
هذا ماتبنيته---وهو أنّ اليمين إسم جنس فهو عموم قام مقام الجمع---
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 05:40 ص]ـ
العزيز جمال:
معذرة, لم انتبه إلى ذلك.
لكن بما أنني قلت سأعود, أود إضافة ما يلي:
استخدام المفرد بمعنى الجمع, وراد في القرآن الكريم كقوله تعالى:
" ويولون الدبر " - القمر 45
بمعنى يولون الأدبار.
وقال الفراء: كأنه إذا وحد ذهب إلى واحدة من ذوات الأظلال, وإذا جمع ذهب إلى كلها, وذلك لأن قوله تعالى " ما خلق الله من شيء " لفظه واحد ومعناه الجميع.
كذلك فإن العرب إذا ذكرت صيغتي جمع عبرت عن إحداهما بصيغة المفرد وشاهد ذلك في قوله تعالى:
" ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم " - البقرة: 7
" وجعل الظلمات والنور " - الأنعام:1
لكن تأمل أخي جمال, إضافة (الظلال) وهي جمع إلى مفرد وهو (شيء) , فالمقطع القرآني (ما خلق الله من شيء) مع أنه واحد في اللفظ إلا أنه كثير في المعنى.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 07:03 ص]ـ
أخي الدكتور
لقد أحسنت فأحسن الله إليك
أود أن أراسلك---فهل هذا ممكن
sharabatij***********(/)
إشراقات عند إبن عاشور المعاصر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 01:57 م]ـ
حصل الأستاذ القاسم على كتاب تفسير جديد هو "تفسير العدل والاعتدال "
الأديب محمد بن عاشور
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=41993#post41993
ولا أدري ما صلته بالمفسر الكبير الطاهر بن عاشور صاحب " التحرير والتنوير"
------------------------------------------------------------------------------------
الإشراقة الأولى
------------------
قال في تفسيره لسورة القيامة
(((وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9).)): أي غاب الزمن أو مفهوم الزمن بسبب اختلال الموازين))
ولم أجد لسابقيه قولا يشبه قوله فمثلا قال الطاهر بن عاشور فيها
(ومعنى جمع الشمس والقمر إلتصاق القمر بالشمس فتلتهمه الشمس لأن القمر منفصل من الأرض التي هي من الأجرام الدائرة حول الشمس كالكواكب ويكون ذلك بسبب اختلال الجاذبية التي وضع الله عليها النظام الشمسي)
وقول الطاهر بن عاشور إشراقة أيضا
وعندي توجه إلى جمع القولين معا فأقول (ومعنى جمع الشمس والقمر إلتصاق القمر بالشمس فتلتهمه الشمس لأن القمر منفصل من الأرض التي هي من الأجرام الدائرة حول الشمس كالكواكب ويكون ذلك بسبب اختلال الجاذبية التي وضع الله عليها النظام الشمسي بالتالي يغيب مفهوم الزمن بسبب اختلال الموازين)(/)
الإسم الموصول في القرآن
ـ[الضاد1]ــــــــ[26 - 08 - 2005, 09:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إخواني الأعزاء (على حد علمي) أن الجمل المعترضة والأسماء الموصولة ليست إشارة على متانة الأسلوب الخطابي المحكم.
ولكن نجد هذا الأمر بكثرة في القرآن الكريم، ولا بد أن هناك تفسيراً بلاغياً ومعجزاً
لهذا الأمر
آيات من سورة الفرقان على سبيل المثال:
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ
(نَذِيرًا (1:الفرقان)
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2:الفرقان)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4:الفرقان)
قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا
فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا
وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا
تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا
وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
وهذا غيض من فيض نجده في سائر آيات كثيرة
وأشرت هنا لـ (الذي-الذين، التي)، ولكن يوجد (من) أيضاً في هذه السورة
زادكم الله بسطة في العلم
ـ[مبارك3]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 02:45 م]ـ
إخواني الأعزاء (على حد علمي) أن الجمل المعترضة والأسماء الموصولة ليست إشارة على متانة الأسلوب الخطابي المحكم
هذا ما قلتَ
فيا ابن الضاد
من أين لك هذا؟
ـ[الضاد1]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 10:22 م]ـ
من أين لك هذا؟
26 - 08 - 2005 09:
بارك الله بك أيها المبارك 3
ولقد خشيت أن يكون حد علمي هذا مغلوطاً، لأني سمعتها من زميل لي قرأها عن
ناقد قام بتحليل عمل لروائي عربي لا أذكر اسمه ... لذلك أعذرني لأنه ليس لي مصدر ثابت. وإن كان هذا ليس محل دراسة وتأمل ولو للحظة واحدة، فلا تلقي له بالاً وبارك الله بك على التصريح بأن ماجئتُ به ليس فيه حق، فما رددتَه عليّ هو جواب شافٍ لي، وبارك الله بك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 - 08 - 2005, 09:15 ص]ـ
بارك بك يا أخ عمّار على دماثة خلقك(/)
إنه على رجعه لقادرٌ يوم تبلى السرائر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[27 - 08 - 2005, 01:06 م]ـ
قوله تعالى (" إنه على رجعه لقادرٌ يوم تبلى السرائر) الطارق
واضح أنّ المعنى هو "إنّه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر"--لكن هناك مشكلة إعرابية وهي عدم جواز الفصل بين الصلة والموصول--فالمصدر هو " الرجع" هو الموصول به والظرف وهو "يوم" من صلته--وقد فصل بينهما ""
فما هو السبيل لحل هذا الإشكال اللغوي؟؟
السبيل هو الإحتيال
نعم نحتال فنضمر ناصبا للظرف يدل عليه المصدر فيؤول الكلام إلى
(إنه على رجعه لقادرٌ يرجعه يوم تبلى السرائر)
فما بالأحمر هو الفعل المقدّر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 07:36 ص]ـ
هل من ثمة مثال آخر؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 - 08 - 2005, 09:18 ص]ـ
هذا هو المثال الثاني
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7972
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 - 08 - 2005, 10:43 م]ـ
في قوله تعالى (" إنه على رجعه لقادرٌ يوم تبلى السرائر ")
لا يجوز تعليق " يوم " بقوله" لقادر " لكيلا يؤول المعنى أنّه عز وجل قادر على رجعه في يوم تبلى السرائر فقط--وهو قادر على رجعه دائما
ـ[البصري]ــــــــ[30 - 08 - 2005, 06:05 م]ـ
يظهر ـ والله أعلم ـ أن الإشكال الذي ذكرته يبقى، سواء علق الظرف (يوم) بـ (رجعه) أو بـ (قادر) وللتخلص من ذلك يقدر فعل آخر غير ما قدرته ـ أخي جمال ـ وهو (اذكر) ونحو ذلك، والله أعلم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 - 08 - 2005, 07:27 م]ـ
حيّاك الله أخي البصري
وأطمح بمزيد من التفصيل منك(/)
بلاغةٌ في الوفاء بالعهود
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[27 - 08 - 2005, 10:51 م]ـ
قال تعالى: “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا. إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمّة هي أربى من أمّة. إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون”. وقال تعالى “ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم”. (النحل: 91 - 94).
يخاطب الله تعالى في هذه الآيات المسلمين الذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإيمان والطاعة والولاء لله والرسول عندما بايعوه- صلى الله عليه وسلم- ويأمرهم الله بالحفاظ على عهودهم، وبألا يبطلوا أيمانهم، ويضرب الله مثلاً بامرأة خرقاء مختلة العقل من قريش حيث كان لها جوار، وقد اتخذت مغزلاً، فكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهن فتنقض ما غزلته، وهكذا تفعل كل يوم، فكان حالها إفساد ما كان نافعاً محكماً من عملها وإرجاعه الى عدم الصلاح، فنهوا عن أن يكون حالهم كحالها في نقضهم عهد الله وهو عهد الإيمان بالرجوع إلى الكفر وأعمال الجاهلية، وحذرهم الله من سوء عاقبة من يفعل ذلك، هذا هو المعنى الإجمالي للآيات، ولكن كيف عُبر عن هذا المعنى، تعالوا بنا لنقترب من البيان القرآني المعجز لنقف الوقفات الآتية:
- التعبير ب”أوفوا” من دون “أدّوا”.
- وجه التعبير بإذا الظرفية في قوله “إذا عاهدتم”.
- المقصود بنقض الأيمان.
- فائدة قوله “بعد توكيدها”.
- دلالة الجملة المعترضة “إن الله يعلم ما تفعلون”.
- اختيار التعبير بالفعل المضارع في قوله “يعلم” وفي قوله “تفعلون”إلى غير ذلك من النظرات والوقفات.
أما عن إيثار التعبير ب”أوفوا” فلأن فيه دلالة على التمسك بالعهد تمسكاً تاماً، وأدائه وافياً لا نقيصة فيه، وهذا ما يناسب الحديث عن العهد مع الله تعالى، لذا أضيف العهد الى الله في قوله “بعهد الله” لإبراز عظمة هذا العهد وفخامته، وللحث على الالتزام به وعدم نقضه، هذا ما أوحى به لفظ الجلالة بما فيه من معاني الجلالة والعزة، لأنه اسم الله الأعظم. والإتيان ب”إذا” الظرفية لتأكيد الوفاء بالعهد.
قوله: “ولا تنقضوا الأيمان” والنقض معناه في اللغة الفسخ والحل، فيقال: نقض الحبل: إذا حل ما كان أبرمه، ونقض الغزل ونقض البناء. وقد استعمل النقض هنا مجازاً في إبطال العهد وعدم الالتزام به بقرينة إضافته الى “عهد الله” وهي استعارة من مخترعات القرآن الكريم بينت على ما شاع من كلام العرب في تشبيه العهد، وكل ما فيه وصل بالحبل هو تشبيه شائع في كلامهم، ووجه اختيار استعارة النقض الذي هو حل طيات الحبل، لإبطال العهد أنها تمثيل لإبطال العهد والتفلت منه شيئاً فشيئاً وفي أزمنة متكررة. والنقض أبلغ في الدلالة على الإبطال من القطع والصرم ونحوهما، لأن في النقض إفساداً لهيئة الحبل وزوال رجاء عودها كما كانت، وأما القطع فهو تجزئة، فتأمل أخي القارئ قمة الإعجاز القرآني في دقة اختيار اللفظة الملائمة للمعنى المراد.
ونقض الأيمان معناه: إبطال ما كان لأجله والتحلل من الالتزام به، ويفهم من هذا أن النقض إبطال المحلوف عليه لا إبطال القسم فجعل إبطال المحلوف عليه نقضاً لليمين في قوله “ولا تنقضوا الأيمان” تهويلاً وتغليظاً للنقض، لأنه نقض لحرمة اليمين، ولذا جاء قوله “بعد توكيدها” زيادة في التحذير، وعلى هذا فإنه ينبغي لكل مسلم غيور على دينه أن يحافظ على عهده مع الله فلا يؤتى الدين من قبله، ولا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، وأن يتمسك بهذا الإسلام ما دام قد ارتضاه لنفسه ديناً، وعلى هؤلاء الذين يفصلون الفتاوى على حسب ما يأمرهم به ذوو السلطان أو الجاه طمعاً في منصب أو مكانة وحظوة عندهم، على هؤلاء أن يتقوا الله ويتذكروا هذه الآية الكريمة جيداً، لأن عقابهم سيكون شديداً عند ربهم، لذا اختتمت الآية الأولى بجملة معترضة للتحذير من التساهل في التمسك بالايمان والإسلام للتذكير بأن الله يطلع على ما يفعلونه، تجد هذا في قوله سبحانه “إن الله يعلم ما تفعلون” وقد أكد بناء هذه الجملة بأن واسمية الجملة وقد اختير الفعل المضارع في قوله “يعلم” وفي “تفعلون” لدلالته على التجدد، أي كلما فعلوا فعلاً فالله يعلمه.
وجاء قوله “ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها ... ” الآية لتشنيع حال الذين ينقضون العهد وعطفت على جملة “ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها”. واعتمد العطف على المغايرة في المعنى بين الجملتين، لما في الثانية من التمثيل وإن كانت من جهة الموقع والمعنى كالتوكيد لجملة “ولاتنقضوا الايمان” فقد نهى المخاطبون عن أن يكونوا مضرب مثل معروف في العرب بالاستهزاء، وهو المرأة التي تنقض غزلها بعد شد فتله. وأحب أن أختم هذه المقالة بنظرة خاطفة في بيان آية مشابهة للآية الأولى وهي قوله سبحانه في سورة الإسراء “وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا” وأعيد لفظ العهد في مقام إضماره حيث لم يقل: وأوفوا بالعهد إنه كان مسؤولا للاهتمام به، ولتكون هذه الجملة مستقلة فتسري مسرى المثل. والله أعلم.
د. عادل الرويني(/)
لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 08 - 2005, 08:40 م]ـ
قوله تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ) 10 غافر
ما معنى هذه الآية؟
معناها (ينادى الكفّار قيقال لهم أنّ مقت الله لكم وقت دعاء رسله إيّاكم للآيمان فكفرتم أشدّ من مقتكم لأنفسكم الآن وأنتم تعذبّون)
لكن هناك فاصل بين الموصول وهو " لَمَقْتُ اللَّهِ "
والصلة والتي هي " إذ"
--"إذ تدعون" منصوبة بالمقت الأول
وفاصل كبير بين الناصب والمنصوب
فكيف السبيل للتعامل مع هذا الإشكال الإعرابي؟؟
نقترح ناصبا مضمرا يدل عليه المصدر مقت فكأنّه قال في الآخر
(مَقتكم إذ تدعون إلى الآيمان فتكفرون)
____________(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (1)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[30 - 08 - 2005, 11:18 ص]ـ
الرتبةالبلاغية المعنوية
المقصود بالرتبة البلاغية المعنوية: هي الرتبة أو الترتيب الذي يكون بين المتعاطفات، لأن الكلام يترتب بحسب الزمن أو الطبع أو الأهمية أو السبب أو الفضل والشرف، ولكن مهما كان سبب التقديم فإن الكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل. وقد تسمى هذه الرتبة بالرتبة الزمانية لأن معظمها من قِبل التقديم بالزمان، مثل التقدم بالزمان والطبع والسبب (1) كما في الأمثلة التالية:
الهداية
قال تعالى"صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين"*صدق الله العظيم.
"تقديم المغضوب عليهم على الضالين لوجوه عديدة، أحدها: أنهم متقدمون عليهم بالزمان، والثاني: أنهم كانوا هم الذين يلون النبي -صلى الله عليه وسلم-من أهل الكتابين، فإنهم كانوا جيرانه في المدينه، والنصارى كانت ديارهم بعيدة نائية عنه، ولهذا تجد خطاب اليهود والكلام معهم في القراّن أكثر من خطاب النصارى، الثالث: أن اليهود أغلظ كفرا من النصارى، ولهذا كان الغضب أخص بهم واللعنة والعقوبة، فإن كفرهم عن عناد وبغي، فالتحذير من سبيلهم والبعد منها أحق وأهم بالتقديم، وليست عقوبة من جهل كعقوبة من علم وعاند، والرابع وهو أحسنها: أنه تقدم ذِكرُالمنعم عليهم، والغضب ضد الإنعام، والسورة هي السبع المثاني التي يُذكَر فيها الشيء ومقابله، فذِكرُ المغضوب عليهم مع المنعم عليهم فيه من الازدواج والمقابلة ما ليس في تقديم الضالين"
------------------------------------------------------------------
الشهادة يوم القيامة
قال تعالى: يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون*
هذه الاّية مبنية علىا لشهادة يوم القيامة على الإنسان من قبل الأعضاء، ولهذا تقدمت شهادة الألسن، لأنها الأقدر على الشهادةأو لأن سيئات الإنسان أكثرها من الألسن، وذلك كما في حديث معاذ-رضي الله عنه-،ثم تأتي اليد التي تبطش وتقاتل وتضرب، ثم الأرجل.
------------------------------------------------------------------
القدرة الإلهية
قال تعالى:"وسخرنا مع داودالجبال يسبحن والطير"فإن قلت: لِم قدمت الجبال على الطير؟ قلت: تسخيرها وتسبيحها أعجب وأدل على القدرة الإلهية، وأدخل في الإعجاز، لأنها جماد والطير حيوان إلا أنه غيرناطق" فالكلام هنا مبني على التسخير والقدرة الإلهية، ولهذا تقدم ما هو أهم في الدلالة على القدرة الإلهية.
----------------------------------------------------------
مانع الصدقة:
قال تعالى:"يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم"قدم الجباه ثم الجنوب لأن مانع الصدقة في الدنيا كان يصرف وجهه أولا عن السائل ثم ينوء بجانبه ثم يتولى بظهره.
---------------------------------------------------
سبحان الذي لا ينام: [/ align
قال تعالى: لا تأخذه سنة ولا نوم"قدم السنة على النوم، لأن العادة في البشرأن تأخذ العبد السنة قبل النوم، فجاءت العبارة على هذه العادة.
-------------------------------------------
[ align=center] اللهم اجعلنا معهم
قال تعالى: مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين"قدم الصديق لكونه تابعاللنبي، فإنما استحق اسم الصديق بكمال تصديقه للنبي، فهو تابع محض، وتأمل تقديم الصديقين على الشهداء لفضل الصديقين عليهم وتقديم الشهداء على الصالحين لفضلهم عليهم.
--------------------------------------------
جمال الأنعام
قال تعالى: ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون*
قدم"حين تريحون" على "حين تسرحون" مع أن وقت التسريح سابق لوقت الرواح، وذلك لأن الجمال وقت الرواح أبين وأظهر منه وقت السراح، فعدل عن الأصل بحسب الأهمية المعنوية،
فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل
والله أعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
=========
(1) د. تمام حسان-الييان في روائع القراّن
=============
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 - 08 - 2005, 12:01 م]ـ
سجيل متابعة واستحسان---بارك الله بك(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (2)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 12:46 م]ـ
[ a؟"lign=center الرتبة البلاغية المعنوية [/ align]
قال تعالى: وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالمِ الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين"صدق الله العظيم.
تقديم السماء على الأرض من التقديم بالأهمية والفضل والشرف، وغالبا ما تذكر السماوات والأرض في سياق الاّيات الدالة على وحدانية الله وربوبيته، ومعلوم أن الاّيات في السماوات أعظم منها في الأرض، لسعتها وعظمها وعجائبها ...... إلخ، كما أن تقديم السماء منتظم بقوله "عالم الغيب"إذ غيب السماء أعظم من غيب الأرض، وبهذا يترتب الكلام بحسب الأهمية المعنوية.
وهناك شيء اّخر وهو الفصل بين الصفة (عالم الغيب) والموصوف (ربي) بجملة جواب القسم، وقد جاء هذا الفصل من أجل أن تتصل الصفة بما بعدها وهو قوله تعالى"لا يعزب عنه مثقال ذرة ....... "،وهذا يعني أن جواب القسم قد تقدم بمنزلة المعنى وأهميته وتأخرت الصفة في الأهمية المعنوية لتلتقي مع ما بعدها، من أجل أن يترتب الكلام بحسب قوة العلاقة المعنوية ومن أجل أمن اللبس.
ومما اجتمع فيه الأصل والعدول قوله تعالى في سورة فاطر (38وما بعدها) "إن الله عالم غيب السماوات والأرض"فتقدم ذكر السماوات لأن معلوماتها أكثر، فكان تقديمها أدل على صفة العالمية، ثم قال تعالى"قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات" فبدأ بذكر الأرض لأنه في سياق تعجيز الشركاء عن الخلق والمشاركة، وأمر الأرض في ذلك أيسر من السماء بكثير، فبدأ بالأرض مبالغة في بيان عجزهم، لأن من عجز عن أيسرالأمرين كان عن أعظمهما أعجز. ثم قال سبحانه"إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا" فقدم السماوات تنبيها على عظم قدرته سبحانه، لأن خلقها أكبر من خلق الأرض ومن قدر على إمساك الأعظم كان على الأصغر أقدر. فهنا نجد المقارنة بين القوة والقدرة الإلهية من ناحية وبين العجزعند الشركاء من ناحية أخرى، وقد ترتب الكلام بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[01 - 09 - 2005, 03:15 م]ـ
طيب
أخ عزام
في قوله تعالى (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين)
الذي لا يعزب عنه ما صغر عن مثقال الذرة أليس من باب أولى أن لا يعزب عنه ما كبر عن مثقالها؟؟
فلم ذكر المولى عز وجل ما كبر عن مثقالها؟؟
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[01 - 09 - 2005, 09:59 م]ـ
لأنها سبقث بقوله تعالى: عالم الغيب ولأن غيب السماء أعظم من غيب الأرض، فيحدث التناسب في المعاني.
والله أعلم
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 11:51 ص]ـ
متابعة:
ذكر الله تعالى أنه عالم الغيب، ومن يعلم الغيب يعلم الصغيرة قبل الكبيرة، وليس العكس. ونحن نقول مثلا: فلان عالم يعرف الصغيرة والكبيرة، فإن كان يعرف الكبيرة فقط فهو ليس بعالم لأن الأمورالصغيرة والأمور الدقيقة تخفى عنه، وهذا مثل ذاك، فمن أجل إثبات أنه سبحانه وتعالى عالم بالغيب فلا بد أن يكون عارفا بالصغيرة قبل الكبيرة.
أما ذكر ما كبر بعد أن ذكر ما صغر، فهو من أجل إفادة الشمول، وأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية.
والله أعلم(/)
ذكر الخاص بعد العام
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 12:48 م]ـ
ذكر الخاص بعد العام
قال تعالى"فيهما فاكهة ونخل ورمان"صدق الله العظيم.
تقدم البعيد والعام والأكثر على القريب والخاص والأقل، عدولا عن الأصل، من أجل الغرض البلاغي، حيث يذكر الخاص مرتين، مرة بذكره مع العام ومرة بذكره منفردا، فإن قلت"فكيف أعيد النخل والرمان إن كانا من الفاكهة؟
قلت ذلك كقوله تعالى"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"وقد أمروا بالمحافظة على كل الصلوات ثم أعاد العصر تشديدا لها، كذلك أعيد النخل والرمان ترغيبالأهل الجنة" (1).
===========================================
(1) الفراء-معاني القراّن-ج3 - ص199
======================================
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[01 - 09 - 2005, 09:37 ص]ـ
دعني أشاكسك قليلا يا عزام
ما رأيك بالقول القائل أنّ النّخل والرمان ليسا فاكهة؟ في قوله تعالى (فيهما فاكهة ونخل ورمان)؟؟
وما رأيك بالقول القائل أنّ الصلوات في آية () حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) هي صلاة الوتر والضحى وصلاة العيدين--؟
فلا يكون في الآيتين ذكر خاص بعد عام
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[01 - 09 - 2005, 12:51 م]ـ
أخي جمال
إن كان النخل والرمان ليسا من الفاكهة،،وإن كان المقصود بالصلوات صلوات مخصوصة بعينها كذلك، فإن كلمة الصلوات لا تشمل صلاة العصر، فالأمرمختلف، وهو كما قلت.
ولكن، في رأيي أن المقصود بالصلوات هو الصلوات المعروفة، وكذلك الأمر بالنسبة للفاكهة، وقد أعيدت صلاة العصر لأن الإنسان قد يتهاون بها نتيجة تعب أو نوم، وهذا من الإطناب في القراّن الكريم.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:57 م]ـ
قال تعالى: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين
وهو مثال جيد، إلا إذا كان هناك من نفى كون جبريل وميكال من الملائكة (ابتسامة للبيعيد على قرب القريب على بعد حبيبنا جمال)
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 09:14 م]ـ
الأخ أبو فهر
# أجدني أحيانا أتدخل في مشاركة زميل لبعث التحريك فيها
# أرجو أن تنقل الآيات بطريقة النسخ وإليك هذا الموقع
http://www.al-eman.com/Quran/default.asp?Page=Dislaytext
بالتالي قد تستطيع تصويب الخطأ في الآية في مشاركتك
# ما رأيك في تصغير حجم توقيعك فذلك أدعى للتناسق بين ما تكتب والتوقيع
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 09:32 م]ـ
حبا وكرامة
ودمتم للمحب/أبو فهر(/)
دور منزلة المعنى في الفصل والوصل (1)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 11:36 ص]ـ
دور منزلة المعنى في الفصل والوصل (1)
الوصل: عطف بعض الجمل على بعض بالواو، والفصل: أن تذكر الجملة بعد الجملةدون عطف، وتتحكم منزلة المعنى وأهميته في وصل الجمل وفصلها، كما في الأمثلة التالية:
أولا: الوصل
*قال تعالى:"والله يقبض ويبسط"عطف "يبسط" على "يقبض"،لأن الهدف هو إثبات الخبرين لله تعالى، وإن فصلنا الجملة الثانية عن الأولى صار المعنى وكأننا نتراجع عن الخبر الأول ونريد إثبات الخبر الثاني، مما يحدث اللبس، لأن الهدف هو الجمع بين الخبرين، وهذا كقولنا: هو ينفع ويضر، فإن فصلنا صارت الثانية هي المثبتة والأولى منفية، ومُتراجع عنها.
*قال تعالى:"وإذ أخذنا ميثاق بني إسائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين إحسانا"عطف "وبالوالين إحسانا"على "لا تعبدون إلا الله"لأن المتعاطفات أجزاء من الميثاق، وإن لم يعطف انفصلت الجملة الثانيةعن (المبني عليه) وهو الميثاق فصارت وكأنها ليست منه.
*وإذا سئلت: هل شربت العسل، فتقول: لا وسقاني الله منه، فلو أسقطت الواولفهم خلاف المراد، إذ عندها ستتصل "سقاني"مع "لا"وتصبح الجملة الثانية وكأنها دعاء على النفس، لأن "سقاني " صارت مبنية على "لا".
وهكذا تتحكم منزلة المعنى في وصل الجمل بعضها ببعض.
والله أعلم
إلى اللقاء غدا مع الفصل
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 12:13 م]ـ
أرجو من الأخ المشرف تصحيح كلمة "إسرائيل" مع الاعتذار الشديد.
وشكرا لكم(/)
ذكر العام بعد الخاص
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[02 - 09 - 2005, 12:06 م]ـ
ذكر العام بعد الخاص
قال تعالى"رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات"صدق الله العظيم.
تترتب هذه الاّية من الخاص إلى العام بحسب الأهمية المعنوية، فقدم طلب الغفران لنفسه قبل غيره، وهذا هو الأصل، فالنفس مقدمة على غيرها. وقد ذكر الخاص مرتين: مرة منفردا ومرة مع العام، وهذا من قبيل الإطناب في القراّن الكريم، من أجل الهدف المعنوي، ففيه اهتمام ورعاية بالخاص.
والله أعلم(/)
دور منزلة المعنى في الفصل والوصل (2)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[03 - 09 - 2005, 11:34 ص]ـ
دور منزلة المعنى في الفصل والوصل (2)
ثانيا: الفصل:
*قال تعالى: وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون. الله يستهزئ بهم"
لم يعطف "الله يستهزئ بهم" على "إنا معكم"،لأن الجملة الثانية ليست مبنية على الفعل: قالوا، وليس لها به علاقة، فالجملة الثانية ليست من مقول المنافقين، ولو تم العطف لكانت منه، مما يحدث اللبس.
*وقال تعالى: الم*ذلك الكتاب لا ريب فيه* فصل الجملة الثانية "لا ريب فيه" عن الأولى، لأن الثانية توكيد للأولى، والتوكيد لا يحتاج إلى رابط يربطه بالمؤكد بسبب قوة العلاقة المعنوية بيهما.
*وقال تعالى: أمدكم بما تعلمون. أمدكم بأنعام وبنين*فصل لأن الثانية بدل بعض من كل من الثانية والعلاقة بين البدل والمبدل منه لا تحتاج إلى رابط.
*وقال تعالى: اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون*فصل لأن الثانية بدل اشتمال من الأولى، والبدل لا يحتاج إلى رابط يربطه بالمبدل منه.
وقال تعالى: فوسوس إليه الشيطان قال يا اّدم" فصل الثانية عن الأولى لأن الثانية تفسير للوسوسة، والتفسير له قوة علاقة معنوية مع المفسر ولا يحتاج إلى رابط يربطه معه.
والله أعلم
ـ[أنشودة المطر]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 08:47 ص]ـ
شكر الله لك ..
كلا الموضوعين رائعين .. !
وروعتهما إيجازهما و بساطتهما .. !
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 09:21 ص]ـ
كل الشكر لأنشودة المطر(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (3/ 10)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 09:41 ص]ـ
الرتبة البلاغية المعنوية
قال تعالى: وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي"واستواؤها كان بعد غيض الماء، وهذا من التقدم بالزمن لأن االأمرين لم يحدثا معا، ولا يمكن تقديم أحدهما على الاّخر.
وقال تعالى"الملك القدوس المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر"ثم قال تعالى"الخالق البارئ المصور" (الحشر 23 - 24) تقدمت الصفات الأولى لأنها صفات أزلية أبدية وافقت الذات الإلهية في القدم، وهي أخص من الصفات الثانيةلأنها تتعلق بالذات، أما الصفات الثانية فلها تعلق بغير الله.
وقال تعالى: أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم"تقدمت الأنعام على الأنفس لأنه سبق الزرع وبحياة الأنعام حياة للبشر، فتقدمت الأنعام بالسبب.
وقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:اثبت أُحُد فإن عليك نبي وصديّق وشهيدان"وذلك عندما صعد أُحُدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان-رضي الله عنهم-.
وبهذا يترتب الكلام بحسب الأهمية المعنوية
والله أعلم(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (4/ 10)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 01:10 م]ـ
الرتبة البلاغية المعنوية
من التقدم بالطبع (العادة والمتعارف عليه بين الناس) تقديم الغفور على الرحيم، فهو أولى بالطبع، لأن المغفرة سلامة والرحمة غنيمة، والسلامة تطلب قبل الغنيمة، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال لعمرو بن العاص: أبعثك وجها يسلمك الله فيك ويغنمك، وأرغب لك رغبة من المال "فهذا من الترتيب البديع، بدأ بالسلامة قبل الغنيمة وبالغنيمة قبل الكسب.
ولم يتقدم الرحيم على الغفور إلا في موقع واحد من القراّن الكريم وهو أول سورة سبأ، لأن الاّية تترتب من العام إلى الخاص، عدولا عن الأصل، ولهذا تقدم الرحيم ليتناسب معنويا مع ما قبله، حيث قال تعالى"الحمد لله الذي له ما في السوات وما في الأرض وله الحمد في الاّخرةوهو الحكيم الخبير*يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيهاوهو الرحيم الغفور".
"وقدم الغفور في هذا الموضع بسبب تقدم صفة العلم، فحسن ذكر الرحيم بعده، ثم ختم الاّية بذكر صفة المغفرة، لتضمنها دفع الشر وتضمن ما قبلها جلب الخير، ولما كان دفع الشر مقدما على جلب الخير تقدم اسم الغفور علىالرحيم حيث وقع، ولما كان في هذا الموضع تعارض يقتضي تقديم اسمه الرحيم لأجل ما قبله، قدم على الغفور"
فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل
والله أعلم
=======
بدائع الفوائد-ج 1 - ص79
========(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (5/ 10)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[05 - 09 - 2005, 05:51 م]ـ
الرتبة البلاغية المعنوية
قال تعالى"وحمله وفصاله ثلاثون شهرا"والفصال بعد الحمل.
وقال تعالى:"إذا زلزلت الأرض زلزالها *وأخرجت الأرض أثقالها"وإخراج الأثقال بعد الزلزلة.
ولكن قال تعالى"هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيُّكم أحسن عملا "والأصل أن يتقدم خلق الحياة على الموت، من الخاص إلى العام، ولكن عدل عن الأصل وتقدم العام على الخاص من أجل أن يتصل الخاص (الحياة) مع ما بعده، وهو قوله تعالى"ليبلوكم أيكم أحسن عملا " لأن العمل والاختبار يكون في الدنيا وفي الحياة.
فالكلام يترتب بحسب الحاجة المعنوية
والله أعلم(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (6/ 10)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[07 - 09 - 2005, 09:54 ص]ـ
الرتبة البلاغية المعنوية
قال تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحهاإلا زان أو مشرك ..... *
حرف العطف (أو) يفيد التخيير، وتقديم ما بعده على ما قبله لا يغير شيئا، فنحن نقول: خذ كتابا أو قصة، أو خذ قصة أو كتابا ويستطيع المأمور أن يأخذ أيهما شاء، ونستطيع التقديم والتأخير بين المأخوذين، ولكن الله سبحانه وتعالى
قدم الزانية على المشركةلأنها مسبوقة بالزاني، وقدم الزاني على المشرك لأنه مسبوق بالزانية، وبهذا يحصل الانسجام المعنوي بين الكلمات.
فالكلام يترتب بحسب الحاجة والأهمية المعنوية.
والله أعلم(/)
النجدة يا علماء اللغة العربية (ضروري الله يجزيكم ألف خير)
ـ[شروق]ــــــــ[07 - 09 - 2005, 08:27 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ساعدوني في حل هذا السؤال ( ops (ops (ops (ops
( الخِزَانَة لا تُفْتَح)
(والقُفْلُ لا يُكْسَر)
ما السر البلاغي في هاتين العبارتين؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 09 - 2005, 05:18 م]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ساعدوني في حل هذا السؤال ( ops (ops (ops (ops
( الخِزَانَة لا تُفْتَح)
(والقُفْلُ لا يُكْسَر)
ما السر البلاغي في هاتين العبارتين؟
واضح أن العبارتين من الكنايات
ـ[شروق]ــــــــ[08 - 09 - 2005, 06:04 م]ـ
ياليت لو توضح أكثر
الكنايات يعني كيف والله مافهمت شي
اريد الحل من فضلكم
جزاكم الله خيراً
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 09 - 2005, 08:08 م]ـ
لنفهم منك
في أي صف أنت؟؟
لأن جوابك له أهميّة في تحديد مستوى التوضيح
ـ[القيصري]ــــــــ[08 - 09 - 2005, 11:07 م]ـ
(الخِزَانَة لا تُكسر)
(والقُفْلُ لا يُفتح)
ـ[شروق]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 04:18 ص]ـ
شكرا لتعاونكم ولكن أنا ليس طالبة ايها الأخ الكريم
أنا تخصصي علمي لذلك لا افهم البلاغة جيداً
لذلك أريد التوضيح أكثر كي أستوعب الأجابة
هذا السؤال: مسابقه وليس واجب مدرسي
وأنا أنتهيت من حل جميع الأسئلة باقي سؤال واحد
وهو هذا السؤال
والله ان السؤال هذا عقدني جداً
أرجو من سعادتكم التوضيح من فضلكم
أيها الاخ الكريم: القيصري
هل السر البلاغي
بإن أعكس الكلمات يعني هل هذة الاجابة
(الخِزَانَة لا تُكسر)
(والقُفْلُ لا يُفتح)
أخر كلامي
الى جميع الأعضاء
: الرجاء من يملك الأجابة يتفضل هنا
لاخير في كاتم العلم
جزاكم الله خير جميعاً وشكراً لكم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 06:15 ص]ـ
حتّى تفهمي الكناية إليك هذا المثال
إذا قلنا عنك "شروق نؤوم الضحى"----فقد نقصد الحقيقة وهي أنّك تنامين في وقت الضحى----وقد نقصد أمرأ آخر هو أنّك بنت مرفهة متنعّمة لأن من عادة المتنعمات النوم وقت الضحى----هذه هي الكناية
وقولك "الخزانة لا تفتح والقفل لا يكسر " كناية عن صعوبة الأمر---وكثيرا ما نستخدم هذه الكناية عندما نجابه أمرا صعبا فنقول "مقفلة"
ـ[القيصري]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 08:38 ص]ـ
السلام عليكم
ابنتي شروق
اولا قولي أنا لست طالبة ولا تقولي أنا ليس طالبة.
لا ادعي ذلك وبما انه لغز لغوي فقد خطر ببالي بعد ان تذكرت قوله سبحانه وتعالى
" وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى "
البلاغة هنا قابا فوس او فابي فوس.
هل بحثت عن المعاني اللغوية الاخرى للقفل والخزانة فقد وجدت هذا
خَزَنَ المالَ: أحْرَزَهُ،
كاخْتَزَنَهُ،
وـ اللَّحْمُ خَزْناً وخُزوناً: تَغَيَّرَ،
كَخزِنَ، كفَرِحَ وكرُمَ، فهو خَزِينٌ. وككِتابَةٍ: فِعْلُ الخازِنِ، ومكانُ الخَزْنِ، ولا يُفْتَحُ،
كالمَخْزَنِ، كمَقْعَدٍ، والقَلْبُ.
والخَزَّانُ، كشَدَّادٍ: اللِّسانُ،
القيصري
ـ[القيصري]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 08:39 ص]ـ
السلام عليكم
ابنتي شروق
اولا قولي أنا لست طالبة ولا تقولي أنا ليس طالبة.
(هل السر البلاغي بإن أعكس الكلمات) لا ادعي ذلك وبما انه لغز لغوي فقد خطر ببالي بعد ان تذكرت قوله سبحانه وتعالى
" وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى "
البلاغة هنا قابا فوس او قابي قوس.
هل بحثت عن المعاني اللغوية الاخرى للقفل والخزانة فقد وجدت هذا
خَزَنَ المالَ: أحْرَزَهُ،
كاخْتَزَنَهُ،
وـ اللَّحْمُ خَزْناً وخُزوناً: تَغَيَّرَ،
كَخزِنَ، كفَرِحَ وكرُمَ، فهو خَزِينٌ. وككِتابَةٍ: فِعْلُ الخازِنِ، ومكانُ الخَزْنِ، ولا يُفْتَحُ،
كالمَخْزَنِ، كمَقْعَدٍ، والقَلْبُ.
والخَزَّانُ، كشَدَّادٍ: اللِّسانُ،
القيصري
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 01:52 م]ـ
"الخزانة لا تفتح والقفل لا يكسر "
هذا أسلوب كناية, للدلالة على عدم كشف السر.
بمكن استخدام هذا التعبير للدلالة على السر الذي لا ينبغي أن يذاع أو يكشف أو يطلع عليه أحد, فالسر كالخزانة التي ينبغي أن يُحافظ عليها أو القفل الذي لا ينبغي أن يفتح.
قد نستخدم هذا التعبير لتوجيه لوم إلبى شخص كشف سرا, أو للتأكيد عليه بعدم بكشف السر.
تقول له تأكيدا كي يحافظ على السر: "الخزانة لا تفتح والقفل لا يكسر " , أي حاول ألا تكشف هذا السر أو تذيعه.
وتقول له معاتبا له عند كشفه السر: "الخزانة لا تفتح والقفل لا يكسر " أي ما كان ينبغي لك أن تكشف السر, فهو بمثابة الخزانة أو القفل.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 02:05 م]ـ
دكتوري المفضال
هي كناية---ولكنها تشير إلى صعوبة الأمر --ودليل ذلك قولهم القفل لا يكسر--فالقفل يدور فيه المفتاح فإن لم يدر نتجه إلى كسره--وعندنا يستخدمون التعبير"مقفلة"دلالة على الصعوبة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شروق]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 06:52 م]ـ
خجلتوني جداً
بارك الله فيكم
جزاكم الله كل خير ووفقكم الله ورعاكم
لا أعرف كيف أصف مدى سعادتي وقدر استفادتي
وأشكر الأخ د. أبو طالب شكر خاص
حيث جعلتني أستوعب الجملة أكثر وأكثر
وأبحر في معانيها
شكراً لكم جميعاً
... وافقتم بارك الله فيكم وجمعكم في الفردوس الاعلى
ان شاء الله وجعلها الله في ميزان حسناتكم ...
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 12:22 ص]ـ
الصواب -والله أعلم-غير ما ذكرتم فمعنى العبارة أن الخزانة لا تفتح خاؤها بل تكسر، والقفل لا تكسر قافه بل تسكن
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 12:25 ص]ـ
ومنه قولهم: لا تكسر الصحاح ولا تفتح الخزانة، فالصواب مختار الصحاح بفتح الصاد
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:19 ص]ـ
أخي
قد يكون قولك أصوب من قولنا--ولكن ما دفعنا إلى وجهة الكناية هو قول السائل --"ما السّر البلاغي"والذي يظهر أنّه لا يفرق بين بلاغة وغيرها
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 04:38 م]ـ
جزاك الله خيرا
وما أخبرت به، هو مقتضى ما قرأته في مقالة للدكتور محمود محمد الطناحي، والله الموفق(/)
الرتبة البلاغية المعنوية (7/ 10)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[08 - 09 - 2005, 08:21 ص]ـ
الرتبة البلاغية المعنوية (7/ 10)
قال تعالى" قل إن كان اّباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله ....... "*
" بدأ أولا بذكر أصول العبد وهم اّباؤه المتقدمون طبعا وشرفا ورتبة، ثم ذكر الفروع وهم الأبناء لأنهم يتلونهم بالرتبة، وهم أقرب أقاربهم إليهم، ثم ذكر الإخوان، وهم الكلالة وحواشي النسب، فذكر الأصول أولا، ثم الفروع ثانيا، ثم النظراء ثالثا، ثم الأزواج رابعا، لأن الزوجة أجنبية عنده، يمكن أن يتعوض عنها بغيرها، ثم القرابة البعيدة خامسا وهي العشيرة، ثم انتقل إلى ذكر الأموال بعد الأقارب سادسا، ثم ذكر التجارة سابعا، لأن محبة العبد للمال أعظم من محبته للتجارةالتي يحصله بها، فالتجارة عنده وسيلة إلى المال المقترف، فقدم المال على التجارة تقديم الغايات على وسائلها، ثم ذكر الأوطان ثامنا، اّخر المراتب، لأن تعلق القلب بها دون سائر ما تقدم، وهذا هو الترتيب المناسب والواقع، إلا لعارض يترجح عنده إيثار البعيد على القريب، فذلك جزئي لا كلي، فلا تناقض به، وأما عند عدم العارض فهذا هو الترتيب المناسب والواقع" (1)
وبهذا يترتب الكلام من الخاص إلى العام بحسب الأهمية والحاجة المعنوية
والله أعلم
===========
بدائع الفوائد-ج 1 - ص75
========
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 06:15 م]ـ
عندي إعتراضان
# الأبناء أهم منزلة عند المرء من الآباء
# المساكن في قوله (ومساكن ترضونها) قد تكون البيوت --وإن كانت كذلك فهي مقدمّة على التجارة في الأهميّة
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 10:18 ص]ـ
أخي جمال
الأصل أهم من الفرع، والأب أهم من الابن، وأنت ومالك لأبيك.
والتجارة مقدمة على البيوت لأنها تجلب المال والمال يجلب البيت، والإنسان يستطيع العيش في أي مكان، أما التجارة فهي مصدر رزقه.
والله أعلم(/)
الرتبة البلاغية المعنوية
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 12:10 م]ـ
الرتبة البلاغية المعنوية
قال تعالى"والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار"
قدم المهاجرين على الأنصاربالفضل والشرف، ومما يدل على فضيلة الهجرة قوله -صلى الله عليه وسلم -:لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار"وبالاّية احتج الصدّيق على تفضيلهم وتعيين الخلافة فيهم، وقد جاء تقديم المهاجرين لأنهم أسبق في الإسلام وحمل رايته، فتناسب ذلك معنويا مع قوله تعالى: والسابقون الأولون.
فالكلام يترتب بحسب الحاجة والأهمية المعنوية
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 02:17 م]ـ
قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ) 100 التوبة
الذي يظهر أنّ " من " هنا للبيان وهي ليست متعلقة بالمهاجرين لوحدهم إنّما بالمهاجرين والأنصار كوحدة واحدة
معنى كلامي أنّ السابقين الأولين هم فئة واحدة وهم من هاجر في وقت الهجرة ومن نصر في وقت النصرة ومن جاء بعدهم فئة أخرى تبعتهم بدليل قوله بعدها (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 10:20 ص]ـ
أخي جمال
ولماذا يقول الرسول الكريم: لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار؟
ولماذا يحتج الصدّيق بالاّية إن كانت الاّية تشملهم جميعا، وهم فيها سواء؟
والله أعلم(/)
هل يصح تعريف وجه الشبه التخييلي بهذا المعرف؟
ـ[الحسن البصري]ــــــــ[09 - 09 - 2005, 01:57 م]ـ
وجه الشبه التخييلي: هو ما لا يكون قائماً بالطرفين، أو بأحدهما، إلا تخيُّلاً.
ـ[الحسن البصري]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 01:05 ص]ـ
أرجو من الإخوة الإجابة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 06:32 ص]ـ
أنقل لك هذا الكلام فقد تجد فيه مرادك ---ومن ثم نتحدث
(النظر في أركان التشبيه وهي أربعة طرفاه ووجهه وأداته وفي الغرض منه وفي تقسيمه بهذه الاعتبارات،
أما طرفاه فهما إما حسيان كما في تشبيه الخد بالورد، والقد بالرمح، والفيل بالجبل في المبصرات، والصوت الضعيف بالهمس في المسموعات، والنكهة بالعنبر في المشمومات، والريق بالخمر في المذوقات، والجلد الناعم بالحرير في الملموسات، وإما عقليان كما في تشبيه العلم بالحياة. وإما مختلفان. والمعقول هو المشبه كما في تشبيه المنية بالسبع، أو بالعكس كما في تشبيه العطر بخلق كريم، والمراد بالحسي المدرك هو أو مادته بإحدى الحواس الخمس الظاهرة فدخل فيه الخيالي كما في قوله
: وكأن محمر الشقي إذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشر ن على رماح من زبرجد
وقوله: كلنا باسط اليد نحو نيلوفر ندي
كدبابيس عسجد قضبها من زبرجد
والمراد بالعقلي ما عدا ذلك، فدخل فيه الوهمي، وهو ما ليس مدركاً بشيء من الحواس الخمس الظاهرة، مع أنه لو أدرك لم يدرك إلا بها، كما في قول امرئ القيس
: ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وعليه قوله تعالى " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " وكذا ما يدرك بالوجدان كاللذة والألم والشبع والجوع، وأما وجهه فهو المعنى الذي يشترك فيه الطرفان، تحقيقاً أو تخييلاً والمراد بالتخييل أن لا يمكن وجوده في المشبه به إلا على تأويل، كما في قول القاضي التنوخي
: وكأن النجوم بين دجاها
سنن لاح بينهن ابتداع
فإن وجه الشبه فيه الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود فهي غير موجود في المشبه به إلا على طريق التخييل، وذلك أنه لما كانت البدعة والضلالة وكل ما هو جهل يجعل صاحبها في حكم من يمشي في الظلمة فلا يهتدي إلى الطريق ولا يفصل الشيء من غيره فلا يأمن أن يتردى في مهواة أو يعثر على عدو قاتل أو آفة مهلكة شبهت بالظلمة، ولزم على عكس ذلك أن تشبه السنة والهدى وكل ما هو علم بالنور، وعليهما قوله تعالى: " يخرجهم من الظلمات إلى النور " وشاع ذلك حتى وصف الصنف الأول بالسواد كما في قول القائل
شاهدت سواد الكفر من جبين فلان،
والصنف الثاني بالبياض كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم أتيتكم بالحنيفية البيضاء وذلك لتخيل أن السنن ونحوها من الجنس الذي هو إشراق أو ابيضاض في العين وأن البدعة ونحوها على خلاف ذلك، فصار تشبيه النجوم ما بين الدياجي بالسنن ما بين الابتداع كتشبيه النجوم في الظلام ببياض الشيب في سواد الشباب وبالأنوار مؤتلقة بين النبات الشديد الخضرة، فالتأويل فيه أنه تخيل ما ليس بمتلون متلوناً، ويحتمل وجهاً آخر وهو أن يتأول بأنه أراد معنى قولهم إن سواد الظلام يزيد النجوم حسناً فإنه لما كان وقوف العاقل على عوار الباطل يزيد الحق نبلاً في نفسه وحسناً في مرآة عقله جعل هذا الأصل من المعقول مثالاً للمشاهد المبصر هناك غير أنه لا يخرج مع هذا عنت كونه على خلاف الظاهر، لأن الظاهر أن يمثل المعقول في ذلك بالمحسوس كما فعل البحتري في قوله:
وقد زادها إفراط حسن جوارها خلائق أصفار من المجد خيب
وحسن دراري الكواكب أن ترى طوالع في داج من الليل غيهب
ومن التشبيه التخييلي قول أبي طالب الرقي
: ولقد ذكرتك والظلام كأنه يوم النوى وفؤاد من لم يعشق
فإنه لما كانت أيام المكاره توصف بالسواد توسعاً فيقال اسود النهار في عيني وأظلمت الدنيا علي وكان الغزل يدعى القسوة على من لم يعشق والقلب القاسي يوصف بالسواد توسعاً تخيل يوم النوى وفؤاد من لم يعشق شيئين لهما سواد، وجعلهما أعرف به وأشهر من الظلام فشبهه بهما، وكذا قول ابن بابك
: وأرض كأخلاق الكرام قطعتها
وقد كحل الليل السماك فأبصرا
فإن الأخلاق لما كانت توصف بالسعة والضيق تشبيهاً لها بالأماكن الواسعة والضيقة تخيل أخلاق الكرام شيئاً له سعة وجعل أصلاً فيها فشبه الأرض الواسعة بها
وكذا قول التنوخي:
فانهض بنار إلى فحم كأنها
في العين ظلم وإنصاف قد اتفقا)
الإيضاح في علوم البلاغة
جلال الدين القزويني
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 12:26 م]ـ
داخل كلام القزويني إجابة لاستفسارك---فهلا استخرجتها؟(/)
وآتينا داوود زبورا
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 07:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قال تعالى:
::: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} الإسراء55
كنت أقرأ هذه الآية فاستوقفتني (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) وقلتُ: ما مناسبة ذكر داوود هنا بالضبط ولم يُذكر نبي آخر، والآية تتحدّث عن تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض؟؟
السؤال للبحث .....
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 09:49 م]ـ
السؤال للبحث ..... ؟؟؟
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 11:59 م]ـ
الأخ العزيز عمر تهامي أحمد:
سأضع أمامك هاتين الإجابتين على سؤالك, واحدة لأحد علماء السنة (الألوسي) , والأخرى لأحد علماء الإمامية (ناصر الشيرازي):
قال الألوسي, رحمه الله:
" {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ?لنَّبِيّينَ عَلَى? بَعْضٍ} بالفضائل النفسانية والمزايا القدسية وإنزال الكتب السماوية لا بكثرة الأموال والأتباع {وَءاتَيْنَا * دَاوُودُ * زَبُوراً} بيان لحيثية تفضيله عليه الصلاة والسلام وأنه بإيتائه الزبور لا بإيتائه الملك والسلطنة وفيه إيذان بتفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم فإن كونه عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء. وأمته خير الأمم مما تضمنه الزبور وقد أخبر سبحانه عن ذلك بقوله عز قائلاً: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ?لزَّبُورِ مِن بَعْدِ ?لذّكْرِ أَنَّ ?لاْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ?لصَّـ?لِحُونَ} (الأنبياء: 501) يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، وأمته. " (1)
وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي:
" أما لماذا اختار تبارك وتعالى (داود) من بين جميع الأنبياء وذكر (الزبور) من دون الكتب السماوية الأخرى, فإن ذلك قد يكون بسبب ما يلي:
أولا: يختص زبور داود عليه السلام من بين جميع كتب الأنبياء بأنه جميعه على شكل مناجاة ودعاء, وذكره هنا يتلائم أكثر مع موقع هذه الآيات وحديثها عن القول الحسن والكلام الجميل.
ثانيا: في زبور داود إخبار عن حكومة الصالحين الذين هم ظاهرا أناس فقراء ويتامى. وهذا الإخبار يتناسب مع دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين الذين يكونوا عادة في زمرة الفقراء, وهو رد على إشكال المشركين وأسئلتهم وشكوكهم.
وهذا ينطبق مع قوله تعالى " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " الأنبياء: 105
ثالثا: بالرغم من أن داود عليه السلام كان له حكم عظيم ودولة كبيرة وملك واسع, إلا أن الله سبحانه لم يجعل هذه الأمور سببا لافتخاره, بل اعتبر كتاب الزبور فخره, حتى يدرك المشركون أن عظمة الإنسان, ليس لها علاقة بالمال والثروة ووجود الحكومة والسلطة ....
رابعا: بعض اليهود قالوا: لا يمكن نزول كتب سماوي آخر بعد موسى عليه السلام, والقرآن يقول لهم: إنا أعطينا داود زبورا, فلماذا تتعجبون من نزول القرآن؟ ... " (2)
(1) تفسير روح المعاني للألوسي.
(2) تفسير الأمثل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي.
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 08:41 ص]ـ
السلام عليكم
بارك الله بكم دكتور، تعليل ممتاز
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 04:54 م]ـ
قوله تعالى في سورة الإسراء
(** وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُواًّ مُّبيِناً* رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً* وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً))
هذا هو سياق الآية (وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) --استشكل علي فيه ما قال عنه المفسر الشيرازي حسب ما أورده الدكتور أبو طالب (يختص زبور داود عليه السلام من بين جميع كتب الأنبياء بأنه جميعه على شكل مناجاة ودعاء, وذكره هنا يتلائم أكثر مع موقع هذه الآيات وحديثها عن القول الحسن والكلام الجميل.)
أمّا قول التي هي أحسن والوارد في الآية التي سبقتها فليس هو المناجاة والدعاء --قال الطبري
(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
وَقَوْله: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن} يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقُلْ يَا مُحَمَّد لِعِبَادِي يَقُلْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ الَّتِي هِيَ أَحْسَن مِنْ الْمُجَاوَرَة وَالْمُخَاطَبَة. كَمَا: 16885 - حَدَّثَنَا خَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالَ: ثنا النَّضْر , قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُبَارَك , عَنْ الْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَن} قَالَ: الَّتِي هِيَ أَحْسَن , لَا يَقُول لَهُ مِثْل قَوْله يَقُول لَهُ: يَرْحَمك اللَّه يَغْفِر اللَّه لَك.))
كما أننا لا معلومات لدينا عن طبيعة زبور داوود عليه السلام--وربما كان حكما ومواعظ لا دعاء ومناجاة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 08:17 م]ـ
أخي العزيز جمال:
حول محتوى الزبور, بأنه تعاليم وتوجيهات وليس أحكاما.
أورد العالم الكبير الألوسي في تفسيره الشهير ما يلي:
"والزبور في الأصل وصف للمفعول كالحلوب أو مصدر كالقبول، نعم هذا الوزن في المصادر قليل والأكثر ضم الفاء وبه قرأ حمزة وجعله بعضهم على هذه القراءة جمع زبر بكسر الزاي بمعنى مزبور ثم جعل علماً للكتاب المخصوص وليس فيه من الأحكام شيء. أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: الزبور ثناء على الله عز وجل ودعاء وتسبيح، وأخرج هو وابن جرير عن قتادة قال: كنا نحدث أن الزبور دعاء علمه داود عليه السلام وتحميد وتمجيد لله عز وجل ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود. " (1)
والذي تدل عليه بعض الآثار اشتمال على بعض النواهي والأوامر، فقد روى ابن أبي شيبة أنه مكتوب فيه أنى أنا الله لا إله إلا أنا ملك الملوك قلوب الملوك بيدي فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت الملوك عليهم رحمة وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولا تتوبوا إليهم وتوبوا إلى أعطف قلوبهم عليكم ... (2)
و أورد السيوطي في الدر المنثور:
" وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وَءاتَيْنَا * دَاوُودُ} [الإسراء:95 - 42] قال: كنا نحدث أنه دعاء علمه داود وتحميد أو تمجيد الله عز وجل ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: الزبور ثناء على الله ودعاء وتسبيح. " (3)
(1) - تقسير روح المعاتي للألوسي.
(2) نفس المصدر السابق.
(3) تفسير الدر المنثور للسيوطي.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 09:40 م]ـ
الأخ العزيز الدكتور الفاضل
مع علو قيمة ما نقلت لنا إلّا أني أجد ما زعمه المفسر الإمامي الشيرازي بعيدا جدا عن محتوى الآية
فلا تناسب مطلقا بين الدعاء وقول التي هي أحسن --على فرض أنّ ما في الزبور مناجاة ودعاء---فقول التي هي أحسن أعمال هي من باب حسن المعاملة
وإن كنت أرغب في فهم الآية فأنا أفهمها ككلام جديد لا تناسب له مع ما سبق--إنما خص زبور داوود بالذكر هنا لسببين
* تعريض بالمشركين لأنّه مكتوب في الزبور (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) أي أهل دين الإسلام الماجد --ولا معنى للكلام عن الفقراء في سياق كلام المفسر الإمامي
* تبيان أنّ وجه المفاضلة ليس بالملك وبالغنى اللذين حازهما داوود إنما بالكتاب الذي أنزل عليه
ـ[عمر تهامي أحمد]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 10:08 م]ـ
طيب ......
وفي نفس السورة قال تعالى:
(وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَة
فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) {59} الإسراء
الأيات والمعجزات الدالة على صدق الرسل كثيرة ..
فما مناسبة ذكر ناقة صالح دون بقية الآيات والمعجزات الأخرى؟؟
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[11 - 09 - 2005, 11:54 م]ـ
أخي العزيز جمال:
حسب فهمي, فإن ما يود الشيخ ناصر الشيرزي قوله هو الانسجام بين مضمون هذه الآيات وبين ما في الزبور من ناحية الهدف, وهذا تفسير منطقي, فالدعاء والقول الحسن والكلام الجميل بينهما محاور مشتركة, فليس الدعاء إلا قول جميل وكلام حسن, ولذا نجد أن هناك انسجاما بين ذلك.
مجرد إيضاح ليس إلا.
أخي العزيز عمر تهامي:
وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَة فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) {59} الإسراء
ناقة صالح من المعاجز الكبرى, حيث أخرجها الله من الجبل استجابة لقوم صالح, وقد كانت معجزة في غاية الوضوح والدلالة, ولكنهم كفروا بها ومنعوها شربها وقتلوها، فأبادهم الله عن آخرهم وانتقم منهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
لعل هذا الوضوح في المعجزة, والعقاب الإلهي العظيم جزاء موقف قوم ثمود من الناقة, حيث أبادهم سبحانه وتعالى عن آخرهم بعد قتلهم الناقة, هو السبب في اختيار هذا المثال كي يكون أكثر انسجاما مع أجواء الآيات المتقدمة:
{وَإِن من قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ?لْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذ?لِك فِي ?لْكِتَابِ مَسْطُوراً}
قال الألوسي - رحمه الله - في روح المعاني:
" {وَءاتَيْنَا ثَمُودَ ?لنَّاقَةَ} عطف على ما يفصح عنه النظم الكريم كأنه قيل وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون حيث أتيناهم ما اقترحوا على أنبيائهم عليهم السلام من الآيات الباهرة فكذبوها وآتينا ثمود الناقة باقتراحهم على نبيهم صالح عليه السلام وأخرجناها لهم من الصخرة {مُبْصِرَةً} على صيغة اسم الفاعل حال من الناقة، والمراد ذات أبصار أو ذات بصيرة يبصرها الغير ويتبصر بها فالصيغة للنسب أو جاعلة الناس ذوي بصائر على أنه اسم فاعل من أبصره والهمزة للتعدية أي جعله ذا بصيرة وإدراك ويحتمل أن يكون إسناد الإبصار إليها مجازاً وهو في الحقيقة حال من يشاهدها. "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:52 ص]ـ
التناسب بين الآيات يا أخ عمر علم فريد--بل هو فتح يفتحه الله لمن تشرّبت روحه هذا القرآن---ولدينا إمام جليل تخصص في هذا النوع هو الإمام البقاعي فعليك به
أمّا بالنسبة للآية
((وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَة
فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) {59} الإسراءفإن التناسب فيها واضح جلي----فقد طالب الكفّار رسولنا بالآيات الكونية المادّية العملية---فبينت هذه الآية أنّ السبب في عدم الإتيان بها مرافقة لرسالة محمد:= هو أنّ الله عزّ وجل أتى بها مرافقة لرسالات أنبياء سبقوه فكذب بها الأولون مع أنّ الآيات كانت جليّة واضحة تدعوهم للتبصر--كمثل آية ناقة صالح التي أخرجت لهم من الصخر---
وأحب أن أشير إلى نكتة عند بعض متوسطي الثقافة وهي ظنّهم أنّ "مبصرة" في قوله تعالى معناها غير عمياء(/)
تبادل المواقع بين الإنشاء والخبر للهدف المعنوي
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[10 - 09 - 2005, 01:17 م]ـ
تبادل المواقع بين الإنشاء والخبر للهدف المعنوي
يتبادل الخبر والإنشاء المواقع عدولا عن أصل الاختيار من أجل الهدف المعنوي، كما في قوله تعالى"وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم"ولم يقل: لا تسفكوا دماءكم، قصدا للمبالغة في النهي، حتى كأنهم نهوا فامتثلوا ثم أخبر عن الامتثال.
وقال تعالى"قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد"،ولم يقل: وإقامة وجوهكم، إشعارا بالعناية بأمر الصلاة لجلال قدرها.
وقال تعالى: قال إني أُشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه "ولم يقل وأشهدكم، تحاشيا وفرارامن مساواةشهاداتهم بشهادة الله تعالى.
والهدف الأسمى للعدول عن أصل الأختيار على المحور الرأسي للغة هو الهدف المعنوي، كما كان الهدف المعنوي هوالهدف الأسمى للعدول عن أصل التأليف.
فالكلام اختيار وتأليف بحسب الحاجة والأهمية المعنوية عند المتكلم، في الأصل وفي العدول عن الأصل
والله أعلم
ـ[صهيب العاني]ــــــــ[01 - 01 - 2008, 08:51 م]ـ
مشكوووووووووووووووووووووور اخوية بس اريد منك تبحثلي عن مواضيع انشائية عن العلم نور والجهل ظلام زعن الاحتلال وعن الاخلاق
ـ[أبو ضحى]ــــــــ[02 - 01 - 2008, 08:41 ص]ـ
.قوى الله عزمك أخى عزام وبارك فيك(/)
المنهج الأمثل لدراسة البلاغة، اقتراح ودعوة للتشاور
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 12:17 ص]ـ
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:= وبعد:
من المعلوم أن قضية المنهجية وسياسة قوانين التعلم؛ هي الشغل الشاغل لكثير من طلبة العلم اليوم؛ ولذا فقد ألقيت دلوي في الدلاء بهذا الموضوع، للنصيحة والمشاورة، واقتراحي المبني على التجربة هو كالتالي:
المرحلة الأولى:
ويدرس الطالب فيها كتاب البلاغة الواضحة لعلي الجارم ومصطفى أمين.
المرحلة الثانية:
ويدرس الطالب فيها كتاب الإيضاح للخطيب ويستعن عليه بالله ثم بكتابين:
الأول: بغية الإيضاح لعبد المتعال الصعيدي طبعة دار الآداب.
الثاني: (علم المعاني)، (علم البيان)، (علم البديع) ثلاثة كتب للدكتور بسيوني عبد الفتاح فيود، وهي كالشرح لكتاب الإيضاح.
المرحلة الثالثة:
يطالع فيها الطالب كل مصنفات الشيخ العلامة الدكتور محمد محمد أبو موسى؛ ليتعلم كيف يكون التجديد والإبداع من غير تطاول على أهل العلم السابقين، ومن كتبه المهمة:
1 - خصائص التراكيب
2 - دلائل التراكيب (وكلاهما في علم المعاني
3 - التصوير البياني
4 - قراءة في الأدب القديم
5 - المدخل إلى كتابي عبد القاهر الجرجاني
المرحلة الرابعة:
يقرأفيها الطالب كتاب (البلاغة تطور وتاريخ) ويحاول تتبع الكتب التي ذكرها المصنف وقرائتها جميعا إن استطاع (وهي أول عتبات التخصص.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:17 م]ـ
الأخ الحبيب
هل تقصد منهاجا تخصصيّا جامعيا---إن كان كذلك فنعم المنهاج---
ثمّ ما رأيك بأن تبدأ بشرح كتاب الآيضاح أنت؟
نعم تشرحه على حلقات مستعينا بمتنه المنشور على موقع الورّاق
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 06:16 م]ـ
حبيبناالشيخ الفاضل/ جمال
أما كتاب البلاغة الواضحة فهو المقرر -ضمنيا -على المدارس الثانوية عندنا.
وأما باقي المنهج فهو ما نصحنا به أساتذتنا في كلية الآداب، وجربته فأفلح معي.
وأما عن اقتراحكم الكريم فقد لاقى مني قبولا، ولم يبق إلا الاستخارة، وتحصيل نسخة الوراق، فأسألك الدعاء
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 06:19 م]ـ
حبيبنا الشيخ جمال/ألا ترى أنه من الأفضل إذا ما شرعت -مع عجزي ومع إشفاقي-على شرح الإيضاح=أن يتم تثبيت الموضوع لعموم الفائدة؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:19 م]ـ
وأنا أضم صوتي إلى صوتك
فيا أخي القاسم أتمنى أن تحقق له رغبته
ـ[مجدان الفطاني]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 05:36 ص]ـ
نعم .. الدكتور محمد أبوموسى والدكتور بسيوني عبدالفتاح فيود من أعلام البلاغة العربية بجامعة الأزهر.
ـ[تيسير]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 08:26 ص]ـ
نعم كتب الدكتور فيود طيبة ولكنها مشحونة بالأخطاء النحوية و تشكيل الأبيات في غاية الرداءة فقلما تنهي صفحة ولا تجد فيها أخطائاً وخاصة في همزات القطع والوصل وتشكيل الأبيات وبعض كلمات الأبيات محرفة وأقصد
(طبعة دارالمختار ذات الغلاف المائل للحمرة) فتنبهوا.
ولكن مع ذلك فهي كتب نافعة إذ حافظ الرجل على منهج القدماء بشئ من الإيضاح والبيان.
ـ[صهيب العاني]ــــــــ[01 - 01 - 2008, 08:49 م]ـ
مشكوووووووووور اخوية بس انا ابعث عن مواضيع انشائية(/)
ما هي مقترحاتكم بخصوص تحقيق كتاب إعجاز القرآن للرافعي
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 12:35 ص]ـ
أوكل إلي بعض من أحسن بي الظن تحقيق هذا الكتاب المهم فأرجو أن تفيدوني بمقترحاتكم حول خطة العمل، وجزاكم الله خيرا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:33 ص]ـ
مجرد سؤال
أليس الكتاب محققا من آخرين؟؟
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 04:35 م]ـ
الشيخ الفاضل/جمال.
الذي بلغني أن الدكتور مصطفى الشكعة عازم على تحقيقه، وذلك خبر له سنوات، وليس له ثمرة منظوره، هذه واحدة.
والثانية باقي الأسماء التي ربما تمر بناظريك على طرة طبعات هذا الكتاب، ليس لها من التحقيق إلا اسمه، فكلها لإرضاء المشتري الذي يبحث عن الكتاب المحقق.
وجزاكالله خيرا على تجاوبك، وأنا في انتظار نصائحك
ودمت يخير للمحب/أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:01 م]ـ
أخي الحبيب
سر وعلى بركة الله---وضمّنه شروحا لبعض ما يخفى من عباراته ودمت موصولا بالخير
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 10:32 م]ـ
حيا الله هذه الهمم العالية وهذه المحاورات الغالية ووفق أًحابها لكل خير
أستاذنا الكريم أب فهر
نفخر بعزمك تحقيق كتاب في إعجاز القرآن
فما أكثر ما صرنا نرى عبارة حققه فلان وحققه فلان مما يغير المشتري فيشتري
ثم يبوء بالخيبة لما يرى من تصوير نسخة أخرى أو توضيح معاني بعض المفردات من باب التحقيق المزعوم
وكتاب الرافعي مهم في بابه لكن الطلاب قد يعزفون عنه مع قدره لصعوبة عبارة الرافعي عليهم ولا يرون تفسيرا له ولا من يشرح لهم ما يغمض عليهم
فسر على بركة الله ويمكنك أن تستشير إخوانك هنا فيما يعرض لك
وفقك الله وأثابك على نيتك وعملك
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 01:26 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو فهر ..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
بارك الله فيك على هذه البادرة .. التي أسأل الله تعالى أن يجعلها في ميزان حسناتك ..
وأنا أملك الطبعة الثامنة من هذا الكتاب الجليل .. وقد جاء في فاتحتها، قول المعلّق: " على أنه لا يفوتني أن أسأل القاريء المعذرة مما قد يجد في صفحات هذا الكتاب من أخطاء أعجل الزمن عن تصحيحها، أو اقتحمتها العين في التلاوة، أو خدعتني النفس فيها على سهوة، فإن ذلك مما لا يتهيّأ التحرّز من مثله في كل وقت ". انتهى.
وهذه الطبعة لا تخلو - بالفعل - من أخطاء وقلّة بيان ..
ولذلك فيا حبّذا لو راعيت في تحقيقك النقاط التالية:
1 - الإشارة إلى تاريخ الكتاب
2 - الإشارة إلى الغرض الذي هدف إليه المؤلّف
3 - الإشارة إلى ما بلغ به المؤلَّف عند الأدباء وقرّاء العربية
4 - الزيادة في التعليق على بعض الحواشي التي أعدّها المؤلِّف
5 - الإشارة إلى المراجع
ونسأل الله لك التوفيق ..
ـ[معالي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 01:57 ص]ـ
عظيمٌ أبافهر ..
وأقترح أن تشير إلى:
1 - بعض التجاوزات (من ناحية دينية)
لاسيما والتصوّف ظاهرٌ أثره في حبر الرافعي!
2 - تخريج الأحاديث التي ساقها المؤلف وبيان صحيحها من سقيمها
3 - التحقق من صحة القصص والأخبار التاريخية التي ساقها المؤلف
وفقك الله وأعانك
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 03:42 م]ـ
أخي معالي
قولك (بعض التجاوزات (من ناحية دينية)
لاسيما والتصوّف ظاهرٌ أثره في حبر الرافعي!)
فيه خروج عن جادة الصواب فيما يتعلق بعلم من أعلام المسلمين جاهد بقلمه لخير الإسلام والمسلمين---إنّ عبارتك إتهام لرجل لم نعهد عنه إلّا كل خير---وأظنّ أنّه من المناسب أن تسحبها بطريقة تليق بالرافعي رحمه الله
ـ[معالي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 01:55 ص]ـ
أخي الكريم جمال
أنا لم أتهم الرجل فقد أفضى إلى ماقدم!
وإنما أتحدث عن منهجه وطرحه .. وشتان بين أن أتهم الرجل وبين أن أتهم منهجه والحكم بيني وبينك علماء الجرح والتعديل فهم أدرى!
هذا أوّلا ..
ثانيًا:
لاأدري لماذا نجعل من الأشخاص رموزًا مقدّسة؟! .. فالقول ماقالوا والأمر ماأمروا؟!!!!
فكتابات الرافعي ليست آيات قرآنية ولاأحاديث نبوية، بل هي كلام من جملة مايقول البشر_وإن كانوا علماء_ خاضع للخطأ والصواب .. فلماذا لانجعلها مادة للنقاش قد نختلف حولها؟؟
و
من ذا الذي ماساء قطْ
ومن له الحسنى فقطْ
ياأخي الإمام مالك رحمه الله يقول: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحاشا لله أن أقصدالتطاول على قامة أدبية كالرافعي رحمه الله، بل والله إنني أقتني كتبه وأقرؤها متذوقة ومستفيدة، لكن ياأخي الخطأ وارد من كل أحد ولامعصوم إلا الله تعالى ..
ولك أن تعرض كتب الرافعي رحمه الله على علمائنا الأفاضل كالفوزان حفظه الله وغيره .. فتقف بنفسك على مافيها من أثر صوفي ظاهر .. والرجل رحمه الله أراد خيرًا_ولاشك عندنا في ذلك_ لكنه قد تكون قدمه زلّت، سيما والرجل أديب لاعالم بالشريعة ..
رحمه الله رحمة واسعة .. وتجاوز عنا وعنه ..
لك أخي فيض تحية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 05:50 ص]ـ
ولك أن تعرض كتب الرافعي رحمه الله على علمائنا الأفاضل كالفوزان حفظه الله وغيره .. فتقف بنفسك على مافيها من أثر صوفي ظاهر .. والرجل رحمه الله أراد خيرًا_ولاشك عندنا في ذلك_ لكنه قد تكون قدمه زلّت، سيما والرجل أديب لاعالم بالشريعة ..
أشكرك على التوضيح--وأود منك أن تعرفي يا معالي--أنّه لا يحكم على منهج خصم بحسب منهج خصم آخر---فلا العبيكان ولا الفوزان ولا السديس يقبلون حكاما على منهج آخر ---فهم رجال يغلطون ويصيبون-----ولا الفوزان معصوم ولا الرافعي معصوم ولا أنت ولا أنا
وحتّى نكون منصفين فأنا على استعداد لمناقشة كتاب الرافعي معك عبارة عبارة لنرى ما زعمت فيه
ـ[أبو سارة]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 08:37 ص]ـ
السلام عليكم
في رأيي القاصر أن أصل التصوف محمود، وما خالف الكتاب والسنة منه فهو مردود ومذموم.
والخلافات بين الفرق الإسلامية يجب أن يكون المرجع فيها القرآن وماصح من سنة الرسول عليه السلام وأقوال أهل العلم.
ودائرة الإسلام تحتمل هذه الخلافات بين الفرق، والحوار العلمي الهادف هو المطلوب، أما احتكار الحق وتهميش الآخرين والتشنيع عليهم، فليس فيه إلا تأجيج الفرقة وتوسيع دائرة الخلاف.
وبالنسبة لي (وأنا العبد الضعيف البسيط) فإن لدي تحفظات من هذا الأمر ولا أقول إلا (اللهم اجعلني مظلوما لاظالما).
- - - - - -
أستاذنا المفضال جمال جمّله الله بحلل العافية
قولك حفظك الله: أنّه لا يحكم على منهج خصم بحسب منهج خصم آخر.
في ظني أنه مجانب للصواب، وهذا الكلام قد يصح في بعض المسائل، ولكنه لايعمم بهذه الطريقة.
طبقه على اليهود والنصارى ومن في حكمهم وانظر النتيجة!
وحسب علمي أن العبيكان ماهو إلا (صاحب مكتبة مشهورة في السعودية)
والسديس (قارئ قرآن).
والحمد لله من قبل ومن بعد
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 02:11 م]ـ
موافق على كل ما تقول---وأبقاك الله لنا أيها المشرف الفاضل
ـ[أبو فهر]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 04:05 م]ـ
ذكر مترجمو الرافعي أنه كان صاحب نزعة صوفية وأنه كان من رواد البدوي ومريديه. هذا حق لا مراء فيه
أما أن هذه النزعة ظاهرة في كتبه فهذا هو الباطل الذي لا مراء فيه.
والحكم على الرجال لا بد فيه من الحكم والعدل، والذي أراه أنه ما دام لا أثر لهذه النزعة في كتبه وما دمنا في مأمن منها، فلنتركها بينه وبين ربه، ولعل له عذر وأنت تلوم
محبكم أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 08:06 م]ـ
الأخ أبو فهر
لقد أحسنت الكلام والله
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 12:59 ص]ـ
مشرفنا الفاضل: أبا سارة
قلت_بارك الله فيك_:في (رأيي القاصر) أن أصل التصوف محمود، وما خالف الكتاب والسنة منه فهو مردود ومذموم.
ولكن_مشرفنا الفاضل_ في أمور الشرع لانرجع إلى آرائنا، بل الحكم فيها لعلمائنا والراسخين في العلم ..
وما علمتُ أحدًا منهم قد قال بهذا القول .. وإن علمتَ بذلك فهات بارك الله فيكـ!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت_وفقك الله_:والخلافات بين الفرق الإسلامية يجب أن يكون المرجع فيها القرآن وماصح من سنة الرسول عليه السلام وأقوال أهل العلم.
وأنا أقول_مشرفنا الفاضل_:هاأنت تقول هذا بملء فيك .. فلم عدت لرأيك فيما قررت عن أصل التصوف أعلاه؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت_رعاك الله_:ودائرة الإسلام تحتمل هذه الخلافات بين الفرق، والحوار العلمي الهادف هو المطلوب، أما احتكار الحق وتهميش الآخرين والتشنيع عليهم، فليس فيه إلا تأجيج الفرقة وتوسيع دائرة الخلاف.
في الحديث المعروف عن افتراق هذه الأمة إلى 72فرقة، قال عنها صلى الله عليه وسلم: (كلها في النار إلاواحدة .. ماأناعليه وأصحابي) أوكماقال عليه وآله الصلاة والسلام
وأنا بهذا الكلام لاأقرر أن الصوفية في النار، بل أقرر أن طريق الحق واحد كم قرر ذلك علماؤنا المتقدمين منهم والمتأخرين ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشرفنا الكريم
لك فيض تحية
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 01:12 ص]ـ
[ b]
أشكرك على التوضيح--وأود منك أن تعرفي يا معالي--أنّه لا يحكم على منهج خصم بحسب منهج خصم آخر/ b]
أستاذنا الكبير جمال
أخالفك في هذا المبدأ إذا ماتعلق المنهج بالدين (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء (83)
أما إذا تعلق بالدنيا فأوافقك الرأي بارك الله فيك
أما بخصوص قولك بأن العلماء غير معصومين .. فهل معنى ذلك_أستاذنا الفاضل_أن نرد آراءهم وما بلغنا من العلم مابلغوه؟!!
ثم إني ما زلت عند ما قررته سابقًا من أن شأن الدين يختلف عن شأن الدنيا، إذ الأول نعود فيه إلى علمائنا، أماالثاني ففيه سعة ولابأس من تبادل وجهات النظر والاختلاف حوله ... والاختلاف لايفسد للود قضية!
لذا آمل أن يكون نقاشك عن ما في كتب الرافعي رحمه الله مع أولي العلم!
لك أيها الفاضل أزكى تحية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 01:27 ص]ـ
ذكر مترجمو الرافعي أنه كان صاحب نزعة صوفية وأنه كان من رواد البدوي ومريديه. هذا حق لا مراء فيه
أما أن هذه النزعة ظاهرة في كتبه فهذا هو الباطل الذي لا مراء فيه.
الفاضل الكريم أبافهر
لم يستطع إدراكي المتواضع أن يؤلف بين هذين النقيضين!!!
إذ كيف يكون ذا نزعة صوفية .. ثم لاتظهر هذه النزعة في مؤلفاته؟؟!!
الحق أيها الكريم أنها ظاهرة!
وبإذن الله أعود لاحقًا لاستعراض بعض منها!!
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 01:34 ص]ـ
والحكم على الرجال لا بد فيه من الحكم والعدل
أشهد العلي العظيم رب العرش الكريم أنني لست في معرض ذكر المثالب وتتبع العيوب لمجرد الانتقاص!!!
ـ[معالي]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 01:36 ص]ـ
والحكم على الرجال لا بد فيه من الحكم والعدل
أشهد العلي العظيم رب العرش الكريم أنني لست في معرض ذكر المثالب وتتبع العيوب لمجرد الانتقاص!!!
وقد قلت قبلا: أنى لمثلي أن تنتقص من قامة أدبية سامقة كالرافعي رحمه الله!!!!!!! ..
أيها الأحبة:
إنها أمانة الكلمة .. ومن أجل سلامة المنهج والمعتقد فقط لاغير
وكما قلتُ أيضًا من قبل: والحكم بيننا علماؤنا وفقهم الله
سدد الله خطانا جميعًا لمافيه خير الدين والدنيا جميعًا
لكم أساتذتنا: أباسارة، أبافهر، جمال
كل الثناء المعطر
ـ[أبو فهر]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 07:23 م]ـ
أنا في انتظار دلائلك -أخي الكريم-على وجود هذه النزعة في كتابات الرافعي.
ولسنا -أبدا -نسيء الظن بك.
أخوك المحب/أبو فهر(/)
الالتفاتُ عدولٌ عن أصل الاختيار من أجل الهدف المعنوي
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:29 ص]ـ
الالتفاتُ عدولٌ عن أصل الاختيار للهدف المعنوي
الالتفات هو التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاث، وهي الخطاب أو التكلم أو الغيبة بعد التعبير عنه بطريق اّخر منها، والهدف منه كما يرى البلاغيون هو لفت الانتباه، إلا أن بعض مواقعه لا تخلو من لطائف بلاغية معنوية، ومن ذلك قوله تعالى"إياك نعبد وإياك نستعين*حيث عدل من الغيبة إلى الخطاب، وذلك "لأن العبد إذا افتتح حمد مولاه الحقيق بالحمدعلى قلب حاضر ونفس ذاكرة لما هو فيه، ووصف بالصفات العظام، إلى قوله"مالك يوم الدين"الدال على أنه مالك للأمر كله يوم الجزاء، تناهت قوته، وأوجب الإقبال عليه وخطابه وتخصيصه بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات" (1)
وهذه اّيات حاولت الاجتهاد وبيان سبب العدول عن أصل الاختيار فيها، ومن ذلك قوله تعالى" ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد" والسياق يقتضي: إنك لا تخلف الميعاد،،ولكن عدل عن الأصل وجاء بلفظ الجلالة ثم الفعل المضارع للغائب، لأن التعبير بالاسم أوقع من التعبير بالضمير،،وللتشديد على أن الوعد صادر عن الله سبحانه وتعالى، ووعد الله حق، وما وعد به الله لا بد أن يحصل، وهو ليس كوعد البشر.
*وقال تعالى"وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه تُرجعون" والأصل وإليه أُرجع، ولكنه عدل عن الأصل من التكلم إلى الخطاب، لأن السياق في استحقاق الله للعبادة، فهو الذي فطرني أو خلقني، فهو مستحق للعبادة ولمّا كانت كلمة ترجعون تدل على رجوع الخلق جميعهم إلى الله، وليس رجوعه هو فقط، وهي توحي بقدرة أشد من كلمة"أُرجع" فهذا يعني أنه مستحق للعبادة وأكثر.
*وقال تعالى"واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه، إن ربي رحيم ودود"والسياق يقتضي: إن ربكم رحيم ودود، ولكنه عدل من الخطاب إلى التكلم من أجل إقناعهم واستمالتهم، وأن كلامه معهم يصدر عن يقين من أن الله يغفر الذنوب عن التائبين، فقد مزج بين الإخبار والدليل.
والله أعلم
=======
(1) الزمخشري-الكشاف
========
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 02:30 م]ـ
الأخ العزيز عزام محمد:
نتابع كتاباتكم الرائعة بكل اهتمام وعناية, فهي بحق ثروة لغوية وبلاغية ذات نمط رفيع, تكشف عن الجمال في لغة القرآن.
تقبلوا مني خالص آيات الحب والتقدير.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:13 م]ـ
عزام من الأفذاذ الذين لهم مستقبل مشرق في عالم البلاغة
فإلى الأمام
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 09:08 ص]ـ
تحيتي لكم أساتذتي
ما أنا إلا تلميذ من تلاميذكم(/)
وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 03:42 م]ـ
قال تعالى
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ) 67 المائدة
قال فيها الإمام الطبرسي--من أئمة الشيعة في التفسير قولا غريبا وهو
(أكثر المفسرون فيه الأقاويل فقيل: إن الله تعالى بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) برسالة ضاق بها ذرعا، وكان يهاب قريشا، فأزال الله بهذه الاية تلك الهيبة، عن الحسن.
وقيل يريد به إزالة التوهم من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتم شيئا من الوحي للتقية، عن عائشة.
وقيل غير ذلك. وروى العياشي في تفسيره بإسناده عن ابن عمير، عن ابن أذينة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، قالا: أمر الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينصب عليا (عليه السلام) للناس، فيخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقولوا: حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه هذه الاية، فقام بولايته يوم غدير خم
وهذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد، عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني، بإسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفصيل والتأويل
. وفيه أيضا بالاسناد المرفوع إلى حيان بن علي الغنوي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الاية في علي (عليه السلام)، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده (عليه السلام)، فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه "
. وقد أورد هذا الخبر بعينه أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي في تفسيره بإسناده مرفوعا إلى ابن عباس، قال: نزلت هذه الاية في علي (عليه السلام) أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبلغ فيه، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي (عليه السلام)، فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه "
وقد اشتهرت الروايات عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (عليهما السلام) أن الله أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يستخلف عليا (عليه السلام)، فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه، فأنزل الله تعالى هذه الاية تشجيعا له على القيام بما أمره الله بأدائه.
والمعنى: إن تركت تبليغ ما أنزل إليك، وكتمته، كنت كأنك لم تبلغ شيئا من رسالات ربك في استحقاق العقوبة))
وهو قول غريب أن يقزم هذا المفسر تبليغ الرسالة الإسلامية فتصير عنده تبليغا لأمر مزعوم بولاية علي عليه السلام بعده عليه الصلاة والسلام
قوله (بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) أي لا تخش الناس في تبليغ كل الرسالة--لأن قوله ("وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ) --دليل على أنّ المقصود هو كل الإسلام لأنّ العصمة من النّاس لا تكون بسبب توليته لعلي--فلا يتصور أبدا أن يعصم الرسول:= من النّاس الذين هم أصحابه وأحبابه إن قال لهم إنّ الله أمرني أن أولي عليكم عليا--فهذا الأمر لا يستلزم عصمة من النّاس لأنه محال أن يلحق مسلم أذى بالرسول لمجرد أن بلّغهم الرسول:= بولاية علي عليهم من بعده بل المتصور أن يتقبلوا أمره كتقبلهم أمر الصلاة والحج لوكان قد حصل مثل هذا التبليغ المزعوم
فطالما لا يتصور أن يلحق به:= أذى لمجرد إبلاغهم بولاية علي فلا يكون الموضوع موضوع ولاية إنّما الموضوع موضوع تبليغ رسالة كاملة التي تستلزم تطمينه عليه الصلاة والسلام بأنّ الله سيعصمه فليبلغ ولا يخشاهم---ومن هم النّاس الذين سيعصم:= من أذاهم؟؟
إنّهم كفّار مكة---ودليل ذلك قوله (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ) فهم الكفار المقاومون للرسالة وليسوا المسلمين المؤمنين بالرسالة
لو كان الموضوع تبليغا بولاية علي لكان الكلام كلاما ليّنا لأنّ المتوقع أن يتقبل هذا التبليغ أناس مسلمون ولما احتاج السياق إلى ختمه بجملة (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ)
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 04:43 م]ـ
حبيبنا/ الشيخ جمال
لا أحب لك أن تشغل وقتك الثمين بمثل هاتيك الترهات، أما إن كان قصدك إثارة تعجبنا، فلعلك تعلم أن القوم عندهم من العجائب ما هو أكثر وأكبر، ففرغ وقتك لفوائدك التي تتحفنا بها بارك الله فيك.
ودمت للمحب/أبوفهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 05:04 م]ـ
الأخ الغالي أبو فهر
نصيحتك غالية والله---وانتظر فأنا من المنتظرين(/)
إتحاف الأديب بشرح كتاب ((الإيضاح في علوم البلاغة)) لجلال الدين الخطيب [الحلقة الأولى: الت
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 07:38 م]ـ
ولد جلال الدين قاضي القضاة محمد بن القاضي سعد الدينعبد الرحمن القزويني الشافعيبالموصل سنة666للهجرة،
وتدرج في العلم والمناصب حتى صار قاضي دمشق وخطيبيهاسنة 724للهجرة، وقد كان بعض أجداده قد سكن قزوين ومن هنا جاءت نسبته بالخطيب القزويني.
وقد صنف تلخيصا لكتاب السكاكي ((مفتاح العلوم-القسم الثالث الخاص بالبلاغة)) وسماه ((تلخيص المفتاح)) فاربى به على الغاية وتعاقب عليه الشراح، وشرحه هو بكتابه (وكتابنا هنا) ((الإيضاح لتلخيص المفتاح)) وكتابه هذا
من أشهر ما ألف من الشروح حول كتاب (مفتاح العلوم). ويضم (711) شاهداً شعرياً في (305) فصول، من فصول البلاغة. وضعه قاضي مصر وخطيب دمشق: الجلال القزويني (ت739هـ) ليكون شرحاً لكتابه (تلخيص المفتاح) الذي لخصه من القسم الثالث من كتاب (مفتاح العلوم) لأبي يعقوب السكاكي (ت626هـ)، وهو القسم الخاص بالبلاغة، (انظر حديثنا عنه في التعريف بكتاب معاهد التنصيص). وأودع فيه خلاصة أعمال ما ألف في هذا الفن حتى عصره. قال: (وعمدت إلى ما خلا عنه (المفتاح) من كلام الشيخ عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ) رحمه الله في كتابيه: (دلائل الإعجاز) و (أسرار البلاغة) وإلى ما تيسر من كلام غيرهما، فاستخرجت زبدة ذلك كله، وهذبتها ورتبتها، حتى استقر كل شيء منها في محله، وأضفت إلى ذلك ما أدى إليه فكري، ولم أجده لغيري، فجاء بحمد الله جامعاً لأشتات هذا العلم، وإليه أرغب في أن يجعله نافعاً لمن نظر فيه من أولي الفهم) وبناه على ثلاثة أقسام: المعاني، والبيان، والبديع. وختمه بباب في السرقات الشعرية. ويضم قسم المعاني: أحوال إسناد الخبر، ومتعلقات الفعل، والقول في القصر والإنشاء، والوصل والفصل، والإيجاز والإطناب والمساواة. ويضم قسم البيان: فنون التشبيه، والحقيقة والمجاز، والاستعارة وأنواعها، والحذف والزيادة، وفن الكناية. ويضم قسم البديع: مختلف المحسنات المعنوية، كالطباق، والتفويف، والإرصاد، والمشاكلة، والاستطراد، والمزاوجة، والعكس والتبديل، والتورية، والجمع والتفريق، والتقسيم، والتجريد، والمبالغة والتبليغ، والمذهب الكلامي، وحسن التعليل إلخ. والمحسنات اللفظية: كالجناس، وما يلحق به، والسجع وضروبه، والتصريع، والموازنة، والقلب، والتشريع، ولزوم ما لا يلزم. طبع الكتاب طبعات كثيرة، منها طبعة د. محمد عبد المنعم خفاجي: الطبعة الأولى 1949م.
وهذه الطبعة منتشرة اليوم في مجلدين نشر دار الجيل.
وثم طبعة أخرى منشورة بدار الآداب، وعليه حاشية للعلامة الشيخ عبد المتعال الصعيدي سماها ((بغية الإيضاح)).
وهذه الطبعة الأخيرة هي التي سنعتمدها في التعليق على هذا الكتاب.
وسأجتهد في نشر حلقتين أسبوعيا، والله الموفق.
ودمتم للمحب/أبو فهر
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 07:54 م]ـ
سقطت عبارتان
الأولى في العنوان (تعريف بالكتاب)
والثانية في السطر التاسع (وكتابه هذا كما يقول الأستاذ زهير ظاظا)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 08:15 م]ـ
هذا ما كنّا ننتظره من الأخ أبي فهر----فواصل يرحمك الله وأنا لك من المتابعين
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 10:37 م]ـ
عملكم مشكور
سيثبت الموضوع
وسنتابع الشروح
والله الموفق
ـ[أبو فهر]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 11:02 م]ـ
بارك الله فيكم؛ فلقد شددتم أزري، وقويتم عزمي.
ودمتم موصولين بالخير لأبي فهر
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 11:29 م]ـ
جميل جدًا يا أبا فهر
ننتظر حلقتيك الأسبوعيتين بشوق.
تقبل ودادي.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 12:19 ص]ـ
الأخ العزيز أبو فهر:
إنني سعيد لقيامك بهذه المهمة في استجلاء علوم البلاغة.
إنا لكم لمتابعون.
رعاكم الله سالمين من كل مكروه.
ـ[أبو فهر]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 12:13 ص]ـ
لا أدري والله بأي لسان أنطق، فلقد لقيت من كرمكم و ترحيبكم ما يعجز لسان اليراع عن وصفه، ولكن -والله بما أقول عليم- لقد جدت أمور تمنعني عن إنجاز موعدي، فأرجو إلغاء الموضوع إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا
أرجو المعذرة
فلعل له عذرا وأنت تلوم
وأقول: إن اللبيب من عذر وأنتم أهل للعذر إن شاء الله
ودمتم على خير للمحب/أبو فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 08:23 م]ـ
لا عليك أخي
قد تستعيض عنه بعمل آخر----وحتّى تنفذ وعدك يوما أقترح على المشرفين إلغاء الموضوع منعا للإحراج
ـ[أبو فهر]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 02:53 ص]ـ
أرجو من المشرف الفاضل إلغاء تثبيت الموضوع لعجزي عن الوفاء.
ودمتم موصولين بالخير لأبي فهر
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[03 - 11 - 2005, 07:44 م]ـ
طلب منكم إلغاء التثبيت فلم تفطنوا لطلبه!!(/)
يزجي سحاباً ... وينشئ السحاب
ـ[الضاد1]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 09:52 م]ـ
يزجي سحاباً ... وينشئ السحاب
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله
إخواني الأعزاء لدي استفسارات حول الآيتين التاليتين:
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ الرعد:12
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ
النور:43
1 - في الآية الأولى: ما نلحظه من ملاحظات علمية عبر الحواس، أن السحاب المتكوِّن أو المؤلَّف يأتي ثم يأتي كل من البرق والرعد متزامنين، هذا إن لم أكن مخطئاً؛ وبالتالي وفي الآية التالية: الرعد:13:وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ
يذكر لنا الرعد
هل نستطيع اكتشاف السر البلاغي لذلك؟
2 - ما الفرق بين يزجي و ينشئ
بارك الله بكم وزادكم الله علماً
ـ[السراج]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 10:40 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
أخي .. دعني في السؤال الثاني أحاول ..
قرأت قديما قصيدة البحتري الرائعة (سينيته في وصف إيوان كسرى) .. وكان تحوي البيت التالي ..
والمنايا مواثل وأنو شروان ** يزجي الصفوف تحت الدرفس
وبحثت - حينها - عن معنى (يزجي) فكانت بمعنى أن قائد المعركة (أنو شروان) يدفع صفوف جيشه وجنوده نحو الراية والعلم كي لا تسقط فيهزم في المعركة ..
يزجي تعني يدفع في البيت الشعري ..
وللفصحاء كلمتهم ..
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 02:40 ص]ـ
إن هاتين الآيتين الكريمتين فيهما من أوجه الإعجاز اللغوي والبياني والعلمي ما قد يملأ مجلّدات ..
ولذلك سنفرغ لكل واحد من هذه الأوجه باباً منفرداً إن شاء الله تعالى ..
ـ[الضاد1]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 09:56 م]ـ
إن شاء الله تعالى
جعل الله علمك النافع في ميزان حسناتك أخي لؤي.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 02:20 م]ـ
لنتدبّر أولاً آية سورة النور، ولنكشف عن أسرار النظم فيها وروعة بلاغياته ..
قال تعالى: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ "
" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ":
(ألم تر): الاستفهام هنا تقريري والرؤية فيه بصريّة كما يقرّره الواقع، والتقرير المستعمل فيه الاستفهام من حيث أنه تقرير له معانٍ تردف عليه، من أبرزها التذكير والاعتبار بآثار رحمة الله وقدرته الفائقة. وتوكيد الخبر إشارة إلى تحقّق مضمونه واشتهار حدوثه في الحياة. (أن الله يزجي): أي: يسوق بسهولة. يُقال: زجي وزجى الشيء تزجية: دفعه برفق، وأزجى الإبل: ساقها، والريح تُزجي السحاب: أي تسوقه. وقيل: الإزجاء: سوق الثقيل برفق وسهولة. وإيثار المضارع (يزجي) على الماضي للدلالة على حدوث الظاهرة في الحال وفي الاستقبال، لأنها سنّة الله في الحياة. (سحاباً): اسم جنس جمعي واحده سحابة. والسحابة: الغيم. وجمعها: سحاب وسحب وسحائب. وتتنكير (سحاباً) لإفادة الكثرة والتعظيم، وهما أمران ملاحظان لكل فرد.
" ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ":
(يُتْبَعُ)
(/)
العطف بـ (ثم) لتصوير الواقع تصويراً أميناً، لأن بين تصاعد الأبخرة المائية في الأفق، وبين تكوين السحاب منها فترات من الزمن، والتعبير عنه أولاً بـ (سحاباً) مجاز مرسل علاقته اعتبار ما سيكون، لأن مرحلة تصاعد الأبخرة سابقة على مرحلة تكوين السحاب. والتأليف هنا معناه الضمّ والجمع والتسخير، وعُبّر عن هذا الضمّ بالتأليف على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية، وسرّها سرعة الانقياد والالتئام كأنها قلوب متآلفة ينزع بعضها إلى بعض.
" ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا ":
العطف بـ (ثم) مرة أخرى للإعلام بمرحلة ثالثة من مراحل تكوين السحاب، وحملها لكتل هائلة من الماء تحجب ضوء الشمس ونور القمر، وتلطّف الهواء للحيلولة بينه وبين حرارة الشمس. أي يصير السحاب المؤلّف ركاماً بعد أن كان متفرّق الأجزاء. و (ركاماً): مصدر من الفعل ركم يركم، والركام مشتقّ من الركم وهو الجمع والضمّ، فالركام بمعنى المركوم، أي: متراكم. فإذا أركمت السحب وتكاثفت سُمّيت بـ (السحاب الثقال)، وحينئذ يحصل فيها أمران:
الأول: حملها الماء الكثير ومن هذه السحب يكون المطر الغزير.
الثاني: يتكوّن فيها البرق.
" فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ "
الفاء هنا لعطف مرحلة على مرحلة مع إفادة الترتيب دون التعقيب بدلالة الواقع، لأنا كثيراً ما نرى السحاب دون أن يمطر. والرؤيا هنا بصرية. واختلف العلماء في تفسير كلمة (الودق) الواردة في هذه الآية على قولين:
الأول: الودق: المطر شديده وهيّنه.
الثاني: الودق: البرق.
وسنبيّن المعنى المراد عندما نتعرّض للإعجاز العلمي في الآية إن شاء الله تعالى.
" وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ":
الواو للاستئناف غير البياني، أو هي عاطفة على (يزجي)، وما بعد الواو مؤذن باختلافها عما قبلها. وصيغة التضعيف في (وينزّل) للتكثير. و (من) الأولى لابتداء الغاية، أي: ابتداء نزول الماء من السحاب. و (من) الثانية للتبعيض، أي: هذا الماء النازل من السحاب من بعض جبال الغيوم فيها. و (من) الثالثة بيانية، أي: جنس هذا النازل من بعض جبال السحاب هو بَرَد، والبَرَد هو قطرات الماء المتجمّدة. وإن ورود حرف الجرّ (من) ثلاث مرّات متجاورات في جملة قصيرة من روائع التعبير القرآني. فالتقدير هنا: ينزل من السماء من جبال في السماء من برد ماءً. وقُدّم الماء لأهميته، ولأنه محطّ الإنعام. وسيأتي مزيد بيان في وصف هذه الظاهرة العجيبة.
" فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء ":
من إيجاز الحذف في هاتين الجملتين حذف متعلّق المشيئة بعد الفعلين (يصيب - يصرف)، والتقدير يصيب به من يشاء أن يصيبه به، ويصرفه عمّن يشاء أن يصرفه عنه. وفي الجملتين حسن التقسيم واستقصاء الأقسام، إذ لا ثالث لهذين القسمين المذكورين. وبين الإصابة والصرف طباق إيجاب:
" يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ":
استعارة بالكناية، حيث شبّه سنا البرق بذي إرادة وقوّة، يستلب الأبصار ويذهب بها، وسرّها المبالغة في وصف السنا بالصفاء. وهذه الجملة وصف لـ (سحاباً). وضمير (برقه) عائد إلى (سحاباً). وحاصل معنى الجملة: يقرب ضوء برق السحاب الموصوف بما مرّ من الإزجاء والتأليف وغيرهما (يذهب بالأبصار)، أي: يخطفها من فرط الإضاءة وسرعة ورودها.
يتبع ..
ـ[أبو سارة]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 03:44 م]ـ
بارك الله فيك ومنك وعليك يا أستاذ لؤي
علم غزير وأدب جم، نفع الله بك وبعلمك.(/)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 08:02 م]ـ
:::
قوله تعالى
(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) 5 الفيل
فيه من رائع الكناية ما يخلب الألباب فالعصف هوورق النبات جاء في اللسان (العَصْفُ والعَصْفة والعَصِيفة والعُصافة؛ عن اللحياني: ما كان على ساق الزرع من الورق الذي يَيْبَسُ فَيَتَفَتَّتُ)
---فما الأمر الملفت في كونه مأكولا؟؟
نعم ما الأمر الذي جعل كون العصف مأكولا صفة هامّة في بيان مدى سوء حال أصحاب الفيل بعد أن رماهم ربهم بحجارة من سجّيل
إنّه أمر بسيط إذا علمنا أنّ من أدب الكتاب أن يشير إلى الأمور التي يستقذرها الطبع بالكنايات اللطيفة----فالعصف المأكول هو روث الحيوانات
قال الأزهري في " تهذيب اللغة"
(وأمَّا قوله تعالى: (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) فله معنيان: أحدهما أنه أراد: أنه جعل أصحاب الفيل كورق أخذ ما كان فيه من الحب وبقي هو لاحب فيه. والآخر أنه أراد: أنه جعلهم كعصف قد أكله البهائم.)
إنّ هذه الكناية تشبه قوله تعالى (كانا يأكلان الطعام) للدلالة على أنّ عيسى وأمّه من البشر---فهذه الآية كناية تدل على قبيح مستقذر ---هذا القبيح هو الفضلات البشرية
ـ[أحلام]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 10:57 م]ـ
الاخ الفاضل جمال
جزاك الله خيرا وجعل ذلك في ميزان حسناتكم
ولاتبخل علينا مما أعطاك الله من العلم والفقه وسعة الصدر
ـ[أبو سارة]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 03:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أستاذنا الفاضل جمال جمّله الله بحلل العافية
في نظري أن ماذهبتَ إليه إنما هو رأي بعيد المنزع!
لأن العصف وفق المعنى الذي ذكرت عن اللسان وحسب تفسيرات أخرى كقول ابن عباس وبن زيد وغيرهم، هو من مأكولات الحيوانات لا الإنسان، يقول ابن زيد في تفسير ذلك: العصف ورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته فصار درينا. اهـ
والدرين هو يبيس الحشيش، وهذا الأمر يشاهد على الأرض في الأماكن التي تخلفها الحيوانات في حظائرها ومرابطها، فحق عليه هذا الوصف، أما الإنسان فبعيد أن يحمل هذه الصورة.
والله تعالى أعلم وأحكم
عهدنا منك التحقيق ونأمل به في هذه المسألة.
دمت بأحسن حال
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 06:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أستاذنا الفاضل جمال جمّله الله بحلل العافية
في نظري أن ماذهبتَ إليه إنما هو رأي بعيد المنزع!
لأن العصف وفق المعنى الذي ذكرت عن اللسان وحسب تفسيرات أخرى كقول ابن عباس وبن زيد وغيرهم، هو من مأكولات الحيوانات لا الإنسان، يقول ابن زيد في تفسير ذلك: العصف ورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته فصار درينا. اهـ
والدرين هو يبيس الحشيش، وهذا الأمر يشاهد على الأرض في الأماكن التي تخلفها الحيوانات في حظائرها ومرابطها، فحق عليه هذا الوصف، أما الإنسان فبعيد أن يحمل هذه الصورة.
والله تعالى أعلم وأحكم
عهدنا منك التحقيق ونأمل به في هذه المسألة.
دمت بأحسن حال
الأخ المشرف المفضال
ما نقلت لنا هو عين ما كنت أرغب في إضافته---
لم أتحدث مطلقا عن كون العصف غذاء للإنسان---إنما عقدت مقارنة بين كنايتين--كناية متعلقة بروث الحيوان وهي في قوله تعالى (كعصف مأكول) ---وكناية متعلقة ببراز الإنسان وهي في قوله تعالى (كانا يأكلان الطعام)
ـ[أبو سارة]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 03:53 م]ـ
أحسنت يا أستاذ جمال، رأيك مقنع ونظرتك ثاقبة، وعندي سؤال إن تكرمت
هل قال أحد المفسرين بمثل هذا، أم نسجل هذا السبق لبنيات أفكارك؟
وقاك الله ورعاك
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 06:03 م]ـ
والله يا مشرفنا الفاضل ليس لي إلّا فضل إعادة الصياغة وهم الأولون المبدعون--وما من قول إلّا أساسه بين ثنايا أقوالهم(/)
استفسار عاجل جدا
ـ[الساهر]ــــــــ[13 - 09 - 2005, 09:26 م]ـ
:::
إخوتي السلام علكم ورحمة الله وبركاته
لدي استفسار حول الجملة الخبرية والانشائية
فهل تعد جملة (ما أنت بكسول) خبرية أم انشائية مع التعليل
وشكرا لكم مقدما
ـ[معالي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 02:10 ص]ـ
الجملة خبرية
فأنواع الجمل الإنشائية معروفة: (دعاء، أمر، رجاء، نهي، تعجب .... إلخ)
كما أن هناك فارقًا رئيسًا بين الخبر والإنشاء يتمثل في:
أن الخبر يحتمل الصدق والكذب
أما الإنشاء فلايحتمل الصدق والكذب
فلوقيل: أمطرت السماء
لأمكن أن يكون الخبر هذا كذبًا كما أنه يحتمل الصدق أيضًا
أم إذا قيل: ما أشهى الطعام
لما صح التكذيب أو التصديق، فالجملة إنما سيقت للتعجب
ولعل الإخوة يصوبوني إن أخطأت!
تحية
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 02:13 م]ـ
جملة (ما أنت بكسول)
جملة خبرية فأنت تخبره بانتفاء الكسل عنه وقد يكون خبرك صادقا أو كاذبا---وهي ليست من قبيل التعجب--(/)
فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 09 - 2005, 09:38 م]ـ
قوله تعالى
(وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) 24 النساء
أية ليست في حل زواج المتعة قطعا--ذلك الزواج المؤقت---والذي ينافح عنه مفسروا الشيعة--ناسبين أقوالا للصحابة على أنّها آية في زواج المتعة مع أنّ تلك الأقوال لاتصح
بعد أن استعرض السياق أصناف النساء المحرم نكاحهن عقب قائلا ((وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) لتعنى أنّ مطلوب الرجال غير متحقق في أصناف النساء المذكورة ومتحقق في عداها-- (أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) أي أن تحاولوا الحصول على ما يطلبه الرجال من النساء باذلين أموالهم في سبيل ذلك قاصدين الإحصان الذي هو الزواج لا السفاح الذي هو الزنا أو غيره من زواج متعة لا يقصد به الدوام أو الولد---
جاء في اللسان (والتَّسافُحُ والسِّفاح والمُسافحة: الزنا والفجور؛ وفي التنزيل: مُحْصِنينَ غيرَ مُسافِحين؛ وأَصل ذلك من الصبِّ، تقول: سافَحْته مُسافَحة وسِفاحاً، وهو أَن تقيم امرأَةٌ مع رجل على فجور من غير تزويج صحيح؛ ويقال لابن البَغيِّ: ابنُ المُسافِحةِ؛ وفي الحديث: أَوّلُه سِفاحٌ وآخرُه نِكاح، وهي المرأَة تُسافِحُ رجلاً مدة، فيكون بينهما اجتماع على فجور ثم يتزوّجها بعد ذلك، وكره بعض الصحابة ذلك، وأَجازه أَكثرهم.) وعبارة إبن منظور التي لونتها عبارة سيئة تدل على مذهب سيء ليس لها أساس من الصحة
أمّا جملة (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أي أنّهن يستحقن كل المهر المتفق عليه إن حصل الإستمتاع وهو الدخول وبدون حصوله لا تستحق المرأة كلّ المهر--ولو كان المقصود زواج المتعة كما يدّعي مفسريهم لكان السياق مختلفا---واستمتعتم هنا هي بمعنى تمتّعتم وإنما زيدت الألف والسين توكيدا
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 03:43 ص]ـ
أضع بين يدي القارىء الكريم هذا البحث حول زواج المتعة, لأيضاح بعض الحققائق حوله, وللرد على الشبهات التي يثيرها بعضهم - لا أقصد الأخ العزيز جمال بكلامي - حول الشيعة بسبب هذا النوع من الزواج.
الزواج المؤقت (المتعة) في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
مما يشنع به على الشيعة: قولهم بجواز نكاح المتعة، ويعدّون القول بتشريعه أو بعدم نسخه مخالفاً للكتاب والسنّة.
فأمّا زواج المتعة أو الزواج المؤقت:
فهو عبارة عن تزويج المرأة الحرّة الكاملة نفسها إذا لم يكن بينها وبين الزوج مانع -من نسب أو سبب أو رضاع أو إحصان أو عدّة أو غير ذلك من الموانع الشرعية- بمهر مسمّى إلى أجل مسمّى بالرضا والاتّفاق، فإذا انتهى الأجل تبين منه من غير طلاق. ويجب عليه مع الدخول بها -إذا لم تكن يائسة- أن تعتد عدّة الطلاق إذا كانت ممّن تحيض وإلاّ فبخمسة وأربعين يوماً (1).
وولد المتعة -ذكراً كان أو أُنثى- يلحق بالأب ولا يدعى إلاّ به، وله من الإرث ما أوصانا الله سبحانه به في كتابه العزيز. كما يرث من الأُمّ، وتشمله جميع العمومات الواردة في الآباء والأبناء والأُمّهات، وكذا العمومات الواردة في الأُخوة والأخوات والأعمام والعمّات.
وبالجملة:
المتمتّع بها زوجة حقيقة، وولدها ولد حقيقة. ولا فرق بين الزواجين: الدائم والمنقطع إلاّ أنّه لا توارث هنا ما بين الزوجين، ولا قسمة ولا نفقة لها. كما أنّ له العزل عنها. وهذه الفوارق الجزئية فوارق في الأحكام لا في الماهية; لأنّ الماهية واحدة غير أنّ أحدهما مؤقّت والآخر دائم، وأنّ الأوّل ينتهي بانتهاء الوقت والآخر ينتهي بالطلاق أو الفسخ.
وقد أجمع أهل القبلة على أنّه سبحانه شرّع هذا النكاح في صدر الإسلام، ولا يشكّ أحد في أصل مشروعيّته، وإنّما وقع الكلام في نسخه أو بقاء مشروعيته.
النكاح المنقطع فى القرآن الكريم
والأصل في مشروعيته قوله سبحانه:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وحلائِلُ أبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أصْلابِكُمْ وأنْ تَجْمَعُوا بينَ الاختَينِ إلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إنَّ الله كانَ غَفُوراً رَحيماً*والُمحْصَناتُ مِنَ النّساءِ إلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ الله عَلَيكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذَلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسافِحينَ فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَريضةً ولا جُناحَ عَلَيكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعدِ الفَريضَةِ إنَّ الله كانَ عَليماً حَكيماً) (2).
الآية ناظرة إلى نكاح المتعة وذلك لوجوه:
1 - الحمل على النكاح الدائم يستلزم التكرار بلا وجه:
إنّ هذه السورة; أي سورة النساء، تكفّلت ببيان أكثر ما يرجع إلى النساء من الأحكام والحقوق، فذكرت جميع أقسام النكاح في أوائل السورة على نظام خاص، أمّا الدائم فقد أشار إليه سبحانه بقوله: (وإِنْ خِفْتُمْ ألاَّ تُقْسِطُوا في اليَتامى فَانْكِحُوا ما طَابَ لَكُمْ مِنَ النّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ ورُباعَ وإنْ خِفْتُمْ ألاَّ تَعدِلُوا فَواحِدَةً ... ) (3).
وأمّا أحكام المهر فقد جاءت في الآية التالية: (وآتُوا النّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيء مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَريئاً) (4).
وأمّا نكاح الإماء فقد جاء في قوله سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أنْ يَنْكِحَ الُمحْصَناتِ المُؤْمِناتِ فَمِن مّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ المُؤْمِناتِ والله أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالمَعْرُوفِ مُحْصَنات غَيْرَ مُسافِحات ولا مُتّخِذاتِ أخْدان ... ) (5).
فقوله سبحانه: (مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيمانُكُمْ) إشارة إلى نكاح السيّد لأمته، الذي جاء في قوله سبحانه أيضاً: (إلاّ علَى أَزْواجِهِمْ أوْ مَا مَلكَتْ أيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ... ) (6).
وقوله سبحانه: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ) إشارة إلى الزواج من أمة الغير.
فإلى هنا تمّ بيان جميع أقسام النكاح فلم يبق إلاّ نكاح المتعة، وهو الذي جاء في الآية السابقة، وحمل قوله سبحانه: (فما استمتعتم) على الزواج الدائم، وحمل قوله: (فآتوهنّ أُجورهُنّ) على المهور والصدقات يوجب التكرار بلا وجه، فالناظر في السورة يرى أنّ آياتها تكفّلت ببيان أقسام الزواج على نظام خاصّ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بحمل الآية على نكاح المتعة كما هو ظاهرها أيضاً.
2 - تعليق دفع الأُجرة على الاستمتاع:
إنّ تعليق دفع الأُجرة على الاستمتاع في قوله سبحانه: (فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) يناسب نكاح المتعة الذي هو زواج مؤقّت لا النكاح الدائم، فإنّ المهر هنا يجب بمجرّد العقد ولا يتنجّز وجوب دفع الكلّ إلاّ بالمسّ، وأمّا المتعارف فيختلف حسب اختلاف العادات العرفية، فربّما يؤخذ قبل العقد وأُخرى يترك إلى أن يرث أحدهما الآخر.
3 - تصريح جماعة من الصحابة بشأن نزولها:
ذكرت أُمّة كبيرة من أهل الحديث نزولها فيها، وينتهي نقل هؤلاء إلى أمثال ابن عبّاس، وأُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وحبيب بن أبي ثابت، وسعيد بن جبير، إلى غير ذلك من رجال الحديث الذين لا يمكن اتهامهم بالوضع والجعل.
وقد ذكر نزولها من المفسّرين والمحدّثين:
إمام الحنابلة أحمد بن حنبل في مسنده (7).
وأبو جعفر الطبري في تفسيره (8).
وأبو بكر الجصّاص الحنفي في أحكام القرآن (9).
وأبو بكر البيهقي في السنن الكبرى (10).
ومحمود بن عمر الزمخشري في الكشاف (11).
وأبو بكر بن سعدون القرطبي في تفسير جامع أحكام القرآن (12).
وفخر الدين الرازي في مفاتيح الغيب (13).
إلى غير ذلك من المحدّثين والمفسّرين الذين جاءوا بعد ذلك إلى عصرنا هذا، ولا نطيل الكلام بذكرهم.
وليس لأحد أن يتّهم هؤلاء الأعلام بذكر ما لا يتّقون به. وبملاحظة هذه القرائن لا يكاد يشكّ في ورودها في نكاح المتعة.
ونزيد الوضوح بياناً بقوله سبحانه: (وأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسافِحين).
(يُتْبَعُ)
(/)
أنّ قوله سبحانه: (أن تبتغوا) مفعول له لفعل مقدّر، أي بيّن لكم ما يحلّ ممّا يحرم لأجل أن تبتغوا بأموالكم، وأمّا مفعول قوله: (تبتغوا) فيعلم من القرينة وهو النساء; أي طلبكم النساء; أي بيّن الحلال والحرام لغاية ابتغائكم النساء من طريق الحلال لا الحرام.
وقوله سبحانه: (محصنين) وهو من الإحصان بمعنى العفّة وتحصين النفس من الوقوع في الحرام، وقوله سبحانه: (غير مسافحين) هو جمع مسافح بمعنى الزاني مأخوذ من السفح بمعنى صبّ الماء، والمراد هنا هو الزاني بشهادة قوله سبحانه في الآية المتأخّرة في نكاح الإماء: (وآتوهُنَّ أُجُورهنَّ بالمعروف محصنات غير مسافحات) أي عفائف غير زانيات.
ومعنى الآية:
أنّ الله تبارك وتعالى شرّع لكم نكاح ما وراء المحرّمات لأجل أن تبتغوا بأموالكم ما يحصنكم ويصون عفّتكم ويصدّكم عن الزنا، وهذا المناط موجود في جميع الأقسام، النكاح الدائم، والمؤقّت، والزواج بأمة الغير المذكورة في هذه السورة من أوّلها إلى الآية 25.
هذا هو الذي يفهمه كلّ انسان من ظواهر الآيات غير أنّ من لا يروقه الأخذ بظاهر الآية: (فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أُجورهنّ) لرواسب نفسية أو بيئية حاول أن يطبق معنى الآية على العقد الدائم، وذكر في المورد شبهات ضعيفة لا تصمد أمام النقاش نجملها بما يلي:
شبهات ضعيفة حول دلالة الآية:
الشبهة الأُولى: أنّ الهدف من تشريع النكاح هو تكوين الأُسرة وإيجاد النسل، وهو يختصّ بالنكاح الدائم دون المنقطع الذي لا يترتّب عليه إلاّ إرضاء القوّة الشهوية وصبّ الماء وسفحه.
ويجاب عنها: بأنّه خلط بين الموضوع والفائدة المترتّبة عليه، وما ذكر إنّما هو من قبيل الحكمة، وليس الحكم دائراً مدارها، لضرورة أنّ النكاح صحيح وإن لم يكن هناك ذلك الغرض، كزواج العقيم واليائسة والصغيرة. بل أغلب المتزوّجين في سن الشباب بالزواج الدائم لا يقصدون إلاّ قضاء الوطر واستيفاء الشهوة من طريقها المشروع، ولا يخطر ببالهم طلب النسل أصلا وإن حصل لهم قهراً، ولا يقدح ذلك في صحّة زواجهم.
ومن العجب حصر فائدة المتعة في قضاء الوطر، مع أنّها كالدائم قد يقصد منها النسل والخدمة وتدبير المنزل وتربية الأولاد والإرضاع والحضانة.
ونسأل المانعين الذين يتلقّون نكاح المتعة، مخالفاً للحكمة، التي من أجلها شرّع النكاح، نسألهم عن الزوجين اللّذين يتزوّجان نكاح دوام، ولكن ينويان الفراق بالطلاق بعد شهرين، فهل هذا نكاح صحيح أو لا؟ لا أظن أنّ فقيهاً من فقهاء الإسلام يمنع ذلك إلاّ إذا أفتى بغير دليل ولا برهان، وبهذا الشكل يتعيّن الجزم بصحّة هذا النكاح، فأيّ فرق يكون حينئذ بين المتعة وهذا النكاح الدائم سوى أنّ المدّة مذكورة في الأوّل دون الثاني؟
يقول صاحب المنار: إنّ تشديد علماء السلف والخلف في منع المتعة بنيّة الطلاق، وإن كان الفقهاء يقولون إنّ عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت، ولم يشترطه في صيغة العقد، ولكن كتمانه إيّاه يعدّ خداعاً وغشّاً وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت (14).
أقول: نحن نفترض أنّ الزوجين رضيا بالتوقيت لبّاً، حتّى لا يكون هناك خداع وغشّ، فهو صحيح بلا إشكال.
الشبهة الثانية: إنّ تسويغ النكاح المؤقّت ينافي ما تقرّر في القرآن كقوله عزّ وجلّ في صفة المؤمنين: (والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ*إلاّ عَلَى أزواجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيرُ مَلُومينَ*فَمَنِ ابْتَغْى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُون) (15).
والمراد من الآية: أنّ من ابتغى وراء ذلك، هم المتجاوزون ما أحلّه الله لهم إلى ما حرّمه عليهم. والمرأة المتمتّع بها ليست زوجة فيكون لها على الرجل مثل الذي عليها بالمعروف.
ويجاب عليها: أنّها دعوة بلا دليل. فإنّها زوجة ولها أحكام، وعدم وجود النفقة والقسمة لا يخرجانها عن الزوجيّة، فإنّ الناشزة زوجة ليست لها النفقة وحقّ القسمة، ومثلها الصغيرة. والعجب أن يستدلّ بعدم وجود الأحكام على نفي الماهية، فإنّ الزوجيّة رابطة بين الزوجين تترتّب عليها جملة من الأحكام وربّما تختص بعض الأحكام ببعض الأقسام.
(يُتْبَعُ)
(/)
الشبهة الثالثة: إنّ المتمتّع في النكاح المؤقّت لا يقصد الإحصان دون المسافحة، بل يكون قصده مسافحة، فإن كان هناك نوع مّا من إحصان نفسه ومنعها من التنقّل في دِمنِ الزنا، فإنّه لا يكون فيه شيء مّا من إحصان المرأة التي تؤجر نفسها كلّ طائفة من الزمن لرجل فتكون كما قيل:
كرة حُذِفْت بصوالجة * فتلقّفها رجل رجل (16)
ويجاب عليها: أنّه من أين وقف على أنّ الإحصان في النكاح المؤقّت يختصّ بالرجل دون المرأة، فإنّا إذا افترضنا كون العقد شرعياً، فكلّ واحد من الطرفين يُحصن نفسه من هذا الطريق، وإلاّ فلا محيص عن التنقّل في دمن الزنا. والذي يصون الفتاة عن البغي أحد الأُمور الثلاثة:
1 - النكاح الدائم.
2 - النكاح المؤقّت بالشروط الماضية.
3 - كبت الشهوة الجنسية.
فالأوّل ربّما يكون غير ميسور خصوصاً للطالب والطالبة اللّذين يعيشان بمنح ورواتب مختصرة يجريها عليهما الوالدان أو الحكومة، وكبت الشهوة الجنسية أمر شاقّ لا يتحمّله إلاّ الأمثل فالأمثل من الشباب والمثلى من النساء; وهم قليلون، فلم يبق إلاّ الطريق الثاني، فيحصنان نفسهما عن التنقّل في بيوت الدعارة.
إنّ الدين الإسلامي هو الدين الخاتم، ونبيّه خاتم الأنبياء، وكتابه خاتم الكتب، وشريعته خاتمة الشرائع، فلابدّ أن يضع لكلّ مشكلة اجتماعية حلولا شرعية، يصون بها كرامة المؤمن والمؤمنة، وما المشكلة الجنسية عند الرجل والمرأة إلاّ إحدى هذه النواحي التي لا يمكن للدين الإسلامي أن يهملها، وعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه:
ماذا يفعل هؤلاء الطلبة والطالبات الذين لا يستطيعون القيام بالنكاح الدائم، وتمنعهم كرامتهم ودينهم عن التنقّل في بيوت الدعارة والفساد، والحياة الماديّة بجمالها تؤجّج نار الشهوة في نفوسهم؟ فمن المستحيل عادة أن يصون نفسه أحد إلاّ من عصمه الله، فلم يبق طريق إلاّ زواج المتعة، الذي يشكّل الحلّ الأنجع لتلافي الوقوع في الزنا، وتبقى كلمة الإمام علي بن أبي طالب ترنّ في الآذان محذّرة من تفاقم هذا الأمر عند إهمال العلاج الذي وصفه المشرّع الحكيم له، حيث قال عليه السلام:
«لولا نهي عمر عن المتعة لما زنى إلاّ شقيّ أو شقيّة»
وأمّا تشبيه المتعة بما جاء في الشعر فهو يعرب عن جهل الرجل بحقيقة نكاح المتعة وحدودها، فإنّ ما جاء فيه هي المتعة الدورية التي ينسبها الرجل (17) وغيره إلى الشيعة، وهم براء من هذا الإفك; إذ يجب على المتمتّع بها بعد انتهاء المدّة الاعتداد على ما ذكرنا، فكيف يمكن أن تؤجّر نفسها كلّ طائفة من الزمن لرجل؟! سبحان الله! ما أجرأهم على الكذب على الشيعة والفرية عليهم، وما مضمون الشعر إلاّ جسارة على الوحي والتشريع الإلهي، وقد اتّفقت كلمة المحدّثين والمفسّرين على التشريع، وأنّه لو كان هناك نهي أو نسخ فإنّما هو بعد التشريع والعمل.
الشبهة الرابعة: إنّ الآية منسوخة بالسنّة، واختلفوا في زمن نسخها إلى أقوال شتّى:
1 - أُبيحت ثمّ نهي عنها عام خيبر.
2 - ما أُحلّت إلاّ في عمرة القضاء.
3 - كانت مباحة ونهي عنها في عام الفتح.
4 - أُبيحت عام أوطاس ثمّ نهي عنها (18).
ويجاب عليها: هذه الأقوال تنفي الثقة بوقوع النسخ، كما أنّ نسخ القرآن بأخبار الآحاد ممنوع جدّاً، وقد صحّ عن عمران بن الحصين أنّه قال: «إنّ الله أنزل المتعة وما نسخها بآية أُخرى، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمتعة وما نهانا عنها، ثمّ قال رجل برأيه»، يريد به عمر بن الخطّاب.
إنّ الخليفة الثاني لم يدّع النسخ وإنّما أسند التحريف إلى نفسه، ولو كان هناك ناسخ من الله عزّ وجلّ أو من رسوله، لأسند التحريم إليهما، وقد استفاض قول عمر وهو على المنبر: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء.
بل نقل متكلّم الأشاعرة في شرحه على شرح التجريد أنّه قال: أيّها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا أنهى عنهنّ، وأُحرمهنّ، وأُعاقب عليهنّ: متعة النساء، ومتعة الحج، وحيّ على خير العمل (19).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد روي عن ابن عبّاس -وهو من المصرّحين بحلّية المتعة وإباحتها- في ردّه على من حاجّه بنهي أبي بكر وعمر لها، حيث قال: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر.
حتّى أنّ ابن عمر لمّا سئل عنها، أفتى بالإباحة، فعارضوه بقول أبيه، فقال لهم: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحقّ أن يتّبع أم أمر عمر؟
كلّ ذلك يعرب عن أنّه لم يكن هناك نسخ ولا نهي نبوي، وإنّما كان تحريماً من جانب الخليفة، وهو في حدّ ذاته يعتبر اجتهاداً قبالة النصّ الواضح، وهو ما انفكّ يعلن جملة من الصحابة رفضهم له وعدم إذعانهم لأمره، وإذا كان الخليفة قد اجتهد لأسباب رآها وأفتى على أساسها، فكان الأولى بمن لحقوه أن يتنبّهوا لهذا الأمر لا أن يسرفوا في تسويغه دون حجّة ولا دليل.
المنكرون للتحريم
ذكرنا أنّ مجموعاً من وجوه الصحابة والتابعين أنكروا هذا التحريم ولم يقرّوا به، ومنهم:
1 - عليّ أمير المؤمنين عليه السلام، فيما أخرجه الطبري بالإسناد إليه أنّه قال: «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقيّ» (20).
2 - عبد الله بن عمر، أخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر، قال -وقد سئل عن متعة النساء-: والله ما كنّا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زانين ولا مسافحين، ثمّ قال: والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ليكوننّ قبل يوم القيامة المسيح الدجّال وكذّابون ثلاثون وأكثر» (21).
3 - عبد الله بن مسعود، روى البخاري عن عبد الله بن مسعود، قال: كنّا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن تنكح المرأة بالثوب إلى أجل معيّن، ثمّ قرأ علينا: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرّمُوا طَيّباتِ ما أَحَلَّ الله لَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إنَّ الله لا يُحِبُّ المُعْتَدينَ» (22). (23).
4 - عمران بن حصين، أخرج البخاري في صحيحه عنه، قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم ينزل قرآن يحرّمها، ولم ينه عنها حتّى مات. قال رجل برأيه ما شاء (24).
أخرج أحمد في مسنده عن أبي رجاء عن عمران بن حصين، قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم تنزل آية تمنعها، ولم ينه عنها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حتّى مات (25).
5 - كما أنّ الخليفة العباسي المأمون أوشك أن ينادي في أيام حكمه، بتحليل المتعة إلاّ أنّه توقّف خوفاً من الفتنة وتفرّق المسلمين. قال ابن خلّكان، نقلا عن محمّد بن منصور: قال: كنّا مع المأمون في طريق الشام فأمر فنودي بتحليل المتعة، فقال يحيى بن أكثم لي ولأبي العيناء: بكّرا غداً إليه فإن رأيتما للقول وجهاً فقولا، وإلاّ فاسكتا إلى أن أدخل، قال: فدخلنا عليه وهو يستاك ويقول وهو مغتاظ: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى عهد أبي بكر رضي الله عنه وأنا أنهى عنهما، ومن أنت يا جعل حتّى تنهى عمّا فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر رضي الله عنه؟! فأومأ أبو العيناء إلى محمّد بن منصور وقال: رجل يقول: من عمر بن الخطاب، نكلّمه نحن؟ فأمسكنا، فجاء يحيى بن أكثم فجلس وجلسنا، فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيّراً؟ فقال: هو غمّ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام، قال: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا؟! قال: نعم، المتعة زنا، قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله عزّ وجلّ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ) إلى قوله: (والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون*إلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيرُ ملومين*فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذَلِكَ فَأُوْلئِكَ هُمُ العادُونَ) (26) يا أمير المؤمنين زوج المتعة ملك يمين؟ قال: لا، قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها؟ قال: لا، قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين (27).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: هل عزب عن ابن أكثم -وقد كان ممّن يكنّ العداء لآل البيت- أنّ المتعة داخلة في قوله سبحانه: (إلاّ على أزواجهم) وانّ عدم الوراثة تخصيص في الحكم، وهو لا ينافى ثبوتها، وكم لها من نظير، فالكافرة لا ترث الزوج المسلم، وبالعكس، كما أنّ القاتلة لا ترث وهكذا العكس، وأمّا الولد فيلحق قطعاً، ونفي اللحوق ناشئ إمّا من الجهل بحكمها أو التجاهل به.
وما أقبح كلامه حيث فسّر المتعة بالزنا وقد أصفقت الأُمّة على تحليلها في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والخليفة الأوّل، أفيحسب ابن أكثم أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حلّل الزنا ولو مدَّة قصيرة؟!
كبرت كلمة تخرج من أفواههم
وهناك روايات مأثورة عن الخليفة نفسه، تعرب عن أنّ التحريم كان من صميم رأيه، من دون استناد إلى آية أو رواية،:
- فقد روى مسلم في صحيحه: عن ابن أبي نضرة قال: كان ابن عبّاس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فذكر ذلك لجابر، فقال: على يدي دار الحديث: تمتّعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا قام عمر قال: إنّ الله كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء، فأتمّوا الحجّ والعمرة وأبتّوا نكاح هذه النساء، فلئِن أُوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته بالحجارة (28).
- وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي نضرة قال: قلت لجابر: إنّ ابن الزبير ينهى عن المتعة، وانّ ابن عبّاس يأمر بها، فقال لي: على يدي جرى الحديث: تمتّعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع أبي بكر، فلمّا ولّي عمر خطب الناس فقال: إنّ القرآن هو القرآن، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الرسول، وإنّهما متعتان كانتا عَلى عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إحداهما متعة الحج والأُخرى متعة النساء (29).
وهذه المأثورات تعرب جملة من الملاحظات نجملها بملاحظتين اثنتين:
أوّلا: أنّ المتعة كانت باقية على الحلّ إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وبقيت لوقت في أيامه حتى نهى عنها ومنع.
وثانياً: أنّه باجتهاده قام بتحريم ما أحلّه الكتاب والسنّة، ومن المعلوم أنّ اجتهاده -لو صحّت تسميته بالاجتهاد- حجّة على نفسه لا على غيره.
وفي الختام نقول:
إنّ الجهل بفقه الشيعة أدّى بكثير من الكتّاب إلى التقوّل على الشيعة، وخصوصاً في مسألة المتعة التي نحن في صدد الحديث عنها، بجملة منكرة من الآراء والأحكام تدلّ على جهل مطبق أو خبث سريرة لا يدمغ، ومن هذه الأقوال:
إنّ من أحكام المتعة عند الشيعة أنّه لا نصيب للولد من ميراث أبيه، وأنّ المتمتَّع بها لا عدّة لها، وأنّها تستطيع أن تنتقل من رجل إلى رجل إن شاءت. ومن أجل هذا استقبحوا المتعة واستنكروها وشنَّعوا على من أباحها.
وقد خفي الواقع على هؤلاء، وانّ المتعة عند الشيعة كالزواج الدائم لا تتم إلاّ بالعقد الدالّ على قصد الزواج صراحة، وانّ المتمتَّع بها يجب أن تكون خالية من جميع الموانع، وانّ ولدها كالولد من الدائمة من وجوب التوارث، والإنفاق وسائر الحقوق الماديّة، وانّ عليها أن تعتدّ بعد انتهاء الأجل مع الدخول بها، وإذا مات زوجها وهي في عصمته اعتدّت كالدائمة من غير تفاوت، إلى غير ذلك من الآثار (30).
على أنّ الأمر الذي ينبغي الالتفات إليه وإدراكه بوضوح، أنّ الشيعة ورغم إدراكهم وإيمانهم بحلّية زواج المتعة وعدم تحريمه -وهو ما يعلنون عنه صراحة ودون تردد- إلاّ أنّهم لا يلجأون إلى هذا الزواج إلاّ في حدود ضيّقة وخاصّة، وليس كما يصوّره ويتصوره البعض من كونه ظاهرة متفشية في مجتمعهم وبشكل مستهجن ممجوج.
بعض المسائل الشرعية حول لزواج المؤقت:
1 - يحلّ زواج المتعة اذا صدر الايجاب من المرأة فقالت زوجتُك نفسي أو أنكحتُك نفسي وصدر القبول من الزواج فقال قبلت النكاح أو قبلت الزواج، وقد ذكر المهر في العقد وذكر الأجل الذي ينتهي به عقد زواج المتعة، بشرط أن تكون المرأة غير مزوّجة وغير معتدّة. فان حصلت الامور المتقدمة صار الزواج صحيحاً كالزواج الدائم الا أن زواج المتعة يفترق عن الدائم بذكر مدّة له كعشرة سنين.
2 - يحرم عقد المتعة في الصور التالية:
أ - على الكافرات غير الكتابيات (أي الملحدات).
ب- على الأمة الداخلة على الحرة من دون اذن الحرّة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ج- على بنت أخ الزوجة وعلى بنت أخت الزوجة من دون إذن العمة أو الخالة التي هي زوجة للزوج من الأول.
د- إذا كانت مشهورة بالزنا، فإن بعض العلماء يحرّم التمتع بها من باب الاحتياط الواجب.
3 - يجوز للمرأة الشابة غير المتزوجة أن تتزوج متعة وتشترط عدم الدخول بها، ولكن إنما يجوز لها أصل الزواج باذن الأب أو الجدّ للاب إذا كانت باكراً.
4 - يجوز أن يكون المهر عملاً كخياطة ثوب أو تعليم كتابة ونحوها، كما يجوز أن يكون حقّاً قابل الانتقال كحقّ التحجير. فإن كان المهر في عقد المتعة طلباً أو شرطاً يؤول الى العمل أو الحق فهو جائز بشرط أن يكون العمل والحق معيناً.
5 - كلٌّ من الزواج الدائم وزواج المتعة شرعي، فإن زواج المتعة فيه دليل قرآني قال تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة).
أ - إلا أن زواج المتعة له أجل والدائم ليس له أجل.
ب- وأن الزواج الدائم يحتاج إلى طلاق لأجل الفراق، بينما لا يحتاج زواج المتعة إلى الطلاق بل ينتهي بانتهاء أمده.
ج- ولا يوجد في زواج المتعة توارث إلا مع الاشتراط.
د- ولا تجب نفقة الزوجة على زوجها في المتعة إلا مع اشتراط ذلك. وهذا الأمران الأخيران (ج و د) قد يحصلان في الزواج الدائم أيضاً حيث أن المرأة الكافرة لا ترث زوجها المسلم مع أنها زوجة له دائمية، وكذا القاتلة فإنها لا ترث زوجها المسلم مع أنها زوجة دائمة. وكذا فإن الزوجة الناشزة لا نفقة لها مع أنها زوجة دائمة.
أما العدّة فهي لازمة في النكاح الدائم والنكاح المنقطع معاً.
--------------------------------------------------------------------------------
هوامش
(1) لاحظ الكتب الفقهية للشيعة الإمامية في ذلك المجال.
(2) النساء: 23 - 24.
(3) النساء: 3.
(4) النساء: 4.
(5) النساء: 25.
(6) المؤمنون: 6.
(7) مسند أحمد 4: 436.
(8) تفسير الطبري 5: 9.
(9) أحكام القرآن 2: 178.
(10) السنن الكبرى 7: 205.
(11) الكشاف 1: 360.
(12) جامع أحكام القرآن 5: 13.
(13) مفاتيح الغيب 3: 267.
(14) تفسير المنار 3: 17.
(15) المؤمنون: 5 - 7.
(16) تفسير المنار 5: 13.
(17) لاحظ كتابه: السنّة والشيعة: 65 - 66.
(18) لاحظ للوقوف على مصادر هذه الأقوال، مسائل فقهية لشرف الدين: 63 - 64، الغدير 6: 225، أصل الشيعة وأُصولها: 171، والأقوال في النسخ أكثر مما جاء في المتن.
(19) مفاتيح الغيب 10: 52 - 53، شرح التجريد للقوشجي: 484 ط إيران.
(20) الطبري، التفسير 5: 9.
(21) مسند أحمد 2: 95.
(22) المائدة: 87.
(23) صحيح البخاري، كتاب النكاح 7: 4، الباب 8: الحديث 3.
(24) صحيح البخاري 6: 27، كتاب التفسير، تفسير قوله تعالى: (فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ) من سورة البقرة.
(25) مسند أحمد، ولاحظ مسائل فقهيّة للسيد شرف الدين: 70.
(26) المؤمنون: 1 - 7.
(27) ابن خلّكان: وفيات الأعيان 6: 149 - 150.
(28) مسلم: الصحيح 4: 130، باب نكاح المتعة الحديث 8، طبع محمد علي صبيح.
(29) أحمد، المسند 1: 52.
(30) محمّد جواد مغنية، الاثنا عشرية وأهل البيت: 46.
هذا البحث نقلته للقراء من من موقع الكوثر.
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 03:45 ص]ـ
أرجو من الأخوة قراءة هذا البحث بكل موضوعية بعيدا عن روح التعصب والتحامل على الآخرين دون وجه حق.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 05:40 ص]ـ
الأستاذ/عاشق جمال الفصحى
أعجبني صبرك على طول البحث، وكنت أتمنى أن يكون هذا التطويل في غير هذا الموضوع، وأقوالك التي تنسبها إلى بعض أئمة السنة فيها نظر، لأن هذه المسألة معروفة عند عامة السنة وجميع فرق المسلمين فضلا عن علمائهم.
ولاتستغرب عندما أقول لك: زواج المتعة هو عين الزنا، بل هو شر من الزنا، لأن قباحة الزنا متوقفة على الزناة، وغالبا مايكون مستهجنا ومرفوضا عند ذوي الزناة، بينما قباحة زواج المتعة تمتد إلى ذويهم لسابق العلم بهذا الزواج الباطل!
نعم كان زواج المتعة مباحا وهو من العادات المتأصلة عند العرب في الجاهلية، والتدرج بتحريمه له مثيل بتحريم الخمر، ثم لم يبق إلا زواج الإسلام المعروف، لأن فيه حفظ وصيانة للأعراض وحماية للحقوق.
وليت شعري مافائدة تحديد الزواج بأربع نساء إذا كان مثل هذا الزواج مباحا؟ ومافائدة قول الرسول عليه السلام لمن لم يستطع الباءة وأمره له بالصوم ووصفه بأنه وِجاء؟ وِجاءٌ من ماذا إن لم يكن عن مثل هذه الزيجات الباطلة؟
هذا الزواج محرم عند جميع طوائف المسلمين إلا الشيعة، وها أنت تقول: إلاّ أنّهم لا يلجأون إلى هذا الزواج إلاّ في حدود ضيّقة وخاصّة.
أقول: هذا اللجوء الاضطراري له شبيه في إباحة أكل الميتة عند الضرورة، والجامع بينهما القباحة والنتن!
أليس هذا تشبيه موضوعي؟
ونحن نعلم طرق هذا الزواج عن دراية ومعايشة، فكيف تريد تبرير زواج بربع دينار يتم بلا عقد ولاشهود ولا ولي ولا إشهار؟
أنا على يقين بأن أكثر عقلاء الشيعة يرفضون هذا الزواج ولا يرضونه لبناتهم لأن فطرة الكرامة والغيرة الإنسانية وشيم الرجال تأباه وترفضه، لأن الزوجة بزواج المتعة "زوجة مستأجرة" ليس لها أحكام الحرة ولا الأمة!، فكيف بموانع الدين؟
الكلام في بطلان وتحريم هذا الزواج مفروغ منه، ولا أرغب بحشد أقوال العلماء على مر الدهور فيه، وخير الكلام ماقل ودل، وإن كان بعض الشيعة يرون تحليله ومشروعيته فهذا أمر خاص بالشيعة ولايمثل بقية طوائف المسلمين، قد أتفق معك على هذا، أما غيره ... فلا
أقول هذا مع تقديري الكامل لشخصك الكريم، إنما قولي منصب على ماتقول فحسب ...
دمت بخير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 06:29 ص]ـ
أخي المشرف الفاضل
ما نقله الأخ عاشق جمال الفصحى من موقع الكوثر معروف لنا تماما----وهو كلام مخالف لما هدفت إليه أو لما يهدف إليه موقعنا المبارك والذي يهتم بالنواحي اللغوية والبلاغية لا بالنواحي الفقهية المجردة
إنّ النواحي الفقهية لها اصول تناقش بحسبها
إننا ننتظر الأخ عاشق جمال الفصحى أو الأخ الدكتور الفاضل أباطالب ليدلي كل منهما بدلوه في قضية بسيطة جدا وهي
هل تحتمل اللغة أن يكون معنى الجملة القرآنية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)
تزوجوا زواج متعة وادفعوا لهن مقابل متعتكم؟؟
ـ[أبو سارة]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 06:47 ص]ـ
الأستاذ الشرباتي سلمه الله
اختصاص الفصيح باللغة وفنونها ليس معناه عدم حمله هوية دينية ثابته، وأنت تعلم هذا الأمر جيدا.
والموضوع الذي ذكره عاشق جمال الفصحى لايمت للغة والبلاغة بشيء، وما هو إلا رد على قولكَ: ذلك الزواج المؤقت---والذي ينافح عنه مفسروا الشيعة.
أنت المستورد وهو المصدِّر وكلامي "رسوم تصدير واستيراد".
دمت بخير
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 02:43 م]ـ
سلمت لنا أخي المشرف الفاضل
وما زلت مستفهما ممن هو أعلم منّي---
هل تحتمل اللغة وأساليبها أن يكون معنى الجملة القرآنيّة (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)
---أحلّ لكم زواج المتعة فإذا نلتم مرادكم فاعطوهنّ أجورهن؟؟
هل يستقيم هذا المعنى من حيث اللغة؟؟
وهل يعطى الأجر للمتمتع بها بعد الإستمتاع أم قبله؟
حسب الآية فإن الأجر يعطى بعد تحقق المتعة-- هذا إن كانت تشير إلى زواج المتعة---ولربما يحدث أن يدعي متمتع بأنّه لم يحقق متعة ويستنكف عن الأجرة متذرعا بالآية
إشكالات كبيرة عند من أقحم زواج المتعة في هذه الآية
ومنها أنّ الزواج الدائم لا يشترط فيه المهر---لأن الآية هذه خاصة بزواج المتعة--فالأجرة أو المهر في الآية على زواج المتعة--فأين إذن الآية التي توجب المهر في الزواج العادي؟؟
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 07:04 م]ـ
الأخ العزيز جمال:
شخصيا أنا لا أحب في مثل هذه القضايا, وأحاول جاهدا عدم الدخول في المواضيع الخلافية بين الفرق الإسلامية.
أنا أتيت إلى منتدى الفصيح للاستفادة من علوم اللغة العربية وللتعمق بشكل أقوى في جوانب الإعجاز اللغوي والبلاغي في القرآن الكريم.
بالنسبة للقضايا الخلافية, أحب أن أكون محايدا فيها, لأنني لا أحب الخوض فيها, حيث أنها لا تمثل لي أي لون من ألوان اهتماماتي.
أخي العزيز جمال:
أشكر لك دعوتك, ولكنني اعتذر عن الدخول في مثل هذه المشاركات وغيرها.
سأكون سعيدا في استجابة دعوتك في غير هذه المشاركات.
لك خالص الحب, سائلا لك أن يرعاك بعين رعايته.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 08:43 م]ـ
الأخ الدكتور المحترم
أشكر لك هذا الرد الذي فهمته تمام الفهم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 03:09 ص]ـ
الأخ الحبيب جمال ..
تقول - حفظك الله: هل تحتمل اللغة وأساليبها أن يكون معنى الجملة القرآنيّة " فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً " --- أحلّ لكم زواج المتعة فإذا نلتم مرادكم فاعطوهنّ أجورهن؟؟ هل يستقيم هذا المعنى من حيث اللغة؟؟
فنقول - والله تعالى أعلم: إن اللغة لا تحتمل ذلك البتّة!
ناهيك عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن هذا النوع من النكاح، فكان حراماً على التأبيد.
كما صحّ ذلك من حديث علي - كرم الله وجهه - قال: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ". وهو في الصحيحين.
وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة: " يأيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء والله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً ".
ولغة القرآن الكريم لم تحلّ زواج المتعة من وجهين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: أن حُجّة من قال بأن الآية نزلت في نكاح المتعة، هو التعبير بلفظ (الأجور)، حيث إنه يدلّ على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة لأن الصداق لا يُسمّى أجراً.
وهذا لا يكون أبداً.
والدليل على ذلك أن القرآن الكريم جاء فيه تسمية الصداق أجراً في موضع لا نزاع فيه، وهو قوله تعالى: " فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " (النساء: 25)، أي: مهورهنّ، بلا نزاع.
ومثله قوله تعالى: " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " (المائدة: 5)، أي: مهورهنّ.
فاتّضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة.
فالصداق لمّا كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة كما صرّح به تعالى في قوله: " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ " (النساء: 21)، صار له شبه قويّ بأثمان المنافع فسمّى أجراً.
ولذلك قال الإمام مالك رضي الله عنه: النكاح أشبه شيء بالبيوع، لما فيه من أحكام البيوع، وهو وجوب العِوَض وتعريفه وإبقاؤه وردّه بالعيب والقيام فيه بالشفعة إلى غير ذلك من أحكامه.
وهذا المعنى تدلّ له آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ " (النساء: 21). فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرّح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملاً هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله تعالى: " فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ "، وقوله تعالى: " وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً " (النساء: 4)، وقوله: " وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا " (البقرة: 229).
والثاني: لأن الله تعالى ذكر المحرمات في النكاح المتعارف، ثم ذكر أنه أحلّ ما وراء ذلكم، أي في هذا النكاح نفسه.
وقد صرّح سبحانه وتعالى بأنه يجب حفظ الفرج عن غير الزوجة والسرية في قوله عزّ من قائل: " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ " (المؤمنون: 5 - 6). ثم صرّح بأن المبتغي وراء ذلك من العادين، بقوله: " فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ". ومعلوم أن المستمتع بها ليست مملوكة ولا زوجة، فمبتغيها إذن من العادين بنصّ القرآن.
أما كونها غير مملوكة فواضح، وأما كونها غير زوجة فلانتفاء لوازم الزوجية عنها كالميراث والعدّة والطلاق والنفقة. ولو كانت زوجة لورثت واعتدّت ووقع عليها الطلاق ووجبت لها النفقة كما هو ظاهر.
والله تعالى أعلم
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 06:10 ص]ـ
آية المتعة في الكتاب العزيز:
(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، كتاب الله عليكم، وأحل لكم ما وراء ذلكم، أن تبتغوا بأموالكم، محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن، فآتوهن أجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، إن الله كان عليما حكيماً النساء (24).
فعن ابن عباس، قال: «كانت المتعة في أول الإسلام، وكانوا يقرأون هذه الآية: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج إلخ .. » (1).
نتبيه:
" إلى أجل مسمى " تفسير وليست جزء من الآية.
قال القرطبي وغيره: «قال الجمهور المراد نكاح المتعة، الذي كان في صدر الإسلام» (2).
وهذا اعتراف صريح من بعض كبار علماء التفسير.
وفي نص آخر: وحكي نزول الآية في المتعة أيضاً عن: حبيب بن أبي ثابت، ومجاهد، والسدي، والحكم بن عتيبة (3).
(1) فتح القدير ج 1 ص 455 عن الطبراني والبيهقي في سننه.
(2) الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 130، ومع القرآن للباقوري ص 167 وعبارته: [جمهور أهل العلم .. ] والغدير ج 6 ص 235، وفتح القدير ج 1 ص449.
(3) راجع في ذلك: وفي قراءة الآية بإضافة كلمة: «إلى أجل» عن واحد أو أكثر ممن تقدمت أسماؤهم المصادر التالية: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 1 ص 474، والدر المنثور ج 2 ص 140 عن الطبراني وعبد بن حميد وابن الأنباري وأبي داود وغيرهم، ونفحات اللاهوت ص 99.
---
في السنة:
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وغيرهما واللفظ للأوّل، قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمراً، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثمّ ذكروا المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر (1).
وفي لفظ أحمد بعده: حتى إذا كان في آخر خلافة عمر.
وفي بداية المجتهد: ونصفاً من خلافة عمر، ثمّ نهى عنها عمر الناس (2).
- صحيح مسلم، كتاب النكاح: 1023 ح1405; وبشرح النووي 9: 183; ومسند أحمد 3: 380; ورجال أحمد رجال الصحيح; وأبو داود في باب الصداق تمتّعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى عنها عمر; وراجع عمدة القاري للعيني 8: 310.
2 - بداية المجتهد لابن رشد 2: 63.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 06:14 ص]ـ
أخي لؤي
المتعة التي لدى الشيعة فيها عدة شرعية وكتب علمائهم تشهد بذلك.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 08:40 ص]ـ
قال الطبري
(وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَتهمَا: " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " فَقِرَاءَة بِخِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يُلْحِق فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى شَيْئًا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْخَبَر الْقَاطِع الْعُذْر عَمَّنْ لَا يَجُوز خِلَافه.)
فما روي عن إبن عباس (إِلَى أَجَل مُسَمًّى) قراءة وليست تفسيرا---وهي قراءة غير معتبرة--اضطر القائلون بزواج المتعة إلى زعمها ليستقيم لهم القول بأنّ الآية موضوعها زواج المتعة--وذلك بسبب أنّ الآية كما هي في المصاحف لا تسعفهم في زعمهم
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 10:39 ص]ـ
http://www.yazeinab.org/arabic/aqaed/books/02/zj-motaa1/index.html
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 12:08 م]ـ
الأخ العاشق
لسنا مهتمين إلّا في الناحية اللغوية--فإن كان عندك ما تضيفه فأنا سعيد بقراءته---أمّا مواقعكم حول زواج المتعة فنحن نعرفها ونعرف ما فيها
إهتمامي هو في إجابة هذا السؤال"
هل تحتمل اللغة أن يكون معنى الآية المذكورة زواج المتعة؟؟
أنا أقول لا تحتمل---ومن فسرها بذلك فقد تعسّف
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 02:02 م]ـ
الأخ عاشق جمال الفصحى
إن مسألة ما تسمّيه بـ"نكاح المتعة" أمر مفروغ من تحريمه عندنا ..
ومداخلتي كانت لبيان تأييد اللغة لهذا التحريم.
أما ما أوردته عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، بأنه كان يقرأ (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)، وأن هذا يدلّ على أن الآية في نكاح المتعة، فقد أجاب عليه الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله من وجوه:
الأول: أن قولهم إلى أجل مسمى لم يثبت قرآناً لإجماع الصحابة على عدم كتبه في المصاحف العثمانية، وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرآن ولم يثبت كونه قرآناً لا يُستدلّ به على شيء لأنه باطل من أصله لأنه لم ينقله إلا على أنه قرآن فبطل كونه قرآناً ظهر بطلانه من أصله.
الثاني: أنا لو مشينا على أنه يحتجّ به كالاحتجاج بخبر (الآحاد) كما قال به قوم أو على أنه تفسير منهم للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه لأن جمهور العلماء على خلافه. ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة وصرّح صلى الله عليه وسلم بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه.
الثالث: أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن الآية تدلّ على إباحة نكاح المتعة فإن إباحتها منسوخة كما صحّ نسخ ذلك في الأحاديث المتفق عليها عنه صلى الله عليه وسلم وقد نسخ ذلك مرتين: الأولى يوم خيبر كما ثبت في الصحيح والآخرة يوم فتح مكة كما ثبت في الصحيح أيضاً.
ينظر: أضواء البيان، ج1، ص322 - 324.
وجاء في (روائع البيان) للصابوني: أن المتعة كانت جائزة في صدر الإسلام، ثم نسخت واستقرّ على ذلك النهي والتحريم، وما رُوي عن ابن عباس من القول بحلها فقد ثبت رجوعه عنه كما أخرج الترمذي عنه رضي الله عنه، أنه قال: " إنما كانت المتعة في أول الإسلام. كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوّج المرأة بقدر ما يرى أنه مقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه "، حتى نزلت الآية الكريمة: " إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ "، فكل فرج سواهما فهو حرام.
فقد ثبت رجوعه عن قوله وهو الصحيح، وحكي أنه إنما أباحها حالة الاضطرار والعنت في السفر فقد روى عن ابن جبير أنه قال: قلت لابن عباس: لقد سارت بفتياك الركبان وقال فيها الشعراء، قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلسه --- يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة --- تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال: سبحان الله ما بهذا أفتيت. وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير، ولا تحلّ إلا للمضطر.
ومن هنا قال الحازمي: إنه صلى الله عليه وسلم لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم، وإنما أباحها لهم في أوقات بحسب الضرورات، حتى حرّمها عليهم في آخر الأمر تحريم تأبيد.
ينظر: روائع البيان، ج1، ص457 - 459.
وكما ذكر الأخوان العزيزان أبو سارة وجمال، فإننا عالجنا القضية من ناحية لغوية، أما الناحية الفقهية فإن لعلمائنا الأفذاذ ما فيه البيان الكافي لتحريم هذا النكاح ..
فنرجو منكم الرجوع إلى ما جاء في مجلداتهم .. فإن فيها ما يشفي غليل السائل والمستفسر.
ودمتم سالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 03:05 م]ـ
إن الروايات التي ذكرها العلماء الذين قالوا بتحريم المتعة لم تثبت لدينا, ويمكن قراءة الرد العلمي عليها في الوصلة السابقة وغيرها, ولكن بروح الشخص الباحث عن الحقيقة لا بروح الشخص المتعصب لرأيه.
صحيح البخاري نفسه أن الرسول مات ولم يحرم المتعة:
(4402) ــ حدَّثنا مسدِّدٌ حدَّثنا يحيى عن عِمرانَ أبي بكر حدَّثنا أبو رجاءٍ عن عِمرانَ بن حُصينٍ رضي الله عنه
قال: «أنزلَت آية المتعةِ في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُنزَلْ قرآنٌ يُحرِّمه، ولم يَنهَ عنها حتى مات، قال رجلٌ برأيهِ ما شاء».
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 03:06 م]ـ
إن الروايات التي ذكرها العلماء الذين قالوا بتحريم المتعة لم تثبت لدينا, ويمكن قراءة الرد العلمي عليها في الوصلة السابقة وغيرها, ولكن بروح الشخص الباحث عن الحقيقة لا بروح الشخص المتعصب لرأيه.
في صحيح البخاري نفسه أن الرسول مات ولم يحرم المتعة:
(4402) ــ حدَّثنا مسدِّدٌ حدَّثنا يحيى عن عِمرانَ أبي بكر حدَّثنا أبو رجاءٍ عن عِمرانَ بن حُصينٍ رضي الله عنه
قال: «أنزلَت آية المتعةِ في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُنزَلْ قرآنٌ يُحرِّمه، ولم يَنهَ عنها حتى مات، قال رجلٌ برأيهِ ما شاء».
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 08:59 م]ـ
الأخ عاشق جمال الفصحى ..
عجبت من دعوتك لنا بقراءة الردّ العلمي على الروايات التي ذكرها العلماء الذين قالوا بتحريم المتعة .. وكأني أراك تزعم أن رأينا لا يعتمد على العلم ..
ثم عجبت من دعوتك الثانية لنا بقراءة البحث بروح الشخص الباحث عن الحقيقة لا بروح الشخص المتعصب لرأيه .. وكأني أراك تزعم أننا متعصّبون لرأينا .. وأن منبع الحقيقة ليس إلا في رأيكم ..
ولا أرى أن أحداً من المشاركين كان متعصّباً في رأيه كتعصّبك أنت في هذه الدعوة ..
ولقد رجعنا حقاً إلى البحث المزعوم بعنوان (زواج المتعة - تحقيق ودراسة) للسيد جعفر مرتضى الحسيني العاملي. وأخذنا ما زعمه من ردود الشيعة على روايات أهل السنّة في نسخ نكاح المتعة ووصفه لهذه الردود بأنها ناقشت الروايات متناً وسنداً. ونظرنا في الأمثلة التي ذكرها فما رأينا فيها نقداً لا لسند ولا لمتن حديث بعينه .. دع عنك ما زعمه الكاتب العاملي أنهم أثبتوا بالمنطق السليم أنها موضوعة على الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.
ثم وعجب بعد عجب أويحسب الكاتب نفسه يؤلف بحثاً للعامّة .. أم يستخفّ بقراء بحثه؟
لا أشك في أن من يقرأ بحثاً كهذا أنه قد ارتقى من درجة العامّي الذي لا يعلم شيئاً من شؤون العلماء إلى درجة من درجات العلم ..
ومهما كانت هذه الدرجة من العلم فإنه لا يخفى على صاحبها أن ورود أحاديث كثيرة تنصّ على أن تحريم المتعة يوم خيبر وفي بعضها في غزوة تبوك وفي بعضها في حجّة الوداع إلى آخر هذه الأحاديث .. لا يعني تناقضها، وإنما يعني تكرّر التنبيه على تحريم المتعة عدد هذه المرات.
ولكن الرجل يحسب أنه وهو يسوق عباراته قد عثر على حُجّة له فإذا هي عليه ..
ولا أظنّه يخفى عليه هذا ولكنه ما ذكرنا ..
أما ذكره من أن روايات النسخ ليست بحُجّة لأنها من أخبار الآحاد، فنقول له: أوتظنّ أنت أن إثبات المتعة ثبت بالتواتر حتى تطلب ناسخاً متواتراً؟
إن زعمت أن الآية تنصّ على ذلك فلا يسلّم لك ذلك عاقل إذ الخلاف في المراد بها مشهور، وأنت نفسك قلت إن المفروض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بزواج المتعة باتفاق المسلمين.
إذاً فليست الآية دليلاً قاطعاً لكم ولا لنا، وإنما مرجعنا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولننظر بعد هذا في أحاديثه عليه الصلاة والسلام.
قال أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي: كل من نقل إباحة المتعة، نقل تحريمها أيضاً. وحصلت رواية التحريم عن غير من نقل الإباحة زيادة عليها. فإن كانت إباحتها بنقل من نقل من حيث الإجماع، فتحريمها أيضاً من حيث الإجماع، لأن ما ثبت به الإباحة ثبت به التحريم. (رسالة تحريم نكاح المتعة، ص123).
ودونك أحاديثه الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم .. اقرأها بتمامها وسترى ما نقول.
أما إن أغلقت عيناً وفتحت عيناً فإنك لن ترى الحقيقة كاملة، إن كانت الحقيقة ضالّتك.
وأنصحك بقراءة: رسالة تحريم نكاح المتعة، لأبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي ..
فإنه يردّ فيها على مثل الدعاوى التي ادّعاها العاملي في خلاصة بحثه، حين يقول:
"" فنلخص من جميع ما تقدم: أن أياً مما ذكروه على أنه ناسخ لتشريع هذا الزواج الذي يثبت على سبيل القطع بالكتاب والسنة القطعية المتواترة، وبإجماع الأمة بأسرها، لا يصلح للناسخية أصلاً، وليس التعلق بأمثال هذه الأمور إلا محاولات تبرير موقف، لا أكثر ولا أقل ..
وسنذكر للقارئ الكريم عشرات من رجالات الإسلام، وعلماء المسلمين، فيهم طائفة من كبار الصحابة والتابعين وغيرهم ممن سجل لنا التاريخ أسماءهم ومن بينهم ثلاثة من أئمة المذاهب الأربعة، بالإضافة إلى أهل مكة والمدينة واليمن وأهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وشيعتهم .. كلهم قائلون بعدم نسخ تشريع زواج المتعة ولا نسخت آيته.
ولا يمكن أن نقبل مقولة نسخ هذا التشريع، وجهل كل هؤلاء بهذا النسخ، خصوصاً بالنسبة إلى ابن عباس ترجمان القرآن، وابن مسعود، وجابر. وبالأخص أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) أعلم الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
إلا أن يُدّعى: أن هؤلاء أيضاً يجهلون نسخ آية المتعة بالآيات المذكورة آنفاً، مع ما ذكرناه من مناقشات لا يمكن ردها، تؤكد على عدم صلاحيتها للناسخية أصلاً ..
وقديماً قيل: «حدث العاقل بما لا يليق له، فإن لاق له، فلا عقل له .. » ""
ودمت سالماً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القيصري]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 10:19 م]ـ
"لله .. ثم للتاريخ" لمؤلفه السيد حسين الموسوي من علماء النجف
ـ[القيصري]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 10:22 م]ـ
"لله .. ثم للتاريخ" لمؤلفه السيد حسين الموسوي من علماء النجف
الاخ العاشق
تحية طيبة وبعد
فاسمح لي باستعارة جملتكم لدعوتكم
لقراءة هذا الكتاب وبكل موضوعية بعيدا عن روح التعصب والتحامل على الآخرين دون وجه حق.
بانتظار الرد مع الشكر الجزيل مقدما.
الاطلاع على الكتاب من مكتبة مشكاة الاسلامية
شكرا لكم
القيصري
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 02:06 ص]ـ
الأخ القيصري ..
لو أن نصرانياً جاءك قائلاً إن ادعاء المسلمين بأن الكتاب المقدّس قد حُرّف وعُبث بنصوصه .. قول باطل ومرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه لا يستند إلى أي دليل علمي أو كتابي .. وما هذا القول إلا اتهام لا دليل له ..
فكيف ستحاوره؟
وما الذي ستقوله له؟
وهل أنك ستحيله إلى أحد كتب "البابا" ليستمدّ منه الدليل على خطأ منهجه؟
أم أنك ستطالبه بالنظر في القرآن والأحاديث الصحيحة وأقوال علمائك في ذلك؟
إذ إن ما تطالبنا به وما طالبنا به الأخ عاشق جمال الفصحى من قبل، هو عين إحالة هذا النصراني إلى كتب البابا!
ولقد قرأت ذات مرّة لأحد مفسّري الشيعة - وهو محمد جواد مغنية - قوله: " وهذه الروايات ونظائرها موجودة في أكثر صحاح السنّة وتفاسيرهم وكتبهم الفقهية، وعليه يكون النزاع في أنه: هل المراد بقوله تعالى: " فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً " الزواج الدائم فقط أو زواج المتعة فقط أو هما معاً، يكون هذا النزاع عقيماً لا جدوى منه، لأن النتيجة هي هي لا تختلف في شيء، سواء أقلنا: إن آية " فَمَا اسْتَمْتَعْتُم " عامّة للمتعة، أو قلنا: هي مختصّة بالزواج الدائم، إذ المفروض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بزواج المتعة باتفاق المسلمين، وأن كل ما أمر الرسول به فإن الله يأمر به أيضاً.
أجل بعد أن اتفق السنّة والشيعة على أن الإسلام شرع المتعة، اختلفوا في نسخها وتحريمها بعد الجواز والتحليل. قال السنّة: حُرّمت بعد أن كانت حلالاً .. وقال الشيعة: كانت حلالاً، ولا تزال إلى يوم القيامة .. وبديهة أن على السنّة أن يثبتوا النسخ والتحريم من الرسول صلى الله عليه وسلم "
(التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية، ج2، ص295.)
فالمؤلّف يقرّ بأن الخلاف في الآية المراد بها مشهور ..
وهو نفسه يقول: إن النزاع في المراد بالآية عقيم لا جدوى منه ..
ويقول أيضاً: وبديهة أن على السُنّة أن يثبتوا النسخ والتحريم من الرسول!
وما دام ذلك كذلك .. فيكون مرجعنا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولقد أوردنا في مشاركاتنا جزءاً من أحاديثه عليه الصلاة والسلام، والتي نهى فيها عن نكاح المتعة ..
وإن في (رسالة تحريم نكاح المتعة، لأبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي) ما يشفي الغليل في تخريج الأحاديث ..
فإن أنتم لم تؤمنوا بصحّة هذه الأحاديث وتواترها .. فهذا شأنكم ..
أما نحن فمؤمنون بصحّتها .. بحمد الله تعالى ..
ولا حُجّة لأحد بعد قول الله ورسوله ..
ودمتم سالمين
ـ[القيصري]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 06:59 ص]ـ
الاخ لؤي الطيبي
عذرا فانني لم افهم مقالتكم والسبب كما يبدو لي هو استعجالكم في الرد قبل الاطلاع على الكتاب المذكور.
قلت (فإن أنتم لم تؤمنوا بصحّة هذه الأحاديث وتواترها .. فهذا شأنكم .. )
والله لقد ارتكبت كبيرة في قولك هذا. من هم هؤلاء الانتم؟ وكيف استنتجت عدم ايماني باحاديث الرسول الكريم.
بانتظار الرد بعد ان تقرا الكتاب.
القيصري
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 02:08 م]ـ
أنا أردّ عليك يا أخ القيصري---وأطلب السماح منك فما أظنّ إلّا أنّ الأخ لؤي قد ظنّ أنّك أحلته على أحد الكتب المنافحة عن الشيعة فكتب ما كتب شاملا حضرتك في ما كتب
الكتاب (لله .. ثم للتاريخ" لمؤلفه السيد حسين الموسوي من علماء النجف) --كتاب جيد يوضح فيه أحد علماء الشيعة تجاوزات الشيعة في العديد من الأمور--ويظهر أنّ إسم المؤلف غير حقيقي --وما أعرفه عنه أنّه ملاحق منهم
ـ[أبو سارة]ــــــــ[17 - 09 - 2005, 03:25 م]ـ
الأستاذ لؤي الطيبي
رعاك الله ووقاك وسدد على طريق الخير خطاك.
الأستاذ /جمال
(يُتْبَعُ)
(/)
شكرا لك على رفع الالتباس، ويبدو أن الأستاذ لؤي لم يطلع على الكتاب، لأن الكتاب "مغمور" رغم شهرته.
وتحياتي للجميع
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 12:46 ص]ـ
أشكر للأخوين العزيزين جمال وأبي سارة حسن ظنّهما بي ..
وكنت أتمنى على الأخ القيصري - حفظه الله - أن يتريث قليلاً قبل أن يشرع بحكمه عليّ مقسماً بأنني ارتكبت كبيرة من الكبائر! والعياذ بالله. ولعلّه تعجّل في حكمه .. كما أنني تعجّلت في الردّ على مشاركته ..
ولكن .. الردّ على مشاركتك - أخي القيصري - كان قبل أن تقوم بتعديلها، حيث كنت أنا المخاطَب فيها ..
فنسأل الله لنا ولك العافية، والثبات على قول الحقّ ..
أما بالنسبة لقولك - حفظك الله: عذراً فانني لم أفهم مقالتكم ..
فأقول: اعلم أخي الكريم أن ما ضربتُه من مثل كان مقصوداً ..
فإنك حينما تحاور نصرانياً فإنه يستعين بكتب باباواته وعلمائه .. ثم يحيلك إلى ما يقوله القرآن عن كتابهم المقدس .. فهو يقرأ في كتب باباواته وعلمائه ما يفند دعاوى المسلمين بأن كتابهم المقدس محرّف ..
فيضرب لك مثلاً بأن القرآن يشهد لصحّة التوراة ويقرّ بأنها هدى من الضلالة ونور لبيان الأمور التي يحكم بها النبيون، ويستشهد بقوله تعالى: " إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " (المائدة: 44)
ويقول لك إن الإنجيل فيه هدى ونور وموعظة وأن القرآن جاء مصدّقاً لما قبله من الكتب السماوية، ويستشهد بقوله تعالى: " وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ " (المائدة: 46).
ويقول لك أيضاً إن القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم صدّق بما نزل قبله من الكتب السماوية، ويستشهد بقوله تعالى: " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " (المائدة: 48).
ويقول لك إن القرآن ذهب في تأييده للتوراة والإنجيل إلى حضّ أهل الكتاب على إقامة حدودهما، ويستشهد بقوله تعالى: " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " (المائدة: 68).
ويقول لك إن القرآن يحضّ أهل الإنجيل على التمسّك بما جاء في كتابهم، ويستشهد بقوله تعالى: " وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " (المائدة: 47)
وهكذا ..
ولكن هذا المسكين ومَن هم على شاكلته لا يقرأون ما أخفاه عنهم باباواتهم وعلماؤهم من أن القرآن يقرّ في الوقت نفسه بأن كتبهم محرّفة ..
فهم لا يجدون في كتب باباواتهم وعلمائهم، مثلاً قوله تعالى: " أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (البقرة: 75)
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يجدون فيها قوله تعالى: " وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (آل عمران: 78)
ولا يجدون فيها قوله تعالى: " فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ " (البقرة: 59)
ولا يجدون فيها قوله تعالى: " فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " (المائدة: 13)
وغيرها من الآيات الكريمات التي تشهد بأن كتب اليهود والنصارى محرّفة ..
وما ضربنا هذا المثل إلا للمقارنة ..
لأننا التمسنا في البحث الذي أورده لنا الأخ عاشق جمال الفصحى، وفي الكتاب الذي أحالنا إليه وغيرهما، نفس المنهج .. ذلك أن مؤلّفات الذين يدافعون عن نكاح المتعة تنتقي من صحيحي مسلم والبخاري الأحاديث التي تؤيّد نظرة مؤلّفيها .. في حين أنها لا تتعرّض للأحاديث التي تنهى عن هذا النوع من النكاح ..
ولذلك قلنا من قبل: إن مَن أغلق عيناً وفتح عيناً فإنه لن يرى الحقيقة كاملة، إن كانت الحقيقة ضالّته ..
وذكّرنا بما قاله أبو الفتح المقدسي: إن كل مَن نقل إباحة المتعة، نقل تحريمها أيضاً!
فكيف يستشهد هؤلاء بالأحاديث التي أباحت نكاح المتعة، ويتجاهلون الأحاديث التي حرّمته من بعد؟!
وهذا ما حسبناك أيضاً توجّهنا إليه ..
ولذلك لم نقم بالإطلاع على الكتاب المذكور ..
فإن أسأنا الفهم .. فنطلب منكم المعذرة والسماح ..
والسلام
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 05:48 ص]ـ
وجه المقارنة بين منهج النصارى ومنهج علماء خط أهل البيت عليهم السلام باطلة, فعلماؤنا يعرضون الأراء المخالفة والمؤيدة ويناقشونها, ولا يقتصرون على نقل الأراء المؤيدة, ومراجعة كتبهم تنفي هذا الادعاء.
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 05:54 ص]ـ
كرد على تفنيد أن علماء الإمامية ينقلون ما يوافق هواهم نقل هذا البحث للسيد ا علي الحسيني الميلاني في بحثه حول المتعة عند مناقشته أدلة التحريم:
النظر في أدلّة تحريم المتعة
لقد ذكروا في الدفاع عن عمر بن الخطاب وعن تحريمه للمتعة ثلاثة وجوه، ولم أجد أكثر من هذه الوجوه.
الوجه الاوّل:
إنّ المحرّم لمتعة النساء هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالمتعة كانت في حياته الكريمة محرّمة، إلاّ أنّه لم يقل بهذا الحكم الشرعي للناس ولم يعلنه، وإنّما أعلم به عمر بن الخطّاب فقط، فلمّا تولّى عمر الامر ـ أي أمر الخلافة ـ أعلن عن هذا الحكم.
هذا ما ينتهي إليه الفخر الرازي (1) بعد أنْ يحقّق في المسألة، ويشرّق ويغرّب، لاحظوا نصّ عبارته: فلم يبق إلاّ أن يقال: ـ أي الاقوال الاُخرى والوجوه الاُخرى كلّها مردودة في نظره ـ كان
____________
(1) تفسير الرازي 2/ 167.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 30
--------------------------------------------------------------------------------
مراده ـ أي مراد عمر ـ أنّ المتعة كانت مباحة في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأنا أنهى عنها، لما ثبت عندي أنّه ـ أي النبي ـ نسخها.
والاصرح من عبارته عبارة النووي (1) في توجيه هذا التحريم يقول: محمول ـ أي تحريمه للمتعة ـ على أنّ الذي استمتع على عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ، وإنّما بلغ النسخ عمر بن الخطّاب فقط.
وكأنّ رسول الله همس في أُذن عمر بن الخطّاب بهذا الحكم الشرعي، وبقي هذا الحكم عنده وحده إلى أن أعلن عنه في أواخر أيّام حياته.
مناقشة الوجه الاوّل:
أوّلاً:
(يُتْبَعُ)
(/)
إنّه يقول: وأنا أنهى عنهما، ولا يقول بأنّ رسول الله نسخ هذا الحكم وحرّمه وإنّي أُحرّم المتعة لتحريم رسول الله، يقول: أنا أنهى عنهما واُعاقب عليهما.
وثانياً:
هل يرتضي الفخر الرازي ويرتضي النووي ـ لاسيّما الفخر الرازي الذي يقول: لم يبق إلاّ أن يقال، الفخر الرازي الذي
____________
(1) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، على هامش القسطلاني 6/ 128.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 31
--------------------------------------------------------------------------------
يعترف بعدم تماميّة الوجوه الاُخرى وأنّ الوجه الصحيح عنده هذا الوجه، ولا طريق آخر لحلّ المشكلة ـ أن يكون الحكم الشرعي هذا لم يبلغ أحداً من الصحابة، ولم يبلّغه رسول الله إلى أحد منهم، وإنّما باح (صلى الله عليه وآله وسلم) به إلى عمر بن الخطّاب فقط، وبقي عنده، وحتّى أنّ عمر نفسه لم ينقل هذا الخبر عن رسول الله في تمام هذه المدّة؟ وما الحكمة في إخفاء هذا الحكم عن الامّة إلاّ عن عمر، حتى أظهره في أُخريات أيّامه؟
مضافاً، إلى أنّ رجلاً اسمه عمران بن سواده، يخبر عن عمر بن الخطّاب عمّا يقول الناس فيه، أي عن اعتراضات الناس وانتقاداتهم على عمر، يبلّغه بتلك الاُمور، يقول له: عابت أُمّتك منك أربعاً: ... وذكروا أنّك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله، نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث.
فالناس كلّهم كانوا يتكلّمون فيه، وقد أبلغ هذا الرجل كلام الناس إليه، فانظروا إلى جوابه:
قال عمر: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحلّها في زمان ضرورة ثمّ رجع الناس إلى سعة.
فكان رأياً منه ولم يكن رأياً من رسول الله حتّى يقول الفخر الرازي بأنّ هذا الحكم الشرعي ما سمع به إلاّ هذا الشخص وبقي
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 32
--------------------------------------------------------------------------------
عنده حتّى أعلن عنه.
هذه الرواية في تاريخ الطبري في حوادث سنة 23 هـ (1).
ولكن الاُمّة لم تقبل هذا العذر من عمر الذي قال بأنّ رسول الله أحلّها في زمان ضرورة ثمّ رجع الناس إلى سعة، لم تقبل الاُمّة هذا العذر من عمر، وبقي الاختلاف على حاله إلى يومنا هذا.
الوجه الثاني:
إنّ التحريم كان من عمر نفسه وليس من رسول الله، هذا التحريم كان منه، وهو مقتضى نصّ عبارته: وأنا أنهى عنهما.
ولكن تحريم عمر يجب اتّباعه وامتثاله وإطاعته وتطبيقه، لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ». هذا حديث نبوي، وينطبق هذا الحديث على فعل عمر، وحينئذ يجب إطاعة عمر فيما قال وفعل، فيما نهى وأمر.
يقول ابن القيّم: فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله وأبي بكر، حتّى نهى عنها عمر في شأن
____________
(1) تاريخ الطبري 4/ 225.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 33
--------------------------------------------------------------------------------
عمرو بن حريث، وفيما ثبت عن عمر أنّه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله؟
قيل في الجواب: الناس في هذا طائفتان، طائفة تقول: إنّ عمر هو الذي حرّمها ونهى عنها، وقد أمر رسول الله باتّباع ما سنّه الخلفاء الراشدون [إشارة إلى الحديث الذي ذكرته] ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سمرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح، فإنّه من رواية عبدالملك بن الربيع بن سمرة عن أبيه عن جدّه، وقد تكلّم فيه ابن معين، ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه مع شدّة الحاجة إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن القيّم: إنّ هذه الطائفة لم تعتبر هذا الحديث والبخاري لم يخرّجه في صحيحه، وتكلّم فيه ابن معين، لو كان صحيحاً لاخرجه البخاري مع شدّة الحاجة إليه وكونه أصلاً من أصول الاسلام، ولو صحّ عنده ـ عند البخاري ـ لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به، قالوا: ولو صحّ هذا الحديث لم يخف على ابن مسعود، حتّى يروي أنّهم فعلوها ويحتج بالاية [الاية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا ... )] وأيضاً لو صحّ لم يقل عمر إنّها كانت على عهد رسول الله وأنا أنهى عنها وأُعاقب، بل كان يقول: إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حرّمها ونهى عنها. قالوا: ولو صحّ لم تفعل على عهد
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 34
--------------------------------------------------------------------------------
الصدّيق وهو عهد خلافة النبوّة حقّاً.
فظهر أنّ هذا القول ـ أي القول بأنّ التحريم منه لا من الرسول ـ قول طائفة من العلماء، وهؤلاء لا يعتبرون الاحاديث الدالّة على تحريم رسول الله المتعة في بعض المواطن، كما سنقرأ تلك الاحاديث في القول الثالث، وقالوا بأنّ المحرِّم هو عمر، لكنّ تحريمه لا مانع منه وأنّه سائِغ وجائز، بل هو سنّة، ورسول الله أمر باتّباع سنّة الخلفاء الراشدين من بعده وهو منهم.
مناقشة الوجه الثاني:
في هذا الوجه اعتراف وإقرار بما يدلّ عليه كلام عمر حيث يقول: وأنا أنهى، وليس فيه أيّ تمحّل وتكلّف، أخذ بظاهر عبارته الصريحة في معناها، لكن في مقام التوجيه لابدّ وأن ينتهي الامر إلى رسول الله، وقد انتهى الامر إلى رسول الله على ضوء الحديث المذكور.
فرسول الله يقول: كلّ ما سنّه الخلفاء من بعده، فتلك السنّة واجبة الاتّباع، واجبة الامتثال والتطبيق، فحينئذ يتمّ التحريم، إذ أنّه ينتهي إلى التشريع، إلى الله والرسول.
لكن يتوقف هذا الاستدلال على تماميّة حديث: «عليكم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 35
--------------------------------------------------------------------------------
بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» أنْ يتمّ هذا الحديث سنداً ودلالة.
أمّا سنداً، فلابدّ أن يتمّ سنده ويكون معتبراً وتوثّق رجاله على أساس كلمات علماء الجرح والتعديل من أهل السنّة على الاقل.
وأمّا دلالةً، فلابد وأن يراد من الخلفاء الراشدين المهديين في الحديث، أن يراد الاربعة من بعده، أو الخمسة من بعده الذين يسمّونهم بالخلفاء الراشدين وهم: أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبدالعزيز أو الحسن المجتبى على خلاف بينهم.
إذا كان المراد من هذا الحديث هؤلاء، فحينئذ يتمّ الاستدلال بعد تماميّة السند.
ولكنّي وُفّقت ـ ولله الحمد ـ بتحرير رسالة مفردة (1) في هذا الحديث، وأثبتّ أنّه من الاحاديث الموضوعة في زمن معاوية، هذا أوّلاً.
وثانياً: هذا الحديث إنْ تمّ سنده على فرض التنزّل عن المناقشة سنداً، فإنّ المراد من الخلفاء في هذا الحديث هم الائمّة الاثنا عشر في الحديث المعروف المشهور المتفق عليه بين
____________
(1) مطبوعة ضمن (الرسائل العشر في الاحاديث الموضوعة في كتب السنّة).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 36
--------------------------------------------------------------------------------
المسلمين، وعليكم بمراجعة تلك الرسالة، ولو كان لنا وقت ومجال لوسّعت الكلام في هذا الحديث، ولكن أُحيلكم إلى تلك الرسالة.
الوجه الثالث:
إنّ التحريم كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا شيء أعلنه رسول الله وأبلغه رسول الله إلى الناس، إلاّ أنّ الذين قالوا بجوازه وبقوا على حليّته لم يبلغهم تحريم رسول الله ...
إنّ رسول الله أعلن عن هذا الحكم الشرعي، إلاّ أنّ عليّاً لم يدرِ بهذا الحكم، وابن عباس وابن مسعود وأُبي بن كعب وجابر بن عبدالله الانصاري وغيرهم، كلّ هؤلاء لم يطّلعوا على هذا التحريم من رسول الله، وأيضاً: عمر يقول: أُحرّمهما، وقد كان عليه أن يقول رسول الله حرّم، لكن أصحاب هذا القول يقولون بأنّ رسول الله هو الذي حرّم المتعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن القيّم ـ بعد الكلام السابق الذي أوردناه ـ: الطائفة الثانية رأت صحّة حديث سمرة، ولو لم يصح فقد صحّ حديث علي أنّ رسول الله حرّم متعة النساء، فوجب حمل حديث جابر على أنّ الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر، حتّى كان زمن عمر، فلمّا وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 37
--------------------------------------------------------------------------------
يقول ابن القيّم: وبهذا تأتلف الاحاديث الواردة في المتعة (1).
وخلاصة هذا القول: أنّ رسول الله هو الذي حرّم، وقول عمر: أنا أُحرّمهما، غير ثابت، والحال أنّه ثابت عند ابن القيّم، وقد نصَّ على ذلك، هذا والصحابة القائلون بالحليّة بعد رسول الله لم يبلغهم التحريم.
مناقشة الوجه الثالث:
لنرى متى حرّم رسول الله المتعة؟ ومتى أعلن عن نسخ هذا الحكم الثابت في الشريعة؟
هنا أقوال كثيرة.
القول الاوّل:
إنه كان عام حجة الوداع.
فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حرّم المتعة عام حجّة الوداع، والناس لم يعلموا، أي القائلون بالحليّة لم يعلموا ولم يطّلعوا على هذا التحريم، فكان شيء حلالاً في الشريعة بالكتاب والسنّة ثم إنّ رسول الله نسخ هذا الحكم في حجّة الوداع.
هذا هو القول الاوّل.
____________
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد 2/ 184.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 38
--------------------------------------------------------------------------------
يقول ابن القيّم: هو وَهمٌ من بعض الرواة.
فهذا القول غلط.
القول الثاني:
إنّه حرّم المتعة في حنين.
قال ابن القيّم: هذا في الحقيقة هو القول بكونه كان عام الفتح، لاتصال غزاة حنين بالفتح.
إذن، ينتفي القول بتحريم رسول الله المتعة في عام حنين، هذا القول الثاني.
القول الثالث:
إنّه كان في غزوة أوطاس.
يقول السهيلي الحافظ الكبير: من قال من الرواة كان في غزوة أوطاس فهو موافق لمن قال عام الفتح.
فانتفى هذا العنوان، عنوان أنّ التحريم كان في أوطاس. تجدون هذه الكلمة في فتح الباري لابن حجر (1).
القول الرابع:
قيل في عمرة القضاء.
قال السهيلي: أرغب ما روي في ذلك ـ أي في التحريم ـ رواية من قال في غزوة تبوك، ثمّ رواية الحسن إنّ ذلك كان في عمرة القضاء، هذا أرغب ما قيل.
____________
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 9/ 138.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 39
--------------------------------------------------------------------------------
ذكر هذا الكلام الحافظ ابن حجر في شرح البخاري وقال: أمّا عمرة القضاء فلا يصحّ الاثر فيها، لكونه من مرسل الحسن [الحسن البصري] ومراسيله ضعيفة، لانّه كان يأخذ عن كلّ أحد، وعلى تقدير ثبوته، لعلّه ـ أي الحسن ـ أراد أيّام خيبر، لانّهما كانا في سنة واحدة كما في الفتح وأوطاس سواء (1).
فهذه أربعة أقوال بطلت بتصريحاتهم.
فمتى؟ وأين حرّم رسول الله المتعة؟ هذا التحريم الذي لم يبلغ أمير المؤمنين وغيره من كبار الاصحاب؟
القول الخامس:
إنّه في عام الفتح.
وهذا القول اختاره ابن القيّم، واختاره ابن حجر، ونسبه السهيلي إلى المشهور، فلاحظوا زاد المعاد (2)، وفتح الباري (3).
يقول ابن حجر الطريقة التي أخرجها مسلم مصرّحة بأنّها في زمن الفتح أرجح، فتعيّن المصير إليها.
فإذا كان رسول الله قد حرّم في عام الفتح، إذن المتعة حرام وإنْ لم يعلم بذلك علي ولا غيره من الصحابة، وعلم بها عمر ومن تبعه.
____________
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 9/ 138.
(2) زاد المعاد في هدي خير العباد 2/ 184.
(3) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 9/ 138.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 40
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حجر بعد ذكر أدلّة الاقوال الاُخرى: فلم يبق من المواطن كما قلنا صحيحاً صريحاً سوى غزوة خيبر وغزوة الفتح، وفي غزوة خيبر من كلام أهل العلم ما تقدّم.
إذن، إنحصر الامر في موطنين، إمّا في الفتح وإمّا في خيبر، لكن في غزوة خيبر يعارضه كلام أهل العلم فهذا أيضاً يبطل، ويبقى القول بأنّه في عام الفتح.
وسنقرأ كلمات أهل العلم في غزوة خيبر.
أقول:
دليل كون التحريم في غزوة الفتح ما هو؟ هو ذاك الحديث الذي لم يخرّجه البخاري، هو الحديث الذي أبطله ابن معين، هو الحديث الذي قال النووي وقال ابن قيّم وغيرهما: بأنّ هذا الحديث غير معتبر وإنْ أخرجه مسلم في صحيحه.
لاحظوا تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني بترجمة عبدالملك بن الربيع يقول: قال أبو خيثمة سئل يحيى بن معين عن أحاديث عبدالملك ابن الربيع عن أبيه عن جدّه فقال: ضعاف. وحكى ابن الجوزي عن ابن معين أنّه قال: عبدالملك ضعيف. وقال أبوالحسن ابن القطان: لم تثبت عدالته وإنْ كان مسلم أخرج له فغير محتجّ به [يعني إنّ مسلماً أخرج هذا الحديث عن هذا الرجل، إلاّ أنّه لا يحتجّ مسلم به، لماذا؟] لانّه أخرجه متابعة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 41
--------------------------------------------------------------------------------
والحديث إذا كان متابعة في الاصطلاح فمعناه أنّه ليس هو مورد الاحتجاج، وإنّما ذكر لتقوية حديث آخر، ومسلم إنّما أخرج له حديثاً واحداً في المتعة، هو نفس هذا الحديث، متابعةً، وقد نبّه على ذلك المزّي صاحب كتاب تهذيب الكمال، ولاحظوا تهذيب التهذيب (1).
فظهر أنّ هذا الحديث ساقط سنداً عند الشيخين، وابن معين، وغيرهم، من أعلام المحدّثين وأئمّة الجرح والتعديل.
وخلاصة البحث إلى الان: إن أمر القوم يدور بين أمرين كما ذكر ابن قيّم الجوزيّة:
إمّا أن ينسبوا التحريم إلى عمر ويجعلوا سنّته سنّةً شرعيّة يجب اتّباعها على أساس الحديث الذي ذكرناه.
وأمّا إذا كان التحريم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلماذا نسبه عمر إلى نفسه؟ ولماذا نسب كبار الصحابة إلى عمر التحريم؟
ثمّ حينئذ يسألون عن وقت هذا التحريم، وقد ظهر أنّه ليس في أوطاس، ولا في فتح مكّة، ولا في حجّة الوداع، ولا، ولا، ولا، فأين كان هذا التحريم الذي بلغ عمر ولم يبلغ سائر الصحابة أجمعين؟
____________
(1) تهذيب التهذيب 6/ 349.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 42
--------------------------------------------------------------------------------
هنا يضطربون ـ لاحظوا ـ يقولون: إنّ التحريم والتحليل تكرّرا، حلّلها رسول الله في موطن، ثمّ في الموطن اللاحق حرّمها، في الموطن الثالث حلّلها، في الموطن الرابع حرّمها ... وهكذا، حتّى يجمع بين هذه الاقوال والروايات.
لاحظوا عنوان مسلم يقول: باب نكاح المتعة وبيان أنّه أُبيح ثمّ نسخ ثمّ أبيح ثمّ نسخ واستقرّ حكمه إلى يوم القيامة.
لكنّ الروايات والاقوال هي أكثر من مرّتين، تبلغ السبعة، ولذا اضطرّ بعضهم أن يقول: أحلّ الرسول المتعة وحرّمها، أحلّها وحرّمها إلى سبعة مواطن، وهذا ما التزمه القرطبي في تفسيره (1).
لكنّ ابن القيّم يقول: هذا لم يعهد في الشريعة (2) ولا يوجد عندنا حكم أحلّه الله سبحانه وتعالى وحرّمه مرّتين، فكيف إلى سبعة مرّات؟!
فيظهر أنّها محاولات فاشلة، ولم يتمكّنوا من إثبات تحريم رسول الله، وكان الاجدر بهم أن يلتزموا بالقول الثاني، أي القول بأنّ التحريم من عمر وأنّ سنّته سنّة شرعيّة وتعتبر سنّته من سنّة رسول الله، وعلى المسلمين أن يأخذوا بها.
____________
(1) الجامع لاحكام القرآن 5/ 130.
(2) زاد المعاد في هدي خير العباد 2/ 184.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 43
--------------------------------------------------------------------------------
كان الاجدر بهم جميعاً أن يلتزموا بهذا، إن أمكنهم تصحيح حديث «عليكم بسنّتي .... » وتماميّة هذا الحديث في دلالته.
وإلى الان ... بقيت ذمّة عمر مشغولة، والمشكلة غير محلولة.
(يُتْبَعُ)
(/)
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 44
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 45
--------------------------------------------------------------------------------
الافتراء على عليّ (عليه السلام) في مسألة المتعة
حينئذ يضطرّون إلى الافتراء، لانّ المخالف الاوّل عليّ، وعليّ هو الامام العالم بالاحكام الشرعيّة، الحريص على حفظها وتطبيقها بحذافيرها، فالاولى أن يفتروا على علي، ويضعوا على لسانه أحاديث في أنّ رسول الله حرّم المتعة، فخرج عمر عن العهدة وشاركه في الحكم بالتحريم والنقل عن رسول الله علي (عليه السلام).
وهذه طريقة أُخرى بعد أن فشلت المحاولات في إثبات أنّ الرسول هو الذي حرّم، وإثبات أنّه حرّم ولم يعلم بهذا التحريم إلاّ عمر، وأيضاً فشلوا في نسبة التحريم إلى عمر، لعدم تمكّنهم من إثبات حديث عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين، فماذا يفعلون؟ حينئذ يفترون على من؟ على عليّ بن أبي طالب، فلو أنّ عليّاً وافق عمر في فتواه في التحريم في قول، حينئذ ينتفي الخلاف ولا يبقى نزاع في البين.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 46
--------------------------------------------------------------------------------
لكن المشكلة هي أنّ المفترين على علي لمّا تعدّدوا، تعدّد الوضع عليه والافتراء، فجاء أحدهم فنقل عن علي أنّ التحريم من رسول الله، وكان في الموطن الكذائي، وجاء الاخر ـ وهو جاهل بتلك الفرية ـ وافترى عليه أنّ رسول الله حرّم في موطن آخر، وجاء ثالث وهو لا يعلم بأنّ قبله من افترى على علي في موطنين، فوضع موطناً ثالثاً، وهكذا عادت المشكلة وتعدّدت الروايات، فمتى حرّم رسول الله المتعة؟ عادت المشكلة من جديد، عندما يتعدّد المفترون، وكلٌّ لا علم له باختلاق غيره، حينئذ يتعدّد الاختلاق، وإذا تعدّد الاختلاق حصل الاختلاف، حتّى لو كانت الاحاديث موجودة في الصحيحين، إذ الخبران حينئذ يتعارضان، لانّ التحريم من رسول الله واحد.
فمنهم من ينقل عن علي أنّ رسول ألله حرّم المتعة في تبوك، ومنهم من ينقل عن علي أنّ رسول الله حرّم المتعة في حنين، ومنهم من ينقل عن علي عن رسول الله أنّه حرّم المتعة في خيبر، عادت المشكلة من جديد، وقد أرادوا أن يجعلوا عليّاً موافقاً لعمر في التحريم، فتورّطوا من جديد!!
لاحظوا الاسانيد بدقّة، فالسند واحد، السند الذي يقول عن علي التحريم في تبوك هو نفس السند الذي يقول عنه أنّ التحريم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 47
--------------------------------------------------------------------------------
في خيبر، وهو نفس السند الذي يقول أنّ التحريم في حنين، فلاحظوا كيف يكون!!.
الحديث الاول:
قال النووي: وذكر غير مسلم عن علي أنّ النبي نهى عنها في غزوة تبوك، من رواية إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبدالله بن محمّد بن علي عن أبيه عن علي: أنّ رسول الله حرّم المتعة في تبوك.
إذن، الراوي من؟ الزهري، عن عبد الله بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه محمد بن الحنفية، عن علي: إنّ رسول الله حرّم المتعة في تبوك (1).
الحديث الثاني:
أخرج النسائي: أخبرنا عمرو بن علي ومحمّد بن بشّار ومحمّد بن المثنّى ثلاثتهم قالوا: أنبأنا عبدالوهّاب قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني مالك بن أنس، أنّ ابن شهاب ـ أي الزهري ـ أخبره أنّ عبدالله والحسن ابني محمّد بن علي أخبراه، أنّ أباهما محمّد بن علي بن الحنفيّة أخبرهما أنّ علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله يوم خيبر عن متعة النساء، قال ابن المثنّى [هذا
____________
(1) المنهاج في شرح صحيح مسلم 6/ 119 هامش القسطلاني.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 48
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَعُ)
(/)
أحد الثلاثة الذين روى عنهم النسائي، لانّه قال عمرو بن علي ومحمّد بن بشّار ومحمّد بن المثنّى ثلاثتهم] قال ابن المثنّى: حنين بدل خيبر.
نفس السند ابن المثنّى يقول: حنين، قال: هكذا حدّثنا عبدالوهّاب من كتابه.
ففي سند واحد ابن المثنّى يقول: حنين، الاخران يقولان خيبر، في سند واحد، والسند ينتهي إلى الزهري، الزهري عن ابني محمّد بن الحنفيّة، ومحمّد عن أبيه علي عن رسول الله (1).
وأمّا أخبار خيبر، ففي الصحيحين، أخرج البخاري: حدّثنا مالك بن إسماعيل، حدّثنا ابن عُيينة: إنّه سمع الزهري يقول: أخبرني الحسن بن محمّد بن علي وأخوه عبدالله، عن أبيهما: إنّ عليّاً قال لابن عباس.
لاحظوا أيضاً قول علي لابن عباس، هذه عبارة علي يخاطب ابن عباس، لانّ ابن عباس إلى آخر لحظة من حياته كان يقول بحليّة المتعة، هذا ثابت، وعلي كان من القائلين بالحرمة كما يزعمون.
____________
(1) سنن النسائي 6/ 126.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 49
--------------------------------------------------------------------------------
فقال لابن عباس: إنّ النبي نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الاهليّة زمن خيبر (1).
وأخرج مسلم: حدّثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك على ابن شهاب [عاد إلى الزهري] عن عبدالله والحسن ابني محمّد ابن علي، عن أبيهما، عن علي بن أبي طالب: أنّ رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل اللحوم الحمر الانسيّة.
هنا لايوجد خطاب لابن عباس، فلاحظوا بقيّة الاحاديث:
وحدّثناه عبدالله بن محمّد بن أسماء الربيعي، حدّثنا الجويرية، عن مالك بهذا الاسناد [نفس السند] وقال: سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان [لا يوجد اسم ابن عباس]: إنّك رجل تائه، نهانا رسول الله عن متعة النساء يوم خيبر.
لاحظتم الفرق بين العبارات.
حديث آخر: حدّثنا أبوبكر ابن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب، جميعاً عن ابن عيينة. قال زهير: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن الحسن بن عبدالله بن محمّد بن علي، عن أبيهما، عن علي: إنّ رسول الله نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم
____________
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 9/ 136.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 50
--------------------------------------------------------------------------------
الحمر الاهليّة.
هنا أيضاً لا يتعرض إلى ذكر ابن عباس.
وحدّثنا محمّد بن عبدالله بن نمير، حدّثنا أبي حدّثنا عبيدالله، عن ابن شهاب، عن الحسن وعبدالله ابني محمّد بن علي، عن أبيهما، عن علي: إنّه سمع ابن عباس يليّن في متعة النساء فقال: مهلاً يابن عباس [في هذا اللفظ مهلاً يابن عباس، كان هناك: إنّك رجل تائه، في لفظ آخر: قال لفلان]: مهلاً يابن عباس، فإنّ رسول الله نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسيّة.
وأيضاً حديث آخر: حدّثني أبوالطاهر وحرملة بن يحيى قالا: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن الحسن وعبدالله ابني محمّد بن علي بن أبي طالب، عن أبيهما: إنّه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: يابن عباس نهى رسول الله عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الانسيّة (1).
إذن، لاحظتم أنّهم يروون عن علي بسند واحد أنّ رسول الله حرّم المتعة، تارة ينقلون حرّمها في خيبر، وتارة في تبوك، وتارة في حنين، وهذه الاحاديث وهي بسند واحد، أليست تتعارض
____________
(1) صحيح مسلم بشرح النووي، هامش القسطلاني 6/ 129، 130.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 51
--------------------------------------------------------------------------------
ويكذّب بعضها بعضاً؟ وقد وجدتم الخبر عند النسائي بسند واحد وفيه خيبر وحنين، كلاهما بسند واحد!
حديث التحريم في تبوك، نصّ الحافظ ابن حجر بأنّه خطأ.
هذا واحد.
وحديث التحريم في خيبر خطّأه كبار الائمّة وكذّبه أعلام الحديث والرجال والسير، لاحظوا السهيلي يقول: هذا غلط هذا كذب.
(يُتْبَعُ)
(/)
فابن عبد البر، والبيهقي، وإبن حجر العسقلاني، والقسطلاني صاحب إرشاد الساري، والعيني صاحب عمدة القاري، وابن كثير في تاريخه، وإبن القيّم كلّهم قالوا: هذا غلط وخطأ (1)، بل قالوا: النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الاثر.
إذن، فماذا يبقى؟ وما الفائدة من الافتراء على علي، وبقي عمر في تحريم المتعة وحده.
وهذه الاحاديث كلّها ـ كما قرأنا ـ تنصّ على أنّ عبدالله بن عباس كان يقول بالحليّة، وهناك أحاديث أُخرى أيضاً لم أقرأها،
____________
(1) فتح الباري 9: 138، عمدة القاري 17: 246، ارشاد الساري 6: 536 و 8: 41، زاد المعاد 2: 184، البداية والنهاية 4: 193.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 52
--------------------------------------------------------------------------------
وعلي قال له: إنّك رجل تائه، لانّه كان يقول بالحليّة.
فإذن، يكون ابن عباس مخالفاً لعمر، وماذا فعلوا؟ لابد من الافتراء على ابن عباس أيضاً، فرووا أنّ ابن عباس رجع عن القول بالحلّيّة ...
يقول ابن حجر في فتح الباري: كلّ أسانيد رجوع عبدالله بن عباس ضعيفة.
ينصّ الحافظ ابن حجر وينصّ ابن كثير على أنّ ابن عباس بالرغم من أنّه خاطبه عليّ بأنّك رجل تائه، وقال له: مهلاً يابن عباس ... وإلى آخره، لم يرجع عن القول بالحليّة إلى آخر حياته، فوضعوا على لسانه أحاديث بأنّه رجع، وابن حجر يقول: هذه الاحاديث كلّها ضعيفة سنداً، وابن كثير أيضاً يكذّب الرجوع (1).
وبقي عمر وحده، ولم يتمكّن أولياؤه من توجيه تحريم عمر وتبرير مقولته، وماذا نفعل؟ وما ذنبنا؟ أرأيتم إنّنا نقلنا شيئاً عن أصحابنا؟ أوجدتم رواية ذكرناها عن طرقنا؟ وهل اعتمدنا في هذا البحث على كتاب من كتبنا؟
أليس الحقّ ـ إذن ـ مع علمائنا؟
____________
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 9/ 139، البداية والنهاية 4/ 193.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 53
--------------------------------------------------------------------------------
خاتمة البحث
وتبقى هنا نقاط أذكرها لكم:
النقطة الاُولى:
إنّ مدار هذه الاحاديث كما قرأناها على الزهري، والزهري من أشهر المنحرفين عن علي (عليه السلام)، وكان صاحب شرطة بني أُميّة، مع أنّه فقيه كبير، وكان من المقرّبين للبلاط، وقد اتخذوا منه جسراً يعبرون عليه إلى مقاصدهم، حتّى أنّ الامام زين العابدين (عليه السلام) كتب إليه كتاباً وعظه فيه ونصحه ووبّخه ولم يؤثر فيه، والكتاب موجود حتّى في الكتب الاخلاقيّة الوعظيّة العرفانيّة مثل إحياء علوم الدين (1)، وهو أيضاً موجود في أحد كتبنا، عثرت عليه في كتاب
____________
(1) إحياء علوم الدين 2/ 143.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 54
--------------------------------------------------------------------------------
تحف العقول لابن شعبة الحرّاني (1).
هذا الرجل هذا شأنه، والاسانيد كلّها تنتهي إليه، والعجيب أنّه عندما يضع، يضع الشيء على لسان أهل البيت وذريّة الائمّة الطاهرين، وقد قرأنا في بعض البحوث السابقة حديثاً في أنّ أبابكر وعمر صلّيا على فاطمة الزهراء، وهم يروون هذا الحديث عن الزهري عن أحد الائمّة (عليهم السلام) وأولادهم، وهذا فعلهم متى ما أرادوا أن يضعوا مثل هذه الاحاديث يحاولون أن يضعوها على لسان بعض أهل البيت أو أبنائهم.
النقطة الثانية:
ذكروا أنّ عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج، هذا الفقيه الكبير، المتوفى سنة 149هـ، وهو من كبار التابعين، ومن أئمّة الفقه والحديث، ومن رجال الصحاح الستة، هذا الرجل تزوّج بأكثر من تسعين إمرأة متعة، وقد أوصى إلى أبنائه وحذّرهم من أن يتزوّجوا بشيء من هذه النساء لانّهنّ زوجات والدهم، وهذا من كبار التابعين في القرن الثاني، لاحظوا سير أعلام النبلاء (2) وغير
____________
(1) تحف العقول عن آل الرسول: 198.
(2) سير أعلام النبلاء 6/ 333.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 55
--------------------------------------------------------------------------------
هذا الكتاب من المصادر بترجمة ابن جريج المكّي.
النقطة الثالثة:
ذكر الراغب الاصفهاني في كتاب المحاضرات: قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة: بمن اقتديت في جواز المتعة؟ قال: بعمر بن الخطاب، فقال: كيف هذا وعمر كان أشد الناس فيها؟ قال: لانّ الخبر الصحيح قد أتى أنّه صعد المنبر فقال: إنّ الله ورسوله أحلاّ لكم متعتين وإنّي أُحرّمهما عليكم وأُعاقب عليهما، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه (1).
النقطة الرابعة:
ذكر ابن خلّكان بترجمة يحيى بن أكثم: أنّ المأمون الخليفة العبّاسي أمير المؤمنين عندهم، أمر بأنْ ينادى بحلّيّة المتعة، قال: فدخل عليه محمّد بن منصور وأبو العيناء، فوجداه يستاك ويقول وهو متغيّظ: متعتان كانتا على عهد رسول الله وعهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما! ومن أنت يا جُعل حتّى تنهى عمّا فعله رسول الله وأبو
____________
(1) محاضرات الاُدباء 2/ 214.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 56
--------------------------------------------------------------------------------
بكر! فأراد محمّد بن منصور أن يكلّمه فأومأ إليه أبو العيناء وقال: رجل يقول في عمر بن الخطّاب ما يقول، نكلّمه نحن؟! ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوّفه من الفتنة ولم يزل به حتّى صرف رأيه (1).
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
____________(/)
مراعاة النظير
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 05:44 م]ـ
مراعاة النظير
قال تعالى"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير*
الفاصلة القراّنية تتناسب معنويا مع محتوى الاّية القراّنية، وقد ختم الله سبحانه وتعالى الاّية بذكر اسمين من أسمائه الحسنى وهما: اللطيف والخبير.
وقد فُسرت كلمة "اللطيف"بتفسيرات منها: الرفيق بعباده وموفقهم وعاصمهم، وقيل: من يدرك الأسرار بلطف ويسر، عدم الإحاطة بكنهه وحقيقته ...... إلخ.
وفي رأيي أن المعنى المناسب لها هو: الخفاء، وعدم القدرة على الإحاطة والوصول إلى كنهه وحقيقته، وهذا المعنى يتناسب مع قوله تعالى"لا تدركه الأبصار"وقد ذكر بعده "الخبير" ومعناه: الذي أحاط بالأشياء ظاهرها وباطنها، كما تقدم الاسم الأول (اللطيف) ليتناسب معنويا مع الصفة الأولى بحسب منزلة المعنى، وذكر (الخبير) بعده ليتناسب مع الصفة الثانية"وهو يدرك الأبصار".
فالله سبحانه وتعالى يعقد مقارنة بينه وبين غيره من المخلوقات أو بني البشر، خاصة أن هذه الاّية تأتي بعد أن اختلق اليهود والنصارى البنين والبنات لله تعالى. أما تفسير اللطيف بالرفيق فلا يتناسب مع هذا السياق اللغوي المعنوي.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 06:11 م]ـ
أنت تقول بوجود تناسب بين قوله " لا تدركه الأبصار" وبين اسمه عز وجل " اللطيف"-بالتالي توصلت إلى قناعة أنّ " اللطيف " بحسب قولك (الخفاء، وعدم القدرة على الإحاطة والوصول إلى كنهه وحقيقته)
أليس كذلك؟
هل يمكن لك أن تضع تصريفا للخفاء يتناسب مع تصريف اللطيف--أقصد أن الخفاء هي المصدر--فما اسم الفاعل منها المتناسب مع اللطيف؟
أجبني فنكمل
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 03:09 م]ـ
أيها المشاكس
الخفاء من معاني اللطف، هذا أولا
ثم يمكن إحلال المصدر محل اسم الفاعل، قال تعالى عن ابن سيدنا نوح: إنه عمل غير صالح"
وقالت الخنساء: فكأنها إقبال وإدبار، بدلا من مقبلة ومدبرة، وهذا أبلغ.
وإن أردت المقابل الحرفي فهو: خافٍ، أو خفي ّ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 04:44 م]ـ
المشاكسات تضفي حيوية على المشاركات ولا تعني المعارضة
أليس كذلك؟؟
ثمّ أتعرف أنّ صاحب الكشّاف قال ما يشبه كلامك
قال ("وَهُوَ اللطيف" يلطف عن أن تدركه الأبصار)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 02:03 م]ـ
شكرا أخي جمال
بلى، المشاكسة جميلة،
والزمخشري من عمالقة اللغة والتفسير.(/)
المجاز المفرد المرسل عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 05:47 م]ـ
المجاز المفرد المرسل عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
يعرف البلاغيون المجاز المفرد المرسل بأنه الكلمة المستخدمة في غير معناها الأصلي بوجود علاقة غير المشابهة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي.
والمجاز عدول عن أصل الاختيار على المحور التنويعي للغة، ومما يدل على ذلك هو القرينة المانعة من إيراد المعنى الأصلي، فنحن عندما نقول:
رعت الماشية الغيث، فهذه الجملة استبدال لجملة:
رعت الماشية العشب.
فالجملة مبنية على الفعل: رعى، ولهذا يجب أن تتفق جميع المباني التابعة له أو المبنية عليه، معه معنويا على سبيل الحقيقة، ولكن عندما استبدلنا كلمة الغيث بالعشب حصل العدول عن أصل الاختيار وتحولت الجملة من الحقيقة إلى المجاز، لأن الغيث لا يرعى، والقرينة المانعة من إيراد المعنى الأصلي هي: رعت، لأن الماشية لا ترعى الغيث بالمعنى الأصلي.
والهدف من العدول هو معنوي على الأغلب، ومن ذلك قوله تعالى" وينزل لكم من السماء رزقا"والذي ينزل من السماء هو الغيث وليس الرزق، ولكن عدل عن أصل الاختيارللدلالة على أن الرزق من عند الله والرازق هو الله.
وقال تعالى"جعلوا أصابعهم في اّذانهم " والذي يوضع في الأذن هو الأنمل، ولكن عدل عن أصل الاختيار لبيان الاستنكار وشدة رفض الاستماع من قِبل قومه، ومما يدل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك" واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا*.وقال تعالى"ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا"والمولود عندما يولد لا يكون فاجراولا كفارا، ولكن عدل عن الأصل لبيان علم الله المستقبلي.
وقال تعالى""ففي رحمة الله هم فيها خالدون"والمراد من الرحمة هو الجنةالتي تحل فيها الرحمة، وقد عدل عن الأصل للدلالةعلى احتواء الرعاية والرحمة الإلهية لهم واحتوائها لهم واشتمالها عليهم كما يشتملهم المكان.
وقال تعالى"واّتوا اليتامى أموالهم"أي الذين كانوا يتامى، ثم بلغوا، وقد عدل عن الأصل حتى لا ننسى كونهم يتامى، لأن بلوغهم قد يشجع الوصي على الأخذ من أموالهم، والنفس أمارة بالسوء.
وقال تعالى" فتحرير رقبة مؤمنة"ولكن، لماذا الرقبة بالذات من دون سائر الأعضاء؟ لأن الرقبة مستند الرأس، واستقامتها و انحناؤها يدلان على عزة العزيز وذلة العبد الذليل.
وهكذا فالقراّن الكريم لا يعدل عن أصل الاختيار أو عن أصل التأليف إلا للهدف المعنوي (معنى المعنى، أمن اللبس، القصر) غالبا، وربما كان العدول من أجل الغرض اللفظي.
فالكلام اختيار وتأليف بحسب الحاجة والأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 06:00 م]ـ
المجاز المفرد المرسل عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
يعرف البلاغيون المجاز المفرد المرسل بأنه الكلمة المستخدمة في غير معناها الأصلي بوجود علاقة غير المشابهة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي.
والمجاز عدول عن أصل الاختيار على المحور التنويعي للغة، ومما يدل على ذلك هو القرينة المانعة من إيراد المعنى الأصلي، فنحن عندما نقول:
رعت الماشية الغيث، فهذه الجملة استبدال لجملة:
رعت الماشية العشب.
فالجملة مبنية على الفعل: رعى، ولهذا يجب أن تتفق جميع المباني التابعة له أو المبنية عليه، معه معنويا على سبيل الحقيقة، ولكن عندما استبدلنا كلمة الغيث بالعشب حصل العدول عن أصل الاختيار وتحولت الجملة من الحقيقة إلى المجاز، لأن الغيث لا يرعى، والقرينة المانعة من إيراد المعنى الأصلي هي: رعت، لأن الماشية لا ترعى الغيث بالمعنى الأصلي.
والهدف من العدول هو معنوي على الأغلب، ومن ذلك قوله تعالى" وينزل لكم من السماء رزقا"والذي ينزل من السماء هو الغيث وليس الرزق، ولكن عدل عن أصل الاختيارللدلالة على أن الرزق من عند الله والرازق هو الله.
وقال تعالى"جعلوا أصابعهم في اّذانهم " والذي يوضع في الأذن هو الأنمل، ولكن عدل عن أصل الاختيار لبيان الاستنكار وشدة رفض الاستماع من قِبل قومه، ومما يدل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك" واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا*.وقال تعالى"ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا"والمولود عندما يولد لا يكون فاجراولا كفارا، ولكن عدل عن الأصل لبيان علم الله المستقبلي.
وقال تعالى""ففي رحمة الله هم فيها خالدون"والمراد من الرحمة هو الجنةالتي تحل فيها الرحمة، وقد عدل عن الأصل للدلالةعلى احتواء الرعاية والرحمة الإلهية لهم واحتوائها لهم واشتمالها عليهم كما يشتملهم المكان.
وقال تعالى"واّتوا اليتامى أموالهم"أي الذين كانوا يتامى، ثم بلغوا، وقد عدل عن الأصل حتى لا ننسى كونهم يتامى، لأن بلوغهم قد يشجع الوصي على الأخذ من أموالهم، والنفس أمارة بالسوء.
وقال تعالى" فتحرير رقبة مؤمنة"ولكن، لماذا الرقبة بالذات من دون سائر الأعضاء؟ لأن الرقبة مستند الرأس، واستقامتها و انحناؤها يدلان على عزة العزيز وذلة العبد الذليل.
فالكلام اختيار وتأليف بحسب الحاجة والأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
والله أعلم
إلى الأمام يا ورد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[15 - 09 - 2005, 06:03 م]ـ
بورك فيك أخي جمال(/)
وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 07:54 م]ـ
قوله تعالى على لسان إبليس (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) 39 الحجر
وقوله على لسان إبليس أيضا (فَبِما أَغْوَيْتَني لأَقْعُدَنَّ لهُمْ صِراطَك المُسْتَقِيمَ) 16 الأعراف
نسب فيهما إبليس فعل الغواية لله تعالى---فما هي الغواية؟
جاء في لسان العرب (الغَيُّ: الضَّلالُ والخَيْبَة)
فهل من الممكن أن يزعم إبليس بأنّ الله الذي أضلّه؟؟
أم أنّه يزعم أنّ الله سبب له الخيبة والخسران؟؟
الذي يظهر أنّ أبليس يزعم أن الله سبب له الخيبة والخسران وذلك بطلبه من الملائكة وهو معهم أن يسجدوا لآدم--هذا الطلب أدّى بإبليس إلى الإستكبار والعصيان فالخسران والغيبة
أمّا الغواية التي نسبها لنفسه في قوله (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) فهي بالفعل الإضلال وتزيين الكفر والفساد
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 01:33 ص]ـ
الأخ الحبيب جمال ..
شكر الله لك هذه اللفتة البيانية الماتعة ..
واسمح لي - أخي الكريم - بإضافة بعض النقاط الخاصّة باختلاف التعبيرين في آيتي السورتين الكريمتين.
قال تعالى: " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ " (الأعراف: 16 - 17)
وقال تعالى: " قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " (الحجر: 39 - 40)
فمع أن المعنى الحاصل من قوله تعالى في السورتين واحد لا إشكال فيه، اختلف التعبير عن ذلك بحسب ما تقدّم في كل واحدة منهما وما استدعاه من المناسبة، وفيما يلي بيان لذلك:
الأول: يلفت انتباهنا أولاً اختلاف المحكيات. ففي الآيتين السابقتين قال: " بِمَآ أَغْوَيْتَنِي "، وفي موضع آخر قال: " فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " (ص: 82 - 83). فنلاحظ أنه متى حملت الباء على القسم في آيتي الأعراف والحجر بشهادة آية ص، لم يكن هناك اختلاف في المعنى، لأن المراد في قوله: بإغوائك إياي يحتمل وجوهاً من المعنى.
أحدهما: أن يكون المراد: بتخييبك إياي لأجتهدنّ في تخييبهم، وهذا ظاهر الكلام لأن القسم متلقى باللام، ولأن قوله (فبعزّتك) في مقابلتهما من الآية الأخرى وتخييب الله إياه هو بعزّته.
ومنه قول الشاعر: ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائماً، أي: من يخب لم ينل خيراً.
ويشهد لذلك صدر البيت، وهو: فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره.
وثانيهما: أن يكون المراد بإهلاكك إياي بأن لعنتني وهذا الفعل أيضاً عزّة من الله جلّ جلاله، وكذلك إن حمل على معنى الحكم بغوايته، فهو عزّة من الله تعالى.
وإذا كان كذلك تساوت في المعنى وكل قسم، والإغواء الذي هو التخييب أو الإهلاك أو الحكم بالغواية كل ذلك عزّة من الله تعالى، فالقسم به كالقسم بعزّته سبحانه.
الثاني: جاء في الأعراف: (فبما أغويتني)، وفي الحجر: (بما أغويتني). فحذف الفاء في الحجر وأثبتها في الأعراف. وذلك لأن الدعاء في المصدر يستأنف بعده الكلام، والقصّة غير مقتضاة لما قبلها كما اقتضاها قوله تعالى: " رَبِّ فَأَنظِرْنِي " (الحجر: 36). والفاء توجب اتصال ما بعدها بما قبلها، والنداء أولاً يوجب القطع واستئناف الكلام سيما في قصّة لا يقتضيها ما قبلها، فلم تحسن الفاء مع قوله: " رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي ".
أما في الأعراف فلم يدخل الكلام فيه نداء يوجب استئناف ما بعده، فلذلك وصل القسم فيه بالأول بدخول الفاء.
الثالث: جاء في الأعراف: (لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم)، وفي الحجر: (لأزيّننّ لهم في الأرض). وذلك لأنه تقدّم في الأعراف قوله تعالى: " اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ " (الأعراف: 3)، والإشارة فيه إلى القرآن لأنه يوضّح الطريق إليه وهو الصراط المستقيم. قال تعالى: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ " (الأنعام: 153). والإشارة بهذا إلى المنزل قرآناً لأنه مبيّن للصراط المستقيم الذي طمع اللعين في الاستيلاء عليه وقطع سالكه، فقيل عبارة عن مرامه ذلك: " لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ " إلى آخر المحكي من كلامه، ومراده: لأستولينّ لهم عليه.
أما في الحجر فتقدّم قوله تعالى: " وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ " (الحجر: 16 - 18)، وفيه منع اللعين ومنع جنوده عن تعرّف خبر السماء واستراق السمع، فلمّا صُدّ من هذه الجهة عدل إلى الأخرى، فقال: " لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ "، أي: إن كنت ممنوعاً عن إغوائهم من حيث خبر السماء وإبداء المقدرات مما يوججه الله تعالى إلى ملائكته مما يحدث في علم الأرض وقد سبق في العلم القديم، فإن كنت قد منعتني عن إغوائهم من هذه الجهة رجعت إلى إغوائهم من جهة لم تمنعني عنها لأزيّن لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين إلا من عصمته مني ولم تجعل لي السبيل إليه وهم عبادك المخلصين.
اللهم فاجعلنا منهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 06:29 م]ـ
بارك الله بك وبعلمك أستاذ لؤي(/)
أنا في ورطة كبيرةة مرره وأبغ مسسساعدة بقوة
ـ[الموج الهادي]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 09:15 م]ـ
أبغ بحث في اي موضوع في مادة البلاغة بس يكون هذا البحث بسيط. وكمان الدكتورة الي إدريسني مادة البلاغة في الجامعة طالبة في البحث مراجع كثيرة م1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ه ويكون مرتب بليييييييييييييييييييييييزززززززززززززز
ولاتتأخرو علي في الرد الله يخليكم
ـ[أبو سارة]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 05:28 ص]ـ
ماهذا الطلب؟
وماهذه الكتابة؟
الله المستعان
ـ[القيصري]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 06:55 ص]ـ
الورطة الكبيرة هي هذه ال
بليييييييييييييييييييييييزززززززززززززز
تذكري انت في الفصيح
ـ[أحلام]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 10:54 م]ـ
لاحول ولاقوة إلا بالله
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 11:32 م]ـ
ليتذكر الجميع أنا هنا في الفصيح نتعلم ونعلم، ويساعد بعضنا بعضا.
ولكن العجب كل العجب من بعض الطلبات، التي ....
بعضها يحتاج إلى جهد كبير في العمل والطباعة، كإعراب قصيدة تطول إلى مائة بيت ..
والذي يزيد الأمر سوءا أن أكثر هذه الطلبات تخالف العقد المتفق عليه قبل التسجيل في المنتدى ألا وهو الالتزام باللغة الفصيحة، ومما يثير العجب أن بعض الأسماء غير عربية ..
أما الأخت الموج الهادئ فأقول لها كم يسعدنا والله حضورك ومشاركتك، وكم تغمرنا السعادة لو قدمنا شيئا يفيدك أو يساعدك
ولكن
أخذك البحث جاهزا من أي موقع أمر خاطئ، وينافي أهداف التعليم. لذا أنصحك بالاجتهاد في كتابة بحثك، ثم لا بأس أن تضعيه في الشبكة ليستفيد الجميع، وصدقيني إن فعلت سيثبت الموضوع في ذهنك، وستستفيدين منه أكثر، وتذكري أن طلب العلم يحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس.
لذا طلبك لن تجدي له صدى.
ـ[باحث لغوي]ــــــــ[30 - 09 - 2005, 01:38 ص]ـ
::: أبو ذكرى أجدت ....
فيجب أن يتعود أبنائنا الطلاب على كتابة البحوث .... فمن تعب صغيراً استراح كبيراًً ..... ولقد رأينا فوائد كتابة البحوث بعد التخرج من الجامعة .... فمن كتب بحوثه بيده وجهده استفاد وافاد ... ومن كُتبت له بحوثه ( ops
والله أعلم
نشكر كاتبة الموضوع ...
باحث لغوي(/)
أريد بحث
ـ[الموج الهادي]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 03:48 م]ـ
اريد بحث في علم البديع / طيب افصلكم يكون البحث منظم حسب خطوات البحث العلمي
ويكون متطرق لعلم البديع واحد فروع علم البديع
ـ[أبو سارة]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 07:55 ص]ـ
الأخت الفاضلة /الموج الهادئ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الأفضل أن تقومي بكتابة البحث وجمع المادة ثم عرضها على الإخوة في المنتدى لتصحيحها ومعالجة مواضع الخطأ والقصور.
أسأل الله لك التوفيق والسداد.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 08:29 م]ـ
الأخت الفاضلة
البداية تكون باطلاعك على كتاب البديع
البديع لإبن المعتز ( http://www.al-eman.com/Islamlib/viewtoc.asp?BID=208)(/)
أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 09 - 2005, 09:05 م]ـ
قوله تعالى
(قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ) 88 الأعراف
الإشكال هو في قوله تعالى على لسان المستكبرين (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) فقد فهم منه أنّ شعيبا كان على ملة الكفر--مع أنّ النبي محال عليه الكفر حتّى قبل البعثة
قال إبن كثير في هذه الآية (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) قولا راقيا جدا إليكموه (وهذا خطاب مع الرسول والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة.)
وهذا كلام مستخدم إذ يخاطب النّاس الزعيم بما هو منتشر في جماعته مع أنّ هذا الأمر ليس عنده--ألا يمكن أن يقال لشارون "عليك أن تخرج من نابلس " مع أنّه لم يدخلها شخصيا إنّما جنده
____________
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 08:18 م]ـ
قوله تعالى
(قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ) 88 الأعراف
الإشكال هو في قوله تعالى على لسان المستكبرين (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) فقد فهم منه أنّ شعيبا كان على ملة الكفر--مع أنّ النبي محال عليه الكفر حتّى قبل البعثة
قال إبن كثير في هذه الآية (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) قولا راقيا جدا إليكموه (وهذا خطاب مع الرسول والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة.)
وهذا كلام مستخدم إذ يخاطب النّاس الزعيم بما هو منتشر في جماعته مع أنّ هذا الأمر ليس عنده--ألا يمكن أن يقال لشارون "عليك أن تخرج من نابلس " مع أنّه لم يدخلها شخصيا إنّما جنده
____________
ربما ترتاحون لهذا الجواب"
قال تعالى (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ القَدِيمِ) 39 يس
وعاد هنا بمعنى صار--وكذلك قوله (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) معناها أن تصير في ملتنا فشعيب لم يكفر قط--(/)
قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ
ـ[الضاد1]ــــــــ[20 - 09 - 2005, 11:08 م]ـ
وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ: هود:69
الإخوة الأفاضل لماذا جاءت الأولى سلاماً (كمفعول به لفعل محذوف، والله أعلم)
أما الثانية فجاءت مبتدأ (والله أعلم)
وبارك الله بكم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 12:39 ص]ـ
الأخ عمار - حفظك الله وأحسن إليك ..
لقد جعل القرآن الكريم السلام الأول بالنصب والثاني بالرفع، لأن قوله (سلاماً) تقديره: نسلّم سلاماً، أي: بتقدير فعل. وقوله (سلامٌ) تقديره: سلام عليكم، أي: بتقدير اسمية الجملة.
والاسم أثبت من الفعل وأقوى، فدلّ على أن إبراهيم عليه السلام حيّا الملائكة بخير من تحيّتهم. قال تعالى: " وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا " (النساء: 86).
ومثل هذا إذا قلت: الحمد لله أو حمداً لله. فإن أهل البيان يفرّقون بين هذين القولين، ويعدّون التعبير بالرفع أقوى منه بالنصب. فإيثار الرفع على النصب الذي هو الأصل للإيذان بأن ثبوت الحمد له تعالى لذاته لا لإثبات مثبت، وأن ذلك أمر دائم مستمرّ لا حادث متجدّد.
ومثل ذلك قوله تعالى: " وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ " (النساء: 81) بالرفع، أي: أمرنا وشأننا طاعةٌ. فالرفع هنا يدلّ على ثبات الطاعة واستقرارها.
هذا هو السرّ في كون تحيّة الخليل - عليه السلام - للملائكة - عليهم التحيّة والثناء - أحسن من تحيّتهم له.
والله تعالى أعلم
ـ[الضاد1]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 05:44 م]ـ
اللهم لا تحرمنا علم هؤلاء الإخوة وحرصهم على أداء أمانته
وبوركت أخي لؤي؛ وصلت الفكرة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 06:23 م]ـ
حفظك الله لنا يا أستاذ لؤي(/)
هام لكل من يستطيع؟؟
ـ[كل الزين]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 01:42 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
كل الشكر اولا للقائمين على هذا الموقع الرائع 0: p ، والمفيد00
عندي طلب لكل من يقدر المساعده وهو:/
مطلوب بحث مختصر جدا لا يزيد عن صفحه او صفحتين عن:
العلالقة بين الأسلوب والبلاغة 00
او العلاقة بين: الاسلوب واللغة 0
علما بان هذا البحث يتبع مادة: اعلم الأسلوب، وأنا ادرسها بالفرقة الرابعة0
ولكم جزيل الشكر 0 ( ops
واتمنى أحد يساعدني جزاكم الله خير
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 02:31 ص]ـ
قد يفيدك هذا البحث:
أسلوب البحث ( http://www.balagh.com/mosoa/fonon/nn0rqv85.htm)
أو هذا الدرس المختصر:
من دروس البلاغة والنقد ( http://www.suhuf.net.sa/2001jaz/may/20/tl8.htm)
أو هذه السلسلة من الدروس:
في البلاغة والأسلوب ( http://droosnet.com/vb/showthread.php?t=35)
ـ[كل الزين]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 02:36 ص]ـ
تسلم على المجهود اخوي جزاك الله خير(/)
دور منزلة المعنى في الإطناب
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 02:07 م]ـ
دور منزلة المعنى في الإطناب
الإطناب هو أن تكون الألفاظ أكثر مما يؤدى به أصل المعنى المراد بحسب متعارف أوساط الناس، فهو عدول عن أصل المساواة من أجل الهدف المعنوي، فمنزلة المعنى وأهميته تقوم بدورها في عملية الإطناب.
ومن الإطناب قوله تعالى"فلا أقسم بمواقع النجوم*- وإنه لقسم- لو تعلمون –عظيم-* إنه لقراّن كريم*" اعترض بين الصفة والموصوف بقوله"لو تعلمون"،واعترض بقوله"وإنه لقسم لو تعلمون عظيم"بين القسم والمقسم عليه، ولولا الأهمية المعنوية للمعترض به لما فصل بين الصفة والموصوف على ما بينهما من قوة علاقة معنوية، وقد جاء الاعتراض من أجل التهويل والتشديد على عظمة القسم (المقسم عليه والمقسم به).
وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: يشيب ابن اّدم ويشيب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل" وقد جاء هذا التوشيع من أجل إيضاح وتفصيل الإبهام في قوله: خصلتان.
وقالت أعرابية لرجل: أذل الله كل عدو لك إلا نفسك" والاحتراس دفعها إلى أن تأتي بقولها"إلا نفسك" من أجل دفع توهم خلاف المقصود، لأن نفس الإنسان تأمر بالسوء فهي من أعدائه، ولكنها استثنتها عن طريق الاحتراس.
وقالت الخنساء: وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
لم تكتف بكونه علما أو جبلا، فجاءت بقولها "في رأسه نار، من أجل المبالغة.
والله أعلم(/)
البيان.
ـ[قريع دهره]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 07:59 م]ـ
السلام عليكم
موضوعي .. هو الحديث عن البيان
وتعريف البيان هو:
النطق الفصيح المعرِب .. أي المظهر عمّا في الضمير واظهار المعنى وإيضاح ماكان مستوراً قبله.
وموضوعه:
اللفظ العربي من حيث وضوح الدلالة على المعنى المراد
وغرضه:
تحصيل ملكة الإفادة بالدلالة العقلية وفهم مدلولاتها ليختار الأوضح منها مع فصاحة المفردات
وغايته:
الاحتراز عن الخطأ في تعيين المعنى المراد بالدلالات الواضحة
والألات البيان لمن أراد ان يمتلكها:
النوع الأول: معرفة علم العربية من النحو والتصريف.
النوع الثاني: معرفة ما يحتاج إليه من اللغة وهو المتداول المألوف استعماله في فصيح الكلام غير الوحشي الغريب ولا المستكره المعيب.
النوع الثالث: معرفة أمثال العرب وأيامهم ومعرفة الوقائع التي جاءت في حوادث خاصة بأقوام فإن ذلك جرى مجرى الأمثال أيضا.
النوع الرابع: الاطلاع على تأليفات من تقدمه من أرباب هذه الصناعة المنظومة منه والمنثورة والتحفظ للكثير منه.
النوع الخامس: معرفة الأحكام السلطانية الإمامة والإمارة والقضاء والحسبة وغير ذلك.
النوع السادس: حفظ القرآن الكريم والتدرب باستعماله وإدراجه في مطاوي الكلام.
النوع السابع: حفظ ما يحتاج إليه من الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلوك بها مسلك القرآن الكريم في الاستعمال.
هذه معلومات بسيطة عن البيان
جمعتها لكم
أتمنى أن تستفيدوا منها
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 08:24 م]ـ
شكر الله لك وضوح موضوعك .. وسلاسته .. فهو مهم لصاحب البيان
ـ[أبو سارة]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 05:21 م]ـ
شكر الله لك يا قريع دهره
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 05:28 م]ـ
الأخ الكريم قريع دهره
من حقّك أن نقول: شكرا على الموضوع الرائق.
ـ[قريع دهره]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 02:06 ص]ـ
أهلا بالوضحاء ..
أشكرك على تواجدك العطر
دمت بود أخي العزيز
ـ[قريع دهره]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 02:11 ص]ـ
العفو ياأباسارة ((متأكد أنها مفتوحة))
وأنا مقصر كثير في المنتدى
اعذروني
ـ[قريع دهره]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 02:32 ص]ـ
بديع الزمان ..
حري بنا أن نفخر بقدومك اخي العزيز .. وعلى تشريفك لنا
دمت بود(/)
الفرق بين كلالة وكلالة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 08:14 م]ـ
يقول تعالى في سورة النساء الآية 12: ? وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ?
و في الآية 176:? يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?
فما هو الفرق بين " كلالة " في الآية 12 وبين "الكلالة " في الآية 176
قال القرطبي في تفسيره
(ذكر الله عز وجل في كتابه الكلالة في موضعين: آخر السورة وهنا، ولم يذكر في الموضعين وارثا غير الإخوة. فأما هذه الآية فأجمع العلماء على أن الإخوة فيها عني بها الإخوة للأم؛ لقوله تعالى: "فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث". وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ "وله أخ أو أخت من أمه". ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم أو الأب ليس ميراثهم كهذا؛ فدل إجماعهم على أن الإخوة المذكورين في آخر السورة هم إخوة المتوفى لأبيه وأمه أو لأبيه؛ لقوله عز وجل "وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين" النساء: 176. ولم يختلفوا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا؛ فدلت الآيتان أن الإخوة كلهم جميعا كلالة. وقال الشعبي: (الكلالة ما كان سوى الولد والوالد من الورثة إخوة أو غيرهم من العصبة). كذلك قال علي وابن مسعود وزيد وابن عباس، وهو القول الأول الذي بدأنا به. قال الطبري: والصواب أن الكلالة هم الذين يرثون الميت من عدا ولده ووالده، لصحة خبر جابر: فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة، أفأوصي بمالي كله؟ قال: (لا).
دعني أوضح
(: ? وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ?
هذه هي الآية الوحيدة التي يتساوى فيها نصيب الذكر مع الأنثى
الأخ أو الأخت هنا يجب أن يكونا من جانب الأم فقط---يعني رجل مات ولا يوجد له ولد حي ولا والد--وللميت أخوة من جهة أمّه --أي أخوة من زوج آخر لأمه كان قبل ابيه أو بعده
---هنا هؤلاء الأخوة يشتركون في الثلث--ونصيب الذكر كنصيب الأنثى---
وإن كان أخ واحد أو أخت واحدة فلأي منهما السدس
أمّا الآية (? يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ?
فالرجل مات وليس له ولد ولا والد---وله أخت واحدة من أبيه فلها النصف---أمّا إن كانتا اثنتين فلهما الثلثان---وإن كان الورثة ذكورا وإناثا لهم الثلثان أيضا بحيث للذكر مثل حظ الانثيين(/)
بلاغة التشبيه في القرآن الكريم
ـ[الفارسي]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 09:16 م]ـ
بَلاغة التشبيه في القرآن الكريم - د. علي ميرلوحي فلاورجَاني1
*مقدمة:
إن فن التشبيه هو أحد الأركان الأساسية للبلاغة العربية وفصل هام من فصول الإعجاز البياني للقرآن الكريم ما زال ولا يزال موضع اهتمام مفكري علماء المسلمين الدائبين على معرفة بلاغة القرآن.
والذي نحن بصدده في هذا المقال ليس هو البحث عن أركان التشبيه ومسائلها وأحكامها؛ فقد كفانا علماء البلاغة مؤونة البحث عنها في كتبهم؛ بل الذي نهدف إليه هنا إثبات أمرين:
الأول: إن التشبيه فن من فنون التعليم وأسلوب من أساليب التفهيم ونقل المعاني العلمية والأدبية إلى الآخرين؛ كما يكون وسيلة لإثبات حقائق نظرية أو تجريبية؛ ولذلك يجب الاهتمام به في نطاق أوسع من نطاق الموضوعات التي كانت تحدده وتحصره حتى الآن، ومعرفة هذا الأمر مما لابد منه لورود صميم البحث عن بلاغة القرآن.
الثاني: إن القرآن استعمل التشبيه لتبين الحقائق العلمية والعملية والمحسوسة والمعقولة، وجعله وسيلة لإثباتها وإقامة البرهان لها؛ وبالتالي تكون أساليب التشبيه في القرآن خير شاهد على ما ادعيناه من عموم نطاقه وشموله المجالات العلمية والأدبية كافة:
ونبحث عن هذين الأمرين في قسمين:
القسم الأول: استخدام التشبيه أولاً كدليل لإثبات الحقائق وثانياً كأداة لإيضاح المعنى المقصود.
القسم الثاني: استعمال التشبيه في القرآن الكريم للغرضين المذكورين وبعد هذه المقدمة الوجيزة نبدأ مقالنا بتفصيل القسم كالآتي:
القسم الأول: استخدام التشبيه لإثبات الحقائق ولتوضيح المعنى. إن دراسة الأغراض التي ذكرها البلاغيون، للتشبيه لا تترك مجالاً للشك في أن الغرض الرئيسي من هذا الفن إما إثبات الحقائق أو تبيين مراد المتكلم وتوضيحه: فإنهم ذكروا فيما ذكروا من أغراضه:
1 ـ بيان إمكان المشبه بإيراد التشبيه كبرهان له؛ كما في قول الشاعر:
"فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال"
فقد أراد الشاعر أن يثبت لممدوحه "أنه فاق الأنام وفاتهم (3). إلى حد بطل معه أن يكون بينه وبينهم مشابهة ومقاربة؛ بل صار كأنه أصل بنفسه وجنس برأسه، وهذا أمر غريب، وهو أن يتناهى بعض أجزاء الجنس في الفضائل الخاصة به إلى أن يصير كأنه ليس من ذلك الجنس، وبالمدعى له حاجة أن يصحح دعواه في جواز وجوده على الجملة إلى أن يجيء إلى وجوده في الممدوح؛ فإذا قال: (فإن المسك بعض دم الغزال)، فقد احتج لدعواه وأبان أن لما ادّعاه أصلاً في الوجود" (4).
والأغراض الثلاثة الباقية يعود أمرها إلى الإيضاح والتبيين وتفهيم المعنى وتقريبه إلى ذهن السامع أو قلبه بأخصر بيان وأبلغ كلام؛ فإذا قال القائل:"هو كالراقم على الماء" (5) في تقرير حال من لا يحصل من سعيه على طائل، فقد أخرج المعنى من صورته المعقولة إلى صورة مشابهة لها محسوسة، ووضعه على مسرح الحس والعيان، وفي تبيين مقدار حال المشبه في قوله تعالى: (الزجاجة كأنها كوكب درّيٌّ ((6). ينتقل المخاطب والسامع من الوصف بالسماع إلى الرؤية بالأبصار، وهذا غاية في البلاغة والبيان، وكذا يحصل للسامع في بيان حال المشبَّه في قوله ـ تعالى ـ: (يوم نطوي السماء كطي السِّجل للكتب ((7). من تصور حال المشبَّه ووضوحه مالا يخلفه أي تعبير ولا يسد مسدَّهُ أي بيان.
وقد ذكروا من أغراض التشبيه أيضاً تزيين المشبَّه أو تشويهه أو استطرافه (8)، ولا يخلو أي منها من إفادة بيان وتوضيح.
فتبين بما ذكرنا أن أغراض التشبيه كلها تدور حول محورين أساسيين:
الأول: استخدامه كبرهان لإثبات الحقائق.
الثاني: الاستفادة منه كأحسن أداة لنقل المعنى إلى السامعين بحيث يفهمونه في أول ما يلقى إليهم مقروناً بالتشبيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
والتشبيه نظراً إلى المحور الأول يتلاقى هو والتمثيل في "علم المنطق": بيان ذلك: أن البرهان حسب تقسيم المنطقيين ينقسم إلى ثلاثة أقسام: "القياس، والاستقراء، والتمثيل"، ويقصدون بالتمثيل: تشبيه جزئي بجزئيٍِ في معنى مشترك بينهما، ليثبت في المشبه الحكم الثابت في المشبه به المعلَّل بذلك المعنى؛ وبعبارة أخرى: المقصود به بيان مشاركة جزئيٍ لجزئيٍ آخر في علة الحكم ليثبت فيه ذلك الحكم (9)، كما يقال: "النبيذ حرام لأن الخمر حرام". وقد ثبتت عليّة الإسكار للحرمة بدليل الدوران والترديد (10)، فالتمثيل في الحقيقة داخل في إطار التشبيه، كما وأن التشبيه يمكن أن يعتبر من مقولة التمثيل: والنسبة بينهما عموم وخصوص مطلقاً، فكل تمثيل تشبيه، وبعض التشبيه ليس بتمثيل2، ويتميز التمثيل بأن ما يشترك فيه طرفاه يجعل بدليل الدوران والترديد علة لتعدية الحكم الثابت للمشبه به إلى المشبه؛ فقول الشاعر:
"وكم أب قد علا بابن ذُرى شرفٍ كما علت برسول الله عدنان" (11)
ـ قوله هذا يتحول إلى تمثيل هكذا: بعض الآباء يعلو بأبنائهم؛ لأن عدنان علت برسول الله، وأركانه الأربعة هي:
1 ـ الأصل أو المشبَّه به وهو "عدنان".
2 ـ الفرع أو المشبَّه وهو "بعض الآباء".
3 ـ الوصف المشترك بينهما أو الجامع، وهو "الانتساب إلى الأبناء".
4 ـ النتيجة، وهي الحكم بعلو بعض الآباء بأبنائهم.
وتعتمد هذه النتيجة قوة وضعفاً على مستوى صلاحية الوصف لأن يكون علة للحكم.
إن اشتراك المنطقيين والبلاغيين لا ينحصر في مجال التمثيل؛ فهما يتواردان على قسيم التمثيل وهو الاستقراء؛ فإن الاستقراء عبارة عن تصفّح الجزئيات لإثبات حكم كلي (13)؛ فالمستقرئ عندما يتصفح جزئيات ما يدخل تحت نوع واحد أو جنس واحد ويصل إلى نتيجة واحدة في غالب الجزئيات أو أغلبها، يحكم بثبوتها لجميع الجزئيات، والذي ينتهي به إلى هذا الحكم الكلي في الحقيقة اشتراكها في المعنى الكلي، أو بتعبير آخر مشابهتها في الجنس أو النوع، وهي مشابهة ذكرها علماء البلاغة في أقسام وجه الشبه (13).
المحور الثاني من المحورين الأساسيين اللذين يدور حولهما أغراض التشبيه هو الإيضاح والتفهيم بأخصر بيان وأبلغ كلام، فنقول هناك حالتان ترجع إحداهما إلى نفس المعنى خفاءً وغموضاً أو ظهوراً ووضوحاً، والأخرى إلى المخاطب بلادة وغباوةً أو ذكاءً وتوقداً.
فإذا كان المعنى واضحاً وظاهراً وتريد أن تجعله أظهر وأوضح، تأتي بتشبيه يوضح ما في ذات المشبه من الغرائز أو خارج ذاته من العوارض والأوصاف: فتقول: "هو كالأسد في الشجاعة"، و"هذا أبيض كالثلج"، و"وجهه كالبدر"، وغيرها، وهذا النوع يستعمل في الأغراض المتداولة كما يستعمل في المقاصد العلمية. وإذا كان المعنى غامضاً وخفياً وتريد أن تجعله ظاهراً وواضحاً تأتي بتشبيه لتخرج الخفي والغامض في صورة الجلّي والواضح؛ كما في إخراج ما لا يقع عليه الحاسّة إلى ما يقع عليه كقوله تعالى: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بِقِيعِة ... (. وكما في إخراج ما لم تجرِ بهِ العادة إلى ما جرت بهِ، نحو قوله تعالى ـ: (وإذا نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظُلَّة ((15)، وكما في إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة في الصفة. نحو قوله تعالى ـ: (وله الجَوارِ المنشآت في البحر كالأعلام (. (16).
وإذا كان المخاطب غبياً بليداً ترعى مقتضى حاله وتأتي بتشبيه بسيط كي يفهم المعنى، وكلما كان أغبى زدت في وضوح التشبيه، وإن كان المخاطب ذكياً متوقداً وتريد أن تسبر غور فهمه وذكائه أو تثير إعجابه وتحسينه، فتأتي له بتشبيه يحتاج إلى التأوّل الذي يتطلب تأمل المخاطب ودقته وهو ما يسمى بالتمثيل3. ويقول الإمام الجرجاني في البحث عنه ما ملخصه: "ثم إن ما طريقه التأويل يتفاوت تفاوتاً شديداً فمنه مايقرب مأخذه ويسهل الوصول إليه ويعطي المقادة (17)، طوعاً حتى أنه يكاد يداخل الضرب الأول [وهو التشبيه الذي لا يحتاج إلى التأول] مثل تشبيه الحجة بالشمس في إزالة الحجاب، ومنها ما يحتاج فيه إلى شيء من التلطّف وهو أدخل قليلاً في حقيقة التأول وأقوى حالاً في الحاجة إليه، كما في تشبيه ألفاظ الكلام بالعسل في الحلاوة، ومنه ما تقوى فيه الحاجة إلى التأول حتى لا يعرف المقصود من التشبيه فيه ببديهة السّماع كقول القائل: "هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها" (18).
(يُتْبَعُ)
(/)
وصفوة القول في هذا القسم أن التشبيه يستخدم إما كبرهان لإثبات المدعى وهوما يسمى في علم المنطق بالتمثيل ويمكن أن يسمى في علم البلاغة بالتشبيه البرهاني وإما كأحسن أداة لإيضاح المعنى المقصود وهو مايمكن أن يسمى بالتشبيه البياني.
وبعد هذا البحث الموجز حول الغرضين الرئيسيين للتشبيه آن لنا أن ندخل صميم الموضوع، وهو بلاغة التشبيه في القرآن الكريم كما وعدنا أن نبحث عنه في:
القسم الثاني: استعمال التشبيه في القرآن:
1 ـ لإثبات الحقائق.
2 ـ ولتوضيح المعنى.
ألف ـ أما استعماله لإثبات الحقائق، فيجب القول بأن هذا النوع مع ماله من الأهمية في البحث عن الأساليب البيانية في كلام الله ـ سبحانه ـ لم يحظ بعناية من علماء البلاغة، ولم يعيروه اهتماماً أو أغفلوا عنه، فهذا العالم الفاضل البارع ابن ناقيا البغدادي قد ألَّف كتاب "الجمان في تشبيهات القرآن"، ولم يذكر شيئاً من تشبيهاته البرهانية.
ولعل السبب الذي حمل ابن تاقيا ومن حذا حذوه أن يترك هذا النوع هو أن البحث عن بلاغة القرآن وإعجازه البياني يستلزم المقايسة والمقارنة وبالتالي تنزيه كلام الله ـ تعالى ـ عن أن يكون له نظير أو شبيه من كلام البشر، وما يوجد في كلام فصحاء العرب وشعرائهم إنما يكون غالباً من نوع التشبيه البياني؛ ولذلك صرف البلاغيون جلَّ اهتمامهم إلى الكشف عن بدائع التشبيهات البيانية دون البرهانية منها.
ومهما يك من أمر هؤلاء العلماء وتركهم التشبيهات البرهانية فقد وقع في روعي أن أفكر فيها وأبحث عنها وأفتح طريقاً جديداً أمام الملمين بتشبيهات التنزيل العزيز.
ولا يمكنني في هذا المقال أن أفصِّل القول فيها، ولذلك أحاول أن أعرض على القارئ الكريم نماذج منها في الموضوعات المختلفة كالآتي:
1 ـ إثبات توحيد الله ـ سبحانه ـ بالتشبيه البرهاني:
من الواضح أن إثبات التوحيد بالتشبيه البرهاني لا يتأتّى إلا في القضية السالبة لا الموجبة؛ لأنه ـ تعالى ـ بالبرهان العقلي وبالدليل النقلي كما في قوله ـ سبحانه ـ: (ليس كمثله شيء لله (19) تنزه عن أن يكون له مثل أو نظير فكيف يمكن إثبات وحدانيته بالقياس إلى غيره قياساً إيجابياً. أما إثبات توحيده بالتشبيه البرهاني وفي قضية سالبة تقرن بدليل ينفي المشابهة والمماثلة بين الله وغيره فهذا أمر ممكن؛ ومما جاء منه في كلام الله تعالى قوله: (أفمن يخلق كمن لا يخلق ... ((20).
فقد نفى لله حكم المساواة والمماثلة بين طرفي التشبيه المفروض وقرن به العلّة وهي تضادّ الطرفين في أن المشبه المفروض قادر على الخلق والمشبه به المفروض غير قادر عليه؛ فينتفي بذلك المشابهة (21)، فعلى هذا لا نحتاج إلى تكلف حمل التشبيه في الآية الكريمة على التشبيه المقلوب حسب زعم المخاطبين بالآية وهم المشركون (22)؛ لأن الكلام ليس في مقام ترجيح أحد طرفي التشبيه، بل في مقام افتراض تسوية المخلوق بالخالق والأصنام والأوثان برب العالمين ونفيها بالاستفهام الإنكاري.
ويعضد ما بينّاه من معنى التشبيه في الآية قوله ـ تعالى ـ في سورة أخرى (أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ((23) فقد بيّن الله ـ تعالى ـ أنَّ ما يمكن أن يجعل علة لاتخاذ شريك له في العباد هو القدرة على الخلق، وهي منتفية من المخلوق بالوجدان والبداهة، وهذه العلة هي نفس ما يشعر به قوله: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلِقُ (، وقوله بعد آية: (والَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلِقُونَ شَيْئَاً وهُمْ يُخْلَقُون ((24)، وكذلك يقوّي ما ذكرناه قوله ـ تعالى ـ حكاية عن المشركين مخاطبين آلِهَتَهم ـ: (تاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِيِ ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَلَمِينَ ((25).
3 ـ إثبات المعاد بالتشبيه البرهاني:
ألف: قيس العود بالبدء؛ كما في قوله ـ تعالى ـ: (كَمَا بَدَأكُمْ تَعُودُون ((36)، فيؤوّل الكلام إلى: "عودكم ممكن ومحقق في المستقبل؛ لأن خلقكم أول مرة كان جائزاً وقد تحقق"، فقد شبه العود بالبدء في الحكم بجوازه وإمكانه بسبب أمر مشترك بينهما، وهو استغراب الوجود في البدء والعود أولاً وإزالته بالتعقل والتفكر في قدرة الله التي بها يزول كل استغراب وإليها ينتهي أمر كل خلق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وجاء في القرآن آي أخرى قد قيس فيها أمر العود بالبدء بالتشبيه البرهاني؛ منها:
قوله تعالى: (كما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِدُهُ ((27) وغيرها (28).
ب: قياس إحياء الموتى بإحياء الأرض؛ كما في قوله ـ تعالى ـ: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا اَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأنْزَلْنا بِهِ الماءَ فَأَخْرَجْنَا بهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى ((19)، والتشبيه البرهاني أو التمثيل المنطقي في هذه الآية هو: "إحياء الموتى ممكن ومحقق، والجامع بينهما هو الاستغراب المرتفع بالتأمل في قدرة الله تعالى.
ومن الآي التي يستنبط منها هذا البرهان قوله ـ تعالى ـ: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الميِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ ويُحْيْي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وكذلك تُخْرَجُون ((30)، وآيات أخرى (31).
3 ـ إثبات قدرة الله ـ تعالى ـ بالتشبيه البرهاني:
وقد هدى الله ـ سبحانه- العباد على قدرته بإيراد التشبيه البرهاني كما في قوله: (إِنْ يَشَأ يُذْهِبْكُمْ ويَسْتَخْلِف مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كما اَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرينَ ((32)؛ فقد قيست قدرته على إذهاب المخاطبين واستخلاف ما يشاء من الخلق بعدهم ـ قيست قدرته تلك بإنشائهم من ذرية قوم آخرين.
ومن هذا القسم قوله ـ تعالى ـ: ( ... ويُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وعلى ِآلِ يَعْقُوبَ كما أتَمَّها على أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ ... (. (33). وآيات أخرى (34).
والتشبيهات البرهانية هذه، ليست بقليلة في القرآن الكريم ولا يسعنا في هذا المجال استيعاب جميعها، فنكتفي بالنماذج المذكورة وندع تفصيلها لفرصة أخرى.
ب: التشبيهات البيانية في القرآن الكريم.
ورد في التنزيل تشبيهات لا في مقام الاستدلال على وجود شيء أو إثبات حكم لموضوع؛ بل في مقام التوضيح والتبيين اللذين لا ينحصران في الحالات المعدودة التي ذكرت في كتب البلاغة؛ بل يشملانها وغيرها مما وجدت إلى بعضه سبيلاً؛ منه:
1 ـ تقريب المعنى إلى نفس المخاطب وتصويره في خياله، وذلك في مقام وصف نعيم الآخرة أو عذابها وما أعد فيها للمطيعين وأصحاب الجنة أو العاصين وأصحاب النار؛ فبما أن أنواع النعمة أو العذاب في الآخرة لا تكون من جنس نعيم الدنيا أو عذابها، فلا يمكن تشبيه إحداهما بالأخرى إلا على سبيل التقريب؛ كوصف الحور والغلمان والأكواب والآنية وغيرها (35).
2 ـ التسوية بين الشيئين المماثلين في الحكم أو الأثر (36).
3 ـ المكافأة والمجازاة.
ولا يفيد هذا المعنى من أدوات التشبيه إلا"الكاف" نحو قوله ـ تعالى: (وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيراً ((37)، وقوله ـ سبحانه ـ: (وأحسن كما أحسن الله إليك ((38)، وقوله ـ عز وجل ـ: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ((39)، و (40).
هذه هي بعض ما استطعت أن أجد له سبيلاً من الأغراض البيانية المصوغ لها بعض التشبيهات القرآنية، ولعلنا إذا أنعمنا النظر في كلام الله ـ سبحانه ـ نستطيع أن نكشف النقاب عن بعضها الآخر.
وكما أشرنا سابقاً لم يهتم علماء البلاغة في بحثهم عن تشبيهات القرآن إلا بالتشبيهات البيانية، سواء في بحوثهم العامة عن البلاغة، أو فيما خصوه ببلاغة القرآن وتشبيهاته؛ وممن خصص كتاباً بها ابن ناقيا البغدادي الذي سبق ذكره وذكر كتابه "الجمان في تشبيهات القرآن".
ويمتاز هذا الكتاب باستخدام الأسلوب النقدي في عرض بلاغة أكثر التشبيهات: أعني أنه أولاً يعرض تشبيه الآية وبراعتها وبهاءها وما استطاع أن يستنبط من محسَّناتها ثم يتبعه بإيراد تشبيهات من نفس التشبيه في أشعار العرب، ويذكر أحياناً محاسنها وما يؤخذ عليها، وبالتالي يصل القارئ نتيجة هذا العرض والإيراد إلى أنه لا يمكن قياسها بتشبيهات القرآن ويتبين له أن مافي القرآن فريد في نوعه لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن.
وربما يصرح بهذه النتيجة المفهومة والمستنبطة من أسلوبه النقدي؛ فهو مثلاً بعد ذكره تشبيه الآية: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدُّ قسوة ((41)، ونقله أبياتاً من شعراء العرب وقع فيها هذا التشبيه، يقول: "ومعنى التشبيه بعد أن أتم وأوفى وأعلى بقوله ـ تعالى ـ: (وإن منها لما يهبط من خشية الله .... (. (42)؛ وكذلك بعد نقل تشبيه الآية الكريمة: (وعندهم قاصرات الطَّرِفِ عينٌ كأنَّهُن بَيضٌ مكنون (. (43)، وذكر شعر عدي بن زيد العبادي المتضمن لنفس التَشبيه (44) ـ بعد ذلك كله يقول: " ........... إلا أنه لم يوصف البَيض في هذا الباب بأحسن ولا أجمع لمعاني الوصف مما نطق به التنزيل؛ فإن لفظة "مكنون" متضمنة معنى السلامة والخلوص من جميع العوارض التي تنتقص رونقه وتشين بياضه وتكسف بهاءه ... " (45). ويزيد تأكيداً لما بيّنه من محاسن كلام الله: "وعلى إكثار الشعراء من تشبيه النساء ووصفه بما يدل على حال المشبَّه به، فما أتوا ببلاغة تشبيه القرآن ولا قدروا على نقل لفظة [المكنون]. من هذا المكان وقد أطالوا وأقصروا وأوردوا وأصدروا .... ". (46). وينقل جملة من أشعار الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين في مثل ذلك التشبيه، وبينها وبين التشبيه في كلام الله بون لا يتصوره مداه وغور لا يدرك منتهاه.
فابن ناقيا يعدّ بحق أول من فتح الطريق أمام من يريد دراسة بلاغة القرآن بالنقد والتحقيق، وكتابه "الجمان" يعد من أهم مصادر تشبيهات القرآن، وندع ا لبحث عن محاسنه وما يؤخذ عليه لوقت آخر إن شاء الله تعالى؛ وهو الموفق للسداد، ونرجو في جميع أمورنا منه الرشاد.
انتهى بتوفيق الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سارة]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 02:11 ص]ـ
الأخ الفارسي سلمه الله
أرى بين ثنايا الموضوع بعض الأرقام المتناثرة بدأت بالرقم (3)،لعلها أسماء مصادر نسيتَ إدراجها!
دمت بخير(/)
خير القلائد في بلاغة الفرائد
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 03:22 م]ـ
خير القلائد في بلاغة الفرائد
لقد كان القرآن الكريم ولا يزال محوراً لكثير من الدراسات المتنوعة , وعلى الرغم من كثرة هذه الدراسات , وتنوع اتجاهاتها إلا أنها مازالت قاصرة وستظل عن الإحاطة ببلاغة هذا الكلام , وأسراره.
ومن المجالات التي تحتاج إلى استفراغ الجهود , وبذل المعهود واللامعهود من البحث , والدراسة قضية الفرائد القرآنية.
أعني: الأشياء التي لم تذكر في القرآن إلا مرة واحدة.
فما هي الأسرار الكامنه خلف ذلك؟
إن ملاحظة العين للقريب , والشبيه , والنظير أمر سهل لايحتاج إلا إلى فكر قليل , ونظر بسيط , ووقت محدود , فالنفس دائماً تلحظ بسرعة وجه الشبه , وتلك فطرة فطر الله الناس عليها , ولذلك تعددت الدراسات في هذه المتشابهات , والمتناظرات , وقد أولت البلاغة العربية
لصور التشابه جل اهتمامها , بل إنك إذا نظرت إلى علم البيان , وهو ثلث علوم البلاغة
لوجدت أنه قائم على ملاحظة هذا التشابه , بداية من باب التشبيه , ثم الاستعارة , وهي في الأصل تشبيه , ثم الكناية وهي باب لا يخلوا في جوهره من مشباهة.
أقول هذا موجود بكثرة في البلاغة العربية , لكن الأعلى منه في نظري والأكثر دقةً ولطفاً أن
نحاول النظر إلى الأمور المتفردة , والتي لا مثيل لها في القرآن الكريم.
إن الوردة الحمراء وسط بستان من الورد الأبيض لابد أن تجذب الانتباه , والجمل الأورق وسط الجمال البهم ينال الحظ الأوفر من العناية والملاحظة , والمتفرد في كل شيء يستحوذ على اهتمام كل ناظر.
فمن الناس من يبعث يوم القيامة أمةً وحده.
ومن الأنبياء من يأتي يوم القيامة , ولم يؤمن به أحد.
ومن الشجر شجرة واحدة مثلها مثل المؤمن.
كل ذلك نجد فيه التفرد مسيطراً على القلوب , ومستولياً على الأفئدة.
والتفرد هنا يشمل:
1 – تفرد القصة.
2 – تفرد الصورة.
3 – تفرد الجملة.
4 – تفرد الكلمة.
وإليك بعض النماذج:
[تفرد قوم يونس]
إن إيمان قوم يونس جميعاً بعد كفر , لم يحدث لقوم قبلهم أو بعدهم , يقول أستاذنا محمود توفيق " أعزه الله ": [هي المثل الوحيد البارز للقوم الذين يتداركون أنفسهم قبل مباغتة العذاب لهم , فيثوبون إلى ربهم , وفي الوقت سعة. .
وهم وحدهم في تاريخ الدعوات الذين آمنوا جملة بعد تكذيب , فكشف عنهم العذاب الذي أوعدهم به رسولهم , قبل وقوعه بهم , كما هي سنة الله في المكذبين المصرين.]
والبحث عن الأسرار الكامنة خلف هذا الإيمان , ومحاولة ربط ذلك بقصتهم المبثوثة في القرآن الكريم , وربط كل ذلك بتسمية سورة قرآنية باسمهم مع أنهم ذكروا فيها في آية واحدة وهي قوله تعالى: (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) (يونس:98)
أقول إن البحث عن هذا كله سيخلق لنا بلاغة ماتعة , لم نتعاهدها من قبل.
كذلك قصة البقرة حيث لم تذكر إلا مرة واحدة في سورة البقرة , وقصة هاروت وماروت , وفي سورة الكهف قصة الخضر عليه السلام مع سيدنا موسى.
وفي باب الشريعة نجد أحكام الديون لم تذكر إلا مرة واحدة.
وفي شأن الألفاظ نجد مثلاً كلمة (ضيزى) وكلمة (أبا ً) .... وغير ذلك كثير.
[ودراسة مثل هذا يكشف لنا- كما يقول أستاذنا - عن بعض معالم الروح المهيمن على السورة وبه يتبين الوجه البلاغي في عدم تصريف هذه المعاني والألفاظ في سور أخرى ..... وأن هناك علاقة بين هذه المعاني والألفاظ ومقصود السورة.]
ذاك بحث أطرحه للمشمرين عسى الله تعالى أن يقيض له من يوفيه حقه , والدال على الخير كفاعله
والله من وراء القصد
دكتور / سعيد جمعة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 05:30 م]ـ
هل الدكتور سعيد جمعة بيننا أم أن الأخ المليجي ينقل عنه؟
ـ[أبو سارة]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 02:37 ص]ـ
أهلا أبا أنس
جزيت خيرا على هذا الموضوع الماتع، ولدي سؤال أرجو أن تتفضل بالإجابة عليه: هل يفهم من كلامك أن الأشياء المكررة في القرآن ليس فيها أسرار أو تعتبر أقل أهمية؟
ولك مني خالص التحايا
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 09:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا , وبداية أحب أن أنوه بأن سعيد جمعة هو أبو أنس المليجي.
وأما استفسار الأخ الكريم عن الآيات المتشابهة , فالأصل أن القرآن الكريم كله معجز لا يشك في هذا أحد من أهل الدين الصحيح , وأن الإعجاز في المتشابهات لا يقل عن الإعجاز في الانفرادات , لكن الذي يحتاج الآن إلى دراسة وتمحيص هو الانفرادات , بعد أن أخذت المتشابهات اهتماماً لا بأس به في السابق.
ولعل السر في ذلك قرب المتشابهات من العين والسمع والعقل ,فهي حبات عقد متشابهة , ولقد صال العلماء وجالوا في هذه الحبات والتي تبقى بعد هذا هي فريدة العقد , ذاك ما أقصده والله يوفق الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 09:26 م]ـ
سعيد بوجودك يا أبا أنس بيننا----لقد ذكرتني بالبطل محمود المليجي:) ---ا
ـ[أبو سارة]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 10:19 م]ـ
الفاضل/ أبو أنس
جزاك الله خيرا، ويسعدنا أن ننهل من بحر علمكم الزاخر.
دمت موفقا مسددا(/)
"الضلال " في حق موسى عليه السلام
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 09:53 م]ـ
قوله تعالى (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ) فهو قول على لسان فرعون وهو لا يعني قطعا الكفر بالله -ولا حجّة في قول على لسان كافر ---إنّما يعني أنّك يا موسى فعلت فعلتك وأنت كافر بدين فرعون
نقل الطبري ما يلي (
وَقَوْله: {وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ} اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ عَلَى دِيننَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 20201 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ: ثَنَا عَمْرو , قَالَ: ثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ: {وَفَعَلْت فَعْلَتك الَّتِي فَعَلْت وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ} يَعْنِي عَلَى دِيننَا هَذَا الَّذِي تَعِيب)
أمّا قوله على لسان موسى (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ)
ضلّ تعني كفر مجازا---و أصل الكلمة يعني عدم الإهتداء في الطريق أو الضياع
قال الزمخشري
(ض ل ل
ضل عن الطريق وعن القصد يضل ويضل، وضل الطريق، وأضله غيره وضلله. وضللت بعيري إذا كان معقولاً فلم يهتد لمكانه، وأضللته إذا كان مطلقاً فمرّ ولم تدر أين أخذ. وأضللت خاتمي. وأرض مضلة.
ومن المجاز: ضل في الدين، وهو ضال وضليل وصاحب ضلال وضلالة ومضلل.
)
وقال الجوهري في الصحاح
(ضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً، أي ضاع وهلَك.)
على هذا فإن قوله تعالى على لسان موسى (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ) أي من التائهين في طريق البحث عن الحق---فهو ضائع طالما لم يهتد إلى الحق(/)
دور منزلة المعنى في القصر
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 02:45 م]ـ
دور منزلة المعنى في القصر
القصر: تخصيص أمر باّخر بطريق مخصوص، ويقوم القصر على منزلة المعنى وأهميته، بغض النظر عن طريقة القصر.
فعندما نقول: ما شوقي إلا شاعر، فإننا ننفي عن شوقي كل شيء إلا قول الشعر، وبهذا نقصرالموصوف على الصفة، أو المبتدأ على الخبر فإن أردنا أن نقصر قول الشعر على شوقي، فإننا نقول: ما شاعر إلا شوقي، وبهذا نقصر الصفة على الموصوف، أو الخبر على المبتدأ، ويمكن أن نلاحظ الحركة التبادلية بين موقعي الصفة والموصوف، حيث يتقدم الموصوف أو الصفة بمنزلة المعنى نحو حرف النفي، ويتأخر الاّخر بمنزلة المعنىإلى ما بعد (إلا) من أجل أن تترتب الكلمات بحسب الحاجة وقوة العلاقة المعنوية فيما بينها، حيث ننفي كل شيء عن المقصور ونثبت له ما بعد (إلا) المقصور عليه، وتخصيص ما قبل إلا بما بعد إلا.
وعندما نقول: إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ، فإننا نقصر خشية الله على العلماء، وإن قلنا: إنما يخشى العلماءُ اللهَ، فإننا نقصر خشية العلماء على الله، وفرق بين المعنيين، وفي المرة الأولى قصرنا الفعل على الفاعل، وفي الثانية قصرنا الفعل على المفعول، وفي الحالتين يتقدم المقصور بمنزلة المعنى ويتأخر المقصور عليه، وقد ترتبت الكلمات بحسب قوة العلاقة المعنوية.
وعندما نقول: محمد مجتهد لا كسول، فإننا نثبت لمحمد صفة الاجتهاد وننفي الكسل، وإن عكسنا وقلنا: محمد كسول لا مجتهد، فنكون قد أثبتنا صفة الكسل ونفينا الاجتهاد. وكذلك، عندما نقول: ما محمد مجتهد بل كسول، فإننا ننفي الاجتهادعن محمدونثبت صفة الكسل، وإن عكسنا وقلنا: ما محمد كسول بل مجتهد، كان المعنى بعكس الأولى. ومثل ذلك: ما محمد مجتهدلكن كسول، وما محمد كسول لكن مجتهد، والاختلاف في المعنى نابع من منزلة المعنى بين الكلمات.
وعندما نقول: إياك نعبد، فإننا نقصر العبادة على الله وحده عن طريق تقديم ما حقه التأخير حيث يتقدم المتأخر بمنزلة المعنى، من أجل الغرض البلاغي.
والله أعلم
.(/)
خَرَّ مِنَ السَّمَاء
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 04:16 م]ـ
قوله تعالى (حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (الحج 31)
الآية فيها تشبيه مركب فقد صور المشرك في شركه كالمتردي في مهاوي الهلاك فإمّا ن يتوزع جسده ممزقا في حواصل الطيور الجوارح فلا يمكن أن نجد لجسده أثرا---أو أنّ سقوطه يحصل في واد سحيق لا يصل إليه احد فلا نجد لجثته أثرا
أمّا الّتخطف فهو ليس حملا للجسد حال سقوطه--أي وهو ساقط --فهذا ما لا تتمكن الطير من فعله
أنّ المقصود بالتخطف هو نزع اجزاء من جسده خطفا بعد وصوله إلى الأرض جثة هامدة--وهو عمل مشاهد تقوم به الطير حال عثورها على جثة ملقاة
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 09:26 م]ـ
أستاذي جمال، كلامٌ قيِّم. ولللللللللك - - - - - ن. سؤال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا جاء الفعل خَرَّ بصيغة الماضي ولم يأتي مضارعاً ولا سيما أن الفعل السابق له ومن يشرك بالله جاء مضارعاً؟(/)
لم أجد مراجع
ـ[الموج الهادي]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 04:54 م]ـ
أريد مراجع في هذه المواضيع: السلب والايجاب
الإبداع ___ القول بالموجب ___ الاستتباع ___ الطي والنشر __ التطريز __ الانسجام أو السهولة
لأني لم أجد لها مراجع واريد المساعدة فورا وبدون تردد هذه المواضيع أفرع علم البديع(/)
الاستعارة عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[26 - 09 - 2005, 02:55 م]ـ
الاستعارة عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
الاستعارة: استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة بين المعنى
المنقول عنه والمعنى المستعمل فيه، مع قرينة مانعة من إيراد المعنى الأصلي.
وذلك كقولنا: يزأر الجندي في عرينه، وهي استبدال لجملة:
: يزأر الأسد في عرينه،
وقولنا: يضحك البحر في القصر، وهي استبدال لجملة:
: يضحك الأمير في القصر، فكلمتا
الجندي والبحر استعملتا بالمعنى المجازي بسبب وجود علاقة
المشابهة بين الجندي والأسد، وبين الأمير و البحر، لأن الجندي بالمعنى الحقيقي
لا يزأر بل يزأر بالمعنى المجازي وهو الأسد، والبحر لا يضحك بالمعنى
الحقيقي، وإنما يضحك بالمعنى المجازي، وهو الأمير.
وجملة: الجندي يزأرفي عرينه، مبنية على الفعل يزأر، وكان من المفروض
أن أختار إلى جانبها كلمة الأسد، لتكون الجملة على سبيل الحقيقة، ولكن عدلنا
عن أصل الاختيار وأتينا بكلمة الجندي بسبب وجود علاقة المشابهة بين الجندي
والأسد، مما أدى إلى نقل كلمة الجندي من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، وهو
الأسد، بسبب علاقة المشابهة بينهما في ذهن المتكلم، ودليل عملية الاستبدال
هو القرينة المانعة من إيراد المعنى الأصلى.
وجملة: يضحك البحر في القصرمبنيةعلى الفعل يضحك، وكان من
المفروض أن نأتي بكلمةالأمير لتكون الجملة على سبيل الحقيقة، ولكن عدلنا
عن أصل الاختيار بسبب وجود علاقة المشابهة بين الأمير والبحر
مما أدى إلى نقل كلمة البحر من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي
وهوالأمير، بسبب علاقة المشابهة بين الأمير والبحر في ذهن المتكلم ودليل
عملية الاستبدال هو القرينة المانعة من إيراد المعنى الأصلى، فالبحر
لا يضحك بالمعنى الأصلي، وإنما يضحك بالمعنى المجازي وهو الأمير.
والهدف من عملية نقل الكلمة من معناها الحقيقي إلى المعنى المجازي
هو الهدف المعنوي وهو التشبيه.
وقد تقترن الاستعارة بما يناسب المعنى المجازي والمعنى الحقيقي، وفي هذه
الحالة يتقدم ما يناسب المعنى المجازي، على ما يناسب المعنى الحقيقي، لأن
عملية التشبيه قد تمت في ذهن المتكلم، فيأتي بما يتناسب مع المعنى المجازي
وذلك بحسب الحاجة والأهمية المعنوية، كقول الشاعر:
لدى أسد شاكي السلاح مقذف له لبد أظفاره لم تقلم
فجاء أولا مع ما يتناسب مع المعنى المجازي للأسد وهو (الممدوح أو الرجل)
فقال: شاكي ........ إلخ، ثم أتبعه بما يتلاءم مع المعنى الحقيقي، وهو الأسد
الحقيقي، فقال: له لبد ....... إلخ.
والله أعلم(/)
العدول عن أصل الاختيار بين الماضي والمضارع بالضابط المعنوي
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[26 - 09 - 2005, 02:57 م]ـ
العدول عن أصل الاختيار بين الماضي والمضارع بالضابط المعنوي
يعبر القراّن الكريم عن المضارع بلفظ الماضي، وعن الماضي بلفظ المضارع، حيث يحصل العدول عن أصل الاختيارمن أجل الهدف المعنوي، وذلك كما في الأمثلة التالية:
قال تعالى" أتى أمر الله فلا تستعجلوه ......... "وهذه الاّية استبدال لجملة:
" يأتي أو سيأتي أمر الله فلا تستعجلوه .......... ".
ولكن عدل عن أصل الاختيار من أجل التنبيه على تحقق الوقوع، وكأن القادم قد حصل بالفعل.
وقال تعالى"لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم" وهذه الاّية استبدال لجملة:
" لو أطاعكم في كثير من الأمر لعنتم".
ولكن عدل عن أصل الاختيارمن أجل الدلالة على الاستمرار، أي: لو استمر على إطاعتكم لهلكتم.
وهذا يعني أن الاختيار نابع من الحاجة والأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
والله أعلم(/)
الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 09 - 2005, 05:41 ص]ـ
:::
قوله تعالى
"الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ"
فيه نكتة بلاغية ماتعة---وهي أنّ المفعول الثانى متروك---فمن الذي الرَّحْمَنُ عَلَّمَه القُرْآنَ؟؟
هل هو جبريل عليه السلام؟
هل هو محمد:=؟
هل هو الإنسان بشكل عام؟
والذي يميل المرء إليه أنّ المفعول الثاني هو الإنسان بشكل عام لما غلب على السورة من تعميم النعم-
الا ترى أن قول القائل عن كريم "فلان يطعم الطعام " أبلغ في وصفه بالكرم من قوله "فلان يطعم الطعام جيرانه"
ثمّ
ما المقصود ب " عَلَّمَ "؟؟
هل المقصود تسهيله للتعلم فيكون التعليم هنا من المجاز---كقولك عندما تدفع نفقات تعليم إبنك --"علّمته"؟
أم هل المقصود أنّه عز وجل وضع فيه علوما شتّى تعلّم؟؟
أيضا فالجواب يجب أن يعم الحالتين ---لأن تعديد النعم في هذه السورة متّصف بالتعميم
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[28 - 09 - 2005, 10:25 ص]ـ
شكرا أخي جمال
مشاكسة:
أولا: يبدو لي أن المفعول الأول هو المحذوف، لأن المفعول الأول فاعل من جهة المعنى، أما الثاني فهو مفعول لفظا ومعنى، والمفعول الأول هو الإنسان والثاني هو القراّن.
ثانيا: يقول الزمخشري عن هذه الاّية: إن الأصل فيها هو تقديم "خلق الإنسان" ثم تأتي "علم القراّن" ولكن حصل في الاّية تقديم وتأخير، من أجل الغرض المعنوي وهو التنبيه على أن الغاية المثلى من خلق الإنسان هي فهم القراّن تعلما وتعليما والعمل بما جاء به، والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 09 - 2005, 02:18 م]ـ
عزّام
كلامك له قيمة عالية جدا--لقد أصبت فالمتروك هو المفعول الأول وهو الإنسان
أشكرك على إضافتك القيّمة(/)
مقارنة
ـ[نسيم البحر]ــــــــ[28 - 09 - 2005, 12:56 م]ـ
السلام عليكم
الرجاء المساعده في حل هذا السؤال
قارن بين البيتين الاتيين من حيث التشبيه:
1) كأن قلوب الطير رطبا ويابساً ** لدى وكرها العناب والحشف البالي
2) كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ** وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
الرجاء الرد بسرعة لانه مطلوب الاجابة عليه غدا الصباح
ولكم مني جزيل الشكر
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 09:24 ص]ـ
الأول تشبيه مفرد وهو من التشبيه المرتب أو التشبيه الملفوف، والثاني تشبيه تمثيلي.
والله أعلم(/)
سارعوا وسابقوا
ـ[أحلام]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 12:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن ذكر الدنيا وعاقبتها دعا إلى ما هو خير وأبقى فقال ({سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الحديد21وقدّم المغفرة على الجنة لأنها تسبقها, وهي سبب دخولها. وقال (الى مغفرة من ربكم) فذكر أن المغفرة من ربنا وقال في الاية التي قبلها ({اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} الحديد20فذكر أن المغفرة من الله وسبب هذا الاختلاف والله اعلم أنه في هذه الآية أمر عباده بالمسابقة فقال (سابقوا الى مغفرة من ربكم) فناسب أن يقول لهم أن المغفرة من ربكم فيضيف الربوبية إليهم فهو ربهم ومتولي أمرهم, وهو يرشدهم إلى ما هو خيرلهم ,
إما الآية التي قبلها فهي وصف للحياة الدنيا وليست خطابا لأحد فذكر أنها كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا إلى آخر ما ذكر فناسب أن يقول (ومغفرة من الله)
وقد تقول لقد قال في سورة آل عمران ({وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آل عمران133) وثمة اختلاف ظاهر بين الآيتين على ما بينهما من تشابه كبير نجمله بما يأتي
اية الحديد آية آل عمران
- سابقوا - سارعوا
- كعرض السماء والارض - عرضها السماوات والارض
- (بذكرأداةالتشبيه وإفرادالسماء - بحذف أداة التشبيه وبجمع السماء
-أعدت للذين آمنوابالله ورسوله -أعدت للمتقين الذين ينفقون
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
والله ذوالفضل العظيم
فما سر هذا الاختلاف؟
: ذكرنا ان كلمة (السماء) تستعمل في القرآن الكريم على احد معنيين إما أن تكون لواحدة السماوات كقوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} الملك5.
وإما أن تكون لما عدا الأرض مما علا كالجو والسحاب والمطر والسقف والسماوات عموما وذلك كقوله تعالى ({وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} الروم24) والسماء هنا بمعنى السحاب وقوله ({اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} الروم أي يبسطه في الجو وقوله {أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل79) وقوله (الم) وقوله تعالى ({فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} الأنعام125) أي يأخذ في العلو والارتفاع وقوله ({يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً} نوح11) وهي هنا بمعنى المطر وقوله {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} النمل75 {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} الزخرف84) وهي هنا عامة تشمل السماوات السبع وغيرها فالسماء بالمعنى العام متسعة اتساعا كبيرا وهي تشمل السماوات السبع وغيرهن مما علا وارتفع عن الأرض
(يُتْبَعُ)
(/)
فلما جاء بالسموات قال (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) فحذف كاف التشبيه ولما جاء بالسماء التي هي متسعة اتساعا كبيرا والسماوات جزء منها قال (كعرض السماء والأرض) فجاء بكاف التشبيه,
ثم ألا ترى كيف قال الله تعالى في كل من الآيتين ففي آية السماوات قال (أعدت للمتقين) وفي آية السماء قال (أعدت للذين امنوا بالله ورسوله) وذلك لان المتقين اخص من المؤمنين بالله ورسوله لان المتقي لا يكون الا مؤمنا ,
أما المؤمن بالله ورسله فقد لا يكون متقيا فالمؤمنون بالله ورسله أكثر من المتقين فجاء للطبقة الواسعة وهم المؤمنون بالله ورسله بذكر صفتها الواسعة (كعرض السماء) وجاء مع الطبقة الخاصة الذين هم اقل ممن قبلهم وهم المتقون بلفظ (السماوات) التي هي اقل سعة من السماء فناسب بين السعة والعدد ثم انظر كيف زاد في آية الحديد قوله (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الحديد21 وذلك لما زاد تفضله على الخلق فوسع دائرة الداخلين في الجنة وجعلها في المؤمنين عامة ولم يقصرها على المتقين منهم ذكر هذا الفضل العظيم في آية الحديد ثم انظر كيف انه لما ذكر الجنة بأوسع صفة لها وذكر كثرة الخلق الداخلين فيها وذكر فضله العظيم على عباده قال (سابقوا)
وفي الآية الأخرى قال (سارعوا) وذلك لان كثرة الخلق المتوجهين الى مكان ما تستدعي المسابقة إليه لا مجرد المسارعة,
فانظر كيف ذكر في آية الحديد (المسابقة) وهي تشمل المسارعة وزيارة وذكر (السماء) وهي تشمل السماوات وزيادة , وذكر المؤمنين بالله ورسله وهم يشملون المتقين وزيادة وزاد فيها ذكر الفضل على المغفرة والجنة فجعل في كل موضع ما يناسبه من الألفاظ , فجعلت حكمة الله.
- هذا من ناحية ,ومن ناحية أخرى أن كل آية مناسبة للسياق الذي وردت فيه فانه تقدم آية الحديد المسابقة في أمور الدنيا من لعب وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال هو مسابقة بين المتفاخرين والتكاثر في الأموال والأولاد إنما هو تبار وتسابق في جمعها فناسب أن يقول (سابقوا إلى مغفرة) فنبههم على ما تجدر فيه المسابقة ولم يتقدم آية آل عمران ما يدل على المسابقة وإنما تقدمها النهي عن أكل الربا والأمر باتقاء النار والأمر بطاعة الله والرسول فناسب الأمر بالمسارعة وعدم التواني في ذلك قال تعالى ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران130) ولما تقدم ذكر متعاطفات في آيات آل عمران من نحو قوله (لاتاكلوا الربا) (واتقوا الله) 0 واتقوا النار) (وأطيعوا الله والرسول) ناسب أن يعطف عليها فقال (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) ولما لم يتقدم آية الحديد ما يعطفها عليه قال (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) من دون ذكر لواو العطف ولما تقدم آية آل عمران الأمر بالتقوى فقال (واتقوا الله لعلكم تفلحون) (واتقوا النار التي لعدت للكافرين) ناسب أن يقول في الجنة أنها (أعدت للمتقين) ولما تقدم آية الحديد ذكر المؤمنين بالله ورسله فقال (والذين امنوا بالله ورسله أولئك هم الصد يقون) ناسب أن يقول أنها (أعدت للذين امنوا بالله ورسله) وقال في آيات آل عمران (أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء) وذلك انه تقدم الايه النهي عن أكل الربا أضعافا مضاعفة فدعا إلى الإنفاق في السراء والضراء فناسب أن يذكر أن الجنة للمنفقين وهم الذين يخرجون من أموالهم ابتغاء مرضاة الله في الرخاء والشدة لا لمن يأكل أموال الناس بغير وجه حق فالمؤمنون ينفقون في الشدة وأولئك يأكلون مال من وقع في الشدة فاضطر إلى الاستدانة وكذلك كل ما ذكر من صفات أخرى من نحو قوله (والكاظمين) كل ذلك تقدمه ما يناسب ذكره ولم يتقدم آية الحديد شئ من ذلك ولولا خشية الإطالة والابتعاد عما نحن يصدده لبينت ذلك بالتفصيل وختم آية الحديد بقوله (ذلك فضل الله) لما ذكر تفضله على عباده فذكر ان الجنة أعدت للذين امنوا بالله ورسله ولم يذكر شيئا آخر مع الإيمان حتى انه لم يذكر العمل وذلك أعظم الفضل جاء في (تفسيرا الرازي) قوله (أعدت للذين امنوا بالله ورسله) فيه أعظم رجاء وأقوى أمل, إذ ذكر أن الجنة أعدت لمن آمن بالله ورسله ولم يذكر مع الإيمان شيئا آخر ومما يتأكد به ما ذكرناه قوله بعد هذه الآية (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) هذا علاوة على ماورد في سورة من أفضال أخرى من مضاعفة الأجور وانه يؤتي المؤمنين كفلين من رحمته ويجعل لهم نورا يمشون به ويغفر لهم فقال (يأيها الذين اتقوا الله) وختم السورة بفضله العظيم فقال {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الحديد29) فناسب كل تعبير موضعه من كل وجه ...
- من كتاب (على طريق التفسير البياني)
- للاستاذالدكتور فاضل صالح السامرائي
- بارك الله في علمه وجزاه الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[01 - 10 - 2005, 11:31 ص]ـ
شكرا للأخت أحلام،
القراّن الكريم معجز بنظمه الذي يقوم على التناسب المعنوي والأهمية المعنوية.
ـ[أحلام]ــــــــ[01 - 10 - 2005, 03:28 م]ـ
الاخ الفاضل عزام محمدذيب الشريدة
شكرا لمروركم وجزاكم الله خيرا(/)
قال تعالى" فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون*
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 09:17 ص]ـ
قال تعالى" فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون* وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون*.
قوله تعالى"وعشيا" و"وحين تظهرون" يعني أن أحدهما معطوف على "حين تصبحون"،وهذا يعني أن الاّيتين أصلهما العبارة التالية:
فسبحان الله وله الحمد في السموات والأرض حين تمسون وحين تصبحون وعشيا وحين تظهرون، أو، وحين تظهرون وعشيا، ودليل ذلك وجود واو العطف قبل "عشيا" وقبل "تظهرون" ولولا ذلك لقال تعالى"عشيا وحين تظهرون" أو "حين تظهرون وعشيا"بحذف الواو من أحدهما.
وسبب تقديم "حين تمسون وحين تصبحون"هو الهدف المعنوي، وذلك أن عظمة الله وقدرته تتجليان في هذين الوقتين أكثر من غيرهما، حينما ينسلخ الليل من النهار، وينسلخ النهار من الليل، وهاتان العمليتان تجعلان الإنسان يسبح لله تعبيرا عن شدة الإعجاب والدهشة من هذين العملين البديعين، كما أن التقديم يهدف الغرض اللفظي، وهو رعاية الفاصلة.
ونلاحظ هنا أن الكلمات تتجاور بحسب الحاجة والأهمية المعنوية.
والله أعلم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 03:42 ص]ـ
الأخ عزام ..
ألا يمكن اعتبار النظم في هذه الآية من الاحتباك؟ بمعنى أنه سبحانه وتعالى ذكر التسبيح أولاً دليلاً على إرادته ثانياً، والحمد ثانياً دليلاً على إرادته أولاً؟
فالتسبيح هو تنزيه الله سبحانه عن النقص وصرف الذهن عن الظنّ بأن الله تعالى قد يخطيء في علمه أو أنه سبحانه قد يفعل ما هو ناقص.
وأما الحمد فهو ذكر الله تعالى بصفاته الحسنى الكاملة من القدرة على كل شيء والعلم بكل شيء والرحمة والكرم .. وذلك عند مشاهدة أفعاله البديعة التي تدلّ على هذه الصفات.
فيصبح من المناسب تسبيح الله أي تنزيهه عن النقص، إن شاهدنا بعض خلقه ناقصاً في أول أطواره .. أي في بداية الليل (حين تمسون) وبداية النهار (حين تصبحون)، فإن هذا النقص عابر ولا بدّ أن يتلوه الاكتمال ..
إذا رأيت طفلاً رضيعاً لا يحسن الكلام ولا المشي ولا التفكير .. فلا تعترض على نقائصه هذه، فهي مرحلة عابرة يتلوها اكتمال عقله وقوّته. فلا نظنّ أن الله سبحانه قد خلقه ناقصاً عن عجز منه تعالى، بل نسبّحه تعالى جدّه وننزّهه عن كل عجز. فتكون هذه هي الحكمة من التسبيح عند البدايات.
أما حين اكتمال سلطان الليل (عشياً) واكتمال سلطان النهار (وحين تظهرون)، فيتجلّى كمال قدرة الله، وتتجلّى صفاته الحسنى، فينطلق اللسان بحمد الله على كمال قدرته ورحمته لخلقه والإعجاب بإبداعه. فتكون هذه هي الحكمة من التحميد عند الاكتمالات.
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 09:47 ص]ـ
{فَسُبْحَانَ ?للَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ ?لْحَمْدُ فِى ?لسَّمَـ?وَاتِ وَ?لأَرْضَ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ}
هنا عن تنزيه الله سبحانه وتعالى عن أي نقيصة، فلما جاء الحديث إثرَ ما بُيِّن حالُ فريَقْي المؤمنينَ العاملينَ للصالحاتِ والكافرينَ المكذِّبينَ بالآياتِ وما لهُما من الثَّوابِ والعذابِ أُمروا بما يُنجِّي من الثَّاني ويُفضِي إلى الأول من تنزيهِ الله عزَّ وجلَّ عن كلِّ مَا لا يليقُ بشأنِه سبحانَهُ ومن حمدِه تعالى على نعمِه العظامِ، وتقديمُ الأولِ على الثَّاني لأنَّ التَّخليةَ متقدِّمةٌ على التَّحليةِ. والفاء لترتيبِ ما بعدَها على ما قبلَها أي إذا علمتُم ذلك فسبِّحوا الله تعالى أي نزِّهُوه عمَّا ذكر سبحانَهُ أي تسبيحَه اللائقَ به. وقد حدد سبحانه هذه الأوقات وأخبر أن الحمد له فيها، والإخبارَ بثبوتِ الحمدِ له تعالى ووجوبه على المميِّزينَ من أهلِ السَّمواتِ والأرضِ في معنى الأمرِ به على أبلغِ وجهٍ وآكدِه، وتوسيطُه بينَ أوقاتِ التَّسبيحِ للاعتناءِ بشأنِه والإشعارِ بأنَّ حقَّهما أنْ يُجمعَ بينَهما كما ينبيءُ عنه قولُه تعالى:
{وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ} سورة البقرة: 30
وقولُه تعالى: {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ} سورة النصر: 3
(يُتْبَعُ)
(/)
وقولُه:=: " من قالَ حينَ يُصبحُ وحينَ يُمسي سبحانَ الله وبحمدِه مائةَ مرَّةٍ حُطَّت خطاياهُ وإنْ كانتْ مثلَ زَبَدِ البحرِ ". وقولُه:=: " مَنْ قالَ حينَ يُصبحُ وحينَ يُمسي سبُحانَ الله وبحمدِه مائةَ مرَّةٍ لم يأتِ أحدٌ يومَ القِيامةِ بأفضلَ ممَّا جاءَ بهِ إلا أحدٌ قالَ مثلَ ما قالَ أو زادَ عليهِ ". وقولُه:=: " كلمتانِ خفيفتانِ على اللَّسانِ ثقيلتانِ في الميزانِ سبحانَ الله وبحمدِه سبحانَ الله العظيمِ " وغيرُ ذلكَ ممَّا لا يُحصى من الآياتِ والأحاديثِ، وتخصيصُهما بتلكَ الأوقاتِ للدِّلالةِ على أنَّ ما يحدثُ فيها من آياتِ قدُرتِه وأحكامِ رحمتِه ونعمتِه شواهدُ ناطقةٌ بتنزهِه تعالى واستحقاقِه الحمدَ وموجبةٌ لتسبيحِه وتحميدِه حتماً. وقولُه تعالى: {وعشيَّاً} عطفٌ على {حينَ تُمسون} وتقديمُه على {حينَ تُظهرون} لمُراعاةِ الفواصلِ وتغييرُ الأسلوبِ لِمَا أنَّه لا يجيءُ منه الفعلُ بمعنى الدُّخولِ في العشيِّ كالماء والصباحِ والظَّهيرة، ولعلَّ السرَّ في ذلك أنَّه ليس من الأوقاتِ التي تختلفُ فيها أحوالُ النَّاس وتتغيرُ تغيراً ظاهراً مصحِّحاً لوصفِهم بالخروجِ عمَّا قبلها والدُّخولِ فيها كالأوقاتِ المذكورةِ فإنَّ كلاًّ منها وقتٌ تتغير فيه الأحوالُ تغيراً ظاهراً أمَّا في المساء والصَّباح فظاهرٌ وأمَّا في الظَّهيرة فلأنَّها وقتٌ يعتاد فيه التَّجرُّدُ عن الثيابِ للقيلولةِ كما مرَّ في سورة النُّور: الآية 36.
وقيل المرادُ بالتَّسبيح والحمد الصَّلاة لاشتمالِها عليهما. وقد رُوي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما (أن الآية جامعةٌ للصلوات الخمس تُمسون صلاتا المغربِ والعشاءِ وتُصبحون صلاةُ الفجرِ وعشياً صلاةُ العصرِ وتُظهرون صلاةُ الظُّهرِ). ولذلك ذهبَ الحسنُ إلى أنَّها مدنيةٌ إذ كان يقول إن الواجبَ بمكَّةَ ركعتانِ، في أي وقتٍ اتفقتا وإنما فرضت الخمسُ بالمدينة والجمهورُ على أنها فُرضت بمكَّةَ وهو الحقُّ لحديث المعراج وفي آخره هنَّ خمسُ صلواتٍ كل يوم وليلة. عن النبي:= " مَنْ سرَّه أنْ يُكالَ له بالقفيزِ الأَوفى فليقُل: «فسبحانَ الله حينَ تُمسون وحينَ تُصبحون» الآيةَ " وعنه:= " من قال حين يُصبح «فسبحانَ الله حينَ تُمسون وحينَ تُصبحون». إلى قولِه تعالى: «وكذلك تُخرجونَ» أدرك ما فاتَه في يومِه ومن قالَها حينَ يُمسي أدركَ ما فاتَه في ليلتِه " وقُرىء حينا تُمسون وحينا تُصبحون أي تُمسون فيه وتُصبحون فيه.
والله أعلم.(/)
أثر الصيغة في اختلاف المعنى
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 12:25 م]ـ
أثر الصيغة في اختلاف المعنى
يذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الروم بعض الاّيات الدالة على البعث والقدرة الإلهية، وذلك في الاّيات من (20 - 25) حيث يقول عز وجل:"ومن اّياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون*ومن اّياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لاّيات لقوم يتفكرون*ومن اّياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لاّيات للعالمين*ومن اّياته منامكم بالليل والنهاروابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لاّيات لقوم يسمعون*ومن اّياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزّل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لاّيات لقوم يعقلون*ومن اّياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون*صدق الله العظيم.
تنوعت صيغة المبتدأ في الاّيات السابقة، وقد جاءت على الشكل التالي:
في الاّية (20) قال تعالى:"ومن اّياته أن خلقكم من تراب ........ " فجاء بالمبتدأ على صيغة المصدر المؤول المكون من (أن +الفعل الماضي) في إشارة إلى خلق أبينا اّدم، ثم تناسل الخلق منه من الماضي إلى الحاضر، وقد جاء المبتدأ على صيغة الفعل التي تدل على التجدد والحدوث بسبب استمرارية الحدث وهو عملية الخلق.
وفي الاّية (21) قال تعالى:"ومن اّياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ...... "في إشارة إلى خلق أمنا حواء في الماضي، ثم تناسلت النساء منها،، فجاء بالمبتدأ على صيغة الفعل لأن فعل التزاوج مستمر، فعبر عن ذلك بصيغة الفعل التي تدل على التجدد والحدوث بسبب استمرارية الحدث وهو عملية الزواج.
وفي الاّية (22) قال تعالى"ومن اّياته خلق السموات والأرض .... "فجاء بالمبتدأ على صيغة الاسم الظاهرالذي يدل على الثبات لأن عملية الخلق حدثت مرة واحدة.
ثم قال تعالىفي الاّية (23):"ومن اّياته منامكم بالليل والنهار .... " فجاء بالمبتدأ على صيغة الاسم الظاهر الذي يدل على الثبات، لأنه يتحدث عن النوم كظاهرة تشبه الموت ثم تحصل الحياة وابتغاء الفضل وهي شبيهة بالبعث، والموت والحياة يحصلان للمرء مرة واحدة.
وفي الاّية (24) قال تعالى:"ومن اّياته يريكم البرق خوفا وطمعا .... "
فجاء بالمبتدأ على صيغة الفعل المضارع الذي يفيد الحدوث والتجدد، بسبب استمرارية فعل الرؤية للبرق على مر الزمن.
وفي الاّية (25) قال تعالى:"ومن اّياته أن تقوم السماء والأرض بأمره .... "فجاء بالمبتدأ على صيغة المصدر المؤول المكون من (أن + الفعل المضارع) للدلالة على استمرارية قيام السماء بغير عمد واستمرارها على هذه الحالة على مر الزمن، وفي هذا دلالة واضحة على القدرة الإلهية.
وقد اختار سبحانه وتعالى في كل اّية الصيغة المناسبة والأكثردلالة من غيرها لأداء المعنى المناسب والدال على قدرته الإلهية.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 08:36 م]ـ
أثر الصيغة في اختلاف المعنى
وفي الاّية (25) قال تعالى:"ومن اّياته أن تقوم السماء والأرض بأمره .... "فجاء بالمبتدأ على صيغة المصدر المؤول المكون من (أن + الفعل المضارع) للدلالة على استمرارية قيام السماء بغير عمد واستمرارها على هذه الحالة على مر الزمن، وفي هذا دلالة واضحة على القدرة الإلهية.
.
والله أعلم
مشاكسة تحريكية معك يا أخ عزّام
"ولكنّ السماء والأرض قامتا وانتهى الأمر---فهل هما تقومان في كل حين---أعني أنت أقمت البناء وانتهى الأمر فهل يلزمك أن تقيمه في كلّ آن
ثمّ
# أريد منك أن تسوّق مشاركتك ببعض التحسينات الجمالية من تلوين وغيره
# ثم ّ أريد منك أن تقوم بجمع كافة مشاركاتك تحت عنوان واحد هو " الضابط المعنوي في آيات القرآن"
وكبر سنّي يسمح لي أن أطلب من إبني ما طلبت
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[30 - 09 - 2005, 11:54 ص]ـ
غالي والطلب رخيص.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 - 09 - 2005, 12:01 م]ـ
وأنت الأغلى
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[30 - 09 - 2005, 12:28 م]ـ
أشكرك على مشاعرك النبيلة.(/)
فَمَنِ اضْطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[29 - 09 - 2005, 10:45 م]ـ
*قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فإنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
فقد تبنى فيه الطبري الرأي التالي
(والصواب من القول فيه عندنا فيما مضى من كتابنا هذا في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وأن معناه: فمن اضطّر إلى أكل ما حرّم الله من أكل الميتة والدم المسفوح أو لحم الخنزير، أو ما أهلّ لغير الله به، غير باغ في أكله إياه تلذّذا، لا لضرورة حالة من الجوع، ولا عاد في أكله بتجاوزه ما حدّه الله وأباحه له من أكله، وذلك أن يأكل منه ما يدفع عنه الخوف على نفسه بترك أكله من الهلاك لم يتجاوز ذلك إلى أكثر منه، فلا حرج عليه في أكله ما أكل من ذلك. فإنَّ اللّهَ غَفُورٌ فيما فعل من ذلك، فساتر عليه بتركه عقوبته عليه، ولو شاء عاقبه عليه. رَحِيمٌ بإباحته إياه أكل ذلك عند حاجته إليه، ولو شاء حرمه عليه ومنعه منه.) وبعد تمحيص قوله فإن المضطر لا يأكل مما حرّم الله عليه إلّا بالقدر الذي يقيه الهلاك--فهو يتقزز طبيعيا من هذه المحرمات فلا لذة فيها---لذلك فلم أر مسوّغا قويا لتفسيره للبغي بالتلذذ--ولم ار كذلك وجها قويّا لتفسيره الإعتداء بتجاوز ما يقيه الهلاك في الأكل
إنّ التفسير الذي يطمئن إليه المرء هو الذي يجعل رخصة الأكل ممّا حرم مقيدة بشرطي عدم البغي وعدم الإعتداء----أمّا البغي فهو أن يكون المسلم قد خرج باغيا على إمام المسلمين فحين وقوعه في حالة الإضطرار لا يجوز له أكل ما حرّم كالميتة لأنّه باغ
وأمّا الإعتداء فيكون في حالة أن يخرج مسلم في عمليّة سلب أو قطع طريق فجاع جوعا يخشى منه الهلاك فلا يحلّ له أكل الميتة أو غيرها مما حرّم لخروجه معتديا
هذا هو المعنى الذي أرتاح إليه
*قال بن كثير في تفسيره
وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} [أي فمن اضطر إلى أكل شيء مما حرم الله في هذه الآية الكريمة، وهو غير متلبس ببغي ولا عدوان {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ أي غفور له رحيم به، ...
____________(/)
ماذا يقصد جرير في هذا البيت؟
ـ[أميرة الحزن]ــــــــ[01 - 10 - 2005, 06:25 م]ـ
مساء الخير ممكن احد يساعدني
قال تعالى (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء)
يقول جرير: أعد الله للشعراء مني صواعق يخضعون لها الرقابا
قارني بين الاستعمال الحقيقي والمجازي لكلمة (الصواعق)
وشكراَ ...(/)
(الافتنان) في علم البديع
ـ[الهنوف]ــــــــ[01 - 10 - 2005, 07:39 م]ـ
:::
اخواني ابي منكم تساعدوني ........
عندي بحث في البلاغة، وفي هذا البحث علي ان اتكلم عن فن من فنون البديع وهو (الافتنان)
لكن للأسف الموضوع متعبني كثير
نلاني لم اجد له مراجع
الافتنان: هو الجمع بين فنين مختلفين، كالغزل والحماسة، والمدح، والهجاء والتعزية والتهنئة
مثال:"كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام"فهنا تعزية لمن يفنون من الحياة الدنيا وتهنئة الله نفسه بالقاء بعد فناء الموجودات.
هذا كل ما أعرفه عن هذا الفن من لديه اي معلومة عنه او مرجع فليعني جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[01 - 10 - 2005, 08:48 م]ـ
الافتنان
هو أن يفتنّ الشاعر؛ فيأتي بفنين متضادين من فنون الشعر في بيت واحد فأكثر، مثل النسيب والحماسة، والمديح والهجاء والعزاء. فأما ما افتنّ به الشاعر من النسيب والحماسة فكقول عنترة:
إن تُغدِفي دوني القناع فإنني ** طبٌّ بأخذ الفارس المستلئم
فأول البيت نسيب وآخره حماسة.
ويروى لعبد الله بن طاهر:
أحبك يا ظلوم وأنت مني ** مكان الروح من جسد الجبان
ولو أني أقول مكان روحي ** لخفت عليك بادرة الطعان
ومما جمع بين تهنئة وتعزية قول بعض الشعراء ليزيد بن معاوية، يعزيه بأبيه ويهنئه بالخلافة:
اصبر يزيد، فقد فارقت ذا مِقةٍ ** واشكر حباء الذي للملك أصفاكا
لا رزء أصبح في الأقوام نعلمه ** كما رثزئت ولا عقبى كعقباكا
قال ابن أبي الأصبع: إن الافتنان هو أن يفتنّ المتكلم فيأتي في كلامه بفنين، إما متضادين أو مختلفين أو متفقين
معجم البلاغة العربية د. بدوي طبانة
ـ[الهنوف]ــــــــ[02 - 10 - 2005, 01:34 ص]ـ
جزيتي خيرا وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك
ـ[عبد العلي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 06:30 م]ـ
جزيتي خيرا وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك
وشكر الله لك واثابك الثواب الحسن واجزل عليك من نعمه
وبركاته(/)
ماذا يسمى هذا الأسلوب البلاغي؟
ـ[الشنفرى]ــــــــ[01 - 10 - 2005, 10:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
في الجملة التالية: (أنا من وطني و هو منّي) أسلوب بلاغي، فمن يسمع هذه العبارة سيعرف معناها، وهو يدور حول كون الوطن و المواطن شيء واحد، لا ينفصلان، و حتى لو أَخَذَ جزءها الأول (أنا من وطني) فسيكون هنالك معنى واضح أيضاً، و لكنه لو أَخَذَ جزءها الثاني (و هو مني) و وقف يتأمّله وحدَه، سيتساءل: كيف يكون الوطن منّي؟
تساؤل في محله ..
و لكن هنا أسلوب بلاغي، أو سرّ بلاغي بالأحرى ..
وهو يتعلق - كما يبدو لي - بكون الكلام لحمة واحدة أو بنية واحدة، إن أخذنا العبارة كلها كبناء واحد، أمكننا معرفة المقصود منها، أمّا لو أخذنا بعضها كما في الجزء الأخير (و هو مني) وَحدَهُ بعيداً عن سياق الجملة العام وبنائها الكلّي، سقط المعنى منه و ضاع.
فماذا يسمّى هذا الأسلوب في البلاغة، يا أساتذتنا الكرام؟
ـ[الشنفرى]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 01:13 م]ـ
فماذا يسمّى هذا الأسلوب في البلاغة، يا أساتذتنا الكرام؟
هل من مُجيب يجيب و يفيدنا؟
نفعنا الله بكم ..
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 04:55 م]ـ
قولك (أنا من وطني و هو منّي) ليس من ثمة أسلوب بلاغي فيه لنسمّيه
ـ[الشنفرى]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 02:46 م]ـ
شكراً لتفضّلك بالإجابة يا أستاذي الكريم
وبالنسبة للجملة المذكورة، ربما فيها شيء آخر غير البلاغة، فأنا لا أعرف حتى الآن إلى أيّ فن من فنون العربية يمكن أن ننسب ما في هذه العبارة إليه!
و لهذا سأوضّح مرة أخرى ... ربما يمكنني إيضاح مقصودي بصورة أفضل:
عبارة ((أنا من الوطن و الوطن منّي))
كيف يفهم القاريء قولنا (الوطن منّي)؟
هل يمكن أن يكون الوطن جزءاً من الإنسان أو منتمياً إلى الإنسان أو ما شابه ذلك؟
لو قلت هذه الكلمة لوحدها (الوطن مني) وسمعها أحد من الناس، فسيتعجب ولن يفهمها على الأرجح، و لن تكون ذات دلالة كما تكونه عندما نضعها في سياق الجملة كاملة:
((أنا من الوطن و الوطن منّي))
الشاهد: أنّ العبارة يمكن فهمها من سياقها العامّ التامّ، أمّا لو أخذنا جزءها الثاني وقلناه لوحده، فلن يفهمه السامع، فإلى أيّ شيء نعزو هذا؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 09:20 م]ـ
لقد فهمت كلامك من البداية---"أنا من الوطن والوطن منّي" تريد أنت أن تقول أنّ العبارة لا تفهم إلّا كلا متكاملا كإشارة إلى العلاقة الوثيقة بين الوطن والإنسان
إذا كان يحق لي أن أقول شيئا فإنّي أقول أنّ العبارة كلها خاطئة---فلست من الوطن من حيث التبعيض ولا هو منك من حيث التبعيض---ولست منه من حيث التولد ولا الوطن منك أيضا من حيث التولّد---أنا لا أميل للعبارات التي لا معنى حسيّا لها
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 03:47 ص]ـ
اختلف معك أخي جمال:
(أنا من وطني و هو منّي)
مثل هذه التعبيرات صحيحة, ولها سند في الحديث النبوي الشريف, أذكر منها الحديث الذي روته الصحاح في حق سبط الرسول (ص) الإمام الحسين:
ففي مسند الإمام أحمد بن حنبل:
(17231) ــ حدّثنا عبدالله حدَّثني أبي حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عبدالله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى العامري: «أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دعوا له، قال: فاستمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال عفان: قال وهيب: فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أمام القوم وحسين مع غلمان يلعب، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه قال: فطفق الصبي ههنا مرة وههنا مرة، فجعل رسول الله يضاحكه حتى أخذه، قال: فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه، فوضع فاه على فيه قبَّله وقال:
حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط».
وفي سنن الترمذي:
(3937) ــ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ أخبرنا إِسْمَاعيلُ بنُ عَيَّاشٍ عَن عبْدِ اللّهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خَثْيَمٍ عَن سَعِيدِ بنِ رَاشِدٍ عَن يَعْلَى بنِ مُرَّةَ قالَ قالَ رَسُولُ اللّهِ،:
«حُسَيْنٌ مِنِّي وَأنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأسْبَاطِ»
وفي سنن ابن ماجة:
(147) ــ حدّثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى? بْنُ سَلِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ. فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ. قَالَ: فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ أَمَامَ الْقَوْمَ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ. فَجَعَلَ الْغُلاَمُ يَفِرُّ ه?هُنَا وَه?هُنَا. وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ حَتَّى أَخَذَهُ. فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ، والأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ. وَقَالَ:
«حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ. أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً. حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ».
والشاهد هو: " حسين مني و أنا من حسين " الذي يشبه في أسلوبه " أنا من وطني و هو منّي "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 04:38 ص]ـ
الأخ الدكتور الفاضل
في غمرة رغبتك في إقحام الكلام الحسين زينة شباب أهل الجنّة نسيت أن عبارة الأخ السائل تتحدث عن علاقة بين بشر وجماد لا يمكن أن يكون بينهما ما يمكن أن يكون بين البشر والبشر
مقبول جدا أن أقول لإبني أنا منك وأنت منّي---حتّى أنّ اعتراض الأخ السائل على الجزء الثاني من عبارته بقوله (عبارة ((أنا من الوطن و الوطن منّي))
كيف يفهم القاريء قولنا (الوطن منّي)؟
هل يمكن أن يكون الوطن جزءاً من الإنسان أو منتمياً إلى الإنسان أو ما شابه ذلك؟
لو قلت هذه الكلمة لوحدها (الوطن مني) وسمعها أحد من الناس، فسيتعجب ولن يفهمها على الأرجح، و لن تكون ذات دلالة كما تكونه عندما نضعها في سياق الجملة كاملة:)
لا يمكن أن ينشأ على عبارة (حسين مني وأنا من حسين،) فالجزء الأول منها صحيح لوحده والجزء الثاني صحيح لوحده
ألاحظت؟؟؟
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 02:48 م]ـ
أخي العزيز جمال:
نعم لاحظت ذلك.
إنني أحب مشاكستك كي استخرج منك ما تخزتنه من كنوز معرفية ودرر لغوية.
عزيزي جمال:
للحرف من عدة معان, ومن في العبارة (الوطن مني) ليس المقصود منها التبعيض, حيث أن هذا الاحتمال مستبعد و أتفق معك في هذا.
إن للحرف معان متعددة - غير التبعيض - تفهم من سياق الكلام.
تأمل قوله تعالى على سبيل المثال:
فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني " - البقرة 249
كيف يكون قوم طالوت منه؟
ماهو المراد من الكلمة (من) في هذا المورد؟
ذكر المفسرون تأويلات للكلمة (مني) من ضمنها أي ليس بمتصل أو منحد معي, كالألوسي في روح المعاني.
فقد يكون المراد في العبارة (الوطن منّي) أن الوطن متصل بي, وفي هذه يكون استخدام (مني) استخدام غير حقيقي.
كما يمكن أن يكون التقدير " أنا من أبناء الوطن وأبناء الوطن مني " للدلالة على التلاحم.
مجرد استثارة لغوية للعزيز جمال ليس إلا.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 05:47 م]ـ
الفاضل أبو طالب
أنت تجيد استمالة قلوب النّاس بلسانك المعسول--وأنا أظنّ أنك عملت سفيرا يوما ما:)
على أيّة حال جملة السائل (أنا من الوطن و الوطن منّي) تدل على الترابط والتلاحم بين الإنسان ووطنه--إلّا أنّي لا أرى أنّها تشبه قوله تعالى (فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني) --لأن معني قوله تعالى " فإنّه منّي " أي متوحد معي إلى درجة علاقة الدّم بين الوالد وولده---هذا بالإضافة إلى أنّ العبارة القرآنية أشبهت شقّا واحدا من عبارة السائل وهو (و الوطن منّي) ولم تتناول العكس --لاحظت كيف أنّ السياق اكتفى بالقول (فإنه مني) ولم يضف إليه " وأنا منه"
واهم من هذا كله أنّ العبارة القرآنيّة تتحدث عن بشر لا عن جمادات(/)
فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[02 - 10 - 2005, 08:06 م]ـ
قوله تعالى
(فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) النساء
معناه فلا تتبعوا الهوى لئلا تعدلوا عن الحق---فإن هنا تعليلية بمعنى " لئلا" والعدول هو الترك للحق والإنصراف عنه
وشبيه هذه الآية قوله تعالى "يبين الله لكم أن تضلوا" أي لئلا تضلّوا
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 03:43 ص]ـ
الأخ العزيز جمال:
شكرا جزيلا على هذه الوقفة القرآنية الجميلة.
ما ذكرته حول " أن تعدلوا " بمعنى العدول عن الحق صحيح, ولكن المفسرين ذكروا وجها آخر لمعنى " أن تعدلوا " وهو العدل بمعنى القسط أي عكس الجور.
ذكر المفسرون في معنى " أن تعدلوا " أن العدول بمعنى الميل عن الحق (أو الجور) أوبمعنى العدل وهو القسط.
على التفسير الأول الأمر يجوز أن يكون التقدير (فلا تتبعوا الهوى في أن تعدلوا عن الحق أو لأن تعدلوا عن الحق) , أو فلا تتبعوا الهوى كراهة العدول عن الحق الخ .... ....
وحول المعنى الثاني , إذا كان المقصود العدل, فيكون التقدير: فلا تتبعوا الهوى لأن تعدلو أي لكي تستطيعوا تحقيق الحق. قال الفراء هذا كقولهم: لا تتبع هواك لترضي ربك, أي كيما ترضي ربك.
وقد ذهب الفخر الرازي - رحمه الله - إلى أن " أن تعدلوا " من العدل, حيث قال: والمعنى اتركوا متابعة الهوى حتى تصيروا موصوفين بصفة العدل, وتحقيق الكلام أن العدل عبارة عن ترك الهوى, ومن ترك أحد النقيضين فقد حصل على الآخر, فتقدير الآية: فلا تتبعوا الهوى لأجل أن تعدلوا يعني اتركوا متابعة الهوى لأجل أن تعدلوا. " (1)
وقذ ذكر الأهدلي ثلاثة تأويلات للمصدر المنسبك من أن وما بعدها:
الأول: أنه مجرور بحرف جر محذوف تقديره: في أن لا تعدلوا. أي: لا تتبعوا الهوى في ترك العدل.
الثاني: تقديره: ابتغاء أن تعدلوا عن الحق.
الثالث: مخافة أن تعدلوا عن الحق.
في الوجهين الآخيرين يكون " أن تعدلوا " مفعول لأجله. (2)
وقد ذكر الألوسي في روح البيان و أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط, والشيخ الشيرازي في الأمثل, والطبرسي في مجمع البيان والصافي في تفسيره هذين الرأين مع تقدير معنى كل منهما.
أود الإشارة إلى جانب لغوي فيه لمسة جمالية:
نلاحظ في الآية الشريفة دقة في اختيار الكلمة (خبيرا).
لماذا لم يقل الله سبحانه وتعالى:
" فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ عليما "
إن استخدام الكلمة (خبيرا) أقوى في الدلالة من كلمة (عليما) فالخبير هو من يكون لديه معرفة بجزئيات الأمور ودقائقها, وفي هذا إشارة إلى إحاطة الله الواسعة ومعرفته بأقل انحراف يفعله الإنسان مبتعدا به عن طريق الحق.
(1) التفسير الكبير للرازي, المجلد 6
(2) البرهان للأهدلي.(/)
ترتيب البسملة
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[03 - 10 - 2005, 02:11 م]ـ
ترتيب البسملة
يقول تعالى في بداية كل سورة:"بسم الله الرحمن الرحيم".
وشبه الجملة هذا يترتب من العام إلى الخاص، حيث يبدأ الله تعالى بذكراسمه الأعظم وهو أكبر أسمائه وأجمعها وهو (الله) الذي يعني الموجود الجامع لصفات الألوهية، المنعوت بنعوت الربوبية المعبود المدبر لشؤون الكون، ويثني بعد ذلك بذكر اسم (الرحمن) وهو وصف أخص مما قبله ويعني: الكثير الرحمة وهو أشد مبالغة من الرحيم، كما أنه يشمل المخلوقات جميعها، ويشمل جميع أنواع الرحمة ولم يطلق على غيره تعالى، أو كما يقول العلماء: خاص الاسم عام الفعل، ويثلث بذكر (الرحيم) وهوأخص رحمة من الرحمن، كما أنه يخص المؤمنين دون غيرهم، وهو عام الاسم خاص الفعل، بمعنى أنه يمكن أن يطلق على غيره تعالى، كما أنه يخص فئة معينة، أو رحمة معينة، ومما يؤيد هذا قوله تعالى في بداية سورة الحمد:"الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم* حيث يبدأ بالألوهية ثم بالربوبية ثم بالرحمن ثم بالرحيم، من العام إلى الخاص.
والله أعلم
ـ[أبو سارة]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 03:01 ص]ـ
جزيت خيرا على هذه الفوائد
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 12:05 م]ـ
أخي الفاضل أبي سارة
أشكر لك مرورك على الموضوع، وجزيت خيرا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 08:20 م]ـ
ليست مجرد فوائد---بل نظريّة متكاملة أحبّ أن يضم أجزائها في موضوع مستقل
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 09:54 ص]ـ
جزيت خيرا أخي عزام
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 10:47 ص]ـ
أشكركم شكرا جزيلا، وبورك فيكم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 01:42 م]ـ
ليست مجرد فوائد---بل نظريّة متكاملة أحبّ أن يضم أجزائها في موضوع مستقل
أظن أن الإملاء الصحيح "أجزاءها"
ـ[أبو سارة]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 03:41 ص]ـ
ماأجمل هذا الظن يا جمال:)
ـ[ابن خالوية]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 06:13 ص]ـ
:::
السلام عليكم
أخي عزام أرجو أن تجيبني على هذه الأسئلة:
1) لماذا قدم في الترتيب ما هو أبلغ من الوصفين على ما هو دونه؟ والقياس الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم:
فلان عالم نحرير شجاع باسل جواد فياض.
2) الرحمن صفة تدل على الإمتلاء والشمول ولكنها لا تدل على الثبات، والرحيم صفة تدل على الثبوت ولكنها لا تدل على الشمول. فلم قدم الصفة الغير ثابتة على الثابتة؟
3) الأخ جمال، ما المقصود بقولك أن للأخ عزام نظرية يريد اثباتها؟
وشكراً.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 02:18 م]ـ
أخي ابن خالويه
أولا: أرجو أن تسمح لي أولا أن أصحح خطأ وقعت فيه حينما رددت على أخي أبي سارة، والصحيح هو أبا سارة.
ثانيا: سبب تقديم الأبلغ في الوصفين هو تقدم كلمة الله، وهذا الاسم اعم وأشمل الأسماء، ومن أجل أن تترتب الأسماء بحسب الأهمية المعنوية والقرب المعنوي جاء بالأقل شمولا وهو الرحمن يتلوه الرحيم لأنه الاسم الخاص وأقل الاسماء شمولا، فالقراّن الكريم يضع الكلمات في أماكنها المناسبة لها، ولو جاءت البسملة بتقديم الرحيم على الرحمن لصار ترتيب البسملة هكذا: عام -خاص -اخص من العام، وهذا الترتيب ليس فيه تناسب للمعاني، فمن أجل أن تتناسب المعاني بعضها مع بعض تم تقديم الرحمن على الرحيم، ليكون الترتيب: عام-أخص منه -خاص.
أما لماذا بدأت بالعام وانتهت بالخاص، ففي البسملة عدول عن الأصل من أجل الهدف المعنوي وهو التركيز على لفظ الجلالة، والأصل في الكلام أن يترتب من الخاص إلى الأعم منه إلى العام، ويكون العدول عن الأصل من العام إلى الأخص من إلى الخاص، فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل.
أخي ابن خالويه: لم أفهم مرادك من أن الرحمن لا تدل على الثبات، أرجو التوضيح. كما أن لفظ (الله) أعم واشمل فهل صفة الألوهية غير ثابتة أيضا؟ أرجو توضيح الأمر.
أرجو أن أكون قد أجبت عن تساؤلك.
تحيتي لك
ـ[ابن خالوية]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 03:03 م]ـ
أخي عزام
السلام عليكم
لقد وقع لًبسُ في فهم سؤالي، حيث أني كنت أتكلم عن ترتيب (الرحمن فالرحيم) وليس عن ترتيب (الله فالرحيم فالرحمن). وهذا ما يجعل سؤالي غير محددٍ. وعليه أقول:
الله: علمٌ يدل على الإله مباشرة دون الحاجة لغيره، فعندما نقول الله، فأننا نقصدالإله بذاته، ولا نحتاج لغيره من الأسماء حتى توصلنا إليه سبحانه.
الرحمن: يقول الصرفيون: أن الصفة التي على وزن فعلان، تدل على الحدوث والتجدد والإمتلاء والإتصاف بالوصف إلى حده الأقصى. فيقال غضبان بمعنى امتلأ غضباُ (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا)، ولكن الغضب زال (فلما سكت عن موسى الغضب).
الرحيم: صفة تدل على الثبوت. فنقول فلان طويل ولا نقول طولان.
والسؤال يتجدد، وهو حول ترتيب (الرحمن فالرحيم). لماذا جاءت على هذا النسق من الترتيب؟ وبعبارة أخرى،.
لماذا جاء الله بترتيب صفة تدل على التجدد والإمتلاء، وجاء بعدها بصفة تدل على الثبوت؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 01:22 م]ـ
أخي ابن خالويه
وهل يمكن أن تكون صفة الرحمة متجددة بالنسبة لله تعالى؟ بل هي ثابتة.
والله أعلم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 01:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
لعلّ في تقديم (الرحمن) على (الرحيم) أسرار، منها:
أولاً: كون (الرحيم) حينئذ من باب التكميل المسمّى بالاحتراس - الذي هو فنّ من البلاغة - وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه. فإن الوصف بـ (الرحمن) لمّا كان يوهم دقائق النعم لا تصدر عنه تعالى لحقارتها، أتي بـ (الرحيم) دفعاً لهذا الايهام. وجعله جماعة من باب التتميم.
ثانياً: أن (الرحمن) لمّا كان مختصّاً به تعالى نزّل منزلة العَلَم فقُدّم على (الرحيم)، ولا يتّجه الإشكال من أصله على القول بأن (الرحمن) عَلَم، لأن العَلَم مقدّم على الصفة.
وأما بالنسبة لمسألة المبالغة في (الرحمن) فيُنظر إليها من وجوه:
الاول: لما رُوي عن السلف من قولهم: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا.
فهذا القول يفيد شمول الرحمة المستفادة من (الرحمن) للدنيا والآخرة، واختصاص الرحمة المستفادة من (الرحيم) بالدنيا. فيكون (الرحمن) أبلغ كمّاً، أي: أكثر رحمات لشموله أهل الدارين، وأبلغ كيفاً، أي: أعظم رحمات، لأن الرحمات الأخروية كلها عظام.
الثاني: لما رُوي عن السلف أيضاً من قولهم: يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة.
فهذا القول فيه توجيه لأبلغية (الرحمن)، بأن المرحومين في الدنيا أكثر من المرحومين في الآخرة، لشمول رحمة الدنيا للثقلين وسائر الحيوانات.
الثالث: ما رواه الترمذي والحاكم عن الرسول صلى الله عليه وسلم في المستدرك، قال: " من دعا: اللهم فارج الهمّ، كاشف الغمّ، مجيب دعوة المضطرّ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، أنت ترحمني فارحمني رحمة تغنيني بها عمّن سواك ".
وهذا الوارد لا ينافي أبلغية (الرحمن) لاحتمال أن يكون باعتبار الكيف فقط، وأنه تعالى من حيث إنعامه بالنعم العظيمة (رحمن)، ومن حيث إنعامه بالنعم الدقيقة (رحيم). ويؤيّده تفسير كثير من العلماء: (الرحمن) بالمنعم بجلائل النعم، و (الرحيم) بالمنعم بدقائقها. وتفسير بعضهم: (الرحمن) بالمنعم بما لا يتصوّر جنسه من العباد، و (الرحيم) بالمنعم بما يتصوّر جنسه منهم.
والله تعالى أعلم ..
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 11:41 ص]ـ
جزيت خيرا أخي لؤي(/)
تطهير الكعبة المشرفة
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 12:13 م]ـ
تطهير الكعبة المشرفة
قال تعالى:"وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود".
طلب الله سبحانه وتعالى من سيدنا إبراهيم وابنه أن يطهرا الكعبة من كل الأوثان والنجاسات والخبائث، وعملية التطهير هذه تتم من أجل الطائفين والعاكفين والركع السجود.
وقد بدأ الله سبحانه وتعالى بالطائفين، لأنهم أخص الثلاثة، فالطواف لا يشرع إلا بالبيت خاصة، والطواف أقرب العبادات من البيت، ولهذا فالطائفون هم أحوج الناس إلى كون البيت مطهرا، ثم انتقل إلى الاعتكاف والمعتكفين، والاعتكاف أعم من الطواف، لأنه يكون في كل مسجد، ويختص بالمساجد لا يتعداها، ثم ذكر الصلاة والمصلين، والصلاة أعم من الاعتكاف، لأنها تكون في كل مكان، سوى ما منع منه مانع، أو استثني شرعا، وإن شئت قلت: ذكر الطواف الذي هو أقرب العبادات بالبيت، ثم الاعتكاف الذي يكون في سائر المساجد، ثم الصلاةالتي تكون في البلد كله، بل في كل بقعة.
فعملية التطهير تتم أولا من أجل الطائفين، وثانيا من أجل العاكفين، وثالثا من أجل الركع السجود، وقد ترتبت الفئات الثلاثة من الخاص إلى العام، بحسب الأهمية المعنوية بين عملية التطهيروبين من تتم عملية التطهير من أجلهم.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 08:11 م]ـ
الأخ عزّام
لقد أحسنت التوجيه --وإليك هذين الإستفسارين
# قوله تعالى (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود".)
فهل كان في شرعهما طواف واعتكاف وركوع وسجود بحسب ما لدينا؟؟ هذا أولا--
# وثانيا --كيف تربط الآية التي ذكرتها مع الآية (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 02:32 م]ـ
نعم أخي جمال كان لديهم ما لدينا ولكن الطريقة مختلفة، وماسمعته هو أن الطواف كان بلا ملابس، ولم أتثبت من صحة المعلومة.
أما اّية سورة الحج فهي كذلك قريبة من اّية سورة البقرة ولكن المقصود بالقائمين هو القيام للصلاة، أي انه ذكر القيام (الوقوف) والركوع والسجود، وهي الأعمال التي نقوم بها في الصلاة، وقد ترتبت هذه الثلاثة كذلك من الخاص إلى العام فنحن نقوم ثم نركع ثم نسجد.
والله أعلم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 06:37 م]ـ
طيب ألا يمكن أن يكون معنى العاكفين هو القائمون للصلاة؟
بدليل الإتساق بين النصّين
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 11:09 م]ـ
قال تعالى: " وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ " (البقرة: 125)
وقال تعالى: " وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ " (الحج: 26)
فخصّ سورة البقرة بقوله: " وَالْعَاكِفِينَ "، وخصّ سورة الحج بقوله: " وَالْقَائِمِينَ "، مع اتحاد الأمر بتطهير البيت لمن ذكر في الموضعين.
والسبب من وراء هذا التخصيص - والله أعلم - أن المراد بالقائمين هنا ذوو الإقامة والملازمة على صفة مخصوصة. وإذا أريد بالقائمين هذا فهو والعكوف مما يصحّ أن يعبّر بأحدهما عن الآخر مع أن لفظ العكوف أخصّ بالمقصود.
فيكون خصوص آية الحج بقوله "والقائمين" لتقدّم ذكر العكوف في قوله تعالى قبل الآية " سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ " (الحج: 25). فلما تقدّم ذكر العكوف متصلاً بالآية وقع الاكتفاء بذلك وعدل عن التكرار.
ولما لم يقع ذكر العكوف قبل آية البقرة ولا بعدها، لم يكن بدّ من الإفصاح، وكأن قد قيل في آية الحج: والقائمين معتكفين، فأغنى ذكرهم متقدّماً عن الإتيان به حالاً مبينة، وأغنى قوله في آية البقرة: "والعاكفين" عن قوله: "القائمين"، لأن العكوف الملازمة وهو المراد بالقيام. فورد كل على ما يجب ويناسب.
والله أعلم(/)
إشراقات قرآنية.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 10:37 م]ـ
الإشراقة الأولى:
" إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " -النمل: 91
المقصود بالبلدة مكة المكرمة زادها الله عزا وعظمة.
في المقطع القرآني " أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا " لمسة جمالية في التعبير, وهو أن تشريف مكة المكرمة جاء من وجهين:
الأول: إضافتها إلى الرب في قوله نعالى (رب هذه البلدة).
الثاني: إضفاء صفة الحرمة عليها في قوله (الذي حرمها) والتي تعني شرفها وجعل لها حرمتها التي لا ينبغي ن تنتهك, حيث جعل لها قدسية خاصة وأحكاما و حرمة لم يخص غيرها بها.
كما أن في قوله " وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ " نكتة بلاغية حيث جاء هذا المقطع إشارة إلى أن ملك الله سبحانه وتعالى واسع لا حدود له, وأنه لا ينحصر في مكة وحدها, فكل شيء هو ملك لله, وفي ذلك دفع لتوهم من يرى أن ملك الله محصور في مكة , حيث دأب المشركون على توزيع الكون على آلهتم الباطلة حيث خصصوا جزءا لكل إله لديهم, بينما يشير هذا المقطع إلى شمولية ملك الله سبحانه وتعالى وعدم محدودية ملكه, وعدم مشاركة أحد له في ملكه.
كما نستفيد أيضا أن مكة المكرمة قد شرفت بذكر اندراجها تحت ربوبيته على جهة الخصوص وعلى جهة العموم.
نلاحظ أن الآية بُدأت بـ " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة " وا ختُتمت بـ " و أمرت أن أكون من المسلمين ", وفي هذين المقطعين وقفة للتأمل في روح القرآن, حيث أ ن في المقطع الأول إشارة إلى عبادة الله وحده, وفي المقطع الثاني إشارة إلى التسليم المطلق والكلي له سبحانه وتعالى.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 03:33 م]ـ
الإشراقة الثانية:
" وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين " النمل 92
جاءت هذه الآية بعد الآية السابقة التي حلقنا في أجواءها:
" إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " -النمل: 91
و في هذه الأية الكريمة إشراقات وإضاءات تعمق في النفس معاني الارتباط بالله عز وجل.
أشرنا إلى هدفين عظيمين في الآية السابقة, وهما: عبادة الله وحده, والتسليم المطلق والكلي له سبحانه وتعالى.
وجاءت هذه الآية لتعطينا الطريقة التي تسهل لنا الوصول إلى هذين الهدفين وهي تلاوة القرآن الكريم " وأن أتلو القرآن", ففي تلاوة القرآن إضاءة للروح, فالروح عندما تتأمل في معاني القرآن الكريم فإن ذلك سيحلق بها في أجواء الطهارة, من خلال ما تنتهله من عذب معين القرآن الكري, الذي يوجد لها معنى الحياة الحيقية.
ونجد الدعوة إلى تلاوة القرآن , و تدبر آياته في مواضع أخرى:
" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أغفالها " - محمد: 24
" فاقرءوا ما تيسر من القرآن " المزمل: 20
ويشير الخطاب الإلهي إلى أهمية القرآن كمنهج حياة:
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين " - الإسراء 9
" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " الإسراء: 82
" ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون " - الزمر: 27
وهذا الرابط بين القرآن والهداية ندركه عند تأملنا قوله تعالى " وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ... "
قال الألوسي: أي أن منافع اهتدائه تعود إليه " (1)
" ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين " أي من لم يهتد به و أعرض عن ذكر ربه فعليه ضلاله ووبال كفره.
تأملوا الاختلاف في التعبير القرآني بين هاتين الصورتين:
" فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه "
" ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين "
في هذه الصورة الأخيرة, لم يقل القرآن: ومن ضل فعليه ضرره, كما أخبر في موضوع الهداية, وقد عقب على ذلك صاحب الأمثل بقوله:
" وهذا الاختلاف في التعبير لعله إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم يقول: إني لا أسكت بوجه الضالين أبدا, ولا أتركهم على حالهم بل أظل أنذرهم و أواصل الإنذار ولا أعيا عن ذلك, لأني من المنذرين. " (2)
(1) تفسير روح المعاني للألوسي, الجزء 19
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي, المجلد 12
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 08:31 م]ـ
السلام عليكم
# وقع خطأ في الآية 24 في مقال الأخ الفاضل نرجو التصحيح--والآية
(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
# قولك (ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين " أي من لم يهتد به و أعرض عن ذكر ربه فعليه ضلاله ووبال كفره.
تأملوا الاختلاف في التعبير القرآني بين هاتين الصورتين:
" فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه "
" ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين "
في هذه الصورة الأخيرة, لم يقل القرآن: ومن ضل فعليه ضرره, كما أخبر في موضوع الهداية,)
لم ألحظ فيه إشراقة فأنت قلت قولا (ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين " أي من لم يهتد به و أعرض عن ذكر ربه فعليه ضلاله ووبال كفره) ثمّ ناقضته بقولك (في هذه الصورة الأخيرة, لم يقل القرآن: ومن ضل فعليه ضرره, كما أخبر في موضوع الهداية)
وهذا تناقض لا إشراقة
ثمّ إقحامك لكلام المفسر الشيعي بكلام لا أيد فيه كلامك الأول ولا كلامك الثاني إذ نقلت قوله (وهذا الاختلاف في التعبير لعله إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم يقول: إني لا أسكت بوجه الضالين أبدا, ولا أتركهم على حالهم بل أظل أنذرهم و أواصل الإنذار ولا أعيا عن ذلك, لأني من المنذرين)
قال الطبري في الآية كلاما صحيحا لا يدانيه كلام غيره
(وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ
وَقَوْله: {وَمَنْ ضَلَّ} يَقُول: وَمَنْ جَارَ عَنْ قَصْد السَّبِيل بِتَكْذِيبِهِ بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه {فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنْذِرِينَ} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: فَقُلْ يَا مُحَمَّد لِمَنْ ضَلَّ عَنْ قَصْد السَّبِيل , وَكَذَّبَك , وَلَمْ يُصَدِّق بِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْدِي , إِنَّمَا أَنَا مِمَّنْ يُنْذِر قَوْمه عَذَاب اللَّه وَسَخَطه عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَقَدْ أَنْذَرْتُكُمْ ذَلِكَ مَعْشَر كُفَّار قُرَيْش , فَإِنْ قَبِلْتُمْ وَانْتَهَيْتُمْ عَمَّا يَكْرَههُ اللَّه مِنْكُمْ مِنْ الشِّرْك بِهِ , فَحُظُوظ أَنْفُسكُمْ تُصِيبُونَ , وَإِنْ رَدَدْتُمْ وَكَذَّبْتُمْ فَعَلَى أَنْفُسكُمْ جَنَيْتُمْ , وَقَدْ بَلَّغْتُكُمْ مَا أُمِرْت بِإِبْلَاغِهِ إِيَّاكُمْ , وَنَصَحْت لَكُمْ.)
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 12:09 ص]ـ
ملحوظة:
إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)
أي فمن اهتدى فقد اهتدى لنفسه.، لأن نفع ذلك راجع إليه.، أي فمن اهتدى على العموم، أو فمن اهتدى بما أتلوه عليه، فعمل به بما فيه من الإيمان بالله والعمل بشريعته. ومن ضل بالكفر وأعرض عن الهداية. فقل له إنما أنا من المنذرين، وقد فعلت بإبلاغ ذلك إليكم.، وليس علي غير ذلك.
وقيل الجواب محذوف، أي فوبال ضلاله عليه، وأقيم (إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) مقامه لكونه كالعلة له.
وهذا أجمل ما قيل فيه.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 08:52 م]ـ
الأخ العزيز موسى أحمد زغاري
أسعدني حضوركم كثيرا.
أشكركم على مداخلتكم الجميلة.
وفقكم الله لخدمة القرآن, وجعلكم من العاملين به كما أمر الله سبحانه وتعالى, وجعلكم من المرضيين عند رسوله الكريم صلى الله عليه وأله وسلم.
---
أخي الفاضل جمال:
قال الألوسي في تعقيبه على هذه الآية " وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ":
" ومن ضل " بالكفر والإعراض عنه, وقيل بالمخالفة فيما ذكر " فقل " أي له. " إنما أنا من المنذرين " وقد خرجت عن عهدة الإنذار فليس علي من وبال ضلالك شيء, وإنما عليك فقط .. "
تأمل عبارة الألوسي: " فليس علي من وبال ضلالك شيء و إنما عليك فقط " و هو عين ما قصدته بقولي: أي من لم يهتد به و أعرض عن ذكر ربه فعليه ضلاله ووبال كفره.
كما في عبارة الطبري التي نقلتها: وَإِنْ رَدَدْتُمْ وَكَذَّبْتُمْ فَعَلَى أَنْفُسكُمْ جَنَيْتُمْ
هي معنى " فعليه ضلاله " بعبارة مختلفة.
فأين هو التناقض؟
هذا لا يعتبر متناقضا مع قوله تعالى: " فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ "
لأن المعنى الذي أشرت إليه نفهمه بشكل ضمني من الآية الكريمة, وهذا المعنى تمت الإشارة إليه بشكل مباشر في آيات أخر:
" فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها " يونس: 108
" من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها " الإسراء: 15
" فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها " الزمر: 41
كل ما في الأمر أنه في هذه الآية لم يأتي القرآن بالمقطع " ومن ضل فإنما يضل عليها " بعد المقطع " فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ " كما هو الحال في الآيات الثلاث المشار إليها, وذلك لحكمة.
ثانيا:
لا أجد تناقضا بين قول الشيخ الشيرازي - حفظه الله - وبين قول الطبري - رحمه الله - فكلاهما يهدف بشكل عام إلى تقرير معنى: " وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ". وإن كان الشيرازي قد أوجز في التعبير, والطبري قد أسهب فيه, لكن المضمون العام لكلامها - والمتصل بالآية الشريفة -واحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 09:57 م]ـ
لا أدري كيف تنشىء كلاما جديدا ثم تسألني أين التناقض في الكلام الجديد--
كلامك أيّها الأخ الفاضل السابق بعباراته متناقض--فأنت قلت (ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين " أي من لم يهتد به و أعرض عن ذكر ربه فعليه ضلاله ووبال كفره) وهو معنى معروف وبسيط--ثم قلت (ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين "
في هذه الصورة الأخيرة, لم يقل القرآن: ومن ضل فعليه ضرره, كما أخبر في موضوع الهداية) --يعني أثبت في القول الأول أنّ عليه ضرر ضلاله ونفيته في القول الثاني
ثم جئتنا بإجابة لمفسرك الشيعي شارحا معنى المنذرين على أنّه إجابة على تساؤل مفترض عن الإختلاف في التعبيرين فقال (وهذا الاختلاف في التعبير لعله إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم يقول: إني لا أسكت بوجه الضالين أبدا, ولا أتركهم على حالهم بل أظل أنذرهم و أواصل الإنذار ولا أعيا عن ذلك, لأني من المنذرين) وكيف يكون شرح معنى المنذرين إجابة على الإختلاف في تعبير جزئي الجملة؟؟
لست أدري اللهم إلّا الإقحام مجرد الإقحام لقول بسيط جدا لمفسّر شيعي
إنّ الآية (فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)
الجزء الثاني فيه مماثل للجزء الأول إلّا أنّه اقتضت بلاغة الكتاب حذف جواب الشرط في الجزء الثاني لدلالة الجزء الأول عليه بالتشاكل
يعني--لا حاجة للسياق أنّ ينص صراحة على القول "ومن ضلّ فإنّما يضّل عليها " لأن الجزء الأول دال عليه--ولا دخل لهذه اللفتة لا بالإنذار أو غيره
أخي الكريم
في رأيي يكفينا ما نراه من كلام رديء هنا وهناك يصل إلى درجة أن لا نعرف ما دور أدوات الجزم مع الأفعال المعلولة---
وفي رأيي أننا لدينا من مفسرينا من هم أجود عبارة من كلّ مفسريك الشّيعة--وقول مفسّرك الشيعي بعيد بعد الأرض عن السماء عن قول مفسرنا االطبري فلا تتمحل التماثل بين قوليهما
ونحن في غنى كامل عن الرديء من الأقوال
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 10:34 م]ـ
الأخ جمال:
جوابي واضح ولا داعي للإعادة, ولست من المتعصبين للرأي.
وأنا في غنى كامل عن سماع الرديء من الأقوال.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 10:48 م]ـ
إذن
أثبت قولك بأنّك لست متعصبا وتوقف عن إسماعنا ما تريد نشره من آراء مفسريك الشيعة --فهي آراء بسيطة لا تصل في عمقها إلى عشر معشار عمق آراء مفسرينا
وإن أردناها نحن نعرف أين نجدها
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 11:46 م]ـ
السلام عليكم
أبدأ من حيث قال الدكتور أبو طالب:
" وإن كان الشيرازي قد أوجز في التعبير, والطبري قد أسهب فيه, لكن المضمون العام لكلامها - والمتصل بالآية الشريفة -واحد."
أولاً: الإسهاب في القول: قلت أن الطبري قد أسهب فيه. وإليك معنى الإسهاب كما جاء في الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري، في معرض الفرق بين الإسهاب والإطناب. يقول:
الإطناب هو بسط الكلام لتكثير الفائدة، والأسهاب هو بسطه مع قلة الفائدة، فالإطناب بلاغة، والإسهاب عِيٌّ، وقال أهل البلاغة: الإطناب إذا لم يكن منه بدٌّ فهو إيجاز.
أما الإيجاز فهو أن يبني الكلام على قلة اللفظ وكثرة المعنى.
وعليه فأرجو منك الإنتباه لئلا يختلط الأمر على القارئ. وأما بالنسبة لصاحبك فالحق انه لم يوجز وإنما أتى بكلام بعيد الأحتمال.
ومن ناحية ثانية فإن كلامك الأول قد اختلف عن الثاني وهنا كان التدقيق، لأن كلامك الأول حقا متناقض.
وأشارة اخيرة: نحن أهل السنة والجماعة لا نسوي بين المفسرين المحدثين منا وبين شيوخ التفسير القدماء. فهل ترضى لنا يا دكتور أبو طالب أن نسوي بين صاحبك وبين شيخ المفسرين الطبري؟! لا وألف لا.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 12:32 ص]ـ
الأخوة الأعزاء:
ليس في كلامي ما يوحي بالتناقض, بل يمكن تفسيره أنني لم استطع إيصال الفكرة واضحة في مداخلتي الأولى.
احترم أراء علمائكم, ولم يبدو في كل كتاباتي بهذا المنتدى ما يطعن فيهم.
أنا لم أرم إلى وصف الطبري بقلة الفائدة فيما كتبه.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 04:32 ص]ـ
أخي الفاضل الدكتور "أبو طالب"
السلام عليكم ورحمة الله
أرحب بك كعضو معنا في منتديات الفصيح، وتسعدني مشاركاتك الفعالة في المنتدى، واعلم أخي المفضال أن هذا المنتدى ملتزم بمذهب أهل السنة - دون التقليل من شأن أي مذهب مخالف -.
أرجو منك أخذ هذا الأمر بالاعتبار.
ودمت برعاية الله(/)
لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 10:41 م]ـ
:::
قوله تعالى (لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) 47 الصافات
مختلف في صياغته عن قوله تعالى (ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) 2 البقرة
ففي آية الصافات قدم الظرف "فيها"
وفي آية البقرة قدّم الإسم "ريب" وأخر الظرف "فيه"
ترى ما السبب؟
أنتظركم
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[04 - 10 - 2005, 11:50 م]ـ
أخي جمال:
أبارك لكم شهر رمضان المبارك, سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا و إياكم من المقبولين لديه.
سياق الآيات:
" يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " – الصافات 45 – 47
الجملة " لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " هي صفة أخرى لكأس, وجاء الخبر مقدما لينسجم مع الآيات المتقدمة التي تتحدث عن هذه الكأس, ولا سيما الآية السابقة لها مباشرة.
الصفات المتقدمة للكأس أنها بيضاء وتعطي شاربيها لذة.
قد يحمل المستمع إلى المقطع " لذة للشاربين " مفاهيم خاطئة عن هذه الكأس, لذا قدم الجار والمجرور – الذي يحمل إشارة إلى الكأس – لاستبعاد احتمالية تلك المفاهيم, ولوصف بأن الشراب الذي فيها طاهر لا يذهب بالعقل, ولا يؤدي إلى السكر.
وبعبارة أخرى, كأن الآية تريد تفضيل خمر الجنة على خمور الدنيا, حيث جاء بالوصف (لا غول فيها) إشارة إلى أن هذا الغول موجود في غيرها.
" لا ريب فيه " قدم الريب على الجار والمجرور , لأنه أولى بالذكر استعدادا لصورته حتى تتجسد أمام السامع.
في هذه الآية من سورة البقرة, كان الهدف هو تقرير حقيقة الكتاب ونفي الريب عنه وانه كتاب هدى وحق وصدق لا باطل الخ ... كما كان المشركون يدعونه .. فلذا جيء بالوصف مقدما على الجار والمجرور, على سبيل الاستغراق, لا بهدف عقد مقارنة بين هذا الكتاب وغيره من الكتب من ناحية وجود الريب في تلك الكتب, بل لنفي كون هذا الكتاب مظنة للريب , لما فيه من وضوح البيان وقوة الحجة.
أتمنى أن أكون قد وفقت لإيضاح المعنى المراد.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 04:50 ص]ـ
الأخ الدكتور
قوله تعالى (لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) يقارن فيها عز وجل بين خمرة الجنّة وغيرها--فتقديم الظرف أشار إلى ذلك---أي أشار إلى وجود خمور أخرى تغتال العقل
أمّا قوله (ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) ففيه تخصيص الكتاب بأنّه لا ريب فيه---لو قيل (لا فيه ريب) لاختلف المعنى من حيث إنّه يشير إلى وجود الريب في غيره--وليس هذا مقصودا--إنّما المقصود نفي الريب عنه---كما أنّه لم يقصد أن لا أحد يرتاب فيه --بل إنّ من شأنه أن لا يرتاب فيه أحد
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 11:23 ص]ـ
بورك فيكما
استفدت منكما كثيرا
في الاّية الأولى: انصب النفي على شبه الجملة (فيها) أي: لا يوجد في خمر الجنة ما في غيرها من الضرر، فقد حصل بالتقديم تخصيص للنفي بخمر الجنة وحدها، فقد تم التقديم من أجل الهدفين: المعنوي والبلاغي.
وفي الاّيةالثانية: انصب النفي على الريب، فهو نفي لوجود الريب فيه من غير مقارنة.
كما تقدم الشيء المنفي نحو حرف النفي، لتترتب الكلمات بحسب الأهمية المعنوية(/)
لماذا؟
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 09:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: " ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ... " البقرة (177)
وردت كلمة " البر " في هذه الآية بالنصب
بمعنى آخر (قدم خبر ليس على اسمها " المصدر المؤول ")
ما الفائدة من هذا تقديم الخبر على الاسم؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 04:35 م]ـ
لو علمت أنّ جمهور القرّاء يقرأونها بالرفع أي "البرُّ"هل ينتهي الإشكال؟
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 03:45 ص]ـ
أعرف أخي جمال أنها قرئت بالرفع
لكن ألا يجوز تقديم الخبر خبر ليس على اسمها؟؟
بمعنى آخر: ما الفائدة التي قدمتها قراءة نصب " البر "؟؟
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 02:41 م]ـ
أخي قمر لبنان:
هذه الاية نزلت ردا على سؤال وهو ما البر؟
ويقال ان السبب هو استغراب اليهود والكفار من تغير القبلة، فجاءت الاية تقدم ذكر البر (الخبر) على الاسم، فتقدم الشيء المسؤول عنه بحسب الأهمية المعنوية ومنزلة المعنى، أو تقدم للغرض المعنوي، ليخبرنا الله تعالى أن البر ليس في تولية الوجوه نحو هذا المكان أو ذاك بل البر أكبر من هذا الامر، لأن البرأعمال وجوهر وليس شكلا.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 06:42 م]ـ
عزام
بارك الله بك---ولكن اسمح لي لم يكن من ثمة سؤال---ولو كان سؤال هو ---ما البرّ؟ لما حسن أن تكون الإجابة "ليس البرّ"
على هذا فقد أعياني الجواب ففكر معي بإجابة أخرى
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 02:43 ص]ـ
أخي عزام أشكرك على إضاءتك
أعرف أن الفائدة الأعم من التقديم هي العناية والاهتمام
لكن الذي جعلني أطرح هذه المسألة، أنني قرأت جزءا من آية أخرى
قال تعالى: " وليس البر (بالضم) بأن تأتوا البيوت من ظهورها ... "
هنا استعمل " البر " اسما، وفي الآية السابقة الذكر استعمل " البر " خبرا مقدما
لذلك سألت عن الفائدة في الآية السابقة مقابلة مع هذا الجزء من الآية
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 04:41 ص]ـ
أرجو من المشرف تصليح الخطأ في المشاركة السابقة
وأرجو أن يتنبه القمر لضرورة نقل الآية بطريقة النسخ
ولم ينته بعد التباحث بشأنها
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 11:10 ص]ـ
نعم أخي جمال:
سقطت التاء من كلمة " تأتوا " سهوا
الآية: " ... وليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ... " (البقرة 189)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 01:38 م]ـ
أخي قمر لبنان
أخي جمال
مجرد تسليط الضوء على الكلمة يعتبر بحد ذاته هدفا معنويا، فعندما نقول: كريم محمد، فقد سلطنا النور على الكرم، وكان مرادي التركيز على الكرم اكثر من محمد، وفي قوله تعالى"ليس البر ...... " يتقدم الخبر نحو حرف النفي من أجل تركيز النفي عليه، ويكون المعنى: ليس البر ما تظنون فالبر غير ذلك، كما أن تأخير الخبر يجعل التركيب ضعيفا، ألا تلاحظان معي ضعف قولنا: ليس أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر؟ وتأخير الخبر كذلك ملبس
أليس كذلك؟ ملبس بتأخيره، وملبس باتصال ليس مع (أن)،على اعتبار (ليس) من حروف النفي، والحرف لا يدخل على الحرف.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 03:09 م]ـ
أخي قمر لبنان
أخي جمال
مجرد تسليط الضوء على الكلمة يعتبر بحد ذاته هدفا معنويا، فعندما نقول: كريم محمد، فقد سلطنا النور على الكرم، وكان مرادي التركيز على الكرم اكثر من محمد، وفي قوله تعالى"ليس البر ...... " يتقدم الخبر نحو حرف النفي من أجل تركيز النفي عليه، ويكون المعنى: ليس البر ما تظنون فالبر غير ذلك، كما أن تأخير الخبر يجعل التركيب ضعيفا، ألا تلاحظان معي ضعف قولنا: ليس أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر؟ وتأخير الخبر كذلك ملبس
أليس كذلك؟ ملبس بتأخيره، وملبس باتصال ليس مع (أن)،على اعتبار (ليس) من حروف النفي، والحرف لا يدخل على الحرف.
والله أعلم
كلامك الآن على العين والرأس مع أنّي كنت أرغب بكلام أقوى---أمّا بالنسبة للبّر فأحب أن أخبرك أن تولية الوجه تجاه القبلة الشرعية من البرّ---اي من الأعمال المرضيّة المحمودة--فكيف تفسر ذلك مع كون الآية قالت (ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم--)؟؟
بانتظارك
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 11:26 ص]ـ
يا سيدي:
الأصل هو العمل والفرع هو تولية الوجه، والأصل أهم من الفرع، وقد قال تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم من أجل أن يبين أن هناك شيئا أهم من تولية الوجه، ألا وهو العمل، وليس الهدف هو نفي أن تكون تولية الوجوه من الأمور المحمودة أو المرضية، وتركيز اليهود كان على الأقل أهمية وهو تولية الوجه.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 12:36 م]ـ
حلو كلامك
إذن يؤول المعنى إلى " ليس تمام البر تولية الوجه إلى القبلة"--اليس كذلك؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 12:30 م]ـ
بلى، هو كذلك.
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 01:45 م]ـ
أشكرك أخي عزام وكذلك الشكر موصول للأخ جمال(/)
إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 - 10 - 2005, 05:37 م]ـ
قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد 11
الذي يظهر أنّ النّاس يفهمونها بعكس ما أريد منها---فهم يفهمونها على أنّ تغيير النّاس ما بأنفسهم من أفكار الكفر يؤدي بالتالي لأن يغيّر الله ما حاق بهم من سوء وينتشلهم من واقعهم الأليم--فكأن شرط التخلص من الواقع الفاسد هو تغييرهم لأفكارهم الفاسدة
وليس ما سبق هو المعنى المقصود---إنّما المعنى المقصود هو أنّ آيقاع السوء والعذاب بقوم مرهون بتغييرهم ما فطرت عليه نفوسهم من الخضوع لرب واحد
أعني أنّ الآية تقرر قاعدة وهي أن العذاب يستحقه القوم بسبب تغييرهم ما غرز بأنفسهم من خير إلى الشر
قال الطبري
(وَقَوْله: {إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ: إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ مِنْ عَافِيَة وَنِعْمَة فَيُزِيل ذَلِكَ عَنْهُمْ وَيُهْلِكهُمْ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ بِظُلْمِ بَعْضهمْ بَعْضًا وَاعْتِدَاء بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , فَتَحِلّ بِهِمْ حِينَئِذٍ عُقُوبَته وَتَغْيِيره.)
____________
ـ[أبو سارة]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 03:38 ص]ـ
جزيت خيرا يا أستاذ جمال
وقد يكون المعنى المقصود هو أنّ عودة الناس إلى ما فطرت عليه نفوسهم من الخضوع لرب واحد، إنما هو سلامة لهم من إيقاع السوء والعذاب الذي سيحل بهم في حال عدم التغيير!
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 06:48 م]ـ
أشكر أخي المشرف الفاضل على مروره--وأذكّره بالآية التالية (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأنفال 53
فآية الأنفال فسرت آية الرعد (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَابِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَال ٍ?
(الرعد 11)
ففهم من مجموع الآيتين أن تغيير الله النعمة إلى نقمة يكون بسبب تغيير النّاس لأفكارهم باتجاه أفكار الكفر
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 01:12 ص]ـ
السلام عليكم
أستاذي جمال
قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد 11
يبدو أنه قد فاتك في هذا التفسير بضع أمور، مثل:
1) ورود حرف ما {ما بقومٍ} ونحن نعرف أن حرف- ما - من صيغ العموم، أي كل شيء بأنفسهم دونما تحديد سواء أكان خيرا أو شرا.
2) ورود قوم نكرة ونحن نعرف أن النكرة تفيد التعدد، أي، أيُّ قوم دونما تحديد، وهنا ندخل في باب العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
3) في آية قال الله تعالى: {مغيراً نعمة} وهنا قد حدد الله بأن التغيير هو للنعمة، وليس هناك ما يدل على ان آية الأنفال مربوطة بآية الرعد، وعليه لا وجه للإستدلال بها في هذا الموضع وعلى هذا الوجه.
4) ونلاحظ يا أستاذي العزيز أن آية الرعد قٌد ورد بها حرف الواو، بِأَنفُسِهِمْ وَ إِذَا
وحرف الواو في هذا الموضع حرف وصل يفيد الفصل. أي أن الجزء الأول من الآية يتكلم عن تغيير ما بالنفوس من خير أو شر، والجزء الثاني يتكلم عن إرادة الله السوء بإحد فلا مرد الله.
أنا في الإنتظار.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 05:43 م]ـ
ما قلته أخي موسى فيه خير عميم--ولكن تدبّر معي لم لم يكن السياق آيجابا؟
أعني لم لم يقل عز وجل "إنّ الله يغيّر ما بقوم إذا غيّروا ما بأنفسهم""؟؟ أنا أقول لك لماذا؟
لأنّ السياق نفى عن الله تغيير حال القوم دون سبب نابع منهم- (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَابِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) --وهذا عينه يشبه نفيه الظلم عن نفسه (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)
هذه هي النقطة التي تجعلنا نقول بالتفسير عينه الذي يستشف من الآية (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)
فاستخدام السياق للنفي دلّ على أنّ المعنى تنزيه الله عز وجل عن نزع نعمة أنعمها على عباده إلّا بسبب تغيير ما بأنفسهم
ـ[لخالد]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 06:20 م]ـ
رياضيا هذا يعني أن التغيير السلبي يستلزم العذاب و العكس غير صحيح, أي أن التغيير الإيجابي لا يعني رفع العذاب.
هذا التفسير يخالف تماما ما درجنا على سماعه من الدعاة.
فما قولكم بارك الله فيكم.(/)
الإستدراك هل هو من .... ؟
ـ[أيمن الدوسري]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 07:31 م]ـ
من فنون البديع
وشكرًا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 10 - 2005, 08:54 م]ـ
من فنون البديع
وشكرًا
لا أعرف إن كانوا قد صنّفوه كذلك ولكني وجدت الزمخشري يذكره فقال في كشّافه
("وما كنت بجانب الغربي إذا قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين،" "الغربي" المكان الواقع في شق الغرب، وهو المكان الذي وقع فيه ميقات موسى عليه السلام من الطور وكتب الله له في الألواح. والأمر المقضى إلى موسى عليه السلام: الوحى الذي أوحى غليه؛ وهم نقباؤه الذين اختارهم للميقاته. وكتبة التوراة له في اللواح، وغير ذلك.
" ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلوا عليهم ءايتنا ولكنا مرسلين،"
فإن قلت: كيف يتصل قوله: " ولكنا أنشأنا قروناً" بهذا الكلام؟ ومن أي وجه يكون استدراكاً له؟ قلت: اتصاله به وكونه استدراكاً له، من حيث أن معناه: ولكنّا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قروناً كثيرة "فتطاول" على آخرهم: وهو القرن الذي أنت فيهم "العمر" أي أمد انقطاع الوحي واندست العلوم، فوجب إرسالك إليهم، فأرسلناك وكسبناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى عليهم السلام، كأنه قال: وما كنت شاهداً لموسى وما جرى عليه، ولكنا أوحينا إليك. فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة الفترة؛ ودل به على المسبب على عادة الله عز وجل في اختصاراته؛ فإذا هذا الإستدراك شبيه الاستدراكين بعده "وما كنت ثاوياً" أي مقيماً "في أهل مدين" وهم شعيب والمؤمنون به" تتلوا عليهم ءاياتنا" تقرؤها عليهم تعلماً منهم، يريد: الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه، ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكما
واسمحوا لي أن أنتقد قول الزمخشري "عادة الله" فلا أظنّ أنّه محقّ في قوله(/)
فَإِن طِبْنَ لَكُمْ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 07:54 م]ـ
قوله تعالى
(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً) 4 البقرة
لاحظوا يرحمكم الله قوله تعالى (فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً) فإن إعطاء الزوجة جزءا من مهرها أو مالها لزوجها يجب أن يكون بطيب نفس منها لا بمجرد أن تهب وتسامح--أعني تعطي وهي سعيدة بما أعطت تماما كما يكون الوالد عندما يعطي أبناءه واستخدم التمييز " نفسا" للدلالة على استغراق الطيب لكل النفس كقوله (واشتعل الرأس شيبا) فالشيب عمّ الرأس
ورد في القرطبي (روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية "فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه" فقال: (إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة)
بقيت نقطة أنّ من هنا للتبعيض فلا تطيب النفس بإعطاء الزوج كلّ المهر--ويستشف أنّ طيب النفس يكون بالقليل من المهر بدلالة استخدامه حرف التبعيض " من"
ولست أدري لم اختار اللسان اعتبار من للجنس إذ قال (وتكون للجنس كقوله تعالى: فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نَفْساً. فإن قيل: كيف يجوز أَن يقبل الرجلُ المَهْرَ كله وإِنما قال منه؟ فالجواب في ذلك أَنَّ مِنْ هنا للجنس)
والأظهر أنّها للتبعيض
ـ[ابن خالوية]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 10:57 م]ـ
الأخ العزيز والأستاذ القدير جمال
السلام عليكم:
أحببت أن أتداول معك في هذا الرأي، وأن تنجاذب أطراف الحديث.
أولاً: ..... عن شيءٍ منه نفساً، هي مثيل قوله تعالى واشتعل الرأس شيباً.
فالله عز وجل لم يقل أشتعل الشيب في الرأس. وهو في قوله تعالى {واشتعل الرأس شيباً} قد أسند الفعل إلى الرأس، وجعل (شيباً) تمييزاً. وفي هذا دلالة على أن الشيب قد أتى على كل الرأس، أي أن شعر الرأس كله قد صار أشيباً. ولو كانت الصيغة (أشتعل الشيب في الرأس) بإسناد الفعل إلى الشيب فذلك لا يحمل دلالة أمتلاء الرأس كله شيباً. وآتي بمثال به يتضح المقال؛ فلو قلنا أشتعلت النار في البيت، فأنها عبارة تفيد اشتعال النار في بعض البيت وليس في كله، بينما لو قلنا اشتعل البيت ناراً، لإنها عبارة تفيد أن النار قد أتت على كل البيت.
وعليه فإن الآية الكريمة { .... منه نفساُ} لتدل كل الدلالة على أنه يجب على الزوجة أن تكون راضية كل الرضى القلبي والنفسي، وليس فقط القولي، بإعطاء زوجها شيئاُ من صداقها. وأقول شيئاً من صداقها وليس كل صداقها، وعلى الزوج أن يتحقق من هذا الرضا، وأن يحترز كل الإحتراز عن أخذ شيء من صداقها قبل طيب نفسها.
ثانياً: حول أن (من) للتبعيض.
فـ (من) هنا قد جاءت للتبعيض وليس للجنس كما ساق لسن العرب استدلاله حول (تبعيضها). والسبب:
جاء في تفسير الكشاف للزمخشري:
وقيل: فإن طبن لكم عن شيء منه، ولم يقل عن فإن طبن عن لكم عنها، بعثاً لهنَّ على تقليل الموهوب. وعن الليث بن سعد: لايجوز تبرعها إلا باليسير. ويجوز أن بكون تذكير الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد فيكون متناولاً بعضه، ولو أنَّث لتناول ظاهر هبة الصداق كله لأن بعض الصدقات واحدة منه فصاعداً.
وفي تفسير النسفي:
(عن شيء منه) أي من الصداق إذ هو في معنى الصدقات.
وجاء في كتاب الجنى الداني في حروف المعاني للمرادي حول حرف (من) ما يلي:
من للتبعيض؛ نحو {منهم من كلم الله} وعلامتها جواز الإستغناء عنه بـ (بعض). ومجيئها للتبعيض كثير.
أنتهت النقول من كتب العلماء.
وعليه تكون (من) في هذه الآية للتبعيض وليست للجنس.(/)
ما هي البلاغة في هذه الأبيات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[ابن خالوية]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 01:02 ص]ـ
قال الشاعر:
ربَّ خودٍ عرَفتُ في عرفات = سلبتني بحسنها حسناتي
ورمت بالجمار جمرة قلبي = أيُّ قلب يقوى على الجمرات
حرَّمت حين أحرمت نوم عيني = واستباحت جمايَ بالحظات
وأفاضت مع الحجيج، ففاضت = من دموعي سوابق العبرات
لم أنل من مِنى مُنى النفس، حتى = خِفتُ بالخَيْفِ أن تكون وفاتي
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 06:26 ص]ـ
# أولا هو إبن خالويه وليس خالوية
# ثانيا ما رأيك بالحديث عن الأبيات بيتا بيتا؟؟
# ثالثا ما رأيك أن تراجع موضوع الجناس وتخبرنا أنت عمّا فيها منه؟
ـ[ابن خالوية]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 04:08 م]ـ
أولاً: أخي جمال، أكون شاكراً لك لو أرشدتني إلى كيفية تصحيح اسمي، من ناحية تقنية.
ثانياً وثالثاً: أحب ان اسمع منك، لا من نفسي، فلا يعقل أن أسأل وأجيب في آن واحد.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 04:26 م]ـ
# ممكن برسالة بسيطة للمشرف تصليح الإسم
# في الأبيات يتجلّى الجّناس
فما هو الجّناس؟
هو أن يتشابه لفظان من حيث الحروف ويختلفان من حيث المعنى كقوله ((ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) الروم: 55.
# قول الشاعر
ربَّ خودٍ عرَفتُ في عرفات
سلبتني بحسنها حسناتي
لاحظ الجّناس بين كل لفظين ملوّنين--وهو جناس غير تام
هلّا بحثت في الأبيات الأخرى
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 02:16 ص]ـ
لا شك انها أبيات جميلة يا ابن خالويه
وخاصة عندما يشبه قلبه بالجمرة من لظى ما سببت من العشق وهي لوحة متوهجة حمراء، وعندما يشبه قلبه بإبليس الذي يرمى بالجمرات لأن قلبه سول له بترك مناسك الحج ومراقبتها وغير ذلك من الصور الجميلة.
ولم يكن عليه أن يتهاوى في العشق هذا التهاوي بل يصبر ويخطبها عسى أن تكون نصيبه.
مع حبي لكما يا ابن خالويه ويا شرباتي
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 08:37 ص]ـ
أخي يوسف الصباح لقد أذكيت نار الحب في نفسي مرة أخرى، ولكن حب البلاغة ليس إلا.
إن ما ذكرته جميل ولكن .........
يقول أسامه ابن منقذ في كتاب البديع في البديع
في نقد الشعر
باب أجناس التجنيس:
اعلم أن التجنيس ثمانية أجناس:
1) التجنيس المغاير: وهو أن تكون الكلمتان اسماً وفعلاً، مثل قوله تعالى حكايةً عن بلقيس {{وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}}
ومثل الأبيات السابقة الذكر.
ربَّ خودٍ عرَفتُ في عرفات **** سلبتني بحسنها حسناتي
ورمت بالجمار جمرة قلبي**** أيُّ قلب يقوى على الجمرات
حرَّمت حين أحرمت نوم عيني **** واستباحت جمايَ بالحظات
وأفاضت مع الحجيج، ففاضت ***** من دموعي سوابق العبرات
لم أنل من مِنى مُنى النفس، حتى ****** خِفتُ بالخَيْفِ أن تكون وفاتي
2) التجنيس المماثل: وهو أن تكون الكلمتان اسمين أو فعلين، كما في قول الشاعر:
في وجهه شافعٌ يمحو إساءته ***** من القلوب وجيهٌ حيثما شفعا.
3) تجنيس التصحيف: وهو أن تكون النُّقطُ فرقاً بين الكلمتين، كما قال أبو دُؤادٍ الإيادي:
وردت بعيهامة جسرة **** فعنت سمالاً وهبَّت شمالا
4) تجنيس التحريف: وهو أن يكون الشكل فرقاً بين الكلمتين، مثل ما نُسب إلى الأمير الأجل سديد الدولة:
أمضى من البيض الرّقا ***** ق لواحظ البيض الرّقاق
ونواهد السُّمر الدقا ***** ق نوافذ الُّمْر الّدّقاق
5) تجنيس التصريف: وهو أن تنفرد كل كلمة عن الأخرى بحرف، مثل قول الشاعر:
من كل ساجي الطرف أغيد أجيد ... ومهفهف الكشحين أحوى أحور
6) تجنيس الترجيع: وهو أن ترجع الكلمة بذاتها، مثل قول الشاعر:
نون الهوى من الهوى مسروقةٌ **** وحليف كل هوىً حليفُ هوان 7) تجنيسالعكس: وهو أن تكون الكلمة عكس الأخرى، مثل قول الشاعر:
الحمد لله الذي **** بفضله فضلنا
كأنه من طول ما *****أمهلنا أهملنا
8) تجنيس التركيب: وهو أن تكون الكلمة مركبة من كلمتين، مثل قول الشاعر:
ينام من يُضمر غير الهوى **** وتلتقي أجفان أجفانا
ـ[القيصري]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 11:43 ص]ـ
السلام
احسنتم يا زغاري
القيصري
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 04:36 م]ـ
ماذا تعني بزغاري؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 04:59 م]ـ
هو الأخ موسى الزغاري من مجاوري المسجد الأقصى
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 12:42 ص]ـ
أدركت ذلك حال إرسال الرسالة ولم أستطع التراجع
أشكرك
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 12:46 ص]ـ
الزغاري أخي يوسف الصباح اسم عائلتي. والأخ القيصري استخدم اسلوب الحذف، واسلوب الحذف كثير في اللغة العربية، فبدل ان يقول موسى الزغاري، قال زغاري، وهذا مثال ما حدث في احدى جلسات مجمعات اللغة العربية، حيث قال أحده إن استعمال اللغة الفصحى ثقيل ومتعب، فمثلاً لوأردت ان أذهب للبقال لشراء كيلو من السكر، فإنني يجب أن أقول له: لوسمحت أعطني كيلو من السكر.
فرد احدهم عليه قائلا ً، ولم لا تقل كيلو سكر؟ وانتهى
وهكذا الحذف كثير جدا جدا في اللغة واترك لأستاذي جمال صاحب اجمل الأقوال ان يتحفنا حول أسلوب الحذف.
وشكرا لكم جميعا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[27 - 10 - 2005, 01:56 ص]ـ
أشكرك على التوضيح سيدي الزغاري
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[27 - 10 - 2005, 04:39 ص]ـ
ما أستطيعه أخي هو نقل ما قاله القزويني رحمه الله
---------------------------
إيجاز الحذف
----------------------------
وهو ما يكون بحذف والمحذوف إما جزء جملة أو جملة أو أكثر من جملة
والأول إما مضاف
كقوله تعالى " وأسال القرية " أي أهلها، وكقوله تعالى " حرمت عليكم الميتة " أي تناولها لأن الحكم الشرعي إنما يتعلق بالأفعال دون الأجرام وقوله: " حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم " أي تناول طيبات أحل لهم تناولها، وتقدير التناول أولى من تقدير الآكل ليدخل فيه شرب ألبان الإبل فإنها من جملة ما حرمت عليهم وقوله: " وأنعام حرمت ظهورها " أي منافع ظهورها، وتقدير المنافع أولى من تقدير الركوب لأنهم حرموا ركوبها وتحميلها، وكقوله تعالى: " لمن كان يرجو الله " أي رحمة الله وقوله: " يخافون ربهم " أي عذاب ربهم، وقد ظهر هذا المضافان في قوله: " يرجون رحمته ويخافون عذابه " معاملتها موصوف كقوله: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
أي أنا ابن رجل جلا،
وإما صفة نحو " وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً " أي كل سفينة صحيحة أو صالحة، أو نحو ذلك بدليل ما قبله وقد جاء ذلك مذكوراً في بعض القراءات، قال سعيد بن جبير كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ " وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً " وإما شرط كما سبق، وإما جواب شرط وهو ضربان: أحدهما أن يحذف لمجرد الاختصار كقوله تعالى: " وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون " أي أعرضوا بدليل قوله بعده " إلا كانوا عنها معرضين ". وكقوله تعالى: " ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى " أي لكان هذا القرآن وكقوله تعالى: " قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله، فآمن واستكبرتم " أي ألستم ظالمين، بدليل قوله بعده " إن الله لا يهدي القوم الظالمين ".
والثاني أن يحذف لدلالة على أنه شيء لا يحيط به الوصف، أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن فلا يتصور مطلوباً أو مكروهاً إلا يجوز أن يكون الأمر أعظم منه، ولو عين شيء اقتصر عليه وربما خف أمره عنده كقوله " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " وكقوله: " ولو ترى إذ وقفوا على النار " " ولو ترى إذ وقفوا على ربهم " " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ".
وقال السكاكي رحمه الله ولهذا المعنى حذفت الصلة من قولهم جاء بعد التي والتي أي المشار إليه بهما وهي المحنة والشدائد قد بلغت شدتها وفظاعة شأنها مبلغاً يبهت الواصف معه حتى لا يحير ببنت شفة، وإما غير ذلك كقوله تعالى " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل " أي ومن أنفق من بعده وقاتل بدليل ما بعده ومن هذا الضرب قوله " رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً " لأن أصله: يا رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً.
وعده السكاكي من القسم الثاني من الإيجاز على ما فسره ذاهباً إلى أنه وإن اشتمل على بسط فإن انقراض الشباب وإلمام المشيب جديران بأبسط منه، ثم ذكر أن فيه لطائف يتوقف بيانها على النظر في أصل المعنى ومرتبته الأولى ثم أفاد أن مرتبته الأولى: يا ربي قد شخت، فإن الشيخوخة مشتملة على ضعف البدن وشيب الرأس، ثم تركت هذه المرتبة لتوخي مزيد التقرير إلى تفصيلها في: ضعف بدني وشاب رأسي، ثم ترك التصريح بضعف بدني إلى الكناية بوهنت عظام بدني، لما سيأتي أن الكناية ابلغ من التصريح ثم لقصد مرتبة رابعة أبلغ من التقرير بنيت الكناية على المبدأ فحصل: أنا وهنت عظام بدني، ثم لقصد مرتبة خامسة ابلغ أدخلت إن على المبتدأ فحصل: إني وهنت عظام بدني، ثم لطلب تقرير أن الواهن عظام بدنه قصد مرتبة سادسة وهي سلوك طريقي الإجمال والتفصيل، فحصل: إني وهنت العظام من بدني، ثم لطلب مزيد اختصاص العظام به قصد مرتبة سابعة وهي ترك توسيط البدن فحصل: إني وهنت العظام مني، ثم لطلب شمول الوهن العظام فرداً فرداً قصدت مرتبة ثامنة وهي ترك الجمع إلى الإفراد لصحة حصول وهن المجموع بوهن البعض دون كل فرد فحصل ما ترى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا تركت الحقيقة في شاب رأسي إلى الاستعارة في اشتعل شيب رأسي لما سيأتي أن الاستعارة ابلغ من الحقيقة ثم تركت هذه المرتبة إلى تحويل الإسناد إلى الرأس وتفسيره بشيباً لأنها أبلغ من جهات. إحداها إسناد الاشتعال إلى الرأس لإفادة شمول الشيب الرأس إذ وزان اشتعل شيب رأسي واشتعل رأسي شيباً وزان اشتعل النار في بيتي واشتعل بيتي ناراً، والفرق بين، وثانيتها الإجمال والتفصيل في طريق التمييز، وثالثها تنكير شيباً لإفادة المبالغة ثم ترك اشتعل رأسي شيباً لتوخي مزيد التقرير إلى اشتعل الرأس مني شيباً على نحو وهن العظم مني ثم ترك لفظ مني لقرينة عطف اشتعل الرأس على وهن العظم مني لمزيد التقرير وهو إيهام حوالة تأدية مفهومه على العقل دون اللفظ، ثم قال عقيب هذا الكلام واعلم أن الذي فتق أكمام هذه الجهات عن أزاهير القبول في القلوب هو أن مقدمة هاتين الجملتين وهي رب اختصرت ذلك الاختصار بأن حذفت كلمة النداء وهي يا وحذفت كلمة المضاف إليه وهي ياء المتكلم واقتصر من مجموع الكلمات على كلمة واحدة فحسب وهي المنادى والمقدمة للكلام كما لا يخفى على من له قدم صدق في نهج البلاغة نازلة منزلة الأساس للبناء فكما أن البناء الحاذق لا يرى الأساس إلا بقدر ما يقدر من البناء عليه كذا البليغ يصنع بمبدأ كلامه، فمتى رأيته قد اختصر المبدأ فقد آذنك باختصار ما يورد انتهى كلامه.
وعليك أن تنتبه لشيء وهو أن ما جعله سبباً للعدول عن لفظ العظام إلى لفظ العظم فيه نظر، لأنا لا نسلم صحة حصول وهن المجموع بوهن البعض دون كل فرد فللوجه في ذكر العظم دون أسر ما تركب منه البدن وتوحيده ما ذكره الزمخشري قال: إنما ذكر العظم لأنه عمود البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه وإذا وهن تداعى وتساقطت قوته، ولأنه اشد ما فيه وأصلبه، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن، ولو كان جمع لكان قصد إلى معنى آخر وهو أنه لم يهن بعض عظامه ولكن كلها.
واعلم أن المراد بشمول الشيب الرأس أن يعم جملته حتى لا يبقى من السواد شيء أو لا يبقى منه إلا ما لا يعتد به، والثاني أعني ما يكون جملة إما مسبب ذكر سببه كقوله تعالى: " ليحق الحق ويبطل الباطل " أي فعل ما فعل وقوله " وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك " أي اخترناك وقوله " ليدخل الله في رحمته من يشاء " أي كان الكف ومنع التعذيب ومنه قول أبي الطيب: أتى الزمان بنوه في شبيبته فسرهم وأتيناه على الهرم
أي فساءنا أو بالعكس كقوله تعالى " فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم " أي فامتثلتم فتاب عليكم، وقوله " فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت " أي فضربه بها فانفجرت، ويجوز أن يقدر فإن ضربت بها قد انفجرت أو غير ذلك كقوله تعالى " فنعم الماهدون " على ما مر.
والثالث كقوله تعالى " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى " أي فاضربوه ببعضها فحيي فقلنا كذلك يحيي الله لموتى، وقوله " أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون، يوسف " أي فأرسلوني إلى يوسف لا ستعبره الرؤيا فأرسلوه إليه فأتاه وقال له يا يوسف وقوله: " فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميراً " أي فأتياهم فأبلغاهم الرسالة فكذبوهما فدمرناهم وقوله " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين، أن أرسل معنا بني إسرائيل، قال ألم نربك " أي فأتياه فأبلغاه ذلك ثم يقدر فماذا قال فيقع قوله " قال ألم نربك " استئنافاً، ونحوه قوله " اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون، قالت يا أيها الملأ " أي ففعل ذلك فأخذت الكتاب فقرأته ثم كأن سائلاً سال قال فماذا قالت فقيل قالت يا أيها الملأ، وأما قوله تعالى " ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله " فقال الزمخشري في تفسيره هذا موضع الفاء كما يقال أعطيته فشكر ومنعته فصبر، وعطفه بالواو إشعارا بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما العلم، كأنه قال فعملا به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة، وقالا الحمد لله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال السكاكي يحتمل عندي أنه تعالى أخبر عما صنع بهما وعما قالا كأنه قال نحن فعلنا إيتاء العلم وهما فعلا الحمد من غير بيان ترتبه عليه، اعتماداً على فهم السامع كقولك: قم يدعوك بدل: قم فإنه يدعوك.
واعلم أن الحذف على وجهين:
أحدهما أن لا يقام شيء مقام المحذوف كما سبق،
والثاني أن يقام مقامه ما يدل عليه كقوله تعالى " فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به عليكم " ليس البلاغ هو الجواب لتقدمه على توليهم، والتقدير فإن تولوا فلا لوم علي لأني قد أبلغتكم، أو فلا عذر لكم عند ربكم لأني قد أبلغتكم وقوله " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك " أي فلا تحزن واصبر فإنه قد كذبت رسل من قبلك، وقوله " وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين " أي فيصيبهم مثل ما أصاب الأولين.
وأدلة الحذف كثيرة
منها أن يدل العقل على الحذف والمقصود الأظهر على تعيين المحذوف كقوله تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " الآية وقوله " حرمت عليكم أمهاتكم " الآية فإن العقل يدل على الحذف لما مر والمقصود الأظهر يرشد إلى أن التقدير حرم عليكم تناول الميتة وحرم عليكم نكاح أمهاتكم لأن الغرض الأظهر من هذه الأشياء تناولها ومن النساء نكاحهن،
ومنها أن يدل العقل على الحذف والتعيين كقوله " وجاء ربك " أي أمر ربك أو عذابه أو بأسه، وقوله " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام " أي عذاب الله أو أمره،
ومنها أن يدل العقل على الحذف والعادة على التعيين كقوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز " فذلكن الذي لمتنني فيه " دل العقل على الحذف فيه لأن الإنسان إنما يلام على كسبه فيحتمل أن يكون التقدير في حبه لقوله " قد شغفها حباً " وان يكون في مراودته لقوله: " تراود فتاها عن نفسه " وأن يكون في شأنه وأمره فيشملهما، والعادة دلت على تعيين المراودة لأن الحب المفرط لا يلام الإنسان عليه في العادة لقهره صاحبه وغلبته إياه وإنما سلام على المراودة الداخلة تحت كسبه التي يقدر أن يدفعها عن نفسه،
ومنها أن تدل العادة على الحذف والتعيين كقوله تعالى " لو نعلم قتالاً لتبعناكم " مع أنهم كانوا اخبر الناس بالحرب فكيف يقولون بأنهم لا يعرفونها فلا بد من حذف، قدره مجاهد رحمه الله مكان قتال، أي أنكم تقاتلون في موضع لا يصلح للقتال ويخشى عليكم منه ويدل عليه أنهم أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من المدينة وأن الحزم البقاء فيها،
ومنها الشروع في الفعل كقول المؤمن " بسم الله الرحمن الرحيم " كما إذا قلت عند الشروع في القراءة بسم الله فإنه يفيد أن المراد بسم الله أقرأ وكذا عند الشروع في القيام والقعود أو أي فعل كان فإن المحذوف يقدر ما جعلت التسمية مبدأ له، ومنها اقتران الكلام بالفعل فإنه يفيد تقديره كقولك لمن أعرس: بالرفاء والبنين، فإنه يفيد بالرفاء والبنين أعرست.
-----------------------------------
الإيضاح في علوم البلاغة(/)
حرص اليهود على حياة
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 11:38 ص]ـ
حرص اليهود على حياة
قال تعالى:"ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا".
وردت هذه الاّية في سياق تكذيب الله سبحانه وتعالى لليهود الذين يدّعون أو يزعمون أن الجنة ستكون خالصة لهم من دون الناس، فقال تعالى لهم:"فتمنوا الموت إن كنتم صادقين" أي: إن كنتم متأكدين من صدق ما تقولون فاطلبوا الموت، لأن الذاهب إلى الجنة يسارع في الوصول إليها، ولكنهم لن يطلبوه بسبب ما قدموا من أعمال، ولهذا تجدهم أحرص الناس على حياة، وقد جاء تنكير (الحياة) للدلالة على حقارة وتفاهة ما يحرصون عليه، لأن كل همهم هو أية فترة زمنية، تبعدهم عن الموت والعذاب، بغض النظر عن طبيعة هذه الحياة، فالمهم عندهم هو البقاء على قيد الحياة حتى لا يواجهواالمصير المحتوم، كما استخدم القراّن الكريم أسلوب الإطناب تأكيدا لهذا الحرص ومبالغة في ذمهم، فهم أحرص من كل الناس حتى من المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث والحساب.
وهنا نلاحظ أن القراّن الكريم اختارتنكير الحياة بدلا من التعريف، وأطنب في تأليف الكلام، وجاء بالكلام مرتبا من العام إلى الخاص من أجل إيصال المعنى المقصود، وهو ذم اليهود وذم حرصهم على الحياة التافهة.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 04:15 م]ـ
قوله تعالى
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) 96 البقرةهل يا أخ عزام ترتيب المعنى في هذه الآية كما يلي (ولتجد اليهود وكذلك قسما من الذين أشركوا أحرص النّاس على حياة)؟
بانتظارك
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 10:53 ص]ـ
أخي جمال
المعنى على أن اليهود أحرص من كل الناس، حتى أنهم يتفوقون في ذلك على المشركين، وخص المشركين لأنهم لا يؤمنون بالبعث والحساب.
وترتيبك أخي جمال يساوي بين اليهود والذين أشركوا، والحق أن اليهود يتفوقون عليهم، فيكون الترتيب من الخاص إلى العام على الشكل التالي: اليهود -الذين أشركوا-الناس.
والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 08:49 م]ـ
كلام صحيح--بارك الله بك(/)
ذكر العوج في القرآن الكريم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 10 - 2005, 09:02 م]ـ
:::
ذكرت اللفظة عوجا في القرآن الكريم في هذه الآيات
(لا ترى فيها عوجا ولا امتا) طه 20
(الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا) الكهف1
(الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا اولئك في ضلال بعيد) إبراهيم 3
(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من امن به وتبغونها عوجا واذكروا اذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) 86 الأعراف
(الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة كافرون) الأعراف 45
(قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من امن تبغونها عوجا وانتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون) آل عمران 99
أترككم لتتدبروا هذه الآيات واضعين نصب أعينكم هدفا وهو
ما معنى عوجا في (الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا) الكهف1
؟؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 06:15 ص]ـ
:; allh السلام عليكم
جاء في الكشاف:
ولم يجعل له شيئاً من العوج قط، والعوج في المعاني كالعوج في الأعيان. والمراد: نفي الإختلاف والتناقض عن معانيه وخروج شيئاً منه من الحكمة.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 08:18 ص]ـ
طيب
لم لم يقل (ولم يجعله ذا عوج) ---أو لم يقل (لم يجعل به عوجا) إنّما قال (ولم يجعل له عوجا)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 10:41 م]ـ
العِوج بخفض العين عكس الإستقامة في الأفكار
أمّا العَوج بفتح العين فهي ضد الإستقامة في الأشخاص---
وقوله تعالى (ولم يجعل له عوجا) أي لم يجعل ما يحرف ما ورد في القرآن من أفكار عن استقامتها-أو ما يحرف النّاس عن تذوق النص القرآني وتمييزه عن المعوج من النصوص المقلّدة له --فأيّ فكرة وردت في القرآن محفوظة من تحريف المحرّفين وذلك هو العوج الذي حمى الله القرآن منه--وأيّ نص قرآني محفوظ من تقليد المعوجين الذين يسعون لحرف المسلمين عن قرآنهم--وكلكم تلاحظون كيف أنّه من السهولة تمييز النص المزيف عن نص القرآن---بالتالي لا يوجد ما يمكن أن يكون عوجا لآيات الكتاب
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 12:23 ص]ـ
ممتاز أستاذ جمال أفدت وأحسنت، وكلامك لا عِوج فيه.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 02:27 ص]ـ
بارك الله بك أخي جمال على هذه اللفتة البيانية الموفقة ..
واسمح لي بهذا الاستفسار:
هل هنالك ثمّة علاقة بين ما ذكرت .. وبين ..
الفرق بين كلمة (حِوَلاً) وكلمة (تحويلاً) في الكتاب العزيز؟
فكلمة (حِوَلاً) لم ترد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة، وذلك في سورة الكهف نفسها ..
قال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا " (الكهف: 107 - 108).
في حين أن كلمة (تحويلاً) وردت في القرآن الكريم ثلاث مرات ..
وذلك في قوله تعالى: " قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً " (الإسراء: 56)،
وقوله تعالى: " سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً " (الإسراء: 77)،
وقوله تعالى: " فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا " (فاطر: 43).
ويقول الفخر الرازي والزجاج: (حِولاً) مصدر حالَ يحولُ، ومثلها: صَغُرَ يَصغُرُ صٍغَراً، وعادَ يعودُ عِوَداً، وعاجَ يعوجُ عِوَجاً!
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 04:26 ص]ـ
أستاذ لؤي
السلام عليكم
أين أنت ---رمضان كريم--هل يمكن أن تتصل بي 0542026382
أنا لا أجرؤ على أن أقول شيئا بوجود حضرتك---فهات ما عندك يرحمك الله ---فأنت السبّاق في الفضائل(/)
سؤال عن مجيء بعض الحروف في القرآن مع بعضها:
ـ[القضاعي]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 01:43 م]ـ
أستميحكم عذراً أيها الأخوة و الأخوات الكرام، فلدي سؤال عن كلمة قالها ابن هبيرة في كتابه الأفصاح: (لم يأت في القرآن لام إلا و أتت معها ميم أو راء) ما صحة هذه العبارة، و هكذا جاءني هذا السؤال من صديق و أحيله عليكم علني أجد جواباً. و تقبلوا تحياتي و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 08:32 م]ـ
السلام عليكم
# لا أهميّة لهذا الكلام
# قوله تعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل) فيه لام مع باء
# قوله تعالى (اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) فيه ضاد مع لام
# قوله تعالى (واذا خلوا الى شياطينهم) فيه خاء مع لام
وهذه الأمثلة وكثير غيرها ينقض القاعدة المذكورة (: (لم يأت في القرآن لام إلا و أتت معها ميم أو راء)
ـ[الأحمر]ــــــــ[09 - 10 - 2005, 11:04 م]ـ
السلام عليكم
لعله يقصد الحروف المقطعة في القرآن(/)
المجاز في القرآن. لماذا؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 01:21 ص]ـ
أخواني، تعلمون أن البعض ينكر وقوع المجاز في القرآن متعللين بأن المجاز أخو الكذب، وأن هذا محال على كتاب الله.
فما رأيكم دام فضلكم؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 05:38 ص]ـ
هذا فصل من كتاب الجرجاني "دلائل الإعجاز" فيه خير وافر
-----------------------------------------------------------------------------------
اعلم أن طريق المجاز والاتساع في الذي ذكرناه قبل أنك ذكرت الكلمة وأنت لا تريد معناها ولكن تريد معنى ما هو ردف له أو شبيه.
فتجوزت بذلك في ذات الكلمة وفي اللفظ نفسه.
وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أن في الكلام مجازاً على غير هذا السبيل وهو أن يكون التجوز في حكم يجري على الكلمة فقط وتكون الكلمة متروكة على ظاهرها ويكون معناها مقصوداً في نفسه ومراداً من غير تورية ولا تعريض.
والمثال فيه قولهم: نهارك صائم وليلك قائم ونام ليلي وتجلى همي.
وقوله تعالى: " فما ربحت تجارتهم " وقول الفرزدق من الطويل:
سقتها خروق في المسامع لم تكن
علاطاً ولا مخبوطة في الملاغم
أنت ترى مجازاً في هذا كله ولكن لا في ذوات الكلم وأنفس الألفاظ ولكن في أحكام أجريت عليها أفلا ترى أنك لم تتجوز في قولك: نهارك صائم وليلك قائم في نفس صائم وقائم ولكن في أن أجريتهما خبرين على النهار والليل.
وكذلك ليس المجاز في الآية في لفظه ربحت نفسها ولكن في إسنادها إلى التجارة.
وهكذا الحكم في قوله سقتها خروق ليس التجوز في نفس سقتها ولكن في أن أسنده إلى الخروق.
أفلا تر أنك لا ترى شيئاً منها إلا وقد أريد به معناه الذي وضع له على وجهه وحقيقته فلم يرد بصائم غير الصوم ولا بقائم غير القيام ولاب ربحت غير الربح ولاب سقت غير السقي كما أريد ب سالت في قوله من الطويل: وسالت بأعناق المطي الأباطح غير السيل.
واعلم أن الذي ذكرت لك في المجاز هناك من أن من شأنه أن يفخم عليه المعنى وتحدث فيه النباهة قائم لك مثله هاهنا.
فليس يشتبه على عاقل أن ليس حال المعنى وموقعه في قوله من الرجز:
فنام ليلي وتجلى همي
كحاله وموقعه إذا أنت تركت المجاز وقلت: فنمت في ليلي وتجلى همي كما لم يكن الحال في قولك: رأيت رجلاً كالأسد.
ومن ذا الذي يخفى عليه مكان العلو وموضع المزية وصورة الفرقان بين قوله تعالى: " فما ربحت تجارتهم " وبين أن يقال: فما ربحوا في تجارتهم وإن أردت أن تزداد للأمر تبيناً فانظر إلى بيت الفرزدق من الكامل:
يحمي إذا اخترط السيوف نساءنا
ضرب تطير له السواعد أرعل
وإلى رونقه ومائه وإلى ما عليه من الطلاوة.
ثم ارجع إلى الذي هو الحقيقة وقل: نحمي إذا اخترط السيوف نساءنا بضرب تطير له السواعد أرعل ثم اسبر حالك هل ترى مما كنت تراه شيئاً.
وهذا الضرب من المجاز على حدته كنز من كنوز البلاغة ومادة الشاعر المفلق والكاتب البليغ في الإبداع والإحسان والاتساع في طرق البيان.
وأن تجيء بالكلام مطبوعاً مصنوعاً وأن يضعه بعيد المرام قريباً من الأفهام.
ولا يغرنك من أمره أنك ترى الرجل يقول: أتى بي الشوق إلى لقائك وسار بي الحنين إلى رؤيتك وأقدمني بلدك حق لي على إنسان وأشباه ذلك مما تجده لسعته وشهرته يجري مجرى الحقيقة التي لا يشكل أمرها فليس هو كذلك أبداً بل يدق ويلطف حتى يمتنع مثله إلا على الشاعر المفلق والكاتب البليغ وحتى يأتيك بالبدعة لم تعرفها والنادرة تأنق بها.
وجملة الأمر أن سبيله سبيل الضرب الأول الذي هو مجاز في نفس اللفظ وذات الكلمة.
فكما أن من الاستعارة والتمثيل عامياً مثل: رأيت أسداً ووردت بحراً وشاهدت بدراً وسل من رأيه سيفاً ماضياً.
وخاصياً لا يكمل له كل أحد مثل قوله: وسالت بأعناق المطي الأباطح كذلك الأمر في هذا المجاز الحكمي.
واعلم أنه ليس بواجب في هذا أن يكون للفعل فاعل في التقدير إذا أنت نقلت الفعل إليه عدت به إلى الحقيقة مثل أن تقول في " ربحت تجارتهم ": ربحوا في تجارتهم وفي يحمي نساءنا ضرب: نحمي نساءنا بضرب فإن ذلك لا يتأتى في كل شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ألا ترى أنه لا يمكنك أن تثبت للفعل في قولك: أقدمني بلدك حق لي على إنسان: فاعلاً سوى الحق وكذلك لا تستطيع في قوله من مجزوء الوافر: وقوله من مجزوء الوافر يزيدك وجهه حسناً إذا ما زدته نظرا أن تزعم أن لصيرني فاعلاً قد نقل عنه الفعل فجعل للهوى كما فعل ذلك ربحت تجارتهم ويحمي نساءنا ضرب ولا تستطيع كذلك أن تقدر ليزيد في قوله يزيدك وجهه فاعلاً غير الوجه.
فالاعتبار إذاً بأن يكون المعنى الذي يرجع إليه الفعل موجوداً في الكلام على حقيقته.
معنى ذلك أن القدوم في قولك: أقدمني بلدك حق على إنسان موجود على الحقيقة وكذلك الصيرورة في قوله: وصيرني هواك والزيادة في قوله يزيدك وجهه موجودتان على الحقيقة.
وإذا كان معنى اللفظ موجوداً على الحقيقة لم يكن المجاز فيه نفسه.
وإذا لم يكن المجاز في نفس اللفظ كان لا محالة في الحكم.
فاعرف هذه الجملة وأحسن ضبطها حتى تكون على بصيرة من الأمر.
ومن اللطيف في ذلك قول حاجز بن عوف من الوافر:
أبي عبر الفوارس يوم داج
وعمي مالك وضع السهاما
فلو صاحبتنا لرضيت عنا إذا لم تغبق المئة الغلاما يريد إذا كان العام عام جدب وجفت ضروع الإبل وانقطع الدر حتى إن جلب منها مئة لم يحصل من لبنها ما يكون غبوق غلام واحد.
فالفعل الذي هو غبق مستعمل في نفسه على حقيقته غير مخرج عن معناه وأصله إلى معنى شيء آخر.
فيكون قد دخله مجاز في نفسه.
وإنما المجاز في أن أسند إلى الإبل وجعل فعلاً لها.
وإسناد الفعل إلى الشيء حكم في الفعل وليس هو نفس مجنى الفعل فاعرفه.
واعلم أن من سبب اللطف في ذلك أنه ليس كل شيء يصلح لأن يتعاطى فيه المجاز الحكمي بسهولة بل تجدك في كثير من الأمر وأنت تحتاج إلى أن تهيء الشيء وتصلحه لذلك بشيء تتوخاه في النظم.
وإن أردت مثالاً في ذلك فانظر إلى قوله من الطويل: تناس طلاب العامرية إذ نأت بأسجح مرقال الضحى قلق الضفر إذا ما أحسته الأفاعي تميزت شواة الأفاعي في مثلمة سمر تجوب له الظلماء عين كأنها زجاجة شرب غير ملأى ولا صفر يصف جملاً ويريد أنه يهتدي بنور عينه في الظلماء ويمكنه بها أن يخرقها ويمضي فيها.
ولولاها لكانت الظلماء كالسد والحاجز الذي لا يجد شيئاً يفرجه به ويجعل لنفسه فيه سبيلاً.
فأنت الآن تعلم أنه لولا أنه قال: تجوب له فعلق له بتجوب لما صلحت العين لأن يسند تجوب إليها ولكان لا تتبين جهة التجوز في جعل تجوب فعلاً للعين كما ينبغي.
وكذلك تعلم أنه لو قال مثلاً: تجوب له الظلماء عينه لم يكن له هذا الموقع ولا ضرب عليه معناه وانقطع السلك من فتأمل هذا واعتبره.
فهذه التهيئة وهذا الاستعداد في هذا المجاز الحكمي نظير أنك تراك في الاستعارة التي هي مجاز في نفس الكلمة وأنت تحتاج في الأمر الأكثر إلى أن تمهد لها وتقدم أو تؤخر ما يعلم به أنك مستعير ومشبه ويفتح طريق المجاز إلى الكلمة.
ألا ترى إلى قوله من الطويل:
وصاعقة من نضله تنكفي بها
على أرؤس الأقران خمس سحائب
عنى بخمس السحائب أنامله ولكنه لم يأت بهذه الاستعارة دفعة ولم يرمها إليك بغتة بل ذكر ما ينبىء عنها ويستدل به عليها فذكر أن هناك صاعقة وقال: من نصله فبين آن تلك الصاعقة من نصل سيفه ثم قال: على أرؤس الأقران ثم قال: خمس فذكر الخمس التي هي عدد أنامل اليد فبان من مجموع هذه الأمور غرضه.
وأنشدوا لبعض العرب من الرجز:
فإن تعافوا العدل والإيمانا
فإن في أيماننا نيرانا
يريد أن في أيماننا سيوفاً نضربكم بها.
ولولا قوله أولاً: فإن تعافوا العدل والإيمان وأن في ذلك دلالة على أن جوابه أنهم يحاربون ويقسرون على الطاعة بالسيف ثم قوله فإن في أيماننا لما عقل مراده ولما جاز أن يستعير النيران للسيوف لأنه كان لا يعقل الذي يريد لأنا وإن كنا نقول: في ناهضتهم والبارقات كأنها شعل على أيديهم تتلهب فإن هذا التشبيه لا يبلغ ما يعرف مع الإطلاق كمعرفتنا إذا قال: رأيت أسداً أنه يريد الشجاعة.
وإذا قال: لقيت شمساً وبدراً أنه يريد الحسن ولا يقوى تلك القوة فاعرفه.
ومما طريق المجاز فيه الحكم قول الخنساء من البسيط:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبال وإدبار
(يُتْبَعُ)
(/)
وذاك أنها لم ترد بالإقبال والإدبار غير معناهما فتكون قد تجوزت في نفس الكلمة وإنما تجوزت في أن جعلتها لكثرة ما تقبل وتدبر ولغلبة ذاك عليها واتصاله بها وأنه لم يكن لها حال غيرهما كأنها قد تجسمت من الإقبال والإدبار.
وإنما كان يكون المجاز في نفس الكلمة لو أنها كانت قد استعارت الإقبال والإدبار لمعنى غير معناهما الذي وضعا له في اللغة.
ومعلوم أن ليس الاستعارة مما أرادته في شيء.
واعلم أن ليس بالوجه أن يعد هذا على الإطلاق معد ما حذف منه المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه مثل قوله عز وجل: " واسأل القرية " ومثل قول النابغة الجعدي من المتقارب:
وكيف تواصل من أصبحت خلالته كأبي مرحب
وقول الأعرابي من الوافر: وإن كنا نراهم يذكرونه حيث يذكرون حذف المضاف ويقولون: إنه في تقدير فإنما هي ذات إقبال وإدبار ذاك لأن المضاف المحذوف من نحو الآية والبيتين في سبيل ما يحذف من اللفظ ويراد في المعنى كمثل أن يحذف خبر المبتدأ أو المبتدأ إذا دل الدليل عليه إلى سائر ما إذا حذف كان في حكم المنطوق به.
وليس الأمر كذلك في بيت الخنساء لأنا إذا جعلنا المعنى فيه الآن كالمعنى إذا نحن قلنا: فإنما هي ذات إقبال وإدبار أفسدنا الشعر على أنفسنا وخرجنا إلى شيء مغسول وإلى كلام عامي مرذول.
وكان سبيلنا سبيل من يزعم مثلاً في بيت المتنبي من الوافر:
بدت قمراً ومالت خوط بان وفاحت عنبراً ورنت غزالا
أنه في تقدير محذوف وأن معناه الآن كالمعنى إذا قلت: بدت مثل قمر ومالت مثل خوط بان وفاحت مثل عنبر ورنت مثل غزال في أنا نخرج إلى الغثاثة وإلى شيء يعزل البلاغة عن سلطانها ويخفض من شأنها ويصد بأوجهنا عن محاسنها ويسد باب المعرفة بها وبلطائفها علينا.
فالوجه أن يكون تقدير المضاف في هذا على معنى أنه لو كان الكلام قد جيء به على ظاهره ولم يقصد إلى الذي ذكرنا من المبالغة والاتساع وأن تجعل الناقة كأنها قد صارت بجملتها إقبالاً وإدباراً حتى كأنها قد تجسمت منهما لكان حقه حينئذ أن يجاء فيه بلفظ الذات فيقال: إنما هي ذات إقبال وإدبار.
فأما أن يكون الشعر الآن موضوعاً على إرادة ذلك وعلى تنزيله منزلة المنطوق به حتى يكون الحال فيه كالحال في: حسبت بغام راحلتي عناقاً
حين كان المعنى والقصد أن يقول: حسبت بغام راحلتي بغام عناق.
مما لا مساغ له عند من كان صحيح الذوق صحيح المعرفة نسابة للمعاني.
--------------------------------------------------------------------------------------------------
تهور بعض المفسرين
هذه مسألة قد كنت عملتها قديماً وقد كتبتها هاهنا لأن لها اتصالاً بهذا الذي صار بنا القول إليه.
قوله تعالى: " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " أي لمن كان أعمل قلبه فيما خلق القلب له من التدبر والتفكر والنظر فيما ينبغي أن ينظر فيه.
فهذا على أن يجعل الذي لا يعي ولا يسمع ولا ينظر ولا يتفكر كأنه قد عدم القلب من حيث عدم الانتفاع به وفاته الذي هو فائدة القلب والمطلوب منه.
كما جعل الذي لا ينتفع ببصره وسمعه ولا يفكر فيما يؤديان إليه ولا يحصل من رؤية ما يرى وسماع ما يسمع على فائدة بمنزلة من لا سمع له ولا بصر.
فأما تفسير من يفسره على أنه بمعنى من كان له عقل فإنه إنما يصح على أن يكون قد أراد الدلالة على الغرض على الجملة.
فأما أن يؤخذ به على هذا الظاهر حتى كأن القلب اسم للعقل كما يتوهمه أهل الحشو ومن لا يعرف مخارج الكلام فمحال باطل لأنه يؤدي إلى إبطال الغرض من الآية وإلى تحريف الكلام عن صورته وإزالة المعنى عن جهته.
وذاك أن المراد به الحث على النظر والتقريع على تركه وذم من يخل به ويغفل عنه.
ولا يحصل ذلك إلا بالطريق الذي قدمته وإلا بأن يكون قد جعل من لا يفقه بقلبه ولا ينظر ولا يتفكر كأنه ليس بذي قلب كما يجعل كأنه جماد وكأنه ميت لا يشعر ولا يحس.
وليس سبيل من فسر القلب هاهنا على العقل إلا سبيل من فسر عليه العين والسمع في قول الناس: هذا بين لمن كانت له عين ولمن كان له سمع.
وفسر العمى والصمم والموت في صفة من يوصف بالجهالة على مجرد الجهل وأجرى جميع ذلك على الظاهر فاعرفه.
ومن عادة قوم ممن يتعاطى التفسير بغير علم أن يتوهموا أبداً في الألفاظ الموضوعة على المجاز والتمثيل أنها على ظواهرها فيفسدوا المعنى بذلك ويبطلوا الغرض ويمنعوا أنفسهم والسامع منهم العلم بموضع البلاغة وبمكان الشرف.
وناهيك بهم إذا هم أخذوا في ذكر الوجوه وجعلوا يكثرون في غير طائل.
هناك ترى ما شئت من باب جهل قد فتحوه وزند ضلالة قد قدحوا به.
ونسأل الله تعالى العصمة والتوفيق.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 06:41 ص]ـ
تهور بعض المفسرين
على رسلك يا أستاذ جمال، الأمر فيه سعة ...
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 01:38 م]ـ
أخي المشرف الفاضل
إنّه الجرجاني ولست أنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 05:04 م]ـ
أخي جمال
بيَّن لي في الأمر ببساطة.
هل تقول بالمجاز في القرآن؟
على نار
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 05:20 م]ـ
ومن أنا حتّى أقول أو لا أقول---إنّه قول الغالبية العظمى من علماء هذه الأمّة---وأنا أقتات من موائدهم
قال السيوطي في الإتقان
(في حقيقته ومجازه
لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن وهي كل لفظ نقي على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير وهذا أكثر الكلام.
وأما المجاز فالجمهور أيضًا على وقوعه فيه وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وشبهتهم أن المجاز أخوالكذب والقرآن منزه عنه وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على الله تعالى وهذه شبهة باطلة ولوسقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ولووجب خلوالقرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنيه القصص وغيرها.
وقد أفرده بالتصنيف الإمام عز الدين ابن عبد السلام ولخصته مع زيادات كثيرة في كتاب سميته مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن وهوقسمان.
الأول: المجاز في التركيب ويسمى مجاز الإسناد.
والمجاز العقلي وعلاقته الملابسة وذلك أن يسند الفعل أوشبهه إلى غير ما هوله أصالة لملابسته له كقوله تعالى {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا} نسبت الزيادة وهي فعل الله إلى الآيات لكونها سببًا لها {يذبح أبناءهم} يا هامان ابن لي نسب الذبح وهوفعل الأعوان إلى فرعون والبناء وهوفعل العملة إلى هامان لكونهما آمرين به وكذا قوله {وأحلوا قومهم دار البوار} نسب الإحلال إليهم لتسببهم في كفرهم بأمرهم إياهم به.
ومنه قوله تعالى {يومًا يجعل الولدان شيبًا} نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه عيشة راضية أي مرضية {فإذا عزم الأمر} أي عزم عليه بدليل فإذا عزمت.
وهذا القسم أربعة أنواع
. أحدها: ما طرفاه حقيقيان كالآية المصدر بها وكقوله {وأخرجت الأرض أثقالها}
ثانيها: مجازيان نحو {فما ربحت تجارتهم} أي ما ربحوا فيها وإطلاق الربح والتجارة هنا مجاز.
ثالثها ورابعها: ما أحد طرفيه حقيقي دون الآخر أما الأول والثاني.
كقوله {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} أي برهانًا {كلا إنها لظى نزاعة للشوى} تدعو فإن الدعاء من النار مجاز.
وقوله {حتى تضع الحرب أوزارها} {تؤتي أكلها كل حين} {فأمه هاوية} فاسم الأم الهاوية مجاز: أي كما أن الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع.
القسم الثاني: المجاز في المفرد ويسمى المجاز اللغوي وهواستعمال اللفظ من غير ما وضع له أولًا وأنواعه كثيرة.)
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 06:19 ص]ـ
أستاذي وأخي جمال، السلام عليكم.
بارك الله فيك ولقد كنت أحمل هذا الرأي والذي هو رأي أغلب أهل العلم.
جزيت خيراً، وزوجت بكراً، وهديت براً.(/)
خاتم النبيين
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 05:53 ص]ـ
:::
لا بد أنكم تعرفون (جماعة الأحمدية) فهم جماعة يزعمون أن سيدنا محمد:=، ليس خاتِمُالنبيين، ويستندون في ذلك إلى تفسيرٍ لغو أعوجٍ؛ وهو أن كلمة خاتم الواردة في الآية الكريمة في سورة الأحزاب آية 40 {ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخَاتَمَ النبيين} فهم يعتبرون أن معنى كلمة خاتم، وهي في هذه الآية مفتوحة التاء، هي بمعنى الخاتم الذي يُلبس في اليد، وعليه فهي لا تعني الختم حين تكون كلمة خاتِم مكسورة التاء، وتكون بمعنى الختم والنهاية. أرجو أن يكون الرد لُغويا صِرفاً، ولكم من الله الجزاء.
بارك الله فيكم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 02:43 م]ـ
هل يكفيك ما قاله الخليل بن أحمد في كتاب العين
(كما قال العجّاج
: مُبارَكٌ للأَنبياء خاتَمُ
مُعَلِّمٌ آيَ الهُدَى مُعَلَّمُ
فلو قال خاتِم بكسر التّاء لم يَحْسُنْ.) والشاعر يقصد الخاتم بمعنى االآخر الذي ختمت به النبوة
ثمّ الختم هو أثر الخاتم على الورق ---وعادة ما يقولون الخاتم بدل الختم---والخاتَم هو آخر ما يوضع على الوثيقة--فبهذا المعنى أيضا يخسأ الأحمديون القاديانيون
قال الإمام الجرجاني (وضعُهم الخاتَم موضع الخَتْم كقولهم عليه خاتمُ الملك، وعليه طابَعٌ من الكرم، والمحصول أثَر الخاتَم والطابَع،)
ـ[لخالد]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 05:55 م]ـ
بارك الله في السائل و المجيب
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 07:15 م]ـ
خالد
أشكرك
القاديانيّة فئة كافرة تدّعي نبوة زعيمهم الهالك ميرزا غلام أحمد
ـ[لخالد]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 07:35 م]ـ
لا حول و لا قوة الا بالله
قرأت عن ترهاتهم وكونهم من صنع الإستعمار البريطاني للهند, و للأسف كنت و الكثيرين من المتابعين لقناتهم الفضائية دون علم ,
إلى أن فضحهم الله أمام أقلية تستعمل الأنترنيت في أخذ العلم
فجزاكم الله عنا خير الجزاء
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 06:34 ص]ـ
أخي خالد، السلام عليكم
أخي جمال، السلام عليكم
من الجميل أن ندقق النظر في سبب استعمال الله عز وجل لكلمة خاتَم بفتح التاء، وعدم استعمال خاتِم بكسر التاء.
نعم إخواني، ما يغلب على الظن، والله أعلم، أن هناك نكتة بلاغية، وهي أن الخاتَم بفتح التاء هو الخاتم الذي يتخذ زينة، وهو الخاتم الذي يطبع به، وهو الخاتم الذي به تختم الرسائل بعد اغلاقها، وكأن الله عز وجل يقول أن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هو خاتِم النبيين، أي آخرهم، ولكنه عبر عن هذا المراد بقوله خاتَم النبيين بفتح التاء لكي يقول أن محمد هو آخر النيين، فهو زينتهم كما الخاتم في الأصبع يتخذ زينة، وهو خاتمهم كما الخاتم تختم به الرسالة فلا تفتح فلقد ختمت الرسالة الإسلامية الإلهية بمحمد، وهو كما الخاتم الذي يطبع به فلا يكون غيره خاتم، فهو صاحب الصلاحية الوحيد. ولا ننسى
أن أصل الخاتم بفتح التاء وكسرها أصلها واحد، وهو ختم. وعليه فلقد عبر الحق سبحانه وتعالى عن معنى الخاتم بما هو أوسع وأدل. وهذا من البلاغة القرآنية.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 03:14 ص]ـ
الأخ الكريم موسى - حفظه الله ..
قلت: من الجميل أن ندقق النظر في سبب استعمال الله عز وجل لكلمة خاتَم بفتح التاء، وعدم استعمال خاتِم بكسر التاء.
ثم ختمت مداخلتك بقولك: ولا ننسى أن أصل الخاتم بفتح التاء وكسرها أصلها واحد، وهو ختم. وعليه فلقد عبر الحق سبحانه وتعالى عن معنى الخاتم بما هو أوسع وأدل. وهذا من البلاغة القرآنية.
وهذا هو الصحيح - والله أعلم ..
جاء في لسان العرب أن الخاتَم (بفتح التاء) والخاتِم (بكسرها) من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ..
وهذا المعنى نجده مكتملاً في القراءات أيضاً ..
جاء في حُجّة القراءات لابن زنجلة: " وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ". قرأ عاصم: " وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " بفتح التاء. أي: آخر النبيين، لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم. وقرأ الباقون: " وَخَاتِمَ النَّبِيِّينَ " بكسر التاء، أي: ختم النبيين، فهو خاتِم (ص578).
وجاء في طيّبة النشر لأبي القاسم النويري: وقرأ عاصم: " وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ " بفتح التاء، لأن الله تعالى ختم به النبيين، فلا نبي بعده. والتسعة بالكسرة، لأنه ختم النبيين، فهو آخرهم، كالأول أو فاعل الختم كقراءة ابن مسعود " ولكن نبياً خَتَم النبيّين " (ج2، 512).
وقال الفراء في معاني القرآن: " وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ": كسرها الأعمش وأهل الحجاز، ونصبها - يعني التاء - عاصم والحسن وهي في قراءة عبد الله: ولكن نبياً خَتَم النبيين. فهذه حُجّة لمن قال: خاتِم بالكسر، ومن قال: خاتَم (بالفتح) أراد هو آخر النبيين، كما ذكر علقمة فيما ذُكر عنه: " خِتَامُهُ مِسْكٌ " (المطففين: 26)، أي: آخره مسك (ج2، ص234).
وأما ما يزعمه الأحمدية وغيرهم، فهو مردود بدليل أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول. والحق تبارك وتعالى أيّد هذا الكلام بقوله: " وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ". فلو قال سبحانه: خاتم المرسلين، لكان من الممكن أن يأتي بعده نبي .. لكنه رسول، ولن يأتي بعده صلى الله عليه وسلم أحد فهو خاتم النبيين. وصدق عليه الصلاة والسلام حين قال: أنا أحمد وأنا محمد وأنا الماحي وأنا العاقب فلا معقب بعدي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 04:43 ص]ـ
وأما ما يزعمه الأحمدية وغيرهم، فهو مردود بدليل أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول. والحق تبارك وتعالى أيّد هذا الكلام بقوله: " وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ". فلو قال سبحانه: خاتم المرسلين، لكان من الممكن أن يأتي بعده نبي .. لكنه رسول، ولن يأتي بعده صلى الله عليه وسلم أحد فهو خاتم النبيين. وصدق عليه الصلاة والسلام حين قال: أنا أحمد وأنا محمد وأنا الماحي وأنا العاقب فلا معقب بعدي.
وقد احتاطوا لذلك فقالوا الرسول والنبي بنفس المعنى فما هو ردّك أخي الحبيب
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 06:25 ص]ـ
أبدأ من حيث انتهى الأستاذ جمال.
هناك فرق بيِّنٌ بين النبي والرسول، وإليك يا أستاذي العزيز ما جاء في كتب اللغة:
التعريفات للجرجاني
النبي من أوحي إليه بملك، أو أُلهم في قلبه، أو نبه بالرؤيا الصالحة، فالرسول أفضل بالوحي الخاص الذي فوق وحي النبوة، لأن الرسول هو من أوحي إليه جبرائيل خاصة بتنزيل الكتاب من الله.
لسان العرب
والرَّسول: بمعنى الرِّسالة، يؤنث ويُذكَّر،
وسُمِّي الرَّسول رسولاً لأَنه ذو رَسُول أَي ذو رِسالة. والرَّسول: اسم من أَرسلت وكذلك الرِّسالة. ويقال: جاءت الإِبل أَرسالاً إذا جاء منها رَسَلٌ بعد رَسَل. والإِبل إذا وَرَدت الماء وهي كثيرة فإِن القَيِّم بها يوردها الحوض رَسَلاً بعد رَسَل، ولا يوردها جملة فتزدحم على الحوض ولا تَرْوَى.
وأَرسلت فلاناً في رِسالة، فهو مُرْسَل ورَسول. وقوله عز وجل: وقومَ نوح لما كَذَّبوا الرُّسُل أَغرقناهم؛ قال الزجاج: يَدُلُّ هذا اللفظ على أَن قوم نوح قد كَذَّبوا غير نوح، عليه السلام، بقوله الرُّسُل، ويجوز أَن يُعْنى به نوح وحده لأَن من كَذَّب بنبيٍّ فقد كَذَّب بجميع الأَنبياء، لأَنه مخالف للأَنبياء لأَن الأَنبياء، عليهم السلام، يؤمنون بالله وبجميع رسله، ويجوز أَن يكون يعني به الواحد ويذكر لفظ الجنس كقولك: أَنت ممن يُنْفِق الدراهم أَي ممن نَفَقَتُه من هذا الجنس
قال الفرَّاءُ: النبيُّ: هو من أَنبَأَ عن اللّه، فَتُرِك هَمزه. قال: وإن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ، وهي الارتفاع عن الأَرض، أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق، فأَصله غير الهمز. وقال الزجاج: القِرَاءَة المجمع عليها، في النَّبِيِّين والأَنبِياء، طرح الهمز، وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا. واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر. قال: والأَجود ترك الهمز؛ وسيأْتي في المعتل.
ومن غير المهموز: حديث البَراءِ. قلت: ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ، فردَّ عَليَّ وقال: ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ. قال ابن الأَثير: انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ، ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة، ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن، وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين. والرَّسولُ أَخصُّ من النبي، لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً.
ويقال: تَنَبَّى الكَذَّابُ إذا ادَّعَى النُّبُوّةَ. وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين المُتَنَبِّينَ.
وتصغير النَّبِيءِ: نُبَيِّئ، مثالُ نُبَيِّعٍ.
والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة، يعني لقلة استعمالها، لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك. أَلا ترى إلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه، فقال له: لا تَنْبِر باسْمي، فإنما أَنا نَبِيُّ اللّه. وفي رواية: فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّه ولكنِّي نبيُّ اللّه.
والجمع: أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ.
قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ:
يا خاتِمَ النُّبَآءِ، إنَّكَ مُرْسَلٌ بالخَيْرِ، كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا
إنَّ الإلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً في خَلْقِه، ومُحَمَّداً سَمَّاكا
قال الجوهري: يُجْمع أَنْبِيَاء، لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف العلة كَعِيد وأَعْياد.
=====================================
وعليه، فكيدهم مردود إلى نحرهم.
ـ[قسورة]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 04:13 ص]ـ
الاخ الفاضل جمال الشرباتي
والأخوة الأكارم خالد ولؤي
(يُتْبَعُ)
(/)
أود أن احذركم من ××××× ××××× المدعو (موسى أحمد الزغاري) الذي يثير مسائل القاديانيين في منتدانا هذا وغيره بشكل مباشر وغير مباشر من مثل قضية (خاتم النبيين)
فالزغاري هذا ××××× ××××× يقول بنبوة الهالك ميرزا غلام أحمد بعد ختم النبوات بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد أطلعني بعض الثقاث على حقيقته
××××××××
لا نكفّر أحداً حتى يثبت كفره!
ـ[سمت العرب]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 04:23 ص]ـ
وأنا أملك دليلا على هذا الأمر بحق هذا ××××× الزغاري ×××××
وهو اعلان نشره موسى الزغاري في منتدى يسمى منتدى العقاب لجماعة التحريريين يدعو فيه الى القاديانية
وهذا هو النص المقتبس:
موسى أحمد زغاري , 07:50 AM | مشاركة #1|
عضو متميز
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 30
التسجيل: 29 - October 05
رقم العضوية: 1,734
إنذار: (0%)
السلام عليكم
إخواني في الله شباب حزب التحرير، أبناء الأمة وخير شبابها، أناديكم بأمر الله.
أيها الشباب، الكلُّ يعلم أن حزب التحرير ما قام إلا لخدمة الإسلام وإقامة حكم الله في الأرض واستئناف الحياة الإسلامية، وما ذلك إلا استجابة لأمر الله ونصرة لدينه الحق.
ولما أن تأخر المسير ولم تبلغوا الهدف المرجو، كان الحريُّ بكم أن تعيدوا النظر فيما أنتم عليه من طريقة اجتهد فيه الشيخ تقي الدين النبهاني، للوصول إلى أقامة الدولة وإعلان الخلافة، واستئناف الحياة الإسلامية. والبحث في طريقة أخرى تُسلك للوصول إلى مجد الإسلام ونصرته، ولما أن كنت عضوا سابقا في الحزب وتركته. فكان أن منَّ الله علي بأن التقيتُ بالجماعة الإسلامية الأحمدية والتي أنشأها الأمام المهدي (أحمد غلام ميرزا) من بلدة قاديان بالبنجاب بالهند. منذ أكثر من مئة وخمسين عاماً. وتبين لي بعد النظر والتفكر وقبل ذلك الاستعانة بالله واستخارته، أنه الطريق الوحيد لنصرة دين الله، وأن الخلافة قائمة لا ريب من بعد وفاة المهدي عليه السلام. فما كان مني إلا ان التحقت بالجماعة الإسلامية الأحمدية، وبايعت إمام الزمان المهدي عليه السلام، وأمير المؤمنين (مسرور أحمد) أيّده الله بنصره العزيز، على السمع والطاعة في المنشط والمكره.
فكان ذلك فتحاً مبينا لي، وعلمت من هو إمام زماني واستجبت لله وللرسول حيث يقول الله {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} واستجابة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية).
ولتعلموا إخواني أن العمل لإيجاد خليفة للمسلمين كما تفعلون هو مضيعة للوقت والجهود، وسوف تكونون كمن يلحق السراب ولن يبلغه. ومن العبث القول أننا نتلبس بالعمل لإقامة الخليفة لذا لا إثم علينا، فإن هذا القول لهو محض خطأ، لأن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة، وإن الله لا يترك عباده بلا إمام يجتمعون عليه، فكان قيام نظام الخلافة الإسلامية الأحمدية حينما أصبحت الخلافة الإسلامية العثمانية مهترئة لا تصلح لأن تكون خلافة الله في أرضه، فاستبدلها الله بأمام الزمان المسيح الموعود والمهدي المعهود (احمد غلام ميرزا) عليه السلام، وكان نبي الله من بعد محمد عليه الصلاة والسلام. ومن ثم أنشئ من بعده نظام الخلافة فكان خمسة خلفاء من بعده حتى يومنا هذا.
أيها الأخوان الأكارم، إنني وبملء فمي أدعوكم لمبايعة أمام الزمان المسيح الموعود والمهدي المعهود، ومبايعة خليفته الخامس (مسرور أحمد) أيّده الله بنصره العزيز، حتى تكونوا ممن يعلم إمام زمانه، ولكي تنصروا دين الله.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
أخوكم
موسى أحمد زغاري
القدس الشريف
musa_za@maktoob.com
وقد ردّ عليه جماعة التحرير في منتداهم ردوداً شديدة وقاسية تبين ××××× و ××××× ثم قاموا بعد ذلك بحذف الموضوع من منتدياتهم
××××××
لا نكفّر أحداً حتى يقرّ هو بنفسه على مخالفة الكتاب والسنة ..
ـ[سمت العرب]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 04:59 ص]ـ
وهذا اقتباس آخر
موسى أحمد زغاري , 04:37 PM | مشاركة #33|
عضو متميز
المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 30
التسجيل: 29 - October 05
رقم العضوية: 1,734
إنذار: (0%)
السلام عليكم
أيها الأخوة الأكارم، أنا أدعوكم جميعا لزيارة موقعنا على النت
http://www.islamahmadiyya.net/default.asp
حيث يمكنكم طرح اسئلتكم واستفساراتكم، لمن أراد منكم اتباع الحق، وأدعو الله لكم بالهداية والرشاد.
الأحمدي: موسى زغاري
ـ[سمت العرب]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 05:07 ص]ـ
انظروا الى هذا الافتراء على القرآن والاسلام من هؤلاء القاديانيين
http://www.islamahmadiyya.net/show_page.asp?content_key=12&article_id=46#347
ـ[معالي]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 08:00 ص]ـ
يا إخوان
أمر التكفير ليس بأيدي عامة المسلمين، وإنما هو بيد علماء الأمة!
فلنحذر من هذه الفتنة التي أودت بخلق من المسلمين ..
أما عما نُسب إلى الأستاذ موسى وما رُمي به:
فلننتظر حضوره للمصادقة على هذا الكلام أو رده!
ثم إن مسائل مثل هذه ليست من اختصاص منتدى الفصيح الذي يفتح المجال أمام كل أحد ما التزم بشروط الانتساب، بعيدًا عن مثل هذه النقاشات التي لا طائل من ورائها!!
أرانا الله وإياكم الحق حقًا ورزقنا اتباعه، وأرانا الباطل باطلا ورزقنا اجتنابه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 05:12 م]ـ
الأخوة الكرام
المشرف الفاضل
أرجو حذف كل ما في الموضوع حتّى نتدارك الأمر---
إن القاديانيين يدورون حول الأخ موسى منذ مدة---
وقد يكون ما أنزل في منتدى العقاب منهم هم أنفسهم للآيقاع به---أعني قد يكونون قد حصلوا على كلمة السر وكتبوا الكلام باسمه
فرجاء
إحذفوا كل ما قيل
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 05:50 م]ـ
الأخوة الكرام
المشرف الفاضل
أرجو حذف كل ما في الموضوع حتّى نتدارك الأمر---
إن القاديانيين يدورون حول الأخ موسى منذ مدة---
وقد يكون ما أنزل في منتدى العقاب منهم هم أنفسهم للآيقاع به---أعني قد يكونون قد حصلوا على كلمة السر وكتبوا الكلام باسمه
فرجاء
إحذفوا كل ما قيل
أحسنت أخي جمال هذا مختصر الكلام: وأساس التعاون على الخير، إخراج الناس من الظلمات الى النور وليس العكس.
والدين النصيحة وللحديث بقية.
ـ[قسورة]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 08:17 م]ـ
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=10483&page=2
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 08:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
لا أدري كيف يقوم أناس بتكفير أناس، ومن ثمّ فعلى أي أساس!!!؟؟؟
لمجرّد رسالة بُعثت عبر شبكات الإنترنت .. من مكان ما .. وباسم رجل نعرفه جميعاً .. ولكن ما يدرينا من كاتبها ..
فلنتريّث جميعاً .. ولننتظر ردّ الأخ موسى على ما قيل .. ونسأل الله له ولنا الهداية والثبات ..
ـ[أبو طارق]ــــــــ[02 - 03 - 2006, 06:47 م]ـ
الإخوة الأفاضل: أستاذنا موسى ليس بالنكرة في هذا المنتدى العظيم فهو أستاذ فاضل وله من الجهود الشي الكثير ولو كان يعتقد معتَقَد باطل لوضح أمره وافتضح منذ مدة. فأرجو أن تتريثوا في الحكم عليه. ونحن جميعاً نسمع عن القرصنة وسرقة الباسووردات للإيميلات والمنتديات. فأرجو أن يكون الأستاذ موسى ضحية من جمع كبير من الضحايا. وإن وجد في المنتدى أحد يعرف الأستاذ موسى فيتصل به ويطلعه على الموضوع لنسمع رده واحكموا بعد ذلك.
ونسأل الله للجميع بالهداية والصلاح
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[02 - 03 - 2006, 07:07 م]ـ
السلام عليكم
تعرض الأستاذ موسى لتأثير شديد من الفرقة القاديانية قبل أسبوعين تقريبا فقد أحاطوا به كشخصية هامة من كل حدب وصوب---والحمد لله بعد جلسات معه تخلص منهم وأعلن على صفحات المنتدى تكفيره لهم
ـ[أبو طارق]ــــــــ[02 - 03 - 2006, 08:05 م]ـ
السلام عليكم
تعرض الأستاذ موسى لتأثير شديد من الفرقة القاديانية قبل أسبوعين تقريبا فقد أحاطوا به كشخصية هامة من كل حدب وصوب---والحمد لله بعد جلسات معه تخلص منهم وأعلن على صفحات المنتدى تكفيره لهم
مادم الأمر كذلك أستاذ جمال ماجدوى الهجوم إذاً؟ بارك الله فيكم جميعاً نحن هنا إخوة يجب , أن نكون على قدر من الثقة المتبادلة ولنعي قول الله تبارك وتعالى ((لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً)) ونحققه بيننا هذا وإلا لفسد المنتدى وخرب نسأل الله السلامة.(/)
تشخيص البر في صورة المؤمن
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 11:56 ص]ـ
تشخيص البر في صورة المؤمن
قال تعالى:"ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ولكن البر من اّمن بالله واليوم الاّخروالملائكة والكتاب والنبيين واّتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب وأقام الصلاة واّتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون* صدق الله العظيم (البقرة177)
نزلت هذه الاّية الكريمة بعد استغراب واستهزاء اليهود والكفار بتغيير القبلة، فجاء الرد من الله سبحانه وتعالى نافيا أن يكون البر في تولية الوجوه بل هو في الإيمان والتقوى وعمل الخير.
وفي قوله تعالى:"ولكن البر من اّمن " تشخيص للبر المعنوي في صورة المؤمن الذي يتميز بصفات عديدة، وقد تم هذا التشخيص نتيجة حذف المضاف وقيام المضاف إليه مقامه، واتصاله مع البر، مما أدى إلى تحول البر إلى شخص مؤمن، وذلك بحسب قوة العلاقة المعنوية، حيث أخبر الله تعالى عن البر بأنه الشخص المؤمن، وقد جاء هذا التشخيص من أجل ترسيخ صورة البر وتقريبها إلى أذهان الناس عن طريق تحويل المعنوي إلى حسي يتمتع بالصفات التالية، التي ترتبت من الخاص إلى العام من حيث قوة العلاقة المعنوية وأهميتها للشخصية المؤمنة، وأول هذه الصفات هو: الإيمان بالله واليوم الاّخر والملائكة والكتاب والنبيين، وثانيهاهو: الإنفاق تطوعا، وقد قدمه على الصلاة والزكاة لأن الصلاة والزكاة فرضان، بينما التطوع نافلة ويدل على قوة الإيمان أكثر من الصلاة والزكاة، وثالثها: إقامة الصلاة، وقدمها على الزكاة لأن الصلاة عمود الدين، ومن أقامها أقام الدين، ومن هدمها هدم الدين، ورابعها: الزكاة، وخامسها: الوفاء بالعهد، حيث قال تعالى:"والموفون بعهدهم" وكلمة "الموفون" معطوفة على "من" رغم الفاصل الكبير بينهما، وكان حقها أن تأتي بعدها مباشرة، لأن التابع يتبع المتبوع، ولكنها تأخرت لأن الصفات التي قبلها أهم منها، وقد رُفِعت كلمة "والموفون" من أجل بيان أن علاقتها مع كلمة "من"لأنها معطوفة عليها، وفي هذا أمن للبس، وقد تم الفصل بين الاسم الموصول "من " وصلته"والصابرين في البأساء والضراء" بواسطة المعطوف "والموفون بعهدهم إذا عاهدوا " وسادسها: الصبر، حيث قال تعالى:"والصابرين" وكلمة "والصابرين" معطوفة على ذوي القربى وكان حقها أن تأتي بعدها مباشرة، ولكنها تأخرت لأن الصفات التي قبلها أهم منها، وقد نُصِبت كلمة"والصابرين" لبيان أن علاقتها مع كلمة ذوي القربى، لأنها معطوفة عليها رغم الفاصل الكبير بينهما، وفي هذا أمن للبس، فالمتكلم يستعمل العلامات للربط بين المعاني مهما تباعد بعضها عن بعض، ولهذا فالعلامات هي رمز للعلاقات المعنوية بين الكلمات داخل التركيب، وتشير إلى منزلة الكلمة ومكانتها داخله، وتمنع من اللبس.
والله أعلم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[10 - 10 - 2005, 07:11 م]ـ
أخي عزام
في هذا الجزء من الآية (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) أقوال هي
# لكنّ البّر برّ من آمن على حذف المضاف
# لكنّ ذا البرّ من آمن
# لكن البارّ من آمن بالله ... على اساس تسمية الفاعل بمعنى المصدر
و اود ان اضيف قولا اخر هو (و لكن البر في من آمن بالله.)
فما رأيك في هذا القول؟؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 07:38 ص]ـ
أستاذي وأخي عزام، السلام عليكم.
أود المشاركة، ولكني أخشى أن يكون كلامي كالملح الأجاج بعد العذب الزلال.
:::
في هذه الآية فنون شتى من البلاغة
ا) فنُّ الإيجاز بحذف المضاف في قوله {ولكن البر من ءامن}. أو فن المبالغة إذا جعلناه نفس البر.
ب) المجاز المرسل في قوله {وفي الرقاب} والعلاقة الجزئية بذك الجزء وإرادة الكل.
ج) قطع التابع عن المتبوع، وضابطه أنه إذا ذكرت صفات للمدح أو الذم خولف في الإعراب تفنناً في الكلام، واجتلاباً للانتباه، بأن ما وصف به الموصوف، أو ما أسند إليه من صفات، جدير بأن يستوجب الاهتمام؛ لأن تغيير المألوف المعتاد يدلُّ على زيادة ترغيب في استماع المذكور، ومزيد اهتمام بشأنه. زالآية مثال لقطع التابع عن المتبوع في حال المدح، وأما مثاله في حال الذم فهو قوله تعالى في سورة تبَّت: {وامرأته حمالة الحطب} فقد نصب حمالة على الذم، وهي في الحقيقة وصف لامرأته.
أقيلوا عثراتي، وبارك الله فيكم.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 01:05 م]ـ
أخي جمال
بعد أن قال تعالى: ليس البر أن تولوا وجوهكم ...... " قال تعالى" ولكن البر (بر) من اّمن ....... " فنفى أولا وأثبت اّخرا وبناء عليه فكل الأقوال التي ذكرتها محتملة ما عدا القول الثاني.
والله أعلم
أخي موسى:
أولا: شكرا لك عل كلامك العذب الزلال.
ثانيا: شكرا لك على الإضافات الجميلة، وكلام الله تعالى لا تنفد أسراره، وكلما غاص الإنسان في أعماقه اكتشف حاجات كثيرة، وفيه الكثير من الاّراء والتفاسير.
وتوجيه النحاة في إعراب كلمة: الصابرين" أنها مفعول به لفعل لفعل المدح توجيه أحترمه، ولكنه ربما جاء من أجل التخلص من عملية الفصل بين الصلة والموصول الممنوعة عندهم، وكل هذا يؤدي إلى تقدير، ومالا يحتاج إلى تقدير أولى. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 11:03 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً على هذه اللفتات الماتعة والنكات البليغة والمصيبة بإذن الله ..
وأحببت - في هذا الشهر الفضيل - أن أشارككم ببعض الفوائد والعبر التي تتجلّى لنا عند تدبّر آية البقرة الكريمة، والتي جاء فيها قول الحقّ تبارك وتعالى: " لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " (البقرة: 177).
الفائدة الأولى:
ذُكرت في الآية مظاهر البرّ وأركانه وذُكر في آخرها الإيفاء بالعهد بأسلوب خاصّ مميّز. وهذا النظم بهذا الأسلوب يوحي إلينا أن الإيفاء بالعهد له شأن خاصّ من بين أركان البرّ، بل هو الأصل في معنى البرّ. وسائر ما ذكر من الصفات والمعاني منبثقة من هذا المعنى وناتجة منه.
ويشبه هذا النظم ما جاء في قوله تعالى: " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ " (البقرة: 40)، ثم ذكر البرّ حيث وجّه العتاب إليهم في شأنه، قال تعالى: " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " (البقرة: 44).
ولكن هذا الاختلاف في الترتيب في الموضعين إنما هو بسبب الجو الذي يحيط بهما.
فالجوّ في الموضع الأول جوّ توجيه وإرشاد فوُعظوا وذُكّروا أولاً بأن يوفوا بعهد الله ويقوموا لأداء ما يملي عليهم هذا العهد، ثم عوتبوا على أنهم يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم.
وهذا بخلاف الموضع الثاني حيث إن الجو فيه جو تنحية من جهة وجو تكرمة من جهة أخرى.
فقد نُحّي بنو إسرائيل عن شرف البرّ وفي نفس الوقت أُكرم به قوم آخرون، ثم ذكر - آخر ما ذكر - في سياق القوم الذين أُكرموا بهذا الشرف أنهم يوفون بعهدهم إذا عاهدوا، وذكر هذا بأسلوب متميّز خاصّ، قال تعالى: " وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ ".
وليس معنى ذلك إلا أن أكبر ما اجترحته يهود والنصارى هو أنهم نقضوا عهودهم لمّا عاهدوا، ولأجل سلوكهم هذا خُلعت عنهم فضيلة البرّ.
ومن هذا الموضع يتأكّد لنا أن الوفاء بالعهد هو الأساس وهو الأصل في معنى البرّ، وتغيّر الأسلوب هنا له شأن لا يُنكر وهو لا يخلو من دلالة خاصّة.
ثم إذا كان البرّ بمعنى الإيفاء بالعهد، أو إذا كان الإيفاء بالعهد هو الأصل في مدلوله، فهذا يعني أن البرّ هو الخير كله، أو قل هو جماع الخيرات. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: " لا دين لمن لا عهد له ".
الفائدة الثانية:
نستوحي من هذه الآية الكريمة أن يهود ونصارى إنما كانوا يولّون وجوههم قبل المشرق والمغرب لأنهم كانوا في واد والإيمان في واد. ولو أنهم كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر لما لبثوا أن ولّوا وجوههم شطر المسجد الحرام، ولكنهم كانوا كما قال الله تعالى فيهم: " وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ " (البقرة: 145).
الفائدة الثالثة:
ومما تدلّ عليه الآية الكريمة أن الصبر والصمود في أحلك الظروف وأحرج المواقف هو تمام الوفاء بالعهد، وهو ذروة البرّ وقمّته، كما أنه هو الزاد الوحيد لمن كان يريد أن يسلك سبيل البرّ. ومن هنا قال سيدنا عمر في وصية له لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما: ( .. واعلم أن لكل عادة عتاداً، فعتاد الخير الصبر، فالصبر الصبر على ما أصابك أو نابك .. ).
الفائدة الرابعة:
(يُتْبَعُ)
(/)
ختمت الآية الكريمة بقوله تعالى: " أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ". وهذا الختام يوحي إلينا أن الصدق هو الذي يوصل من يوصل إلى ذروة البرّ. ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام: " إن الصدق يهدي إلى البرّ، وإن البرّ يهدي إلى الجنّة ".
الفائدة الخامسة:
ذكر الله في الآية الكريمة أموراً كلها تتعلّق بالاعتقاد والعمل، ثم قال: " أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ". وهذا يفيد أن الصدق في أصله سلوك وعمل، وهو يُقاس دائماً بالسلوك والعمل، ولا يعتبر المرء صادقاً إلا إذا صدق عمله وسلوكه.
الفائدة السادسة:
ذكر الله تعالى في الآية مقوّمات البرّ وأركانه، ثم ختم الآية بقوله سبحانه: " وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "، بدلاً من أن يختمها بقوله: وأولئك هم الأبرار، كما هو المتبادر إلى الذهن بحكم السياق. وهذا يفتح علينا حقيقة مهمّة جداً مفادها أن التقوى هي روح البرّ وقوامه، وهي سنده وعماده. فكل عمل من أعمال البرّ إذا لم يكن يستند إلى التقوى فلا وزن له في ميزان البرّ ولا عبرة به عند الله تعالى.
الفائدة السابعة:
ذكر الله تعالى من ضمن أركان البرّ: " وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى ". فذكر إيتاء المال وذكر معه كون المال محبوباً إلى النفس. وهذا فيه فائدة أن أفضل الإنفاق أو أفضل الصدقة ما شقّ على النفس. ولا يبعد أن يكون الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه مستفاداً من هذا النظم، حيث قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم؟ قال: " أَنْ تصدَّقَ وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقرَ وتأملُ الغِنى ".
الفائدة الثامنة:
ثم ذكر الله تعالى أول مَن ذكر في هذا السياق ذوي القربى، وهذا يدلّ على أن أولى الناس ببرّ الرجل هم أقاربه. ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام: " دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدّقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك ".
الفائدة التاسعة:
ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة الإيمان ثم إيتاء المال ثم إقامة الصلاة ثم إيتاء الزكاة، ثم قال: " وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ "، فختم هذا الخصال بالإيفاء بالعهد. ثم ذكر الإيفاء بالعهد بصيغة اسم الصفة بينما ذكر البواقي بصيغة فعل الماضي.
فهذه الفوائد المندرجة في نظم وسياق هذه الآية الكريمة مع هذا التصريف الوافر، كما أنها تدلّ على أن الإيفاء بالعهد هو الأصل وهو الجامع لهذه الخصال، فكذلك تدلّ على أنه يعمّ الدين كله. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: " لا دين لمن لا عهد له ".
والله تعالى أعلم
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[22 - 01 - 2007, 12:07 م]ـ
وجدت هذا في اعراب القرآن للسيوطي
وأما قوله تعالى: ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر فمن موصولة وتمام الصلة عند قوله: وآتى الزكاة وقوله: والموفون بعهدهم رفع عطف على من آمن فلا يجوز إذاً أن يكون قوله والصابرين عطفاً على قوله ذوي القربى على تقدير: وآتى المال على حبه ذوي القربى والصابرين لأنك قد عطفت على الموصول قوله والموفون فلا يجوز أن يكون والصابرين داخلاً في الصلة ولكنك إن رفعت والموفون على المدح جاز عطف الصابرين على قوله ذوي القربى لأن الجملة تسدد الأولى وتوضحه لقوله تعالى: والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة عطف على كسبوا وقوله وجزاء سيئة بمثلها اعتراض.
وقال قوم: بل التقدير: جزاء سيئة والجملة في موضع خبر قوله: والذين كسبوا.
================
لدي سؤال
كيف يكون الصابرين معطوف على ذوي القربي والصابرين داخلة في "البر"
وليس "أتى المال على حبه" فذوي القربي هم الذين يعطى لهم المال وليس الصابرين فكيف تكون معطوفة عليها ام انني فهمت المسألة خطا
معلومة: انا ما زلت في بداية طلب النحو فعلمي فيه ضعيف، ولكن ارجو الإجابة على اشكالي وتصحيح فهمي إذا كان خاطئة.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 01 - 2007, 04:38 ص]ـ
السلام عليكم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ما ذكره السيوطي رحمه الله هو وجه من أوجه الإعراب لكلمة (والصابرين) عند بعض النحويين .. وأصحّ الأقوال وأشهرها عند النحاة أنّها منصوبة على المدح .. وقد ورد مثل هذا القطع في المعطوفات في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، منها:
- نصب (المقيمين) في قوله تعالى: (لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 162].
- رفع (الصابئون) في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [المائدة: 69].
- نصب (حمالة) في قراءة عاصم وعبد الله بن إسحاق في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد: 4] وهي من القراءات السبعة المتواترة .. وغيرها من المواضع ..
فكلمة (المقيمين) منصوبة على معنى المدح، و (الصابئون) مرفوعة على معنى الذمّ، وكذلك (حمالة) منصوبة على معنى الذمّ .. وقد صرّحوا بعمل هذين المعنيين فقالوا: وقد تفعل العرب ذلك في المدح والذمّ فتنصب وترفع ..
وقد منع جمهور النحاة جعل (والصابرين) في آية البقرة معطوفاً على (ذوي القربى) لأنّه يترتّب على هذا العطف أمران لا يجوزان:
الأول: عطف (الموفون) على اسم الموصول (مَنْ) قبل أنْ تتمّ صلته.
والثاني: كون (الموفون) فاصلاً أجنبيّاً بين المعطوف والمعطوف عليه.
قال أبو علي: ولا وجه لهذا القول لأنّ (الصابرين) لا يجوز حمله على (وآتى المال على حبّه) سواء كان قوله (والموفون بعهدهم) عطفاً على الموصول أو مدحاً، لأنّ الفصل بين الصلة يقع به إذا كان مدحاً كما يقع به إذا كان مفرداً معطوفاً على الموصول، بل الفصل بينهما بالمد أشنع، لكون المدح جملة، والجمل ينبغي أن تكون في الفصل، وأشنع وأقبح بحسب زيادتها على المفيد وإن كان الجمع من ذلك ممتنعاً ..
والله أعلم ..
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[24 - 01 - 2007, 11:43 ص]ـ
صراحة المسألة ليست واضحة لي
خاصة مسألة المدح
ربما لأن علمي في النحو ما زال ناقصا
لكن لو توضحوا لي المسألة بتوضيح اسهل
اتحدث عن كلمة الصابرين واعرابها
جزاكم الله خيرا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 01 - 2007, 12:50 ص]ـ
سنحاول إذن أن نبسّط المسألة ..
قاعدة نحوية: العطف بالنصب على مرفوع جائزٌ في النحو، ووارد في لغة العرب وشعرهم، وليس فيه إشكال .. وهي ظاهرة معروفة عند النحاة تحت مُسمَّى "القطع"، ومعناها: مغايرة النعت للمنعوت والعطف للمعطوف في الإعراب، بأنْ يكون المنعوت أو المعطوف مرفوعاً ونعته أو عطفه منصوباً أو العكس .. أما الغرض منها فإثارة الانتباه ولفت الأنظار إلى الصفة المقطوعة .. بمعنى أنّ اتصاف الموصوف بهذه الصفة قد بلغ حدّاً يثير الانتباه ..
ومن الأمثلة على ذلك قول الشاعر:
إلى الملكِ القرمِ وابنِ الهمامِ ... وليثَ الكتيبة في المزدحَمْ
وذا الرأي حين تغمُّ الأمور ... بذات الصَّليل وذات اللُّجُمْ
فنصب (ليثَ) و (ذا الرأي) لأنّه أراد إفراد الممدوح بمدح مجدَّد غير متبع لأول الكلام ..
فإذا رجعنا إلى آية سورة البقرة، والتي جاء فيها قوله تعالى: ( ... وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ)، فنجد أنّه أخرج (الصابرين) منصوباً على الاختصاص والمدح إظهاراً لفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر الأعمال .. فاختصاص المقاتل الصابر في مواطن تناثر الرصاص وقذائف الكفّار، وثبات أقدامه أمام هدير الدبّابات، وتحت قعقعة الرشاشات، إنّما هو مدح وثناء للمتصفين بصفة الصبر في ذلك الموطن .. فالصبر للمجاهد سيف لا ينبو، وجواد لا يكبو ..
أمّا قول مَن قال: إنّ (الصابرين) منصوب لأنّه معطوف على (ذوي القربى)، فالوجه فيه عندهم أنّه أراد: "وآتى المالَ على حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين ... والصابرين في البأساء والضراء" ..
يقول ابن قتيبة: "وهذا وجه حسن لأنّ البأساء: الفقر، ومنه قول الله عزّ وجلّ: (وأطعموا البائس الفقير) [الحج: 28] .. والضراء: البلاء في البدن من الزَّمانَة والعِلّة، فكأنّه قال: وآتى المال على حبه السائلين الطوافين، والصابرين على الفقر والضرّ، الذين لا يسألون ولا يشكون .. وجعل (الموفين) وسطاً بين المعطين نسقاً على (مَن آمن بالله) " .. وقد بيّنا من قبلُ حُجّة المعارضين لهذا التوجيه ..
هل وصلت الفكرة الآن؟!
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[28 - 01 - 2007, 05:51 م]ـ
نعم
بارك الله فيك(/)
أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 04:46 ص]ـ
أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (الجاثية: 21)
أصل اجترح من الجرح الذي يصيب الإنسان ويترك أثرا, ولما كانت الذنوب تترك أثرا في النفس فقد استخدم القرآن هذه الكلمة للدلالة على اكتساب الذنب أي ارتكابه.
جرح الشيء واجترحه: كسبه, كما في لسان العرب.
اجترح عملا: أي اكتسب, كما في معجم العين.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 11:08 ص]ـ
أولا: شكرا لأستاذنا الفاضل
ثانيا: أرجو أن تسمحوا لي بإضافة قصيرة، فقد قال تعالى"وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه" وفي هذا إشارة إلى عفو الله ورحمته بالناس، حيث ننام ليلا وهذا النوم عبارة عن موت، ثم يبعثنا الله نهارا مع علمه بالذنوب التي اقترفناها، وهذا من رحمته بنا، ويمكن أن نلاحظ استخدام الفعل (جرح) وهو فعل ثلاثي مجرد من الزيادة، لأن السياق إخبار عام لا يحتاج إلى التشديد في استخدام الصيغة، بينما الاية التي ذكرتَها هي استفهام استنكاري، حيث يستنكر الله سبحانه وتعالى تفكير الكافر في أن الله سيعامله معاملة المؤمن، ولهذا جاء بصيغة (افتعل) (اجترح) التي تدل على القوة والتكثير والمبالغة، أي: كيف يعتقد هذا الكافر الذي اقترف الكثير الكثير من السيئات أننا سنعامله معاملة المؤمن الذي اّمن وعمل الصالحات.
فالقراّن الكريم يختار الصيغة المناسبة في السياق المناسب.
والله أعلم
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[13 - 10 - 2005, 01:19 ص]ـ
الموسوعة البلاغية الأستاذ عزام محمد ذيب الشريدة:
أشكر لكم ما تفضلتم ببيانه من فائدة بلاغية, تعكس عمق فهمكم لروح البلاغة في النص القرآني.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 01:01 م]ـ
شكرا لأستاذي الفاضل(/)
الشهر؛ اسم لثلاثين ليلة.
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 06:45 ص]ـ
:::
السلام عليكم
قال الله تعالى {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} البقرة: 185. وقد ذكر الشهر، والشهر اسم لثلاثين ليلة. ومن المعلوم أن الجزاء يكون بعد تمام الشرط، أي أن الشرط هو أن من يشهد مرور الشهر كله فجواب الشرط، أو تمام الشرط أن يصومه. وبعبارة أخرى الشرط مرور الشهر كله، والجزاء الصوم بعد ذلك. وطبعا هذا يسبب إشكالاً، ونطلب منكم دفعه، وبارك الله فيكم.
:; allh
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 05:09 م]ـ
قوله تعالى ("فمن شهد منكم الشهر فليصمه") والشهر هو الفترة الزمنية بين انبثاق هلال وانبثاق هلال تال--بهذا التعريف يرتفع الإشكال أو قل يندفع
أمّا الإشكال الأكبر فهو أن الشهر منصوب في هذه الآية لا على أنّه مفعول به--فليس من أحد في مصر إلّا ويشهد الشهر--فالشهر لا يغيب عنه أحد---فكيف لك أن تدفعه؟؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 08:22 م]ـ
أستاذي جمال، حياك وبياك.
أود التنويه حول ما قدمته من كلام.
نقول في الجملة الشرطية:
إذا قمت بالواجبات البيتية آخذك إلى المتنزه.
ومعنى هذا أن الجزاء، وهو جواب الشرط لايقع إلا بعد القيام بالشرط. وهو هنا القيام بالواجب البيتي، والجزاء أخذه إلى المتنزه.
وعليه فإن ما ورد في الآية بحاجة إلى قليل من التبصر. ومعناه هو أن من يشهد شهر رمضان كله أي بعد مشاهدته الشهر كله ثلاثين ليلة. وبعد تمامه يصومه، أي أن الجزاء صيامه. وهنا الإشكال وعلينا دفع الإشكال لأن من المعلوم أن هذا الفهم يخالف الواقع الشرعي.
أفيدونا أفادكم الله.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 10:04 م]ـ
لو تبصّرت في جوابي لما لزمك إعادة شرح سؤالك---
قال إبن جنّي (أي من شهد الشهر منكم صحيحاً بالغاً في مصرٍ فليصمه. وكان أبو علي رحمه الله يرى أن نصب الشهر هنا إنما هو على الظرف، ويذهب إلى أن المفعول محذوف؛ أي فمن شهد منكم المصر في هذا الشهر فليصمه.)
وقال الثعالبي (فمن كان منكم شاهد بلدة في الشهر فليصمه) --فالآية فيها مجاز فأنت لا تشهد الشهر إنما أنت تكون شاهدا في بلدة في ذلك الشهر فعليك صيامه طالما أنت على حالك --على هذا فالمسافر ليس عليه صيامه--وهذه نكتة بلاغيّة أظنّ أنّها جديدة--وهي أنّه ليس على المسافر صيام بدليل هذه الآية
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 10:45 م]ـ
أستاذي وأخي جمال. السلام عليكم.
بعد المراجعة تبين لي أنك على حق وذلكلآن معظم المفسرين على أنا من شهد أي منكان حاضرا لإي بلده غير مسافر، وأسوق بعض الأراء:
فمن شهد الشهر فليصمه.
النسفي:
فمن كان شاهداً أي حاضراً مقيماً غير مسافر في الشهر فليصم فيه، ولا يفطر. والشهر منصوب على الظرف. وكذا الهاء في ليصمه. ولا يكون مفعولاً به لأن المسافر والمقيم كلاهما شاهدان للشهر.
الشوكاني / فتح القدير:
أي حضر، ولم يكن في سفر بل كان مقيماً، والشهر منتصب على أنه ظرف، ولا يصح أن يكون مفعولاً به. قال جماعة من السلف والخلف: إن من أدركه شهر رمضان مقيماً غير مسافر لزمه صيامه، سافر بعد ذلك أو أقام، استدلالاً بهذه الآية. وقال الجمهور: إنه إذا سافر أفطر، لأن معنى الآية: إن حضر الشهر من أوله إلى آخره، لا إذا حضر بعضه وسافر، فإنه لا يتحتم عليه صوم إلا ما حضره، وهذا هو الحق، وعليه دلت الأدلة الصحيحة من السنة. وقد كان يخرج:= في رمضان، فيفطر.
الزمخشري / الكشاف:
فمن كان شاهداً أي حاضراً مقيماً غير مسافر في الالشهر فليصم فيه ولا يفطر، والشهر منصوب على الظرف، زكذلك الهاء في فليصمه، ولا يكون مفعولاً به، كقولك شهدت الجمعة، لأن المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر.
محيي الدين الدرويش / إعراب القرآن وبيانه:
فليصمه: الفاء رابطة لجواب الشرط؛ لأن الجملة طلبية، واللام لام الأمر، ويصم: فعل مضارع مجزوم باللام، والهاء: ضمير الظرف، ولا ينصب على الظرفية، ولا يجوز أن يكون مفعولاً به. فهو منصوب بنزع الخافض، أي فليصم فيه، والجملة الطلبية في محل جزم جواب الشرط وجوابه خبر (من).
ـ[أبو سارة]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 04:10 ص]ـ
السلام عليكم
بداية، جزيتما خيرا على هذه الفوائد.
وقول الأخ موسى بأن الشهر: والشهر اسم لثلاثين ليلة.
فيه نظر!
والصحيح هو قول الأستاذ جمال: الشهر هو الفترة الزمنية بين انبثاق هلال وانبثاق هلال تال.
وهذه المدة التي حصرها الأستاذ جمال هي مايسمى بـ: الشهر الاقتراني.
ومدته 27 يوما وثلث اليوم على التحديد.
ودمتم سالمين
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 01:20 م]ـ
جزيتم خيرا
أعتقد أن المقصود بالشهر هو الهلال، أوبداية الشهر، وبالضميرالعائد إليه في قوله: فليصمه، هو الشهر الزمني،؟ أي من رأى الهلال فليصم الشهر الزمني. فكلمة الشهر تعني الهلال، أوبداية الشهر، وتعني الفترة الزمنية المعروفة.
والله أعلم(/)
(هو)، هل تفيد الحصر؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 09:41 م]ـ
السلام عليكم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته .......... }}. السؤال هو: ورد الضمير المنفصل هو: ... راعٍ و هو مسؤول ... . بين راعٍ ومسؤول. فهل يُفيد هذا الضمير الحصر أي حصر المسؤولية عن الرعية بالأمير؟ أرجو الإجابة مع التفصيل.
وشكراً.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 10:40 م]ـ
لا أطيق التفصيل-- الضميرهو ليس من أدوات الحصر --والحصر له أدوات أنت تعلمها--لكنّ تركيب الكلام من تقديم وتأخير يفيد الحصر--وتركيب الحديث (فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته .......... }} فالإمام راعٍ --مبتدأ وخبر يفيد حصر الرعاية بالإمام وهذا واضح----
ـ[ياسر سليم]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 01:23 ص]ـ
الاخوة بعد التحية: ان كلمة هو تفيد الحصر وذلك حسب معنى الحديث وقد بحثت عن ضابط لذلك فلم أجده
ان هو تفيد في هذا الحديث الحصر وقد ورد ذلك في كتاب تقي الدين النبهاني (نطام الحكم في الاسلام)
وشكرا
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 05:29 ص]ـ
أخي ياسر سليم، السلام عليكم. لقد اطلعت على رأي الشيخ النبهاني رحمه الله، وأنا أعرف أنه لم يعطِ دلالة لغوية على الحصر ولذلك كان السؤال رحمك الله. فهل عندك من مزيدٍ تشاركنا فيه؟ وبالنيابة عن الأعضاء في المنتدى نرحب بك.(/)
أَهْلَ الْبَيْتِ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 10:31 م]ـ
:::
قوله تعالى
(إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً) ...
ببساطة--من هم أهل البيت؟؟؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[11 - 10 - 2005, 11:02 م]ـ
أهل بيته هم علي وفاطمة والحسن والحسين وزوجاته أمهات المؤمنين وآل هاشم كلهم. ولكن لعلي وفاطمة والحسن والحسين مكانة خاصة دل عليها حديث الكساء.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 03:57 ص]ـ
أرجح الأقوال أن آل بيته صلى الله عليه وسلم هم: نساؤه ومن حرم الصدقة بعده وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم، كذا في صحيح مسلم.
والله تعالى أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 06:43 م]ـ
سؤالي هو --هل يمكن لمفسر أن يخرج نساء النبي من كونهن من آل البيت مع أنّ الآيات تتحدث عنهن نصّا؟؟
(يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) الأحزاب
لقد وجدت لمفسّر دعوى غريبة مفادها أنّ الجملة القرآنيّة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) مقحمة إقحاما في سياق الآيات التي تتحدث عن نساء النبي
قال المفسّر (فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي و لا متصلة بها و إنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عند التأليف بعد الرحلة، و يؤيده أن آية «و قرن في بيوتكن» على انسجامها و اتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها،)
كل هذا التمحّل لأجل أن يخلص إلى القول (و بالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة و هم النبي و علي و فاطمة و الحسنان (عليه السلام) لا يطلق على غيرهم، و لو كان من أقربائه الأقربين و إن صح بحسب العرف العام إطلاقه عليهم.)
وكلامه هذا فيه ما فيه من اتهام للسياق القرآني بأنّه ألف إلى بعضه البعض اصطناعا لا وحيا---نعوذ بالله من مثل هذا الكلام
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 - 10 - 2005, 06:59 م]ـ
لم يسألني أحدكم عن المفسّر الذي يزعم أنّ آية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ليست في موقعها الطبيعي بين الآيات
(يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 01:02 ص]ـ
(يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا).
أخي جمال، زَوِِّدْنَا.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 04:30 ص]ـ
الأخ الحبيب جمال ..
لا ندري والله كيف يجرؤ مثل هؤلاء على التقوّل في كتاب الله العزيز لما يليق بأهوائهم ..
ولقد استوقفني قول من نقلت عنه: " وبالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة وهم النبي وعلي وفاطمة والحسنان (عليه السلام) لا يطلق على غيرهم، و لو كان من أقربائه الأقربين وإن صح بحسب العرف العام إطلاقه عليهم ".
فكيف يزعم هذا المتقول أن لفظة " أهل البيت " في عرف القرآن هي اسم خاصّ يُطلق فقط على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى علي وفاطمة والحسنين رضي الله عنهم؟
ألم يقرأ قول الله تعالى: " قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ " (هود: 72 - 73)؟
وكما لا يخفى على أحد فإن المقصود بـ" أهل البيت " هنا هي زوج إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم.
وهذا من أساليب القرآن الكريم، فإنه يطلق لفظ " الأهل " على زوج الرجل، وباعتبار لفظ الأهل تخاطَب الزوج مخاطبة الجمع المذكّر، ومنه قوله تعالى في موسى عليه السلام: " فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا " (طه: 10)، وقوله " لَّعَلِّي آتِيكُم " (طه: 10)، وقوله: " سَآتِيكُم " (النمل: 7)، والمخاطَب امرأته عليه السلام.
فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في الآية بصريح سياق القرآن الكريم، وإن كانت الآية تتناول غيرهن من أهل البيت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 06:23 ص]ـ
القائل أخي هو الطبا طبائي في كتابه الميزان الذي يحاول البعض تسويق تفسيره بيننا سامحهم الله
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 08:24 م]ـ
مسند الإمام أحمد بن حنبل الجزء السابع:
(26103) ــ حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا عبد الملك ـ يعني: ابن أبي سليمان ـ، عن عطاء بن أبي رباح قال: حدثني من سمع أم سلمة، تذكر:
أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان في بيتها، فأتته فاطمة بُبرمة، فيها خَزِيرَةُ، فدخلت بها عليه، فقال لها: «ادْعي زَوْجَكِ وابْنَيْكِ» قالت: فجاء عليّ والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو على منامة له، على دكان تحته كساء له خيبري، قالت: وأنا أصلي في الحجرة، فأنزل الله عز وجل هذه الآية {إنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (الأحزاب: 33) قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: «اللّهُمَّ ه?ؤلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخاصَّتي، فأذْهِبْ عَنْهُمْ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً، اللّهُمَّ ه?ؤلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخاصَّتي فَأَذْهِب عَنْهُمْ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً» قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله، قال: «إنَّكِ إلى? خَيْرٍ، إنَّكِ إلى? خَيْرٍ» قال عبد الملك: وحدثني أبو ليلى، عن أم سلمة، مثل حديث عطاء، سواء قال عبد الملك: وحدثني داود بن أبي عوف الحجاف، عن حَوْشب، عن أم سلمة، بمثله سواء.
في هذا الحديث إشارة إلى أن آية {إنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} نزلت في حق أهل البيت الذين حددهم رسول الله (ص) بالخمسة:
فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: «اللّهُمَّ ه?ؤلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخاصَّتي، فأذْهِبْ عَنْهُمْ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً، اللّهُمَّ ه?ؤلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخاصَّتي فَأَذْهِب عَنْهُمْ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً»
لاحظ أن الرسول (ص) استثنى أم سلمة من الدخول في أهل البيت:
فقلت: وأنا معكم يا رسول الله، قال: «إنَّكِ إلى? خَيْرٍ، إنَّكِ إلى? خَيْرٍ»
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 08:33 م]ـ
لاحظ أن الرسول (ص) استثنى أم سلمة من الدخول في أهل البيت:
فقلت: وأنا معكم يا رسول الله، قال: «إنَّكِ إلى? خَيْرٍ، إنَّكِ إلى? خَيْرٍ»
ملاحظتك أخي غير صحيحة فأهل البيت هن أزواجه بدليل الآية القرانية
(قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ " (هود: 72 - 73) فأهل البيت هم الأزواج
(وقوله لها (إنَّكِ إلى? خَيْرٍ، إنَّكِ إلى? خَيْرٍ) لا تدل على أنّه استثناها من كونها من أهل البيت--بل يدل أنّها من أهل البيت لكونها زوجه بدليل قوله "إنَّكِ إلى? خَيْرٍ، " والخيرية ناجمة من كونها من أهل بيته--أمّا الكساء الذي ضمّ الآخرين فهو ضمّ ليضافوا لأهل البيت لأنّهم ليسوا أصلا منه--فهم ضمّوا ضمّا لأهل البيت بنص الحديث
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 08:58 م]ـ
صحيح أن كلمة أهل البيت لها مفهوم عام, ولكن الرسول (ص) قد حدد هذا المفهوم بأناس مخصوصين من خلال أقواله.
حديث آخر في صحيح الترمذي الجزء التاسع
(3326) ــ حدثنا قُتَيْبَةُ أَخبرنا مُحمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ الأصْبَهَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبي رَباحٍ عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمةَ رَبِيب النبيَّ، قالَ «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى النبيِّ {إِنَمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكمْ تَطْهِيراً} في بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَعَا فَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَليٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُ بِكسَاءٍ ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ الله، قَالَ أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ»
تأمل قوله (ص) لأم سمة رضي الله عنها " أنت على مكانك "
من يتمعن في النص يفهم أن أن جوابه لها مخالفا لما طلبت في كونها من أهل البيت:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ الله، قَالَ أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ»
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 09:29 م]ـ
قول أم سلمة (: وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ الله،) معناه أنّها تريد أن تتأكد من بقاء مفهوم أهل البيت كما كان معروفا عندها وخصوصا أنّه أضاف عليّا وغيره ممن هم ليسوا من أهل البيت عرفا
فقال لها:=
" أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ» أي لا تقلقي فأنت على مكانك من أهل البيت
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 11:30 م]ـ
في الحديث الذي جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل:
عن عطاء بن رباح قال: حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت عليه فقال لها ادعى زوجك وابنيك قالت فجاء على والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة على دكان تحته كساء له خيبري قالت وأنا أصلي في الحجرة فانزل الله عز وجل هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت فأدخلت رأسي البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله قال انك إلى خيرانك إلى خير قال عبد الملك وحدثني أبو ليلى عن أم سلمة مثل حديث عطاء سواء قال عبد الملك وحدثني داود بن أبى عوف الحجاف عن حوشب عن أم سلمة بمثله سواء.
هذه الرواية تدل على التالي: -
1 - أن الآية الكريمة نزلت لوحدها وفي بيت أم سلمة رضوان الله تعالى عليها.
2 - إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما نزلت هذه الآية الكريمة غشى الإمام علي والسيدة الزهراء والحسنين وهو معهم بالكساء ودعا الله سبحانه وتعالى بقوله: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا والهدف من ذلك واضح وهو لتخصيص الآية بهؤلاء دون غيرهم فعملية التغطية لهم بالكساء والدعاء تمت بعد نزول الآية الكريمة مباشرة.
3 - إنها لو كانت شاملة لزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، لما كان هناك داع أن تطلب السيدة أم سلمة الدخول معهم تحت الكساء ما دامت هي أحد مصاديق الآية الكريمة وممن نزل في حقهن هذه الآية.
4 - إن عدم سماح النبي صلى الله عليه وآله وسلم لزوجته الجليلة أم سلمة في الدخول معهم تحت الكساء وقوله لها: إنك إلى خير مرتين دليل على أن الآية لا تشملها.
5 - إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في داعائه: (اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) وكل من له إلمام ومعرفة باللغة العربية يفهم أن قوله: (اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي) تخصيص لمفهوم أهل البيت بهؤلاء دون غيرهم ولو كان المرد معهم الزوجات لقال: (اللهم هؤلاء من أهل بيتي) وأتى بمن التبعيضية) ولكنه صلوات الله وسلامه عليه حصر المفهوم في هؤلاء فقط بقوله " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ".
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 03:28 ص]ـ
غريب أمر أخوتنا الشيعة---يستخرجون من كتبنا التي لا يثقون بها نصوصا ثمّ يبدأون بفهمها حسب أسس لهم
طالما أن كتبنا ليست محل ثقتكم--فدعوا مافيها--ولا يمكن لكم أن تقتطعوا نصوصا منها فتفهموها بطريقتكم وحسب أصولكم
الأمر واضح وضوح الشمس---أنتم في مسار ونحن في مسار ولا يمكن الإلتقاء أبدا بين مسارين أحدهما يمجّد الشيخين ويحترم من بعدهما والآخر وهو أنتم ينتقص الشيخين ومن بعدهما إلّا عليا
------------------------------------------------------
قولك (إنها لو كانت شاملة لزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، لما كان هناك داع أن تطلب السيدة أم سلمة الدخول معهم تحت الكساء ما دامت هي أحد مصاديق الآية الكريمة وممن نزل في حقهن هذه الآية.) أجبنا عليه في مداخلة سابقة وأعيده
(لمّا كان معروفا عند أمّ سلمة أنّ أهل بيت الرجل هم أزواجه خاصة--ولمّا رأت الرسول:= قد ضمّ إلى المفهوم أناسا ليسوا أصلا منه كزوج البنت مثلا--أحبت أن تعرف إن كان من ثمة تغيير شامل في المفهوم--أم أنّه إضافة خاصة منه:= إليه فاستفسرت منه:= فكانت إجابته"إنّك إلى خير" أي أنت ما زلت تتمتعين بخيرية كونك من آل البيت ---ولا يعجزه:= أن يوضح لها نافيا كونها من آل البيت ولكنه لم ينف مما يدل على أن أصل المفهوم باق على حاله)
ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 01:05 ص]ـ
في تفسير الطبري:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن حكيم بن سعد، قال: ذكرنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عند أمّ سلمة قالت: فيه نزلت: إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا قالت أمّ سلمة: جاء النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى بيتي، فقال: «لا تَأْذَنِي لأَحَدٍ»، فجاءت فاطمة، فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن، فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جدّه وأمه، وجاء الحسين، فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا حول النبيّ صلى الله عليه وسلم على بساط، فجللهم نبيّ الله بكساء كان عليه، ثم قال:
«هَؤُلاءِ أهْلُ بَيْتِي، فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرا»، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط
قالت: فقلت: يا رسول الله: وأنا، قالت: فوالله ما أنعم وقال: «إنَّكِ إلى خَيْرٍ».
في هذا الحديث إشارة قوية إلى اختصاص آية تالتطهير بالخمسة دون غيرهم.
العبارة " فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط " فيها دلالة واضحة أن أية التطهير نزلت في الخمسة دون غيرهم, و تأكيد لما أشير إليه سابقا.
في قول أم سلمة: " فو الله ما أنعم " تأكيد أنها لم تكن ضمن من شملتهم آية التطهير.
" إنك إلى خير " يستفاد منها أن عاقبة أم سلمة إلى خير , لا أنها من أهل البيت الذين حددهم الرسول بقوله:
" هَؤُلاءِ أهْلُ بَيْتِي "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 01:24 ص]ـ
الأخ عاشق جمال الفصحى ..
وهل أن الطبري - رحمه الله - أورد هذه الرواية وحدها؟
فأنت سقت لنا رواية واحدة، ولم تذكر لنا الروايات الأخرى، منها مثلاً:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا خالد بن مخلد، قال: ثنا موسى بن يعقوب، قال: ثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، قال: أخبرتني أمّ سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علياً والحَسنين، ثم أدخلهم تحت ثوبه، ثم جأر إلى الله، ثم قال: " هؤلاء أهل بيتي "، فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله أدخلني معهم، قال: " إنَّكِ مِنْ أهْلِي ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حسن بن عطية، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد عن أمّ سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية نزلت في بيتها {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: " إنَّكِ إلى خَيْرٍ، أنْتِ مِنْ أزْوَاجِ النَّبِيّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ " قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.
حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: ثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيى بن عبيد المكي، عن عطاء، عن عمر بن أبي سلمة، قال: نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أمّ سلمة {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فدعا حسناً وحُسيناً وفاطمة، فأجلسهم بين يديه، ودعا علياً فأجلسه خلفه، فتجلَّل هو وهم بالكساء ثم قال: " هَؤُلاءِ أهْلُ بَيْتِي، فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً " قالت أم سلمة: أنا معهم مكانك وأنْتِ على خَيْرٍ.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الأصبغ، عن علقمة، قال: كان عكرمة ينادي في السوق: {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} قال: نزلت في نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة.
وغيرها ..
فنرجو منك التدقيق أينما نقلت لنا من كلام مفسّرينا - رحمهم الله.
ـ[حبيب]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 11:15 ص]ـ
السلام عليكم اخوتي واخواتي
اذا يسمح لي الاخوة اعادة ترتيب البحث كي نضمن المنهجية الطبيعية وسوف استعين بمؤلف للسيد الميلاني في هذا الصدد مع التنبيه على قضية واضحة وهي ان الاستدلال بروايات السنة مقتضى الانصاف والا اذا كان يبقل السنة بإحتجاج الشيعة فحي وهلا.
المراد من أهل البيت (عليهم السلام) في آية التطهير
إذن، لابدّ من بيان المراد من أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الاية المباركة، لانّ الله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
محلّ الاستدلال في هذه الاية المباركة نقطتان:
النقطة الاُولى: المراد من أهل البيت.
النقطة الثانية: المراد من إذهاب الرجس.
فإذا تمّ المدّعى على ضوء القواعد المقرّرة في مثل هذه البحوث في تلك النقطتين، تمّ الاستدلال بالاية المباركة على إمامة علي أمير المؤمنين، وإلاّ فلا يتمّ الاستدلال.
المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة مَن؟ لابدّ هنا من الرجوع أيضاً إلى كتب الحديث والتفسير، وإلى كلمات العلماء من محدّثين ومفسّرين ومؤرخين، لنعرف المراد من قوله تعالى في هذه الاية، أي: المخاطب بأهل البيت من هم؟ ونحن كما قرّرنا من
--------------------------------------------------------------------------------
قبل، نرجع أوّلاً إلى الصحاح والمسانيد والسنن والتفاسير المعتبرة عند أهل السنّة.
وإذا ما رجعنا إلى صحيح مسلم، وإلى صحيح الترمذي، وإلى صحيح النسائي، وإلى مسند أحمد بن حنبل، وإلى مسند البزّار، وإلى مسند عبد بن حُميد، وإلى مستدرك الحاكم، وإلى تلخيص المستدرك للذهبي، وإلى تفسير الطبري، وإلى تفسير ابن كثير، وهكذا إلى الدر المنثور، وغير هذه الكتب من تفاسير ومن كتب الحديث:
(يُتْبَعُ)
(/)
نجد أنّهم يروون عن ابن عباس، وعن أبي سعيد، وعن جابر بن عبدالله الانصاري، وعن سعد بن أبي وقّاص، وعن زيد بن أرقم، وعن أُمّ سلمة، وعن عائشة، وعن بعض الصحابة الاخرين:
أنّه لمّا نزلت هذه الاية المباركة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، جمع أهله ـ أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ـ وألقى عليهم كساءً وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي».
وفي بعض الروايات: ألقى الكساء على هؤلاء، فنزلت الاية المباركة.
والروايات بعضها تفيد أنّ الاية نزلت ففعل رسول الله هكذا.
وبعضها تفيد أنّه فعل رسول الله هكذا، أي جمعهم تحت كساء
--------------------------------------------------------------------------------
فنزلت الاية المباركة.
قد تكون القضيّة وقعت مرّتين أو تكرّرت أكثر من مرّتين أيضاً، والاية تكرّر نزولها، ولو راجعتم إلى كتاب الاتقان في علوم القرآن للجلال السيوطي لرأيتم فصلاً فيه قسمٌ من الايات النازلة أكثر من مرّة، فيمكن أن تكون الاية نازلة أكثر من مرّة والقضيّة متكرّرة.
وسنقرأ إن شاء الله في البحوث الاتية عن حديث الثقلين: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ... » إلى آخر الحديث، قاله في مواطن متعدّدة.
وقد ثبت عندنا أنّ النبي قال: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» أكثر من مرّة، وإنْ اشتهرت قضيّة غدير خم.
وحديث «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» وارد عن رسول الله في مصادر أهل السنّة في أكثر من خمسة عشر موطناً.
فلا نستبعد أن تكون آية التطهير نزلت مرّتين أو أكثر، لانّا نبحث على ضوء الاحاديث الواردة، فكما ذكرت لكم، بعض الاحاديث تقول أنّ النبي جمعهم تحت الكساء ثمّ نزلت الاية، وبعض الاحاديث تقول أنّ الاية نزلت فجمع رسول الله عليّاً
--------------------------------------------------------------------------------
وفاطمة والحسنين وألقى عليهم الكساء وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي».
فالحديث في:
1 ـ صحيح مسلم (1).
2 ـ مسند أحمد، في أكثر من موضع (2).
3 ـ مستدرك الحاكم (3)، مع إقرار الذهبي وتأييده لتصحيح الحاكم لهذا الحديث (4).
4 ـ صحيح الترمذي، مع تصريحه بصحّته (5).
5 ـ سنن النسائي (6)، الذي اشترط في سننه شرطاً هو أشدّ من شرط الشيخين في صحيحيهما، كما ذكره الذهبي بترجمة النسائي في كتاب تذكرة الحفاظ (7).
ولا يخفى عليكم أنّ كتاب الخصائص الموجود الان بين
____________
(1) صحيح مسلم 7/ 130.
(2) مسند أحمد 1/ 330 و 6/ 292 و 323.
(3) المستدرك على الصحيحين 2/ 416.
(4) تلخيص المستدرك (ط مع المستدرك) 2/ 416.
(5) صحيح الترمذي 5/ 327 كتاب التفسير و 627 و 656 كتاب المناقب.
(6) خصائص علي من سنن النسائي: 49 و 62 و 81، ط الغري.
(7) تذكرة الحفاظ 1/ 700.
--------------------------------------------------------------------------------
أيدينا الذي هو من تأليف النسائي، هذا جزء من صحيحه، إلاّ أنّه نشر أو انتشر بهذه الصورة بالاستقلال، وإلاّ فهو جزء من صحيحه الذي اشترط فيه، وكان شرطه في هذا الكتاب أشدّ من شرط الشيخين في صحيحيهما.
6 ـ تفسير الطبري، حيث روى هذا الحديث من أربعة عشر طريقاً (1).
7 ـ كتاب الدر المنثور للسيوطي، يرويه عن كثير من كبار الائمّة الحفّاظ من أهل السنّة (2).
وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أنّ أُم سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول، وقال لها: «وإنّك على خير» أو «إلى خير» (3).
والحديث أيضاً وارد عن عائشة كذلك (4).
واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل
____________
(1) تفسير الطبري 22/ 5 ـ 7.
(2) الدرّ المنثور 5/ 199.
(3) أحمد 6/ 292، والترمذي، وغيرهما.
(4) صحيح مسلم 7/ 130.
--------------------------------------------------------------------------------
إلى فاطمة، وأمرها بأن تدعو عليّاً والحسنين، وتأتي بهم إلى النبي، فلمّا اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي» ممّا يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضيّة، ولمّا أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها، لم يأمرها بأن تدعو أحداً غير هؤلاء، وكان له أقرباء كثيرون، وأزواجه في البيت عنده، وحتّى أنّه لم يأذن لاُمّ سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء.
إذن، هذه القضيّة تدلّ على أمر وشأن ومقام لا يعمّ مثل أُمّ سلمة، تلك المرأة المحترمة المعظّمة المكرّمة عند جميع المسلمين.
إلى هنا تمّ لنا المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة.
وهذا الاستدلال فيه جهة إثبات وجهة نفي، أمّا جهة الاثبات، فإنّ الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الاية في حقّهم هم: علي وفاطمة والحسن والحسين فقط، وأمّا جهة النفي، فإنّه لم يأذن النبي لان يكون مع هؤلاء أحد.
في جهة الاثبات وفي جهة النفي أيضاً، تكفينا نصوص الاحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها من الاحاديث التي نصّوا على صحّتها سنداً، فكانت تلك الاحاديث صحيحةً،
وكانت مورد قبول عند الطرفين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 04:21 م]ـ
وهذه هي رائعة إبن عاشور في التحرير والتنوير حول موضوع آية أهل البيت
(و {أهل البيت}: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب موجه إليهن وكذلك ما قبله وما بعده لا يخالط أحداً شك في ذلك، ولم يفهم منها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون إلا أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام هن المراد بذلك وأن النزول في شأنهنّ.
وأما ما رواه الترمذي عن عطاء بن أبي رباح عن عُمر بن أبي سلمة قال: لما نزلت على النبي: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} في بيت أم سلمة دعا فاطمةَ وحسناً وحسيناً فجَلَّلهم بكساء وعليٌّ خلْف ظهره ثم قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً ". وقال: هو حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة ولم يَسِمْه الترمذي بصحة ولا حُسن، ووسمه بالغرابَة.
وفي «صحيح مسلم» عن عائشة: خرج رسول الله غداةً وعليه مرط مرحَّل فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}. وهذا أصرح من حديث الترمذي.
فمَحمله أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحق أهل الكساء بحكم هذه الآية وجعلهم أهلَ بيته كما ألحق المدينةَ بمكة في حكم الحَرَمية بقوله: " إن إبراهيم حرّم مكة وإني أحرّم ما بينَ لابتيها ". وتَأوُّل البيت على معنييه الحقيقي والمجازي يصدق ببيت النسب كما يقولون: فيهم البيتُ والعَدد، ويكون هذا من حَمل القرآن على جميع محامله غير المتعارضة كما أشرنا إليه في المقدمة التاسعة.
وكأنَّ حكمة تجليلهم معه بالكساء تقويةُ استعارة البيت بالنسبة إليهم تقريباً لصورة البيت بقدر الإمكان في ذلك الوقت ليكون الكساء بمنزلة البيت ووجود النبي صلى الله عليه وسلم معهم في الكساء كما هو في حديث مسلم تحقيق لكون ذلك الكساء منسوباً إليه، وبهذا يتضح أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن آل بيته بصريح الآية، وأن فاطمة وابنيْها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها.
ولذلك هُمْ أهل بيته بدليل السنة، وكل أولئك قد أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، بعضه بالجعل الإلهي، وبعضه بالجعل النبوي، ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم " سَلْمان منّا أهلَ البيت ". وقد استوعب ابن كثير روايات كثيرة من هذا الخبر مقتضية أن أهل البيت يشمل فاطمة وعليّاً وحسناً وحسيناً. وليس فيها أن هذه الآية نزلت فيهم إلا حديثاً واحداً نسبه ابن كثير إلى الطبري ولم يوجد في تفسيره عن أم سلمة أنها ذكر عندها علي بن أبي طالب فقالت: فيه نزلت: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} وذكرتْ خبر تجليله مع فاطمة وابنيه بكساء (وذكر مصحّح طبعة «تفسير ابن كثير» أن في متن ذلك الحديث اختلافاً في جميع النسخ ولم يفصله المصحّح).
وقد تلقّف الشيعة حديث الكساء فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت.
وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشواً بين ما خوطب به أزواج النبي. وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء إذ ليس في قوله: «هؤلاء أهل بيتي» صيغة قصر وهو كقوله تعالى:
{إن هؤلاء ضيفي}
[الحجر: 68] ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها. ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها. ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء بأهلية أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال أيضاً: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وأنها نزلت في بيت أم سلمة.
وأما ما وقع من قول عُمر بن أبي سلمة: أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله؟ ... فقال: " أنت على مكانك وأنتِ على خير ". فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن ما سألته من الحاصل، لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أمر حصل وهو مناف بآداب الدعاء كما حرره شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم تعليماً لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لأم سلمة: " إنك من أزواج النبي ". وهذا أوضح في المراد بقوله: «إنك على خير».
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:31 م]ـ
اود التنبيه على امر مهم قبل مطالعة ما كتبه الزميل اعلاه وهل هو يعنينا او غيرنا.
ان اهل البيت قد يطلق بالمعنى العرفي وهو مما يدخل فيه عصبة الرجل وما حواه بيته.
وقد يطلق على معنى خاص وهو الظاهر من الاية وكل ما عند القوم هو حجة السياق التي تفيد ظهورا في كون اهل البيت شاملا لزوجات النبي ص.
ومعلوم ان اي ظهور بدوي لايكون حجة ما لم يستقر على ظهوره ولم يعارضه ظهور اخر اقوى منه.
ـ[حبيب]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:48 م]ـ
والسياق هنا ليس بحد ذاته حجة قوية على الظهور ولو اغمضنا النظر عن هذا فيقال:
ان هناك قرائن داخلية في نفس اللفظ تفيد ان السياق في لفظ الفقرة المعنية من الاية الشريفة قد خرج من سياقه السابق وهو يقطع النظر عن السياق المحتج به في المقام من قبل المخالف فارجوا الالتفات لهذه النقطة للباحث المنصف.
ولو اغمضنا النظر عن هذا فإن اذهاب الرجس والتطهير بأعلى مراتبه مما يأبى دخول غير المنصوص عليه في الاحاديث , حيث انه لا يدعي احد ان ازواج النبي -رغم ما لديهن من مقام كبير- قد اذهب الله عنهن الرجس مطلقا كما ظهر لاالذهاب المذكور من الاية كما انه لم يدع احد انهن رضوان الله عليهن قد طهرن كل التطهير مع ان الارادة الالهية هنا حتمية فلا راد لامره جلت قدرته.
وهذا يضعف حجة السياق والتي هي كل ما لدى القوم فاكرر رجائي من الباحث المنصف الالتفات له.
ولو اغمضنا النظر ايضا عن هذا فلايمكن البناء على حجية السياق التي هي اساسا ليست حجة ناطقة وما لم يكن كذلك فهو اضعف انحاء الحجج , فضلا عن مثل الكتاب العزيز الذي لا يستغرب فيه الخروج عن السياق (يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك)
هذا ونحن لم نخرج بعد الى القرائن الخارجية من الاحاديث المفسرة.
فإنما يحتج بالسياق بعد الفراغ عن كونه حجة لايعترضها شئ والحال انها حجة قاصرة لو تنزلنا فهي تفيد ظهورا غير مستقر , وعليه فحتى لو فرضنا جدلا ان الاحاديث الشريفة ليست في مقام الحصر والقصر على فئة معينة فهو مما لايركن له في المقام ضرورة الفراغ عن كون السياق المحتج به من قبل المخالف حجة تامة وظهوره مستقر , فنكون في حاجة عندئذ الى ما يدعم هذا الاستقرار او ما يرفع اليد عنه او عن عمومه عند معارضته بالاحاديث المفسرة التي لاشك في وجود قصر فيها من خلال قرائن عديدة ليست كلمة هؤلاء بأفضلها واعظمها.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:51 م]ـ
وهذه هي رائعة إبن عاشور في التحرير والتنوير حول موضوع آية أهل البيت
(و {أهل البيت}: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب موجه إليهن وكذلك ما قبله وما بعده لا يخالط أحداً شك في ذلك، ولم يفهم منها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون إلا أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام هن المراد بذلك وأن النزول في شأنهنّ.
وأما ما رواه الترمذي عن عطاء بن أبي رباح عن عُمر بن أبي سلمة قال: لما نزلت على النبي: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} في بيت أم سلمة دعا فاطمةَ وحسناً وحسيناً فجَلَّلهم بكساء وعليٌّ خلْف ظهره ثم قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً ". وقال: هو حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة ولم يَسِمْه الترمذي بصحة ولا حُسن، ووسمه بالغرابَة.
وفي «صحيح مسلم» عن عائشة: خرج رسول الله غداةً وعليه مرط مرحَّل فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}. وهذا أصرح من حديث الترمذي.
فمَحمله أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحق أهل الكساء بحكم هذه الآية وجعلهم أهلَ بيته كما ألحق المدينةَ بمكة في حكم الحَرَمية بقوله: " إن إبراهيم حرّم مكة وإني أحرّم ما بينَ لابتيها ". وتَأوُّل البيت على معنييه الحقيقي والمجازي يصدق ببيت النسب كما يقولون: فيهم البيتُ والعَدد، ويكون هذا من حَمل القرآن على جميع محامله غير المتعارضة كما أشرنا إليه في المقدمة التاسعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكأنَّ حكمة تجليلهم معه بالكساء تقويةُ استعارة البيت بالنسبة إليهم تقريباً لصورة البيت بقدر الإمكان في ذلك الوقت ليكون الكساء بمنزلة البيت ووجود النبي صلى الله عليه وسلم معهم في الكساء كما هو في حديث مسلم تحقيق لكون ذلك الكساء منسوباً إليه، وبهذا يتضح أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن آل بيته بصريح الآية، وأن فاطمة وابنيْها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها.
ولذلك هُمْ أهل بيته بدليل السنة، وكل أولئك قد أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، بعضه بالجعل الإلهي، وبعضه بالجعل النبوي، ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم " سَلْمان منّا أهلَ البيت ". وقد استوعب ابن كثير روايات كثيرة من هذا الخبر مقتضية أن أهل البيت يشمل فاطمة وعليّاً وحسناً وحسيناً. وليس فيها أن هذه الآية نزلت فيهم إلا حديثاً واحداً نسبه ابن كثير إلى الطبري ولم يوجد في تفسيره عن أم سلمة أنها ذكر عندها علي بن أبي طالب فقالت: فيه نزلت: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} وذكرتْ خبر تجليله مع فاطمة وابنيه بكساء (وذكر مصحّح طبعة «تفسير ابن كثير» أن في متن ذلك الحديث اختلافاً في جميع النسخ ولم يفصله المصحّح).
وقد تلقّف الشيعة حديث الكساء فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت.
وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشواً بين ما خوطب به أزواج النبي. وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء إذ ليس في قوله: «هؤلاء أهل بيتي» صيغة قصر وهو كقوله تعالى:
{إن هؤلاء ضيفي}
[الحجر: 68] ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها. ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها. ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء بأهلية أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال أيضاً: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء وأنها نزلت في بيت أم سلمة.
وأما ما وقع من قول عُمر بن أبي سلمة: أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله؟ ... فقال: " أنت على مكانك وأنتِ على خير ". فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن ما سألته من الحاصل، لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أمر حصل وهو مناف بآداب الدعاء كما حرره شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم تعليماً لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لأم سلمة: " إنك من أزواج النبي ". وهذا أوضح في المراد بقوله: «إنك على خير».
أرجو من الأخوة أهل السنّة أن يقرأوا بتمعن شديد ماكتبه شيخنا إبن عاشور والذي بيّن بجلاء تفاهة من قصر أهل البيت على علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام
قال (فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن ما سألته من الحاصل، لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم،) ---يقصد أنّ قوله:= (" أنت على مكانك وأنتِ على خير) أي أنت كما أنت من أهل البيت يشملك المفهوم أمّا هؤلاء فقد أضيفوا إضافة
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 08:39 م]ـ
الأخ حبيب ..
تقول: إن هناك قرائن داخلية في نفس اللفظ تفيد أن السياق في لفظ الفقرة المعنية من الآية الشريفة قد خرج من سياقه السابق، وهو يقطع النظر عن السياق المحتج به في المقام من قبل المخالف، فأرجو الالتفات لهذه النقطة للباحث المنصف ... وهذا يضعف حجة السياق، والتي هي كل ما لدى القوم فأكرّر رجائي من الباحث المنصف الالتفات له.
فأقول: لقد كنت في قولك هذا أكثر حذراً في إخفاء عقيدتك من صاحب الميزان، حيث يقول: فالآية لم تكن بحسب النزول جزءاً من آيات نساء النبي ولا متصلة بها، وإنما وضعت بينها إما بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، أو عند التأليف بعد الرحلة (الميزان: (16/ 312).
مع أن المجلسي لم يكن حذراً في هذا الإخفاء، وأظهرها علناً في ردّه على هذا الإشكال، فقال: لعلّ آية التطهير وضعوها في موضع زعموا أنها تناسبه، أو أدخلوها في سياق مخاطبة الزوجات لبعض مصالحهم الدنيوية، وقد ظهر من الأخبار عدم ارتباطها بقصتهن، فالاعتماد في هذا الباب على النظم والترتيب ظاهر البطلان، ولو سلم عدم التغيير في الترتيب، فنقول: ستأتي أخبار مستفيضة بأنه سقط من القرآن آيات كثيرة، فلعلّه سقط مما قبل الآية وما بعدها آيات لو ثبتت لم يفت الربط الظاهري بينها (انظر: (البحار: (35/ 234)، محجة العلماء: (163)، فصل الخطاب: (320)، الحدائق الناضرة: (2/ 290).
وهذه الأقوال مجتمعة تصبّ في خندق واحد لا حاجة لأن نخوض في ترهاته!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 12:26 ص]ـ
بالنسبة الى الاخ جمال الذي ذكر مشكورا ما ذكره بعض مشايخه وفقه الله لرضاه
الجواب لافائدة في التذكير لانها يعود لما ذكرنا به انه احتجاج مكرر بحجة السياق والتي هي الحجة الوحيدة على الظاهر لدى المخالف فاقرأ - ان طلبت الحقيقة - ما سطرناه.
الاخ لؤي
ارجو المطالعة لما خطته اناملنا لا ما تتوهمه الان من افكارنا.
واذا شئت ان تجيبنا على سؤال حيث انت تشير ملتحفا بالاستعاذة من قول من يقول انها اقحمت فالسؤال ما هو الدليل على ان الترتيب الحالي هو ترتيب الهي كي نستفيد ايضا من هذا البحث.
وهل ان القول بأن هذه اقحمت هنا او هناك او ان هذه الاية لتلك السورة او ليس لهذه هو من تلك الترهات المشار اليها.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 03:12 ص]ـ
الأخ حبيب ..
لقد والله طالعت ما خطّته أناملكم الكريمة ..
وإن ما ذكرته في مداخلتي لهو عين ما اتّضح لي من سياق حديثك ..
ولئن نفيت ذلك عن نفسك .. فأعلنها لنا دون حرج ..
وأما بالنسبة لطلبك الدليل على أن ترتيب القرآن الحالي هو ترتيب إلهي، فلندع هذا الرابط مفتوحاً لبحث قضية أهل البيت، وهلمّ بنا لنتحاور في مسألتك على هذه الروابط:
جمع القرآن وتدوينه في ضوء القرآن (1) ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?p=45023#post45023)
ترتيب الآيات توقيفي (2) ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?p=45020#post45020)
ترتيب السور توقيفي (3) ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?p=45019#post45019)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 04:00 ص]ـ
الحمد لله على كل شيء---والحقيقة أنّ الأخ جمال لا " يخاطبكم" ولا يهتم بما " سطرتم"--- وهو واثق أنّ الحقيقة ليست عند " جنابكم "إنّما يخاطب أهله
ملخص دعوى الرافضة هو
# قوله («هؤلاء أهل بيتي») فهموا منها القصر ولا قصر في هذه الصياغة بدليل قوله تعالى ({إن هؤلاء ضيفي) فلا يعني أن لا ضيف له غيرهم
# فهموا من النص (أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله؟ ... فقال: " أنت على مكانك وأنتِ على خير) أنّها خرجت من كونها من أهل البيت مع أنّ الفهم الصحيح أنّها منهم للخيريّة التي وصفها بها نصّا---ولو كان كما يدّعون لا يعجزه التبيان
# يدّعون أن الآية مقحمة إقحاما بين آيات نساء النبّي وهذه دعوى باطلة كدعاويهم المتعلقة بالنقص الحاصل في سورة الأحزاب نفسها عمّا كانت عليه زمن النبّوة
ـ[حبيب]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 11:42 م]ـ
الاخوة الاكارم زادهم الله رفعة لؤي والشربياني
سوف ناتي على ما ذكرتم ويبدو لي ان الاخ المكرم لؤي يحتاج الى ان اشرح له -بعيدا عن التهمة - ويشهد الله اني لم اقصد هذا وان كنت الى الان لا ارفض الاحتمال المذكور ولا اؤيده لاني لم احقق القضية ولكن ليس عندي دليل ان الايات على الاطلاق هي في مواضعها وهو بلا شك لا يعني تحريف القرآن ابدا , نعم لو ثبت لي انه منه فلأرفضنه ولأنبذنه.
هذا واكمالا لما ذكره السيد الميلاني:
آية التطهير وأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
لكن يبقى هناك في جهة النفي بحث يتعلّق بقولين:
أحدهما:
ما ينقل عن عكرمة مولى عبدالله بن عباس، فهذا كان يصرّ على أنّ الاية نازلة في خصوص أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتّى أنّه كان يمشي في الاسواق ويعلن عن هذا الرأي، ويخطّئ الناس باعتقادهم باختصاص الاية المباركة بأهل البيت، ممّا يدلّ على أنّ الرأي السائد عند المسلمين كان هذا الرأي، حتّى أنّه كان يقول: من شاء باهلته في أنّ الاية نازلة في أزواج النبي خاصّة، وفي تفسير الطبري: إنّه كان ينادي في الاسواق بذلك (1)، وفي تفسير ابن كثير إنّه كان يقول: من شاء باهلته أنّها نزلت في نساء النبي خاصّة (2)، وفي الدر المنثور، كان يقول: ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو
____________
(1) تفسير الطبري 22/ 7، ابن كثير 3/ 415.
(2) ابن كثير 3/ 415، الدرّ المنثور 5/ 198.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 17
--------------------------------------------------------------------------------
نساء النبي (1).
فهذا هو القول الاوّل.
لكنّ هذا القول يبطله:
(يُتْبَعُ)
(/)
أوّلاً: إنّه قول غير منقول عن أحد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثانياً: قول تردّه الاحاديث الصحيحة المعتبرة المعتمدة المتفق عليها بين المسلمين.
ثالثاً: هذا الرجل كان منحرفاً فكراً وعملاً، وكان معادياً لاهل البيت ومن دعاة الخوارج.
أذكر لكم جملاً ممّا ذكر بترجمة هذا الرجل:
كان خارجيّاً بل من دعاتهم، وإنّما أخذ أهل أفريقيّة هذا الرأي ـ أي رأي الخوارج ـ من عكرمة، ولكونه من الخوارج تركه مالك بن أنس ولم يرو عنه.
قال الذهبي: قد تكلّم الناس في عكرمة لانّه كان يرى رأي الخوارج، بل كان هذا الرجل مستهتراً بالدين، طاعناً في الاسلام، فقد نقلوا عنه قوله: إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به الناس، وقال في وقت الموسم أي موسم الحج: وددت أنّي بالموسم
____________
(1) الدرّ المنثور 5/ 198.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 18
--------------------------------------------------------------------------------
وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً، وإنّه وقف على باب مسجد النبي وقال: ما فيه إلاّ كافر، وذكر أنّه كان لا يصلّي، وأنّه كان يرتكب جملة من الكبائر.
وقد نصّ كثير من أئمّة القوم على أنّه كان كذّاباً، فقد كذب على سيّده عبدالله بن عباس حتّى أوثقه علي بن عبدالله بن عباس على باب كنيف الدار، فقيل له: أتفعلون هذا بمولاكم؟ قال: إنّ هذا يكذب على أبي.
وعن سعيد بن المسيّب أنّه قال لمولاه: يا برد إيّاك أن تكذب عَلَيّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس.
وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر الذي هو من فقهاء المدينة المنوّرة: إنّ عكرمة كذّاب.
وعن ابن سيرين: كذّاب.
وعن مالك بن أنس: كذّاب.
وعن يحيى بن معين: كذّاب.
وعن ابن ذويب: كان غير ثقة.
وحرّم مالك الرواية عن عكرمة.
وقال محمّد بن سعد صاحب الطبقات: ليس يحتج بحديثه.
هذه الكلمات بترجمة عكرمة نقلتها: من كتاب الطبقات لابن
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 19
--------------------------------------------------------------------------------
سعد، من كلمات الضعفاء الكبير لابي جعفر العقيلي، من تهذيب الكمال للحافظ المزّي، من وفيّات الاعيان، من ميزان الاعتدال للذهبي، المغني في الضعفاء للذهبي، سير أعلام النبلاء للذهبي، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (1).
هذه خلاصة ترجمة هذا الشخص.
لكن الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري، في مقدمة هذا الشرح (2)، له فصل يدافع فيه عن رجال صحيح البخاري المقدوح فيهم، عن الرجال المشاهير المجروحين الذين اعتمدهم البخاري، فيعنون هناك عكرمة مولى ابن عباس ويحاول الذبّ عن هذا الرجل بما أُوتي من حول وقوّة.
إلاّ أنّكم لو رجعتم إلى كلماته لوجدتموه متكلّفاً في أكثرها أو في كلّ تلك الكلمات، وهذه مصادر ترجمة هذا الشخص ذكرتها لكم، ومن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي ذكرتها.
ومن طريف ما أُحبّ أن أذكره هنا: إنّ عكرمة وإنْ أخرج عنه البخاري، لم يخرج عنه مسلم، عكرمة أعرض عنه مسلم وإن
____________
(1) طبقات ابن سعد 5/ 287، تهذيب الكمال 20/ 264، تهذيب التهذيب 7/ 263، المغني في الضعفاء للذهبي 2/ 84، ميزان الاعتدال 3/ 93، وغيرها.
(2) هدي الساري مقدّمة فتح الباري: 524.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 20
--------------------------------------------------------------------------------
اعتمده البخاري، ومن هنا قالوا: إن أصحّ الكتب كتاب البخاري وكتاب مسلم، وأصحّهما كتاب البخاري، فلامر ما قدّموا البخاري!! ولي أيضاً شواهد على هذا.
سأقرأ لكم حديث الثقلين من صحيح مسلم، والبخاري لم يرو حديث الثقلين في صحيحه، سأذكر لكم ـ إن شاء الله ـ حديثاً عن صحيح مسلم فيه مطلب مهمّ جدّاً يتعلّق بالشيخين، وقد ذكره البخاري في صحيحه في مواضع متعددة وحرّفه وذكره بألفاظ وأشكال مختلفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن، كون عكرمة من رجال البخاري لا يفيد البخاري ولا يفيد عكرمة إنّه ربّما يحتجّ لوثاقة عكرمة باعتماد البخاري عليه، ولكن الامر بالعكس، إنّ رواية البخاري عن عكرمة من أسباب جرحنا للبخاري، من أسباب عدم اعتمادنا على البخاري، ولو أنّ بعض الكتّاب المعاصرين ـ ولربّما يكون أيضاً من أصحابنا الاماميّة ـ يحاولون الدفاع عن عكرمة، فإنّهم في اشتباه.
وعلى كلّ حال، فالقول باختصاص الاية المباركة بأزواج النبي، هذا القول مردود، إذ لم يرو إلاّ عن عكرمة، وقد رفع عكرمة راية هذا القول، وجعل ينشره بين الناس، وطبيعي أن الذين يكونون على شاكلته سيتقبلون منه هذا القول.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 21
--------------------------------------------------------------------------------
الثاني:
وهو القول بأنّ المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة: أهل البيت ـ أي علي وفاطمة والحسنان ـ والازواج أيضاً.
هذا القول إذا رجعنا إلى التفاسير المعتبرة، لوجدنا مثل ابن الجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير (1)، الذي هو من التفاسير المشهورة، ينسب هذا القول إلى الضحّاك فقط، ولم نجد في كتاب ابن الجوزي وأمثاله من يعزو هذا القول إلى غير الضحّاك.
أترى أنّ قول الضحّاك وحده يعارض ما روته الصحاح والسنن والمسانيد عن ابن عباس، وعن جابر بن عبدالله، وعن زيد بن أرقم، وعن سعد بن أبي وقّاص، وعن أُمّ سلمة، وعن عائشة؟
وعجيب، إنّ هؤلاء يحاولون أن يذكروا لزوجات النبي فضيلة، والحال أنّ نفس الزوجات هنّ بأنفسهنّ ينفين هذا القول، فأُمّ سلمة وعائشة من جملة القائلين باختصاص الاية المباركة بأهل البيت، وكم من عجيب عندهم، وما أكثر العجب والعجيب عندهم، يحاولون الدفاع عن الصحابة أجمعين اكتعين كما يعبّر
____________
(1) زاد المسير في علم التفسير 6/ 381.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 22
--------------------------------------------------------------------------------
السيد شرف الدين رحمة الله عليه: أجمعين أكتعين، والحال أنّ الصحابة أنفسهم لا يرون مثل هذا المقام لهم، نحن نقول بعدالتهم جميعاً وهم لا يعلمون بعدالتهم؟!
فأُمّ سلمة وعائشة تنفيان أن تكون الاية نازلة في حقّ أزواج النبي، ويأتي الضحّاك ويضيف إلى أهل البيت أزواج النبي، وكأنّه يريد الاصلاح بين الطرفين، وكأنّه يريد الجمع بين الحقّين.
لكنّي وجدت في الدر المنثور (1) حديثاً يرويه السيوطي عن عدّة من أكابر المحدّثين عن الضحّاك، يروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثاً يتنافى مع هذه النسبة إلى الضحّاك.
وأيضاً: الضحّاك الذي نسب إليه ابن الجوزي هذا القول في تفسيره، هذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه في كتاب الضعفاء، وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء، وأورده الذهبي في المغني في الضعفاء، وعن يحيى بن سعيد القطّان الذي هو من كبار أئمّتهم في الجرح والتعديل أنّه كان يجرح هذا الرجل، وذكروا بترجمته أنّه بقي في بطن أُمّه مدّة سنتين.
وهذا ما أدري يكون فضيلة له أو يكون طعناً له، وكم عندهم
____________
(1) الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 5/ 199.
من هذا القبيل، يذكر عن مالك بن أنس أنّه بقي في بطن أُمّه أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات على ما أتذكّر الان، وراجعوا كتاب وفيّات الاعيان لابن خلّكان وغيره.
وعلى كلّ حال، فإنّا نرجع إلى ما في الصحاح، والافضل لهم أن يرجعوا إلى ما في الصحاح، وهذا ما دعا مثل ابن تيميّة إلى أن يعترف بصحّة حديث نزول الاية في أهل البيت الاطهار واختصاصها بهم، وأمّا عكرمة والضحّاك وقول مثل هذين الرجلين المجروحين المطعونين، فإنّما يذكر لتضعيف استدلال الاماميّة بالاية المباركة، والذاكرون أنفسهم يعلمون بعدم صلاحيّة مثل هذه الاقوال للاستدلال
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 01:04 ص]ـ
جمع القرآن في عهد أبي بكر وعمر
تتضارب الاَخبار حول جمع القرآن في هذه المرحلة حتى تكاد أن تكون متكاذبة، وفيما يلي نورد بعضها لنبيّن مدى تناقضها ومخالفتها للاَدلة التي ذكرناها آنفاً:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ عن زيد بن ثابت، قال: «أرسل إليِّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني، فقال: إنّ القتل استمرّ بقُرّاء القرآن، وإنّي أخشى أن يستمرّ القتل بالقُرّاء في المواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)؟ قال عمر: هو والله خير. فلم يزل يراجعني حتّى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنّك شابّ عاقل، لا نتّهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فتتبّع القرآن فاجمعه ـ فو الله لو كلّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن ـ قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتّى شرح الله صدري للذي شرح به صدر أبي بكر وعمر. فتتبّعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الاَنصاري، لم أجدها مع غيره (لقد جاءكم رسول ... ) (التوبة 9: 128) حتّى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتّى توفّاه الله، ثمّ عند عمر حياته، ثمّ عند حفصة بنت عمر» (1).
____________
(1) صحيح البخاري 6: 314 | 8.
===============
2 ـ وعن زيد بن ثابت أيضاً، قال: «قُبِضَ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولم يكن القرآن جمع في شيء» (1).
3 ـ ورُوي «أنّ أوّل من سمّى المصحف مصحفاً حين جمعه ورتّبه أبو بكر ـ وفي رواية: سالم مولى أبي حذيفة (2) ـ وكان مفرّقاً في الاَكتاف والرقاع. فقال لاَصحابه: التمسوا له اسماً. فقال بعضهم: سمّوه إنجيلاً، فكرهوه. وقال بعضهم: سمّوه السفر، فكرهوه من يهود. فقال عبدالله بن مسعود: رأيتُ للحبشة كتاباً يدعونه المصحف، فسمّوه به» (3).
4 ـ وعن محمد بن سيرين: «قُتِل عمر ولم يجمع القرآن» (4).
5 ـ وعن الحسن: «أنّ عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان، فقُتِل يوم اليمامة، فقال: إنّا لله، وأمر بالقرآن فجمع، فكان أوّل من جمعه في المصحف» (5).
هذه طائفةٌ من الروايات الواردة بهذا الخصوص، والملاحظ أنّ شبهة القول بالتحريف التي ذكرناها في أوّل بحث جمع القرآن مبتنيةٌ على فرض صحّة أمثال هذه الروايات الواردة في كيفية جمع القرآن، والملاحظ أنّه
____________
(1) الاتقان 1: 202.
(2) الاتقان 1: 205.
(3) مستدرك الحاكم 3: 656، تهذيب تاريخ دمشق 4: 69، محاضرات الادباء مجلد 2 ج4 ص 433، فتح الباري 9: 13، تاريخ الخلفاء: 77، مآثر الانافة 1: 85، البرهان للزركشي 1: 281، التمهيد في علوم القرآن 1: 246، المصاحف: 11 ـ 14.
(4) طبقات ابن سعد 3: 211، تاريخ الخلفاء: 44.
(5) الاتقان 1: 204.
===============
لايمكن الاعتماد على شيءٍ منها، وقد اعترف محمد أبو زهرة بوجود رواياتٍ مدسوسةٍ فيها، والقارىء لهذه الروايات وسواها يتلمّس نقاط ضعفها على الوجه التالي:
1 ـ اضطراب هذه الروايات وتناقضها، فصريح بعضها أنّ جمع القرآن في مصحف كان في زمان أبي بكر، والكاتب زيد، وأنّ آخر براءة لم توجد إلاّ مع خزيمة بن ثابت، فقال أبو بكر: «اكتبوها، فإنّ رسول الله قد جعل شهادته بشهادة رجلين» (1)، وظاهر بعض هذه الروايات أنّ الجمع كان في زمان عمر، وأنّ الآتي بالآيتين خزيمة بن ثابت، والشاهد معه عثمان، وفي حديث آخر: «جاء رجلٌ من الاَنصار وقال عمر: لا أسألك عليها بيّنة أبداً، كذلك كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)» (2). وفي غيره: فقال زيد: من يشهد معك؟ قال خزيمة: لا والله ما أدري. فقال عمر: أنا أشهد معه» (3). وظاهر بعض هذه الروايات أيضاً أنّ الجمع تأخّر إلى زمان عثمان بن عفان.
واضطربت الروايات في الذي تصدّى لمهمّة جمع القرآن زمن أبي بكر، ففي بعضها أنّه زيد بن ثابت، وفي أُخرى أنّه أبو بكر نفسه وإنّما طلب من زيد أن ينظر فيما جمعه من الكتب، ويظهر من غيرها أنّ المتصدّي هو زيد وعمر، وفي أُخرى أن نافع بن ظريب هو الذي كتب المصاحف لعمر» (4).
____________
(1) الاتقان 1: 206.
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) كنز العمال 2: ح 4397.
(3) كنز العمال 2: ح 4764.
(4) أُنظر منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 2: 43 ـ 52، وأُسد الغابة: ترجمة نافع بن ظريب.
===============
2 ـ لا تصحّ الرواية الثالثة؛ لاَنّ المصاحف واستحداث لفظها لم يكن في زمان أبي بكر، بل هي موجودة منذ زمان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، واستخدمت هذه المفردة لهذا المعنى، وهو القرآن الذي بين الدفّتين، منذ فجر الرسالة كما تقدّم بيانه، وتقول هذه الرواية أنّ كلمة (مصحف) حبشيّة، بل هي عربية أصيلة، ولسان الحبشة لم يكن عربياً، ثمّ إنّهم لماذا تحيّروا في تسمية كتاب الله وهو تعالى سمّاه في محكم التنزيل قرآناً وفرقاناً وكتاباً.
3 ـ الملاحظ أنّ هذه الروايات تؤكّد على أنّ جمع القرآن كان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وقد تقدّم بطلان ذلك؛ لاَنّه كان مؤلّفاً مجموعاً على عهده (صلى الله عليه واله وسلم) يقرأ بالمصاحف ويختم، وكان له كُتّاب مخصوصون يتولون كتابته وتأليفه بحضرة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وهو يشرف على أعمالهم بنفسه، وكان لدى الصحابة مصاحف كثيرة شُرّعت فيها بعض السنن، وكانوا يعرضون على الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ما عندهم باستمرار، وكان كثير من الصحابة قد جمعوا القرآن في حياته (صلى الله عليه واله وسلم).
4 ـ هذه الروايات مخالفة لما أجمع عليه المسلمون قاطبةً من أنّ القرآن لا طريق لاِثباته إلاّ التواتر، فإنّها تقول إنّ إثبات بعض آيات القرآن حين الجمع كان منحصراً بشهادة شاهدين أو بشهادة رجلٍ واحدٍ، ويلزم من هذا أن يثبت القرآن بخبر الواحد أيضاً، وهي دعوى خطيرةٌ لا ريب في بطلانها، إذ القطع بتواتر القرآن سببٌ للقطع بكذب هذه الروايات أجمع وبوجوب طرحها وإنكارها؛ لاَنّها تثبت القرآن بغير التواتر، وقد ثبت بطلان ذلك بإجماع المسلمين، فهذه الروايات باطلة مادامت تخالف ما هو ثابت بالضرورة.
===============
وإذا سلّمنا بصحة هذه الروايات، فإننا لا نشك في أنّ جمع زيد بن ثابت للمصحف كان خاصّاً للخليفة، لاَنّه لا يملك مصحفاً تاماً، لا لعموم المسلمين، لاَنّ الصحابة من ذوي المصاحف قد احتفظوا بمصاحفهم مع أنّها تختلف في ترتيبها عن المصحف الذي جمعه زيد، وكان أهل الاَمصار يقرأون بهذه المصاحف، فلو كان هذا المصحف عاماً لكلِّ المسلمين لماذا أمر أبو بكر زيداً وعُمَرَ بجمعه من اللخاف والعسب وصدور الرجال؟ وكان بإمكانه أخذه تاماً من عبدالله بن مسعود الذي كان يملي القرآن عن ظهر قلب في مسجد الكوفة، والذي قال عنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): «إذا أردتم أن تأخذوا القرآن رطباً كما أُنزل، فخذوه من ابن أُمّ عبد ـ أي من عبدالله بن مسعود ـ» (1) .. والذي يروي عنه أنّه قال عندما طلب منه تسليم مصحفه أيام عثمان: «أخذت من في رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) سبعين سورة، وإنّ زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب مع الغلمان» (2). .
وبإمكانه أن يأخذه تامّاً من الاِمام عليّ (عليه السلام) الذي استودعه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) القرآن، وطلب منه جمعه عقيب وفاته (صلى الله عليه واله وسلم)، فجمعه وجاء به إليهم، فلم يقبلوه منه (3)، وما من آيةٍ إلاّ وهي عنده بخطّ يده وإملاء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، قال أبو عبد الرحمن السلمي: «ما رأيت ابن أنثى أقرأ لكتاب الله تعالى من عليّ (عليه السلام)» (4).
وبإمكانه أن يأخذه من أُبي بن كعب الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
____________
(1) مستدرك الحاكم 3: 318، مجمع الزوائد 9: 287، مسند أحمد 1: 445.
(2) الاستيعاب 3: 993.
(3) الاحتجاج 1: 383، البحار 92: 40.
(4) الغدير 6: 308 عن مفتاح السعادة 1: 351، وطبقات القراء 1: 546.
===============
«أقرأهم أُبي بن كعب». أو قال: «أقرأ أُمّتي أُبي بن كعب» (1). أو يأخذه من الاَربعة الذين أمر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الناس بأخذ القرآن عنهم، وهم: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل (2)، وكانوا أحياءً عند الجمع، أو يأخذه من ابن عباس حبر الاَُمّة وترجمان القرآن بلا خلاف.
ولو سلّمنا أنّ جامع القرآن في مصحف هو أبو بكر في أيام خلافته، فلاينبغي الشكّ في أنّ كيفية الجمع المذكورة بثبوت القرآن بشهادة شاهدين مكذوبةٌ؛ لاَنّ جمع القرآن كان مستنداً إلى التواتر بين المسلمين، غاية الاَمر أنّ الجامع قد دوّن في المصحف ما كان محفوظاً في الصدور على نحو التواتر.
____________
(1) الاستيعاب 1: 49، أُسد الغابة 1: 49، الجامع الصحيح 5: 665، الجامع لاحكام القرآن 1: 82، مشكل الآثار 1: 350.
(2) صحيح البخاري 5: 117 | 294، مجمع الزوائد 9: 311.
__________
الى هنا انهي الاقتباس المذكور واعلق عليه قائلا:
هذه الروايات صريحة في ان جمع القرآن لم يكن بطريق التواتر!!!!!
ولكن مهما يكن فيمكن ان يقول بعضهم اذا كان جمع القرآن بشهادة رجلين اي بلا تواتر فما ادرانا ان ترتيب الايات في السور بحيث كل اية ترجع لسورتها او لمقامها وموضعها في السورة وفق ترتيبها الالهي هو بالتواتر. والنتجية تتبع اخس المقدمات.
طبعا جوابه يحتاج بحث ونظر ولكن تلميحات الاخوة المحاورين بالتحريف في الشيعة اصبحت في مكان يستدعي ان نضع هذا الاقتباس من روايات الجماعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 01:30 ص]ـ
الحمد لله على كل شيء---والحقيقة أنّ الأخ جمال لا " يخاطبكم" ولا يهتم بما " سطرتم"--- وهو واثق أنّ الحقيقة ليست عند " جنابكم "إنّما يخاطب أهله
ملخص دعوى الرافضة هو
# قوله («هؤلاء أهل بيتي») فهموا منها القصر ولا قصر في هذه الصياغة بدليل قوله تعالى ({إن هؤلاء ضيفي) فلا يعني أن لا ضيف له غيرهم
# فهموا من النص (أن أم سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله؟ ... فقال: " أنت على مكانك وأنتِ على خير) أنّها خرجت من كونها من أهل البيت مع أنّ الفهم الصحيح أنّها منهم للخيريّة التي وصفها بها نصّا---ولو كان كما يدّعون لا يعجزه التبيان
# يدّعون أن الآية مقحمة إقحاما بين آيات نساء النبّي وهذه دعوى باطلة كدعاويهم المتعلقة بالنقص الحاصل في سورة الأحزاب نفسها عمّا كانت عليه زمن النبّوة
هل تريد القول ان الاخ لؤي لايحاورنا ولايرى ما يكتب مخالفه وانما يرى ما يعتقده هو ولذا لايسمع ولايدري ما يقول الاخرون حقا كان ام باطلا؟!؟!
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 08:52 ص]ـ
لا نحتاج لقول الطباطبائي ولا غيره فكل كلام حول إقحام آية التطهير إقحاما داخل آيات نساء النبي كلام تافه لا قيمة له فدعك من إحالتنا إلى كلامه فلا ثقة لنا بمن يتهم الصحابة بأنّهم رتبوا الآيات كما يحلو لهم
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 11:53 ص]ـ
الأخ القاسم
بارك الله بك
نريد منك أن تعلم علم اليقين أننا نظل كاظمين الغيظ من تناولهم لأشخاصنا وتعرضهم لما نكتب مع أننا لا نذكرهم وهدفهم إجبارنا على حمل آرائهم وترك ما رجح عندنا من آراء علمائنا الأخيار----نحن نطلب وببساطة أن لا يتدخل أيّ منهم في مشاركة كتبناها بتعقيب ولا وصلة دعائية لموقعهم--فليس عندنا الوقت للدخول في مخاصمات
وللعلم ان الاخ لؤي فتح موضوعا ان ترتيب القرآن توقيفي
وانت رأيته فمن اوقفه على هذا الحال هل هو النبي:= ام غيره
صريح بحثه انهم بعض الصحابة
فهل يحرم مخالفتهم جدا حتى ترى ان كلام الطباطبائي تافه جدا حول الاقحام مع انه احتمله ان يكون بأمر النبي لحكمة خفية او غيره.
فإن شئت ان تبين لنا الحجة القاطعة لدفع شبهة من يزعم ان الايات ليست بالاطلاق مرتبة وفق الامر الالهي
نعم معظمها مرتبة بطريقة اعجازية وجدانية رائعة كما في السور القصار وغيرها والعظمة لله الذي تجلى في كتابه ولكن لا يبصرون
ملحوظة: حول الاقتباس اعلاه
لم اعرف رأيك من البداية انك تريد اذا اتهمت مخالفك في المذهب فلا يجوز له ان يرد عليك ;)
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 12:13 م]ـ
اين قال؟ رتبوه كما يحلو لهم
ارجوا الا تكون من اصحاب البهتان
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 12:53 م]ـ
علما اني انما وضعت الرابط المذكور للمنصفين من اهل العلم
ولم اعبأ اساسا بمن يخشى من النظر في حجج مخالفه اما لشدة بغضه او لضعف حجته
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 02:29 م]ـ
كلام لا يعبأ المفكرون بمثله---ولهم قرآن يعتبرونه منقوصا ورتبه الصحابة كما يشاءون بزعمهم--ولنا قرآننا الكامل المحفوظ---وعلى فكرة قرأت لهالكهم أكثر مما قرأت لأخيارنا فلم أجده خرج عن عبارات أخيارنا نقلا عنهم اللهم إلّا في الآيات التي يحرفونها عن معناها كآية (بلغ ما أنزل إليك من ربك)
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 04:30 م]ـ
المقصود بأهل البيت هنا هم زوجات النبي خاصة، وليس هناك ذكر لعلي أو زوجته أو ابنيه، والسياق كله فيهن، من قبل اّية التطهير ومن بعدها، وفيهن أنزلت الأيات، وبعد أن طلب الله منهن ما طلب جاء بالهدف من الأوامروهو تطهير زوجات النبي من الأرجاس والاّثام.
والله أعلم
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 07:57 ص]ـ
:::
(يُتْبَعُ)
(/)
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) صدق الله العظيم.
1) السياق القرآني دل بلا أدنى شك على ان المخاطب هو نساء النبي:=، وهو ظاهر لا عِوج فيه، منذ بداية الآية 28 وحتى بداية الآية 34. وبالنسبة لآية التطهير لم تأتي كآية مستقلة مما دل على أنها حقاً جزءً من نفس الآية التي وردت في سياقها ومطلعها خطاب لنساء النبي:=: وقرن ... ، وجاءت الآية التي تليها 34 مصدرة بخطاب لنساء النبي:= واذكرن .... ،وعليه يظهر للناظر في القرآن الكريم الذي أنزل على سيدنا محمد:= المحفوظ في الصدور قبل السطور، أكرر في الصدور قبل السطور، وقد قرأه سيدنا محمد:= في آخر عام قبل وفاته:= مرتين على جبريل الأمين، مما دل وأكد وبكل جلاء للعقلاء أن القرآن هو القرآن وهو عينه الذي نزل على محمد:=، ولا ننسى للحظة أن الله حفظه بنص القرآن -المثبت في قرآننا- {{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}}، فحفظ الله و:; allh وأعز وأدرى وأعلم بماسيؤول إليه المسلمون من خلاف ومن لأواء، أقول فحفظ الله كتابه قرآة وكتابة وترتيباً (سوره وآياته). وذلك كله من حفظه تعالى، ولو قال قائل لقد حفظ الله القران نصا لا ترتيباً، لترتب على هذا ضياع إعجاز القرآن، إذ أنه لوأبدلنا حرفا مكان حرف لضاع الإعجاز من القرآن، أو كلمة مكان كلمة، فكيف بآية مكان آية أخرى. وهذه عقيدتنا في القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بن يديه ولا من خلفه.
2) في تفسير الآية، وأول المفسرين في اعتقادنا هو من دعا له رسول الله:=:اللهم علمه التأويل. وهو ابن عباس رضي الله عنهما، وهما من آل البيت عليهم صلوات من الله وسلام. وهو حبر الأمة ونعم الترجمان للقرآن (ابن عباس) رضي الله عنهما. وقد عاصر النبي:=.
يقول ابن عباس في تفسير هذه الآية: إن أهل البيت المذكورين في الآية هُنَّ زوجات النبي:= خاصة. وقال بهذا التفسير كل من عكرمة وعطاء والكلبي ومقاتل وسعيد بن جبير
وقالوا المراد بالبيت بيت النبي:= ومساكن زوجاته لقوله تعالى {{واذكرن ما يتلى في بيوتكن}}.
أما الذين قالوا أن المقصود هم فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم صلوات من الله وسلام، فهم: أبو سعيد الخدري، ومجاهد، وقتادة. فحجتهم في ذلك أن الخطاب في الآية بما يصلح للذكور لا للإناث، وهو قوله {{عنكم وليطهركم}} ولو كان للنساء لقال: عنكن وليطهركن. والإجابة عليه: أن التذكير هنا باعتبار لفظ الأهل كما قال سبحانه {{أتعجبين من أمر الله * رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت}}. وكما يقول الرجل لصاحبه كيف أهلك؟ يريد زوجته أو زوجاته. فيقول هم بخير، ولا يقول هن بخير.
3) أما بالنسبة للأحاديث النبوية الشريفة، ففيها عدة روايا أذكر منها روايتين:
أ-- الرواية التي ذكرها الأخ جمال والتي، يقول فيها الحبيب محمد:= لأم سلمة، وأنت من أهل بيتي، وهذا الحديث ليدل دلالة قاطعة على أن نساء النبي:= من أهل بيته الشريف المطهر. أما حديث أنت إلى خير مرتين، فلا يفهم من هذا الجواب أن النبي:= وعدم إدخاله لأمنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، أنها ليست من أهل البيت. لا منطوقاً ولا دلالة.
ب-- أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في (سننه) عن واثلة بن الأسقع قال: ((جاء رسول الله:= إلى فاطمة، ومعه علي، وحسن، وحسين حتى دخل، فأدنى علياً وفاطمة، واجلسهما بين يديه، واجلس حسناً وحسيناً كل واحدِ منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه، وانا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
. وقال "اللهم هؤلاء اهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قلت يا رسول الله، وأنا من اهلك؟ قال: وأنت من أهلي. ". قال واثلة: إنه لأرجا ما أرجوه.)). والحديث له طرق في مسند أحمد.
فكيف بالحبيب محمد:= يُلحق واثلة بأهل البيت، وتخرجون أيها الشيعة أم المؤمنين أم سلمة من أهل البيت؟! وكما لا ننسى ان محمد:= قد ألحق سليمان الفارسي: r بآل البيت.
من كل ما سبق يظهر الحق. ولا زيادة لمزيد، اللهم إلا إذا اتخذ من إلهه هواه، واتبع ما تتلو الشياطين، شياطين الإنس والجن.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 09:07 م]ـ
سؤالي هو --هل يمكن لمفسر أن يخرج نساء النبي من كونهن من آل البيت مع أنّ الآيات تتحدث عنهن نصّا؟؟
(يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) الأحزاب
لقد وجدت لمفسّر دعوى غريبة مفادها أنّ الجملة القرآنيّة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) مقحمة إقحاما في سياق الآيات التي تتحدث عن نساء النبي
قال المفسّر (فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي و لا متصلة بها و إنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عند التأليف بعد الرحلة، و يؤيده أن آية «و قرن في بيوتكن» على انسجامها و اتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها،)
كل هذا التمحّل لأجل أن يخلص إلى القول (و بالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة و هم النبي و علي و فاطمة و الحسنان (عليه السلام) لا يطلق على غيرهم، و لو كان من أقربائه الأقربين و إن صح بحسب العرف العام إطلاقه عليهم.)
وكلامه هذا فيه ما فيه من اتهام للسياق القرآني بأنّه ألف إلى بعضه البعض اصطناعا لا وحيا---نعوذ بالله من مثل هذا الكلام
الحمد لله الذي اظهر الحق لأهله
فنفس الكاتب ينقل كلام المفسر ان وضعها امام انه بامر النبي ص او كان بعد الرحلة.
لكنه مع ذلك يقزل:" وكلامه هذا فيه ما فيه من اتهام للسياق القرآني بأنّه ألف إلى بعضه البعض اصطناعا لا وحيا---نعوذ بالله من مثل هذا الكلام "
فهل هذا بهتان واضح وافك عظيم واستغفال للقراء جميعا او انه من قلة النظر حتى لما يسطره ببنانه
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 09:15 م]ـ
حبيب
فقط أفهمني بعضا مما أنعم الله عليك ---ماذا يعني قول مفسركم (أو عند التأليف بعد الرحلة)؟؟
ـ[حبيب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 09:26 م]ـ
اما من ادعى نصوصية الاية الشريفة على كونها في حق نساء النبي فقط دون سواهن ولم يرد عليه احد هنا في حيث لايزعجهم هذا القول فهو راد على رسول الله صلى الله عليه واله الذي تواتر عنه حديث الكساء في اننهم اهل بيته خاصة وتواتر نزول الاية الشريفة في علي وفاطمة والحسين والحسن.
اولا: فيكون مورد النزول لمن يفقه قدرا متيقنا بلا ادنى شك.
نعم يبقى ظهور المفهوم الشامل لغير المذكورين.
ومن هنا فعلي وفاطمة وابناهما عليهم السلام هم القدر المتيقن بالاتفاق لمن امن بالكتاب والسنة وترك النصب والعناد , ويبقى الكلام في شمول الاية الشريفة لغيرهم.
ومن هنا قال القرطبي في تفسيره:" فسير القرطبي ج: 14 ص: 183
والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم
ثانيا: الظهور المدعى في المقام استفاده هؤلاء من السياق وهو بلاشك احد مقتضيا للظهور ولكنه ليس علة تامة للظهور في شئ. وكل ظهور لن يكون حجة مع اقترانه بما يوجب التشكيك المعتد به من قرينة متصلة او منفصلة.
وفي المقام القرائن المتصلة والمنفصلة لا تخفى على ذوي البصائر. فالعجب كل العجب لمن يعود فيتمسك بحجية ظهور السياق بعد هذا , وهل هو الا مصادرة على المطلوب.
اما شاهد ان ظهور الاية في الشمول لنساء النبي وبقية اقربائه مستفادا من السياق وانه مقتضي وليس علة تامة مما يعني انه لايؤثر اثره مع المانع فالتفت يا بصير , في كلام القرطبي حيث ذكر:" فسير القرطبي ج: 14 ص: 183
والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم وإنما قال ويطهركم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليا وحسنا وحسينا كان فيهم وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت لأن الآية فيهن والمخاطبة لهن يدل عليه سياق الكلام والله أعلم
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 09:43 م]ـ
معذرة يا حبيب
فأنت تشرّق وتغرّب دفاعا عن فكر متهالك لا قيمة له
# آل البيت هن أزواجه
# ألحق النصّ منه:= عليا وفاطمة والحسن والحسين--ولا داعي لكل هذه الزوبعات فلن تقنع أحدا هنا--فهنا ليست حسينيّة--هنا معقل من معاقل أهل السنّة فيه أسود أهل السنّة البررة
# الحقيقة نحن وأنتم على طرفي نقيض فلا حاجة لنا بكم ولا بكلامكم ولكم جمهوركم فأغرقوهم بما شئتم من ترّهاتكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 09:52 م]ـ
ثالثا: ام سلمة رضوان الله عليها وهي زوجة النبي وداخلة بلا شك في مفهوم اهل البيت العرفي وهي اعرف من كل المحاورين لم تكن عالمة انها فيهم ومنهم بل ولم تستظهر ذلك وانما كانت ترجوا فحسب. قبل ان ياتيها الجواب النبوي.
تفسير القرطبي ج: 14 ص: 183
وقال القشيري وقالت أم سلمة أدخلت رأسي في الكساء رجاء أنا منهم يا رسول الله قال نعم
رابعا: سياق القضية هو كالاتي:
فسير القرطبي ج: 14 ص: 183
والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم وإنما قال ويطهركم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليا وحسنا وحسينا كان فيهم وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت لأن الآية فيهن والمخاطبة لهن يدل عليه سياق الكلام والله أعلم أما أن أم سلمة قالت نزلت هذه الآية في بيتي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فدخل معهم تحت كساء خيبري وقال هؤلاء أهل بيتي قرأ الآية وقال اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة وأنا معهم يا رسول الله قال أنت على مكانك وأنت على خير أخرجه الترمذي وغيره وقال هذا حديث غريب وقال القشيري وقالت أم سلمة أدخلت رأسي في الكساء رجاء أنا منهم يا رسول الله قال نعم وقال الثعلبي هم بنو هاشم فهذا يدل على أن البيت يراد به بيت النسب فيكون العباس وأعمامه وبنو أهمامه منهم وروي نحوه عن زيد بن أرقم رضي الله عنهم أجمعين
انتهى
وكما يرى الناظر ان الاية نزلت في بيت زوجة نبي ويدعي القوم انها داخلة في مفهوم اهل البيت المذكور في الاية.
اقول فهل نسيها نبي الله؟!؟!؟! حيث لم يدعها ولم يدعو لها كما دعى لعلي وفاطمة والحسنين؟!؟!؟
الا ترى ان الاية نزلت في بيت زوجة لنبي هي بلا شك عظيمة عند الشيعة - لكي تتهمونا في غيرها لو نزلت في بيتها - ان الاية نزلت فدعى النبي عليا وفاطمة والحسنين -وترك ام سلمة - ثم لف الكساء عليهم وهو فيهم قائلا اللهم هؤلاء اهل بيتي مع ان ام سلمة لا تبعد عنهم الا خطوات وهي سامعة لهم وبمرئى منهم ومن النبي ولم يدعها فتحقق قصر المفهوم على الخاص منه.
اما حينما سالته هل انا منكم ولم تقل وهل الزوجات منكم - يعني فهمت ان القدر المتيقن هو فيهم دونها ودون غيرهم - سألت هل انا معكم اي من اهل البيت المخصوص الذكر في الاية؟ ولو كانت منهم لما سألت لان الواضح او الظاهر لايسأل عنه يا قوم يا عقلاء؟!؟
ولم يجبها النبي انها نعم من اهل البيت بل قال انك على خير , فلو كانت منهم الم يكن الجواب الانسب او المناسب ان يقول نعم انت منا او من اهل البيت , مع انه اذا كانت كذلك لم لم يدعها من اول الامر فالقرينة موجودة وانما كانت ترجو فحسب رضوان الله عليها وهو يدل بلا شك على فهمها وهي افهم من المحاورين المحترمين هنا وممن ادخلها مستظهرا ذلك من مجرد السياق ,
وتركوا سياق العمل الخارجي من دعوة النبي الاسماء المذكورة والاية نزلت في بيتها ولم تنزل في بيوت علي وفاطمة فدعاهم اي ادخلهم هذا البيت ولم يدخل ام سلمة زوجته فيهم بل لف هؤلاء دونها في شملة شملته واياهم وقال اللهم هؤلاء اهل بيتي ودعا الله ان يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا فهؤلاء اسم الاشارة اقتصر على فئة دون غيرها كانت حاضرة وكان بوسعه من اول الامر ان يشير لها ايضا. وكل هذا وهي تشهد وترى وتسمع وهم يعلمون بحضورها بل هم في بيتها وهي زوجة النبي فلم يدعها حتى احدهم فضلا عن النبي , فأي سياق اعظم من هذا السياق يا عقلاء حتى يحتج القرطبي بالسياق في الاية , هذا فضلا عمن يكاد يفهم بعض كلامه ممن جاء بعده!!
اما التأويل الذي نقله احدهم هنا عن معنى انك على خير فهو مجرد تاويل تبرعي لا شاهد له بل الشاهد على خلافه والسياق الذي سقناه من لب القضية وبطن الحدث اصدق منهم ومن تاويلاتهم.
هذا وكل من نقل الرواية الشريفة من زوجات النبي وغيرهن لم يتجرأ القول انه او هن مشمول للاية ولا سمعنا احدا غير ال محمد من علي وفاطمة والحسنين احتج على سواه او فخر انه من اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا حيث هو بلا شك فضل اعظم , ترنوا اليه الاعناق وتسمو له القلوب.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:03 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
؟ ولو كانت منهم لما سألت لان الواضح او الظاهر لايسأل عنه يا قوم يا عقلاء؟!؟
.
الحمد لله على أننا عقلاء لا نلوي أعناق النصوص ولا نسعى لإخراج نساء النبي من كونهن من آل البيت مع أنّ الآية في حقّهن----كل هذا لأجل كراهيتكم لعائشة أمّ المؤمنين تريدون إخراج كافة نسائه من كونهن من آل البيت!!!!
مالكم كيف تحكمون يا عقلاء؟؟
ـ[حبيب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:05 م]ـ
والسياق هنا ليس بحد ذاته حجة قوية على الظهور ولو اغمضنا النظر عن هذا فيقال:
ان هناك قرائن داخلية في نفس اللفظ تفيد ان السياق في لفظ الفقرة المعنية من الاية الشريفة قد خرج من سياقه السابق وهو يقطع النظر عن السياق المحتج به في المقام من قبل المخالف فارجوا الالتفات لهذه النقطة للباحث المنصف.
ولو اغمضنا النظر عن هذا فإن اذهاب الرجس والتطهير بأعلى مراتبه مما يأبى دخول غير المنصوص عليه في الاحاديث , حيث انه لا يدعي احد ان ازواج النبي -رغم ما لديهن من مقام كبير- قد اذهب الله عنهن الرجس مطلقا كما ظهر الاذهاب المذكور من الاية كما انه لم يدع احد انهن رضوان الله عليهن قد طهرن كل التطهير مع ان الارادة الالهية هنا حتمية فلا راد لامره جلت قدرته.
وهذا يضعف حجة السياق والتي هي كل ما لدى القوم فاكرر رجائي من الباحث المنصف الالتفات له.
ولو اغمضنا النظر ايضا عن هذا فلا يمكن البناء على حجية السياق التي هي اساسا ليست حجة ناطقة وما لم يكن كذلك فهو اضعف انحاء الحجج , فضلا عن مثل الكتاب العزيز الذي لا يستغرب فيه الخروج عن السياق (يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك)
هذا ونحن لم نخرج بعد الى القرائن الخارجية من الاحاديث المفسرة.
فإنما يحتج بالسياق بعد الفراغ عن كونه حجة لايعترضها شئ والحال انها حجة قاصرة لو تنزلنا فهي تفيد ظهورا غير مستقر , وعليه فحتى لو فرضنا جدلا ان الاحاديث الشريفة ليست في مقام الحصر والقصر على فئة معينة فهو مما لايركن له في المقام ضرورة الفراغ عن كون السياق المحتج به من قبل المخالف حجة تامة وظهوره مستقر , فنكون في حاجة عندئذ الى ما يدعم هذا الاستقرار او ما يرفع اليد عنه او عن عمومه عند معارضته بالاحاديث المفسرة التي لاشك في وجود قصر فيها من خلال قرائن عديدة ليست كلمة هؤلاء بأفضلها واعظمها.
اقول ياليت القوم هنا يقرؤون وهل ما أتيت به الا هو فهم من كلام امثا ل القرطبي الذي لم يفهمه اتباع مدرسته
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:08 م]ـ
الحمد لله على أننا عقلاء لا نلوي أعناق النصوص ولا نسعى لإخراج نساء النبي من كونهن من آل البيت مع أنّ الآية في حقّهن----كل هذا لأجل كراهيتكم لعائشة أمّ المؤمنين تريدون إخراج كافة نسائه من كونهن من آل البيت!!!!
مالكم كيف تحكمون يا عقلاء؟؟
الحمد لله على أنني لست رافضيا
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:29 م]ـ
:::
خالف هذا الموضوع قانون المنتدى لذا سنضطر لإغلاقه
* ألا تتعارض المقالات المنشورة هنا مع مبادئ الدين الإسلامي وأحكامه ومعتقدات أهل السنة والجماعة.
* ألا تستهدف المقالات المنشورة إثارة النعرات الطائفية أو التعصب الديني أو النقاشات الدينية الساخنة أو إهانة معتقدات الأشخاص الآخرين.
نرجو المعذرة(/)
فصرهن؟!
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 05:25 ص]ـ
:::
زعم البعض في تفسيره لقوله تعالى: {فَخُذْ أربعةً من الطير فًصُرهن إليكُ ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادْعُهُنَّ يأتينك سعياً، واعلم أنَّ الله عزيز حكيم} البقرة: 260. أنه لا دليل في هذه الآية على أن سيدنا ابراهيم عيه السلام قد قَطَّعَ الطير، وأن معنى كلمة صرهن: أي اجمعهن إليك. فما رأيكم دام فضلكم؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 11:29 ص]ـ
التفسير الذي ذكرته هو تفسير القاديانية--والقاديانية فئة كافرة --تدّعي نبوة ميرزا غلام محمد---
أمّا بالنسبة لتفسيرهم فهو تافه جدا
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
---لأنّ إبراهيم عليه السلام طلب من الله عز وجل أن يريه كيف يحيي الله الموتى---فهل يعقل أن تكون إجابة الله له بأن يأخذ أربعة من الطير كاملة غير مذبوحة ومقطعة ثم يقوم بتوزيعها حيّة كاملة على الجبال ثمّ يدعوها فتطير إليه؟؟
أي كيفية إحياء في هذا الجواب المزعوم؟؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 - 10 - 2005, 11:12 م]ـ
ورد في كتاب "براءة الملّة الإسلامية من افتراءات وأضاليل الفرقة الأحمدية القاديانيّة"
(ومن بدعهم الإلحادية أنهم سعوا في تفسيرهم إلى تفريغ معجزات الأنبياء من مضمونها متأسين في هذه الطريقة الالحاديه بسلفهم من الباطنية المجوس وغيرهم من الفرق الضالة ودعاة الفلسفة كما في قوله تعالى في طيور ابراهيم عليه السلام " فخد أربعة من اطير فصرهن اليك" فقالوا في تفسيرها ان قوله فصرهن بمعني فاضممهن اليك وأملهن اليك وعاملهن بتودد حتى تألفك ثم ضع على كل جبل منها جزءا ثم ادعها فتسرع اليك
كل هذا اللف والدوران منهم لانكار قضية احياء الموتى على الحقيقة فخالفوا بذلك ما جاء في لسان العرب فيما جاء عن صحابة رسول الله وفي مقدمتهم ترجمان القران ابن عباس رضي الله عنه كما ثبت ذلك عنه فيما رواه عنه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وغيرهم في قوله تعالى "فصرهن "قال فقطعهن)(/)
تنويع الزمن
ـ[ن والقلم]ــــــــ[12 - 10 - 2005, 12:51 م]ـ
قال تعالى: (وحَاقَ بآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ، النّارُ يُعْرَضُون عَلَيْها غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعةُ أدخلوا آل فِرْعَوْنَ أشَدَّ الْعَذاب)
هذه الآية تتحدث عن وقائع ماضية هي غرق آل فرعون , ويتحدث بعد ذلك عن وقائع حاضرة وهي النار التي يعرضون عليها في البرزخ , ثم يتحدث عن وقائع مستقبلية وهي إدخال آل فرعون أشد العذاب. وبهذا يكون النص قد توكّأ على الزمن حسب تسلسله (الماضي) (الحاضر) (المستقبل). وهذا ما يسمى بتنويع الزمن.
والمقصود من تنويع الزمن: هو صياغته في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. ولا شك، أنّ الأصل في الأشياء أن تسرد حسب تسلسلها الزمني فتبدأ من الماضي وتمر بالحاضر وتتّجه إلى المستقبل.
بيد ان النص الذي يستهدف الى توصيل فكرة خاصة الى المتلقي لا يخضع فكرته إلى التسلسل الزمني بالضرورة، بقدر ما يخضعها إلى متطلبات الفكرة ذاتها , كما في ذكر قصص موسى عليه السلام من حيث تقديم الزمن وتأخيره حسب الهدف الفكري للنص .. وهذا يعني أنّ الماضي والحاضر والمستقبل يفقد تسلسله الموضوعي، وتتلاشى الحدود بين أزمنته، وتقطع إلى وصلات تنتقل من (الحاضر) إلى (الماضي)، أو من (المستقبل) إلى (الحاضر)، أو من (الماضي) إلى (المستقبل) إلى (الحاضر)، وهكذا…
ويمكننا أن نجد في النموذج الآتي وهو سورة (النازعات) أمثلة واضحة للتقطيع الزمني.
السورة هكذا تبدأ:
الحاضر (والنازعات غرقا… إلى آخره) ثم تتّجه إلى:
المستقبل (يوم ترجف الرّاجفة… إلى آخره) ثم ترتدّ إلى:
الحاضر (يقولون: أإنّا … إلى آخره) ثم تتّجه إلى:
المستقبل (فإنّما هي زجرة واحدة … إلى آخره) ثم ترتدّ إلى:
الماضي (هل أتاك حديث…إلى آخره) ثم تتّجه إلى:
الحاضر (أأنتم اشدّ خلقاً…) ثم ترتدّ إلى:
الماضي (أمْ السّماءُ بناها…) ثم تتّجه إلى:
المستقبل (فإذا جاءت الطامة…) ثم ترتدّ إلى:
الحاضر (فأمّا من طغى…) ثم تتّجه إلى:
المستقبل (فإنّ الجحيم هي المأوى…) ثم ترجع إلى:
الحاضر (وأمّا من خاف مقامَ ربّه…) ثم تتّجه إلى:
المستقبل (فإنّ الجنة هي المأوى…) ثم تتّجه إلى:
الحاضر (يسألونك عن الساعة…) ثم تتّجه إلى:
المستقبل (كأنّهم يوم يرونها…)
وتختم السورة به، حيث نجد أنّ النقلات بين الأزمنة الثلاثة قد بلغت عدداً كبيراً يلفت الانتباه، دون أدنى شك. وكل ذلك يتمّ بطبيعة الحال بحسب ما يتطلّبه الزمان النفسي للقارئ. فالسورة بدأت بالحديث عن موقف حاضر هو (حركة الملائكة: النازعات) لِلَفْتِ نظرنا إلى أهمية هذه الحركة التي تنشط لقبض الأرواح ثم عبرته إلى المستقبل (يوم ترجف الراجفة) … وهذه النقلة خاضعة للزمن الموضوعي (حاضر ـ مستقبل)، ولكنّها عادت إلى (الحاضر) لتنقل لنا استجابة أو موقف المشكّكين باليوم الآخر، ثمّ اتّجهت إلى المستقبل لتشير إلى أنّها زجرة واحدة تفاجئ القوم، ثمّ قامت بعملية تذكير بوقائع (ماضية) هي قضية موسى مع فرعون ونهايته لتكون عبرة للمشكّكين، ثم ربطت بين الحاضر وبين الماضي من خلال مقارنتها بين خلق هؤلاء وبين خلق السماء التي هي أشدّ إبداعا… وهكذا، نجد أنّ النقلات الزمانية فرضتها طبيعة الزمان النفسي للمشكّكين أو الزمان النفسي للقارئ الذي يستهدف النص توصيل هذه الفكرة إليه لتعديل سلوكه…(/)
وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 - 10 - 2005, 06:49 م]ـ
:::
قوله تعالى (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112 النساء
الخطيئة ما هي؟
وهل الخطيئة هي الإثم؟
وإن كانت كذلك فلم ذكر الأثم بعد ذكره للخطيئة؟
بانتظاركم
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 01:32 ص]ـ
(وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112 النساء
قيل: هما بمعنى واحد كرر للتأكيد. (وهذا الرأي أستبعده إذ لا يوجد في القرآن تكرار، فكل كلمة وضعت لمعنى يخصها ولا يمكن لنا حتى لو أدرنا ألسنتنا على لسان العرب، على أن نأتي بكلمة توضع مكانها لم وجدنا إلى ذلك سبيلا. وحتى الحرف فلا ياتي حرف مكان حرف. والموضع ليس موضع بسط وبحث).
وقال الطبري: إن الخطيئة تكون عن عمدٍ وعن غير عمدٍ، والإثم لا يكون إلا عن عمد.
وقال الزمخشري: الخطيئة: الصغيرة، والإثم: الكبيرة.
وجمع بين التفسيرين البيضاوي: الخطيئة: صغيرة أو ما لاعمد فيه. والإثم: كبيرة أو ما كان عن عمد.
وقال النسفي: خطيئة: صغيرة أو ذنب بينه وبين ربه. إثما: كبيرة أو ذنب في مظالم العباد.
وعند أبي هلال العسكري في كتاب الفروق اللغوية: أن الخطيئة قد تكون من غير تعمد، ولا يكون الإثم إلا تعمداً، ثم كثر ذلك حتى سميت الذنوب كلها خطايا، كما سميت إسرافاً، وأصل الإسراف مجاوزة الحد في الشيء.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 03:17 ص]ـ
بارك الله في كاتب هذا الموضوع ..
وجازى الله المعقّب عليه خيراً ..
ولعلّي أضيف بعض ما يسّره الله لي على ما قيل، لتعمّ الفائدة في بيان الفرق اللغوي بين الخطيئة والإثم ..
فأقول وبالله التوفيق إن الإثم قد ورد له تعريف جامع في السُنّة الشريفة .. فعن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِرّ والإثم، فقال: البِرّ حُسن الخُلُق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطّلع عليه الناس (التاج الجامع للأصول، ج5، ص3).
فالإثم بناء على الحديث يحمل إحدى صورتين:
الأولى: التخطيط والتدبير لأفعال السوء.
الثانية: اقتراف المنكر وكتمان ذلك عن الناس، وخشية المرء أن يطّلع على سرّه أحد.
ومن هنا فإن الإثم يسبّب الضرر لمقترفه وللأمّة جميعاً ..
والضرر قد يصل إلى المرض الخطير ..
وقد قيل في تفسير قوله تعالى: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا " (البقرة: 219)، أن الإثم هو الضرر.
وقيل في معناه أيضاً – فيما رُوي عن ثعلب: كانوا إذا قامروا فقمروا أطعموا منه وتصدّقوا، فالإطعام والصدقة منفعة، والإثم القمار وهو أن يهلك الرجل ويذهب ماله. وليس أشدّ ضرراً من أن يهلك رجل ويذهب ماله نتيجة اقترافه عملاً ما.
وآيات القرآن الكريم تبيّن أن الإثم بهذا المعنى أوسع من الخطيئة ..
فالخطيئة هي الفعل الخاطيء الذي يقترفه الإنسان، وهي غالباً ما يندم عليها ويتمنّى ألا يعود إليها، وهي ليست في خطورة الإثم وفي تأثيره على المجتمع ككل ..
قال صاحب الأشباه والنظائر: ورد تفسير الإثم على خمسة وجوه: فوجه منها الإثم يعني الشرك، والوجه الثاني الإثم يعني المعصية، والوجه الثالث الإثم يعني الذنب، والوجه الرابع الإثم يعني الزنا، والوجه الخامس الإثم يعني الخطأ. ومن هذا النصّ يظهر أن الخطأ هو بعض الإثم. وأن دائرة الإثم تتّسع لتشمل الكبائر.
والواقع أن آيات القرآن الكريم ربطت بين الإثم والكبائر العديدة، مما يدلّ على أنه عمل منكر، وتصرّف بعيد عن الصواب ..
قال تعالى في وصف عباد الرحمن: " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا " (الفرقان: 68 - 69).
ولا شكّ أن الشرك بالله وقتل النفس والزنا من أشدّ المنكرات وأكبر الكبائر.
وقال تعالى: " وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة: 188).
وهو أكل مال اليتامى.
وقال تعالى: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ " (المجادلة: 8)
وقال تعالى: " انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا " (النساء: 50)
وفي خطأ من يكتم شهادة الحق، قال تعالى: " وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " (البقرة: 283).
وكتمان شهادة الحق هو في الحقيقة شهادة زور، لأن عدم التصريح بالحق هو نشر للباطل والكذب ..
فكل تلك الآيات تبيّن إلى أي حدّ يسبّب الإثم ضرراً في الحياة الإنسانية.
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 04:55 ص]ـ
قلتما فأجدتما---
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 11 - 2005, 07:35 م]ـ
ما رأي الأخوة في هذا القول--
الخطيئة هي الذنب الذي لا يتعدّى صاحبه كشرب الخمر--والإثم هو الذنب الذي يتعدّى صاحبه كالقتل
(وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 11 - 2005, 01:07 ص]ـ
ما رأي الأخوة في هذا القول--
الخطيئة هي الذنب الذي لا يتعدّى صاحبه كشرب الخمر--والإثم هو الذنب الذي يتعدّى صاحبه كالقتل
(وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)
ولكن شارب الخمر قد يتعدّى ضرره للمحيطين به ..
فهو يسبّب ضرراً لنفسه .. ويلحق الأذى بمن حوله ..
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 11 - 2005, 06:06 ص]ـ
أخي لؤي
فما قولك بشارب خمر معزول؟؟
أو شارب قليل منه؟؟
أو شارب خمر هادىء فتزيده سكونا؟؟
على غلبة الظنّ شارب الخمر لا يتعدى ذنبه نفسه---ومع ذلك يمكن لك أن تنسى المثال وتوجّه لي كلامي الوجهة السليمة فما عهدت ذلك إلّا عندك
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 11 - 2005, 01:01 ص]ـ
الأخ الحبيب جمال ..
يقول تعالى جدّه: " يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ " (الطور: 23).
والكلام في الآية عن الخمر التي يشربها المؤمنون في الجنة. فيخبر الله تعالى أنهم يشربون الخمر من كأس، وهذه الخمر التي يشربونها ليس فيها لغو ولا تأثيم. واللغو هو الكلام التافه الساقط، والتأثيم هو مصدر الفعل الرباعي "أثَّمَ"، تقول: أثَّمَ يُؤثِّمُ تأثيماً، وهو الكلام المحرّم الذي يوقع في الإثم ويقود إلى العذاب.
وإذا كان اللغو والتأثيم منفيان عن خمر الجنة، فهما بالتأكيد ملازمان لخمر الدنيا، وهذا ما تشير إليه هذه الآية وغيرها .. فعندما يجلس أناس يشربون الخمر، وعندما تدور الخمر برؤوسهم وتذهب بعقولهم، فإنهم يتكلمون باللغو والفحش والمنكر والحرام، ويقعون في الإثم، ويتعرّضون للعقاب والعذاب. وحتى إن افترضنا أن شخصاً شرب الخمر لوحده، فمن أين لنا أين ستجرّه قدماه، وما ستحضر يداه، إذا ما أذهبت الخمر عقله؟
فخمر الدنيا تسبّب الإثم وتقود إليه. وخمر الجنة منزّهة عن هذا فإنها لا توقع شاربيها في لغو ولا إثم.
والله أعلم ..(/)
التكرار في القرآن
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 01:43 ص]ـ
الرحمن
قال تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
تكررت هذه الآية في سورة الرحمن كثيرا.
السؤال كم تكررت الآية؟ وما سبب تكررها؟ وهل أنت مع وجود التكرار في القرآن؟ ولماذا؟
وخير البر عاجل.
ـ[أم العلماء]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 08:54 م]ـ
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=32&book=1912
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 10:33 م]ـ
تكررت سبع عشرة مرة
أمّا بالنسبة للموقف من التكرار فأنقل لك ما يلي
(التكرار--فضل حسن عباس ( http://www.balagh.com/mosoa/quran/qz0wqbos.htm)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 01:44 ص]ـ
المعذرة .. أخي جمال ..
ولكن قوله تعالى: " فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ "، تكرّر في سورة الرحمن (31) مرة.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 03:07 ص]ـ
الأخ لؤي
النكتة أنني عندما وضعت كلمة آلاء نتج عندي ما أخبرتكم به في صفحة-- ولكسلي لم أفتح على الصفحة التي تليها
المجموع عند الموقع المستخدم إحدى وثلاثين فمعذرة
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 01:54 م]ـ
أخواني الأعزاء أنا أعلم عدد تكرارها، وأعلم موقف فضل حسن عباس من التكرار من القرآن، ولكني سؤالي محدد:
لماذا تكررت هذه الآية 31 مرة؟
وخير البر عاجل.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 05:12 م]ـ
لا أرى وجود أي مغزى دلالي للعدد إحدى وثلاثين
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 02:40 ص]ـ
أخي جمال لست ممن يؤمنون بترهات ما يسمى الإعجاز العددي.
وشكرا
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 03:03 ص]ـ
الأخ موسى - حفظه الله ..
وما المانع من أن تكون هناك حكمة في الأعداد الواردة في كتاب الله؟
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 08:00 ص]ـ
أخي لؤي
إت تحميل القرآن ما لايحمل خطأ، والقرآن والحمد لله لفظ عربي مبين، فصيح بليغ من أعلى طبقة، والقرآن ليس بحاجة في كل يوم إلى دعامة تسنده لئلا ينهار والعياذ بالله وحاشاه من ذلك فهو كلام رب العالمين، فمن الخطأ البحث كل يوم عن تفسيرات وتأويلات عددية وأخرى علمية وغيرها؛ لأن هذه الأمور قد تتفق في آية أو أكثر، ولكنها لا تشمل القرآن كله وهذا ما أوضحه السلف الصالح من فحول العلماء. لذا فإننا نكتفي بما ساقه الأوائل إلينا من أعجازه اللغوي والبياني والبلاغي.
أما باقي النواحي التي يتراءى للبعض أنها إعجاز فقد نستأنس بها مجرد استئناس ليس إلا، وإهمالها أولى والتدقيق في إعجازه البلاغي أولى وأفضل. ولا سيما أن الخطأ أساس في تلك الطرق الأخرى. وجعل القرآن مستندا إليه فيه كل الخطأ.
والله أعلم
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 08:00 ص]ـ
أخي لؤي
إن تحميل القرآن ما لايحمل خطأ، والقرآن والحمد لله لفظ عربي مبين، فصيح بليغ من أعلى طبقة، والقرآن ليس بحاجة في كل يوم إلى دعامة تسنده لئلا ينهار والعياذ بالله وحاشاه من ذلك فهو كلام رب العالمين، فمن الخطأ البحث كل يوم عن تفسيرات وتأويلات عددية وأخرى علمية وغيرها؛ لأن هذه الأمور قد تتفق في آية أو أكثر، ولكنها لا تشمل القرآن كله وهذا ما أوضحه السلف الصالح من فحول العلماء. لذا فإننا نكتفي بما ساقه الأوائل إلينا من أعجازه اللغوي والبياني والبلاغي.
أما باقي النواحي التي يتراءى للبعض أنها إعجاز فقد نستأنس بها مجرد استئناس ليس إلا، وإهمالها أولى والتدقيق في إعجازه البلاغي أولى وأفضل. ولا سيما أن الخطأ أساس في تلك الطرق الأخرى. وجعل القرآن مستندا إليه فيه كل الخطأ.
والله أعلم(/)
بلاغة الإشارة بين النظرية والتطبيق
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 03:24 م]ـ
بلاغة الإشارة
بين النظرية والتطبيق
للدكتور
سعيد أحمد جمعة
أستاذ البلاغة والنقد المساعد في كلية اللغة العربية
فرع جامعة الأزهر بالمنوفية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي وهب إبراهيم "علي الكبر" إسماعيل وإسحاق، إن ربي لسميع الدعاء ,وأصلي
وأسلم علي المبعوث بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره الكافرون.
أما بعد
فإن الأصل المعتمد في البيان عن المراد هو اللفظ , والبلاغة العربية ما قامت إلا علي الكلام، وآلة ذلك اللسان؛ ولذا كان كل نبي مبلغاً رسالة ربه – في المقام الأول – بلسانه،
ليتم البيان، ويكتمل الإفهام؛ فلا يكون عذر لمعتذر ...
يقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم:4)
[فمدار الأمر على البيان والتبيين, وعلى الإفهام والتفهيم, وكلما كان اللسان أبين كان أحمد] (1)
ولما كان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ذا عقدة في لسانه فصار لا يكاد يبين عن مراد الله – سبحانه – دعا ربه قائلاً: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طه:28,27)
فكانت الإجابة من رب العالمين: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طه:36).
وإذا كان اللفظ المنطوق قد حاز هذا القدر من الأهمية في البيان , فمما لا شك فيه أن هناك وسائل بيانية أخرى يعمد إليه البلغاء، ولها من القدر والأهمية ما يقارب قدر اللفظ، أو تساويه
وذلك كالبيان بالإشارة، والبيان بالخط، وبالعقد، وبالحال.
والذي يقلب في البيان العربي كله , نثره وشعره، يلحظ ذلك جيدا ً، وعلي رأس هذا البيان حديث النبي – صلي الله عليه وسلم –
حيث يلحظ حرص الرواة علي نقل ألفاظه وإشاراته وأحواله ..
تري الراوي مثلاً يقول:
قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – كذا – وأشار بإصبعيه، أو أشار إلي الأرض، أو وأشار إلي جهة كذا ...... إلخ.
وهذه النصوص التي حرص الرواة علي نقلها ليست من العبث , كما أنها ليست من النوافل في عالم البيان، بل إن لها دوراً فاعلاً في الدلالة وبلاغتها قد لا يقل عن دور الكلمة، لذلك نقلها الرواة كما هي.
ولأجل كل هذا:
يحاول هذا البحث الكشف عن بلاغة الإشارة في اللغة وبخاصة في بيان النبي – صلي الله عليه وسلم - .......
وهل يمكن الاكتفاء بها في البيان أو أنها تحتاج إلي وقوف اللفظ بجوارها؟
وفي أي الأساليب تكثر؟ وفي أي الأغراض تبرز؟
وهل من الممكن اصطناع بلاغة للإشارة , خاصة بها؟
هذا – وقد اختط البحث لنفسه منهجاً ذا شقين:
الأول: منهج نظري نقدي يقف عل الإشارة عند علماء البلاغة وكيفية تناولهم لها.
والآخر: منهج تحليلي موجز يصطفي من حديث – النبي صلي الله عليه وسلم – بعضاً منها
ليبين فيها قدرة الإشارة علي حمل المعاني البلاغية كالتشبيه والحذف والتعريف والطباق وغير ذلك.
ومن خلال المنهجين يحاول البحث الخلوص إلى هذه الدلالة – دلالة الإشارة – وأثرها في البلاغة العربية.
ولعلها تكون لبنة في بنيانها الشامخ.
أما خطة البحث:
فتبدأ بمقدمة تكشف عن موضوع البحث , ومنهجه، وخطته.
ثم تمهيد أعرض فيه لمعني الإشارة في اللغة العربية، ثم في القرآن الكريم.
من خلال عدة آيات قرآنية.
ثم فصلين ........ في الفصل الأول الإشارة في تراث العلماء وفيه مبحثان.
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ – وفيها:
1 - مصادر الدلالة عند الجاحظ.
2 - توافق اللفظ والإِشارة.
3 - موقف الجاحظ من هذه الدلالة.
4 - الإشارة أبعد بلاغاً من الصوت.
5 - هل الإشارة عيٌ؟
أما المبحث الثاني في الفصل الأول فهو: الإشارة بعد الجاحظ وفيها:
1 - الإشارة عند قدامة بن جعفر.
2 - الإشارة عند ابن رشيق وأبي هلال.
3 - الإشارة عند ابن حجة الحموي.
4 - الإشارة عند ابن أبي الإصبع.
5 - ثم وقفة علي ما سبق.
الفصل الثاني: بلاغة الإشارة في بيان النبي صلي الله عليه وسلم – في حديث مسلم وفيه:
1 - التوكيد بالإشارة.
2 - التعريف بالإشارة.
3 - دلالة الإشارة علي المحذوف.
4 - الاختصاص بالإشارة.
5 - دلالة الإشارة علي التشبيه.
6 - إخراج المعنوي في صورة المحسوس من خلال الإشارة.
7 - الطباق بالإشارة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم خاتمة – أوضح فيها بعضا مما كشف عنه البحث وبعضا من الوصايا , ثم الهوامش.
والله الهادي إلي سواء الصراط.
التمهيد
مفهوم الإشارة في اللغة العربية:
أصل الإشارة من قولهم: شار العسل يشوره شورا وشيارا وشيارة ومشارا ومشارة:
استخرجه من الوقبة واجتناه.
قال أبو عبيد: شرت العسل واشترته: اجتنته، وأخذته من موضعه (2).
وقالوا: شار الدابة يشورها شورا: إذا عرضها لتباع (3).
والشارة عند العرب والشورة: الهيئة واللباس (4).
ومنه الحديث " أن رجلا أتاه وعليه شارة حسنة " (5).
واستنادا إلي استعمال العرب يلاحظ أن أصول مادة " شار " تدل علي عدة معان منها:
[عرض الشيء , وإظهاره , والإيماء إليه]
ولهذا قالوا: رجل حسن الشارة حلو الإشارة ,وفلان صير شير: حسن الصورة والشارة (6)
ولما كان اللباس والهيئة عرَضَين يعرف الإنسان بهما.
قالوا: الشوار والشارة: اللباس والهيئة. قال زهير: من البسيط:
مقورة تتبارى لا شوار لها إلا القطوع علي الأكوار والورك (7).
وتتطور مادة " شور " التي تحمل في ثناياها معني إبداء الشيء وإظهاره وعرضه , من دلالة ظاهرية سطحية، تستند إلي هيئة الشيء إلي دلالة باطنه عميقة تعتمد علي ما في غور النفس؛ فتعبر عنها، وتحكي مضامينها عن طريق الإشارة.
جاء في حديث إسلام عمرو بن العاص: " فدخل أبو هريرة فتشايره الناس " أي: اشتهروه بأبصارهم , كأنه من الشارة وهي الهيئة " اللباس (8).
وترتقي الإشارة من البصر إلي الإصبع التي تحكي بإشارتها , وتعبر بحركتها فأسموها:
" المشيرة " قالوا:. وأومأ إليه بالمشيرة أي: بالإصبع السبابة (9).
-------
وتكتسب الإشارة آلية الكلام منذ عهود الإنسانية الأولي، أو ربما كانت مصاحبة له , وبناء عليه يظهر مصطلح الإشارة الذي يدل علي الكلام , قالت العرب: أشار الرجل يشير إشارة إذا أومأ بيديه (10).
والإيماءة تدل علي معني من أمر ونهي أو سواهما مما يقتضيه المقام.
وفي الحديث:" أنه – صلي الله عليه وسلم – كان يشير في الصلاة " أي: يوميء باليد والرأس ,
يعني: يأمر وينهي بالإشارة (11).
-------
ثم تتطور دلالة الإشارة حيث تقترن بالكلام، ويطلق علي الكلام إشارة , ولذلك سمّت العرب الخطبة (مشوارا) ولقد جاء عنهم " إياك والخطب فإنها مشوار كثير العثار " (12).
وتلتصق كثير من الدلالات بالأصابع فالعرب تقول: " ما فارقتك شبرا ولا فترا ولا عتبا ولا رتبا ولا بصما، - والبصم ما بين الخنصر والبنصر , والعامة تستخدمه الآن في إقرار الأمي علي العقد.
أما العتب والرتب فما بين الوسط والسبابة.
والفتر ما بين السبابة والإبهام.
والشبر ما بين الإبهام والخنصر.
والفوت بين كل إصبعين طولا (13).
وفي حديث النبي – صلي الله عليه وسلم – للرجل الذي كان يشير في الدعاء: أحّد أحّد .... أراد أن إشارته كلها مختلفة فما كان منها في ذكر التوحيد والتشهد فإنه كان يشير بالمسبحة وحدها , وما كان في غير ذلك كان يشير بكفة كلها ليكون بين الإشارتين فرق.
ومنه: إذا تحدث اتصل بها أي: وصل حديثه بإشارته تؤكده) (14).
وهذا الالتصاق بين الإشارة والمعاني له أصول قديمة يذكرها ابن جني فيقول في حديثة عن أصل اللغة وأن منها ما نشأ من المواضعة:
" فكأنهم جاءوا إلي واحد من بني آدم فأومئوا إليه، وقالوا: إنسان , إنسان , إنسان، فأي وقت سمع هذا اللفظ علم أن المراد به هذا الضرب من المخلوق.
وإن أرادوا سمة عينة، أو يده، أشاروا إلي ذلك , فقالوا: يد، عين، رأس ..... " (15)
وهذا يعني أن للإشارة صلة بالفطرة الإنسانية.
ولا يكاد الإنسان يستغني عنها، لأنها إن لم تكن وسيلة بيان فهي معينة عليه، ومنبهة إليه، يقول شمس الحق العظيم أبادي [دأب الوعاظ، والقصاصون أنهم يحركون أيديهم يميناً وشمالاً ينبهون السامعين علي الاستماع ..... ] (16).
وقد لحظ شراح الحديث النبوي هذا الأمر فجعلوا له باباً خاصاً فتراهم يقولون مثلاً " باب الإشارة في الخطبة ... وباب الرجل يشير بيده ... وباب رفع اليدين علي المنبر ... الخ.
كل ذلك دليل ساطع علي مكانة الإشارة في البيان العربي.
------------------------
الإشارة في بيان القرآن الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يرد ذكر للفظ الإشارة في القرآن الكريم إلا في موضع واحد، في سورة مريم.
وذلك قوله تعالي: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً) (مريم:29)
وكان الداعي إلي الإشارة هو التزام الأمر الصادر إليها من قبل، وذلك قوله تعالي (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) (مريم:26).
وقد ظن أهلها أنها تستهزئ بهم.
يقول القرطبي: " التزمت مريم عليها السلام –ما أمرت به من ترك الكلام، ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت بـ (إني نذرت للرحمن صوما) وإنما ورد أنها أشارت.
فيقوي بهذا القول من قال: إن أمرها بـ " قولي " إنما أريد به الإشارة، ويروي أنها لما أشارت إلي الطفل قالوا: استخفافها بنا أشد علينا من زناها، ثم قالوا لها علي جهة التقرير: (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) " (17).
ففهمهم الاستهزاء من إشارتها دليل علي أن للإشارة دلالات تفهم منها، ولذلك يضيف القرطبي رحمه الله ويقول: " الإشارة بمنزلة الكلام؛ وُتفهم ما يُفهم القول، وكيف لا، وقد أخبر الله تعالي عن مريم فقال: " فأشارت إليه "؟ وفهم منها القوم مقصودها وغرضها، فقالوا: " كيف نكلم .... إلخ " (18).
وقد ورد ذكر للإشارة في سورة آل عمران ,لكنها جاءت في صوره الرمز وذلك قوله تعالى
لزكريا عليه السلام: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) (آل عمران:41)
فقوله " إلا رمزا " أي: " إلا إشارة بيد أو رأس أو غيرهما " (19).
وأصل الرمز الحركة. يقال: ارتمز إذا تحرك.
ومنه قيل للبحر: الراموز ثم اختلفوا في المراد بالرمز ههنا علي أقوال:
الأول: أنه عبارة عن الإشارة كيف كانت؛ باليد , أو الرأس , أو الحاجب , أو العين , أو الشفة.
والثاني: أنه عبارة عن تحريك الشفتين باللفظ من غير نطق , وصوت.
قالوا: وحمل الرمز على هذا المعنى أولى؛ لأن الإشارة بالشفتين يمكن وقوعها بحيث تكون حركات الشفتين وقت الرمز مطابقة لحركاتها عند النطق فيكون الاستدلال بتلك الحركات على المعاني الذهنية أسهل.
الثالث: وهو انه كان يمكنه أن يتكلم بالكلام , وأما رفع الصوت بالكلام فكان ممنوعاً منه.
فإن قيل: الرمز ليس من جنس الكلام , فكيف استثني منه؟
قلنا: لما أدى ما هو مقصود من الكلام سمي كلاماً, ويجوز أيضاً أن يكون استثناءً منقطعاً , فاما إن حملنا الرمز على الكلام الخفي فإن الإشكال زائل] (20)
وقد ذهب القرطبي – رحمه الله –على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام حيث يقول: [في هذه الآية دليل على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام , وذلك موجود في كثير من نصوص السنة , وآكد الإشارات ما حكم به النبي – صلى الله عليه وسلم – في أمر السوداء حين قال لها: وأين الله؟
فأشارت برأسها إلى السماء.
فقال: إعتقها؛ فإنها مؤمنة.
فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة , الذي يحرز الدم والمال , وتُستحق به الجنة , وينجى به من النار , وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك , فيجب أن تكون الإشالاة عاملة في سائر الديانة , وهو قول عامة الفقهاء] (21)
ولقد تحدث القرآم الكريم عن الإشارة , وذكرها بلفظ الوحي , وذلك كما جاء في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11).
يقول الزمخشري – رحمه الله – [أوحى: أشار , ويشهد له: إلا رمزا] (22).
[ولا يجوز أن يكون المراد من قوله " أوحى إليهم " الكلام؛ لأن الكلام كان ممتنعاً عليه , فكان المراد غير الكلام , وهو أن يعرّفهم ذلك إما بالإشارة , أو برمز مخصوص , أو بكتابة؛ لأن كل ذلك يفهم منه المراد ....
واعلم أن الأشبه بالآية هو الإشارة لقوله تعالى: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) (آل عمران:41). والرمز لا يكون كناية للكلام] (23).
وعليه , فإن الإشارة في القرآن الكريم قد وردت تحت عدة أسماء:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: لفظها الصريح , كما في: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً)
الثاني: الرمز , كما في قوله تعالى: (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)
الثالث: الوحي , كما في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن ْسَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11).
وهذا الأخير هو ما نبه عليه قدامة بن جعفر في الكتاب المنسوب إليه – نقد النثر -, حيث عقد باباً بعنوان: باب من الوحي , وقال فيه: [وأما الوحي فإنه الإبانة عما في النفس بغير المشافهة , على أي معنى وقعت: من إيماء , ورسالة , وإشارة , ومكاتبة.
ولذلك قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى:51).
وهو على وجوه كثيرة , فمنه الإشارة باليد , والغمز بالحاجب , والإيماض بالعين , كما قال الشاعر:
وتوحي إليك باللحاظ سلامها ***** مخافة واش حاضر ورقيب (24).
فالوحي هنا هو الإشارة بالعين , وهذا يفتح الباب أمام الإشارة فلا يجعلها مقصورة على حركة اليد بل يندرج تحتها ألوان كثيرة من التعابير بأي جزء من أجزاء الجسد.
وهذا ينقلنا إلى البحث في تراث علمائنا عن هذه الدلالة , وكيف عبروا عنها , وهل لفظ [الإشارة] عندهم يحمل دلالة الحركة؟ لنر.
الفصل الأول
الإشارة في تراث العلماء
----------------------------
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ ت/ 255 هـ
يُعد الجاحظ أول من لفت الأنظار إلى هذا النوع من البيان , وحدّ حدوده , وفصل أنواعه , وقال فيه ما لم يُسبق إليه.
والعجيب في الأمر أن علماء البيان بعد الجاحظ أعرضوا عن هذه الدلالة , وانحرفوا بها عن طريقها الذي رسمه , والأعجب منه أن بعضهم عاب على المتكلم أن يستصحب مع اللفظ إشارة باليد , أو بغيرها , وظنوا أن في ذلك عجزاً وعياً عن البيان , وتقصيراً عن امتلاك اللفظ الحامل للمراد , مع أنه شيء مركوز في الفطرة , ولذلك يقول الجاحظ: [زعمت الأوائل أن الإنسان إنما قيل له: العالم الصغير , سليل العالم الكبير؛ لأنه يصور بيده كل صورة , ويحكي بفمه كل حكاية] (25).
فتصوير المعاني باليد فطرة فطر الله الناس عليها , عند إرادة التعبير عما في النفس , ولا يمكن أن تكون الفطرة عجزاً , بل هي عون للفظ , وموافقة له , بل لا بد من صحبتها حتى لا يلتبس الأمر عند المتلقي.
توافق اللفظ والإشارة:
يرى الجاحظ أن الإشارة منها الصواب , ومنها الخطأ , وأن ذلك مرجعه إلى توافق الإشارة مع اللفظ , أو تعارضها معه.
فإذا وافقت الإشارة اللفظ صارت صحيحة , وتم للمراد أركانه , وصار المعنى بليغاً , ووصل إلى القلب في صورة بهية.
أما إذا خالفت الإشارة اللفظ , فإن المعنى يكتنفه الغموض , ويلتبس على المتلقي المراد , ويأتيه المتكلم من الباب الخطأ , فيقع في اضطراب , ويظل المعنى مطموراً؛ لأن صاحبه لم يحسن إخراجه , والإعراب عنه؛ لما بين اللفظ والإشارة من تنافر , وذاك عيب أي عيب؟!
والجاحظ يقول: [إن المعاني مستورة خفية , وبعيدة وحشية , ومحجوبة مكنونة , وإنما تحيا تلك المعاني في ذكرهم لها , وإخبارهم عنها , واستعمالهم إياها.
وهذه الخصال هي التي تقربها من الفهم , وتجليها للعقل , وتجعل الخفي منها ظاهراً , والغائب شاهداً , والبعيد قريباً ....
وعلى قدر وضوح الدلالة , وصواب الإشارة – الحظ هذا – وحسن الاختصار , ودقة المدخل يكون إظهار المعنى .... ] (26).
ولقد نقل الجاحظ – رحمه الله – عن [اسحق بن حسان بن قومة أنه قال: لم يفسر البلاغة تفسير ابن المقفع أحد قط.
سئل: ما البلاغة؟
قال: اسم جامع لمعانٍ تجري في وجوه كثيرة , فمنها ما يكون في السكوت , ومنها ما يكون في الاستماع , ومنها ما يكون في الإشارة , ومنها ما يكون في الحديث] (27).
وهذا نص صريح في أن البلاغة تكون في الإشارة كما هي في الكلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا البحث لا ينكر أن الأصل في البيان هو اللفظ , ولكنه ينبه على الوسائل الأخرى , ومن أعلاها الإشارة , فهي وإن لم تكن تستقل - غالباً - بالدلالة , فهي عون للفظ في البيان , وإذا توارى اللفظ لسبب أو لآخر برزت هي لتنوب عنه ,لأنها رديفته ,وتالية له في تصوير المراد.
يقول الجاحظ: [والإشارة واللفظ شريكان , ونعم العون هي له , ونعم الترجمان هي عنه , وما أكثر ما تنوب عن اللفظ , وما تُغني عن الخط ..... ولولا الإشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص , ولجهلوا هذا الباب ألبتة] (28).
أعضاء الإشارة:
يقول الجاحظ: [فأما الإشارة فباليد , وبالرأس , وبالعين , وبالحاجب , والمنكب ..
وإذا تباعد الشخصان فبالثوب , وبالسيف] (29).
لكن التراث حمل لنا أمثلة كثيرة كانت العناية فيها بإشارة العين , ولعل السر في ذلك أن العين هي أسرع الأعضاء حركة , والأكثر دلالة , حتى نقل ابن حزم "رحمه الله " في كتابه (طوق الحمامة) ما تعارف عليه الناس في بيئة من إشارات العين , وعقد لذلك باباً اسمه:
باب الإشارة بالعين.
قال فيه: ثم يتلو التعريض بالقبول - إذا وقع القبول والموافقة - الإشارة بلحظ العين , وإنه ليقوم في هذا المعنى المقام المحمود , ويبلغ المبلغ العجيب , ويقطع به ويتواصل , ويوعد ويهدد, ويقبض ويبسط , ويؤمر وينهى , وتضرب به الوعود , وينبه على الرقيب , ويضحك ويحزن , ويسأل ويجاب , ويمنع ويعطى.
ولكل واحد من هذه المعاني ضرب من هيئة اللحظ, لا يوقف على تحديده إلا بالرؤية .. وأنا واصف ما تيسر من هذه المعاني:
فالإشارة بمؤخر العين الواحدة: نهي عن الأمر.
وتفتيرها: إعلام بالقبول.
وإدامة نظرها: دليل على التوجع والأسف.
وكسر نظرها: آية الفرح.
والإشارة إلى إطباقها: دليل على التهديد.
وقلب الحدقة إلى جهة ما , ثم صرفها بسرعة: تنبيه على مشار إليه.
والإشارة الخلفية بمؤخر العين: سؤال.
وقلب الحدقة من وسط العين إلى المؤق بسرعة: شاهد المنع.
وترعيد الحدقتين من وسط العينين: نهي عام.
وسائر ذلك لايدرك إلا بالمشاهدة.
ثم يقول: والحواس الأربع أبواب إلى القلب ... والعين أبلغها] (30)
ونيابة العين عن اللفظ أمر ثابت لاشك فيه , ولعل السبب في تواري اللفظ, وبروز الإشارة هو الخوف من النطق , أو عجز المبين عن الكلام , أو غير ذلك من الأسباب , وانظر مثلاً إلى قول الشاعر:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها إشارة مذعور ولم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحباً وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم
وقال آخر:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها وتعرف عيني ما به الوحي يرجع
وقال ثالث:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها من المحبة أو بغضاً إذا كانا
والعين تنطق والأفواه صامتة حتى ترى من ضمير القلب تبيانا
إن كل هذه الشواهد دامغة على أن هناك للحواس لغة معروفة بين الناس , ولذلك تسمع من يقول " لغة العيون , ولغة الأيدي , ولغة الحواجب , ولغة الشفاه .... إلخ
وهذه اللغات تعارف عليها الناس , وإن لم يكن لها قواعد , أو مفردات , ولكن يبقى الأهم وهو أنها لغة مفهومة.
الإشارة أبعد بلاغا ً من الصوت:
لا شك أن مدى الصوت - مهما كانت قوة صاحبه – مدى محدود , ولو أن رجلا وقف ليحدث آخر عن بعد لما فهم منه شيئاً, وهنا يبرز دور الإشارة؛ لأنها تصل حيث لا يصل الصوت , وتحمل المراد حيث يعجز اللفظ عن حمله.
ولقد جاء في الأمثال العربية قولهم: " رفع عقيرته " وهو مثل يضرب لمن صاح صياحاً شديداً حتى أسمع القاصي والداني , وهذا المثل لا صوت فيه , لكن فيه الحركة.
ومورد هذا المثل: أن رجلاً قطعت رجله فبلغ به الألم مبلغة فرفعها على يديه , وأخذ يصيح حتى أسمع الجميع.
والعرب حين أرادت أن تعبر عن هذا الأمر تركت الصوت الذي صاح به الرجل؛ لأنه مهما علا فلن يصل إلى تصوير شدة الألم الذي أحاط به , ولكنهم التقطوا هذه الحركة التي فعلها الرجل , وهي رفع القدم المقطوع , وجعلوها مضرباً للمثل في شدة رفع الصوت.
وحكمة العرب جعلتها تفطن إلى أن رفع العقيرة أبلغ في تصوير علو الصوت من غيره , فكان التعبير هنا بالإشارة بدلاً من اللفظ , ولذلك يقول الجاحظ:
(يُتْبَعُ)
(/)
[ومبلغ الإشارة أبعد من مبلغ الصوت , فهذا أيضاً باب تتقدم فيه الإشارة الصوت , والصوت هو آلة اللفظ , وهو الجوهر الذي يقوم به , وبه يوجد التأليف , ولن تكون حركات اللسان لفظاً ولا كلاماً موزوناً, ولا منثوراً إلا بظهور الصوت , ولا تكون الحروف كلاماً إلا بالتقطيع والتأليف] (32).
لكن مع هذا يقرر الجاحظ أن الإشارة من تمام اللفظ حيث يقول: [وحسن الإشارة باليد والرأس من تمام حسن البيان باللسان مع الذي يكون مع الإشارة من الدل والشكل , والتفتل والتثني , واستدعاء الشهوة , وغير ذلك من الأمور] (33)
ولعل ذلك كان سبباً في عدم وصف الإشارة بالبلاغة عند العلماء؛ لأنها لا تستقل بالبيان لمن يستطيع الكلام , أو أن يكون في لغة غير لغة العرب [كما قيل للهندي: ما البلاغة؟
قال: وضوح الدلالة , وانتهاز الفرصة , وحسن الإشارة] (34).
هل الإشارة عند الكلام عيّ:
يرى البعض أن الإشارة مع الكلام دليل العي , والعجز عن امتلاك اللفظ المعبر , وأن البليغ هو الذي يمتلك ناصية البيان , فإذا حرك يده , أو التفت بوجهه, أو غمز بعينه , أو نحو ذلك فإنما عجز عن اللفظ فاستدعى غيره ليفصح به عن مكنون صدره , وكان بعضهم يفاخر بأنه عند بيانه لا يحرك من جسده ساكناً , ولا يشغل سامعه بغير لفظه , ولذلك عدوا الإشارة عيباً وخروجاً عن دائرة البيان العالي.
أما البلاغة التامة عندهم فهي أنْ تحمّل اللفظ كل ما تريد , وأنت ساكن الجوارح ... [قال أبو الأشعث: لقيت صحيفة هندية فإذا فيها: أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة , وذلك أن يكون الخطيب رابط الجأش , ساكن الجوارح , قليل اللحظ متخيراًً اللفظ ...
وكان أبو شمر إذا نازع لم يحرك يديه , ولا منكبيه , ولم يقلب عينيه , ولم يحرك رأسه حتى كأن كلامه إنما يخرج من صدع صخرة.
وكان يقضي على صاحب الإشارة بالافتقار إلى ذلك , وبالعجز عن بلوغ إرادته , وكان يقول: ليس من المنطق أن نستعين عليه بغيره .... حتى كلّمه إبراهيم بن سيار النظام عند أيوب بن جعفر , فاضطره بالحجة , وبالزيادة في المسألة حتى حرك يديه , وحل حبوته , وحبا إليه حتى أخذ بيديه] (35)
وهكذا دلل الجاحظ على خطأ من ظن أن الإشارة عيّ , وأنها عجز عن الكلام , كما بين بعد ذلك أن من أكابر البلغاء من كان يُشير عند بيانه .. قال ثمامة بن الأشرس: كان جعفر بن يحيى أنطق الناس , قد جمع الهدوء والتمهل , والجزالة والحلاوة , وإفهاماً يغنيه عن الإعادة , ولو كان في الأرض ناطق يستغني بمنطقه عن الإشارة لاستغنى جعفر عن الإشارة , كما استغنى عن الإعادة] (36)
ويقول الجاحظ أيضاً عن ثمامة بن الأشرس
[وما علمت أنه كان في زمانه قروي , ولا بلدي كان بلغ من حسن الإفهام مع قلة الحروف ’ ولا من سهولة المخرج مع السلامة عن التكلف ما كان بلغه , وكان لفظه في وزن إشارته , ومعناه في طبقة لفظه , ولم يكن لفظه إلى سمعك بأسرع من معناه إلى قلبك] (37).
ولعل كل هذا تبيان على أن الإشارة ليست عياً, ولا نقصاً في المبين , بل هي من أدواته التي لا يستغني عنها , وإذا كان هؤلاء الذين استشهد بهم الجاحظ قد أشاروا عند بيانهم , فحسبنا أ ن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كثيراً ما أشار عند بيانه , وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا. ً
ومع أن الجاحظ قد فصل هذا التفصيل , وأعطى الإشارة حقها في عالم البيان , وجعلها إحدى وسائله , بل هي النائبة عن اللفظ , والكاشفة عن مقداره , والمؤكدة له , والمعربة عن المعاني الخاصة , أو خاصة الخاصة ...
أقول: على الرغم من هذا كله إلا أن اغلب من جاء بعده من علماء البيان وضعوا عنها هذا القدر , وجردوها من هذه المكانة , وأعادوها إلى اللفظ لتدور في فلكه , وصار مستقى دلالة الإشارة مأخوذاً من اللفظ , فتاهت الدلالة وانمحت معالمها , ولم نعد نفرق بينها وبين غيرها من الدلالات.
وأول من يلقانا على هذا الدرب صاحب أول أثر نقدي علمي مشهور: قدامة بن جعفر.
المبحث الثاني: الإشارة بعد الجاحظ:
أولاً: الإشارة عند قدامة بن جعفر ت 327 هـ:
لقد تحدث قدامه عن ائتلاف اللفظ والمعني ,وجعل من هذه الأنواع الإشارة، ثم عرفها فقال:
[الإشارة: أن يكون اللفظ القليل مشتملاً علي معاني كثيرة بإيماء إليها، أو لمحة تدل عليها ,
(يُتْبَعُ)
(/)
كما قال بعضهم، وقد وصف البلاغة فقال: [هي لمحة دالة] (38) وهذا التعريف يحوي ما يلي:
أولاً: أن مصدر الدلالة اللفظ وليس الإشارة - كما يري -.
ثانياً: أن دلالة هذا اللفظ القليل على المعنى دلالة اشتمال , أعني: أنها دلالة مفهومة, وليست منطوقة.
ثالثاً أن الإشارة تقوم بمساعدة اللفظ في تكوين الدلالة , لكنه عند استشهاده عمد إلى اللفظ ليأخذ منه دلالة الإشارة , وابتعد عن الحركة والإيحاء , ويقول مستشهداً على الإشارة:
فإن تهلك شنوءة أو تبدل فسيري إن في غسان خالا
لعزهم عززت وإن يذلوا فذلهم أنالك ما أنالا
ثم قال: [فينبه هذا الشعر على أن ألفاظه مع قصرها قد أشير بها إلى معان طوال , فمن ذلك: " تهلك أو تبدل " ... ومنه قوله: " إن في غسان خالا " ..... ومنه ما تحته معان كثيرة , وشرح , وهو قوله " أنالك ما أنالا ".] (39)
وقدامة بهذا التعليق يبعد عن دور الإشارة الحقيقية في تكوين المعنى , بل إن الشعر الذي استشهد به لا إشارة فيه , ولا ما يدل عليها من قريب أو بعيد , اللهم إلا إذا عددنا الكناية والرمز من قبيل الإشارة.
وظل قدامة -رحمه الله -يتابع شواهده , وجميعها تدور في فلك الإيجاز , أو الكناية , أو التمثيل , ولعل الذي دفع به إلى هذا العدول أنه معني ببيان دروب المعاني الشعرية , من حيث مساواتها مع اللفظ أو زيادتها عليه.
فلقد جعل الإشارة نوعاً من أنواع ائتلاف اللفظ مع المعنى ,وهذا الائتلاف قد يكون اللفظ فيه مساويا , أو زائداً عليه , كما هو الحال في باب الإشارة , وهذا يعني أنها عنده قسيم للمساواة.
ًومع أنه عند التعريف جعل مصدر ومستقى هذه الزيادة من الإشارة والإيماء واللمحة الدالة , إلا أنه عند الشرح , والتفصيل أعرض عن هذه اللمحة , وذاك الإيماء , وحصر شواهده في اللفظ, مما أحدث بعده لبساً ففُهمت الإشارة مرة على أنها نتاج الحركة , ومرة أخرى على أنها نتاج اللفظ.
*******
دلالة الإشارة عند ابن رشيق: ت 456 هـ
عقد ابن رشيق القيرواني في كتابة العمدة بابا كبيرا للإشارة بدأ بإبراز جمال هذه الدلالة فقال:
[والإشارة من غرائب الشعر وملحه، وبلاغة عجيبة، تدل علي بعد المرمي , وفرط المقدرة،
وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز، والحاذق الماهر، وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالة، واختصار وتلويح يعرف مجملا، ومعناه بعيد من ظاهر لفظه فمن ذلك قول زهير
فإني لو لقيتك واتجهنا لكان لكل منكرة كفاء
فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه , وهذا عند قدامة أفضل بيت في الإشارة] (40).
ولا يخفى عليك ما في هذا الكلام من إغراب وبعد عن دلالة الإشارة الحقيقية , حتى بيت الشعر الذي استشهد به.
وكأن دلالة الإشارة هي كل ما يحمله الكلام من معان , سواء جاء في صورة كناية , أو تشبيه , أو استعارة ....
وهذا بلا شك عجيب , لأن كل دلالة في علم البلاغة لها مصطلح متفق عليه , أما أن أجعل هذه الدلالات كلها دلالات إشارية فهذا بعيد.
والأصل: أن دلالة الإشارة تستقى من حركة اليد , أو العين , أو الرأس , أو سائر الجسد سواء صاحبت اللفظ , أم جاءت وحدها , وأنا هنا أتحث عن دلالة الإشارة في علم البلاغة , لأن هناك في علم أصول الفقه مفهوماً آخر لدلالة الإشارة.
وأعود إلى ابن رشيق حيث يقول عن البيت السابق: [فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه]
ثم حكم على هذا البيت بأنه أفضل بيت في الإشارة , مع أن ابن قدامة لم يعلق على هذا البيت بقليل , ولا بكثير.
وفي بيت آخر يقول الشاعر فيه:
جعلت يدي وشاحاً له وبعض الفوارس لا يعتنق
يقول ابن رشيق: [وهذا النوع من الشعر هو الوحي عندهم ... ] (41)
لقد جعل ابن رشيق كل ما يستعذبه من الشعر , وكل ما لطف , ودق في المعنى , جعله من باب الإشارة؛ ولأجل هذا فتح الباب لكل ألوان البيان.
فهذه إشارة على معنى التشبيه , ويمثل لها بقول الشاعر:
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
وهذه إشارة على معنى الاستفهام ,ويمثل لها بقول الله تعالى (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ) (القارعة ا:2)
وهذه إشارة على معنى التعريض كقوله تعالى: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (الدخان:49).,
وإشارة على معنى الكناية , وإشارة على معنى التمثيل , وإشارة على معنى الرمز , وأخرى على معنى اللحن ..... إلخ
(يُتْبَعُ)
(/)
وغير ذلك كثير مما يعني أن دلالة الإشارة قد تاهت , وأصبح كل معنى مفهوم معنىً إشارياً!!
ثم يعود ابن رشيق لينتصر للدلالة الحقيقية للإشارة فيعرض رأي من يزعم أن الإشارة حشو , ويستدلون على ذلك بقول أبي نواس:
قال إبراهيم بالما ل كذا غرباً وشرقاً
فزعموا أن قوله [كذا] حشو, وعجز عن اللفظ الدال على الإشارة.
ثم ينتصر لأبي نواس , ولدلالة الإشارة , فيقول: [ولم يأت بها أبو نواس حشواً , ولكن شطارة , وإن شئت قلت: بياناً وتثقيفاً , كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: " وكيف بك إذا بقيت في حثالة الناس , قد مرجت عهودهم وأماناتهم , واختلفوا ... وكانوا هكذا .. ؟ وشبك بين أصابع يديه ".
ولا أحد أفصح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولا أبعد كلاماً منه من الحشو , والتكلف] (42).
وهذا الكلام يناقض كلامه السابق , فهو هنا يحدد مستقى الدلالة , ويبرز أهمية الحركة في تكوين المعنى , بل إنه بعد ذلك ذكر من لطائف هذه الدلالة ما لا يكاد اللفظ يقوم به , ومن ذلك: [أن معاوية - رضي الله عنه - أقام الخطباء لبيعة ولده يزيد , فقام رجل من ذي الكلاع فقال:
هذا أمير المؤمنين ............... وأشار بيده إلى معاوية.
فإن مات فهذا ................... وأشار إلى يزيد.
فمن أبى فهذا .................... وأشار إلى السيف.
ثم قال:
معاوية الخليفة لا نماري +++ فإن يهلك فسائسنا يزيد
فمن غلب الشقاء عليه جهلاً +++ تحكم في مفارقه الحديد (43)
فابن رشيق بهذا لا يترك مجالاً لأحد أن يتهمه بالانتقاص من دلالة الإشارة , أو تغييبها داخل الدلالات الأخرى.
لكن ... أين هذا مما قاله أولاً؟ أليس هذا عجيباً؟
ولو أنك أردت أن تبرز ما في الإشارة من دلالات في البيتين السابقين لوجدت اللفظ منك يطول؛ لأن الشاعر أراد أن يبرهن على أحقية سيدنا معاوية , وولده يزيد بالخلافة , وكان لزاماً عليه أن يذكر صفات كل واحد منهما التي تؤهله لهذا المنصب , ولما كان هذا يطول دعاك أن تنظر بإشارته بيده إلى معاوية ليتحقق لديك بما لا يدع مجالاً للشك في أحقيتهما للخلافة.
ألا ترى أن إشارته بيده جمعت من المعاني ما لا حد له؟
فإن اقتنعت بذلك فاعلم أن هذا هو سر الجمال , ولب الإبداع وموطن الفن في هذه الإشارة , فهي لا تذكر لك المعنى , بل تضع عينك عليه لتراه , وفرق بين الأمرين كبير.
ثم يتابع ابن رشيق كلامه في هذه الدلالة , وكأنه يريد منك ألا تلتفت إلى كلامه الأول؛ لأن الإشارة عنده لها قدرة فائقة على تصوير المعنى , بل وتستطيع أن تستقل بالدلالة , ومن ذلك ما حكاه عن أبي نواس , حيث يقول:
[وقد جاء أبو نواس بإشارات أخر لم تجر العادة بمثلها , وذلك أن الأمير بن زبيدة قال له مرة: هل تصنع شعراً لا قافية له؟ قال: نعم , وصنع من فوره ارتجالاً:
ولقد قلت للمليحة قولي من بعيد لمن يحبك ..... " إشارة: قبلة "
فأشارت بمعصم ثم قالت من بعيد خلاف قولي ..... " إشارة: لا , لا "
فتنفست ساعة ثم إني قلت للبغل عند ذلك ....... " إشارة: امش "
فتعجب جميع من حضر المجلس من اهتدائه, وحسن تأتيه, وأعطاه الأمين صلة شريفة] (44)
فلا شك أن صنيع أبي نواس في غاية الإبداع والبيان , حتى أكاد أزعم أن اللفظ لا يقوم مقام الإشارة هنا , من أين لنا بلفظ يعبر عن صوت القبلة , وكم من أصوات لا بيان لها؟
ومن كل ما سبق عند ابن رشيق يتبين لنا أنه في بداية كلامه خلط بين دلالة الإشارة , ودلالة الصور البيانية , حتى التبس الأمر على القارئ .. , ثم في آخر كلامه حرر الدلالة , واستشهد عليها بشواهد تبرهن على أثر الحركة المشاهدة في المعنى.
********
الإشارة عند عبد القاهر ت 471
الناظر في كتابي عبد القاهر لا يلحظ عناية بهذا النوع من البيان: لأنه - رحمه الله -كان مشغولاً بقضية الإعجاز القرآني، وأنها في نظم الكلام، وهذا الهم شغله عن التعريج علي
وسائل البيان الأخرى، إلا بعض اللفتات القصيرة , وذلك مثل تعليقه علي ما لحق البيان من الضيم: لأن البعض [لا يري معني أكثر مما يري للإشارة بالرأس والعين. وما يجده للخط والعقد]. (45)
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا قوله لمن أعرض عن الشعر بسبب وزنه أن ينظر إلي ما فيه من [حسن تمثيل، واستعارة، وإلي التلويح والإشارة، وإلي صنعة تعمد إلي معني الخسيس فتشرفه ... ] (46) وكذا كلامه عن المزية، وأنها من حيز المعاني حيث يقول: [وينبغي أن تأخذ الآن في تفصيل أمر المزية وبيان الجهات التي منها تعرض، وأنه لمرام صعب، ومطلب عسير، ولولا أنه علي ذلك لما وجدت الناس بين منكر من أصله , متخيل له علي غير وجهه ومعتقد أنه باب لا تقوي عليه العبارة. ولا يملك فيه إلا الإشارة] (47).
ولقد سار الإمام - رحمه الله - علي هذا الضرب. يبين دقائق البيان، ووجوه الإعجاز في نظم الكلام، وهذه الغاية جعلته لايعتني إلا بها.
وهذا يعني إن الإمام , مع أنه أقر، وذكر الإشارة في كلامه، لكنه شغل عنها بغايته التي عقد كتابيه - الدلائل والإسرار - عليها , وهي بيان وجه الإعجاز في القرآن الكريم.
الإشارة عند ابن أبي الإصبع (تـ 654 هـ)
عقد ابن أبي الإصبع بابا للإشارة ونقل نقلا عن غيره، ولكنه زاد في هذه الدلالة زيادات جليلة جعلته يمثل مرحلة من مراحل تطور دلالة الإشارة.
فلقد نقل عن [هند بن أبي هالة في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه" كان يشير بكفه كلها , وإذا تعجب قلبها , وإذا حدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ".
فوصفه ببلاغة اليد , كما وصفه ببلاغة اللسان , يعني أنه يشير بيده في الموضع الذي تكون فيه الإشارة أولى من العبارة , وهذا حذق لمواضع المخاطبات] (48).
ثم راح ابن أبي الإصبع يشرح هذا , فقال: [يشير بكفه كلها. أي: يُفهم بها المخاطب كل ما أراده بسهولة , فإن الإشارة ببعض الكف تصعب , وبكل الكف تسهل.
فأعلمنا هذا الوصف أنه صلى الله عليه وسلم كان سهل الإشارة كما كان سهل العبارة.
" فإذا تعجب بها قلبها"
يعني: أنه أتى بها على وجهها إذا كان المعنى الذي يشير إليه على وجهه ليس فيه ما يستغرب فيعجب منه , فإن الشيء المعجب إنما يكون معجباً لكونه غير معهود.
فكأن الأمر فيه قد قُلب لمخالفته المعهود، فلذلك يجعل قلب يده في وقت الإشارة إشارة إلى أن هذا الأمر قد جاء على خلاف المعهود , ولذلك تعجب منه.
وقوله: " وإذا تحدث اتصل بها "
يعني: اتصل حديثه بها , فيكون المعنى متصلاً , والمفهوم بالعبارة والإشارة متلاحماً , آخذ بعضه بحجز بعض.
وقوله: " فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى "
يعني: أنه عند انتهاء إشارته يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى , مشيراً إلى أنه ختم إشارته , ومعناه , ولذلك عطف هذه الجملة بالفاء , ولم يأت بها معطوفةً بالواو , كما أتى بما قبلها من الجمل , لكونها آخر إشارته.
والواو لكونها غير مقتضية للترتيب يجوز أن يكون المتأخر بها متقدماً ولا كذلك الفاء , إذ لا بد أن يكون المعطوف بها متأخراً؛ لكونها موضوعة للتعقيب.
وأما اقتصاره على باطن الإبهام دون ظاهرها "
فمعناه: أنه جعل آخر الإشارة متصلاً بأول العبارة اتصالاً متلائماً كملاءمة باطن الكف التي ضرب بها باطن الإبهام التي ضرب عليها , وهذا أيضاً من بلاغة الواصف. (49)
وهذا الكلام كلام نفيس لأنه يضع أصولاً لقواعد هذه الدلالة وهذه الأصول لابد من تعليمها حتى يستطيع كل مبين أن يخرج مراده ويختار له ما يناسبه من ألوان البيان لفظا كان أو إشارة ...
ومع أن هذا الكلام صريح في قدره الإشارة علي حمل المعاني، وتكوين الدلالات، إلا أن العجيب أن ابن أبي الإصبع حين اسشهد أعرض عن كلامه، وأتي بشواهد بعيدة عما قال ...
شواهد كل ما فيها أن اللفظ القليل يحمل المعاني الكثير، وهذا أشبه بالانفصام بين القاعدة والمثال، وهو ما وقع فيه الكثيرون.
ولعل السبب في ذلك، أن علماء البلاغة حين يكتبون في العلم يأتون في كلامهم وقواعدهم الجديد، وحاول كل منهم أن يضيف إلي كلام السابقين شيئا فإذا جاءوا إلي التمثيل أخذوا من السابقين شواهدهم وسطورها، ولذلك تجد أغلب الشعر المستشهد به في دلالة الإشارات واحدا، إلا ما نذر.
الإشارة عند ابن حجة الحموي:
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد إضاف ابن حجة الحموي إلى هذه الدلالة إضافة ينبغي ذكرها هنا , حيث قال: [هذا النوع " أعني الإشارة " مما فرعه قدامة من ائتلاف اللفظ مع المعنى , وشرح ذلك فقال: هو أن يكون اللفظ القليل مشتملاً على المعنى الكثير , بإيحاء ولمحة تدل عليه , كما قيل في صفة البلاغة: هي لمحة دالة.
وتلخيص ذلك: أنه إشارة المتكلم إلى المعاني الكثيرة بلفظ يشبه لقلته واختصاره إشارة اليد , فإن المشير بيده يشير دفعة واحدة إلى أشياء لو عبر عنها بلفظ لاحتاج إلى ألفاظ كثيرة.
ولابد في الإشارة من اعتبار صحة الدلالة , وحسن البيان مع الاختصار؛ لأن المشير بيده إن لم يفهم المتلقي معنى إشارته فإشارته معدودة من العبث , وكان النبي صلى الله عليه وسلم سهل الإشارة كما كان سهل العبارة , وهذا ضرب من البلاغة يمتدح به] (50)
وفي كلام ابن حجة تنبيهات ينبغي الوقوف عليها , فهي مرحلة من مراحل تطور هذه الدلالة , ومنها:
أولاً: أن دلالة الإشارة مع كونها من اللفظ لكنها سميت كذلك تشبيهاً بحركة اليد التي تفهم منها معان كثيرة دفعة واحدة , فكذلك اللفظ إذا فهم منه معان كثيرة دفعة واحدة كان فيه دلالة إشارة كما يقول.
ثانياً: يشترط ابن حجة صحة هذه الدلالات حتى لا يدعي كل أحد أن في اللفظ دلالة كذا , واللفظ لا يحتملها.
يقول: [فلابد في الإشارة من اعتبار الصحة , وحسن البيان مع الاختصار] (51).
ثالثاً: أن من الإشارة ما يوصف بالسهولة , ومنها ما يوصف بالتعقيد , وسهولة الإشارة تعني: وصول المراد إلى القلب دون وسائط.
ومع كل هذا إلا أنك تراه يقول: [والإشارة قسمان: قسم للسان , وقسم لليد] (51) لكنك إن بحثت عن القسم الذي لليد فلن تجد له شاهداً في كتابه, فجميع شواهده في دلالة اللفظ القليل على المعنى الكثير, وهذا بلا شك دلالة إيجاز وليست دلالة إشارة باليد كما نص هو" رحمه الله ".
الإشارة عند الفقهاء:
حظيت دلالة الإشارة لدى الفقهاء بعناية فائقة , وبنوا عليها أحكاماً, حتى وإن وردت وحدها دون مصاحبة اللفظ , مما يعني إمكانية استقلالها بالدلالة , ومن ذلك ما جاء في كثير من أبواب الفقه ,يقول المهلب: [قد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام , مثل قوله " صلى الله عليه وسلم ": بعثت أنا والساعة كهاتين (52) فعرّف قرب ما بينهما بمقدار زيادة الوسطى على السبابة.
وفي اجتماع العقول على أن العِيان أقوى من الخبر دليل على أن الإشارة قد تكون في بعض المواضع أقوى من الكلام] (53).
ومن الأفكار التي بنيت على الإشارة عند الفقهاء:
أنهم [كرهوا للرجل التكلم والإمام يخطب , وإن تكلم غيره فلا ينكر عليه إلا بالإشارة] (54)
[واشترطوا لحل الذبيحة شروطا , منهاً:
أن يقول باسم الله عند حركة يده بالذبح ...... فإن كان الذابح أخرس أومأ برأسه إلى السماء , وأشار إشارة تدل على التسمية , بحيث يفهم منها أنه أراد التسمية , وهذا كاف في حل ذبيحة الأخرس.
وفي حكم البدء بالسلام قالوا:
وإذا قال: السلام عليك , وأشار على محمد بدون تسميته فرد أحد الحاضرين , فإن الفرض يسقط؛ لأن الإشارة تحتمل أن تكون لهم جميعاً , وكذا إذا قال: السلام عليك , بدون إشارة , فإنه إذا رد واحد سقط عن الباقين؛ لأنه يصح أن يخاطب الجماعة بخطاب الواحد .....
وفي مبحث اليمين قالوا:
وإذا حلف ألا يأكل هذا وأشار إلى قمح بدون أن يذكره , فإنه يحنث إذا أكل منه على هيئته, أو أكل من دقيقه , أو خبزه , أو أي شيء يتولد منه ...
وفي كتاب النكاح قالوا:
وإذا تزوجها على (هذا الفرس ,أو هذا الفرس) وأشار لها إلى فرسين , وكان أحدهما أقل من الآخر حكم بمهر المثل.
وفي باب القذف قالوا:
إن القذف لا يصح إلا بالتصريح ....
قال ابن القصار: وهذا باطل , وقد نص مالك على أن شهادة الأخرس مقبولة , إذا فهمت
إشارته , وأنها تقوم مقام اللفظ بالشهادة ... ] (55)
أما علماء الأصول , فإنهم ذكروا من أنواع الدلالات: دلالة الإشارة؛ لكنهم لم يخرجوا بها عن التركيب ونظمه , وجعلوها ثمرة للفظ وإيماءاته , فقالوا عنها: إنها [دلالة النظم على معنى لم يسق لأجله , لعدم قصد المتكلم له في نفسه , لكن السامع يعلمه بالتأمل في معنى النظم من غير زيادة عليه ولا نقصان] (56)
(يُتْبَعُ)
(/)
[وجوهر هذه الدلالة عندهم ماثل في أمرين:
أنها دلالة نظمية , وأنها دلالة غير مقصودة للمتكلم بهذا النظم.
ووجه تسمية هذه الدلالة إشارة عندهم أن المتكلم قد يفهم بإشارته , وحركته في أثناء كلامه ما لا يدل عليه نفس اللفظ فيسمى إشارة] (57)
وكل ذلك كما ترى متولد عن اللفظ , ولا علاقة له بدلالة الحركة , وإن كان الأصل في اصطلاح لفظ الإشارة هو الحركة , لكنهم عند تحديد الدلالة نظروا إلى اللفظ , وأغفلوا الحركة المصاحبة له.
ولذلك يرى بعضهم أنها دلالة التزاميه تستقى من اللفظ غير الصريح , ويرى آخرون أنها تفهم من اللفظ , ولا يدل اللفظ عليها , ومن ذلك مثلاً ما يقوله الجصاص في أحكام القرآن حول قول الله تعالى: " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " يقول: [يؤخذ منه بطريق الإشارة: أن الفقير قد يملك بعض ما يغنيه , وليس هو الذي لا يملك البتة, فإنه لا يحسبه الجاهل به غنياً من أجل تعففه إلا إذا كان ظاهر حاله ساتراً حقيقته , وذلك لا يكون مع العدم المحض] (58).
[ويؤخذ منه أيضاً بطريق الإشارة أن على الفقير ألا يظهر حاله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً , فقد جاءت الآية في معرض المدح.
ويؤخذ منه أيضاً: أن على أهل الفضل أن ينقبوا عن أولئك المتعففين , ويعينوهم على استتارهم ببذل ما يحفظ ماء الحياء في وجوههم] (59).
وكل هذه المعانى مرتشفه من اللفظ وسياقه، لكن لا يوجد ذكر هنا لحركه أو إشارة، مما يعني أن الأصوليين ـ أيضاً عدلوا بالإشارة عن حقيقتها، وعمدوا إلى اللفظ وإشارته أي: دلالته.
ولم تقف أهمية هذه الدلالة عند الفقهاء والبلاغيين فقط، بل إن الناس كانوا يتعارفون علي إشارات فيما بينهم ومن ذلك ما ذكره شمس الدين العظيم أبادي في شرحه لسنن أبي داود.
يقول: [جاء عن ابن سيرين أنه قال:
كانوا يستأذنون الإمام - وهو علي المنبر - فلما كان زياد , وكثر ذلك بينهم، قال: من وضع يده علي أنفه فهو إذنه] (60).
وهذا اصطلاح بين هؤلاء فقط، مما يعني أن الجميع كان يأوي إلي الإشارة , إن صرفه صارف عن اللفظ.
وقفه علي ما سبق.
هذا مما سطّرهُ علماؤنا عن الإشارة، ولقد تبين لي بعض الأمور أوجزها فيما يلي:
أولاً: اتفق الجميع على أن الأصل في البيان هو اللفظ , ولم يختلفوا حول الإشارة , وكونها ضرباً من البيان أيضاً.
ثانياً: أن أول من كشف اللثام عن هذه الدلالة , وفصل غوامضها الجاحظ , ومع ذلك لم يسر خلفه الباقون بل حارت الدلالة عندهم وضوحاً وغموضاً, وإن كان لهم إضافات لا تنكر.
ثالثاً: أن للإشارة دلائل واضحة وناطقة في بيان الوحي , كما أن لها دلائل في بيان العرب قديماً شعراً ونثراً.
رابعاً: أنهم اختلفوا في وصف الإشارة بالبلاغة , فمنهم من وصفها بالبلاغة كابن المقفع , وابن حجة الحموي , وابن أبي الإصبع , ومنهم من قصر البلاغة على اللفظ.
خامساً: أن دلالة الإشارة مركوزة في فطرة الإنسان , وعليه لا يجوز وصف البليغ إذا أشار بالقصور , أو العيب , أو العي.
سادساً: لابد في الإشارة من موافقة اللفظ حتى يسهل المعنى على المتلقي , أما إذا كان اللفظ في جانب , والإشارة في جانب مغاير أدى الأمر إلى التعقيد المذموم.
سابعاً: إن حقل البيان ما زال في حاجة ماسة إلى الكشف عن وسائل البيان الأخرى غير اللفظ
ثامناً: للإشارة مقامات لا يستطيع اللفظ القيام بها , كالبيان للبعيد , وبيان الخائف , والبيان عن أمور لا لفظ لها في العربية , كما في بعض الأصوات.
تاسعاً: أن لكل حركة دلالة ينبغي تمييزها عن غيرها , وتحديد دورها في تكوين المراد.
ووددت لو تم اصطناع معجم لدلالة الإشارات في بيان السابقين , وعلى رأس ذلك بيان الوحي , ثم بيان العرب القديم.
ولقد ألمح على مثل ذلك ابن حزم حيث قال::
الإشارة بمؤخرة العين الواحدة , تعني: النهي.
وتقصيرها: إعلام بالقبول.
وإدامة نظرها: دليل على التوجع.
وقبض اليد يعني: القوة.
وغير ذلك كثير في التراث , ومن الممكن جمعه , ووضعه في معجم يستعين به كل مبين.
الفصل الثاني
دلالة الإشارة في بيان النبي
" صلى الله عليه وسلم "
دراسة في صحيح مسلم
---------------------------------------------------------
تقديم
(يُتْبَعُ)
(/)
لا شك أن كل بيان يحمل صفات قائله , فالبيان القرآني يحمل كل كمال , وكل تنزيه وإحاطة , وكل ما يليق بالله تعالى من صفات.
وإذا كان الحكماء من البشر يملكون ناصية البيان أعلاه، وأصفاه، وأحلاه، وأتقنه، وأرقاه، فما أبان أحد كبيان النبي- عليه السلام -، فالبيان النبوي يقف على قمة البيان البشري , ولم لا وهو قبس من بيان القرآن الكريم، بل هو الوجه الآخر لهذا البيان.
وللإشارة في بيان المعصوم صلي الله عليه وسلم مقام رفيع لا يقل عن مقام اللفظ ولقد حرص الرواة جميعاً حين سمعوا رسول الله عليه السلام يقول: " بلغوا عني " حرصوا علي نقل هذا البيان كاملاً غير منقوص، بما فيه من لفظ وخط، وإشارة، وعقد وحال، لأنهم يعلمون أن هذه الوسائل ليست حشوا، أو كمّا مهملا، بل لها دور في بناء المعني , وتكوين الدلالات , وعسى أن يكون خلف الإشارة حكم , أو تكليف , أو وصية , أو نحو ذلك من تعاليم الدين , فيغيب عن الناس فيتحملوا وزره؛ لأجل ذلك نقلوا إلينا كل شيء.
تسمعهم يقولون: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كذا وأشار بالسبابة والوسطى , أو قال كذا وجمع بين أصابعه , أو شبك بين أصابعه.
وتراهم يقولون: خط رسول الله خطوطاً في الأرض ... ثم قال كذا ...
وهذا كله دليل قاطع , وبرهان ساطع على منزلة هذه الوسائل البيانية في حمل المراد إلى
المتلقي.
بل إنهم أطلقوا على الإشارة لفظ (القول): تسمعهم يقولون: قال بأصبعه كذا ....
والأوراق القادمة تكشف بعضاً من علاقة البيان بالإشارة , وكيف تحمل حركة الجسد تشبيهاً أو توكيداً , أو غير ذلك من ألوان البلاغة , وكأن الإشارة فيها من علم المعاني والبيان والبديع ..... وهذه نماذج تبين كل نوع.
التوكيد بالإشارة
لا شك أن توكيد المسند , أو المسند إليه إنما هو تقرير لكل منهما , وتحقيق لمفهومهما؛ رغبة في [جعله مستقراً محققاً ثابتاً بحيث لا يظن به غيره] (61) والإشارة تقوم بهذا الدور خير قيام.
ولقد جاءت أحاديث كثيرة ترى فيها الإشارة مؤكدة للفظ , ومدعمة له , وكأن وصول المعنى إلى القلب عن طريق السمع لا يكفي , فأريد استصحاب طريق إضافي , فإذا وجد القلب أن المعنى قد وصله من طريقين مختلفين , وكل منهما يؤكد الآخر، فتح للمعنى الباب ليستقر فيه.
ولا شك أن العلماء كانوا يستعينون علي المعني الواحد بعدة طرق لفظية مثل التوكيد اللفظي والمعنوي، وغير ذلك - لأنهم كانوا يرون في المعني فخامة تحتاج إلي هذا الحشد.
فما المانع أن تؤازر الإشارة اللفظ في المعاني الشريفة، والمقامات العالية التي تحتاج إلي ألوان أخرى من المؤكدات سوي المؤكدات اللفظية، حتى تستقر النفوس، ويزول ما فيها من ريب.
ومن هذا الباب ما جاء في فتح خيبر من حديث سلمة بن الأكوع.
أنه قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا ً شديداً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك، وشكّوا فيه: رجل مات في سلاحه، وشكوا في بعض أمره.
قال سلمة: فقفل رسول الله صلي الله عليه وسلم من خيبر، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك، فأذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب أعلم ما تقول، قال، فقلت:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " صدقت "
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
قال: قلما قضيت رَجَزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال هذا "؟
قلت: قاله أخي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحمه الله "
فقلت: يارسول الله! إن ناساً ليهابون الصلاة عليه , يقولون رجل مات بسلاحه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مات جاهداً مجاهداً " , وفي رواية " كذبوا , مات جاهداً مجاهداً فله أجره مرتين , وأشار بأصبعيه " (62)
فقوله: مرتين , ثم يشير بإصبعيه إنما هي توكيد لفظي لأن المقام في حاجة إلى ذلك , وانظر إلى ما أصاب سيدنا سلمة بن الأكوع من غم حين رأى إعراض الصحابة عن الصلاة على
(يُتْبَعُ)
(/)
أخيه , حتى ارتاب في الأمر , ودخله ما دخله من الشك في عاقبة أخيه , ومن هنا كان من الأولى إزالة هذا الشك من عنده , ومن عند جميع الصحابة , فأكد النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بالإشارة , لتكون الإشارة توكيداً لا يبقى معه لبس , ولا غموض في فوز أخي سلمة بالجنة , والشهادة في سبيل الله تعالى.
فالآذان ستظل تذكر كلام النبي , والعيون كذلك ستظل ترى هذه الإشارة المصاحبة للفظ لتكون بياناً توكيدياً لها.
ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق , حتى تكون منهم بمقدار ميل, قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض , أم الميل الذي تكتحل به العين؟
قال: " فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق , فمنهم من يكون إلى كعبيه , ومنهم من يكون إلى ركبتيه , ومنهم من يكون إلى حقويه , ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً "
قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه. (63)
فقوله صلى الله عليه وسلم " ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً, يفهم منه أن العرق قد وصل إلى الفم , هذا منطوق العبارة , والذهن يتصور ذلك , لا شك ,.
إذن , ما الإضافة التي أضافها رسول الله إلى المعنى بإشارته؟ وهل قصّر اللفظ عن أداء المراد حتى تأتي الإشارة؟
إن الإضافة التي أتت بها الإشارة , كما أفهم , هي استحضار الصورة لتشاهدها العيون , فوضعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يده على فيه نقل المعنى من عالم الغيب إلى عالم الشهادة , وهذا من أرفع صور التوكيد فالناس الآن لا يسمعون الكلام , بل يرون صورة هذا الرجل الذي ألجمه عرقه , يرونه الآن أمام عيونهم , وهو يحاول النجاة , أو التخلص من هذا العرق بعد أن وصل إلى فيه , وأخذ بخناقه , ويكاد يسد أنفاسه , هكذا ينظر السامع إلى المعنى بعد إشارة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما اصطفاء هذا الصنف , أعني: الذي يلجمه العرق , لتصويره دون غيره ممن وصل العرق إلى كعبيه , أو ركبتيه ... الخ , فلأنه الأشد كرباً , والمقام مقام ترهيب من يوم القيامة , والسياق سياق زجر , فالشمس تدنو من الرؤوس , والكل في ضيق ووجل , فكان الأبلغ استخلاص أشد الصور نفوراً فكان من يلجمه العرق إلجاماً هو الأليق بالمقام فوقع التصوير بالإشارة عليه , لأن من رأى ليس كمن سمع.
التعريف بالإشارة
تحدث البلاغيون عن التعريف باسم الإشارة , وجعلوا لذلك أغراضاً كثيرة , منها: تمييز المشار إليه أكمل تمييز , ومنها المدح , أو الذم , أو لبيان حاله في القرب أو البعد , أو التوسط , وقد يكون التعريف باسم الإشارة غرضه التنبيه على ما سبق ذكره في الكلام .. وغير ذلك.
ولقد بين العلماء أن التعريف بالإشارة يرقى إلى مرتبة عالية في مجال وسائل التعريف , وذلك بسبب مصاحبة الإشارة الحسية للفظ المسموع.
يقول السبكي في عروس الأفراح: [يؤتى بالمسند إليه اسم إشارة لأحد أمور:
الأول: أن يقصد تميزه لإحضاره في ذهن السامع حساً ... فالإشارة أكمل ما يكون من التمييز كقول ابن الرومي:
هذا أبو الصقر فرداً في محاسنه من نسل شيبان بين الضال والعلم (64)
انظر إلى قوله: " لإحضاره في ذهن السامع حساً " فهذا يعني مصاحبة الحركة للفظ.
ويقول الدسوقي في حاشيته على السعد: [والتمييز الأكمل هو ما كان بالعين والقلب , فإنه لا تمييز أكمل منه , ولا يحصل ذلك التمييز إلا باسم الإشارة ....
ودلالة اسم الإشارة على أكملية التمييز لأن معه إشارة حسية , ولا يتأتى معه اشتباه ..
واسم الإشارة إذا كان المشار إليه حاضراً محسوساً للسامع بحاسة البصر كان أقوي.] (65)
وكل هذا يدل على قدرة الإشارة الحسية على حمل المعاني , بل إن أسماء الإشارة لا تتخيل إلا إذا صاحبتها حركات حسية , يلفت بها المتكلم نظر السامع إلى ما يريد.
ومن هذا الباب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: [كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ...
قال: قلت: من هم يا رسول الله؟
فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً , وفينا سلمان الفارسي , فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان , ثم قال: " لو كان الإيمان عند الثريا
لناله رجال من هؤلاء "] (66)
(يُتْبَعُ)
(/)
فقوله " لناله رجال من هؤلاء " صاحبه وضع يده على سلمان الفارسي , حتى يكون التمييز في أكمل صورة , وبخاصة أن السائل صار في شوق إلى معرفة هذه الطائفة التي تلحق بالسابقين الأولين.
ووضع اليد على سيدنا سلمان قصد به رجال من أهل فارس , وهذا يفسره رواية أبي هريرة في صحيح مسلم: " لو كان الدين عند الثريا لذهب رجال من فارس حتى يتناولوه "
وليس المقصود اختصاص أهل فارس بسبب فارسيتهم , وإنما المقصود ما يتحلون به من طاعة والتزام.
ولقد نقل ابن حجر بعضاً مما جاء في أسباب نيل هؤلاء هذه الدرجة , ومنها:
ما جاء زيادةً في إحدى الروايات " برقة قلوبهم " ,
وفي أخرى " يتبعون سنتي , ويكثرون الصلاة علي " (67).
وعلى هذا فالإشارة الحسية تلفت انتباه الناس إلى صفات هذه الطائفة , التي تتحلى بالإيمان , ولو كان عند الثريا.
ووضع اليد على سيدنا سلمان يعني أنه كان متحلياً بهذه الصفات فجاءت الإشارة الحسية لينظر الجميع إليه , وإلى صفاته فيكون ذلك دافعاً إلى التشبه به.
*****
دلالة الإشارة على المحذوف
قد تأتي الإشارة لتدل على لفظ محذوف لكنه مراد في المعنى , وعدم التصريح بهذا اللفظ له أسباب كثيرة: مثل: الاختصار , والاحتراز عن العبث بناءً على الظاهر , أو ضيق المقام ... الخ (68).
ولا شك أن للحذف مكانة عالية في البلاغة.
ويكفي هنا ما ذكره الإمام عبد القهر من أن الحذف [باب رقيق المسلك لطيف المأخذ، عجيب الأمر شبيه بالسحر , فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر , والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن] (69).
وقد يعمد المبين إلي الإيماء , وإلي المحذوف بإشارته، وعندها تكون هذه الإشارة هي الدليل علي المحذوف فتكسبه وضوحا وبيانا قد لا يتوفران في ذكره.
ومن ذلك ما رواه سيدنا عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد علي سبعة أعظم. الجبهة وأشار بيده علي أنفه واليدين، والرجلين، وأطراف القدمين، ولا تكفت الثياب ولا الشعر (70).
والحديث حذف منه لفظ " الأنف وإن كان أشير إليه باليد , ذلك لأن الأصل في الرأس الجبهة، فالسجود عليها هو الفرض ويتبع ذلك الأنف.
وكان التصريح بالجبهة، وحذف الأنف يعني أن كلا منهما ليسا علي درجة واحدة في السجود. [قال القرطبي: هذا يدل علي أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع .... وقال ابن دقيق العيد: قيل: معناه أنهما جعلا كعضو واحد، وإلا لكانت الأعضاء ثمانية، وقال: وفيه نظر: لأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود علي الأنف، كما يكتفي بالسجود علي بعض الجبهة ..... والحق: أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة، وإن أمكن أن يعتقد أنهما كعضو واحد فذاك في التسمية والعبارة، لا في الحكم الذي دل عليه الأمر] (71).
وقد تفيد الإشارة أن الجبهة والأنف ملتصقين فهما عضو واحد كما جاء عند النسائي:
"ووضع يده علي جبهته وأمرها علي الأنف, قال: هذا واحد] (72).
وأري أن حذف لفظ " الأنف " هنا لا يعني أنها تالية للجبهة وتابعة لها في الأهمية، بل إن الإشارة إلي الأنف يعني كما أري أهمية السجود عليها لدرجة قد تفوق غيرها، ولذلك وضع البخاري (رحمه الله) هذا الحديث تحت عنوان " باب السجود علي الأنف والطين ".
ذلك لأن السجود علي الأنف أقرب إلي الذل والانكسار والخشوع من غيره، ويعلق ابن حجر رحمه الله علي عنوان البخاري فيقول:
" كأن البخاري يشير إلي تأكد أمر السجود علي الأنف , بأنه لم يترك مع وجود عذر الطين الذي أثر فبه، ولا حجة فيه لمن استدل به علي جواز الاكتفاء بالأنف، لأنه في سياقه أنه سجد علي جبهته وأرنبته، فوضح انه إنما قصد بالترجمة ما قدمناه، وهو دال علي وجوب السجود عليهما، ولولا ذلك لصانهما عن لوث الطين " (73).
وعليه فإن الحذف هنا لا يقل درجة عن الذكر لأن الإشارة نبهت على المحذوف، وزادته إيضاحاً فوق اللفظ.
ومن هذا الباب أيضاً ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال " اشتكي سعد ابن عبادة شكوي له، فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم يعوده، مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله ابن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال: أقد قضي؟ قالوا: لا يا رسول الله: فبكي، فلما رأي القوم بكاء رسول الله صلي الله عليه وسلم بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا " وأشار إلي لسانه " أو يرحم (74).
وأول ما يلحظ هنا: البداية بـ " ألا تسمعون " وهذا تمهيد لما سيقوله لأهميته حتى لا يتحرج أحد من البكاء، أو يظن أن فيه معصية.
ولكن ما الفرق بين (أن الله يعذب بهذا أو يرحم) وبين (إن الله يعذب باللسان أو يرحم)؟
الفرق أن في أحد الخبرين إشارة وفي الأخر تصريح باللفظ، ولا شك أن في حذف اللفظ والاكتفاء بالإشارة التي تراها العين توكيداً للمعني، وبخاصة أن في الكلام تشريعاً يترتب عليه حرام وحلال، كما أن في حذف لفظ [اللسان] تهويلاً وترهيبا ًمن عواقبه , لأنه إما أن يرفع صاحبه إلى عليين , أو يهوي به إلى أسفل سافلين , وهنا ترى كلام الإمام عبد القاهر قد تمثل أمامك , وذلك قوله: " وترى ترك الذكر أفصح من الذكر ... "
******
الاختصاص بالإشارة
الاختصاص في البلاغة العربية له أدواته المعروفة مثل (إلا, وإنما, والعطف بلا وبل ولكن) ...
ويمكن أن يضاف إلى ذلك الإشارة؛ لأنها تصحب اللفظ فتخصص جزءه , أو نوعه , أو أفضله , أو أدناه.
ومن هذا الباب ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال:
أشار النبي صلى الله عليه وسلم نحو اليمن فقال:
" ألا إن الإيمان ههنا , وأن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر (75)
فالحديث يختص أهل اليمن بعلو القدر في الإيمان وسبقهم في ذلك غيرهم , ولقد كان الاختصاص بأداة بيانية واضحة تراها العيون , وهي الإشارة باليد , يقول ابن حجر: [قوله أشار رسول الله بيده نحو اليمن فيه تعقب على من زعم أن المراد بقوله " يمان " الأنصار ,
لكون أصلهم من أهل اليمن؛ لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على المراد به أهلها حينئذٍ, لا الذين كان أصلهم منها ,وسبب الثناء على أهل اليمن هو إسراعهم إلى الإيمان] (76)
وهذا يعني أن الإشارة أفادت خصوصية في المراد , وهو أن الفضل الإيماني في أهل اليمن الذين كانوا في عهد رسول الله خاصة , وليس الأمر متعلقاً بمن سبقوا منهم , أو من جاءوا من بعدهم , ولذلك جاء في رواية " جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة , الإيمان يمان , والفقه يمان , والحكمة يمانية " (77)
فالإشارة في الحديث خصصت الوقت , وليس الأمر على إطلاقه , فالفضل إذن للأنصار الذين آووا ونصروا , فهم أرق أفئدة , وأهل فقه وإيمان , ولذلك كان الاعتراض على من ظن أن اللفظ على إطلاقه فقيل [أما ما ذكر من نسبة الإيمان إلى أهل اليمن فقد صرفوه عن ظاهره من حيث إن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة] (78)
بل غالى البعض فقال إنه أراد بذلك مكة , ومكة من تهامة , وتهامة من أرض اليمن , أو أراد مكة والمدينة معاً ... حيث جاءت الرواية بأنه صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو في تبوك , ومكة والمدينة حينئذٍ بينه وبين اليمن , فأشار إلى ناحية اليمن , وهو يريد مكة والمدينة , فقال الإيمان يمان ونسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذٍ من ناحية اليمن , كما قالوا الركن اليماني , وهو بمكة لكونه إلى ناحية اليمن.
لكن الأحسن - كما قال أبو عبيدة: أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل , فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره] (79)
ولعل هذا القول هو الذي يفسر الجمع بين الإشارة واللفظ في رواية البخاري حيث جاء فيها:
[الإيمان يمان ههنا]
فقوله: " يمان " إشارة إلى أهل اليمن.
وقوله: " ههنا" أراد بها الأنصار.
وذلك لأن اسم الإشارة " هنا " يدل على القرب كما قال ابن مالك:
وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا
أي: يشار إلى المكان القريب بـ " هنا " ويتقدمها هاء التنبيه فيقال: " ههنا " (80)
وعلى هذا فالحديث مدح للأوس والخزرج , فهم الأرض التي اشتد فيها عود الإسلام , واستوى على سوقه , وبيعتي العقبة دليل ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ما قاله بعضهم من صرف المعنى عن ظاهره , وأنه صلى الله عليه وسلم أراد مكة فإنه يخالف الروايات الكثيرة والصريحة في أنهم أهل اليمن , نحو: أتاكم أهل اليمن , وجاءكم أهل اليمن , ثم جاءت الإشارة في روايات أخرى لتؤكد هذه الأمور , وقد اختار النووي هذا الرأي , وحسنه أبو عبيدة.
ومن هذا الباب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة , فقال: " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه "
وزاد قتيبة في روايته: وأشار بيده يقللها.
وفي رواية أخرى: " وقال بيده يقللها يزهدها " (81)
وهذه الإشارة استنبط منها الصحابة معنى القلة , كما نص على ذلك الراوي , مما يعني أنهم مصطلحون ضمناً على إشارات يفهمون منها معاني خاصة , ولذلك [جاء في رواية سلمة بن علقمة .... ووضع أنمله على بطن الوسطى , أو الخنصر يزهدها.
وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع أنمله هو بشر بن المفضل رواية عن سلمة بن علقمة , وكأنه فسر الإشارة بذلك , وأنها ساعة لطيفة تنتقل بين وسط النهار إلى قرب آخره , وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله " يزهدها " أي: يقللها.
ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة [وهي ساعة خفيفة].
وللطبراني في الأوسط من حديث أنس [وهي قدر هذا] يعني: قبضة.
قال الزبير بن المنير: الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها , والحض عليها ليسارة وقتها , وغزارة فضلها ...
و فائدة الإبهام لهذه الساعة , ولليلة القدر , بعث الداعي على الإكثار من الصلاة والدعاء , ولو بيَّن لاتكل الناس على ذلك , وتركوا ما عداها , فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها] (82)
ولا شك أن الاختصاص بالإشارة هنا لا يراد منه ساعة دون أخرى , ولكن يراد منه التنبيه على قلة وقت الإجابة كما فسر العلماء , حيث قالوا: أن هذه الإشارة تعني أنها يسيرة , أو تعني أنها ساعة خفيفة.
وقيل إنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة.
وقيل: عند الشروق.
وقيل قبل الغروب ...
وكل ذلك تفسير للإشارة بالقلة؛ حتى يجتهد المسلم في كل وقت , لعله يدركها.
دلالة الإشارة على التشبيه
للتشبيه في البيان العربي منزلة عالية , قال عنها الإمام عبد القاهر: [وهل تشك في أنه يعمل عمل السحر في تأليف المتباينين , حتى يختصر ما بين المشرق والمغرب , ويجمع ما بين المشئم والمعرق , وهو يريك للمعاني الممثلة بالأوهام شبهاً في الأشخاص الماثلة ,والأشباح القائمة , ويُنطق لك الأخرص , ويعطيك البيان من الأعجم , ويريك الحياة في الجماد , ويريك التئام عين الأضاد , فيأتيك بالحياة والموت مجموعين , والماء والنار مجتمعين ... ] (83)
وظهور الإشارة في دائرة البيان , وولوجها في تصاويره الكثيرة دليل على قدرة الإشارة على حمل المعاني , وأدائها على أتم وجه , ولذا يستعان بالإشارة في الصورة التشبيهية , لأن بينهما علاقة وصلة رحم فالغرض الأول من التشبيه هو البيان والإيضاح , وليس هناك أقوى من الإشارة في إبراز المعاني في صور مشاهدة محسوسة تراها العيون , وتتلمسها الأيادي.
ومن هذا ما رواه سيدنا عمار بن ياسر قال: " بعثني رسول الله في حاجة فأجنبت , فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة , ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , فقال: " إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا " ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة , ثم مسح الشمال باليمين وظاهر كفيه ووجهه " (84)
ولا شك أن صنيع سيدنا عمار إنما كان بعد سماعه قول الله تعالى: " (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (المائدة:6) لأنه لن يفعل شيئاً دون دليل , لكن الآية لم تبين كيفية التطهر , ولا مقداره .. , لذلك بالغ سيدنا عمار فعم الجسد بالتراب.
وكان تعليمه من الصورة الإشارية التشبيهية , فقام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليمه عملياً , وهو ينظر , ولو افترضنا لفظاً يقوم مقام الإشارة , لما وفى بالبيان العملي لكيفية الضرب للأرض , وعدد المرات وما الذي يبدأ به من الأعضاء؟ , وإلى أي مدى يكون المسح؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وغير ذلك كثير , ولقد كانت الإشارة وافية بجميع هذه الأسئلة , فما تركت في النفس شيئاً , فالتعليم هنا تعليم بالمشاهدة , فالرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يتشبه بأفعاله , وعليه ففي الكلام تشبيه.
ولكن كيف نكوّن هذه الصورة التشبيهية؟
المشبه هنا سيكون تيمم سيدنا عمار.
والمشبه به هو تيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووجه الشبه هو الإتيان بأركان التيمم على الوجه الصحيح.
ولقد تم كل ذلك من خلال الإشارة التي دلت على المعاني الكثيرة بحركات يسيرة , ولذلك سكت اللسان , وقامت اليدان لتقول بحركاتها , وتقلباتها ليرى الجميع فيحصل المراد.
ومن باب دلالة الإشارة على التشبيه ما رواه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة
" وأشار مالك بالسبابة والوسطى. (85)
وهنا أيضاً قامت الإشارة بدور المشبه به؛ لأنها أكمل في البيان من المشبه , ولو أردنا أن ندلل باللفظ عن هذه الصورة لقلنا: رسول الله وكافل اليتيم متجاورين في الجنة كثيراً.
فهل ترى لهذه العبارة من الرونق والبهاء والأريحية ماتجده في قوله: " أنا وهو كهاتين "؟.
إن الإشارة جعلت الجميع ينظر إلى هذين الأصبعين ويفكر فيما فيهما من معان , كالالتصاق , ودوام الصحبة , ووحدة الدرجة , وشمول النعيم , وحسن الجوار , .... الخ.
فالإشارة هنا زادت من عمق التشبيه , ووضعت له كثيرا من الأضواء البيانية , وفتحت له الباب ليجمع كل معاني الود , والألفة والاقتران , والوحدة وغير ذلك.
ولا يخفى عليك أن الغاية من وراء كل هذا هو حث المؤمنين على كفالة الأيتام , والإحسان إليهم , واستنهاض الهمم حتى لا يبقى في الأمة يتيم غير مكفول.
وقد تحمل الإشارة معنى التمثيل الذي يأتي في أعقاب المعاني , فتزيد الصورة أنساً وألفة , بالإضافة إلى قيام الإشارة مقام الدليل على صحة التشبيه , وهذا ما يفعله التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني , ومن ذلك:
ما رواه المسور بن شداد , قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم:
" والله مالدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه , وأشار بالسبابة , في اليم فلينظر بم يرجع؟ (86)
إن الصورة التشبيهية قد كملت عند قوله: ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم.
ثم جاءت الحركة , حركة وضع السبابة في اليم؛ لينظر الجميع , ويستحضر اليم وأنه جالس على شاطئه , ثم هاهو يضع أصبعه في اليم , ثم ينظر فلا يجد فيه من الماء إلا البلل.
إن هذه الإشارة أعطت التشبيه قوة , لأنها قامت بدور الدليل , والبرهان على صدق الصورة , وأن من يفعل ذلك يرجع فارغ اليد إلا من الحسرة.
أرأيت كيف تدعم الإشارة التشبيه؟ , وكيف توضح المراد منه؟ وكيف أكسبته الأنس والألفة كما قال الإمام عبد القاهر (86).
_________
إخراج المعنوي في صورة المحسوس
تحدث البلاغيون عن إخراج المعنوي في صورة المحسوس , وذلك في باب البيان عن طريق التشبيه , أو الاستعارة , أو التعبير بالمضارع , وغير ذلك.
لكن الإشارة كما أرى أقوى أثراً من كل ذلك لأن الإشارة لا تكتفي بإخراج المعنوي في صورة المحسوس , وإنما تقوم بتصويره وتجسيده , فيتحول الأمر إلى صور حية مشاهدة تراها العيون , ومن ثم يتفاعل معها المتلقي؛ فيرسخ المعنى في القلب رسوخاً لا مزيد عليه.
وأول ما يلقانا من هذا ما رواه عبد الله بن عمر , قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه , وهو يمسح الدم عن وجهه, ويقول: " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " (88)
فجملة " يمسح الدم عن وجهه " فهم منها المراد , لكن قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتجسيد هذه الحركة زادت المعنى شخوصاً؛ لأنها عمدت إلى المتلقي , ونبهت عينه إلى أن ينظر إلى المعنى وهو يتحرك أمامه.
كما أن في هذه الإشارة بعضاً من التخفيف والترويح عن الصحابة الذين ضاقوا بتعذيب الكفار لهم , فكان في هذه الصورة التي حكاها النبي تأنيساً وترويحاً عنهم من شدة ما لاقوه. فالأمر كما قال ابن حجر كان [تطييباً لقلوب الصحابة] (89)
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذا الباب أيضاً ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها , قال حما: فذكر من طيب ريحها , وذكر المسك , قال , ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض , صلى الله عليك , وعلى جسد كنت تعمرينه , فينطلق به إلى ربه عز وجل , ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل ....
قال: وإن الكافر إذا خرجت روحه , ذكر حماد , وذكر من نتنها , وذكر لعناً , ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض , قال فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل ...
قال أبو هريرة: فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه ... (90)
فهذا تجسيد لهيئة من شم رائحة كريهة منتنة , حتى اضطرته إلى وضع ردائه على أنفه , مما يعني أنه استشعر هذه الرائحة , وأحس بنتنها , فأراد أن يشرك الصحابة معه في هذا الشعور , فغطى أنفه بالملاءة ليستشعروا هم الآخرون نفس الرائحة , فيكون التنفير من هذا النموذج قد وصل إلى منتهاه.
ومن هذا الباب ما رواه أبو رافع عن أبي هريرة قال: كان جريج يتعبد في صومعة , فجاءت أمه ... قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها , ثم رفعت رأسها إليه تدعوه , فقالت ياجريج , أنا أمك كلمني , فصادفته يصلى , فقال اللهم أمي وصلاتي , فاختار صلاته , فرجعت ثم عادت في الثانية , فقالت: ياجريج أنا أمك فكلمني , قال: اللهم أمي وصلاتي , فاختار صلاته , فقالت اللهم إن هذا جريج , وهو ابني , وإني كلمته فأبى أن يكلمني , اللهم لاتمته حتى تريه وجوه المومسات.
قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن .. (91)
والإشارة هنا أنها جعلت كفها فوق حاجبها , ثم رفعت رأسها إليه , وهذا التصوير يبين عدة معان:
الأول: أنها وقت طلوع الشمس , واشتداد الحر.
الثاني: أنها امرأة عجوز ضعيفة.
الثالث: أنها جاءت من بعيد , لأن هؤلاء كانوا يتخذون صوامعهم في الصحاري بعيداً عن الحضر رغبة في الخلوة.
رابعاً: أن الدافع لمجيئها دافع قوي , فلقد جاءته مرة ومرتين وكل ذلك ولم تظفر منه بالإجابة , إلا أنه لم يقدر هذه الأحوال؛ ولا شك أن هذه الدلالات مستقاة من إشارتها التي تناقلها الرواة , واحدا بعد الآخر .. وتلك لفتة لا ينبغي أن تمر دون تدبر.
أعني أن الرواة , بداية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلوا إلينا حركة أم جريج , وهي تضع يدها على حاجبها , وترفع رأسها , وكأن هذه الحركة جزء من الدلالة , ولا يمكن نقل جزء من البيان , وترك جزء آخر , فلم يكن المقصود من النقل الإخبار عن أم دعت على ولدها , وإنما المقصود الإخبار عن أم هذا حالها , وتلك ظروفها , ولذلك دعت على ولدها. والفرق واضح بين الأمرين.
ووصول المعنى إلى المتلقي لابد أن يكون بالجمع بين إشارتها ولفظها , ولو أن راويا حكى كلامها , ولم يحك إشارتها وفعلها فقد قصر في النقل , وأساء في التبليغ , ولذلك انظر:
حكى النبي صلى الله عليه وسلم اللفظ والحركة.
ثم حكى أبو هريرة اللفظ والحركة.
ثم حكى أبو رافع اللفظ والحركة.
وهكذا ينبغي على كل ناقل وحاك.
ولا أبالغ إذا قلت إن كثيراً من الشعر قد ضاعت معانيه لا لشيء إلا لأن الرواة نقلوا لنا اللفظ فقط.
إن شعراءنا لم يقولوا الشعر وهم ساكنون سكون الحجارة , بل قالوه وهم يشيرون بأيديهم , أو بغيرها في مواضع كثيرة , فأين هي هذه الإشارات؟
لقد ضاعت , كما ضاع أغلب الشعر.
وهنا يمكن القول بأن هناك تقصيراً كبيراً من رواة الشعر في نقل الحركات والإشارات, والالتفاتات التي صاحبت اللفظ فهي ذات دلالات لا ينبغي التغافل عنها.
وأرى أن هناك بلاغة غائبة عن البيان العربي , وهي تلك البلاغة الكامنة في إشارات الفصحاء , وحركات المتكلمين الذين علكنا ألفاظهم وتركنا إشاراتهم لتضيع في الهواء.
الطباق بالإشارة
الطباق عند العلماء هو [الجمع بين المتضادين , أي بين معنيين متقابلين في الجملة ... ولو في بعض الصور , سواء كان التقابل حقيقياً , أو اعتبارياً] (92)
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى هذا يمكن اعتبار بعض مقامات الإشارة دالة على هذا الطباق , ومثال ذلك ما ورد في حجة الوداع عن سيدنا جابر بن عبد الله , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , أنه قال: ... وأنتم تسألون عني , فما أنتم قائلون؟
قالوا نشهد أنك قد بلغت , وأديت , ونصحت , فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء , وينكتها إلى الناس: " اللهم اشهد اللهم اشهد .. ثلاثاً " (93)
فرفع اليد إلى السماء , ثم نكتها إلى الناس صورة تقابلية لها دلالة ولا شك.
وهذه الإشارة المتقابلة جاءت في أعقاب قولهم: نشهد أنك قد بلغت وأديت , ونصحت.
فهل تفيد الإشارة أن السماء تشهد كذلك كما تشهدون؟
أم أن المقصود الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يسجل عليهم شهاداتهم؟
أم أن الإشارة تعني أن الملائكة في السماء , وسكان الأرض , والجميع يشهد , فاللهم فاشهد؟
إن هذه المعاني كلها قد تكون مرادة , لكن الشاهد هو هذه الحركة باليد أو بالأصبع , مرة إلى السماء , وأخرى إلى الناس , وأن الغرض منها تأكيد الشهادة , أو الإلحاح على الله تعالى بالشهادة عليهم.
ومن هذا الباب أيضاً ما روته السيدة عائشة رضى الله عنها , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه , أو كانت به قرحة أو جرح , قال: بإصبعه هكذا .. ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ,: " باسم الله تربة أرضنا , بريقة بعضنا , يشفي به سقيمنا , بإذن ربنا" (94)
وهذه الحركة عكس حركة الحديث السابق , فهنا وضع أصبعه على الأرض ثم رفعه إلى السماء , وهناك أشار أولاً إلى السماء ثم أشار إلى الناس.
وكلا الحديثين فيه دعاء:
الأول: دعاء بأن يشهد الله تعالى عليهم لاعترافهم أنه بلغ الرسالة.
والآخر: دعاء بأن يشفي الله تعالى المريض.
وهنا أتساءل: هل هناك علاقة بين الإشارات إلى السماء والأرض وبين الدعاء؟ ربما ...
يقول القرطبي: [وأما وضع الأصبع بالأرض فلعله لخاصية في ذلك , أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة ....
وقيل: كأنه تضرع بلسان الحال: إنك اخترعت الأصل الأول من التراب , ثم أبدعته منه من ماء مهين , فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته] (95)
وقد يفهم من هذه الإشارة المتقابلة معنى التوسل , أعني: توسل العبد الذي خلق من تراب الأرض إلى الله تعالى بقبول دعائه.
لكن اللافت للنظر هو أنه أسند فعل القول إلى اليد.
واسمعه وهو يقول: " فقال بيده "
فالدعاء هنا ليس من اللسان وإنما من اليدين , فالأيدي تدعو , وتتوسل , وتطلب , كما أن اللسان يدعو , ويتوسل , ويطلب.
وأنا هنا لا أجزم بهذه الدلالات , وإنما أحاول فهم الإشارة , وعلاقتها باللفظ.
الخاتمة
وبعد:
فلقد تناولت في هذا البحث أثر الإشارة في البلاغة العربية , ودورها في حمل المراد إلى الناس , وذلك من خلال دراسة نظرية ثم تطبيق على بعض الأحاديث الصحيحة.
وفي الشق النظري تعرضت لما أثبته علماؤنا من دور الإشارة , وعلى رأسهم الجاحظ , الذي جعلها رديفة للفظ ونائبة عنه.
ثم من جاء من بعده كقدامة بن جعفر , وابن أبي الأصبع , وابن حجة الحموي , وقد ظهر من خلال كلامهم عنايتهم بالإشارة ودلالتها , لكنهم خالفوا عند التطبيق , فنحوا بالإشارة عند التطبيق إلى ما يفهم من اللفظ.
وقد ثبت بعد هذا عن مقصود كلام الجاحظ , وعن مقصود هذا البحث , فالبحث يحاول الكشف عن دلالة الحركة المصاحبة للفظ , وأثرها في بناء المعنى.
وقد بينت أن القرآن الكريم أثبت هذه الإشارات ودلالاتها.
أما الشق التطبيقي فلقد بينت فيه إمكانية إدراج الإشارة في جميع أبواب البلاغة , وعلومها , وألقيت الضوء من خلال بعض الأحاديث على دلالة الحذف , والتوكيد , والتعريف , من خلال الإشارة.
وكذلك دلالة الإشارة على التشبيه.
ودلالة الإشارة على الطباق.
وما أردت هنا الاستقصاء , وإنما أردت فتح الباب لدراسة تراثنا العربي , وهو زاخر , شعراً ونثراً من خلال الإشارات المصاحبة له؛ لأن ذلك سيعيد إلينا دلالات ومعاني وقعت منا في الطريق؛ لقلة اهتمامنا بهذه الدلالة.
كما تبين من البحث أن الإشارة لا تقوى على حمل المعنى وحدها غالباً فالأصل أن تكون في صحبة اللفظ , ورديفة له.
أما إذا عجز اللسان فهي النائبة عنه.
كما تبين أن للإشارة سياقات تكثر فيها , ومنها الأساليب الخبرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما ظهر من خلال البحث إمكانية الدلالة بالإشارة على علوم البلاغة المتنوعة , المعاني والبيان والبديع , وأنها لا تقتصر على لون دون لون.
وإني بعد ذلك أوصي كل من سار على الدرب أن يلتفت إلى هذه الدلالة في تراثنا العربي , ويستخرج ما وراءها من أغراض؛ فإن في ذلك فتحاً جديداً للبلاغة العربية.
هذا , وصلى الله على سيدنا محمد , وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
الراجي عفو ربه
سعيد جمعه
الرابع من شهر رمضان 1426 هـ
الهوامش
1 - البيان والتبيين للجاحظ 1/ 7 طبعة دار الكتب العلمية بيروت.
2 - كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي. تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السمرائي ط1 ج5 منشورات مؤسسة
ا الأعلمي للمطبوعات - بيروت - 1408 هـ ص 280 باب الشين والراء والواو.
وانظر لسان العرب لابن منظور طبعة دار المعارف مصر والقاموس المحيط للفيروزبادي
2/ 434 شور دار الفكر بيروت 1398 هـ.
3 - النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين ابن الأثير , تحقيق طه الزاوي ومحمود الطناحي 2/ 508 (شور)
المكتبة العلمية بيروت.
4 - اللسان (شور).
5 - النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 508.
6 - أساس البلاغة للزمخشري (شور) دار صادر بيروت 1399 هـ ص 340.
7 - زهير بن ابي سلمي الديوان شرح الإمام ثعلب الدار القومية للطباعة والنشر مصر ص 168 1384 هـ.
8 - النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 508 لابن الأثير
9 - العين للخليل بن أحمد 6/ 281 باب الشين والراء والواو.
10 - لسان العرب مادة (شور)
11 - النهاية في غريب الحديث والثر 2/ 518
12 - أساس البلاغة ص 340.
13 - لسان العرب مادة (بصم).
14 - السابق (شور)
51 - الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني 1/ 45 الهيئة العامة للكتاب.
16 - عون المعبود شرح سنن أبي داوود 3/ 318 شمس الحق العظيم ابادي دار الكتب العلمية بيروت
17 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 4273 دار الغد العربي.
18 - السابق 6/ 4276.
19 - الكشاف 1/ 361 دار التراث العربي.
20 - مفاتيح الغيب للفخر الرازي 7/ 204 دار الفكر العربي القاهرة.
21 - القرطبي 2/ 143 دار الغد العربي القاهرة.
22 - الكشاف 3/ 7 , والقرطبي 6/ 4257.
23 - الفخر الرازي 2/ 413 دار الغد العربي القاهرة.
24 - نقد النثر المنسوب لقدامة بن جعفر ص 54 ت / طه حسين و عبد الحميد العبادي دار الكتب المصرية القاهرة 1351 هـ 1933م
25 - البيان والتبيين للجاحظ 1/ 39 دار الكتب العلمية بيروت.
26 - السابق 1/ 42
27 - السابق 1/ 64
28 - السابق 1/ 64.
29 - السابق 1/ 43
30 - طوق الحمامة في الألفة والآلاف ت / فاروق سعد ص 105 منشورات دار مكتبة الحياة بيروت لبنان.
31 - لسان العرب (عقر) ط / دار الشعب.
32 - البيان والتبيين 1/ 48
33 - السابق 1/ 43 - 45
34 - السابق 1/ 49.
35 - السابق 1/ 52.
36 - السابق 1/ 58.
37 - السابق 1/ 61.
38 - نقد الشعر المنسوب لقدامة بن جعفر ص 155.
ا 39 - السابق ص 155.
40 - العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق القيرواني 1/ 302 دار الجيل.
41 - العمدة لابن رشيق ص 307.
42 - السابق ص 309.
43 - السابق ص 310
44 - السابق ص 310
45 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص6 أبو فهر محمود شاكر مكتبة الخاجي القاهرة.
46 - السابق ص 24.
47 - السابق ص 65.
48 - تحرير التحبير لابن أبي الأصبع ص 200 ت / حفني شرف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
49 - السابق ص 200 - 202
50 - خزانة الأدب لابن حجة الحموي 2/ 258 شرح عصام شعيتو دار مكتبة الهلال بيروت.
51 - السابق 2/ 258.
52 - أخرجه البخاري في كتاب الرقائق رقم 29 , ومسلم في كتاب الجمعة رقم 43.
53 - الجامع لأحكام القرآن 6/ 4276.
54 - الدين الخالص لمحمود خطاب السبكي 4/ 139
55 - الفقه على المذاهب الأربعة 1/ 4 دار الكتب العلمية.
56 - أصول الفقه للرضي 1/ 236 ت / أبو الوفا الأفغاني ط / دار الكتاب العربي 1372 هـ
57 - سبل الاستنباط من الكتاب والسنة لمحمود توفيق سعد ط / الأمانة 1413 هـ ص 182.
58 - أحكام القرآن للجصاص 4/ 323 ت / محمد صادق القمحاوي دار إحياء التراث بيروت.
59 - سبل الاستنباط ص 184
60 - عون المعبود شرح سنن أبي داوود لشمس الدين العظيم أبادي 3/ 220 ط / دار الكتب العلمي بيروت.
61 - مختصر السعد على تلخيص المفتاح شروح التلخيص 1/ 368 ط / دار السرور بيروت.
62 - رواه مسلم 4588 وأبو داوود 2538.
63 - رواه مسلم 7066 والترمذي 2421.
64 - شروح التلخيص عروس الأفراح للسبكي 1/ 313.
65 - حاشية الدسوقي علي شرح السعد 1/ 313.
66 - البخاري رقم 4897 والترمذي 3310 والنسائي 9/ 460.
67 - فتح الباري 8/ 511.
68 - شروح التلخيص 1/ 273 , 277.
69 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص 146.
70 - رواه مسلم 1077 والبخاري 809 وأبو داوود والترمذي 273
71 - فتح الباري 2/ 348
72 - السابق 2/ 348
73 - السابق 2/ 348
74 - رواه البخاري 1304 , ومسلم 2102
75 - رواه البخاري 2/ 33 ومسلم 178
76 - فتح البري 6/ 406
77 - رواه مسلم 179
78 0 - شرح النووي لصحيح مسلم 1/ 570 ط / دار الغد العربي.
79 - السابق1/ 570.
80 - شرح ابن عقيل ص 48.
81 - رواه مسلم 1936 والبخاري 935
82 - فتح الباري 2/ 481 , 489
83 - رواه البخاري 345 و مسلم 796 وأبو داوود 321
84 - رواه الخاري 345 ومسلم 796 وأبو داوود 321
85 - رواه مسلم 2983
86 - رواه مسلم 2858
87 - أسرار البلاغة لعبد القاهر 101 , 102
88 - رواه البخاري 3477 ومسلم 4565
89 - فتح الباري 6/ 206
90 - رواه مسلم 7081
91 - رواه مسلم 7081
92 - شروح التلخيص , مختصر السعد 4/ 286
93 شروح التلخيص مختصر السعد 4/ 286
94 - فتح الباري 10/ 219
**************************************(/)
الأسلوب الحكيم عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 01:50 م]ـ
الأسلوب الحكيم عدول عن أصل الاختيار بالضابط المعنوي
الأسلوب الحكيم هو تلقي المخاطب بغير ما يترقبه، بترك سؤاله والإجابة عن سؤال اّخر لم يسأله، أو بحمل كلامه على غير ما كان يقصده، فالسائل يسأل بما هو أهم عنده، والمجيب يجيب بما هو أهم عنده، عدولا عن أصل الاختيار من أجل الهدف المعنوي.
فمن ذلك قوله تعالى:" يسألونك عن الأهلة" والإجابة التي يقتضيها السؤال هي: الأهلة كذا وكذا، أي بيان حقيقة هذه الأهلة، لأنهم سألوا عن حقيقة الأهلة وتغيراتها، ولكن الإجابة كانت ببيان الهدف من هذه التغيرات حيث قال تعالى:"هي مواقيت للناس والحج"،ويمكن أن نصوغ الأصل والعدول كما يلي:
يسألونك عن الأهلة، قل هي كذا وكذا ---------- الأصل.
يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج-----العدول.
والهدف من هذا العدول عن أصل الاختيار على المحور التنويعي للغة هو هدف معنوي، وهو التنبيه على أن الأولى هو السؤال عن أسباب تغير الأهلة.
والله أعلم
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 05:44 م]ـ
أخي عزام، هلا زودتنا بأمثلة أخرى وجزاك الله خيراُ.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 07:01 م]ـ
موسى
إليك هذا المثال ممثلا بالآية
(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) هلا شرحت لنا أسلوب الحكيم فيها
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 11:55 م]ـ
نعم أخي.
(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
هنا أتى السؤال عن ماذا ينفقون، ومقتضى الجواب ان يكون عن ماذا ينفقون (الأصل).ولكن الجواب جاء عن الجهات التي يُصرف لها المال. (العدول).وحسب ما قال عزام صاحبنا، والهدف هو أن الأولى السؤال عن الجهات التي يُنفق فيها المال. لا عنا ماهية المال نفسه.
أقيلوني إن عثرت رحمكم الله.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 10:00 ص]ـ
بوركتم جميعا
تحيتي لكم(/)
تفاسير بلاغية
ـ[نوف]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 07:16 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته ...
لو تكرمتم بإرشادي إلى تفاسير تعنى بالبلاغة ...
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 08:05 م]ـ
تفسير الكشاف للزمخشري.
إعراب القرآن وبيانه، لمحي الدين الدرويش.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 09:02 م]ـ
اسم المؤلَّف: " بلاغة القرآن الكريم في الإعجاز - إعراباً وتفسيراً بإيجاز "
من إعداد: بهجت عبد الواحد الشيخلي
الطبعة: الأولى
سنة الإصدار: 1422هـ - 2001م
النشر: مكتبة دنديس - عمان
هاتف: 4610601
والمؤلَّف يقع في عشر مجلدات من الحجم الكبير ..
وفيه نفائس ونكات بلاغية قيّمة ..
أنصح بمطالعته ..
ـ[نوف]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 06:40 ص]ـ
الأخ موسى أحمد زغاري
والأخ لؤي الطيبي
شكر الله لكما
ـ[نوف]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 08:03 ص]ـ
هل من مزيد
ـ[أم العلماء]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 08:49 م]ـ
التحرير والتنوير للظاهر بن عاشور
نظم الدرر للبقاعي
روح المعاني للألوسي
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 09:39 م]ـ
نوف
حددي مستوى طلبك والهدف منه(/)
سؤال لأهل الإختصاص
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[16 - 10 - 2005, 11:00 م]ـ
السلام عليكم
أخواني لي استفسار حول قضية مهمة وهي:
إذا أضيف اسم الفاعل إلى جمع العقلاء، فإنه لا يعني إلا الأفضل.
مثال: محمد خاتم النبيين.
أرجو التفصيل في الإجابة لأني في نقاش مع جماعة الأحمدية الكافرة.
أخوكم موسى
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 04:42 ص]ـ
الأخ الفاضل موسى ..
ألا يكفيك أخي الكريم ما أخرجه الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي "؟
وآية سورة الأحزاب - أخي الكريم - تدلّ بالقطع على أنه لا نبي بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .. فهو خاتم النبيين والمرسلين ..
وإن لم يقتنع من تناقشه ..
فكفاك بتوجيه الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه: " وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى " (عبس: 7). فأي شيء عليك ألا يتطهّر هؤلاء من كفرهم فيسلموا؟(/)
كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 05:11 ص]ـ
:::
قوله تعالى في حقّ الكافرين (كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) سورة المطففين 15
فيه إثبات على أنّ غير الكافرين عير محجوبين عن ربهم---أي يرون ربّهم---ولكنّ المفسّر الشيعي الطبا طبائي فسّر الآية تفسيرا عجيبا غريبا بقوله
(و المراد بكونهم محجوبين عن ربهم يوم القيامة حرمانهم من كرامة القرب و المنزلة و لعله مراد من قال: إن المراد كونهم محجوبين عن رحمة ربهم.) وهو كلام بعيد جدا لا تحتمله الآية --فأيّ تفسير هذا الذي يحرف آيات القرآن عن معانيها الباهرة الساطعة لتتلائم مع أفكار متهاوية
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 06:41 ص]ـ
الأخ الحبيب جمال ..
من معتقدات الشيعة عدم جواز رؤية الله تعالى في الآخرة، بدليل قوله جلّ وعزّ: "لا تدركه الأبصار" ..
وهذا قول باطل كما هو معلوم عند أهل السنة والجماعة ..
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 04:16 م]ـ
لأن توقيعك أخي لؤي له علاقة بحِكم الشافعي فإليك ما نقل القرطبي في تفسيره عنه
(. قال الشافعي: لما حجب قوما بالسخط, دل على أن قوما يرونه بالرضا. ثم قال: أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا.)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 09:00 م]ـ
رحم الله أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ..
كان دائماً ينشد:
ومنزلة الفقيه من السفيه ----- كمنزلة السفيه من الفقيه
فهذا زاهد في قرب هذا ----- وهذا فيه أزهد منه فيه
بارك الله فيك أخي جمال ..
لقد والله أصبت ..
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 07:51 ص]ـ
لأن توقيعك أخي لؤي له علاقة بحِكم الشافعي فإليك ما نقل القرطبي في تفسيره عنه
(. قال الشافعي: لما حجب قوما بالسخط, دل على أن قوما يرونه بالرضا. ثم قال: أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا.)
أولا أخي جمال لي سؤال:
هل يجوز أن يكون رأي الشافعي على عظم قدره في كل نفس مسلم وفي نفسي أيضاً دليلٌ شرعي؟
وهل يجوز في حق الشافعي أن يقول هذا الكلام؟
وهل يجوز لمسلم علم علم اليقين بما ترجح لديه من أدلة أنه لا يرى ربه يوم القيامة الا يعبده سبحانه وتعالى؟
##############################
المشاركة الثانية:
وهذه أرآء بعض الشيعة في تفسير الآية:
تقريب القرآن إلى الأذهان آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي
((كَلَّا)) لا يبقى هؤلاء في خير ونعيم إلى الأبد كما يظن الكفار بأنهم هناك أيضاً يحظون بكرامة الله وإحسانه قائلين (ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا)، ((إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ))، أي عن لطفه ورحمته ((يَوْمَئِذٍ))، أي في يوم القيامة ((لَّمَحْجُوبُونَ))، أي ممنوعون، وهذا كما تقول: "حجبني فلان عن المَلِك،" أي منع لطفه عني.
مجمع البيان في تفسير القرآن
أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسين بن الفضل الطبرسي الطوسي السبزواري الرضوي
«كلا» يريد لا يصدقون عن ابن عباس ثم استأنف «إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون» يعني أن هؤلاء الذين وصفهم بالكفر و الفجور محجوبون يوم القيامة عن رحمة ربهم و إحسانه و كرامته عن الحسن و قتادة و قيل ممنوعون من رحمته مدفوعون عن ثوابه غير مقبولين و لا مرضيين عن أبي مسلم و قيل محرومون عن ثوابه و كرامته.
فهل من مفند؟
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 10:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رؤية الله يوم القيامة بين المناهج الإسلامية
((الفرق))
بحث حواري جدلي في الأقوال والنصوص في قضية رؤية الله تعالى
المقدمة
(يُتْبَعُ)
(/)
يعتبر موضوع الإيمان بالله من أهم مواضيع الفكر الإسلامي، بل الفكر كله، إذ هو جوهر الإيمان ونقطة البدء، وكل أمر آخر يأتي بعده في الأهمية، فالإيمان أساس وغيره فرع، إذ يلد الإنسان وتتولد عنده أسئلة تسعى لتفسر الوجود ـ بعامل فطرته المشعرة له بالنقص ـ وهذه الأسئلة الطبيعية هي: سؤاله عما قبل الوجود، ونظام سيره في الوجود، ومصير الوجود، وعلاقتها ببعضها وبالإنسان، ويمكن أن تختصر هذه الأسئلة كما يلي: من أين أتيت؟ ولماذا جئت؟ وماذا يفعل بي بعد الموت؟ وبصورة أخرى سؤاله عن هذه الثلاثة: الله، الإنسان، الطبيعة، والوجود الذي يبحث فيه وعنه، هو ما يقع تحت حسه المباشر ـ أي الوجود المادي ـ فالوجود المادي موضع التفكير وليس مصدر التفكير، ويستحيل أنْ يبدأ التساؤل عند الإنسان دون أنْ تكون عنده جملة من المعلومات تجعله قادرا على النظر والاستدلال.
إنَّ الاعتقاد التسليمي لم يكن ذات يوم قادراً على كبت تساؤلات الفكر الإنساني المتعددة، فالقرآن الكريم يخبرنا عن إبراهيم عليه السلام؛ الذي آمن بربه خالق الكون والحياة والإنسان بالاستدلال العقلي؛ عبر عملية فكرية تعاملت مع ظواهر كونية قال تعالى عن حاله وهو يُعمل عقله ((فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ % فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ % فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ % إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) (الأنعام:76 - 79)
يسأل إبراهيم ربه عز وجل، كيف يحيي الموتى ليطمئن قلبه، ويوثق ذلك القرآن بما يلي: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة:260).
وموسى عليه السلام يطلب رؤية الله عز وجل، سواء من ذاته أو من تأثير بني إسرائيل عليه، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (الأعراف:143).
لقد أصرَّ بنو إسرائيل وبإلحاح على الطلب من موسى رؤية الله تعالى وقد وثق القرآن طلبهم وما لحقهم من صعق بسبب الطلب قال تعالى: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً (النساء:153)
ويحدثنا القرآن كثيراً عن سؤال بعض الناس محمد r عن الساعة وهذه آيات توثق ذلك {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (الأعراف:187) {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} (النازعات:42) {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}
(يُتْبَعُ)
(/)
(الإسراء:85)
فالعقل الإنساني إذ هيأه الله للمعرفة، يحاول دائماً ان يعرف مبدأ الوجود، ومصير الوجود، ليتأتى له أنْ يختط مسيرته في هذا الوجود ويحاول أنْ يكتنه المجهول لخشيته منه.
من هنا كان سؤاله عن ذات الله، وعن صفاته، وعن إمكانية رؤيته، سواء في الدنيا أو في الآخرة، وإذ عجز العقل الإنساني عن رؤية الله في الدنيا، أخذ بجري في عقله تصورات شتى عن خالقه، واستقر مطمح بعض المؤمنين إيمانا وجدانياً على إمكانية رؤيته بالآخرة محاولين أنْ يجدوا في القرآن الكريم ما يدل على هذا التصور.
إنَّ موضوع رؤية الله من المواضيع الخلافية بين مفكري الإسلام (علماء التوحيد)، وإذ يتعلق موضوع الرؤية بمشكلة التجسيم، الأمر الذي أثار جدلاً لا هوادة فيه؛ بين الفئات الإسلامية، من قبل أهل الحديث، والأشاعرة، وأهل الظاهر، والماتريدية، وجميع هؤلاء يحكمون لأنفسهم بأنهم أهل الحق، وأنهم أهل السنة والجماعة، وكل هؤلاء يثبتون الرؤية لله تعالى يوم القيامة، ويختلفون في الجسم وما يلزم عن الحسم مثل: اليد، والوجه والعين، والساق، والأصابع وغيرها ويختلفون في الجهة وغيرها ويهربون من لازم التجسيم إلى القول الذي يأتون نه من عندهم: بلا كيف والخلاف بين هؤلاء وبين أهل التوحيد والعدل، المنزه لله عن كل معنى من معاني التشبيه والتجسيم وهم المعتزلة والزيدية وهما على قمة أهل التنزيه، لتأتي الإمامية والخوارج [الأباضية] بعد ذلك، أما المجسمة فلا جدوى من البحث معهم بموضوع الرؤية ـ ما داموا يثبتون لله جسماً ـ وإنما البحث يكون معهم باستحالة ان يكون الله جسماً؛ إذ لو كان الله جسماً؛ لما كان هناك نزاع في إمكان رؤيته.
لقد أخذ موضوع الرؤية يبرز مرة أخرى على يد أهل الحديث الجدد، ويشكل ظاهرة قوية، أخذت تعمل على نقل الأمة الإسلامية من ساحة الفكر والتفكير في النهضة، إلى ساحة النقل والتسليم، يرجون من محاولتهم هذه حبس الأفكار وقوقعتها ضمن مسلمات تراثية؛ تستند إلى فكر أهل النقل المسلم بالرؤية، عاملة على إبقاء الشباب المسلم دون بصيرة يستطيع فيها أن يبدع في الفكر الإسلامي، وينمي الفهم فيقطف الثمار.
إنَّ الخطورة تكمن في إبقاء المسلمين في حالة محافظة على بعض أفكار تراثية عاجزة عن الوقوف في مواجهة الدليل، وأمام مستجدات العصر من نظريات في الفكر، وخاصة ما يتعلق يالكوزمولجي مثل الانفجار الكوني العظيم والبيولوجي والفلك والنظام الرياضي للكون وما حدث من تقدم معرفي هائل في هندسة الجينات والحمل خارج الرحم والاستنساخ، مما يجعلنا في حالة عجز وشلل أمام الهجمة الفكرية المتسلحة بالأيدلوجيات، وطرق التفكير، ومناهج البحث، والمنجزات العلمية فتكون الأمة في موضع المهزوم، فتتقوقع أو تتأثر أو تنسحب، وكل تلك الأمور في غاية الخطورة.
يحاول أهل الحديث الجدد عامدين إلغاء دور العقل في إدراك القضايا الإيمانية، ويخلطون عامدين بين قضايا المعرفة، وقضايا الشريعة، فيمثلون بالقضايا الشرعية؛ مثل المسح على ظاهر الخفين وما هو مثل ذلك، لتبرير إلغاء دور العقل، ويعطون لآرائهم وأراء علماء فرقتهم صفة الوحي، فيجعلون ما فهموه وكأنه منطوق كلمة الوحي، ويهملون عامدين مقالات المخالفين لهم من العلماء، أو يقللون من شأنهم بوصفهم بعدم العلمية أو بالابتداع أو الانحراف.
لهذا كان لا بد من جمع مقالات العلماء من الاتجاهات بموضوع الرؤية، دون أي تصرف فيها، والإبقاء عليها كما هي، ليتأتى للمسلمين بالدراسة والبحث والمقارنة أن تتشكل لهم رؤية مستندة إلى الدليل الأقوى، والاستدلال الأصح، لينتهي البحث بعملية ترجيح مبنية على منهج واضح، دون أي محاولة للتأثر بالعاطفة مع الإدراك بأن إثارة الفكر هي الطريق الأكثر تقويما والأسلم لمثل هذه المواضيع.
لقد أحس الناس جميعاً بإرهاصات الإسلام، فعمل أعداء الإسلام ـ وبسرعة ملفتة للنظر وبخطط محكمة ومدروسة، على احتواء الإسلام، أو تذويبه، أو مواجهته، وبرز احتواء الإسلام في إشغال المسلمين بقضايا الأعمال الخيرية، والروحية، والتهذيبية، والرياضية، وثقافة الوعظ والإرشاد، ومدارس حفظ القرآن، ومسابقات الحفظ للقرآن والتجويد، وعقد المؤتمرات وخطابات المواسم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبرزت أعمال التذويب في إيجاد الجماعات التي تدعو للأعمال التعبدية والجماعات التي تشغل الناس في فقه الجنائز وفقه الأسرة والمرأة وتحقيق كتب علماء النقل ونشر كتب الأشراط وعذاب القبر ومهاجمة كل فكر يلمس منه العناية بالدليل سواء في الأفكار والمعتقدات أو في الآراء والأحكام وفي إظهار ما يسمى بالأغاني الإسلامية والأعراس الإسلامية واللافتات الإسلامية المتعددة التي لا تقوم على أساس الأحكام الشرعية وإنما تقوم على لي عنق النصوص لتوافق السير المطلوب.
وظهرت أعمال المواجهة في تشجيع الحركات الإسلامية على القيام بأعمال مادية من ثورات واغتيالات أو أعمال تخريب وعصيان لتتمكن السلطات المحلية من مواجهة الإسلام والمسلمين بقوة الحديد والنار وإظهار الإسلام أمام الرأي العام المحلي والعالمي بأنه مجرد ظواهر متطرفة من شأنها أن تذيق الإنسانية الشقاء والدمار بدل أن يحمل الإسلام للعالم رسالة الطمأنينة والسلام وسعادة الآخرة.
وتبدو قضية رؤية الله في الآخرة كأحد الأفكار المحبطة للنهضة، ذلك أن إثبات الرؤية يعني إلغاء دور العقل في الاعتقاد، بما ينقل الإسلام من كونه عقيدة عقلية تعالج شؤون الدنيا كطريق للآخرة، إلى فصل أعمال الدنيا عن الآخرة فينتقل الإسلام إلى عقيدة روحية تعتمد المسلمات النقلية، فتحصل المفارقة التامة بين أعمال الدنيا وأعمال الآخرة، ويعتمد اتصال أعمال الدنيا مع أعمال الآخرة برباط أوهى من خيط العنكبوت هو رباط الإحسان وقواعد الأخلاق التي لا تصلح أساسا أو قاعدة للسير في طريق الرقي والنهضة.
آيات القرآن الكريم
الآيات محل التنازع في مسألة الرؤية
(1)
آيات تنفي الرؤية
((لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) (الأنعام:103)
((وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)) (الأعراف:143) ((وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)) (البقرة:55) ((يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً)) (النساء:153)
هذه هي الآيات التي يستشهد بها النافون لرؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة يأتي على رأس هؤلاء المعتزلة فالزيدية فالأباضية ثم الشيعة الإمامية.
(2)
آيات يأتي بها مثبتة الرؤية
((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ *تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ)) (القيامة:22 - 25)
((لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) (يونس:26)
((كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)) (المطففين:15)
لا بد من وقفة مع الآيات التي آتي بها مثبتة رؤية الله يوم القيامة لوضعها موضع الفهم وهي آيات ثلاثة لم تصرح أي واحدة منها بأن الله تعالى يرى يوم القيامة فلا يوجد فيها أي كلمة متعلقة بالرؤية وهذا هو البيان:
· الأولى فيها [إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ] فهل ناظرة تعني في لسان العرب رائية أن النظر لا يفيد أبدا الرؤية أبدا ألا أذا أقترن بالبصر ولذلك صحت هذه الجملة بلسان العرب: {نظرت إلى الهلال فلم أره} ولو كان نظر إلى كما يزعمون تفيد الرؤية لما صحت هذه الجملة التي حصرت بين معكوفتين معوجتين فالمسألة المطلوبة وبوضوح ممن يثبت الرؤية من هذه الآية أن يجيب إجابة واضحة ذلك أن المثبت عين المنفي وهذا يعد تناقض قي اللسان وجل ما يشاغب به مثبتة الرؤية هو أن ناظرة متعدية بإلى وها هي متعدية بإلى ولا تفيد الرؤية وفي ديون حسان ابن ثابت جاء بيت الشعر التالي:
وجوه يوم بدر ناظرات إلى الرحمن تنتظر الخلاصا
وهكذا يتهافت وصولهم للقول بالرؤية من آية [إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ] على مستوى نظر المتعدي بإلى.
· ومن عادتهم لتقديم رؤيتهم الخاطئة في هذه الآية أنهم يقولون: أسند النظر للوجوه فجاء بالكل وأراد به الجزء أي أراد العين وهذا قول متهافت تهافتا شديدا ذلك أن العرب لا تستد النظر للوجوه ابدا هذا من جهة ومن جهة أخرى على مثل هذا المنهج المعوج يمكن تصحيح هذه الجمل التالية:
1. شممتك بوجهي أو شمك وجهي.
2. ذقت الطعام بوجهي أو ذاق وجهي الطعام.
3. مصصت الشراب بوجهي.
ويمكن الإتيان بعشرات من مثل هذه الجمل المضحكة.
على أن آيات القيامة الأربعة لا تتحدث عن النظر وإنما عن قسمة الناس في المحشر إلى قسمين ـ بسبب علمهم المتقدم بأفعالهم ـ قسم يتنظر ثواب ربه، وقسم تأخذه الظنون إلى ما سيصير إليه بعد الدخول للجزاء فالوجوه هي دلالة على الذات وليس على الوجوه أصلا مثل قوله تعالى [وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ] (الرحمن:27) أليس الوجه في هذه الآية دال على الذات.
حتى لا اطيل على الأخوين جمال الشرباتي وموسى الزغاري سأعود لبقية الايات التي يستدل بها الفريقان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 11:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمود على كل حال، الذي بحمده يستفتح كل أمر ذي بال، خالق الخلق لما شاء، وميسرهم على وفق علمه وإرادته، لا على وفق أغراضهم لما سرّ وساء، ومصرّفهم بمقتضى القبضتين، فمنهم شقيّ وسعيد، وهداهم النجدين، فمنهم قريب وبعيد، ومسويهم على قبول الإلهامين ففاجر وتقيّ، كما قدّر أرزاقهم بالعدل على حكم الطرفين ففقير وغنيّ، كل منهم جار على ذلك الأسلوب فلا يعدوه، فلو تمالأوا على أن يسدوا ذلك السبق لم يسدوه، أو يردّوا ذلك الحكم السابق لم ينسخوه ولم يردوه، فلا إطلاق لهم على تقييده ولا انفصال، " وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ".
أما بعد:
فإني أذكّرك أيها الأخ الفاضل أمين في مقدّمة ينبغي تقديمها قبل الشروع في المقصود، وهي أن من شأن كل صاحب مخالفة أن يدعو غيره إليها، ويحضّ سؤاله بل سواه عليها، إذ التأسّي بالأفعال والمذاهب موضوع طلبه في الجبلّة، وبسببه تقع من المخالف المخالفة، وتحصل من الموافق المؤالفة، ومنه تنشأ العداوة والبغضاء للمختلفين.
وإنما قدمت هذه المقدمة لمعنى أذكره. وذلك أنني رأيتك في مقدّمتك تلقّب الحقّ وأهله بالألقاب المنفّرة التي لا تفيد إلا إتعاب عقل الإنسان، وكثرة الهذيان. حتى قلت عن قضية رؤية الله تعالى في الآخرة أنها تبدو " كأحد الأفكار المحبطة للنهضة، ذلك أن إثبات الرؤية يعني إلغاء دور العقل في الاعتقاد ". ولا ندري ما شأن العقل بمثل هذا الاعتقاد الذي لا يمكن للإنسان أن يدرك منه إلا ما صدّقه الوحي والقرآن.
فإن أردت الحق، فحاكمنا إلى الوحي والقرآن، لا إلى منطق يونان، ولا إلى قول فلان ورأي علان، ولا بحجّة التخلّف عن فهم الكوزمولوجي وانفجار الأكوان، أو بالعجز عن مواجهة الاستنساخ والتلاعب في الأجنّة والجينات.
فهذا كتاب الله ليس فوق بيانه مرتبة في البيان، وهذه سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم مطابقة له أعظم من مطابقة البيان للسان. وهذه أقوال أعقل الأمم بعده والتابعين لهم بإحسان، لا يختلف منهم في رؤية الربّ سبحانه اثنان، ولا يوجد عنهم فيها قولان متنافيان.
فالله المستعان على ألسن تصف، وقلوب تعترف، وأعمال تختلف.
ثم إليك بيان تهافت كلامك من أوله إلى آخره:
فنقول وبالله التوفيق: إن في قوله تعالى: " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ "، إثبات الرؤية للوجوه التي فيها العيون الناظرة، وذلك لأنه وصفها بالنضارة، وقرن النظر بكلمة (إلى) وعدّاه بها إلى المنظور إليه. وما هذا سبيله لا يُفهم منه إلا نظر العين، إلا عند اقتران قرينة توجب الصرف إليه يعلم بها أنه أراد به الانتظار أو الاعتبار. وإن في قول حسان الذي أوردته حجّة عليك:
وجوه يوم بدر ناظرات --- إلى الرحمن يأتي بالخلاص
فإنه لما اقترن بقوله ناظرات قوله يأتي بالخلاص، علم أنه أراد به الانتظار، وفيما نحن فيه مثل هذه القرينة منعدمة، فلن يحمل إلا على النظر. ومعلوم أيضاً أن بعض الرواة روى البيت هكذا: وجوه يوم بكر، ناظرات .. وقال: إن مراد الشاعر من هذا يوم اليمامة، سُمّي يوم بكر لأن القتال كان فيه مع بني حنيفة بن لُخَيْم رهط مسيلمة الكذاب، وبنو حنيفة بطن من بكر بن وائل، فسُمّي ذلك اليوم يوم بكر لهذا. وعني بـ (الرحمن) مسيلمة الكذاب، فإنهم كانوا يسمّونه رحمن اليمامة.
وبهذا يبطل تأويل من قال معناه ثواب ربها منتظرة، لما مرّ أن النظر المضاف إلى الوجه المعدّى إلى المنظور إليه بحرف (إلى)، يكون المراد منه نظراً لا انتظاراً.
أما إذا أريد به الانتظار فإنه لا يعلق بالوجه ولا يعدّى بـ (إلى). قال الله تعالى خبراً عن تلك المرأة: " وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ " (النمل: 35). فلم يقيّد بالوجه، ولا عدّي بكلمة (إلى) لمّا أريد به الانتظار. وقال الشاعر:
فإن يك صدر هذا اليوم ولي --- فإن غداً لناظره قريب
أي لمنتظره. فأما قول جميل بن معمر:
إني إليك لما وعدت لناظر --- نظر الذليل إلى العزيز القاهر
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن المراد منه النظر الذي هو رؤية العين، لأنه عدّاه بكلمة إلى. فمعناه إني أنظر إليك بالذلّ والانكسار، لأن النظر إلى المأمول على هذا الوجه يبعثه على المسارعة إلى قضاء الحاجة وإنجاز الوعد. وفي قول القائل:
ويوم بذي قار رأيت وجوههم --- إلى الموت من وقع السيوف نواظر
أراد أيضاً نظر الرؤية لما عدّاه بكلمة (إلى). ثم إن بعض الناس قالوا المراد منه حقيقة الموت، وبعضهم قالوا أراد بالموت أسباب الموت كالضرب والطعن وهي مرئية في العادة، والشيء قد يُسمّى باسم ما يؤول إليه. وبعضهم قالوا أراد بالموت الأبطال الذين يوجد الموت بسبب ضربهم وطعنهم وإقدامهم في الهيجاء، كما قال جرير:
أنا الموت الذي خُبّرت عني --- فليس لهارب مني نجاء
وقال آخر:
يا أيها الراكب المزجي مطيته --- سائل بني أسد ما هذه الصوت
وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا --- قولاً يقربكم إني أنا الموت
ثم نذكر وجهين آخرين يدلان على أن حمل الآية على الانتظار فاسد: أحدهما راجع إلى نفس المنتظَر، والآخر إلى حال المنتظِر.
أما الراجع إلى نفس المنتظَر فهو أن الثواب يومئذ يكون موجوداً لأن الجنّة دار وقوع الثواب، لا دار الانتظار. إذ الانتظار لذلك موجود في الدنيا والمعدوم هو الذي ينتظر لا الموجود. وما يقال في مبتذل الكلام: انتظر زيداً، معناه انتظر حضوره وقدومه. ألا ترى أنه لو فسر فقال انتظر حضوره كان مستقيماً، ولو قال: انتظر وجوده، كان فاسداً. فدلّ أن هذا التأويل باطل.
وأما الراجع إلى حال المنتظِر، فهو أن وليّ الله تعالى في الجنّة مصون عمّا يوجب اعتراء وحشة في صدره أو ضيق وقلق في قلبه. وفي الانتظار ذلك وتنغيص للنعمة. وقد قيل في المثل السائر: الانتظار موت أحمر. وهذا ممّا لا يليق بحال أهل الجنّة. ألا ترى كيف وصفهم بنضارة الوجوه بقوله تعالى: " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ". وذلك وصف من نال الثواب، لا وصف من هو بعد يقاسي ألم الانتظار وكربه. يحقّقه أن النظر مضاف إلى الله تعالى لا إلى غيره. فلا يجوز صرفه إلى غيره. ولو جاز ذا، لجاز صرف قوله: " وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ " (الحج: 77) إلى غير الله تعالى.
وحقيقة هذا أن إضمار المضاف وإقامة المضاف إليه مقام المضاف إنما يجوز عند تعيّن المضاف في نفسه بدليل من الدلائل، فتحصل فائدة الكلام، وهي الإفهام، كما في قوله تعالى: " وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا " (يوسف: 82)، أي أهل القرية لأن السؤال للجواب ولا جواب يُنتظر من الأبنية والحيطان وشيء من الجمادات. فعلم أن المراد منه من ينتظر منه الجواب وقد اختصّ بذلك الأهل. فأما عند انعدام دليل تعين بعض ما يضاف إليه فلا يجوز الإضمار لانعدام الفائدة.
ألا ترى أن قائلاً لو قال: رأيت زيداً، وأراد به عمامته أو قميصه أو دابّته أو غلامه أو داره، كان مخطئاً في ذلك لاستواء هذه الأشياء وما سواها أيضاً في صحّة الإضافة إلى زيد، وانعدام دليل التعين، فكان المتكلم به المريد بعض هذه الأِشياء من غير دليل التعيين متكلماً بما لا فائدة فيه فعُدّ سفيهاً جاهلاً.
ثم ما تصحّ إضافته إلى الله تعالى أشياء كثيرة من نحو الجنة والعرش والملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام وأصحاب الرسل والأولياء وعباد الله الصالحين والدور والقصور والحور العين والغلمان والبسط والحلل والأواني وغير ذلك مما لا يحيط به العدّ والإحصاء، وإن بولغ في الاستقصاء فتعيين البعض بلا دليل يوجب التعيين غير سائغ في اللغة وخروج في الخطاب عن عادات الحكماء. فحمل كلام الله تعالى على هذا فاسد. ولا يجوز المصير إليه. والله الموفق.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 01:22 ص]ـ
إثبات الرؤية من الآية الكريمة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نكمل الحديث عن الآية الثانية التي اعترض عليها الأخ أمين، وهي ما جاء فيها قوله جلّ وعزّ: " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " (يونس: 26).
(يُتْبَعُ)
(/)
فنقول وبالله التوفيق: إن (الحسنى) في هذه الآية الكريمة: هي الجنة، و (زيادة): هي النظر إلى وجهه الكريم سبحانه، فسّرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده.
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ "، وقال: " إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه. فيقولون: ما هو؟ ألم يُثقِل موازيننا ويبيّض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة " (حديث صحيح، ورواه الترمذي وابن ماجة وأحمد نحوه عن صهيب رضي الله عنه، وهو مخرج في {ظلال الجنة} رقم 472).
وقال تعالى: " لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ " (ق: 35). يقول الإمام الطبري - رحمه الله: قال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك: هو النظر إلى وجه الله عزّ وجلّ.
كما رُوي عن كثير من الصحابة وبأسانيد متعدّدة وألفاظ أخر أن (زيادة) و (مزيد) معناهما النظر إلى وجه الله عزّ وجلّ. وذكر الترمذي في تصنيف له سمّاه ((مسألة سلوك أهل العدل بين المشبهة والمعطلة))، فقال: " اتفقت على حديث الرؤية عدّة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم كلهم، أئمة منهم: ابن عمر وابن مسعود وابن عباس وصهيب وأنس بن مالك وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل وثوبان وعمار بن رويبة الثقفي وحذيفة عن أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت وجرير بن عبد الله وأبو أمامة وبريدة الأسلمي وأبو برزة وعبد الله بن الحارث بن جَزْء الزبيدي، أحد وعشرون رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم كلهم رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات الرؤية. فمن ردّ هذا فقد قصد تكذيب هؤلاء ".
وجاء في العقيدة الطحاوية أن نحو ثلاثين صحابياً رووا أحاديث الرؤية. ومن أحاط بها معرفة يقطع بأن الرسول قالها، ولولا أنا التزمنا الاختصار لسقنا ما في الباب من هذه الأحاديث. فالأحاديث والدلائل السمعية في هذا الباب كثيرة، وهي تثبت رؤية الله تعالى، ولا ثبوت لما لا جواز له. والله أعلم.
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[01 - 11 - 2005, 08:51 م]ـ
وإذ وجدت الجدل مذهبيا لا معرفيا رأيت أن السكون أولى فلم أكمل الموضوع
للمذهب كل التحيات
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 11 - 2005, 09:03 م]ـ
الأخ أمين ..
لك حرية الاختيار فيما تراه مناسباً ..
ولكن - من باب التكرّم علينا - هلا بيّنت لنا الفارق بين الجدل المعرفي .. والجدل المذهبي ..
وماذا تقصد أصلاً بقولك " الجدل المذهبي "؟(/)
الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 06:06 م]ـ
:::
قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ)
# بداية ما هو الرفث---ولماذا كنّى به عن الجماع؟
الرفث هو ما قبح من الالفاظ أصلا وصار يستخدم كتعبير يختص بالعلاقة الحميمة بين الزوجين لاستخدامهما ما قبح من الألفاظ خلالها
# ثانيا --لاحظوا جمال إستعارته للباس للدلالة على العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة حال الجماع فكما اللباس ساتر للعورة فإن الزوج ساتر لزوجته من الفجور والزوجة كذلك
أو أنّ العلاقة الحميمة وممارساتها من اعتناق واشتمال كل منهما الآخر كما اللباس في اشتماله الجسم
# ثالثا--تختانون أقوى لفظا من نخونون فالإختيان فيه زيادة وشدّة
# رابعا--إبتغاء ما كتب الله هو الولد--ففي الآية دلالة على أن مقصود الجماع هو الذريّة--بالتالي فلا علاقة جنسيّة مسموحة خارج نطاق مكان الآستيلاد
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 09:52 م]ـ
أمّا معنى تختانون--فهو تنقصون أنفسكم حقها من الإستمتاع بالجماع في ليالي رمضان بسبب شبهة أن يكون هذا العمل محرّما---فقد كانوا يظنّون حرمة هذا العمل ظنّا بسبب آية "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم"---على أساس أنّ من كان قبلهم محرم عليهم الجماع في ليالي الصوم
فنزلت الآية لتبين جواز جماع النساء في ليالي رمضان---ولا نسخ في الموضوع(/)
الإشادة في البلاغة
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[17 - 10 - 2005, 09:20 م]ـ
:::
ليست البلاغة أن يطال عنان القلم أو سنانه، ويُبسطَ رهان القول أو ميدانه، بل هو أن يبلغ أمد المراد، بألفاظ أعيان ومعانٍ أفراد، من حيث لا مزيد على الحاجة، ولا إخلال يفضي إلى الفاقة. البلاغة ميدانٌ لا يُقطعُ إلا بسوابق الأذهان، ولا يُسلك إلا ببصائر البيان. فصيحٌ ... يعبث بالكلام، ويقوده بألين زمام، حتى كأن الألفاظ تتحاسد في التسابق إلى خواطره، والمعاني تتغاير في الإنثيال على أنامله، وآخر ... مشرفي المشرق، وصيرفي المنطق، البيان أصغر صفاته، والبلاغة عفو خطراته. كأنه أُوحي بالتوفيق إلى صدره، وحُبس الصواب بين طبعه وفكره.
وبليغٌ ... يَحُزُّ مفاصل الكلام، ويسبق فيها إلى درك المرام، كأنما جُمع الكلام حوله حتى انتقى منه وانتخب، وتناول منه ما طلب، وترك أذناباً لا رؤوساً، وأجساداً لا نفوساً. وكاتب ... لا يبلغ المعنى ويرضى بعفو الطبع، ويقنع بما يَخِفُّ على السمع. يُوجز فلا يُخل، ويطنب فلا يُمل.
لله درُّ الفصحاء في منتدى الفصيح، قد أخذوا بأزمةِ القول يقودونها كيفما يريدون ويجذبونها أنى يشاؤون، فلا يعصيهم بين الصعب والذلول، ولا يسلمهم عند الحزون والسهول.
كلامهم يشتد مرة حتى تقول الصخر الأملس، ويلين تارةً حتى تقول الماء أو أسلس.
يقولون، فيصولون، ويجيبون، فيصيبون، ويكتبون فيطبقون المَفْصِل، وينسقون الدرَّ المُفَصل.
يَرِدُونَ مشارع الكلام وهي صافية لم تُطرق، وجامَّةٌ لم ترنق.
ـ[وحي اليراع]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 09:43 م]ـ
السلام عليكم
أحسنت في قولك، وأجدت في عرضك، فزادك الله بالقول والعرض بسطة.
تحياتي:
وحي.
ـ[وحي اليراع]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 09:44 م]ـ
السلام عليكم
أحسنت في قولك، وأجدت في عرضك، فزادك الله بهما بسطة.
تحياتي:
وحي.
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 10:07 م]ـ
أخي وحي اليراع
أحسنت في قولك، وأجدت في عرضك، فزادك الله بهما بسطة.
تحياتي:
وحي.
*****
أوجزت في قولك، وأفصحت في لفظك، فزادك الله بهما في الجنة روضة.(/)
ارجو المساعدة
ـ[رفيع الشان]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 10:11 ص]ـ
السلام عليكم
ارجو المساعدة في حل هذا السؤل
1 - حلل الأبيات بالوقوف عند:
الصيغ الصرفية، صيغ الأفعال، الضمائر. مع توضيح دلالة كل منها
حضروا السماط فكلما راموا القرى * مالت بأيديهم عقول ذهل
تهوي أكفُّهمُ إلى أفواههم * فتحيد عن قصد السبيل وتعدل
متحيّرون فباهت متعجّب * مما رأى أو ناظر متأمّل
ولكم مني الدعاء الخالص
ـ[رفيع الشان]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:28 ص]ـ
يا فصحائنا ساعدوني في حلها(/)
واجب
ـ[رفيع الشان]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 10:27 ص]ـ
استخرج من النص صورة بلاغية، ووضحها
1 - ورأيت وفد الروم بعد عنادهم * عرفوا فضائلك التي لا تُجهل
2 - لحظوك أول لحظة فاستصغروا * من كان يعظم عندهم ويُبجل
3 - حضروا السماط فكلما راموا القرى * مالت بأيديهم عقول ذهل
4 - تهوي أكفُّهمُ إلى أفواههم * فتحيد عن قصد السبيل وتعدل
5 - متحيّرون فباهت متعجّب * مما رأى أو ناظر متأمّل
6 - ويود قومهم الأولى بعثوا بهم * لو ضمّهم بالأمس ذاك المحفل
7 - قد نافس الغيبُ الحضور على الذي * شهدوا وقد حسد الرسول َالمرسِل
والله يجعله في ميزان حسناتكم
ـ[رفيع الشان]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:25 ص]ـ
ارجوا المساعدة
ـ[رفيع الشان]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 07:45 ص]ـ
: mad: ............ ;) ........ :rolleyes: ......... :) ............... (ops ......... :p ..... :D
ـ[رفيع الشان]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 09:14 ص]ـ
يا بلغائنا الى الان لم يستطع احد ان يستخرج من هذة الابيات صورة بلاغية واحدة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!(/)
المسلمون والتدين
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 12:08 م]ـ
المسلمون والالتزام بالتدين
ما هو الإسلام؟ الإسلام ايدولوجيا منسقة ومتماسكة، له أساسه الفكري المتمثل بالإيمان بما قبل الحياة، وهو الله، وما بعد الحياة، وهو البعث والجزاء، وان الحياة الإنسانية هي حياة استخلاف وتكليف وللإسلام معاييره وموازينه للإقبال والإدبار عن فعل أو علاقة، وله نظرية سياسية جماعية يضبطها العدل، ونظرته إنسانية محضة ودعوة الإسلام دعوة عالمية، للبشر كافة، باعتبارهم بشرا، لا مجرد أعضاء في جماعة عرقية، أو قومية، أو دينية، أو طائفية ورعايته تقدم للإنسان بصفته إنسانا وبشرا، لا بأي اعتبار آخر.
ما هو الدين أو التدين؟ الدين أو التدين: هو حالة شعورية، عاطفية ناشئة عن شعور الإنسان الفطري، بالعجز النقص، الاحتياج وإشباع هذه الحالة الشعورية، يتم بالتعظيم والتقديس ويتلقن الإنسان الناشئ، منذ بداية تمييزه، من أهله ومجتمعه، كيفيات هذا التعظيم والتقديس بصورة دوغمائية فينشأ من ذلك الفرد المتعبد والجماعة المتعبدة، تجمعها صورة التعبد، ويفرقها الكدح في مطالب الحياة الأخرى، ومن هنا تنشأ عند الإنسان المتعبد، والجماعة المتعبدة، مسلكيات متناقضة، وغير متسقة ومفككة.
معنى أن الإسلام دين معنى واحد لا غير، إن مصدره شكلا، ومضمونا من عند الحكيم الخبير لكنه تنزل لصلاح الإنسانية وعلاج مشاكلها، ولذلك فالإسلام ليس تدينا، بل الإسلام ايدولوجيا شمولية لعلاج مشاكل الحياة الإنسانية، مهما تنوعت وتعددت، إن إعطاء الإسلام شكل التدين هو حالة اعوجاج عن الإسلام، بل حالة خطرة تحرف الإسلام عن مساره وأهدافه، وتجعله يلبس هديا غير هديه ويسير في مسار ليس مساره، ويتمحور حول الآخرة من خلال العبادات والأخلاق وإعمال الخير مع فقدان العبادات والأخلاق وعمل الخير لحيويتها وجماعتها وإنسانيتها، فالفردية أساسها والمظاهر حركتها والانتهازية والوصولية محورها إنها دخول سنن النصارى واليهود، فتتحول الأمة في مجملها إلى أمة ميتة تمالئ من بيده الأمر وتهون على نفسها وتستكبر على الضعفاء والأيتام وتأخذ دينها من زمرة الأحبار والرهبان، تؤمن بالخرافات والأساطير وتنتظر القدرية الغيبية ليتحقق لها حلمها وإذ طال الدرب عليها لجأت إلى التبرير أو الكذب أو محاولة الاتصال بالجن أو بالسحرة لعل الجن والسحرة يقدمون لها العون أو تحولت إلى جماعة تنتظر المسيّا المنتظر ليحقق لها العدل والنصر تلك هي أحوال الأمم المتدينة سواء أكانت بوذية أو نصرانية أو يهودية أو إسلامية فلا فرق إلا ببعض المقولات ومع ادعائهم التدين والزهد فهم احرص الناس على الدنيا.
إن النظرة للإسلام على انه دين وتدين يفقد الإسلام روحه وحيويته ويحوله من كينونة حية نامية متحركة فاعلة، إلى كيان ميت جامد متحجر مفتقد للفاعلية، وهذا ما يلاحظه كل مراقب لحركة المجتمع، والحالة الفكرية التي هو عليها ومراقبة حس المجتمع، إن مجتمع التدين والمتدينين يثور حينما يطأ احد الناس سجادة مسجد ولا يتحرك أدنى حركة حين يلطم الجلاوزة وجه الإنسان، بل إن الناس يشتركون مع الجلاوزة في لطم وجه الإنسان إذا سرق حصيرة مسجد ويبكي مجتمع التدين والمتدينين على عدم بناء مسجد في حارة، ولا يتأثر إذا رأى عائلة تفترش الغبراء وتلتحف السماء، ولهذا وصف القرآن الكريم مثل هذا المجتمع بقوله في سورة الماعون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ % فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ % وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ % فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ % الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ % الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ % وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ %
لقد استطاع المتدينون تحويل هذه السورة القرآنية التي تندد بالمجتمع حين تحوله إلى مجتمع المتدينين بأنهم (يكذبون بالدين) رغم دعوى إيمانهم، وأنهم يستحقون (الويل) رغم صلاتهم، لأنهم في الحقيقة (ساهون) عنها، إلى أنها تنديد بمن يؤخر الصلاة، وتنديد بالكفار، مع أن كل السورة حول مسؤوليات المؤمنين المصلين تجاه الآخرين الضعفاء اليتيم والمسكين وصاحب الحاجة وتنديد (بالمراءاة) التي لا تكون إلا للمستكبرين.
إن حركات المتدينين أمس واليوم وغدا، هي المسئولة عن حالة الضياع التي عليه الأمة الإسلامية، وهي التي وطأت لعدو الأمة الرأسمالي الغربي ليتحكم في مصير هذه الأمة الإسلامية الخيرة، وهي التي حولت جماهير الأمة الإسلامية إلى حالة من الغثاء.
إن الأمة الإسلامية هي التي تعرف معنى التوحيد والعدل، و المنزلة بين المنزلتين وصدق وعد الله وصدق وعيده، ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتباشر الحياة على هدى هذه الأصول الخمسة فتسعى بشكل امة لفك التبعية ووحدة الدولة تحت راية الإسلام بقيادة أمام هدى لا أئمة ضلالة، وبذل الجهد في تحديد هوية الأمة فكرا وأحكاما وآراء مبلورة صافية نقية، وتعمل لتتسلم قيادة العالم وإنقاذه من هوة الضياع وحراثة البحر وزراعة الأرض اليباب، إلى استقامة الدرب واستنارة الفكر وجدية الفعل، فتغير السيرورة التاريخية للأمة الإسلامية في نواة ثم التوسع في العالم الإسلامي، والتأثير في السياسة العالمية، والعلاقات الدولية فتكون رسالة الإسلام رحمة للعالمين وهداية للضالين وطمأنينة للمستضعفين وسعادة للمؤمنين في جنات الخلد.
والله أكبر ولله الحمد(/)
قال تعالى:" إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى "
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 01:18 م]ـ
قال تعالى:"إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا ......... " (الحج17) وهذه الفرق مرتبة بالزمن من الخاص إلى العام.
كما قال تعالى:"إن الذين اّمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ........ " (البقرة62) وهذا ترتيب الفضل والشرف.
ولكن قال تعالى:" إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى (المائدة69) برفع كلمة (والصابئون).
والأصل في هذه الاّية أن تترتب من الخاص إلى العام بالفضل والشرف، ولكن حصل فيها عدول عن الأصل حيث تقدم العام على الخاص بالزمن، لأن الصابئين متقدمون على النصارى بالزمن، ولكنهم متأخرون عنهم بالفضل والشرف. ومهما يكن من أمر فإن "الصابئون" تقدموا بالأهمية المعنوية عدولا عن الأصل، ودلالة ذلك هو رفع كلمة "الصابئون" فهي ليست معطوفة على ما قبلها، وهذا يعني كما يقول النحاة أحد أمرين:،أولهما: أن "الصابئون" معطوفة على محل اسم إن وهو الابتداء والرفع، وهذا يعني أنهم غير داخلين في حيّز الجملة المؤكدة كبقية الفرق، وثانيهما: أنها مقدمة على نية التأخير، والتقدير: والصابئون كذلك، وهي كذلك غير مؤكدة. ولكن، لماذا تم العدول عن الأصل؟ يقول الزمخشري في الكشاف:
" فإن قلت: ما التقديم والتأخير إلا لفائدة فما فائدة هذا التقديم؟ قلت: فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم، إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح فما الظن بغيرهم؟ وذلك لأن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشد غيا"، (1) لأنهم ليسوا بأصحاب كتاب، وصبأوا عن كل الأديان.
ومما يلفت النظر أن القراّن الكريم قد استعمل علامة الرفع من أجل بيان منزلة الكلمة داخل التركيب ولأمن اللبس. ومما يلفت النظر أيضا أن "النصارى" معطوفة على "الذين اّمنوا " رغم الفصل بينهما، فالمتكلم يربط بين المعاني مهما تباعد بعضها عن بعض.
والله أعلم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 10:31 م]ـ
الأخ الحبيب عزام ..
بارك الله فيك على هذه النفحات البلاغية الثرية ..
وحقاً لقد وقف المفسرون - قديماً وحديثاً - طويلاً أمام آيتي البقرة والمائدة، واختلفوا في المراد بالطوائف الأربع (الَّذِينَ آمَنُواْ، وَالَّذِينَ هَادُواْ، وَالنَّصَارَى، وَالصَّابِئِينَ)، وكثرت أقوال المفسرين والعلماء في ذلك، وتعدّدت وجهات النظر، وكان في أكثرها تكلّف واضح.
كذلك وقف المفسّرون طويلاً أمام آية المائدة، لأن "الصابئين" جاءت فيها بالرفع " وَالصَّابِؤُونَ "، في حين ما نُسقت عليه منصوباً. وقد أكثر المفسّرون وأهل الإعراب من الوجوه في سبب رفع " وَالصَّابِؤُونَ "، وجاءوا بأقوال متكلّفة، وأبعدوا بها كثيراً عن المراد.
والحق أقول إن من أجمل ما قرأت حول تلكم القضايا بحث من " دراسات في مشكل القرآن " يقع في ستين صفحة تقريباً للأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات. وسأحاول أن أبيّن ما ذهب إليه فضيلته باختصار شديد في مقارنته بين الآيات الثلاث.
يقول الدكتور فرحات: إن كل آية من الآيات الثلاث تختصّ بفترة زمنية معيّنة. فآية البقرة: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "، تتحدّث عن الفرق الثلاث ومصيرها قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومجيء شريعته الخاتمة الناسخة. ومن ثم كان مصير أهل هذه الملل الثلاث كمصير المؤمنين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن أهلها كانوا مؤمنين بالله واليوم الآخر عاملين بمقتضى شرائعهم المنزلة عليهم، ولم يحرّفوا دينهم أو يغيّروه، بل إنهم كانوا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم وشريعته كما بشّرت به كتبهم، وكما هو واضح من سبب نزول آية البقرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما آية المائدة: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "، فإنها تخصّ فترة ما بعد الإسلام منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى قيام الساعة. وهي تبيّن أن الطوائف الثلاث لم يعد مقبولاً منها بعد مجيء الإسلام إلا الدخول فيه والعمل بشريعته، لأنه ناسخ لكل ما سبقه، فالذين استجابوا منهم لذلك كان مصيرهم كمصير المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما آية الحج: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ "، فإنها تختصّ بيوم القيامة، ومن ثم ذُكر فيها إلى جانب الطوائف الأربع طائفتان ليستا من ضمن الأديان والملل المنزلة من عند الله، وهما طائفة المجوس وطائفة الذين أشركوا. ولأن يوم القيامة يوم فصل بين الخلائق جميعاً، ومن ثم ذكر الملل الست التي ينطوي تحتها جميع الناس، ولم يذكر فيها " مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً "، لأن الإيمان بالله واليوم الآخر لا يمكن أن يكون يوم القيامة، ولو حصل فإنه لا يُقبل.
وجاءت الطوائف الثلاث في سورة البقرة معطوفة على " الَّذِينَ آمَنُوا " - اسم إنَّ المنصوب - ومن ثم جاء خبرها واحداً، وأنهم جميعاً لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وذلك تأكيداً بأن أهل كل ملّة هم على حقّ في زمن ملّتهم طالما أنهم ملتزمون بما جاءهم به نبيّهم، وأن جميع الرسالات المنزلة من عند الله تعالى في ذلك سواء. ولهذا كان قوله: " مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً "، يعود إلى الطوائف الأربع لأن المراد به تحرّي اليقين فيما يتعاطاه الإنسان من أمر دينه، وهذا مما تستوي فيه الملل الأربع.
أما آية المائدة فقد جاء الحديث فيها عن " الَّذِينَ آمَنُوا " في جملة مستقلّة حُذف خبرها لدلالة المذكور عليه، إشعاراً بأنه بعد مجيء الإسلام لن يُقبل غيره، وأن الأصل في النجاة يوم القيامة لمن آمن به فقط. ومن ثم ذكر الملل الثلاث في جملة مستقلّة معطوفة على الجملة الأولى، إشعاراً بأن مصير أصحاب هذه الملل متوقّف على دخولهم في الإسلام، ولن يُقبل منهم البقاء على ما كانوا عليه من مللهم. وعلى هذا يكون معنى " مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً " مَن دخل في الإسلام واعتقد ما جاء في كتابه، وذلك لأن أهل هذه الملل خرجوا عن جادة التوحيد بما اخترعوا من التثليث، وبما حرّفوا وبدّلوا من عقائدهم المنزلة، ولا يمكنهم الاهتداء إلى الدين الحقّ إلا بالدخول في الإسلام.
ومن أجل أن تكون الملل الثلاث في جملة مستقلة معطوفة على جملة " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا "، جاءت كلمة " الصَّابِؤُونَ " بالرفع، وجعلت بين " َالَّذِينَ هَادُواْ " وبين " َالنَّصَارَى " لتبيّن أن " الصَّابِؤُونَ " معطوفة على " َالَّذِينَ هَادُواْ "، وأن محل " َالَّذِينَ هَادُواْ " الرفع باعتبارها مبتدأ، وأنها ليست معطوفة على " الَّذِينَ آمَنُوا "، وذلك لأن " َالَّذِينَ هَادُواْ " تلزم حالة واحدة في الرفع والنصب، ومثلها " َالنَّصَارَى ". ولهذا حسُن تقديم " الصَّابِؤُونَ " وجُعلت بين اليهود والنصارى لتحقّق هذه الغاية التي تترتّب عليها تلك الحكمة الكبرى.
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.
ـ[الضاد1]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 01:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بورك فيكما اخواي العزيزان، الصحيح أنكما قد وضحتما الصورة بشكلها الصحيح فقد كانت هذه الآية في سورة المائدة تحيرني كثيراً.
" إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى (المائدة69).
ومن ثم ذكر الملل الثلاث في جملة مستقلّة معطوفة على الجملة الأولى،
أخي الكريم لؤي: هذا الإقتباس أعلاه من مداخلتك؛ هل تعني معطوفة على خبر جملة:"الذين آمنوا" المحذوف والمستدل عليه في مضمون الجملة؟ إذ إن الذين آمنوا تكون في محل نصب.
أرجو التوضيح
جزاكم الله خيراً
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 03:01 ص]ـ
الأخ الحبيب عمار ..
يقول الراغب الأصفهاني: إن قيل ما وجه قوله: "والصابئون"، وقد ذكر النحويون أن المعطوف على "إنَّ" قبل الخبر لا يصحّ فيه الرفع؟ قيل: إن ذلك لا يصحّ فيه الرفع على موضع "إنَّ" والخبر عنهما خبر واحد، نحو أن يقول: "إنَّ زيداً وعمرو منطلقان". فأما إذا جُعل الثاني مرتفعاً بالابتداء، ويجعل الخبر أحدهما مضمراً يصحّ، كقول الشاعر: "فإنّي وقياربها لغريب".
وتقدير الكلام: إن الذين آمنوا لا خوف عليهم، والذين هادوا والصابئون والنصارى مَن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم، واستغنى بخبر أحدهما عن خبر الآخر. وعلى هذا قول الشاعر:
وإلا فاعلموا أنّا وأنتم --- بغاةٌ ما بقينا في شِقاق. وهذا القول رجّحه الجمل في حاشيته على الجلالين.
وبناءً على ما تقدّم يكون المراد بالآية: إن الذين آمنوا - وهم أمّة محمد صلى الله عليه وسلم - لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين آمنوا من اليهود والصابئين والنصارى، أي: دخلوا في الإسلام وعملوا بشرائعه، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ففي الآية إغراء لأهل الطوائف الثلاث بالدخول في الإسلام والإستجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بشريعته، وإشعار لهم بأن ما هم عليه من دين وشريعة لم يعد مقبولاً بعد أن جاء الإسلام.
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الضاد1]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 12:04 ص]ـ
وضُحَت الفكرة أخي العزيز لؤي
أشكرك الشكر الجزيل
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 04:40 م]ـ
شكرا للأخوة عمار ولؤي.
أخي لؤي: أما كان الأولى تقديم "والصابؤون"على الذين هادوا والنصارى، بدلا من توسطها بينهما؟
مع التحية
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 07:08 ص]ـ
أخي عزّام
يظهر لي حسب قواعد الترتيب المعنوي أنّ اليهود أقرب بعقائدهم إلى المسلمين يليهم الصابئة أتباع سيدنا إبراهيم ويليهم النصارى
ما رأيك؟؟
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 02:37 م]ـ
هذا ما كنت أريد الوصول إليه من السؤال أخي جمال، فهناك ترتيب معنوي، ولا يجوز تقديم "والصابؤون"على الذين هادوا، والاّية تترتب عدولا عن الأصل وليس بحسب الأصل، ولكن الأخ لؤي _على ما فهمته منه -يرى أن هذه الاية ليس فيها عدول عن الأصل، بل هي تتألف من جملتين، حذف خبر الاولى اكتفاء بالخبر في الثانية.
تحيتي لكم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 02:21 ص]ـ
الاخوة الأعزاء ..
إن اختلاف ترتيب الفِرق الأربع في آية المائدة، من تقديم الصابئين على النصارى ورفعه هنا ونصبه في آية البقرة .. هو ترتيب ثان! َ ولا بدّ من الكشف عن السرّ الذي جاءت لأجله آية المائدة على الترتيب اللفظي المخالف لسورة البقرة، إذا كانت توافقها نيّة وحقيقة.
وعند الرجوع إلى ما ذكره المفسرون في هذا السر، نجد أن كثيراً منهم علّل ذلك بناءً على إعراب ((الصابئون)) الذي ذهب إليه سيبويه، وأنها مقدّمة من تأخير. وهذا ما أستشهد به أخونا عزام.
ولكن إذا كان هذا الذي ذكروه في تعليل ترتيب آية المائدة صحيحاً ومقبولاً، فإن السؤال الذي يطرح نفسه وينتظر إجابة، هو: لماذا لم تأت آية البقرة على نفس ترتيب آية المائدة لتحقّق ذلك المعنى؟ وما الحكمة من تأخير الصابئين في آية البقرة؟ وهذا ما لم نجد عنه إجابة عند أحد.
انظر مثلاً كيف يبرّر ابن الزبير الغرناطي ترتيب ذكر الفرق في سورة المائدة. يقول: " ثم قدّم ذكر الصابئين في سورة المائدة، وزيادة بيان للغرض المذكور في أنه لا ترتيب في الغاية الأخراوية إلا بنظر آخر لا بحسب الدنياوي والاشتراك فيما قبل الموافاة، بل المستجيب المؤمن من الكل مخلص، والمكذب متورط. ثم مراتب الجزاء بحسب الأعمال، فأوضح تقديم ذكر الصابئين في سورة المائدة ما ذكرناه.
فإن قلت: لم يقدم ذكرهم على الكل (كأنه يجيب هنا أخانا عزام)؟ قلت لا وجه لهذا لمكانة المؤمنين وشرفهم. فإن قلت: فهلا قُدّموا على يهود (كأنه يجيب هنا أخانا جمال)؟ قلت: قد كانت يهود أولى الناس بأن يكونوا في رعيل من المستجيبين، ومعهم جرى الكلام على مَن لم يؤمن منهم، وتردّدت فيهم عدّة آيات، وذلك ممّا يوجب تقديم ذكرهم على مَن عدا المؤمنين. فإن قلت: فالنصارى مثلهم (وكأنه يجيب هنا أخانا عزام من جديد)؟ قلت: النصارى أقرب إلى الصابئين من حيث التثليث وسوء نظرهم في ذلك وتصوّرهم. ثم إنهم لم يجر لهم ذِكر فيما تقدّم هذه الآية، بخلاف يهود. فبان من هذه الجهة تقديم يهود عليهم، وإن كان يهود شرّ الطائفتين " (ملاك التأويل: 1\ 220).
ثم يحاول الغرناطي تأكيد المعنى مرة ثانية بتعليل مجيء "الصابئون" مرفوعاً. وفي ذلك يقول: " إنه إنما ورد مرفوعاً تنبيهاً على الغرض المذكور، وتأكيداً للتسوية في الحكم، وإذا اتفقوا على الإيمان فنبّه التقديم على هذا كما تقدّم، وزاد القطع على الرفع تأكيداً، لأن قطع اللفظ عن الجريان على ما قبله محرك للفظ توجيهه، وهو عند سيبويه - رحمه الله - مقدَّم من تأخير (كما أشار الأخ عزام)، وكأنه لمّا ذكر حكم المذكورين سواهم قيل: والصابئون كذلك، أي: لا فرق بين الكل في الحكم الأخراوي، وهو على هذا التقدير أوضح شيء فيما ذكر.
وأما على طريقة الفراء ومَن قال بقوله من حمله على الموضع ففيه التقديم، وأن التحريك القطعي في اللفظ وإن لم يكن مقطوعاً في المعنى لا يكون إلا لإحراز معنى، وليس إلا ما تقدّم " (ملاك التأويل: 1\ 221).
وخلاصة ما يريد ابن الزبير أن يقوله: إن ترتيب ذكر الفرق في سورة البقرة كان بحسب حالهم الدنيوي. وعدم تأكيد هذا الترتيب بحرف المرتِّب إنما كان لحظاً لحالهم الأخروي حيث لا ترتيب هناك، لأن المؤمنين من الجميع موافون في الجنة على مراتبهم، والكافرين من الجميع موافون في النار على مراتبهم. ومما يؤكد هذا المعنى تقديم الصابئين في سورة المائدة، حيث يشير هذا التقديم إلى عدم اعتبار الترتيب لحظاً لحالهم الأخروي. ومما يؤكّد ذلك أيضاً مجيء "الصابئون" بالرفع، وأنها مقدّمة من تأخير كما هو رأي سيبويه، أي: والصابئون كذلك، أي: لا فرق بين الكل في الحكم الأخراوي.
ولكن هذا القول فيه تكلّف واضح، وبخاصّة عندما يحاول ابن الزبير تعليل تقديم الصابئين على النصارى دون بقيّة الفرق من الذين آمنوا والذين هادوا، مما يجعل ما انتهى إليه موضع نظر. ومما يؤكّد ذلك أنه لا تظهر حكمة لاختلاف الترتيب بين آيتي البقرة والمائدة، كما لا تظهر حكمة مجيء "الصابئون" بالرفع في سورة المائدة دون البقرة.
والحقيقة أن الكلام في ترتيب ذكر الفرق في آية المائدة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعراب "الصابئون". ولعلماء العربية في إعرابها أقوال كثيرة، منها ما ذكرناه عن سيبويه والخليل ونحاة البصرة الذين اعتبروها مقدّمة من تأخير. ومنها أقوال أخر تدلّ على مدى اضطرابهم في إعراب هذه الكلمة، حتى أنني وجدت سبعة أوجه لإعراب هذه الكلمة عند النحاة.
ويبدو لي أن ما ذهب إليه الأخفش والمبرد من أن خبر "إنِّ" محذوف مضمر دلّ عليه الثاني وأن عطف "الصابئون" أتى بعد تمام الكلام وانقضاء اسم "إنِّ" وخبرها، هو أبعد الأقوال من التكلّف، وأقربها مراعاة للنظم، وأرجحها في المعنى، ولا يرد عليه ما أورد عليه من إشكالات. وهذا ما بيّنته في مداخلاتي أعلاه.
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحسن الهاشمي المختار]ــــــــ[26 - 10 - 2005, 10:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
آية سورة البقرة (عامة) تخاطب كل الناس، والناس قسمان:
1) قسم لهم كتب سماوية، وهم: الذين آمنوا بالإسلام والذين هادوا والنصارى.
2) قسم ليس لهم كتب سماوية وهم الصابئون، فكل ما عدا المسلمين واليهود والنصارى يعتبرون صابئين.
وحيث أن سورة البقرة هي أول سورة في القرآن بعد الفاتحة فإن الدعوة للهدى موجهة للناس جميعا، فوجب التأكيد ب (إن) لكل الناس: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ....
أما سورة النساء فإنها تخاطب خاصة من عندهم (ذكر) من الله بذلك وهم: الذين آمنوا (المسلمون)، والذين هادوا اليهود.
مثلا:
رجل تاجر يسكن بجوار عائلة مكونة: من أربعة إخوة:
الأول اسمه: رشيد. يشتغل في التجارة
الثاني اسمه: ماهر، هو أيضا يشتغل في التجارة.
الثالث اسمه: جاسم، يملك المال لكنه عاطل عن العمل.
الرابع اسمه: علان، يملك المال إلا أنه لا يحب التجارة وإنما يحب لعب القمار.
جارهم التاجر الناجح عرضت عليه صفقة تجارية كبرى مضمونة الربح، فأحب أن يعرض الأمر على الإخوة الأربعة ليشاركوه في المشروع ليسفيدوا من الربح، فأتاهم وخاطبهم جميعا كل واحد باسمه: إنك يا رشيد ويا ماهر وياجاسم ويا علان من يدخل معي في هذه الصفقة فإني أضمن له مكسبا جيدا.
التوكيد ب (إن) موجه للجميع لأنه يخاطبهم جميعا، وهذا هو (أول) عرض تجاري يعرضه عليهم.
استجاب رشيد وماهر لدعوة جارهم فشاركوه في التجارة وربحوا في تجارتهم، وجاءت فرصة لصفقة تجارية أخرى مضمونة الربح، فنادى الجار شريكيه رشيد وماهر باعتبارهما قد جربا صدق كلامه: إنك يا رشيد ويا ماهر لو دخلتم معي في هذه الصفقة فإني أضمن لكم الربح،
وأخواكم جاسم وعلان لو شاركا هما أيضا بأموالهما لنالا نصيبيهما من الربح.
إذن هنا يجب أن يكون التوكيد ب (إن) فقط للمخاطبين (رشيد وماهر)
، أما الغائب عن الحضور فلا يؤكد له ب (إن).
كذلك جاء التوكيد في سورة المائدة ب (إن) للمخاطب: الذين آمنوا والذين هادوا باعتبار القرآن والتوراة فيهما الأمر بذلك ولوجود من ينفذ الأمر.
أما (الصابئون والنصارى) فلم يوجد منهم من استجاب الأمر، فالآية تتكلم عنهم غيابيا، والغائب لا يؤكد له ب (إن)، إذن فكأن آية سورة المائدة تقول: إن الذين اّمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
نلاحظ هنا أن (النصارى) جاءت متأخرة عن (الصابئون) وذلك لأن كلمة (النصارى) لا تتأثر بحركات الإعراب، لو جاءت قبل (الصابئون) لما عرفناإن كان التوكيد ب (إن) يشملها أم لا فكان من الحكمة أن تسبقها (الصابئون) لنعلم أنها غير منصوبة بحرف التوكيد (إن).
وأيضا يجب أن تؤخر كلمة (النصارى) لأنهم أبعد ضلالا من الصابئين،
من الممكن أن تقنع صابئ بالدليل على وجود الله فيؤمن به لأنه لم يكن يعلم، أما النصراني فهو جاهل (يعلم قضية خاطئة ويحسب أنه على الحق)، فالصابئ الذي لا يعلم يرجى منه الهدى إذا علم، أما الجاهل فهو الأبعد ضلالا لأنه يدعي أنه يعلم.(/)
بلاغة الإشارة بين النظرية والتطبيق
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 04:02 م]ـ
بلاغة الإشارة
بين النظرية والتطبيق
للدكتور
سعيد أحمد جمعة
أستاذ البلاغة والنقد المساعد في كلية اللغة العربية
فرع جامعة الأزهر بالمنوفية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي وهب إبراهيم "علي الكبر" إسماعيل وإسحاق، إن ربي لسميع الدعاء ,وأصلي
وأسلم علي المبعوث بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره الكافرون.
أما بعد
فإن الأصل المعتمد في البيان عن المراد هو اللفظ , والبلاغة العربية ما قامت إلا علي الكلام، وآلة ذلك اللسان؛ ولذا كان كل نبي مبلغاً رسالة ربه – في المقام الأول – بلسانه،
ليتم البيان، ويكتمل الإفهام؛ فلا يكون عذر لمعتذر ...
يقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم:4)
[فمدار الأمر على البيان والتبيين, وعلى الإفهام والتفهيم, وكلما كان اللسان أبين كان أحمد] (1)
ولما كان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ذا عقدة في لسانه فصار لا يكاد يبين عن مراد الله – سبحانه – دعا ربه قائلاً: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طه:28,27)
فكانت الإجابة من رب العالمين: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طه:36).
وإذا كان اللفظ المنطوق قد حاز هذا القدر من الأهمية في البيان , فمما لا شك فيه أن هناك وسائل بيانية أخرى يعمد إليه البلغاء، ولها من القدر والأهمية ما يقارب قدر اللفظ، أو تساويه
وذلك كالبيان بالإشارة، والبيان بالخط، وبالعقد، وبالحال.
والذي يقلب في البيان العربي كله , نثره وشعره، يلحظ ذلك جيدا ً، وعلي رأس هذا البيان حديث النبي – صلي الله عليه وسلم –
حيث يلحظ حرص الرواة علي نقل ألفاظه وإشاراته وأحواله ..
تري الراوي مثلاً يقول:
قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – كذا – وأشار بإصبعيه، أو أشار إلي الأرض، أو وأشار إلي جهة كذا ...... إلخ.
وهذه النصوص التي حرص الرواة علي نقلها ليست من العبث , كما أنها ليست من النوافل في عالم البيان، بل إن لها دوراً فاعلاً في الدلالة وبلاغتها قد لا يقل عن دور الكلمة، لذلك نقلها الرواة كما هي.
ولأجل كل هذا:
يحاول هذا البحث الكشف عن بلاغة الإشارة في اللغة وبخاصة في بيان النبي – صلي الله عليه وسلم - .......
وهل يمكن الاكتفاء بها في البيان أو أنها تحتاج إلي وقوف اللفظ بجوارها؟
وفي أي الأساليب تكثر؟ وفي أي الأغراض تبرز؟
وهل من الممكن اصطناع بلاغة للإشارة , خاصة بها؟
هذا – وقد اختط البحث لنفسه منهجاً ذا شقين:
الأول: منهج نظري نقدي يقف عل الإشارة عند علماء البلاغة وكيفية تناولهم لها.
والآخر: منهج تحليلي موجز يصطفي من حديث – النبي صلي الله عليه وسلم – بعضاً منها
ليبين فيها قدرة الإشارة علي حمل المعاني البلاغية كالتشبيه والحذف والتعريف والطباق وغير ذلك.
ومن خلال المنهجين يحاول البحث الخلوص إلى هذه الدلالة – دلالة الإشارة – وأثرها في البلاغة العربية.
ولعلها تكون لبنة في بنيانها الشامخ.
أما خطة البحث:
فتبدأ بمقدمة تكشف عن موضوع البحث , ومنهجه، وخطته.
ثم تمهيد أعرض فيه لمعني الإشارة في اللغة العربية، ثم في القرآن الكريم.
من خلال عدة آيات قرآنية.
ثم فصلين ........ في الفصل الأول الإشارة في تراث العلماء وفيه مبحثان.
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ – وفيها:
1 - مصادر الدلالة عند الجاحظ.
2 - توافق اللفظ والإِشارة.
3 - موقف الجاحظ من هذه الدلالة.
4 - الإشارة أبعد بلاغاً من الصوت.
5 - هل الإشارة عيٌ؟
أما المبحث الثاني في الفصل الأول فهو: الإشارة بعد الجاحظ وفيها:
1 - الإشارة عند قدامة بن جعفر.
2 - الإشارة عند ابن رشيق وأبي هلال.
3 - الإشارة عند ابن حجة الحموي.
4 - الإشارة عند ابن أبي الإصبع.
5 - ثم وقفة علي ما سبق.
الفصل الثاني: بلاغة الإشارة في بيان النبي صلي الله عليه وسلم – في حديث مسلم وفيه:
1 - التوكيد بالإشارة.
2 - التعريف بالإشارة.
3 - دلالة الإشارة علي المحذوف.
4 - الاختصاص بالإشارة.
5 - دلالة الإشارة علي التشبيه.
6 - إخراج المعنوي في صورة المحسوس من خلال الإشارة.
7 - الطباق بالإشارة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم خاتمة – أوضح فيها بعضا مما كشف عنه البحث وبعضا من الوصايا , ثم الهوامش.
والله الهادي إلي سواء الصراط.
التمهيد
مفهوم الإشارة في اللغة العربية:
أصل الإشارة من قولهم: شار العسل يشوره شورا وشيارا وشيارة ومشارا ومشارة:
استخرجه من الوقبة واجتناه.
قال أبو عبيد: شرت العسل واشترته: اجتنته، وأخذته من موضعه (2).
وقالوا: شار الدابة يشورها شورا: إذا عرضها لتباع (3).
والشارة عند العرب والشورة: الهيئة واللباس (4).
ومنه الحديث " أن رجلا أتاه وعليه شارة حسنة " (5).
واستنادا إلي استعمال العرب يلاحظ أن أصول مادة " شار " تدل علي عدة معان منها:
[عرض الشيء , وإظهاره , والإيماء إليه]
ولهذا قالوا: رجل حسن الشارة حلو الإشارة ,وفلان صير شير: حسن الصورة والشارة (6)
ولما كان اللباس والهيئة عرَضَين يعرف الإنسان بهما.
قالوا: الشوار والشارة: اللباس والهيئة. قال زهير: من البسيط:
مقورة تتبارى لا شوار لها إلا القطوع علي الأكوار والورك (7).
وتتطور مادة " شور " التي تحمل في ثناياها معني إبداء الشيء وإظهاره وعرضه , من دلالة ظاهرية سطحية، تستند إلي هيئة الشيء إلي دلالة باطنه عميقة تعتمد علي ما في غور النفس؛ فتعبر عنها، وتحكي مضامينها عن طريق الإشارة.
جاء في حديث إسلام عمرو بن العاص: " فدخل أبو هريرة فتشايره الناس " أي: اشتهروه بأبصارهم , كأنه من الشارة وهي الهيئة " اللباس (8).
وترتقي الإشارة من البصر إلي الإصبع التي تحكي بإشارتها , وتعبر بحركتها فأسموها:
" المشيرة " قالوا:. وأومأ إليه بالمشيرة أي: بالإصبع السبابة (9).
-------
وتكتسب الإشارة آلية الكلام منذ عهود الإنسانية الأولي، أو ربما كانت مصاحبة له , وبناء عليه يظهر مصطلح الإشارة الذي يدل علي الكلام , قالت العرب: أشار الرجل يشير إشارة إذا أومأ بيديه (10).
والإيماءة تدل علي معني من أمر ونهي أو سواهما مما يقتضيه المقام.
وفي الحديث:" أنه – صلي الله عليه وسلم – كان يشير في الصلاة " أي: يوميء باليد والرأس ,
يعني: يأمر وينهي بالإشارة (11).
-------
ثم تتطور دلالة الإشارة حيث تقترن بالكلام، ويطلق علي الكلام إشارة , ولذلك سمّت العرب الخطبة (مشوارا) ولقد جاء عنهم " إياك والخطب فإنها مشوار كثير العثار " (12).
وتلتصق كثير من الدلالات بالأصابع فالعرب تقول: " ما فارقتك شبرا ولا فترا ولا عتبا ولا رتبا ولا بصما، - والبصم ما بين الخنصر والبنصر , والعامة تستخدمه الآن في إقرار الأمي علي العقد.
أما العتب والرتب فما بين الوسط والسبابة.
والفتر ما بين السبابة والإبهام.
والشبر ما بين الإبهام والخنصر.
والفوت بين كل إصبعين طولا (13).
وفي حديث النبي – صلي الله عليه وسلم – للرجل الذي كان يشير في الدعاء: أحّد أحّد .... أراد أن إشارته كلها مختلفة فما كان منها في ذكر التوحيد والتشهد فإنه كان يشير بالمسبحة وحدها , وما كان في غير ذلك كان يشير بكفة كلها ليكون بين الإشارتين فرق.
ومنه: إذا تحدث اتصل بها أي: وصل حديثه بإشارته تؤكده) (14).
وهذا الالتصاق بين الإشارة والمعاني له أصول قديمة يذكرها ابن جني فيقول في حديثة عن أصل اللغة وأن منها ما نشأ من المواضعة:
" فكأنهم جاءوا إلي واحد من بني آدم فأومئوا إليه، وقالوا: إنسان , إنسان , إنسان، فأي وقت سمع هذا اللفظ علم أن المراد به هذا الضرب من المخلوق.
وإن أرادوا سمة عينة، أو يده، أشاروا إلي ذلك , فقالوا: يد، عين، رأس ..... " (15)
وهذا يعني أن للإشارة صلة بالفطرة الإنسانية.
ولا يكاد الإنسان يستغني عنها، لأنها إن لم تكن وسيلة بيان فهي معينة عليه، ومنبهة إليه، يقول شمس الحق العظيم أبادي [دأب الوعاظ، والقصاصون أنهم يحركون أيديهم يميناً وشمالاً ينبهون السامعين علي الاستماع ..... ] (16).
وقد لحظ شراح الحديث النبوي هذا الأمر فجعلوا له باباً خاصاً فتراهم يقولون مثلاً " باب الإشارة في الخطبة ... وباب الرجل يشير بيده ... وباب رفع اليدين علي المنبر ... الخ.
كل ذلك دليل ساطع علي مكانة الإشارة في البيان العربي.
------------------------
الإشارة في بيان القرآن الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يرد ذكر للفظ الإشارة في القرآن الكريم إلا في موضع واحد، في سورة مريم.
وذلك قوله تعالي: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً) (مريم:29)
وكان الداعي إلي الإشارة هو التزام الأمر الصادر إليها من قبل، وذلك قوله تعالي (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) (مريم:26).
وقد ظن أهلها أنها تستهزئ بهم.
يقول القرطبي: " التزمت مريم عليها السلام –ما أمرت به من ترك الكلام، ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت بـ (إني نذرت للرحمن صوما) وإنما ورد أنها أشارت.
فيقوي بهذا القول من قال: إن أمرها بـ " قولي " إنما أريد به الإشارة، ويروي أنها لما أشارت إلي الطفل قالوا: استخفافها بنا أشد علينا من زناها، ثم قالوا لها علي جهة التقرير: (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) " (17).
ففهمهم الاستهزاء من إشارتها دليل علي أن للإشارة دلالات تفهم منها، ولذلك يضيف القرطبي رحمه الله ويقول: " الإشارة بمنزلة الكلام؛ وُتفهم ما يُفهم القول، وكيف لا، وقد أخبر الله تعالي عن مريم فقال: " فأشارت إليه "؟ وفهم منها القوم مقصودها وغرضها، فقالوا: " كيف نكلم .... إلخ " (18).
وقد ورد ذكر للإشارة في سورة آل عمران ,لكنها جاءت في صوره الرمز وذلك قوله تعالى
لزكريا عليه السلام: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) (آل عمران:41)
فقوله " إلا رمزا " أي: " إلا إشارة بيد أو رأس أو غيرهما " (19).
وأصل الرمز الحركة. يقال: ارتمز إذا تحرك.
ومنه قيل للبحر: الراموز ثم اختلفوا في المراد بالرمز ههنا علي أقوال:
الأول: أنه عبارة عن الإشارة كيف كانت؛ باليد , أو الرأس , أو الحاجب , أو العين , أو الشفة.
والثاني: أنه عبارة عن تحريك الشفتين باللفظ من غير نطق , وصوت.
قالوا: وحمل الرمز على هذا المعنى أولى؛ لأن الإشارة بالشفتين يمكن وقوعها بحيث تكون حركات الشفتين وقت الرمز مطابقة لحركاتها عند النطق فيكون الاستدلال بتلك الحركات على المعاني الذهنية أسهل.
الثالث: وهو انه كان يمكنه أن يتكلم بالكلام , وأما رفع الصوت بالكلام فكان ممنوعاً منه.
فإن قيل: الرمز ليس من جنس الكلام , فكيف استثني منه؟
قلنا: لما أدى ما هو مقصود من الكلام سمي كلاماً, ويجوز أيضاً أن يكون استثناءً منقطعاً , فاما إن حملنا الرمز على الكلام الخفي فإن الإشكال زائل] (20)
وقد ذهب القرطبي – رحمه الله –على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام حيث يقول: [في هذه الآية دليل على أن الإشارة تنزل منزلة الكلام , وذلك موجود في كثير من نصوص السنة , وآكد الإشارات ما حكم به النبي – صلى الله عليه وسلم – في أمر السوداء حين قال لها: وأين الله؟
فأشارت برأسها إلى السماء.
فقال: إعتقها؛ فإنها مؤمنة.
فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة , الذي يحرز الدم والمال , وتُستحق به الجنة , وينجى به من النار , وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك , فيجب أن تكون الإشالاة عاملة في سائر الديانة , وهو قول عامة الفقهاء] (21)
ولقد تحدث القرآم الكريم عن الإشارة , وذكرها بلفظ الوحي , وذلك كما جاء في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11).
يقول الزمخشري – رحمه الله – [أوحى: أشار , ويشهد له: إلا رمزا] (22).
[ولا يجوز أن يكون المراد من قوله " أوحى إليهم " الكلام؛ لأن الكلام كان ممتنعاً عليه , فكان المراد غير الكلام , وهو أن يعرّفهم ذلك إما بالإشارة , أو برمز مخصوص , أو بكتابة؛ لأن كل ذلك يفهم منه المراد ....
واعلم أن الأشبه بالآية هو الإشارة لقوله تعالى: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) (آل عمران:41). والرمز لا يكون كناية للكلام] (23).
وعليه , فإن الإشارة في القرآن الكريم قد وردت تحت عدة أسماء:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: لفظها الصريح , كما في: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً)
الثاني: الرمز , كما في قوله تعالى: (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)
الثالث: الوحي , كما في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن ْسَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم:11).
وهذا الأخير هو ما نبه عليه قدامة بن جعفر في الكتاب المنسوب إليه – نقد النثر -, حيث عقد باباً بعنوان: باب من الوحي , وقال فيه: [وأما الوحي فإنه الإبانة عما في النفس بغير المشافهة , على أي معنى وقعت: من إيماء , ورسالة , وإشارة , ومكاتبة.
ولذلك قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الشورى:51).
وهو على وجوه كثيرة , فمنه الإشارة باليد , والغمز بالحاجب , والإيماض بالعين , كما قال الشاعر:
وتوحي إليك باللحاظ سلامها ***** مخافة واش حاضر ورقيب (24).
فالوحي هنا هو الإشارة بالعين , وهذا يفتح الباب أمام الإشارة فلا يجعلها مقصورة على حركة اليد بل يندرج تحتها ألوان كثيرة من التعابير بأي جزء من أجزاء الجسد.
وهذا ينقلنا إلى البحث في تراث علمائنا عن هذه الدلالة , وكيف عبروا عنها , وهل لفظ [الإشارة] عندهم يحمل دلالة الحركة؟ لنر.
الفصل الأول
الإشارة في تراث العلماء
----------------------------
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ ت/ 255 هـ
يُعد الجاحظ أول من لفت الأنظار إلى هذا النوع من البيان , وحدّ حدوده , وفصل أنواعه , وقال فيه ما لم يُسبق إليه.
والعجيب في الأمر أن علماء البيان بعد الجاحظ أعرضوا عن هذه الدلالة , وانحرفوا بها عن طريقها الذي رسمه , والأعجب منه أن بعضهم عاب على المتكلم أن يستصحب مع اللفظ إشارة باليد , أو بغيرها , وظنوا أن في ذلك عجزاً وعياً عن البيان , وتقصيراً عن امتلاك اللفظ الحامل للمراد , مع أنه شيء مركوز في الفطرة , ولذلك يقول الجاحظ: [زعمت الأوائل أن الإنسان إنما قيل له: العالم الصغير , سليل العالم الكبير؛ لأنه يصور بيده كل صورة , ويحكي بفمه كل حكاية] (25).
فتصوير المعاني باليد فطرة فطر الله الناس عليها , عند إرادة التعبير عما في النفس , ولا يمكن أن تكون الفطرة عجزاً , بل هي عون للفظ , وموافقة له , بل لا بد من صحبتها حتى لا يلتبس الأمر عند المتلقي.
توافق اللفظ والإشارة:
يرى الجاحظ أن الإشارة منها الصواب , ومنها الخطأ , وأن ذلك مرجعه إلى توافق الإشارة مع اللفظ , أو تعارضها معه.
فإذا وافقت الإشارة اللفظ صارت صحيحة , وتم للمراد أركانه , وصار المعنى بليغاً , ووصل إلى القلب في صورة بهية.
أما إذا خالفت الإشارة اللفظ , فإن المعنى يكتنفه الغموض , ويلتبس على المتلقي المراد , ويأتيه المتكلم من الباب الخطأ , فيقع في اضطراب , ويظل المعنى مطموراً؛ لأن صاحبه لم يحسن إخراجه , والإعراب عنه؛ لما بين اللفظ والإشارة من تنافر , وذاك عيب أي عيب؟!
والجاحظ يقول: [إن المعاني مستورة خفية , وبعيدة وحشية , ومحجوبة مكنونة , وإنما تحيا تلك المعاني في ذكرهم لها , وإخبارهم عنها , واستعمالهم إياها.
وهذه الخصال هي التي تقربها من الفهم , وتجليها للعقل , وتجعل الخفي منها ظاهراً , والغائب شاهداً , والبعيد قريباً ....
وعلى قدر وضوح الدلالة , وصواب الإشارة – الحظ هذا – وحسن الاختصار , ودقة المدخل يكون إظهار المعنى .... ] (26).
ولقد نقل الجاحظ – رحمه الله – عن [اسحق بن حسان بن قومة أنه قال: لم يفسر البلاغة تفسير ابن المقفع أحد قط.
سئل: ما البلاغة؟
قال: اسم جامع لمعانٍ تجري في وجوه كثيرة , فمنها ما يكون في السكوت , ومنها ما يكون في الاستماع , ومنها ما يكون في الإشارة , ومنها ما يكون في الحديث] (27).
وهذا نص صريح في أن البلاغة تكون في الإشارة كما هي في الكلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا البحث لا ينكر أن الأصل في البيان هو اللفظ , ولكنه ينبه على الوسائل الأخرى , ومن أعلاها الإشارة , فهي وإن لم تكن تستقل - غالباً - بالدلالة , فهي عون للفظ في البيان , وإذا توارى اللفظ لسبب أو لآخر برزت هي لتنوب عنه ,لأنها رديفته ,وتالية له في تصوير المراد.
يقول الجاحظ: [والإشارة واللفظ شريكان , ونعم العون هي له , ونعم الترجمان هي عنه , وما أكثر ما تنوب عن اللفظ , وما تُغني عن الخط ..... ولولا الإشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص , ولجهلوا هذا الباب ألبتة] (28).
أعضاء الإشارة:
يقول الجاحظ: [فأما الإشارة فباليد , وبالرأس , وبالعين , وبالحاجب , والمنكب ..
وإذا تباعد الشخصان فبالثوب , وبالسيف] (29).
لكن التراث حمل لنا أمثلة كثيرة كانت العناية فيها بإشارة العين , ولعل السر في ذلك أن العين هي أسرع الأعضاء حركة , والأكثر دلالة , حتى نقل ابن حزم "رحمه الله " في كتابه (طوق الحمامة) ما تعارف عليه الناس في بيئة من إشارات العين , وعقد لذلك باباً اسمه:
باب الإشارة بالعين.
قال فيه: ثم يتلو التعريض بالقبول - إذا وقع القبول والموافقة - الإشارة بلحظ العين , وإنه ليقوم في هذا المعنى المقام المحمود , ويبلغ المبلغ العجيب , ويقطع به ويتواصل , ويوعد ويهدد, ويقبض ويبسط , ويؤمر وينهى , وتضرب به الوعود , وينبه على الرقيب , ويضحك ويحزن , ويسأل ويجاب , ويمنع ويعطى.
ولكل واحد من هذه المعاني ضرب من هيئة اللحظ, لا يوقف على تحديده إلا بالرؤية .. وأنا واصف ما تيسر من هذه المعاني:
فالإشارة بمؤخر العين الواحدة: نهي عن الأمر.
وتفتيرها: إعلام بالقبول.
وإدامة نظرها: دليل على التوجع والأسف.
وكسر نظرها: آية الفرح.
والإشارة إلى إطباقها: دليل على التهديد.
وقلب الحدقة إلى جهة ما , ثم صرفها بسرعة: تنبيه على مشار إليه.
والإشارة الخلفية بمؤخر العين: سؤال.
وقلب الحدقة من وسط العين إلى المؤق بسرعة: شاهد المنع.
وترعيد الحدقتين من وسط العينين: نهي عام.
وسائر ذلك لايدرك إلا بالمشاهدة.
ثم يقول: والحواس الأربع أبواب إلى القلب ... والعين أبلغها] (30)
ونيابة العين عن اللفظ أمر ثابت لاشك فيه , ولعل السبب في تواري اللفظ, وبروز الإشارة هو الخوف من النطق , أو عجز المبين عن الكلام , أو غير ذلك من الأسباب , وانظر مثلاً إلى قول الشاعر:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها إشارة مذعور ولم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحباً وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم
وقال آخر:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها وتعرف عيني ما به الوحي يرجع
وقال ثالث:
العين تبدي الذي في نفس صاحبها من المحبة أو بغضاً إذا كانا
والعين تنطق والأفواه صامتة حتى ترى من ضمير القلب تبيانا
إن كل هذه الشواهد دامغة على أن هناك للحواس لغة معروفة بين الناس , ولذلك تسمع من يقول " لغة العيون , ولغة الأيدي , ولغة الحواجب , ولغة الشفاه .... إلخ
وهذه اللغات تعارف عليها الناس , وإن لم يكن لها قواعد , أو مفردات , ولكن يبقى الأهم وهو أنها لغة مفهومة.
الإشارة أبعد بلاغا ً من الصوت:
لا شك أن مدى الصوت - مهما كانت قوة صاحبه – مدى محدود , ولو أن رجلا وقف ليحدث آخر عن بعد لما فهم منه شيئاً, وهنا يبرز دور الإشارة؛ لأنها تصل حيث لا يصل الصوت , وتحمل المراد حيث يعجز اللفظ عن حمله.
ولقد جاء في الأمثال العربية قولهم: " رفع عقيرته " وهو مثل يضرب لمن صاح صياحاً شديداً حتى أسمع القاصي والداني , وهذا المثل لا صوت فيه , لكن فيه الحركة.
ومورد هذا المثل: أن رجلاً قطعت رجله فبلغ به الألم مبلغة فرفعها على يديه , وأخذ يصيح حتى أسمع الجميع.
والعرب حين أرادت أن تعبر عن هذا الأمر تركت الصوت الذي صاح به الرجل؛ لأنه مهما علا فلن يصل إلى تصوير شدة الألم الذي أحاط به , ولكنهم التقطوا هذه الحركة التي فعلها الرجل , وهي رفع القدم المقطوع , وجعلوها مضرباً للمثل في شدة رفع الصوت.
وحكمة العرب جعلتها تفطن إلى أن رفع العقيرة أبلغ في تصوير علو الصوت من غيره , فكان التعبير هنا بالإشارة بدلاً من اللفظ , ولذلك يقول الجاحظ:
(يُتْبَعُ)
(/)
[ومبلغ الإشارة أبعد من مبلغ الصوت , فهذا أيضاً باب تتقدم فيه الإشارة الصوت , والصوت هو آلة اللفظ , وهو الجوهر الذي يقوم به , وبه يوجد التأليف , ولن تكون حركات اللسان لفظاً ولا كلاماً موزوناً, ولا منثوراً إلا بظهور الصوت , ولا تكون الحروف كلاماً إلا بالتقطيع والتأليف] (32).
لكن مع هذا يقرر الجاحظ أن الإشارة من تمام اللفظ حيث يقول: [وحسن الإشارة باليد والرأس من تمام حسن البيان باللسان مع الذي يكون مع الإشارة من الدل والشكل , والتفتل والتثني , واستدعاء الشهوة , وغير ذلك من الأمور] (33)
ولعل ذلك كان سبباً في عدم وصف الإشارة بالبلاغة عند العلماء؛ لأنها لا تستقل بالبيان لمن يستطيع الكلام , أو أن يكون في لغة غير لغة العرب [كما قيل للهندي: ما البلاغة؟
قال: وضوح الدلالة , وانتهاز الفرصة , وحسن الإشارة] (34).
هل الإشارة عند الكلام عيّ:
يرى البعض أن الإشارة مع الكلام دليل العي , والعجز عن امتلاك اللفظ المعبر , وأن البليغ هو الذي يمتلك ناصية البيان , فإذا حرك يده , أو التفت بوجهه, أو غمز بعينه , أو نحو ذلك فإنما عجز عن اللفظ فاستدعى غيره ليفصح به عن مكنون صدره , وكان بعضهم يفاخر بأنه عند بيانه لا يحرك من جسده ساكناً , ولا يشغل سامعه بغير لفظه , ولذلك عدوا الإشارة عيباً وخروجاً عن دائرة البيان العالي.
أما البلاغة التامة عندهم فهي أنْ تحمّل اللفظ كل ما تريد , وأنت ساكن الجوارح ... [قال أبو الأشعث: لقيت صحيفة هندية فإذا فيها: أول البلاغة اجتماع آلة البلاغة , وذلك أن يكون الخطيب رابط الجأش , ساكن الجوارح , قليل اللحظ متخيراًً اللفظ ...
وكان أبو شمر إذا نازع لم يحرك يديه , ولا منكبيه , ولم يقلب عينيه , ولم يحرك رأسه حتى كأن كلامه إنما يخرج من صدع صخرة.
وكان يقضي على صاحب الإشارة بالافتقار إلى ذلك , وبالعجز عن بلوغ إرادته , وكان يقول: ليس من المنطق أن نستعين عليه بغيره .... حتى كلّمه إبراهيم بن سيار النظام عند أيوب بن جعفر , فاضطره بالحجة , وبالزيادة في المسألة حتى حرك يديه , وحل حبوته , وحبا إليه حتى أخذ بيديه] (35)
وهكذا دلل الجاحظ على خطأ من ظن أن الإشارة عيّ , وأنها عجز عن الكلام , كما بين بعد ذلك أن من أكابر البلغاء من كان يُشير عند بيانه .. قال ثمامة بن الأشرس: كان جعفر بن يحيى أنطق الناس , قد جمع الهدوء والتمهل , والجزالة والحلاوة , وإفهاماً يغنيه عن الإعادة , ولو كان في الأرض ناطق يستغني بمنطقه عن الإشارة لاستغنى جعفر عن الإشارة , كما استغنى عن الإعادة] (36)
ويقول الجاحظ أيضاً عن ثمامة بن الأشرس
[وما علمت أنه كان في زمانه قروي , ولا بلدي كان بلغ من حسن الإفهام مع قلة الحروف ’ ولا من سهولة المخرج مع السلامة عن التكلف ما كان بلغه , وكان لفظه في وزن إشارته , ومعناه في طبقة لفظه , ولم يكن لفظه إلى سمعك بأسرع من معناه إلى قلبك] (37).
ولعل كل هذا تبيان على أن الإشارة ليست عياً, ولا نقصاً في المبين , بل هي من أدواته التي لا يستغني عنها , وإذا كان هؤلاء الذين استشهد بهم الجاحظ قد أشاروا عند بيانهم , فحسبنا أ ن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كثيراً ما أشار عند بيانه , وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا. ً
ومع أن الجاحظ قد فصل هذا التفصيل , وأعطى الإشارة حقها في عالم البيان , وجعلها إحدى وسائله , بل هي النائبة عن اللفظ , والكاشفة عن مقداره , والمؤكدة له , والمعربة عن المعاني الخاصة , أو خاصة الخاصة ...
أقول: على الرغم من هذا كله إلا أن اغلب من جاء بعده من علماء البيان وضعوا عنها هذا القدر , وجردوها من هذه المكانة , وأعادوها إلى اللفظ لتدور في فلكه , وصار مستقى دلالة الإشارة مأخوذاً من اللفظ , فتاهت الدلالة وانمحت معالمها , ولم نعد نفرق بينها وبين غيرها من الدلالات.
وأول من يلقانا على هذا الدرب صاحب أول أثر نقدي علمي مشهور: قدامة بن جعفر.
المبحث الثاني: الإشارة بعد الجاحظ:
أولاً: الإشارة عند قدامة بن جعفر ت 327 هـ:
لقد تحدث قدامه عن ائتلاف اللفظ والمعني ,وجعل من هذه الأنواع الإشارة، ثم عرفها فقال:
[الإشارة: أن يكون اللفظ القليل مشتملاً علي معاني كثيرة بإيماء إليها، أو لمحة تدل عليها ,
(يُتْبَعُ)
(/)
كما قال بعضهم، وقد وصف البلاغة فقال: [هي لمحة دالة] (38) وهذا التعريف يحوي ما يلي:
أولاً: أن مصدر الدلالة اللفظ وليس الإشارة - كما يري -.
ثانياً: أن دلالة هذا اللفظ القليل على المعنى دلالة اشتمال , أعني: أنها دلالة مفهومة, وليست منطوقة.
ثالثاً أن الإشارة تقوم بمساعدة اللفظ في تكوين الدلالة , لكنه عند استشهاده عمد إلى اللفظ ليأخذ منه دلالة الإشارة , وابتعد عن الحركة والإيحاء , ويقول مستشهداً على الإشارة:
فإن تهلك شنوءة أو تبدل فسيري إن في غسان خالا
لعزهم عززت وإن يذلوا فذلهم أنالك ما أنالا
ثم قال: [فينبه هذا الشعر على أن ألفاظه مع قصرها قد أشير بها إلى معان طوال , فمن ذلك: " تهلك أو تبدل " ... ومنه قوله: " إن في غسان خالا " ..... ومنه ما تحته معان كثيرة , وشرح , وهو قوله " أنالك ما أنالا ".] (39)
وقدامة بهذا التعليق يبعد عن دور الإشارة الحقيقية في تكوين المعنى , بل إن الشعر الذي استشهد به لا إشارة فيه , ولا ما يدل عليها من قريب أو بعيد , اللهم إلا إذا عددنا الكناية والرمز من قبيل الإشارة.
وظل قدامة -رحمه الله -يتابع شواهده , وجميعها تدور في فلك الإيجاز , أو الكناية , أو التمثيل , ولعل الذي دفع به إلى هذا العدول أنه معني ببيان دروب المعاني الشعرية , من حيث مساواتها مع اللفظ أو زيادتها عليه.
فلقد جعل الإشارة نوعاً من أنواع ائتلاف اللفظ مع المعنى ,وهذا الائتلاف قد يكون اللفظ فيه مساويا , أو زائداً عليه , كما هو الحال في باب الإشارة , وهذا يعني أنها عنده قسيم للمساواة.
ًومع أنه عند التعريف جعل مصدر ومستقى هذه الزيادة من الإشارة والإيماء واللمحة الدالة , إلا أنه عند الشرح , والتفصيل أعرض عن هذه اللمحة , وذاك الإيماء , وحصر شواهده في اللفظ, مما أحدث بعده لبساً ففُهمت الإشارة مرة على أنها نتاج الحركة , ومرة أخرى على أنها نتاج اللفظ.
*******
دلالة الإشارة عند ابن رشيق: ت 456 هـ
عقد ابن رشيق القيرواني في كتابة العمدة بابا كبيرا للإشارة بدأ بإبراز جمال هذه الدلالة فقال:
[والإشارة من غرائب الشعر وملحه، وبلاغة عجيبة، تدل علي بعد المرمي , وفرط المقدرة،
وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز، والحاذق الماهر، وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالة، واختصار وتلويح يعرف مجملا، ومعناه بعيد من ظاهر لفظه فمن ذلك قول زهير
فإني لو لقيتك واتجهنا لكان لكل منكرة كفاء
فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه , وهذا عند قدامة أفضل بيت في الإشارة] (40).
ولا يخفى عليك ما في هذا الكلام من إغراب وبعد عن دلالة الإشارة الحقيقية , حتى بيت الشعر الذي استشهد به.
وكأن دلالة الإشارة هي كل ما يحمله الكلام من معان , سواء جاء في صورة كناية , أو تشبيه , أو استعارة ....
وهذا بلا شك عجيب , لأن كل دلالة في علم البلاغة لها مصطلح متفق عليه , أما أن أجعل هذه الدلالات كلها دلالات إشارية فهذا بعيد.
والأصل: أن دلالة الإشارة تستقى من حركة اليد , أو العين , أو الرأس , أو سائر الجسد سواء صاحبت اللفظ , أم جاءت وحدها , وأنا هنا أتحث عن دلالة الإشارة في علم البلاغة , لأن هناك في علم أصول الفقه مفهوماً آخر لدلالة الإشارة.
وأعود إلى ابن رشيق حيث يقول عن البيت السابق: [فقد أشار له بقبح ما كان يصنع لو لقيه]
ثم حكم على هذا البيت بأنه أفضل بيت في الإشارة , مع أن ابن قدامة لم يعلق على هذا البيت بقليل , ولا بكثير.
وفي بيت آخر يقول الشاعر فيه:
جعلت يدي وشاحاً له وبعض الفوارس لا يعتنق
يقول ابن رشيق: [وهذا النوع من الشعر هو الوحي عندهم ... ] (41)
لقد جعل ابن رشيق كل ما يستعذبه من الشعر , وكل ما لطف , ودق في المعنى , جعله من باب الإشارة؛ ولأجل هذا فتح الباب لكل ألوان البيان.
فهذه إشارة على معنى التشبيه , ويمثل لها بقول الشاعر:
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
وهذه إشارة على معنى الاستفهام ,ويمثل لها بقول الله تعالى (الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ) (القارعة ا:2)
وهذه إشارة على معنى التعريض كقوله تعالى: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (الدخان:49).,
وإشارة على معنى الكناية , وإشارة على معنى التمثيل , وإشارة على معنى الرمز , وأخرى على معنى اللحن ..... إلخ
(يُتْبَعُ)
(/)
وغير ذلك كثير مما يعني أن دلالة الإشارة قد تاهت , وأصبح كل معنى مفهوم معنىً إشارياً!!
ثم يعود ابن رشيق لينتصر للدلالة الحقيقية للإشارة فيعرض رأي من يزعم أن الإشارة حشو , ويستدلون على ذلك بقول أبي نواس:
قال إبراهيم بالما ل كذا غرباً وشرقاً
فزعموا أن قوله [كذا] حشو, وعجز عن اللفظ الدال على الإشارة.
ثم ينتصر لأبي نواس , ولدلالة الإشارة , فيقول: [ولم يأت بها أبو نواس حشواً , ولكن شطارة , وإن شئت قلت: بياناً وتثقيفاً , كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: " وكيف بك إذا بقيت في حثالة الناس , قد مرجت عهودهم وأماناتهم , واختلفوا ... وكانوا هكذا .. ؟ وشبك بين أصابع يديه ".
ولا أحد أفصح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولا أبعد كلاماً منه من الحشو , والتكلف] (42).
وهذا الكلام يناقض كلامه السابق , فهو هنا يحدد مستقى الدلالة , ويبرز أهمية الحركة في تكوين المعنى , بل إنه بعد ذلك ذكر من لطائف هذه الدلالة ما لا يكاد اللفظ يقوم به , ومن ذلك: [أن معاوية - رضي الله عنه - أقام الخطباء لبيعة ولده يزيد , فقام رجل من ذي الكلاع فقال:
هذا أمير المؤمنين ............... وأشار بيده إلى معاوية.
فإن مات فهذا ................... وأشار إلى يزيد.
فمن أبى فهذا .................... وأشار إلى السيف.
ثم قال:
معاوية الخليفة لا نماري +++ فإن يهلك فسائسنا يزيد
فمن غلب الشقاء عليه جهلاً +++ تحكم في مفارقه الحديد (43)
فابن رشيق بهذا لا يترك مجالاً لأحد أن يتهمه بالانتقاص من دلالة الإشارة , أو تغييبها داخل الدلالات الأخرى.
لكن ... أين هذا مما قاله أولاً؟ أليس هذا عجيباً؟
ولو أنك أردت أن تبرز ما في الإشارة من دلالات في البيتين السابقين لوجدت اللفظ منك يطول؛ لأن الشاعر أراد أن يبرهن على أحقية سيدنا معاوية , وولده يزيد بالخلافة , وكان لزاماً عليه أن يذكر صفات كل واحد منهما التي تؤهله لهذا المنصب , ولما كان هذا يطول دعاك أن تنظر بإشارته بيده إلى معاوية ليتحقق لديك بما لا يدع مجالاً للشك في أحقيتهما للخلافة.
ألا ترى أن إشارته بيده جمعت من المعاني ما لا حد له؟
فإن اقتنعت بذلك فاعلم أن هذا هو سر الجمال , ولب الإبداع وموطن الفن في هذه الإشارة , فهي لا تذكر لك المعنى , بل تضع عينك عليه لتراه , وفرق بين الأمرين كبير.
ثم يتابع ابن رشيق كلامه في هذه الدلالة , وكأنه يريد منك ألا تلتفت إلى كلامه الأول؛ لأن الإشارة عنده لها قدرة فائقة على تصوير المعنى , بل وتستطيع أن تستقل بالدلالة , ومن ذلك ما حكاه عن أبي نواس , حيث يقول:
[وقد جاء أبو نواس بإشارات أخر لم تجر العادة بمثلها , وذلك أن الأمير بن زبيدة قال له مرة: هل تصنع شعراً لا قافية له؟ قال: نعم , وصنع من فوره ارتجالاً:
ولقد قلت للمليحة قولي من بعيد لمن يحبك ..... " إشارة: قبلة "
فأشارت بمعصم ثم قالت من بعيد خلاف قولي ..... " إشارة: لا , لا "
فتنفست ساعة ثم إني قلت للبغل عند ذلك ....... " إشارة: امش "
فتعجب جميع من حضر المجلس من اهتدائه, وحسن تأتيه, وأعطاه الأمين صلة شريفة] (44)
فلا شك أن صنيع أبي نواس في غاية الإبداع والبيان , حتى أكاد أزعم أن اللفظ لا يقوم مقام الإشارة هنا , من أين لنا بلفظ يعبر عن صوت القبلة , وكم من أصوات لا بيان لها؟
ومن كل ما سبق عند ابن رشيق يتبين لنا أنه في بداية كلامه خلط بين دلالة الإشارة , ودلالة الصور البيانية , حتى التبس الأمر على القارئ .. , ثم في آخر كلامه حرر الدلالة , واستشهد عليها بشواهد تبرهن على أثر الحركة المشاهدة في المعنى.
********
الإشارة عند عبد القاهر ت 471
الناظر في كتابي عبد القاهر لا يلحظ عناية بهذا النوع من البيان: لأنه - رحمه الله -كان مشغولاً بقضية الإعجاز القرآني، وأنها في نظم الكلام، وهذا الهم شغله عن التعريج علي
وسائل البيان الأخرى، إلا بعض اللفتات القصيرة , وذلك مثل تعليقه علي ما لحق البيان من الضيم: لأن البعض [لا يري معني أكثر مما يري للإشارة بالرأس والعين. وما يجده للخط والعقد]. (45)
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا قوله لمن أعرض عن الشعر بسبب وزنه أن ينظر إلي ما فيه من [حسن تمثيل، واستعارة، وإلي التلويح والإشارة، وإلي صنعة تعمد إلي معني الخسيس فتشرفه ... ] (46) وكذا كلامه عن المزية، وأنها من حيز المعاني حيث يقول: [وينبغي أن تأخذ الآن في تفصيل أمر المزية وبيان الجهات التي منها تعرض، وأنه لمرام صعب، ومطلب عسير، ولولا أنه علي ذلك لما وجدت الناس بين منكر من أصله , متخيل له علي غير وجهه ومعتقد أنه باب لا تقوي عليه العبارة. ولا يملك فيه إلا الإشارة] (47).
ولقد سار الإمام - رحمه الله - علي هذا الضرب. يبين دقائق البيان، ووجوه الإعجاز في نظم الكلام، وهذه الغاية جعلته لايعتني إلا بها.
وهذا يعني إن الإمام , مع أنه أقر، وذكر الإشارة في كلامه، لكنه شغل عنها بغايته التي عقد كتابيه - الدلائل والإسرار - عليها , وهي بيان وجه الإعجاز في القرآن الكريم.
الإشارة عند ابن أبي الإصبع (تـ 654 هـ)
عقد ابن أبي الإصبع بابا للإشارة ونقل نقلا عن غيره، ولكنه زاد في هذه الدلالة زيادات جليلة جعلته يمثل مرحلة من مراحل تطور دلالة الإشارة.
فلقد نقل عن [هند بن أبي هالة في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه" كان يشير بكفه كلها , وإذا تعجب قلبها , وإذا حدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ".
فوصفه ببلاغة اليد , كما وصفه ببلاغة اللسان , يعني أنه يشير بيده في الموضع الذي تكون فيه الإشارة أولى من العبارة , وهذا حذق لمواضع المخاطبات] (48).
ثم راح ابن أبي الإصبع يشرح هذا , فقال: [يشير بكفه كلها. أي: يُفهم بها المخاطب كل ما أراده بسهولة , فإن الإشارة ببعض الكف تصعب , وبكل الكف تسهل.
فأعلمنا هذا الوصف أنه صلى الله عليه وسلم كان سهل الإشارة كما كان سهل العبارة.
" فإذا تعجب بها قلبها"
يعني: أنه أتى بها على وجهها إذا كان المعنى الذي يشير إليه على وجهه ليس فيه ما يستغرب فيعجب منه , فإن الشيء المعجب إنما يكون معجباً لكونه غير معهود.
فكأن الأمر فيه قد قُلب لمخالفته المعهود، فلذلك يجعل قلب يده في وقت الإشارة إشارة إلى أن هذا الأمر قد جاء على خلاف المعهود , ولذلك تعجب منه.
وقوله: " وإذا تحدث اتصل بها "
يعني: اتصل حديثه بها , فيكون المعنى متصلاً , والمفهوم بالعبارة والإشارة متلاحماً , آخذ بعضه بحجز بعض.
وقوله: " فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى "
يعني: أنه عند انتهاء إشارته يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى , مشيراً إلى أنه ختم إشارته , ومعناه , ولذلك عطف هذه الجملة بالفاء , ولم يأت بها معطوفةً بالواو , كما أتى بما قبلها من الجمل , لكونها آخر إشارته.
والواو لكونها غير مقتضية للترتيب يجوز أن يكون المتأخر بها متقدماً ولا كذلك الفاء , إذ لا بد أن يكون المعطوف بها متأخراً؛ لكونها موضوعة للتعقيب.
وأما اقتصاره على باطن الإبهام دون ظاهرها "
فمعناه: أنه جعل آخر الإشارة متصلاً بأول العبارة اتصالاً متلائماً كملاءمة باطن الكف التي ضرب بها باطن الإبهام التي ضرب عليها , وهذا أيضاً من بلاغة الواصف. (49)
وهذا الكلام كلام نفيس لأنه يضع أصولاً لقواعد هذه الدلالة وهذه الأصول لابد من تعليمها حتى يستطيع كل مبين أن يخرج مراده ويختار له ما يناسبه من ألوان البيان لفظا كان أو إشارة ...
ومع أن هذا الكلام صريح في قدره الإشارة علي حمل المعاني، وتكوين الدلالات، إلا أن العجيب أن ابن أبي الإصبع حين اسشهد أعرض عن كلامه، وأتي بشواهد بعيدة عما قال ...
شواهد كل ما فيها أن اللفظ القليل يحمل المعاني الكثير، وهذا أشبه بالانفصام بين القاعدة والمثال، وهو ما وقع فيه الكثيرون.
ولعل السبب في ذلك، أن علماء البلاغة حين يكتبون في العلم يأتون في كلامهم وقواعدهم الجديد، وحاول كل منهم أن يضيف إلي كلام السابقين شيئا فإذا جاءوا إلي التمثيل أخذوا من السابقين شواهدهم وسطورها، ولذلك تجد أغلب الشعر المستشهد به في دلالة الإشارات واحدا، إلا ما نذر.
الإشارة عند ابن حجة الحموي:
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد إضاف ابن حجة الحموي إلى هذه الدلالة إضافة ينبغي ذكرها هنا , حيث قال: [هذا النوع " أعني الإشارة " مما فرعه قدامة من ائتلاف اللفظ مع المعنى , وشرح ذلك فقال: هو أن يكون اللفظ القليل مشتملاً على المعنى الكثير , بإيحاء ولمحة تدل عليه , كما قيل في صفة البلاغة: هي لمحة دالة.
وتلخيص ذلك: أنه إشارة المتكلم إلى المعاني الكثيرة بلفظ يشبه لقلته واختصاره إشارة اليد , فإن المشير بيده يشير دفعة واحدة إلى أشياء لو عبر عنها بلفظ لاحتاج إلى ألفاظ كثيرة.
ولابد في الإشارة من اعتبار صحة الدلالة , وحسن البيان مع الاختصار؛ لأن المشير بيده إن لم يفهم المتلقي معنى إشارته فإشارته معدودة من العبث , وكان النبي صلى الله عليه وسلم سهل الإشارة كما كان سهل العبارة , وهذا ضرب من البلاغة يمتدح به] (50)
وفي كلام ابن حجة تنبيهات ينبغي الوقوف عليها , فهي مرحلة من مراحل تطور هذه الدلالة , ومنها:
أولاً: أن دلالة الإشارة مع كونها من اللفظ لكنها سميت كذلك تشبيهاً بحركة اليد التي تفهم منها معان كثيرة دفعة واحدة , فكذلك اللفظ إذا فهم منه معان كثيرة دفعة واحدة كان فيه دلالة إشارة كما يقول.
ثانياً: يشترط ابن حجة صحة هذه الدلالات حتى لا يدعي كل أحد أن في اللفظ دلالة كذا , واللفظ لا يحتملها.
يقول: [فلابد في الإشارة من اعتبار الصحة , وحسن البيان مع الاختصار] (51).
ثالثاً: أن من الإشارة ما يوصف بالسهولة , ومنها ما يوصف بالتعقيد , وسهولة الإشارة تعني: وصول المراد إلى القلب دون وسائط.
ومع كل هذا إلا أنك تراه يقول: [والإشارة قسمان: قسم للسان , وقسم لليد] (51) لكنك إن بحثت عن القسم الذي لليد فلن تجد له شاهداً في كتابه, فجميع شواهده في دلالة اللفظ القليل على المعنى الكثير, وهذا بلا شك دلالة إيجاز وليست دلالة إشارة باليد كما نص هو" رحمه الله ".
الإشارة عند الفقهاء:
حظيت دلالة الإشارة لدى الفقهاء بعناية فائقة , وبنوا عليها أحكاماً, حتى وإن وردت وحدها دون مصاحبة اللفظ , مما يعني إمكانية استقلالها بالدلالة , ومن ذلك ما جاء في كثير من أبواب الفقه ,يقول المهلب: [قد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام , مثل قوله " صلى الله عليه وسلم ": بعثت أنا والساعة كهاتين (52) فعرّف قرب ما بينهما بمقدار زيادة الوسطى على السبابة.
وفي اجتماع العقول على أن العِيان أقوى من الخبر دليل على أن الإشارة قد تكون في بعض المواضع أقوى من الكلام] (53).
ومن الأفكار التي بنيت على الإشارة عند الفقهاء:
أنهم [كرهوا للرجل التكلم والإمام يخطب , وإن تكلم غيره فلا ينكر عليه إلا بالإشارة] (54)
[واشترطوا لحل الذبيحة شروطا , منهاً:
أن يقول باسم الله عند حركة يده بالذبح ...... فإن كان الذابح أخرس أومأ برأسه إلى السماء , وأشار إشارة تدل على التسمية , بحيث يفهم منها أنه أراد التسمية , وهذا كاف في حل ذبيحة الأخرس.
وفي حكم البدء بالسلام قالوا:
وإذا قال: السلام عليك , وأشار على محمد بدون تسميته فرد أحد الحاضرين , فإن الفرض يسقط؛ لأن الإشارة تحتمل أن تكون لهم جميعاً , وكذا إذا قال: السلام عليك , بدون إشارة , فإنه إذا رد واحد سقط عن الباقين؛ لأنه يصح أن يخاطب الجماعة بخطاب الواحد .....
وفي مبحث اليمين قالوا:
وإذا حلف ألا يأكل هذا وأشار إلى قمح بدون أن يذكره , فإنه يحنث إذا أكل منه على هيئته, أو أكل من دقيقه , أو خبزه , أو أي شيء يتولد منه ...
وفي كتاب النكاح قالوا:
وإذا تزوجها على (هذا الفرس ,أو هذا الفرس) وأشار لها إلى فرسين , وكان أحدهما أقل من الآخر حكم بمهر المثل.
وفي باب القذف قالوا:
إن القذف لا يصح إلا بالتصريح ....
قال ابن القصار: وهذا باطل , وقد نص مالك على أن شهادة الأخرس مقبولة , إذا فهمت
إشارته , وأنها تقوم مقام اللفظ بالشهادة ... ] (55)
أما علماء الأصول , فإنهم ذكروا من أنواع الدلالات: دلالة الإشارة؛ لكنهم لم يخرجوا بها عن التركيب ونظمه , وجعلوها ثمرة للفظ وإيماءاته , فقالوا عنها: إنها [دلالة النظم على معنى لم يسق لأجله , لعدم قصد المتكلم له في نفسه , لكن السامع يعلمه بالتأمل في معنى النظم من غير زيادة عليه ولا نقصان] (56)
(يُتْبَعُ)
(/)
[وجوهر هذه الدلالة عندهم ماثل في أمرين:
أنها دلالة نظمية , وأنها دلالة غير مقصودة للمتكلم بهذا النظم.
ووجه تسمية هذه الدلالة إشارة عندهم أن المتكلم قد يفهم بإشارته , وحركته في أثناء كلامه ما لا يدل عليه نفس اللفظ فيسمى إشارة] (57)
وكل ذلك كما ترى متولد عن اللفظ , ولا علاقة له بدلالة الحركة , وإن كان الأصل في اصطلاح لفظ الإشارة هو الحركة , لكنهم عند تحديد الدلالة نظروا إلى اللفظ , وأغفلوا الحركة المصاحبة له.
ولذلك يرى بعضهم أنها دلالة التزاميه تستقى من اللفظ غير الصريح , ويرى آخرون أنها تفهم من اللفظ , ولا يدل اللفظ عليها , ومن ذلك مثلاً ما يقوله الجصاص في أحكام القرآن حول قول الله تعالى: " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " يقول: [يؤخذ منه بطريق الإشارة: أن الفقير قد يملك بعض ما يغنيه , وليس هو الذي لا يملك البتة, فإنه لا يحسبه الجاهل به غنياً من أجل تعففه إلا إذا كان ظاهر حاله ساتراً حقيقته , وذلك لا يكون مع العدم المحض] (58).
[ويؤخذ منه أيضاً بطريق الإشارة أن على الفقير ألا يظهر حاله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً , فقد جاءت الآية في معرض المدح.
ويؤخذ منه أيضاً: أن على أهل الفضل أن ينقبوا عن أولئك المتعففين , ويعينوهم على استتارهم ببذل ما يحفظ ماء الحياء في وجوههم] (59).
وكل هذه المعانى مرتشفه من اللفظ وسياقه، لكن لا يوجد ذكر هنا لحركه أو إشارة، مما يعني أن الأصوليين ـ أيضاً عدلوا بالإشارة عن حقيقتها، وعمدوا إلى اللفظ وإشارته أي: دلالته.
ولم تقف أهمية هذه الدلالة عند الفقهاء والبلاغيين فقط، بل إن الناس كانوا يتعارفون علي إشارات فيما بينهم ومن ذلك ما ذكره شمس الدين العظيم أبادي في شرحه لسنن أبي داود.
يقول: [جاء عن ابن سيرين أنه قال:
كانوا يستأذنون الإمام - وهو علي المنبر - فلما كان زياد , وكثر ذلك بينهم، قال: من وضع يده علي أنفه فهو إذنه] (60).
وهذا اصطلاح بين هؤلاء فقط، مما يعني أن الجميع كان يأوي إلي الإشارة , إن صرفه صارف عن اللفظ.
وقفه علي ما سبق.
هذا مما سطّرهُ علماؤنا عن الإشارة، ولقد تبين لي بعض الأمور أوجزها فيما يلي:
أولاً: اتفق الجميع على أن الأصل في البيان هو اللفظ , ولم يختلفوا حول الإشارة , وكونها ضرباً من البيان أيضاً.
ثانياً: أن أول من كشف اللثام عن هذه الدلالة , وفصل غوامضها الجاحظ , ومع ذلك لم يسر خلفه الباقون بل حارت الدلالة عندهم وضوحاً وغموضاً, وإن كان لهم إضافات لا تنكر.
ثالثاً: أن للإشارة دلائل واضحة وناطقة في بيان الوحي , كما أن لها دلائل في بيان العرب قديماً شعراً ونثراً.
رابعاً: أنهم اختلفوا في وصف الإشارة بالبلاغة , فمنهم من وصفها بالبلاغة كابن المقفع , وابن حجة الحموي , وابن أبي الإصبع , ومنهم من قصر البلاغة على اللفظ.
خامساً: أن دلالة الإشارة مركوزة في فطرة الإنسان , وعليه لا يجوز وصف البليغ إذا أشار بالقصور , أو العيب , أو العي.
سادساً: لابد في الإشارة من موافقة اللفظ حتى يسهل المعنى على المتلقي , أما إذا كان اللفظ في جانب , والإشارة في جانب مغاير أدى الأمر إلى التعقيد المذموم.
سابعاً: إن حقل البيان ما زال في حاجة ماسة إلى الكشف عن وسائل البيان الأخرى غير اللفظ
ثامناً: للإشارة مقامات لا يستطيع اللفظ القيام بها , كالبيان للبعيد , وبيان الخائف , والبيان عن أمور لا لفظ لها في العربية , كما في بعض الأصوات.
تاسعاً: أن لكل حركة دلالة ينبغي تمييزها عن غيرها , وتحديد دورها في تكوين المراد.
ووددت لو تم اصطناع معجم لدلالة الإشارات في بيان السابقين , وعلى رأس ذلك بيان الوحي , ثم بيان العرب القديم.
ولقد ألمح على مثل ذلك ابن حزم حيث قال::
الإشارة بمؤخرة العين الواحدة , تعني: النهي.
وتقصيرها: إعلام بالقبول.
وإدامة نظرها: دليل على التوجع.
وقبض اليد يعني: القوة.
وغير ذلك كثير في التراث , ومن الممكن جمعه , ووضعه في معجم يستعين به كل مبين.
الفصل الثاني
دلالة الإشارة في بيان النبي
" صلى الله عليه وسلم "
دراسة في صحيح مسلم
---------------------------------------------------------
تقديم
(يُتْبَعُ)
(/)
لا شك أن كل بيان يحمل صفات قائله , فالبيان القرآني يحمل كل كمال , وكل تنزيه وإحاطة , وكل ما يليق بالله تعالى من صفات.
وإذا كان الحكماء من البشر يملكون ناصية البيان أعلاه، وأصفاه، وأحلاه، وأتقنه، وأرقاه، فما أبان أحد كبيان النبي- عليه السلام -، فالبيان النبوي يقف على قمة البيان البشري , ولم لا وهو قبس من بيان القرآن الكريم، بل هو الوجه الآخر لهذا البيان.
وللإشارة في بيان المعصوم صلي الله عليه وسلم مقام رفيع لا يقل عن مقام اللفظ ولقد حرص الرواة جميعاً حين سمعوا رسول الله عليه السلام يقول: " بلغوا عني " حرصوا علي نقل هذا البيان كاملاً غير منقوص، بما فيه من لفظ وخط، وإشارة، وعقد وحال، لأنهم يعلمون أن هذه الوسائل ليست حشوا، أو كمّا مهملا، بل لها دور في بناء المعني , وتكوين الدلالات , وعسى أن يكون خلف الإشارة حكم , أو تكليف , أو وصية , أو نحو ذلك من تعاليم الدين , فيغيب عن الناس فيتحملوا وزره؛ لأجل ذلك نقلوا إلينا كل شيء.
تسمعهم يقولون: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كذا وأشار بالسبابة والوسطى , أو قال كذا وجمع بين أصابعه , أو شبك بين أصابعه.
وتراهم يقولون: خط رسول الله خطوطاً في الأرض ... ثم قال كذا ...
وهذا كله دليل قاطع , وبرهان ساطع على منزلة هذه الوسائل البيانية في حمل المراد إلى
المتلقي.
بل إنهم أطلقوا على الإشارة لفظ (القول): تسمعهم يقولون: قال بأصبعه كذا ....
والأوراق القادمة تكشف بعضاً من علاقة البيان بالإشارة , وكيف تحمل حركة الجسد تشبيهاً أو توكيداً , أو غير ذلك من ألوان البلاغة , وكأن الإشارة فيها من علم المعاني والبيان والبديع ..... وهذه نماذج تبين كل نوع.
التوكيد بالإشارة
لا شك أن توكيد المسند , أو المسند إليه إنما هو تقرير لكل منهما , وتحقيق لمفهومهما؛ رغبة في [جعله مستقراً محققاً ثابتاً بحيث لا يظن به غيره] (61) والإشارة تقوم بهذا الدور خير قيام.
ولقد جاءت أحاديث كثيرة ترى فيها الإشارة مؤكدة للفظ , ومدعمة له , وكأن وصول المعنى إلى القلب عن طريق السمع لا يكفي , فأريد استصحاب طريق إضافي , فإذا وجد القلب أن المعنى قد وصله من طريقين مختلفين , وكل منهما يؤكد الآخر، فتح للمعنى الباب ليستقر فيه.
ولا شك أن العلماء كانوا يستعينون علي المعني الواحد بعدة طرق لفظية مثل التوكيد اللفظي والمعنوي، وغير ذلك - لأنهم كانوا يرون في المعني فخامة تحتاج إلي هذا الحشد.
فما المانع أن تؤازر الإشارة اللفظ في المعاني الشريفة، والمقامات العالية التي تحتاج إلي ألوان أخرى من المؤكدات سوي المؤكدات اللفظية، حتى تستقر النفوس، ويزول ما فيها من ريب.
ومن هذا الباب ما جاء في فتح خيبر من حديث سلمة بن الأكوع.
أنه قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا ً شديداً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك، وشكّوا فيه: رجل مات في سلاحه، وشكوا في بعض أمره.
قال سلمة: فقفل رسول الله صلي الله عليه وسلم من خيبر، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك، فأذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب أعلم ما تقول، قال، فقلت:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " صدقت "
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
قال: قلما قضيت رَجَزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال هذا "؟
قلت: قاله أخي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحمه الله "
فقلت: يارسول الله! إن ناساً ليهابون الصلاة عليه , يقولون رجل مات بسلاحه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مات جاهداً مجاهداً " , وفي رواية " كذبوا , مات جاهداً مجاهداً فله أجره مرتين , وأشار بأصبعيه " (62)
فقوله: مرتين , ثم يشير بإصبعيه إنما هي توكيد لفظي لأن المقام في حاجة إلى ذلك , وانظر إلى ما أصاب سيدنا سلمة بن الأكوع من غم حين رأى إعراض الصحابة عن الصلاة على
(يُتْبَعُ)
(/)
أخيه , حتى ارتاب في الأمر , ودخله ما دخله من الشك في عاقبة أخيه , ومن هنا كان من الأولى إزالة هذا الشك من عنده , ومن عند جميع الصحابة , فأكد النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بالإشارة , لتكون الإشارة توكيداً لا يبقى معه لبس , ولا غموض في فوز أخي سلمة بالجنة , والشهادة في سبيل الله تعالى.
فالآذان ستظل تذكر كلام النبي , والعيون كذلك ستظل ترى هذه الإشارة المصاحبة للفظ لتكون بياناً توكيدياً لها.
ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق , حتى تكون منهم بمقدار ميل, قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض , أم الميل الذي تكتحل به العين؟
قال: " فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق , فمنهم من يكون إلى كعبيه , ومنهم من يكون إلى ركبتيه , ومنهم من يكون إلى حقويه , ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً "
قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه. (63)
فقوله صلى الله عليه وسلم " ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً, يفهم منه أن العرق قد وصل إلى الفم , هذا منطوق العبارة , والذهن يتصور ذلك , لا شك ,.
إذن , ما الإضافة التي أضافها رسول الله إلى المعنى بإشارته؟ وهل قصّر اللفظ عن أداء المراد حتى تأتي الإشارة؟
إن الإضافة التي أتت بها الإشارة , كما أفهم , هي استحضار الصورة لتشاهدها العيون , فوضعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يده على فيه نقل المعنى من عالم الغيب إلى عالم الشهادة , وهذا من أرفع صور التوكيد فالناس الآن لا يسمعون الكلام , بل يرون صورة هذا الرجل الذي ألجمه عرقه , يرونه الآن أمام عيونهم , وهو يحاول النجاة , أو التخلص من هذا العرق بعد أن وصل إلى فيه , وأخذ بخناقه , ويكاد يسد أنفاسه , هكذا ينظر السامع إلى المعنى بعد إشارة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما اصطفاء هذا الصنف , أعني: الذي يلجمه العرق , لتصويره دون غيره ممن وصل العرق إلى كعبيه , أو ركبتيه ... الخ , فلأنه الأشد كرباً , والمقام مقام ترهيب من يوم القيامة , والسياق سياق زجر , فالشمس تدنو من الرؤوس , والكل في ضيق ووجل , فكان الأبلغ استخلاص أشد الصور نفوراً فكان من يلجمه العرق إلجاماً هو الأليق بالمقام فوقع التصوير بالإشارة عليه , لأن من رأى ليس كمن سمع.
التعريف بالإشارة
تحدث البلاغيون عن التعريف باسم الإشارة , وجعلوا لذلك أغراضاً كثيرة , منها: تمييز المشار إليه أكمل تمييز , ومنها المدح , أو الذم , أو لبيان حاله في القرب أو البعد , أو التوسط , وقد يكون التعريف باسم الإشارة غرضه التنبيه على ما سبق ذكره في الكلام .. وغير ذلك.
ولقد بين العلماء أن التعريف بالإشارة يرقى إلى مرتبة عالية في مجال وسائل التعريف , وذلك بسبب مصاحبة الإشارة الحسية للفظ المسموع.
يقول السبكي في عروس الأفراح: [يؤتى بالمسند إليه اسم إشارة لأحد أمور:
الأول: أن يقصد تميزه لإحضاره في ذهن السامع حساً ... فالإشارة أكمل ما يكون من التمييز كقول ابن الرومي:
هذا أبو الصقر فرداً في محاسنه من نسل شيبان بين الضال والعلم (64)
انظر إلى قوله: " لإحضاره في ذهن السامع حساً " فهذا يعني مصاحبة الحركة للفظ.
ويقول الدسوقي في حاشيته على السعد: [والتمييز الأكمل هو ما كان بالعين والقلب , فإنه لا تمييز أكمل منه , ولا يحصل ذلك التمييز إلا باسم الإشارة ....
ودلالة اسم الإشارة على أكملية التمييز لأن معه إشارة حسية , ولا يتأتى معه اشتباه ..
واسم الإشارة إذا كان المشار إليه حاضراً محسوساً للسامع بحاسة البصر كان أقوي.] (65)
وكل هذا يدل على قدرة الإشارة الحسية على حمل المعاني , بل إن أسماء الإشارة لا تتخيل إلا إذا صاحبتها حركات حسية , يلفت بها المتكلم نظر السامع إلى ما يريد.
ومن هذا الباب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: [كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ...
قال: قلت: من هم يا رسول الله؟
فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً , وفينا سلمان الفارسي , فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان , ثم قال: " لو كان الإيمان عند الثريا
لناله رجال من هؤلاء "] (66)
(يُتْبَعُ)
(/)
فقوله " لناله رجال من هؤلاء " صاحبه وضع يده على سلمان الفارسي , حتى يكون التمييز في أكمل صورة , وبخاصة أن السائل صار في شوق إلى معرفة هذه الطائفة التي تلحق بالسابقين الأولين.
ووضع اليد على سيدنا سلمان قصد به رجال من أهل فارس , وهذا يفسره رواية أبي هريرة في صحيح مسلم: " لو كان الدين عند الثريا لذهب رجال من فارس حتى يتناولوه "
وليس المقصود اختصاص أهل فارس بسبب فارسيتهم , وإنما المقصود ما يتحلون به من طاعة والتزام.
ولقد نقل ابن حجر بعضاً مما جاء في أسباب نيل هؤلاء هذه الدرجة , ومنها:
ما جاء زيادةً في إحدى الروايات " برقة قلوبهم " ,
وفي أخرى " يتبعون سنتي , ويكثرون الصلاة علي " (67).
وعلى هذا فالإشارة الحسية تلفت انتباه الناس إلى صفات هذه الطائفة , التي تتحلى بالإيمان , ولو كان عند الثريا.
ووضع اليد على سيدنا سلمان يعني أنه كان متحلياً بهذه الصفات فجاءت الإشارة الحسية لينظر الجميع إليه , وإلى صفاته فيكون ذلك دافعاً إلى التشبه به.
*****
دلالة الإشارة على المحذوف
قد تأتي الإشارة لتدل على لفظ محذوف لكنه مراد في المعنى , وعدم التصريح بهذا اللفظ له أسباب كثيرة: مثل: الاختصار , والاحتراز عن العبث بناءً على الظاهر , أو ضيق المقام ... الخ (68).
ولا شك أن للحذف مكانة عالية في البلاغة.
ويكفي هنا ما ذكره الإمام عبد القهر من أن الحذف [باب رقيق المسلك لطيف المأخذ، عجيب الأمر شبيه بالسحر , فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر , والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن] (69).
وقد يعمد المبين إلي الإيماء , وإلي المحذوف بإشارته، وعندها تكون هذه الإشارة هي الدليل علي المحذوف فتكسبه وضوحا وبيانا قد لا يتوفران في ذكره.
ومن ذلك ما رواه سيدنا عبد الله بن عباس، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد علي سبعة أعظم. الجبهة وأشار بيده علي أنفه واليدين، والرجلين، وأطراف القدمين، ولا تكفت الثياب ولا الشعر (70).
والحديث حذف منه لفظ " الأنف وإن كان أشير إليه باليد , ذلك لأن الأصل في الرأس الجبهة، فالسجود عليها هو الفرض ويتبع ذلك الأنف.
وكان التصريح بالجبهة، وحذف الأنف يعني أن كلا منهما ليسا علي درجة واحدة في السجود. [قال القرطبي: هذا يدل علي أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع .... وقال ابن دقيق العيد: قيل: معناه أنهما جعلا كعضو واحد، وإلا لكانت الأعضاء ثمانية، وقال: وفيه نظر: لأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود علي الأنف، كما يكتفي بالسجود علي بعض الجبهة ..... والحق: أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة، وإن أمكن أن يعتقد أنهما كعضو واحد فذاك في التسمية والعبارة، لا في الحكم الذي دل عليه الأمر] (71).
وقد تفيد الإشارة أن الجبهة والأنف ملتصقين فهما عضو واحد كما جاء عند النسائي:
"ووضع يده علي جبهته وأمرها علي الأنف, قال: هذا واحد] (72).
وأري أن حذف لفظ " الأنف " هنا لا يعني أنها تالية للجبهة وتابعة لها في الأهمية، بل إن الإشارة إلي الأنف يعني كما أري أهمية السجود عليها لدرجة قد تفوق غيرها، ولذلك وضع البخاري (رحمه الله) هذا الحديث تحت عنوان " باب السجود علي الأنف والطين ".
ذلك لأن السجود علي الأنف أقرب إلي الذل والانكسار والخشوع من غيره، ويعلق ابن حجر رحمه الله علي عنوان البخاري فيقول:
" كأن البخاري يشير إلي تأكد أمر السجود علي الأنف , بأنه لم يترك مع وجود عذر الطين الذي أثر فبه، ولا حجة فيه لمن استدل به علي جواز الاكتفاء بالأنف، لأنه في سياقه أنه سجد علي جبهته وأرنبته، فوضح انه إنما قصد بالترجمة ما قدمناه، وهو دال علي وجوب السجود عليهما، ولولا ذلك لصانهما عن لوث الطين " (73).
وعليه فإن الحذف هنا لا يقل درجة عن الذكر لأن الإشارة نبهت على المحذوف، وزادته إيضاحاً فوق اللفظ.
ومن هذا الباب أيضاً ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال " اشتكي سعد ابن عبادة شكوي له، فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم يعوده، مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله ابن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال: أقد قضي؟ قالوا: لا يا رسول الله: فبكي، فلما رأي القوم بكاء رسول الله صلي الله عليه وسلم بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا " وأشار إلي لسانه " أو يرحم (74).
وأول ما يلحظ هنا: البداية بـ " ألا تسمعون " وهذا تمهيد لما سيقوله لأهميته حتى لا يتحرج أحد من البكاء، أو يظن أن فيه معصية.
ولكن ما الفرق بين (أن الله يعذب بهذا أو يرحم) وبين (إن الله يعذب باللسان أو يرحم)؟
الفرق أن في أحد الخبرين إشارة وفي الأخر تصريح باللفظ، ولا شك أن في حذف اللفظ والاكتفاء بالإشارة التي تراها العين توكيداً للمعني، وبخاصة أن في الكلام تشريعاً يترتب عليه حرام وحلال، كما أن في حذف لفظ [اللسان] تهويلاً وترهيبا ًمن عواقبه , لأنه إما أن يرفع صاحبه إلى عليين , أو يهوي به إلى أسفل سافلين , وهنا ترى كلام الإمام عبد القاهر قد تمثل أمامك , وذلك قوله: " وترى ترك الذكر أفصح من الذكر ... "
******
الاختصاص بالإشارة
الاختصاص في البلاغة العربية له أدواته المعروفة مثل (إلا, وإنما, والعطف بلا وبل ولكن) ...
ويمكن أن يضاف إلى ذلك الإشارة؛ لأنها تصحب اللفظ فتخصص جزءه , أو نوعه , أو أفضله , أو أدناه.
ومن هذا الباب ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال:
أشار النبي صلى الله عليه وسلم نحو اليمن فقال:
" ألا إن الإيمان ههنا , وأن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر (75)
فالحديث يختص أهل اليمن بعلو القدر في الإيمان وسبقهم في ذلك غيرهم , ولقد كان الاختصاص بأداة بيانية واضحة تراها العيون , وهي الإشارة باليد , يقول ابن حجر: [قوله أشار رسول الله بيده نحو اليمن فيه تعقب على من زعم أن المراد بقوله " يمان " الأنصار ,
لكون أصلهم من أهل اليمن؛ لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على المراد به أهلها حينئذٍ, لا الذين كان أصلهم منها ,وسبب الثناء على أهل اليمن هو إسراعهم إلى الإيمان] (76)
وهذا يعني أن الإشارة أفادت خصوصية في المراد , وهو أن الفضل الإيماني في أهل اليمن الذين كانوا في عهد رسول الله خاصة , وليس الأمر متعلقاً بمن سبقوا منهم , أو من جاءوا من بعدهم , ولذلك جاء في رواية " جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة , الإيمان يمان , والفقه يمان , والحكمة يمانية " (77)
فالإشارة في الحديث خصصت الوقت , وليس الأمر على إطلاقه , فالفضل إذن للأنصار الذين آووا ونصروا , فهم أرق أفئدة , وأهل فقه وإيمان , ولذلك كان الاعتراض على من ظن أن اللفظ على إطلاقه فقيل [أما ما ذكر من نسبة الإيمان إلى أهل اليمن فقد صرفوه عن ظاهره من حيث إن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة] (78)
بل غالى البعض فقال إنه أراد بذلك مكة , ومكة من تهامة , وتهامة من أرض اليمن , أو أراد مكة والمدينة معاً ... حيث جاءت الرواية بأنه صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو في تبوك , ومكة والمدينة حينئذٍ بينه وبين اليمن , فأشار إلى ناحية اليمن , وهو يريد مكة والمدينة , فقال الإيمان يمان ونسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذٍ من ناحية اليمن , كما قالوا الركن اليماني , وهو بمكة لكونه إلى ناحية اليمن.
لكن الأحسن - كما قال أبو عبيدة: أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل , فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره] (79)
ولعل هذا القول هو الذي يفسر الجمع بين الإشارة واللفظ في رواية البخاري حيث جاء فيها:
[الإيمان يمان ههنا]
فقوله: " يمان " إشارة إلى أهل اليمن.
وقوله: " ههنا" أراد بها الأنصار.
وذلك لأن اسم الإشارة " هنا " يدل على القرب كما قال ابن مالك:
وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا
أي: يشار إلى المكان القريب بـ " هنا " ويتقدمها هاء التنبيه فيقال: " ههنا " (80)
وعلى هذا فالحديث مدح للأوس والخزرج , فهم الأرض التي اشتد فيها عود الإسلام , واستوى على سوقه , وبيعتي العقبة دليل ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ما قاله بعضهم من صرف المعنى عن ظاهره , وأنه صلى الله عليه وسلم أراد مكة فإنه يخالف الروايات الكثيرة والصريحة في أنهم أهل اليمن , نحو: أتاكم أهل اليمن , وجاءكم أهل اليمن , ثم جاءت الإشارة في روايات أخرى لتؤكد هذه الأمور , وقد اختار النووي هذا الرأي , وحسنه أبو عبيدة.
ومن هذا الباب ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة , فقال: " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه "
وزاد قتيبة في روايته: وأشار بيده يقللها.
وفي رواية أخرى: " وقال بيده يقللها يزهدها " (81)
وهذه الإشارة استنبط منها الصحابة معنى القلة , كما نص على ذلك الراوي , مما يعني أنهم مصطلحون ضمناً على إشارات يفهمون منها معاني خاصة , ولذلك [جاء في رواية سلمة بن علقمة .... ووضع أنمله على بطن الوسطى , أو الخنصر يزهدها.
وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع أنمله هو بشر بن المفضل رواية عن سلمة بن علقمة , وكأنه فسر الإشارة بذلك , وأنها ساعة لطيفة تنتقل بين وسط النهار إلى قرب آخره , وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله " يزهدها " أي: يقللها.
ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة [وهي ساعة خفيفة].
وللطبراني في الأوسط من حديث أنس [وهي قدر هذا] يعني: قبضة.
قال الزبير بن المنير: الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها , والحض عليها ليسارة وقتها , وغزارة فضلها ...
و فائدة الإبهام لهذه الساعة , ولليلة القدر , بعث الداعي على الإكثار من الصلاة والدعاء , ولو بيَّن لاتكل الناس على ذلك , وتركوا ما عداها , فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها] (82)
ولا شك أن الاختصاص بالإشارة هنا لا يراد منه ساعة دون أخرى , ولكن يراد منه التنبيه على قلة وقت الإجابة كما فسر العلماء , حيث قالوا: أن هذه الإشارة تعني أنها يسيرة , أو تعني أنها ساعة خفيفة.
وقيل إنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة.
وقيل: عند الشروق.
وقيل قبل الغروب ...
وكل ذلك تفسير للإشارة بالقلة؛ حتى يجتهد المسلم في كل وقت , لعله يدركها.
دلالة الإشارة على التشبيه
للتشبيه في البيان العربي منزلة عالية , قال عنها الإمام عبد القاهر: [وهل تشك في أنه يعمل عمل السحر في تأليف المتباينين , حتى يختصر ما بين المشرق والمغرب , ويجمع ما بين المشئم والمعرق , وهو يريك للمعاني الممثلة بالأوهام شبهاً في الأشخاص الماثلة ,والأشباح القائمة , ويُنطق لك الأخرص , ويعطيك البيان من الأعجم , ويريك الحياة في الجماد , ويريك التئام عين الأضاد , فيأتيك بالحياة والموت مجموعين , والماء والنار مجتمعين ... ] (83)
وظهور الإشارة في دائرة البيان , وولوجها في تصاويره الكثيرة دليل على قدرة الإشارة على حمل المعاني , وأدائها على أتم وجه , ولذا يستعان بالإشارة في الصورة التشبيهية , لأن بينهما علاقة وصلة رحم فالغرض الأول من التشبيه هو البيان والإيضاح , وليس هناك أقوى من الإشارة في إبراز المعاني في صور مشاهدة محسوسة تراها العيون , وتتلمسها الأيادي.
ومن هذا ما رواه سيدنا عمار بن ياسر قال: " بعثني رسول الله في حاجة فأجنبت , فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة , ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , فقال: " إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا " ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة , ثم مسح الشمال باليمين وظاهر كفيه ووجهه " (84)
ولا شك أن صنيع سيدنا عمار إنما كان بعد سماعه قول الله تعالى: " (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (المائدة:6) لأنه لن يفعل شيئاً دون دليل , لكن الآية لم تبين كيفية التطهر , ولا مقداره .. , لذلك بالغ سيدنا عمار فعم الجسد بالتراب.
وكان تعليمه من الصورة الإشارية التشبيهية , فقام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليمه عملياً , وهو ينظر , ولو افترضنا لفظاً يقوم مقام الإشارة , لما وفى بالبيان العملي لكيفية الضرب للأرض , وعدد المرات وما الذي يبدأ به من الأعضاء؟ , وإلى أي مدى يكون المسح؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وغير ذلك كثير , ولقد كانت الإشارة وافية بجميع هذه الأسئلة , فما تركت في النفس شيئاً , فالتعليم هنا تعليم بالمشاهدة , فالرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يتشبه بأفعاله , وعليه ففي الكلام تشبيه.
ولكن كيف نكوّن هذه الصورة التشبيهية؟
المشبه هنا سيكون تيمم سيدنا عمار.
والمشبه به هو تيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووجه الشبه هو الإتيان بأركان التيمم على الوجه الصحيح.
ولقد تم كل ذلك من خلال الإشارة التي دلت على المعاني الكثيرة بحركات يسيرة , ولذلك سكت اللسان , وقامت اليدان لتقول بحركاتها , وتقلباتها ليرى الجميع فيحصل المراد.
ومن باب دلالة الإشارة على التشبيه ما رواه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة
" وأشار مالك بالسبابة والوسطى. (85)
وهنا أيضاً قامت الإشارة بدور المشبه به؛ لأنها أكمل في البيان من المشبه , ولو أردنا أن ندلل باللفظ عن هذه الصورة لقلنا: رسول الله وكافل اليتيم متجاورين في الجنة كثيراً.
فهل ترى لهذه العبارة من الرونق والبهاء والأريحية ماتجده في قوله: " أنا وهو كهاتين "؟.
إن الإشارة جعلت الجميع ينظر إلى هذين الأصبعين ويفكر فيما فيهما من معان , كالالتصاق , ودوام الصحبة , ووحدة الدرجة , وشمول النعيم , وحسن الجوار , .... الخ.
فالإشارة هنا زادت من عمق التشبيه , ووضعت له كثيرا من الأضواء البيانية , وفتحت له الباب ليجمع كل معاني الود , والألفة والاقتران , والوحدة وغير ذلك.
ولا يخفى عليك أن الغاية من وراء كل هذا هو حث المؤمنين على كفالة الأيتام , والإحسان إليهم , واستنهاض الهمم حتى لا يبقى في الأمة يتيم غير مكفول.
وقد تحمل الإشارة معنى التمثيل الذي يأتي في أعقاب المعاني , فتزيد الصورة أنساً وألفة , بالإضافة إلى قيام الإشارة مقام الدليل على صحة التشبيه , وهذا ما يفعله التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني , ومن ذلك:
ما رواه المسور بن شداد , قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم:
" والله مالدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه , وأشار بالسبابة , في اليم فلينظر بم يرجع؟ (86)
إن الصورة التشبيهية قد كملت عند قوله: ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم.
ثم جاءت الحركة , حركة وضع السبابة في اليم؛ لينظر الجميع , ويستحضر اليم وأنه جالس على شاطئه , ثم هاهو يضع أصبعه في اليم , ثم ينظر فلا يجد فيه من الماء إلا البلل.
إن هذه الإشارة أعطت التشبيه قوة , لأنها قامت بدور الدليل , والبرهان على صدق الصورة , وأن من يفعل ذلك يرجع فارغ اليد إلا من الحسرة.
أرأيت كيف تدعم الإشارة التشبيه؟ , وكيف توضح المراد منه؟ وكيف أكسبته الأنس والألفة كما قال الإمام عبد القاهر (86).
_________
إخراج المعنوي في صورة المحسوس
تحدث البلاغيون عن إخراج المعنوي في صورة المحسوس , وذلك في باب البيان عن طريق التشبيه , أو الاستعارة , أو التعبير بالمضارع , وغير ذلك.
لكن الإشارة كما أرى أقوى أثراً من كل ذلك لأن الإشارة لا تكتفي بإخراج المعنوي في صورة المحسوس , وإنما تقوم بتصويره وتجسيده , فيتحول الأمر إلى صور حية مشاهدة تراها العيون , ومن ثم يتفاعل معها المتلقي؛ فيرسخ المعنى في القلب رسوخاً لا مزيد عليه.
وأول ما يلقانا من هذا ما رواه عبد الله بن عمر , قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه , وهو يمسح الدم عن وجهه, ويقول: " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " (88)
فجملة " يمسح الدم عن وجهه " فهم منها المراد , لكن قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتجسيد هذه الحركة زادت المعنى شخوصاً؛ لأنها عمدت إلى المتلقي , ونبهت عينه إلى أن ينظر إلى المعنى وهو يتحرك أمامه.
كما أن في هذه الإشارة بعضاً من التخفيف والترويح عن الصحابة الذين ضاقوا بتعذيب الكفار لهم , فكان في هذه الصورة التي حكاها النبي تأنيساً وترويحاً عنهم من شدة ما لاقوه. فالأمر كما قال ابن حجر كان [تطييباً لقلوب الصحابة] (89)
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذا الباب أيضاً ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها , قال حما: فذكر من طيب ريحها , وذكر المسك , قال , ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض , صلى الله عليك , وعلى جسد كنت تعمرينه , فينطلق به إلى ربه عز وجل , ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل ....
قال: وإن الكافر إذا خرجت روحه , ذكر حماد , وذكر من نتنها , وذكر لعناً , ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض , قال فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل ...
قال أبو هريرة: فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه ... (90)
فهذا تجسيد لهيئة من شم رائحة كريهة منتنة , حتى اضطرته إلى وضع ردائه على أنفه , مما يعني أنه استشعر هذه الرائحة , وأحس بنتنها , فأراد أن يشرك الصحابة معه في هذا الشعور , فغطى أنفه بالملاءة ليستشعروا هم الآخرون نفس الرائحة , فيكون التنفير من هذا النموذج قد وصل إلى منتهاه.
ومن هذا الباب ما رواه أبو رافع عن أبي هريرة قال: كان جريج يتعبد في صومعة , فجاءت أمه ... قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها , ثم رفعت رأسها إليه تدعوه , فقالت ياجريج , أنا أمك كلمني , فصادفته يصلى , فقال اللهم أمي وصلاتي , فاختار صلاته , فرجعت ثم عادت في الثانية , فقالت: ياجريج أنا أمك فكلمني , قال: اللهم أمي وصلاتي , فاختار صلاته , فقالت اللهم إن هذا جريج , وهو ابني , وإني كلمته فأبى أن يكلمني , اللهم لاتمته حتى تريه وجوه المومسات.
قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن .. (91)
والإشارة هنا أنها جعلت كفها فوق حاجبها , ثم رفعت رأسها إليه , وهذا التصوير يبين عدة معان:
الأول: أنها وقت طلوع الشمس , واشتداد الحر.
الثاني: أنها امرأة عجوز ضعيفة.
الثالث: أنها جاءت من بعيد , لأن هؤلاء كانوا يتخذون صوامعهم في الصحاري بعيداً عن الحضر رغبة في الخلوة.
رابعاً: أن الدافع لمجيئها دافع قوي , فلقد جاءته مرة ومرتين وكل ذلك ولم تظفر منه بالإجابة , إلا أنه لم يقدر هذه الأحوال؛ ولا شك أن هذه الدلالات مستقاة من إشارتها التي تناقلها الرواة , واحدا بعد الآخر .. وتلك لفتة لا ينبغي أن تمر دون تدبر.
أعني أن الرواة , بداية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلوا إلينا حركة أم جريج , وهي تضع يدها على حاجبها , وترفع رأسها , وكأن هذه الحركة جزء من الدلالة , ولا يمكن نقل جزء من البيان , وترك جزء آخر , فلم يكن المقصود من النقل الإخبار عن أم دعت على ولدها , وإنما المقصود الإخبار عن أم هذا حالها , وتلك ظروفها , ولذلك دعت على ولدها. والفرق واضح بين الأمرين.
ووصول المعنى إلى المتلقي لابد أن يكون بالجمع بين إشارتها ولفظها , ولو أن راويا حكى كلامها , ولم يحك إشارتها وفعلها فقد قصر في النقل , وأساء في التبليغ , ولذلك انظر:
حكى النبي صلى الله عليه وسلم اللفظ والحركة.
ثم حكى أبو هريرة اللفظ والحركة.
ثم حكى أبو رافع اللفظ والحركة.
وهكذا ينبغي على كل ناقل وحاك.
ولا أبالغ إذا قلت إن كثيراً من الشعر قد ضاعت معانيه لا لشيء إلا لأن الرواة نقلوا لنا اللفظ فقط.
إن شعراءنا لم يقولوا الشعر وهم ساكنون سكون الحجارة , بل قالوه وهم يشيرون بأيديهم , أو بغيرها في مواضع كثيرة , فأين هي هذه الإشارات؟
لقد ضاعت , كما ضاع أغلب الشعر.
وهنا يمكن القول بأن هناك تقصيراً كبيراً من رواة الشعر في نقل الحركات والإشارات, والالتفاتات التي صاحبت اللفظ فهي ذات دلالات لا ينبغي التغافل عنها.
وأرى أن هناك بلاغة غائبة عن البيان العربي , وهي تلك البلاغة الكامنة في إشارات الفصحاء , وحركات المتكلمين الذين علكنا ألفاظهم وتركنا إشاراتهم لتضيع في الهواء.
الطباق بالإشارة
الطباق عند العلماء هو [الجمع بين المتضادين , أي بين معنيين متقابلين في الجملة ... ولو في بعض الصور , سواء كان التقابل حقيقياً , أو اعتبارياً] (92)
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى هذا يمكن اعتبار بعض مقامات الإشارة دالة على هذا الطباق , ومثال ذلك ما ورد في حجة الوداع عن سيدنا جابر بن عبد الله , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , أنه قال: ... وأنتم تسألون عني , فما أنتم قائلون؟
قالوا نشهد أنك قد بلغت , وأديت , ونصحت , فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء , وينكتها إلى الناس: " اللهم اشهد اللهم اشهد .. ثلاثاً " (93)
فرفع اليد إلى السماء , ثم نكتها إلى الناس صورة تقابلية لها دلالة ولا شك.
وهذه الإشارة المتقابلة جاءت في أعقاب قولهم: نشهد أنك قد بلغت وأديت , ونصحت.
فهل تفيد الإشارة أن السماء تشهد كذلك كما تشهدون؟
أم أن المقصود الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يسجل عليهم شهاداتهم؟
أم أن الإشارة تعني أن الملائكة في السماء , وسكان الأرض , والجميع يشهد , فاللهم فاشهد؟
إن هذه المعاني كلها قد تكون مرادة , لكن الشاهد هو هذه الحركة باليد أو بالأصبع , مرة إلى السماء , وأخرى إلى الناس , وأن الغرض منها تأكيد الشهادة , أو الإلحاح على الله تعالى بالشهادة عليهم.
ومن هذا الباب أيضاً ما روته السيدة عائشة رضى الله عنها , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه , أو كانت به قرحة أو جرح , قال: بإصبعه هكذا .. ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ,: " باسم الله تربة أرضنا , بريقة بعضنا , يشفي به سقيمنا , بإذن ربنا" (94)
وهذه الحركة عكس حركة الحديث السابق , فهنا وضع أصبعه على الأرض ثم رفعه إلى السماء , وهناك أشار أولاً إلى السماء ثم أشار إلى الناس.
وكلا الحديثين فيه دعاء:
الأول: دعاء بأن يشهد الله تعالى عليهم لاعترافهم أنه بلغ الرسالة.
والآخر: دعاء بأن يشفي الله تعالى المريض.
وهنا أتساءل: هل هناك علاقة بين الإشارات إلى السماء والأرض وبين الدعاء؟ ربما ...
يقول القرطبي: [وأما وضع الأصبع بالأرض فلعله لخاصية في ذلك , أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة ....
وقيل: كأنه تضرع بلسان الحال: إنك اخترعت الأصل الأول من التراب , ثم أبدعته منه من ماء مهين , فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته] (95)
وقد يفهم من هذه الإشارة المتقابلة معنى التوسل , أعني: توسل العبد الذي خلق من تراب الأرض إلى الله تعالى بقبول دعائه.
لكن اللافت للنظر هو أنه أسند فعل القول إلى اليد.
واسمعه وهو يقول: " فقال بيده "
فالدعاء هنا ليس من اللسان وإنما من اليدين , فالأيدي تدعو , وتتوسل , وتطلب , كما أن اللسان يدعو , ويتوسل , ويطلب.
وأنا هنا لا أجزم بهذه الدلالات , وإنما أحاول فهم الإشارة , وعلاقتها باللفظ.
الخاتمة
وبعد:
فلقد تناولت في هذا البحث أثر الإشارة في البلاغة العربية , ودورها في حمل المراد إلى الناس , وذلك من خلال دراسة نظرية ثم تطبيق على بعض الأحاديث الصحيحة.
وفي الشق النظري تعرضت لما أثبته علماؤنا من دور الإشارة , وعلى رأسهم الجاحظ , الذي جعلها رديفة للفظ ونائبة عنه.
ثم من جاء من بعده كقدامة بن جعفر , وابن أبي الأصبع , وابن حجة الحموي , وقد ظهر من خلال كلامهم عنايتهم بالإشارة ودلالتها , لكنهم خالفوا عند التطبيق , فنحوا بالإشارة عند التطبيق إلى ما يفهم من اللفظ.
وقد ثبت بعد هذا عن مقصود كلام الجاحظ , وعن مقصود هذا البحث , فالبحث يحاول الكشف عن دلالة الحركة المصاحبة للفظ , وأثرها في بناء المعنى.
وقد بينت أن القرآن الكريم أثبت هذه الإشارات ودلالاتها.
أما الشق التطبيقي فلقد بينت فيه إمكانية إدراج الإشارة في جميع أبواب البلاغة , وعلومها , وألقيت الضوء من خلال بعض الأحاديث على دلالة الحذف , والتوكيد , والتعريف , من خلال الإشارة.
وكذلك دلالة الإشارة على التشبيه.
ودلالة الإشارة على الطباق.
وما أردت هنا الاستقصاء , وإنما أردت فتح الباب لدراسة تراثنا العربي , وهو زاخر , شعراً ونثراً من خلال الإشارات المصاحبة له؛ لأن ذلك سيعيد إلينا دلالات ومعاني وقعت منا في الطريق؛ لقلة اهتمامنا بهذه الدلالة.
كما تبين من البحث أن الإشارة لا تقوى على حمل المعنى وحدها غالباً فالأصل أن تكون في صحبة اللفظ , ورديفة له.
أما إذا عجز اللسان فهي النائبة عنه.
كما تبين أن للإشارة سياقات تكثر فيها , ومنها الأساليب الخبرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما ظهر من خلال البحث إمكانية الدلالة بالإشارة على علوم البلاغة المتنوعة , المعاني والبيان والبديع , وأنها لا تقتصر على لون دون لون.
وإني بعد ذلك أوصي كل من سار على الدرب أن يلتفت إلى هذه الدلالة في تراثنا العربي , ويستخرج ما وراءها من أغراض؛ فإن في ذلك فتحاً جديداً للبلاغة العربية.
هذا , وصلى الله على سيدنا محمد , وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
الراجي عفو ربه
سعيد جمعه
الرابع من شهر رمضان 1426 هـ
الهوامش
1 - البيان والتبيين للجاحظ 1/ 7 طبعة دار الكتب العلمية بيروت.
2 - كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي. تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السمرائي ط1 ج5 منشورات مؤسسة
ا الأعلمي للمطبوعات - بيروت - 1408 هـ ص 280 باب الشين والراء والواو.
وانظر لسان العرب لابن منظور طبعة دار المعارف مصر والقاموس المحيط للفيروزبادي
2/ 434 شور دار الفكر بيروت 1398 هـ.
3 - النهاية في غريب الحديث والأثر لمجد الدين ابن الأثير , تحقيق طه الزاوي ومحمود الطناحي 2/ 508 (شور)
المكتبة العلمية بيروت.
4 - اللسان (شور).
5 - النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 508.
6 - أساس البلاغة للزمخشري (شور) دار صادر بيروت 1399 هـ ص 340.
7 - زهير بن ابي سلمي الديوان شرح الإمام ثعلب الدار القومية للطباعة والنشر مصر ص 168 1384 هـ.
8 - النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 508 لابن الأثير
9 - العين للخليل بن أحمد 6/ 281 باب الشين والراء والواو.
10 - لسان العرب مادة (شور)
11 - النهاية في غريب الحديث والثر 2/ 518
12 - أساس البلاغة ص 340.
13 - لسان العرب مادة (بصم).
14 - السابق (شور)
51 - الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني 1/ 45 الهيئة العامة للكتاب.
16 - عون المعبود شرح سنن أبي داوود 3/ 318 شمس الحق العظيم ابادي دار الكتب العلمية بيروت
17 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 4273 دار الغد العربي.
18 - السابق 6/ 4276.
19 - الكشاف 1/ 361 دار التراث العربي.
20 - مفاتيح الغيب للفخر الرازي 7/ 204 دار الفكر العربي القاهرة.
21 - القرطبي 2/ 143 دار الغد العربي القاهرة.
22 - الكشاف 3/ 7 , والقرطبي 6/ 4257.
23 - الفخر الرازي 2/ 413 دار الغد العربي القاهرة.
24 - نقد النثر المنسوب لقدامة بن جعفر ص 54 ت / طه حسين و عبد الحميد العبادي دار الكتب المصرية القاهرة 1351 هـ 1933م
25 - البيان والتبيين للجاحظ 1/ 39 دار الكتب العلمية بيروت.
26 - السابق 1/ 42
27 - السابق 1/ 64
28 - السابق 1/ 64.
29 - السابق 1/ 43
30 - طوق الحمامة في الألفة والآلاف ت / فاروق سعد ص 105 منشورات دار مكتبة الحياة بيروت لبنان.
31 - لسان العرب (عقر) ط / دار الشعب.
32 - البيان والتبيين 1/ 48
33 - السابق 1/ 43 - 45
34 - السابق 1/ 49.
35 - السابق 1/ 52.
36 - السابق 1/ 58.
37 - السابق 1/ 61.
38 - نقد الشعر المنسوب لقدامة بن جعفر ص 155.
ا 39 - السابق ص 155.
40 - العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق القيرواني 1/ 302 دار الجيل.
41 - العمدة لابن رشيق ص 307.
42 - السابق ص 309.
43 - السابق ص 310
44 - السابق ص 310
45 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص6 أبو فهر محمود شاكر مكتبة الخاجي القاهرة.
46 - السابق ص 24.
47 - السابق ص 65.
48 - تحرير التحبير لابن أبي الأصبع ص 200 ت / حفني شرف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
49 - السابق ص 200 - 202
50 - خزانة الأدب لابن حجة الحموي 2/ 258 شرح عصام شعيتو دار مكتبة الهلال بيروت.
51 - السابق 2/ 258.
52 - أخرجه البخاري في كتاب الرقائق رقم 29 , ومسلم في كتاب الجمعة رقم 43.
53 - الجامع لأحكام القرآن 6/ 4276.
54 - الدين الخالص لمحمود خطاب السبكي 4/ 139
55 - الفقه على المذاهب الأربعة 1/ 4 دار الكتب العلمية.
56 - أصول الفقه للرضي 1/ 236 ت / أبو الوفا الأفغاني ط / دار الكتاب العربي 1372 هـ
57 - سبل الاستنباط من الكتاب والسنة لمحمود توفيق سعد ط / الأمانة 1413 هـ ص 182.
58 - أحكام القرآن للجصاص 4/ 323 ت / محمد صادق القمحاوي دار إحياء التراث بيروت.
59 - سبل الاستنباط ص 184
60 - عون المعبود شرح سنن أبي داوود لشمس الدين العظيم أبادي 3/ 220 ط / دار الكتب العلمي بيروت.
61 - مختصر السعد على تلخيص المفتاح شروح التلخيص 1/ 368 ط / دار السرور بيروت.
62 - رواه مسلم 4588 وأبو داوود 2538.
63 - رواه مسلم 7066 والترمذي 2421.
64 - شروح التلخيص عروس الأفراح للسبكي 1/ 313.
65 - حاشية الدسوقي علي شرح السعد 1/ 313.
66 - البخاري رقم 4897 والترمذي 3310 والنسائي 9/ 460.
67 - فتح الباري 8/ 511.
68 - شروح التلخيص 1/ 273 , 277.
69 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ص 146.
70 - رواه مسلم 1077 والبخاري 809 وأبو داوود والترمذي 273
71 - فتح الباري 2/ 348
72 - السابق 2/ 348
73 - السابق 2/ 348
74 - رواه البخاري 1304 , ومسلم 2102
75 - رواه البخاري 2/ 33 ومسلم 178
76 - فتح البري 6/ 406
77 - رواه مسلم 179
78 0 - شرح النووي لصحيح مسلم 1/ 570 ط / دار الغد العربي.
79 - السابق1/ 570.
80 - شرح ابن عقيل ص 48.
81 - رواه مسلم 1936 والبخاري 935
82 - فتح الباري 2/ 481 , 489
83 - رواه البخاري 345 و مسلم 796 وأبو داوود 321
84 - رواه الخاري 345 ومسلم 796 وأبو داوود 321
85 - رواه مسلم 2983
86 - رواه مسلم 2858
87 - أسرار البلاغة لعبد القاهر 101 , 102
88 - رواه البخاري 3477 ومسلم 4565
89 - فتح الباري 6/ 206
90 - رواه مسلم 7081
91 - رواه مسلم 7081
92 - شروح التلخيص , مختصر السعد 4/ 286
93 شروح التلخيص مختصر السعد 4/ 286
94 - فتح الباري 10/ 219
**************************************(/)
قراءة في إعجاز القرآن
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 04:46 م]ـ
:; allh قراءة في إعجاز القرآن
المقدمة
هدف هذه القراءة
تهدف هذه القراءة إلى إعادة بناء الفكر الإسلامي في موضوع خطير جدا، هو موضوع إعجاز القرآن، ذلك أن الإعجاز يتعرض الآن لقراءات جديدة؛ بحجة تطور المعرفة؛ وتطور العلم من جهة أخرى، وبدعوى عدم توقف المعرفة عند الماضين من جهة ثانية، ويستشهد دعاة عدم التوقف عند الماضين بالآيات المنددة بالتوقف عند ما ورثوه عن الآباء، وهذه هي الآيات: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (البقرة:170) وقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} (المائدة:104) وقوله: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} (يونس:78)) وقال تعالى: {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} (الأنبياء:53) وقوله {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (الشعراء:74) وقال أيضا {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (لقمان:21) ومثلها قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (الزخرف:22) وفي آية قال: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (الزخرف:23).
ويعلم القارئ للقرآن وجود آيات متعددة في هذا الموضوع غير هذه الآيات، والغريب كل الغرابة أنهم في حالة إصرار على التمحور حول موروث الفرقة والمذهب، في كثير من قضايا الفكر الإسلامي، ومواضيع الإيمان، وكيفية أخذ الأحكام، ولهذا يمتنعون وبرفض فيه من الشدة والحدة والنظر بازدراء لمن يدعو لإعادة النظر في قضية خلق القرآن مثلا؛ فيرفضون إعادة النظر بالقول الموروث [بأن القرآن غير مخلوق] مع أنَّ قبول البحث بأنَّ القرآن معجزٌ دليلٌ واضحٌ بيِّنٌ على كون القرآن مخلوقا، فكل معجزة له تعالى مخلوقة، وكونه غير مخلوق ليس منطوقا به من الوحي، وليس مفهوما من دلالات أخرى غير دلالة المنطوق، بل هو مجرد مضاهاة لقول اليهود والنصارى في قدم الكلمة، فإن هؤلاء دعاة التجديد والإبداع والحداثة يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، على فتح مثل هذه المواضيع، فلماذا تباينت مواقفهم؟ فهم مع جديد القول وليسوا مع إعادة النظر في مثل هذه المواضيع؟ ووقفوا لاهثين عند تقليد من لا يجوز تقليده! من منظومة الأئمة المعروفين.
من الضروري التفريق بين المعرفة النامية باستمرار ـ وهذا النمو مطلوب وضروري، وهو شرط من شروط تقدم المعرفة ـ وبين القطيعة المعرفية الملغية للماضي المعرفي؛ وبناء مدلولات تأسيسية جديدة للمعرفة ـ وهذه تصلح جزئيا لبعض نظريات العلم ـ ولكنها لا تصلح للمعرفة في قضايا الأنسنة، أو مجموعة القيم، أو المدركات المبنية على عالم الشهادة، أي [مواضيع الإيمان الأساسية والضرورية] ولا يجوز أي محاولة للتجديد المعرفي تمحلا وبهتانا ومنكرا وزورا، {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} ولا يصح التوقف المعرفي عند الماضي، أو التحريف للمعرفة باسم هيمنة الكهنوت.
اعتماداً على ما سبق، فإنَّ المطلوب هو نمو المعرفة؛ وليس غير ذلك؛ أي بقاء خيط متصل بين الماضي والحاضر، وغير ذلك هو ضياع الهوية؛ وعدم الإمساك بشرط التقدم.
(يُتْبَعُ)
(/)
يجمع الباحثون على أنَّ جميع الدراسات الموجودة في التراث عند المسلمين؛ بدأت مقترنة بالقرآن الكريم، واقتصرت هذه الدراسات بادئ الأمر على اللسان العربي، إذ تنزل به القرآن الكريم، وهو كتاب غير حياة العرب تغييرا أساسيا شاملا، فانتقل العرب من دور القيم الفردية والحياة القبلية إلى حياة الرحمة والهداية للبشرية جمعاء؛ تصديقا لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).
أثارَ القرآنُ الكريمُ حركةً فكريةً كبيرةً في سائر أنواع المعرفة؛ فلم تقتصرْ على نص القرآن وما يتصل به، بل شملت علوم اللغة في مدلولها الواسع، وكانوا بحق مبدعين بها، فأبدعوا المعاجم كمعجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، وقد أبدع الخليل بن أحمد نفسه كما هو مشهور علم العروض؛ لمعرفة الشعر فكان فتحا أي فتح، وجاء تلميذه سيبويه ليؤلف الكتاب في قواعد اللسان العربي، وسار السابقون مسيرتهم المعرفية عقدا أثر عقد، شملت الكثير من حقول المعرفة المتعلقة بالإسلام: كعلم التوحيد، منتجين منهجا خاصاً بعلم التوحيد، هو علم الكلام والتفسير، وأصول الفقه، وعلم مصطلح الحديث، وعلوم اللسان العربي، بحيث وصفت علوم اللسان بأنها مفتاح العلوم، أو المتعلقة بالحياة، كالتاريخ سيراً ومغازي، والجغرافيا، والفلك، وعلوم الحيوان، والطب، وعلم الطبيعة، والكيمياء، والنبات، والهندسة، والرياضيات، فلم يبق حقل من حقول المعرفة إلاَّ ولهم باع فيه.
ظلَّ القرآن الكريم نبعا لا ينضب لحركة فكرية مباركة، يتقدم الفكر سنة بعد سنة، ويمسك المسلمون معرفيا بشروط التقدم ـ رغم تركيز الملك الجبري العضوض ـ منذ تولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة، بالقيام على الإمام الحق، بالسفهاء من العرب، الذين لم يتمكن الإسلام في نفوسهم تمكنا قويا، ومع تباشير القرن الخامس الهجري حدث متغيران الأول: سيطرة السلاجقة الترك (أي العجم) الداخلين في الإسلام حديثا على الدولة، ففي هذه السيطرة تم فصل الطاقة العربية ـ وهي طاقة اجتهاد وأداء ـ عن الطاقة الإسلامية وهي طاقة معاني (طاقة العربية هي اللسان بما فيه من قدرة على تأدية معاني الإسلام) والمتغير الثاني: هو صدور الوثيقة القادرية سنة 408هـ، وهي وثيقة منعت الاجتهاد في الفكر (أي في قضايا الإيمان وقضايا المعرفة العلمية والإنسانية) وظهرت الدعوة للتقليد المذهبي، وقام السلاجقة أهل القوة العسكرية بقتل مفكري المعتزلة بالدرجة الأولى وساندهم العلماء المتنفذون من أهل الفتوى جماعة الأشاعرة وأهل الحديث بالتصفية الجسدية للعامة لكل من هو من أهل التوحيد والعدل (المعتزلة) تلك هي الحقائق التي قلبت وضع المعرفة رأسا على عقب.
إعجاز القرآن
القرآن الكريم هو كلام الله، نزل به الروح الأمين، بلسان عربي مبين، على نبي الهدى محمد بن عبد الله ـ صلوات الله عليه ـ لهداية الثقلين، يتضمن لفت نظر للكون المنظور للتفكر فيه للوصول إلى معرفة الله، وبهذا النظر يصل المكلف إلى الإيمان، وفي القرآن أيضا أمرٌ ونهي وعليهما مدار الشريعة، ويحوي الوعدَ بالثواب والوعيد بالعقاب، أي يوم الجزاء، وقصصاً عن أحداث وأمم ماضية، وأخباراً عن عوالم غائبة كالجن والملائكة، وأموراً آتية، مثل البعث والحشر والحساب وقيام الساعة، كل ذلك في سبيل بناء الإنسان الأفضل والأكمل الذي يسمو في درجات الرقي.
تعني هداية الثقلين: وهما الإنس والجن، هداية الإنس تمت ببعث رسول الهدى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد تمت هداية البيان والدلالة لهم عبر اتصال الرسول الحي مع البشر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} (الأحزاب:45) وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} (الفتح:8) وأكد القرآن الاتصال الحي بأنه مثل اتصال موسى بفرعون قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً} (المزمل:15) وبعد شهادته على المبلغين وانتقاله إلى الرفيق الأعلى تحولت المهمة كحالة رسالية للأمة الإسلامية قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (البقرة: من الآية143).
أمَّا هداية الجن فقد تمت بغير الاتصال الحي قال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} (الجن:1، 2) وكل ما يقال خلاف ذلك من مزاعم؛ بعد إعمال الفكر في قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} تُرَدُّ درايةً لتعارضها الصريح مع القرآن الكريم.
المسلمون كلهم متفقون على كون القرآن معجزاً، ولكنهم مختلفون حول سر إعجازه، وهذه الاختلافات محصورة في ثمانية أوجه في الزمن الكلاسيكي، أي من النبوة إلى ما قبل نهاية القرن الخامس الهجري، إذ ترجح واستقر بعد ذلك رأي عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني ت 471 هـ، بعد ما استفاد من نظرية النظم التي بدأت تنضح من الجاحظ إلى الجبائي (أبو علي) إلى القاضي عبد الجبار من كون الإعجاز يتجلى في نظم القرآن لا غير.
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} (الإسراء:9).
لقد تحدى القرآن الكريم العرب العاربة والعرب المستعربة أنْ يأتوا بمثل القرآن قال تعالى {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} (الطور:34) (م) فعجزوا جميعا عن الإتيان بمثله، ولذلك قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإسراء:88) (ك) ولهذا خفف لله عنهم التحدي، فصاروا مطالبين أنْ يأتوا بعشر سور من مثله قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (هود:13) (ك) وإذ عجزوا أيضا، تحول التحدي إلى الإتيان بسورة واحدة من مثله قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (يونس:38) (ك) وجاء التحدي مرة ثانية في المدينة قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة:23) (م).
يتبين من هذه الآيات تحدي القرآن للعرب في زمن التنزيل، وهذا هو التحدي القائم إلى يوم الدين، فلا يصح الزعم باكتشاف سر التحدي ـ بسبب ما يتكشف عنه العلم في مسيرته الصاعدة ـ فهذا فضلا عن عدم وجاهته، فهو يستبطن عدم ظهور التحدي زمن التنزيل، وهو زعم لم ينقل عن أحد من السابقين من المسلمين أو غيرهم، ويبنى على هذا القول الخطير القول التالي وهو: " إنَّ معاصري النبي لم يؤمنوا برسالة النبي بدليل المعجزة، إذ المعجزة غير معروفة لهم "، على أنَّ آيات التحدي ناطقة بأنَّ الإعجاز في منطوق نصه وليس في معانيه، وانظر إلى هذه المباني في القرآن بعين الفاحص: (بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) (بِمِثْلِهِ) (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) (بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِه) (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) فما طلبه الله منهم الإتيان بمثله نصا، ولا يمكن حملها على غير النص، فالمعاني تابعة للمباني، قيل: قال الوليد بن المغيرة ـ بعد استماعه للقرآن: [فو الله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، والله إنَّ لقوله الذي يقول لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم الذي تحته].
سواء صح إسناد هذا القول للوليد بن المغيرة، أم لم يصح فإنَّ أهل السليقة من اللسان العربي يدركون الفرق بين نص ونص بداهة؛ وليس ببناء الدليل؛ إذ الدليل من عمل أهل القاعدة والأصول ولهذا اختلف أهل القاعدة على أوجه الإعجاز.
(يُتْبَعُ)
(/)
إنَّ زعم من يزعم: إنَّ التحدي بالإعجاز بدأ مع أول يوم نزل فيه القرآن، بدليل أنَّه مطلوب مع أول نزول للقرآن الكريم الإيمان بالإسلام ونبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل هذا القول خطأ في فهم المعجزة، وهي أي المعجزة لا تكون أصلاً، بل هي جواب لمن أنكر رسالة النبي، أمَّأ من قام عنده الدليل عقلا على الله، وأقام عقله على التسليم بحكمته: إذ يخلق الخلق، وأنه مطلوب منهم فعل الحسن واجتناب القبيح، وأنَّ المخالف محاسبٌ، وأنَّ من قال: إنَّهُ نبي ورسول فهم يعرفونه ويعرفون سيرته، فهم يصدقونه بهذه الدلائل، فخديجة أو علي أو زيد أو هند بن أبي هالة ابن خديجة وربيب بيت المصطفى أو الملأ من قريش وعلى رأسهم أبي بكر والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص؛ فهم ليسوا بحاجة إلى دليل الإعجاز، ليؤمنوا بالشهادة الثانية، من يحتاج دليل الإعجاز نوعان من الناس: معاصر للرسول مكابر، أو من لم يعاصر الرسول من الأجيال الإنسانية التي تأتي في غير زمن الرسول، والذي يتمعن دعوات الرسل، يعرف أنَّ الرسل لا يبدأون رسالتهم بالتحدي، فإبراهيم عليه السلام لم يقل: إنه نبي، ودليل صدق دعواي، أنْ تضعوني في النار وأخرج سالما، المعجزات يظهرها في واحدة من حالتين، بناء على طلب من المرسل إليهم أو لحفظ النبي حتى يؤدي رسالته، وكلما كابر المكابرون تعددت المعجزات، ففرعون كابر موسى ولهذا تعددت المعجزات قال تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} وأكثر ينو إسرائيل التبرم والأسئلة فتعددت المعجزات على يد موسى لهم (النمل:12).
فصل حول الإعجاز
حكى أبو عمرو الآدمي قال: قال أبو الهذيل: ورد كتاب المهدي في حملي من البصرة فحملت. واجتمع الناس لانتزاعي منهم؛ فنهيتهم، فبينما أنا في وسط دجلة، إذ برجل قرب زورقه من زورقي فقال: إني رجل أشكل عليَّ أشياء من القرآن، فقيل لي إنَّ بغيتي عندك، فقد اتبعتك فاتق الله! قلت: فما جنس ما أشكل عليك؟ قال: آيات توهمني أنها متناقضة أو ملحونة، قلت: فماذا أحب إليك: أنْ أجيبك بجملة، أو تسألني عن آية! آية، فقال: بل الجملة. فقلت: أتعلم أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كان من أوسط العرب؛ غير مطعون عليه في لغته؛ وأنَّهُ كان عند قومه من أعقل العرب، لا يُطْعَنُ عليه، قال: ألّلهم نعم. قلت: فهل تعلم أنَّ العرب كانوا أهل جدلٍ وبيان؟ قال: اللهم نعم. قلت: فهل اجتهدوا في تكذيبه؟ قال: اللهم نعم. قلت: فهل تعلم أنهم تعلقوا عليه بالمناقضة أو اللحن؟ قال: اللهم لا. قلت: فتترك قولهم مع علمهم باللغة؛ وتأخذ بقول رجل من الأنباط! فقال: أشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأشهد أنَّ محمد رسول الله، كفاني هذا! وانصرف وتفقه في الدين!.
معنى الإعجاز
الإعجاز من مادة (ع ج ز)، جاء في لسان العرب لابن منظور: العجز نقيض الحزم، عَجَزَ عن الأمر يَعْجزُ [أي فتح كسرٍ] وعَجزَ عَجْزاً فيهما وتأتي في لسان العرب على معنيين: الأول الضعف وفقدان القدرة فتقول العرب: عجز عن الشيء أي ضعف عنه، وتقول العرب: عجزت عن فلان؛ إذا لم أقدِر عليه.
محاولة التعرف على الوحدة الإعجازية
هذه دعوة للتعرف على معنى قول: (الوحدة الإعجازية)؛ من الثابت أنَّ القرآن تحدى العرب جميعا " بأنْ يأتوا بمثل هذا القرآن" وإذ كلمة القرآن تصدق على:
1. القرآن الكريم كله.
2. أي سورة من سور القرآن الكريم.
3. أي آية من القرآن الكريم.
4. أي جزء من أية آية تحت شرطين:
الأول ليس حرفا من حروف المباني ـ أي حروف الأبجدية ـ أو المعاني سواء كان من حرف واحد ـ مثل الكاف ـ من قوله تعالى: [كَمِثْلِهِ] أو الثنائي مثل حرف من في قوله: [مِنْ نِعْمَةٍ] أو الثلاثي مثل لكن في قوله تعالى: [لَكِنِ الرَّاسِخُونَ] وغير ذلك من حروف المعنى فلا يتيسر للواحد أنْ يأتي بالحرف ويقول: هذا من القرآن، بل يقال: إنَّ حروف القرآن هي حروف عربية اسماً وصوتا، أو أنَّ يقال: هذا ورد في القرآن كحرف مبنى كذا مرة، وكحرف معنى كذا مرة، وفي السورة الفلانية كذا مرة وليس غير ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني ليست كلمة مفردة؛ سواء كانت اسما أو فعلا أو حرفا، لقد ورد بحث حرف المعنى مع بحث حرف المبنى لاشتراكهما في الاسم، وهذه الفقرة بحث في الكلمة اسما كانت أو فعلا، والمقصود الكلمة التي وردت في القرآن الكريم، مثل: الله أو قال، فلا يقال: هذه قرآن كريم، سواء كانت كلمة مفردة، أو كلمة مضافة، أو شبه جملة مثل: يد الله أو فوقهم، والضابط لكل ذلك موضوع التضمين، فما يصح تضمينه هو قرآن، وما لا يصح تضمينه ليس قرءاناً، ويفهم من ذلك أنَّ القرآن من الآية: هو ما كان جملة اسمية أو فعلية، دون أي تغيير في حالها.
والسؤال: أي من هذه الأربعة هو المعجز؟ هذا سؤال يجب الجواب عليه من قبل النابتة الجدد! وهو سؤال يتحدى هؤلاء المتألهة الجاهلة معرفيا؛ التي تثور عندها مشاعر التقديس حين تحديد الوحدة الإعجازية بأنها السورة وليس أقل من ذلك؛ تماما هي مثل الدب الذي قتل الطفل ليحميه من ذبابة!.الوحدة الإعجازية: هل هي آية واجدة فتكون (الم) (البقرة:1) وهي آية و (يّس) وهي آية أيضا ومثل (مُدْهَامَّتَانِ) (الرحمن:64) وغير ذلك آيات كثيرة فإنْ قالوا: لا. وهم لابد قائلون، فكيف التفريق بين الآيات؟ وما يحكم فيها بالإعجاز؟ وما لا يحكم فيها بالإعجاز؟ هل المعيار طول الآية؟ أو تمام المعنى؟ أو البلاغة والفصاحة؟ أيها هو المعيار؟ أيها السادة النوابت! والسادة المتألهة!!! فإن قيل إنَّ قوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِه} لا يدل والنص لم يقل: إنَّ ما دون السورة ليس معجزا والنص في مثله {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} ينطبق على أي جزء يوصف بأنه قرآن، يُرَدُّ عليهم بأن الآية من القرآن قرآن، وحتى الجملة من الآية هي قرآن أيضا، ومع أنهما قرآن كما مر، إلاَّ أنهما ليستا على وصف الإعجاز، فالأعجاز هو للقرآن كله، ثم لعشر سور من مثله، ثم لسورة من مثله، ومفهوم العدد هو مفهوم حصر، لكن الكارثة هو في اعوجاج الفهم، ذلك أنهم يجهلون أسباب تسمية السورة بأنها سورة، ناظرين على الغالب إلى البلاغة في النص، والبلاغة يقينا ليست الإعجاز، فالسورة صارت سورة لخصائص لها: أهمها الوحدة الموضوعية، فكل سورة تفقد جزءا منها فقدت الوحدة الموضوعية، وإنْ استبدلت كلمة مكان كلمة فقدت الناحية الجمالية في السورة، فكل سورة ـ حتى حين العجز عن إدراك ذلك ـ هي مختلفة عن غيرها، على أنَّ منطوق النص جعل الوحدة الإعجازية على الأقل هي السورة. تحديد السورة في القرآن ليس تقسيما من الصحابة، بل هو تقسيم من الله تعالى، كما يتبين من معطيات تدوين القرآن ـ إلاَّ ما قيل عن سورة التوبة، وهو قول ضعيف؛ لا يصمد أمام البحث، وسورة، وتجمع سُوَراً، والترجيح الواضح أنها أي الجمع بغير همز، فيكون معنى السورة المنزلة من منازل الارتفاع، وسمي سور المدينة سورا لحمايته ما يحويه بسبب ارتفاعه، وفي هذا المعنى قول نابغة بني ذبيان في مدح النعمان بن المنذر ملك الحيرة:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أعْطَاكَ سُورَةً تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
يعني الذبياني في ذلك أعطاك منزلة من منازل الشرف، التي قصرتْ عنها منازل الملوك، فهي سورة لارتفاعها وعلو قدرها بسبب خصائص هي عليها، ولا يمكن تسمية سورة من القرآن بأنها سورة؛ إذا نقصت آية أو كلمة؛ أو استبدلت بها كلمة خارج القراءات المتواترة، وقراءة الآحاد أو القراءات الشاذة ليست قرءاناً، فهل أدركتم ذلك أيها السادة؟!
يترتب على ما سبق: إمَّا الأخذ بنظرية الإعجاز الشامل؛ ويتولد عنها وجود آيات معجزة، وأخرى غير معجزة، ويقال لهم ماذا تقولون في قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} أهي معجزة لوحدها؟ وهم لا بد نافون لذلك، فما هو بديلهم؟ أو الأخذ بنظرية الصِّرفة كما هي عند ابن حزم وهي قوله: إنَّ كل كلمة قائمة المعنى، يعلم أنها إذا تليت من القرآن، فإنها معجزة، لا يقدر أحدٌ على المجيئ
(يُتْبَعُ)
(/)
بمثلها أبدا، لأن الله تعالى حال بين الناس وبين ذلك، في اليسير من القرآن وفي كثيره، ويرد على ابن حزم قصة قول عمر أو غيره: تَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالقينَ قبل نزولها في آية: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون:14) لكن عند ابن حزم: إنَّ الكلمة متى ذكرت في خبر ـ على أنها ليست قرءانا ـ فهي غير معجزة، فابن حزم لا يعتمد التحليل اللغوي بل يعتمد منطوق النص على الظاهر وليس على المعنى.
فائدة للتفكر والاعتبار
أبن حزم يقول: بالصرفة، وقوله قريب من الضرب الأول الذي قالت به المعتزلة، وهو قد رد حديث البخاري في حرمة الغناء والمعازف إذ أباحهما، وهو قد قال بوفاة عيسى بن مريم ويعيده الله حيا عند نزوله، وهو قد هاجم الأشاعرة هجوما لا هوادة فيه في كثير من مقالاتهم، وهو سليط بلسانه على أبي حنيفة ومالك، ومع ذلك ليس محلا للهجوم من قبل أهل الحديث والأشاعرة والسبب أنه يري طاعة الحكام، وإنْ ظلموا، أو فسقوا، وهذا يفسر حقيقة الهجوم على المعتزلة، ورغم خروج المعتزلة من الحياة الفكرية للمسلمين، ومع أنَّ المعتزلة طورت نظرية الصرفة إلى نظرية النظم، إلاَّ أنَّ نار العداوة والبغضاء لا زالت موجودة عند جمع الإسلاميين ـ دون استثناء ـ بلا بصيرة ولا تبصر، ولا حجة ولا دليل، بل هم على موروث العمى، وصدق الله تعالى إذ يقول في كتابه: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (الاسراء:72).
لماذا لا زال الهجوم الأعمى يلفهم؟ أعن قراءة فاحصة لمواضيع الاختلاف؟ أو هو الموروث القاتل؟ جاء في تعليق (السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم) وهو محقق النكت والعيون أي تفسير الماوردي عند ذكره الصرفة توثيقا لرأي قيل في الإعجاز في الهامش رقم (32) ما يلي:
((وهذا الوجه ضَعَّفَهُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ووصفه بأنه أضعف الأقوال وهو قول أهل الكلام. وقد ردَّ هذا الوجه أيضا الإمام الخطابي)) ويشير إلى المرجع بقوله ((راجع الدقائئق (1/ 155) ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للخطابي ص21. يلاحظ أنه لم يشر إلى مرجعه عن ابن تيمية.
الإعجاز في النظم ليس غير
ما هو النظم: النظم في القرآن الكريم هو في الحروف في الكلمة وفي ترتيب الكلمات وفي تعاقب الجمل وشبه الحمل في الآية وفي ترتيب الآيات وفي مفتتح السورة وفي ختام السورة أي جملة ترتيب السورة بدءاً من أولها إلى آخرها ومن الطبيعي احتواء السورة على علو في الصور البيانبة، والغاية في الفصاحة، واشتملت حروف كلمات القرآن على نظم أدى إلى جرس بديع ونسق صوتي يثير الحس ويرهف الذوق ولذلك قيل الكلام في العربية على ثلاثة أضرب: شعر، ونثر، وقرآن، والحقيقة أنه نثر جمع كل شروط النثر، لكنه نوع من النثر فريد، ما بين نثر مرسل كقوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ *وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ *} ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ومثل آية الدين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أو نثر غير مرسل أي تدخل عليه الفاصلة وهي جميع صغار السور ذات إيقاع سريع
أوجه الإعجاز الكلاسيكية
الوجه الأول: هو البلاغة إذ الإعجاز فيها. وقد فسر الوجه الأول من القائلين به: بأنه اشتمال يسير لفظه على كثير من المعاني، وضربوا مثلا لذلك قول الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) (البقرة: من الآية179) فجمع في كلمتين هما: (الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) عدد حروفهما عشرة أحرف، معاني كلام كثير، وقد رد مصطفى صادق الرافعي في كتابه (تحت راية القرآن) على من ساوى بين قول العرب: [القتل أنفى للقتل] وقوله تعالى: (الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) ردا طويلا، وشرح شرحا وافيا حقيقة الإيجاز في قوله تعالى: (الْقِصَاصِ حَيَاة) وقد أسس الرافعي رده على الإيجاز من جهة، وعلى التمييز بين الحروف المتلائمة والمتنافرة بين النصين، ورأى أنَّ في نص: [القصاص حياة] طباقا ـ أي تحوي محسنا لفظياً، أي جمعت العبارة القرآنية بين متضادين، فجعلت الآية القصاص ـ وهو موت القاتل ـ حياة، أي وصفته بضده؟.
كان الظن أنَّ الرافعي جاء بقوله باجتهاد منه، فإذا بالحقيقة أنَّ أمر التمييز بين القصاص حياة والقتل أنفى للقتل، ورد عند الماوردي في النكت والعيون، وعند الطبرسي في مجمع البيان.
البلاغة ذات وجوه ملتئمة، ربما يتيسر للواحد إماطة اللثام عنها، فتتجلى على السامع، أمَّا نفس وجه الإعجاز فلا، ومن هنا يستحيل أنْ تكون البلاغة هي الإعجاز.
من المعلوم عند القاصي والداني " أنَّ كلام العرب ـ قبل نزول القرآن ـ هو كلام بليغ شعرا ونثرا، ويكثر فيه الإيجاز "، وبالتالي تكون بلاغة القرآن مجردَ فرقٍ تَمَيَّزَ به القرآن، والتميز لا يكون إعجازا، على أنَّ في داخل النص القرآني تمايز على بعضه البعض، فأي منها هو المعجز؟ ومن المعلوم أنَّ التحدي هو تحدي تعجيز وليس تحدي تمييز. فالبلاغة إذن ليست هي الإعجاز.
الوجه الثاني: هو ما يظهر من فصاحة في نص القرآن ـ أي في البيان ـ وقد أجمع الفصحاء والبلغاء على المنزلة العليا للفصاحة في القرآن. حكى القاسم بن سلام (كنيته أبو عبيد) وهو مشهور بهذه الكنية، قال: إنَّ أعرابيا سمع رجل يقرأ: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) (الحجر: من الآية94) فما كان من الأعرابي إلاَّ أنْ سجد! وقال سجدت لفصاحة هذا الكلام! وقال أيضا أي أبو عبيد: سمع رجلٌ رجلاً آخر يقرأُ: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً) (يوسف: من الآية80) فقال السامع: أشهد أنَّ مخلوقا لا يقدر على هذا الكلام. وحكى الأصمعي " هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي ت بالبصرة سنة 216هـ قال: رأيتُ بالبادية جارية خماسية أو سداسية وهي تقول:
استغفر الله لذنبي كله قتلتُ إنساناً لغيرِ حلِّهِ
مثْلَ غَزَالٍ ناعمٍ في دَلِّهِ فَانْتَصَفَ الليل ولم أُصَلِّهِ
فقلتُ لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أتعدُّ فصاحة بعد قول الله عزَّ وجلَّ: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين َ) (القصص:7). فجمع في آية واحدة بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وإنشاءين (يلاحظ أنها تتكلم عن مستوى من الفصاحة وليس كلامها عن الإعجاز).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع إجماع أهل العربية على فصاحة القرآن، ووضوح بيانه، وهو في المنزلة العليا من الفصاحة، لكن من المعروف وجود الفصاحة في كلام العرب؛ فيكون القرآن فصيحا في مستوى أعلى من مستوى كلام العرب، وهذا لا يدل على الإعجاز، وإنما يدل على التميز، ومع ذلك فإنَّ الفصاحة تتفاوت في الآيات، ولهذا لا يصلح هذا الوجه للدلالة على الإعجاز، مثله في ذلك مثل الوجه الأول.
الوجه الثالث: هو الوصف الذي تنقضي به العادة، بحيث قيل: إنَّ القرآنَ خارجٌ عن جنس كلام العرب، فالقرآن مع كونه لم يخرج عن العربية مفردات وتراكيب؛ فهو ليس نثرا على وصف العرب؛ وليس شعراً لا على بحور العرب؛ ولا على غيرها من ضروب الشعر؛ ولا يمكن وصفه بأنه من جنس خطب العرب، ولم يأت على أسلوب العرب بالنظم والرجز والسجع والمزدوج، فلا يدخل في أي شكل من أشكال كلام العرب؛ مع أنَّ كلماته وحروفه وأوزانه كلها مستعملة في نظمهم ونثرهم.
حُكيَ (الفعل بصيغة التضعيف) أنَّ ابن المقفع {هو عبد الله، كاتب شاعر، وأحد النقلة من الفارسية إلى العربية، وهو فارسي الأصل، نشأ بالبصرة، واتهم بالزندقة، قُتلَ عليها من قبل أمير البصرة}: طلبَ أنْ يعارض القرآن، فنظم كلاما، وجعله مفصلاً، وسماه سوراً، فاجتاز يوما بصبي يقرأ في مكتب: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود:44). فرجع، ومحا ما عمل، وقال: أشهد أنَّ هذا لا يعارض أبداً، وما هو من كلام البشر، وكان فصيح أهل عصره، فرغم فصاحة ابن القفع ونظم كلاما فصيحا إلاَّ أنه أدرك أنَّ موضوع الإعجاز ليس فصاحة القرآن فالإعجاز ليس هو الفصاحة.
الوجه الرابع: كون قارئه لا يكل، وسامعه لا يمل، وإكثار تلاوته تزيده حلاوة في النفوس، وميلا إلى القلوب، وغيره من الكلام وإنْ كان مستحسن النظم، مستعذب النثر يُمَلَّ منه إذا أعيد، ويستقل إذا ردد. وهذا القول لا يقبل على كل الوجوه، وإنما يقبل إذا كان السامع مؤمنا به وعنده دفقة من المشاعر، أو إذا كان تاليه يحسن التلاوة، وسامعه يدرك المعاني، أو يدرك الجرس ويمتلأ حسه به، أو يدرك البلاغة فيه، ومعلوم وجود بعض أهل المشاغبة من لا يستمع إليه، بل وهناك من يصرح بأنه يكره سماعه، من هذا البيان لا يمكن جعل هذا الوجه مقبولاً، للحكم على أنَّ القرآن معجزٌ. على أنَّ قبول هذا القول؛ يعني أنَّ الإعجاز هو في صوتيات القرآن الكريم، وليس في حديث مثله، أو عشر سور من مثله، أو سورة واحدة من مثله، وهو ما تبين سابقا أنَّ التحدي جاء في ذلك.
الوجه الخامس: ما حواه من أخبار الماضين، وهذا يعني عند القائلين به: إنَّ في القرآن الكريم أخباراً عن أمور ماضية مما علموه، أو لم يعلموه، فإذا سألوا عنه، عرفوا صحته، وتحققوا صدقه، كالذي حكاه عن قصة أهل الكهف: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) (الكهف:9) وشان موسى والعبد الصالح: (فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف:65) وحال ذي القرنين: (وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) (الكهف:83) وقصص الأنبياء مع أممهما: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُون َ) (غافر:78) وما جاء في القرآن عن الأمم السابقة: (أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) (الاحقاف:18). وهذا الوجه مردود لسببين: الأول، في التوراة قصص مثل هذه القصص، فهل يقال بأنَّ التوراة وغبرها من كتب أهل الكتاب التي ترد بها أخبار عن ماضين كتب معجزة؟؟؟ الثاني هو أنَّ سور القصص وهي سور
(يُتْبَعُ)
(/)
محدودة؛ هي المعجزة؛ بل جزء منها هو المعجز؛ وغيرها غير معجز، وخطل مثل هذا القول واضح.
الوجه السادس: هو ما فيه من علم الغيب؛ والإخبار بما يكون؛ فينكشف صدقه وصحته، مثل قوله تعالى عن اليهود في دعواهم أنَّ الدار الآخرة لهم: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وقال عنهم مباشرة كاشفا موقفهم: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (البقرة:94، 95) فلم ولن يتمنى الموت واحد من اليهود، ومثل قوله تعالى عن تحدي القرآن لهم {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة:33، 24) فلا زال التحدي بحرف النفي نفي الماضي ونفي المستقبل الدال على التأبيد، فالصدق والصحة في الغيب والإخبار عما يكون موجودان في القرآن.
وهذا الكلام أيضا عار عن الدليل، فالقرآن وثق أنَّ سفر التكوين من التوراة تكلم عن موضوع الغيب: من خلق، وتكليف، وعصيان بالأكل من الشجرة؛ بوسوسة من إبليس، وهبوط الكل من الجنة، وفي الكتب الأخرى من كتب أهل الكتاب؛ يرد موضوع قيام الملكوت؛ بأسلوب الإعلانات السرية: ككتاب إشعيا وحزقيال ورؤيا يوحنا اللاهوتي وغيرها، وإذا قيل: بأنَّ الغيب هو الإعجاز؛ فليعلن أصحاب هذا القول: أنَّ جميع الكتب السماوية بصورتها الحالية هي معجزة أيضا، وليعلنوا أيضا أنَّ الحديث كما هو في مدونة أهل السنة والجماعة هو أيضا معجز؛ لوجود أخبار عن الغيب فيه، وهكذا يسقط هذا الوجه أيضا.
الوجه السابع: جمعه لمعارف وعلوم لم تكن في العرب. قبل الدخول لقبول أو رفض هذا الوجه، لا بد من تبين هذا القول للحكم عليه، فالمطلوب تحديد هذه المعارف والعلوم الموصوفة بأنها لم تكن في العرب، غالبا المراد علم الأجنة وعلم الفلك، لكن القدر الموجود منهما ومن غيرهما في القرآن، لا يشكل تفسيرا علميا متكاملا من جهة، ولم يكن غرض القرآن من ذكره إثبات الإعجاز، بل وردت كمشاهد حية للتدليل على الله؛ بمعرفة صفتين ذاتيتين له تعالى، هما: كونه قادرا لا يعجز، وكونه عالما لا يجهل، والمسار العلمي الذي يتكشف الآن، ويجد العلماء دقة القرآن في التعبير عن جزء بيسير من ظواهر العلم، هو واحدة من خصائص القرآن الكريم النامية؛ كلما نمت معرفة الإنسان، وهي لا تغني ولبست بديلا عن الأساس في الإعجاز، وهذا القول بهذه الصورة مهد للقول بالإعجاز العلمي وهو قول أخذ يشيع كثيرا بين المسلمين.
تقوم هذه الأوجه السابقة وتتأسس على ما يلي:
1. الأوجه الثلاثة الأولى على نظام المباني أي على الشكل.
2. الوجه الرابع على الأثر النفسي على السامع مرتبط بإثارة مشاعر التالي أو السامع.
3. الأوجه الثلاثة الأخيرة على منظومة المعاني أي على المضمون.
من المعلوم عدم وجود كلام يخلو من المباني، أو المعاني، أو الإثارة للمشاعر، فالشعر البدوي النبطي أو غيره؛ يحوي المباني، والمعاني، والإثارة لأهل البداوة؛ لكون البدوي أدرك الصورة الشعرية، أما صورة المباني ـ أو ما يُكَوِّنُ المحتوى ـ فليس هي الجاعلة لهذا النص البدوي صفة الإعجاز، فالنص البدوي قد يكون على درجة من الإبداع، ولكنه ليس معجزا يقينا.
صفة الإعجاز هي صفة زائدة: عن المبنى، والمعنى، والإثارة، وصفة البلاغة والفصاحة، وجمال التعبير، وهي على درجات متفاوتة في النصوص؛ فيقوم عليها الحكم بالتمييز بين نص وآخر، وليس إثبات الإعجاز، كما ذكر سابقا.
الوجه الثامن: الصِّرْفة عند المعتزلة وهي على ضربين
1. الضرب الأول: أنهم صرفوا من قبل الله تعالى عن القدرة عليه، ولو تعرضوا لعجزوا عنه، وأساس هذا القول هو ما يؤمن به المعتزلة من كون الإنسان قادر بقدرة تمكينية وهبها الله للإنسان وليس بقدرة ذاتية.
(يُتْبَعُ)
(/)
2. الضرب الثاني: أنهم صرفوا عن التعرض له، مع كونه في قدرتهم، ولو تعرضوا له لجاز أنْ يقدروا عليه، وأساس هذا القول ما يعلمه المعتزلة من أنَّ اللغة ممكنون منها وحدث عجزهم عن موضوع من مواضيعها.
وعلى طريقة جمع كل ما في البيدر دون تمييز، رأي البعض أنَّ مجموع ذلك كله هو سبب وصف القرآن بالإعجاز، بما فيها الصِّرْفة، والكلام بهذه الصورة لا يبنى على تصور صادق لمعنى الإعجاز، وإذا كان الإعجاز مجمع عليه عند المسلمين، لكن سره بقي عصيا، فكان أنْ قالت المعتزلة الأوائل ـ الطبقة السادسة فما قبلها ـ بالصرفة؛ إدراكا منها لاستعصاء معرفة سر الإعجاز، وقد تأسس القول بالصرفة على ما يلي:
من حيث المفردات: جميع المفردات التي استعملها القرآن دون استثناء هي عربية وضعا، أو عربية تعريبا، ويشمل التعريب أسماء الأعلام الأعجمية.
أسلوب القرآن في التراكيب؛ هو أسلوب العرب، لكنه جاء على أسلوب النثر؛ دون أنْ يلتزم أُسلوبا واحداً من أساليبه، وهو ليس على أسلوب الشعر. وهاتان الخصيصتان جعلا وصف القرآن بأنه عربي أمر حق.
العرب في أيام نزول القرآن؛ كانوا قد قطعوا جميع المسافات في نضج اللسان العربي، فالقرآن نزل في لغة تامة النضج مكتملةٍ مفردات وتراكيب.
أمام الحقائق الثلاث السابقة: وهي التطابق التام بين العربية عند أهلها؛ وبين عربية القرآن. فكيف عجز العرب ـ وهم أهل الكلام فيها على السليقة، وهم واضعو العربية مفردات وتراكيب ـ عن الإتيان بمثله؟.
حير الموضوع هذا أهل الألباب! أي أهل صنعة العربية أصلا، فقد أقروا بالعجز عن الإتيان بمثله. لذلك فأنَّ التفسير بالصرفة ـ قبل التمكن من مفتاح العلوم في علومه: الصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع والعروض وأصول الاستدلال، هو التفسير الصحيح للإعجاز.
وإذ اكتمل مفتاح العلوم في نهاية القرن الرابع الهجري؛ تطورت نظرية الصرفة تطورا طبيعيا نحو نظرية النظم على يد المعتزلة، ليأخذها عبد القاهر الجرجاني؛ ويضعها في كتابه دلائل الإعجاز، وهو الكتاب الذي صار عمدة الإعجاز ومحل التسليم؛ منذ وضعه عبد القاهر حتى عقود قليلة خلت، فسيد قطب القتيل ظلما عام 1966م في كتابه التصوير الفني في القرآن جعل نظرية النظم أساسا؟.
لكن في هذا الزمن ظهرت نابتة جديدة، بسبب التقدم العلمي؛ ولإدخال النص القرآني على الحوسبة، ولضعف هذه النابتة في مواضيع التراث؛ فهي في حالة شلل وعجز عن تطوير مفاهيم التراث، وإذ أجاز نظام التعليم الأكاديمي تقديم أطروحة في موضوع جزئي من القرآن؛ أو عنه، صار عين الموضوع الأكاديمي الجزئي بديلا عن الدراسة العامة في موضوع أعجاز القرآن، ولهذا ظهر في الساحة من يقول: الإعجاز البياني في آيات كذا وآيات كذا، وكان الأولى به أنْ يقول الخصائص البيانية في آيات كذا، وظهر في الصحف اليومية في صفحة الحيض والنفاس والطهارة، وهي صفحة تظهر كل صباح من يوم الجمعة، أي اليوم الذي يقل القراء فيه، يظهر في تلك الجرائد كتابات عن الإعجاز، هي من مواضيع بلاغية جزئية.
إنَّ المواضيع البلاغية الجزئية؛ فضلا عن أنها بحث من أبحاث البلاغة، فهي ليست حلا للإعجاز، وإنما هي حالة تذوق من شخص لأمر بلاغي، قد يكون في آية؛ أو في آيات من سورة؛ أو من سور مختلفة؛ أو في موضوع، حسب ذوق المتذوق ومرانه على التذوق؛ فيتحول أمر الإعجاز من إعجاز إلى تحليل بلاغي لغوي، والتحليل البلاغي اللغوي ليس موضوعا جماعيا، من هنا يصبح الإعجاز محكوما بالرؤية الفردية، مع أنَّ الإعجاز هو الأساس الوحيد للجملة الثانية من إعلان الدخول إلى مسمى الإسلام {أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله} وعلى الحملة الثانية تبنى حقيقة الإيمان من الناحبة العملية، وهذا التحول يشكل كارثة؛ في زمن هجوم أهل التغريب على اللسان العربي، وعلى منظومة المعاني في القرآن الكريم.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 05:25 م]ـ
السلام عليكم
هل من الممكن أن تستدل على كلامك (وإذ اكتمل مفتاح العلوم في نهاية القرن الرابع الهجري؛ تطورت نظرية الصرفة تطورا طبيعيا نحو نظرية النظم على يد المعتزلة، ليأخذها عبد القاهر الجرجاني؛ ويضعها في كتابه دلائل الإعجاز، وهو الكتاب الذي صار عمدة الإعجاز ومحل التسليم؛ منذ وضعه عبد القاهر حتى عقود قليلة خلت)
أيّ هذه التهمة التي تلصقها بشيخنا الجرجاني --ما دليلك عليها؟؟؟
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 10:45 م]ـ
نظرية الجرجاني نظرية في الإعجاز سائدة هل من الممكن أن تظهر نظرية دون سوابق لها هكذا تنشأ دفعة واحدة حاول أن تأتي بنظرية تكون من أول يوم مكتملة فهل بحثت عن جذر دلائل الإعجاز النظرية الجرجانية هذه واحدة
أما الثانية فقد قدمت في بريطانيا أظن من باحث عراقي اثبت جذر النظرية وأنه اخذها بكمالها من كتاب القاضي عبد الجبار من المغني في التوحيد والعدل ويمكنك إدراك ذلك إن كنت باحثا أصيلا
والثالثة من ذلك هل تستطيع أن تقول: إن نظرية النظم أصلها واحد من المقالات السبع في الإعجاز أم هي إلى نظرية الصرفة أقرب
لك تحيتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 11:52 م]ـ
الأخ أمين ..
وكيف تكون نظرية النظم إلى نظرية الصرف أقرب، وعبد القاهر نفسه يعرض إلى القائلين بالصرفة - وبعد جدال طويل - يوجز رأيه قائلاً: وهل سمع قط أن نبياً أتى قومه فقال: مجيئي عليكم والآية في أني نبي إليكم أن تمنعوا من أمر لم يكن منكم قط، وليس يظهر في بادي الرأي. وظاهر الأمر أنكم تستطيعونه، ولكنه موهوم جوازه منكم إذا أنتم كددتم أنفسكم وجمعتم مالكم واستفرغتم مجهودكم وعاودتم الاجتهاد فيه مرة بعد أخرى؟ أم ذلك ما لا يقوله عاقل ولا يقدم عليه إلا مجازف لا يدري ما يقول "!!!
الرسالة الشافية: 133
وانظر دلائل الإعجاز: 299
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 12:45 ص]ـ
قبل البدء بالكلام هل هناك غير الأقوال الثمانية التي ذكرتها في اعجاز القرآن في الزمن الذي جاءت به نظرية الجرجاني هنا اود أن اسالك سؤالا واضحا جليا اليست نظرية النظم تقول بعدم قدرتهم على الإتيان بمثله والسبب نظمه والصرفة تعني عدم قدرتهم على الإتيان بمثله إذ أعجزهم صرفا. وابن حزم توفي وهو يقول بالصرفة.
في الأمور السبعة ظهر لك انها تمايز مستو وليس إعجازا. فما رأيك هل القتل أنفى للقتل بليغة أو ركيكة؟ هل قول الرسول إن الرائد لا يكذب أهله بليغة أم ركيكة؟ هل قول واصل بن عطاء في خطبته المنزوعة الراء ركيكة أم بليغة؟ هل خطب علي والمغيرة وخطبة زياد بن سمية من البلاغة بمكان ام هي على ركاكة؟ لا اريد ان اطيل فالمسألة ليست جدلا علميا صحيحا هل وصف الوليد بن المغيرة للقرآن بليغ ام ركيك هل كلام الجاحظ بليغ ام ركيك مشكلة تظهر في البنية الفكرية التي عليها المذهبيون هل تفهم من كلام االجرجاني نقض عدم قدرنهم أم يقول ان الإعجاز هو تحدي لقدرتهم، هل العرب فصحاء بلغاء قبل نزول القرآن اعط القرآن 100% واعط البلغاء رتبا 90% 80% وهكذا هل تسمى هذا إعجازا؟
ثانيا هناك 4 معطيات اعطيتها لبيان أن الجرجاني اعتمد على غيره في نظرية النظم جربوا بحثها
ـ[أبو سارة]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 04:36 ص]ـ
أوصيك ونفسي باللطف واللين يا أمين بارك الله فيك
والأستاذ جمال والأستاذ لؤي رجال نعتز بقربهم منا ولعلمهم وأدبهم مكان رفيع عند جميع المنتدين، وأنت ثالثهم إن شاء الله.
نسأل الله العفو والسلامة
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:04 م]ـ
أستغرب بصراحة أن تكون هذه طريقة نقاش علمي عند من يُظنّ بهم خير وعلم!!
درست ولله الحمد على أيدي فضلاء في دراستي العليا لمادة الإعجاز القرآني ..
وأعتقد أن لدي بعض ما يُسجّل إلا أني سأرفع يدي .. نظراً لما آل إليه الحوار!
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 07:54 م]ـ
وأنا كلي أسف يا وضحاء إن صدر منّي ما يمنعك من الكلام --وعلى أي حال فأنا بمقام الوالد الذي يغفر له أبناؤه
ـ[أبو سارة]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 08:40 م]ـ
أختنا وضحاء
أرجو ألا يكون رفع اليد هذا داخل في كتمان العلم:)
كثيرون بحاجة إليه، وأنا واحد منهم
سأعود لتنقيح ثم حذف ما عكر صفو هذا الموضوع، وليسمح لي الإخوة بذلك.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 09:02 م]ـ
على بركة الله أخانا العزيز أبا سارة ..
ويا أختنا وضحاء ..
نأسف حقاً عما لحق بالموضوع من فساد العلم والأدب ..
ولك منا الاعتذار ..
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:08 ص]ـ
الصرفة بالإجماع قول المعتزلة يمكن قراءتها في المقال الأول في هذا البحث
نظرية النظم يقينا بدأت حين البحث في الصرفة. ومن مجموعة الردود التي شاكست القول بالصرفة. تكونت نظرية النظم على يد الجاحظ لتحدد أكثر على يدي الجبائي (إبي علي) رضي الله عنه فقام القاضي رحمه الله ببلورتها أكثر فاكثر لتأخذ بعد ذلك عنوة ولا يشار أبدا إلى زارع البذرة الجاحظ رضي الله عنه.
هذا الكلام لم يتناول من قبل المعلقين بالبحث قوبل بالتسفيه شكرا
لكن هل القول بالمقالات الأخرى السبعة تقنع أنها هي الإعجاز لم يحاول واحد قراءة مقال الغريب ويتمعن به وبقوله كانت الشراسة هي طابع الرد
وجدت نفسي غريبا فكان السكوت ولكن الحق يعلو فانظروا ماذا كتب السيد الأستاذ موسى الزغاري في مقال آخر حول الإعجاز.
ليس من الممكن طمس الحق
تحياتي
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:21 ص]ـ
أخي أبا ياسر أن ما كتبته في موضوعي لا يؤيد وجهة نظرك في موضوعك، وهذا لا يعني أنني أنتقص من المعتزلة، ولكنني اعارض قولك أن الجرجاني اخذ النظرية من القاضي عبد الجبار.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، ليس من العيب أن يجتمع أكثر من عالم في بلورة قضية ما وكل منهم يدلي بدلوه، ولكن القضية عند يا أبا ياسر هي أن وضحت ان القاضي عبد الجبار هو صاحب نظرية النظم وأن الجرجاني أخذها عنه، وفي هذا الكلام نظر، ولعل المعتزلة قد أخذو هذه النظرية عن غيرهم، أليس هذا احتمال قد يرد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 01:22 م]ـ
هل من الممكن أن يقتبس هذا الشاكي قول الجاحظ---أنا عندي مصادري التي تؤكد أنّ الجاحظ يركز على اللفظ لا على النظم والتركيب--
نحن بانتظار ما يقتبس من قول الجاحظ
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 03:15 م]ـ
هل من الممكن أن يقتبس هذا الشاكي قول الجاحظ---أنا عندي مصادري التي تؤكد أنّ الجاحظ يركز على اللفظ لا على النظم والتركيب--
نحن بانتظار ما يقتبس من قول الجاحظ
هو الحكم النهائي ما شاء الله!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! فكل قول مردود سلفا بمصادر!!!!
ما معنى اللفظ وما معنى النظم هنا يتحدى الغريب
هناك 8 مقالات كلاسيكية لمن ينتمي القول بالنظم هل يمكن للغريب ان يجد بحثا
سآتي برسالة الدكتوراة التي قدمت وبينت الإستيلاء على نظرية النظم من قبل الجرجاني
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 04:37 م]ـ
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=8593
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 05:04 م]ـ
:; allh :;allh :;allh ولله الحمد
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 05:27 م]ـ
إن من شأن المنصفين أن يقدموا البراهين والأدلة على ما يقولون، وأنت تتهم وبصراحة شيخنا الجرجاني بسرقة فكرة النظم من شيخك القاضي عبد الجبار، لا لشيء إلا ان تثبت أن هناك أثر يدل على وجود المعتزلة في تاريخ الإسلام. حسناً، ولكن كيف كان وجودهم، وكيف كانت أحواله، لا شك أنك تعلم عنهم اكثر منا. فتوقف عن الإثبات والتثبيت، وشارك بما ينفع من الأدلة والبراهين ما شأنه أن يخدم الإسلام لا المعتزلة ولا الأشعرية ولا السلفية ولا غيرها، ونحن نطالبك أنت أن تبحث مرة اخرى وبإنصاف في مسألة إعجاز القرآن، ولا تتجرأ على اتهام شيخ البلاغة، ورأسها، ومهذبها.
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:02 م]ـ
إنذاركم لي وصل شكرا
يظهر عندك ليس للمعتزلة علاقة في كتاب الله هل هذا ما تقوله
هل قال المعتزلة الأوائل بالصرفة أم لم يقولوا؟
هل قال المعتزلة من الجاحظ وحتى القاضي بالنظم أم لا؟
هل قال الجرجاني بالنظم ام لا؟
هل توصل له بلا علم متقدم بنى عليه؟
الحيدات ليست علما
بالمناسبة شييوخي أعضاء من حزب التحرير في طولكرم درست عندهم ليس القاضي ولا غيره من المعتزلة أحدهم
وضعي الان باحث اتبنى منهج المعتزلة
كلامي في الإعجاز رد على جماعة الإعجاز العلمي والرقمي وما هب ودب
التوقف عن جدل المهاترات أفضل
إذ وجدت بادئ ذي بدء جدل مهاترات توقفت.
من لديه علم فليتقدم ومن يدافع عن ما قلده فلا يعنيني هذا
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (الرعد: من الآية17)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:15 م]ـ
لم أر لك كلاما علميّا بالمرة --خواطر وتذمر واتهامات---حقيقة قرأت للمعتزلة كثيرا--واعتز برجالات منهم كالزمخشري وابن جنّي ولا أجد أنّك قد استفدت منهم
ألقيت تهمة طويلة عريضة عن استمداد الجرجاني لنظرية النظم من المعتزلة--فجئناك بكلام للجاحظ يركز فيه على أهمية اللفظ أكثر من المعنى إذ قال
(وذهب الشيخ إلى استحسان المعاني والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والعربي والقروي والبدوي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وصحة الطبع وكثرة الماء وجودة السبك، وإنما الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير)
فلم ترد---ويظهر أننا نعرف بمذهبك أكثر منك
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 10:33 م]ـ
خالف هذا الموضوع قانون المنتدى لذا سنضطر لإغلاقه
* ألا تتعارض المقالات المنشورة هنا مع مبادئ الدين الإسلامي وأحكامه ومعتقدات أهل السنة والجماعة.
* ألا تستهدف المقالات المنشورة إثارة النعرات الطائفية أو التعصب الديني أو النقاشات الدينية الساخنة أو إهانة معتقدات الأشخاص الآخرين.
نرجو المعذرة(/)
الأسرار البلاغية في التعريفات النبوية ... هل من مساعد
ـ[أم العلماء]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 09:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(الأسرار البلاغية في التعريفات النبوية)
هل من مساعدة عاجلة في توجيهي إلى مراجع تفيدني في هذا الموضوع وكذلك مقترحات لمادة البحث
وأود الإشارة إلى أن البحث سيكون بحثا مصغرا وليس بحث دكتوراه ولا ماجستير
شاكرة لكم تعاونكم واستجابتكم مقدما ...
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 09:37 م]ـ
يلزم أن توضّحي يا أمّ العلماء
على أيّة حال --قد تحتاجين بعضا من بحث الدكتور سعيد جمعة
(الفصل الثاني
دلالة الإشارة في بيان النبي
" صلى الله عليه وسلم "
دراسة في صحيح مسلم
---------------------------------------------------------
تقديم
لا شك أن كل بيان يحمل صفات قائله , فالبيان القرآني يحمل كل كمال , وكل تنزيه وإحاطة , وكل ما يليق بالله تعالى من صفات.
وإذا كان الحكماء من البشر يملكون ناصية البيان أعلاه، وأصفاه، وأحلاه، وأتقنه، وأرقاه، فما أبان أحد كبيان النبي- عليه السلام -، فالبيان النبوي يقف على قمة البيان البشري , ولم لا وهو قبس من بيان القرآن الكريم، بل هو الوجه الآخر لهذا البيان.
وللإشارة في بيان المعصوم صلي الله عليه وسلم مقام رفيع لا يقل عن مقام اللفظ ولقد حرص الرواة جميعاً حين سمعوا رسول الله عليه السلام يقول: " بلغوا عني " حرصوا علي نقل هذا البيان كاملاً غير منقوص، بما فيه من لفظ وخط، وإشارة، وعقد وحال، لأنهم يعلمون أن هذه الوسائل ليست حشوا، أو كمّا مهملا، بل لها دور في بناء المعني , وتكوين الدلالات , وعسى أن يكون خلف الإشارة حكم , أو تكليف , أو وصية , أو نحو ذلك من تعاليم الدين , فيغيب عن الناس فيتحملوا وزره؛ لأجل ذلك نقلوا إلينا كل شيء.
تسمعهم يقولون: قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " كذا وأشار بالسبابة والوسطى , أو قال كذا وجمع بين أصابعه , أو شبك بين أصابعه.
وتراهم يقولون: خط رسول الله خطوطاً في الأرض ... ثم قال كذا ...
وهذا كله دليل قاطع , وبرهان ساطع على منزلة هذه الوسائل البيانية في حمل المراد إلى
المتلقي.
بل إنهم أطلقوا على الإشارة لفظ (القول): تسمعهم يقولون: قال بأصبعه كذا ....
والأوراق القادمة تكشف بعضاً من علاقة البيان بالإشارة , وكيف تحمل حركة الجسد تشبيهاً أو توكيداً , أو غير ذلك من ألوان البلاغة , وكأن الإشارة فيها من علم المعاني والبيان والبديع ..... وهذه نماذج تبين كل نوع.
التوكيد بالإشارة
لا شك أن توكيد المسند , أو المسند إليه إنما هو تقرير لكل منهما , وتحقيق لمفهومهما؛ رغبة في [جعله مستقراً محققاً ثابتاً بحيث لا يظن به غيره] (61) والإشارة تقوم بهذا الدور خير قيام.
ولقد جاءت أحاديث كثيرة ترى فيها الإشارة مؤكدة للفظ , ومدعمة له , وكأن وصول المعنى إلى القلب عن طريق السمع لا يكفي , فأريد استصحاب طريق إضافي , فإذا وجد القلب أن المعنى قد وصله من طريقين مختلفين , وكل منهما يؤكد الآخر، فتح للمعنى الباب ليستقر فيه.
ولا شك أن العلماء كانوا يستعينون علي المعني الواحد بعدة طرق لفظية مثل التوكيد اللفظي والمعنوي، وغير ذلك - لأنهم كانوا يرون في المعني فخامة تحتاج إلي هذا الحشد.
فما المانع أن تؤازر الإشارة اللفظ في المعاني الشريفة، والمقامات العالية التي تحتاج إلي ألوان أخرى من المؤكدات سوي المؤكدات اللفظية، حتى تستقر النفوس، ويزول ما فيها من ريب.
ومن هذا الباب ما جاء في فتح خيبر من حديث سلمة بن الأكوع.
أنه قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا ً شديداً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلك، وشكّوا فيه: رجل مات في سلاحه، وشكوا في بعض أمره.
قال سلمة: فقفل رسول الله صلي الله عليه وسلم من خيبر، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك، فأذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب أعلم ما تقول، قال، فقلت:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " صدقت "
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
والمشركون قد بغوا علينا
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: قلما قضيت رَجَزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال هذا "؟
قلت: قاله أخي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحمه الله "
فقلت: يارسول الله! إن ناساً ليهابون الصلاة عليه , يقولون رجل مات بسلاحه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مات جاهداً مجاهداً " , وفي رواية " كذبوا , مات جاهداً مجاهداً فله أجره مرتين , وأشار بأصبعيه " (62)
فقوله: مرتين , ثم يشير بإصبعيه إنما هي توكيد لفظي لأن المقام في حاجة إلى ذلك , وانظر إلى ما أصاب سيدنا سلمة بن الأكوع من غم حين رأى إعراض الصحابة عن الصلاة على
أخيه , حتى ارتاب في الأمر , ودخله ما دخله من الشك في عاقبة أخيه , ومن هنا كان من الأولى إزالة هذا الشك من عنده , ومن عند جميع الصحابة , فأكد النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بالإشارة , لتكون الإشارة توكيداً لا يبقى معه لبس , ولا غموض في فوز أخي سلمة بالجنة , والشهادة في سبيل الله تعالى.
فالآذان ستظل تذكر كلام النبي , والعيون كذلك ستظل ترى هذه الإشارة المصاحبة للفظ لتكون بياناً توكيدياً لها.
ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق , حتى تكون منهم بمقدار ميل, قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض , أم الميل الذي تكتحل به العين؟
قال: " فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق , فمنهم من يكون إلى كعبيه , ومنهم من يكون إلى ركبتيه , ومنهم من يكون إلى حقويه , ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً "
قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه. (63)
فقوله صلى الله عليه وسلم " ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً, يفهم منه أن العرق قد وصل إلى الفم , هذا منطوق العبارة , والذهن يتصور ذلك , لا شك ,.
إذن , ما الإضافة التي أضافها رسول الله إلى المعنى بإشارته؟ وهل قصّر اللفظ عن أداء المراد حتى تأتي الإشارة؟
إن الإضافة التي أتت بها الإشارة , كما أفهم , هي استحضار الصورة لتشاهدها العيون , فوضعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يده على فيه نقل المعنى من عالم الغيب إلى عالم الشهادة , وهذا من أرفع صور التوكيد فالناس الآن لا يسمعون الكلام , بل يرون صورة هذا الرجل الذي ألجمه عرقه , يرونه الآن أمام عيونهم , وهو يحاول النجاة , أو التخلص من هذا العرق بعد أن وصل إلى فيه , وأخذ بخناقه , ويكاد يسد أنفاسه , هكذا ينظر السامع إلى المعنى بعد إشارة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما اصطفاء هذا الصنف , أعني: الذي يلجمه العرق , لتصويره دون غيره ممن وصل العرق إلى كعبيه , أو ركبتيه ... الخ , فلأنه الأشد كرباً , والمقام مقام ترهيب من يوم القيامة , والسياق سياق زجر , فالشمس تدنو من الرؤوس , والكل في ضيق ووجل , فكان الأبلغ استخلاص أشد الصور نفوراً فكان من يلجمه العرق إلجاماً هو الأليق بالمقام فوقع التصوير بالإشارة عليه , لأن من رأى ليس كمن سمع.)
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=8532
ـ[أم العلماء]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 01:23 ص]ـ
أشكر لك استجابتك ياأستاذ جمال ...
وما أقصده في هذا العنوان هو الكشف عن وجوه البلاغة خلف تعريفات النبي صلى الله عليه وسلم والمنتشرة في حديثه
ومن ذلك حديث (أتدرون من المفلس؟)
وحديث (ليس الشديد بالصرعة)
وحديث (البر حسن الخلق والإثم ماحاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)
فتحديد المصطلحات مشكلة تواجه أهل العلم في كل ميدان فكيف حدد النبي بعض المصطلحات وما طريق التعبير؟
وعليه فطرق تحديد المصطلح في الأصل منهج بلاغي مستنبط من تعريفات النبي صلى الله عليه وسلم.
(أود الإشارة إلى أنني أعجبت بهذا الموضوع في مشاركة الأستاذ أبو أنس في منتدى الدراسات العليا)
أما ما أتحفتني به من بحث الدكتور سعيد جمعة فقد أعجبت به وبموضوعه، وإن لم أعثر على مراجع للموضوع السابق فسأجعل بحثي في هذا الموضوع الرائع إن شاء الله.
وجزاك الله خيرا ولا حرمك الأجر(/)
إعجاز القرآن / دراسة استطلاعية.
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 11:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
:::
وبعد فهذه دراسة استطلاعية في إعجاز القرآن، أقدمها بين أيديكم رداً على من يتشدقون ويتقعرون في هذا الموضوع، علني بفضل الله أصيب بها حقاً، وثواباً من عنده.
إعجاز القرآن الكريم
دراسة استطلاعية
كانت الكتابة في الإعجاز حصيلة جهود متعاونة متعددة، أسهم فيها علماء اللغة والنحو والبيان والكلام والأصول، كل هؤلاء وغيرهم بذلوا مشكورين، وكانت لهم لبنات في بناء صرح الإعجاز الشامخ. فالخليل بن أحمد، وسيبويه، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو زكريا يحيى الفراء، والشافعي، والأصمعي، والجاحظ وابن المعتز، وابن قتيبة، وكثير غيرهم. كان لهم دور لا ينسى.
وأقسم الدراسة إلى ثلاثة أدوار:
أ) اللمحات والإشارات.
ب) مرحلة الرسائل.
ج) مرحلة الكتب.
أ) الدور الأول: مرحلة الإشارات:
من أقدم الكتب التي أُلفت عن القرآن الكريم، يلك التي تتحدث عن معاني القرآن الكريم، وبين أيدينا كثير من هذه الكتب ومن أوائلها كتابان اثنان أحدهما
مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى. والثاني
معاني القرآن للفراء.
ونرجح ان هذين الكتابين كتبا في القرن الثاني للهجرة؛ لأن مؤلفيهما توفيا في أول القرن الثالث، وفي هذين الكتابين نجد البذور الأولى التي تحدثت عن أسلوب القرآن ونظمه وبخاصة الأول منهما، أعني مجاز القرآن، فهناك حديث عن التشبيه، والكناية، والإشارة، والتأكيد إلى غير ذلك مما كان الأساس الذي بنى عليه العلماء اللاحقون كثيراً من قضايا الإعجاز، ومن الخير أن نقرر أن قضية الأعجاز لم تقرر تقريراً مباشراً في هذين الكتابين، بل كان فيها إشارات ولمحات لم تذكر فيها كلمة الإعجاز، وجاء القرن الثالث فوجدنا فيه ظهور هذه الكلمة – أعني مصطلح الإعجاز – وكثيراً من الإشارات واللمحات في قضايا الإعجاز
كانت هذه الإشارات عند النظام المعتزلي، وتلميذه الجاحظ، وهما إمامان من أئمة الاعتزال، كما وجدناها عند إمام من أئمة السنة، وهو ابن قتيبة.
يتبع (1)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 01:43 ص]ـ
الأخ موسى ..
بارك الله فيك ..
وفي انتظار المزيد ..
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 06:24 ص]ـ
:::
النَّظَام:
أما النظام فلقد تحدث عن القرآن، من حيث هو دليل على صدق النبي:=، ولكنه يدل على صدق النبوة من حيث أخبار الغيب التي تضمنها، لا من حيث نظمه وأسلوبه ودقة ألفاظه وجودة معانيه، وهذا ما جعل العلماء يردون عليه فيما بعد.
ولقد عُرف ما ذهب النظام إليه فيما بعد بالقول بـ (الصرفة)، ومعناها أن الله عز وجل صرف العرب عن أن يأتوا بمثل القرآن، وإن كان ذلك مقدوراً لهم، لأنهم كانوا بلغاء بطبيعتهم، فصحاء بسليقتهم، فالنظام يرى أن القرآن دليل على النبوة لأنه من عند الله، لكن وجهة الدلالة عنده ما فيه من أخبار الغيب.
وليس غرضنا مناقشة الصرفة الآن، ولكن الذي نقرره أن القول بالصرفة كان بعيداً عن البيئة الإسلامية قبل النظام، وإن كان قد عُرف عند بعض الأمم الشرقية كالهنود، مما يجعلنا نرجح مطمئنين أن القول بالصرفة كان محاكاة لأولئك، ولذا لم يعرف قبل النظام.
ومهما يكن من أمر فلقد كان للنظام كلمات في الإعجاز، بقطع النظر عن الوجه المعجز للكتاب الكريم.
الجاحظ:
أما عن بلاغة القرآن ونظمه عند الجاحظ، فنجد ذلك في كتاب البيان والتبيين، وكتاب الحيوان، ويذكر انه قد ألف كتاباً في نظم القرآن، تحدث فيه عن مفردات القرآن، وبعض أساليب البيان التي اصطلح عليها فيما بعد بعلم البلاغة، وهذا الكتاب قد حرمنا منه ولم تسعد به المكتبة الإسلامية. وكل ما وصلنا منه شذرات وبعض عبارات، ذكرها هو في كتبه المتفرقة.
ونستطيع أن نلخص نظرية الإعجاز عند الجاحظ بما يلي:
1) القرآن بليغ من حيث ألفاظه المختارة المنتقاة، ومن حيث نظمه ورصفه، التي تقوم على إبداع في الإيجاز والتشبيه والمجاز.
2) القرآن معجز من حيث الصرفة، ولكنها تختلف كثيراً عن تلك التي ذكرها استاذه النظام من قبل، ولذا فهو يرد عليه في كتابه نظم القرآن، فأساس نظرية الإعجاز، وعمود القول فيه بلاغته أولاً، أما القول بالصرفة فإنما تأتي في المرتبة الثانية، فهو دليل يضاف إلى عجز العرب عن محاكاة القرآن في أسلوبه ونظمه.
لقد وضع الجاحظ بحق بذوراً لنظرية الإعجاز التي تطورت فيما بعد، وإن كانت جاءت موزعة في مواضع من كتبه ومؤلفاته.
ابن قتيبة:
ابن قتيبة إمام من أهل السنة، عرض في كتبه لكثير من أساليب القرآن، كما رد على الملاحدة والشعوبيين ــ شأنه شأن الجاحظ ــ، ومن كتبه الخاصة بالقرآن ((تأويل مشكل القرآن)) و ((غريب القرآن)) وتجده يتحدث عن التشبيه والإستعارة والمجاز، كما يتحدث عن قضيتي التكرار والزيادة، ويظهر على كتبه الطابع اللغوي، كما تظهر فيها بعض الإشارات البيانية، وبخاصة وهو يرد على اللغويين اللذين أنكروا المجاز، وعلى المعتزلة اللذين أفرطوا في التأويل، وليس له بحث مستقل في إعجاز القرآن.
هذا هو الدور الأول، والطور المتقدم من الأدوار الثلاثة التي مر بها الإعجاز، والتي أشرنا إليها من قبل، إنه طور الكلمات والإشارات.
يتبع ....
إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سارة]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 08:29 ص]ـ
شكرا لك أخي موسى على هذه الفوائد
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 10:46 م]ـ
هذا بعض ما عندكم، أخي أبا سارة، والعين ما تعلى على الحاجب.
ـ[أمين نايف ذياب]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 08:22 ص]ـ
سبحان الله العظيم وبحمده الكريم
لا إله إلا أنت
ونستطيع أن نلخص نظرية الإعجاز عند الجاحظ بما يلي:
1) القرآن بليغ من حيث ألفاظه المختارة المنتقاة، ومن حيث نظمه ورصفه، التي تقوم على إبداع في الإيجاز والتشبيه والمجاز.
2) القرآن معجز من حيث الصرفة، ولكنها تختلف كثيراً عن تلك التي ذكرها استاذه النظام من قبل، ولذا فهو يرد عليه في كتابه نظم القرآن، فأساس نظرية الإعجاز، وعمود القول فيه بلاغته أولاً، أما القول بالصرفة فإنما تأتي في المرتبة الثانية، فهو دليل يضاف إلى عجز العرب عن محاكاة القرآن في أسلوبه ونظمه.
لقد وضع الجاحظ بحق بذوراً لنظرية الإعجاز التي تطورت فيما بعد، وإن كانت جاءت موزعة في مواضع من كتبه ومؤلفاته.
أشهد أن لا إله إلا الله
رحماك ربي
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 09:11 ص]ـ
أبا ياسر سرتني اطلالتك.
لا تنسى يا أخانا العزيز ابا ياسر (أمين نايف ذياب).
أننا لا ننكر دور علماء المعتزلة في إعجاز القرآن -- مع خلافنا معهم في ما يذهبون إليه من آراء--، وعليه فلا احد ينكر دور الجاحظ، وما له من إيادٍ بيضاء في هذا المجال.
وكان الجاحظ رحمه الله شديد الإعجاب بالعربية، لغة القرآن، قويّ العارضة في ملاحقة الشعوبيين، والجاحظ في ذلك كله إمام لسن، يصدر عن سعة اطلاع، بتفكير سوي.
أما أخي أن تعيد نسخ ما ذكرته دون أن توضح المقصود فهذا خطأ إذ أنه قد يقصر فهمي المتواضع عن فهم ما عرَّضتم به، وقد يوقع هذا الأسلوب بعض القراء في الحيرة والريبة.
وما زال للحديث بقية.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[23 - 10 - 2005, 10:07 م]ـ
أرجو أن تكمل أخي موسى
ـ[معالي]ــــــــ[08 - 11 - 2005, 07:01 م]ـ
لو أكملت أستاذنا موسى ..
نحن بالانتظار
فيض تحية
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[26 - 11 - 2005, 10:56 م]ـ
الأخ الكريم موسى .. حرس الله نفسه .. وحقّق في كل خير ظنّه ..
لو أكملت لنا ما ابتدأته من رونق كلامك العالي ..
فإن الحديث الحسن لا يُملّ ..(/)
قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي ....
ـ[يوسف صباح]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 02:32 ص]ـ
أ عزائي
ما الإعجاز في قوله تعالى:
"قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً"
صدق الله العظيم(/)
ترتيب السور توقيفي (3)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 03:04 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد ثبت لدينا أن ترتيب الآيات ليس هكذا اعتباطاً، وأنه أمر توقيفي. ونكمل مشوارنا في هذه الحلقة الثالثة، فنضيف إليه ونقول: إن ما جرى في ترتيب السور لا يختلف عما جرى في ترتيب الآيات. وما حصل هنا إلا ما حصل هناك. فكما أن الآيات وُضعت في المصحف في مواضعها في أم الكتاب، فكذلك السور أيضاً ما وُضعت إلا في مواضعها منه. وكان جبريل عليه السلام هو الذي يحدّد للنبي صلى الله عليه وسلم مواضعها، ثم كان هو يحدّدها للصحابة.
فالمصاحف المتداولة في الأمّة ليست إلا على النسق الذي ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمّته. وما جاء في بعض الروايات من أنه كان يوجد في بعض مصاحف الصحابة اختلاف في ترتيب السور فلا يبعد أن يكون ذلك من وضع الأعداء، ولا يبعد أن يكون من محاولات التشكيك في القرآن الكريم.
ونأخذ مثلاً عليّاً وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، وهم من كبار الصحابة وعلماء القرآن، فهل يعقل أن يكون قد تمّ جمع القرآن وتدوينه في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - ثم نسخه في عهد عثمان - رضي الله عنه - بدون أن يفتح لهم مجال لكي يسهموا فيه أو يطّلعوا عليه؟ وهل يعقل أن يرمى بأقوالهم عرض الحائط إن كانت لهم أقوال في نسق السور وترتيبها؟ ثم إذا تمّ الإجماع من الصحابة على هذا الترتيب، فهل يعقل منهم الإصرار على مخالفة إجماع الصحابة ومخالفة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاحتفاظ بمصاحفهم المتغايرة في الترتيب للترتيب الثابت عند الجميع؟
تلك الملابسات تجعلنا نشكّ في صحّة الروايات التي توهم أنه كانت بأيدي بعض الصحابة مصاحف مخالفة لمصحف عثمان في الرسم والترتيب. ولو كان لعلي - كرّم الله وجهه - مصحفٌ مخالفٌ لمصحف أبي بكر وعثمان - رضي الله عنهما - في ترتيبه لعضّت عليه الشيعة بالنواجذ. ولكن الواقع أنه لم يعثر على هذا المصحف أحد وما رآه. ولقد رُوي عن محمد بن سيرين أنه قال: تطلّبت ذلك الكتاب وكتبتُ فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه.
ومن هنا نملك الجزم بأنه لم يكن في الأمّة قطّ قرآن غير هذا القرآن. ولم يُعرف له ترتيب غير هذا الترتيب. فإن هذا الترتيب من عند الله وليس من عند الناس، كما أن هذا القرآن من عند الله وليس من عند الناس.
وللإمام السيوطي نكتة لطيفة في هذا الباب، فإنه يستدلّ بنظم السور على أن ترتيبها توقيفي، يقول - رحمه الله: قلت: وما يدلّ على أنه توقيفي كون الحواميم رُتّبت ولاء وكذا الطواسين. ولم تُرتّب المسبحات ولاء. بل فُصل بين سورها. وفصل بين "طسم" الشعراء و"طسم" القصص بـ"طس" مع أنها أقصر منها. ولو كان الترتيب اجتهادياً لذُكرت المسبّحات ولاءً وأُخّرت "طس" عن القصص (الإتقان: ج1، ص63. وانظر: أسرار ترتيب القرآن، ص72).
وللإمام الزركشي أيضاً لفتة إلى هذا الجانب، حيث يقول: لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تُطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم (البرهان، ج1، ص260).
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 01:35 ص]ـ
وهنا نضع بحثا شيقا وتحقيقا جميلا لصاحبه السيد الميلاني دام فضله
_____________________________
مراحل جمع القرآن:
المتحصّل من جميع الروايات الواردة في جمع القرآن أنّ مراحل الجمع ثلاث:
الاَُولى: بحضرة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حفظاً وكتابةً، حيثُ حُفِظ في الصدور، وكُتِب على السطور في قراطيس وألواح من الرقاع والعسب واللخاف والاكتاف وغيرها. أخرج الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين، عن زيد بن ثابت، قال: «كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) نؤلّف ـ أي: نكتب ـ القرآن من الرقاع» (1)
الثانية: على عهد أبي بكر، وذلك بانتساخه من العسب والرقاع وصدور الرجال وجعله في مصحفٍ واحد.
الثالثة: ترتيب السور على عهد عثمان بن عفّان، وحمل الناس على قراءة واحدة، وكتب منه عدّة مصاحف أرسلها إلى الاَمصار، وأحرق باقي المصاحف.
____________
(1) المستدرك 2: 611.
===============
(84)
===============
(85)
جمع القرآن وشبهة التحريف
(يُتْبَعُ)
(/)
إنّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي أُثيرت حولها الشبهات، ودُسَّت فيها الروايات، وتذرّع بها القائلون بالتحريف فزعموا أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً، وأنّ كيفية جمعه بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مستلزمةٌ في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه، حيثُ إنّ العادة تقتضي فوات شيءٍ منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم.
قال الرافعي: «ذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظنّ والتأويل واستخراج الاَساليب الجدلية من كلِّ حكمٍ ومن كلِّ قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيءٌ حملاً على ماوصفوه من كيفية جمعه» (1).
إنّ امتداد زمان جمع القرآن إلى مابعد حروب اليمامة، كما نطقت به الروايات، وتضارب الاَخبار الواصفة لطريقة جمعه، أثارا الشبهة لدى الكثيرين، فعن الثوري أنّه قال: «بلغنا أنّ أُناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كانوا يقرأون القرآن، أُصيبوا يوم مسيلمة، فذهبت حروف من القرآن» (2).
إنّ حقيقة جمع القرآن في عهد الرسول الاَكرم (صلى الله عليه واله وسلم) تُعدّ من الحقائق التاريخية الناصعة، التي لا تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء وإثارة الشبهات، وتعدّ أيضاً ضرورةً ثابتةً تاريخياً دامغةً لكلّ الاَقاويل والشبهات، ولكل مادُسّ من الاَخبار والروايات حول هذه المسألة.
____________
(1) اعجاز القرآن: 41.
(2) الدر المنثور 5: 179.
===============
(86)
===============
(87)
أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)
أجمع علماء الاِمامية على أنّ القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأنّه (صلى الله عليه واله وسلم) لم يترك دنياه إلى آخرته إلاّ بعد أن عارض مافي صدره بما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة، وبما في مصاحف الذين جمعوا القرآن في عهده (صلى الله عليه واله وسلم)، وقد اعتُبِر ذلك بحكم ما علم ضرورة، ويوافقهم عليه جمعٌ كبيرٌ من علماء أهل السنة، وجميع الشواهد والاَدلة والروايات قائمةٌ على ذلك، واليك بعضها:
1 ـ اهتمام النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته بمجرد نزولها، وممّا روي من الحثّ على حفظه، قوله (صلى الله عليه واله وسلم): «من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه، أدخله الله الجنّة، وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار» (1) وفي هذا المعنى وحول تعليم القرآن أحاديث لا تحصى كثرة، فعن عبادة بن الصامت قال: «كان الرجل إذا هاجره دفعه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إلى رجلٍ منّا يعلّمه القرآن، وكان لمسجد رسول الله ضجّة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا» (2).
وقد ازداد عدد حُفّاظ القرآن بشكل ملحوظ لتوفر الدواعي لحفظه،
____________
(1) مجمع البيان 1: 85.
(2) مناهل العرفان 1: 234، مسند أحمد 5: 324، تاريخ القرآن للصغير: 80، مباحث في علوم القرآن: 121، حياة الصحابة 3: 260، مستدرك الحاكم 3: 356.
===============
(88)
ولما فيه من الحثّ من لدن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والاَجر والثواب الذي يستحقّه الحافظ عند الله تعالى، والمنزلة الكبيرة والمكانة المرموقة التي يتمتّع بها بين الناس، وحسبك ما يقال عن كثرتهم على عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وبعد عهده أن قُتِل منهم سبعون في غزوة بئر معونة خلال حياته (صلى الله عليه واله وسلم)، وقُتل أربعمائة ـ وقيل: سبعمائة ـ منهم في حروب اليمامة عقيب وفاته (صلى الله عليه واله وسلم)، وحسبك من كثرتهم أيضاً أنّه كان منهم سيّدة، وهي أمُّ ورقة بنت عبدالله ابن الحارث، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يزورها ويسمّيها الشهيدة، وقد أمرها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أن تؤمّ أهل دارها (1).
أمّا حفظ بعض السور فقد كان مشهوراً ورائجاً بين المسلمين، وكلّ قطعةٍ كان يحفظها جماعة كبيرة أقلّهم بالغون حدّ التواتر، وقلّ أن يخلو من ذلك رجلٌ أو أمرأةٌ منهم، وقد اشتدّ اهتمامهم بالحفظ حتى إنّ المسلمة قد تجعل مهرها تعليم سورة من القرآن أو أكثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 ـ لا يرتاب أحدٌ أنّه كان من حول الرسول الاَكرم (صلى الله عليه واله وسلم) كُتّاب يكتبون ما يملي عليهم من لسان الوحي، وكان (صلى الله عليه واله وسلم) قد رتّبهم لذلك، روى الحاكم بسندٍ صحيح عن زيد بن ثابت، قال: «كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) نؤلّف القرآن من الرقاع» (2).
وقد نصّ المؤرخون على أسماء كُتّاب الوحي، وأنهاهم البعض إلى اثنين وأربعين رجلاً، وكان (صلى الله عليه واله وسلم) كلّما نزل شيءٌ من القرآن أمر بكتابته لساعته، روى البراء: أنّه عند نزول قوله تعالى: (لا يستوي القاعدون من
____________
(1) الاتقان 1: 250.
(2) المستدرك 2: 611.
===============
(89)
المؤمنين (النساء4: 95) قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): «ادعُ لي زيداً، وقُل يجيء بالكتف والدواة واللّوح، ثمّ قال: اكتب (لا يستوي ... )» (1).
وكان (صلى الله عليه واله وسلم) يشرف بنفسه مباشرة على ما يُكْتَب ويراقبه ويصحّحه بمجرد نزول الوحي، روي عن زيد بن ثابت قال: «كنتُ أكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وكان إذا نزل عليه الوحي أخَذَتْهُ برحاء شديدة ... فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة، فأكتب وهو يُملي عليّ، فإذا فرغت قال: «اقرأه»، فأقرؤه، فإن كان فيه سقط أقامه، ثمّ أخرج إلى الناس» (2).
أمّا في مفرّقات الآيات فقد روي عن ابن عباس، قال: «إنّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» (3) وذلك منتهى الدقّة والضبط والكمال.
3 ـ روي في أحاديث صحيحة «أنّ جبرئيل كان يعارض رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) القرآن في شهر رمضان، في كلِّ عامٍ مرّة، وأنّه عارضه عام وفاته مرّتين» (4) وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يعرض ما في صدره على مافي صدور الحفظة الذين كانوا كثرة، وكان أصحاب المصاحف منهم يعرضون القرآن
____________
(1) كنز العمال 2: حديث 4340.
(2) مجمع الزوائد 1: 152.
(3) المستدرك 2: 222، الجامع الصحيح للترمذي 5: 272، تاريخ اليعقوبي 2: 43، البرهان للزركشي 1: 304، مسند أحمد 1: 57 و 69، تفسير القرطبي 1: 60.
(4) كنز العمال 12: حديث 34214، مجمع الزوائد 9: 23، صحيح البخاري 6: 319.
===============
(90)
على النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فعن الذهبي: «أنّ الذين عرضوا القرآن على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) سبعة: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن مسعود، وأُبي ابن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الاَشعري، وأبو الدرداء» (1).
وعن ابن قتيبة: «أنّ العرضة الاَخيرة كانت على مصحف زيد بن ثابت» (2)، وفي رواية ابن عبدالبرّ عن أبي ظبيان: «أنّ العرضة الأخيرة كانت على مصحف عبدالله بن مسعود» (3).
4 ـ وفي عديد من الروايات أنّ الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله إلى آخره، وكان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قد شرّع لهم أحكاماً في ذلك، وكان يحثّهم على ختمه، فقد روي عنه (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال: «إنّ لصاحب القرآن عند كلِّ ختم دعوةً مستجابةٍ» (4). وعنه (صلى الله عليه واله وسلم) قال: «من قرأ القرآن في سبعٍ فذلك عمل المقربين، ومن قرأه في خمسٍ فذلك عمل الصدّيقين» (5). وعنه (صلى الله عليه واله وسلم) قال: «من شهد فاتحة الكتاب حين يستفتح كان كمن شهد فتحاً في سبيل الله، ومن شهد خاتمته حين يختمه كان كمن شهد الغنائم» (6).
ومعنى ذلك أنّ القرآن كان مجموعاً معروفاً أوّله من آخره على عهد
____________
(1) البرهان للزركشي 1: 306.
(2) المعارف: 260.
(3) الاستيعاب 3: 992.
(4) كنز العمال 1: 513حديث 2280.
(5) كنز العمال 1: 538حديث 2417.
(6) كنز العمال 1: 524حديث 2430.
===============
(91)
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فعن محمد بن كعب القرظي، قال: «كان ممّن يختم القرآن ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حيّ: عثمان، وعليّ، وعبدالله بن مسعود» (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الطبرسي: «إنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وأُبي ابن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) عدّة ختمات» (2).
وروي عنه (صلى الله عليه واله وسلم) «أنّه قد أمر عبدالله بن عمرو بن العاص بأن يختم القرآن في كلِّ سبع ليالٍ ـ أو ثلاث ـ مرّة، وقد كان يختمه في كل ليلة» (3). وأمر النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) سعد بن المنذر أن يقرأ القرآن في ثلاث، فكان يقرؤه كذلك حتى تُوفي (4).
5 ـ كان الصحابة يدوّنون القرآن في صحف وقراطيس ولا يكتفون بالحفظ والتلاوة، فلعلك قرأت ما روي في إسلام عمر بن الخطّاب «أنّ رجلاً من قريش قال له: اختك قد صبأت؛ أي خرجت عن دينك، فرجع إلى اخته ودخل عليها بيتها، ولطمها لطمة شجّ بها وجهها، فلمّا سكت عنه الغضب نظر فإذا صحيفةٌ في ناحية البيت، فيها (بسم الله الرحمن الرحيم * سبّح لله مافي السموات والاَرض وهو العزيز الحكيم ... (الحديد57: 1) واطّلع على صحيفة أُخرى فوجد فيها (بسم الله الرحمن الرحيم * طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ... ) (طه20: 1) فأسلم بعدما وجد نفسه
____________
(1) الجامع لاَحكام القرآن 1: 58.
(2) مجمع البيان 1: 84.
(3) سنن الدارمي 2: 471، سنن أبي داود 2: 54، الجامع الصحيح للترمذي 5: 196، مسند أحمد 2: 163.
(4) مجمع الزوائد 7: 171.
===============
(92)
بين يدي كلامٍ معجزٍ ليس من قول البشر» (1)، وهذا يدلّ على أنهم كانوا يكتبون بإملاء الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وأن هذا المكتوب كان يتناقله الناس.
6 ـ جمع القرآن طائفة من الصحابة على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، هم أربعة على ما في رواية عبدالله بن عمرو، وأنس بن مالك (2)، وقيل: خمسة كما في رواية محمد بن كعب القرظي (3)، وقيل: ستة كما في رواية الشعبي (4)، وكذا عدّهم ابن حبيب في (المحبّر) (5)، وأنهاهم ابن النديم في (الفهرست) إلى سبعة (6)، وليس المراد من الجمع هنا الحفظ، لاَنّ حفّاظ القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كانوا أكثر من أن تُحصى أسماؤهم في أربعة أو سبعة، كما تقدّم بيانه في الدليل الاَول، وفيما يلي قائمة بأسماء جُمّاع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهي حصيلةٌ من جميع الروايات الواردة بهذا الشأن؛ وهم:
1 ـ أُبي بن كعب. 2 ـ أبو أيوب الاَنصاري. 3 ـ تميم الداري. 4 ـ أبو الدرداء. 5 ـ أبو زيد ثابت بن زيد بن النعمان. 6 ـ زيد بن ثابت. 7 ـ سالم
____________
(1) الموسوعة القرآنية 1: 352.
(2) مناهل العرفان 1: 236، الجامع لاَحكام القرآن 1: 56، أُسد الغابة 4: 216، الجامع الصحيح 5: 666.
(3) طبقات ابن سعد 2: قسم 2 | 113، فتح الباري 9: 48، مناهل العرفان 1: 237، حياة الصحابة 3: 221.
(4) طبقات ابن سعد 2: قسم 2 | 112، البرهان للزركشي 1: 305، الاصابة 2: 50، مجمع الزوائد 9: 312.
(5) المحبر: 286.
(6) الفهرست: 41.
===============
(93)
مولى أبي حذيفة. 8 ـ سعيد بن عبيد بن النعمان، وفي الفهرست: سعد. 9 ـ عبادة بن الصامت. 10 ـ عبدالله بن عمرو بن العاص. 11 ـ عبدالله بن مسعود. 12 ـ عبيد بن معاوية بن زيد. 13 ـ عثمان بن عفان. 14 ـ عليّ بن أبي طالب. 15 ـ قيس بن السكن. 16 ـ قيس بن أبي صعصعة بن زيد الانصاري. 17 ـ مجمع بن جارية. 18 ـ معاذ بن جبل بن أوس. 19 ـ أُمّ ورقة بنت عبدالله بن الحارث، وبعض هؤلاء كان لهم مصاحف مشهورة كعليّ (عليه السلام) وعبدالله بن مسعود.
7 ـ إطلاق لفظ الكتاب على القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته الكريمة، ولا يصحّ إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور، بل لابدّ أن يكون مكتوباً مجموعاً، وكذا ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم): «إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي» (1)، وهو دليلٌ على أنّه (صلى الله عليه واله وسلم) قد تركه مكتوباً في السطور على هيئة كتاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
8 ـ تفيد طائفة من الاَحاديث أنّ المصاحف كانت موجودة على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عند الصحابة، بعضها تامّ وبعضها ناقص، وكانوا يقرأونها ويتداولونها، وقرر لها الرسول الاَكرم (صلى الله عليه واله وسلم) طائفةً من الاَحكام، منها:
عن أوس الثقفي، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): «قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك ألفي درجة» (2).
____________
(1) صحيح مسلم 4: 1873، سنن الترمذي 5: 662، سنن الدارمي 2: 431، مسند أحمد 4: 367 و 371 و 5: 182، المستدرك 3: 148.
(2) مجمع الزوائد 7: 165، البرهان للزركشي 1: 545.
===============
(94)
وعن عائشة، عن رسولالله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: «النظر في المصحف عبادة» (1)
وعن ابن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: «أديموا النظر في المصحف» (2).
وعن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): «أعطوا أعينكم حظّها من العبادة، قالوا: وما حظّها من العبادة، يا رسول الله؟ قال: النظر في المصحف، والتفكّر فيه، والاعتبار عند عجائبه» (3).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم): «أفضل عبادة أُمّتي تلاوة القرآن نظراً» (4).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم): «من قرأ القرآن نظراً مُتّع ببصره مادام في الدنيا» (5). وكلّ هذه الروايات تدلّ على أنّ إطلاق لفظ المصحف على الكتاب الكريم لم يكن متأخّراً إلى زمان الخلفاء، كما صرحت به بعض الروايات، بل كان القرآن مجموعاً في مصحف منذ عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم).
ونزيد على ماتقدّم أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان لديه مصحف أيضاً، ففي حديث عثمان بن أبي العاص حين جاء وفد ثقيف إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال عثمان: «فدخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فسألته مصحفاً كان عنده
____________
(1) البرهان للزركشي 1: 546.
(2) مجمع الزوائد 7: 171.
(3) كنز العمال 1: حديث 2262.
(4) كنز العمال 1: حديث 2265 و 2358 و 2359.
(5) كنز العمال 1: حديث 2407.
===============
(95)
فأعطانيه» (1)، بل وترك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مصحفاً في بيته خلف فراشه ـ لاحسبما صرحت به بعض الروايات ـ مكتوباً في العسب والحرير والاَكتاف، وقد أمر عليّاً (عليه السلام) بأخذه وجمعه، قال الاِمام عليّ (عليه السلام): «آليت بيمينٍ أن لا أرتدي برداء إلاّ إلى الصلاة حتّى أجمعه» (2). فجمعه (عليه السلام)، وكان مشتملاً على التنزيل والتأويل، ومرتّباً وفق النزول على ما مضى بيانه.
وجميع ما تقدّم أدلّةٌ قاطعة وبراهين ساطعة على أنّ القرآن قد كتب كله على عهد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) تدويناً في السطور علاوة على حفظه في الصدور، وكان له أوّل وآخر، وكان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يشرف بنفسه على وضع كلّ شيءٍ في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه، إذن فكيف يمكن أن يقال إنّ جمع القرآن قد تأخّر إلى زمان خلافة أبي بكر، وإنّه احتاج إلى شهادة شاهدين يشهدان أنّهما سمعاه من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)؟
____________
(1) مجمع الزوائد 9: 371، حياة الصحابة 3: 244.
(2) كنز العمال 2: حديث 4792.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 03:45 ص]ـ
الأخ حبيب سلّمه الله ..
لسنا بحاجة لأن تنقل لنا ما يقوله علماؤك ..
فوالله إن بأيدينا من التراث العلمي الذي خلفه لنا علماؤنا الكفاية ..
فهل عندك أمراً يخالف ما طرحناه؟ وباختصار إن أمكن؟
ـ[حبيب]ــــــــ[23 - 10 - 2005, 03:01 ص]ـ
الاخ لؤي صحيح ان الشيعة اثقل خلق الله عليك
ولكن البحث العلمي يقتضي ان تتحمل الاراء المخالفة لك
ولاتقل لا لا اريد ان اسمع حيث انا لسنا في مقام ان تتعبد بما ذكرناه.
فالخلاصة انت ترى ان جمع الايات في مواضعها من السور بحيث ترجع كل اية اية الى موضعها في سورتها وفي موضعها من السورة نفسها بحيث لا تسبق اية هي متقدمة ولا تتأخر عن اية هي متاخرة.
وذكرت ان الامر توقيفي.
سؤالنا من اوقفه وما هو دليلك وما هو دليل الموقف الم يكن النبي اوقفه.
(يُتْبَعُ)
(/)
طبعا انت ترى ان الخلفاء جمعوه فهل الخلفاء اوقفوه وهل ايقافهم حجة على الامة وما الدليل انهم حجة على الامة؟!؟
هذه امور لابد من الانتهاء منها قبل ان تقرر انه توقيفي وتنفي على اساسها التواتر الحجة عن النبي صلى الله عليه واله.
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[23 - 10 - 2005, 03:44 ص]ـ
اللا حبيب، خذ هذا الرد، وبه اعتد، وإلى الله ثُب وعُد، ولا تتعد الحد:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) صدق الله العظيم.1) السياق القرآني دل بلا أدنى شك على ان المخاطب هو نساء النبي، وهو ظاهر لا عِوج فيه، منذ بداية الآية 28 وحتى بداية الآية 34. وبالنسبة لآية التطهير لم تأتي كآية مستقلة مما دل على أنها حقاً جزءً من نفس الآية التي وردت في سياقها ومطلعها خطاب لنساء النبي: وقرن ... ، وجاءت الآية التي تليها 34 مصدرة بخطاب لنساء النبي واذكرن .... ،وعليه يظهر للناظر في القرآن الكريم الذي أنزل على سيدنا محمد:= المحفوظ في الصدور قبل السطور، أكرر في الصدور قبل السطور، وقد قرأه سيدنا محمد في آخر عام قبل وفاته مرتين على جبريل الأمين، مما دل وأكد وبكل جلاء للعقلاء أن القرآن هو القرآن وهو عينه الذي نزل على محمد، ولا ننسى للحظة أن الله حفظه بنص القرآن -المثبت في قرآننا- {{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}}، فحفظ الله و وأعز وأدرى وأعلم بماسيؤول إليه المسلمون من خلاف ومن لأواء، أقول فحفظ الله كتابه قرآة وكتابة وترتيباً (سوره وآياته). وذلك كله من حفظه تعالى، ولو قال قائل لقد حفظ الله القران نصا لا ترتيباً، لترتب على هذا ضياع إعجاز القرآن، إذ أنه لوأبدلنا حرفا مكان حرف لضاع الإعجاز من القرآن، أو كلمة مكان كلمة، فكيف بآية مكان آية أخرى. وهذه عقيدتنا في القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بن يديه ولا من خلفه.
2) في تفسير الآية، وأول المفسرين في اعتقادنا هو من دعا له رسول الله: اللهم علمه التأويل. وهو ابن عباس رضي الله عنهما، وهما من آل البيت عليهم صلوات من الله وسلام. وهو حبر الأمة ونعم الترجمان للقرآن (ابن عباس) رضي الله عنهما. وقد عاصر النبي.
يقول ابن عباس في تفسير هذه الآية: إن أهل البيت المذكورين في الآية هُنَّ زوجات النبي خاصة. وقال بهذا التفسير كل من عكرمة وعطاء والكلبي ومقاتل وسعيد بن جبير
وقالوا المراد بالبيت بيت النبي ومساكن زوجاته لقوله تعالى {{واذكرن ما يتلى في بيوتكن}}.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الذين قالوا أن المقصود هم فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم صلوات من الله وسلام، فهم: أبو سعيد الخدري، ومجاهد، وقتادة. فحجتهم في ذلك أن الخطاب في الآية بما يصلح للذكور لا للإناث، وهو قوله {{عنكم وليطهركم}} ولو كان للنساء لقال: عنكن وليطهركن. والإجابة عليه: أن التذكير هنا باعتبار لفظ الأهل كما قال سبحانه {{أتعجبين من أمر الله * رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت}}. وكما يقول الرجل لصاحبه كيف أهلك؟ يريد زوجته أو زوجاته. فيقول هم بخير، ولا يقول هن بخير.
3) أما بالنسبة للأحاديث النبوية الشريفة، ففيها عدة روايا أذكر منها روايتين:
أ-- الرواية التي ذكرها الأخ جمال والتي، يقول فيها الحبيب محمد لأم سلمة، وأنت من أهل بيتي، وهذا الحديث ليدل دلالة قاطعة على أن نساء النبي من أهل بيته الشريف المطهر. أما حديث أنت إلى خير مرتين، فلا يفهم من هذا الجواب أن النبي وعدم إدخاله لأمنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، أنها ليست من أهل البيت. لا منطوقاً ولا دلالة.
ب-- أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في (سننه) عن واثلة بن الأسقع قال: ((جاء رسول الله إلى فاطمة، ومعه علي، وحسن، وحسين حتى دخل، فأدنى علياً وفاطمة، واجلسهما بين يديه، واجلس حسناً وحسيناً كل واحدِ منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه، وانا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
. وقال "اللهم هؤلاء اهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قلت يا رسول الله، وأنا من اهلك؟ قال: وأنت من أهلي. ". قال واثلة: إنه لأرجا ما أرجوه.)). والحديث له طرق في مسند أحمد.
فكيف بالحبيب محمد:= يُلحق واثلة بأهل البيت، وتخرجون أيها الشيعة أم المؤمنين أم سلمة من أهل البيت؟! وكما لا ننسى ان محمد قد ألحق سليمان الفارسي بآل البيت.
من كل ما سبق يظهر الحق. ولا زيادة لمزيد، اللهم إلا إذا اتخذ من إلهه هواه، واتبع ما تتلو الشياطين، شياطين الإنس والجن.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
وإن في ردود الأخوة لؤي وجمال شفاءً من كل داء. ولكن كما يقال: (فالج لا تعالج).
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 10 - 2005, 03:57 ص]ـ
الأخ حبيب ..
مراعاة لما بيّن الأخ القاسم - حفظه الله - فلن أكون من المبادرين في الطعن في الأشخاص ..
ثم أقول: لقد بيّنت لك أن الذي جمع هذا القرآن هو الله تبارك وتعالى، قال عزّ من قائل: " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ". كما أنه سبحانه تكفّل بحفظه، قال تعالى جدّه: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " (الحجر: 9). وهذا أمر لا نشكّ فيه ..
كما أن الله سبحانه وتعالى قدّر وشاء بحكمته أن يتمّ هذا الجمع على أيدي ملائكة البشر من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. فإن كنت أنت تشكّك في أحد منهم، فهذه مشكلتك، وليست مشكلتي .. ثم إن هذا لا علاقة له بالبحث العلمي والجدّي الذي لطالما بهرت أعيننا به من كثرة تكرار هذه العبارة في مداخلاتك .. وكأننا لا نعتمد المصادر العلمية الموثقة فيما نسوقه من كلام.
ولئن أردت بعد هذا أن أذكر لك روايات تقطع بأن ترتيب السور في مصحفنا ليس من عمل الصحابة الذي تصدّوا لجمع القرآن، وإنما هو ممّا تلقّوه من رسولهم صلى الله عليه وسلم. فلك ما طلبت.
إقرأ ما يلي:
عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: " إنهن من العِتاق الأول وهن من تِلادي " (صحيح البخاري مع فتح الباري: 9\ 37، باب تأليف القرآن).
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي قال: كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف. فذكر الحديث وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طرأ عليِّ حزبي من القرآن فأردت ألا أخرج حتى أقضيه ". قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: كيف تحزّبون القرآن؟ قالوا: " نحزّبه ثلاثَ سور وخمسَ سور وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصّل من (ق) حتى نختم " (رواه أبو داوود في باب تحزيب القرآن رقم 1393، وأخرجه ابن ماجة في إقامة الصلاة باب في كم يستحب أن يختم القرآن رقم 1345).
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة. كانوا يقرؤون قراءة العامّة. وهي القراءة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قُبض فيه. وكان على طول أيامه يقرأ مصحف عثمان رضي الله عنه ويتّخذه إماماً. ثم قال: وقرأ زيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفّاه الله فيه مرتين. وإنما سُمّيت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه. وشهد العرضة الأخيرة. وكان يقريء الناس بها حتى مات. ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه وولاه عثمان كتبة المصاحف رضي الله عنهم أجمعين (شرح السُنّة: 4\ 525 - 526).
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما ينزل عليه من السور يذكر فيها كذا وكذا فإذا أنزلت عليه يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا. فإذا نزلت عليه السورة يقول: ضعوا هذه في موضع كذا وكذا (السنن الكبرى للبيهقي: 2\ 42).
وهناك من الروايات ما لا يُحصى .. ولئن شئت سقتها لك بالتفصيل. مع أن الروايات التي عرضتها لك صريحة جازمة بأن السور في مصاحفنا هذه على نفس الترتيب الذي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه الصلاة والسلام هو الذي حدّد لكل سورة مكانها في المصحف حسبما أمره جبريل عليه السلام.
أما رواية ابن مسعود رضي الله عنه، فوجه الدلالة فيها أن السور جاءت فيها نسقاً كما هي في المصحف الآن.
وأما رواية أوس فهي أيضاً واضحة في دلالتها .. فإن عدد السور من البقرة إلى الحجرات ثمانية وأربعون. ومجموع عدد السور المحزّبة في الرواية أيضاً ثمانية وأربعون. فهذه دلالة حاسمة على أن ترتيب السور لم يختلف شيئاً عما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما رواية أبي عبد الرحمن السلمي، فهي تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس مع جبريل عليه السلام في كل رمضان وكان يقرأ عليه كل ما نزل عليه من القرآن. فلما كان عامه الأخير عرض عليه القرآن كله مرتين. وكانت العرضة الأخيرة تضمّ معهما زيدَ بن ثابت رضي الله عنه.
فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض السور على جبريل عليه السلام بدون ترتيب، وكان يسردها سرداً كيفما اتفق؟ أك كان هناك ترتيب محكم وحكيم يلتزمه في كل مرة؟ ثم إذا كان معهما زيد في العرضة الأخيرة، وسمع القرآن كله من رسول الله صلى الله عليه وسلم بترتيب خاصّ ونسق معيّن في سوره وآيه، فهل يتصوّر عنه أن يعدل عن ذلك الترتيب حين وُكّل إليه جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه؟
وأما الرواية الأخيرة وهي رواية عثمان رضي الله عنه، فهي أيضاً صريحة في هذا المعنى، فإنها تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يبيّن موضع كل سورة في المصحف بعدما كان ينجلي عنه الوحي. وكان يبيّن حسبما كان يعلّمه شديد القوى عليه السلام.
وهذا كله يلزمنا أن نقول - وبكل طمأنينة: لم يكن في الأمة قط قرآن غير هذا القرآن. ولم يُعرف له ترتيب غير هذا الترتيب. فإن هذا الترتيب من عند الله، كما أن هذا القرآن من عند الله. ولو كره بعض المعاندين .. ولا أقول من الشيعة - كما تفضلتم - أخي حبيب .. بل أيضاً من المستشرقين عرباً ونصارى ويهود، وكل من أراد الطعن في مصدر القرآن الإلهي ..
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[23 - 10 - 2005, 05:24 ص]ـ
"لقد بيّنت لك أن الذي جمع هذا القرآن هو الله تبارك وتعالى، قال عزّ من قائل: " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ". كما أنه سبحانه تكفّل بحفظه، قال تعالى جدّه: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " (الحجر: 9). وهذا أمر لا نشكّ فيه ..
كما أن الله سبحانه وتعالى قدّر وشاء بحكمته أن يتمّ هذا الجمع على أيدي ملائكة البشر من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. فإن كنت أنت تشكّك في أحد منهم، فهذه مشكلتك، وليست مشكلتي."
[ line]
أخي لؤي
أن المشكلة الحقيقية أنهم يؤمنون بتحريف القرآن حتى ولو أنكروا، ثم هم يكفرون الصحابة حتى ولو جحدوا.
وهنا كل المشكلة
.
لذا لا يجدي معهم النقاش العلمي، ولقد بانت لهم الحقيقة فعموا وصموا.
والله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حبيب]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 05:30 م]ـ
زغاريد اعلم انك ممن طمس على قلبه
لقد عممت فالله على شهيد
ما بال هذه البسملة العظيمة لا تقرؤنها في صلاتكم عند كل سورة سورة ولو كانت جزءا من السورة لقرأتموها
لإانتم ترونها زائدة والقول بالزيادة في كتاب الله العظيم مخالف للاجماع عند قاطبة السلمين وانتم تكفرون المخالف للاجماع.
فخذها اليك.
الاخ لؤي لو كنت تريد نقاشا علميا فتعالى الى حيث تجد حبيب الاسدي في شبكة هجر واطرح ما شئت فلست رعديدا اخشى من كل طرح مخالف لني من قوم لايعبؤون بنشر كتب اعلامكم بين عوامنا فضلا عن اعلامنا.
وهناك اعد ما كتبته وسوف تجد قوما يكرمون الضيف ولايخشون مما يكتبه المخالف ابدا.
فلقد قررت ترككم في سوحكم الخائفة والتي اجتمعت على البغض لكل شيعي وان كنت احقر واصغر من ان اكون شيعيا فهذه درجة عظيمة لايبلغها امثالي.
ق
ـ[أيمن الدوسري]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 06:54 م]ـ
فلقد قررت ترككم في سوحكم الخائفة والتي اجتمعت على البغض لكل شيعي وان كنت احقر واصغر من ان اكون شيعيا فهذه درجة عظيمة لايبلغها امثالي.
مع السلامة
ونرجو الا يكون هذا مجرد كلام
ففي كل مرة تقول الوداع ثم تعود
والحمد لله رب العالمين
ـ[أبو سارة]ــــــــ[25 - 10 - 2005, 08:16 م]ـ
ما بال هذه البسملة العظيمة لا تقرؤنها في صلاتكم عند كل سورة سورة ولو كانت جزءا من السورة لقرأتموها
لإانتم ترونها زائدة والقول بالزيادة في كتاب الله العظيم مخالف للاجماع عند قاطبة السلمين وانتم تكفرون المخالف للاجماع.
ق
يا أستاذ حبيب، مسألة عدم الجهر بالبسملة ليس معناه عدم قراءتها في الصلاة، ولوصحت "عقلانيتك" ببطلان الصلاة على هذا الوجه، لحجك من يقول ببطلان كل من صلاتي الظهر والعصر لعدم الجهر بهما.
مالكم كيف تحكمون
الأستاذ: لؤي سلمه الله
إذا رغبتَ بتنقيح موضوعك من الزيادات، فالأمر لك حفظك الله.
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[27 - 01 - 2007, 12:50 ص]ـ
إن لم يكن هناك مانع من الرفع يرفع للفائدة، ولبيان أن البقاء للحجة الدامغة، والدليل الأقوى الموافق للكتاب والسنة.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[04 - 02 - 2007, 11:07 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه يا إخوان أول مشاركة لي في هذا المنتدى
فعلا - روعة بمعنى الكلمة
جزى الله القائمين عليه خير الجزاء
أخي الحبيب " لؤي الطيبي "
أين أجد القسم الأول و الثاني من هذا الموضوع - بارك الله فيك؟
/////////////////////////////////////////////////
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 02 - 2007, 02:19 م]ـ
أخي الفاضل "الإسلام ديني" ..
السلام عليكم ورحمة الله ..
أرحب بك كعضو معنا في منتديات الفصيح، ونأمل لك النفع والفائدة ..
وإليك ما طلبتَ ..
- جمع القرآن وتدوينه في ضوء القرآن (1) ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=8554) ..
- ترتيب الآيات توقيفي (2) ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=8552) ..
دمت برعاية الله ..(/)
ترتيب الآيات توقيفي (2)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 03:04 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه هي الحلقة المفتوحة الثانية للتداول في مسألة جمع القرآن الكريم وترتيب سوره وآيه.
وهناك من صحيح الآثار ما يؤكّد لنا أن القرآن الذي بين أيدينا هو نفسه عند الله تعالى في أم الكتاب، وأن الصحابة رضي الله عنهم تلقّوه من نبيّهم بنظمه وترتيبه، ثم أدّوه إلينا كما أخذوه من غير تقديم فيه ولا تأخير.
وتلك الروايات توقفنا أمام الحقائق الآتية:
أولاً: ترتيب الآيات ليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان جبريل عليه السلام هو الذي يحدّد لكل آية مكانها طبقاً لما في اللوح المحفوظ. ثم هو الذي كان يعلمه بنهاية السورة إذا انتهت.
ثانياً: كان من شدّة محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الترتيب أنه كان يملي الوحي على كتّابه ويعلمهم بمكانه بعدما ينجلي عنه مباشرة.
ثالثاً: التزم الصحابة رضي الله عنهم بهذا الترتيب التزاماً كاملاً.
رابعاً: كان هذا الترتيب مألوفاً للجميع. ولذلك نرى النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بالإشارة، فيقول: "آخر سورة البقرة" أو "أول سورة الكهف" أو "آخر سورة النساء، وما إلى ذلك.
خامساً: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سوراً كاملة ومرتّبة في صلاته، وكان يقرأها بمشهد من الصحابة، ومن المستحيل أن يرى الصحابة رضي الله عنهم شدّة اهتمامه عليه الصلاة والسلام بترتيب الآيات، ثم يتساهلوا قيه أو ينصرفوا عنه إلى غيره.
وبناءً على تلك الحقائق الظاهرة لم يكن للأمّة إلا أن تُجمع أن هذا القرآن طبقٌ لأصله في اللوح المحفوظ. وقد حصل ذلك فعلاً ولله الحمد.
قال الإمام البغوي: الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم من غير أن زادوا فيه أو نقصوا منه شيئاً. إنهم كتبوه كما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن قدموا شيئاً أو أخروا أو وضعوا له ترتيباً لم يأخذوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقّن أصحابه ويعلمهم ما ينزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل صلوات الله عليه إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تُكتب عقيب آية كذا في السور التي يذكر فيها كذا. فترتيب النزول غير ترتيب التلاوة. وكان هذا الاتفاق من الصحابة سبباً لبقاء القرآن في الأمّة رحمة من الله عزّ وجلّ على عباده وتحقيقاً لوعده في حفظه.
(شرح السنة، ج4، ص521 - 523).
وقال القاضي أبو بكر: ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم، فقد كان جبريل يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا.
(البرهان، ج1، ص256).
وقال الإمام الزركشي: فأما الآيات في كل سورة ووضع البسملة أوائلها فترتيبها توقيفي بلا شك، ولا خلاف فيه ولهذا لا يجوز تعكيسها.
(البرهان، ج1، ص256).
وقال الإمام السيوطي: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي ولا شبهة في ذلك.
(الإتقان، ج1، ص60).
ـ[حبيب]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 01:26 ص]ـ
بحث مقصده جميل ولكن الطريق له شائك فيجب تجريده من الاشواك كي تتجلى الحقيقة ناصعة بلا ريب.
بعض ما ذكره الاخ لؤي وفقه الله استحساني صرف
وحاول تعزيزه بإسحسانات اخر من اقوال بعض اهل العلم ولكن نعطيكم اقتباسا:
جمع القرآن في عهد عثمان
روى البخاري عن أنس: «أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الاَُمّة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن، فأكتبوه بلسان قريش، فإنّه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا، وأمر
(يُتْبَعُ)
(/)