أعلم في الصدقة أحسن منه، وفي هذا الحديث دليل على أن الأوقاص ليس فيها شيء. وروى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم: (من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصَّدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده، وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين). وأخرج الدارقطني عن عبيد الله بن صخر قال: عهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله أهل اليمن أنه ليس في الأوقاص شيء، وفي السنن نحوه من حديث ابن عباس، والوقص ما بين الفريضتين، كما بين خمس وعشر من الإبل يستعمل فيما لا زكاة فيه كأربع،ولأبي داود والنسائي وأحمد وغيرهم، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً: (في كل سائمة إبل، في أربعين بنت لبون .. )، والسائمة الراعية، قال الجوهري وغيره: سامت الماشية رعت، وأسمتها: أخرجتها للمرعى، وتكلم بعض أهل العلم في بهز، وقال ابن معين: سنده صحيح، وحكى الحاكم الاتفاق على تصحيح حديث بهز عن أبيه عن جده.
وأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين، فيجب فيها تبيع، أو تبيعة:وهي التي لها سنة، وفي أربعين مسنة: وهي التي لها سنتان، وفي الستين تبيعان أو تبيعتان، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة. والأصل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة) رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه النسائي وابن حبان والحاكم. زاد أبو داود: (وليس في العوامل صدقة) صححه الدارقطني والمعنى ليس في التي يسقى عليها ويحرث عليها وتستعمل في الأثقال زكاة. وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة، وشرط السوم في إيجاب الزكاة في البقر مقيس على ما ثبت في الإبل والغنم من حديث أنس عبد البخاري وحديث بهز المتقدم.
وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين، فتجب فيها شاه إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان، إلى مئتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شاه، في كل مائة شاة:شاة، ويؤخذ من المعز الثني ومن الظأن الجذع ولا يؤخذ تيس ولا هرمة ولا ذات عوار: وهي المعيبة ولا الربا: وهي التي تربي ولدها، ولا الحامل ولا كرائم المال إلا أن يشاء ربه، والأصل في ذلك ما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب الصدقات الذي كتبهُ لهُ أبو بكر الصديق رضي الله عنه لّما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها: (هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين .. )، وذكر الإبل، قال: ( .. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق) رواه البخاري وأهل السنن وغيرهم. ولأبي داود وغيره من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((… لا نعطي الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خياره، ولم يأمركم بشراره)).
انتهى الحديث. وتؤخذ مريضة من مراضٍ إجماعاً، وكذا معيبة من معيبات؛ لأن الزكاة مواساة ودلت الأحاديث أنها تخرج من أوساط المال، لا من خياره، ولا من شراره.
وأما الخارج من الأرض فيشمل:
(يُتْبَعُ)
(/)
الحبوب، والثمار، والمعدن، والركاز، وفيما يلي تفصيل الكلام على ذلك:
1 - الحبوب والثمار:
تجب الزكاة في الحبوب وفي كل ثمر يكال ويدخر، ويعتبر لوجوبها في الحبوب والثمار شرطان:
أحداهما: أن تبلغ نصاباً قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه، ونصف العشر فيما سقي بكلفة؛ كالمكائن، فإن كن يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر أعتبر الأكثر، فإن جهل المقدار وجب العشر، وإذا أشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة، سواء خرصت أم لم تخرص، ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً، وينبغي أن يبعث الإمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمر، فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه، فإن كان أنواعاً خرص كل نوع وحده، وإن كان نوعاً واحداً خرص كل شجرة وحدها، وله خرص الجميع دفعة واحدة، ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث، أو الربع، فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بعد ذلك ولا يحسب عليه، ولا تجب الزكاة في الخضراوات، والأصل في ذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)، وقال تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، قال ابن عباس وغيره: حقه الزكاة المفروضة.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))، متفق عليه، ولمسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من ثمر ولا حب صدقة))، ولأبي داود: ((زكاة)).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر))، رواه البخاري وغيره، ولمسلم من حديث جابر: ((وفيما سقي بالسانية نصف العشر)).
وعن عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً) رواه الخمسة.
وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع))، رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس في الخضراوات صدقة)) رواه الترمذي وغيره.
وللدارقطني عن علي وعائشة رضي الله عنهما معناه، وقال الترمذي: لا يصح في شيء، والعمل عليه عند أهل العلم أنه ليس في الخضراوات صدقة، وقال البيهقي: إلا أنها من طريق مختلفة يؤكد بعضها بعضاً، ومعها أقوال الصحابة، وقال الخطابي يستدل بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة أنها لا تجب في الخضراوات، وهو دليل في أنها إنما تجب فيما يوسق ويدخر من الحبوب والثمار دون مالا يكال ولا يدخر من الفواكه والخضراوات ونحوها وعليه عامة أهل العلم.
وأما النقدان فالذهب والفضة:
ولا تجب الزكاة في الذهب حتى تبلغ عشرين مثقالاً، فيجب فيه نصف مثقال، ولا يجب في الفضة حتى تبلغ مئتي درهم، ومقدارها بالمثاقيل مائة وأربعون مثقالاً فيجب فيها خمسة دراهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ? يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) متفق عليه، وعن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا الصدقة الرقة من كل أربعين درهماً درهماً وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيهما خمسة دراهم)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفي لفظ: ((قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق وليس فيهما دون المائتين زكاة)) رواه أحمد والنسائي.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) الحديث رواه أحمد ومسلم.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار)) رواه أحمد أبو داود.
يجب في الركاز الخمس؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه: ((وفي الركاز الخمس)) متفق عليه، والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية علبه علامتهم.
وأما عروض التجارة فما أعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوًّم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة، والأصل في ذلك قواه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) يعني بالتجارة، قاله مجاهد وغيره. وقال البيضاوي وغيره أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة.
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) والتجارة داخلة في عموم الأموال ففيها حق مقداره بينه صلى الله عليه وسلم وهو ربع العشر، ومال التجارة أهم الأموال، فكانت أولى بالدخول في الآية من سائر الأموال، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) رواه أبو داود.
وقال عمر لحماس: أد زكاة مالك. فقال: ما لي إلا جعاب وأدم. فقال: قومها وأد زكاتها. وقد أحتج الإمام أحمد رحمه الله بهذه القصة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد أحتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)) متفق عليه. قال النووي وغيره فيه وجوب زكاة التجارة، وإلا لما أعتذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وللبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) قال النووي وغيره: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.
ثالثاً: وجوب الزكاة:
لا تجب إلا بشروط خمسة: الإسلام، والحرية، وملك نصاب، وتمام الملك، ومضي الحول، إلا في الخارج من الأرض فكما سبق ذكره، وكذلك نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إذا بلغ نصاباً، وإن لم يكن نصاباً فحوله يبتديء من حيت يتم نصاباً.
رابعاً: المصارف:
مصارف الزكاة ثمانية أصناف، ذكرها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 9) صفحة (167 - 184
س / ما حكم القنوت في صلاة الفجر وكذا في صلاة الوتر؟
ج / صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في النوازل وكان يدعوا في قنوته على الكافرين ويدعوا للمستضعفين من المسلمين بالخلاص والنجاة من كيد الكافرين وأسرهم ثم ترك ذلك ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم فرضاً دون فرض ودليل ذلك حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعوا على أحياء من العرب ثم تركه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد استحب الإمام مالك القنوت في الركعة الأخيرة من الصبح قبل الركوع، وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنة بعد الركوع من الركعة الأخيرة من الصبح، وقال بذلك جماعة من السلف والخلف واحتجوا بأحاديث متعددة دلت على القنوت في الفجر. وقد نوقش هذا الرأي بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في النوازل فقط ثم ترك والأحاديث التي استدلوا بها لم تخص الفجر بل دلت الأحاديث الأخرى على تعميمه في سائر الفرائض، وهم يخصون القنوت بالفجر ويقولون بالاستمرار واستدلوا أيضاً بما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا ونوقش بأن هذا الحديث ضعيف لأنه من طريق أبي جعفر الرازي وفيه كلام ليس باليسير ومع هذا فالأولى عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل لكن كما سبق فإن تخصيص القنوت للفجر من المسائل الخلافية الاجتهادية، فمن صلى وراء إمام يقنت في الصبح خاصة قبل الركوع أو بعده فعليه أن يتابعه، وإن كان الراجح الاقتصار في القنوت بالفرائض على النوازل فقط.
أما القنوت في الوتر فيستحب لحديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر، اللهم اهدني فيمن هديت وعافني ...
س: هل المتابعة التامة والقاصرة سواء؟ وهل كلاهما يقويان؟
ج: نعم كلاهما يقويان لكن التامة أفضل.
س: إذا صرح الراوي بـ " حدثنا " أو " أخبرنا " أو " أنبأنا " أو " سمعت " هل تكفي للسماع؟
ج: نعم تكفي للسماع والاتصال، إلا أن ينص أحد الأئمة على خطأ هذا السماع كما ذكر بعض ذلك عن الإمام أحمد كما في شرح علل الترمذي للعلامة ابن رجب.
س: هل يشترط في ضبط الكتاب المقابلة؟
ج: نعم يشترط أن يقابله على أصل الشيخ أو أصل مصحح؛ لاحتمال خطأه عند النسخ.
س: الحديث القدسي هل لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله؟
ج: لا بل لفظه ومعناه من الله لكنه غير معجز ولا مقيد بتلاوته ومنه ما يلقيه الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم بدون واسطة ومنه ما هو بواسطة، أما القرآن فكله بواسطة، وأما الحديث النبوي فمعناه من الله ولفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو وحي إما حقيقة أو إقراراً؛ لمتابعة الوحي له.
س: متابعات الفساق والمتهمين هل تنفع كما ذهب إليه ابن حجر والسيوطي أم لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر؟
ج: الصواب لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر - رحمه الله -.
س: هل يشترط في المتواتر والعزيز والمشهور العدد في الصحابة؟
ج: نعم يشترط عند غير الحنفية.
س: هل يوجد فرق بين اختصار الحديث وتقطيع الحديث؟
ج: الاختصار أعم فهو يشمل رواية الحديث بالمعنى.
س: المخالفة من الضعيف للثقات بالإسناد هل يسمى " سند منكر "؟
ج: نعم يسمى سنداً منكراً.
س: ((لا يكتب حديثه)) للاعتبار أم للاستشهاد؟
ج: معناه لا يكتب للاعتبار.
س: هل الاختلاف والاضطراب شيء واحد؟
ج: الاختلاف أعم وأشمل لأنه يشمل القادح وغير القادح أما الاضطراب فهو للقادح فقط.
س: ((يرفع الموقوف ويسند المرسل لا يجوز الاحتجاج به)) هل عمداً أم خطأً؟
ج: خطأً، أي: أنه سيء الحفظ يخالف الثقات.
س: من اختلف فيه هل في عدالته أم في ضبطه؟
ج: قد يكون في هذا أو في هذا لكن الغالب في الضبط.
س: ما معنى: ((قليل الحديث)) هل هو جرح؟
ج: ليس جرحاً، بل معناه: أن أحاديثه قليلة لا نتمكن من سبر مروياته؛ لقلتها فيكون في ضبطه شيء يحتاج للاعتبار.
س: المختلف فيه إذا خالف الثقات حديثه شاذ أم منكر؟
ج: المآل إلى الترجيح، فإن رجح كونه ثقة فحديثه شاذ، وإن رجح كونه ضعيف فمنكر.
س: هل صح الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَرْفَجَةَ بنِ أَسْعَدٍ لَمَّا قُطِعَ أنْفُهُ أنْ يَتَّخِذَ أنْفاً مِنْ ذَهَبٍ
ج: هذا الحديث اختلف فيه اختلافاً كثيراً:
فأخرجه علي بن الجعد (3264)، وابن أبي شيبة (25255)، وأحمد 4/ 342 و 5/ 23، وأبو داود (4232)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، وأبو يعلى (1501) و (1502)، والطبراني في الكبير 17/ 371 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، أنّ جدّه عرفجة بن أسعد أصيب أنفه … مرسلاً، وهو المحفوظ، كما في تهذيب الكمال 17/ 192.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخرجه أحمد 5/ 23، وأبو داود (4233)، والترمذي (1770) وفي علله (533)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والنسائي 8/ 163 و164، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 257 و258، وابن حبان (5462)، والطبراني في الكبير 17/ (369) و (370)، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبدالرحمان بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد، قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية … الحديث.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه أبو داود (4234)، والبيهقي 2/ 426 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، عن أبيه، أن عرفجة … فذكر معناه مرسلاً.
س: ما هو التلقين؟
ج: التلقين –كما عرّفه الحافظ العراقي–: هو أن يلقّن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه. شرح التبصرة والتذكرة 2/ 59.
قال ابن حزم في الإحكام 1/ 142: ((من صحّ أنه قبل التلقين – ولو مرة – سقط حديثه كله؛ لأنه لم يتفقه في دين الله عز وجل ولا حفظ ما سمع)).
وانظر عن التلقين وأسبابه وحكمه: النفح الشذي 1/ 323،وسير أعلام النبلاء 10/ 210، والنكت الوفية: 232/ ب، وفتح المغيث 1/ 385، وتدريب الراوي 1/ 339، وتوضيح الأفكار 2/ 257، وتوجيه النظر 2/ 573، وأثر علل الحديث: 120
س: ما صحة حديث: إن باب النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرع الأظافر؟
ج: هذا الحديث أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 19 من طريق كيسان مولى هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة، به. وكيسان هذا: مجهول الحال، لم يوثّقه سوى ابن حبّان في ثقاته 7/ 358 على عادته في توثيق المجاهيل.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1080)، وفي التاريخ الكبير 1/ 228، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2/ 110 و 365 من طريق أبي بكر الأصفهاني، عن محمد بن مالك بن المنتصر، عن أنس بن مالك، قال: كان بابه يقرع بالأظافير.
أقول: وهو سندٌ ضعيف؛ لجهالة أبي بكر الأصفهاني، وابن المنتصر.
س: ذكر في بعض كتب المصطلح أن ابن حبان عد الجرح في الضعيف فأوصلها تسعاً وأربعين نوعاً؟
ج: هذه الأقسام لم أقف عليها، ولم يقف عليها من قبلي الحافظ ابن حجر كما ذكر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 492، بل أشار إلى عدم وجود هذه التقسيمات أصلاً؛ إذ غمز من عزاها إلى مقدمة المجروحين – وهو الزّركشيّ في نكته 1/ 391 - ، وبرجوعي إلى المجروحين 1/ 62–88 وجدته ذكر عشرين نوعاً حسب – هي في حقيقتها الأسباب الموجبة لضعف الرواة -، صدّرها بقوله: ((فأما الجرح في الضعفاء فهو على عشرين نوعاً، يجب على كلّ منتحلٍ للسنن طالب لها باحث عنها أن يعرفها)).
س: هل الأحاديث التي انتقدها الدارقطني بالتتبع يسيرة؟
ج: ليست باليسيرة، فقد بلغت انتقادات الدارقطني وحده (218)، وهذا فيما سوى ما انتقده أبو مسعود الدمشقي، وأبو الفضل بن عمار، وأبو علي الجياني.
ولربما أراد ابن الصلاح أنها يسيرة نسبياً إلى ما لا انتقاد عليه. والحقيقة أن هذه الانتقادات تتفرع عن الأقسام الآتية:
1 - الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث.
إذ قد ينفرد ثقة بزيادة لا يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه، فتحميل هذا الثقة تبعه أنه قد يكون غلط؛ ظن مجرد، وغاية ما فيها أنها زيادة ثقة لا تنافي رواية الأحفظ والأكثر.
2 - الحديث الذي قد يرويه تابعي، المشهور أن روايته عن صحابي معين سمع منه، فيروي الحديث بواسطة عن ذلك الصَّحَابيّ،فيعلل الأول بزيادة الراوي في الطريق الثانية. وهذا مندفع بأنه لا مانع من كون ذلك التابعي قد سمع ذلك الحديث بعينه من ذلك الصحابي مباشرة ثم سمعه بواسطة وهكذا يكون الأمر فيمن بعدهم.
3 - أن يشير صاحب الصحيح إلى علته، كأن يرويه مسنداً ثم يذكر أنه روي مرسلاً، فهذا من صاحب الصحيح ترجيح لرواية الواصل على المرسل.
4 - ما يكون مداراً للاجتهاد وتكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته.
وانظر: نكت الزركشي 1/ 287، والتقييد والإيضاح 42، وابن حجر 1/ 380.
س: كم عدد معلقات الإمام البخاري في صحيحه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ج: جملة ما في صحيح البخاري من التعاليق واحدٌ وأربعون وثلاث مئة وألف حديث، وغالبها مكرر مخرّجٌ في الكتاب أصوله أو متونه، وليس في الكتاب من المتون التي لم تخرّج في الكتاب – ولو من طريق أخرى – إلا مئة وستون حديثاً. وقد جمع الحافظ ابن حجر جميع هذه التعاليق ووصلها في كتاب مستقل سماه: " تغليق التعليق ".
أما صحيح مسلم فإنّ التعاليق الواردة فيه اثنا عشر. وكلّ حديث منها رواه متصلاً ثم عقبّه بقوله: ((رواه فلان))، غير حديث أبي جهيم فإنّه لم يصله، وعلى هذا فليس في صحيح مسلم بعد المقدمة حديث معلّق لم يصله إلا حديث أبي جهيم. مقدمة شرح النووي 1/ 18، والإرشاد 1/ 127 والتعليق عليه، وهدي الساري: 469.
س: ما الفرق بين المهمل والمبهم عند المحدثين؟
ج: المبهم: هو من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والنساء، أو: من ذكر بوصف غير دال على ذات معينة. ويقع في المتن والإسناد، مثل جاء رجل، أو عن ابن عم لي، وهكذا.
أما المهمل: هو أن يذكر الراوي اسمه من غير نسبة تميزه، وأكثر ما يقع في الإسناد، كأن يكون للراوي أكثر من شيخ يسمى (محمداً)، فيروي قائلاً: حدثنا محمد. انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 557، والشذا الفياح 2/ 703، وتدريب الراوي 2/ 342، وشرح شرح النخبة: 71.
س: من هو الفربري راوي صحيح البخاري؟
ج: هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مطر الفربريّ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري توفي سنة (320 ه). قال صاحب الأنساب 4/ 334 عن الفربريّ: ((بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى))، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/ 290. وفي التاج 13/ 311: ((فربر، كسبحل، وضبط بالفتح أيضاً، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين))، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15/ 12، ومعجم البلدان 4/ 245.
س: هل ورد عن الإمام سفيان الثوري أنه قال: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى الصحابة؟
ج: روي ذلك عن سفيان أنه قال: ((من قدم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألف قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ الذين أجمعوا على بيعة الرضوان)). تاريخ دمشق 39/ 506.
وروي عن الإمام أحمد أنه قال: ((من فضل علياً على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى لأنهم قدموا عثمان)) تاريخ دمشق 39/ 508.
وقال الخطابي في معالم السنن 7/ 18: ((وقد نبئت عن سفيان أنه قال في آخر قوليه: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي)).
الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله ..
نختلف نحن والأشاعرة على كتابين من أصول كتب أهل السنة، وهما "الإبانة عن أصول الديانة " للإمام الأشعري، و " السنة " لعبد الله بن أحمد بن حنبل، السلفيون يثبتون هذين الكتابين للإمامين، بينما الأشاعرة يشككون في ذلك، فيقولون: إن كتاب الإبانة الذي نقرؤه هو من الطبعة الهندية المحرفة وأن المجسمة هم من زادوا على مقالاته، ويدعون أن كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل هو كتاب تجسيم محض مفترى على الشيخ ... ما رأيك وأنت من المحققين يا شيخ، من من الفريقين على صواب؟
جزاك الله خيراً.
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن كتاب الإبانة فأجابت: ((اشتهر بين العلماء قديماً وحديثاً نسبة كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري، وقلده فيما فيه أتباعه، وخالفه جماعة من العلماء في بعض ما ذكره في الإبانة ونقدوه، ولم ينكروا نسبته إليه. والأصل البقاء على ما اشتهر من نسبة هذا الكتاب إليه، فإذا كان لدى من نفى ذلك حجة فليذكرها لينظر فيها، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)) فتاوى اللجنة الدائمة 3/ 221
أما الكتاب السنة فهو ثابت لعبد الله بن أحمد بن حنبل.
س: هل هناك علامات يعرف بها الحديث الموضوع؟
ج: من تلك العلامات:
1 - أن يخالف أحكام العقل من غير قبول للتأويل.
2 - أن يخالف الحسّ والمشاهدة.
3 - أن يكون خبراً عن أمر عظيم تتوافر الدواعي على نقله، ثم لا ينقله إلا واحد.
4 - مناقضته لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي.
5 - أن يصرح جمع كبير يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، أو التقليد بتكذيب راويه.
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - الإفراط بالوعيد الشديد على فعل الأمر اليسير، أو الوعد العظيم على فعل صغير.
وغيرها من الأدلة التي تقوي في نفس الناقد الحكم على ذلك الحديث بالوضع. وانظر: نكت الزركشي 2/ 265، ونكت ابن حجر 2/ 845.
س هل يقبل تدليس ابن عيينة؟
ج: قال الزركشي في نكته: ((إن ابن عبد البر حكى عن أئمة الحديث أنهم قالوا: يقبل تدليس ابن عيينة؛ لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما.
وقال الكرابيسي: دلّس ابن عيينة عن مثل معمر ومسعر بن كدام ومالك بن مغول. وقال الحاكم في سؤالاته للدارقطني: سُئِل عن تدليس ابن جريج، فقال: يتجنب تدليسه، فإنه وحش التدليس لا يدلس إلاّ فيما سمعه من مجروح، فأما ابن عيينة فإنه يدلّس عن الثقات.
وقال ابن حبان في ديباجة كتابه الصحيح: وهذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلّس ولا يدلّس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبر دلّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد تبين سماعه عن ثقة))
س: ما الفرق بين التدليس والارسال الخفي؟
ج:يعرف الجواب من خلال النظر إلى الآتي:
1 - الاتّصال: وهو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما قد سمعه منه.
2 - الانقطاع: وهو الرواية عمَّن لَم يعاصره أصلاً.
3 - الإرسال الخفي: وهو الرواية عمَّن عاصره ولم يسمع منه.
4 - التدليس: هو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما لم يسمعه منه.
وانظر: نكت الزركشي 2/ 68، والتقييد والإيضاح 97، ونكت ابن حجر 2/ 614، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 60 وما بعدها، وأثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 73 وما بعدها.
س: ما معنى التدليس؟
ج: التدليس: مأخوذ من الدَّلَس – بالتحريك – وهو اختلاط الظلام الذي هو سبب لتغطية الأشياء عن البصر. قال ابن حجر: وكأنه أظلم أمره على الناظر لتغطية وجه الصواب فيه. ومنه التدليس في البيع، يقال: دلَّس فلان على فلان، أي: ستر عنه العيب الذي في متاعه كأنه أظلم عليه الأمر، وأصله مما ذكرنا – من الدَّلَس –.
وهو في الاصطلاح راجع إلى ذلك من حيث إن مَن أسقط مِنَ الإسناد شيئاً فقد غطّى ذلك الذي أسقطه، وزاد في التغطية في إتيانه بعبارة موهمة، وكذا تدليس الشيوخ فإن الراوي يغطّي الوصف الذي يُعرف به الشيخ أو يغطّي الشيخ بوصفه بغير ما يشتهر به. انظر: نكت ابن حجر 2/ 614، والنكت الوفية 137 / أ، وتاج العروس 16/ 84.
س: ما هو الصحيح في ضبط المسيب والد سعيد هل هو بكسر الياء أم بفتحها؟
ج: بكسر الياء وفتحها، جاء في القاموس وشرحه تاج العروس 3/ 90: ((هو كمحدِّث: والد الإمام التابعي الجليل سعيد، له صحبة، روى عنه ابنه، ويفتح، ويحكون عنه أنه كان يقول: سيَّب اللهُ مَنْ سَيَّبَ أبي، والكسر حكاه عياض وابن المديني …)).
أقول: وكنت أضبطه بالكسر في كتبي السابقة، ولم أستطع أن أختار إلا الفتح عند تحقيقي لمسند الشافعي بترتيب سنجر الجاولي؛ لأنه ضبط كل ذلك بالفتح، وأنا الآن أحذو
حذوه.
هل يعبر عن المتصل بالمؤتصل؟
ج: قال الزركشي 1/ 410:
((قلت: والمؤتصل، وهي عبارةالشافعي رضي الله عنه كما نقله البيهقي، وقال ابن الحاجب: في تصريفه: هي لغة الشافعي)).
وقال ابن حجر 1/ 510: ((قلت: ويقال له: المؤتصل – بالفك والهمز – وهي عبارة الشافعي في الأم في مواضع. وقال ابن الحاجب في التصريف له: ((هي لغة الشافعي، وهي عبارة عن ما سمعه كل راوٍ من شيخه في سياق الإسناد من أوله إلى منتهاه. فهو أعم من المرفوع)).
ولذا فقد أخطأ كسروي لما حقق معرفة البيهقي فكانت تأتيه لفظة الشافعي فيغيرها ويقول إنها تصحيف؟؟؟
ـ[حساس محمد نصرالدين]ــــــــ[06 Sep 2008, 08:33 م]ـ
شيخنا الفاضل،
حديث دعاء الطائف"اللهم أشكو إليك ضعف قوتي .... "
الحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وفيه محمد بن إسحاق ثقة مدلس وقد عنعنه.
ورواه ابن إسحاق في سيرته بصيغة التحديث عن محمد بن كعب القرظي التابعي مرسلاً صحيحاً.
وقد صحح الحديث الموصول الضياء المقدسي في المختارة.
وقال الصالحي الشامي في كتابه (سبل الهدى والرشاد): (وروى الطبراني برجال ثقات عن عبد الله بن جعفر ... ).
ورمز له السيوطي بالحسن في الجامع الصغير.
وقال ابن كثير في الحديث المرسل: (وهو صحيح).
وضعفه الألباني في أكثر من كتاب.
وقال الشيخ علوي السقاف في تخريج أحاديث (في ظلال القرآن):
(حديث: اللهم اشكو اليك ضعف قوتي ... جاء من حديث عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع لاخلاق الراوي: 2/ 275 برقم: 1839 , وقال الهيثمي في المجمع: (6/ 35) رواه الطبراني وفيه ابن اسحاق مدلس ثقة وبقية رجاله ثقات , وله شاهد من حديث محمد بن كعب القرظي: أخرجه ابن هشام: 1/ 419 , والطبري: 2/ 344 - 346 بسند صحيح ولكنه مرسل , ومن حديث الزهري عند البيهقي في الدلائل (2/ 415 - 417) وهو مرسل أيضا , فالحديث بهما حسن).
قلت (الأزهري الأصلي): ليس في دلائل النبوة للبيهقي في الموضع المذكور لفظ الدعاء.
فالحديث مختلف فيه عن ابن إسحاق من وجهين والوجه المرسل أصح فالحديث مرسل تابعي وهو حجة عند كثير من العلماء.
وقد يدخل في باب تقوية المرفوع خفيف الضعف بالمرسل القوي فيصير الحديث صحيحاً.
وأضف إلى هذا شهرة الحديث وعدم إنكار أهل العلم له إلا بعض المعاصرين.
والخلاصة أن من روى الحديث فلا إنكار عليه والله اعلم .. هذا ما استطعت جمعه،فما تعليقكم على ذلك؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[18 Sep 2008, 07:08 م]ـ
ما شاء الله
الشيخ / ماهر و أخونا / حساس هنا أيضًا؟
هنيئًا لك يا ملتقى أهل التفسير.
بانتظار ردِّ شيخنا / ماهر على هذا التعقيب الحثيث. (ابتسامة)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[26 Mar 2009, 09:29 م]ـ
أجزل الله لكم الثواب جميعاً ووفقكم ونفع بكم، والحكم الأخ الشيخ حساس حكم جيد.
ـ[حساس محمد نصرالدين]ــــــــ[28 Jun 2009, 12:44 ص]ـ
السلام عليكم، شيخنا الفاضل
فبارك الله فيك، ونفع بك الأمة .. آمين(/)
مجموعة من الأسئلة الحديثية وردتني تم الإجابة عليها
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[15 Sep 2006, 11:37 ص]ـ
س: ما هي الطرق في ترتيب مصادر التخريج؟
ج: اختلفت مناهج المخرجين في ترتيب مصادر التخريج فمنهم من يقدم العزو إلى المصنفات التي اشترط أصحابها الصحة، وعلى هذا الاختيار يكون ترتيب الكتب على النحو الآتي:
صحيح البخاري (ت 256 ه)، ثم صحيح مسلم (ت 261 ه)، ثم صحيح ابن خزيمة (ت 311 ه)، ثم صحيح ابن حبان (ت 354 ه)، ثم مستدرك الحاكم (ت 405 ه)، (الحاكم أشترط في كتابه الصحة ولا يوفق على كثير من الأحكام) وهؤلاء قد جاءت وفياتهم مرتبة أيضاً بما ينسجم مع ترتيب مصنفاتهم في الصحة عند جمهور علماء الحديث.
ومنهم من يقدم الكتب الستة، ولهؤلاء ترتيب لا يتعلق بالتاريخ، ولا بالصحة، وإنما صلته بقيمة كل مصنف، هكذا قالوا، وفي بعض ما قالوه نظر وترتيب الكتب الستة عندهم على النحو الآتي: صحيح البخاري (ت 256 ه)، ثم صحيح مسلم (ت 261 ه)، ثم سنن أبي داود (ت 275 ه)، ثم جامع الترمذي (ت 279 ه)، ثم سنن النسائي (ت 303 ه)، ثم سنن ابن ماجه ((275 هـ)).
ومنهم من يعتمد التاريخ، فيقدم متقدم الوفاة على من توفي بعده. وبهذا يتقدم موطأ مالك (ت 179 ه (، ثم مصنف عبد الرزاق (ت 211 ه (، ثم مسند الحميدي (ت 219 ه (، ثم مصنف ابن أبي شيبة (ت 235 ه (، ثم مسند أحمد (ت 241 ه)، ثم سنن الدارمي (ت 255 ه) على الكتب الستة كلها. وهذه الطريقة هي الطريقة الصحيحة الأسلم التي نسير عليها في تخريجاتنا في كتب السنة؛ لأن هذه الطريقة تجنبنا أمرين:
أولاً: الاضطراب في ترتيب المصادر الأخرى.
ثانياً: قد يكون أحد أصحاب الكتب الستة قد روى من طريق المتقدم فتأخير المتقدم عليه شذوذ.
: ما معنى المسند عند المحدثين؟
ج: قال الزركشي في نكته 1/ 405: ((وهو مأخوذ من السند، وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل؛ لأن المسنِّد يرفعه إلى قائله، ويجوز أن يكون مأخوذاً من قولهم: فلان سند، أي: معتمد. فسمِّي الإخبار عن طريق المتن مسنداً؛ لاعتماد النقّاد في الصحة والضعف عليه، وفي أدب الرواية للحفيد: أسندت الحديث أسنده وعزوته أعزوه وأعزيه، والأصل في الحرف راجع إلى المسند وهو الدهر، فيكون معنى إسناد الحديث اتِّصاله في الرواية اتِّصال أزمنة الدهر بعضها ببعض. وحاصل ما حكاه المصنِّف في تعريفه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه المتصل إسناده وإن لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يتصل.
والثالث: أنه المتصل المرفوع.
ويتفرع على هذه الأقوال أن المرسل هل يسمّى مسنداً؟ فعلى الأول: لا يسمّى؛ لأنه ما اتصل إسناده، وعلى الثاني: يسمّى مسنداً؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعاً. وعلى الثالث: لا يسمّى مسنداً أيضاً؛ لأنه فاته شرط الاتصال ووجد فيه الرفع. وينبني عليه أيضاً الموقوف –وهو المروي عن الصحابة – أنه هل يسمى مسنداً؟ فعلى الأول: نعم؛ لاتصال إسناده إلى منتهاه، وعلى الثاني والثالث: لا. وكذلك المعضل – وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر – فعلى الأول والثالث: لا يسمى مسنداً، وعلى الثاني يسمى)) وانظر عن معنى المسند لغة: لسان العرب 3/ 221، والتاج 8/ 215، والبحر الذي زخر 1/ 315.
س: هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين؟
ج: هو ما رواه ابن سعد 2/ 310، وابن أبي شيبة 14/ 291، وأحمد 1/ 223 و 266 و 279 و294 و312 و 359، ومسلم 7/ 89 (2353)، والترمذي (3650)، وفي الشمائل (381)، وأبو يعلى (2452) و (2614)، والطحاوي في شرح المشكل (1944)، والطبراني في الكبير (12843) و (12844) من حديث عمَّار ابن أبي عمار مولى بني هاشم، قال: سمعت ابن عباس يقول: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه رواية شاذة تفرد بها عمار ابن أبي عمار، وأخطأ فيها فإن المتقنين من أصحاب ابن عباس رووا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين منهم عكرمة بن عمار وعمرو بن دينار وعروة بن الزبير وغيرهم، وقد ساق البخاري في تاريخه الصغير 1/ 27 – 29، رواياتهم، ثم ساق رواية عمار، وقال: ((ولا يتابع عليه، وكان شعبة يتكلم في عمار. وقال الحافظ ابن كثير في السيرة 4/ 515: ((ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح، فهم أوثق وأكثر، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة عن عائشة وإحدى الروايتين عن أنس، والرواية الصحيحة عن معاوية.
وكذلك قد سبقه إلى مثل هذا البيهقي في دلائل النبوة 7/ 241، فقد قال: ((ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصح فهم أوثق وأكثر)).
وانظر: بلا بد كتابي كشف الإيهام الترجمة (405).
س: ذكرتم في إحدى تعاليقكم أن كتاب العين ليس للخليلي، ما هو الدليل على ذلك؟
ج: الكتاب في نسبته إلى الخليل كلامٌ، قال ابن جني: ((أما كتاب العين، ففيه من التخليط والخلل والفساد ما لا يجوز أن يحمل على أصغر أتباع الخليل فضلاً عن نفسه)) الخصائص 3/ 288.
وقدِ اتُّهِمَ الليث بن المظَفَّرِ – راوية الخليل وتلميذه – بأنه هو الذي (نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب العين جملة لينفقه باسمه، ويرغب فيه مَنْ حوله) التهذيب 1/ 28 غير أن الأزهري يضيف قائلاً: ((ولم أرَ خلافاً بين اللغويين أن التأسيس المجمل في أول كتاب العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد … وعلمت أنه لا يتقدم أحدٌ الخليلَ فيما أسسه ورسمه …)) التهذيب 1/ 401.
والذي جعل العين مداراً للشك كثرة الخلل الواقع فيه؛ لذلك جوبه بنقد كثير وجهه إليه أبو حاتم السجستاني وابن دريد وأبو علي القالي وأبو بكر الزبيدي وأبو منصور الأزهري وأحمد بن فارس، وغيرهم. ينظر: نقاش ذلك في المعجم العربي: حسين نصار 1/ 280، وقارن بمقدمة محقق كتاب العين 1/ 18 – 27.
وعدم ظهور الكتاب إلاَّ بعد خمسين سنة من وفاة الخليل، وما قيل منه إنَّ الخليل بدأه في أواخر حياته (بعد 170 ه)، وهي في الأغلب السنة التي مرض فيها وتوفي بعدها (175 أو 177 ه)، وقد كان عرض منهج الكتاب على تلميذه الليث بن المظَفَّرِ الذي عاد من الحج فأكمله بعد، أو وصل فيه الخليل إلى آخر حرف العين، وقيل: إنه أتمَّه ثمَّ أحرقه وألَّفهُ بعده الليث؛ لأنه كان قد قرأه، وقيل: غير ذلك.
ينظر: مشكلات في التأليف اللغوي، د. رشيد العبيدي، فصل (كتاب الجيم).
س: ما هو تخريج رواية الخطيب منْ طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ عنْ وائلِ بنِ داودَ عنِ ابنِهِ بكرٍ، عنِ الزُّهريِّ، عنْ سعيدِ بنِ المسيبِ، عنْ أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَخِّرُوا الأَحمالَ فإنَّ اليدَ معلَّقةٌ، والرِّجلَ مُوثقةٌ)).
ج: هذا الحديث أخرجه الترمذي في العلل الكبير (706)، والبزار (1081) كشف الأستار وأبو يعلى في مسنده (5852)، والطبراني في الأوسط (4508)، والبيهقي في الكبرى 6/ 122، والخطيب في تاريخ بغداد 13/ 45، كلهم من طريق قيس ابن الربيع، عن بكر بن وائل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرجه أبو طاهر المخلّص في فوائده ل (9 / ب) و (188 / أ)، وأبو القاسم ابن الجراح في المجلس السابع من أماليه 2/ 1، وأبو محمد المخلدي في فوائده (285/ 1 / 2) عن وائل بن داود، عن ابنه بكر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. كما في السلسلة الصحيحة (1130) والتعليقات على المقنع 2/ 535.
وروي عن سفيان بن عيينة، فاختلف عليه فيه: فأخرجه أبو داود في المراسيل (294) من طريق أحمد بن عبدة، عن سفيان، عن وائل أو بكر – هكذا على الشك – عن الزهري مرسلاً.
ورواه من سبق في الفقرة الثانية على ذلك النحو عن سفيان، من طريق عبد الله بن عمران العابدي عن سفيان به.
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: العابدي هذا ذكره ابن حبان في ثقاته 8/ 363، وقال: ((يخطئ ويخالف)) وعلى هذا فليس هو ممن لا يحتمل تفرده بوصل هذا الحديث، فإن في حفظه شيئاً، زيادة على أنه قد خالف أحمد بن عبدة الثقة (تقريب التهذيب 74) الذي رواه عن سفيان مرسلاً. ثم إن ابن عيينة من المكثرين المشهورين بكثرة تلامذته، فَلِمَ ينفرد بوصل هذه السنة العزيزة العابديُّ هذا دون عامة أصحاب سفيان؟
لذا قال البزار–وإليه المفزع في معرفة المفاريد– بعد أن رواه (1081) من طريق قيس بإسنادين اثنين: ((لا نعلم روى بكر إلا هذا بهذا الإسناد)). وقال الطبراني: ((لَمْ يروه عن الزهري إلا بكر)).
وطريق قيس ابن ربيع ضعيف بسبب ضعفه، قال الحافظ في التقريب (5573): ((صدوق، تغير لمَّا كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدَّث به)). وانظر: تهذيب الكمال 6/ 133 (5492)، لذا قال الهيثمي في المجمع 3/ 216 بعد أن نسبه إلى البزار والطبراني في الأوسط: ((وفيه قيس بن ربيع، وثَّقه شعبة والثوري، وفيه كلام))، وقال في 8/ 109 بعد نسبته إلى أبي يعلى: ((وفيه الحسين بن علي ابن الأسود وقيس بن الربيع، وقد وثِّقا وفيهما ضعف)).
فمن هذا يتبين أن المحفوظ رواية أحمد بن عبدة، عن الزهري مرسلاً، ولذا قال الإمام الترمذي في علله الكبير (706): ((سألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال: أنا لا أكتب حديث قيس بن الربيع، ولا أروي عنه)). وضعَّف إسناده البيهقي في الكبرى 6/ 122. وبهذا يظهر خطأ العلامة محدث الشام الشيخ ناصر الدين الألباني – رحمه الله – بتصحيحه الحديث في صحيح الجامع (228)، وفي الصحيحة (1130).
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً عليه، أخرجه البيهقي في الكبرى 6/ 121–122. وبه يتقوَّى القول بضعف رواية من وصله مرفوعاً، والله أعلم.
س: لماذا يسوق ابن حبان بعض الرواة في التابعين ثم يسوقهم في الصحابة، وما هو القول الفصل في محمود بن لبيد وهل هو صحابي أم تابعي؟
ج: ابن حبان يكرر الراوي في التابعين وفي الصحابة إذا كان هذا الراوي مختلفاً في صحبته، أما محمود بن لبيد ترجمه البخاري في تاريخه الكبير 7/ 402 الترجمة (1762) وساق له خبراً مفاده أن له صحبة فقال: ((قال لنا أبو نعيم عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، قال: أسرع النبيُّ حتى تقطَّعت نعالنا يوم مات سعد بن معاذ)).
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/ 289 الترجمة (1329): ((قال البخاري: له صحبة، فخط أبي عليه، وقال: لا تعرف له صحبة)).
وقد أثبت صحبته الترمذي في الجامع 3/ 560 عقيب (2036 م) فقال: ((ومحمود بن لبيد قد أدركَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ورآهُ وهو غلامٌ صغيرٌ)).
وكذا فعل ابن عبد البرِّ حيث رجَّحَ قول البخاري في الاستيعاب 3/ 423، وقالَ ابن حجر في التقريب (6517): ((صحابيٌّ صغير)). وعدَّهُ تابعياً أبو حاتم وأبو زرعة الجرح 8/ 289 الترجمة (1329).
والعجلي في ثقاته 2/ 266، قال: ((مدني تابعي ثقة))، ويعقوب بن سفيان. المعرفة والتاريخ 1/ 356 لذا قالَ الذهبي في تجريد أسماء الصحابة (2/ 63 الترجمة 687): ((في صحبته خُلْفٌ)).
أقول: ذكر ابن عبد البر في استيعابه 3/ 224: أن ابن لبيد أسنُّ من ابن الربيع، فإذا عُدَّ ابن الربيع صحابياً، فابن لبيد أولى بالعدِّ، والله أعلم.
ما هي واجبات المحقق؟
واجبات وضوابط المحقق
1 - تخريج الآيات، يكتب اسم السورة، ثم نقطتان، ثم رقم الآية. هكذا البقرة: 43.
2 - تخريج الأحاديث من الكتب المسندة.
3 - التخريج يرتب على حسب الوفيات.
4 - صحيح البخاري، وصحيح مسلم، تكتب لهما الجزء والصفحة ورقم الحديث. للطبعات المشهورة.
5 - الجزء والصفحة للكتب التي لم ترقم أحاديثها ورقم الحديث فقط للكتب التي رقمت أحاديثها، أما إذا كان الكتاب مجلداً واحداً ولم ترقم أحاديثه فكتب نقطتان قبل رقم الصفحة. هكذا: 571.
6 - عند التخريج يستفاد من الكتب التي تجمع أسانيد كتب متعددة. مثل تحفة الأشراف، وجامع المسانيد، وإتحاف المهرة، والمطالب العالية والمسند الجامع. وكذلك يستأنس بجامع الأصول، وموسوعة أطراف الحديث، والكتب المحققة المخرجة.
(يُتْبَعُ)
(/)
7 - الاعتناء بعلامات التفريز.
8 - كتب التخريج القديمة يستفاد منها كثيراً عند تخريجنا للأحاديث. مثل نصب الراية للزيلعي، والتلخيص الحبير، وتخريج أحاديث الإحياء، وتحفة المحتاج، وتخريج أحاديث الكشاف.
9 - للتخريج خمس طرق:
الطريقة الأولى: عن معرفة راوي الحديث من الصحابة، وهذه الطريقة نرجع إليها حينما نعرف اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث. وعند تخريجنا لهذه الطريقة نستفيد من مجموعة من الكتب وهي: المسانيد، والمسانيد هي الكتب التي تجمع أحاديث مسند كل صحابي على حدة. مثل مسند أحمد والحميدي، والطيالسي، وأبي يعلى. وكذلك المعاجم مثل معاجم الطبراني الثلاثة. فهي أيضاً على المسانيد إلا إن مسانيد الصحابة رتبت على حروف المعاجم. وكذلك كتب الأطراف مثل تحفة الأشراف، وإتحاف المهرة.
الطريقة الثانية: فهي على طريقة معرفة أول لفظ من متن الحديث. وهذه طريقة نلجأ إليه حينما نعرف أول متن الحديث. وأفضل كتاب لهذه الطريقة هو كتاب موسوعة أطراف الحديث. وكذلك فيها فهارس الكتب المطبوعة حديثاً. وهناك كثير من الكتب ألفت مرتبة على الفهارس المعجمية مثل صحيح الجامع الصغير، وضعيف الجامع الصغير، والمقاصد الحسنة. وكشف الخفاء.
أما الطريقة الثالثة: فهي عن طريق معرفة كلمة مشتقة من فعل ثلاثي. مثل
((إنما الأعمال بالنيات)) فالأعمال أصلها ((عمل)) والنيات أصلها ((نوى)) ونستعين على هذه الطريقة بفهارس صحيح مسلم للمرصفي. والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث لونسك. ولمسند أبي يعلى لحسين سليم أسد فهرس في مجلدين.
أما الطريقة الرابعة: فهي عن طريق معرفة موضوع الحديث. وهو أن نبحث عن الحديث في بابه الفقهي. ونلجأ إليها بالكتب المؤلفة على هذه الطريقة. مثل الجوامع والمستخرجات والمستدركات والسنن. وأحسن شيئ لهذه الطريقة. الرجوع لكتب شملت عدة كتب. مثل جامع الأصول، ومجمع الزوائد والمطالب العالية.
أما الطريقة الخامسة: فهي النظر إلى نوع الحديث فإذا كان الحديث مرسلاً. بحثنا عنه في كتب المراسيل. وإذا كان متواتراً بحثنا عنه في الكتب التي ألفت في المتواتر. وإذا كان الحديث ضعيفاً نبحث عنه في الكتب المتخصصة في ذلك. مثل السلسلة الضعيفة. وإذا كان مشتهراً على السنة الناس نبحث عنه في المقاصد الحسنة وكشف الخفاء. وإذا كان الحديث من أحاديث الأحكام نبحث عنه في الكتب التي تعتني في هذا. مثل إرواء الغليل والتلخيص الحبير. و نصب الراية. وإذا كان الحديث من أحاديث التفسير يبحث عنه في كتب التفاسير المسندة مثل تفسير الطبري، وابن أبي حاتم، والبغوي، وكتب الواحدي.
فعلى المخرج أن يخرج على إحدى هذه الطرق حسب الحال.
10 – عند تخريج الحديث يحكم على الأحاديث؛ لأنا لا نستطيع أن نعمل بالحديث حتى نعرف صلاحيته من عدمها ونحن نبحث عن حكم المتقدمين فإذا كان الحديث في الصحيحين، أو في واحد منهما، فهو صحيح. وما دون ذلك يبحث عن أقوال أهل العلم في تصحيح الأحاديث وتعليلها. من ذلك كتب العلل. وكتب التخريج القديمة. وبعض الكتب التي شملت أحكاماً مثل جامع الترمذي، وسنن الدارقطني. أما إذا لم نجد لأهل العلم تصحيحاً ولا تضعيفاً في ذلك الحديث المبحوث عنه. فنعمل قواعد الجرح والتعديل وقواعد المصطلح. وهو أمر صعب. نحن نعلم أن شروط صحة الحديث الاتصال، والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة. فإذا تخلف شرط من هذه الشروط عن الحديث فالحديث ضعيف. والشروط الثلاثة الأولى تكون في الإسناد ونستطيع أن نبحث عنها بمراجعة كتب الرجال. أما الشرطان الأخيران فهما يحتاجان إلى الحفظ. ولمعرفة عدالة الراوي وضبطهم نستفيد أكثر شيئ من تهذيب الكمال، وميزان الاعتدال، والتقريب، وغيرها من كتب الرجال.
والحكم على الأسانيد على النحو الآتي:
أولاً: إسناده صحيح، إذا كان السند متصلاً بالرواة الثقات، أو فيه من هو صدوق حسن الحديث وقد توبع، فهو يشمل السند الصحيح لذاته والسند الصحيح لغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً: إسناده حسن إذا كان في السند من هو أدني من رتبة الثقة وهو الصدوق الحسن الحديث ولم يتابع، أو كان فيه ((الضعيف المعتبربه)) أو ((المقبول)) أو ((اللين الحديث)) أو ((السيئ الحفظ)) ومن وصف بأنه ((ليس بالقوي)) أو ((يكتب حديثه وإن كان فيه ضعف))، إذا تابعه من هو بدرجته أو أعلى منزلة منه، فهو يشمل السند الحسن لذاته والحسن لغيره.
ثالثاً: إسناده ضعيف إذا كان في السند من وصف بالضعف، أو نحوه ويدخل فيه: المنقطع، والمعضل، والمرسل، والمدلس رابعاً.
رابعا إسناده ضعيف جداً، إذا كان في السند أحد المتروكين أو من اتهم بالكذب.
11 - من أول واجبات المحقق، رجوعه إلى النسخ الخطية العتيقة، وإلى الكتب المساعدة مثل موارد صاحب المخطوط، ومن استقى منه.
12 – الاعتناء بشرح ما لا بد من شرحه من غريب أو غيره.
13 - ضبط الأسماء المشكلة بالحروف بالهامش مع شكلها بالشكل في المتن.
14 - التخريج يكون بجمع الموارد على الصحابي أو تفصيله عند الحاجة.
15 - تخريج النقولات عن العلماء من الكتب القديمة.
16 - تتبع المذاهب سواء كانت لغوية أم فقهية أم غيرها وتوثيقها من المصادر التي تعنى بها.
17 - ترجمه بعض المهملين الذين يرد ذكرهم بترجمة بسيطة.
18 – التعليق على المواطن التي يحتاج فيها إلى التعليق.
19 - ينبغي وضع خطة خاصة عند تحقيق أي كتاب.
20 - عند التحقيق يجب السير على منهج واحد. والإشارة إليه قبل بدأ العمل.
21 - ينبغي شكل ما يشكل.
22 - لا بد في التخريج من ذكر الصحابي.
23 - عند تخريج أحاديث من في حفظه شيء، يرجع إلى الكامل والضعفاء للعقيلي والميزان واللسان خشية أن تكون هذه الأحاديث مما أنكرت عليهم.
24 - لا بد من معرفة مناهج المخطوطات عند تحقيق أي مخطوطة.
25 - يستعان في ضبط المدن في معجم البلدان، ومراصد الاصطلاح.
26 - ويستفاد في ضبط الأنساب في كتاب الأنساب للسمعاني أو اللباب لابن الأثير.
27 - ينبغي صنع الفهارس لأي كتاب يحقق. والمنهج السديد لصنع الفهارس فيما يأتي:
أ: اعتبار المدة (آ) أول حرف
ب: عدم التفريق بين (أن) و (أنّ) و (إن) وكذلك بين (أما) (أمّا) (إمّا)، أي: لا يعتد بحركة الهمزة، ولا تخفيف النون، والميم، وتشديدها.
ج: عدم التفريق بين همزة الوصل والقطع، وعد الهمزة التي كتبت على الواو، والألف همزة.
ء: عدم الاعتداد بـ ((أل)) التعريف في الترتيب، ويستثنى من ذلك لفظ الجلالة ولفظ اسم الموصول، فتعدُ همزتها همزة أصلية.
ذ: عدم الاعتداد بجملة ((صلى الله عليه وسلم)).
ه: عد الألف المقصورة ياءً في الترتب فتجئ ((صلّى)) مثلاً بعد ((صلوا)).
ف: عد ((لا)) حرفاً مستقلاً. وضع بين الواو والياء.
ما هو تخريج حديث: ((مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتعمِّداً -ليُضِلَّ بهِ الناسَ- فلْيَتبوَّأْ مَقْعدَهُ من النارِ))؟
الجواب: هذا الحديث بهذه الزيادة منكر لا يصحّ؛ وهو معلول بـ (يونس بن بُكير)؛ فقد ضعّفه أبو داود والنسائي، وهو ليس ممن يحتمل تفرّده في مثل هذا المقام، وفيه من هذا الوجه ثلاث علل:
الأولى: تفرّده بهذه اللفظة المنكرة، وهي تخالف أصل الحديث المتواتر الذي رواه أكثر من ستين صحابياً بدونها.
الثانية: أنّه معلول بالإرسال، فقد أخرجه البزار (كشف الأستار 209)، والطحاوي في شرح المشكل (418)، وابن عدي في الكامل (1/ 20)، وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 97) من طريق يونس بن بكير، عن الأعمش، عن طلحة بن مُصرّف، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود، به، موصولاً.
وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل (419) من طريق أبي معاوية الضرير محمد بن خازم، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، به، مرسلاً ليس فيه ابن مسعود.
الثالثة: أنه معلول بالانقطاع؛ فإن طلحة بن مصرف لم يدرك عمرو بن شرحبيل كما نص عليه الطحاوي (1/ 371).
وقال الطحاوي (1/ 371): ((هذا حديث منكر))، وقال ابن عدي في الكامل (1/ 20):
((هذا الحديث اختلفوا فيه على طلحة بن مصرف))، وقال ابن حجر في نكته (2/ 855): ((اتفق أئمة الحديث على أنّها زيادة ضعيفة)). ومن عجبٍ أن الهيثمي لما أورده في " كشف الأستار "
(يُتْبَعُ)
(/)
(1/ 114 حديث 209) قال: ((قلت: أخرجته لقوله: ((ليضلّ به الناس)). لكنه لم يتنبّه إلى شيء من علل الحديث في المجمع (1/ 144) فقال: ((رجاله رجال الصحيح))، ومعلوم أنّ إطلاق الهيثمي هذا لا يستفاد منه صحة المتن، فكلامه هذا لا يجامع الصحة، فإنّ شروط الصحة عدالة الرواة وضبطهم والسلامة من الانقطاع والعلة وكثيراً ما يغترُّ بعضُ مَنْ ينتحلُ العلمَ بمثل قول الهيثمي هذا فيقع في الخطأ.
هل العلة تطلق فقط على الامر الخفي؟
إنّ إطلاق العلة على الأمر الخفي القادح: قيد أغلبي، لأنا وجدنا كثيراً من الأقوال عن العلماء الجهابذة الفهماء إطلاق لفظ العلة على غير الخفي، وقد وجدنا في " علل الحديث " لابن أبي حاتم مائتين وسبعة وأربعين حديثاً أعلّت بالجرح الظاهر. (انظر أرقامها في أثر علل الحديث: 15 - 16)، وانظر إلى قول الحافظ ابن حجر حين قال: ((العلّة أعمّ من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة)) (النكت 2/ 771) وقال: ((إنّ الضعف في الراوي علّة في الخبر والانقطاع في الإسناد علة الخبر، وعنعنة المدلس علة في الخبر وجهالة حال الراوي علة في الخبر)) (النكت 1/ 407) وفي حوار لنا مع شيخنا العلاّمة الدكتور هاشم جميل تنبهنا إلى أمر آخر، وهو أنّ المحدّثين إذا تكلّموا على العلة باعتبار أن خلو الحديث منها يعدّ قيّداً لابدّ منه لتعريف الحديث الصحيح. فإنّهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاصّ، وهو: السبب الخفي القادح. وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فإنّهم في الحالة يطلقون العلة ويريدون بها: السبب الذي يعلّ الحديث به: سواء أكان خفياً أم ظاهراً قادحاً أم غير قادح. وهذا توجد له نظائر عند المحدّثين، منها: المنقطع: فهو بالمعنى الخاص: ما حصل في إسناده انقطاع في موضع أو في أكثر من موضع لا على التوالي.
وهذا المصطلح نفسه يستعمله المحدّثون أيضاً استعمالاً عاماً فيريدون: كلّ ما حصل فيه انقطاع في أيّ موضع في السند كان، فيشمل المعلق، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أول السند، والمرسل، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في آخر السند والمعضل، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أثناء السند باثنين فأكثر على التوالي. ويشمل أيضاً المنقطع بالمعنى الخاص الذي ذكرناه.
وهكذا نرى أنّ مصطلح المنقطع يستعمله المحدّثون استعمالاً خاصاً في المنقطع الاصطلاحي، ويستعملونه استعمالاً عاماً في كلّ ما حصل فيه انقطاع فيشمل المنقطع الاصطلاحي، والمعلق، والمرسل، والمعضل، وعلى هذا المنوال جرى استعمالهم لمصطلح العلّة، فهم يستعملونه بالمعنى الاصطلاحي الخاص، وهو: السبب الخفي القادح، ويستعملونه استعمالاً عاماً، ويريدون به: كل ما يعلّ الحديث به فيشمل العلة بالمعنى الاصطلاحي، والعلة الظاهرة، والعلة غير القادحة)). وانظر: أثر علل الحديث: 17 - 18.
هل العلة تكون فقط بالمتن؟
العلّة تكون أحياناً في الإسناد، وتكون أحياناً في المتن، فإذا وقعت العلة في الإسناد: فأما أنْ تقدح في السند فقط أو فيه وفي المتن أو لا تقدح مطلقاً. وهكذا إذا وقعت العلة في المتن، فعلى هذا يكون للعلة خمسة أقسام نشير إليها فيما يأتي:
1 – تقع العلة في الإسناد ولا تقدح مطلقاً.
مثاله: ما رواه المدلّس بالعنعنة، فهذا يوجب التوقف عن قبوله، فإذا وجد من طريق آخر قد صرّح فيها بالسماع تبين أنّ العلة غير قادحة. النكت 2/ 747، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 40، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
2 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه دون المتن
مثاله: ما رواه يَعْلَى بن عُبيد الطَّنَافسي، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ?: ((البيِّعان بالخيار)). (انظر تفصيل الروايات في جامع الأصول 1/ 574 حديث 407، والتلخيص الحبير 3/ 23، ومسند أبي يعلى 10/ 192 – 193، وإتحاف المهرة 8/ 528 حديث 9890، والمسند الجامع 10/ 439 حديث 7730). فغلط يعلى في قوله: عمرو بن دينار، إنّما هو عبد الله بن دينار كما رواه الأئمة المتقنون من أصحاب سفيان الثوري مثل: الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد، وغيرهم. علوم الحديث لابن الصلاح: 82 – 83، وتدريب الراوي 1/ 254،
(يُتْبَعُ)
(/)
ومقدمة علل الدارقطني 1/ 40، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
3 – تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه وفي المتن معاً
وذلك كأنّ يوجد في الحديث إرسال أو وقف، أو إبدال راوٍ ضعيف براوٍ ثقة.
مثال ذلك: ما وقع لأبي أسامة – حماد بن أسامة الكوفي، وهو ثقة (تقريب التهذيب 1487) – في روايته عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر – وهو من ثقات الشاميين (تقريب التهذيب 4041) – قدم عبد الرحمن الكوفة فكتب عنه أهلها، ولم يسمع منه أبو أسامة، ثم قدم بعد ذلك الكوفة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم – وهو من ضعفاء الشاميين (تقريب التهذيب 4040) – فسمع منه أبو أسامة، وسأله عن اسمه فقال: عبد الرحمن بن يزيد، فظن أبو أسامة أنّه ابن جابر فصار يحدث عنه وينسبه من قبل نفسه فيقول: حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر، ولم يفطن إلا أهل النقد فيميزوا ذلك ونصّوا عليه كالبخاري، وأبي حاتم، وغير واحد. النكت 2/ 748، وتوضيح الأفكار 2/ 32، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 41، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
4 - تقع العلة في المتن ولا تقدح فيه ولا في الإسناد
مثاله: كلّ ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث الصحيحين إذا أمكن الجمع رد الجميع إلى معنى واحد فإن القدح ينتفي عنهما. النكت 2/ 748، وتوضيح الأفكار 2/ 32، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 41، ومقدمة البحر الزخار 1/ 19.
5 – تقع العلة في المتن وتقدح فيه دون الإسناد
مثاله: ما انفرد مسلم (صحيحه 2/ 12 رقم 399) بإخراجه في حديث أنس ? من اللفظ المصرّح بنفي قراءة (بسم الله الرحمن الرحيم)، فعلّل قومٌ روايةَ اللفظ المذكور لمّا رأو الأكثرين إنّما قالوا فيه: ((فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين)) من غير تعرّض لذكر البسملة وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه (صحيح البخاري 1/ 189 رقم 743، وصحيح مسلم 2/ 12 رقم 399).
ورأوا أنّ من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له ففهم من قوله: ((كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين)) أنّهم كانوا لا يبسملون فرواه على فهم وأخطأ فيه؛ لأنّ معناه أنّ السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيها تعرض لذكر البسملة. علوم الحديث: 83، والنكت 2/ 748، والباعث الحثيث: 67، ومقدمة علل الدارقطني 1/ 42، ومقدمة البحر الزخار 1/ 20.
ما هو القول الفصل في زيادة الثقة؟
زيادة الثقة من القضايا التي كَثُرَ الخلافُ فيها واتّسع النقاش لها، وهي من القضايا الخفية المهمة في علل الحديث، بل إنّ العمود الفقري لعلم العلل هو الزيادة من الرواة الثقات، وقد عُرِّفت زيادة الثقة: بأنّها ما انفرد به الراوي من زيادة – في المتن أو في السند – عن بقيّة الرواة عن شيخ لهم (اختصار علوم الحديث: 61) وصوّرها ابن رجب (شرح العلل 2/ 635): ((أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد ومتن واحد، فيزيد بعض الرواة فيه زيادة، لم يذكرها بقية الرواة)).
فالزيادة فنٌّ عظيم من فنون الحديث، ومرجعه إلى الاختلاف بالروايات، ومن الطبيعي أنْ يختلف الرواة في بعض الأحيان سنداً أو متناً ولا غرابة في ذلك. إذ يبعد عادة أن يكون الجميع في مستوى واحد من الاهتمام والتيقظ والتثبت والدقة والضبط منذ تلقي الأحاديث من أصحابها إلى حين أدائها؛ لأن المواهب متفاوتة فمنهم من بلغ أوج مراتب الثقات، ومنهم من هو أدنى هذه المراتب، ومنهم من هو بين الحدين، وهذا الفريق على درجات متفاوتة، وهؤلاء الثقات كثيراً ما يشتركون في سماع الحديث من شيخ لهم، فإذا حدّثوا به بعد مدّة من الزمن في جملة من الأحاديث المسموعة من مصادر شتى فإن مدى الاتفاق بينهم والاختلاف يتوقف على مقدار تيقظهم واهتمامهم ومذاكرتهم ودقتهم وحفظهم، وبما أنّهم مختلفون في ذلك فإنهم قد يختلفون في أداء الرواية، والزيادة لون من ألوان الاختلاف. والذي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هذا الشأن يراهم لا يقبلونها مطلقاً ولا يردونها مطلقاً بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيح فتقبل تارة وتردّ أخرى، ويتوقف فيها أحياناً. وهذا هو الرأي المختار المتوسط الذي هو بين القبول والردِّ فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بها حسب ما يبدو للناقد العارف
(يُتْبَعُ)
(/)
بعلل الحديث وأسانيدها وأحوال الرواة بعد النظر في ذلك، أما الجزم بوجه من الوجوه من غير نظر إلى عمل النقاد فذلك فيه مجازفة. وانظر بلابد (أثر علل الحديث ص 254 – 280).
هل إن مراسيل سعيد بن المسيب مقبولة؟
قال الإمام النوويّ: ((اشتهر عند فقهاء أصحابنا أنّ مرسل سعيد بن المسيّب حجّة عند الشافعيّ، حتى أنّ كثيراً منهم لا يعرفون غير ذلك، وليس الأمر على ذلك، وإنّما قال الشافعي – رحمه الله – في مختصر المُزني: وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حَسَنٌ، فذكر صاحب المهذب وغيره من أصحابنا في أصول الفقه في معنى كلامه وجهين لأصحابه.
منهم من قال: مراسيله حجة لأنّها فتشت فوجدت مسانيد.
ومنهم من قال: ليست بحجة عنده بل هي كغيرها على ما نذكره، وإنّما رجّح الشافعي به، والترجيح بالمرسل صحيح. وحكى الخطيب أبو بكر هذين الوجهين لأصحاب الشافعي، ثم قال: الصحيح من القولين عندنا الثاني؛ لأنّ في مراسيل سعيد ما لم يوجد مسنداً بحال من وجهٍ يصحّ، وقد جعل الشافعي لمراسيل كبار التابعين مزية على غيرهم كما استحسن مرسل سعيد.
وروى البيهقي في مناقبه بإسناده عن الشافعي كلاماً طويلاً، حاصله: أنّه يقبل مرسل التابعي إذا أسنده حافظ غيره أو أرسله من أخذ عن غير رجال الأول أو كان يوافق قول بعض الصحابة، أو أفتى عوام أهل العلم بمعناه.
ثم قال البيهقي: فالشافعي يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها، فإن لم ينضم إليها ما يؤكدها لم يقبلها، سواء كان مرسل ابن المسيب أو غيره. قال: وقد ذكرنا مراسيل لابن المسيب لم يقل بها الشافعي حين لم ينضم إليها ما يؤكدها، ومراسيل لغيره قال بها حين انضم إليها ما يؤكدها.
قال: وزيادة ابن المسيب على غيره في هذا أنّه أصحّ التابعين إرسالاً فيما زعم الحفّاظ فهذا كلام الخطيب والبيهقي وإليهما المنتهى في التحقيق ومحلهما من العلم. بنصوص الشافعي ومذهبه وطريقته معروف. وأما قول الإمام أبي بكر القفال المروزي في أول شرح التلخيص: قال الشافعي في الرهن الصغير: مرسل ابن المسيب عندنا حجة. فهو محمول على ما ذكره البيهقي والخطيب)). انتهى كلام الإمام النووي.
ولكن! اعترض عليه العلائي في " جامع التحصيل " على قوله بالتسوية بين مراسيل سعيد بن المسيب ومراسيل غيره، وتكلّم بكلام نفيس، لا يسع المقال لنقله هنا، فراجعه تجد فائدة –إن شاء الله تعالى-. ينظر: الكفاية: (571 – 572 ت 404 – 405 ه)، ومناقب الشافعي 2/ 31، ومختصر المزني 8/ 78 في آخر كتاب الأم للشافعي، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 175 – 178، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 221، وجامع التحصيل: 46.
ما هو القول الفصل في تعريف الحديث الحسن؟
الحديث الحسن: وسطٌ بين الصحيح والضعيف، قال ابن القطّان في " بيان الوهم والإيهام " (1118): ((الحسن معناه الذي له حال بين حالي الصحيح والضعيف وبنحوه قال عقيب (1173). وقال عقيب (1432): ((ونعني بالحسن: ما له من الحديث منْزلة بين منْزلتي الصحيح والضعيف، ويكون الحديث حسناً هكذا؛ إما بأن يكون أحد رواته مختلفاً فيه، وثقّه قوم وضعّفه آخرون، ولا يكون ما ضعّف به جرحاً مفسراً، فإنّه إن كان مفسراً قدّم على توثيق من وثّقه، فصار به الحديث ضعيفاً))؛ ولما كان كذلك عَسُر على أهل العلم تعريفه.
قال الحافظ ابن كثير: ((وذلك لأنّه أمر نسبيٌ، شيءٌ ينقدح عند الحافظ، ربّما تقصر عبارته عنه)) (اختصار علوم الحديث: 37).
وقال ابن دقيق العيد: ((وفي تحرير معناه اضطرابٌ)). (الاقتراح: 162).
وذلك لأنّه من أدق علوم الحديث وأصعبها؛ لأنّ مداره على من اخُتلف فيه، وَمَن وهم في بعض ما يروي. فلا يتمكن كل ناقدٍ من التوفيق بين أقوال المتقدّمين أو ترجيح قولٍ على قولٍ إلا من رزقه الله علماً واسعاً بأحوال وقواعد هذا الفن ومعرفةٍ قوية بعلم الجرح والتعديل، وأمعن في النظر في كتب العلل، ومارس النقد والتخريج والتعليل عمراً طويلاً، ومارس كتب الجهابذة النقاد حتى اختلط بلحمه ودمه، وعرف المتشددين والمتساهلين من المتكلمين في الرجال، ومن هم وسطٌ في ذلك؛ كي لا يقع فيما لا تحمد عقباه؛ ولذلك قال الحافظ الذهبي: ((ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل الأحاديث الحسان فيها
(يُتْبَعُ)
(/)
؛ فأنا على إياسٍ من ذلك، فكم من حديثٍ تردد فيه الحفاظ هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ؟)). (الموقظة: 28).
وللحافظ ابن حجر محاولةٌ جيّدةٌ في وضعه تحت قاعدة كليةٍ فقد قال في النخبة: ((وخبر الآحاد بنقل عدلٍ تامّ الضبط، متصل السند غير معللٍ ولا شاذٍ: هو الصحيح لذاته … فإن خفّ الضبط، فالحسن لذاته)). (النخبة 29، 34).
وهي محاولةٌ جيدةٌ. وقد مشى أهل المصطلح على هذا من بعده. وحدّوا الحسن لذاته: بأنه ما اتصل سنده بنقل عدلٍ خف ضبطه من غير شذوذٍ ولا علةٍ)). وشرط الحسن لذاته نفس شرط الصحيح، إلا أنّ راوي الصحيح تامّ الضبط، وراوي الحسن لذاته خفيف الضبط. وسمّي حسناً لذاته؛ لأنّ حسنه ناشئ عن توافر شروط خاصّة فيه، لا نتيجة شيء خارج عنه.
وقد تبين لنا: أنَّ راوي الحسن لذاته هو الراوي الوسط الذي روى جملة من الأحاديث، فأخطأ في بعض ما روى، وتوبع على أكثر ما رواه؛ فراوي الحسن: الأصل في روايته المتابعة والمخالفة وهو الذي يطلق عليه الصدوق، لأنّ الصدوق هو الذي يهم بعض الشيء فنزل من رتبة الثقة إلى رتبة الصدوق. فما أخطأ فيه وخولف فيه فهو من ضعيف حديثه، وما توبع عليه ووافقه من هو بمرتبته أو أعلى فهو من صحيح حديثه. أما التي لم نجد لها متابعة ولا شاهداً فهي التي تسمّى بـ (الحسان)؛ لأنّا لا ندري أأخطأ فيها أم حفظها لعدم وجود المتابع والمخالف؟
وقد احتفظنا بهذه الأحاديث التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً وسمّيناها حساناً؛ لحسن ظننا بالرواة؛ ولأنّ الأصل في رواية الراوي عدم الخطأ، والخطأ طارئٌ؛ ولأنّ الصدوق هو الذي أكثر ما يرويه مما يتابع عليه. فجعلنا ما تفرد به من ضمن ما لم يخطأ فيه تجوزاً؛ لأنَّ ذلك هو غالب حديثه، ولاحتياجنا إليه في الفقه. وبمعنى هذا قول الخطّابي: ((… وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء)). ولا بأس أن نحد ذلك بنسبة مئوية فكأنّ راوي الحسن من روى – مثلاً لا حصراً – مائتي حديث، فأخطأ في عشرين حديثاً وتوبع في ثمانين. فالعشرون التي أخطأ فيها من ضعيف حديثه. والثمانون التي توبع عليها من صحيح حديثه. أما المائة الأخرى وهي التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً فهي من قبيل
(الحسن). ومن حاله كهذا: عاصم بن أبي النجود، فقد روى جملة كثيرة من الأحاديث فأخطأ في بعض وتوبع على الأكثر فما وجدنا له به متابعاً فهو صحيح، وما وجدنا له به مخالفاً أوثق منه عدداً أو حفظاً فهو من ضعيف حديثه. وما لم نجد له متابعاً ولا مخالفاً فهو (حسن) خلا روايته عن أبي وائل، وزر بن حبيش. وانظر: كتابنا كشف الإيهام الترجمة (328). وممن حاله كحال عاصم: ((عبيدة بن حميد الكوفي، وسليمان بن عتبة وأيوب ابن هانئ، وداود بن بكر بن أبي الفرات، ومحمد بن عمرو بن علقمة، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، ويونس بن أبي إسحاق، وسماك بن حرب)).
وهذا الرأي وإن كان بنحو ما انتهى إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلا أننا لم نجد من فصّله هكذا. وهو جدير بالقبول والتداول بين أهل العلم. وقد يتساءل إنسانٌ بأن من قيل فيهم: صدوق أو حسن الحديث قد اختلف المتقدمون في الحكم عليهم تجريحاً وتعديلاً. وجواب ذلك: أنّ الأئمة النقاد قد اطّلعوا على ما أخطأ فيه الراوي وما توبع عليه فكأنَّ المُجَرِّح رأى أن ما خولف فيه الراوي هو الغالب من حديثه، والمُعَدِّل كذلك رأى أن ما توبع عليه هو غالب حديثه فحكم كلٌّ بما رآه غالباً، غير أنا نعلم أنَّ فيهم متشددين يغمز الراوي بالجرح وإن كان خطؤه قليلاً، ومنهم متساهلين لا يبالي بكثرة الخطأ، وعند ذلك يؤخذ بقول المتوسطين المعتدلين.
ولذا نجد الحافظ ابن عدي في الكامل، والإمام الذهبي في الميزان يسوقان أحياناً ما أنكر على الراوي الوسط ثم يحكمان بحسن رواياته الأخرى. والله أعلم.
هل حديث: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) متواتر؟
نعم وقد ورد عن عدّة من الصحابة – رضي الله عنهم -، منهم:
جابر بن عبد الله، عند أحمد (3/ 280)، والدارمي (237)، وابن ماجه (33).
وخالد بن عرفطة، عند أحمد (5/ 292).
وزيد بن أرقم، عند أحمد (4/ 366).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأبو سعيد الخدري، عند أحمد (3/ 12 و 21 و 39 و 44 و 46 و 56) ومسلم (8/ 229 عقيب 3004).
وسلمة بن الأكوع، عند أحمد (4/ 47 و 50)، والبخاري (1/ 38 عقيب 109).
وابن عبّاس، عند أحمد (1/ 233 و 269)، والدارمي (238)، والترمذي (2950) و (2951).
وعبد الله بن عمرو، عند أحمد (2/ 171).
وابن مسعود، عند أحمد (1/ 402 و 405 و 454)، والترمذي (2659).
وعقبة بن عامر، عند أحمد (4/ 156).
وعلي بن أبي طالب، عند أحمد (1/ 130).
ومعاوية بن أبي سفيان، عند أحمد (4/ 100).
ويعلى بن مرّة، عند الدارمي (240).
والمغيرة بن شعبة عند البخاري (2/ 102)، ومسلم (1/ 10 عقيب 4).
وأبو هريرة، عند أحمد (2/ 413)، والدارمي (599)، والبخاري (1/ 38 و 7/ 54)، ومسلم (1/ 8 حديث 3).
وقد رواها جميعها، ابن الجوزي في تقدمة الموضوعات (1/ 55 – 93) وبسط الكلام في تخريجها اللكنوي في الآثار المرفوعة: 21 – 36.
ماهو القول الفصل في حماد بن سلمة؟
حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة له أوهام. قال أحمد: هو أعلم الناس بحديث خاله حميد الطويل. وقال ابن معين: هو أعلم الناس بثابت – يعني: ثابت البُناني – (الميزان 1/ 590 وما بعدها، تهذيب التهذيب 3/ 11 وما بعدها). وقال الحافظ في التقريب: ((ثقة عابد، أثبت الناس في ثابت، تغير حفظه بأخرة)) (التقريب 1499).
إذن: فحمّاد بن سلمة في أول أمره ثقة له أوهام، وهذا التعبير يشير إلى خفة في الضبط، لكن خفة الضبط تنجبر بطول الملازمة للشيخ وشدة العناية بحديثه. وحماد – كما ذكرنا – كثير الملازمة لثابت البناني، شديد العناية بحديثه، إذن: فما حدّث به حماد قبل اختلاطه، عن ثابت يعدّ من الحديث الصحيح. وحديثه عن غيره من قبيل الحسن، ثم تغير حماد لما كبر فساء حفظه، فكان حديثه في هذه المرحلة ضعيفاً. إذا عرفنا هذا: لننظر ماذا فعل الشيخان بحديث حماد بن سلمة: أما البخاري: فقد أخرج له في التاريخ، لكن ترك الحديث عنه في الصحيح. وأما مسلم: فقد غربل حديثه، وميّز منه أحاديث حدّث بها قبل الاختلاط.
ثم قسم هذه الأحاديث إلى قسمين:
القسم الأول: الأحاديث التي حدّث بها حماد عن ثابت، وهذه أخرجها مسلم في الصحيح أصولاً محتجاً بها.
القسم الثاني: الأحاديث التي حدّث بها عن غير ثابت، وهذه لم يخرّجها مسلم في الأصول، وإنّما أخرجها في الشواهد.
يقول الذهبي: ((احتجَّ مسلمٌ بحمّاد بن سلمة في أحاديث عدّة في الأصول. وتحايده البخاري)).
ويوضّح ما أجمله الذهبي هنا: كلام نقله الحافظ ابن حجر عن البيهقي يتحدث فيه عن حماد بن سلمة، قال البيهقي: ((أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت – لا يبلغ اثني عشر
حديثاً – أخرجها في الشواهد)). (ميزان الاعتدال 1/ 590 وما بعدها، وتهذيب التهذيب 3/ 11 والتقريب 1499، والكواكب النيرات: 460، وانظر لزاماً: أثر علل الحديث: 20 – 21).
الرسالة: أرجو تخريج الحديث التالي:
عن ميسرة قال:قلت يا رسول الله، متى كنت نبيا؟ قال: (لما خلق الله الأرض واستوى فسواهن سبع سماوات، وخلق العرش: كتب على ساق العرش: محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنة التي اسكنها آدم وحواء،فكتب اسمي على الأبواب والأوراق،والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد،فلما أحياه الله تعالى:نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله انه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه).
الجواب: هذاأخرجه ابن الجوزي في الوفاء بأحوال المصطفى: 331 بهذا المتن من طريق إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة، عن عبد الله بن سفيان،عن ميسرة، به.
وذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 2/ 95 ونسبه لابن الجوزي في الوفاء بفضائل المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
وقد ورد مختصراً على: ((متى كنت نبياً؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((وآدم بين الروح والجسد)).
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرجه أحمد 4/ 66 و5/ 379، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني: (2918) من طريق حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل.
وأخرجه ابن سعد 1/ 148 عن طريق ابن علية، عن وهب بن خالد، عن خالد الحذاء، به.
وأخرجه أحمد 5/ 59، وابن أبي عاصم في السنة (410)، والطبري في المنتخب من التذيل المذيل11/ 569 والطبري 20/ (834) عن طريق عبد الرحمن بن المهدي عن منصور بن سعد، عن بديل، عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة.
وأخرجه ابن سعد 7/ 60 والطحاوي في شرح المشكل (5977) والطبري 20/ (833)، والحاكم 2/ 608، والبيهقي في دلائل النبوة 1/ 84 – 85 و2/ 129 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بديل به.
وأخرجه ابن سعد 1/ 148 و الطحاوي شرح المشكل (5976) من طريق خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن أبي الجدعاء، به.
كلهم اقتصروا على قوله: ((قلت: يا رسول الله، متى كنت نبياً؟ قال: وآدم بن الروح والجسد)).
بارك الله في الأخ العزيز خالد أهل السنة على إحضار الشيخ للمنتدى والذي سيعطيني فرصة في طرح أسئلة له ومن مدة وأنا أتمنى أن تقوم الشبكة أعني شبكة الدفاع عن السنة باستضافة المشائخ والدعاة للاستفادة منهم والتعريف بهم
كلامي الآن للشيخ الفحل وفقه الله
أقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أحب أن أشكر لك جهودك في مجال السنة وأسأل الله أن يبارك في علمك ووقتك وجهدك وأن يطيل عمرك على طاعته.
سؤالي في مجال المصطلح
فقد وقع بيني وبين أحد المخالفين - وأظنه حبشي أو كوثري - نزاع حول الألباني رحمه الله.
فهو ينكر كون الألباني محدثا وعليه لا ينبغى له أن يتناول الأحاديث بالنقد فسارعت ببيان ماهو المحدث عبر كتابي المتواضع تيسير علوم الحديث للطحان وأنه من اهتم بالحديث رواية ودراية.
وانجر النقاش بيني وبينه في مواضيع لا داعي لذكرها
لكن في النهاية.
قرر الذي أناقشه قاعدة
ألا وهي
أنه لا يتناول التصحيح والتضعيف أحد إلا الحافظ
ثم نقل نقولات عن علماء أهاب أن أنتقدهم أو أعترض عليهم
وأنا طويلب علم ومكتبتي هزيلة ونفسي في البحث ليس بذاك.
كما أنني لا أعرف المواطن التي تكلم العلماء فيها في هذه المسألة
فرمت بمكر أن أنقل من كتابي السابق أن الحافظ له اصطلاحان عند أهل الفن
1 - بمعنى المحدث.
2 - أنه الذي حفظ الأحاديث حتى ما يفوته منها إلا النزر القليل.
لكن لم أشأ وضع هذه المعلومة لشعوري أنها لا تساعد في الحوار
فأردت أن أنشيء كلاما عاطفيا يستدر الدموع
ولكن كما تعرف أن أي شيء يفتقد العلمية لا يساوي الهباء المنثور.
ولذلك أحب أن تعطيني نصوص لأهل العلم تثبت أن الحفظ ليس شرطا لمن يصحح الأسانيد والمتون.
وأحب أن أبين أنني على يقين هذا المحاور يجوزها لمن هم على نحلته وإذا واجهناه بتصحيحات أهل السنة للأحاديث الواهية التي يستدل بها يقول:
تصحيح الأحاديث لا يقبل إلا من الحفاظ.
وهذا نص استدلاله على هذه المسألة:
اقتباس:
قال الحافظ السيوطي في ألفيته (10) في علم الأثر:
وخذه حيث حافط عليه نص ومن مصنف بجمعه يخص
وقال الحافظ سراج الدين البلقيني كما في "التدريب" (11): "الحسن لما توسط بين الصحيح والضعيف عند الناظر كان شيئا ينقدح في نفس الحافظ، وقد تقصر عبارته عنه كما قيل في الاستحسان فلذلك صعب تعريفه وسبقه إلى ذلك ابن كثير" اهـ
ففيه كما ترى اشتراط الحفظ في التحسين وأنه من خصائص الحافظ وبالأولى التصحيح (12).
وقال النووي في مختصر علوم الحديث (13): "وقولهم: حديث حسن الإسناد أو صحيحه دون قولهم حديث صحيح أو حسن، لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو علة، فإن اقتصر على ذلك حافظ معتمد فالظاهر صحة المتن وحسنه " اهـ.
وقال السيوطي من التدريب تفريعا على قول النووي في المتن المذكور ءانفا ما نصه: "من رأى في هذه الأزمان حديثا صحيح الإسناد في كتاب أو جزء ولم ينص على صحته حافظ معتمد، قال الشيخ:- يعني ابن الصلاح-: لا يحكم بصحته لضعف أهلية أهل هذه الأزمان، والأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت معرفته" انتهى كلام النووي (14) ما نصه (15): "ولم يتعرض المصنف ومن بعده كابن جماعة وغيره ممن اختصر ابن الصلاح، والعراقي في الألفية، والبلقيني، وأصحاب النكت إلا للتصحيح فقط وسكتوا عن التحسين" اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم قال (16): "ثم تأملت كلام ابن الصلاح فرأيته سوى بينه وبين التصحيح حيث قال: "فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في كتبهم " وقد منع فيما سيأتي، ووافقه عليه المصنف وغيره، أن يجزم بتضعيف الحديث اعتمادا على ضعف إسناده لاحتمال أن يكون له إسناد صحيح غيره. ولا شك أن الحكم بالوضع أولى بالمنع قطعا إلا حيث لا يخفى كالأحاديث الطوال الركيكة التي وضعها القصاص أو ما فيه مخالفة للعقل أو الإجماع " اهـ.
فهذا صريح في دفع ما صنع الألباني وأشياعه من الإقدام على التضعيف للأحاديث التي نص الحفاظ على تصحيحها من غير أن يكون لهه في ذلك سلف صرح بذلك، وهو يعلمون من أنفسهم أنه ليسوا بحافظ بل ولا
عشر الحافظ في المعنى، ألا فاعجبوا لهم، ثم اعجبوا.
الجواب: أخي الكريم بارك الله فيك على حرصك على السنة، ونفع بك الإسلام.
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله محدث علامة معاصر خدم الإسلام والسنة النبوية ونصرت به عقيدة التوحيد، ومؤلفاته النافعة الماتعة ينتفع بها كل أحد. وما ذكر من اشتراط الحفظ فهذا يختلف حسب كل زمان، والشيخ ناصر قد توفر به آلات الحكم على الأحاديث، ولا تغتر بأقوال المخالفين الحاقدين الذين يريدون أن ينالوا من الإسلام عن طريق النيل من علماء الأمة. والحافظ ابن الصلاح لم يرد غلق باب التصحيح والتضعيف أنما أراد التعسير وأنه لا يستطيعه كل أحد.
أما عن السؤال حول الفرق بين الاضطراب والاختلاف
الفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف
الْحَدِيْث المضطرب: هُوَ ما اختلف راويه فِيْهِ، فرواه مرة عَلَى وجه، ومرة عَلَى وجه آخر مخالف لَهُ. وهكذا إن اضطرب فِيْهِ راويان فأكثر فرواه كُلّ واحد عَلَى وجه مخالف للآخر.
ومن شرط الاضطراب: تساوي الروايات المضطربة بحيث لا تترجح إحداها عَلَى الأخرى.
أما إذا ترجحت إحدى الروايات فلا يسمى مضطرباً، بَلْ هُوَ مطلق اختلافٍ، قَالَ العراقي: ((أما إذا ترجحت إحداهما بكون راويها أحفظ، أو أكثر صُحْبَة للمروي عَنْهُ، أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيح؛ فإنه لا يطلق عَلَى الوجه الراجح وصف الاضطراب ولا لَهُ حكمه، والحكم حينئذ للوجه الراجح)). وهذا أمر معروف بَيْنَ الْمُحَدِّثِيْنَ لا خلاف فِيْهِ؛ لذا نجد المباركفوري يَقُوْلُ: ((قَدْ تقرر في أصول الْحَدِيْث أنّ مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب، بَلْ من شرطه استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّمَ)).
فعلى هَذَا شرط الاضطراب تساوي الروايات، أما إذا ترجحت إحداهما
عَلَى الأخرى فالحكم للراجحة، والمرجوحة شاذة أَوْ منكرة. وعليه فإن كَانَ أحد الوجوه مروياً مِنْ طريق ضعيف والآخر من طريق قوي فلا اضطراب والعمل بالطريق القوي، وإن لَمْ يَكُنْ كذلك، فإن أمكن الجمع بَيْنَ تِلْكَ الوجوه بحيث يمكن أن يَكُوْنَ المتكلم باللفظين الواردين عَنْ معنى واحد فلا إشكال أَيْضاً؛ مِثْل أن يَكُوْنَ في أحد الوَجْهَيْنِ قَدْ قَالَ الرَّاوِي: عَنْ رجل، وفي الوجه الآخر يسمي هَذَا الرجل، فَقَدْ يَكُوْن هَذَا المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم؛ فَلاَ اضطراب إذن ولا تعارض، وإن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بأن يسمي مثلاً الرَّاوِي باسم معينٍ في رِوَايَة ويسميه باسم آخر في رِوَايَة أخرى فهذا محل نظر وَهُوَ اضطراب إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران:
أحدهما: أنه يجوز أن يَكُوْن الْحَدِيْث عَنْ الرجلين معاً.
والثاني: أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد واختلف فِيْهِ. فههنا لا يخلو أن يَكُوْن الرجلان كلاهما ثقة أو لا، فإن كانا ثقتين فهنا لا يضر الاختلاف عِنْدَ الكثير؛ لأنّ الاختلاف كيف دار فهو عَلَى ثقة، وبعضهم يقول: هَذَا اضطراب يضر؛ لأنه يدل عَلَى قلة الضبط.
إذن شرط الاضطراب الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية التوفيق بَيْنَ الوجوه المختلفة والترجيح عَلَى منهج النقاد وعلى ما تقدم يتبين لنا أنّ بَيْنَ الاضطراب والاختلاف عموماً وخصوصاً، وَهُوَ أن كُلّ مضطرب مختلف فِيْهِ، ولا عكس. فالاختلاف أعم من الاضطراب إِذْ شرط الاضطراب أن يَكُوْن قادحاً، أما الاختلاف فربما كَانَ قادحاً وربما لَمْ يَكُنْ قادحاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثُمَّ إنه ليس كُلّ اختلاف يؤدي إلى وجود الاضطراب، إِذْ إن ما يشبه أن يَكُوْن اضطراباً ينتفي عَنْ الْحَدِيْث إذا جمع بَيْنَ الوجوه المختلفة أو رجح وجه مِنْهَا عَلَى طريقة النقاد لا عَلَى طريقة التجويز العقلي.
أما عن السؤال بأن الحديث إذا روي مرسلاً وروي مرة أخرى موصولاً .... فالجواب عنه على هذا التفصيل:
الوَصْل هنا بمعنى الاتصال، والاتصال هُوَ أحد الشروط الأساسية في صِحَّة الحَدِيْث، بَلْ هُوَ أولها،
وكل من عرّف الصَّحِيح أبتدأ أولاً بذكر الاتصال، والاتصال: هُوَ سَمَاع الحَدِيْث لكل راوٍ من الرَّاوِي الَّذِي يليه.
ويعرف الاتصال بتصريح الرَّاوِي بإحدى صيغ السَّمَاع الصريحة، وَهِيَ حَدَّثَنَا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت، وَقَالَ لَنَا، وغيرها من الصيغ.
وهذا هُوَ الأصل. وربما حصل التصريح في السَّمَاع في بَعْض الأسانيد، لَكِنْ صيارفة الحَدِيْث ونقاده يحكمون بخطأ هَذَا التصريح، ثُمَّ الحكم عَلَى الرِّوَايَة بالانقطاع، قَالَ ابن رجب: ((وَكَانَ أحمد يستنكر دخول التحديث في كَثِيْر من الأسانيد، ويقول: هُوَ خطأ، يعني ذكر السَّمَاع)). وَقَدْ بحث ابن رجب ذَلِكَ بحثاً واسعاً، ثُمَّ قَالَ: ((وحينئذٍ ينبغي التفطن لهذه الأمور، وَلاَ يغتر بمجرد ذكر السَّمَاع و التحديث في الأسانيد، فَقَدْ ذكر ابن المديني: أن شُعْبَة وجدوا له غَيْر شيء يذكر فِيهِ الإخبار عن شيوخه، ويكون منقطعاً)).
وأعود إلى التفصيل السابق ثُمَّ أقول: أما إذا كَانَتِ الرِّوَايَة بصيغة من الصيغ المحتملة، مِثْل: عن، أو أن أو حدث، أو أخبر، أو قَالَ، فحينئذٍ يَجِبُ توفر شرطين في الرَّاوِي لحمل هذِهِ الصيغة عَلَى الاتصال:
الشرط الأول: السلامة من التَّدْلِيْس، أي: أن لا يَكُون من رَوَى هكذا مدلساً.
الشرط الثاني: المعاصرة وإمكان اللقاء، وَقَدِ اكتفى بهذين الشرطين كثيرٌ من المُحَدِّثِيْنَ، وأضاف عَلَي بن المديني و البُخَارِيّ وآخرون شرطاً ثالثاً، وَهُوَ: ثبوت اللقاء وَلَوْ مرة وَاحِدَة.
والاتصال في السَّنَد لا يشترط أن يَكُون في طبقة وَاحِدَة فَقَطْ، بَلْ يشترط أن يَكُون من أول السَّنَد إلى آخره؛ فإذا اختل الاتصال فِي مَوْضِع من المواضع سمي السَّنَد منقطعاً، وَكَانَ يطلق عَلَيْهِ فِي القرون المتقدمة مرسلاً، ثُمَّ استقر الاصطلاح بعد عَلَى أن المُرْسَل هُوَ: مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ ?.
ولما كَانَ الاتصال شرطاً للصحة فالانقطاع ينافي الصِّحَّة، إذن الانقطاع أمارة من أمارات الضعف؛ لأن الضَّعِيف مَا فَقَدْ شرطاً من شروط الصِّحَّة.
والانقطاع قَدْ يَكُون فِي أول السَّنَد، وَقَدْ يَكُون فِي آخره، وَقَدْ يَكُون فِي وسطه، وَقَدْ يَكُون الانقطاع براوٍ واحد أو أكثر. وكل ذَلِكَ من نَوْع الانقطاع، والذي يعنينا الكلام عَلَيْهِ هنا هُوَ الكلام عن الانقطاع فِي آخر الإسناد، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالمرسل عِنْدَ المتأخرين، وَهُوَ مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ ?.
لِذلِكَ فإن الحَدِيْث إذ روي مرسلاً مرة، وروي مرة أخرى موصولاً، فهذا يعد من الأمور الَّتِي تعلُّ بِهَا بَعْض الأحاديث، ومن العلماء من لا يعدُّ ذَلِكَ علة، وتفصيل الأقوال في ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي:
القَوْل الأول: ترجيح الرِّوَايَة الموصولة عَلَى الرِّوَايَة المرسلة؛ لأَنَّهُ من قبيل زيادة الثِّقَة.
القَوْل الثَّانِي: ترجيح الرِّوَايَة المرسلة.
القَوْل الثَّالِث: الترجيح للأحفظ.
القَوْل الرابع: الاعتبار لأكثر الرواة عدداً.
القَوْل الخامس: التساوي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ و التوقف.
هَذَا ما وجدته من أقوال لأهل العِلْم في هذِهِ المسألة، وَهِيَ أقوال متباينةٌ مختلفة، وَقَدْ أمعنت النظر في صنيع المتقدمين أصحاب القرون الأولى، وأجلت النظر كثيراً في أحكامهم عَلَى الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها، فوجدت بوناً شاسعاً بَيْنَ قَوْل المتأخرين وصنيع المتقدمين، إذ إن المتقدمين لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث أول وهلة، وَلَمْ يجعلوا ذَلِكَ تَحْتَ قاعدة كلية تطرد عَلَيْهَا جَمِيْع الاختلافات، وَقَدْ ظهر لي من خلال دراسة مجموعة من الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها: أن الترجيح
(يُتْبَعُ)
(/)
لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية، لَكِنْ يختلف الحال حسب المرجحات والقرائن، فتارة ترجح الرِّوَايَة المرسلة وتارة ترجح الرِّوَايَة الموصولة. وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية وأكثر التصحيح و التعليل، وحفظ جملة كبيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرِّجَال وعرف دقائق هَذَا الفن وخفاياه حَتَّى صار الحَدِيْث أمراً ملازماً لَهُ مختلطاً بدمه ولحمه.
ومن المرجحات: مزيد الحفظ، وكثرة العدد، وطول الملازمة للشيخ. وَقَدْ يختلف جهابذة الحديث في الحكم عَلَى حَدِيث من الأحاديث، فمنهم: من يرجح الرِّوَايَة المرسلة، ومنهم: من يرجح الرِّوَايَة الموصولة، ومنهم: من يتوقف.
س: هل تعطى الزكاة في بناء المساجد، وهل يدخل ضمن في سبيل الله؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة فأجابت:
س17: أجاز بعض العلماء صرف الزكاة في بناء المساجد والمستشفيات والمؤسسات الخيرية، وراح البعض يستجيز صرفها إلى النوادي الرياضية والجمعيات الثقافية الرياضية التي لا تحمل أي طابع إسلامي.
ج17: لا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد والمستشفيات والمؤسسات الخيرية وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذا الموضوع وهذا مضمونه:
(بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم، في بيان المراد بقوله الله تعالى في آية مصارف الزكاة: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ)، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها، ولم يحصرها في الغزاة؛ فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين، إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه. رأى أكثر الأعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء: أن المراد بقوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) في آية مصارف الزكاة: الغزاة المتطوعين بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء المساجد وقناطر وأمثالها إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم)
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 10) صفحة (39 - 40). الفتوى (2909)
ج18: سبق أن بحثت كبار العلماء بالمملكة السعودية هذا الموضوع، وأصدرت قراراً بينت فيه الحكم، فتكتفي اللجنة بذكر مضمونه فيما يلي لاشتماله على الإجابة عن هذا الاستفتاء:
(بعد الاطلاع على ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك من أقوال أهل العلم في بيان المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ)، ودراسة أدلة كل قول، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزمهم من أجل الغزو خاصة، وأدلة من توسع في المراد بها، ولم يحصرها في الغزاة، فأدخل فيها بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين إلى غير ذلك من أعمال البر ووجوهه، ورأى أكثر أعضاء الهيئة الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء أن المراد بقوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) في آية مصارف الزكاة الغزاة المتطوعين بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها لما وجد من مصارفها الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة من بناء مساجد وقناطر وأمثالها، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الأصناف الثمانية المنصوص عليها في آية مصارف الزكاة.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 10) صفحة (47 - 48). الفتوى (1071)
س: لمن تصرف الزكاة ونأمل تفسير كل نوع من مستحقيها؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
ج16:تصرف للأصناف الثمانية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
(يُتْبَعُ)
(/)
الفقير: الذي يجد بعض ما يكفيه. والمسكين: الذي لا شيء له، وقال بعض العلماء بالعكس، وهو الراجح. والمراد بالعاملين عليها: السعادة الذي يبعثهم إمام المسلمين أو نائبه لجبايتها، ويدخل في ذلك كاتبها وقاسمها. والمراد بالمؤلفة قلوبهم: من دخل في الإسلام وكان في حاجة إلى تأليف قلبه لضعف إيمانه. والمراد بقوله تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ): عتق المسلم من مال الزكاة، عبداً كان أو أمة، ومن ذلك فك الأسارى ومساعدة المكاتبين. والمراد بالغارمين: من استدان في غير معصية، وليس عنده سداد لدينه، ومن غرم في صلحٍ مشروع. والمراد بقوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ): إعطاء الغزاة والمرابطين في الثغور من الزكاة ما ينفقونه في غزوهم ورباطهم. والمراد بابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله، فيعطي ما يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده ولو كان غنياً في بلده. وإذا أردت التوسع في ذلك فراجع تفسير البغوي وابن كثير.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 10) صفحة (6).
الفتوى (6375)
س: ما هي أحكام زكاة الفطر؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
الفتوى رقم (2675)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من مدير صوامع الغلال بالرياض إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إليها من الأمانة برقم 1953/ 2 وتاريخ 11/ 10 / 1399 ه ونصه:
نرجو من سماحتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية في مدى جواز إخراج زكاة الفطر من الحبوب غير القمح ومن الطعام ونقداً. حيث أن الدولة جرياً على عادتها في مساعدة المزارعين تقوم بشراء القمح منهم عن طريق المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق بأسعار تشجيعية، تبلغ ثلاث ريالات ونصف للكيلو جرام الواحد؛ ليتم طحنه بمطاحن المؤسسة وإنتاج الدقيق الأبيض الذي يباع للمواطنين بأسعار رمزية تبلغ أحد عشر ريالاً، وثلاثة عشر ريالاً للكيس، حسب النوعية، غير أن تكلفة الإنتاج تبلغ أكثر من خمسة أضعاف هذا السعر وذلك مساعدة من الدولة للمواطنين وتخفيف غلاء المعيشة عنهم.
ولكن إذا ما تطلب الأمر بيع القمح للمواطنين فإنه لا يمكن للمؤسسة أن تبيعه بأقل من سعر مشتراه أي 3,5 ريالاً حتى لا يستفيد البعض بشراء القمح بأقل من 3,5 ريال ثم إعادة بيعه إلى المؤسسة بهذا السعر المرتفع، وذلك كنوع من الرقابة والمحافظة على الأموال العامة التي تقع مسئوليتها علينا أمام الله سبحانه وتعالى.
وأجابت بما يلي:
تخرج زكاة الفطر من البر والتمر والزبيب والأقط والأرز ونحو ذلك مما يتخذه الإنسان طعاماً لنفسه وأهله عادة ولا يجوز إخراجها من النقود.
وقد صدرت فتوى مفصلة من اللجنة الدائمة فيها بيان حكم زكاة الفطر وما تخرج منه ومن تخرج عنه مع الأدلة، هذا نصها:
زكاة الفطر عبادة، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تخرج منه، وذلك فيما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الناس في رمضان: صاعاً من التمر أو صاعاً من الشعير، على كل حر وعبد، ذكر أو أنثى من المسلمين)، وما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من الطعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط أو صاعاً من التمر أو صاعاً من الزبيب) متفق على صحته. ولا شك أن الفقراء والمساكين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان منهم من يحتاج إلى كسوة ولوازم أخرى سوى الأكل، لكثرتم وكثرة السنوات التي أخرجت فيها زكاة الفطر، ومع ذلك لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتبر اختلاف نوع الحاجة في الفقراء، فيفرض لكل ما يناسبه من طعام لأكله صغيراً أو كبيراً، ولم يعرف ذلك عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، بل كان المعروف الإخراج مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوات، ومن لزمه شيء غير الطعام ففي إمكانه أن يتصرف فيما بيده حسب ما تقتضي مصلحته.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 9) صفحة (382 - 384).
س: ما حكم زكاة عروض التجارة؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
الفتوى رقم (2324)
(يُتْبَعُ)
(/)
س12: أتانا سائل من المغرب فذكر أنه حصل خلاف ونزاع ين علماء المغرب حول زكاة عروض التجارة، منهم من يوجب فيها الزكاة، ومنهم من لا يوجب فيها الزكاة؛ احتجاجاً بالآية، وأنها لم تذكر إلا الذهب والفضة، ويقول: إن غير الذهب والفضة من النقود والعروض لا تلحق لا بالذهب ولا بالفضة، وأما البقية من زكاة الحبوب والثمار والإبل والغنم والبقر فلا خلاف فيها، فنأمل الكتابة في هذا الموضوع ليقنع الخصم. أثابكم الله.
ج12:أولاً: اختلف الفقهاء في وجوب الزكاة في عروض التجارة، فأوجبها الجمهور، ولم يوجبها داود بن علي الظاهري وجماعة، وقد استدل الجمهور بما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً فقال: منع العباس وخالد وابن جميل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم تظلمون خالداً، إن خالداً احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)) فدل ذلك على أن الزكاة طلبت منه في دروعه وأعتاده وهي لا زكاة فيها، إلا أن تكون عروضاً جعلت للتجارة، وخالد لم يجعلها عروضاً للتجارة، وإنما احتبسها في سبيل الله، وبما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع)، وبما رواه الدار قطني عب أبي ذر رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته))) ولا خلاف في أنها لا تجب في عين البز، فثبت أنها واجبة في قيمته، وذلك إنما يكون إذا جعل للتجارة، وبما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال: أمرني عمر قال: أد زكاة مالك، فقلت: ما لي مال إلا جعاب وأدم، فقال: قومها ثم أد زكاتها. وبما ثبت عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارَّي قال: كنت على بيت المال زمان عمر بن الخطاب، فكان إذا خرج العطاء جمع أموال التجارة ثم حسبها غائبها وشاهدها، ثم أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد. وبما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: (لا بأس بالتربص حتى المبيع والزكاة واجبة فبه)، وصح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة)، وقد اشتهر ما ذكر عن الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر فكان إجماعاً، وتأويل ما ذكر بحمله على صدقة التطوع خلاف الظاهر، بل خلاف لما صرح به من تسميته زكاة في بعض الأحاديث والآثار.
واستدل من لم يوجب الزكاة في عروض التجارة. بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة))، وثبت أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من الحب والثمر صدقة))، وثبت أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر))، وثبت أنه لما بين حق الله تعالى في الإبل والبقر والغنم والكنز سئل عن الخيل، فقال: ((الخيل لثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر)) فسئل عن الحمر، فقال: ((ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ))) فدل عموم ذلك على أنها ليس فيها زكاة، سواء أعدت للتجارة أم لا، ويجاب عن ذلك بحمله على عدم وجوب الزكاة في أعيانها، وهذا لا ينافي وجوب الزكاة في قيمتها من الذهب والفضة، فإنها ليست مقصودة لأعيانها فإنما هي مقصودة لقيمتها، فكانت قيمتها هي المعتبرة، وبذلك يجمع بين أدلة ونفي وجوبها في العروض وإثباتها فيها.
هل يزكى الذهب المعد للاستعمال؟
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت:
الفتوى رقم (1797)
س10: إنني أرغب من فضيلتكم إفادتي وإخواني عن موضوع زكاة الذهب أو الحلي الذهبية والفضية المعدة للاستعمال، وليس للبيع والشراء، حيث أن البعض يقول: إن المعد منها للبس ليس فيه زكاة، والبعض الآخر يقول: فيها زكاة سواء للاستعمال أو للتجارة، وأن الأحاديث الواردة في زكاة المعدة للاستعمال أقوى من الأحاديث الواردة بأنه لا زكاة فيها، آمل من سعادتكم التكرم بإجابتي خطياً على ذلك إجابة واضحة جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير جزاء؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ج10: أجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في حالي الذهب والفضة إذا كان حلياً محرم الاستعمال، أو كان معداً للتجارة أو نحوها. أما إذا كان حلياً مباحاً معداً للاستعمال أو الإعارة كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح، فقد اختلف أهل العلم في وجوب زكاته؛ فذهب بعضهم إلى وجوب زكاته لدخوله في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، الآية، قال القرطبي في تفسيره ما نصه: وقد بين ابن عمر في صحيح البخاري هذا المعنى، قال له أعرابي: أخبرني عن قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّة)، قال ابن عمر: (من كنزها ولم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهراً للأموال) ولورود أحاديث تقضي بذلك ومنها ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟))، فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله، وما روى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه والدارقطني والبيهقي في سننهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: ((ما هذا يا عائشة؟)) فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: ((أتؤدين زكاتهن؟)) قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: ((هو حسبك من النار))، وما رووا عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب فقلت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن يؤدي زكاته فزكي فليس بكنز))، وذهب بعضهم إلى أنه لا زكاة فيه؛ لأنه صار بالاستعمال المباح من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، وأجابوا عن عموم الآية الكريمة بأنه مخصص بما جرى عليه الصحابة رضوان الله عنهم، فقد ثبت بإسناد صحيح أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة، وروى الدارقطني بإسناده عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها كانت تحلي بناتها بالذهب ولا تزكيه نحواً من خمسين ألفاً، وقال أبو عبيد في كتابه الأموال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزوج المرأة من بناته على عشرة آلاف فيجعل حليها من ذلك أربعة آلاف، قال فكانوا لا يعطون عنه يعني الزكاة، وقال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عمرو بن دينار قال: سئل جابر بن عبد الله: أفي الحلي زكاة؟ قال لا، قيل: وإن بلغ عشرة آلاف قال: كثير، وأجابوا عن الأحاديث الواردة نصاً في وجوب الزكاة فيه بأن في أسانيدها ما يضعف الأحتجاج بها، فقد وصفها ابن حزم في المحلى بأنها آثار واهية لا وجه للاشتغال بها، وقال الترمذي بعد روايته حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وقال ابن بدلر الموصلي في كتابه المغني عن الحفظ والكتاب فيما لم يصح فيه شيء من الأحاديث في الباب: باب زكاة الحلي، قال المصنف لا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء عن الشوكاني في السيل الجرار تعليقاً على كتاب المغني عن الحفظ والكتاب، لم يرد في زكاة الحلي حديث صحيح وقال بعضهم زكاته عاريته.
والأرجح من القولين قول من قال بوجوب الزكاة فيها، إذا بلغت النصاب، أو كان لدى مالكيها من الذهب والفضة أو عروض تجارة ما يكمل النصاب؛ لعموم الأحاديث في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وليس هناك مخصص صحيح فيما نعلم، ولأحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وأم سلمة المتقدم ذكرها، وهي أحاديث جيدة الأسانيد، لا مطعن فيها مؤثر، فوجب العمل بها. أما تضعيف الترمذي وابن حزم لها والموصلي فلا وجه له فيما نعلم من العلم بأن الترمذي رحمه الله معذور فيما ذكره؛ لأنه ساق حديث عبد الله بن عمرو من طريق ضعيفة وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق أخرى صحيحة، ولعل الترمذي لم يطلع عليها.
س ماهي مقادير أنصبة الزكاة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
سئلت اللجنة الدائمة عن هذا فأجابت بتفصيل موسع:
أولاً: وجوب الزكاة بأدلتها:
هي فرض بل هي أحد أركان الإسلام الخمسة، والأصل في فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فمنه قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون)، وقوله عز وجل: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)، وقوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)، فكل مال زكوي لم تؤد زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة. والآيات الدالة على فريضتها كثيرة اكتفينا بما ذكرنا.
وأما السنة فالأحاديث الواردة في فريضتها كثيرة: منها ما ورد في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: ((أخبرهم – وفي لفظ: أعلمهم – أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم)) رواه البخاري ومسلم في الصحيحين. وثبت عن رسول الله أنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)) متفق في صحته.
وأما الإجماع: فإن الأمة مجمعة على فريضتها.
ثانياً: الأنصباء ومقدار ما يخرج:
تجب الزكاة في بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والنقدين، وعروض التجارة.
أما بهيمة الأنعام فهي الإبل والبقر والغنم، ولا تجب إلا في السائمة منها، وهي التي ترعى في أكثر الحول، فالإبل لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً، فتجب فيها شاة، وفي العشر شاتان، وفي خمس عشر ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه،فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض وهي التي لها سنة، فإن عدمها أجزأه ابن لبون، وهو الذي له سنتان، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حقة، وهي التي لها ثلاث سنين، وفي إحدى وستين جذعة، وهي التي لها أربع سنين، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان، إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، فإذا بلغت مئتين اتفق الفرضان؛ فإن شاء أخرج أربع حقاق، وإن شاء خمس بنات لبون، وليس فيما بين الفريضتين من شيء، ومن وجب عليه سن فعدمها أخرج السن التي تليها من أسفل ومعها شاتان أو عشرون درهماً، وإن شاء أخرج السن التي تليها من أعلى منها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً من الساعي، والأصل في ذلك ما ثبت عن أنس رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب، لما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئِل فوقها فلا يُعْطِ – في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، من الغنم من كل خمس شاه، إذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة، طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت يعني: ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان، طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة،ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاه) الحديث. رواه البخاري ورواه مالك وغيره من حفاظ الإسلام واعتمدوه وعدوه من قواعد الإسلام، وقالوا: إنه أصل عظيم يعتمد عليه، وقال أحمد: لا
(يُتْبَعُ)
(/)
أعلم في الصدقة أحسن منه، وفي هذا الحديث دليل على أن الأوقاص ليس فيها شيء. وروى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم: (من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصَّدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده، وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين). وأخرج الدارقطني عن عبيد الله بن صخر قال: عهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله أهل اليمن أنه ليس في الأوقاص شيء، وفي السنن نحوه من حديث ابن عباس، والوقص ما بين الفريضتين، كما بين خمس وعشر من الإبل يستعمل فيما لا زكاة فيه كأربع،ولأبي داود والنسائي وأحمد وغيرهم، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً: (في كل سائمة إبل، في أربعين بنت لبون .. )، والسائمة الراعية، قال الجوهري وغيره: سامت الماشية رعت، وأسمتها: أخرجتها للمرعى، وتكلم بعض أهل العلم في بهز، وقال ابن معين: سنده صحيح، وحكى الحاكم الاتفاق على تصحيح حديث بهز عن أبيه عن جده.
وأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين، فيجب فيها تبيع، أو تبيعة:وهي التي لها سنة، وفي أربعين مسنة: وهي التي لها سنتان، وفي الستين تبيعان أو تبيعتان، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة. والأصل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة) رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه النسائي وابن حبان والحاكم. زاد أبو داود: (وليس في العوامل صدقة) صححه الدارقطني والمعنى ليس في التي يسقى عليها ويحرث عليها وتستعمل في الأثقال زكاة. وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة، وشرط السوم في إيجاب الزكاة في البقر مقيس على ما ثبت في الإبل والغنم من حديث أنس عبد البخاري وحديث بهز المتقدم.
وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين، فتجب فيها شاه إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان، إلى مئتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شاه، في كل مائة شاة:شاة، ويؤخذ من المعز الثني ومن الظأن الجذع ولا يؤخذ تيس ولا هرمة ولا ذات عوار: وهي المعيبة ولا الربا: وهي التي تربي ولدها، ولا الحامل ولا كرائم المال إلا أن يشاء ربه، والأصل في ذلك ما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب الصدقات الذي كتبهُ لهُ أبو بكر الصديق رضي الله عنه لّما وجهه إلى البحرين عاملاً عليها: (هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين .. )، وذكر الإبل، قال: ( .. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق) رواه البخاري وأهل السنن وغيرهم. ولأبي داود وغيره من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((… لا نعطي الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خياره، ولم يأمركم بشراره)).
انتهى الحديث. وتؤخذ مريضة من مراضٍ إجماعاً، وكذا معيبة من معيبات؛ لأن الزكاة مواساة ودلت الأحاديث أنها تخرج من أوساط المال، لا من خياره، ولا من شراره.
وأما الخارج من الأرض فيشمل:
(يُتْبَعُ)
(/)
الحبوب، والثمار، والمعدن، والركاز، وفيما يلي تفصيل الكلام على ذلك:
1 - الحبوب والثمار:
تجب الزكاة في الحبوب وفي كل ثمر يكال ويدخر، ويعتبر لوجوبها في الحبوب والثمار شرطان:
أحداهما: أن تبلغ نصاباً قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه، ونصف العشر فيما سقي بكلفة؛ كالمكائن، فإن كن يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر أعتبر الأكثر، فإن جهل المقدار وجب العشر، وإذا أشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين، فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة، سواء خرصت أم لم تخرص، ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً، وينبغي أن يبعث الإمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمر، فيخرصه عليهم ليتصرفوا فيه، فإن كان أنواعاً خرص كل نوع وحده، وإن كان نوعاً واحداً خرص كل شجرة وحدها، وله خرص الجميع دفعة واحدة، ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث، أو الربع، فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بعد ذلك ولا يحسب عليه، ولا تجب الزكاة في الخضراوات، والأصل في ذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)، وقال تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، قال ابن عباس وغيره: حقه الزكاة المفروضة.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))، متفق عليه، ولمسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من ثمر ولا حب صدقة))، ولأبي داود: ((زكاة)).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر))، رواه البخاري وغيره، ولمسلم من حديث جابر: ((وفيما سقي بالسانية نصف العشر)).
وعن عتاب بن أسيد رضي الله عنه قال: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيباً) رواه الخمسة.
وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع))، رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس في الخضراوات صدقة)) رواه الترمذي وغيره.
وللدارقطني عن علي وعائشة رضي الله عنهما معناه، وقال الترمذي: لا يصح في شيء، والعمل عليه عند أهل العلم أنه ليس في الخضراوات صدقة، وقال البيهقي: إلا أنها من طريق مختلفة يؤكد بعضها بعضاً، ومعها أقوال الصحابة، وقال الخطابي يستدل بحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة أنها لا تجب في الخضراوات، وهو دليل في أنها إنما تجب فيما يوسق ويدخر من الحبوب والثمار دون مالا يكال ولا يدخر من الفواكه والخضراوات ونحوها وعليه عامة أهل العلم.
وأما النقدان فالذهب والفضة:
ولا تجب الزكاة في الذهب حتى تبلغ عشرين مثقالاً، فيجب فيه نصف مثقال، ولا يجب في الفضة حتى تبلغ مئتي درهم، ومقدارها بالمثاقيل مائة وأربعون مثقالاً فيجب فيها خمسة دراهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ? يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) متفق عليه، وعن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا الصدقة الرقة من كل أربعين درهماً درهماً وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيهما خمسة دراهم)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفي لفظ: ((قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق وليس فيهما دون المائتين زكاة)) رواه أحمد والنسائي.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) الحديث رواه أحمد ومسلم.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار)) رواه أحمد أبو داود.
يجب في الركاز الخمس؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه: ((وفي الركاز الخمس)) متفق عليه، والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية علبه علامتهم.
وأما عروض التجارة فما أعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوًّم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة، والأصل في ذلك قواه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) يعني بالتجارة، قاله مجاهد وغيره. وقال البيضاوي وغيره أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة.
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) والتجارة داخلة في عموم الأموال ففيها حق مقداره بينه صلى الله عليه وسلم وهو ربع العشر، ومال التجارة أهم الأموال، فكانت أولى بالدخول في الآية من سائر الأموال، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) رواه أبو داود.
وقال عمر لحماس: أد زكاة مالك. فقال: ما لي إلا جعاب وأدم. فقال: قومها وأد زكاتها. وقد أحتج الإمام أحمد رحمه الله بهذه القصة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد أحتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)) متفق عليه. قال النووي وغيره فيه وجوب زكاة التجارة، وإلا لما أعتذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وللبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) قال النووي وغيره: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.
ثالثاً: وجوب الزكاة:
لا تجب إلا بشروط خمسة: الإسلام، والحرية، وملك نصاب، وتمام الملك، ومضي الحول، إلا في الخارج من الأرض فكما سبق ذكره، وكذلك نتاج السائمة وربح التجارة فإن حولهما حول أصلهما إذا بلغ نصاباً، وإن لم يكن نصاباً فحوله يبتديء من حيت يتم نصاباً.
رابعاً: المصارف:
مصارف الزكاة ثمانية أصناف، ذكرها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (الجزء 9) صفحة (167 - 184
س / ما حكم القنوت في صلاة الفجر وكذا في صلاة الوتر؟
ج / صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في النوازل وكان يدعوا في قنوته على الكافرين ويدعوا للمستضعفين من المسلمين بالخلاص والنجاة من كيد الكافرين وأسرهم ثم ترك ذلك ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم فرضاً دون فرض ودليل ذلك حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعوا على أحياء من العرب ثم تركه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد استحب الإمام مالك القنوت في الركعة الأخيرة من الصبح قبل الركوع، وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنة بعد الركوع من الركعة الأخيرة من الصبح، وقال بذلك جماعة من السلف والخلف واحتجوا بأحاديث متعددة دلت على القنوت في الفجر. وقد نوقش هذا الرأي بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في النوازل فقط ثم ترك والأحاديث التي استدلوا بها لم تخص الفجر بل دلت الأحاديث الأخرى على تعميمه في سائر الفرائض، وهم يخصون القنوت بالفجر ويقولون بالاستمرار واستدلوا أيضاً بما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا ونوقش بأن هذا الحديث ضعيف لأنه من طريق أبي جعفر الرازي وفيه كلام ليس باليسير ومع هذا فالأولى عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل لكن كما سبق فإن تخصيص القنوت للفجر من المسائل الخلافية الاجتهادية، فمن صلى وراء إمام يقنت في الصبح خاصة قبل الركوع أو بعده فعليه أن يتابعه، وإن كان الراجح الاقتصار في القنوت بالفرائض على النوازل فقط.
أما القنوت في الوتر فيستحب لحديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر، اللهم اهدني فيمن هديت وعافني ...
س: هل المتابعة التامة والقاصرة سواء؟ وهل كلاهما يقويان؟
ج: نعم كلاهما يقويان لكن التامة أفضل.
س: إذا صرح الراوي بـ " حدثنا " أو " أخبرنا " أو " أنبأنا " أو " سمعت " هل تكفي للسماع؟
ج: نعم تكفي للسماع والاتصال، إلا أن ينص أحد الأئمة على خطأ هذا السماع كما ذكر بعض ذلك عن الإمام أحمد كما في شرح علل الترمذي للعلامة ابن رجب.
س: هل يشترط في ضبط الكتاب المقابلة؟
ج: نعم يشترط أن يقابله على أصل الشيخ أو أصل مصحح؛ لاحتمال خطأه عند النسخ.
س: الحديث القدسي هل لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله؟
ج: لا بل لفظه ومعناه من الله لكنه غير معجز ولا مقيد بتلاوته ومنه ما يلقيه الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم بدون واسطة ومنه ما هو بواسطة، أما القرآن فكله بواسطة، وأما الحديث النبوي فمعناه من الله ولفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو وحي إما حقيقة أو إقراراً؛ لمتابعة الوحي له.
س: متابعات الفساق والمتهمين هل تنفع كما ذهب إليه ابن حجر والسيوطي أم لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر؟
ج: الصواب لا تنفع كما ذهب إليه أحمد شاكر - رحمه الله -.
س: هل يشترط في المتواتر والعزيز والمشهور العدد في الصحابة؟
ج: نعم يشترط عند غير الحنفية.
س: هل يوجد فرق بين اختصار الحديث وتقطيع الحديث؟
ج: الاختصار أعم فهو يشمل رواية الحديث بالمعنى.
س: المخالفة من الضعيف للثقات بالإسناد هل يسمى " سند منكر "؟
ج: نعم يسمى سنداً منكراً.
س: ((لا يكتب حديثه)) للاعتبار أم للاستشهاد؟
ج: معناه لا يكتب للاعتبار.
س: هل الاختلاف والاضطراب شيء واحد؟
ج: الاختلاف أعم وأشمل لأنه يشمل القادح وغير القادح أما الاضطراب فهو للقادح فقط.
س: ((يرفع الموقوف ويسند المرسل لا يجوز الاحتجاج به)) هل عمداً أم خطأً؟
ج: خطأً، أي: أنه سيء الحفظ يخالف الثقات.
س: من اختلف فيه هل في عدالته أم في ضبطه؟
ج: قد يكون في هذا أو في هذا لكن الغالب في الضبط.
س: ما معنى: ((قليل الحديث)) هل هو جرح؟
ج: ليس جرحاً، بل معناه: أن أحاديثه قليلة لا نتمكن من سبر مروياته؛ لقلتها فيكون في ضبطه شيء يحتاج للاعتبار.
س: المختلف فيه إذا خالف الثقات حديثه شاذ أم منكر؟
ج: المآل إلى الترجيح، فإن رجح كونه ثقة فحديثه شاذ، وإن رجح كونه ضعيف فمنكر.
س: هل صح الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَرْفَجَةَ بنِ أَسْعَدٍ لَمَّا قُطِعَ أنْفُهُ أنْ يَتَّخِذَ أنْفاً مِنْ ذَهَبٍ
ج: هذا الحديث اختلف فيه اختلافاً كثيراً:
فأخرجه علي بن الجعد (3264)، وابن أبي شيبة (25255)، وأحمد 4/ 342 و 5/ 23، وأبو داود (4232)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، وأبو يعلى (1501) و (1502)، والطبراني في الكبير 17/ 371 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، أنّ جدّه عرفجة بن أسعد أصيب أنفه … مرسلاً، وهو المحفوظ، كما في تهذيب الكمال 17/ 192.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخرجه أحمد 5/ 23، وأبو داود (4233)، والترمذي (1770) وفي علله (533)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والنسائي 8/ 163 و164، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 257 و258، وابن حبان (5462)، والطبراني في الكبير 17/ (369) و (370)، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبدالرحمان بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد، قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية … الحديث.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند 5/ 23، والبيهقي 2/ 425 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه أبو داود (4234)، والبيهقي 2/ 426 من طريق عبد الرحمان بن طرفة بن عرفجة بن أسعد، عن أبيه، أن عرفجة … فذكر معناه مرسلاً.
س: ما هو التلقين؟
ج: التلقين –كما عرّفه الحافظ العراقي–: هو أن يلقّن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه. شرح التبصرة والتذكرة 2/ 59.
قال ابن حزم في الإحكام 1/ 142: ((من صحّ أنه قبل التلقين – ولو مرة – سقط حديثه كله؛ لأنه لم يتفقه في دين الله عز وجل ولا حفظ ما سمع)).
وانظر عن التلقين وأسبابه وحكمه: النفح الشذي 1/ 323،وسير أعلام النبلاء 10/ 210، والنكت الوفية: 232/ ب، وفتح المغيث 1/ 385، وتدريب الراوي 1/ 339، وتوضيح الأفكار 2/ 257، وتوجيه النظر 2/ 573، وأثر علل الحديث: 120
س: ما صحة حديث: إن باب النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرع الأظافر؟
ج: هذا الحديث أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 19 من طريق كيسان مولى هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة، به. وكيسان هذا: مجهول الحال، لم يوثّقه سوى ابن حبّان في ثقاته 7/ 358 على عادته في توثيق المجاهيل.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1080)، وفي التاريخ الكبير 1/ 228، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2/ 110 و 365 من طريق أبي بكر الأصفهاني، عن محمد بن مالك بن المنتصر، عن أنس بن مالك، قال: كان بابه يقرع بالأظافير.
أقول: وهو سندٌ ضعيف؛ لجهالة أبي بكر الأصفهاني، وابن المنتصر.
س: ذكر في بعض كتب المصطلح أن ابن حبان عد الجرح في الضعيف فأوصلها تسعاً وأربعين نوعاً؟
ج: هذه الأقسام لم أقف عليها، ولم يقف عليها من قبلي الحافظ ابن حجر كما ذكر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 492، بل أشار إلى عدم وجود هذه التقسيمات أصلاً؛ إذ غمز من عزاها إلى مقدمة المجروحين – وهو الزّركشيّ في نكته 1/ 391 - ، وبرجوعي إلى المجروحين 1/ 62–88 وجدته ذكر عشرين نوعاً حسب – هي في حقيقتها الأسباب الموجبة لضعف الرواة -، صدّرها بقوله: ((فأما الجرح في الضعفاء فهو على عشرين نوعاً، يجب على كلّ منتحلٍ للسنن طالب لها باحث عنها أن يعرفها)).
س: هل الأحاديث التي انتقدها الدارقطني بالتتبع يسيرة؟
ج: ليست باليسيرة، فقد بلغت انتقادات الدارقطني وحده (218)، وهذا فيما سوى ما انتقده أبو مسعود الدمشقي، وأبو الفضل بن عمار، وأبو علي الجياني.
ولربما أراد ابن الصلاح أنها يسيرة نسبياً إلى ما لا انتقاد عليه. والحقيقة أن هذه الانتقادات تتفرع عن الأقسام الآتية:
1 - الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث.
إذ قد ينفرد ثقة بزيادة لا يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه، فتحميل هذا الثقة تبعه أنه قد يكون غلط؛ ظن مجرد، وغاية ما فيها أنها زيادة ثقة لا تنافي رواية الأحفظ والأكثر.
2 - الحديث الذي قد يرويه تابعي، المشهور أن روايته عن صحابي معين سمع منه، فيروي الحديث بواسطة عن ذلك الصَّحَابيّ،فيعلل الأول بزيادة الراوي في الطريق الثانية. وهذا مندفع بأنه لا مانع من كون ذلك التابعي قد سمع ذلك الحديث بعينه من ذلك الصحابي مباشرة ثم سمعه بواسطة وهكذا يكون الأمر فيمن بعدهم.
3 - أن يشير صاحب الصحيح إلى علته، كأن يرويه مسنداً ثم يذكر أنه روي مرسلاً، فهذا من صاحب الصحيح ترجيح لرواية الواصل على المرسل.
4 - ما يكون مداراً للاجتهاد وتكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته.
وانظر: نكت الزركشي 1/ 287، والتقييد والإيضاح 42، وابن حجر 1/ 380.
س: كم عدد معلقات الإمام البخاري في صحيحه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ج: جملة ما في صحيح البخاري من التعاليق واحدٌ وأربعون وثلاث مئة وألف حديث، وغالبها مكرر مخرّجٌ في الكتاب أصوله أو متونه، وليس في الكتاب من المتون التي لم تخرّج في الكتاب – ولو من طريق أخرى – إلا مئة وستون حديثاً. وقد جمع الحافظ ابن حجر جميع هذه التعاليق ووصلها في كتاب مستقل سماه: " تغليق التعليق ".
أما صحيح مسلم فإنّ التعاليق الواردة فيه اثنا عشر. وكلّ حديث منها رواه متصلاً ثم عقبّه بقوله: ((رواه فلان))، غير حديث أبي جهيم فإنّه لم يصله، وعلى هذا فليس في صحيح مسلم بعد المقدمة حديث معلّق لم يصله إلا حديث أبي جهيم. مقدمة شرح النووي 1/ 18، والإرشاد 1/ 127 والتعليق عليه، وهدي الساري: 469.
س: ما الفرق بين المهمل والمبهم عند المحدثين؟
ج: المبهم: هو من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والنساء، أو: من ذكر بوصف غير دال على ذات معينة. ويقع في المتن والإسناد، مثل جاء رجل، أو عن ابن عم لي، وهكذا.
أما المهمل: هو أن يذكر الراوي اسمه من غير نسبة تميزه، وأكثر ما يقع في الإسناد، كأن يكون للراوي أكثر من شيخ يسمى (محمداً)، فيروي قائلاً: حدثنا محمد. انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 557، والشذا الفياح 2/ 703، وتدريب الراوي 2/ 342، وشرح شرح النخبة: 71.
س: من هو الفربري راوي صحيح البخاري؟
ج: هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مطر الفربريّ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري توفي سنة (320 ه). قال صاحب الأنساب 4/ 334 عن الفربريّ: ((بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى))، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/ 290. وفي التاج 13/ 311: ((فربر، كسبحل، وضبط بالفتح أيضاً، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين))، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15/ 12، ومعجم البلدان 4/ 245.
س: هل ورد عن الإمام سفيان الثوري أنه قال: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى الصحابة؟
ج: روي ذلك عن سفيان أنه قال: ((من قدم علياً على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألف قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ الذين أجمعوا على بيعة الرضوان)). تاريخ دمشق 39/ 506.
وروي عن الإمام أحمد أنه قال: ((من فضل علياً على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى لأنهم قدموا عثمان)) تاريخ دمشق 39/ 508.
وقال الخطابي في معالم السنن 7/ 18: ((وقد نبئت عن سفيان أنه قال في آخر قوليه: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي)).
الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله ..
نختلف نحن والأشاعرة على كتابين من أصول كتب أهل السنة، وهما "الإبانة عن أصول الديانة " للإمام الأشعري، و " السنة " لعبد الله بن أحمد بن حنبل، السلفيون يثبتون هذين الكتابين للإمامين، بينما الأشاعرة يشككون في ذلك، فيقولون: إن كتاب الإبانة الذي نقرؤه هو من الطبعة الهندية المحرفة وأن المجسمة هم من زادوا على مقالاته، ويدعون أن كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل هو كتاب تجسيم محض مفترى على الشيخ ... ما رأيك وأنت من المحققين يا شيخ، من من الفريقين على صواب؟
جزاك الله خيراً.
ج: سئلت اللجنة الدائمة عن كتاب الإبانة فأجابت: ((اشتهر بين العلماء قديماً وحديثاً نسبة كتاب الإبانة لأبي الحسن الأشعري، وقلده فيما فيه أتباعه، وخالفه جماعة من العلماء في بعض ما ذكره في الإبانة ونقدوه، ولم ينكروا نسبته إليه. والأصل البقاء على ما اشتهر من نسبة هذا الكتاب إليه، فإذا كان لدى من نفى ذلك حجة فليذكرها لينظر فيها، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)) فتاوى اللجنة الدائمة 3/ 221
أما الكتاب السنة فهو ثابت لعبد الله بن أحمد بن حنبل.
س: هل هناك علامات يعرف بها الحديث الموضوع؟
ج: من تلك العلامات:
1 - أن يخالف أحكام العقل من غير قبول للتأويل.
2 - أن يخالف الحسّ والمشاهدة.
3 - أن يكون خبراً عن أمر عظيم تتوافر الدواعي على نقله، ثم لا ينقله إلا واحد.
4 - مناقضته لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي.
5 - أن يصرح جمع كبير يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، أو التقليد بتكذيب راويه.
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - الإفراط بالوعيد الشديد على فعل الأمر اليسير، أو الوعد العظيم على فعل صغير.
وغيرها من الأدلة التي تقوي في نفس الناقد الحكم على ذلك الحديث بالوضع. وانظر: نكت الزركشي 2/ 265، ونكت ابن حجر 2/ 845.
س هل يقبل تدليس ابن عيينة؟
ج: قال الزركشي في نكته: ((إن ابن عبد البر حكى عن أئمة الحديث أنهم قالوا: يقبل تدليس ابن عيينة؛ لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما.
وقال الكرابيسي: دلّس ابن عيينة عن مثل معمر ومسعر بن كدام ومالك بن مغول. وقال الحاكم في سؤالاته للدارقطني: سُئِل عن تدليس ابن جريج، فقال: يتجنب تدليسه، فإنه وحش التدليس لا يدلس إلاّ فيما سمعه من مجروح، فأما ابن عيينة فإنه يدلّس عن الثقات.
وقال ابن حبان في ديباجة كتابه الصحيح: وهذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلّس ولا يدلّس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبر دلّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد تبين سماعه عن ثقة))
س: ما الفرق بين التدليس والارسال الخفي؟
ج:يعرف الجواب من خلال النظر إلى الآتي:
1 - الاتّصال: وهو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما قد سمعه منه.
2 - الانقطاع: وهو الرواية عمَّن لَم يعاصره أصلاً.
3 - الإرسال الخفي: وهو الرواية عمَّن عاصره ولم يسمع منه.
4 - التدليس: هو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما لم يسمعه منه.
وانظر: نكت الزركشي 2/ 68، والتقييد والإيضاح 97، ونكت ابن حجر 2/ 614، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 60 وما بعدها، وأثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 73 وما بعدها.
س: ما معنى التدليس؟
ج: التدليس: مأخوذ من الدَّلَس – بالتحريك – وهو اختلاط الظلام الذي هو سبب لتغطية الأشياء عن البصر. قال ابن حجر: وكأنه أظلم أمره على الناظر لتغطية وجه الصواب فيه. ومنه التدليس في البيع، يقال: دلَّس فلان على فلان، أي: ستر عنه العيب الذي في متاعه كأنه أظلم عليه الأمر، وأصله مما ذكرنا – من الدَّلَس –.
وهو في الاصطلاح راجع إلى ذلك من حيث إن مَن أسقط مِنَ الإسناد شيئاً فقد غطّى ذلك الذي أسقطه، وزاد في التغطية في إتيانه بعبارة موهمة، وكذا تدليس الشيوخ فإن الراوي يغطّي الوصف الذي يُعرف به الشيخ أو يغطّي الشيخ بوصفه بغير ما يشتهر به. انظر: نكت ابن حجر 2/ 614، والنكت الوفية 137 / أ، وتاج العروس 16/ 84.
س: ما هو الصحيح في ضبط المسيب والد سعيد هل هو بكسر الياء أم بفتحها؟
ج: بكسر الياء وفتحها، جاء في القاموس وشرحه تاج العروس 3/ 90: ((هو كمحدِّث: والد الإمام التابعي الجليل سعيد، له صحبة، روى عنه ابنه، ويفتح، ويحكون عنه أنه كان يقول: سيَّب اللهُ مَنْ سَيَّبَ أبي، والكسر حكاه عياض وابن المديني …)).
أقول: وكنت أضبطه بالكسر في كتبي السابقة، ولم أستطع أن أختار إلا الفتح عند تحقيقي لمسند الشافعي بترتيب سنجر الجاولي؛ لأنه ضبط كل ذلك بالفتح، وأنا الآن أحذو
حذوه.
هل يعبر عن المتصل بالمؤتصل؟
ج: قال الزركشي 1/ 410:
((قلت: والمؤتصل، وهي عبارةالشافعي رضي الله عنه كما نقله البيهقي، وقال ابن الحاجب: في تصريفه: هي لغة الشافعي)).
وقال ابن حجر 1/ 510: ((قلت: ويقال له: المؤتصل – بالفك والهمز – وهي عبارة الشافعي في الأم في مواضع. وقال ابن الحاجب في التصريف له: ((هي لغة الشافعي، وهي عبارة عن ما سمعه كل راوٍ من شيخه في سياق الإسناد من أوله إلى منتهاه. فهو أعم من المرفوع)).
ولذا فقد أخطأ كسروي لما حقق معرفة البيهقي فكانت تأتيه لفظة الشافعي فيغيرها ويقول إنها تصحيف؟؟؟
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[16 Sep 2006, 03:29 م]ـ
جزاكم الله الف خير
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[18 Sep 2006, 04:22 ص]ـ
وأنتم جزاكم الله كل خير ونفع بكم
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[19 Sep 2006, 06:27 م]ـ
أحسن الله إليكم يا شيخ، وجزاكم خيرا.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[19 Sep 2006, 10:30 م]ـ
وأنتم أحسن الله إليكم وبارك فيكم ونفع بعلمكم.
أسأل الله العظيم أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.(/)
استفسار عن المكتبة الشاملة
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[16 Sep 2006, 09:40 ص]ـ
عندي نسخة من المكتبة الشاملة التي خدمتنا كثيراً في البحث نسأل الله أن يجزي كل من بذل جهداً فيها خير الجزاء فلهم معروف علينا لكن السؤال هو: هل خرج نسخة أخرى غير الثانية؟
حيث ينقصها بعض الأمور كبيانات بطاقات الكتب.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[16 Sep 2006, 02:46 م]ـ
الاصدار الجديد في ثلاثة سيديهات وفيه الخدمة المقصودة
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[17 Sep 2006, 11:55 ص]ـ
شكراً لتجاوبك د. جمال، وكيف يمكن الحصول على هذه السيديهات.
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 09:08 م]ـ
شكراً لتجاوبك د. جمال، وكيف يمكن الحصول على هذه السيديهات.
كيف يمكن الحصول عليها جزاكم الله خيرا ...
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Sep 2006, 12:03 م]ـ
هي عندنا في الاردن تباع بسهولة ويسر واما عندكم فلا ادري كيف يتم الامر(/)
مختارات من فتاوى الإمام ابن باز في الصيام
ـ[الطبيب]ــــــــ[19 Sep 2006, 12:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد،،،
فهذا جمع يسير لمختارات من فتاوى سماحة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى تتعلق بالصيام، دعت إليه الهمة لمّا رأيت صنيع الشيخ عبد الرحمن السديس حفظه الله وجمعه لمختارات من فتاوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3958).
وقد جمعته من الموقع الرسمي لسماحته. وأنبّه إلى أن حواشي كل سؤال تكون تحته مباشرة وليس على الطريقة المعتادة (في أسفل كل صفحة).
أسأل الله أن يكتب للجميع الأجر وأن يعظم الأجر لعلمائنا ومشايخنا وأن يرفع درجتهم في الجنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ودمتم،،،
الملف:
442(/)
يا باغي الخير
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[20 Sep 2006, 09:22 ص]ـ
يا باغي الخير
اختار الله من الأزمان مواسمَ للطاعات، واصطفى فيها أياماً ولياليَ وساعات، فضلاً منه وإحساناً، وكلَّما لاح هلالُ رمضان أعاد إلى المسلمين أيامَ دهرهم المباركات، وما يكون فيها من النفحات، شهرٌ ينطلق فيه الصائمون إلى آفاقِ النقاء، ويمسحون فيه عن جبينهم وعثاءَ الحياة، يستقبله المسلمون وله في نفوس الصالحين منهم بهجة، وفي قلوب المتقين فرحة، فرُبَّ ساعة قبولٍ فيه أدركت عبداً فبلغ بها درجاتِ الرضا والرضوان.
الصيام سرّ بين الخالق والمخلوق، يُفعَل خالصاً، ويتلذَّذ العبد جائعاً، ويتضوّر خالياً، {كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به} [أخرجه البخاري]. يحقِّق العبد فيه درس الإخلاص لينطلق به إلى سائر العبادات بعيداً عن الرياء.
الصيام يُصلح النفوسَ، ويدفع إلى اكتساب المحامد والبعد عن المفاسد، به تُغفر الذنوب وتكفَّر السيئات وتزداد الحسنات، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه} متفق عليه.
شهر الطاعة والقربى والبر والإحسان، والمغفرة والرحمة والرضوان، يقول عليه الصلاة والسلام: {إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسُلسِلت الشياطين} متفق عليه ... لياليه مباركة، فيه ليلةٌ مضاعفة، هي أمُّ الليالي، ليلة القدر والشرف، خيرٌمن ألف شهر، من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
أيها المسلمون، الأيامُ صحائف الأعمار، والسعيد من يخلِّدها بأحسن الأعمال، ومن نقله الله من ذلِّ المعاصي إلى عزِّ الطاعة أغناه بلا مال، وآنسه بلا أنيس، وراحة النفس في قلة الآثام، ومن عرف ربَّه اشتغل به عن هوى نفسه، وفي هذا الشهر المبارك المنزَّلِ فيه القرآن العظيم فيه طلب أنواع المغفرة المتعددةِ من التوسّع في المعروف والبذل والدعاء وتفريج الكربات والإكثار من العبادات، إلا أنه لكلّ موسم خاصب، وبعض الناس أرخص لياليَه الغرر، أرهق فيها بصرَه مع الفضائيات، يعيش معها في أوهام، ويسرح فكره حولها في خيال، ويتطلَّع لها لعلّ له فيها سعادةَ السراب، فإذا انقضى شهر الصيام لا لما فيه جمع، ولا للآخرة ارتفع، ربِح الناسُ وهو الخاسر.
ـ[الطبيب]ــــــــ[20 Sep 2006, 10:56 ص]ـ
روابط للفائدة:
1 - رمضان. ( http://ramadan.ws/)
2- مختارات رمضانية من صيد الفوائد ( http://www.saaid.net/mktarat/ramadan/index.htm).
ودمتم،،،(/)
القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها
ـ[إمداد]ــــــــ[20 Sep 2006, 09:58 م]ـ
القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
المجلد الثامن > القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها
القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها محاضرة ألقيت في شهر صفر عام 1403 هـ في الجامع الكبير بمدينة الرياض، وصدرت في كتاب بنفس العنوان.
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 8)
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على عبده ورسوله وخليله، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا ريب أن سلامة العقيدة أهم الأمور، وأعظم الفرائض؛ ولهذا رأيت أن يكون عنوان هذه الكلمة: (القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها).
العقيدة: هي ما يعتقده الإنسان ويدين به، من خير وشر، من فساد وصلاح.
والمطلوب: هو التمسك بالعقيدة الصحيحة، وما يجب على العبد في ذلك؛ لأن في هذا العالم عقائد كثيرة، كلها فاسدة إلا العقيدة التي جاء بها كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي العقيدة الإسلامية الصافية النقية من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، هذه هي العقيدة التي جاء بها كتاب الله، ودلت عليها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: الإسلام.
قال الله تعالى: سورة آل عمران الآية 19 إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وقال عز وجل: سورة المائدة الآية 3 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 9)
فالإسلام هو دين الله، لا يقبل من أحد سواه، قال الله عز وجل:
سورة آل عمران الآية 85 وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
وهو دين الأنبياء كلهم؛ فهو دين آدم أبينا عليه الصلاة والسلام، وهو دين الأنبياء بعده: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وداود، وسليمان، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، ودين غيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو دين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي بعثه الله به للناس عامة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: جزء من حديث رواه البخاري (3442، 3443)، ومسلم (2365) (143، 144، 145) وغيرهما، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال في (مختار الصحاح): بنو العلات: أولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك؛ لأن الذي تزوج أخرى على أولى قد كانت قبلها ناهل، ثم عل من هذه، و الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد وفي لفظ: صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3258) ,صحيح مسلم الفضائل (2365) ,سنن أبو داود السنة (4675) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 463). أولاد علات.
والمعنى: أن دين الأنبياء واحد: وهو توحيد الله، والإيمان بأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة دون كل ما سواه، والإيمان بالآخرة والبعث والنشور، والجنة والنار والميزان، وغير هذا من أمور الآخرة، أما الشرائع فهي مختلفة، وهذا معنى أولاد علات: أولاد لضرات، كنى بهذا عن الشرائع، كما قال سبحانه: سورة المائدة الآية 48 لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا
إخوة الأب: أبوهم واحد وأمهاتهم متفرقات، هكذا الأنبياء دينهم واحد وهو: توحيد الله والإخلاص له.
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 10)
وهو معنى (لا إله إلا الله)، وهو: إفراد الله بالعبادة، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وما يتفرع بعد ذلك من البعث والنشور، والجنة والنار، والميزان والحساب والصراط، وغير هذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
هكذا الأنبياء دينهم واحد، كلهم جاءوا بهذا الأمر - عليهم الصلاة والسلام - ولكن الشرائع تفرقت، بمثابة الأولاد لأمهات العلات، فشريعة التوراة فيها ما ليس في شريعة الإنجيل، وفي الشرائع التي قبلها أشياء ليست فيها، وفي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أشياء غير ما في التوراة والإنجيل، فقد يسر الله على هذه الأمة وخفف عنها الكثير، كما قال جل وعلا:
سورة الأعراف الآية 157 وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ وقال عليه الصلاة والسلام: مسند أحمد بن حنبل (5/ 266). بعثت بالحنيفية السمحة.
فالله بعثه بشريعة سمحة ليس فيها آصار، وليس فيها أغلال، وليس فيها حرج، كما قال سبحانه: سورة الحج الآية 78 وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
كان أتباع الشرائع الماضية قبل شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا يتيممون عند فقد الماء، بل يؤخرون الصلوات ويجمعونها حتى يجدوا الماء، ثم يتوضئون ويصلون، وجاء في هذه الشريعة المحمدية التيمم، فمن عدم الماء أو عجز عنه تيمم بالتراب وصلى، وجاء في ذلك أنواع كثيرة من التيسير والتسهيل.
وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة؛ إلى الجن والإنس، والعرب والعجم، وجعله الله خاتم الأنبياء.
وكان من قبلنا لا يصلون إلا في بيعهم ومساجدهم ومحلات
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 11)
صلاتهم، أما في هذه الشريعة المحمدية فإنك تصلي حيث كنت، في أي أرض الله حضرت الصلاة صليت، في أي أرض الله. من الصحاري والقفار، كما قال عليه الصلاة والسلام: جزء من حديث رواه البخاري (335، 438، 3122)، ومسلم (521). وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
فالشريعة الإسلامية التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم شريعة واسعة ميسرة ليس فيها حرج ولا أغلال، ومن ذلك: المريض؛ لا يلزمه الصوم، بل له أن يفطر ويقضي، والمسافر يقصر الصلاة الرباعية، ويفطر في رمضان، ويقضي الصوم، كما قال الله عز وجل: سورة البقرة الآية 185 وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
والمصلي إن عجز عن القيام صلى قاعدا، وإن عجز عن القعود صلى على جنبه، وإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا، كما صحت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا لم يجد من الأكل ما يسد رمقه من الحلال جاز له أن يأكل من الميتة ونحوها ما يسد رمقه حتى لا يموت.
فالعقيدة الإسلامية: هي توحيد الله والإخلاص له سبحانه، والإيمان به، وبرسله، وبكتبه، وبملائكته، وباليوم الآخر من البعث والنشور، ومن الجنة والنار وغير ذلك من أمور الآخرة، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه سبحانه قدر الأشياء، وعلمها وأحاط بها، وكتبها عنده سبحانه وتعالى.
ومن أركان الإسلام: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج.
ومن واجباته وفرائضه: الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 12)
والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، إلى غير ذلك.
فالإسلام: هو الاستسلام لله، والانقياد له سبحانه بتوحيده، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولهذا سمي إسلاما؛ لأن المسلم يسلم أمره لله، ويوحده سبحانه، ويعبده وحده دون ما سواه، وينقاد لأوامره ويدع نواهيه، ويقف عند حدوده، هكذا الإسلام.
وله أركان خمسة، وهي: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
والشهادتان معناهما: توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأن محمدا رسوله عليه الصلاة والسلام إلى جميع الثقلين الجن والإنس، وهاتان الشهادتان هما أصل الدين، وهما أساس الملة، فلا معبود بحق إلا الله وحده، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، كما قال عز وجل: سورة الحج الآية 62 ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما شهادة أن محمدا رسول الله فمعناها: أن تشهد - عن يقين وعلم - أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي المكي ثم المدني هو رسول الله حقا، وهو أشرف عباد الله، وقرابته وأسرته هم أفضل العرب على الإطلاق، فهو خيار من خيار من خيار عليه الصلاة والسلام، وهو أشرف الخلق وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.
فعليك أن تؤمن بأن الله بعثه للناس عامة؛ إلى الجن والإنس، إلى الذكور والإناث، إلى العرب والعجم، إلى الأغنياء والفقراء، إلى الحاضرة
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 13)
والبادية، هو رسول الله إلى الجميع، من اتبعه فله الجنة، ومن خالف أمره فله النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6851) ,صحيح مسلم الإمارة (1835) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 361). كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى. خرجه البخاري في صحيحه صحيح البخاري (8\ 139). .
فهذه العقيدة الإسلامية العظيمة مضمونها: توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسوله حقا، والإيمان بجميع المرسلين، مع الإيمان بوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله.
هذه هي العقيدة الإسلامية المحمدية، وقد وقع من بعض الناس قوادح فيها، ونواقض تنقضها يجب أن نبينها في هذه الكلمة.
والقوادح قسمان:
قسم ينقض هذه العقيدة ويبطلها، فيكون صاحبه كافرا، نعوذ بالله.
وقسم ينقص هذه العقيدة ويضعفها.
فالأول: يسمى: ناقضا، وهو: الذي يبطلها ويفسدها، ويكون صاحبه كافرا مرتدا عن الإسلام، وهذا النوع هو: القوادح المكفرة:
وهي نواقض الإسلام، وهي الموجبة للردة، هذه تسمى: نواقض.
والناقض: يكون قولا، ويكون عملا، ويكون اعتقادا، ويكون شكا. فقد يرتد الإنسان بقول يقوله أو بعمل يعمله، أو باعتقاد يعتقده، أو بشك يطرأ عليه، هذه الأمور الأربعة كلها يأتي منها الناقض الذي يقدح في العقيدة ويبطلها، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم وسموا بابها:
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 14)
(باب حكم المرتد)، فكل مذهب من مذاهب العلماء، وكل ففيه من الفقهاء ألف كتبا - في الغالب - عندما يذكر الحدود يذكر (باب حكم المرتد): وهو الذي يكفر بعد الإسلام، ويسمى هذا: مرتدا، يعني: أنه رجع عن دين الله وارتد عنه، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الجهاد والسير (2854) ,سنن الترمذي الحدود (1458) ,سنن النسائي تحريم الدم (4060) ,سنن أبو داود الحدود (4351) ,سنن ابن ماجه الحدود (2535) ,مسند أحمد بن حنبل (1/ 282). من بدل دينه فاقتلوه خرجه البخاري في الصحيح صحيح البخاري (3017). .
وفي الصحيحين: صحيح البخاري استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6525) ,سنن أبو داود الحدود (4354) ,مسند أحمد بن حنبل (4/ 409). أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى الأشعري إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنهما فلما قدم عليه قال: انزل. وألقى له وسادة، وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهوديا فأسلم ثم راجع دينه - دين السوء - فتهود. فقال معاذ: لا أنزل حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، فقال: انزل. قال: لا أنزل حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به أبو موسى رضي الله عنه فقتل.
فدل ذلك على أن المرتد عن الإسلام يقتل، إذا لم يتب، يستتاب فإن تاب ورجع فالحمد لله، وإن لم يرجع وأصر على كفره وضلاله يقتل، ويعجل به إلى النار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري (3017). من بدل دينه فاقتلوه.
فالنواقض التي تنقض الإسلام كثيرة، منها:
الردة بالقول: مثل: سب الله، هذا قول ينقض الدين، وهكذا سب الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: اللعن والسب لله ولرسوله، أو العيب والتنقص، مثل أن يقول: إن الله ظالم، إن الله بخيل، إن الله فقير، إن الله جل وعلا
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 15)
(يُتْبَعُ)
(/)
لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، كل هذه الأقوال وأشباهها سب وردة عن الإسلام.
فمن انتقص الله أو سبه أو عابه بشيء فهو كافر مرتد عن الإسلام - نعوذ بالله من ذلك - وهذه ردة قولية، إذا سب الله أو استهزأ به أو تنقصه أو وصفه بأمر لا يليق، كما تقول اليهود: إن الله بخيل، إن الله فقير ونحن أغنياء، وهكذا لو قال: إن الله لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، أو نفى صفات الله ولم يؤمن بها، فهذا يكون مرتدا بأقواله السيئة.
أو قال مثلا: إن الله لم يوجب علينا الصلاة، فهذه ردة عن الإسلام، فمن قال: إن الله لم يوجب الصلاة فقد ارتد عن الإسلام بإجماع المسلمين، إلا إذا كان جاهلا بعيدا عن المسلمين لا يعرف، فيعلم، فإن أصر كفر، وأما إذا كان بين المسلمين، ويعرف أمور الدين، ثم قال: ليست الصلاة بواجبة. فهذه ردة، يستتاب منها، فإن تاب وإلا قتل، أو قال: الزكاة غير واجبة على الناس، أو قال: صوم رمضان غير واجب على الناس، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب على الناس، من قال هذه المقالات كفر إجماعا، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل - نعوذ بالله من ذلك - وهذه الأمور ردة قولية.
ومنها: الردة بالفعل:
والردة الفعلية مثل: ترك الصلاة، فكونه لا يصلي وإن قال: إنها واجبة - لكن لا يصلي - هذه ردة على الأصح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سنن الترمذي الإيمان (2621) ,سنن النسائي الصلاة (463) ,سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079) ,مسند أحمد بن حنبل (5/ 346). العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر رواه الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه بإسناد
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 16)
صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: صحيح مسلم الإيمان (82) ,سنن الترمذي الإيمان (2620) ,سنن أبو داود السنة (4678) ,سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078) ,مسند أحمد بن حنبل (3/ 370) ,سنن الدارمي الصلاة (1233). بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. أخرجه مسلم في صحيحه.
وقال عبد الله بن شقيق العقيلي - التابعي المتفق على جلالة قدره رحمه الله: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) رواه الترمذي السنن (2624).، وإسناده صحيح.
وهذه ردة فعلية، وهي ترك الصلاة عمدا.
ومن ذلك: لو استهان بالمصحف الشريف وقعد عليه مستهينا به، أو لطخه بالنجاسة عمدا، أو وطأه بقدمه يستهين به، فإنه يرتد بذلك عن الإسلام.
ومن الردة الفعلية: كونه يطوف بالقبور يتقرب لأهلها بذلك، أو يصلي لهم أو للجن، وهذه ردة فعلية.
أما دعاؤه لهم والاستعانة بهم والنذر لهم: فردة قولية.
أما من طاف بالقبور، يقصد بذلك عبادة الله، فهو بدعة قادحة في الدين، ووسيلة من وسائل الشرك، ولا يكون ردة، إنما يكون بدعة قادحة في الدين إذا لم يقصد التقرب إليهم بذلك، وإنما فعل ذلك تقربا إلى الله سبحانه جهلا منه.
ومن الكفر الفعلي: كونه يذبح لغير الله، ويتقرب لغيره سبحانه بالذبائح، يذبح البعير أو الشاة أو الدجاجة أو البقرة لأصحاب القبور تقربا إليهم يعبدهم بها، أو للجن يعبدهم بها، أو للكواكب يتقرب
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 17)
إليها بذلك، وهذا مما أهل به لغير الله، فيكون ميتة، ويكون كفرا أكبر، نسأل الله العافية من ذلك، هذه كلها من أنواع الردة والنواقض عن الإسلام الفعلية.
ومنها: الردة بالاعتقاد:
ومن أنواع الردة العقدية التي يعتقدها بقلبه وإن لم يتكلم بها ولم يفعل، بل بقلبه يعتقد: إذا اعتقد بقلبه أن الله جل وعلا فقير، أو أنه بخيل، أو أنه ظالم، ولو أنه ما تكلم، ولو لم يفعل شيئا، هذا كفر - بمجرد هذه العقيدة - بإجماع المسلمين.
أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد بعث ولا نشور، وأن كل ما جاء في هذا ليس له حقيقة، أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد جنة أو نار، ولا حياة أخرى، إذا اعتقد ذلك بقلبه ولو لم يتكلم بشيء، هذا كفر وردة عن الإسلام - نعوذ بالله من ذلك - وتكون أعماله باطلة، ويكون مصيره إلى النار بسبب هذه العقيدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا لو اعتقد بقلبه - ولو لم يتكلم - أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس بصادق، أو أنه ليس بخاتم الأنبياء وأن بعده أنبياء، أو اعتقد أن مسيلمة الكذاب نبي صادق، فإنه يكون كافرا بهذه العقيدة.
أو اعتقد بقلبه أن نوحا، أو موسى، أو عيسى، أو غيرهم من الأنبياء عليهم السلام أنهم كاذبون أو أحدا منهم، هذا ردة عن الإسلام.
أو اعتقد أنه لا بأس أن يدعى مع الله غيره كالأنبياء أو غيرهم من الناس، أو الشمس والكواكب أو غيرها، إذا اعتقد بقلبه ذلك صار مرتدا عن الإسلام؛ لأن الله تعالى يقول: سورة الحج الآية 62 ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 18)
وقال سبحانه: سورة البقرة الآية 163 وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وقال: سورة الفاتحة الآية 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وقال: سورة الإسراء الآية 23 وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وقال: سورة غافر الآية 14 فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ وقال سبحانه: سورة الزمر الآية 65 وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فمن زعم أو اعتقد أنه يجوز أن يعبد مع الله غيره؛ من ملك، أو نبي، أو شجر، أو جن، أو غير ذلك فهو كافر، وإذا نطق وقال بلسانه ذلك صار كافرا بالقول والعقيدة جميعا، وإن فعل ذلك ودعا غير الله واستغاث بغير الله صار كافرا بالقول والعمل والعقيدة جميعا، نسأل الله العافية من ذلك.
ومما يدخل في هذا: ما يفعله عباد القبور اليوم في كثير من الأمصار من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وطلب المدد منهم، فيقول بعضهم: يا سيدي، المدد المدد، يا سيدي، الغوث الغوث، أنا بجوارك، اشف مريضي، ورد غائبي، وأصلح قلبي.
يخاطبون الأموات الذين يسمونهم: الأولياء، ويسألونهم هذا السؤال، نسوا الله وأشركوا معه غيره - تعالى الله عن ذلك - فهذا كفر قولي وعقدي وفعلي.
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 19)
وبعضهم ينادي من مكان بعيد وفي أمصار متباعدة: يا رسول الله، انصرني. . . ونحو هذا، وبعضهم يقول عند قبره: يا رسول الله، اشف مريضي، يا رسول الله، المدد المدد، انصرنا على أعدائنا، أنت تعلم ما نحن فيه، انصرنا على أعدائنا.
والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب؛ إذ لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه، هذا من الشرك القولي والعملي، وإذا اعتقد مع ذلك أن هذا جائز، وأنه لا بأس به صار شركا قوليا وفعليا وعقديا، نسأل الله العافية من ذلك.
وهذا واقع في دول وبلدان كثيرة، وكان واقعا في هذه البلاد، كان واقعا في الرياض والدرعية قبل قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد كانت لهم آلهة في الرياض والدرعية وغيرهما، أشجار تعبد من دون الله، وأناس يقال: إنهم من الأولياء يعبدونهم مع الله، وقبور تعبد مع الله.
وكان قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه موجودا في الجبيلة حيث قتل في حروب الردة أيام مسيلمة، كان قبره يعبد من دون الله حتى هدم ذلك القبر، ونسي اليوم والحمد لله، بأسباب دعوة الشيخ محمد، قدس الله روحه وجزاه عنا وعن المسلمين أفضل الجزاء.
وقد كان في نجد والحجاز من الشرك العظيم والاعتقادات الباطلة، ودعوة غير الله ما لا يعد ولا يحصى، فلما جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، أي: قبل ما يزيد عن مائتي سنة، دعا إلى الله وأرشد الناس، فعاداه كثير من العلماء الجهلة وأهل الهوى، لكن الله أيده بعلماء الحق، وبآل سعود - رحم الله الجميع - فدعا إلى الله، وأرشد الناس إلى توحيد الله، وبين
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 20)
لهم: أن عبادة الجن والأحجار والأولياء والصالحين وغيرهم شرك من عمل الجاهلية، وأنها أعمال أبي جهل وأمثاله من كفار قريش في عبادتهم اللات، والعزى، ومناة، وعبادة القبور، هذه هي أعمالهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبين - رحمه الله- للناس وهدى الله على يديه من هدى، ثم عمت الدعوة بلاد نجد والحجاز وبقية الجزيرة العربية، وانتشر فيها التوحيد والإيمان، وترك الناس الشرك بالله وعبادة القبور والأولياء بعد أن كانوا يعبدونها إلا من رحم الله، بل كان بعضهم يعبد أناسا مجانين لا عقول لهم، ويسمونهم: أولياء، وهذا من عظيم جهلهم الذي كانوا واقعين فيه.
ومنها: الردة بالشك:
عرضنا للردة التي تكون بالقول، والردة بالعمل، والردة بالعقيدة، أما الردة بالشك: فمثل الذي يقول: أنا لا أدري هل الله حق أم لا؟ أنا شاك. هذا كافر كفر شك، أو قال: أنا لا أعلم هل البعث حق أم لا؟ أو قال: أنا لا أدري هل الجنة والنار حق أم لا؟ أنا لا أدري، أنا شاك. فمثل هذا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا لشكه فيما هو معلوم من الدين بالضرورة وبالنص والإجماع.
فالذي يشك في دينه ويقول: أنا لا أدري هل الله حق؟ أو هل الرسول حق؟ وهل هو صادق أم كاذب؟ أو قال: لا أدري هل هو خاتم النبيين؟ أو قال: لا أدري مسيلمة كاذب أم لا؟ أو قال: ما أدري هل الأسود العنسي - الذي ادعى النبوة في اليمن - كاذب أم لا؟ هذه الشكوك كلها ردة عن الإسلام، يستتاب صاحبها ويبين له الحق، فإن تاب وإلا قتل. ومثل لو قال: أشك في الصلاة هل هي واجبة أم لا؟ أو الزكاة هل هي واجبة أم لا؟ وصيام رمضان هل هو واجب أم لا؟ أو
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 21)
شك في الحج مع الاستطاعة هل هو واجب في العمر مرة أم لا؟ فهذه الشكوك كلها كفر أكبر يستتاب صاحبها، فإن تاب وآمن وإلا قتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الجهاد والسير (2854) ,سنن الترمذي الحدود (1458) ,سنن النسائي تحريم الدم (4060) ,سنن أبو داود الحدود (4351) ,سنن ابن ماجه الحدود (2535) ,مسند أحمد بن حنبل (1/ 282). من بدل دينه فاقتلوه رواه البخاري في الصحيح صحيح البخاري (3017). .
فلا بد من الإيمان بأن هذه الأمور - أعني: الصلاة والزكاة والصيام والحج - كلها حق وواجبة على المسلمين بشروطها الشرعية.
هذا الذي تقدم هو القسم الأول من القوادح، وهو القسم الذي ينقض الإسلام ويبطله، ويكون صاحبه مرتدا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
أما النوع الثاني: فهو وجود القوادح دون الكفر، لكنها تضعف الإيمان وتنقصه، وتجعل صاحبها معرضا للنار وغضب الله، لكن لا يكون صاحبها كافرا.
وأمثلة ذلك كثيرة منها: الزنا إذا آمن أنه حرام ولم يستحله، بل يزني ويعلم أنه عاص، هذا لا يكون كافرا وإنما يكون عاصيا، لكن إيمانه ناقص. وهذه المعصية قدحت في عقيدته لكن دون الكفر. فلو اعتقد أن الزنا حلال صار بذلك كافرا.
وهكذا لو قال: السرقة حلال، أو ما أشبه ذلك، يكون كافرا؛ لأنه استحل ما حرم الله.
وكذلك الغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وأكل الربا وأشباه ذلك، كل هذه من القوادح في العقيدة المضعفة للدين والإيمان.
وهكذا البدع، وهي أشد من المعاصي، فالبدع في الدين تضعف الإيمان، ولا تكون ردة ما لم يوجد فيها شرك.
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 22)
ومن أمثلة ذلك: بدعة البناء على القبور، كأن يبني على القبر مسجدا أو قبة، فهذه بدعة تقدح في الدين وتضعف الإيمان، لكن إذا بناها وهو لا يعتقد جواز الكفر بالله، ولم يقترن بذلك دعاء الميتين والاستغاثة بهم والنذر لهم، بل ظن أنه بفعله هذا يحترمهم ويقدرهم، فهذا العمل حينئذ ليس كفرا، بل بدعة قادحة في الدين تضعف الإيمان وتنقصه، ووسيلة إلى الشرك.
ومن أمثلة البدع: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي؛ حيث يحتفل بعض الناس في الثاني عشر من ربيع الأول بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا العمل بدعة، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا خلفاؤه الراشدون، ولم يفعلها أهل القرن الثاني ولا الثالث، بل هذه بدعة محدثة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أو الاحتفال بمولد البدوي، أو عبد القادر الجيلاني، أو غيرهما، فالاحتفال بالموالد بدعة من البدع، ومنكر من المنكرات التي تقدح في العقيدة؛ لأن الله ما أنزل بها من سلطان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح مسلم الجمعة (867) ,سنن النسائي صلاة العيدين (1578) ,سنن ابن ماجه المقدمة (45) ,مسند أحمد بن حنبل (3/ 311) ,سنن الدارمي المقدمة (206). وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة رواه مسلم جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه (867) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.، وقال عليه الصلاة والسلام: صحيح البخاري الصلح (2550) ,صحيح مسلم الأقضية (1718) ,سنن أبو داود السنة (4606) ,سنن ابن ماجه المقدمة (14) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 270). من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته صحيح البخاري (2697)، صحيح مسلم (1718) [17]، واللفظ هنا لمسلم، وعند البخاري: ((ما ليس فيه)).، أي: فهو مردود عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: صحيح مسلم الأقضية (1718) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد خرجه مسلم في صحيحه، وقال: رواه الإمام أحمد في مسنده (4\ 126، 127)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، والحاكم (1\ 95) وصححه من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. إياكم
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 23)
ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
فالبدع من القوادح في الدين التي دون الكفر، إذا لم يكن فيها كفر، أما إذا كان في الاحتفال بالمولد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به وطلبه النصر صار شركا بالله، وكذا دعاؤهم: يا رسول الله انصرنا، المدد المدد يا رسول الله .. الغوث الغوث، أو اعتقادهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب أو غيره، كاعتقاد بعض الشيعة في علي والحسن والحسين أنهم يعلمون الغيب، كل هذا شرك وردة عن الدين، سواء كان في المولد أو في غير المولد.
ومثل هذا قول بعض الرافضة: إن أئمتهم الاثني عشر يعلمون الغيب، وهذا كفر وضلال وردة عن الإسلام؛ لقوله تعالى: سورة النمل الآية 65 قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
أما إذا كان الاحتفال بمجرد قراءة السيرة النبوية، وذكر ما جرى في مولده وغزواته، فهذا بدعة في الدين تنقصه ولكن لا تنقضه.
ومن البدع: ما يعتقده بعض الجهال في شهر صفر من أنه لا يسافر فيه، فيتشاءمون به انظر فتح الباري: (10\ 158، 159).، وهذا جهل وضلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الطب (5421) ,صحيح مسلم السلام (2225) ,سنن ابن ماجه الطب (3540). لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة متفق على صحته، وزاد مسلم: رواه البخاري في مواضع مختلفة في صحيحه، وبألفاظ عدة، منها (5774) كتاب الطب، باب (لا عدوى ولا طيرة)، ورواه مسلم (2221) أيضا. ولا نوء ولا غول؛ لأن اعتقاد العدوى والطيرة والتعلق
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 24)
بالأنواء أو الغول، كل هذه من أمور الجاهلية التي تقدح في الدين.
ومن زعم أن هناك عدوى فهذا باطل، ولكن الله جعل المخالطة لبعض المرضى قد تكون سببا لوجود المرض في الصحيح، ولكن لا تعدي بطبعها، ولما سمع بعض العرب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري (5717، 5770، 5775)، ومسلم (2220) [101، 102، 103]. لا عدوى ... قال: يا رسول الله، الإبل تكون في الرمال كأنها الظباء، فإذا دخلها الأجرب أجربها؟ قال صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول؟ أي: من الذي أنزل الجرب في الأول؟.
فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى إذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب، وإن شاء لم يجربها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري (5771)، ومسلم (2221)، والممرض: هو الذي له إبل مرضى، والمصح: من له إبل صحاح. لا يوردن ممرض على مصح يعني: لا توردوا الإبل المريضة على الصحيحة، بل تكون هذه على حدة وهذه على حدة، وذلك من باب اتقاء الشر والبعد عن أسبابه، وإلا فالأمور بيد الله، لا يعدي شيء بطبعه، إنما هو بيد الله: سورة التوبة الآية 51 قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا فالخلطة من أسباب وجود المرض فلا
(يُتْبَعُ)
(/)
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 25)
تنبغي الخلطة، فالأجرب لا يخالط الصحيح، هكذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر، لكن ليس المعنى: أنه إذا خالط فإنه سيعدي، لا، قد يعدي وقد لا يعدي، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الطب (5387) ,صحيح مسلم السلام (2220) ,سنن أبو داود الطب (3911) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 434). فمن أعدى الأول؟.
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في صحيحه (3707) تعليقا، ورواه أحمد في مسنده 2\ 443، وذكر الحافظ ابن حجر في شرحه (فتح الباري) (10\ 158): أن أبا نعيم وصله من طريق أبي داود الطيالسي، وسنده صحيح، وذكر أيضا أن ابن خزيمة وصله كذلك، وقال البغوي بعد أن أورده في شرح السنة (3247) فر من المجذوم فرارك من الأسد والمقصود: أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير أو الهامة - وهي: روح الميت، يقولون: إنها تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها - وهذا باطل لا أصل له، وروح الميت مرتهنة بعمله إما فى الجنة أو النار.
والطيرة والتشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية، حيث كانوا يتشاءمون إذا رأوا شيئا لا يناسبهم مثل الغراب، أو الحمار الأسود، أو مقطوع الذنب، أو ما أشبه ذلك، فيتشاءمون به، هذا من جهلهم وضلالهم، قال الله جل وعلا في الرد عليهم: سورة الأعراف الآية 131 أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فالله بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع، والطيرة لا أصل لها، ولكنه شيء يجدونه في صدورهم ولا حقيقة له، بل هو شيء باطل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الطب (5422) ,صحيح مسلم السلام (2223) ,سنن ابن ماجه الطب (3536) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 267). لا طيرة.
ولذا يجب على المسلم إذا رأى ما يتشاءم به: ألا يرجع عن حاجته، فلو خرح ليسافر، وصادفه حمار غير مناسب أو رجل غير مناسب أو ما أشبه ذلك، فلا يرجع، بل يمضي في حاجته ويتوكل
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 26)
على الله، فإن رجع فهذه هي الطيرة، والطيرة قادحة في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر، بل هي من الشرك الأصغر.
وهكذا سائر البدع، كلها من القوادح في العقيدة، لكنها دون الكفر، إن لم يصاحبها كفر.
فهذه البدع مثل: بدعة الموالد، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ومثل صلاة الرغائب هذه كلها بدع، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب، هذه بدعة ليس لها أصل، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالا يتقرب بها، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قربة، فهذا لا أصل له، والأحاديث فيه غير صحيحة، بل هو من البدع.
والجامع في هذا: أن كل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: صحيح البخاري الصلح (2550) ,صحيح مسلم الأقضية (1718) ,سنن أبو داود السنة (4606) ,سنن ابن ماجه المقدمة (14) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 270). من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، وقال: صحيح مسلم الأقضية (1718) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وكان يقول في خطبة الجمعة: جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه (867) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، يحذر الناس من البدع ويدعوهم إلى لزوم السنة صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على أهل الإسلام أن يلزموا الإسلام ويستقيموا عليه، وفي هذا كفايتهم وكمالهم، فليسوا بحاجة إلى بدع، يقول الله تعالى: سورة المائدة الآية 3 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 27)
فالله أكمل الدين وأتمه بحمده وفضله، فليس الناس بحاجة إلى بدع يأتون بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2678)، وابن ماجه (42، 43، 44). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.
فليس الناس بحاجة إلى بدع زيد وعمرو، بل يجب التمسك بما شرعه الله، والسير على منهج الله، والوقوف عند حدوده، وترك ما أحدثه الناس، كما قال الله سبحانه وتعالى ذما للبدع وأهلها: سورة الشورى الآية 21 أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ
وفق الله الجميع لما فيه الخير، وأصلح أحوال المسلمين، ووفقهم للفقه في دينه، وجنبهم أسباب الزيغ والضلال والانحراف، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- الدعاء عند الإستيقاظ من النوم
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[21 Sep 2006, 08:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (25) بتاريخ 29/ 8/1427 - الدعاء عند الاستيقاظ من النوم
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
قم بالعمل بالسنة الآتية ثم قم بالتصويت
الدعاء عند الاستيقاظ من النوم بالدعاء الوارد: ((الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور)) [رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: 6312].
برنامج إحياء السنة النبوية
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html(/)
فيديو لشيخ جليل قبضت روحه وهو يلقي درس تفسير
ـ[خادمة القرآن]ــــــــ[22 Sep 2006, 01:09 م]ـ
شيخ جليل قبضت روحه وهو يلقي درس تفسير في بيت من بيوت الله.
نسأل الله أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته. وان يمُنَّ علينا بحسن الخاتمة.
وهذا هو الرابط:
ـ[روضة]ــــــــ[22 Sep 2006, 01:43 م]ـ
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ونسأل الله أن يكون القرآن شافعاً له يوم القيامة، وأن يبعث على الحال التي مات عليها.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[22 Sep 2006, 07:16 م]ـ
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Sep 2006, 09:25 م]ـ
مشهد مؤثر , نسأل الله أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته. وان يمُنَّ علينا بحسن الخاتمة.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[22 Sep 2006, 11:25 م]ـ
نسأل الله أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته. وان يمُنَّ علينا بحسن الخاتمة ... اللهم آمين ...
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[23 Sep 2006, 10:30 ص]ـ
رحمة الله تعالى عليه وعوض المسلمين عنه خيرا
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[23 Sep 2006, 12:14 م]ـ
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. آمين
ـ[ابو همام]ــــــــ[23 Sep 2006, 12:57 م]ـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وجعل مثواه الجنة
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[23 Sep 2006, 02:06 م]ـ
نسأل الله حسن الخاتمة
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 Sep 2006, 03:13 م]ـ
همُّ الخاتمة هو ما أرق مضاجع الصالحين, حتى بكى باكيهم وهوسفيان فقيل لهما يبكيك؟ أتخاف الذنوب؟ قال: الذنوب أهون من هذه, وبيده حفنة تراب ثم قال: أخاف سلب الإيمان, فاللهم سلم سلم
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[24 Sep 2006, 03:50 ص]ـ
نسأل الله حسن الختام
ـ[أبو العالية]ــــــــ[24 Sep 2006, 11:20 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
رحمه الله وتغمده برحمته.
وأصلح أحوالنا ومآلنا يوم لقياه.
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[24 Sep 2006, 10:25 م]ـ
السلام عليكم:
بداية نسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين حسن الخاتمة، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه (إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله، قالوا وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه) أو كما جاء. وجاء عن أحد السلف أنه كان يقول: اللهم لاتحل بيني وبين ما اشتهي! قالوا وما تشتهي؟ قال: أن أقول: لا إله إلا الله عند الموت؛ ألم تقرأوا قول الله: (وحيل بينهم وبين مايشتهون .. )
ولذا على المسلم أن يدعوا الله بصدق أن يختم له بخاتمة حسنة خاصة في هذا الشهر الكريم.
كما اعتب على خادمة القرآن إذ كيف تريد أن نحكم على شيء دون أن نراه! والقاعدة تقول: الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.آمين
ـ[الياسمين]ــــــــ[24 Sep 2006, 11:53 م]ـ
أسأل الله أن يرحمه ويختم أعمارنا بأحب الأعمال اليه سبحانه
ـ[خادمة القرآن]ــــــــ[25 Sep 2006, 01:02 ص]ـ
كما اعتب على خادمة القرآن إذ كيف تريد أن نحكم على شيء دون أن نراه! والقاعدة تقول: الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
ليس الأمر بذاك أخي نواف: كل ما في الأمر صورة فيديو تحملها على الجهاز وتشاهدها إن أردت.
وأستغفر الله إن أردت حكمكم. إنما هي موعظة مرئية.
وأشكر لك وللجميع مروركم ومشاركاتكم، أسأل الله أن يمن علينا بحسن الختام ويتوفنا وهو راضي عنا غير غضبان ويوفقنا للعمل الصالح الذي يرضى به عنا إنه جواد كريم.
وبالمناسبة أشكر الأخ نواف الحارثي على رسالته العظيمة التي قدمها لنيل درجة الماجستير في القرآن وعلومه في تحقيقه لكتاب الإمام برهان الدين إبراهيم الجعبري المسمى / وصف الإهتداء في الوقف والإبتداء.
فجزاك الله عن الإسلام خيرا، وإن كان لديك المزيد من تراث الإمام إبراهيم الجعبري فلا تبخل على أهل العلم بتحقيقه , ونفعكم الله ونفع بكم.
ـ[الطبيب]ــــــــ[25 Sep 2006, 10:48 ص]ـ
جزيتم خيراً ..
ودمتم،،،
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[25 Sep 2006, 11:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[25 Sep 2006, 02:58 م]ـ
نرجوا الله ان تكون علامة حسن خاتمة ...
اللهم اغفر له وارحمه واكرم نزله
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[25 Sep 2006, 04:52 م]ـ
نرجوا الله ان تكون علامة حسن خاتمة ...
اللهم اغفر له وارحمه واكرم نزله
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[03 Oct 2006, 10:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم .. والحمدُ لله ربّ العالمين .. والصّلاة والسّلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين .. حبيبنا المُصطفى
صلوات ربى وسلامُهُ عليه وعلى آلِهِ وصحبه وتابعيهِ بإحسانٍ إلى يومِ الدّين ..
لا إله الا الله ..
سبحانك ربنا .. اللهم ارحمنا يارب العالمين واغفر لنا ..
همُّ الخاتمة هو ما أرق مضاجع الصالحين, حتى بكى باكيهم وهوسفيان فقيل لهما يبكيك؟ أتخاف الذنوب؟ قال: الذنوب أهون من هذه, وبيده حفنة تراب ثم قال: أخاف سلب الإيمان, فاللهم سلم سلم
اللهم سلم .. اللهم سلم ..
جزاكِ الله خير الجزاء أختى الفاضلة خادمة القرآن ..
وأسأل الله العلىّ العظيم أن يجعل تلك التذكرة فى ميزان حسناتكِ .. اللهم آمين ..
وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد سند]ــــــــ[08 Oct 2006, 01:06 ص]ـ
نسأل الله العفو الكريم أن يغفر لنا ويرحمنا ويحشرنا معه فى جنة النعيم اللهم آمين
ـ[معروفي]ــــــــ[24 Oct 2006, 06:38 ص]ـ
اللهم امنن علينا بحسن الخاتمة، و اعلموا إخواني أن المرء يموت على ما عاش عليه، ثم يبعث يوم القيامة على ما مات
عليه، و اذكّر نفسي و إياكم بما قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى:
خاتمة السوء بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطّلع عليها الناس.
أسأل الله تعالى أن يصلح باطننا و ظاهرنا، و أن يرزقنا الإخلاص لوجهه الكريم في أعمالنا كلها.
ـ[أمين]ــــــــ[05 Mar 2007, 11:27 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة
ـ[المؤمن]ــــــــ[01 Apr 2007, 12:16 ص]ـ
نسأل الله أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته، وأن يحسن خاتمتنا جميعا
ـ[فيصل الخنبشي]ــــــــ[11 Apr 2007, 11:34 م]ـ
نرجوا الله ان تكون علامة حسن خاتمة ...
اللهم اغفر له وارحمه واكرم نزله
ـ[المنهوم]ــــــــ[12 Apr 2007, 02:46 م]ـ
اللهم اميننسأل الله أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته، وأن يحسن خاتمتنا جميعا
ـ[أحمد قباوة]ــــــــ[12 Apr 2007, 04:55 م]ـ
أسأل الله تعالى له الرحمة وأن يتغمده بواسع فضله وأن يسكنه فسيح جنانه، وإن كنا نظن بأنه يحمل بين جوانحه ما يشفع له عند ربه، كتاب الله، وتعليم الناس إياه، فحقق بذلك الخيرية التي ذكرها رسول الله صلى الله وسلم بقوله: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).
وأسأله تعالى أن يثبتنا على طريق القرآن وسنة النبي الهادي صلى الله عليه وسلم، وأن يستعملنا فيما يرضيه عنا حتى يختم لنا بالختام الذي يقربنا منه.
وأشكر أختنا الفاضلة شكراً جزيلاً أن جددت فينا - في خضم ما نعيشه من اضطرابات وفتن على كل الأصعدة خاصة في مجال العلم - وجوب تجديد نية الإخلاص لله، حتى نلقاه وهو راض عنا.
رزقنا الله حسن الفهم عنه في كتابه، وأكرمنا بحسن الخاتمة
ـ[محمد البخاري]ــــــــ[27 Apr 2007, 08:37 ص]ـ
رحم الله هذا الشيخ رحمة واسعة، إني لا أرثي من كانت هذه خاتمته، وإنما الرثاء للأحياء الأموات .. ولا يدري أحدنا كيف تكون خاتمته ..
نسأل الله حسن الخاتمة ...(/)
أسئلة لمن ينكر صيام يوم السبت فى مصر ومن وافقها
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[23 Sep 2006, 09:26 ص]ـ
أسئلة لمن ينكر صيام يوم السبت فى مصر ومن وافقها:
** يتوجه كثير من المصريين للعمرة في رمضان ... وربما بقي بعضهم إلى العيد
فلو كان رمضان غير تام في السعودية لصاموا ثمانية وعشرين يوما ... فهل هذا يجوز؟!!!
... وسؤال آخر رجل خليجى وفد إلى مصر بعد بداية رمضان ... ثم أتممنا عدة رمضان فى مصر أيضا إلى ثلاثين يوماً .... فسوف يصوم الخليجي -على قول من يقول بالتزام الصوم مع البلد التى يتواجد فيها - واحدا وثلاثين يوما!!! فهل هذا يجوز؟؟
... لو كنت أقيم فى السلوم بجوار الحدود بين مصر وليبيا هل أصوم مع بلدى بقرار القاهرة التى تبعد عنى آلاف الكيلومترات أم مع مسلمين بينى وبينهم أمتار فى ليبيا! ... وهل سلك الحدود المصطنع له اعتبار شرعى؟؟!!
ـــــــــــــــ
... قال العلامة القاضي أحمد بن محمد بن علي الشوكاني في ((شرح الدرر)) عند قول والده الإمام رحمه الله تعالى:
(وإذا رآه أهل بلد لزم سائر البلاد الموافقة):
(( .. لهم في الصوم لعدم التقيد بمحل ولا بلد، وقول ابن عباس الذي أخبره أنه رأى الهلال بالشام "لَكِنَّا لا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ" لا حجة فيه لعدم التصريح منه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن موافقة أهل البلد الآخر في رؤية الهلال. وأما قوله: "هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه " فالمراد به إكمال العدة)).
... وقال صديق حسن خان في ((الروضة الندية)) كذلك:
((وأما استدلال من استدل بحديث كريب عند مسلم وغيره فغير صحيح، لأن ابن عباس لم يصرح بأن النبي * أمرهم بألاَّ يعملوا برؤية غيرهم من أهل الأقطار، بل أراد ابن عباس أنه أمرهم بإكمال الثلاثين ولم يروه، ظنا منه أن المراد بالرؤية رؤية أهل المحل وهذا خطأ في الاستدلال أوقع الناس في الخبط والخلط حتى تفرقوا في ذلك على ثمانية مذاهب. وقد أوضح الماتن المقام في الرسالة التي سماها " إطلاع أرباب الكمال على ما في رسالة الجلال في الهلال من الاختلال)).
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[23 Sep 2006, 10:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اسئلة مشروعة لكن لو صح ان الهلال قد رؤي فعلا. وكيف يصدق الكلام وقد اجمع الفلكيون المسلمون ان الهلال لا يمكن رؤيته لأنه في ذلك اليوم يغيب قبل الشمس بدقيقتين بمعنى انه ليس هناك هلال في الافق على الاطلاق فكيف نوفق بين هذين المتناقضين واظن انه آن الاوان لاعتبار اقوال الفلكيين الثقات حسما للفوضى
والله اسال ان يجمع المسلمين على الخير وتقبل الله طاعتكم جميعا
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[23 Sep 2006, 06:39 م]ـ
((الاستشهاد بحديث ابن عباس ليس في محله، إلا لو كان هناك هاتف بين المدينة والشام في عصر الصحابة، وأخبر أحدهما الآخر بثبوت الرؤية في بلده فلم يعمل بها الطرف الآخر بحجة اختلاف المطالع.
الخلط واضح بين فعل ابن عباس .. فهو لم يعلم أصلا بثبوت الرؤية .. و بين من علمها فلم يصم.
و من تعلق باختلاف المطالع فعليه أن يقسم المملكة السعودية إلى مناطق لأن بعض مناطق غرب المملكة أقرب إلى مصر من قربها إلى مناطق شرق ا!!!))
وهناك أيضاً قرينة تدل على أن الأمر خلاف ما رأى ابن عباس أو أن هناك أصلا يعمل به واختلف الصحابة عليه وهو كلام كريب لابن عباس
انه قال له ألا تأخذ برؤية معاوية فدل هذا على أن هناك أصلا عند كريب وهو تلزم الأمة برؤية واحد منها وهذا ما يوافق ظاهر الحديث
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[23 Sep 2006, 06:41 م]ـ
أخى الكريم جمال
العبرة بقول الشهود .. لا بتيقن الهلال
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[24 Sep 2006, 11:11 ص]ـ
انا لا اوافق على ما تقول فالعبرة للحق لا لقول الشهود فاذا اثبت العلم ان القمر تستحيل رؤيته في وقت ما ثم جاء من يشهد برؤيته فانا ارد هذه الشهادة لانها اقرب الى ما يقال فيه انها شهادة بمخالفة الحس والله يتولا نا بفضله والحكم في القضية هو رؤية الهلال لهذا اليوم في المساء او في الايام البيض فلننتظر
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[15 Oct 2006, 06:03 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي جمال: قولك العبرة بمخالفة الحس لا ترد بحال من الأحوال على ولادة الهلال الفلكية، الفلكيون أنفسهم يتناقضون في تحديد وقت الولادة، وهذا حدث عندنا في السعودية العام المنصرم، حيث أعلن جهتان استحالة الرؤية وإمكانيتها وكلاهما من المراصد المعروفة عندنا في السعودية.
ولتتبين أكثر تفضل هذا الرد من الأستاذ عبدالله الخضيري وهو ممن رآى الهلال هذه السنة بعد شغب كثير من الفلكيين الذين لا يسلمون لقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته:
((
4 – هناك مجموعة من البرامج الحسابية ولكل برنامج قراءة معينة تختلف نتائجها عن البرنامج الآخر وبرامج حساب الكسوف والخسوف تختلف عن برامج حساب الشروق والغروب وليست مجتمعة في برنامج واحد لهذا يكون عدم تطابق الشروق والغروب مع التقويم
وفي إحدى المرات التي كان معنا مجموعة من مدينة الملك عبد العزيز تم رصد غروب الشمس بعد أخذ إحداثية المكان الذي كنا فيه وغربت الشمس قبل الحساب بثلاث دقائق وخمس عشرة ثانية وما زال الجهاز (التلكسوب المربوط بالحاسوب) يرصد الشمس رغم أن الشمس غير موجودة في الأفق التي اتفق الجميع على غروبها وهذا يبين أن البرامج الحاسوبية في الحساب الفلكي متنوعة ومستقلة ومختلفة بمعنى أن برامج حساب مواقع الأجرام وحركتها تختلف عن برامج حساب شروقها وغروبها عن بعضها لذا كان حساب ولادة هلال شهر رمضان هذا العام 1427هـ الساعة 2 و 46 دقيقة قبل العصر وكان حساب غروب الشمس متأخرا عن غروبها الفعلي بثلاث دقائق والأمر ميسر ولله الحمد لذا يجب على من يكتب أن يتقي الله تعالى ولا يجزم بنتائج هو يستطيع أن يكشف فوارقها بنفسه مثل الشمس خصوصا أن هذا الأمر هو سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ولم نبتدع أو نأتي بجديد وهو محل عناية واهتمام ولاة الأمر حفظهم الله وتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله حيث تخرج لجان رسمية من المحاكم والمحافظين ورؤساء المراكز وأعضاء الرؤية أسأل الله العظيم أن يجعل ما نقوم به خاصا لوجهه تعالى وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ويحفظ هذه البلاد وولاتها من كل شر وفتنة وما أعظم من فتنة الانقسام والله المستعان))
وفقنا الله جميعا للحق.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[17 Oct 2006, 09:01 ص]ـ
لكن رؤية القمر بدرا هذا العام كانت في غير صالح حسابات المملكة وذلك برؤية العين في الايام البيض فما رايكم ادام الله فضلكم
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[17 Oct 2006, 09:12 م]ـ
لكن رؤية القمر بدرا هذا العام كانت في غير صالح حسابات المملكة وذلك برؤية العين في الايام البيض فما رايكم ادام الله فضلكم
أخي الكريم وفقك الله، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الجزء الخامس عشر من فتاواه: (متى ثبتت رؤية الهلال ثبوتا شرعيا وجب العمل بها ولم تجز أن تعارض ولم يجز أن تعارض بكسوف ولا غيره)
وذكر رحمه الله في نفس الجزء الخامس عشر (من اعتبر الحساب الفلكي شرطا لصحة الرؤية فقد استدرك على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)
فائدة: الشرع الحكيم علق الشهر بالرؤية التي يتساوى فيها الحاسب بغير الحاسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، ثم قال، الشهر هكذا وهكذا وهكذا. إلى نهاية الحديث، ولوتاملت سائر العبادات لوجدت موردها سهولة العلم بها وبأوقاتها وصفاتها من دون تعلق بعلم دقيق بل هي مما يعلمه كافة الناس كمواقيت الصلاة، وحساب الزكاة، وكذلك دخول الشهر، الذي يعرفه الأعرابي في اصحراء كما يعرفه العالم في القرية.(/)
هكذا حتى لا ننخدع
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[24 Sep 2006, 02:03 ص]ـ
قال ابن عائشة: وجه عبدالملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم رسولاً فلما انصرف من عنده قال: يا شعبي أتدري ما كتب به إلي ملك الروم؟ قال: وما كتب به ياأمير المؤمنين؟ قال: كنت أتعجب لأهل ديانتك كيف لم يستخلفوا عليهم رسولك. قلت: يا أمير المؤمنين لأنه رآني ولم يرك ... وفي رواية قال يا شعبي: إنما أراد أن يغريني بقتلك. فبلغ ذلك ملك الروم فقال: لله أبوه ما أردت إلا ذاك. السير 4/ 304.(/)
عقلانية رأس الفتيكان وسماحته .. قراءة في التاريخ والجذور
ـ[مرهف]ــــــــ[25 Sep 2006, 06:05 م]ـ
عقلانية رأس الفتيكان وسماحته ... قراءة في الجذور والتاريخ!!!
لم تكن تصريحات رئيس الفتكان الصليبية تفاجئني، وشعرت عندما سمعت بها كأني أسمع صوت ترجيع بقرة أكلت طعاماً يابساً من القرن الرابع عشر الميلادي، ثم علك في القرن التاسع عشر الميلادي ثم أرجع إلى الفم ليعاد هضمه في القرن الواحد والعشرين الميلادي، ولكن نظراً لمرور القرون عليه يبس فحصل منه صوت الهضم المزعج للآمنين.
الغريب الذي أدهشني هو أن رأس النصارى يتكلم عن العقل والسماحة والأمن، ولا يستحي من تاريخ قومه الدموي وتاريخ دينه المحرف، فكم من جريمة ارتكبت بمباركة "الرب" بزعمهم، منها ما كان ضد بعضهم، وكانه بمزاعمه هذه يريد التستر على هذا التاريخ الأسود، وإسقاط عيوبه ونقصه على غيره في تصريحات استباقية.
فهل ينسى المسيحيون ما قام به الكاثوليك في عهد الإمبراطور دقلديانوس، الذي تولى الحكم عام 248م, ففي عهده تم تعذيب الأرثوذكس في مصر، حيث ألقوا في النار وهم أحياء، كما تم رمي جثثهم للغربان لتأكلها, وقد قدر عدد الذين قتلوا في عهده بحوالي مليون مسيحي, كما تم فرض الضرائب الباهظة عليهم, مما جعل الكنيسة القبطية في مصر تعتبر ذلك العهد عهد الشهداء وبه أرخوا التقويم القبطي تذكيرا بالتطرف المسيحي (1).
أين النصارى من مذبحة باريس بتاريخ 24 - 8 - 1572م، والتي قام بها الكاثوليك ضد البروتستانت، وذهب ضحيتها عشرات الألوف حتى امتلأت شوارع باريس بالدماء.
ودعونا من جرائم الصليبية ضد بعضهم، ولنتكلم بعناوين عن أهم جرائمهم وإرهابهم ضد المسلمين، فهل ينسى النصارى أن محكمة الكنيسة عام 1052م هددت بطرد المسلمين من أشبيلية إذا لم يقبلوا بالديانة المسيحية، ومن خالف ذلك يقتل.
وهل يذكرون أنواع التعذيب والقتل الذي كان يمارس على المسلمين بقرار محاكم التفتيش التي أنشأت عام 1481م، وخلال أعوام قتل أكثر من 340 ألف، وهناك ألوف تم حرقهم وهم أحياء من أجل تنصيرهم وإبادتهم وممارسة التطهير العرقي (2).
يقول وليم جايس: (إن العالم لم يعرف الاضطهاد الديني قبل ظهور الأديان الموحدة, لقد كانت المسيحية في الواقع أول مذهب ديني في العالم يدعو للتعصب وإفناء الخصوم).
ثم ما تزال رائحة دماء المسلمين تفوح من الحروب الضليبية، عبر التاريخ إلى الآن، وهي أول وأكبر جريمة إرهابية عبر التاريخ الإنساني، فبالسلاح الأبيض قتل في يوم واحد عشرات الآلاف من النساء والأطفال والرجال والعلماء، وسالت الدماء وارتفع مستواها كأنك تخوض نهراً طافياً.
وعندما تهيأ جيش الغزو الإيطالي الصليبي لغزو ليبيا، كان شعاره الصليب، وكان بابا الفاتكان بلباسه الكهنوتي يقف بإجلال أمام الجيش، ثم يقبل الصليب ويبدأ الجنود بالإنشاد، قائلين: أماه لا تحزني .... أماه لا تقلقي .... أنا ذاهب إلى طرابلس .... فرحا مسرورا .... لأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة .... ولأحارب الديانة الإسلامية .... سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن.
وذكرت منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية حرب الإبادة التي تعرض لها المسلمون في البوسنة والهرسك وكوسوفو، حيث ذكرت تلك التقارير: اغتصاب أكثر من 50 ألف مسلمة، تم زرع نطف الكلاب في أرحام المسلمات. تدمير 614 مسجدا بالكامل. تدمير 534 مسجد تدميرا جزئيت. تدمير مئات المدارس الإسلامية. ولا يمكن نسيان المجازر الجماعية مثل سربنيتشا وغيرها، والتي تمت تحت مرأى ومسمع هيئة الأمم المتحدة وقواتها ومنظمات حقوق الإنسان وكذلك المسلمين.
ثم نأتي على الحروب التي قام بها النصارى في أندنوسيا التي لم يرحموا فيها طفلاً رضيعاً وأماً ضعيفة وعجوزاً جائعاً أو طالباً في مدرسته، فكثير من المسلمين يجهلون هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية التي حصلت وخاصة منها ما بين عام 1998 وعام 2000، بسبب التعتيم الإعلامي ومساندة الدول الكبرى للنصارى، ولكن الحقائق لا بد أن تظهر، فقد أحرقت مدارس دينية تعلم القرآن والفقه واللغة العربية، وأبيد طلابها وأساتذتها عن بكرة أبيهم، وقطعت رؤوسهم ووضعت فوق رماح طويلة ورقص النصارى بها، أما بعض الأساتذة المدرسين فقد نشروا بالمنشار ما بين أقدامهم إلى رؤوسهم، ومنهم من مثل به وبقرت بطنه وأخرج قلبه وكبده
(يُتْبَعُ)
(/)
بالأيدي وأكل، نعم ولك أن لا تصدق ولكن عندما تظهر الحقيقة في المستقبل ستصدق.
ثم حرب بوش الصغير الصليبية في القرن الواحد والعشرين، وأنتم تعلمون ما يحصل للمسلمين مما لا حاجة لشرحه.
فقد عرضت القناة الأولى الألمانية تقريرا في برنامجها الأسبوعي بانوراما بتاريخ 24 - 6 - 2004، والذي أعده جون جوتس وفولكر شتاينيهوف, عن دور بعض الطوائف التنصيرية في العراق، جاء فيه: سيكون العراق مركز الانطلاق للحرب المقدسة.
نقلت وكالة الأسو شيتد برس يوم 12 - 4 - 2004 من خطبة لقسيس في الجيش الأمريكي، ألقاها في يوم الفصح في مدينة الفلوجة العراقية: نحن لسنا في مهمة سهلة، لقد أخبرنا الرب بأنه معنا على طول الطريق, ولسنا خائفين من الموت، لأن السيد المسيح سيعطينا حياة أبدية. هذه جوانب من تاريخ الصليبية السمحة والمسالمة التي يتكلم عنها رأس الفتيكان، الذي يدين العنف باسم الدين!!!.
أما عن عقلانيته وبالأخص عقلانية عقيدته، فهذا المضحك، يقول أن إرادة الله في عقيدة المسلمين لاتوافق العقل، إذن فحاكموا هذا النص الإنجيلي للعقل مع المقارنة، ففي (مرقس10:27): (الله قادر على كل شيء فيما عدا ما يناقض جلاله وكماله) ثم يقول: (لأن كل شيء مستطاع عند الله) وفي (سفر القضاة1: 19) قال: (وكان الرب مع يهوذا فملك الجبل ولكن لم يطرد سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد) والمعنى أن الله في معية يهوذا انتصر على الأعداء فوق الجبال ولكنهما لم يستطيعا الانتصار على الأعداء بالوادي لمجرد أن الأعداء بالوادي كانوا يمتلكون مركبات حديد.
واقرأ هذا النص الذي يوضح مكانة المرأة في الإنجيل وحاكمه للعقل أيضاً، ففي (اللاويين12: 1ـ 5): (وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين كما في طمثها ثم تقيم ستة وستين يوماً في دم تطهيرها). فالحمد لله على نعمة الإسلام الذي حمانا من هكذا جهالات فأين المرأة عندنا منهم.
واقرأ محاكماً العقل دون أن تضحك ما في (رؤيا يوحنا اللاهوتي 13: 1 ـ 2): (ثم وقفت على رمل البحر فرأيت وحشاً طالعاً من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً)، ولكن إياك أن تظن بأنك تقرأ قصة خيالية صينية أو من قصص سندباد، بل أنت تقرأ الكتاب المقدس الذي كون عقل رأس الفتيكان وحاشيته.
أما احترامهم للأنبياء فاقرأ إلى دينهم الذي يؤسس ثقافتهم وتكون أخلاقياتهم، ففي (سفر الملوك الأول 1:1 ـ 3) قال: (وشاخ الملك داوود ... وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ، فقال له عبيده: ليفتشوا لسيدنا الملك عن فتاة عذراء، فلتقف أمام الملك، ولتكن له حاضنة، ولتضطجع في حضنك فيدفأ سيدنا الملك، ففتشوا عن فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل فوجدوا أبشيج الشونمية فجاؤا بها إلى الملك .. ) والتتمة يستحي المرء من ذكرها، ولا تنسوا أيضاً ما كتب في (سفر التكوين19: 33) عن قول الإنجيل في ابنتي لوط عليه السلام: (فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها .. )، نسأل الله العفو والعافية؛ ولذلك فإن زنا المحارم في أوربا وأمريكا له أصله عندهم، فلا غرابة من الشذوذ الجنسي عند أساقفتهم وبطاركتهم التي ملأت آذاننا نتناً حتى قام رأس الفتكان السابق يوحنا بالاعتذار رسمياً عن جرائم تلامذته الجنسية في استراليا؛ وهذه الثقافة هي التي يصدرونها للعالم المتخلف بزعمهم لأنها ثقافة البلاد الحرة والعقلانية، والبلاد المحبة للسلام.
وإذا كان وصفهم لأنبيائهم هكذا فلا غرابة في تهجمهم على خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم!!.
ولعلكم قرأتم بعض ما كتبه المستشرقون والعلمانيون عن قتل المرتد في الإسلام واعتبارهم لها جريمة مخالفة لحرية العقيدة والتعبير عن الرأي، مع أن قتل المرتد له شروط وأحكام مضبوطة، ولكن ما رأيكم بحرية العقيدة والرأي في التوراة وهي العهد القديم عند النصارى، ففي (سفر التثنية 13: 6 ـ 11) يقول: (وإذا أغواك سراً أخوك ابن أمك، أو ابنك أو امرأة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلاً نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك من آلهة الشعوب الذين حولك القريبين منك أو البعيدين عنك من أقصى الأرض إلى أقصاها فلا ترض منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا ترق له ولا تستره، بل قتلاً تقتله حتى يموت لأنه التمس أن يطوحك عن الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية)، نعم يقتله قتلاً بدون استتابة ولا تحرٍّ ولا رحمة ولا مناقشة.
وأما قوانينهم الحضارية والديمقراطية: فقد جاء في القوانين المجرية:
مادة 46، كل من رأى مسلما يصوم أو يأكل على غير الطريقة المسيحية أو تمنع عن أكل لحم الخنزير أو يغتسل قبل الصلاة أو يؤدي شعائر دينية, وأبلغ السلطات بذلك، يعطى له جزء من أملاك هذا المسلم مكافأة له.
مادة 47، على كل قرية مسلمة أن تشيد كنيسة وأن تؤدي لها الضرائب المقررة، وبعد الانتهاء من تشييد الكنيسة يجب أن يرحل نصف مسلمي القرية، وبذلك يعيش النصف الآخر معنا كشركاء في العقيدة, على أن يؤدوا الصلاة في كنيسة يسوع المسيح الرب بطريقة لا تترك شبهة في اعتقادهم.
مادة 48، لا يسمح للمسلم أن يزوج ابنته رجلا من عشيرته، وإنما يتحتم أن يزوجها رجلا من الجماعة المسيحية.
مادة 49، إذا زار شخص ما مسلما، أو إذا دعا مسلم شخصا لزيارته فيجب أن يأكل الضيف والمضيف معا لحم خنزير
هذه بعض النصوص المؤسسة لعقلانية رأس الفتيكان وأعقل رجال القوم، وفي الإنجيل الكثير مما تدمى له القلوب ويعرق له الجبين من الخزايا والخرافات. (3)
ولكن عدت لأقول: إن رأس الفتيكان وحاشيته ليس غريباً عليهم القيام بهذه الإسقاطات على غيرهم، ومهاجمتهم الإسلام، فمواقف رأس الفتيكان قديمة من الإسلام، ولكن يتضح موقف الفاتيكان ورأسه من القضايا الاسلامية بجلاء من خلال الاجتماع السري الذي عُقد في مدينة كاستيل جوندولوفو الإيطالية بحضور البابا في سبتمبر من عام 2005م، وحضره الأسقف جوزيف فيسيو من فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي نقل عنه أن البابا تحدث في الاجتماع المغلق عن الإسلام.
ذكر فيسيو " إن البابا أعرب عن رأيه في الإسلام بخلاف كل الأديان الأخرى بقوله أنه لا يمكن إصلاحه، وهو لن يتوافق أبداً مع الديمقراطية، لأن حدوث ذلك يقتضي إعادة تفسير جذرية للإسلام، وهذا مستحيل بسبب طبيعة القرآن نفسه وعلاقة المسلمين به".
وعندما ناقشه أحد الأساقفة أن ذلك ما يزال ممكناً، اعترض البابا بوضوح كما ينقل عنه الأسقف جوزيف فيسيو قائلاً إن البابا علق على ذلك بهدوء ووضوح قائلاً "هناك مشكلة أساسية في هذا الرأي".
كما ذكر الباحث سمير خليل سمير الذي حضر أيضاً الاجتماع السري "إن البابا يرى إمكانية تغير الإسلام، في حالة واحدة وهي إعادة تفسير القرآن بشكل جذري وكامل، وإعادة النظر بالكامل في مبدأ عصمة الوحي ".
قال أحد الصحفيين في منتصف هذا العام بعدما سأل رأس الفتكان بشكل مباشر ومفاجئ " هل إن كان الإسلام دين سلام .. "، رفض البابا أن يصف الإسلام بدين السلام، قائلاً: "إنني لا أرغب في استخدام الكلمات الكبيرة لوصف أمور عامة .. إن الإسلام بالتأكيد يحتوي على عناصر يمكن أن تميل إلى السلام، ولكنه أيضاً يتكون من عناصر أخرى .. ولابد لنا أن نختار دائماً أفضل العناصر" (4).
واليوم يخرج علينا بكلمات تهاجم الإسلام والمسلمين،ويدعي في بيانه أنه يحترم بعمق المسلمين ويأمل أن يفهم المسلمون المعنى الحقيقي لكلماته، لأن ما يقوله فوق الفهم.
وعلى كل حال فإني أرى أن يعرض رأس الفتكان وحاشيته على مصحة نفسية ليخرج من عقده المركبة كالشعور بالذنب والتبرير والإسقاط والسادية ... لعله يشفى، نسأل الله العافية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(1) ـ ينظر دراسة للباحث الدكتور نبيل لوقا بباوي تحت عنوان "انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء"
(2) ـ ينظر للاستزادة كتاب دمروا الإسلام أبيدوا أهله جلال العالم، وكتاب: التسامح في الإسلام للدكتور شوقي أبو خليل
(3) ـ انظر القانون الدستوري لستيغا نودي فريس الصفحات: 135،148،157
(4) ـ المصدر: وكالة الأخبار الإسلامية / نبأ /: 16 سبتمير, 2006،تحت عنوان: البابا ... ومرور عام علي الاجتماع السري في إيطاليا
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[25 Sep 2006, 11:36 م]ـ
شكر الله لك أخي مرهف , وجزاك الله خيراً.
ـ[مرهف]ــــــــ[03 Oct 2006, 05:28 م]ـ
أشكر لك أخي د أحمد على مرورة بالموضوع وأسأل الله أن يثيبك وأضيف هنا هذا المقال من موقع قناة الجزيرة لمزيد من الفائدة كما هو:
(يُتْبَعُ)
(/)
النص الذي أثار الاحتجاج الإسلامي الواسع على محاضرة البابا بنديكت السادس عشر (الثلاثاء 12 سبتمبر/ أيلول 2006) هو نص مقتبس من كتاب بعنوان "ستة وعشرون حوارا مع فارسي".
كاتب هذا العمل هو الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني بالايلوغوس الذي ولد عام 1350 وتوفي عام 1427، وهي فترة بالغة الاضطراب في تاريخ بيزنطة وعاصمتها القسطنطينية، لا سيما من جهة علاقة البيزنطيين بالقوة العثمانية الإسلامية الصاعدة.
ولكنها أيضا كانت فترة بالغة التعقيد، رسم ملامحها التداخل الكبير بين البزنطيين والعثمانيين، الذي انتهى بسقوط القسطنطينية وإعلان شهادة وفاة الإمبراطورية.
وإن قبلنا التاريخ المتفق عليه لولادة وانطلاق الدولة العثمانية عام 1298، فإن مانويل الثاني كان شاهدا على القرن الأول من تاريخ السلطنة التي ستصبح مصدر القلق الرئيس لأوروبا طيلة عدة قرون تالية.
"
إن قبلنا التاريخ المتفق عليه لولادة وانطلاق الدولة العثمانية في 1298، فإن مانويل الثاني كان شاهدا على القرن الأول من تاريخ السلطنة التي ستصبح مصدر القلق الرئيس لأوروبا طوال عدة قرون تالية
"
في 1373، تمرد أندرونيكس الرابع الشقيق الأكبر لمانويل على والدهما الإمبراطور يوحنا الخامس. بعد هزيمة أندرونيكس، سارع الإمبراطور الوالد إلى إعلان ابنه الأصغر مانويل وليا للعهد والذي أصبح بالتالي (وعلى الطريقة البيزنطية المتأخرة) إمبراطورا مشاركا.
بعد ثلاث سنوات، ثار الابن المتمرد من جديد ونجح في السيطرة على القسطنطينية والعرش. ولم يستطع يوحنا الخامس ومانويل الثاني استعادة العاصمة والعرش إلا بمساعدة عثمانية حاسمة.
في 1390، قاد يوحنا السابع ابن أندرونيكس ثورة أخرى ضد جده وعمه، واستطاع بدوره طردهما من القسطنطينية والجلوس على العرش.
وفي هذه المرة أيضا لم يتمكن الإمبراطور وولي عهده من استعادة العاصمة والعرش إلا بدعم عثماني عسكري. في مقابل هذا الدعم، كان على الإمبراطور يوحنا الخامس توقيع معاهدة تحالف مع العثمانيين تتضمن تقديم العون لهم عند الحاجة.
ولضمان المعاهدة واتباعا لتقاليد العصور الوسطى، أرسل مانويل الثاني للعيش في معية السلطان العثماني بايزيد الأول في العاصمة العثمانية الأولى بورصة، بمعنى أن مانويل الثاني أصبح رهينة لدى العثمانيين، لتوكيد حسن النية في العلاقة بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة العثمانية.
لم تطل فترة بقاء مانويل الثاني في بورصة أكثر من عام، إذ ما أن تناهى إلى سمعه في 1391 أن والده توفي حتى سارع إلى الهرب من بورصة والعودة إلى القسطنطينية بصفته الخليفة الشرعي للإمبراطور الراحل.
وقد استمر جلوس مانويل الثاني على عرش الإمبراطورية إلى 1425، أي حتى قبل سنتين من وفاته. والمؤكد أن ابنه وولي عهده، يوحنا السابع، أصبح له دور كبير في الشأن البيزنطي خلال السنوات الأخيرة من ولاية والده.
وربما كانت سياسات يوحنا السابع هي التي رفعت مستوى التوتر مع السلاطين العثمانيين في النصف الأول من القرن الخامس عشر، وفتحت بالتالي الطريق لحملة محمد الفاتح الحاسمة على القسطنطينية في 1453.
بالنظر إلى الدور الذي تعهده العثمانيون في حماية مانويل الثاني ووالده في مناسبتين متتاليتين، كان المتوقع أن يشعر مانويل الثاني بالامتنان للسلطنة العثمانية.
ولكن الأمر لم يكن بتلك البساطة. فقد ولدت الدولة العثمانية في منطقة الثغور الإسلامية، وسط جموع المرابطين والأخائيين وفي محيط من الروح الصوفية الجهادية.
وقد أولى قادة الدولة دائما أهمية خاصة للغزو والتوسع، لاسيما بعد أن نجحت القوة العثمانية في توحيد الإمارات التركية– السلجوقية المتنازعة في الأناضول وعبور البوسفور إلى الجانب الأوروبي غير المسلم.
ورغم أن الإمبراطورية البيزنطية كانت قد تقلصت إلى حد كبير، فمنذ نهاية القرن الرابع عشر شهدت القسطنطينية جدلا كبيرا بين من رأوا في العثمانيين حليفا ومن رأوا فيهم خطرا داهما على ما تبقى من بيزنطة وما تمثله من الميراث المسيحي.
"
ينبغي أن يقرأ كتاب مانويل باعتباره نصا تاريخيا أيدولوجيا استهدف تقديم صورة بشعة عن الإسلام والمسلمين في نهايات القرن الرابع عشر واستنهاض المسيحيين (الأرثوذكس المنقسمين على أنفسهم، والكاثوليك المتقاعسين) لمواجهة التوسع العثماني
"
(يُتْبَعُ)
(/)
في 1396، استولى العثمانيون على ثيسالي، ربما لضرورات إستراتيجية يتطلبها تأمين وجودهم في البلقان. وربما كان هذا التطور هو ما حسم موقف مانويل الثاني من العثمانيين.
فقد بادر الإمبراطور البيزنطي مباشرة بعد سقوط ثيسالي إلى الانطلاق في رحلة طويلة، زار خلالها روما وميلان ولندن، وأقام في باريس عامين كاملين.
كان هدف مانويل الثاني هو استنهاض الأوروبيين الكاثوليك لنجدة بيزنطة والتصدي للخطر العثماني. المعروف بالطبع أن الكنيسة البيزنطية كانت تنظر إلى الكنيسة الكاثوليكية نظرة استعلاء (على الأقل)، ولكن سياسة اللجوء لأوروبا الكاثوليكية لمواجهة التوسع الإسلامي لم تكن جديدة.
فالحملات الصليبية التي استمرت أكثر من 100 عام منذ نهاية القرن الحادي عشر الميلادي، انطلقت أصلا بعد هزيمة البيزنطيين الكبرى أمام السلاجقة في معركة ملاذكرد في 1071، المعركة التي فتحت آسيا الصغرى للاستيطان الإسلامي للمرة الأولى منذ موجة الفتوحات الإسلامية الأولى.
استقبل مانويل الثاني استقبالا جيدا في مختلف المدن الأوروبية التي زارها، إلا أن الممالك الأوروبية الكاثوليكية لم تكن في وضع يسمح لها بتعهد حملة جديدة باتجاه الشرق.
وتدلل الرحلة نفسها على أن مانويل الثاني (الذي ما كان له أن يصل إلى العرش دون العون العثماني) بات يرى العثمانيين من زاوية الخطر.
نحن لا نعرف الكثير عن الأشهر التي قضاها مانويل الثاني في مدينة بورصة، وليس ثمة ما يوضح هوية الشخص "الفارسي" الذي يدعي مانويل في كتابه أنه خاض حوارات معه.
وينبغي أن يقرأ كتاب مانويل باعتباره نصا تاريخيا– أيديولوجيا استهدف تقديم صورة بشعة للإسلام والمسلمين في نهايات القرن الرابع عشر واستنهاض المسيحيين (الأرثوذكس، المنقسمين على أنفسهم، والكاثوليك، المتقاعسين) لمواجهة التوسع العثماني.
أنهى مانويل الثاني العامين الأخيرين من حياته، بعد اعتزال الحكم، في دير للرهبان، ولكن ليس هناك من دليل على أنه كان يعرف الإسلام حقا.
ففي القرن الرابع عشر، كانت الثقافة الإسلامية وصلت ذروة نضجها، واتضحت في صورة بالغة الثراء من المذاهب العقلية والتقليدية والنصية، من الفلسفة والتصوف، ومن الشرائع والقوانين.
ولم يكن الفضاء العثماني وريثا للسلاجقة وحسب، ولكنه كان أيضا على اتصال وثيق بجواره المملوكي حيث تبلورت نهضة إسلامية فكرية هائلة.
ولكن هدف مانويل في لحظة اليأس والشعور المتعاظم بالخطر لم يكن المعرفة بل التحريض. وهذا ما ينبغي أن يطرح التساؤل حول دوافع البابا بنديكت السادس عشر في اقتباس نص مانويل الثاني.
باعتباره جوزيف راتسينغر، عمل البابا الحالي قبل التحاقه بالفاتيكان أستاذا جامعيا. هذا إذن رجل دين بخلفية أكاديمية طويلة، يعرف دلالات الاقتباس الأكاديمي.
"
إن لم يكن البابا يسعى إلى استدعاء وتوكيد رؤية مانويل الثاني للإسلام فقد كان عليه أن يورد النص المقتبس في سياق التحليل النقدي. ولكنه لم يفعل بل قام بعكس ذلك تماما إذ إنه أورد النص في سياق شجب سطحي ومتسرع لعلاقة المسلمين بالعقل والإرادة الإلهية
"
إن لم يكن البابا يسعى إلى استدعاء وتوكيد رؤية مانويل الثاني للإسلام فقد كان عليه أن يورد النص المقتبس في سياق التحليل النقدي. ولكنه لم يفعل، بل قام بعكس ذلك تماما، إذ إنه أورد النص في سياق شجب سطحي ومتسرع لعلاقة المسلمين بالعقل والإرادة الإلهية.
ويدرك البابا بنديكت السادس عشر على الأرجح أن مانويل الثاني كان يكتب في سياق تاريخي معين من التدافع والصراع، وأن كتابه لا يمكن أن يعتبر وثيقة لمعرفة الإسلام والميراث الإسلامي. بل أكثر من ذلك، فإن الأعمال الألمانية (لغة البابا الأم) الاستشراقية تعتبر من أفضل الأعمال الأوروبية الحديثة في دراسة الإسلام، ودراسة العقائد الإسلامية على وجه الخصوص.
وقد وضعت هذه الأعمال من قبل زملاء لجوزيف راتسينغر الأكاديمي، وفي جامعات عمل بها شخصيا أو في جامعات قريبة منها. الخشية أن يكون بنديكت السادس عشر يدرك هذا كله، وأنه قصد توجيه الإهانة للإسلام والمسلمين عن سابق تصميم وتصور.
(يُتْبَعُ)
(/)
سواء قبل تنصيبه البابوي، عندما كان مسؤولا عن مجمع العقيدة في الفاتيكان، أو بعد أن أصبح رأس الكنيسة الكاثوليكية، عبر الكاردينال راتسينغر/ البابا بنديكت السادس عشر عن آراء معادية للإسلام.
وباعتباره حارس العقيدة، أشرف الكاردينال راتسينغر خلال الفترة الأخيرة من حياة البابا السابق يوحنا بولس الثاني على صياغة المبدأ العقدي القائل بأن الطريق الوحيد الصحيح إلى الله هو الطريق المسيحي، في وقت كان الفاتيكان يؤكد على سعيه إلى حوار إنساني بين الأديان والثقافات.
وقد صرح البابا بنديكت السادس عشر في مناسبتين على الأقل بمعارضته دخول تركيا، بصفتها دولة إسلامية، الاتحاد الأوروبي.
كما أعرب عن قلقه لارتفاع عدد أبناء الجاليات الإسلامية في الدول الأوروبية وعزوف الشعوب الأوروبية الملحوظ عن الالتزام بالدين المسيحي.
ثم جاءت ملاحظاته الأخيرة، التي اقتبس بعضها من سياق صراع وتدافع بين أتباع الديانتين، لتضيف مزيدا من الأدلة إلى حالة القلق، وربما الخوف، البابوي من الإسلام والمسلمين.
كتب ونشر الكثير خلال السنوات القليلة الماضية حول الدور الذي لعبه البابا السابق يوحنا بولس الثاني في السنوات الأخيرة من الحرب الباردة. كان يوحنا بولس الثاني من أصل بولندي، وقد تعهد دورا رئيسيا وواضحا في التصدي الفكري والثقافي والديني للشيوعية.
ولم يكن غريبا، بالنظر إلى الدعم البابوي الهائل لنقابة التضامن البولندية الحرة المعادية للنظام الشيوعي، أن تكون بولندا بداية التشقق الأوروبي في جسم الكتلة الشيوعية والستار الحديدي.
"
بدلا من أن يكون البابا ضميرا للمعذبين والمعتدى عليهم، وصوتا للحوار والتقارب، يتحول بنديكت السادس عشر إلى صوت لإثارة الجدل حول الإسلام والمسلمين وموقعهم في العالم المعاصر
"
ولا تخلو الدراسات المكرسة لسيرة يوحنا بولس الثاني من تفسير مؤامراتي يعزو انتخابه لكرسي البابوية إلى إرادة أميركية في وقت كانت واشنطن تبحث فيه عن وسيلة لتنشيط دور الفاتيكان في الصراع ضد الاتحاد السوفياتي.
وربما لا يحتاج الأمر اللجوء إلى القراءة المؤامراتية لندرك أن يوحنا بولس الثاني استجاب لمتطلبات مرحلة كانت تستدعي نضال الكنيسة ضد خصم شيوعي كبير، وأنه كان مهيأ لمثل ذلك الدور.
القلق الذي ينبغي أن ينتاب أهل الحكمة وقادة الرأي العام المسلمين أن يكون بنديكت السادس عشر بات يرى لنفسه دورا في الحرب ضد الإرهاب، التي تأخذ في شكل متزايد الحرب ضد الإسلام، شبيها بالدور الذي تعهده سلفه ضد الشيوعية.
بدلا من أن يكون ضميرا للمعذبين والمعتدى عليهم، وصوتا للحوار والتقارب، يتحول بنديكت السادس عشر إلى صوت لإثارة الجدل حول الإسلام والمسلمين وموقعهم في العالم المعاصر.
إن كان هذا هو الدور الذي يراه البابا لنفسه، فربما كانت ملاحظاته الأخيرة بداية وليست نهاية طريق شائك وطويل. ما يحتاج البابا ربما لرؤيته، أكثر من أي شيء آخر، أن ثمة فرقا شاسعا بين الطغيان السلطوي الشيوعي ومئات الملايين من المسلمين المتمسكين بدينهم، والذين يعيشون ظلما وعدوانا هائلا على بلادهم وحياتهم ومقدراتهم(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- السحور والإفطار
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[28 Sep 2006, 05:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (26) بتاريخ 6/ 9/1427 - السحور، والإفطار
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
قم بالعمل بالسنة الآتية ثم قم بالتصويت
السحور: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا؛ فإن في السحور بركة)) [متفق عليه: 1923 - 2549].
تعجيل الفطر، وذلك إذا تحقق غروب الشمس: عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) [متفق عليه: 1957 - 2554].(/)
صلاة التراويح من المسجد الحرام والمدينة للعام الحالى بث حى صوت وصورة
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[29 Sep 2006, 01:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صلاة التراويح من المسجد الحرام والمدينة للعام الحالى بث حى صوت وصورة
مع إمكانية الحفظ بالجهاز ...
هذا هو الرابط
http://www.ahdaf.net/ramadan1427/salat
اللهم ارزقنا عمرة فى رمضان ... نسألكم الدعاء بذلك ...
ـ[الجكني]ــــــــ[29 Sep 2006, 01:26 ص]ـ
اللهم استجب لأبي محمد الظاهري دعاءه ويسر أمورنا وأموره وجميع المسلمين،اللهم آمين
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[30 Sep 2006, 02:59 م]ـ
اللهم استجب لأبي محمد الظاهري دعاءه ويسر أمورنا وأموره وجميع المسلمين،اللهم آمين
آمين ....
وجزاكم الله خيراً سيدى الشيخ ...(/)
(ومن دعا إلى هدى كان له أجره وأجر من عمل به) نداء لمن يعرف ثرياً
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[30 Sep 2006, 02:12 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعود إليكم والعود أحمد، مسلماً على المشرف الكريم والأعضاء الفضلاء وأخص منهم الدكتور مساعد الطيار ود. أحمد البريدي وجميع الكرام من طلبة العلم ..
نداء: لمن يعرف ثرياً من أثرياء المسليمن لم يحسن الصنيع في تصرفه في ماله فليقترح عليه مشروع قناة علمية لتعليم طلبة العلم على هيئة جامعة إسلامية تدرس مناهج متخصصة شرعية، وتخرج الطلاب عن بعد، وتبث مجانية .. فتكلفة أمثال هذه القناة تقارب الثلاثين إلى أربعين مليون ريال، علماً أنه يمكن توفير دخول منها عن طريق الإعلانات التجارية أو غير ذلك، وحبذا أن تكون قناة غير عربية، باللغة الانجليزية أو الفرنسية أو الصينية ...
ولمن أراد تفاصيل أكثر فأنا مستعد لكن بشرط ألا يخرج المشروع إلى إلى صالح، حتى لا يستغل استغلالاً فاجراً ...(/)
مولد سيدنا الشيخ الفلكي .........
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[30 Sep 2006, 03:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مقال نشره الأستاذ الشيخ / الاخميمي كرد على كلام طريقة صوم المصريين هذا العام .... قال وفقه الله:
مولد سيدنا الشيخ الفلكي .........
مدد ......
في مثل هذه الأيام من كل عام، وتحديدًا في بداية شهر رمضان، يقوم أتباع سيدنا الشيخ الإمام (الفلَك) بإقامة المولد الشريف، ونشر الكلام في المنتديات، عن مناقب (سيدنا الشيخ)، وفضائله التي لا تحصى ولا تُحصر.
ـ (سيدنا الشيخ) الفلكي لا يُخطئ، وهو العلاج الوحيد لمرض الإسهال الذي أصاب الأمة، وصارت تصوم رمضان بفارق أربعة أيام.
ـ و (سيدنا الشيخ) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحساباته ومعلوماته، من المستحيل أن يقع فيها خلل، ولو جزء من الثانية، لأنه يوحى إليه من وكالة (ناسا) الأمريكية.
ـ و (سيدنا الشيخ) قوله فصلٌ وليس بالهزل، وهو الوكيل الوحيد المعتمد المتعهد بتحديد شهر رمضان، رغم أنف الرؤية، ومن رأى هلالا يخالف هلال (سيدنا الشيخ الفلكي)، فإنما رأى أطباقا طائرة، أو كوكب الشرق، أو مجموعة (خَمسة وخْمِيسة).
وينطلق محاسيب (سيدنا الشيخ)، ومريدوه في الترويج لكراماته، ومعجزاته؛
وبالعربي، دعوكم من:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ.".
أخرجه أحمد , والدارمي , والبخاري , ومسلم , والنسائي.
ومن:
عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛
"أَنَّهُ ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقَالَ: لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ.".
أخرجه مالك ((الموطأ" , وأحمد , والدارمي , والبخاري , ومسلم , وأبو داود , والنسائي , وابن خزيمة.
دعوكم من هذا الذي لم يَعُدْ علمًا، ولا تكنولوجيا، وعودوا إلى كرامات وتقدم سيدنا الولي، المكشوف عنه الحجاب، سيدنا الشيخ الفلكي (مدد!!!)، فقوله الفصل ليس بالهزل.
إخوتي الأعزاء، ما هو علم الفلك؟
هو شيء من اثنين، إما أن يكون من عند الله، بوحي ثابتٍ، وإما أن يكون اجتهادًا من البشر.
ولا يختلف معي أحد أنه اجتهادٌ من البشر، ويدخل في العلوم الظنية النسبية، وليس الحكم القاطع الفاصل.
أضرب لكم مثالا على كرامات سيدنا الشيخ الإمام الفلكي:
ظل علماء الفلك أكثر من نصف قرن، يؤكدون بما لا يدع مجالا لريب، بأن عدد كواكب المجموعة الشمسية: سبعة.
وهذا ثابت حتى الساعة في كتب المدارس.
ومنذ سنة واحدة انقلبت كل المقاييس، وجلس سيدنا الشيخ الفلكي على رأسه، ورجلاه في الهواء، في وجوه مريديه، والدروايش من حوله، لقد اكتشفوا ثلاثة كواكب جديدة للمجموعة الشمسية!!!
اكتشفوا، لأن علمهم محدودٌ، وفوق كل ذي علمٍ عليم.
اكتشفوا، لأن ما يصل إليه الإنسان، أي إنسان، وبأي أجهزة، وبأي علم، إنما هو شيء قد يكون صوابًا، وقد يكون خطأً.
الطب، الهندسة، الفلك، الرياضيات، الحاسبات ... إلى آخره، اجتهادات بشر، يُشكرون عليها، لكنها ناقصة، جاهلة، كسيحة، سيخرج غدًا ما يمحوها، وبعد غدٍ ما يمحو علوم الغد.
أمَّا الحجة، والدليل، والفصل، والقطع، والحق، والنور، فذلك فقط، وحصرًا، مع محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه، وهو وحده الذي:
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى.
الفلك مجموعة من المعادلات الرياضية، اخترعها فلان وفلان وفلان، وهذا جهدٌ طيب، يتغير كلما تقدم العلم، وهذه المعادلات تتهاوى وتخرج نظريات جديدة، كلما تقدم العلم وأدواته.
ولأنها تصاب بهذا التغيير، الذي لا ينكره إلا متعصب لسيدنا الشيخ، أما سيدنا الشيخ الفلكي فهو يعلم أن نظرياته قابلة للهدم، لأنه عالم، والتابع دائمًا هو الجاهل.
لأنها كذلك، فقد أمرنا الله تعالى بالصوم للرؤية.
وقد تخطئ الرؤيا، لكننا هنا في إطار خطأ المأجور، الذي أطاع ربه، بما أمره به ربُّهُ، فأخطأ التقدير.
كالذي يبذل جهدًا في تحري القِبلةَ، فيخطئ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما زلنا ندندن في مولد سيدي الفلكي، قدس الله سِرَّهُ الذي لايعرفه الشيخ نفسه، وأقول:
مشكلة أتباع سيدنا الفلكي، عجل الله فرجه الشريف، أنهم في حاجة للتعرف على الله سبحانه وتعالى.
عندما يأمرنا الله تعالى بشيء، فهذا الشيء، أي شيء، يضعه الله سبحانه وتعالى في داخل عدة أمور:
أولا: البيان، {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}.
فالله لا يأمرنا بشيء مجهول، ولا مستحيل.
وأسأل أتباع ومريدي ودروايش سيدنا الفلكي: هل كان الله يعلم أننا سنأتي في القرن العشرين، ويصبح الفلك أدق من الرؤية؟!
والإجابة القاطعة: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.
طيب؛ لماذا لم يأمرنا بالفلك الثابت المضمون، وتركنا في هذه الحيرة، ولم يبين لنا، وبعث محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يقول لأمته، من أول أبي بكر الصديق، وحتى سيدنا الشيخ الفلك:
"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ.".
يقول الله سبحانة:
{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
و (أَنْ) هنا، بمعني: لكيلا.
فالله سبحانة يبين لنا، كيلا نضل.
وقد بيَّن سبحانه، فبعث محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقال:
"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ.".
أقول لكم قصةً، أقسم بالله سبحانه أنها وقعت مع شيخ من مشايخ الطرق الصوفية، قصها لي بنفسه:
لقد ذهب الشيخ لإحياء مولد الشيخ عبد الرحمن الوفائي، وذهب الشيخ إلى هناك راكبًا حماره، وعندما وصل ربط الحمار واتجه للطواف حول قبر الشيخ، سائله المدد، والبركة، والحرث والنسل، وبعد انتهاء مراسم الزيارة، خرج فلم يجد الحمار، سرقه لصوص بلدتنا، بحث الشيخ عن الحمار في كل ناحية، فلم يجده، فعاد إلى ضريح سيدنا الشيخ عبد الرحمن الوفائي، ودخل الضريح، وقال له: اسمع يا عبد الرحمن (لاحظ هنا أنه لم يستخدم عبارات التفخيم)، وعبد الرحمن هذا مات منذ مئات السنين، قال له: عليّ َالطلاق ياعبده، إن مارجعت الحمار، فسأقوم بهدم المقصورة على رأسك).
وإنني أخاف أن يكتشف أتباع سيدنا الشيخ الفلكي، أن حمارهم قد ضاع، وذلك بعد هدم النظريات القائمة الآن، فيرجمون سيدنا الشيخ الفلكي.
ثم ظلم أتباعُ الشيخ الفلكي أهلَ مصر جميعًا، واتهموهم بأنهم من أتباع الفلك، وأنهم عباسيون!!.
وهذا زعم باطل، ورجم بالغيب، وللأسف قائله يعلم أنه باطلٌ.
آلاف المصريين صاموا لرؤيته، وهنا مئات المصريين الذين يكتبون هنا ويدخلون، وكل واحد منهم يعرف مئات المصريين الذين صاموا لرؤيته.
الكل يعرف أن شيخ الأزهر الحالي سيد طنطاوي هو المؤمن بسيدنا الشيخ الفلك.
ومنذ حوالي ثلاث، أو أربع سنوات، كان المفتي الشيخ محمد فريد واصل، والكل، أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وأتباع الشيخ الفلك، يعرفون هذه القصة، جاء آخر شعبان، وفي يوم الرؤية جاء البيان الرسمي، وقال الشيخ المفتي محمد فريد واصل: لم يظهر الهلال في مصر، والفلك يقول: بعد غد، لكنه ظهر في المملكة العربية السعودية، والقاعدة الشرعية تقول: إنه إذا ظهر حتى في جزر المالديف (قال ذلك بالنص)، وجب على المسلمين الصوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ.".
وعليه، فإن غدا هو أول أيام شهر رمضان.
وصامت مصر كلها، لكن الجميع قالوا: هذا المفتي لن يبقى للعام القادم، لأنه خالف طنطاوي ابن الشيخ الفلك.
وبالفعل، تمت إقالة الشيخ فريد واصل، وجاؤوا بعلي fri day .
وفي نهاية مولد سيدي الفلك
أقول لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم:
أقول للذين {آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ}:
لو أطعت محمدًا صلى الله عليه وسلم فأخطأت.
خيرٌ لك من أن تطيع غيره فتصيب.
وهذا لن يقع، لأن طاعة محمد صلى الله عليه وسلم ليس فيها من خطأ، ولو وقع، فهو واقع على عفو مَنْ أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم.
ولو قال لكم الذين ظلموا علم الفلك: لقد رأيتم في السماء كوكب زحل، وليس الهلال.
قولوا لهم: لقد جاءنا رسول من أنفسنا، عزيزٌ علينا، بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم،
قال لنا:
"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ".
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذب بطنُ أخيك الفلكي.
إخوتي؛ جميع الردود التي سيقوم بها دروايش وأتباع ومحاسيب عم الإمام الفلكي سأرد عليها الآن، لكي لا أشغل نفسي بالردود بعد ذلك.
كل ماسيكتبونه عليه ردٌّ واحد هو:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ".
((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ))
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[13 Oct 2006, 02:24 ص]ـ
المقال الثانى للشيخ الإخميمي:
قال حفظه الله:
إخوتي
بعيدًا عن هذا الهواء المُلوث والذي اختلط فيه النور والظلام.
بعيدًا عن المتحللين من أوامر الله، والكارهين لسماع وحيه.
بعيدًا عن الذين ينقضون عرى الإسلام عرةً عروةً، وأخذنا إلى ظلمات الجاهلية الأولى.
بعيدًا عن سيدهم الفلكي، وأنصاره وحوارييه.
آخذكم الآن إلى النور، والأمان، والأمن، والطمأنينة، نطرق الباب في أدب، ونُسَلِّم:
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
سمعنا وأطعنا ... فَأْمُرْ.
الحديث الأول:
عَنْ نَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛
" أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ , فَقَالَ: لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ.".
(*) وفي رواية: " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ , فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ , وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَاقْدُِرُوا لَهُ ثَلاَثِينَ.".
(*) وفي رواية: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ , فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَقَالَ: الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ـ ثُمَّ عَقَدَ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ ـ فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ , فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ , فَاقْدُِرُوا لَهُ ثَلاَثِينَ.".
(*) وفي رواية: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِهِلاَلِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا , ثُمَّ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَاقْدُِرُوا لَهُ ثَلاَثِينَ يَوْمًا.".
أخرجه مالك "الموطأ" 781 , وعبد الرزاق (7307 و19498) عن مَعْمر، عن أَيوب. و"ابن أبي شَيْبة" 3/ 21 (9023) قال: حدثنا أبو أسامة. قال: حدثنا عبيد الله بن عُمَر. وفي 3/ 85 (9605) قال: حدثنا ابن نُمير، عن عبيد الله بن عُمَر. و"أحمد" 2/ 5 (4488) قال: حدثنا إسماعيل قال: أنبأنا أخبرنا أَيوب. وفي 2/ 13 (4611) قال: حدثنا يَحْيى بن سعيد، عن عبيد الله. وفي 2/ 63 (5294) قال: حدثنا عبد الرَّحْمان، حدثنا مالك. و"الدارمي" 1684 قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد، حدثنا مالك. وفي (1690) قال: أخبرنا سليمان بن حرب، حدثنا حَمَّاد بن زيد، عن أَيوب. و"البُخَاري" 3/ 34 (1906) قال: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمة، حدثنا مالك. و"مسلم" 3/ 122 (2465) قال: حدثنا يَحْيى بن يَحْيى. قال: قرأت على مالك. وفي (2466) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبة، حدثنا أبو أسامة , حدثنا عبيد الله. وفي (2467) قال: وحدثنا ابن نُمير، حدثنا أبي، حدثنا عبيد الله. وفي (2468) قال: وحدثنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا يَحْيى بن سعيد، عن عبيد الله. وفي (2469) قال: وحدَّثني زُهَير بن حرب، حدثنا سماعيل، عن أَيوب. وفي (2470) قال: وحدَّثني حُميد بن مسعدة الباهلي، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا سلمة، وهو ابن عَلْقمة. و"أبو داود" 2320 قال: حدثنا سليمان بن داود العتكي، حدثنا حَمَّاد، حدثنا أَيوب. و"النسائي" 4/ 134، وفي "الكبرى" 2442 قال: أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، عن مالك. وفي 4/ 134، وفي "الكبرى" 2443 قال: أخبرنا عَمْرو بن علي. قال: حدثنا يَحْيى، قال: حدثنا عبيد الله. و"ابن خُزيمة" 1913 قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله. وفي (1918) قال: حدثنا أبو هاشم، زِيَاد بن أَيوب، والحسن بن محمد الزَّعْفراني، وأحمد بن منيع، ومؤمل بن هشام. قالوا: حدثنا إسماعيل، وهو ابن علية، أخبرنا أَيوب. وقال الزَّعْفراني، ومؤمل: عن أَيوب. و"ابن حِبَّان" 3445 قال: حدثنا الحسين بن إدريس الأنصاري. قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر، عن مالك. وفي (3451) قال: أخبرنا عُمَر بن محمد الهمداني. قال: حدثنا الحسين بن علي العجلي. قال: حدثنا ابن نُمير، عن عبيد الله بن عُمَر. وفي (3593) قال: أخبرنا أبو خليفة. قال: حدثنا مسدد بن مسهرد. قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن
(يُتْبَعُ)
(/)
أَيوب.
أربعتهم (مالك، وأيوب، وعُبيد الله، وسلمة) عن نافع، فذكره.
ــــــــ
وبعد هذا، لماذا كل هذا الرَّفْس، والنطح، والعض ... ؟!
لماذا تركناه، وسرنا وراء أهواء سيدهم الشيخ الفلكي؟!
أليس هذا دليل على أن بعض أفراد هذه الأمة نَسُوا أن نبيًّا لهم قدجاء؟!
وأن الله تعالى قال لهم: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ}.
وقال لهم: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}.
وقال سبحانه: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وحُكم النبي صلى الله عليه وسلم:
لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ.
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
هذا حكم الله، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكنت أتمنى من أتباع الشيخ الفلكي، وفلاسفة عطارد، والمريخ، أن يكونوا رجالا على وجهٍ واحد، لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال:
مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ.
أخرجه مالك، والحُميدي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود.
وذلك أن أتباع الشيخ الفلكي، والطائفين حول مقبرته، يأتون في رمضان، ويملؤون الدنيا صراخً وعويلاً ولطمًا، وإشادةً بمناقب الفلكي، والفلك والحساب.
وعند شهر ذي الحجة يقوم أتباع الفلكي برجمه بالأحذية، والقباقيب، والبُلَغ.
لماذا يأتي الجميع في هذه اللحظة صاغرًا، واتِّبَاع الرؤية في السعودية؟!
وحتى الشيخ طنطاوي، سادن الشيخ الفلكي، وتابعه علي جمعة، وفلاسفة عطارد وشمروخ، يتبعون هنا رؤية السعودية، ويلعنون الفلك، ومن قال به.
فحسب الرؤية، وقفة عرفات إذا كانت الأربعاء في السعودية، فهي الخميس عند الآخذين بالفلك.
فلماذا يقفون بعرفات في اليوم الثامن من ذي الحجة بالنسبة لهم؟!
أليس هذا مبطلاً للحج؟!
لماذا لا يجتمع المتبعون للفلك، ويلبسون السواد مثل الشيعة، ويقفون بجبل المقطم، أو عتاقة.
ويقول أتباع الفلكي: هل رأى الحب سكارى ... مثلنا؟!
بينما يقول أتباع النبي الذى قال: لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ: لبيك اللهم لبيك.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[15 Oct 2006, 05:47 ص]ـ
رائع جداً .. وفقك الله(/)
القول بتوحيد رؤية الهلال عند تباعد الأقطار مخالف للنص و الإجماع
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[02 Oct 2006, 10:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة و هداية للعالمين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
(أما بعد):
فالقول ب " توحيد رؤية الهلال " - و بخاصة هلال شهر رمضان - قول غير مشروع، لمخالفته النص الصحيح و الإجماع الصريح،
و المقصود ب " توحيد رؤية الأهلة " هو: أن تكون رؤية أهل بلد الهلال رؤية معتبرة شرعا لغيره من البلاد و الأقطار الأخرى المشتركة معه في جزء من الليل، و هو ما تجتمع فيه معظم الدول الإسلامية،
و بناء على هذه الدعوى: تتوحد البلاد الإسلامية في وقت بدء صيام شهر رمضان و نحوه. و هذا غير صحيح، و مخالف للنص و الإجماع:
*********************
أما النص: فهو ما أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " في:
(باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، و أنهم إذا رؤا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم):
[حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وبن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن محمد وهو بن أبي حرملة عن كريب: (أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم).وشك يحيى بن يحيى في: نكتفي أو تكتفي].
والإجماع منعقد على عدم اعتبار رؤية أهل بلد الهلال رؤية لغيره مما تباعد عنه من البلاد كما بين بلاد الأندلس و خراسان مثلا (كما حكاه الإمام ابن عبد البر في كتابه " الاستذكار "، قال: ((قد أجمعوا أنه لا تراعى الرؤية فيما أخر من البلدان كالأندلس من خراسان وكذلك كل بلد له رؤيته إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلاد المسلمين والله أعلم)).)،
و يؤيده عدم اعتبارها بين بلاد الشام و الحجاز في عصر الصحابة (كما يدل عليه حديث كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما في " صحيح مسلم ").
- و هذا النص الصحيح و ذاك الإجماع الصريح: أدل دليل و أوضح سبيل على عدم اعتبار الشرع ما سمي ب " الاشتراك في جزء من الليل " في العمل بوحدة رؤية الهلال فيما تباعد من البلاد على ما ذكرنا و نحوه.
و قول ابن عباس في آخر الحديث: " لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ": كلمة بتصريح رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم - كما ذكر القرطبي و ابن حجر - و ليس اجتهادا منه رضي الله عنه كما يدعي بعض المتأخرين.
و محل قول ابن عباس هذا: هو سؤال كريب له: (أو لا تكتفي برؤية معاوية و صيامه [بالشام].
و لا يرد ذلك الإجماع المذكور بدعوى ضعف إجماعات ابن عبد البر - مما اعتل به بعض المتأخرين - فقد ذكره الإمام القرطبي و ابن حجر و غيرهما و لم يضعّفاه، و قبلاه و أفراه.
- و أما نفي الشوكاني انعقاد ذلك الإجماع بدعوى الخلاف المنقول بين العلماء - في اعتبار رؤية أهل بلد الهلال رؤية لغيره من البلاد و عدمه - فغير صحيح، لتغاير محل الخلاف و الإجماع:
إذ محل الإجماع: ما تباعد من البلاد، على نحو ما ذكرنا
و محل الخلاف: بلاد المصر (القطر الكبير) و ما تقارب من البلدان، على ما ذكره الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه " المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ".
و المحلان متغايران، فلا تعارض
** و عليه: فلا يصح و لا يجوز شرعا صوم قوم من بلد كمصر برؤية بلد كالسعودية مثلا
و المماري محجوج بالنص الصحيح و الإجماع الصريح
هذا، و الله تعالى أعلم.
***************************************
- هذا البحث نشرته في " منتدى شبكة الشريعة الإسلامية " و غيره، و أحببت نشره في هذا الموقع لما كان لي فيه من مشاركات و صلات بإخوة أحبة. و تهنئة طيبة بحلول شهر رمضان المبارك، تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و سائر أفعال الخير.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[02 Oct 2006, 05:49 م]ـ
صدقت يا أخي وبارك الله فيك
إن البعض يدعي أن عدم الإتفاق في الصوم يعني أن المسلمين غير متحدين
وكم حاولت ان اقنع الناس برأي غير هذا
سبحان الله
شكرا لك
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[04 Oct 2006, 10:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الأخ الجليل قراءة هذا الكتيب وإبداء الرأي فيه مشفوعاً بالدليل
ودمتم سالمين
حذف الرابط لأنه خاطئ المشرف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[05 Oct 2006, 03:39 م]ـ
و عليكم السلام يا أخي
أرجو تحديد ما تود إبداء الرأي فيه من هذا الكتيب
ـ[سيف الدين]ــــــــ[06 Oct 2006, 01:59 ص]ـ
الاخ الكريم الدكتور ابو بكر خليل:
ان التمعن في الدليل الذي اوردته يفيد ان لكل مدينة في السعودية لها رؤيتها, فلا اعلم لم اعتبرت ان للسعودية كلها رؤية واحدة؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[06 Oct 2006, 11:27 م]ـ
سلام الله عليكم أخي الكريم
إنما مثّلت للتباعد بالسعودية عن مصر، لمقاربة بعد إحداهما عن الأخرى من بعد الشام عن الحجاز - كما في الحديث المذكور
و اعتبرت أن للسعودية كلها رؤية واحدة: لأن هذا هو الحاصل و الواقع الآن.
و حكم رؤية بلاد القطر الواحد لم يأت ذكرها إلا عرضا و تبعا،
و قد قال الإمام أبو العباس القرطبي في " المفهم ": (و هذا الإجماع الذي حكاه أبو عمر: يدل على أن الخلاف الواقع في هذه المسألة: إنما هو فيما تقارب من البلاد، و لم يكن في حكم القطر الواحد).
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[07 Oct 2006, 08:43 ص]ـ
سلام الله عليكم أخي الكريم
إنما مثّلت للتباعد بالسعودية عن مصر، لمقاربة بعد إحداهما عن الأخرى من بعد الشام عن الحجاز - كما في الحديث المذكور
).
و هذا على اعتبار ذلك البعد وقت التشريع، و هو المعوّل عليه
و ذلك بصرف النظر عما استجد من وسائل مواصلات و اتصالات.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[07 Oct 2006, 06:32 م]ـ
أود إبداء الرأي في رده على الأدلة التي سقتها
كما أرجو أن تبين لي مصطلح الأقطار الإسلامية على أي تقسيم هو؟؟؟
فالمعروف أن بلاد الشام كانت إقليماً واحداً أما الآن فهي أربعة وكل منها يصوم على حدة والحال كذلك في معظم البلدان الإسلامية فأين دليلهم على ذلك؟؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Oct 2006, 07:48 ص]ـ
الأخ العزيز
لم أجد كتيبا في الرابط الذي ذكرته لأرد على ما جاء فيه؛ لذا طالبتك بتحديد ردوده المعارضة لما ذكر
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[18 Oct 2006, 04:04 ص]ـ
جزاك الله خيراً وأرجو المعذرة للتأخير
هذا هو الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...D+%DF%D1%ED%C8(/)
ممذاهب العلماء في حكم نقض الوتر
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[02 Oct 2006, 01:25 م]ـ
ممذاهب العلماء في حكم نقض الوتر(/)
عدد ركعات التراويح منذ عهد الصحابة
ـ[سيف بن علي العصري]ــــــــ[03 Oct 2006, 01:03 م]ـ
فإن الاختلاف في عدد ركعات صلاة التراويح من المسائل التي كثر فيها النزاع، واختلفت بسببها النزاع فيها القلوب، وحدثت الفرقة، والمسألة لا تستدعي ذلك، بل إن الأمر من قبلُ كان محسوماً، والخلافُ كان محصوراً، واستقر عمل الناس سلفاً وخلفاً، شرقاً وغرباً على ما ثبت عن عمر رضي الله عنه، فقد روى الإمام البيهقي وغيره، قال الإمام النووي وغيره: بالإسناد الصحيح.
عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، وكانوا يقومون بالمائتين، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام.
خلاصة القول في مذاهب العلماء في التراويح:
الحنفية: عشرون ركعة.
الشافعية: عشرون ركعة.
الحنابلة: عشرون ركعة.
الظاهرية: عشرون ركعة.
الزيدية: عشرون ركعة.
المالكية: تسع وثلاثون ركعة مع الوتر.
فليس هناك مذهب يقول بأنها (11) ركعة.
بعض أقوال أهل العلم في المسألة:
قال الإمام الشافعي في الأم: فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلى منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين، وأحب إلى عشرون لأنه روى عن عمر وكذلك يقومون بمكة – أي: بعشرين - ويوترون بثلاث. اهـ
وقال الإمام العراقي الشافعي في طرح التثريب: واختار مالك رحمه الله أن يصلي ستا وثلاثين ركعة غير الوتر، وقال: إن عليه العمل بالمدينة. وفي مصنف ابن أبي شيبة عن داود بن قيس قال أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان يصلون ستا وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث. اهـ
وقال الإمام الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: (فصل): وأما قدرها فعشرون ركعة في عشر تسليمات , في خمس ترويحات كل تسليمتين ترويحة وهذا قول عامة العلماء. وقال مالك في قول: ستة وثلاثون ركعة، وفي قول ستة وعشرون ركعة، والصحيح قول العامة لما روي أن عمر رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على أبي بن كعب فصلى بهم في كل ليلة عشرين ركعة، ولم ينكر أحد عليه فيكون إجماعا منهم على ذلك. اهـ
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني: فصل: والمختار عند أبي عبد الله – أحمد بن حنبل - رحمه الله، فيها عشرون ركعة. وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي.
وقال مالك: ستة وثلاثون. وزعم أنه الأمر القديم، وتعلق بفعل أهل المدينة، فإن صالحا مولى التوأمة، قال: أدركت الناس يقومون بإحدى وأربعين ركعة، يوترون منها بخمس.
ولنا – أي الحنابلة ومن وافقهم - أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أبي بن كعب وكان يصلي لهم عشرين ركعة، وقد روى الحسن أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي لهم عشرين ليلة، ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني. فإذا كانت العشر الأواخر تخلف أبي، فصلى في بيته، فكانوا يقولون: أبق أبي رواه أبو داود.
ورواه السائب بن يزيد وروي عنه من طرق.
وروى مالك عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة.
وعن علي أنه أمر رجلا يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة. وهذا كالإجماع.
فأما ما رواه صالح، فإن صالحا ضعيف، ثم لا ندري من الناس الذين أخبر عنهم؟ فلعله قد أدرك جماعة من الناس يفعلون ذلك، وليس ذلك بحجة، ثم لو ثبت أن أهل المدينة كلهم فعلوه، لكان ما فعله عمر وأجمع عليه الصحابة في عصره أولى بالاتباع. قال بعض أهل العلم: إنما فعل هذا أهل المدينة لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة، فإن أهل مكة يطوفون سبعا بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات، وما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وأحق أن يتبع. اهـ
وقال الإمام النووي في المجموع: (فرع) في مذاهب العلماء في عدد ركعات التراويح: مذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات غير الوتر، وذلك خمس ترويحات، والترويحة أربع ركعات بتسليمتين، هذا مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأحمد وداود وغيرهم، ونقله القاضي عياض عن جمهور العلماء.
وحكي أن الأسود بن يزيد كان يقوم بأربعين ركعة ويوتر بسبع.
وقال مالك التراويح تسع ترويحات وهي ست وثلاثون ركعة غير الوتر.
(يُتْبَعُ)
(/)
واحتج بأن أهل المدينة يفعلونها هكذا، وعن نافع قال: أدركت الناس وهم يقومون رمضان بتسع وثلاثين ركعة يوترون منها بثلاث.
واحتج أصحابنا بما رواه البيهقي وغيره بالإسناد الصحيح عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، وكانوا يقومون بالمائتين، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام.
وعن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاث وعشرين ركعة. رواه مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان.
ورواه البيهقي لكنه مرسل فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر.
قال البيهقي يجمع بين الروايتين بأنهم كانوا يقومون بعشرين ركعة ويوترون بثلاث.
وروى البيهقي عن علي رضي الله عنه أيضا قيام رمضان بعشرين ركعة.
وأما ما ذكروه من فعل أهل المدينة فقال أصحابنا: سببه أن أهل مكة كانوا يطوفون بين كل ترويحتين طوافا ويصلون ركعتين ولا يطوفون بعد الترويحة الخامسة.
فأراد أهل المدينة مساواتهم فجعلوا مكان كل طواف أربع ركعات فزادوا ست عشرة ركعة وأوتروا بثلاث فصار المجموع تسعا وثلاثين والله أعلم.
(فرع) قال صاحبا الشامل والبيان وغيرهما , قال أصحابنا: ليس لغير أهل المدينة أن يفعلوا في التراويح فعل أهل المدينة فيصلوها ستا وثلاثين ركعة، لأن لأهل المدينة شرفا بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدفنه، بخلاف غيرهم وقال القاضي أبو الطيب في تعليقه: قال الشافعي فأما غير أهل المدينة فلا يجوز أن يماروا أهل مكة ولا ينافسوهم. اهـ
وقال الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: ويشبه ذلك من بعض الوجوه تنازع العلماء في مقدار القيام في رمضان، فإنه قد ثبت أن أبي بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان، ويوتر بثلاث.
فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة، لأنه أقامه بين المهاجرين والأنصار، ولم ينكره منكر.
واستحب آخرون: تسعة وثلاثين ركعة، بني على أنه عمل أهل المدينة القديم. وقال طائفة: قد ثبت في الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة.
واضطرب قوم في هذا الأصل لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين.
والصواب أن ذلك جميعه حسن كما قد نص على ذلك الإمام أحمد - رضي الله عنه- وأنه لا يتوقت في قيام رمضان عدد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عددا، وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل القيام بالليل حتى إنه قد ثبت عنه في الصحيح من حديث حذيفة: أنه كان يقرأ في الركعة بالبقرة والنساء وآل عمران فكان طول القيام يغني عن تكثير الركعات.
وأبي بن كعب لما قام بهم. وهم جماعة واحدة - لم يمكن أن يطيل بهم القيام فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام، وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته، فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة، ثم بعد ذلك كان الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام فكثروا الركعات حتى بلغت تسعا وثلاثين. اهـ
قال الإمام الحصكفي الحنفي في الدر المختار: (وهي عشرون ركعة) حكمته مساواة المكمل للمكمل (بعشر تسليمات).اهـ
قال الإمام ابن عابدين الحنفي معقباً على قول الحصكفي السابق: (قوله وهي عشرون ركعة) هو قول الجمهور وعليه عمل الناس شرقا وغربا. اهـ
وقال العلامة محمد عليش المالكي في منح الجليل على مختصر خليل: وهي (ثلاث وعشرون) ركعة بالشفع والوتر وهذا الذي جرى به عمل الصحابة والتابعين. (ثم جُعِلت) ... في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه بعد وقعة الحرة بالمدينة المنورة، فخففوا في القيام وزادوا في العدد لسهولته فصارت (تسعا وثلاثين) بالشفع والوتر كما في بعض النسخ، وفي بعضها ستا وثلاثين ركعة غير الشفع والوتر، واستقر العمل على الأول. اهـ
وقال الإمام ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: أجمع الصحابة على أن التراويح عشرون ركعة. اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الإمام ابن علان الصديقي الشافعي في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: (التراويح) ... وهي عندنا لغير أهل المدينة عشرون ركعة بعشر تسليمات، كما أطبقوا عليه كذلك في زمن عمر رضي اللّه عنه لما اقتضاه نظره السديد من جمع الناس على إمام واحد فوافقوه، ينوي بهما من التراويح أو من قيام رمضان وكانوا يوترون عقبها بثلاث، وسر العشرين أن الرواتب المؤكدة في غير رمضان عشر، فضوعفت فيه لأنه وقت جدّ وتشمير، ولهم – أي أهل المدينة -فقط لشرفهم بجواره – صلى الله عليه وسلم - ست وثلاثون جبراً لهم بزيادة ست عشرة في مقابلة طواف أهل مكة أربعة أسباع، بين كل ترويحتين من العشرين سبع، وابتداء حدوث ذلك كان في أواخر القرن الأول، ثم اشتهر ولم ينكر، فكان بمنزلة الإجماع السكوتي. اهـ
وقال العلامة محمد أنور شاه الكشميري في العرف الشذي شرح سنن الترمذي: وأما فعل الفاروق فقد تلقاه الأمة بالقبول، واستقر أمر التراويح في السنة الثانية في عهد عمر رضي الله عنه كما في تاريخ الخلفاء وتاريخ ابن الأثير وطبقات ابن سعد، وفي طبقات ابن سعد زيادة أنه كتب عمر في بلاد الإسلام: أن يصلوا التراويح، وقال ابن الهمام: إن ثمانية ركعات سنة مؤكدة وثنتي عشر ركعة مستحبة، وما قال بهذا أحد، أقول: إن سنة الخلفاء الراشدين أيضاً تكون سنة الشريعة لما في الأصول أن السنة سنة الخلفاء وسنته، وقد صح في الحديث: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) فيكون فعل الفاروق الأعظم أيضاً سنة ... واستقر الأمر على عشرين ركعة. اهـ
وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان: واختلف في قيام رمضان خاصة، والأولى أن يؤخذ بما ارتضاه السلف، وقد قدمنا في هذه المسألة رسالة عامة هي رساة التراويح أكثر من ألف عام في مسجد النَّبي عليه السلام، وقد استقر العمل على عشرين في رمضان. اهـ
قال العلامة الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر رحمه الله جواباً على السؤال التالي: نحن نقوم بصلاة التراويح بثمان ركعات لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على ثمان ركعات، وإذا قمنا بصلاة عشرين ركعة فإن المصلين يطلبون التخفيف كل التخفيف، والنفس لا تطمئن إلى هذا التخفيف الذى يطلبونه ولا تتم الأركان به.
ونحن نرى أن صلاة التراويح بثمان ركعات بالاطمئنان أولى من التخفيف الذى يطلبونه فما رأيكم.
فقال في الجواب: الإجماع منعقد منذ عصر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن قيام شهر رمضان مرغوب فيه أكثر من سواه من الأشهر.
لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري عن أبى هريرة أما التراويح التي جمع الناس عليها عمر بن الخطاب، فهي سنة مؤكدة في قول فقهاء المذاهب عدا مالك.
وقد اختلف الفقهاء في المختار من عدد ركعاتها، فقال الأئمة أبو حنيفة ومالك في أحد قوليه والشافعي وأحمد وداود هي عشرون ركعة سوى الوتر وروى عن مالك أنه كان يستحسن ستا وثلاثين ركعة، والوتر ثلاث.
وسبب اختلاف الفقهاء في عدد الركعات، اختلاف الرواية في ذلك، وقد روى عن أبى حنيفة في هذا قوله (الاختيار شرح المختار ج 1 ص 67) التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه (جاء في القاموس تخرصه، افترى عليه) عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد سن عمر (يعنى عشرين ركعة للتراويح عدا ركعات الوتر الثلاث) هذا والصحابة متوافرون، وما رد عليه واحد منهم ووافقوه وأمروا بذلك، وعند مالك التراويح مندوبه ندباً أكيداً لكل مصلى من الرجال والنساء.
هذا ويسن إقامتها فى جماعة سنة كفاية، لو تركها أهل مسجد أتموا، وإن تخلف عن الجماعة أفراد وصلوا فى منازلهم لم يكونوا مسيئين والجماعة مندوبة فيها عند الإمام مالك.
أما حديث عائشة الذي رواه البخاري والمشار إليه في السؤال، فليس نصاً في عدد ركعات صلاة التراويح، وإلا لما احتج الإمام أبو حنيفة على أنها عشرون ركعة بما سنة عمر، ولَمَا خفي عن عمر أيضا والصحابة متوافرون موافقون على ما سن للناس.
لما كان ذلك: كان ما سنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أولى وأحق بالأتباع. هذا: والتخفيف فى الصلاة، لاسيما في الجماعة مطلوب لحديث معاذ المشهور في هذا الموضع، لكن ليس معنى التخفيف أن لا يحسن الإمام القراءة ولا أن يتمها، بل يتحرى أقل ما تجوز به صلاة الجماعة مع الاطمئنان والخشوع، الذي هو الفرض الأصلى فى الصلاة، ومن شقت عليه الجماعة فلينفرد، لكن لا يخلو مسجد من الجماعة فى التراويح. اهـ
وفي التاج المذهب لأحكام المذهب (زيدي) قوله: (فأما) صلاة (التراويح جماعة) فبدعة، وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من ليالي شهر رمضان بعد الفراغ من صلاة العشاء، وأما فرادى فمستحب. اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[10 Oct 2006, 05:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. إن هذا الاختلاف فعلاً قد أدى إلى تنافر القلوب، وتباغض كثير من المسلمين فيما بينهم. فنجد مثلاً مسلمي مليبار في جنوب الهند وقعت بينهم هذه الفتنة، فجماعة الصوفية تدعي أن التراويح عشرون ركعة ولا تصح الصلاة بأقل منها، وجماعة المجاهدين تزعم أن إحدى عشرة ركعة لا غير.
ولكن إذا أرجعنا هذه المسألة إلى عصر السلف نجد أن الأمر كان واسعاً عندهم، وما أحسن ما قاله الحافظ ابن حجر في الفتح حول مسألة عدد ركعات التراويح، فجمع بين الروايات المختلفة بما يقطع الخلاف والتعارض.
أسأل الله أن يوحد كلمة المسلمين، وأن يوفقهم إلى ما يحبه ويرضاه.
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[10 Oct 2006, 09:37 م]ـ
قد كتبت في هذه المسالة بحثا موسعا منذ سنوات، و قريبا طلبته مني إحدى الجهات لطبعه، ولعله يحصل إن شاء الله
و الذي تبين لي في البحث المشار إليه أمران اثنان:
الأول: أن صلاة الليل من النفل المطلق، و الأجر فيها مرتب على الوقت و الزمن، كما دلت عليه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، واختلف العلماء أيهما أفضل: إطالة القيام والركوع والسجود - كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم - أم تكثير الركعات؟ على قولين.
ولا أعرف لساعتي هذه عالما يقتدى به = قال بأن المقصود العدد دون الكيفية!
الثاني: تبين لي أيضا من خلال تتبعي للنصوص النبوية و للآثار السلفية:أن العشرين ركعة هي سنة الخلفاء الراشدين من عهد عمر فمن بعده، و إلى يومنا هذا، ولم أقف على أنهم أنقصوا صلاة التراويح عن العشرين ركعة في جماعة في زمن من الأزمنة، وأما فعل آحاد العلماء فهذا قد يوجد متابعة لفعل النبي كما وكيفا.
اللهم إلا ما جاء في أثر السائب بن يزيد في موطأ مالك و غيره من صلاتهم بإحدى عشرة ركعة في زمن عمر، وهذا للعلماء عنه جوابان:
الأول: أنه كان في أول الأمر، ثم رأى ضعف الناس فخفف القراءة وزاد في عدد الركعات، وهذا قول ابن حبيب و الباجي وابن عبد البر والبيهقي و ابن تيمية وغيرهم.
والثاني: أن رواية مالك خطأ، والرواية بلفظ العشرين هي الصواب، وهذا الذي ذهب إليه ابن عبد البر وابن العربي.
و قد تبين لي قوة هذا القول، وأن الخطأ من محمد بن يوسف، ولو سلم بكونه حفظ ذلك وأنه لم يهم، فالجواب الأول: هو المتعين، وأما عكس القضية، وهو الحكم برد هذه السنة المشهورة بين السلف اشتهارًا لا حد له في جميع الأمصار، منذ زمن عمر بن الخطاب = فهو كمن ينقض الأصول بالفروع المخالفة!!
فالصلاة بثلاث وعشرين ركعة ثابتة ثبوتا قطعيا، وأقول قطعيا ولا أرتاب في ذلك، وخلافه لعله حصل أول الأمر، أما أنه المعمول به لدى الصحابة = فبعيد جدا جدا!!
ولذا تجد فتاوى الأئمة الأربعة وأتباعهم على العشرين ركعة أو أكثر كما هو مذهب مالك ..
فهذه السنة العمرية = هي السنة التي نقلتها الأجيال عن الأجيال، توثيقا وعملا، وهي أقوى من آحاد النصوصالمختلف فيها!
ولو سلمنا أنهم صلوها بإحدى عشرة ركعة فلا يفيد ذلك حصر العدد في ذلك؛ لأن الصلاة كلها نافلة وتطوع، كما قال الشافعي وأحمد وغيرهما من أئمة السلف،ومن جعلها سنة راتبة وشبهها بالفرائض فقد أبعد الصواب!
ـ[سيف بن علي العصري]ــــــــ[16 Jan 2007, 12:53 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[22 Aug 2009, 02:35 ص]ـ
للاستفادة(/)
قاعدة هل كل مجتهد مصيب أو المصيب واحد لشيخ الإسلام ابن تيمية
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[03 Oct 2006, 01:57 م]ـ
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 20/ 19 - 37
قاعدة هل كل مجتهد مصيب أو المصيب واحد لشيخ الإسلام ابن تيمية
سئل هل كل مجتهد مصيب أو المصيب واحد والباقي مخطئون؟؟
فأجاب قد بسط الكلام في هذه المسألة في غير موضع وذكر نزاع الناس فيها وذكر أن لفظ الخطأ قد يراد به الإثم وقد يراد به عدم العلم فان أريد الأول فكل مجتهد اتقى الله ما استطاع فهو مصيب فانه مطيع لله ليس بآثم ولا مذموم وإن أريد الثاني فقد يخص بعض المجتهدين بعلم خفي على غيره ويكون ذلك علما بحقيقة الأمر لو أطلع عليه الآخر لوجب عليه اتباعه لكن سقط عنه وجوب اتباعه لعجزه عنه وله أجر على اجتهاده ولكن الواصل إلى الصواب له أجران كما قال النبي في الحديث المتفق على صحته إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر ولفظ الخطأ يستعمل في العمد وفى غير العمد قال تعالى ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا وإلا كثيرون يقرؤون خطأ على وزن ردأ وعلماً وقرأ ابن عامر خطأ على وزن عملا كلفظ الخطأ في قوله وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ وقرأ ابن كثير خطاء على وزن هجاء وقرا بن رزين خطاء على وزن شرابا وقرأ الحسن وقتادة خطا على وزن قتلا وقرأ الزهري خطا بلا همز على وزن عدى قال الاخفش: خطى يخطأ بمعنى أذنب وليس معنى أخطأ لان اخطأ في ما لم يصنعه عمدا يقول فيما أتيته عمدا خطيت وفيما لم يتعمده أخطأت وكذلك قال أبو بكر ابن الأنباري الخطأ الإثم يقال قد خطا يخطا إذا أثم وأخطأ يخطئ إذا فارق الصواب وكذلك قال ابن الا نبارى في قوله تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين فان المفسرين كابن عباس وغيره قالوا لمذنبين آثمين في أمرك وهو كما قالوا فإنهم قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين وكذلك قال العزيز لامرأته واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين قال ابن الأنباري ولهذا اختير خاطئين على مخطئين وان كان اخطأ على ألسن الناس أكثر من خطا يخطى لان معنى خطا يخطى فهو خاطئ آثم ومعنى أخطأ يخطئ ترك الصواب ولم يأثم قال عبادك يخطئون وأنت رب تكفل المنايا والحتوم وقال الفراء الخطأ الإثم الخطأ والخطأ والخطا ممدود ثلاث اللغات قلت يقال في العمد خطأ كما يقال في غير العمد على قراءة بن عامر فيقال لغير المتعمد أخطأت كما يقال له خطيت ولفظ الخطيئة من هذا ومنه قوله تعالى مما خطيئاتهم أغرقوا وقول السحرة إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين ومنه قوله في الحديث الصحيح الإلهي يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم وفي الصحيحين عن أبى موسى عن النبي أنه كان يقول في دعائه اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي أنه قال أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول قال أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد والذين قالوا كل مجتهد مصيب والمجتهد لا يكون على خطأ وكرهوا أن يقال للمجتهد إنه أخطأ هم وكثير من العامة يكره أن يقال عن إمام كبير إنه أخطأ وقوله أخطأ لأن هذا اللفظ يستعمل في الذنب كقراءة بن عامر إنه كان خطأ كبيرا ولأنه يقال في العامد أخطأ يخطئ كما قال يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم فصار لفظ الخطأ وأخطأ قد يتناول النوعين كما يخص غير العامل وأما لفظ الخطيئة فلا يستعمل إلا في الإثم والمشهور أن لفظ الخطأ يفارق العمد كما قال تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ الآية ثم قال بعد ذلك ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وقد بين الفقهاء أن الخطأ ينقسم إلى خطأ في الفعل وإلى خطأ في القصد فالأول أن يقصد الرمى إلى ما يجوز رميه من صيد وهدف فيخطئ بها وهذا فيه الكفارة والدية والثانى أن يخطى في قصده لعدم العلم كما أخطأ هناك لضعف القوة وهو أن يرمى من
(يُتْبَعُ)
(/)
يعتقده مباح الدم ويكون معصوم الدم كمن قتل رجلا في صفوف الكفار ثم تبين أنه كان مسلماً والخطأ في العلم هو من هذا النوع ولهذا قيل في أحد القولين إنه لا دية فيه لأنه مأمور به بخلاف الأول وأيضا فقد قال تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ففرق بين النوعين وقال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وقد ثبت في الصحيح ان الله تعالى قال قد فعلت فلفظ الخطأ وأخطأ عند الإطلاق يتناول غير العامد وإذا ذكر مع النسيان أو ذكر في مقابلة العامد كان نصا فيه وقد يراد به مع القرينة العمد أو العمد والخطأ جميعا كما في قراءة بن عامر وفى الحديث الإلهي إن كان لفظه كما يرويه عامة المحدثين تخطئون بالضم وأما اسم الخاطئ فلم يجيء في القرآن الا للاثم بمعنى الخطيئة كقوله واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين وقوله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين وقوله يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين وقوله لا يأكله إلا الخاطئون وإذا تبين هذا فكل مجتهد مصيب غير خاطئ وغير مخطئ أيضا إذا أريد بالخطأ الإثم على قراءة بن عامر ولا يكون من مجتهد خطأ وهذا هو الذي أراده من قال كل مجتهد مصيب وقالوا الخطأ والإثم متلازمان فعندهم لفظ الخطأ كلفظ الخطيئة على قراءة بن عامر وهم يسلمون أنه يخفى عليه بعض العلم الذي عجز عنه لكن لا يسمونه خطا لأنه لم يؤمر به وقد يسمونه خطأ إضافيا بمعنى أنه اخطأ شيئا لو علمه لكان عليه ان يتبعه وكان هو حكم الله في حقه ولكن الصحابة والأئمة الأربعة رضي الله عنهم وجمهور السلف يطلقون لفظ الخطأ على غير العمد وإن لم يكن إثما كما نطق بذلك القرآن والسنة في غير موضع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فاخطأ فله أجر وقال غير واحد من الصحابة كابن مسعود أقول فيها برأيي فان يكن صوابا فمن الله وان يكن خطأ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه وقال علي في قصة التى أرسل إليها عمر فأسقطت لما قال له عثمان وعبد الرحمن رضي الله عنهما أنت مؤدب ولا شيء عليك ان كانا اجتهدا فقد أخطآ وان لم يكونا اجتهدا فقد غشاك وأحمد يفرق في هذا الباب فإذا كان في المسألة حديث صحيح لا معارض له كان من أخذ بحديث ضعيف أو قول بعض الصحابة مخطئا وإذا كان فيها حديثان صحيحان نظر في الراجح فأخذ به ولا يقول لمن أخذ بالآخر إنه مخطئ وإذا لم يكن فيها نص اجتهد فيها برأيه قال ولا أدري أصبت الحق أم أخطأته ففرق بين أن يكون فيها نص يجب العمل به وبين أن لا يكون كذلك وإذا عمل الرجل بنص وفيها نص آخر خفي عليه لم يسمه مخطئا لأنه فعل ما وجب عليه لكن هذا التفصيل في تعيين الخطأ فان من الناس من يقول لا أقطع بخطأ منازعي في مسائل الاجتهاد ومنهم من يقول أقطع بخطئه وأحمد فصل وهو الصواب وهو إذا قطع بخطئه بمعنى عدم العلم لم يقطع بإثمه هذا لا يكون إلا في من علم أنه لم يجتهد وحقيقة الأمر أنه إذا كان فيها نص خفي على بعض المجتهدين وتعذر عليه علمه ولو علم به لوجب عليه اتباعه لكنه لما خفي عليه اتبع النص الآخر وهو منسوخ أو مخصوص فقد فعل ما وجب عليه بحسب قدرته كالذين صلوا إلى بيت المقدس بعد أن نسخت وقبل أن يعلموا بالنسخ وهذا لان حكم الخطاب لايثبت في حق المكلفين إلا بعد تمكنهم من معرفته في أصح الأقوال وقيل يثبت معنى وجوب القضاء لا بمعنى الإثم وقيل يثبت في الخطاب المبتدأ دون الناسخ والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وغيره وإذا كان كذلك فما لم يسمعه المجتهد من النصوص الناسخة أو المخصوصة فلم تمكنه معرفته فحكمه ساقط عنه وهو مطيع لله في عمله بالنص المنسوخ والعام ولا إثم عليه فيه وهنا تنازع الناس على ثلاثة أقوال قيل عليه اتباع الحكم الباطن وأنه إذا أخطأ كان مخطئاً عند الله وفى الحكم تارك لما أمر به مع قولهم إنه لا إثم عليه وهذا تناقض فان من ترك ما أمر به فهو آثم فكيف يكون تاركا لمأمور به وهو غير آثم وقيل بل لم يؤمر قط بالحكم الباطن ولا هو حكم في حقه ولا أخطأ حكم الله ولا لله في الباطن حكم في حقه غير ما حكم به ولا يقال له أخطأ فان الخطأ عندهم ملازم للاثم وهم يسلمون أنه لو علمه لوجب عليه العمل به ولكان حكما في حقه فكان النزاع لفظيا وقد خالفوا في منع اللفظ في الكتاب والسنة
(يُتْبَعُ)
(/)
وإجماع الصحابة وأيضاً فقولهم ليس في الباطن حكم خطأ بل حكم الله في الباطن هو ما جاء به النص الناسخ والخاص ولكن لا يجب عليه أن يعمل به حتى يتمكن من معرفته فسقط عنه لعجزه وقيل كان حكم الله في حقه هو الأمر الباطن ولكن لما اجتهد فغلب على ظنه أن هذا هو حكم الله انتقل حكم الله في حقه فصار مأموراً بهذا والصحيح ما قاله أحمد وغيره أن عليه أن يجتهد فالواجب عليه الاجتهاد ولا يجب عليه إصابته في الباطن إذا لم يكن قادراً عليه وإنما عليه أن يجتهد فان ترك الاجتهاد أثم وإذا اجتهد ولم يكن في قدرته أن يعلم الباطن لم يكن مأمورا به مع العجز ولكن هو مأمور به وهو حكم الله في حقه بشرط أن يتمكن منه ومن قال إنه حكم الله في الباطن بهذا الاعتبار فقد صدق وإذا اجتهد فبين الله له الحق في الباطن فله أجران كما قال تعالى ففهمناها سليمان ولا نقول ان حكم الله انتقل في حقه فكان مأمورا قبل الاجتهاد بالحق للباطن ثم صار مأموراً بعد الاجتهاد لما ظنه بل مازال مأمورا بأن يجتهد ويتقى الله ما استطاع وهو إنما أمر بالحق لكن بشرط أن يقدر عليه فإذا عجز عنه لم يؤمر به وهو مأمور بالاجتهاد فإذا كان اجتهاده اقتضى قولا آخر فعليه أن يعمل به لا لأنه أمر بذلك القول بل لان الله أمره أن يعمل بما يقتضيه اجتهاده وبما يمكنه معرفته وهو لم يقدر إلا على ذلك القول فهو مأمور به من جهة أنه مقدوره لا من جهة عينه كالمجتهدين في القبلة إذا صلوا إلى أربع جهات فالمصيب للقبلة واحد والجميع فعلوا ما أمروا به لا إثم عليهم وتعيين القبلة سقط عن العاجزين عن معرفتها وصار الواجب على كل أحد أن يفعل ما يقدر عليه من الاجتهاد وهو ما يعتقد أنه الكعبة بعد اجتهاده فهو مأمور بعين الصواب لكن بشرط القدرة على معرفته ومأمور بما يعتقد أنه الصواب وأنه الذي يقدر عليه وإذا رآه لم يتعين من جهة الشارع صلوات الله وسلامة عليه بل من جهة قدرته لكن إذا كان متبعا لنص ولم يبلغه ناسخه فهو مأمور باتباعه إلى أن يعلم الناسخ فان المنسوخ كان حكم الله في حقه باطنا وظاهرا وذلك لا يقبل إلا بعد بلوغ الناسخ له وأما اللفظ العام إذا كان مخصوصا فقد يقال صورة التخصيص لم يردها الشارع لكن هو اعتقد أنه أرادها لكونه لم يعلم التخصيص وهكذا يقال فيما نسخ من النصوص قبل ان يجب العمل به على المجتهد كالنصوص التى نسخت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعلم بعض الناس بنسخها وقد بلغه المنسوخ بها لا يقال إن المنسوخ ثبت حكمه في حقه باطناً وظاهراً كما قيل في أهل القبلة الذين وجب عليهم استقبالها باطنا وظاهرا قبل النسخ ولكن يقال من لم يبلغه النص الناسخ وبلغه النص الآخر فعليه اتباعه والعمل به وعلى هذا فتختلف الأحكام في حق المجتهدين بحسب القدرة على معرفة الدليل فمن كان غير متمكن من معرفة الدليل الراجح كالناسخ والمخصص فهذا حكم الله من جهة العمل بما قدر عليه من الأدلة وان كان في نفس الأمر دليل معارض راجح لم يتمكن من معرفته فليس عليه اتباعه الا إذا قدر على ذلك وعلى هذا فالآية إذا احتملت معنيين وكان ظهور أحدهما غير معلوم لبعض الناس بل لم يعلم الا ما لا يظهر للآخر كان الواجب عليه العمل بما دله على ذلك المعنى وان كان غيره عليه العمل بما دله على المعنى الآخر وكل منهما فعل ما وجب عليه لكن حكم الله في نفس الأمر واحد بشرط القدرة وإذا قيل فما فعله ذاك أمره الله به أيضا قيل لم يأمر به عينيا بل أمره أن يتقي الله ما استطاع ويعمل بما ظهر له ولم يظهر له الا هذا فهو مأمور به من جهة جنس المقدور والمعلوم والظاهر بالنسبة إلى المجتهد ليس مأموراً به من جهة عينه نفسه فمن قال لم يؤمر به فقد أصاب ومن قال هو مأمور به من جهة أنه هو الذي قدر عليه وعلمه وظهر له ودل عليه الدليل فقد أصاب كما لو شهد شاهدان عند الحاكم وقد غلطا في الشهادة فهو مأمور أن يحكم بشهادة ما شهدا به مطلقاً لم يؤمر بغير ما شهدا به في هذه القضية ولهذا قال إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضى بنحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار فهو إذا ظهرت له حجة أحدهما فلم يذكر الآخر حجته فقد عمل بما ظهر له ولا يكلف الله نفساً الا وسعها وهو مطيع لله في حقه من جهة قدرته وعلمه لا
(يُتْبَعُ)
(/)
من جهة كون ذلك المعين أمر الله به فإن الله لا يأمر بالباطل والظلم والخطأ ولكن لا يكلف نفساً الا وسعها وهذا يتناول الأحكام النبوية والخبرية والمجتهد المخطئ له أجر لأن قصده الحق وطلبه بحسب وسعه وهو لا يحكم الا بدليل كحكم الحاكم بإقرار الخصم بما عليه ويكون قد سقط بعد ذلك بإبراء أو قضاء ولم يقم به حجة وحكمه بالبراءة مع اليمين ويكون قد اشتغلت الذمة باقتراض أو ابتياع أو غير ذلك لكن لم يقم به حجة وحكم لرب اليد مع اليمين ويكون قد انتقل الملك عنه أو يده يد غاصب لكن لم يقم به حجة وكذلك الأدلة العامة يحكم المجتهد بعمومه وما يخصه ولم يبلغه أو بنص وقد نسخ ولم يبلغه أو يقول بقياس ظهر وفيه التسوية وتكون تلك الصورة امتازت بفرق مؤثر وتعذرت عليه معرفته فان تأثير الفرق قد يكون بنص لم يبلغه وقد يكون وصفا خفيا ففي الجملة الأجر هو على اتباعه الحق بحسب اجتهاده ولو كان في الباطن حق يناقضه هو أولى بالأتباع لو قدر على معرفته لكن لم يقدر فهذا كالمجتهدين في جهات الكعبة وكذلك كل من عبد عبادة نهى عنها ولم يعلم بالنهى لكن هي من جنس المأمور به مثل من صلى في أوقات النهى وبلغه الأمر العام بالصلاة ولم يبلغه النهى أو تمسك بدليل خاص مرجوح مثل صلاة جماعة من السلف ركعتين بعد العصر لأن النبي صلاهما ومثل صلاة رويت فيها أحاديث ضعيفة أو موضوعة كألفية نصف شعبان وأول رجب وصلاة التسبيح كما جوزها بن المبارك وغير ذلك فإنها إذا دخلت في عموم استحباب الصلاة ولم يبلغه ما يوجب النهى أثيب على ذلك وان كان فيها نهى من وجه لم يعلم بكونها بدعة تتخذ شعاراً ويجتمع عليها كل عام فهو مثل أن يحدث صلاة سادسة ولهذا لو أراد أن يصلى مثل هذه الصلاة بلا حديث لم يكن له ذلك لكن لما روى الحديث اعتقد أنه صحيح فغلط في ذلك فهذا يغفر له خطؤه ويثاب على جنس المشروع وكذلك من صام يوم العيد ولم يعلم بالنهى بخلاف ما لم يشرع جنسه مثل الشرك فان هذا لا ثواب فيه وإن كان الله لا يعاقب صاحبه إلا بعد بلوغ الرسالة كما قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا لكنه وإن كان لا يعذب فان هذا لا يثاب بل هذا كما قال تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً قال بن المبارك هي الأعمال التي عملت لغير الله وقال مجاهد هي الأعمال التي لم تقبل وقال تعالى مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح الآية فهؤلاء أعمالهم باطلة لا ثواب فيها وإذا نهاهم الرسول عنها فلم ينتهوا عوقبوا فالعقاب عليها مشروط بتبليغ الرسول وأما بطلانها في نفسها فلأنها غير مأمور بها فكل عبادة غير مأمور بها فلا بد أن ينهى عنها ثم إن علم أنها منهي عنها وفعلها استحق العقاب فان لم يعلم لم يستحق العقاب وإن اعتقد أنها مأمور بها وكانت من جنس المشروع فانه يثاب عليها وإن كانت من جنس الشرك فهذا الجنس ليس فيه شيء مأمور به لكن قد يحسب بعض الناس في بعض أنواعه أنه مأمور به وهذا لا يكون مجتهدا لأن المجتهد لابد أن يتبع دليلا شرعيا وهذه لا يكون عليها دليل شرعي لكن قد يفعلها باجتهاد مثله وهو تقليده لمن فعل ذلك من الشيوخ والعلماء والذين فعلوا ذلك قد فعلوه لأنهم رأوه ينفع أو لحديث كذب سمعوه فهؤلاء إذا لم تقم عليهم الحجة بالنهي لا يعذبون وأما الثواب فانه قد يكون ثوابهم أنهم أرجح من أهل جنسهم وأما الثواب بالتقرب إلى الله فلا يكون بمثل هذه الأعمال، (فصل) والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط في غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد ان الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته أو اعتقد ان الله لا يرى لقوله لا تدركه الأبصار ولقوله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يدلان بطريق العموم وكما نقل عن بعض التابعين ان الله لا يرى وفسروا قوله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح أو من اعتقد ان الميت لا يعذب ببكاء الحي لاعتقاده ان قوله ولا تزر وزارة وزر أخرى يدل على ذلك وان ذلك يقدم على رواية الراوي لان السمع يغلط كما اعتقد ذلك طائفة من السلف
(يُتْبَعُ)
(/)
والخلف أو اعتقد ان الميت لا يسمع خطاب الحي لاعتقاده ان قوله إنك لا تسمع الموتى يدل على ذلك أو اعتقد ان الله لا يعجب كما اعتقد ذلك شريح لاعتقاده ان العجب انما يكون من جهل السبب والله منزه عن الجهل أو اعتقد ان عليا أفضل الصحابة لاعتقاده صحة حديث الطير وان النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر أو اعتقد ان من جس للعدو وعلمهم بغزو النبي صلى الله عليه وسلم فهو منافق كما اعتقد ذلك عمر في حاطب وقال دعني اضرب عنق هذا المنافق أو اعتقد ان من غضب لبعض المنافقين غضبة فهو منافق كما اعتقد ذلك أسيد بن حضير في سعد بن عبادة وقال انك منافق تجادل عن المنافقين أو اعتقد ان بعض الكلمات أو الآيات أنها ليست من القرآن لان ذلك لم يثبت عنده بالنقل الثابت كما نقل عن غير واحد من السلف أنهم أنكروا ألفاظاً من القران كإنكار بعضهم وقضى ربك وقال انما هي ووصى ربك وإنكار بعضهم قوله وإذ أخذ الله ميثاق النبيين وقال انما هو ميثاق بنى إسرائيل وكذلك هي في قراءة عبد الله وإنكار بعضهم أو لم ييئس الذين آمنوا انما هي أو لم يتبين الذين آمنوا وكما أنكر عمر على هشام بن الحكم لما رآه يقرأ سورة الفرقان على غير ما قرأها وكما أنكر طائفة من السلف على بعض القراء بحروف لم يعرفوها حتى جمعهم عثمان على المصحف الإمام وكما أنكر طائفة من السلف والخلف ان الله يريد المعاصي لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به وأنكر طائفة من السلف والخلف ان الله يريد المعاصي لكونهم ظنوا ان الإرادة لا تكون إلا بمعنى المشيئة لخلقها وقد علموا ان الله خالق كل شيء وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن والقرآن قد جاء بلفظ الإرادة بهذا المعنى وبهذا المعنى لكن كل طائفة عرفت أحد المعنيين وأنكرت الآخر وكالذي قال لأهله إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين وكما قد ذكره طائفة من السلف في قوله أيحسب أن لن يقدر عليه أحد وفي قول الحواريين هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء وكالصحابة الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم هل نرى ربنا يوم القيامة فلم يكونوا يعلمون أنهم يرونه وكثير من الناس لا يعلم ذلك إما لأنه لم تبلغه الأحاديث وإما لأنه ظن أنه كذب وغلط.(/)
هل من لجنة علمية لموقع إسم الله
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[03 Oct 2006, 03:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موقع إسم الله
http://esmallah.org/
موقع يهتم بالبحث الإسلامي العلمى
تأتيه موضوعات مطلوب إبداء الرأي فيها من متخصصين فى الدراسات الإسلامية، درجتهم العلمية لا تقل عن دكتور
هل من أحد لذلك
فقط نطلب الإسم والبريد الإكترونى والدرجة العلمية (وسيتم نشر البيانات التى يفضلونها فى الموقع باعتبارهم اللجنة العلمية للموقع)، وسيتم إرسال المواضيع دوريا على بريدهم، لإبداء الرأي فيها قبل نشرها
ونرجو الإهتمام إلا ستظل موضوعات قيمة لا يمكن نشرها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمكن مراسلتى على الخاص أو على بريد الموقع
esmallah1@hotmail.com
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[24 Oct 2006, 11:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نشكر ونرحب بالدكتور: أحمد بزوي الضاوي
في اللجنة العلمية لموقع إسم الله
ونشكره علي إشرافه العلمي القيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(/)
أخبار سارّة
ـ[روضة]ــــــــ[04 Oct 2006, 08:25 م]ـ
أخبار سارة
أنتقل إلى نار جهنم بمشئة الله الرسام الدنماركي والذي رسم الكاريكاتور المشين لشخص الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم محترقا
وقد أخفت الحكومة الدنماركية أخبار احتراقه حيا
As received……. ان شاء الله مصيره الى نار جهنم
Breaking news message.. News Flash....!!!!!The artist who drew the pictures of the Prophet Mohammed (P.B.U.H&his family) has died in a fire. He was burned alive. Denmark government is hiding the news from the public and everyone has to know. Plz spread this.... (Its the price one must pay 4 the insult of Allah’s Prophet)
Forward this to as many people as you can...Are you going to forward this or delete it? Just remember Allah is watching you if you love Allah then send this to everyone on your list. Don’t break this chain[/CENTER][/CENTER]
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[04 Oct 2006, 10:11 م]ـ
جزاك الله خيراً وبشرك بكل خير
ـ[الجكني]ــــــــ[04 Oct 2006, 10:34 م]ـ
بشرك الله بكل خير،وعقبال يلحقه من هو في ذهني وذهن كل مسلم 0
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Oct 2006, 10:40 م]ـ
إلى جهنم وسات مصيراً
ذلك جزيناهم ببغيهم
ـ[محمد سند]ــــــــ[08 Oct 2006, 01:07 ص]ـ
يمهل ولا يهمل ... ولنا ولكم فى ذلك عظة(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- لعق الأصابع بعد الأكل
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[05 Oct 2006, 04:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (27) بتاريخ 13/ 9/1427 - لعق الأصابع بعد الأكل
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
قم بالعمل بالسنة الآتية ثم قم بالتصويت
عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها ".
(صحيح مسلم)
برنامج إحياء السنة النبوية
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html
ـ[محمد سند]ــــــــ[08 Oct 2006, 01:09 ص]ـ
جزاك الله خيراً(/)
مطلوب مندوب لنشر برنامج إحياء السنة النبوية فى هذا المنتدى
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[05 Oct 2006, 04:46 ص]ـ
سم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" برنامج إحياء السنة النبوية" وهو نشاط تابع لموقع إسم الله
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html
هدفه هو نشر سنة واحدة إسبوعيا من السنن القليلة العمل بها، بشكل يدعو للعمل بالسنة، وفى نفس الوقت يكون عمل بسيط معتمدا على القدر الضئيل مع الإٍستمرارية هو كثير مع الوقت.
ولكن فى ظل التوسع، وفى ظل مشاغل الحياة
يصعب إستمرار هذا البرنامج إلا إذا عمل فيه عدد كبير.
لذلك أتمني وجود مندوب فى هذا المنتدى "لنشر سنة عن الرسول مهجورة أو قليل العمل بها " إسبوعيا
فنرجو من عنده الرغبة فى ذلك أن يراسلنى على الخاص أو يرسل رسالة على بريد الموقع esmallah1@hotmail.com
مع توضيح
1 - بريده الإلكترونى (ليتلقى تعليمات النشر دوريا عليه)
2 - وكذلك الإسم الذى يختاره لنفسه حيث سيتم نشره على الإنترنت تبعا لمجموعة النشر عبر المنتديات التى ينتمى لها (المجموعة الأولى أو الثانية أو الثالثة)
3 - إن كان عنده إستعداد أن ينشر فى أكثر من منتدى فيخبرنا بعناوين المنتديات التى يحب أن ينشر فيها (سواء هذا المنتدى أو أكثر بحيث يكون مسجلا فيها).
سيتم إرسال السنن التى سيتم نشرها مرة واحدة كل شهر أو شهران على بريده الإلكترونى، ليقوم بنشر سنة واحدة بالتصويت على تنفيذها بحيث تكون موجودة كل يوم جمعة إسبوعيا.
فى حالة عدم تقدم متطوعين، فنتمني أن يستمر هذا البرنامج فى هذا المنتدي ولكنه فى هذه الحالة لن يكون بانتظام.
وشكرا لكم ولتشجيعكم الذى شجهنا
وكل عام وأنتم بخير(/)
حول عدد ركعات التراويح
ـ[إمداد]ــــــــ[06 Oct 2006, 01:47 ص]ـ
مجلة البحوث الإسلامية العدد السادس والعشرون - الإصدار: من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1410هـ > البحوث > بحث فيما نسبه البهوتي في الروض المربع إلى عمر بن الخطاب في صلاة التراويح (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 276) (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 277) بحث فيما نسبه الشيخ منصور البهوتي في الروض المربع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة التراويح في رمضان وتخريجه ومناقشة أهل العلم في ذلك بقلم: د. رويعي راجح الرحيلي أستاذ مساعد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد فهذا تتمة بحث: استحباب صلاة التراويح عشرين ركعة والوتر ثلاث ركعات جماعة في ليالي رمضان المبارك ذكر الشيخ البهوتي - رحمه الله - في كتابه الروض المربع: صلاة التراويح، فقال: والتراويح سنة مؤكدة، سميت بذلك لأنهم يصلون أربع (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 278) ركعات ويتروحون ساعة - أي يستريحون -، عشرون ركعة، لما روى أبو بكر عبد العزيز في الشافي: عن ابن عباس سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1327). أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعة. تفعل: ركعتين ركعتين في جماعة، مع الوتر بالمسجد أول الليل، والأفضل وسنتها في رمضان، لما روي في الصحيحين من حديث عائشة: صحيح البخاري الجمعة (882) ,صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (761) ,سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1604) ,سنن أبو داود الصلاة (1373) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 169) ,موطأ مالك النداء للصلاة (250). أنه (صلى الله عليه وسلم) صلاها لياليا، فصلوها معه، ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر، وقال: إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها. ثم قال: وفي البخاري: أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فصلى بهم التراويح انظر الروض المربع 1\ 72 - 73 الطبعة السابعة طبع دار الكتب العلمية بيروت. .
هذا الذي ينسبه الشيخ - رحمه الله - إلى عمر من رواية البخاري، هو صحيح كما قال: 1 - ولفظ ما رواه البخاري بسنده إلى عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط قال في النهاية الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين انظر مادة رهط.، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. هذا هو الحديث الذي أشار إليه البهوتي رحمه الله،وفيه عدة مسائل
الأولى: أن هذه الرواية جاء فيها أن عمر - رضي الله عنه - أمر أبيا أن يؤم الناس في صلاة التراويح، وقد جاءت آثار أخرى (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 279) تدل على أنه أمر غيره بما أمره به.
الثانية: أن هذه الرواية لم يذكر فيها عدد الركعات في صلاة التراويح عند عمر - رضي الله عنه -، وقد جاءت روايات أخرى تبين ذلك.
الثالثة: أن هذه الرواية بينت بعض الأسباب التي جعلت عمر - رضي الله عنه -، يجمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وجاءت روايات أخرى توضح أسبابا أخرى.
الرابعة: أن في هذه الرواية ما يشعر بأن صلاة التراويح آخر الليل أفضل عند عمر - رضي الله عنه -، وجاءت روايات أخرى تؤيد ذلك، والجواب عنه.
الخامسة: أن في هذه الرواية ما يشعر بأنه - رضي الله عنه -، ما كان يصلي التراويح مع الجماعة في بعض الأحيان، والجواب عن ذلك.
السادسة: أن عمر - رضي الله عنه - حين أمر بإقامة صلاة التراويح جماعة في أول الليل قال: نعم البدعة هذه، وبيان محمل ذلك. سنبحث هذه المسائل - إن شاء الله - مع بيان مناقشة أهل العلم لذلك مع ما يرجحه الدليل، وإليك إياها واحدة واحدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما المسألة الأولى: فهي أن عمر رضي الله عنه أمر في هذا الأثر أبي بن كعب بأن يؤم الناس في صلاة التراويح جماعة، فنعم. . وقد جاءت آثار أخرى تدل على أنه رضي الله عنه أمر غيره بمثل ما أمر أبيا رضي الله عنه.
(الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 280)
2 - فقد ذكر صاحب كنز العمال: أن ابن سعد روى بسنده إلى ابن أبي مليكة، قال: بلغني أن عمر بن الخطاب أمر عبد الله بن السائب المخزومي حين جمع الناس في رمضان، أن يقوم بأهل مكة كنز العمال 8\ 409، رقم 23470، قال الهندي: رواه ابن سعد. وراجعته في مظانه ولم أعثر عليه. . وسيأتي عن عمر رضي الله عنه، أنه صلى خلفه حين قدم مكة معتمرا.
3 - وروى البيهقي وغيره بسندهم إلى عروة بن الزبير: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس على قيام شهر رمضان، الرجال على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حثمة.
4 - وروى الإمام مالك في الموطأ بسنده عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب: أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. فهؤلاء أربعة أمرهم عمر رضي الله عنه أن يقوموا للناس بصلاة التراويح جماعة. أبي بن كعب وتميم الداري وعبد الله بن السائب المخزومي وسليمان بن أبي حثمة الذي أمره أن يصلي بالنساء.
(الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 281)
وفي بعض الروايات: أن عمر رضي الله عنه أمر تميما الداري أن يصلي بالنساء. فقد ذكر ابن حجر في فتح الباري: أن سعيد بن منصور روى من طريق عروة: أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء فتح الباري 4\ 203. .
ثم قال ابن حجر رحمه الله: وقد رواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له من هذا الوجه، فقال: سليمان بن أبي حثمة بدل تميم الداري فتح الباري 4\ 203. . ثم جمع بينهما: بإمكان أن يكون عمر رضي الله عنه، أمر تميما الداري بذلك في وقت، وأمر سليمان بن أبي حثمة في وقت آخر فهو يقول: ولعل ذلك في وقتين فتح الباري 4\ 203. .
وجمعه رحمه الله متجه وحسن حتى لا يكون هناك تضاد بين الروايات، إذن عمر رضي الله عنه كما أمر أبيا بأن يؤم الناس في صلاة التراويح أمر غيره بمثل ذلك - والله أعلم - كما دلت له الآثار السابقة.
المسألة الثانية: فهي أن هذه الرواية التي ذكرها البخاري وأشار إليها البهوتي - رحمه الله -، لم يذكر فيها عدد ركعات صلاة التراويح عند عمر رضي الله عنه، ومثلها.
5 - ما رواه ابن أبي شيبة بسنده إلى عروة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أبيا: أن يصلي بالناس في شهر رمضان مصنف ابن أبي شيبة 2\ 396، مطبعة الدار السلفية، حدثنا وكيع أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه. . فهي رواية مجملة كرواية عبد الرحمن بن عبد القارئ التي رواها (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 282) البخاري، ولكن جاءت آثار مروية عن عمر رضي الله عنه تبين هذا الإجمال.
6 - فقد روى الإمام مالك في الموطأ بسنده عن السائب بن يزيد، قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. فالأثر هذا دل على أن عمر رضي الله عنه هو بنفسه الذي أمر أبيا وتميما الداري بأن يصليا للناس إحدى عشرة ركعة، لكن ابن أبي شيبة ساقه بلفظ آخر، وأن أبيا وتميما هما اللذان كان يصليانها كذلك، ولم يذكر في الأثر أن عمر أمرهما بذلك.
7 - فقد روى ابن أبي شيبة بسنده إلى السائب: أن عمر جمع الناس على أبي وتميم، فكانا يصليان إحدى عشرة ركعة، يقرآن بالمئين - يعني في رمضان. وليس بين الروايتين فيما يظهر لي خلاف لأنه وإن لم يصرح ابن أبي شيبة في روايته بأن عمر أمرهما أن يصلياها إحدى عشرة ركعة إلا أنه لا بد أن يكون قد أقرهما على ذلك فيكون ذلك (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 283) هو ما أراده عمر رضي الله عنه: لأنه من المستبعد ألا يكون عنده علم بذلك، وما دام أنه لم ينكر عليهما فقد أقرهما أن تصلى التراويح إحدى عشرة ركعة. وقد جاءت روايات أخرى تدل على أن عمر رضي الله عنه
(يُتْبَعُ)
(/)
قد أقر من صلاها - أي التراويح - عشرين ركعة غير الوتر.
8 - فقد روى البيهقي في المعرفة بسنده عن السائب بن البرقان، قال: كنا نقوم زمن عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر انظر حاشية شرح معاني الآثار للشيخ محمد زهري 1\ 352، ووصف إسناده بأنه صحيح. .
9 - وروى ابن أبي شيبة بسنده إلى حسن - عبد العزيز - قال: كان أبي ابن كعب يصلي بالناس في رمضان بالمدينة عشرين ركعة ويوتر بثلاث. فهذان الأثران دلا على أن صلاة التراويح قد صليت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عشرين ركعة، فلا بد أن يكون قد علم ذلك وأقر من صلاها كذلك ولم ينكر عليهم.
10 - وروى الإمام مالك عن يزيد بن رومان أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاث وعشرين ركعة.
11 - وذكر ابن قدامة بصيغة الجزم، فقال: ولنا أن عمر لما جمع الناس على أبي بن كعب كان يصلي لهم عشرين ركعة، وقد روى الحسن: أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي لهم عشرين ركعة انظر المغني والشرح الكبير 1\ 799. . (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 284) بل إنه ورد عن عمر رضي الله عنه أنه أمر أن تصلى التراويح عشرين ركعة.
12 - فقد روى ابن أبي شيبة بسنده إلى يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب أمر رجلا يصلي بهم عشرين ركعة مصنف ابن أبي شيبة 2\ 393، حدثنا وكيع عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد. . وجاءت رواية أخرى تدل على أن الصحابة صلوا التراويح زمن عمر بن الخطاب ثلاث عشرة ركعة.
13 - قال ابن حجر: وأخرج وهب من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن يوسف عن جده السائب بن يزيد قال: كنا نصلي زمن عمر في رمضان ثلاث عشرة ركعة، قال ابن إسحاق - أحد رجال السند - وهذا أثبت ما سمعت في ذلك وهو موافق لحديث عائشة فتح الباري 4\ 254. . فابن إسحاق هنا يثبت رواية من روى أنها - أي صلاة التراويح - صليت عشرين ركعة في زمن عمر رضي الله عنه، لكنه كان يرى أن ما روي في هذا الأثر أثبت بصيغة التفضيل، وذلك لما وافقه من حديث عائشة، وحديث عائشة الذي يعنيه هو ما رواه البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه صحيح البخاري رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71) ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037). (3376) ,سنن الترمذي رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71) ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037). (439) ,سنن النسائي رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71) ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037). (1697) ,سنن أبو داود رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71) ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037). (1341) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 36) ,موطأ مالك رواه البخاري في (العلم) باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71) ومسلم في (الزكاة) باب النهي عن المسألة برقم (1037). (265). سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقلت: يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي إذا ظاهر الروايات المأثورة عن (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 285) عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاختلاف في كون صلاة التراويح، هل كانت تصلى مع الوتر ثلاثا وعشرين ركعة، أو إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة؟ بل إن السائب بن يزيد نفسه روى مرة أن صلاة التراويح في عهد عمر كانت تصلى إحدى عشرة ركعة، ومرة روى أنها كانت تصلى ثلاث عشرة ركعة على ما سبق، وروى أيضا أنها كانت تصلى ثلاثا وعشرين ركعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
14 - فقد روى البيهقي بسنده عن السائب بن يزيد أنه قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة، وكانوا يقرءون بالمئين، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام. هذه الروايات ظاهرها الاختلاف، وفي نظري أنه لا تعارض حقيقي بينها لأن الجمع بينها ممكن. فاختلاف الروايات عن السائب بن يزيد الذي جاء النقل عنه بأنه مرة قال: أمر عمر بن الخطاب أبيا وتميما الداري بأن يصليا للناس إحدى عشرة ركعة في رمضان، وجاء عنه في رواية أخرى أنه قال: كنا نصلي على عهد عمر بن الخطاب ثلاث عشرة ركعة، وقال في رواية ثالثة عنه: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر، فإن هذا الاختلاف يجاب عنه من ناحيتين: الأولى: بأنه لا يستبعد أن يكون السائب بن يزيد قد علم أن عمر رضي الله عنه أمر أبيا وتميما بأن يصليا للناس بإحدى عشرة ركعة في بادئ الأمر، ثم إن الناس صلوا في زمن عمر بن الخطاب ثلاث عشرة (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 286) أمر أبيا أ ركعة، فلم يعبهم عمر رضي الله عنه، وأقرهم على ذلك، فروى ذلك السائب بن يزيد، ثم إن الناس بعد ذلك صلوا التراويح عشرين ركعة والوتر، فلم يعبهم عمر بن الخطاب وأقرهم على ذلك، لدليل علمه أو اجتهاد منه، فروى ذلك السائب بن يزيد، وكان معنى ذلك أن صلاة التراويح إذا صليت على صفة من تلك الصفات الثلاث، كان ذلك جائزا ولا لوم على أحد فعل ذلك. وقد جمع البيهقي بين الروايات بمثل هذا الجمع، فهو يقول: كانوا يقومون بإحدى عشرة ركعة، ثم كانوا يقومون بعشرين، ويوترون بثلاث والله أعلم سنن البيهقي 2\ 496. .
وما زال المسلمون إلى يومنا هذا منهم من يصلي التراويح مع الوتر إحدى عشرة ركعة، ومنهم من يصليها ثلاث عشرة ركعة ومنهم من يصليها ثلاثا وعشرين ركعة لأن كل ذلك سنة.
الثانية: طريق الترجيح، وذلك أن الرواية المأثورة عن عمر من طريق السائب بن يزيد التي ذكر فيها أن صلاة التراويح كانت تصلى في زمن عمر رضي الله عنه ثلاثا وعشرين ركعة، أيدتها روايات أخرى مروية عن السائب بن رومان ويحيى بن سعيد وحسن هو عبد العزيز، والسائب بن برقان والحسن البصري على ما ذكره ابن قدامة، ولا شك أن كثرة الطرق من أسباب الترجيح كما هو معروف في مصطلح الحديث فيكون رواية من روى أن صلاة التراويح كانت في عهد عمر تصلى عشرين ركعة والوتر هي الراجحة، ولعل ذلك كان آخر الأمر يقول ابن حبيب من المالكية: رجع عمر إلى ثلاث وعشرين ركعة.
أما ما ذكر ابن إسحاق من كون رواية السائب بن يزيد التي روى (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 287) فيها عن عمر بأن صلاة التراويح كانت تصلى في عهده ثلاث عشرة ركعة، وأنها أثبت عنده من غيرها من الروايات، لموافقة حديث عائشة رضي الله عنها السابق. وكذلك قول اللخمي من المالكية: الذي آخذ به ما جمع عليه عمر: إحدى عشرة ركعة انظر التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق المتوفى عام 897 هـ. .
فالجواب عما ذكره ابن إسحاق رحمه الله من وجهين: أولا: أنه لم ينف صحة صلاة التراويح عشرين ركعة في زمن عمر رضي الله عنه وإنما رجح رواية السائب بن يزيد لأن التراويح كانت تصلى في زمن عمر ثلاث عشرة ركعة لموافقة حديث عائشة رضي الله عنها السابق. وذكر ابن حجر ما يؤيد هذا الرأي وأنه هو الأولى لحديث عائشة هذا، ثم قال: مع كون عائشة أعلم بحال النبي (صلى الله عليه وسلم) من غيرها فتح الباري 4\ 254. .
وقد أجاب بعض أهل العلم عن هذا. فإن الشيخ محمد زهري النجار: ذكر حديث ابن عباس الذي ذكره ابن حجر في فتح الباري وغيره وهو: أن النبي (صلى الله عليه وسلم): صلى التراويح عشرين ركعة مع الوتر. ثم قال: قال: العلامة القارئ مجيبا عنه: ولا يبعد أن ابن عباس حصل له من العلم من غير طريق عائشة من سائر المؤمنين. قال: وعلى كل تقدير فالعمل بالحديث الضعيف جائز عند الكل (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 288) "يعني فضائل الأعمال "قال ويكفينا ما رواه البيهقي في المعرفة بإسناد صحيح عن السائب بن البرقان "كنا نقوم زمن عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر "، فهذا كالإجماع من غير منكر في هذا الإجماع وقد ورد: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: قال ابن قدامة - رحمه الله - في الجواب عن حديث عائشة رضي الله عنها في كون النبي (صلى الله عليه وسلم) ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة: بأن كونه (صلى الله عليه وسلم) لم يزد على إحدى عشرة ركعة محمول على صلاة التهجد - وهي الصلاة في الليل بعد القيام من نوم - لأن سياق حديث عائشة رضي الله عنها يشير إلى ذلك حيث بينته بقولها: صحيح البخاري نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص387. (3376) ,صحيح مسلم نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص387. (738) ,سنن الترمذي نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص387. (439) ,سنن النسائي نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص387. (1697) ,سنن أبو داود نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص387. (1341) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 36) ,موطأ مالك نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) من جمع الشيخ محمد المسند ج2 ص387. (265). كان يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن. . إذن الذي يترجح من سياق هذه الآثار أن صلاة التراويح صليت زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عشرين ركعة مع الوتر، وأنه أقر ذلك، ولم يظهر له مخالف فهو إجماع، أو كالإجماع، كما قال ذلك ابن قدامة والشيخ القارئ، وقد وافقه على ذلك ثلاثة من أئمة أهل العلم، أبو حنيفة والشافعي وأحمد رحمهم الله، ولم يمنعوا أحدا أن يصليها إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا يدل على أن فعلها ثلاثا وعشرين ركعة عند الأئمة الثلاثة أفضل، فحذار ممن يتطاول على هؤلاء الأئمة الأعلام، بزعم أن صلاة التراويح ثلاثا وعشرين ركعة بدعة، لأنه لا يقال لعمل فعله عمر رضي الله عنه أو أقره ووافقه عليه أئمة الهدى بأنه بدعة. وذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن صلاة التراويح تصلى تسعا وثلاثين ركعة، وحجته في ذلك عمل أهل المدينة، قال نافع: أدركت الناس يقومون تسعا وثلاثين ركعة، ويوترون منها بثلاث، قال (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 289) مالك: وهو لم يزل عليه الناس، وقد كره رحمه الله أن ينقص من ذلك انظر التاج والإكليل لمختصر خليل مع كتاب مواهب الجليل 1\ 71. . ولكن أهل العلم ناقشوا دليل الإمام مالك رحمه الله في ذلك، فإن ابن قدامة رحمه الله قال: بأن صالحا مولى التوأمة، هو الذي قال: أدركت الناس يقومون بإحدى وأربعين ركعة يوترون بخمس، وذلك مردود بأن صالحا ضعيف ثم لا ندري من الناس الذي أخبر عنهم؟ فلعله قد أدرك جماعة من الناس يفعلون ذلك وليس بحجة، ثم لو ثبت أن أهل المدينة كلهم فعلوه لكان ما فعله عمر وأجمع عليه الصحابة في عصره أولى بالاتباع. ثم قال: قال بعض أهل العلم إنما فعل هذا أهل المدينة لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة، فإن أهل مكة يطوفون سبعا بين كل ترويحتين، فيجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات، وما كان عليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أولى وأحق بالاتباع المغني والشرح الكبير 1\ 799. . إذن الآثار التي رويت عن عمر رضي الله عنه تدل على أن صلاة التراويح كانت تصلى في عهده مع الوتر ثلاثا وعشرين ركعة، وهو إما إجماع أو كالإجماع وقد فعل المسلمون ذلك إلى يومنا هذا، وهو دليل على فضل ذلك على ما سواه، والله أعلم بالصواب.
المسألة الثالثة: فهي أن رواية البخاري التي أشار إليها الشيخ البهوتي رحمه الله أشارت إلى بعض الأسباب التي جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد قال عبد الرحمن بن عبد القارئ: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 290) عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب انظر ص 1 رقم الأثر 21. . فإن الأثر دل على أن السبب الذي جعل عمر رضي الله عنه يجمع المسلمين في صلاة التراويح على إمام واحد هو ما شاهده من تفرقهم في المسجد أوزاعا مع أنهم جميعا يصلون صلاة واحدة، وهذا اجتهاد من عمر ولا أحد ينازع أنه من أهل الاجتهاد بل من أعظم المجتهدين
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن هذا الأثر لم يذكر أسبابا أخرى، وقد جاءت آثار أخرى تدل على أسباب أخرى. منها أن كثيرا من الناس لا يحسنون القراءة، فأراد عمر رضي الله عنه أن يجمع المسلمين في صلاة التراويح على إمام واحد يحسن القراءة.
15 - فقد ذكر صاحب كنز العمال أن ابن منيع روى عن أبي بن كعب أن عمر بن الخطاب أمره أن يصلي بالليل في رمضان، فقال: إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرءوا، فلو قرأت عليهم بالليل، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا شيء لم يكن، فقال: قد علمت ولكنه حسن، فصلى بهم عشرين ركعة. ومنها أيضا أنه روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه أشار على عمر رضي الله عنه بأن تقام صلاة التراويح جماعة وحرضه على ذلك.
16 - فقد ذكر صاحب كنز العمال: أن ابن وهب روى بسنده عن (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 291) علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أنا حرضت عمر على القيام في شهر رمضان وأخبرته أن فوق السماء السابعة حظيرة يقال لها: حظيرة القدس سكنها قوم يقال لهم: الروح، فإذا كان ليلة القدر استأذنوا ربهم تبارك وتعالى في النزول إلى الدنيا فيأذن لهم، فلا يمسون بأحد يصلي، أو على الطريق إلا دعوا له فأصابه منهم بركة، فقال عمر: يا أبا الحسن فحرض الناس على الصلاة حتى تصيبهم البركة، فأمر الناس بالقيام انظر كنز العمال 8\ 400، رقم 23479، قال الهندي: رواه ابن وهب، بسند ضعيف. . ومنها أيضا أن بعض الناس، قبل أن يجمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على إمام واحد كانوا يميلون إلى أحسن الناس صوتا، يعني وإن لم يكن يحسن القراءة.
17 - فقد ذكر صاحب كنز العمال: أن ابن سعد وغيره رووا بسندهم إلى نوفل بن إياس الهذلي قال: كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب فرقا في المسجد في رمضان هاهنا وهاهنا، وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا فقال عمر: ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني، أما والله لئن استطعت لأغيرن هذا، فلم أمكث ثلاث ليال حتى أمر أبي بن كعب، فصلى بهم، ثم قام في آخر الصف، فقال: لئن كانت هذه البدعة لنعمت البدعة هي. إذن عمر رضي الله عنه حينما جمع الناس في صلاة التراويح، كانت هناك أسباب دعته إلى الاجتهاد في هذه المسألة، تفرق الناس وهم يصلون صلاة واحدة فكانوا في المسجد أوزاعا، ثم خوفه على أن يجتمع الناس على شخص لا يحسن القراءة، ثم خوفه من الناس أن يجتمعوا على شخص لحسن صوته، وإن لم يحسن القراءة، ثم مشاورة بعض الصحابة له بذلك. (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 292) فإذا اجتهد عمر رضي الله عنه وجمع الناس على إمام واحد، كان ذلك من حقه، ومن مثل عمر في اجتهاده؟ وقد شهد له أهل العلم بذلك، وليس في الشرع ما يمنع ذلك، فهذا هو الأولى إن شاء الله. فتاوى نور على الدرب البحوث العلمية فتاوى ابن باز مجلة البحوث الإسلامية فتاوى اللجنة الدائمة مجلة البحوث الإسلامية تصفح برقم المجلد > العدد السادس والعشرون - الإصدار: من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1410هـ > البحوث > بحث فيما نسبه البهوتي في الروض المربع إلى عمر بن الخطاب في صلاة التراويح المسألة الرابعة: فهي أن في رواية البخاري التي أشار إليها البهوتي رحمه الله فيها ما يشعر بأن صلاة التراويح عند عمر رضي الله عنه عند آخر الليل أفضل من صلاتها في أول الليل في جماعة، فقد جاء في أثر عبد الرحمن بن عبد القارئ قول عمر رضي الله عنه: والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. وقال عبد الرحمن بن عبد القارئ الذي روى عنه ذلك: يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله انظر رواية البخاري ص 1، الأثر رقم (1) وانظر مصنف ابن شيبة 2\ 396، رواه بسنده. . وليس هذا فقط، بل جاءت روايات أخرى عن عمر رضي الله عنه تؤكد هذا وتقويه.
(يُتْبَعُ)
(/)
18 - فقد ذكر صاحب كنز العمال: أن مسددا روى بسنده: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: استقبل عمر الناس من القيام فقال: ما بقي من الليل أفضل مما مضى. 19 - وروى ابن أبي شيبة بسنده عن السائب قال: قال عمر: إنكم تدعون أفضل الليل. آخره مصنف ابن أبي شيبة 2\ 396، حدثنا وكيع قال: حدثنا أسامة بن يزيد عن محمد بن يوسف الأعرج عن السائب. . 20 - وروى ابن أبي شيبة بسنده عن حبيب قال: قال رجل: ذهب الليل، فقال عمر: ما بقي من الليل خير مما ذهب مصنف ابن أبي شيبة 2\ 396، حدثنا وكيع، قال أخبرنا مسعر عن حبيب. . (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 293) هذه الآثار المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تدل على أن صلاة التراويح آخر الليل، أفضل من صلاتها أول الليل، وهذا يتفق مع سيرته وديدنه، فقد كان رضي الله عنه، يصلي الليل في آخره، وأقره على ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كما بينته في مجلة التضامن الإسلامي انظر الجزء الخامس السنة الثالثة والأربعون ذو القعدة عام 1408 هـ، ص 29 من مجلة التضامن الإسلامي. . وهناك بينت أيضا أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصليها في أول الليل، وأقره على ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وقد ذكر الطحاوي رحمه الله: أن الأفضل أن يصليها المسلم في البيت منفردا، ولعله يحتج في ذلك بما روي عن عمر رضي الله عنه هنا، وقد ذكر الطحاوي رحمه الله من أدلته: عموم حديث زيد بن ثابت: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: صحيح البخاري رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (5762) ,صحيح مسلم رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (781) ,سنن الترمذي رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (450) ,سنن النسائي رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1599) ,سنن أبو داود رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1447) ,مسند أحمد بن حنبل (5/ 187) ,موطأ مالك رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (293) ,سنن الدارمي رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1366). خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وهو حديث صحيح. وجمع رحمه الله بين هذا الحديث وحديث أبي ذر الذي جاء فيه سنن الترمذي الصوم (806) ,سنن أبو داود الصلاة (1375) ,سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1327) ,سنن الدارمي الصوم (1777). أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلى بأصحابه التراويح جماعة. ثم قال: إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة، وهو حديث صحيح أيضا يدل على أن صلاة التراويح جماعة أول الليل أفضل، فكان جوابه رحمه الله، أن قال: فتصحيح هذين الأثرين يوجب أن حديث أبي ذر هو على أن يكتب له بالقيام مع الإمام قنوت بقية ليلته، وحديث زيد بن ثابت يوجب أن ما فعل في بيته أفضل من ذلك حتى لا يتضاد هذان الأثران شرح معاني الآثار 1\ 350. . فحمل رحمه الله حديث أبي ذر على أن الصلاة مع الإمام في التراويح (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 294) مجزئة ولكن الأفضل أن تصلى في البيت لحديث زيد بن ثابت. ومن الحجة له أيضا: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان آخر الأمرين منه ترك صلاة التراويح جماعة في المسجد وصلاها في البيت منفردا. ثم ذكر عن بعض الصحابة والتابعين، بأنهم كانوا يحبذون صلاة التراويح في البيت، وما كانوا يصلونها مع الجماعة، ذكر منهم ابن عمر، وإبراهيم النخعي وإسحاق بن سويد، وعروة، وسعيد بن جبير، والقاسم، وسالم، ونافع، ثم قال: فهؤلاء الذين روينا عنهم ما روينا من هذه الآثار، كلهم يفضل صلاته وحده في
(يُتْبَعُ)
(/)
شهر رمضان على صلاته مع الإمام، وذلك هو الصواب. ولكن أهل العلم سوى الطحاوي، جنحوا إلى ما ذهب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين أمر أن تقام صلاة التراويح جماعة في أول الليل، وكلهم نص على أن ذلك أفضل، أعني أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد رحمهم الله، وقد نقل عن الإمام مالك رواية غير معتمدة في المذهب: بأن صلاتها في البيت أفضل ولكن أصحابه بينوا بأن المراد من ذلك على هذه الرواية، مشروط بمن قوي على ذلك، وليس كل الناس يقوى عليها، وبأنه مشروط بما إذا كانت المساجد لم تعطل من جراء ذلك، وإلا كانت الصلاة في البيت منفردا مفضولة مواهب الجليل 2\ 70، 71. . وهكذا ذكر النووي عن الشافعية قولا غير معتمد في المذهب، وقال: بأن ذلك مشروط، بأن يكون من فعل ذلك حافظا للقرآن ولا يخاف الكسل في أدائها لو انفرد، ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه، فإن فقد شرطا من هذه الشروط فالجماعة أفضل بلا خلاف في المذهب المجموع 4\ 30. . (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 295) وحينما سئل الإمام أحمد رحمه الله: عن تأخير صلاة التراويح قال: لا، سنة المسلمين أحب إلي، ونقل ابن قدامة عنه عند أبي عبد الله فعلها في جماعة المغني والشرح الكبير 1\ 799، 800. .
وبهذا يتضح أن الأئمة الأربعة على خلاف رأي الشيخ رحمه الله. يقول ابن حجر: جنح الجمهور إلى ما ذهب إليه عمر رضي الله عنه فتح الباري 4\ 252. . والإجابة عن الآثار التي رويت عن عمر رضي الله عنه وهي تدل بظاهرها على أن صلاة التراويح آخر الليل في البيت أفضل بإطلاق بعضها، يعني سواء كانت في صلاة ليال رمضان أو غيره مثل أثري السائب وحبيب، وبعضها في صلاة التراويح خاصة، كما في أثري عبد الرحمن بن عبد القارئ وابن عباس. فالجواب عنها بأنه من المستبعد أن يأمر عمر بن الخطاب المسلمين بالمفضول ليتركوا الأفضل لا سيما وقد وافقه جماعة الصحابة ولا يستبعد أن يكون فهم ذلك من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإنه كان قد صلاها وقد ذكر ذلك الباجي رحمه الله انظر تنوير الحوالك 1\ 138. . ثم إن ما جاء في أثري عبد الرحمن بن عبد القارئ وغيره يمكن حمله على أن المراد من أخر صلاتها في آخر الليل جماعة لا منفردا. وقد نقل النووي عن صاحب الشامل: أن الجماعة أفضل عند أبي العباس وأبي إسحاق من الشافعية واحتجا بإجماع الصحابة وإجماع أهل الأمصار على ذلك. (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 296) واحتج النووي على كونها أفضل وأنه هو المذهب عند الشافعية بما روي عن عمر رضي الله عنه حين جمع الناس على أبي بن كعب انظر المجموع 4\ 30. .
وقد ناقش ابن قدامة رحمه الله: ما احتج به الطحاوي فقال: حديث أبي ذر: وهو أن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام تلك الليلة، فقال: إن هذا خاص في قيام رمضان وهو مقدم على عموم ما احتجوا به - يعني من حديث زيد بن ثابت - الذي جاء فيه: صحيح البخاري الأذان (698) ,صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (781) ,سنن الترمذي الصلاة (450) ,سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1599) ,سنن أبو داود الصلاة (1044) ,مسند أحمد بن حنبل (5/ 186) ,موطأ مالك النداء للصلاة (293) ,سنن الدارمي الصلاة (1366). إن صلاة النافلة في البيت أفضل إلا المكتوبة. ثم قال: أما ترك النبي (صلى الله عليه وسلم): صلاته التراويح جماعة فمعلل بكونه (صلى الله عليه وسلم) خشي أن تفرض على أمته، وقد أمن أن يفعل ذلك بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم).
وأما الآثار التي احتجوا بها عن بعض الصحابة والتابعين فيقول ابن قدامة: إن من فضل منهم الصلاة وحده في البيت في النوافل، مرادهم صلاة الليل دون ما يعمها، يعني ما كانوا يعنون صلاة التراويح لأنها تصلى في جماعة انظر: المغني والشرح الكبير 1\ 800. . وقد ذكر النووي: بأن الدليل على كون صلاة النافلة في البيت أفضل ليس على عمومه وأنه مخصوص: لأن كثيرا من النوافل شرعت فيها الجماعة، وذلك كصلاة العيدين، والكسوف، والاستسقاء، وكذلك التراويح مشروع فيها الجماعة في المسجد وأنه الأفضل بخلاف غيرها من النوافل انظر شرح صحيح مسلم للنووي 6\ 41. . والذي يظهر مما سبق أن حجة من يقول: بأن صلاة التراويح الأفضل أن تصلى جماعة في أول الليل، هي
(يُتْبَعُ)
(/)
الراجحة، وهذه مذهب عمر رضي الله عنه لأنه من المستبعد أن يأمر بذلك ويحث الناس عليه وغيره أفضل (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 297) منه، ويكفينا في ترجيح ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فعل ذلك وشاهد من فعله ولم ينكره ولولا خشية أن تفرض لاستمر على ذلك صلى الله عليه وسلم، بل إن عمر رضي الله عنه فعل ذلك بمشاهدة الصحابة، ولم ينكر عليه منهم أحد، وقال في ذلك: نعمت البدعة على ما سيأتي وهذا ما درج عليه المسلمون في الحرمين الشريفين وغيرهما إلى يومنا هذا.
المسألة الخامسة: فهي أن في هذه الرواية التي رواها البخاري، وأشار إليها البهوتي رحمه الله من رواية عبد الرحمن بن عبد القارئ ما يشعر بأن عمر رضي الله عنه حين أمر بأن تصلى صلاة التراويح جماعة، ما كان يصلي معهم في بعض الأوقات وذلك أنه جاء في الأثر قول عبد الرحمن بن عبد القارئ، فخرجت معه - يعني عمر - ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة إمامهم. قال ابن حجر عند كلامه على الأثر: وقوله: فخرجت معه ليلة والناس يصلون بصلاة إمامهم فيه إشعار بأن عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم، وكان يرى أن الصلاة في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل فتح الباري 4\ 253. . ويؤيد ما قاله ابن حجر رحمه الله: 21 - ما رواه محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن ابن عباس قال: كنت عند عمر في المسجد فسمع هيعة الناس فقال: ما هذا؟ قيل: خرجوا من المسجد، وذلك في رمضان، قال: ما بقي من الليل أحب إلي مما مضى فتح الباري 4\ 253، قال ابن حجر: رواه محمد بن نصر في قيام الليل. . 22 - وقد روى ابن أبي شيبة هذا الأثر، لكنه لم يقل في روايته: أن (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 298) ابن عباس قال: كنت عنده في المسجد، وإنما قال: دعاني عمر رضي الله عنه لأتغذى عنده - قال أبو بكر: يعني "السحور "في رمضان. وذكر الأثر. فإن هذه الآثار تدل على أن عمر لم يكن يواظب على صلاة التراويح جماعة كما يقول ابن حجر رحمه الله، ولا غضاضة في ذلك فهذه حال السنة، لم يؤمر بها عمر ولا غيره أمر إيجاب، فكونه رضي الله عنه لم يواظب عليها لدلالة هذه الآثار على ذلك فنعم. لكن كونه كان يؤخر ذلك من أجل أن يصليها في بيته لأنه أفضل كما يقول ابن حجر رحمه الله، فلا لما بينته في المسألة التي قبل هذه، ولأن أثر ابن عباس هنا محمول على أن عمر رضي الله عنه، لم يدرك صلاة التراويح كلها فقد يكون صلى معهم بعضها ثم انصرف، يدل عليه أن ابن عباس يقول: كنت عند عمر في المسجد. وهذا يوحي بأنه صلى معهم شيئا منها، وإلا لماذا كان في المسجد. وقد جاءت روايات أخرى عن عمر رضي الله عنه تدل على أنه كان يصلي التراويح مع جماعة المسلمين في أول الليل. 23 - فقد روى ابن أبي شيبة بسنده عن عبد الله بن السائب، قال: كنت أصلي في رمضان فبينما أنا أصلي سمعت تكبير عمر على باب المسجد قدم معتمرا فدخل فصلى خلفي. 24 - وجاء في أثر نوفل رقم (17) أن عمر حين أمر أبي بن كعب: أقام في آخر الصف انظر ص 14، رقم الأثر 17. . (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 299) 25 - وروى البيهقي بسنده إلى زيد بن وهب قال: كان عمر بن الخطاب يروحنا في رمضان، - يعني بين الترويحتين - قدر ما يذهب الرجل من المسجد إلى سلع كنز العمال 8\ 409، رقم 3472، قال الهندي: رواه البيهقي. . وسلع جبل معروف بالمدينة، قريب من المسجد النبوي، حوالي ربع ساعة، للمشي على الأقدام. وفي نظري أنه لا داعي للتأويل، إذ لا يستبعد أن يكون عمر رضي الله عنه هو إمامهم في تلك الليلة بناء على ظاهر الرواية، وقد نقل ابن قدامة عن الإمام أحمد، ما يشير على أن عمر كان يصلي بهم التراويح في بعض الأحيان. قال ابن قدامة: وقال الإمام أحمد: وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) اقتدوا بالخلفاء، وقد جاء عن عمر أنه كان يصلي في الجماعة المغني والشرح الكبير 1\ 799. . إذن عمر رضي الله عنه خالف عادته حين أمر المسلمين بأن يصلوا صلاة التراويح جماعة في أول الليل فكان يصلي معهم وذلك دليل على أنه كان يرى ذلك أفضل وبخاصة حين قال في ذلك: نعم هذه البدعة على ما سيأتي.
(يُتْبَعُ)
(/)
المسألة السادسة: فهي أن رواية البخاري التي أشار إليها البهوتي رحمه الله، جاء فيها قول عمر رضي الله عنه حين أمر بأن تقام صلاة التراويح جماعة في أول الليل ورأى المسلمين قد فعلوا ذلك، قال: نعم البدعة. (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 300) والبدعة لها عند أهل العلم معنى لغوي ومعنى شرعي اصطلاحي. فالمعنى اللغوي: هو أن يبدع الإنسان وينشئ أمرا لم يكن معهودا له. والبدع كما يقول صاحب اللسان: الشيء الذي يكون أولا انظر: مادة بدع في اللسان لابن منظور 8\ 6. . وعليه فلو أن الإنسان كان من عادته ألا يأكل اللحم مثلا، وأكله أخيرا فإنه يعد مبتدعا في اللغة، لأنه عمل عملا وأنشأه على غير عادته، والظاهر أن عمر رضي الله عنه عنى بقوله في صلاة التراويح أو الليل: نعمت البدعة المعنى اللغوي، وذلك لأنه رضي الله تعالى عنه كان من عادته وديدنه أنه يصلي صلاة الليل ومنها التراويح والوتر آخر الليل لا أوله، فلما أمر المسلمين أن يصلوا تلك الصلاة في أول الليل وصلى معهم على خلاف عادته قال: نعمت البدعة يعني في حق نفسه لا أنه عنى البدعة الشرعية، التي قال الشاطبي معناها: أن يحدث أمرا في الشرع على غير مثال انظر: الاعتصام 1\ 36، 37. . فهي أخص من البدعة اللغوية ومن ظن: أن قول عمر رضي الله عنه من ذلك القبيل فقد أخطأ الصواب ويعجبني ما قاله الشاطبي في قول عمر رضي الله عنه، فهو يقول: فالعلوم الخادمة للشريعة وما كان له أصل في الشرع ليس ببدعة شرعية، ومن سمى ذلك بدعة، فإما على المجاز، كما سمى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيام الناس في ليالي رمضان بدعة، وإما جهلا بجوامع السنة والبدعة، فلا يكون قول من قال ذلك معتدا به ولا معتمدا عليه انظر: الاعتصام 1\ 36، 37. . وهذا الذي قاله الشاطبي رحمه الله حق، ولكنني لست معه، في أن عمر رضي الله عنه سمى قيام الناس في ليالي رمضان بدعة. وإنما كان يعني بقوله هذا نفسه لأنه كان قد خالف عادته وديدنه في أنه يصلي صلاة الليل ومنها الوتر في آخر الليل، وأقره رسول الله (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 301) (صلى الله عليه وسلم) على ذلك كما هو ثابت. فهي إذن بدعة لغوية وليست شرعية، ولو كانت شرعية، فإن عمر قطعا لا يريدها بل هي مجاز كما قال الشاطبي رحمه الله. والدليل على أن عمر رضي الله عنه ما كان يقصد بقوله: البدعة الشرعية التي هي إحداث أمر في الشرع على غير مثال، ما يأتي: 1 - أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلى التراويح جماعة في رمضان. فقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها أخبرته صحيح البخاري رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1908) ,صحيح مسلم رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (761) ,سنن النسائي رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1604) ,سنن أبو داود رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1373) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 268) ,موطأ مالك رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (250). أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس، فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر، أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد: فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والأمر على ذلك. أفترى أن عمر يسمي صلاة التراويح جماعة بدعة وقد فعلها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ وهل فعل عمر رضي الله عنه
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد ذلك على غير مثال سابق؟ كلا. 2 - وروى الطحاوي بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) شاهد أناسا يصلون بصلاة أبي فقال: نعم ما صنعوا. قال ابن حجر معقبا على هذا الحديث: هو ضعيف، والمحفوظ: (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 302) أن عمر هو الذي جمع الناس على أبي بن كعب، يعني على إمام واحد فتح الباري 4\ 252. . لكن هذا المحفوظ عن عمر رضي الله عنه، لا يمنع أن يكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) رأى بعض الناس فعل ذلك تطوعا فلم يمنعهم، وما كل الناس اجتمعوا على إمام واحد في عهده (صلى الله عليه وسلم)، وإنما كان ذلك في عهد عمر رضي الله عنه. 3 - ونقل ابن حجر عن ابن التين: من أن عمر استنبط ذلك من تقرير النبي (صلى الله عليه وسلم) تلك الليالي وإن كان كره النبي (صلى الله عليه وسلم) ذلك، فإنما كرهه خشية أن تفرض عليه، وترجح هذا عند عمر رضي الله عنه لما في الاختلاف من افتراق الكلمة فتح الباري 4\ 252. وهذا مؤيد لهذا الحديث الذي قال فيه ابن حجر أنه ضعيف. وأهل العلم المعتد بهم يعرفون أن ما سنه عمر سواء كان عن توقيف أو عن اجتهاد منه لا يقال فيه أنه بدعة شرعية في الدين. ولما ذكر ابن قدامة مشروعية صلاة الجماعة في التراويح قال: ولنا إجماع الصحابة على ذلك - يعني في عهد عمر - وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأهله في حديث أبي ذر المغني والشرح الكبير 1\ 800. . أفترى أن الصحابة يجمعون على بدعة في الدين ولا يعارضون عمر في ذلك لو كانت كذلك، بل إن بعض الصحابة امتدح عمر رضي الله عنه في صنيعه ذلك بعد وفاته. 4 - فقد ذكر صاحب كنز العمال: أن ابن شاهين روى عن أبي إسحاق الهمداني قال: خرج علي بن أبي طالب في أول ليلة من (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 303) رمضان والقناديل تزهر - أي تضاء - وكتاب الله يتلى فقال: نور الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نورت مساجد الله تعالى بالقرآن. فهل يدعو علي رضي الله عنه لعمر بن الخطاب بالمغفرة والرحمة لو كان عمله بدعة شرعية أحدثت على غير مثال في الشرع، أو كان ذلك العمل في مقابل السنة، لو كان الأمر كذلك لكانت مذمومة ولما وافقه الصحابة ولما دعا له علي بن أبي طالب بعد وفاته. ثم لو لم يشهد لعمر رضي الله عنه فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم في عهده على جواز اجتماع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح بخصوصها لكان في أصول الشرع ما يشهد لعمله لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أقام صلاة الجماعة في كثير من النوافل كصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف، وأوضح من ذلك. 5 - ما رواه البخاري في باب - صلاة النوافل جماعة - بسنده إلى ابن شهاب قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: صحيح البخاري رواه البخاري في (الاستقراض وأداء الديون) باب هل يعطى أكبر من سنه برقم (2392) ومسلم في (المساقاة) باب من استسلف شيئا وقضى خيرا منه برقم (1600). (1130). أنه عقل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعقل مجة مجها في وجهه من بئر كانت في دارهم فزعم محمود: أنه سمع عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: كنت أصلي لقوم ببني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه قبل مسجدهم، فجئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقلت له: إني أنكرت بصري، وإن الوادي الذي بيني (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 204) وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشق علي اجتيازه، فوددت أنك تأتيني فتصلي من بيتي مكانا أتخذه مصلى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): سأفعل، فغدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر رضي الله عنه بعدما اشتد النهار، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأذنت له، فلم يجلس حتى قال: أين تريد أن أصلي من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكبر وصففنا وراءه، فصلى ركعتين ثم سلم وسلمنا حين سلم. أليس في ذلك دليل لما صنعه عمر رضي الله عنه حين أمر بأن يجتمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلى تلك الركعتين
(يُتْبَعُ)
(/)
بمن كان خلفه جماعة ولم ينكر ذلك. وحاشا عمر رضي الله عنه أن يبتدع في الدين أمرا لا يريده الشرع أو لا يقره، وهذا من مسوغات تأويل قوله: نعمت البدعة وإنه لم يرد البدعة الشرعية في الدين. ولو فرض أن عمر رضي الله عنه، كان يقصد بالبدعة في الدين، فإن مراده متجه على حد قوله (صلى الله عليه وسلم): صحيح مسلم الزكاة (1017) ,سنن النسائي الزكاة (2554) ,سنن ابن ماجه المقدمة (203) ,مسند أحمد بن حنبل (4/ 359) ,سنن الدارمي المقدمة (512). من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين، أو كما قال (صلى الله عليه وسلم).
ويعجبني ما قاله ابن حجر رحمه الله: حين قال: والتحقيق أن البدعة: إن كانت مما يندرج تحت مستحسن فهي حسنة، وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة فتح الباري 4\ 303. . فإن قيل: إن ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة التراويح جماعة هو السنة (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 305) وصلاتها جماعة هو البدعة، لأن الفعل في مقابلة الترك كما ذكره في مواهب الجليل: فإنه قال: يعني البدعة جمعهم على قارئ واحد، لأنهم كانوا قبل ذلك يصلون أوزاعا فجمعهم رضي الله عنه على قارئ واحد، فهذا الجمع هو البدعة، فإن قيل قد صلى بهم (صلى الله عليه وسلم) ثم ترك، فكيف يجعل جمعهم بدعة، فيقال: لما فعله عليه الصلاة والسلام ثم تركه فتركه السنة، وصار جمعهم بعد ذلك بدعة حسنة مواهب الجليل 2\ 70. . وقد ثبت بأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ترك صلاة التراويح جماعة وتوفي على ذلك. فقد روى البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: صحيح البخاري الإيمان (37) ,صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (760) ,سنن الترمذي الصوم (683) ,سنن النسائي الصيام (2202) ,سنن أبو داود الصلاة (1371) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 241) ,سنن الدارمي الصوم (1776). من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقد من ذنبه، قال ابن شهاب - أحد رواة السند - فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما صحيح البخاري م1 ج2\ 251، وانظر كنز العمال 8\ 407، رقم 23466. . قال ابن حجر في فتح الباري: يعني على ترك الجماعة فتح الباري 4\ 252. . وفي نظري أن هذا ليس فيه دليل على أن عمر أراد بدعة شرعية، لأن ترك الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما كان شفقة وخشية أن تفرض، فليس جمع الناس بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) بدعة شرعية، وعمر رضي الله عنه هو أولى من غيره بمعرفة ذلك، ولو كانت بدعة شرعية لما عملها ولما حث عليها رضي الله عنه.
وأما ما أراده عمر رضي الله عنه بقوله: نعمت البدعة، فإن صاحب مواهب الجليل بعد أن ذكر أقوال بعض أهل العلم في معنى المراد من قول عمر قال: وأجاب سند - من علماء المالكية - بأنه أراد بالبدعة جمعهم مواظبة في المسجد في أول الليل على قارئ واحد، (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 306) لا أصل الصلاة، أما قيام رمضان فكان مشروعا كما بينا بأن قيام الليل بينهم معتاد فضلا عن رمضان، ألا ترى إلى قول عمر: والتي تنامون عنها أفضل؟ فخير قيام صلاة الليل آخر الليل فلم تستحق البدعة في ذلك من كل وجه مواهب الجليل 2\ 70. . وأخيرا أنقل كلام ابن الأثير رحمه الله في النهاية فإنه قال: وفي حديث عمر رضي الله عنه في قيام رمضان "ونعمت البدعة هذه "البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلالة، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه، وحض عليه الله ورسوله، فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد جعل له في ذلك ثوابا صحيح مسلم الزكاة (1017) ,سنن النسائي الزكاة (2554) ,سنن ابن ماجه المقدمة (203) ,مسند أحمد بن حنبل (4/ 359) ,سنن الدارمي المقدمة (512). من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها وقال في ضده:
(يُتْبَعُ)
(/)
صحيح مسلم الزكاة (1017) ,سنن الترمذي العلم (2675) ,سنن النسائي الزكاة (2554) ,سنن ابن ماجه المقدمة (203) ,مسند أحمد بن حنبل (4/ 359) ,سنن الدارمي المقدمة (512). ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه "لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة مدحها، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يسنها لهم، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها، فبهذا سماها بدعة وهي على الحقيقة سنة لقوله (صلى الله عليه وسلم): سنن الترمذي العلم (2676) ,سنن ابن ماجه المقدمة (44) ,مسند أحمد بن حنبل (4/ 126) ,سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، وقوله: سنن الترمذي المناقب (3662) ,سنن ابن ماجه المقدمة (97) ,مسند أحمد بن حنبل (5/ 382). اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر انظر النهاية مادة: بدع. . (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 307) وأنا قلت فيما مضى بأن عمر قصد البدعة في حق نفسه لأنه من عادته أن يؤخر صلاة الليل فلما صلاها مع المسلمين حين أمر بها أن تصلى جماعة، قال ما قال: وقصد البدعة اللغوية، إن شاء الله ولم أر من قال ذلك. وأخيرا أختتم حديثي عن صلاة التراويح جماعة في رمضان في فقه عمر رضي الله عنه وأهل العلم بعده بأثر رواه البيهقي في القراءة في التراويح فقد روى البيهقي وغيره بسندهم إلى أبي عثمان النهدي قال: دعا عمر رضي الله عنه بثلاثة قراء، فاستقرأهم، فأمر أسرعهم: أن يقرأ للناس في رمضان ثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ خمسا وعشرين آية وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية.(/)
الظرافة والفكاهة عند العلماء
ـ[الجكني]ــــــــ[06 Oct 2006, 03:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الفكاهة والظرافة متعلقان بعلم النفس،وليسا مجرد نكات عابرة تمر سريعاً ثم تهمل وتنسى،وإنما هما في الواقع تعبير مكثف وسريع يخفي في طياته كثيراً من الحقائق النفسية والاجتماعية والفكرية المرتبطة بالإنسان ومجتمعه ولهذا قال علماء النفس: الابتسام والضحك مظهران من مظاهر الغريزة الإنسانية؛لكن الفكاهة هي أثر من آثار الترقي الإجتماعي وهي على علاقة وثيقة بالقيم المنهارة في المجتمع وبالقيم المقدسة التي تحاط بالتقدير والاحترام في نفس الوقت0
وإذا دلت "الفكاهة " على الفرح والابتهاج أحياناً فإنها في أخرى تدل على آلام دفينة وتهكم مرير،فكأن الفكاهة جهاز يعيد للنفس توازنها ويخرج الإنسان من دائرة الحرج فتتحول المأساة إلى ملهاة نتيجة لرؤية الحدث من زاوية نفسية معينة،كما تنعكس فيها نفوس أناس تمتعوا بحس فكاهي ورغبوا في "التحرر" من الحياة "الجدية " عن طريق الهزل والتفكه والمزاح بإنكار الواقع والارتداد نحو مرحلة الطفولة المبكرة 0
والفكاهة وإن صدرت عن الفرد إلا أنها تعبير عن وجدان الجماعة،كما أنها تقوم بدور البلسم الشافي في مآسي الحياة0
وقبل هذا كله فإن الفكاهة والظرافة مطلبان شرعيان يندرجان تحت مقصد من مقاصد الشريعة وهو مقصد "السماحة " التي هي ضد "الغلو "بطرفيه الممقوتين:الإفراط والتفريط،وهي من باب "المزاح" الذي أحله الله تعالى وكان من صفات نبيه صلى الله عليه وسلم الذي "كان يمزح ولا يقول إلا حقاً "،وكان من خلق صحابته الكرام الذين هم أعلم الأمة بالحلال والحرام وأتقى الأمة لله خوفاً ورجاء،حتى قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنه:"المزاح بما يحسن مباح وقد مزح رسول الله صلى الله عليه وسلم 0
وقال بعض العلماء: الإكثار من المزاح والخروج عن الحد "مخلّ" بالمروءة والوقار، والتنزه عنه بالمرة والتقبض "مخلّ " بالسنة والسيرة النبوية المأمور اتباعها والاقتداء بها 0
والناظر في كتب العلماء،سواء التفسيرية والحديثية واللغوية والأدبية يجد أمثلة كثيرة للفكاهة والظرافة والمزح عند العلماء،الذين لهم "دعابة " و"حلاوة " في محاوراتهم،وأجوبة بدهية مسكتة،حتى وصف كثير منهم بأنه "حلو الجواب،مليح التندير " يُضحك من حضر،ولا يضحك هو إذا ندّر " 0
والفكاهة والظرافة من العلماء هي عندهم استراحة للقلب وتنشيط له وانتقال يطرد الملل،و هي: نزهة النفس وربيع القلب ومرتع السمع ومجلب الراحة ومعدن السرور وسكن للروح ولقاح للعقل،حتى إن بعضهم شبّه الانتقال من الجد إلى الهزل بانتقال من يسير في حر شديد إلى ظل يستريح فيه،وانتقال من السير في أرض وعرة إلى السير في سهل،ولهذا قالوا:" لا بد للنفوس أن تستريح،وللنوادر أن تستباح"0
وكان العلماء والأدباء دائماَ ما يدعون إلى الابتعاد عن تلك الروح الجادة لما فيها من شدة وجفاء مما حدا بالإمام الشيخ أحمد بن ليون التجيبي أن يقول:
إسمح يزنك السماح إن السماح رباح
لا تلق إلا ببشر فالبشر فيه النجاح
تقطيبك الوجه جدّ أجلّ منه السماح
ويقول ابن خفاجة:
أما لديك حلاوه أما عليك طلاوه
طايب وداعب ولاعب ودع سجايا البداوه
فإنّ أوحش شيء جساوة في غباوه
ومنه قول عبد القاهر بن مفرح الفزاري اللغوي الأديب:
يا صاح لا تعرض لزوجية كل البلا من أجلها يعتري
الفقر والذل وطول الأسى لست بما أذكره مفتر
ما في فم امرأة سوى اشتر لي اشتر لي واشتر
(أنا ناقل الأبيات ولست قائلها)
ولأهمية الفكاهة والظرافة تجاذبها العلماء في كل فن بالتعريف والدراسة والتحليل من المناطقة والتربويين والنفسانيين وغيرهم لأن حالات الانشراح لأناس فكهين يرغبون في الدعابة والمزاح إنما هي صيغ لا واقعية فكأنهم يعيشون في عالم آخر بعيد عن الآلام والمسؤوليات،إنهم في عالم الفكاهة والتوريات والألاعيب اللفظية 0
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذهب بعض التربويين والنفسانيين إلى أن أبرز أسباب الضحك هو عدم الانسجام بين الفرد والمجتمع،ومن هذا التباين والنشوز بينهما ينشأ الموقف الضاحك،وكأن الضحك قصاص له لتصلبه وعدم تكيفه وانسجامه،ويضربون لذلك مثالاً بأننا لو رأينا شخصاً ركض في الشارع فتعثر وسقط فإننا سنضحك،لكن:ما سبب هذا الضحك؟ إن مجرد وقوعه على الأرض ليس هو سبب الضحك،بل لأن وقوعه كان لا إرادياً،وكان عليه أن ينتبه،أو أن سرعته أو أي سبب آخر كان العامل الذي أوقعه،لإن عدم تكيفه دفعنا للضحك منه قصاصاً لفقدانه الروح الجماعية 0هكذا يقول بعض النفسانيين،وقد لا نتفق معهم في هذا التحليل 0
عفواً على إطالة هذه المقدمة لهذا الموضوع الذي أحببت أن أثيره هنا لسب مهم عندي وهوأني:
لاحظت في كثير من الأحيان وفي عدة بلاد عربية وغير عربية نظرة تكاد تكون "سوداء " وإن لم تكن فهي قطعاً "حولاء " لطالب العلم الشرعي،فهو عند غالبية الناس:رجل "مكفهرّ" "مقطّب " متشدّد"،ولا أقول "متزمّت " لأن التزمت في اللغة يطلق على المعنيين المتضادين:التشدد و التساهل،والثاني ليس هو مراد الناس في وصفهم لبعض طلاب العلم) ومن نظرتهم أيضاً أنه:" لا يمرح "بالراء والزاي ولا "ينكت " وأن النكتة" عنده "حرام " وعلى أقل تقدير فهي " مكروهة" وإن تساهل فيها حكم عليها بأنها " غير مستحبة " إلى غير ذلك من الأوصاف التي أعرفها وغيرها كثير لا أعرفه ويعرفه غيري ممن يختلط مع الناس ويأكل معهم كما يأكلون ويشرب معهم أيضاً كما يشربون 0
وقبل أن أرمَى بسوء الظن الذي نحمد الله تعالى على خلوه من ملتقانا هذا المبارك إن شاء الله فإني أقول:
إن ما سأكتبه هنا هو في الغرض الأساس لبغية الاستفادة والتحليل وأخذ العبرة الخفية وليس للضحك فقط،ولذا أرجو ممن يقرأ "ظرافة أو فكاهة " مما سيجده أن يعقب عليها بما يراه مناسباً وذلك لاعتقادي الجازم أن علماءنا رحمهم الله كان لهم غرض "تربوي وتعليمي " من هذه النكت والظرافة وأبدأ بذكر الموقف الأول:
1 - قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في كتابه "النشر في "القراءات" العشر ":
" بلغني عن شيخ شيوخنا الأستاذ بدر الدين محمد بن بصخان رحمه الله وكان كثير التندير (هذا الصواب كما في النسخ الخطية من النشر وليس كما في المطبوع:التدبير):أن شخصاً كان يجمع عليه فقرأ "تبت يدا أبي " ووقف وأخذ يعيدها حتى يستوفي مراتب المد،فقال له:يستأهل الذي بزر (كذا الصواب كما في النسخ الخطية غير نسخة واحدة وهو تصحيف وليس كما في المطبوع "أبرز") مثلك 0انتهى:2/ 204
فهذا الموقف مع أنه ظريف وفيه عند من يعرف طريقة الجمع فكاهة ويدعو للضحك،لكن في نفس الوقت فيه "فائدة " علمية وهي تنبيه الطالب على أن هذه الكلمة ليست محل وقف 0وهكذا 000
وسأحاول – إن شاء الله تسجيل كثير من ذلك بين الفينة والأخرى 0
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[06 Oct 2006, 05:19 م]ـ
أضحك الله سنك شيخنا المبارك ولقاك نضرة وسرورا
ـ[الجكني]ــــــــ[06 Oct 2006, 05:35 م]ـ
آمين أخي أبو صفوت،وجزاني وإياك بما صبرنا "جنة وحريراً "
ـ[الجكني]ــــــــ[07 Oct 2006, 03:41 م]ـ
وقفة اليوم:
قبل أن أذكر ها أريد أن أنبه على أن المقدمة التي كتبتها لهذا الموضوع جلها "ملخًص " من مقدمة كتاب "الفكاهة في الأدب الأندلسي " للدكتور: رياض قزيحة،لذا جرى التنويه أداء للأمانة العلمية 0
أما طرافة اليوم فهي نقل "موقفين ط لعالم قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله:"هو أبو زكريا يحي معين،شيخ المحدثين الحافظ الجهبذ أحد الأعلم روى عنه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم 0
الموقف الأول:
قال جعفر بن أبي عثمان: كنا عند يحي بن معين فجاءه رجل مستعجل فقال: يا أبا زكريا حدثني بشيء أذكرك به،فقال يحي:اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل 0
لعل الإمام أراد أن يشير إلى موقف تربوي وهو أن على السائل التريث وعدم الاستعجال عند سؤال العلماء 0
الموقف الثاني:
قال الحسين بن فهم:سمعت يحي يقول: كنت بمصر فرأيت جارية بيعت بألف دينار،ما رأيت أحسن منها،صلى الله عليها،فقلت: يا أبا زكريا: مثلك يقول هذا؟ قال:نعم،صلى الله عليها وعلى كل مليح 0
علّق الذهبي على هذا بقوله:هذه الحكاية محمولة على (الدعابة) من أبي زكريا،وتروى عنه بإسناد آخر 0
أترك التعليق للأخوة الأدباء الفضلاء 0
انظر:سير أعلام النبلاء:11/ 87
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[07 Oct 2006, 05:52 م]ـ
هذا القسم من الظرافة والفكاهة يسمى عند سلفنا الصالح، وخصوصا المحدثين منهم بـ" الإحماض " وقد وردت هذه الكلمة على لسان تلامذة ابن عباس رضي الله عنهم فقد ورد أنهم كانوا إذا أكثروا من مذاكرة القرآن وتفسيره، والحديث وكتابته قالوا: يا ابن عباس أحمض لنا قليلا. " فيسرد لهم من القصص ما فيه فكاهة وظرافة ليذهب عنهم الملل والضجر وفي كتب الحديث والتراجم والسير الكثير من هذا، وقد اخترت هذه القصة لتكون عبرة لمن يطلبون علمهم من الكتب دون الجلوس إلى الشيوخ وثني الركب أمامهم
ذكرالإمام الخطيب البغدادي في كتابه " الجامع " نقلا عن الإمام الدارقطني في كتابه " التصحيف ّ أن رجلا حمل كتابا من كتب الحديث فقرأ على الحاضرين " حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم عن جبريل عن رب العالمين عن رجل " فصاحوا به: " ويحك من ذا الذي يحق له أن يكون شيخا لله؟!!! " فنظروا في كتابه فوجدوا أن: " عز وجل " تصحفت فصارت: " عن رجل " "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[07 Oct 2006, 10:42 م]ـ
جزيت خيراً أخي علال،وسيأتي في أوقات أخرى كثير من "الطرافة والظرافة والفكاهة والإحماض" في الغزل والنسيب والغفلة والسهو والتصحيف وغير ذلك إن شاء الله 0
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[08 Oct 2006, 12:12 ص]ـ
لقد جبل الله بعض الخلق على البساطة ولين الجانب ‘ وما ذكره الأخ الفاضل الجكني من الفكاهة والدعابة عند بعض السلف أمر مشهور، وقد جمعت ما أورده الذهبي في السير في تراجم العلماء، وما أورده أبو نعيم في الحلية وخرجت بكم هائل من المواقف الجميلة المضحكة المربية.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[08 Oct 2006, 12:30 ص]ـ
قال شعبة: من طلب الحديث أفلس. بعت طست أمي بسبعة دنانير.
وسئل الأعمش لماذا لا يأتي الشعبي فقال: ويحك كيف كنت آتيه وهو إذا رآني سخر بي ويقول: هذه هيئة عالم! ما هيئتك إلا هيئة حائك. وكنت إذا أتيت إبراهيم أكرمني وأدناني
لقي رجل مغفل الشعبي ومعه امرأة تمشي، فقال: أيكما الشعبي؟ قال هذه.
سأل رجل الشعبي فقال: ما اسم امرأه ابليس؟ قال: ذاك عرس ما شهدته.
قال الأصبع بن زيد: كنت إذا سألت سعيد بن جبير عن حديث فلم يرد أن يحدثني قال: كيف تباع الحنطة.
قال الحسن بن عمرو: قال لي طلحة بن مصرف: لولا أني على وضوء لأخبرتك بما تقول الرافضة.
قال الأعمش: بلغني أن الرجل إذا نام حتى يصبح ولم يصل توركه الشيطان فبال في أذنيه، وأنا أرى أنه قد سلح في حلقي الليلة، وذلك أنه كان يسعل.
وحدث الأعمش بحديث ((ذاك بال الشيطان في أذنه)) فقال: ما أرى عيني عمشت إلا من كثرة ما يبول الشيطان في أذني
هذه نتف مما جاء عن القوم ولولا أنا في رمضان لأطلنا.
ـ[الجكني]ــــــــ[08 Oct 2006, 12:54 ص]ـ
وعلى ذكر الأعمش رحمه الله الذي قال عنه هشام: ما رأيت بالكوفة أحداً أقرا لكتاب الله منه،قال عنه ابن الجزري في "الغاية ": روينا عنه ملحاً ونوادر:خرج يوماً إلى الطلبة فقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم 0
ـ[الجكني]ــــــــ[10 Oct 2006, 02:44 م]ـ
بين هشام و مالك
هشام هو هشام بن عمار الراوي عن الإمام ابن عامر من القراء السبعة،وهوممن روى عنه البخاري في صحيحه،ويحي بن معين وأبو داود وغيرهم 0
ومالك هو الإمام المشهور صاحب المذهب الفقهي،أحد المذاهب الأربعة 0
قال محمد بن الفيض الغساني:سمعنا هشاماً يقول: باع أبي بيتاً بعشرين ديناراً وجهزني للحج،فلما صرت إلى المدينة أتيت مجلس مالك ومعي مسائل،فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام، والناس يسألونه وهو يجيبهم فقلت: ما تقول في كذا؟ فقال: حصّلنا على الصبيان،يا غلام احمله، فحملني كما يحمل الصبي وأنا يومئذ مدرك،فضربني بدرة مثل درة المعلمين سبع عشرة درة،فوقفت أبكي فقال: ما يبكيك أوجعتك هذه؟ قلت: إن أبي باع منزله ووجه بي أتشرف بك وبالسماع منك، فضربتني، فقال:اكتب،فحدثني سبعة عشر حديثاً وأجابني عن المسائل 0
وروى صالح جزرة هذه القصة بوجه أكثر (ظرافة) وهو أنه قال:سمعت هشام بن عمار يقول: دخلت على مالك فقلت: حدثني، فقال:اقرأ، فقلت:حدثني،فقلت:لا،بل حدثني، فقال: اقرأ،فلما راددته قال للغلام:اضربه،فضربني خمس عشرة درة، فقلت: ظلمتني،لا أجعلك في حل، فقال:ما كفارته؟ قلت: أن تحدثني بخمسة عشر حديثاً،فحدثني فقلت: زد من الضرب وزد في الحديث،فضحك وقال:اذهب 0 (معرفة القراء:1/ 399)
وفي المجلس القادم إن شاء الله:بين هشام وابن ذكوان
ـ[منصور مهران]ــــــــ[10 Oct 2006, 05:44 م]ـ
في هذا الخبر لنا عبرتان، إحداهما من هشام والأخرى من الإمام مالك:
فأما عبرة موقف هشام أنه لقي في سبيل العلم الضرب والطرد من المجلس، ولم تأخذه العزة بإثم الرجوع عن طلب العلم، وظل يستزيد من الضرب إذا كانت ثمرته مزيدا من العلم، وهذا يدل على صدق النية وصدق الرغبة - إن شاء الله -
وأما عبرة الإمام فهي ورعه وخوفه من المساءلة أمام ربه إذا سئل: بأي ذنب أمرت بضرب الغلام الذي سألك سؤال طالب علم؟ فأراد مالك السماح من الغلام واسترضاه بأن حدثه أحاديث بعدد الضربات.
انظروا يا قوم كيف كان علماء الأمة يتعاملون مع العلم، ثم يروون مواقفهم على أنها ظرافة وعِبَرٌ في آن واحد.
ـ[الجكني]ــــــــ[10 Oct 2006, 05:50 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
فتح الله عليك يا شيخنا منصور وهذا يعلم الله هو المقصد الأكبر والأول من كتابة هذه "الظرف والطرف والفكاهات " عند العلماء للتسلية بالحلال وأخذ الفوائد التربوية وغيرها منها0
ـ[الجكني]ــــــــ[25 Oct 2006, 03:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت وعدت سابقاً أن هذا الحديث اليوم سيكون عن:ابن هشام وابن ذكوان،لكن فضلت أن يكون بين
تاج الدين السبكي و جمال الدين ابن هشام:
قال السبكي رحمه الله في ترجمة الإمام المزي (طبقات الشافعية الكبرى:10/ 429:
"وقد قرأ عليه –المزي- شهاب الدين ابن المرحل النحوي،أستاذ صاحبنا الشيخ جمال الدين عبد الله بن هشام في النحو،كتاب "سيرة ابن هشام" فمرّت به لفظة (رشد) فجرى على لسانه: رشِد،بكسر الشين، فرد عليه الشيخ:رشد، بالفتح، وقال له: قال الله تعالى"لعلهم يرشدون" بضم الشين،ولم يزد، وكان من عادته الإشارة دون تطويل العبارة،ومراده أن (يفعُل) إنما يكون مضارعاً ل (فعِل) ولا قائل به هنا،أو لفعَل، وهو المدعّى،قال له ابن المرحل: وكذا قال تعالى:" فأولئك تحروا رشدا" فسكت الشيخ،وظن ابن المرحل،كما نقلته من خط تلميذه ابن هشام عنه،أن الشيخ لم يفهم توجيه السؤال في (رشداً) على (رشِد) 0
قلت – السبكي-:وشيخنا أيضاً عندنا أعظم من ذلك،ولكن رأى ما ذكره (مختلاًّ) فسكت عليه،وكان لا يرى توسيع العبارة،وغالب مجالسه السكوت0
قال ابن هشام:ورأيت في "كتاب سيبويه" رشِد يرشَد رشداً،مثل: سخط يسخط سخطاً،وهذا عين ما ذكره شيخنا ابن المرحل،فلله دره،قد جاء السماع على وفق قياسه 0انتهى0
قلت –السبكي-: لا يغنيه هذا السماع الغريب،ولا القياس في قراءة كتب الحديث،فإنها إنما تقرأ على جادّة اللغة وكما وقعت الرواية به، والرواية لم تقع إلا على ما قاله شيخنا وهو مشهور اللغة 0انتهت القصة 0
لا أعلم في هذه اللحظة تعليقاً على ذا الموقف بين هذين العالمين سوى ما قالته العرب:"كل فتاة بأبيها معجَبة"0
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 Oct 2006, 11:12 ص]ـ
في خبر المِزي مع ابن المُرَحِّل شاهد لتثبت المحدثين وضبطهم للغة الحديث، وبه يُرَدّ على الذين توقفوا عن الاستشهاد بالحديث في اللغة والنحو بأن المحدثين نقلوا الحديث بأمانة وضبط، وليست إجازة رواية الحديث بالمعنى مطلقة بل جاءت في أضيق حدود.
ـ[الجكني]ــــــــ[13 Nov 2006, 07:07 م]ـ
قصة اليوم تدور حول شاهد نحوي مشهور وهو قول ثروان بن فزارة رضي الله عنه:
فإنك لا تبالي بعد حول000أظبي (كان) أمك أم حمار
والنحويون يستشهدون به على أن الضمير المستتر في كان "نكرة" لأنه عاد على نكرة غير مختصة بشيء وهو "ظبي" 0
والطرافة في البيت هي مخالفة أبي محمد الأسود الأعرابي الغندجاني جميع –إن لم يكن كل –الرواة في روايتهم للبيت واختياره رواية شيخه أبي الندى،ولم أجد ممن نقل كلامه وعقب عليه غير البغدادي في "الخزانة" ولو لم يصرح أبو محمد ب"الطرافة" في روايته لما ذكرتها،لاختلاف المقاييس في زمننا هذا عن زمنه في الحكم على بعض الأشياء هل هي في إطار " المجون " المقبول،أو إطار "الفحش " المرفوض،وعلى كل سأنقل كلامه وروايته والعهدة عليه، وأحذف ما هو من قبيل "الفحش"في عصرنا،وإن لم يكن كذلك عند الأقدمين بدليل تسطيرهم له في كتبهم ومناقشتهم له،وهذه قضية قابلة للنقاش بين الأدباء بمفهوم ومقاييس "الأدب " لا بمقياس "قلة الأدب":
قال رحمه الله: كيف يكون الحمار والظبي أُمّين وهما أذكر الحيوان،حتى إن المثل يضرب بالحمار 000قال:والصواب ما أنشده أبو الندى رحمه الله:أظبي (00) أمك أم حمار،وإنما قلبت اللفظة "تحرجاً فيما أرى،ثم استشهد به النحويون على ظاهره،وهذه قطعة طريفة،أكتبناها أبو الندى انتهى،ثم ذكر أبيات القصيدة التي منها البيت 0:فرحة الأديب:53
والرواية التي عناها أبو الندى هي في كلمة (كان) حيث إن صحة روايتها- عنده - أنها مقلوبة أي بالنون ثم الألف ثم الكاف 0
والعجب أن الشيخ محمد الأمير الأزهري رحمه الله في "حاشيته " على "مغني اللبيب " ذكر كلام الغندجاني ولم يتعقبه وكأنه رضي به وسلمه،عكس ما كان عند الشيخ البغدادي في خزانته حيث اعترض على هذا التفسير بقوله:
"أقول: يدفع ما توقف فيه بأن "أم "هنا معناه "الأصل " وهذا معنى شائع لا ينبغي العدول عنه،فإن الأم في اللغة تطلق على أصل كل شيء سواء كان في الحيوان أو في غيره وقال الأعلم:وصف في البيت تغير الزمان واطراح مراعاة الأنساب،فيقول: لا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك،من انتسبت إليه من شريف أو وضيع،وضرب المثل بالظبي والحمار،وجعلهما أُمّين،وهما ذكران لأنه مثل لا حقيقة،وقصد قصْد الجنسين ولم يحقق أبوة،وذكر الحول لذِكر الظبي والحمار لأنهما يستغنيان بأنفسهما بعد الحول،فضرب المثل بذِكره للإنسان لما أراد من استغنائه بنفسه0 (الخزانة:7/ 193 - 194)
فيا ترى:أيهما المقدّم: الرواية أم الورع؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Nov 2006, 09:29 م]ـ
رحم اللهُ الشيخ الجليل ابنَ قتيبة - خطيبَ أهل السنة - لما أراد أن يعلم الناس فرق ما بين الظرف والفحش، قال في مقدمة كتابه: (عيون الأخبار) ج 1 صفحة ل: (وإذا مرّ حديث فيه إفصاح بذِكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن تُصَعِّرَ خدك وتُعرض بوجهك؛ فإن أسماء الأعضاء لا تؤثم، وإنما المأثم في شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب).
ومقلوب لفظ (كان) جاء منه شيء في الحديث الصحيح حيث قال صلى الله عليه وسلم في استجواب ماعز بن مالك: (أنكتها؟) قال الراوي بعدها: لا يَكْنِي.
فالتعفف السمج الذي يسمح لصاحبه بمهاجمة لفظ من هذا والعيب على قائله يسميه أهل العلم تنطعا، وأين نحن من حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما الذي إذا أخذ في التفسير وترجمة القرآن بعض الوقت قال لمن حوله: دعونا نتحمض، فينشد شعرا فيه ما لو سمعه أحد المتزمتين لهاج وماج وضعف الرواية كأنه ينزه ابن عباس، وينسى أنه بشر وأنه صحابي وأنه أعف مما نتصور وأنه ترجمان القرآن، وانه أنشد وهو مُحْرِم: (وهن يمشين بنا هميسا ..... ) وكان بصدد التفرقة بين معنى الرفث المنهي عنه في الحج، وبين القول في الجماع ونحوه. انظر تفسير القرطبي طبعة دار الكتب ج 2 ص 384 من الطبعة الأولى.
وأروي حادثة وقعت في سنوات الأربعينيات من القرن الشمسي الماضي أن لفظ الفرج للمؤنث المضاف إلى أم المخاطَب كان معدودا من السب العلني وهذا من الجرائم التي يعاقب عليها القانون آنذاك إذا قيلت بمسمع من الناس، وحدث أن قالها أحدهم لآخر فأشهد عليه وقاضاه عليها، ويوم جلسة المحاكمة حضر المحامي المعروف (مكرم عبيد باشا) وكيلاعن المتهم ومحاميا عنه، وقال لهيئة القضاء: إن موكلي نطق بهذه الكلمة ( ... أمك) فارغة من الوصف أوالإخبار؛ وهذان هما المحددان للمراد من اللفظ المستكره مدحا له أو سبّا وحيث خلا اللفظ عنهما فقد برئ من تهمة السب العلني، وبعد مناقشة طويلة نطق القاضي ببراءة المتهم قائلا للمحامي: عشان خاطرك يا باشا (براءة يا ... أمك)، ثم ابتذلت الكلمة ولزمها الإسفاف وشاعت حتى في مخاطبة الجمادات.
على أن من الحكمة أن لا يجعل المرء هذا الترخص ديدنه، كما قال ابن قتيبة: (لم أترخص لك في إرسال اللسان بالرفث على أن تجعله هِجّيراك على كل حال وديدنك في كل مقال، بل الترخص مني فيه عند حكاية تحكيها أو رواية ترويها تنقصها الكناية ويذهب بحلاوتها التعريض) - عيون الأخبار ج 1 صفحة م _
هذا وبالله التوفيق.
ـ[الجكني]ــــــــ[14 Nov 2006, 01:04 م]ـ
حفظك الله شيخنا "منصور " ولو عرفتني لعرفت أن بيني وبين "التنطع" مفاوز ومفاوز، ولكن صنت هذا الملتقى عن مثل هذه الكلمة،ولعلك تتفق معي أن "التنطع " في كلمة واحدة لا يستحق الوصف العام به0
أما التعفف "السمج" فياليتني أتصف بتصحيفه "السمح"
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Nov 2006, 04:54 م]ـ
أستاذنا الجليل الجكني
تحية طيبة، وبعد،
أتظنني ممن يتسرعون بالقول فتجد مني ما لا يليق بك وبالملتقى الكريم وبالسامع والقارئ،
معاذ الله أن أكون من هذا الصنف، وحاشاك أن تدرك في كلامي بعض ذاك.
إنني مثلك أهش وأبش للدعابة وأخفض جناحي لأهلها، وكان كلامي في معرض التأييد للموضوع الذي نحن بصدده.
وما غلظ عندي لفظ أو لفظان إلا تلوما على التنطع وصنعته، لا عليّ ولا عليك.
فلا تلمني فقد أخذتني حماسة الإيضاح، وأنا براء من أي لفظ يجرح (زيدا) من الناس، والله من وراء القصد.
ـ[الجكني]ــــــــ[14 Nov 2006, 07:06 م]ـ
شيخنا الكريم:منصور مهران:حفظه الله
آسف جداً إن كنت "كدّرت" خاطركم الكريم،فأنتم عندي علم الله أعلى قدراً وأجلّ مكانة من أن أسيء بكم الظن،وما عرفته عن فضيلتكم من خلال طرحكم ومداخلاتكم العلمية ينبئ عن مكانتكم التي بوأكم الله من العلم والتواضع والسماحة و"الأريحية"و"البسط".
أما الكلمات التي كتبتها تعليقاً على مداخلتكم فهي من باب "تبرئة "نفسي من هذا الوصف "التنطع"،وصدقني يا شيخنا جلُّ أوقاتنا خارج أوقات العبادة لله تعالى هي في "الفرفشة" و"التنكيت" وإضفاء المرح على من يجالسنا،عادة أخذناها من مشايخنا،حتى إن أحدهم أرشدنا إلى أن يكون مبدأنا في الحياة بعد طاعة الله:"اضحك تضحك لك الدنيا"
وعلى هذا أذكر لك قصة عن شيخنا المرصفي رحمه الله وكان يدرسنا مادة"رسم المصحف" وكان الدرس هو في كلمة"امرأة" وكيف ترسم في المصحف وخلاف العلماء فيها،فلا أنسى ذلك اليوم الذي قال فيه: يا "أولاد" وهذه كان دائماً ما يلاطفنا بها-درس اليوم "حياخد" (5 - 10) دقائق،وبعد كدا اعملوا اللي أنتو عايزين (عاوزين) الشك مني،ثم ذكر نفس الكلام باللغة الفصحى وقال:قاعدة هذه الكلمة سهلة جداً:"امرأة" معها "رجل ":مفتوحة،،وليس معها:مقفولة"وافتحوا المصحف:"امرأت نوح" و"امرأت لوط"وهكذا،أما "وامرأة إن وهبت " فهي "مقفولة.
وغير ذلك كثير مما هو في الذاكرة عن مشايخنا،فهل هناك "تلميذ" تخرج تحت أيدي هؤلاء العلماء الربانيين –ولا أزكي على الله أحداً – يكون "متنطعاً" لا قدر الله،أو يكون لا يُنزل "النكتة" محلها،إلا إذا كان "جاف" الخلق والطبيعة نسأل الله السلامة.
وعذراً سيدي عن هذه الإطالة،وأعيد ":مكانكم محفوظ في القلب قبل أن يكون في القلم واللسان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[15 Nov 2006, 09:25 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فمن المسائل التي أضحكت سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، فهديه أكمل الهدي وأضحكتني وأنا أدرس منهج الإمام الدارقطني هذه القصة التي أوردها في سننه وأنا أرجو من الشيخ منصور مهران أن يستنبط منها ما بدا له من العبر والعظات.
رَوَى الدَّارَقُطني بِسَنَدِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " كَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ مُضْطَجِعاً إِلَى جَنْبِ امْرَأَتِهِ فَقَامَ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ فِى نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَفَزِعَتِ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَجِدْهُ فِى مَضْجَعِهِ فَقَامَتْ وَخَرَجَتْ فَرَأَتْهُ عَلَى جَارِيَتِهِ فَرَجَعَتْ إِلَى الْبَيْتِ فَأَخَذَتِ الشَّفْرَةَ ثُمَّ خَرَجَتْ وَفَرَغَ فَقَامَ فَلَقِيَهَا تَحْمِلُ الشَّفْرَةَ فَقَالَ مَهْيَمْ (1) فَقَالَتْ مَهْيَمْ لَوْ أَدْرَكْتُكَ حَيْثُ رَأَيْتُكَ لَوَجَأْتُ بَيْنَ كَتِفَيْكَ بِهَذِهِ الشَّفْرَةِ قَالَ وَأَيْنَ رَأَيْتِنِى قَالَتْ رَأَيْتُكَ عَلَى الْجَارِيَةِ فَقَالَ مَا رَأَيْتِنِى وَقَالَ:" قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُنَا الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ قَالَتْ فَاقْرَأْ. فَقَالَ:
أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ كَمَا **** لاَحَ مَشْهُورٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ
أَتَى بِالهُدَى بَعْد الْعَمَى فَقُلُوبُنَا بِهِ **** مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِى جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ **** إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
فَقَالَتْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ الْبَصَرَ ثُمَّ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَخْبَرَهُ فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ صلى الله عليه وسلم. " (2)
قال ابن القيم في كتابه القيم:" إجتماع الجيوش الإسلامية ":" قال محمد بن عثمان الحافظ: رويت هذه القصة من وجوه صحاح عن ابن رواحة رضي الله عنه." (3)
ـــــــــ
(1) مَهِيم: كلمةٌ يمانيَّةٌ معناه: " ما أمْرُكُم وشَأنُكم "، أنظر النهاية في غريب الحديث (4/ 378)
(2) سنن الدارقطني (1/ 127) علق عليها وخرج أحاديثها: مجدي بن منصور بن سيد الشوري، دار الكتب العلمية، بيروت –لبنان- (1417هـ-1996م)
(3) ص: 146
ـ[منصور مهران]ــــــــ[16 Nov 2006, 02:20 ص]ـ
أخي الشيخ علال:
أضحك الله مَن رآك وسلمت يراعتك ويمناك؛ إذ زدتنا رواية غير التي أضحكتنا بعد رسول الله صلوات الله عليه،
فالذي قرأته في ذلك أنه أنشدها:
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طافٍ وفوق العرش ربُّ العالمينا
وتحمله ملائكة كرام ملائكة الإله مقربينا
[انظر مصادر الأبيات في تخريجها بالديوان من جمع وتحقيق الدكتور وليد قصاب - دار العلوم - الرياض]
أولا: يبدو أن امرأة عبد الله بن رواحة لم يكن لديها إلمام بقراءة القرآن وحفظه، فلم تميز بين الشعر والقرآن.
ثانيا: انبهرت المرأة بالمعاني الإسلامية في شعر زوجها فظنتها قرآنا.
ثالثا: لم يكن ضحك الرسول صلى الله عليه وسلم من صنيع عبد الله بجاريته فقط فهي حِلّ له،: بل من خديعته.
رابعا: هذه الخديعة لا تدخل في باب المحرم؛ لأن عبد الله شهد في شعره بأشياء من أهم أركان الإيمان،
وكلها صِدق وحق، فابتعد جدا عن موطن الكذب.
خامسا: أن اعترافه بالأمر عند رسول الله فيه مظِنة استغفار رسول الله له، أخذا من قول ربنا عز وجل:
(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما)
وفي خبر ذات النحيين مع خوات بن جبير - رغم وقوع الخبر في الجاهلية - وما كان يداعبه به رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بعد إسلام خوات،
فيقول له: يا خوات، كيف شراؤك؟ ويتبسم له: فيه لفتة كريمة للدعابة السامية الحانية.
واللهِ، ما زجرني أبي عن شيء بمثل ما زجرني عن الضحك، فلما قرأت عليه يوما قول ربي عز وجل:
(وأنه هو أضحك وأبكى)، قلت له: إذا لم نضحك يا أبي فقد عطلنا صفة من صفات ربنا أثبتها لنفسه.
فضحك حتى استلقى وقال: إذن اضحك ولا تكن من المعطلة.
ـ[الجكني]ــــــــ[15 Dec 2006, 04:46 م]ـ
جاء في كتاب "كتاب المحاضرات والمحاورات" للإمام السيوطي رحمه الله بتحقيق د/ يحي الجبوري (ص:415) نقلاً عن كتاب "اللطائف واللطف" لأبي منصور الثعالبي رحمه الله:
1 - كان ابن عباس رضي الله عنه كثيراً ما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الهدية مشتركة) فأهدي إليه من مصر ثياب،فأمر بتسليمها إلى خادمه،فقال له جلساؤه: ألم ترو لنا أن الهدية مشتركة؟ فقال: تلك مما يؤكل ويشرب،فأما ثياب مصر فلا.
2 - قال بعض الهاشميين لأبي جعفر المنصور: إني صرورة (لم يحج أو لم يتزوج) قال أبوجعفر: فاحجج،قال:ليس لي نفقة، قال: ليس عليك حج، قال: يا أمير المؤمنين إنما جئتك مستمنحاً لا مستفتياً.
3 - قال الأصمعي: دخلت على الفضل بن الربيع يوماً بارداً وعلي ثياب قطن،فقال لي: يا أبا سعيد أين الوبر؟ فقلت: في خزانتك أصلحك الله،فضحك وأمر لي بدواج سمور.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الجود]ــــــــ[15 Dec 2006, 05:10 م]ـ
جزاك الله خيرا، رجاءا لا تطل الغياب عن أحبابك في الملتقى
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Dec 2006, 09:26 م]ـ
مما أتحفنا به العلامة الجليل الجكني - من مواقف الظرافة - تسمية الأصمعي لضرب من الثياب: (دواج سمور)، ولم تحظ التسمية بالضبط الذي تُقرأ به، ولا بالمعنى الذي يزيد الظرافة فائدة لغوية، فأحببت أن أشارك أخي الجكني بقسط من ظرافة اللغة ليضحك مَن ضحك عن بينة، فأقول:
الدُّوَّاج - بزنة رُمَّان - وقد تخفف الواو فيكون بزنة غراب، هو ضرب من الثياب يُلتحف به، قال ابن دريد: (لا أحسبه عربيا صحيحا) ولم يفسره.
قلت: لعلها العباءة التي يسمونها في أزماننا البِشت وجمعها البشوت.
و (السَّمُّور) - بزنة تنور - دابة معروفة تكون ببلاد الروس، وراء بلاد الترك: تشبه النِّمْس، ومنها أسود لامع، وأشقر، يتخذ من جلدها فِراء مُثْمِنَة، أي: غالية الأثمان، وقد ذكره أبو زبيد الطائي، فقال يذكر الأسد:
حتى إذا ما رأى الأبصار قد غفلت
واجتاب من ظلمة جُوِّيَّ سَمُّورِ
أراد: جُبة سمورٍ. لسواد وبره (تاج العروس د و ج، س م ر)
قلت: هي بالإضافة، ويجوز جبة من سمور كما قالوا: خاتمُ حديدٍ و خاتمٌ من حديد، ولخفة هذا الفراء وإدفائه وحسنه صار مما يتخذه الأثرياء ثيابا، وقد كانت الفراء للرجال، وهي اليوم من ثياب النساء.
فلعل المراد بقوله (دواج سمور) جبة سمور.
قال الجاحظ في رسالة التبصر بالتجارة: وخير السمور الصيني، ثم الخزري - نسبة إلى بلاد الخزر -: الشديد البياض مع شدة السواد الطويل الشعر.
قلت: وأهل العلم بالحيوان يقولون: إن فصيلة السموريات تشمل السمور والسُّرْعوب وابن عرس والقضاعة والقاقم والظربان والفيزون والراتل، وكلها حيوانات مفترسة ذات فراء ثمين، وبعضها يوشك أن ينقرض.
ومعذرة إليكم أيها الكرام فقد أذهبت كلماتي عنكم البسمة إلى الفكرة، فالآن عودوا بالجمع بينهما راشدين.
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[16 Dec 2006, 08:16 ص]ـ
هذه الطرفة هدية لشيخنا الجكني الطريف الظريف اللطيف
ومما يشبه حديث الدارقطني عن الجارية
ما حدثنا به الشيخ محمد علي مراد الحموي أن أحد شيوخ مكة واسمه عمر كان لديه جارية وكانت زوجته تغار منها وتمنعه من قربانها ..... وانتظر فرصة ذهاب زوجته لحاجة ما فدخل على جاريته ونال منها ما أحله الله فإذا به يسمع قرقعة الباب واذا بزوجته تدخل، فما كان منه إلا أن خر ساجدا على الأرض كما هو ....
ثم جلس كأنه يجلس للتشهد وسلم عن اليمين واليسار
فانهدشت زوجته وقالت على مثلي تضحك!!!!!!
قال ماذا؟؟؟؟
قالت: ةفي مذهب من تصح الصلاة عاريا؟؟؟
قال اذهبي سلي الشيخ المفتي في الحرم وكان الشيخ من أصدقاء الشيخ عمر
فلبست ثيابها وذهبت حتى وصلت حلقة الشيخ فأسرت للشيخ بالسؤال وشرحت له الواقعة وهي ترتجف ... فأدرك الشيخ بذكائه الموضوع
فقال انتظري يا أمة الله لأريك المسألة في الكتاب فتناول كتاباً قديماً بين يديه ونظر فيه وقرأ:
ثبت لدينا أن سيدنا عمر صلى عاريا ........
فصدقت المرأة ورجعت لزوجها ... وهي لا تكاد ترى الطريق أمامها
ـ[السلامي]ــــــــ[16 Dec 2006, 04:12 م]ـ
......
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[16 Dec 2006, 04:16 م]ـ
ومن ذلك ما ذكره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في تفسيره (أضواء البيان جـ 5 / المؤمنون آية:7): ((وإنما قيل للاستمناء باليد: "جلد عميرة" لأنهم يكنون بـ "عميرة" عن الذكر.
لطيفة:
قد ذكر في "نوادر المغفلين": أن مغفلاً كانت أمه تملك جارية تسمى عميرة فضربتها مرة، فصاحت الجارية، فسمع قوم صياحها، فجاؤوا وقالوا: ما هذا الصياح؟
فقال لهم ذلك المغفل: لا بأس، تلك أمي كانت تجلد عميرة)).
انتهى من كتاب "أضواء البيان".
ـ[السلامي]ــــــــ[16 Dec 2006, 04:18 م]ـ
ليتك أيها الشيخ الجكني تكتب شيئا عن سيرة الشيخ المرصفي رحمه الله تعالى إحياء للنماذج المعاصرة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Dec 2006, 05:17 م]ـ
جزاكم الله خيراً ونفع بكم على هذه النوادر والطرائف.
وليتكم ترفعون عن بطن عُرَنة وفقكم الله
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[16 Dec 2006, 07:29 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
نزولا عند رغبة الشيخ السلامي في ترجمة الشيخ المرصفي
وامتثالاً لإشارة الأخ الحبيب المشرف العام بأن نبقى في نمرة ونبتعد عن بطون عرنة فإليكم هذه الترجمة للشيخ المرصفي
وقبل الترجمة اسمحوا لي أن أقدم بين يديها هذا الموقف الطريف لشيخنا رحمه الله
رحم الله شيخنا الشيخ المرصفي
فلقد كأن آية في اتقان القراءات واستحضارها ومحبتها والدفاع عنها
وكان لا تأخذه في الله لومة لائم
وأخبرني أنه حفظ آلافا من أبيات منظومة في التجويد والقراءات وأنه نسخ بخطه الكثير من كتب القراءات النادرة
وأن من أحد مواقفه أنه كان يقرأ على أحد المشايخ وكان منزله بعيدا عن بلدته فكان ينطلق إليه على الدابة قبيل الفجر وأنه ذات يوم كان شديد النعاس وأصبحت الدابة تعرف الطريق من كثرة ترداده على الشيخ فأرخى لها العنان ونام على ظهرها وهكذا كان يفعل بعد ان يراجع ويحضر الدرس الذي سيجمعه على الشيخ
وذات مرة فوجئ بأن االدابة توقفت وإذا بها قد مالت عن الطريق في شدة الظلام وإذا بشي بارد يصحيه وإذا الماء قد وصل إلى رجلي الشيخ وغرقت الدابة في الماء حتى بطنها وههنا لا تستطيع لا تقدما ولا تأخراً
والموقف مخيف والظلام شديد والجو بارد
فما كان منه إلا أن اصبح يردد الشاطبية بصوت مرتفع ويقول:
جزى الله بالخيرات عنا أئمة ........ لنا نقلوا القرآن عذبا وسلسلا
فما مضى وقت إلا وطربت الدابة وانتفضت وخرجت به من هذا المأزق
ولقد حدثنا بقصص كثيرة مرت به في طلب العلم فلله درهم
ولا زالت مصر مليئة بالدرر
العلامة الشيخ عبدالفتاح المرصفي
(1341 – 1409 هـ - 1923 – 1989م)
بقلم: إبراهيم بن عبدالعزيز الجوريشي
اسمه ولقبه:
هو المقرئ الشهير، والعلاّمة النّحرير، المحقق المدقق صاحب التصانيف المفيدة، والأسفار الفريدة، فضيلة الشيخ عبدالفتاح بن السيد عجمي بن السيد، العسس لقباً، المرصفي ولادة ونشأة، المصري موطناً، الشافعي مذهباً، الأزهري تربية، ثم المدني إقامة.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ عبدالفتاح بمرصفا من أعمال محافظة القليوبية بمصر في يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر شوال لسنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وألف هجرية الموافق لليوم الخامس من شهر حزيران لسنة ثلاث وعشرين وتسعمائة وألف ميلادية.
نشأ الشيخ عبدالفتاح في أسرة علمية صالحة من أهل القرآن، وكان والده حافظاً مقرئاً للقرآن الكريم في بلدة مرصفا، وتخرج على يده العلماء المراصفة في عصره، وكان والده – رحمه الله – يقرأ بقراءة أبي عمرو البصري.
طلبه للعلم ومشايخه:
التقى الشيخ عبدالفتاح المرصفي – رحمه الله – بالكثير من المشايخ والعلماء وأخذ عنهم، نذكر منهم:
1 - الشيخ زكي بن محمد المرصفي.
2 - الشيخ حامد بن علي السيد غندور.
3 - الشيخ حسن المري.
4 - الشيخ محمد السباعي عامر.
5 - الشيخ قاسم الدجوي.
6 - الشيخ أحمد بن عبدالعزيز الزيات.
كانت بداية الشيخ عبدالفتاح في طلب العلم في حفظه للقرآن الكريم، حيث حفظه على يد شيخه زكي بن محمد عفيفي نصر المرصفي ولم يتجاوز العاشرة من عمره، وقد قرأ الشيخ عبدالفتاح القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم مرات من طريق الشاطبية على الشيخ زكي وأجازه بها.
بعد حفظه للقرآن، دخل المدرسة الأولية – أي الابتدائية – في عام (1352هـ - 1934م)، ثم تخرج من التعليم الأولي سنة (1357هـ - 1939م) وكان ترتيبه الأول على المحافظة في تلك الفترة. ثم أخذ التجويد عن الشيخ الرفاعي بن محمد بن أحمد المجولي، ثم قرأ بعدها ختمة كاملة لابن كثير على الشيخ المجولي، ثم ختمة لحمزة وأخرى للكسائي من طريق الشاطبية وأجازه بهن، ثم قرأ عليه أيضاً القراءات السبع من طريق الشاطبية وأجازه بها.
ثم التقى الشيخ عبدالفتاح بالأستاذ المقرئ حامد بن علي السيد غندور، وأخذ عنه القراءات الثلاث من طريق الدرّة لابن الجزري، وقراءة حمزة ويعقوب ورواية حفص عن عاصم ورواية الأصبهاني عن ورش من طريق طيبة النشر، وأجازه بذلك.
وفي عام (1353هـ - 1935م) التقى بالعلامة الشيخ محمد الأنور حسن شريف، وأخذ عنه القراءات الثلاث من الدرّة المضية، ثم قرأ عليه ختمة كاملة للقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ارتحل إلى المقرئ الشيخ محمد بن جمعة الباز، وقرأ عليه القراءات الثلاث من الدرة ولم يكملها عليه. وفي عام (1373هـ - 1954م) التحق الشيخ عبدالفتاح بالأزهر الشريف في قسم القراءات وحصل على إجازة في التجويد، وكان ترتيبه الأول في مصر. وبعد ذلك حصل على الشهادة العالية في القراءات وذلك في عام (1376هـ - 1957م)، وكان ترتيبه الثالث. حيث أدى الامتحان الشفوي في الشهادة العالية في القراءات على الشيخ محمد بن علي بسة مع آخرين، وكان ذلك في القرآن الكريم من طريق الشاطبية والدرة، والنحو والصرف والمتون في عام (1376هـ - 1957م).
ثم واصل الشيخ المرصفي دراسته في قسم تخصص القراءات بكلية اللغة العربية حتى حصل التخصص في القراءات، وكان ترتيبه الثاني في عام (1380هـ - 1961م). ثم أكرمه الله تعالى بعد ذلك بالحصول على (الإجازة العالية) من كلية الدراسات الإسلامية والعربية/ جامعة الأزهر في عام (1390هـ - 1970م).
وعندما كان المترجم له في الأزهر الشريف درس فيه علوماً عدة وفنوناً شتى، حيث درس الشاطبية والدرة والطيبة والعقيلة و (مورد الظمآن في علم رسم القرآن) و (ناظمة الزهر في علم الفواصل) وغيرها كالبلاغة والصرف والنحو والفقه والتفسير، وحفظ العديد من المتون في العلوم المتنوعة.
وفي فترة دراسته في الأزهر أيضاً قرأ على غير واحد من العلماء الأثبات، حيث قرأ على الشيخ حسن المرّي رواية حفص عن عاصم، وقد حضر عليه في السنة الأولى بتخصص القراءات وشرع في القراءة عليه ختمة للعشرة من طريق طيبة النشر، ولكن لظروف ألمّت بالشيخ عبدالفتاح حالت دون إتمام الختمة عليه. كما أخذ أيضاً في تلك الفترة عن الشيخ عبدالله البطران رواية حفص عن عاصم وأخذ أيضاً عن العالم الفاضل العلامة المصري الشيخ محمد السباعي عامر، بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر - يوم ذاك - علوم النحو والصرف والبلاغة والتفسير وناظمة الزهر. وقد أخذ المرصفي أيضاً عن الشيخ عبدالمحسن شطا، حيث حضر عليه في قسم تخصص القراءات مادة توجيه القراءات العشر من طريق طيبة النشر. وحضر أيضاً على الشيخ قاسم الدّجوي شرح طيبة النشر بالسنة الأولى.
وفي أوائل سنة (1381هـ - 1962م) سافر الشيخ عبدالفتاح إلى ليبيا مدرساً في جامعة الإمام محمد بن علي السنوسي الإسلامية، وظل مدرساً فيها ستة عشر عاماً (1381هـ-1397هـ - 1962م – 1977م)، وفي تلك الفترة انتسب إلى الأزهر الشريف، وحصل على الشهادة العالية " الليسانس ". وتلقى عنه خلق كثيرون في ليبيا، وأخذوا عنه التجويد والقراءات، حتى أفرد كتاباً خاصاًّ لهم برواية قالون عن نافع المدني، لأنهم يقرؤون بهذه الرواية. وفي عام (1392هـ 1972م) التقى المترجم له بأعلى القراء إسناداً في هذا العصر الشيخ أحمد بن عبد العزيز الزيّات، وقرأ عليه ختمة كاملة بالقراءات العشر من طريق الطيبة، حيث ختمها على الشيخ الزيّات في أربعة وأربعين يوماً وأجازه بذلك، بعدها قرأ ختمة كاملة بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة وأجازه بذلك في رمضان (1398هـ - 1978م)، وفي فترة وجوده في ليبيا عمل - رحمه الله - مدرساً لعلم التجويد في مدرسة مدينة تاجوراء وترهونة ... وغيرهما. كما قام أيضاً بإلقاء دروس الوعظ والإرشاد بالجامعة الإسلامية في ليبيا.
التقى المترجم له فترة وجوده في ليبيا بالشيخ علي الغرياني التاجوري المالكي، وهو من أجلّة علماء طرابلس الغرب، والتقى أيضاً بالشيخ محمد بن الشيخ علي الغرياني، حيث درس عليه بمدرسة أبي راوي بتاجوراء، وبمنزل شيخه محمد بن علي التاجوري الكثير من العلوم العربية والشرعية، منها الحديث الشريف ومصطلحه، والفقه المقارن والتوحيد والمنطق، وغير ذلك من العلوم.
بعد ذلك توجه الشيخ عبدالفتاح إلى المدينة النبوية في عام (1397هـ - 1977م)، حيث عيّن معيداً في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية، وانتفع منه خلق كثيرون.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي تلك الفترة أخرج الشيخ عبدالفتاح كتابه الموسوم بـ " هداية القارئ إلى تجويد كلام الباري " ونال هذا الكتاب النفيس القبول من أهل الاختصاص وأثنى عليه الكثير من العلماء، لما حوى من طيّب الكلام وأنفس الجواهر العلمية فيه. وتكريماً لجهود الشيخ في هذا الكتاب قررت إدارة مجلس الجامعة أن تكرّم الشيخ فرفع الكتاب إلى المجلس الأعلى للجامعات ثم صدرت الموافقة في الأمر الملكي بتاريخ (6 صفر 1406هـ الموافق 20 تشرين أول 1985م) بترقية الشيخ عبدالفتاح إلى درجة أستاذ في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، وعيّن عضواً في اللجنة العلمية لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف للإشراف على المصحف الشريف طباعة وتسجيلاً بأصوات أشهر القراّء في المملكة العربية السعودية.
مؤلفاته:
للشيخ المرصفي عدة مؤلفات منها:
1 - الطريق المأمون على أصول رواية قالون (ط).
2 - هداية القارئ إلى تجويد كلام الباري (ط).
3 - شرح الدرّة في القراءات الثلاث المتمّمة للعشرة (خ).
4 - الإدغام في القرآن الكريم ومذاهب الأئمة العشرة فيه من طريق طيبة النشر (خ).
تلاميذه:
لقد تلقى عن الشيخ المرصفي خلق كثيرون منهم:
1 - الشيخ محمد تميم الزعبي، أخذ عنه القراءات العشر الكبرى، وقرأ عليه عقيلة أتراب القصائد وناظمة الزهر.
2 - الشيخ إدريس عاصم من لاهور/ باكستان، أخذ عنه القراءات العشر الصغرى.
3 - الشيخ محمد إبراهيم الباكستاني، أخذ عنه القراءات العشر الصغرى.
4 - الشيخ عبدالرحيم محمد حافظ العلمي من المدينة المنورة، أخذ عنه رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وقرأ عليه السبع من طريق الشاطبية.
5 - الشيخ أحمد ميان التهانوي الباكستاني، أخذ عنه القراءات الثلاث من طريق الدرة.
6 - الدكتور أحمد شكري شابسوغ من الأردن، قرأ عليه ختمة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية وأجازه بذلك.
7 - الشيخ عبدالناصر يوسف سلطان، أخذ عنه رواية حفص عن عاصم من طريق المصباح.
8 - الشيخ فتحي رمضان محمد محمود قرأ عليه القراءات العشر الصغرى.
9 - الدكتور حازم سعيد حيدر الكرمي قرأ عليه ختمة كاملة برواية حفص من الشاطبية.
10 - الشيخ عبدالرازق علي إبراهيم موسى أخذ عنه القراءات العشر من الطيبة.
11 - الشيخ أحمد حسن قاضي وزير قرأ عليه حفصاً من الشاطبية.
وذكر الشيخ أحمد الزعبي الحسني في ترجمته لشيخه المرصفي، في مطلع كتاب (هداية القارئ) الطبعة الثانية، واصفاً حال الشيخ في الإقراء: " رأيت ذلك بعيني – حتى كان بعضهم يقرأ عليه أثناء تناوله الطعام. كان رحمه الله متضلّعاً في العلم وكأنما أُلين له العلم حتى استظهر متونه كلها، حتى أن بعض المدرسين في الجامعة كانوا يأخذون عنه. ورغم مرضه الشديد كان يقرئ الطلاب ولا يمنع أحداً".
أوصافه:
قال الشيخ أحمد الزعبي الحسني في وصف شيخه المرصفي: " كان أسمر اللون ذا لحية بيضاء طويلة، كان صاحب نكتة ودعابة، إذا جالسه أحد لا يملّ من حديثه، كان يمازح ضيفه وتلميذه رغم مرضه الشديد، ليّن العريكة، حلو الحديث، بسّاماً كريماً في بيته لأهل القرآن، شديد الخوف من الله، لا تأخذه في الله لومة لائم.
إذا جلس للإقراء كانت له هيبة، يعلوه الوقار والصمت، وإذا شرع في الحديث عن الروايات وطرقها كان بحراً دفّاقاً، غيوراً على أهل القرآن والقراءات وكان يرد على المخالفين للقراءات، كثير الترحم والتأدب مع العلماء السابقين، وكان يعجبني فيه حبه لمشايخه، وأدبه الرفيع معهم فكان لا يذكر عالماً إلا ترحم عليه.
كان كثير القراءة للقرآن، وكان رحمه الله يصلي كل يوم الوتر في بيته إحدى عشر ركعة يقرأ فيهن جزأين من القرآن، وأما في شهر رمضان فكان يترك الإقراء ويعتكف على صلاته وتهجده فكان يصلي التراويح في بيته ويقرأ خمسة أجزاء في كل يوم.
وفاته:
وفي يوم الأربعاء السابع عشر من شهر جمادى الثاني لعام ألف وأربعمائة وتسع من الهجرة النبوية الموافق لليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني لعام ألف وتسعمائة وتسع وثمانين ميلادية، وبعد صلاة العصر كان يقرأ على الشيخ طالب من الأردن يقيم في الإمارات المتحدة اسمه " بلال الصرايرة " فوصل إلى سورة الملك عند قوله تعالى: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير).
وفجأة سكت قلب طالما خفق خاشعاً لربه، ووقف لسان طالما نطق ذاكراً ربه، وانتهت مسيرة شعلة كانت مضيئة، فانطفأت وتركت ظلالاً يافعة أسأل الله أن يبارك فيها.
وفي اليوم التالي صُلِّي على الشيخ في الحرم النبوي الشريف بعد صلاة الفجر، وسارت الجنازة حيث استقبل البقيع مقرئ العصر، ووري جثمانه بين قبر سيدنا عثمان وشهداء الحرة - رحمهم الله تعالى -.
أقوال العلماء فيه:
أثنى كثير من العلماء المعاصرين على الشيخ المرصفي ووصفوه بالمحقق والعلامة الجهبذ، وأقوالهم موجودة في تقريظ وتقديم كتابه: هداية القارئ، ومنهم: الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي مصر الأسبق، وحسين خطاب شيخ قراء الشام، وعامر السيد عثمان شيخ المقارئ المصرية.
* مصادر الترجمة:
1 - هداية القارئ إلى تجويد كلام الباري، تأليف: عبدالفتاح المرصفي، الطبعة الثانية، مكتبة طيبة – المدينة المنورة.
2 - تتمة الأعلام للزركلي، تأليف: محمد خير رمضان يوسف، المجلد الأول ص 307، الطبعة الأولى (1418هـ - 1998)، دار ابن حزم – بيروت.
3 - مجلة المجتمع (الكويتية) العدد رقم (912) (6/ 9/1409 هـ) ص 57.
4 - بعض النقاط الشفوية من الدكتور أحمد شكري شابسوغ تلميذ المترجم.
5 - إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري، تأليف: إلياس بن أحمد حسين البرماوي، الجزء الأول ص (180 – 188) الطبعة الأولى (1420هـ – 2000م)، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع. المملكة العربية السعودية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Dec 2006, 11:57 م]ـ
وجدت في أوراقي القديمة أيام الدراسة الجامعية ما نصه:
طريفة:
معروف عند النحويين أن (هل) تختص في أصل استعماله بالدخول على الأفعال نحو قولك: هل كتب عمرو،هل خرج زيد،إلا أنها (أحياناً قد تخرج عن هذا الأصل فتدخل على مبتدأ خبره اسم نحو: هل عمرو كاتب؟ وهل زيد خارج؟ ولكنها لا تدخل على مبتدأ خبره فعل نحو: عمرو كتب وزيد خرج 0
ومحل الطرفة:
أن بعض النحويين ذكر علة لدخولها على اسم خبره اسم ولِمَ لا تدخل على اسم خبره فعل فقال:
لأن "هل " إذا لم تر الفعل في حيزها تسلّت عنه ذاهلة، وإن رأته في حيزها "حنّت " إليه لسابق الألفة،فلم ترض حينئذ إلا ب "معانقته " 0انتهى
قال بعضهم – ولا أعرف من هو – وكلام هذا النحوي وهو يقرر حقيقة علمية لا يختلف عن قول الشاعر:
مليحة عشقت ظبياً حوى حوراً 00000فمذ رأته سعت فوراً لخدمته
ك"هل" إذا ما رأت فعلاً بحيزها00000حنًت إليه ولم ترض بفرقته
هذا ما وجدته وللأسف لم أسجل المصدر الذي نقلته منه،فمن اطلع عليه فلا يبخل علي به،فاشتياقي إلى معرفته أشد من اشتياق " هل " ل "الفعل" 0
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Dec 2006, 11:59 م]ـ
عفواً لم أطلع على ترجمة شيخنا المرصفي رحمه الله إلا الآن،ويا حبذا لو توضع في مكان خاص بها وتجعل تحت عنوان "تراجم القراء المعاصرين " فهو أليق بها وبه رحمه الله،حيث إن هذه الزاوية ليست للجد،بكسر الجيم 0
ـ[السائح]ــــــــ[17 Dec 2006, 01:46 ص]ـ
أرجو ألاّ أكدّر صفوكم، وألاّ أُفسد عليكم مُتعتكم بهاتيك الطرائف اللطائف.
لكن ما بُدٌّ من جِدٍّ يُخلَط بالإحماض أحيانًا.
ولي أسوة وقدوة ببعض من سبقني من المشايخ الفضلاء النبلاء.
فاعذروا أخاكم؛ فما مراده إلا الخير إن شاء الله.
وعسى ألاّ أُثقِل عليكم بما سأسطره.
قال ابن القيم في كتابه القيم:" إجتماع الجيوش الإسلامية ":" قال محمد بن عثمان الحافظ: رويت هذه القصة من وجوه صحاح عن ابن رواحة رضي الله عنه." (3)
محمد بن عثمان الحافظُ هذا هو ابن الذهبي، نسبه ابن القيم إلى جدّه على جاري عادته.
والظاهر أن ابن القيم قد تصرّف في كلامه واختصره، ولم يتقيّد بنصّه.
وهاكه بنصّه وفصّه من كتاب العرش ص107 له:
رُوي من وجوه صحاح مرسلة عن عبد الله بن رواحة.
وكلامه هذا أدق من كلام الحافظ أبي عمر النمري.
وقد قال في العلو للعلي العظيم ص438: رُوي من وجوه مرسلة ..... فهو منقطع.
وليس الغرض هنا استيفاء الكلام عن طُرُق القصة وإيعاب القول حول درجتها، ومن رام بعض تفصيل في ذلك؛ فلينظر التعليق على العلو ص437 - 440 وكتاب قصص لا تثبت للشيخ مشهور بن حسن.
ـ[الجكني]ــــــــ[26 Dec 2006, 05:40 م]ـ
بين قِرنين
غير خفي على المطّلع والمطالع لكتب التراجم ما حدث ويحدث بين "الأقران" من محاورات ومناظرات تصل في "الغالب " إلى "طرح " و"نبذ" أحدهما الآخر، بل تصل أحياناً إلى "الشتم " والتكفير والتبديع " والتضليل" وقليلاً ما نجد الحالة بين "الأقران " المتناظرين تسودها المحبة و"الأدب" واحترام أحدهما للآخر، بل وإظهار " أن ما يحدث بينهما إنما هو من باب "الأدب" وليس من باب "الحرب"0
والأمثلة على القسم الأول كثيرة جداً،فمثلاً:
1 - قول ابن أبي ذئب أن مالكاً رحمه الله يجب أن يستتاب وإلا 00
2 - ما حدث بين أبي نعيم وبين ابن مندة –إن لم تخني الذاكرة-
3 - ما كان بين الإمامين ابن حزم والداني رحمهما الله تعالى 0
4 - ما كان بين الإمام تقي الدين السبكي والإمام ابن تيمية رحمهما الله تعالى 0
5 - ما كان ين الإمام السيوطي والإمام السخاوي رحمهما الله تعالى 0
وغير ذلك كثير مبثوث في كتب التراجم حتى قال العلماء:كلام الأفران بعضهم في بعض يروى فيطوى " ولا شك أني لا أوافق على هذه العبارة في مطلقها0
ومن الأمثلة على القسم الثاني:أتذكر:
1 - ما كان بين الإمامين ابن حزم والباجي رحمهما الله تعالى 0
2 - ما كان بين ابن حزم أيضاً وابن عبد البر رحمهما الله تعالى 0
3 - ما كان بين أبي بكر محمد بن داود-شيخ المذهب الظاهري- وابن سريج رحمهما الله تعالى وهو ما أحببت ذكره اليوم لطرافته وظرافته 0
لكن قبل ذلك أقول هذه الكلمة:
(يُتْبَعُ)
(/)
قد يقول قائل:إن سبب القسم الأول هو الاختلاف العقدي، فأقول:لا،ليس ذلك،وإلا لما اختلف السيوطي والسخاوي وغيرهما ممن يجمعهما المعتقد الواحد 0
إذن ما هو السبب يا ترى:
أجيب جواباً ولا أجزم بصحته مع اعتقادي بأن له وجهاً من الصواب وهو:المشرب الأدبي للمتناظرين،فكل ما كانا ممن يتعاطى الأدب وروحه كانا أكثر "سماحة" و"سهولة" في التناظر وفي حكم أحدهما على الآخر، لأننا في "دين الأدب " لا نجد المصطلحات " الشرعية " "بدعة وضلالا وكفراً 000الخ والله أعلم 0
قال القاضي ابن خلكان رحمه الله:
"اجتمع يوماً هو – أبو بكر بن داود –وأبو العباس بن سريج في مجلس الوزير ابن الجراح فتناظرا في "الإيلاء" فقال ابن سريج:"أنت في بقولك:من كثرت لحظاته دامت حسراته،أبصر منك بالكلام في "الإيلاء"،فقال له أبو بكر: لئن قلت ذلك فإنني أقول:
أنزه في روض المحاسن مقلتي 0 0وأمنع نفسي أن تنال محرما
وأحمل من ثقل الهوى ما لوانه 000يصَبّ على الصخر الأصم تهدما
وينطق طرفي عن مترجم خاطري 0فلولا اختلاسي رده لتكلما
رأيت الهوى دعوى من الناس كلهم 000فما إن أرى حباً صحيحا مسلما
فقال له ابن سريج: وبم تفخر علي ولو شئت أنا لقلت:
ومساهر بالغنج من لحظاته 000قد بتّ أمنعه لذيذ سناته
ضنا بحسن حديثه وعتابه 000وأكرر اللحظات في وجناته
حتى إذا ما الصبح لاح عموده000ولى بخاتم ربه و براته
فقال أبو بكر: يحفظ الوزير عليه ذلك حتى يقيم شاهدي عدل أنه "ولى بخاتم ربه"،فقال أبو العباس ابن سريج: يلزمني في ذلك ما يلزمك في قولك:
أنزه في روض المحاسن مقلتي 00وأمنع نفسي أن تنال محرما
فضحك الوزير وقال: لقد جمعتما "ظرفاً" و"لطفاً" و"فهماً" و"علماً"0
وفيات الأعيان:4/ 260
والقصة القادمة قصة القاضي عبد الوهاب رحمه الله،وأقول من الآن:قد لا تصلح " للمتنطعين " الذين يقيسون الأدب والشعر بمقياس غير مقياسه،ومنهم الذين يرون كما قال بعض المشايخ المعاصرين أن "الأسنان "عورة" 0
والله من وراء القصد0
ـ[معروفي]ــــــــ[27 Dec 2006, 07:25 ص]ـ
جزاكم الله تعالى خيراً على هذه المشاركات الطيبة و الأخلاق الرفيعة.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[27 Dec 2006, 10:12 ص]ـ
قول الكاتب: (امرأة" معها "رجل ":مفتوحة،،وليس معها:مقفولة"وافتحوا المصحف:"امرأت نوح" و"امرأت لوط"وهكذا،أما "وامرأة إن وهبت " فهي "مقفولة)
هذا كلام غير لائق ممن ينتسب إلى العلم وكذلك غير لائق في هذا المقام ولا في غيره ولا يخفى على الكاتب العزيز بأن هذا الملتقى هو محل لقاء لأهل العلم وغيرهم وينزه عن مثل هذه العبارات التي لا تليق، وهذه العبارات ليست من الطرائف والفكاهة التي تنقل للناس لأنها تنافي الحياء الشرعي، فالواجب على المسلم أن يتقيد بالضوابط الشرعية في كل شيء سواء طرائف أو غير طرائف ولا ينقل للقراء إلا ما كان نافعاً أو لائقاً،فكان الواجب عليه أيضاً أن يعرف التعريف الشرعي مثل القول بأن تاء امرأة يفتح إذا أضيفت المرأة نحو امرأت نوح، امرأت لوط، امرأت فرعون ونحو ذلك من العبارات اللائقة، قال النووي قال العلماء: فينبغي أن يستعمل في هذا وما أشبهه من العبارات التي يستحيي من ذكرها بصريح اسمها الكنايات المفهمة فيكنى عن جماع المرأة بالإفضاء والدخول والمعاشرة والوقاع ونحوها ولا يصرح. الأذكار للنووي ص300. ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وقال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء، وقال: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت، وقال:" ان الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها من أبعد من الثريا " وقال: " قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه ما ينقلب إلى أهله منها بشيء نزل بها أبعد من السماء إلى الأرض " وقال عبد الله بن مسعود: " والله ان الرجل ليتكلم بكلمة في الرفاهية يضحك بها جلساءه فترديه ابعد ما بين السماء والأرض" ولا شك أن المزاح منه ما هو مباح ولكن لا بد أن يكون منضبط بالضوابط الشرعية، قال العلماء إن الاشتغال باللعب مباح ولكن المواظبة عليه مذمومة وأما الإفراط فيه فإنه يورث كثرة الضحك وكثرة الضحك تميت القلب وتورث الضغينة في بعض الأحوال وتسقط المهابة والوقار، وقال ابن الجوزي إن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الذي يكسبها نشاطاً للجد فكأنها من الجد لم تزل " قال أبو فراس: " أروح القلب ببعض الهزل تجاهلاً منى بغير جهل أمزح فيه مزح أهل الفضل والمزح أحيانا جلاء العقل " وقال عمر رضي الله عنه: " من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزج استخف به ومن أكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه " وقال عمر بن عبد العزيز:" اتقوا الله وإياكم والمزاح فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح تحدثوا بالقرآن وتجالسوا به فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال " وقال محمد بن المنكدر: قالت لي أمي يا بني لا تمازح الصبيان فتهون عندهم وقال سعيد بن العاص لابنه يا بني لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فيجترئ عليك " وقال عمر بن الخطاب: "أتدرون لما سمي المزاح مزاحاً قالوا لا قال لأنه أزاح صاحبه عن الحق وقيل لكل شيء بذور وبذور العداوة المزاح ويقال المزاح مسلبة للنهي مقطعة للأصدقاء " قال ابن قدامة من الأمور التي ترد بها الشهادة أن يتمسخر بما يضحك الناس به أو يخاطب امرأته أو جاريته أو غيرهما بحضرة الناس بالخطاب الفاحش أو يحدث الناس بمباضعته أهله ونحو هذا من الأفعال الدنيئة ففاعل هذا لا تقبل شهادته لأن هذا سخف ودناءة فمن رضيه لنفسه واستحسنه فليست له مروءة فلا تحصل الثقة بقوله لأن من فعل ذلك لا يمتنع غالباً من الكذب ونحوه.
. المغني لابن قدامة 10/ 170، وانظر: شرح الزركشي 3/ 400.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Dec 2006, 01:25 م]ـ
ليس ذا بعشك يا حمامة فادرجي
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Dec 2006, 01:42 م]ـ
أما قولك:"غير لائق ممن ينتسب للعلم "؟ إذا وصل بك غضبك أو حالك أن تقول هذا الكلام في حق الشيخ المرصفي رحمه الله،وهو صاحب هذه "الطريفة "و "الظريفة العلمية؟ فهذا الجنون بعينه 0
وأما الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرتها فأنصحك بأن تذهب وتتعلم معانيهاثم ترى هل هي واقعة علينا أم لا ""
وقلت دائماً: إن الأدب له مقاييسه الخاصة به،ومن يحاول أن بقيسه مثلك بالمقاييس والضوبط الشرعية فليأتنا بالدليل 0
وما تلك الضوابط التي ادعيتها إلا "اجتهاد " بعض العلماء وليست إجماعاً منهم،ولو كانت إجماعاً فلا أقدم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته على "إجماع العلماء "،وطر فرحاً بهذا الكلام الذي أعرف أنه لا يوافق هواك 0
ثم: ما هذا "التدليس "منك:الكلام على "تاء امرأت " فكيف تأخذ من السياق الفائدة العلمية والتي هي مناط "الظرافة" وتحذفها وتعلق بهذا الكلام الذي لو أخرجنا منه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،لعاد كلاماً "هراء" ولا غرابة عندي في صنيعك هذا فدأبك أصبح معروفاً:فمن يدلس "الكتب " وينسبها لغير أصحابها لا غرابة منه أن يدلس الفوائد العلمية التي لم يستوعبها 0
ثم أين تعليقك هذا منذ زمن؟؟؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[27 Dec 2006, 07:12 م]ـ
فالظاهر بأن شر بيتك الذي ذكرت في تعليقك السابق هو منطبق عليك وإليك تكملة الأبيات حتى تكتمل الفائدة
ماذا بعشك يا حمامة فادرجي ** لا تعذر المشتاق في أشواقه
حتى تكون حشاك في أحشائه ** لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها ** دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى
فإذا هويت فعند ذلك عنف ** فكن رجلا رجله في الثرى
وأما قولك تقول هذا الكلام في حق الشيخ المرصفي رحمه الله فاعلم أن تقديس الأشخاص لا طائر من ورائه ولتعلم بأن المرصفي من شيوخي ومع ذلك لا أقدسه بل كلامه رحمه الله يعرض على المعايير الشرعية مثل كلام غيره من العلماء لأنهم غير معصومين، فأخطاؤهم لا تنقل للناس لأنهم قد يكونوا معذورين بعدم تعمدهم ذلك الخطأ فنحن نلتمس لهم العذر ولنكف عن اتباع أخطائهم ونقلها للناس، وأما قولك ثم أين تعليقك هذا منذ زمن؟؟ أفيدك علماً بأني لم أطلع على هذا المقال إلا هذا اليوم وهو من باب الفضول لأني كلما أجد كتاباتك لا أتشوق لها غالباً لأنك عودتني على الفائدة فيها وجزاك الله خيراً.
ـ[الجكني]ــــــــ[28 Dec 2006, 01:36 ص]ـ
أخي (أبو) عبد الله:شكراً لك على مداخلتك هذه التي أخرجتنا بها من البحث العلمي في مسالة رسالة "إثبات الفوقية" وهو بحث "جدي لا هزل فيه وأرحت النفس قليلاً في هذا البحث "الهزلي" 0
أولاً قلت:بأن "شر" بيتك ":هكذا ولعلك تقصد "شطر"،فانظر يا أخي كيف أدى بك الاستعجال إلى هذا التصحيف "الظريف" 0
ثانياً:قلت ايضاً:"تقديس الأشخاص لا (طائر) من ورائه " وهذا لا شك عندي أنه "تصحيف " أكثر "طرافة " و"ظرافة " فهل لنا أن نسأل: هل تقديس الأشخاص يوجد "طائر" من أمامه؟
صدقني يا أخي أبو عبد الله:لا أقصد من هذا التعليق إلا إظهار "طرفة" و"ظرفة " جاءت في عرض مداخلتك أحببت أن أسجلها هنا وكما يقول المثل عندنا وعندكم:"الدنيا بيظان " 0
أما بخصوص المثل:"ليس ذا بعشك يا حمامة فادرجي" أحفظه قديماً من خلال كتاب الإمام الشوكاني رحمه الله "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار " في أول مقدمته، ووالله لم أكن أعرف أنه "بيت " من الشعر حتى قرأت كلامك هنا فلا أحسدك وإنما أعترف لك بأني تعلمت هذه المعلومة منك،ويا حبذا لو "توثق" لي الأبيات 0لأني "أشعر " أن فيها خللاً عندي " وأنها غير "منسجمة " مع بعضها البعض0
والآن رجعت إلى كتاب "مجمع الأمثال " للميداني رحمه الله فوجدته يقول:"ليس هذا بعشك فادرجي" بدون ذكر "حمامة" بلفظ "هذا " بدل "ذا "0
أما كلامك عن الشيخ المرصفي: فمن قال لك أن هذه من الأخطاء أو أنها مما يجب علينا أن نلتمس الأعذار للعلماء فيها؟
يا أخي (أبو) عبد الله: ليس كل الأمور تؤخذ بالجد،هناك شيء اسمه "الأدب" ليس هو "الفقه" ولا "الحديث" ولا "الزهد" ولا "العقيدة"وإنما هو "الأدب" وارجع فضلاً لا أمراً إلى مقدمة كتاب "عيون الأخبار " لابن قتيبة رحمه الله فقد يشرح لك القضية أحسن مني 00
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[28 Dec 2006, 06:00 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذه الظرافة ولا شك أن الأخطاء الإملائية واردة وخارجة عن الإرادة ولعلها يستفاد منه وهوأنها تدخل في باب الطرافة وهو باب شيق ومفيد في بابه، ومن باب الظرافة أيضاً أنك قلت في غير ما مناسبة بأنك تود بأن هذا الملتقى يقصر على التفسير وعلومه حتى لا تذهب نكهته فيا ترى هل الظرافة والفكاهة من التفسير وعلومه؟؟ ولعل تذكر مداخلاتك التي طالبت فيها بذلك، وأنا لا أعترض على الظرافة والفكاهة التي تنضبط بالضوابط الشرعية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[28 Dec 2006, 03:05 م]ـ
لا تعليق؟؟؟
ـ[الجكني]ــــــــ[28 Feb 2007, 12:28 ص]ـ
بين إمامين
قال الشيخ المقرّي في "نفح الطيب" (2/ 82):
"مرّ ابن حزم يوماً هو وابن عبد البر بسكة الحطابين من مدينة إشبيلية فلقيهما شاب حسن الوجه،فقال ابن حزم:هذه صورة حسنة،فقال ابن عبد البر: لم تر إلا الوجه،فلعل ما سترته الثياب ليس كذلك،فقال ابن حزم ارتجالاً:
وذي عذل فيمن سباني حسنه يطيل ملامي في الهوى ويقول
أمن أجل وجه لاح لم تر غيره ولم تدر كيف الجسم أنت عليل
فقلت له أسرفت في اللوم فاتئد فعندي رد لو أشاء طويل
ألم تر أني ظاهري وأنني على ما أرى حتى يقوم دليل
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Feb 2007, 03:09 ص]ـ
السلام عليكم اسمحوا لي
بين أهل الظاهر وأهل القياس
ورد في المحلى لابن حزم في الخراج إن لم أكن من الواهمين تعقيب ابن حزم على أبي حنيفة حيث لم يرتضي ابن حزم القياس يقول أبو حنيفة فإذا أتينا بإنموذج من هذا وقسنا عليه فتعقب ابن حزم بعد النقل
وأي أنموذج أتانا به أبو حنيفة لنشرع به فعلى الأنموذج العفاء وصفع القفاء وعلى كل شريعة تشرع بهذا الأنموذج.
رحم الله ابن حزم وأبا حنيفة وسرائر الأئمة أجمعين اللهم آمين آمين آمين.
ـ[الجكني]ــــــــ[28 Feb 2007, 07:20 ص]ـ
أقترح "نقل" هذا التعليق إلى موضوع:"الظاهرية والنحو " لشدة تعلقه به وبعده عن هذا الموضوع،مع شديد احترامي وتقديري لأخي أيمن صالح0
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Feb 2007, 08:47 م]ـ
السلام عليكم مولانا الجنكي حفظه الله
ينقل ولك الشكر، غير أني لما رأيت التجديد في الموضوع اشتقت للقراءة فإذ هو تعقيب بالنقل فندمت على ما سطرت.
ولك تقديري استمر وسأطالع السير لأجاري في هذا الموضوع.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Mar 2007, 10:43 ص]ـ
ومن النوادر ما حكاه الخطيب رحمة الله عليه عن أبي العيناء المتوفى سنة282هـ رحمه الله
عن أبي العيناء قال سبب تحولي من البصرة اني رأيت غلاما ينادى عليه ثلاثين دينار يساوي ثلاث مائة دينار فاشتريته وكنت ابني دارا فأعطيته عشرين دينارا لينفقها على الصناع فانفق عشرة واشترى بعشرة ملبوسا له فقلت ما هذا قال لا تعجل فان أهل المروءات لا يعتبون على غلمانهم هذا, فقلت في نفسي انا اشتريت الأصمعي ولم أدبر قال وأردت أن أتزوج امرأة سرا من بنت عمي فاستكتمته فدفعت اليه دينارا لشراء حوائج وسمك هازبي فاشترى غيره فغاظني فقال رأيت بقراط يذم الهازبي فقلت يا بن الفاعلة لم أعلم اني اشتريت جالينوس فضربته عشرة مقارع فاخذني وضربني سبعا وقال يا مولاي الأدب ثلاث وضربتك سبعا قصاصا فضربته فرميته فشججته فذهب الى ابنة عمي وقال الدين النصيحة ومن غشنا فليس منا ان مولاي قد تزوج واستكتمني فقلت لا بد من تعريف مولاتي الخبر فشجني وضربني فمنعتني بنت عمي من دخولي الدار وحالت بيني وبين ما فيها وما زالت كذلك حتى طلقت المراة وسمته بنت عمي الغلام الناصح فلم يمكن ان أكلمه فقلت اعتق هذا واستريح فلما اعتقته لزمني وقال الآن وجب حقك علي ثم انه أراد الحج فزودته فغاب عشرين يوما ورجع وقال قطع الطريق ورأيت حقك أوجب ثم أراد الغزو فجهزته فلما غاب بعت مالي بالبصرة وخرجت عنها خوفا من أن يرجع ...
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[15 Mar 2007, 10:14 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه
" قال النضر بن شميل: كنت أدخل على المأمون في سمره، فدخلت عليه ذات ليلة، وعلي قميص مرقوع.
فقال: يانضر ما هذا القشف؟! -القشَف رثاثة الهيئة-
فقلت: يا أمير المؤمنين أنا شيخ ضعيف وحرَّ (مرو) شديد فأتبرد بهذه الخلقان -
قلت:- مرو أشهر مدن خراسان، يقال لها: مرو الشاهجان، والخلقان جمع الخلق وهو الثوب البالي-
قال: ولكنك قشِف-. فأجرينا الحديث إلى أن أخذ المأمون في ذكر النساء فقال حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سَداد من عوز -بفتح السين-
فقلت صدق يا أمير المؤمنين حدثنا هشيم. حدثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سِداد من عوز - بكسر السين- قلت العَوَز الحاجة-
قال: وكان المأمون متكئًا فاستوى جالسًا فقال: يا نضر كيف قلت سداد؟
قلت: يا أمير المؤمنين السَداد هنا لحن. قال: ويحك أتلحنني؟.
قلت: إنما لحن هشيم - راوي الخبر- وكان لحنة وتبع أمير المؤنين لفظه.
قال: فما الفرق بينهما؟
قلت: السَّداد القصد في الدين والسبيل، والسداد البلغة، وكلما سددت به شيئًا فهو سِداد.
قال: وتعرف العرب هذا؟
قلت: نعم، قال العرجى:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ..... ليوم كريهة وسِداد ثغرقال: قبح الله من لا أدب له." (1)
ـــــــــــــــــــ
(1) ديوان المعاني لأ بي هلال العسكري (1/ 12)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[18 Jun 2007, 10:27 م]ـ
بعد غياب طويل أعود لتفعيل هذه الصفحة مع الأمل في مشاركة الأخوة فيها،فالنكت والظرافة والله العظيم ليست "حراماً " ولا تقدح في المروءة،بل بالعكس لها فوائد صحية واجتماعية و ......
قصة اليوم:
حكى ابن الإمام القاضي عياض رحمه الله قال:
قال بعض أصحابنا: صنعت أبياتاً تغزلت فيها، والتفتّ إلى أبيك رضي الله عنه،ثم اجتمع بي،فاستنشدني إياها،فوجمت،فعزم علي فأنشدته:
أيا مكثراً صدّي ولم آت جفوة **** وما أنا عن فعل الجفاء براضي
سأشكو الذي توليه من سوء عشرة ... إلى حَكَم الدنيا وأعدل قاضي
ولا حكم بيني وبينك أرتضي **** قضاياه في الدنيا سوى ابن عياض ِ
قال: فلما فرغت حسّن وقال – أي الإمام القاضي -: ومتى عرفتني "قواداً " يا فلان،على طريق المداعبة،رحمه الله. اهـ
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[03 Apr 2009, 05:21 م]ـ
ومن أراد المزيد من أخبار الشيخ المرصفي العملية مع طلابه، وكيفية أخلاقه، وكيفية مجيئه إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة ففيها قصص وحكايات سمعتها من شيخنا عبد الرحيم العلمي. فمن أرادها بسندٍ عالٍ مباشرة فليراجع شيخنا عبد الرحيم العلمي المقرئ بالمسجد النبوي والمدرس بكلية المعلمين بالمدينة النبوية بصفته أحد أبرز طلاب المرصفي.
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[12 Apr 2009, 09:38 ص]ـ
كلام حلو ونريد الاستمرار والمزيد
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[13 Apr 2009, 10:14 ص]ـ
الشيخ عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء معروف بطرافته وسرعة بديهته وهذه احدى قصصه التي انتشرت في المنتديات:
الشيخ المطلق اتصل عليه اخ يماني وقال يا شيخ
انا ادخل بالجوال في دورة المياه ومخزن فيه القرآن الكريم
هل يجوز ذلك
جاوبه الشيخ المطلق: لابأس
كرر السأل: لكن فيه القران مخزن
قال: يا أخى لا بأس هو محفوظ في ذاكرة الجهاز
رد السائل: هذا القرآن يا شيخ هل يجوز ان يدخل دورة المياه
قال الشيخ انت حافظ شي من القرآن؟
جاوب: نعم يا شيخ احفظ الكثير
قال الشيخ
خلاص اذا بغيت تدخل دورة المياه
خل مخك برا
!!!(/)
تخرج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين لتجمع لا لإعطائها الفقراء
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[07 Oct 2006, 03:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تخرج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين لتجمع لا لإعطائها الفقراء
قال شيخنا عبد العزيز الحنوط حفظه الله تعالى:
قال العلامة محمد إبراهيم شقرة ـ حفظه الله ـ في كتابه الماتع " إرشاد الساري إلى عبادة الباري" (القسم الثالث ـ الصيام ... ) (94 ـ 98):
" وكما أن الله سبحانه قد أعلمنا بوحيه عن طريق نبيه صلى الله عليه وسلم الأصناف التي تُخْرَجُ منها زكاة الفطر ومقدارها، فقد أعلمنا أيضا الوقت الذي يجب إخراجها فيه.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " كنا نُخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام ... الخ ". وقد تقدم ذكر هذا الحديث، وموضع الشاهد فيه قوله: " يوم الفطر " فبين هذا الحديث اليوم الذي تُخرج فيه زكاة الفطر.
لكن ابن عمر رضي الله عنهما بيَّن لنا الوقت الذي تخرج فيه زكاة الفطر من يوم الفطر فعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر بأن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة ـ أي صلاة الفطر ـ.
والمعقول الذي لا معقول سواه أن المراد بكلام ابن عمر: " أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة " أي وبعد طلوع الفجر، إذ لو كان قبل طلوع الفجر وقتا لها، لنصَّ على ذلك نصاًّ صريحا ً، لئلا يلتبس الأمر على السامع، ولكن لما كان المتبادر من هذا اللفظ إنما هو بعد طلوع الفجر اقتصر عليه وحده.
وقد مرَّ معنا في الكلام على معنى " أمر " و " فرض " أن كلاًّ منهما يفيد الوجوب، فقول عبد الله بن عمر أمر رسول الله. أي: أوجب علينا، لا معنى لها غير ذلك. ولم يفهم الصحابةُ غيره، ولو فهموا غيره لكان فعلُ بعضهم دالاًّ عليه، ولكنهم جميعا متفقون على أن وقت زكاة الفطر هو هذا دون غيره، والاختلاف على وقت إخراجها حدث من بعدهم، ولو كان الاختلاف واقعا في هذا الأمر في حياتهم، لوجب ردُّه إلى الله ورسوله للفصل فيه. وأنىَّ للقائلين بجواز إخراج زكاة الفطر في غير هذا الوقت أن يأتوا بدليل على ذلك، إلا أن يكون محض الرأي، والله سبحانه إنما تعبَّدنا بوحييه، الكتاب والسنة، أما رأْي الرجال فليس له معهما إلا مجرد الذكر. قال ابن حزم رحمه الله: " ووقت زكاة الفطر ـ الذي لاتجب قبله، وإنما تجب بدخوله، ثم لا تجب بخروجه ـ فهو: إثر طلوع الفجر من يوم الفطر، ممتدأً إلى أن تبيضَّ الشمس، وتحل الصلاة من ذلك اليوم نفسه "، وهو قول ٌ حقٌّ لا ريب فيه.
ويزيد هذا توكيدا وتوضيحا حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة ٌ من الصدقات ".
وهذا الحديث فيه دلالة ضمنية على أن زكاة الفطر لا يخرجها الصائم إلا بعد انقضاءِ أيام صومه، وذلك قوله: " طُهرةً للصائم "، فما دام أن أيام الصوم باقية، فذمَّةُ المسلم متعلقةٌ بها لأدائها صياما، ولا تبرأُ ذمته من صيامها إلا بعد أن تنقضي أيام الصيام، ومادام في صوم فهو عرضةٌ للرفث واللغو، فإن أدى زكاة الفطر قبل انقضاء أيام الصوم، فإن جُزءأً من صومه حينئِذٍ لا تتناوله زكاةُ الفطر بالتَّطهير، ممَّا قد يتعرض له الصائِم من اللَّغو والرَّفَث.
ثم إن كلمة زكاة الفطر تدل بحروفها على أنها مرهونةٌ بانتهاء الصائم من صومه، وأنها لم تُسمَّ بهذا الاسم إلا لذلك، وذلك بدخول أول يوم من شوال، ودخول هذا اليوم إنما يكون بعد طلوع فجره، وهذا ماذكره ابن حزم رحمه الله في قوله المتقدم قريبا، وكلمة يوم هنا تطلق على النهار فقط، وإنما أُضيفت إلى الفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان.
وقد رويت أقوالٌ كثيرةٌ في وقت إخراج زكاة الفطر، حتى إن بعضهم يرى جواز إخراجها في اليوم الأول من رمضان، بل إن بعضهم يرى جوازها لعامين، وأقربهم إلى الصواب من يقول بجواز إخراجها قبل الفطر بيومٍ أو يومين، وحجتُهم في ذلك ماجاء في صحيح البخاري: " وكانوا يعطون ـ أي زكاة الفطر ـ قبل يوم الفطر بيوم أو يومين ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالنظر في الأدلة مجتمعة يمكن القول: إن زكاة الفطر لها وقتٌ محدَّدٌ، يبدأُ من طلوع فجر يوم عيد الفطر، وينتهي بانتهاء صلاته، وهو ماصرّح به حديث ابن عباس: " فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات "، فيجب أن يحرص المسلم على أدائها في هذا الوقت، فإن لم يُخرجها في هذا الوقت لم تجزىء عن صدقة الفطر، كما صرح الحديث بذلك.
وأما حديث ابن عمر الذي في البخاري: " كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " فليس المرادُ إعطاءها لمستحقيها من المساكين والفقراء قبل يوم أو يومين، بل المراد تسليمها للذين يجمعونها من عمَّال الزكاة، وقد جاء التصريح بهذا في روايات أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما، ففي صحيح ابن خزيمة، قال: حدثنا عمران بن موسى القزاز، حدثنا عبدالوارث، حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضان عن الحر والمملوك،والذكر والأنثى صاعا من تمر أو صاعا من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاع بر، قال: وكان ابن عمر إذا أعطى التمر إلا عاما واحدا، أعوز من التمر فأعطى شعيرا، قال: قلت متى كان ابن عمر يُعطي الصاع؟ قال: إذا قعد العامل، قلت: متى كان العامل يقعد ... ؟ قال: قبل الفطر بيوم أو بيومين ".
وفي " الموطأ " حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
فهذه الروايات المصرِّحة بعامل الزكاة الذي كانت تُجْمَعُ الزكاة عنده، تمهيدا لإخراجها وإعطائها لمستحقيها من المساكين والفقراء، فسَّرت رواية البخاري التي لم تصِّرِّح بالعامل، بل قالت: " للذين يقبلونها ". ولا أحسب بعد ماتقدم من توضيح وبيان أنه يبقى عُذْرٌ بجواز إخراج زكاة الفطر في غير الوقت المحصور مابين الفجر وبين صلاة العيد، وهو الحق أن شاء الله، الذي ينشده كل مُحبٍ للحق.
ولا أحسِبُ إلا أن العجز هو الذي يُقْعِدُ المسلمين اليوم عن العمل بهذا الواجب الديني العظيم، فهم يقولون: إن الوقت مابين الفجر إلى صلاة العيد لا يتسع لتوزيع زكاة الفطر، يقولون هذا وأحدهم لم يَذُقْ مُتْعَةَ العمل بهذه العبادة العظيمة، لأنهم لا يريدون أن يتعبوا أجسادهم في عبادة فرضها الله عليهم في كل عام مرَّة، وبخاصة ونحن في زمانٍ أُهمل فيه أمر الزكاة، واستبدلوا الذي هو أدنى ـ وهو مايُعرف بالضريبة ـ بالذي هو خير، وهو الزكاة " أ. هـ.
قال عبدالعزيز: انظر: كتاب " المحلى " للإمام أبي محمد ابن حزم ـ رحمه الله ـ (6/ 142 ـ 143).
قال الشيخ العلامة عبد الله بن يوسف الجديع ـ حفظه الله ـ في رسالته النافعة " كشف الستر عن أحكام زكاة الفطر " (25 ـ28):
" في تسميتها في الأحاديث " زكاة الفطر " إشعار بأنها إنما تجب بالفطر من رمضان، إذ لو مات إنسان يوم الثامن والعشرين مثلا فلا شيء عليه إذلم يدركه وقت وجوبها، وهذا الذي يدل عليه أمره صلى الله عليه وسلم بأدائها قبل الخروج إلى الصلاة والله أعلم، وما كان من عمل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين لأنها كانت تجمع عند العامل، وليس في ذلك دليل على أنها كانت تعطى للمساكين قبل يوم أو يومين، يبين ذلك ماكان من أمر أبي هريرة رضي الله عنه مع الشيطان أنه أتاه ثلاث ليال يأخذ من صدقة الفطر [1] (لعنه الله) ففي ذلك دليل على أنها كانت تمكث مدة قبل أن تعطى للمساكين، وفي أزماننا هذه لا نجد حاكما قائما بدين الله يجعل للزكاة عمالا، فإذن يعطيها المسلم بنفسه للمساكين، فعلى هذا لا يجوز أن يقدمها على مغرب آخر يوم من رمضان إذ لا دليل على ذلك، وتقديمها على وقتها كصلاة الظهر قبل دخول الوقت والله أعلم.
وماذهب إليه بعض أهل العلم من أن القبلية في حديث ابن عمر ظرف متسع غير صحيح لما أسلفنا ويلزمهم ذلك أن يجوزوا إخراج زكاة سنين ولا أظنهم يقولون به، والقول به لا يساعد عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأدائها قبل خروج الناس إلى الصلاة كما هو ظاهر، وعلى كل حال فالحق إن شاء الله هو ما أسلفنا بيانه والله أعلم " أ. هـ.
قال أبو عبدالرحمن: ومن ترجح له اختيار شيخنا محمد إبراهيم شقرة أو اختيار الشيخ الجديع فلا حرج عليه ولا لوم؛ لأن من كان دليل الكتاب والسنة معه فهو الحق وهو الأولى بالحق، ومن كان دليل الكتاب والسنة عليه لا له كان المخطىء ولا ذنب عليه في هذا الخطأ إن كان قد وفى الإجتهاد حقه بل هو معذور بل مأجور كما ثبت في الحديث الصحيح " أنه إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر " فناهيك بخطأ يؤجر عليه فاعله، ولكن هذا إنما هو المجتهد نفسه إذا أخطأ لا يجوز لغيره أن يتبعه في خطئه ولا يعذر كعذره ولا يؤجر كأجره بل واجب على من عداه من المكلفين أن يترك الاقتداء به في الخطأ ويرجع إلى الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة، وإذا وقع الرد لما اختلف فيه أهل العلم إلى الكتاب والسنة كان من معه دليل الكتاب والسنة هو الذي أصاب الحق ووافقه وإن كان واحدا، والذي لم يكن معه دليل الكتاب والسنة هو الذي لم يصب الحق بل أخطأ وإن كان عددا كثيرا فليس لعالم ولا لمتعلم ولا لمن يفهم وإن كان مقصرا أن يقول الحق بيد من يقتدي به من العلماء وإن كان دليل الكتاب والسنة بيد غيره فإن ذلك جهل عظيم وتعصب شديد وخروج من دائرة الإنصاف بالمرة؛ لأن الحق لا يعرف بالرجال بل الرجاليعرفون بالحق وليس أحد من العلماء المجتهدين بمعصوم ومن لم يكن معصوما فهو يجوز عليه الخطأ كما يجوز عليه الصواب فيصيب تارة ويخطىء أخرى ولا يتبين صوابه من خطئه إلا بالرجوع إلى دليل الكتاب والسنة، فإن وافقهما فهو مصيب، وإن خالفهما فهو مخطىء. [انظر: شرح الصدور في تحريم رفع القبور] للإمام الشوكاني (2 ـ 3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه البخاري.(/)
اريد فتوى لهذا السؤال جزاكم الله خيراً
ـ[محمد سند]ــــــــ[08 Oct 2006, 12:55 ص]ـ
أثناء صلاة التراويح أنع وقد أقع على الأرض ولتغلبى هذا اتابع الإمام فى الصلاة وبيدى مصحف فهل يجوز الصلاة وبيدى المصحف أتابعه حتى أظل نشيط؟؟؟(/)
شرح القرطبي، أبي العباس لحديث كريب عن ابن عباس في رؤيه الهلال عند تباعد البلاد
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Oct 2006, 08:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة و هداية للعالمين و على آله و صحبه أجمعين أما بعد
فقد اختلف الناس – خاصتهم قبل عامتهم – في مشروعية ما سمي ب " توحيد رؤية الأهلة " - بجعل رؤية أهل بلد الهلال (و بخاصة هلال شهر رمضان) رؤية معتبرة شرعا لأهل غيره مما تباعد عنه من البلاد؛ لتوحيد يوم بدء الصوم في كل الأقطار الإسلامية التي تشترك معه في جزء من الليل - و هو ما لا اعتبار له من جهة الشرع، لمخالفته النص الصحيح و الإجماع الصريح، على ما قاله الإمام أبي العباس القرطبي فيما سننقله عنه من كتابه " المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم "، و ذلك في شرحه حديث كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما، و الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " في:
(باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، و أنهم إذا رؤا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم):
(حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وبن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن محمد وهو بن أبي حرملة عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشك يحيى بن يحيى في نكتفي أو تكتفي).
* * *
* قال الإمام أبو العباس القرطبي في " المفهم " في شرحه الحديث المذكور:
((و قول ابن عباس: (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، ثم قال في آخره: (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم): تصريح برفع ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم، و بأمره به.فهو حجة على أن البلاد إذا تباعدت كتباعد الشام من الحجاز أو ما قارب ذلك، فالواجب على أهل كل بلد أن تعمل على رؤيته دون رؤية غيره،
و إن ثبت ذلك عند الإمام الأعظم؛ ما لم يحمل الناس على ذلك فلا تجوز مخالفته؛ إذ المسألة اجتهادية مختلف فيها، و لا يبقى مع حكم الأمام اجتهاد، و لا تحل مخالفته.
ألا ترى أن معاوية أمير المؤمنين قد صام بالرؤية و صام الناس بها بالشام، ثم لم يلتفت ابن عباس [رضي الله عنهما] إلى ذلك، بل بقى على حكم رؤيته هو.
و وجه هذا يعرف من علم الهيئة [يعني: الفلك] و التعديل، و ذلك أنه يتبين فيها: أن ارتفاعات الأقاليم مختلفة؛ فتختلف مطالع الأهلة و مغاربها، فيطلع الهلال، و يغرب على قوم قبل طلوعه و غروبه على آخرين. و على هذا: فلا يظهر تأثير هذا إلا فيما بعد جدا، لا فيما قرب. و الله تعالى أعلم.
و إلى ذلك صار ابن عباس، و سالم، و القاسم، و عكرمة. و به قال إسحاق. و إليه أشار الترمذي؛ حيث بوّب (لأهل كل بلد رؤيتهم).
و حكى أبو عمر بن عبد البر: الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلدان كالأندلس من خراسان،
قال: و لكل بلد رؤيتهم، إلا ما كان كالمصر الكبير، و ما تقاربت أقطاره من بلاد المسلمين)).
قلت [القرطبي]: و هذا الإجماع الذي حكاه أبو عمر يدل: على أن الخلاف الواقع في هذه المسألة إنما هو فيما تقارب من البلاد؛ و لم يكن في حكم القطر الواحد. و نحن نذكره إن شاء الله:
قال ابن المنذر: اختلف في الهلال يراه أهل بلد و لا يراه غيرهم:
فقال قوم: لأهل كل بلد رؤيتهم، و ذكر من تقدم ذكر أكثرهم.
و قال آخرون: إذا ثبت أن أهل بلد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا. و هو قول الليث، و الشافعي، و أحمد. و لا أعلم إلا قول المزني، و الكوفي.
(يُتْبَعُ)
(/)
- و قال شيوخنا: إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضع، ثم نقل إلى غيرهم بشهادة شاهدين لزمهم الصوم. و قال عبد الملك: أما ثبوته بالشهادة فلا يلزم فيها الصوم إلا لأهل البلد الذي ثبتت فيه الشهادة، إلا أن يثبت عند الإمام الأعظم فيلزم الناس كلهم الصيام.
و علل هذا: بأن البلاد كلها كبلد واحد؛ إذ حكمه نافذ في الجميع.
قلت [القرطبي]: هكذا وقع نقل المشايخ لهذه المسألة، لم يفرقوا بين البعيد و القريب من الأقاليم. و الصواب: الفرق؛ بدليل الإجماع الذي حكاه أبو عمر، فيحمل إطلاق المشايخ على البلاد المتقاربة. و الله أعلم.)). انتهى
و نقله
د. أبو بكر عبد الستار خليل
غفر الله له و لآله
•----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* من كتاب " المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم "، للإمام أبي العباس القرطبي [578 – 656 هج]، (كتاب الصوم)، (باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد)، جزء 3، صفحة 142، 143، 144، الطبعة الثانية، 1420 ه – 1999 م، دار ابن كثير، دمشق – بيروت.
* * *
- و سأذكر هنا ما قاله تلميذه الإمام أبو عبد الله القرطبي (ت 671 هـ) في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن "؛ توكيدا لما قاله سلفه آنفا؛ لشهرته عنه عند المعاصرين من عموم الناس، و سنلحظ تشابه بل تطابق الكلامين، و لا عجب في ذلك؛ إذ القرطبي الثاني تلميذ للقرطبي الأول الذي هو شيخه.
• * من تفسير الجامع لاحكام القران/ القرطبي
________________________________________
قوله تعالى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِي? أُنْزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ?لْهُدَى? وَ?لْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ?للَّهُ بِكُمُ ?لْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ?لْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ?لْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ?للَّهَ عَلَى? مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. [اليقرة: 185].
....
...
((المسألة السادسة: و?ختلفوا إذا أخبر مخبر عن رؤية بلد؛ فلا يخلو أن يَقْرُب أو يبعد، فإن قرب فالحكم واحد، وإن بَعُدَ فلأهل كل بلد رؤيتهم؛ روي هذا عن عِكرمة والقاسم وسالم، وروي عن ?بن عباس، وبه قال إسح?ق، وإليه أشار البخاريّ حيث بوّب: «لأهل كل بلد رؤيتهم». وقال آخرون. إذا ثبت عند الناس أن أهل بلد قد رأَوْه فعليهم قضاء ما أفطروا؛ هكذا قال الليث بن سعد والشافعيّ. قال ?بن المنذر: ولا أعلمه إلا قول المُزَنيّ والكوفي.
قلت: ذكر الكِيَا الطبري في كتاب «أحكام القرآن» له: وأجمع أصحاب أبي حنيفة على أنه إذا صام أهل بلد ثلاثين يوماً للرؤية، وأهل بلد تسعةً وعشرين يوماً أن على الذين صاموا تسعة وعشرين يوماً قضاء يوم. وأصحاب الشافعي لا يرون ذلك؛ إذ كانت المطالع في البلدان يجوز أن تختلف. وحجة أصحاب أبي حنيفة قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ ?لْعِدَّةَ} وثبت برؤية أهل بلد أن العدّة ثلاثون فوجب على هؤلاء إكمالها. ومخالفهم يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " الحديث، وذلك يوجب ?عتبار عادة كل قوم في بلدهم. وحكى أبو عمر الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما بَعُد من البلدان كالأندلس من خراسان، قال: ولكل بلد رؤيتهم، إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلدان المسلمين. روى مسلم عن كُرَيب أن أمّ الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال: فقدِمت الشام فقضيت حاجتها و?ستُهِل عليّ رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدِمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيتَه؟ فقلت نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نُكمل ثلاثين أو نراه. فقلت:
(يُتْبَعُ)
(/)
أو لا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال علماؤنا: قول ?بن عباس «هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» كلمة تصريح برفع ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وبأمره. فهو حجة على أن البلاد إذا تباعدت كتباعد الشام من الحجاز فالواجب على أهل كل بلد أن تعمل على رؤيته بدون رؤية غيره، وإن ثبت ذلك عند الإمام الأعظم، ما لم يحمل الناسَ على ذلك، فإن حَمل فلا تجوز مخالفته.
وقال الكِيا الطبري: قوله «هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» يحتمل أن يكون تأوّل فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " وقال ?بن العربي: «و?ختلف في تأويل (قول) ?بن عباس (هذا)؛ فقيل: ردّه لأنه خبر واحد، وقيل: ردّه لأن الأقطار مختلفة في المطالع؛ وهو الصحيح، لأن كُرَيْباً لم يشهد وإنما أخبر عن حكم ثبت بالشهادة، ولا خلاف في الحكم الثابت أنه يجزى فيه خبر الواحد. ونظيره ما لو ثبت أنه أهلّ ليلة الجمعة بأَغْمات وأهّل بأشبِيلية ليلة السبت فيكون لأهل كل بلد رؤيتهم؛ لأن سُهَيلا يُكشف من أَغْمات ولا يُكشف من أشبيلية؛ وهذا يدل على ?ختلاف المطالع».
قلت: وأما مذهب مالك رحمه الله في هذه المسألة فروى ?بن وهب و?بن القاسم عنه في المجموعة أن أهل البصرة إذا رأوا هلال رمضان ثم بلغ ذلك إلى أهل الكوفة والمدينة واليمن أنه يلزمهم الصيام أو القضاء إن فات الأداء. وروى القاضي أبو إسح?ق عن ?بن الماجشون أنه إن كان ثبت بالبصرة بأمر شائع ذائع يستغنى عن الشهادة والتعديل له فإنه يلزم غيرهم من أهل البلاد القضاء، وإن كان إنما ثبت عند حاكمهم بشهادة شاهدين لم يلزم ذلك من البلاد إلا من كان يلزمه حكم ذلك الحاكم ممن هو في ولايته، أو يكون ثبت ذلك عند أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعة المسلمين. قال: وهذا قول مالك.)).
انتهى
===============================
ملحوظة:
وقعت زيادة في كتابة العنوان؛ بنسخ كلمة (بسم الله) مع العنوان، و قد حاولت الاستدراك فلم أتمكن منه؛ فأود مراعاته و حذفها من جانب الأخ المشرف.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[11 Oct 2006, 04:02 م]ـ
و لكي ينضبط الكلام فيما نقل من إجماع عن الإمام ابن عبد البر - حافظ المغرب الكبير، ت 463 ه - ينبغي علينا نقل أصل كلامه ذاك من كتابه " الاستذكار "، قال رحمه الله:
[واختلف العلماء في حكم هلال رمضان أو شوال يراه أهل بلد دون غيرهم:
فكان مالك - فيما رواه عنه بن القاسم والمصريون -: إذا ثبت عند الناس أن أهل بلد رأوه فعليهم القضاء لذلك اليوم الذي أفطروه وصيامه غيرهم برؤية صحيحة.
وهو قول الليث والشافعي والكوفيين وأحمد
وروى المدنيون عن مالك - وهو قول المغيرة وبن دينار وبن الماجشون -: أن الرؤية لا تلزم غير أهل البلد الذي وقعت فيه إلا أن يكون الإمام يحمل الناس على ذلك.
أما الاختلاف الأعمال والسلاطين فلا إلا في البلد الذي رأى فيه الهلال، وفي عمله هذا بمعنى قولهم
وروي عن بن عباس أنه قال لكل قوم رؤيتهم.
وبه قال عكرمة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وإليه ذهب بن المبارك وإسحاق بن راهويه وطائفة.
قال أبو عمر: حجة من قال بهذا القول ما أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو بكر محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثني محمد بن أبي حرملة قال أخبرني كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها فاستهل رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني بن عباس ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال قلت رأيته ليلة الجمعة قال أنت رأيته قلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية قال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى نكمل الثلاثين أو نراه فقلت أفلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه قال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب النسوي قال أخبرنا علي بن حجر قال أخبرنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا محمد بن أبي حرملة قال أخبرني كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها فاستهل علي هلال رمضان وذكر رمضان الحديث سواء كما تقدم لأبي بكر
قال أبو عمر: قد أجمعوا أنه لا تراعى الرؤية فيما أخر من البلدان كالأندلس من خراسان وكذلك كل بلد له رؤيته إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلاد المسلمين والله أعلم].
انتهى
* * *
و في كتابه " مجموع الفتاوى " لم ينكر ابن تيمية هذا الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر:
(وقال رحمه الله:
(فصل مسألة رؤية بعض البلاد رؤية لجميعها): فيها اضطراب، فانه قد حكى ابن عبد البر الاجماع على ان الاختلاف فيما يمكن اتفاق المطالع فيه فاما ما كان مثل الاندلس وخراسان فلا خلاف انه لا يعتبر. قلت أحمد اعتمد فى الباب على حديث الاعرابى الذي شهد انه اهل الهلال البارحة فامر النبى الناس على هذه الرؤية مع انها كانت فى غير البلد وما يمكن ان تكون فوق مسافة القصر ولم يستفصله، وهذا الاستدلال لا ينافى ما ذكره ابن عبد البر، لكن ما حد ذلك. وأما الهلال فطلوعه ورؤيته بالمغرب سابق لانه يطلع من المغرب وليس فى السماء ما يطلع من المغرب غيره ... ].
انتهى(/)
قائمة بمؤلفات العلامة صلاح الخالدي
ـ[محمد السيلاوي]ــــــــ[08 Oct 2006, 12:55 م]ـ
قائمة بمؤلفات العلامة صلاح الخالدي
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور علي الصوا – أستاذ الفقه في الجامعة الأردنية -: " الشيخ صلاح الخالدي , عالم رباني – ولا أزكي على الله أحدا – يتمتع بخلق رفيع , تأثر فيه بكتاب الله , وعالم تفسير , تأثر بأخلاق القرآن الكريم , وحقيقة له باع طويل بالعلم والتفسير , وقد نحى منحى الكتابة عن تفسير الظلال , وشخصية صاحب الظلال , وهو متخصص به , وهذا يعكس شخصية الشيخ صلاح الخالدي الداعية وبصفته أحد العلماء الذين يتمتعون بفهم كتاب الله تعالى , والدعوة إلى مايتضمنه الكتاب الكريم … وهو أيضا إلى جانب ذلك له شخصية محببة تقربه من الناس , ويصرف قسما كبيرا من جهده ووقته في تعليم كتاب الله في المساجد , وخاصة مسجده الذي يصلي فيه , وكذلك الدورات الشرعية التي استفاد منها الكثير من طلبة العلم الشرعي … وهو كذلك عف اللسان .. ويتقبل وجهات النظر المختلفة.
ويقول فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني –رئيس جمعية المحافظة على القرآن الكريم –: " جزى الله الشيخ صلاح الخالدي خيرا فيما قيما قدم للمكتبة الإسلامية من نفائس الكتب في التفسير , وبالتعريف بإمام من أئمة التفسير في العصر الحديث الإمام سيد قطب.
لقد كان الشيخ صلاح الخالدي بعلمه وبحثه وجهده , كاشفا عن كنوز سيد قطب وعن آثاره , ومساعدا للقارئ العربي والمسلم , بالتعرف على كنوز هذا الإمام رحمه الله.
وقد اجتمع في منهج الشيخ صلاح الخالدي , مداد العلماء الموصول بدماء الشهداء … والشيخ صلاح رجل دعوة.
ويقول فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد شكري – أستاذ التفسير في الجامعة الأردنية -: " صلاح الخالدي: هو العالم العامل المخلص , قليل المثال في هذا الزمان , لقد رأيت من كلامه ما يذكر بأحوال السلف الصالح .. وتدل كثرة مؤلفاته وتنوعها على سعة علمه واستثماره لوقته , وله نظرة طيبة في الموضوعات التي يبحث فيها.
ويقول الأستاذ عاطف الجولاني –رئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية -: " الشيخ صلاح الخالدي – حفظه الله – من العلماء المعروفين , الذين يشار إليهم بالبنان في الأردن والساحة العربية , وآثاره العلمية في مجال العلم الشرعي , والتوعية والإسهام في المشروع الإسلامي واضحة وجلية , تشهد له كتاباته ومؤلفاته المتميزة .. حيث تخصص في عدة جوانب وأبدع فيها , وكان له عظيم الأثر في التركيز عليها , وأخص بالذكر تركيزه على الخطر الصهيوني وجذوره التاريخية ومنطلقاته التوراتية التلمودية ...
أسأل الله أن يوفق الدكتور صلاح الخالدي بمزيد من العطاء بما فيه خير الأمة ومشروعها النهضوي. ا. هـ.
هذه بعض الشهادات في الثناء على أستاذنا العلامة صلاح الخالدي ومؤلفاته. وكذلك نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا.
ومن هنا فإنني أنصح طلبة العلم الشرعي بالإقبال على كتب ومؤلفات الشيخ الخالدي ليطلعوا على مافيها من علم أصيل ونفع عميم .. وإليكم قائمة بأسماء مؤلفاته وكتبه:
1 - سيد قطب الشهيد الحي.
2 - نظرية التصوير الفني عند سيد قطب.
3 - أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب.
4 - مدخل إلى ظلال القرآن.
5 - المنهج الحركي في ظلال القرآن.
6 - في ظلال القرآن في الميزان.
7 - مفاتيح للتعامل مع القرآن.
8 - في ظلال الإيمان.
9 - الشخصية اليهودية من خلال القرآن.
10 - تصويبات في فهم بعض الآيات.
11 - مع قصص السابقين في القرآن 1 - 3.
12 - البيان في إعجاز القرآن.
13 - ثوابت للمسلم المعاصر.
14 - إسرائيليات معاصرة.
15 - سيد قطب من الميلاد إلى الإستشهاد.
16 - لطائف قرآنية.
17 - هذا القرآن.
18 - حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية.
19 - الخلفاء الراشدون بين الإستخلاف والإستشهاد.
20 - التفسير والتأويل في القرآن.
21 - الأتباع والمتبوعون في القرآن.
22 - التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق.
23 - الخطة البراقة لذي النفس التواقة.
24 - تفسير الطبري تقريب وتهذيب 1 - 7.
25 - الرسول المبلغ صلى الله عليه وسلم.
26 - القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث 1 - 4.
27 - تهذيب فضائل الجهاد لابن النحاس.
28 - تعريف الدارسين بمناهج الفسرين.
29 - القبسات السنية من شرح العقيدة الطحاوية.
30 - سيد قطب الأديب الناقد والداعية المجاهد.
31 - صور من جهاد الصحابة.
32 - إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني.
33 - مواقف الأنبياء في القرآن: تحليل وتوجيه.
34 - سعد بن أبي وقاص: المجاهد الفاتح.
35 - الحرب الأمريكية بمنظار سيد قطب.
36 - سيرة آدم عليه السلام: دراسة تحليلية.
37 - بين الإسلام الرباتي والإسلام الأمريكاني.
38 - عتاب الرسول في القرآن: تحليل وتوجيه.
39 - وعود القرآن بالتمكين للإسلام.
40 - حديث القرآن عن التوراة.
41 - جذور الإرهاب اليهودي في أسفار العهد القديم.
42 - سفر التكوين في ميزان القرآن 1 - 2.
43 - تهافت فرقان متنبئ الأمريكان أمام حقائق القرآن.
44 - الأعلام الأعجمية في القرآن: تحليل وتوجيه.
45 - الكليني وتأويلاته الباطنية للآيات القرآنية في أصو ل الكافي.
46 - القرآن ونقض مطاعن الرهبان.
47 - وقفات مع بعض الآيات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[09 Oct 2006, 11:58 ص]ـ
شكرا لك يا أخ محمد السيلاوي على هذه الإفادة القيمة وأشكرك على الاستشهاد بعباراتي في حق أستاذنا الدكتور صلاح وحقا إن مؤلفاته القيمة المتنوعة غزيرة العلم كثيرة الفوائد تشهد له بالمكانة المتميزة بين العلماء المعاصرين وله نظرات ثاقبة وأفكار نيرة وحسن اختيار للموضوعات التي يبحثها جزاه الله تعالى خير الجزاء وجزاك يا أخ محمد كذلك خير الجزاء.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[09 Oct 2006, 04:47 م]ـ
صدقت
فالدكتور صلاح الخالدي كما عرفته من مؤلفاته الجمة كأس من العلم والفقه والأدب لا يجرح الشفاه
وهو معين رائع زلال
شكرا لك
أخي
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[10 Oct 2006, 11:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على تناول هذا الموضوع، وإتماما للفائدة أضع بين أيدكم السيرة الذاتية لشيخنا الدكتور صلاح الخالدي، وهي مأخوذة من مقابلة قمت بإجرائها معه، ونشرت في مجلة الفرقان التي تصدر عن جمعية المحافظة على القرآن / الأردن
الدكتور صلاح عبدالفتاح الخالدي .. اسم عرفه طلبة العلم ومحبو القرآن وتفسيره، وتابعوا بشغف دروسه ومحاضراته في المساجد، وفي جامعة البلقاء التطبيقية والجامعة الأردنية وكلية العلوم الإسلامية وجمعيات تحفيظ القرآن، وقرأوا كتبه التي وصل عددها إلى نيف وأربعين كتاباً.
وقد قُدّرَ لي أن أتتلمذ على يديه، فرأيت عالماً عاملاً بكتاب الله، تالياً له، صافي المنهج في الولاء والبراء، موالياً لأولياء الله، معادياً لأعدائه، لا تأخذه في الله لومةُ لائم، قوَّالاً بالحق، أخَّاذاً من الكتاب والسنة، ذاق نعمة الحياة في ظلال القرآن، فسخر وقته وقلمه في تعريف الناس بها.
وانطلاقاً من رسالة المجلة في تعريف قرائها بعلماء القرآن، الذين هم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، كان لقاؤنا مع شيخنا أبي أسامة في بيته في منطقة صويلح بعمان، لنغترف شيئاً من بحر علمه، ونقتبس شعاعاً من نور كلامه، وكان هذا الحوار ..
الفرقان: بداية -فضيلة الدكتور- نرجو منكم التكرم وإعطاءنا تعريفاً موجزاً بكم: نشأتكم، وحياتكم العلمية، ومسيرتكم مع كتاب الله عز وجل.
د. صلاح: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ولدت في مدينة جنين في (1/ 12/1947م) الموافق (18/محرم/1367هـ)، ودرست في جنين في المدارس الحكومية حتى الصف الثاني الإعدادي، ثم توجهت إلى الدراسة الشرعية، فانتقلت إلى نابلس للدراسة في المدرسة الإسلامية، ودرست فيها سنتين: الثالث الإعدادي والأول الثانوي، وهذه المدرسة كانت مرتبطة مع الأزهر، فكان الطلاب الأوائل يذهبون في بعثة للدراسة في الأزهر. وقد يسر الله لي الحصول على هذه البعثة.
سافرت إلى القاهرة سنة 1965م، وهناك أخذت الثانوية الأزهرية، ثم دخلت كلية الشريعة وتخرجت فيها سنة 1970م، وعدت إلى الأردن لأن الضفة الغربية كانت قد احتلت سنة 1967م. ومن أبرز مشايخي في هذه المرحلة الشيخ موسى السيد رحمه الله –أحد علماء فلسطين-، وقد كان عالماً عاملاً ربانيّاً وخرج من العلماء الكثير. أما مصر فقد سافرت إليها في عز المحنة، وكان هناك حرب على العلماء وكثير منهم في السجون، ومنهم في تلك الفترة الشيخ محمد الغزالي وسيد سابق وعبدالحليم محمود، حيث كان لهؤلاء جهود دعوية في تلك الفترة خاصة الشيخ محمد الغزالي وكنا نحضر محاضراته في مختلف مناطق القاهرة.
ثم سجلت لدراسة الماجستير سنة 1977م في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وكانت الرسالة التي قدمتها بعنوان: (سيد قطب والتصوير الفني في القرآن) وجاءت في قسمين: القسم الأول عن حياة سيد قطب، والثاني عن التصوير الفني في القرآن. وتمت المناقشة سنة 1980م، وتألفت اللجنة من الأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات مشرفاً والأستاذ محمد قطب مناقشاً والشيخ محمد الراوي -العالم المصري المعروف- مناقشاً.
وكانت قاعة المناقشة ممتلئة بالحضور، وجاء عدد كبير منهم جاء ليسمع كلام الأستاذ محمد قطب، الذي أخجلني وهو يثني على الرسالة والجهد المبذول فيها، حتى إنه قال: لو تقدم الطالب بالقسم الأول من الرسالة فقط لاستحق الماجستير عن جدارة! وهذا من فضل الله عليِّ، وأسأله القبول سبحانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم حصلت على درجة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن سنة 1984م من الجامعة نفسها، وكانت الرسالة بعنوان: (في ظلال القرآن – دراسة وتقويم) وأشرف عليها أيضاً الأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات، وناقشني عالمان مشهوران هما الشيخ مناع القطان رحمه الله، والأستاذ الدكتور عدنان زرزور -العالم القرآني المعروف-.
الفرقان: كم مرة قرأت (الظلال) خلال إعدادك لرسالتي الماجستير والدكتوراه؟
د. صلاح: خلال فترة الماجستير قرأته مرتين، وفي الدكتوراه خمس مرات، فمجموع قراءاتي للظلال من أجل الشهادة الأكاديمية سبع مرات، وكانت قراءة حرفية كاملة والحمد لله.
أما العلماء الذين درَّسوني أو التقيت بهم في السعودية، فأذكر منهم الشيخ عبدالله الغديان -عضو هيئة كبار العلماء- الذي درّسنا علوم القرآن، ودرّسنا التفسير الدكتور مصطفى مسلم -وهو من العلماء السوريين المعروفين-، وغيرهم. وقابلت أيضاً عدداً من كبار العلماء منهم: السيد أحمد صقر، والأديب السعودي المعروف أحمد عبدالغفور العطار، وقابلت محمد قطب في مكة لإعداد المادة حول سيد وحياته.
هذا بالنسبة لدراستي وطلبي للعلم، أما الوظائف التي عملت بها، فبعد تخرجي من الأزهر عينت بوظيفة واعظ بوزارة الأوقاف في الأردن، وكان تعييني في مدينة الطفيلة. وفي عام 1974م انتقلت إلى مدينة السلط حيث عملت مراقباً للتوجيه الإسلامي (مساعد مدير أوقاف). وفي سنة 1980م -وبعد حصولي على الماجستير- عُيِّنت في كلية العلوم الإسلامية في عمان، وبقيت فيها حتى عام 1991م، وكنت عميداً لها في آخر سنتين، بعدها أصبحت مدرساً في كلية أصول الدين / جامعة البلقاء التطبيقية، وما زلت أعمل فيها إلى الآن. وخلال هذه الفترة من عام 1981م – 1994م عملت خطيباً وإماماً في مسجد عبدالرحمن بن عوف في منطقة صويلح بعمان.
الفرقان: عدد مؤلفاتك وأقربها إلى قلبك؟
د. صلاح: أحمده سبحانه أن منَّ عليَّ بالكتابة والتأليف. عدد المطبوع من مؤلفاتي بلغ (44) كتاباً، أولها طبع سنة 1981م بعنوان (سيد قطب الشهيد الحي). أما أقربها إلى قلبي فكما يقولون: (كلهم أولادي)، لكن هناك سلسلة قرآنية سمَّيتها: (من كنوز القرآن) خرج منها عشر حلقات منها: مفاتيح للتعامل مع القرآن، في ظلال الإيمان، الشخصية اليهودية من خلال القرآن، لطائف قرآنية .. إلخ.
الفرقان: إذا ذكر اسمكم -فضيلة الشيخ- فوراً نذكر الأستاذ سيد قطب. ما العلاقة التي تربطك به رحمه الله، وما هو أول كتاب قرأته له؟
د. صلاح: هي علاقة محبة وتلمذة، أما صلة شخصية فلم يكن بيني وبين الأستاذ سيد قطب صلة شخصية، لم ألتق معه لأني عندما سافرت إلى مصر، كان سفري في شهر (9) سنة 1965م، وكان سيد قد اعتقل في شهر (7) من السنة نفسها، وبعدها أعدم، فلم ألتق معه لقاء شخصيّاً إنما تتلمذت على كتبه، قرأتها كلها. لما سافرت للقاهرة كان قد وقع في محنة فزاد إعجابي بالرجل، فأقبلت على كتبه، رغم أنها كانت ممنوعة وغير متوفرة في المكتبات، لكن كنا نحصل عليها عن طريق بعض الزملاء والمعارف وبطرق خاصة.
أما أول كتاب قرأته لسيد فله قصة .. كنت في المدرسة أحب القراءة والمطالعة، وكنت أتردد على مكتبة المدرسة، فاستهواني اسم كتاب بعنوان: (مشاهد القيامة في القرآن) ومؤلفه سيد قطب، قبل ذلك لم أكن قد سمعت عنه، فأعجبني اسمه (سيد) و (قطب)، وعنوان الكتاب أعجبني، فاستعرت الكتاب من المكتبة وأخذته إلى البيت وقرأته، وأعترف أنني لم أفهم معظم ما فيه إلا أنها كانت أول مرة أسمع فيها عن سيد وأقرأ له.
الفرقان: استشهد سيد قطب أثناء إقامتكم في القاهرة. كيف كان شعوركم يوم بلغكم نبأ استشهاده رحمه الله؟
د. صلاح: حقيقة حزّ في نفوس الجميع استشهاد سيد، كان استشهاده في (29/ 8/1966م) فتألمنا جميعاً، وأذكر منظراً لا أنساه، فقبل استشهاده كنا في كافتيريا المدينة الجامعية في الأزهر، وفيها تلفاز، وكنا نجلس نستمع لنشرة أخبار الساعة الثامنة مساءً، وفي النشرة عرضوا صورة سيد قطب عندما خرج من السجن لتنفيذ حكم الإعدام عليه، فسلَّم على جميع الضباط والجنود الموجودين وصافحهم واحداً واحداً، ولما وقف على باب السجن، صافح الواقفين، وكانت سيارة السجن تنتظره، فركب السيارة والتفت للخلف وحياهم جميعاً، وابتسم ابتسامته الكبيرة التي انتشرت بعد ذلك في الصحف .. كان منظراً مؤثراًً، وهذا ردّ على من يقول: إن سيداً كان رجلاً مكتئباً وسوداويّاً .. بالعكس كان وجهه مشرقاً في الصورة، وكان يسلم على أعدائه الذين حاربوه وعذّبوه، ومع ذلك كان يسعهم بقلبه الكبير.
وأذكر أنني في يوم استشهاده كنت في البيت ولم أخرج .. كان من الصعب أن يخفي أحدنا حزنه وألمه على ما جرى، لكن رجال البوليس المصري آنذاك كانوا يحاسبون الناس على عواطفهم، ففي اليوم التالي لاستشهاده، رأيناهم يعتقلون أي رجل ملتزم تبدو عليه مظاهر الحزن لما حدث! وهذه قمة السوء؛ أن تحارب الناس على عواطفهم.(/)
وقفة مع خبر وفاة الدكتور محمد أبو الأجفان
ـ[أحمد بن فارس]ــــــــ[10 Oct 2006, 10:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين ..
بلغني من تونس أنه بالأمس توفي الأستاذ الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان التميمي القيرواني، أستاذ الفقه المقارن بقسم الدراسات العليا الشرعية بجامعة أم القرى وجامعة الزيتونة بتونس – فرحمه الله رحمة واسعة – فقد عرفته أستاذاً في الدراسات العليا بجامعة أم القرى، يدرس الفقه المقارن، والمصادر الفقهية، والأصولية، والبحث العلمي والتحقيق.
الدكتور محمد لمن لا يعرفه من أكثر علماء هذه الأمة غزارة في الإنتاج العلمي حيث بلغت مصنفاته المئين من الكتب والبحوث والرسائل في شتى العلوم الإسلامية، ويغلب عليها الدقة فلا يهتم بها إلا من كانت بجعبته علمية مؤصلة، فالدكتور رحمه الله عالم أكاديمي يهتم بالتأليف متخذاً المنهج العلمي في البحث والتحقيق طريقة ومنهجاً ولا يحيد عن ذلك، لا عجب وقد درّس مادة البحث والتحقيق لأجيال من أساتذة الجامعات وطلبة العلم والقضاة.
كانت حياته كلها للعلم، ومع كبر سنه، وضعف صحته إلا أنه ما انفك يبدي فرحته بكتاب جديد يراه، وتحس بسعادته حين يقتني كتاباً أعجبه، ويذكر أنها ساعات مفرحة لروحه، مبهجة لنفسه.
يقول لنا في بداية الفصل الدراسي: سأجعلكم يا أبنائي تستطيعون النقاش، والاهتمام بكتب البحث العلمي، وتحبون الاطلاع على ما استجد من الكتب.
وما أن ينتهي الفصل إلا وقد نجح في تحقيق الهدف، بطريقة أو بأخرى، فوجدنا أنفسا ننطلق في الحوار، ونكثر النقاش، خاصة نحن خريجي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذين مرت علينا سنوات البكالوريوس بأكملها لا يكاد أحدنا يتكلم كلمة واحدة في القاعة، ولا يحق له الاعتراض أو المناقشة، فالطريقة السائدة فيها (التلقين) إلا من رحم الله ..
وقد كان الدكتور يدع الطلاب يتحدثون في القاعة أكثر منه، ولا يزال يؤكد على استخدام الفصحى، ولا يرضى بغيرها.
إنني لا أعجب لتجاهل الإعلام العام لوفاة الدكتور رحمه الله، فهذا دأبه مع رموز الأمة، وللأسف فهذا الداء طال الإعلام الإسلامي أيضاً.
الدكتور يا أخوة خدم باحثي هذه الأمة في جوانب شتى، فمنها:
- تأليف الكتب، وتحقيق المخطوطات.
- التقديم لكثير من الباحثين في كتبهم العلمية.
- الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعتي أم القرى والزيتونة.
- توفير المخطوطات لعديد من الجهات العلمية والشخصيات الباحثة.
- العضوية في عديد من المجامع الفقهية.
أرجو من الإخوة الدخول على googel وإدخال اسم الدكتور
(محمد أبو الأجفان) وأن تطلعوا على جانب من حجم الجهد العلمي الذي قام به خلال عشرات السنين.
العجيب أن الدكتور حتى في آخر حياته ما فتيء يتابع جديد الكتب،
ولم يتوقف عن التأليف والتحقيق، كانت روحه شابة، لم يمل أو يكل، كنت أقول ليتنا نستطيع إعطائة من عمر وصحة كثير من شبابنا التائهين في حياتهم ...
أخيراً لم أرَ ذكرًا للدكتور في المواقع الإسلامية!!!
أليس هذا دليلا على عدم اكتراث الأمة بالعلماء، وأقسم غير حانث أنه لو كان أحد القصاصين مدمني الظهور في الشاشات، بله أحد الفنانين أو المطربين، لظهرت صورته في كل موقع، وانتشر نعيه في كل زاوية ...
ولكن إنا لله وإنا له لراجعون، وصدق القائل:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم-----وبقيت في خلف كجلد الأجرب
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Oct 2006, 10:43 م]ـ
رحم الله الدكتور أبا الأجفان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. وموته في هذه الأيام الفاضلة بشرى خير له إن شاء الله، ونرجو أن يدخله الله جنات النعيم، ويكافأه على جهوده التي بذلها في خدمة العلم وطلابه أحسن المكافأة. ونعم الرجل والأستاذ كان فقد لقيته مرات في مكة المكرمة، وقرأت له الكثير من تحقيقاته وبحوثه.
وجزاك الله خيراً أخي أحمد على حرصك وغيرتك وبرك بهذا الشيخ الجليل، وما ذكرته من تغافل وسائل الإعلام له فليس هو بأول عالم يحدث له هذا في زماننا، فحال الإعلام ما قد علمتَ وذكرتَ، وإن كانت وفاته حديثة، وأرجو أن توفق وسائل الإعلام الجادة إلى تعريف الأمة وأجيالها بهذا العالم المحقق.
اللهم ارحمه برحمتك الواسعة في هذا الشهر الكريم، وألحقنا به غير خزايا ولا ندامى يا رب العالمين.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[11 Oct 2006, 12:13 ص]ـ
رحم الله الدكتور أبا الأجفان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. وموته في هذه الأيام الفاضلة بشرى خير له إن شاء الله، ونرجو أن يدخله الله جنات النعيم، ويكافأه على جهوده التي بذلها في خدمة العلم وطلابه أحسن المكافأة
اللهم آمين
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[11 Oct 2006, 12:14 ص]ـ
رحمه الله وأسكنه الجنة.
أبو الأجفان، ومحمد حجي، ومحمد بن تاويت، والهيلة، والأهواني، وابن الخوجة، وغيرهم، من كبار المحققين في البلاد المغربية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[11 Oct 2006, 06:09 ص]ـ
لا عليك أبا فارس فإن كان الله له فلا مذمة ولامنقصة،،، وانظر كم طوى الزمن من العلماء والعباد والصالحين دون أن تعرفهم وسائل الإعلام، إلا أن لعلمهم وإخلاصهم منابر نور في رياض الصالحين، ومداد تبر في دفاتر المتعلمين، ورائحة زكية من أفواه المعلمين، ولسان صدق في العالمين، أسأل المولى أن يكون صاحبك منهم.
أحسن الله عزاء الجميع في شيخكم واسكنه فسيح جناته وكتب ذكره في الخالدين من عباده المخلصين.
الإعلام ... وهل هناك إعلام يحمل هم الإسلام على عاتقه، لقد أفلس الإعلام أيما إفلاس وكهره الصغير قبل الكبير، وإنها لبشري خير ـ إن شاء الله ـ أن يصل الإعلام إلى هذا المستوى من السخف الذي ليس بعده إلا الخسف، وهي تباشير خير بولادة فجر جديد لإعلام تقبله عامة المسلمين قبل خاصتهم.
فلا تعجب رحمك الله فما مثل هذا التجاهل بعجيب على شاشة تحتفي (براقص) * ومغنية، فلم تكن لهم هذه سجية حتى تفتقد أو شيمة حتى تنتقد، إنما سل عن صاحبك في ما خط وكتب ولقن وخطب، يكفى أن تكون أنت أحد ثماره ودليل خير إن شاء الله على علو مقداره.
نحن ياصحبي بحاجة أن تحتفي قنوات إعلامنا بعلمائنا قبل موتهم، فتبث خبرهم وتنشر علمهم وتحيي بالنور الذي في صدورهم ماطفئ من مصابيح دور المسلمين، أما نعيهم بعد موتهم فهو محل نظر وتأبينهم بعد رحيلهم فشكره لمن حضر.
على حد قول القائل:
لا ألفينك بعد الموت تندبني = وفي حياتي ما زودتني زادا
اللهم ارحم عبدك محمد أبو الأجفان واملأ عليه قبره نورا ورحمة وسرورا وجميع موتى المسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أستغفرالله من إيراد مثل هذا، فقد كان الغناء يعرف في الجنسين في زمن مضى غير أن الرقص كان بالنساء أليق، ولم يكن في الرجال إلا من شيمته التخنث منهم، أما اليوم فقد اختلط الحابل بالنابل والله المستعان، نسأل الله الهداية للجميع.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[11 Oct 2006, 09:40 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
ونعم والله، طوبى لمن لا يُعرف.
فقد أنتج هذه الصدقات وهذا الزاد العلمي الزاخر في المكتبة الإسلامية، والتي ستبقى أثراً صالحاً بعد الرحيل له تمدُّ قبره _ إن شاء الله _ بالنور والأجر الكبير.
أحسن الله مصاب أهله، وجبر كسرهم في مصيبتين:
وفاة شيخهم وعالمهم.
وقرب رحيل هذا الشهر المبارك.
وأحسن الله خاتمتنا، وأصلح حالنا، إنه سبحانه خير مسؤول.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[11 Oct 2006, 11:01 ص]ـ
انا لله وانا اليه راجعون ولولا ثقتي بالله لقلت قول المتنبي
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر .......................... فزعت فيه بآمالي الى الكذب
رحم الله الشيخ الذي لم القه ولكن لقيت فضله فكان فاضلا مشاركا معنا في الكتاب الذي اعددناه بعنوان (دراسات اسلامية وعربية مهداة الى العلامة الاستاذ الدكتور فضل عباس بمناسبة بلوغه السبعين)
فرحمة الله تعالى عليه رحمة واسعة وعوض المسلمين عنه خيرا
ـ[منصور مهران]ــــــــ[11 Oct 2006, 11:25 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون
هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[11 Oct 2006, 01:17 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته إنه جواد كريم، ما ذكر هنا عن الإعلام يؤكد أهمية البرامج الإسلامية التي تعنى بعلماء الأمة وهي قليلة جداً ولا يمكنها أن تلتقي بالكبار فقط فما بالك بكل من يستحق التعرض لسيرته، ويذكر هنا برنامج صفحات من حياتي الذي يقدمه الأستاذ فهد السنيدي في قناة المجد وهو برنامج رائع لكن كيف يمكنه استضافة جميع البارزين؟ حيث يقول الأستاذ فهد السنيدي: (أن القائمة طويلة جداً ونحرص على كبار السن والمرضى لكي ندركهم قبل رحيلهم) لعل أصحاب القنوات الإسلامية يهتمون بهذا الأمر ويتقاسمونه بينهم، وكذلك المواقع الإسلامية.
ومرة أخرى نسأل الله للشيخ العفو والمغفرة وأن يعمه برحمته.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[11 Oct 2006, 02:13 م]ـ
رحمه الله .. رحمه الله .. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجعله وإيانا من عتقائه من النار في هذا الشهر المبارك ...
وإنا لله وإنا إليه راجعون
الله اغسله من خطاياه بالماء والثلج والبرد، اللهم نقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب ... اللهم اجمعنا معه على حوض نبيك المصطفى، واجعل مستقرنا معه في الفردوس الأعلى إنك سميع قريب مجيب ... آمين.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[11 Oct 2006, 02:42 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته , ولعل الأخوة الذين يعرفونه عن قرب , يتحفوننا بترجمة وافية له.(/)
من يدلنا على مظان هذه القاعدة؟
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[11 Oct 2006, 04:40 م]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه
أما بعد: قرأت قديما هذه القاعدة: " الكتابة ممن نأى بمنزلة الخطاب ممن دنا. "
لكنني نسيت مظانها فهل من مشمر؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Oct 2006, 06:28 م]ـ
الأخ العزيز صادق الرافعي وفقه الله ورفع قدره.
هذه المقولة تجدها في كلام الجاحظ عن أهمية الكتابة والكتاب، وتجدها بنصها أو بمعناها في كلام الصولي في كتابه (أدب الكتاب) ومثله كتاب ابن قتيبة (أدب الكاتب)، وتجدها في كلام الأدباء عن فضل الكتابة والقلم في كتب الأدب كالعقد الفريد، ونهاية الأرب.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[11 Oct 2006, 09:32 م]ـ
هذه المقولة من كلام فقهاء الأحناف حول ثبوت التصرف الذي يكتب به المكلف دون تلفظ منه كأن يكون مسافرًا أو أخرس؛ ففي المبسوط للسرخسي في كتاب الطلاق في شأن من كتب إلى امرأته كتابا يطلقها فيه جاءت هذه المقولة بصيغة: (الكتاب ممن نأى بمنزلة الخطاب ممن دنا).
ووجدتها في كتاب الهداية للمرغيناني في آخرالجزء الرابع في مسائل شتى في كتابة الأخرس بصيغة: (أما الكتابة ممن ...... )
وفي تبيين الحقائق شرح كنز الرقائق، بصيغة: (الحديث والكتابة ممن نأى ........ )
ولا أدري ما المقصود بلفظ (الحديث) هنا، فقد كان الشيخ علي الطنطاوي يقول: إنها في زماننا بمثابة حديث المرء عبر الهاتف، وقديما بمعنى حديث المرء إلى من يسمعه ويبلغ عنه إذا كان ثقة وعلى قوله شهود.
والله أعلم بصحة التفسير الأخير.
ولم أبحث في الكتب التي أشار إليها أخي الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري، ولعلي أنظر فيها فيما بعد.
وبالله التوفيق.(/)
السمر في طلب العلم والتعليم
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[12 Oct 2006, 09:34 م]ـ
في كتاب العلم لأبي خيثمة رحمه الله تعالى:
قال حدثنا أبو خيثمة ثنا عبدالسلام بن حرب عن ليث عن مجاهد قال:
" لا بأس بالسمر في الفقه "(/)
في لغة العرب. . .
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[12 Oct 2006, 09:45 م]ـ
في لغة العرب ..
يصح نفي العمل عن عاملة إذا كان عمله ليس على حقيقته، فهم يقولون للصانع الذي يصنع لكنّ صناعته ليست جيدة يقولون:
ليس بصانع
وهو صانع لكن المراد ليس صانع متقن للصناعة فالمنفي هو الإتقان لا مجرد الصناعة
وكذا يقول الأب لابنه العاق: ليس ابني، وهو من صلبه .....
وعلى هذا تُحمل النصوص الشرعية التي نفت الإيمان عمن اقترف معاصي مثل: " لا أيمان لمن لا أمانة له " و " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
انظر كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام ص 90 طبعة دار الأرقم باعتناء الشيخ الألباني وتخريجه رحمه الله تعالى
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Oct 2006, 10:25 م]ـ
قد وجدنا ذلك مصداقًا لما في القرآن الكريم؛ فإن نوحا عليه السلام بعد غرق ولده العاق أسف عليه (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين)
فتلقى من ربه القول الفصل (قال يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألنِ ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين).
وفيه أدب اللهُ نبيَّه نوحا أن يعي حكمة الله في نفي ولد نوح عن أهل نوح مع أنه ابنه من صلبه كما دل عليه نداء نوح، ولكنه عمل عملا غير صالح فاستحق الحرمان من شرف النسبة إليه، فإذا أصر نوح على إلحاق ولده به دخل في زمرة الجاهلين؛ لذلك وعظه ربه بهذا النفي لئلا يكون نوح من الجاهلين.
وعكس النفي إثبات، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (سلمان منا أهلَ البيت) مع أنه على غير ذلك ولكنه نال شرف تكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ للخير الذي فيه. وبالله التوفيق.
ـ[الجكني]ــــــــ[12 Oct 2006, 10:55 م]ـ
فتح الله عليك الشيخ منصور،لكن آمل تصحيح سبق القلم في الكلمة القرآنية (أعظك) حيث كتبت بالميم بدل الكاف (أعظم) مما غيّر المعنى0
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[14 Oct 2006, 03:19 م]ـ
أثابك الله يا شيخ منصور
" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "(/)
أخى .. يهون العمر كله إلا هذه الليلة.
ـ[ناصر]ــــــــ[13 Oct 2006, 07:28 ص]ـ
http://www.yaqob.com/site/docs/articles_view.php?a_id=94&cat_id=14(/)
الفضيلة الذاتية
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[13 Oct 2006, 11:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان وله الحمد ثانيا بمحمد والقرآن وله الحمد ثالثا بشهر رمضان، وصلى الله علي خير من صلى وصام وقام لله الواحد الديان.
وبعد
فنحن في موسم عظيم من مواسم الجد في العبادة واغتنام ساعات العمر.
ولاشك أن تخصيص الأزمان الفاضلة بالاجتهاد في الطاعة أمر محمود انتهجه سلف هذه الأمة رحمهم الله، وهي مسألة لا اعتبار بخلاف من خالف فيها وأدرجها في البدع الإضافية، فكما أن هناك أماكن خصها الله بتشريف وتعظيم كبيته سبحانه ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم وغيرهما من الأماكن الفاضلة التي مستند تعظيمها الوحيين الشريفين أو أحدهما، فكذلك هنالك أوقات خصها الله تعالى بشرف الزمان، كليلة القدر والليال العشر ويومي عرفة والنحر وشهر رمضان وغيرها من الأزمان والأوقات الفاضلة التي تنبعث فيها همم الصالحين وتشمرعن ساعد الجد والاجتهاد في اغتنامها بكل عمل مشروع، وإن لرمضان لنفس تنبعث معه الهمم الشريفة للأعمال الفاضلة.
وكل مسلم أدرى بنفسه وبما يجدها فيه من قربة وطاعة فكل إنسان على نفسه بصيرة، وحيث يرى نشاط نفسه وانشراح صدره لأي باب من أبواب الخير والعمل الصالح، كل ذلك حسب طاقته وقدرته وانشراح صدره لما وفق له، فكل ميسر لما خلق له، والموفق من وفقه الله لمعرفة أبواب الخير وطرقها ولزوم أقربها إلى قدرته وانبعاث همته، وإنه لملحظ نفيس يجب على المسلم التفطن له والعناية به ومثله معدود في فقه النفس والأولويات والتمييز بين الصالح والأصلح ... ، فمن الناس من يفتح عليه في باب الصدقة والبذل والعطاء حتى خشي المأمون يوما أن لا يثاب على صدقة لما وجد من لذة ومسارعة في هذا العمل، وفي نفس الوقت قد يكون هناك مشمر في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس لديه همة الأول في البذل والعطاء، وآخر يجد من المعونة في قيام الليل والاستغفار بالأسحار مالا يجدها في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورابع يجد من الإقبال على العلم والتعليم والتعلم والتأليف مالا يجده في باب من أبواب الخير الأخرى ... ، فالكمال عزيز والنقص لازم ونية الخير قد تبلغ بالمؤمن مالا يبلغه بأعماله، وإذا شعر المؤمن بمعنى العبودية وأن العنت أمامه في كل ميدان يغفل فيه عن هذا المعنى وفق لباب من أبواب الخير يكون منبع سعادته وسروره في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، ورحم الله الإمام أحمد عندما سأله ابنه عبدالله أن يوصيه بوصية تنفعه فأجابه قائلا: يابني استكثر من نية الخير.!
وقبل الشروع في المقصود أود أن أنبه لوجوب التفرقة بين تخصيص هذه الأوقات الفاضلة بالاجتهاد في الطاعات والقربات المشروعة , وبين تخصيصها بإنشاء عبادة مشروعة في أصلها، فالأول كإطالة قيام الليل في شهر رمضان عن سائر الشهور لمن وفق لقيام الليل، وكإدامة تلاوة كتاب الله طيلة شهر رمضان كما كانت عادة السلف رحمهم الله فقد كان مالك رحمه الله إذا دخل رمضان لم يشتغل بغير المصحف.
وأما الثاني فكتخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة مثلا , فهذه مسألة فيها نزاع بين أهل العلم، وكأن الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام يرى بدعية مثل هذا التخصيص، وتابعه في هذا بعض المعاصرين من أهل العلم.
والأمة لازالت بخير ماركبت ثبج سنة المطفى صلى الله عليه وسلم واقتفت أثره، وارتسمت خطاه وعلمت أن الخير في اقتفاء أثره ولزوم هديه، وأنت ترى كم يلحق أحدهم من العنت والمشقة عند الحيدة عن هذا الطريق، واجتهاده في باب من أبواب العبادة على غير هدى وبصيرة، كمن يأت في رمضان بأكثر من عمرة، فلربما اعتمر بعضهم عنه وعن كافة أسرته، والعجيب عند حلقه رأسه أو تقصيره تجد أنه يأخذ في كل عمرة جزء يسير من شعره تاركا الجزء المتبقي للعمرة التي تليها كما ذكر الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله رؤيته لمثل هؤلاء، وهذا الفعل وإن كان لا يخلو من نية خير قد يثاب عليها كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، إلا أن صاحبها قد أوقع نفسه في حرج وعنت ومشقة دخلت عليه من تركه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومادرج عليه أخيار الأمة وأعلامها النبلاء من سلفنا الصالح رحمهم الله، فلم يأت صلى الله عليه وسلم إلا
(يُتْبَعُ)
(/)
بأربع عمر أنشأ لكل عمرة منهن سفرة مستقلة، وكان هذا حال السلف رحمهم الله، فقد كان الإمام أحمد وغيره من أهل العلم يمضي العام والعامين والثلاثة وأكثر من ذلك دون أن يعتمر، بل ربما فات أحدهم الحج ولم يستطع أن يأت بحجة الإسلام كابن عبدالبر وابن حزم الأندلسيان رحمهم الله، ولعل بعد الشقة وقيام المانع والعذر حال دون أدائهم لهذا الركن العظيم.
وقد حدثني المحدث الكبير الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن السعد حفظه الله، أن أحد شيوخنا الكبار وقد سماه لي، قام بالحج نيابة عن ابن عبدالبر رحمه الله، كما قام أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري بالحج عن صاحبه. فجزاهما الله خيرا على وفائهم وحسن تكرمهم.
ولا شك أن ما خلقه الله لنا في هذا العصر من وسائل النقل وسبل الراحة باعثا على أن يستكثر المرء من قصده البيت الحرام لحج أو عمرة، وهذا فضل من الله تفضل به علينا فله الحمد والمنة.
والعمرة في رمضان فضلها أشهر من أن أعطف القلم بالحديث عنه، فليس هذا ما دعاني للكتابة والتنبيه.
إنما كان الداعي للكتابة هو غفلة الكثير من الناس وربما شارك في هذا بعض طلاب العلم، عن النظر إلى الأصلح للقلب الذي هو محل نظر الجبار جل في علاه كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح، واعتبار قاعدة الموازنة بين المصالح وتقديم الأصلح، ومعرفة الأولويات والفاضل من المفضول، وما كان خيره ونفعه قاصرا على صاحبه وبين ماكان نفعه متعديا للآخرين، والأمر في هذا كله يرتكز في المقام الأول على النيات والله المستعان، وكما قيل: فكم من قائم محروم ونائم مرحوم، ورب عمل لايأبه له صاحبه فضلا عن الناس، يكون سبب نجاة صاحبه وفوزه يوم القيامة، (فإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وربما كانت حينا سبب من أسباب دخول الجنة) **.
أسأل الله لي ولكم من فضله العظيم، فمدار الأمر في كل هذا على ما تعلق بقلب العامل قبل قالبه.
عليه أحببت أن أذكّر بقاعدة فقهية نافعة، كان للزمان كما نحن الآن في شهر رمضان داع لذكرها والتنويه بها، لما رأيت الكثير ممن استرعاهم الله على بعض خلقه تركوا رعيتهم من زوجات وذراري، وأضاعوا الكثير من الحقوق، قاصدين البيت العتيق للاعتكاف أو المجاورة، وربما ضاق بأحدهم الحال والوقت في الانشغال بالمطعم والمشرب وترتيب المسكن واستقبال الوفود من الأقارب والأصحاب، والأخذ معهم في ماجريّات الحياة، فلم يغنموا الوقت في الصالحات من الأعمال، وربما أوقعوا أسرهم من خلفهم في عنت ومشقة، والأعظم من هذا كله خسارتهم للركن العظيم في أي عبادة بدنية كانت أو قلبية ألا وهو الخشوع والطمأنينة والسكينة والإقبال على الله بقلب خاشع مقبل مطمئن.
والقاعدة تقول: (أن الفضيلة المتعلقة بذات الفعل مقدمة على الفضيلة الزمانية والمكانية).
فالمسلم ينبغي عليه أن يحرص بأن يكون في العبادة حيث كان قلبه، فلربما فاق مصل في مسجد حيه من ركب الصعب والذلول وجاور البيت الحرام، وبيان ذلك كله في مضمون هذه القاعدة العظيمة.
فكل فضيلة متعلقة بذات الفعل، كالخشوع من الصلاة وإن كان في مسجد الحي، وتلاوة القرآن العظيم بتدبر، يفوقان في المثوبة والأجر ما لو كانت هذه الصلاة في البيت الحرام مع افتقاد المصلي للخشوع والطمأنينة، أو قراءة القرآن لأكثر من ختمة دون خشوع ودموع ومسألة وتدبر، فهنا فضيلة قائمة بذات الفعل وهي الخشوع والطمأنينة، فإن تعارضت مع الفضيلة المكانية وهي الصلاة في البيت الحرام أو الزمانية وهي المجاورة في هذا الشهر العظيم مثلا، فالمقدم منهما ماتعلق بذات الفعل لا ماتعلق بشئ خارج عنه.
وزيادة في تجلية الأمر فلو صلى مصل في مكة في مسجد خارج الحرم خلف إمام رق قلبه من قراءته ودمعت عينه واستجمع فكره وقلبه وأقبل على صلاته لكان أفضل من صلاته بين الركن والمقام فاقدا لكل هذا أو أكثره ...
(يُتْبَعُ)
(/)
فلو سأل سائل وقال: أنا إن بقيت في بيتي أتلو كتاب الله بتدبر وخشوع وتأمل وبكاء أو تباك وأصلي في مسجد حيي خلف إمام أجد دموعي تسابق تلاوته وخشوعي يضارع طمأنينتي ومع هذا قائم بحق رعيتي وربما لم أجد هذا لو سافرت إلى البيت الحرام وصليت بين الركن والمقام منشغل البال بالأهل والعيال فأي الحالين أفضل وأكمل، لقلنا له بل بيتك ومسجدك وإمامك فا لزم، فهنا تواجد فضيلة لها تعلق بذات الفعل ولبه، وهناك تواجد الفضيلة له تعلق بالمكان أوالزمان، والمقدم ماكان تعلقه بذات الشئ لا بما كان خارجا عنه.
كانت هذه إلماحة عابرة كمذقة الشارب حول هذه القاعدة، وإلا فالكلام حولها يطول وكنت سأحرر الكلام فيها وأزينه بكلام أهل العلم، إلا أني خشيت من فوات مناسبة إيرادها، فأسرعت بها لهفة للعجلان، واحتسبت انشغالي بها عن مدارسة القرآن بالموعود عند الواحد الديان، ولعل لنا من عودة إن شاء الله لبسطها وتحريرها وتزيينها بكلام أهل العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
إنا لله وإنا إليه راجعون من تسارع الزمان وتصرم الأعمار، فيعلم الله لقد حال الحول على هذا المكتوب، وكان شبه منسي على الحاسوب، حتى استخرجته بنقرة، فكان أن خرجت زفرة، وفاضت العبرة، لما تذكرت من الأهل والأحباب من جمعتني بهم أرمضة، وغدت منهم دورهم وأوطانهم مقفرة، وأفتقدناهم في الجمعة والجماعة، ولم يعد لنا من موعد معهم إلا الساعة، حتى غدو تحت الجنادل والدثور وحدهم، بعد أن كنا نسمع أصواتهم، ونأنس بأشخاصهم، حال بيننا وبينهم سياج حق، فقامت لهم معنا حقوق.
حق الدعاء بالرحمة والمغفرة والصدقة ... ، إني لأتذكر في ساعة كريمة بعض من فقدتهم، فيكون أول ما أذكر حاجتهم لتأدية حقهم علي من رحم أو أخوة أو مودة أو وفاء ... ، بالدعاء لهم فما أحوجهم والله لأنفاس إخوانهم المؤمنين، والجزاء من جنس العمل.
وكم أزدري يعلم الله من يتحدث عن والديه أو أحدهما أو عزيز عليه بعد فقده، ثم تراه يأتي بذكره متشدقا دون ترحم أو استغفار، عندها أظن به قلة وفائه وزيف معدنه.
سنة كاملة مضت،،، فهل تركتنا أم نحن تركناها، أمّا هي فقد أبلت فينا بلاء حسنا، وعملت فينا بكل معول لها، وما أكثرها وأكثر أوصابها وأكدارها، أمّا نحن ففريقان غانم وغارم فنعوذ بالله من المأثم والمغرم.
وإني يعلم الله مذ عهدت الصيام وعقلت شهر رمضان ماعلمت أنه مرعلى كما بين رمضاننا هذا ورمضان العام، فما زالت الكثير من أحداث رمضان العام راسخة في الذهن كأنما تفصلنا عنها أيام. وإن في هذا لعبرة لنا جميعا فقد تسارع الزمان بشكل مخيف، فلم تعد الأعمار بالأعمار وإن كان الليل هو الليل والنهار هو النهار، فياسعادة من اغتنم أنفاس عمره في عمل صالح وبادر بما يحب قبل أن يبادر بما لا يحب.
إليك مولاي سف عبرتي، على أن بدت شيبتي، ولم أفق بعد من غيبتي
إليك ألقيت معاقد الآثام من عنقي، فتقبلني على ماكان مني
فوعزتك وجلالك ماعهدت منك إلا كل جميل
أذنب وتغفر، وأخطى وتعفو، وأجحد وتشكر
وأنت القوي الغني المهيمن الكريم الرحمن الرحيم
فالحمد لك مولاي إذ شرفتني برداء العبودية
والحمد لك مولاي إذ كسوتني من سترك الجميل
فيا أعظم من سوئل ويا أكرم من أعطى ويا أفضل من وهب ويا أرحم من رحم
ويا أصدق من وعد
نسألك وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
أن ترحم أمواتنا وأموات المسلمين وأن تملأ عليهم قبورهم نورا ورحمة
وأن تتجاوز عنهم وترفع درجتهم وتكرم نزلهم
وأن ترحمنا رحمة من عندك لا تغادرنا حتى نلقاك وأنت راض عنا
وإني لأرجو الله حتى كأني أرى بجميل الظن ما الله صانع
اللهم ارزقنا صدق التوكل عليك وحسن الظن بك
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2006, 10:30 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التنبيه الهام، والقاعدة الجليلة. وقد عزيتني بمقالك لعدم قدرتي هذا العام، على المجاورة بالبيت الحرام. ولعلك تزيد هذه القاعدة بياناً وتأصيلاً في قابل الزمان بارك الله في علمك.
ليلة 23/ 9/1427هـ
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[15 Oct 2006, 09:25 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الأستاذ الكريم فلقد عزّيتني أيضا بمقالك ... أسأل الله تعالى أن يجعل ما كتبتَ في
ميزان حسناتك.
وأغتنمها فرصة لأذكرك بما وعدتنا من بعثٍ لـ ... " بعث الفكرة " ... فلعلك - جودا وكرما - تزجيها مع نسيمات العيد السعيد.
حليف النّدى يدعو النّدى فيجيبه ** سريعا ويدعوه النّدى فيجيب
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[03 Nov 2006, 03:18 م]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن إليك على هذه الكلمات المباركات(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- الدعاء بعد الطعام
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[14 Oct 2006, 03:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (28) بتاريخ 20/ 9/1427 - الدعاء بعد الطعام
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
قم بالعمل بالسنة الآتية ثم قم بالتصويت
فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي: "كان إذا رفع مائدته قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مستغنى عنه ربنا"، رواه البخاري، وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه". رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
برنامج إحياء السنة النبوية
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html(/)
أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[14 Oct 2006, 11:31 ص]ـ
أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه أما بعد:
فقد أذنت بطباعة هذه الأسئلة والأجوبة بعد قراءتها، رجاء أن ينفع الله بها والله الموفق.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
المؤلف
عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي
22/ 3 / 1422هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ........ أما بعد:
فهذه بعض الأسئلة التي عرضت على فضيلة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي –حفظه الله – في مسائل الإيمان والكفر وأجاب عليها بهذه الأجوبة نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها في موازين حسناته.
السؤال الأول:
بم يكون الكفر الأكبر أو الردة؟ هل هو خاص بالاعتقاد والجحود والتكذيب أم هو أعم من ذلك؟
فقال الشيخ غفر الله له:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبدالله ورسوله نبينا وإمامنا وقائدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ........ أما بعد:
فإن الكفر والردة – والعياذ بالله – تكون بأمورٍ عدة:
- فتكون بجحود الأمر المعلوم من الدين بالضرورة.
- وتكون بفعل الكفر.
- وبقول الكفر.
- وبالترك والإعراض عن دين الله ?.
فيكون الكفر بالاعتقاد كما لو اعتقد لله صاحبة ًأو ولداً أو اعتقد أن الله له شريك في الملك أو أن الله معه مدبرٌ في هذا الكون أو اعتقد أن أحداً يشارك الله في أسمائه أو صفاته أو أفعاله أو اعتقد أن أحداً يستحق العبادة غير الله أو اعتقد أن لله شريكاً في الربوبية فإنه يكفر بهذا الاعتقاد كفراً أكبر مخرجاً من الملة.
ويكون الكفر بالفعل كما لو سجد للصنم أو فعل السحر أو فعل أي نوع من أنواع الشرك كأن دعا غير الله أو ذبح لغير الله أو نذر لغير الله أو طاف بغير بيت الله تقرباً لذلك الغير فالكفر يكون بالفعل كما يكون بالقول.
•ويكون الكفر بالقول كما لو سب الله أو سب رسوله ? أو سب دين الإسلام أو استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله ? أو بدينه، قال الله تعالى في جماعة في غزوة تبوك استهزؤوا بالنبي ? وبأصحابه: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُم ْ) فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان فدل على أن الكفر يكون بالفعل كما يكون بالاعتقاد ويكون بالقول أيضاً كما سبق في الآية فإن هؤلاء كفروا بالقول.
• ويكون الكفر بالجحود والاعتقاد وهما شيء واحد وقد يكون بينهما فرق فالجحود كأن يجحد أمراًَ معلوماً من الدين بالضرورة كأن يجحد ربوبية الله أو يجحد ألوهية الله أو استحقاقه للعبادة أو يجحد ملكاً من الملائكة أو يجحد رسولاً من الرسل أو كتاباً من الكتب المنزلة أو يجحد البعث أو الجنة أو النار أو الجزاء أو الحساب أو ينكر وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب الحج أو وجوب الصوم أو يجحد وجوب بر الوالدين أو وجوب صلة الرحم أو غير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة وجوبه أو يجحد تحريم الزنا أو تحريم الربا أو تحريم شرب الخمر أو تحريم عقوق الوالدين أو تحريم قطيعة الرحم أو تحريم الرشوة أو غير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة تحريمه.
• ويكون الكفر بالإعراض عن دين الله والترك والرفض لدين الله كأن يرفض دين الله بأن يعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله فيكفر بهذا الإعراض والترك قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) وقال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ).
فالكفر يكون بالاعتقاد ويكون بالجحود ويكون بالفعل ويكون بالقول ويكون بالإعراض والترك والرفض.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن أُكره على التكلم بكلمة الكفر أو على فعل الكفر فإنه يكون معذوراً إذا كان الإكراه ملجئاً كأن يُكرهه إنسان قادر على إيقاع القتل به فيهدده بالقتل وهو قادر أو يضع السيف على رقبته فإنه يكون معذوراً في هذه الحالة إذا فعل الكفر أو تكلم بكلمة الكفر بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، أما إذا اطمئن قلبه بالكفر فإنه يكفر حتى مع الإكراه نسأل الله السلامة والعافية.
فالذي يفعل الكفر له خمس حالات:
1 - إذا فعل الكفر جاداً فهذا يكفر.
2 - إذا فعل الكفر هازلاً فهذا يكفر.
3 - إذا فعل الكفر خائفاً فهذا يكفر.
4 - إذا فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالكفر فهذا يكفر.
5 - إذا فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالإيمان فهذا لا يكفر لقول الله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ@ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
السؤال الثاني:
هناك من يقول: (الإيمان قول وعمل واعتقاد لكن العمل شرط كمال فيه)، ويقول أيضاً: (لا كفر إلا باعتقاد)، فهل هذا القول من أقوال أهل السنة أم لا؟
الجواب:
ليست هذه الأقوال من أقوال أهل السنة، أهل السنة يقولون: الإيمان هو قول باللسان وقول بالقلب وعمل بالجوارح وعمل بالقلب، ومن أقوالهم: الإيمان قول وعمل؛ ومن أقوالهم: الإيمان قول وعمل ونية، فالإيمان لابد أن يكون بهذه الأمور الأربعة:
1 - قول اللسان وهو النطق باللسان.
2 - قول القلب وهو الإقرار والتصديق.
3 - عمل القلب وهو النية والإخلاص.
4 - عمل الجوارح.
فالعمل جزء من أجزاء الإيمان الأربعة، فلا يقال: العمل شرط كمال أو أنه لازم له فإن هذه أقوال المرجئة، ولا نعلم لأهل السنة قولاً بأن العمل شرط كمال.
وكذا قول من قال: (لا كفر إلا باعتقاد) فهذا قول المرجئة، ومن أقوالهم: (الأعمال والأقوال دليلٌ على ما في القلب من الاعتقاد) وهذا باطل، بل نفس القول الكفري كفر ونفس العمل الكفري كفر كما مر في قول الله تعالى (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) أي: بهذه المقالة
السؤال الثالث:
هل الأعمال ركن في الإيمان وجزء منه أم هي شرط كمال فيه؟
الجواب:
الإيمان قول باللسان وقول بالقلب وعمل بالقلب وعمل بالجوارح كما سبق.
ولا يقال: إنها شرط كمال أو إنها خارجة عن الإيمان أو إنها لازم من لوازم الإيمان أو من مقتضى الإيمان أو هي دليل على الإيمان إذ كل هذه من أقوال المرجئة.
السؤال الرابع:
ما أقسام المرجئة؟ مع ذكر أقوالهم في مسائل الإيمان؟
الجواب:
المرجئة طائفتان:
الطائفة الأولى: المرجئة المحضة أو الغلاة وهم الجهمية وزعيمهم الجهم بن صفوان فإن الجهم بن صفوان اشتهر بأربع عقائد بدعية هي:
1 - عقيدة نفي الصفات وأخذها عنه الجهمية.
2 - عقيدة الإرجاء وأخذها عنه المرجئة.
3 - عقيدة الجبر – أي أن العبد مجبور على أعماله – وأخذها عنه الجبرية.
4 - عقيدة القول بفناء الجنة والنار.
فهذه أربع عقائد خبيثة اشتهر بها الجهم.
والمرجئة المحضة عقيدتهم في الإيمان أنه مجرد المعرفة، أي مجرد معرفة الرب بالقلب، فمن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن، ولا يكون الكفر إلا إذا جهل ربه بقلبه، وبهذا ألزمهم العلماء بأن إبليس مؤمن؛ لأنه يعرف ربه قال الله تعالى عن إبليس (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ويكون فرعون أيضاً مؤمن لأنه يعرف ربه بقلبه، قال تعالى عنه وعن قومه
(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – في الكافية الشافية فصلاً طويلاً في بيان معتقد المرجئة المحضة وقال: إنه أخفى هذا مدة ثم أظهره وبيّن أن عقيدتهم مجرد معرفة الرب بالقلب وأنه لو فعل الأعمال الكفرية مع ذلك فلا تؤثر في إيمانه، فلو سبَّ الله أو سبَّ الرسول ? أو سبَّ دين الإسلام وقتل الأنبياء والمصلحين وهدم المساجد وفعل جميع المنكرات فلا يكفر ما دام يعرف ربه بقلبه وهذا هو أفسد قول قيل في تعريف الإيمان، وهو قول أبي الحسين الصالحي من القدرية.
ويليه في الفساد قول الكرّامية القائلين: بأن الإيمان هو النطق باللسان فقط، فمن شهد أن لا إله إلا الله بلسانه فإنه يكون مؤمناً ولو كان مكذباً بقلبه ويسمونه مؤمناً كامل الإيمان وإن كان مكذباً بقلبه فهو مخلد في النار فيلزمهم على هذا أن المؤمن الكامل الإيمان مخلدٌ في النار وهذا من أعظم الفساد وهو يلي قول الجهم في الفساد.
الطائفة الثانية: مرجئة الفقهاء وهم أهل الكوفة كأبي حنيفة – رحمه الله – وأصحابه وأول من قال بأن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان هو حماد بن أبي سليما ن شيخ الإمام أبي حنيفة، وأبو حنيفة له روايتان في حد الإيمان:
الأولى: أنه تصديق القلب وقول اللسان، وهذه الرواية عليها أكثر أصحابه.
والثانية: أن الإيمان هو تصديق القلب فقط وأما قول اللسان فهو ركن زائد خارج عن مسمى الإيمان.
وعلى هذه الرواية يوافق قول الماتريدية أن الإيمان هو تصديق القلب فقط.
ولكن الأعمال مطلوبة عندهم كالصلاة والزكاة والصوم والحج فالواجبات واجبات والمحرمات محرمات ومن فعل الواجب فإنه يستحق الثواب والمدح ومن فعل الكبائر فإنه يستحق العقوبة ويقام عليه الحد، ولكن لا يسمونه إيماناً. يقولون:الإنسان عليه واجبان: واجب الإيمان وواجب العمل ولا يدخل أحدهما في مسمى الآخر.
وجمهور أهل السنة يقولون: العمل من الإيمان وهو جزء منه فالأعمال واجبة وهي من الإيمان، ومرجئة الفقهاء يقولون: الأعمال واجبة وليست من الإيمان، ولهذا قال من قال بأن الخلاف بينهم وبين جمهور أهل السنة خلاف لفظي، وقال بهذا شارح الطحاوية والصواب أنه ليس لفظياً.
السؤال الخامس:
هل خلاف أهل السنة مع مرجئة الفقهاء في أعمال القلوب أو الجوارح لفظيٌ أم معنوي؟
الجواب:
قال بعضهم إن الخلاف بين مرجئة الفقهاء وأهل السنة خلاف لفظي وقال بهذا شارح الطحاوية ابن أبي العز – رحمه الله – قال: إن الخلاف بين جمهور أهل السنة وأبي حنيفة وأصحابه خلاف لفظي والنزاع نزاع ٌ في أمرٍ اسمي لفظي لا يترتب عليه فسادٌ في الاعتقاد وقال: إن الدليل على أن الخلاف بينهم لفظي أن كلاً من الطائفتين يقولون: الأعمال واجبة وكلاً من الطائفتين يقولون: إن المسلم إذا فعل الواجبات أثيب عليها ومن ترك شيئاً من الواجبات أو فعل المحرمات فإنه يعاقب ويقام عليه الحد، ولكن النزاع بينهم في أنه هل هذا الواجب هو من الإيمان أو ليس بإيمان؟ قال بالأول جمهور أهل السنة وقال بالثاني أبو حنيفة وأصحابه ولكن عند التأمل والنظر لا يجد طالب العلم أن الخلاف لفظيٌ من جميع الوجوه، صحيح أنه لا يترتب عليه فساد في الاعتقاد لكن له آثار تترتب عليه، من هذه الآثار:
1 - أن جمهور أهل السنة وافقوا الكتاب والسنة في اللفظ والمعنى فتأدبوا مع النصوص، ومرجئة الفقهاء وافقوا الكتاب والسنة معناً وخالفوهما لفظاً، ولا يجوز للمسلم أن يخالف النصوص لا لفظاً ولا معنى. قال الله تعال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً) فبين الله تعالى أن هذه الأعمال كلها من الإيمان، فوجل القلب عند ذكر الله هذا عمل قلبي، وزيادة الإيمان عند تلاوة القرآن عمل قلبي (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) عمل قلبي ويشمل أيضاً أعمال الجوارح من فعل الأسباب والإنفاق مما رزقهم الله، كل هذه الأشياء سماها إيماناً. وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وثبت في الصحيحين عن النبي ? أنه قال: (الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة) وفي رواية البخاري: (بضعٌ وستون شعبة فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) فهذا من أقوى الأدلة في الرد على المرجئة فجعل النبي ? الإيمان بضعاً وسبعين شعبة ومثّل لقول اللسان بكلمة التوحيد على أنها من قول اللسان ومثّل لعمل الجوارح بإماطة الأذى عن الطريق ومثّل لعمل القلب بالحياء؛ لأن الحياء خلقٌ داخلي يحمل الإنسان على فعل المحامد وترك القبائح. فأعلى شعب الإيمان كلمة التوحيد وأدناها إماطة الأذى عن الطريق وبينهما شعب متفاوتة منها ما يقرب من شعبة الشهادة ومنها ما يقرب من شعبة الإماطة، فالصلاة شعبة والحج شعبة والزكاة شعبة والصوم شعبة وبر الوالدين شعبة وصلة الأرحام شعبة والجهاد في سبيل الله شعبة والأمر بالمعروف شعبة والنهي عن المنكر شعبة والإحسان إلى الجار شعبة، إلى غير ذلك من الشعب، فهذه كلها أدخلها النبي ? في مسمى الإيمان فكيف يقال إن الأعمال خارجة عن مسمى الإيمان، وكذلك من أقوى الأدلة أيضاً على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان حديث وفد عبد القيس في الصحيحين وذلك أن وفد عبد القيس جاءوا إلى النبي ? فقالوا: يا رسول الله، إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإنا لن نخلص إليك إلا في الشهر الحرام فمرنا بأمر فصل نعمل به ونخبر به من ورائنا فقال ?: (آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خُمس ما غنمتم) ففسر الإيمان بأعمال الجوارح وهذا دليل واضح صريح على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان. فجمهور أهل السنة تأدبوا مع النصوص وأدخلوا الأعمال في مسمى الإيمان ومرجئة الفقهاء وافقوا النصوص في المعنى لكن خالفوها في اللفظ ولا يجوز للإنسان مخالفة النصوص لا في اللفظ ولا في المعنى بل الواجب موافقة النصوص لفظاً ومعنى.
2 - أن خلاف مرجئة الفقهاء مع جمهور أهل السنة فتح باباً للمرجئة المحضة الغلاة فإن مرجئة الفقهاء لما قالوا: (إن الأعمال ليست من الإيمان وإن كانت واجبة) فتحوا باباً للمرجئة المحضة فقالوا: الأعمال ليست واجبة وليست مطلوبة ولهذا قال المرجئة المحضة: الصلاة والصوم والزكاة والحج هذه كلها ليست بواجبة ومن عرف ربه بقلبه فهو مؤمن كامل الإيمان ويدخل الجنة من أول وهلة والأعمال ليست مطلوبة والذي فتح لهم الباب مرجئة الفقهاء.
3 - أن مرجئة الفقهاء باختلافهم مع جمهور أهل السنة فتحوا باباً للفُسَّاق والعصاة فدخلوا معه، فلما قال مرجئة الفقهاء: إن الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص وهو التصديق وإيمان أهل الأرض وأهل السماء واحد؛ دخل الفساق فيأتي الفاسق السكير العربيد ويقول: أنا مؤمن كامل الإيمان؛ إيماني كإيمان جبريل وميكائيل وكإيمان أبي بكر وعمر، فإذا قيل له: كيف تقول إن إيمانك كإيمان أبي بكر وعمر وأبو بكر له أعمال عظيمة؟ قال: الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان، أنا مصدِّق وأبو بكر مصدِّق، وجبريل مصدِّق وأنا مصدِّق فإيماني كإيمانهم، وهذا من أبطل الباطل، ولهذا جاء في الحديث: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح) والمراد ما عدا الرسل عليهم الصلاة والسلام، فكيف يقال إن الإيمان واحد وأن إيمان أهل السماء وأهل الأرض واحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - مسألة الاستثناء في الإيمان وهو قول القائل: (أنا مؤمن إن شاء الله) فمرجئة الفقهاء يمنعون الاستثناء في الإيمان؛ لأن الإيمان شيء واحد هو التصديق، فيقولون: أنت تعلم أنك مصدِّق بالقلب فكيف تقول: أنا مؤمن إن شاء الله. إذاًََ أنت تشك في إيمانك، ولهذا يسمون المؤمنين الذين يستثنون في إيمانهم الشكَّاكة، فأنت تعلم في نفسك أنك مصدِّق كما تعلم أنك قرأت الفاتحة وكما تعلم أنك تحب الله ورسوله ? وتبغض اليهود فكيف تقول: إن شاء الله، بل قل: أنا مؤمن؛ اجزم ولا تشك في إيمانك. وأما جمهور أهل السنة فإنهم يفصِّلون فيقولون: إن قال القائل: (أنا مؤمن إن شاء الله) يقصد الشك في أصل إيمانه فهذا ممنوع؛ فأصل الإيمان التصديق، وأما إن نظر إلى الأعمال والواجبات التي أوجبها الله والمحرمات التي حرمها الله ورأى أن شعب الإيمان متعددة والواجبات كثيرة فالإنسان لا يزكِّي نفسه ولا يقول بأنه أدّى ما عليه؛ بل يتهم نفسه بالتقصير ويزري على نفسه فإذا قال: (أنا مؤمن إن شاء الله) فإن الاستثناء راجع إلى الأعمال، فهذا لا بأس به بل حسن أن يقول: إن شاء الله. وكذلك إذا أراد عدم علمه بالعاقبة وأن العاقبة لا يعلمها إلا الله فلا بأس بالاستثناء، وكذلك إذا أراد التبرك بذكر اسم الله فلا بأس.
فهذه من ثمرات الخلاف وإن كان لا يترتب عليه فساد في العقيدة ولكن هذه ثمرات
تدل على أن الخلاف ليس لفظياًََ.
السؤال السادس:
ما حكم من ترك جميع العمل الظاهر بالكلية وهو يقر بالشهادتين ويقر بالفرائض ولكنه لا يعمل شيئاً ألبته فهل هذا مسلم أم لا؟ علماً بأنه ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلك الفرائض؟
الجواب:
هذا لا يكون مؤمناً، فالذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يقر بلسانه ولا يعمل؛ لا يتحقق إيمانه؛ لأن هذا إيمان كإيمان إبليس وكإيمان فرعون؛ لأن إبليس أيضاً مصدِّق بقلبه، قال الله تعالى (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وفرعون وآل فرعون قال الله تعالى عنهم: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً) فهذا الإيمان والتصديق الذي في القلب لابد له من عمل يتحقق به فلابد أن يتحقق بالنطق باللسان ولابد أن يتحقق بالعمل؛ فلابد من تصديق وانقياد، وإذا انقاد قلبه بالإيمان فلابد أن تعمل الجوارح، أما أن يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه وهو قادر فأين الإيمان؟!! فلو كان التصديق تصديقاً تاماً وعنده إخلاص لأتى بالعمل، فلابد من عمل يتحقق به هذا التصديق وهذا الإيمان؛ والنصوص جاءت بهذا.
كما أن الذي يعمل بجوارحه ويصلي ويصوم ويحج لابد لأعماله هذه من إيمان في الباطن وتصديق يصححها وإلا صارت كإسلام المنافقين؛ فإن المنافقين يعملون؛ يصلون مع النبي ? ويجاهدون ومع ذلك لم يكونوا مؤمنين؛ لأنه ليس عندهم إيمان وتصديق يصحح هذا العمل، فلابد من أمرين لصحة الإيمان:
- تصديق في الباطن يتحقق بالعمل.
- وعمل في الظاهر يصح بالتصديق.
أما تصديق في الباطن دون عمل فأين الدليل عليه؟ أين الذي يصححه؟ أين الانقياد؟.
لا يمكن أن يكون هناك تصديق صحيح لا يصلي صاحبه ولا ينطق بالشهادتين وهو يعلم ما أعد الله لمن نطق بالشهادتين ولمن تكلّم بكلمة التوحيد من الثواب، ولما أعدّ الله للمصلين من الثواب ولمن ترك الصلاة من العقاب، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لبعثه على العمل، فلو كان عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لأحرق الشبهات والشهوات؛ فترك الصلاة إنما يكون عن شبهة والمعاصي إنما تكون عن شهوة والإيمان الصادق يحرق هذه الشهوات والشبهات.
وهذا يدل على أن قلبه خالٍ من الإيمان الصحيح وإنما هو لفظ باللسان نطق به ولم يتجاوزه، وإلا لو كان عنده تصديق بقلبه أو إقرار بقلبه فقط ولم يتلفظ؛ فقول القلب لم يتجاوز إلى أعمال القلوب وإلى الانقياد فالمقصود أن الذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يعمل بجوارحه هذا هو مذهب الجهمية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: يعسر التفريق بين المعرفة والتصديق المجرد. فيعسر التفريق بين المعرفة بالقلب والتصديق الذي ليس معه شيء من أعمال الجوارح؛ ويقول هذا هو إيمان الجهمية – نسأل الله العافية -. فالذي يزعم أنه مؤمن ولا ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه مع قدرته هذا هو مذهب الجهمية، فلابد من عمل يتحقق به هذا التصديق كما أن الذي يعمل لابد له من تصديق في الباطن يصححه.
السؤال السابع:
هل تصح هذه المقولة: (أن من قال: الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد وينقص فقد برئ من الإرجاء كله حتى لو قال: لا كفر إلا باعتقاد وجحود)؟
الجواب:
المقولة الثانية تنقض المقولة الأولى فقوله: (الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد وينقص) هذا حق وهو قول أهل السنة والجماعة، لكن قوله بعد ذلك: (لا كفر إلا باعتقاد وجحود) هذا ينقض المقالة الأولى، فكما أن الإيمان يكون بالقول والعمل والاعتقاد فكذلك الكفر يكون بالقول والعمل والاعتقاد فلابد أن تصحح المقولة الثانية فتكون: (والكفر يكون بالقول والعمل والاعتقاد) أما بقاء هذه المقولة على حالها فإنها تنقض الأولى.
السؤال الثامن:
هل هذا القول صحيح أم لا: (أن سب الله وسب الرسول ? ليس بكفر في نفسه، ولكنه أمارة وعلامة على ما في القلب من الاستخفاف والاستهانة)؟
الجواب:
هذا القول ليس بصحيح، بل هو قول المرجئة وهو قول باطل، بل إن نفس السب كفر ونفس الاستهزاء كفر كما قال تعالى: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان بهذه المقالة ولم يقل إن كنتم تعتقدون في قلوبكم شيئاً، فالله تعالى أطلق الكفر عليهم بهذه المقالة، فدل على أن القول بأن كلام الكفر أو قول الكفر ليس بكفر بل هو علامة على ما في القلب هذا باطل، فالقلب لا يعلم ما فيه إلا الله تعالى والكفر يكون بالقلب ويكون بالقول ويكون بالعمل، والمقصود أن هذه المقالة تتمشى مع مذهب المرجئة.
السؤال التاسع:
ما حكم من يسب الله ورسوله ويسب الدين فإذا نُصح في هذا الأمر تعلَّل بالتكسب وطلب القوت والرزق، فهل هذا كافر أم هو مسلم يحتاج إلى تعزير وتعذيب؟ وهل يقال هنا بالتفريق بين السب والساب؟
الجواب:
لا أدري ما معنى التعلل بالتكسب وطلب القوت؟! إن كان المراد أنه إذا قيل له تعلَّم الدين يتعلَّل بالكسب، التعلُّم شيء آخر لكن الآن نحكم عليه بهذا السب ونقول: من سب الله أو سب رسوله ? أو سب الدين فإن هذا كفر باتفاق أهل السنة والجماعة، أما مسألة التعلل بالكسب وطلب القوت إذا قيل له تعلم دينك؛ فهذا التعلل باطل ويجب على الإنسان أن يتعلم ما يقيم به دينه؛ كما أنه يطلب الكسب والقوت فيجب عليه أن يتعلم دينه؛يتعلم ما يصح به إيمانه؛ يتعلم ما أوجب الله عليه من الاعتقاد الصحيح وأن الله مستحق للعبادة وحده؛ وما أوجب الله عليه من الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج، فهذا التعلل لا وجه له. فإذا قيل له: تعلَّم ما أوجب الله عليك أو اسأل العلماء عن مقالتك هل هي كفر أم غير كفر تعلل بالكسب فهذا باطل؛ لأن الكسب لا يمنع الإنسان من تعلم دينه وتعلم أن هذه المقالة كفرية أو يسأل عنها؛ لأن الكسب لا يأخذ وقتاًََ كثيراً والكسب له أوقات واسعة وليس هناك فرق بين السب والساب فنقول: من سب الله أو سب الرسول ? أو سب دينه فهو كافر والساب كافر؛ لأنه لا عذر له في هذا، والذي يعذر فيه إنما هي الكلمات التي فيها إيهام؛ فهذا الذي يفرق فيها بين المقالة والقائل فلو تكلم الإنسان بكلم موهمة أو كلمة يحتمل أن يكون لصاحبها عذر فهذا الذي يقال فيه بالفرق بين المقالة والقائل فيقال: المقالة كفرية والقائل لا يكفر إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع وقامت عليه الحجة؛ أما من سب الله وسب رسوله ? وسب دينه فهذا أمر واضح لا إشكال في كفره.
السؤال العاشر:
إذا سب الله أو سب رسوله ? أو سب الدين وتعلَّل بالتكسب والرزق؛ مقصوده المجاملة كأن يقول: إذا سببت الله سيأتيني الرزق والدنيا.
الجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
لا شك في كفر هذا؛ لأنه كما سبق أنه من فعل الكفر قاصداً وعامداً فإنه يكفر؛ ومن فعل الكفر هازلاً فإنه يكفر ومن فعله خائفاً فإنه يكفر؛ وإذا فعله لقصد المال فهذا كافر بنص الآية قال الله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ .... ) الآية.
فأخبر الله بأن لهم حظاً من الدنيا فقدَّموا حظ الدنيا، فالآية نصٌ في هذا الصنف من الناس وأنه إنما فعل الكفر تفضيلاًَ وإيثاراً للدنيا على الآخرة فيكون داخلاً في هذه الآية.
السؤال الحادي عشر:
ما هو القول فيمن نصب الأصنام والأضرحة والقبور وبنى عليها المساجد والمشاهد وأوقف عليها الرجال والأموال وجعل لها هيئات تشرف عليها ومكَّن الناس من عبادتها والطواف حولها ودعائها والذبح لها؟
الجواب:
هذا مشرك نسأل الله السلامة والعافية، فمن نصب الأصنام فهو مشرك وإذا أوقف عليها الأوقاف أو الأموال أو دافع عنها فيكون أيضاً كافر صادٌ عن سبيل الله فهذا جمع بين الكفرين؛ فعل الكفر بنفسه وصدَّ عن دين الله حينما جعل الأموال وأوقف الأوقاف ومنع الناس من دين الله وهو داخل في قوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) وهذا من المفسدين في الأرض كفر بنفسه وصدَّ عن دين الله نسأل الله السلامة.
السؤال الثاني عشر:
هل تصح الصلاة خلف إمام يستغيث بالأموات ويطلب المدد منهم أم لا؟
الجواب:
هذا الرجل كافر، الذي يستغيث بالأموات ويطلب المدد منهم ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات هذا مشرك ولا تصح الصلاة خلفه والصلاة خلفه باطلة؛ ومن صلى خلفه ولم يعلم حاله فإنه إذا علم يعيد الصلاة وهذا بإجماع المسلمين أن الصلاة لا تصح خلف المشرك، لكن الخلاف بين العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق؛ فالحنابلة وجماعة يمنعون الصلاة خلفه ويقولون: لا تصح، وآخرون يقولون: تصح مع الكراهة، والصواب أنها تصح ولكن الصلاة خلف العدل أولى؛ هذا إذا كان موحِّداً لكنه فاسق، أما المشرك فلا تصح الصلاة خلفه بالإجماع.
السؤال الثالث عشر:
هناك بعض الأحاديث التي يستدل بها البعض على أن من ترك جميع الأعمال بالكلية فهو مؤمن ناقص الإيمان كحديث (لم يعملوا خيراً قط) وحديث البطاقة وغيرها من الأحاديث؛ فكيف الجواب على ذلك؟
الجواب:
ليس في هذه الأحاديث حجة لهذا القائل فمن ترك جميع الأعمال بالكلية وزعم أنه يكتفي بما في قلبه من التصديق كما سبق فإنه لا يتحقق إيمانه إلا بالعمل، وأما أحاديث الشفاعة وأن المؤمنين الموحدين العصاة يشفع لهم الأنبياء والأفراط والشهداء والملائكة والمؤمنون وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته؛ يخرج قوماً من النار لم يعملوا خيراً قط، قال العلماء: المعنى (لم يعملوا خيراً قط) أي زيادة على التوحيد والإيمان ولابد من هذا؛ لأن النصوص يُضم بعضها إلى بعض وقد دلت النصوص على أن الجنة حرامٌ على المشركين وقد ثبت في الصحيح أن النبي ? أمر منادياً ينادي في بعض الغزوات: (أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة) ولما أمّر أبابكر في الحج في السنة التاسعة من الهجرة أرسل معه مؤذنين يؤذنون منهم أبوهريرة وغيره يؤذنون في الناس بأربع كلمات منها: ((لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد فهو إلى عهده ومن لم يكن له عهد فهو إلى أربعة أشهر)) وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يدخل الجنة كافر قال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) فهذه نصوص محكمة وهذا الحديث يُرد إليها والقاعدة عند أهل العلم: أن المتشابه يُرد إلى المحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا يتعلق بالنصوص المتشابهة إلا أهل الزيغ كما قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) وثبت في الحديث الصحيح عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) وأما أهل الحق فإنهم يردون المتشابه إلى المحكم ويفسرونه به وهذا الحديث فيه اشتباه لكنه يرد إلى المحكم من النصوص الواضحة المحكمة في أن المشرك لا يدخل الجنة وأن الجنة حرام عليه.
فلا يمكن أن يكون معنى الحديث: ((لم يعملوا خيراً قط)) أنهم مشركون وليس عندهم توحيد وإيمان وأنهم أخرجهم الله إلى الجنة فهذا لا يمكن أن يكون مراداً وإنما المراد ((لم يعملوا خيراً قط)) أي زيادة على التوحيد والإيمان وكذلك حديث البطاقة ليس فيه أنه مشرك وإنما فيه أنه موحِّد ففيه أنه: ((يؤتى برجل ويخرج له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر سيئات ويؤتى له ببطاقة فيها الشهادتان فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة)) ومعلوم أن كل مسلم له مثل هذه البطاقة وكثير منهم يدخلون النار، لكن هذا الرجل لما قال هاتين الشهادتين قالها عن إخلاص وصدق وتوبة فأحرقت هذه السيئات فثقلت البطاقة وطاشت السجلات.
السؤال الرابع عشر:
ما حكم من يدعو غير الله وهو يعيش بين المسلمين وبلغة القرآن، فهل هذا مسلم تلبس بشرك أم هو مشرك؟
الجواب:
هذا الشخص مشرك؛ لأنه غير معذور إذا كان يعيش بين المسلمين لقول الله - ?-: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) فمن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، وقال تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) فمن بلغه القرآن وبلغته الدعوة وفعل الشرك وهو يعيش بين المسلمين فإنه مشرك. وقال بعض أهل العلم: إن الشخص إذا كان يخفى عليه ما وقع فيه من الشرك بسبب دعاة الضلال والإشراك وبسبب كثرة المضلين حوله وخفي عليه الأمر فإنه في هذه الحالة يكون أمره إلى الله - ? - فيكون حكمه حكم أهل الفترة إذا لم يعلم ولكنه إذا مات يعامل معاملة المشركين فلا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين في مقابرهم.
فالمقصود أن الأصل أنه لا يعذر لكن لو وجد بعض الناس خفي عليه بسبب دعاة الشرك والضلال ولم يعلم قد يقال إنه معذور في هذه الحالة وأمره إلى الله تعالى، وبكل حال يجب عليه أن يطلب الحق ويتعرف عليه ويسعى له كما أنه يسعى في معيشته ويسأل عن طرق الكسب فيجب عليه أن يسأل عن دينه ويسأل عن الأمر الذي أشكل عليه وكونه لم يسمع الحق ولم يقبل الحق وتصامم عن سماع الحق فليس هذا عذراً له؛ هذا هو الأصل.
السؤال الخامس عشر:
هل يشترط في إقامة الحجة فهم الحجة فهماً واضحاً جلياً أم يكفي مجرد إقامتها؛ نرجو التفصيل في ذلك مع ذكر الدليل؟
الجواب:
الواجب إقامة الحجة على من كان عنده شبهة وكذلك المشرك إذا أقيمت عليه الحجة فقد زال عذره بمعنى أن يبلغه الدليل ويعلم أن هذا الأمر فيه دليل من كتاب الله وسنة رسوله ? ولا يشترط فهم الحجة فإن الله أخبر أن المشركين قامت عليهم الحجة ومع ذلك لم يفهموها فهماً واضحاً ولكنهم قامت عليهم الحجة ببلوغها؛ نزل القرآن وسمعوه وجاءهم النذير ? وأنذرهم واستمروا على كفرهم فلم يعذرهم ولهذا قال الله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وقد بعث الرسول، وقال تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) فاشترط في إقامة الحجة البلاغ، وقال ?: ((والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار)) وقال تعالى في وصف الكفار: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ومع ذلك قامت عليهم الحجة فأخبر أن مثلهم مثلُ من يسمع الصوت ولا يفهم المعنى كمثل الغنم التي ينعق لها الراعي فتسمع الصوت ومع ذلك قامت عليهم الحجة، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) ولم يقل حتى يتبين؛ بل قال: (حَتَّى يُبَيِّنَ) وهذا هو قيام الحجة، فإذا فهم الحق وعرف هذا الدليل وعرف الحجة فقد قامت عليه الحجة ولو لم يفهمها؛ فلا يشترط فهمها وهذا الذي تدل عليه النصوص وهو الذي قرره أهل العلم.
السؤال السادس عشر:
هل تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – للطائفة الممتنعة من أداء شعيرة الزكاة حين فعل هذا ما ارتد من العرب لأجل جحدهم للوجوب أم لأجل مجرد المنع وعدم الالتزام بالأداء؟
الجواب:
أهل الردة الذين ارتدوا بعد موت النبي ? أقسام؛ منهم من رجع إلى الأصنام والأوثان فعبدها ومنهم من أنكر نبوة النبي ? وقال: لو كان نبياً ما مات؛ وهؤلاء كفار لا إشكال فيهم، ومنهم من منع الزكاة والصحابة قاتلوهم جميعاً ولم يفرِّقوا بينهم وسموهم المرتدين؛ والذي منع الزكاة قال العلماء إنما كفر لأنه إذا منعها وقاتل عليها دل على جحوده إياها لأنه فعل أمرين: منعها وقاتل عليها، أما إذا منعها ولم يقاتل عليها فإنها تؤخذ منه ويؤدَّب ولا يكفر، ولكن إن منعها وقاتل عليها فإنه يكفر؛ لأن هذا دليل على جحوده والمرتدون الذين منعوا الزكاة منعوها وقاتلوا عليها فدل على أنهم جحدوها ولهذا عاملهم الصحابة معاملة المرتدين وسموهم مرتدين كلهم وقاتلوهم، لا فرق بين من أنكر نبوة محمد ? أو عبد الأصنام أو من جحد الزكاة لأنه جحد أمراً معلوماً من الدين بالضرورة.
السؤال السابع عشر:
ما حكم من يقول بأن من قال: أن من ترك العمل الظاهر بالكلية بما يسمى عند بعض أهل العلم بجنس العمل أنه كافر؛ أن هذا القول قالت به فرقة من فرق المرجئة؟
الجواب:
لا أعلم أن هذا القول قالت به المرجئة ولكن لابد من العمل كما سبق لأن من أقر بالشهادتين فلابد أن يعمل لأن النصوص التي فيها الأمر بالنطق بالشهادتين وأن من نطق بالشهادتين فهو مؤمن مقيّدة بقيود لا يمكن معها ترك العمل وقد ثبت في الحديث الصحيح عنه ? أنه قال: ((من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)) وقوله: ((خالصاً من قلبه)) هذا ينفي الشرك؛ لأن الإخلاص ينافي الشرك ومن ترك العمل فهو مشرك لأنه عابدٌ للشيطان ولأنه معرض عن دين الله؛ ومن أعرض عن دين الله كفر؛ وكذلك جاء في الأحاديث: ((من قال لا إله إلا الله مخلصاً)) وفي بعضها: ((صادقاً من قلبه)) وفي بعضها: ((مستيقناً بها قلبه)) وفي بعضها: ((وكفر بما يعبد من دون الله)) فهذه النصوص التي فيها أن من نطق بالشهادتين فهو مؤمن مقيدة بهذه القيود التي لا يمكن معها ترك العمل فلابد أن يكفر بما يعبد من دون الله؛ ومن لم يعمل فإنه معرض عن دين الله وهذا نوع من أنواع الردة؛ فمن لم يعمل مطلقاً وأعرض عن الدين لا يتعلمه ولا يعبد الله فهذا من نواقض الإسلام قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) فلابد أن يعمل فإذا قال: لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه وقالها عن إخلاص وفي بعضها ((وهو غير شاك)) فلابد أن يعمل ولا يمكن أن يتكلم بكلمة التوحيد عن صدق وإخلاص ولا يصلي أبداً وهو قادر لأنه إذا ترك الصلاة دل على عدم إخلاصه ودل على عدم صدقه ودل على أن قلبه ليس مستيقناً بها ولو كان قلبه مستيقناً بها وكان عنده يقين وإخلاص وصدق لابد أن يعمل فإن لم يعمل دل على عدم إيمانه وعدم يقينه وعدم إخلاصه وعدم صدقه ودل على ريبه وشكه وهذا واضح من النصوص.
السؤال الثامن عشر:
ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي والبريطاني وغيرها مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية؟
الجواب:
هذه مسألة فيها كلام لأهل العلم وقد ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله – أن من بدَّل الشريعة بغيرها من القوانين فإن هذا من أنواع الكفر ومثَّل لذلك بالمغول الذين دخلوا بلاد الإسلام وجعلوا قانوناً مكوناً من عدة مصادر يسمى (الياسق) وذكر كفرهم وذكر هذا أيضاً الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله – فقد قال في أول رسالته ((تحكيم القوانين)): ((إن من الكفر المبين استبدال الشرع المبين بالقانون اللعين)) فإذا بدَّل الشريعة من أولها إلى آخرها كان هذا كفراًَ من أنواع الكفر والردة، وقال آخرون من أهل العلم: إنه
(يُتْبَعُ)
(/)
لابد أن يعتقد استحلاله ولابد أن تقام عليه الحجة وذهب إلى هذا سماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز - رحمه الله – وقال: إنه لابد أن تقوم عليه الحجة لأنه قد يكون جاهلاً بهذا الأمر وليس عنده علم؛ فلابد أن يبين له حتى تقوم عليه الحجة فإذا قامت عليه الحجة فإنه يحكم بكفره، والمقصود أن هذه المسألة مسألة خطيرة وهذا إذا لم يكن لمن وضع القانون أعمال كفرية أخرى أما إذا كان تلبَّس بأنواع من الكفر الأخرى فهذا لا إشكال فيه، لكن هذا مفروض في شخص لم يتلبَّس بشيء من أنواع الكفر؛ فهل يكون هذا كفراً أكبر بمجرد تبديله الدين كما ذكر هذا الحافظ ابن كثير والشيخ محمد بن إبراهيم - رحمهما الله – وغيرهما من أهل العلم، أو أنه لابد من إقامة الحجة وبيان أن هذا الأمر كفر فإذا قامت عليه الحجة حكم بكفره.
السؤال التاسع عشر:
هل تكفير السلف - رضوان الله عليهم – للجهمية كفر أكبر مخرج من الملة أم هو كفر دون كفر ويراد منه الزجر والتغليظ فقط؟
الجواب:
تكفير العلماء والأئمة والسلف للجهمية تكفير أكبر مخرج عن الملة؛ وذكر العلاَّمة ابن القيِّم – رحمه الله تعالى – أنه كفرهم خمسمائة عالم فقال:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام قد حكاه عنهمُ بل قد حكاه قبله الطبراني
وقد قال العلماء: إن الجهمية خارجون من الثنتين والسبعين فرقة الذين قال فيهم النبي ?: ((وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)) وكونهم خارجين عن الثنتين والسبعين فرقة يدل على أن مرادهم الكفر الأكبر لأن فرق الأمة الثنتين والسبعين فرقة متوعدة بالنار وهي فرقٌ مبتدعة،وقالوا: الجهمية خارجون عن الفرق الثنتين والسبعين وكذلك القدرية الغلاة وكذلك الرافضة فهذه الفرق الثلاث خارجون من الثنتين والسبعين فرقة؛ لأن الجهمية نفوا الأسماء والصفات؛ ونفي الأسماء والصفات ينتج العدم؛ فشيء لا اسم له ولا صفة؛ لا وجود له إلا في الذهن نسأل الله العافية، فشيء لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مباين له ولا محايث له ولا منفصل عنه وليس له سمع ولا بصر ولا قدرة ولا إرادة ولا علم ماذا يكون؟!! هذا مستحيل؛ ولهذا كان كفرهم كفراً أكبر مخرجاً عن الملة.
السؤال العشرون:
ما وجه قولهم: (إنه تكفير للزجر)؟
الجواب:
يعني أنه كفر أصغر، زجر عن العمل وإن كان ليس بمخرج من الملة؛ أي يُنهى عنه صاحبه ويقال له: إنه كفر، حتى يرتدع عن هذا العمل لا أنه كفر أكبر.
السؤال الحادي والعشرون:
هل إطلاقات السلف في تكفير أعيان الجهمية كتكفير الشافعي لحفص الفرد حين قال بخلق القرآن فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم؛ كما نقل ذلك اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وكتكفير الجهم بن صفوان وبشر المريسي والنظَّام وأبو الهذيل العلاّف كما ذكر ذلك ابن بطة في الإبانة الصغرى يراد منه تكفير أعيان هؤلاء أم تكفير ألفاظهم لا أعيانهم؟
الجواب:
الظاهر أن المراد تكفير أعيانهم لما خصوهم بالذكر، وكذلك الشافعي ظاهره أنه ناظره وأقام عليه الحجة، أما لو أريد التكفير بالعموم فهو مثل قول بعضهم: الجهمية كفار، أما تخصيص أعيان بعينهم يقابلون الأئمة ويناظرونهم فهذا تكفير بأعيانهم والعلماء لهم في تكفير الجهمية أقوال فمنهم من كفر الغلاة ومنهم من كفرهم بإطلاق ومنهم من بدّعهم بإطلاق، فهؤلاء الأفراد الذين وقفوا أمام الأئمة وناظروهم؛ الظاهر أنهم كفروهم بأعيانهم؛ لأن الحجة تكون قد قامت عليهم.
السؤال الثاني والعشرون:
ترد بعض الاصطلاحات في كتب أهل السنة مثل: (الالتزام – الامتناع – كفر الإعراض) فما معنى هذه الاصطلاحات؟
الجواب:
الالتزام: ظاهرة الالتزام أن يلتزم بأحكام الشريعة ويأتي بما أمر الله به وينتهي عما نهى الله عنه.
والامتناع: أي يمتنع عما أمر الله به؛ وهذا فيه تفصيل فإذا امتنع عن شيء يكون تركه كفراًَ يكون كفراً وإن امتنع عن شيء لا يصل لحد الكفر يكون معصية، ومن كفر الامتناع امتناع إبليس عن السجود لآدم قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) فإبليس إباؤه كفر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكفر الإعراض: كما سبق معناه الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله.
السؤال الثالث والعشرون:
ما معنى قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الناقض الثالث من نواقض الإسلام: (من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحَّح مذهبهم فهو مثلهم)؟
الجواب:
معنى هذا أن من اعتقد أن المشركين على حق أو توقَّف في ذلك فهو كافر؛ لأنه لم يكفر بالطاغوت؛ لأن التوحيد لابد فيه من أمرين:
الأمر الأول: الكفر بالطاغوت.
الأمر الثاني: الإيمان بالله.
وهذا هو معنى: ((لا إله إلا الله)) وأن معناها: لا معبود بحقٍ إلا الله.
((لا إله)) كفر بالطاغوت ((إلا الله)) إيمان بالله، فمن لم يكفر المشركين أو اليهود أو النصارى أو الوثنيين أو توقف في كفرهم فهو كافر بالله، لابد أن يجزم ويعتقد كفرهم فمن قال: ((إن اليهود والنصارى على دين سماوي وكذلك المسلمون على دين سماوي وكلهم على حق)) فهذا كافر؛ لأنه لم يكفِّر المشركين فلابد أن يعتقد أن اليهود والنصارى كلهم على باطل وأنهم كفار فإن شك أو توقَّف كان هذا الشك أو التوقف منه ناقضاً من نواقض الإسلام ويكون كافراً بالله؛ وكذلك لو صحَّح مذهبهم وقال: النصارى على حق واليهود على حق ومن أحب أن يتدين باليهودية أو النصرانية أو بالإسلام فله ذلك فهذا كافر لأنه صحَّح مذهبهم.
السؤال الرابع والعشرون:
من قال: (إن اليهود والنصارى بلغتهم دعوة الإسلام مشوَّهة فما نكفرهم) فما حكم هذا القول؟
الجواب:
ليس ذلك بصحيح؛ بل بلغتهم الدعوة على عهد النبي ? وبلَّغهم النبي ? بنفسه والصحابة بلغوهم بأنفسهم والدعاة بلغوهم بأنفسهم والأئمة؛ فشيخ الإسلام بلغهم بنفسه، فالقول بأنه لم تبلغهم الدعوة باطل.
السؤال الخامس والعشرون:
من قال: (إخواننا النصارى)!!! فما حكم هذا القول؟
الجواب:
إذا كان يعتقد أن دينهم صحيح وأن مذهبهم صحيح وأنهم على حق وأنه يوافقهم في دينهم فهذا كفر وردة، وأما لو قال: (إخواننا النصارى) غلطة أو سبقة لسان أو خطأ أو له شبهة فقد لا يكفر؛ فهذا فيه تفصيل.
السؤال السادس والعشرون:
ما حكم من يقول: (إن الشخص إذا لم يكفر النصارى لعدم بلوغ آية سورة المائدة: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ... ) فإنه لا يكفر حتى يعلم بالآية)؟
الجواب:
هذا فيه تفصيل؛ إذا كان هذا الشخص لا يعلم أن النصارى على باطل فهذا لابد أن تقام عله الحجة؛ أما إذا كان يعلم أنهم على باطل وأن الله كفَّرهم ولا تخفى عليه النصوص فهو كافر؛ لأنه لم يكفِّر المشركين.
السؤال السابع والعشرون:
ما الدليل على مشروعية شروط شهادة: أن لا إله إلا الله، من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين، وما الحكم فيمن يقول (تكفي شهادة أن لا إله إلا الله بمجرد قولها دون هذه الشروط)؟
الجواب:
سبق بيان أن كلمة التوحيد لابد لها من شروط وأن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص؛ قال ?: ((من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)) وفي بعض الروايات: ((صدقاً من قلبه)) وفي بعضها: ((وكفر بما يعبد من دون الله)) والانقياد لابد منه؛ لأنه لابد من العمل لأن هذه الشروط تقتضي الانقياد وكذلك القبول، فهذه الشروط التي دلَّت عليها النصوص من الإخلاص وعدم الشك والريب والصدق واليقين؛ هذه تستلزم القبول والمحبة، فدلَّت هذه النصوص على أن هذه الشروط لابد منها فمن قال: لا إله إلا الله بلسانه ولم يلتزم بشروطها من الإخلاص والصدق والمحبة والانقياد فهو مشرك والنبي ? يقول: ((من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرُم ماله ودمه وحسابه على الله)) وهذا لم يكفر بما يعبد من دون الله ومعنى ذلك أنه لم يأت بهذه الشروط فانتقضت هذه الكلمة حيث قالها بلسانه ونقضها بفعله؛ لأن (لا إله إلا الله) معناها: لا معبود بحقٍّ إلا الله، فإذا عبد غير الله نقض هذه الكلمة؛ وكذلك إذا قال: (لا إله إلا الله) عن كذب ولم يقلها عن صدق فهذا منافق؛ كفَّره الله تعالى بقوله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ
(يُتْبَعُ)
(/)
اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) فتبين بهذا أن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص وأنه إذا انتفت هذه الشروط فلابد أن يقع في الشرك؛ والمشرك كافر بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وقال: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) وقال: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) وقال: (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وقال: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) وقال: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) فإذا لم يلتزم بهذه الشروط وقع في الشرك وإن قالها ولم ينقد لحقوقها صار مشركاً أيضاً؛ لأنه صار معرضاً عن دين الله، فتبين بهذا أن هذه الشروط دلَّت عليها النصوص وأن هذه الكلمة لابد فيها من هذه الشروط وإلا فلا فائدة منها.
السؤال الثامن والعشرون:
نرجو تفسير قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ ... ) الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكم الإكراه في هذه الآية؟
الجواب:
هذه الآية بيَّن الله تعالى فيها أنَّ من كفر بالله من بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم لأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ويشمل ذلك:
- من كفر بالله جاداً وقاصداً.
- ويشمل من كفر بالله هازلاً ولاعباً وساخراً.
- ويشمل من كفر بالله خائفاً.
- ويشمل من كفر بالله مكرهاً واطمئن قلبه بالكفر.
لأن الله تعالى لم يستثنِ من الكفر إلا من فعل الكفر مكرهاً واطمئن قلبه بالإيمان؛ وبيَّن الله أن ماعدا هذا الصنف من الناس فإنه يكون كافراً لأنه مستحبٌ للحياة الدنيا على الآخرة؛ فمن كفر بالله قاصداً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة؛ ومن كفر هازلاً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة؛ ومن كفر خائفاً فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة؛ ومن كفر مُكرهاً واطمئن قلبه بالكفر فقد استحب الحياة الدنيا على الآخرة؛ قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) فلا يهديهم الله لكفرهم وضلالهم نسأل الله العافية.
السؤال التاسع والعشرون:
هناك من يفرِّق بين الإكراه بالقول والإكراه بالفعل ويقول الآية جاءت في الإكراه في القول فقط وأما الفعل فلا إكراه فيه؟
الجواب:
الصواب أنه لا فرق بينهما مادام أن الإكراه مُلجئٌ لا اختيار له فيه؛ كأن يضع ظالم السيف على رقبته ويقول: اسجد للصنم وإلا قتلناك، لكن المُكره بالفعل ينبغي له أن ينوي بعمله التقرُّب لله؛ فمثلاً: إذا أُكره للسجود للصنم فإنه ينوي السجود لله؛ لأنهم لا يملكون قلبه وتكون الصورة صورة السجود للصنم وقلبه مطمئنٌ بالإيمان فلا يضره ذلك.
السؤال الثلاثون:
ما حكم موالاة الكفار والمشركين؟ ومتى تكون هذه الموالاة كفراً أكبر مخرج من الملة؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائر الذنوب؟
الجواب:
موالاة الكفار والمشركين إذا كان ذلك تولياً لهم فهو كفر وردة وهي محبتهم بالقلب وينشأ عنه النُصرة والمساعدة بالمال أو بالسلاح أو بالرأي قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال الله تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) وقال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ... )
(يُتْبَعُ)
(/)
الآية، فتولي الكفار كفر وردة؛ لأن أصل التولي المحبة في القلب ثم ينشأ عنها النُصرة والمساعدة.
أما الموالاة فهي كبيرة من كبائر الذنوب وهي معاشرة الكافر ومصادقتهم والميل إليه والركون إليه ومساعدة الكافر الحربي بأي نوع من أنواع المساعدة ولهذا ذكر العلماء أنه لو ساعده ببري القلم أو بمناولته شيئاً يكون هذا موالاة ومن كبائر الذنوب، أما الكافر الذمي الذي بينه وبين المسلمين عهد فلا بأس بالإحسان إليه لكن الكافر الحربي لا يُساعد بأي شيء، والمقصود أن التولِّي الذي هو المحبة والنُصرة والمساعدة كفر وردة وأما الموالاة والمعاشرة والمخالطة في غير ما يرد من يأتي إلى ولاة الأمور من الرسل وأشباههم مما تدعوا الحاجة إليه فهذا كبيرة من كبائر الذنوب.
السؤال الحادي والثلاثون:
ما هي نصيحتكم لطلبة العلم لمن أراد ضبط مسائل التوحيد والشرك ومسائل الإيمان والكفر؟ وما هي الكتب التي تكلمت عن هذه المسائل وفصَّلتها؟
الجواب:
نصيحتي لطلبة العلم العناية بطلب العلم والحرص عليه وحضور حلقات ودروس العلماء وقراءة الكتب النافعة ككتب الإمام محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم، والشيخ محمد بن عبدالوهاب له رسالة في كفر تارك التوحيد اسمها ((مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد)) وكذا ((الكلمات النافعة في المكفرات الواقعة)) لعبد الله بن محمد بن عبدالوهاب؛ وابن القيم له مؤلفات كثيرة في هذا، وشيخ الإسلام بيَّن كثيراًََ من ذلك في الفتاوى والعلماء في كل مذهب فالحنابلة والشافعية والمالكية والأحناف يبوِّبون في كتب الفقه باباً يسمونه: باب حكم المرتد؛ وهو الذي يكفر بعد الإسلام؛ ويذكرون أنواعاً من الكفر القولية والفعلية والاعتقادية فينبغي الرجوع إليها، ومن أكثر من كتب في هذا من الأنواع الأحناف فقد كتبوا في باب حكم المرتد أنواعاً كثيرة قد يوصلونها إلى أربعمائة مكفِّر وذكروا أن من أنواع الكفر: تصغير المسجد أو المصحف على وزن مسيجد أو مصيحف فينبغي لطلبة العلم أن يعتنوا بهذا؛ وكتاب ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية)) فيها مجلد أيضاً في الكفر وأنواعه، والمصادر والمراجع متوفرة والحمد لله.
السؤال الثاني والثلاثون:
ما حكم من يقول: (ليس هناك تكفير للمعين مطلقاً)؟
الجواب:
هذا ليس بصحيح؛ المُعيَّن يُكفَّر، نحن نكفِّر اليهودي بعينه والنصراني بعينه ومن قامت عليه الحجة يكفر بعينه، لأن معنى هذا الكلام وهو عدم تكفير المُعيَّن أنه لا يكون هناك كافر؛ ومن قامت عليه الحجة ممن فعل الكفر والنصراني واليهودي والوثني يكفَّرون ومن كانت عنده شبهة فإنها تزال الشبهة.
السؤال الثالث والثلاثون:
هل يعذر الذي يدعو غير الله أو يستغيث بغير الله لجهله؟
الجواب:
سبق أن تكلمنا على مثل هذا وأن الأصل أنه لا يعذر إذا كان يعيش بين المسلمين وبلغته الدعوة ولكن إذا كان يُلبَّس عليه بسبب علماء السوء وعلماء الباطل فإنه يزال عنه الشبهة ويبين له والأصل أن هذا إنما هو في أهل الفترة، أما بعد مبعثه ? ومن يعيش بين المسلمين فالأصل أنه لا يعذر ومن يدعو غير الله أو يستغيث بغير الله في الغالب أنه يدعو عن عناد وأنه لا يجهل هذا.
السؤال الرابع والثلاثون:
هل هناك فرق بين من يحب الكفار لدينهم ومن يحب بعض الكفار لدنياهم؟
الجواب:
إن كان يحبهم لدنياهم محبة طبيعية كأن يكون قريبه أو لأجل مال فهذه موالاة؛ وإن أحبهم لدينهم فهذا كفر وردة.
السؤال الخامس والثلاثون:
نرجو التفصيل في مسألة العذر بالجهل؟
الجواب:
مسألة العذر بالجهل بيَّنها العلماء - رحمهم الله – وفصَّلها ابن القيِّم - رحمه الله – في طريق الهجرتين وفي ((الكافية الشافية)) وذكرها أئمة الدعوة كالشيخ عبدالله أبابطين وغيرهم وذكر ابن أبي العز شيئاً منها في ((شرح الطحاوية)) وخلاصة القول في هذا: أن الجاهل فيه تفصيل: فالجاهل الذي يمكنه أن يسأل ويصل إلى العلم ليس بمعذور فلابد أن يتعلم ولابد أن يبحث ويسأل، والجاهل الذي يريد الحق غير الجاهل الذي لا يريد الحق، فالجاهل قسمان:
الأول: جاهل يريد الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
والثاني: جاهل لا يريد الحق؛ فالذي لا يريد الحق غير معذور حتى ولو لم يستطع أن يصل إلى العلم؛ لأنه لا يريد الحق، أما الذي يريد أن يعلم الحق فهذا إذا بحث عن الحق ولم يصل إليه فهو معذور، والمقصود أن الجاهل الذي يمكنه أن يسأل ولا يسأل أو يمكنه أن يتعلم ولا يتعلم فهو غير معذور؛ أما الجاهل الذي لا يمكنه أن يتعلم فهو على قسمين:
- جاهل لا يريد الحق فهو غير معذور.
- وجاهل يريد الحق ثم بحث عنه ولم يحصل عليه فهذا معذور، والله أعلم.
السؤال السادس والثلاثون:
هل هناك فرق بين المسائل التي تخفى في العادة وبين التي لا تخفى كمسائل التوحيد؟
الجواب:
نعم، الجهل الذي يعذر فيه الجاهل لا يعذر في الأشياء الواضحة؛ إنما الجاهل الذي يُعذر يُعذر في الأشياء التي تخفى على مثله؛ فلو كان هناك إنسان يعيش بين المسلمين ثم فعل الزنا فلما عوقب قال: إني جاهل؛ فلا يقبل منه لأن هذا أمرٌ واضح؛ أو تعامل بالربا وهو يعيش بين المسلمين لا يقبل منه أو عبد الصنم وهو يعيش بين المسلمين في مجتمع موحِّد لا يقبل منه؛ لأن هذا أمر واضح، لكن لو أسلم كافر في مجتمع يتعامل بالربا ويرى الناس يتعاملون بالمعاملات الربوية ثم تعامل بالربا وقال إنه جاهل؛ فهذا مثله يجهل هذا الشيء، أو نشأ في بلاد بعيدة ولم يسمع بالإسلام وليس عنده وسائل هذا معذور، أما الإنسان الذي يفعل أمراً معلوماً واضحاً وهو بين المسلمين فهذا لا يُعذر، فلابد أن تكون المسألة التي يُعذر فيها دقيقة خفية تخفى على مثله ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين في قصة الرجل الذي أمر أهله أن يحرقوه وجمع أهله حينما حضرته الوفاة وقد كان مسرفاً على نفسه فجمع أولاده عند وفاته وقال: أي أبٍ كنت لكم؟ فأثنوا خيراً، فقال لهم:إنه لم يفعل خيراً قط وإن الله إن بعثه ليعذبنه عذاباً شديداً فأخذ المواثيق على بنيه أنه إذا مات أن يحرقوه ثم يسحقوه ثم يذروه في البر؛ وفي بعض الروايات يذرُّوا نصفه في البر ونصفه في البحر وقال: لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً شديداً ففعلوا به ذلك؛ وفي الحديث أن الله أمر كلاً من البر والبحر أن يجمع ما فيه وقال الله له: قم فإذا هو إنسانٌ قائم فقال له: ما حملك على ذلك؟ قال: خشيتك يا رب؛ فرحمه الله، وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم فبعض العلماء يقول: هذا في شرع من قبلنا، وأُجيب بأجوبة ولكن أصح ما قيل فيه ما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية: أن هذا الرجل إنما فعل ذلك عن جهل وأنه ظن أنه يفوت الله إذا وصل لهذه الحالة، فالرجل غير منكر للبعث وغير منكر لقدرة الله وهو يعلم أنه لو تُرِك ولم يُحرق ولم يُسحق فإن الله يبعثه؛ يعتقد هذا، لكنه أنكر كمال تفاصيل القدرة وظن أنه إذا وصل لهذه الحالة وأُحرق وسُحق وذُرّ أنه يفوت على الله ولا يدخل تحت القدرة، والذي حمله على ذلك ليس هو العناد ولا التكذيب وإنما الجهل مع الخوف العظيم فغفر الله له، فلو كان عالماً ولم يكن جاهلاً لم يُعذر ولو كان معانداً لم يُعذر ولكنه ليس معانداً ولا عالماً فاجتمع فيه الجهل والخوف العظيم؛ فرحمه الله وغفر له؛ فهذه مسألة خفية دقيقة بالنسبة إليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،(/)
دعوة المختصين لوضع قالب جاهز للكتاب الإلكتروني
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Oct 2006, 01:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
(قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
ـ البقرة:32 ـ
أقترح على الإخوة الأفاضل الذين لهم خبرة في إعداد الكتب الإلكترونية في شكل قالب جاهز يمكن للسادة الأساتذة الباحثين توظيفه في نشر كتبهم على شبكة الإنترنت و الأقراص المدمجة، مما يساهم في نشر العلم بأقل تكلفة و على نطاق واسع.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[18 Oct 2006, 04:00 م]ـ
للإفادة هذا منتدى خاص للقوالب
http://www.arabswell.com/vb/forumdisplay.php?f=49
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[20 Oct 2006, 12:21 ص]ـ
بسم الله الرخمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا على تواصلكم، للأسف الموقع الذي تحيلون عليه مغلق في وجه غير المسجلين، ومن ثم لا يمكن الاستفادة منه، آمل إن كانت لديكم إمكانية تزويدنا بقالب مفرغ للكتاب الإلكتروني لوضعه على هذا الموقع و غيره للإفادة منه.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[29 Oct 2006, 10:54 م]ـ
بسم الله الرخمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، أوجه هذا النداء للإخوة المبرمجين ليسارعوا لإنجاز هذا العمل لأهميته الدعوية، ولعله يكون صدقة جارية. كما نطلب من الإخوة الذين يعرفون مبرمجين مقتدرين أن يحفزوهم على القيام بهذا العمل، فالدال على الخير كفاعله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
لقاء مع الشيخ خالد السبت في منتدى الخيمة الرمضانية.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[15 Oct 2006, 03:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده ..
اسأل الله أن يحفظ هذا المنتدى ومشرفيه ومشايخه وجميع من يدخل ليستفيد وينهلَ منه ..
أحببتُ أن أنقلَ لكم هذا اللقاء لفضيلة الشيخ الجليل خالد السبت - وفقه الله - ..
يسر موقع أول اثنين أن يرحب أكمل الترحيب بفضيلة الشيخ/ خالد السبت ونشكره لقبول الدعوة لعمل هذا الحوار معه .. وبدايةً بودنا نسأل عن::
1 - البطاقة الشخصية (الاسم .. الحالة الإجتماعية .. المهنة)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
خالد بن عثمان السبت.
متزوج ولدي 4أبناء وبنتين.
المهنة رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالدمام.
2 - ها هو رمضان آخر يمر على أمتنا الإسلامية وهي ترزح تحت وطأة الاحتلال والظلم والعدوان من فلسطين وحصار غزة صعودا إلى لبنان والحرب عليها وتدميرها , ومرورا بالعراق ومشاهد التقتيل والتفجير .. وغيرها من جراح الأمة.ما الكلمة التي توجهونها للأمة في ظل هذه الأحداث؟.
هي قوله تعالى " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط " فالابتلاء حتم لا بد منه , ولكن الواجب على المسلمين أن يعتصموا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويلزموا أمر الله ويستقيموا على دينه كما قال تعالى " ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيما واتبع ما يوحي إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا "
وذكر ماوقع للمؤمنين يوم الأحزاب حين واجهوا الشدائد بالإيمان والتسليم لله تعالى مع إعداد العدة حسب طاقتهم " ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليما"
وذلك أن الله أخبر بوقوع الابتلاء الذي يحصل به التمحيص ويعقبه النصر. والمقصود أنه يجب على المسلمين الثبات على دينهم ولا يجوز لهم التخلي عنه أو عن شيء من مبادئه , فإن ذلك لا يزيدهم إلا وهناً على وهنهم , والنصوص الدالة على هذا المعنى كثيرة.
وإن مما يحز في النفس أن يجتمع على الإنسان ألوان الأذى من القتل والسلب والتشرد وانتهاك العرض في الوقت الذي يكون فيه العبد معرضاً عن ربه تبارك وتعالى.
3 - من أبرز المشاهدات في رمضان الإسراف في المأكل والمشرب فما توجيهكم بهذا الخصوص؟؟
هؤلاء الذين وجهوا عنايتهم في شهر الصوم وقضوا كثيراً من ليلهم ونهارهم في إعداد ألوان الأطعمة , مع الإفراط في الأكل , ثم ما يتبع ذلك وينتج عنه من معالجة ما يبقى من هذه الموائد. هؤلاء لم يدركوا حقيقة الصوم ولا يحصل لهم مقصود الشارع منه وهو تحقيق التقوى في النفوس.
لأن هذا الاشتغال يورث الغفلة, ولا بد , وتبقى الشهوات مضطرمة في تلك الأجساد كما لا يخفى.
فعلى المسلم أن يتقلل من ذلك كله , ويشغل وقته في شهر الصوم بما يصلح لذلك من قراءة وصلاة وذكر لله تعالى.
4 - ماهي الطريقة المُثلى للإستفادة من أيام وليالي رمضان بالمفيد لأننا نرى الكثير يقضيه بالسهر والزيارات واللهو فما يدري إلا وتصرم الشهر ولم يستفيد منه؟؟
يجب على المؤمن أن يكون صادقاً مع نفسه محاسباً فإذا انقضى عليه يوم نظر في إنجازه في ذلك اليوم وكم يكافئ هذا الإنجاز _ حقيقة _ من ساعات هذا اليوم وبهذا يدرك تقصيره ثم يضرب ذلك في 30. ليعرف ماذا سيكون عليه في آخر الشهر , ومن ثم نستدرك منذ البداية. وهكذا إذا مضى عليه أسبوع.
وقد كان السلف يطيلون المكث في المساجد في رمضان ليحفظوا صومهم وإذا نظر العاقل إلى زمانه وتصرمه أدرك كثيراً من الأبواب التي يدخل عليه الخلل منها , سواء كان ذلك بالزيارات , أو الهاتف الجوال , فضلاً عن الجلوس أمام الشاشة التلفزيونية أو العنكبوتية , أو غير ذلك كله. والله الموفق.
- كيف نجعل رمضان محفزا لتغيير السلوك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
يحتاج العبد إلى فقه في التعامل مع النفس لا سيما في أوقات المواسم واستثمارها في إصلاح القلب والعمل والسلوك شيئاً فشئياً وذلك أن صيام شهر كامل وقيام جزء من الليل كل ليلة يكفي تماماً لترويض النفس على هذه العبادات والأعمال العظيمة (الصيام والقيام وقراءة القرآن) وإذا حصل للعبد ذلك واستمر عليه انفتحت له أبواب الخير من كل ناحية وبناء على ذلك أقول:
كان السلف رضي الله عنهم يرتقون بأنفسهم في كل ساعة فلا يزال الواحد منهم في زيادة , كما قال بعض من صحب الإمام أحمد رحمه الله " صحبته 25سنة , فما دخلت عليه يوم إلا وهو في زيادة عن اليوم الذي قبله. ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: من استوى يوماه فهو مغبون ومن لم يكن إلى زيادة فهو حتماً إلى نقصان.
ونحن يجب أن نعالج أنفسنا في مدرسة رمضان , فيلزم الإنسان عملاً يواظب عليه بعده , كأن يحافظ على صلاة الجماعة إن كان مفرطاً فيها , أو السنن الرواتب إن كان متهاوناً بها , أو التبكير منذ أن يسمع الأذان إن كان يتأخر عنها , وهكذا كل بحسبه.
وفي الصوم كأن يصوم الست من شوال وعاشوراء وعرفه وفي سنة بعدها يزيد ثلاثة أيام من كل شهر , ويزيد يوماً في الأسبوع وبعدها يصوم يومين الاثنين والخميس.
وكذلك في قراءة القرآن يختم كل شهر وبعدها كل 25 ليلة وبعدها كل 20 ليلة وهكذا شيئاً فشيئاً حتى يصل بعد سنوات قلائل بإذن الله تعالى.
6 - ما الأسلوب الأمثل في نظركم لجذب جميع طبقات المجتمع في علو الهمة والحرص على سلوك المنهج المستقيم؟
الدعوة الناطقة بالكلمة الطيبة والدعوة الصامتة بالقدوة والمعاملة الحسنة.
7 - بماذا نتزود في طريق سيرنا للعلم إذا فترت النفس؟
استحضار الثواب المترتب على ذلك , النظر في سير العلماء.
8 - ما تأثير التربية على نهضة الأمة ورقيها؟
التربية هي الوسيلة لغرس المبادئ والعقائد والأخلاق في النفوس حتى تتجدد فيها , ومن ثم تكون راسخة لا تتزعزع إذا هبت رياح الشدائد , ومن ثم يستقيم السلوك والعمل , وينضبط بضوابط الشرع ولا يحمله موقف يضيق له صدره على فعل ما يلزم عليه , وبهذا أيضاً يحصل الثبات أمام الشهوات التي تعصف بكثير من النفوس كما هو مشاهد.
9 - ماهي أساليب التربية الناجحة في ظل هذا الإنفتاح الفضائي؟؟
التركيز على ما يحقق تعظيم الله تعالى في النفوس بمعرفة أسمائه وصفاته ودلالاتها ومعانيها وآثارها , فيحصل بذلك مراقبة الله تعالى والخوف منه ورجائه ومحبته والصبر على طاعته وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة بل غير ذلك من المعاني الطيبة , مع القيام على من تحت أيدينا وكفهم عن كل ما لا يليق بالإقناع إن أمكن وإلا بالمنع ولابد.
10 - من أبرز المخالفات النسائية في التجمعات العائلية الغيبة والنميمة واللباس الفاضح فكيف الحد من ذلك؟؟ وهل للإنفتاح الفضائي أثر على تغيير القيم والمبادئ؟؟
النصح والاحتساب على المخالفين بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.
11 - في الختام .. نريد كلمة توجيهية لأعضاء موقع أول اثنين وللصائمين والصائمات .. ؟؟
وفي الختام أتوجه بالشكر لأعضاء أول اثنين على إتاحة هذه الفرصة , وأذكر نفسي وجميع إخواني بضرورة التزام طريق السلف الصالح من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ورضي عنهم. وأن نعرض الدعوة على أصول هذا المنهج فهذا طريق سلامة محققة.
وأقول لإخواني الصائمين والصائمات: على الواحد منا دائماً أن يفكر في آثار صومه على نفسه وقلبه وعمله , وهل زاده تقوى لله عز وجل. .
شكر الله قبولكم دعوة الموقع وتقبل الله منا ومنكم صالح العمل
http://muntada.islamtoday.net/showthread.php?p=229413#post229413
انتهى النقل
اسألُ الله أن يجعلنا من عتقاؤه في هذا الشهر الكريم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[15 Oct 2006, 10:34 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
سلامٌ على تلك الدِّيار، ديار الأحِبَّة الأخيار.
جزى الله شيخنا الدكتور خالد السبت خير الجزاء على همِّه الدَّعوي والعلمي؛ فكم انتفعنا به، سيِّما الدورة التي ألقاها لنا في أعمال القلوب، وبعض دروسه وكلماته بعد الصلوات.
فلله درُّ الشيخ ما أروع هدْيه وسمته!
وما أحلى منطقه!
وما أصدق إخلاصه!
تالله إن القرب من الشيخ والاستفادة منه عبادة وأي عبادة!
وأنصح أحبتي الفضلاء بتكرار القراءة في هذه السلسلة (سلسلة أعمال القلوب)؛ فوالله كم هي رائعة، وكم تفُّل العقل والُّلب من روعة الاستشهاد بكلام الأئمة، وسوقه في محله الدقيق، وبراعة النُّكات الفريدة في بابها.
وكم أثَّرت في نفسي هذه الدورة.
فيا قوم إني ناصحٌ لكم؛ فمن رام صلاح قلبه؛ فعليه بتيك السلسلة، وليأخذ بزمام نفسه وليكبح جماحها ويروِّضها في مدارج العبودية؛ لترتقي في معارج السعادة الأبدية.
فشآبيب الرحمة والرضوان من الله على شيخنا أبي عبد الرحمن
حفظه الله ونفع به الإسلام والمسلمين.
ملحوظة:
ليت أخي الحبيب الشيخ أبا معاذ البخيت يعرض على شيخنا الكريم لقاء خاص بملتقى أهل التفسير؛ فحتماً سيكون نافعاً وثرياً بالمفيد والجديد.
وليته يفعل.
صوِّت للقاء الدكتور خالد السبت في الملتقى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الطبيب]ــــــــ[28 Oct 2006, 11:07 ص]ـ
في الحقيقة كم أتمنى أن يشاركنا فضيلة الشيخ خالد السبت في الملتقى وأن يكون هناك لقاء مفتوح موسّع تحصل به الفائدة ويتم الإعداد له مسبقاً بحيث تتاح الفرصة للجميع وبما لا يشق على الشيخ حفظه الله.
وهذه بعض الاقتراحات التجديدية للقاء:
الإعلان عن اللقاء في الملتقى وطلب الأسئلة من الأعضاء والزوار.
جمع الأسئلة وتنقيحها وترتيبها، استعداداً لطرحها على الشيخ.
أن يكون اللقاء صوتياً ويفرّغ محتواه وينشر في الملتقى؛ وأنا أقيم في الشرقية ويمكنني المشاركة في ذلك.
ودمتم،،،(/)
مصيبة
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[16 Oct 2006, 05:05 م]ـ
مصيبة
نعم والله مصيبة أن تكون صلاتنا موضع ترتيب وقتنا للدنيا، فلا نستشعر أننا بين يدي ربنا تعالى، ولا نخشع في صلاتنا.
مصيبة والله أن يضل المسلم ساهياً في صلاته، يسرح بفكره، وينشغل عقله عنها وكأنها فترة استجمام، وبعضهم سوّغ لنفسه تلك المصيبة بقوله: (كل واحد يسهو في صلاته)
وهي شبهة شيطانية صدته عن معرفة الحق
أنشدكم الله أليست مصيبة
للأسف كتبت هذه الخاطرة لما عرفت من حالي عدم الخشوع في الصلاة، وأحسب أن الكثير مبتلى بذلك.
فالتوبة التوبة
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Oct 2006, 05:13 م]ـ
جزاك الله خيراً , ورزقنا الله حضور القلب في الصلاة.(/)
الأسماء المستعارة والكتابة في المنتديات
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Oct 2006, 05:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يختلف الكتاب في المنتديات حول أيهما أفضل: الكتابة بالاسم الصريح أم باسم مستعار، وقد سبق أن دار حول هذا الموضوع نقاش على صفحات هذا الملتقى. وقد وقعتُ على موضوع طريف لأحد الأصدقاء الأدباء في أحد المنتديات حول هذا الموضوع فأحببت نقله للفائدة، وللنقاش حوله وهذا نص المشاركة.
[ line]
لماذا نستخدم الاسم المستعار
ربما للأسباب التالية:
1. الخوف من تبعة مايكتب فيحرم الكاتب من النشر أو يتعرض لشخصه، وخاصة في الانترنت إذ يمكن لكل أحد بدون وازع ديني أو أخلاقي- أن يرمي من يشاء بما يشاء.
2. أن يحول مركز الكاتب الاجتماعي من تدوين اسمه الصريح
3. قد تكون الكاتبة امرأة منعتها الأعراف الجارية من كتابة اسمها الصريح. فتعمد إلى المستعار، وتزيد في التعمية أحيانا فتكتب باسم رجل، والعكس كذلك بالنسبة للرجال
4. التواضع بالتستر خلف الإسم المستعار، وهذا إنما يكون عند كبار الكتاب والأدباء
5. مجرد رغبة شخصية، أو وجود عرف سائد، كما هو الحال في المنتديات.
وهناك أسماء شهيرة كانت تكتب بأسماء مستعارة أنتخب لكم منهم مايأتي، وهي على كل حال أسماء شهيرة:
• ابن جلا: الشاعر: محمد حسن فقي
• أبو الهيثم،وأديب عادل، وعبدالله الصادق: أسماء كان يتخفى خلفها الشيخ علي الطنطاوي وللأخير منها قصة ذكرها في كتابه مقالات في كلمات ص 211
• أدونيس: الشاعر: علي أحمد سعيد، ثم غلب عليه الإسم
• الأديب الحي: الأديب محمد حسن عواد
• الأصمعي: الأستاذ المؤرخ النسابة حمد الجاسر
• باحث: الأديب عبد القدوس الأنصاري
• بدوي الجبل:الشاعر محمد سليمان الأحمد، واشتهر به
• بدوي الصحراء: الكاتب محمد سعيد العامودي
• بعض فضلاء المسلمين: الشيخ محمد عبده
• بنت الشاطئ: الكاتبة والأديبة د. عائشة بنت عبدالرحمن، واشتهرت به
• تاسيت: الأديب الشهير طه حسين
• الجاحظ: الأديب أحمد عبدالغفور عطار، وكان أيضا يكتب باسم: عبدالله مكي
• خنساء فلسطين: الشاعرة فدوى طوقان
• دايم السيف: الأمير الشاعر خالد الفيصل
• رسام: الشاعر إلياس أبو شبكة
• الرحالة ك: المصلح والأديب: عبدالرحمن الكواكبي
• س: المؤرخ والأديب أحمد السباعي. وكان أحيانا يكتب باسم: فتاه
• س. أ: الزعيم سعد زغلول، وله أسماء مستعارة أخرى.
• سائح: أمير الشعراء أحمد شوقي. وله أسماء مستعارة أخرى
• ط. ج: الشيخ العلامة الأديب طاهر الجزائري
• عابر سبيل: الأديب المصري (القاص) يحى حقي. وكان يكتب أيضا باسم: محام
• عائدة: الأديبة مي زيادة
• عربي: الشاعر حسين عرب.
• عطارد: المؤرخ والأديب والمفكر: أنور الجندي
• الفتى النجدي: الشاعر حسين سرحان
• ليلى: الشاعر جميل صدقي الزهاوي
• م: الكاتب مصطفى أمين. وكان يكتب أيضا باسم: مشاغب
• محب الفجر: الكاتب واللغوي: أنستاس الكرملي
• محروم: الأمير الشاعر عبدالله الفيصل
• محجوب: المؤرخ والشاعر خير الدين الزركلي
• المسلم: الشاعر واللغوي:محمد إسعاف النشاشيبي. وكان يكتب أيضا باسم: هاشم العربي
• ن.م: الشاعرة: نازك الملائكة
• هجران شوقي: الشاعر: أنور العطار.
ويمكن الرجوع إلى كتاب (معجم الأسماء المستعارة) ليوسف داغر، وأوسع منه كتاب (معجم التوقيعات المستعارة) لمحمد بن أحمد معبر، إصدار نادي أبها الأدبي 1426هـ. ففيه (1663) اسما مستعارا. وشكرا لمروركم الكريم
منقول.
ـ[الجكني]ــــــــ[18 Oct 2006, 04:18 ص]ـ
موضوع جد ظريف(/)
اقرأوا هذا البحث في إجازة العيد فهو مهم
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Oct 2006, 08:50 ص]ـ
هذا بحث قدمه الدكتور شريف الخطيب استاذ العقيدة في جامعة آل البيت وهو يتناول موضوعا مهما جدا وهو يدور حول مشروعية الاجتهاد في فروع العقيدة أضعه لكم لعله يسهم في تقريب وجهات النظر وتقبلوا تحياتي.
[ line]
مشروعيّة الاجتهاد في فروع الاعتقاد
إعداد الدكتور شريف "الشيخ صالح" أحمد الخطيب
الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الفقهية والقانونية جامعة آل البيت
قسم أصول الدين
المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين سيّدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..
فإن شريحة من المسلمين تقوم بتكفير المسلمين الذين هم مثلهم، بحجة أن مسائل الاعتقاد لا تقبل الاجتهاد ولا تقبل الخلاف، وكل طائفة من هذه الطوائف تعتقد أنها على الحق وأنها هي الطائفة الناجية وان غيرها على الباطل، وهذا الاعتقاد يسهم إلى حد كبير في تعميق الخلاف بين المسلمين، والذي يبدأ بعدم الإقرار بالخلاف ثم بالتبديع والتفسيق إلى التكفير والقتل؛ لأنه –كما يزعمون-من بدل دينه فاقتلوه.
والحقيقة التي ينبغي أن يعتقد بها المسلمون جميعا بغض النظر عن فرقهم وتوجهاتهم ومدارسهم الفكرية، أن هناك مسائل في العقيدة لا يجوز الخلاف فيها لكونها ليست محلا للاجتهاد وهذه هي أصول العقيدة، ومسائل أخرى يجوز الخلاف فيها لكونها محلا للاجتهاد وهذه هي فروع الاعتقاد.
وانقسام العقيدة إلى أصول وفروع منصوص عليه، وتدل عليه نصوص كثيرة وأقوال للعلماء عديدة.
وإذا كانت نصوص الكتاب والسنة على ما هو معلوم؛ منها ما يقبل الخلاف والاجتهاد ومنها ما لا يقبلهما، ولا فرق بين هذه النصوص سواء أكانت تدل على مسائل علمية وهي مسائل العقيدة، أم كانت تدل على مسائل عملية وهي مسائل الفقه، والنصوص التي جاءت بفرضية الاجتهاد لا تفرق بين هذه النصوص أو تلك، وإذا كان الأمر كذلك فإنا نجد أن الصحابة والتابعين ومن بعدهم اجتهدوا في مسائل فروع الاعتقاد، واختلفت آراؤهم فيها من غير حدوث إنكار من بعضهم على بعضهم الآخر إلى حد التبديع أو التكفير أو القتل، وبقوا محافظين على وحدة كلمتهم واعتصامهم بحبل الله كما أمرهم الله بقوله:) يا أيها الّذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون*واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا ((103: آل عمران). ولم يقعوا فيما نهاهم عنه وحذرهم منه بقوله تعالى:) ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم ((105:آل عمران)
وهكذا جمعوا بين الاختلاف في مسائل فروع الاعتقاد ووحدة الأمة ووحدة ولائها ووقوفها أمام أعدائها.
ولعل هذا البحث يسهم في إعادة تلك الصورة المشرقة من الاختلاف في الرأي مع وحدة القلوب والمواقف جمعاً بين الأمر بالاجتهاد والأمر بالوحدة وعدم الاختلاف والنظر إلى المخالف على أنه معذور ومأجور وإن أخطأ في اجتهاده.
الدّراسات السّابقة:
لم أطّلع على دراسة مستقلّة تشير إلى مشروعيّة الاجتهاد في مسائل الاعتقاد، وإن كانت هناك نصوص تحدثت عن هذا الموضوع متفرّقة في بطون الكتب كما سيظهر من خلال استعراض بعضها في ثنايا البحث.
منهجيّة الدراسة:
قامت الدّراسة على المنهج العلميّ القائم على الاستقراء والتّحليل والاستنتاج، حيث قام الباحث:
-باستقراء الأدلّة على مشروعيّة الاجتهاد في مسائل الاعتقاد، وتحليلها، واستنتاج هذه المشروعية منها.
-وعزو الآيات إلى مواضعها من السّور، وتخريج الأحاديث النبويّة، والحكم عليها حيث لزم الأمر.
إشكاليّة البحث: ما حكم الاجتهاد في مسائل الاعتقاد؟ وهل هو نفس الحكم في مسائل الفقه؟.
وهل في مسائل الاعتقاد ما يجوز الاجتهاد فيه وما لا يجوز كما هو الحال في مسائل الفقه؟.
وهل يعذر المخطئ والمخالف في مسائل الاعتقاد كما هو الحال في مسائل الفقه؟.
وهل الحكم في المخطئ والمخالف في مسائل الاعتقاد كما هو الحال في مسائل الفقه؟، وهو عدم التّكفير أو التّبديع هذا ما سيحاول البحث الإجابة عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
محددات البحث: سيكون هذا البحث مقتصرا على نظرة أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، واقتصر على ذلك خشية الإطالة، وليكون الخطاب من كل طائفة من طوائف المسلمين من خلال علمائها وكتبها؛ وهذا ادعى للإقناع والقبول.
خطّة البحث:
لقد قسم البحث إلى مقدمة وتمهيد، وأربعة مباحث وخاتمة.
التمهيد: مصطلحات البحث: تعريف الاجتهاد والأصل والفرع والعقيدة.
المبحث الأول: حكم الاجتهاد عمومًا وفي مسائل الاعتقاد خصوصًا.
المبحث الثاني: أدلّة وقوع الاجتهاد في فروع الاعتقاد.
المبحث الثالث: أقوال العلماء في حكم المخالف في مسائل الاجتهاد في الاعتقاد.
المبحث الرابع: نظرية ابن تيمية في الاجتهاد في فروع الاعتقاد.
الخاتمة: وفيها أهم النّتائج التي توصّلت إليها.
وختاما، فأسأل الله القدير أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
التمهيد: تعريف بمصطلحات البحث
1. الاجتهاد لغة واصطلاحًا:
الكلام في مفهوم الاجتهاد يكون في معناه لغة، واصطلاحًا، وذلك ضمن النقاط التالية:
أولا: الاجتهاد لغة: مصدر مأخوذ من الجَهْد، والجُهْد: وهو بالفتح المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وبالضم، الوسع والطاقة، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة ([ i]) وهو كما قال الفيروزآبادي: " الجَهْدُ الطاقَةُ، ويضمُّ، والمَشَقَّةُ. واجْهَدْ جَهْدَكَ ابْلُغْ غايَتَكَ" ([ ii]).
وغاية الأمر: أن معنى الاجتهاد لغة يدور حول بذل الوسع والطاقة في طلب أمر من الأمور؛ ويصل إلى غايته ونهايته ومقصوده.
وهذا المعنى هو المقصود في تعريفنا الاصطلاحي له حيث يستفرغ المجتهد ([ iii]) وسعه وطاقته العقلية ضمن قواعد معينة للوصول إلى حكم شرعي باستثماره الأدلة النقلية ([ iv]).
ثانيا: الاجتهاد اصطلاحا ([ v]):
عرف الأصوليون الاجتهاد اصطلاحًا ([ vi]) بتعاريف عدة، ومنها ما عرفه به الإمام الغزالي بقوله: " بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة " ([ vii]) وعرفه ابن الحاجب بقوله: " هو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي" ([ viii]).
2- تعريف الأصول والفروع لغة واصطلاحا:
ففي اللغة "الأصل واحد الأصول، يقال: أصل مؤصل، واستأصله، أي قلعه من أصله" ([ ix]).
والفرع في اللغة: "فرع كل شيء أعلاه" ([ x]) وعلى هذا يكون المعنى اللغوي للأصل والفرع هو الذي يبنى عليه غيره ويكون أساساً له، والفرع هو الذي يقوم على ذلك الأساس ويتشعّب منه.
وأما المعنى الاصطلاحي للأصل في عرف علماء العقيدة، فقد يراد به الأحكام الاعتقادية والتي تتفرع عنها الأحكام العملية، وهذا ما يبدو من تعريف الكلام عند التفتازاني والذي يراد به –علم العقيدة - حيث يقول في تعريفه: "إنه العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسب من أدلتها اليقينية" ([ xi]) ويوضح ذلك بقوله: "الأحكام المنسوبة إلى الشرع منها ما يتعلق بالعمل وتسمى فرعية وعملية، ومنها ما يتعلق بالاعتقاد، وتسمى أصلية واعتقادية" ([ xii]).
وقد يراد بالأصل القاعدة الكلية في العقيدة والمتفق عليها والمجمع عليها والتي تكون قطعية الثبوت والدلالة و التي تتشعب منها فروع تلك العقيدة الكلية وجزئياتها، التي تكون في محل الاجتهاد والاختلاف, وهذا ما أقصده في الفروع في هذا البحث.
وهذا التفريق بين الأصول والفروع في الاعتقاد أمر ثابت عند أهل السنة والجماعة، وغيرهم من الفرق والمذاهب الإسلامية، فهم يفرقون بين الأصول والفروع من حيث المفهوم، ومن حيث حكم المخالف في كل منهما.
فالأصل عندهم هو: ما كان ثابتًا بدليل قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، وبالتالي فإن هذا الأصل يكون موضع إجماع من المسلمين، ولا يدخله الاجتهاد ولا التأويل، ويكون معلومًا من الدين بالضرورة ([ xiii]).
وقد يرى بعضهم مثل المعتزلة: أن الأصل في الدين، هو ما دل العقل عليه دون ما دلّ عليه الشرع ([ xiv]) والصحيح: أن الأصل في الدين هو ما كان ثابتًا بدليل سمعي شرعي قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وأن ما دون ذلك يكون فرعًا يدخله الاجتهاد.
ورتبوا على ذلك أن المخالف في الأصل يعتبر كافرًا، بينما المخالف في الفرع يعتبر مجتهدًا مصيبًا، أو مخطئًا في اجتهاده.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نص العلماء على تقسيم المسائل الاعتقادية إلى أصول وفروع، وإليك بعض أقوالهم في ذلك ([ xv]): قال ابن تيمية: "وقال المفسرون لمذهبهم – مذهب أهل السنة – أن له أصولاً وفروعًا، وهو مشتمل على أركان وواجبات – ليس بأركان ومستحبات – " وهذا في معرض حديثه عن أهل السنة حيث يعتقدون أن للإيمان أصولاً وفروعًا. وقال: فصل فيما اختلف فيه المؤمنون من الأقوال والأفعال في الأصول والفروع، فان هذا من اعظم أصول الإسلام الّذي هو معرفة الجماعة وحكم الفرقة والتقاتل والتكفير والتلاعن والتباغض وغير ذلك ([ xvi]) ويقسم ابن تيمية ([ xvii]) أمور الشرع إلى أصول وفروع ويبين أن الأصول هي ما جاء في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل الرسول e عن الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ([ xviii]).
- وقال الإمام البغوي: "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام وهو أصل كل خطأ في الأصول والفروع" ([ xix]).
- وقال ابن دقيق العيد: " والبداءة في المطالبة بالشهادتين؛ لأن ذلك أصل الدين، الّذي لا يصح شيء من فروعه إلا به " ([ xx]).
- وقال الإمام السمعاني فيما نقله عنه الإمام ابن القيم: " وبهذا يظهر مفارقة الاختلاف في مسائل الفروع اختلاف العقائد في الأصول " ([ xxi])
وقال أحمد بن الحسين البيهقي: "وفي حديث عبد الله بن عمرو: (إلا واحدة، ما أنا عليه وأصحابي) وإنما اجتمع أصحابه على مسائل الأصول، فإنه لم يُرْوَ عن واحدٍ منهم خلاف ما أشرنا إليه في هذا الكتاب. فأما مسائل الفروع فما ليس فيه نص كتاب ولا نص سنة فقد اجتمعوا على بعضه واختلفوا في بعضه، فما اجتمعوا عليه ليس لأحد مخالفتُهم فيه، وما اختلفوا فيه فصاحب الشرع هو الذي سوّغ لهم هذا النوع من الاختلاف؛ حيث أمرهم بالاستنباط وبالاجتهاد مع علمه بأن ذلك يختلف، وجعل للمصيب منهم أجرين، وللمخطئ منهم أجرًا واحدًا، وذلك على ما يحتمل من الاجتهاد، ورُفع عنه ما أخطأ فيه " ([ xxii]). ونجد إشارات متعددة للعلماء في التفريق بين الأصول والفروع من حيث الحكم بالكفر أو عدمه للمخالف فيرى القرطبي أن التأويل يعتبر باطلا إذا كان في موضع إجماع المسلمين ([ xxiii]) ويرى ابن حجر أن الكفر إنما يكون فيما خالف المعلوم من الدين بالضرورة ([ xxiv]) ويجمع ابن دقيق العيد بين الأمرين السابقين وينص على التواتر في النص ([ xxv]) وكذلك يشير السيوطي إلى المعنى نفسه ([ xxvi]).
3. الاعتقاد لغة واصطلاحاً:
العقيدة لغة: مشتقة من العقد، ومعناه نقيض الحل، وعقد الحبل شد بعضه إلى بعض، والعقود أوثق العهود
ومنه قوله تعالى:) يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ((1: المائدة) والعقيدة هي فعيل بمعنى مفعول أي المعتقدات، ومادة عقد في اللغة مدارها على اللزوم والتأكد والاستيثاق ([ xxvii]) ففي القران:) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ((89: المائدة).
والعقيدة اصطلاحا: "هي القواعد أو الأحكام الشرعية الاعتقادية التي يطلب من المكلف الاعتقاد بها أي الإيمان بصحتها " ([ xxviii]) ويمكن تعريف العقيدة: "وهي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب وتكون يقينا عند أصحابها لا يمازجها ولا يخالطها شك" ([ xxix]). وبعد أن عرفت الاجتهاد والفرع والاعتقاد يمكن أن اعرف الاجتهاد في فروع الاعتقاد فأقول: بذل المجتهد وسعه في تحصيل حكم شرعي في مسالة من مسائل فروع الاعتقاد.
المبحث الأول
حكم الاجتهاد عمومًا وفي مسائل الاعتقاد خصوصًا.
أولاً: حكم الاجتهاد عمومًا:
مما هو معلوم أن حكم الاجتهاد فرض كفاية على الأمّة إذا قام به بعض المجتهدين فيها، سقط الإثم عن الآخرين، وإلا أثمت الأمّة كلها ([ xxx]).
والنصوص الدالة على هذا الحكم من الكتاب والسنة والإجماع مشهورة معروفة، منها قوله سبحانه وتعالى:) ولو ردوه إلى الله والرسول لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ((83: النساء).
وقوله تعالى:) فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ((122: التوبة).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن السنة حديث معاذ t أن رسول الله e لما أراد أن يبعثه إلى اليمن قال: (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟) قال: أقضي بكتاب الله، قال: (فإن لم تجد في كتاب الله؟) قال: فبسنة رسول الله e قال: (فإن لم تجد في سنة رسول الله e ولا في كتاب الله؟) قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله e صدره وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله) ([ xxxi]).
وإذا كانت هذه النصوص تدل على فرضية الاجتهاد فإنها ليست مقيدة بأحكام الفقه دون أحكام العقيدة لأن النصوص الشرعية تأتي بالحكم الفقهي والاعتقادي؛ فيجوز الاجتهاد فيهما والتفريق بين هذه الأحكام لم يحدث إلا في العصور المتأخرة من باب التبويب والتقسيم، وإلا فإن الفقهاء كانوا فقهاء الفقه الأكبر وفقه الفروع، كما ذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة عندما قال في تعريف الفقه: "الفقه هو ما يجب على النفس من معرفة، فإذا كان في الأصول كان الفقه الأكبر، وإذا كان في الفروع كان معرفة الأحكام العملية التفصيلية" ([ xxxii]). ويسوي ابن تيمية بين الاجتهاد في مسائل الفقه والعقيدة حيث يعطي نفس الحكم لهما بقوله: "وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول وغيرها في باب الصفات والقدر والإمامة وغير ذلك هو من هذا الباب، فيه المجتهد المصيب، وفيه المجتهد المخطئ، ويكون المخطئ باغياً، وفيه الباغي من غير اجتهاد، وفيه المقصر فيما أمر به من الصبر" ([ xxxiii]).
ومن هنا وجدنا الاجتهاد في مسائل الاعتقاد منذ عهد الصحابة y إلى يومنا هذا.
ثانياً: حكم الاجتهاد في فروع الاعتقاد.
إذ تبين من الفقرة السابقة أن الاجتهاد في النصوص الشرعية لاستخراج الحكم هو فرض كفاية، إلا أن طبيعة النصوص مختلفة، فهناك نصوص لا يمكن الاجتهاد والاختلاف فيها، حيث أنها قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وهي المسائل الثابتة التي لا تتغير ولا مجال فيها للتفسير أو التأويل أو المعارضة، أو المخالفة، لكون دلالتها على الأحكام قطعية، مثل المسائل العقائدية الأصلية المتعلقة بأصل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره؛ وأن القرآن حق، ومنزل من عند الله عز وجل، وأن الرسول e أُرسل للناس كافة، وهي الأحكام الاعتقادية الكلية التي لم يخالف فيها أحد من المسلمين، وكذلك كل ما علم من الدين بالضرورة ([ xxxiv]) وكقطعية بعث الرسل بالنسبة للأحكام العقدية، وكقطعية تحريم الأمهات في قوله تعالى:) حرمت عليكم أمهاتكم ((23: النساء) بالنسبة للأحكام العملية، ولذلك لم تكن محلا للاجتهاد، وهي محل اتفاق الأمّة سابقها ولاحقها، متقدّمها ومتأخرها.
وهناك نوع آخر من النصوص الشرعية يمكن أن يدخلها التأويل والمعارضة أو المخالفة لكونها ظنيّة الثبوت والدلالة، أو قد تكون ظنيّة الثبوت قطعية الدلالة، أو قطعية الثبوت ظنيّة الدلالة ([ xxxv]).
- ومنها: بعض المسائل الاعتقادية الفروعية، وبعض النظريات الكلامية التي اختلف فيها العلماء، وجرت بينهم فيها مناظرات ومناقشات عائدة لظنية الأدلة الدالة على هذا الحكم العقدي ([ xxxvi]).
وهذه الأحكام يكون فيها مجال للاجتهاد للوصول إلى الرأي الصائب، أو القريب من الصواب، ومعلوم أن هذه الأحكام هي الأحكام الاعتقادية الفرعية، والأحكام العملية الظنية.
وهذا النوع من الأحكام يتجاذبه جملة من القواعد والمبادئ المتصلة بمقاصد الشريعة العامة وكلياتها اعتقادية أو عملية، ([ xxxvii]).
و يؤكد الشاطبي ما سبق بقوله: " فان الله تعالى حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للانظارومجالا للظنون وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتّفاق عليها عادة، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف فيها، لكن في الفروع دون الأصول، وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف" ([ xxxviii]). ويظهر من النص أن النظربات يقصد بها المعتقدات وانه يصح الخلاف في فروع الاعتقاد دون الأصول.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويفرق الشاطبي أيضا في الاختلاف بين الأصول والفروع بقوله: "إن هذه الفِرَق إنما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة لا في جزئية من الجزئيات إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشا عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا و إنما ينشأ المخالفة في الأمور الكلية " ([ xxxix]) ومن هذا النص يظهر أن الشاطبي يرى جواز المخالفة في الفروع والجزئيات دون الأصول والكليات.
ويرى ابن تيمية أن المسائل الأصولية والمجمع عليها والتي دلالة النصوص عليها قطعية لا يجوز الاجتهاد فيها ومنكرها كافر بينما المسائل الفروعية وغير المجمع عليها والتي دلالة النصوص عليها غير قطعية يجوز الاجتهاد فيها ومنكرها ليس كافرًا" ([ xl]).
ويجعل ابن تيمية "الأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء، ليس لأحد خروج عنها، ومن دخل فيها كان من أهل الإسلام المحض، وهم أهل السنة والجماعة، وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء ... وإن تنوعت الأفعال في حق أصناف الأمّة فلم يختلف اعتقادهم ولا معبودهم ... والمذاهب والطرائق، والسياسات للعلماء والمشايخ والأمراء إذا قصدوا بها وجه الله تعالى دون الأهواء ... بحسب الإمكان بعد الاجتهاد التام، هي لهم من بعض الوجوه بمنزلة الشرع والمناهج للأنبياء، وهم مثابون على ابتغائهم وجه الله تعالى وعبادته وحده" ([ xli]). ويفرق ابن الوزير بين ما كان معلوما من الدين بالضرورة وما ليس كذلك ولا يرى كفر المتأول والمخالف في ذلك فيقول: والدليل على أنه لا يكفر أحد من المخالفين في التأويل إلا من بلغ الحد في جحد المعاني المعلوم ثبوتها بالضرورة 000 إن الكفر هو تكذيب النبي r إما بالتصريح أو ما يستلزمه استلزامًا ضروريًا لا استدلاليًا ([ xlii]).
ويقول محمد بن عبد الوهاب: " ثم اعلموا وفقكم الله، إن كانت المسألة إجماعاً فلا نزاع، وإن كانت مسائل اجتهاد فمعلومكم أنه لا إنكار في من يسلك الاجتهاد" ([ xliii]).
وإذا كانت النصوص القطعية لا مجال للاجتهاد فيها وأما الظنية فيجوز الاجتهاد فيها فانه لابد من وجود الضوابط لهذا الاجتهاد حتى نصل للرأي الصحيح ولا نقع في الخطأ وفي ذلك يبين شارح العقيدة الطحاوية مسوغات الاجتهاد والتأويل الصحيح لذلك الاجتهاد بحيث لا يقع صاحب الاجتهاد في خطأ التأويل الفاسد، وهذا إقرار منه بالاجتهاد والاختلاف في مسائل الاعتقاد فيقول:
" فالتأويل الصحيح هو الّذي يوافق ما جاءت به السنة، والفاسد المخالف له. فكل تأويل لم يدل عليه دليل من السياق، ولا معه قرينة تقتضيه، فإن هذا لا يقصده المبين الهادي بكلامه، إذ لو قصده لحف بالكلام قرائن تدل على المعنى المخالف لظاهره، حتى لا يوقع السامع في اللبس والخطأ، فإن الله أنزل كلامه بياناً وهدى، فإذا أراد به خلاف ظاهره، ولم يحف به قرائن تدل على المعنى الّذي يتبادر غيره إلى فهم كل أحد-لم يكن بياناً ولا هدى. فالتأويل إخبار بمراد المتكلم، لا إنشاء.
وفي هذا الموضع يغلط كثير من الناس، فإن المقصود فهم مراد المتكلم بكلامه، فإذا قيل: معنى اللفظ كذا وكذا، كان إخباراً بالذي عنى المتكلم فإن لم يكن الخبر مطابقاً كان كذباً على المتكلم. ويعرف مراد المتكلم بطرق متعددة، منها: أن يصرح بإرادة ذلك المعنى. ومنها: أن يستعمل اللفظ الّذي له معنى ظاهر بالوضع، ولا يبين بقرينة تصحب الكلام أنه لم يرد ذلك المعنى، فكيف إذا حف بكلامه ما يدل على أنه إنما أراد حقيقته وما وضع له، كقولهِ:) وكلم الله موسى تكليمًا ((146: النساء). وكما في الحديث: (أنكم ترون ربكم عياناً كما ترون الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب) ([ xliv]).
فهذا مما يقطع به السامع له بمراد المتكلم، فإذا أخبر عن مراده بما دل عليه حقيقة لفظه الّذي وضع له مع القرائن المؤكدة، كان صادقاً في إخباره.
وأما إذا تأول الكلام بما لا يدل عليه ولا اقترن به ما يدل عليه، فإخباره بأن هذا مراده كذب عليه، وهو تأويل بالرأي، وتوهم بالهوى " ([ xlv]).
المبحث الثاني
أدلة وقوع الاجتهاد في فروع الاعتقاد وأقوال العلماء فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان العلماء قد أقروا بالاجتهاد كما بينا في المطلب السابق في فروع الاعتقاد دون الأصول من حيث التصور فإن الاجتهاد والاختلاف قد وقعا بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء، وسأورد بعض الأمثلة في فروع الاعتقاد الثلاثة في الإلهيات والنبوات والسمعيات.
أولا: الإلهيات:
1 - الاجتهاد في رؤية النبي r لله عز وجل في معراجه إلى السماء: فقد حكى القاضي عياض في كتابه "الشفا" اختلاف الصحابة ومن بعدهم في رؤيته r، وإنكار عائشة رضي الله عنها أن يكون r رأى ربه بعين رأسه، وإنها قالت لمسروق حين سألها: هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، ثم قالت: من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب ([ xlvi]).
ثم قال: وقال جماعة بقول عائشة رضي الله عنها، وهو المشهور عن ابن مسعود وأبي هريرة واختلف عنه، وقال بإنكار هذا وامتناع رؤيته في الدنيا جماعة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه r رآه بعينه، وروى عطاء عنه: إنه رآه بقلبه. ثم ذكر أقوالاً وفوائد، ثم قال: وأما وجوبه لنبينا r والقول بأنه رآه بعينه. فليس فيه قاطع ولا نص، والمعول فيه على آيتي النجم، والتنازع فيهما مأثور، والاحتمال لهما ممكن.
وهذا القول الّذي قاله القاضي عياض رحمه الله هو الحق، فإن الرؤية في الدنيا ممكنة، إذ لو لم تكن ممكنة لما سألها موسى u، لكن لم يرد نص بأنه r رأى ربه بعين رأسه، بل ورد ما يدل على نفي الرؤية، وهو ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر t قال: "سألت رسول الله r هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه" وفي رواية: "رأيت نوراً".
وقد روى مسلم أيضاً عن أبي موسى الأشعري t أنه قال: "قام فينا رسول الله r بخمس كلمات، فقال: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور) وفي رواية: (النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) ([ xlvii]) فيكون -والله أعلم- معنى قولهِ: لأبي ذر (رأيت نوراً) ([ xlviii]): أنه رأى الحجاب، ومعنى قولهِ: (نور أنّى أراه) ([ xlix]): النور الّذي هو الحجاب يمنع من رؤيته، فأنّى أراه؟ أي فكيف والنور حجاب بيني وبينه يمنعني من رؤيته فهذا صريح في نفي الرؤية، والله أعلم ([ l]).
وقد تقدم ذكر اختلاف الصحابة في رؤيته r ربه عز وجل بعين رأسه، وأن الصحيح أنه رآه بقلبه، ولم يره بعين رأسه.
وقولهِ:) ما كذب الفؤاد ما رأى ((11: النجم)) .... ولقد رآه نزلة أخرى ((13: النجم) صح عن النبي r أن هذا المرئي جبرائيل، رآه مرتين على صورته التي خلق عليها.
وأما قوله تعالى في سورة النجم:) ثم دنى فتدلى ((8: النجم) فهو غير الدنو والتدلي المذكورين في قصة الإسراء، فإن الّذي في سورة النجم هو دنو جبرائيل وتدليه كما قالت عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما فإنه قال:) علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى ((5 - 8 النجم) فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى، وأما الدنو والتدلي الّذي في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب تعالى وتدليه. وأما الّذي في سورة النجم أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، فهذا هو جبرائيل رآه مرتين مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى ([ li]).
2- الاجتهاد في جواز الإقسام على الله عز وجل: إن كان مراده الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور أيضاً لأن الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز، فكيف على الخالق وقد قال r ( مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ) ([ lii]) ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه y يكره أن يقول الداعي: "أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام" ونحو ذلك حتى كره أبو حنيفة ومحمد أن يقول الرجل: "اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك" ولم يكرهه أبو يوسف لما بلغه الأثر فيه، وتارة يقول بجاه فلان عندكَ أو يقول نتوسل إليكَ بأنبيائك ورسلك وأوليائك، ومراده لأن فلاناً عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة فأجب دعانا ([ liii]).
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - الاجتهاد في أول مخلوقات الله عز وجل: ولا يخلو قولهِ: (أول ما خلق الله القلم ... ) إما أن يكون جملة أو جملتين. فإن كان جملة وهو الصحيح كان معناه أنه عند أول خلقه قال له اكتب، كما في اللفظ (أول ما خلق الله القلم قال له اكتب) بنصب "أول" والقلم، وإن كان جملتين وهو مروى برفع "أول والقلم" فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم، فيتفق الحديثان، إذ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير، والتقدير مقارن لخلق القلم. وفي اللفظ الآخر لما خلق الله القلم قال له: اكتب ([ liv]). وسبب الخلاف كما يظهر يعود إلى ناحية الإعراب والى أن هذا النص جملة أو جملتين.
4 - الاجتهاد في صفة علو الله عز وجل: يرى ابن تيمية أن الاجتهاد منه الصواب ومنه الخطأ وفي ذلك يقول وكذلك كثير ممن يتنازعون في أن الله في السماء ومقصو دهم بان الله في السماء أو ليس في السماء فالمثبتة تطلق القول بأن الله في السماء كما جاءت به النصوص ودلت عليه بمعنى انه فوق السماوات على عرشه بائن عن خلقه. وآخرون ينفون القول بان الله في السماء ومقصودهم أن السماء لا تحويه ولا تحصره ولا تقله ولا ريب أن هذا المعنى صحيح فان الله لا تحصره مخلوقاته ثم قال ولكن هؤلاء أخطئوا في نفي اللفظ الّذي جاء به الكتاب والسنة وفي توهم أن إطلاقه دال على معنى فاسد ([ lv]).
5- الاجتهاد في معنى صفة: " وجه الله عز وجل ": فقد اجتهد الصحابة والتابعون في تفسير قوله تعالى:) ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ((115: البقرة) فعن ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ويذكر أن رسول الله r كان يفعل ذلك ويتأول الآية ([ lvi])) فأينما تولوا فثم وجه الله (. (115: البقرة).
ونقل ابن كثير عن ابن عباس -رضي الله عنهما– في قوله تعالى:) فأينما تولوا فثم وجه الله ((115: البقرة) أن معناه: قبلة الله، أينما توجهت شرقا أو غربا، وقال مجاهد: فأينما تولوا فثم وجه الله: حيث ما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها الكعبة ([ lvii]).
وكما اختلف الصحابة في معنى الوجه في الآية الكريمة، اختلف من بعدهم التابعون، قال الترمذي: ويروى عن مجاهد في هذه الآية،) فأينما تولوا فثم وجه الله ((115: البقرة) قال: فثم قبلة الله، وقال حدثنا بذلك أبو كريب، حدثنا وكيع عن النضر بن عربي عن مجاهد بهذا ([ lviii]).
ونقل عن طائفة أخرى منهم عامر بن ربيعة عن أبيه الصحابي، وعن حماد عن إبراهيم النخعي أن الوجه هنا بمعنى القبلة ([ lix]).
ونقل الرأي الثاني: أن " فثم وجه الله " أي: فثم الله تبارك وتعالى، وقال آخرون: عني بالوجه ذا الوجه ([ lx])
وظاهر من هذا الخلاف أن منهم من حملها على الحقيقة ومنهم من حملها على المجاز ثم اختلفوا في تأويلها على آراء.
6 - الاجتهاد في حقيقة الكرسي لله عز وجل: فقد اجتهد الصحابة في معنى قوله تعالى:) وسع كرسيه السماوات والأرض ((255: البقرة) فاختلفت الآراء في المسألة إلى الآراء التالية: فقال بعضهم: أنه الكرسي علم الله، وذهب آخرون إلى أن الكرسي موضع القدمين، وذهب آخرون إلى أن الكرسي هو العرش نفسه، فذهب على القول الأول من الصحابة ابن عباس – رضي الله عنهما – وابن جبير من التابعين، وذهب إلى القول الثاني: أبو موسى الأشعري والسّدي وطائفة من السلف، وإلى الرأي الثالث: الحسن البصري، نقل هذه الأقوال الطبري وعقب عليها: ولكل من هذه الأقوال وجه ومذهب ثم مال هو إلى تأويل الكرسي بالعلم ([ lxi]).
ثانيا: النبوات:
1 - الاجتهاد في حقيقة الرسل هل هم من الإنس فقط أم من الإنس والجن معا: فمنهم من ذهب إلى انهم من الإنس والجن وهو ما رواه ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم لقوله تعالى:) يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ((130: الأنعام) وقال مجاهد وغيره من السلف والخلف، الرسل من الإنس فقط، وليس من الجن رسول،، وقال ابن عباس الرسل من بني آدم ومن الجن نذر ([ lxii]).
وسبب الخلاف في هذه المسالة أن من حمل الآية على عممومها فقد ذهب إلى أن الله يرسل الرسل من الإنس والجن ومن حملها على وجه التخصيص فقد ذهب إلى أن الرسل من الإنس فقط، وفهم الآية السابقة على مثل قول الله تعالى:) يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ((22: الرحمن) والمراد من أحدهما ([ lxiii]).
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - الاجتهاد في حقيقة الفرق بين النبي والرسول: فقد اختلف في حقيقة النبي والرسول فمن العلماء من ذهب انه لا فرق بين معنى الرسول والنبي، ومنهم من فرق بين النبي والرسول فجعل الرسول من أمر بالتبليغ والنبي من لم يؤمر بالتبليغ ([ lxiv]). ومنهم من قال بل من نزلت عليه شريعة مستقلة فهو الرسول لأنه خص بشريعة وكتاب ومن بلغ شريعة الرسول الّذي سبقه فهو النبي ([ lxv]).
3- الاجتهاد في عدد الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام -: فقد أختلف في عدد الأنبياء فالبعض ذهب إلى أن عدد الأنبياء غير محصور بعدد ومنهم من حصره بمائة وأربعة وعشرين ألف نبي ورسول ([ lxvi]). وقد كان سبب الخلاف هو صحة الحديث الذي ورد بالعدد فعن أبي أمامة قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً من الرسل من ذلك ثلاث مائة وخمسه عشر جماً غفيراً) ([ lxvii]) ومعارضته لإطلاق العدد في القران الكريم في مثل فوله تعالى) وان من أمة إلا خلا فيها نذير ((24: فاطر)
4 - الاجتهاد في نبوة النساء: فقد أختلف في نبوة النساء، فقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة بعض النساء، ومن هؤلاء أبو حسن الأشعري والقرطبي وابن حزم، وقد خالفهم في ذلك جمهور العلماء، وهناك من نقل الإجماع على عدم نبوة النساء ([ lxviii]).
وهذا الخلاف إنما وقع لان النصوص في هذه المسالة ليست قطعية الدلالة ([ lxix]).
5 - الاجتهاد فيما عصم الله عز وجل أنبياءه –عليهم الصلاة والسلام- منه: فقد اختلف فيما عصم الله سبحانه وتعالى أنبياءه منه من الكبائر أو من الكفر أو من الصغائر قبل النبوة أو بعدها ويقول التفتازاني: "واستقر الخلاف بين المسلمين في عصمتهم وفي فضلهم على الملائكة ولا قاطع في أحد الجانبين" ([ lxx]).
6- الاجتهاد في تفضيل الأنبياء وصالحي البشر على الملائكة: فقد نقل ابن أبي العز الحنفي الخلاف في تفضيل الأنبياء وصالحي البشر على الملائكة، فقد ذهب أهل السنة والجماعة إلى تفضيل صالحي الأنبياء فقط على الملائكة، وذهب المعتزلة إلى تفضيل الملائكة، وأما الأشاعرة، فذهب بعضهم إلى التوقف في هذه المسالة، وذهب آخرون إلى الميل لتفضيل الملائكة، وذهب آخرون إلى تفضيل الأنبياء وصالحي البشر على الملائكة، وأما الشيعة، فقد ذهبوا إلى أن الأئمة أفضل من الملائكة.
وقد توقف الإمام أبو حنيفة في هذه المسألة، ولذا، فلم يوردها الطحاوي في نصه، وذهب شارح الطحاوية إلى أن الأدلة في هذه المسالة متكافئة ([ lxxi]). وقال الامدي بعد أن أورد الخلاف في هذه المسالة قال: (فهذه المسالة ظنية سمعية والترجيح فيها لكل أحد على حسب ما يتفضل الله تعالى عليه من المنة وجودة القريحة كما في غيرها من المسائل الاجتهادية) ([ lxxii]).
ثالثا: السّمعيات:
ومن الأدلة على وقوع الاختلاف والاجتهاد في مسائل السمعيات، ما يأتي:
1 - الاجتهاد في الدخان والوارد في قوله تعالى: " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم " (10 - 11 الدخان) وفي المراد بهذا الدخان، وهل وقع، أو من الآيات المرتقبة قولان:
القول الأول: أن هذا الدخان هو ما أصاب قريشا من الشدة والجوع، عندما دعا عليهم النبي e حين لم يستجيبوا له، فأصبحوا يرون في السماء كهيئة الدخان، وإلى هذا القول ذهب عبد الله ابن مسعود t وغيره من التابعين ([ lxxiii]) وهذا اجتهاد منه t على واقعة بعينها.
القول الثاني: أن الدخان آية من آيات الله مرسلة على عباده قبل مجيء الساعة، فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ، وإلى هذا القول ذهب ابن عباس رضي الله عنهما وبعض الصحابة والتابعين ([ lxxiv]).
2- اجتهاد بعض العلماء في النار التي تخرج في آخر الزمان: ظن بعض الناس عندما ظهرت نار عظيمة في المدينة في جزيرة العرب أنها هي النار المقصودة كعلامة من علامات الساعة الكبرى، ولكن الحقيقة أن الرأي الراجح أن علامة الساعة الكبرى هي النار التي تخرج آخر الزمان وتحشر الناس إلى محشرهم تبيت معهم ([ lxxv]) وهذا إنزال النص على واقعة معينة ومخالفة الغير في ذلك.
3 - الاجتهاد في اسم الدَّجّال وحقيقة ما معه ممن جنة أو نار:
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد اختلف الصحابة ومن بعدهم من العلماء في من هو الدَّجّال؛ فمنهم من قال: أنه ابن الصياد، ومنهم من قال: أنه الرجل الذي رؤي في حديث الجساسة، وهذا ما رجحه ابن حجر في فتح الباري ([ lxxvi]).
ومما يدل على أن ابن الصياد هو الدَّجّال حديث جابر t الّذي في البخاري أنه كان يحلف أن ابن الصياد هو الدَّجّال ويقول: سمعت عمر t يحلف عند رسول الله r فلم ينكر عليه.
ولكن الأصح أن الدَّجّال غير ابن صياد وإن شاركه ابن صياد في كونه أعور ومن اليهود وأنه ساكن في يهودية أصبهان إلى غير ذلك؛ وذلك لأن أحاديث ابن صياد كلها محتملة وحديث الجساسة نصّ فيقدم.
ومما يرجح أن الدجال ليس هو ابن الصياد أن ابن الصياد كان في المدينة و قد أشارت الأحاديث أن ابن الدجال في بحر الشام أو بحر اليمن أو هو في قبل المشرق ([ lxxvii]).
وأما الاجتهاد في حقيقة النار التي معه، هل هي حقيقة أم تخيل؟ مال ابن حبان في صحيحه ([ lxxviii]) إلى أنه تخيل واستدل بحديث المغيرة بن شعبة في الصحيحين أنه قال: "ما سأل أحد النبي e ما سألته، وأنه قال لي: (ما يضرك منه؟) قلت: لأنهم يقولون: معه جبل خبز ونهر ماء، قال: (هو أهون على الله من ذلك) ([ lxxix]).
فمعناه: أنه أهون على الله من أن يكون معه ذلك حقيقة بل يرى كذلك وليس بحقيقة.
وقال جماعة منهم القاضي ابن العربي: بل هي على ظاهرها أي: فيكون ذلك امتحاناً من الله لعباده ويكون معنى الحديث: هو أهون من أن يخاف أو أن يضل الله به من يحبه ([ lxxx]).
ويدل على ذلك: "قولُ رَسُولِ اللَّهِ e: ( لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ أَحَدُهُمَا: رَأْيَ الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالآخَرُ: رَأْيَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا، وَلْيُغَمِّضْ ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ" ([ lxxxi]) أساس الخلاف في هذه المسالة كما أرى اعتبار الحقيقة والمجاز.
4 - الاجتهاد في المهدي: قال الحافظ ابن القيّم: "قد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:
أحدها: أنه المسيح بن مريم عليه السلام وأنه هو المهدي على الحقيقة واحتج أصحاب هذا القول بحديث محمد بن خالد الجندي ([ lxxxii]) أي المتقدم وقد بينا حاله وأنه لا يصحّ، ولو صحّ لم يكن فيه حجة لان عيسى عليه السلام أعظم مهدي بين يدي الساعة فيصح أن يقال: لا مهدي في الحقيقة سواه إن كان غيره مهدياً يعني هو المهدي الكامل المعصوم.
ثانيها: أنه المهدي الّذي ولي من بني العباس قد انتهى واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده عن ثوبان مرفوعاً: (إذا رأيتم الرايات السود أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي) ([ lxxxiii]) وفيه على بن زيد ضعيف وله مناكير فلا يحتجّ بما ينفرد به.
وبما روى ابن ماجة من حديث الثوري عن ثوبان نحوه وتابعه عبد العزيز بن المختار عن خالد.
وفي سنن ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود t مرفوعاً: (إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود…) ([ lxxxiv]) الحديث، وفي إسناده يزيد بن أبى زياد وهو سيء الحفظ في آخر عمره وكان يقبل الفلوس.
قال: وهذا الّذي قبله لو صحّ لم يكن فيه دليل على أن المهدي هو الّذي تولى من بني العباس.
ثالثها: أنه رجل من أهل بيت النبي r من ولد الحسن أي: أو ولد الحسين بن علي يخرج في آخر الزمان وقد ملئت الأرض جوراً فيملؤها قسطاً وعدلاً واكثر الأحاديث على هذا.
أقول: وقد ادعى قومَ من السلف في محمد بن عبد الله المحض النفس الزكية أنه المهدي وقد مرّت الإشارة، والله أعلم ([ lxxxv]).
وفيما سبق يظهر اختلاف الأقوال نظرًا لاعتماد البعض على أحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، واختلاف العلماء في تصحيح الحديث أو تضعيفه.
5 - الاجتهاد في أول علامات الساعة وقوعًا ليوم القيامة: فقد ورد في بعض الروايات: أن أول الآيات خروج الدَّجّال.
وفي بعضها: أن أولها طلوع الشمس من مغربها.
وفي بعضها: الدابة.
وفي بعضها: نار تحشر الناس إلى محشرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الحافظ ابن حجر: "وطريق الجمع: أن الدَّجّال أول الآيات العظام المؤذنة بتغيير أحوال العامّة في الأرض أي: فلا ينافي تقدّم المهدي عليه. قال: "وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم عليه السّلام ومن بعد القحطاني وغيره، وإن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات المؤذنة بتغيير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام السّاعة أي: والدابة معها فهي والشمس كشيء واحد، وإن النار أول الآيات المؤذنة بقيام الساعة" انتهى ([ lxxxvi]).
وهذا جمع حسن له رحمه الله تعالى، ويدل على ذلك ما في بعض الروايات: "وآخر ذلك – يعني الآيات- نار تحشر الناس إلى محشرهم" ([ lxxxvii]).
وروى نعيم بن حماد عن وهب بن منبه قال: "أول الآيات الروم، ثم الدجال، والثالثة يأجوج ومأجوج، والرابعة عيسى بن مريم، والخامسة الدخان، والسادسة الدابة" ([ lxxxviii]).
أي: وكون عيسى عليه السلام رابعًا باعتبار تأخره عن يأجوج ومأجوج، وإن كان باعتبار وقت نزوله مقدما عليهما، فهو باعتبار ثالث، وباعتبار أخر رابع.
والخامسة: الدخان – وقد سبق بيانه– والسادسة: الدابة أي وعده هذا باعتبار الآيات الأرضية ومن ثم لم يعد طلوع الشمس فهو أيضا يؤيد ما ذكره الحافظ لكن لو قال: وينتهي ذلك بخروج الدابة بدل قوله: بموت عيسى عليه السلام لكان أولى وأوضح وكون الروم أولا حقيقي وكون الدَّجّال أولا إضافي لأنه أعظم من الروم وكان الروم بالنظر إليه ليس بشيء" ([ lxxxix]).
والاختلاف في أول العلامات ظهوراً وفي ترتيب تلك العلامات، مرده إلى تعدد الروايات واختلافهم في الجمع أو التوفيق بينها أو صحتها وضعفها.
6 - الاجتهاد في وصف الدابة ومكان خروجها:
أما الاجتهاد في وصف الدابة:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن لها عنقًا مشرفًا –أي طويلاً- يراها من بالمغرب، ولها وجه الإنسان ومنقار كمنقار الطير، ذات وبر وزغب" ([ xc]).
وعن أبي هريرة t: " أنها ذات عصب وريش" ([ xci]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "زغباء ذات وبر وريش" ([ xcii]).
وعن حذيفة t: إنها ملمّعة ذات وبر وريش، لن يدركها طالب ولن يفوتها هارب ([ xciii]).
وعن علي بن أبى طالب كرم الله وجهه وقد قيل له: أن ناساً يزعمون أنك دابة الأرض فقال: والله إن لدابّة الأرض ريشاً وزغباً، ومالي ريش ولا زغب، وإن لها حافراً ومالي حافر، إنها تخرج حضر الفرس الجواد ثلاثاً، وما أخرج ثلثاها" ([ xciv]).
وعن عمرو بن العاص t: أن رأسها يمسّ السحاب وما خرجت رجلها من الأرض ([ xcv]).
وعن ابن عمرو رضي الله عنهما: إنها تخرج كجري الفرس ثلاثة أيام لم يخرج ثلثها، وهذا يقرب من رواية علي كرم الله وجهه المارة ([ xcvi]).
وعن أبى هريرة t: أن فيها من كل لون ما بين قرنيها فرسخ للراكب ([ xcvii]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنها مؤلفة ذات زغب وريش فيها من ألوان الدواب كلّها، وفيها من كل أمة سيما، وسيماهم من هذه الأمّة أنها تكلم الناس بلسان عربي مبين تكلمهم بكلامهم" ([ xcviii]).
هذه الروايات التي ذكرناها عن الصحابة رضي الله عنهم قد يصحّ بعضها وقد يضعف، فيعتمد البعض عليها في إثبات أوصاف الدابة كما فعل البرزنجي حيث ساق هذه الأقوال دون تعليق عليها وكأنه يقرها، مع العلم أنه لم يثبت في وصف الدابة حديث صحيح عن رسول الله e([xcix]).
وأما الاجتهاد في مكان خروجها: فقد اختلفت الروايات الواردة عن رسول الله e ([c]) كما اختلفت الروايات عن الصحابة رضي الله عنهم ([ ci]) ومن ثم اختلفت آراء العلماء في ذلك، ففي بعضها: أنها تخرج من إنطاكية، وفي بعضها: أنها تخرج من المروة، وفي بعضها: من مدينة قوم لوط، وفي بعضها: من وراء مكة.
ووجه الجمع بين هذه الروايات من وجهين:
أحدهما: أن لها ثلاث خرجات، ففي بعضها تخرج من مدينة قوم لوط، ويصدق أنها من أقصى البادية، وفي بعضها تخرج من بعض أودية تهامة، ويصدق عليها أنه من وراء مكة، ومن اليمن لان الحجاز يمانية، ومن ثم قيل: الكعبة يمانية. وفي المرة الأخيرة تخرج من مكة وهي من أعظم جثتها وطولها يمكن أن تخرج من بين المروة والصفا وأجياد، فإنها تمسك مقدار ثلاثة أيام واكثر وحينئذ يصدق عليه أنها خرجت من المروة ومن الصفا ومن أجياد ومن المسجد، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
الوجه الثاني: أنها تخرج من جميع تلك الأماكن في آن واحد خرقاً للعادة في صور مثالية، وهذا أيضا مبني على تحقيق المثال المحسوس ([ cii]) وفي هذه المسالة كان الخلاف في مسالة صحة الروايات أو ضعفها أو التوفيق بين الروايات.
7 - الاجتهاد في الميزان والحوض أيهما يكون قبل الآخر؟ فهناك أقوال منها: أن الميزان قبل الحوض، وقيل الحوض قبل الميزان، قال أبو الحسن القابسي: والصحيح أن الحوض قبل الميزان، قال القرطبي: "والمعنى يقتضيه، فإن الناس يخرجون عطاشًا من قبورهم كما تقدم فيقدم قبل الميزان والصراط".ويظهر من قول القرطبي انه اعتمد على مرجح عقلي وقد تختلف العقول في ذلك.
قال أبو حامد الغزالي في كتاب كشف علم الآخرة: حكى بعض السلف من أهل التصنيف أن الحوض يورد بعد الصراط، وهو غلط من قائله، قال القرطبي: هو كما قال، وذهب إلى أنَّ الرأي الصحيح هو أن للنبي حوضان: أحدهما: في الموقف قبل الصراط، والثاني: يكون في الجنة ([ ciii]). ويظهر أن منشأ هذا الخلاف إنما هو ترجيح دليل على آخر، أو هو على قاعدة الجمع بين الأدلة عند صحتها ([ civ]).
8- الاختلاف فيما يوزن يوم القيامة: ومن أمثلة ذلك الاجتهاد والاختلاف في الشيء الّذي يوزن يوم القيامة، فمنهم من جمع بين الأدلة التي وردت فيما يوزن، ومنهم من أخذ بحديث واعتمده في المسألة، ومن هنا وقع الخلاف في المسألة.
فقد وردت النصوص على ثلاثة أقسام في هذه المسألة واختلفت الآراء إلى أربعة، وهي: أن الّذي يوزن هو الأعمال نفسها عندما تتحول إلى أعيان ومما يدل على ذلك: حديث النبي r: ( أن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف) ([ cv]).
ومما يدل على القول الثاني أن الصحف هي التي توزن هو حديث البطاقة المشهور، وهي أن صحف السيئات توضع في كفة ثم يوضع بطاقة مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلا يثقل شيء باسم الله ([ cvi]).
وأما القول الثالث: فهو أن الإنسان نفسه هو الّذي يوزن، ومما يدل عليه حديث رسول الله r عن ثقل ساقي عبد الله بن مسعود عند الله يوم القيامة وأنهما أثقل عند الله من جبل أحد ([ cvii]) وأما القول الرابع فهو الجمع بين الآراء فقالوا بوزن الأمور الثلاثة على قاعدة العمل بالدليل أولى من إهماله، والملاحظ في هذه أن الأحاديث المتعارضة كلها صحيحة.
أكتفي بهذا القدر من الأمثلة والتي كانت في كافة أقسام العقيدة، وبذلك يظهر بوضوح وقوع الاجتهاد والاختلاف في فروع الاعتقاد بين الصحابة والتابعين والعلماء دون أن يكفر بعضهم بعضاً، وهذا تطبيق عملي في إقرار مشروعية الاجتهاد، نظراً للاختلاف في فهم النصوص أو نظراً للاختلاف في الجمع بين النصوص أو لاعتماد البعض على دليل لم يصل إلى الآخر أو نظراً لتصحيح أو تضعيف يعض الأدلة إلى غير ذلك من مبررات واقعية للاجتهاد والاختلاف، وعلينا أن نسلك مسلك من سبقنا في الإقرار بتلك الشرعية ولا ينكر بعضنا على بعض إذا خالفه الرأي.
المبحث الثالث:
أقوال العلماء في حكم المخالف في مسائل الاجتهاد في الاعتقاد.
وإذا كان العلماء قد أقروا بجواز الاجتهاد في مسائل فروع الاعتقاد من الناحبة النظرية، فقد وقع ذلك منهم فعلا، فاجتهدوا في فروع الاعتقاد كما بينا في المطلب السابق؛ فإنهم قد ارتضوا بنتائج الاجتهاد، فأقروا بأن حكم المخالف والمجتهد في فروع الاعتقاد هو حكم المجتهد في مسائل الفقه، يؤجر على اجتهاده أجرين إن كان صائبا، ويؤجر أجرا واحدا إن كان مخطئا، إذا بذل وسعه في استنباط الحكم من النص، وبناء عليه: فإنهم لم يكفروا صاحب الرأي المخالف في فروع الاعتقاد، وكانوا يصلون وراء من يخالفهم في فروع الاعتقاد، ولم يزيلوا الولاء بين المسلمين للاختلاف في تلك الفروع من الاعتقاد، وإليك بعض أقوال العلماء في بيان هذه المسألة بدءا من الإمام أحمد بن حنبل وانتهاء بالعلماء المعاصرين في زماننا.
يقول الإمام أحمد بن حنبل: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً" ([ cviii]).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول: "ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر، ولا ابن منده، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين ([ cix]).
يرى الإمام أحمد – رحمه الله – أنه لا يصح هجر المخالف والمجتهد في فروع الاعتقاد، كما كان يخالفه إسحاق وابن نصر في مسألة خلق القرآن ([ cx]) وابن مندة في مسألة أمية النبي – e–([cxi]).
وهاتان القضيتان العقديتان من القضايا الاجتهادية المهمة ومع ذلك فقد أعذر الإمام أحمد وهو إمام أهل السنة والجماعة مخالفيه في ذلك.
ويقول الإمام الطحاوي: "ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي r معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين " ([ cxii]) فالمسلم عند الإمام الطحاوي هو من يشهد أن لا اله إلا الله ويؤمن ويصدق بكل ما جاء به الرسول e وإن كانوا متأولاً أو مخالفا في بعض القضايا باجتهاده.
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في بداية كتابه مقالات الإسلاميين قبل أن يورد اختلافات المسلمين في مسائل الاعتقاد (اختلف الناس بعد نبيهم r في أشياء كثيرة ضلل بعضهم بعضا وبرئ بعضهم من بعض فصاروا فرقًا متباينين وأحزابا مشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشمل عليهم) ([ cxiii]).
وقد ذكرت كلام البيهقي في انقسام المسائل إلى أصول وفروع، وقد أعذر من خالف في الفروع ورتب عليه الأجر من الله تعالى ([ cxiv]).
وروى ابن عساكر عن أبي زاهر علي بن زاهر بن أحمد السرخسي يقول: " لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري – رحمه الله – في داري ببغداد دعاني فأتيته، فقال: أشهد أني لا أكفر أحداً من أهل هذه القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله، اختلاف العبارات" ([ cxv]). وفي كلام الأشعري تركيز على القواسم المشتركة بين المسلمين من شهادتهم أن لا اله إلا الله وأن معبودهم واحد وإيمانهم بالإسلام واحد، وعدم اعتبار للقضايا الجزئية التي يخالف بعض المسلمين بعضهم فيها، واعتبارهم مسلمين لا يجوز تكفيرهم، فإذا اعتبرهم مسلمين فانه ينتقد انقسام المسلمين إلى فرق وأحزاب متطاحنة فيجب عند ذلك ولاؤهم ونصرتهم.
ويقرر ابن حزم إعذار المجتهد فيما ذهب إليه في اجتهاده، فيقول: "ومن بلغه الأمر عن رسول الله r من طريق ثابتة وهو مسلم فتأول في خلافه إياه، أو رد ما بلغه بنص آخر، فما لم تقم عليه الحجة في خطئه في ترك ما ترك، وفي الأخذ بما أخذ، فهو مأجور معذور، لقصده على الحق، وجهله به، وإن قامت عليه الحجة في ذلك فعاند، فلا تأويل بعد قيام الحجة " ([ cxvi]).
ويذكر ابن حزم مبررات الخلاف بين المجتهدين من حيث النصوص ثبوتا ودلالة ومن حيث وصولها للمجتهد أو عدم وصولها ويعذره فيما يذهب إليه في مخالفته فان أقيمت عليه الحجة فعليه أن يرجع للحجة الراجحة.
ويقدم إلينا الإمام الغزالي رحمه الله نصاً محكماً في الاجتهاد والاختلاف فيقول: " اعلم أن شرح ما يكفر به وما لا يكفر به يستدعي تفصيلا طويلا يفتقر إلى ذكر كل المقالات والمذاهب، وذكر شبهة كل واحد، ودليله، ووجه بعده عن الظاهر، ووجه تأويله، وذلك لا تحويه مجلدات، ولا تتسع لشرح ذلك أوقات، فاقتنع الآن بوصية وقانون، أما الوصية فأن تكف لسانك عن أهل القبلة ما داموا قائلين لا إله إلا الله محمد رسول الله بعذر أو غير عذر، فإن التكفير فيه خطر والسكوت لا خطر فيه، أما القانون فهو أن تعلم أن النظريات قسمان: قسم يتعلق بأصول الدين، وقسم يتعلق بالفروع، وأصول الإيمان ثلاثة: الإيمان بالله وبرسوله واليوم الآخر، وما عداه فروع، وأعلم أنه لا تكفير في الأصول أصلا إلا في مسالة واحدة، وهي أن ينكر أصلا دينيا علم من الرسول r بالتواتر، ولكن في بعضها تخطئة كما في الفقهيات وفي بعضها تبديع كالخطأ المتعلق بالإمامة وأحوال الصحابة " ([ cxvii]). ويظهر من كلام الغزالي عدم تكفير المسلم سواء كان خطؤه بعذر أو بغير عذر احتياطا للدين، ويرى انه لا يجوز التكفير للمسلم المخالف إلا في قضايا الأصول من الدين وهي الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر دون الفروع في الدين وهي ما سوى ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول الذهبي عن التابعي قتادة السدوسي: "كان يرى القدر نسأل الله العفو ومع هذا فما توقف أحد في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه وبذل وسعه .. ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زلله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك" ([ cxviii]).
ويتحدث الذهبي عن ابن خزيمة وتأويله حديث الصورة فيقول: "فليُعذر من تأول بعض الصفات، وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه" ([ cxix]).
ويقول: "ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة" ([ cxx]).
ويقول الذهبي في تعليقه على اختلاف الناس في أبي حامد الغزالي بين مادح وذام: "مازال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهاده، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور" ([ cxxi]).
ويظهر من أقوال الذهبي بوضوح انه يقر بالاجتهاد ويعذر المخالف فلا يبدعه أو يكفره ولو كان الخلاف في مسالة تأويل الصفات أو في نفي القدر وهو ما ذهب إليه المعتزلة.
ويبين الشاطبي الفرق بين الخلاف السائغ وغيره " وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتّفاق عليها عادة، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف فيها، لكن في الفروع دون الأصول، وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف" ([ cxxii]). ويقول الشاطبي: "إن هذه الفِرَق إنما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة لا في جزئي من الجزئيات" ([ cxxiii]).
ويقول الشاطبي أيضا: "الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان، أحدهما الاجتهاد المعتبر شرعاً، وهو الصادر عن أهله الّذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر الاجتهاد إليه ... والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه، لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي .. فكل رأي صادر عن هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره، لأنه ضد الحق الّذي أنزله ... " ([ cxxiv]). ويظهر من كلام الشاطبي إقراره بالاجتهاد في المسائل الظنية وليست القطعية أي في الفروع دون الأصول، وفي المسائل الجزئية دون الكلية، وان هذا الاجتهاد والخلاف معتبر.
ويقول القرطبي مبينا العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم ولو كان مخالفا له: " وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس ليناً، ووجهه منبسطاً طلقاً مع البر والفاجر والسني والمبتدع من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه،
ثم قال: وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء: إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فيَّ حدة، فأقول لهم بعض القول الغليظ، فقال: لا تفعل، يقول الله تعالى:) وقولوا للناس حسنًا ((83: البقرة) فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي" ([ cxxv]) وتبين من كلام القرطبي أن أصحاب الأقوال الخاطئة و أصحاب الأهواء طالما انهم حنفاء فيجب معاملتهم معاملة طيبة وان يقال لهم قولا لينا وفي هذا الكلام دعوة للتسامح بين المسلمين.
وقال محمد بن أحمد الغنجار:" كان لابن سلام مصنفات في كل باب من العلم، وكان بينه وبين أبي حفص أحمد بن حفص الفقيه مودة وأخوة مع تخالفِهِما في المذهب" ([ cxxvi]).
فمذهب ابن سلام هو مذهب أهل الحديث والأثر، ومذهب أبي حفص مذهب الحنفية في الإرجاء وغيره، ومع الاختلاف بينهما في مسائل الاعتقاد الفرعية، إلا أنهما كانا على مودة ([ cxxvii]).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول التفتازاني: "والمجتهد في العقليات والشرعيات الأصلية والفرعية قد يخطئ ويصيب ... والمجتهد غير مكلّف بإصابته لغموضه وخفائه فلذلك كان المخطئ معذورًا بل مأجورًا، فلا خلاف على هذا المذهب في أن المخطئ ليس بآثم" ([ cxxviii]). وكلام التفتازاني ظاهر في إقراره بالاجتهاد وبالتالي بالخلاف وأعذاره وعدم تأثيم المخطئ لأنه غير مكلف بالوصول إلى الحق وان كان مكلفا بالاجتهاد للغموض الذي قد يكون موجودا في النصوص. ونجد الشيخ جمال الدين الغزنوي يعرض الخلاف في مسائل عصمة الأنبياء والخلاف في مسالة القدر وفي مسالة أطفال المشركين ويقول بعد كل مسالة: (والقول السديد .. ) في هذه المسألة كذا وكذا .. دون أن يشنع على المخالف، وهذا إقرار منه باجتهاد وعدم تكفير المخالف في مثل تلك المسائل الفرعية ([ cxxix]).
ويقول محمد بن عبد الوهاب: "ثم اعلموا وفقكم الله، إن كانت المسألة إجماعاً فلا نزاع، وإن كانت مسائل اجتهاد فمعلومكم أنه لا إنكار في من يسلك الاجتهاد" ([ cxxx]). ويظهر من هذا الكلام تفريقه بين المسائل المجمع عليها وفي الغالب يكون الإجماع على القضايا الكلية والتي دلالة النصوص عليها قطعية، وبين المسائل الاجتهادية فيرى أن الأولى لا يصح الاختلاف فيها و أما الثانية فلا ينكر من اجتهد واختلف معه فيها.
وفيما يلي أورد أقوال ومواقف بعض العلماء المعاصرين في الإقرار بمبدأ الاجتهاد في فروع الاعتقاد وإعذار المخالف وعدم تكفيره:
فيقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: " إن المتأولين من أهل القبلة الّذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء في الكتاب والسنة مع إيمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال، وأن ما قاله كان حقًا، والتزموا ذلك لكنهم أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العلمية، فهؤلاء قد دلّ الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدّين، وعدم الحكم لهم بأحكام الكافرين، وأجمع الصّحابة والتابعون ومن بعدهم من أئمة السلف على ذلك" ([ cxxxi]) ويرى في هذا القول أن المجتهد المتأول المخطئ لا يكفر ولا يخرج من دائرة الإسلام.
ويستنكر الشيخ محمد الغزالي رحمه الله على المسلمين تكفير بعضهم بعضا فيقول " واني لأقرأ في صحفنا الدينية اليوم نزاعاًً بين أتباع السلف والخلف –كما سموا أنفسهم – واسمع ألفاظ الكفر تتبادل كما تتبادل الكرة أرجل اللاعبين فأهز رأسي عجبا " ([ cxxxii]) وعبارته واضحة بإعذار المخالف في الاجتهاد وعدم تكفيره.
وأجد الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني يورد الآراء الثلاثة المعتبرة في مسالة الصفات الخبرية من إثباتها أو تفويضها أو تأويلها، ثم يقول في معرض تعليقه على مذهب المؤولة: "وحين نلاحظ أن كبارًا من علماء المسلمين الذين هم مرجع للمسلمين في علوم الفقه والتفسير والحديث قد أخذوا بهذه الطريقة، يتأكد لدينا أن لهم رأيا لا يصح أن نضللهم فيه، مادام لهم وجهة نظر ذات حجة، ولهم نظائر في الشريعة مما اتفق المسلمون جميعا عليه. ولئن كانوا مخطئين في هذا، فهم ضمن شروط الاجتهاد المقبول، ولهم اجر على اجتهادهم الذي بذلوه ليصلوا إلى ما ينشدونه من حق " ([ cxxxiii]) ويظهر من كلامه أن المكلف به المسلم هو الاجتهاد وليس الوصول إلى الحق أو الصواب؛ فان اخطأ فانه يؤجر على اجتهاده ويعذر في خطئه.
ويفرق أ. د قحطان الدوري بين الأصل الديني وهو المتفق عليه بين المسلمين من الإيمان بالله وبالنبوة واليوم الآخر ... والأصل المذهبي الذي يخص فرقة معينة ويرى أن المخالف في الديني كافر وان المخالف في الأصل المذهبي ليس من مذهب مخالفه ولكنه مسلم وليس بكافر ([ cxxxiv]) وهذا القول يقرر مبدأ الخلاف بين المسلمين وان المخالف في الفروع دون الأصول ليس بكافر.
المبحث الرابع
نظرية ابن تيمية في الاجتهاد في فروع الاعتقاد وضوابطه.
لابن تيمية نظرية في الاجتهاد في فروع الاعتقاد والاختلاف فيها، ويمكن من خلال استقراء النصوص الواردة عن ابن تيمية في هذا الموضوع استخلاص مفاصل هذه النظرية، وذلك وفق النقاط التالية:
أولا: يقرر مشروعية الاجتهاد في فروع الاعتقاد فيقول: " وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول وغيرها في باب الصفات والقدر والإمامة، وغير ذلك، فهو من هذا الباب، فيه المجتهد المصيب، وفيه المجتهد المخطئ " ([ cxxxv]).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويظهر من كلام ابن تيمية في الاختلاف في مسائل الصفات في كون الصفات زائدة على الذات، أو غير زائدة، وفي تأويل الصفات الخبرية، وفي مسائل القدر حيث كان الخلاف في التفريق بين القضاء والقدر والتعليل في حكمة القدر، واختلافهم في الإمامة بين أبي بكر وعلي – رضي الله عنهما -، وغير ذلك من مسائل الخلاف بين الأمة في هذه القضايا وأمثالها، أن فيها المجتهد المصيب، والمجتهد المخطئ، فقد سماه مجتهدا، مع كونه مخطئا، وهذا إقرار منه بمشروعية الاجتهاد.
ثانيا: أن اختلاف الصحابة في فروع الاعتقاد مؤيد من مؤيدات المشروعية للاجتهاد في فروع الاعتقاد: وفي ذلك يقول: "وتنازعوا في مسائل علمية اعتقادية، كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية محمد ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والألفة. وهذه المسائل منها ما أحد القولين خطأ قطعا، ً ومنها ما المصيب في نفس الأمر واحد عند الجمهور أتباع السلف، والآخر مؤد لما وجب عليه بحسب قوة إدراكه. وهل يقال له: مصيب أو مخطئ؟ فيه نزاع. ومن الناس من يجعل الجميع مصيبين ولا حكم في نفس الأمر، ومذهب أهل السنة والجماعة أنه لا إثم على من اجتهد وإن أخطأ" ([ cxxxvi]).
فقوله: " وتنازعوا في مسائل علمية اعتقاديه كسماع الميت صوت الحي ... : فيه دلالة واضحة على اختلاف الصحابة – رضي الله عنهم – في فروع الاعتقاد من غير نكير بينهم، فدل ذلك على المشروعية.
ثالثا: يرى ابن تيمية عدم التفرقة بين مسائل الاعتقاد والفقه في جواز الاجتهاد فيهما، فيقول: " فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق، فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي – e– وجماهير أمة الإسلام " ([ cxxxvii]).
فقوله سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، يدل دلالة صريحة على عدم التفرقة بينهما، حيث عبر عن المسائل الاعتقادية بالنظرية، والمسائل الفقهية بالعملية، ورأى أن القول بعدم التفريق بينهما في جواز الاجتهاد هو قول صحابة النبي – e– وجماهير أمة الإسلام.
رابعا: يفرق ابن تيمية بين الأصول والفروع من حيث جواز الاجتهاد، فيرى جوازه في الفروع دون الأصول، ويعبر عن ذلك بقوله: "الأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء، ليس لأحد خروج عنها، ومن دخل فيها كان من أهل الإسلام المحض، وهم أهل السنة والجماعة، وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء " ([ cxxxviii]).
فقوله: الأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، هي الأصول التي لا يجوز الاجتهاد والاختلاف فيها، وقد شبهها بالدين المشترك بين الأنبياء من توحيد الله عز وجل والإيمان به والجزاء على ذلك يوم القيامة التي لا يجوز الخروج عنها، وأما فروع الاعتقاد فقد شبهها – رحمه الله – باختلاف شرائع الأنبياء، التي تنوعت عندهم، فإقراره بتنوعها يعني إقرارا بجوازالاجتهاد والاختلاف في هذه الفروع.
خامسا: ويضع ابن تيمية شروطا للاجتهاد، أساسها النظر في الأدلة الشرعية المعتبرة بقصد الوصول إلى الحق الذي أراده الله وأراده رسوله e، وعليه: فلا كرامة لمن صدر في رأيه عن العقل المجانب للشرع، أو عن الرؤى المنامية ولا لمن صدر عن الهوى والعصبية، وفي هذا المعنى يقول: "فالمذاهب والطرائق والسياسات للعلماء والمشايخ والأمراء إذا قصدوا بها وجه الله دون الأهواء ليكونوا مستمسكين بالملة والدين الجامع الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم من الكتاب والسنة بحسب الإمكان بعد الاجتهاد التام، هي لهم من بعض الوجوه بمنزلة الشرع والمناهج للأنبياء، وهم مثابون على ابتغائهم وجه الله وعبادته وحده لا شريك له، وهو الدين الأصلي الجامع" ([ cxxxix]).
ويظهر من خلال هذا النص ما يضع ابن تيمية من شروط للاجتهاد من الإخلاص وعدم اتباع الهوى والتمسك بالملة و الدين الجامع الذي يجمع بين المسلمين ولا يفرقهم من عبادة الله وحده لا شريك له وأن يكون أساس الاجتهاد مبنيا على الكتاب والسنة وليس على العقل أو على غيره من الأدلة غير المعتبرة في الشرع.
(يُتْبَعُ)
(/)
سادسا: مسوغات الاجتهاد في فروع الاعتقاد: فيقول: " وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وأما لآيات فهموا منها ما لم يُرد منها، وأما لرأي رأوه، وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" (286: البقرة) وفي الصحيح قال: قد فعلت " ([ cxl]).
ويظهر من هذا النص مبررات الاجتهاد والاختلاف عند ابن تيمية، نظرا لاختلاف المجتهدين في صحة الأحاديث أو ضعفها، أو أن بعض النصوص لم تصلهم، أو أنهم اختلفوا في فهمهم لتلك النصوص، أو أخطأوا فان الله لا يؤاخذهم، كما أشار دعاء المؤمنين في الآية ويستجيب الله دعاءهم كما اخبر الحديث.
سابعا: أنه يعذر المخالف ([ cxli]) وفي ذلك يقول: "والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط في غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد أن الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته أو اعتقد أن الله لا يُرى لقوله:) لا تدركه الأبصار ((103: الأنعام) ولقوله:) وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ ?للَّهُ إِلاَّ وَحْياً أو مِن وَرَاء حِجَابٍ ((51: الشورى) نقل عن بعض التابعين أن الله لا يرى، وفسروا قوله) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى? رَبّهَا نَاظِرَةٌ ((22 - 23: القيامة) بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح .. أو اعتقد أن الله لا يعجب كما اعتقد ذلك شريح لاعتقاده أن العجب إنما يكون من جهل السبب، والله منزه عن الجهل.
وكما أنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به .. وكالذي قال لأهله: (إذا أنا متُّ فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين) ([ cxlii]) وكثير من الناس لا يعلم ذلك إما لأنه لم تبلغه الأحاديث وأما لأنه ظن أنه كذب وغلط" ([ cxliii]).
ويقول: "وأما غير هؤلاء فيقول هذا قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم لا يؤثمون مجتهدًا مخطئًا في المسائل الأصولية الفروعية كما ذكر عنهم ابن حزم وغيره ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ويصححون الصلاة خلفهم" ([ cxliv]).
فقوله: "لا يؤثّمون مجتهدًا مخطئًا في المسائل الأصولية الفروعية كما ذكر عنهم ابن حزم وغيره" يدل دلالة صريحة على إعذار المجتهد المخطىء، خاصة إذا بذل جهده في الوصول إلى الحق ثم لم يصل إليه، وفي ذلك يقول: " ... إن الله أمر كلاًّ منهم أن يطلب الحق بقدر وسعه وإمكانه، فإن أصابه كان خيرا، وإلا فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وقد قال المؤمنون:) رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَأْنَا (" (286: البقرة) وقال الله قد فعلت، وقال تعالى:) وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به (" (5: الاحزاب) فمن ذمهم ولامهم على ما لم يؤاخذهم الله عليه، فقد اعتدى، ومن أراد أن يجعل أقوالهم وأفعالهم بمنزلة قول المعصوم وفعله وينتصر لها بغير هدى من الله فقد اعتدى، واتبع هواه بغير هدى من الله، ومن فعل مثلما أمر به بحسب حاله من اجتهاد يقدر عليه أو تقليد إذا لم يقدر على الاجتهاد، وسلك في تقليده مسلك العدل، فهو مقتصد، إذ الأمر مشروط بالقدرة) لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (" (286: البقرة) فعلى المسلم في كل موطن أن يسلم وجهه لله وهو محسن، ويدوم على هذا الإسلام " ([ cxlv]).
وقد كانت عبارته صريحة في إعذار المخالف، وأن عدم الإعذار اعتداء على شرع الله، فقد قال: "فمن ذمهم ولامهم على ما لم يؤاخذهم الله به، فقد اعتدى".
(يُتْبَعُ)
(/)
ثامنا: عدم تكفير المجتهد المخالف: يقول في ذلك " ولا يجوز تكفير المسلم بذنب يفعله ولا خطأ أخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة" ([ cxlvi]) ويقول: " وأهل السنة لا يبتدعون قولاً ولا يكفرون من اجتهد فأخطأ، وإن كان مخالفهم مكفراً لهم مستحلاً لدمائهم" ([ cxlvii]) ويقول: "وكذلك سائر الثنتين والسبعين فرقة ... ومن كان منهم مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا, وإن كان أخطأ التأويل كائنا من كان أخطاؤه ومن قال: إن هذه الثنتين والسبعين كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة, بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة, فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين و السبعين فرقة" ([ cxlviii]) وفي هذه الأقوال يظهر جليًا أن ابن تيمية لا يكفر أحدًا من المسلمين إذا كان قوله صادرًا عن اجتهاد في النص، وإنما يكفر من يخالف كتاب الله عزّ وجلّ وسنة نبيه e وإجماع الأمة.
تاسعا: أن المصيب فيها له أجران، والمخطئ له أجر: وفي ذلك يقول معلقا على حديث النبي e: " خير الكلام كلام الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد e وشر الأمور محدثاتها ([ cxlix]) ولم يقل: وكل ضلالة في النار، بل لا يضل عن الحق من قصد الحق واجتهد في طلبه فعجز عنه، فلا يعاقب، وقد يفعل بعض ما أمر به، فيكون له أجر على اجتهاده، وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الأمر مغفور له" ([ cl]).
وظاهر من كلامه أنه رتب الأجر للمجتهد المخطئ، وخطؤه مغفور له عند الله سبحانه وتعالى
عاشرا: الاجتهاد والاختلاف في فروع الاعتقاد لا يزيل الولاء بين المسلمين: ويرى أن الاختلاف في مسائل الاعتقاد لا يفرق الأمّة، ولا يزيل الوحدة بينهم، و يبقي الولاء بين المسلمين، ويصلى المسلم المخالف لهم بصلاتهم ويحضر الأعياد معهم، بل إن الإمام ابن تيميه يمدح ويثني على المخالف المستحق للمدح من أشاعرة وصوفية وغيرهم ونجد في هذه المعاني عدة نصوص منها قوله في وصف السلف.: "كانوا يتناظرون في المسائل العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين، ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة" ([ cli]). ثم يورد أدلة واستنباطات تدلل على ما ذهب إليه فيورد قصة أسامة بن زيد حيث قتل رجلاً بعد ما قال: لا إله إلا
الله، وعظم على النبي r ذلك لما أخبره وقال: (يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟) وكرر ذلك عليه حتى قال أسامة: تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ([ clii]). ومع هذا لم يوجب عليه قودًا, ولا دية, ولا كفارة, لأنه كان متأولاً ظن جواز قتل ذلك القائل لظنه أنه قالها تعوذًا و حاميا لنفسه من القتل فقال له النبي e:( هلا شققت عن قلبه).
ومع قتال المسلمين بعضهم لبعض في قتال الفتن فانهم لم يكفروا من قاتلوه وهكذا السلف قاتل بعضهم بعضا من أهل الجمل وصفين ونحوهم وكلهم مسلمون مؤمنون كما قال تعالى:) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ((9: الحجرات) فقد بين الله تعالى أنهم مع اقتتالهم, وبغي بعضهم على بعض إخوة مؤمنون, وأمر بالإصلاح بينهم بالعدل، ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضا موالاة الدين, لا يعادون كمعاداة الكفار, فيقبل بعضهم شهادة بعض, ويأخذ بعضهم العلم عن بعض ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض, مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي r سأل ربه (أن لا يهلك أمته بسنة عامة فأعطاه ذلك, وسأله أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأعطاه ذلك, وسأله أن لا يجعل بأسهم بينهم فلم يعط ذلك، وأخبر أن الله لا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم يغلبهم كلهم حتى يكون بعضهم يقتل بعضًا وبعضهم يسبي بعضًا) ([ cliii]).
وثبت في الصحيحين لما نزل قوله تعالى:) قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ((65: الأنعام) قال: "أعوذ بوجهك") أومن تحت أرجلكم ((65: الأنعام) قال "أعوذ بوجهك") أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض ((65: الأنعام) قال "هاتان أهون" ([ cliv]).
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا مع أن الله أمر بالجماعة والائتلاف, ونهى عن البدعة والاختلاف, وقال:) إن الّذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء ((159: الأنعام) وقال النبي r: ( عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة) ([ clv]) وقال: (الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد) ([ clvi]) وقال: (الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم والذئب إنما يأخذ القاصية والنائية من الغنم) ([ clvii]).
ثم يبين جوانب الولاء العملي بين المسلمين ويذكر بالواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم, وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاويًا وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك, وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها, وإذا كان قادراً على أن يولي في إمامة المسلمين الأفضل ولاه, وإن قدر أن يمنع من يظهر البدع والفجور منعه. وإن لم يقدر على ذلك فالصلاة خلف الأعلم بكتاب الله وسنة نبيه الأسبق إلى طاعة الله ورسوله أفضل, كما قال النبي r في الحديث الصحيح: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله, فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة, فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة, فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا) ([ clviii]).
وإن كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره, كما هجر النبي r الثلاثة الّذين خلفوا حتى تاب الله عليهم. وأما إذا ولي غيره بغير إذنه وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلاً وضلالاً, وكان قد رد بدعة ببدعة.
حتى أن المصلي الجمعة خلف الفاجر اختلف الناس في إعادته الصلاة وكرهها أكثرهم, حتى قال أحمد بن حنبل في رواية عبدوس: من أعادها فهو مبتدع. وهذا أظهر القولين, لأن الصحابة لم يكونوا يعيدون الصلاة إذا صلوا خلف أهل الفجور والبدع, ولم يأمر الله تعالى قط أحدا إذا صلى كما أمر بحسب استطاعته أن يعيد الصلاة. ولهذا كان أصح أقوال العلماء أن من صلى بحسب استطاعته أن لا يعيد حتى المتيمم لخشية البرد ومن عدم الماء والتراب إذا صلى بحسب حاله, والمحبوس وذوو الأعذار النادرة والمعتادة والمتصلة والمنقطعة لا يجب على أحد منهم أن يعيد الصلاة إذا صلى الأولى بحسب استطاعته.
وقد ثبت في الصحيح أن الصحابة صلوا بغير ماء ولا تيمم لما فقدت عائشة عقدها ولم يأمرهم النبي e بالإعادة ([ clix]) بل أبلغ من ذلك أن من كان يترك الصلاة جهلا بوجوبها لم يأمره بالقضاء, فعمرو وعمار لما أجنبا وعمرو لم يصل وعمار تمرّغ كما تتمرّغ الدابة لم يأمرهما بالقضاء, وأبو ذر لما كان يجنب ولا يصلي لم يأمره بالقضاء, والمستحاضة لما استحاضت حيضة شديدة منكرة منعتها الصلاة والصوم لم يأمرها بالقضاء.
والذين أكلوا في رمضان حتى يتبين لأحدهم الحبل الأبيض من الحبل الأسود لم يأمرهم بالقضاء, وكانوا قد غلطوا في معنى الآية فظنوا أن قوله تعالى:) حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ((187: البقرة) هو الحبل فقال النبي r: ( إنما هو سواد الليل وبياض النهار) ([ clx]) ولم يأمرهم بالقضاء؛ والمسيء في صلاته لم يأمره بإعادة ما تقدم من الصلوات, والذين صلوا إلى بيت المقدس بمكة والحبشة وغيرهما بعد أن نسخت (بالأمر بالصلاة إلى الكعبة) وصاروا يصلون إلى الصخرة حتى بلغهم النسخ لم يأمرهم بإعادة ما صلوا, وإن كان هؤلاء أعذر من غيرهم لتمسكهم بشرع منسوخ.
ويتضح من أقوال ابن تيمية رأيه بوضوح انه لا يكفر المسلمين عموما سواء كان المخالف من أهل السنة والجماعة أو من غيرهم ([ clxi]).
وقد أكثرت من أقوال ابن تيميه لبيان رأيه بوضوح لأن بعض من ينتسب إليه ينسب مبدأ تكفير المخالف ولو في مسائل جزئية إليه، وأن بعض من لم يطلع على مثل هذه الأقوال يتهمه بتكفير المسلمين.
وبعد فهذه هي بعض الأقوال من مختلف المذاهب والمدارس الفكرية سواء المذهب الحنبلي أو الشافعي أو المالكي أو الحنفي أو السلفي أو الأشعري أو الماتردي أو الظاهري أو غيرهم تجمع على حقيقة؛ أنه يجوز الاجتهاد والاختلاف في المسائل الظنية الثبوت أو الدلالة والتي يطلق عليها مصطلح فروع الاعتقاد.
الخاتمة
بعد استكمال عناصر هذا البحث فقد توصل الباحث إلى النّتائج التالية:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولا: أن الاجتهاد لا يدخل في المسائل الأصوليّة –التي ثبوتها قطعي ودلالتها قطعية - في الاعتقاد كما هو في الفقه.
ثانيا: أن الاجتهادَ فيما كان ظنّيّ الثبوت، ظني الدلالة أو كان قطعي الثبوت ظني الدلالة جائز، ولا خلاف فيه.
ثالثا: إنّه لا فرقَ بين الاجتهاد في مسائل الاعتقاد، ومسائل الفقه فيما يصح الاجتهاد والاختلاف فيه.
رابعا: الخلاف بين الأصول والفروع في الاعتقاد من حيث الاجتهاد لابد من حسمه، فأجاز جمهور العلماء الاجتهاد في فروع الاعتقاد، وأما الاجتهاد في أصول الاعتقاد فلم يجزه أحد من علماء الأمة.
خامساً: أن هناك أدلة من الكتاب والسنة اختلف فيها الصحابة y ومن بعدهم من التابعين والعلماء.
سادساً: إنه كما يؤجر المجتهد المخطئ في مسائل الفقه، كذلك يؤجر المخطئ في مسائل الفروع في الاعتقاد التي تقبل الاجتهاد.
سابعاً: أقر العلماء المحققون بنتائج الاجتهاد في فروع الاعتقاد واعتبروها، ولم يفسقوا المخالف ولم يبدعوه، وأبقوا على الوحدة والموالاة بين المسلمين.
ثامناً: أظهر البحث مبررات الاجتهاد ومسوغاته عموماً، وفي فروع الاعتقاد بوجه خاص.
وبعد فإن الباحث يوصي علماء المسلمين أن يميّزوا للأمة بين أصول الاعتقاد وفروعها، وأن يوضحوا حكم الاختلاف في أصول العقائد وفروعها، وأن يعتبروا الإيمان بأصول الاعتقاد هو الأساس في اعتبار الرجل مسلمًا دون الفروع التي هي محل للاجتهاد والاختلاف، واعتبار هذه الأصول هي مناط الأخوة و الولاء بين المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
--------------------------------------------------------------------------------
([ i]) جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور (توفي 711هـ)، لسان العرب، دار الفكر، بيروت، مادة: "جهد": 3/ 133.
([ ii]) محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (توفي826 هـ)، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت: ص: 269.
([ iii]) يذكر الأصوليون للمجتهد شروطا لابد من توافرها حتى يكون أهلا للاجتهاد، وهي أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلاً، فقيه النفس، صحيح الفهم عالما بمصادر الأحكام من كتاب وسنة وإجماع وقياس، وبالناسخ والمنسوخ، عالما بآيات الأحكام، وعالما بالحديث متنا وسندا عالما باللغة العربية نحوها وصرفها وبلاغتها، عالما بأصول الفقه هذا ما يتعلق بالمجتهد المطلق، أما مجتهد المسألة، فيشترط فيه أن يكون عارفا بما تتطلبه المسألة والحكم الشرعي الخاص، وانظر هذه الشروط: علي محمد الآمدي (توفي 632هـ)، الإحكام في أصول الأحكام، تعليق: عبد الرزاق عفيفي،: 4/ 162 - 164، وبدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي الزركشي، البحر المحيط حرره عبد الستار ابو غدة 1992ط2: 6/ 199 - 206، و محمد بن علي بن محمد الشوكاني (توفي 1250هـ)، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، دار المعرفة، بيروت.، ص: 251 –252، والشنقيطي، محمد الأمين، مذكرة أصول الفقه، المكتبة السلفية، باب الرحمة، المدينة النبوية، ص: 311 - 312، وسليم رستم، شرح المجلة، المطبعة الأدبية، بيروت، ط3. ص: 25 - 26.
([ iv]) يذكر الأصوليون أن معرفة الحكم الشرعي من دليله القطعي لا يسمى اجتهادا، الأنصاري، مسلم الثبوت، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، المصورة من ط1 بالمطبعة الأميرية ببولاق، مصر 1324هـ. 2/ 362.
([ v]) انظر تعريف الاجتهاد:، عثمان بن عمرو ابن الحاجب (توفي 646هـ)، منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1985م. ص: 209.
([ vi]) وانظر تعريفات أخرى للاجتهاد، الشوكاني، إرشاد الفحول، ص: 250 - 251، ويذكر الفقهاء نوعا آخر من الاجتهاد سوى الاجتهاد في الأدلة الشرعية، وذلك ما يحتاجه المسلم عند قيامه ببعض العبادات عند حصول الاشتباه؛ كأن يجتهد في تحديد القبلة؛ لأجل استقبالها في صلاته، والاجتهاد عند اشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة إذا لم يجد غيرها، أو ماء طهور بماء نجس لم يجد غيرهما، وانظر: وزارة الأوقاف الكويتية، الموسوعة الفقهية، 1/ 318.
(يُتْبَعُ)
(/)
([ vii]) الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (توفي505 هـ) المستصفى من علم الأصول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، المصورة من ط1 بالمطبعة الأميرية ببولاق، مصر 1324هـ.: 2/ 101.
([ viii]) ابن الحاجب،، منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، ص: 209. ومن أراد التوسع في مفهوم الاجتهاد، ومجالاته، فليرجع إلى بحث الدكتور محمد خالد منصور بعنوان: "دلالة قاعدة لا مساغ للاجتهاد في مورد النص قطعي الثبوت والدلالة عند الأصوليين وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية، علوم الشريعة والقانون، مجلد 27، العدد 2/ 2000.
[ ix]) ) اسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق احمد عبد الغفور عطار، طبع على نفقة السيد حسن عباس الشربتلي 1982، 4/ 1623
[ x]) ) المصدر السابق 3/ 1256
[ xi]) ) الإمام مسعود بن عمر بن عبد الله سعد الدين التفتازاني (توفي793 هـ)، شرح المقاصد، تحقيق د: عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب بيروت، ط1 1409 هـ -1989م، 1/ 29.
[ xii]) ) المصدر السابق 1/ 28
([ xiii]) أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (توفي 505 هـ)، فيصل التفرقة، ضبطه وقدم له: رياض مصطفى العبد الله، دار الحكمة دمشق، 1986م. ص: 147 أبو عبد الله محمد بن المرتضى اليماني بن الوزير، إيثار الحق على الخلق، كتب هوامشه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط1 1983. ص: 376، محمد بن إبراهيم الوزير اليماني، العواصم من القواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، حققه شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، ط 1 1992 م: 4/ 177.
([ xiv]) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (توفي728 ه)، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض السعودية، 3/ 22 - 23.
([ xv]) وقد توسع في بحث هذه المسألة، ونصوص العلماء في التفريق بين الأصول والفروع في مسائل الاعتقاد أبو العلا بن راشد بن أبي العلا الراشد، في كتابه: عارض الجهل وأثره على أحكام الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة، مكتبة الرشد، الرياض، ط2، 2003 م. " ص: 78 - 98.
([ xvi]) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (توفي 728هـ)، تحقيق د0 محمد رشاد سالم، الاستقامة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ط1، 1403هـ، 1983، 1/ 24.
([ xvii]) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (توفي 728هـ) مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد العاصمي، تصوير ط 1 1398هـ. 15/ 158 - 161.
([ xviii]) مسلم بن حجاج النيسابوري (توفي 261ه)، صحيح مسلم، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1374هـ، 1954م الصحيح: 1/ 36 (8).
([ xix]) الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنة، المكتب الإسلامي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش، د. ت.ط.: 1/ 229.
([ xx]) الإمام أبي الحسن علي بن محمد بن سالم الآمدي (توفي632هـ)، أبكار الأفكار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 20023/ 183
([ xxi]) محمد بن أبى بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي، شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية (توفي751 هـ)، مختصر القواعد المرسلة على الجهمية والمعطلة، تحقيق سيد إبراهيم، دار الحديث 1994 م، ص: 572.
([ xxii]) أحمد بن حسين البيهقي (توفي 458هـ)، الاعتقاد، أحمد عصام الكاتب، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1401هـ، ط1، ص: 234.
([ xxiii]) شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن أبي بكر، الجامع لأحكام القرآن، ط2 سنة1372، دار الشعب، 15/ 86
([ xxiv]) أحمد بن علي ابن حجر (توفي 852هـ)، العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، بيروت: 10/ 466.
([ xxv]) فتح الباري: 12/ 202.
([ xxvi]) عبد الرحمن بن الحديثة، أبي بكر السيوطي (توفي 911هـ)،تدريب الراوي، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة الرياض الرياض، 1/ 324.
[ xxvii]) ) راجع ابن منظور، لسان العرب 3/ 296 - 299
[ xxviii]) ) د: حسن الشافعي، المدخل إلى دراسة علم الكلام، ص: 25.
[ xxix]) ) د: عمر سليمان الأشقر، العقيدة في الله، مكتبة الفلاح الكويت، ط6 1989م، ص: 9.
([ xxx]) وليس المجال للتفصيل في حكم الاجتهاد، ولا عرض أدلته، وإنما المقصود التنبيه إلى أصل حكمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
([ xxxi]) أخرجه سليمان بن الأشعث بن اسحق أبو داود السجستاني (توفي 275هـ) فيسنن أبو داود: 3/ 303 (3592) والترمذي في سننه، محمد بن عيسى بن سورة (توفي 279هـ)، الجامع الصحيح (سنن الترمذي) مراجعة أحمد شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت: 3/ 616 (1327) وقال الألباني: ضعيف، وأحمد بن حنبل في، المسند انظر: الإمام أحمد بن حنبل (توفي 241هـ)، مسند الإمام احمد شرح وتحقيق: أحمد شاكر، دار المعارف بمصر 1365هـ: 5/ 230 (22060).
([ xxxii]) أنظر د: حسن الشافعي، المدخل إلى دراسة علم الكلام، إدارة القران والعلوم الإسلامية كراتشي باكستان، 1988م، ص: 26. وقد نسب سعد الدين التفتازاني هذا القول إلى بعض علماء الملة، شرح المقاصد: 1/ 29.
([ xxxiii]) ابن تيمية، الاستقامة: 1/ 37.
([ xxxiv]) وانظر: هيتو، محمد حسن، الوجيز في أصول التشريع الإسلامي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1983م.، ص: 506، ومحمد سعيد الباني، عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق، المكتب الإسلامي، بيروت، 1981م، ص: 49.
([ xxxv]) إذا كان النص قرآنًا، فهو قطعي الثبوت، ولكن قد تكون دلالته قطعية أو ظنية، وإذا كان النص سنة فقد يكون قطعي الثبوت والدلالة، وقد يكون ظني الثبوت والدلالة، وقد يكون قطعي الثبوت ظني الدلالة، وقد يكون ظني الثبوت قطعي الدلالة انظر ما سبق بتصرف، شعبان زكي الدين، أصول الفقه الإسلامي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2. ص: 416، والأيوبي، محمد هشام، الاجتهاد ومقتضيات العصر، دار الفكر، عمان. ص: 45 - 46.
([ xxxvi]) محمد الدسوقي، الاجتهاد والتقليد في الشريعة الإسلامية، دار الثقافة، قطر، ط 1: ص: 82.
([ xxxvii]) وانظر المعنى السابق بتصرف، محمد الدسوقي، الاجتهاد والتقليد في الشريعة الإسلامية، ص: 78 - 80.
([ xxxviii]) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي الشاطبي،، (ت: 790هـ) الاعتصام، دار إحياء الكتب العربية فيصل عيسى البابي الحلبي.: 2/ 168.
([ xxxix]) الشاطبي، الاعتصام: 2/ 200.201
([ xl]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى: 19/ 117 - 126.
([ xli]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى: 19/ 117 - 126.
([ xlii]) محمد بن إبراهيم الوزير اليماني، العواصم من القواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، حققه شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، ط 1 1992 م: 4/ 176 - 177.
([ xliii]) عبد الرحمن بن القاسم القحطاني النجدي، الدرر السنية، الدرر السنية، دار العربية للطباعة والنشر، ط 3، 1978م: 1/ 43.
([ xliv]) أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل البخاري (توفي 256هـ)، صحيح البخاري، ترتيب مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، بيروت، 1407هـ = 1988م حديث رقم: (733) 1/ 277، ومسلم، صحيح مسلم،: 1/ 163 (299).
([ xlv]) انظر علي بن علي بن محمد بن أبي العزّ الحنفي (توفي 792هـ)، شرح العقيدة الطحاوية، ضبط: أحمد شاكر، الناشر: زكريا علي يوسف، د. ت. ص: 118.
([ xlvi]) أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي (توفي 307هـ)، مسند أبي يعلى، تحقيق: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث – دمشق، ط 1، 1404 – 1984، الأحاديث مذيلة بأحكام حسين سليم أسد عليها: 8/ 305 (4901) قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
([ xlvii]) أخرجه مسلم في الصحيح: 1/ 161 (179).
([ xlviii]) أخرجه مسلم في الصحيح: 1/ 161 (178).
([ xlix]) أخرجه مسلم في الصحيح: 1/ 161 (178).
([ l]) ابن أبى العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 116 - 117.
([ li]) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 145 - 146.
55)) الترمذي، السنن:4/ 110 (1535) وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
([ liii]) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 156 - 158
([ liv]) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 180 - 180.
([ lv]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى: 19/ 140 - 141.
[ lvi]) ) الطبري، تفسير الطبري، دار المعارف، 2/ 530 رجاله ثقات
([ lvii]) عماد الدين أبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي (توفي774 هـ)، تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة، ط1، 1407هـ، 1987م، 1/ 401
([ lviii]) الترمذي، السنن: 5/ 189.
([ lix]) محمد بن جرير الطبري (توفي 310هـ)، تفسير الطبري، طبعة دار إحياء التراث العربي د. ت:.1/ 400 - 401 ورجاله ثقات.
([ lx]) الطبري، تفسير الطبري: 1/ 402 - 403.
(يُتْبَعُ)
(/)
([ lxi]) الطبري، تفسير الطبري: 5/ 401، ابن كثير، تفسير ابن كثير: 1/ 309.
(69) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 87 - 88.
([ lxiii]) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 87 - 88.
([ lxiv]) كمال الدين محمد بن محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف، حاشية كتاب المسامرة شرح المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1423 هـ، 2002م. ص:185وانظر د. قحطان الدوري، أصول الدين الإسلامي د. قحطان الدوري، أصول الدين الإسلامي ط2، دار الفكر العربي الأردن عمان ص: 205 - 206، وانظر: د. محمد الملكاوي وآخرون، عقيدتنا الإسلامية، الأكاديميون للنشر والتوزيع، ط1، 2004م، ص:227 - 228
([ lxv]) سعد الدين التفتازاني،، شرح المقاصد،5/ 5، و انظر: د. عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات، مكتبة الفلاح الكويت، ط 3، 1405، 1985 م، ص: 15.
([ lxvi]) انظر: كمال الدين بن أبي شريف، المسامرة ص: 190 - 191 وانظر د. قحطان الدوري، أصول الدين ص: 212.
([ lxvii]) الإمام احمد، مسند الإمام احمد، 5/ 265 (22342) وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف جداً، وقال الألباني: صحيح.
([ lxviii]) انظر: سعد الدين التقتازاني، شرح المقاصد: 5/ 61، و انظر: د. قحطان الدوري أصول الدين ص: 230. وانظر ابن قطلوبغا حاشية على المسايرة ص:193 - 194، وانظر: عمر سليمان الأشقر، الرسل والرسالات، ص: 86، 89.
([ lxix]) الآمدي، أبكار الأفكار، 3/ 149.
([ lxx]) سعد الدين التقتازاني شرح المقاصد: 5/ 49 - 50، وانظر: د. قحطان الدوري أصول الدين ص: 218 - 221.
([ lxxi]) انظر ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 211 - 212.
[ lxxii] ) ) الآمدي، أبكار الأفكار، 3/ 149
([ lxxiii]) الطبري، تفسير الطبري، 25/ 132
([ lxxiv]) المصدر السابق، 25/ 134. وانظر يوسف الوابل، اشراط الساعة، دار ابن الجوزي 1421 ه ص: 384 - 387،
([ lxxv]) انظر ابن حجر: فتح الباري: 13/ 79 - 80.
([ lxxvi]) انظر المصدر السابق: 13/ 325 - 329.
([ lxxvii]) انظر المصدر السابق: 13/ 91، وانظر محمد بن رسول البرزنجي الحسيني (توفي1103 ه) الإشاعة لأشراط الساعة، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1424 هـ/ 2003م، ص: 203وانظر: أبو الطيب محمد صديق خان القنوجي،، الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة، بعناية: بسام عبد الوهاب الجابي، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1421 هـ، 2000م، ص: 193.
([ lxxviii]) محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي (توفي 254هـ)، صحيح ابن حبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 3، 1414هـ تحقيق شعيب الانؤوط: 15/ 211 (6800) وقال: " ... والذي معه يرى أنه ماء ولا ماء".
([ lxxix]) أخرجه البخاري في صحيح البخاري: 6/ 2606 (6705) ومسلم في صحيح مسلم: 3/ 1693 (2152).
([ lxxx]) البرزنجي: الإشاعة لأشراط الساعة ص: 210.
([ lxxxi]) أخرجه مسلم في صحيح مسلم: 2/ 2248 (2934).
([ lxxxii]) أخرجه محمد بن يزيد ابن ماجه (توفي 275هـ)، سنن ابن ماجه، ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، د. ت: 2/ 1340 (4039) قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ: (لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلا الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ).
([ lxxxiii]) أخرجه محمد بن عبد الله، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (توفي 405هـ)، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411هـ، 1990م، ط1، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا.:: 4/ 547 (8531) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
([ lxxxiv]) أخرجه ابن ماجة، سنن ابن ماجة، 2/ 1366 (4082) قال الشيخ الألباني: ضعيف.
([ lxxxv]) محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي، شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية (توفي751 هـ) المنار المنيف في الصحيح والضعيف تحقيق محمود مهدي استانبولي ص: 145 - 150، والبرزنجي، الإشاعة لأشراط الساعة: ص: 198 - 200.
(يُتْبَعُ)
(/)
([ lxxxvi]) ابن حجر، فتح الباري: 11/ 353.
([ lxxxvii]) أخرجه الترمذي في سنن الترمذي ا4/ 498 (2217) وقال: حديث حسن غريب صحيح.
([ lxxxviii]) نعيم بن حماد المروزي أبو عبد الله، الفتن، مكتبة التوحيد القاهرة 1412ط1: 2/ 662.
([ lxxxix]) انظر: البرزنجي، الإشاعة لأشراط الساعة: ص: 280 - 281.
([ xc]) شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الالوسي (توفي 1270هـ)، روح المعاني في تفسير القران والسبع المثاني،دار إحياء التراث العربي بيروت،د. ت: 15/ 42.
([ xci]) عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي، الدر المنثور، دار الفكر بيروت: 7/ 458.
([ xcii]) المصدر السابق: 7/ 458.
([ xciii]) محمد بن جرير، تفسير الطبري: 19/ 498.
([ xciv]) السيوطي، الدر المنثور: 7/ 461، وعبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ابن أبي حاتم، تفسير بن أبي حاتم، المكتبة العصرية، صيدا،تحقيق اسعد محمد الطيب،د. ت: 11/ 203.
([ xcv]) السيوطي، الدر المنثور: 7/ 461.
([ xcvi]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: 6/ 213.
([ xcvii]) المصدر السابق: 6/ 214.
([ xcviii]) الآلوسي، روح المعاني: 15/ 42، وانظر الروايات السابقة جميعها عند البرزنجي في الإشاعة لأشراط الساعة: ص 287 - 288.
(100) انظر الإمام احمد بن حنبل مسند الامام احمد شرح وتحقيق احمد شاكر: 15/ 82ا، دار المعارف بمصر1365ه 1975، وانظر: ا. د. محمد نعيم ياسين، الإيمان أركانه حقيقته نوا قضه ط3، جمعية عمال الطابع التعاونية 1982م، ص:97.
101)) انظر هذه الروايات الحاكم المستدرك على الصحيحين رقم (8490) وما بعدها، والطيالسي سليمان بن داود أبو داود الفارسي، مسند الطيالسي دار المعرفة بيروت: 1/ 144
102)) انظر هذه الروايات عند نعيم بن حماد الفتن: 2/ 660 - 667
([ cii]) البرزنجي: الإشاعة لأشراط الساعة: ص:290 - 292، بتصرف يسير.
([ ciii]) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية ص: 148، والقرطبي شمس الدين أبى عبد الله بن أبى بكر بن فرح الأنصاري القرطبي، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، دار الفكر للنشر والتوزيع عمان، ص: 347.
[ civ]) ) راجع هذه الأدلة عند القرطبي في المصدر السابق ص: 348 - 349.
([ cv]) أخرجه ابن حبان، صحيح ابن حبان: 1/ 322 (116) وصححه، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح رجاله ثقات، رجاله رجال مسلم.
([ cvi]) أخرجه الترمذي في سنن الترمذي: 5/ 24 (2639) وقال: حسن غريب، والحاكم في المستدرك على الصحيحين: 1/ 46 (9) وقال: هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين وهو صحيح، قال محقق الكتاب مصطفى عبد القادر عطا: قال الذهبي في التلخيص: هذا على شرط مسلم.
([ cvii]) أخرجه البخاري محمد بن إسماعيل أبو عبد الله (توفي 256هـ)، الأدب المفرد، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار البشائر بيروت، 11989 ط3: ص: 92 (237).
([ cviii]) شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان الذهبي (توفي748 هـ) سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة، ط7، 1990م، 11/ 371
[ cix])) المصدر السابق: 14/ 40.
([ cx]) المصدر السابق، 14/ 39 - 40.
([ cxi]) المصدر السابق، 14/ 188.
([ cxii]) ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية، ص: 206.
([ cxiii]) أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت 1411هـ/ 1990 م، 1/ 34.
([ cxiv]) راجع قول البيهقي ص: 6/ هامش: 19.
([ cxv]) الحافظ أبو القاسم علي بن أبي محمد الحسن بن هبة الله ابن عساكر الدمشقي (توفي 571هـ)، تبيين كذب المفتري، دار الكتاب العربي بيروت 1979م. ص: 149
([ cxvi]) علي بن احمد بن حزم الظاهري (توفي 456هـ)، الدرة فيما يجب اعتقاده، تحقيق: أحمد الحمد وسعيد القزقي، مكتبة التراث، مكة المكرمة، ط1، 1408 هـ ص: 414. علي بن احمد بن حزم الظاهري (توفي 456هـ)، الفصل في الملل والنحل، تحقيق: محمد إبراهيم نصر وعبد الرحمن عميرة، شركة عكاظ، جدة، 1402 هـ، 1982م، 3/ 296، 297، راجع هذه الأقوال وغيرها الدكتور عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف، نوا قض الإيمان القولية والعملية، دار الوطن هـ1415، عن تكفير المتأول، وبين أن المجتهد المتأول معذور في تأويله واجتهاده، وقد أورد نصوصًا كثيرة في هذه المسألة، ص: 75 - 84.
(يُتْبَعُ)
(/)
([ cxvii]) الغزالي، فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ص: 85 - 86.
([ cxviii]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: 7/ 271.
([ cxix]) المصدر السابق: 14/ 374.
([ cxx]) المصدر السابق: 14/ 40.
([ cxxi]) المصدر السابق: 19/ 322.
([ cxxii]) الشاطبي، الاعتصام: 2/ 168.
([ cxxiii]) المصدر السابق: 2/ 200.
([ cxxiv]) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي الشاطبي، (ت: 790هـ) الموافقات في أصول الشريعة، ضبطه أبو عبيدة مشهور بن حسن السلمان دار ابن عفان ط1، 1977م. 5/ 131.
([ cxxv]) أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (توفي 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن: 2/ 16.
([ cxxvi]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: 10/ 630.
([ cxxvii]) المصدر السابق: 10/ 157، 630.
([ cxxviii]) الإمام مسعود بن عمر بن عبد الله، سعد الدين التقتازاني (توفي793 هـ)،، شرح العقائد النسفية، المكتبة الأزهرية، مصر، ط1، 1421 هـ- 2000م، ص: 157 - 158.
[ cxxix])) الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد الغزنوي (توفي593 هـ)، كتاب أصول الدين تحقيق د: عمر وفيق الداعوق، دار البشائر 1998م. ص: 139، 189، 210.
([ cxxx]) القحطاني، الدرر السنية: 1/ 43.
([ cxxxi]) عبد الرحمن السعدي، الإرشاد في معرفة الأحكام، مكتبة المعارف، الرياض، 1400 هـ ص: 207.
([ cxxxii]) محمد الغزالي، عقيدة المسلم، دار الكتب المصرية، ط4، 1984م، ص:9
([ cxxxiii]) الميداني عبد الرحمن حسن حبنكة، العقيدة الإسلامية وأسسها، دار القلم، بيروت، ط7، 1415 هـ، ص:221.
([ cxxxiv]) د. قحطان الدوري، أصول الدين الإسلامي: راجع ص: 48 - 61.
([ cxxxv]) ابن تيمية، الاستقامة: 1/ 73.
([ cxxxvi]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى، 19/ 123.
([ cxxxvii]) المصدر السابق، 19/ 17.
([ cxxxviii]) المصدر السابق، 19/ 117.
([ cxxxix]) المصدر السابق، 19/ 126.
([ cxl]) مسلم، صحيح مسلم، حديث رقم (126).
([ cxli]) وقد ألف ابن تيمية كتابا سماه: رفع الملام عن الأئمة الأعلام وإن كان موضوع الكتاب في مسائل الفقه إلا انه يتعرض في كثير من مواضع الكتاب إلى مسائل اعتقادية، انظر: ص: 40 - 42، وكيف أعذر المخالف في قضايا الوعيد بالعذاب. أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، (توفي 728هـ)، رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ط الجامعة الإسلامية المدينة المنورة 1422 هـ.
([ cxlii]) أخرجه البخاري بلفظ غيره قريب منه صحيح البخاري: 3/ 1282 (3291) ومسلم بنحوه صيح مسلم:4/ 2109 (2756).
([ cxliii]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى: 10/ 33 - 36.
([ cxliv]) المصدر السابق، 19/ 207.
([ cxlv]) المصدر السابق، 19/ 127 - 128.
([ cxlvi]) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، (توفي 728هـ)، ابن تيمية، قاعدة في جمع كلمة المسلمين، تحقيق حماد سلامة، المنار، 1988 ص:15.
([ cxlvii]) ابن تيمية، منهاج السنة: 3/ 22، وانظر أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، (توفي 728هـ)، ابن تيمية، كتاب الإيمان، ط مكتبة أنصار السنة المحمدية، القاهرة ص: 129.
([ cxlviii] ) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، (توفي 728هـ)، كتاب الإيمان، مكتبة أنس بن مالك: ص: 206.
([ cxlix]) رواه أبو يعلى في المسند: 4/ 85 (2111) قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح.
([ cl]) ابن تيمية، مجموع الفتاوى، 19/ 191.
([ cli]) المصدر السابق: 4/ 172– 173.
([ clii]) أخرجه البخاري في صحيح البخاري: 4/ 1555 (4021) ومسلم في صحيحه: 1/ 96 (96).
([ cliii]) أخرجه مسلم في صحيح مسلم 4/ 2215 (2889).
([ cliv]) أخرجه البخاري في صحيح البخاري: 6/ 2667 (6883).
([ clv]) أحمد بن شعيب النسائي (توفي 303هـ)، السنن الكبرى، تحقيق: د. عبد الغفار البنداري، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411هـ/ 1991م.: 5/ 388 (9223) والترمذي في سنن الترمذي بنحوه: 4/ 465 (2165).
([ clvi]) أخرجه الترمذي في سنن الترمذي: 4/ 465 (2165) وقال: حسن صحيح غريب، قال الشيخ الألباني: صحيح.
([ clvii]) أخرجه أحمد في مسند الإمام احمد: 5/ 232 (22082).
([ clviii]) أخرجه مسلم في صحيح مسلم: 1/ 465 (673).
([ clix]) عبد الرزاق أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (توفي 211هـ)، المصنف، المكتب الإسلامي، بيروت ط 2، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي: 1/ 227 (879).
([ clx]) أخرجه البخاري في صحيح البخاري: 4/ 1640 (4240) ومسلم في الصحيح: 2/ 766 (1090).
([ clxi]) ابن تيمية، كتاب الإيمان: ص: 129.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Oct 2006, 09:05 ص]ـ
قد سقطت ارقام الحواشي ولا ادري لماذا ولكنني ارسلت البحث بحواشيه للسادة المشرفين رجاء ان يتكرموا بتصويب هذا الامر
واقبلوا التحيات
ـ[مرهف]ــــــــ[28 Oct 2006, 07:32 م]ـ
الأخ د جمال حفظك الله هلا أرفقت البحث ليتسنى لنا تنزيله (ملف وورد) فهذا أسهل ويحفظ بذلك أرقام الحواشي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Oct 2006, 10:27 م]ـ
هذه نسخة كاملة من البحث بعث بها الدكتور جمال حفظه الله منذ زمن. ولم يتسن لي الاطلاع على البحث بعدُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Oct 2006, 09:00 م]ـ
موضوع هذا البحث مهم، ويحسن تداوله تداولاً علميًا مبنيًا على الدليل من الآثار، وترك التشنجات والأحكام المسبقة على الآخرين، فالوصول للحق مطلب كل مسلم، وكم أتمنى أن يثري رواد الملتقى هذا البحث بالنقاش العلمي المفيد.
تنبيه:
ما ذهب إليه الباحث ـ وفقه الله ـ من أن الطبري يفسر الكرسي بالعلم غير صحيح، وقد أوهمت عبارة الطبري على غيره من العلماء كابن عطية، وعنه نقل القرطبي، وعن القرطبي نقل الشوكاني، وإليك نص عبارة الطبري: (قال أبو جعفر: ولكل قول من هذه الأقوال وجه ومذهب، غير أن الذي هو أولى بتأويل الآية ما جاء به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما:-
حدثني به عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة! فعظم الرب تعالى ذكره، ثم قال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وأنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع- ثم قال بأصابعه فجمعها - وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد، إذا ركب، من ثقله"
حدثني عبد الله بن أبى زياد، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: جاءت امرأة، فذكر نحوه
وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال:"هو علمه". وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره:"ولا يؤوده حفظهما" على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم، وأحاط به مما في السموات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا) [غافر: 7]، فأخبر تعالى ذكره أن علمه وسع كل شيء، فكذلك قوله:"وسع كرسيه السموات والأرض".)
فقوله ـ رحمه الله: (ولكل قول من هذه الأقوال وجه ومذهب، غير أن الذي هو أولى بتأويل الآية ما جاء به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قاطع بأنه يذهب إلى أن الكرسي مخلوق، وليس هو العلم، ثم عقب بقوله: (وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عنه أنه قال:"هو علمه")، وهذا ليس تراجعًا منه عن ترجيحه، بل بيان لاحتمال قول ابن عباس فحسب، والطبري يعمل هذا في بعض المواطن التي يقع فيها تنازع في الترجيح، فيبن اختياره مع بيانه لاحتمال القول الآخر، ولولا إطالة المقام لسردت أمثلة لذلك، لكن اكتفي بإحالة القارئ إلى ترجيحه في قوله تعالى: (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) فقد بين أن السياق مع مسروق والشعبي من أن الشاهد موسى عليه السلام حيث قال: (والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل) ثم قال: (غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به.
فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل)، وظاهر من هذا أنه لولا قول هؤلاء العالمين لذهب إلى قول مسروق.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[07 Nov 2006, 11:02 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
أولاً: ينظر في ذلك كتاب التقليد وأحكامه للدكتور سعد بن ناصر الشثري حفظه الله ضو هيئة كبار العلماء.
وثانياً: جزاك الله خيراً يا شيخ مساعد على هذا البيان الجيِّد ونفع بك، وليته يرفع الإشكال في المسألة.
وثالثاً: الحافظ الكرَجي القصاب رحمه الله ذكر في كتابه (نكت القرآن) الرد على من فسر الكرسي بالعلم.
وسيأتي معنا بحول الله تعالى في (المسائل العقدية) من كتابه.
والله أعلم
ـ[يسري خضر]ــــــــ[08 Apr 2007, 12:13 ص]ـ
[جزاك الله خيرا يادكتور جمال علي تقديم هذا البحث الماتع والاختيار الموفق والذي يساهم في تقريب وجهات النظر واعذار المخالف ويعالج قصور الفهم الذي يعاني منه بعض من أصابته علل التدين ويؤكد علي انه لايلزم من الاختلاف العلمي الترامي بالابتداع اوالفسق الخ
إن هذا البحث وأمثاله تحتاج إليه الصحوة الإسلامية التي نعيشها الآن لنتفرغ للأعداء الحقيقيين وهم كثر
وقد ذكرني هذا البحث القيم ببحث آخر يجري في مجراه بعنوان (شمول الاجتهاد في الدين) للدكتور عبد العزيز عبد الله الحميدي طبعة دار الأندلس الخضراء وطبع في دار عيون المعرفة بمكة المكرمة في مجموع بعنوان (الرسائل الشمولية)
وقد استرشد الدكتور الحميدي في بحثه بأقوال العلماء الربانيين ممن وردت أقوالهم في بحث الدكتور شريف الشيخ صالح احمد الخطيب حفظه الله
كما نقل عن العلماء المعاصرين مثل الإمام ابن باز والعلامة ابن عثيمين و نقل فتوى اللجنة الدائمةللافتاء (3 - 173) ممايستانس به علي مشروعية الاجتهاد في فروع العقيدة
هذا وقد كتب الدكتور علي حسين مشهور الاستاذ المساعد في قسم العقيدة بكلية الشريعة واصول الدين جامعة الملك خالد بحثا في نفس الموضوع نشر في مجلة الحكمة
والله من وراء القصد وهو هادي السبيل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسري خضر]ــــــــ[29 Apr 2007, 08:52 م]ـ
?? إن البحث السالف مما يعالج كثيرا من المآسي السيئة التي حدثت قديما وحديثا
والتي جمع الدكتور الفاضل محمد موسي الشريف بعضا منها في بحثه القيم الماتع وعنوانه (نماذج تاريخية ومعاصرة من مآسي الافتراق اقدمه للاخوة تتميما للفائدة مع الدعاء بالتوفيق والسداد للدكتور الشريف
??
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن قضية الافتراق قضية مزعجة مؤرقة، مؤلمة مقلقة، وذلك لأنها تفصم العروة الوثقى، وتهدم الآمال العظمى، وتبعد النصر، وتزيد القهر، والافتراق مرض مهلك، ومسلك مربك، نهى عنه الشارع في الكتاب الكريم والسنة الشريفة المطهرة المكملة للتنزيل، والتاريخ شاهد على ذلك وبإيضاحه كفيل، وقد كثرت الكتابات التي تتحدث عن الافتراق ومحاذيره، ومشكلاته وعواقبه، وقد ذكر علماء المسلمين من القواعد الضابطة، والإشارات الهادية، للتخلص من هذه المشكلات وتجاوز تلك العقبات وضبط هذه المسالة ما يملأ رَف مكتبة! لكن أين المستجيب؟
لذلك سأسلك في هذه الرسالة مسلكاً آخر عملياً؛ وهو أن أذكر الوقائع التاريخية المعاصرة التي ابتلينا فيها بالافتراق، وترتب على ذلك مآسٍ محزنة، فلعل سوق تلك الأحداث يُوقظ الضمائر، ويهز المشاعر، ويلهب النفوس، ويشد العزائم حتى نخرج من هذا التيه، ونفارق هذا الطريق المعوج.
وأوردت بعض ما وقفت عليه من هذه الوقائع مرتباً مهذباً، واستثنيت ما جرى بين الصحابة، وما وقع لتلك العصابة رضي الله عنها وأرضاها؛ وذلك لأن الكف عما شجر بينها من أصول الدين، والسكوت عما حصل منهم في الفتنة من الكمال المتين، وهذا من طريقة السلف الكرام ألا يخوضوا فيما حدث بين أولئك العظام، أما من دونهم فقد ذكرت لهم وقائع وأحداثاً، وطرائق وأفعالاً تبيِّن شؤم الافتراق، وتنفِّر من تبعات نتائجه، لعله أن يهتدي بها أولو الألباب، ويرتدع بها سالكو هذه المسالك الصعاب.
هذا وقد قسمت البحث إلى أربعة مباحث وذيلت بخاتمة فيها النتائج والتوصيات، والمباحث هي:
المبحث الأول: المآسي المترتبة على الخلاف المذهبي الفقهي.
المبحث الثاني: المآسي المترتبة على الخلاف العقدي.
المبحث الثالث: المآسي المترتبة على الفرقة في العصر الحديث من القسمين السابقين.
المبحث الرابع: المآسي المترتبة على الفرقة السياسية.
والله تعالى أسأل التوفيق من الزلل، وإن كان من خطأ فمني ومن الشيطان، وإن كان من صواب فمن الله العظيم، وبه أستعين، وبحبله أستمسك فهو متين، وصلوات ربي على المختار من كنانة والمبعوث من تهامة، ومن له الفخر والعز آية وعلامة، وآله الأطهار، وأصحابه الأبرار، وتابعيهم إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
المبحث الأول
المآسي المترتبة على الخلاف المذهبي الفقهي
من رحمة الله تعالى بالأمة أن نوَّع أفهام علمائها، وفاوت بين مداركهم، ففهم هذا من النص ما لم يفهم ذاك، وصحح هذا شيئاً لم يصححه ذاك، وكان خلافهم في الجملة رحمة، ودلالة على سعة هذه الشريعة، وكمال هذه الطريقة، وأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وأنه الدين الحق بين الأديان، فمهما اختلف العلماء فهم يرجعون إلى أصل واحد ويستمسكون بعروة وثيقة. وعلى هذا مضى الصدر الأول رضي الله عنهم في المسائل الفقهية والخلافات الفرعية المذهبية، فقد اختلفوا ولكن لم يتركوا الوئام، وتنوعت أفهامهم وفتاواهم وما تفرقت منهم القلوب وما مسهم من الخلاف سقام، وكان كلٌ من كبارهم يمثل اتجاهاً في الاستنباط والتفكير تحوَّل فيما بعد إلى مدرسة لها أتباع وتنظير، فابن عباس له اتجاه، وابن عمر له مسلك آخر، وابن مسعود له طريق ثالثة، وغيرهم رضي الله عنهم سلك مسالك أخرى، ولم يعب واحد منهم الآخر، ورضي كلٌ بما قسم له من الفهم والاستنباط، وهذا هو المسلك الحميد والرأي السديد، وكان خلافهم لنا توسعة، وبنا ورحمة، وعلينا بركة كما قال القاسم بن محمد بن أبي بكر رحمه الله وهو أحد فقهاء المدينة السبعة: "اختلاف الصحابة رحمة" ([1])، ثم ما برح الخلاف يفقد آدابه، ويتنكب الطرق السليمة حتى صار علينا عيباً، وبنا شيناً، وأصبح مؤدياً للافتراق، جالباً للبغضاء، محركاً لإحن الصدور، ذاهباً بألباب ذوي العقول، ولا أدري والله ماذا أقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
وللتاريخ البعيد والقريب شواهد على ما تردى إليه أمر الخلاف المذهبي ومآسي كثيرة مسطورة، وأفعال مكتوبة منكورة، لم نراع فيها الخلاف، ولم نرتق فيها إلى مرتبة الأخوة التي عبر عنها الشافعي الإمام بقولة رائعة، فعن يونس الصدفي ــ وهو أحد أئمة المصريين وعقلائهم ــ قال:
"ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال يا أبا موسى: ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة" ([2]).
وقال الإمام الذهبي تعليقاً على هذا الكلام النفيس: هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون.
ومن الأمثلة على الخلاف الذي لم يراع فيه الأدب، وجانب الصواب ولازمه الغضب ما يلي:
- لما دخل الشافعي مصر أتاه أصحاب مالك مقبلين هاشين، لأنه كان تلميذ مالك ولم يظنوا أنه يخالف مالكاً في شيء! فلما رأوه مستقل الفكر، واسع العلم، يخالف مالكاً في أشياء جفوه! وتنكروا له! بل أن العالم الكبير أشهب بن عبد العزيز المالكي المصري كان يقول في سجوده:
اللهم أمت الشافعي؛ لا يذهب علم مالك! ([3])
وهذه إحدى العجائب والغرائب الدالة على ضيق الصدر بالخلاف وعدم تقبل الرأي الآخر.
- وهذا بَقيّ بن مَخْلَد، العالم الأندلسي الكبير المتوفى سنة 276 رحمه الله تعالى، كان قد أخذ الحديث من المشرق ودخل به الأندلس ونشره نشراً عظيماً وهاجم به شيوخ الأندلس، فثاروا عليه، لأن علمهم إنما كان بمسائل مالك، وكان بقي يفتي بالأثر فخالفهم في الفتيا مخالفة عظيمة، فعقدوا له المجالس، وبدّعوه، ونسبوه إلى الزندقة، وإلى أشياء أخرى ([4])، وكان ذلك في حقه مخالفة تامة لآداب الخلاف، وبعداً كاملاً عن الوئام والوفاق الذي ينبغي أن يكون في مثل هذه الأحوال، ومن قرأ سيرته عرف عظم أحواله وبراءته مما نُسب إليه.
- وهذا الخلاف بين الحنفية و الشافعية، الذي كان له صور كثيرة من أشدها على النفوس وأمرِّها ما ذكره ياقوت الحموي صاحب كتاب "معجم البلدان" الشهير حيث تكلم فيه عن مدينة أصفهان وذكر مجدها القديم ثم قال:
"وقد فشا فيها الخراب في نواحيها لكثرة الفتن، والتعصب بين الشافعية والحنفية والحروب المتصلة بين الحزبين، فكلما ظهرت طائفة نهبت محلة الأخرى، وأحرقتها وخربتها، لا يأخذهم في ذلك إلٌ ولاذمة، وكذلك الأمر في رساتيقها وقراها" ([5]) وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقال عن الري بعد مروره بها سنة 617 ومشاهدته خرابها:
"وقعت العصبية بين الحنفية والشافعية، ووقعت الحروب بينهم، كان الظفر في جميعها للشافعية؛ هذا مع قلة عدد الشافعية، وكان أهل الرستاق –وهم الحنفية – يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاكي ([6]) ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئاً حتى أفنوهم .. " ([7])!
ولا أريد أن أذكر أكثر من هذا، فحسبك به دلالة على شؤم الافتراق، وأثره البالغ في إضعاف الأمة وإذهاب ريحها، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
المبحث الثاني
المآسي المترتبة على الخلاف العقديّ
وهذا الافتراق هو الأقسى والأقوى أثراً، وهو الأنكى في الأمة، وينقسم إلى افتراق عقدي بين أهل السنة أنفسهم، وافتراق بين أهل السنة وغيرهم من طوائف وفرق المسلمين، والافتراق في القسم الأول أصعب على النفس وأشد وأقسى؛ وذلك أن أهل السنة كان ينبغي لهم أن يكونوا يداً واحدة على من سواهم، فلما حصلت هذه الفرقة أدت إلى تمزق في الصف، وانقسام في الجبهة الواحدة، وتجرأ عليهم غيرهم من أعدائهم وخصومهم وضعفت الأمة تبعاً لذلك.
ومن أمثلة القسم الأول ــ أي الفرقة بين أهل السنة أنفسهم ــ ما يلي:
(1) الخلاف بين الحنابلة والأشاعرة:
وهذا أدي إلى تصدع مريع، وخلاف طويل، بل أدى إلى فرقة خطيرة تركت أسوأ الآثار في المجتمع المسلم، ومن أمثلة ذلك:
ما حصل للإمام الكبير أبي نُعيم الأصبهاني؛ أحمد بن عبد الله، الثقة، شيخ الإسلام المتوفى سنة 430، والذي كان من حفاظ الدنيا، فقد هُجر بسبب المذهب، وقام إنسان مرة في مجلس تحديث يعلن عن مجلس أبي نعيم الأصبهاني فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد الرجل يقتل ([8])!
وصدق الذهبي حين علق على الحادثة قائلاً:
"ما هؤلاء بأصحاب الحديث، بل فجرة جهلة، أبعد الله شرهم" ([9]).
وقال الذهبي:
(يُتْبَعُ)
(/)
"كان بين الأشعرية والحنابلة تعصب زائد يؤدي إلى فتنة، وقيل وقال، وصداع طويل" ([10]).
وهذا العالم العلامة الأصولي، شيخ القراء أبو عبد الله محمد بن عتيق التميمي القيرواني المعروف بابن كُدِّية الذي كان متعصباً لمذهب الأشعري، جرت بينه وبين الحنابلة فتن وأوذي غاية الإيذاء" ([11]).
وهذا العالم الواعظ أبو بكر عتيق البكري المغربي الأشعري، المتوفى سنة 476، كان قد قدم بغداد، فجلس الناس إليه وامتلأ المجلس، فذكر الحنابلة وحطَّ عليهم، وبالغ، ونبزهم بالتجسيم، فهاجت الفتنة، وكفَّر هؤلاء هؤلاء، والطريف أنه لما عزم البكري على التحديث بجامع المنصور قال نقيب النقباء: قفوا حتى أنقل أهلي فلا بد من قتل ونهب! ثم أغلقت أبواب الجامع، وصعد البكريّ وحوله الأتراك بالقسيّ! إلى آخر القصة المحزنة ([12]).
ومن الأمثلة أيضاً على الخلاف بين أهل السنة ما وقع بين أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الأشعري وهو ابن الإمام أبي القاسم القشيري، المتوفى سنة 514 رحمه الله تعالى، وبين الحنابلة، فقد ورد بغداد سنة 469، وجلس في المدرسة النظامية، وأخذ يذم الحنابلة وينسبهم إلى التجسيم، ومال لنصرته الإمام أبو إسحاق الشيرازي وجماعة، فوقعت الفتنة، وقتل أناس وجرح آخرون! وحصلت مأساة انتهت بتسكين الفريقين وإخراج القشيري من بغداد إلى نيسابور ([13]).
ومن المآسي الكبيرة ما وقع لشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي الأنصاري الحنبلي عبد الله بن محمد بن علي، حيث قدم السلطان الكبير السلجوقي ألب أرسلان إلى هراة ــ بأفغانستان الآن ــ فاجتمع عنده مشايخ البلد ورؤساؤه، وحدَّثوه أن الأنصاري مجسم، وأنه يعبد صنماً يزعم أن الله تعالى على صورته ــ وكانوا قد تمالأوا على وضع صنم في قبلة محراب أبي إسماعيل في داره ــ فبعث السلطان جماعة إلى دار أبي إسماعيل استخرجوا الصنم من قبلة محرابه، وكان صنماً صغيراً من نحاس دسوه تحت سجادته، فغضب السلطان غضباً عظيماً وأحضر أبا إسماعيل وواجهه قائلاً: "ما هذا؟ قال: هذا صنم يعمل من الصُفْر شبه اللعبة. فقال: لست عن هذا أسألك. فقال: عن ماذا يسأل السلطان؟ قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا الصنم, وأنك تقول أن الله على صورته، فقال الأنصاري: سبحانك هذا بهتان عظيم، بصوت جَهْوري وصولة، فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به فأخرج إلى داره مكرماً، وقال لهم: اصدقوني القصة أو أفعل بكم وأفعل، وذكر تهديداً عظيماً، فقالوا: نحن في يد هذا الرجل في بليّة من استيلائه علينا بالعامة وأردنا أن نقطع شرّه عنا، فصرفهم السلطان إلى منازلهم بعد إهانتهم وأخذ غرامة منهم مبلغاً عظيماً من المال يؤديه إلى خزانة السلطان عقاباً لهم على جنايتهم ([14]).
وفي ذلك الخلاف وتلك الفرقة يقول الإمام الذهبي رحمه الله:
"ينبغي للمسلم أن يستعيذ من الفتن، ولا يَشْغب بذكر غريب المذاهب لا في الأصول ولا في الفروع، فما رأيت الحركة في ذلك تحصل خيراً، بل تثير شراً وعداوة ومقتاً للصلحاء والعباد من الفريقين، فتمسَّك بالسنة، والزم الصمت، ولا تخض فيما لا يعنيك، وما أشكل عليك فردَّه إلى الله ورسوله، وقف وقل: الله ورسوله أعلم" ([15]).
وهذا نص ثمين يلخص فيه الذهبي الآثار السيئة للخلاف والافتراق، ويذكر العلاج الناجح.
(2) الخلاف بين أهل الحديث:
ومن أمثلة ذلك أيضاً ما جرى بين الإمام البخاري رحمه الله تعالى وبعض علماء عصره وعلى رأسهم الإمام محمد بن يحيى الذُهْليّ الذي حسد الإمام البخاري على اجتماع الناس عليه، واتهمه بالقول بمسألة: لفظي بالقرآن مخلوق ــ وهي مسألة دقيقة، أُخذ بها البخاريّ بغير وجه حق ــ وهذا أحد تلاميذ البخاري يقول له: يا أبا عبد الله أيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى؟ كل من يختلف إليك يُطرد، فقال البخاري رحمه الله تعالى: كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء. فقال له التلميذ: هذه المسألة التي تحكى عنك؟ قال: يا بني هذه مسألة مشؤومة، رأيت أحمد بن حنبل، وما ناله في هذه المسالة، وجعلت على نفسي ألاّ أتكلم فيها.
ثم انتهى بالبخاري الأمر إلى أن أخرج من نيسابور ولم يشيعه إلا واحد فقط ([16]). ومات غريباً وحيداً رحمه الله تعالى، ألا قبَّح الله الفرقة والاختلاف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما أحسن الذهبي عندما قال: "السكوت عن توسع العبارات أسلم للإنسان" ([17]).
(3) الخلاف في العصر الحديث:
وهو بلاء وأي بلاء؛ إذ في الوقت الذي يجتمع فيه أعداء الإسلام على حربه وتحطيمه نجد بين صفوفنا من يساهم في تلك الحروب ويؤجج نارها ويعظم شررها، ولعلي أقتصر في ذكر الطعن العقديّ في العصر الحديث على مثال واحد، وهو الأستاذ حسن البنا ــ رحمه الله تعالى ــ حيث إن بعض من زعم أنه يريد الحق ويرد الباطل قام بالتشنيع على هذا الأستاذ الذي ما سمح الزمان بمثله في مجموع خصاله وآثاره في العصر الحديث، فصار ينال منه ويتهم عقيدته اتهاماً عجيباً باطلاً، والناظر إلى تلك الأقوال يعلم بطلانها لكني أردت بالوقوف عليها بيان حجم المأساة التي أوصلنا أنفسنا بأيدينا إليها:
هذا الرجل قد وُجِّهت إليه سهام مغرضة واتهم في عقيدته بغير حق، كيف لا وهو القائل:"العقيدة أساس العمل" ([18]).
وهو القائل أيضاً: "ونحن نعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني ([19]) إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالاتباع حسماً لمادة التأويل والتعطيل، فإن كنت ممن أسعده الله بطمأنينة الإيمان، وأثلج صدره برد اليقين فلا تعدل به بديلاً .. " ([20]). فماذا بعد هذا يا عباد الله!
وقد قال أيضاً: " وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من المتشابه نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل " ([21]).
وقال أيضاً وكل بدعة في دين الله لا أًصل لها ــ استحسنها الناس بأهوائهم سواء بالزيادة فيه أو النقص منه ــ ضلالة تجب محاربتها .. " ([22]).
وقال أيضاً: "لكن الاستعانة بالمقبورين أياً كانوا، ونداءهم لذلك وطلب الحاجات منهم عن قرب أو بعد، والنذر لهم، وتشييد القبور، وإضاءتها، والتمسح بها، والحلف بغير الله، وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لهذه الأعمال سداً للذريعة" ([23]).
وهذا اتهام آخر عجيب لا أدري وجهه، يقول فيه صاحبه ناعياً على البنا دعوته للجهاد: "قلنا: أي جهاد الذي دعا إليه البنا إذا كان قد أقرَّ الشرك الأكبر المخرج من الملة" ([24]).
كيف لعاقل أن يصدق أن البنا أقرَّ الشرك الأكبر؟ إن هذا لشيء عجيب!
ثم يتهم البنا بأنه صوفيّ وأنه بهذا قد ثُلم توحيده، وأتى ببعض ما ظنه شواهد على هذا!
هذا ولقد انبرى شيخ فاضل ([25]) للدفاع عن البنا فقال لهذا المتهم: "فأنا أنصحك أيها الشيخ أن تصون لسانك وقلمك عن الوقيعة في هذا الداعية الذي نفع الله به".
فما كان منه إلا أن شن عليه غارة عظيمة، وعدّه صاداً عن سبيل الله بهذه النصيحة، وعدّه خاذلاً للحق، متظاهراً مع أهل الباطل، ثم اتهمه بأنه بدفاعه عن البنا قد خدش توحيده! وقدح فيه، وأمره بالتوبة، ثم أفحش القول في البنا باتهامه أنه فعل الشرك الأكبر وأقر فاعليه عليه ([26]).
وكل تلك الغارة الهائلة بسبب أمور في التصوف ابتدأ بها البنا حياته، مثل الكثرة الكاثرة من صالحي العالم الإسلامي الذين يحيط بهم التصوف من كل جوانبهم ([27])، لكن هذا المتهم لم ينظر في أقوال البنا في الصوفية حيث قال بعد كلام عن الصوفية الأولى مادحاً لها ــ كما مدحها شيخا الإسلام من قبل: ابن تيمية وابن القيم ــ: "لكن فكرة الدعوة الصوفية لم تقف عند حدود علم السلوك والتربية، ولو وقفت عند هذا الحد لكان خيراً لها وللناس، ولكنها جاوزت ذلك بعد العصور الأولى إلى تحليل الأذواق والمواجد، ومزج ذلك بعلوم الفلسفة والمنطق ومواريث الأمم الماضية وأفكارها، فخلطت بذلك الدين بما ليس منه، وفتحت الثغرات الواسعة لكل زنديق أو ملحد أو فاسد الرأي والعقيدة ليدخل من هذا الباب باسم التصوف والدعوة إلى الزهد والتقشف .. وأصبح كل ما يكتب أو يقال في هذه الناحية يجب أن يكون محل نظر دقيق من الناظرين في دين الله والحريصين على صفائه ونقائه .. ".
فهل بعد هذا الإيضاح والبيان مزيد؟
وفي النهاية أقرر أن البنا ليس بمعصوم، وأنه قد أخطأ في أقوال وأفعال لكن ذلك الخطأ لا يخرجه عن كونه قدوة يُقتدى بها، وعلماً من أعلام الإسلام في العصر الحديث، والله تعالى أعلم ([28]).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأظن ــ والله تعالى أعلم ــ أنه لو جُمعت جهود الإخوان والسلفيين وصُبَّت في بوتقة واحدة لتغير وجه التاريخ في العصر الحديث، ولما استطاع أعداؤنا أن يتجرأوا علينا كما هو حاصل اليوم، لكن كان الذي خاف الصالحون أن يكون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
القسم الثاني: الفرقة بين أهل السنة ومن سواهم:
ومن أمثلة ذلك الخلاف:
(1) الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة:
وللمعتزلة أصول عقدية لا يسعنى إيرادها في هذا البحث الموجز، لكني سأذكر قضية خلق القرآن التي أثارها المعتزلة بمساعدة الخليفة العباسي المأمون، وثارت على إثرها فتن طويلة استمرت زمان المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل الذي أمر برفع هذه الفتنة عن الناس، وقتل بسببها الشهيد العالم أحمد بن نصر الخزاعي مظلوماً، ومات علماء في السجون وهم مقيدون ([29])، وامتحن الإمام أحمد على جلالته وضُرب وسُجن وأُلقي في القيود، وتشدد المعتزلة في هذه القضية حيث إنهم في زمان الواثق بالله العباسي تنمروا للناس، وامتحنوا الأئمة والمؤذنين، وامتحنوا العوام، ومن العجائب أن الواثق بالله العباسي افتدى أربعة آلاف وستمائة أسير مسلم من الروم فقال وزيره المعتزلي المشهور أحمد بن أبي دُؤاد: من لم يقل القرآن مخلوق فلا تَفكّوه ([30])!
ومن أمثلة ما حصل بينهما أيضاً:
لما وصل شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري الحنبلي إلى بَلْخ ــ وهي في أفغانستان اليوم ــ وصل محمولاً على أعناق الرجال، فلما أراد أن يدخل إلى بلخ خرج أهلها إليه، وهمُّوا برجمه، لولا أن الله قيض له من دافع عنه وردَّ عنه كيدهم، وإنما هموا به لأنهم كانوا معتزلة شديدي الاعتزال، وكان شيخ الإسلام مشهوراً في الأفاق بالحنبلة والشدة في السنة ([31]).
(2) الخلاف بين أهل السنة والشيعة:
وهذا أيضاً أدى إلى نتائج صعبة وخيمة وحروب كثيرة، فمن ذلك:
(أ) ما وقع في بغداد مراراً بين الفريقين، فمن ذلك ما نقله ابن الأثير في كامله في حوادث سنة 443، حيث ذكر أن الفتنة وقعت بين السنة والشيعة، وعظمت أضعاف ما كانت قديماً، وسببها أن أهل الكرخ ــ محلة ببغداد فيها الشيعة ــ عملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب: محمد وعلي خير البشر، وأنكر أهل السنة هذا، ثم حصلت أمور أدت إلى قتال ونهب بسبب مقتل هاشمي من أهل السنة، فقصد الناس المشهد ونهبوا ما فيه، وأضرموا حريقاً أتى على كثير من قبور الأئمة، فقصد الشيعة إلى خان الفقهاء الحنفيين فنهبوه، وقتلوا مدرس الحنفية أبا سعد السرخسيّ، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء ([32]).
(ب) ومما لا ينبغي أن ينسى ما اقترفه الوزير الرافضي ابن العلقمي في بغداد سنة 658، حين سَوّل لهولاكو اقتحام بغداد وكاتبه وأطمعه في العراق، وهذا بسبب نقمته على أهل السنة حين وقعت الفتنة المهولة ببغداد بين السنة والرافضة، فقُتل بسبب صنيعه هذا من الناس ببغداد فوق المليون شخص ([33])! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(ج) ولا ينسى ما فعلته الدولة الصفوية الشيعية في إيران من طعن الدولة العثمانية من الخلف في أشد الأوقات وأصعبها؛ حال اشتغال الدولة العثمانية بفتوح أوروبا، وذكر الحروب التي جرت بينهما أمر صعب مؤلم لا يحتمله هذا البحث، ولا تطيقه النفوس المتطلعة إلى الوئام والاجتماع ([34]).
(د) الفتن بين السنة والزيدية:
وهي فتن كثيرة متعددة كانت تجري في اليمن، لكني سأجتزئ منها واحدة فقط ذكرها الإمام الشوكاني ــ رحمه الله تعالى ــ متحدثاً عنها، وقد ذكر فتناً كثيرة كانت تجري في صنعاء بسبب التعصب الشيعي، وقد بيَّن الشوكاني ذلك أثناء ترجمته لأحد علماء الفرائض والرياضيات في صنعاء:
السيد يحيى بن محمد الحوثي ثم الصنعاني، ولد تقريباً سنة 1160، ونشأ بصنعاء فاشتغل بعلم الفرائض والحساب والضرب والمساحة، ففاق في ذلك أهل عصره وتفرد به ولم يشاركه فيه أحد، وصار الناس عيالاً عليه في ذلك ولم يكن له بغير هذا العلم إلمام، مع أنه قد توجه إلى الطلب، ولكن كان كل حظه في هذا العلم، وهو رجل خاشع متواضع كثير الأذكار سليم الصدر إلى غاية يعتريه في بعض الأحوال حدة مفرطة، وقد كان حصل معه جنون في أيام شبابه ثم عافاه الله من ذلك، وما زال مواظباً على الخير لكنه قليل ذات اليد بما يضيق صدره لذلك مع كثرة عائلته ويسر الله له ما يقوم به بعد مزيد امتحان، وهو شيخي أخذت
(يُتْبَعُ)
(/)
عنه علم الفرائض والوصايا والضرب والمساحة.
وفي شهر رمضان سنة 1216 ثارت بسببه فتنة عظيمة بصنعاء وذلك أن بعض أهل الدولة ممن يتظهر بالتشيع مع الجهل المفرط والرفض باطناً أقعد صاحب الترجمة على الكرسي الذي يقعد عليه أكابر العلماء المتصدرون للوعظ، وأمره أن يملي على العامة كتاب "تفريج الكروب" للسيد إسحاق بن يوسف المتوكل، وهو في مناقب علي كرم الله وجهه، ولكن لم يتوقف صاحب الترجمة على ما فيه بل جاوز ذلك إلى سبِّ بعض السلف مطابقة لغرض من حمله على ذلك لقصد الإغاظة لبعض أهل الدولة المنتسبين إلى بني أمية، كل ذلك لما بين الرجلين من المنافسة على الدنيا والمهافتة على القرب من الدولة وعلى جمع الحطام، فكان صاحب الترجمة يصرخ باللعن على الكرسي فيصرخ معه من يحضر لديه من العامة وهم جمع جم، وسبب حضورهم هو النظر إلى ما كان يسرج من الشمع وإلى الكرسي لبعد عهدهم به وليسوا ممن يرغب في العلم، فكان يرتج الجامع ويرتفع الصراخ ومع هذا فصاحب الترجمة لا يفهم ما في الكتاب لفظاً ولا معنى بل يصحِّف تصحيفاً كثيراً ويلحن لحناً فاحشاً، ويعبِّر بالعبارات التي يعتادها العامة ويتحاورون بها في الأسواق، وقد كان في سائر الأيام يجتمع معهم ويملي عليهم في مسجد الإمام صلاح الدين فأراد أن يكون ذلك في جامع صنعاء الذي هو مجمع الناس ومحل العلماء والتعليم لقصد نشر اللعن والثلب والتظاهر به، فلما بلغ ذلك مولانا خليفة العصر حفظه الله جعل إشارة منه إلى عامل الأوقاف، السيد إسماعيل بن الحسن الشامي أن يأمر صاحب الترجمة أن يرجع إلى مسجد صلاح الدين، فأمر السيد المذكور الفقيه أحمد بن محسن حاتم رئيس المأذنة أن يبلغ ذلك إلى صاحب الترجمة فأبلغه.
فحضر العامة تلك الليلة على العادة ومعهم جماعة من الفقهاء الذين وقع الظلم بهذا الاسم بإطلاقه عليهم فإنهم أجهل من العامة، فلما لم يحضر صاحب الترجمة في الوقت المعتاد لذلك وهو قبل صلاة العشاء ثاروا في الجامع ورفعوا أصواتهم باللعن ومنعوا من إقامة صلاة العشاء، ثم انضم إليهم من في نفسه دَغَلٌ للدولة أو متستر بالرفض، ثم اقتدى بهم سائر العامة فخرجوا من الجامع يصرخون في الشوارع بلعن الأموات والأحياء وقد صاروا ألوفاً مؤلفة، ثم قصدوا بيت الفقيه أحمد حاتم فرجموه، ثم بيت السيد إسماعيل بن الحسن الشامي فرجموه، وأفرطوا في ذلك حتى كسروا كثيراً من الطاقات ونحوها، وقصدوه إلى مدرسة الإمام شرف الدين يريدون قتله فنجاه الله وهرب من حيث لا يشعرون، وقد كانوا أيضاً قصدوا قتل الفقيه أحمد حاتم فهرب من الجامع إلى بيتي، ونحن إذ ذاك نملي في شرحي للمنتقى مع حضور جماعة من العلماء، ثم بعد ذلك عزم هؤلاء العامة وقد تكاثف عددهم إلى بيت السيد علي بن إبراهيم الأمين ورجموه وأفزعوا في هذه البيوت أطفالاً ونساءً وهتكوا حرماً، وكان السبب في رجمهم بيت السيد المذكور أنه كان في تلك الأيام يتصدر للوعظ في الجامع ولم يكن رافضياً لعاناً، ثم عزموا جميعاً وهم يصرخون إلى بيت الوزير الحسن بن عثمان العلفي وإلى بيت الوزير الحسن بن علي حنش، والبيتان متجاوران فرجموهما، وسبب رجم بيت الأول كونه أموي النسب ورجم بيت الآخر كونه متظهراً بالسنة متبرياً من الرفض، فأما بيت الفقيه حسن حنش فصعد جماعة من قرابته على سطحه ورجموهم حتى تفرقوا عنه وأصابوا جماعة منهم، أما بيت الفقيه حسن عثمان فرجموه رجماً شديداً واستمروا على ذلك نحو أربع ساعات حتى كادوا يهدمونه وشرعوا في فتح أبوابه ووقع الرمي لهم بالبنادق فلم ينكفوا لكونه لم يظهر لذلك فيهم أثر إذ المقصود بالرمي ليس إلا مجرد الإفزاع لهم، ثم بعد ذلك غار بعض أولاد الخليفة حفظه الله وبعض أصحابه فكفوهم فانكفوا وقد فعلوا ما لا يفعله مؤمن ولا كافر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي اليوم الآخر أرسل الخليفة حفظه الله للوزير والأمراء وقد حصل الخوف العظيم من ثورة العامة وطال الترادد والمشاورة بينهم ومن بعد ذلك أرسل لي حفظه الله فوصلت إليه حفظه الله فاستشارني فأشرت عليه أن الصواب المبادرة بحبس جماعة من المتصدرين في الجامع للتشويش على العوام وإيهامهم أن الناس فيهم من هو منحرف عن العترة وأن التظاهر بما يتظاهرون به من اللعن ليس المقصود به إلا إغاظة المنحرفين ونحو هذا من الخيالات التي لا حامل لهم عليها إلا طلب المعاش والرياسة والتحبب إلى العامة، وكان من أشدهم في ذلك السيد إسماعيل بن عز الدين النعمي، فإنه كان رافضياً جلداً مع كونه جاهلاً مركباً وفيه حدة تفضي به إلى نوع من الجنون، وصار يجمع مؤلفات من كتب الرافضة ويمليها في الجامع على من هو أجهل منه ويسعى في تفريق المسلمين ويوهمهم أن أكابر العلماء وأعيانهم ناصبة يبغضون علياً كرم الله وجهه، بل جمع كتاباً يذكر فيه أعيان العلماء وينفر الناس عنهم، تارة يسميهم سنية وتارة يسميهم ناصبة، ومع هذا فهو لا يدري بنحو ولا صرف ولا أصول ولا فروع ولا تفسير ولا حديث بل هو كصاحب الترجمة في التعطل عن المعارف العلمية لكن صاحب الترجمة يعرف فناً من فنون العلم كما قدمنا وأما هذا فلا يعرف شيئاً إلا مجرد المطالعة لمؤلفات الرافضة الإمامية ونحوهم الذين هم أجهل منه، ويشبه الرجلين رجل آخر هو أحد عبيد مولانا الإمام حفظه الله اسمه ضرغام رأس ماله الاطلاع على بعض كتب الرافضة المشتملة على السب للخلفاء وغيرهم من أكابر الصحابة فصار هذا يقعد في الجامع ويملي سب الصحابة على من هو أجهل منه، هذه الأمور هي سبب ما قدمنا ذكره.
فلما أشرت على مولانا الإمام حفظه الله بحبس هؤلاء وجماعة ممن يماثلهم حصل الاختلاف الطويل العريض في مقامه الشريف بين من حضر من أولاده ووزرائه، ومنشأ الخلاف أن من كان منهم مائلاً إلى الرفض وأهله فهو لا يريد هذا، ومن كان على خلاف ذلك فهو يعلم أنه الصواب وأنها لا تندفع الفتنة إلا بذلك فصمم مولانا حفظه الله على حبس من ذكر، ثم أشرت عليه حفظه الله أن يتتبع من وقع منه الرجم ومن فعل تلك الأفاعيل فوقع البحث الكلي منه ومن خواصه فمن تبيَّن أنه منهم أودع الحبس والقيد وما زال البحث بقية شهر رمضان حتى حصل في الحبس جماعة كثيرة، فلما كان رابع شوال طلب الإمام حفظه الله الفقهاء المباشرين للرجم فبطحوا تحت طاقته وضربوا ضرباً مبرحاً ثم عادوا إلى الحبس، ثم طلب في اليوم الثاني سائر العامة من أهل صنعاء وغيرهم المباشرين للرجم ففعل بهم كما فعل بالأولين وضربت المدافع على ظهور جماعة منهم، ثم بعد أيام جعلوا في سلاسل حديد وأرسل بجماعة منهم إلى حبس زيلع وجماعة إلى حبس كرمان، وفيهم ممن لم يباشر الرجم السيد إسماعيل بن عز الدين النعمي المتقدم وسبب ذلك أنه جاوز الحد في التشديد في الغرض كما قدمنا، وأما صاحب الترجمة ومن شابهه في هذا المسلك فإنه حبس نحو شهرين ثم أطلق هو ومن معه، وبالجملة فهذه فتنة وقى الله شرها بالحزم الواقع بعد أن وجلت القلوب وخاف الناس واشتد الخطب وعظم الكرب وشرحها طويل، وبعد هذه الواقعة بنحو سنة عوَّل صاحب الترجمة في أن يكون أحد أعوان الشرع ومن جملة من يحضر لدي فأذنت له وصار يعتاش بما حصل له من أجرة تحرير الورق وذلك خير له مما كان فيه إن شاء الله ([35]).
المبحث الثالث
المآسي المترتبة على الفرقة في العصر الحديث من القسمين السابقين
وفي هذا العصر تأجج الخلاف وعظُم بين أفراد الأمة، هذا الخلاف الذي له جذور تاريخية، ومؤثرات عصرية، من أهمها قوة وسائل الإعلام التي ربطت بين أرجاء العالم الإسلامي فأصبحت الفتاوى المختلفة، والتقريرات المؤثرة من المحيط إلى المحيط تنتقل في اليوم نفسه، أحياناً، إلى المسلمين مسببة لهم كثيراً من البلبلة وعدم الاتفاق نظراً لاختلاف المدارس الفقهية والعقدية التي كانت محصورة، فيما مضى، في مجتمعات محدَّدة ومعروفة، وإن كُتِب لها الانتشار فإنه في حدود ضيقة، وفي أوساط علمية محددة، وليس بين عوام المسلمين كما يحصل اليوم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويؤجج هذا الخلاف أيضاً، بروز كثير من الناشئة الذين ليس عندهم العلم الكافي ولا الخبرة للتصدي لأمر عظيم ألا وهو التوجيه الإسلامي للمجتمع في كل مناحيه وليس في الفتاوى فحسب، فكان مما صنعه هؤلاء الناشئة أن ساهموا، بقوة، في تعميق الخلاف بين المسلمين بل إثارة جذور الخلاف الماضي الذي ظُن أنه قد فرغ من البحث فيه.
كل ذلك أدى إلى أن يفزع العلماء والمفكرون إلى كتابة عشرات الأبحاث التي عالجت، على الورق، كثيراً من الجوانب المهمة، ولا زالت تلك الأبحاث بحاجة إلى التطبيق العلمي الذي، بدون تشاؤم، يتعثر كثيراً نتيجة لعوامل كثيرة لا سبيل لذكرها في هذا البحث الموجز.
وإليك، أخي القارئ، بعض الوقائع المؤلمة التي تشي بما عليه مجتمعنا من سوء تطبيق، في أحيان كثيرة، لهذا الأدب الرفيع، أدب الخلاف، وغرضي من ذكر هذه الوقائع أن نعتبر بها فنعف عن أمثالها ونزجر من يجرؤ على ارتكابها:
(1) إمام في مسجد يتقدم ليؤمَّ الناس فيأتي شخص من خلفه ليعيقه عن التقدم بطريقة فظة، غليظة، ويأخذ مكانه إماماً للناس بحجة أنه أولى منه بالإمامة، علماً بأنه لا يحفظ القرآن، وذلك الإمام المنحَّى هو الحافظ المجيد، وقد تم ذلك نظراً للخلاف بينه وبين الإمام في بعض الجوانب التي ظن أنه لا يسوغ غفرانها والمسامحة فيها، أما حال المصلين وما سيحدثه ذلك التصرف فيهم وفيمن سمع الحادثة فذلك آخر اهتمامات ذلك الرجل المريض.
(2) رجل يشي باجتماع بريء لأحد التجمعات الإسلامية التي اختلف معها اختلافاً لا يؤديه إلى فعل ذلك شرعاً وعقلاً، ولكن أدب الخلاف اضمحل عنده ووصل إلى درك سحيق جعله يرتكب تلك الفعلة الدنيئة عرفاً، الآثمة شرعاً.
(3) رجل تتلمذ على شيخ، درس القرآن وبعض العلوم على يديه، فهو إذاً شيخه وأستاذه، فكان أن اختلف معه في مسألة، قد فرغ من أنه يسوغ فيها الخلاف، فما كان منه إلا أن نفض يديه من أستاذه وشيخه وأصبح همه الوحيد هو التشهير به عند الخاصة والعامة، بل سعى بكل جهده أن يخرج أستاذه من مسجده الذي هو إمامه فتكللت مساعيه، غير الحميدة، بالنجاح.
(4) اتفق مجموعة من صالحي الدعاة مع مدير مدرسة أن يتخذوا من مدرسته مركزاً صيفياً لاستيعاب الطلاب وحفظهم من الزيغ والملل، فما كان من فئة مريضة إلا أن حذرت المدير من إخوانهم الذين اختلفوا معهم في بعض الجوانب التي يسوغ فيها الخلاف، وخوَّفته عاقبة ضلال إخوانهم، وتأثيرهم السيئ على الطلاب في زعمهم وهو محض افتراء، فتوجس المدير خوفاً، ومعه كل الحق في الخوف على الطلاب الذين هم أمانة في عنقه يُسأل عنها يوم القيامة، وقام بسحب موافقته السابقة، وأوكل إدارة المركز لمن وشوا بإخوانهم ظلماً وبهتاناً، فهل رأيتم كيف يصل الأمر بمن فرَّط في مراعاة أدب الخلاف؟
(5) سئل رجل عن رأيه في الإمام الفلاني، فأبدى ما يفهم منه أنه مبتدع، وعندما سئل عن السبب قال: إنه قد (شمَّ) من حديثه البدعة! وكان هذا هو السبب لهذه الوصمة لا غير، وهذا الرجل المسؤول مقدَّم عند بعضهم مسموع الكلمة فيهم.
فبربكم هل سمعتم عن جرح مبني على مثل هذا الهراء؟
(6) دافع عالم فاضل عن فئة أخطأت بعض معالم المنهج الصحيح، ولكنها لا زالت في دائرة السنة والجماعة، وكان دفاعه ذلك بسبب أن واحداً من المشايخ أفرط في ذمهم إلى الغاية، فظن المفرط أن هذا العالم منهم فأكد له أنه على خلاف ذلك، وأنه لا يسلك مسلكهم، فلم يعتمد إلا ما ظنه وارتآه، فسلك في الوشاية بهذا الفاضل مسالك أدت إلى إبعاده عن مواقع قيادية في حياته العلمية.
(7) رجل تقدم لامتحان إلى لجنة من اللجان، فسئل: أين حفظت القرآن؟ ومن هم رفقتك؟ فلما أجاب ظن به أنه مبتدع لسوء ظن اللجنة بذلك المسجد وأهله، فحُرم من الغرض الذي أداه إلى المثول أمام تلك اللجنة الظالمة له بظنها الخاطئ فيه أنه من أهل البدع!
(8) وآخر تقدم لجامعة من الجامعات، فلما علم بعض إداريَّيها أنه مزكَّى من طرف فلان ظُنّ به أنه مبتدع، وحُرِم من القبول لأول الأمر، ولم يسمح له بالانتظام في سلك تلك الجامعة إلا بعد لأي شديد.
(يُتْبَعُ)
(/)
(9) عالم يحاضر في جمع، ثم بعد الفراغ من محاضرته يتوجه ذلك الجمع إلى المسجد لأداء الصلاة، وبعد الفراغ يفاجأ الجمع بمن يقوم مندداً بهذا العالم مبيناً مساوئه، في زعمه، فيتأثر ذلك العالم ويبكي، فيقوم عالم آخر ليدافع، فيكاد ذلك الاشتباك يفسد الجو العلمي الإيماني الذي عاشه ذلك الجمع المدهوش بما حدث لشيخه.
(10) شاب في مقتبل العمر يحضر محاضرة لشيخ معروف، فيسأل ذلك الشيخ بعد نهاية المحاضرة سؤالاً في القضاء والقدر، فيجيب الشيخ بما قرره أهل السنة والجماعة في هذا، فما كان من ذلك الشاب إلا أن قام في وسط الجمع ليعلن أنه لم يفهم جواب الشيخ، فأعاد الشيخ تقريره للمسألة، ففوجئ الحاضرون بالشاب يقرر أنه لم يفهم المسألة لأن الشيخ لم يقرر مذهب أهل السنة والجماعة فيها، ولم يشرحها بطريقة الشيخ الفلاني.
والشاب على الحقيقة، لم يفهم المسألة، وإنما أساء الأدب في الخطاب، والمسألة أكبر منه.
(11) رجل التزم منذ مدة وجيزة، فيأتي به الثناء الكاذب والتعالم إلى موقع يحاسب فيه أئمة وخطباء ويقوِّمهم، وبعضهم قد التزم الإسلام قبله بثلاثين سنة، فيكتب فيهم تقاريره بأنهم مبتدعة أو ضُلال أو جهلة، وهو، المسكين، لا يدري بأنه جاهل قد استدرج إلى هذه الهوة السحيقة، فنكب به عدد من الأئمة أولي الفضل، ممن أجَّلوا محاسبته حتى يمثلوا معه أمام ملك الملوك سبحانه.
(12) رجل من المتعالمين قد حقق بعض المخطوطات وصنف بعض التصانيف، اعتاد فيها أن يتناول علماء الأمة الذين مضوا باللمز والإساءة، فيصف هذا بأن عقيدته فاسدة جداً، وآخر بأنه جهمي جلد، وآخر بأنه بدت منه الزندقة، أو تجده يدعو على العلماء، أو يمتنع من الترحم عليهم بدعوى أنهم أهل بدع، أو يقلل من شأنهم، والخطير في هذا الأمر أن علماء الأمة وعقلاءها لم يحرِّكوا ساكناً للحد من سفاهة هذا الرجل وقلة أدبه والتقليل من خطره على النشء، إذ هو، كما يُذكر، قدوة لبعض جهلائهم وأغرارهم.
كانت تلك بعض الصور التي لا يستطيع القلب أن يسترسل في بيانها وجلب المزيد منها، ولولا الحاجة إلى التنبيه عليها بذكرها ما أتيت بها، لكني أزعم أن هذا الخلاف المتأجج الموجود في الساحة اليوم أدى إلى نتيجة سيئة وهي تأخير الصحوة عن بلوغ آمالها وأغراضها وزرع في الأمة بذور الفراق المذموم، والإحن التي تشتعل بها القلوب والصدور، والله المستعان.
المبحث الرابع
المآسي المترتبة على الفرقة السياسية
وهو بسبب ما كان من استئثار بعض الحكام بجهته أو مدينته، ورضاه بها عن الاجتماع الإسلامي، والأدهى من ذلك والأمرّ أن صار بعض الحكام يكيد للآخر، ويرضى أن يخدش دينه بمعاونة الكافرين على أخيه المسلم، وهذا من المصائب والدواهي التي ابتليت بها الأمة الإسلامية منذ تسعة قرون إلى الآن، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تكاد تنتهي، لكن أجتزئ منها قديماً ما حصل في الأندلس، وهو الذي بأيدينا فقدناه، وبمعاصينا نكبناه، والحديث فيما حصل فيه من فرقة بين حكامه يطول لكن قد يسأل سائل:
ألم يكن هناك دعاة لدين الله تعالى يحذرون الحكام المسلمين من الخلاف وينبهونهم إلى ما سيحل من العقاب؟ وهذا سؤال في محله، والجواب: بلى كان هناك دعاة إلى الاجتماع والاتحاد ولكن الحكام لم يكونوا متعاطفين مع تلك الدعوة؛ لأن معناها التنازل عما هم فيه من الترف والنعيم والتسليم لخليفة واحد لا يرضونه ولا يريدون حكمه .. هذا مع ما جُبلت عليه نفوسهم من حب المعاصي والخيانة وتذبذب الولاء والبراء.
وفي تاريخنا الإسلامي مثل مضيء لداعية من الدعاة لم يعجبه موقف الحكام الأندلسيين من سكوتهم على الخطر المنذر بالنهاية فـ "رفع صوته بالاحتساب، ومشى بين ملوك أهل الجزيرة لصلة ما انبتّ ([36]) من تلك الأسباب، فقام مقام مؤمن آل فرعون لو صادف أسماعاً واعية، بل نفخ في عظام ناخرة، وعطف على أطلال داثرة، بيد أنه ([37]) كلما وفد على ملك منهم في ظاهر أمره لقيه بالترحيب، وأجزل حظه في التأنيس والتقريب، وهو في الباطن يستجهل نزعته، ويستثقل طلعته، وما كان أفطن الفقيه رحمه الله بأمورهم، وأعلمه بتدبيرهم، لكنه كان يرجو حالاً تثوب ([38]) ومذنباً يتوب" ([39]).
(يُتْبَعُ)
(/)
كان هذا الفقيه هو أبا الوليد الباجي رحمه الله تعالى، ولكنه كما قال المقري: " لم يفد شيئاً، فالله تعالى يجازيه عن نيته" ([40])، واستمر رحمه الله تعالى في دعوته تلك ثلاث عشرة سنة حتى "توفي بالمرية سنة 474، وكان جاء إلى المرية سفيراً بين رؤساء الأندلس يؤلفهم على نصرة الإسلام ويروم جمع كلمتهم مع جنود ملك المغرب المرابطين على ذلك فتوفي قبل تمام غرضه رحمه الله" ([41]).
ولم يكن في الساحة وحده رحمه الله تعالى بل كان معه نجوم هو شمسهم منهم أبو حيان، وأبو الحزم جَهْور بن محمد بن جهور، وابن حزم، والإلبيري، والعسال الطليطلي، وابن عبد البر، كل هؤلاء شاركوا في جهود الإنقاذ والدعوة إلى الاتحاد والحذر من الخطر القائم، شاركوا بشعرهم وكتابتهم ودروسهم ([42]).
لكن كل ذلك لم يُفد، واجتاحت النصارى بلاد الأندلس بلداً بلداً، والأمثلة على المآسي المترتبة على ما حصل من فرقة أكثر من أن تحصر لكن ليسمح لي القارئ بإيراد بعض الأمثلة التي تؤذي القلوب وتُهْمي العيون لكن لا بد حتى تُعرف المأساة المترتبة على الافتراق من ضياع الأوطان بل الدين والعياذ بالله:
(1) بعد أخذ النصارى ــ لعنهم الله ــ طليطلة، شرعوا في تغيير الجامع إلى كنيسة بعد شهرين مع أن نصوص تسليم المدينة قد نُص فيها على "أن يحتفظ المسلمون إلى الأبد بمسجدهم الجامع"، ولما ذهب النصارى إلى الجامع لم يجدوا فيه إلا "الشيخ الأستاذ المغامي آخر من صدر عنه، واعتمده في ذلك اليوم ليتزود منه .. وبين يديه أحد تلامذته يقرأ، فكلما قالوا له: عجل، أشار هو إلى تلميذه بأن أكمل، ثم قام ما طاش ولا تهيب، فسجد فيه واقترب، وبكى عليه ملياً وانتحب، والنصارى يعظمون شأنه ويهابون مكانه، لم تمتد إليه يد، ولا عرض له بمكروه أحد" ([43]).
(2) وبعد سقوط بَرْبَشْتْرُ قدر عدد الأسرى والقتلى ما بين خمسين إلى مائة ألف شخص، "وحصل للعدو من الأموال والأمتعة ما لا يحصى، حتى إن الذي خص بعض مقدمي العدو، هو قائد خيل رومة، نحو ألف وخمسمائة جارية أبكاراً، ومن أوقار ([44]) الأمتعة والحلي والكسوة خمسمائة جمل، واقتسم الفرنجة الناس وأخذ كل واحد منهم داراً بمن فيها من أهلها، وكان الفرنج ــ لعنهم الله تعالى ــ يفتضون البكر بحضرة أبيها، والثيب بعين زوجها وأهلها، وجرى من هذه الأحوال ما لم يشهد المسلمون مثله قط فيما مضى من الزمان، ومن لم يرض منهم أن يفعل ذلك في خادم أو ذات مهنة أعطاهن خدمه وغلمانه يعيثون فيهن عَيْثة، وبلغ الكفرة منهم يومئذ ما لا تلحقه الصفة على الحقيقة، ولما عزم ملك الروم على القفول إلى بلده تخير من بنات المسلمين الجواري الأبكار والثيبات ذوات الجمال ومن صبيانهم الحسان ألوفاً عدة حملهم معه ليهديهم إلى من هم فوقهم" ([45]).
وأورد ابن حيان ــ رحمه الله تعالى ــ قصة تبكي القارئ وتذهل العاقل، وحاصلها أن تاجراً من تجار اليهود جاء بربشتر ليفتدي بعض بنات ذوي الوجوه المسلمين ممن نجين من الحادثة، وكن تلك البنات قد وقعن في سهم رجل من النصارى يعرفه، فقال:
"فهديت إلى منزله فيها، واستأذنت عليه فوجدته جالساً مكان رب الدار، مستوياً على فراشه، رافلاً في نفيس ثيابه، والمجلس والسرير كما خلفهما ربهما يوم محنته لم يغير شيئاً من رياشهما وزينتهما، ووصائفه مضمومات الشعور، قائمات على رأسه، ساعيات في خدمته، فرحب بي وسألني عن قصدي .. فأشرت إلى وفور ما أبذله في بعض اللواتي على رأسه وفيهن كانت حاجتي، فتبسم وقال بلسانه: ما أسرع ما طمعت فيما عرضناه لك، أعرض عمن هنا وتعرَّض لمن شئت ممن صيرته لحصني من سبيي وأسراي أُقارِبْك فيمن شئت منهم.
فقلت له: أما الدخول إلى الحصن فلا رأي لي فيه، وبقربك أنست، وفي كنفك اطمأننت، فسُمْني ببعض من هنا فإني أصير إلى رغبتك.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقال: وما عندك؟ قلت: العين الكثير الطيب، والبَزّ الرفيع الغريب، فقال، كأنك تشهيني ما ليس عندي، يا مَجّة، ينادي بعض أولئك الوصائف، يريد "يا بهجة" فغيَّره بعجمته، قومي فاعرضي عليه ما في ذلك الصندوق، فقامت إليه وأقبلت بِبَدَر ([46]) الدنانير وأكياس الدراهم وأسفاط الحلي، فكُشف وجعل بين يدي العلج ([47]) حتى كادت تواري شخصه، ثم قال لها: أدني إلينا من تلك التخوت، فأدنت منه عدة من قطع الوشي والخز والديباج الفاخر مما حار له ناظري وبهت، واسترذلت ما عندي.
ثم قال لي: لقد كثر هذا عندي حتى ما ألذ به، ثم حلف بإلهه أنه لو لم يكن عنده شيء من هذا ثم بذل له بأجمعه في ثمن تلك ما سخت بها يداه، فهي ابنة صاحب المنزل، وله حسب في قومه، اصطفيتها لمزيد جمالها لولادتي حسبما كان قومها يصنعون بنسائنا نحن أيام دولتهم، وقد رُدّ لنا الكرة عليهم فصرنا فيما تراه، وأزيدك بأن تلك الخودة الناعمة ([48]) ــ وأشار إلى جارية أخرى قائمة إلى ناحية أخرى ــ مغنية والدها التي كانت تشدو له على نشواته إلى أن أيقظناه من نوماته، يافلانة، يناديها بلكنته، خذي عودك فغني زائرنا بشجوك.
قال: فأخذت العود، وقعدت تسويه وإني لأتأمل دمعها يقطر على خدها، فتسارق العلج مسحه واندفعت تغني بشعر ما فهمته أنا فضلاً عن العلج، فصار من الغريب أن أظهر الطرب منه، فلما يئست مما عنده قمت منطلقاً عنه، وارتدت لتجارتي سواه، واطلعت لكثرة ما لدى القوم من السبي والمغنم على ما طال عجبي به" ([49]).
وكفى بهذه القصة دليلاً على ما أصاب المسلمين من الذل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يا غافلاً وله في الدهر موعظة
إن كنت في سِنة فالدهر يقظان
وماشياً مرحاً يلهيه موطنه
أبعد حمص ([50]) تغر المرء أوطان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها
ومالها مع طول الدهر نسيان
ياراكبين عتاق الخيل ضامرة
كأنها في مجال السبق عقْبان ([51])
وحاملين سيوف الهند مرهفة
كأنها في ظلام النقع نيران
وراتعين وراء البحر في دَعَة
لهم بأوطانهم عز وسلطان
أعندكم نبأ من أهل أندلس
فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم
وأنتمُ يا عباد الله إخوان
ألا نفوسٌ أبيّات لها همم
أما على الخير أنصار وأعوان
يا من لذلة قوم بعد عزهمُ
أحال حالهمُ كفر وطغيان
بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم
واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم
عليهم من ثياب الذل ألوان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم
لهالك الأمر واستهوتك أحزان
يا رُبَّ أمٍ وطفل حِيل بينهما
كما تفرق أرواح وأبدان
وطَفْلة مثل حسن الشمس إذ طلعت
كأنما هي ياقوت ومرجان ([52])
يقودها العلج للمكروه مكرهة
والعين باكية والقلب حيران
لمثل هذا يذوب القلب من كمدإن كان في القلب إسلام وإيمان ([53])
(3) وبعد سقوط غرناطة يحدثنا التاريخ عن هذا المشهد:
"صعد الكردنال إلى إحدى الأبراج بالقصر (قصر الحمراء) ونصب فوقه صليباً كبيراً من فضة ولواء الملكية المسيحية .. وما إن أبصرت الملكة الصليب منصوباً فوق قصر الحمراء حتى انحنت نحو الأرض واقفة على ركبتيها وهي تصلي وتوجه الشكر إلى ربها، أثار المشهد الحماس في نفوس أعضاء حاشيتها فعكفوا يرتلون الأناشيد الدينية. عند ذلك بدأ فيرديناند وبعض علية القوم وأعيانهم، يزحفون نحو غرناطة، ولما دخلوا تقدم نحوه أبو عبد الله (ملك غرناطة) ممتطياً جواده ولما دنا من فرناندو تهيأ للنزول عن صهوته ليقدم التحية إلى الملك النصراني لكن هذا الأخير أومأ إليه ألا يفعل، شفقة عليه، فقبّل أبو عبد الله ــ مع ذلك ــ ذراع فيرديناند اليمني وقدم إليه مفاتيح القصر" ([54]).
وهذا الذل الذي قبل به أبو عبد الله الصغير كان رجاء أن يوفي النصارى بوعودهم للمسلمين بالحفاظ على شعائر الإسلام وحرية التدين، فماذا حدث بعد هذه الذلة وهذا التنازل للنصارى؟
لا تسأل بعد ذلك عما حدث من الملكين فرديناند وإيزابيلا من نكث الوعود وإحراق كتب المسلمين ([55]) لإزهاق الحضارة الإسلامية، ومن فرض التعميد على الأطفال، ومن منع أداء شعائر الإسلام، ومن منع التسمي بأسماء عربية، ومن منع الختان، ومن منع التحدث بالعربية، إلخ ..
(يُتْبَعُ)
(/)
"ثم بعد ذلك دعاهم (أي ملك غرناطة النصراني) إلى التنصير وأكرههم عليه وذلك في سنة أربع وتسعمائة فدخلوا في دينه كرهاً، وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبقَ من يقول فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله جهراً إلا من يقولها في قلبه أو خفية من الناس، وجعلت النواقيس في صوامعها بعد الأذان، وفي مساجدها الصور والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، فكم فيها من عين باكية وكم فيها من قلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعدومين، ومن قلوبهم تشتعل ودموعهم تسيل سيلاً غزيراً مدراراً، وينظرون أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان ويأكلون الخنزير ويشربون الخمر .. فلا يقدرون على منعهم .. ومن فعل ذلك عوقب أشد العقاب، فيالها من فجيعة ما أمرها، ومصيبة ما أعظمها" ([56]).
الافتراق السياسي في العصر الحديث:
وأما ما حصل من خلاف بين كثير من زعماء الأمة الإسلامية في العصر الحديث فهو أمر مؤسف، ومازال الخلاف مستحكماً بين بعضهم حتى حصل المحذور، وتقاتل بعضهم مع بعض، وأذهبوا شوكتهم، وأضعفوا قوتهم، وداخلهم العدو الكافر، ووطئ بأقدامه الدنسة عدداً من بلدانهم، وما كان ليطمع في هذا لولا الفرقة التي وقعت بين بعض حكامهم، وهذا العدو اليهودي الماكر يهدم البيوت، ويقتل الرجال والنساء والأطفال، وصيحاتهم تتعالى ولا مجيب، وما يحصل في الشيشان وكشمير والعراق من مآسٍ يشيب لهولها الولدان، كل ذلك لأسباب على رأسها الفرقة السياسية والخلاف المستحكم بين كثير من رؤوس الأمة الإسلامية، وقد كان ما خاف الصالحون أن يكون فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومن أنكى وأشد الأمور على النفوس ما حدث في العصر الحديث من افتراق سياسي في أفغانستان بين الأحزاب المختلفة بعد سقوط كابول ودخول المجاهدين، وكانت الدولة الإسلامية قاب قوسين أو أدنى منهم، ولكنهم ضيعوها بسبب ما حدث بينهم من نزاع خطير أدى إلى قيام حرب حقيقية بينهم، والتراشق بآلاف الصواريخ، ومقتل آلاف الناس، كل ذلك بسبب السعي إلى الزعامة والتفرد، والمطامع الدنيوية، وهذا هو الذي أضاع المشروع الإسلامي الذي كان ينتظره مئات الملايين من المسلمين، وضحوا في سبيله بالغالي والنفيس على مدار اثنتي عشرة سنة أو أكثر من عمر الجهاد، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الخاتمة
وفيها النتائج والتوصيات
ها قد حان أوان ختم هذا البحث الموجز، وقد ظهر في هذا البحث جملة من النتائج أوجزها في الآتي:
(1) إن الخلاف الذي يؤدي إلى الافتراق لهو شر محض، ونكاية في هذه الأمة، وإذهاب لقوتها وريحها، وإطماع للأعداء فيها، وقد ظهر هذا جلياً في مبحث الافتراق السياسي.
(2) قد ترتب على هذا الخلاف ومن ثم الافتراق قتلٌ للعلماء والصلحاء، وإهانة للعباد والزهاد، وتشكيك في الدعاة والعاملين، وفي هذا شر مبين، وزرعٌ للإحن والبغضاء مبير.
(3) إن هذا الخلاف أدى إلى ضعف التوجه نحو الفتوحات ونشر الإسلام في العالمين؛ إذ انشغل صفوة الناس بتلك الفرقة المبيرة والمحنة الكبيرة، وانظر إلى هذا النص الثمين في وصف أثر مهم ترتب على خلاف الصحابة فيما بينهم ــ رضي الله عنهم ــ قاله أحد السلف:
"لما قتل عثمان ووقع الاختلاف لم يكن للناس غزوٌ حتى اجتمعوا على معاوية فأغزاهم مرات" ([57]).
فقد تُرك الجهاد والغزو مدة الفتنة، وتلك بلية عظيمة؛ إذ كان الفتح الإسلامي نشطاً ممتداً يصاحبه حماس كبير، حتى إذا وقعت الفتنة هدأ كل ذلك، وفاتنا ما هنالك.
(4) إن الافتراق يترك في نفوس الدعاة والعاملين والشباب المقبلين آثاراً من الإحباط مريرة، وشعوراً بالإخفاق وتلك جريرة وأية جريرة، ذلك أن هؤلاء إذا اطلعوا على ذلك الاختلاف ــ بَلْهَ المشاركة فيه ــ حصل لهم نوع من الامتعاض والشعور بتأخر النصر، وهذه بلية عظيمة؛ إذ على مثل هؤلاء بعد الله تعالى نعوّل، وفيهم نؤمِّل ما نؤمِّل.
(5) الخلاف في العصر الحديث ورث الخلاف الذي كان منتشراً زمان السلف والخلف، لكن لم يعد في هذا العصر خلاف مذاهب فقهية ــ إلاّ قليلاً ــ بل صار خلافاً بين الجماعات الإسلامية المتعددة التي ما قامت كلها إلا لنصرة الإسلام! فهذه مفارقة عجيبة ومناقضة غريبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
(6) الخلاف بين أهل السنة أنفسهم أذهب شوكتهم، ومهَّد لطمع المبتدعة فيهم، ومن ثم طمع الكافرين في ديارهم وأموالهم، وما حصل في أفغانستان مثال واضح لما ذكرته، والله المستعان.
التوصيات
أما التوصيات التي أوصي نفسي وإخواني بها فهي الآتي:
(1) التزام تقوى الله تعالى والخوف من عقابه إذا افترقنا وذهبت ريحنا، وضعفت شوكتنا، وسؤال الله تعالى لنا والحالة هذه غير مستبعد عما فرطنا فيه وسلكنا غير المسلك الأحمد.
(2) أن تربَّى الأجيال على حب الوفاق والوئام، وبغض الافتراق، وأن يوقفوا على مثل هذه النصوص، وأن يعذر بعضهم بعضاً في الخلاف السائغ لئلا يكونوا للأعداء كالطعام السائغ.
(3) إنشاء هيئات دعوية يصدر عنها قرارات تصب في مصلحة الدعوة الإسلامية، فكما للفقه مجامع وهيئات، وللحديث والعقيدة والتاريخ جمعيات، فينبغي أن يكون للدعوة هيئات ومجامع وجمعيات يجتمعون فيها وينسقون فيما بينهم فيما يخدم أغراض الدعوة الإسلامية ومقاصدها، ويصدرون في كل ذلك عن نية صالحة وعمل مبارك.
(4) إعادة كتابة الأحداث المؤرقة والفتن التي حدثت في التاريخ الإسلامي كتابة تربوية تقف على مواطن الزلل وتنتقدها وتقومها، وتظهر العيب ليتجنبه الناس، وتبين زلل الأوائل ليتحاشاه الأواخر، وقد قالت العرب قديماً: السعيد من اتعظ بغيره لا من وُعظ به غيره، وهذا يستلزم إعداد أساتذة يحسنون قراءة التاريخ وفي الوقت نفسه يكونون مسلحين بالعلم الشرعي العاصم عن الزلل أو الميل عن القصد.
(5) نشر أدب الخلاف على رؤوس الناس في المنابر والمجامع ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، والإكثار من ذلك حتى يصير خلقاً مشاعاً معتاداً بين الناس، وربط كل ذلك بالإسلام وتعاليمه ليصير مراعاة أدب الخلاف عبادة وتقرباً إلى الله تعالى.
(6) الأخذ على يد كل مفسد يريد شق صف المسلمين والنيل من دعاتهم وعلمائهم وفضلائهم، وفضحه بين الناس حتى يرتدع عن ضلاله، ويعود إلى رشده، وعدم السماح له بنشر ما تريده نفسه الأمارة بالسوء بين الناس.
(7) جمع الجماعات الإسلامية في جبهة واحدة، ورص صفوفهم وتوجيه جهودهم إلى هدف سام واحد، إذ أن الخلاف المستحكم بينهم اليوم أثر كثيراً على مسيرة الدعوة الإسلامية التي لا أظن أنه يكتب لها النجاح الكامل إلا بالاجتماع والاتفاق، خاصة أن هذا الخلاف قد حل محل الخلاف الذي كان شائعاً بين أسلافنا نصرة للمذاهب الفقهية، وتضخم ليكون أكبر عقبة أمام انتشار الإسلام في الخافقين، والله المستعان.
([1]) نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء: 2/ 579، والسير من تأليف الحافظ الذهبي، رحمه الله تعالى. والنزهة لواضع هذا البحث، نشر دار الأندلس الخضراء، جدة.
([2]) المصدر السابق: 2/ 846.
([3]) نزهة الفضلاء: 2/ 851.
([4]) نزهة الفضلاء: 2/ 1086.
([5]) تحاسد العلماء، لعبد الله بن حسين الوجان: 250ــ251، نقلاً عن معجم البلدان: 1/ 273، طبعة الخانجي والرستاق.
([6]) أي تامّي السلاح.
([7]) المصدر السابق، نقلاً عن معجم البلدان: 4/ 355.
([8]) نزهة الفضلاء: 3/ 1349.
([9]) المصدر السابق.
([10]) المصدر السابق.
([11]) المصدر السابق: 4/ 1495.
([12]) المصدر السابق: 30/ 1442.
([13]) تحاسد العلماء: 273 وما بعدها، نقلاً عن ذيل طبقات الحنابلة: 19 ــ 23.
([14]) تحاسد العلماء:489 - 490.
([15]) نزهة الفضلاء: 4/ 1538.
([16]) المصدر السابق: 3/ 1017.
([17]) المصدر السابق: 3/ 1253.
([18]) رسائل الإمام البنا: 270.
([19]) أي العلم بكيفيتها وليس بمعانيها كما ذهب إليه بعض المغرضين في اتهاماتهم.
([20]) رسائل الإمام البنا: 330.
([21]) المصدر السابق: 269.
([22]) المصدر السابق: 270.
([23]) المصدر السابق.
([24]) المورد العذب الزلال:143.
([25]) هو الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله تعالى.
([26]) المصدر السابق.
([27]) انظر لفهم هذه المسألة بالتفصيل وإعذار من نشأ في العالم الإسلامي محاطاً به التصوف من كل جانب سبيلاً أوحد في كثير من الأحيان خاصة في زمن البنا وقبله. انظر كتاب "العاطفة الإيمانية وأهميتها في الأعمال الإسلامية" لواضع هذه الرسالة ص 76 ــ 95.
(يُتْبَعُ)
(/)
([28]) قد زكى الشيخ عدد من أئمة السلفيين في العصر الحديث مثل الشيخ ابن جبرين كما مر سابقاً، ومثل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي الذي أهدى إليه كتابين له:"تنزيه الدين وحملته مما افتراه القصيمي في أغلاله"، و"القواعد الحسان لتفسير القران" وكتب عليه: إهداء إلى فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا، وغيرهما من الرجال المنصفين.
([29]) منهم الإمام البويطي الذي مات مسجوناً مقيداً سنة 231، انظر "نزهة الفضلاء": 2/ 982.
[30]) "نزهة الفضلاء": 2/ 881.
([31]) تحاسد العلماء: 490 ــ 491.
([32]) تحاسد العلماء: 251 ــ 252، نقلاً عمن نقل عن الكامل: 9/ 251.
([33]) نزهة الفضلاء: 4/ 1724.
([34]) انظر في المسألة السابقة رسالة: الصفويون والدولة العثمانية، للأستاذ علوي عطرجي، نشر دار الأندلس الخضراء بجدة.
([35]) البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، للإمام الشوكاني: 2/ 344 ــ 348.
([36]) انبت: انقطع.
([37]) أي لكنه.
([38]) أي ترجع.
([39]) التاريخ الأندلسي لعبد الرحمن الحجي: 339 نقلاً عن: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، لابن بسام.
([40]) المرجع السابق.
([41]) المرجع السابق: 343، نقلاً عن: ترتيب المدارك، للقاضي عياض.
([42]) انظر المرجع السابق: 344 ــ 347.
([43]) التاريخ الأندلسي: 334، نقلاً عن: الذخيرة في محاسن الجزيرة، وغيرها.
([44]) أحمال.
([45]) نفح الطيب للمقّري: 6/ 239 ــ 240 بتصرف.
([46]) أوعية.
([47]) النصراني الكافر.
([48]) أي الفتاة الشابة الناعمة.
([49]) نفح الطيب: 6/ 240 ــ 242 بتصرف.
([50]) حمص هي: إشبيلية سميت بذلك لشبهها بحمص.
([51]) جمع عقاب وهو طائر معروف.
([52]) الطَفْلة: الفتاة الناعمة البيضاء.
([53]) من فصيدة لأبي البقاء الرندي يرثي فيها الأندلس، وطالعها كاملة في: نفح الطيب: 6/ 279ــ281.
([54]) الأندلسيون وهجراتهم إلى المغرب:55، نقلاً عن: محنة العرب في الأندلس.
([55]) جمع ما يقارب من مليون كتاب مخطوط من المكتبات العامة والمكتبات الخاصة وأحرقت بأمر أحد الكرادلة السفلة في ميدان غرناطة، وكان هذا العدد من الكتب يفوق كافة الكتب الموجودة في مكتبات أوروبا بكاملها، بل لم تكن في أوروبا آنذاك مكتبة واحدة تمكنت من جمع عشرة آلاف مجلد. موقف الدولة العثمانية: 40، نقلاً عن: تاريخ الدولة العثمانية، لمؤلفه يلماز أوزوتا.
([56]) الأندلسيون وهجراتهم إلى المغرب: 56 ــ 57 بتصرف يسير.
([57]) نزهة الفضلاء: 1/ 354.
نفلا عن شبكة المشكاة الاسلامية(/)
سؤال وتأمل
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Oct 2006, 09:25 ص]ـ
هل يمكن ان يعود الضمير في قوله تعالى 0 (فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون) هل يعود الضمير في (بطنه) الى البحر وهل قال بهذا احد من المفسرين
ـ[منصور مهران]ــــــــ[19 Oct 2006, 01:37 م]ـ
(وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم)
المتأمل لسياق الآيات ونسقها بالفاء التي تفيد ترتيبا وتعقيبا يدرك هذه الأحوال التي مرَّ بها يونس عليه السلام: حالة الإباق، حالة المساهمة، حالة التقام الحوتِ يونسَ، حالة التسبيح في بطن الحوت، حالة النبذ بالعراء؛ أي: من بطن الحوت إلى الأرض مباشرة.
وهذه الأحوال موصولة الزمن - كما أفادت الفاء - فليس بها مرحلة مرصودة في المعنى غائبة عن السياق بالتقدير المعروف لدى النحاة: وبذلك تنتفي حالة وجود يونس في البحر بين الالتقام والنبذ إلا إذا تكلفنا القول بأن يونس في بطن الحوت والحوت في البحر فيونس إذن في البحر، وكيفما جاء التقدير سيكون يونس في الظرف الأقرب إلى بدنه وهو تجويف بطن الحوت، وهذا الظرف يعود إليه الضمير مادام يونس لا يزال متلبسا بالحالة ولم ينتقل منها إلى غيرها، وهكذا نجد المفسرين القدامى والمحدثين يروون أنه: لولا التسبيح لجعل الله بطن الحوت قبرًا له إلى يوم يبعثون أي إلى يوم القيامة. والله أعلم.(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- سنتان العيد
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[19 Oct 2006, 06:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (29) بتاريخ 27/ 9/1427 - سنتان في العيد
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
الذهاب إلى مصلى العيد من طريق، والعودة من طريق آخر: عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: ((كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان يوم عيد خالف الطريق)) [رواه البخاري: 986].
الأكل يوم عيد الفطر قبل الذهاب للمصلى: عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: ((كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات)) وفي رواية: ((ويأكلهن وترًا)) [رواه البخاري: 953]
برنامج إحياء السنة النبوية
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html(/)
إجراءات ما بعد المناقشة في جامعة الإمام:
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[19 Oct 2006, 09:07 م]ـ
من الجيد هنا ذكر الإجراءات التي نحتاجها لما بعد المناقشة إعانة للجميع ولكي يكونوا على بصيرة.
1 - إلى حين المناقشة فإنك أخي الكريم تكون قد قدمت أربع نسخ من رسالتك نسختان للمناقشين، ونسخة للقسم، ونسخة لعمادة البحث العلمي ترفق مع خطاب تعيين المناقشين من مجلس القسم ثم يصادق عليه من مجلس الكلية ثم من مجلس الدراسات العليا ثم من مكتب مدير الجامعة.
2 - بعد الانتهاء من المناقشة فإن الرسالة إما أن تجاز بلا طلب التعديل وإما مع طلب التعديل فإن طلب التعديل فبعد قيامك به سيرفع للمناقشين لإقراره وإن لم يطلب التعديل فإن الرسالة جاهزة للمصادقات بلا تعديل ولكن الأولى لك أن تعدل الملاحظات الواردة لكون هذه الرسالة عمل علمي منسوب لك واحذر من تأجيل التعديل.
3 - يرفع قرار لجنة المناقشة لمجلس القسم للمصادقة ثم مجلس الكلية وهذان المجلسان يمكن أيام العطلة أن يقوم رئيس القسم وعميد الكلية بتمريرهما بلا مجالس بالنيابة وذلك لمن تأخر في المناقشة إلى أيام الامتحانات كما هو حال الأكثر.
4 - يرفع قرار مجلس الكلية إلى مجلس الدراسات العليا للمصادقة ثم يرفع إلى مجلس الجامعة لمنح الدرجة كل هذا يسير من قبل عمادة الدراسات العليا وهم متعاونون بشكل جيد.
5 - في أثناء هذه الفترة ينصح الطالب بالقيام بأمرين تتطلبها الوثيقة تسريعا للوقت إلى حين انعقاد مجلس الجامعة:
أ- إنهاء إجراءات الإيداع.
ب- إنهاء إجراءات إخلاء الطرف.
أما الإيداع فيطلب منك أربع نسخ جديدة للرسالة تختم من قبل وكالة الدراسات العليا في كليتك ثم تودع ولابد أن تصطحب نموذجا للإيداع مجهزا من كليتك يوقع عليه من قبل كل جهة تودع فيها والتفصيل كما يلي:
1 - نسخة لمكتبة الملك فهد مع Cd في الدور الثاني من المكتبة ثم ستودع وتختم وسيعطونك شهادة إيداع أنيقة جدا احتفظ بها فستحتاجها لاحقا، وإفادة إيداع مع ملاحظة أن هذه النسخة من الرسالة لا تحتاج لختم من قبل الكلية.
2 - نسخة للمكتبة المركزية في الجامعة ثم سيعطونك إفادة إيداع مختومة.
3 - نسخة لعمادة البحث العلمي مع Cd وكذلك مع ملخصين للرسالة أحدهما بالعربي والثاني بالإنجليزي ويتكون من صفحتين أو ثلاث وسيعطونك إفادة إيداع مختومة
4 - نسخة لكليتك مع Cd
5- 8 نسخ Cd لمركز الصوتيات والمرئيات في الدور الثالث من المكتبة المركزية في الجامعة
أما إخلاء الطرف فيستلم نموذجه من عمادة الدراسات العليا (الدور الثاني في مبنى المعهد العالي) ولابد فيه من التوقيع والتختيم على خلو الطرف من عمادة كليتك مع إرفاق البطاقة الجامعية ومن الإسكان وما يتبعه (وموقعهم: عمارة 40 بوابة 2) ومن الشؤون الطبية في المركز الطبي في داخل الجامعة ومن الأمن والسلامة (في الدور الثاني من إدارة الجامعة)
ثم بعد كل ذلك تذهب إلى الوثائق والأحسن لك أن تتصل عليه لاحتياج إجراءاته بعض الوقت فيأخذ منك بعض معلومات البطاقة الشخصية ورقمه 012580613 ثم يعطيك موعدا ليستلم منك ورقة الإيداعات المكتملة وورقة إخلاء الطرف المكتملة ثم يسلمك الوثيقة وانتهينا والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ـ[شعلة]ــــــــ[24 Oct 2006, 12:44 ص]ـ
شكر الله لكم على هذه الإفادة وننتظر منكم المزيد
ـ[نورة]ــــــــ[24 Oct 2006, 01:45 ص]ـ
بارك الله فيكم
وفي انتظار المزيد
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[14 Nov 2006, 01:48 ص]ـ
بارك الله فيكم نسأل الله العون وننتظر من أصحاب الجامعات الأخرى الإفادة(/)
هدية العيد ....
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[21 Oct 2006, 03:24 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخوة الكرام
هذه هدية العيد لكم من موقع أهل الظاهر
http://www.aldahereyah.net/books
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ..
المصدر
http://www.aldahereyah.net/forums/showthread.php?t=1280
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[22 Oct 2006, 09:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أبو محمد الظاهري ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإني أحمد الله إليكم أن يسر لكم نشر العلم، فتلكم الصدقة الجارية. جزاكم الله خيرا. ومزيدا من إشاعة الخير.
وتفضلوا بقبول خالص تحياتي وتقديري.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[23 Oct 2006, 01:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أبو محمد الظاهري ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإني أحمد الله إليكم أن يسر لكم نشر العلم، فتلكم الصدقة الجارية. جزاكم الله خيرا. ومزيدا من إشاعة الخير.
وتفضلوا بقبول خالص تحياتي وتقديري.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيراً سيدى الأستاذ الشيخ على التفضل بالمرور والتعقيب الكريم(/)
خطبة العيد بخط ابن عثيمين -رحمه الله
ـ[ابن مقبل]ــــــــ[22 Oct 2006, 07:53 ص]ـ
السلام عليكم
هدية العديد أتمنى أن تنال إعجاب الجميع: خطبة عيد الفطر بخط ابن عثيمين -رحمه الله-
ولا تنسونا من دعوة في ختام هذا الشهر الفضيل.(/)
القول بتوحيد رؤية الأهلة مخالف للأدلة
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[24 Oct 2006, 02:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة و هداية للعالمين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين. أما بعد
فقد تقدمت مشاركات لي في بيان مخالفة القول بتوحيد رؤية الأهلة للنصّ و الإجماع، ثم رأيت أن أفرد للمسألة بحثا أكثر بيانا و تفصيلا، وآثرت وضعه في مشاركة مستقلة:
---------------------------------------------------------
توحيد رؤية الأهلة مخالف للأدلة
عند تباعد البلاد
* برزت منذ مدة دعوة لما سمي " بتوحيد رؤية الهلال " – و بخاصة هلال شهر رمضان – و ذلك لتوحيد يوم بدء صيام رمضان بين معظم الدول الإسلامية، بدعوى العمل على وحدة المسلمين في أقطار الأرض في تلك الشعيرة.
و هو مقصد حسن شرعا، و لكن وسيلته تلك محل نظر.
و من المثير للعجب استمرار تلك الدعوة بعد أن انقلبت إلى عكس الغرض المقصود منها؛ إذ أدت إلى تفرق أهل الوطن الواحد و اختلافهم في يوم بدء صومهم؛ فالبعض يصوم يوم ثبوت رؤية هلال بلده، بينما البعض الآخر في نفس القطر يصوم في يوم آخر تبعا لرؤية هلال قطر آخر! فكأننا نفترق في البلد الواحد لنجتمع مع البلد الآخر!
تناقض ما بعده تناقض، حيث يفترق المتفق و يختلف المؤتلف في الوطن الواحد بزعم تجميع المختلف من البلاد. فأيهما أولى بالوحدة؟ {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذى هو خير}؟ - و الباء تدخل على المتروك – {ما لكم كيف تحكمون}؟!
* * *
و يقولون إن ذلك هو الأمر الراجح، و لن نقول إنه المرجوح عن غيره، بل نقول إنه (غير مشروع) أصلا: أي أن القول بتوحيد رؤية الأهلة عند بعد البلاد مخالف لأدلة الشرع الحكيم. و هو ما سنبينه بعد إن شاء الله.
و قد نصّ على تلك المخالفة للشرع مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي؛ فقد جاء في قراره – رقم 7 – بخصوص (بيان توحيد الأهلة من عدمه) ما يلي: " فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما لما جاء شرعًا وعقلاً "، و ذلك في الدورة الرابعة لانعقاده بتاريخ 15/ 10/ 1425 هـ (الموافق 28/ 11/2004 م)، و سيأتي ذكره بعد. [1]
و المقصود بقولهم " توحيد رؤية الهلال ": أن تكون رؤية أهل بلد (قطر) للهلال رؤية معتبرة شرعا لغيرهم من أهل البلاد الأخرى، المشتركة معه في جزء من الليل، قلّ أو كثر؛ يبنون صيامهم و غيره عليها.
و عليه: فرؤية أهل بلد (قطر) للهلال هي رؤية - يدّعونها معتبرة شرعا - لكثير غيره من البلاد العربية و الإسلامية، و هذا أمر غير مسلّم، بل غير معتبر من جهة الشرع؛ فلا اعتبار في الشرع لذلك الاشتراك في جزء من الليل عند رؤية الهلال حال تباعد البلاد، و المخالف عليه الدليل، والقول بتوحيد رؤية الهلال على هذا المعنى (و في غير بلاد القطر الواحد) مخالف للنص الصحيح و الإجماع الصريح:
1 – أما النص: فهو حديث صحيح الثبوت أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه "، كما أنه صريح الدلالة لمن يتأمله، و هو حديث مذكور في (باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، و أنهم إذا رؤا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم):
(حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وبن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن محمد وهو بن أبي حرملة عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشك يحيى بن يحيى في نكتفي أو تكتفي.).
فلم تجزئ رؤية أهل الشام للهلال عند أهل المدينة لكي يصوموا عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
و هذا واضح من قول ابن عباس رضي الله عنهما لكريب لما سأله (أو لا تكتفي برؤية معاوية و صيامه؟): فأجابه (لا). و هذا موضع الاستشهاد و الاحتجاج.
قال الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه " المفهم ": " ألا ترى أن معاوية أمير المؤمنين قد صام بالرؤية و صام الناس بها بالشام، ثم لم يلتفت ابن عباس [رضي الله عنهما] إلى ذلك، بل بقى على حكم رؤيته هو ".و كذا أهل المدينة المنورة.
* و الشاهد منه ثلاثة أمور:
الأول: أنه كان لأهل كل بلد (ولاية أو قطر) رؤيتهم لهلال رمضان. كالشام و الحجاز و نحوهما.
و كان ذلك في عصر الصحابة (ابن عباس و معاوية رضي الله عنهم)، مع وجودهم جميعا في دولة الخلافة الأموية، بإمرة معاوية ابن أبي سفيان. فتمت مراعاة تباعد البلاد.
الثاني: أن رؤية بلد للهلال غير معتبرة شرعا لغيره من البلاد الأخرى في مثل ذلك التباعد و نحوه. فلا يكتفى بها لغيره من البلاد و لا تلزمه من باب أولى؛ إذ لو كانت معتبرة للزم منها قضاء اليوم الفائت على من أفطروه و لم يصوموه، و هو ما لم يثبت، و لو وقع لنقل؛ و إذ لم ينقل قضاؤه – في مسألة كهذه متعلقة بعموم المسلمين و عبادتهم –: علم عدم اعتبارها من جهة الشرع.
و في مثل ذلك قال ابن تيمية – في " مجموع الفتاوى " – نافيا القول بوجوب قضاء اليوم الأول الفائت: (و الحجة فيه أنّا نعلم بيقين انه ما زال فى عهد الصحابة والتابعين يرى الهلال في بعض امصار المسلمين بعد بعض؛ فإن هذا من الامور المعتادة التى لا تبديل لها ولابد ان يبلغهم الخبر في اثناء الشهر، فلو كانوا يجب عليهم القضاء لكانت هممهم تتوفر على البحث عن رؤيته فى سائر بلدان الاسلام كتوفرها على البحث عن رؤيته فى بلده ولكان القضاء يكثر فى اكثر الرمضانات ومثل هذا لو كان لنقل؛ ولمّا لم ينقل دلّ على انه لا أصل له، وحديث ابن عباس يدل على هذا).
و كذا قال: وما من من شىء فى الشريعة يمكن وجوبه الا والاحتياط مشروع فى أدائه فلما لم يشرع الاحتياط فى ادائه قطعنا بانه لا وجوب مع بعد الرائى.
و هو - و إن كان يرى أن العبرة ببلوغ خبر الرؤية – و إن قاله احتجاجا على أصحابه الحنابلة في قولهم بوجوب قضاء ذلك اليوم على كل من بلغهم خبر الرؤية؛ إلا أنه يصلح و يصدق على مسألتنا أيضا.
و لا يقال: كان ذلك لتعذر بلوغ تلك الرؤية و العلم بخبرها وقتئذ للبلد الآخر؛ فقد قيل بوجوب قضاء نظيره؛ إذ " روى ?بن وهب و?بن القاسم عنه في المجموعة – فيما ذكره القرطبي - أن أهل البصرة إذا رأوا هلال رمضان ثم بلغ ذلك إلى أهل الكوفة والمدينة واليمن أنه يلزمهم الصيام أو القضاء إن فات الأداء ". و هذا لم ينقل وقوعه في زمن الصحابة ذاك؛ فدلّ على أن المانع من اعتبار ابن عباس و أهل المدينة لرؤية معاوية و أهل الشام لم يكن لما اعتلوا به من تعذر العلم بخبر الرؤية – و قد بلغهم قبل انسلاخ الشهر – و إنما كان لأن لأهل كل بلد رؤيتهم عند تباعد البلاد؛ و موافقة هذا لترجمة الباب في " صحيح مسلم " ظاهرة.
الأمر الثالث: أنه لا اعتبار في الشرع – في قضية توحيد رؤية الهلال - لدعوى " الاشتراك في جزء من الليل " بين الأقطار؛ إذ لا شك في اشتراك بلاد الشام و الحجاز في جزء من الليل: معظمه و أكثره، و لم يعتبر حيبذاك؛ فدلّ على عدم اعتباره من جهة الشرع؛ فلا يلتفت للقول به و لا يعّول عليه.
و يؤيد هذا ما ترجم لذلك الحديث إمام الأئمة ابن خزيمة في " صحيحه " ب
(باب الدليل على أن الواجب على أهل كل بلدة صيام رمضان لرؤيتهم لا رؤية غيرهم)
(حدثنا علي بن حجر السعدي نا إسماعيل يعني بن جعفر عن محمد يعني بن أبي حرملة عن كريب: أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت: نعم أنا رأيته ليلة الجمعة ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. قال: لكننا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومه حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم).
• * * *
و لا حجة لمن دفع الاحتجاج بمقتضى ذلك الحديث الصحيح بقول البيهقي: (ويحتمل أن يكون ابن عباس أراد ما روي عنه في قصة أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمده لرؤيته أو تكمل العدة، ولم يثبت عنده رؤيته ببلد آخر بشهادة رجلين حتى تكمل العدة على رؤيته، لانفراد كريب بهذا الخبر فلم يقبله): فاحتمال غير وارد؛ لاختلاف محلّي الحديث، إذ محلّه هنا: إذا غمّ الهلال – أي حال دون رؤيته غيم و غيره -، ففيه: (أهللنا رمضان ونحن بذات عرق. فأرسلنا رجلا إلى ابن عباس رضي الله عنه يسأله. فقال ابن عباس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أمده لرؤيته. فإن أغمى عليكم فأكملوا العدة "). أما احتمال ردّ ابن عباس لكلام كريب لعدم ثبوت الرؤية عنده إلا بشاهدين: فيردّه ما رواه ابن عباس نفسه من الحديث: " جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أبصرت الهلال الليلة فقال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال نعم فقال قم يا فلان فأذن في الناس فليصوموا ". ففيه قبول شهادة الأعرابي و كان وحده، و ابن عباس هو راوي الحديث و هو القائل لكريب بالمدينة: " لا " لمّا سأله: (أ و لا تكتفي برؤية معاوية و صيامة) و كان بالشام. و قد رد ابن العربي ذلك الاحتمال، فقال: " لأن كُرَيْباً لم يشهد وإنما أخبر عن حكم ثبت بالشهادة، ولا خلاف في الحكم الثابت أنه يجزى فيه خبر الواحد ".
و عليه فقول البيهقي أيضا: (ويكون قوله – أي ابن عباس -: " لا ": فتوى من جهته، قياساً على هذا الخبر) فيه نظر؛ لأن محل الخبر: إغماء الهلال عند الرؤية، و قياسه على الخبر لا وجه له؛ لاختلاف محل الفرع عن الأصل.
ولم يكن قول ابن عباس رأيا له وحده، بل هو ما كان عليه عمل أهل المدينة حينداك؛ (قال الرافعي ويروى أن ابن عباس أمر كريبا أن يقتدي بأهل المدينة)؛ ذكره ا بن الملقن الأنصاري في " خلاصة البدر المنير "، و قال: (لا يحضرني)، وقال ابن حجر في " التلخيص الحبير ": (ويروى ان بن عباس أمر كريبا أن يقتدي بأهل المدينة هو ظاهر من قوله: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال: " لا "). و هو ظاهر أكثر في قوله في الحديث: " فلا نزال نصومه حتى نكمل ثلاثين أو نراه "؛ بصيغة الجمع.
* * *ٍ
2 - و أما الإجماع (والمؤيد لمقتضى النص المذكور آنفا، والذي ذكره الإمام أبو العباس القرطبي): فهو ماحكاه الإمام ابن عبد البر في كتابه " الاستذكار "، قال: ((قد أجمعوا أنه لا تراعى الرؤية فيما أخر من البلدان كالأندلس من خراسان، وكذلك كل بلد له رؤيته، إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلاد المسلمين والله أعلم)).
و ما ادعاه البعض من ضعف إجماعات ابن عبد البر: فلا يدفع ذلك الإجماع، إذ ذكره و قبله و لم يضعفه كثير من الأئمة: منهم أبو العباس القرطبي في " المفهم "، و أبو عبد الله القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن "، و ابن حجر في " فتح الباري "،، و كذا ابن تيمية في " مجموع الفتاوى "، و قال في استدلال ابن حنبل بقبول النبي صلى الله عليه و سلم شهادة الأعرابي برؤية الهلال: " و هذا لا ينافي ما ذكره ابن عبد البر ". و قال ابن رشد في " بداية المجتهد ": " وأجمعوا أنه لا يراعى ذلك في البلدان النائية كالأندلس والحجاز ".
و لا يعقل اتفاق مثل هؤلاء الأئمة في الوقوع في الخطأ فيما حكوه من إجماع.
و قد قال القرطبي في تفسيره " وإذا صح الإجماع بعد الخلاف كان مسقطا للخلاف ".
و دليله ما استقر عليع العمل بوجوب الغسل بمجرد إلتقاء الختانين، بعد الخلاف المتقدم في عصر الصحابة في الإنزال.
و " الإجماع ": هو ثالث أدلة التشريع في الإسلام المتفق عليها عند الجمهور، بعد الكتاب و السنّة؛ فهو حجّة ملزمة في محل المسألة.
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - و قد بيّن الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه " المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " أن ذلك الإجماع لا يعارضه الخلاف المنقول بين العلماء (في اعتبار رؤية أهل بلد للهلال رؤية لغيره من البلاد و عدم اعتباره)؛ قال: (و هذا الإجماع الذي حكاه أبو عمر يدل: على أن الخلاف الواقع في هذه المسألة إنما هو فيما تقارب من البلاد، و لم يكن في حكم القطر الواحد).
- أما فيما تباعد من الأقطار " كتباعد بلاد الشام من الحجاز أو ما قارب ذلك: فالواجب على أهل كل بلد أن تعمل على رؤيته، دون رؤية غيره "، قاله الإمام القرطبي في " المفهم " و قال في الحديث المذكور آنفا: " فهو حجة على أن البلاد إذا تباعدت كتباعد .... ".
•** و إنما وقع اللبس في مفهوم كلمة " البلد أو البلاد " الواردة في كلام الأئمة: فالخلاف: كان في اعتبار رؤية بلد من بلاد القطر الواحد و ما تقارب من بلاد المسلمين، أما الإجماع: فكان في عدم اعتبار رؤية ما تباعد من البلاد و الأقطار.
• و قد حكى الإمام ابن عبد البر ذلك الإجماع في كتابه " الاستذكار " عقب ذكره الخلاف المنقول عن العلماء؛ فهو لم يكن غافلا عنه، و محله فيما تقارب من البلدان؛ كما قال أبو العباس القرطبي في " المفهم "، و أما فيما بعد من البلاد فالإجماع على عدم اعتبارها، و ما ذكره بعض الفقهاء خلاف هذا فهو من تخريجاتهم هم على أقوال الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة، و هو من قبيل التمثيل لكلمة البلد أو البلاد التي جاءت في كلامهم، و ليست منه بنصّها.
•و الحديث الصحيح حجة قاطعة في ذلك؛ فهو بمفرده ملزم للجميع ما دام ثبتت صحته، و ما دامت دلالته صريحة.
و يؤكده ما ترجم له أئمة الحديث في مصنفاتهم، و تراجمهم للأحاديث هي فقههم، فقد ترجم له:
أ - الإمام مسلم في صحيحه بقوله: باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، و أنهم إذا رؤا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم).
ب - و إمام الأئمة ابن خزيمة في " صحيحه " بقوله:
(باب الدليل على أن الواجب على أهل كل بلدة صيام رمضان لرؤيتهم لا رؤية غيرهم)
ج - و الإمام الترمذي في " سننه " بقوله: (باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم)
و قال: (و العمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم).
قال ابن حجر عن قول الترمذي هذا: (و لم يحك سواه). إشارة إلى عادة الترمذي في ذكر الأقوال المختلفة إن وجدت. و لما " لم يحك سواه " فدلّ على أنه القول الوحيد في المسألة (عند تباعد البلاد تباعد بلاد الشام و الحجاز و نحوهما).
- و لا حجة للمخالف في احتجاجه بعموم حديث " صوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته "؛ إذ يدلّ على وجوب الصيام على جميع من رأوا الهلال – و هذا هو محلّ الحديث - و ليس فيه دليل على وجوبه على أهل البلاد التي لم تره، بل هو حجّة لمن لم يصوموا على رؤية البلد الآخر؛ حيث إنهم لم يروه؛ فلم يلزمهم الصيام حينئذ، و يؤيد ذلك عموم قوله صلى الله عليه و سلم: " إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له ". [صحيح مسلم].
و قد ترجم له في صحيح مسلم ب (باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال و الفطر لرؤيته، و إذا غمّ في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما)، و قد ترجم له ابن خزيمة في " صحيحه " ب (باب التسوية بين الزجر عن صيام رمضان إذا لم يغمّ الهلال و بين الزجر عن إفطار رمضان قبل رؤية هلال شوال إذا لم يغمّ الهلال)، و كذا ترجم له ابن حبان في " صحيحه " ب (ذكر الزجر عن أن يصوم المرء اليوم الذي يشكّ فيه أمن شعبان هو أم من رمضان). و إذا كان هذا الزجر في يوم الشك فهو فيما لم ير أصلا أولى؛ فكيف يصام؟!
و القول بلزومه عندئذ يخالف الإجماع الذي ذكره ابن المنذر؛ (فقال في " الإشراف ": " صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة ").
(يُتْبَعُ)
(/)
** و عليه: فالقول بجواز اعتبار رؤية بلد (قطر) كالسعودية مثلا، و أهل الفتوى فيها لم يقولوا به [2]- رؤية لغيره مما تباعد عنه كسوريا أو الأردن أو فلسطين و لبنان (بلاد الشام) و نحوها من البلاد، و كذا غيرها الأبعد منها من باب أولى: قول غير صحيح شرعا، لمخالفته النص الصحيح و الإجماع الصريح. و هو ما نصّ عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي بقوله " فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعًا وعقلاً ".
هذا، و الله تعالى أعلم.
كتبه
د. أبو بكر عبد الستار خليل
غفر الله له و لآله
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] رقم القرار: 7
رقم الدورة: 4
في بيان توحيد الأهلة من عدمه
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/ 10/1425
28/ 11/2004
[في بيان توحيد الأهلة من عدمه:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد: لقد درس المجمع الفقهي الإسلامي مسألة اختلاف المطالع في بناء الرؤية عليها، فرأى أن الإسلام بني على أنه دين يسر وسماحة، تقبله الفطرة السليمة، والعقول المستقيمة، لموافقته للمصالح، ففي مسألة الأهلة، ذهب إلى إثباتها بالرؤية البصرية لا على اعتمادها على الحساب، كما تشهد به الأدلة الشرعية القاطعة، كما ذهب إلى اعتبار اختلاف المطالع، لما في ذلك من التخفيف على المكلفين، مع كونه هو الذي يقتضيه النظر الصحيح، فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعًا وعقلاً، أما شرعًا فقد أورد أئمة الحديث حديثَ كريب، وهو أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، فاستهل علي شهر رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا].
================================================== ==============================
قرار مجمع الفقه هذا نقلا عن موقع " الإسلام اليوم "، و رابطه:
http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=24&catid=184&artid=4551
================================================== ==============================
[ 2 ] قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية:
________________________________________
س2: هل يمكن أن يصوم أهل أفريقيا برؤية أهل مكة؟
ج2: قد صدر بهذه المسألة قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية هذا مضمونه:
[أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً، ولم يختلف فيها أحد من العلماء، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في: اعتبار خلاف المطالع، وعدم اعتباره.
ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره. واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) الحديث. وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به.
ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً، لانعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة. فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ماكان عليه. وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ماتراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته]
================================================== =================================.
هذا القرار لهيئة كبار العلماء بالمملكة السعودية نقلا عن منتديات " شبكة الشريعة الإسلامية "، و رابطه:
http://www.sharee3a.net/vb/showthread.php?t=2567(/)
موقف مؤثر بين سماحة المفتي والأخ عبدالله بانعمة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 Oct 2006, 08:30 م]ـ
موقف لايحتاج إلى مقدمات
حدثني الشيخ الدكتور / يوسف الحوشان وفقه الله ليلة 30/ 9 /1427 هـ فقال:
زرتُ أنا والأخُ / عبدُالله بانعمة - شفاه الله وعافاه -
سماحةَ مفتي عام المملكة الشيخ / عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله
في منزله في النصف من رمضان في هذه السنة.
وبينما كنا في مجلس الشيخ إذ همس عبدُالله بانعمة في أذني وقال:
أرغب تقبيل رأس سماحة المفتي
وهذه أمنية ........ فأرجو تحقيقها.
يقول الشيخ يوسف:
فقلت للشيخ:
سماحة الشيخ ...... الأخ / عبدالله بانعمة ... يرغب تقبيل رأس سماحتكم ..
فقال الشيح حفظه الله:
أبدا ... ما يحتاج، ما يحتاج.
فقلت له: له رغبة ..... ويرغب من سماحتكم الموافقة عليها، وتحقيق أمنيّته.
فقال الشيخ حفظه الله: خذني له.
يقول الشيخ يوسف:
فأمسكتُ بيد الشيخ حفظه الله .... واتجهتُ إلى مكان جلوس الأخ / عبدالله بانعمة في المجلس ...... فاقترب الشيخ حفظه الله ...... وفأجأ الجميع بأن:
أمسك برأس عبدالله بانعمة
فقبّله!!.
فلم يستطع عبدالله بانعمة أن يستوعب ماحدث ..... وكذا من حضر.
ثم أنزل المفتي رأسَه .......... وجعل عبدُالله يقبله.
ولقد فاجأ سماحة المفتي حفظه الله الجميع بهذا الموقف
والذي أبكى من سمع به
فكيف بمن رآه؟!.
هذه أخلاق العلماء ...
هذه أخلاق أهل السنة ...
هذه أخلاق ورثة الأنبياء ....
أسأل الله تعالى أن يبارك في علم الشيخ، وعمره، وعمله، وأهله، وذريته، وماله، وأن يرزقه من خيري الدنيا والآخرة من حيث لا يحتسب.
كما أسأله تعالى أن يعجل بشفاء أخينا / عبدالله بانعمة، وأن يجعل ما أصابه رفعة في درجاته، وتكفيرا لسيئاته.
مشايخي الأكارم /
إن لم يناسب الموضوع في هذا المكان فأرجو نقله للمكان الذي ترون.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[24 Oct 2006, 08:59 م]ـ
الشيخ عبد العزيز من أعظم خصاله حسن الخلق نسأل الله أن يبارك في عمره وعمله.
ـ[نورة]ــــــــ[24 Oct 2006, 09:42 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يبارك في علم الشيخ، وعمره، وعمله، وأهله، وذريته، وماله، وأن يرزقه من خيري الدنيا والآخرة من حيث لا يحتسب.
كما أسأله تعالى أن يعجل بشفاء أخينا / عبدالله بانعمة، وأن يجعل ما أصابه رفعة في درجاته، وتكفيرا لسيئاته.
اللهم آمين
بارك الله لنا في شيوخنا
ورزقهم طول العمر وحسن العمل
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[24 Oct 2006, 10:51 م]ـ
الشيخ - أعلى الله درجته - مدرسة في الخُلق والسماحة.
جزاك الله خيرًا، يا أخانا الكريم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Oct 2006, 03:51 ص]ـ
الشيخ عبد العزيز من أعظم خصاله حسن الخلق نسأل الله أن يبارك في عمره وعمله.
جزاك الله خيراً
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[25 Oct 2006, 06:31 ص]ـ
هكذا العلماء الصادقين تربية بالفعل قبل القول
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 Oct 2006, 12:52 م]ـ
والشيخ الدكتور / يوسف الحوشان وفقه الله تعالى ممن ساهم وبشكل مباشر في موضوع الأخ / عبدالله بانعمة شفاه الله في أغلب احتياجاته، فمنها مايخص عبدالله بذاته، ومنها ما يخص من هم مثل حالة عبدالله شفاهم الله.
فأسأل الله تعالى أن يجزي الشيخ / يوسف الحوشان خير الجزاء وأن يبارك في علمه، وعمره، وعمله، وأهله، وذريته، وماله، وأن يرزقه من خيري الدنيا والآخرة من حيث لا يحتسب.
رابط قد يثري:
بشرى: إصدار مصحف (بانعمة) للمعاقين بإشراف الشيخ الدكتور / يوسف الحوشان وفقه الله.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5285
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 Oct 2006, 12:55 م]ـ
المشايخ الأفاضل /
الإخوة الأكارم /
ابن الجزيرة
الأستاذة
خالد الشبل
فهد الوهبي
غانم الغانم
أشكر لكم تفضلكم بالمرور والتعليق ..... لاحرمكم الله الأجر.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[04 Nov 2006, 05:22 ص]ـ
حفظ الله الشيخ وحفظ له دينه ونفعنا بما كتبت أخي
اللهم عاف بانعمة يارب العالمين(/)
الأن على جهازك ... استمع على الهواء مباشرة إلى قناة القرآن الكريم
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[26 Oct 2006, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأن على جهازك ... استمع على الهواء إلى قناة القرآن الكريم
http://jadeedfm.com/ch1.ram
ـ[نورة]ــــــــ[26 Oct 2006, 01:25 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[26 Oct 2006, 12:19 م]ـ
وفيك بارك الأستاذة الفاضلة
ـ[الطبيب]ــــــــ[11 Nov 2006, 01:12 م]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[17 Nov 2006, 06:42 م]ـ
وجزاك أخى الطبيب(/)
حالة استنفار في الكنيسة المصرية بعد صدور بيانات بإسلام ثمانين نصراني كل يوم على الأقل
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[26 Oct 2006, 12:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
موضوع منقول للأخ عمر الإمبابي جزاه الله خيراً ...
بالصوت:
حالة استنفار في الكنيسة المصرية بعد صدور بيانات بإسلام ثمانين نصراني كل يوم على الأقل مما يهدد بانقراض النصارى- الكهنة والرهبان يصابون بحالة يأس تهدد بانتحارهم ( http://mcdialogue.net/audio/others/oth074-AYAM-ALMAGD.rm)
الكنيسة تهتز من دخول أعداد كبيرة من الأقباط الإسلام في مؤتمر تثبيت العقيدة الأرثوذكسية ( http://mcdialogue.net/audio/others/oth075-copts-convert2islam.rm)
رد الأخ وسام على شنودة و المجمع المقدس حيث اعترفوا و هم مقهورين (المسيحية ستنقرض في مصر قريباً بسبب عدد المرتدين عن المسيحية) ( http://mcdialogue.net/audio/lectures/General/L014-wesam-CoptRevert-general.rm)
هذه التسجيلات نقلتها من موقع غرفة الحوار الإسلامي المسيحي بالبالتوك وهذا رابط الموقع:
http://mcdialogue.net
وهذه الغرفة لها الفضل بعد الله - عز وجل - في إسلام ما يزيد على ألف نصراني.
ويقوم على هذه الغرفة الشيخ وسام عبد الله - حفظه الله - ويساعده مجموعة من طلبة العلم الأفاضل - حفظهم الله -، وهو من المتخصصين في دراسة كتاب اليهود والنصارى (الكتاب المقدس زعموا) وما يتصل به من مؤلفات.
ولتعرف مدى تأثير تلك الغرفة وغيرها من الغرف في برنامج البالتوك paltalk استمع للتسجيلات الآتية:
الكنيسة القبطية تؤسس مجلس كنائسي لمواجهة غرفة الحوار الإسلامي المسيحي - تفاصيل الفضيحة بأسماء الكنائس والقساوسة والمبالغ المدفوعة ( http://mcdialogue.net/audio/lectures/General/L017-fadee7a-general.rm)
محاضرة الأخ وسام حول قرار الكنيسة القبطية بمقاطعة البالتوك و منع التمويل الخاص به ( http://mcdialogue.net/audio/lectures/General/L018-paltalk-general.rm)
شنودة يرد على الأخ وسام حول اتهامه بإشعال الفتنة الطائفية- والداعية وسام يفضح مخططات شنودة - معلومات خطيرة لا يعرفها كثير من الناس خاصة الشباب دون سن الخامسة والثلاثين ( http://mcdialogue.net/audio/lectures/General/L007-wesam-sedition-general.rm)
وهذا الرابط هدية:
http://mcdialogue.net/audio/Islam/
يحتوي هذا الرابط على سبعة وعشرين تسجيلاً لشهادات أناس أسلموا.
وعلى الموقع تجد الكثير من المناظرات والحوارات والمحاضرات وأشياء أخرى كثيرة، تكشف لك العقيدة النصرانية وتوضح زيفها.
أسأل الله - تبارك وتعالى - أن ينفعكم بما ذكرت، وأن يكون ما ذكرت قد أدخل السرور على قلوبكم، وزاد من ثقتكم في موعود الله ورسوله بالنصر والتمكين وانتشار الإسلام.
والحمد لله رب العالمين ..
للإستماع المباشر لتسجيل إعتراف الكنيسة
http://www.rudood.com/iv2/details.php?linkid=582
هذا التسجيل عن البابا شنودة -:
أخبار مؤكدة من الكنيسة المصرية بموت شنودة رأس الكفر إكلينيكيا و ذلك للمرض الذي اصابه بسبب الشذوذ الجنسي - شاء الله أن يكون موته فضيحة كبرى ( http://mcdialogue.net/audio/others/oth085-shosho-mafdoooh.rm)
أسعدكم الله في الدارين
***************************************
تعريف بالشيخ وسام عبد الله - حفظه الله -:
هو وسام عبد الله، من مواليد مصر، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ قرابة العشرين عاماً وتخصص في دراسة ما يسمى بالكتاب المقدس (وهو كتاب النصارى)، وناظر العديد من القساوسة والرهبان والشمامسة وأصحاب الرتب الكنسية من نصارى العرب والغربيين. وجد عبر برنامج المحادثات الشهير (البالتوك) ما قد يعينه في مواصلة درب الدعوة إلى الله عزّ و جل بالحكمة و الموعظة الحسنة، وعلى نهج أهل السنّة و الجماعة فاستطاع بفضل الله تعالى، و خلال ما يقارب الست سنوات من الدعوة عبر البالتوك و في غرفته الشهيرة المسمّاة (إظهار الحق) سابقاً والتي تسمى حالياً:
(الحوار الإسلامي المسيحي)
oJJl Muslim Christian Dialouge oJJl
أن جعله الله عوناً في إسلام ما يقارب الـ 1000 شخص أو يزيد من النصارى عرب وعجم، رجال ونساء و أطفال، كما أسلمت أسر بأكملها داخل غرفة الحوار ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، و ما زال إلى الآن يجاهد في سبيل الله بالوقت و الجهد و المال في وسط ما يتعرّض له الإسلام من تشويه وإساءة من قبل الحاقدين على الإسلام، من اليهود والنصارى والملحدين. ولا زالت الغرفة توالي الضربات القاصمة والقاضية على العقيدة الكنسية الضالة بإقامة الحجة ولا يزال الأخ وسام عبد الله عبر مناظراته المستمرة مع قساوستهم يقيم الحجة عليهم، ولا زالت المناظرات تنتهي بانهزام المتناظرين أو هروبهم، ولا يزال الأخ وسام عبد الله يتحدى كبار القساوسة في كافة كنائس الدنيا.
http://mcdialogue.net/audio/lectures/wesam.html
تنبيه:
جميع القائمين على الغرفة من أهل السنة والجماعة - ولله الحمد والمنة -، وفي أسفل الصفحة الرئيسية للموقع يوجد الإعلان المتحرك للغرفة، ويكتب فيه:
مرحباً بكم في غرفة أهل السنة والجماعة
ولا يسمحون للرافضة بالدخول إلى الغرفة مطلقا، لخبث عقيدتهم وسوء أدبهم مع أمهات المؤمنين والصحابة ومع كل من ينتمي لأهل السنة والجماعة.
أسأل الله أن يجزيهم خيراً على ما يقدمونه ..
وجزاكم الله خيرا.
**** منقول عن الأخ عمر الإمبابي جزاه الله خيراً ...
الرابط http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=482804#post482804(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- الدعاء عند سماع صياح الديك
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[27 Oct 2006, 08:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (30) بتاريخ 5/ 10/1427 - الدعاء عند سماع صياح الديك، والتعوذ عند سماع نهيق الحمار:
قم بالعمل بالسنة الآتية ثم قم بالتصويت
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت مَلَكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا)) [متفق عليه:3303 - 6920].
برنامج إحياء السنة النبوية:
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html(/)
لنتعاون على جمع أماكن ومعلومات مكتباتنا العامة
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 Oct 2006, 06:24 م]ـ
الأخوة الأعزاء
نحن بصدد جمع معلومات عن المكتبات العامة عموما في المملكةا ونحتاج من أهل كل منطقة الإعانة بمعلومات عن مكتباتها من حيث موقعها المكاني
والالكتروني
وبعض ميزها
ونظام الإعارة
وذلك حتى يتسنى لنا تطوير الإفادة منها فربما جهل البعض خدمات مكتبة وموقعها فحرم الإفادة منها
بارك الله فيكم
ولا تزهد ولو بأي معلومة ثم سنقوم بالتنظيم اللازم
وهذا لجميع الباحثين في الرياض
وفي مكة
والمدينة
وغيرها
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Oct 2006, 07:29 م]ـ
فكرة نافعة نفع الله بك أخي العزيز، وأرجو أن يوفقكم الله لاستكمالها ونشرها للباحثين.ونحن معكم وسأوافيك بما أعرفه إن شاء الله.
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[29 Oct 2006, 07:58 ص]ـ
من المراكز ذات المحتوى الجيد من الكتب والمخطوطات والدوريات القديمة
مركز سعود البابطين في الرياض
خلف مبنى جريدة الجزيرة في حي الصحافة
لكنها لم تفتح حتى الآن
أسأل الله أن ييسر ذلك
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[09 Nov 2006, 06:04 ص]ـ
بارك الله فيكما ألا مزيد
ـ[الطبيب]ــــــــ[09 Nov 2006, 10:49 م]ـ
الرياض:
مكتبة الملك عبد العزيز العامة
مكتبة ابن القيّم بجامع شيخ الإسلام - السويدي
الظهران:
مكتبة الدوحة العلمية (لست متأكد من الاسم): حي الدوحة - الجامع الكبير - امتداد سوبرماركت المزرعة
ودمتم،،،(/)
لطيفة في الأعداد: ديشليار = (1) بجواره (63 صفر)!.
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 Oct 2006, 11:42 م]ـ
لطيفة بخصوص الأرقام:
وكثير منها أول مرة أسمع بها، وأقرأ عنها:
مليون 1000000 واحد و 6 اصفار
مليار 1000000000 واحد و 9اصفار
بليون 1000000000000 واحد و 12صفر
بليار 1000000000000000 واحد و 15 صفر
ترليون 1000000000000000000 واحد و 18صفر
ترليار 1000000000000000000000 واحد و 21 صفر
كنريليون 1000000000000000000000000 واحد و 24 صفر
كنريليار 1000000000000000000000000000 واحد و 27 صفر
سينكليون 1000000000000000000000000000000 واحد و 30 صفر
سيزيليون 1000000000000000000000000000000000000 واحد36 صفر
سبتليون 1000000000000000000000000000000000000000000واحد و 42 صفر
نيليون 1000000000000000000000000000000000000000000000000 واحد و 48 صفر
نيفليون 00000000000000000000000000000000000000000000000000 000 1 واحد و 54صفر
ديشيليون 00000000000000000000000000000000000000000000000000 0000000000 1واحد و 60 صفر
ديشليار 00000000000000000000000000000000000000000000000000 0000000000000 1 واحد و 63 صفر
منقول للفائدة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[30 Oct 2006, 10:41 م]ـ
إضافة يسيرة من الشيخ المبارك / عصام البشير وفقه الله تعالى:
(ومما ينبغي التنبيه عليه أن مصطلحي المليار والبليون فيهما شيء من الخلاف والغموض، كما تجده على هذين الرابطين:
http://en.wikipedia.org/wiki/Billion
وملخصه:
- أكثر الناطقين بالانجليزية يقصدون بالبليون: ألف مليون.
- وفي الاستعمال الانجليزي القديم يقصدون به: مليون مليون.
قلت: والاستعمال الأول هو المشتهر الآن في وسائل الإعلام.
http://en.wikipedia.org/wiki/Milliard
والمليار مصطلح فرنسي في الأصل. وهو الآن غير مستعمل في أمريكا، وقليل الاستعمال في غيرها. وقد غلب عليه مصطلح بليون عندهم.
قلت: ومصطلح المليار هو المستعمل عندنا في بلاد المغرب، لغلبة لغة الفرنسيس على لسان القوم.
وعلى هذا الرابط فوائد أخرى عن سائر المصطلحات:
http://en.wikipedia.org/wiki/Long_and_short_scales
رزقنا الله وإياكم مليارات الحسنات، يمنه وكرمه) أ. هـ.(/)
هدية العيد: موقع للمصاحف الكاملة، وآخر لروائع التلاوات
ـ[الطبيب]ــــــــ[30 Oct 2006, 04:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أهدي إليكم هذين الموقعين الرائعين أسأل الله عز وجل أن ينفع بهما:
الأول: رياض القرآن ( http://www.ryadh-quran.net)
ويحتوي على آخر التلاوات للقراء المشهورين: القطامي، الدوسري، الزامل .. وغيرهم كثير؛ بالإضافة إلى إصداراتهم كاملة.
الثاني: المكتبة الصوتية للقرآن الكريم ( http://www.mp3quran.net)
ويحتوي على مصاحف كاملة لقراء الحرمين وغيرهم من القراء المشهورين، ويتميز بأن الملفات كلها بصيغة mp3.
ودمتم،،،
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[30 Oct 2006, 05:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: الطبيب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإني أشكركم على هديتكم القيمة،جزاكم الله خيرا، فالدال على الخير كفاعله.وكل عام وأنتم بخير.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.(/)
هل ورد حديث في النهي عن كسو الحيطان بالقماش؟؟
ـ[المتدبر]ــــــــ[30 Oct 2006, 09:09 م]ـ
هل ورد حديث في النهي عن كسو الحيطان بالقماش؟؟
--------------------------------------------------------------------------------
إن كان قد ورد فمن أخرجه وما ذا قيل في الحديث؟؟؟
والله ولي التوفيق وشاكرين لكم تعاونكم
ـ[منصور مهران]ــــــــ[30 Oct 2006, 09:42 م]ـ
مبحث: كسوة الحيطان والنهي عنها لم أرها إلا في حديث عائشة أخرجه ابن حبان في صحيحه: باب ذكر ما يستحب للمرء ترك كسوة الحيطان بالأشياء التي يريد بها التجمل دون الارتفاق - انظر الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 12/ 282، والحديث فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الطين والحجارة)، وآمل من أهل علم الحديث المساعدة في معرفة درجة الحديث فإني قليل البضاعة فيه.
وقد تعرض لهذه المسألة ابن أبي حاتم في تفسيره (طبعة العصرية 2/ 381،
ولابن تيمية قول موسع في الفتاوى 4/ 650
هذا، وبالله التوفيق.
ـ[المتدبر]ــــــــ[30 Oct 2006, 09:53 م]ـ
أخونا بن مهران ... أثابك الله
لقد طرحت هذا السؤال في ملتقى أهل الحديث في المنتدى العام وتم الجواب فلتنظره هناك
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[30 Oct 2006, 09:57 م]ـ
الحديث رواه مسلم في صحيحه برقم
3933
ونصه
- حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ مَوْلَى بَنِي النَّجَّارِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَمَاثِيلُ
قَالَ فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا يُخْبِرُنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَمَاثِيلُ فَهَلْ سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَا وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكُمْ مَا رَأَيْتُهُ فَعَلَ رَأَيْتُهُ خَرَجَ فِي غَزَاتِهِ فَأَخَذْتُ نَمَطًا فَسَتَرْتُهُ عَلَى الْبَابِ فَلَمَّا قَدِمَ فَرَأَى النَّمَطَ عَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَوْ قَطَعَهُ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ قَالَتْ فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ وَحَشَوْتُهُمَا لِيفًا فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ
وفي السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله قال:
2384 - " نهى أن تستر الجدر ".
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5/ 498:
أخرجه البيهقي (7/ 272) عن حكيم بن جبير عن علي بن حسين مرسلا.
قلت: و حكيم بن جبير ضعيف، كما في " التقريب "، فهو مرسل ضعيف الإسناد.
قلت: لكن قد ثبت من غير وجه إنكار الرسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الجدر
لغير حاجة، من ذلك حديث عائشة في قصة النمط، و قوله صلى الله عليه وسلم لها:
" أتسترين الجدار؟! إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة و الطين "
. أخرجه مسلم و غيره، يزيد بعضهم على بعض، كما تراه مخرجا مبينا في " آداب
الزفاف " (ص 111 - 112). و أخرجه البيهقي (7/ 272) عن أبي جعفر الخطمي عن
محمد بن كعب قال: " دعي عبد الله بن زيد إلى طعام، فلما جاء رأى البيت منجدا
، فقعد خارجا و بكى، قال: فقيل: ما يبكيك؟ قال: كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا شيع جيشا فبلغ عقبة الوداع قال: أستودع الله دينكم و أماناتكم
و خواتيم أعمالكم، قال: فرأى رجلا ذات يوم قد رفع بردة له بقطعة، قال:
فاستقبل مطلع الشمس، و قال هكذا - و مد عفان يديه - و قال تطالعت عليكم الدنيا
(ثلاث مرات) أي: أقبلت، حتى ظننا أن يقع علينا، ثم قال: أنتم اليوم خير،
أم إذا غدت عليكم قصعة و راحت أخرى، و يغدو أحدكم في حلة، و يروح في أخرى، و
تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟! فقال عبد الله بن يزيد: أفلا أبكي و قد
بقيت حتى تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟! ". قلت: و إسناده صحيح. و أخرجه
الترمذي (2/ 77 - 87) من طريق محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن
كعب القرظي حدثني من سمع علي بن أبي طالب يقول: " إنا لجلوس مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في المسجد إذ طلع مصعب بن عمير ما عليه إلا بردة مرفوعة بفرو
... " الحديث نحوه، و زاد في آخره: " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لأنتم اليوم خير منكم يومئذ ". و قال: " حديث حسن ". و روى البيهقي من
طريقين ضعيفين عن محمد بن كعب القرظي: حدثني عبد الله بن عباس مرفوعا بلفظ: "
لا تستروا الجدر ". و أخرجه أبو داود أيضا، إلا أنه لم يسم الراوي عن محمد بن
كعب، و قد تكلمت عليه في " ضعيف أبي داود " (262)، و سماه بعضهم كما بينته
في تعليقي على " المشكاة " (2243). أقول: من أجل ما تقدم أميل إلى تقوية
الحديث. و الله سبحانه و تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[منصور مهران]ــــــــ[30 Oct 2006, 10:22 م]ـ
شكرا تاما لأخويّ: المتدبر، وعبدالله بن بلقاسم. فقد أفدت من الدلالة على موقعٍ نوقش فيه الموضوع من قبل، ومن مباحث قيمة في فن من فنون الحديث فاتني درسها زمن الطلب، مع التحية والتقدير.(/)
جديد فضيلة الشيخ د. عبدالكريم الخضير وفقه الله.
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[01 Nov 2006, 06:39 م]ـ
جدول الشيخ عبدالكريم .. الجديد.
http://www.islamlight.net//images/stories/111.gif
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Nov 2006, 04:54 م]ـ
جزيت خيراً
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[04 Nov 2006, 02:40 ص]ـ
واياكم أخي ..
..............................
باذن الله تعالى سيبدأ الشيخ عبدالكريم مغرب الغد في شرح الموطأ في كتاب الأقضية.(/)
برنامج إحياء السنة النبوية- المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[02 Nov 2006, 04:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الأسبوع (31) بتاريخ 12/ 10/1427 - المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة:
?لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر
وذكر الله كثيرًا ? (الأحزاب: 21).
عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تمضمض، واستنشق من كف واحدة))
[رواه مسلم: 555].
برنامج إحياء السنة النبوية:
http://esmallah.org/sub/da3wa/suna/nashr.html(/)
100 فتوى في التوحيد والعقيدة السلفية لمجموعة من العلماء وطلاب العلم ....
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[02 Nov 2006, 09:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه مجموعة من بعض الفتاوي للعلماء وطلاب العلم تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة في علم التوحيد والعقيدة، رأيت أن أجمعها حتى يستفيد منها الأخوة والاخوات في هذا الملتقى المبارك ...
اسأل الله عزوجل أن ينفع بها وأن يجعل هذا العمل البسيط خالصاً لوجه ...
ولاتنسوني من صالح دعائكم ...
ما هو معنى التوحيد؟ وما هي أقسامه؟.
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=49030&ln=ara
ما هو الفرق بين الكفر والشرك؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...fatawa&id=2069
الإيمان والتوحيد والعقيدة أسماء لمسميات هل تختلف في مدلولاتها؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...=fatawa&id=275
سؤال يتعلق بتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام وهل هناك دليل على ذلك؟. (ابن باز رحمه الله)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=26338&ln=ara
ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ (محمد المنجد)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=21738&ln=ara
ما هو أول واجب على الخلق؟. (ابن عثيمين رحمه الله)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=9358&ln=ara
هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل؟ (د. أحمد الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=68932
ما هي شروط قول: (لا إله إلا الله)؟ وهل يكفي التلفظ بها فقط دون فهم معناها وما يترتب عليها؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...fatawa&id=1680
ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل، وخاصة في أمر العقيدة، وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيراً؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...fatawa&id=2164
المشروع والممنوع في التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم (الشيخ عبدالعزيز الراجحي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=82184
تفصيل حكم الاستغاثة والتوسل بالنبي (الشيخ عبدالرحمن البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=114582
قصة استسقاء النبي بعد موته (د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=9799
ما هي الأصول الثلاثة وأدلتها؟ (البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=17104
ما هو الفرق بين الإسلام والإيمان؟ (ابن عثيمين رحمه الله)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=23552
فهذه فوائد تتعلق بالعقيدة: (ابن باز رحمه الله)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...article&id=587
نواقض الإسلام مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها: (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...article&id=720
هل يكفي النطق والاعتقاد بهذا الركن من أركان الإسلام أم لابد من أشياء أخر حتى يكتمل إسلام المرء ويكتمل إيمانه؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...=fatawa&id=153
ماحكم التبرك ببعض الأثار المنسوبة للنبي _صلى الله عليه وسلم_ كالشعر والسيف وغيرها؟ (عبدالرحمن المحمود)
http://www.almoslim.net/rokn_elmy/sh...in.cfm?id=4426
هل صحيح -كما يذكر بعض العلماء- أن السؤال في أمر الصفات من الأمور المحدثة، وأن الصحابة لم يكونوا يسألون عنها؟ (الشيخ سفر الحوالي)
http://www.alhawali.com/index.cfm?me...&ContentID=985
ما الفرق بين أسماء الله وصفاته؟. (ابن باز)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=22642&ln=ara
عندما قال رسول الله " وخلق الله آدم على صورته أو هيئته " إلى من تعود كلمة صورته أو هيئته، وكيف نفسر هذا؟.
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=20652&ln=ara
ماهو الضابط في أسماء الله الحسنى؟ (البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=23687
لوازم إثبات الصفات لله (د. أحمد القاضي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=40553
ما حكم التأويل في الصفات؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...e=fatawa&id=44
الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق (د. سعيد الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=81695
(يُتْبَعُ)
(/)
ما معنى قول العلماء عن الله: بائن من خلقه؟ (البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=11245
ذكر أحد العلماء أن الإمام ابن تيمية رحمه الله يستحسن الاحتفال بذكرى المولد النبوي فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...fatawa&id=2088
معنى علو الله تعالى (د. عبدالله الدميجي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=30672
نقل أسماء الله وصفاته من الحقيقة إلى المجاز (د. عبدالعزيز الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=25237
ما حقيقة أن السلفيين جسدوا الله جل جلاله؟ وهل يعتبر ذلك من أبواب الشرك بالله؟ (البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=15576
حكم القول بقدم العالم (البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=33575
إثبات صفة الحياء لله عزوجل (د. عبدالعزيز العبداللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=33575
هل الإيمان يزيد وينقص؟ (د. عبد العزيز بن عمر الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=41815
نزول الباري في الثلث الأخير (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=49871
الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد (د. الشريف حاتم بن عارف العوني)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=28628
الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=109850
إثبات الأيدي لله في قوله "مما عملت أيدينا" (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=103112
تأويل السلف لقوله: " والسماء بينناها بأيد"" (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=96726
رسالة الذهبي ـ المزعومة ـ إلى ابن تيمية هل تصح؟)! د. عبد الله بن عمر الدميجي (
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=18274
كثرة الأشاعرة هل تدل على أنهم على الحق؟ "" (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=35213
ترك المعنى الظاهر في قوله: "نسوا الله فنسيهم" (د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=108813
عقيدة الشيخ عبد القادر الجيلاني " (د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=6892
كلام الله عز وجل؟ "" (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=33652
الأخذ بالحديث الحسن في العقائد (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=29896
هل مذهب السلف في الأسماء والصفات هو التفويض (د. سعود بن عبد العزيز العريفي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=54633
ذكر الله نفسه بصيغة الجمع (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=12262
هل الحنان والعطف من صفات الله؟ (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...ent.cfm?id=414
صفة الشم لله تعالى.) د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/...ent.cfm?id=422
جاء في (لمعة الاعتقاد) أن أحمد بن حنبل فوَّض المعنى. هل هذا مذهب أهل السنة؟ (عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=35665
هل لله روح؟ (د. سالم بن محمد القرني)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=10776
القرب الحسي والمعنوي من الله تعالى (أ. د. ناصر بن عبدالكريم العقل)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=21720
الضابط في أسماء الله الحسنى (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=23687
معنى الإلحاد في أسماء الله؟! (د. رشيد بن حسن الألمعي)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=109013
هل (القديم) من أسماء الله؟ (د. محمد بن عبدالله الخضيري)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=37212
أين الله؟ (عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي)
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=40575
في الحديث يقول الله تعالى: "العز إزاري"، فهل هناك رداء حقيقة؟. (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=41814
رؤية الله يوم القيامة تستلزم أن يكون لله جسماً .. هل هذا الكلام صحيح؟. (صالح الزهراني (
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=49583
ما هي أسماء الله المتعدية وغير المتعدية؟ وما المقصود بالمتعدي وغير المتعدي؟ (د. عبد الله بن عمر الدميجي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=23160
الله نور السماوات والأرض (د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف (
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=9964
معنى الله معنا؟ (د. سالم بن محمد القرني)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=35618
التوسل بصفات الله (د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=109763
ماذا تفسرون تأويل بعض الصحابة-رضي الله عنهم- وبعض التابعين بإحسان من القرون المفضلة لبعض آيات وأحاديث الصفات؟ (د. محمد بن عبد الله القناص (
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=54092
معنى حديث ذراع الجبار (د. الشريف حاتم بن عارف العوني)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=70199
الجواب عن استدلال أهل الحلول بهذا الحديث (د. عبد الله بن محمد سفيان الحكمي)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=109275
هل في هذا الحديث تشبيه الخالق بالمخلوق؟ (الشيخ راشد بن فهد آل حفيظ (
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=77927
الحكم في العامي إذا تربّى على عقيدة فاسدة (د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...ent.cfm?id=114
عقيدة ابن حجر والنووي (د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/...ent.cfm?id=209
من هم أهل الأهواء وما أحكامهم؟ (أ. د. ناصر بن عبدالكريم العقل)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=7973
هل يجوز الاستثناء في "أصل الإيمان"؟ (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=26655
شبه حول نزول الباري عز وجل (د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=23891
هل أفعال الناس مخلوقة؟ (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=12808
وسوسة عقدية ((عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=39349
عبارة: أنا مؤمن إن شاء الله! (د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=102038
هل الإنسان مُسَيَّرٌ أم مُخَيَّرٌ؟! (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=52286
الجبر والاختيار (د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=10772
نار جهنم هل تفنى؟ (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=14864
القول بفناء الجنة (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=46847
رأي ابن تيمية في قدم العالم وفناء النار (د. محمد بن عبدالله الخضيري)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=89905
علم النبي عليه الصلاة والسلام الغيب! (د. الشريف حاتم بن عارف العوني)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=45518
القول بتحريف القرآن (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=21300
هل اعتقاد الشيعة الاثنى عشر بعصمة الأئمة اعتقاد مكفر بذاته أي اعتقاد العصمة فيهم فقط؟ (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=110404
الحكم بالقوانين الوضعية (د. عبد الله بن عمر الدميجي)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=5070
الاستغاثة بالأموات شرك أصغر أم أكبر (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=16356
(يُتْبَعُ)
(/)
ما هي الضوابط العامة في التفريق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر؟ (د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=18128
هل الطواف حول القبر شرك مطلقاً؟ (أ. د. ناصر بن عبدالكريم العقل)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=109048
هل يجوز حل السحر بسحر؟ (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=9891
مذهب أهل السنة في الملائكة والجان (محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=6834
المفاضلة بين الصحابة – رضي الله عنهم – (د. محمد بن عبدالله الخضيري)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=21986
من هم آل البيت؟ (د. رشيد بن حسن الألمعي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=35481
تعريف البدعة؟ (د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=8853
متى تحرم مجالسة المبتدعة (د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=52756
ماحكم الاحتفال بالمولد النبوي؟ (عبد العزيز بن باز - رحمه الله -)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=8106
هل الخوارج كفار؟ (د. عبد الله بن عمر الدميجي)
http://www.islamtoday.net/questions/...nt.cfm?id=4738
الانتساب لمذهب أهل السنة والجماعة (د. عبد الله بن عمر الدميجي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=44186
لماذا يكفر الوهابيةُ الصوفيةَ؟ (د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي)
http://www.islamtoday.net/questions/...t.cfm?id=92503
هل يقال عن الله: إنه من عُمَّار السماء؟ (عبد الرحمن بن ناصر البراك)
http://www.islamtoday.net/questions/....cfm?id=105334
هل صحيح أن الحنابلة هم السلفيون فقط؟ وما حقيقة السلفية؟ هل هي قرينة التشدد والتزمت كما يروج البعض؟ (ابن باز)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...fatawa&id=2067
تنبيهات هامة على ما كتبه الشيخ محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل (ابن باز رحمه الله)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?p...article&id=544
هل يوصف الله تعالى بالنسيان؟ (ابن عثيمين رحمه الله)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=34854&ln=ara
هل يوصف الله تعالى بالمكر والخيانة والخداع؟
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=39803&ln=ara
لا تعارض بين نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا واستوائه على العرش (الشيخ محمد المنجد)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=12290&ln=ara
تفسير (فأينما تولوا فثم وجه الله)
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=10243&ln=ara
والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ...
ـ[المسيطير]ــــــــ[02 Nov 2006, 06:07 م]ـ
جزاك الله خيرا، ونفعنا بما كتبت.(/)
حصن العقيدة أعني .. فواها لهم ثم واها واها
ـ[سلسبيل]ــــــــ[02 Nov 2006, 07:10 م]ـ
جموعا ثبات والدواهي في الآفات تهترس لا يغرنكم ترادف المحن وتوالي الفتن فإن الحق أبلج والباطل لجلج
قد استدار الزمان حتى رأينا من محنه أن تقيد الأسود وتطلق الثعالب ويتهم الأمين ويُصدّق الكاذب!!
لم يبق أن يرفع راية الدين إلا من هدم أركان الدين!!
لم يبق من يرفع اللواء إلا من لم يقم لله حقا ولم يرفع بالعقيدة رأسا
قد رأينا اللواء في أيديهم يأنف وعن الإنتساب إليهم يستنكف!!
شاهت الوجوه ثم شاهت الوجوه ...........
كم يريدون الظهور على أكتاف حقوقنا المسلوبه وديارنا المغلوبه!!
ولكن الطبع يغلب التطبع!!
نكصوا عن السنة وأقاموا على البدعة، نابذوا الحق وأزلفوا الباطل بل حاربوا خير القرون وطعنوا بالأكارم قد تعالى أمرهم وبلغ السيل الزبى!!
طويتهم معلولة وعقيدتهم مدخولة!!
فعجبي لا ينقضي ليس منهم ولكن ممن لف لفهم ولم يتبرأ ممن تبرأ من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
وقد آذوهم واختلقوا عنهم الأباطيل بل زعموا أنهم أهل رده!!!!!!!!!
أيكن الفم مريض بسب الأفاضل واليد مشغولة عن الحق تنافح وتناضل!؟؟؟؟؟
مالكم كيف تحكمون؟
هيهات هيهات أن تقوى على حمل السلاح أو تخلص في درب الكفاح!!
فلئن ملأوا الأرض بدعواهم وضاق الفضاء بزعمهم انهم عن حياض الدين مدافعين وعن الرسول منافحين وللمستضعفين مناصرين!!
فلم يكن لهم مما ادعوا إلادعواهم ولا من العمل إلا أقوالهم
ولا من الجهاد إلا الأماني ولا من الوعود إلا كبرق الخلب!!
سمعنا أهازيجهم ولم نرى انتصاراتهم!!
خادعوا أنفسهم فخُدعوا،،، لم تنطلي حيلهم إلا على الغر ولم يزدد بهم أهل العلم إلا علم
فئن شد بهم بعض المتوهمين أزره فليرخه فما على الخبير سقطوا ولا على أهلها وقفوا!!
فإن للأمة رجالا تعرفهم بسيماهم وقفت أمجادها عليهم ووقفوا همتهم على مجدها، فليست ترضى عنهم بديلا وليس يرضيهم بديلها،لا يصلح لهم غيرها ولايصلحون إلا لها
إن شئت تجدهم في المحاريب عبادا أو بين حلقات العلم طلابا وإن تعرج على ساحات الوغى فهم أسد الشرى وموت العدى
وإن أردت المزيد فحسبك انهم لا يحصيهم مكان ولا يخلو منهم زمان أينما حلوا نفعوا يتحصنون بالعقيدة وهم حصنها، ويقيمون السنة وهم أهلها،مشمرين عن ساق في المعالى،،،، لا يضرهم تخاذل من خذلهم ولا كيد الأعادي،،،، فواها لهم ثم واها واها!!!
قد أبان وصفهم نبيهم وقدوتهم بقوله عليه الصلاة والسلام (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق. لا يضرهم من خذلهم. حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) صحيح رواه مسلم(/)
انتحار رجل دين مسيحي ألماني احتجاجا على انتشار الاسلام في اوروبا
ـ[روضة]ــــــــ[04 Nov 2006, 07:08 م]ـ
خبر لطيف طريف نشرته جريدة الدستور الأردنية حول انتحار رجل دين مسيحي بسبب انتشار الإسلام .... إليكم الرابط
انتحار رجل دين مسيحي ( http://www.addustour.com/search/result.asp?file=../archive/internationalnews/2006/11/internationalnews_issue15245_day3_id202842.htm&dat=3/11/2006&iss=15245)
{ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ} آل عمران119
ـ[ابن آدم]ــــــــ[04 Nov 2006, 11:23 م]ـ
(من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ)
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[05 Nov 2006, 02:54 م]ـ
الحمد لله.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Nov 2006, 03:41 م]ـ
فقد عجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار
حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق
ـ[البتول]ــــــــ[07 Nov 2006, 07:23 م]ـ
حينما رأيت الحشود الكبيرة التي اجتمعت في جنازة بولس الثاني قلت في قرارة نفسي ألن يكون لواحد منهم حجة علي و علينا يوم القيامة لجهلهم بالإسلام ...... فماذا قدمنا لهذا الدين؟؟
فهل هذا التسائل وجيه؟
{عاد ليطرح نفسه بعدمطالعتي للمقال.}(/)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من قال لك: اقلط (تفضل) حياءا تحرم عليك إجابته.
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 Nov 2006, 08:59 م]ـ
قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى عند شرحه لكتاب:" القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة* " للشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى، ص44 مانصه:
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
القاعدة الثانية:
(الوسائل لها أحكام المقاصد:
فما لا يتم الواجب إلا به: فهو واجب.
وما لا يتم المسنون إلا به:فهو مسنون.
وطرق الحرام والمكروهات تابعة لها.
ووسيلة المباح مباح.
ويتفرع عليها أن توابع الأعمال ومكمّلاتها تابعة لها).
ثم قال الشيخ الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
ومن فروعها:
(أن من أهدى حياءا أو خوفا وجب على المُهْدى إليه الرد أو يُعَاضُه عنها).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في بيان المسألة:
(إذا أهدى إلى الشخص حياءا فإنه يجب على المُهدى إليه الرد، بمعنى أن يقول: لا أريدها.
ومن ذلك أيضا: إذا عرض عليه الدخول في البيت ليطعم، وهو يعرف أنه إنما عرَض عليه ذلك حياءا فلا يُجِب، ولا يجوز له أن يجيب.
وهذه تقع كثيرا، يخرج الرجل من بيته للشغل وإذا بصاحبه يصادفه عند الباب، فيقول: تفضل؛ قصدا أم حياءا؟ حياءا.
نقول لهذا: لا تجبه، يحرم عليك الإجابة، لإنك تعلم أنه ما فعل ذلك إلا حياءا) أ. هـ
(*) القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة - طبعة مكتبة السنة.
ـ[سعودالعكوز]ــــــــ[07 Nov 2006, 01:46 م]ـ
جميل
وجزاك الله خير
...(/)
أبيار علي - هل نقرأ التاريخ؟؟
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[08 Nov 2006, 10:28 ص]ـ
قصة أبيار علي
وعلاقة ذلك بمنطقة دارفور في السودان
من خطبة جمعة للدكتور صفوت حجازي
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله .. وبعد،،
قليل منا من قرأ تاريخنا ووعى هذا التاريخ، ونحن للأسف الشديد أمة لا تقرأ تاريخها، وإذا قرأنا هذا التاريخ فإننا ننساه ونتعامل معه علي أنه ماض، والمهم أن ننظر للحاضر والمستقبل.
أيها الأحباب .. التاريخ هو مجدنا ومجد آباءنا، التاريخ هو حاضرنا ومستقبلنا، وكما روى الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه قال: كان أبي سعد بن أبي وقاص يأخذ بأيدينا أنا وإخوتي، يوقفنا علي مشاهد رسول الله (أي مواقع الغزوات) وآثار رسول الله، ويروي لنا ما شهد من الماضي، ويقول لنا: تعلموا تاريخكم، وتعلموا سيرة نبيكم، فإنها مجدكم ومجد آبائكم. أما نحن فللأسف الشديد ضاع منا هذا التاريخ.
==================
سبب تسمية ميقات ذو الحلفية بأبيار علي
==================
وأظن أن الجميع يعرف المدينة المنورة، بل إن معظمنا ذهب إليها وسار في طرقاتها. ولعل بعضنا يعرف أبيار علي، وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة، وكانت تسمي في زمن النبي صلي الله عليه وسلم ذي الحليفة. ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا غير صحيح .. والصحيح أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار. وعلي بن دينار هذا جاء إلي الميقات عام 1898م حاجاً (أي منذ حوالي مائة عام)، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلي فيه النبي وهو خارج للحج من المدينة المنورة، وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار.
===========
من هو علي بن دينار؟
===========
أتدرون من هو علي بن دينار هذا؟ إنه سلطان دارفور. تلك المنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً جرداء قاحلة في غرب السودان، كانت منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار. وهذا السلطان لما تقاعست مصر عن إرسال كسوة الكعبة أقام في مدينة الفاشر (عاصمة دارفور) مصنعاً لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال عشرين عاماً تقريباً يرسل كسوة الكعبة إلي مكة المكرمة من الفاشر عاصمة دارفور. وإذا كنا في مصر نفخر ونشرف أننا كنا نرسل كسوة الكعبة، وكان لنا في مكة التكية المصرية، فإن دارفور لها مثل هذا الفخر وهذا الشرف.
هذه الأرض المسلمة تبلغ مساحتها ما يساوي مساحة جمهورية فرنسا، ويبلغ تعداد سكانها 6ملايين نسمة، ونسبة المسلمين منهم تبلغ 99% (أي أن نسبة المسلمين في دارفور تفوق نسبتهم في مصر)، والذي لا تعرفونه عنها أن أعلي نسبة من حملة كتاب الله عز وجل موجودة في بلد مسلم، هي نسبتهم في دارفور، إذ تبلغ هذه النسبة ما يزيد عن 50% من سكان دارفور، يحفظون القرآن عن ظهر قلب، حتى أن مسلمي أفريقيا يسمون هذه الأرض "دفتي المصحف". وكان في الأزهر الشريف حتى عهد قريب رواق اسمه "رواق دارفور"، كان أهل دارفور لا ينقطعون أن يأتوه ليتعلموا في الأزهر الشريف.
وأصل المشكلة هناك أن دارفور يسكنها قبائل من أصول عربية تعمل بالزراعة، وقبائل من أصول إفريقية تعمل بالرعي. وكما هو الحال في صحراوات العالم أجمع .. يحدث النزاع بين الزراع والرعاة علي المرعى والكلأ، وتتناوش القبائل بعضها مع بعض في نزاع قبلي بسيط، تستطيع أي حكومة أن تقضي عليه، غير أن هذا لم يحدث في السودان، بل تطور الأمر لما تسمعونه وتشاهدونه الآن .. لماذا كل هذا؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
لأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، لأن السودان هي أغني وأخصب أراضي العالم في الزراعة، لأن السودان اُكتشف فيها مؤخراً كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور، فلو استقر السودان المسلم لحل الأمن والرخاء والسخاء بالمنطقة كلها، ولأصبحت السودان ملجأ وملاذاً للمسلمين والعرب أجمعين، ولهذا لم يرد أعداء الإسلام لهذه المنطقة أن تنعم بالاستقرار، ولا أن تعتمد علي نفسها، فماذا يفعلون؟ يشعلون النزاعات في أنحاء البلاد ليصلوا بالأمر إلي تقسيم هذه الأرض إلي أربع دويلات .. دولة في الغرب (تسمي دارفور) ودولة في الشرق، ودولة في الجنوب ودولة في الشمال (في جنوب مصر). لقد نفذوا خطتهم هذه فعلاً في الجنوب، ودبّ النزاع بين الشمال والجنوب، وأقروا أن حق تقرير المصير بانفصال أهل الجنوب سينفذ بعد خمس سنوات من الآن. وبعد أن تم لهم ما أرادوه في الجنوب، التفتوا إلي الغرب وأشعلوا فيه نار الفتنة والخلاف، سعياً وراء حق تقرير المصير هناك أيضاً، وؤأكد لكم أن النزاع سيصل إلي الشرق عن قريب، وسيكون حق تقرير المصير هو الحل أيضاً، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله.
وأذكر لكم قصة الجنوب .. إن نسبة المسلمين في جنوب السودان حوالي 16%، ونسبة النصارى 17%، أي أن الفارق 1% فقط، والباقي من السكان وثنيون. فأي تقرير مصير هذا الذي ينادون به؟ السر في هذا يا إخوتي في الله .. أنهم يأملون في نجاح حركات التنصير في ضم 5% من السكان إلي النصرانية خلال الخمس سنوات القادمة، وعلي هذا سترتفع نسبتهم إلي 23%، وهم في سبيلهم هذا يعتمدون علي قعود المسلمين عن الدعوة لدينهم وزيادة أعدادهم في الجنوب.
أعرفتم الآن يا إخوتي لماذا يذهب كارتر رئيس مجلس الكنائس العالمي إلي الجنوب دائماً؟ للإشراف علي تنفيذ هذا المخطط.
أتدرون أن 13 وزيراً من وزراء أوروبا وأمريكا ذهبوا إلي دارفور في الثلاثة شهور الأخيرة فقط؟ .. وأن آخر زوار دارفور وزير الخارجية الأمريكي؟ .. وما دارفور هذه لتتحرك لها وزارة الخارجية الأمريكية؟ .. في حين لم تتحرك جامعة الدول العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي .. ولو أن كل مسلم من المليار مسلم تبرع بجنيه مصري واحد .. لأصبحت السودان جنة من جنات الأرض .. ولكن ما من تحرك ولا تفاعل ولا حتى شجب أو استنكار، بل تقاعسٌ وصمتٌ رهيبٌ .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تلكم يا إخوتي هي المشكلة في السودان الحبيب. وتلكم هي قصة دارفور، الأرض الغالية، صاحبة أعلي نسبة من حملة كتاب الله عز وجل، التي تبلغ نسبة المسلمين فيها 99%، أرض كانت في يوم من الأيام سلطنة إسلامية، لها سلطان عظيم اسمه علي بن دينار، يكسو الكعبة ...
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين .. اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بشر فاشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، وأدر الدائرة عليه. اللهم أقم فينا دولتك، وارفع لواءك، وحكم فينا شريعتك .. إنك ولي ذلك والقادر عليه. وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول
ـ[الطبيب]ــــــــ[08 Nov 2006, 10:50 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا النقل المفيد ..
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال إخواننا في دارفور.
وهذا رابط ملف أحداث دارفور من موقع المسلم. ( http://www.almoslim.net/Moslim_Files/DARFOR/)
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[28 Feb 2007, 12:22 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا النقل المفيد ..
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[01 Mar 2007, 12:01 ص]ـ
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
اعان الله المسلمين ورفع عنهم
اما ابيار علي فهي منسوبة الى علي رضي الله عنه ونسبها له اناس ماتوا قبل ولادة علي بن دينار بقرون كالسمهودي والمراغي
وهي منسوبة لشعب علي رضي الله عنه التي هناك
فالمامول من الخطباء التثبت قبل تحديث العامة
جزى الله الجميع خير الجزاء(/)
دورة تأصيل علم العقيدة
ـ[الطبيب]ــــــــ[08 Nov 2006, 11:09 ص]ـ
من موقع المسلم ...
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[08 Nov 2006, 03:31 م]ـ
بارك الله فيك(/)
النية وما أدراك ما النية
ـ[البلاغية]ــــــــ[08 Nov 2006, 03:47 م]ـ
~*O ôôO*~*OôôO*~ بسم الله الرحمن الرحيم ~*O ôôO*~*OôôO*~
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني وأخواتي
موضوع في غاية الأهمية قد نكون غفلنا عنه وضيعنا على أنفسنا اجور كثييييييييييييييييييرة كثيرة كثيرة
وهو في غاية السهولة
لا يحتاج إلى عمل ولا جهد ولا حتى تحريك اصبع او لسان
أتدرون ما هو
إنها
النية
قد تقولون كلنا ننوي بأعمالنا
صحيح نعم وانا معكم
ولكننا نستطيع أن نجمع في العمل الواحد عدد من النوايا فيحتسب لنا اجر كل نية
وإنما الأعمال بالنيات كما قال رسول الله: (إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكلّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله
ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)
فالإسلام يربط بين العمل والنيّة، فلا يمكن التفكيك بينهما
فيعتبر العمل بلا نيّة لا قيمة له
كما أنّ النيّة الخالية عن أي عمل لا ثمرة لها
مثلا
زيارة الأرحام
عند الزيارة تحتسب أجر صلة الرحم بالإضافة إنك قد تستطيع ان تنوي إدخال السرور في قلب المسلم بالإضافة إلى نشر هذه الشعيرة بين الأهل
وقد يضاف إليها زيارة المريض إذا كان احدهم مريضا وبالإضافة التخفيف عنهم إذا كانوا في إبتلاء وأن الملائكة ستستغفر له
وبانه بكل خطوة سيكت له بها اجر والكثير الكثير من النوايا التي ننسى أن نحتسبها فيفوت علينا الأجر الكثير
و مثلا
الصدقة
بلإضافة إلى نية الصدقة سأدخل السرور في قلب الفقير وأني سأفرج عنه همه
واني سأواسية بهذه الصدقة وبان ربي سيدفع عني البلاء
ومثلا
المدرس
ينوي في كل يومه انه سيذهب لنشر العلم حتى يستغفر له كل من في السماوات والأرض حتى الحيتان وانه بخروجه هذا يكون في سبيل الله فيخلص العمل لله
وأنه سيحاول ان يقرب الطلبة ويعرفهم بخالقهم بأي كلمة أو وسيلة وبأنه سيكون قدوة للطلاب حتى يصلح المجتمع
وبأنه يذهب ليكسب من مال الحلال واليد العليا خير من السفلى وبأنه سيعول أبناءة ويعفهم و و و و كلٌ حسب نيته
في كل عمل نستطيع أن نحتسب اكثر من نية ونجمعها في عمل واحد
فنيّة المؤمن أفضل من عمله وذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه
وهناك الكثير من الناس ينسون إحتساب النية في اعمالهم اليومية كالنوم والطعام والطبخ و و و
مثلا
أحتسب أجر النوم باني سأريح جسمي من اجل ان أقوم بعبادة ربي على أكمل وجه فيكون نومي عبادة
وحتى في الطعام والشراب أأكل حتى يقوني ربي لطاعته
وحتى المرأة التي تطبخ تنسى أن تحتسب أجر وقوفها وتعبها بأنه من أجل أبنائها وزوجها حتى يرضى عنها ربها وتكون هذه اللقمات صدقة منها
حتى الإبتسامة بين الأخوان والضحك والمسامرة كلها نسنتطيع ان نجمع فيها اجر النية
وربي يطلع على نية كل إنسان ويعطية على حسب نيته
بل إننا في النية نستطيع أن نحصل من الأجور ما لانتخيله دون أن نفعل شيئا
مثلا
أن تكون نيتي خالصة أن أجاهد في سبيل الله للدفاع عن إخواني وإن لم أستطع ذلك فقد أحصل على منازل الشهداء ولو مت في فراشي
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تمنى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن كان على فراشه)
وحتى في الإنفاق كما قال الرسول الله في حديثه: عن أربعة نفر (وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو نيته فأجرهما سواء)
ولكن لا بد من التقوى والإخلاص في النية
حيث ان كلّما كانت النيّة خالصة لله تعالى خالية عن الأغراض الدنيوية ازدادت قيمة العمل وقرب إلى القبول وصلح للجزاء الأوفى واعطت للإنسا ن الهمة في المزيد من العمل والسعي
و للمعلومية
النية محلها القلب وليست نطقا باللسان (نويت كذا) فلم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
بل هي إنبعاث من القلب يفتح به الله قلوب المؤمنين و قد ينسى المرء أحيانا وقد يتذكر أحيانا اخرى
ومن كان الغالب على قلبه أمر الدين تيسر عليه في أكثر الأحوال إحضار النية للخيرات
فلا تنسوا أن تحضروا النيه في جميع أعمالكم
ولاتنسوني من صالح دعواتكم
جزى الله خيرا من أعان على نشرها لتعم الفائدة
ـ[ام جواد المغربي]ــــــــ[09 Nov 2006, 03:05 ص]ـ
جزاك الله خير
وأثابك الجنة
ـ[البلاغية]ــــــــ[12 Nov 2006, 06:20 م]ـ
وجزاكِ ربي بالمثل
شكرا لمروركِ العطر
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[12 Nov 2006, 07:03 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أولا: جزاك الله خيرا على هذا التذكير، قد ذكرني تذكيرك هذا بمقولة كتبها الشيخ الدكتور سليمان الأشقر على الصفحة الأولى من رسالته القيمة " مقاصد المكلفين "، وهي لأحد سلفنا الصالح، الكلمة لا تحضرني الآن ولكن معناها
" لو بقيت كذا سنة في المسجد أعلم الناس النية لكفتهم " أرجو ممن يحفظ العبارة أن يكتبها في هذا الموضع.
ثانيا: الأخت الفاضلة، النية تجمع على " نيات " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " إنما الأعمال بالنيات ... " أما كلمة النوايا فهو جمع نواي، وهي الناقة السمينة، وتطلق على الخيل أيضا
قال الشاعر: ... لا تؤ ب جياده **** إلا غوانم وهي غير نواي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[البلاغية]ــــــــ[13 Nov 2006, 10:40 م]ـ
شكرا لك أخي على هذا التنبيه والتذكير
وجزاك ربي بالمثل
وفقك ربي لمرضاته(/)
ثلاثون حلقة من برنامج كرتون احكام القران الذي يذاع على قناة المجد
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[10 Nov 2006, 04:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه ثلاثون حلقة من برنامج كرتون احكام القران الذي يذاع على قناة المجد
وصف البرنامج:
شرح جميع ايات الاحكام القرانية من خلال افلام الكرتون بطريقة ممتعه وجذابه
من اهداف البرنامج:
تقريب الفقة والعلم الشرعى
لاذهان الكبار والصغار على حد السواء
باسلوب مبسط غير مسبوق
انصحكم بالتحميل
ولا تنسونا من صالح دعواتكم
..... ********** للتحميل ... اضغط الزر الأيمن للماوس واختر حفظ الهدف باسم أو save target as.......
آداب الزيارة
http://www.archive.org/download/AHKAM./adab.wmv
أكل مال اليتيم
http://www.archive.org/download/AHKAM./yatem.wmv
الأضحية
http://www.archive.org/download/AHKAM./odhia.wmv
التجسس
http://www.archive.org/download/AHKAM./tagsos.wmv
التكبر
http://www.archive.org/download/AHKAM./takbr.wmv
التيمم
http://www.archive.org/download/AHKAM./taymom.wmv
الحج
http://www.archive.org/download/AHKAM./haj.wmv
الخمر
http://www.archive.org/download/AHKAM./khamr.wmv
الدين
http://www.archive.org/download/AHKAM./dayn.wmv
الربا
http://www.archive.org/download/AHKAM./reba.wmv
الصدق
http://www.archive.org/download/AHKAM./sedk.wmv
فاسألوا أهل الذكر
http://www.archive.org/download/AHKAM./salah.wmv
الصيام
http://www.archive.org/download/AHKAM./syam.wmv
الغيبة
http://www.archive.org/download/AHKAM./ghyba.wmv
الكذب
http://www.archive.org/download/AHKAM./kazeb.wmv
المسح على الخفين
http://www.archive.org/download/AHKAM./khofayen.wmv
الميسر
http://www.archive.org/download/AHKAM./mayser.wmv
النميمة
http://www.archive.org/download/habil./namema.wmv
النهى عن الاسراف
http://www.archive.org/download/AHKAM./esraf.wmv
النهى عن النجوى
http://www.archive.org/download/AHKAM./alnagwa.wmv.
اليتيم
http://www.archive.org/download/AHKAM./yatem.wmv.
اليمين
http://www.archive.org/download/AHKAM./yamen.wmv.
إيذاء الجار
http://www.archive.org/download/AHKAM./algar.wmv.
رد الأمانة
http://www.archive.org/download/AHKAM./amana.wmv.
صلاة الجمعة
http://www.archive.org/download/AHKAM./gom3a.wmv.
صلاة الخوف
http://www.archive.org/download/videoaam/salahkhawf.wmv.
صلاة القصر
http://www.archive.org/download/videoaam/salakasr.avi.
عقوق الوالدين
http://www.archive.org/download/AHKAM./waldyen.wmv.
ما حرم الله أكله
http://www.archive.org/download/AHKAM./mohramat.wmv.
ويل للمطففين
http://www.archive.org/download/AHKAM./motafefen.wmv.
وأخيرا
نسألكم الدعاء الصالح
دمتم في حفظ الله و رعايته
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[10 Nov 2006, 11:54 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم على هذه المشاركة، علماً أنني حاولت تحميل أحدها لكنني تراجعت عندما تذكرت سرعة الشبكة عندنا وهي سرعة متهورة لا بد أن تحتاط لها (حيث قال لي: أنه يلزمك 5ساعات لتحميل المقطع)، فأجلت الموضوع لحين تخفيف هذه السرعة التي لا تطاق!!
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[11 Nov 2006, 12:13 م]ـ
جزاك الله خيراً أخانا أبا محمد
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[17 Nov 2006, 06:44 م]ـ
وجزاكم وبارك فيكم أخوتى الكرام(/)
الشيخ محمد المختار الشنقيطي المدرس بالحرم النبوي ليس صاحب هذه الفتوى ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[11 Nov 2006, 09:05 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله
وبعد/
فقد أصدرت جريدة عكاظ يوم السبت الموافق 13/ 10/1427هـ, خبراً كان نصه:
(أجاز الشيخ الدكتور محمد المختار الشنقيطي الاحتفال بالمناسبات الخاصة مثل ذكرى الميلاد والزواج .... الخ)
وبناءا على التشابه الحاصل بين العلامة المدرس بالمسجد النبوي الشريف (محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي) وبين صاحب الفتوى محمد بن عبد الله الشنقيطي -إمام مسجد في مدينة جدة- فالتنبيه على أمور:
1 - لا علاقة للدكتور محمد المختار المدرس بالمسجد النبوي الشريف بهذه الفتوى, وليس هو صاحبها.
2 - ليس الأمر اتهاما لأحد بل هو التنبيه على تشابه أسماء يقع في الشناقطة لكثرة تسميتهم ب: محمد المختار- محمد الأمين .. الخ
3 - لا تصح نسبة أي فتوى للشيخ ما لم تكن موجودة على موقعه الالكتروني أو شريط لدرس من دروسه أو محاضراته ,كما نص هو على ذلك في الموقع.
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[11 Nov 2006, 11:13 ص]ـ
جزاك الله خيراً
تتميماً للفائدة
موقع الشيخ د. محمد مختار المدرس في الحرم النبوي
http://www.shankeety.net/Alfajr01Beta/
ـ[الطبيب]ــــــــ[11 Nov 2006, 12:22 م]ـ
جزاك الله خيراً.(/)
شيخنا حمد الزيدان بحاجة لدعائكم وتبرعكم يا أهل الرياض!
ـ[أبو العالية]ــــــــ[11 Nov 2006, 11:30 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
شيخنا الزاهد حمد الزيدان حفظه الله وأمده بالصحة والعافية.
مستشار مركز الدعوة والأرشاد بالدمام.
وإمام وخطيب جامع الرضوان بحي عبد الله فؤاد بالدمام
هذا الجامع الذي يقام فيه كل صيف الدروس العلمية النافعة،
وقدكان من بينها أن قرأت على شيخنا متن الرحبية في الفرائض كاملاً وشرحه لنا الشيخ شفاه الله.
عانىشيخنا كثيراً من تشمع الكبد عافانا الله واياكم جميعاً، وأجريت للشيخ زراعة للكبد ونرجوا الله أن تكون قد نجحت.
والشيخ بحاجة ماسة للدم في مستشفى التخصصي بالرياض.وفصيلة الدم o+
من الساعة8 صباحا حتى 2 ظهرا
فالله الله يا أهل الخير بالتبرع لشيخنا.
أسأل لله العلي القدير أن يلبس شيخنا لباس الصحة والعافية وان يتمها عليه عاجلاً غير آجل.
اللهم آمين.
ـ[الطبيب]ــــــــ[11 Nov 2006, 12:20 م]ـ
الشيخ حمد معروف بحبه للخير ونشر العلم وخدمة طلبة العلم ...
وجهوده في جامع الرضوان لن ننساها ...
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
ودمتم،،،
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[11 Nov 2006, 10:29 م]ـ
نسأل الله أن يعجل في شفائه، وأن يبارك في عمره وعمله.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[11 Nov 2006, 11:01 م]ـ
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 Nov 2006, 11:13 م]ـ
الشيخ الكريم / أبالعالية
جزاكم الله خير الجزاء.
وأسأل الله تعالى أن يعجل بالفرج والشفاء لأخينا الشيخ / حمد الزيدان
موقع ( freeblood ) ، وفيه أرقام وجوالات من يحملون فصيلة الدم المطلوبة، ويرغبون التبرع، فما عليك إلا الإتصال والتنسيق معهم، وهذا رابط أصحاب الفصيلة:
http://www.freeblood.com/modules.php?s=search&do=1&m=1
وهذا رابط الموقع:
http://www.freeblood.com/index.php
__________________
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Nov 2006, 06:27 ص]ـ
هذا هو صباح الجمعة 26/ 10/1427هـ. رجعت من صلاة الفجر، ودلفتُ إلى الانترنت، فاستوقفني في موقع نور الإسلام خبر وفاة الشيخ حمد الزيدان رحمه الله يوم أمس الخميس، وسوف يصلى عليه بعد صلاة الجمعة اليوم في جامع الراجحي. ومع عدم معرفتي الشخصية للشيخ حمد من قبل، إلا أنني أحببته في الله لذكره الحسن الذي يدل على ما كان يبذله الشيخ من الجهد في خدمة الإسلام والدعوة إليه، وأسأل الله أن يحسن مكافأته على ما بذله في حياته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يغفر له ذنوبه، وأن يجمعنا به في جنات النعيم.
اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.
أحسن الله العزاء في وفاته، ونحن في شبكة التفسير نعزي أهله وذويه وطلابه ومحبيه في وفاته، ونسأل الله أن يجبر مصابهم، وأن يلهمهم الصبر. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذا نص الخبر:
وفاة الداعية الزيدان والصلاة عليه بعد الجمعة في جامع الراجحي
توفي مساء هذا اليوم الخميس فضيلة الشيخ حمد بن محمد الزيدان عضو مركز الدعوة والإرشاد بالدمام بعد صراع مع مرض ألم به أجري له على أثره عملية زراعة كبد عاجلة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض يوم الخميس الماضي دخل بعدها بغيبوبة مصاباً بنزيف داخلي
حتى أتاه الأجل الموعود وسيصلى عليه بإذن الله تعالى بعد صلاة الجمعة في جامع الراجحي ـ حي الجزيرة ـ بالرياض.
والشيخ حمد الزيدان ولد في بلدة الجوى بمنطقة القصيم عام 1373 هـ درس في المعهد العلمي في بريدة وتخرج من كلية الشريعة بالرياض عام 1394 هـ وتعين معلماً في المعهد العلمي بالدمام عام 1395 هـ وانتقل لإدارة المعهد بعد عامين تقريباً إلى عام 1411 هـ ثم انتقل إلى مركز الدعوة والإرشاد بالدمام عام 1411 هـ إلى أن وافته المنية.
وقد استطاع ـ رحمه الله ـ أن يجعل مركز الدعوة والإرشاد بالدمام شعلة بالمنطقة تنير الهدى للناس، وتولى الشيخ إمامة وخطابة عدة جوامع كان من آخرها جامع الرضوان بحي عبدالله فؤاد.
لقد عرف عنه رحمه الله حبه لهذا الدين وبذل نفسه وماله لخدم الإسلام والمسلمين. فرحم الله الشيخ رحمة واسعة.
وشبكة نور الإسلام تعزي الأمة الإسلامية وذوي الفقيد بوفاة الشيخ ونقول:
إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء بأجل مسمى.
أرقام الاتصال للعزاء:
الأبناء:
محمد (الكبير) 0555920769
ـ عمر / 0505143633
ـ يوسف / 053883488
ـ عبدالله / 0503889667.
الإخوة ـ القصيم ـ:
إبراهيم (الكبير) /0504117793
عبدالله: 0506127244
المصدر ( http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=3552&Itemid=25)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[17 Nov 2006, 04:55 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون , اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[17 Nov 2006, 11:40 م]ـ
اللهم ارحمه، وعافه واعف عنه، واخلف على أهله بخير.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[18 Nov 2006, 11:04 ص]ـ
الحمد لله وبعد ..
إنا لله وإنا إليه راجعون.
جبر الله مصيبتنا بفقد شيخنا الكريم.
اللهم برِّد مضجعه، وأكرم نزله، وأرفع درجته، واغفر لنا وله يا رب العالمين.
ـ[الطبيب]ــــــــ[18 Nov 2006, 11:38 ص]ـ
اللهم اغفر له وارحمه، واجبر مصابنا فيه، وعوضنا خيراً يا رب العالمين ...
كنت بالأمس في درس الشيخ خالد السبت حفظه الله (أعمال القلوب)، وكان قد سافر إلى الرياض ليصلي على الشيخ حمد رحمه الله ويشارك في دفنه جزاه الله خيراً، ثم جاء الشيخ من الرياض إلى الدرس مباشرة ..
وسئل الشيخ خالد بعد الدرس عن الشيخ حمد رحمه الله، فأثنى عليه خيراً وقال أنه من أول من قام بالدعوة في هذا البلد (وقد كان مدير مكتب الدعوة بالدمام سابقاً)، وكان يدعو إلى الله في غربة، وفي منطقة نائية لم يكن بها كثير عمران أو سكان، وكان الناس يستغربون منه مثل هذا، إلى أن آتت جهوده ثمارها من المحاضرات والدورات العلمية وغيرها. وكان هذا حدود عام 1397 هـ!!
اللهم أجزل له المثوبة وارفع درجته في عليين ..
آمين.
ودمتم،،،(/)
المواقع الجغرافية والالكترونية للمساجد
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[12 Nov 2006, 12:05 ص]ـ
ومعرفته مهمة جدا لمعرفة أنشطة الجوامع الفعالة من دروس ومحاضرات وأنشطة دعوية أسأل الله لهم التوفيق والسداد ولنا الهداية والرشاد
http://www.heartsactions.com/krokiat.htm
يا أهيل الرياض لا عذر لكم في ترك الدروس والمحاضرات بعد هذا البيان.
موفقون
ـ[الطبيب]ــــــــ[13 Nov 2006, 11:16 ص]ـ
جزاك الله خيراً.(/)
ولا زلت مزمجرا،، بعد استشهاد احد اعضاء منتدى الهدايه الإسلاميه
ـ[سلسبيل]ــــــــ[13 Nov 2006, 11:52 ص]ـ
زف إلينا خبر استشهاد (المزمجر) من اعضاء شبكة الهدايه الإسلاميه نسأل الله ان يتقبله وان يعلي درجته
فكانت هذه الكلمات عما يجيش في الصدر
=====
ولا زلتُ مزمجرا
نعم قد رحلت ولكني لا أزال مزمجرا
نعم قد تفقدوني ولكني سأظل أعيش حياة أبديه حياة اجمل ما تتصورون مهما تصورتم
إن رأيتم دمي قد سال وبل الثرى فلا يهولنكم ما هو إلا لون الدم وريح المسك
ألم تسمعوا صيحاتي؟؟؟؟؟؟؟
قد والله أفزعتهم وغضت مضاجعهم؟
أخواني لا يغرنكم باطلهم وعتادهم فإنهم يرتعدون فرقا من صيحاتي التي لا زالت تدوي
سأظل
لأني لم أمت ولم أغب فستروني في كل صيحة مجاهد
وكل نبتة في تظهر بأرضي سأسقيها بدمائي حتى تزهر وتملأ الأرض عبيرا من شذاي الزاكي
سأظل أُذكر كلما تُليت آيات الله وكلما قرأتم قوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
أخواني،،، ماهذا الحزن الذي أراه بادي على قسمات وجوهكم؟؟؟ كل ما في الأمر أني كنت أكتب بقلمي الذي لا يستريح ولا يسكن و لا يداهن واخط بمدادي فنفذ المداد في لحظه احتشد فيها العدو وحشر فنادى قد جمع أطرافه ولف ألفافه
عندها ملأت قلمي بمداد من دمائي وكتبت بدمي عباراتي ليس على صفحات المنتدى بل على صفحات االثرى فكان الدم خير المداد
فلم أغير ولم ابدل إلا المداد؟؟؟؟؟؟
كان لونه أزرق أو اسود أو 000 أي لون آخر اختاره لأزين به صفحاتي؟؟
والآن أضحى احمرا قانيا يشع سخطا وثورة على كل سفاح قاتل وينبه كل حيران غافل أن هذا طريق االعزه وهذا هو المداد
لم يكن لمدادي رائحة والآن المسك ريحه والطيب نفحه
فيما مضى عندما يقع شئ من الحبر على ملابسي أسرع لأغسلها واليوم دمي يغطي جسدي ولا أُغسل وادفن بدمائي لأنه مداد نقي طاهر
كان مدادي يعبر عن قولي واليوم يسطر أفعالي
أرأيتم أخواني كيف أني تخيرت أفضلهما وهداني ربي لأحسنهما؟؟؟؟
فمدادي الآن لا تمحوه الأيام ولا تنساه الآجال
قد نهضت كالليث الحادر مزمجرا صابر
فهنا تثبت أقدام الرجال وتصدق الأقوال000 حيث تزل بعض الأقدام وتكذب الأفعال الأقوال
فلم الحزن اخواني؟؟؟؟؟؟
كان الهدايه عنواني واليوم اسطر كلماتي لعلها تهدي أخواني وابنائي وكل من سيأتي بعدي وكل فرد من أفراد أمتي
فاذكروا من قتلني ولا تنسوا دمائي فما تخضبت بدمائي إلا لأني مسلم أصدح بالشهادتين وأسير على درب الموحدين واقتدي بنهج خير المرسلين وصحابته أجمعين
ألم أقل لكم بأن السفن آمن ما تكون في المرفأ ولكنها لم تصنع لذلك؟؟؟ (1)
فأنا آمن ما اكون امعه متخاذل صامت ولكني لم أخلق لهذا
فلا تبدلوا بعدي
ولا تجزعوا
ولا تتفرقوا
ولا تحزنوا
فما هو إلا احدى الحسنيين
الموت أو الشهادة
وإني لأري لامعة النصر تبرق ورايات التوحيد تخفق
===================
ياعابد الحرمين لو أبصرتنا ** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه ** فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يُتعب خيله في باطلٍ ** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريحُ العبير لكم ونحن عبيرنا ** رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ** قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في ** أنف امرئ ودخان نار تلهب
هذا كتابُ الله ينطق بيننا ** ليس الشهيد بميت لا يُكذبُ
--------------
مبارك زفاف أخينا إلى الحور العين
http://www.alhedayh.com/vb/showthread.php?p=74263#post74263
-------------
1- السفن آمن ما تكون في المرفأ ولكنها لم تصنع لذلك،،، توقيع الشهيد بإذن الله المزمجر في منتدى الهدايه
ـ[البلاغية]ــــــــ[13 Nov 2006, 10:39 م]ـ
أسأل الله أن يتقبله
وان يلحقنا بهم
جزاك ربي خير الجزاء على هذا الخبر المفرح وعلى هذا السرد الرائع
وفقك المولى لمرضاته
ـ[سلسبيل]ــــــــ[18 Nov 2006, 10:49 ص]ـ
اللهم آمين
جزاك الله كل خير اختي بلاغيه
--------------
كتب الوزير من شبكة الهدايه جزاه الله كل خير عن الشهيد المزمجر (خالد الخالدي) ابوسليمان
السَّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
(يُتْبَعُ)
(/)
في الوقتِ الذي نسمعُ فيهِ عن شبابٍ جعلوا من حياتهم جهاداً في سبيل الله، في الوقتِ نفسهِ نسمعُ ونشاهدُ شباباً ضيعوا أوقاتهم سُدى، وعاشوا حياتهم في تيهٍ وغفلةٍ وتشريد.
* درسٌ كبير سطرته بدمائك العَطرة أيها المزمجر لكل شباب الأمَّة.
* درسٌ كبير سطرته بروحك العذبة أيها المزمجر لكل شباب الأمَّة الذي يعيشُ رحلةً مع الضياع والغفلة.
* أيها المزمجر الكريم، يا ابن الأكرمين، يا ذا الروح العَطِرة، والقلب الكبير، والنفس التواقة لكل خير، ها هي الأيام تزِف لنا بشرى الشَّهادة التي أعطيتَ إياها من ربٍّ كريم عليم، فلتهنأ أخي الشَّهادة، ولنعش نحنُ بين زلاتِ اللسان وآفاته!
* أيها المزمجر، ربما لم نلتقي في ساعة من ساعات الدنيا الفانية؛ لكنني أتذكر جيداً تلك الساعات الخالدة التي قضيتها عبر هذه البوابة الفَطنة والتي جمعتنا بك خلف مساحات الشاشات الواسعة ..
* أيها المعلم اللبق، علمتني درساً حياً مباشراً فيهِ سطرتَ أعذب الكلمات، وترجمت المعاني على حقيقتها، نعم نعم أنت الشَّهيد.
* أيها المزمجر الشَّهيد، تركتنا لمن:
لشاشات الإنترنت؟
بئس الحياة.
للفضائيات الماجنة؟
بئس بئس الحياة.
للأسهم وسوق العقار؟
بئس بئس بئس الحياة.
لنسائنا وأولادنا؟
النَّساء يُكفرن العشير، وليس بعد الكفر ذنب
لأطفالنا الذين لربما وجدنا منهم أشدَّ معاني العقوق
لمن تركتنا يا أبا سليمان؟
يا خالد القلب إليك في اشتياق
يا خالد العين تبكي فَرِحةً بك
يا خالد قُل للشباب أين الشباب
يا خالد أخبرهم أنَّك في جنَّات ونهر
وأن الشَّهادة في سبيل الله ظفر
أين الشباب عن مثلك يا خالد، وأين هو من مِثل خالد؟
المزمجر اسمٌ لن تنساه الهداية الإسلامية حتى وإن عاشت 1000 ـ 1000 سنة وذلك لأنهُ باع الدنيا وما فيها وكان هدفهُ الشهادة لا غير، وقد نالها.
يا خالد: لمن تركتنا يا أبا سليمان؟
أيها الشباب الشباب تعلموا من خالد؟
اللهمَّ اجمعنا به في جنَّاتك الخلد.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Nov 2006, 11:00 ص]ـ
رحمه الله رحمة واسعة.(/)
الرد الشامل على عمر كامل (خذ نسختك)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[14 Nov 2006, 10:45 ص]ـ
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
نقدٌ علميٌ موثقٌ لكتاب الدكتور عمر عبد الله كامل الموسوم بـ (كفى تفريقًا للأمة باسم السلف)،
وهو الكتاب الذي زعم أنه مناقشة لكتاب الدكتور سفر الحوالي (نقد مذهب الأشاعرة في العقيدة)
فجاء هذا الرد بياناً شافياً بحمد لله تعالى.
سطَّره يراعُ الأستاذ الدكتور عبد الله بن حسين الموجان حفظه الله ونفع به
ومما فيه:
1_ وسائل العلم
2_ بيان من هم أهل السنة
3_ هل مذهب الأشاعرة مذهب جمهور الأمة
4_ الأشاعرة وأئمة المذاهب الفقهية
5_تحقيق مذهب الأشاعرة في التفويض والتأويل وغيرهما
6_ رجوع الرازي والجويني وموقف النووي وابن حجر
7_ الغزالي والنووي وابن حجر
8_ التشبيه والتجسيم
9_التجسيم وبيان عقيدة الإمام أحمد
10_مناقشة النقول التي أوردها الدكتور/ عمر في التَّعْطيل
11_ تفسير المقام المحمود
12_ القِدَمُ النوعي للعالم
13_ أصلُ ضلال المتكلمين في هذه المسائل
14_ مصدرُ التلقي عند الأشاعرة وقانون الرازي الكلي
15_ الكلامُ على إثبات وجود الله
16_ تقسيمُ التوحيد
17_ أولُ واجب عند الأشاعرة
18_ الفطرة
19_ الإيمان
20_ القرآن
21_ القدر
22_ تكليف مالا يطاق
23_الحكمة الغائية
24_ التحسين والتقبيح
25_ التأويل
26_ الصفات
27_ الفرقة الناجية
وفق الجميع لما يحب ويرضى
ـ[خادم الكتاب والسنة]ــــــــ[02 Dec 2006, 10:09 ص]ـ
بوركت شيخنا محمد
هل طبع هذا الكتاب وأين؟؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 Dec 2006, 11:44 ص]ـ
الحمد لله وبعد ..
نعم طبع الكتاب، وانظر:
مزيد فائدة حوله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=83494&highlight=%DA%E3%D1+%DF%C7%E3%E1)(/)
الملتقى العلمي للعقيدة والمذاهب المعاصرة
ـ[الأثري]ــــــــ[15 Nov 2006, 06:59 م]ـ
إخواني رواد هذا الملتقى ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبحمد الله تعالى افتتح مؤخراً (الملتقي العلمي للعقيدة والمذاهب المعاصرة)، للدعوة لمنهج السلف الصالح والرد على أهل الأهواء والبدع.
ولا شك أن تحقيق أهداف الملتقى مرهون بمشاركة النخبة من العلماء وطلبة العلم فيه، ونشر أبحاثهم ابتغاء مرضات الله تعالى، والذب عن عقيدة أهل السنة والجماعة ..
وبإمكانكم زيارة الملتقى والمشاركة فيه على هذا الرابط:
http://www.alagidah.com/vb/index.php
أسأل الله تعالى أن يبارك في علمكم و جهودكم
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته ..(/)
مشروعية النقاب في المذاهب الفقهية الأربعة ـ أشرف عبد المقصود
ـ[أبو أحمد عبدالمقصود]ــــــــ[16 Nov 2006, 12:16 ص]ـ
مشروعية النقاب في المذاهب الفقهية الأربعة ـ أشرف عبد المقصود
أشرف عبد المقصود: بتاريخ 15 - 11 - 2006
في حوار شهير له مع صحيفة الأخبار الحكومية، نشرته بتاريخ 1/ 4 / 1994م، أبدى العلامة الراحل الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي غضبه وسخطه على من يهاجمون النقاب والحجاب، وقال ما نصه:
((وعجيب أيضا وغريب أمر هؤلاء، وهم في رفضهم للحجاب والنقاب يرفعون شعار الحرية الشخصية!! ونحن نسألهم أهناك حرية بلا ضوابط تمنع الجنوح بها إلى غير الطريق الصحيح؟ وأية حرية تلك التي يعارضون بها تشريعات السماء؟ هذه الحرية التي تضيق الخناق على المحجبات، وتترك الحبل على الغارب للسافرات فَيُحرضن على الجريمة بعد الافتتان! وحسبنا من سوابق الخطف للفتيات، واغتصاب المائلات المميلات، حسبنا من ذلك دليلا على حكمة الله البالغة فيما شرع من ستر!! إن هؤلاء يحاولون التدخل في صميم عمل الله، ويريدون أن تُشَرِّع الأرض للسماء وخسئوا وخاب سعيهم)) اهـ
وكان عجبا أن بعض المنتسبين إلى الأزهر يتحدثون عن "بدعة" ستر وجه المرأة، وكأنهم لأول مرة يعرفونها في دين الإسلام وأقوال أئمته، بينما شيخ الأزهر الحالي نفسه الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسيره المسمى ((التفسير الوسيط للقرآن الكريم طبعة دار المعارف جـ 11 ص 245) ينتصر لستر البدن كله بما فيه الوجه، ففي تفسيره لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} (الأحزاب:59) يقول: ((والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة فوق ثيابها. والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نَسْلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يَسدلن الجلاليب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًّا من رؤوسهن إلى أقدامهن؛ زيادة في التستر والاحتشام، وبعدًا عن مكان التهمة والريبة. قالت أم سلمة رضي الله عنها: لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سُود يلبسنها)) اهـ. فهذا هو رأي شيخ الأزهر من تفسيره فماذا يقولون؟
* * * *
إننا بادئ ذي بدء نريد أن ننبه على أمرين مهمين ونجيب عن شبهة مغرضة:
أما الأمر الأول: فيخطىء من يظن أن النقاب قَيْدٌ وُضع على المرأة ليمنعها من ممارسة حقوقها، أو غُلٌّ ترسُف فيه يحول بينها وبين أداء مهامها. ولكنه في الحقيقة شعار الحياء والخَفَر، وعنوان الطهارة والعفاف، تلتزمه ـ منذ قديم الزمان ـ نساء عِلْيَة القوم، من ذوي الرياسة، والجاه، والعلم، والثراء.
وأما الأمر الثاني: فهو أننا هنا لسنا بصدد الدفاع عن أخطاء بعض المنتقبات أو سلوكهن ـ وهي موجودة ـ أو أننا نريد أن نجبر النساء على ارتدائه. بل إننا نريد أن يفرق الناس بين النقاب وبين أخطاء وسلوكيات بعض المنتقبات. فالنقاب لايعطي للمرأة العصمة من الذنوب وتظل المنتقبة شأنها شأن بقية المسلمات يجوز عليها الخطأ والصواب، وبالتالي فالذين يتحدثون عن هذا الجانب يريدون سحب القضية إلى "أزقة" الكلام بعيدا عن جوهرها وصلبها.
وأما الشبهة المغرضة: وهي تلك التي يدندن بها أصحاب النفوس الضعيفة هذه الأيام ويملئون بها الصحف والمجلات صياحا وعويلا: يقولون: إن النقاب قد يرتديه المحتالون والسُّرَّاق والإرهابيون والداعرات فيتخفون وراءه؟ ثم يروحون يستعرضون القصص المغرضة في هذا الباب.
وللرد على هذه الشبهة نقول:
أولا: المنافقون في الدرك الأسفل من النار ومع ذلك كانوا يتظاهرون بالإسلام فيصلُّون ويُخفون في قلوبهم الزندقة والكفر ويخادعون الله، فهل نترك الصلاة لأن المنافقين يصلون؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: هناك من المجرمين واللصوص من يرتدي زي رجل الشرطة ورجل الأمن، فنرى هذا المجرم ينتحل صفة ضابط الشرطة الأمين فيُغرر بالناس ويحتال عليهم ويسرق أموالهم بل قد يقتلهم، فهل نقوم بإلغاء زي رجل الشرطة من أجل هؤلاء المحتالين والمجرمين؟
نحن نعلم أن هناك ظروفا تقتضي أن يُتَحَقَّق من شخصية المنتقبة في المطارات والامتحانات .. وحين يُرتاب أو يشك في أمر يحتاج فيه لذلك. فما المانع أن يتحقق من شخصيتهن ضابطات للأمن أو غيرهن من الموظفات دون أي حساسية، وباحترام ومعاملة مهذبة؟
ثالثا: لا شك أن من يريد أن يتخفى وراء شيء ما ليداري جريمة ما فإنه لا يختار شيئا قبيحا، وإنما يختار شيئا مستحسنا. لنفرض أن هناك امرأة سيئة السير والسلوك تتخفى وراء النقاب فما من شك أنها تتخفى وراءه لأنه مستحسن لا لأنه قبيح!!
لقد وصل الأمر ببعضهم لكي يمنع النقاب إلى التآمر والاحتيال والنصب والدجل. يقول الأستاذ محمد جلال كشك في كتابه (قراءة في فكر التبعية) ص (421): أن عميد إحدى الكليات اعترف: أنه لكي يمنع الحجاب أو النقاب في كليته استأجر طالبا من كلية أخرى واتفقوا معه على أن يحاول دخول الكلية منقبا ويقبض عليه الحرس وتصبح فضيحة. وتم ذلك فعلا واستغلها العميد فأصدر قرارا بمنع الحجاب أو النقاب ودفعوا للطالب أُجرته مع بعض الأقلام والشلاليت! وكان العميد يروي هذه القصة مفتخرًا قائلا: بعشرة جنيه حلِّيت مشكلة الحجاب في كُلِّيتي! ترى كم يتكلف تلميع خائب وترويج بائر) اهـ
* * * *
والذي دعاني للحديث في هذا الموضوع هو هذه الحملة الموتورة على النقاب وجرأة البعض على الفتوى والزعم بأن المذاهب الأربعة تُحَرِّم أو تُبَدّع النقاب أو تجعله من المكروهات!!، وبدا أن هناك حملة لإشاعة الجهل بين الناس أو استغلال بعد الناس عن مواطن العلم، لترويج أباطيل ليست من دين الله في شيئ، بل هي اعتداء على الدين والعلم وافتراء على فقهاء المسلمين.
فمسألة الحجاب والنقاب من المسائل التي قتلت بحثا وهي تدور بين الوجوب والاستحباب ولكن من العجب العجاب أن ينتقل بنا أقوام يزعمون الاجتهاد ـ وهو منهم براء ـ إلى دائرة التحريم والكراهة؛ دون أي دليل بل باستخدام الكذب والتزوير. ولو كان لهؤلاء القائلين بكراهة أو تحريم النقاب سلف من هذه الأمة، أو مستند يعتمدون عليه ولو كان واهيًا، أو حكوا مذاهب العلماء في وجوب ستر الوجه وعدمه بأمانة، ونقلوا أدلتهم بنزاهة، ثم اختاروا القول بعدم الوجوب، لقلنا: جنحوا لمذهب مرجوح لهم فيه سلف. ولكن العجب العجاب، قول من يقول أن النقاب بدعة ويدعو لتحريمه أو كراهته. وللأسف الشديد يتم هذا التَّبَجُّح باسم علوم الدين!! وعلومُ الإسلام كلها بريئة إلى اللَّه تعالى من انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولذلك أحببت أن أضع بين يدي القراء بعض معالم الحقيقة في هذا الموضوع، والعمدة في ذلك كتاب شيخنا العلامة الفقيه الدكتور محمد فؤاد البرازي الرائع (حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)، على أن نتبع هذا المقال بآخر يعرض كلام المفسرين في هذه المسألة، وكلام أعلام الفقه قديما وحديثا.
ستر الوجه في المذاهب الأربعة:
من المفيد أن نشير إلى أن القائلين بجواز كشفه، قد اتجهت مذاهبهم إلى وجوب ستره لخوف الفتنة نظرًا لفساد الزمن. وبناءً على ذلك فقد استقر الكثير من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم على وجوب ستر الوجه.ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر شذرات قليلة من أقوال علماء كل مذهب من هذه المذاهب، منقولة من كتب أصحابها ـ ومعظم هذه الكتب تدرس بالأزهر منذ مئات السنين وإلى اليوم ـ، إبراءً للذمة، وإقامة للحجة، وحتى لا يصدق الناس ما يروجه المزورون من أن النقاب لا وجود له في المذاهب الفقهية الكبرى الأربعة!!
أولا: مذهب الحنفية:
1 ـ قال الشرنبلالي في (متن نور الإيضاح): «وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها باطنهما وظاهرهما في الأصح، وهو المختار». وقد كتب العلامة الطحطاوي في (حاشيته الشهيرة على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح ص 161) عند هذه العبارة ما يلي: «ومَنْعُ الشابة من كشفه ـ أي الوجه ـ لخوف الفتنة، لا لأنه عورة» اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 ـ وقال الشيخ داماد افندي (مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ـ 1/ 81): «وفي المنتقى: تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة. وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد وعن عائشة: جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب، لاندفاع الضرورة» اهـ.
3 ـ وقال الشيخ محمد علاء الدين الإمام (الدر المنتقى في شرح الملتقى ـ 1/ 81 (المطبوع بهامش مجمع الأنهر): «وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها، وقدميها في رواية، وكذا صوتها، وليس بعورة على الأشبه، وإنما يؤدي إلى الفتنة، ولذا تمنع من كشف وجهها بين الرجال للفتنة» اهـ.والراجح أن صوت المرأة ليس بعورة، أما إذا كان هناك خضوع في القول، وترخيم في الصوت فإنه محرم.
4 ـ وقال الشيخ الحصكفي (الدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين ـ 3/ 188 ـ 189): «يعزر المولى عبده، والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها، وتركها غسل الجنابة، أو على الخروج من المنزل لو بغير حق، أو كَشفت وجهها لغير محرم» اهـ باختصار.
5 ـ وقال في موطن آخر: «وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال، لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة، كمسّهِ وإن أَمِنَ الشهوة، لأنه أغلظ، ولذا ثبتت به حرمة المصاهرة». قال خاتمة المحققين، العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة عند هذه العبارة: «والمعنى: تُمنَعُ من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة.وقوله: «كمسِّهِ» أي: كما يمنع الرجل من مسِّ وجهها وكفِّها وإنْ أَمِنَ الشهوة» اهـ (انظر: الدر المختار، مع حاشية رد المحتار (1/ 272).
6 ـ وقال العلامة ابن نجيم (البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 1/ 284): «قال مشايخنا: تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة» اهـ.
7 ـ وقال أيضًا في موضع آخر (البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 2/ 381): «وفي فتاوى قاضيخان: ودلَّت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة. اهـ وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجبٌ عليها» اهـ.
8 ـ وقال الشيخ علاء الدين عابدين (الهدية العلائية (ص / 244): «وتُمنع الشابة من كشف وجهها خوف الفتنة» اهـ.
وقد أوجب فقهاء الحنفية على المرأة الْمُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب.
9ـ قال العلامة المرغيناني (فتح القدير (2/ 405) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج: «وتكشف وجهها لقوله عليه السلام: إحرام المرأة في وجهها». قال العلامة المحقق الكمال بن الهمام تعليقًا على هذه العبارة: «ولا شك في ثبوته موقوفًا. وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن ماجه، قالت: كان الركبان يمرون ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذَونا سَدَلَت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. قالوا: والمستحب أن تسدل على وجهها شيئًا وتجافيه، وقد جعلوا لذلك أعوادًا كالقُبة توضع على الوجه يسدل فوقها الثوب. ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة وكذا دلَّ الحديث عليه» اهـ.
10 ـ وقال العلامة الحصكفي (الدر المختار ورد المحتار (2/ 189) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج: «والمرأة كالرجل، لكنها تكشف وجهها لا رأسها، ولو سَدَلَت شيئًا عليه وَجَافَتهُ جاز، بل يندب».قال خاتمة المحققين، العلامة ابن عابدين في حاشيته على «الدر المختار» عند قوله: «بل يُندب»، قال: «أي خوفًا من رؤية الأجانب، وعبَّر في الفتح بالاستحباب؛ لكنْ صرَّحَ في «النهاية» بالوجوب. وفي «المحيط»: ودلَّت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة، لأنها منهية عن تغطيته لحقِّ النُّسك لولا ذلك، وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة». اهـ ونحوه في الخانية. ووفق في البحر بما حاصله: أنَّ مَحْمَلَ الاستحباب عند عدم الأجانب، وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان، وعند عدمه يجب على الأجانب غض البصر ... » اهـ باختصار.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأنت ترى من النصّين التاسع والعاشر تصريح فقهاء الحنفية بنهي المرأة أثناء الإحرام بالحج عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة، وقولهم بوجوب ستره رغم أنها في أقدس الأمكنة مستدلين على ذلك بحديث عائشة السابق ذكره. فإذا كان الأمر كذلك وهي محرمة في أقدس البقاع، فوجوب ستره في غيرها أَوْلى وأحرى بالاتِّباع.
ثانيا: مذهب المالكية:
1 ـ روى الإمام مالك (الموطأ ـ 2/ 234 بشرح الزرقاني، وانظر نحوه في: أوجز المسالك ـ 6/ 196)، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: «كنا نُخمّر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق».قال الشيخ الزرقاني «زاد في رواية: فلا تنكره علينا، لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها، أو يُنظر لها بقصد لذة. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله، والخفاف، وأن لها أَنْ تغطي رأسها، وتستر شعرها، إلا وجهها، فَتُسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال، ولا تُخَمِّر، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر، فذكر ما هنا، ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلًا، كما جاء عن عائشة قالت: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مُرَّ بنا سَدَلْنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزْنا رفعناه» اهـ.
2 ـ وقال الشيخ الحطَّاب (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ـ 1/ 499): «واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين. قاله القاضي عبد الوهاب، ونقله عنه الشيخ أحمد زرّوق في شرح الرسالة، وهو ظاهر التوضيح. هذا ما يجب عليها» اهـ.
3 ـ وقال الشيخ الزرقاني في شرحه لمختصر خليل: ((وعورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم غير الوجه والكفين من جميع جسدها، حتى دلاليها وقصَّتها.وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما، فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب، إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم، كنظر لأمرد، كما للفاكهاني والقلشاني. وفي المواق الكبير ما يفيده. وقال ابن الفاكهاني: مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه، فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم)). وهذا كله ـ كما ترى ـ في حكم نظر الرجل الأجنبي المسلم إليها. أما حكم كشف وجهها فلم يتعرض الشارح له في هذا الموضع، وستجده في الفقرة الرابعة المنقولة من حاشية الشيخ البناني عند كلامه على هذه العبارة نفسها، فانتظره فإنه بيت القصيد. ((ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع، وأقرب للاحتياط، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء، واتسع فيه الخرق على الراقع». اهـ باختصار يسير (شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 1/ 176).
4ـ وقد كتب العلامة البنَّاني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل على كلام الزرقاني السابق (1/ 176، ونحوه في حاشية الصاوي على الشرح الصغير 1/ 289).) ما يلي» قول الزرقاني: إلا لخوف فتنة، أو قصد لذة فيحرم، أي النظر إليها، وهل يجب عليها حينئذٍ ستر وجهها؟ وهو الذي لابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلًا: إنه مشهور المذهب، ونقل الحطاب أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب، أو لا يجب عليها ذلك، وإنما على الرجل غض بصره، وهو مقتضى نقل مَوَّاق عن عياض. وفصَّل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها، وغيرها فيُستحب» اهـ.
5 ـ وقال ابن العربي: «والمرأة كلها عورة، بدنها، وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة، أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يَعنُّ ويعرض عندها» أحكام القرآن (3/ 1579). قال محمد فؤاد البرازي: الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة، أما إذا كان هناك خضوع في القول، وترخيم في الصوت، فإنه محرم كما سبق تقريره.
6 ـ وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيره (12/ 229): «قال ابن خُويز منداد ــ وهو من كبار علماء المالكية ـ: إن المرأة اذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك؛ وإن كانت عجوزًا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها» اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
7 ــ وقال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري (جواهر الإكليل ـ 1/ 41): «عورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين ظهرًا وبطنًا، فالوجه والكفان ليسا عورة، فيجوز كشفهما للأجنبي، وله نظرهما إن لم تُخشَ الفتنة. فإن خيفت الفتنة فقال ابن مرزوق: مشهور المذهب وجوب سترهما. وقال عياض: لا يجب سترهما ويجب غضُّ البصر عند الرؤية. وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له» اهـ.
8 ـ وقال الشيخ الدردير (جواهر الإكليل ـ 1/ 41): «عورة الحرة مع رجل أجنبي منها، أي ليس بِمَحْرَمٍ لَهَا،جميع البدن غير الوجه والكفين؛ وأما هما فليسا بعورة وإن وجب سترهما لخوف فتنة» اهـ.
ـ وقد أوجب فقهاء المالكية على المرأة المُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب.
9ـ قال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري (جواهر الإكليل ـ 1/ 41) في أبواب الحج: «حَرُمَ بسبب الإحرام بحج أو عمرة على المرأة لبس محيط بيدها كقُفَّاز، وستر وجهٍ بأي ساتر، وكذا بعضه على أحد القولين الآتيين، إلا ما يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها الواجب، إلا لقصد ستر عن أعين الرجال فلا يحرم ولو التصق الساتر بوجهها، وحينئذٍ يجب عليها الستر إن علمت أو ظنت الافتتان بكشف وجهها، لصيرورته عورة. فلا يقال: كيف تترك الواجب وهو كشف وجهها وتفعل المحَرّم وهو ستره لأجل أمر لا يُطلب منها، إذ وجهها ليس عورة؟ وقد علمتَ الجواب بأنه صار عورة بعلمِ أو ظنِّ الافتتان بكشفه» اهـ باختصار.
10ـ وقال الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي الأزهري) الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني ـ 1/ 431) في باب الحج والعمرة: «واعلم أن إحرام المرأة حرة أو أَمَةً في وجهها وكفيها. قال خليل: وحَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز، وستر وجه إلا لستر بلا غرز ولا ربط، فلا تلبس نحو القفاز، وأما الخاتم فيجوز لها لبسه كسائر أنواع الحلي، ولا تلبس نحو البرقع، ولا اللثام إلا أن تكون ممن يخشى منها الفتنة، فيجب عليها الستر بأن تسدل شيئًا على وجهها من غير غرز ولا ربط». اهـ باختصار يسير.
11ـ وقال الشيخ الدردير (الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي ـ 2/ 54، 55): «حَرُمَ بالإحرام بحج أو عمرة على المرأة ولو أَمَة، أو صغيرة، ستر وجه، إلا لستر عن أعين الناس، فلا يحرم، بل يجب إن ظنت الفتنة ... » اهـ.
12ـ وقال الشيخ عبد الباقي الزرقاني (شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 2/ 290 ـ 291) في أبواب الحج: «حَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز، وستر وجه، إلا لستر عن الناس، فلا يحرم عليها ستره ولو لاصقته له، بل يجب إن علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة، أو ينظر لها بقصد لذة، وحينئذٍ فلا يقال: كيف تترك واجبًا وهو ترك الستر في الإحرام وتفعل محرمًا وهو الستر لأجل أمر لا يطلب منها، إذ وجهها ليس بعورة؟ فالجواب: أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت، إلى آخر ما مر» اهـ وتمام العبارة: «أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة، أو ينظر لها بقصد لذة» اهـ.
* ونستخلص من النصوص السابقة المأخوذة من المراجع المعتمدة عند المالكية أنه:
ـ يُسَنُّ للمرأة أن تستر وجهها عند تحقق السلامة والأمن من الفتنة، وعند عدم النظر إليها بقصد اللذة.
ـ أما إذا علمت أو ظنت أنه يُخشى من كشف وجهها الفتنة، أو ينظر لها بقصد لذة، فيصير عورة يجب عليها ـ حينئذٍ ـ ستره، حتى ولو كانت محرمة بحج أو عمرة. هذا هو مشهور المذهب كما حكاه ابن مرزوق. ولا شك أننا في زمن تحققت فيه الفتنة، وانتشرت في أطرافه الرذيلة، وامتلأت الطرقات بالمتسكعين الذين يتلذذون بالنظر إلى النساء، فلا يجوز ـ والحال على هذا ـ عند المالكية أنفسهم، ولا عند المذاهب الثلاثة الأخرى خروج المرأة كاشفة عن وجهها، بل يجب عليها ستره.
* * * *
ثالثًا: مذهب الشافعية:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 ـ قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في المنهج: «وعورة حُرَّة غير وجه وكفين « ... . قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على الكتاب السابق عند قوله: «غير وجه وكفين: وهذه عورتها في الصلاة. وأما عورتها عند النساء المسلمات مطلقًا وعند الرجال المحارم، فما بين السرة والركبة. وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن. وأما عند النساء الكافرات، فقيل: جميع بدنها، وقيل: ما عدا ما يبدو عند المهنة» اهـ (حاشية الجمل على شرح المنهج ـ 1/ 411).
2ـ وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي (تحفة المحتاج بشرح المنهاج ـ 3/ 113 ـ 115، المطبوع بهامش حاشيتي الشرواني والعبادي) في «فصل تكفين الميت وحمله وتوابعهما»: «يُكفن الميت بعد غسله بما لَهُ لُبْسُهُ حيًا ... ثم قال: وأقله ثوب يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة» اهـ.وقد كتب الشيخ الشرواني (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 3/ 115) في حاشيته على تلك العبارة: «فيجب على المرأة ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها، حرَّة كانت أو أمة. ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة، بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبًا. شرح: م ر ــ أي شرح شمس الدين بن الرملي رحمهما الله تعالى.
3 ـ وذكر ابن قاسم العبادي في (حاشيته على تحفة المحتاج ـ 3/ 115) نحو ذلك على العبارة نفسها، فقال: «فيجب ما ستر من الأنثى ولو رقيقة ما عدا الوجه والكفين. ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة، بل لخوف الفتنة غالبًا. شرح: م ر» اهـ.
4ـ وقال الشيخ الشرواني: «قال الزيادي في شرح المحرر: إن لها ثلاث عورات: عورة في الصلاة، وهو ما تقدم ـ أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين. وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها: جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد.وعورة في الخلوة وعند المحارم: كعورة الرجل» اهـ ـ أي ما بين السرة والركبة ـ (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 2/ 112).
5 ـ وقال أيضًا: «من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه، وإلا كانت معينة له على حرام، فتأثم» اهـ (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 6/ 193).
6 ــ وقال الشيخ زكريا الأنصاري: «وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين» فكتب الشيخ الشرقاوي في حاشيته على هذه العبارة: «وعورة الحرة .. أي: في الصلاة. أما عورتها خارجها بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أَمنِ الفتنة» اهـ (تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب ـ 1/ 174).
7 ــ وقال الشيخ محمد الزهري الغمراوي (أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك ص 217): ((ويحرم أن ينظر الرجل إلى شيء من الأجنبية، سواء كان وجهها، أو شعرها، أو ظفرها، حرة كانت أو أمة ... )) ثم قال بعد أربعة أسطر: ((فالأجنبية الحرة يحرم النظر إلى أي جزء منها ولو بلا شهوة، وكذا اللمس والخلوة؛ والأَمة على المعتمد مثلها، ولا فرق فيها بين الجميلة وغيرها ... )). ثم قال في الصفحة التي تليها: ويحرم عليها ـ أي المرأة ـ كشف شيء من بدنها، ولو وجهها وكفيها لمراهق أو لامرأة كافرة» اهـ.
8 ــ وقال الشيخ محمد بن عبد الله الجرداني (فتح العلام بشرح مرشد الأنام (1/ 34 ـ 35): «واعلم أن العورة قسمان: عورة في الصلاة. وعورة خارجها، وكل منهما يجب ستره» اهـ.وبعد تفصيل طويل نافع قال تحت عنوان: «عورة المرأة بالنسبة للرجال الأجانب، وما فيه من كلام الأئمة، وحكم كشف الوجه: «وبالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنها بدون استثناء شيء منه أصلًا .. ثم قال: ويجب عليها أن تستتر عنه، هذا هو المعتمد، ونقل القاضي عياض المالكي عن العلماء: أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة، وعلى الرجال غض البصر عنها. وقيل: وهذا لا ينافي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على منع النساء بأن يخرجن سافرات الوجوه، أي كاشفاتها، لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن، بل لأن فيه مصلحة عامة بسدِّ باب الفتنة. نعم: الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها، لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام. أفاد ذلك السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلًا عن فتح الجواد. وضعَّفَ الرملي كلام
(يُتْبَعُ)
(/)
القاضي، وذكر أن الستر واجب لذاته. ثم قال: وحيث قيل بالجواز كره، وقيل: خلاف الأَولى.وحيث قيل بالتحريم ــ وهو الراجح ــ حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها، أي ما دار بهما، كما بحثه الأذرعي، لا سيَّما إذا كانت جميلة» اهـ (فتح العلام بشرح مرشد الأنام ـ 1/ 41 ـ 42)، ونحوه في مغني المحتاج (3/ 129).
9ـ وقال الشيخ تقي الدين الحصني (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (1/ 181): «ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب. وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس، زاده الله شرفًا، فليُجتنَب ذلك» اهـ.
10ـ وقال الشيخ محمد بن قاسم الغزي: «وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها، وهذه عورتها في الصلاة، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها» اهـ (فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب (ص 19).
11ـ وقد أجاز فقهاء الشافعية للمرأة المُحْرِمة بالحج أو العمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب؛ بل أوجبه بعضهم. قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير: «وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة .. ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقًا لدفع نظر مُحرَّم.وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه: «قوله: ولا يبعد جواز الستر أي: بل ينبغي وجوبه، ولا ينافيه التعبير بالجواز، لأنه جوازٌ بعد مَنع، فيَصدُق بالواجب» اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ومعه حاشية الشبراملسي (3/ 333).
12ـ وقال الخطيب الشربيني: «وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجافٍ عنه بنحو خشبة، بحيث لا يقع على البشرة. «وقد كتب البجيرمي في حاشيته على هذا القول: «فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة، ويجب عليهم غض البصر، وبه قال بعضهم. والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه» اهـ (حاشية البجيرمي على الخطيب (2/ 391).
13 ــ ونقل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي (أوجز المسالك إلى موطأ مالك ـ 6/ 197) نقلًا عن: شرح الإقناع.
في «باب تخمير المحرم وجهه» عن «شرح الإقناع» قوله: «وإذا أرادت» ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو خشبة، بحيث لا يقع على البشرة. وفي حاشيةِ قوله: «إذا أرادت»، فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ــ أي في حالة الإحرام ــ ولو بحضرة الأجانب، ومع خوف الفتنة، ويجب عليهم غض البصر، وبه قال بعضهم. والمتجه في هذه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه» اهـ.
* * * *
رابعًا: مذهب الحنابلة
1ـ قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ: «كل شيء منها ــ أي من المرأة الحرة ــ عورة حتى الظفر» اهـ (زاد المسير في علم التفسير ـ 6/ 31).
2ـ وقال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في (مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ـ ص 120): «ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية، إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى مثلها، والصغيرة التي ليست محلًا للشهوة، ويجب عليه صرف نظره عنها. ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت» اهـ.
3ـ وقال الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (كشاف القناع عن متن الإقناع ـ 1/ 309)): «والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها» لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة» رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وعن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: «أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها» رواه أبو داود، وصحح عبد الحق وغيره أنه موقوف على أم سلمة. «إلا وجهها»: لا خلاف في المذهب أنه يجوز للمرأة الحرة كشف وجهها في الصلاة. ذكره في المغني وغيره. «قال جمع: وكفيها» واختاره المجد، وجزم به في العمدة والوجيز لقوله تعالى: ? وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ? [النور: 31] قال ابن عباس وعائشة: وجهها وكفيها. رواه البيهقي، وفيه ضعف، وخالفهما ابن مسعود. «وهما» أي
(يُتْبَعُ)
(/)
: الكفان. «والوجه» من الحرة البالغة «عورة خارجها» أي الصلاة «باعتبار النظر كبقية بدنها» كما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة» اهـ.
4ـ وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري (الروض المربع شرح زاد المستقنع للبهوتي، مع حاشية العنقري ـ 1/ 140): «وكل الحرة البالغة عورة حتى ذوائبها، صرح به في الرعاية. اهـ إلا وجهها فليس عورة في الصلاة. وأما خارجها فكلها عورة حتى وجهها بالنسبة إلى الرجل والخنثى وبالنسبة إلى مثلها عورتها ما بين السرة إلى الركبة» اهـ.
5ـ وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ (الفروع (1/ 601 ـ 602): «قال أحمد: ولا تبدي زينتها إلا لمن في الآية. ونقل أبو طالب: «ظفرها عورة، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا، ولا خُفَّها، فإنه يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمّها زرًا عند يدها». اختار القاضي قول من قال: المراد بـ ? مَا ظَهَرَ ? من الزينة: الثياب، لقول ابن مسعود وغيره، لا قول من فسَّرها ببعض الحلي، أو ببعضها، فإنها الخفية، قال: وقد نصَّ عليه أحمد فقال: الزينة الظاهرة: الثياب، وكل شيء منها عورة حتى الظفر» اهـ.
6ـ وقال الشيخ يوسف مرعي (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى ـ 3/ 7): «وحرم في غير ما مرَّ ــ أي من نظر الخاطب إلى مخطوبته، ونظر الزوج إلى زوجته، وغير ذلك ــ قصدُ نظرِ أجنبية، حتى شعر متصل لا بائن. قال أحمد: ظفرها عورة، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا، ولا خُفَّها فإنه يصف القدم. وأُحبّ أن تجعل لكمّها زرًا عند يدها» اهـ.
7ـ وقد أجاز فقهاء الحنابلة للمرأة المُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند مرور الرجال الأجانب قريبًا منها. قال الشيخ ابن مفلح الحنبلي (المبدع في شرح المقنع ـ 3/ 168)، وانظر أيضا: الروض المربع (1/ 484): «والمرأة إحرامها في وجهها» فيحرم عليها تغطيته ببرقع، أو نقاب، أو غيره، لما روى ابن عمر مرفوعًا: «لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القُفَّازين» رواه البخاري. وقال ابن عمر: إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرجل في رأسه. رواه الدارقطني بإسناد جيد .. فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبًا منها جاز أن تُسدل الثوب فوق رأسها على وجهها، لفعل عائشة. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما. وشَرَط القاضي في الساتر أن لا يصيب بشرتها، فإن أصابها ثم ارتفع بسرعة فلا شيء عليها، وإلَّا فَدَت لاستدامة الستر، وردَّه المؤلف بأن هذا الشرط ليس عند أحمد، ولا هو من الخبر، بل الظاهر منه خلافه، فإنه لا يكاد يسلم المسدول من إصابة البشرة، فلو كان شرطًا لبُيِّن» اهـ باختصار.
8ـ وقال الشيخ إبراهيم ضويان (منار السبيل (1/ 246 ـ 247) أثناء كلامه عن محظورات الإحرام: « ... وتغطية الوجه من الأنثى، لكن تُسدل على وجهها لحاجة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين» رواه أحمد والبخاري قال في الشرح: فيحرم تغطيته. لا نعلم فيه خلافًا إلا ماروي عن أسماء أنها تغطيه، فيُحمَلُ على السدل، فلا يكون فيه اختلاف. فإن احتاجت لتغطيته لمرور الرجال قريبًا منها سدلت الثوب من فوق رأسها، لا نعلم فيه خلافًا. اهـ لحديث عائشة: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذَونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه». رواه أبو داود والأثرم» اهـ.
* * * *
الخُلاصة: يستنتج من تلك النصوص التي سقناها من المصادر المعتمدة عند كل مذهب من تلك المذاهب الأربعة ما يلي:
1ـ وجوب ستر المرأة جميع بدنها، بما في ذلك وجهها وكفيها عن الرجال الأجانب عنها. وقد رأى بعض أهل العلم أن الوجه والكفين عورة لا يجوز إظهارهما لغير النساء المسلمات والمحارم، استنادًا إلى الحديث الصحيح: «المرأة عورة. «ورأى البعض الآخر أنهما غير عورة، لكنهم قالوا بوجوب سترهما لخوف الفتنة نظرًا لفساد الزمن. فانعقدت خناصر المذاهب الأربعة على وجوب سترهما، وحرمة كشفهما. لذا نقل «الإمام النووي»، و «التقي الحصني»، و «الخطيب الشربيني»، وغيرهم عن «الإمام الجويني» إمام الحرمين اتفاقَ المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه. انظر: روضة الطالبين (7/ 21)، وكفاية الأخيار (2/ 75)، ومغني المحتاج (3/ 128 ـ 129).
2 ـ دَلَّت النصوص التي سقناها عن المذاهب الأربعة على وجوب ستر المحرمة وجهها بغير البرقع والنقاب عند البعض، وعلى جواز ستره بغيرهما عند مرور الرجال الأجانب بها عند البعض الآخر. وما ذلك إلا لصيانتها من نظراتهم رغم كونها محرمة.لهذا قال الحافظ ابن عبد البر (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ـ 15/ 108): «أجمعوا أنَّ لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال إليها، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها ـ أي وهي محرمة بنحو خمار ـ إلا ما ذكرنا عن أسماء» اهـ.
وفي الوقفات المقبلة نوضح مشروعية النقاب عند أهل العلم من غير المذاهب الأربعة وعند المفسرين كذلك، والله المستعان.
أشرف بن عبد المقصود
Bokhary63@yahoo.com
نقلا عن صحيفة المصريون
http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=26625&Page=7(/)
سلامة الصدر طريقك إلى الجنة
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[18 Nov 2006, 07:10 م]ـ
سلامة الصدر طريقك إلى الجنة
الحمد لله ب العالمين والصلاة والسلام على والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين .. وبعد فقد حرص الإسلام حرصًا شديدًا على تأليف قلوب أبناء الأمة بحيث تشيع المحبة وترفرف رايات الألفة والمودة، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع. ولهذا امتن الله على المؤمنين بهذه النعمة العظيمة فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران:103]. بل امتن على نبيه صلَى الله عليه وسلم بأن أوجد له طائفة من المؤمنين تألفت قلوبهم: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) [الأنفال:62، 63]. وحتى تشيع الألفة والمودة لابد من سلامة الصدور، ونقصد بسلامة الصدور طهارتها من الغل والحقد والبغي والحسد. والحديث عن هذه القضية وهذا الخلق حديث مهم وتذكير لابد منه في وقت انشغل أكثر الناس بالظواهر واستهانوا بأمر البواطن والقلوب مع أن الله تعالى لا ينظر إلى الصور ولا إلى الأجساد، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، ولأن الله تعالى قد علَّق النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88، 89]. والقلب السليم هو القلب السالم من الشرك والغل والحقد والحسد وغيرها من الآفات والشبهات والشهوات المهلكة. ثم إن رسول الله صَلى الله عليه وسلم يقول: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" [البخاري]. **فضل سلامة الصدر ومنزلتها عند الله تعالى: ... **يا صاحب القلب السليم أنت من صفوة الله المختارة ... فقد سألوا رسول الله صَلى الله عليه وسلم عن أفضل الناس، فقال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان". قالوا: صدوق اللسان نعرفه؛ فما مخموم القلب؟ قال: "التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد". ثم نقول: **إن سلامة الصدر سببٌ من أعظم أسباب قبول الأعمال الصالحة ... ،قال صلى الله عليه وسلم: "تعرض الأعمال كل يوم اثنين وخميس، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئًا، إلا امرءً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: أنظروا هذين حتى يصطلحا". فانظر كم يضيع على نفسه من الخير من يحمل في قلبه الحقد والحسد والغل؟!! **سلامة الصدر طريق إلى الجنة: ... فأول زمرة تدخل الجنة: " ... لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد .. " [البخاري]. وقصة عبد الله بن عمرو مع ذلك الرجل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة" معروفة فقد عاشره عبد الله ثلاث ليال فلم يجده كثير التطوع بالصلاة أو الصيام فسأله عن حاله فقال الرجل: "ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحدٍ من المسلمين غشًا ولا أحسُد أحدًا على خير أعطاه الله إياه". فأعلنها ابن عمرو صريحة مدوية:هذه التي بلغت بك ... وقد أخبر الله تعالى عن حال أهل الجنة فقال: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ) [لأعراف:43]. (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [الحجر:47]. **الله يمدحهم: ... (وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا
(يُتْبَعُ)
(/)
رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:9، 10]. فهيا إخواني وأخواتي نطهر قلوبنا من الحقد والغل والحسد حتى نسعد بصحبة الأبرار الصالحين، ونفوز بالقرب من رب العالمين، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن عبادٍ ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء، على مجالسهم وقربهم من الله، فلما سئل عنهم أخبر أنهم أُناس لم تصل بينهم أرحام متقاربة .. لكنهم تحابوا في الله، وتصافوا .. فهلا سلمت صدورنا للمسلمين وصفت؟ **أثرها على الفرد والمجتمع: ... يفوز صاحب الصدر السليم بكل الفضائل التي سبق الحديث عنها والنتيجة المباشرة هي: • راحة البال والبعد عن الهموم والغموم. • اتقاء العداوات. أما بالنسبة للمجتمع فإنه يكون مجتمعًا متماسكًا متراصًا متكاتفًا ترفرف عليه رايات المحبة والإخاء ويصدق عليهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمى". [صحيح مسلم]. أنا أريد أن تتأمل معي هاتين الآيتين لتعرف قيمة سلامة الصدر بالنسبة للمجتمع: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران:120]، (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا) [الأنفال:46]. فأعداء الأمة لن ينالوا منها مايريدون طالما ظل أبناؤها متحابين متماسكين سليمي الصدور غير متنازعين. **أمثلة من حياة الصالحين: ... هذا سيد ولد آدم أجمعين عليه صلوات رب العالمين، يذهب إلى الطائف عارضًا نفسه على وجهائها وأهلها، فلم يجبه منهم أحد، فانطق مهمومًا، وإذا هو بسحابة قد أظلته فيها جبريل، ومعه ملك الجبال فناداه ملك الجبال: "إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين [جبلا مكة] فقال صاحب الصدر السليم صَلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا". فأي صبر وسلامة صدر هذا!!!. ثم تأمل حاله صَلى الله عليه وسلم حين ضربه قومه فأدموه (أسالوا دمه) فمسح الدم وهو يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". واستحضر معي حالة المشركين معه صلى الله عليه وسلم في مكة وقد آذوه وسعوا في قتله حتى خرج من بين أظهرهم وكان الأمر كما أخبر الله عز وجل: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30) فلما مكن الله له ودخل مكة فاتحا ما انتقم ولا آذى بل قال لقومه: "لا تثريب عليكم اليوم". والأمثلة من حياته صَلى الله عليه وسلم كثيرة، ننصح بقراءة سيرته. **نبي الله يوسف عليه السلام: ... وقصته مع إخوته أنموذج رائع لسلامة الصدر فبعد أن ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه ودخوله السجن إلى غير ذلك مما هو معروف مكن الله له وجعله على خزائن مصر فلما ترددوا عليه وعرفوه قالوا: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ). فما كان منه إلا أن قَال: (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).ما حمل غلا. ثم لما جاء أبوه مع اخوته: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100) فلم يقل أخرجني من الجب كي لا يُخجلهم (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ)، ولم يقل رفع عنكم الجوع والحاجة حفظًا للأدب معهم. (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) فأضاف ما جرى إلى السبب ولم يضفه إلى المباشر (إخوته). ثم تأمل معي موقف الصِّدِّيقُ - رضي الله
(يُتْبَعُ)
(/)
عنه - مع مسطح بن أثاثة إذ كان الصديق ينفق على مسطح فلما كانت حادثة الإفك كان مسطح ممن خاضوا فيها فأقسم الصديق ألا ينفق على مسطح فأنزل الله قوله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22) فما كان من الصديق إلا أن أعاد النفقة على مسطح. وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه في أوج انتصاراته وهو قائد الجيش يأتيه خبر عزل الفاروق له فما تكلم بما يدل على سخطه ولاترك ساحات القتال بل ظل مجاهدا كجندي من جند المسلمين بعد أن كان قائدهم. ثم استمع إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول: "إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة". أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دُخل عليه وهو مريض فرأوا وجهه يتهلل (منور) فكلموه في ذلك فقال: "ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى كان قلبي سليمًا للمسلمين". **أماعُلبة بن زيد ... فإنه لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة ولم يجد ما ينفقه بكى وقال: "اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض، ثم أصبح مع الناس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أين المتصدق بعرضه البارحة؟ " فقام عُلبة رَضي الله عنه، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "أبشر فوالذي نفسُ محمد بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة". وانظر إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يُضرب ويُعذَّب على يد المعتصم، وحين أخذوه لمعالجته بعد وفاة المعتصم وأحسَّ بألمٍ في جسده قال: "اللهم اغفر للمعتصم". سبحان الله!! يستغفر لمن كان سببًا في ألمه. إنه منطق عظيم لا تعرفه إلا الصدور التي حملت قلوبًا كبيرة عنوانها: **سلامة الصدر. ... وهل أتاك نبأ الشيخ ابن باز - رحمه الله - مع ذلك الرجل من الخرج؟ فقد تولى الشيخ القضاء في مدينة الخرج وجاءه رجل في قضية فسب الرجل الإمام ابن باز رحمه الله، وشاع الخبر في المدينة وخرج الشيخ إلى الحج،وبينما كان الشيخ في الحج مرض الرجل ومات، فلما قُدِّم الرجل ليُصلَّى عليه، أبى الإمام الصلاة عليه بسبب سبه للشيخ ابن باز، وصلَّى غيره، فلما رجع الشيخ وأُخبر الخبر عاتب الإمام جدًّا على فعله، ولم يرض ما صنع، ثم إنه سأل عن قبر الرجل فأتاه وصلَّى عليه ودعا له. فأين نحن من هؤلاء؟!!. **الأسباب المعينة على سلامة الصدر: ... 1 - الدعاء فإنه من أعظم الأساب لتحقيق المقصود، وكان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم: (وأسألك قلبًا سليمًا)، فمن رزق الدعاء فإن الإجابة معه. كما أثنى الله على المؤمنين لدعائهم: (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا). 2 - حُسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل: قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً. وقال الشافعي: من أراد أن يقضي له الله بخير فليحسن ظنه بالناس. ولما دخل عليه أحد إخوانه يعوده قال: قوّى الله ضعفك،فقال الشفعي رحمه الله: لو قوى ضعفي لقتلني، قال الزائر:والله ما أردت إلا الخير، فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير. 3 - التماس الأعذار وإقالة العثرات والتغاضي عن الزلات: - التمس لأخيك سبعين عذرًا. - يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا فإن لم تجد فقل:لعل له عذرًا لا أعرفه. - يا أخي من المعصوم من الخطأ والزلات؟ قال بعضهم: الفتوة التجاوز عن زلات الإخوان. - تذكَّر سوابق إحسانه فإنه مما يعين على التماس العذر وسلامة الصدر واعلم أن الرجل من عُدَّت سقطاته. - استحضر أن المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يلتمس العثرات. 4 - ادفع بالتي أحسن .. ليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) 5 - البعد عن الغيبة والنميمة وتجنب كثرة المزاح. 6 - معاملة النمام بما يستحقه فهو [فاسق - هماز مشاء بنميم - بريد الشيطان]. 7 - الهدية والمواساة بالمال فإنها من دواعي المحبة. 8 - الإيمان بالقدر، فإن العبد إذا آمن أن الأرزاق مقسومة مكتوبة رضي بما هو فيه ولم يجد في قلبه حسدا لأحد من الناس على خير أعطاه الله إياه. 9 - أخيرا تذكر حال النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يشكر ربه على النعم التي أنعم بها حتى على غيره من الخلق حين يصبح وحين يمسي. رزقنا الله وإياكم صدورا سليمة لا تحمل غلا ولا حسدا ولا حقدا.(/)
سؤال في الصوم يتكرر من الكثير
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[18 Nov 2006, 07:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال في الصوم يتكرر من الكثير
سائل يسأل ويقول: بدأت الصيام مع مصر يوم الأحد وسافرت إلى العمرة وفطرت في السعودية فما ذا يلزمني؟؟
الجواب: يلزمك قضاء يوم لأنك لم تصم ثلاثين يوماً، والسعودية التي فطرت معها أكملت صيام ثلاين يوماً، وكذلك بلدك الذي بدأت فيه الصيام أكمل صيام ثلاثين يوماً فلا بد لك من إكمال صيام ثلاثين يوماً مثل البلد الذي أفطرت فيه وقد صام قبلك يوماً فتقضي ذلك اليوم، وأما من رأى أنه يكتفي بصيام تسعة وعشرين يوماً وليس عليه قضاء لأنه صام تسعة وعشرين يوماً فلا وجه له لأن الشهر تسعة وعشرون باعتبار الرؤية وليس باعتبار العدد فمثلاً لو أن شخصاً نذر أن يصوم شهراً فصام من بداية الشهر ففي هذه الحالة العبرة بالرؤية سواء في تسعة وعشرين أو ثلاثين، وأما من لم يصم من بداية الشهر فلا بد أن يكمل العدة ثلاثين يوماً والله أعلم.(/)
موعظة يا أهل التفسير!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[18 Nov 2006, 11:21 م]ـ
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم (الوابل الصيب، ص / 36)
الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان:
أحدهما:
التفات القلب عن الله عز وجل الى غير الله تعالى.
الثاني:
التفات البصر.
وكلاهما منهي عنه!
ولا يزال الله مقبلاً على عبده ما دام العبد مقبلاً على صلاته، فإدا التفت بقلبه أو بصره أعرض الله تعالى عنه.
وقد سئل رسول الله عن التفات الرجل في صلاته؟ فقال: "اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد".
وفي أثر يقول الله تعالى: إلى خير مني؟ إلى خير مني؟!
ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه مثل:
رجل قد استدعاه السلطان، فأوقفه بين يديه!!
وأقبل يناديه، و يخاطبه ..
وهو في خلال ذلك ـ يلتفت عن السلطان يميناً و شمالاً!!!
وقد انصرف قلبه عن السلطان، فلا يفهم ما يخاطبه به؛ لأن قلبه ليس حاضراً معه، فما ظن هذا الرجل أن يفعل به السلطان؟!
أفليس أقل المراتب ـ فى حقه ـ أن ينصرف من بين يديه ممقوتاً مبعداً قد سقط من عينيه؟!
فهذا المصلي لا يستوى، والحاضر القلب، المقبل على الله تعالى فى صلاته ..
الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه!
فامتلا قلبه من هيبته، وذلت عنقه له ..
واستحى من ربه تعالى أن يقبل على غيره، أو يلتفت عنه، وبين صلاتيهما
ـ كما قال حسان بن عطية ـ:
"إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة، وإن مابينهما ـ في الفضل ـ
كما بين السماء والأرض!!
وذلك: أن احدهما مقبل على الله عز وجل، والآخر ساه غافل!!
فإدا أقبل العبد على مخلوق مثله، وبينه حجاب، لم يكن إقبالا ولا تقريباً!
فما الظن بالخالق عز وجل؟!
وإذا اقبل على الخالق عز وجل، وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس ..
والنفس مشغوفة بها، ملأى منها!!
فكيف يكون ذلك إقبالاً وقد ألهته الوساوس والأفكار؟
وذهبت به كل مذهب؟!
والعبد اذا قام في الصلاة غار الشيطان منه!!
فإنه قدم قام في أعظم مقام ..
وأقربه ..
وأغيظه للشيطان ..
وأشده عليه ..
فهو يحرص، ويجتهد أن لا يقيمه فيه ..
بل لايزال به يعده، ويمنيه، وينسيه ..
و يجلب عليه بخيله ورجله ..
حتى يهون عليه شان الصلاة ..
فيتهاون بها فيتركها!!
فإن عجز عن ذلك منه، و عصاه العبد، وقام في ذلك المقام ..
أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ..
ويحول بينه وبين قلبه ..
فيذكره في الصلاة مالم يذكر قبل دخوله فيها ..
حتى ربما كان قد نسي الشيئ والحاجة، وأيس منها!!
فيذكره إياها في الصلاة؛ ليشغل قلبه بها، ويأخذه عن الله عز وجل ..
قيقوم فيها بلا قلب!!
فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل، الحاضر بقلبه في صلاته!!
فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها ...
بخطاياه ..
وذنوبه ..
وأثقاله ..
لم تخف عنه بالصلاة!!!
فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها ..
وأكمل خشوعها ..
ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقابله ..
فهذا إذا انصرف منها:
وجد خفة من نفسه ..
وأحسسَّ باثقال قد وضعت عنه ..
فوجد نشاطا وراحة وروحاً ...
حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها ..
لأنها قرة عينه ..
ونعيم روحه ..
وجنة قلبه ..
ومستراحه في الدنيا ..
فلا يزال كأنه في سجن،وضيق، حتى يدخل فيها ...
فيستريح بها لا منها ..
فالمحبون يقولون:
نصلي فنستريح بصلاتنا ـ كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم:
"يا بلال أرحنا بالصلاة، ولم يقل: أرحنا منها" ...
وقال: "جعلت قرة عيني في الصلاة" ...
فمن جعلت قرة عينه في الصلاة، كيف تقر عينه بدونها؟!
وكيف يطيق الصبر عنها؟!
فصلاة هذا الحاضر بقلبه ـ الذي قرة عينه في الصلاة ـ هي التي تصعد، ولها نور وبرهان ..
حتى يستقل بها الرحمن عز وجل، فتقول:
حفظك الله تعالى كما حفظتني
وأما صلاة المفرط، المضيع لحقوقها، وحدودها، وخشوعها ...
فإنها تلف كما يلف الثوب الخلق، ويضرب بها وجه صاحبها، وتقول:
ضيعك الله كما ضيعتني
انتهى كلامه رحمه الله ..
والسؤال:
هل أنت تلتفت ـ بعد هذا ـ في صلاتك؟!
والله .. إننا لمحرومون ـ إلا من رحم الله ـ من أعظم نعيم في الدنيا ..
وهو الأنس بالله،والتلذذ بحلاوة مناجاته ..
ولا طريق أعظم من طريقين:
الصلاة ..
و
قراءة القرآن بتعقل وتفهم وتدبر ـ قدر الإمكان ..
فمن جمع الله له الثنتين ـ التدبر في الصلاة ـ
فأجزم ـ وأسأل الله أن يذيقني وإياكم لذتها ـ
أن من وجدها فقد تعجل شيئاً من نعيم الجنة قبل دخولها ...
نسأل الله ألا يحرمنا فضله ..
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[19 Nov 2006, 01:11 ص]ـ
بارك الله فيك يا دكتور، لفتة جميلة،
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[20 Nov 2006, 01:00 ص]ـ
رحم الله ابن القيم ورحمك يا دكتور عمر ورحمني وأحمد الفالح معكم، ولا شك يا أخي الكريم أن في مناجاة الله لذة لا يعرفها إلا من ذاقها، وأذكر كلاما لشيخ الإسلام قرأته قديما ولا يحظرني مكانه ملخصه: أن العبد قد يصاب بمصيبة فيبدأ بسؤال الله ويكثر من مناجاته رجاء دفع تلك المصيبه فيرزق من لذة المناجاة ما يجعله ينسى معه مصيبته ويصبح يناجي الله لحصول تلك اللذة.(/)
الإجماع على أن عدة المطلقة النفساء ثلاثة قروء؛ قاله ابن المنذر في الإشراف
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[23 Nov 2006, 03:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمّد؛ المبعوث رحمة و هداية للعالمين
و بعد
فقد طرح سؤال في بعض المنتديات عن عدّة المطلّقة في وقت النفاس
و قد ذكر أنها من ذوات الحيض (الجاريات عادتهن على الحيض من قبل)؛ فتدخل في عموم قول الله تعالى: {و المطلّقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}. [البقرة: 228].
و عليه: تكون عدتها: ثلاثة قروء (حيضات أو الطهر منها)؛ بنصّ الآية.
و قد طرح إشكال: أن النفساء تكون في الغالب مرضعة، و المرضعات لا يحضن غالبا؛ لأن الرضاع يمنع الحيض في الغالب الأعمّ.
و وجه الإشكال: العسر و الضيق في انتظار حدوث الثلاث حيضات - بعد انتهاء الرضاع الذي يستغرق مدة سنتين غالبا.
- و هو إشكال معتبر لولا وجود الدليل، و هو النصّ المتقدم،
و قد ينازع البعض في دخول المطلّقة النفساء في عمومه، و لكن الإجماع على ذلك الحكم يمنع اعتبار النزاع؛ و هو ما حكاه الإمام ابن المنذر - (ت 319هـ) - في كتابه " الإشراف " (" الإشراف على مذاهب أهل العلم " – و له تسمية أخرى: " الإشراف في مسائل الخلاف ")، و سيأتي ذكره بعد إن شاء الله.
و ابن المنذر إمام جليل ترجم له الذهبي في كتابه " سير أعلام النبلاء "؛ قال: (الإمام الحافظ العلامة، شيخ الاسلام، أبو بكر، محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة، وصاحب التصانيف ك " الاشراف في اختلاف العلماء "، وكتاب: " الاجماع "، وكتاب: " المبسوط "، وغير ذلك).
* و لمّا كان ذلك الكتاب - " الإشراف " - غير منشورعلى شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " الآن - على ما أظن – بل و المطبوع منه غير مشهور؛ فأحببت نقل المتعلّق منه بمسألة النفساء هنا:
باب المطلّقة النفساء
((أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم – ممن يقول: إن الأقراء الأطهار، و من يقول: إن الأقراء الحيض -: إن المطلّقة و هي نفساء لا تعتدّ بدم النفاس حتى تستأنف ثلاثة قروء.
روي هذا القول عن زيد بن ثابت، و الحسن، و عطاء، و سليمان بن يسار، و الزهري.
و به قال أبو عبيد، و ذكر أنه قول أهل الحجاز، و العراق جميعا.
قال: لأن دم النفاس ليس من القروء، و لا يلزمه اسمها)). (1) أهـ
... و المطلّقة النفساء ممن تكون مرضعة، و يشّق عليها انتظار وقوع ذلك الحيض بعد انتهاء مدّة الرضاع السنتين غالبا – لأن الحيض قليل بل نادر الحدوث مع الرضاع – يمكنها تعاطي الأسباب المؤدية إلى حدوث الحيض و نزول دمه؛ بالأدوية أو بعدم الإرضاع منها بل من غيرها، و الأول أولى و أهون و أيسر؛ و عندئذ تعتدّ بالثلاثة قروء (حيضات أو الطهر منها).
هذا و الله أعلم
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
1 - من كتاب " الإشراف على مذاهب أهل العلم " – لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، الشافعي، طبعة دار الفكر العربي، بيروت، لبنان، 1993م / 1414هـ، مجلد1، صفحة 261، 262
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Dec 2006, 10:28 م]ـ
عفوا
المشاركة أدناه
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Dec 2006, 10:30 م]ـ
و عدة المطلّقة المرضعة كعدة النفساء: ثلاثة قروء، قصر الزمان أو طال؛ لأنهما من ذوات الحيض، و ارتفاعه لعلرض معلوم: النفاس أوالرضاع.
و هو قضاء على بن أبي طالب، و زيد بن ثابت، و عثمان بن عفان؛ رضي الله عنهم - و قد جاء بهذا الحديث الصحيح في " الموطأ " و غيره - و عليه انعقد الإجماع؛ فقد قال القاضي أبو محمد المالكي: " فَأَجْمَعُوا أَنَّ التَّأْخِيرَ بِالرَّضَاعِ لا يُسَوِّغُ الِاعْتِدَادَ بِغَيْرِ الْحَيْضِ ". [المنتقى شرح الموطأ].
- و قد جاء النصّ على عدة المرضعة في:
1 - موطأ مالك
باب طلاق المريض
1043 - و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ
(يُتْبَعُ)
(/)
كَانَتْ عِنْدَ جَدِّي حَبَّانَ امْرَأَتَانِ هَاشِمِيَّةٌ وَأَنْصَارِيَّةٌ فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ هَلَكَ عَنْهَا وَلَمْ تَحِضْ فَقَالَتْ أَنَا أَرِثُهُ لَمْ أَحِضْ فَاخْتَصَمَتَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ فَلَامَتْ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّكِ هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.
* و طلاق المريض و الصحيح في ذلك سواء؛ قال الإمام المنذر في كتابه " الإشراف " في (جماع أبواب صنوف الطلاق التي تكون عند الحوادث):
- طلاق المريض:
" أجمع كل من نحفظ قوله على أن من طلّق زوجته مدخولا بها طلاقا ملك رجعتها، و هو صحيح أو مريض، فمات أو ماتت قبل أن تنقضي عدتها: أنهما يتوارثان ". [1]
2 - المنتقى شرح الموطأ
1043 - (ش): قَوْلُهُ: فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَتُوُفِّيَ فَانْقَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ تَحِضْ: يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْأَنْصَارِيَّةَ لَمْ تَحِضْ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ حَتَّى تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، وَذَلِكَ أَنَّ ارْتِفَاعَ حَيْضِ الْمُطَلَّقَةِ يَكُونُ لِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ وَلِغَيْرِ سَبَبٍ مَعْرُوفٍ: فَأَمَّا مَا كَانَ لِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ فَكَالرَّضَاعِ، وَالْمَرَضِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ لِلرَّضَاعِ، فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ إِلَّا بِالْأَقْرَاءِ طَالَ الْوَقْتُ، أَوْ قَصُرَ، وَقَدْ احْتَجَّ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ: فَإِنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَكَثَتْ نَحْوَ سَنَةٍ لَا تَحِيضُ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ ثُمَّ مَرِضَ فَخَافَ أَنْ تَرِثَهُ إِنْ مَاتَ فَخَاصَمَهَا إِلَى عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُمَا: مَا تَرَيَانِ فَقَالَا: لَا نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَا مِنْ اللَّائِي يَحِضْنَ فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حِيَاضِهَا مَا كَانَ لَمْ يَمْنَعْهَا إِلَّا الرَّضَاعُ فَانْتَزَعَ حِبَّانُ ابْنَهُ فَلَمَّا حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ مَاتَ حِبَّانُ فَوَرِثَتْ مِنْهُ وَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ - قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: فَأَجْمَعُوا أَنَّ التَّأْخِيرَ بِالرَّضَاعِ لَا يُسَوِّغُ الِاعْتِدَادَ بِغَيْرِ الْحَيْضِ. وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ لَمْ يَحِضْ وَلَا مِمَّنْ يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْعَادَةَ الْمُسْتَقِرَّةُ بِأَنَّ الرَّضَاعَ يُؤَثِّرُ فِي تَأْخِيرِ الْحَيْضِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ رِيبَةً، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رِيبَةً وَجَبَ انْتِظَارُ زَوَالِهِ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْحَيْضِ إذْ هِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ.
(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ: هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّك هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا أَرَادَ تَطْيِيبَ نَفْسِهَا بِأَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ وَلَامَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ إِلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّ ابْنَ عَمِّهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي لَا تَشُكُّ هِيَ فِي إشْفَاقِهِ عَلَيْهَا وَإِرَادَتِهِ الْخَيْرَ لَهَا هُوَ مِمَّنْ أَفْتَى بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
3 - مسند الشافعي
باب العدد
1325 - أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، أخبره أن رجلا من الأنصار يقال له حبان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته، فمكثت سبعة عشر شهرا لا تحيض، يمنعها الرضاع أن تحيض، ثم مرض حبان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية، فقلت له: إن امرأتك تريد أن ترث، فقال لأهله: احملوني إلى عثمان، فحملوه إليه فذكر له شأن امرأته، وعنده علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت فقال لهما عثمان: ما تريان؟ فقالا: نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت، فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن من المحيض، وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغن المحيض، ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير، فرجع حبان إلى أهله فأخذ ابنته،
(يُتْبَعُ)
(/)
فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة، ثم حاضت حيضة أخرى، ثم توفي حبان قبل أن تحيض الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها، وورثته قال الأصم: في كتابي: حبان بالباء.
4 - معرفة السنن و الآثار للبيهقي
عدة من تباعد حيضها:
4850 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن محمد بن يحيى بن حبان قال أحمد: كذا وجدته، وقال غيره، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية، فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة، ثم هلك ولم تحض، فقالت: أنا أرثه لم أحض، فاختصموا إلى عثمان «فقضى للأنصارية بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان، فقال:» هذا عمل ابن عمك، هو أشار علينا بهذا «، يعني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
4851 - وأخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي بكر، أخبره: أن رجلا من الأنصار يقال له حبان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته، فمكثت سبعة عشر شهرا لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض، ثم مرض حبان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية، فقيل له: إن امرأتك تريد أن ترث، فقال لأهله: احملوني إلى عثمان، فحملوه إليه، فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، فقال لهما عثمان: «ما تريان؟» فقالا: نرى «أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت، فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن من المحيض، وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغن المحيض، ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير، فرجع حبان إلى أهله، فأخذ ابنته، فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى، ثم توفي حبان قبل أن تحيض الثالثة، فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها، وورثته. أنبأني أبو عبد الله الحافظ، إجازة، عن أبي العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سعيد، عن ابن جريج، أنه بلغه، عن عمر بن عبد العزيز في أمر حبان مثل خبر عبد الله بن أبي بكر.
5 - المغني لابن قدامة
مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَإِنْ عَرَفَتْ مَا رَفَعَ الْحَيْضَ، كَانَتْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيْضُ، فَتَعْتَدُّ بِهِ، إلَّا أَنْ تَصِيرَ مِنْ الْآيِسَاتِ، فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتٍ تَصِيرُ فِي عِدَادِ الْآيِسَاتِ أَمَّا إذَا عَرَفَتْ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِعَارِضٍ؛ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ رَضَاعٍ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَارِضِ، وَعَوْدَ الدَّمِ وَإِنْ طَالَ، إلَّا أَنْ تَصِيرَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.فَعِنْدَ ذَلِكَ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْآيِسَاتِ.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
[1]- " الإشراف على مذاهب أهل العلم "، لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، طبعة دار الفكر العربي، بيروت، 1993م، المجلد الأول، صفحة 166.(/)
قاعدة شريفة الناس قسمان علية وسفلة
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Nov 2006, 12:11 م]ـ
قاعدة شريفة الناس قسمان علية وسفلة
قال ابن القيم قاعدة شريفة الناس قسمان علية وسفلة فالعلية من عرف الطريق إلى ربه وسلكها قاصداً الوصول إليه وهذا هو الكريم على ربه والسفلة من لم يعرف الطريق إلى ربه ولم يتعرفها فهذا هو اللئيم الذي قال الله فيه ومن يهن الله فماله من مكرم والطريق إلى الله في الحقيقة واحد لا تعدد فيه وهو صراطه المستقيم الذي نصبه موصلا لمن سلكه قال الله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فوحد سبيله لأنه في نفسه واحد لا تعدد فيه وجمع السبل المخالفة لأنها كثيرة متعددة كما ثبت أن النبي خط خطا ثم قال هذا سبيل الله ح ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ثم قال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ح ثم قرأ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ومن هذا قوله تعالى الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات فوحد النور الذي هو سبيله وجمع الظلمات التي هي سبيل الشيطان ومن فهم هذا فهم السر في إفراد النور وجمع الظلمات في قوله الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور مع أن فيه سر ألطف من هذا يعرفه من يعرف منبع النور ومن أين فاض وعماذا حصل وأن أصله كله واحد وأما الظلمات فهي متعددة بتعدد الحجب المقتضية لها وهي كثيرة جدا لكل حجاب ظلمة خاصة ولا ترجع الظلمات إلى النور الهادي جل جلاله أصلا ولا وصفا ولا ذاتاً ولا اسماً ولا فعلاً وإنما ترجع إلى مفعولاته فهو جاعل الظلمات ومفعولاتها متعددة متكثرة بخلاف النور فإنه يرجع إلى اسمه وصفته تعالى أن يكون كمثله شيء وهو نور السموات والأرض قال ابن مسعود ليس عند ربكم ليل ولا نهار نور السموات والأرض من نور وجهه ذكره الدارمي عنه وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قلت يا رسول الله هل رأيت ربك قال نور أنى أراه والمقصود أن الطريق إلى الله واحد فإنه الحق المبين والحق واحد مرجعه إلى واحد وأما الباطل والضلال فلا ينحصر بل كل ما سواه باطل وكل طريق إلى الباطل فهو باطل فالباطل متعدد وطرقه متعددة وأما ما يقع في كلام بعض العلماء أن الطريق إلى الله متعددة متنوعة جعلها الله كذلك لتنوع الاستعدادات واختلافها رحمة منه وفضلا فهو صحيح لا ينافي ما ذكرناه من وحدة الطريق وإيضاحه أن الطريق هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله وما يرضيه متعدد متنوع فجميع ما يرضيه طريق واحد ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال وكلها طرق مرضاته فهذه التي جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة جدا لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم ولو جعلها نوعا واحدا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوة الاستعدادات وضعفها لم يسلكها إلا واحد بعد واحد ولكن لما اختلفت الاستعدادات تنوعت الطرق ليسلك كل امرئ إلى ربه طريقا يقتضيها استعداده وقوته وقبوله ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد مع وحدة المعبود ودينه ومنه الحديث المشهور الأنبياء أولاد علات دينهم واحد فأولاد العلات أن يكون الأب واحداً والأمهات متعددة فشبه دين الأنبياء بالأب الواحد وشرائعهم بالأمهات المتعددة فإنها وإن تعددت فمرجعها إلى أب واحد كلها وإذا علم هذا فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم قد وفر عليه زمانه مبتغيا به وجه الله فلا يزال كذلك عاكفاً على طريق العلم والتعليم حتى يصل من تلك الطريق إلى الله ويفتح له فيها الفتح الخاص أو يموت في طريق طلبه فيرجى له الوصول إلى مطلبه بعد مماته قال تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وقد حكي عن جماعة كثيرة ممن أدركه الأجل وهو حريص طالب للقرآن أنه رؤي بعد موته وأخبر انه في تكميل مطلوبه وأنه يتعلم في البرزخ فإن العبد يموت على ما عاش عليه ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأس ماله لمآله فمتى فتر عنه أو قصر رأى أنه قد غبن وخسر ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة فمتى قصر في ورده منها أو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أو
(يُتْبَعُ)
(/)
مستعد لها أظلم عليه وقته وضاق صدره ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع المتعدي كقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وأنواع الصدقات قد فتح له في هذا وسلك منه طريقا إلى ربه ومن الناس من يكون طريقه الصوم فهو متى أفطر تغير قلبه وساءت حاله ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن وهي الغالب على أوقاته وهي أعظم أوراده ومنهم من يكون طريقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد فتح الله له فيه ونفذ منه إلى ربه ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه الحج والاعتمار ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة ومنهم جامع المنفذ السالك إلى الله في كل واد الواصل إليه من كل طريق فهو جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه ونصب عينه يؤمها أين كانت ويسير معها حيث سارت قد ضرب مع كل فريق بسهم فأين كانت العبودية وجدته هناك إن كان علم وجدته مع أهله أو جهاد وجدته في صف المجاهدين أو صلاة وجدته في القانتين أو ذكر وجدته في الذاكرين أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين أو محبة ومراقبة وإنابة إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين يدين بدين العبودية أنى استقلت ركائبها ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربها لو قيل ما تريد من الأعمال لقال أريد أن أنفذ أوامر ربي حيث كانت وأين كانت جالبة ما جلبت مقتضية ما اقتضت جمعتني أو فرقتني ليس لي مراد إلا تنفيذها والقيام بأدائها مراقبا له فيها عاكفا عليه بالروح والقلب والبدن والسر قد سلمت إليه المبيع منتظرا منه تسليم الثمن إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة فهذا هو العبد السالك إلى ربه النافذ إليه حقيقة ومعنى لنفوذ إليه أن يتصل به قلبه ويعلق به تعلق المحب التام المحبة بمحبوبه فيسلو به عن جميع المطالب سواه فلا يبقى في قلبه إلا محبة الله وأمره وطلب التقريب إليه فإذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربه فقربه واصطفاه وأخذ بقلبه إليه وتولاه في جميع أموره في معاشه ودينه وتولي تربيته أحسن وأبلغ مما يربي الوالد الشفيق ولده فإنه سبحانه القيوم المقيم لكل شيء من المخلوقات طائعها وعاصيها فكيف تكون قيوميته بمن أحبه وتولاه وآثره على ما سواه ورضي به من دون الناس حبيبا وربا ووكيلا وناصرا ومعينا وهاديا فلو كشف الغطاء عن ألطافه وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه محبة له وشوقا إليه ويقع شكرا له ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى عالم الشهوات والتعلق بالأسباب فصدت عن كمال نعيمها وذلك تقدير العزيز العليم وإلا فأي قلب يذوق حلاوة معرفة الله ومحبته ثم يركن إلى غيره ويسكن إلى ما سواه هذا ما لا يكون أبداً ومن ذاق شيئا من ذلك وعرف طريقا موصلة إلى الله ثم تركها وأقبل على إرادته وراحاته وشهواته ولذاته وقع في آثار المعاطب وأودع قلبه سجون المضايق وعذب في حياته عذابا لم يعذب به أحد من العالمين فحياته عجز وغم وحزن وموته كدر وحسرة ومعاده أسف وندامة قد فرط عليه أمره وشتت عليه شمله وأحضر نفسه الغموم والأحزان فلا لذه الجاهلين ولا راحة العارفين يستغيث فلا يغاث ويشتكي فلا يشكى فقد ترحلت أفراحه وسروره مدبرة وأقبلت الآمه وأحزانه وحسراته فقد أبدل بأنسه وحشة وبعزه ذلا وبغناه فقرا وبجمعيته تشتيتا وأبعدوه فلم يظفر بقربهم وأبدلوه مكان الأنس إيحاشا ذلك بأنه عرف طريقه إلى الله ثم تركها ناكبا عنها مكبا على وجهه فأبصر ثم عمي وعرف ثم أنكر وأقبل ثم أدبر ودعي فما أجاب وفتح له فولى ظهره الباب قد ترك طريق مولاه وأقبل بكليته على هواه فلو نال بعض حظوظه وتلذذ براحاته وشؤونه فهو مقيد القلب عن انطلاقه في فسيح التوحيد وميادين الأنس ورياض المحبة وموائد القرب قد انحط بسبب إعراضه عن إلهه الحق إلى أسفل سافلين وحصل في عداد الهالكين فنار الحجاب تطلع كل وقت على فؤاده وإعراض الكون عنه إذ أعرض عن ربه حائل بينه وبين مراده فهو قبر يمشي على وجه الأرض وروحه في وحشة من جسمه وقلبه في ملال من حياته يتمنى الموت ويشتهيه ولو كان فيه ما فيه حتى إذا جاءه الموت على تلك الحال والعياذ بالله فلا تسأل عما يحل به من العذاب الأليم بسبب وقوع الحجاب بينه وبين مولاه الحق وإحراقه بنار البعد عن قربه والإعراض عنه وقد حيل بينه وبين سعادته
(يُتْبَعُ)
(/)
وأمنيته فلو توهم العبد المسكين هذه الحال وصورتها له نفسه وأرته إياها على حقيقتها لتقطع والله قلبه ولم يلتذ بطعام ولا شراب ولخرج إلى الصعدات يجأر إلى الله ويستغيث به يستعتبه في زمن الاستعتاب هذا مع أنه إذا آثر شهواته ولذاته الفانية التي هي كخيال طيف أو مزنة صيف نغصت عليه لذاتها أحوج ما كان إليها وحيل بينه وبين أقدر ما كان عليها وتلك سنة الله في خلقه كما قال تعالى حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون وهذا هو غب إعراضه وإيثار شهوته على مرضاة ربه يعوق القدر عليه أسباب مراده فيخسر الأمرين جميعا فيكون معذبا في الدنيا بتنغيص شهواته وشدة اهتمامه بطلب ما لم يقسم له وإن قسم له منه شيء فحشوه الخوف والحزن والنكد والألم فهم لا ينقطع وحسرة لا تنقضي وحرص لا ينفذ وذل لا ينتهي وطمع لا يقلع هذا في هذه الدار وأما في البرزخ فأضعاف أضعاف ذلك قد حيل بينه وبين ما يشتهي وفاته ما كان يتمناه من قرب ربه وكرامته ونيل ثوابه وأحضر جميع غمومه وأحزانه وأما في دار الجزاء فسجن أمثاله من المبعودين المطرودين فواغوثاه ثم واغوثاه بغياث المستغيثين وأرحم الراحمين فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاء والبؤس والبخس في أعماله وأحواله وقارنه سوء الحال وفساده في دينه ومآله فإن الرب إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأوى للشياطين وهدفا للشرور ومصبا للبلاء فالمحروم كل المحروم من عرف طريقا إليه ثم أعرض عنها أو وجد بارقة من حبه ثم سلبها لم ينفذ إلى ربه منها خصوصا اذا مال بتلك الإرادة إلى شيء من اللذات وانصرف بجملته إلى تحصيل الأغراض والشهوات عاكفا على ذلك في ليله ونهاره وغدوه ورواحه هابطا من الأوج الأعلى إلى الحضيض الأدنى قد مضت عليه برهة من أوقاته وكان همه الله وبغيته قربه ورضاه وإيثاره على كل ما سواه على ذلك يصبح ويمسي ويظل ويضحي وكان الله في تلك الحال وليه لأنه ولي من تولاه وحبيب من أحبه ووالاه فأصبح في سجن الهوى ثاويا وفي أسر العدو مقيما وفي بئر المعصية ساقطا وفي أودية الحيرة والتفرقة هائما معرضا عن المطالب العالية إلى الأغراض الخسيسة الفانية كان قلبه يحوم حول العرش فأصبح محبوسا في أسفل الحش فأصبح كالبازي المنتف ريشه يرى حسرات كلما طار طائر وقد كان دهرا في الرياض منعما على كل ما يهوى من الصيد قادر إلى أن أصابته من الدهر نكبة إذا هو مقصوص الجناحين حاسر فيا من ذاق شيئا من معرفة ربه ومحبته ثم أعرض عنها واستبدل بغيرها منها يا عجبا له بأي شيء تعوض وكيف قر قراره فما طلب الرجوع إلى أحنيته وما تعرض وكيف اتخذ سوى أحنيته سكنا وجعل قلبه لمن عاداه مولاه من أجله وطنا أم كيف طاوعه قلبه على الاصطبار ووافقه على مساكنة الأغيار فيا معرضا عن حياته الدائمة ونعيمه المقيم ويا بائعا سعادته العظمى بالعذاب الأليم ويا مسخطا من حياته وراحته وفوزه في رضاه وطالبا رضى من سعادته في إرضاء سواه إنما هي لذة فانية وشهوة منقضية تذهب لذاتها وتبقى تبعاتها فرح ساعة لا شهر وغم سنة بل دهر طعام لذيذ مسموم أوله لذة وآخره هلاك فالعامل عليها والساعي في تحصيلها كدودة القز يسد على نفسه المذاهب بما نسج عليها من المعاطب فيندم حين لا تنفع الندامة ويستقيل حين لا تقبل الاستقالة فطوبى لمن أقبل على الله بكليته وعكف عليه بإرادته ومحبته فإن الله يقبل عليه بتوليه ومحبته وعطفه ورحمته وإن الله سبحانه إذا أقبل على عبد استنارت جهاته وأشرقت ساحاته وتنورت ظلماته وظهرت عليه آثار إقباله من بهجة الجلال وآثار الجمال وتوجه إليه أهل الملأ الأعلى بالمحبة والموالاة لأنهم تبع لمولاهم فإذا أحب عبدا أحبوه وإذا والى واليا والوه إذا أحب الله العبد نادى يا جبرائيل إني أحب فلانا فأحبه فينادي جبرائيل في السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يحبه أهل الأرض فيوضع له القبول بينهم ويجعل الله قلوب أوليائه تفد إليه بالود والمحبة والرحمة وناهيك بمن يتوجه إليه مالك الملك ذو الجلال والإكرام بمحبته ويقبل عليه بأنواع كرامته ويلحظه الملأ الأعلى وأهل الأرض بالتبجيل والتكريم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
طريق الهجرتين لابن القيم ص277– 283.(/)
تعريف الصراط المستقيم
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[23 Nov 2006, 01:34 م]ـ
تعريف الصراط المستقيم
قال ابن القيم: فصل وذكر الصراط المستقيم مفردا معرفا تعريفين تعريفا باللام وتعريفا بالإضافة وذلك يفيد تعينه واختصاصه وأنه صراط واحد وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها كقوله وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله فوحد لفظ الصراط وسبيله وجمع السبل المخالفة له وقال ابن مسعود خط لنا رسول الله خطا وقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه ثم قرأ قوله تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطرق عليهم مسدودة والأبواب عليهم مغلقة إلا من هذا الطريق الواحد فإنه متصل بالله موصل إلى الله قال الله تعالى هذا صراط علي مستقيم قال الحسن معناه صراط إلي مستقيم وهذا يحتمل أمرين أن يكون أراد به أنه من باب إقامة الأدوات بعضها مقام بعض فقامت أداة على مقام إلى والثاني أنه أراد التفسير على المعنى وهو الأشبه بطريق السلف أي صراط موصل إلي وقال مجاهد الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه لا يعرج على شيء وهذا مثل قول الحسن وأبين منه وهو من أصح ما قيل في الآية وقيل علي فيه للوجوب أي علي بيانه وتعريفه والدلالة عليه والقولان نظير القولين في آية النحل وهي وعلى الله قصد السبيل والصحيح فيها كالصحيح في آية الحجر أن السبيل القاصد وهو المستقيم المعتدل يرجع إلى الله ويوصل إليه قال طفيل الغنوي مضوا سلفا قصد السبيل عليهم وصرف المنايا بالرجال تشقلب أي ممرنا عليهم وإليهم وصولنا وقال الآخر فهن المنايا أي واد سلكته عليها طريقي أو علي طريقها فإن قيل لو أريد هذا المعنى لكان الأليق به أداة إلى التي هي للإنتهاء لا أداة على التي هي للوجوب ألا ترى أنه لما أراد الوصول قال إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم وقال إلينا مرجعهم وقال ثم إلى ربهم مرجعهم وقال لما أراد الوجوب ثم إن علينا حسابهم وقال إن علينا جمعه وقرآنه وقال وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ونظائر ذلك قيل في أداة على سر لطيف وهو الإشعار بكون السالك على هذا الصراط على هدى وهو حق كما قال في حق المؤمنين أولئك على هدى من ربهم وقال لرسوله فتوكل على الله إنك على الحق المبين والله عز وجل هو الحق وصراطه حق ودينه حق فمن استقام على صراطه فهو على الحق والهدى فكان في أداة على هذا المعنى ما ليس في أداة إلى فتأمله فإنه سر بديع فإن قلت فما الفائدة في ذكر على في ذلك أيضا وكيف يكون المؤمن مستعليا على الحق وعلى الهدى قلت لما فيه من استعلائه وعلوه بالحق والهدى مع ثباته عليه واستقامته إليه فكان في الإتيان بأداة على ما يدل على علوه وثبوته واستقامته وهذا بخلاف الضلال والريب فإنه يؤتى فيه بأداة في الدالة على انغماس صاحبه وانقماعه وتدسسه فيه كقوله تعالى فهم في ريبهم يترددون وقوله والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات وقوله فذرهم في غمرتهم حتى حين وقوله وإنهم لفي شك منه مريب وتأمل قوله تعالى وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين فإن طريق الحق تأخذ علوا صاعدة بصاحبها إلى العلي الكبير وطريق الضلال تأخذ سفلا هاوية بسالكها في أسفل سافلين وفي قوله تعالى قال هذا صراط علي مستقيم قول ثالث وهو قول الكسائي إنه على التهديد والوعيد نظير قوله إن ربك لبالمرصاد كما يقال طريقك على وممرك على لمن تريد إعلامه بأنه غير فائت لك ولا معجز والسياق يأبى هذا ولا يناسبه لمن تأمله فإنه قاله مجيبا لإبليس الذي قال لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فإنه لا سبيل لي إلى إغوائهم ولا طريق لي عليهم فقرر الله عز وجل ذلك أتم التقرير وأخبر أن الإخلاص صراط عليه مستقيم فلا سلطان لك على عبادي الذين هم على هذا الصراط لأنه صراط علي ولا سبيل لإبليس إلى هذا الصراط ولا الحوم حول ساحته فإنه محروس محفوظ بالله فلا يصل عدو الله إلى أهله فليتأمل العارف هذا الموضع حق التأمل ولينظر إلى هذا
(يُتْبَعُ)
(/)
المعنى ويوازن بينه وبين القولين الآخرين أيهما أليق بالآيتين وأقرب إلى مقصود القرآن وأقوال السلف وأما تشبيه الكسائي له بقوله إن ربك لبالمرصاد فلا يخفى الفرق بينهما سياقا ودلالة فتأمله ولا يقال في التهديد هذا طريق مستقيم علي لمن لا يسلكه وليست سبيل المهدد مستقيمة فهو غير مهدد بصراط الله المستقيم وسبيله التي هو عليها ليست مستقيمة على الله فلا يستقيم هذا القول ألبتة وأما من فسره بالوجوب أي علي بيان استقامته والدلالة عليه فالمعنى صحيح لكن في كونه هو المراد بالآية نظر لأنه حذف في غير موضع الدلالة ولم يؤلف الحذف المذكور ليكون مدلولا عليه إذا حذف بخلاف عامل الظرف إذا وقع صفة فإنه حذف مألوف معروف حتى إنه لا يذكر ألبتة فإذا قلت له درهم على كان الحذف معروفا مألوفا فلو أردت علي نقده أو علي وزنه وحفظه ونحو ذلك وحذفت لم يسغ وهو نظير علي بيانه المقدر في الآية مع أن الذي قاله السلف أليق بالسياق وأجل المعنيين وأكبرهما وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية رضي الله عنه يقول وهما نظير قوله تعالى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى قال فهذه ثلاثة مواضع في القرآن في هذا المعنى قلت وأكثر المفسرين لم يذكر في سورة والليل إذا يغشى إلا معنى الوجوب أي علينا بيان الهدى من الضلال ومنهم من لم يذكر في سورة النحل إلا هذا المعنى كالبغوي وذكر في الحجر الأقوال الثلاثة وذكر الواحدي في بسيطه المعنيين في سورة النحل واختار شيخنا قول مجاهد والحسن في السور الثلاث.
فصل والصراط المستقيم هو صراط الله وهو يخبر أن الصراط عليه سبحانه
كما ذكرنا ويخبر أنه سبحانه على الصراط المستقيم وهذا في موضعين من القرآن في هود والنحل قال في هود ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وقال في النحل وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم فهذا مثل ضربه الله للأصنام التي لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل وهي كل على عابدها يحتاج الصنم إلى أن يحمله عابده ويضعه ويقيمه ويخدمه فكيف يسوونه في العادة بالله الذي يأمر بالعدل والتوحيد وهو قادر متكلم غنى وهو على صراط مستقيم في قوله وفعله فقوله صدق ورشد ونصح وهدى وفعله حكمة وعدل ورحمة ومصلحة هذا أصح الأقول في الآية وهو الذي لم يذكر كثير من المفسرين غيره ومن ذكر غيره قدمه على الأقوال ثم حكاها بعده كما فعل البغوي فإنه جزم به وجعله تفسير الآية ثم قال وقال الكلبي يدلكم على صراط مستقيم قلت ودلالته لنا على الصراط هي من موجب كونه سبحانه على الصراط المستقيم فإن دلالته بفعله وقوله وهو على الصراط المستقيم في أفعاله وأقواله فلا يناقض قول من قال إنه سبحانه على الصراط المستقيم قال وقيل هو رسول الله يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم قلت وهذا حق لا يناقض القول الأول فالله على الصراط المستقيم ورسوله عليه فإنه لا يأمر ولا يفعل إلا مقتضاه وموجبه وعلى هذا يكون المثل مضروبا لإمام الكفار وهاديهم وهو الصنم الذي هو أبكم لا يقدر على هدى ولا خير والإمام الأبرار وهو رسول الله الذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم وعلى القول الأول يكون مضروبا لمعبود الكفار ومعبود الأبرار والقولان متلازمان فبعضهم ذكر هذا وبعضهم ذكر هذا وكلاهما مراد من الآية قال وقيل كلاهما للمؤمن والكافر يرويه عطية عن ابن عباس وقال عطاء الأبكم أبي بن خلف ومن يأمر بالعدل حمزة وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون قلت والآية تحتمله ولا يناقض القولين قبله فإن الله على صراط مستقيم ورسوله وأتباع رسوله وضد ذلك معبود الكفار وهاديهم والكافر التابع والمتبوع والمعبود فيكون بعض السلف ذكر أعلى الأنواع وبعضهم ذكر الهادي وبعضهم ذكر المستجيب القابل وتكون الآية متناولة لذلك كله ولذلك نظائر كثيرة في القرآن وأما آية هود فصريحة لا تحتمل إلا معنى واحدا وهو أن الله سبحانه على صراط مستقيم وهو سبحانه أحق من كان على صراط مستقيم فإن أقواله كلها صدق ورشد وهدى وعدل وحكمة وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وأفعاله كلها مصالح وحكم ورحمة وعدل وخير فالشر لا يدخل في أفعاله ولا أقواله ألبتة لخروج الشر عن الصراط المستقيم فكيف يدخل في أفعال من هو على الصراط المستقيم
(يُتْبَعُ)
(/)
أو أقواله وإنما يدخل في أفعال من خرج عنه وفي أقواله وفي دعائه عليه الصلاة والسلام لبيك وسعديك والخير كله بيديك والشر ليس إليك ولا يلتفت إلى تفسير من فسره بقوله والشر لا يتقرب به إليك أو لا يصعد إليك فإن المعنى أجل من ذلك وأكبر وأعظم قدرا فإن من أسماؤه كلها حسنى وأوصافه كلها كمال وأفعاله كلها حكم وأقواله كلها صدق وعدل يستحيل دخول الشر في أسمائه أو أوصافه أو أفعاله أو أقواله فطابق بين هذا المعنى وبين قوله إن ربي على صراط مستقيم وتأمل كيف ذكر هذا عقيب قوله إني توكلت على الله ربي وربكم أي هو ربي فلا يسلمني ولا يضيعني وهو ربكم فلا يسلطكم علي ولا يمكنكم مني فإن نواصيكم بيده لا تفعلون شيئا بدون مشيئته فإن ناصية كل دابة بيده لا يمكنها أن تتحرك إلا بإذنه فهو المتصرف فيها ومع هذا فهو في تصرفه فيها وتحريكه لها ونفوذ قضائه وقدره فيها على صراط مستقيم لا يفعل ما يفعل من ذلك إلا بحكمة وعدل ومصلحة ولو سلطكم علي فله من الحكمة في ذلك ماله الحمد عليه لأنه تسليط من هو على صراط مستقيم لا يظلم ولا يفعل شيئا عبثا بغير حكمة فهكذا تكون المعرفة بالله لا معرفة القدرية المجوسية والقدرية الجبرية نفاة الحكم والمصالح والتعليل والله الموفق سبحانه.
فصل ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه
مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له وهم الذين أنهم الله عليهم ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه
وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة
الناكبين عنه له فإنهم هم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا كما قال بعض السلف عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك وقد ضربت لذلك مثلين فليكونا منك على بال المثل الأول رجل خرج من بيته إلى الصلاة لا يريد غيرها فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس فألقى عليه كلاما يؤذيه فوقف ورد عليه وتماسكا فربما كان شيطان الإنس أقوى منه فقهره ومنعه عن الوصول إلى المسجد حتى فاتته الصلاة وربما كان الرجل أقوى من شيطان الإنس ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصف الأول وكمال إدراك الجماعة فإن التفت إليه أطمعه في نفسه وربما فترت عزيمته فإن كان له معرفة وعلم زاد في السعي والجمز بقدر التفاته أو أكثر فإن أعرض عنه واشتغل بما هو بصدده وخاف فوت الصلاة أوالوقت لم يبلغ عدوه منه ما شاء المثل الثاني الظبي أشد سعيا من الكلب ولكنه إذا أحس به التفت إليه فيضعف سعيه فيدركه الكلب فيأخذه والقصد أن في ذكر هذا الرفيق ما يزيل وحشة التفرد ويحث على السير والتشمير للحاق بهم وهذه إحدى الفوائد في دعاء القنوت اللهم اهدني فيمن هديت أي أدخلني في هذه الزمرة واجعلني رفيقا لهم ومعهم والفائدة الثانية أنه توسل إلى الله بنعمه وإحسانه إلى من أنعم عليه بالهداية أي قد أنعمت بالهداية على من هديت وكان ذلك نعمة منك فاجعل لي نصيبا من هذه النعمة واجعلني واحدا من هؤلاء المنعم عليهم فهو توسل إلى الله بإحسانه والفائدة الثالثة كما يقول السائل للكريم تصدق علي في جملة من تصدقت عليهم وعلمني في جملة من علمته وأحسن إلي في جملة من شملته بإحسانك.
(يُتْبَعُ)
(/)
فصل ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب ونيله أشرف المواهب علم الله عباده كيفية سؤاله وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه وتمجيده ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم توسل إليه بأسمائه وصفاته وتوسل إليه بعبوديته وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء ويؤيدهما الوسيلتان المذكورتان في حديثي الإسم الأعظم اللذين رواهما ابن حبان في صحيحه والإمام أحمد والترمذي أحدهما حديث عبدالله بن بريدة عن أبيه قال سمع النبي رجلا يدعو ويقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى قال الترمذي حديث صحيح فهذا توسل إلى الله بتوحيده وشهادة الداعي له بالواحدانية وثبوت صفاته المدلول عليها باسم الصمد وهو كما قال ابن عباس العالم الذي كمل علمه القادر الذي كملت قدرته وفي رواية عنه هو السيد الذي قد كمل فيه جميع أنواع السؤدد وقال أبو وائل هو السيد الذي انتهى سؤده وقال سعيد بن جبير هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وأقواله وبنفي التشبيه والتمثيل عنه بقوله ولم يكن له كفوا أحد وهذه ترجمة عقيدة أهل السنة والتوسل بالإيمان بذلك والشهادة به هو الإسم الأعظم والثاني حديث أنس أن رسول الله سمع رجلا يدعو اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام ياحي يا قيوم فقال لقد سأل الله باسمه الأعظم فهذا توسل إليه بأسمائه وصفاته وقد جمعت الفاتحة الوسيلتين وهما التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين فالداعي به حقيق بالإجابة ونظير هذا دعاء النبي الذي كان يدعو به إذا قام يصلي من الليل رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه وبعبوديته له ثم سأله المغفرة.
مدارج السالكين لابن القيم 1/ 14 – 24
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[24 Nov 2006, 05:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله خيرا يا أبا عبدالله على هذا النقل الجميل
وللفائدة لو يضع الإخوة عناوين جانبية لتفصيل نقاط المحور المتحدث عنه أو المنقول فيه الجواب
وشكر الله سعيك(/)
رجل يموت في المسجد وهو يلقي خطبة
ـ[روضة]ــــــــ[24 Nov 2006, 11:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا مقطع فيديولرجل يأتية ملك الموت وهو يلقي خطبة في المسجد وكان آخر كلامة لا اله إلا الله ...
ما شاء الله يموت في المسجد وهو يلقي خطبة وآخر كلامة لا اله إلا الله ...
يا لها من حسن الخاتمة ...
اذا كان هذا الرجل قد اتاة ملك الموت وهو علي هذة الطاعة ...
فقرر أنت علي ماذا يأتيك ملك الموت ...
طاعة أم معصية ...
واعلم انك تبعث علي ما مت عليه ...
أترككم مع المشهد الذي سيفطر القلوب
http://www.khaimawi.com/nuke/otherimages/news/wafah.wmv
اللهم أحسن خاتمتنا جميعاً يارب العالمين
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[20 Dec 2006, 02:16 م]ـ
الرابط لا يعمل.!!
ـ[روضة]ــــــــ[20 Dec 2006, 03:14 م]ـ
الرابط يعمل عندي وها هو مرة أخرى
http://www.khaimawi.com/nuke/otherimages/news/wafah.wmv
ـ[خالد البكري]ــــــــ[21 Dec 2006, 05:07 م]ـ
جزاك الله خير أختي روضة على هذا المقطع، الله يرحمه ويدخله جنات رب العالمين
ـ[محمدغراب]ــــــــ[26 Dec 2006, 02:05 ص]ـ
اللهم اغفر له وارحمه والحقنا به على الاسلام والايمان والله لقد شعرت فعلا معنى الآية الكريمه
(ونحن أقرب اليه من حبل الوريد)
(ونحن أقرب اليه منكم ولكن لاتبصرون)
اللهم أحسن خاتمتنا وتوفنا على طاعتك اللهم توفنا مسلمين والحقنا بالصالحين آمين
ـ[نورة]ــــــــ[26 Dec 2006, 04:56 ص]ـ
سبحان الله
اللهم تقبّله من الصالحين المخلصين
وأحسن عاقبتنا في الأمور كلّها, وأجرنا من خزيّ الدنيا وعذاب الآخرة(/)
ماذا تعرف عن المحظرة في موريتانيا
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[25 Nov 2006, 09:27 م]ـ
ماذا تعرف عن المحظرة في موريتانيا
كلمة المحظرة قد تبدو علينا غريبة في المشرق وقد لا يعرف معناها الكثيرون أحببت تسليط الأضواء عليها وعلى معناها وعلى دورها في التعليم في منطقة موريتانيا
وإليكم هذه المقدمة منقولة من أرشيفي:
المحظرة وإشعاعها المعرفي:
إذا كانت البادية ربيبة الجهل والتخلف ونقيض الحضارة والمدنية فإن ظاهرة المحظرة الموريتانية التي نشأت في أحضان مجتمع بدوي، وعرفت ازدهارا ضاهي مؤسسات إسلامية ثقافية عريقة مثل الجامع الأزهري والقرويين جديرة بالدراسة، وبرهان ساطع على نسبية الأحكام.
وإن المحظرة الموريتانية مؤسسة طريفة حقا، فاللوح الخشبي وقلم السيال والحبر المصنوع من مشتقات معدنية محلية كلها أدوات بسيطة، وأصيلة قضت بها عبقرية الموريتاني على دياجير الجهل، وحققت بها ما حققته كبريات المدارس الإسلامية بما امتلكت من وسائل علمية متطورة حينها، وإذا كان طالب العلم في المشرق وحتى في بعض مناطق المغرب العربي يتخصص في فن معين فإن المحظري الموريتاني يأخذ من كل فن بطرف ليصبح موسوعة معارف، وكأن لسان حاله ينشد:
من كل فن تعلم تبلغ الأملا ...... ولا يكن لك علم واحد شغلا
فالنحل لما رعت من كل يانعة ..... أبدت لنا النيرين الشهد و العسلا
ومع ذلك فإن بعض المحظريين قد يكون أكثر شغفا بفن معين مما يجعله أكثر خبرة وشهرة في ذلك الفن.
وقد تميز أبناء المحظرة بالقدرة الفائقة على الحفظ والتذكر اذ لا يخرج الطالب المحظري إلا بعد حفظ أمهات المتون المعروفة في الثقافة العربية والإسلامية، ويدل الإنتاج الثقافي الضخم الذي خلفه علماؤنا الأجلاء والذي شمل كافة مناحي الثقافة العربية والإسلامية وحتى العلوم البحتة من طب، وفلك، وحساب، وجغرافيا على مدى الازدهار الذي وصلت إليه المحظرة الشنقيطية.
وقد اشتهر أبناء المحظرة الموريتانية في المشرق وفي بلاد المغرب العربي بسعة العلم والذكاء مما جعلهم يتصدرون هنالك للفتوى، ومع كثرة الأسماء فإننا لا يمكن أن نذكر المحظرة إلا ونتذكر بكل اعتزاز وفخر أعلاما مثل: لمجيدري بن حبل، سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، محمد يحيى الولاتي، محمد محمود بن اتلاميد، أحمد الأمين الشنقيطي، الشيخ آب بن أخطور، أبناء ميابه، وغيرهم ممن يضيق المقام عن ذكرهم.
كما أن النضهة الأدبية التي عرفتها هذه البلاد وكان القرن الثالث عشر الهجري قرنها الذهبي ليست إلا احدى حسنات المحظرة، فالأسماء الشعرية المعروفة في موريتانيا وإلى اليوم إنما نشأت وترعرت في حضن المحظرة ومنها أخذت مادتها الثقافية وفصاحتها ولسانها العربي الأصيل.
وبفضل هذا الصرح الحضاري المتميز أنتشر الإسلام وتمدد إلى تخوم الغابة الإفريقية، وأوروبا عبر الأندلس وبقدر ما أنتشر الإسلام بقدر ما انشرت اللغة العربية.
ولم يعرف تأثير المحظرة في إفريقيا أي نوع من أنواع العنف وإنما كانت ثقافة الحوار والانفتاح والاستجابة الطوعية هي التي طبعت نوعية التأثير في شتى امتداداته الإشعاعية.
والموضوع مفتوح لسادتنا الشناقطة أمثال الشيخ محمود الشنقيطي والشيخ الجكني وغيرهم من أفاضل المنتدى
فهم ابناء بجدتها والجديرون بالحديث عنها
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[25 Nov 2006, 09:34 م]ـ
وبينما يستعد شيوخنا الشناقطة شي وخ المنتدى للحديث أقدم بين يديهم هذه الكلمة وهي طويلة لكن فيها فوائد تضرب لها أكباد الإبل
كلمة العلامة الشيخ محمد فال (اباه) بن عبد الله شيخ محظرة النباغية
هذه كلمة العلامة الشيخ محمد فال (اباه) بن عبد الله شيخ محظرة النباغية حفظه الله, في اللقاء الذي نظمته مؤسسة الشيخ سديا حول حياة العلامة بابه رحمه الله في مدينة أبي تلميت. وقد ألقاها نياية عنه الأديب الفقيه الصالح الزاهد الأستاذ محمد سعيد بن محمدي بن بدي
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه ورسوله محمد خاتم النبئين وسلم الشيخ سيدي بابه: حياته العلمية وآراؤه التجديدية
بقلم اباه بن عبد الله 1. مقدمة:
(يُتْبَعُ)
(/)
إنّ من دُعي للكلام على رجل ممن يوزن بألف متعددِ النواحي كثيرِ التخصصات. حياته كلها مملوءة الفراغ سنين وشهورا وأياما، تتجاذبه اهتماماته المتعددة من حقوق الله تعلى وحقوق عباده مجتهدا في أن لا يقصر في شيء من ذلك جُهده ُولد مفطورا على هذا مهيئا له سليقة مثل الشيخ سيدي بابه. إنه ليحتار من أين يبدأ، وأي فنٍ منه يقرأ، وأي باب منه يقرع، أمن علمه؟ فهو العالم المجتهد والناظر الناقل المتبصر. أمن تجديده وإصلاحه؟ وهو المجدد المصلح المحيي للسنة بعد غربتها والداعي لها وقت خفوت صوت دعائها. أم قيادته الحكيمة وتسييره للمصالح العامة مذ عقدت يداه إزاره بعد وفاة أبيه وجده؟ أمن أدبه وظرفه في شعره ونثره؟ إلى كذا وكذا من الخصال الحميدة التي كلما أخذت في الحديث عن واحدة منها استهوتك الأخرى وجذبتك إليها جذبا حتى يتعسر عليك التزام وَحدة الموضوع دون أن تأتي منه بما يكتفي به السامع والقارئ لاتساعه وتشعبه.
. تكاثرت الظباء على خداش* فما يدري خداش ما يصيد
ولا بأس بذلك فكلها فوائد يأخذ منها الكاتب بما اتفق له بقدر وسعه العلمي والفكري وإذا كان كذلك فأقول:
يعتبر الشيخ سيدي بابه بن الشيخ سيدي محمد أبرزَ شخصيةٍٍ ظهرت في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وأوائل الرابع، تملأ الدلو إلى عقد الكَرَب صيتا وذِكرا حسنا في مجالات شتى. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل: شُهْرَةُ الشيخ سيدي الجد علما وعملا، وصلاحا وزعامة دينية حكيمة، شاملة لجميع نواحي البلاد. بحيث يعتبر أكبر مُصلح بما لكلمة "الإصلاح" من معنى: إصلاحِ ذات البين بين الأمراء فيما بينهم إن تشاجروا، وقامت الحرب بينهم على ساق، والإصلاحِ بين القبائل المتناحرة، والإصلاحِ بين الأفراد المتنافرة، وإصلاحِ النفوس ورياضتها لتنقاد لأمر ربها امتثالا واجتنابا، إلى نشر العلم والفتوى في النوازل النازلة، والتآليف البديعة والنصائح القيمة، إلى دماثة خُلق وتحمل مشقة، عُرفَ بهما في رحلته الطويلة في طلب العلم، إلى نُصرة المظلوم وإعانة المنكوب، والصبر على جفاء الجافي ودفعه بالتي هي أحسن. بحيث صار حرما آمنا يلجأ إليه الخائف ويفر إليه الجاني، متعززا بتقوى الله مكتفيا به عما سواه. ويقال من خاف الله خافه كلُّ شيء. حتى صارت سِِمَتُهُ على المواشي أمانا لها من اللصوص الناهبين، فصار بعض الناس يضعها على مواشيه خوفا عليها. وفي هذا يقول العالم الشاعر أبَّدَّ بن محمود العلوي يخاطب بابه بن الشيخ سيدي محمد: أنسى الورى بُلدانَهم وغدت لهم من لم يَخُطّ البا بلوح خَطّهِ
بُلدانُه سَلْمَى البلاد ومَنْعِجَا يمنى التَّلِيلِ تحصنا مما فَجَا
ولقد أجاد سيدي عبد الله ولد أحمد دام الحسني في قصيدته التي يمدح بها الشيخ سيديا الكبير حيث يقول: لا يُظهر الضجْر من جار أساء ولا ولا يضيقُ ذراعا بالذي صَنَعَتْ وكم ثأًى بينَ ما حَيَّيْن أصلحه
من المُرافِقِ يُوهِي صَبْرَ من صَحِبَهْ أيدي الحوادث تَبتزُّ الفتى سَلَبَهْ خَرْزَ الصَّنَاعِ لمُسْنِي أُجرةٍ قِرَبَه
إلى قوله وطلعةُ الوجه للعافي تهلُّلُها
تَهَلُّلُ الأم تاتي بنتها الخَطَبَهْ
إلى غير ذلك. وأبوه الشيخ سيد محمد العالم العامل الناسك، المُخبت والشاعر المُفْلق والخليفة الكفؤ. فنشأ بابه في هذا الجو العلمي الديني والشرف الرفيع مهيأ لخلافة الأبوين، فكان كما قال زهير بن أبي سُلْمَى المُزَنِي في هرم ابن سنان المري: يطلب شأو امْرَأيْنِ قَدَّما حَسَناً هو الجوادُ فإن يلحقْ بشأوهما أو يسبقاه على ما كان من مَهَلٍ
نالا الملوك وبَذَّا هذه السُّوَقا على تكاليفه فمِثلُه لحِقا فمِثْلُ ما قدَّما من صالح سبقا
وقوله في أبيه سنان بن أبي حارثة: فما كان من خير أتوْه فإنما وهلْ يُنْبِتُ الخَطِّيَ إلا وشيجُهُ
توارثه آباء آبائِهِمْ قبلُ وتُغْرَسُ إلاَّ في منابتها النخل
لكن بابه لم يكتف بهذا الشرف التالد الموروث، دون الشرف الطارف المكسوب، منشدا حاله قول القائل:
إنا وإن أحسابُنا كرُمت نبني كما كانت أوائلنا
لسنا على الأحساب نتكل تبني ونفعل مثلَ ما فعلوا
بل بنى وفعل مثل ما بنت وفعلت آباؤه، كما قيل في رثائه: ولم يرضَ إلا أن يَسودَ بنفسِه قدَ اتْعَبَ نفسا بالغُدُوِّ لنيله ففاتهمُ إذ يركَنون لراحة
(يُتْبَعُ)
(/)
فليس بمجدِ الغير سادَ عِصام وأسهرَ عينا والرجالُ نيامُ وقاد جموعَ الشِّيبِ وهو غلام
زيادة على علمه الواسع الغزير، وزعامته للقبائل المحيطة به، واهتمامه بهذا القطر أجمع، وبُعْدِ غَوْرِ عقله وجودةِ رأيه وتبصره في الأمور، وحزمه وشدة شكيمته في الحق وسياسته المعتدلة، لا تَهَوُّرَ ولا تأخُّرَ، إلى أدبٍ لطيفٍ وورعٍ حاجزٍ ونسكٍ عربيٍ وتحكيمٍ للسنة وإتباعٍ لها، وعرضِ المعلومات المأخوذات عن الشيوخ الأجلاء على أدلة الكتاب والسنة والقواعد الشرعية قبولا وردا، وشجاعة على الخروج عن المألوف أو الرأي الموروث، إن ظهر له فيه تَحَرُّفٌ أو تَحيزٌ، مع أدب مع الجميع وإنصاف. كل هذه عوامل تجسدت في بابه وانسجمت في سلوكه وتصرفاته بلا تناقض ولا تنافر، فكأنها خصلة واحدة مركبة من خصال، يخدم بعضها بعضا. فكان دعوةَ أبيه مخاطبا أباهُ من قصيدته المشهورة: وأن يبارك لكم في العقب
منكم فيَحْظى بثباتِ العقب
وحيث إنّ كل جانب من هذه الجوانب المتعددة لو أرسلَ الكاتب فيه عنان قلمه كان مُجلدا، أردت أن أركز هنا أكثر على جانبه العلمي، لأكتب عنه كلماتٍ يسيرةً من باب "لازمِ الفائدة"، لأن الجوانب الأخرى كلُّها صادرةٌ عن علمه ونابعةٌ منه فأقول:
2. حياته العلمية: حفظ القرآن وهو دون عشر سنين، ثم أكب على طلب العلم وأخذه من علماء تلامذة أبويه مع ذكاء خارق وجدٍ، لا يعرف الراحة: وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
ثم نظر لنفسه واستجلب الكتب النادرة من قاصي البلدان ودانيها شراءا واستنساخا ونحوهما، زيادة على خزانة جده الضخمة التي أتى بأكثرها من المغرب، وفيها يقول بعض معاصريه: أتيتَ بكُتْبٍ يُعْجِزُ العيسَ حَمْلُها
وعندكَ عِلْم لا تحيط به الكتُب
وأقبل بابه على المطالعة من غير فتور. أخبرني بعض العلماء راويا عنه، أنه قال له من جملة ما حدثه به: أنه أُعْطِيَ سرعة فائقة في مطالعة الكتب، وأن سرعته في تقليب الأوراق تفوق سرعته في أي عمل ... إلى أخر ما حدثني. ولما كثرت كتبه بنى لها دارا لصيانتها، والناس إذ ذاك في هذه البلاد بدوٌ لا يضعون لبنة على لبنة. وقيل في رثائه مشيرا لهذه الدار: وحَقَّ لكُتْبِ الطبع فيضُ دموعِها فقد شاد حول البيت صرحا مُمردا
وتبكي طروسٌ سُطِّرَت وقِلامُ لها إذ غدت عنها تضيق خيام
ويقول بابه نفسه في ذلك: بوركتِ يا دارَ كُتْبِ العلم من دار ودام مجدُك محفوظا سرادقُه ولا تَزَل نِعَمُ الرحمن مقبلةً ونلتِ فتحا مبينا غير منقطعٍ وكان أهلُك دوما كلَّ متبعٍ لا يصرفُ العمرَ في لهو ولا لعب طورا إلى أحرفِ القرآن وِجهته وتارة يَنتحي ما جاء من سُنَنٍ إلى أصول إلى فقه إلى سَنَنٍ إلى فنون من الآلات مُظهرةٍ ألفى بمغناه ما يَبْغيه من أربٍ فالحمد لله في بدء ومختتم
وجاد أرضَك غادي المزن أو ساري طولَ الزمان من المولى بأسوار إليك غيرَ مَشوبات بأكدار في العلم زِينَ من التقوى بأثمار نهجَ الرسول بإيراد وإصدار بل في علوم وآداب وأذكار وما تضمن من معنى وأسرار عن الثقات وأخبار وآثار من التصوف لم يوصف بإنكار من المقاصد مستورا بأستار فَقَرّ عينا بفضلِ الخالق الباري والحمد لله في جهر وإسرار
وقد كان يفرح بطبع الكتب النادرة فرح الصديق بلقاء صديقه بعد طول الفراق، ويقول في ذلك الأشعار الرقيقة المشعرة بالعاطفة الصادقة والاغتباط التام، غير ناسٍ مع ذلك أن شهوةَ العلم العارمةَ لا ينبغي أن تُنسيَّ صاحبها أن العلم وسيلةٌ وثمرتُه التقوى، فإذا لم تصحبه الخشية فهو على صاحبه لا له. من ذلك قوله عندما طَبَعَ مَلِكُ المغرب الأقصى مولاي عبدُ الحفيظ بن مولاي الحسن العلوي، على نفقته "منتقى" أبي الوليد الباجي على الموطأ، وأتته منه نسخة، ولم يبلغني أنه دخل البلاد قبل ذلك: حبيب وفي منه الزمان بمُلتقى وساقٍ لبيبٌ لا يُمَلُّ حديثه ومِرقاةُ علمٍ أمكنتنا ولم يكن بنيل كتاب "المنتقى" غيرَ أنه
ونِسرينُ روضٍ في البلاد تفتقا "سقانا على لُوح شرابا مُعتَّقا" يسيرًا إليها في الأماكن مُرتقى نتيجةُ نَيْلِ المُنتقى لمن اتقى
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك قوله، عندما طبع "إكمال الإكمال" للأبي على صحيح مسلم، وقد طبع بأمر من الملك عبد الحفيظ كذلك، وكان يوجد بعض أجزائه هنا على ندور. فيقول بابه مستجلبا له مستعجلا وصوله في شوق زائد، وظَرْفٍ حِجازي، وأدب راق: كفانا طوافَ الشرق والغرب للكُتْبِ جزاه إله العرش خيرَ جزائه خليليَّ بـ"الأُبي" عَجِّل فإنما وودّعْه محفوظا إلينا مُكرما عَذرناك في نُجْبِ الرياح فأعملنْ
سليمانُ ذو الإحسان في الشرق والغرب وبارك فيه من فتى ماجدٍ ندب نعالج أدواء المَشوق إلى الأبي وإن كان توديعُ الحبيب من الصعب من الفُلْكِ في تعجيله أحدَ النُّجْب
حتى إنه يغتبط بالكتب الحديثة التصنيف ممن هو من أقرانه، كـ"ثمان الدرر" في شرح المختصر الخليلي للشيخ الجليل بن الشيخ الجليل عبد القادر بن محمد بن محمد سالم، وينوه به وبمؤلفه. وفيه يقول من قصيدة: به بُرءُ العليل وما نُرجي عميمٌ نفعُه في كل قطر يُقَرِّبُ ما تباعد من مَرامٍ جليسٌ لا يُمَلُّ ولا نِدامٌ تطيب على مُسامِرِهِ الليالي قَبول الناس في كل النواحي
- هَداكَ الله - من برء العليل لذي الفهم الحديد وللكليل بسهل اللفظ والسبْك الجميل لمالكٍ النديم ولا عقيل وتَعْذُبُ منه ساعاتُ المقيل له مما يبشر بالقبول ... إلخ
ويقول في تقريظه "نزهة الأفكار شرح قرة الأبصار" للشيخ عبد القادر بن محمد المذكور، من قصيدة: نُزْهَةُ الفِكر والنواظر إن رُمْـ قُرّةُ الأبصار اقْتَرَتْها فجاءت وغَدت أوْجُهُ المسائل منها أحكمته صِناعة الحبر عبد الـ بحرُ علمٍ حوى جواهر منها هِبَةٌ من مواهب الله للجهـ لك في عَرْفِهِ الذكي اكتفاءٌ
ـت سلوًا في نُزْهَةِ الأفكار قُرَّةً للأَبْصَار والإِبصار وسطها قد بَدَوْنَ للنُّظارِ قادر اللوذعيِّ ذي الأنوار عاطلٌ جُلُّ هذه الأسفار ـل شفاءٌ عنوانُ فتحِ الباري عن نسيمِ الرياض بالأسحار
هذه نماذج وأمثلة تدل على مدى شغف بابه بالكتب في أي فن ألّفت، وعلى يد من صدرت، وتشجيعه لمؤلفيها وناشريها.
3. صلاته ببعض معاصريه من العلماء: ومثل ذلك صلاته بمعاصريه من كبار العلماء والثناء عليهم في مؤلفاته وأشعاره ومجالسه المأثورة مما لا يتسع الوقت لذكره، وإنما نذكر في كل فصل ما يدل على باقيه. من ذلك قوله في شيخ الجماعة مُلحق الأحفاد بالأجداد: يُحْظِيهِ بن عبد الودود: أَحْظى الذي جلَّ عن شركٍ وتشبيه يرضى به الناس في أيامه خلفا يا رُبَّ جَوْهَرِ علم ظل يُنْفِقُه يُبْدي عَويصاتِه في الدرس بَيِّنَةً لولا هُداه بتلك التِّيهِ ما خرجتْ في مجلس نفع اللهُ الأنامَ به دعا إليه أولي الألباب مجتهدا ما إنْ تَصَدّرَِ بالتمويه صاحبُه فبارك الله في أيامه وحمى أهلا بمقدمه الميمون طائرُه كنا نرجيه مذْ حين ونأمُلُه
بالعلم والأدب المختار "يُحْظِيهِ" من سيبويه مُصافيه وشانيه في الآخذين له لم يُغْمَضُوا فيه كأن كل عويصٍ من مباديه منه الهُداة إلى حينٍ من التِّيه سيان عاكفُه فيه وباديه لسانُ صدقٍ فَلَبَّوْا صَوْتَ دَاعيه وإن تصدر أقوام بتمويه من المكاره من يحويه ناديه والرحبُ والبِشرُ والتكريم لاقيه والحمد لله مُعطي ما نرجيه
ومن ذلك قوله، مخاطبا العلامة القاضي العدل محمد مختار ساخو، قاضي (بوكى): قاضي الجنان قضى بلا إنكار المكتسي حُلَلَ الثناء من الورى يقفو سبيل الصالحين وهديهم من حيث دار الحق دار ولا ترى أخلاقه بِيضا خُلِقْن ولم يكن إن المكارم حيث كن مواهبٌ زاد الإله سموه ومقامه وأثابه نصرا عزيزا دائما من كان مثل محمدٍ مختارِ والوِدِّ إِيذانا بِحُبِّ الباري أبدا لدى الإيراد والإصدار حكما له جَوْراً على دَيَّار بسوادِ لونٍ مهذَّبٍٍ من عار قُسِمَتْ على الأقوام عن مقدار وحباه ما يرجو من الأوطار في داره هذي وتلك الدار
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد خاطب الشيخَ أحمد بنب بن حبيب الله، بعدة قطع وقصائد رائعة، وخاطب الشيخ سعد أبيه مجيبا له، وله أشعار أخرى في تضرعات وابتهالات، ووصف ومدح لبعض الأدباء من جلسائه، وكله جيد يأتي عفوا. لأنه كما قيل لا يعطيه من وقته الثمين إلا لحظات، فيأتي ابْنَ ساعته عفوا سهلا مُمْتنعا لا تَكَلُّف فيه. ولم لا يكون كذلك وأبوه الشيخ سيدي محمد الشاعر المُفلق المشهور، وجده الشيخ سيديا الشاعر الفحل الذي يغرف من بحر وينحت من صخر؟ وكان له مجلس علميٌ يضم جماعة من كبار علماء وقته، يتطارحون فيه المسائل ويبحثون في القضايا النازلة، وربما في أحكام بعض القضاة إذا احتيج للنظر فيها. وكانت أوقاته مقسومة بين إقامة فرائضه التي يبالغ في الاحتياط فيما تبرأ به الذمة ويخرج به من العهدة، ويحصل به الكمال في الصلاة، فرائض وسننا وآدابا، يطيل في المواضع التي يسن فيها التطويل، لأنه يرى أن التخفيف الذي تؤمر به الأئمة نسبي لا يمكن ضبطه إلا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما هو مذهب المحققين لا كما يقول المتأخرون من الفقهاء المُقَلِّدة. هذا مع إدامة النوافل والسعي في مصالح المسلمين والشفاعة الحسنة فيهم عند الحكام، واستقبال الوفود القادمة، وتفقد أحوال المتعلقين به في دنياهم ودينهم، والقيام بحقوقهم كل بنسبة ما يحاول، وإدمانِ المطالعة من غير مللٍ ولا فتورٍ ليلا ونهارا، قليلُ النوم ليلا، وقيل إنه لم ير مضطجعا نهارا. وأُعْطيُ في كل هذا قوة لا تتأتى لغيره. وتُثمرُ هذه المطالعة إفاداتٍ، وزياداتٍ، وتحقيقاتٍ تُتْحَفُ بها جلساؤه فلا يفترقون إلا عن ذَوَاقٍ، ربما تكون أنفع لطالب العلم وأسرع في التحصيل، وأجمع للشوارد النَّادَةِ التي لا تتاح إلا للراسخين في العلم المستنبطين للعلم من منبعه الأصلي: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. أقول: ربما تكون أنفع من الاشتغال بالمتون المختصرة حفظا وفهما وأقرب إلى منهجية أخذ العلم زمان النبوءة، وإن كان الاشتغال بالمتون أيضا مهما نافعا لا يستغنى عنه. وقد نظم مسائل من فنون مختلفة من السِّيَرِ والفقه واللغة .... الخ، كنظمه لأهل الصفة من فقراء المهاجرين نظما حسنا، وقد استوفاهم الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء، وعدهم عدا "74"، ونظمٍ في أحكام خِطْبَةِ المسلم على خِطْبَة أخيه، ونظمٍ في حُكمِ السجود باعتبار المحل المسجود عليه من جواز وكراهة وندب، ونظمٍ في أسماء الله الحسنى، ونظمٍ في أقسام "لا" النافية وأحكامها. وله رسالة في سُنيةِ القبض في الصلاة، وأخرى في الطهارة، إلى غير ذلك. وتأليفه في أخبار إدوعيش ومشظوف مملوء فقها وأدبا وظرافة، حتى إنه يأتي ببعض الشعر الحساني وما يناسبه في موضوعه من الشعر العربي، وهو موضوع طريف لم يُسبق له فيما علمتُ، يربط بين الأدب الشعبي والأدب العربي، لو وُجِدَ من يبني عليه ويثريه لكان غاية في الطرافة.
4. رأيه في التصوف: كان يقول في نثره ونظمه، إن التصوف علم وعمل وإخلاص ويحذر مما يخالف ذلك. وقال في ذلك: حقيقةُ الصوفي عند القوم العالمُ العاملُ بالإخلاص والشيخُ في هذا الزمان الحاضر "يصحب شيخا عارف المسالك
أَهْلِ الصفاءِ مِنْ دواعي اللوم لا غيرُ يا مبتغيَ الخلاص ليس كما تسمع في ابن عاشر يقيه في طريقه المهالك"
وهكذا يشير إلى قلة الصادقين في هذه الأزمنة، وله في ذلك قطع مشهورة محفوظة. ولم يزل المحققون من الصوفية يَحُطّونَ على المنحرفين من المنتسبين إلى طريق القوم من غير التزام مذهبهم، حتى حمل القشيريَّ في رسالته على إنشاد قول القائل: أما الخيام فإنها كخيامهم
وأرى نساء الحي غير نسائها
وقال زروق: "أما الآن فلا خيام ولا نساء". وقد بسط الكلامَ في ذلك في كتبه كـ"النصح الأنفع"، و"عدة المريد الصادق"، وتعرض لطرف منه في "القواعد"، وقبله ابن الجوزي، وابن الحاج في "المدخل"، وأبو إسحاق الشاطبي، وغيرهم ممن لا يحصيهم إلا الله تعالى. وكان بابه يسلك في نصحه وسده ذريعة الفساد، مسلك الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، من غير مداهنة ولا تنفير، شأنُ المصلح الحكيم. يُقرظ حال المستقيم المعتدل، ويُنَفِّر من المائل المنحرف، ويجمل في ذلك ولا يعين. ومنه قوله: الشيخ لفظٌ وَحْدَهُ لا يُجْدِي وإِنَما التّقْوى مِلاكُ المجدِ أما سمعت الشيخَ قبل النجدي وقال في
(يُتْبَعُ)
(/)
قطعته المتقدمة في دار الكتب، وعَدّ ما يُدْرَسُ فيها من العلوم النافعة: إلى أصول إلى فقه إلى سَنَن
من التصوف لم يوصف بإنكار
وقد حرر الشيخ بابه مسائل مهمة جدا مما يتعلق بالعقيدة والقراءة والفروع، كانت مثار جدل في القديم والحديث، ونظم في بعضها أنظاما كتب عليها أنقالا محررة مُتَنَزِّلَةً على محل النزاع، حازّةًً في المفصل، مَعْزُوة لمصادرها من الكتب المعتمدة عند الجميع، فكانت تلك الأنقال كالشروح لها تبيينا وتوثيقا.
5. موقفه من المتشابه: منها مسألة التفويض والتأويل في المتشابه من آيات الصفات وأحاديثها. ولا يخفي أن الكل متفقون أن الله جل وعلا منزه عن سمات الحدوث، وأنه ليس كمثله شيء، وقد وردت آيات وأحاديثُ توهم التشبيه مما عُلِمَ مدلوله لغة وجُهِلَ كيفية اتصافه به جل وعلا. فقد اشتهر فيه مذهبان: مذهب السلف وهو إمْرَارُهُ كما ورد، والتفويض فيه إلى الله أي بأن نؤمن به على مراد الله تعالى مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة المخلوقات. وهذا هو مذهب الصحابة والتابعين ومن بعدهم من القرون الفاضلة، وعلى ذلك المحققون من الخَلَفِ. إذ لم يكلفنا الله تعالى بمعرفة مراده منه، ولو كان واجبا لبَيَّنَهُ النبي صلى الله عليه وسلم كما بَيَّنَ غيرَهُ، ولسأله عنه الصحابة كما سألوه عن غيره. ومذهب الخلف أي بعضِِهِم تأويله بلائق به جل وعلا ويقولون إن السكوت عنه مُوهم للعوام وتُنْبِيهٌ للجهلة مع عدم إنكارهم للتفويض، واعترافهم أنه أسلم. والتأويل هو مذهبُ أبي الحسن الأشعري الوسطُ بعد خروجه عن مذهب الاعتزال. والأول هو مذهبه الأخير الذي رجع إليه في آخر عمره، ورجع إليه الباقلاني وإمام الحرمين. وحكى الإجماعَ على منع التأويل الغزالي والفخر الرازي وغيرهم كثير. وقد نظم بابه في هذا نظما مُبينا أن الراجح من المذهبين هو التفويض بل هو المتعين الذي لا يجوز غيره، لأن المؤول ليس على يقين من مطابقة ما أَوّلَ به لمراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد يكون مُعَطِّلا بنفيِ صفة أثبتها الله تعالى لنفسه، لا سيما والمصيب في العقيدة واحد اتفاقا بين المُخَطّئَةِ والمُصَوِّبَةِ، والمُخطئُ فيها غير معذور، لا يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بخلافه. فقال: ما أوْهَمَ التّشْبِيهَ من آيات فَهْوَ صِفاتٌ وُصِفَ الرّحمنُ ثُم على ظاهرها نُبقيها قال بذا الثلاثة القرونُ وَهْوَ الذي يَنْصُرُه القرآن وكم رآه من إمام مرتضى ومن أجاز منهم التاويلا والحقُّ أن من أصاب واحدْ ووافقَ النصَ وإجماعََ السلفْ ومن تَأوّل فقد تَكلفا وفي الذي هربَ منه قد وقعْ حتى حكى في منعه الإجماعا وقد نََمَاهُ بعض أهل العلم فاشدُدْ يديك أيها المُحِقُّ
وفي أحاديثَ عن الثِّقاتِ بها وواجبٌ بها الإيمانُ ونََحْذَرُ التأويل والتشبيها والخير بإتباعهم مقرونُ والسُّنََنُ الصّحاحُ والحسانُ من الخلائق بناظر الرضا لم يُنكروا ذا المذهب الأصيلا لاسيما إن كان في العقائدْ وكيف لا يَتْبَعُ هذا من عرفْ وغيرَ ماله به عِلمٌ قفا وبعضهم عن قوله به رجعْ وجَعَلَ اجتنابه اتِّباعا من الأكابر لحزب جَهْمِ على الذي سمعت فهو حَقُّ
ونقلَ بابه عليه كلام البغوي في شرح السنة، عازيا لسفيان بن عيينة: كُلُّ ما وَصفَ الله سبحانه وتعالى به نفسَه في كتابه فتفسيرُه قراءتُه والسكوتُ عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا اللهُ عز وجل ورسولهُ، وقَوْلَ مالك في الإستواء، وقولَ الأوزاعي وابن عيينة ومالك في أحاديث الصفات "أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف". وقولَ ابن حجر في فتح الباري: "ومعنى الإمْرَارِ عدمُ العلم بالمراد منه، مع اعتقاد التنزيه"، ثم نَقَلَ كلاما نفيسا للفخر الرازي بواسطة السيوطي في الإتقان، وكلامَ الترمذي في بابِ ما جاء في خلود أهل النار. وعزوه لابن المبارك ووكيع وغيرهما قالوا: "تُرْوى هذه الأحاديثُ ولا يُقال كيفَ". وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تُروى هذه الأشياءُ كما جاءت ويُؤمن بها ولا تُفَسَّرُ ولا تُتََوَّهَمُ ولا يقال كيف. وهذا أمرُ أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه. ونَقَلَ كلامَ إمام الحرمين ورجوعَهُ عن التأويل في الرسالة النِّظامية، ونقَلَ إجماعَ السلف على منعِهِ، ثم كلامَ ابن الصَّلاحِ في أن التفويض هو الذي مضى عليه صَدْرُ هذه الأمة، وأنه لا أحَدَ من المتكلمين يأباه،
(يُتْبَعُ)
(/)
وكلامَ الخازنِ في تفسيره عند قوله تعالى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة الآية: "وللعلماء في آيات الصفات وأحاديثها مذهبان: أحدهما مذهبُ سَلِفِ هذه الأمة وأعلامِ السُّنة الإيمانُ والتسليمُ لما جاء فيها، وأنه يجب الإيمان بظاهرها ونؤمن بها كما جاءت، ونَكِلُ عِلْمَها إلى الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم مع الإيمان والاعتقاد بأن الله مُنَزّهٌ عن سِماتِ الحدوثِ" إلى آخر أنقالِه الغزيرةِ. وقد تَطَرّقَ فيه إلى فوائدَ وزوائدَ كالخلاف في تكفير أهل الأهواءِ وغيرِ ذلك، فأشْبَعَ المسألة بحثا ونقلا لا يبقى بعده للمُنْصِفِ تَردُّدٌ في أن التفويض هو الصواب. فاشدُدْ يديك أيها المُحِقُّ على الذي سمعت فهو حقُّ
وقوله: ثم على ظاهرها نبقيها ... إلى أخر النظم، وما في أنقاله الغزيرة من وجوبِ الإبقاء على الظاهر لا ينافيه قول المَقَّري في الإضاءة: والنصُّ إن أوْهَمَ غير اللائقِِ فاصْرِفْهُ عنْ ظاهرهِ إجماعا بِالله كالتّشبيهِ بالخلائق واقْطَعْ عَنِ المُمْتَنِعِ الأطْمَاعَا
لأنّ مُرادَ المقَّري بالظاهر الذي يصرف عنه إجماعا ظاهرٌ يقتضي التشبيهَ، وهذا مما لا خلافَ فيه بين المُفَوِّضَةِ والمُؤَوِّلَةِ. والظاهرُ الذي نبقيه عليه في البيت وأنقاله إبْقاءُ اللفظ بأن نؤمن به كما ورد، ونَكِلُ علم معناه إلى الله تعالى من غير تشبيه ولا تفسير.
6. موقفه من علم الكلام: ومنها مسألة علم الكلام الذي تباينت فيه الأنظار، فمن قائل بتحريم الاشتغال به وحكى إجماع السلف على تحريمه، لما فيه من تقرير الشُّبَهِ بأقوال الفلاسفة وردِّها بها. وقد شَدَّدَ فيه الشافعي وشنع على المشتغلين به. ومن قائل بوجوبه عينا، أو كفاية، أو ندبه، بناء على الخلاف في إيمان المُقَلِّدِ عندهم، ولأنه تتقرر به العقائد بأدلتها على مذهب أهل السنة .... إلى آخر ما قالوا. وكان من قواعده المشهورة عندهم أن كُلَّ ما يتوقف الشّرْعُ عليه كالوجود، والقدم، والبقاء، ومخالفتِه للحوادث، والغنى والوحدانية على الأصح من الخلاف، وكالقدرة والإرادة والعلم والحياة، مُمْتَنِعٌ إثْباتُهُ بدليل السمع أي لابد في إثباتِهِ من الدليل العقلي، لما يَلزم منه من الدور، وهو تَوَقُفُّ كِلاَ الأمرين على الآخَرِ وهو مُحال لاستلزامِهِ تَوَقف الشيء على نفسه. ووجْهُ لزومِ الدّوْرِ فيه عندَهم أن من ادعى الرسالة إذا أقام الخارقَ شاهِدا على صدقه، فلا يَدُلُّ صُدُورُ الخارقِ على يديه على صدقه إلا إذا تُحُقِّقَ أنّ هذا الخارقِ إنّما صَدَرَ من مُرْسِلِهِ ليكون مُطابقا لدعواه نازلا مَنْزِلَةَ قَوْلِ مُرْسِلِه: "صَدقْتَ فيما أخبرْتَ به عني"، فحينئذ يُتَحَقَّقُ تَصْديقُ مُرسِلِه له بهذا الخارقِ، وإذا لم يكن لنا عِلْمٌ باتصافِ مُرْسِلِه بالإرادة المُخَصِّصَةِ بهذا الخارق والقدرةِ التي أوْجَدَهُ بها وغير ذلك من الصفاتِ التي يَتوقف التأثير على ثبوتها لله تعالى لم يتم للرسول الاستدلالُ عليها بهذا الخارق، فإذا لم يكن لنا عِلْمٌ باتّصافِ مُرْسِلِه بهذه الصفات إلا من قََوْلِ الرسول لَزِمَ الدّورُ لأن تَحَقُّقَنا لصدقِه في كل ما أخبرَ به الذي من جُمْلَتِه اتصافُ مُرْسِلِه بهذه الصفات التي لا يتأتى له دون الاتصاف بها إيجادُ هذا الخارق، بل ولا إيجاد مُمْكِنٍ ما، مُتَوَقّفٌ على تحَقُّقَنا كَوْنَ الخارق فِعْلا لَمُرْسِلِه وتََحَقُّقُ كَوْنِ الخارق فعلا لمُرْسِلِه مُتَوَقِّفٌ على تحققنا أن مُرْسِلِه مُتّصِفٌ بهذه الصفات، وتَحَقُّقُنا اتِّصَافَهُ بهذه الصفات على هذا الفرض مُتَوَقِّفٌ على تَحَقُّقِنا لِصِدْقِهِ في كل ما أخبرَ به الذي من جملته اتصافُ مُرسلِه، فدار بعد ثلاث مراتبَ، لأنا إذا أثبتناها بقولِ الرسول فقد توقفَ ثبوتها على معرفتِنا لصدقِه، ومعرفتُنا لصدقِه مُتوقفةٌ على معرفةِ كَوْنِ شاهدِه الذي هو المعجزة فعلا لمُرسِلِه، ومعرفةُ كونِها فعلا لمُرسلِه مُتوقفةٌ على اتصاف مُرسلِه بهذه الصفات، ومعرفةُ اتصافِ مُرسله بهذه الصفات مُتوقفة على معرفةِ صِدقه - على هذا الفرض –فدار. وهو الذي أشار إليه المقّري بقوله: وكل ما لم يتوقف شرعُ وعَكسُه مُمتنعٌ للدّوْرِ عليه فالدليل فيه السمعُ فاقطِفْ بأيدي العِلم أبهى النَّور
(يُتْبَعُ)
(/)
ونَظم الشيخ بابه أبياتا، ونَقل عليها أنقالا كالشرح لها في أن معجزة القرآن فيها كفايةٌ عما ادعوا لاكتفاء من أسْلمَ في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين بها، ولا دوْر فيها لأن الجهة مُنْفَكَّةٌ كما سيأتي بيانه. فقال: معرفة الإعجاز للقرآن وعِلْمَ ذلك البليغُ يَعْلَمُ وغيرُه يَعرفُ بالدليلِ هذا الذي قد رجع الكلامُ تكفيك من معرفة الإيمانِ ضَرُورةً عَرَبُه والعَجَمُ إعجازَهُ بعَجْزِ كُلّ جيلِ إليه فاحفظَنْهُ والسلامُ
ونقل على هذا كلامَ الحافظ ابن حجر في فتح الباري في كتاب التوحيد عازيا للبيهقي في كتاب الاعتقاد قال: "سلكَ بعضُ أئمتنا في إثبات الصانع وحدوثِ العالم طريقَ الاستدلال بالمعجزات، فإنها أصلٌ في وجوب قبول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا الوجه وقع إيمانُ الذين استجابوا للرُّسُل". ثم ذكر قصةََ النجاشي، وقولَ جعفر بن أبي طالب: "بعثَ الله لنا رسولا نعرف صدقه، فدعانا إلى الله، وتلا علينا تنزيلا من الله لا يُشبهه شيء فصدقناه، وعرفنا أن الذي جاء به الحقُّ" ... الحديثَ بطوله. قال البيهقي: "فاستدلوا بإعجاز القرآن على صدقِ النبي، فآمنوا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من إثبات الصانع ووحدانيته وحدوثِ العالَمِ وغير ذلك بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، واكتفاءُ غالبِ من أسلمَ بمثلِ ذلك مشهورٌ، فوجبَ تصديقه في كل شيء ثَبَتَ عنه بطريق السمع، ولا يكون ذلك تقليدا بل هو اتباعٌ هـ". ثم جلب حديث البراء بن عازب الطويل في سؤال الملكين من مُسندِ أحمد، وقولَ البيضاوي في تفسيره عند قوله تعالى قال أو لو جئتك بشيء مُبين: "يعني المعجزة فإنها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته، والدلالةِ على صِدْقِ مُدّعي نبوته هـ"، وللفخر الرازي نحوٌ منه في مواضعَ من تفسيره، والزمخشري في الكشاف قائلا: "فلما تجاوبَ كُلُّهُ بلاغةً معجزةً فائتةً لقُوَى البلغاءِ، وتَنَاصُرَ صِحَّة معانٍ، وصِدْقَ أخبارٍ، عُلِمَ أنه ليسَ إلا مِن عندِ قادرٍ على ما لا يَقْدِرُ عليه غيرُه عالمٍ بما لا يَعلمُه سِواهُ هـ". ثم قال، بعد أنقالٍ كثيرةٍ، مُجيبا عن الدور المدعى عازيا لشرح جسوس على توحيد ابن عاشر، ناقلا من خطِ شيخه محمد بن زُكري الفاسي: "ليس المُقّلّدُ هُو التارِكَ للنظرِ في الأدلة العقلية خلافا لجمهور المتكلمين، وإنما هو التاركُ للنظر في ثبوتِ رسالة الرسول، كمن وُلِدَ بين ظهراني قوم مؤمنين، وسَمِعَ اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم وفضْلَه على الجملة، ولم يخالط أهل العلم ولا من خالطهم، فلم يعرف معجزةً من المعجزات المُثْبِتَةِ للرسالة. وأما من ثَبَتَتْ عنده الرسالة بالمعجزات فاستنادُهُ إلى قول الرسول المتواترِ كافٍ في عقائده، بل هو أقْطَعُ من كل برهان ذكَرَه المتكلمون، فإن قيل هذا ظاهر في غير ما تتوقف عليه دلالة المعجزات على صدقِ الرسول، أما ما هو كالوجود والقدم والبقاء والغنى ومُصححات الفعل فلا للدّوْرِ. قُلتُ هو وإن ذكروه غيرُ ظاهرٍ، إذ المُتوقف على اتصافِ الفاعل للخارق بذلك هو وجودُ الخارق في نفسِ الأمر، لا دلالتُه على صدقِ الآتي به، فإن المشاهدين لانشقاق القمر مثلا يستفيدون من ذلك صِدْقَ المُتحدي به قطعا، وإن فرضنا أنهم غافلون عن اتصافِه تعالى بتلك الصفات غيرُ مستحضرين له. والمُتوقف على السمع العِلْمُ بتلك العقائد، فالجهةُ مُنْفَكّة. فإن قيل كان حاصلا عندهم، ولو سئلوا عن فاعل هذا الخارق هل هو قادر لقالوا نعم، ولا يلزم من عِلمٍ حضوره، قُلنا ذلك العلم مع صِدْقِ الرسول مستفادٌ من الخارق دَفعةً واحدةًًَ هـ". وعزا له ناقلا عن أبي جمرة والقشيري، والغزالي وابن عباد، وابن عطاء الله، وابن رشد، وابن حجر والقرطبي، أن النظرَ الواجبَ المُخْرِجَ من التقليد هو النظرُ في المعجزة التي ثَبتت بها الرسالة، إذ التقليد هو الأخذ بقول غير المعصوم بغير حجةٍ، وأما الأخذ بقول المعصوم فهو أقوى الحجج. ثم عزا انفكاك الجهة في الدوْر المُدعى لابن كيران في شرح توحيد ابن عاشر نحوَ ما نقل عن ابن زكري قال: "والخروج من التقليد على هذا في غاية السهولة، وحاصلٌ لعوام المسلمين، ومِثْلُهُ للأمير في شَرحِ الجوهرة وزاد قائلا: لو صحّ هذا الدور للزم بالأولى في الدليل العقلي، فإنه بنفسه والنظرِ فيه يتوقف على
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الصفات بلا واسطةِ شيءٍ، إذ لم يخرج عن كونه فعلا من الأفعال".
7. تحريره لمسألة الضاد: ومما حرّرَ بابه مسألة الضاد، وذلك أن من المعلوم عند من له نظرٌ في كتب التجويد ومخارج الحروف وصفاتها، ما فيها من أن الضادَ مما تختص العرب بالنطق به سليقةً، وصاروا يقولون لغةَ الضاد يعنون لغةَ العرب. وقال أبو الطيب المتنبي: وبهم فخرُ كل من نَطَقَ الضا
د وغوثُ الجاني وغيْثُ الطريد
وأنها أصعبُ الحروف، بحيث يتعذر النطق بها إلا بالرياضة التامة، وأنها تشبهُ الظاء ولا تمتاز عنها إلا بالاستطالة والمخرج، ولهذا عَسُرَ التمييز بينهما، وأن بينهما ما يسمى عند علماء البديع بالجناس اللفظي. قال السيوطي في عقود الجمان: قلتُ وإن تشابها في اللفظ كالضاد والظاء فذاك اللفظي
ومثلهما في ذلك النون والتنوين، وهاء التأنيث وتاؤه. وقال الفخر الرازي في تفسيره: "إن التكليف بالفرق بينهما من تكليفِ مالا يطاق". وللحافظ ابن كثير في أوائل تفسيره شيءٌ من هذا. وأن الضاد حرف رِخْوٌ يجري فيه الصوت جَريانَه في بقية الحروف الرِّخْوَةِ، بل قيل إنه مُتفشٍ، والتَّفَشي أخصُّ من الرّخاوَة، وأنه مُستطيلٌ في مخرجه، ولا كذلك غيرُه من الحروف. ولما كان هذا مفقودا في ضاد العامة كَثُر القيل والقال فيها بين المتمسكين بالضاد المألوفة مِنْ أنها هي التي بها الرواية، وقد يبحثون فيما فُقِدَ فيها من صفات ضاد العرب وأنها هي التي ينطق بها الأكثر ممن فيهم أعْلامُ العلماء في الأقطار، ويُجيبهم الآخرون بأن من شروط الرواية موافقتَها لما في كُتُبِ التجويد، وأنها إنما أُلِفَتْ لحفظِ الرواية. فنظم بابه في هذه المسألة نظما جامعا وألَّفَ فيها رسالة مستقلة أكْثَر فيها النقل عن أئمة القراءة والعربية، وأطال، لأن المقام يقتضي الإطالة، مُبيِّنا أنّ الضاد الرخوة التي يَنْطِقُ بها هو ومن وافقه هي ضاد العرب صِفَةً، ومَخْرَجًا، روايةً ودرايةًً. وقال: ليُمعِنِ القارئُ في الضاد النظرْ هل ثَمَّ تمييز عسير جدا وهل تُطيق لفظَه الصبيانُ فالضاد أصعب حروفهم بلا والمَيزُ بينها وبين الظاء واختصت العرب بالتكلم بل ذلك المَخرج بين الضاد يَبين ذاك للبيب الناظرِ وليهده إلى سواء المنهجِ ونصَّ ذاك النشرُ والتمهيدُ وأن ضاد العرب العرباء ونصَّ ذاك في النهاية انظر وليس في تحقيقه من باس وذاك في ألفية البيان وقد قفا الجلالَ من تأخرا وكم شواهدَ لهذا المطلب فالفخر في تفسيره قد نبها ومن قضاءِ الحاجِ للمحتاج والحصرُ للظاءات في المُقدمه وانظر إلى قولهمُ مُشاله وانظر إلى ذكرهمُ من غلطا وفي السماع من جميع العرب
عند احتجاجه بنص المُختصرْ أو ثم حرف يُتعب العِبِدّا والقِبْطُ والبربرُ والسودانُ تنازع بين جميع الفضلا صعب لدى جماعة القراء بها عَنَ اصحابِ اللسانِ العجمي والظاء في المُخرج عند النادي عبارةَ المصباحَ والنوادرِ "والضادَ باستطالة ومخرج" له والاتقانُ به شَهيدُ مُشْبِهَةٌٌ في السمع صوتَ الظاء والفجرَ فانْظُرُه له والجعبري في مبحث اللفظي في الجناس وشرحِها قد جاء والإتقانِ فيه ولم يجعله شيئا نُكُرا لعلماءِ أهِلِ كُلِّ مذهب وشرحُ الاقناع وشرحُ المنتهى نظرُه لشرحيِ المنهاج وغيرها بالعد يا صاحِ لِمَهْ؟ وقولهمْ قاصرةٌ فياله بمزج ضاده بدالٍ أو بطا في الشرق والغرب تمامُ الأرب
وقال: الضاد حرفٌ عسيرٌ يشبه الظاء لحن فشا منذ أزمان قد اتّبعَتْ من غيرِ مُستندٍ أصلا وغايتُهم والحق أبلجُ لا يخفى على فطن هذا هو الحقُّ نصا لا مَردَّ له
لا الدال يُشْبِهُ في لفظ ولا الطاء أبناؤه فيه أجداداً وآباءا إلْفُ العوائد فيه خَبْطَ عشواء إن استضاء بما في الكتب قد جاء من شاء بالحق فليومن ومن شاء
وقال العلامة حبيب بن الزايد التندغي مخاطبا بابه: أحييت يا شيخُ مَيْتَ الحق إِِحْياءَ لكن ظلامُ الهوى أعمى البصائر ممـ قد عارضوك بأن الضاد لم يكُ عيـ كأنهم غَفَلوا عَمّا افتتحتَ به وليس جَعْلُ ذوي الإنكار ضادَكُمُ فالحس يغلط في الأشياء يحسبها وحُبُّك الشيء أحيانا يُصمُّ كما ما قُلتَ إلا الذي في الكُتْب جاء ومن يا من بفهم وإنصاف قد اتصفوا
(يُتْبَعُ)
(/)
نَعَمْ وأسْمَعْتَ لو ناديتَ أَحْياء ــن عارضوك بما لم يجدِ إِجْداء ـنَ الظاء واستحسنوا من ذاك ما ساء "الضاد حرف عسير يشبه الظاء" ظاءً يُصَيِّرُهُ في نفسه ظاء شيئا كما قد يظن الشيء أشياء عن أفصح الخلق خيرِ العُرْبِ قد جاء لم يتصف بالحيا فليات ما شاء تأملوا صرَّحَتْ لا ريب جداء
وقال محمد فال بن بابه في ذلك: من أنكر الحق لا تنصبْ تعالجه ومن تأمل ألفى أصل علتِّه
فإن فيه عضالاً ذلك الداءَ كونَ الطباعِ لما لم تألفَ اعداء
وقد قيلت في الموضوع، والبحر، والروي، مُقَطّعات من الفريقين. وقال في أول رسالته: فهذه نقول يعرف بها اللبيب الدائر مع الحق، أن الصواب في لغة العرب الضادُ الشبيهةُ بالظاء المعجمة، حسبما تلقيناه أيضا بالرواية المعتبرة أواخر النقول، لا الضادُ الشائعةُ الآن الشبيهةُ بالطاء والدال المهملتين. ثم نقلَ على هذا كثيرا من كلام القراء وعلماء العربية. ثم قال والرواية التي وُعِدَ بها قَبْلُ، هي ما شافهنا به أخونا الأديب العالم الثقة المحقق التقي الشيخ محمد فال بن بابه بن أحمد بيبه العلوي حفظه الله وجزاه خيرا، ثم طلبنا منه كتابتها، فكتب ما صورته: «الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم، قرأتُ الفاتحة وبعض السور على المقرئ بالحرم المدني، مُفتتحَ عام سبع وثلاثمائة وألف، وهو الشيخ أحمد بن محمد الصوفي من أهل القسطنطينية، وجدتُه مجاورا بالمدينة، ماهرا في فن القراءات والتجويد، يتصل سنده بابن الجزري، وكنتُ أتردد إليه ما دمت في المدينة. ولما سمعتُ أولا كيفية نطقه بالضاد، ظننته يجعلها ظاء، فقرأت عليه بها فقال لي "ظ" لا، و"ض" لا، يعني ب "ض لا"، النهي عن الذي يقرأ به أهل بلادنا ومن يقرأ كقراءتهم، وأنا كأني لا أسمع منه إلا الظاء، وهو لا يرضى بها مني، فقلت له ما الفرق، فقال لي: والضاد باستطالة ومخرج مَيِّزِ من الظاء .... » انتهى ما كتبه محمد فال.
8. مسألة الاجتهاد والتقليد: ومن المسائل التي ألف فيها بابه مسألةُ الاجتهاد والتقليد. ومما دعا إلى ذلك أن المقلد للمذهب المالكي مثلا، قد يجد الدليل مع المُخالف في المذهب أو مع مُقابلِ المشهور في مذهبه، فيُصر على التمسك بما كان عليه، ويَستدلُّ بكلام القرافي في التنقيح: وهو "أن من ليس بمجتهد لا يجوز له العمل بمقتضى حديث، وإن صحّ عنده سندُه، لاحتمال نسخه وتقييده وتخصيصه وغير ذلك من عوارضه التي لا يضبطها إلا المجتهدون. وكذلك لا يجوز للعامي الاعتمادُ على آيات كتاب الله العزيز، لما تقدم. بل الواجبُ على العامي تقليدُ مجتهدٍ معتبرٍ ليس إلا. لا يُخلصه من الله إلا ذلك. كما أنه لا يخلص المجتهدَ التقليدُ، بل ما يُودي إليه اجتهاده بعد بَذلِ جهدِه بشرطه". وقد نظم سيد عبد الله في مراقي السعود هذا بقوله: من لم يكن مجتهدا فالعمل
منه بمعنى النص مما يُحْظَلُ
فقد فهم بابه بأن هذا الكلام لا يخالف ما تقرر من وجوب العمل بما رجح بالدليل، فقال "بل يوافقه لان المُقلِّد في هذه الصورة تابع للمجتهد المُوافق لذلك الدليلِ. على أننا نفرض أن المقلد في هذه المسألة قد اطلع على ما قاله العلماء في دليلها، وعلى ما قالوا في أدلة المخالفين وفهمها وعلم الأقوى منها". وقال في أوله: "فهذه نقولٌ قُصد بها بيان أن الأولى للمقلد لأحد الأئمة الأربعة إذا وجد خلافَ إمامه عن أحد الأئمة الثلاثة في مسألة، وتبين له رجحانه على مذهب إمامِه في تلك المسألة بموافقة القرءان أو السنة الصحيحة المُخرَّجَةِ في الصحيحين، أو أحدهما، أو نصّ الترمذي مثلا على صحتها، ولم يجد ذلك لإمامه، أو وجد ثلاثة من الأئمة الأربعة مُتوافقين على خلافِ إمامِه في مسألة، ولم يجد فيها دليلا من القرءان والسنة الصحيحة موافقا لإمامه، ولاسيما إن اجتمعت هذه المُرجّحات كُلُّها ومعها روايةٌ عن إمامه، أن يعمل بما تبين له رجحانه إن كان متحريا للحق". ونقل كلام القرافي الذي يستدل به الخصوم، وأشبعه نقلا عن أئمة المذاهب الأربعة، مع التعريف بالقائل، نقلا عَمَّنْ عَرَّفَ به من المؤرخين، كما يفعل الرهوني في حاشيته تارة. وبالجملة فهو كتاب غزير العلم مطبوع مُنْتَشِرٌ في المكتبات، مُفهرسُ الفصول سَهْلُ التناول، وقَرَّظَه بأبيات مطبوعة معه، أولها: هذي نُقولٌ صحيحاتٌ صريحاتٌ
(يُتْبَعُ)
(/)
في قَفْوِها لإله العرش مرضاةُ ... إلخ
مع تقاريظ الشيخ أبي مدينَ بن الشيخ أحمدُّ بن سليمان، والشيخ محمد والشيخ عبد الله رحمهم الله تعالى. وقد نصره في هذا الموقف الذي يُعدُّ غريبا جديدا على الطلبة المُقََلِّدَةِ في ذلك الوقت، جماعةٌ منهم صديقه محمد فال بن بابه بن أحمد بيب، كما وافقه في مسألة الضاد، ومسألة المتشابه، ونَظَمَ ونَثَرَ في كلٍ منهما.أما مسألة تقديم الراجح بالدليل فقال فيها قصيدتَه المعروفة:
على الشيخ قد عابَ الغَبِيُّ بجهله وما في كتاب الله بالنص مُحكما وما قال جمهور الأئمة تابعا ومن يَتَتَبَّعْ ذاك يُلْفِ لمالك وإن هُدى الله الكتابَ هو الهُدى وما سنَّه خيرُ العباد مُبَيِّنٌ فما جيء من بعد النبي بناسخ لأصل حديث الهاشمي قطعتمُ إذا انحرف الوالي عن الرشد والهدى بدولة حكم الجهل يُذْعِنُ عالمٌ وإذْ عزَّ تفهيمُ البليد فإِنّما ويَهذي أخو جهل يعارضُ عالما ومن كان قدرا فوق باعك فتْرُهُ إذا قال قولا كان شأوك قاصرا وقولةُ سفيانَ "الحديثُ مضلةٌ مقالةُ حقٍ وهي في حقِ قاصر ولم يدرِ ما منسوخه وضعيفه ولستُ بنافي الفرع أصلا وإنما كما لابن عبد البر جاء مُبَيَّنا وأرشدنا الشيخ ابن رشد لمثل ذا ومن كان لا يرضى من الشيخ سيرة فاني أراه كان حقا مُجددا وما كان أن يرضى بباطلِ كاملٍ
تَتَبُّعَ أقْوَالِ النّبي وفعلِه وما صَحَّ من تقريرِ خاتمِ رُسْلِه لما صح من معنى الدليل ونقله وأصحابه قولا قويا بِحَلِّهِ وليس يَضِل المُمْسكون بحبله كما زِيدَ من نَقْطِ الكتاب وشِكلِه سوى سوءِ فهمِ المَذْهَبِي وجهْلِه وقد أمر اللهُ العظيمُ بوصْلِه فذاك قضى الدين الحنيف بعزله لمن يدعي علما وليس منَ اهلِه يُقال له قولُ الخليل لنجله يَدُلُّكَ لو تدري على نقصِ عقله ويَغْمُرُ وبلا منك هاطلُ طَلِّه عن ادراكه فادْرِ السبيل وخَلِّه لغير فقيهٍ الاِجتهادُ منَ اهله" يُحِلُّ صريحَ اللفظ غيرَ مَحَلِّه ويُخطئ في وضعِ الحديث وحمْله أمرتُ بأخذ الفرع وَصْلا بأصله لدى جامعِ العلمِ الشريفِ وفضْلِه كذاك قضى القاضي ابن نصر بمثله فلم يكُ يرضى المرء إلا بشكله يَدلُّ على رُشْدٍ ويهدي لِسُبْلِهِ ولا حقَّ ذي نقصٍ يَرُدُّ لِعَدْلِهِ
وممن كاتب بابه في الموضوع عثمان بن محمد يحي بن سَليمَ اليونسي نسبا الولاتي، فقال يخاطبه بأبيات مطلعها: ألا فاصدع بأمرك ثم ناد به متشمرا في كل ناد
وتولى جوابه الشيخ أبو مدين بأمر من الشيخ بقصيدة يقول فيها: وأمُوا بالمطي جناب بابٍ تدارك من حُشاشتها ذَِماءً فنال "الرفعُ" رفعا بعد خفضٍ وكان "القبض" منقبضا فأمسى يدل على شريعة خير هاد فنال الرِّيَّ منها كُلُّ صادِ ونال "الضادُ" تصحيحَ المبادي بسطوته يصول على الأعادي
إلى أن يقول: ولكن الفتى عثمانُ قِدْما أتَتْنا من رسائله تحايا بنهجِ الحقِّ مشغوفُ الفؤادِ تترجم عن مقالِ أخي ودادِ
ويقول عثمان المذكور يخاطب بابه من أبيات: أرَيْتَ الناسَ دينَ الله حقا فقد أَلِفُوا اتِّباعَ مُوَلَّداتٍ ولكنَّ البصائر عنه عُمْيُ وذلك عن سبيلِ الحقِِ نَأْيُ .. إلخ
مما يدل على أن دعوته بلغت أقصى البلاد شرقا كما غَرَّبت وجالت جنوبا وشِمالا داخل البلاد وخارجها. وقرظ محمد فال بن بابه تأليفه في الضاد بقوله: شمس الهدى قد بدت صحوا لمن راما والصّيرفيُّ قدَ ابْدى خالصا ذهبا والحق لاح عيانا لا خفاء به وسَلَّ سيفا من البرهان صار به لله في الخلق من ارث النبوءة ما فبعضه كان أنقالا مُصححّةً وذاك ما قد أفاض الشيخُ سيدُنا أبدى به الحق نهجا واضحا سُبُلا ذو الفهم مُنصفاً انْ ينظره كان له ألفاه حقا صحيحا لا خفاء به إن لم يكن فاهما ما في مُضَمَّنِه قد أوضح السنة الغراء حين غدتْ قواعدُ البيت منها صار يرفعها وقامَ من نَصْرِ دين الله مجتهدا
سُبْلَ الهدى فَنَفَتْ غَيْما وإظلاما وبَيَّنَ الزيفَ والتدليس قد قاما كالنور يعلو لذي العينين أعلاما يعدو الجبان إلى الهيجاء مِقْداما يهدي به لسبيل الحق أقواما وبعضُه واردٌ فيضا وإلهاما من العلوم لأنفِ الجهل إرغاما لو استوى الناس إنصافا وأفهاما عن فاضح اللحن في القرءان إلجاما وما يعارضه جهلا وأوهاما فذي الدلالة إطباقا وإلزاما مطموسةً بين أهل العلم أعْلاما يُبٍدي مَناسكها سعيا وإحراما ما عند باقي حُمَاةِ الدينِ قد ناما
9. خاتمة: وبالجملة، فالكلام على الشيخ سيدي بابه طويل عريض، ولعل ما فاتنا منه أكثر؛ بل هو الواقع. ومع ذلك لم نستوعب ما رويناه عن الثقاة ممن كان من جلسائه أو زُوّارِه، مما يَتَعلقُ بعلمه وعمله وفراسته الصادقة وبعض كراماته، وكلهم شاهدُ عيانٍ يَروي عنه بلا واسطة. فرحم الله الشيخ سيدي بابه وتقبل عمله، وبارك في ذويه وأهل بيته وحفظهم، وأتم عليهم نعمته وأسبغها عليهم ظاهرة وباطنة. وُلِدَ بابه، كما ذَكر حفيده العالم المحدث محمد بن أبي مدين في ترجمته المختصرة المفيدة، في ربيع الأول عام سبع وسبعين ومائتين وألف. وتوفي ثالث جمادى الآخرة عام اثنين وأربعين وثلاثمائة وألف. وقد أرخ لوفاته العلامة القاضي من الطراز الأول من قضاة العدل سيدي محمد بن الداه بن داداه مشيرا بحساب الجُمَّل أيضا إلى قدر عمره بقوله: قضى بجيم من جمادى الثانيه الشيخ سيدي بوقت الظهر في سنة تاريخها "بشمس"
إمامُ كل حضر وباديه يوم الخميس يا له من أمر والعمر "دين" كضياء الشمس
كما أرخ له محمد فال بن بابه في مرثيته له، مشيرا إلى قدر عمره بحساب الجُمّل، بقوله: و"صَدَّ" "بشمس" عمرُه ومسيرُه
فكان به للمكرمات ختام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[25 Nov 2006, 11:22 م]ـ
أشكر د/يحي الغوثاني حفظه الله على طرحه هذا البحث الشيق،ولي "مشاركات" ولا أقول "مداخلات"،وليسمح لي الأخوة بتابع تسجيلها:
1 - من أحب التوسع في معرفة "المحضرة" وما يتعلق بها فليرجع إلى الكتاب الذي ألف فيها وهو مطبوع بعنوان:
"بلاد شنقيط:المنارة 00والرباط
عرض للحياة العلمية والإشعاع الثقافي والجهاد الديني من خلال الجامعات البدوية المتنقلة"المحاضر"
المؤلف: الخليل النحوي
قال مؤلفه: عمدنا إلى تناول الموضوع من خلال المحاور التالية:
1 - مدخل يعرض الإطار التاريخي والجغرافي والبشري الذي قامت فيه المحضرة، وتبلورت الدلالة المعرفية لكلمة "شنقيط"0
2 - ستة أبواب منقسمة إلى فصول تتناول:
-نشأة المحاضر وتطورها وما لذلك من عوامل وأسباب0
-خصائص المحضرة وطبيعة الحياة فيها ومواردها وآداب الدراسة وتقاليدها ومناهج الدرس المحضري 0
-الحصاد العلمي الشنقيطي في مجالات التأليف والشعر وإشعاع الشناقطة في إفريقيا والبلاد العربية 0
-جهاد الشناقطة في سبيل نشر الإسلام وإقامة الدولة الراشدة ومواجهة الغزو الاستعماري ونماذج من أدبهم المجاهد 0
-واقع "المحضرة" اليوم،ومزاياها ومميزاتها مقارنة بالنظام التربوي المعاصر وآفاق مستقبلها 0
-ملاحق تتضمن تراجم لجملة من الأعلام الذين ورد ذكرهم في الكتاب وفهرسا للمؤلفين الشناقطة وقوائم بأسماء شيوخ المحاضر وخريجها 0انتهى
2 - هنا بحث في الأصل اللغوي للكلمة هل هو:"محضرة" بالضاد،أو "محظرة" بالظاء؟؟
الجواب: جاء في الكتاب المذكور: (ص:61):"لم يسم الشناقطة مؤسستهم التربوية هذه"كتّاباً" لأنها تختلف عنه،ولم يسموها "خلوة" ولا "زاوية" أو غير ذلك من التسميات المتداولة لمراكز نقل المعرفة ونشرها في ديار العروبة والاسلام،وإنما اشتقوا لها اسما خاصاً،كان مظهراً من مظاهر فرادتها وتميزها في بناها ومناهجها ونمط حياتها عن مؤسسات التربية العربية الإسلامية الآخر،فمن أين أتى هذا الاسم الذي ينطق ويكتب في العامية الشنقيطية"الحسانية" بالظاء المعجمة المشالة (محظرة) ويميل البعض إلى تفصيحه فيكتبه بالضاد المعجمة (محضرة) وربما نطقوه كذلك؟
قال:"كان القوم أهل بادية (يحتظرون) فيحيطون منازلهم ومرابض أغنامهم ومراح أبقارهم ومعاطن إبلهم بأسجية من جذوع الشجر وأغصانه الشائكة،وكان الطلبة ينسلون من كل حدب وصوب إلى شيوخ العلم فيحضرون دروسهم ومجالسهم أو (محاضراتهم) 0
إلى أحد هذين المعنيين تشير الكلمة التي سارت علماً على الجامعة البدوية المتنقلة،فهي (محظرة) من "الاحتضار" أو (محضرة) من "الحضور والمحاضرة"،وقد ذهب أهل الشأن في الترجيح بين الاشتقاقين مذهبين:
يقول أحمد بن حميد في (المحظرة) من الناحية اللغوية لا يستبعد أن يكون اسمها مأخوذاً من "الحظيرة" وهو ما يحرز به على المال "
ويرى محمد سالم بن عبد الودود أنها "ضادية" فهي مكان الحضور،ويشهد لذلك ورود الكلمة بالضاد دالة على المعنى نفسه أو قريب منه في نصوص قديمة قال لبيد:
فالواديان وكل مغنى منهم 000 وعلى المياه "محاضر" وخيام
والمقصود بالمحاضر هنا:المناهل يحضرها الناس ويجتمعون حولها،لكن الكلمة وردت بمعنى "المدرسة" في مراجع تاريخية وفقهية ففي رحلة ابن جبير (ت 614) يقول عند استعراضه لمعالم مدينة القاهرة ومآثر صلاح الدين فيها:"أنه أمر بعمارة "محاضر "ألزمها معلمين لكتاب الله 000
ثم نقل نصوصاً أخرى عن "المعيار " للونشريسي تركتها للاختصار 0
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[26 Nov 2006, 06:06 ص]ـ
شكرا لكم سعادة الدكتور على هذا الإتحاف
ومن منبعها تسمع المعاني .... وتصاغ جواهرها وما أنا إلا ناقل
ومن باب إثراء الموضوع
هل ذكر بعضهم في معنى المحظرة أنه من الحظر أي المنع
بمعنى: هذا المكان الذي يحظر فيه كل شيء غير العلم والحفظ والعمل
أما القيل والقال والكسل والتكاسل وتضييع الأوقات فمحظور
وشيء آخر حسب فهمي أيضا وهو: أن الطالب ينقطع عن أهله وعن أقربائه ويتفرغ في هذه المدرسة فمن هنا سميت المحظرة لأنها حظرته عن زيارة أهله ورؤيتهم حتى يكون متفرغ القلب للعلم
وقد رأيت عددا من المعاهد الشرعية في بلاد الشام يسيرون على هذا النهج فلا يسمحون للطالب أن يرى أهله إلا في الأسبوع مرة
وقد رأيت في بنغلاديش ما يشبه هذا بل أعجب وهو أن طالبا بيته بجوار المدرسة وهو محظور من رؤية أهله أو زيارتهم إلا بإذن من الشيخ وبوقت محدد
ومثل هذا رأيته في تركيا أيضا
والله أعلم وعلمه أتم وأحكم
ومن أطرف ما رأت عيناي طالب علم من دولة مالي كان زميلا لنا في إحدى هذه المدارس الشرعية وأخذ عهدا على نفسه ألا يتصل بأهله ولا يقرأ رسائلهم إلا آخر العام في الإجازة فكانت الرسائل تأتيه ويجمعها ولا يفتحها إلا في نهاية العام الدراسية
وقد رأيته ذات مرة وهو يفتحها في نهاية العام وتسيل دمعته على وجنتيه فأسأله فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون توفي عمي ....
توفي أخي ..... توفيت خالتي .....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[26 Nov 2006, 02:02 م]ـ
أخي د/ يحي: ذكرتني قصة زميلكم هذا بقصة الشيخ المراغي التي ذكرها ابن العربي رحمه الله في "أحكام القرآن:2/ 647في سورة المائدة" قال رحمه الله:
"نكتة": كان أبو الفضل المراغي يقرأ بمدينة السلام فكانت الكتب تأتي إليه من بلده فيضعها في صندوق ولا يقرأ منها واحداً مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه أو يقطع به عن طلبه،فلما كان بعد خمسة أعوام،وقضى غرضاً من الطلب،وعزم على الرحيل شدّ رحله وأبرز كتبه،وأخرج تلك الرسائل وقرأ منها ما لو أن واحدة منها قرأها في وقت وصولها ما تمكن بعدها من تحصيل حرف من العلم،فحمد الله تعالى، ورحّل على دابته قماشَه،وخرج إلى باب الحلبة طريق خراسان،وتقدمه الكري (المستأجر) بالدابة،وأقام هو على فامي (الخباز) يبتاع منه سفرته (الطعام الذي يتخذه المسافر) فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفامي آخر: أي فل (فلان) أما سمعت العالم يقول- يعنى الواعظ -: إن ابن عباس يجوّز الاستثناء ولو بعد سنة،لقد اشتغل بالي بذلك منه منذ سمعته يقوله،وظللت فيه متفكراً،ولو كان صحيحاً لما قال الله تعالى لأيوب:" وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث" وما الذي كان يمنعه من أن يقول حينئذ:قل إن شاء الله؟
فلما سمعته يقول ذلك قلت: بلد يكون الفاميون به من العلم في هذه الرتبة أخرج عنه إلى المراغة؟ لا أفعله أبداً؛واقتفى أثر الكري وحلله من الكراء وصرف رحله،وأقام بها حتى مات رحمه الله 0انتهت القصة
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[16 Dec 2006, 05:14 ص]ـ
مداخلة رائعة
شكرا لكم
ونعود لأخبار المحاظر
فأتحفونا مما في جعبتكم
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Dec 2006, 11:52 م]ـ
طريقة التحصيل الدراسي في المحضرة الموريتانية:
يتتبع الطالب في الدراسة تسلسلاً معيناً لا ينبغي أن يخل به إذا كان حريصاً على إتقان درسه: فهو يكتب النص على اللوح أولاً ثم يقرأه على "المرابط"-الشيخ-ليجيزه،أي ليصحح له ما يرد على لسانه من الخطأ حتى يحفظه بصيغة سليمة،ثم يقبل على قراءة النص المرة تلو الأخرى حتى يتقن حفظه ثم يقرأه على شيخ المحضرة سرداً من ذاكرته على الأحسن حتى يتأكد من سلامة النص ويضبط حجم الدرس ثم يعود لقراءته مجزءاً،جملة جملة أو بيتاً بيتاً أو شطراً شطراً،و"المرابط " يفسر له، ولا يبقى بعد هذه المراحل إلا التكرار لترسيخ المعلومات في الذهن،وقد نظم محمذ فال بن متالي خطوات الدراسة في بيتين:
كتب اجازة وحفظ الرسم 000قراءة تدريس:أخذ العلم
ومن يقدم رتبة على المحل00من ذي المراتب المرام لم ينل
كيف يحفظون النص:
من المألوف عندهم لحفظ النص استيفاء "عشرة المختار " وهي:خمس وخمسون نقطة ترسم على الأرض بأصابع اليد الثلاثة (البنصر والوسطى والسبابة) في شكل هرم قاعدته عشر نقاط وقمته نقطة واحدة،كلما قرأ الطالب مرة يمحو نقطة،فإذا استوفى حفظ درسه بهذه الطريقة يقولون إنه لن ينساه بعدئذ،وعليه أن يستوفي العدد كله حتى لو حفظ النص دونه 0
نقلاً من كتاب:بلاد شنقيط:المنارة والرباط:174 - 175
للحديث بقية إن شاء الله 0
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[17 Dec 2006, 01:28 ص]ـ
كيف يحفظون النص:
من المألوف عندهم لحفظ النص استيفاء "عشرة المختار " وهي:خمس وخمسون نقطة ترسم على الأرض بأصابع اليد الثلاثة (البنصر والوسطى والسبابة) في شكل هرم قاعدته عشر نقاط وقمته نقطة واحدة،كلما قرأ الطالب مرة يمحو نقطة،فإذا استوفى حفظ درسه بهذه الطريقة يقولون إنه لن ينساه بعدئذ،وعليه أن يستوفي العدد كله حتى لو حفظ النص دونه 0
نقلاً من كتاب:بلاد شنقيط:المنارة والرباط:174 - 175
للحديث بقية إن شاء الله 0
فائدة رائعة جدا
حبذا لو شرحتموها بمزيد من الإيضاح
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[19 Dec 2006, 09:51 م]ـ
لماذا الشناقطة يحفظون .... ؟؟؟؟؟
وجدت في أرشيفي هذا الموضوع الجميل الرائع للشيخ محمود بن محمد المختار الشنقيطي
ومن حبي للشناقطة وشيوخنا الأجلة منهم أحببت أن يتكامل الموضوع
يقول فضيلة الشيخ محمود بن محمد المختار الشنقيطي:
(يُتْبَعُ)
(/)
كثيرون أولئك الذين يَبْتدرونني بهذا السؤال حين يَضُمني وإياهم مجلسٌ، فيدور الحديث حول مسألة الحفظ باعتبارها من أهم قضايا طلب العلم الشرعي، فيسألونني عن أسباب ظاهرة قوة الحفظ عند قومي، ولماذا كانت أهمّ سمةٍ في علماء الشناقطة ـ الذين رحلوا إلى المشرق واتصلوا بالأوساط العلمية ـ القوة الفذة والقدرة الفائقة على استحضار النصوص؟ ويسألونني عن أعجب ما بلغني من أخبار عن نوادر الحفاظ في الشناقطة.
وكنت أجيب بما يناسب مقام كل مجلس ويفيد منه الحاضرون، دون تقص أو تعمد بحثٍ عن الإجابة على هذه القضية، وحين كتب الله لي أول زيارةٍ ـ العام المنصرم ـ لبلاد الآباء والأجداد (شنقيط)، ووقفت على بعض المحاظر الحية القائمة على أطلال ورسوم المحاظر (1) العتيقة، وحظيت بلقاء أجلة فضلاء من علماء الشناقطة (2)، أدركوا أواخر نهضة علمية، كان من أبرز سماتها اعتمادها على حفظ الصدور لما وجد في السطور، وأن العلم هو ما حصل في الصدر ووعته الذاكرة متناً ومعنى، حتى غدا من أمثالهم التي تعبر عن هذا المعنى: (القراية في الرّاسْ ماهُ في فاس ولا مكناس) أي العلم المعتبر هو ما في حفظك، وليس في كثرة الذهاب إلى المدن الحضارية ومؤسسات التعليم فيها. حين كتب الله لي تلك الزيارة كان مما يدور في خلدي الجواب عن السؤال المتقدم من واقع تجربة طلاب العلم في تلك المحاظر، فتجمعت عندي طرق كانت وراء تيسير الله للشناقطة ملكة حفظ نادرة، وطاقة ذهنية عالية جعلتهم يفخرون في ثقة واعتزاز بقدراتهم على استذكار عشرات الكتب،
وجعلت العلامة سيدي محمد ابن العلاّمة سيدي عبد الله ابن الحاج إبراهيم العلوي ـ رحمه الله ـ (ت 1250هـ) يقول: (إن علوم المذاهب الأربعة لو رمي بجميع مراجعها في البحر لتمكنت أنا وتلميذي ألْفَغّ الديماني من إعادتها دون زيدٍ أو نقصان، هو يحمل المتن وأنا أمسك الشروح) (3).
وجعلت العلاّمة محمد محمود التّرْكُزي ـ رحمه الله ـ ت عام (1322هـ) يزهو بحافظته متحدياً الأزهريين بأنه أحق بإمامة اللغة والاجتهاد فيها منهم؛ لأنه يحفظ القاموس كحفظه الفاتحة، فاستبعدوا ذلك وعقدوا له مجلساً بالأزهر، فكان كما قال، فأقرّوا له وصاروا يصححون نسخهم من نسخة التركزي ـ رحمه الله ـ المحفوظة في صدره (4).
وقبل أن أتحفك ـ أخي القارئ ـ بشيء من طرقهم وأساليبهم في الحفظ تتضمن الإجابة عن السؤال المتقدم، أتحفك بأخبار القوم ونوادرهم في الحفظ، مما وجدته مسطوراً في كتب التراجم، أو محكياً على ألسنة الرواة، وسيتملكك العجب، وتعتريك الدهشة لسماعه، وتجزم معي بأن ما حباهم الله به من ذاكرة فذة، وقدرة على استحضار النصوص ربما لا توجد إلا في ذاكرة الحاسب الآلي، حتى صارت حكاياتهم في الحفظ غريبة تشبه الأساطير وما يجري مجرى خوارق العادات.
فمن ذلك ما ذُكر في ترجمة العلاّمة عبد الله بن عتيق اليعقوبي ـ رحمه الله ـ، (ت عام 1339هـ)، أنه كان يحفظ لسان العرب لابن منظور (5).
وكان الغلام في قبيلة مُدْلِشْ يحفظ (المدوّنة) في فقه الإمام مالك قبل بلوغه، وكانت توجد في قبيلة (جكانت) ثلاثمائة جارية تحفظ الموطأ فضلاً عن غيره من المتون، وفضلاً عن الرجال، ولهذا قيل: العلم جكني (6).
وروي عن الشيخ سيد المختار ابن الشيخ سيدي محمد ابن الشيخ أحمد بن سليمان (ت 1397م) حِفظ كثير من كتب المراجع مثل: فتح الباري، والإتقان للسيوطي، غير المتون والكتب التي تُدرّس في المحظرة (7).
ومن العجيب ما تجده من محفوظات فقهائهم غير متون الفقه والأصول وما يتعلق بالتخصص، فهذا قاضي (ولاته) وإمامها سيدي أحمد الولي بن أبي بكر المحجوب كان يحفظ مقامات الحريري، وليست من فنون القضاء ولا الفقه، وسمعتها عن الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب الأضواء ـ رحمة الله عليه (8).
وأما المتخصص في الأدب والشعر فلا يحفظ أقلّ من ألف بيت في كل بحر من بحور الشعر العملية؛ حتى تتهيأ له ملكة أدبية لينظم أو ينثر ما يريد.
فهذا العلامة الأديب محمد محمود بن أحمذيه (9) الحسني ـ رحمه الله ـ، كان يحفظ في الأدب وحده مقامات الحريري، والمستطرف، وكامل المبرد، والوسيط في أدباء شنقيط، وديوان المتنبي، وديوان أبي تمام، وديوان البحتري؛ هذا في الأدب وحده دون غيره من فنون ومتون المنهاج الدراسي المحظري (10).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن نوادر نساء الشناقطة في قوة الحفظ ما حدّث به العلاّمة محمد سالم بن عبد الودود أن أمه مريم بنت اللاّعمة كانت تحفظ القاموس، وقد استوعبته بطريقة غريبة، حيث كان والدها يرسلها من حين لآخر إلى خيمة أحد علماء الحي تنظر له معنى كلمة في القاموس ـ وكان هذا العالم ضاناً بنسخته لا يعيرها ـ فكانت البنت تحفظ معنى الكلمة وتعود بها إلى والدها وهكذا حتى حفظت مادة القاموس كلها.
وإن تعجب أخي القارئ من المتقدمين فلعل ممن أدركنا من المعاصرين الأحياء من يماثلهم في الحفظ؛ فمن ذلك ما حدثني به والدي ـ حفظه الله ـ قال لي يا بني: لقد كنا أيام طلبنا للفقه عند شيخنا الفقيه عبد الرحمن ولد الداهي، نتسابق في ختم المختصر ليالي الجمع فيستفتح من (يقول الفقير المضطر) بداية الكتاب فلا يطلع الفجر إلا وقد ختمناه لا نشكك إلا في مواطن قليلة في أقفاف (11) السفر نكرر ذكر ذلك مرات، وممن أدركناه من الأحياء العلامة الشيخ أحمدّو بن العلامة الشيخ محمد حامد بن آلاّ الحسني نزيل المدينة النبوية ـ متع الله ببقائه.
ولا أبالغ إن قلت: إن ما في صدره من العلم لو جلس يمليه عاماً كاملاً لما كرر ولا أعاد منه شيئاً؛ فمن محفوظاته في النحو والصرف طرة (12)، ابن بونة على الاحمرار (13) يحفظها بنصها، وطرة الحسن بن زين على احمراره للامية الأفعال لابن مالك أيضاً، والمقصور والممدود لابن مالك مع شواهده وهي تقرب من ألفي بيت، وضوابط وشواهد على مسائل ألفية ابن مالك بعضها له وبعضها لوالده ولبعض العلماء الشناقطة تبلغ نحواً من ثلاثة آلاف بيت، إضافة إلى بعضٍ من ألفية السيوطي في النحو.
وفي غريب اللغة نظم ابن المرَحّلْ، ونظم أبو بكر الشنقيطي كثيراً من مواد القاموس، وجل شواهد الغريب من تفسير القرطبي، ومثلث ابن مالك وهو يبلغ ثلاثة آلاف بيت مع شواهده. إلخ من العلوم والفنون ...
ومن المعاصرين الحفاظ أيضاً صاحب المحضرة العامرة العلامة محمد الحسن بن الخديم وقد حدثني بعض تلامذته أنه يحفظ النص من مرتين فقط، وأنه لا يكاد يوجد فن إلا ويحفظ فيه ألفيةً؛ حتى في الطب والعقيدة والقواعد الفقهية والقضاء، وأنه يحفظ كثيراً من كتاب سيبويه وتمنى لو جاءه في الصغر (14).
ومن النساء المعاصرات: العالمة المفتية الفقيهة مريم بنت حين الجكنية والدة الشيخ عبد الله بن الإمام، حدثني بعض تلامذة ابنها أنها كانت تشرح له في ألفية ابن مالك إذا لم يكن ابنها في البيت، ورويت عن قريبات لي أنها تحفظ كثيراً من المتون الفقهية وتفتي النساء في الحج والحيض، ولها ألفية في السيرة ولها منظومات فقهية لبعض المسائل والنوازل. وهذه نتف مما وقفت عليه لعل فيها ما يذكي الحماس لدى طلاب العلم المعاصرين.
ولهم في الحفظ وسائل وطرق أجملها فيما يلي: ـ
أولاً: التعليم الزّمَرِيّ أو ما يسمى بلغة المحاظر (الدولة) وهو دراسة جماعية يشترك فيها مجموعة من الطلبة متقاربي المستويات يقع اختيارهم على متن واحد يدرسونه معاً، حصةً حصةً، يتعاونون على تكراره واستظهار معانيه (15)، يتحاجون فيه، ويُنَشّط بعضهم بعضاً على المواصلة والاستمرار ومدافعة السآمة والملل. أذكر وأنا في المرحلة (المتوسطة الإعدادية) أنني أدركت مجموعة من طلاب العلم الشناقطة (دولة) في المسجد النبوي في شعر المعلقات.
ثانياً: تقسيم المتن إلى أجزاء وهو ما يعرف بلغة المحاظر (الأقفاف) مفردها: قُفّ. والمشهور في المحاظر أن متوسط درس أو قف المتن المنظوم خمسة أبيات لا يزيد عليها إلا المبرزون الأذكياء. وأما المتون المنثورة فيتعارف أهل المحاظر على تقسيم شائع بينهم، فمثلاً مختصر العلامة الشيخ خليل عندهم ثلاثمائة وستون (16) قفاً، ولا تخفى فائدة هذا التقسيم للمتن المراد حفظه، فيعرف الطالب مواضع الصعوبة من السهولة فيحتاط في المراجعة والتكرار، كما أن تخزين المادة في الذاكرة مرتبة منتظمة أيسر في استظهارها واسترجاعها.
ويرى الشناقطة ـ وهم مضرب المثل في قوة الحافظة والذكاء ـ أن (القف) الكثير لا يستطيع استيعابه مع الاحتفاظ به في الذاكرة إلا قلة من الحفاظ ولذلك عمدوا إلى تجزئة كل متن.
وسارت عندهم هذه العبارات مسار المثل: (قفْ أف) أي أنه بمثابة الريح (أف اسم صوت) يمر عابراً فلا يستقر منه شيء في الذاكرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
(نص لا بُدّ الُ يْخصّ) أي أن النصف لا يمكن الاحتفاظ به جملة فلا بد أن ينسى قارئه بعضه أو يعجز عن استيعابه أصلاً.
(الثلث يوترث) أي أن ثلث القف يعلق بالذاكرة فلا ينساه قارئه حتى يموت كأنه يورث من بعده (17).
ثالثاً: وحدة المتن واستيفاؤه: فينصحون الطالب أن يشتغل بدراسة متن واحد يفرغ قلبه له، ويستجمع قوته لحفظه ولا يجمع إليه غيره، ولا ينتقل عنه حتى يستوفي دراسته كله، بل يرون أن جمع متنين معاً يحد من قدرة الطالب على الاستيعاب فيظل جهده الذهني موزعاً بين عدة متون لا يكاد يتقن أياً منها، كما أن بتر المتن دون حفظه كله يضيع جهد الدارس هباءً، وينم عن كسل وقصور في همة الطالب، ويمثلون لمن يروم حفظ نصين في وقت واحد بالتوأمين؛ فلا سبيل إلى خروجهما معاً في آن واحد، بل لا بد أن يسبق أحدهما الآخر، ونظموا هذا المبدأ بقولهم:
وإن تُرد تحصيلَ فَنّ تَمّمهْ وعن سواهُ قبل الانتهاءِ مَه
وفي ترادف الفنون المنعُ جا إذ توأمان اجتمعا لن يخرجا (18)
رابعاً: صياغة المتن المنثور نظماً:
لقد وظف الشناقطة ملكَة الشعر كثيراً في تيسير العلوم للحفظ، وضمان حظ أوفر من القبول والبقاء له، ولذا غلبت الصبغة النظمية في نظام الدرس المحظري. وكما هو معلوم فإن النظم أسهل حفظاً واستحضاراً من النثر، قال ابن معط ـ رحمه الله ـ في خطبة ألفيّة في النحو:
لعلمهم بأن حفظ النظم وفق الذكي والبعيد الفهم
لا سيما مشطور بحر الرّجز إذا بُني على ازدواج موجز
وفي المحضرة قلّ أن تجد متناً يُدرس في فن إلا وجدت من نظمه حتى يسهل حفظه على الطلاب، فمن ذلك (19) أن أبا بكر بن الطفيل التشيتي ـ رحمه الله ـ (ت 1116هـ) نظم كتاب (قطر الندى) لابن هشام ـ رحمه الله ـ.
والعلامة محمد المامي الشمشوي ـ رحمه الله ـ (ت 1282هـ) عقد كتاب الأحكام السلطانية للماوردي بنظم سماه (زهر الرياض الورقية في عقد الأحكام الماوردية).
والعلامة الأديب عبد الله بن أحمد أُبّه الحسني نظم كتاب (مجمع الأمثال) للميداني.
خامساً: تركيزهم على بداية الحفظ والمراجعة المستمرة للمحفوظ، فعدد تكرار الطالب المتوسط للقدر المراد حفظه من مائة مرة إلى ألف مرة، ويسمونه بلغة المحاضر (أَقَبّاد) فيجلس طالب العلم يكرر لوحة بصوت مرتفع في الصباح (20) ثم يعود إليه بعد الظهر ثم بعد المغرب ثم من الغد يبدأ بمراجعته وتسميعه قبل أن يبدأ في درس جديد، وهكذا يفعل مع الدرس الجديد وفي نهاية الأسبوع تكون مراجعة لما حفظ من بداية الأسبوع مع ما قبله من المتن حتى ينتهي من المتن بهذه الطريقة، ثم يأخذ متناً آخر وتصبح لهذا المتن الأول ختمة أسبوعية يمر عليه كله، وبعد تثبيته في الذاكرة ومزاحمة غيره له، لا يصل الإهمال والانشغال أن يترك ختمة شهرية للمتن، وأعرف من المشايخ في المدينة النبوية من عنده ختمة أسبوعية للألفية ولمختصر خليل وختمة شهرية للمتون القصيرة كـ (لامية الأفعال) في الصرف لابن مالك والبيقونية والرحبية وبلوغ المرام وغيرها.
سادساً: حفظ النص قبل الحضور إلى الشيخ ليشرحه، وهذه من أهم الطرق التي تعين الطالب على متابعة الحفظ دون انقطاع أو تأخر، وكان شيخنا الشيخ سيد أحمد بن المعلوم البصادي ـ رحمه الله ـ لا يشرح لأي طالب نصاً حتى يسمعه منه غيباً، فيبدأ الشيخ في شرحه وتفكيك ما استغلق على الطالب فهمه.
سابعاً: لا يحفظ الطالب إلا ما يحتاجه ويمارسه في حياته من العلوم والأبواب في الفن. فالطالب إذا كان يقرأ مختصراً فقهياً مثلاً، وبلغ في المتن كتاب الحج، ولم يكن من أهل الوجوب والاستطاعة فإنه يتعداه إلى غيره وهكذا في أبواب الفرائض والقضاء والجهاد وقِس على ذلك بقية الأبواب في الفنون المختلفة.
ثامناً: تأثر البيئة بالحركة العلمية: فقد خالط حفظ العلم في بلاد شنقيط حياة الناس هناك؛ ففي بلاد الزوايا (21)، يعتبرون من تقصير الأب في حق ابنه إذا بلغ وهو لا يحفظ القرآن حفظاً متقناً ولا يعرف من الأحكام ما يقيم به عباداته، ولا من العربية ما يصلح به لسانه، بل ينظرون إليه نظرة ازدراء واحتقار وأنه قد عق ابنه وقصّر في تربيته. وكان من عادة أهل الشيخ القاضي (اجيجبه) أن لا يتسرول (22) الشاب منهم حتى يتم دراسة مختصر خليل، فحفظ المختصر عندهم شرط معتبر للرجولة وسمة للنضج.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتجد أمثال العامة ومخاطباتهم خارج حلقات الدرس قد صبغت بلون المتون السائدة؛ فمن أمثالهم إذا أرادوا وصف الشيء بأنه بلغ إلى منتهاه يقولون: (لا حِق فلا إشكال) أي وصل في كذا إلى ذروته وعبارة (لاحق فلا إشكال) هي آخر جملة في مختصر الشيخ خليل.
ومن أمثالهم قولهم: (وحَذْفُ ما يُعلم جائز) وهو جزء من بيت من خلاصة ابن مالك في الألفية.
تاسعاً: عقد مجالس للمذاكرة والإنشاد والألغاز في العطلة المحضرية. وهي عطلة نهاية الأسبوع العمرية (الخميس وجناحاه مساء الأربعاء وصباح الجمعة).
فيعقد طلاب (الدولة) أو المنتهون مجالس السمر وغالباً تكون ليلة الخميس أو الجمعة يتذاكرون فيها ما درس خلال الأسبوع ويتبارون في تجويد حفظه وإتقانه، أو يحددون باباً أو فصلاً من كتاب يتحاجون فيه، وأعرف عدة مجالس في المدينة المنورة عقدت لهذا الغرض منها مجالس لبعض النساء عَقَدْنَهُ لمذاكرة حفظ القرآن والفقه والسيرة النبوية، ومن ذلك ما يُروى أن محمد بن العباس الحسني ـ وهو راوية شعر ـ ادعى ليلة في مجلس سمر أنه لا يسمع بيتاً من الشعر إلاّ روى القطعة التي هو منها، وذكر الكتاب الذي توجد فيه، فتصدى له حبيب ابن أمين أحد تلامذة العلامة حُرْمة بن عبد الجليل ـ رحمة الله على الجميع ـ فسأله من القائل:
لو كنت أبكي على شيء لأبكاني عصر تصرّم لي في دير غسّانِ
فقال ابن العباس: نسيت قائل هذا البيت وهو من قطعة أعرفها في حماسة أبي تمام، فدعي بالكتاب، وقلب ورقة ورقة، فلم توجد فيه فقال لهم حبيب: ها هي بقية الأبيات وذكرها:
دير حوى من (ثمار) الشام أودها وساكنوه لعمري خير سكان
دهراً يدير علينا الراح كل رشا خمصان غض بزنديه سُواران
وقال: إن القطعة من إنشائه، نظمها تعجيزاً لزميله، وساق دليلاً على صحة قوله أن دير غسان لا وجود له في أديرة العرب.
كان شيخ المحضرة الفقيه اللغوي الشاعر حرمة بن عبد الجليل (ت 1234هـ) ـ رحمه الله ـ حاضراً فالتفت إلى تلميذه حبيب وأنشأ على البديهة:
لله درك يا غليّم من فتى سن الغليم في ذكاء الأشيب
لستَ الصغير إذا تَنِدّ شريدةٌ وإذا تذاكر فتيةٌ في موكب
إن الكواكب في العيون صغيرة والأرض تصغر عن بساط الكوكب (23)
عاشراً: اغتنام لحظات السحر في تثبيت الحفظ، فلا تكاد تجد طالباً من طلاب المحضرة في وقت السحر نائماً بل يزجرون عن النوم في هذا الوقت.
حدثني الوالد ـ حفظه الله ـ قال: كان إذا صعب علينا حفظ شيء انتظرنا به السحر فيسهله الله علينا، ولا ريب أنها لحظات مباركة؛ لأنها وقت النزول الإلهي، ووقت الهبات والأعطيات (24). وساعات السحر هي لحظات الإدلاج التي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسير إلى الله فيها كما في صحيح البخاري ـ رحمه الله ـ (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدّلجة) وهي سير آخر الليل (25).
وذكر أهل العلم بالتفسير آثاراً عن بعض الصحابة والتابعين ـ رضي الله عن الجميع ـ في انتظار يعقوب ـ عليه السلام ـ لزمان الإجابة حين قال له أبناؤه: ((يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ)) [يوسف: 97] فقال: ((قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [يوسف: 98] أنه أخّرهم إلى وقت السحر (26).
وضابط وَقت السحر على الصحيح أنه قبل طلوع الفجر بساعة تقريباً على ما حققه الحافظ ـ رحمه الله ـ في الفتح.
وبعدُ .. أخي القارئ الكريم:
بهذه العوامل والأسباب خطف علماء الشناقطة المتجولون الأضواء، وبهذه الطرق والأساليب في الحفظ بزّوا غيرهم في العلوم التي شاركوهم فيها، فهل تجد في هذه الإجابة المقتضبة ما يشحذ همتك ويحرك إرادتك ويكون مثالاً لك تحتذيه، ويستحثك لجعل الحفظ أهم طرق العلم الشرعي؟! ذلك ما كنا نبغي، وفضل الله واسع، وكم ترك الأول للآخر ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)) [المطففين: 26].
وصلى الله وسلم وبارك على النبي وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[25 Dec 2006, 05:25 ص]ـ
الله أكبر .. همة عظيمة .. وحفظ عجيب ..
ـ[محمد البخاري]ــــــــ[27 Apr 2007, 12:30 ص]ـ
أصحاب الفضيلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور يحيى الغوثاني، والدكتور الجكني، أشكركما على إثارتكما للموضوع، وإفادتكما، شحذا للهمم وإيقاظا للعزائم، وهي ليست هذه أول بركاتكما، ولا آخرها، إن شاء الله ..
ومن أمتع ما قرأت وأعجبه في نفسي ما جاء في مداخلة الدكتورالجكني عن أم العلامة محمد سالم بن عبد الودود وحفظها للقاموس بتلك الطريقة العجيبة ..
أرجو لو تكرم الدكتور أن يعرفنا بالعلامة محمد سالم بن عبد الودود، أو يحيلنا على من يعرفنا به ..
نفعنا الله بعلمكم، وأعلا شأنكم، ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين ..
فجزاكم الله خيرا ..
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[07 May 2007, 03:21 م]ـ
[هناك شريط لفضيلة الشيخ محمد الحسن ول ددو [
وذكر أن نشأتها كانت من دولة المرابطين (الشريط بعنوان المحاظر أوقريبا من هذا العنوان
والشريط موجود في أحد تسجيلات مدينة جدة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد البخاري]ــــــــ[19 May 2007, 03:17 م]ـ
أجرت قناة إقرأ الفضائية حوارا مع الشيخ محمد الحسن الددو، وقد تناول الحوار نشأة المحاضر في موريتانيا ومناهج التدريس فيها، وأسماء أبرز المحاضر العلمية، مع تراجم موجزة لبعض شيوخها قديما وحديثا، فهو حوار ممتع ومفيد، ولمن أراد متابعته، أوتحميله، فهو على هيئة ملف صوتي، على هذا الرابط من موقع الشيخ:
http://dedew.net/downloadsd.php?id=567
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[08 Jun 2008, 01:12 ص]ـ
الأخ محمد البخاري
جزاك الله خيرا على هذه الإضافة
وارجو من الإخوة الشناقطة ذكر المحاظر التي تهتم بالقراءات العشر الصغرى أو الكبرى
,اسماء القراء المجازين بالصغرى أو الكبرى
مشكورين
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[23 Oct 2010, 12:47 ص]ـ
موضوع مهم جداً
وخاصة أنه وجد اليوم من يتهم الشناقطة أنهم مجرد حفظة متون يكررونها فحسب ولم يقدموا للأمة الإسلامية علماً(/)
كيف تستفيد من المنتديات الحوارية
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[27 Nov 2006, 09:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا تبي بعده ..
كيف تستفيد من المنتديات الحوارية.
كلنا نعرف أن كل عضو يشارك في المنتدى تسجل عدد مشاركاته إلى جانب أسمه ..
وبقدر ما يرتفع عددها يعلو لقبه ويزداد لمعانا. ولو انه لمعان الكتروني قد لا يمت للحقيقة بصلة لأنه يعد بالرقم لا بالكيف, لكن الأعضاء من حولك يعدون مشاركاتك بالكيف لا بالكم، والملائكة من فوقك يعدون بالكم والكيف.
فاحذر .. فالله مطلع عليك والكل يراك! فاجعل من نفسك عضوا نافعا حاسب نفسك قبل أن تحاسب .. كثيرون يظنون أن وجودهم بأسماء مستعارة يخفي شخصيتهم من أعيننا .. ولكنها لا تخفى على الخالق.
هذه بعض النصائح الهامة في تعامل أي عضو داخل أي منتدى:
- اعلم أن الله يراقبك عندما تكتب فلا تكتب إلا ما يسرك فى صحيفة عملك يوم القيامة
-لا تكن عضوا سلبيا في تعاملك مع الناس، بل أفتح قلبك لهم وشاركهم أرائهم حتى يشاركوك رأيك عندما تحتاجهم.
- انشر الفرحة فيمن حولك ولا تجعل من نفسك مصدر إزعاج للآخرين في آرائك وملاحظاتك.
- أنت تستحق الإكبار بقدر ما تبحث للآخرين عن أعذار! سامحهم ولا تغلظ القول عليهم، فكن كبيرا في تصرفاتك عن كل سلوك طائش.
- كن صريحا ومباشرا في قلمك، لان التحوير والتلميح يوقد الظنون السيئة ويشعل الفتن.
- لا تكتب مواضيع كثيرة ذات فائدة قليلة، اكتب موضوعا واحدا وجميلا وركز جهدك عليه ثم تابع الردود وأقرئها (قليل دائم خير من كثير منقطع) ولا تنسى الرد على أي عضو إذ أن نسيانه قد يجعله يعتقد انك تتعمد تجاهله، وعليه حاول قدر المستطاع إجابة جميع الأعضاء الذين ساهموا في موضوعك ...
- فكر مرة ومرتين وثلاث عند كتابة موضوع، أهميته، فائدته والأسلوب الذي ينبغي أن تكتب به، حاول الإلمام بجميع النقاط الضرورية وراجعها مليّا.
- يجب أن تكون لديك فكرة شاملة ودقيقة عما تكتب، فلا يصح أن تضع موضوعا لا تعرف أبعاده ولا تملك خلفية وافية عنه، حتى لا تقع في إحراجات من السائلين مما يكون صورة خاطئه عنك.
- اجعل أسلوبك أثناء القراءة مشوقا واحذر الإطالة فهي تبعد القارئين .... اختصر الكلام وابحث عن ما هو مفيد.
- يمكنك استخدام الابتسامات الموجودة فهي ذات تأثير قوي لدى بعض الأعضاء.
- كذلك حاول استخدام الألوان في الكتابة حتى تبعد جو الملل عن القارئ موضوعك.
- المنتدى يقرأه شرائح مختلفة من البشر فيهم أطفال ومراهقين و كبار، معاقين ومرضى، جنسيات، أعراق، مختلفة، حاول الانتباه إلى ما تقوله وضع هذا في ذهنك حتى لا تجرح معاقا وتساهم في انحراف طفل، وتثير فتيلة النزاع المذهبي أو القبلي راقب كلامك جيدا، وانتبه لكل ما تقوله.
- المنتدى يسمح لك بتعديل الموضوع ضمن فتره محدد تمكنك من تصحيحه، فلا تنس أو تتكاسل في تعديل الخطأ إذا ما سمحت الفرصة .. وخاصة الأخطاء النحوية والاملائيه ..
- الكل يتوقع منك الأفضل عند تسجيلك في المنتدى وأنت مطالب به لوضع صورة جيدة عنك ونحن نرغب في رؤية إبداعاتك أينما كتبت لذا حاول بذل قصارى جهدك في أي عمل تقوم به، لأنه يعكس روحك بالتأكيد.
- غني عن القول أن طريقتك في الكتابة لفظة لفظه، تعكس دينك وتربيتك ومبادئك، والقراءالمحترمون لا يمكنهم الحكم عليك إلا من أسلوبك.
- سعة صدرك وتحملك النقد أمر مطلوب، فلا تمتعض فور رؤيتك نقد لا يعجبك، بل على العكس، المع بأخلاقك وأرقى بأهدافك فوق كل تصرفات طائشة، واجعل من ردودك نموذج أعلى للآخرين، كن واثقا من كلامك وناقش النقد بصدر رحب وأوصل حجتك بأرق الكلمات وأعطرها حتى تؤثر في نفوس القارئين وتحركهم نحو فكرتك والمولى عز وجل أوصى نبيه الكريم بالصبر على أذى الكلام وأتباع الأسلوب الأمثل في الحجة والموعظة الحسنة.
- لا تضع بينك وبين الآخرين حواجز لا وجود لها، أو تضع تصورا عنهم في خيالك أنت فقط، اتجه إليهم مباشرة، واستخدم الرسائل الخاصة للاستفسارات الشخصية.
(يُتْبَعُ)
(/)
- من الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون، الاعتقاد بعدم أهميتهم في المنتدى، ويدللون على ذلك، عدم رد المشرفين أو زملائهم عليهم أولا بأول. وهذا خطأ فادح، لان المشرفين لديهم مسؤوليات كثيرة وتأخرهم في الرد ليس له صلة بأهميتك، قد يتأخر رد الأعضاء على موضوع ما، لكنه لا يعكس ابدا موقعك وترتيبك.
- عند كتابتك موضوع ما، اختر عنوانا يدل علية بسرعة بحيث يستطيع القاري إدراكه من عنوانه، إذ أن معظم الأعضاء يبتعدون عن قراءة المواضيع المبهمة ذات العناوين " ألحقوني يا شباب ... " و " النجدة "، كل ما عليك عمله هو وضع الفكرة الأساسية في عنوانك الرئيسي وشرحها بطريقة مبسطة حتى يسهل الرد عليك، وإيجاد حل لمشكلتك.
- بدلا من وضع نفسك في موقف محرج مع الأعضاء الآخرين، لا تشترك في المواضيع ذات طابع الشد والحوار المضغوط وأنت لا تجيد لغة الحوار في هكذا مواضيع، معظم الأعضاء يحاول تهدئة الأمور بينما هو يشعلها وهو لا يعلم، فقط راسل المشرف في حال وجدت ما يخالف شروط المنتدى.
- عند كتابتك لموضوع معين حدد نوعه، وتحت أي قسم ينطوي، ثم اذهب للمنتدى وضع موضوعك فيه، لان هذا يسهل عملية ترتيب المواضيع ونقلها للمنتديات ذات العلاقة. وبالتالي قراءتها من أصحاب الاختصاص. فلا تضع موضوع برامج في الحوارالعام أو تهنئة في منتدى اللغة مثلاً،، لأن موضوعك بهذه الطريقة لن يقرأ لمن وجه إليه. بل سيكون ضائعا تائها ريثما ينقل، مما يؤخر عملية الرد علية ومناقشته ...
** وقبل كتابة أي رد على أي موضوع تذكر أخي هذه الشروط:
1 - احترام رؤية الغير وعدم الاستهزاء بالمخالف طالما لم يتعمد مخالفة الكتاب والسنة.
2 - عدم جرح الغير بكلمه جارحه لمجرد انه صرح برأيه.
3 - عند عرض كلامك لا تنتظر أن يوافق الجميع عليه فهناك معارض وهناك موافق .. وهذا شيء متوقع.
6 - عندما يهزئ احد برأيك لاترد عليه بطريقته لابد أن تكون لبقاً في ردودك.
7 - عندما تري الدليل من القران أو السنة قف عند ذلك وخذ بكتاب الله وخذ بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام وبدون نقاش.
ونسأل الله التوبة والاخلاص فى القول والعمل الصالح ...
متمنياً للجميع قضاء وقت ممتع مع المنتديات الحوارية.
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Nov 2006, 11:20 م]ـ
فتح الله عليك أخي أبي محمد الظاهري،فوالله إن هذه الحروف والكلمات لهي من أجمل ما قرات في بابها وهي السهل الممتنع،وأدعو الله أن ينفعني وكل من يقرؤها بها0
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Nov 2006, 11:36 م]ـ
ما أحسن هذا الطرح، وسأكون اول المستفيدين منه إن شاء الله تعالى، فشكر الله لك أبا محمد ما سطرت يداك.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[27 Nov 2006, 11:45 م]ـ
بعد التعليق على موضوعكم؛ قرأت مشاركة الأخ سمير قدوري في آداب الجدل والمناظرة، وفيها علاقة بموضوعكم، فأحببت الإشارة إليه لتتم الاستفادة من الموضوعين، والمشاركة على هذا الرابط http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=29535&posted=1#post29535
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[29 Nov 2006, 12:02 ص]ـ
شيوخى الأفاضل
تعليقاتكم المشجعة ومروركم العطر وثنائكم أخجلني والله
أسأل الله لنا جميعاً التوفيق والفلاح فى الدارين
ـ[خالد البكري]ــــــــ[21 Dec 2006, 06:41 م]ـ
نفع الله بك أخي أبي محمد على هذه الكلمات الرائعة
وأسال الله عز وجل ان تكون في موازين أعمالك الصالحة وإن شاء الله أكون من المستفيدين منها بإذن الله
ـ[المنهوم]ــــــــ[22 Dec 2006, 02:30 م]ـ
زادك الله علما وعملا
ـ[محمدغراب]ــــــــ[23 Dec 2006, 05:18 ص]ـ
احسنت اخى فوالله لقد خرجت كثير من المنتديات عن آداب الحوار وفى احد هذه المنتديات شبهت منتداهم بمدرجات كرة القدم حيث التلاسن والتراشق باللسان والعصبيه الممقوته فالله نسأل ان يستخدمنا لما يحب ويرضى آمين(/)
حسن المقال في أنَّ دية النساء على النصف من دية الرجال
ـ[سيف بن علي العصري]ــــــــ[29 Nov 2006, 01:15 م]ـ
حسن المقال في أنَّ دية النساء على النصف من دية الرجال
بقلم
سيف بن علي العصري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلة وصحبه ومن والاه ... أما بعد
فإن من رحمة الله تعالى أن أنزل كتابه وبعث رسوله صلى الله عليه وسلم وشرع من الأحكام ما فيه مصلحة العباد عاجلاً وآجلاً، والمسلم مُسَلِّم لأمر الله تعالى شعاره (سمعنا وأطعنا) لأنه يعلم أن الله تعالى هو الخالق العليم بمصالح عباده قال تعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
ومسائل الشرع على قسمين:
القسم الأول: ما هو محل اتفاق بين علماء المسلمين، فهذا القسم ليس مسْرَحاً للاجتهاد، ومحلاً للقيل والقال.
القسم الثاني: ما هو محل خلاف بينهم، فيعرضُ كلٌ حجته بأدب وسعة صدر وفق المنهج الإسلامي، والأدب النبوي.
وإن من المسائل المتفق عليها، والتي لا ينبغي الخلاف فيها مسألة دية المرأة، وأنها على النصف من دية الرجل، ولمَّا أن ظهر من ينادي بالمساواة بين دية الرجل والمرأة ندبني شيخنا العلامة عبد المجيد الزنداني حفظه الله ورعاه إلى كتابة بحث في المسألة، يُجَلِّي غامضها، ويبين حجتها، فما كان لي أن أتأخر بعد توجيه فضيلته، فكان هذا الجزء الموسوم بـ (حسن المقال في أن دية النساء على النصف من دية الرجال)، كتبته في جلستين، أرجو الله تعالى أن يكون عملي هذا لوجه الله خالصاً، وللحق مبيِّناً.
كتبه / سيف بن علي العصري
صنعاء 1/جمادى الآخرة/ 1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وآله وصحبه والتابعين.
أما بعد .. فإن دية المرأة على النصف من دية الرجل وقد دلّ على ذلك دلالتان:
الدلالة الأولى: الأثر.
والدلالة الثانية: الإجماع.
أما الأثر: فما رواه الإمام البيهقي عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دية المرأة على النصف من دية الرجل).
إلا أن هذا الحديث ضعفه جمع من المحدثين ومنهم الإمام البيهقي فقال: وروى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت مثله.
وقال: وروى ذلك من وجه آخر عن عبادة بن نسي وفيه ضعف.اهـ
وقد وردت في ذلك آثارٌ عن الصحابة والتابعين ومثل هذا الأمر ليس مجالاً للاجتهاد فلتلك الآثار حكم الرفع ومن ذلك الآثار التالية:
• أثر عمر رضي الله عنه.
أخرجه ابن أبي شيبة قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن شريح قال أتاني عروة البارقي من عند عمر أن جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل.
• أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخرجه البيهقي في سننه الكبرى قال أخبرنا أبو حازم الحافظ أنبأنا أبو الفضل بن خميرويه أنبأنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا هشيم عن الشيباني وبن أبي ليلى وزكريا عن الشعبي أن عليا رضي الله عنه كان يقول جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل وكثر.
• أثر ابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهما.
أخرجهما ابن أبي شيبة قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن الشعبي عن شريح أن هشام بن هبيرة كتب إليه يسأله فكتب إليه أن دية المرأة على النصف من دية الرجل فيما دق وجل، وكان بن مسعود يقول في دية المرأة في الخطأ على النصف من دية الرجل إلا السن والموضحة فهما فيه سواء، وكان زيد بن ثابت يقول دية المرأة في الخطأ مثل دية الرجل، حتى تبلغ ثلث الدية فما زاد فهو على النصف.
• أثر الحسن البصري رحمه الله.
أخرجه ابن أبي شيبة قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا معتمر عن ابن عون عن الحسن قال يستوي جراحات الرجال والنساء على النصف، فإذا بلغت النصف فهي على النصف.
• أثر شريح رحمه الله.
أخرجه ابن أبي شيبة قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا معتمر عن أبن عون عن الحسن قال يستوي جراحات الرجال والنساء على النصف فإذا بلغت النصف فهي على النصف
وأما الإجماع فحكاه جماعات من الأئمة ومن أولئك:
1 - الإمام الشافعي رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال في الأم 6/ 115:لم أعلم مخالفا من أهل العلم قديماً ولا حديثاً في أن دية المرأة نصف دية الرجل، وذلك خمسون من الإبل فإذا قضى في المرأة بدية فهي خمسون من الإبل، وإذا قتلت عمداً فاختار أهلها ديتها فديتها خمسون من الإبل، أسنانها أسنان دية عمد وسواء قتلها رجل أو نفر أو امرأة لا يزاد في ديتها على خمسين من الإبل، وجراح المرأة في ديتها كجراح الرجل في ديته لا تختلف، ففي موضحتها نصف ما في موضحة الرجل وفي جميع جراحها بهذا الحساب، فإن قال قائل فهل في دية المرأة سوى ما وصفت من الإجماع أمر متقدم؟
فنعم أخبرنا مسلم بن خالد عن عبد الله بن عمر عن أيوب بن موسى عن ابن شهاب وعن مكحول وعطاء قالوا أدركنا الناس على أن (دية الحر المسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل) فقوَّم عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الدية على أهل القرى ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم، فإذا كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل، ودية الأعرابية إذا أصابها الأعرابي خمسون من الإبل، وأخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن رجلا أوطأ امرأة بمكة فقضى فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه بثمانمائة ألف درهم وثلث. اهـ
2 - الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله.
قال في تفسيره 5/ 209: لأن دية المؤمنة لا خلاف بين الجميع إلا من لا يُعَد خلافاً أنها على النصف من دية المؤمن. اهـ
3 - الإمام ابن المنذر رحمه الله (242 - 318هـ)
قال الإجماع ص116: وأجمعوا على أن دية المرأة نصفَ دية الرجل. اهـ
4 - الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله.
قال في الفصول في الأصول 3/ 280: وأجمعوا أيضا على تأجيل امرأة العنين، وليس فيه توقيف، والأغلب من أمره: أنه عن اجتهاد، وكذلك اتفاقهم: على أن عدة الأمة على نصف من عدة الحرة، ... وأن دية المرأة على النصف من دية الرجل. اهـ
5 - أبو عمر بن عبد البر رحمه الله.
قال في التمهيد 17/ 358: وقد أجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل. اهـ
6 - الإمام الكاساني رحمه الله.
قال في دائع الصنائع 7/ 255: وإن كان أنثى فدية المرأة على النصف من دية الرجل لإجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روي عن سيدنا عمر، وسيدنا علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت رضوان الله تعالى عليهم أنهم قالوا في دية المرأة: إنها على النصف من دية الرجل، ولم ينقل أنه أنكر عليهم أحد فيكون إجماعا، ولأن المرأة في ميراثها، وشهادتها على النصف من الرجل فكذلك في ديتها. اهـ
7 - الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله.
قال في المغني 8/ 315: (ودية الحرة المسلمة، نصف دية الحر المسلم) قال ابن المنذر، وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل. وحكى غيرهما عن ابن علية، والأصم، أنهما قالا: ديتها كدية الرجل، لقوله عليه السلام: (في نفس المؤمنة مائة من الإبل). وهذا قولٌ شاذٌ، يخالف إجماع الصحابة، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن في كتاب عمرو بن حزم: (دية المرأة على النصف من دية الرجل). وهي أخص مما ذكروه، وهما في كتاب واحد، فيكون ما ذكرنا مفسراً لما ذكروه، مخصصاً له، ودية نساء كل أهل دين على النصف من دية رجالهم، على ما قدمناه في موضعه. اهـ
8 - الإمام القرطبي رحمه الله.
قال في تفسيره جامع أحكام القرآن 5/ 325: وأجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل قال أبو عمر إنما صارت ديتها والله أعلم على النصف من دية الرجل من أجل أن لها نصف ميراث الرجل وشهادة امرأتين بشهادة رجل وهذا إنما هو في دية الخطأ، وأما العمد ففيه القصاص بين الرجال والنساء. اهـ
9 - الإمام علاء الدين السمرقندي المتوفى سنة (539هـ)
قال في تحفة الفقهاء 3/ 113: وأما حكم النساء فنقول إن دية المرأة على النصف من دية الرجل بإجماع الصحابة مثل عمر. اهـ
10 - ابن رشد الحفيد رحمه الله.
قال في بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/ 310: وأما دية المرأة فإنهم اتفقوا على أنها على النصف من دية الرجل في النفس فقط، واختلفوا فيما دون النفس من الشجاج والأعضاء. اهـ
11 - إبراهيم بن مفلح الحنبلي رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال في المبدع 8/ 350: (ودية المرأة نصف دية الرجل) إجماعاً حكاه ابن المنذر وابن عبد البر لما روى عمرو بن حزم أن النبي ? قال في كتابه دية المرأة نصف دية الرجل، لكن حكي عن ابن علية والأصم أن ديتها كدية الرجل لقوله عليه السلام في النفس المؤمنة مائة من الإبل وهو قول شاذ يخالف إجماع الصحابة مع أنهما في كتاب واحد فيكون الأول مفسراً ومخصصا له. اهـ
12 - الإمام تقي الدين الحصني الشافعي رحمه الله.
قال في كفاية الأخيار ص463: (ودية المرأة على النصف من دية الرجل) لما روى عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دية المرأة نصف دية الرجل. ويروى ذلك عن عمر وعثمان وعلي وعن العبادلة رضي الله عنهم ولم يخالفهم أحد مع اشتهاره فصار إجماعاً. اهـ
13 - الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله.
قال في التلخيص الحبير 4/ 66: اشتهر عن عمر وعثمان وعلي والعبادلة: ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس: أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، ولم يخالفوا. فصار إجماعاً. اهـ
14 - شمس الدين الرملي رحمه الله.
قال في نهاية المحتاج 7/ 320: (والمرأة) الحرة (والخنثى) المشكل (كنصف رجل نفساً وجرحاً) وأطرافاً إجماعاً في نفس المرأة وقياسا في غيرها. اهـ
15 - محمد بن الأمير الصنعاني رحمه الله.
قال سبل السلام 2/ 367: دية المرأة على النصف من دية الرجل لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ {دية المرأة على النصف من دية الرجل}، وهو إجماع.اهـ
المخالفون للإجماع
وقد خالف هذا الإجماع رجلان عرفا بالمخالفة والشذوذ وهما الأصم وابن علية.
وقد نص على كثرة مخالفتهما للعلماء الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال في فتح الباري 2/ 217: إبراهيم بن علية وأبي بكر الأصم ومخالفتهما للجمهور كثيرة. اهـ
ونعرف بهما فنقول:
أما الأصم فهو عبد الرحمن الأصم قال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 572: ابن كيسان الذي ذكره في أول كتاب الإجارة من الوسيط عنه أنه أبطل الإجارة، اسمه عبد الرحمن الأصم ذكره الرافعي وكنيته أبو بكر وقوله – أي الغزالي - في الوسيط: لا مبالاة بالقاشاني وابن كيسان معناه لا يعتد بهما في الإجماع، ولا يجرحه خلافهما، وهذا موافق لقول ابن الباقلاني وإمام الحرمين فإنهما قالا لا يعتد بالأصم في الإجماع والخلاف. اهـ
وقال الإمام بدر الدين الزركشي في البحر المحيط 7/ 303: وقال الأستاذ أبو منصور: ذهب قوم من أهل البدع إلى اعتبار المشابهة في الصورة، وهو قول الأصم، ولهذا زعم أن ترك الجلسة الأخيرة من الصلاة لا يضر، كالجلسة الأولى. ولا يعتد بخلافه.اهـ
وقال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء 9/ 402: الأصم شيخ المعتزلة أبو بكر الأصم كان ثمامة بن أشرس يتغالى فيه ويطنب في وصفه، وكان ديناً وقوراً صبوراً على الفقر منقبضاً عن الدولة، إلا أنه كان فيه ميل عن الإمام علي رضي الله عنه، مات سنة إحدى ومئتين. اهـ
وقال عنه إمام الحرمين الجويني في غياث الأمم: وهذا الرجل هَجُومٌ على شق العصا ومقابلة الحقوق بالعقوق لا يَهَابُ. اهـ أي: لا يهاب شق الإجماع.
وأما ابن علية فهو إبراهيم بن إسماعيل بن علية.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري 9/ 352: قال النووي شذ بعض أهل الظاهر فقال إذا طلق الحائض لم يقع الطلاق لأنه غير مأذون فيه فأشبه طلاق الأجنبية وحكاه الخطابي عن الخوارج والروافض، وقال بن عبد البر: لا يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال، يعني الآن، قال وروى مثله عن بعض التابعين وهو شذوذ، وحكاه بن العربي وغيره عن بن علية يعني إبراهيم بن إسماعيل بن علية، الذي قال الشافعي في حقه: إبراهيم ضالٌ جلس في باب الضوال، يُضلُّ الناس، وكان بمصر وله مسائل ينفرد بها وكان من فقهاء المعتزلة، وقد غلط فيه من ظن أن المنقول عنه المسائل الشاذة أبوه وحاشاه فإنه من كبار أهل السنة. اهـ
وقال الإمام البيهقي في الاعتقاد ص96: ذكر الشافعي إبراهيم بن إسماعيل بن علية فقال: أنا مخالف له في كل شيء، وفي قوله لا إله إلا الله، لست أقول كما يقول أنا أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى من وراء حجاب، وذاك يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاماً أسمعه موسى من وراء حجاب.اهـ
تنبيه: حيث ثبت الإجماع وجب قبوله ولو خالف نصا صحيحا فكيف لو وافق نصا ولو ضعيفا
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى في البحر المحيط 6/ 409: مسألة [إذا أجمعوا على خلاف الخبر] إذا ذكر واحد من المجمعين خبرا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يشهد بضد الحكم الذي انعقد عليه الإجماع، قال ابن برهان في الوجيز: يجب عليه ترك العمل بالحديث، والإصرار على الإجماع.
وقال قوم من الأصوليين: بل يجب عليه الرجوع إلى موجب الحديث.
وقال قوم: إن ذلك يستحيل، وهو الأصح من المذاهب. فإن الله تعالى عصم الأمة عن نسيان حديث في الحادثة، ولولا ذلك خرج الإجماع عن أن يكون قطعيا …والجمهور على الأول، لأنه يتطرق إلى الحديث احتمالات من النسخ والتخصيص ما لا يتطرق إلى الإجماع، بل لو قطعنا بالإجماع في صورة، ثم وجدنا على خلافه نصاً قاطعا من كتاب أو سنة متواترة، لكان الإجماع أولى، لأنه لا يقبل النسخ بخلاف النص، فإنه يقبله.
وفي مثل هذه الصورة يستدل بالإجماع على ناسخ بلغهم، أو موجب لتركه.
ولهذا قدم الشافعي الإجماع على النص لمَّا رتب الأدلة.
قلت: وقال في موضع آخر: الإجماع أكثر من الخبر المنفرد، وعلى هذا، فيجب على الراوي للخبر أن يترك العمل بمقتضى خبره، ويتمسك بالإجماع، وكذا قال الإمام في باب التراجيح من البرهان: إذا أجمعوا على خلاف الخبر تطرق الوهن إلى رواية الخبر، لأنه إن كان آحادا فذاك، وإن كان متواتراً فالتعلق بالإجماع لأنه معصوم، وأما الخبر فيتطرق إليه إمكان النسخ، فيحمل الإجماع على القطع لأنه لا ينعقد إلا على قطع، ويحمل الخبر على مقتضى النسخ استنادا وتبيانا، لا على طريق البناء. اهـ
الحكمة من كون دية المرأة على النصف دية الرجل
الواجب على المسلم التسليم والقبول لحكم الله عز وجل سواء عرف حكمته أو لم يعرفها، لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب:36).
وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء:65).
ولا بأس أن يبحث المؤمن عن الحكمة لأن معرفتها تزيده يقينا واطمئناناً، ولكن إذا لم يعرفها فليعلم أن الله تعالى يبتلي عباده بعدم معرفة ذلك ليختبرهم ويمحصهم هل يسلمون لحكمه ويذعنون له لمجرد أمره؟ أم لا يستسلمون إلا لِمَا أدركوا حكمته، وقد ذكر بعض العلماء الحكمة من جعل دية المرأة على النصف من دية الرجل، ومن أولئك الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين قال في إعلام الموقعين 2/ 168: وأما الدية فلما كانت المرأة أنقص من الرجل، والرجل أنفع منها، ويسد ما لا تسده المرأة من المناصب الدينية والولايات وحفظ الثغور والجهاد وعمارة الأرض وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العالم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين لم تكن قيمتهما مع ذلك متساوية وهي الدية، فإن دية الحر جارية مجرى قيمة العبد وغيره من الأموال، فاقتضت حكمة الشارع أن يجعل قيمتها على النصف من قيمته لتفاوت ما بينهما. ا. هـ والله أعلم.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.(/)
أريج النسرين في حكم الأكل باليمين
ـ[سيف بن علي العصري]ــــــــ[29 Nov 2006, 01:29 م]ـ
أريج النسرين في حكم الأكل باليمين
بقلم/ سيف بن علي العصري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً نستجلب به كل نعمة، وندفع به كل نقمة، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير .. أما بعد:
فهذا تحرير لأقوال أهل العلم في مسألة الأكل باليمين، مع بيان الدليل والتعليل والله أرجو أن يكون هذا الجزء نافعاً مفيداً، فأقول:
اتفقت المذاهب الأربعة المتبوعة على أن الأكل باليمين من الآداب وليس من الواجبات، وذهب ابن حزم في آخرين إلى وجوب الأكل باليمين استناداً لظاهر الأخبار.
حكاية أقوال المذاهب الأربعة:
مذهب الحنفية:
قال الإمام ابن نجيم الحنفي (1/ 30): المواظبة لا تفيد السنية إلا إذا كانت على سبيل العبادة، وأما إذا كانت على سبيل العادة فتفيد الاستحباب والندب لا السنية، كلبس الثوب والأكل باليمين. ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التيامن كانت من قبيل الثاني – أي العادة - فلا تفيد السنية، كذا في شرح الوقاية، وكذا قال في السراج الوهاج: إن البداءة باليمنى فضيلة على الأصح. اهـ
مذهب المالكية:
قال العلامة النفراوي في الفواكه الدواني: (و) الآداب المقارنة أن (تتناول) المأكول والمشروب (بيمينك) على جهة الندب لخبر: {إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله}.اهـ
والقول بندب الأكل باليمين هو المنصوص عليه عند المالكية في مختصر خليل، وشروحه، بل في عامة كتب المذهب.
المذهب الشافعي:
قال الإمام الشربيني في مغني المحتاج (4/ 412): ويكره نفض يده في القصعة والشرب من فم القربة، والأكل بالشمال والتنفس والنفخ في الإناء ... الخ.
وهذا هو المنصوص في كتب المذهب كأسنى المطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري وتحفة المحتاج للإمام ابن حجر الهيتمي وغيرهم.
مذهب الحنابلة:
قال الإمام ابن قدامة في المغني (7/ 222): تستحب التسمية عند الأكل، وأن يأكل بيمينه مما يليه، لما روى عمر بن أبي سلمة قال: {كنت يتيما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك}. متفق عليه. اهـ
وقال الإمام المرداوي في الإنصاف (8/ 327): وتستحب التسمية عليهما، والأكل باليمين. ويكره ترك التسمية والأكل بشماله إلا من ضرورة، على الصحيح من المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. وذكره النووي في الشرب إجماعا. وقيل: يجبان. اهـ
القائلون بوجوب الأكل باليمين، وحرمة الأكل بالشمال
ذهب إلى ذلك الظاهرية واختاره الإمام ابن العربي المالكي كما ذكر ذلك الحافظ في الفتح، واختاره أيضاً الإمام تقي الدين السبكي من الشافعية، حكى عنه ذلك ولده الإمام التاج السبكي، وكلام الإمام العراقي في شرح الترمذي يميل إليه.
واستدل من قال بالوجوب بما في الصحيحين من حديث عمر بن أبي سلمة وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكل بيمينك. والحديث متفق عليه.
وبما رواه مسلم وأحمد وغيرهما من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال.
وبما رواه مسلم وأحمد وغيرهما عن سلمة بن الأكوع أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال صلى الله عليه وسلم: كل بيمينك. قال: لا أستطيع. قال: لا استطعت. ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه.
وقالوا إن في الأحاديث ثلاث دلالات تفيد الوجوب:
الأولى: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين، والأمر يفيد الوجوب.
الثانية: أن الأكل بالشمال تشبه بالشيطان.
الثالثة: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه، إذْ لو كان الأكل باليمين سنة لما ناسب الدعاء عليه بسبب تركها.
ورد الجماهير من العلماء على ذلك بما يلي:
أما الأمر: فإن الأصوليين ذكروا من صوارف صيغة الأمر عن الوجوب إلى الندب، أن يكون الأمر واردًا في باب الأدب، كقوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة:237]، ومثَّل له العلماء أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بيمينك، وكل مما يليك). ولا شك أن الأكل باليمين داخل تحت الأدب.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 288): وأصل النهي أن تنظر إلى ما ورد منه وطرأ على ملكك أو على ما ليس في ملكك، فما كان منه وارداً على ملكك فهو يمين آداب وإرشاد واختيار، وما طرأ على غير ملكك فهو على التحريم، وعلى هذا ورد النهي في القرآن والسنة.
ثم قال: والاستنجاء باليمين دون الشمال والأكل بالشمال دون اليمين .. فهذا كله وما كان مثله نهي أدب وإرشاد لأنه طرأ على ما في ملك الإنسان، فمن واقع شيئًا من ذلك لم يحرم عليه فعله. اهـ
وأما التشبيه بالشيطان فلا يفيد الحرمة، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن المجلس بين الظل والشمس مجلس الشيطان. رواه أحمد.
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم في أمر القيلولة بقوله: قيلوا فإن الشيطان لا يقيل. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه بعض المحدثين بتعدد طرقه وإن ضعفه البعض الآخر.
وفي سنن ابن ماجه: وليعط بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله. قال المنذري: إسناده صحيح. وصححه المناوي.
ولا أعلم قائلاً بوجوب القيلولة، والجماهير من العلماء على عدم وجوب المناولة باليمين، إلى غير ذلك.
وأما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من أكل بالشمال، فقيل في الجواب عنه أجوبة من ذلك:
الجواب الأول: أ ن الرجل كان منافقاً، بدليل رده أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرًا واستعلاءً، فالدعاء عليه لنفاقه الباعث له على التكبر على حكم الشرع. جزم بذلك القاضي عياض.
ويتفق أهل العلم و النظر على أن من ترك سنة من سنن الشريعة تكبراً عليها، وازدراء لها أنه قد انحط إلى دركة بعيدة، ولا يكون حاله كحال من ترك سنة من السنن تكاسلاً وتفريطاً.
الجواب الثاني: أن الدعاء عليه لمخالفة الحكم الشرعي عمومًا، جزم بذلك الإمام النووي، ولا يلزم أن يكون الدعاء على ترك الواجبات أو فعل المحرمات.
الجواب الثالث: أن الدعاء عليه لكبره. قال المناوي في فيض القدير: ودعاؤه على الرجل إنما هو لِكِبْرِهِ الحامل له على ترك الامتثال. اهـ كما هو مبين في قول الراوي: (ما منعه إلا الكبر)، ولا يلزم على هذا الجواب أن يكون الرجل منافقاً، إذ الكبر كبيرة لا تخرج صاحبها من الإسلام.
تنبيه: نصُ الشافعي رضي الله عنه على إثمِ من ترك الأكل مما يليه محمولٌ على حالة يتأذى فيها الأكلة بذلك، كما نص على ذلك الإمام جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع.
والله من وراء القصد
حرر بتاريخ 12/ جمادي الأولى/ 1424هـ
12 - 07 - 2003
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[20 Dec 2006, 02:15 م]ـ
بورك لك وفيك وجزيت خيرا على هذه النقولات الماتعة!!
ـ[سيف بن علي العصري]ــــــــ[16 Jan 2007, 12:48 م]ـ
بارك الله فيك يا أخ محمود وجزاك الله خيراً(/)
دراسة مختصرة لحديث «من أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين يوما» وزيادة لفظة «فصدقه»
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[29 Nov 2006, 04:37 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم تسليما أما بعد:
فقد جاء في بعض روايات حديث (مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا)
لفظة "فصدقه " وهي في هذا الحديث لا تصح من جهتين:
من جهة الإسناد، و من جهة المتن،
أما من جهة الإسناد:
فلم يروها بهذا اللفظ ـ حسب اطلاعي ـ إلا الإمام أحمد في المسند 4/ 68، 5/ 380
و عبدالرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ـ عند ابن بطة في الإبانة ـ الإيمان 2/ 730 ـ
كلاهما عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .. وفيه (فصدقه بما يقول).
وعبدالرحمن هذا قال عنه ابن أبي حاتم: تكلموا فيه، وقال عن أبيه: شيخ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: حدث بأشياء لا يتابعه أحد عليها. وذكره ابن حبان في الثقات.
الجرح والتعديل5/ 283، سؤالات الحاكم ص128، والكامل4/ 319، والثقات 8/ 383.
وخالفهم:
1 - محمدُ بن المثنى ـ صحيح مسلم (2230) والبيهقي في السنن 8/ 138ـ
2 - وأبو بكر بن خلاد ـ حلية الأولياء 10/ 406 وتأريخ أصبهان 2/ 206 ـ
3 - و صدقة بن الفضل ـ التأريخ الأوسط للبخاري 2/ 45، ـ
4 - وعلي بن المديني ـ مسند الفاروق 1/ 198ـ[وإن كان لم يذكر المتن لكنه عطفه على متن ليس فيه اللفظة]
ولم يذكروا لفظة (فصدقه بما يقول).
ورواه صدقة أيضا ـ التأريخ الأوسط 2/ 45ـ
ويعقوب بن حميد ـ المعجم الكبير للطبرني 23/ 215:
عن عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر بمثله، وليس فيه لفظة (فصدقه بما يقول).
ورواه الدراوردي ـ التأريخ الأوسط 2/ 45 والطبراني في الأوسط 1402ـ
عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
وهذه الطريق لا تصح.
انظر: شرح العلل 2/ 811 والعلل لابن أبي حاتم 2/ 269.
ورواه الدراوردي ـ التأريخ الأوسط 2/ 45 والطبراني في الأوسط 9172 ـ أيضا:
عن أبي بكر بن نافع عن نافع عن صفية عن عمر.
وهذه الطريق أيضا لا تصح.
انظر: العلل لابن أبي حاتم 2/ 269، والطبراني في الأوسط 9172، ومسند الفاروق 1/ 198 وشرح العلل لابن رجب 2/ 811.
الخلاصة:
أن لفظة (فصدقه بما يقول) لم تأت إلا في رواية الإمام أحمد وعبدالرحمن الحارثي،
وخالفه فيها عن يحيى القطان أربعة:
صدقة بن الفضل، وأبو بكر بن خلاد، ومحمد بن المثنى، وعلي بن المديني، وهؤلاء كلهم ثقات.
وأيضا:
يعقوب بن حميد، وصدقة في روايتهما عن عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر به.
وبهذا يظهر ـ والله أعلم ـ أن زيادة (فصدقه) في هذا الحديث شاذة لا تصح، والله أعلم.
و هل هذا الاختلاف من يحيى أو أن الوهم ممن دونه؟ العلم عند الله.
أما من جهة المتن:
فقد جاءت عدة أحاديث، وروايات عن عدد (1) من الصحابة تُبين أن من أتى عرافا .. فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ورواية أحمد وابن بطة فيها: أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما فقط.
ثم مع مخالفتها أيضا لما في الأحاديث الأخرى هي مخالفة لظاهر القرآن، وهو أن المصدق للكهنة كافر بالله؛ لأنه مكذب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
-----------------
(1) أبو هريرة وابن مسعود وأنس وواثلة وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله وابن عمر ..
انظرها في: مجمع الزوائد 5/ 118، والفتح 10/ 217، وقد تكلم على بعضها.
ـ[نياف]ــــــــ[15 Dec 2006, 06:32 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
ـ[الجعفري]ــــــــ[16 Dec 2006, 06:37 ص]ـ
جزاك الله خيراً , لقد أوضحت لي إشكال وقع لي عند هذه اللفظة وقد أوردها الشيخ محمد في كتاب التوحيد.
وفقك الله للخير
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[16 Dec 2006, 05:17 م]ـ
جزاك الله خيراً ,
ووفقك لخدمة كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[19 Dec 2006, 08:40 م]ـ
إخواني الكرام:
بارك الله فيكم ونفع بكم.
ـ[محمدغراب]ــــــــ[23 Dec 2006, 04:27 ص]ـ
ولكن الم يفرق احد من اهل العلم عن نوع هذا الكفر اكبر ام اصغر؟(/)
مفاجأة سارة!!!
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[01 Dec 2006, 12:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلنا يعرف موسوعة صخر للكتب الحديثية التسعة .. الإصدار الأول ثم الثاني ..
وكلنا يعلم أن أحد الأخوة قام بدمج تعليقات الألبانى وتخريجاته على حوالي 18000 حديث منها .. وموجود الملف على الشبكة ..
ما رأيك فى الاستغناء عن الاسطوانة الآن وملف التعليقات .. وصعوبة التنزيل والتعديل وإدماج ملف التعليقات الذي يحتوى على كلام العلامة الألبانى رحمه الله!!!!!
قام أحد الأخوة بعمل ذلك ... هناك ملف حجمه حوالي 40 ميجا بايت يتم تنزيله وتشغيله فيقوم بإنزال البرنامج كاملاً مدمج معه تعليقات الألباني كل ذلك بطريقة آلية بدون جهد منك أو تدخل .... ثم يعمل البرنامج والتعليقات من الجهاز بدون الحاجة للاسطوانة ...
ما رأيكم؟؟
سيتم إنزال الملف قريباً وسيوضع الرابط هنا ....
نسألكم الدعاء ...
ـ[دمعة الأقصى]ــــــــ[01 Dec 2006, 03:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وياليت تخبرنا بعد تنزيل الملف وشاكرين لكم
ـ[نورة]ــــــــ[01 Dec 2006, 06:13 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ونفع بكم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Dec 2006, 07:36 م]ـ
أخي الكريم:ألا يمكن ضغط الملف فحجمه كبير.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[04 Dec 2006, 01:39 ص]ـ
الأخ أحمد البريدي
للأسف لا يمكن الضغط أكثر .... فحجم الاسطوانة الاصلية 550 ميجا
وحجم الملف الحالي 60
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[04 Dec 2006, 01:39 ص]ـ
حمل من الرابط
هنا ( http://www.m5zn.com/download3.php?filename=7339d2d9f6.zip)
أو هنا ( http://www.aldahereyah.net/book/sakhr.zip)
مع ملاحظة الآتي:
1 - حجم الملف 60 ميجا لإدخال تعديلات هامة
2 - بعد تحميل الملف فك الضغط عنه وحمل الملف المسمى 1 أولا ووافق على كل شاشاته بدون تعديل وفى النهاية يطلب اعادة تحميل ويندوز
3 - بعد تحميل الملف 1 قم بتحميل الملف 2 مثل الأول
3 - قم بتشغيل البرنامج وستجد تعليقات الشيخ الألباني فى شاشة عرض الحديث مع رمز تعليقات المستخدم
دمتم بخير ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Dec 2006, 09:21 ص]ـ
جزى الله أهل العلم عموما خيرا وأهل الحديث والدالين عليه خير الجزاء على ما أفاد ودلوا على الخير.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[08 Dec 2006, 12:30 ص]ـ
يرجى من الأخوة أصحاب العضوية فى مكتبة مشكاة وملتقى أهل الحديث رفع البرنامج هناك حيث يكثر رواد الموقعين من طلبة علم الحديث
ويكفي وضع رابط لهذا الموضوع هناك.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[08 Dec 2006, 11:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أبو محمد الظاهري ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فهذه ا لأعمال العلمية الراشدة، و المستويات التقنية العالية، مما تقر به العين، ويسعد به القلب، ويعطي الأمل الكبير في هذه الأمة التي أرادها الله تعالى أن تكون أمة قائدة بالعلم والإيمان.
جزاكم الله خيرا، وكثر من أمثالكم.
وتفضلوا بقبول خالص تقديري واحترامي.
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[08 Dec 2006, 02:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أبو محمد الظاهري ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فهذه ا لأعمال العلمية الراشدة، و المستويات التقنية العالية، مما تقر به العين، ويسعد به القلب، ويعطي الأمل الكبير في هذه الأمة التي أرادها الله تعالى أن تكون أمة قائدة بالعلم والإيمان.
جزاكم الله خيرا، وكثر من أمثالكم.
وتفضلوا بقبول خالص تقديري واحترامي.
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
جزاكم الله خيراً شيخنا الدكتور أحمد الضاوي ... على مروركم وتشجيعكم ...
أخوك أبو محمد المصري
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[08 Dec 2006, 04:44 م]ـ
رابط جديد للتحميل
http://uploadingit.com//files/6031/sakhr.zip
ـ[المنهوم]ــــــــ[08 Dec 2006, 05:06 م]ـ
مبروك لهذا المنتدأ
امثال هاؤلاء
كتب الله اجركم
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[26 Dec 2006, 12:21 ص]ـ
أخي المنهوم
جزاكم الله خيرا على حسن ثنائكم الذي لا أستحقه.
ـ[معروفي]ــــــــ[26 Dec 2006, 06:26 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء و أتمه، و جعلكم مفتاحاً لكل خير، و البشرى لمن دل على الخير.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[08 Apr 2007, 12:41 ص]ـ
من واجهته مشكلة بعد تحميل البرنامج فليراجع الرابط ... سيجد الحل ان شاء الله
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=247
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[08 Apr 2007, 06:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أبو محمد الظاهري ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فهذه ا لأعمال العلمية الراشدة، و المستويات التقنية العالية، مما تقر به العين،
ويسعد به القلب، ويعطي الأمل الكبير في هذه الأمة التي أرادها الله تعالى
أن تكون أمة قائدة بالعلم والإيمان.
جزاكم الله خيرا، وكثر من أمثالكم.
وتفضلوا بقبول خالص تقديري واحترامي.
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
جزاكم الله خير الجزاء و أتمّه، و جعلكم مفتاحاً لكل خير،
و البشرى لمن دلّ على الخير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[11 Apr 2007, 07:44 م]ـ
وجزاكم مثله سيدي الدكتور مروان الظفيري(/)
سؤال لأهل السعودية و الخليج و الشمال الأفريقي عن ختان البنات عندهم؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Dec 2006, 11:53 م]ـ
يؤيد بعض العلماء قولهم بعدم وجود أدلة شرعية صحيحة في ختان الإناث بعدم وجوده - أي ختان الإناث - في كثير من البلاد الإسلامية؛ و من ذلك ما قاله الشيخ القرضاوي في مؤتمر " نحو حظر انتهاك جسد المرأة "، الذي انعقد بالقاهرة أخيرا بدعوة من جمعية ألمانية قيل إتها يهودية - قال: ((فإن كثيرا من أقطار العروبة و الإسلام لم تثر فيها هذه القضية على الإطلاق لأن نساءها توارثن من قرون عدم الختان)). ما عدا مصر كما قال.
فهل هذا صحيح: أنهن لا يختتن من قرون؟
- و قال غيره في فتاوى أخرى: أن أهل السعودية و دول الخليج و الشمال الأفريقي لا تختتن نساؤهم؟
* و سؤالي هو عن صحة قولهم هذا من حيث وقوعه بصرف النظر عن صحة الاحتجاج به لما ذهبوا إليه.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[03 Dec 2006, 12:42 ص]ـ
مثل هذا السؤال ليس هذا مكان طرحه ولا من المناسب طرحه (في نظري) والله أعلم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[04 Dec 2006, 01:57 م]ـ
أحسنت يا أبا حذيفة فهذا ملتقى للعلم وطلابه لا ينبغي أن يكون محل استبينات عن أمور تافهة كهذه - مع احترامي لصاحب الموضوع- حفظه الله ..
ـ[القحطاني]ــــــــ[05 Dec 2006, 07:28 ص]ـ
في نظري ألا حرج في سؤال الدكتور أبي بكر خليل
واستفساره عن هذا الأمر في هذا الملتقى خيرٌ من طرحه في منتديات يقل فيها طلاب العلم
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Dec 2006, 09:34 ص]ـ
[تمنيت على الدكتور المحترم الذي طرح هذا السؤال أن يقلِّب بعض الأوراق الفقهيه والحديثية ليتحقق من حكم الختان في
الشريعة الإسلامية و هذا يكفى بدلا من فهم البعض للسؤال بهذه الطريقة على أن ذلك من ضروب كشف المستور الذي
يلمز صاحبه، وعادات الناس ليست دليلا شرعيا حتى نستبين العادات لندلل بها على حكم شرعي، وأهمس في أذن
الفاضل الذي الذي وصف السائل بما لايليق بأن هذا ليس من مكارم الأخلاق بل من المفرقات للجماعة فتدبر وتأمل،
وأرجو المعذرة.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[05 Dec 2006, 10:13 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي المحترم د. خضر
و صاحبكم لا يخفى عليه أقوال المذاهب الفقهية - و غيرها - في حكم ختان الإناث، و أعدّ بحثا يتناول ما أثاره بعض المعاصرين من القول بعدم مشروعيته - بزعم عدم ورود نصوص صحيحة صريحة فيه - و كذا قولهم بجواز منعه عموما و سنّ قوانين تلزم بذلك.
و لذا طرحت سؤالي لأستوثق - بقدر ما - من دعوى عدم وجود ذلك الختان فيما ذكروه من بلدان - و أوافقكم في أن هذا ليس حجة شرعية - ليكون الرد شاملا لكل ما احتجوا به و استأنسوا.
...
و قد عجبت مما صدر هنا من البعض مما لا يليق بطلبة العلم من عدم التحلي بآداب أهل العلم و التخلي عنها في ردودهم
و إنا لله و إنا إليه راجعون
ـ[أبو المهند]ــــــــ[06 Dec 2006, 12:56 م]ـ
حفظك الله يا سعادة الدكتور، وأحب أن أشير إلى أن هذا الموضوع قد خدم في عهد شيخ الأزهر السابق الشيخ جاد
الحق على جاد الحق، وكتب هو ـ رحمه الله ـ كتابا في الختان شفعه بمجلة الأزهر في أواخر عهده رحمه الله، كما إن
الزميل الدكتور كمال الجمل الأستاذ المشارك بكلية أصول الدين بالمنصورة جامعة الزهر كتب فيه بحثا مطولا وقد تم
نشره بالمجلة العلمية للكلية المذكوة من حوالى ثلاث سنوات والله أسأل أن يوفقني وإياكم لخدمة العلم ونشره، ودمتم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Dec 2006, 11:32 ص]ـ
أشكركم على الاهتمام بالرد و الإفادة بذكر بعض ما كتب في المسألة، و قد قرأت ما تيسر لي و توفر منها، و لكن بحث الدكتور كمال الجمل لم أطّلع عليه، و أكون شاكرا لكم لو تفضلتم بوضعه هنا أو إرساله إليّ برسالة خاصة عن طريق ملتقانا هذا.
- و مقصودي الأصلي من كتابة بحثي: الرد و الدحض لأقوال بعض المعاصرين ممن ادعى عدم مشروعية ختان الإناث، و كذا من ادعى جواز حظره شرعا و عموما؛ بقوة القانون و سلطة وليّ الأمر؛ و من هذا و ذاك:
1 - ما كتبه الشيخ شلتوت - شيخ الأزهر الأسبق - في ختان البنات، المذكور في كتابه " الفتاوى ".
2 - ما كتبه الشيخ طنطاوي - شيخ الأزهر الحالي - في ختان البنات في مجلة " الأزهر "، و كذا مقاله: (الإجهاض و الخفاض) في صحيفة " الأهرام ".
3 - البحث الذي كتبه الشيخ يوسف القرضاوي أخيرا و قدمّه إلى المؤتمر العالمي للعلماء الذي انعقد بالقاهرة منذ أيام تحت شعار (نحو حظر انتهاك جسد المرأة). [!]
4 - ما جاء في كتاب " الحكم الشرعي في ختان الذكور و الإناث "، للدكتور محمد لطفي الصباغ - و الذي اهتمت بطبعه و نشره " منظمة الصحة العالمية "؛ تأييدا لحملتها الدولية لمحاربة ختان الإناث.
5 - ما جاء في كتاب " غاية البيان في قضية الختان "، للدكتورة سعاد الشرباصي حسنين، وكيلة كلية الدراسات الإسلامية للبنات بالزقازيق بمصر.
6 - ما جاء في كتاب " ختان الإناث في منظور الإسلام "، للدكتور محمد سليم العوّا، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين.
... و هذا كله مخالف لأقوال أئمة الفقه أصحاب المذاهب الأربعة - و غيرهم - ممن تلقت الأمة مذاهبهم بالقبول و العمل طوال العصور و في مختلف بلاد الإسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Dec 2006, 09:55 ص]ـ
حياكم الله سعادة الدكتور
وأحب أن أضيف أن بحث الأخ د الجمل ليس اكترونيا هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ليس لدي الآن، وعلى كل فقد انتصر الزميل لرأي من أجاز الختان وأيد ذلك بالسنة وخاصة أنه كشف عن طرق كثيرة تقوي الأحاديث التي ذهب البعض إلى تضعيفها في هذا الباب، وفي مصادرك الكفاية لمن أراد الحق واتباعه، وأضيف إن الدكتور القرضاوي أطال الله عمره وأحسن عمله قد أرسل كلمة للمؤتمر الألماني بمصر ـ كما علمت من البعض ـ وحرفت بالصحف والإعلام، وكفانا قول من قال: لو اجتمع أهل محلة على ترك الختان أو الخفاض لحاربهم الإمام أو كما جاء بكتاب شيخ الأزهر السابق، ولنا أن نوجه سؤالا لكل من انتصر لمحاربة خفاض الأنثى مؤداه: هل أنتم تعانون من الفشل مع أزواجكم؟ هل أنتم ولدتم من غير مخفوضات، ألم تتابع الأجيال في حظوة وسعادة مع وجود الخفاض، هل الأمم المتحدة ومؤتمراتها هي المحركة لأهل الفقه في زماننا؟!! وعلى كل فالمسألة ترجع لكل حالة على حدة، ويتكلم في هذا أهل الحذق من الأطباء الموحدين المسلمين، فهم الأمناء على هذا الدين وهم الذين يشكلون مع العلماء الفقهاء صمام الأمان لوحة هذه الأمة، وللخروج من الجزء السفلي إلى رحابة القضايا الهامة التي تعصف بحاضرنا وقد تمحو ـ لاقدر الله ـ مستقبلنا والله غالب على أمره.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[10 Dec 2006, 10:35 ص]ـ
الأمر المحزن - يا أخي الفاضل الدكتور خضر - أنهم يقصرون و يخصّون ما قيل في عموم الختان بالرجال دون النساء بغير دليل صحيح، و يطرحون مقررات أئمة علوم الحديث و كذا أقوال أئمة الأمة من أصحاب مذاهب الفقه، بل و يعتلّون بالمتناقضات من الأدلة!
فبالأمس: ختان الإناث مباح و ليس واجبا و لا مستحبا،
و اليوم: يجوز منع ختان الإناث و حظره؛ بدعوى جواز تقييد المباح أو منعه للضرر!،
و غدا: ختان الذكور ليس واجبا و لا مستحبا، و إنما هو مباح فقط؛ لذات التعللات،
ثم بعد غد: يجوز منع ختان الذكور و حظره كذلك!
و لا حول و لا قوة إلا بالله
- و تلك أقوالهم:
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=4609&version=1&template_id=226&parent_id=17
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Dec 2006, 12:38 م]ـ
أحسن الله إلينا وإليكم يا دكتور خليل ونفع بكم وقد تبين لى ما كنت أرجوه من خلال ما أشرتم به من الموقع المبين عاليه وقد حفظته لدي للرجوع إلى ما قاله فضيلة الدكتور ومن موقعه وشكرا لكم مع الدعاء لكم بالتوفيق والسداد.
ـ[سامي السلفي]ــــــــ[14 Dec 2006, 08:32 ص]ـ
فائدة سؤال السائل في معرفة فقه دعوة المخاطب وكيف يُبدأ معه في هذا الموضوع
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[14 Dec 2006, 11:00 م]ـ
و هو ما حرصت عليه في تقدمتي لسؤالي.
و إذا كان الختان من السنّة (سنن المرسلين)،
و كان ختان الرجال و النساء من السنة؛ كما قال إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله؛
فينبغي على كل واحد منا العمل على اتباع تلك السنة في أبنائه بنين و بنات، و يعمل على إحياء تلك السنة في البنات بالأخص؛ حيث كادت تندثر و تموت
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من رغب عن سنتي فليس مني ".(/)
موت العالم موت العالم
ـ[مهتاب]ــــــــ[02 Dec 2006, 12:45 ص]ـ
توفي اليوم علم من أعلام الأمة الإسلامية صاحب الرحيق المختوم الشيخ صفي الرحمن المباركفوري الساعة الثانية ظهرا بالتوقيت الهندي بالجلطة الدماغية، سييصلى عليه غداً بإذن الله بعد صلاة الظهر الساعة الثالثة حسب التوقيت المحلي للهند، أي الساعة 12:30 حسب توقيت السعودية، له مؤلفات قيمة في التفسير والحديث والفرق كان مدرساً في الجامعة السلفية ببنارس الهند ومن هنا شارك في مسابقة السيرة النبوية المنعقدة في باكستان من قبل الرابطة، ففاز بحثه بالدرجة الأولى الذي كان بعنوان الرحيق المختوم، يمتاز هذا البحث -إضافة إلى مزاياه العلمية - بأسلوب أدبي رشيق، ثم قام الشيخ بترجمته إلى الأردية، وبعد ذلك طلبه الجامعة الإسلامية للعمل في مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، وقبيل سنوات انتقل إلى الرياض بدعوة من صاحب مكتبة دار السلام للإشراف على الكتب الحديثيية التي تصدرها الدار. سافر إلى الهند قبل أشهرللعلاج، ومكث هناك حتى وافاه الأجل اليوم يوم الجمعة 10/ 11/1427هـ. وكان السبب المباشر الجلطة الدماغية، وترك الشيخ خلفه ثمانية أولاد أربعة منهم ذكور وأربعة إناث، ابنه طارق طالب في الجامعة الإسلامية في مرحلة الماجستير في كلية الشريعة قسم أصول الفقه، والأخ الثاني الأكبر فيض الرحمن مؤظف في جدة والإخوان الآخران تخرجا في الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية والآن يقومان بمهمة الدعوة في الهند.
وإليكم أرقام الهواتف والإيميلات الخاصة لقبول التعزيات
ابنه عامر في الهند
00919925468902
00919236413023
ابنه طارق في السعودية
00966507729279
00966565756790
tariq_safi@yahoo.com
alqoofi123@aol.com
alqoofi123@yahoo.com
وتقبلوا تحياتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
القوفي
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[02 Dec 2006, 09:27 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
رحمه الله، وغفر له، ورفع درجته في المهديين.
وصلتني رسالة جوال صباحَ هذا اليوم والرقم الذي فيها لابنه عامر:
00919935468902 وليس (2) وهاتفته ورد عليّ.
جزاكم الله خيرًا أخي الكريم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[02 Dec 2006, 11:47 ص]ـ
لله ما أخذ وله ما أعطى , وكل شيء عنده بأجل مسمى.
رحمه الله، وغفر له، ورفع درجته في المهديين.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 Dec 2006, 11:50 ص]ـ
الحمد لله، وبعد.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحمه الله رحمة واسعة، وبرَّد مضجعه، وعفا عنه واكرمه بما يكرم عباده المتقين.
وأحسن الله خاتمتنا على خير وتقوى وسلامة دين.
ـ[مهتاب]ــــــــ[02 Dec 2006, 02:05 م]ـ
فضيلة الشيخ الشبل
جزاكم الله خيرا على تعليقكم الجميل، الرقم الذي ذكرتموه أنا ما كتبته مكتفياً بما هو موجود، والأرقام الموجودة كلها صحيحة، جزاكم الله خيراً على التعليق
مهتاب
ـ[مهتاب]ــــــــ[02 Dec 2006, 02:07 م]ـ
الأرقام كلها أخذتها من الأخ طارق صفي الرحمن المباركفوري، فإن كان هناك خطأ فالمرجو المسامحة. وشكراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Dec 2006, 02:51 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون.
تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وأخلف الأمة من يقوم مقامه في العلم والدعوة والتصنيف، وقد نفع الله بكتابه الرحيق المختوم فجزاه الله خيراً على هذا العلم النافع الذي نرجو أن يجد ثوابه مضاعفاً عند الله، والله ذو الفضل العظيم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[13 Dec 2006, 10:55 ص]ـ
رحم الله الشيخ العالم ونفع بآثاره أهل الأرض جميعا
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[25 Dec 2006, 04:17 ص]ـ
رحمه الله، وغفر له، ورفع درجته في المهديين.(/)
محاضرات رائعة جدا عن الحج بمشاركة العلماء (ابن عقيل-البراك-المفتي-الخضير-المغامسي .... )
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[02 Dec 2006, 01:31 م]ـ
سلسلة المحاضرات العاشرة (زاد الحج) والتي ستقام في جامع الأميرة نوره بنت عبدالله بن عبدالعزيز بحي النخيل بشمال الرياض في المدة من 18/ 11 إلى 29/ 11/1427هـ والتي سيشارك فيها جمعٌ من المشايخ الأجلاء وهي كما يلي/
(1)
مجلس حديثي
مع سماحة الشيخ العلامة
عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل
في قراءة لكتاب (الأربعون في فضائل الحج مما رواه شيخ الحنابلة عبدالله بن عقيل بأسانيده عن شُيُوخه)
السبت 18/ 11 بعد المغرب
*سيُجاز جميع الحضور بهذا الكتاب
(2)
(التشويق لحج البيت العتيق)
فضيلة الشيخ
صالح بن عواد المغامسي
الأربعاء 22/ 11 بعد المغرب
(3)
(شرح كتاب الحج من بلوغ المرام)
فضيلة الشيخ
خليل بن سليمان المديفر
الخميس 23/ 11 بعد الفجر والعصر
(4)
(تفسير آيات الحج)
فضيلة الشيخ
عبدالكريم بن عبدالله الخضير
الخميس 23/ 11 بعد المغرب
(5)
(فتاوى الحج)
سماحة الشيخ
عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
السبت 25/ 11 بعد العشاء
(6)
(القواعد الفقهية في الحج 2)
فضيلة الشيخ
عبدالمحسن بن عبدالله الزامل
الأحد 26/ 11 بعد المغرب
(7)
(معالم التوحيد في الحج)
فضيلة الشيخ العلامة
عبدالرحمن بن ناصر البراك
الأربعاء 29/ 11 بعد المغرب
*وللأخوات مكان.
*سيوزع كتاب (الأربعون في فضائل الحج) مجانا.
*تنقل المحاضرات على موقع البث الإسلامي.
*موقع الجامع/الرياض-حي النخيل- شمال مستشفى دله
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[03 Dec 2006, 12:45 ص]ـ
نفع الله بعلمهم ولا حرمهم الأجر والثواب
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[06 Dec 2006, 05:09 م]ـ
آمين، وجزاك الله خيرا.
ـ[خادمة القرآن]ــــــــ[14 Dec 2006, 10:15 م]ـ
هناك أيضاً محاضرات إضافية لفضيلة الشيخ عبد العزيز الطريفي بعنوان (أحاديث الحج المعلَّة) في يومي الاثنين والثلاثاء 27/ و 28/ 11. بعد صلاة العشاء في نفس الجامع.
رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح.
ـ[خالد البكري]ــــــــ[21 Dec 2006, 06:20 م]ـ
بارك الله فيك أبو عبدالله ونفع الله بعلمك ووفقك في الدارين
لكن هل يوجد رابط لهذه المحاضرات بارك الله فيك؟(/)
معروف الرصافي هل هو من الملحدين
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[05 Dec 2006, 10:07 ص]ـ
صدر عن دار الجمل في المانيا كتاب بعنوان الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس وهو منسوب الى الشاعر معروف الرصافي
وفي هذا الكتاب اتى فيه صاحبه بالعجائب والغرائب التي لا يتصور صدورها عن مسلم
فهل صحت نسبة الكتاب لهذا الرجل وهل عرض له احد في احد الملتقيات وهل كتب احد في رد ما فيه من البلايا في بحث او رسالة
ارجو الافادة
ـ[أبو العالية]ــــــــ[05 Dec 2006, 02:37 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
هنا تقرير عنه ( http://www.aljeeran.net/wesima_articles/studies-20060708-47680.html)
وفي محرك البحث قوقل المزيد.
ودمتم على الخير أعواناً
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[05 Dec 2006, 04:28 م]ـ
وهذا رابط آخر:
http://www.alitijahalakhar.com/archive/147/culture147.htm
اتجاهات ثقافية
كتاب الشخصية المحمدية للشاعر العراقي معروف الرصافي ...
وقفة منهجية في قضية تحقيق النصوص ونشرها
د. وليد محمود خالص(/)
معرض الشارقة الدولي للكتاب
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Dec 2006, 04:49 م]ـ
معرض الكتاب في الشارقة على أرض المعارض في مركز (اكسبو)
يوم الإثنين (13 ـ 23 ذو القعدة 1427) الموافق (5 ـ 15 ديسمبر 2006)
النظام العام
تنظم دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة منذ يناير عام 1982 معرض الشارقة الدولي للكتاب في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويهدف المعرض ضمن تدابير متعددة ومتكاملة إلى توفير الكتاب للجميع بقصد بناء مجتمع قارئ·
يشتمل المعرض على اجنحة للكتب العربية واجنحة للكتب الأجنبية وقسم لكتب الاطفال وقسم للكتب الإلكترونية، ويتم تصنيف الكتب وفق نظام ديوي·
مواعيد المعرض:
الفترة الصباحية: (9:00 - 13:00)
الفترة المسائية: (16:30 - 22:00)
الجمعة (16:30 - 22:30)
السيدات: الأحد 10 والأربعاء 13 ديسمبر (16:30 - 19:00)
مدارس البنين: الاثنين - الأربعاء - الفترات الصباحية (9:00 - 13:00)
مدارس البنات: الأحد - الثلاثاء - الفترات الصباحية (9:00 - 13:00)
الجمهور العام: يومياً (16:30 - 22:30)
السبت: (9:00 - 13:00) و (16:30 - 22:00)
الأنشطة الثقافية المصاحبة: يومياً (17:00 - 19:00)
المشتركون:
ـ دور النشر أو وكلاؤها المعتمدون·
ـ المؤسسات الثقافية ومراكز البحوث والجمعيات والجامعات·
ـ مراكز إنتاج الكتاب الإلكتروني·
ـ مؤسسات إنتاج الوسائل التعليمية والتربوية والخرائط·
دليل المعرض الإعلامي:
يحتوي على معلومات وإحصاءات المعرض منذ تأسيسه مع وقفات مع أنشطته المصاحبة·
فهارس المعرض:
تحتوي فهارس المعرض (باللغة العربية وباللغة الانجليزية) على معلومات عن تصنيف الكتب الجديدة والمنتجات السمعبصرية وكتب الأطفال وإعدادها وأنواعها وبلدانها ومؤلفيها وتواريخ إصدارها وأسعارها، كما توفر اللجنة المنظمة اسطوانة مدمجة ( CD ) بالكتب المشاركة بالمعرض·
العنوان:
اللجنة العليا المنظمة، معرض الشارقة الدولي للكتاب، دائرة الثقافة والاعلام
ص. ب: 5119 الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة
برقياً: ثقافة، الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة
هاتف: 5673139، 5671116 (009716)
براق: 5660535، 5662126 (009716)
بريد إلكتروني: shjbookfair@sdci.gov.ae
المرجع: http://www.swbf.gov.ae/
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[05 Dec 2006, 04:59 م]ـ
شكر الله لك
وسؤالي:
هل هذا المعرض (عادة) أكبر من معرض الرياض؟
لأن المسالة فيها سفر وتكاليف لمن هم خارج الشارقة
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 Dec 2006, 05:20 م]ـ
معرض الرياض أهم منه .... ويغني عنهما معرض القاهرة .........
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[06 Dec 2006, 05:54 م]ـ
لا أنصح أي أخ بأن يسافر لمعرض الشارقة ...
ـ[الجكني]ــــــــ[06 Dec 2006, 06:04 م]ـ
لماذا يا ترى؟؟؟
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[06 Dec 2006, 06:20 م]ـ
يا أخوتي وأحبابي
معارض الكتاب دوليّة دوريّة
وكلها تشبه بعضها، وكلما رأيت معرضا، أعجبت به
أجد الآخر يشبهه، ولا يختلف عنه
(حذوك القذّة للقذّة)
وكلما انتهى معرض، انتقل العارضون إلى معارض أخرى
وقد رأيتهم ينتقلون من معرض دوليّ، إلى معرض دوليّ آخر
تغيّر المكان ليس غير
وأحيانا تلعب سياسة الدولة بمنع كتب لاتتبع سياستها
ولا توافق هواها!!!
وعندنا مثل ديرزوريّ، يقول:
(كلاب حلب؛ بس مصبّغة)
ولذلك أنا لاأنصح بالذهاب إلى أيّ معرض،
إذا كان في بلدك معرض للكتاب دوليّ
ـ[السلامي]ــــــــ[07 Dec 2006, 01:04 م]ـ
معرض الشارقة للكتاب يعتبر أفضل معرض في الوطن العربي بعد معرض القاهرة ...................
ـ[البيهقي]ــــــــ[09 Dec 2006, 08:26 م]ـ
متى سيقام معرض القاهرة؟
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[09 Dec 2006, 09:55 م]ـ
أصبح حضور معارض الكتاب في هذا العصر قليل الفائدة، وأما إذا احتاج الإنسان إلى سفر وتكاليف فلا ينصح بذلك إلى في حدود ضيقة كمن يريد تأسيس مكتبة جديدة أو البحث عن كتب نادرة ونحو ذلك.
ومما يزهد الإنسان في المعارض في هذا الزمن سهولة انتشار الكتب الجديدة وشحنها ومعرفة مضامينها بوسائل مختلفة، وأما الأسعار فلا تكاد تختلف عن أسعار السوق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Dec 2006, 08:59 م]ـ
سألتُ الدكتور العزيز فهد الرومي حفظه الله ورعاه وهو من أخبر الناس بهذا المعرض وغيره عن المعرض فأثنى عليه، ولعله يتكرم بالتعقيب على هذا الموضوع ويفيدنا بما اصطحبه في رحلة العودة من نفائس الكتب والنوادر. وفقه الله وأحسن إليه وزاده من فضله.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[12 Dec 2006, 04:05 م]ـ
الشيء الوحيد الذي يستحق الزيارة مكتبة دار الغرب الإسلامي لوجود الخصومات , ومكتبات السعودية يستطيع أهل السعودية زيارتها وهم هناك
والذي شوه المعرض دور النشر الرافضية التجارية التي ملأت رفوفوها بالتطبيل لحسن نصر الشيطان
ودور النشر الصوفية
والحمد لله على كل حال(/)
سؤال مهم اتمنى الاجابة عليه
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[06 Dec 2006, 12:56 م]ـ
السلام عليكم
كيف أحوالكم اخواني ..
تبادر في ذهني سؤال أتمنى الاجابة عليه
هل تم الكذب على الرسول في حياته (ص)؟ أي بوضع أحاديث مكذوبة عليه (ص) ..
واذا حدث الكذب عليه في حياته (ص) هل اجد الاحاديث باسنادها ..
وجزاكم الله خيرا احبتي في الله ..
أرق التحايا
أم عبدالله & فداء(/)
تخريج أحاديث الدجال وأن المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة لا يدخلهما الدجال ولا الطاعون
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[07 Dec 2006, 06:23 م]ـ
تخريج أحاديث الدجال وأن المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة لا يدخلهما الدجال ولا الطاعون(/)
حمل كتبًا تساعدك في فهم فن التحقيق ...
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[08 Dec 2006, 12:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حمل كتب تساعدك في فهم فن التحقيق ...
الكتاب الأول:
تحقيق النصوص و نشرها ... نسخة مصورة pdf
تأليف عبد السلام هارون
الناشر مكتبه الخانجى
رقم الطبعة 7
تاريخ الطبعة 1998
حمل من الرابط http://www.aldahereyah.net/books/ope...at=29&book=257
الكتاب الثاني:
عنوان الكتاب: تحقيق التراث العربى منهجه و تطوره ... نسخة مصورة pdf
تأليف: عبد المجيد دياب
الناشر: دار المعارف
رقم الطبعة: 2
تاريخ الطبعة: 1993
حمل من الرابط
http://www.aldahereyah.net/books/ope...at=29&book=258
ـ[نورة]ــــــــ[08 Dec 2006, 12:54 م]ـ
أثابك الله خيراً
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[10 Dec 2006, 09:29 م]ـ
ولكم مثله فضيلة الأستاذة
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[11 Dec 2006, 06:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[البتول]ــــــــ[11 Dec 2006, 10:22 ص]ـ
موقع جديد للكتب بصيغة pdf
وهو http://www.almaknaz.com/index.php
فيه كتب منوعة من بينها كتب منهجية البحث العلمي.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[11 Dec 2006, 07:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[معروفي]ــــــــ[23 Jan 2007, 06:55 ص]ـ
أشكر الأخت البتول على إحالتها النافعة لموقع تحميل الكتب.(/)
فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله على ((القواعد المثلى))
ـ[زيد العنزي]ــــــــ[10 Dec 2006, 04:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي في الله
تجدون على هذا الرابط فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله على كتاب القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
علما أن الفوائد تضاف بشكل أسبوعي تقريبا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=80882
ـ[نياف]ــــــــ[15 Dec 2006, 06:30 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا(/)
وجوب العمل بالحديث الثابت وإن لم يعمل به أحد
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[11 Dec 2006, 11:19 م]ـ
قال الشيخ الألبانى فى القاعدة الرابعة عشرة من مقدمة تمام المنة
القاعدة الرابعة عشرة وجوب العمل بالحديث الصحيح وإن لم يعمل به أحد
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في " رسالته " الشهيرة: " إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قضى في الإبهام بخمس عشرة، فلما وجد كتاب آل عمرو بن حزم وفيه أن رسول الله (ص) قال: " وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل " صاروا إليه، قال: ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم - والله أعلم - حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله (ص). وفى هذا الحديث دلالتان: إحداهما قبول الخبر، والاخرى قبول الخبر في الوقت الذي يثبت فيه، وإن لم يمض عمل أحد من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا، ودلالة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الأئمة ثم وجد عن النبي (ص) خبرا يخالف عمله لترك عمله لخبر رسول الله، ودلالة على أن حديث رسول الله (ص) يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده ".
ـ[يوسف السليم]ــــــــ[12 Dec 2006, 10:19 م]ـ
أخي أبا محمد الظاهري ..
هل يعني هذا أننا قد نعمل بحق لم يعمل به أحد من الصحابة ومن تبعهم بإحسان .. ؟
رفع الله قدرك ..
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[13 Dec 2006, 01:38 ص]ـ
جزاكم الله خيراً سيدي ...
وبخصوص قولكم
هل يعني هذا أننا قد نعمل بحق لم يعمل به أحد من الصحابة ومن تبعهم بإحسان .. ؟
ليس هذا صحيحاً أخي
فمعنى كلامي أن الحديث لو ثبت بالطرق المعتمدة عند أهل الحديث فإنه يجب العمل به سواء عمل به أئمة الفقه كالأئمة الأربعة وغيرهم أم لم يعملوا ..
كذلك لو قال أحد ... إننا لا نعلم صحابياً أو تابعياً عمل به فيقال له عدم علمنا ليس علماً بالعدم فربما عملوا به ولم ينقل إلينا .. فالله تعالى تكفل بحفظ دينه وهو الكتاب والسنة أما عمل الصحابي فليس الصحابي بمعصوم وفعله ليس بحجة لازمة أو هو لا يوحى إليه فلم يتكفل الله تعالى بحفظ فعله لنا ..
وحسن ظننا بالصحابي أنه يعمل بالحديث متى علمه وبلغه (ولو مما يسمى بخير الآحاد ... وما قصة تحويل القبلى ببعيدة) ولو كان الخبر منسوخاً أو مخصوصاً فحتماً سيوجد الناسخ أو المخصص أو المقيد وسينقل لنا وهذا من حفظ الله لدينه .. وجزاكم الله خيراً.(/)
وفاة الشيخ الفقيه عطيه صقر
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Dec 2006, 01:03 م]ـ
الشيخ عطيه صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر
بقلوب راضية بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة العالم العلامة والفقيه المتبحر صاحب اليراع السيال بالعلم والمعرفة االفقيه الشيخ عطيه صقر عن عمر ناهز التسعين قضاه في خدمة العلم وأهله، خطابة ولقاءات بالإذاعة والتلفاز، وكتابة في الصحف، وتأليفا للكتب، وإعانة للفقراء، ونصحا للعلماء والولاه، فكان مثلا يحتذى ـ نحسبه كذلك والله حسيبه ـ وكان على جلالة قدره ووفرة ماله يعيش حياة رقيقة محتسبا ماله في سبيل الله وخدمة العلم والمعرفة ومن أهم ما تدرج فيه:
عين خطيبا بالاوقاف ? - ?????واعظا بالازهر ? - ?????مفتشا للوعظ ومراقبا عاما للوعظ حتي احيل الي المعاش ?، ?????ثم مستشارا لوزير الاوقاف وهو عضو بمجمع البحوث الاسلاميه، وعضو بالمجلس الاعلي للشوون الاسلاميه، عضو لجنه الفتوي بالازهر، وكان عضوا بمجلس الشعب المصري "اللجنه الدينيه"، وقد شارك من خلال عضويته للمجلس في اعداد ومراجعه القوانين والتشريعات المتعلقه بالاسره.
من مولفاته: الدعوه الاسلاميه - دعوه عالميه - الاسره تحت رعايه الاسلام "? "4??مجلدات - دراسات اسلاميه لاهم القضايا المعاصره - الزكاه وآثارها الاجتماعيه - الحجاب وعمل المراه - البابيه والبهائيه تاريخا ومذهبا.
رحم الله شيخنا رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته اللهم آمين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Dec 2006, 01:07 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وأخلف الأمة بعده من يسد مسده في العلم والدعوة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[12 Dec 2006, 01:56 م]ـ
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر فزعت فيه بآمالي الى الكذب
انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها
ولا حول ولا قوة الا بالله
نسال الله تعالى له الرحمة ولذويه الصبر والسلوان
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 Dec 2006, 06:35 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة، وألهم أهله ومحبيه الصبر و السلوان. وإنا لله و إنا إليه راجعون.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Dec 2006, 11:13 ص]ـ
رحمك اللهُ ياشيخنا عطية صقر
وأسبغ عليك نعمَ الآخرة
فكم علمتنا كيف نوصل كلمة التقوى
وكم نبهتنا على مكارم الأخلاق في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكم أرشدتنا إلى أعمق معاني التواضع
وكم وجهتنا إلى استنباط الأحكام والحِكم من الأدلة الشرعية
وكم كان صوتك هادئا إذا علّمتَ ... عاليا في نصرة الحق
وكم رجوتنا أن نترحم عليك إذا سبقتنا إلى مجتمع البرزخ تهيئة إلى القيامة
فاليوم نبرُّ لك رجاءك فينا
فنسأل الله أن يجزيك عنا جزاء المعلم الناصح الأمين
وأن يغفر لك
وأن يرحمك رحمته بالهداة من عباده
وأن يحشرك في زمرة الذين وهبوا أنفسهم لنشر دين الله وما أنزل الله من الحق
وأن يُلحقنا بك وبهم ونحن له مؤمنون، وبه موحدون
إنه نعم المُجيب ونعم المُثيب
وسلام عليك في دار المقامة يا شيخنا الجليل.
اللهم بلغه أني وفيت له فأنت خير الشاهدين
وارزقني مَن يفي لي إذا صِرت إلى ما صار إليه السابقون إلى رحابك
آمين.
ـ[د. إلياس أنور]ــــــــ[13 Dec 2006, 12:15 م]ـ
اللهم اللهم اغفر لشيخنا الجليل واسكنه الجنة مع الصديقين والشهداء والصالحين، واجعل ما قدمه من علم في ميزان حسناته اللهم آمين
ـ[خالد البكري]ــــــــ[22 Dec 2006, 08:00 م]ـ
رحمه الله وأسكنه فسيج جناته وألهم أهله الصبر والسلوان(/)
محاضرة للشيخ عبدالكريم (تفسير آيات الحج) مغرب الخميس
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[14 Dec 2006, 01:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ضمن سلسلة المحاضرات العاشرة (زاد الحج) والمقامة في جامع الأميرة نوره بنت عبدالله بن عبدالعزيز بحي النخيل بشمال الرياض سيلقي فضيلة الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير محاضرة بعنوان (تفسير آيات الحج) مغرب يوم الخميس 23/ 11/1427هـ
بعد صلاة المغرب بإذن الله تعالى.
*وللأخوات مكان.
*تنقل المحاضرة عبر موقع البث الإسلامي.(/)
هل أنت ممن يغفر الله له يوم أكثر من مرة .. ؟؟ كن كذلك بفضل الله
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[14 Dec 2006, 09:29 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ..
وبعد: فكثيرا ما أقع ويقع غخواني في بعض المعاصي, ونفرط كذلك في بعص الأعمال اليسيرة التي يكفر الله بها عنا تلك الآثام, ولذلك أحببت تذكير نفسي وإخواني بهذه الباقة الفواحة الزكية من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يغفر الله به ذنوبنا من أعمال نتكاسل ونغفل عنها مع يسرها .. !!!
1 - عن حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرافق ثلاث مرات ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرات مرار إلى الكعبين ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه)
2 - عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
4 - عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال ومن لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ".
قال الشيخ الألباني: حسن دون زيادة وما تأخر
5 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج فلم يرفث ولم يفسق غفر له ما تقدم من ذنبه
قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح و أبو حازم كوفي وهو الأشجعي وإسمه سلمان مولى عزة الأشجعية.
قال الألباني: صحيح
6 - عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه
قال هذا حديث حسن غريب و أبو مرحوم اسمه عبد الرحمن بن ميمون
قال الشيخ الألباني: حسن
7 - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع المؤذن يتشهد فالتفت في وجهه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا غفر له ما تقدم من ذنبه.
قال الأعظمي: إسناده جيد
8 - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا غفر له ما تقدم من ذنبه)
قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم
9 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يصبح: سبحان الله وبحمده مئة مرة وإذا أمسى مئة مرة غفرت ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر)
قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم
10 - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ثلاثا غفرت ذنوبه و إن كان فارا من الزحف
هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه
تعليق الذهبي قي التلخيص: على شرط مسلم
11 - عن أبي هريرة عن النبي قال: من كبر دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وسبح ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تمام المائة غفرت ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر)
12 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر)
(يُتْبَعُ)
(/)
13 - عن حمران مولى عثمان قال: سمعت عثمان بن عفان وهو بفناء المسجد فجاءه المؤذن عند العصر فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال والله لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها).
14 - عن حمران مولى عثمان بن عفان عن عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه).
15 - عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب " ياعباس يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته عشر خصال أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت سبحان اللذه والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ".
قال الألباني: صحيح
16 - عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا إذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته قال وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر [رضي الله عنه] أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له " ثم قرأ هذه الآية {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله} إلى آخر الآية.
قال الشيخ الألباني: صحيح
17 - عن صعصعة بن معاوية قال لقيت أبا ذر قلت حدثني قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما بفضل رحمته إياهم
قال الشيخ الألباني: صحيح
18 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جلس في مجلس كثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك ثم أتوب إليك إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك
تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم
19 - عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر الله لرجل كان من قبلكم سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا قضى سهلا إذا اقتضى)
20 - وفي مسند الإمام أحمد:حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا أبان يعنى بن عبد الله ثنا أبو مسلم قال: دخلت على أبي أمامة وهو يتفلى في المسجد ويدفن القمل في الحصى فقلت له يا أبا أمامة ان رجلا حدثني عنك انك قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فاسبغ الوضوء فغسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى الصلاة المفروضة غفر الله له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجله وقبضت عليه يداه وسمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء قال والله لقد سمعته من نبي الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصيه .. !!
اللهمّ عاملنا بعفوك وصفحك ولطفك يا كريم ...(/)
افضل برنامج للترجمه ظهر حتى الان مع الشرح الاصدار الجديد
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[17 Dec 2006, 12:28 ص]ـ
http://www.aldahereyah.net/book/salam.gif
افضل برنامج للترجمه ظهر حتى الان مع الشرح الاصدار الجديد
يعتمد البرنامج فى الترجمه على اضخم قاعده بيانات على شبكه الانترنت لجوجل
رابط تحميل البرنامج
http://www.aldahereyah.net/book/Translator1.2.zip
بعض مميزات البرنامج
1 - ترجمه الكلمات المفرده والنصوص والجمل
2 - تحويل الاسماء من العربيه الى لغات اخرى مثال ايمن ayman
3- ترجمه النصوص من والى اكثر من عشرين لغه ومنها العربيه
4 - ترجمه المواقع للغات عديده ومنها العربيه ايضا
5 - حجم البرنامج خيالى 25كيلو فقط لاغير تحمله فى ثانيه واحده
6 - البرنامج مجانى.
شرح البرنامج
ترجمه الكلمات والجمل
http://www.aldahereyah.net/book/phroon.com_g4.jpg
ترجمه المواقع
http://www.aldahereyah.net/book/phroon.com_e9.jpg
البرنامج لايحتاج الى تنصيب فقط فك الضغط وضع البرنامج على سطح المكتب
http://www.aldahereyah.net/book/phroon.com_1.jpg
أرجوا ان ينال اعجابكم
http://www.aldahereyah.net/book/4[1].gif
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[17 Dec 2006, 08:44 ص]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Dec 2006, 09:14 ص]ـ
شكرا لأبي محمد وجزاه الله خيرا(/)
شيخنا العلامة محمد العثيمين رحمه الله سيرته من الداخل؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[17 Dec 2006, 02:54 م]ـ
لقاء مع الأم الكبيرة الفاضلة أم عبدالله زوجة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
هذا اللقاء أجرته إحدى الاخوات الداعيات والمشرفه على أحد المنتديات مع أم عبدالله حفظها الله زوجة سماحة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) احببت ان انقل لكم هذا اللقاء المميز فكم فيه من فوائد.
والآن إلى إجابات ما تيسر من الأسئلة:
س: هل يوجد تغير في همة الشيخ في العلم والدعوة والعبادة بين شبابه وشيخوخته رحمه الله؟ ج: لم أجد أي نقص أو ضعف في همة الشيخ رحمه الله في العلم والدعوة والعبادة مع تقدمه في العمر ولكن على العكس فقد كانت مشاغله رحمه الله تزداد مع مرور الوقت كما هو الحال في عبادته ودعوته حتى أنه رحمه الله في شدة مرضه لم يفرط بلحظة واحدة دون ذكر أو عبادة أو تدريس أو توجيه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: أغرب ما رأيتي من الشيخ رحمه الله في حياته؟ ج: لقد كانت حياته رحمه الله مثالاً يحتذى ومما يعجب له الإنسان صبره وهمته رحمه الله في طلب العلم ثم صبره وهمته في التعليم ونشر العلم الشرعي وكذلك فيه رحمه الله زهداً وورعاً ربما يستغربه من لا يعرف الشيخ رحمه الله عن قرب.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف يتعامل الشيخ رحمه الله مع أولاده في حياتهم الخاصة؟ ج: كان تعامله رحمه الله مع أبناءه وبناته ينقسم إلى مرحلتين:
الأولى مرحلة الطفولة والصبا وفيها يحرص رحمه الله على رعايتهم والقرب منهم ثم متابعة تحصيلهم العلمي بعد التحاقهم بالمدارس كما يحرص رحمه الله في هذه المرحلة على توجيههم وإرشادهم وغرس بعضاً من مبادئ الدين الإسلامي في نفوسهم فكان مثلاً يصطحب الأولاد معه إلى المسجد لأداء بعض الفروض وكان رحمه الله يشجعهم على صيام بعضاً من أيام رمضان دون أن يرى في ذلك مشقة عليهم بالإضافة إلى تشجيعهم على حفظ قصار السور ويكافئهم على ذلك.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الشباب والنضج فكان رحمه الله في هذه المرحلة شديداً فيما يتعلق بتأدية الواجبات الدينية حريصاً على تأديبهم ومحاسبتهم في حالة التقصير وكان يتبع في ذلك التوجيه باللين وإذا تطلب الأمر أكثر من ذلك فإنه لا يتردد في اتخاذ ما يرى بأنه كافياً لتعديل الخطأ وتقويم الأبناء، إضافة إلى ذلك كان رحمه الله يضع كامل ثقته في أبناءه ويترك لهم بعض الأمور ليتعودوا على الاعتماد على أنفسهم كما كان رحمه الله يحثهم دائماً على البر والصلة وكان يتفقدهم في ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: لماذا لم يكن الشيخ رحمه الله يحني لحيته؟
ج: ربما لم يكن لديه الوقت لتعهد لحيته بالحناء وأظن أنني سمعته رحمه الله يقول مثل ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: متى يشتد غضب الشيخ رحمه الله وكيف كان يتعامل مع غضبك؟ ج: يشتد غضبه رحمه الله إذا انتهكت حرمات الله، وكان يتعامل مع غضبي على أحد الأبناء مثلاً بتهدئتي وتقديم النصيحة للمخطئ وفي العموم كان الشيخ رحمه الله هادئاً لا يغضب بسرعة كما أنه رحمه الله إذا غضب فإنه سرعان ما يزول غضبه وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى كنت أغبطه عليها.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان يقوم الشيخ رحمه الله من نومه؟ هل يضع منبهاً أم يطلب من أحد إيقاظه؟ ج: كان رحمه الله يعتمد على الله ثمّ على المنبه وعلينا في إيقاظه وفي الغالب كان رحمه الله ينهض من نومه قبل المنبه وقبل أن أقوم بإيقاظه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: س: هل كان الشيخ رحمه الله يخرج مع العائلة للتنزه في الخارج؟ ج: نعم كان للعائلة رحلة أسبوعية وهي يوم الجمعة بعد الصلاة حيث نخرج إلى منطقة برية قريبة ونتناول طعام الغداء وكان يستغل ذلك الوقت في مشاركة أبناءه في بعض المسابقات كالجري وحل الألغاز وكان يصطحب معه بندقية صغيرة حيث يتبارى مع أبناءه على الرماية وغير ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان صيام الشيخ رحمه الله طوال العام؟ ج: كان الشيخ رحمه الله طوال عمره يداوم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر وست من شوال وعشر ذي الحجة ويوم عاشوراء.
.. * .. * .. *. .* ..
(يُتْبَعُ)
(/)
س: لماذا كان الشيخ رحمه الله لا يكلم النساء مباشرة في سؤال على الهاتف؟ ج: لا أدري ولكن ربما رحمه الله أنه رأى من غير المصلحة أن يظهر صوت المرأة السائلة، أما النساء التي تطلب الفتوى بالهاتف الخاص فكان رحمه الله يرد عليهن ويقضي حاجاتهن.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان الشيخ رحمه الله يختار أسماء أولاده؟ ج: كان يختار بعض الأسماء مثل عبد الله وعبد الرحمن وكان يترك البقية شورى بيننا وكنا نختار الاسم ثم نعرضه عليه فيوافق أو يطلب اختيار اسم آخر.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هي الأشياء التي كانت تفرح الشيخ رحمه الله؟ ج: مما لا شك فيه أن الشيخ رحمه الله كان يزداد سعادة عندما يرى عزاً للإسلام والمسلمين أما سعادته في منزله فكانت تتجلى في جلساته مع أبناءه كباراً وصغاراً وبعد ذلك كنت تلحظ علامة السعادة والفرح عند استقباله لأحفاده فكان رحمه الله يفتح بشته ثم يدخلهم ويبدأ بالسؤال عنهم ثم يفتح بشته ويكرر ذلك عدة مرات بعدها يأخذهم إلى مكتبته وكان يحتفظ بها بنوع معين من الحلوى كنا نحرص على ألا يجدوه إلا عنده رحمه الله فيعطيهم منها وكانوا يسمونها حلاوة أبوي كما كان رحمه الله برغم مشاغله يعودهم في منازلهم إذا سمع بمرض أحدهم وكذلك يذهب لزيارتهم في المستشفى إن كانوا هناك وكان لذلك أكبر الأثر في نفوس الأحفاد وآبائهم وأمهاتهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كم عدد أبناء الشيخ رحمه الله الذكور والإناث؟
ج: عدد الذكور من أبناء الشيخ رحمه الله خمسة.
عدد الإناث من أبناء الشيخ رحمه الله ثلاث.
.. * .. * .. *. .* ..
س: مَن أقرب أبناء الشيخ رحمه الله إلى قلبه من الأبناء والبنات.ج: كان رحمه الله يقوم بتربية أبناءه على العدل في كل شيء كبير الأمور وصغيرها وإذا كان يرى تميزاً في أحد أبناءه عن البقية فإنه لا يمكن أن يصرح بذلك لأن من غير العدل الذي يحرص رحمه الله على توخيه في أمور أبسط من ذلك فما بالكم في ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: مَن أشد أبناءه تأثراً بفقده؟
ج: كلهم كانوا متأثرين والحقيقة أنني كنت أشعر بأننا لسنا الوحيدين الذين فقدناه ولكن كان رحمه الله والداً للجميع فكان فقده صدمة للمسلمين في كل أنحاء الأرض.
.. * .. * .. *. .* ..
س: سؤال عن خطوات الشيخ في بداية مشواره في طلب العلم ودور أمنا الغالية في مساعدته؟ ج: كان الشيخ رحمه الله تعالى قد تولى التدريس في الجامع الكبير بعنيزة خلفاً لشيخه عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمهما الله تعالى قبل اقتراني به ولكن ما زال رغم ذلك يعتبر نفسه في مرحلة طلب العلم أما مساعدتي له فكانت في عدم إشغاله عن التفرغ لطلب العلم ونشره حيث أقوم على خدمته وتوفير كل ما يحتاجه ويعينه على طلب العلم وكذلك متابعة الأبناء والقيام عليهم إلا فيما يتعلق بالأشياء التي تتطلب إخباره عنها ليتدخل في التوجيه والحل.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان رحمه الله يوفق بين الدعوة التي أخذت جل وقته وبين مسؤلياته والتزاماته الأسرية والاجتماعي ة؟ ج: كان رحمه الله ينظم وقته ويهتم بذلك كثيراً فلتدريس والفتوى والدعوة وقت وللعبادة أوقات وللأسرة والأبناء وقت وكذلك للالتزامات العائلية وصلة الرحم أيضاً وقت وكان رحمه الله عندما لا يستطيع الوفاء بالالتزاما ت الأسرية حضورياً كان يحرص على المشاركة حتى ولو هاتفياً.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما كانت سياسة الشيخ رحمه الله التربوية في تعليم وتوجيه أبناءه؟ ج: نظرته وسياسته في تربية أبناءه سبق التطرق لها أما ما يتعلق بالتعليم فكان رحمه الله لا يجبر أبناؤه على تخصصات بعينها بل كان يستشيرهم بذلك وما أدل على ذلك من كون أبناءه قد تخرجوا من كليات مختلفة منها الكليات العلمية والكليات الشرعية والكليات العسكرية.
.. * .. * .. *. .* ..
(يُتْبَعُ)
(/)
س: بحكم عمل الشيخ وارتباطاته فإنه لا بد أن يتغيب عن بيته وأسرته فما دوركم حفظكم الله في هذا الأمر وكيف كنت تغطين فراغ الشيخ رحمه الله في حياة أبناءه؟ ج: حتى لو تغيب رحمه الله عن المنزل سواءً في ارتباطاته العلمية والتدريسية داخل عنيزة أو إذا كان مسافراً كان رحمه الله متابعاً لأبنائه حتى ولو لم يكن موجوداً بالمنزل وذلك بالسؤال عنهم هاتفياً وكذلك بتفقدهم عند عودته ودوري لا يذكر فقد كان حسه معنا دائماً وفي العموم كنت أشعر الأبناء بأن والدهم مسؤولياته كبيره وأعمال كثيرة وأصبرهم بذلك وكان رحمه الله يعوضهم عن ذلك حال عودته.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان الشيخ رحمه الله يتعبد في بيته؟ ج: كان يحرص رحمه الله على تأدية السنن الرواتب في المنزل إلا في حدود ضيقة وكان رحمه الله تعالى يقوم آخر الليل ليصلي ما تيسر ثم يوتر قبل الفجر إضافة إلى الذكر والاستغفار الذي لا ينقطع.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كان برنامج الشيخ اليومي ومتى كان وقت نومه رحمه الله واستيقاظه، وقت الغداء، وقت العشاء، وقت الفطور؟
ج: ينهض الشيخ رحمه الله من نومه آخر الليل فيصلي ما شاء الله ثم يوتر قبل أذان الفجر وبعد الأذان يصلي راتبة الفجر ويوقظ أهل بيته لأداء الصلاة ثم يذهب لأداء صلاة الفجر وبعدها يعود ثم يبقى في فناء المنزل لقراءة أوراده وما تيسر من القرآن الكريم حتى قرب طلوع الشمس بعدها يخلد للنوم حتى حوالي الثامنة صباحاً وذلك في الأيام التي لا يكون مرتبطاً بها في التدريس بالجامعة بعدها يتناول طعام الإفطار ويبدأ بإنهاء أعماله وقراءاته ومطالعاته في مكتبته بالمنزل يتخلل ذلك أداءه رحمه الله لسنة الضحى حتى أذان الظهر وبعد أداء صلاة الظهر يعود للمنزل لتناول طعام الغداء مع الأبناء في الواحدة والنصف ويتلقى مكالمات الهاتف ويرد على أسئلة المتصلين حتى قبل العصر بحوالي عشرين دقيقة بعدها يخلد للراحة لمدة ربع ساعة أو ربما أقل من ذلك حتى أذان صلاة العصر فيذهب للصلاة ويبقى بالجامع لقضاء حاجات الناس الذين يتوافدون للجامع لمعرفتهم أن الشيخ رحمه الله يبقى بعد صلاة العصر للنظر في حاجاتهم وفتاواهم ثم يعود قبل المغرب إلى مكتبته للمطالعة حتى المغرب ليخرج بعدها للصلاة ثم يجلس للدرس اليومي بجامعه رحمه الله حتى بعد العشاء يعود بعدها غالباً للمنزل فيتناول عشاءً خفيفاً ثم يعود للمكتبة وفي بعض الأحيان يكون مرتبطاً بإلقاء محاضرات عبر الهاتف إلى مناطق خارج المملكة وهذا البرنامج هو السائد طوال العام إلا أنه يختلف في المواسم مثل رمضان أو الحج وكذلك في الأجازات الصيفية كما أن للشيخ رحمه الله ارتباطات ليست يومية وإنما لقاءات أسبوعية وهي إما أن تكون في المنزل أو خارجه مثل لقاءاته رحمه الله كل ليلة أربعاء في المنزل مع القضاة وكذلك له لقاءات مع الخطباء وأساتذة الجامعة ورجال الحسبة وغير ذلك حتى الحادية عشر أو الثانية عشر ثم يخلد بعدها للنوم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هو برنامج الشيخ رحمه الله في رمضان خاصة بعد الفطور؟
ج: الشيخ رحمه الله في رمضان له برنامج مختلف حيث يقضي معظم الوقت في الجامع لقراءة القرآن الكريم وقضاء حوائج الناس وكان رحمه الله يستقبل الفقراء وبعض طلبة العلم طوال الشهر الكريم في المنزل يتناول معهم طعام الإفطار وبعد صلاة المغرب يعودون لتناول طعام العشاء وكان يستغل ذلك الوقت للرد على الفتاوى عبر الهاتف وكذلك يحضر إلى المنزل الكثير من الناس إما للسلام على الشيخ رحمه الله أو لطلب الفتوى.
.. * .. * .. *. .* ..
س: أين يحب أن يقضي الشيخ رحمه الله وقت الراحة؟
ج: ليس للشيخ رحمه الله وقت للراحة بالمعنى المعروف فالشيخ رحمه الله طوال وقته مشغول حتى أنه إذا أراد الجلوس معنا في بعض الأوقات فإن الهاتف يأخذه ويقتطع من وقته جزءاً طويلاً فكان رحمه الله راحته في نشر العلم وقضاء حوائج الناس والفتوى.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كم ساعة كان ينام الشيخ رحمه الله؟
ج: كان نومه المتصل لا يتعدى ثلاث إلى أربع ساعات ومجموع ساعات نومه رحمه الله لا تتعدى ست ساعات يومياً.
.. * .. * .. *. .* ..
(يُتْبَعُ)
(/)
س: مَن مِن طلاب الشيخ رحمه الله كان يثني عليه ويديم ذكره ويسعد بزيارته؟ ج: كان ينظر رحمه الله إلى طلابه وكأنهم أبناؤه وكان لا يخص أحدهم بالثناء وإنما يرى أنهم سواسية كما كان رحمه الله يستقبلهم في منزله ويشاركهم في مناسباتهم ويعينهم ويدعمهم عند الحاجة كما كان رحمه الله يشاركهم في رحلات واجتماعات دورية.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف كانت أسرة الشيخ رحمه الله تتعامل مع زهد الشيخ وورعه؟
ج: كنا نرى أنه رحمه الله قدوة في كل شيء وكنا نكبر زهده وورعه بل كان ذلك مما يبعث فينا الراحة والطمأنينة حيث أنه رحمه الله لا يحب التكلف ولا يريد من حوله أن يكونوا متكلفين بل كان بسيطاً يحب اليسر في كل أموره.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل بكى الشيخ رحمه الله عند وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله؟
ج: كان تأثره كبيراً عند وفاة شيخه عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وقد لمس جميع من حوله من الناس مدى تأثره رحمهما الله وجمعنا بهم في جنات النعيم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل سافر الشيخ يوماً لغير العلم وإلى أين؟
ج: لا لم يسافر أي سفر لغير العلم فكان مثلاً يسافر إلى مكة المكرمة للعمرة ثم تجده يحدد مواعيد للدروس بالحرم ويسافر مثلاً للرياض أو الطائف لحضور اجتماع هيئة كبار العلماء ثم تجده يحدد مواعيد للدروس في أحد المساجد ومواعيد للمحاضرات وهكذا.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هي مظاهر كرم الشيخ رحمه الله مع المحتاجين؟
ج: كنا نلمس اهتمامه رحمه الله بالمحتاجين سواءً البعيدين أو القريبين فكان مثلاً يتفقد المحتاجين من أسرته وأقاربه ويساعدهم ويقضي حاجاتهم كما كان رحمه الله يهتم كثيرا بجيرانه من ذو الحاجات فكان يساعدهم بكل ما يحتاجونه بل يزورهم ويواسيهم في همومهم ويشاركهم في مناسباتهم وأفراحهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما تعلمت من الشيخ رحمه الله؟ وهل تعلمت أمور الفتوى؟ هل أفتيتي في يوماً ما؟
ج: تعلمت من الشيخ رحمه الله كل شيء يتعلق بأمور الحياة سواءً من الناحية الاجتماعية أو الشرعية، أما أمور الفتوى فلم أكن أتجرأ على ذلك ولكن كنت أعرض ما أتلقاه من أسئلة عليه رحمه الله ثم انقل فتاواه وإجاباته إلى السائلين.
.. * .. * .. *. .* ..
س: قبل وفاته رحمه الله بماذا أوصى أحبته وأهل بيته؟ ج: الشيخ رحمه الله لم يوص قبل وفاته مباشرة ولكن كان رحمه الله طوال حياتنا معه وطوال حياته رحمه الله مع الناس كان يوصيهم ويوجههم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: نريد منك نصيحة لزوجات الدعاة وطلاب العلم؟ ج: أن يحفظن أزواجهن في السر والعلن وأن يعملن على تهيئة الظروف المناسبة لمواصلة أزواجهن أداء واجباتهم الدعوية والعلمية، كما أحثهن بأن لا يجزعن من كثرة انشغال أزواجهن بالرحلات والمطالعة والقراءة وغير ذلك من أمور الدعوة لأنهن بإذن الله تعالى مشتركات في الأجر ومن جهز غازياً فقد غزا.
.. * .. * .. *. .* ..
س: موقف طريف للشيخ رحمه الله مع أبناءه أو جيرانه؟ ج: كان الشيخ رحمه الله بسيطاً مع أبناءه وجيرانه وجميع المحيطين به ومن الأشياء الجميلة والطريفة أن الشيخ كان رحمه الله يقوم بتسجيل أناشيد وتلاوات قصيرة لأبنائه وربما يكون معهم أحد أبناء الجيران على شريط كاسيت وكان رحمه الله يعيدها عليهم في جلساته معهم بعد أن يكبروا حتى أننا نحتفظ بهذه التسجيلات حتى الآن.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هو دأب الشيخ رحمه الله في استقبال ضيوفه؟ ج كان رحمه الله يستقبل ضيوفه بكل ترحيب وبساطة فكان لا يتكلف لهم ولا يشعرهم بأنهم ضيوف وقل ما يمر يوماً دون أن يصطحب معه رحمه الله ضيوفاً إما للغداء أو للعشاء أو بين ذلك وكنا نفرح بضيوفه ونكرمهم.
.. * .. * .. *. .* ..
س: طلب من الشيخ رحمه الله تعجبت منه وترددت في تنفيذه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ج: قد يخفى على الجميع أنني كنت لا أحسن القراءة والكتابة بمعنى أنني لم أتلق تعليماً من أي نوع وبعد اقتراني بالشيخ رحمه الله كنت مهمومة ومنشغلة بخدمته وتوفير البيئة المناسبة والمريحة له لينطلق رحمه الله في طلب العلم والتعليم وبعد إنجاب أبنائنا انشغلت وتفرغت لتربيتهم إضافة إلى معاونتي ومعاضدتي للشيخ رحمه الله في حياته العلمية والعملية وبعد أن كبر الأولاد وبدأت أشغالي ومسئولياتي تقل نوعاً ما تفاجأت بأن الشيخ رحمه الله بدأ يشجعني ويحثني على الالتحاق بمدارس الكبيرات وقد ترددت في البداية ولكن ما لبثت أن قررت الالتحاق بالمدرسة وقد كان رحمه الله طوال فترة دراستي يتابع مستوى تحصيلي بل كان لا يرضى أن يوقع على كشف النتائج الخاص بي أحد من أبنائي بل يقول أنا من يوقع كل ما يخصك من الشؤون المدرسية وقد كانت فترة الدراسة فترة لا تنسى فيها من المواقف الرائعة والفوائد الجمة ما لا يمكن حصره.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما نوع الهدايا التي يقدمها رحمه الله لك ولأبنائه والناس؟
ج: طوال عمره رحمه الله لم يبخل على قريب ولا بعيد بكل ما يستطيع ولكن أعز الهدايا التي يقدمها لنا هي دعواته رحمه الله لي ولأبنائي التي أسأل الله تعالى أن يتقبلها ويكتبها في ميزان حسناته وأن يرزقني وأبناءه رحمه الله بره بعد وفاته إنه سميع مجيب.
.. * .. * .. *. .* ..
س: سؤال من د. يوسف السعيد: هل كان الشيخ رحمه الله ينقل لك ما يحدث في المسجد من أحداث ظريفة؟ ج: كان يذكر رحمه الله تعالى دائماً بعض المواقف التي يرى أنه من الملائم ذكرها لنا أما قصة الابن د. يوسف فربما أنه ذكرها لكن طول المدة وتقادم الوقت أدى إلى نسيانها.
.. * .. * .. *. .* ..
س: الشيخ رحمه الله حينما كان يسافر للدعوة كيف تتعاملين معه؟
ج: كنت أحثه وأشجعه وأسهل عليه وأوفر له ما يحتاجه وفي العموم كانت سفراته رحمه الله قليلة وكنت أرافقه في معظم رحلاته وسفراته، أما السفر إلى خارج المملكة فلم يسافر رحمه الله إلا مرة واحدة وهي رحلته العلاجية إلى أمريكا والتي لم تستغرق إلا حوالي عشرة أيام وكنت أرافقه فيها.
.. * .. * .. *. .* ..
س: ما هو تعامل الشيخ رحمه الله مع الانترنت في أول دخول لها بالمملكة؟ ج: كان من المبادرين إلى الاستفادة من هذه الخدمة وتسخيرها لخدمة العلم الشرعي ونشره وما أدل على ذلك من عمله رحمه الله على إنشاء موقع له على الإنترنت يحوي جميع نتاجه العلمي والذي قامت ولله الحمد مؤسسته الخيرية بعد وفاته رحمه الله بتطويره والإشراف عليه.
.. * .. * .. *. .* ..
س: متى اشترى الشيخ رحمه الله جهاز الرد الآلي؟
ج: من الأشياء التي تخفى عن الكثيرين أن الشيخ رحمه الله كان مهتماً بكل ما يتعلق بالأجهزة والألكترون يات الحديثة بل أن هناك من يزوده بكل ما يستجد حتى أنك تجد عند الشيخ رحمه الله بعض الأجهزة التي ربما لم تنتشر في الأسواق ومن أمثلة هذه الأشياء ما يتعلق بالساعات الألكترونية وأجهزة تحديد القبلة وأجهزة التسجيل والهواتف الثابتة والنقالة وأجهزة تخزين المعلومات الصوتية وأجهزة الرد الآلي على الهاتف وغيرها وبناءً على ذلك فقد كان الشيخ رحمه الله من المبادرين لاقتناء جهاز الرد الآلي أول ما نزل إلى أسواق المملكة وكان رحمه الله يحتاجه كثيراً وكان يبرمجه ويسجل عليه الرسائل بنفسه خاصة في حالة سفره حيث يقوم بتغيير الرسائل المسجلة من أماكن إقامته وكان مرجعاً لنا في مثل هذه الأمور.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل يشتري الشيخ رحمه الله الجرائد؟ وكيف يعرف الشيخ الأخبار المحلية والعالمية؟
ج: كانت تأتي إلى المنزل إحدى الجرائد المحلية بصورة إهداء وهي جريدة الجزيرة وكان رحمه الله يطلع عليها ويتصفحها إذا سمح وقته بذلك وربما طلب منا قص بعض المقالات أو الأخبار المهمة لأنه رحمه الله يحتفظ ببعض منها، كما كان يتزود بالأخبار عن طريق المذياع وخاصة في وقت الإفطار في الثامنة أو السابعة صباحاً حيث يستمع على إذاعة القرآن الكريم وإذاعة لندن كما كان يطيل الاستماع إلى التقارير الإذاعية في حالة وجود أخبار أو أحداث هامة.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كم عرض على الشيخ رحمه الله الانتقال للرياض؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ج: عرض عليه رحمه الله الانتقال من عنيزة عدة مرات فقد عرض عليه الانتقال إلى المدينة المنورة وإلى مكة المكرمة وإلى الرياض كما عين رحمه الله قاضياً في الإحساء ولكن رحمه الله كان يرى بأن بقاءه في عنيزة فيه مصلحة أكبر ولذلك رفض جميع هذه العروض.
.. * .. * .. *. .* ..
س: حين زيارة الملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله وغيرهم من الأمراء ماذا كان الشيخ رحمه الله يقدم لهم؟ ج: زار الشيخ رحمه الله في منزله الطيني بعنيزة كل من الملك سعود والملك خالد والملك فهد رحمهم الله جميعاً وكانوا غفر الله لهم يعجبون من بساطة مسكنه وورعه وزهده في هذه الدنيا.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل اقترح أحد على الشيخ رحمه الله تركيب جهاز للصدى في مسجده وهل ركب الجهاز في المسجد؟ ج: كان الشيخ رحمه الله لا يرى ذلك.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل كان الشيخ رحمه الله متزوج من غيرك؟ وكم زوجة كان متزوجاً؟
ج: لا لم يكن الشيخ رحمه الله متزوجاً من غيري فقد تزوج الشيخ رحمه الله تعالى زوجتين توفيت عنه الأولى ثم تزوج من الثانية ولكن لم يرد الله سبحانه وتعالى أن يدوم ذلك الزواج.
.. * .. * .. *. .* ..
س: نريد منك نصيحة للرجال من لديهم أكثر من زوجة؟
ج: العدل .. العدل .. العدل.
.. * .. * .. *. .* ..
س: لو طلبت من الوالد رحمه الله أن ينصح فتاة ماذا هو قائل فبماذا تتوقعين أن يوجه نصحه لي كفتاة؟ ج: ينصحك كما ينصح بناته وجميع بنات المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن وطاعة وبر الوالدين وصلة الرحم وحفظ الزوج واتقاء الله سبحانه وتعالى في تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة مبنية على اللين والرفق.
.. * .. * .. *. .* ..
س: كيف تلقى الشيخ رحمه الله خبر إصابته بالمرض وكيف أخبركم بذلك؟
ج: تلقى رحمه الله خبر إصابته بالمرض بالصبر والاحتساب حتى أنه رحمه الله حمل هم تلقينا نحن للخبر وقد ذكر لي أحد أبنائي بعد ذلك بأن الوالد رحمه الله طلب منهم عدم ذكر شيء لوالدتكم وأخواتكم واتركوا ذلك لي، وقد قام رحمه الله بنقل الخبر لنا بالتدريج نسأل الله تعالى أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته.
.. * .. * .. *. .* ..
س: هل كان الشيخ رحمه الله يحدثكم عن المجاهدين في الشيشان وغيرها خصوصاً أنه بلغنا أنه كان حريصاً على أخبارهم بل وإفتائهم؟
ج: كان يحرص رحمه الله على متابعة أحوال المسلمين في كل مكان في فلسطين وفي الجزائر وأفغانستان والشيشان.
.. * .. * .. *. .* ..
.. * .. * .. *. .* ..
س: علمنا أن الشيخ رحمه الله في مرضه كان يرفض أن يطلق على المرض بالخبيث وكان يسميه الخطير .. هلا حدثتنا عن هذه النقطة وعن صور صبره رحمه الله؟
ج: لم يكن ذلك بعد مرضه فقط بل كان هذا رأيه رحمه الله من قبل ذلك وكأنه رحمه الله يكره كلمة خبيث، أما صور صبره رحمه الله فقد تجلت أثناء مرضه فقد كنت أعلم أنه يعاني من ألم شديد وقد كان الألم يوقظه من نومه عدة مرات في الليل ولكنه عندما يسأل عن الألم كان يرد بوجود ألم ولكنه يضيف بأنني أقول ذلك من باب الإخبار وليس من باب الشكوى لأنه رحمه الله يعرف جزاء الصابرين.
منقول من منتدى الأحبة
رحمه الله شيخنا رحمة واسعة فقد كان مدرسة مكاملة والله.
اللهم ارحمه وبرِّد مضجعه، وأنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين، اللهم آمين.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Aug 2010, 05:50 ص]ـ
رحمه الله وغفر له، ورفع درجته في المهديين.
ـ[إيمان]ــــــــ[25 Aug 2010, 09:58 م]ـ
أسأل الله أن يرفع درجته في الدنيا والآخرة ويرحمه رحمة ًواسعة ..(/)
معرفة الاختلاف ودخوله في علم العلل وهو رأس صناعة الحديث
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[18 Dec 2006, 08:01 م]ـ
علم العلل: هُوَ العلم الَّذِيْ ينقد أحاديث الثقات، وَهُوَ علم برأسه غَيْر الصَّحِيْح والضعيف (1)، لذا لَمْ يتكلم فِيْهِ إلا جهابذة العلماء وفحولتهم، وفي مَعْرِفَة هَذَا العلم أهمية كبيرة ولما كَانَ كُلّ علم يشرف بمدى نفعه، فإن علم علل الْحَدِيْث من أجلِّ أنواع علم الْحَدِيْث وفن من أهم فنونه، وَقَدْ أجاد الإمام النووي (2) وأحسن إِذْ قَالَ: ((ومن أهم أنواع العلوم تحقيق الأحاديث النبويات، أعني: مَعْرِفَة متونها صحيحها وحسنها وضعيفها، متصلها ومرسلها ومنقطعها ومعضلها ومقلوبها ومشهورها وغريبها وعزيزها ومتواترها وآحادها وأفرادها، معروفها وشاذها ومنكرها ومعللها وموضوعها ومدرجها وناسخها ومنسوخها)) (3).
واهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بمعرفة علم علل الْحَدِيْث من اهتمامهم بالحديث النبوي الشريف؛ لأنَّهُ المصدر التشريعي الثاني بَعْدَ القرآن الكريم. ومبالغة الْمُحَدِّثِيْنَ بالاهتمام ببيان علل الأحاديث النبوية إنما ذَلِكَ؛ لأن بمعرفة العلل يعرف كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من غيره، وصحيح الْحَدِيْث من ضعيفه وصوابه من خطئه. وعلم العلل ممتد من مرحلة النقد الحديثي الَّذِيْ ابتدأت بواكيره عَلَى أيادي كبار الصَّحَابَة – رضوان الله عليهم أجمعين – إِذْ كانوا يحتاطون في قبول الأخبار (4)، ومنهم من كَانَ يستحلف الرَّاوِي (5) وذلك من أجل تمييز الخطأ والوهم في الْحَدِيْث النبوي، ثُمَّ اهتم العلماء بِهِ من بَعْدُ لئلا ينسب خطأ أو وهم أَوْ اختلاف إلى السنة المطهرة.
ولعلم العلل مزية خاصة فهو كالميزان لبيان الخطأ والصواب وَالصَّحِيْح من المعوجِّ. وَقَد اعتنى بِهِ العلماء وطلبة العلم قديماً وحديثاً. ولأهمية هَذَا العلم نجد بعض جهابذة العلماء يصرِّحُ بأنّ مَعْرِفَة العلل عنده مقدَّمٌ عَلَى مجرد الرِّوَايَة، قَالَ الإمام الجهبذ عَبْد الرحمان بن مهدي: ((لأنْ أعرف علة حَدِيْث واحد أحَبُّ إليَّ من أن أستفيد عشرة أحاديث)) (6).
ومما يدلنا عَلَى أهمية هَذَا العلم وصعوبته أنه من أشد العلوم غموضاً، فلا يدركه إلا من رزق سعة الرِّوَايَة، وَكَانَ مع ذَلِكَ حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر واسع المران.
ومعرفة علل الْحَدِيْث من الأمور الَّتِيْ لا تُنَالُ إلا بِممارسةٍ كبيرةٍ في الإعْلالِ والتضعيف ومعرفة السند الصَّحِيْح من الضعيف والمتصل من المنقطع، فمن أكثر الاشتغال بعلم الْحَدِيْث وحفظ جملة مستكثرة من المتون حَتَّى اختلطت بلحمه ودمه وعرف خفايا المتون والأسانيد ومشكلاتها؛ استطاع أن يميّز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من الْحَدِيْث المعل. وطريقة الباحث في نقده وحكمه عَلَى الأحاديث أن يجمع طرق الْحَدِيْث ويستقصيها من الجوامع والمسانيد والأجزاء، ويَسْبُرَ (7) أحوال الرُّوَاة فينظر في اختلافها وفي مقدار حفظهم ومكانتهم من الضبط والإتقان، وعند ذَلِكَ وبعد النظر في القرائن يقع في نفس الباحث الناقد البصير أنّ الْحَدِيْث معل بإرسال في الموصول أو وصل في المرسل أَوْ المنقطع، أو سقوط رجل بسبب التدليس أو وقف في المرفوع، أو معارضة بما هُوَ أقوى لا تحتمل التوفيق، أو دخول حَدِيْث في حَدِيْث أو وهم أو ما أشبه ذَلِكَ من العلل القادحة، ثُمَّ يغلب عَلَى ظنه ذَلِكَ فيحكم بعدم صحة الْحَدِيْث أَوْ يتردد فِيْهِ فيتوقف عَنْ الحكم.
من هَذَا العرض يتبين لنا أن رأس علم العلل هُوَ الاختلافات الواقعة في الأسانيد والمتون الَّتِيْ تحيل الْحَدِيْث من حيز الصحة والقبول إلى دائرة الضعف والترك. ودراسة الاختلافات الحديثية داخلة في دراسة علم علل الْحَدِيْث الَّذِيْ هُوَ علم برأسه.
............................................
(1) انظر: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 112.
(2) هُوَ الحافظ شيخ الإِسْلاَم يحيى بن شرف بن مري أبو زكريا النواوي ثُمَّ الدمشقي، ولد سنة (631ه)، من مصنفاته: "الإرشاد" و"التقريب" و"شرح صَحِيْح مُسْلِم" وغيرها، وتوفي سنة (676 ه).
تاريخ الإِسْلاَم وفيات (676 ه): 246، وتذكرة الحفاظ 4/ 1470، والعبر 5/ 312.
(3) مقدمة شرح صَحِيْح مُسْلِم 1/ 2.
(4) انظر: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي: 75.
(5) مسند الإمام أحمد 1/ 2 (2).
(6) نقله عَنْهُ ابن أبي حاتم في علله 1/ 9، والحاكم في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 112، وابن رجب في شرح علل الترمذي 1/ 470.
(7) السبر: بفتح فسكون، امتحان غور الجرح، يقال: سبر الجرح يسبِرُهُ، ويَسبُرُهُ سَبْراً أي: نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره، وَهُوَ الحزر والتجربة والاختبار، واستخراج كنه الأمر. يقال: سبر فلاناً أي: خبره ليعرف ما عنده.تاج العروس 11/ 487،ومعجم متن اللغة 3/ 93،والمعجم الوسيط: 413 (سبر).(/)
أبشروا: أول ذو الحجة - قناة المجد العلمية ضمن الباقة المفتوحة
ـ[أبو البراء بن المكدي]ــــــــ[18 Dec 2006, 08:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذه بشرى نزفها لكم أهل العلم وطلبته وهي:فتح قناة المجد العلمية وجعلها ضمن باقة قنوات المجد المفتوحة خدمة للعلم والعلماء.
صرح بذلك فضيلة الشيخ: راشد بن عثمان الزهراني قائلًا: أن فتح القناة تم بناء على موافقة مجلس إدارة قناة المجد الفضائية.
نسأل الله أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح
ولا تنسونا من صالح الدعاء
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 Dec 2006, 10:12 م]ـ
بشركم الله بالخير
ـ[نورة]ــــــــ[18 Dec 2006, 10:47 م]ـ
بشرى سارة
وفقكم الله لكل خير
وجزى القائمين عليها خيراً
ـ[أبو العالية]ــــــــ[20 Dec 2006, 11:36 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
الله أكبر
جميل
وفق الله القائمين عليها خيراً
فليهنأ المسلمون بذاك
ـ[مسك]ــــــــ[20 Dec 2006, 12:17 م]ـ
ونتمى أن يتم فتخ قناة الأطفال أو تخفيف رسوم القناة ...
ـ[خالد البكري]ــــــــ[21 Dec 2006, 05:04 م]ـ
بشرك الله بالخير ابو البراء ونفع الله بعلمك
ـ[المنهوم]ــــــــ[22 Dec 2006, 02:25 م]ـ
الحمدلله
على ذلك
ـ[محمدغراب]ــــــــ[23 Dec 2006, 04:23 ص]ـ
وهانحن فى اول ذى الحجه ولم تفتح القناة لعل المانع خير(/)
ترجمة الشيخ حسن حبنكة وأخيه الشيخ صادق وولده الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[20 Dec 2006, 01:49 ص]ـ
لقد وعدت بمناسبة الحديث عن كتاب الشيخ عبد الرحمن حبنكة أن أفرد موضوعا لترجمة الوالد والعم والابن وسأبتدئي بالوالد
الشيخ حسن حبنكة الميداني
لقد كان الشيخ حسن حبنكة ذا هيبة كبيرة في قلوب أهل الشام ولا زلنا نذكر ونحن صغار شَبَبة كيف كنا نتطلع إلى رؤية وجهه ومحياه عندما يدخل إلى بعض المحافل أو يحضر إحدى المناسبات ... وإن أنس لا أنس ذلك الحفل المهيب الذي حضر فيه أكابر علماء دمشق ليسلموا شهادات التقدير والتخرج لطلبة معهد الفرقان وذلك عام 1976 م وقد امتلأ المكان بأكابر القوم وحشد من أهل العلم وألقى العلماء كلماتهم وكان قمر هذه الحفل الشيخ حسن حبنكة الميداني رحمه الله وتشرفنا بتسليم شهاداتنا من يده
وساذكر ترجمته هنا ثم ترجمة أخيه الشيخ صادق حبنكة العالم الشهير الذي ورث مكانة أخيه ولا زال إلى هذه اللحظة يحظى بتقدير العلماء
1ـ مولده ونسبه:
ولد الشيخ حسن حبنكة رحمه الله في العام 1326 هجرية والموافق لعام 1908 ميلادية في دمشق في حيِّ الميدان، المعروف بأصالته العربية، وحبه للدين، ومحافظته على العادات والشيم الرفيعة. ويعود نسب الشيخ إلى عرب بني خالد، وهم قبيلة معروفة من قبائل العرب، ولها منازل في بادية حماة من أرض الشام.
نشأ الشيخ في أحضان عائلة تتصف بالاستقامة والصلاح، فوالده الحاج مرزوق عُرف بتدينه ومواظبته على الطاعات، وحب فعل الخير، والبر بوالديه وبخاصة والدته، التي كان لها الخادم البار في سنيِّ كبرها وعجزها، وكان مواظباً على العبادة في وقت السحر، ويخرج إلى صلاة الفجر مبكراً فيصلي ويجلس للذكر وتلاوة القرآن، وكان ذا رغبة صادقة في أن يكون ولده (حسن) عالماً.
وأما والدة الشيخ فهي الحاجة خديجة المصري، من قرية الكسوة جنوب دمشق، وهي من النساء الصالحات العفيفات، وقد توفيت أثناء عودتها من رحلة الحج عن طريق البحر، مع ابنها الشيخ حسن.
2ًـ نشأته وطلبه للعلم:
نشأ الشيخ منذ طفولته متوقد الذكاء، قوي الحافظة طموحاً، محباً للعلم والفضيلة والمجد، فتعلم في الكُتاب القراءة والكتابة والقرآن، ثم أرسله أبوه إلى مدرسة في أطراف دمشق، يشرف عليها الشيخ شريف اليعقوبي وكان أهل علم وصلاح، وبعد أن أنهى صفوف المدرسة عنده اتجه إلى أستاذ آخر، كان قد سمع به في حيِّه وهو الشيخ طالب هيكل، وكان له علم بشيء من النحو والصرف والفقه على مذهب الإمام الشافعي، فاستفاد منه في هذه العلوم، ثم تعرف على عالم آخر من المعروفين بالعلم والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو الشيخ عبد القادر الأشهب، فتلقى عنه أوسع مما تلقى عن شيخه السابق، لكن رغبته في العلم، وطموحه في التحصيل، كانا يدفعانه إلى المزيد من العلم، والجلوس بين يدي العلماء، لاسيما وقد سمع بكبار العلماء في قلب مدينة دمشق، فبدأ الاتصال بهم واحداً فواحداً، ليروي نهمه العلمي، وكان والده يشجعه على ذلك، وقد تكفل به وبأسرته، بعد أن زوجه في سن صغيرة في الخامسة عشر من عمره.
تابع الشيخ مسيرته العلمية، بكل همة واجتهاد ونشاط، ينهل من مختلف العلوم العربية والشرعية، وحتى بعض العلوم الكونية مثل الطب وعلم النبات، خصوصاً وقد أكرمه الله عز وجل بالتعرف على ثلة من جهابذة العلماء، كان في مقدمتهم الشيخ محمود العطار وهو فقيه حنفي وعالم متمكن، فتتلمذ على يديه سنين طوالاً، كما اتصل بالعلامة التقي الورع والأصولي والفقيه البارع، الشيخ أمين سويد رحمه الله تعالى ولازمه ملازمة طويلة، ثم التقى عالماً ضليعاَ بعلوم اللغة العربية لاسيما البلاغة والأدب وحسن صياغة النصوص والإنشاء هو الشيخ عبد القادر الاسكندراني رحمه الله الذي أفاده في هذه العلوم كثيراً، كما استفاد من عالم كردي متمكن في العلوم العقلية (المنطق والفلسفة وأصول الفقه) فقرأ عليه عدداً من الكتب في هذه العلوم، كما تتلمذ على الشيخ عطا الكسم مفتي الديار الشامية، فلازمه مدة سمع خلالها مسائل كثيرة من الفقه الحنفي،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأكرمه الله تبارك وتعالى بالاتصال بعلامة الشام وشيخ مشايخها الشيخ بدر الدين الحسني الذي أفرد له وقتاً خاصاً، ليقرأ عليه فيه واستمر ذلك حتى وفاة الشيخ بدر الدين رحمه الله تعالى فاستفاد من علمه وروحانيته الشيء الكثير.
هؤلاء هم أشهر الأساتذة والمشايخ، الذين تلقى عنهم، واغترف من غزير علومهم ومعارفهم واقتبس من أخلاقهم وصفاتهم، مع ما وهبه الله من عقل ذكي وبديهة حاضرة وحب شديد للمعرفة بحيث أصبح من خيرة العلماء علماً وعملاً ودعوة.
3ًـ مرحلة الدعوة والتعليم:
لم يكن الشيخ محباً للعلم، والاستزادة منه، ليملأ به عقله وذهنه فحسب، ومن ثم يتغنى بأمجاد العلم ويتعالى به على الناس، بل كان العلم هو وسيلته إلى الدعوة إلى الله عز وجل، وإصلاح المجتمع، وتربية العلماء الراسخين، الذين يقودون حركة الإصلاح والنهوض بمجتمعهم، لذلك رأيناه يسلك طريق الدعوة والتعليم، وهو بعد ما يزال صغيراً طالب علم، فملأ وقته مابين طلب للعلم ومابين التعليم والوعظ والإرشاد، وأصبح له طلاب يقصدونه، ليقرؤا عليه بعض الكتب في مختلف العلوم بعد أن عاينوا تمكنه وحسن أسلوبه وشرحه.
ولما قامت النهضة العلمية الدعوية في دمشق، على يد العالم الداعية الشيخ علي الدقر رحمه الله تعالى كان الشيخ حسن أحد أركانها، وقدم لها كل إمكاناته وكان مديراً لإحدى المدارس التي أنشأها بالتعاون مع الجمعية الغراء جمعية الشيخ علي الدقر، وهي مدرسة (وقاية الأبناء) وشهدت المدرسة في عهد إدارته نجاحاً باهراً، وتخرج منها طلاب علم غدوا فيما بعد من أكابر علماء الشام، وفي هذه الأثناء لم ينقطع الشيخ حسن عن التعليم والدعوة في جامع منجك مقرِّ دعوته الرئيسي، حيث كان الطلاب يتوافدون عليه صباحاً ومساءً، ويتنقلون من علم إلى علم وفق منهج جادٍ صارمٍ، لتبنى شخصياتهم العلمية بناءً قوياً راسخاً، وكانت فكرة إنشاء معهد شرعي له نظامه المتكامل، وصفوف متدرجة، فكرة قد شغلت ذهن الشيخ وصمم على تنفيذها مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه، وتم له ما أراد حين قام (معهد التوجيه الإسلامي) بإشراف الشيخ حسن وبمعونة طلابه المتقدمين، الذين تعب على تدريسهم وتعليمهم، ليكونوا من خيرة الأساتذة بل والعلماء ولقد تخرج من هذا المعهد، العدد الكبير من طلاب العلم، من سوريا ولبنان والأردن وتركيا وبعض البلاد الإفريقية، والذين أصبح الكثير منهم علماء البلاد ومراجع الناس في العلم والفتوى.
ولم يعتن الشيخ كثيراً بالتأليف، لأنه كان منصرفاً إلى تربية الرجال المؤمنين الصادقين وتخريج العلماء المتمكنين، وطلابه اليوم والحمد لله هم في مقدمة علماء سوريا، أمثال أخيه العالم الفقيه واللغوي الأديب، والخطيب الحكيم، الشيخ صادق حبنكة حفظه الله وبارك في حياته، والشيخ حسين خطاب رحمه الله تعالى شيخ قراء الشام العالم العامل، والداعية المؤثر، وخلفه الشيخ محمد كريم راجح شيخ قراء الشام حالياً الخطيب المفوه، والأديب الشاعر والفقيه الحاذق، والشيخ الدكتور مصطفى الخن الفقيه الأصولي، الأديب والمدرس في كليات الشريعة في دمشق وفي المملكة العربية السعودية، والشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي العالم المفكر الفقيه الأصولي والداعية المشهور، ونجل الشيخ الأكبر الشيخ عبد الرحمن حبنكة رحمه الله تعالى العالم المطلع، والمصنف المكثر الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة أم القرى في مكة المكرمة.
4ًـ أسلوبه في التعليم:
كان الشيخ حريصاً على أن يُخرِّج علماء، يتقنون ما تعلموه ليستطيعوا بذله للناس بكل ثقة وأمانة فكان مع الطلاب المبتدئين، كثير الشرح والبيان لمسائل العلم الذي يتلقونه، يعطيهم مفاتيح العلوم ويحثهم على الرجوع إلى الكتب لفهم عباراتها، وحفظ مسائلها، وأما الطلاب المتقدمون، فكان يدربهم على استخراج المسائل من مظانها، وتحليل القضايا إلى عناصرها، تحليلاً عقلياً منطقياً ويمرنهم على المناظرة والمحاورة، لتكون لكل منهم شخصيته العلمية المستقلة، التي تعتمد على قدراتها وتثق بإمكاناتها.
5ًـ مشاركاته العلمية:
(يُتْبَعُ)
(/)
كانت للشيخ مكانته العلمية والدينية المتميزة، ولذلك لما تأسست جمعية لعلماء سوريا باسم (رابطة العلماء) كان الشيخ أحد أعضائها البارزين، فكان الشيخ أبو الخير الميداني رئيساً لها والشيخ حسن حبنكة أميناً عاماً لها، وقد قامت هذه الرابطة بدور توجيهي بالغ الأثر في الحياة العامة للبلاد.
وشارك الشيخ أيضاً في رابطة العالم الإسلامي، واختير عضواً فيها عن سوريا خلفاً للشيخ مكي الكتاني رحمه الله تعالى، وكان يحضر اجتماعاتها السنوية في مكة المكرمة مشاركاً بعلمه ورأيه.
6ًـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية:
إن مثل الشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى، في وراثته لهدي النبوة التي كانت رحمة للناس في كافة مجالات حياتهم، لايمكن أن يكون بمعزل عن حياة الناس، وعن المشاركة في حلِّ أزماتهم وتخفيف معاناتهم، ورفع شأنهم في كل أمر، لذلك وجَّه الشيخ عنايته إلى أفراد حيِّه أولاً يبحث عن الفقراء والمحتاجين والمرضى والأيتام، ليحوطهم بكل ما يستطيع تقديمه لهم، وذلك بمعونة أهل الخير والإحسان، وراح يوجه إلى قيام وإنشاء الجمعيات الخيرية، التي تتولى جمع التبرعات من زكوات وصدقات، لتوزع على المستحقين بكل أمانة ودقة، وكانت فاتحة هذه الجمعيات (جمعية أسرة العمل الخيري) ثم توسع هذا العمل المبرور، إلى باقي أحياء وحارات الميدان ومدينة دمشق، كما كان الشيخ أيضاً ملاذ الناس في معضلات أمورهم، ومشاكلهم يهرعون إليه للنظر فيها والمساعدة على حلها، فكان بيت الشيخ داراً للقضاء والشورى وفضِّ المنازعات.
7ًـ مواقفه الإسلامية الشجاعة:
إن من أعظم ما يتميز به الشيخ حسن رحمه الله تعالى جرأته في الحق، وشجاعته في مواجهة الباطل، وهي صفة رافقته منذ يفاعته وشبابه المبكر، فحينما اندلعت الثورة السورية على المستعمر الفرنسي عام 1925م وكان الشيخ يطلب العلم، وهو في مقتبل العمر في السابعة عشر من عمره، هبَّ ليشارك الثوار المجاهدين، وانضوى تحت لواء واحد من مشاهيرهم، وهو الشيخ محمد الأشمر رحمه الله تعالى وشارك في قتال المغتصبين المحتلين.
ولما أرادت فرنسا فرض (قانون الطوائف)، محاولة بذلك تغيير العديد من قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية، قام الشيخ خطيباً ينبه العقول، ويفضح الألاعيب ويُلهب المشاعر، وكان لموقفه هذا أثره البالغ في إبطال العمل بذلك القانون المنحرف.
وهكذا كان الشيخ رحمه الله في كل مرة وفي أي عهد من العهود، لسان الحق الجريء المقدام الذي ينافح عن عقيدة الأمة وتشريعها وتاريخها، مرتكزاً في ذلك على علم راسخ، ووعي يدرك أبعاد القضايا، وحكمة تزن الأمور بميزان دقيق حساس، وقلب عميق الصلة بالله والتوكل عليه واحتساب الأجر والثواب عنده وحده، ولقد لقي الشيخ في سبيل ذلك من المكاره والأذى الشيء الكثير، ولكنه وبفضل الله ومعونته خرج ظافراً منتصراً.
8ً ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره:
لقد أوتي الشيخ رحمه الله من الصفات الذاتية والمحامد الخلقية نصيباً موفوراً، فكان حاد الذكاء حاضر البديهة، وكان عميق التفكير، صادق الفراسة، وكان فصيح اللسان واسع الشرح والبيان وخطيباً جماهيرياً يملك قلوب وأفكار مستمعيه، وكان محدثاً بارعاً يأسر مَن يحدثه بحسن بيانه وجواهر لفظه، وكان رحمه الله عظيم الصبر على a الناس كثير التسامح حريصاً على تأليف القلوب، وكان كثير الاهتمام بعيادة المرضى والدعاء لهم بالشفاء، وكان حكيماً في فضِّ المنازعات وإطفاء نيران الفتنة بين الناس، وكان رحمه الله عفيفاً يعلم طلابه ويدربهم على العفة والترفع عن الدنايا والصغائر، وكان متواضعاً وخصوصاً لرجل صالح أو عالم فاضل أو شيخ كبير السن أو امرأة عجوز، وهو في ذات الوقت كان عزيزاً لم يُهن نفسه لغني من أجل غناه، ولا لذي وجاهة في قومه من أجل وجاهته، ولم يمالئ ذا سلطان وهو في سلطانه، وكان الشيخ ذا حس ونفس أدبي واضح، وربما نظم شعراً وجدانياً دينياً، لكنه فيه مقلٌّ إذ لم يُفرِّغ نفسه له وفي مناسبة من مناسبات الحج فاضت مشاعره ببعض أبيات ومما قاله فيها:
صفق القلب للحجاز وثارا **** شفه الشوق للحبيب فطارا
واقتفت إثره الجسومُ غراماً **** فجرى الركب في الرمال وسارا
(يُتْبَعُ)
(/)
يا ديار الحبيب يا أنس قلبي **** عدل الدهر في الهوى أو جارا
يا بقاع الأنوار من فيض ربي **** حدثيني عن الرسول جهارا
9ً ـ صفاته التربوية:
كان رحمه الله مربياً شديد الملاحظة والمتابعة، لا تكاد تفوته كبيرة ولا صغيرة من حركات مَن هم في دائرة تربيته وتوجيهه، وكان من أساليبه التربوية إلجاء مَن يشرف على تربيتهم إلى ممارسة الأمور التي يحرص أن يربيهم عليها، من أعمال وأقوال وتعليم وتوجيه. وكان أخشى ما يخشاه أن يُصاب من هو في دائرة تربيته بالغرور بنفسه فيستكبر أو يقنع بما وصل إليه فلا يتابع مسيرته متنامياً متكاملاً. وكان من أساليبه التربوية أيضاً تصيد أيِّ حدث يمكن الاستفادة منه لتربية العقائد والمفاهيم الإسلامية وتثبيتها وتعميقها.
10ً ـ وفاته:
أصيب الشيخ بجلطة قلبية، نتيجة الإجهاد والتعب المتواصل، وما يحمل من هموم الأمة وآلامها ولكنها مرت بسلام، إلا أن همة الشيخ وصحته لم تعد كما كانت من قبل، وفي فجر الاثنين في 14ذي القعدة /1398 هجرية الموافق 16/ 10/1978م التحق الشيخ بالرفيق الأعلى عن عمر ناهز السبعين عاماً، وكان قد أزمع السفر إلى مكة المكرمة، لحضور مؤتمر من مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي، ثم الحج إلى بيت الله الحرام، وما إن أشيع النبأ حتى عم الحزن والأسى بلاد الشام قاطبة، وتقاطرت الوفود من كل الجهات لتشييع جنازته، التي كانت جنازة ضخمة مشى فيها مئات الآلاف من محبي الشيخ وطلابه وعارفيه، وصُلي عليه في الجامع الأموي الكبير في قلب دمشق، ثم دُفن في حيِّه حيِّ الميدان بجوار المسجد الجامع الذي سعى في إنشائه وإعماره والذي سُمي فيما بعد جامع الحسن.تغمد الله الشيخ حسناً بواسع رحمته، ورفع مقامه في عليين، وجزاه عن جهاده ودعوته وتعليمه أفضل ما يُجازى العاملون، وجمعنا به مع أشياخنا وأحبابنا في مستقر رحمته، تحت لواء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[20 Dec 2006, 02:52 ص]ـ
الشيخ: عبد الرحمن حبنكة الميداني
مولده وتعليمه:
ولد الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة في دمشق بحي الميدان سنة 1927م / 1345 هـ، ونشأ في بيت علم ودعوة تحيط
به ظروف قلَّما تيسَّرت لغيره، فهو سليل إحدى العائلات الدمشقيّة العريقة التي عُرِفت بالعلم، وهو والعلم والدعوة - بدءًا من نشأته الأولى منذ ما يزيد عن ستين عامًا - توءمان لا يفترقان، وكان لوالده الشيخ حسن حبنكة فضل تربيته وتأديبه وتعليمه.
درس الشيخ عبد الرحمن في "معهد التوجيه الإسلامي"، الذي أنشأه والده رحمه الله، وتخرج فيه عدد من علماء دمشق المعروفين .. كالشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، والشيخ الدكتور مصطفى سعيد الخنّ، والشيخ حسين خطَّاب رحمه الله، والدكتور مصطفى البغا، وغيرهم.
ثم درس الشيخ في الأزهر الشريف، وعمل بعد تخرجه في مديرية التعليم الشرعي التابعة لوزارة الأوقاف السورية، ثم عضوًا لهيئة البحوث في وزارة التربية والتعليم في سوريا، ثم انتقل إلى السعودية بعد عام 1967م ليعمل أستاذًا في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، ثم أستاذًا في جامعة أم القرى في مكة قرابة ثلاثين عامًا.
من مؤلفاته:
قدّم الشيخ عبد الرحمن حبنكة كتبا قيمة زادت على الثلاثين كتابا أثرى بها المكتبة الإسلامية والفكر الإسلامي؛ حيث تعدَّدت إسهاماته وتنوعت في مجالات متعددة: في العقيدة، والدعوة، والأدب، والأخلاق، والدراسات القرآنية، وسلسلة أعداء الإسلام: "اليهود – الشيوعية – التيارات المعاصرة – الغزو الفكري"، وغيرها، ونذكر من كتبه ما يلي:
- العقيدة الإسلاميَّة وأسسها. -
الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها. -
قواعد التدبُّر الأمثل لكتاب الله. -
أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع. -
مكايد يهوديَّة عبر التاريخ. -
صراع مع الملاحدة حتى العظم. -
أجنحة المكر الثلاثة. -
ديوان "ترنيمات إسلاميَّة"، شعر. -
ديوان "آمنت بالله"، شعر. -
ديوان "أقباس" في منهج الدعوة وتوجيه الدعاة. -
ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة. -
مبادئ في الأدب والدعوة. -
معارج التفكر ودقائق التدبر. -
نوح عليه السلام وقومه في القرآن. -
تدبر سورة الفرقان. -
روائع من أقوال الرسول. -
الصيام ورمضان في السنة والقرآن. -
براهين وأدلة إيمانية. -
(يُتْبَعُ)
(/)
ابتلاء الإرادة بالإيمان والإسلام والعبادة. -
غزو في الصميم. -
الكيد الأحمر. -
ظاهرة النفاق وخبائث المنافقين. -
كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة. -
بصائر للمسلم المعاصر. -
التحريف المعاصر في الدين. -
الحضارة الإسلامية. -
توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية. -
فقه الدعوة إلى الله تعالى. -
البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها وصور من تطبيقاتها. -
صفات عباد الرحمن في القرآن. -
منهج التربية النبوية للطفل مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح.
من آرائه ومواقفه التاريخية:
ومن آرائه البارزة في طبيعة اليهود ما ذكره في كتابه: "مكايد يهودية عبر التاريخ"، الذي كشف فيه حقيقة الكيان الصهيوني والعقيدة الصهيونية؛ حيث بين أنها قائمة على الظلم والعدوان منذ عهد الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ وحتى يومنا هذا.
وقال: إن الدارس عبر التاريخ لليهود بوصفهم شعباً له صفاته وخصائصه المميزة يجده شعباً شريراً، خائناً، ملتوياً، خبيث الطوية، ماجن السلوك، عنصرياً، مغروراً، جشعاً، يستغل الآخرين، يثير الفتن، ويبيت المؤامرات ضد الأمم والشعوب الأخرى. انظر: ص13 - 20.
ومن آرائه المشهورة أنه ذكر أربع نقاط يمكن للإنسان أن يقيس نفسه بها ويعرف ما إذا كان قوي الإرادة أم ضعيفها وهى:
1 - سرعة مبادرته للخيرات والطاعات.
2 - التفاؤل بالخير دائما.
3 - تلقي الأحداث بصبر ورضي.
4 - ملك النفس عند الغضب.
وقل: إن الإنسان إذا أراد أن يقوي إرادته الفعلية فعليه بما يلي:
1 - تقوية إيمانه بالله تعالى وبصفاته الحسنى وبقضائه وقدره.
2 - التدريب العملي من خلال مجاهدة النفس.
3 - ممارسات العبادات.
ومن مواقفه التاريخية في مضمار التصدي لما يسمى بالغزو الفكري أنه في أحد صباحات نيسان 1967م تسلل أحد الغزاة الفكريين إلى إحدى المطبوعات الدورية الحكومية في سوريا، ودس مقالا تخريبيا للفكر الإسلامي، فما كان منه ـ رحمه الله ـ إلا أن تصدى له في منبر جامع الميدان ملهبا مشاعر الجماهير المسلمة التي اندفعت إلى الشوارع في مظاهرات صاخبة، وأغلقت المحال؛ حيث كان الظرف السياسي في تلك الآونة شديد التأزم والخطورة، فتحركت الدولة بسرعة لامتصاص الأزمة، وفعلا وقع على من له علاقة بما نشر في المجلة أحكام مشددة.
رحم الله الشيخ عبد الرحمن حبنكة، فسجله الحافل بالتصدي للغزو الفكري وأكثر من ثلاثين عاما قدم فيها في المملكة العربية السعودية خلاصة فكره المنير لهي إضاءات أنارت قلوب وعقول شباب الأمة المسلمة.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[20 Dec 2006, 03:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا المفضال
أرجو ذكر مصادر ترجمة الشيخ عبد الرحمن
ـ[معروفي]ــــــــ[20 Dec 2006, 06:20 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه الترجمة الوجيزة للشيخ محمد حسن حبنكة و ابنه الشيخ عبدالرحمن رحمهما الله تعالى،
و لكن لي استدراك يسير و هو: ذكرت من كتب الشيخ عبدالرحمن (منهج التربية النبوية للطفل مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح.
حياة السلف الصالح) وهذا ليس من كتب الشيخ رحمه الله تعالى؛ بل قدّم له الشيخ فقط.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[20 Dec 2006, 07:18 ص]ـ
أثابك الله خيرا ياشيخنا الفاضل المفضال أبا عاصم
على هذه التذكرة، لعلمائنا العاملين:
الشيخ حسن حبنكة، وأخيه الشيخ صادق،
وولده الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ..
وإن شاء الله تكون فيها فائدة لكل من يقرؤها
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[20 Dec 2006, 09:02 ص]ـ
الأخ أبو صفوت للتوسع في التعريف بالشيخ ينظر كتيِّب: "عبد الرحمن حنبكة الميداني"، بقلم زوجته عائدة
الجرَّاح، دار القلم دمشق.)
وانظر هذا الرابط
http://www.yah27.com/vb/showthread.php?t=5225&highlight=%CD%C8%E4%DF%C9
وشكرا لاستدراك الأستاذ معروفي (وجزاك الله خيرا)
ـ[معروفي]ــــــــ[26 Dec 2006, 06:58 ص]ـ
أشكر الشيخ يحيى لأدبه الجم، و أرجو الله تعالى أن يعمّ خيره كل طالب علم، و أنصح الشيخ أن يذكر لنا أبرز
تجاربه و ذكرياته و مصنفاته في خدمة القرآن الكريم، على شكل خواطر متنوعة لعل الله تعالى ينفع بها، و تكون
ذخراً للشيخ يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، و جزاكم الله تعالى خير الجزاء.
أخوكم المحب لكم في الله تعالى عاطف المعروفي
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[27 Dec 2006, 12:59 ص]ـ
أشكر الشيخ يحيى لأدبه الجم، و أرجو الله تعالى أن يعمّ خيره كل طالب علم، و أنصح الشيخ أن يذكر لنا أبرز
تجاربه و ذكرياته و مصنفاته في خدمة القرآن الكريم، على شكل خواطر متنوعة لعل الله تعالى ينفع بها، و تكون
ذخراً للشيخ يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، و جزاكم الله تعالى خير الجزاء.
أخوكم المحب لكم في الله تعالى عاطف المعروفي
الأستاذ معروفي شكر الله لكم كلامكم اللطيف
إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه
وأما طلبكم أن أذكر تجارب الشيخ في القرآن وذكرياته في ذلك
فهل تقصد الشيخ حسن أم الشيخ صادق حبنكة أم الشيخ عبد الرحمن .. ؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[معروفي]ــــــــ[27 Dec 2006, 06:16 ص]ـ
بل أقصد الشيخ يحيى الغوثاني وفقه الله تعالى و سدد خطاه.
ـ[خلوصي]ــــــــ[21 May 2010, 10:04 م]ـ
كنت أجهز مقالاً جميلاً للشيخ البوطي حفظه الله عن الشيخ حسن رحمه الله بعنوان: تاريخ يشيع في يوم! ثم رات هذا المقال فأحببت رفعه مع الوعد http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif!
و بارك الله في المشايخ جميعهم.(/)
يا أهل التفسير أغيثونا
ـ[علي الريعان]ــــــــ[20 Dec 2006, 10:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين:
أخاكم حائر وبحاجة لجواب كافي ..
الجماعات الإسلامية .. الجماعات الدعوية ..
كلنا يحب الجماعة والدعوة لله ونسعى للإنضواء والإلتفاف حول بعض الأخوة الذين يتبنون الدعوة لله بالحكمة والموعظة الحسنة .. ولكل جماعة برامجها التي يتضح لنا في ظاهرها الصلاح والتقى وحب الخير .. بينما نجد أن هناك من طلبة العلم والمشائخ من يحذر منها ومن خطرها الداهم وفساد معتقداتها ..
أصدقكم أخوتي القول بأنني لم أجد في طريقتهم ما يقولون ..
مثلاً جماعة التبليغ والدعوة تقوم بجهود مضنية في سبيل الدعوة لله فقد شمل خيرهم بقاع كثيرة من العالم ودخل في الإسلام على أيديهم خلق كثير .. ومع ذلك نجد من يتهم الجماعة بتهم باطلة تشوه صورتهم وتبدد جهودهم ..
سؤالي:
هل نجد المبرر الشرعي لكل قادح للنيل من تلك الجماعات التي تبنت العمل الدعوي منهجاً وتسعى لنشر الدين وفضائله؟؟
وهل يوجد في كتاب الله الكريم ما يحذر من الجماعات التي تعنى بنشر العلم وتعاليم الله والتحذير من الوقوع في المخالفات الشرعية؟؟
والله أسأل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[20 Dec 2006, 02:09 م]ـ
اخي الكريم علي الريعان
جميلٌ جدا عنوتك للموضوع ب (يا أهل التفسير)
سلك الله بنا وبكم مسالك المهتدين, هذا الملتقى متخصص في علوم القرآن والتجويد والتفسير وهو مشتمل على ثلة من الباحثين وطلبة العلم والمتخصصين والمشتغلين بهذه العلوم عن الخوض في تصنيفات الجماعات والتحذيرات منها لما في ذلك من خروج بالملتقى عن أهدافه الرئيسة التي وضع من أجلها, ولا يخفاكم وجود ملتقيات تناقش مثل هذه الجوانب بإسهاب وتفصيل وتهتم بها وتضم المتخصصين فيها, ولعلكم تتوجهون إليهم بهذا الاستفسار ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..(/)
المجد
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[20 Dec 2006, 02:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
أما بعد: فقد أعلن الاستاذ راشد الزهراني أن قناة المجد العلمية سوف تضاف إلى باقة المجد المفتوحة
والله ولي التوفيق
الرابط
http://forum.islamacademy.net/forumdisplay.php?f=12
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[21 Dec 2006, 01:31 م]ـ
تبث على قمر عربسات 2 b على التردد 12661 - 27500
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[21 Dec 2006, 10:35 م]ـ
جزاك الله خيراً(/)
ضيفٌ جديدٌ
ـ[مبارز عبد الله العلي]ــــــــ[21 Dec 2006, 01:01 م]ـ
أنا اخ لكم ضيف جديد
أرجوا ان تقبلوني معكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Dec 2006, 01:29 م]ـ
حياك الله وبياك ونرجو لك التوفيق
ـ[أبو العالية]ــــــــ[21 Dec 2006, 02:03 م]ـ
الحمد لله،وبعد ..
جزاك الله خيراً أيا الشيخ المبادر بالترحيب.
وحياك الله أخي الكريم
نفعك الله بما أجاد به العلماء
ـ[خالد البكري]ــــــــ[21 Dec 2006, 04:58 م]ـ
حياك الله وبياك ونرجو لك التوفيق في الدارين
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[23 Dec 2006, 12:51 ص]ـ
أهلا بك وسهلاً وحييت في هذا الملتقى المبارك.(/)
الصبر، تعريفه، ومراتبه وفضله وأنواعه
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[21 Dec 2006, 01:33 م]ـ
الصبر، تعريفه، ومراتبه وفضله وأنواعه
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
فإن الله جعل الصبر جواداً لا يكبو، وصارماً لا ينبو، وجنداً لا يُهزم، وحصناً حصيناً لا يُهدم، وهو مطيّة لا يضل راكبها فهو والنصر أخوان شقيقان، فالنصر مع الصبر، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدّة ولا عدد، ومحله من الظفر محل الرأس من الجسد، وهو سبيل النجاح والفلاح، وهو فضيلة يحتاج إليه الإنسان في دينه ودنياه، فحال الإنسان إما بين صبر على أمر يجب عليه امتثاله وتنفيذه، ونهي يجب عليه اجتنابه وتركه، وقدر يجري عليه اتفاقاً، ونعمة يجب عليه شكر المنعم عليها، وإذا كانت هذه الأحوال لا تفارقه فالصبر لازم إلى الممات، فالحياة لا تستقيم إلا بالصبر، فهو دواء المشكلات لدار الابتلاء، والصبر زاد المجاهد إذا أبطأ عنه الصبر، وزاد الداعية إذا أبطأ عنه الناس بالإجابة، وزاد العالم في زمن غربة العلم، بل هو زاد الكبير والصغير، والرجل والمرأة، فبالصبر يعتصمون وإليه يلجئون وبه ينطلقون.
قال الإمام أحمد – رحمه الله – في كتاب الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((وجدنا خير عيشنا بالصبر))،إن الله وصف الصابرين بأوصاف وخصّهم بخصائص لم تكن لغيرهم، وذكر الصبر في نحو تسعين موضعاً من الكتاب الكريم، وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر وجعلها ثمرة له.
إن للصابرين معيّة مع الله، ظفروا بها بخير الدنيا والآخرة، وفازوا بها بنعمة الله الظاهرة والباطنة، وجعل الله سبحانه الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين فقال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((بالصبر واليقين؛ تُنال الإمامة في الدين)).
تعريف الصبر:
الصبر لغة:
الحبس والكف، قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ .. ) (الكهف:28)، يعني احبس نفسك معهم، والصبر حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما، ويقال صبر يصبر صبراً، وصبَر نفسه.
والصبر في الاصطلاح الشرعي:
حبس النفس على فعل شيء أراده الله أو عن فعل شيء نهى الله عنه فهو صبر على شيء أمر به الله وصبر عن شيء نهى الله عنه.
جعل الله فيه الأجر العظيم لمن أراد به وجهه، وكافأ أهل الجنة لأنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم، والصبر فيه معنى المنع والشدة والضنّ، و تصبّر رجل يعني تكلّف الصبر وجاهد نفسه عليه وحمل نفسه على هذا الخلق، وصبّرها إذا حملها على الصبر وهو ثبات على الدين إذا جاء باعث الشهوات، وهو ثبات على الكتاب والسنة، لأن من أخذ بهما فقد صبر على المصائب وصبر على العبادات وصبر على اجتناب المحرمات، فهذه أنواع الصبر الثلاثة إذاً:
ü صبر على طاعة الله.
ü صبر عن معصية الله.
ü صبر على أقدار الله المؤلمة.
هذا الصبر علّق القرآن الفلاح عليه فقال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200)، فعلّق الفلاح بمجموع هذه الأمور،ونهى عن ما يضاد الصبر فقال: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ .. ) (الاحقاف:35) كما قال: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا .. ) (آل عمران:139) وكذلك فإنه سبحانه وتعالى أخبر عن مضاعفة الأجر للصابرين: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا .. ) (القصص:54)، وإذا كانت الأعمال لها أجر معلوم محدود فإن الصبر أجره لا حد له، قال تعالى: ( .. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر:10)، قال سليمان بن القاسم: كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر لأجل هذه الآية {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، قال: كالماء المنهمر، وعلق الله الإمامة في الدين على الصبر وعلى اليقين كما مرّ في الآية،وجعل الله الظفر بمعية الصبر فقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
( .. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:46)
وجعل للصابرين أموراً ثلاثة لم يجعلها لغيرهم: وهي
الصلاة منه
والرحمة
والهداية
(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة)
وجعل الصبر سبحانه وتعالى عوناً وعدة وأمر بالاستعانة به، فقال ( .. اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ .. ) (البقرة:153)
، فمن لا صبر له؛ لا عون له، وعلّق النصر على الصبر والتقوى فقال تعالى: (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ) (آل عمران:125)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((واعلم أن النصر مع الصبر))،وجعل سبحانه الصبر والتقوى جنة عظيمة من كيد العدو ومكره فقال ( .. وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً .. ) (آل عمران:120)، وأخبر أن ملائكته تسلّم في الجنة على الصابرين فقال: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد:24) وجعل الله الصبر منزلة فوق منزلة المعاقِب لمن عاقبه بمثل العقوبة فهو أفضل وأكثر أجراً فقال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل:126)، فتأمل هذا التأكيد (لئن) اللام ولامٌ أخرى للتأكيد (لهو).
ورتب المغفرة والأجر الكبير على الصبر مع العمل الصالح فقال (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (هود:11)، وجعل الصبر على المصائب من عزم الأمور وهذه مرتبة لا ينالها أي أحد فقال عز وجل (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (الشورى:43)، وأوصى لقمان الرجل الصالح الحكيم ولده بأن يصبر على ما أصابه في سبيل الله (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان:17) ووعد الله المؤمنين بالنصر والظفر، وهي كلمته التي سبقت لهم نالوها بالصبر فقال تعالى: ( .. وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) (لأعراف:137)
وعلّق تعالى محبته بالصبر، وجعلها لأهل الصبر فقال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:146)، وأخبر عن خصال من الخير لا يلقاها إلا الصابرون فقال تعالى في أهل العلم الذين علموا قومهم المفتونين بقارون: ( .. وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) (القصص:80)
، وعند الدفع بالتي هي أحسن (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35) وأخبر أنه لا ينتفع بآياته ولا يستفيد منها إلا صاحب الصبر المكثر منه فأتى به بصيغة المبالغة في قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (ابراهيم:5)، وفي سورة لقمان قال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (لقمان:31)، وبعد قصة سبأ قال ( ... فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (سبأ:19)، وفي ذكر النعمة بالسفن على العباد تنقل أنفسهم وبضائعهم قال: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي
(يُتْبَعُ)
(/)
ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (الشورى)
فهذه أربع مواضع في القرآن الكريم تدل على أنه لا ينتفع بالآيات إلا أهل الصبر والشكر، الدين كله صبر وشكر، الإيمان نصفان صبر وشكر، حياة المسلم كلها صبر وشكر، ماذا يوجد في الطاعات والعبادات والتقرب إلى الله غير الصبر والشكر .. ؟ !
وأثنى الله على عبده أيوب بأحسن الثناء لأنه صبر فقال: ( .. إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (صّ:44)
فمدحه بقوله نعم العبد لأنه صبر، وحكم الله بالخسران حكماً عاماً على من لم يكن من أهل الصبر فقال: (وَالْعَصْرِ *إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ *إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر)
وخص الله أهل الميمنة (أصحاب اليمين) بأنهم أهل الصبر والمرحمة فقال تعالى: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد:17)، وقرن الصبر بأركان الإسلام ومقامات الإيمان فقرنه بالصلاة فقال: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ .. ) (البقرة:45) وقرنه بالأعمال الصالحة فقال:) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ .. ) (هود:11)، وقرنه بالتقوى فقال: ( .. إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ .. ) (يوسف:90) وقرنه بالتواصي بالحق فقال: ( .. وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3) وقرنه بالرحمة فقال: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد:17)، وقرنه باليقين فقال: ( .. لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24)، وقرنه بالصدق فقال: ( ... وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ .. ) (الأحزاب:35)، فنعم المنزلة منزلة الصبر ونعم الخلق خلق الصبر ونعم أهله أهل الصبر، فالصبر طريق الجنة:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214).
هذا الصبر العناية به في القرآن الكريم كبيرة جداً دليلاً على أهميته، دليلاً على أنه خلق عظيم:
لا تيأسنّ وإن طالت مطالبة ** إذا استعنت بصبر أن ترى الفرج
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ** ومدمن القرع للأبواب أن يلج
وقل من جد في أمر يحاوله ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
والصبر لدخول الجنة وسبب النجاة من النار، فالجنة حفت بالمكاره، والنار حفت بالشهوات، فكيف تدخل الجنة بدون صبر على المكاره؟، وكيف تقي نفسك النار بدون صبر عن الشهوات؟، وقد نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على المعنى اللطيف في هذا الحديث، حفت الجنة بالمكاره؛ علمنا أنه لا طريق للجنة إلا عبر المكاره، لأنه قال حُفّت، من جميع الجهات، فإذا ما ركبت المكاره لا تدخل الجنة، والمكاره هي ما تكرهه النفس من المجاهدة اللازمة لأداء العبادات (صلاة الفجر – الوضوء في البرد- الصبر على المصائب- الجهاد .... )،فلا يمكن دخول الجنة إلا باختراق المكاره، ولا يمكن اختراقها إلا بالصبر، وأما النار فإنها حفت بالشهوات، ولا يمكن منع النفس من الدخول في النار إلا إذا صبر عن المعاصي وامتنع عن المعصية وحبس نفسه عن ذلك فهذه إذاً فضائل هذا الخلق الكريم.
ما حكم الصبر؟
أصل الصبر واجب، الصبر من حيث الجملة واجب، والله أمر به (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ .. ) (البقرة:45) ( .. اصْبِرُوا وَصَابِرُوا .. ) (آل عمران:200)
(يُتْبَعُ)
(/)
ونهى عن ضده ( .. وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ .. ) (الاحقاف:35) ( .. فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ) (لأنفال:15) ( .. وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد:33)، ورتب عليه خيري الدنيا والآخرة، لكن عندما نأتي إلى التفصيل فالصبر منه ما هو صبر واجب، يأثم الإنسان إذا لم يصبر ومنه ما هو صبر مستحب فهو واجب في الواجبات و واجب عن المحرمات و مستحب عن المكروهات و إذا صبر عن المستحب ولم يفعله فصبره مكروه، ومما يدل على أن الصبر قد يكون لازماً قول الله تعالى: ( .. وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل:126) فهذا يدل على أن الصبر قد لا يكون لازماً كقوله: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل:126)
فما حكم الصبر هنا؟، أنت مخيّر بين أن تعاقب من عاقبك؟، ما الحكم الشرعي؟،يجوز لك القصاص فتنتقم منه بمثل ما ظلمك، ما حكم الصبر وعدم الانتقام؟، مستحب، فإذا ً لو قلت ما حكم الصبر على صلاة الفجر؟، واجب، ما حكم الصبر عند المصيبة بمنع النفس عن النياحة؟ واجب، ما حكم الصبر عن الانتقام ممن أساء إليك بمثل ما أساء؟ مستحب ..
فالصبر إذاً منه ما يكون واجباً ومنه ما يكون مستحباً والصبر جاء في صيغة المفاعلة في القرآن فقال {وَصَابِرُوا}، وهذه عادة ما تكون إلا بين طرفين {وَصَابِرُوا}، فمعنى ذلك أن هناك مغالبات بين المسلم والعدو، وأننا لابد أن نصابر أنفسنا على باطلهم وعلى جهادهم وعلى مقاتلتهم ومرابطتنا في الثغور وثباتنا عليها حتى لا ينفذوا إلينا من هذه الجهات فهذا صبر مهم جداً ..
الصبر نوعان: بدني.
نفسي.
وكل منهما قسمان: اختياري واضطراري، فصارت القسمة أربعة ..
بدني اختياري: تعاطي الأعمال الشاقة.
بدني اضطراري: الصبر على ألم الضرب، لأنه يضرب وماله حيلة إلا الصبر.
نفسي اختياري: صبر النفس عن فعل مالا يحسن شرعاً، مكروه مثلاً.
نفسي اضطراري: صبر النفس عن فقد المحبوب الذي حيل بينها وبينه بحيث لو لم تصبر هذا الصبر لوقعت في الجزع المحرم أو النياحة أو لطم الخدود أو شق الجيوب أو قص وحلق الشعور ونحو ذلك.
والبهائم تشارك الإنسان في النوعين الاضطراريين ولكن الصبر الاختياري هو الذي يميز الإنسان عن البهيمة، فقال رجل من أهل الحكمة: ((ما غلبني رجل كما غلبني شاب من مرو، قال لي مرة ما الصبر، قلت: إن وجدنا أكلنا وإن فقدنا صبرنا، قال: هذا ما تفعله كلاب مرو عندنا!، قلت فما الصبر عندكم؟ قال: إن فقدنا صبرنا وإن وجدنا آثرنا وأعطينا لغيرنا))، فإذاً هناك صبر تشارك فيه البهائم الإنسان ولكن هناك صبر يتفوق به المسلم الإنسان على البهيمة والدابة، وقد تجد من الكفار من يصبر على المصائب ويتجلد ولا ينهار ولكن لا يرجو من وراء ذلك جزاء من عند ربه ولا أجراً يوم القيامة ..
وكذلك فإن الصبر متعلق بالتكليف لأن الله ابتلى العباد بواجبات لابد أن يفعلوها ومحرمات لابد أن يتركوها، وأقدار لابد أن يصبروا عليها، فلا يقعوا في الجزع والتسخط و شكوى الخالق إلى المخلوقين.
وقد ورد الصبر في السنة أيضاً في مواضع متعددة:
بشر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يصبر على فقد عينيه بالجنة: ((إن الله تعالى قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته منهما الجنة)) [رواه البخاري].
((ومال عبد مؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)).
لما مرضت الأمة السوداء بالصرع جاءت تشتكي للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشف فادعُ الله لي، قال: ((إن شئتِ صبرتي ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيكِ)) فقالت: أصبر ولكن ادع الله لي ألا أتكشف. فدعا لها فكانت تصرع ولا تتكشف. [متفق عليه].
(يُتْبَعُ)
(/)
ورد في السنة ما يفيد أن الصبر خلق يمكن تحصيله، فهناك أناس جبلهم الله على الصبر وبعضهم جبله على قليل منه، فلو كان عند المرء نقص في هذا العمل من أعمال القلوب فيمكن تحصيله بالرياضة النفسية والتدريب عليه والمجاهدة، فهو شيء ممكن اكتسابه وليس شيئاً فطرياً فقط لا يمكن الزيادة عليه، والدليل على أن الصبر خلق مكتسب وليس خلق فطري فقط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن يتصبّر يصبّره الله))، فقد يكون إنسان جزع بأصل طبعه لكن لما علم فضل الصبر وأجره وأهميته ومكانته في الدين قرر ألا يمر بحادث وموقف في حياته إلا ويستعمل الصبر ويجاهد نفسه عليه ويجبرها عليه حتى تصبح صبّارة.
بينت السنة أن الصبر للمؤمن خير عظيم، إذا أصابته ضراء يكون الخير له.
بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصبر ضياء، كما جاء في حديث مسلم فقال: ((الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك)).
لما مر النبي صلى الله عليه وسلم عند امرأة تبكي عند قبر فأراد أن يعظها فقال لها: ((اتقي الله واصبري)) قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه. فلما مضى صلى الله عليه وسلم لم يشأ أن يجادل المرأة في هذه الحالة، وهذا هو الموقف الصحيح للداعية في مثل هذا الحال، فلما مضى صلى الله عليه وسلم قيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت لأنه ردت عليه هذا الرد وهو نبي الله صلى الله عليه وسلم فأتت بابه لتعتذر فلم تجد عنده بوابين ولا حرس من تواضعه فقالت معتذرة: لم أعرفك. فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)). [رواه البخاري].
كذلك لما مات أبو سلمة، ماذا تقول أم سلمة وزوجها بهذه المكانة الكبيرة في نفسها، قالت ما تعلمته سابقاً: ((إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها))، ولما مات زوجها وجاءت لتقول العبارة فقالت أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ بعدما رأت من حسن معشره وطيب خصاله، ولأنها مؤمنة قالت ما تعلمته، قالت: فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد خطبها وتزوجها.
وإذا صبر العبد على فقد الولد، يقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم، قال قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم، فيقول ماذا قال عبدي، فيقولون حمدك واسترجع، فقال: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)). فلا يقبض لمؤمن صفي من أهل الأرض فيصبر ويحتسب إلا وكان له ثواب إلا الجنة.
كذلك فالناس يبتلون على حسب دينهم وعلى حسب صبرهم ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلباً وعنده صبر قوي زيد له في البلاء ليزداد أجراً)).يوم القيامة يود أهل العافية عندما يعطى أهل البلاء الثواب ويقسم عليهم، الذين صبروا في الدنيا، يتمنون لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بمقاريض .. ! [الحديث في الترمذي وحسنه الألباني].
والنبي صلى الله عليه وسلم مما ورد في سنته أيضاً وعلّمنا إياه تمهيد نفسي للمواجهة: ((إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم)). أيام الصبر هي أيام الابتلاء في الدين والشهوات المستعرة والشبهات المستحكمة ومع ذلك المرء صابر لدينه. فسماها أيام الصبر لأنه لا يستعمل فيها إلا الصبر ولا حلّ إلا الصبر. المؤمنون في مكة ابتلوا فيأتي الصحابي فيأتي الصحابي يقول للنبي صلى الله عليه وسلم ادع الله لنا، ألا تستنصر لنا؟، فصبرهم صلى الله عليه وسلم بأنه كان من قبلهم كان الرجل يُحفر له في الأرض فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق اثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه وعصبه ما يصده ذلك عن دينه. فهناك مواقف والصبر هو القائد وهو الملاذ والحصن الحصين، من دخله عصم ..
الناس في الصبر أنواع وهذا تقسيم شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه سبر نفوس الناس حسب ما رأى من الدين:
أهل الصبر والتقوى، وهم الذين أنعم الله عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة، صبروا على طاعته وصبروا على ترك محارمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ناس عندهم تقوى بلا صبر، فقد يكون هناك رجل عابد زاهد قوام صوام متصدق منفق ذاكر قانت لكن إذا نزلت به المصيبة ينهار، فعنده تقوى لكن إذا نزلت به مصيبة انهار. يقول ابن الجوزي: رأيت كبيراً قارب الثمانين كان يحافظ على الجماعة فمات ولد لابنته فقال ما ينبغي لأحد أن يدعو فإنه لا يستجيب. فإذاً من الناس من عنده عبادة لكن لا يصبر ولا يتجلد ولا يقاوم عند المصيبة فينهار. بل إن أحد هؤلاء قال: عندي كذا أولاد لا أخشى عليهم إلا منه! - تعالى الله انظر إلى الكفر إذا وصل إلى درجات في هذا الباب، سوء ظنه بالله، ماذا تنفع الصلاة وهذه عقيدته التي في قلبه؟ (قُلْ مَنْ يَكْلَأُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ .. ) (الانبياء:42) (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ... ) (الرعد:11). إذاً الذي ليس عنده صبر لا تنفعه عبادته.
ناس لديهم صبر بلا تقوى. مثل الفجار لكنهم جلدين يصبرون على ما يصيبهم ككثير من اللصوص وقطاع الطرق يصبرون على الآلام والمشاق لنيل الحرام، وكذلك طلاب الرياسة والعلو، يصبرون على أنواع من الأذى لا يصبر عليها أكثر الناس. فهو من أجل أن يصل إلى هدفه يضيع صلوات ويأكل حرام ولا يبالي فعنده صبر بلا تقوى وغالب هؤلاء لا يرجون من الله جزاء على صبرهم، فالصبر لديهم خلق مفطورين عليه. ويوجد من الكفار من يتجلّد عند المصيبة فقد جاء مدح الروم في حديث عمرو بن العاص: ((أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة))، تقع عليهم الكارثة فيستدركونها بسرعة، ومن تأمل ما حدث لهم وهم النصارى بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، كيف تهدمت بلادهم فما أسرع ما أعادوا بنائها و أعادوا مسيرة الاقتصاد و الإنتاج والزراعة والصناعة وقد مات منهم أكثر من 40 مليون.قال: وكذلك أهل المحبة للصور المحرمة من العشق، يصبرون على ما يهوونه من المحرمات من أنواع الأذى، فربما هذا المعشوق يجعل العاشق يتعذب من أجله ويشتغل لأجله ويحاول إرضائه بشتى الطرق، فعنده صبر ولكن بلا تقوى وهكذا .. ،وقد يصبر الرجل على ما يصيبه من مصائب كالمرض والفقر ولا يكون فيه تقوى إذا قدر، إذا قدر صار جباراً شقياً.
وهو شر الأقسام، لا يتقون إذا قدروا ولا يصبرون إذا ابتلوا (إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً *إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً *وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) (المعارج)
مراتب الصبر:
والصبر مراتب فالصبر على طاعة الله أعلى منزلة من الصبر عن المعاصي والصبر عن المعاصي أعلى منزلة من الصبر على الأقدار. فالصبر على الواجبات أعلى أنواع الصبر لأن جنس فعل الواجبات أعلى درجة عند الله من جنس ترك المحرمات، وأجر ترك المحرمات أكبر من أجر الصبر على المصائب، لأن الصبر على الواجب والصبر على ترك الحرام عملية اختيارية، لكن لما نزلت به المصيبة، شيء بدون اختياره، ليس له إلا كف النفس والصبر. فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن يوسف عليه السلام: " كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها الذي دعته إليه من الحرام أكمل من صبره على إلقاء أخوته له في الجبّ"، فصبره على الفاحشة أكمل وأعظم وأكثر أجراً من صبره على السجن وإلقاء أخوته له لأن الأول فيه شيء اختياري وصبره عليها صبر رضا ومحاربة للنفس لا سيما مع وجود الأسباب القوية المزينة للحرام فكان شاباً أعزباً وغريباً عند البلد و عبداً مملوكاً والمرأة جميلة وصاحبة منصب وهي التي دعته فسقطت الحواجز النفسية ثم استعانت عليه بكيد النسوة وهددته بالسجن، ثم إن زوجها ليست عنده غيرة (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ... ) (يوسف:29)، وغُلّقت الأبواب وغاب الرقيب، فصار داعي الزنا قوي جداً جداً ولكنه صبر عليه الصلاة و السلام، أما الأمور الأخرى من السجن وإلقاء أخوته له في الجبّ فجرت عليه بغير اختياره ولا كسب له فيها.
مجالات الصبر
الصبر على بلاء الدنيا (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) (البلد:4) مشقة وعناء وبلاء وفتن، والله تعالى قال (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة:155)
(يُتْبَعُ)
(/)
الصبر على مشتهيات النفس (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ .. ) (المنافقون:9)، ولذلك قال بعض السلف: " ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر .. ! ".وقالوا: " البلاء يصبر عليه المؤمن والعافية لا يصبر عليها إلا صدّيق".
والصبر على مشتهيات النفس لابدّ أن يكون من وجوه أربعة كما قال ابن القيم رحمه الله:
أن لا يركن إليها ولا يغترّ بها.
أن لا ينهمك في نيلها ويبالغ في استقصائها.
أن يصبر على أداء حق الله فيها.
أن لا يصرفها في حرام.
الصبر عن التطلع إلى ما بيد الآخرين، وعن الاغترار بما ينعمون به من مال وبنين، فبعض قوم قارون ما صبروا فقالوا: ( .. يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ .. ) (القصص:79)، والله تعالى قال: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (المؤمنون)
(وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ .. ) (طه:131) إنما أعطيناهم ( .. لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طه:131) الصبر على طاعة الله، وهذا أعظم أنواع الصبر وأشده على النفوس ( ... فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ .. ) (مريم:65) اصطبر أكمل وأبلغ من اصبر فالزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا .. ) (طه:132) على الصلاة وعلى أمر الزوجة بالصلاة،
والصبر على الطاعة له ثلاث أحوال:
قبل الطاعة بتصحيح النية وطرد شوائب الرياء.
بحال الطاعة أن لا تغفل عن الله فيها ولا تتكاسل عن أدائها وتراعي واجباتها وأركانها والخشوع في الصلاة.
بعد الفراغ منها بأن لا تفشي ما عملت وتُعجَب به وتُسَمّع به في المجالس ( .. لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى .. ) (البقرة:264) ( .. وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد:33) الصبر على مشاق الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فإنه غير خافٍ على الدعاة حال الناس اليوم من البعد عن الدين و البعد هذا يستلزم دعوة كبيرة وإنكاراً للمنكرات وصدع بالحق، عمر بن عبد العزيز لما استشعر المسؤولية الكبيرة في تغيير الانحرافات المتراكمة من سنوات طويلة في العهود السابقة قال: "إني أعاجل أمراً لا يعين عليه إلا الله" .. !.فنوح عليه السلام صبر هذا الصبر العظيم في الدعوة 950 سنة، ألف سنة إلا خمسين عاماً على جميع أنواع الابتلاءات (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً *فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً) (نوح) وهكذا سراً وجهاراً ما ترك فرصة إلا قام بالدعوة، ثم الدعوة ليست عملية سهلة لأن الإنسان يجد كيد من الأعداء وحسد حتى من الناس الذين يظنهم معهم والقريبين منه على ما آتاه الله من فضله فيتمنون أن يوقع به ويضر ويتوقف ولذلك لابد للداعية أن يصبر في الداخل والخارج، القريبين والبعيدين، مع الناس الذين هم ضده علناً أو الذين يضمرون له الشر في داخل أنفسهم، (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً .. ) (آل عمران:186)، والحل ( .. وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (آل عمران:186)، (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) (المزمل:10) الرسل كان من رأس مالهم وبضاعتهم الصبر على إيذاء أقوامهم بل أكّدوا على ذلك وقالت الرسل لأقوامهم: ( .. وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (ابراهيم:12) (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا .. ) (الأنعام:34) وهكذا يصبر الداعية على طول الطريق وعقباته وبطء النصر وتأخره، (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214) (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف:110)
إن هناك صبراً حين البأس وفي الحرب وعند لقاء العدو والتحام الصفين فيكون الصبر شرط للنصر والفرار كبيرة ولذلك أوجب الله الثبات ( .. إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا .. ) (لأنفال:45) وحذر من الفرار وتولي الأدبار وعندما تضطرب المعركة وينفرط العقد فيكون الصبر أشد (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:142)، (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً .. ) (آل عمران:144) وحدثنا الله عن الثلة المؤمنة البقية الباقية بعد عمليات الترشيح المستمرة في قصة طالوت، ( .. إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ .. ) (البقرة:249) ( .. فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ .. ) (البقرة:249) حتى الذين جاوزا النهر كان بعضهم استسلاميين فقالوا: (قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ)، ( .. قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ .. ) (البقرة:249)، لذلك كان المسلمون صُبُر عند اللقاء، يصبرون وكانوا يتناقلون بينهم عبارة " إنما النصر صبرُ ساعة"، والمراغمة والمدافعة الآن بين فريقين، الذي يصبر أكثر هو الذي ينتصر، فأوصى الله عباده بالصبر على ما يلاقونه من ضرر الناس وأن لا يقابلوا السيئة بمثلها (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.) (فصلت:34) فالصبر يكون أحياناً للمعلم على أذى التلميذ، للداعية على أذى المدعوّ، للمربي على أذى المتربي وهكذا .. ، ولذلك يقول الخضر لموسى (قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً *وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) (الكهف) فتعهّد وقال (قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً .. ) (الكهف:69) تعهد ولكنه لم يستطع أن يصبر في تلك المواقف، فإذاً الصبر له مواقف ومواطن وحالات ومجالات ينبغي علينا أن نكون من الصابرين لله فيها ...
ماهي الأسباب المعينة على الصبر؟
q المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا وما جُبِلت عليه من المشقة والعناء وأن الله خلق الإنسان في كبد وأنه كادح إلى ربه كدحاً فملاقيه وأن الآلام والتنغيص من طبيعة هذه الدنيا والابتلاءات {ولنبلونّكم} ..
جبلت على كدرٍ وأنت تريدها ** صفو من الآلام والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ** متقلب في الماء جذوة نار
ومن لا يعرف هذه الحقيقة سيتفاجأ بالأحداث، أما الذي يعرف طبيعة الحياة الدنيا إذا حصل له أي ابتلاء ومنغصات فإن الأمر عنده يهون.
q الإيمان بأن الدنيا كلها ملك لله تعالى، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ .. ) (النحل:53)، ولذلك الإنسان إذا حرم من شيء وابتلي يقول: ( .. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة:156)، لا يوجد كلمة أبلغ في علاج المصاب وأنفع له عند المصيبة من تذكير العبد نفسه بهذين الأصلين. والدنيا فانية، والعبد وأهله وماله ملك لله، والمال وأولاده جعلوا عنده عاريّة، وصاحب العارية متى ما شاء استردها، ومصير الناس العودة إلى الله سبحانه وتعالى. وأم سليم لما فقهت هذا كان لها مع أبي طلحة ذلك الموقف المشهور فلما مات ولده الذي يحبه فقالت: (يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا أهل بيت عارية فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟) قال: لا .. إن العارية مؤداة، قالت: (إن الله أعارنا فلاناً – ولدنا- ثم أخذه منا) فاسترجع ..
(يُتْبَعُ)
(/)
q معرفة الجزاء والثواب على هذا الصبر .. وقد تقدم ذكر شيء من هذا .. ( .. نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ *الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (العنكبوت) يوفون أجرهم بغير حساب ..
q الثقة بحصول الفرج، والله جعل مع كل عسر يسرين رحمة منه عزوجل (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح) العسر معرفة بأل، و يسر نكرة، فالعسر هو نفسه و يسر يسر ٌثانٍ، ولن يغلب عسرٌ يسرين. والله تعالى جعل اليسر مع العسر وليس بعده، ولذلك فالله ينزل المعونة على قدر البلاء، والله لا يخلف الميعاد، (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (الروم:60)
q والفجر ينبلج ولو بعد ليل طويل ..
اشتدي يا أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلج
يعقوب صبر على فقد يوسف والولد الثاني، وقال: ( .. فَصَبْرٌ جَمِيلٌ .. ) (يوسف:83) لا تسخّط فيه ولا جزع، وقال: ( .. عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً .. ) (يوسف:83) فبعض الناس يصبرون صبراً غير جميل، والصبر الجميل ليس فيه تشكّي للمخلوقين (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ .. ) (يوسف:86) وليس إليكم.
q الاستعانة بالله تعالى واللجوء إلى حماه وطلبة معونته سبحانه، قالها موسى لقومه: ( .. إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (لأعراف:128)، وحاجة الصابرين إلى الاستعانة عظيمة جداً ولذلك كان التوكل جانباً للمعونة من الله (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (العنكبوت:59).
q الإيمان بالقضاء والقدر من أعظم ما يعين على الصبر، وأن يعلم العبد أن قضاء الله نافذ وأن يستسلم لما قضاه وقدره مما لا حيلة له به، (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا .. ) (الحديد:22)، ثم إن العبد يعلم أن الجزع والهلع والتبرم والاعتراض والتشكّي والتضجر لا يجدي شيئاً ولا يعيد مفقوداً فلا حلّ إلا بالصبر، والعاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد سبعة أيام .. !، أي يستسلم.
آفات في طريق الصبر:
قضية الاستعجال (خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ .. ) (الانبياء:37) الإنسان يجب أن يصبر ويتأنى والثمرة تأتي ولو بعد حين .. ، (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ .. ) (الاحقاف:35)
لقد باءت دعوات بالفشل .. لماذا؟ .. لأن أصحابها لم يصبروا ..
الغضب ينافي الصبر، ولذلك لما خرج يونس مغاضباً قومه ابتلاه الله بالحوت، فتعلم الصبر في بطن الحوت (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ .. ) (القلم:48) .. ، ولولا أنه كان من المسبّحين قبل أن يبتلعه الحوت للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، لذلك العبادة في وقت الرخاء تجلب الفرج في وقت الشدة، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، ولذلك لما نادى يونس في بطن الحوت؛ عرفت الملائكة صوته لأنها كانت تسمعه وهو يذكر الله في حال الرخاء ..
اليأس أعظم عوائق الصبر، ولذلك حذر يعقوب أولاده منه (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ .. ) (يوسف:87) (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ .. ) (آل عمران:139)
( .. وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:35) إذاً إضاءة شمعة الأمل دواء اليأس والاستعانة بالله هي الأمل، لأن الله لا يخيب ولا يضيع من رجاه ويأتي الفرج ولو بعد حين ..
التأمل في قصص الصابرين من أعظم الأسباب المعينة على الصبر:
فهذا نوحٌ عليه السلام صبر في دعوته لقومه صبراً عظيماً دام ألف سنة إلا خمسين عاماً جاهد ودعوة، وصبر على الإيذاء والسخرية، اتهموه بالجنون والسحر والضلال وهو يقابل ذلك بالصبر حتى قالوا: (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) (الشعراء:116)، وصبر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
إبراهيم تعرض لمحنة عظيمة ويصبر صبر الموحد الموقن بوعد الله، حتى لما ألقي في النار قال: {حسبي الله ونعم الوكيل}، حتى لما أُمِر بذبح ولده صبر وهمّ بذبح الولد، وأخذ السكين وأضطجع الولد استسلاماً لأمر الله، والله ابتلاه بهذا الأمر فصبر.
وموسى واجه التهديد والإيذاء من قومه وقوم فرعون قبلهم، فصبر على دعوة قومين!.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لما تذكر أخيه موسى: {يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر}.
إبراهيم لما أُمِر بترك ولده وهو حديث عهد ولادة، وقد كان عقيماً، جاءه اسماعيل بعد سنوات طويلة جداً وهو شيخ كبير، وجاءه الأمر من الله اتركه وأمه في وادٍ غير ذي زرع!، ما نال الخليل هذه المرتبة من شيء قليل، فمضى ولم يلتفت ولم يتحسر ولم يتردد، حتى قالت هاجر: لمن تتركنا؟ آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، فرجع للشام ورزقه الله من سارة بإسحاق ومن ورائه يعقوب.
وعيسى عانى من بني إسرائيل من التهم الباطلة، تآمروا على قتله وصلبه وصبر حتى رفعه الله إليه.
وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم كم تعرض للأذى والاضطهاد، قالوا عنه مجنون ساحر كذاب خائن، وأشد شيء على الصادق أن يتهم بالكذب ,أشد شيء على العاقل أن يقال عنه مجنون، وأشد شيء على الأمين أن يتهم بالخيانة، وأشد شيء على المؤمن أن يقال عنه شاعر ساحر به جنّة، وهو أكمل الخلق وأصدقهم وأعقلهم، ووضعوا الشوك وأخرجوه من بلده، وذهب للطائف يعرض نفسه على القبائل، وأحسّ بالاضطهاد وخرج من مكة لا يدري من الهم لم يستفق إلى في قرن الثعالب، حتى تآمروا على قتله ( .. لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ .. ) (لأنفال:30)، وقتلوا بعض أصحابه وعذبوا بعضهم، وأشد شيء على النبي أن يرى أتباعه يضطهدون ويقتلون أمامه، يمر عليهم فيقول: (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة)، وهكذا صبر صلى الله عليه وسلم حتى أتاه اليقين من ربّه بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة حتى لما ذهب المدينة لا يُظَنّ أن مجالات الصبر قد خفّت لأنه عانى من المنافقين معاناة عظيمة، يكفي حادثة الإفك، وصبر على كيد اليهود، ووضعوا له السم، وكانت نوبات الحمى تنتابه حتى مات في آخر نوبة منها فكان في ذلك أجله وهكذا أصحابه، بلال، سمية، صهيب، عمار، مقداد، أبو بكر، صهروهم في الشمس وعذبوهم .. وهذا الصحابي خبيب، يسجن ليقتل ويصلب ..
ولست أبالي حين أقتل مسلماً ** على أي جنبٍ كان في الله مصرعي
المرأة التي قُتِل أبوها وأخوها وزوجها في يوم أحد فصبرت على ما حصل لها من هذه الأقدار، فماتوا في رفعة الدين ونصرة الدين وجهاد الكفار، وهكذا سار على هذا المنوال التابعون وتابعو التابعين ..
عروة بن الزبير من أفاضل التابعين وأخيار التابعين، كان له ولد اسمه محمد من أحسن الناس وجهاً، دخل على الوليد في ثياب جميلة فقال الوليد: هكذا تكون فتيان قريش، ولا دعا بالبركة فقالوا أنه أصابه بالعين، خرج هذا محمد بن عروة بن الزبير من المجلس فوقع في اصطبل للدواب فلا زالت الدواب تطأه حتى مات، ثم مباشرة وقعت الآكلة (الغرغرينا) في رجل عروة وقالوا لابد من نشرها بالمنشار وقطعها حتى لا تسري لأماكن الجسد فيهلك، فنشروها فلما وصل المنشار إلى القصبة (وط الساق) وضع رأسه على الوسادة فغشي عليه ثم أفاق والعرق يتحدّر من وجهه وهو يهلل ويكبّر ويذكر الله، فأخذها وجعل يقلبها ويقبلها في يده وقال: ((أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أنني ما مشيت بك إلى حرام ولا إلى معصية ولا إلى ما لا يرضي الله))، ثم أمر بها فغسلت وطيبت وكفنت وأمر بها أن تقدم إلى المقبرة، لما جاء من السفر بعد أن بترت رجله وفقد ولده قال لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً، ولما قالوا: نسقيك شيئاً يزيل عقلك؟ قال: إنما ابتلاني ليرى صبري، ورفض.
أبو قلابة ممن ابتلي في بدنه ودينه، وأريد على القضاء وهرب إلى الشام فمات بعريضة وقد ذهبت يداه ورجلاه وبصره وهو مع ذلك حامد شاكر.
(يُتْبَعُ)
(/)
أحمد بن بنصر الخزاعي من كبار علماء السلف كان قوالاً بالحق آمراً بالمعروف، نهاءً عن المنكر،ثبت في محنة خلق القرآن، حملوه إلى سامراء فجلس مقيداً وعرض عليه الرجوع عن القول بأن القرآن كلام الله المنزل وعرض عليه القول بخلق القرآن فرفض، وقاموا عليه بحرب نفسية وجسدية .. ، فيقوم القاضي عند خليفة السوء فيقول إنه حلال الدم، ووافقه من كان حاضراً، وأحمد بن أبي دؤاد قال شيخ كبير، يتظاهر بالشفقة عليه، فقال الخليفة: ما أراه إلا مؤدياً لكفره فأخذ السيف وقال إني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر .. !، فضرب به عنقه بعد أن مدوا رأسه بحبل، ونصب رأسه بالجانب الشرقي من بغداد، يقول أحد أهل العلم جعفر بن محمد الصائغ رأيت أحمد بن نصر الخزاعي حين قُتِل قال رأسه لا إله إلا الله وهذا من كراماته رحمه الله، قال الإمام أحمد رحمه الله عنه: جاد بنفسه في سبيل الله.
والإمام أحمد نفسه كيف صبر في محنة خلق القرآن؟، حُمِل هو ومحمد بن نوح وهو شاب وليس عالماً لكن صبر مع الإمام أحمد، فحُمِل إلى المأمون، يشاء الله أن محمد بن نوح يمرض ويوصي الإمام أحمد: أنت إمام وأنا أموت ولا أحد يأبه لي، فاصبر .. ، ويموت محمد في الطريق، ويؤخذ الإمام أحمد رحمه الله مقيد، ودخل عليه بعض الناس قبل الدخول على الخليفة (هناك أحاديث في التقية والمرء عند الشدة يمكن أن يورِّي حتى تمضي العاصفة)، قال: كيف تصنعون بحديث خبّاب؟ إنه من كان قبلكم يُنشَر أحدهم بالمنشار ثم لا يصده ذلك عن دينه فيئسوا منه وتركوه، وقال اللهم لا تريني وجه المأمون، فمات المأمون قبل أن يصل أحمد، ووصل الخليفة الذي بعده والمحنة مازالت مستمرة، فيقول له: يا أحمد إنها والله نفسك، إنه لا يقتلك بالسيف ولكن يضربك ضرباً بعد ضرب حتى تموت، قال ناظَر ابن أبي دؤاد، فأسكت، هاتوا شيء من القرآن أقول به، هاتوا شيء من السنة أقول به فلا يأتون بدليل، يقول الخليفة لأحمد:تعرف صالح الرشيدي؟،قال:سمعت باسمه، قال: كان مؤدبي، فسألته عن القرآن فخالفني، ولما خالفني وأصر على أن القرآن غير مخلوق أُمِرت به فوطيء وسُحِبَ حتى مات، قال: هاتوا العقابين والسياط، قال: ائتوني بغيرها، ثم قال الخليفة للجلادين: تقدموا واضربوه، وربطوا الإمام أحمد، وكل فرد منهم يضرب سوطين و بأقوى ما عنده ويقول الخليفة للجلاد: شدّ يداً قطع الله يدك .. ،لينال أحمد رحمه الله أعظم العذاب بالضرب على أيديهم، ثم يقول الخليفة علامَ تقتل نفسك إني عليك لشفيق وجعل ذلك القائم على رأسه الحارس ينخسه بالسيف، وذاك يقول ويحك يا أحمد ما أجبتني، أجبني إلى أي شيء يكون لك فيه فرج حتى أطلقك فيقول: يا أمير المؤمنين أعطني شيئاً من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي الجلاد ويضرب وهكذا تستمر عملية الضرب حتى قال ذهب عقلي فأفقت والأقياد في يدي فقال لي رجل كببناك على وجهك وجعلنا فوقك حصيراً ووطئنا عليك فقال ماشعرت بذلك، أتوني بأكل فقلت لا أفطر وكان صائماً، ثم جاؤوا به والدم يسيل في ثوبه فصلى فقال أحدهم: صليت والدم يسيل في ثوبك؟ قال أحمد: صلى عمر وجرحه يثعب دماً، ثم مكث في السجن ثم خُلّي عنه بعد 28 شهراً، ثم جُعِل في الإقامة الجبرية، في بيته، وليس هناك أصعب على العالم من أن يتوقف عن نشر العلم، سئل أحدهم عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: رجل هانت عليه نفسه في سبيل الله فبذلها كما هانت على بلال نفسه، لولا أحمد لذهب الإسلام.
فيا ضعيف العزم الطريق طويل .. تعب فيه آدم .. وجاهد فيه نوح .. وألقي في النار إبراهيم .. واضطجع للذبح إسماعيل .. وشق بالمنشار زكريا وذبح الحصور يحيى وقاسى الضر أيوب وزاد على المقدار بكاء داود، واتهم بالسحر والجنون نبي الله الكريم وكسرت رباعيته وشج رأسه ووجهه وقُتِل عمر مطعوناً وذو النورين علي والحسين وسعيد بن جبير وعذب ابن المسيب ومالك .. ، فالشاهد أنه في النهاية لا سبيل إلا الصبر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ولذلك يقول عمر رضي الله عنه: ((أدركنا أفضل عيشنا بالصبر))،يعني ما طابت الحياة إلا بالصبر مع ما فيها من المنغصات والشدائد، فهو العمل القلبي الذي تطيب معه الحياة ولا تطيب بدونه، ولذلك ينبغي على العبد أن لا يفعل شيئاً ينافي الصبر، مثل شكوى الخالق للمخلوق والتبرم والتضجر فإما أن يخبر الإنسان الطبيب بعلته ليداويه فلا بأس .. والأنين .. الألم .. ما يحدث من صوت من المريض المتألم .. ، هناك أنين استراحة وتفريح فلا يكره، وأنين شكوى فيكره ففيه تفصيله .. ومما ينافي الصبر ما يحدث من النائحات وغيرهم وحتى من الرجال الآن من لطم الرأس والخد و ضرب الوجه باليدين والكفين والنياحة .. واويلاه .. واثبوراه .. ولذلك فإن المسلم عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى وأن يسلك سبيل الصابرين، نسأل الله عزوجل أن يجعلنا منهم، وأن يرزقنا هذا الخلق الكريم، إنه جواد كريم ..
أسئلة من درس الصبر:
كيف يصبر الإنسان على غض البصر عن المحرمات؟
يصبر بأمور فمن ذلك أن لا يغشى الأماكن التي فيها هذه المنكرات، يبتعد عن الفتن ويفر منها، ثم إذا علم حلاوة غض البصر وما فيه من الأجر وما يورثه الله في قلبه من عاقبة الصبر عليه هان عليه غض البصر، ثم إذا علم مناتن الصورة في ذهنه فهو مفيد في النفرة وعدم التعلق ..
زوجها يفرض عليها حضور حفلات فيها أقاربه وفيها مزامير فإذا امتنعت تعتبر عاصية له؟
نعم لكنها معصية واجبة، يجب أن تعصي زوجها لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهناك طاعة أوجب من طاعة الزوج.
كلام المرأة في البال توك مع الرجال؟
باب فتنة عظيم، وسبق التنبيه عليه والتحذير منه، والتي تريد أن تكتب شيئاً في مكان بأسلوب شرعي مؤدب تكتب ويُعلّق أما الحوارات المباشرة فلا لأنها طريق فتنة.
إذا لم تدرس فإن أمها ستغضب عليها والدراسة فيها منكرات؟
لا طاعة لمخلوق في طاعة الخالق، فإذا كانت الدراسة مختلطة، والبنت عليها خوف وخشية من هذه الأماكن المختلطة، فإنها لا تطيع أمها ولا أباها في هذا، وتنتظر فرج الله بزوج ينقذها من المحنة التي هي فيها.
ذهبنا إلى مكة لزيارة أحد الأصدقاء، وأدوا صلاة العصر، هل يلزم الإحرام؟
من أدى عمرة الفريضة من قبل فلا يلزمه أن يدخل مكة محرماً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وقد دخل وعلى رأسه المغفر، مادام أدى عمرة وحج الفريضة فلا يجب عليه الإحرام ولو كان في وقت الحج.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(الصبر على طاعة الله)
عناصر الموضوع:
1. تعريف الصبر
2. أنواع الصبر
3. صبر النعمة
4. الصبر .. وقوة الإقدام والإحجام
5. أهمية الصبر
6. أشياء مناقضة للصبر
الصبر على طاعة الله:
الصبر من أعظم الأسباب التي أعانت الأنبياء عليهم السلام على نشر دعوتهم؛ لأنهم بصبرهم استطاعوا أن يتحملوا كل ما يواجهونه من قومهم من تكذيب لهم وسخرية منهم ومما يدعون إليه. فالصبر يعين السالك إلى طريق الله عز وجل، فيصبر على طاعة الله وعلى ما يأمره الله عز وجل من الأوامر المختلفة التي يحتاج فيها إلى الصبر والتحمل.
تعريف الصبر:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبيله القويم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. وبعد: أيها الإخوة! الموضوع الذي سنتحدث عنه موضوع مهم جداً، وإذا تأملت معي -يا أخي المسلم- أهمية هذا الموضوع في الحياة التي نحياها الآن، لوجدته أمراً ذا بال، وأمراً خطيراً جداً. نحن الآن -أيها الإخوة- عندما نؤدي هذه الأركان وهذه العبادات لله عز وجل، يشعر الإنسان المسلم أحياناً بأنه متثاقل وهو يؤدي هذه العبادات .. يشعر بأن عليه مشقة كبيرة جداً لأداء صلاة الفجر أو أداء صلاة الجماعة في المسجد. وعندما يخرج الصدقات والزكوات يحس بأنه يجاهد نفسه لكي يخرج هذه الأموال، فيشعر بمشقة. وكذلك إذا دعا داعي الجهاد في سبيل الله وجدت الأمر صعباً. وكذلك إذا جاء الإنسان المسلم الذي هداه الله عز وجل ليستقيم على شرع الله، ويلتزم بأحكام الله، وجد المجتمع يؤذيه من كل جانب، ووجد أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه يؤذونه ويثبطونه عن المضي في هذا الطريق. وامرأة مسلمة هداها الله إلى الإسلام تريد أن تلتزم بالحجاب تحس بأن الالتزام بالحجاب صعب
(يُتْبَعُ)
(/)
جداً. وتاجر مسلم يريد أن يطهر أمواله من الربا، وينقيها من الحرام، يحس بأن هذا العمل شاق وصعب وشديد. الإنسان مع إخوانه في الله وهو يعيش معهم قد ينزغ الشيطان بينه وبينهم في أشياء كثيرة، وتعاملات عديدة، فلا يعجبه تصرف من هذا، أو قولة من ذلك .. إلى آخر تلك الأمور التي تحدث، مما يجعل الإنسان -أحياناً- يفكر في أن يترك إخوانه في الله -مثلاً- فكونه يجلس معهم ويجاهد نفسه للبقاء معهم أمرٌ عسير وشاق؛ هذه الأمور وغيرها -أيها الإخوة- مزاولتها تحتاج إلى صبر شديد؛ هذا الصبر الذي سنتحدث عنه، هو الذي يسهل هذه الأمور ويذلل الصعاب أمام الإنسان المسلم وهو يسير في طريقه إلى الله تعالى. فتعالوا بنا لنتعرف على هذه الكلمة العظيمة (كلمة الصبر) ونعرف معناها في اللغة والشرع؟ وكيف أتت في القرآن والسنة؟ وما هي أقسام الصبر؟ وما هي الأسباب الجالبة له؟ وما هي أنواعه من حيث تعلقه بأشياء كثيرة؟
اشتقاقات كلمة الصبر في اللغة:
اعلموا -رحمكم الله- أن أصل هذه الكلمة -كلمة الصبر- معناها في اللغة: المنع والحبس. يقال: صبر يصبر صبراً، وصبر نفسه، كما قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف:28] معنى وَاصْبِرْ نَفْسَكَ [الكهف:28] أي: احبس نفسك، وامنعها عن تركها هؤلاء، اصبر نفسك معهم واحبسها. ويقال: "الصبر هو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والقلب عن السخط". وكلمة الصبر لها اشتقاقات كثيرة في اللغة تتعلق بما نحن بصدده، من بيان معنى الصبر، فمن اشتقاقاتها -مثلاً- صبر، وتصبر، واصطبر، وصابر، وغيرها .. من الاشتقاقات، وكثير من هذه الألفاظ وردت في القرآن الكريم، بحيث يحتاج المسلم أن يعرف ما هي الفروق بين هذه الألفاظ؟ يقال للإنسان: صبر إذا أتى بفعل الصبر، وإذا تصبر الإنسان المسلم يقال: تصبر إذا تكلف الصبر واستدعاه، تكلف إحضار الصبر إلى نفسه، واستدعى هذا الصبر، فيسمى عندئذٍ تصبر، أي: جلب الصبر واستدعاه وتكلف حضوره، وهذه اللفظة كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى: هي المعنى الوارد في قول الله عز وجل: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ [البقرة:177] فقال: البأساء: هو الفقر، والضراء: كل الأذى الذي يحدث في البدن، مثل: المرض .. وغيره فالصابرين في البأساء والضراء، أي: المتصبرين على البأساء والضراء. الذي يصبر ويستدعي الصبر ويتكلف الصبر، وهو يعيش في جو البأساء ومرارة الحاجة، هذا يسمى متصبر؛ لأنه قد جلب الصبر واستدعاه وتكلف حضوره. وكذلك يقال في اللغة: اصطبر، أي: تعلم الصبر واكتسبه، فالإنسان إذا كان يتعلم الصبر، ويحاول أن يكتسب الصبر، فإنه يسمى: مصطبراً. وهذه اللفظة تقودنا إلى شيء مهم جداً: هل الصبر خلق يكتسب؟ أم هو خلق فطري يولد مع الإنسان ولا يمكن الزيادة فيه ولا النقصان منه؟ الصحيح في هذه المسألة: أن الصبر من الفطر التي يفطر الناس عليها، فترى بعض الناس من طبيعتهم أنهم يصبرون، وبعض الناس لا يصبرون، لكن الصبر بالإضافة إلى هذا الكلام يمكن تعلمه واكتسابه، بمعنى: يمكن أن يكون الإنسان غير صابر، فيتعود على أشياء معينة، ويتعلم أشياء معينة تصل به إلى اكتساب الصبر. ما هو الدليل؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري: (ومن يتصبر يصبره الله). إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر بأن الإنسان يمكن أن يتصبر -يعلم نفسه الصبر- ويكافح حتى يصل إلى مرحلة يكتسب فيها هذه الخصلة وهي الصبر، فإن المزاولات -مزاولة الشيء- تعطي الملكات ومن زاول شيئاً واعتاده وتمرن عليه صار ملكاً له، وسجيةً، وطبيعة كما يقول ابن القيم رحمه الله. وقد جعل الله في الإنسان قوة القبول والتعلم لهذه الطبائع- بالرغم من أنها طبائع إلا أنه من الممكن تعلم هذه الطبائع واكتسابها- غير أن العبد أحياناً إذا كان نزقاً لا يصبر، ثم حاول أن يكتسب الصبر ويتعود ويتطبع بالصبر، فقد يكون انتقاله هذا من عدم الصبر إلى الصبر ضعيفاً، فيعود العبد إلى طبعه الأصلي بأدنى فاعل؛ فأدنى وقعة تجعله يعود إلى عدم الصبر الذي كان سجيةً له. أحياناً يكون التصبر فيه قوة، بحيث لا يعود إلى سجيته الأولى التي هي عدم الصبر والحدة إلا بباعث قوي، فقد يكون في
(يُتْبَعُ)
(/)
موقف قوي بحيث يخرجه عن هذا التصبر إلى السجية الأولى التي كان عليها، وأحياناً يكون التعلم والاكتساب للصبر قوياً جداً، بحيث يملك على الإنسان نفسه، ولا يعيده إلى ما كان عليه في الماضي. وإذا جئنا إلى اللفظة الأخرى من اشتقاقات الصبر وهي كلمة صابر؛ فإن لفظة صابر تفيد وقوف الإنسان مع خصمه في عملية الصبر، ولذلك فلفظة: صابر، على وزن فاعل؛ وهذه اللفظة تعني: أنه لا بد من وقوعها بين اثنين على الأقل، مثل: شاتم، هذا شتم فلاناً وفلان شتمه، كذلك صابر، أي: هذا صبر وهذا صبر، كل واحد يصبر من جهة، فأيهم الذي يكون صبره أكثر من صبر الآخر؟ عملية التسابق في الصبر تسمى مصابرة؛ والمصابرة أعلى مرتبة من الصبر، لأن الإنسان يمكن أن يصبر لكن لا يصابر، قد يصبر لفترة معينة لكن لا يصبر مع خصمه إلى النهاية، فيفقد الصبر في منتصف الطريق، فلا يقال: صابر، وإنما يقال: صبر. الآن بعد أن عرفنا هذه الأشياء .. تأمل قول الله تعالى في آخر سورة آل عمران، تتضح لك معانٍ لم تكن متضحة من قبل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]. قد يقول إنسان قبل أن يتعلم هذه الألفاظ: ما هو الفرق بين صبر وصابر؟ كيف يأمر الله الناس: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [آل عمران:200] ما هو الفرق؟ فالآن المقام مقام كلام على المرابطة والجهاد، يأمر الله الناس أن يصبروا ويصابروا الأعداء؛ لأن الأعداء قد يصبرون، فالمؤمنون يجب أن يصابروا عدوهم، حتى يفوقوهم في الصبر والجلد في مجال المعركة .. وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]. فالمصابرة: هي حال الإنسان في الصبر مع خصمه، فإن العبد قد يصبر لكنه لا يصابر.
تعريف الصبر شرعاً:
أما تعريف الصبر من ناحية الشرع: فقد ذكر بعض العلماء: "أنه خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به الإنسان الصابر من فعل ما لا يحسن ولا يجمل شرعاً". هذا الخلق الذي يحمل النفس على الامتناع عن الأشياء التي لا تجمل ولا تحسن شرعاً، هذا هو الصبر. وكذلك قال بعض السلف: "الصبر ثبات القلب عند موارد الاضطراب". والصبر والجزع ضدان، ولهذا يقابل أحدهما الآخر، ولذلك قال الله عن أهل النار: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21] أهل النار يوم القيامة عندما يطبق عليهم العذاب من كل جانب، يقول بعضهم لبعض: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا [إبراهيم:21] أي: فقدنا الصبر على هذا العذاب ((أَمْ صَبَرْنَا [إبراهيم:21] على هذا العذاب ليس هناك فائدة، كله واحد مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21] أي: ليس هناك مهرب ولا مفر؛ لأنهم لو صبروا على العذاب أو جزعوا فإن النتيجة واحدة، وهي أن العذاب مستمر، فإن صبرهم لن يفيدهم شيئاً. أيها الإخوة: الصبر إذا كان صبراً عن شهوة الفرج، فإنه يصبح عفة، تأمل في الصبر كيف أنه يداوي ويقلب الصفات الذميمة إلى صفات حسنة، فإذا كان صبراً على شهوة الفرج، فإنه يسمى عفة، وضدها الفجور والزنا. وإن كان صبراً على شهوة البطن وعدم التسرع في الطعام، أو تناول ما لا يحسن الإنسان أن يتناوله، فإنه يسمى شرف نفس، وشبع نفس، ليس شبع بطن، وضده الشره والدناءة. وإن كان صبراً على إظهار ما لا يحسن إظهاره من الكلام، فإنه يسمى: كتمان سر. وعكسه إذاعة السر وإفشائه، أو اتهام الناس، أو فحشهم وسبهم، والكذب عليهم وقذفهم والافتراء عليهم، هذا كله ضد صبر النفس وصبر اللسان عن التكلم بما لا يحسن التكلم به شرعاً. وإن كان صبراً على فضول الدنيا، فإنه يسمى: زهداً. وإن كان صبراً على قدرٍ يكفي من الدنيا؛ فإنه يسمى: قناعة. وإن كان صبراً عن إجابة داعي الغضب في النفس، فإنه يسمى: حلماً. وإن كان صبراً عن إجابة داعي العجلة والتسرع، فإنه يسمى: وقاراً وثباتاً. وإن كان صبراً عن إجابة داعي الفرار والهرب، فإنه يسمى: شجاعةً. وإن كان صبراً عن داعي الانتقام، فإنه يسمى: عفواً وصفحاً. فتأمل معي كيف أن هذا الصبر هو الذي يقلب الأخلاق السيئة في النفس إلى أخلاق حسنة، وهو الذي يداوي الأمراض النفسية ويجعلها تصل بالنفس إلى مراحل عليا. وعرف بعض العلماء الصبر: "بأنه الثبات على أحكام الكتاب والسنة". وقال
(يُتْبَعُ)
(/)
بعضهم: هو الاستعانة بالله.
أنواع الصبر:
اعلموا -أيها الإخوة- أن الصبر ينقسم إلى نوعين:
1 - صبر بدني.
2 - صبر نفساني. وكذلك فإنه ينقسم إلى نوعين آخرين من جهة أخرى:
1 - صبر اختياري.
2 - صبر اضطراري. ولو جمعنا هذين النوعين إلى هذين النوعين لأصبح عندنا أربعة أنواع: الصبر البدني الاختياري: وهو صبر يتعلق بالبدن لكنه اختياري، يمكن أن يفعله الإنسان ويمكن ألا يفعله، مثل: الصبر على تعاطي الأعمال الشاقة، كالذي يصبر على حمل الأشياء الثقيلة؛ فهذا صبر بدني اختياري.
2 - الصبر البدني الاضطراري، كشخص أخذ وعذب وضرب، فهو الآن يضرب من قبل الذي يعذبه، فهذا صبر بدني اضطراري.
3 - الصبر النفساني الاختياري: كصبر الإنسان على حبس النفس عن الغضب.
4 - الصبر النفساني الاضطراري: كصبر النفس عن محبوبها قهراً إذا حيل بينها وبينه، مثلاً: شخص أراد أن يهاجر في سبيل الله، ولكنه حبس أن يهاجر إلى أقوام صالحين، أو حبس عن إتيان شيء من الأشياء المحمودة شرعاً. فهذه الأنواع الأربعة بعضها يجتمع في الحيوان، وبعضها لا يكون إلا في الإنسان، هناك نوعان لا يكونان إلا في الحيوان، والنوعان وهما: البدني والاضطراري؛ وهذا من صبر الحيوان؛ لأن الحيوان ليس له اختيار. إذاً: بعض الناس عندهم صبر بدني، كأن يكون جسمه قوي فيستحمل، وهذا النوع من الناس لا يكون محموداً دائماً، لأنك تجد بعض الكفرة أو بعض الناس الذين يجرون وراء الماديات، عنده استعداد أن يصبر في العمل والكد ويشتغل في اليوم اثنا عشر ساعة أو أربعة عشر ساعة، كسائق الشاحنة الذي يذهب ويرجع على الخطوط ويتنقل ويصبر على هذا التعب؛ فهذا الصبر ليس محموداً دائماً، هذا الصبر فيه من صبر الحيوانات، بل إن بعض الحيوانات تصبر في الصبر البدني أكثر من الإنسان. وكذلك الصبر الاضطراري، فإن الحيوان يصبر على الآلام اضطراراً، فما هو يا ترى النوع الذي يفترق فيه الإنسان عن الحيوان؟ الصبر الذي يفترق فيه الإنسان عن الحيوان هو الصبر النفساني والصبر الاختياري؛ هذه الأشياء التي يفترق فيها الإنسان عن الحيوان. ولذلك تجد بعض الناس يعمل بكد ويتعب نفسه ويصبر على هذا التعب البدني؛ لكي يحصل الأموال، فهذا مثل الحيوان ولا يوجد فرق بينهما، وإذا صار فيه مرض صابر غصباً عنه؛ لأنه لا يمكن أن يزيل المرض بالقوة، فيصبر على هذا المرض. فهذه الأنواع من الصبر ليست هي الأنواع التي ترفع الإنسان إلى المكانة العليا إلا إذا قصد بها وجه الله. الأشياء التي تحتاج إلى مصابرة فعلاً هي: المصابرة النفسية على أشياء النفس وهواها، وكذلك على الأشياء الاختيارية التي يمكن للإنسان أن يفعلها أو لا يفعلها، وهو مع ذلك يفعلها في الخير؛ هذه الأشياء التي تفرق بين الإنسان والحيوان؛ فالإنسان إذا صابر باعث الهوى ودفعه صار مثل الملائكة في هذا الجانب، وإذا غلبه باعث الهوى والشهوة فإنه يصبح مثل الشياطين، وإذا غلبه طبع الأكل والشرب والجماع فقط فإنه يصبح مثل البهائم. الصبر ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
1 - صبر على طاعة الله.
2 - صبر عن معصية الله -أي: يصبر عن المعصية فلا يرتكبها.
3 - صبر على أقدار الله. وكلامنا سوف يتركز على النوعين الأوليين: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية. هذه الثلاثة الأشياء اجتمعت في آية واحدة، وهي قول لقمان لابنه وهو يعظه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17]. فإن في قوله: أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ [لقمان:17] فعل الطاعة والصبر على الطاعة. وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ [لقمان:17] ليس من المعقول أن ينهى عن المنكر وهو يفعل المنكر، فمعنى هذا: أن لقمان يوصي ابنه بالصبر عن المعصية. وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17] الصبر على أقدار الله التي تصيب الإنسان. فهذه الأشياء: الصبر على الطاعات، والصبر عن المحرمات، والصبر على الأقدار. هل هي واجبة، أو مستحبة، أو مكروهة، أو محرمة؟ الجواب: يجب على الإنسان أن يصبر على هذه الأشياء؛ يصبر على الطاعة .. يصبر على الصلاة، يصبر على الزكاة، وكذلك الصبر عن المحرمات، مثل: الصبر عن الشهوات، فلذلك يقول ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى، في مسألة الاستمناء: من فعل الاستمناء تلذذاً، أو تذكراً، أو عادةً،
(يُتْبَعُ)
(/)
بأن يتذكر في حال استمنائه صورة كان يجامعها، فهذا كله محرم، لا يقول به أحمد ولا غيره؛ لأن المشهور من مذهب الحنابلة: أن الاستمناء مباح، فيقول شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا لا يقول به أحمد ولا غيره، والصبر عن هذا من الواجبات لا من المستحبات. والصبر عن المحرمات واجب وإن كانت النفس تشتهيه وتهواه، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33] ما هو الاستعفاف؟ ترك المنهي عنه، وقد سبق أن ذكرنا الشيء الذي إذا صبرت عليه فإنك تصبح عفيفاً.
التفاضل بين أنواع الصبر:
إذاً: هذه الأشياء واجبة وليست مستحبة، أو مكروهة. إن سألت: هل الصبر الاضطراري أفضل أم الصبر الاختياري؟ أي: هل الصبر على الفعل الذي يفعله الإنسان باختياره أفضل أم الصبر على الشيء الذي وقع بدون اختيار؟ هل الصبر على الطاعة التي يمكن أن تفعلها ويمكن ألا تفعلها، أو الصبر عن المعصية التي يمكن أن تفعلها ويمكن ألا تفعلها أفضل؟ أم الصبر على مرض أصابك، أو على بلية حلت بك؟ وهذا كله واجب، فيجب أن تصبر في كل الحالات، لكن أيهما أفضل؟ يقول ابن تيمية رحمه الله: والصبر الاختياري أكمل من الاضطراري، ولهذا كان صبر يوسف الصديق صلى الله عليه وسلم عن مطاوعة امرأة العزيز أكمل وأفضل من الصبر على ما ناله من الحبس، أو على ما ناله من إلقاء إخوته له في الجب؛ لأن الصبر فيهما صبر اضطراري، لا يمكن ليوسف أن يدفعه عن نفسه، لكن لما صمد أمام امرأة العزيز، وهذا صبر اختياري، لأنه كان يستطيع أن يقع في المحرم لكنه منع نفسه منها، فلهذا صار صبره من هذه الناحية أفضل، وهو وقع في الحالتين -يوسف عليه السلام- فإن صبره على امرأة العزيز صبر اختياري وإيثار ومحبة لله عز وجل. وكذلك كان صبر نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام على ما أمرهم الله من الأوامر وأعطاهم من الشريعة؛ صبرهم باختيارهم وفعلهم ومقاومتهم لأقوامهم أكمل من صبر أيوب على ما ناله في الله من ابتلاء، فكان صبر هؤلاء أكمل من صبر أيوب. وكذلك كان صبر إسماعيل الذبيح، وصبر أبيه إبراهيم على تنفيذ أوامر الله عز وجل بالذبح، أكمل من صبر يعقوب على فقد ولده. لماذا؟ لأن صبر إبراهيم وإسماعيل صبر اختياري، كان يمكن أن ينفذ الذبح ويمكن ألا ينفذ، ويمكن أن يعترض إسماعيل وممكن ألا يعترض، ولكنهما أسلما لله عز وجل وصبرا صبراً اختيارياً، صبر إيثار ومحبة لله عز وجل، بخلاف صبر يعقوب على فقد ابنه يوسف، فإنه صبر اضطراري؛ فقد ابنه فماذا بإمكانه أن يفعل؟ يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهكذا إذا أوذي المسلم على إيمانه، وطلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان، فإذا لم يفعل أوذي وعوقب فاختار الأذى والعقوبة على فراق دينه، أو الحبس والخروج من بلده، كما جرى للمهاجرين حيث اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين، وكانوا يعذبون ويؤذون؛ هذا كله من أنواع الصبر الاختياري العظيم الأجر، وقد أوذي النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع من الأذى فكان يصبر عليها صبراً اختيارياً، فإنه إنما يؤذى لئلا يفعل ما يفعله باختياره، كان يمكنه أن يتوقف عن الدعوة إلى الله عز وجل، لكنه آثر واختار أن يسير في مشوار الدعوة اختياراً، صبر على هذا صبر اختيار، فكان هذا أعظم من الصبر الاضطراري. وكذلك فقد حبس المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعب أبي طالب، ولما مات أبو طالب اشتدوا عليه. إذاً -أيها الإخوة- هذه الأنواع من الصبر أنواع عظيمة جداً؛ لأن أصحابها قد اختاروا الصبر في ذات الله عز وجل اختياراً من أنفسهم، وهذا هو الذي يحمل الإنسان على المجاهدة في سبيل الله عز وجل، ولذلك كان الأمر الموجه للرسول صلى الله عليه وسلم موجه لنا أيضاً فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] ما قال: فاصبر كما صبر أيوب، إنما قال: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35] لأن صبرهم كان قمة صبر الاختيار، وهؤلاء أولو العزم هم الذين صار عليهم مدار الشفاعة يوم القيامة، حتى ردوها إلى أفضلهم وخيرهم وأصبرهم لحكم الله، وصلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وعلى محمد صلى الله عليه وسلم. إن قال إنسان: هل الصبر على فعل المأمور أفضل أم عن فعل المحظور؟ أي:
(يُتْبَعُ)
(/)
الصبر على الطاعة أفضل أم الصبر عن المعصية؟ هذه المسألة اختلف فيها العلماء، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بأن الصبر على فعل الطاعة أعلى من الصبر عن فعل المعصية؛ لأن الأصل المأمور، وما جاء النهي عن المحظور إلا تكملة وحفظاً للمأمور، صار الصبر على فعل المأمور أعلى. ويقول ابن القيم رحمه الله: يكون الصبر في وقت المأمور وفي الوقت المحظور هو الأفضل، فإذا حضرك شيء محظور كان الصبر عنه هو الأفضل في ذلك الوقت، وإذا حضرك شيء مأمور به صار الصبر عليه هو الأفضل في وقته.
أنواع الصبر عند ابن القيم:
وقسم بعض العلماء كما يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: الصبر إلى ثلاثة أنواع: 1 - صبر لله. 2 - صبر مع الله. 3 - صبر بالله. - فأما الصبر الذي بالله: فإن الله إذا لم يصبرك لم تصبر، فلذلك يقول الله تعالى: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127] لأن الله عز وجل إذا ما صبرك لا تصبر، لأن الصبر آتي من الله عز وجل؛ لأنه هو الذي يرزقك الصبر. وأما الصبر لله: فهو أن يكون لوجه الله، فإن بعض الناس قد يصبرون عن أشياء لكن ليس لوجه الله، -مثلاً- على فعل الصلاة رياء، فيجب أن يكون صبره لله، إنسان يصلي أمام الناس من أول الصلاة إلى آخر الصلاة وهو يصبر نفسه ويحبسها على أفعال الصلاة، ولكن ليس صبراً لله وإنما لمراءاة الناس، فهذا لا يكون صبراً لله. - وأما الصبر مع الله: فبعض الصوفية يعرفونه بتعريفات منحرفة، ولكن يوجه ابن القيم رحمه الله هذه القضية، فيقول: الصبر مع الله، أي: مع أوامر الله بحيث يدور الإنسان المسلم معها حيث ما دارت، فأينما توجهت به الأوامر توجه معها، فهذا الإنسان يكون صبره دائماً مع الله عز وجل، حيث ما كانت مرضاة الله فهو يصبر.
صبر النعمة:
هناك أشياء في الصبر لا بد للإنسان المسلم منها، أحياناً يتصور الإنسان أن الصبر هو على قضية البلاء، لكن -أيضاً- لا بد أن يتصور الإنسان المسلم أن الصبر على النعماء لا يقل شدة عن الصبر على البلاء، ولذلك يقول بعض السلف: "ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر". أحياناً الإنسان في مواجهة التحدي والمصاعب يصمد ويصبر، لكن إذا فتح عليه من زهرة الدنيا وزينتها لا يصبر. ويقول بعض السلف أيضاً: "البلاء يصبر عليه المؤمن والكافر، ولا يصبر على العافية إلا الصديقون". فعلاً! قد تجد بعض الكفار يصبرون على البلاء، قد تجد كافراً لا يتسخط ولا يشتكي، لكن لا يصبر على العافية إلا المخلصون والصديقون، فإذا جاءتك نعمة من الله عز وجل فكيف يكون صبرك عليها؟ أولاً: ألا تركن إليها ولا تغتر بها؛ هذا من الصبر في حال النعمة. ثانياً: ألا تنهمك في نيلها وتبالغ في استقصائها، كمن يبالغ في الأكل والشرب والجماع، حتى يؤدي ذلك إلى ضد ما يتمنى، فيؤدي به الإفراط في الأكل والشرب إلى التخمة، وإلى أن يضطر إلى أن يحمي نفسه عن الأكل والشرب، ويؤدي به الإفراط في الجماع إلى استنزاف قواه، وخور قواه العقلية أيضاً، ولذلك لا بد أن يحفظ الإنسان نفسه ولا يفرط في هذه الأشياء. ثالثاً: الصبر على أداء حق الله في هذه النعم، حتى لا يضيع الإنسان هذه الأشياء فيسلبها الله منه. رابعاً: أن يصبر عن صرف هذه الأشياء في الحرام؛ هذا كله من صبر النعمة. وكان بعض الصالحين يحمل في جيبه رقعة يخرجها كل ساعة فيطالعها إذا غفل، وكان مكتوب فيها: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48] فإن الإنسان قد يصبر في الضراء لكن لا يصبر في السراء، فيجب أن يكون الصبر مصاحباً له في جميع الأحوال.
الصبر .. وقوة الإقدام والإحجام:
والصبر -أيها الإخوة- من أشق الأشياء على النفوس، وهذه المسألة التي سنذكرها الآن مهمة جداً. النفس فيها قوتان:
1 - قوة إقدام.
2 - قوة إحجام.
(يُتْبَعُ)
(/)
النفس فيها قوة تجعل الإنسان يقدم في مواطن، وكذلك فيها قوة تجعل الإنسان يحجم. فيجب على الإنسان بعملية الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى الأشياء التي تنفعه، وقوة الإحجام يجعلها بالصبر إحجاماً عما يضره. ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به أقوى من صبره على ما يضره، فلذلك تجد بعض الناس يصبرون على مشقة الطاعة ولكنهم لا يصبرون عن المعصية، فهو قد تحكم في قوة الإقدام ففعل الطاعة، لكنه ما تحكم بصبره في قوة الإحجام فيقع في المعصية، فيقول ابن القيم رحمه الله: "فكثير من الناس -وهذه حالة عجيبة موجودة عند بعض الناس فعلاً- يصبر على مكابدة قيام الليل - يقوم في الليل ويكابد ويصبر على الطاعة- في الحر والبرد، ويصبر على مشقة الصيام ويصوم ولكنه لا يصبر على نظرة محرمة". فعلاً .. قد تجد بعض الناس يصلي الفجر في المسجد ويواظب على الصلاة ويصوم صيام النفل، لكنه إذا رأى امرأةً تعبر الطريق لم يتمالك نفسه عن النظر إليها. وكثير من الناس له صبر عن المعاصي، لكن ليس له صبر على الطاعات، فقد تجد بعض الناس يصبر على الشهوات؛ ولا ينظر إلى المرأة الأجنبية، ولا يتلذذ بالمحرمات، لكنه لا يستطيع أن يصبر نفسه عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين؛ وهذا أيضاً حاصل، ما هو السبب في حدوث هذه الصورة المتناقضة؟ السبب يرجع إلى أمرين:
1 - القوة التي تدعوك: الجاذبية التي تدعوك لعمل هذا العمل.
2 - سهولة عمل هذا الفعل بالنسبة للإنسان.
فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمران كان الصبر عنه أشق شيء على الصابر، فلو كانت قوة الداعي إلى فعل هذا الأمر قوية جداً، مثلاً: إنسان شهوته قوية جداً، وقضاؤها ميسر له، فعند ذلك يكون الصبر في هذا الموقف في أعلى الدرجات، وإن فقدا معاً إذا لم تكن هناك قوة تدفعك إلى فعل هذا الأمر المحرم، وأيضاً هذا الأمر صعب جداً لا يكاد يوجد -نادر- فيكون الصبر في هذه الحالة سهل؛ لأنه ليس هناك قوة تدفعك إلى هذا العمل، وفي نفس الوقت هذا العمل صعب جداً أن يتوفر، فلذلك يكون الصبر سهل جداً، وبحسب تفاوت العامل الأول والثاني يتفاوت الصبر. وقد يوجد أحدهما ويفقد الآخر، فمثلاً: هناك أناس ليس عندهم دافع إلى القتل والسرقة، وفي نفس الوقت القتل والسرقة قد يكون صعب فعلهما، ففي هذه الحالة يكون صبره على القتل والسرقة سهلاً. وقد يكون الداعي إلى هذا العمل أحياناً قوياً وسهلاً، فيكون الصبر عليه شديداً، ولذلك كان صبر السلطان عن الظلم، وصبر الشاب عن الفاحشة، وصبر الغني عن اللذات والشهوات، صبره عند الله بمكان عظيم؛ لأن الإنسان عندما يكون في السلطة والمنصب يكون الداعي إلى ظلم الناس كبير .. الداعي لهم بفعل التسلط والتجبر والارتفاع عليهم، وكذلك العملية سهلة، فكونه يصبر نفسه ويكون إماماً عادلاً صار هذا الصبر عظيماً. لذلك كان من السبعة الذين يظلهم الله، الشاب الذي يصبر على الفاحشة، داعي العمل، الرجل الذي (دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله) هذا الرجل الشاب داعي الفاحشة في نفسه قوي؛ لأنه شاب. والداعي الثاني: أن المرأة متيسرة، فلما صبر عن هذه القضية صار من السبعة الذين يظلهم الله، فصار صبرهم عند الله بمكان؛ لأن الداعي قوي، والفعل سهل ومتيسر، ومع ذلك صبروا. وهاتان المسألتان -أيها الإخوة- مهمتان، لماذا؟ لأنهما تعللان لنا لماذا الناس -أحياناً- يصبرون على طاعات كثيرة، لكنهم لا يصبرون على آفات اللسان. لماذا كان الصبر عن آفات اللسان شديداً؟ لأنه متيسر؛ حركة اللسان سهلة جداً، فلذلك أصبح الكلام في عيوب الناس من فاكهة الإنسان، فكثير من الناس يقعون في الغيبة، والنميمة، والكذب، والثناء على النفس، وتزكيتها، مع أنهم يصلون مع الناس في المساجد، ويؤدون الزكاة، ويصبرون في الصيام، ويفعلون أشياء كثيرة جداً، بل قد يدعون إلى الله، وقد يصبرون على المشاق، لكن آفات اللسان عندهم متفشية؛ لماذا؟ لأن قضية اللسان سهلة متيسرة؛ فلذلك يقع فيها الإنسان، فكان الصبر في هذه الحالة قوياً جداً. فإذا اعتاد العبد على المعاصي اللسانية فإنه يعز عليه الصبر عنها؛ ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله: ولهذا تجد الرجل يقوم الليل، ويصوم النهار، ويتورع عن استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة -أي: لو أعطيته وسادة حرير لا يمكن
(يُتْبَعُ)
(/)
أن يستند عليها ولو لحظة واحدة- وكذلك يتورع عن الدقائق من الحرام، والقطرة من الخمر، ومثل رأس الإبرة من النجاسة؛ ولو أصابه قليل منها ذهب يغسل ويحتاط، لكنه إذا جاء إلى مسائل الغيبة والنميمة والتفكه في أعراض الخلق أطلق فيها لسانه؛ لسهولة العملية، بل وصل الأمر ببعضهم كما يقول ابن القيم رحمه الله إلى حالة عجيبة، فيقول: وكما يُحكى أن رجلاً خلا بامرأة أجنبية، فلما أراد مواقعتها قال: يا هذه! غطي وجهك فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام. فالدافع للشهوة عنده قوي!! النظر إلى وجه الأجنبية حرام، ثم يقع عليها ويواقعها. هذا كله من الورع الفاسد، وهذا الورع يشبه ورع ذلك الرجل الذي جاء في الحج إلى ابن عمر يسأله عن دم البعوض في الإحرام؟ فقال ابن عمر: من أين أنت؟ فقال: من أهل العراق، فقال ابن عمر: (تسألني عن البعوض وقد قتلتم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني سمعته -صلى الله عليه وسلم- يقول: هما ريحانتاي من الدنيا) السبب أن هناك أناساً عندهم هذا الانحراف فعلاً، وهذه الازدواجية العجيبة، وعندهم مثل هذا الورع الفاسد، ما هو السبب؟ السبب يعود إلى قوة الدافع، وسهولة حصول الأمر.
أهمية الصبر:
الصبر له أهمية عظيمة، فالذي يتدبر آيات الكتاب العزيز يجد جانباً كبيراً من هذه الأهمية، فتجد أن الله عز وجل، كما يقول الإمام أحمد رحمه الله: عظم أمر الصبر في القرآن جداً، فأمر به في قوله: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127] ونهى عن ضده، فقال: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ [آل عمران:139]، وقال: وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ [الأحقاف:35] نهى عن ضد الصبر، وعلق الفلاح على الصبر، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200] وأخبر عن مضاعفة الأجر للصابرين بأضعاف مضاعفة وبغير حساب، فقال تعالى: أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا [القصص:54] بل إنه يضاعف بغير حساب، كما قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. قال أحد السلف: كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر؛ لأن الله قال: بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] ولذلك كان أجر الصوم غير مقدر، كما يقول الله في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به) لأن الصوم يتعلق أساساً بالصبر؛ وهو عبارة عن حبس النفس ومنعها عن الطعام والشراب والجماع والغيبة ... إلى آخره، بل إن الله علَّق الإمامة في الدين، على الصبر واليقين، كما قال الله عز وجل: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا فإن الله عز وجل جعل طائفة من الناس أئمة؛ يأتم بهم الناس ويقتدون بهم وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا [السجدة:24] فإذا أراد أحد منا أن يكون إماماً للناس يقتدى به، فعليه أن يأخذ بالصبر بالدرجة الأولى وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] ولذلك كان من أقوال ابن تيمية رحمه الله: "بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين". بل إن الله جعل للصابرين ظفراً ليس مثله ظفر، وهو: الظفر بمعيته عز وجل، فقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]. وجمع للصابرين ثلاثة أمور لم يجمعها لغيرهم، وهي: 1 - صلاة منه عليهم. 2 - رحمته لهم. 3 - هدايته إياهم. ما هو الدليل؟ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155 - 157] فجمع لهم ثلاثة أشياء ما جمعها لأحد غيرهم: صلوات من ربهم، ورحمة، واهتداء. وكذلك جعل الله الصبر عوناً لنا، فقال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] فجعله عوناً وزاداً وسلاحاً. وعلق النصر على الصبر، فقال عز وجل: بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ [آل عمران:125]، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واعلموا أن النصر مع الصبر).
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخبر سبحانه وتعالى أن الملائكة تسلم على المؤمنين في الجنة لصبرهم، فقال سبحانه: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23 - 24] صبرتم على ماذا؟ صبرتم على الطاعة، وعن المعصية، وعلى أقدار الله تعالى، وعلى المصائب. وكذلك جعل الله أهل محبته هم أهل الصبر، فقال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]. وأخبر أن خصال الخير لا تجتمع ولا تعطى ولا تلقى إلا للصابرين، جاء في موضعين في القرآن، يقول الله عز وجل في قصة العلماء الذين كانوا من بني إسرائيل وكانوا صالحين وهم من قوم قارون: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ [القصص:80]. وكذلك قال عز وجل عمن صار بينه وبين أحدٍ عداوة فعامله بالحسنى، قال: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:35]. إذاً: خصال الخير كلها تجتمع في الصابرين. وأخبر عز وجل بأنه لا ينتفع بآياته إلا أهل الصبر، فقال: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [إبراهيم:5]. والله عز وجل قرن بين الصبر وبين أشياء عظيمة، عندما تجده مقترناً بشيء عظيم فإن هذا يدل على عظمته هو، فقرن الله الصبر بالتقوى، وقرن الصبر بالعمل الصالح، وقرن الصبر بالمرحمة، فمن اقتران الصبر بالتقوى قوله عز وجل: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران:186]، وقال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ [يوسف:90]، وكذلك قرن الله الصبر بالوحي، فقال: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [يونس:109]، وقرن بين الرحمة والصبر فقال عز وجل: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد:17]. وبالنسبة للصبر والرحمة فهذه الأشياء لو اجتمعت فيكون أنواع الناس في الصبر والرحمة أربعة أنواع:
1 - أن يصبر ولا يرحم.
2 - أن يرحم ولا يصبر.
3 - أن يصبر ويرحم.
4 - ألا يصبر ولا يرحم. يقول ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى كلاماً جميلاً عن هذه الآية: إذ من الناس من يصبر ولا يرحم كأهل القوة والفساد، فهم يصبرون ويجالدون لكنهم لا يرحمون. ومنهم من يرحم ولا يصبر كأهل الضعف واللين، مثل كثير من النساء ومن يشبههن. أي: أن من طبيعة النساء أنهن يرحمن ولكن لا يصبرن؛ فقد تجد المرأة فاسقة والعياذ بالله، لكن إذا رأت طفلاً يحتاج إلى إرضاع وجائع رحمته وأرضعته، وقد تكون ممن لا تصبر على الفواحش؛ وهذه خصلة في المرأة أكثر من الرجل ينبغي على المرأة الانتباه إليها .. أنها قد ترحم ولكن لا تصبر، فلا تعتبر نفسها إذا رحمت أنها بخير إذا كانت من غير أهل الصبر، يجب عليها أن تجمع إلى رحمتها الصبر. ومنهم من لا يصبر ولا يرحم كأهل القسوة والهلع. أناس عصاة يصبرون لأن عندهم جلد لكن عندهم هلع لا يصبرون أيضاً. قال: والمحمود هو الذي يصبر ويرحم. والصبر -أيها الإخوة- هو زادٌ في طريق الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، كما قال صاحب الظلال رحمه الله. الصبر على أشياء كثيرة، الصبر على شهوة النفس ورغباتها وأطماعها ومطامحها وضعفها ونقصها وعجلتها ومللها من القريب، أي: أن النفس تميل بسرعة. الصبر يكون في مجالات كثيرة من أعظمها: الصبر عن شهوة النفس، وكذلك: الصبر عن شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم وانحراف طبعهم وأثرتهم وغرورهم والتوائهم واستعجالهم الثمار. إذا كنت داعية تدعو إلى الله عز وجل لا بد أن تصبر على ما تواجهه من الناس؛ لأنك ستواجه أشياء كثيرة، منها: الشهوات: رجل عنده شهوة المال، فإذا دعوته لا يستجيب، وآخر عنده شهوة محرمة فلا يستجيب لك، ويصمم
(يُتْبَعُ)
(/)
على النظر إلى المرأة الأجنبية والاستمتاع والتلذذ بالمحرمات، وإنسان عنده شهوة منصب لا يستجيب لك؛ وشهوة المنصب تحمله على الغرور، وعلى التعسف، وعلى رفض الحق الذي تدعو إليه، وهم عندهم جهل، تأتي تناقش بعضهم بأشياء فتجده في غاية الجهل، فتجد مِنْ نفسك أنه لا بد أن تقطع مشواراً طويلاً حتى توصل هؤلاء الناس إلى جانب من العلم لا بد لهم منه، فإذا ما صبرت على جهلهم وأحياناً يفعلون أشياء عجيبة جداً، فإذا ما صبرت نفسك على جهل هؤلاء، فإنك ستيئس من دعوة أولئك الناس. وكذلك سوء تصورهم: الناس عندهم سوء في التصور؛ تصوراتهم في العقيدة .. تصوراتهم في القضاء والقدر .. تصوراتهم في مغفرة الله ورحمته .. تصورات سيئة في أشياء كثيرة جداً، فلا بد من الصبر على سوء تصور الناس، وبعضهم عندهم غرور، والتواءات نفسية، ومزالق، تأتي للواحد من اليمين يذهب في الشمال، تأتي من هنا فيذهب من هناك، يروغ منك كروغان الثعلب، لا بد من الصبر على التواءات الناس. وكذلك الصبر على تنفش الباطل، ووقاحة الطغيان، وانتفاش الشر، وغلبة الهوى، وعلى تصعير الغرور والخيلاء، فإن الإنسان إذا رأى انتفاشة الباطل ولم يكن عنده صبر، فإن هذا الأمر سوف يُؤدي به إلى اليأس والقنوط، وفقد الأمل تماماً في الوصول بالأمة إلى المرتبة التي يريدها الله عز وجل. والصبر على قلة الناصر، وضعف المعين، وطول الطريق، ووسواس الشيطان في ساعات القرب والضيق؛ وكل كلمة من هذه الكلمات تحتاج إلى دروس كاملة. الصبر على قلة الناصر، هذه الأشياء التي يحس بها الدعاة إلى الله عز وجل وهم يدعون الناس؛ الناس كثرة في الشر، وهؤلاء الدعاة قلة من أهل الخير، فلا بد من الصبر على قلة الناصر، وضعف المعين، وطول الطريق؛ طريق الشر قصير وسهل، وطريق الخير طويل وشاق وصعب. يعتريه وسواس الشيطان، شيء من النفس الأمارة بالسوء، وشيء من القرين الى
أشياء مناقضة للصبر:
من الأشياء المقابلة والمعاكسة للصبر: عملية الاستعجال: كثير من الناس وحتى الدعاة إلى الله يستعجلون الثمرة، يريدون من الناس أن يلتزموا بالإسلام بسرعة، ويريدون من الناس أن يتمسكوا بسرعة، ويريدون من الناس أن يتركوا المنكرات بسرعة وبدون صبر على هؤلاء الناس، وهذا لا يحصل، بل إنه حتى لو التزم هؤلاء الناس فإنهم يريدون منهم أن يترقوا في مدارج العلم ومدارج التربية بسرعة، يريد منه أن يصل في لحظة من مرحلة ترك المعصية، والبعد عن المنكرات إلى مرحلة العلم، وإلى مرحلة التصورات الصحيحة، وإلى مرحلة العمل للإسلام بسرعة كبيرة، يريد أن ينقله نقلة بعيدة في وقت قصير جداً؛ هذه العملية دون صبر لا تصلح، ولذلك ترى ثمرات هؤلاء العاملين الذين عدموا الصبر في هذه المواقف ثمراتٍ ناشفة غير ناضجة لماذا؟ لعملية الاستعجال المنافية للصبر. أحياناً .. الإنسان يتسرع فيحكم على الناس بالخطأ، وأحياناً يتسرع فلا يعذرهم، ولو أنه صبر لكان خيراً له؛ حتى طالب العلم يحتاج إلى الصبر في أشياء كثيرة، أحياناً الإنسان يتسرع فيأخذ علماً من العلوم وهناك ما هو أهم منه، فلا بد أن يصبر ويتريث، وأحياناً يقرأ الإنسان ثم يزهق ويمل فلا بد أن يصابر نفسه. كيف وصل العلماء الكبار إلى حالات عجيبة من الصبر على طلب العلم؟ كيف كان بعضهم له خمسة دروس في اليوم والليلة متواصلة غير وقت الطلب الخاص به الذي يبحث فيه بنفسه ويقرأ فيه، كما كان النووي رحمه الله، فقد كان معه عشرة دروس متواصلة، وكذلك الشنقيطي رحمه الله كان له أكثر من خمسة دروس متواصلة غير وقت الطلب الخاص به، وكيف صبر علماء الحديث، على طلب الحديث وقد كانوا يسافرون في طلب الحديث الواحد الشهور حتى يصلوا إلى مبتغاهم، وهذا الشيخ ناصر رحمه الله من علماء الحديث المعاصرين كان يجلس في المكتبة الظاهرية ليبحث عن حديث، فتراه ينتقل من رف إلى رف يجلس على السلم قرابة خمس ساعات متواصلة وهو يبحث في المجلدات، ويقرأ المخطوطات وهي بهذا الخط الدقيق الصعب القراءة وهو يبحث ليصل إلى نتيجة ما. تخيل: يجلس على السلم خمس ساعات متواصلة وينظر في الرفوف، ويسحب كتاباً وينزل آخر، ويفتح المخطوطة ويدقق، ويقرأ قراءة تكاد العين تعمى منها .. فكيف وصل هؤلاء إلى هذه المرتبة؟ لم يصلوا إليها إلا بالصبر .. الصبر على طلب العلم ومجاهدة النفس.
(يُتْبَعُ)
(/)