وأخرج أيضا من طريق موسى بن علي عن أبيه: أن إبراهيم عليه السلام ختن إسحاق وهو ابن سبعة أيام).
,وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي":
(واختلف في وقت الختان، فذهب الجمهور إلى أن مدة الختان لا تختص بوقت معين وليس بواجب في حالة الصغر، واستدل لهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم متفق عليه، إلا أن مسلماً لم يذكر السنين وللشافعية وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قبل بلوغه، ويرده ما رواه البخاري عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس، مثل من أنت حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا يومئذ مختون، وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك. ولهم أيضاً وجه أنه يحرم قبل عشر سنين، ويرده حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما. أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث عائشة، وأخرجه البيهقي من حديث جابر، قال النووي بعد أن ذكر هذين الوجهين: وإذا قلنا بالصحيح استحب أن يختتن في اليوم السابع من ولادته، وهل يحسب يوم الولادة من السبع أو يكون سبعة سواء فيه وجهان: أظهرهما يحسب انتهى. وفي هذه المسألة أقوال أخرى ذكرها الحافظ في الفتح).
,وأما حكمه:
قال القرطبي في تفسيره:
(واختلف العلماء في الختان، فجمهورهم على أن ذلك من مؤكدات السنن ومن فطرة الإسلام التي لا يسع تركها في الرجال. وقالت طائفة: ذلك فرض، لقوله تعالى: "أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا" [النحل: 123]. قال قتادة: هو الاختتان، وإليه مال بعض المالكيين، وهو قول الشافعي. واستدل ابن سريج على وجوبه بالإجماع على تحريم النظر إلى العورة، وقال: لولا أن الختان فرض لما أبيح النظر إليها من المختون. وأجيب عن هذا بأن مثل هذا يباح لمصلحة الجسم كنظر الطبيب، والطب ليس بواجب إجماعا، على ما يأتي في "النحل" بيانه إن شاء الله تعالى. وقد احتج بعض أصحابنا بما رواه الحجاج بن أرطأة عن أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء). والحجاج ليس ممن يحتج به.
قلت: أعلى ما يحتج به في هذا الباب حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الفطرة خمس الاختتان ... ) الحديث، وسيأتي. وروى أبو داود عن أم عطية أن امرأة كانت تختن النساء بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل). قال أبو داود: وهذا الحديث ضعيف راويه مجهول. وفي رواية ذكرها رزين: (ولا تنهكي فإنه أنور للوجه وأحظى عند الرجل)).
,وقال المباركفوري:
(واختلف في أن الختان واجب أو سنة قال الحافظ في الفتح: ذهب إلى وجوب الختان الشافعي وجمهور أصحابه، وقال به من القدماء عطاء حتى قال: لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختتن. وعن أحمد وبعض المالكية يجب. وعن أبي حنيفة واجب وليس بفرض وعنه سنة يأثم بتركه. وفي وجه للشافعية لا يجب في حق النساء وهو الذي أورده صاحب المغنى عن أحمد، وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية أنه ليس بواجب.
واحتج القائلون بالوجوب بروايات لا يخلو واحدة منها عن مقال، وقد ذكرها الشوكاني في النيل مع الكلام عليها ثم قال: والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب والمتيقن السنة كما في حديث: خمس من الفطرة والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه انتهى).
,وقال النووي في شرح مسلم:
(الصحيح من مذهبنا الذي عليه جمهور أصحابنا أن الختان جائز في حال الصغر ليس بواجب، ولنا وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قبل بلوغه، ووجه أنه يحرم ختانه قبل عشر سنين).
قلت (الأزهري الأصلي):ذهب الشيخ مصطفى العدوي وغيره أن ختان النساء دائر بين الإباحة والاستحباب وذلك لعدم وجود دليل صحيح صريح على الوجوب وذهب بعض العلماء إلى التفريق بين نساء المشرق ونساء المغرب (انظر فتح الباري) أي التفريق بين البلاد التي تزداد فيها شهوة المرأة والبلاد التي تكون فيها الشهوة معتدلة وهذا يرجع إلى عمليات الإثارة من ارتفاع في درجة الحرارة وغيرها.
قلت: والكلام في المسألة أطول من هذا.
والله تعالى أعلم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[19 Nov 2005, 06:39 م]ـ
لا أعارض في مشروعية ختان الإناث، فهو - كما قال الأئمة الفقهاء أصحاب المذاهب الفقهية المعتبرة و المتبوعة - دائر بين الوجوب و الاستحباب، و الأول أراه أولى - و من استحدث فيه قولا ثالثا من المعاصرين - كما نقل عن أحدهم أعلاه بدوران حكمه بين الاسحباب و الإباحة فقد وهم في فهم قول الإمام ابن حنبل في الحديث المذكور: إذ قاله في حديث بعينه، و ليس في جميعها و كذا ليس هذا مذهبه،
* و إنما كان المقصود الأصلي للسؤال منصبا على الصناعة الحديثية بشأن ما قاله أو نقله صاحب " عون المعبود " من أن أحاديث ختان المرأة كلها " ضعيفة و معلولة مخدوشة، لا يصح الاحتجاج بها "؟
* و إذا صح ذلك: فبم احتج الأئمة أصحاب المذاهب في أقوالهم بخصوص ختان الإناث، لا في عموم الختان؟
* و هل يمكن الجمع بين ما احتج به هؤلاء الأئمة و بين القول المذكور آنفا إن صحَ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[21 Nov 2005, 09:46 م]ـ
السلام عليكم:
1 - القول بالوجوب لا دليل صحيح عليه وطالما لم يأت إجماع على الوجوب نظرنا للأدلة -قبل الإجماع- فلما لم يأت دليل على الوجوب (أمر أو نهي عن الضد ونحوها) فلا نستطيع القول بالوجوب.
2 - الأحاديث الواردة في ختان الإناث لا تدل على أكثر من المشروعية (الإباحة والاستحباب) فقط.
وليس كلام صاحب عون المعبود وحيدا في مجاله فقد سبقه وتلاه غيره:
*قال الإمام إبن المنذر:
«ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع».
*يقول الإمام ابن عبد البر:
«والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال».
*يقول الإمام الشوكاني:
والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب والمتيقّن السُنّة كما في حديث «خمس من الفطرة» ونحوه والواجب الوقوف على المتيقّن إلى أن يقوم ما يوجب الإنتقال عنه.
*يقول الشيخ العلامة محمود شلتوت:
وقد خرجنا من إستعراض المرويّات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على «السُنّة الفقهيّة»؛ فضلاً «عن الوجود الفقهي» وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين، وعبّر عنها بقوله: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع» وأن كلمة «سُنّة» التي جاءت في بعض المرويّات معناها، إذا صحّت، الطريقة المألوفة عند القوم في ذلك الوقت، ولم ترد الكلمة على لسان الرسول بمعناها الفقهي الذي عرفت به فيما بعد.
*وقدمنا كلام الشيخ السيد سابق.
وجل استدلالات الأئمة حول الأدلة العامة مثل أحاديث الفطرة وحديث التقاء الختانين ونحوها.
والله أعلم.
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[21 Nov 2005, 11:05 م]ـ
*ويقول الشيخ عطية صقر:
وبعد استعراض الأدلة ومناقشتها تبين أنه ليس هناك دليل صحيح سليم من النقد على وجوب الختان للنساء.
*ويقول الدكتور محمود مجيد سعود الكبيسي:
ولم يصح حديث في الأمر به، وما ورد من أحاديث تأمر به فهي أحاديث متكلم فيها، فلا يثبت بها حكم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Nov 2005, 01:59 ص]ـ
الشيخ شلتوت أنكر مشروعية ختان الإناث أصلا، غفر الله له،
و ما كان مقصودي بحث أي القولين أقوى: الوجوب أم الندب؟
و لم أقل بالوجوب، و إنما قلت أن رأي القائلين به أولى عندي، و قد كان الاعتراض على من أحدث قولا ثالثا بجعل ختان الإناث دائرا بين الإباحة و بين الاستحباب، خلافا لقول أئمة المذاهب بدورانه بين الإيجاب و بين الاستحباب،
و على أي حال، فلم يكن هذا - أخي الفاضل - موضوع المحاورة أكرمكم الله،
* و ما نقل عن الإمام ابن عبد البرو ابن المنذر في آخر الفقرة رقم (2) يناقض ما ذكر في أولها، فتأملها:
[2 - الأحاديث الواردة في ختان الإناث لا تدل على أكثر من المشروعية (الإباحة والاستحباب) فقط.
وليس كلام صاحب عون المعبود وحيدا في مجاله فقد سبقه وتلاه غيره:
*قال الإمام إبن المنذر:
«ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع».
*يقول الإمام ابن عبد البر:
«والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال»].
* وهذا النقل - الذي حكاه صاحب " عون المعبود " و غيره - عن ابن عبد البر ليس دقيقا
، بل ناقصا،
و إنما قال:
" والذي أجمع المسلمون عليه الختان في الرجال، على ما وصفنا ".
(" التمهيد "، لابن عبد البر، ج 21، ص 59)
- فهناك فرق بين قوله هذا و بين ما نقل عنه
- و هذا الذي أحال الكلام عليه هو قوله:" أجمع العلماء على أن إبراهيم [عليه السلام] أول من اختتن ".
و ما ذكروه نقلا عنه يناقض ما جاء في أول الفقرة رقم (2) أيضا،
و لو صحَ ما فهموه منه و احتجوا به لما ذهبوا إليه لكان قوله هذا مناقضا لما ذكره هو نفسه في نفس الصفحة من اختلاف حكم الختان في الإناث بين الوجوب و السنية؟
* و عليه، لو سلَمنا قول أو نقل صاحب " عون المعبود ": فعلام استند الأئمة الفقهاء في أقوالهم في حكم ختان الإناث؟
* هذا بعد تحقيق ما ذكره في تلك الأحاديث من جهة علوم الحديث
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[22 Nov 2005, 11:10 م]ـ
السلام عليكم:
مستند من قال بالمشروعية كما قلنا الأحاديث العامة الواردة في الختان ككل كحديث الفطرة الذي ذكر فيه الختان وحديث التقاء الختانين وهما حديثان صحيحان وهما يدلان على المشروعية.
كما يستندون على من صحح حديث النهي عن الإنهاك وهو ظاهر الضعف ويعتمدون على طرقه (التي هي أوهى سندا منه).
ويستندون على أدلة عقلية لا تسلم من النقد كقولهم أن الختان فيه إيلام ولا يجوز إلا بشرع وكذا الأمر باتباع شريعة إبراهيم -عليه السلام- ومنها الختان وكذا أن فيه كشف للعورة وهو لا يجوز إلا لأمر مستحب أو واجب وليس لمجرد الإباحة.
هذا ما عندي والله أعلم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[23 Nov 2005, 09:12 ص]ـ
و عليكم السلام
أكرمكم الله، قلتم:
(ويستندون على أدلة عقلية لا تسلم من النقد كقولهم أن الختان فيه إيلام ولا يجوز إلا بشرع وكذا الأمر باتباع شريعة إبراهيم -عليه السلام- ومنها الختان وكذا أن فيه كشف للعورة وهو لا يجوز إلا لأمر مستحب أو واجب وليس لمجرد الإباحة)
--------------------
أحسب قولهم هذا كان في الاحتجاج للقول بالوجوب، أي أنه لا يخص الإناث، بل هو عام - في قولهم - في الذكور و الإناث.
************************************************** ...
** و حبذا لو شاركنا أخونا د. ماهر الفحل - بتخصصه و تميزه في علوم الحديث - بتحقيق القول الذي ذكره أو نقله صاحب " عون المعبود " من أن كل أحاديث ختان المرأة ضعيفة و معلولة مخدوشة لا يصح الاحتجاج بها.
* هذا، و قد احتج الأئمة بها في مذاهبهم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[24 Nov 2005, 12:46 ص]ـ
السلام عليكم:
بالرغم من أني جمعت معظم الأحاديث الواردة في الختان عامة وختان الإناث خاصة منذ فترة وبحثتها وخرجت منها بانه لم يصح منها شئ سوى ما ذكرنا.
إلا أني احتكم واطلب معك رأي الشيخ الفاضل ماهر الفحل وجميع الإخوة المبرزين في علم الحديث يدلو بما عندهم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[24 Nov 2005, 02:18 ص]ـ
لم أعترض على ما ذكرتموه - حفظكم الله و رعاكم - و لم أعارضه، إذ هو منقول، و لكني سألت عن تحقيقه، و توجيهه: كأن يكون ما نقله المباركفوري خاصا بنفي " الاحتجاج "، و ليس نفيا " للاعتبار " بتلك الأحاديث - على ما هو معروف في علوم الحديث - و هذا الاحتمال يتسق مع إيراد الإمام أبي داود لحديث: " لا تنهكي " في الباب الذي ترجم له (باب ما جاء في الختان)، في كتابه " السنن "، و الذي جعله جامعا لأحاديث الأحكام - كما ذكره ابن القيم رحمه الله
* و قد سألت عن كيفية الجمع بين ما احتج به الفقهاء الأئمة من أحاديث و بين نفيه صحة الاحتجاج بتلك الأحاديث كافة في ختان المرأة؟
* فليدل د. ماهر،و غيره، و لكم الشكر و الأجر على اهتمامكم و تعقيبكم الطيب، أكرمكم الله - فليس هناك نزاع، ولله الحمد
ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[24 Nov 2005, 05:12 م]ـ
السلام عليكم:
كمشاركة أخيرة في الموضوع أضع خلاصة ما وصلت له بعد بحث:
1 - لم يصح حديث مرفوع للنبي -صلى الله عليه وآله- في الختان سوى حديث أن الختان من الفطرة وحديث التقاء الختانين.
وما ورد غيره -وإن صححه بعض أهل العلم- فهو ضعيف -على أقل تقدير- عند التحقيق.
2 - أما ما جاء عن الصحابة مما قد يعد في مذهب البعض مرفوعا:
أخرج الإمام احمد ومن طريقه الجصاص في أحكام القرآن (2/ 236) وكذا أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 21) بسند صحيح عن عبد الله بن عباس قال: الأقْلَف لا تحل له صلاة، ولا تؤكل ذبيحته ولا تجوز شهادته.
(انظر التحجيل في تخريج مالم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل) للشيخ الطريفي (1/ 17).
3 - أما باقي السلف فقد صح عن بعضهم إثبات السنية:
فقد أخرج ابن أبي شيبة (5/ 318) بسند صحيح عن مجاهد وإبراهيم أنهما قالا: الختان سنة.
وأخرج عبد الرزاق (11/ 74) بسند صحيح عن عمرو بن دينار أنه قال في الختان: هو للرجال سنة وللنساء طهرة.
وأخرج الخلال (192) بسند صحيح إلى أحمد بن حنبل أنه أخبر عن الحسن البصري أنه كان يقول: عجبا قد اسلم مع رسول الله العجمي وغيره فلم يفتش أحدا منهم.
انظر "فتح العزيز في التعليق على كتاب الوجيز للشيخ عبد العظيم بدوي" للشيخ / عمرو عبد المنعم سليم من صفحة 17 إلى صفحة 21.
وقد اطال ابن القيم في سرد حجج الفريقين في كتابه الماتع "تحفة المودود بأحكام المولود" فيما يقربق من 20 صفحة فانظره غير مأمور ودونك رابطه:
http://www.khayma.com/islambook/mo9e1.html
http://www.khayma.com/islambook/mo9e2.html
والله تعالى أعلم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[21 Feb 2006, 08:45 م]ـ
قول صاحب " عون المعبود " - العظيم آبادي - المذكور في روايات حديث ختان الإناث: " ... لا يصح الاحتجاج بها ": محمول على المعنى الاصطلاحي " للاحتجاج " - على ما هو معروف في علوم الحديث -: أي لا تقوم به الحجة وحده، لضعفه،
و إنما يتقوى بغيره، فينجبر ضعفه بتعدد طرقه، فيحتج به، كما هو صنيع الإمام أبي داود في " سننه "، الذي جعل كتابه- الحاوي لها - " شاملا لأحاديث الأحكام "، كما قال الإمام ابن القيم
- و قد وجدت جوابا لمثل سؤالي المطروح - هنا - منشورا على " شبكة مشكاة الإسلامية " يوضح كيفية الجمع بين مذاهب الأئمة الأربعة في ختان المرأة و بين قول العظيم آبادي المذكور، كما يلي:
((عبارة العظيم آبادي في عون المعبود:
وحديث ختان المرأة رُوي من أوجه كثيرة، وكلها ضعيفة معلولة مخدوشة لا يصح الاحتجاج بها كما عرفت.
وقال ابن المنذر: ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنة يتبع.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال. انتهى. والله أعلم.
والحديث سكت عنه المنذري. اهـ.
فقوله: " حديث ختان المرأة ... " محمول على ضعف حديث الباب الذي يشرحه.
أو محمول على أنّ كل حديث لا يَقوم بِنفسه، وإنما يقوم بِغيره، فيُحتَجّ به.
وذلك لأن العظيم آبادي ذَكَر معنى خِتان الإناث، ومعنى الْخِفَاض، وذلك في شرح حديث " إذا قعد بين شعبها الأربع وألْزَق الختان بالختان، فقد وجب الغسل ".
فإنه قال: قال العلماء: معناه إذا غاب الذَّكَر في الفرج، وليس المراد حقيقة المس والإلصاق بغير غيبوبة، وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج، ولا يمسه الذَّكَر في الجماع
، وقد أجمع العلماء على أنه لو وضع ذَكَرَه على ختانها ولم يُولجه لم يجب الغسل لا عليه ولا عليها. اهـ.
وأصل الحديث في الصحيحين.
وأحاديث خِتان الإناث ثابتة بمجموعها.
قال ابن حجر: وقد أخرج أبو داود من حديث أم عطية أن امرأة كانت تَخْتِن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي، فإن ذلك أحظى للمرأة. وقال: إنه ليس بالقوي. قلت: وله شاهدان من حديث أنس ومن حديث أم أيمن عند أبي الشيخ في كتاب العقيقة، وآخر عن الضحاك بن قيس عند البيهقي. اهـ.)). انتهى الجواب
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=43244
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[28 Nov 2008, 01:23 ص]ـ
........
وليس كلام صاحب عون المعبود وحيدا في مجاله فقد سبقه وتلاه غيره:
*قال الإمام إبن المنذر:
«ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع».
*يقول الإمام ابن عبد البر:
«والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال».
.
كشف الشبهة المثارة في قول الإمام ابن عبد البر في الختان، و بيان أنه راجع إلى قوله: (و أجمع العلماء على أن إبراهيم أول من اختتن).
فهو الإجماع الوحيد الذي ذكره في مسألة الختان، كما أنه لا يوجد فيها إجماع غيره سوى الإجماع على مشروعيته للرجال و النساء.
و تفصيله: على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=13835(/)
مكة ومنزلتها في الإسلام
ـ[إمداد]ــــــــ[19 Nov 2005, 12:16 ص]ـ
مكة ومنزلتها في الإسلام
(الشبكة الإسلامية)
الحمد لله الذي خلق البلاد والعباد، وجعل التفاضل بين خلقه أمراً سائدا، فكما فضّل بعض عباده على بعض، فضّل بعض الأمكنة على بعض، فجعل مكة أشرف البقاع وأفضلها، وخير البلاد وأكرمها، إليها تهفو القلوب، وفيها ترتاح النفوس، وعندها يحطّ الخائفون رحالهم، ونحوها يتجه العابدون فيشكون إلى الله حالهم، ويسألونه نجاتهم، هي موطن العبادة والإنابة، فيها أول بيت وضع للناس {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا} (آل عمران:97،96)، بيت يثوب الناس إليه ويرجعون، فيجدون فيه الراحة والأمن ولذة العبادة للمولى سبحانه وتعالى، وهم بذلك يتذكرون الأنبياء ويقتدون بهم {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (البقرة:125).
مكة ذلك البلد الأمين الذي يأتيه الخير والرزق من كل مكان، يُساق إليه، ويُجلب استجابة لدعوة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، كما أخبر الله بذلك في كتابه العزيز، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير} (البقرة:126).
ومن فضائلها أنّ الله اختارها لمولد نبيه الخاتم ومبعثه صلى الله عليه وسلم، ففيها بدأ نزول القرآن الكريم، الكتاب الخاتم، ومنها بدأت دعوة الخير والحق، وانتشرت في الآفاق، قال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها} (الشورى:7).
وقد أوجب الله على المستطيع من الناس الإتيان إليها من كل مكان، ودخولها بالتواضع والتخشع والتذلل، كاشفين رؤوسهم، متجردين عن لباس أهل الدنيا {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} (آل عمران:97)، وجعل قصدها مكفراً للذنوب، ومُحِطاً للخطايا والذنوب، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
ومما اختصت به مكة المكرمة أنها بلد الله الحرام، قال تعالى: {إنما امرت أن اعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت ان أكون من المسلمين} (النمل:91)، فلا يسفك فيها دم، ولا يصاد صيد، ولا يعضد شجر، ولا يقطع نبات، ولا يلتقط لقطة إلا لتعريف، كما بين ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حين قال: (حرم الله مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى - أي: لا يقطع- خلاها - أي: الرطب من النبات-، ولا يُعْضَد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها، إلا لمعرِّفٍ، فقال العباس رضي الله عنه: إلا الإذخر- نبات طيب الرائحة- لصاغتنا وقبورنا، فقال إلا الإذخر) متفق عليه.
ومن فضائل مكة المكرمة مضاعفة الأجر والثواب بها، وأنّ الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وبها الحجر الأسود الذي ليس موضع على وجه الأرض غيره يُشرع تقبيله، وهو حجر من الجنة.
ومن خواص مكة أيضاً أنها محروسة بحفظ الله من الدجال، فلا يستطيع دخولها، ففي الحديث الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق) متفق عليه.
فمكة منزلتها عظيمة، وفضائلها جليلة، اختارها الله لتكون بلده الحرام، وبها أعظم مساجد الدنيا، الذي يتوجه إليه المسلمون في اليوم خمس مرات، يصلون لله ويعبدونه، والله الموفق.(/)
19 مَعرضًا دوليًّا للكتاب.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[21 Nov 2005, 09:31 م]ـ
من موقع وِزارة التعليم العالي في السعودية:
معارض الكتاب الدولية التي تشارك فيها المملكة مشاركة دائمة ( http://www.mohe.gov.sa/Exhibition/expo.asp).(/)
الله أهل الثناء والمجد
ـ[سلسبيل]ــــــــ[22 Nov 2005, 10:26 ص]ـ
الله
أهل الثناء والمجد
بقلم الأديب الشيخ الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني
إمام وخطيب جامع الشيخ ابن باز بمكة المكرمة
والأستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
[ line]
قرّبوا ريشتي وهاتوا دواتي واتركوني من التي واللواتي
لم يعد في فؤاد مثلي مكان للتغني بالحب والغانيات
كم تأمّلت من أعاجيب حبّ وغرام في الأعصر الخاليات
لأناس ذابوا هياما وشوقا وافتتانا بروعة الفاتنات
كم فؤادٍ بلوعة الحبِّ يكوى وصريعٍ للأعين القاتلات
فإذا بالغرام يغدوا حديثا والمحبّون كومةً من رفاة
قصصٌ في مجالس الأنس تروى ثم ترمى في حيّز المهملات
فتعاليت عن غرام بئيس دنيوي مآله لانبثاث
وسقيت الفؤاد من نهر حبّ يوقظ القلب من عميق السبات
كم شفى الحبّ غلّة من نفوس وسقاها من سلسبيل فرات
فاستمع يا زمان هذا محبّ سوف يتلو أنشودة للرواة
يا خلايا الفؤاد يا كل نبض هات ما عندكم من الحب هات
حدثينا عن الهوى حدّثينا وأبيني بأصدق البيّنات
أشعلي جذوة الهوى في نفوس عن مراقي سعودها لاهيات
هذه نفحة من الطهر تسري في فضاء يعجّ بالمغريات
ضجّ هذا الفضاء مما دهاه من جحيم الآثام والمنكرات
وإذا بثّ في البرايا خطايا جاءك البثّ عابقاً من قناة
هذه باقة من الورد نشوى من أزاهير قلبي العاطرات
هذه قصّة من الحبّ تتلى في حروفٍ فتّانة ساحراتي
ومعاني أضحت بمحراب روحي ساهرات لربها ساجدات
هذه غرفة من الحبّ تسقي برواها ضمائراً صاديات
هذه نسمة شذاها تجلى في سماءٍ الهوى بمسكٍ فتات
وسلاف البيان يحلو مذاقاً لقلوبٍ شفافةٍ مرهفات
بعت ذاتي على حبيبٍ قريبٍ من فؤادي ومنه حبي وذاتي
تاه لبّي وذاب قلبي لربي فهو حبّي وسلوتي في حياتي
وله كل ذرّة في كياني ومماتي ومنسكي وصلاتي
يا مرادي هذه ترانيم حبٍّ من فيوض المشاعر الخاشعات
أنت أهل الثناء والمجد فامنن بعبير من الثناء المواتي
ما ثنائي عليك إلا امتنان ومثال للأنعم الفائضات
يا محبّ الثناء والمدح إني من حيائي خواطري في شتات
ذابت النفس هيبةً واحتراماً وتأبّت عن بلع ريقي لهاتي
حبّنا وامتداحنا ليس إلا ومضةً منك يا عظيم الهبات
لو نظمنا قلائداً من جمانٍ ومعانٍ خلابةٍ بالمئات
لو برينا الأشجار أقلام شكر بمداد من دجلة والفرات
لو نقشنا ثناءنا من دمانا وبذلنا أرواحنا الغاليات
لو نُشرنا في ذاته أو رُمينا برماح فتّاكةٍ مشرعات
أو جهدنا نفوسنا في قيامٍ وصيامٍ حتى غدت ذاويات
أو مزجنا نهارنا بدجانا في صلاة وألسن ذاكرات
أو قطعنا مفاوزاً من لهيبٍ ومشينا بأرجلٍ حافيات
أو سجدنا على شظايا رصاصٍ أو زحفنا زحفا على المرمضات
أو بكينا دماً وفاضت عيون بلهيب المدامع الحارقات
ما أبنّا عن همسة من معاني في حنايا نفوسنا ماكنات
ما أتينا بذرة من جلال أو شكرنا آلائك الغامرات
أي شيء يقوله الشعر لما يتغنى بخالق الكائنات
ما نسجناه من بيانٍ بديعٍ ليس إلا خواطراً قاصرات
هدي الشعر لافتراس المعاني إنما الطيبون للطيبات
أي شيء أتقى وأنقى وأرقى من حروفٍ بمدحه مترعات
فالق الحبّ والنوى جلّ شأنه وضياء الدجى ونور السّراة
قابض باسطٌ معزّ مذلٌّ لم يزل مرغما أنوف الطغاة
شافع واسعٌ حكيمٌ عليمٌ بالنوايا والغيب والخاطرات
خافض رافع سميع بصير لدبيب للنمل فوق الحصاة
يهتف العابدون من كل جنسٍ وبلادٍ على اختلاف اللغات
لم يغب عنه همسةٌ أو هتافٌ للمنادين من جميع الفئات
نافع مانع قوي شديد قاصم ظهر كل باغٍ وعات
كم تألّى ذوو عنادٍ وكفرٍ فاستحالت عروشهم خاويات
كم أتى بطشه فأردى شعوباً لاهياتٍ في دورها آمنات
ظاهر باطن حسيب رقيب ليس يخفى عليه مثل القذاة
أولٌ آخرٌ علىٌّ غنيٌّ كيف تحصى آلاءه الوافرات
باعثٌ وراثٌ كفيلٌ وكيلٌ وأمانٌ للأنفس الخائفات
وجميلٌ جماله فاض طهراً وصفاءً يرفّ بالمبدعات
بارئ حافظٌ حميد مجيد فارج الهمّ كاشف المعضلات
الوليّ المتين ما خاب ظنٌّ لنفوس في فضله طامعات
مؤمنٌ محسنٌ شكورٌ صبورٌ للأذى والجحود والافتئات
خالقٌ رازقٌ سميعٌ مجيبٌ ويداه تفيض بالأعطيات
السلام القدوس كم من فيوض نتفيا ظلالها الوارفات
وله الكبرياء هل من ولي غيره قد أباد كل الولاة
مستوٍ فوق عرشه في علوٍّ وقريب بجوده للعفاة
(يُتْبَعُ)
(/)
ليس شيء كمثله فهو ربٌّ من يضاهيه في صفاة وذات
ما أتى من صفاته فهو حقّ وكمال برغم أنف النفاة
إنه الواحد الذي لا يضاهى في معاني أسمائه والصفات
ناصرٌ قادرٌ على كل شيء وهو حيّ منزّه عن سبات
قاهرٌ غالبٌ قوي عزيزٌ ونصيرٌ للمهتدين الهداة ِ
غافرٌ راحمٌ رحيمٌ تجلى حلمه في عطائه للجناة ِ
تتألى عليه بعض البرايا وتراها في فضله راتعات ِ
مرسل البرق منزل الغيث صفوا وهو محي العظام بعد الفتات
صمدٌ تصمد البرايا إليه وأنيس الضمائر الموحشات
المليك القدير ذو الطول بشرى لمحبي توحيده بالعداة
ما أتوا كاهنا ولم يستغيثوا بقبورٍ مطمورةٍ بالكفاة
قصدهم أو دعائهم ليس إلا للكريم العظيم ذي المقدرات
تلك فحوى العقيدة الحقّ تتلى بوضوح في كتبه المنزلات
يا نبيّ الهدى ويا خير صوتٍ حين يتلى متيماً للحداة
يا محباً تعلم الحبّ منه ثم آتى ثماره الناضجات
ما رأينا في دفتر المجد أسمى منك حبّاً برغم كيد الوشاة
صغت للدهر قصّة من نضالٍ وفعالٍ أبيّةٍ ذائعات
وحروفٍ منسوجةٍ من ضياءٍ ما توارى عن شاشة الذاكرات
لو رميتم مفاتح الأرض عندي وأتيتم بالشمس والمقمرات
ليس في شرعة الهوى من نكوصٍ وعهودٍ مأجورةٍ مشتراة
والأمور الصعاب تبدو لعيني في رضى من أحبّه هيّنات
فإذا أظلم الدجى قام يدعو ويناجي بأدمعٍ واجفات
يا إلهي إن كنت راضٍ فإني لا أبالي بما أتو من أذات
ومضى ثابت الخطى لا يبالي بالتحدي والمكر والشائعات
أورق الحبّ والرضى في قلوبٍ بثّ فيها معنى التقى والأناة
أحدٌ والأحزاب والفتح تروي أروع الحبّ للأباة الكماة
بسيوفٍ غيورةٍ صارماتٍ وخيولٍ إلى الوغى ذابحات
كم رؤوس تعجّب الموت منها ودماءٍ منثورةٍ عابقات
أمهر الحبّ جعفر وخبيب بنفوسٍ من أجله زاهقات
يبتلى آل ياسرٍ ثم تهدى إلى المنايا سميّة الساميات
ضمّخت سكّة الهوى للصبايا بعبيرٍ من همّة القانتات
إنها درّة بعقدٍ مضيءٍ يتحلى بالكمّل المحصنات
وبلال في وقدة الرمل يلقى لينادي بلاته أو منات
كلّما أمعنوا عذابا ينادي أحدٌ لم تطق سواها شفاتي
وأبو جابرٍ ينادي كفاحاً ويمنّى بأحسن الأمنيات
وحبيبٌ يبضّع الجسم حيّاُ بسيوفٍ غدّارةٍ خائنات
لم يلن عزمه وما صاغ حرفاً من ذلة أو خضوعٍ للغواة
سطّروا قصّة الهوى بحروفٍ سوف تبقى عن البلا خالدات
هكذا الحبّ لوعة وامتثالٌ واشتياقٌ تصاغ في تضحيات
مبدع الكون يا لها من عقولٍ في تملي آياته ذاهلات
واسع الفضل كيف ترجى نجاةٌ لنفوسٍ عن هديه معرضات
هائماتٍ في غفلةٍ عن هداه غارقاتٍ في حمأة الموبقات
وقلوبٍ كئيبةٍ كيف تسلو وهي من فيض حبّه مقفرات
كيف يسري معنى الرضى في نفوس من شذا طيف أنسه خاليات
كم بهذا الوجود مما نراه من صنوفٍ بفضله شاهدات
لو تأملت صفحة الكون مما بثّ فيه من رائع المعجزات
أرسل الفكر في فضاءٍ بعيدٍ وسماءٍ تعجّ بالنيّرات
هل رأيت السماء والشمس تزهو في ضحاها والبدر في الحالكات
هل تأملت منظر النجم لمّا يسحر العين في دجى المظلمات
كلها الأرض والمجرّات تبدو عند ربي كحلقة في فلاة
هل تأملت روعة الروض لمّا يتبدى بأحسن المزهرات
من غصونٍ ريانةٍ وورودٍ وفروعٍ زكيّة مثمرات
وخرير المياه يهدي لحوناً يتهادى بين الربى والنبات
وغناءً يسري إلى كل قلبٍ لطيورٍ صدّاحةٍ شاديات
ورُخاءً مأمورةً من رياحٍ حين تمضي إلى الرُّبى لاقحات
كم ترى من حدائق مفعمات بغصونٍ قطوفها دانيات
وحقولٍ جميلةٍ لحبوبٍ تتجلى في أبدع السنبلات
هل تأملت أنهراً وبحوراً كم بها من عوالمٍ سابحات
هذه الفلك آية هل تراها وهي تفري عبابه ماخرات
منظر مذهلٌ فلول البرايا تمتطيه بأضخم الباخرات
رابط الجأش كم طوى في حشاه من ضحايا أمواجه العاتيات
لم تغيره حادثات الليالي والبرايا ما بين غادٍ وآت
هل تأملت أمة النحل تغدوا لعبيرٍ من الشذى راشفات
ثم تهدي بطونها من رضابٍ وشفاءٍ لأنفسٍ مزمنات
في بناءٍ معقدٍ هندسيٍّ يتحدى خوراق الهندسات
هل تأملت عالم النمل فيه روعةٌ في فلوله المنشرات
في نظام ودقّة لا تبارى وتفاني في الكسب والاقتيات
ليس للخامل الكسول احترامٌ في قوانين عيشها الصارمات
وألوفّ من المخاليق تمضي في دروبٍ مرسومةٍ واضحات
من فراشٍ وزاحفٍ وطيورٍ وأليفٍ يقنى ومن كاسرات
وإذا جفّت العيون السواقي واستحالت رياضنا مجدبات
(يُتْبَعُ)
(/)
وبدا وجه أرضنا مقفهرٌّ قابلتك الغيوم بالبشريات
فإذا بالمغيث يزجي سحاباً ويفيض الثجاج بالمعصرات
تكتسي الأرض حلّة من نضار في وجوهٍ وضّاءةٍ باسمات
لو تأملت أبدع الصنع فيما بين جنبيك من بديع العضات
من فؤاد ومنطق واعتدال والنهى والدلائل الباهرات
والبلايين من خلاياك تمضي والكريّات أضخم الناقلات
لو تأمّلت في كتاب كريم في معاني آياته المحكمات
في الضحى والأنعام والنحل فيضٌ من ضياءٍ والنور والذاريات
من يعيد الرواء للأرض لما يطمس الجدب أوجهاً ضاحكات
من يعافي المريض من بعد سقمٍ وقنوطٍ من طبّ مستشفيات
من يبث السرور في كل بيتٍ بالبنين الأطهار أو بالبنات
من يسلّي النفوس بالصبر لمّا تبتلى بالنوازل القاصمات
من يغيث القلوب مما دهاها من همومٍ بئيسةٍ جاثمات
من يواري عيوبنا .. من حبانا بستورٍ من سترهِ مسدلات
من هدى العقل لاكتشافٍ بديعٍ لعلومٍ عجيبة مذهلات
كلما زادت العقول اكتشافاً وابتكاراً تتيه في المهمهات
علمها واكتشافها ليس إلا قطرةً من بحوره الزاخرات
إن في ساحة العلوم اهتداءً ودليلاً للأنفس الحائرات
كم هدينا بفضله لعلومٍ بمزايا توحيده هاتفات
إن في مسرح الحياة اعتباراً في ثنايا آياتها الماثلات
يا جهولا بربّه يا غفولاً عن صريح الآيات والبيّنات
كم نرى في حياتنا من فنونٍ ورسومٍ خلاّبةٍ هائمات
أين عيناك عن تملّي جمالٍ في أفانين فضله الناطقات
في جمال الأكوان في كل همسٍ في بديع المسموع والمبصرات
في شروقٍ للشمس أو في غروبٍ في نجومٍ مطلّة آفلات
في انبلاج الصباح في هدئة الليل في لحون الشداة
في سحابٍ مسخّرٍ في غمامٍ في بروقٍ برّاقةٍ ضاحكات
في هتاف الطيور من كل فنٍّ في غناء الحمائم الساجعات
في الشذا في الندى في الورود في بسمة الفجر في سكون البيات
في الرُّبى في الضحى في الأنهار في طلعة البدر في الزواهر الحالمات
في التقاء البحرين ملحٌ أجاجٌ ليس يطغى على الزلال الفرات
في رحيق الأزهار في نفحة العطر في رياضها الناظرات
في دلال الملاح في رقّة الحب في المحاجر الآسرات
في قدودٍ فتّانة في خدودٍ في ثغورٍ وضّاءةٍ باسمات
في جمال الغزال في جفلة الظبي في عيون المهات
في اختيال الطاؤوس في عالم البحر في علوِّ البزاة
في هدير الجِمال في سطوة الأسد في انطلاقة الصافنات
في قضاء الأرواح في قصّة النومِ في حديثنا والسُّكات
في بديع الألون في نغمة الصوت في قلوبنا الخافقات
في اختلاف الأذواق في بسمة المرء في دموعه الذارفات
في صنوف الأرزاق من كلّ طعمٍ في فيوضات جوده المغدقات
في مذاق الثمار في باسق النخل في الجنا في النواة
إنه الله سلوةً وضياءً في سماءِ العبّادِ والعابداتِ
عد إلى ظلّه الظليل التماساً للرضى وحسن الصِّلاة
حيث يكسوك حُلّةً من حنانٍ وأمانٍ في هجمة العاديات
وترنّم بذكره فهوة غرسٌ سوف تجني ثمارهُ اليانعات
إنّ صدق المحبّ يبدو جليّاً في عيونٍ بالدمع مغرورقات
وامتثالاً لأمره واحتراما لمواثيق حبّه المبرمات
وقياماً بحقّه من صلاةٍ وصيامٍ ومنسكٍ وزكاةِ
هذه همستي إلى كل قلبٍ عاشقٍ للرضى وهذي وصاتي
ونداءٌ مضمّخٌ بعبيرٍ لأناسٍ يستروحون العظاة
فاعمر الوقت بالتراتيلِ وانصب تحت جنح الدجى وحين الغداة
واغنم العمر فالمنايا خفايا كم دهى الخطب أنفساً غافلات
ليس تغنيك توبةٌ أو بكاءٌ حين تمنى بهجمة النازعات
إنه موعدٌ وما عنه مأوى لو سكنت البروج والناطحات
أين أهل السلطان والجاهِ ممن تاه فخراً في الأعصر الماضيات
أولم يفتك الرّدى بقصورٍ وديارٍ بأهلها آهلات
كدّر الموت صفوهم ثمّ بادوا وتجلّت رسومهم دارسات
أين من غرّه جمالٌ ومالٌ من كبار السادات والسيدات
سكنوا باطن الثرى بعد عزٍّ في ظلال المنازل الشامخات
أكل الترب حسنهم وتمشى الدود يرعى في أعظمٍ باليات
إن في صرعة الزّمان اعتبارا كيف تمضي أيامه خاطفات
فلتبادر إلى اغتنام الليالي ولحوقٍ للركب قبل الفوات
حين تمضي إلى إلهٍ عظيمٍ وعليمٍ بالجهرِ والخافيات
جامع الناس في مقامٍ رهيبٍ ومعيد العظام بعد الشتات
في مقامٍ تكون فيه البرايا خاضعات لربها مهطعات
فيه تجثوا قوافل الناس خوفاً ويحل الذهول بالمرضعات
لو رأيت الأبناء ولّوا فراراً عن نداءالآباء والأمّهات
هلعٌ يُمطر الورى فاستكانوا في وجيفٍ وأعينٍ شاخصات
(يُتْبَعُ)
(/)
وبكاءٍ وحرقةٍ ثم يدنو كوكب الشمس من حفاةٍ عراة
ليس للمرء ملجأ فيه إلا بمزايا أعماله الصالحات
ولمن واجهوا فلول الخطايا بدروعٍ من التقى سابغات
ودعاة لهديه في البرايا بقلوبٍ رفيقة راحمات
يقطف المؤمنون أزهار أمنٍ ويرون البشائر المرضيات
حورُ عينٍ وسندسٍ وثمار وفيوض من أنهرٍ جاريات
في نعيم لا ينقضي ومزيدٍ لوجوهٍ لربها ناظرات
يا إلهي إني مقرّ بذنبي وخطايا جوارحٍ مسرفات
ما جهلت المقام أو كان قلبي مشرئبّاً إلى دروب العصاة
ضعف نفسي وحسن ظني بربي جرّني للقصور في واجباتي
يا رحيما بعبده يا عفوّاً يا محل الآمال والمكرمات
يا إلهي ومن إليه التجائي يا ربيع الأفكار والذكريات
رضّني بالقضاء وامنن بفضلٍ وببردٍ للعيش بعد الوفاة
يا منى خاطري وسلوى فؤادي ليس إلا إلى رضاك التفاتي
منك حولي وقوتي واتكالي يا نصيري فلا تكلني لذاتي
جِدْ على عبدك المرجّى نوالاً من عطايا آلائك المشرقات
واهدي قلبي يا خالقي وارض عنّي فالرضا منك منتهى الأمنيات
أنت ألبستني من الفضل ثوباً بل ثياباً فضفاضةً ضافيات
يا غياث الملهوف من كل كربٍ يا معيناً للمرء في المعضلات
لا تدعني لحادثات الليالي وأجرني مما به الغيب آت
وقني من لهيب نارٍ تلضّى بسياجٍ من التقى والثبات
يا جواداً بلطفه يا عفوّاً لرزايا كبائرٍ أهو هنات
يا ملاذاً تهفو إليه البرايا والمرجى لفك أسر العناة
أُمْحُ عنّي صحائفاً من ذنوبي واعف عنّي يا غافر السيّئات
فاقتراف الذنوب عنوان ضعفي والتمادي في غيّها من سماتي
يا أنيسي عُدّتي واعتمادي وملاذي في ظلمة النائبات
وسروري وبهجتي ورجائي وضيائي في مدلج الحالكات
هذه لوعتي وهذي دموعي واشتياقي وقصّتي وشكاتي
أبتغيها ذخراً ليومٍ عظيمٍ يا إلهي لعلّ فيها نجاتي
وصلاةً زكيّةً وسلاماً للنبي الكريم خير الدعاةِ
[ line]
بحث عنها في الشبكة العنكبوتية الشيخ:أيمن سامي المشرف العام لمنتديات الفقه
ـ[إمداد]ــــــــ[25 Nov 2005, 11:00 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم سلسبيل
وهذا رابط التسجيل الصوتي للقصيدة بصوت الشيخ ناصر الزهراني وفقه الله
مع قصائد أخرى جميلة
http://www.salafi.net/audiotapes/n_alzhrany.html(/)
شيوخ الإقراء بالإسكندرية
ـ[ابن عبدالشافي]ــــــــ[23 Nov 2005, 03:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أفيدونا بشيوخ الإقراء بالإسكندرية ممن لهم حلقات تجويد وممن يمكن قراءة القرآن عليهم ..
وجزاكم الله خيراً ..
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[23 Nov 2005, 08:17 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
ربما يفيدك المرفق.
ـ[ابن عبدالشافي]ــــــــ[24 Nov 2005, 03:52 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم ..
هل مِن أهل الأسكندرية مَن يدلي بدلوِه في هذا الموضوع؟(/)
آثار العالم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[23 Nov 2005, 07:28 م]ـ
إنَّ مما يلحق العالم بعد موته، وينتفع به في حياته ثلاثة جوانب، هي استمرار لحياته ومضاعفة لحسناته، وهي داخلة ضمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)).
والعلم الشرعي النافع قد يودعه الإنسان في بطون الكتب العلمية النافعة؛ فيستفيد منها الناس في حياته وبعد مماته، وربما تتعاقب عليه الأجيال التالية، ويبقى في ذلك ذكر الإنسان والدعاء، واستمرار أجره.
ومنهم من يودع العلم في صدور تلامذته، ينتفعون بعلمه في حياته وينقولونه إلى الأجيال، فيبقى له أجره إلى ما شاء الله.
وبعضهم يرزقه الله سبحانه وتعالى القدرة على التوفيق إلى تربية تلامذة علماء، وتأليف كتب نافعة محررة؛ فيحصل له النفع الكبير، والخير الوافر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
ـ[أبو العالية]ــــــــ[24 Nov 2005, 11:39 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد ..
هذا جميل يا شيخ ماهر، ولكن .. والله قلة اليوم العلماء الربانيين، الذين يهتمون بطلابهم أو قل يحسنون تعليمهم والحرص عليهم.
ونظرة خاطفة سريعة لعدد العلماء _ في السابق واللاحق _ ولكم هم أولئك المتخرجون على أيديهم تجد الفرق شاسعاً؟!
نعم هذا يعود لاجتهاد التلميذ على نفسه والسعي في التحصيل والحرص الشديد عليه، ثم على فراسة الشيخ في تلميذه وأنه مؤهلٌ للنبوغ فتكون النصيحة العظيمة بإرشاده نحو العلم ودرسه كما كان مع الذهبي وغيره لما شاهدوا خطه.
على كل هذا موضوع رائع للتذكير؛ وفي ظني لا يقتصر على العالم وحده، وأحسب أن كل من يقدر على الإفادة فهو له زادٌ قبل الرحيل، ولينفق كل على قدر سعته وعلمه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
جعلنا الله وإياكم من خيرة خلقه وأهل علمه وفضله
محبكم في الله
أبو العالية
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[24 Nov 2005, 06:46 م]ـ
أخي الحبيب أبا العالية جزاك الله خيراً على كلامك الطيب: ((جعلنا الله وإياكم من خيرة خلقه وأهل علمه وفضله)) وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأن يجعل خير أيامنا يوم نلقاه(/)
عبر وفوائد من قصة عجيبة وقعت لإمام مسجد
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 Nov 2005, 03:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على المبعوث رحمة للعالمين .. أما بعد:
فإن القصَصَ لها تأثير كبير في نفس سامعها، ولذا قال الله تعالى {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
وقال تعالى: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}
وقال تعالى {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ}.
ففي القصة عبرة، وعظة، ومتعة، ولذا أصبحت القصة فنا من فنون الأدب ..
ذكر الحافظ ابن كثير البداية والنهاية ج: 11/ 89، في ترجمة الخليفة العباسي المعتضد
قصة عجيبة هذا نصها:
ذكر القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمي عن شيخ من التجار قال: كان لي على بعض الأمراء مال كثير فماطلني ومنعني حقي، وجعل كلما جئت أطالبه حجبني عنه، ويأمر غلمانه يؤذونني؛ فاشتكيت عليه إلى الوزير؛ فلم يفد ذلك شيئا، وإلى أولياء الأمر من الدولة = فلم يقطعوا منه شيئا، وما زاده ذلك إلا منعا وجحودا.
فأيست من المال الذي عليه، ودخلني هَمٌ من جهته، فبينما أنا كذلك، وأنا حائر إلى من أشتكي إذ قال لي رجل: ألا تأتي فلانا الخياط إمام مسجد هناك؟
فقلت: وما عسى أن يصنع خياط مع هذا الظالم،وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه؟
فقال لي: هو أقطع، وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه؛ فاذهب إليه لعلك أن تجد عنده فرجا.
قال: فقصدته غير محتفل في أمره، فذكرت له حاجتي، ومالي، وما لقيت من هذا الظالم.
فقام معي فحين عاينه الأمير قام إليه وأكرمه واحترمه، وبادر إلى قضاء حقي الذي عليه فأعطانيه كاملا من غير أن يكون منه إلى الأمير كبير أمر! غير أنه قال له: ادفع إلى هذا الرجل حقه و إلا أذّنت؛ فتغير لون الأمير، ودفع إلى حقي.
قال التاجر: فعجبت من ذلك الخياط مع رثاثة حاله وضعف بنيته كيف أنطاع ذلك الأمير له،
ثم إني عرضت عليه شيئا من المال، فلم يقبل مني شيئا، وقال: لو أردت هذا لكان لي من الأموال ما لا يحصى فسألته عن خبره؟ وذكرت له تعجبي منه، وألححت عليه،
فقال: إن سبب ذلك أنه كان عندنا في جوارنا أمير تركي من أعالي الدولة وهو شاب حسن فمر به ذات يوم امرأة حسناء قد خرجت من الحمام، وعليها ثياب مترفة ذات قيمة، فقام إليها وهو سكران، فتعلق بها يريدها على نفسها ليدخلها منزله، وهي تأبى عليه وتصيح بأعلى صوتها: يا مسلمين أنا امرأة ذات زوج، وهذا الرجل يريدني على نفسي، ويدخلني منزله، وقد حلف زوجي بالطلاق أن لا أبيت في غير منزله، ومتى بت ها هنا طلقت منه، ولحقني بسبب ذلك عار لا تدحضه الأيام ولا تغسله المدامع!
قال الخياط: فقمت إليه فأنكرت عليه، وأردت خلاص المرأة من يديه فضربني بدبوس في يده؛ فشج رأسي، وغلب المرأة على نفسها، وأدخلها منزله قهرا، فرجعت أنا فغسلت الدم عنى، وعصبت رأسي وصليت بالناس العشاء، ثم قلت للجماعة: إن هذا قد فعل ما قد علمتم، فقوموا معي إليه لننكر عليه، ونخلص المرأة منه، فقام الناس معي، فهجمنا عليه داره، فثار إلينا في جماعة من غلمانه بأيديهم العصي والدبابيس يضربون الناس، وقصدني هو من بينهم، فضربني ضربا شديدا مبرحا، حتى أدماني وأخرجنا من منزله، ونحن في غاية الإهانة فرجعت إلى منزلي، وأنا لا أهتدي إلى الطريق من شدة الوجع، وكثرة الدماء، فنمت على فراشي، فلم يأخذني نوم، وتحيرت ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده في الليل؛ لترجع فتبيت في منزلها حتى لا يقع .. الطلاق!
فألهمت أن أؤذن الصبح في أثناء الليل لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منزله فتذهب إلى منزل زوجها فصعدت المنارة، وجعلت أنظر إلى باب داره، وأنا أتكلم على عادتي قبل الأذان، هل أرى المرأة قد خرجت، ثم أذنت فلم تخرج، ثم صممت على أنه إن لم تخرج أقمت الصلاة حتى يتحقق الصباح؛
فبينا أنا أنظر هل تخرج المرأة أم لا؟
إذ امتلأت الطريق فرسانا ورجالة وهم يقولون: أين الذي أذن هذه الساعة؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
فقلت: ها أنا ذا، وأنا أريد أن يعينوني عليه فقال: انزل فنزلت، فقال: أجب أمير المؤمنين فأخذوني، وذهبوا بي لا أملك من نفسي شيئا حتى أدخلوني عليه، فلما رأيته جالسا في مقام الخلافة ارتعدت من الخوف، وفزعت فزعا شديدا فقال: ادن، فدنوت فقال لي: ليسكن روعك، وليهدأ قلبك، وما زال يلاطفني حتى اطمأننت وذهب خوفي.
فقال: أنت الذي أذنت هذه الساعة؟
قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال: ما حملك على أن أذنت هذه الساعة، وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منه؛ فتغر بذلك الصائم والمسافر والمصلي وغيرهم؟!
فقلت: يؤمنني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري؟
فقال: أنت آمن. فذكرت له القصة قال: فغضب غضبا شديدا، وأمر بإحضار ذلك الأمير والمرأة من ساعته على أي حالة كانا!
فأحضرا سريعا فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهته ثقات، ومعهن ثقة من جهته أيضا، وأمره أن يأمر زوجها بالعفو والصفح عنها والإحسان إليها، فإنها مكرهة ومعذورة،
ثم أقبل على ذلك الشاب الأمير فقال: له كم لك من الرزق؟ وكم عندك من المال؟ وكم عندك من الجوار والزوجات؟
فذكر له شيئا كثيرا.
فقال: له ويحك أما كفاك ما أنعم الله به عليك؟! حتى انتهكت حرمة الله، وتعديت حدوده، وتجرأت على السلطان، وما كفاك ذلك أيضا، حتى عمدت إلى رجل أمرك بالمعروف، ونهاك عن المنكر؛ فضربته وأهنته وأدميته، فلم يكن له جواب؛ فأمر به فجعل في رجله قيد، وفي عنقه غل ثم أمر به فأدخل في جوالق [وعاء] ثم أمر به، فضرب بالدبابيس ضربا شديدا حتى خفت! ثم أمر به فألقي في دجلة! فكان ذلك آخر العهد به!
ثم أمر بدرا صاحب الشرطة أن يحتاط على ما في داره من الحواصل والأموال التي كان يتناولها من بيت المال،
ثم قال لذلك الرجل الصالح الخياط: كلما رأيت منكرا صغيرا كان أو كبيرا ولو على هذا! ـ وأشار إلى صاحب الشرطة ـ؛ فأعلمني، فإن اتفق اجتماعك بي، و إلا فعلى ما بيني وبينك الأذان؛ فأذن في أي وقت كان، أو في مثل وقتك هذا.
قال: فلهذا لا آمر أحدا من هؤلاء الدولة بشيء إلا امتثلوه ولا أنهاهم عن شيء إلا تركوه خوفا من المعتضد، وما احتجت أن أؤذن في مثل تلك الساعة إلى الآن!. اهـ.
هذا القصة العجيبة الغريبة، وإن لم يتحقق ثبوتها إلا أن فيها عبرا كثير منها:
* الحذر من معاملة الكبراء، والظلمة، ومَن لا يستطيع المرء إخراج حقه منهم.
* خبث هذا الأمير، وبخله، فبدلا من أن يعطيه حقه، ويشكره فعل ما فعل من أذيته، والتهرب منه، وهذا ـ مع الأسف ـ انتشر الآن، فقل من يفي من غير مماطلة مما سبب قلة المعروف بين الناس.
* قول الرجل فأيست من المال .. الخ
غلط فعلى المسلم أن لا ييأس من رحمة الله، وعليه أن يلح في الدعاء، ويكثر الالتجاء إلى الله حتى يرفع عنه البلاء قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (87) سورة يوسف.
* يؤخذ من رفض إمام المسجد (الخياط) أخذ المال الذي عرض عليه التاجر ..
عِظَمُ شأن هذا الرجل، وزهده في الدنيا، وتعففه عن المال، وابتغاؤه ثواب الله بهذا الجاه الذي حصل له من الله.
* في القصة: (فمرت به امرأة حسناء)
يؤخذ منه أن خروج المرأة غير متحجبة بالحجاب الشرعي، وظهور شيء من محاسنها يغري بها أهل الفساد، والمجون ويُعرضها للفتن، وهذا مشاهد، فيندر أن يتعرض الفساق للمرأة المحتشمة.
* في القصة (عليها ثياب مترفة ذات قيمة)
أن خروج المرأة بالثياب الرفيعة، وإظهارها زينتها في الملبس = سبب للافتتان بها.
فانظروا إلى بعض ما يلبس النساء اليوم من العباء المخصر والمزركش ..
هل هذا ستر؟ أليس القصد من هذا اللباس ستر المفاتن فما باله أصبح الفاتن!
* أن خروج المرأة لوحدها يعرضها للمخاطر خصوصا إن كانت شابة ذات هيئة، ويلاحظ أنه لا يكفي أن تخرج معها امرأة مثلها، أو صبي؛ لأنهم لا يغنون عن أنفسهم شيئا، فعن غيرهم أولى، وهذا مع الأسف منتشر في الأسواق، والمستشفيات، وغيرها ..
* أن الخمر أم الخبائث، فهذا الرجل لما سكر تعدى الحرمات جهارا، ولم يراع أحدا ولم يخش عاقبة فعله؛ لأنه لا عقل له.
* لما تعلق هذا الرجل بالمرأة قالت: يا مسلمين .. الخ
(يُتْبَعُ)
(/)
انظروا في الشدة نادت المسلمين؛ لينقذوها، وينصروها، وقد كانت قبل قليل سببا لفتنتهم بها، بل ربما لو نُصحت لردت بقبيح من القول ـ كما تفعله بعضهن ـ، وفي الشدة لا ينفعها إلا الناصح.
* قول المرأة حلف زوجي بالطلاق .. الخ
عجيب أمر هذا الزوج يتركها تخرج، وحدها متبرجة بكامل الزينة، ثم يحلف عليها بالطلاق! غلط على غلط، والحلف بالطلاق منكر، وقد انتشر عند بعض الناس لأتفه الأسباب وقد قال الله تعالى: (ولا تتخذوا آيات الله هزواً).
وأمثال هذا الزوج اليوم كثير مما ضعفت أو ماتت غيرتهم فلا دين ولا مروءة.
* قالت المرأة: (ولحقني بسبب ذلك عار لا تدحضه الأيام ولا تغسله المدامع .. الخ).
هذا حق حمانا الله وإياكم، فلم يعرض الإنسان نفسه، وأهله للفتن والشر، ويعتاد السلامة، فإنه إذا وقع المكروه ـ نسأل الله السلامة ـ لا ينفع الندم.
* وجوب إنكار المنكر بحسب الاستطاعة كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".
وعليه فلا ينتقل من مرتبة الإنكار باليد إلى اللسان مع القدرة، فإن فعل فهو مقصر، وهكذا من مرتبة اللسان إلى القلب مثل الأب في بيت أهله ..
* قول إمام المسجد (الخياط): (ثم صليت بالناس العشاء ثم قلت للجماعة .. الخ.)
يستفاد منه أن الإنسان إذا لم يستطيع أن يمنع المنكر بنفسه ينتقل إلا من يعينه على إزالته، و يجوز أن يستعدي عليه من له قدرة على التغيير، ولا يسكت، ويقول: أديت الذي عليّ.
* قوله (فنمت على فراشي فلم يأخذني النوم)
عجيب هذا الرجل يهان مرتين، ويضرب، وتخرج منه الدماء، ومع ذلك لم ييأس؛ لأن باله مشغول بتغيير المنكر، فمن منا إذا رأى منكراً اهتم له مثل هذا؟! الله المستعان.
* قوله: (فألهمت أن أؤذن الصبح ... )
على الإنسان أن يفعل وسعه لرفع الظلم، ودفع المنكر، ويجتهد في ذلك.
وأن الإنسان إذا عمل ما يستطيع فقد أعذر عند الله، ولا يؤاخذ بذنب غيره، وإنما المشكلة السكوت على المنكر.
* حكمة الخليفة في ملاطفته للرجل حتى يذهب عنه الخوف .. فعل هذا ليعرف الباعث له على هذا الفعل، وهذا مهم في حل المشكلة، ولم يدفعه للجلادين، والمحققين ليخرجوا منه الاعتراف بالقوة.
* من حكمة الخليفة أنه بين لإمام المسجد (الخياط) ما يترتب على آذانه الفجر قبل نصف الليل فقال: فتغر الصائم، والمسافر، والمصلي .. الخ.
فلم يكتف هو بمعرفة الخطأ، ثم المحاسبة عليه، بل أعلمه وجه غلطه، وما ترتب على فعله من أضرار ..
وهكذا ينبغي للآباء، والمربين إذا شاهدوا خطأ أن يبينوا للمخطئ وجه الخطأ = حتى يتركه عن اقتناع، و إلا سيعود إليه إن غِبت عنه، ويتركه فقط من أجلك.
* حكمة الخليفة عندما قال إمام المسجد (الخياط) يؤمنني أمير المؤمنين: فقال مباشرة أنت آمن ..
* قوة الخليفة وعدله وانتصاره لمحارم الله عندما غضب وأمر أن يحضروا مباشرة ..
* حكمة الخليفة عندما بعث بالمرأة مباشرة مع نساء، ورجل ثقات من عنده، وأمْرِهِ زوجها بالصفح عنها؛ لأنها مكرهة.
* حكمة الخليفة في مخاطبة الأمير الفاسق، وتقريره بنعم الله عليه من الأموال، والجوار، والنساء؛ فكفر بنعمة الله، وتعدى محارم الله، وحدوده، وتجرأ على السلطان عندما تعرض للمرأة في الشارع أمام الناس من غير خوف، ولا حياء، وتجرأ على من أمره بالمعروف، ونهاه عن المنكر .. فقد جمع بين أنوع من القبائح، ولذا لم يكن منه جواب، فكان لا بد من عقوبة قاسية تناسب من بلغ هذه المرتبة من الفساد والجرأة.
* إيقاع العقوبة الشديدة والتنكيل برؤوس الفساد سبب في إقلاع بقية الناس، فلما عاقب الخليفة هذا الأمير بهذه العقوبة انزجر بقية الأمراء، ولذا لم يحتج الرجل أن يؤذن أبدا!
* تمكين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ومساندتهم = سبب في زوال كثير من المنكرات، وسلامة سفينة المجتمع من الغرق. قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Nov 2005, 02:41 م]ـ
أحسن الله إليك وزادك فقهاً وعلماً. فقد أحسنت وأجملت، ونعمَ ما قلتَ!
ـ[محمد أحمد فاضل]ــــــــ[30 Nov 2005, 03:08 ص]ـ
جزاك الله كل الخير ونفعنا والمسلمين بهذه القصة.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[02 Dec 2005, 11:55 م]ـ
أحسن الله إليكم(/)
" حرب الحديث " و وثيقة راند لحرب الإسلام: وثيقة خطيرة
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Nov 2005, 12:28 ص]ـ
قرأت - و لعل بعضنا قرأ - ما سمي ب " وثيقة راند " منذ مدة ليست بالقصيرة، و هي خطة وضعتها مؤسسة " راند " البحثية لصالح وزارة الدفاع الأمريكية، و ذلك لوضع الخطط و رسم الخطوات، للسيطرة و لقهر العالم الإسلامي، و لا غرابة في ذلك، فهذا شأنهم و دأبهم - هم و أسلافهم و أشباههم - حتى وقوع " الملحمة الكبرى " بيننا و بينهم في آخر الزمان و قبيل ظهور المسيخ الدجال، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف، و هو ما غاب عن الكثير منا الآن،
و إنما الغرابة في غفلتنا عما يحاك لنا و يكاد، و نحن لاهون و غافلون.
* و الذي يهمنا هنا هو الجزء من تلك الوثيقة، المعنون ب " حرب الحديث " - و يعني بمحاولة محاربة حجية الحديث الشريف، باعتباره المصدر الثاني للتشريع في الإسلام،
و ذلك بالتشكيك و الطعن في الأحاديث الصحاح، و بالأخص صحيحيِ البخاري و مسلم،
و ذلك تحت شعار " تحديث الإسلام ".
- و للاطلاع على تلك الوثيقه: اضغط على هذا الرابط:
http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ID=7154&SectionID=418
* و حبذا لو أمدنا الإخوة الأفاضل بمزيد بيان
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[27 Nov 2005, 05:52 م]ـ
هل من رابط لوثيقة راند هذه على الانترنت؟(/)
وقفات مع غزوة الحديبية
ـ[إمداد]ــــــــ[29 Nov 2005, 10:27 م]ـ
وقفات مع غزوة الحديبية
--------------------------------------------------------------------------------
كان صلح الحديبية بمثابة فتح عظيم للإسلام والمسلمين، فقد ظهرت ثمراته اليانعة على غير ما كان يظهر من بنود الصلح. توضيح وتجلية أسباب الصلح وبنوده وآثاره هي محور هذا اللقاء الشهري. الثاني مع الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
وقفات من غزوة الحديبية
الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإننا في لقائنا هذا لقاء شهر ذي القَعْدة عام اثني عشر وأربعمائة وألف في الجامع الكبير في عنيزة نبحث فيما هو مناسب للحال، ألا وهو تذكير الأمة بما جرى لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة هي من أهم الغزوات، ألا وهي غزوة الحديبية.
سبب الغزوة
غزوة الحديبية كان سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتمر في شهر ذي القَعْدة، وهو من أشهر الحج، وذلك في السنة السادسة من الهجرة، أراد ذلك لأن العرب في جاهليتها تنظر إلى الحج والعمرة نظرة مادية لكسب المال، فكانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج لا تجوز، وأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ويقولون: إذا عفا الأثر -يعنون أثر المسير- وبرأ الدَّبَر -يعني: الجروح التي تكون على الرواحل من الشدِّ عليها- وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبطل هذه العقيدة وخرج في ذي القَعْدة،
وهو من أشهر الحج، بل وهو أوسط أشهر الحج؛ لأن أشهر الحج ثلاثة: شوال وذو القَعْدة وذو الحجة. خرج معتمراً؛ ليبين أن الشرع يخالف هذه العادة أو هذه السنة التي سنها أهل الجاهلية، وأن العمرة في أشهر الحج مشروعة مقرِّبة إلى الله عز وجل، فخرج عليه الصلاة والسلام من المدينة، متوجهاً إلى مكة في السنة السادسة من الهجرة. ولما علمت بذلك قريش أخذتها الأنفة والكبرياء وحميّة الجاهلية؛ فمنعوا الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصل الحديبية. والحديبية مكان بين مكة والمدينة على طريق جدة بعضها من الحرم وبعضها من الحل. نزل النبي صلى الله عليه وسلم هناك، وجعل يراسل قريشاً ليدخل ويعتمر ويخرج من مكة لا يتعرض لأحد، ولكن قريشاً في كبريائها وغطرستها منعت النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: لا يمكن أن يتحدث الناس أننا أخذنا ضغطة -يعني: أخذنا كرهاً- حيث دخل عدونا -
وهو الرسول صلى الله عليه وسلم- إلى بلادنا. وجرت المراسلات بينهم، حتى أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليفاوضهم، وفي النهاية اتفقوا على الشروط التي سنذكرها.
كتابة الصلح وشروطه
جاء الكاتب ليكتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن هذه البسملة هي بسملة الرسل قال الله تعالى عن سليمان حين كاتب بلقيس ملكة اليمن في سبأ قال: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل:30] أملى النبي صلى الله عليه وسلم على الكاتب أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال مندوب قريش: نحن لا نعرف الرحمن الرحيم، لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم، اكتب باسمك اللهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب (باسمك اللهم) تنازل، وسبب تنازله أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزل الحديبية كان إذا وجه ناقته نحو مكة بركت وأبت أن تسير، وإذا وجهها إلى الخلف سارت؛ فقال الصحابة رضي الله عنهم: خلأت القصواء، خلأت -يعني: حرنت- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق). انظر كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم يدافع عن البهائم، لا يريد الظلم ولا أن تظلم البهيمة: (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق) بل هي سهلة لينة منقادة مع قائدها، لا تبرك إلا حيث بركها، ولا تثور إلا حيث ثوّرها (ولكن
(يُتْبَعُ)
(/)
حبسها حابس الفيل) الفيل الذي أرسله أبرهة إلى مكة ليهدم الكعبة به فحبسه الله تعالى، والقصة مشهورة في سورة الفيل. المهم أن الكاتب لما أراد أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأبى مندوب قريش قال: (اكتب باسمك اللهم) ثم قال: (اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشاً قال مندوب قريش: لا تكتب رسول الله، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال: اكتب محمد بن عبد الله، ثم قال عليه الصلاة والسلام. والله إني لرسول الله وإن كذبتموني) ثم جرى الصلح، صلحاً عجيباً وكان من شروط الصلح التالي: الأول: أن توضع الحرب بينهم عشر سنين، الثاني: أن من شاء أن يدخل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش دخل. الثالث: أن من جاء من المسلمين إلى قريش فإنهم لا يردونه، ومن جاء من قريش إلى المسلمين فإنهم يردونه. ما تقولون في هذا الشرط؟ شرط جائر، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام التزم به؛ لأن فيه تعظيم حرمات الله. الرابع: أن يرجع من عمرته هذه ولا يكمل العمرة، مع أنه لو جاء رجل مشرك من أقصى نجد لأذنت له قريش أن يدخل مكة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين هم أولى الناس بالمسجد الحرام يحرموا منه. الشرط الخامس: أن يرجع النبي عليه الصلاة والسلام ولا يكمل عمرته وفي العام القادم يدخل مكة لكن معه السيوف في جرابها، ولا يمكث فيها إلا ثلاثة أيام فقط ثم يخرج. جرى الصلح على هذه الشروط وحصل في هذا أخذ ورد من الصحابة، ومن أشد من تكلم في هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد ناقش النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصلح، فقال: (كيف نرجع يا رسول الله؟! ألست تحدثنا أننا ندخل مكة ونطوف بالبيت قال: نعم. كنت أقول هذا ولكن هل قلت لك: إنك تدخلها هذا العام. قال: لا. قال: إنك آتيه ومطوّف به) ولكن في سنة أخرى، ثم قالوا: (يا رسول الله! كيف نعطيهم أن من جاء منهم مسلماً رددناه إليهم ومن ذهب منا إليهم لا يردونه إلينا؟ قال عليه الصلاة والسلام: أما من جاء إلينا ثم رددناه إليهم فسوف يجعل الله له فرجاً ومخرجاً) وأما من ذهب منا إليهم، يعني: قد اختار لنفسه ما اختار. وبعد ذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه أن ينحروا هديهم وأن يحلوا من إحرامهم ويحلقوا رءوسهم ويرجعوا إلى المدينة، فكأنهم رضي الله عنهم لشدة الأمر وشدة وقعه في نفوسهم تأخروا بعض الشيء، يرجون أن يكون هناك نسخ لما حصل، وليس قصدهم عصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لعل النبي عليه الصلاة والسلام يرجع، فلما تلكئوا بعض الشيء دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة -إحدى أمهات المؤمنين- وكانت امرأة عاقلة، فرأته مغضباً فقالت: ما الذي أغضبك؟ قال: أمرت الناس بكذا وكذا ولكن لم يفعلوا، قالت: أتريد أن يفعلوا؟ قال: نعم. قالت: اخرج وادعوا الحلاق واحلق رأسك، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام فدعا الحلاق فحلق رأسه، فجعل الناس يحلقون رءوسهم حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً. سبحان الله! اقتداء الناس بأفعال الإنسان أكبر من اقتدائهم بأقواله. فحلوا ورجعوا.
أبو بصير مسعر حرب
الذي حصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام التزم بالعهد فقدم رجل إلى المدينة مسلماً من قريش، ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه جاء مسلماً مهاجراً لا يريد الرجوع إلى قريش. فإذا برجلين من قريش قد أتيا خلفه يطالبون برده إلى قريش، فأعطاهم الرسول عليه الصلاة والسلام الرجل وفاءً بالعهد. فلما كانوا في أثناء الطريق قال أبو بصير لأحد الرجلين: أرني سيفك ما أحسن هذا السيف! وما أجوده! وصار يثني على السيف، أعطني إياه أنظره، فلما أعطاه إياه سله من غمده ثم ضرب به رأس صاحبه، وإذا برأسه قد بان من جسده، وأما القرشي الآخر فقد هرب إلى المدينة خوفاً أن يقتله. فلما هرب إلى المدينة ووصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإذا بأبي بصير وراءه فقال: يا رسول الله! إن الله قد أوفى بعهدك، أما العهد الذي بينك وبينهم فقد وفيت به وسلمتني إليهم، وأما أنا فأنجاني الله منهم، فلا تردني إليهم -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسْعر حرب لو يجد من ينصره) تعجب منه! وقال: ليس بهين لو يجد من ينصره، ولما قال هذه الكلمة وقعت من أبي بصير موقعها وعرف أن الرسول صلى الله
(يُتْبَعُ)
(/)
عليه وسلم سوف يرده إليهم، فخرج من المدينة هارباً ونزل على سيف البحر، وهو طريق قريش من الشام إلى مكة. وتعرفون حاجة قريش إلى الشام، فإنه في أيام الصيف لا يتجرون إلا من الشام: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ [قريش:1 - 2] الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام. فمكث هناك وسمع بعض رجال المسلمين الذين في مكة أن أبا بصير هناك وأنه يترصد عير قريش، وما جاء من عير أخذه، فاجتمع إليه نفر، فصار كلما جاءت عير قريش أخذوها؛ لأن مال قريش حلال، فهم كفار محاربون، ليس بينه وبين هؤلاء الذين خرج منهم عهد، فأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: اكفنا شر هؤلاء النفر وردهم إلى المدينة. فرجع أبو بصير ومن معه إلى المدينة، فكان هذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من رددناه إليهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً). هذه القصة فيها عبر عظيمة وكثيرة، تكلم على بعضها ابن القيم في زاد المعاد، وفيها منقبة لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم.
بيعة الرضوان .. ومبايعة رسول الله عن عثمان رضي الله عنه
المنقبة هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس تحت شجرة في الحديبية، وجعل الناس يبايعونه على ألا يفروا أبداً، وسبب هذه المبايعة أن الناس تحدثوا أن عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش قُتل، والرسول لا يُقتل حتى في الكفر لا يقتلون الرسول المفاوض، فبايع على أن يقاتلهم إذا كانوا قد قتلوا عثمان، ولكن عثمان رضي الله عنه لم يقتل، لكن حصلت لهم هذه المبايعة التي فيها عزهم، وأنزل الله في هذه المبايعة: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح:18] وهو الصلح
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [الفتح:19].
أما عثمان فرجع سالماً، وكان رضي الله عنه له قبيلة ذات جاه في قريش، فقالوا له: يا عثمان! أنت قدمتَ إلينا وهذا البيت انزل فطف به، قال: والله ما أطوف به ورسول الله صلى الله عليه وسلم محصور عنه أبداً، وأبى أن يطوف بالبيت مع تيسره له؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم محصور عنه،
ثم رجع سالماً قائماً بالهدف الذي أرسل من أجله. قد يقول قائل: إنه فاتته هذه المبايعة؛ لأنه كان حين المبايعة في مكة. ولكننا نقول إن هذه المبايعة لم تفته رضي الله عنه، فقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى يديه على الأخرى وقال: (هذه يد عثمان) فبايع النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بنفسه؛ فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من يد عثمان لعثمان. سبحان الله!
أهمية قراءة السيرة النبوية
أنا أريد منكم أن تقرءوا هذه القصة في زاد المعاد؛ لتعتبروا بما فيها من العبر، كما أريد أيضاً أن تقرءوا جميع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ففيها -والله- زيادة الإيمان، وفيها زيادة المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفيها العبر في التوحيد، وفي الفقه، وفي الخلق، وفي كل شيء. إنها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأسدهم رأياً وأرجحهم عقلاً عليه الصلاة والسلام، لذلك اشتروا هذا الكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد، وطالعوا فيه السيرة، كما أن هذا الكتاب فيه فوائد طبية استخلصها بعضهم ووضعها في كتاب مستقل، وحدثني طبيب أمريكي، أسلم وحسن إسلامه -حدثني هنا في بلادنا- أنه استفاد من الطب النبوي، حتى إنه يقول: من جملة ما حملني على الإسلام ما وجدت فيه من النظافة والأخلاق الفاضلة الطيبة، منها: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه) يعني حسبه من الأكل والشرب لقيمات يقمن صلبه (فإن كان لا محالة -يعني: لا بد أن يأكل- فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه). ولو أنا طبقنا هذا ما أصابنا مرض من داء البطنة،
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن نحن نأكل حتى نملأ البطن طعاماً، ويقول بعض الناس: سأملأ بطني طعاماً، وأما الماء فهو دقيق يجد منافذ، وأما النفس فهو حربة يشق عن نفسه. لكن كل هذا غلط كل قليلاً ومتى جعت فكل ثانياً حتى تعطي الجسد غذاءه شيئاً فشيئاً على وجه يتحمله. وقد ضرب بعض الناس مثلاً للمعدة برجال عمال أعطوا أعمالاً كثيرة ترهقهم، فجعلوا يعملون، فإذا هم في مدة قصيرة قد تعبوا وتمزقت قواهم. أما إذا أعطيت المعدة ما ينفعها بدون مشقة عليها، فهذا خير لها وللبدن، وبإذن الله لن تصاب بأمراض تتعلق بالبطنة، إذا مشيت على ما أرشد إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام. المهم أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأها الإنسان بتأمل واعتبار نفعته نفعاً عظيماً. نحن نتذكر هذه الغزوة ونعرف مدى ما يضمر المشركون للمسلمين، والحقيقة أننا في زمننا هذا -مع الأسف الشديد- في غفلة شديدة، نظن أن المشركين أو الكفار من اليهود والنصارى نظن أنهم أولياء لنا، ولكننا نقول إيماناً وعقيدة: إنهم أعداء لنا، نقول ذلك إيماناً وعقيدة، قبل أن نستشهد بالحوادث التي تقع منهم؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [الأنفال:73] ويقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51] ويقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1] أما الوقائع فأنتم ترون ما حدث من الطائفة اليهودية كاستحلالها بيت المقدس، وليسوا بأهله. من أهل بيت المقدس؟
المسلمون. لا نقول: العرب أيضاً، فالعرب إذا لم يكونوا على دين الله فليسوا أهلاً له؛ لأن الله تعالى يقول: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105] هؤلاء هم أهل الأرض الذين يستحقون أن يعيشوا عليها، وقال موسى لقومه وكانوا هم المؤمنين في ذلك الوقت، قال: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة:21] لأنهم يقاتلون قوماً جبارين كفاراً، فكانوا أحق بالأرض منهم. أما بعد أن فتحت أرض الشام على أيدي المؤمنين فهم أهلها وهم أحق بها، وأقول والعلم عند الله: لا يمكن أن تسترد الشام -وأخص بذلك فلسطين- إلا بما استردت به في صدر هذه الأمة، بقيادة كقيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجال كجنود عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقاتلون إلا لتكون كلمة الله هي العليا. فإذا حصل هذا للمسلمين فإنهم سيقاتلون اليهود حتى يختبئ اليهودي خلف الشجرة فتنادي الشجرة: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله. أما ما دام الناس ينظرون إلى هذه العداوة بيننا وبين اليهود على أنها عصبية قومية فلن نفلح أبداً؛ لأن الله لن ينصر إلا من ينصره، كما قال تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:40 - 41].
فنحن إذا رأينا صدر هذه الأمة، نجد أنها انتصرت على أساس التوحيد .. الإخلاص لله .. الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. البعد عن سفاسف الأمور .. عن الأخلاق الرديئة .. عن الفحشاء والمنكر .. عن تقليد الأعداء. والمشكل أن من الناس اليوم من يرى أن تقليد الكفار عز وشرف، ويرون أن الرجوع إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه تأخر وتقهقر، طبق ما قال الأولون: وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ [المطففين:32]. فعلينا -أيها الإخوة- أن نرجع؛ لنقرأ ونتأمل فيما سبق في صدر هذه الأمة، حتى نأخذ بما كانوا عليه من تمسك وعبودية وحينئذ يكتب لنا النصر. وإني أقول وأكرر: يجب علينا أن نحذر من شرور أنفسنا، وأن نحذر من شرور الكفار والمنافقين وأتباعهم، ونسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم النصر لدينه، وأن ينصرنا به وينصره بنا، وأن يجعلنا من أوليائه وحزبه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين(/)
موقع الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير رعاه الله
ـ[إمداد]ــــــــ[02 Dec 2005, 08:55 م]ـ
موقع الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير
--------------------------------------------------------------------------------
يسرني أن أزف الى محبي العلم موقع العلامة الشيخ عبد الكريم الخضير وفقه الله وسدد خطاه
http://www.islamlight.net/alkhadher/
السيرة الذاتيةللشيخ وفقه الله
* اسمه:
عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضير.
· مكان وتاريخ الولادة: ولد في بريده سنة 1374هـ.
· عمله: عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
· شيوخه:
· في القصيم:
1 - الشيخ مبارك بن حسن الراجح رحمه الله.
2 - الشيخ إبراهيم بن محمد المشيقح حفظه الله.
3 - الشيخ محمد ذاكر حفظه الله.
4 - الشيخ محمد بن صالح المطوع رحمه الله.
5 - الشيخ صالح بن أحمد الخريصي رحمه الله.
6 - الشيخ صالح السكيتي رحمه الله.
7 - الشيخ علي الضالع رحمه الله.
8 - الشيخ محمد بن علي الروق رحمه الله.
9 - الشيخ فهد بن محمد بن حمود المشيقح حفظه الله.
· في الرياض:
1 - الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان حفظه الله.
2 - سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله.
3 - الشيخ فهد بن حمين الفهد الحمين حفظه الله.
4 - الشيخ عبد الرحمن السد حان حفظه الله.
5 - الشيخ عبد العزيز الداود حفظه الله.
6 - الشيخ عبد العزيز الفالح حفظه الله.
7 - الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم حفظه الله.
· مؤلفاته:-
1 - الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به (مطبوع).
2 - تحقيق النصف الأول من فتح المغيث للسخاوي.
3 - تحقيق الرغبة شرح النخبة (مخطوط).
4 - شرح قصب السكر (مخطوط).
5 - شرح الورقات (مخطوط).
6 - شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (مخطوط).
- وله تعليقات و تنبيهات على أمهات الكتب والشروح من كتب التفسير والحديث والعقيدة وغيرها.
* تعريفه:-
هو عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضير يكنى بأبي محمد من مواليد بريده سنة 1374 هـ ويبلغ من العمر الآن قرابة الخمسين أمد الله في عمره على الطاعة .. قرأ القران على مقرئ في الصبا اسمه مبارك بن حسن الراجح ثم قرأ على الشيخ إبراهيم بن محمد المشيقح ثم في سنة 1385 هـ قرأ على فضيلة الشيخ محمد ذاكر قسما كبيرا من القران وحفظ عليه البقرة وال عمران ,,,
دراسته النظامية:-
دخل المدرسة الابتدائية سنة 1381 هـ ثم تخرج منها سن1386 هـ على إثرها دخل المعهد العلمي في بريده سنة1387 هـ وتخرج فيه سنة 1393 هـ ثم التحق بعدها بكلية الشريعة بالرياض في السنة نفسها وتخرج فيها سنة 1397 هـ على إثرها عين معيدا بكلية أصول الدين في قسم السنة وعلومها ثم واصل وتابع الدراسة العليا فحصل على درجة الماجستير سنة 1402هـ وكانت رسالته بعنوان (الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به). ثم بعد ذلك في سنة 1407هـ حصل على شهادة الدكتوراه وكانت رسالته بعنوان (تحقيق النصف الأول من فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي) عين على إثرها أستاذا مساعدا في قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين وعمل بها أستاذا مساعدا إلى أن تقاعد تقاعدا مبكرا في 27/ 8/1424 هـ وهو ابن خمسين سنة.
* طلبه للعلم:-
في سنينه الأولى قرأ على الشيخ محمد بن صالح المطوع رحمه الله مبادئ العلوم (ثلاثة الأصول - وآداب المشي إلى الصلاة - وزاد المستقنع وكتاب التوحيد) وغيرها من المتون في أصول العلم .. ثم قرأ ولازم صاحب الفضيلة الشيخ صالح بن احمد الخريصي رئيس محاكم القصيم في وقته رحمه الله ثم انتقل إلى الرياض فقرأ على الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان في أصول الفقه والقواعد الفقهية وعلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله في (الفرائض وفي تفسير ابن كثير وفي سنن الترمذي) وغيرها من الكتب وقد لازمه وقرأ عليه في المسجد وفي بيته رحمه الله .. ثم بعد تخرجه من كلية الشريعة وفي السنة التمهيدية تفرغ لجرد المطولات وقراءتها والتعليق عليها واستخراج مكنوناتها فقد قرأ حفظه الله في كتب التفسير والحديث وكتب العقائد وقد قرأ أيضا في كتب
(يُتْبَعُ)
(/)
الفقه والتاريخ والأدب ,,, ثم قرأ على الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم أوائل شرح البخاري للحافظ بن حجر وأما بالنسبة لشيوخه في المعهد العلمي في بريده فمنهم الشيخ صالح السكيتي والشيخ على الضالع والشيخ محمد الروق رحمهم الله والشيخ فهد بن محمد المشيقح حفظه الله وغيرهم! ,,, وأما بالنسبة لشيوخه الذين تتلمذ على يديهم في كلية الشريعة فنذكر منهم الشيخ فهد الحمين والشيخ عبد العزيز الداود والشيخ عبد العزيز الفالح والشيخ عبد الرحمن السد حان حفظهم الله وغيرهم من العلماء والمشايخ ,,,
· كما يتجلى حرص الشيخ حفظه الله على طلب العلم من خلال مكتبته العلمية العامرة بأصناف الكتب والمخطوطات تعد مرجعا لكثير من الباحثين.
مشاركا ته العلمية:-
للشيخ مشاركات علميه كثيرة من خلال إشرافه على الرسائل المقدمة لنيل درجة الماجستير والدكتوراه في قسم السنة وعلومها , ومن خلال دوراته العلمية المتنوعة والتي تم تسجيل كثير منها ومن ذلك (شرح كتاب الصيام من زاد المستقنع- وكتاب الحج من الكتاب نفسه- وشرح حديث جابر في الحج- وشرح نخبة الفكر ونظمها- وشرح الورقات ونظمها) وشروح كثيرة وأكثرها مسجل ولله الحمد.
ولقد شارك الشيخ في دورات علمية في كثير من أنحاء المملكة.
ـ كما أن للشيخ أيضا مشاركات إذاعية في إذاعة القرآن الكريم وهي:
ـ أول هذه البرامج لقاء في موكب الدعوة تحدث فيها عن حياته العلمية والعملية أجرى هذا اللقاء الأستاذ محمد المشوح أذيع سنة 1420هـ.
ـ كما أن له ثلاثون حلقة في فقه الصيام نشر في رمضان سنة 1421هـ.
ـ كما أن له أيضا درس أسبوعي في الإذاعة نفسها في شرح مختصر صحيح البخاري للزبيدي.
ـ كما أن له ثلاثون حلقة في الهدي النبوي في رمضان أذيع سنة 1423هـ.
ـ كما أن له ثلاثون حلقة في الشمائل النبوية أذيع في رمضان سنة 1424هـ.
ـ كما أن له ثلاث عشرة حلقة في فقه الإمام البخاري في الحج أذيع في موسم الحج سنة 1424هـ.
ـ كما أن له لقاءات في الاذاعة نفسها حول مكتبة طالب العلم.
ـ كما أنه يجيب عن أسئلة المستمعين في إذاعة القرآن ويبث كل يوم جمعة في الرابعة عصرا.
* دروسه:
للشيخ دروس علميه متفرقة على فترات في أكثر أيام الأسبوع وقد قرأ عليه حفظه الله في دروس سابقة كثير من المتون والشروح العلمية منها ما أتم كاملا ومنها ما قرأ بعضها نذكرها بإيجاز: (شرح الورقات للمحلي , القلائد العنبرية في شرح المنظومة البيقونية , خلاصة الكلام , التعليقات السنية على العقيدة الواسطية لابن سعدي , التوحيد لابن خزيمة , مختصر قواعد ابن رجب لابن سعدي , شرح علل الترمذي , فتح الباري , ألفية الحديث , البلبل في أصول الفقه , الباعث الحثيث , قصب السكر , الموطأ , مسند الإمام أحمد , المنتقى للمجد ابن تيمية , فتح المجيد , كتاب التوحيد , تيسير العزيز الحميد , قرة عيون الموحدين , الآجرومية , أخصر المختصرات , المفهم شرح مختصر صحيح مسلم للقرطبي , الموقظة للذهبي , فتح المغيث , الكافي لابن قدامه , ثلاثة الأصول , الأربعين النووية، الدرر السنية، تفسير الجلالين , تفسير ابن كثير) ...
وأخيرا حفظ الله الشيخ وأمد في عمره و نفع الإسلام والمسلمين بعلمه ووفقه لكل خير وحفظه من الفتن ما ظهر منها وما بطن
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[02 Dec 2005, 09:14 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي , ونفع الله بالشيخ فجهوده بارزة , والموقع عبارة عن صفحة خصصت للشيخ حفظه الله في موقع نور الاسلام , جزى الله القائمين عليه خيراً.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[04 Dec 2005, 10:22 م]ـ
بارك الله في الشيخ عبد الكريم ونفع الله المسلمين بعلمه
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[12 Jan 2006, 08:36 ص]ـ
جزاك الله خير اخي امداد ونفع الله بالشيخ عبدالكريم الخضير
ـ[طالب علوم القرآن]ــــــــ[13 Jan 2006, 01:56 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[المعتصم بالله]ــــــــ[28 May 2006, 11:10 ص]ـ
جزاك الله خير .. ونفعنا الله بعلم شيخنا ووفقه وسدده.
ـ[أبو ياسر]ــــــــ[28 May 2006, 04:24 م]ـ
بارك الله فيك.
وانتفعنا بعلم الشيخ عبد الكريم الخضير وفقه الله.
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[02 Jul 2007, 05:23 ص]ـ
بشرى الاطلاق التجريبي للموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله
www.khudheir.com(/)
فضيحة علمية أكاديمية في أمريكا لم يتعظ بها المفكرون العرب.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 Dec 2005, 01:34 ص]ـ
· في ربيع 1996 نشرت مجلة Social Text مقالا للبروفيسورآلان سوكال Alan Sokal العالم الفزياوي من جامعة نيويورك.مقالا ألمح فيه سوكال إلى علاقة مفترضة بين الميكانيكا الكوانتية والتيار الفلسفي الموسوم ب"ما بعد الحداثة".
· ثم انكشف الأمر عن فضيحة علمية أكاديمية مدوية شرق خبرها وغرب ,واحتلت حيزا كبيرا من مساحة نقاشات الدوائر العلمية العالمية –باستثناء الدوائر العربية طبعا-.
· لم تصل أصداؤها إلى العالم العربي- حسب علمي- ولم أجد من يشير إليها في الكتابات العربية فضلا عن استخلاص عبرها–دائما حسب اطلاعي- هذا في الوقت الذي يكتب فيه بعض المهتمين الغربيين: بعد درس "سوكال " لا شيء سيكون بعد مثلما كان من قبل. وتعليل هذه الغفلة العربية قد يتصل باهتمامنا الزائد بما يدور في البنتاغون أكثر مما يروج في ردهات الجامعات ,أو قد يتعلق ببؤس المفكرين العرب: فهذه الفضيحة المدوية –بالمقياس الغربي- قد تكون من المألوف اليومي في ساحاتنا الفكرية وبالتالي فلا تستحق الذكر.
· فلنبدأ من البداية.
في ربيع سنة 1996 نشرت مجلة أمريكية محترمة جدا اسمها -- Social Text مقالا ذا عنوان مثير:"تجاوز التخوم: نحو هرمنطيقا تحويلية للقوة الجاذبية الكوانتية"- ترجمة تقريبية للعنوان الفرنسي: " Transgresser les frontières : vers une herméneutique transformative de la gravitation quantique ".
وصاحب هذا العنوان الصارخ عالم فزياوي اسمه , Alan Sokal, حشد تحته نقولات لعدة علماء أمريكان وفرنسيين, وتجرأ فيه علىأن يصرح مثلا "أن الحقيقة العلمية كالحقيقة الإجتماعية ليست في جوهرها إلا بناء لسانيا اجتماعيا".أو أن يصحح "أن عدد "بي "الاقليدي والعدد "ج" النيوتوني المعتبرين قديما ثابتين ما هما إلا مفهومين تاريخين لا ثبات لهما ....... "الخ.
وفي يوم صدور العدد من المجلة كتب سوكال مقالا آخر في مجلة: Lingua Franca. يعلن فيه أن مقاله الصادر اليوم في مجلة Social Text ما هو إلا مزحة ومحاكاة ساخرة لأسلوب ما بعد الحداثيين. وسقط في يد الرأي العام الامريكي:
- كيف وقعت مجلة أكاديمية علمية محترمة في الفخ؟
- كيف تمر "معلومات خاطئة في الفزياء "تحت أنظار المختصين القائمين على المجلة؟
- كيف لا يستطيع متخصص في علم طبيعي صارم كعلم الفزياء أن يميز بين الجد واللعب, بين العبارة العلمية والعبارة الخالية من المعنى؟
- كيف غزت العبارات الفضفاضة الحرم الجامعي الامريكي المعروف بالمناهج الوضعية البرجماتة الواقعية.؟
وتحولت المهزلة إلى حديث المجالس .... وسارع الباحثون إلى استخلاص العبر:
فأما بعض الفرنسيين فرأوا في القصة أن الامريكان يريدون تصفية الحساب مع الفكر الفرنسي الذي بدأ يغزو المدرجات العلمية الامريكية ...
أما سوكال صاحب التدليس فكان من نيته فضح كثير من الباحثين في مجال العلوم الانسانية الذين زينوا كتاباتهم بالعبارات العلمية ووظفوا المصطلحات المستعملة في مجال العلوم الحقة من غير فهم ولا تدقيق .... فجاءت كتاباتهم فى علم النفس وعلم الاجتماع والنقد الادبي ظاهرها العلم وباطنها الكلام الفارغ .....
وبعدئذ تعاون سوكال مع Jean Bricmont فكتبا معا كتاب:تدليسات فكرية Impostures intellectuelles. نقدا فيه كثيرا من المفكرين ذوي الاسماء اللامعة, وبينا أن عباراتهم ماهي إلا جعجعة بدون معنى, وأنهم يكتبون بأسلوب يوهمون به قراءهم أنهم على علم بمستجدات العلوم ونظرياته وهو في الواقع جهال وحسبنا أن نذكر أسماء هؤلاء لتقدير حجم الفضيحة الفكرية:
-جوليا كريستيفا الناقدة الادبية تهافتت على مصطلحات البيولوجيا.
- لاكان المحلل النفسي تهافت على مصطلحات المنطق والهندسة ...
- جيل دولوز مؤرخ الفلسفة تهافت على مصطلحات الرياضيات.
- جان بودريارد تهافت على مصطلحات الميكانيكا .....
وتشمل اللائحة أسماء أخرى كدريدا التفكيكي وبارت السميولوجي وغيرهما ...
ممن يلهج بذكرهم "المفكرون "العرب.
هذا رابط لمقالات بالفرنسية عن الفضيحة
http://peccatte.karefil.com/SBPresse/SokalBricmontPresse.html
هذا رابط قد يكون فيه معلومات أكثر عن الفضيحة بالانجليزية:
http://peccatte.karefil.com/SokalBricmont.html
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Dec 2005, 08:29 م]ـ
بالفعل لم تصل أصداء هذه الفضيحة القنبلة إلى فئات المثقفين والعلماء في بلادنا العربية لتعرف مدى عمق الغرر الذي يعيشونه إن أحسنا الظن بوسائل إعلامنا أنها لم تتعمد إدراج الخبر لعدم أهميته ـ برأيها ـ وإن توثق الخبر أكثر من ذلك فسيحدث تغييراً جذرياً في مجريات البحث العلمي وإعادة النظر في كثير من (النظريات) الفلسفية والتجريبية والتطبيقية ما يبشر بانفجار علمي تحتاج الأمة الإسلامية عندها لكادر علمي ضخم بقدر المسؤولية يسور شباب الأمة ويدعمها كي لا تعود فريسة الإنبهار الذي مرت به الأمة من قبل ثم نبدأ من الصفر من جديد.
شكر الله لك أخي أبو عبد المعز على هذه المعلومة وليتها كانت أبكر من ذلك، بل ليت المطلعين من رواد الموقع يتحفونا بمثل هذه المعلومات الخطيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[05 Dec 2005, 11:50 م]ـ
أشار الى هذه الواقعة رضوان جودت زيادة في كتابه صدى الحداثة و هي بالفعل فضيحة علمية و هذا مقطع اخر مما نشره سوكال انقله عن الكتاب نفسه:
"سنرى في جاذبية الكم ان مركب الفضاء الزمن يكف عن الوجود كحقيقة فيزيائية موضوعية (!!) .... المقولات المفاهيمية التاسيسية في العلم السابق بما في ذلك الوجود نفسه تصبح اشكالية و نسبوية (!!!) و هذه الثورة في المفاهيم لها علاقة عميقة بمستقبل العلم المتحرر و ما بعد الحداثي "
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Dec 2005, 03:00 ص]ـ
قمت بنقل المقال في منتدى آخر متخصص في الرد على الملاحدة واللادينيين والعلمانيين - وقد لقى قبولاً مدهشًا واهتمامًا كبيرًا أخي الفاضل.
أرجو ألا تحرمنا من مقالاتك في هذا المجال - وفقك الله وسدد خطاك.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Dec 2005, 03:11 ص]ـ
هذا رابط المقال المنقول وردود الأخوة والملاحدة عليه:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3598
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[09 Dec 2005, 04:17 ص]ـ
أخي د. هشام ...
شكر الله لك ...... وحبذا لو أرشدت من يحسن الانجليزية من إخواننا لترجمة-ولو إجمالية- لبعض المقالات التي أحلت إليها في الرابط ..... لأن الحداثيين والملاحدة يؤمنون بمقولة" زمار الحي لا يطرب" ونريد أن ننقل شهادات الكفار ممن يثقون فيهم .... والنكاية هنا أشد .....
وجزاك الله خيرا ..... إنك-حفظك الله-في ثغر من ثغور الاسلام ..... وشعارنا جميعا: "لن يمروا" إن شاء الله.
ـ[خسرو النورسي]ــــــــ[11 Oct 2010, 07:28 ص]ـ
ههه!
ذكّرتني بقصيدة ذات موسيقى جميلة نثرتُ كلماتها العبثية بلا معنى ثمّ أعطيتها شخصاً فقال لي هذه قصيدة ذات مغزًى سياسي!؟
و قد أتى أحدهم (مصطفى حمام؟) ذات يوم بنثارات من الصحف لا يربط بينها شيء و قدمها لأدباء جداثيين منهم مشاهير فشجّعوه!؟!
و قد كنت فكر في طرق كهذه الفضيحة ننشئها نحن و لكن ثقل الفضيحة من هناك أعظم ... فجزى الله أبا المعز و الأساتذة الآخرين خيراً.(/)
أشيروا عليَّ أيها السادة الأجلاء
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[04 Dec 2005, 03:03 م]ـ
منذ يومين وأنا أقرأ في كتاب (قراءة نقدية للإسلام) للدكتوركامل النجار. وأظنه ليس من المسلمين، بدليل الطريقة التي يكتب بها. وقد رأيتُ أنَّ هذا الكتاب قد ملئ غيظاً على الإسلام وأهله، فقررت أن أكتب كتاباً أتتبعه فيه فصلاً فصلاً، وأرد عاديته عن الإسلام وأهله إلا أن يكون أحدُ الباحثين قد تقدم إلى هذا البابِ قبل أن أطرقه.
فهل يرى السادة المشاركون الكرام أن أتفرغ لهذا الجاني فأكشف عواره، وإني إن شاء الله لقادر على مثل هذا الأمر، فأشيروا عليَّ أيها الكرامُ وفقكم الله تعالى لكل خير.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[04 Dec 2005, 04:43 م]ـ
لست من السادة وليس مثلي من يستشار لكن أقول عسى أن يوفق الله
أستاذنا الفاضل: إن كان الكتاب منتشرا وخبره ذائعا فامض على بركة الله
وإن كان الكتاب مما أخمد الله ذكره فوقتك أجل من أن ترد فيه على مثل هذا فضلا عن أن ذلك سيزيد الكتاب شهرة
وفقك الله وأعانك
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[04 Dec 2005, 06:55 م]ـ
أخي د. جمال:
لست من السادة وليس مثلي من يستشار لكن أقول عسى أن يوفق الله
أستاذنا الفاضل: إن كان الكتاب منتشرا وخبره ذائعا فامض على بركة الله
وإن كان الكتاب مما أخمد الله ذكره فوقتك أجل من أن ترد فيه على مثل هذا فضلا عن أن ذلك سيزيد الكتاب شهرة
وفقك الله وأعانك
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Dec 2005, 07:25 م]ـ
أبشر أبا حسان بأن الكتاب المذكور من الكتب التي أناقشها في أطروحتي
يسر الله إخراجها قريباً
قبل أن تتجاوز الألف صفحة!!!!
والحمد لله تم الرد على جميع شبهاته
ولكن لا مانع من أن تدلي بعسل دلوك
ونتعاون معاً
ولا مانع حتى لا يقع المحظور الذي حذر منه إخوتي ... أن ترد على الشبهة دون الإشارة إلى الكتاب
لكن .. وبعلمكم .. الكتاب بين يدي كثير كثير من عوام المسلمين ... وحتى يصل أيدي علمائهم سيكون الأمر قد خرج عن السيطرة ..
فالكتب التي على شاكلته تجاوزت المائة
وعدد صفحاتها مجتمعة 3500 صفحة
وعدد كلماتها تجاوز مليون كلمة
فقط ما يختص بالقرآن الكريم ....
ومن الممكن تخيل حجم المشكلة حين تعلموا أن أكثر الرسائل التي تصل أخيكم الفقير الضعيف وتطالبه الرد على شبهات كهذه
هي من أرض الحرمين التي هي أكثر بلاد المسلمين حرصا على التعليم الديني للنشء
فما بالكم بطلبة تونس ومسلمي السويد واليابان؟!!
نسأل الله أن ييسر لهذه الأمة غيورين كأنور الجندي والشاكِرَين ... ممن لم يختبئوا وراء دعاوى الإخلاد إلى الأرض طلباً للسلامة.
مع محبتي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Dec 2005, 02:31 م]ـ
الأخ العزيز الدكتور جمال أبو حسان وفقه الله وسدده في قوله وعمله
أقدر لك حرصك وغيرتك على كتاب الله ودينه، ولا غرابة في هذا والحمد لله.
كما ذكر إخوتي الفضلاء الذين سبقوني في التعقيب وإبداء الرأي أنه إن كان الكتاب مشهوراً - وهو فيما ذكر الأستاذ عبدالرحيم كذلك - فإن الرد عليه وبيان ما فيه من الباطل ضرورة لا بد من القيام بها، وإلا فيترك ويهمل حتى لا يعطى أكبر من حجمه. ولعله يتبين مدى شهرة الكتاب وانتشاره، ثم يبقى القرار لكم في تولي الرد بطريقة مفصلة يفهمها الجميع الذين وقع الكتاب الأول في أيديهم. والله يوفقكم ويعينكم.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[01 Jul 2010, 01:46 ص]ـ
هل انتهت رسالة الدكتور عبد الرحيم؟
أم هل أنجز الدكتور جمال أي شيء في الموضوع؟(/)
احذر ان تكون انت!!
ـ[ hedaya] ــــــــ[05 Dec 2005, 04:54 ص]ـ
احذر ان تكون انت!!
نقول هذا الكلام والعالم يحتفل في الأول من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للوقاية من مرض الايدز هذا الوحش الجبار الذي يحصد كل عام أرواح مئات الألوف من البشر والتي تشير التقارير الدولية أن عدد الذين أصيبوا بالمرض القاتل هذا العام فقط خمسة مليون إنسان، وأن هذا العدد مرشح للزيادة في الأعوام القادمة وأن عدد الذين ماتوا بسبب هذا المرض يقدر بثمانية وعشرين مليون شخص حول العالم وأن دولا بعينها تقف على حافة تحول الموقف إلى حالة وبائية تقضي على الأخضر واليابس فيها.
مرض الإيدز الأسباب والآثار
مرض الإيدز ناتج عن فيروس HIV الذي يهاجم جهاز المناعة عند الإنسان ويقوم بتدميرها رويدا رويدا ويصل المصاب إلى حالة تصبح فيها الأمراض العادية تشكل تهديداً لحياتهم وعلى الرغم من أن فيروس HIV اكتُشِف قبل أكثر من عشرين عاماً، فإنه لا يوجد له حتى الآن مصل واقٍ، ولم يكتشف بعد علاج للإيدز، لكن جيلاً جديداً من العقاقير المبتكرة مكّن المصابين بالفيروس من البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة.
ويمكن انتقال الفيروس بالطرق الآتية:
- الممارسة الجنسية مع شخص مصاب بالفيروس.
- استخدام الإبر الطبية بين أكثر من شخص دون تعقيمها.
- نقل الدم.
- دخول أحد السوائل الحاملة للفيروس إلى الجسم من خلال جرح.
- أطفال المرأة المصابة بفيروس HIV يمكن أن يلتقطوه أثناء الحمل أو الرضاعة.
ما هو العلاج يا ترى؟
العفة والنظافة هي العلاج الناجع الوحيد للآن، لأن السبب الرئيسي للإصابة بالإيدز هو العلاقة الجنسية المحرمة أو الشذوذ الجنسي ولذلك كانت العفة هي خط الحماية الأول من هذا المرض اللعين وقد حرص الأسلام على تجنب الأسباب المؤدية للزني من خلال دعوة أتباعه العفة والطهارة وتصريف الغريزة الجنسية في الحدود الشرعية وقطع الأسباب المؤدية إلى الزني حيث يقول الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... }، وهي رسالة للمؤمنين والمؤمنات لتجنب مقدمات الزنا وهي النظرة المحرمة والزينة المحرمة وعدم الالتزام بشرع الله عز وجل في اللباس والتبرج المحرم بالنسبة للمرأة.
ومنها ايضا تحريم الخلوة بالأجنبية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) وهذا حديث يمنع مقدمات الزنا وهي الخلوة الغير شرعية.
حتى وصل العفاف في المجتمع الإسلامي من المرأة المريضة التي جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن يدعوا الله لها أن يشفيها من مرض الصرع فيقول لها النبي الكريم إن شئت دعوت الله لك وإن شئت صبرت ولك الجنة فتختار الجنة ولكن يؤلمها كثيرا أن تتكشف عند صرعها وهي غير مؤاخذه بهذا التكشف ولكن أبت العفة والطهارة في نفسها إلا أن تسال الرسول الكريم أن يدعوا لها ألا تتكشف في صرعها فيدعو لها الرسول الكريم.
الإسلام ... ما أروعه من دين وما أجمله من تشريع وما أبأس وأتعس البشرية عندما تنحي هذا الدين عن مكان القيادة والسيادة والريادة والصدارة، وهي تعلم أنها تنحي الأمن والأمان والبركة والصحة والعدل والتكافل والتآخي والمواساة، واستبدلت بكل ذلك التيه والأرق والقلق والظلم والمرض والحروب.
انتَ ... انتِ ....
ليكن نموذج يوسف الصديق عليه السلام وهو يقول: {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} هو شعارنا الدائم في الحياة ..
لا تتساهل .. ولا تتساهلي .. عاقبة المعصية لا تميز احدا ..
وقانا الله وإياكم شر الفواحش ما ظهر منها وما بطن وحفظ أعراضنا ووقانا شر الأمراض.(/)
سؤالان ولا الخليل بن أحمد لهما
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[05 Dec 2005, 06:09 ص]ـ
تطرق سمعك أحيانا بعض الأسولة التي لسهولتها تصيبك بالعجمة ويستعصي عليك إجابتها، أسمعتم بمثل هذا؟!.
نعم، فكم من سؤال شرود على الفهم فككنا عقاله وحططنا شماله بحمد الله، إلا أن هذه الأسولة السهلة البريئة تؤرقني في كثير من المرات، وكأنها تريد التعبير عما يسميه البعض بالسهل الممتنع، فتأخذ بي كل مأخذ، حتى أضرب لها الأخماس بالأسداس وأعوذ وألوذ بالله رب الناس، وتلجمني فلا أجد لها جوابا إلا ابتسامة عريضة يكاد السائل من هولها يفر، وأكاد من تصنعي لها أسقط فأجر، وما وسعني إلا أن أردد لها أبيات ألسامرائي
طليق القول في الجلَىَ عييّ=وسَحبان البلاغة باقليُّ
أأحصر والبلاغة طوع أمري=يلف خواطري ليل دجيّ
أأهرع للدموع وقد عصتني=ودمع الحر في البلوى عصيُّ
وقد تغني دموعٌ ذاتَ خدر=ويأنف ذرفها شهم أبيّ
وقد كنت أحسبني في هذا وحدي، حتى ضاق صدري وعيل صبري، وهالني أن مزجت في علمي الصفو بالكدر، وجمعت فيه بين العرر والغرر، واستغربت كيف أصابني هذا حتى قرنت في فهمي بين الأروى والنّعام، وجمعت في كلامي بين التبر والرغام، وقانا الله وإياك شر اجتماع الفصاحة والعي، فهذا البلاء أشد مايكون من العجمة كما قال الأصمعي.
فلما علمت بأني لست في هذا الوادي وحدي، وأنه يصحبني فيه كثير من بني جنسي، تذكرت قول القائل: في كل واد بنو سعد، عندها سري عني وعزفت عن ندب حظي، ودعاني هذا للتفكر في حكمة الباري، وكيف تفرد بالكمال المطلق ومطلق الكمال، وجعل من أضعف خلقه في كثير من الأحيان مايبكت كل عليم فصيح، ويرتعد منه مفصل كل شديد قوي.
أما رأيت بنات الليل ـ البعير ـ هذا المخلوق العجيب في خلقته وطبعه كيف ترعبه الفأرة الصغيرة، حتى لربما أخذت بزمامه فذهبت به حيث شاءت (1).
بل الأدهى من هذا أبا مزاحم ـ الفيل ـ (2) هذا المخلوق العظيم في خلقته كيف يرعبه السنّور الصغير، ويرعد منه كل مفصل كبير، وأظنك تعرف الفيل، أم أن حالك كحال أسلافنا رحمهم الله، فما كانت العرب تعرفه ولا تجده بأرضها، إلا أنها تقرأه في كتاب ربها.
ويحضرني هنا قصة حسنة لن أستطيع المرور دون ذكرها، أسوق منها ماعلق بالذهن، وهو ما يحكى في ترجمة يحيى بن يحيى المصمودي ويقال الصادي نسبة إلى إحدى قبائل البربر، الليثي بالولاء لأن أحد أجداده منقايا أول من أسلم على يد يزيد الليثي ـ وهذا من غرائب النسب التي استغربها بعض أهل العلم رحمهم الله ـ كان هذا الرجل مفخما جدا في بلاد المغرب العربي، لدينه وعلمه ورجاحة عقله، وقد كان هذا من أعظم أسباب انتشار مذهب الإمام مالك في بلاد المغرب العربي، ويا لرجاحة العقل التي كانت سبب ميل أمة بأكملها لتقليد مذهب إمام معتبر، رحمه الله وسائر أئمة المسلمين، وكان هذا العالم الكبير يلقب بالعاقل، لقبه بذلك شيخه الإمام مالك في مجلس من مجالس العلم لأجل هذه القصة.
وهي: أن يحيى كان في مجلس من مجالس الإمام مالك للدرس، إذ رفعت ألأصوات واشتدت الجلبة بمقدم الفيل، حيث كانت العرب تتعجب من خلقته، لأنها لم تشاهده في أرضها إلا فيما ندر، ولذلك كان يفتخر برؤيته من رآه، كما يذكر من أبيات لأبي الشمقمق:
ياقوم إني رأيت الفيل بعدكم=فبارك الله لي في رؤية الفيل
رأيته وله شئ يحركه=فكدت أصنع شيئا في السراويل
فكان أن أسرع الناس لرؤية هذا المخلوق، وكان من بينهم من جمعهم مجلس الدرس بين يدي مالك رحمه الله، إلا هذا الشاب الوافر الحلم فما تحرك من مجلسه وما اعترته خفة الآخرين، بل استمر على هيئته في طلب الحديث والاستملاء له، فعندئذ خاطبه الإمام مالك بالعاقل، وحق له هذه التسمية.
رحم الله حالنا أيام الشبيبة وقبل أن يختط الشيب في الرأس خطط، ياطالما شرقت بالدمع عيني لمرور الطائرة أمام ناظري، وكم بحت الأصوات في نداء الصحبة والرفقة لمتابعة هذا المخلوق العجيب الذي يشق بنات مخر في كبد السماء، فكانت تجتهرنا لغرابة صورتها وعظيم خلقتها، بل وأعجب من ذلك أن هذا كان حال أساتذتنا غفر الله لهم، فربما أخرجنا من مجالس الدرس لرؤية هذا المخلوق العجيب، (فأين مالك عنا، وأين العقل منا)!.
(يُتْبَعُ)
(/)
معذرة يا كرام فأنتم تعلمون أن الشمس تجهر العين، فأعود وأقول: من تلك الأسولة الخطيرة:
1ـ مايقع على سمعك ويوجه لك من غر صغير لم يجر عليه القلم ولا يفرق بينه وبين اليلم، وربما لم يفارق البأبأة في النطق، من ذلك ما أذكره من غمر صغير يمد لي بسبب، سألني يوما عن ميت رآه بعد أن أدخل القبر، لماذا يهيلون عليه التراب؟ وإلى أين سيذهب؟ وهذه الجنة التي تقول مالذي فيها؟ وهل يمكنني اصطحاب دراجتي لأرتع في فيافيها ... ؟. في سلسلة من الأسولة تأخذ بك وبفصاحتك وعلمك كل مأخذ.
فإن أسكته بزجرك ونهرك له فهذا أمر خطير.
وإن أجبته فإما أن تكذب وإما أن تستخدم المعاريض.
وإن صدقته القول فتحت له بكل حرف يسمعه منك ألف سؤال يجف له الجريض.
فكن من هؤلاء الصبية على حذر، وإياك من الكذب الفاضح أو الصدق الناصح، ولكن كن بين بين، وافزع للمعاريض ففيها مندوحة عن المين، واعلم أنه تصبب عرقي في محاورة هذا الغمر الغرير، فبعد أن ظننت أني أتيت على كل مالديه , تنفست الصعداء للنجاة من نظرات حندرتيه،،، رفع بطرفه إلي قائلا: وهو في غاية السرور منتظرا للإجابة التي كان لايشك في أنها ستعقب مني بالموافقة، هلا أخذتني ودراجتي وذهبنا إلى تلكم الجنة؟!، فانتقض كل ما بنيت، وتمنيت أني لم أكن في جنازة ذلك الميت، أما علم هذا الغمر أني لازلت أأمل آمالا وأرجو نتاجها، وأني لازلت أريد أن أعب وأنهل من هذه الحياة الدنيا وأخوض غمارها.
لا تهيئ كفني ما مت بعدُ = لم يزل في خافقي برق ورعدُ
2ـ وسؤال آخر يأتيك من قريب حميم ماحمل القرطاس يوما ومادرى ما الدرس، تراه يزم الشفتين عند السؤال، ويقبض الوجنتين، وينتفخ منه المنخرين قائلا: (أخبرني وش بتسوي بالكتب هذي كلها؟ أنت بتقراها كلها؟ طيب ماهو حرام تجمعها بس كذا؟ ترى الله مايحب المسرفين وهذا منك تبذير مشين ... ؟) فإن أفصحت له عن حقيقة الأمر، وأخبرته أنه لايشترط من كل كتاب تقتنيه مطالعته على مدى العمر، فلربما تحتاجه الساعه ثم لاتعود له إلى قيام الساعة، ضحك من خفة عقلك وقام وهو ينفث عليك ويردد السلام، وإن لذت بالصمت وتظاهرت بالعي، أخذ بك في تنظيره للأصلح لمالك ومآلك، وأنه كان يكفيك القليل من الكتب، وبباقي المال تشتري أرضا أو تعمر دارا.
ألا ليت شعري، كيف لو علم أنه وهو يلقي عليك تلكم الكلمات، التي ظن وهو يلقيها أنها أتت منك على كل علة، أنك تردد وتتمتم ماقال شيخ من شيوخ الإسلام، وإمام من أئمة الفقه، ابن قدامة رحمه الله:
أبعد بياض الشيب أعمرمسكنا=سوى القبر إني إن فعلت لأحمق
يخبرني شيبي بأني ميت=وشيكا وينعاني إلي فيصدق
تخرق عمري كل يوم وليلة= فهل أستطيع رقع ما يتخرق
عندها سيجهش بالبكاء , ويتضرع بالدعاء، بأن يرفع الله عنك البلاء، وأن يجنبك الشقاء، ويريحك من هذا العناء، بنقلك إلى دار البقاء.
ولا تملك مع هذا إلا كما قال إمام العربية الخليل بن أحمد الفرهودي تـ 170رحمه الله في أبياته المشهورة، وإن اختلفت قصة ورودها، إلا أن المعاناة كانت واحدة:
لو كنتَ تعلم ماأقول عذرتني=أو كنتُ أجهلُ ماتقولُ عذلتكَ
لكن جهلتَ مقالتي فعذلتني =وعلمتُ أَنَّك جاهلٌ فعذرتكَ
فمن آتاه الله علما فليحمد الله ويشكره، ويعرف منّة الله عليه بأن أراد به خيرا وفضّله على كثير ممن خلق تفضيلا، وأن سلك به مسلك العلماء وطلابه، وجنبه مزالق الجهل وأربابه.
تتميم:
كان هناك أحد الصالحين توفي من سنين رحمه الله رحمة واسعة، فقد كان من التالين لكتاب الله آناء الليل وأطراف النهار , ففي سنة من السنين سألته عن ختمه للقرآن في رمضان من ذلك العام، فأخبرني أنه ختمه أكثر من عشرين ختمة، وكان من دأبه أن يختم القرآن في كل أسبوع مرة أو مرتين، ولا ينام حتى يصلي ركعتين، يقرأ في كل ركعة بجزء أوجزأين، فضلا عن قيام آخر الليل الذي عرف به حتى توفاه الله، ومع أنه لم يكن من طلاب العلم الذين يأتون العلم من بابته، فقد كان من القراء لكثير من الكتب على عادة الصالحين من غير طلاب العلم في وقت مضى (2)، أهديته مرة الزاد لابن القيم، ثم لقيته بعد أيام فأخبرني أنه أتى عليه كله وناقشني في مواطن منه، ثم أعطيته تاريخ ابن كثير فصنع به ماصنع بالزاد، وكم كانت تعجبه كتب عبدالعزيز
(يُتْبَعُ)
(/)
السلمان رحمه الله، خاصة موارد الضمآن، فكان لايتردد في جرد أي كتاب يقع بين يديه، وإني لأرجوا من واسع فضل الله أن يبعث يوم القيامة في زمرة طلاب العلم، فالله ذو الفضل العظيم.
وما زلت أذكر وهو يحدثني بحديث صحيح، لم يقم منه حرفا واحدا إلا أن المعنى كان محفوظا عندي، فكنت أمسك نفسي وأمنعها من أن يرى مني نواجذي فيقطع حديثه، وما ذاك إلا لبساطة أسلوبه وجمجمة منطقه (النبي اللهم صلي عليه، أعطى بنته فاطمة لعلي رضوان الله عليه، الله الله ياعلي، لكن تخبر الرجال يحبون النساء وعندهم رغبة في العرس، تدري وش سوى، راح وبدون ماتدري مرته فاطمه وخطب عليها واحدة، لكن النسوان مايسكتون مالهم سر، سولفوا الحريم ووصل العلم فاطمة، راحت وعلمت أبوها اللهم صلي عليه، واشتكت له من علي وعلمته بكل شئ، قال وش ذا الكلام؟ خلاص يابنتي ماعليك منه، أنا بشوف لعلي، هيا عدت أيام وليالي وعلي ماله الطاري؟، والله وفي يوم من الأيام ياحبيب أخوه، وعلي كان يمشي في طريق في المدينة، وما وعي إلا والله انه مع النبي الوجه في الوجه، هيا مسكه النبي وقال: الله ياعلي وش ذا الي سويت، أعطيك فاطمه إلي ماعندي إلاهي وتبور فيها؟ ... ).
اللهم صل وسلم وبارك على رسولك ونبيك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا يارب العالمين، اللهم وارض عن ابن عمه وزوج بنته علي ابن ابي طالب وسائر الصحب الكرام، وارحم هذا الرجل الصالح بحبه لدينك وكتابك ونبيك وسائر أموات المسلمين.
وقد روينا بحمد الله في صحيح البخاري عن أبي عبدالله قال:حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني علي بن حسين، أن المسور بن مخرمة، قال: إن عليا خطب بنت أبي جهل فسمعت بذلك فاطمة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته حين تشهد، يقول: " أما بعد أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبنت عدو الله عند رجل واحد " فترك علي الخطبة.
معاذ الله إن كنت أتندر بإيراد مثل هذا الخبر، لكن أحببت من خلال ذلك أن أرسم ابتسامة على بعض الشفاه التي ربما أصابها الجفاف لتصاعد درجات الحر، حتى خد في بعضها أخاديد، فلربما دعاك داع الظن عند رؤية بعضهم إلى أن تقول: ياله من زمن ارتسمت فيه الابتسامة على جميع الأفواه، كلا ياصاح لا تستسمن ذا ورم، فليس الأمر إلا ماذكرت لك، أما سمعت بقول أبي الطيب:
إذا رأيت نيوب الليث بارزة = فلا تظنن أن الليث يبتسم فإنما هذا من ذاك.
أقول ماقلت: أرجوا أني أبتغي بذلك الأجر من رب العالمين، ولنذكر بعظيم فضل الله على من أخذ الله بيده وعلمه من علمه، وفتح له من واسع فضله، فبضدها تتبين الأشياء.
ولأبين أن التعامل مع العامة وصغار السن، قد يكون من أصعب الأمور في كل الميادين، في التعليم والتثقيف والتلقين، ولن يستطيع طالب العلم السير معهم إلا إن كان ذا فطنة وإيالة.
وللأدباء حديث طويل عن مخالطة الصبية وأثر ذلك على عقل المعلم وفكره وسلوكه، نتركه ولا نتعرض له بشئ، لمافيه من حق وباطل، لايليق إيراده بمثل هذا الصفحات، ولو أن قصة الجاحظ في تأليفه لأحد كتبه في مثالبهم، ثم عزوفه عن ذلك لتعرفه على أحدهم ـ مجنون أم عمرو ـ، ثم نشره للكتاب من بعد ذلك، لمن أمتع القصص وأظرفها وأحسنها حبكا، ولكن خشية من السآمة والملل أن تضرب أذهان القراء نكتفي بهذا القدر.
تحشية
(1) ـ هذه الفويسقة الصغيرة مع خستها، إلا أن لها فطنة وقصة تأخذ باللب، نفردها بصفحة إن شاء الله، ندلل فيها على بديع صنع الله، ونذكر مايطرب لسماع مثله القلب ويعجب له اللبيب ويحار الحليم من شجعان خاضوا الحروب وقاتلوا الأسود لكنهم من هذا المخلوق يرعبون ويفرقون وليس ثم إلا التسلل لواذا فيهربون، فسبحان الله العظيم.
(2) ـ حدث بن كعرم في كتاب أمثال بدعة والفرعة، قال: حدثني الدغس أنه سمع بن خودان وقد كان من الملازمين لمجلس أبي عمرو بن العلاء دهرا كريتا، أنه سمعه غير مرة يردد هذا المثل (لايعجبك ثور باسته هبرة)، ويذكر أنه سمعه من أعرابي ينتجع ببهمه بين الرهوة والسدين.
قال ابن الشجري عفا الله عنه في أماليه: ومرادهم والله أعلم، لا يغرنك الرجل الكلثوم الذي له خدين كإليتي الطفل الصغير، فخيره قليل ونومه كثير ... .
قلت: استغفر الله، فهذا القول لايصح في ميزان الشرع وإن صح عند أهل الأدب، مع الحديث الوارد في البخاري وغيره في ذم السمن إلا أن له تخريجا عندهم، لايسع المقام لتفصيله واستطراد جوانبه الساعة.
(3) ـ إياك والظن بأن الصلاح والتقوى وحسن الخلق حكر على طالب العلم، فهناك من عامة المسلمين من تود أن تلقى الله ببعض أعمالهم مع بعدهم عن طلب العلم، فلربما تجتهد دهرك على أن تسبق أحدهم للبكور لصلاة الفجر أو الصف الأول فلا تستطيع، أو بر أحدهم بوالديه أو غير ذلك من أعمال البر ... ، فلا تظنن ياطالب العلم بأنك بالعلم وحده قد حملت الراية، دون عمل صالح يوصلك الغاية، وما أجدر هذا بمقال ييسره الله، ولنا فيه رواية صادقة يسر الله إتمامها.
كان هذا مقالا كتبته في فسحة من الخاطر، أوائل إجازة صيف هذا العام 5/ 1426
ثم لم يتسن لي طرحه للقراء الكرام إلا هذه الساعة فالحمد لله على ما أعان ويسر
وقد كتبت بعده عدة مقالات علمية وأدبية، إخترت هذا المقال من بينها لمناسبة الوقت والحال لما التمسته من ركود اكتسح الخواطر والأقلام
فكان الإحماض وما سبيله العلم المملح
ـ أو ملح العلم كما يسميه الشاطبي رحمه الله ـ
أخف تناولا، وإن كان لايخلوإن شاء الله من فائدة تلتمس هنا أو هناك.
والله أسأل أن يسبغ علي وعلى الجميع ثوب الصحة والعافية
وأن يهب الستر الجميل في الدنيا والأخرة
فوالله لهو أهل لكل جميل وهبات وافرة
الاثنين 5/ 10/1426.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[06 Dec 2005, 09:33 ص]ـ
وسؤال آخر يأتيكَ من أخِ صديقٍ لا يفقه في الأدب شيئا ولا يعرف من الشعر إلا الحداثي!
تراهُ عند السؤال مقطّب الحاجبين منتفخ العينين يلوّح بيديه مستنكرا: " ياخي وش الي يعجبك بقصائد ابن زيدون وابن بطيخ!
عندي اليوم قصيدة لشاعر معروف أكيد راح تعجبك ... تحب تسمع؟ " فقلت: بشرطِ أن أُسمِعكَ وتُسمعني، تمتم حانقا:"طيب اسمع! عنوان القصيدة: الحبّ الورديّ" عندها رددتُ في نفسي: اللهم سلّم! ما بالُ هؤلاءِ القومِ لا يكتبونَ إلا في الحب وهم قد جعلوا عاليَه سافله وسافله عاليه،
ويمضي الأخ - وقد تملكه الطرب من قراءة العنوان! - قائلا:
" استيقظتْ طيورُ الحب الورديّة على أصوات الضفادع المسحورة في البحيرة البنفسجية!! " ولا أخفيكم القولَ أيها القراء الكرام بأني كدتُ أن أنفجر ضاحكا لكني تمالكتُ نفسي بَيْدَ أنّي لم أستطع إخفاءَ ابتسامةٍ رَصَدَتْها عيونُ صاحبي!
وسرعان ما اكفهرّ وجهه وتسارعتْ أنفاسه وتمتمَ غاضبا: " أكيد راح تقول لي هذا مو شعر ... مافي معنى وما في محسنات وصور بلاغية وما أعرف إيش ... "
قاطعته قائلا: " هل تسمعُ ما عندي يرحمك الله؟ " قال: " ما أحب أسمع الشعر الفصيح! وأتحداك تكتب قصيدة واحدة حداثية " قلتُ: "حبّا وكرامة ... أرتجلها لك الساعة! " لوّح بيديه ونظرات التحدي تطل من عينيه وقال: "هات" فانشدتُ:
في القلب شجونٌ وشجونْ .... والطيرُ الأحمر مسجونْ
آه ... ما أقسى الفراق!
الماضي يسرقني والحاضر يركلني ....
وأنا ما بين الماضي والحاضر كالمسكينْ .....
آه .... ما أقسى الدنيا والعالم!
مات الطير ومات الحب ومات الكلّ
وأنا وحدي أتجرّعْ ...
أتجرّعُ ماذا؟
لا أدري!
صاح بي صاحبي وسحائب الإعجاب قد غزتْ وجهه: "عجيب! تراك منت بهيّن"!
قلتُ في نفسي: "فسدَتْ ذائقة الناس والله المستعان .... حتى صاروا لا يعرفون الغث من السمين ولا يفرّقون بين الشِّعْر والشعير!
أين الإهتمامُ باللغةِ التي نزلَ بها القرآن الكريم؟! أين الأدب الذي يدعو إلى الإسلام عقيدة وفكرا؟! أين الأدبُ الذي يدعو إلى التمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة؟!
هل يعي الناسُ قيمة الأدبِ ودوره في بناءِ المجتمعاتِ والدعوة إلى هذا الدين والدفاع عنه كما فعل شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه وغيره من شعراء الدعوة؟!
أين هؤلاء الكتّاب من قول الشاعر:
وما من كاتب إلا سيفنى**ويُبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء**يسرك في القيامة أن تراه
وقد قيل: العاقل من خزن لسانه، ووزن كلامه، وخاف الندامة.(/)
قنوات غير عربية إسلامية فضائية جديدة
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Dec 2005, 09:24 م]ـ
الإعلام اليوم أضحى سلاحاً أقوى من السيف لما يحمله من التوثيق وغسل الأدمغة وتغيير الثقافات والأفكار بل والتاريخ أيضاً، وما حرص الدول القوية الظالمة على حصر الإعلام تحت رقابتها إلا دليلاً واضحاً للرسالة المنفردة التي تريد تعميمها على العالم بإقصاء الآخر واستخدام الإرهاب الفكري والعلمي والتاريخي، وتغطية الإرهاب المسلح التي تقوم به من انتهاكات لحقوق الإنسان وتمثيل بالناس وغير ذلك مما ينبئ عن مضمون قلوبهم من اللؤم ومحصول نفوسهم من الحقد والأمراض النفسية والفكرية التي يضطربون في خضمها، وينعكس ذلك بإسقاط ما فيهم على غيرهم، فتهمة الإسلام بالقتل والإرهاب ليست جديدة على الساحة الإعلامية ونحن نعرف أن المستشرقين وأعوانهم من العلمانيين والليبراليين ومن لف لفهم كانوا يشيعون فكرة انتشار الإسلام بالسيف وما هذه الدعاوى اليوم من وسم المقاومات في العالم الإسلامي المحتل بالإرهاب إلا استرسال هذه الدعوى ولكن بشكل آخر.
فكان عمل المسلمين ـ خاصة منهم أصحاب الأموال والنفوذ ـ في محاربة ما ينشر بالإعلام بنفس السلاح واجب شرعي وفريضة قائمة لا يجوز التخاذل عنها وهي من أنواع الجهاد في سبيل الله المطلوب، بل أيضاً هو من أنواع النصرة للمجاهدين بالسلاح لفهم معنى الجهاد والتفريق بينه وبين القتل الظالم، وإن القلب ليسر بل يغمر بالسرور عندما يسمع بقناة إسلامية فتحت في زحمة القنوات التي تفسد أبناء أمتنا، ويزداد السرور أكثر عندما تكون هذه القنوا تغير عربية، إذ الجهل بالإسلام عد غيرالعرب من المسلمين أكثر من الجهل بالإسلام عند أبناء العرب، هذا أولاً، وثانياً إقامة الحجة على غيرالمسلمين بإيصال الرسالة إليهم بقدر الطاقة البشرية ولكن نسأل الله أن لا تستخدم هذه القنوات في خلفيات لا ترض الله وسوله.
أقول هذا بمناسبة افتتاح قناة الهدى الإسلامية الموجهة باللغة الإنكليزية وقناة محمد السادس المغربية للقرآن الكريم التي يُقرأ فيها القرآن بقراءة ورش وكذلك ما نشره موقع إسلام أون لاين نت:
إسلام أون لآين نت / تستعد الأقلية المسلمة بالهند لإطلاق قناتي تلفزيون فضائيتين تهدفان إلى تقديم الموقف الصحيح للإسلام من القضايا المعاصرة، والرد على الحملات المغرضة التي تستهدف الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام وأهمها قضية عمرانة التي استغلتها وسائل الإعلام الهندية للتشهير بقانون الأحوال الشخصية الإسلامي.
وقالت صحيفة "التايمز" الهندية يوم الأربعاء 28 - 9 - 2005 إن إرسال قناة "الكتاب" سيتزامن مع بداية شهر رمضان للعام الهجري 1426 الذي يحل بعد أيام قليلة، في حين تبدأ قناة "السلام" بثها في غضون شهرين. وستكون القناتان مجانيتان وتبثان إرساليهما طوال 24 ساعة يوميا. وستقدم القناتان برامج قريبة الشبه مع برامج قناة "القرآن" التي تبث من دبي ولها جمهور عريض من مسلمي الهند وباكستان.
ونقلت الصحيفة عن أختر شيخ كبير رعاة قناة "الكتاب" أن "قناة الكتاب لن تكتف بالتصدي للدعاية المغرضة ضد المسلمين بوسائل الإعلام، وإنما ستساهم أيضا في تنقية المجتمع الإسلامي". واستطرد: "يشعر المسلمون منذ وقت طويل أنهم بحاجة إلى قناة يمكنهم اعتبارها قناتهم الخاصة".
وأضافت أن الإدارة المشرفة على قناة "الكتاب" أوكلت مهمة وضع برامجها إلى مجموعة من علماء ديوباندي الملتزمين. وديوباندي بلدة تبعد 100 ميل شمالي دلهي وبها مدرسة إسلامية أنشئت عام 1867 ولها تقاليد عريقة جعلتها من أكثر المدارس الدينية شهرة بشبه القارة الهندية.
وقد حدد مركز المعارف (مركز العلماء المسلمين في مومباي) اتجاه بوصلة قناة "الكتاب" بالفعل وهي إزالة سوء الفهم حول الإسلام، والإعلاء من قيمة التضحية بحرية المسلمين، فضلا عن القضايا الخلافية في قانون الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق والنفقة والخلوة.
وأبدت الصحيفة الهندية دهشتها من مشاركة العلماء بالقناة بالنظر إلى انقسام علماء الهند حول شرعية مشاهدة التليفزيون، مشيرة إلى فتوى أصدرها المفتي محمود الحسن من مدرسة دار العلوم بديوباندي العام الماضي تحرم مشاهدة التليفزيون على المسلمين.
ونقلت الصحيفة رد مولانا برهان الدين قاسمي، الذي يشارك في إعداد برامج قناة الكتاب، على الفتوى حيث قال إن علماء الدين لا يمكنهم إنكار أهمية وسائل الإعلام المرئية. وأوضح قائلا: "إذا نظرنا إلى قضية عمرانة التي استغلتها وسائل الإعلام الهندية للتشهير بقانون الأحوال الشخصية الإسلامي بعرضها للمناقشة مرارا وتكرارا مستبعدة القضايا الأخرى وكأن المسلمين ليس لديهم قضايا غيرها".
فاللهم ألهم المسلمين من أمرهم رشدا وأعنهم على قول الحق آمين
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[16 Dec 2005, 07:58 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذه المتابعة المميزة , وإن هذا الخبر الجميل وأمثاله لمما يدخل البشر على المسلم, والتخلف الإعلامي يعد سمة للمسلمين في هذا العصرـ عصر الثقافة والإعلام ـ ومما يحز في النفس أن يقف بعض المسلمين خاصة بعض العلماء وطلبة العلم موقف المتردد بل أحياناً الناقد والمانع لمثل هذه الخطوة بدلاً من المشاركة والرقي في هذه البرامج التي أثبتت نجاحها متناسين أن فعلهم هذا هو الغاية التي يسعى لها أعداء هذا الدين بحيث يخلو لهم الطريق فيكونون هم المنظرون للأمة بدلاً من أئمتها وعلمائها , وما خبر قناة المجد عنا ببعيد فقد قفزة قفزة عظيمة في مجال الإعلام تجاوزة قنواة مرَّ عليها زمنٌ طويل في المجال الإعلامي مما يدل على التعطش الشديد الذي يمر به المسلمون في هذا الزمن لمثل هذه القنوات الإسلامية , نسأل الله أن يوفق القائمين عليها للعمل بما يرضيه , وأن يكفيهم شر الأعداء , وأن يطرح الخير على أيديهم إنه جواد كريم.(/)
رسالة تيسير أحكام الحج
ـ[سلسبيل]ــــــــ[06 Dec 2005, 07:01 م]ـ
السؤال: فضيلة الشيخ: اشرح لنا الحج بطريقة سهلة أحسن الله إليك.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
... ابدأ بالإخلاص… وإنما الأعمال بالنيات:
يبدأ الحاج أولا بإخلاص النية لله تعالى، امتثالا لأمره سبحانه بأداء الحج، قال تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، إذ هو من أركان الإسلام، وطمعا في ثوابه العظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) متفق عليه
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة، كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد، فقال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور) رواه البخاري.
وعنها رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم.
فتوجه إلى بيت الله الحرام، تعظيما لشعائر الله تعالى، امتثالا لطاعة الله تعالى، رغبة في ثوابه، خوفا من عقابه، واجتنب الرياء والسمعة، واحذر من طلب المكانة والمنزلة في قلوب المخلوقين، قال تعالى (وما لاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى) وقال (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).
... النفقة الحلال:
ثم أنفق على رحلة الحج من طيب المال، والكسب الحلال، ذلك أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، ومن حج من مال حرام لم يقبل الله تعالى حجه.
... اشتراط المحرم للمرأة:
وعلى المرأة أن تجد لها محرما يرافقها، لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه، ويجب أن يكون بالغا عاقلا، والمحرم الزوج أو من يحرم على المرأة على التأبيد، بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهم أربعة بالمصاهرة: أبو زوجها، وابنه، وزوج أمها، وزوج ابنتها.
... في الميقات:
عند الوصول إلى الميقات، تغتسل و تتطيب في جسدك دون ثياب الإحرام، وتزيل عنك الأظفار والشعر الذي ترغب بإزالته وكل ذلك مستحب غير واجب، ثم تحرم قبل تجاوز تجاوز الميقات، ومعنى الإحرام هو نية الدخول في النسك، وليس المقصود به هو التجرد من المخيط (والمخيط كل ثوب مفصل على قدر أعضاء الجسد مثل القميص والفانيلة والبنطلون ونحو ذلك مما فصل على قدر الأعضاء، وليس المقصود بالمخيط ما فيه خيط)، بل لبس المخيط من محظورات الإحرام، ولهذا يجب على الحاج أن لاينوي الإحرام ـ الدخول في النسك ـ إلا بعد أن يتجرد من الثياب، ولو نوى الحاج الدخول في النسك ناسيا أن يتجرد من كل الثياب، (مثلا نسي سروايله ولم ينزعها) ولبس الازاء والرداء، ثم نوى الدخول في النسك، فإنه يصح دخوله في النسك، ثم عليه أن ينزع عنه ما نسي أن يزيله، ولاشيء عليه إن كان ناسيا، والمقصود أنه يجب التفريق بين الإحرام وهو نية الدخول في النسك، والتجرد من المخيط.
... أنواع الانساك:
ثم تقول عند نية النسك، لبيك اللهم بعمرة، أو بحج، أو بعمرة وحج، وفق النسك الذي تختاره،
وهي ثلاثة أنواع:
أحدها: التمتع وهو أفضلها، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة، وصفته أنك تأتي بعمرة كاملة وتتحلل منها، تماما كما لو ذهبت إلى عمرة في غير أشهر الحج، ثم تبقى غير محرم، حتى إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، تحرم بالحج وتذهب إلى منى، وعلى المتمتع ـ إن كان من غير حاضري المسجد الحرام أي من غير ساكني مكة أو حدود الحرم ـ أن يذبح هديا كم سيأتي بيانه.
والثاني: الإفراد، وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بحج، وهو أن تنوي الحج مفردا ليس معه عمرة، وفي هذه الحالة تبقى على إحرامك حتى تتحلل يوم النحر كما سيأتي بيانه.
والثالث القران: وهو الذي تقول فيه لبيك اللهم بعمرة وحج، ولافرق بين الإفراد والقران في أعمال الحج، وإنما يفترقان في أمرين:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: النية، فالقارن ينوى الحج مع العمرة، إن طاف نوى أن يكون طوافه طواف حج وفي نفس الوقت هو طواف عمرة، وإن سعى نوى بسعيه سعي حج وهو في نفس الوقت سعي عمرة، كما ينوي داخل المسجد تحيته وركعتي الفجر في نفس الوقت على سبيل المثال.
الثاني: أن القارن عليه هدي، والمفرد لاهدي عليه.
فإن اخترت أحد هذه الانساك، ولبيت به، فإن كنت مريضا أو تخشى من حدوث طارئ يمنعك من إتمام الحج، فاشترط قائلا (لبيك اللهم بعمرة ــ أو حج أو عمرة وحج ــ ومحلي حيث حبستني) لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير (حجي واشترطي وقولي: اللهم إن محلي حيث حبستني) متفق عليه.
وفائدة هذا الشرط أنك إذا حال بينك وبين إتمام الحج عذر شرعي، خارج عن إرادتك، مثل مرض أقعدك عن إتمام العج، أو حادث سيارة على سبيل المثال، أو منعك مانع من إتمامه بعدما دخلت في الإحرام، فإنك تتحلل من إحرامك وتلبس ثيابك ولاشيء عليك، وترجع إلى بلدك، حتى يتيسر لك الحج مرة أخرى.
والدليل على أن الحاج مخير بين الانساك الثلاثة قول عائشة رضي الله عنها (فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج ومنا من أهل بهما) متفق عليه.
والدليل على أفضلية التمتع أمر النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بذلك، وقوله (لولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما آمركم به) متفق عليه من حديث جابر رضي الله عنهما.
وكان صلى الله عليه وسلم قارنا، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أتاني آت من ربي، فقال صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة) رواه احمد والبخاري وغيرهما.
وذلك أنه كان قد ساق الهدي معه ــ أي جاء به معه من خارج الحرم والهدي هي الأنعام التي تجلب للحرم، سميت بذلك لأنها تهدى إلى الحرم لفقرائه ــ فمنعه ذلك من أن يكون متمتعا، وكذلك يستحب لمن جاء بهديه من خارج الحرم أن يكون قارنا.
والأفضل لمن حج مفردا أو قارنا أن يتحلل بعد طواف القدوم والسعي وينوي أن ما فعله عمرة، ويتحول إلى التمتع لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بذلك متفق عليه.
... هل للإحرام صلاة مخصوصة:
ولم يرد دليل على استحباب ركعتين للإحرام بخصوصه، إلا أن يصلى المحرم نافلة أخرى وافقته بعد إحرامه أو قبله، أو يحرم بعد صلاة الفريضة إن أدركته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فذلك حسن.
... محظورات الإحرام:
وعليك أن تتجنب محظورات الإحرام، حتى تتحلل من إحرامك.
وهي تسعة محظورات يجب على المحرم بحج أو عمرة أن يتجنبها:
*أولا: تعمد لبس المخيط بالنسبة للرجل ــ وقلنا إن المخيط هو كل ما فصل على قدر أعضاء الجسد من الثياب، وليس هو ما فيه خيط ــ لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة، ولا البرنس ولا السروايل ولاثوبا مسه ورس ولازعفران) متفق عليه , ويدخل في المخيط، لبس الخفين أو الجوربين فلا يجوز ذلك للمحرم، إلا إن لايجد نعلين، فيجوز له أن يلبس الخفين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين) متفق عليه.
ولابأس أن يلبس المحرم النظارة والساعة والحزام الذي يشد به إزاره ويحفظ فيه نفقته ولو كان فيه خيوط، ولابأس أن يلبس نعلين فيهما خيوط، أو يكون طرف ردائه أو إزاره مخيط، كل ذلك جائز.
*ثانيا: تغطية الرأس من الرجل، ولاباس أن يستظل بخيمة أو مظلة (شمسية) أو سقف السيارة ونحو ذلك، لحديث أم الحصين قالت: (حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة) رواه أحمد ومسلم.
و تغطية الوجه للأنثى، ولكن تسدل على وجهها لحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم (لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين) متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
(يُتْبَعُ)
(/)
*ثالثا: قصد شم الطيب ومسه واستعماله في أكل وشرب بحيث يظهر ريحه، ولابأس أن يتطيب قبل الإحرام في بدنه دون ثيابه، حتى لو استمر هذا الطيب إلى بعد الإحرام، فذلك جائز، لانه وضع الطيب قبل الإحرام لا بعده، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أيام وهو محرم) متفق عليه.
*رابعا: إزالة الشعر من البدن عمدا، ولابأس إن سقط شيء من الشعر بغير قصد بسبب الامتشاط أو الاستحمام ونحو ذلك، ويجوز للمحرم أن يستحم بالماء والصابون الذي لا يكون فيه عطر، فقد روى أبو أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه فاقبل بهما وأدبر متفق عليه، ويجوز له أن يبدل ثياب الإحرام التي احرم فيها أولا، بأخرى نظيفة ليس فيها طيب، كل ذلك جائز.
ويجوز للمحرم أن يحلق رأسه لعذر، أو يلبس ثوبا لعذر، مرض أو نحوه، وعليه أن يفدي في هذه الحالة، وذلك بأن يذبح شاة لفقراء الحرم، أو يطعم ستة مساكين من مساكين الحرم لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره، أو يصوم ثلاثة أيام ولا يشترط أن يكون الصيام في الحرم.
*خامسا: تقليم الأظافر، فإن انكسر الظفر فلابأس بإزالته.
سادسا: صيد البر الوحشي المأكول، ومعنى الوحشي أي غير الأليف، والأليف مثل الدجاج والمعز والضان والبقر والإبل، والوحشي مثل الغزال وحمار الوحش والأرنب، ويجوز صيد البحر.
*سابعا: عقد النكاح ولا يصح، وكذلك الخطبة فلاتجوز في أثناء الإحرام.
*ثامنا:الوط ء في الفرج.
تاسعا: دواعي الجماع، والمباشرة دون الفرج والاستمناء.
فإن وقع المحرم بشيء من محظورات الإحرام ناسيا أو جاهلا فلاشيء عليه، وإن فعل شيئا من ذلك عامدا، ففيه الفدية وهي التخيير بين إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، لكل مسكين مد من البر (القمح) أو نصف صاع من غير البر، أو ذبح شاة لمساكين الحرم، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان.
ويستنثى من ذلك ثلاثة أشياء:
أحدها: الصيد ففيه جزاء الصيد، سواء تعمد صيده أم لا.
والثاني: الجماع في الفرج ففيه تفصيل سيأتي لاحقا إن شاء الله تعالى.
والثالث: عقد النكاح أو الخطبة فليس فيها فدية مع أنهما من محظورات الإحرام.
... التلبية:
ثم تنطلق إلى المسجد الحرام، ملبيا من أول دخولك الإحرام و أثناء الطريق قائلا (لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك) كذا روى التلبية عبد الله بن عمر رضي الله عنه في الصحيحين.
يرفع الرجل صوته، لحديث السائب بن خلاد قال صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية) رواه الخمسة.
وتخفض المرأة صوتها، واحرص أن تردد هذه التلبية على قدر استطاعتك وجهدك، فذلك من أفضل أعمال الحج، قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الحج العج والثج) رواه الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والعج أي رفع الصوت بالتلبية.
... دخول المسجد الحرام:
فإذا وصلت البيت أي الكعبة، فيستحب لك أن يكون أول شيء تفعله عند دخول المسجد الحرام، أن تقول دعاء دخول المسجد (اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، ثم تتجه إلى الحجر الأسود للطواف.
ولم تصح الأحاديث التي فيها رفع اليدين عند رؤية البيت، وكذا لم يصح في ذلك دعاء مخصوص، غير دعاء دخول المسجد.
... الطواف:
*أولا: ويشترط أن تكون حال الطواف ساترا للعورة، طاهر الثياب والبدن، ويشترط له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وذلك كله عند جمهور العلماء.
واحتجوا بحديث (إن الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه) رواه الترمذي وغيره، وبحديث عائشة رضي الله عنها (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) متفق عليه.
*ثانيا: وإن كنت متمتعا، فإنك تنوي بطوافك أنه طواف عمرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن كنت قارنا نويت أنه طواف القدوم، على أن تطوف طواف العمرة والحج، بعدما تأتي من مزدلفة يوم النحر , ويجوز لك أن تسعى بعد طواف القدوم هذا، وتنوي به أنه سعي عمرتك وسعي حجك في نفس الوقت، وتكون في هذه الحالة قد قدمت سعي العمرة والحج على طوافهما الذي ستفعله يوم النحر، ويجوز لك أن تؤجل السعي إلى يوم النحر عندما تطوف طواف عمرتك الذي تنوي به أيضا أنه طواف حجك، فتسعى بعد ذلك سعي عمرتك الذي هو سعي حج، وبذلك تقرن أفعال العمرة بالحج.
وأما إن كنت مفردا فإنك تنوي أنه طواف القدوم فقط، ويجوز لك أيضا أن تقدم سعي الحج فتسعى بعد طواف القدوم، ولا يكون عليك سعي أخر إذا طفت طواف الحج يوم النحر، كما سيأتي بيان ذلك.
فإن طفت و لم تنو شيئا نسيانا أو جهلا، فلاشيء عليك وطوافك صحيح.
*ثالثا: و معنى الطواف ببيت الله تعالى، إظهار عظيم حبك له إذ تعلق قلبك بمحبته حتى قادتك تلك المحبة العظيمة إلى التطواف حول بيته مرارا في صورة الإلحاح عليه، من أجل أن يقبلك في حضرته، ويقربك من محبته، ويتجاوز عن تقصيرك في حقه، وكلما استحضرت هذا المعنى الجليل، كان ثوابك أعظم عند الله تعالى
*رابعا: وتكون مضطبعا في هذا الطواف استحبابا، ومعنى الاضطباع أي تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن، وطرفيه على عاتقك الأيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كل طواف فيه اضطباع، وإنما طواف العمرة وطواف القدوم للحج، وأما طواف الإفاضة فحتى لو طافه الحاج وهو محرم، لا يكون فيه اضطباع، ويستمر الاضطباع إلى آخر الطواف.
عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى) رواه أبو داود وغيره.
*خامسا: ويستحب هنا أن يرمل الطائف أول ثلاثة أشواط، والرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى، ويكون الرمل في كل طواف فيه اضطباع، ولا يكون في طواف ليس فيه اضطباع، وقد قال جابر رضي الله عنها في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم (حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا) رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا) متفق عليه، والطواف الأول هو القدوم، وخب أي رمل.
*سادسا: ويجب أن تطوف سبعة أشواط كاملة لاتسقط منها خطوة، تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي بالحجر الأسود.
وتجعل البيت على يسارك، واحذر أن تطوف وأنت مستقبل البيت أو جاعله عن يمينك ترجع القهقرى، وحتى لو كنت محمولا يجب أن تجعل البيت عن يسارك.
*سابعا: فإن شككت في عدد الأشواط، تعمل بغالب الظن ولاشيء عليك، فإن لم يكن لديك ظن غالب، واستوى الطرفان، فاجعل العدد هو الأقل، لانه المتيقن، مثلا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة، فاجعلها ثلاثة، فإن جاءك الشك بعد انتهاء الطواف، فلا تلتفت إليه لان الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه مادام مجرد شك
*ثامنا: وعندما تبدأ من الحجر الأسود تحاذيه ببدنك، ثم تستلمه و تقبله إن استطعت، أو تستلمه و تقبل يدك، فإن لم تستطع لشدة الزحام، تشير إليه بيدك ولاتقبل يدك في حالة الإشارة، وتكون الإشارة باليد اليمنى، تستقبل الحجر وتشير بيدك اليمنى قائلا الله أكبر، وتفعل ذلك كله وفق هذا الترتيب كلما حاذيت الحجر الأسود في أثناء طوافك، وذلك إن تيسر لك، ولاتزاحم الناس فتؤذيهم.
*تاسعا: ويستحب استلام الركن اليماني باليد، فإن لم تستطع فلا تشير إليه من بعيد، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا عند استلامه، ويستحب أن تقول بين الركن اليماني والحجر الأسود (ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وأن تكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء في أثناء الطواف.
*عاشرا: واحذر أن تطوف من داخل الحجر، وهو الجزء الذي حوله حاجز رخامي يشبه شكل الهلال خلف أحد جدران الكعبة، بل يجب أن تكمل طوافك من وراءه، لانك لو أكملت الطواف من داخله، فكأنك دخلت الكعبة في جزء من طوافك، ولم تطف حولها، ويجب على من فعل ذلك إعادة الطواف.
(يُتْبَعُ)
(/)
*حادي عشر: وإذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف، أو حضرت جنازة، أو أردت شرب الماء، ونحو ذلك فإنك تتم الطواف بعد ذلك من حيث وقفت، إلا إذا أطلت الفصل بين الأشواط، فإن فعلت فابدأ من جديد، لان الموالاة بين أشواط الطواف شرط في صحته، وكذا إذا انتقض وضوءك في أثناء الطواف فيجب عليك أن تعيده من جديد، إذا قلنا بأن الوضوء شرط لصحة الطواف، وهو الاحوط.
*ثاني عشر: وبعد انتهاء الطواف، ينتهي الاضطباع، كما ينتهي الرمل بنهاية الشوط الثالث من الطواف، و يستحب للطائف بعد نهاية الشوط السابع، أن يتوجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام ويقول (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) ثم يصلي ركعتين، ويستحب أن يقرأ فيهما سورة الكافرون (قل يا أيها الكافرون) في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص (قل هو الله أحد) في الركعة الثانية، والأفضل أن يصليهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام، فإن لم يتيسر ذلك لشدة الزحام، ففي أي موضع من المسجد الحرام.
*ثالث عشر: ويستحب للطائف الوقوف بالملتزم وهو ما بين الحجر والباب، فيجعل خده وصدره على حائط الكعبة في ذلك الموضع الشريف، ويدعو الله تعالى.
*رابع عشر: ويستحب إذا أردت أن تسعى بعد ذلك أن تعود إلى الحجر فتستلمه إن استطعت قبل أن تنطلق إلى المسعى.
*خامس عشر: وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعدما أنهى طوافه في حجته ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع إلى الركن فاستلمه رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
*شرب ماء زمزم:
والدعاء عند شرب زمزم مستحب ومستجاب قال صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له) رواه أحمد وابن ماجة من حديث جابر رضي الله عنه.
... السعي بين الصفا و المروة:
تتوجه بعد ذلك إلى الصفا، لتسعي بين الصفا والمروة.
ويجوز لك إن كنت قارنا أو مفردا أن تعجل السعي بعد طوافك طواف القدوم، فإذا كنت قارنا سيكون هذا السعي المعجل هو سعي حجك وعمرتك اللتين ستطوف طوافهما يوم النحر، وإن كنت مفردا يكون سعي حجك الذي ستطوف طوافه يوم النحر أيضا، وهذا أيسر عليك لانك ربما تكون مرهقا يوم النحر بعد وقوفك بعرفة وبياتك بمزدلفة، فتكتفي بالطواف في هذه الحالة لانك قدمت السعي عند قدومك، ويجوز لك أيضا أن تؤجل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة يوم النحر، فتسعى بعده سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا، وسعي حجك إن كنت مفردا
مسائل السعي:
*أولا: إن كنت متمتعا، أي تريد أن تعتمر ثم تحج بعد التحلل من عمرتك، فهذا السعي هو سعي عمرتك، وإن كنت قارنا أو مفردا، فهذا السعي تنوي به أنه سعي حجك وعمرتك إن كنت قارنا، وسعي حجك إن كنت مفردا، هذا إذا أردت أن تقدم السعي، ويجوز لك تأخيره كما أسلفنا.
*ثانيا: تبدأ من الصفا، فإذا دنوت من الصفا يستحب لك أن تتلو قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلاجناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم) وتقول أبدأ بما بدأ الله به، وترقى الصفا حتى ترى الكعبة إن استطعت، فإن لم تستطع ذلك، فالواجب أن تضع قدمك عند أول الارتفاع إلى الصفا، لتكون بدايتك من أول الصفا، لان قطع كل المسافة بين الصفا والمروة واجب لا يصح السعي إلا به.
*ثالثا: فإذا رقيت على الصفا فاستقبل الكعبة، وارفع يديك للدعاء، وابدأ قائلا الله أكبر ثلاث مرات، ثم تقول لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لاشريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم ادع الله بما شئت من خير الدنيا والآخرة، ثم أعد هذا كله ثلاث مرات، ويستحب أن تطيل في الدعاء، فإنه موضع أطال فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء.
*رابعا: فإذا فرغت من الدعاء، انزل ماشيا، إلى أن تصل إلى العلم الأول، وقد وضع لذلك إشارة خضراء، فإن بلغته، فيستحب لك أن تسعى سعيا شديدا، حتى تصل إلى العلم الثاني، وقد وضع لذلك أيضا إشارة خضراء، ثم تمشي بعد ذلك، حتى ترقى على المروة، فتفعل على المروة مثل ما فعلت على الصفا، فإن لم تستطع ذلك، فالواجب أن تنتهي عند أول ارتفاع من الأرض على المروة، من أجل أن تكون قد قطعت كل المسافة بين الصفا والمروة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتستطيع أن تستدل على مقدار المسافة التي يجب قطعها بين الصفا والمروة، بممر العربات، فعند انتهاءه تنتهي المسافة الواجب قطعها، ولكن يستحب أن ترقى على الصفا والمروة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
*خامسا: ويجب أن تسعى سبعة أشواط، و تكون البداية من الصفا والنهاية عند المروة، فالمسافة بينهما شوط واحد، حتى إذا انتهيت من آخر شوط على المروة، فقد أتممت السعي.
*سادسا: ويستحب لك أن تكون في أثناء السعي، ذاكرا لله تعالى بأنواع الذكر من قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح والتهليل، كما يستحب الوضوء ولا يجب، فإن كنت غير متوضأ جاز لك أن تسعى من غير وضوء.
*سابعا: ولا تجب الموالاة بين أشواط السعي، فيجوز لك أن شعرت بتعب، أن تستريح ثم تعود فتكمل على ما سبق، حتى لو طال الفصل، فلا بأس بذلك.
*ثامنا: كما لا تجب الموالاة بين الطواف والسعي، فيجوز لك بعد الطواف أن تستريح إن احتجت إلى ذلك، ثم تعود إلى السعي بعد ذلك.
... الحلق والتقصير:
بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك، حج تمتع، أن تقصر من شعرك، وذلك بأن تقص من جميع الشعر، لا من أطرافه كما يفعل الجهال، والحلق أفضل، ولكن لانك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا إن كنت قدمت مبكرا في شهر شوال مثلا فالحلق أفضل، لان شعر رأسك، سيتوفر إلى العاشر من ذي الحجة.
أما إن كنت قارنا أو مفردا للحج، فلا تقصر ولا تحلق، لانه يجب عليك أن تبقى على إحرامك حتى تتحلل من الحج في يوم النحر.
والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة.
... قطع التلبية للمعتمر والحاج:
وإن كنت متمتعا فإنك تقطع التلبية إذا شرعت في الطواف، وأما إن كنت قارنا أو مفردا فإنك التلبية لا تنقطع إلا برمي جمرة العقبة يوم النحر.
... التوجه إلى منى يوم التروية:
إذا جاء يوم الثامن من ذي الحج، وهو يوم التروية، سمى بذلك لان الناس كانوا يتروون الماء في ذلك اليوم، لحاجتهم إلى الماء في منى والمشاعر، إذا جاء هذا اليوم، تحرم قبل الزوال بالحج من أي مكان من الحرم أنت نازل فيه.
وأما إن كنت قارنا أو مفردا، فإنك لم تزل على إحرامك، ثم تتوجه إلى منى فتصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تقصر الصلاة الرباعية ــ إن كنت ممن يقصر الصلاة ــ والأفضل أن تصلي كل فرض لوقته بلا جمع، وتبيت بمنى ليلة عرفة، وهذا المبيت سنة ليس بواجب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
من أين يحرم الحاج والمعتمر في مكة:
والحاج يحرم بالحج من أي مكان من مكة، فقد أحرم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من منزلهم الذي نزلوه في مكة وهو الابطح، متفق عليه، وأما المعتمر فيحرم من أدنى الحل، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة رضي الله عنها إلى أدنى الحل لتحرم بالعمرة متفق عليه، وسواء كان الحاج والمعتمر من أهل مكة أو جاء إليها من خارجها.
... إلى عرفة:
ثم الأفضل أن تصلي الفجر في منى بعد البيات فيها، وتبقى حتى تطلع الشمس،، ثم تسير من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس، ويسن لك أن تنزل بنمرة وهو موضع بجانب عرفة، حتى إذا زالت الشمس، تدخل إلى عرفة، وتسمع خطبة الإمام، وتصلي الظهر والعصر قصرا وجمع تقديم، وتبقى في عرفة إلى الغروب، يستحب لك في أثناء ذلك أن تكثر من الدعاء والتلبية وذكر الله تعالى.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) رواه أحمد والترمذي.
والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج قال صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم.
القدر الواجب من الوقوف بعرفة
(يُتْبَعُ)
(/)
ويجب على كل حاج أن يقف بعرفة أي وقت من النهار أو الليل من أول طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، فمن فاته دخول عرفة في أثناء ذلك ولو للحظة فقد فاته الحج، ومن وقف بها ولو مرورا، فقد أدرك الحج، ولكن من دخلها من النهار يجب عليه أن يجمع مع ذلك جزءا من الليل ولو لحظة، فيخرج عند غروب الشمس لا قبلها، فإن خرج من عرفة قبل الغروب يجب عليه أن يعود فيبقى إلى الغروب، فإن لم يفعل صح حجه ولكن عليه دم شاة يذبحها بمكة في حدود الحرم لفقرائه، وذلك لتركه الواجب، وإن لم يتيسر له الوقوف إلا ليلا أجزأه ذلك ولا شيء عليه.
عن عروة بن مضرس قال (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيء، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا، فقد تم حجه وقضى تفثه) رواه الخمسة
ويجب أن يكون مسلما عاقلا محرما ولو كان نائما أو جاهلا أنها عرفة.
وفي أي مكان وقفت من عرفة أجزأك، والوقوف عند جبل الرحمة ليس واجبا، كما يظنه الجهال، ويتزاحمون عليه، يظنون أن في ركوبه أجر، فيشقون على أنفسهم بغير طائل، بل في أي مكان وقفت من عرفة فقد أجزأ، قال صلى الله عليه وسلم وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه.
... إلى مزدلفة:
فإذا غربت الشمس، ادفع إلى مزدلفة وعليك بالسكينة، فإذا وصلتها اجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول شيء فعله في مزدلفة جمع صلاتي المغرب والعشاء، ثم عليك أن تبيت بها وتصلي فيها الفجر، حتى لو تأخرت فلم تصل إليها إلا فجرا بسبب زحمة الطريق، فعليك أن تصلي فيها الفجر، ولاشيء عليك في هذه الحالة، لانك معذور، فإذا صليت الفجر، استحب لك أن تذهب إلى المشعر الحرام ــ مرتفع صغير في مزدلفة ـ وأن تبقى ذاكرا لله تعالى حتى يسفر الوقت جدا، هكذا فعل صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه، فإن لم يتيسر لك الذهاب إلى المشعر الحرام، فاذكر الله تعالى وادعوه في مكانك الذي أنت فيه من مزدلفة، ويستحب أن تذكر الله حتى يسفر جدا، وتدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، عن عمر رضي الله عنه (كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس) رواه الجماعة إلا مسلما.
ثم تخرج من مزدلفة إلى منى.
ويجوز لك أن تدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل إن كنت من الضعفاء، كالمرضى الصغار وكبار السن والنساء وأهل الأعذار، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى) متفق عليه.
وعن عائشة قالت (كانت سوده امرأة ضخمة ثبطة (بطيئة الحركة) فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع بليل فإذن لها) متفق عليه
... إلى منى لرمي جمرة العقبة:
ثم تدفع من مزدلفة إلى منى، متوجها إلى جمرة العقبة، فإن كان طريقك من وادي محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى استحب لك أن تسرع السير، غير أن هذا لا يتيسر الآن بسبب زحمة السيارات، فإذا وصلت إلى جمرة العقبة، فارمها بسبع حصيات، يجب عليك أن تسقط كل حصاة في الحوض رميا ـ لاوضعا باليد ـ، ولا يجب أن تصيب الشاخص، كما يظن ذلك الجهال، يرمون الشاخص حتى تضربه الحصاة، فترتد بعيدا عن الحوض، ومثل هذا لا يصح ولا يجزيء، لان الشاخص إنما وضع لتستدل به على الحوض فقط، وليس ليكون هدفا للرمي.
ويجب أن تنتبه إلى أن حوض جمرة العقبة إنما هو من جهة واحدة فقط، فاحذر أن يكون رميك الحصى من الجهة الأخرى التي وضع لها حائط إسمنتي كبير، بل من الجهة التي فيها الحوض فقط، فترمي الحصى حتى تسقط في الحوض
ويستحب أن تكبر مع كل رمية.
وجميع الحاج يوقف التلبية عندما يرمي جمرة العقبة.
عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) رواه الجماعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولك أن تلتقط الحصى من أي مكان، حتى من منى، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في تحديد مكان دون غيره يستحب أن يلقط فيه الحصى.
وتكون الحصى بين الحمص والبندق، قال جابر رضي الله عنه (مثل حصى الخذف) رواه مسلم، ولايجزيء غير الحصى كالحديد وغيره.
وأفضل وقت الرمي بعد طلوع الشمس ضحى، ويجوز بعد الفجر، ولا يجوز قبله، إلا للضعفاء وأهل الأعذار الذين دفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل، ومن يقوم على أمرهم له حكمهم، فيجوز لهم أن يرموا عند وصولهم ولو قبل الفجر، لحديث عائشة قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت، رواه أبو داود وغيره.
والأولى أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس أيضا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال (قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات، فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) رواه أبو داود والنسائي.
... أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبر:
ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعا أو قارنا، أما المفرد فلا هدي عليه، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق، ويجب أن يكون في حدود الحرم، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلا أو أي مكان من الحل، ويجوز ليلا أو نهارا من أيام التشريق، وليس له اثر في تحلل الحاج.
ومن لا يقدر على شراء الهدي، يصوم ثلاثة أيام في الحج، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق، ولا يجوز لاحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله.
ولايجزيء في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر، والثني من المعز والبقر والإبل، وهو من المعز ماله سنة فأكثر، ومن البقر وهو ماله سنتان فأكثر، ومن الإبل وهو ماله خمس سنوات فأكثر، وتجزيء البقرة والبدنة عن سبعة.
ثم تحلق أو تقصر من شعرك والحلق أفضل، والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين قائلا رحم الله المحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة متفق عليه.
والأفضل أن يبدأ المحلق من جانب الرأس الأيمن ثم الأيسر رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه.
ثم تنطلق إلى البيت لتطوف طواف الإفاضة، وهو طواف الحج، ويسمى أيضا طواف الزيارة، وليس في هذا الطواف اضطباع ولا رمل.
وبعد الطواف تسعى بين الصفا والمروة إن كنت متمتعا، أو كنت قارنا أو مفردا ولم تسع بعد طواف القدوم، فيجب عليك أن تسعى هنا.
فالمتمتع يسعى سعين، سعي لعمرته وسعي لحجه، وأما القارن والمفرد فيسعيان سعيا واحدا، لحديث عائشة رضي الله عنها (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فقد طافوا طوافا واحدا) تعني الطواف بين الصفا والمروة وهو السعي، متفق عليه.
ويجوز لاهل الأعذار أن يطوفوا بعدما يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل.
ويجوز لك أن تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة إن شئت، ولكنك في هذه الحالة لاتكون قد تحللت الحل كله، بل يجب عليك أن تعتزل النساء حتى تطوف طواف الإفاضة.
ويجوز لك أن تقدم أو تأخر بين هذه الانساك، إذ لايجب فيه الترتيب كما ذكر آنفا، بل الترتيب مستحب.
عن ابن عباس رضي الله عنها قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال لاحرج متفق عليه.
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فرمى أولا جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ضحى، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف بالبيت وصلى الظهر بمكة، ثم رجع منى فصلى بها الظهر مرة أخرى أيضا نافلة.
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى) متفق عليه، وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر رواه مسلم، وجمع بينهما الإمام النووي رحمه الله أنه صلى بمكة الظهر، ثم رجع فصلى الظهر إماما لأصحابه في منى أيضا
... التحلل الأكبر والأصغر:
وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، فقد حل لك كل شيء إلا النساء، ويسمى التحلل الأصغر.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن فعلت ما بقي مع السعي إن لم تكن قد سعيت من قبل، فقد حل لك كل شيء حتى النساء، ويسمى التحلل الثاني أو الأكبر.
ويتوجه القول بأن الحاج إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء، وهوأصح قولي الفقهاء، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت رواه أحمد وغيره، وهو رواية في مذهب أحمد، واختيار الإمام ابن قدامة رحمه الله، وسمعت العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه يفتي بذلك.
... إذا جامع المحرم:
ومن جامع قبل التحلل الأول فعليه أربعة أمور:
الأول: فساد النسك.
الثاني: المضي في فاسده، فيكمل حجه كأنه غير فاسد.
الثالث: وجوب القضاء ثاني عام.
الرابع: عليه أن يذبح بدنه ويوزع لحمها على فقراء الحرم.
عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم الحج، فقالوا: (ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل والهدي) وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه) رواهما مالك في الموطأ.
ومن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني:
فهو مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من البر أو صاع مما سواه، وعليه إن يخرج إلى أقرب الحل، فيحرم منه لطواف الإفاضة، إلا إن كان قد طاف طواف الإفاضة ورمى ولكنه جامع قبل الحلق أو التقصير فلا حاجة ليجدد إحرامه.
ومن جامع قبل تمام العمرة فعليه شاة.
... المبيت بمنى ليالي التشريق:
ثم تعود إلى منى لتبيت بها ثلاث ليالي، أو ليلتين إن تعجلت، والواجب أن تبيت معظم الليل ـ أكثر من نصفه ـ في منى، ليلة الحادي عشر من ذي الحجة، وليلة الثاني عشر من ذي الحجة، ذلك إن تعجلت في يومين، وليلة الثالث عشر من ذي الحجة إن تأخرت، وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام التشريق، وهي التي قال الله عنها (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).
والدليل على وجوب المبيت بمنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما (استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له) متفق عليه ويدل إذنه للعباس رضي الله عنه، على أنه واجب على غير أهل الأعذار.
رمي الجمار أيام التشريق:
ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق، ووقت رميها في هذه الأيام، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، قال جابر رضي الله عنه (ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس) رواه مسلم.
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، حتى تقع الحصاة في الحوض، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء، وأطل فيه، لان النبي صلى الله عليه وسلم أطال الدعاء في هذا الموضع، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلا عن الزحام وأطل في الدعاء، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه، ولاتقف عندها للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن أخللت بالترتيب، أعد الرمي.
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم، فترمي في اليوم الثاني، أولا رمي اليوم الأول، حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث، إن لم تتعجل في يومين، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بينة اليوم الثاني، ثم الثالث هكذا.
... التعجل والتأخر:
(يُتْبَعُ)
(/)
ويجوز لك أن تتعجل في يومين، فإذا رميت الجمار ثاني أيام التشريق، تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر مكة، والأفضل أن تتأخر، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وترمي الجمرات بعد الزوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة، ثم تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر.
ويشترط لمن عزم على التعجل في يومين أن يرمي الجمرات في اليوم الثاني قبل غروب الشمس ثم يخرج من منى، فإن بات بها، أو أدركه الليل وهو فيها، وجب عليه أن يأتي برمي اليوم الثالث بعد الزوال فيتأخر، ولابأس إن حبس بسبب الزحام حتى أدركه الغروب وهو في منى بغير اختياره، فليرم وينفر إن شاء التعجل لانه معذور
... طواف الوداع:
ولا يجب عليك طواف الوداع إلا إذا عزمت الخروج من مكة، فإن أردت البقاء فيها، فإنك تؤخره إلى أن تعزم على مغادرتها.
ولا يجوز لك أن تنشغل بشيء بعد طواف الوداع، بل تبادر إلى مغادرة مكة، إلا أن تنتظر صحبة تلحق بك، أو تشتري حاجاتك في طريقك ونحو ذلك.
والحائض يسقط عنها طواف الوداع، فإذا انهت رمي الجمار، فلها أن تسافر، عن ابن عباس رضي الله عنه قال (أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق عليه.
ويجوز لمن أخر طواف الإفاضة أن يطوفه وينوي به طواف الإفاضة والوداع، طوافا واحد، ويغادر، حتى لو كان عليه سعي بعد الطواف، لان ذلك لا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق فالسعي متعلق بالبيت أيضا.
... فوات الحج:
ومن أدركه من الحجاج طلوع فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة ولو للحظة، فقد فاته الحج، وانقلب إحرامه عمرة، فيطوف ويسعى ويتحلل، ويقضى من العام القادم، ويذبح هديا في قضاءه، إلا إذا كان قد اشترط فلاهدي عليه ولاقضاء.
... الاحصار:
ومن منع مانع عن إتمام حجه قبل أن يحرم بالنسك رجع ولاشيء عليه.
وإن كان بعد إحرامه وقد اشترط قائلا عند إحرامه (ومحلي حيث حبستني) حل من إحرامه ولبس ثيابه ولاشيء عليه.
وإن لم يكن قد اشترط، فإن حبس عن الحج كله ولا يستطيع أن يصل إلى البيت، ذبح هديا في المكان الذي حصر فيه، أو بعث به إلى الحرم، ثم حلق أو قصر وصار حلالا.
وهذا هو الإحصار، وأصح قولي العلماء أن الحاج يصير محصرا يجوز له تحلل المحصر سواء احصر بعدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة.
فإن لم يجد هديا في موضعه الذي أحصر فيه، أناب من يذبح عنه الهدي في الحرم ثم حل، فإن كان فقيرا لا يقدر على ذبح الهدي، صام عشرة أيام ثم حل في قول الجمهور، والصحيح لاشيء عليه، فيحلق أو يقصر وقد حل.
ومن حبس عن عرفة فقط، ذهب إلى البيت وتحلل بعمرة ولاشيء عليه، إن كان قبل الفوات، وإن كان تحلله بعمرة بعد الفوات، فعليه القضاء.
وإن وقف بعرفة وحصر عن إتمام بقية الحج، يذبح هديا بنية التحلل ويحلق أو يقصر، ويكون بذلك قد حل من إحرامه كمن احصر عن الحج كله.
... صيد مكة:
ويحرم صيد مكة على الحاج وغيره، فكل ما يحرم صيده حال الإحرام، يحرم صيده في حدود الحرم المكي، وكذلك الحرم المدني.
ولا يجوز قطع شجر الحرم وحشيشه، اللذين لم يزرعهما الآدمي.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة (إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولايختلى خلاه ولا ينفر صيده وتلتقط لقطته إلا لمعرف) متفق عليه، ومعنى لا يعضد شوكه أي لا يقطع الشجر الذي فيه شوك، والمقصود لا يقطع كل الشجر حتى الذي فيه شوك، ومعنى يختلى خلاه أي لا يقطع الحشيش الرطب منه، دون اليابس فيجوز، وكذلك رعي الأنعام يجوز مطلقا لان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكمموا أفواه ما معهم من النعم في الحرم.
ومعنى لا تلتقط لقطته إلا لمعرف، أن من وجد في الحرم لقطة وجب عليه أن يعرفها أبدا، وأما في غير الحرم فيعرفها سنة ثم يأخذها إن لم يأت صاحبها، فإن جاء يوما من الدهر، دفعها إليه أو دفع ثمنها إن طلبها صاحبها.
... زيارة المدينة المنورة:
(يُتْبَعُ)
(/)
ويستحب للحاج أن يغتنم فرصة وجوده بمكة، فيكثر من الطواف في البيت، ويزداد من الصلاة في المسجد الحرام، فعن جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه) رواه أحمد وابن ماجة
ويستحب له أن يصلي داخل الكعبة إن استطاع، أو في الحجر فإنه من الكعبة.
وأن يحمل معه من ماء زمزم
زيارة المسجد النبوي وإحذر الشرك ووسائله:
وزيارة المسجد النبوي سنة مستحبة، ولكن لاتعلق لها بمناسك الحج، وكل ما ورد من أن الحج لا يقبل بغير زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أن ذلك جفاء له صلى الله عليه وسلم، مثل ما يروى (من حج فلم يزرني فقد جفاني)، كل ذلك لا يصح و لاتقوم به حجة.
ولا يجوز أن ينوي المسافر إلى المدينة شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
ولكن ينوي زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وله أن يزور القبر الشريف مصليا ومسلما على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلما على صاحبيه رضي الله عنهما، وله أن يدعو الله تعالى عند الزيارة مع استقبال القبلة، ولا يستقبل الحجرة التي فيها القبر حال الدعاء، ولا يجوز لاحد أن يدعو عبدا من دون الله تعالى، لاملكا مقربا، ولانبيا مرسلا، قال تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).
ولا يجوز سؤال الشفاعة إلا من الله تعالى، قال تعالى (قل لله الشفاعة جميعا)، فيقول الزائر (اللهم ارزقني شفاعة نبيك صلى الله عليه وسلم) ونحو ذلك.
ولا يجوز التبرك بجدران الحجرة التي فيها القبر الشريف، ولا بشيء من قبور الصالحين وآثارهم، فذلك بدعة ضلالة، وقد قال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه الترمذي وأبو داود من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.
ويستحب لزائر المدينة المنورة، الصلاة في مسجد قباء، قال صلى الله عليه وسلم (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة) رواه احمد والترمذي وابن ماجة.
كما يستحب له زيارة البقيع وقبور شهداء أحد، ويدعو لهم، وأما سائر المواضع التي لم يرد في زيارتها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل المساجد السبعة ومسجد القبلتين، فتخصيصها بالزيارة بدعة، وكل بدعة ضلالة
وكل خير في اتباع من سلف **** وكل شر في ابتداع من خلف
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تمت رسالة تيسير أحكام الحج والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات(/)
من أقوال الشيخ عبدالعزيز بن باز في علوم الحديث، مما لا تجده في كتبه كلها
ـ[أبو حسن]ــــــــ[06 Dec 2005, 08:09 م]ـ
من أقوال الشيخ عبدالعزيز بن باز في علوم الحديث، مما لا تجده في كتبه كلها
قال -رحمه الله-:
((الحافظ ابن حجر قد يخطيء في التصحيح أو التضعيف وإن كان قليلاً، وكذلك أخونا الشيخ ناصر الدين الألباني قد يخطيء في التصحيح و التضعيف، فينبغي لطالب العلم أن يكون عنده نشاط ويراجع طرق الحديث وكلام العلماء في الرجال.
حتى شيخ الإسلام ابن تيمية مع إمامته ينبغي لطالب العلم أن يكون عنده نشاط في البحث عما يصححه أو يضعفه أو ينقله حتى يتأكد ويكون على بصيرة.
الشيخ أحمد شاكر يتساهل في تصحيح الأحاديث، فالأحاديث التي في أسانيدها علي بن زيد بن جدعان وابن لهيعة يمشيها ويصححها مع أن هؤلاء ضعفاء عند الجمهور، فأحاديثهم ضعيفة عند الجمهور وهو الصواب، فينبغي لطالب العلم أن يكون على بصيرة.
ابن حبان والحاكم كل منهما متساهل في التصحيح، والحاكم أشد تساهلاً، وكذلك البزار وكذلك الهيثمي في مجمع الزوائد.
الحافظ في التقريب له لأوهام فيما يوثق أو يضعف أو يوهم، ويعرف ذلك بمراجعة المطولات في الرجال كالتهذيب واللسان والميزان والخلاصة.
الترمذي يحسِّن حديث علي بن زيد جدعان مع أنه ضعيف عند الجمهور.
المقبول على قاعدة الحافظ ابن حجر -رحمه الله- هو الراوي الذي لم يجرح ووثقه واحد أو اثنان ممن يتساهل بالتوثيق كابن حبان فالحديث ضعيف بهذا السند، ويُقبل في المتابعات والشواهد، فإن جاء له طريق أخرى فإنه يكون حسناً لغيره.))
المصدر: كتاب ((تقييد الشوارد من القواعد والفوائد)) (314 - 315)
لتلميذه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي حفظه الله
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[07 Dec 2005, 05:26 م]ـ
أرجو نقل الموضوع إلى المنتدى المفتوح(/)
(يرجون تجارةً لن تبور). رحمك الله يا عليّ.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[07 Dec 2005, 07:45 م]ـ
http://www2.alrwaq.net/up12/05120511162575767.ra
أصل الموضوع ( http://alsaha2.fares.net/sahat?128@156.YKCauyZQwMd.0@.1dd876b0).
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[07 Dec 2005, 08:10 م]ـ
رحمه الله تعالى رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته , وجزاك الله خيراً
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[08 Dec 2005, 09:06 م]ـ
آمين.(/)
هل يعلم أحدكم شيئاً عن موسوعة الجامع الأكبر الإلكترونية نرجوا الإفادة
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[07 Dec 2005, 08:22 م]ـ
رأيت في معرض الكتاب في مكة المكرمة موسوعة الجامع الأكبر تحوي 10000 مجلد ونرجوا ممن عنده أي معلومة عنه من الأعضاء الفضلاء أن يتحفنا بها, وجزاكم الله خيراً.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[07 Dec 2005, 08:59 م]ـ
ربما يفيدك هذا الرابط ( http://alsaha2.fares.net/sahat?128@174.hEhAugY7yFd.8@.1dd867de).
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[07 Dec 2005, 11:28 م]ـ
جزاك الله خيراً ولعل الأمر قد اتضح لي ولاتجتمع أمتي على ضلالة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Dec 2005, 11:58 ص]ـ
الموسوعات الإلكترونية، وهموم الباحثين
إن مما يؤسف (عليه) أن أغلب من ينتج هذه الموسوعات يقصد الربح بتكثير المواد العلمية، مع قلة البرمجة العلمية الموصلة للمعلومة بأيسر طريق.
ولا يخرج من هذا الوصف إلا النزر القليل، كألأقراص المدمجة الصادرة عن حرف.
ولقد تعجبت من بعض من اشتهر صيتهم في الموسوعات (بدون ذكر اسم) فقد أخرجوا للنحو موسوعة بلا كتاب سيبويه، واخرجوا في موسوعة اخرى كتاب الطبري بدون مقدمة العلمية التي تزيد على مائة صفحة، وسقط عندهم من لسان العرب صفحات.
وموسوعة اخرى إذا أنزلتها على جهازك أفسدت عليك بعض (برامج الويندوز)، وغير هذا من الخلل الذي يوجد في هذه الموسوعات.
ولا زلنا نتمى من هؤلاء الذين فتح الله عليهم في العمل على الموسوعات أن يخطو خطوة ثانية تهدف إلى الإتقان في العمل، كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل احدكم عملا أن يتقنه)، ومن الأفكار المطروحة في ذلك:
الاندماج العلمي والتقني والمالي بين أصحاب هذه الموسوعات لإنشاء شركة ضخمة لإعادة صياغة الموسوعات الإلكترونية، ولا زلنا نسمع بالاندماج بين شركات عملاقة، وبين بنوك ذات أموال سيالة، ثمتصل بهذا الاندماج إلى مستوى أفضل مما كانت عليه منفصلة.
ويحسن الاستفادة من أصحاب رؤوس الأموال لتنفيذ مثل هذا المشروع، فيدخلون مساهمين فيه ليرفعوا المستوى الاقتصادي الذي يعاني منه أصحاب هذه المشاريع.
والمشروع يحتاج إلى ما يحتاج إليه أي مشروع اقتصادي نفعي، غير أن ما يمس بالجمهور المستفيد من النتاج العلمي يقوم ـ في ظني ـ على:
1 ـ المبرمجين الذين يُعدُّون الطرق الأولية لمسالك البحث في هذه الموسوعات، فهم من يقوم بصنع الأساسات، وهذه الأساسات ـ مع الأسف ـ في كثير من الموسوعات لا تتعدى البحث باللفظة أو بجزء من اللفظة أو بالجملة، ولم يحصل تطور كبير في هذا المجال مع مضي السنوات لهؤلاء في العمل في هذه الموسوعات.
2 ـ المدخلين لكتب التراث، وهؤلاء يحسن انتقاؤهم بعناية؛ لأن قِلَّة الأخطاء أصل وهدف، وليس أمرًا ثانويًّا، وكلما كان المدخل دقيقًا في كتابته قلَّت أخطاؤه، وسهلت عملية المراجعة بعده.
3 ـ المراجعين لتصحيح المُدخَل، وهؤلاء لابد أن يتصفوا بكونهم أصحاب حسِّ في التقاط الخطأ، إذ هذه المهمة لا تصلح لكل أحد، فكم يمرُّ ببعض من يقرأ أخطاء هي ملء العين ولا ينتبه لها، وقد يتساهل بعض الباحثين بهذه المرحلة، ويظن أن كثيرين يقدرون عليها، وفي نظري أن هناك أشخاص متميزون لا تصلح إلا لهم، وقد جرَّبت هذا في بعض كتبي إذ أسندتها إلى من يراجعها لإصلاح خطئها، فظهر لي أن بعضهم لا يتقن هذه المهارة.
وأخيرًا، كم نتمى أن نصل إلى المستوى العلمي الدقيق في هذه البرامج النافعة، التي انتفعنا بها على ما فيها من الملحوظات فكيف إذا كانت بصورة برمجية دقيقة متعددة المنافذ في البحث.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[09 Dec 2005, 11:02 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا على مرورك , وقد سمعنا بدرسكم في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا نعلم تفاصيل هذا الدرس فهلا أخبرتنا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Dec 2005, 06:18 ص]ـ
هو درس شهري، في الأسبوع الثاني من كل شهر، لكل شهر موضوع يحدد في حينه، وسيكون في شهر محرم من السنة القادم ـ إن شاء الله ـ في مقدمة تفسير ابن جزي الكلبي.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[21 Dec 2005, 06:23 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا الكريم على هذه الجهود المباركة.(/)
إرضاء الناس غاية لاتدرك
ـ[إمداد]ــــــــ[08 Dec 2005, 02:47 ص]ـ
جزء من قصيدة لفضيلة الشيخ عائض القرني وفقه الله
إذا رفعنا بآياتٍ عقيرتَنا ... قالوا: غلوٌ وهذا خالفَ الدينا
وإن همسنا بحبٍّ في مجالِسنا ... قالوا: يدبر أعمالاً لتردينا
وإن لبسنا بشوتًا عرَّضوا سفهًا ... بأننا نزدهي فيها مرائينا
وإن تقشَّف منا صادقٌ ورِعٌ ... قالوا: يخادِعُنا عمْدًا ويغوينا
إذا صمتنا اقضَّ الصمتُ مضجعَهم ... وإن نطقنا شربنا كأسَنا طينا
إذا أجبْنا على الجوالِ أمطَرَنا ... بالسبِّ مَنْ كان نغليه ويغلينا
وإن أبينا أتتنا من رسائله ... مثل السعيرِ على الرمضاء تشوينا
قلنا لهم هذه الأشياءُ حلَّلَها ... أبو حنيفة بل سُقنا البراهينا
.
.
قالوا: خرقتَ لنا الإجماعَ في شُبَهٍ
مِن رأيِك الفجِّ بالنكراءِ تأتينا
وإن ضحكنا أضافونا بسخرية
صفراءَ تملؤنا غبنًا وتذوينا
وإن بكينا لظلوا شامتين بنا
كأنهم وحدَهُم صاروا موازينا
.
.
تفردوا بخطايانا وأشغلَهُم ... عن ذكرِ سُوئِهُمُ المُرْدي مساوينا
ويفرحون إذا زل النعال بنا ... ويهزؤون بمن يروي معالينا
ولا يرون سوى أغلاطِنا أبدًا ... فنقدُهُمْ صارَ في أهوائهم دينا
وشتْمُهُمْ هو محضُ النصحِ عندهمُ ... وردُّنا هو زورٌ من مغاوينا
لحومُهُم عندنا مسمومةٌ أبدًا ... ولحمُنا صارَ تحت النقدِ سردينا
ـ[إمداد]ــــــــ[11 Dec 2008, 11:15 م]ـ
هذه القصيدة مهداة الى الذين يطعنون في العلماء(/)
بصائر. . بصائر. . بصائر
ـ[محمد السيلاوي]ــــــــ[11 Dec 2005, 11:12 ص]ـ
بصائر. . بصائر. . بصائر
1 - حكى الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (7/ 7) في ترجمة عبيد الله بن الحسن العنبري، أحد سادات أهل البصرة، و فقهائها، وعلمائها، و كان قاضيها: قال عبد الرحمن بن مهدي تلميذه: كنا في جنازة فسألته عن مسألة فغلط فيها، فقلت له: أصلحك الله، القول فيها كذا و كذا.
فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال: " إذاً أرجع و أنا صاغر، لأن أكون ذنباً في الحق، أحبُّ إلي من أن أكون رأساً في الباطل "
2 - جاء في مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي:
قال أحمد – رضي الله عنه – ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر الذي وقعت فيه – يعني فتنة خلق القرآن – أقوى من كلمة أعرابي كلمني في رحبة طوق – اسم مكان – قال لي: يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيدا، و إن عشت عشت حميدا، فقوي قلبي.
3 - جاء في ترتيب المدارك (1/ 333) في ترجمة بهلول بن راشد القيرواني – رحمه الله – ما نصه:
((قال أبو عثمان بن الحداد:
بلغني أن بهلولا كان ذات يوم جالساً و عنده صاحبه رباح بن يزيد الزاهد، إذ أقبل أخ للبهلول في البادية يلهج بخبر المطر و الزرع، و بهلول يتقلّى و يتلّون اغتماماً لرباح، لعلمه بكراهيته ذكر الدنيا وأسبابها.
فلما أكثر أخوه من هذا نهض وجعل يقول لبهلول: سقطت من عيني، تذكر الدنيا في مجلسك ولا تتغير. فقال له البهلول:"إذا لم أسقط من عين الله فلا أبالي من عين من سقطت ")).
فخرَّ رباح على رأسه يقبله: نعم ياحبيبي يا بهلول لا تبالي من عين من سقطت، إذا المرء سقط من عين الله.
4 - جاء في تاريخ بغداد (12/ 307 - 310) ووفيات الأعيان (8/ 627 - 628) و أخبار القضاء لوكيع (3/ 251) في ترجمة عافية بن يزيد الأودي الكوفي القاضي – رحمه الله تعالى – ما نصه:
((عن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال:
" كنت عند الرشيد يوماً فرُفع إليه في قاضٍ كان قد استقضاه هو، يقال له عافية، فكثر عليه فأمر بإحضاره فأُحضر، وكان في مجلسه جمعٌ كثير، فجعل أمير المؤمنين يخاطبه و يوقفُه على ما رُفع فيه، فطال المجلس، ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمّتَه مَن كان بالحضرة مَن قَرُبَ منه سواه لم يشمِّته.
فقال له الرشيد: ما بالك لم تشمِّتني كما فعل القوم؟
فقال له عاقبة: لأنك يا أمير المؤمنين لم تحمد الله عز وجل فلذلك لم أشمِّتك " هذا النبي صلى الله عليه وسلم عطس عنده رجلان فشمَّت أحدهما ولم يشمِّت الآخر.
فقال: يا رسول الله ما بالك شمّتَّ ذاك ولم تشمِّتني؟
فقال: إن هذا حمد الله تعالى فشمَّتناه، وأنت لم تحمده فلم أشمِّتك."
فقال له الرشيد: ارجع إلى عملك، أنت لم تسامح في عطسة، تسامح في غيرها؟ وصرفه منصرفاً جميلاً)).
5 - جاء في كتاب " الكفاية في علم الرواية " للخطيب البغدادي (ص112) ما نصه:
((عن أحمد بن النضر الهلالي قال: سمعت أبي يقول:
كنت في مجلس سفيان بن عينية فنظر إلى صبي دخل المسجد، فكأن أهل المجلس تهاونوا به لصغر سنه.
فقال سفيان: {كذلك كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عليكم} [النساء: 94] ثم قال: يا نضر لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة النار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعليَّ كآذان الفار، أختلف إلى علماء الأمصار، مثل الزهري وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المجلس قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير.
قال: ثم تبسم ابن عينية وضحك، قال أحمد: فتبسم أبي وضحك)).
6 - جاء في " قلائد الجواهر " لمحمد بن يحيى التادفي (ص19) ما نصه:
((عطس الشيخ عبد القادر ـ يعني الجيلاني ـ رحمه الله، يوم الجمعة في المسجد فشمَّته الناس، حتى سمع من في الجامع ضجة عظيمة، وهم يقولون: يرحمك الله ويرحم بك.
وكان الخليفة المستنجد بالله ابن المقتفي لأمر الله في مقصورة الجامع، فقال: ما هذه الضجة؟
فقيل له: قد عطس الشيخ عبد القادر!.
فهاله ذلك)).
7 - جاء في كتاب " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " للحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله (1/ 143) النص (178) ما نصه:
((عن أبي عصمة بن عاصم بن عصام البيهقي قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
بتُّ ليلة عند أحمد بن حنبل، فجاء بالماء فوضعه، فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان فقال: سبحان الله! رجل يطلب العلم لا يكون له وِرْدٌ من الليل)).
8 - جاء في كتاب " وفيات الأعيان " لابن خِلّكان رحمه الله: (3/ 63) في ترجمة الصحابي الجليل أبو العباس عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ مانصه:
((قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
أربعة لا أقدر على مكافئتهم:
رجلٌ بدأني بالسلام.
ورجلٌ وسَّع لي في المجلس.
ورجلٌ اغبرَّتْ قدماه في المشي في حاجتي.
فأمَّا الرابع فما يكافئه عنَّي إلا الله عز وجل.
قيل: ومن هو؟
قال: رجل ٌنزلَ به أمرٌ فبات ليلته يُفكِّر فيمن يقصده، ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي)).
9 - جاء في كتاب " عيون الأخبار " لابن قتيبة الدينوري رحمه الله تعالى (2/ 182) ما نصه:
((عندما كان الحجاج يستعرض جنه، سمع غلاماً يقرأ: {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون} [الشعراء: 129 – 131]
فنظر أليه، وقال: أرى لسانا فصيحاً، تقدَّم ياغُلام.
فتقدَّمَ، فسأله الحجاج: أتحفظ القرآن يا غلام؟
قال: ماخفت ضياعه حتى أحفظه، وقد قال الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. [الحجر: 9]
قال الحجاج: أجمعت القرآن؟
قال: ما كان مفرَّقاً حتى أجمعه، فقد جمعه أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه.
قال الحجاج: ويحك! ماذا أقول؟
قال: قل هل معك من القرآن شيئ، فبهذا جاء الحديث.
فقال الحجاج: أتلُ شيئاً من القرآن.
فقرأ الغلام: إذاجاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجاً.
قال الحجاج: ويحك يا غلام، يدخلون في دين الله أفواجاً.
قال الغلام: هذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما في إمارة الحجاج، يخرجون من دين الله أفواجاً.
قال: يا غلام، أنت مقتول، فبماذا تلقى الله؟
قال الغلام: ألقاه بعملي، وتلقاه بدمي.
فعفا عنه)).
10 - جاء في ترتيب المدارك للقاضي عياض (2/ 477) في ترجمة أسد بن الفرات الإمام العلم أحد أصحاب مالك – رحمه الله تعالى – مانصه:
((لما خرج أسد سوسة ليتوجه منها إلى صقلية، خرج معه وجوه أهل العلم يشيعونه، وأمر زيادة أن لا يبقى أحد من رجاله إلا شيعه، فلما نظر الناس حوله من كل جهة، وقد صهلت الخيل وضربت الطبول وخفقت البنود، قال:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، والله يا معشر المسلمين ما ولي لي أب، ولا جد، ولا رأى أحد الناس من سلفي، مثل هذا، وما بلغت ما ترون إلا بالأقلام، فاجتهدوا أنفسكم فيها، وثابروا على تدوين العلم، تنالوا به الدنيا والآخرة)).
بصائر
منتقاه من كتاب "صفحات من حياة السابقين"
للعالم المربي الشيخ إبراهيم العلي _رحمه الله_(/)
التفكيك – التركيب (التخلية – التحلية) بين المستشرقين والحداثيين .. ونحن!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[11 Dec 2005, 06:05 م]ـ
الحمد لله وحده ..
إخوتي ..
السلام عليكم ورحمة الله
إشارة إلى موضوع أخي (أبو عبد المعز)
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4348
وقفات .. الوقفة الأولى طويلة ويتبعها وقفات أقل طولاً ... لكنها أكثر عمقاً ..
- الأولى:
في كتاب " الهاجَريون " لباتريشيا كرونه ومايكل كوك، ترجمة: نبيل فياض، دار المحجة البيضاء، 2002م الذي يحتوي عشرات المراجع الاستشراقية، اجتمعَ لإخراجه عدد كبير جداً من المستشرقين [1] .. ويقوم على فكرة أساسية هي أن الإسلام فرقة يهودية جمَعَت بين ديانات إبراهيم ويهود السمُرة والنصرانية .. فما مسالكهم لإيصال القارئ إلى تلك النتيجة:
أولاً: التفكيك- التخلية:
المسلمون (أبناء هاجَر) لم يُخرِجوا اليهود من شبه الجزيرة العربية، ولم تنص العهدة العمرية على عدم سكن اليهود في القدس.
جاء في حاشية (24) ص 13 " حتى فوق موضع الهيكل، نجده يؤكّد على المكانة التي لا لبس فيها للكعبة الإسلامية .. إنه يجدّد تحريم إقامة اليهود في القدس (الطبري، تاريخ 1، ص2405)، وهو فعل لا يصادق عليه أي مصدر قديم ومن غير المرجح أن يكون تاريخياً، كما طرد اليهود من شبه جزيرة العرب ".
وفي حاشية (40) ص 46 مراجع مختلفة لمستشرقين يُجمِعون على أنه لا دليل على أن يثرب المذكورة في القرآن الكريم، هي المدينة النبوية .. ولكنها تتناقض في تحديد مكانها، فكل مرجع يضعها في جهة!! ممهداً لذلك في الحاشية (37): " المعنى البدئي لمصطلح «مدينا» في الاستخدام اليهودي هو «إقليم او ريف او منطقة غير حضرية» وذلك مقابل «حرم» (مقداش)؛ وبعكس المعنى البديل «مدينة» يعطي هذا - مدينا - التقابل الصحيح مع أم القرى ".
ثانياً: التركيب - التحلية:
لبيت المقدس (الهيكل) شرف كالكعبة، والمسلمون (الهاجريون) يبنون قبة الصخرة تجديداً لما سمي (هيكل سليمان)، ويكتبون آيات القرآن الكريم فيها؛ ليعلنوا بدء الدعوة الإسلامية من جبل الهيكل ...
فيخلص القارئ بالنتيجة التالية: المدينة النبوية مكان في فلسطين .. وبما أن المدينة النبوية عاصمة الدولة الإسلامية، فلا بد أن تكون هي ذاتها عاصمة الفلسطينيين (القدس، جبل الهيكل .. ).
ومثله النص التالي (ص151) الذي بنى عليه عدة أحكام، صرَّح في الحاشية أن مصدره المستشرق اليهودي (جولدتسيهر) فيما زعم أنه: " قول لقاضٍ سني من القرن الثالث عشر من أن الإسلام، بحمد الله، ليست لديه أدنى حاجة لمنطق مهما كانت نوعيته، وإنه يجب تخيير الفلاسفة بين الإسلام أو السيف ثمة سبب ما يدفعنا للافتراض بأن القرآن جُمع من عدد وافر من الأعمال الدينية الهاجرية الأقدم منه. وفي الموضع الأول، يمكن البرهنة على هذا العدد الوافر بطرق عديدة. فمن الجانب الإسلامي .. يمكن لنا أن نقارن الادعاء ضد عثمان بأن القرآن كان كُتُباً عديدة لم يترك منها غير واحد [2]. ومن الجانب المسيحي، فإن راهب بيت حله يميّز بحدّة بين القرآن وسورة البقرة كمصدرين للشريعة [3] ... المصادر المسيحية والإسلامية على حد سواء تعزو إلى الحجاج دوراً ما في تاريخ الكتاب المقدس الإسلامي. وفي الرواية التي يعزوها ليفون إلى ليون، يقال إن الحجاج جمع الكتابات الهاجرية القديمة وأتلفها ثم أحلّ محلها كتابات أخرى ألّفت وفق مذاقه الشخصي [4]؛ لكن التقاليد الإسلامية أكثر تحفظاً، مع أنها بعيدة عن التناسق. وهكذا فليس من غير المرجح أننا نمتلك هنا السياق التاريخي الذي جمع فيه القرآن للمرة الأولى وذلك بوصفه كتاب محمّد المقدّس ".
فالكتاب يستشهد بكلام المستشرقين على شبهة كتابة الحجاج لما بين أيدينا من قرآن كريم، ويستدل بشهادة راهب نصراني في مخطوطة مجهولة على أن هناك كتاباً اسمه: " القرآن "، وكتاباً آخر اسمه: " سورة البقرة ". أما سورة الفرقان، فيكفي أنه كتَبها هكذا: " بوركان ". فإن كان يجهل اسمها، فكيف له أن يؤكد اجتماع عمر وعلي وسلمان ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ لتأليفها؟! وكيف تقبل المنهجية العلمية أن سلمان ـ الذي أسلم بعد الهجرة ـ شارك في كتابة سورة الفرقان المكية، والفتى علي بن أبي طالب فكان عضواً في لجنة كتابتها؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
هكذا يتبين أن مصادر شبهاتهم هي مجرد كتب لمستشرقين، والتسليم لما وَرَدَ فيها على أنه حقائق علمية. أما ما وَرَدَ في كتب المسلمين مما يخالف تلك الشبهات، فهو غير علمي، ولا يستحق أن يكون دليلاً، لسبب واحد: أن المستشرقين لم (يُصادِقوا) عليه!
هنا التخلية والتحلية بالمفهوم (الخاص) ... ولكنها بالمفهوم العام تتعلق بـ (استراتيجيات) أعمق وأبعَد أثراً ..
فلم يكتفِ المستشرقون بمن أتى ليدرس في بلادهم، بل أرسلوا أفكارهم إلى بلاد العرب. فحين قدِمَ الاحتلال الأجنبي إلى الدول الإسلامية، لم تغادرها جيوشه إلا بعد أن ترك جناحَيه: الاستشراق والتنصير .. ليقوم أولهما بالهدم، والثاني بالبناء [5] ..
فلا تحلية بلا تخلية.
._._._._._._._._._._._._._._._._._._._._._
الثانية:
التفكيك والتركيب عند الحداثيين (أو كما يسمون أنفسهم مفتخرين: " اليسار الإسلامي!!!! ").
أولاً: التخلية - التفكيك:
من الملاحَظ أنه لا يكاد يخلو واحد منهم من تأكيد عدم أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذل أقصى جهد لإثبات معرفة بالقراءة والكتابة قبل نزول الوحي [6] .. موافقين بذلك سلفهم المستشرقين، وداعمين الجهود التي تبذلها مواقع الإنترنت التنصيرية.
ومن منهجيتهم العجيبة أيضاً، بذلهم كل جهد متاح ـ مهما كانت منهجيته غير علمية ـ للحكم على النصوص الشرعية المخالفة لأهوائهم بالضعف، أو تأويلها تأويلاً تعسفياً .. بينما الروايات الموضوعة والخرافات فهي نصوص صحيحة أكيدة.
مثلاً: خرافة الغرانيق، فهي وفق منهجية البحث العلمي الموضوعي عندهم: صحيحة ثابتة. [7]
ثانياً: التحلية - التركيب: ((سبق الإشارة إليه، وطروحاتهم في ذلك صارت معلومة لا داعي لتكرارها)).
وهم يصرِّحون بأن هدفهم هو إسقاط أي هيبة للقرآن الكريم، ومن ثم الوصول بالمجتمع الإسلامي إلى الفوضى (التفكيك) .. ولأن الطبيعة تأبى الفراغ، فلا بد أن تحل أفكارهم التنويرية محل الفراغ (التركيب).
الهدف لكل طروحاتهم: إعادة النظر في كل المُسلَّمات التراثية، والخروج من القراءات اللاهوتية التي يتشربها المسلم منذ طفولته، [8] فلا بد من تفكيك القباب المقدسة التي تختم على العقل العربي. [9] وعندها، سيصل المجتمع إلى حالة من العَدَمية والضياع ..
ولكن هذا مؤقت؛ لأن التفكيك لا بد أن يعقبه تركيب .. فلا بد للمسلمين أن يدفعوا الثمن ذاته الذي دَفَعَته أوروبا حتى تقدمت. [10]
تماماً كما أراد سلفهم المستشرقون: التخلية ثم التحلية.
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
=-=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-
- الثانية:
ليسمح لي أخي الحبيب د. عبد الرحمن الشهري أن أستشهد بكلامه ـ وليعذرني ـ فتلك ضريبة الأخوَّة .... وحقها!!
يقول الحبيب: " ورجعت بي الذاكرة إلى كتابات كثيرة أضعت الكثير من الوقت في محاولة فهمها ولكن دون جدوى، مما جعلني أشعر - مع كثرة إعجاب النقاد الحداثيين بها، وثنائهم عليها - بشعور الحاجب ومن بعده، كيف أبدي عدم فهمي لما يكتبه هؤلاء فأفتضح؟! ".
لا تُرَع أخي المكرم .. هذا الشعور شعر به أخوك وأكثر الإخوة الذين تصدو للحوار مع أولئك القوم، فكنا بين الأمَرَّين:
الاستمرار والحوار بما لا نعرف .. وفي تلك مخاطرات أقلها افتضاح جهلنا ((بحسب القوم))
أو: الهروب من الحوار .. بحجة: " للبيع بداعي السفر ". متمثلين قول امرئ القيس:
" وَقَد طَوَّفتُ في الآفاقِ حَتّى ### رَضيتُ مِنَ الغَنيمَةِ بِالإِيابِ ".
لهذا أقول ... الرد على قوم يسيرون وفق خطة مدروسة محكمة لها تنظيم تتبادل من خلاله الأدوار ... لا يجوز أن يكون عشوائياً فردياً
ولو كان للانتصار للقرآن علم وقواعد ناظمة ومؤسسات وفِرَق عمَل ... تليق بمكانة القرآن الكريم .. ومتناسبة مع حجم الهجوم .. لما كنا (كالأيتام) على موائد اللئام. بل كان لإعدادنا (خط إنتاج) آخر!
- الثالثة:
كما أرجو من الإخوة المشرفين استضافة بعض أهل العلم العالِمين بمصطلحات أولئك القوم .. لـ
1. شرح بعض تلك المصطلحات
2. بيان وجه مخالفتها الشرعية
فما هي البنيوية أو التفكيكية أوالهرمنوطيقيا ... وما خطرها؟ ... ولماذا؟ .... وهل لتطبيق أفكار تشومسكي على القرآن الكريم ونظرياته خطر ما؟ وما هو؟ ..... الخ
(يُتْبَعُ)
(/)
- الرابعة: لكل إخوتي .. أرجو من الأحبة إيلاء موضوع (أبي عبد المعز) الاهتمام اللائق به .. وأنتم سادة فقه الأولويات
ما المانع أن يكون لهذا الموضوع الاهتمام (ذاته) لموضوع " الفرق بين النبي والرسول " .. ؟
ما يُطمَع به .. الاهتمام ذاته .. لا زيادة!
- الخامسة: فليتق الله من لم يجد وقتاً للانتصار للقرآن، أو إعداد نفسه لذاك ..
وفي الوقت ذاته: وجد وقتاً وعِلماً للهجوم على المرجئة والجهمية والكرَّامية من الأموات ... والأسوأ منه: مَن وجَدَ وقتاً لعلمائه الدعاة العاملين من الأحياء ...
جَهلاً علينا وَجُبناً عَن عَدوكُم ### لَبِئسَتِ الخلَّتانِ الجَهلُ وَالجُبْنُ
وليت فضلةَ وقته يعطيها لغيره .. فيخرج سالماً.
اللهم ارزقنا أصوب العمل وأخلصه!!
الهوامش:
==========================
[1] لتتبين حجم الجهد المبذول لإخراج هذا الكتاب، لاحظ ما كتبه المؤلِّفان في الصفحة السادسة منه: " في مسار بحثنا هذا قدّم لنا يد العون عدد من الباحثين والمؤسسات البحثية. فقد بلغ من لطف الدكتور سباستيان بروك والسيّد غ. م. هوتينغ والدكتور م. ج. كيستر أن قدّموا لنا تعليقاتهم على مسودة قديمة للقسم الأوّل. أما الدكتور بروك، الدكتور ب. ج. فراندسن والبروفسور آ. شايبر فقد ساعدونا كلّ في مجال اختصاصه. كذلك فقد تمكّنا من الإطلاع على مخطوطة سريانية لم تكن إلى حد ما متاحة لنا وذلك عبر منحة من الأكاديمية البريطانية، وسُهّل لنا الأمر إلى درجة كبيرة عبر لطف الأب وليم ماكوبر والدكتور ج. سي. ج. ساندرز. أما البروفسور برنارد لويس فقد بلغت الطيبة به إلى درجة أنه وضع بين أيدينا ترجمته لقصيدة قيامية يهودية حتى قبل نشرها. كذلك فإن معهد فاربورغ ومدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية ساعدا للغاية وبطرق مختلفة في إكمالنا لهذا البحث. إضافة إلى ديون إنجاز العمل السابقة تلك، نحب أيضاً أن نسجّل ما ندين به إلى تأثيرين لم يكن تخيّل هذا العمل ممكناً بدونهما. الأول كان تعرّضنا لمقاربة الدكتور جون وانسبرو الشكوكية حول تاريخية التقليد الإسلامي .. الثاني هو التحليل القوي والمليء بالإيحاءات للمعنى الثقافي المُظْهَر في عمل جون دن .. أخيراً، نريد أن نشكر البروفسور ج. ب. سيغال .. والدكتور د. ج. كامهي على تقديمه التلمود لنا .. لقد استفدنا أيضاً من تبادل الآراء مع الدكتور وانسبرو وذلك في حلقة دراسية عقدت في ربيع 1974 .. ".
قلت: ما الذي جَمَعَ اليهودي المتعصب (برنارد لويس) مع الأب (وليم ماكوبر) مع الملحد (نبيل فياض)؟! أما المؤلِّفان فهما من غير الملحدين، كما هو ظاهر من هجومهما عليه في حاشية (26) ص123: " الاختراع الغربي الاحمق الذي يدعى الماركسية ".
ومن الذي قدم التلمود للمؤلِّفَين؟!! وهل يُقدم لأي شخص يطلبه؟!!!
[2] طبري، تاريخ 1: 2952 (إشارة ندين بأهميتها إلى مناقشة مع الدكتور وانسبرو Wansbrough)...
[3] يسأل العربي لماذا يعبد المسيحيون الصليب في حين لا يوجد مرجع لهذا العرف في الإنجيل. فيجيب الراهب: «لا أعتقد أن محمداً علمكم في القرآن كل شرائعكم ووصاياكم؛ لكن هنالك بعض ما تعلمتموه (هكذا) من القرآن، والبعض الآخر في سورة البقرة، وفي الجيجي gygy وفي التوره twrh... لكن ما هو الجيجي؟
[4] الحجاج «جمع كل كتاباتكم القديمة، ألّف أخرى بحسب مذاقه الخاص، ونشرها بين أمتكم .. لم ينج من هذا الإتلاف سوى عدد قليل من أعمال أبو تراب [أي، علي]، لأنه لم يستطع أن يخفيها كلها». ( Levond, “Letter”, tr. Patkanian, p. 44 = tr. Jeffery, p. 298)... أنظر ملاحظة جفري ( Loc. cit). قارن مع ما يعزوه ليون من تأليف للبوركان (أي، الفرقان) لعمر، علي، وسلمان الفارسي. ( ibid, tr. Patkanian, p. 40 = tr Jeffery, p. 292).
[5] انظر: الاستشراق والدراسات الإسلامية، ا. د. عبد القهار العاني، ص29.
[6] انظر: إسلام ضد إسلام، الصادق النيهوم، ص23 و98. والنص القرآني، طيب تيزيني، ص 295. ونقد الخطاب الديني، نصر أبو زيد، ص 75. وحروب دولة الرسول، سيد القمني، ص 33.
[7] انظر مثلاً: الأسطورة والتراث، سيد القمني، ص336. وجدل التنزيل، رشيد الخيون، ص 289. والنص القرآني، طيب تيزيني، ص 290.
[8] انظر: نقد النص، علي حرب، ص 72 و143. والخطاب والتأويل، نصر أبو زيد، ص 116 و228 و235.
[9] انظر: مجتمع يثرب، خليل عبد الكريم، ص 89.
[10] انظر: قضايا في نقد العقل الديني، محمد أركون، ص182.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Dec 2005, 12:58 ص]ـ
أحسنت وفقك الله وبارك فيك. وأعدك أن نهتم بهذا الموضوع في الملتقى، ونعقد له ملفاً خاصاً بإذن الله مع تكتبونه ويكتبه الأستاذ أبوعبدالمعز حتى يكون لدينا وعي كافٍ بهذا الأمر فهوفي غاية الأهيمة في العصر الراهن.
ـ[الجندى]ــــــــ[13 Dec 2005, 02:40 م]ـ
جزاك الله خيرا أخى رحيم(/)
جنون القراءة المعاصرة من أين الى أين؟
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[12 Dec 2005, 03:14 ص]ـ
قرأت هذا الموضوع قبل فترة في موقع الدكتور البوطي و أحببت نقله الى المنتدى بمناسبة الحديث عن القراءات المعاصرة:
عقد المركز الثقافي والاجتماعي في باريس، في سلسلة نشاطاته الثقافية والعلمية، لعام 2001 ندوة بعنوان:
(القرآن بين التفسيرات العلمية والشطحات الذاتية)
يوم 19 أيار من العام الحالي، اشترك فيها الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، ببحث عنوانه:
(جنون القراءة المعاصرة: من أين؟ وإلى أين؟).
وكان من جملة المدعويين إلى هذه الندوة الدكتور محمد أركون أستاذ كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة السربون وكان قد هيأ بحثاً بعنوان ((تفكيك المصحف))!!. . ولكنه اعتذر في الساعات الأخيرة عن الاشتراك، وعن الإنابة أيضاً. . وها نحن نقدم لزوار الموقع البحث الذي ألقاه الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، في هذه الندوة.
بسم الله الرحمن الرحيم
يتحدث القرآن عن ذاته معرِّفاً، فيقول: {قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 39/ 28] أي إنه كتاب يخاطب الناس بلغة عربية واضحة الدلالة، ذات أسلوب قويم.
فما هي اللغة؟
هي الألفاظ المحددة التي يتحرك بها اللسان تعبيراً عن المعنى الذي في الذهن، بعد الاتفاق عليها بين المتكلم والسامع.
إذن، فالكلام لا يسمى لغة إلا إنْ تم العقد على مصطلحاته الدلالية بين المتكلم والسامع، كما يقول ابن جني في كتابه (الخصائص: 1/ 44). فهي في الحقيقة عقد من العقود الدلالية يتم بين طرفين.
فلو اصطلحت ثلة من الناس مع نفسها على التعبير بألفاظ معينة عن معان محددة، لا يكون ذلك لغة خارج نطاق تلك الثلّة، لأنها تشكّل بالنسبة للآخرين طرفاً واحداً منفرداً بنفسه، وهو لا يسمى عقداً.
وهذا هو السرّ في تعدد اللغات بين فئات العالم. . إن الفرنسية ليست معتبرة في مصطلح الدلالة اللغوية عندما أخاطب بها العرب.
كما أن العربية لا تعتبر ذات دلالة لغوية عندما أخاطب بها الفرنسيين، لعدم وجود تعاقد بين طرفي هاتين الجماعتين عليها.
ما هي النتيجة العملية لهذا القرار العلمي الذي اتفق عليه علماء فقه اللغة؟. .
النتيجة أن اللغة لما كان من الواجب أن لا يعتدّ بها إلا بعد الاتفاق من الأطراف التي اعتمدت عليها، فقد كان من الواجب أيضاً أن لا يدخل شيء من التطوير على دلالاتها، إلا بعد الاتفاق على ذلك من الأطراف ذاتها. . وإذا جرى هذا الاتفاق بين أفراد جيل ما فإن ذلك لا يسري إلا عليهم، ولا يكون له أي مفعول رجعي في تغيير دلالات سابقة من الألفاظ على معانٍ، جرى الاتفاق عليها في عهد جيل مضى.
إن القوانين الوضعية كلها تخضع لهذه القاعدة اللغوية. . فهي تنصّ على أن العثور على أيّ وثيقة قديمة تتضمّن عقداً من عقود المعاملات المالية أو غيرها، يستوجب الرجوع في تفسيرها إلى المصطلحات الدلالية السارية في العصر الذي كتبت فيه تلك الوثيقة. . أي فلا يجوز إخضاعها لما جدّ بعد ذلك من مصطلحات مخالفة أو من مقترحات لغوية مطروحة؛ ذلك لأن قصد المتكلم يجب أن يؤخذ بالاعتبار.
ومن النتائج التطبيقية لذلك ما يقرره علماء تفسير النصوص، من أن الكلمة التي نقرؤها في كتاب أو نسمعها من محاضر مثلاً، يجب أن تفسر بالمعنى المتبادر منها، ولا يجوز صرفها إلى أي من الاحتمالات البعيدة، إلاّ بعد الرجوع إلى قصد المتكلم. وهذا ما تجري عليه الأحكام القضائية في المحاكم دائماً.
ومن النتائج التطبيقية أيضاً أن الكلمة إذا تجاذبتها احتمالات متساوية في المعنى المراد منها، وجب التوقف في تفسيرها، والرجوع في ذلك إلى معرفة مراد المتكلم (الخصائص: 1/ 254 وما بعدها).
فهذه النتائج التطبيقية لما يسمى اليوم بعلم (وضع اللغة) محل اتفاق في العمل بها من القوانين السارية في العالم كله. وهي محل اتفاق أيضاً من علماء فقه اللغة وعلماء تفسير النصوص.
* * *
ونعود الآن إلى ما بدأنا حديثنا به، من أن القرآن كتاب يخاطب الناس بإحدى لغاتهم، وهي اللغة العربية، ويتقيّد منها بأعلى درجات الانضباط بقواعدها وأدبياتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وغنيّ عن البيان أن هذا الخطاب الموجه إلى الناس، لابدّ فيه من مخاطِب، بقطع النظر عن تحديد هويته. . إذن، لابدّ أن يكون مصطلح الدلالة فيه محلّ اتفاق بين طرفي المخاطِب والمخاطَبين. وإنما الوسيط إلى هذا الاتفاق مصطلح اللغة العربية الذي كان سائداً بين العرب، كمتكلمين وسامعين، أيام صدور هذا الخطاب.
وعلى هذا، فإن النتائج التطبيقية التي أشرنا إليها الآن، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في فهم معاني القرآن. بل يجب أن تؤخذ هذه النتائج بعين الاعتبار لدى محاولة فهم المراد من أي من النصوص المتداولة التي يتم العثور عليها.
* * *
وحصيلة هذا الذي قلناه، مما ينبغي أن يكون معروفاً لنا جميعاً، أن ما يسمى بالقراءة المعاصرة للنص، إنما يسري حكمه على النص الذي تم النطق به وتدوينه في هذا العصر، وذلك كي نضمن مطابقة مفهوم النص للمعنى الذي يجول في خاطر قائله.
ومن بدهيات الأمور أن علوم اللغة بكل ما يتبعها من علم الدلالات والألسنية إنما يبتغى منها الحصول على الضمانة التي لابدّ منها لربط الكلام بمراد المتكلم. وكلما كان النص أوغل في القدم، كانت المحافظة على العلاقة بينه وبين مراد القائل منه أكثر قدسية. . تماماً كالبناء القائم، كلما كان أكثر قدماً، كانت ضرورة المحافظة على نظامه وشكله أكثر أهمية. . إن عملية تركيب النص وتفكيكه يجب أن يكون كعملية تفكيك مثل هذا البناء، ثم تركيبه. أي يجب أن تكون العملية كلها خادماً للأصل ضامناً للإبقاء عليه.
وعلى الرغم من وضوح هذا الذي نقوله، فإنا لنشهد هجمة شرسة على القرآن تحت ستار ما يسمى بالقراءة المعاصرة!. .
قراءة معاصرة، لنصّ تنزَّل وحياً من الله قبل خمسة عشر قرناً، بمقتضى أصول التخاطب آنذاك. . كيف يستوعب المنطق وقانون فقه اللغة هذا الكلام؟!. .
لو جاز إخضاع النصوص التاريخية لما يسمى بالقراءة المعاصرة، إذن لاختفى التاريخ واندثر، ولانقطعت صلة الحاضر بالماضي. . ونظراً إلى أنه ليس في الباحثين وعلماء اللغة من يعاني من الجنون، بحمد الله، فإن أحداً منهم لم يُقدم بعدُ على هذه التجربة.
ولكن ظاهرة هذا الجنون تظهر فقط، في إخضاع القرآن دون غيره لهذه القراءة العصرية التي تفصله عن تاريخه وتقطع صلة ما بينه وبين ما يعنيه به صاحبه المتكلم به.
فمن هو صاحب الفكرة الأولى لهذه القراءة؟. . وما الغاية المقصودة منها؟
أما صاحب الفكرة فجمعية صهيونية في فينّا، فرغت منذ عام 1991 من تجربة على هذا الطريق، وأخرجت أول كتاب يحمّل القرآن معاني جديدة منفصلة عن المعاني التي تربطها به اللغة طبق قانون الدلالات، ثم هي معانٍ لا تمت بنسب إلى الإسلام قط. ثم إن هذه الجمعية أخذت تبحث في العالم العربي عمن يتبناه ويدّعيه كمؤلف له، ولعلها عثرت أخيراً على الشخص المناسب الذي وافقها على ذلك، كما عثرت على نظيره في بعض البلاد الإسلامية الأخرى.
وأما الغاية المقصودة منها، فهي تفريغ القرآن من مضمونه الاعتقادي والتشريعي والأخلاقي، وتحويله إلى وعاء فارغ مهيأ لكل ما يمكن أن يلصق به من المعاني والأفكار.
وهي في الجملة آخر تجربة على طريق السعي إلى تفكيك البنيان الإسلامي ابتغاء صرف المسلمين عن ضوابطه وإحكامه، ثم إخضاعهم لتيار الحضارة الغربية، ومن ثم القضاء على ما يسمى بالخطر الإسلامي القادم من الشرق والذي يغزو كلاً من الغرب الأوربي والأمريكي، بمعتقداته العلمية وأحكامه السلوكية.
ترى، هل سيواصل هذا التخبط الجنوني الذي يتجاهل معنى اللغة وقواعدها سعيه اللاهث إلى هدفه المرسوم هذا؟ وهل سيكون في عقلاء العالم من يساير هذا الجنون، عندما لا يفرض تخبطه إلا على القرآن؟
أعتقد أن العالم الإنساني، أوعى من ذلك. . وأن أقلّ ما سيقوله عقل العقلاء لهؤلاء الناس: فأين هو حظ الكتب الفلسفية القديمة والتاريخية والفكرية والأدبية القديمة، عموماً، من إخضاعها لغسيل القراءة المعاصرة.
http://www.bouti.com/bouti_lecture8.htm(/)
في كل بيت راق (حول الرقية الشرعية)
ـ[مسك]ــــــــ[14 Dec 2005, 05:36 ص]ـ
مقدمة:
الحمد لله مزيل الهم وكاشف الغم، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره فهو مولي النعم وصارف النقم.
والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وسيد الأولين والآخرين وقائد الغر المحجلين، محمد بن عبدالله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم. أما بعد،،،
فيا إخوتي في الله: -
شر ما مُنيت به النفوس يأس يميت القلوب وقنوط تُظلم به الدنيا وتتحطم معه الآمال.
إن في هذه الدنيا مصائب ورزايا ومحناً وبلايا، آلامٌ تضيق بها النفوس ومزعجاتٌ تورث الخوف والجزع. كم ترى من شاكٍ وكم تسمع من لوام. يشكو علة وسقماً أو حاجةً وفقراً، متبرم من زوجه وولده، لوامٌ لأهله وعشيرته. ترى من كسدت تجارته وبارت صناعته، وآخر قد ضاع جهده ولم يدرك مرامه.
تلك هي الدنيا، تُضحك وتُبكي وتجمع وتشتت، شدة ورخاء وسراء وضراء، دار غرور لمن اغتر بها وهي عبرةٌ لمن اعتبر بها. إنها دارُ صدق لمن صدقها ميدان عمل لمن عمل فيها (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد23.
تتنوع فهيا الابتلاءات وألوان الفتن، ويُبتلى أهلها بالمتضادات والمتباينات (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء35.
ولكن إذا استحكمت الأزمات وترادفت الضوائق. فلا مخرج إلا بالإيمان بالله والتوكل عليه وحُسن الصبر. ذلك هو النورُ العاصم من التخبط. وهو الدرع الواقي من اليأس والقنوط.
إنه مما يؤلم القلب ويُحزن النفس .. ماتراه من معاناة بعض الأسر من هموم وغموم وآلام وأمراض. كم رأينا وسمعنا عن أسرةٍ تخرج في الليل البهيم تبحث عن راقٍ أو شيخ ينقذها مما أصابها من آفات الدنيا، أو إيذاء الشياطين، أو شر نفوس الحاسدين.
كيف سيكون الحال لو أن (في كل بيت راق)؟
إشارات لابد منها:
1 - نحن نثبت السحر والمس والعين كما ثبت بالشرع ونأخذ بأقوال علمائنا كابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وكذلك نثبت الأمراض النفسية وأن لها أهلها من الأطباء والمتخصصين، ونعتقد أن علاج ذلك كله يكون بالقرآن، وقد يحتاج الأمر إلى أسباب أخرى مشروعة كالأدوية الطبية على سبيل المثال في الطب النفسي. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} الإسراء82.
2 - نثمن بكل احترام وتقدير ما يبذله الرقاة من جهود وإسهامات رائعة في خدمة الناس وفك معاناتهم بإذن الله تعالى وحوله وقوته، ونسأل الله أن يجزيهم عن الأمة خير الجزاء.
أسباب طرح الموضوع:
1 - البحث عن الشفاء بشتى الطرق والوسائل حتى لو كانت محرمة (قد يبدأ المريض بالرقاة وينتهي به الأمر عند المشعوذين).
2 - تعلق المرضى بالأشخاص مما يضعف تعلقهم بالله سبحانه.
3 - تجاوزات بعض الرقاة ومبالغتهم في طريقة العلاج.
4 - عدم قدرة الرقاة الملتزمين بالضوابط الشرعية من السيطرة على أعداد المرضى، مما يجعلهم دائماً في مأزق وحرج.
5 - المجتمع يسير نحو الإعاقة وهو لا يعلم، وأعني بالإعاقة، الإعاقة الإيمانية، والإعاقة الصحية.
يتبع ...
ـ[مسك]ــــــــ[14 Dec 2005, 05:37 ص]ـ
مفاهيم يجب أن تدرك وتُصحح:
1 - الحالات الصعبة في المجتمع قليلة نسبياً وأكثر الحالات تتراوح بين المتوسطة ودون المتوسطة وهذه يمكن السيطرة عليها بإذن الله. أما الحالات الصعبة فيستشار فيها المتمرسون من الرقاة.
2 - معظم الحالات المتوسطة تدور بين العين والضغوط النفسية وهناك فرق بين العين التي تُدخل الرجل القبر والجمل القدر وبين ما يسمى عند العامة بالنفس.
هذه الحالات (أعني النفس أو العين غير الشديدة، والضغوط النفسية تكثر في مجتمعنا وتزيد عند أناس وتقل عند آخرين، وتتنوع أعراضها ومظاهرها ولكن يمكن الصبر عليها وعلاجها بالرقية ووسائل أخرى، كالعسل وماء زمزم والحبة السوداء، والصدقة، وغيرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذكر الشيخ عبدالله السدحان كلاماً قريباً من ذلك في كتابه (كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية) أعني حول علاج العين أو النفس التي أشرت إليها فقال: " ويخطئ كثير من المعالجين هداهم الله بإحداث البلبلة وشحن فكر هذا المريض أن فيه سحراً أسود أو أحمر، أو جاناً مسيطرين عليه سفلياً كان أم علوياً!! فيجعله ييأس من رحمة الله، ويقومون بتعذيبه بالضرب والخنق، وتسليط الجن عليه بالوساوس، فليس هذا من الدين في شيء، فليتق الله هؤلاء الرقاة، ولا يكونوا عوناً للشيطان على أخيهم)
3 - مات من الهم .. ما سر ذلك؟
كنت فيما مضى أتساءل كثيراً .. كيف يموت الإنسان من الهم .. ما زال هذا السؤال محيراً حتى وقفت على بعض المعلومات التي تفك هذه الشفرة وتحل ذلك اللغز .. ولنقف مع هذه القصص ..
أ- مجنون ليلى:
قيس بن الملوح بن مزاحم العامر.
شاعر غزل من المتيمين من أهل نجد لم يكن مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى بنت سعد التي نشأ معها إلى أن كبرت وحجبها أبوها، فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش، فيُرى حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في الحجاز، إلى أن وُجد ملقى بين الأحجار وهو ميت فحُمل إلى أهله.
وهو القائل:
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا "=" إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمُ
وقال أيضاً:
هوى صاحبي ريحُ الشمال إذا جرت "=" وأهوى لنفسي أن تهب جنوبُ
فويلي على العذال ما يتركونني "=" بغمي أما في العاذلين لبيبُ
يقولون لو عزيت قلبك لا رعوى "=" فقلت وهل للعاشقين قلوبُ
لقد بلغ الهم بقيس مبلغاً عظيماً حتى أهلكه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ب – ذكر ابن القيم أن رجلاً تعلق بمحبوب له، فلما امتنع المحبوب عن لقائه سقط الرجل صريعاً على فراش المرض ثم أنشد قائلاً:
أسلم يا راحة العليل "=" ويا شفا المدنف النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي "=" من رحمة الواحد الجليل
ثم صرخ صرخة ومات من حينه.
نعوذ بالله من ميتة السوء .. وهلاك الغفلة.
لقد ثبت في البحوث الطبية أن الهم والقلق يسبب نقص المناعة، وبالتالي يضعف الجسم عن مقاومة الأمراض ويبدأ الجسم تدريجياً في الضعف والذبول حتى يصل إلى مرحلة خطيرة وقد أورد صاحب كتاب التفاؤل التلقائي ما يلي:
" أوضحت الدراسات في المجلة الطبية أن الاضطرابات النفسية الحادة ترتبط بالمناعة الخلوية في الإنسان "
وقد تعوذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الهم كما جاء عند البخاري فقال: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن".
يقول جون جوزيف: إن قرحة المعدة لا تأتي مما تأكل ولكنها تأتي مما يأكلك، يعني القلق والهموم وتوتر العواطف والخوف.
إذاً ينبغي على كل مؤمن أن يطرد الهم والغم من ساحته حتى لا يكون فريسة لهذا الداء الخطير، وسيأتي لاحقاً العلاج في الجملة إن شاء الله.
4 - إياك والوهم فإنه مدخل من مداخل الشيطان.
كلنا يدرك المعركة الأزلية بين الإنسان والشيطان، هذه المعركة التي بدأت حينما توعد الشيطان بإغواء الإنسان {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص82.
ويعتبر الوهم أحد مداخل الشيطان الخطيرة لإسقاط الإنسان في دائرة الشك ومن ثم ضعف الإيمان والتوحيد.
تبدأ الخطة الإبليسية بالوهم .. ثم ضعف التوحيد، ثم التعلق بغير الله .. إلى ترك الصلاة والوقوع في الهاوية عياذاً بالله من ذلك.
يتبع ...
ـ[مسك]ــــــــ[14 Dec 2005, 05:38 ص]ـ
رجل في بطنه ثعبان:
ذكر الشيخ الطنطاوي رحمه الله في كتابه الماتع (صور وخواطر) مانصه:
" وهذا العلامة المؤرخ الشيخ الخضري، أصيب في أواخر عمره بتوهم أن في أمعائه ثعباناً، فراجع الأطباء، وسأل الحكماء، فكانوا يدارون الضحك حياء منه، ويخبرونه أن الأمعاء قد يسكنها الدود، ولكن لا تقطنها الثعابين. فلا يصدق.
حتى وصل إلى طبيب حاذق بالطب، بصير بالنفسيات قد سمع بقصته، فسقاه مسهلاً وأدخله المستراح وكان وضع له ثعباناً فلما رآه أشرق وجهه، ونشط جسمه، وأحس بالعافية، ونزل يقفز قفزاً، وكان قد صعد متحاملاً على نفسه يلهث إعياء، ويئن ويتوجع ولم يمرض بعد ذلك أبداً.
ثم قال الطنطاوي أيضاً:
ما شفي الشيخ لأن ثعباناً كان في بطنه ونزل، بل لأن ثعباناً كان في رأسه وطار، لأنه أيقظ قوى نفسه التي كانت نائمة، وإن في النفس الإنسانية لقوى إذا عرفتم كيف تستفيدون منها صنعت لكم العجائب ".
(يُتْبَعُ)
(/)
يا لها من قصة ظريفة ومفيدة .. تشخص الداء وتوضح بكل براعة طبيعة الدواء ...
5 - القرآن راحة للأرواح والأبدان:
إن القرآن العظيم كتاب هداية ونور وشفاء لما في الصدور .. لذلك نحتاج إلى نشر روح السكينة والهدوء في علاجنا لأنفسنا ومن حولنا.
إن الرقية بالقرآن راحة للأرواح وعافية للأبدان، إنها ليست رعباً وهلعاً تجعل الإنسان يتهرب أو يتردد في العلاج بكتاب الله الكريم.
يجب على كل واحد منا أن يربي نفسه وأهل بيته وجيرانه على هذا المفهوم، حتى يتقبل الجميع الرقية وهم أسكن نفساً وأهدأ حالاً.
وتأمل حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذه الحالات:
1 - جاء عند الإمام أحمد .. حينما أتت الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة بابن لها قد أصابه لمم، فقال النبي الرسول صلى الله عليه وسلم" أخرج عدو الله أنا رسول الله قال: فبرأ ".
2 - عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشف، فادع الله لي قال: " إن شئتِ صبرت ولك الجنة، وإن شئتِ دعوت الله أن يعافيك ".
قالت أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. متفق عليه.
تأمل كيف عالجها الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم وتحاور معها بكل هدوء وسكينة ...
6 - نحو مجتمع سليم ومنتج:
إن من أعظم النعم التي يمن الله عز وجل بها على أي مجتمع، نعمة العافية في الأبدان والأمن في الأوطان، ولذلك جاء في الحديث الشريف " من أمسى معافى في بدنه آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ". رواه الترمذي وقال حديث حسن ووافقه الألباني
إن المتجمع لا يمكن أن يكون منتجاً .. نافعاً حتى يبرأ من مرضه الإيماني والنفسي.
وإني لأتعجب كيف استطاعت اليابان أن تتجاوز محنتها من المحرقة النووية .. وكيف صبرت حتى وصلت إلى قمة التقدم والتطور المبهر .. وهي وثنية المعتقد؟!
وكيف تخطت ألمانيا مصاعبها بعد الحرب العالمية .. لكي تقف على أقدامها من جديد.
فعلينا أن نتجاوز مشاكلنا ومصائبنا بعد الإيمان بالله .... بالتفاؤل والأمل .. والجد والعمل.
أعلل النفس بالآمال أرقبها "=" ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
ولماذا نحطم أنفسنا .. ونعطل طاقاتنا بحجة أننا مرضى .. أو نعاني من هموم وغموم وضغوط نفسية.
إننا نملك نعماً عظيمة، ولم ندرك بعد عظيم فضل الله علينا، جاء في مؤلفات ديل كارنيجي ما نصه:
" إن أحد الأشخاص كان واقفاً على أحد الشوارع واليأس يقطع قلبه في شرود وهموم متخيلاً نفسه أتعس الناس لأنه لم يجد العمل المناسب رغم أنه في صحة جيدة، وصاحب خبرة، ويقول فجأة شاهد رجلاً يقطع الطريق وهو مقطوع الساقين متكئاً على عوارض خشبية .. وبعد أن التقت عيناه مع ذلك الشخص ابتسم " مقطوع الساقين" وقال .. صباح الخير ياسيدي وقال إنه يوم جميل .. أليس كذلك؟ يقول الرجل عندها أدركت كم أنا سعيد بما أملك وكيف نسيت ما عندي من النعم وخجلت من نفسي ".
- ما أعظم نعم الله علينا لو أنا أطلقنا تفكيرنا نحو التأمل الإيجابي .... !
7 - العلامة ابن باز ووصايا نافعة:-
كان لسماحة العلامة عبدالعزيز بن باز وصايا نافعة في مجال الرقية، وكان مما أوصى به أحد السائلين حول مسألة الرقية قوله: " يقرأ على المريض آية الكرسي وبعض الأدعية المعروفة بالرقية الشرعية حتى ولو لم يكن هناك إطالة في القراءة " (جريدة الجزيرة، 3/ 8/1417هـ) فانظر إلى الهدوء والتوازن في الرد على السؤال.
- وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله حول قراءة الراقي على المرأة الأجنبية فقال:
(لا يحل للقارئ الأجنبي أن يباشر لمس بشرتها بدون حائل، بل يقرأ عليها وهي متحجبة أو يقرأ عليها أحد نسائها أو محارمها أو تقرأ هي على نفسها بما تيسر من القرآن فالكل يرجى فيه الشفاء والنفع من الله).
والشاهد هنا من كلام الشيخ ابن جبرين قوله (أو تقرأ هي على نفسها)، فما أجملها من وصية طيبة خرجت من عالم مبارك.
8 - تجارب ناجحة:
هذه تجارب سمعت بعضها من بعض الفضلاء، وعايشت بعضها الآخر، وما أروع أن يعيش الإنسان تجربة كانت ناجحة بكل المقاييس، وكل ذلك من فضل الله وكرمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - ذكر لي أحد الأخوة أن رجلاً جاء إلى أحد القراء يطلب منه أن يقرأ عليه، فهو كما يقول سافر إلى أماكن كثيرة طلباً للشفاء ولم يجد ما كان يتمنى، فقال له هذا الراقي وفقه الله. اذهب إلى بيتك واقرأ البقرة ثلاثة أيام متتالية ثم تعال بعد ذلك. وبعد ثلاثة أيام جاء الرجل إلى الأخ الراقي وقد شُفي تماماً من مرضه ولم يحتج للرقية، فقد رقى نفسه.
فانظر بارك الله فيك، كيف تعالج الحالات، وكيف تتحول البيوت إلى مواطن للذكر وقراءة القرآن.
2 - جاءني شخص شاب قد أرهقته الأمراض الأوهام، وقال لي: ذهبت إلى الشيخ فلان تسع مرات ولم يتغير شيء، هل ممكن أن أُشفى من مرضي، فأنا لا أستطيع النوم مما أصابني.
فقلت له أبشر بالخير، إن شاء الله. فتحاورت معه وأخبرته بعد ذلك أن الشفاء من الله وأن يبدأ الخطوة الأولى من بيته فذكرت له بعض الوصايا التي تعين على تجاوز هذه المشكلة، من توجه لله وتوكل عليه وقراءة القرآن وقيام الليل، مع تحليل مختصر لطبيعة الحالة. وماهي إلا أيام حتى أصبح هذا الشاب طلق المحيا .. مرتاح البال .. قريباً من الله .. يلهج لسانه بذكر الله .. وقد حقق حلم (في كل بيت راق).
3 - عائلة تخرج في الليل البهيم تبحث عن راق يهدئ روعها .. ويعيد البسمة إلى أجوائها، فقد أصيبت الأم بحالة غريبة بشكل مفاجئ تعاني منذ أيام .. ولم يجدوا أحداً تلك الليلة، وباتوا ليلتهم في هم وغم ومعاناة حتى الصباح، وفي اليوم التالي اتصل بي أحد الأخوة يطلب مني زيارة هذه العائلة، فتمت الزيارة، وحصل حوار بيني وبين المرأة وزوجها، وكان مما فيه أهمية التحصين، والتوجه إلى الله والأذكار وقراءة البقرة، ثم تحليل مبسط للحالة التي يمرون بها، وإشارة إلى الخير الذي في طيات هذه المحنة .. ثم مكثت ثلاثة أيام تقريباً لأسمع الخبر من أحد أفراد هذه العائلة أن الأب والأم تحولا إلى رقاة لأنفسهم ولأبنائهم وأن سورة البقرة أصبحت أهم أولياتهم. وأصبحا يحفظان الأذكار ويوزعان المطويات بين أبنائهم حتى قال لي أحدهم: لقد تحول الرجل إلى (راق في بيته) ولم يحتج بعد ذلك للبحث عن الرقاة.
- هذه بعض التجارب .. ويوجد غيرها ليس عندي فقط بل عند الكثير تثبت بالبرهان والواقع الملموس أنه بالإمكان تحقيق هذه الأمنية.
فما أجمل الحياة .. وما أروع المجتمع حينما يكون (في كل بيت راق).
يتبع ...
ـ[مسك]ــــــــ[14 Dec 2005, 05:39 ص]ـ
الوسائل المعينة لتحقيق (في كل بيت راق):
1 - التوحيد:
إن معظم الشرور والنكبات التي أصابت أمة الإسلام وأشد البلايا التي حلت بها، كانت بسبب ضعف التوحيد في النفوس.
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} الأنعام17
- وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: " ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها فإنها لاتزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً " رواه أحمد بسند لابأس به.
ولأحمد أيضاً عن النبي النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من تعلق تميمة فلا أتم الله له ".
وذكر ابن القيم في الفوائد قوله:
" فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد. ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد، ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يُلقى في الكُرب العظام إلا الشرك ولا يُنجى منها إلا التوحيد ".
ومن الأمور المعينة على كشف الكرب ما يلي:
" وإذا سألت فاسأل الله ".
إن أول خطوة عادةً ما نقوم بها حينما نصاب بمرض أو هم أوغم هي البحث عن شيخ أو راق يعالج ما ألم بنا.
والصحيح أن نتوجه أولاً لله سبحانه وتعالى، فهو القائل عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} البقرة186.
والمتأمل في أحوال الناس يجد أنهم يبذلون الجهد والوقت والمال حتى يصلوا إلى الراقي أو الشيخ، وكثيراً ما يكون هذا الراقي مشغولاً، أو أنه قطع وسائل الاتصال به لكثرة الزحام عليه من الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
فيا عجباً لنا! إن الواحد الديان لا يغلق بابه أبداً. بل يتنزل في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله فيقول هل من سائل فأعطيه .. فأين نحن من هذه الساعات المباركة واستغلالها في التضرع إلى الله بأن يكشف عنا البلاء والهم والمرض. ..
ثم تأمل معي أيها الحبيب هذه المواقف:
1 - حينما قُذف إبراهيم عليه السلام في النار .. تبدى له جبريل فقال يا إبراهيم هل لك من حاجة، فقال أما إليك فلا وأما إلى الله فنعم فقال الله عز وجل: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} الأنبياء69.
2 - وفي قصة موسى عليه السلام قال الله تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء63.
3 - وهذا رسولنا الكريم النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر، وكفار قريش، يحومون حول الغار طلباً للحبيب عليه الصلاة والسلام، فإذا بأصوات أقدامهم تخفق إلى جوار الرسول النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه .. فقال أبو بكر: " لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا " فقال عليه الصلاة والسلام: يا أبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما. {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة40
أيها المبتلى:
إذا سألت فاسأل الله، فإنه سميع مجيب وإنه نعم المولى ونعم النصير.
- واعلم أن من التوحيد أيضاً: التوكل على الله، واليقين بموعوده والثقة بنصره، فلا تبخل على نفسك بهذه المعاني المباركة .. فإن فيها من لذة الإيمان .. وسعادة القلب ما الله به عليم.
ومن الوسائل المعينة لتحقيق (في كل بيت راق):
2 - الصلاة:
" كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة " وكان يقول " أرحنا بها يابلال ". رواه احمد وأبو داود
إن الإنسان إذا أراد الراحة والسعادة والعافية فلابد أن يحافظ على الصلاة .. ويستمتع بالوقوف أمام العزيز الرحيم .. وكلما اضطربت صلاتك زادت علاتك .. والحر تكفيه الإشارة.
يقول الدكتور عائض القرني في كتابه الشهير لا تحزن: " إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد، وأن يمرغ جبينه ليُرضي ربه أولاً، ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب. وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه، والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمدّه بالسكينة والأمن إلا الصلاة ".
3 - عليك بالذكر والدعاء والاستغفار:
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} طه124
" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، كمثل الحي والميت ".
اعلم أيها الحبيب أن الغفلة داء خطير .. ومدخل من مداخل الشيطان الرجيم.
يقول ابن القيم في الفوائد:
" كل ذي لب يعلم ألا طريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات ... وذكر منها:
الغفلة: فإن الذاكر في حصن الذكر، فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه أو يصعب إخراجه.
ثم تأمل معي هذا الحديث الشريف:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال إذا خرج من بيته بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له حينئذ: كفيت ووقيت وهُديت، وتنحى عنه الشيطان فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدي وكفي ووُقي؟ " رواه أبو داوود والنسائي والترمذي بإسناد جيد.
فانظر إلى فضل الذكر وثمرته في حديث واحد فكيف بمن لازم الذكر في سائر يومه.
4 - الدعاء:
إن الدعاء هو لب العبادة .. وقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " الدعاء هو العبادة ". رواه الترمذي وقال حديث صحيح
فمتى ما أراد المبتلى أو المريض النجاة والسعادة، فعليه بالتضرع إلى الله .. فإنها خير طريق وأيسره إلى نيل فضل الله ورحمته.
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) الأنعام42.
البأساء: الفقر والضيق في العيش.
(يُتْبَعُ)
(/)
الضراء: الأمراض والأسقام والآلام.
يتضرعون: يتذللون لله.
{فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأنعام43.
- زين لهم: الكفر والمعاصي والعياذ بالله.
فيا عبدالله .. متى ما أصابك بلاء أو هم فافزع إلى الله .. وتضرع إليه .. وانكسر بين يديه فإنه عز وجل قريب مجيب.
5 - الاستغفار:
قال عز وجل مبيناً أثر الاستغفار على الفرد والأمة {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} هود52.
فطوبى لمن لزم الاستغفار .. ونال الفضل الكبير من الواحد القهار.
6 - - كم رصيدك في بنك الأعمال الصالحة:
جاء عند الإمام الترمذي في سننه: قوله النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس ": يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ".
وفي رواية أخرى صححها الألباني: " تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ".
وقال أحد السلف كما ذكر ذلك ابن رجب في جامع العلوم والحكم:
" تدبرت هذا الحديث، فأدهشني وكدت أطيش، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه ".
ومعنى الحديث: " أن من حفظ أوامر الله وقام بما أوجب الله عليه وانتهى عما نهى عنه حفظه الله فإن الجزاء من جنس العمل ".
قال تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} البقرة40.
إذاً هي المعادلة الربانية .. كم رصيدك من الأعمال وكم حفظت الله في الرخاء .. تكون المحصلة واضحة وجلية.
- ولذلك قال الله عز وجل في حق يونس عليه السلام: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} الصافات144.
- وقال عز من قائل: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} الأنبياء90
- والحبيب محمد J كان يتحنث في الغار الليالي الطوال .. وفي بدر رفع يديه إلى مولاه فاستجاب الله له: " أبشر يا أبا بكر هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النقع " املأ رصيدك بالطاعات .. يأتيك الفرج من رب الأرض والسموات.
7 - غيِّر جو:
أيها لأخ المبتلى وفقه الله وشفاه:
احذر أن تكون أسيراً لمرضك أو أوهامك أو آلامك.
زر صديقاً إيجابياً .. يحول طاقتك السلبية إلى إيجابية، اذهب إلى الشاطئ وتأمل أمواج البحر الهادئة في ساعة الغروب .. وإن لم تكن من عشاق البحر. فاذهب إلى البر. اطبخ تيساً، أو اشو لحماً أو هاموراً ثم احمد الله.
لقد كان الأوائل من الآباء والأجداد يهربون من الهموم والغموم .. وينشدون الأشعار ويطربون للحداء المباح علهم أن يدفنوا همومهم في أجواء مفعمة بالبهجة والأنس وقد قال أحدهم من البادية:
يا فريج أوسع ضيقة الصدر يا فريج "=" مهوب من زود الطرب يوم أغني
لولا ي أوسع خاطري بالأهازيج "=" كان انتحر يا فريج ولا أستجني
وقال أبو ذر رضي الله عنه: " إني لأستجم بشيء من اللهو حتى أتقوى على الحق".
وكان ابن سيرين يضحك بالنهار، فإذا جن عليه الليل فكأنما قتل أهل القرية.
8 - الصبر أفضل مضاد حيوي:
أيها الأخ الكريم ...
اصبر وما صبرك إلا بالله، اصبر صبر واثق بالفرج، عالم بحسن المصير، طالب للأجر، راغب في تكفير السيئات، اصبر مهما ادلهمت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا.
- اصبر: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزمر10.
- اصبر. وانتظر الفرج .. فإن انتظار الفرج عبادة.
- اصبر .. وتيقن بالفرج وتذكر:
1 - أن يعقوب عليه السلام فقد يوسف أعواماً عديدة حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ..
ثم هبت رياحُ الفرج على ذلك الشيخ الكبير صاحب القلب الوجيع ليقول: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} يوسف94.
لتكتمل الفرحة بعد رحلة العناء .. ولذة الصبر .. وبرد اليقين ..
ولتنتهي القصة وهي في أجمل صورها .. وأمام مشهد رائع وانتصار بهيج: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً} يوسف100.
2 - تذكر أن أيوب أُوذي في جسده بأنواع من البلاء .. ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما.
لقد لبث به البلاء ثماني عشرة سنة وهو في ذلك كله صابر محتسب.
ثم جاء الفرج.
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}.
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا "=" من راقب الله في الأمور نجا
من صدق الله لم ينله أذى "="ومن رجاه يكون حيث رجا
وأخيراً .. يارب ارزقنا الإيمان الموصل إلى رضاك.
واليقين المؤدي إلى فضلك ورحماك.
واجعل مجتمعنا ذاكراً لك .. شاكراً لنعمك وأسبغ علينا من كريم جودك ومننك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
خالد ثامر السبيعي
السبت 24/ 10/1426هـ(/)
تحقيق جديد لـ" جامع العلوم والحكم " وهو مجاناً لمن يرغب بطبعه طبعة خيرية.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[14 Dec 2005, 09:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ شهور فرغت من تحقيق كتاب " جامع العلوم والحكم " للحافظ ابن رجب، وكنت أرغب في طبع الكتاب طبعة خيرية في بلدنا الجريح، لكن لم أتمكن، والحمد لله على كل حال.
وسأرسل الكتاب إن شاء الله تعالى مع "رياض الصالحين " إلى مكتبة الرشد فرع مكة، وهو مجاناً لكل من يرغب طبع الكتابين أو أحدهما طبعة خيرية، وسيكون الكتابان موجودين إن شاء الله هناك في 28 من ذي القعدة.
وهذه مقدمة الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
((وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، وحجةً على الخلائق أجمعين)) (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
(آل عمران: 102). ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء: 1). ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (() الأحزاب: 70 - 71 (.
أما بعد: فإني أحمد الله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً على إنهاء العمل بهذا الكتاب العظيم "جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم "، ذلك الكتاب المهم الذي يشرح أهم الأحاديث التي يحتاجها المسلم؛ فهي أحاديث كلية في أصول الدين.
والكتاب قد طبع طبعاتٍ عديدة (2) واعتنى به عدد من الأفاضل من المختصين
بهذا الشأن فأردت أنْ أُشرك نفسي معهم في طبعةٍ متميزةٍ راجياً من الله أنْ ينفعني بها يوم الدين يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
وقد حققت الكتاب على نسخة خطية للكتاب تعود إلى عصر متأخر وقد تملكها الشيخ محمد أمين الشنقيطي. وقد اجتهدت في ضبط النص على النسخة الخطية مع الاستفادة من النسخ المطبوعة مع الرجوع إلى موارد المصنف من كتب السنة المشرفة. أما التخريج فقد أوليت عناية بالحكم على الأحاديث. وفيما يتعلق بالصحيحين فقد أحلت إلى صحيح البخاري بالجزء والصفحة على الطبعة الأميرية ثم أردفته برقم الحديث من فتح الباري ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، وأحلت إلى صحيح مسلم بالجزء والصفحة للطبعة الإستانبولية ثم أردفته برقم الحديث من طبعة محمد فؤاد عبد الباقي؛ وذلك لانتشار هذه الطبعات وتداولها. وأما التعليق على الأحاديث فقد شرحت بعض الغريب الذي لم يذكره المصنف وعلّقت على بعض الأشياء مما يحتاجه المسلم في حياته وعبادته وكان جُلُّ ذلك بالاعتماد على كتب أهل العلم، وحكمت على الأحاديث بما يليق بها من صحة أو ضعف، وقدمت للكتاب بمقدمة يسيرة كمدخل للكتاب سميتها: ((الحافظ ابن رجب وشيءٌ من سيرته العطرة)).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
() من مقدمة زاد المعاد للعلامة ابن القيم 1/ 34.
(2) مما وقفت عليه من طبعات هذا الكتاب: طبعة مؤسسة الرسالة بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس، وهي أفضل الطبعات السابقة. وقد قابلت الكتاب عليها ورمزت لها بالرقم
(ج) وقد اعتمدت على الطبعة السابعة 1422 ه ومما وقفت عليه طبعة دار ابن رجب
في مصر عام 1423 ه بإشراف مصطفى بن العدوي وطبعة المكتبة العصرية عام 1418 ه بتحقيق الدكتور يوسف البقاعي، وطبعة دار الحديث في القاهرة بتحقيق عصام الدين الصبابطي، وطبعة دار الفرقان عام 1411 ه بتحقيق الدكتور محمد عبد الرزاق الرعود.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكتب
الدكتور ماهر ياسين الفحل
رئيس قسم الحديث في كلية العلوم الإسلامية
جامعة الأنبار
للاطلاع على نماذج من تحقيق الكتاب على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67804
ـ[مرهف]ــــــــ[18 Dec 2005, 12:08 ص]ـ
فرج الله عنكم الحزن ونصركم على أعداء الأمة وجزاك الله خيراً وبشرك الله بالخير لما كتبته عن مخطوطات العراق الإسلامية وغيرها فقد أثلجت صدورنا وأرحت نفوسنا وقد كنت سمعت قريباً مما كتبته عن مخطوطات العراق وفقكم الله للمزيد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[18 Dec 2005, 07:33 م]ـ
وأنت جزاك الله خير الجزاء ونفع بك وبعلمك، وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[17 Jan 2006, 09:44 م]ـ
سبب إعادة تحقيق كتاب " جامع العلوم والحكم "
قد اعتدت بفضل الله ومنه وكرمه أن لا أعمل على تحقيق كتاب إلا إذا كان في التحقيق فائدة، وكل كتاب أعمل في تحقيقه أبذل فيه طاقتي، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وكان من الكتب التي أعدت تحقيقها كتاب " جامع العلوم والحكم "، وتنماز طبعتي عن غيرها بما يلي:
أولاً: المنهج في التخريج والتحقيق وترتيب المصادر، ثم يكون هذا المنهج سائداً على جميع الكتاب.
ثانياً: عملي في كتبي الأخيرة على شكل الوقف فصرت لا أبيع الحقوق، بل أجعلها وقفاً وحقاً لكل مسلم، ومن هذا " جامع العلوم والحكم " و " رياض الصالحين " و " حرمة المسلم على المسلم " و " وقفات للمسلمين والمسلمات " وهذه جميعها طبعت ووزعت توزيعاً خيرياً، ووضعتها على الشبكة، وجعلت حق الطبع والاقتباس لكل مسلم.
ثالثاً: أشرت ونقلت في تحقيقي من كتابي الكبير " الجامع في العلل " يسر الله طبعه ونشره وإتمامه كما في الجزء الأول الصفحات: 91 و 210 و 453 و 515 و 590.
والجزء الثاني الصفحات: 51 و 59 و 88 و 146 و 172 و 178 و 406 و 538 و 583، وغيرها.
رابعاً: اعتمد من عمل على تحقيق الكتاب ممن قبلي، على بعض أحكام بعض الأئمة، دون متابعة لما يليق الحكم الصحيح على تلك الأحاديث، ومن ذلك الاعتماد على بعض أحكام الترمذي، مع أن الاجتهاد الصحيح يخالف تلك الأحكام، انظر على سبيل المثال الاعتماد على أحكام الترمذي، مع أن الحكم الصحيح يخالف ذلك، أنظر الجزء الأول الصفحات: 106 و 120 و 206 و 313 و 433.
والجزء الثاني الصفحات: 91 و 168 و 247 و 287 و 378 و 381 و 390.
خامساً: حكمت على الأحاديث بما يليق بها صحة أو ضعفاً بألخص عبارة وأوجز إشارة مع التعليل، مثال ذلك:
قال ابن رجب 1/ 430
: ((وخرَّج الإمامُ أحمد من حديث الزهري، عن حُميد بنِ عبد الرحمان، عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ ? قال: قلتُ: يا رسولَ الله أوصني، قال: ((لا
تَغْضَبْ)) قال الرجل: ففكرتُ حين قال النَّبيُّ ? ما قال، فإذا الغَضَبُ يجمع الشرَّ كُلَّه، ورواه مالك في " الموطأ " عن الزهري، عن حُميد، مرسلاً)).
وقد علقت بالتالي ": ((في " مسنده " 5/ 373.
وأخرجه: معمر في "جامعه" (20286) - ومن طريقه البيهقي 10/ 105 عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمان، عن رجل، به. وإسناده صحيح وهو صحيح موصولاً، وقد توبع معمر تابعه سفيان بن عيينة عند ابن أبي شيبة 8/ 535، وأحمد 5/ 408، وأبي نعيم
في " معرفة الصحابة " 5/ 92 فلا يضره إرسال مالك؛ إذ اتفق معمر وسفيان على
وصله، وقد قال ابن المبارك: ((الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثة: مالك ومعمر وابن عيينة فإذا اجتمع اثنان على قول أخذنا به وتركنا قول الآخر)) السنن الكبرى للنسائي عقيب
(2072).)).
سادساً: اعتمد بعض من سبقني في العناية على تصحيح الحديث لمجرد وجوده في صحيح ابن خزيمة، وهذا خطأ محض، فكتاب مختصر المختصر للإمام ابن خزيمة أحد دواوين الإسلام المهمة، وهو أحد كتب السنة المشرقة وهو أحد الصحاح السبَعة (وهي صحيح البخاري وصحيح مسلم ومختصر المختصر لابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وصحيح ابن السكن والمختارة للضياء) ومكانة هذا الكتاب رفيعة بين كتب الحديث. وأهمية هذا الكتاب تظهر من خلال صحة أحاديثه ومكانة مؤلفة العلمية وجلالته في العلوم الإسلامية وكتاب ابن خزيمة أصح الصحاح السبعة بعد الصحيحين قال الحافظ ابن عدي
(يُتْبَعُ)
(/)
: ((وصحيح ابن خزيمة الذي قرضة العلماء بقولهم: صحيح ابن خزيمة يكتب بماء الذهب، فإنه أصح ما صنف في الصحيح المجرد بعد الشيخين البخاري ومسلم)) (الكامل 1/ 33) وقال المناوي نقلاً عن الحازمي: ((صحيح ابن خزيمة أعلى رتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه؛ فأصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان فالحاكم)) (فيض القدير 1/ 35) وقد اهتم المسلمون في هذا الكتاب؛ إذ ألف ابن الملقن " مختصر تهذيب الكمال " مع التذييل عليه من رجال ستة كتب (وهي مسند أحمد وصحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم والسنن للدارقطني والبيهقي). وقد جعله الحافظ ابن حجر أحد موارد كتابه إتحاف المهرة.
وإن أي حديث يوجد في صحيح ابن خزيمة فهو صحيح عنده شريطة أن يكون ابن خزيمة لم يتوقف فيه ولم يعله ولم يقدم المتن على السند، وقد وجدتُ إطلاق أهل العلم على أحاديث ابن خزيمة بقولهم: صححه ابن خزيمة بمجرد روايته في الكتاب مع الاحتراز عما ذكرته سابقاً -كما في.
1 - بلوغ المرام الأحاديث:
(1) و (5) و (9) و (11) و (32) و (36) و (39) و (40) و (41)
و (45) و (61) و (65) و (107) و (112) و (122) و (134) و (168)
و (169) و (178) و (203) و (207) و (218) و (263) و (265) و (301) و (306) و (312) و (336) و (360) و (424) و (432) و (459) و (635) و (651) و (655) و (656) و (661) و (666) و (694) و (758) و (800) و (811) و (818) و (868) و (942) و (950) و (972) و (1093) و (1185) و (1186) و (1189) و (1355) و (1384).
2 - وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود 1/ 75 و3/ 48.
3 - وشرح الزرقاني على موطأ مالك 1/ 138.
4 - وعون المعبود 1/ 229 و2/ 307 و3/ 287.
5 - وتحفة الأحوذي 1/ 114 و117 و118 و181 و206 و214 و2/ 79 و120 و123 و230 و3/ 378.
6 - وفيض القدير 6/ 333.
7 - وكشف الخفاء 2/ 151 و319.
8 - وتحفة المحتاج 1/ 138 و260 و344.
9 - وتغليق التعليق 2/ 116.
10 - وسبل السلام 1/ 63 و86 و186 و2/ 44 و52 و3/ 24.
11 - ونيل الأوطار 1/ 111 و198 و215 و2/ 158 و260 و237 و5/ 90 و113 و326.
أما الأحاديث الضعيفة التي في " مختصر المختصر " فقد بلغت (429) حديثاً مع بيان ما توقف فيه أو ما ضعفه أو ما صدر المتن قبل السند (143)، وما لم يتوقف فيه من الأحاديث الضعيفة أو يضعفه أو يصدر المتن على السند فهذا مما ينتقد به ابن خزيمة والأحاديث الضعيفة في " مختصر
المختصر " على النحو التالي:
27، 29، 36، 37، 38، 43، 60، 63، 71، 77، 83، 89،
102، 10، 118، 119، 122، 137، 144، 151، 167، 198، 208، 217، 237، 249، 256، 272، 273، 278، 290، 294، 295، 305، 315، 340، 356، 359، 362، 384، 412، 413، 441، 442، 443، 444، 445 (وضعفها هذه الخمسة عقبها)، 452، 453، 458، 467، 468، 469، 470، 472،
479، 481، 482، 485، 493، 498، 513، 544، 556، 560، 562، 563، 564، 565، 572، 573، 594، 600، 601، 604، 626، 627، 628، 629، 639، 642، 650، 662، 665، 676، 680، 714، 715، 716، 729، 734، 735، 745، 772، 773، 779، 780، 781، 791، 792، 797، 808، 811، 814، 815، 828، 849، 865، 897، 902، 903، 904، 909، 913، 940،
946، 947، 982، 994، 998، 1005، 1006، 1008، 1027، 1033، 1047، 1048، 1049، 1050، 1051، 1063، 1070، 1075، 1079، 1084، 1086، 1093، 1094، 1104، 1105، 1119، 1120، 1124، 1126، 1135، 1136، 1138، 1158، 1159،
1161، 1163، 1165، 1172، 1173، 1174،
1175، 1181، 1195، 1201، 1207، 1210،
(يُتْبَعُ)
(/)
1212، 1213، 1214، 1215، 1216، 1218، 1220، 1224، 1228، 1229، 1234، 1253، 1254، 1260، 1294، 1297، 1298، 1300، 1310، 1313، 1320، 1321، 1325، 1326، 1327، 1328، 1331، 1338، 1351، 1365، 1372، 1388، 1394، 1397، 1400، 1402، 1403، 1404، 1409، 1416، 1422، 1431، 1438، 1439، 1450، 1462، 1464، 1469، 1478، 1491، 1502، 1503، 1509، 1518، 1520، 1532، 1559، 1565، 1577، 1586، 1592، 1622، 1643، 1648، 1660، 1669، 1676، 1682، 1683، 1691، 1692، 1696، 1697، 1710، 1711، 1722، 1728، 1732، 1741، 1752، 1765، 1766، 1771، 1778، 1780، 1807، 1809، 1815، 1817، 1819، 1840، 1859، 1860، 1861، 1862، 1866، 1872، 1878، 1883، 1884، 1885، 1886، 1887، 1892، 1922، 1923، 1933، 1938، 1939، 1950، 1951، 1954، 1960، 1961، 1972، 1973، 1974، 1977، 1984، 1987، 1988، 1996، 2003، 2007، 2008، 2012، 2031، 2040، 2041، 2042، 2043، 2056، 2057، 2062، 2066، 2067، 2090، 2095، 2101، 2127، 2136، 2137، 2138، 2139، 2140، 2154، 2155، 2163، 2169، 2170، 2187، 2189، 2192، 2194، 2195، 2201، 2208،
2216، 2235، 2236، 2247، 2249، 2250، 2258، 2266، 2272، 2282، 2292، 2306، 2310، 2315، 2316، 2317، 2318، 2319، 2320، 2323، 2331، 2333، 2335، 2336، 2362، 2378، 2379، 2385، 2390، 2412، 2420، 2433، 2434، 2441، 2450، 2457، 2466، 2468، 2471، 2478، 2496، 2497، 2503، 2516، 2532، 2535، 2538، 2548، 2549، 2572، 2579، 2580، 2631، 2641، 2642، 2652، 2676، 2679، 2691، 2697، 2703، 2704، 2712، 2713، 2727، 2728، 2731، 2732، 2733، 2737، 2338، 2745، 2747، 2748، 2773، 2791، 2792، 2793، 2830، 2831، 2834، 2835، 2838، 2840، 2841، 2874، 2882، 2891، 2911، 2913، 2937، 2958، 2967، 2969، 2973، 2974، 3012،
3013، 3014، 3017، 3037، 3038، 3046، 3047، 3050، 3056، 3059، 3062، 3064، 3067، 3068.
ولما تطرح 143 من 429 يبقى 286 وهو القدر الذي حصل فيه التساهل لابن خزيمة
أما الأحاديث التي ليست على شرط ابن خزيمة
فهي (143) حديثاً، وهي تشمل الأحاديث التي ضعفها، وكذا الأحاديث التي صدر المتن على السند والتي توقف فيها.
(37) و (38) و (122) و (137) و (467) و (468) و (469)
و (470) و (560) و (564) و (565) و (773) و (808)
و (1005) و (1138) و (1172) و (1173) و (1174) و (1212)
و (1213) و (1214) و (1215) و (1216) و (1224) و (1254)
و (1298) و (1402) و (1403) و (1404) و (1409) و (1422)
و (1431) و (1464) و (1478) و (1577) و (1592) و (1622)
و (1643) و (1683) و (1692) و (1722) و (1728) و (1766)
و (1780) و (1840) و (1860) و (1861) و (1866) و (1872)
و (1885) و (1866) و (1939) و (1954) و (1972) و (1973)
و (1974) و (1977) و (1984) و (1987) و (1988) و (2003)
و (2007) و (2008) و (2040) و (2041) و (2056) و (2057)
و (2136) و (2137) و (2192) و (2235) و (2282) و (2306)
و (2310) و (2315) و (2317) و (2323) و (2362) و (2379)
و (2433) و (2434) و (2450) و (2457) و (2496) و (2497)
و (2503) و (2548) و (2549) و (2579) و (2580) و (2642)
و (2652) و (2691) و (2697) و (2703) و (2712) و (2732)
و (2748) و (2753) و (2791) و (2792) و (2834) و (2838)
و (2840) و (2841) و (2891).
(يُتْبَعُ)
(/)
وما دمت سردت ذلك فهاكم أرقام الأحاديث الحسان التي في مختصر المختصر وقد ذكر الحافظ ابن حجر في كتابه " النكت " (1/ 290) أن ابن خزيمة لا يفرد الحسن عن الصحيح وتبع ابن حجر بعضهم على ذلك. والذي يبدو لي أنه لا ينبغي للحافظ ابن حجر أن يذكر مثل هذا لا سيما وأنَّ قضية الحكم على الأحاديث بالحسن أو الصحة قضية اجتهادية تختلف أنظار المحدّثين فيها، ومع ذلك فقد قمتُ باستقراء الأحاديث الحسان التي في كتاب ابن خزيمة وهي على النحو التالي:
15، 58، 62، 90، 101، 138، 146، 153، 188، 192، 339، 353، 373، 429، 520، 571، 597، 645، 708، 711، 754، 777، 778، 789، 810، 850، 880، 887، 892، 911، 921، 922، 983، 1002، 1023، 1067، 1068، 1080، 1101، 1144، 1184، 1188، 1193، 1196، 1200، 1211، 1274، 1276، 1304، 1306، 1311، 1340، 1345، 1362، 1363، 1405، 1408، 1419، 1426، 1448، 1452، 1456، 1476، 1477، 1486، 1495، 1498، 1499، 1513، 1519، 1525، 1550، 1567، 1570، 1606، 1679، 1681، 1689، 1724، 1730، 1756، 1760، 1762، 1799، 1810، 1813، 1828، 1851، 1857، 1858، 1888، 1891، 1898، 1899، 1901، 1930، 1955، 1990، 1994، 2060، 2065، 2128، 2129، 2161، 2167، 2172، 2193، 2200، 2262، 2270، 2277، 2280، 2284، 2324، 2325، 2327، 2328، 2334، 2377، 2410، 2419، 2443، 2448، 2465، 2469، 2479، 2487، 2490، 2492، 2544، 2546، 2559، 2561، 2565، 2570، 2595، 2686، 2721، 2723، 2823، 2825، 2863، 2878، 2897، 2899، 2908، 2914، 2953، 2956، 3007، 3018، 3079.
وخلاصة هذا البحث:
ينماز هذا الكتاب عن كثير من كتب الحديث أنه واحد من كتب الصحاح، وقد حكم فيه مؤلفه على أحاديثه بالصحة بمجرد ذكر هذه الأحاديث في هذا الكتاب، خلا الأحاديث التي توقف في صحتها ابن خزيمة نفسه، أو التي ضعفها، أو التي قدم المتن على السند، ومجموع تلك الأحاديث التي تخرج عن شرط الكتاب (143) حديثاً، وما دونها فهو محكوم بصحته عند مؤلفه، وقد التزم المؤلف بشرطه إلا في مواضع، وعلى ذلك فإن الأحاديث الصحيحة في هذا الكتاب بلغت (2650) حديثاً، أما الأحاديث الضعيفة فقد بلغت (429) حديثاً.
وعلى هذا يكون ما ينتقد على المصنف (286) فتكون نسبة ما تساهل فيه قرابة 9 %
مثال ذلك ما قاله ابن رجب 2/ 41: ((وفيه أيضاً صبرٌ على الأقدار المؤلمة بما قد يحصُلُ للصَّائم من الجوع والعطشِ، وكان النَّبيُّ ? يسمِّي شهرَ الصِّيامِ شهرَ الصَّبر.)).
وقد علقت هناك بقولي: ((أخرجه: الحارث في "مسنده" كما في " بغية الباحث " (321)، وابن خزيمة (1887)، والمحاملي في " الأمالي " (293)، وهو حديث ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، ولم يصححه ابن خزيمة بل توقف فيه.)).
سابعاً: علقت على الآثار المهمة كما في الجزء الثاني صفحة 572 قال ابن رجب: ((وصف عليٌّ يوماً الصحابة، فقال: كانوا إذا ذكروا الله مادُوا كما يميد الشجرُ في اليوم الشديد الريح، وجرت دموعهم على ثيابهم)).
وقد قلت هناك: ((هذا باطل موضوع مكذوب على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ? وعلى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، والخبر فيه عدة علل وعلته الرئيسة عمرو بن شمر الجعفي الكوفي الشيعي قال عنه الجوزجاني: ((زائغ كذاب))، وقال ابن حبان: ((رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات))، وقال البخاري: ((منكر الحديث))، وقال النسائي والدارقطني وغيرهما
: ((متروك الحديث))، وقال السليماني: ((كان عمرو يضع على الروافض)).
أخرجه: ابن أبي الدنيا في "التهجد" (ق 170/أ)، والدينوري في " المجالسة " (1466)، وابن عدي في " الكامل " 1/ 447، وأبو نعيم في " الحلية " 1/ 76، والخطيب في " الموضح " 2/ 330، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " 42/ 491 - 492، وابن الجوزي في " التبصرة " 1/ 500، ولم يصنع صواباً المصنف حينما ذكره)).
ثامناً: نبهت على بعض أوهام ابن رجب، مثال ذلك قال ابن رجب 2/ 223: ((وفي " صحيح مسلم " عن عبد الله بن عمرو، عن النَّبيِّ ?، قال
(يُتْبَعُ)
(/)
: ((الدُّنيا سجنُ المؤمن، وجنَّة الكافر)).
علقت هناك بقولي: ((الصحيح 8/ 210 (2956) (1).
وأخرجه: أحمد 2/ 323 و485، وابن ماجه (4113)، وابن حبان (687) و (688) من حديث أبي هريرة، به.
وهنا قد وهم ابن رجب فنسب الحديث في " صحيح مسلم " إلى: ((عبد الله بن عمرو))، بينما هو من رواية أبي هريرة.
أما رواية عبد الله بن عمرو فقد أخرجها: أحمد 2/ 197، والحاكم 4/ 315، وأبو نعيم في " الحلية " 8/ 177 و185.)).
ومثال ذلك أيضاً قوله 2/ 410: ((وقال مالك: عليه الإعادة؛ لأنَّه بمنزلة من ترك الصلاة ناسياً)).
وقلت هناك: ((انظر: المدونة الكبرى 1/ 334 وما ذهب إليه المصنف من هذا التعليل غير صحيح، بل حجتهم في ذلك أنَّ هذا الحديث خبر آحاد وقد عارض القاعدة العامة التي تقول: النسيان لا يؤثر في باب المأمورات، أي لا يؤثر من ناحية براءة ذمة المكلف قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 3/ 197: ((أصل مالك في أنَّ خبر الواحد إذا جاء بخلاف القواعد لم يعمل به)) فما يفسد الصوم بعدمه على وجه العمد، فإنَّه يفسده على وجه النسيان، كما في النية، والصيام ركنه الإمساك، فإذا فات الركن في العبادة وجب الإتيان به، وقد تعذر هنا، فاقتضى الحكم بفساد صومه، وانظر: أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 219 - 220.)).
تاسعاً: اعتمد التوثيق في كل الفنون على المصادر المهمة، لكثير من القضايا الفقهية والأصولية والعقائدية، وغيرها.
عاشراً: التعليق على بعض الكتب لأهمية الموضوع، مثال ذلك: قال ابن رجب 2 80: ((وقال معاذ: تعليمُ العلم لمن لا يعلمه صدقةٌ، وروي مرفوعاً)).
علقت بقولي: ((هو في " مسند الربيع بن حبيب " (22) عن جابر بن زيد قال: قال رسول الله ?:
((تعلموا العلم فإنَّ تعلمه قربة إلى الله عز وجل، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وإنَّ العلم لينزل بصاحبه في موضع الشرف والرفعة، والعلم زين لأهله في الدنيا والآخرة …)) على أنَّ هذا الكتاب غير ثابت عن مؤلفه فهو ملصق عليه، بل جزم بعض الأفاضل من عصرنا أنَّ هذه الشخصية غير موجودة، ولم تلد الأرحام هذا الرجل.)).
ومثال ذلك أيضاً: 2/ 116: ((قال الشيخ - رحمه الله -: حديثٌ حسنٌ رويناه في " مسنَدَي " الإمامين أحمد والدَّارميِّ بإسنادٍ حسنٍ)).
علقت هناك بقولي: ((كتاب الدارمي طبع طبعات عديدة، وأغلب تلك الطبعات باسم " سنن الدارمي " وطبع طبعة أخرى باسم " المسند الجامع "، وذكر المحقق أنَّه هكذا وجد اسم الكتاب على النسخ الخطية التي اعتمد عليها وذكر أنَّ التسمية التي أطلقها الدارمي على كتابه هي المسند من باب أنَّ أحاديثه مروية بالإسناد كما يقال "مسند أبي عوانة"، وهو مرتب على
أبواب الفقه، وكذا "مسند السراج"، والبخاري ومسلم وابن خزيمة وضعوا المسند من ضمن عناوين كتبهم للمعنى الآنف الذكر، والله أعلم)).
ومثال ذلك أيضاً 2/ 406: ((وخرّج الدارقطني من رواية ابن جُريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن
النَّبيِّ ?، قال: ((إنَّ الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، وما أكرهوا عليه،
إلاَّ أنْ يتكلَّموا به أو يعملوا))، وهو لفظ غريب)).
علقت بقولي: ((في " السنن " 4/ 171.
وأخرجه: البخاري 8/ 168 (6664) عن زرارة بن أبي أوفى، عن أبي هريرة، مرفوعاً، بلفظ: ((إنَّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم)) فلفظ الصحيح يعل لفظ رواية الدارقطني، وكتاب الدارقطني وإن سمي بالسنن إلا أنَّ مؤلفه قصد بيان غرائب وعلل أحاديث الأحكام، وقد نصّ على ذلك جمع من أهل العلم، منهم: أبو علي الصدفي وابن تيمية وابن عبد الهادي والزيلعي، وبيان ذلك في " الجامع في العلل " يسر الله إتمامه وطبعه)).
حادي عشر: ذكر الروايات وبيان اختلافاتها في النسخ، مثال ذلك، قال ابن رجب 2/ 72: ((وفي " المسند " و" سنن أبي داود " عن النَّبيِّ ? قال: ((إنَّ المؤمنَ إذا أصابه سَقَمٌ، ثمَّ عافاه الله منه، كان كفَّارةً لما مضى مِنْ ذُنوبه، وموعظةً له فيما يستقبلُ من عمره، وإنَّ المنافق إذا مرض وعوفي، كان كالبعيرِ عَقَلَه أهلُه، وأطلقوه، لا يدري لِمَ عقلوه ولا لِمَ أطلقوه)).
(يُتْبَعُ)
(/)
علقت هناك: ((ليس في المطبوع من " مسند الإمام أحمد " في طبعاته المتعددة، ولا في " المسند الجامع " 8/ 42 - 43، ولا في " أطراف المسند "، ولا في " إتحاف المهرة "، ولا في "جامع المسانيد"
7/ 52 - 53، وقد عزاه لمسند الإمام الحافظ ابن حجر في " الإصابة " 3/ 131 (4436) على أنَّ الحديث ضعيف لجهالة أحد رواته)).
ومثال ذلك أيضاً: 2/ 102 ((وفي روايةٍ للنَّسائي عن
عبد الله بن عباس.
وعلقت هناك: ((هذه الرواية ذكرها المزي في " تحفة الأشراف " 6/ 161 (8976)، وقال: ((وهو خطأ)) وهذه الرواية أخرجها: ابن حبان (861)، والطبراني في " الدعاء " (306)، وقال الدكتور بشار في تعليقه على " التحفة ": ((وكذلك جزم ابن عساكر في " الأطراف " بأنه خطأ ثم قال: ((وقد وافق ابن وهب في رواية له الأكثر))، وقال أبو نعيم في " المعرفة "
: ((من قال فيه عن ابن عباس فقد صحَّف))، بل إنَّ الحافظ ابن حجر قال في " الإصابة " 2/ 349 في ترجمة عبد الله بن غنام: ((وله حديث في سنن أبي داود والنسائي في القول عند الصباح، وقد صحَّفه بعضهم، فقال: ابن عباس، وأخرج النسائي الاختلاف فيه))، لكن في " النكت الظراف " يشير إلى أنَّ القول بخطأ من قال: ((ابن عباس)) فيه نظر، وقوله في
" الإصابة " أجود، وهو الموافق لما ذهب إليه المزي)).
ومثال ذلك أيضاً 2/ 513: ((وفي
" المسند " عن طلق الحنفيِّ أنَّه كان جالساً عند النَّبيِّ ?، فقال له رجل: يا رسولَ الله، ما ترى في شراب نصنعُه بأرضنا من ثمارنا؟ فقال ?: ((من سائلٌ عَنِ المسكر؟ فلا تشربه، ولا تسقه أخاك المسلم، فوالذي نفسي بيده - أو بالذي يُحلف به - لا يشربه رجلٌ ابتغاءَ لذَّة سُكره، فيسقيه الله الخمر يومَ القيامة)).
وعلقت هناك: ((لم أجده في المسند، ولعل الاختلاف في نسخ المسند لهذا الحديث كان قديماً؛ فهذا الحديث من رواية الإمام أحمد ذكره ابن كثير في " جامع المسانيد " 6/ 547 وكذا عزاه له الهيثمي في
" مجمع الزوائد " 5/ 70 أما ابن حجر فلم يذكره في أطراف المسند 2/ 622 (2939) - 626 (2950)، واختصر في " الإصابة " 9/ 39 (4041) بعزوه لكتاب
" الأشربة ".
أخرجه: أحمد في " الأشربة " (32)، والطبراني في " الكبير " (8259)، وإسناده قويٌّ.))
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[17 Jan 2006, 09:49 م]ـ
والكتاب جاهز وتام على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70007
والسلام عليكم
د. ماهر ياسين الفحل
رئيس قسم الحديث في كلية العلوم الإسلامية
جامعة الأنبار
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[17 Mar 2006, 02:50 م]ـ
http://www.eyelash.ps/up/uploads/b0d44d1e14.jpg (http://www.eyelash.ps/up)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[01 May 2007, 09:37 م]ـ
http://www.stooop.com/2007/3/1afac5985d.jpg (http://www.stooop.com)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[30 Sep 2007, 04:10 ص]ـ
هذا إذن خاص للأستاذ أيمن صالح شعبان - وفقه الله تعالى
http://www.stooop.com/Month/10/6b0c177f56.jpg (http://www.stooop.com/)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Sep 2007, 10:44 م]ـ
السلام عليكم بارك الله لنا فيكم وفي تواضعكم حفظكم دوما برعايته أنتم وكل من تحبون وفك عنكم عدوان الظالمين
لن أجد حاليا مكافأة سوى جزاك الله خيرا
محبكم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:58 م]ـ
وفيكم بارك الله وجزاكم الله كل خير
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[26 May 2008, 09:05 م]ـ
لا بد من الاطلاع على هذا الرابط لتتم الفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70112
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[01 Jun 2008, 02:03 م]ـ
معذرة للأخ الفاضل د: ماهر ياسين الفحل
فإنني بعد أن نشرت الموضوع في بعض المنتديات ومن بينها هذا المنتدى
تبين لي أن فضيلتكم قمتم بنشره هنا والجديد عندي أنني جمعت روابطه أسفل من المقال
وكتاب جامع العلوم والحكم موضع اهتمامي منذ عقود ولقد وجدت ضالتي في تحقيقكم هذا
حيث لدينا عددا من النسح ونجد بينها اختلافا عند الدرس
ولقد قمت بتحميله وسأعتمد نسختكم في تدريسه
فجزاكم الله عنا خير الجزاء
ودفع عنكم وعن عراقنا الحبيب كل سوء.
لما وجدت أن الروابط لا تفتح جمعتها بما هو آت وإليك للتحميل:
:
http://www.factway.net/vb/uploaded/5_olomhkim.rar
http://www.saaid.net/book/8/1357.zip
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=75986
وفق الله كل من سعى في طباعتها ونشرها.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[10 Jun 2008, 04:59 ص]ـ
جزاكم الله كل خير ونفع الله بكم وزادكم من فضله.
يسرني كثيراً اهتمام الأخوة حين التعاون على نشر هذه الكتب في الشبكة وغيرها، فأسأل الله أن يكتب لي ولكم الأجر كاملاً.
وفقكم الله وستر عليكم وزادكم من فضله.(/)
وفاة الشيخ علي جابر إمام المسجد الحرام رحمه الله
ـ[إمداد]ــــــــ[15 Dec 2005, 12:21 ص]ـ
توفي الليلة ليلة الخميس 13 - 11 - 1426
فضيلة الشيخ علي بن عبدالله بن علي جابر
إمام الحرم المكي سابقاً
رحمه الله رحمة واسعة ..
http://alsaha.fares.net/sahat?128@80.BcojuN2WJss.2@.1dd87fac
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[15 Dec 2005, 12:34 م]ـ
اللهم ارحمه و اغفر له و تقبله في عبادك الصالحين ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Dec 2005, 01:46 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. وأسأل الله أن يجعل القرآن الكريم شافعاً له يوم القيامة.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Dec 2005, 02:09 م]ـ
رحمه الله تعالى , واسأل الله تعالى أن يعلي مقامه في الآخرة بالقرآن كما رفعه الله به في الدنيا.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[15 Dec 2005, 07:58 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وأسأل الله تعالى أن يجعل القرآن الكريم حجة له لا حجة عليه.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Dec 2005, 08:50 م]ـ
رحمه الله، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأدخله الفردوس الأعلى.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[16 Dec 2005, 07:10 ص]ـ
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
ـ[إمداد]ــــــــ[16 Dec 2005, 10:35 ص]ـ
تلاوات من المسجد الحرام وبعض المساجد الأخرى للشيخ علي جابر رحمه الله ( http://www.alnawader.org/publish/article_1131.shtml)
ـ[محمد اليافعي]ــــــــ[16 Dec 2005, 06:20 م]ـ
اسأل الله أن يرحمه و يدخله جنة الفردوس ويرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 Dec 2005, 09:03 ص]ـ
رحمه الله، وعفا عنا وعنه.
لَكَم استُعذبتْ قراءتُه لياليَ رمضان في الحرم الشريف، حرسه الله.
ألم يحفظ آياتِ الله تعالى خَلْقٌ كثيرٌ من تسجيلاته؟
اللهم لا تحرمه فضلك يا واسع الفضل.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[17 Dec 2005, 09:01 م]ـ
رحمه الله وغفر له, وخلفه في أهله بخير.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Dec 2005, 12:26 م]ـ
رحمه الله تعالى وكم آلمني خبر وفاته
واود ان اسال الاخوة اعضاء هذا المنتدى هل هناك تسجيلات اشرطة كاملة لقراءة الشيخ علي في التراويح
ارجو الاجابة لحاجتي اليها
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[18 Dec 2005, 05:40 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته وأن يخلف أهله في خير
ـ[إمداد]ــــــــ[27 Apr 2006, 07:56 م]ـ
موقع الشيخ علي جابر رحمه الله
من هنا ( http://www.alijaber.net/)
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[27 Apr 2006, 09:52 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله الشيخ جابر رحمة واسعة، وألهم ذويه الصبر.
اللهم أجرهم في مصيبتهم هذه وأبدلهم خيرا منها آ مين.(/)
رياض الصالحين، مع فوائده وهو مجاناً لمن يرغب طبعه طبعة خيرية
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[15 Dec 2005, 06:22 ص]ـ
كتاب رياض الصالحين للإمام المحدث الفقيه أبي زكريا يحيى بن شرف النووى المتوفى 676 من الكتب العظيمة المهمة من كتب الإسلام، وهو من أكثر الكتب انتشاراً في العالم، وذلك لاشتماله على أهم ما يحتاجه المسلم في عباداته وحياته اليومية مع صحة أحاديثه - إلا نزراً يسيراً – واختصاره وسهولته وتذليل المصنف لمادته، وهو كتاب ينتفع به المبتديء والمنتهي. وقد من الله علي بالصحة والتمكين بخدمة هذا الكتاب النفيس خدمة تليق به وبمكانة مؤلفه، وقد طبع في بغداد طبعتين وزع مجاناً الأولى في 2000 نسخة والثانية في 1250 نسخة في مطبعة الخنساء، وأنا الآن أقدم الكتاب مجاناً لكل من يرغب بطبعه طبعة خيرية في أي مكانٍ في العالم والكتاب في 700 صفحة
والكتاب مطبوع على برنامج ( Microsoft Word 97) وحجم الخط في المتن (17) وفي الهامش (14.5) ونوع الخط ( Traditional Arabic) .
وهذه دراسة عن الكتاب
أولاً: مقدمة التحقيق:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
((وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، وحجةً على الخلائق أجمعين)).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
[آل عمران: 102 [. ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً))] النساء: 1 [. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً))] الأحزاب: 70 - 71 [. أما بعد: فإني أحمد الله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً على إنهاء العمل بهذا الكتاب العظيم " رياض الصالحين "، ذلك الكتاب الذي كان من أول كتب العلم قراءةً لي، وكنت دائماً أرجع إلى هذا الكتاب وأحفظ من أحاديثه وأنصح الناس في العناية به؛ لأنَّه كتاب كله نور، كيف لا وقد ضمّ بين دفّتيه أهم ما يحتاجه المسلم في حياته وعباداته؛ لذلك انعقدت النية على العناية به عنايةً متميزةً مع التأكيد في التعليق على اتباع منهج السلف الصالح.
والكتاب قد طبع طبعاتٍ عديدة واعتنى به عدد من الأفاضل من المختصين بهذا الشأن فأردت أنْ أُشرك نفسي معهم في طبعةٍ متميزةٍ راجياً من الله أنْ ينفعني بها يوم الدين يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
وقد كلفت الأخ الفاضل الدكتور سليمان بن عبد الله الميمان بالحصول على نسخ خطية للكتاب تعود إلى عصر المؤلف، وقد تأخر الأمر عليَّ أكثر من عامٍ ونصف فاجتهدت في ضبط النص على النسخ المطبوعة مع الرجوع إلى موارد المصنف من كتب السنة المشرفة. أما التخريج فجعلته مختصراً على ما يذكره المصنف خشية تضخم حواشي الكتاب. وفيما يتعلق بالصحيحين فقد أحلت إلى صحيح البخاري بالجزء والصفحة على الطبعة الأميرية ثم أردفته برقم الحديث من فتح الباري ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، وأحلت إلى صحيح مسلم بالجزء والصفحة للطبعة الإستانبولية ثم أردفته برقم الحديث في طبعة محمد فؤاد عبد الباقي؛ وذلك لانتشار هذه الطبعات وتداولها. وأما التعليق على الأحاديث فقد شرحت بعض الغريب الذي لم يذكره المصنف وعلّقت على بعض الأشياء مما يحتاجه المسلم في حياته وعبادته، وكان جُلُّ ذلك بالاعتماد على كتب أهل العلم لا سيما كتاب شرح النووي على صحيح مسلم، وفتح الباري، وشرح رياض الصالحين للعلامة ابن عثيمين رحم الله الجميع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنا أنصح كل مسلم بالاهتمام بهذا الكتاب العظيم كتاب " رياض
الصالحين "، وأنصح بمداومة قراءته مرة بعد مرة، والاهتمام بحفظ أحاديثه، وعلى صاحب العائلة أنْ يفقّه عائلته بهذا الكتاب. وكذا أنصح كل مسلم بالاهتمام بتوحيد الله ((فَإنَّ التَّوحيدَ حقيقتُهُ: أَنْ تَرى الأُمورَ كُلَّها مِنَ اللهِ تَعالى رؤيةً تقطعُ الالتفاتَ عن الأسبابِ والوسائطِ، فلا ترى الخيرَ والشَّرَّ إلاَّ منه تعالى. وهذا المقامُ يُثمرُ التوكُّلَ، وتركَ شِكايةِ الخلقِ، وتركَ لومِهِم، والرِّضا عن اللهِ تعالى، والتّسليمَ لحكمِه.
وإِذا عرفتَ ذلكَ؛ فاعلمْ أَنَّ الرُّبوبيَّةَ منه تعالى لعبادِهِ، والتَّألُّه من عبادِه له سبحانه، كما أَنَّ الرحمةَ هي الوصلةُ بينهم وبينَهُ عز وجل.
واعلَم أَنَّ أَنْفسَ الأَعمالِ، وأَجلَّها قدراً: توحيدُ اللهِ تعالى غَير أَنَّ التوحيدَ له قِشران:
الأوَّل: أَنْ تقولَ بِلِسَانِك: ((لا إله إلاَّ اللهُ)) ويُسمَّى هذا القولُ: توحيداً، وهو مناقضُ التَّثْليثِ الذي تعتقدُه النَّصارى.
وهذا التوحيدُ يصدُرُ – أَيضاً – من المنافقِ الَّذي يُخالفُ سرُّه جهرَه.
والقِشْرُ الثَّاني: أَنْ لا تكونَ في القلبِ مخالفةٌ، ولا إِنكارٌ لمفهومِ هذا القولِ، بل يشتملُ القلبُ على اعتقادِ ذلك، والتصديق به، وهذا هو توحيدُ عامةِ النَّاسِ.
ولُبابُ التَّوحيد: أَنْ يَرى الأُمورَ كُلَّها من اللهِ تعالى، ثم يقطعُ الالتفاتَ عن الوسائطِ، وأَنْ يعبدَه سبحانه عبادةً يفردُه بها ولا يعبد غيرَه)). تجريد التوحيد 38 - 39.
أخي قارئ هذا الكتاب، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ))
[الحديد: 16] فأنت أيها المسلم الغيور تتميز عن غيرك من الناس بسمات الشرف والكرامة والغيرةِ على نفسك وعلى إخوتك المسلمين، فاحرص كل الحرص على أنْ لا تفوتك فرصة كسب الثواب من الله بنشر ما يرضيه سبحانه، واعلم أخي الكريم: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً))] الإسراء: 36 [.
أخي الكريم: إنَّ رحمة الله لا تنال بالأماني ولا بالأنساب ولا بالوظائف ولا بالأموال، إنما تنال بطاعة الله ورسوله واتباع شريعته وذلك يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلنحذر جميعاً كل ما يغضب الله ولنمض إلى الله قدماً بلا تردد بتوبة صادقة قبل فوات الأوان)) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((] النور: 63 [، واعلم أنَّ الله خلق لكل إنسان أنفاساً معدودة وساعات محدودة، عند انقضائها تقف دقات قلبه، ويطوى سجله، ويحال بينه وبين هذه الدار، إما إلى دار أنس وبهجة، وإما إلى دار شقاء ووحشة، فمن زرع كلمات طيبة وأعمالاً صالحة أدخله الله الجنة ونعّمه بالنعيم المقيم، ومن زرع أعمالاً سيئة وكلمات قبيحة دخل النار، قال تعالى:)) وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً (([الكهف: 29] وتذكّر قوله تعالى:)) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (([الزلزلة: 7 - 8] فكل ما تعمله في هذه الدنيا الفانية تنال جزاءه إن خيراً فخير وإن شراً فشرٌ، وتذكّر دائماً أنَّ الحياة نفس يذهب ولا يرجع، ولا ينفع الندم بعدها فاعمل لنفسك ولا تقدّم ما يفنى على ما يبقى.
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي الكريم: إنَّ أجمل سعادة وأعظم لذة يجدها الإنسان في هذه الحياة الفانية هي طاعة الله ومحبته والقرب إليه وكثرة الدعاء وقد صرّح تائبون كثيرون بأنّهم وجدوا أعظم متعة تمتعوها هي القرب إلى الله تعالى وحسن الظن به وكثرة مراقبته، وأكثِرْ من الدعاء والذكر والاستغفار فلك في كل تسبيحة عشر حسنات، حاولْ أنْ لا تجعل وقتك يذهب سدى، أكثرْ من قراءة القرآن فلك في كل حرف عشر حسنات، اقرأْ كتب العلم والأحاديث النبوية، فَقِّه نفسك بأمور دينك، عليك بكثرة التطوع والإكثار من صلاة النافلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة)). كُنْ داعياً إلى الله تعالى، كُنْ آمراً للناس بالمعروف وناهياً لهم عن المنكر، قال تعالى:)) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (([فصلت: 33]، إياك وأعراض الناس لا تذكر أحداً بسوء، ولا تغتب أحداً، ولا تؤذي أحداً، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))، وقال أيضاً:
((كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله))، وهذا نبينا الكريم
قد حذرنا من احتقار المسلمين فقال: ((بحسب امرئ من الشر أنْ يحقر أخاه المسلم)) فإذا كان استحقاره عظيماً عند الله فكيف بإنزال الضُّرِّ به.
كُنْ رقيباً على نفسك ولسانك فكل كلام تنطقه تحاسب عليه إنْ كان
خيراً فخيرٌ وإنْ كان شراً فشرٌ، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّك لم تزل سالماً ما سكت، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك))، وقال أيضاً: ((رحم الله عبداً قال خيراً فغنم أو سكت عن شر فسلم)) حافِظْ على نظرك فلا تنظر إلى محرّم، وحافظ على سمعك فلا تسمع محرّماً، قال تعالى: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً))] الإسراء: 36 [. حافظ على جوارحك فلا تفعل محرّماً. ولا تنظر إلى صغر المعصية وتحسب الأمر هيناً، ولكن انظر إلى من تعصي.
الزم هذا الدعاء: ((اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة)).
هذا وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
ماهر بن ياسين بن فحل الدكتور
العراق - الأنبار - الرمادي
دار الحديث
26/ 2/1426ه
ثانياً: شرط الكتاب قال النووي في صفحة 13: ((وَألتَزِمُ فيهِ أَنْ لا أَذْكُرَ إلاّ حَدِيثاً صَحِيحاً مِنَ الْوَاضِحَاتِ، مُضَافاً إِلى الْكُتُبِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُوراتِ. وأُصَدِّر الأَبْوَابَ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِآياتٍ كَرِيماتٍ، وَأَوشِّحَ مَا يَحْتَاجُ إِلى ضَبْطٍ أَوْ شَرْحِ مَعْنىً خَفِيٍّ بِنَفَائِسَ مِنَ التَّنْبِيهاتِ. وإِذا قُلْتُ في آخِرِ حَدِيث: مُتَّفَقٌ عَلَيهِ فمعناه: رواه البخاريُّ ومسلمٌ)).
ثالثاً: فوائد الكتاب قال النووي في صفحة 23:
شروط التوبة: ((قَالَ العلماءُ: التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى لاَ تَتَعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ فَلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط:
أحَدُها: أنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.
والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.
والثَّالثُ: أنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَداً. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ.
وإنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأنْ يَبْرَأ مِنْ حَقّ صَاحِبِها، فَإِنْ كَانَتْ مالاً أَوْ نَحْوَهُ رَدَّهُ إِلَيْه، وإنْ كَانَت حَدَّ قَذْفٍ ونَحْوَهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ عَفْوَهُ، وإنْ كَانْت غِيبَةً استَحَلَّهُ مِنْهَا. ويجِبُ أنْ يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي. وَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلائِلُ الكتَابِ والسُّنَّةِ، وإجْمَاعِ الأُمَّةِ عَلَى وُجوبِ التَّوبةِ)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال في في صفحة 216: ((اعْلَمْ أنَّ المُخْتَارَ لِلْعَبْدِ في حَالِ صِحَّتِهِ أنْ يَكُونَ خَائفاً رَاجِياً، وَيَكُونَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ سَواءً، وفي حَالِ المَرَضِ يُمحَّضُ الرَّجاءُ، وقواعِدُ الشَّرْع مِنْ نصُوصِ الكِتَابِ والسُّنَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ مُتظاهِرَةٌ عَلَى ذلك)).
وقال في صفحة 298: ((قَالَ العلماءُ: حَقِيقَةُ الحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ ذِي الحَقِّ. وَرَوَيْنَا عَنْ أَبي القاسم الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: الحَيَاءُ: رُؤيَةُ الآلاءِ – أيْ النِّعَمِ – ورُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى حَيَاءً. وَالله أعلم)).
وقال في صفحة 315: ((باب استحباب تقديم اليمين في كل مَا هو من باب التكريم
كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَدُخولِ الْمَسْجِدِ، وَالسِّوَاكِ، وَالاكْتِحَالِ، وَتقليم الأظْفار، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَتْفِ
الإبْطِ، وَحلقِ الرَّأسِ، وَالسّلامِ مِنَ الصَّلاَةِ، وَالأكْلِ، والشُّربِ، وَالمُصافحَةِ، وَاسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، والخروجِ منَ الخلاءِ، والأخذ والعطاء وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ في معناه. ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار، ودخولِ الخَلاءِ، والخروج من المَسْجِدِ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويلِ والثوبِ، والاسْتِنْجَاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذرَاتِ وأشْبَاه ذَلِكَ)).
وقال في صفحة 351: ((يُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَيَأتِ بِضَميرِ الجَمْعِ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِداً، وَيقُولُ المُجيبُ: وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله: وَعَلَيْكُمْ)).
وقال في صفحة 371: ((أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ وَسَيَأتِي فِيهَا بَابٌ فِي كِتابِ النَّهْيِ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَأمَّا البُكَاءُ فَجَاءتْ أحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَأنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ، وَهِيَ مُتَأَوَّلَةٌ ومَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ أوْصَى بِهِ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَن البُكَاءِ الَّذِي فِيهِ نَدْبٌ، أَوْ نِيَاحَةٌ، والدَّليلُ عَلَى جَوَازِ البُكَاءِ بِغَيْرِ نَدْبٍ وَلاَ نِياحَةٍ أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: …)).
وقال في صفحة 432: ((وَالإيتَارُ قَبْلَ النَّوْمِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لاَ يَثِقُ بِالاسْتِيقَاظِ آخِرَ اللَّيْلِ فَإنْ وَثِقَ، فَآخِرُ اللَّيْلِ أفْضَلُ)).
وقال في صفحة 374: ((باب مَا يقرأ في صلاة الجنازة
يُكَبِّرُ أرْبَعَ تَكبِيرَاتٍ، يَتَعوَّذُ بَعْدَ الأُولَى، ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الكِتَابِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيقول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ
مُحَمَّدٍ. وَالأفْضَلُ أنْ يُتَمِّمَهُ بقوله: كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إبرَاهِيمَ – إِلَى قَوْله – إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وَلاَ يَقُولُ مَا يَفْعَلهُ كَثيرٌ مِنَ العَوامِّ مِنْ قراءتِهِمْ: ((إنَّ اللهَ وَمَلائِكَته يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ)) [الأحزاب: 56] الآية، فَإنَّهُ لاَ تَصحُّ صَلاَتُهُ إِذَا اقْتَصَرَ
عَلَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ الثَّالِثَةَ، وَيَدعُو للمَيِّتِ وَللمُسْلِمِينَ بِمَا سَنَذكُرُهُ مِنَ الأحاديث إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيَدْعُو. وَمِنْ أحْسَنِهِ: ((اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أجْرَهُ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ)). وَالمُخْتَارُ أنه يُطَوِّلُ الدُّعاء في الرَّابِعَة خلافَ مَا يَعْتَادُهُ أكْثَرُ النَّاس، لحديث ابن أَبي أَوْفى الذي سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاء اللهُ تَعَالَى)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال في صفحة 466: ((والأفضل صومُها في الأيام البيض وهي الثالثَ عشر والرابعَ عشر والخامسَ عشر، وقِيل: الثاني عشر، والثالِثَ عشر، والرابعَ عشر، والصحيح المشهور هُوَ الأول)).
وقال في صفحة 543: ((اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَماً ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ، لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ)).
وقال في صفحة 549 - 550: ((اعْلَمْ أنَّ الغِيبَةَ تُبَاحُ لِغَرَضٍ صَحيحٍ شَرْعِيٍّ لا يُمْكِنُ الوُصُولُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِهَا، وَهُوَ سِتَّةُ أسْبَابٍ:
الأَوَّلُ: التَّظَلُّمُ، فَيَجُوزُ لِلمَظْلُومِ أنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ والقَاضِي وغَيرِهِما مِمَّنْ لَهُ وِلاَيَةٌ، أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ، فيقول: ظَلَمَنِي فُلاَنٌ بكذا.
الثَّاني: الاسْتِعانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ المُنْكَرِ، وَرَدِّ العَاصِي إِلَى الصَّوابِ، فيقولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتهُ عَلَى إزالَةِ المُنْكَرِ: فُلانٌ يَعْمَلُ كَذا، فازْجُرْهُ عَنْهُ ونحو ذَلِكَ ويكونُ مَقْصُودُهُ التَّوَصُّلُ إِلَى إزالَةِ المُنْكَرِ، فَإنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَاماً.
الثَّالِثُ: الاسْتِفْتَاءُ، فيقُولُ لِلمُفْتِي: ظَلَمَنِي أَبي أَوْ أخي، أَوْ زوجي، أَوْ فُلانٌ بكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَمَا طَريقي في الخلاصِ مِنْهُ، وتَحْصيلِ حَقِّي، وَدَفْعِ الظُّلْمِ؟ وَنَحْو ذَلِكَ، فهذا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، ولكِنَّ الأحْوطَ والأفضَلَ أنْ يقول: مَا تقولُ في رَجُلٍ أَوْ شَخْصٍ، أَوْ زَوْجٍ، كَانَ مِنْ أمْرِهِ كذا؟ فَإنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الغَرَضُ مِنْ غَيرِ تَعْيينٍ، وَمَعَ ذَلِكَ، فالتَّعْيينُ جَائِزٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في حَدِيثِ هِنْدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
الرَّابعُ: تَحْذِيرُ المُسْلِمينَ مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ، وذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا جَرْحُ المَجْرُوحينَ مِنَ الرُّواةِ والشُّهُودِ وذلكَ جَائِزٌ بإجْمَاعِ المُسْلِمينَ، بَلْ وَاجِبٌ للْحَاجَةِ.
ومنها: المُشَاوَرَةُ في مُصاهَرَةِ إنْسانٍ أو مُشاركتِهِ، أَوْ إيداعِهِ، أَوْ مُعامَلَتِهِ، أَوْ غيرِ ذَلِكَ، أَوْ مُجَاوَرَتِهِ، ويجبُ عَلَى المُشَاوَرِ أنْ لا يُخْفِيَ حَالَهُ، بَلْ يَذْكُرُ المَسَاوِئَ الَّتي فِيهِ بِنِيَّةِ النَّصيحَةِ.
ومنها: إِذَا رأى مُتَفَقِّهاً يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ، أَوْ فَاسِقٍ يَأَخُذُ عَنْهُ العِلْمَ، وخَافَ أنْ يَتَضَرَّرَ المُتَفَقِّهُ بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ بِبَيانِ حَالِهِ، بِشَرْطِ أنْ يَقْصِدَ النَّصِيحَةَ، وَهَذا مِمَّا يُغلَطُ فِيهِ. وَقَدْ يَحمِلُ المُتَكَلِّمَ بِذلِكَ الحَسَدُ، وَيُلَبِّسُ الشَّيطانُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، ويُخَيْلُ إِلَيْهِ أنَّهُ نَصِيحَةٌ فَليُتَفَطَّنْ لِذلِكَ.
وَمِنها: أنْ يكونَ لَهُ وِلايَةٌ لا يقومُ بِهَا عَلَى وَجْهِها: إمَّا بِأنْ لا يكونَ صَالِحاً لَهَا، وإما بِأنْ يكونَ فَاسِقاً، أَوْ مُغَفَّلاً، وَنَحوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ولايةٌ عامَّةٌ لِيُزيلَهُ، وَيُوَلِّيَ مَنْ يُصْلحُ، أَوْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَامِلَهُ بِمُقْتَضَى حالِهِ، وَلاَ يَغْتَرَّ بِهِ، وأنْ يَسْعَى في أنْ يَحُثَّهُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ.
الخامِسُ: أنْ يَكُونَ مُجَاهِراً بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كالمُجَاهِرِ بِشُرْبِ الخَمْرِ، ومُصَادَرَةِ النَّاسِ، وأَخْذِ المَكْسِ، وجِبَايَةِ الأمْوَالِ ظُلْماً، وَتَوَلِّي الأمُورِ الباطِلَةِ، فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ العُيُوبِ، إِلاَّ أنْ يكونَ لِجَوازِهِ سَبَبٌ آخَرُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
السَّادِسُ: التعرِيفُ، فإذا كَانَ الإنْسانُ مَعْرُوفاً بِلَقَبٍ، كالأعْمَشِ، والأعرَجِ، والأَصَمِّ، والأعْمى، والأحْوَلِ، وغَيْرِهِمْ جاز تَعْرِيفُهُمْ بذلِكَ، وَيَحْرُمُ إطْلاقُهُ عَلَى جِهَةِ التَّنْقِيصِ، ولو أمكَنَ تَعْريفُهُ بِغَيرِ ذَلِكَ كَانَ أوْلَى، فهذه ستَّةُ أسبابٍ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ وأكثَرُها مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَدَلائِلُهَا مِنَ الأحادِيثِ الصَّحيحَةِ مشهورَةٌ. فمن ذَلِكَ: …)).
وقال في صفحة 560: ((اعلَمْ أنَّ الكَذِبَ، وإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحَرَّماً، فَيَجُوزُ في بَعْضِ الأحْوَالِ بِشُروطٍ قَدْ أوْضَحْتُهَا في كتاب: " الأَذْكَارِ "، ومُخْتَصَرُ ذَلِكَ: أنَّ الكلامَ وَسيلَةٌ إِلَى المَقَاصِدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِ الكَذِبِ يَحْرُمُ الكَذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ إِلاَّ بالكَذِبِ، جازَ الكَذِبُ. ثُمَّ إنْ كَانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المَقْصُودِ مُبَاحاً كَانَ الكَذِبُ مُبَاحاً، وإنْ كَانَ وَاجِباً، كَانَ الكَذِبُ وَاجِباً. فإذا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ يُريدُ قَتْلَهُ، أَوْ أَخذَ مَالِهِ وأخفى مالَه وَسُئِلَ إنْسَانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذِبُ بإخْفَائِه. وكذا لو كانَ عِندَهُ وديعَةٌ، وأراد ظالمٌ أخذها، وجبَ الكذبُ بإخفائها. وَالأحْوَطُ في هَذَا كُلِّهِ أن يُوَرِّيَ. ومعْنَى التَّوْرِيَةِ: أنْ يَقْصِدَ بِعِبَارَتِهِ مَقْصُوداً صَحيحاً لَيْسَ هُوَ كَاذِباً بالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وإنْ كَانَ كَاذِباً في ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وبالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَفْهَمُهُ المُخَاطَبُ، وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ وَأطْلَقَ عِبَارَةَ الكَذِبِ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ في هَذَا الحَالِ.
وَاسْتَدَل العُلَمَاءُ بِجَوازِ الكَذِبِ في هَذَا الحَالِ بِحَديثِ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللهُ عنها، أنها سمعتْ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْراً أَوْ يَقُولُ خَيْراً)). متفق عَلَيْهِ.
زاد مسلم في رواية: قالت أُمُّ كُلْثُومٍ: وَلَمْ أسْمَعْهُ يُرَخِّصُ في شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلاَّ في ثَلاَثٍ، تَعْنِي: الحَرْبَ، والإصْلاَحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَديثَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحديثَ المَرْأَةِ زَوْجَهَا)).
ومن فوائده النقل من بعض الكتب المهمة، مثل:
النقل من صحيح أبي بكر الإسماعيلي: ((وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه "، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟
قَالَ: ((اللهُ)). قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السَّيْفَ، فَقَالَ: ((مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟)). فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ. فَقَالَ: ((تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وَأَنِّي رَسُول الله؟)) قَالَ: لاَ، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ)). صفحة 64.
النقل عن الإمام أحمد: ((وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قَالَ: لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث)). صفحة 79.
نقله التفسير: ((قَالَ الله تَعَالَى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ)) [فاطر: 37] قَالَ ابن عباس والمُحَقِّقُونَ: معناه أَو لَمْ نُعَمِّرْكُمْ سِتِّينَ سَنَةً؟ وَيُؤَيِّدُهُ الحديث الَّذِي سنذْكُرُهُ إنْ شاء الله تَعَالَى، وقيل: معناه ثماني عَشْرَة سَنَةً، وقيل: أرْبَعينَ سَنَةً، قاله الحسن والكلبي ومسروق ونُقِلَ عن ابن عباس أيضاً. وَنَقَلُوا أنَّ أَهْلَ المدينَةِ كانوا إِذَا بَلَغَ أَحَدُهُمْ أربْعينَ سَنَةً تَفَرَّغَ للعِبادَةِ، وقيل: هُوَ البُلُوغُ. وقوله تَعَالَى: ((وجَاءكُمُ النَّذِيرُ)) قَالَ ابن عباس والجمهور: هُوَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقيل: الشَّيبُ، قاله عِكْرِمَةُ وابن عُيَيْنَة وغيرهما. والله أعلم)). صفحة 79.
(يُتْبَعُ)
(/)
نقله تفسير الحديث: ((قَالَ العلماء: معناه لَمْ يَتْرُكْ لَهُ عُذراً إِذْ أمْهَلَهُ هذِهِ المُدَّةَ. يقال: أعْذَرَ الرجُلُ إِذَا بَلَغَ الغايَةَ في العُذْرِ)). صفحة 79.
نقله التفسير عن الإمام الشافعي: ((قَالَ الله تَعَالَى: ((?وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)) [المائدة: 2]، وَقالَ تَعَالَى: ((وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)) [العصر: 1 - 2] قَالَ الإمام الشافعي
- رَحِمَهُ الله - كلاماً معناه: إنَّ النَّاسَ أَوْ أكثرَهم في غفلة عن تدبر هذِهِ
السورة)). صفحة 111، ذكر ذلك ابن كثير. انظر مختصر تفسيره 3/ 643.
ذكره الرواية الموصولة عند ذكره الرواية المرسلة: ((وعن مصعب بن سعد بن أَبي وقَّاص رضي الله عنهما، قَالَ: رَأى سعد أنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: ((هَلْ تُنْصرُونَ وتُرْزَقُونَ إلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ)) رواه البخاري هكذا مُرسلاً، فإن مصعب بن سعد تابعيٌّ، ورواه الحافظ أَبُو بكر البرقاني في صحيحه متصلاً عن مصعب، عن أبيه رضي الله عنه)). صفحة 151.
النقل من الجمع بين الصحيحين صفحة 177: ((وفي الجمعِ بَيْنَ الصحيحين للحُميدِي: ((فارتاع)) بالعينِ ومعناه: اهتم بهِ)). وانظر الجمع بين الصحيحين الحديث (3223).
وقال صفحة 214: ((ورواه الحُمَيْدِيُّ وغيرُهُ ((حِرَاءٌ)) بكسر الحاء المهملة، وَقالَ: معناه غِضَابٌ ذَوُو غَمّ وهَمّ، قَدْ عِيلَ صَبرُهُمْ بِهِ، حَتَّى أثَّرَ في أجسامهم، من قولِهِم: حَرَى جسمهُ يَحْرَى، إِذَا نَقَصَ مِنْ ألمٍ أَوْ غَمٍّ ونحوهِ، والصَّحيحُ أنَّهُ بالجيمِ)). وانظر في كتابه "الجمع بين الصحيحين" (3075).
وقال صفحة 513: ((قَالَ الحُمَيْدِيُّ: كذا هُوَ في كتاب مسلم: ((أَوْ يُحَطُّ)) قَالَ البَرْقاني: ورواه شُعْبَةُ وأبو عَوَانَة، وَيَحْيَى القَطَّانُ، عن موسى الَّذِي رواه مسلم من جهتِهِ فقالوا: ((ويحط)) بغير ألِفٍ)). وانظر الجمع بين الصحيحين 1/ 199 (215).
النقل من البرقاني: ((وزادَ فِيهِ البَرْقاني بإسناد مسلم - بعد قَوْله: حَائِشُ نَخْلٍ - فَدَخَلَ حَائِطاً لِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَإذا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأى رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم جَرْجَرَ وذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ سَرَاتَهُ - أيْ: سِنَامَهُ - وَذِفْرَاهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ: ((مَنْ رَبُّ هَذَا الجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الجَمَلُ؟)) فَجَاءَ فَتَىً مِنَ الأنْصَارِ، فَقَالَ:هَذَا لِي
يَا رسولَ الله. قَالَ: ((أفَلاَ تَتَّقِي اللهَ في هذِهِ البَهِيمَةِ الَّتي مَلَّكَكَ اللهُ إيَّاهَا؟ فَإنَّهُ يَشْكُو إلَيَّ أنَّكَ تُجِيعُهُ وتُدْئِبُهُ)) رواه أَبُو داود كرواية البرقاني)). صفحة 385.
وقال صفحة 558: ((وفي رواية البَرْقانِيِّ: ((وُلِدَ عَلَى الفِطْرَةِ)))).
وقال صفحة 666: ((ورواه البرقاني في صحيحهِ عن سلمان، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا. فِيهَا بَاضَ الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ)))).
رابعاً: الدقة في التخريج: ((وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((أرَانِي فِي المَنَامِ أتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءنِي رَجُلانِ، أحَدُهُما أكبر مِنَ الآخرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأصْغَرَ، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتهُ إِلَى الأكْبَرِ مِنْهُمَا)) رواه مسلم مسنداً والبخاري تعليقاً)). صفحة 180 والحديث أخرجه: مسلم 7/ 57 (2271) (19)، وعلّقه البخاري 1/ 70 (246).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي صفحة 300: ((وعن ثَابِتٍ، عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: أتَى عَلَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأنَا ألْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَسَلمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَني إِلَى حاجَةٍ، فَأبْطَأتُ عَلَى أُمِّي. فَلَمَّا جِئْتُ، قالت: مَا حَبَسَكَ؟ فقلتُ: بَعَثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِحَاجَةٍ، قالت: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إنَّهاَ سرٌّ. قالت: لا تُخْبِرَنَّ بِسرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحَداً، قَالَ أنَسٌ: وَاللهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أحَداً لَحَدَّثْتُكَ بِهِ يَا ثَابِتُ. رواه مسلم وروى البخاري بعضه مختصراً)).
أقول: أخرجه: البخاري 8/ 80 (6289)، ومسلم 7/ 160 (2482) (145).
وفي صفحة 399: ((وعن أنس رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إني أُحِبُّ هذِهِ السُّورَةَ: ((قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ)) قَالَ: ((إنَّ حُبَّهَا أدْخَلَكَ الجَنَّةَ)) رواه الترمذي، وقال: ((حديث حسن)). ورواه البخاري في صَحِيحِهِ تعليقاً)).
أقول: أخرجه: الترمذي (2910)، ورواه البخاري 2/ 196 (774) معلقاً. وقال الترمذي: ((حديث حسن غريب)).
خامساً: التقليد في التصحيح ((وعن ميمون بن أَبي شَبيب رحمه الله: أنَّ عائشة رَضي الله عنها مَرَّ بِهَا سَائِلٌ، فَأعْطَتْهُ كِسْرَةً، وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ، فَأقْعَدَتهُ، فَأكَلَ، فقِيلَ لَهَا في ذلِكَ؟ فقَالتْ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ)) رواه أبو داود. لكن قال: ميمون لم يدرك عائشة. وقد ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقاً فقال: وذكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم، وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ أَبُو عبد الله في كتابه ((مَعرِفَة عُلُومِ الحَديث)) وَقالَ: ((هُوَ حديث صحيح)). صفحة 181.
أقول: أخرجه: أبو داود (4842)، وذكره مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 5،
والحاكم في معرفة علوم الحديث: 217، وهو ضعيف غير صحيح، وانظر تعليقي على معرفة أنواع علم الحديث: 410 – 411، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 173)).
سادساً: الإجمال في التخريج ((وعن أَبي سعيد سَمُرة بنِ جُندب رضي الله عنه، قَالَ: لقد كنت عَلَى عَهْدِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غُلاماً، فَكُنْتُ أحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلاَّ أنَّ هاهُنَا رِجَالاً هُمْ أسَنُّ مِنِّي. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ)) صفحة 182.
أقول: أخرجه: البخاري 2/ 111 (1331)، ومسلم 3/ 60 (964) (88). ورواية البخاري مختصرة.
وكذا قال في صفحة 186: ((وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((النَّاسُ مَعَادِنٌ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلاَمِ إِذَا فَقهُوا، وَالأرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، ومَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)) رواه مسلم.
وروى البخاري قوله: ((الأَرْوَاحُ …)) إلخ مِنْ رواية عائشة رضي الله عنها)).
أقول: ((أخرجه: مسلم 8/ 41 (2638) (160).
وأخرج: البخاري 4/ 162 (3336) اللفظة الثانية من رواية عائشة ((رضي الله عنها)) معلقاً)).
سابعاً: وجود بعض الأخطاء في الكتاب قال صفحة 191: ((وعن أَبي كَرِيمَةَ المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أخَاهُ، فَليُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ)) رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ:
((حديث صحيح)). أقول: ((الصواب: ((المقدام)) كما في مصادر التخريج وتحفة الأشراف 8/ 212 (11552)، وتهذيب الكمال 7/ 215 (6759)، وكما سيأتي في الحديث (515) و (542))).
ثامناً: انفراده بالألفاظ لعلها جاءت من روايته للكتب كما في صفحة 197: ((عن ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: حدثنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصادق المصدوق: ((إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أربَعِينَ يَوماً نُطْفَةً ….)).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: لفظة نطفة لم ترد في شيء من مصادر التخريج إلاّ في " تفسير ابن أبي حاتم " (13780)، و"مسند الشاشي" (682)، وتحمل على أنَّها رواية للنووي من طريق الشيخين أو أحدهما، فهكذا جاءت في الأربعين وعدم تغييرها من المحدّثين إنَّما هو لأمانتهم العلمية.
تاسعاً: ذكره لقواعد وفوائد كما في صفحة 204: ((ولا يَضُرُّ الشَّكُّ في عَين الصَّحَابيّ؛ لأنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ))، وقال في صفحة 352: ((وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين: ((وَبَرَكاتُهُ)) وفي بعضها
بحذفِها، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة)).
عاشراً: ذكره اختلاف الروايات قال في صفحة 215: ((والصحيح بالخاءِ وَهُوَ رواية الجمهور. وقوله: ((فينْتَثرُ)) أيْ يَستخرجُ مَا في أنفهِ مِنْ أذىً والنَّثْرَةُ: طَرَفُ الأنْفِ)).
وقال في الصفحة نفسها: ((ورُوِيَ في الصحيحين: ((وأنا معه حين يذكرني)) بالنون، وفي هذه الرواية
((حيث)) بالثاء وكلاهما صحيح)).
حادي عشر: الإجما في موضع التفصيل: 332: ((وعن أَبي جُحَيفَةَ وَهْب بن عبد الله رضي الله عنه، قَالَ: رَأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بِمكّةَ وَهُوَ بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدمِ، فَخَرَجَ بِلاَلٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليه حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ، فَتَوَضّأ وَأذَّنَ
بِلاَلٌ، فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ هاهُنَا وَهَاهُنَا، يقولُ يَمِيناً وَشِمَالاً: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لاَ يُمْنَعُ. متفقٌ عَلَيْهِ)). أقول: أخرجه: البخاري 1/ 163 (633)، ومسلم 2/ 56 (503) (249) لفظ البخاري مختصر.
ثاني عشر: وجدت بعض الأخطاء العلمية، مثل قوله في صفحة 337: ((رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ، إِلاَّ قيس بن بشر فاختلفوا في توثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ، وَقَدْ روى لَهُ مسلم)).
أقول: لم يذكر أحد أن مسلماً روى له. ورمز له ابن حجر (د) فقط. انظر التقريب
(5562).
ومثل قوله في صفحة 348: ((وعن أَبي سعيدٍ الخدرِيِّ رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إِذَا رَأى أحَدُكُمْ رُؤيَا يُحِبُّهَا، فَإنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا – وفي رواية: فَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ – وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فإنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ؛ فَإنَّهَا لا
تَضُرُّهُ)) متفقٌ عَلَيْهِ.
أقول: أخرجه: البخاري 9/ 39 (6985) ولم يروه مسلم عن أبي سعيد الخدري.
وقوله في صفحة 378: ((قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَيُسْتَحَبُّ أنْ يُقْرَأ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ، وَإنْ خَتَمُوا القُرآنَ عِنْدَهُ كَانَ حَسَنَاً)).
أقول: هذا الكلام ليس للشافعي بل لأصحابه. انظر: المجموع 5/ 185.
وقوله في صفحة 417: وعن شقِيق بن عبدِ الله التَّابِعيِّ المتفق عَلَى جَلاَلَتِهِ رَحِمهُ اللهُ، قَالَ: كَانَ أصْحَابُ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَرَوْنَ شَيْئاً مِنَ الأعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاَةِ. رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ في كِتابِ الإيمان بإسنادٍ صحيحٍ)).
أقول: في جامع الترمذي وتحفة الأشراف (15610)، وتهذيب الكمال 2/ 162 (3321):
((عبد الله بن شقيق)).
ثالث عشر: توضيحه لبعض الأحاديث وما يتعلق بها، كما قال في صفحة 352 عقب (851): ((وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين: ((وَبَرَكاتُهُ)) وفي بعضها
بحذفِها، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة)).
وقال في صفحة 353 عقب (854): ((وهذا محمول عَلَى أنَّه صلى الله عليه وسلم، جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال في صفحة 322 عقب (745): ((قَالَ الخَطَّابِيُّ: المُتَّكئُ هاهُنَا: هُوَ الجالِسُ مُعْتَمِداً عَلَى وِطَاءٍ تحته، قَالَ: وأرادَ أنَّهُ لا يَقْعُدُ عَلَى الوِطَاءِ وَالوَسَائِدِ كَفِعْل مَنْ يُريدُ الإكْثَارَ مِنَ الطَّعَام، بل يَقْعُدُ مُسْتَوفِزاً لاَ مُسْتَوطِئاً، وَيَأكُلُ بُلْغَةً. هَذَا كلامُ الخَطَّابيِّ، وأشارَ غَيْرُهُ إِلَى أنَّ الْمُتَّكِئَ هُوَ المائِلُ عَلَى جَنْبِه، والله أعلم)).
وقال في صفحة 322 عقب (746): ((((المُقْعِي)): هُوَ الَّذِي يُلْصِقُ أَلْيَتَيْهِ بالأرض، وَيَنْصِبُ سَاقَيْهِ)).
وقال في صفحة 370 عقب (920): ((عَلَى الشَّكِّ، ورواه أَبُو داود وغيره: ((الميت)) بلا شَكّ)).
وقال في صفحة 384 عقيب (962): ((مَعنَى ((أعْطُوا الإبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأرْضِ)) أيْ: ارْفُقُوا بِهَا في السَّيْرِ لِتَرْعَى في حَالِ سَيرِهَا، وَقوله: ((نِقْيَهَا)) هُوَ بكسر النون وإسكان القاف وبالياءِ المثناة من تَحْت وَهُوَ: المُخُّ، معناه: أسْرِعُوا بِهَا حَتَّى تَصِلُوا المَقصِدَ قَبْلَ أنْ يَذْهَبَ مُخُّهَا مِنْ ضَنْك السَّيْرِ. وَ ((التَّعْرِيسُ)): النُزولُ في اللَّيلِ)).
وقال في صفحة 433 عقب (1142): ((وهذا مختصرُ لفظِ إحدى روايات مسلم)).
وقال في صفحة 577: ((والرواية المشهورة: ((أهْلَكُهُمْ)) بِرَفعِ الكاف وروي بنصبها: وذلكَ النْهيُ لِمنْ قَالَ ذَلِكَ عُجْباً بِنَفْسِهِ، وتَصَاغُراً للنَّاسِ، وارْتِفاعاً عَلَيْهِمْ، فَهَذَا هُوَ الحَرامُ، وَأمَّا مَنْ قَالَهُ لِما يَرَى في النَّاسِ مِنْ نَقْصٍ في أمرِ دِينِهم، وقَالَهُ تَحَزُّناً عَلَيْهِمْ، وعَلَى الدِّينِ، فَلاَ بَأسَ بِهِ. هكَذَا فَسَّرَهُ العُلَماءُ وفَصَّلُوهُ، وَمِمَّنْ قَالَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الأعْلامِ: مالِكُ بن أنس، وَالخَطَّابِيُّ، والحُميدِي وآخرونَ، وَقَدْ أوْضَحْتُهُ في كتاب: " الأذْكار ")).
وقال في صفحة 629: ((((تُزَفْزِفِينَ)) أيْ تَتَحَرَّكِينَ حَرَكَةً سَريعَةً، وَمَعْنَاهُ: تَرْتَعِدُ. وَهُوَ بِضَمِّ التاء وبالزاي المكررة والفاء المكررة، وَرُوِيَ أيضاً بالراء المكررة والقافينِ)).
وقال في صفحة: 561: ((((وَالمُتَشَبِّعُ)): هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الشَّبَعَ وَلَيْسَ بِشَبْعَان. ومعناهُ هُنَا: أنْ
يُظْهِرَ أنَّهُ حَصَلَ لَهُ فَضيلَةٌ وَلَيْسَتْ حَاصِلَةً. ((وَلابِسُ ثَوْبَي زُورٍ)) أيْ: ذِي
زُورٍ، وَهُوَ الَّذِي يُزَوِّرُ عَلَى النَّاسِ، بِأنْ يَتَزَيَّى بِزِيِّ أهْلِ الزُّهْدِ أَو العِلْمِ
أَو الثَّرْوَةِ، لِيَغْتَرَّ بِهِ النَّاسُ وَلَيْسَ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَقَيلَ غَيرُ ذَلِكَ واللهُ
أعْلَمُ)).
رابع عشر: جودة التبويب ودقته واشتماله على فوائد عظيمة، كما قال في صفحة 433: ((باب الحث عَلَى صلاة تحية المسجد بركعتين، وكراهة الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل، وسواء صلَّى ركعتين بنية التَّحِيَّةِ أَوْ صلاة فريضة أَوْ سنة راتبة أَوْ غيرها)).
خامس عشر: النقل عن الترمذي بما يخالف المطبوع، كما في الحديث (1496): ((وعن أسَامة بن زيد رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَقَالَ لِفاعِلهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيراً، فَقَدْ أبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ)). رواه الترمذي، وقال: ((حديث حسن صحيح)).
أقول: أخرجه: الترمذي (2035)، وقال: ((حديث جيد غريب)).
سادس عشر: أخطاء في الإحالة إلى الكتاب نفسه كما في صفحة 546 عند الحديث (1522): ((رواه الترمذي، وقال: ((حديث حسن صحيح))، وَقَدْ سبق شرحه في باب قبل هَذَا)).
أقول: ((لم يرد فيما سبق من الكتاب)).
سابع عشر: عزوه لروايات غير موجودة في الطبعات التي بين أيدينا، ولعله وقف على نسخ عتيقة، كما في حديث (1533): ((وعن فاطمة بنتِ قيسٍ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: إنَّ أَبَا الجَهْم وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي؟ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أمَّا مُعَاوِيَةُ،
(يُتْبَعُ)
(/)
فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ، وأمَّا أَبُو الجَهْمِ، فَلاَ يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ)) متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية لمسلم: ((وَأمَّا أَبُو الجَهْمِ فَضَرَّابٌ لِلنِّساءِ)) وَهُوَ تفسير لرواية:
((لا يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ)) وقيل: معناه: كثيرُ الأسفارِ)).
أقول: ((أخرجه: مسلم 4/ 195 (1480) (36) و4/ 198 (1480) (47).
ولم أقف على تخريج البخاري لهذا الحديث)).
ثامن عشر: التساهل في العزو فلدينا حديثان هما في مقدمة صحيح مسلم، وقد أطلق العزو لصحيح مسلم، هما 1547و 1548: وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((كَفَى بالمَرْءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)). رواه مسلم.
وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَديثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبينَ)). رواه مسلم.
تاسع عشر: ذكره لبعض الفوائد الفقهية، كما في صفحة 671 إذ قال: ((وَالمُخْتَارُ جَوَازُ الصَّومِ عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ لِهَذَا الحَدِيثِ، وَالمُرادُ بالوَلِيِّ: القَرِيبُ وَارِثاً كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ)).
عشرون: تقليده بعض كتب الغريب في ذكر بعض الأحاديث غير الموجودة كما في صفحة 617 إذ قال: ((((الطَّواغِي)): جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ: ((هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ)) أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ. وَرُوِيَ في غير مسلم: ((بِالطَّوَاغِيتِ)) جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ)).
أقول: حديث: ((هذه طاغية دوس)) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن ورد في البخاري 9/ 73 (7116) ذكر طاغية دوس.
حادي وعشرون: التوفيق لما ظاهره التعارض كما في صفحة 644 - 645 إذ قال: ((فهذهِ الأحاديث في النَهي، وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة.
قال العلماءُ: وطريق الجَمْعِ بين الأحاديث أنْ يُقَالَ: إنْ كان المَمْدُوحُ عِنْدَهُ كَمَالُ إيمانٍ وَيَقينٍ، وَرِيَاضَةُ نَفْسٍ، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّةٌ بِحَيْثُ لاَ يَفْتَتِنُ، وَلاَ يَغْتَرُّ بِذَلِكَ، وَلاَ تَلْعَبُ بِهِ نَفْسُهُ، فَليْسَ بِحَرَامٍ وَلاَ مَكْرُوهٍ، وإنْ خِيفَ عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْ هذِهِ الأمورِ، كُرِهَ مَدْحُهُ في وَجْهِهِ كَرَاهَةً شَديدَةً، وَعَلَى هَذا التَفصِيلِ تُنَزَّلُ الأحاديثُ المُخْتَلِفَةُ فِي ذَلكَ.
وَمِمَّا جَاءَ فِي الإبَاحَةِ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم لأبي بكْرٍ رضي الله عنه: ((أرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)) أيْ مِنَ الَّذِينَ يُدْعَونَ مِنْ جَمِيعِ أبْوابِ الجَنَّةِ لِدُخُولِهَا.
وَفِي الحَدِيثِ الآخر: ((لَسْتَ مِنْهُمْ)): أيْ لَسْتَ مِنَ الَّذِينَ يُسْبِلُونَ أُزُرَهُمْ خُيَلاَءَ.
وَقالَ صلى الله عليه وسلم لعُمَرَ رضي الله عنه: ((مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكاً فَجّاً إلاَّ سَلَكَ فَجّاً غَيْرَ فَجِّكَ)).
والأحاديثُ في الإباحة كثيرةٌ، وقد ذكرتُ جملةً مِنْ أطْرَافِهَا في كتاب
" الأذكار")).
ثاني وعشرون: وجود بعض الأخطاء في التخريج كما في صفحة 682: ((- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَالَ: أسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُومُ وَأتُوبُ إلَيهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ، وإنْ كانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ)). رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال: ((حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم)).
أقول: - أخرجه: الحاكم 1/ 511 و2/ 117 - 118.
وأخرجه: ابن خزيمة في " التوكل " كما في إتحاف المهرة 10/ 438 (13115) عن ابن مسعود.
أما روايتا أبي داود (1517)، والترمذي (3577) فعن زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً.
وكذا في صفحة 689: ((وعنه رضي الله عنه، قال: شَهِدْتُ مِنَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مَجْلِساً وَصَفَ فِيهِ الجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ في آخِرِ حَدِيثِهِ: ((فيهَا مَا لاَ عَينٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ)) ثُمَّ قَرَأَ: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ)) إلى قوله تعالى: ((فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)) [السجدة: 16 - 17]. رواه البخاري.
أقول: ((أخرجه: مسلم 8/ 143 (2825) (5).
أما رواية البخاري 4/ 143 (3244) فعن أبي هريرة)).
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[15 Dec 2005, 06:33 ص]ـ
نماذج من تحقيق الكتاب
maher_fahl@hotmail.com
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[04 Jan 2006, 08:02 م]ـ
الكتاب كاملاً
http://saaid.net/book/open.php?cat=3&book=2281
جزى الله خيراً من أعان على نشره
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[11 Jan 2006, 12:35 م]ـ
جزاك الله خير ياشيخ ماهر
ـ[طالب علوم القرآن]ــــــــ[13 Jan 2006, 02:41 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[17 Jan 2006, 02:51 م]ـ
وجزاكما الله خيراً ونفع بعلمكما
وعلى هذا الرابط كتاب " جامع العلوم والحكم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70007
والسلام عليكم
د. ماهر ياسين الفحل
رئيس قسم الحديث في كلية العلوم الإسلامية
جامعة الأنبار
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[01 May 2007, 09:35 م]ـ
http://www.stooop.com/2007/3/1afac5985d.jpg (http://www.stooop.com)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[02 May 2007, 02:52 م]ـ
http://www.stooop.com/2007/3/a9c7131993.jpg (http://www.stooop.com)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[02 May 2007, 03:10 م]ـ
السلام عليكم فضيلة الباحثة الدكتور ماهر الفحل حفظه الله بارك الله في جهدكم الطيب ..
لقد لفت نظري وقع الكثير في الألفاظ التي أحالها الإمام النووي في كتابه للأصول وليست منها وذالك اعتمادا على مثل جامع الأصول وربما حفظه أوغيره ومنها حديث (يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين) عزاه لمسلم وليس فيه غير لفظة (كل ذنب) وكما يرى فضيلتكم التعميم في المغفرة والقيد باللفظ ذنب ...
وقد جمعت رسالة باسم الفتح المبين بتصويب مروايات رياض الصالحين. وما ذكرته علق في ذهني أمَّا الرسالة فليست معي الآن .. فهل يعاد النظر في تلك الروايات التي عزها إلى الأصول وخلت منها, وقد أعجبني توجيه فضيلتكم فيما قرأت عاليا بكونه من روايات الإمام النووي لكني لا أسلم لهذا التحليل. وإن كان توجيه جيد.
محبكم يريد إجازة حديثية منكم لو تكرمت
أبو صالح أيمن بن صالح بن شعبان
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[11 May 2007, 11:08 ص]ـ
حفظكم الله ورعاكم وسدد للخير خطاكم
وتفضل خذ إجازتك من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82763&page=3&highlight=%E3%C7%E5%D1
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[11 May 2007, 11:09 ص]ـ
أو من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=47479&d=1178868776
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[11 May 2007, 08:51 م]ـ
وصلتني وصلك الله وفتح على فضيلة الدكتور الباحثة ماهر الفحل من نور العطاء وبحر العلوم وأعطاه سؤاله وحفظه لنا وهو وكل من يحب. آمين
جزاك الله خيرا بإيجازتي فوالله لقد سعدت بها كثيرا.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[30 Sep 2007, 04:08 ص]ـ
http://www.stooop.com/Month/10/6b0c177f56.jpg (http://www.stooop.com/)
ـ[قصي علي الدليمي]ــــــــ[30 Sep 2007, 01:41 م]ـ
بارك الله بك دكتور ماهر وجزاكم الله عن الاسلام خير الجزاء
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Sep 2007, 10:35 م]ـ
اشكر لسيادتكم سرعة استجابتكم
بارك الله لنا فيكم وفي تواضعكم وحفظكم دوما برعايته أنتم وكل من تحبون وفك عنكم عدوان الظالمين
محبكم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[07 Jan 2008, 07:00 م]ـ
وفيكم بارك الله وجزاكم الله كل خير
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[08 Jan 2008, 12:57 ص]ـ
أستاذي الكريم الأصيل النبيل دكتور / ماهر:
ما أروع ما قمت به من أعمال، اتسمت بالمهارة والجودة والإتقان، وما أعظم ما تقوم به الآن من عمل خيري تنفع وتتنفع به في أخراك، فهنيئا لك، وهنيئا لنا بك بيننا، وبارك الله في كل أعمالك، ورزقنا وإياك القبول الحسن في الدنيا والآخرة، وحفظ العراق الحبيب وأهله من شر الأشرار وكيد الفجار، إنه سميع مجيب.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[27 Feb 2008, 07:15 ص]ـ
أستاذي الكريم الأصيل النبيل دكتور / ماهر:
ما أروع ما قمت به من أعمال، اتسمت بالمهارة والجودة والإتقان، وما أعظم ما تقوم به الآن من عمل خيري تنفع وتتنفع به في أخراك، فهنيئا لك، وهنيئا لنا بك بيننا، وبارك الله في كل أعمالك، ورزقنا وإياك القبول الحسن في الدنيا والآخرة، وحفظ العراق الحبيب وأهله من شر الأشرار وكيد الفجار، إنه سميع مجيب.
أجزل الله لكم الثواب وأدخلكم الجنة بغير حساب وجمعنا ووالدينا وإياكم في الفردوس الأعلى
وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[29 Feb 2008, 02:07 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أجزل الله لكم الثواب وأدخلكم الجنة بغير حساب وجمعنا ووالدينا وإياكم في الفردوس الأعلى
وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
آ مين آمين، وجزاكم الله عنا كل خير.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[26 May 2008, 09:08 م]ـ
لا بد من الاطلاع على هذا الرابط لتتم الفائد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38264
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[31 May 2008, 07:48 ص]ـ
بيانات الكتاب ..
العنوان تحقيق كتاب رياض الصالحين
المؤلف د. ماهر ياسين الفحل
نبذة عن الكتاب
كتاب رياض الصالحين للإمام المحدث الفقيه أبي زكريا يحيى بن شرف النووى المتوفى 676 من الكتب العظيمة المهمة من كتب الإسلام، وهو من أكثر الكتب انتشاراً في العالم، وذلك لاشتماله على أهم ما يحتاجه المسلم في عباداته وحياته اليومية مع صحة أحاديثه - إلا نزراً يسيراً – واختصاره وسهولته وتذليل المصنف لمادته، وهو كتاب ينتفع به المبتديء والمنتهي. وقد من الله علي بالصحة والتمكين بخدمة هذا الكتاب النفيس خدمة تليق به وبمكانة مؤلفه، وقد طبع في بغداد طبعتين وزع مجاناً الأولى في 2000 نسخة والثانية في 1250 نسخة في مطبعة الخنساء، وأنا الآن أقدم الكتاب مجاناً لكل من يرغب بطبعه طبعة خيرية في أي مكانٍ في العالم والكتاب في 700 صفحة
http://www.saaid.net/book/8/1340r.zip
أذن خطي بطباعة بعض مؤلفات الدكتور ماهر ياسين الفحل
رئيس قسم الحديث-كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار
http://saaid.net/link/4da9bee533.jpg
أخي المفضال د: ماهر الفحل
أسأل الله عز وجل أن يحفظكم ويحميكم ويرعاكم ياأهل السنة في عراقنا الحبيب ونسأله تبارك وتعالى أن يجعل عملك في خدمة السنة النبوية المطهَّرة زياة خير في ميزان حسناتك وأن يدفع عنك وعن أهلك وإخوانك بفضله وجوده وكرمه شر الأشرار وكيد الفجار وظلم الظالمين إنه سميع قريب مجيب وسأنشرها لكم بإذن الله. جزاكم الله خيرا.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[10 Jun 2008, 05:03 ص]ـ
جزاكم الله كل خير ونفع الله بكم وزادكم من فضله.
يسرني كثيراً اهتمام الأخوة حين التعاون على نشر هذه الكتب في الشبكة وغيرها، فأسأل الله أن يكتب لي ولكم الأجر كاملاً.
وفقكم الله وستر عليكم وزادكم من فضله.
ولا أملك لكم شيئاً على حرصكم إلا الدعاء لكم بالعافية والعمر المديد والعطاء الدائم في الخير، وأن يكمل لكم طريق الوصول إلى مرضاته.(/)
تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري (مأخوذة من طبعة دار طيبة)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Dec 2005, 02:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ ليظهرَه على الدِّين كُلِّه ولو كره المشركون، وصلى الله على نبينا محمد وآله، وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
فلا يخفى عليكم أن كتاب "فتح الباري شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر العسقلاني من أعظم كتب المسلمين ..
إلا أن عمل البشر ـ مهما بلغ صاحبه من العلم ـ لا بد فيه من النقص .. وهذا النقص يختلف من كتاب لآخر كما، ونوعا ..
ومن المعلوم أنّ من النقص الذي لا يحسن التساهل معه هو:
ما كان متعلقا بالعقيدة؛ إذ هي أغلى ما يملك العبد، وأولى ما يحافظ عليه.
ولما أراد الإخوة في دار طيبة إخراج الكتاب بتحقيق الشيخ أبي قتيبة نظر الفاريابي، كان في مقدمة اهتماماتهم التعليق على المسائل التي وقعت فيها مخالفة من الحافظ ابن حجر لمذهب أهل السنة والجماعة بسبب تأثره ـ غفر الله له ـ بعقائد الأشاعرة؛ فكان أن يسر الله لهذه المهمة الكريمة الشيخ عبد العزيز الجليل، فقام بعرض فكرة التعليق على الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك، وعرض مشروع التحقيق عليه = فشرح الله صدره لذلك، فعلق على مواضع كثيرة بيَّن فيها الحق ـ مذهب أهل السنة والجماعة ـ بيانا شافيا، ومعلوم إمامة الشيخ في هذه الباب فقد أمضى حفظه الله قرابة نص قرن من الزمان في تدريس العقيدة السلفية، ونشرها للناس؛ فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.
ولما كان من الصعب وصول الكتاب لإخواننا المسلمين في بعض البلاد، أو عدم قدرة بعضهم على اقتنائه = عقدت العزم على نقل تلك التعليقات النفيسة النافعة؛ ليعلقها الإخوة على نسخهم، وسأبدأ ـ بإذن الله ـ بنقلها هنا واحدا تلو الآخر .. أسأل الله الإعانة على ذلك.
تنبيه: العزو للطبعة السلفية الأولى.
1 - قال الحافظ في المقدمة ص 136:
قوله " استوى على العرش " هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى، ووقع تفسيره في الأصل.اهـ
قال الشيخ البراك: قوله: " هو من المتشابه ... الخ " إن أراد ما يشتبه معناه على بعض الناس فهذا حق؛ فإن نصوص الصفات ومنها الاستواء قد خفي معناها على كثير من الناس، فوقعوا في الاضطراب فيها وعلِم العلماء من السلف وأتباعهم معانيها المرادة منها، فأثبتوها، وفوضوا علم حقائقها وكيفياتها إلى الله تعالى؛ كما قال الإمام مالك وشيخه ربيعة لما سئل عن الاستواء: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب" وهذه قاعدة يجب اتباعها في جميع صفات الله تعالى، وقد فسر السلف الاستواء: بالعلو والارتفاع والاستقرار.
وإن أراد بالمتشابه: (ما لا يفهم معناه أحد، فيجب تفويض علم معناه إلى الله تعالى) فهذا قول أهل التفويض من النفاة المعطلة، وهو باطل؛ لأنه يقتضي أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمه أحد، وهذا خلاف ما وصف الله به كتابه من البيان والهدى والشفاء.
وهذا الاحتمال الثاني هو الذي يقتضيه سياق الحافظ عفا الله عنه ..
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Dec 2005, 06:35 م]ـ
شكر الله لك.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Dec 2005, 08:53 م]ـ
جزاك الله خيرا
-----------------
2 - قال الحافظ في المقدمة ص 208:
قوله: (أطولهن يدًا) أي: أسمحهن، ووقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافًا إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك. اهـ
قال الشيخ البراك: قوله: "واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة ... الخ": لفظ الجارحة لم يرد إطلاقه في الكتاب والسنة ولا في كلام السلف على صفة الرب سبحانه؛ لا نفيًا ولا إثباتًا، وهو لفظ مجمل، فيجب التفصيل فيه نفيًا وإثباتًا؛ فإن أريد بالجارحة اليد التي تماثل أيدي المخلوقين، فيد الله سبحانه ليست مثل يد أحد من الخلق.
وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط؛ فيد الله كذلك؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما كما جاء في الكتاب والسنة؛ فالنافي للمعنى الأول محق، والنافي للمعنى الثاني مبطل.
ولا ريب أن أهل السنة متفقون على نفي مماثلة الله لخلقه في شيء من صفاته ـ لا اليد ولا غيرها ـ بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية.
وقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "واتفق أهل السنة والجماعة": يدخل فيهم الأشاعرة ونحوهم من طوائف الإثبات كما يقتضيه آخر كلامه، ومذهبهم في صفة اليدين لله نفي حقيقتهما، ثم لهم في النصوص الواردة بذكر اليدين أحد منهجين:
إما التفويض، أي: تفويض المعنى.
وإما التأويل: بصرف لفظ اليد عن المعنى المتبادر ـ وهو الراجح ـ إلى معنى مرجوح كالقدرة والنعمة.
وهو صرف للكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة يسمونه تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[16 Dec 2005, 02:47 م]ـ
3– قال الحافظ في الفتح 1/ 46:قوله: (وهو) أي الإيمان (قول وفعل يزيد وينقص) ... والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطًا في صحته، والسلف جعلوها شرطًا في كماله.
قال الشيخ البراك: قوله: "والفارق بينهم وبين السلف .... الخ": هذا الفرق بين المعتزلة والسلف لا يستقيم سواء أريد بشرط الصحة أو شرط الكمال: جنس العمل، أو أنواع العمل الواجبة، أو الواجبة والمستحبة؛ فإن الأعمال المستحبة من كمال الإيمان المستحب، فلا تكون شرطاً لصحة الإيمان، ولا لكماله الواجب.
وأما الأعمال الواجبة: فليس منها شرط لصحة الإيمان عند جميع أهل السنة، بل بعضها شرط لصحة الإيمان عند بعض أهل السنة كالصلاة.
وأما عند المعتزلة: فالمشهور من مذهبهم ومذهب الخوارج أن ما كان تركه كبيرة فهو شرط لصحة الإيمان، وعلى هذا فلا يصح أن يقال: إن جنس العمل عندهم شرط لصحة الإيمان؛ لأن ذلك يقتضي أن الموجب للخروج عن الإيمان عندهم هو ترك جميع الأعمال، وليس كذلك، بل يثبت عندهم الخروج عن الإيمان بارتكاب ما هو كبيرة.
وأما عند السلف: فعمل الجوارح تابع لعمل القلب، وجنس عمل القلب شرط لصحة الإيمان، وجنس عمل الجوارح تابع أو لازم لعمل القلب، فيلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم؛ فإن الإعراض عن جميع الأعمال دليل على عدم انقياد القلب.
هذا، ولا أعلم أحدا من أئمة السلف أطلق القول بأن الأعمال شرط أو ليست شرطا لصحة الإيمان أو كماله، وإنما المأثور المشهور عنهم قولهم: "الإيمان قول وعمل" أو "قول وعمل ونية"؛ يقصدون بذلك الرد على المرجئة الذين أخرجوا الأعمال عن مسمى الإيمان، وخصوا الإيمان بالتصديق، أو التصديق والإقرار باللسان.
وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ بإطلاق القول بأن الأعمال شرط لصحة الإيمان عند المعتزلة، وشرط لكماله عند السلف ليس بمستقيم لما تقدم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Dec 2005, 05:19 م]ـ
وفقك الله أخي العزيز عبدالرحمن، وهذه فوائد ثمينة نعلقها إن شاء الله على النسخة القديمة تباعاً، أعانك الله وسددك. وللأخ الدكتور علي الشبل كتاب في ذلك لعلك اطلعت عليه.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[16 Dec 2005, 09:30 م]ـ
جزاك الله خيرا، نعم اطلعت عليه، وقد بذل جهدا مشكورا جزاه الله خيرا، وقد قارنت بين تعليقاته وتعليقات الشيخ البراك إلى المجلد السابع تقريبا، فوجدت بينها بونا كبيرا، سيلحظه من قارن بينها.
------------------
4– قال الحافظ ابن حجر 1/ 157: " قوله " فاستحيا الله منه " أي رحمه ولم يعاقبه.
قوله: " فأعرض الله عنه " أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر، هذا إن كان مسلما، ويحتمل أن يكون منافقا، واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، كما يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: فأعرض الله عنه " إخبارا أو ادعاء.
قال الشيخ البراك: قوله: "فاستحيا الله منه أي رحمه"، وقوله: "فأعرض الله عنه أي سخط عليه": في هذا التفسير للاستحياء والإعراض من الله عدول عن ظاهر اللفظ من غير موجب، والحامل على هذا التفسير عند من قال به هو اعتقاده أن الله لا يوصف بالحياء أو الإعراض حقيقة؛ لتوهم أن إثبات ذلك يستلزم التشبيه، وليس كذلك بل القول في الاستحياء والإعراض كالقول في سائر ما أثبته الله عز وجل لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات، والواجب في جميع ذلك هو الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات، وقد ورد في الحديث: "إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا" [أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه].
وفي ذكر الاستحياء والإعراض في هذا الحديث دليل على أن الجزاء من جنس العمل، وشواهده كثيرة.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 Dec 2005, 10:41 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم عبد الرحمن.
ورحم الله الحافظ ابنَ حجر، فقد خلّف علمًا غزيرًا، وبحارًا زاخرة.
وجزى الله الشيخ الزاهد أبا عبد الله على تنبيهاته القيّمة خيرًا.
لمّا قال النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ضحك ربُّنا - عزّ وجلّ - من قنوط عباده، و قرب غيره، قال أبو رَزين العُقيلي، رضي الله عنه: أو يضحك الربُّ، عز و جل؟
قال: نعم.
فقال: لن نعدم، من رَبّ يضحك، خيرًا.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[17 Dec 2005, 04:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا
-----------------------------------------
5 – قال الحافظ في الفتح 1/ 229: قوله: "إن الله لا يستحيي من الحق" أي لا يأمر بالحياء في الحق.
قال الشيخ البراك: قوله: "أي لا يأمر بالحياء في الحق": ليس في هذا تفسير للاستحياء مضافا إلى الله عز وجل، ولا تفسير لنفي الاستحياء؛ فليس فيه تعرض لإثبات الاستحياء أو نفيه عن الله عز وجل، بل هو بيان للمراد من سياق هذا الخبر في قوله: "لا يستحيي من الحق"، وهو المعنى الذي قدمت به أم سليم لسؤالها. وانظر: التعليق رقم (4)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[17 Dec 2005, 08:57 م]ـ
6 - قال الحافظ في الفتح 1/ 352: "والمراد باليد هنا القدرة".
قال الشيخ البراك: قوله: "والمراد باليد القدرة": يريد في قول ابن مسعود: "والذي نفسي بيده"، وهذا القسم كثيراً ما يقسم به النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه: والذي نفسي في ملكه يتصرف فيها بقدرته ومشيئته. هذا هو معنى الكلام مركبا، فإذا أراد الحافظ أو غيره بقولهم: "المراد باليد هنا القدرة"
المعنى المراد من جملة القسم كان صحيحا، وإن أراد أن يد الله المراد بها قدرته؛ فهذا جار على مذهب أهل التأويل من نفاة الصفات الذين ينفون عن الله عز وجل حقيقة اليدين، ويؤولون ما ورد في النصوص بالقدرة أو النعمة. وهو تأويل باطل مبني على باطل، وهو: اعتقاد نفي حقيقة اليدين عن الله عز وجل. وهذا التأويل صرف للنصوص عن ظاهرها، كقوله تعالى: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي"، فلو كان المراد باليدين القدرة لما كان بين آدم وإبليس فرق؛ إذ الكل مخلوق بالقدرة. والحافظ رحمه الله جار في صفة اليد لله تعالى على طريق النفاة.
وانظر: تعليق رقم (2).
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[18 Dec 2005, 04:22 م]ـ
7 - قال الحافظ في الفتح1/ 508:
"والمراد بالمناجاة من قبل العبد حقيقة النجوى، ومن قبل الرب لازم ذلك، فيكون مجازا، والمعنى: إقباله عليه بالرحمة والرضوان".
قال الشيخ البراك: قوله: "ومن قبل الرب لازم ذلك ... الخ": هذا القول يتضمن نفي حقيقة المناجاة عن الله عز وجل. والمناجاة هي المسارة في الحديث. وقد ثبتت إضافة المناجاة إلى الله عز وجل في قوله سبحانه: "وقربناه نجيا"؛ فالله عز وجل كلم موسى عليه السلام فناداه وناجاه، فهو كليم الله ونجيه. وليس في هذا الحديث ذكر للمناجاة من الله تعالى، بل المناجاة في الحديث من طرف العبد. ونفي حقيقة المناجاة هو مذهب من ينفي الكلام عن الله تعالى من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب من يقول إن كلام الله معنى نفسي ليس بحرف ولا صوت كالكلابية والأشاعرة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء، ويكلم من شاء، فيسمعه كلامه؛ فموسى عليه السلام سمع كلام الله من الله. وهكذا الأبوان في قوله سبحانه: "وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ... " الآية. والذي يظهر أن الحافظ رحمه الله تعالى مشى في صفة المناجاة على مذهب أهل التأويل من الأشاعرة.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[18 Dec 2005, 08:08 م]ـ
8 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 508: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته " [أي: حديث: إن ربه بينه وبين القبلة]
قال الشيخ البراك: وقوله: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ... الخ": هذا صريح في أن الحافظ ـ عفا الله عنه ـ ينفي حقيقة استواء الله على عرشه؛ وهو علوه وارتفاعه بذاته فوق عرشه العظيم.
وهذا مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب كل من ينفي علو الله على خلقه؛ ومنهم الماتريدية ومتأخرو الأشاعرة؛ وهو مذهب باطل مناقض لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة.
ومذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وجميع أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه؛ أي ليس حالاً في مخلوقاته، ولا ينافي ذلك أنه مع عباده أينما كانوا، وأنه تعالى يقرب مما شاء متى شاء كيف شاء. وكذلك لا ينافي علوه واستواؤه على عرشه ما جاء في هذا الحديث من أنه سبحانه قِِبل وجه المصلي، أو بينه وبين القبلة؛ فالقول فيه كالقول في القرب والمعية؛ كل ذلك لا ينافي علوه ولا يوجب حلوله تعالى في شيء من المخلوقات؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
"ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة; مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: {وهو معكم أين ما كنتم}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه}، ونحو ذلك؛ فإن هذا غلط؛ وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}؛ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: {والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه}؛ وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى؛ فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك; وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة .... وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
{إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه} الحديث. حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى - ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به} فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر: كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله ; فالله أكبر} أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم". [مجموع الفتاوى 5/ 102 – 107 باختصار].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[19 Dec 2005, 11:11 م]ـ
9 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 514: " ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع": المراد بالتحسين والتقبيح: الحكم على الشيء بأنه حسن أو قبيح، وقد اختلف الناس فيما يعرف به حسن الأشياء وقبحها:
فمذهب المعتزلة: أن ذلك يعرف بالعقل، وأن حُسْن الحَسَنْ وقبح القبيح ذاتيان، وأن الشرع كاشف لذلك.
ومذهب الأشاعرة: أن الأشياء في ذاتها مستوية لاشتراكها في الصدور عن المشيئة، وإنما تكسب الحسن والقبح بالشرع؛ فالحسن ما أمر به الشرع، والقبيح ما نهى عنه، فالحسن والقبح عندهم شرعيان لا عقليان، ويجوز عندهم أن يأمر الله بما نهى عنه فيصير حسناً، وينهى عما أمر به فيصير قبيحاً. وهذا ظاهر الفساد.
ومذهب أهل السنة والجماعة: أن حسن الأشياء وقبحها يعرف بالعقل والشرع؛ فما أمر به الشرع فهو حسن في ذاته، وزاده الأمر به حسناً، وما نهى عنه الشرع قبيح وزاده النهي قبحاً؛ فالحُسْن والقبح عند أهل السنة شرعيان وعقليان، ولكن الحكم بالوجوب والتحريم، وترتب العقاب موقوف على الشرع.
وبهذا يتبين أن الحافظ رحمه الله تعالى يذهب في التحسين والتقبيح مذهب الأشاعرة، ودعواه أن ذلك مما يستفاد من الحديث، وتوجيه ذلك بأن جهة اليمين مفضلة على اليسار وأن اليد مفضلة على القَدَم - يعني في الشرع - دعوى غير صحيحة. وما ذكره من الدليل هو حجة على خلاف ما ذهب إليه؛ فإن تفضيل اليمين على الشمال، واليد على القدم كما قد دل عليه الشرع فقد شهد به العقل والفطرة؛ فكل عاقل يدرك قبل ورود الشرع فضل الوجه على الدبر، وفضل اليد على الرجل، وفضل اليمين على الشمال، فتطابق على ذلك الشرع والعقل.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[20 Dec 2005, 07:55 م]ـ
9 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 514: " ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع": المراد بالتحسين والتقبيح: الحكم على الشيء بأنه حسن أو قبيح، وقد اختلف الناس فيما يعرف به حسن الأشياء وقبحها:
فمذهب المعتزلة: أن ذلك يعرف بالعقل، وأن حُسْن الحَسَنْ وقبح القبيح ذاتيان، وأن الشرع كاشف لذلك.
ومذهب الأشاعرة: أن الأشياء في ذاتها مستوية لاشتراكها في الصدور عن المشيئة، وإنما تكسب الحسن والقبح بالشرع؛ فالحسن ما أمر به الشرع، والقبيح ما نهى عنه، فالحسن والقبح عندهم شرعيان لا عقليان، ويجوز عندهم أن يأمر الله بما نهى عنه فيصير حسناً، وينهى عما أمر به فيصير قبيحاً. وهذا ظاهر الفساد.
ومذهب أهل السنة والجماعة: أن حسن الأشياء وقبحها يعرف بالعقل والشرع؛ فما أمر به الشرع فهو حسن في ذاته، وزاده الأمر به حسناً، وما نهى عنه الشرع قبيح وزاده النهي قبحاً؛ فالحُسْن والقبح عند أهل السنة شرعيان وعقليان، ولكن الحكم بالوجوب والتحريم، وترتب العقاب موقوف على الشرع.
وبهذا يتبين أن الحافظ رحمه الله تعالى يذهب في التحسين والتقبيح مذهب الأشاعرة، ودعواه أن ذلك مما يستفاد من الحديث، وتوجيه ذلك بأن جهة اليمين مفضلة على اليسار وأن اليد مفضلة على القَدَم - يعني في الشرع - دعوى غير صحيحة. وما ذكره من الدليل هو حجة على خلاف ما ذهب إليه؛ فإن تفضيل اليمين على الشمال، واليد على القدم كما قد دل عليه الشرع فقد شهد به العقل والفطرة؛ فكل عاقل يدرك قبل ورود الشرع فضل الوجه على الدبر، وفضل اليد على الرجل، وفضل اليمين على الشمال، فتطابق على ذلك الشرع والعقل.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[20 Dec 2005, 07:59 م]ـ
10 - قال الحافظ: 1/ 514 " لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو مخصوص، ولا مقابلة، ولا قرب ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "لأن الحق عند أهل السنة والجماعة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضوا ... الخ":
مراد الحافظ بأهل السنة هنا الأشاعرة، وهو يشير ـ عفا الله عنه ـ بهذا الكلام إلى مذهبهم في الرؤية؛ أي في رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وهو أنه سبحانه وتعالى يُرى لا في جهة؛ فلا يقولون إن المؤمنين يرونه من فوقهم، ولا بأبصارهم، ولامع مقابلة. وهذا كله مبني على نفي علوه سبحانه؛ فحقيقة قولهم في الرؤية موافق لمن ينفيها كالمعتزلة؛ فإن قولهم يُرى لا في الجهة معناه أنه يُرى لا من فوق، ولا من تحت، ولا من أمام، ولا من خلف، ولا عن يمين، ولا عن شمال؛ وحقيقة هذا نفي الرؤية، فكانوا بهذا الإثبات على هذا الوجه متناقضين موافقين في اللفظ لأهل السنة بدعوى إثباتهم للرؤية، وموافقين في المعنى للمعتزلة. وليس في الحديث دليل على جنس هذه الرؤية، بل في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم يراهم من أمامه ومن خلفه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر" يدل على أن المؤمنين يرون ربهم عياناً بأبصارهم من فوقهم من غير إحاطة؛ فقد شبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي، ولعل الحافظ يريد بأهل البدع المعتزلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[21 Dec 2005, 03:57 م]ـ
11– قال الحافظ 2/ 144: في قوله: " سبعة يظلهم الله في ظله " قال عياض: " إضافة الظل إلى الله إضافة ملك، وكل ظل فهو ملكه. كذا قال، وكان حقه أن يقول: إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا على غيره .. ، وقيل: المراد بظله: كرامته وحمايته كما يقال: فلان في ظل الملك.
قال الشيخ البراك: قوله ?: "سبعة يظلهم الله في ظله": المتبادر أن المراد بالظل هنا ما يستظل به ويتقى به من الحر، وهو أثر الحائل المانع من شعاع الشمس، والظاهر أن المراد بالظل المضاف إلى الله عز وجل في الحديث هو ما يظل به عباده الصالحين يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، وهو أثر أعمالهم الصالحة كما في الحديث: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ... ". [انفرد به أحمد وسنده متصل ورجاله ثقات].
وعلى هذا فهذا الظل مخلوق وإضافته إلى الله سبحانه إضافة ملك وتشريف كما قال عياض والحافظ رحمهما الله تعالى، وليس إضافة صفة إلى موصوف؛ فلا يقال: إن لذات الله ظلاً أخذاً من هذا الحديث؛ لأن الظل مخلوق كما قال سبحانه: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل"، والمخلوق ليس صفة للخالق، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يوم لا ظل إلا ظله" يعني يوم القيامة. ومعناه: ليس لأحد ما يستظل به من حر الشمس إلا من له عمل صالح يجعل الله له به ظلا، وذلك من ثواب الله المعجل في عرصات القيامة.
هذا ولم أقف لأحد من أئمة السنة على تفسير للظل في هذا الحديث، وهل هو صفة او مخلوق، وما ذكرته هو ما ظهر لي، والله أعلم بالصواب.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[22 Dec 2005, 11:23 ص]ـ
قال الحافظ
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[22 Dec 2005, 02:32 م]ـ
12– قال الحافظ: 3/ 158: " وفي هذا الحديث من الفوائد: – غير ما تقدم – جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم، وجواز القسم عليهم لذلك "
قال الشيخ البراك: قوله: "في هذا الحديث من الفوائد – غير ما تقدم – جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر .... الخ": في هذا الاستنباط نظر؛ فإن التي استحضرت الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته، ويحتمل أن يكون استحضارها للرسول صلى الله عليه وسلم بمقتضى العادة وحكم القرابة ليسليها ويواسيها، ومما يؤكد رغبتها في ذلك أن أباها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي حضوره برد لحر المصاب، ولهذا أقسمت عليه بالمجيء، ولمَّا أقسمت عليه بر بقسمها. ولا ريب أنه يجوز استحضار من ينتفع بحضوره لدى المحتضر في أمر دين أو دنيا مما يعود إلى المحتضر أو أهله بالفائدة، ولا ريب أن استحضار من ينفع المحتضر وأهله بعلمه وتوجيهه مما يرغب فيه. وينبغي حمل قول الحافظ: "لرجاء بركتهم ودعائهم" على هذا؛ لأن مجالسة أهل العلم والصلاح فيها خير وبركة لمجالسيهم.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[22 Dec 2005, 08:59 م]ـ
13– قال الحافظ 3/ 463: وقال المهلب: حديث عمر هذا يرد على من قال: إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده، ومعاذ الله أن يكون لله جارحة.
قال الشيخ البراك: قوله: "حديث عمر هذا يرد على من قال: إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده": هذا المعنى الذي نفاه قد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً، وقال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما يعرف من قول ابن عباس. ولفظه: "إن الحجر يمين الله في الأرض، فمن استلمه وقبله فكأنما صافح الله و قبل يمينه". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "قوله: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه) صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله، ولا هو نفس يمينه؛ لأنه قال: (يمين الله في الأرض)، وقال: (فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه) ومعلوم أن المشبه غير المشبه به؛ ففي نص الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحاً لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفراً وأنه محتاج إلى تأويل؟! ".
[التدمرية ص: 73،72، ط العبيكان، تحقيق د. السعوي]
وقوله: "ومَعاذ الله أن يكون لله جارحة":
انظر: تعليق رقم (2).
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[23 Dec 2005, 02:48 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
14 - قال الحافظ 4/ 105 - 106 حديث رقم (1894): قوله: " أطيب عند الله من ريح المسك " اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك – مع أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح؛ إذ ذاك من صفات الحيوان، ومع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه – على أوجه:
قال المازري: هو مجاز؛ لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله، فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم، أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر، وقيل: المراد أن ذلك في حق الملائكة وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك.
وقيل: المعنى أن حكم الخلوف والمسك عند الله على ضد ما هو عندكم، وهو قريب من الأول، وقيل: المراد أن الله تعالى يجزيه في الآخرة، فتكون نكهته أطيب من ريح المسك كما يأتي المكلوم وريح جرحه تفوح مسكاً.
وقيل: المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك لا سيما بالإضافة إلى الخلوف، حكاهما عياض.
وقال الداودي وجماعة: المعنى أن الخلوف أكثر ثواباً من المسك المندوب إليه في الجمع ومجالس الذكر، ورجح النووي هذا الأخير، وحاصله حمل معنى الطيب على القبول والرضا، فحصلنا على ستة أوجه".
قال الشيخ البراك: قوله: " ... مع أنه سبحانه تعالى منزه عن استطابة الروائح ... إلخ": هذا الجزم من الحافظ رحمه الله بنفي صفة الشم عن الله تعالى الذي هو إدراك المشمومات لم يذكر عليه دليلاً إلا قوله: "إذ ذاك من صفة الحيوان"، وهذه الشبهة هي بعينها شبهة كل من نفى صفة من صفات الله سبحانه من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة. وهي شبهة باطلة؛ فما ثبت لله تعالى من الصفات يثبت له على ما يليق به ويختص به كما يقال ذلك في سمعه وبصره وعلمه وسائر صفاته. وصفة السمع ليس في العقل ما يقتضي نفيها فإذا قام الدليل السمعي على إثباتها وجب إثباتها على الوجه اللائق به سبحانه، وهذا الحديث - وهو قوله: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" - ليس نصاً في إثبات الشم، بل هو محتمل لذلك، فلا يجوز نفيه من غير حجة، وحينئذ فقد يقال: إن صفة الشم لله تعالى مما يجب التوقف فيه لعدم الدليل البين على النفي أو الإثبات فليتدبر، والله أعلم بمراده ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا وقد قال ابن القيم عند هذا الحديث: "بعد ذكر كلام الشراح في معنى طيبه وتأويلهم إياه بالثناء على الصائم والرضا بفعله، على عادة كثير منهم بالتأويل من غير ضرورة، حتى كأنه قد بورك فيه فهو موكل به. وأي ضرورة تدعو إلى تأويل كونه أطيب عند الله من ريح المسك بالثناء على فاعله والرضا بفعله، وإخراج اللفظ عن حقيقته؟ وكثير من هؤلاء ينشئ للفظ معنى ثم يدعي إرادة ذلك المعنى بلفظ النص من غير نظر منه إلى استعمال ذلك اللفظ في المعنى الذي عينه أو احتمال اللغة له. ومعلوم أن هذا يتضمن الشهادة على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن مراده من كلامه كيت وكيت، فإن لم يكن ذلك معلوماً بوضع اللفظ لذلك المعنى أو عرف الشارع صلى الله عليه وسلم وعادته المطردة أو الغالبة باستعمال ذلك اللفظ في هذا المعنى أو تفسيره له به، وإلا كانت شهادة باطلة، وأدنى أحوالها أن تكون شهادة بلا علم.
ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك، فمثل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلوف عند الله بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم. ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه؛ فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه وغضبه وفرحه وكراهته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، كما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم، وأفعاله لا تشبه أفعالهم، وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه، والعمل الصالح فيرفعه، وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا. ثم إن تأويله لا يرفع الإشكال؛ إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضا، فإن قال رضا ليس كرضا المخلوقين، فقولوا استطابة ليست كاستطابة المخلوقين، وعلى هذا جميع ما يجيء من هذا الباب. [الوابل الصيب، ص 44 – 45 ط دار الصحابة للتراث، ت: مصطفى العدوي]. ويلاحظ أن ابن القيم اقتصر على لفظ الاستطابة دون لفظ الشم وقوفاً مع لفظ الحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[24 Dec 2005, 10:01 م]ـ
15 – قال الحافظ ابن حجر 4/ 253 على حديث رقم (2010): " والتحقيق أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة".
قال الشيخ البراك: قوله: "والتحقيق أنها إن كانت – أي البدعة – مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة .... إلخ": تقسيم البدعة في الشرع إلى حسنة محمودة وسيئة مذمومة مذهب لبعض العلماء، وهو راجع إلى التوسع في معنى البدعة؛ وذلك بالنظر إلى معناها اللغوي، فإنه يشمل كل ما أحدث في الإسلام مما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كانت أصول الشريعة تقتضيه. ويجري على ذلك قول عمر رضي الله عنه في جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وقد أدى هذا المذهب إلى التذرع به في تسويغ كل ما استحسنه الناس بآرائهم، وعَدُّوه من الدين.
والتحقيق أن كل بدعة في الدين فهي سيئة مذمومة لقوله صلى الله عليه وسلم: "وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وعلى هذا فما تقتضيه أصول الشريعة مما أحدث بعد موته صلى الله عليه وسلم ليس بدعة شرعية بل لغوية.
16– قال الحافظ 5/ 183 على حديث رقم (2559): "وقد قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى هذا الحديث على ظاهره، وقال: صورة لا كالصورة، انتهى.
وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد، وأحمد من طريق ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعا: "لا تقولوا: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك؛ فإن الله خلق آدم على صورته" وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى هذا الحديث على ظاهره .. إلخ": ابن قتيبة يعرف بخطيب أهل السنة، وله جهود في الرد على الزنادقة والمعتزلة كما في "تأويل مختلف الحديث" له. وما ذهب إليه ابن قتيبة رحمه الله تعالى من إثبات الصورة لله عز وجل، وأنها ليست كصورة أحد من الخلق ـ فله سبحانه وتعالى صورة لا كالصور ـ هو مذهب جميع أهل السنة المثبتين لكل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فكما يقولون: له وجه لا كوجوه المخلوقين، يقولون: له صورة لا كصور المخلوقين، وقد دل على إثبات الصورة لله عز وجل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل: "وتبقى هذه الأمة وفيها منافقوها، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها"، وهو نص صريح لا يحتمل التأويل، فلهذا لم يخالف أحد من أهل السنة في دلالته.
وأما حديث: "فإن الله خلق آدم على صورته" فقد استدل به أكثر أهل السنة على إثبات الصورة أيضاً، وردوا الضمير إلى الله تعالى، وأيدوا ذلك برواية من رواياته بلفظ: "على صورة الرحمن". ومن رد الضمير إلى آدم عليه السلام أو إلى المقاتل - وقصده نفي الصورة عن الله تعالى - فهو جهمي كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
ونفي الصورة هو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة والماتريدية، ومنشأ ذلك هو توهم التشبيه في صفات الله تعالى، فزعموا أن إثبات الصورة أو الوجه أو اليدين ونحو ذلك يستلزم التشبيه بالمخلوقات، وهي حجة داحضة، وطردها يستلزم نفي وجود الله سبحانه وتعالى.
ومن رد من أهل السنة الضمير إلى آدم عليه السلام وضعَّف رواية " على صورة الرحمن " فليس مقصوده التوصل إلى نفي الصورة عن الله عز وجل، وليس من مذهبه ذلك، بل رأى لفظ هذا الحديث " خلق الله آدم على صورته " محتملا، فترجح عنده عود الضمير إلى آدم أو إلى المقاتل. وهو منازع في تضعيفه لتلك الرواية وفي هذا الترجيح.
وبهذا يتبين أن إثبات الصورة لله عز وجل لا يتوقف على دلالة حديث " خلق الله آدم على صورته "، ونقول: بل غلط المازري عفا الله عنه، ولم يغلط ابن قتيبة.
17 – قال الحافظ 5/ 292 على حديث رقم (2685): قوله: " أحدث الأخبار بالله " أي أقربها نزولا إليكم من عند الله عز وجل، فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم، وهو في نفسه قديم ".
قال الشيخ البراك قوله: " فالحديث بالنسبة إلى المنزل إليهم، وهو في نفسه قديم ": يريد أن وصف القرآن بأنه (حديث) باعتبار نزوله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأما نفس القرآن، فهو قديم.
والقديم هو الذي لا بداية لوجوده، وهذا جار على مذهب الأشاعرة في كلام الله تعالى؛ فإن كلام الله عندهم هو معنى نفسي ليس هو حروف وأصوات، وهو معنى واحد لا تعدد فيه، وهو قديم لا تتعلق به مشيئة الله سبحانه، فعندهم أن هذا القرآن المسموع المتلو المكتوب ليس هو كلام الله حقيقة، بل هو عبارة عن ذلك المعنى النفسي.
وهذا خلاف ما عليه سلف الأمة وأئمتها وجميع أهل السنة؛ فعندهم أن الله لم يزل يتكلم بما شاء إذا شاء، كيف شاء، وأنه يُسمِع كلامه من يشاء؛ فموسى عليه السلام سمع كلام الله من الله سبحانه، فعندهم أن القرآن العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، كما قال تعالى: " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله "، وهو منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وعلى هذا فأهل السنة لا يقولون: القرآن قديم، ولا يطلقون القول بأن كلام الله قديم، بل يقولون: إن الله لم يزل يتكلم إذا شاء بما شاء، أو يقولون: قديم النوع حادث الآحاد.
ومذهب الأشاعرة في كلام الله وفي القرآن هو أقرب إلى مذهب المعتزلة، وهو يتضمن تشبيه الله سبحانه بالأخرس، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[25 Dec 2005, 07:46 م]ـ
18 – قال الحافظ 5/ 341 على الحديثين رقم (2731، 2732): " وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل، والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة ".
انظر: تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في هامش 1/ 327.
19 – قال الحافظ 5/ 351 على الحديثين رقم (2731، 2732)
" وفي رواية موسى بن عقبة، عن الزهري: فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا ... ".
قال الشيخ البراك قوله: " وجعل عند قبره مسجدًا ": هذه الرواية منكرة لا تصح سندًا ولامتنًا؛ فإن بناء المساجد على القبور مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرًا بالغًا؛ فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الذين يبنون المساجد على قبور الصالحين " أولئك شرار الخلق "؛ وذلك أن اتخاذ القبور مساجد من أعظم وسائل الشرك، فيمتنع مع هذا أن يبني أبو جندل مسجدًا عند قبر أبي بصير، كيف وهو في عصر النبوة، والمعروف أن بناء المساجد على القبور لم يعرف في الإسلام إلا بعد القرون المفضلة؟! والذي يظهر أن قوله: " وجعل عند قبره مسجدًا " ليس في أصل رواية موسى بن عقبة، وأن قوله " جُعل " مبني للمجهول، فيكون الفاعل غير أبي جندل، ولعلها من قول الحافظ أو غيره، وأن أصل العبارة " وقد جعل " فليحرر من مغازي موسى بن عقبة. اهـ
أضاف الناشر: في رواية معمر عن الزهري: ( ... ورد كتاب النبي r وأبو بصير في الموت يجود بنفسه، فأعطي الكتاب فجعل يقرأه ويُسرُّ به حتى قبض والكتاب على صدره، فبُني عليه هناك مسجد يرحمه الله) [الروض الأنف 7/ 79 ط. دار إحياء التراث العربي] فورد الفعل (بُني) بصيغة ما لم يسم فاعله، ووردت لفظة (مسجد) مرفوعة على أنها نائب فاعل، وهذا يعني أن بناء المسجد لم يكن من أبي جندل رضي الله عنه، ويحتمل أنه حدث بعد ذلك بزمن طويل.
وانظر "السيرة النبوية الصحيحة" للدكتور أكرم العمري 2/ 451،452 بالهامش حيث ذكر رواية الزهري من مخطوط، ولم يذكر فيها قصة بناء المسجد.
والذي في "الإصابة" في ترجمة أبي بصير (6/ 375): (وعند موسى بن عقبة في المغازي من الزيادة في قصته: ... ولما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه، ورد الكتاب وأبو بصير يموت، فمات وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه). فلعله التبس على بعض النقلة عن موسى بن عقبة جملة: (وصلى عليه) بجملة: (بُني عليه هناك مسجد) أو جملة: (جعل عند قبره مسجدًا).
وانظر تعليق الشيخ عبد العزيز ابن باز هامش 1/ 525.
20 – قال الحافظ 6/ 40 على حديث رقم (2826) قوله: " يضحك الله إلى رجلين " قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هذه مثل ضرب لهذا الصنيع الذي يحل محل الإعجاب عند البشر فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما وقبوله للآخر ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة مع اختلاف حاليهما.
قال: وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب، فإن الضحك يدل على الرضا والقبول.
قال: والكرام يوصفون عندما يسألهم السائل بالبشر وحسن اللقاء، فيكون المعنى في قوله: " يضحك الله " أي يجزل العطاء.
قال: وقد يكون معنى ذلك أن يعجب الله ملائكته ويضحكهم من صنيعهما، وهذا يتخرج على المجاز، ومثله في الكلام يكثر ".
قال الشيخ البراك: قول الخطابي: " الضحك الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرح أو الطرب .... إلخ ":
مذهب أهل السنة في الضحك المضاف إلى الله تعالى في هذا الحديث وغيره إثباته لله عز وجل على ما يليق به ويختص به، وأنه ضحك لا كضحك المخلوقين كما يقولون مثل ذلك في سائر ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فعندهم أنه تعالى يضحك حقيقة، والضحك منه تعالى غير العجب، وغير الرحمة والرضا، لكنه يتضمن هذه المعاني أو يستلزمها.
ونفي حقيقة الضحك عن الله تعالى هو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة. وليس لهذا النفي من شبهة إلا من جنس ما تُنفى به سائر الصفات. ثم إن الذين نفوا الضحك عن الله عز وجل من الأشاعرة أو من وافقهم منهم من يسلك في النصوص طريقة التفويض فلا يفسرها، ولا يثبت ظاهرها إلا بلفظ دون معنى، ومنهم من يسلك فيها طريقة التأويل فيفسرها بما يخالف ظاهرها؛ وهذا هو الذي سلكه الخطابي فيما نقله عنه الحافظ رحمهما الله تعالى، وعفا عنهما.
ونقول: نعم، الضحك الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى؛ فإن ذلك ضحك البشر وهو مختص بهم، وضحك الرب سبحانه مختص به. فليس الضحك كالضحك، كما يقال مثل ذلك في قدرته وإرادته وغير ذلك من صفاته سبحانه وتعالى.
وقول الخطابي: " وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة " فيه نظر، والأشبه أن هذا لا يصح عن البخاري، ويؤيد ذلك قول الحافظ رحمه الله تعالى عندما نقل قول الخطابي عن البخاري في كتاب التفسير حديث (4889) حيث قال: "قال الخطابي: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة" قلت: - أي الحافظ - ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[26 Dec 2005, 04:23 م]ـ
21 – قال الحافظ 6/ 40 على حديث رقم (2826): قال: " وقال ابن الجوزي: أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا ويمرونه كما جاء، وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق، ومعنى الإمرار عدم العلم بالمراد منه مع اعتقاد التنزيه.
قلت: ويدل على أن المراد بالضحك الإقبال بالرضا تعديته بإلى، تقول: ضحك فلان إلى فلان، إذا توجه إليه طلق الوجه، مظهرا للرضا عنه ".
قال الشيخ البراك: قول ابن الجوزي: " أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا ويمرون كما جاء .... إلخ ":
المعروف عن ابن الجوزي نفي حقائق الصفات الخبرية - مثل الضحك والفرح - كما هو مذهب جمهور الأشاعرة. ثم إن كثيرًا منهم يفسر النصوص الواردة في تلك الصفات بما يخالف ظاهرها، كما فسروا المحبة والرضا بإرادة الإنعام.
وقد يفسرون الفرح والضحك بمثل ذلك، أو يفسرونهما بالرحمة والرضا. وهذه طريقة أهل التأويل منهم فيجمعون بين التعطيل والتحريف.
ومنهم من يذهب في نصوص الضحك والفرح ونحو ذلك مذهب التفويض؛ وهو إمرار ألفاظ النصوص من غير فهم لمعناها؛ فعندهم أنها لا تدل على شيء من المعاني. وهذا يقتضي أنه لا يجوز تدبرها لأن المتدبر يطلب فهم المعنى المراد، ولا سبيل إليه عندهم.
وقد زعم ابن الجوزي فيما نقله عنه الحافظ هنا أن هذا – أي التفويض – هو مذهب أكثر السلف. وهو باطل وغلط عليهم، بل إن السلف يثبتون ما أثبته الله عز وجل لنفسه أو أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفات.
ومن قال من السلف في نصوص الصفات: أمروها كما جاءت أو أمروها بلا كيف لا يريدون أنه لا معنى لها كما يدَّعي المفوضة من النفاة، بل يريدون إثبات ما يدل عليه ظاهرها وعدم العدول بها عن ظاهرها، فلا يجوز حمل كلامهم ذلك على ما يخالف المعروف من مذهبهم في صفاته سبحانه وتعالى.
22 – قال الحافظ 6/ 136 على حديث رقم (2994 – 2995): قال: "وقيل: مناسبة التسبيح في الأماكن المنخفضة من جهة أن التسبيح هو التنزيه، فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والمتعالي، ولم يرد ضد ذلك، وإن كان قد أحاط بكل شيء علمًا جل وعز".
قال الشيخ البراك: قوله: "ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى ... إلخ": مضمون هذا الكلام أن الله عز وجل كما يستحيل أن يكون في جهة السفل يستحيل أن يكون في جهة العلو، ولا يلزم من ذلك أن لا يوصف بالعلو المعنوي؛ فالمستحيل عليه هو العلو الحسي. ويراد بالعلو الحسي علو الذات، وبالمعنوي علو القدر والقهر. وهذا هو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فإنهم جميعًا ينفون علو الله عز وجل بذاته فوق مخلوقاته، ولذا ينفون استواءه على عرشه، ثم إما أن يقولوا: إنه في كل مكان - وهذا هو القول بالحلول - وإما أن يقولوا: إنه لا داخل العالم ولا خارجه - وهذا يستلزم عدمه - وبهذا يعلم أن النزاع بين أهل السنة وبين أهل البدع إنما هو في علو الذات، وقد تضافرت كل أنواع الأدلة على إثبات أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه؛ فتطابق على ذلك الكتاب والسنة والعقل والفطرة، ومضى على ذلك سلف الأمة من الصحابة والتابعين، وقد أجمع على ذلك أهل السنة والجماعة، وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ من نفي علو الذات واستحالته قول باطل، والذي يظهر أنه يرتضيه ويقول به عفا الله عنه.
23 – قال الحافظ 6/ 142على حديث رقم (3005): "هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه، فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه؛ فإنه إنما يجعل للتبرك به، والتعوذ بأسمائه وذكره ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ البراك: قوله: " فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه": التمائم من القرآن قد اختلف فيها السلف؛ فرخص فيها بعضهم، منهم عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ومنهم من لم يرخص فيها كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال إبراهيم النخعي رحمه الله: كانوا يكرهون التمائم من القرآن وغير القرآن - يريد أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه - وهذا هو الراجح؛ وذلك لأمور:
منها: أن أحاديث النهي عن التمائم عامة فلا تخص إلا بدليل.
ومنها: أن تعليق التمائم من القرآن يفضي إلى امتهانه.
ومنها: أن ذلك وسيلة إلى تعليق غيرها؛ إذ يمكن أن يدَّعي كل من علق تميمة أنها من القرآن. والحافظ رحمه الله تعالى قد اختار هنا القول بالجواز.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 Dec 2005, 04:09 م]ـ
24 - قال الحافظ 6/ 145 على حديث رقم (3010) "وقد تقدم توجيه العجب في حق الله في أوائل الجهاد، وأن معناه الرضا، ونحو ذلك".
قال الشيخ البراك: قوله: " وأن معناه الرضا ": هذا يقتضي نفي حقيقة العجب، وقد ثبتت صفة العجب لله تعالى بالكتاب والسنة كما قُرئ: {بل عجبتُ ويسخرون}، وكما قال تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم}. وفي الحديث: " عجب ربك من قنوط عباده ". وأهل السنة والجماعة يثبتون العجب لله تعالى على ما يليق به، كما يثبتون الضحك، والفرح، والحب، والبغض. والنفاة ينفون حقائق هذه الصفات. ومعلوم أن العجب الذي يثبت لله تعالى ليس كعجب المخلوقين؛ لا في حقيقته، ولا في سببه؛ فإن عجب المخلوق يكون لخفاء السبب كما قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب، أما العجب من الله تعالى فإنه واقع مع كمال العلم، لكنه يقتضي أن الشيء الذي عجب الله منه قد تميز عن نظائره.
وتفسير العجب بالرضا لا يصح؛ فإن الله يعجب من بعض ما يحب ويرضى، ويعجب من بعض ما يبغض ويسخط كما في الآيتين والحديث. ومن يفسر من النفاة العجب بالرضا يفسر الرضا بالإرادة؛ فيؤول الأمر إلى تفسير العجب بالإرادة؛ وهذا كله من صرف ألفاظ النصوص عن ظاهرها بغير حجة؛ وهذا هو التحريف الذي نهى الله عنه في كتابه وذم به اليهود في قوله تعالى: "يحرفون الكلم من بعد مواضعه".
25 – قال الحافظ 6/ 291 على حديث رقم (3194) قوله: (كتب في كتابه) أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ ... إلخ ".
قال الشيخ البراك قوله: " أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ ... إلخ ": هذا يقتضي أن الله تعالى لم يكتب بنفسه، بل أمر القلم أن يكتب، وأن هذه الكتابة هي الكتابة في اللوح المحفوظ، وأنه المراد بالكتاب في هذا الحديث.
وفي هذا نظر؛ فإنه لا موجب لصرف اللفظ هنا عن ظاهره، فإن الله تعالى يكتب بنفسه، بيده ما شاء إذا شاء، وهذا على مذهب أهل السنة المثبتين لقيام الأفعال الاختيارية به.
وأما نفاة الأفعال الاختيارية كالمعطلة من الجهمية والمعتزلة وكذا الأشاعرة، فإنهم ينفون قيام الكتابة به سبحانه، فلذا يتأولون كل ما ورد فيه إضافة الكتابة إليه. وإن كان يصح حمله على الأمر بالكتابة في بعض المواضع، فإن ذلك لا يصح في كل موضع؛ فإن اللفظ المحتمل يجب حمله على الظاهر ما لم يمنع منه مانع، أو يدل دليل يوجب صرفه عن ظاهره، وحمله على المعنى الآخر، وكذلك لا يتعين أن يكون المراد بالكتاب في هذا الحديث هو اللوح المحفوظ، بل يحتمل أن يكون كتابًا آخر كتب الله فيه ما شاء، ومنه قوله تعالى: " إن رحمتي غلبت غضبي "؛ فالواجب إمرار الحديث على ظاهره على مراد الله ومراد رسوله من غير تكييف ولا تحريف.
وأما قول الحافظ: " ويحتمل أن يكون الكتاب: اللفظ الذي قضاه .... إلخ " فهو أبعد من التأويل الذي قبله، ولا حجة له في قوله تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي "؛ فإنه لا يمتنع أن يكون كتب الله هذا الحكم فيما شاء، بل هذا هو الظاهر؛ فالآية نظير الحديث في نسبة الكتابة إلى الله عز وجل، ولا موجب لصرفهما عن ظاهرهما، إذ لم يدلا إلا على الحق.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[28 Dec 2005, 06:36 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
26 – قال الحافظ 6/ 291) على حديث رقم (3194) قوله: (فهو عنده فوق العرش)، قيل: معناه دون العرش، وهو كقوله تعالى: " بعوضة فما فوقها " والحامل على هذا التأويل استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فهو عنده " أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية، بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيًا عن الخلق مرفوعًا عن حيز إدراكهم ".
قال الشيخ البراك: ما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث تخبط الحامل عليه نفي علو الله بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فإن من ذهب إلى ذلك من الأشاعرة وغيرهم ينفون عن الله عز وجل عندية المكان، فليس بعض المخلوقات عنده دون بعض لأنه تعالى بزعمهم في كل مكان فلا اختصاص لشيء بالقرب منه، فلذا يتأولون كل ما ورد مما يدل ظاهره على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى: "إن الذين عند ربك"، وكقوله في هذا الحديث: " فهو عنده فوق العرش"، فجرهم الأصل الفاسد إلى مثل هذه التأويلات المستهجنة التي ذكرها الحافظ وتعقب بعضها، وأهل السنة المثبتون للعلو والاستواء يجرون هذا الحديث وأمثاله على ظاهره، وليس عندهم بمشكل، فهذا الكتاب عنده فوق العرش، والله فوق العرش كما أخبر به سبحانه عن نفسه، وأخبر به أعلم الخلق به ?.
27 – قال الحافظ 6/ 292 على حديث رقم (3194): قال: " والمراد من الغضب لازمه، وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب، لأن السبق والغلبة باعتبار التعلق، أي تعلق الرحمة غالب سابق على تعلق الغضب، لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدسة، وأما الغضب فإنه متوقف على سابق عمل من العبد الحادث ".
قال الشيخ البراك قوله: " المراد من الغضب لازمه .... إلخ ": صرف للفظ عن ظاهره من غير دليل يوجب ذلك، والموجب لذلك عند من تأوله هو امتناع حقيقة الغضب في حق الله تعالى؛ لأن ذلك بزعمهم يستلزم التشبيه. وبهذه الشبهة نفى الأشاعرة كثيرًا من الصفات، ونفى الجهمية المعتزلة جميع الصفات.
ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات الغضب والرحمة وأنهما صفتان قائمتان بالله كسائر الصفات الذاتية والفعلية. ولا يستلزم شيء من ذلك مشابهته للمخلوق كما يقول الأشاعرة مثل ذلك في الصفات السبع التي يثبتونها. ولذلك يلزمهم أن يقولوا في سائر الصفات التي ينفونها نظير قولهم فيما أثبتوه.
والغضب الذي يفسر بأنه غليان دم القلب طلبًا للانتقام هو غضب المخلوق، وليس غضب الخالق كغضب المخلوق، وبهذا يتبين أنه لا موجب لتأويل الغضب بالإرادة أو العقوبة. ويلزم المتأول فيما تأوله نظير ما فر منه؛ إذ القول في الإرادة كالقول في الغضب.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Dec 2005, 02:47 م]ـ
28 – قال الحافظ 6/ 299 على حديث رقم (3199) قال: " قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد، ثم ترجع. قلت: إن أراد بالخروج الوقوف فواضح، وإلا فلا دليل على الخروج، ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال، فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين ".
قال الشيخ البراك: قوله: " قال ابن العربي: .... إلخ": دل القرآن على مثل ما دل عليه حديث أبي ذر من سجود الشمس؛ وذلك في قوله تعالى: "ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"، كما دلت الآية على أن سجود هذه المخلوقات غير دلالتها بلسان الحال وصورة الحال على ربوبيته تعالى؛ إذ لو كان سجودها هو دلالتها على الخالق سبحانه أو تسخيرها وانقيادها للقدرة لما خص ذلك بكثير من الناس ونفاه عن كثير- وهم الذين حق عليهم العذاب - فإن الدلالة على الخالق سبحانه والانقياد لقدرته حاصلتان في جميع الناس وجميع المخلوقات، فالواجب إثبات سجود الشمس وما ذكر معها في الآية، وأنه سجود حقيقي يناسب هذه المخلوقات ولا يعلم العباد كيفيته، فإنكاره رد لما أخبر الله به ورسوله، وصرفه عن ظاهره لا موجب له، ولا دليل عليه، فإن هذه المخلوقات لها شعور بالعبودية لله تعالى تسبح وتسجد وتؤوب وتخشى كما قال تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية
(يُتْبَعُ)
(/)
الله"، وقال تعالى: "ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه". وقال: "وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم".
29 – قال الحافظ 6/ 353 على حديث رقم (3303) قال: "ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركا بهم .... إلخ".
قال الشيخ البراك: قوله: "ويؤخذ منه استحباب الدعاء .... ": في هذا الاستنباط نظر؛ فإن مأخذه قياس الصالحين على الملائكة. ولا يخفى أن للملائكة شأنًا ليس كشأن الآدميين، وليس لهذا الاستنباط ما يعضده من هدي السلف الصالح، وطرد هذا القياس استحباب التعوذ عند حضور الأشرار، فالأظهر أن ما ذكر في الحديث من السؤال والتعوذ تعبدي لا يقاس عليه.
30 – قال الحافظ 6/ 366 على حديث رقم (3326) قال: " وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم، والمعنى أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها .... إلخ ".
انظر التعليق رقم (16).
31– قال الحافظ 6/ 389 على باب 8 من كتاب أحاديث الأنبياء.
قال: " والخليل فعيل بمعنى فاعل .... وأما إطلاقه في حق الله تعالى فعلى سبيل المقابلة، وقيل: الخلة أصلها الاستصفاء، وسمي بذلك لأنه يوالي ويعادي في الله تعالى، وخلة الله له نصره، وجعله إماما .... إلخ".
قال الشيخ البراك: قوله: "والخليل: فعيل بمعنى فاعل .... إلخ": في هذا غلط على اللغة وعلى الشرع؛ فالخليل كالحبيب: فعيل بمعنى مفعول، وهذا هو الغالب في هذه الصيغة؛ فحبيب بمعنى محبوب، وخليل بمعنى محبوب غاية المحبة، ومن ذلك قول أبي هريرة رضي الله عنه: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم " يخبر بذلك عن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم، لا عن حب الرسول له؛ فتفسير الخليل بمعنى المحب بناء على أن فعيل بمعنى فاعل مبني على نفي صفة المحبة عن الله عز وجل كما هو مذهب الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، فجمعوا بين التعطيل والتحريف.
وأقبح من هذا تفسير الخليل بالفقير على أن اللفظ مأخوذ من الخَلَّة بمعنى الحاجة.
ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل: يُحِبُّ ويُحَبُّ، كما في قوله تعالى: "يحبهم ويحبونه"، ومحبة الله لأوليائه ليست كمحبة المخلوق، وقد أنكر السلف والأئمة على الجهمية نفيهم للصفات، وأفتوا بقتل إمامهم الجعد بن درهم حين زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى تكليمًا، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً.
والحافظ رحمه الله تعالى وعفا عنه جرى فيما ذكره في معنى الخليل على مذهب الأشاعرة؛ فإنهم ينفون حقيقة المحبة عن الله عز وجل، وكثير منهم يؤولون النصوص الواردة فيها بأنواع التأويلات المخالفة لظاهرها كما ذُكر هنا.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[01 Jan 2006, 07:55 م]ـ
32 – قال الحافظ 6/ 436 على حديث رقم (3402)
قال: " وكانوا يرون أنه الخضر ... إلخ ".
قال الشيخ البراك: الخضر عبد من عباد الله الصالحين، وهذا الذي ذكره الله خبره مع موسى عليه السلام في سورة الكهف في قوله تعالى: " فوجدا عبدا من عبدنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ".
وصح في خبره حديث ابن عباس، عن أُبي رضي الله عنهما كما رواه البخاري وغيره.
وقد اختلف الناس فيه هل هو نبي أو غير نبي على قولين أصحهما أنه نبي كما أوضح ذلك الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان (4/ 162)، ولابن حجر نفسه رسالة في إثبات ذلك اسمها: "الزهر النضر في نبأ الخضر".
كما اختلف الناس في حياته ووجوده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، والذي رجحه الأئمة المتقدمون أنه قد مات، ولم يدرك عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال كثير من المتأخرين بأنه حي، ولم يذكروا على ذلك دليلا يعول عليه في معارضة أدلة أهل القول الأول، بل كل ما ذكروه آثار لم يصح منها شيء، كما أوضح ذلك الحافظ رحمه الله تعالى في هذا الموضع، فالصواب، والله اعلم هو قول الأئمة كالبخاري وغيره.
وانظر أيضا تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز ..
33 – قال الحافظ 6/ 444 على حديث رقم (3408) قال: " لأن الأنبياء أحياء عند الله، وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا .... إلخ ".
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ البراك: قوله: " لأن الأنبياء أحياء عند الله ..... إلخ ": إن أراد أنهم أحياء حياة برزخية تخالف في حقيقتها وأحكامها حياتهم في الدنيا وحياتهم بعد البعث فهذا حق، ولا يخرجون بذلك عن الوصف بالموت الذي هو مفارقة هذه الحياة الدنيا، كما لا تثبت لهم بهذه الحياة البرزخية أحكام الحياة التي بعد البعث، كما لم نثبت لهم أحكام الحياة الدنيا.
وإن أراد أنهم أحياء في قبورهم كحياتهم في الدنيا إلا أنهم في صور الأموات بالنظر لأهل الدنيا فهذا باطل؛ فإن الشهداء تنكح نساؤهم، ويقسم ميراثهم، وينقطع تكليفهم، وهذه أحكام الميت.
34 – قال الحافظ 6/ 488 على حديث رقم (3441) وإذا ثبت أنهم أحياء ـ الأنبياء ـ من حيث النقل فإنه يقويه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن، والأنبياء أفضل من الشهداء .... إلخ ".
انظر: التعليق (33)
35 – قال الحافظ 6/ 600 على حديث رقم (3581)
قال: " وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء .... إلخ ".
قال الشيخ البراك: قوله: " وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء ... ": ليس في القصة تبرك بطعام الأولياء؛ فإن الضيف لم يقصد بأكله التبرك بطعام أبي بكر، وأبو بكر لم يقصد بأكله التبرك بأثر ذلك الضيف، وإنما الذي في الحديث أن الله عز وجل بارك في طعام أبي بكر رضي الله عنه بأن كثَّره كرامة لأبي بكر رضي الله عنه حيث أضاف بعض أهل الصفة طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم. وفيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم كما جرى مثل ذلك وأعظم منه من تكثير الطعام والشراب على يده صلى الله عليه وسلم.
وانظر في حكم التبرك بآثار الصالحين تعليق الشيخ عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - في هامش 1/ 525
36 – قال الحافظ 7/ 23 على حديث رقم (3658) قال:" ... أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته .... إلخ ".
قال الشيخ البراك: في هذا صرف للكلام عن ظاهره بغير دليل. وانظر التعليق (31)
37 – قال الحافظ 7/ 29 على حديث رقم (3667)
قال: " والأنبياء أحياء في قبورهم .... إلخ ".
انظر التعليق (33)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[03 Jan 2006, 08:07 م]ـ
38 – قال الحافظ 7/ 124 على حديث رقم (3803) قال: " وليس العرش بموضع استقرار الله .. ".
قال الشيخ البراك: لا وجه لهذا النفي؛ فإن الله عز وجل مستو على عرشه كما أخبر سبحانه في سبعة مواضع من كتابه أنه استوى على العرش. ومن عبارات السلف في تفسير (استوى): استقر. ولكن نفي أن يكون العرش موضع استقرار الله مبني على نفي حقيقة الاستواء، وهو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فعندهم أن الله في كل مكان، أو يقال: إنه لا خارج العالم ولا داخله، ثم الواجب عندهم في نصوص الاستواء إما التفويض وإما التأويل؛ مثل أن يقال في معنى (استوى): استولى. وهذا هو الغالب عليهم، فيجمعون بين التعطيل والتحريف. وكل هذا بلا حجة من عقل ولا سمع.
ومذهب أهل السنة إثبات الاستواء بمعناه المعلوم في اللغة مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول".
ومعلوم أن استواء الله عز وجل على عرشه لا يستلزم حاجته سبحانه إليه؛ لأنه الغني عن كل ما سواه، وهو سبحانه الممسك للعرش وما دون العرش.
39 – قال الحافظ 7/ 156 على حديث رقم (3803) قال: " ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شيء ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: " أن الله منزه عن الحركة والتحول .... ": لفظ الحركة والتحول مما لم يرد في كتاب ولا سنة، فلا يجوز الجزم بنفيه، ونسبة نفيه إلى السلف والأئمة من أهل السنة والجماعة لا تصح. بل منهم من يجوز ذلك ويثبت معناه ويمسك عن إطلاق لفظه، ومنهم من يثبت لفظ الحركة، ولا منافاة بين القولين؛ فإن أهل السنة متفقون على إثبات ما هو من جنس الحركة كالمجيء، والنزول، والدنو، والصعود، مما جاء في الكتاب والسنة. والأولى: الوقوف مع ألفاظ النصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " وكذلك لفظ الحركة: أثبته طوائف من أهل السنة ... وقال: والمنصوص عن الإمام أحمد إنكار نفي ذلك، ولم يثبت عنه إثبات لفظ الحركة، وإن أثبت أنواعًا قد يدرجها المثبت في جنس الحركة" الاستقامة: 1/ 71 – 72.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ذكر قول الفضيل بن عياض: " إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه. فقل: أنا أومن برب يفعل ما يشاء " الاستقامة: 1/ 77.
ونفي الحركة يتفق مع مذهب نفاة الأفعال الاختيارية من الأشاعرة وغيرهم، وهو الذي يقتضيه كلام الحافظ رحمه الله، وأما لفظ التحول فالقول فيه يشبه القول في لفظ الحركة.
40 – قال الحافظ 7/ 145 على حديث رقم (3827) قال: " والمراد بغضب الله إرادة إيصال العقاب ... ".
قال الشيخ البراك: الواجب إثبات حقيقة الغضب، وحقيقة اللعن قولا وفعلا على ما يليق به سبحانه كسائر الصفات والأفعال، وتأويل الغضب بإرادة العقاب هي طريقة أهل التأويل من الأشاعرة وغيرهم ممن يثبت بعض الصفات وينفي بعضها، فيلزمهم القول فيما نفوه نظير قولهم فيما أثبتوه، وإلا كانوا متناقضين مفرقين بين المتماثلات.
وانظر: التعليق (27)
41 – قال الحافظ 7/ 412 على حديث رقم (4121) قال: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة" وأرقعة بالقاف جمع رقيع، وهو من أسماء السماء، قيل: سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم، وهذا كله يدفع ما وقع عن الكرماني (بحكم الملك) بفتح اللام وفسّره بجبريل؛ لأنه الذي ينزل بالأحكام.
قال السهيلي: قوله: "من فوق سبع سماوات" معناه أن الحكم نزل من فوق، قال: ومثله قول زينب بنت جحش: "زوجني الله من نبيه من فوق سبع سماوات" أي نزل تزويجها من فوق، قال: ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله، لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه ... ".
قال الشيخ البراك: قول السهيلي: "ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق ..... ": هذا يتضمن أن الفوقية منها ما يستحيل على الرب سبحانه فيجب نفيه، ومنها ما لا يستحيل عليه فلا مانع من إثباته، وعليه يحمل ما جاء من وصف الله تعالى بالفوقية. وهذا التفصيل مبني على نفي علو الله تعالى بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فالفوقية ثلاثة أنواع: فوقية الذات، وفوقية القدر، وفوقية القهر؛ فنفاة العلو من الجهمية ومن تبعهم يثبتون فوقية القدر والقهر دون فوقية الذات، وأهل السنة والجماعة يثبتون له سبحانه الفوقية بكل معانيها؛ كما قال تعالى: "وهو القاهر فوق عباده"، كما يقولون مثل ذلك في العلو؛ فعندهم أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[04 Jan 2006, 04:35 م]ـ
بارك الله فيك ياشيخ عبدالرحمن.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[07 Jan 2006, 08:40 م]ـ
جزاك الله خيرا
42 - قال الحافظ: 8/ 155 في كلامه على مقدمة كتاب التفسير قوله: "الرحمن الرحيم: اسمان من الرحمة" أي: مشتقان من الرحمة، والرحمة لغة: الرقة والانعطاف، وعلى هذا فوصفه بها تعالى مجاز عن إنعامه على عباده، وهي صفة فعل لا صفة ذات ..
قال الشيخ البراك: مضمون هذا نفي حقيقة الرحمة عن الله تعالى، وحمل ما ورد في ذلك على المجاز، وتفسير الرحمة من الله عز وجل إما بإرادة الإنعام أو بالإنعام، وهذا جمع بين التعطيل والتحريف، وهو سبيل الجهمية ومن تبعهم.
والصواب أن الله عز وجل موصوف بالرحمة حقيقة كما دل على ذلك إسماه تعالى: الرحمن الرحيم.
والقول في الرحمة في حقه تعالى كالقول في سائر صفاته من علمه وسمعه وبصره تُثبت له على ما يليق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل.
وتفسير الرحمة بالرقة يناسب رحمة المخلوق، ورحمة الخالق ليست كرحمة المخلوق، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، فالواجب اتباع سبيلهم، فإنه سبيل المؤمنين الذي قال الله عز وجل فيه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا".
43 - قال الحافظ 8/ 336 على حديث 4670: (قال: إنه منافق فصلى عليه) أما جزم عمر بأنه منافق فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الإسلام كما تقدم تقريره واستصحابا لظاهر الحكم ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة .. الخ
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ البراك: الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالصلاة على ابن أبي بن سلول، بل وتكفينه بقميصه، الاستجابة لرغبة ولده، وتطييب قلبه، وتأليف عشيرته؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم مخيرًا بين الاستغفار وتركه كما في قوله تعالى: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم" فلما جاءه النهي انتهى؛ قال الله تعالى: "ولاتصل على أحد منهم".
44 – قال الحافظ: 8/ 336 على حديث رقم 4670 قال: "وتعقبه ابن المنير بأن الإيمان لا يتبعض، وهو كما قال .. ".
قال الشيخ البراك: هذا مبني على أن الإيمان هو التصديق، وأن العمل ليس من مسمى الإيمان؛ وهو مذهب المرجئة، وهو باطل، بل الإيمان كما قال أئمة السنة: قول وعمل، أو هو: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.
وعلى هذا فالإيمان شعب كما قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" وهذا يقتضي أنه يتبعض؛ فقد يترك العبد بعض تلك الشعب، أو كثيرا منها، وكذلك التصديق يتبعض باعتبار التفاوت في العلم بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما التصديق بما علم من خبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتبعض ضرورة أنه يجب الإيمان بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التصديق يتفاوت في القوة والضعف.
وبهذا يتبين أن إطلاق القول بأن الإيمان لا يتبعض لفظ مجمل يحتاج إلى تفصيل واستفصال عن مراد المتكلم، ولكن إذا عرف مذهبه في الإيمان عرف مراده، والله الهادي إلى سواء السبيل.
45 – قال الحافظ: 8/ 340 على حديث رقم (4672) قال: "وفيه جواز سؤال الموسر من المال من ترجى بركته شيئا من ماله لضرورة دينية".
قال الشيخ البراك: في هذا الاستنباط نظر؛ فإن عبد الله رضي الله عنه لم يقصد مطلق المال، وإنما قصد ما فيه أثر بركة النبي صلى الله عليه وسلم - وهو القميص - رجاء أن ينتفع والده بذلك، فموضع الاستدلال أخص من الاستنباط الذي ذكره الحافظ رحمه الله تعالى، وهو جار على سنن ما قبله من الاستدلال بمثل ذلك على التبرك بآثار الصالحين، وتقدم أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقاس عليه غيره.
وانظر التعليق (35).
46 – قال الحافظ: 8/ 429 على حديث رقم (4731) قال: " وحكى ابن التين للداودي في هذا الموضع كلاما في استشكال نزول الوحي في القضايا الحادثة، مع أن القرآن قديم .. ".
قال الشيخ البراك: قوله: " فإن القرآن قديم ... ": هذا من إطلاقات الأشاعرة؛ فإن من مذهبهم أن كلام الله معنى نفسي واحد قديم، ومعنى ذلك أنه لا تتعلق به المشيئة، ولا بداية لشيء منه؛ فهذا القرآن المسموع المتلو عبارة عن ذلك المعنى النفسي، فإذا قالوا: القرآن قديم، فإنهم يريدون ذلك المعنى. وهذا مذهب باطل؛ لأن مقتضاه أن القرآن المحفوظ في الصدور المكتوب في المصاحف ليس كلام الله حقيقة. وهذا خلاف ما عليه أهل السنة من أن القرآن كلام الله حقيقة كيفما تصرف متلوًا ومحفوظًا ومكتوبًا ومسموعًا. والله عز وجل تكلم به بمشيئته، وكثير منه يتعلق بحوادث في عصر النبوة، فنزل في شأنها القرآن خبرًا وأمرًا كالسور والآيات المتعلقة بالغزوات كبدر وأحد والأحزاب.
وانظر: التعليق (17)
ـ[الجعفري]ــــــــ[09 Jan 2006, 08:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[01 Sep 2006, 04:49 م]ـ
القول الواضح المبين في المراد بظل الله الذي وعد به المؤمنين العاملين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:
فقد حصل أخيراً اختلاف في حديث " سبعة يظلهم الله في ظله " وكثرت التساؤلات عن المراد منه فرأيت أن من واجبي أن أبين مراد رسول الله من هذا الحديث في ضوء النصوص النبوية والقواعد الشرعية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أسأل الله أن ينفعني وينفع إخواني المسلمين بهذه الدراسة وأن يجعله في صحيفة حسناتي.
نص الحديث
(يُتْبَعُ)
(/)
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي قال: (سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في اللَّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال:إني أخاف اللَّه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللَّه خالياً ففاضت عيناه " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1)
هذا الحديث: صحيح اتفق الشيخان على تخريجه نسأل الله أن يجعلنا من أهله.
لكن ما المراد من قوله: " يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ".
والجواب: أن هذا الظل إنما هو ظل العرش وإضافته إلى الله إنما هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه إضافة تشريف مثل:
1 - قول الله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}.
2 - ومثل قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ}.
3 - ومثل قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}.
4 - وقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.
فإضافة هذه الناقة إلى الله إضافة تشريف, وإضافة البيت إلى الله -والمراد به الكعبة- إضافة تشريف, وكذلك إضافة الرسول إلى الله إضافة تشريف, وكل أولئك مخلوقون وإضافتهم إلى الله إضافة مخلوق إلى خالقه إضافة تشريف وإلا فالعالمون كلهم مخلوقون.
وهناك قواعد عظيمة يجب مراعاتها عند تفسير كلام الله وكلام رسوله.
منها قاعدة عظيمة يذكرها شيخ الإسلام في المضاف إلى الله ينبغي للباحث في قضايا التوحيد وما يتصل بها أن يراعيها ويجعلها نصب عينيه ومن لم يراعها وقع في الخطأ مهما بلغ من العلم والفضل. وسألخص كلامه بحسب ما يقتضيه المقام:
قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (9/ 290 - 291) وهو يتحدث عن الروح في الإنسان وأنها تدبر الجسم وتخاطب وأن نسمة المؤمن طائر تعلق من ثمر الجنة ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش.
وأن الأرواح أسودة عن يمين آدم وعن يساره، وأنها تقبض وترسل، وأنها تعرج إلى السماء، وأنها تسمى روحاً وتسمى نفساً باعتبارين.
ثم قال: " ولهذا تسمى الريح روحاً وقال النبي " الريح من روح الله"، أي: من الروح التي خلقها الله.
ثم ذكر القاعدة العظيمة فقال: " فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك لا إضافة وصف إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عيناً قائمة بنفسها، فهو مِلك له وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به، فهو صفة لله.
فالأول: كقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}، وهو جبريل، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً. قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً}.
وقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا}.
وقال عن آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}.
قلت: يعني أن هذه الأمور المذكورة في هذه الآيات التي مثل بها هي أعيان قائمة بذاتها فإضافتها إلى الله إضافة ملك، أو قل إضافة تشريف وليست من باب إضافة الصفة إلى الموصوف تعالى الله عن ذلك.
ثم قال -رحمه الله-: " والثاني: كقولنا علم الله وكلام الله وقدرة الله وأمر الله ".
قلت: يعني أن هذه الصفات الجليلة صفات لله قائمة بذاته، فإضافتها إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف.
ثم قال -رحمه الله -: " لكن قد يعبر بلفظ المصدر عن المفعول به، فيسمى المعلوم علماً والمقدور قدرة، والمأمور أمراً, والمخلوق بالكلمة كلمة، فيكون مخلوقاً كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ}، وقوله: {إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}، وقوله: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ... } , ومنه قوله في الحديث الصحيح للجنة: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي " كما قال للنار " أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها ".
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: أي إن الإضافات في هذه الأمثلة من إضافة المخلوق إلى الخالق عز وجل كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ}، أي مأموره، وقوله عن عيسى: إنه كلمته وكلمة منه أي أنه كان وخلق بالكلمة التي هي كلمة الله التي يخلق بها، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ. فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}. الآية.
وقوله للجنة: أنت رحمتي، وللنار: أنت عذابي، من إضافة المخلوق إلى الخالق.
وكل هذه الأشياء المذكورة أعيان قائمة بنفسها فإضافتها إلى الله من إضافة المخلوق إلى الخالق.
وذكر شيخ الإسلام هذه القاعدة العظيمة في موضع آخر (2) وجعل المضاف إلى الله في الكتاب والسنة ثلاثة أقسام ومثَّل لإضافة الصفة إلى الموصوف بقوله تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، وقوله " اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ".
قال وفي الحديث الآخر " اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق ".
ومثَّل لإضافة المخلوقات إلى الخالق بقول الله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}، وقوله: {رَّسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] و {عِبَادَ اللَّهِ} [الصافات: 40]،وقوله: {ذُو الْعَرْشِ} [البروج: 15]، وقوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}.
ثم قال -رحمه الله - فهذا القسم لا خلاف بين المسلمين في أنه مخلوق.
كما أن القسم الأول لم يختلف فيه أهل السنة والجماعة في أنه قديم وغير مخلوق ".
وقد لخص هذه القاعدة الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- في (فتح المجيد) (3).
ثانياً – ومن القواعد التي يجب مراعاتها عند تفسير كلام الله وعند شرح كلام رسول الله ?: حمل المبهم على المبين والمطلق على المقيد.
فإذا لم يراع هذه القواعد وقع في الزلل وفي القول على الله بغير علم.
ومن القواعد التي يجب مراعاتها في باب التوحيد وإثبات صفات الله: أن يثبت لله ما أثبت لنفسه وما أثبته له رسوله ? من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل على أساس قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ {4}، وقوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}، أي: نظيراً وشبيهاً.
فإذا لم يراعِ العالم وطالب العلم هذه القواعد في أبواب تفسير كلام الله أو شرح وبيان حديث رسول الله ? وقع في الزلل والقول على الله بغير علم.
وسوف أسوق في هذا البحث بعض الأحاديث التي نصّ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على إكرام الله بعض عباده المؤمنين العاملين بأن يظلهم الله في ظل عرشه منها:
1 - حديث أبي هريرة
قال الإمام الترمذي في الجامع (2/ 575) حديث 1306):
حدثنا أبو كريب, قال:حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي, عن داود بن قيس, عن زيد بن أسلم, عن أبي صالح, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (من أنظر معسراً أو وضع له, أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه, يوم لا ظل إلا ظله).وفي الباب عن أبي اليسر, وأبي قتادة, وحذيفة, وابن مسعود وعبادة, وجابر.
حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 359).
قال:حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة وساق المتن مثله إلا أنه قال: (أظله الله في ظل عرشه يوم القيامة).
وهو حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه, كما قال الإمام الترمذي.
2 - 3 حديث معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت
قال الإمام أحمد في المسند (5/ 236 - 237):
حدثنا وكيع حدثنا جعفر بن برقان, عن حبيب بن أبي مرزوق ,عن عطاء بن أبي رباح , عن أبي مسلم الخولاني قال أتيت مسجد أهل دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب النبي ? وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا كلما اختلفوا في شي ردوه إلى الفتى فتى شاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: قلت: لجليس لي: من هذا؟ قال: هذا معاذ بن جبل، قال: فجئت من العشي, فلم يحضروا, قال: فغدوت من الغد قال: فلم يجيئوا, فرحت فإذا أنا بالشاب يصلى إلى سارية فركعت ثم تحولت إليه, قال: فسلم فدنوت منه فقلت: إني لأحبك في الله قال: فمدني إليه, قال:كيف قلت؟ قلت: إني لأحبك في الله, قال: سمعت رسول الله ? يحكى عن ربه, يقول: (المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله).
قال: فخرجت حتى لقيت عبادة بن الصامت فذكرت له حديث معاذ بن جبل, فقال: سمعت رسول الله ? يحكي عن ربه عز وجل يقول: (حقت محبتي للمتحابين فيَّ وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ, وحقت محبتي للمتزاوين فيَّ, والمتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله).
إسناد حديث معاذ وعبادة بن الصامت رجاله رجال الصحيحين إلا جعفر بن برقان فإنه من رجال مسلم والأربعة , وثقه ابن معين وابن نمير إلا في حديث الزهري فإنه ضعيف فيه, وقال الإمام أحمد: لأبأس به في غير حديث الزهري, وقال: أبو حاتم محله الصدق يكتب حديث، وقال الحافظ: صدوق يهم في حديث الزهري, ونقل فيه الذهبي توثيق ابن معين فقط.
وإلا حبيب بن أبي مرزوق فإنه" ثقة فاضل" من رجال الترمذي والنسائي وبقية رجاله رجال الصحيحين, فالحديث حسن لذاته يحتمل الصحة ويزداد قوة وصحة بحديث أبي هريرة السابق وبما يأتي بعده.
وأخرج البغوي حديث " سبعة يظلهم الله في ظله " ... الحديث, في شرح السنة (2/ 354 - 355) ثم قال: " قيل في قوله: يظلهم الله في ظله معناه إدخاله إياهم في رحمته ورعايته, وقيل: المراد منه ظل العرش".
وروي عن شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة في هذا الحديث" سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله "وعلق عليه المحقق بقوله: أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (ص371) وفي سنده جعفر بن محمد بن الليث ضعفه الدار قطني وقال: كان يتهم في سماعه.
وقال البغوي: وروي عن سلمان أنه قال: " التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله يعني مع هؤلاء السبعة التي جاءت في الحديث.
وقال البغوي: " وروى أيضاً عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ".
وأورد البيهقي في الأسماء والصفات (ص371) حديث السبعة، قال: ومعناه عند أهل النظر إدخاله إياهم في رحمته ورعايته كما يقال: أسبل الأمير أو الوزير ظله على فلان بمعنى الرعاية، وقيل: المراد بالخبر ظل العرش ".
أقول: وتأويله بالرحمة والرعاية غلط وأهل النظر هنا - فيما يبدو - هم أهل الكلام الذين دأبهم التأويل.
والحق أن المراد به: ظل العرش، كما هو ثابت بالأحاديث الصحيحة.
ثم ساق البيهقي بإسناده رواية شعبة عن خبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة ورواية ابن سيرين عن أبي هريرة بدون إسناد.
وأخرجه الخطيب في تاريخه (9/ 253 - 254) والبيهقي في الشعب.
من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ " تحت عرشه " وعبد الله بن عامر ضعيف لكنه ليس بمتروك وحديثه حسن في المتابعات " قاله الحافظ في الفتح (2/ 147).
ونقله عنه الألباني في الثمر المستطاب (2/ 631 - 632).
وقال: يقويه الحديث الآخر المشار إليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن موقوف عليه، قال الحافظ: " لكن له حكم الرفع " وهذا القول للحافظ في الفتح (2/ 147).
- حديث معاذ من طريق أخرى
وقال الإمام أحمد في المسند (5/ 233):
حدثنا روح ثنا الحجاج بن الأسود عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل أن رسول ? قال: (المتحابون في الله في ظل العرش يوم القيامة).
حديث معاذ هذا فيه الحجاج بن أبي زياد الأسود, وثقه الإمام أحمد وقال: رجل صالح وقال أبو حاتم: صالح الحديث وفيه شهر بن حوشب, قال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير الإرسال والأوهام, وضعفه شعبة ووثقه الإمام أحمد وابن معين, وقال أبو حاتم:" ليس بدون أبي الزبير 4" , وقرنه مسلم:راجع الكاشف (1/ 491).
وروح بن عبادة ثقة فاضل روى له الجماعة.
وعلى كل حال فهو يتقوى بما قبله وبما بعده من الأحاديث الواردة في هذا البحث.
وأخرج حديث عبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/ 328) وأبو يعلى الموصلي في مسنده وابن حبان كما في الإحسان (2/ 338).
(يُتْبَعُ)
(/)
قال عبد الله بن أحمد: ثنا أبو أحمد مخلد بن الحسن أبو زميل إملاء من كتابه ثنا الحسن بن عمر بن يحيى الفزاري ويكنى أبا عبد الله ولقبه أبو المليح الرقى عن حبيب بن أبي مرزوق به.
وساقه أبو يعلى بهذا الإسناد ورواه ابن حبان من طريق أبي يعلى به.
الحسن بن عمر الفزاري أبو المليح الرقى، قال فيه الحافظ الذهبي:"وثقه ابن معين وأحمد " وقال فيه الحافظ ابن حجر: " ثقة / بخ دس.
ومخلد بن الحسن قال فيه الذهبي: " وثقه النسائي " وقال الحافظ ابن حجر: " لا بأس به".
فهذا الإسناد صحيح يحتمل التحسين ويقويه ما قبله وما بعده.
4 - حديث العرباض بن سارية
قال الإمام أحمد في مسنده (4/ 128): حدثنا هيثم بن خارجة قال حدثنا ابن عياش يعني إسماعيل , عن صفوان بن عمرو وعبد الرحمن بن ميسرة عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله ?: قال الله عز وجل: (المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلاً ظلي)، قال عبد الله: وأحسبنى قد سمعته منه.
حديث العرباض رضي الله عنه في إسناده إسماعيل بن عياش الحمصي, قال فيه الذهبي: عالم الشاميين, قال يزيد بن هارون: ما رأيت أحفظ منه, وقال دحيم:هو في الشاميين غاية وخلط في المدنيين, وقال البخاري: إذا حدث عن أهل حمص فصحيح وقال أبو حاتم لين، الكاشف (1/ 249).
وقال الحافظ ابن حجر: صدوق في روايته عن أهل بلده, مخلط في غيرهم.
أقول: والذي يترجح لي ما قاله فيه يزيد بن هارون و دحيم والبخاري, لاسيما ودحيم من أهل بلده فهو أعرف به من أبي حاتم وروايته هنا عن الشاميين الحمصيين.
صفوان بن عمرو السكسكي أبو عمرو الحمصي ثقة, وعبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي مقبول من الرابعة, وفيه الهيثم بن خارجه الخراساني، قال فيه الذهبي: " الحافظ ببغداد وكان يسمي شعبة الصغير". الكاشف (2/ 344)
وقال أبو حاتم: "صدوق". الجرح والتعديل (9/ 86).
وقال:الحافظ ابن حجر: "صدوق خ س ق ".
فالحديث صحيح يحتمل التحسين ويتقوى بما قبله وبما بعده.
وحسَّن الألباني إسناد حديث العرباض هذا في مختصر العلو (ص 106) ثم قال: أخرجه أحمد (4/ 128) وقال: قال المنذري في الترغيب (4/ 48): بإسناد جيد.
5 - حديث أبي قتادة
قال الإمام أحمد في المسند (5/ 300 و 308).
حدثنا يونس وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان في حديثه أنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظى ,عن أبي قتادة قال:سمعت رسول الله يقول: (من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة).
ورواه الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في سننه (2/ 176) من طريق عفان به.
حديث أبي قتادة في إسناده حماد بن سلمة الإمام قال فيه الحافظ ابن حجر ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة خت م 4.
وقال فيه الذهبي: قال ابن معين إذا رأيت من يقع فيه فاتهمه على الإسلام" ثم قال الذهبي (قلت هو ثقة صدوق يغلط وليس في قوة مالك).
أقول: وكون حماد بن سلمة تغير بأخرة فإن تغيره لا يضر بكثير من أحاديثه.
ومنها هذا الحديث فإنه من رواية عفان عنه ,قال عبد الله بن أحمد سمعت يحيى بن معين يقول: من أراد أن يكتب حديث حماد فعليه بعفان بن مسلم.وقال النسائي: (أثبت أصحاب حماد بن سلمة ابن مهدي وابن المبارك و عبدالوهاب الثقفي). الكواكب النيرات (ص461).
أبو جعفر الخطمي هو عمير بن يزيد الأنصاري نزيل البصرة قال الحافظ ابن حجر (صدوق) 4."
وقال الحافظ الذهبي: (ثقة). الكاشف (2/ 98).
وقال ابن أبي حاتم: عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: أبو جعفر الخطمي ثقة.
وفيه محمد بن كعب القرظى: " ثقة حجة " قاله الحافظ الذهبي في الكاشف (2/ 213).
وقال الحافظ ابن حجر: " ثقة عالم " التقريب.
فهذا الحديث بهذا الإسناد صحيح يحتمل التحسين ويزداد قوة بما قبله.
وبالجملة فهذا الحديث صحيح في أقصى درجات الصحة حيث روي عن عدة من الصحابة وبعض طرقه صحيح لا غبار عليه وبعضها صحيح يحتمل التحسين وبمجموع طرقه يقرب من التواتر.
ورواه البغوى في شرح السنة (8/ 199) من طريق الدارمي به وقال هذا حديث حسن وصححه الألباني في الجامع الصغير (6452).
6 - حديث أبي اليسر
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو بكر بن أبي شيبة (7/ 552) حديث (22484): حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي قال: حدثني أبو اليسر قال: قال رسول الله ?: " من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله في ظل عرشه " وهذا إسناد صحيح.
أبو بكر هو الإمام ورجال إسناده كلهم ثقات رجال الجماعة.
7 - حديث سلمان رضي الله عنه:
قال البيهقي -رحمه الله- بعد أن نقل قول من قال: إن المراد بالخبر ظل العرش وإنما الإضافة إلى الله بمعنى الملك.
قال: واحتج من قال ذلك بما أخبرنا أبو الحسن بن بشران أنا إسماعيل الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبدالرزاق أنا معمر عن قتادة قال: إن سلمان: قال: " التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله تعالى يوم القيامة"، ثم ذكر السبعة في الخبر المرفوع " الأسماء والصفات (ص 371)، وحسن ابن حجر إسناده في الفتح (2/ 144).
والحاصل أن حديث سلمان يتقوى بما قبله من الأحاديث، وهي تزداد به قوة وصحة لاسيما وحديث سلمان في درجة الحسن كما قال الحافظ.
ولقد تمنيت ألا يذكر البيهقي والحافظ هذا التأويل لاسيما وقد دلت الأحاديث الصحيحة على مراد رسول الله من قوله" في ظله" حيث بينتْ هذه الأحاديث أن هذا الظل المبهم في حديث السبعة أنه ظل عرش الله، وإن كان يظهر من كلامهما ترجيح ما دلت عليه هذه الأحاديث بل صرح الحافظ بترجيح ما دلت عليه هذه الروايات.
ويظهر والله أعلم أن بعض العلماء حينما يسوقون حديث السبعة لا يستحضرون هذه الأحاديث.
ويحتمل أنها لم تبغلهم ولولا ذلك لما لجأوا إلى التأويل المذكور.
أقوال العلماء في إثبات أن هذا الظل
إنما هو ظل العرش
1 - الإمام ابن حبان:ابن حبان يرى أن الظل الوارد في حديث السبعة إنما هو ظل العرش، قال –رحمه الله تعالى كما في الإحسان (2/ 332):
(ذكر الخصال التي يرتجى لمن فعلها أو أخذ بها أن يظله الله يوم القيامة في ظل عرشه).
ثم ساق حديث (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .. ) الحديث, من طريق حفص بن عاصم عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة رضي الله عنهما مرفوعا.
فأنت ترى أنه أخذ هذه الترجمة التي فيها أن الظل إنما هو ظل العرش أخذها من هذا الحديث حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، وهذا أمر واضح.
2 - الإمام محمد بن إسحاق ابن منده -رحمه الله-قال رحمه الله:
بيان آخر يدل على أن العرش (4) ظل يستظل فيه من يشاء الله من عباده
- أخبرنا علي بن الحسن بن علي ثنا إسحق بن الحسن بن ميمون ثنا شريح بن النعمان ثنا فليح بن سليمان عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي طوالة عن سعيد ين يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول ?: (إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي).
انظر كتاب التوحيد لابن منده (3/ 190 - 191).
وساق هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة -رضي الله عنه - مرفوعاً ثم أورد حديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) من ثلاث طرق وفي الطريق الأخيرة عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد.
وظاهر من ترجمة الإمام ابن منده لهذه الأحاديث أنه يعتقد أن الظل المذكور في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله أن المراد منه ظل العرش.
3 - الإمام أبوجعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي رحمه الله
قال رحمه الله في شرح مشكل الآثار (15/ 73) بعد أن روى حديث أبي هريرة في السبعة الذين يظلهم الله في ظله من ثلاثة طرق في طريقين منها: (يظلهم بظله)، وفي الثالث: (يظلهم الله بظل عرشه) قال عقب ذلك:
(ثم نظرنا في الأصل المذكور في هذا الحديث مالمراد به؟ فلم يكن في حديث مالك عن خبيب بن عبد الرحمن ما يدل على ذلك ما هو؟ وهو قوله: (يظلهم الله في ظل عرشه) فأخبر بذلك أن الظل المراد في هذا الحديث هو ظل عرش الله عز وجل.
وقد روي في مثل هذا المعنى من الظل المذكور في كتاب الله عز وجل (وظل ممدود).
4 - الإمام أبو عمر يوسف بن عبد البر -رحمه الله-
قال في التمهيد شرح الموطأ (17/ 431):
في شرح حديث أبي هريرة: عن رسول الله ?: " إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون لجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ".
(يُتْبَعُ)
(/)
قال:" قال أبو عمر فمن الحب في الله: حب أولياء الله, وهم الأتقياء العلماء الفضلاء ومن البغض في الله: بغض من حاد الله وجاهر بمعاصيه, أو ألحد في صفاته, وكفر به وكذب رسله, أو نحو هذا كله.
وأما قوله: "في ظل الله" فإنه أراد- والله أعلم – في ظل عرشه, وقد يكون الظل كناية عن الرحمة كما قال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ) يعني بذلك: ما هم فيه من الرحمة والنعيم , وقال: (أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا).
والظاهر أن ابن عبد البر يرجح ما دل عليه الحديث.
5 – الذين أشار إليهم البيهقي بقوله: فيما سبق "وقيل المراد بالخبر ظل العرش" فإن هؤلاء الذين أشار إليهم وقد يكونون عدداً كثيراً من علماء أهل السنة وأئمتهم الموجودين قبل عصره.
6 - الإمام ابن القيم شمس الدين محمد بن أبي بكر رحمه الله
- قال رحمه الله في طريق الهجرتين (ص/ 293) طـ - دار الوطن:
"لا ريب أن الحب والأنس المجرد عن التعظيم والإجلال يبسط النفس، ويحملها على بعض الدعاوى والرعونات والأماني الباطلة وإساءَة الأدب والجناية على حق المحبة.
فإذا قارن المحبة مهابة المحبوب وإجلاله وتعظيمه وشهود عز جلاله وعظيم سلطانه، انكسرت نفسه له وذلت لعظمته واستكانت لعزته وتصاغرت لجلاله وصفت من رعونات النفس وحماقاتها ودعاويها الباطلة وأمانيها الكاذبة، ولهذا في الحديث: (يقول الله عَزَّ وجَلَّ: أين المتحابون بجلالى؟ اليوم أُظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، فقال: (أين المتحابون بجلالي)، فهو حب بجلاله [سبحانه] وتعظيمه ومهابته ليس حباً لمجرد جماله، فإنه سبحانه الجليل الجميل.
والحب الناشئ عن شهود هذين الوصفين هو الحب النافع الموجب لكونهم في ظل عرشه يوم القيامة. فشهود الجلال وحده يوجب خوفاً وخشية وانكساراً، وشهود الجمال وحده يوجب حباً بانبساط وإدلال ورعونة. وشهود الوصفين معاً يوجب حباً مقروناً بتعظيم وإجلال ومهابة. وهذا هو غاية كمال العبد. والله أعلم.1هـ.
فأنت ترى أن هذا الإمام قد فسر الظل هنا بظل العرش الذي يستظل به المتحابون.
وقال -رحمه الله- في الكتاب نفسه (ص354):
"الطبقة الخامسة: أئمة العدل وولاته الذين تؤمَّن بهم السبل، ويستقيم بهم العالم ويستنصر بهم الضعيف، ويذل بهم الظالم ويأْمن بهم الخائف، وتقام بهم الحدود ويدفع بهم الفساد ويأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقام بهم حكم الكتاب والسنة وتطفأُ بهم نيران البدع والضلالة.
وهؤلاء الذين تنصب لهم المنابر من النور عن يمين الرحمن عز وجل يوم القيامة فيكونون عليها.
والولاة الظلمة قد صهرهم حر الشمس وقد بلغ منهم العرق مبلغه وهم يحملون أثقال مظالمهم العظيمة على ظهورهم الضعيفة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يُرى سبيل أحدهم إما إلى الجنة وإما إلى النار.
قال النبي ?: ((المقسطون على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن تبارك وتعالى وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا))، وعنه: ((إن أحب الخلق إلى الله وأقربهم منه منزلة يوم القيامة إمام عادل، وإن أبغض الخلق إلى الله وأبعدهم منه منزلة يوم القيامة إمام جائر)) أو كما قال. وهم أحد السبعة الأصناف الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وكما كان الناس في ظل عدلهم في الدنيا كانوا في ظل عرش الرحمن يوم القيامة ظلاً بظل جزاءً وفاقاً". 1هـ. ّ
وهنا ذكر حديث السبعة الذي قال فيه النبي: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " ومع ذلك حمل هذا الظل على ظل العرش.
وقال -رحمه الله- في الوابل الصيب (ص/54 - 55. ط: دار الكتاب العربي)
جاء في الحديث "من ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه، ومن أقال نادما أقال الله تعالى عثرته، ومن أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله تعالى في ظل عرشه ".
لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر ونجاه من حر المطالبة وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجزه نجّاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش " اهـ.
وهنا ذكر حديث: (من أنظر معسرا أظله الله في ظل عرشه) الذي رواه أبو هريرة وأبو قتادة وأقر ما دل عليه بل احتج به.
(يُتْبَعُ)
(/)
- وقال رحمه الله في الكتاب نفسه (ص65):
التاسعة والعشرون: أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه والناس في حر الشمس قد صهرتهم في الموقف وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرحمن عز وجل. اهـ
والإمام هنا يتكلم عن واحد من السبعة الذين يظلهم الله في ظله ومع ذلك ينص على أن الله يظله في ظل عرشه.
- وقال رحمه الله في روضة المحبين (ص/379 - 380ط: دار الحديث- القاهرة):
التاسع والأربعون: أن مخالفة الهوى توجب شرف الدنيا وشرف الآخرة، وعز الظاهر وعز الباطن، ومتابعته تضع العبد في الدنيا والآخرة وتذله في الظاهر وفي الباطن، وإذا جمع الله الناس في صعيد واحد نادى مناد ليعلمن أهل الجمع من أهل الكرم اليوم ألا ليقم المتقون فيقومون إلى محل الكرامة.
وأتباع الهوى ناكسو رؤوسهم في الموقف في حر الهوى وعرقه وألمه وأولئك في ظل العرش اهـ
وهنا ذكر –رحمه الله- أن من مخالفة الهوى توجب شرف الدنيا والآخرة ومن ذلك إظلالهم في ظل العرش جعلنا الله منهم وجنبنا الهوى وكل أسباب الردى.
- ثم قال الإمام ابن القيم –رحمه الله-:
الخمسون: أنك إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وجدتهم إنما نالوا ذلك الظل بمخالفة الهوى فإن الإمام المسلط القادر لا يتمكن من العدل إلا بمخالفة هواه والشاب المؤثر لعبادة الله على داعي شبابه لولا مخالفة هواه لم يقدر على ذلك، والرجل الذي قلبه معلق بالمساجد إنما حمله على ذلك مخالفة الهوى الداعي له إلى أماكن اللذات، والمتصدق المخفي لصدقته عن شماله لولا قهره لهواه لم يقدر على ذلك والذي دعته المرأة الجميلة الشريفة فخاف الله عز وجل وخالف هواه والذي ذكر الله عز وجل خاليا ففاضت عيناه من خشيته إنما أوصله إلى ذلك مخالفة هواه.
فلم يكن لحر الموقف وعرقه وشدته سبيل عليهم يوم القيامة.
وأصحاب الهوى قد بلغ منهم الحر والعرق كل مبلغ وهم ينتظرون بعد هذا دخول سجن الهوى فالله سبحانه وتعالى المسؤول أن يعيذنا من أهواء نفوسنا الأمارة بالسوء وأن يجعل هوانا تبعا لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. اهـ
وهنا يتحدث عن السبعة المشهورين والمشهور حديثهم ويصرح بأن الله يظلهم في ظل عرشه.
7 - ابن قتيبة رحمه الله
قال ابن قتيبة رحمه الله:
" والظل هنا ظل من دخان نار جهنم سطع ثم افترق ثلاث فرق وكذلك شأن الدخان العظيم إذا ارتفع أن يتشعب فيقال: لهم كونوا فيه إلى أن يفرغ من الحساب كما يكون أولياء الله في ظل عرشه أو حيث شاء من الظل ثم يؤمر بكل فريق إلى مستقره من الجنة والنار " (5).
8 - الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله
قال رحمه الله في تفسيره (14/ 47) في تفسير قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ): يقول تعالى مخبرا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبا عن الناس فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات حيث لا يراه أحد إلا الله: بأنه له مغفرة وأجر كبير أي: يكفر عنه ذنوبه ويُجازى بالثواب الجزيل كما ثبت في الصحيحين (6): (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) فذكر منهم رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ,ورجلا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
9 - قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (ص 264).
" وروى الأئمة عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:الإمام العادل ,وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ,ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ,ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ,ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ".
فأنت تراه قد حمل معنى في ظله في حديث السبعة على معنى الأحاديث المصرحة بأن هذا الظل إنما هو ظل عرش الرحمن.
10 - الإمام ابن رجب -رحمه الله-
وقال الإمام ابن رجب -رحمه الله- في نهاية شرحه لحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله ... ) في شرحه لصحيح البخاري:
(يُتْبَعُ)
(/)
" وهذا الحديث يدل على أن هؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله, ولا يدل على الحصر ولا على أن غيرهم لا يحصل له ذلك؛فإنه صح عن النبي ?: (من أنظر معسراً أو وضع عنه , أظله الله في ظله ,يوم لا ظل إلا ظله). خرجه مسلم من حديث أبي اليسر الأنصاري عن النبي ?.
وخرّج الإمام أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي هريرة عن النبي ? قال: " من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة (7) " وهذا يدل على أن المراد بظل الله: ظل عرشه. انظر فتح الباري لابن رجب (6/ 51).
11 - الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني –رحمه الله-:
قال رحمه الله- في الفتح (2/ 144) في شرح حديث السبعة: قوله: " في ظله " قال عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة مِلك وكل ظل فهو ملكه " كذا قال: وكان حقه أن يقول إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا على غيره كما قيل: الكعبة بيت الله مع أن المساجد كلها ملكه.
وقيل المراد بظله: كرامته وحمايته كما يقال فلان في ظل الملك، وهو قول عيسى بن دينار وقواه عياض.
وقيل المراد: ظل عرشه، ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن سبعة يظلهم الله في ظل عرشه فذكر الحديث، وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس فهو أرجح، وبه جزم القرطبي (8)، ويؤيده أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر وهو عند المصنف في كتاب الحدود، وبهذا يندفع قول من قال: المراد ظل طوبى أو ظل الجنة لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إن ذلك مشترك لجميع من يدخلهما والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أن المراد ظل العرش) ا. هـ
فأنت ترى أن الحافظ يرجح في هذا السياق مرتين أن المراد بالظل في الأحاديث المضافة إلى العرش والتي لم يضف فيها الظل إلى العرش.
ومجموعها بلغ درجة التواتر والحافظ من أكثر العلماء اطلاعاً على هذه الأحاديث فقد ألف في ذلك رسالة سماها "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال" وأورد جملة منها في كتابه الأمالي وقد نقل بيتين في ذلك عن أبي شامة وهما:
وقال النبي المصطفى أن سبعة يظلهم الله الكريم بظله
محب عفيف ناشيء متصدق وباك مصل والإمام بعدله
.... ثم تتبعت بعد ذلك الأحاديث الواردة في مثل ذلك فزادت على عشر خصال وقد انتقيت منها سبعة وردت بأسانيد جياد ونظمتها في بيتين تذييلاً على بيتي أبي شامة وهما: وزد سبعة: إظلال غاز وعونه وإنظار ذي عسر وتخفيف حمله
وإرفاد ذي غرم وعون مكاتب وتاجر صدق في المقال وفعله
فأما إظلال الغازي فرواه ابن حبان وغيره من حديث عمر , وأما عون المجاهد فرواه أحمد والحاكم من حديث سهل ابن حنيف , وأما إنظار المعسر والوضيعة عنه ففي صحيح مسلم كما ذكرنا , وأما إرفاد الغارم وعون المكاتب فرواهما أحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف المذكور , وأما التاجر الصدوق فرواه البغوي في شرح السنة من حديث سلمان وأبو القاسم التيمي من حديث أنس , والله أعلم , ونظمته مرة أخرى فقلت في السبعة الثانية:
وتحسين خلق مع إعانة غارم خفيف يد حتى مكاتب أهله
وحديث تحسين الخلق أخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف , ثم تتبعت ذلك فجمعت سبعة أخرى ونظمتها في بيتين آخرين وهما
وزد سبعة: حزن ومشي لمسجد وكره وضوء ثم مطعم فضله
وآخذ حق باذل ثم كافل وتاجر صدق في المقال وفعله
ثم تتبعت ذلك فجمعت سبعة أخرى ولكن أحاديثها ضعيفة وقلت في آخر البيت: " تربع به السبعات من فيض فضله " وقد أوردت الجميع في الأمالي , وقد أفردته في جزء سميته معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال " فتح الباري (2/ 143 - 144).
12 - الحافظ جلال الدين عبدالرحمن السيوطي
وقد صرح –رحمه الله – في كتابه تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش (ص/132) وعنوان كتابه يفيد هذا.
13 - العلامة محمد عبد الرحمن المباركفوري
قال – رحمه الله - في تحفة الأحوذي (4/ 534) في شرح حديث أبي هريرة عند الترمذي: (من أنظر معسرا أو وضع له ,أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه ,يوم لا ظل إلا ظله): (أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه): أي أوقفه الله تحت ظل عرشه ".
14 - العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
(يُتْبَعُ)
(/)
قال - رحمه الله - في تفسيره (ص 409) عند ذكر العبر والفوائد الجليلة التي اشتملت عليها قصة يوسف عليه السلام.
" ومنها: أن الهمَّ الذي همَّ به يوسف بالمرأة ثم تركه لله، مما يقربه إلى الله زلفى؛ لأن الهمّ داع من دواعي النفس الأمارة بالسوء، وهو طبيعة لأغلب الخلق، فلما قابل بينه وبين محبة الله وخشيته، غلبت محبة الله وخشيته داعي النفس والهوى. فكان ممن (خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى) ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، أحدهم: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله" وإنما الهم الذي يلام عليه العبد، الهم الذي يساكنه، ويصير عزماً، ربما اقترن به الفعل ".
15 - العلامة محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله تعالى-:
أورد – رحمه الله - في مختصر العلو (ص 105) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل"، قال وساق الحديث - يعني الذهبي -وأخرجه البخاري، ثم ساق حديث أبي هريرة: (إن الله تعالى يقول أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي)، ثم قال الألباني: وقد ورد في ظل العرش أحاديث تبلغ التواتر.
وأورد الألباني في الإرواء (3/ 395) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – مرفوعاً "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .. " الحديث، خرجه من صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي وموطأ مالك، ثم قال: وللحديث شاهد من حديث سلمان بلفظ سبعة يظلهم الله في ظل عرشه فذكر الحديث رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن كما في الفتح (2/ 121).
فقول الألباني –رحمه الله-:
(وقد ورد في ظل العرش أحاديث تبلغ التواتر).
وقوله: (وللحديث شاهد من حديث سلمان (يعني حديث السبعة) يفيد أن الألباني يرى أن الظل إنما هو ظل العرش، ويرى أن معنى الأحاديث كلها معنىً واحد.
وما أعتقد أن أحداً من علماء السنة السابقين يخالف هؤلا العلماء.
وأخيراً:
فإن المتأمل المنصف في النصوص النبوية والقواعد الشرعية لا يخالجه شك في أن المراد من الظل الوارد في النصوص النبوية – التي مر ذكرها في هذا البحث- إنما هو ظل عرش الله عز وجل.
هذا ما يسره الله لي ووفقني له من هذا البحث الذي أرجو الله الرؤوف الرحيم أن ينفعني به وأن يجعلني ممن يظلهم بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
وصلى الله على نبينا محمد وإخوانه من النبيين والمرسلين وآله وصحابته أجمعين.
كتبه:
فضيلة الشيخ رَبِيع بن هَادي بن عُمَيْر الْمَدْخلِي حفظه الله
25/ 7/1427هـ
الحواشي:
(1) أخرجه أحمد (9665) و البخاري في كتاب: الأذان باب: من جلس في المسجد ينتظر الجماعة (660) و (1423) و (6806)، ومسلم في كتاب: الزكاة باب: فضل إخفاء الزكاة (1031)، والترمذي في كتاب الزهد باب: الحب في الله (2391) وغيرهم.
(2) مجموع الفتاوى (6/ 144 - 145)
(3) (ص39 - 40).
(4) كذا والصواب " أن للعرش " ولعل الخطأ من النساخ أوالطابع.
(5) انظر زاد المسير (8/ 450) لابن الجوزي.
(6) كذا هنا! (في ظل عرشه) في هذا الحديث المعزو إلى الصحيحين ويغلب على الظن أن هذا من سهو النساخ والطابعين ولقد ذكره الحافظ ابن كثير في تفسير سورة يوسف (8/ 39) طـ. دار عالم الكتب) كما هو في الصحيحين (في ظله) على أنه قد ورد في بعض طرق هذا الحديث بهذا اللفظ (في ظل عرشه).
(7) هذا نص حديث أبي قتادة –رضي الله عنه- وحديث أبي هريرة نحوه كما ترى لكن الترمذي لم يرو حديث أبي قتادة.
(8) يشير إلى كلام القرطبي الذي أسلفناه قريباً في هذا البحث.
======
from http://dawasalafia.jeeran.com/archive/2006/8/85328.html
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[21 May 2009, 12:09 م]ـ
جزى الله خيراً مَن قام بنشر هذه الدرر الثمينة لشيخنا التقي عبد الرحمن البراك - حفظه الله - مَنْ رآه هَابَه في أول الأمر، ثم يأنس بكلامه، ختم الله لنا وله بالحسنى(/)
عضو جديد ويريد الترحيب من الأعضاء
ـ[محمد اليافعي]ــــــــ[16 Dec 2005, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ...
فكم كنت متشوقاً للتسجيل في هذا الملتقى وتحقق ذلك لي بفضل الله عزوجل واشكر القائمين على الملتقى المبارك وجزاهم الله خيراً ونفع بهم وأن يكتبه الله في ميزان حسناتهم , وأريد الترحيب من المشرفين و الأعضاء. وجزاكم الله خيراً.
أخوكم محمد اليافعي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Dec 2005, 06:08 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم أخي الكريم محمد في الملتقى العلمي بين إخوانك، ونرجو لك التوفيق والفائدة إن شاء الله.
ـ[محمد اليافعي]ــــــــ[16 Dec 2005, 10:24 م]ـ
جزاكم الله خيراً يالمشرف العام على الترحيب لكني ظننت أني سأرحب بأكثرمن واحد فأين الأعضاء؟
ـ[أبو زينب]ــــــــ[17 Dec 2005, 01:07 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي الفاضل محمد اليافعي وفقنا الله و إياك
بعد الترحيب بك من أخينا الحبيب عبد الرحمن - بارك الله فيه- أقول لك:
نزلت أهلا و حللت سهلا بين إخوانك.
أدعو الله لك بالتوفيق في مسعاك و بالتسديد في خطاك.
-----------
أبو زينب -
عضو بسيط (ابتسامة)
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[17 Dec 2005, 08:48 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بالأخ الكريم أبي عبد الله اليافعي، حياك الله وبيّاك في ملتقى أهل التفسير، وأرجو لك النفع.
أخي محمد:
ابحث عن شرح قول ابن مالك، قدس الله روحه:
وباضطرارٍ خُصَّ جَمْعُ (يا) و (ألْ) ... إلا مَعَ اللهِ ومَحْكِيِّ الجُمَلْ
دمت بخير.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[17 Dec 2005, 04:07 م]ـ
حياك الله أخي محمد وبياك , ويسعدنا تواجدك معنا في هذا الملتقى المبارك , وكم نحن في شوق إلى مشاركاتك , وتفاعلاتك , نسأل الله أن ينفعنا وأياك في هذا الملتقى.
ـ[محمد اليافعي]ــــــــ[17 Dec 2005, 10:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً على الترحيب.
وجزاك الله خيراً أخي خالد الشبل لكنه خطأ مطبعي.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[22 Dec 2005, 02:41 ص]ـ
مرحبا بك وأهلاً هلال ولكن أفق قلبي محله ...... غزال ولكن سفح عيني عقيقه(/)
تذكير ببعض مسائل المسح على الخفين
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[18 Dec 2005, 08:03 م]ـ
أحكام المسح على الخفين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فمن مظاهر التيسير في هذه الشريعة السمحة أن شرع الله لنا المسح على الخفين.
ولما كان المسح لا يحتاج إليه أكثر الناس إلا في أوقات الشتاء = حسن التذكير ببعض مسائله المتكررة.
1 - يشترط لجواز المسح: أن يكون الخف طاهرا، ويلبس بعد تمام الطهارة.
2 - الواجب مسح أعلى الخف، ولا يسن مسح أسفله ولا عقبه.
3 - هل يجوز أن يمسح مَن توضأ فغسل الرجل اليمنى ثم لبس الخف قبل غسل اليسرى؟
الأولى أن لا يسمح. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية جوازه.
4 - هل يبدأ بمسح الرجل اليمنى قبل اليسرى أو يمسحهما معا؟
قيل: الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم مسحهما معا؛ فلم يذكر أنه بدأ باليمنى.
وقيل: المسح بدل الغسلِ، والغسلُ يستحب فيه التيامن؛ فله حكمه.
5 - هل الأفضل غسل الرجلين أو المسح على الخفين؟
الأفضل أن لا يتكلف الإنسان ضد حاله، فإن كان لابسا للخفين = فالأفضل له المسح، وإن لم يكن لابسا = فالأفضل له الغسل.
6 – ما حكم المسح على الخف المخرق؟
اختلف العلماء، والصحيح جوازه مادام يسمى خفا.
7 – ما حكم المسح على الجورب الخفيف؟
اختلف العلماء، والصحيح جوازه؛ لأنه ليس المقصود منه ستر البشرة، وإنما المقصود منه أن نفع الرِّجْل، وإنما أجيز المسح عليه؛ لأن نزعه يشق، وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل.
8 – مدة المسح يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
9 - تبدأ مدة المسح من أول مسح بعد الحدث، على القول الصحيح.
10 – إذا مسح في الحضر أقل من يوم وليلة ثم سافر = أتم مسح مسافر، على القول الصحيح.
11 – إذا مسح في السفر ثم أقام؛ فإن كان مسح يوما وليلة = فقد انتهت مدته، وإن كان أقل من يوم وليلة أتم مسح مقيم.
12 – إذا لبس خفا ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء.
13 – إذا لبس خفا ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول [التحتاني].
14 – إذا لبس خفا ثم أحدث ثم مسح عليه، ثم لبس عليه آخر =
فقيل: لا يمسح على الثاني.
وقيل: له المسح عليه؛ لأنه لبسه على طهارة، ويكون ابتداء المدة من مسح الأول.
15 – إذا لبس خفا على خف ومسح الأعلى ثم خلعه، فهل يمسح بقية المدة على الأسفل؟
يجوز أن يمسح على الأسفل حتى تنتهي المدة من مسحه على الأعلى.
16 – إذا خلع الخف بعد مسحه لم تنتقض طهارته بذلك على القول الصحيح.
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
17 – إذا تمت مدة المسح لم تنتقض طهارته بذلك على القول الصحيح.
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
18 - إذا شك في ابتداء وقت المسح =يبني على اليقين.
19 - إذا مسح بعد انتهاء مدة المسح ثم صلى = فصلاته باطلة؛ لأن وضوءه باطل.
20 - ما الحكم إذا خلع بعض الشراب ليحك قدمه؟
إن خلع جزءا يسيرا فلا يضر، وإن خلع كثيرا بطل المسح عليهما في المستقبل.
* باختصار وتصرف من رسالة "المسح على الخفين" للعلامة العثيمين، وكتاب "أحكام المسح على الحائل" للشيخ دبيان الدبيان.
* يحسن بك أن تتذاكر هذه المسائل مع أهلك أو إخوانك، أو طلابك أو .. = لتعم الفائدة.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[02 Jan 2006, 09:27 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[04 Jan 2006, 01:09 ص]ـ
أخي جزاكم الله خيرا، و قد أعد العلماء المسح على الخفين من مسائل العقيدة لما فيها من المخالفة لأهل البدع كالشيعة ونحوهم
و لذا هل تسمح لي أن أكون كالمحشي على هذه المسألة بارك الله فيك،وأن أضرب معك بسهم:
7– ما حكم المسح على الجورب الخفيف؟
اختلف العلماء، والصحيح جوازه؛ لأنه ليس المقصود منه ستر البشرة، وإنما المقصود منه أن نفع الرِّجْل، وإنما أجيز المسح عليه؛ لأن نزعه يشق، وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل
قلت (أي أبا الهيثم) و في المسألة نص جاء فيه كما هو من حديث: حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبي قيس الأودي هو عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين (صححه الألباني) قال أبو داود كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين قال أبو داود وروي هذا أيضا عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي
قال أبو داود ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وبن مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وبن عباس يدل على أنهما كانا غير منعولين لأنه لو كانا كذلك لم يذكر النعلين لأنه لا يقال: مسح على الخف ونعله (1) اه. 4 - ما قاله الإمام ابن رشد المالكي رحمه الله في المسح على الجوربين قال رحمه الله في كتابه (بداية المجتهد): واختلفوا في المسح على الجوربين. وسبب اختلافهم اختلافهم في صحة الآثار الواردة عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح على الجوربين والنعلين واختلافهم أيضا هل يقاس على الخف غيره أم هي عبادة لا يقاس عليها ولا يتعدى بها محلها. فمن لم يصح عنده الحديث أو لم يبلغه ولم ير القياس على الخف قصر المسح عليه ومن صح عنده الأثر وجواز القياس على الخف أجاز المسح على الجوربين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[04 Jan 2006, 09:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
ماذا حصل لموقع الجمعية السعودية للقرآن وعلومه؟؟؟؟
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[18 Dec 2005, 10:41 م]ـ
اخوتي الكرام
السلام عليكم
ماذا حصل لموقع الجمعية السعودية للقرآن وعلومه؟؟؟؟
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[18 Dec 2005, 11:52 م]ـ
وعليكم السلام
يبدو أن أيام الضيافة زادت عن ثلاثة أيام.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Dec 2005, 12:20 ص]ـ
للأسف لم تسدد رسوم الاستضافة للشركة المستضيفة فتوقف الموقع، ولعله يعود قريباً إن شاء الله.(/)
دورة ثلاثة أيام للشيخ الفنيسان
ـ[ابن مقبل]ــــــــ[19 Dec 2005, 08:10 م]ـ
ستقام إن شاء الله دورة في تفسير آيات الحج للشيخ: سعو بن عبدالله الفيسان. عميد كلية الشريعة سابقاً.
وقت الدورة ولمدة ثلاثة أيام متتالية بعد العشاء اعتباراً من السبت تاريخ: 29/ 11.
موقع الدورة: مسجد سالم السالم في حي السلي بالرياض.
راجع رسم طريق المسجد في المرفقات.
ساعد على نشره جزاك الله خير الجزاء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Dec 2005, 09:03 م]ـ
وفق الله الدكتور سعود الفنيسان وسدده، ونسأل الله للقائمين على هذه الدورة الثواب.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[23 Dec 2005, 11:07 م]ـ
جزا الله الشيخ خير الجزاء , ونفع به.(/)
برامج مدفوعة للدراسات العليا بجامعة الإمام قريباً
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[20 Dec 2005, 03:01 م]ـ
* الرياض - عبدالله العماري:
شرعت عمادة الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية هذه الأيام، وبالتنسيق مع الأقسام العلمية في الجامعة بدراسة مشروع برامج الدراسات العليا المدفوعة الأجر. وقال عميد عمادة الدراسات العليا بالجامعة الدكتور خالد بن عبدالرحمن المشعل: إن المشروع يهدف إلى إتاحة الفرصة أمام الكثير من الطلاب الذين لا تسمح ظروفهم العلمية بالالتحاق أو التفرغ التام للدراسة في الفترة الصباحية بمواصلة دراستهم العليا.
وأكد الدكتور المشعل أن الجامعة ستعلن عن البرامج المطروحة عند وضع الضوابط التي على ضوئها سيتم وضع القواعد المنظمة للدراسة في برنامج التعليم الموازي في مؤسسات التعليم العالي.
الرابط / http://www.suhuf.net.sa/2005jaz/dec/19/lp2.htm
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[20 Dec 2005, 09:30 م]ـ
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيزول هذا التعقيد الكبير الذي يمارس مع طلاب الدراسات العليا إذا كانت الدراسة بثمن مدفوع؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Dec 2005, 12:29 ص]ـ
أتمنى أن يكون في هذا فتح لمن هم قادرون على البحث العلمي، لكن لم يُتح لهم ذلك؛ لأي سبب كان.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Dec 2005, 10:25 ص]ـ
خطوة جميلة يشكرون عليها , وستسد ثغراً لكثير من الأخوة الذين يبحثون عن الشهادات العليا في التخصصات الشرعية , ويوفر لهم عناء السفر إلى مصر والسودان وغيرهما.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[02 Jan 2006, 09:40 م]ـ
للأسف أنا الوحيد المشارك الذي لايحمل لقب دكتور
سوف أحمله إن شاء الله تعالى
لكن كم أتمنى أن أجد الباب وأنا أكمل الباقي إن شاء الله تعالى
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[07 Jan 2006, 03:22 م]ـ
بشركم الله بالخير، لا أخفيكم أنني حزمت أمتعتي وأنهيت إجراءات تجديد الجواز استعدادا للسفر إلى مصر للالتحاق بالدراسات العليا في جامعة الأزهر، وعندما قرأت الموضوع عزمت على التريث فأرجو منكم إفادتنا بما يستجد في الموضوع أولا بأول(/)
تفصيل فوائد كلام ابن حجر في باب التوحيد من فتح الباري [حلقة1]
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[21 Dec 2005, 02:33 ص]ـ
اشتمل كلام ابن حجر في شرح الفقرة المذكورة على فوائد نجملها كالآتي:
[1] القول: (وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله عز وجل ولكنهم يحرفونه يتأولونه) وفي رواية الكشميهني (يتأولونه على غير تأويله) لم يثبت موصولا من كلام ابن عباس, وإنما هو من كلام البخاري. ثم أيد ابن حجر ما ذهب إليه بقول شيخه ابن الملقن شارح البخاري.
[2] ساق ابن حجر قولا لبعض شراح البخاري حصر فيه أقوال العلماء في مسألة التحريف في أربعة أقوال كالآتي:
القول الأول.
أن تلك الكتب قد بدلت كلها, لكن ابن حجر يقول بأن هذا الإطلاق ينبغي حمله على أن المبدل أكثر تلك الكتب لا كلها, وأنه بقي منها أشياء لم تبدل, وإلا فدعوى تبديل الكل مكابرة تردها أخبار وآيات كثيرة.
القول الثاني.
أن التبديل وقع في معظم تلك الكتب, وأن أدلة ذلك كثيرة, فالقول الأول يجب أن يحمل على الثاني.
القول الثالث.
أن التحريف وقع في في اليسير من تلك الكتب, ومعظمها باق على حاله.
وأفاد ابن حجر أن الشيخ تقي الدين ابن تيمية نصر هذا القول في كتابه الرد الصحيح على من بدل دين المسيح.
القول الرابع.
إنما وقع التبديل والتحريف في المعاني, أي أن التحريف اقتصر على التأويل والتفسير, وهو ظاهر مذهب البخاري هنا.
[3] أن ابن تيمية سئل عن مسألة التحريف فأجاب عنها في فتوى مستقلة.
أرجو أن يدلنا إخوتنا مشكورين على موضع هذه الفتوى ولو ساقوا نصها لكان أفيد وأنفع لما نحن بصدده, وفي انتظار ذلك سأكتفي بعرض أهم ما لخصه ابن حجر.
- أجاب ابن تيمية أن للعلماء في المسألة قولان:
فأول القولين: أن التحريف والتبديل محال وقوعه, بدليل:
(1) قوله تعالى: [لا مبدل لكلماته] ويعارضه قوله تعالى: [فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه].
(2) انتشار نسخ التوراة في الآفاق بدون اختلاف فيما بينها, فمن المحال وقوع التبديل ثم تتطابق النسخ مع ذلك على منهاج واحد.
وهذا معارض بأمرين:
- إذا أمكن وقوع التحريف أمكن إعدام ما ليس بمُحرف.
- أن النسخ الموجودة إنما هي المتفق عليها بعد وقوع التبديل, وتواريخ كثيرة تشهد على هذا.
فأما التوراة, فلأن الملك بختنصر (نبوخدنصر الفارسي) لما غزا بيت المقدس (نحو 587 قبل الميلادي) أهلك بني إسرائيل , ومزقهم بين قتيل وأسير, وأعدم كتبهم حتى جاء عزرا فأملاها عليهم.
وأما الإنجيل, فلأن الروم لما تنصروا جمع ملكهم أكابرهم على ما في الإنجيل الذي بأيديهم.
ثاني القولين: وقوع تحريف المعنى. ويرى ابن تيمية أنه لاشك في وقوع هذا النوع من التحريف بل هو موجود بكثرة, إنما محل النزاع يكمن في المسألة الآتية:
هل حرفت الألفاظ (النصوص) أو لم تحرف؟
ثم استدل ابن تيمية على وقوع تحريف النصوص بما اشتمل عليه الكتابان من نصوص صورتها الحالية لا يجوز أن تكون من عند الله أصلا. ثم أحال من شاء التوسع في ذلك على كتاب الفصل في الملل و الأهواء والنحل حيث يوجد ذلك الزخم من اعتراضات الإمام أبي محمد ابن حزم على نصوص التوراة (المتداولة).
وللكلامنا بقية ...
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[22 Dec 2005, 08:12 م]ـ
تابع هذا البحث على الرابط http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=17162#post17162
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[21 May 2007, 07:17 م]ـ
[3] أن ابن تيمية سئل عن مسألة التحريف فأجاب عنها في فتوى مستقلة.
أرجو أن يدلنا إخوتنا مشكورين على موضع هذه الفتوى ولو ساقوا نصها لكان أفيد وأنفع لما نحن بصدده,
...
قال ابن كثير في البداية والنهاية:
((وذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب مس التوراة وهو محدث وحكاه الحناطي في فتاويه عن بعض أصحاب الشافعي وهو غريب جدا وذهب آخرون من العلماء إلى التوسط في هذين القولين منهم شيخنا الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: أما من ذهب إلى أنها كلها مبدلة من أولها إلى آخرها ولم يبق منها حرف إلا بدلوه فهذا بعيد وكذا من قال لم يبدل شيء منها بالكلية بعيد أيضا والحق أنه دخلها تبديل وتغيير وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص كما تصرفوا في معانيها وهذا معلوم عند التأمل ولبسطه موضع آخر والله أعلم كما في قوله في قصة الذبيح اذبح ابنك وحيدك وفي نسخة بكرك اسحاق فلفظة اسحاق مقحمة مزيدة بلا مرية لأن الوحيد وهو البكر اسماعيل لأنه ولد قبل اسحاق بأربع عشر سنة فكيف يكون الوحيد البكر اسحاق وانما حملهم على ذلك حسد العرب أن يكون اسماعيل غير الذبيح فأرادوا أن يذهبوا بهذه الفضيلة لهم فزادوا ذلك في كتاب الله افتراء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وقد اغتر بهذه الزيادة خلق كثير من السلف والخلف ووافقوهم على أن الذبيح اسحاق والصحيح الذبيح اسماعيل كما قدمنا والله أعلم وهكذا في توراة السامرة في العشر الكلمات زيادة الأمر بالتوجه إلى الطور في الصلاة وليس ذلك في سائر نسخ اليهود والنصارى
وهكذا يوجد في الزبور المأثور عن داود عليه السلام مختلفا كثيرا وفيه أشياء مزيدة ملحقة فيه وليست منه والله أعلم.
قلت [أي: ابن كثير]: وأما ما بأيديهم من التوراة المعربة فلا يشك عاقل في تبديلها وتحريف كثير من ألفاظها وتغيير القصص والألفاظ والزيادات والنقص البين الواضح وفيها من الكذب البين والخطأ الفاحش شيء كثير جدا فأما ما يتلونه بلسانهم ويكتبونه بأقلامهم فلا اطلاع لنا عليه والمظنون بهم أنهم كذبة خونة يكثرون الفرية على الله ورسله وكتبه.
وأما النصارى فأناجيلهم الأربعة من طريق مرقس ولوقا ومتى ويحنا أشد اختلافا وأكثر زيادة ونقصا وأفحش تفاوتا من التوراة وقد خالفوا أحكام التوراة والإنجيل في غير ما شيء قد شرعوه لأنفسهم فمن ذلك صلاتهم إلى الشرق وليست منصوصا عليها ولا مأمورا بها في شيء من الأناجيل الأربعة وهكذا تصويرهم كنائسهم وتركهم الختان ونقلهم صيامهم إلى زمن الربيع وزيادته إلى خمسين يوما وأكلهم ... إلخ .. )) البداية والنهاية 2/ 149.
هذا نقل ابن كثير عن ابن تيمية، ولم أجده في كتب ابن تيمية المطبوعة المتاحة لدي .. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 Nov 2007, 09:15 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله يا شيخ هشام عزمي
بارك الله فيك على هذه الفائدة النفيسة التي أفدتني بها حقا وصدقا أكثر الله من أمثالكم ونفعنا بعلمكم وسعة اطلاعكم وحرصكم على الخير والإفادة وهذا دأب العلماء بلا ريب ولا نزكي على الله أحدا.
وأنا أذكر هنا بأني قرأت قديما لابن كثير كلاما على التحريف أدرجه في كتابه في فضائل القرآن المطبوع بآخر تفسيره في إحدى طبعاته العتيقة.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[25 Nov 2007, 11:10 ص]ـ
قال ابن تيمية في الجواب الصحيح: (2/ 447 - 449):" وقد قدمنا أن المسلمين لا يدعون أن كل نسخة في العالم من زمن محمد صلى الله عليه وسلم بكل لسان من التوراة والإنجيل والزبور بدلت ألفاظها، فإن هذا لا أعرف أحداً من السلف قاله، وإن كان من المتأخرين من قد يقول ذلك، كما في بعض المتأخرين من يجوِّز الاستنجاء بكل ما في العالم من نسخ التوراة والإنجيل، فليست هذه الأقوال ونحوها من أقوال سلف الأمة وأئمتها. وعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى بيد كعب الأحبار نسخة من التوراة قال:" يا كعب إن كنت تعلم أن هذه هي التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها"، فعلق الأمر على ما يمتنع العلم به، ولم يجزم عمر رضي الله عنه بأن ألفاظ تلك مبدلة لما لم يتأمل كل ما فيها.
والقرآن والسنة المتواترة يدلان على أن التوراة والإنجيل الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيهما ما أنزله الله عز وجل، والجزم بتبديل ذلك في جميع النسخ التي في العالم متعذر، ولا حاجة بنا إلى ذكره، ولا علم لنا بذلك، ولا يمكن لأحد من أهل الكتاب أن يدعي أن كل نسخة في العالم بجميع الألسنة من الكتب متفقة على لفظ واحد ... "أهـ(/)
وقفات مع حج بيت الله الحرام
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[22 Dec 2005, 07:44 ص]ـ
ولنا مع الحج وقفات
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
هذه العبادة التي تغفر الذنب والتي يعود معها الإنسان كما ولدته أمه
هذه العبادة التي فيها من العبر ما فيها
فمن بدايتها إلى نهايتها تحتاج إلى وقفات
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
فمنذ أن يترك الإنسان أهله ذاهبا ومقتصدا بيت الله الخرام ثم الإحرام ومعانيه
ثم ترك المخيط والطيب وما فيه من التواضع الذي لا يكون إلا لله
ثم ذاك المشهد الرائع الذي لا يشبههه إلا مشهد الحشر الجميع في ملبس واحد وقصد واحد وحول بيت واحد ولهم آله واحد وكتابهم واحد ورسولهم واحد وكتابهم واحد وهدفهم واحد
هدفهم الفوز برضا الملك
جاءوا يقولون لبيك ربنا لبيك
وكيف لا وقد منحنا من النعم والفضل ما لا نعده ولا نحصيه
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
ونبدأ مع الوداع
يودع الإنسان أهله وماله وولده وبلده متوجها وقاصدا بيت الله الحرام
يترك كل هذا من أجل رب العالمين
وكأنه ينفذ يقوله تعالى: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة: 24]
وكأنه يقول: أي رب تركت كل هذا من أجلك وأتيتك ملبيا
رب فمنّ عليّ بمغفرة لذنوبي يا رب العالمين
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
ثم الإحرام وفيه ما فيه
يمتنع الحاج عن مس الطيب وعن لبس المخيط وعن حلق شعره
هاهو يمتنع عن ما أحل الله
فكيف به يأتى ما حرم الله بعد ذلك
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
ثم الطواف والذكر
وهاهو يلبي نداء ربه
لبيك ربي لبيك
لبيك لا شريك لك
جئتك رب لأحمدك وأشكرك وأذكرك
وهاهنا امتثل لأمرك وأطوف كما أمرتني
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
وهنا نرى مع الحجر الأمر العجاب
نطوف بحجر ونقبل حجر ونرجم الحجر بالحجر
فما فضل هذا الحجر على ذاك!!
إنه الأمر الرباني
أنه من قال عنه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23]
ومادام الأمر من الله فعلينا الإنقياد والتسليم
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
بل أن اسم العبادة ذاته لنا معه وقفة
اسمها حج
والحج في اللغة القصد
ما الذي تقصده بالطواف حول الحجر او تقبيل الحجر او رجم الحجر بالحجر
الذي نقصده جميعا هو رضا رب الحجر والناس رب الشجر والورق والمطر رب كل شيء ومليكه
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
ولنا في النحر العجب العجاب
وفيه استعادة لمشهد إبراهيم وإسماعيل
جاءه إبراهيم ليقول له يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين
وهنا قمة الانقياد والاستسلام لرب العالمين
ولكن هذا الخليل قد حُرم الولد طيلة ثمانين عاما
ولما جاءه الولد أمره الله بذبحه
فهل له أن يتراجع مع أن الجميع يعلم غلاوة الابن وأضف إلى ذلك مجيئه بعد الثمانين
ولكن الأمر صدر من رب العالمين
لذا وجب التنفيذ
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
ثم السعي بين الصفا والمروة
وهو موقف أمنا هاجر وهي تبحث عن الماء لإنقاذ ولدها من الجوع القاتل
فاستنفذت الأسباب وتوكلت على ربها وخالقها فكان الجزاء من رب العالمين
إنه ماء زمزم الذي ما زلنا نشرب منه حتى الآن
ثم الوقوف على جبل عرفة الوقوف والإفاضة من عليها والذنوب قد ذهبت مع غروب يوم عرفة
وما أجملها إفاضة وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نترك عرفات ويعتقد أحدنا أن عليه ذنب
ولو استعرضنا مشاهد الحج لربطنها بمشاهد القيامة
الجميع في ثياب واحدة وفي محشر واخد لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
ثم الوداع
وداع البيت
وداع مكة
يعود الحاج وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه
يعود كيوم ولدته أمه
فهل له أن يغتنم تلك المغفرة
فهل لأله أن ينهل من غفران ربه
هل يعود كما كان ويصبح حجه كما لو كان رحلة او فسحة
ام يعود وقد اعتبر وقد علم ان الامر عظيم وان العمر قصير
لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والشكر ... لا شريك لك لبيك
اللهم وقفنا لحج بيتك الحرام اللهم آمين(/)
موقع جيد فيه دفع شبهات عن كتاب الله تعالى
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[22 Dec 2005, 06:10 م]ـ
موقع جيد وهي المشاركة الأولى منّي
http://islammessage.com/vb/index.php?showtopic=15337
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[22 Dec 2005, 08:17 م]ـ
أخي وهناك تنزيه للقرآن عن المطاعن أيضا في منا ظرة جيدة سأنشرها في مبحث خاص على هذا الملتقى المبارك فترقبها لعلك تجد ما يسرك إن شاء الله.
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[25 Dec 2005, 04:07 م]ـ
من محاسن مناظرات أبي الهذيل محمد بن الهذيل العبدي العلاف (ت.235هـ):
أن رجلا أتاه فقال له: أشكل علي أشياء من القرآن فقصدت هذا البلد فلم أجد عند أحد ممن سألته شفاء لما أردته فلما خرجت في هذا الوقت قال لي قائل إن بغيتك عند هذا الرجل، فا تق الله وأفدني.
فقال أبو الهذيل: فماذا أشكل عليك؟
قال: آيات من القرآن توهمني أنها متناقضة وآيات توهمني أنها ملحونة.
قال العلاف: فماذا أحبُّ إليك, أجيبك بالجملة أو تسألني عن آية آية؟
فقال: تجيبني بالجملة.
فقال العلاف: هل تعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان من أوسط العرب وغير مطعون عليه في لغته وأنه كان عند قومه من أعقل العرب فلم يكن مطعونا عليه؟
فقال: اللهم نعم.
قال: فهل تعلم أن العرب كانوا أهل جدل؟
قال: اللهم نعم.
قال: فهل اجتهدوا في تكذيبه؟
قال: اللهم نعم.
قال: فهل تعلم أنهم عابوا عليه بالمناقضة أو باللحن؟
قال: اللهم لا.
قال العلاف: أ فتَدَعُ قولهم مع علمهم باللغة وتأخذ بقول رجل من الأوساط (يطعن في القرآن)؟
قال الرجل: أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله كفاني هذا.
وانصرف وتفقه في الدين.(/)
الكلام على مسألة تحريف التوراة والإنجيل في كتاب فتح الباري [الحلقةالثانية]
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[22 Dec 2005, 08:03 م]ـ
بعد هذا العرض لما في فتح الباري يجمل بنا أن نسأل:
1 - لماذا اختلفت أقوال المسلمين في مسألة تحريف أهل الكتاب لكتبهم المقدسة؟
2 - ما هي استدلالات أهل الكتاب (اليهود أو النصارى) التي بها يدفعون تهمة التحريف عن كتبهم المقدسة؟
3 - وما هي أجوبة المسلمين على تلك الاستدلالات؟ وهل هي أجوبة كافية شافية أم أن فيها الغث والسمين والخالص والهجين.
ثم ما هي نتائج النقد التاريخي والعلمي الأوروبي للكتاب المقدس؟
فبمعرفة عن هذه المسائل تكتمل الصورة لدى من يحب استيعاب المسألة من جميع جوانبها ويريد النظر إليها بإنصاف وتجرد.
للجواب عن السؤال الأول كان علينا استقراء أقوال المسلمين ليس فقط في كتب التفسير, بل في كتب المسلمين في الجدل مع اليهود والنصارى, وهي كثيرة تفوق 130مؤلفا لم يصنا منها إلا القليل.
ففي تلك الكتب يجدر البحث عن مذاهب المسلمين في مسألة تحريف الكتب المقدسة لدى أهل الكتاب.
لعل القارئ يلحظ أن المسألة تنقسم من ذات نفسها إلى قسمين كبيرين باعتبار كتب اليهود, واعتبار كتب النصارى.
بحث السؤال الأول: لماذا اختلفت أقوال المسلمين في مسألة تحريف أهل الكتاب لكتبهم المقدسة؟
يحسن بنا أن نعطي جردا بأسماء الكتب التي ألفها المسلمون في الجدل مع اليهود والنصارى
1 - الكتب التي ردت على اليهود:
وعددها نحو 30 لم يصلنا سوى بعضها, ونذكر منها:
1 - الرد على اليهود لأبي بكر الأصم. مفقود.
2 - كتاب في الرد على اليهود والنصارى للخليفة العباسي المأمون عبد الله بن هارون الرشيد بن المهدي محمد بن المنصور. بويع بالخلافة سنة 198هـ, وتوفي سنة 218هـ.
3 - الرد على اليهود لأبي الهذيل العلاف. مفقود. وله مناظرة مع بعض اليهود أوردناها في هذا الموقع, (أنظر مقالي: مناظرات بين مسلمين وأهل الكتاب).
4 - الرد على اليهود لأبي عيسى محمد بن هارون الوراق. مفقود
5 - كتاب الرد على الأحبار و المجوس في العدل والتجوير لعيسى بن صُبيح المردار. مفقود.
6 - الرد على اليهود للجاحظ. مفقود.
7 - الرد على اليهود للقاضي الحنفي أبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن صبر توفي سنة 380هـ. مفقود.
8 - الرد على ابن النغريلة اليهودي لابن حزم الأندلسي. مطبوع.
9 - إظهار تبديل اليهود للتوراة والإنجيل وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك مما لا يحتمل التأويل لابن حزم الأندلسي (ت456هـ). يقال أنه مدمج في الفصل وهو مطبوع.
10 - شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل, لأبي المعالي الجويني (ت478هـ). مطبوع.
11 - كتاب السعود في الرد على اليهود لأبي بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف الفهري الطرطوشي (ت.520هـ) , وهو مفقود. (وله مناظرة مع يهودي تجدها في هذا الموقع في المقال المشار له أعلاه).
12 - قصيدة في الرد على اليهود والنصارى, لأبي الفضل سعيد بن سوسف بن الحسن بن سمرة الأواني الكاتب, وكان يهوديا وأسلم, وكان كاتبا جليلا حسن العبارة بليغا, كان حيا سنة 561هـ.
13 - إفحام اليهود للسموأل بن عباس بن يحيى المغربي (571هـ). ألفه حوالي 558هـ. وهو مطبوع.
14 - مجالس في ذم اليهود وتخليدهم في النار لابن عساكر. مفقود.
15 - مقالة في الرد على اليهود و النصارى لعبد اللطيف بن يوسف بن محمد الموصلي البغداد (ت629هـ).مفقود.
16 - الأجوبة الفاخرة لأحمد بن إدريس القرافي (ت684هـ). مطبوع.
17 - الدر المنضود في الرد على ابن كمونة فيلسوف اليهود لأحمد بن علي بن تغلب أو ثعلب ابن الساعاتي الحنفي. ولد ببعلبك و انتقل مع أبيه إلى بغداد فنشأ بها في المدرسة المستنصرية, وتولى بها تدريس الحنفية وكان ممن يضرب به المثل في الذكاء والفصاحة وحسن الخط, وكان أبوه ساعاتيا عمل الساعات المشهورة على باب المدرسة المستنصرية ببغداد, وتوفي فيها سنة 694هـ/ 1295م. لم يكتشف الكتاب بعد ولعله رد على كتاب تنقيح الأبحاث للملل الثلاث لابن كمونة اليهودي.
18 - مسالك النظر في نبوة سيد البشر للمهتدي الحبر سعيد بن حسن الإسكندراني (698هـ). طبع مرتين.
(يُتْبَعُ)
(/)
19 - الأسئلة على التوراة لعلاء الدين الباجي الشافعي (ت.714هـ). طبع بالقاهرة 1980م تحت عنوان بليد وهو: (كتاب) على التوراة. مع أن المؤلف ذكر العنوان (الذي ترجمنا به) في آخر كتابه.
20 - تأييد الملة لبعض الأندلسيين المسلمين المُدَجَّنِين من مدينة وشقة بشمال اسبانيا (القرن 8هـ). الكتاب حقق و ترجم للإنجليزية في الولايات المتحدة.
21 - الحسام المحدود في الرد على أحبار اليهود, لأبي محمد عبد الحق الإسلامي السبتي (كان يهوديا وأسلم خفية سنة 780هـ ثم أعلن إسلامه سنة 796هـ وفيها ألف كتابه هذا).
وهو كتاب مطبوع عدة طبعات كلها سقيمة.
22 - الرسالة الهادية في الرد على الموسوية لعبد السلام المهتدي كتبها ردا على اليهود بعدما أسلم. أولها:" الحمد لله الذي من على عباده في آخر الزمان برسالة حبيبه المبعوث من بني عدنان. وتوجد منه مخطوطة بخزانة أحمد الثالث رقم 1735 (في 37 ورقة كتبها المؤلف في جمادى الأولى سنة 902هـ). (كشف الظنون 1/ 900) وهي على ثلاثة أقسام: الأول في إبطال أدلة اليهود. الثاني: في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من عبارة التوراة بعدما غيره اليهود. والثالث: في تغييرهم بعض كلمات التوراة.
23 - الرسالة السبيعية الحاوية للضوابط الإرشادية, للحبر الأعظم إسرائيل بن شموئيل الأورشليمي. طبعت بدار القلم – دمشق 1989م.
24 - النور الباهر في نصرة الدين الطاهر ليوسف بن عبد الله الإسلامي انتقل إلى الإسلام بعد 1020هـ. مخطوط.
هذا فضلا عن الردود التي وصلتنا على صورة فصول أومباحث مضمنة في كتب علم الكلام وتاريخ الملل والنحل, وكتب بعض المؤرخين مثل المسعودي وطاهر بن مطهر المقدسي. كما وصلتنا شذرات من مناظرات جرت بين مسلمين ويهود ليس في واحد من تلك المناظرات بحث لقضية التحريف (أنظر جملة من تلك المناظرات كنت قد نشرتها سابقا على هذا الموقع:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4401
ولم أجد في ما وقفت عليه من ردود المسلمين المذكورة أحدا توسع في مسألة تحريف كتب اليهود بما يليق بالقضية إلا ابن حزم الأندلسي (وهذا يفسر لماذا استشهد به شيخ الإسلام ابن تيمية في فتواه حول التحريف التي لخصها ابن حجر في فتح الباري كما ذكرنا سابقا) وقد أعطيت وصفا مجملا عن منهج ابن حزم في بحث المسألة في مقال لي بعنوان: حقائق جديدة حول نقد اين حزم لأسفار التوراة. نشرته مجلة الفيصل عدد 347/ 2005م ص42 - 55.
وسأنقل لكم منه هنا ما لنا به حاجة قلتُ هناك:" يحتل ابن حزم مكانة متميزة لدى المعنيين بتاريخ الأديان, فالدراسات التي كتبت عنه تكاد تُجمع على اعتباره من أكبر الرواد المسلمين في ميدان التاريخ النقدي للملل و النحل, و خاصة دراسته لليهودية والنصرانية. قالت حواء لزاروس يافه Hava-Lazarus Yafeh:" لاشك أن النقد الذي خص به ابن حزم متن الكتاب المقدس يعد دراسة متكاملة لا مثيل لها في الكتب الإسلامية في القرون الوسطى".
لقد أفرد ابن حزم, الديانة اليهودية بدراسة نقدية تتألف من ثلاث محاور متمايزة, شغلت 208 صفحات من كتابه " الفصل في الملل والأهواء والنحل".
- المحور الأول, سلك فيه ابن حزم مسلكين في النقد:
1 - مسلك النقد التاريخي والعقلاني الذي يحاكم قصص الأسفار الخمسة إلى الحقائق القطعية في علوم الجغرافية والحساب والفلك. وساق نتائج بحثه مرتبة [ص45] على 57 فصلا, منها فصول لم تتجاوز بضعة أسطر, وفصول شغلت بضع عشرة صفحة.
2 - مسلك الفحص الوثائقي لتاريخ تداول اليهود للتوراة منذ عصر يوشع بن نون إلى زمن عِزْرَا الورَّاق.
فدراسة متن الأسفار الخمسة قاد ت الإمام ابن حزم إلى تحرير تاريخ موجز لتطور دين اليهود منذ عصر القضاة وإلى زمن انقراض مملكة يهوذا على يد جيوش الملك نبوخدنصر الفارسي, وتدمير بيت المقدس, وإجلاء اليهود إلى مدينة بابل نحو عام587 قبل الميلادي. وقصد ابن حزم بهذا المسلك إبطال دعوى اليهود في أن:" موسى تلقى الأسفار الخمسة من الله, كما هي الآن, و كتبها بنفسه وسلمها لقومه, ثم تواتر نقلهم لها جيلا بعد جيل". [ص46]
فابن حزم يرى أن أمورا كثيرة قد حالت دون اتصال نقل التوراة من لدن عزرا إلى موسى, منها:
- ارتداد بني اسرائيل سبع ردات في عصر القضاة.
- ثم ارتداد جميع ملوك الأسباط العشرة (مملكةالشمال) وهم عشرون ملكا.
(يُتْبَعُ)
(/)
- فضلا عن ارتداد خمس عشرة ملكا من بين عشرين ملكا حكموا مملكة الجنوب و تسمى يهوذا.
ثم يشرح ابن حزم, تطور اليهودية بعد أن دَوَّنَ لهم عزرا الوراق التوراة, التي بأيديهم اليوم, وكيف تأسست طقوس اليهودية الحالية بصلواتها وأدعيتها, بفضل أحبار العصر المكابي, فهم الذين أحدثوا البِيَع والجوامع في كل مكان, خلافا لما كان عليه أسلافهم من عدم تجويز الصلاة والاجتماع للعبادة في غير بيت المقدس.
قال ابن حزم:"إلى أن أملها (أي التوراة) عليهم من حفظه عزرا الوراق الهاروني, وهم مقرون أنه وجدها عندهم وفيها خلل كثير فأصلحها, وهذا يكفي, وكان كتابة عزرا للتوراة بعد أزيد من سبعين سنة من خراب بيت المقدس, وكتبهم تدل على أن عزرا لم يكتبها لهم ويصلحها إلا بعد نحو أربعين عامًا من رجوعهم إلى البيت بعد السبعين عاما التي كانوا فيها جالين, ولم يكن فيهم حينئذ نبي أصلا ( ... ) , ومن ذلك الوقت انتشرت التوراة ونسخت, وظهرت ظهورا ضعيفا أيضا, ولم تزل تتداولهمُ الأيدي مع ذلك إلى أن جعل أنطاكيوس الملك- الذي بنى أنطاكية- وثنا للعبادة في بيت المقدس, وأخذِ بني إسرائيلَ بعبادته, وقُرِّبَت الخنازير على مذبح البيت, ثم تولى أمرهم قوم من بني هارون بعد مِئِين من السنين, وانقطعت القرابين, فحينئذ انتشرت نسخ التوراة التي بأيديهم اليوم, وأحدث لهم أحبارهم صلوات لم تكن عندهم جعلوها بدلا من القرابين, وعملوا لهم دينا جديدا, و رتبوا لهم [ص47] الكنائس في كل قرية بخلاف حالهم طول دولتهم. وبعد هلاك دولتهم بأزيد من أربعمائة عام أحدثوا لهم اجتماعا في كل سبت, على ما هم عليه اليوم, بخلاف ما كانوا طول دولتهم, فإنه لم يكن لهم في شيء من بلادهم بيت عبادة, ولا مجمع ذكر وتعلم, ولا مكان قربان قربة, البتة, إلا ببيت المقدس فقط. ( ... ) ففي دون هذا كفاية, لمن عقل, في أنها (أي الأسفار الخمسة) كتاب مبدل مكذوب موضوع, و دين معمول خلاف الدين الذي يقرون أن موسى أتاهم به".
- المحور الثاني:
يبحث فيه ابن حزم بإيجاز مسألة صحة نسبة باقي أسفار العهد القديم إلى مؤلفيها التقليدين, ويركز ابن حزم نقده على: سفر يشوع, وسفر المزامير المنسوب لداود, والأسفار الثلاثة المنسوبة لسليمان , وسفر إشعياء, وسفر حزقيال. وقد كشف هذا المحور عن الحقائق الآتية:
أولاها: أن ابن حزم أقدم ناقد مسلم عارض صحة نسبة سفر يشوع إلى يوشع بن نون, ورجح أن هذا السفر المذكور ألف بعد أن بنى سليمان بيت المقدس بزمن غير يسير ..
ثانيتها: أن ابن حزم أول من اعترض على نسبة سفر المزامير إلى النبي داود عليه السلام.
ثالثتها: أنه أول من كَذَّب دعوى اليهود بأن سليمان هو مؤلف الأسفار الثلاثة المنسوبة إليه في كتاب العهد القديم.
رابعتها: أنه أول ناقد قال بأن بعض الأسفار المنسوبة لأنبياء العهد القديم قد كتبت (في عصر المكابيين) بعد القرن الخامس قبل الميلادي أي بعد بناء الهيكل الثاني.
ثم ختم ابن حزم كلامه في هذا المحور بالفقرة الآتية:
" لم نكتب مما في الكتب التي يضيفونها إلى الأنبياء إلا طرفا يسيرا دالا على فضيحتها أيضا وتبديلها ( ... ) ثم لا ندري كيف يمكنهم اتصال شيء من ذلك إلى نبي من أنبيائهم, لا سيما من لم يكن إلا في أيام كفرهم مُخافاً أو مقتولا".
- المحور الثالث:
وفيه ينتقد ابن حزم بعض الأقوال الواردة في تآليف الأحبار, كالتلمود البابلي, وكتاب شِيعُر قُومَا, وكتاب سدر ناشيم وغيرها, وغرضه من ذلك هو الاستدلال على أن الأحبار – الذين نقل اليهود عنهم دينهم- كانوا مُشَبِّهة [ص48] مشركين بل كفارا, يجب- حسب ابن حزم- رفع الثقة عنهم, والشك في أمانتهم في الحفاظ على نص التوراة سليما من التحريف والتبديل.
وقد صنف الدكتور تيودور بولسيني Théodore Pulcini أغراض الحجج الحزمية الواردة في المحاور الثلاثة المذكورة إلى تسعة أصناف, كالآتي:
1 - نقد النصوص التي بها قذف في حق الأنبياء.
2 - نقد النصوص التي بها تجديف في حق الله.
3 - نقد النصوص التي بها أغلاط حسابية.
4 - نقد النصوص التي بها أخطاء تاريخية.
5 - نقد النصوص المخالفة لعلم الجغرافية.
6 - بيان المناقضات داخل النصوص التوراتية.
7 - التنبيه على الاستحالات العقلية التي في التوراة.
8 - نقد النصوص التي بها تشبيه للخالق بمخلوقاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
9 - نقد النصوص ذات المغزى الشركي أو تنسب لله البنين والبنات.
لقد سلط ابن حزم على متن الأسفار الخمسة نقداً معياريا يجلي مخالفة النصوص التوراتية لمعالم خارجية, كالعلوم الدقيقة والأخلاق والعقيدة, بعد ذلك يستنتج ابن حزم أن تلك الأسفار تشكو من عيوب كثيرة تحول دون الجزم بأنها التوراة التي أنزلها الله على نبيه موسى.
لقد اكتشفت بعد البحث, والتنقيب, أن قدراُ لا بأس به من اعتراضات ابن حزم لها ما يماثلها عند قدماء خصوم اليهودية قبل الإسلام وهم: مرقيون Marcion , وسلسوس المشرك Celsus , والفيلسوف فرفوريوس Porphyre (233- 304 م) , ويوليان المرتد Julian l'Apostat, وآخرون ظهروا بعد الإسلام وهم: حيويه البلخي اليهودي, وإسماعيل العكبري اليهودي, وألعازار بن عزريا , الذي يعد من الخوارج على دين اليهود.
ابن حزم وخصوم اليهود:
لقد سبق للدكتور يهوذا روزنتال Judah Rosenthal أن درس بإجمال انتقادات خصوم اليهودية (قبل الإسلام وبعده) للعهد القديم, فقال:" نقف في المؤلفات الجدلية للكنيسة (النصرانية) في أول العصور الوسطى على جل [49] اعتراضات المارقين (من الدين) على أسفار العهد القديم, مشفوعة بالرد عليها, لكن أهم تلك الاعتراضات نجدها معروضة في كتاب "الهادي إلى الصراط" Hodegos الذي ألفه أنستاسيوس السينائي Sinaita Anastasius وكان بطريارك مدينة أنطا كية خلال نهاية القرن السابع الميلادي, حيث حكى أنه لما زار المشرق ألقت عليه جماعة من المارقين عدة مسائل معضلة (حول الكتاب المقدس). ثم سرد أنستاسيوس ما يعدل 154 مسألة عن الكتاب المقدس مع جواباته عنها". قال روزنتال: "أغلب تلك المعضلات كان بشأن أسفار العهد الجديد, أما المسائل الباقية فكانت بشأن العهد القديم". ثم عدد روزنتال سلسلتين منها, الأولى شملت 7 أسئلة, والثانية شملت 18 سؤالا. ثم أضاف أن في كتاب فوتيوس القسطنطيني Photius de Costantinople ( من القرن التاسع الميلادي) 324 مسألة كثير منها متعلق بالكتاب المقدس, ولكن روزنتال اقتصر على العرض الموجز لثمان وثلاثين مسألة فقط.
و قد سعيت لعرضها على ما لدى ابن حزم فكانت النتائج كالآتي:
- المسائل التي ذكرها أنستاسيوس ونجدها عند ابن حزم: وهي خمس مسائل, أعيد طرحها في كتاب "الفصل" لابن حزم.
المسألة الأولى:
الأربعمائة سنة التي قيل إن بني إسرائيل يستعبدون فيها بمصر (تكوين 15: 13 - 16) تخالف الواقع, لأنهم لم يستعبدوا إلا 140 سنة بعد وفاة يوسف (خروج 1: 6 - 11).
يقارن هذا بما في الفصل لابن حزم 1/ 124 - 128 (فصل13).
المسألة الثانية:
إن الله حدد أعمار البشر بعد طوفان نوح في 120 عاما (تكوين6: 3) و لم يلتزم بذلك (تكوين11: 12). يقارن هذا بكتاب الفصل1/ 121 - 122 (فصل9).
المسألة الثالثة:
وعد الرب بني إسرائيل أن يعطيهم ميراثا [50] (تكوين 15: 18) ولم يرثوا إلا أقل من معشار الأرض الموعودة.
يقارن بكتاب الفصل1/ 128 - 129 (فصل14).
المسألة الرابعة:
بم نفسر النص الآتي:
" و بعد أن دخل أبناء الله على بنات الناس ... " (تكوين6: 1 - 2. 6: 4)؟
يقارن مع كتاب الفصل 1/ 121 (فصل 8).
المسألة الخامسة:
كيف نقبل حكاية العَرَّافة المقيمة في عين دور التي قصدها الملك شاول متنكرا, وطلب منها استحضار روح النبي صموئيل (صموئيل الأول 28: 7 - 14).
هذه الحكاية انتقدها ابن حزم في المحور الثالث, فقال:
" وفي بعض كتبهم مما لا يختلفون في صحته أن السحرة يحيون الموتى على الحقيقة ( ... ) وأن عجوزا ساحرة أحيت لشاول الملك- وهو طالوت- شمؤال النبي بعد موته" , (كتاب الفصل1/ 218).
- المسائل التي ذكرها فوتيوس, ونجدها لدى ابن حزم:
وهي أيضا خمس مسائل ترد في كتاب الفصل لابن حزم كالآتي.
المسألة الأولى:
لماذا لم يذكر موسى (في الأسفار الخمسة) شيئاً عن الآخرة؟
قال ابن حزم: " ليس في توراتهم ذكر لمعاد أصلا, ولا لجزاء بعد الموت" كتاب الفصل (1/ 207).
المسألة الثانية:
ما معنى النص:" لنصنع الإنسان على صورتنا" (تكوين 1: 26). راجع أيضا الفصل1/ 117 - 118 (فصل2).
المسألة الثالثة:
ما معنى:" الإنسان صار كواحد منا, يميز الخير والشر"؟ (تكوين 3: 22).
تقارن بكتاب الفصل 1/ 120 - 121 (فصل4).
المسألة الرابعة:
كيف تعدون إبراهيم صالحا, وهو يقول لربه" كيف أعلم أني أرثها"؟ (تكوين 15: 8).
(يُتْبَعُ)
(/)
قارن بكتاب الفصل1/ 129 (فصل15).
المسألة الخامسة:
لماذا صارع الملاكُ يعقوب؟ (تكوين 32: 25).قارن مع الفصل 1/ 141 - 142 (فصل26).
- تشابه حجج ابن حزم وبعض مسائل حيويه البلخي:
يعد حيويه البلخي من أكبر خوارج اليهود خلال القرن التاسع الميلادي, وقد ألف كتابا يتألف من 200 مسألة ضد العهد القديم, تصدى للرد عليها الحبر اليهودي المعروف بسعديا الفيومي (ت.942م) في كتاب مفرد وصلتنا منه نقول يسيرة في كتاب تفسير سفر التكوين للربي يهوذا بن برزلي. وقد قام بعض الباحثين المعاصرين بجمع اعتراضات حيويه البلخي, منهم بوزننسكي Poznanski , ودافيد سون. Davidson
قال يهوذا روزنتال بشأنها:" من خلال ما وصلنا من آراء البلخي استطعنا أن نعرف أنه انتقد صحة الكتاب المقدس, واعترض على [51] شرائعه, وعلى ما وصف به الله فيه, و استخرج بعض التناقض الموجود في قصصه". لقد استطاع روزنتال أن يحصي 65 مسألة من مسائل البلخي المذكورة, فاكتشفت أن خمساً منها وردت في كتاب الفصل لابن حزم.
المسألة الأولى:
نجد في التوراة أن ذات الله ممثلة في ثلاث أشخاص.
تقارن بما في كتاب الفصل 1/ 130 - 131 (فصل 16).
المسألة الثانية:
في التوراة يوصف الرب بأكل الطعام.
يقارن بما في الفصل لابن حزم 1/ 130 (فصل 16).
المسألة الثالثة:
الرب بارك يعقوب لكنه جعل ذرية عيسو أحسن حالا من بني إسرائيل.
يقارن بما في كتاب الفصل1/ 137 - 139 (فصل24).
المسألة الرابعة:
في العهد القديم يوصف الرب بأنه يصعد وينزل (الخروج 33: 1 - 5؛ 14).
يقارن بما في كتاب الفصل 1/ 164 (فصل 48).
المسألة الخامسة:
لا ذكر في كتب العهد القديم للجزاء ولا للحساب في اليوم الآخر.
وهي تشبه المسألة الأولى من مسائل فوتيوس المذكورة سابقا.
مناظرة:
- تأثر ابن حزم بالمناظرة التي جرت بين نصراني قبطي ويهودي في مجلس ابن طولون:
ذكر المسعودي في كتابه: مروج الذهب ومعادن الجوهر أن أحمد ابن طولون (ق 3 الهجري /9 الميلادي) أراد أن يعرف حقيقة أهرام بلاد مصر فدلّوه على شيخ من علماء النصارى الأقباط, فأشخصه لديه, وسأله عما شاء, وفي بعض تلك المجالس أراد طبيب يهودي أن يسخر من الشيخ القبطي فقال له القبطي:
- وما أنت أيها الرجل؟ وما نحلتك؟
- فقال له: [أنا] يهودي.
- فقال له: مجوسي إذاً؟
- قال له: كيف ذلك وهو يهودي؟
- قال: لأنهم يرون نكاح البنات في بعض الحالات.
( ... ) ثم أقبل القبطي على ابن طولون, فقال: أيها [52] الأمير هِؤلاء يزعمون- وأشار إلى اليهودي- أن الله خلق آدم على صورته, وعن نبي من أنبيائهم – سماه (دانيال) - قال في كتابه: إنه رأى قديم الزمان أبيض الرأس واللحية, وأن الله تعالى قال: إني أنا النار المحرقة, والحمى الآخذة, وأنا الذي آخذ الأبناء بذنوب الآباء, ثم في توراتهم أن بنات لوط سقينه الخمر حتى سكر وزنى بهن, وحملن منه, وولدن, وأن موسى رد على الله الرسالة مرتين حتى اشتد غضب الله عليه. وأن هارون صنع العجل الذي عبده بنو إسرائيل, وأن موسى أظهر معجزات لفرعون, وفعلت السحرة مثلها, ثم ما قالوا في ذبائح الحيوان والتقرب إلى الله بدمها ولحومها, وتحكمهم على العقل ومنعهم من النظر بغير برهان, وهو قولهم: أن شريعتهم لا تنسخ, ولا يقبل قول أحد من الأنبياء بعد موسى, إذا انحرف عما جاء به موسى, ولا فرق في قضية العقل بين موسى وغيره من الأنبياء إذا أتى ببرهان, وبان بحجة. ثم الأكبر من كفرهم قولهم في يوم عيد الكفور, وهو يوم الاستغفار, وذاك لعشر تخلو من تشرين الأول: أن الرب الصغير و يسمونه ميططرون يقوم في هذا اليوم قائما, وينتف شعور رأسه, ويقول: "ويلي إذ أخربت بيتي, وأيتمت بني [وبناتي] , قامتي منكسة لا أرفعها, حتى أبني بيتي". قال المسعودي:" وذكر عن اليهود أقاصيص وتخاليط كثيرة, ومناقضات واسعة".
وقد وردت حجج القبطي متفرقة في كتاب الفصل لابن حزم كما يأتي:
- الفصل 1/ 117 - 118 (فصل2).
- الفصل 1/ 133 - 135 (فصل20).
- الفصل 1/ 154 - 156 (فصل39).
- الفصل 1/ 159 - 160 (فصل43).
- الفصل 1/ 161 - 163 (فصل 46).
- الفصل 1/ 209.
- الفصل1/ 223.
هذا كله يشهد جليا على إلمام ابن حزم باعتراضات من سبقه وانتقائه بعضها ليدرجه في كتابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
لا شك أن وصول تلك الحجج لابن حزم كان من خلال كتب المقالات والملل والنحل, وردود كل طائفة على الطوائف المخالفة لها في الملة أو النحلة. لكننا لا نشك في أن لابن حزم أيضا انتقادات وحجج لم يسبق إليها, نجد عليها طابعه الذي عرف به في النقد والجدل, أعني قدرته على كشف المناقضات, وصك وجوه الخصوم بالمعضلات, وفحص الروايات التاريخية بعرضها على المعارف العلمية, واستخراج أغلاطها لإثبات أن مؤلفيها ما كانوا معصومين من الزلل فهم بذلك ليسوا أنبياء." انتهى النقل من المقال المذكور.
وهذا التميز لابن حزم عن الباقين يدل على العناية الفائقة التي بدلها في بحث المسألة فهو لم ينقل نصوص الكتاب المقدس عن غيره من المسلمين أو المهتدين كما فعل كثير غيره بل لقد بحث عن الترجمة العربية للتوراة وباقي أسفار العهد القديم وطالع أجزاء من التلمود البابلي ومن كتب الأحبار التي كانت مترجمة على ما يبدو للعربية من طرف يهود الأندلس.
كما أحاط علم ابن حزم بتاريخ اليهود إحاطة تثير الإعجاب فهو مثلا لم يجعل حزقيال النبي معاصرا ليوشع ابن نون كما فعل ابن جرير الطبري في تاريخه, بل تجده ابن حزم لا تختلط عليه أسماء الأشخاص ولا عصورهم ولا الكتب المنسوبة إليهم وقد وقع له في النادر (نحو المرتين) الإحالة من ذاكرته على نص ثم يعزوه إلى غير موضعه نظرا لاشتراك الكتابين في مضامين متقاربة المعنى, لكن لن يخفى على المطلع الخبير مكان النص الذي يقصده ابن حزم وسبب غلطه في العزو.
كما يتميز ابن حزم بشيء آخر ألا وهو إخراجه قضية التحريف من دائرة الجدل النظري الضيق والفضفاض (الدائر منذ قرون قبله بين المسلمين وأهل الكتاب) حول إمكان أو استحالة وقوع التحريف في كتب أهل الكتاب المقدسة, إلى دائرة الفحص المباشر لتلك الكتب نفسها بغرض الفصل بين طرفي النزاع, ويعد هذا سابقة لابن حزم سبق بها مدارس نقد الكتاب المقدس في اوروبا.
(و المزيد يأتيكم إن شاء الله في الحلقات القادمة).
وكتب سمير قدوري. 22 يناير 2005م.(/)
درس شهري للشيخ مساعد الطيار في مدينة المصطفى لمن لم يبلغه
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[24 Dec 2005, 12:26 ص]ـ
كنت سألت الشيخ مساعد ـ حفظه الله ـ عن درسه في المدينة هذا السؤال:
سمعنا بدرسكم في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا نعلم تفاصيل هذا الدرس فهلا أخبرتنا؟
فأجاب ـ حفظه الله ـ
هو درس شهري، في الأسبوع الثاني من كل شهر، لكل شهر موضوع يحدد في حينه، وسيكون في شهر محرم من السنة القادمة ـ إن شاء الله ـ في مقدمة تفسير ابن جزي الكلبي.
__________________
الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض
attyyar@hotmail.com(/)
أجوبة المسلمين على اعتراضات أهل الكتاب في مسألة التحريف [الحلقة 3]
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 Dec 2005, 01:10 ص]ـ
نذكر القراء الكرام بالأسئلة التي طرحناها في الحلقة السابقة, وهي كالآتي:
- لماذا اختلفت أقوال المسلمين في مسألة تحريف أهل الكتاب لكتبهم المقدسة؟
2 - ما هي استدلالات أهل الكتاب (اليهود ثم النصارى) التي بها يدفعون تهمة التحريف عن كتبهم المقدسة؟
3 - وما هي أجوبة المسلمين على تلك الاستدلالات؟ وهل هي أجوبة كافية شافية؟
ثم ما هي نتائج النقد التاريخي والعلمي الأوروبي للكتاب المقدس؟
وسنتابع في هذه الحلقة بحث الجواب عن السؤال الأول وقسم من الثاني لأنه قد تبين لي أنه كان لاعتراضات أهل الكتاب أثر ظاهر في توجيه مواقف بعض المسلمين, وهذا ما سيظهر من خلال النصوص التي استخرجتها من كتابين هامين ناقشا أهل الكتاب وأجابا على بعض اعتراضاتهم.
الكتاب الأول هو كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه السلام, ومؤلفه هو المحدث الفقيه المالكي الأصولي أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي نزيل الإسكندرية والمتوفي بها سنة 656هـ, وهو شيخ أبي عبد الله القرطبي المفسر الذي نسب له البعض كتاب الإعلام خطاء.
والكتاب الثاني هو الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت.728هـ) الذي رد فيه ردا موسعا على رسالة لبولس الراهب أسقف صيدا الذي أراد دفع تهمة التحريف عن الكتاب المقدس واحتج بعدة حجج أتى عليها ابن تيمية كلها.
وقد يسرت على القراء فهم كلام كلا المؤلفين المسلمين بتقسيمه إلى فقرات وتخريج نصوصه القرآنية أو الكتابية. وعلقت تعليقات يسيرة بين معقوفات على ما يحتاج إلى ذلك.
وقد يقول قائل إنك تتحدث عن تحريف التوراة فما بلك تأتي بكلام النصارى؟
فأقول لأن النصارى اجتهدوا أكثر من اليهود في الدفاع عن التوراة لحاجتهم إليها في إثبات دينهم ولتصديقهم بها.
فمن حججهم: نجد دعواهم تناقض موقف القرآن بشأن كتب أهل الكتاب, فتارة يقول بأنه جاء مصدقا لما بين يديه منها ويقول بأن التوراة هدى ونور ويطالب أهل الكتاب بالحكم بما أنزل في التوراة والإنجيل, وهذا تثبيت لتلك الكتب. وتارة يقول القرآن بأن أهل الكتاب يحرفون الكلم عن مواضعه إلخ ... وهذا تناقض (في زعمهم).
ثم نجدهم ينازعون المسلمين في وقوع التحريف في كتبهم ويقولون هو غير ممكن لانتشار نسخ التوراة والإنجيل في الآفاق ولاختلاف النصارى طوائف النصارى من جهة واختلافهم جميعا مع اليهود في أمر المسيح فيستحيل اتفاقهم على تحريف التوراة.
فمن هذه الحجج ما أجاب عنه هذان العالمان المسلمان وقد أتى على جميع ذلك ابن حزم في كتابه الفصل كما سنبينه في حلقة قادمة. وأتمنى من القراء الكرام أن يسألوا عما يبدوا لهم غامضا فيما نشرناه فنحن نسعد كثيرا ببيان كل إشكال قد يعترضهم.
[كلام أبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي (ت.656هـ) في مسألة تحريف التوراة أورده في كتابه: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام]
قال أحمد بن عمر القرطبي:
فصل في بيان بعض ما طرأ في التوراة من الخلل وأنها لم تنقل نقلا متواترا فتسلم لأجله من الخطأ والزلل:
فأول دليل أنها لم تترك على ما كانت في الألواح التي كتبها الله تعالى لموسى ولا على ما انتسخها لهم موسى بل زيد فيها ولا بد ما ليس منها ولا كان في الألواح التي كتبها الله لموسى ويدل على ذلك أن في آخر السفر الخامس أن:" موسى توفي في أرض موآب بإزاء بيت فغور ولم يعرف إنسان موضع قبره إلى اليوم وكان قد أتى على موسى إذ توفى مائة وعشرون سنة ولم يضعف بصره ولم يتشيخ وجهه وبكى بنو إسرائيل على موسى ثلاثون يوما في عريب موآب فلما تمت أيام حزنهم على موسى امتلأ يشوع بن نون من روح الحكمة لأن موسى كان وضع يده على رأسه في حياته وكان بنو إسرائيل يطيعونه ويعملون كما أمر الرب موسى" [التكوين 34: 5 - 9].
(يُتْبَعُ)
(/)
[قال القرطبي] ولا يشك الواقف على هذا التاريخ وهذه الوفاة أنها ليست مما أنزل الله على موسى ولا مما كتبها موسى عن نفسه وإنما هي من إثبات من أراد أن يثبتها بعد وفاة موسى بزمان ويدلك على ذلك قوله ولم يعرف إنسان موضع قبره إلى اليوم, يريد به اليوم الذي كتب فيه هذا. وهذا بين عند المنصف, ومع بيانه فليس أحد من اليهود والنصارى فيما أعلم يقول إن التوراة زيد فيها شيء بعد موسى, ولا يفرق بين هذا الكلام وغيره بل هي كلها عندهم كلام الله, وهذا جهل عظيم, وخطب جسيم. فهم بين أمرين إما أن يقولوا إن هذا الكلام هو مما كتبه الله لموسى وأخبر به موسى أو يقولوا إنه ليس مما أخبر الله به موسى ولم يخبر به موسى.
فإن قالوا الأول كذبه مساق الكلام فإن المفهوم منه على القطع أنه كتب بعد وفاة موسى بزمان.
وإن قالوا بالقول الآخر قيل لهم فلأي شيء خلطتم (ص188) كلام الله بكلام غيره وأجريتموهما في نسق واحد وزدتم على كلام الله ولم تشعروا بذلك بل نسبتم كل ذلك إلى أن الله أنزله. وإذا جاز زيادة مثل هذا ولم يتحرز منه جاز أن يكون كل حكاية فيها لا يصح نسبتها إلى الله, زائدة ولا سيما الحكايات الركيكة التي تحكى فيها عن الأنبياء التي لا يليق ذكرها بسفلة الناس وغالب الظن ولا يعلم الغيب إلى الله تعالى أن السفر الأول الذي هو سفر البدء والأنساب مما زيد على كلام الله تعالى ولم يشعروا بزيادته.
[استدلال للقرطبي كرره من بعده نقاد الكتاب المقدس في أروبا مثل اسبينوزا]
ومما يدل أيضا على هذا المعنى أن كثيرا مما يجيء فيها:" وكلم الرب موسى وقال له اقبض حساب بني جرشون" [العدد: 4:21] , "وكلم الرب موسى وقال له كلم بني إسرائيل" [العدد:15: 1 - 2] ومثل هذا كثير.
وهذا يدلك أنه ليس مما قاله الرب جل ذكره لموسى ولا مما قاله موسى لهم, أعني لفظ "وكلم الرب موسى وقال له", وما أشبهه من لفظ الحكاية عنه وإنما هو شيء حكى عنه بعد انقراضه وأضيف إلى كلام الله ثم لا يعرفون من الحاكي وإذا جاز مثل هذا ولا يشعرون به جاز أن يكون أكثرها مغيرا ومبدلا وليس من كلام الله ولا من كلام موسى ولا يشعرون به ومن وقف عليها متتبعا لهذا المعنى قطع بأنها زيد فيها ما ليس منها وعند انكشاف الغبار تتبين أفرس تحتك أم حمار. (ص189).
[بيان عدم تواتر التوراة]
وأما بيان أنها ليست متواترة فهو:
(1) أن اليهود على بكرة أبيهم يعرفون ولا ينكرون أن التوراة إنما كانت طور مدة ملك بني إسرائيل عند الكوهان الأكبر الهاروني وحده وعنه تلقيت ولا ينكر ذلك منهم ولا منكم إلا مجاهر بالباطل.
(2) وكذلك ما يحكى من قتل بخت نصر جميع بني إسرائيل وإحراقه كتب التوراة حيث وجدت وإتلاف ما كان بأيديهم حتى لم يترك منهم إلا عددا يسيرا لا يحصل بخبرهم العلم وكان قد أجلاهم إلى بابل وهدم البيت, أو لعله كان الباقي منهم عددا كثيرا إلا أنهم لم يكونوا كلهم يحفظونها بل كانوا عددا يسيرا لا يحصل العلم بقولهم وكان هذا كله قبل المسيح بخمس مائة سنة تقريبا.
(3) وكذلك واقعة طيطش بن شبشان التي كانت بعد المسيح إلى أربعين سنة إذ فرقوا التفرقة التي هم اليوم عليها وهذا أيضا من المعروف عند الجميع بحيث لا ينكره إلا مكابر مجاهر. وهذه الأمور كلها مما تقدح في النقل الذي يدعونه متواترا.
ثم نقول هذه الأمور المذكورة إن وافقوا على وقوعها فقد اعترفوا بعدم التواتر فإن من شرط خبر التواتر أن ينقله العدد الكثير الذي تحيل العادة عليهم التواطؤ على الكذب والغلط عن عدد مثله هكذا ولا ينقطع, فإن رجع الخبر إلى عدد لا تحيل العادة عليهم الكذب لم يحصل بذلك الخبر العلم إذ لا يكون متواترا. وإن لم يوافقوا على وقوع هذه الوقائع هكذا لم يقدروا على جحد أصلها وإذا اعترفوا بأصلها لم يقدروا أن ينكروا إمكان وقوع ما يعترفون بأصله.
[بيان وقوع التحريف في التوراة]
وأما بيان التحريف فيها فهو:
(1) أن اليهود تعترف بأن سبعين كوهانا اجتمعوا على تبديل ثلاثة عشر حرفا من التوراة وذلك بعد المسيح في زمان القياصرة, ومن اجترأ على تبديل حرف من كتاب الله وتحريفه فلا يوثق بالذي في يده مما يدعى أنه كتاب الله لعدم الثقة به ولقلة مبالاته بالدين وأيضا فلعله قد حرفه كله أو أكثره.
(يُتْبَعُ)
(/)
(2) وكذلك يقرون ولا ينكرون أن طائفة منهم يقال لهم السامرية حرفوا التوراة تحريفا بينا كثيرا والسامرية يدعون عليهم مثل ذلك التحريف وكذلك النصارى أيضا يدعون على اليهود أنهم حرفوا في التوراة التاريخ ويزعمون أنهم نقصوا من تاريخ آدم صلى الله عليه وسلم ألف سنة ونحو المائتين.
وهذه احتمالات توجب على العاقل التوقف فلا يدعي حصول العلم بنقل التوراة مع انقداح هذه الممكنات إلا مجاهر متعسف.
[اعتراض لأهل الكتاب على التحريف]
فإن قيل كيف يصح أن يقال هذا وقد كان الأنبياء بعد موسى عليه السلام يحكمون بالتوراة ويرجعون إليها واحدا بعد واحد إلى زمن يحيى وعيسى ثم بعد ذلك تناقلها النصارى كما تناقلها اليهود خلفا عن سلف إلى اليوم؟ وإن جاز تطرق التحريف إلى ما هذا سبيله فيلزم عليه أن يحكم الأنبياء بالباطل, ويلزم عليه أيضا أن يقروا على الباطل غيرهم وهذا كله باطل على الأنبياء ويلزم عليه أيضا أن لا يحصل العلم بخبر متواتر ولا يوثق بكتاب يدعى أنه جاء عن نبي.
[جواب القرطبي]
فنقول وبالله التوفيق, إنا لم نعين لوقوع التحريف فيها زمانا ولا عينا من حرف منها شيئا ولا من ألحق بها شيئا فيحتمل أن يقع التحريف فيها قبلهم (يعني الأنبياء) أو بعدهم وإنما أبدينا تلك الاحتمالات ليُعلم أن الذي في نفوسكم من الثقة بها إنما هو اعتقاد جزم وليس بعلم.
ومما يدل على قبول تلك الاحتمالات وأنها قادحة في دعوى العلم سلامتها أنها لم تَقِرَّعلى ما تلقيت من موسى بل زيد فيها مالم يتلق عن موسى مثل الذي حكيناه من ذكر وفاته وحزن بني إسرائيل وحكاية قول كلم الله موسى وهذا يعلم منه على القطع أن الله لم يقله لموسى ولا موسى قاله عن نفسه يعلم ذلك من وقف عليه وتتبعه بضرورة مساق الكلام ولا بد. فالذي زاد ذلك لعله الذي وقع الخلل من جهته.
وأما ما ذكرتم من حكم الأنبياء بها فليس فيه حجة لإمكان أن تُنَازَعُوا في قولكم: "كانوا يحكمون بها", بل لعلهم كانوا يحكمون بما كان الله يعلمهم بما يوافق شريعة موسى ولا يخالفها, ولو سلمنا أنهم كانوا يحكمون بها فنقول كل شيء حكم به الأنبياء من التوراة فليس بمحرف, وأما ما لم يحكموا به منها فلعله الذي حُرِّفَ, مثل الأخبار التي حكيناها ونحكيها إن شاء الله تعالى.
[اعتراض لهم ثان وجوابه]
فإن قيل فيلزم منه أن يُقر الأنبياء على الخطأ ويتحدثوا بالكذب فإنهم كانوا يتحدثون بها. قلنا ليس بكاذب من حكى شيئا يعتقد صحته لا يتعلق به حكم الله تعالى وإن كان ذلك الخبر في نفسه مخالفا لما في الوجود ... وإنما الكاذب الذي يخبر عن الشيء بخلاف ما هو عليه من العلم بذلك وهو حد الكذب عندنا وحقيقته, وهذا إنما يجوز في حكاية الأخبار التي لا يتعلق بها حكم وأما ما تعلق به حكم منها فلا يجوز ذلك إذ الأنبياء معصومون فيما يبلغونه من الأحكام عن الله تعالى.
[رفض القرطبي للنصوص التوراتية التي تنسب للأنبياء ارتكاب الفواحش]
وإنما قلنا هذا حذرا من أن ننسب إلى الله تعالى ما لا يليق بجلاله أن ينزله في كتابه من الفواحش والفجور التي حكوها في التوراة وادعوا أنه فيها مسطور مع أنه ليس في ذكرها فائدة بل هي بكل ضلالة عائدة وكذلك ننزه موسى والأنبياء بعده صلوات الله عليهم عن ذلك الكلام الغث الركيك الذي لو حكى مثله عن بعض السفلة لأنف منه واستحى منه ولما كان ينبغي لعاقل أن يلتفت ويصغى إليه, ولكان يجب عليه أن يعرض عنه وينكره إذا سمعه هذا إذا كان محكيا عن لسفلة فكيف إذا حكاه الله عن نفسه أو عن خيرته من خلقه الذين برأهم الله عن الكبائر والنقائص التي تناقض نبوتهم فهم أكرم الخلق عليه وأحظاهم لديه ... والقائل بوقوع هذا مستهزئ مفتر على الله وسننقل عن بعض ما حكوا في التوراة.
ثم نقول لو سلمنا أنها لم تحرف في زمان الأنبياء لأمكن أن نقول فلعله حرف بعدهم وذلك بعد وقعة طيطش حيث أفناهم, والذين تنصروا منهم عدد يسير لا تقوم الحجة بقولهم. وإن قلنا إنهم كانوا عددا كثيرا, فلم يكن كل واحد منهم ممن يحفظها ولا يضبطها. ثم نقول للنصارى إن أنكرتم أن يكون شيء من التوراة حرف فلأي شيء تقولون إن اليهود حرفوا في التوراة في نسب آدم ونقصوا منه؟ وإذا جاز ذلك في نسب آدم جاز في غيره, وهذا بين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قولهم: "يلزم أن لا نقبل خبرا متواترا ولا يوثق بكتاب نبي", فلا يلزم شيء من ذلك فإن الخبر إذا تطرقت إليه أمثال تلك الاحتمالات فلا يوثق بنقله, ولا يعول عليه لإمكان تلك الآفات.
[اعتراض القرطبي على بعض ما في التوراة من نصوص] وبعد هذا فالآن حان أن نذكر بعض ما وقع في التوراة مما يطرق إليها التهم ومن ذلك.
[النص الأول] ما ذكروه فيها في المصحف الأول منها:" ورأى الله أن قد كثر فساد الآدميين في الأرض فندم على خلقهم وقال سأذهب الآدمي الذي خلقت على الأرض والخشاش وطيور السماء لأني نادم على خلقتها جدا " [التكوين 6:6 - 7] وهذا في حق الله تعالى محال إذ الندم إنما يلحق من لا يعلم مصير المندوم عليه ومآله واعتقاد هذا في حق الله كفر إذ ينبئ عن أن الله تعالى جاهل وأنه متغير تعالى عن ذلك علوا كبيرا ولفظ الندم هنا نص لا يقبل التأويل فهو كذب وباطل قطعا.
[النص الثاني] ومن ذلك ما ظهر في الوجود خلافه وذلك أنهم حكوا فيها أن "بني إسرائيل يسكنون تلك الأرض إلى الانقراض" [التكوين13: 15] ثم لم يلبثوا أن رأيناهم أخرجوا منها رأي العين فقد ظهر أن ذلك باطل وكذب. (هذا الاعتراض نقله القرطبي عن كتاب مقامع هامات الصلبان لأحمد بن عبد الصمد الخزرجي (ت.582هـ) الذي نقله عن رسالة لابن حزم في الرد على ابن النغريلة اليهودي).
إلى غير ذلك مما أورده القرطبي في كتابه ص194 - 202 من نصوص من الأسفار الخمسة المنسوبة لموسى (وتسمى عندهم التوراة) و من بعض أسفار العهد القديم الأخرى مثل سفر صموئيل الثاني وسفر الملوك الأول.
------.
[اعتراض بولس الراهب على وقوع التحريف في كتبهم]
(قال بولس الراهب): "وإذا تبين للخاصة والعامة ممن آمن بمحمد ومن كفر به أنه كان مصدقا لما بين يديه من الكتب والأنبياء مصدقا للتوراة والإنجيل شاهدا بأن موسى عليه السلام ومن كان متبعا له على الحق وأن المسيح عليه السلام ومن اتبعه على الحق وإن كان يكفر جميع اليهود والنصارى وغيرهم ممن بلغته رسالته ولم يؤمن به وشهد عليهم بأنهم حرفوا كثيرا من معاني التوراة والإنجيل قبل نبوته وأن أهل الكتاب كلهم مع المسلمين يشهدون أيضا بأن كثيرا من معاني التوراة والإنجيل حرفها كثير من أهل الكتاب لم يجز لأحد من أهل الكتاب أن يحتج بقول محمد على صحة دينهم الذي شهد محمد بأنه باطل مبدل منسوخ وأهله من أهل النار كما تقدم بسطه وإذا قالوا نحن نذكر ذلك لنبين تناقضه حيث صدقها وهي تناقض بعض ما أخبر به أو لنبين أن ما أخبرت به الأنبياء قبله يناقض خبره فيكون ذلك قدحا فيما جاء به". (الجواب الصحيح1/ 350)
[جواب ابن تيمية]
قال ابن تيمية:" أجاب المسلمون عن هذا بعدة طرق:
[الطريق الأول] أن يقولوا أما مناقضة بعض خبره لبعض كما يزعمه هؤلاء من أن كتابه يمدح أهل الكتاب مرة, ويذمهم أخرى, وأنه يصدق الكتب المنزلة تارة ويذمها أخرى, فهذا قد ظهر بطلانه فإنه إنما مدح من اتبع موسى والمسيح على الدين الذي لم يُبَدَّل ولم ينسخ وأما من اتبع الدين المبدل المنسوخ فقد كفره.
فأما دعواهم مناقضة خبره لخبر غيره, فيقال هو مصدق للأنبياء فيما أخبروا به, وأما ما بُدِّل من ألفاظهم أو غيرها بالترجمة أو فسر بغير مرادهم فلم يصدقه.
ويقال أيضا إن نبوة محمد تثبت بمثل ما تثبت به نبوات الأنبياء قبله وبأعظم من ذلك كما قد بُسط في موضع آخر وبُين أن التكذيب بنبوة محمد مع التصديق بنبوة غيره في غاية التناقض والفساد وأنه ما من طريق يعلم بها نبوة غيره إلا ونبوته تعلم بمثل تلك الطريق وبأعظم منها, فلو لم تكن نبوته وطريق ثبوتها إلا مثل نبوة غيره وطريق ثبوتها لوجب التصديق بنبوته كما وجب التصديق بنبوة غيره ولكان تكذيبه كتكذيب إبراهيم وموسى وغيرهما من الرسل فكيف إذا كان ذلك أعظم من وجوه متعددة وحينئذ فالأنبياء كلهم صادقون مصدقون معصومون فيما يخبرون به عن الله لا يجوز أن يثبت في خبرهم عن الله خبر باطل لا عمدا ولا خطأ فلا يجوز أن يخبر أحدهم بخلاف ما أخبر به غيره بل ولا يفترقون في الدين الجامع كما قال تعالى: [شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه] (سورة الشورى: 13) وقال تعالى: [يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وأن هذه
(يُتْبَعُ)
(/)
أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون] (المؤمنون:51 - 53) وإنما يقع النسخ في بعض الشرائع كما يقع النسخ في شريعة الرسول الواحد وحينئذ فيعلم أن كل ما ينقل عن الأنبياء المتقدمين مما يناقض ما علم من أخبار محمد فهو باطل سواء كان:
(أ) اللفظ نفسه باطلا لم يقله ذلك النبي.
(ب) أو قد قال لفظا وغلط المترجمون له من لغة إلى لغة.
(ت) أو كان اللفظ وترجمته صحيحين لكن وقع الغلط في معرفة مراد ذلك النبي بذلك الكلام.
[شروط لابد منها للاحتجاج بالألفاظ المنقولة عن الأنبياء]: فإن كل ما يحتج به من الألفاظ المنقولة عن الأنبياء- أنبياء بني إسرائيل وغيرهم- ممن أرسل بغير اللغة العربية لا بد في الاحتجاج بألفاظه من هذه المقدمات:
- أن يعلم اللفظ الذي قاله.
- ويعلم ترجمته.
- ويعلم مراده بذلك اللفظ.
والمسلمون وأهل الكتاب متفقون على وقوع الغلط في تفسير بعض الألفاظ وبيان مراد الأنبياء بها وفي ترجمة بعضها فإنك تجد بالتوراة عدة نسخ مترجمة وبينها فروق يختلف بها المعنى المفهوم وكذلك في الإنجيل وغيره.
فهذا الطريق في الجواب طريق عام لكل من آمن بمحمد وشهد أنه رسول الله باطنا وظاهرا يخاطب به كل يهودي ونصراني على وجه الأرض وإن لم يكن عارفا بما عند أهل الكتاب فإنه لا يقدر أحد من أهل الأرض يقيم دليلا صحيحا على نبوة موسى وعيسى وبطلان نبوة محمد عليهم السلام فإن هذا ممتنع لذاته بل ولا يمكنه أن يقيم دليلا صحيحا على نبوة أحدهما إلا وإقامة مثل ذلك الدليل أو أعظم منه على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أولى وحينئذ فلا يمكن أحدا من أهل الكتاب أن يحتج بشيء من المنقولات عن الأنبياء المخالفة لما ثبت عن محمد سواء أقر بنبوته أو أنكرها بل إن احتج بشيء مما نُقل عن محمد صلى الله عليه وسلم بُيِّن له بطلان احتجاجه به وأنه حجة عليه لا له.
... فإن المسلمين لا يطعنون في نبوة أحد من الأنبياء المعروفين وإنما يطعنون في أنهم أخبروا بما يخالف خبر محمد صلى الله عليه وسلم فإن ذلك لا يثبت إن لم يثبت اللفظ والترجمة وتفسير اللفظ وهذه المقدمات يمتنع أن تقوم على شيء يخالف خبر محمد صلى الله عليه وسلم لا جملة ولا تفصيلا.
فأهل الكتاب يُطَالَبُون فيما يُعَارِضُون به بثلاث مقدمات:
- أحدها: تقدير أن أولئك صادقون ومحمد كاذب.
- والثاني: ثبوت ما أتوا به لفظا.
- والثالث: معرفة المراد باللفظ ترجمةً وتفسيرا.
وإن قال الكتابي للمسلم أنت توافقني على نبوة هؤلاء المتقدمين إجابة المسلم بوجوه: (الوجه الأول) منها أن يقول إني لم أوافقك على نبوة واحد منهم مع التكذيب بمحمد بل دين المسلمين كلهم أنه من آمن ببعض الأنبياء وكفر ببعض فهو كافر فكيف بمن كفر بمن هو عند المسلمين أفضل الأنبياء وخاتمهم, بل قد يقول له أكثر المسلمين نحن لم نعلم نبوة أولئك إلا بأخبار محمد صلى الله عليه وسلم أنهم أنبياء فلو قدحنا في الأصل الذي قد علمنا به نبوتهم لزم القدح في نبوتهم والفرع إذا قدح في أصله دل على فساده في نفسه ... (الوجه الثاني) وكذلك إذا قال له الكتابي قد اتفقنا على تصديق موسى والتوراة والمسيح والإنجيل قال له المسلم إنما وافقتك على تصديق موسى وعيسى اللَّذَيْن بَشَّرَا بمحمد كما أخبرنا به محمد عن الله حيث قال الله تعالى: [ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر] الآية (سورة الأعراف:156 - 157) وقال تعالى: [وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد] (سورة الصف: 6) إلى أمثال ذلك, فأما الإيمان بموسى الذي ذكر أن شريعته مؤبدة لا ينسخ منها شيء أو بمسيح ادعى أنه الله أو أن الله اتحد به أو حل فيه, ونحو ذلك مما يدعيه أهل الكتاب في الرسولين والكتابين ويخالفهم فيه المسلمون, فهذا من موارد النزاع لا من مواقع الإجماع, فليس لأحد من أهل الكتاب أن يحتج على أحد من المسلمين بموافقته له على ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
[قلت: أقدم من جاء بهذا الجواب الذي شرحه ابن تيمية هو أبو الهذيل العلاف (ت.235هـ) كما تجده في نص المناظرة التي نشرناها في الملتقى المفتوح من هذا الموقع, وقد تكرر استعمالها لدى ابن حزم والجويني الطرطوشي]
(الوجه الثالث) ومن تمام ذلك أن يقول المسلم نعم أنا أقر بنبوة موسى والمسيح وأن التوراة والإنجيل كلام الله لكن يمتنع عقلا الإقرار بنبوة واحد من هؤلاء دون نبوة محمد فإن البراهين والآيات والأدلة الدالة على صدق موسى والمسيح تدل على نبوة محمد بطريق الأولى فلو انتقضت تلك الأدلة لزم فسادها وأن لا أصدق بأحد من الأنبياء وإن كانت حقا لزم تصديقهم كلهم فلزم إما أن نصدقهم كلهم وإما أن نكذبهم كلهم ولهذا كان من آمن ببعض وكذب ببعض كافرا.
(الوجه الرابع) ومن الأجوبة للمسلمين أن يقولوا نحن نصدق الأنبياء المتقدمين في كل ما أخبروا به لكن من نقل عنهم أنهم أخبروا بما يناقض خبر محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد له من مقدمتين:
1) ثبوت ذلك اللفظ عن الأنبياء.
2) والعلم بمعناه الذي يُعلم أنه مناقض للمعنى الذي علم أن محمدا صلى الله عليه وسلم عناه.
ثم العلم باللفظ يحتاج مع الخطاب بغير ألسن الأنبياء العربية- سواء كانت عربية أو رومية أو سريانية أو قبطية- إلى أن يُعرف أن هذا اللفظ الذي ترجم به لفظه مطابق للفظه, ويمتنع ثبوت المقدمتين لأن في ثبوتهما تناقض الأدلة العلمية, والأدلة العلمية لا تتناقض.
الطريق الثاني [في الجواب على اعتراض أهل الكتاب]:
أن يقول المسلمون ما تذكرونه من المنقول عن الأنبياء مناقِضَةً لما أخبر به محمد صلى الله عليه وسلم أمورٌ لم تُعلم صحتها, فلا يجوز اعتقاد ثبوتها والجزم بها, ولو لم يعلم أن محمدا أخبر بخلافها, فكيف إذا عُلم أنه أخبر بخلافها؟
وذلك أن العلم بثبوتها مبني على مقدمات:
أحدها: العلم بنبوتهم وهذا ممتنع مع تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم.
والثانية: أنهم قالوا هذه الألفاظ, وهذا يحتاج إلى إثبات تواتر هذه الألفاظ عن الأنبياء, ولم يَثبت أنها تواترت عنهم.
والثالثة: أن معناها هو المعنى المُناقض لخبر محمد صلى الله عليه وسلم, ولم يُعلم ذلك.
وكل واحدة من هذه المقدمات تمنع العلم بثبوت هذه المعاني المناقضة لخبر محمد فكيف إذا اجتمعت, وهي تمنع العلم بصحتها ولو لم تناقض خبر محمد فكيف إذا ناقضته.
الطريق الثالث: طريقُ من يُبين أن ألفاظ هذه الكتب لم تتواتر ويثبتون ذلك بانقطاع تواتر التوراة لما خرب بيت المقدس وانقطاع تواتر الإنجيل في أول الأمر.
الطريق الرابع: طريق من يبين أن بعض ألفاظ الكتب حُرفت ويقيم الأدلة الشرعية والعقلية على تبديل بعض ألفاظها.
الطريق الخامس: أن يبين أن الألفاظ التي بأيديهم لا تناقض ما أخبر به محمد بل تدل على صدق محمد ويتكلم على تفسير تلك الألفاظ بأعيانها, وهذه الطريق يسلكها من لا ينازع في ثبوت الألفاظ من المسلمين.
وأما الجمهور الذين يقولون بتبديل هذه الألفاظ فيسلكون هذه الطريق ويسلكون أيضا بيان عدم تواتر الألفاظ بل بيان التبديل في ألفاظها. ومن حجة الجمهور الذين يمنعون أن تكون جميع ألفاظ هذه الكتب المتقدمة- الموجودة عند أهل الكتاب- منزلة من عند الله ... ويقولون إنه وقع التبديل في بعض ألفاظها, أو يقولون إنه لم يُعلم أن ألفاظها منزلة من عند الله فلا يجوز أن يُحتج بما فيها من الألفاظ في معارضة ما عُلم ثبوته, أنهم قالوا:
التوراة والإنجيل الموجودة اليوم بيد أهل الكتاب لم تتواتر عن موسى وعيسى عليهما السلام.
أما التوراة: فإن نقلها انقطع لما خرب بيت المقدس أولا وأُجلى منه بنو إسرائيل, ثم ذكروا أن الذي أملاها عليهم بعد ذلك شخص واحد يقال له عزرا, وزعموا أنه نبي- ومن الناس من يقول إنه لم يكن نبيا- وأنها قوبلت بنسخة وجدت عتيقة, وقد قيل إنه أحضرت نسخة كانت بالمغرب وهذا كله لا يوجب تواتر جميع ألفاظها ولا يمنع وقوع الغلط في بعضها كما يجري مثل ذلك في الكتب التي يلي نسخها ومقابلتها وحفظها القليل, الاثنان والثلاثة.
وأما الإنجيل: الذي بأيديهم فهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح عليه السلام ولا أملاه على من كتبه وإنما أملوه بعد رفع المسيح متى و يوحنا وكانا قد صحبا المسيح ولم يحفظه خلق كثير يبلغون عدد التواتر ومرقس ولوقا وهما لم يريا المسيح عليه السلام, وقد ذكر هؤلاء أنهم ذكروا بعض ما قاله المسيح وبعض أخباره وأنهم لم يستوعبوا ذكر أقواله وأفعاله. ونقل اثنين وثلاثة وأربعة يجوز عليه الغلط لا سيما وقد غلطوا في المسيح نفسه حتى اشتبه عليهم بالمصلوب, ولكن النصارى يزعمون أن الحواريين رسل الله مثل عيسى بن مريم وموسى عليهما السلام وأنهم معصومون وأنهم سلموا إليهم التوراة والإنجيل وأن لهم معجزات, وقالوا لهم هذه التوراة وهذا الإنجيل ويقرون مع هذا بأنهم ليسوا بأنبياء فإذا لم يكونوا أنبياء فمن ليس بنبي ليس بمعصوم من الخطأ ولو كان من أعظم أولياء الله ولو كان له خوارق عادات. (الجواب الصحيح 1/ 350 - 356).
وللحديث بقية في الحلقات المقبلة إن شاء الله وننتظر أسئلتكم واستفساراتكم لننشط في البحث أكثر
__________________(/)
الكتب المفردة للرد على النصارى أكثر من الكتب في الرد على اليهود لماذا؟
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 Dec 2005, 02:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه لائحة بأسماء كتب المسلمين في الرد على النصارى فالرجاء ممن يعرف عناوين أخرى أن يضيفها في رد على هذا البحث, ومن له تصويب أو استفسار أو تعقيب فليتحفنا به مشكورا.
1 - كتاب على عمار البصري النصراني لأبي الهذيل العلاف المعتزلي. مفقود.
2 - كتاب جواب قسطنطين عن الرشيد, لمحمد بن الليث الخطيب. (منشور).
3 - رد على النصارى لضرار بن عمرو المعتزلي. مفقود.
4 - رد على النصارى لعيسى بن صبيح المردار. مفقود.
5 - كتاب على أبي قرة النصراني لعيسى بن صبيح المردار.
6 - رد على النصارى لحفص الفرد. مفقود.
7 - رد على النصارى لأبي عيسى محمد بن هارون بن محمد الوراق (أكبر وأوسط و أصغر).
(نشر منه جزآن في بريطانيا بجامعة برمينكهام على يد دافيد توماس).
8 - كتاب على النصارى لأبي جعفر الإسكافي. مفقود.
9 - كلام على النصارى للنظام المعتزلي. مفقود.
10 - كلام على في كتاب المعونة لأبي بكر أحمد بن علي بن الأخشاد المعتزلي. مفقود
11 - الرد على النصارى ليعقوب بن إسحاق الكندي. (محفوظ في رد يحي بن عدي النصراني عليه).
12 - رد على النصارى لعمرو بن بحر الجاحظ. حفظ مختار منه وطبع ثلاث مرات.
13 - الرسالة العسلية في الرد على النصارى للجاحظ. مفقودة.
14 - رد على النصارى لأبي القاسم ترجمان الدين الحسني الشيعي (ت.246هـ). منشور مرتين.
15 - الحجة على النصارى لمحمد بن سحنون المالكي (ت. 256هـ). مفقود.
16 - رد على أصناف النصارى لعلي بن ربن الطبري. قطعة وحيدة منه منشورة في بيروت سنة 1959م بجامعة القديس يوسف. وحفظت نصوص منه في رد ابن العسال النصراني, وترجمه كوديل إلى الفرنسية عام 1996م.
17 - الدين و الدولة لعلي بن ربن الطبري. مطبوع بتحقيق منيانا, وأعاد نشره عادل نويهض.
18 - رد حميد بن سعيد بن بختيار المتكلم على مَطران فارس المسمى يوشع بخت. مفقود.
19 - كتاب لحميد بن سعيد بن بختيار المتكلم رد فيه على النصارى في مسألة النعيم و الأكل و الشرب في الآخرة, وعلى جميع من قال بضد ذلك. مفقود.
20 - رد على النصارى للقحطبي. مفقود.
21 - رد على النصارى للحسن بن أيوب, وهو كتاب إلى أخيه علي بن أيوب يبين فيه فساد مقالات النصارى و تثبيت النبوة. محفوظ جله في الجواب الصحيح لابن تيمية, وقد حقق مستقلا في هولندة كرسالة دكتوراه.
22 - الكلام على النصارى مما يحتج به عليهم من سائر الكتب التي يعترفون بها لأبي الحسن الأشعري.
23 - رد على النصارى (ناقص) لمؤلف مشرقي من القرن الرابع (نشر مع دراسة عنه بالفرنسية بمجلة دراسات إسلامية).
24 - الإعلام بمناقب الإسلام لأبي الحسن العامري (ت.381هـ). مطبوع.
25 - كلام على النصارى للقاضي أبي بكر الباقلاني (ت.403هـ) في كتاب التمهيد, له. مطبوع
26 - رد على النصارى للقاضي عبد الجبار المعتزلي ضمن كتابه تثبيت دلائل النبوة. مطبوع.
27 - كلام على النصارى في كتاب المغني ج5 للقاضي عبد الجبار المعتزلي.
28 - الرد على أناجيل النصارى لابن حزم. (مذكور في سير أعلام النبلاء للذهبي).
29 - إظهار تبديل اليهود و النصارى للتوراة و الإنجيل وبيان تناقض ما بين أيديهم من ذلك مما لا يحتمل التأويل, لابن حزم. (جذوة المقتبس للحميدي).
30 - مناظرة الحسن ابن بقي المالقي صديق ابن حزم, لنصراني. موجودة.
31 - مناظرة لابن حزم مع قاضي نصارى قرطبة حول الأكل والشرب في الجنة. نشرتها على الملتقى المفتوح.
32 - مناظرة ابن الطلاع القرطبي لنصراني من طليطلة. مفقودة.
33 - قصيدة في الرد على نقفور فوقاس لابن حزم. (ورد نصهافي: فهرسة ابن خير, والبداية و النهاية لابن كثير, و طبقات الشافعية الكبرى).
34 - جواب أبي الوليد الباجي (ت.474هـ) على رسالة راهب إفرنسة. نشرت أربع مرات اعتمادا على مخطوطة وحيدة في الأسكوريال (رقم 538).
35 - شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة و الإنجيل من التبديل لأبي المعالي الجويني (ت. 478هـ). منشور مرتين.
36 - إفحام النصارى لابن جزلة المتطبب (ت.493هـ). مفقود.
37 - رسالة ابن جزلة (أبو علي يحيى بن عيسى) كتبها إلى إليا القس. مفقودة.
(يُتْبَعُ)
(/)
38 - الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل لأبي حامد الغزالي (ت. 505هـ). نشر ثلاث نشرات مختلفة.
39 - رسالة ميزان الصدق المفرق بين أهل الباطل وأهل الحق, إملاء أبي مروان عبد الملك بن مسرة بن عزيز اليحصبي قاضي الجماعة بقرطبة (ت.552هـ) في مجاوبته عن كتاب أساقفة النصارى إليه مع قصيدة له نظمها في معنى هذه الرسالة (فهرسة بن خير ص 373,). مفقود.
40 - مقامع الصلبان لأبي جعفر أحمد بن عبد الصمد الخزرجي القرطبي (ت582هـ). طبع مرتين.
41 - قصيدة في الرد على نقفور فوقاس عظيم الروم, للفقيه أبي الأصبغ عيسى بن موسى ابن عمر بن زروال الشعباني ثم الغرناطي (توفي قبل سنة 575هـ) (فهرسة ابن خير ص 368 رقم 1145). مفقودة.
42 - كتاب في الرد على النصارى للرهاوي (ذكره صالح بن الحسين الجعفري صاحب التخجيل لمن حرف الإنجيل).
43 - كتاب في الرد على النصارى لخلف الدمياطي (ذكره الجعفري صاحب التخجيل).
44 - الرد على المتنصر لأبي الطاهر ابن عوف المالكي (ت 581هـ).
45 - الداعي إلى الإسلام للأنباري (ت.577هـ) (فيه فصل في الكلام على النصارى). مطبوع.
46 - النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية لنصر بن يحيى بن سعيد المتطبب. مطبوع.
47 - مناظرة في الرد على النصارى لفخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت.606هـ). مطبوعة.
48 - تخجيل من حرف الإنجيل لأبي البقاء صالح بن الحسين الجعفري (ت.668هـ). ومختصراه له كذلك. طبع الأصل والمختصران. وهناك منتخب للكتاب قام به ابن تيمية و منتخب قام به المالكي السعودي (ق.10هـ).
49 - أدلة الوحدانية في الرد على النصرانية لبرهان الدين أبي الفضل جعفر بن عبد الوهاب بن عبد القوي الخطيب الإسكندراني (القرن السابع الهجري) (مخطوطة طوبكابي سرايا رقم 4832ر- 506 في مجموع من ورقة 62ب- 85أ). طبعه عبد الرحمن دمشقية ونسبه غلطا لأحمد بن إدريس القرافي.
50 - الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (ت.656هـ). مطبوع, وحقق عدة تحقيقات جزئية.
51 - إرشاد الحيارى وردع من مارى في اختلاف النصارى لعز الدين عبد العزيز بن محمد الديريني. مطبوع على الحجر.
52 - الرسالة الناصرية في المناظرة بين المسلمين و النصارى وذكر أسئلتهم, لنجم الدين مختار بن محمود الزاهدي (ت 658هـ) (طبعت بالكويت سنة 1994م. راجع كشف الظنون 1/ 893 - 895).
53 - مقالة في الرد على اليهود و النصارى لعبد اللطيف بن يوسف بن محمد الموصلي البغدادي, ولد سنة 559هـ (معجم الأدباء 4/ 1571 - 1573 ترجمة 677).
54 - كتاب على النصارى وذكر مجامعهم لعلي بن يوسف بن إبراهيم أبو الحسن القفطي (القاضي الأكرم) كان حيا سنة 613هـ وولد عام 568هـ. (معجم الأدباء 5/ 2028 ترجمة 855).
55 - مناظرة ابن رشيق المرسي لراهب مراكشي. موجودة ضمن كتاب المعيار للونشريسي.
56 - الأجوبة الفاخرة لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (ت 684هـ). طبع عدة مرات.
57 - المخرج والمردود على النصارى و اليهود لشرف الدين محمد بن سعيد البوصيري (ت 696هـ). طبعت ضمن ديوانه.
58 - مفتاح الدين و المجادلة بين النصارى و المسلمين من قول الأنبياء و المرسلين و العلماء الراشدين الذين قرأوا الأناجيل لمحمد القيسي. (نشر عنه مقال لفان كونينكسفلد- وخيرارد فيخرس, بمجلة القنطرة 1994م المجلد15ص163 - 199).
59 - الانتصارات الإسلامية في رد شبه النصرانية, لسليمان الطوفي الحنبلي (ت.716هـ). طبع مرتين.
60 - التعليق على الأناجيل وبيان تناقضها لسليمان الطوفي الحنبلي (ت.716هـ). (مخطوط كوبريلي 794).
61 - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (ت.728هـ). مطبوع مشهور.
62 - الرد على المتنصر لابن عبد الرفيع التونسي (ت734هـ). مفقود.
63 - هداية الحيارى في الرد على اليهود والنصارى لابن قيم الجوزية. مطبوع مشهور.
64 - الرد على النصارى لمحمد بن الحسن الإسنائي (الإسنوي) ولد عام 695هـ- وتوفي عام 764هـ.
65 - السيف المُجَارَى في قطع شبه النصارى للعلامة العيني, (فهرس الخزانة التيمورية الجزء 4/ 76العقائد و الأصول. خط 1155هـ. رقم 597).
66 - تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب لعبد الله الترجمان الميورقي نزيل تونس (823هـ). طبع مرتين.
67 - رسالة السائل والمجيب لمحمد الأنصاري الأندلسي (ق. 9هـ). مخطوط.
68 - نفيس النفائس في تحري مسائل الكنائس و كشف ما للمشركين في ذلك من الدسائس, للمفتي أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن شكم الدمشقي الصالحي الشافعي (836 - 893هـ) (معجم المؤلفين 2/ 149).
69 - ناصر الدين على القوم الكافرين لأحمد بن قاسم الحجري الأندلسي. مطبوع بأسبانيا ومترجم للأنجليزية.
70 - مناظرة واصل الدمشقي للنصارى (, وقد طبعت).
71 - إظهار الحق لرحمة الله الهندي. مطبوع مشهور.
وأنا لي سؤال للأخوة:
في نظركم ما سبب كثرة الردود الإسلامية على النصارى مقارنة بردود المسلمين على اليهود؟
نرجوا ممن يجيب أن يعلل جوابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[24 Dec 2005, 06:11 م]ـ
أخي الفاضل ..
حياك الله .. جواباً لسؤالك:
1. عدد النصارى في بلادنا أكبر من عدد اليهود ...
2. طبيعة احتكاك النصارى وعلاقاتهم الاجتماعية مع المسلمين في بلادنا تختلف عن الحياة الاجتماعية لليهود المنعزلين اجتماعيا (الجيتو)
ولا يزال جيراننا النصارى يزورونا مهنئين في عيدي الفطر والأضحى، ويشاركونا كل عزاء .. الخ.
وزملائي في الدراسة ـ منهم ـ كانوا يناقشونني في الشبهات حول القرآن الكريم والسيرة .. منذ الصف العاشر (الأول الثانوي) .. وبعد المدرسة كنا نذهب إلى المطعم ونأكل معاً .. ويوصلوني للبيت .. وأوصلهم .. حتى تغيب الشمس!
3. وجود التنصير، وعدم وجود ما يسمى: التهويد!!
بمعنى: أنت تعلم أن الإنسان غير اليهودي (الجوييم) لو تقطعت نفسه قطعة قطعة لن يقبل اليهود بتهويده، حرصاً على (عِرقهم). بينما النصارى يصرفون الغالي والنفيس من أجل التنصير.
وإن استثنينا حادثة (الخزر) الشهيرة في القوقاز، لم يعرف العالم حالات (تهوُّد) جماعية، لغير اليهود.
والتنصير يحتاج ((مدافعة)) بين الإسلام والنصرانية ... وهذا يتطلب ردوداً
بينما اليهود لا يكترثون إن اقتنعت بدينهم أم لا.
4. النصارى يؤمنون بالعمود الفقري لكتب اليهود المقدسة ..
فنقد كتب العهد القديم للنصارى، يستلزم بالضرورة نقد اليهود ..
والعكس ليس بصحيح.
5. الحروب الصليبية (انظر مثلاً: ملاحظات أسامة بن منقذ في كتابه: الاعتبار، حين وقع أسيراً عند الصليبيين). وكانت كتابات شيخ الإسلام والغزالي تحت ظلها.
6. (((قيل))): بسبب الحظوة التي كانت للنصارى في بلاط الخلفاء والولاة ... تحت ظل فتوى بعض الفقهاء الكرام ـ رحمهم الله تعالى ـ بـ (تحريم الدخول على السلاطين)!! فكان ندماء السلاطين ـ ليس كلهم قطعاً ـ هم فسقة الناس والنصارى والمعتزلة والروافض .. وبعدها (أو بسببها) بدأ نجم الخلافة بالأفول ...
وفي هذا وجه نظر، لا يُسلَّم بمطلقها!
تستطيع التأكد من مثالَين:
الكِندي: أشهر المناظِرين النصارى، ويوحنا الدمشقي (صاحب أول مدرسة تنصيرية مُمنهجة للعمل بين المسلمين) .. ومكانتهما في القصور .. ومن الملاحَظ أن غالبهم أطباء، وتعلمون ما للطبيب من منزلة.
والكلام في نفي وإثبات أثر ذلك،،، وسببه .. يطول.
7. تجارة المسلمين مع الروم (مثلاً: مناظرة الباقلاني) ..
8. التصور المسبق في ذهن النصارى من أن المسلمين قطيع من الجهلة .. مما جعلهم يتجرؤون على مناظرة المسلمين .. بينما اليهود لا يعنيهم ذلك.
9. لم يكن لليهود دولة ذات كيان سياسي تمثلهم ..
10. سهولة الرد على النصارى، فإثبات بطلان أصول عقائدهم عقلاً، لا يحتاج كثير جهد.
11. حاجة الدعاة إلى البلاد المفتوحة لذلك، فغالب البلاد المفتوحة أهلها نصارى.
مع تمنياتي لك بالتوفيق في دراستك،،،
وبالنسبة للمراجع التي سألتَ عنها في رسالتك:
انظر هذا الموقع لأخ أردني كان نصرانياً وأسلم بتوفيقٍ من الله تعالى ..
http://mysite.verizon.net/muhtadoon/a/index.htm
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[25 Dec 2005, 05:06 م]ـ
أخي عبد الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله
جل ما ذكرته من علل وجيه وممكن غير أن لي ما أقوله بشأن النقاط التي ذكرتها:
أما قولك:
6 قيل: بسبب الحظوة التي كانت للنصارى في بلاط الخلفاء والولاة ( ... ) تستطيع التأكد من مثالَين: الكِندي: أشهر المناظِرين النصارى، إلخ ..
فلا شك أنك تعني بالكندي: عبد المسيح الكندي صاحب الرد على الهاشمي. فهل قرأت الدراسات التي تقول بأن كلا الشخصين لا وجود لهما وأنها مجرد أسماء مستعارة وأن النص لا يرقى إلى العصر الذي يدعي كاتبه عيشه فيه فمن الباحثين من اعترض على أسلوب الرسالة بأنه عربية ركيكة تستعمل تعابير متأخرة لم تستعمل قط في زمن المأمون إلخ ... ؟؟
فما قولك في هدا؟
وأما قولك
8. التصور المسبق في ذهن النصارى من أن المسلمين قطيع من الجهلة .. مما جعلهم يتجرؤون على مناظرة المسلمين .. بينما اليهود لا يعنيهم ذلك.
فلا أوافقك عليه البتة لأني أرى أن أصل ازدراء العرب في نظر النصارى مرده إلى ما عند اليهود في سفر التكوين عن هاجر الجارية وولدها إسماعيل وعن الذبيح إسحاق وابن الجارية المنبوذ إلى الصحراء مع أمه.0 وقد كان اليهود يناظرون المسلمين بناء على تلك النصوص كما اطلعت عليه بنفسي في كتاب تأييد الملة (ّّأو الرد على اليهود) لرجل أندلسي من وشقة (القرن 8هـ) يجادل اليهود في هده المسائل.
ومما يؤكد لك تعويل النصارى على سفر التكوين في ازدراء الإسماعليين ما تجد في كتاب الدين والدولة لابن ربن الطبري من رد على نصراني نسطوري في هده المسألة.
أما قولك:
10. سهولة الرد على النصارى، فإثبات بطلان أصول عقائدهم عقلاً، لا يحتاج كثير جهد.
ليس الأمر كذلك ولكن السبب راجع إلى بدايات الجدال بين النصارى والمسلمين دار النزال فيها حول العقائد المسيحية وأن المعتزلة استفادوا من نقد خصوم النصارى في هدا الباب خاصة المهتدين منهم للإسلام أو اليهود الدين تنصروا زمنا ثم ارتدوا فصبوا نقدا عقليا خطيرا لعقائد النصارى ويدلك على ما قلت كتاب المراقب والأنوار لليهودي القرائي يعقوب القرقساني.
والسبب الثاني أن ترجمة الأناجيل وكتب النصارى للسان العربي سبقت ترجمة العهد القديم فكان احتكاك المسلمين بمضامين ما في الأناجيل مدعاة لتقوية جدلهم مع النصارى وكان تأخر اتصالهم مع تراجم العهد القديم العربية سببا في اقتصار غالب مجادلاتهم لليهود على مسألة النسخ.
والله أعلم.
فما قولك فيما شرحته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[25 Dec 2005, 10:19 م]ـ
الكندي الذي رد عليه الطبري ...
الدين والدوله في اثبات نبوه النبي محمد صلى الله عليه وسلم
المؤلف علي بن سهل, ابن ربن الطبري
المؤلف المشارك عادل نويهض -محقق
بيانات النشر بيروت: دار الآفاق الجديده، 1402 - 1982
العدد 1402 1982
الصفحات 239ص
الطبعة ط 4
============
هل هو شخصية وهمية؟!
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[26 Dec 2005, 10:15 ص]ـ
هناك كتب كثيرة اخرى مطبوعة ساذكرها في وقت اخر منها الجواب الفسيح لما لفقه عبد المسيح لمحمود شكري الالوسي وهو مطبوع في مجلدين كبيرين
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[27 Dec 2005, 08:03 م]ـ
أخي الكريم السلام عليك ورحمة الله
لنقد صحة الرسالة " الكندية" راجع:
مقال للدكتور محمد حمدي البكري: "رسالة الهاشمي إلى الكندي ورد الكندي عليها" مجلة كلية الآداب (جامعة فؤاد الأول) العدد التاسع- المجلد الأول- مايو 1947م- صفحات:29 - 49.
وطالع إن شئت: دائرة المعارف الإسلامية بالفرنسية: مقال " الكندي, عبد المسيح بن إسحق"
كتبه الفرنسي: G.Troupeau
Encyclopédie de l'Islam
Nouvelle édition
Tome V
KHE – MAHI
Leiden
E.J.Brill Paris
1986
pp:123-124
---
وفي المجلة الإيطالية "الشرق المسيحي" مقال:" جواب الكندي ومكانه في الجدل الإسلامي- المسيحي" كتبه الفرنسي: Armand Abel
عنوان المقال
L'apologie d'al-Kindi et sa place dans
La polémique islamo-chrétienne.
نشر في مجلة:
L'Oriente Cristiano
Nella storia della civiltà
مكان وتاريخ صدورها والصفحات:
Accadimia onale dei lincei, Anno (1964), Quaderno n° 62,
pp501- 523
أما الدعوى بأن ابن ربن الطبري رد على الكندي فمن افتراءات المنصرين المعهودة بدليل غياب هذه الدعوى في كتب المنصرين التي ألفت قبل عام 1922 تاريخ صدور تحقيق كتاب الدين والدولة من طرف منيانا MINGANA . فا فحص الأمر تجده إن شاء الله كما قلت لك, وما ذلك منهم إلا محاولة لترويج كتاب الكندي المزيف.
فرسالة الكندي لم تر النور في صورتها العربية الملفقة إلا سنة 1880م بعدما طبع المستشرق ساخو كتاب الآثار الباقية للبيروني فمنه سرقوا الاسمين: عبد المسيح بن إسحاق الكندي و عبد الله بن إسماعيل الهاشمي بينما النسخ العربية الموجودة من الرسالة فكلها يرجع للقرن 19الميلادي وبعضها منسوخ عن الطبعة الأولى التي لفقها تاين عام 1880م فبين تلك النسخ تضارب في اسم الكندي وفي اسم المسلم وليس في واحد منها الصيغة التي سرقوها من كتاب البيروني.
وفقنا الله وإياكم.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[29 Dec 2005, 02:14 ص]ـ
لعل من الأسباب التي جعلت الردود على النصارى أكثر من الردود على اليهود أن الله سبحانه وتعالى قد بين في كتابه كثيراً من باطل اليهود، وبين ما انطوت عليه نفوسهم، ووضح موقفهم مع رسولهم ومع سائر الرسل، واستقر في نفوس المسلمين ما ذكر الله من مسخهم قردة وخنازير فاشمأزت منهم النفوس، وتمكن بغضهم في القلوب، على عكس النصارى فكم من أهل الإسلام من يردد قوله تعالى { ... ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى} فكثر الرد عليهم من أهل الإسلام لبيان باطلهم وترسيخ مجانبتهم ومعاداتهم.
ومن الأسباب أن اليهود يركزون على نشر الفساد الأخلاقي بعكس النصارى الذين جمعوا بين نشر الفساد الخلقي التشكيك في الدين والمعتقدات.(/)
أجوبة ابن حزم على اعتراضات نفاة تحريف التوراة والأنجيل
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 Dec 2005, 10:36 م]ـ
في هده الحلقة سننثر ردود ابن حزم على 11 اعتراضا لأهل الكتاب كانوا يجابهون بها المسلمين من بينها 7 مواضغ من القرأن وهي الأتية
1. سورة المائدة: 68.
2. سورة آل عمران: 93.
3. سورة المائدة: 44.
4. سورة المائدة: 47.
5. سورة المائدة: 66.
6. سورة النساء: 47.
7. سورة المائدة الآية 43.
فجاء ابن حزم فنقل القضية من حيز الجدال الدي يحوم حول المشكلة دون الغوص فيها أقصد النزاغ حول التحريف دون التعرض لمضمون الكتب المعنية.
وبعد أن أتى ابن حزم على تلك الكتب من داخلها أصبح الجدال السابق بدون فائدة. لكنه يتبرع على خصمه في بحثها معه ولينتزع من يده القشة الأخيرة.
ثم يكر ابن حزم على من اغتر من المسلمين بمغالطات ومراوغات الخصم فيوجه سهام النقد لهم لقلة مبالاتهم بفهم كتاب الله الدي حسم الأمر بالنسبة للمسلمين.
وقد حققت كلام ابن حزم ولم أعول على طبعات الفصل لأنها سقيمة.
وإليكم كلامه بنصه:
[جواب عن اعتراضات لليهود وغيرهم في مسألة التحريف]
قال أبو محمد: وقد اعترض بعضهم فيما كان يدعى عليهم من تبديل التوراة, وكتبهم المضافة إلى الأنبياء, قبل أن نبين لهم أعيان ما فيها من الكذب البحت, فقال:" قد كان في مدة دولتهم أنبياء, وبعد دولتهم, ومن المحال أن يقر أولئك الأنبياء على تبديلها ".
قال أبو محمد: فجواب هذا القول أن يقال له:
[1] إن كان يهودياً: كذبت, ما في شيءٍ من كتبكم أنه رجع إلى البيت مع زربابيل بن صلتيال بن صدقياً الملك نبي أصلاً, ولا كان معه في البيت نبي - بإقرارهم- أصلاً, وكان ذلك قبل أن يكتبها لهم عزرا بدهر. وقبل رجوعهم إلى البيت مع زربابيل مات دانيال آخر أنبيائهم في أرض بابل, وأما الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل بعد سليمان فكلهم كما بينا إما مقتول بأشنع القتل أو مخاف مطرود منفي لا يسمع منهم كلمة إلا خفيا, حاشا مدة الملوك المؤمنين الخمسة في بني يهوذا و بنيامين خاصة, وذلك قليل تلاه ظهور الكفر, وحرق التوراة, وقتل الأنبياء. وهو كان خاتمة الأمر, وعلى هذه الحال وافاهم انقراض دولتهم. وأيضاً, فليس كل نبي يبعث بتصحيح كتاب من قبله, فبطل اعتراضهم بكون الأنبياء فيهم جملة.
[2] وإن كان نصرانياً يقر بالمسيح وزكريا ويحيى عليهم السلام, قيل له: إن المسيح بلا شك كانت عنده التوراة المنزلة كما أنزلها الله تعالى, وكان عنده الإنجيل المنزل.
قال الله تعالى ((ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولاً إلى بني إسرائيل)) سورة آل عمران 48 - 49 , إلا أنه عرض في النقل عنه بعد رفعه عارض أشد وأفحش من العارض في النقل إلى موسى عليه السلام, فلا كافة في العالم متصلة إلى المسيح عليه السلام أصلاً, والنقل إليه راجع إلى خمسة فقط وهم متى, وباطره بن يونا, ويوحنا ابن سبذاي ,ويعقوب ويهوذا أبناء يوسف فقط.
ثم لم ينقل عن هؤلاء إلا ثلاثة فقط, وهم لوقا الطبيب الأنطاكي, ومارقش الهاروني, وبولش البنياميني. وهؤلاء كلهم كذابون قد صح عليهم الكذب جهاراً, على ما نوضحه بعد هذا إن شاء الله تعالى. وكل هؤلاء مع ما صح من كذبهم وتدليسهم في الدين, فإنما كانوا متسترين بإظهار دين اليهود ولزوم السبت بنص كتبهم كلها, ويدعون إلى التثليث سراً, وكانوا مع ذلك مطلوبين حيث ما ظفروا بواحد منهم ظاهراً قتل. فبطل الإنجيل والتوراة برفع المسيح عليه السلام بطلاناً كلياً.
وهذا الجواب إنما كان يحتاج إليه قبل أن يظهر من كذب توراتهم وكتبهم ما أظهرنا, وأما بعد ما أوضحنا من عظيم كذب هذه الكتب بما لا حيلة فيه, فاعتراضهم ساقط, لأن يقين الباطل لا يصححه شيءٌ أبدا, كما أن يقين الحق لا يفسده شيءٌ أبداً.
فاعلموا الآن أن كل ما عورض به الحق المتيقن ليبطل به, أو عورض به دون الكذب المتيقن ليصحح به, فإنما هو شغب وتمويه, وإيهام وتخييل وتحيل فاسد بلا شك, لأن يقينين لا يمكن البتة في البنية أن يتعارضا أبداً, وبالله تعالى التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
[3] فإن قيل: فإنكم تقرون بالتوراة والإنجيل, وتستشهدون على اليهود والنصارى بما فيهما من ذكر صفات نبيكم, وقد استشهد نبيكم عليهم بنصها في قصة الرجم للزاني المحصن , ورُويَ أن عبد الله بن سلام ضرب يد عبد الله بن صوريا إذ وضعها على آية الرجم. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ التوراة وقال آمنت بما فيك.
وفي كتابكم:
[1] ((يا أهل الكتاب لستم على شيءٍ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم)) سورة المائدة 68.
[2] وفيه أيضاً ((قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)) سورة آل عمران 93.
[3] وفيه أيضاً: ((إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء)) سورة المائدة آية 44.
[4] وفيه ((وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)) سورة المائدة 47.
[5] وفيه: ((ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم)) سورة المائدة 66.
[6] وفيه ((يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم)) سورة النساء 47.
[7] وفيه ((وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله)) سورة المائدة الآية 43.
[الجواب]
قلنا وبالله تعالى التوفيق: كل هذا حق- حاشا قوله عليه السلام آمنت بما فيك فإنه باطل لم يصح قط- وكله موافق لقولنا في التوراة والإنجيل بتبديلهما وليس شيء منه حجة لمن ادعى أنهما بأيدي اليهود والنصارى كما أُنزلا, على ما نبين الآن إن شاء الله تعالى بالبرهان الواضح.
قال أبو محمد
[أ] أما إقرارنا بالتوراة والإنجيل, فنعم, وأي معنى لتمويهكم بهذا, ونحن لم ننكرهما قط بل نكفر من أنكرهما؟ إنما قلنا إن الله تعالى أنزل التوراة على موسى عليه السلام حقاً, وأنزل الزبور على داود عليه السلام حقاً, وأنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام حقاً, وأنزل الصحف على إبراهيم وموسى عليهما السلام حقاً, وأنزل كتباً لم تسم لنا على أنبياء لم يسموا لنا حقاً نؤمن بكل ذلك. قال الله تعالى ((صحف إبراهيم وموسى)) سورة الأعلى 19. وقال الله تعالى ((وإنه لفي زبر الأولين)) سورة الشعراء 196.
وقلنا ونقول: إن كفار بني إسرائيل بدلوا التوراة والزبور فزادوا ونقصوا, وأبقى الله تعالى بعضها حجة عليهم كما شاء ((لا معقب لحكمه)) سورة الرعد 41. وبدل كفار النصارى الإنجيل كذلك فزادوا ونقصوا, وأبقى الله تعالى بعضها حجة عليهم كما شاء, لا يسأل عما يفعل وهم يسألون , فدرس ما بدلوا من الكتب المذكورة, ورفعه الله تعالى, كما درست الصحف وكتب سائر الأنبياء جملة فهذا هو الذي قلنا.
وقد أوضحنا البرهان على صحة ما أوردنا من التبديل والكذب في التوراة والزبور ونورد إن شاء الله تعالى في الإنجيل أيضا, وبالله تعالى نتأيد , فظهر فساد تمويههم بأننا نقر بالتوراة والزبور والإنجيل, ولم ينتفعوا بذلك في تصحيح ما بأيديهم من الكتب المكذوبة المبدلة, والحمد لله رب العالمين.
[ب] وأما استشهادنا على اليهود والنصارى بما فيهما من الإنذار بنبينا صلى الله عليه وسلم فحق, وقد قلنا آنفاً أن الله تعالى أطلقهم على تبديل ما شاء رفعه من ذينك الكتابين, كما أطلق أيديهم على قتل من أراد كرامته بذلك من الأنبياء الذين قتلوهم بأنواع المُثَل, وكف أيديهم عما شاء إبقاءه من ذينك الكتابين حجة عليهم, كما كف أيديهم عمن أراد كرامته بالنصر من أنبيائه الذين حال بين الناس وبين أذاهم , وقد غَرَّق الله تعالى قوم نوح عليه السلام, وقوم فرعون نكالاً لهم, وغرق آخرين شهادة لهم, وأملى لقوم ليزدادوا إثما , وأملى لقوم آخرين ليزدادوا فضلاً. هذا ما لا ينكره أحد من أهل الأديان جملة, وكان ما ذكرنا زيادة في أعلام محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الواضحة, وبراهينه اللائحة, والحمد لله رب العالمين. فبطل اعتراضهم علينا باستشهادنا عليهم بما في كتبهم المحرفة من ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
[ج] وأما استشهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوراة في أمر رجم الزاني المحصن وضرب بن سلام رضي الله عنه يد ابن صوريا إذ جعلها على آية الرجم فحق, وهو مما قلنا آنفاً أن الله تعالى أبقاه خزياً لهم وحجة عليهم , وإنما نحتج عليهم بهذا كله بعد ثبات رسالته صلى الله عليه وسلم بالبراهين الواضحة الباهرة بالنقل القاطع للعذر على ما قد بينا, ونبين إن شاء الله تعالى, ثم نورد ما أبقاه الله تعالى في كتبهم المحرفة من ذكره عليه السلام إخزاء لهم, وتبكيتاً وفضحا لضلالهم, لا لحاجة منا إلى ذلك أصلاً, والحمد لله رب العالمين.
[د] وأما الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ التوراة وقال: آمنت بما فيك , فخبر مكذوب, موضوع, لم يأت قط من طريق فيها خير, ولسنا نستحل الكلام في الباطل لو صح, فهو من التكلف الذي نهينا عنه, كما لا يحل توهين الحق ولا الاعتراض فيه.
[1] وأما قول الله عز وجل ((يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم)) المائدة 68. فحق لا مرية فيه, وهكذا نقول, ولا سبيل لهم إلى إقامتهما أبداً, لرفع ما أسقطوا منهما, فليسوا على شيء إلا بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم, فيحصلون حينئذ مقيمين للتوراة والإنجيل, لأنهم يؤمنون حينئذ بما أنزل الله منهما وُجد أو عُدم, ويكذبون بما بدل فيهما مما لم ينزله الله تعالى فيهما, وهذه هي إقامتهما حقاً, فلاح صدق قولنا موافقاً لنص الآية بلا تأويل, والحمد لله رب العالمين.
[2] وأما قوله تعالى ((قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)) آل عمران آية 93. فنعم, إنما هو في كذب كذبوه ونسبوه إلى التوراة على جاري عادتهم زائد على الكذب الذي وضعه أسلافهم في توراتهم, فبكتهم عليه السلام في ذلك الكذب المحدث بإحضار التوراة إن كانوا صادقين فظهر كذبهم. وكم عرض لنا هذا مع علمائهم في مناظراتنا معهم قبل أن نقف على نصوص التوراة, فالقوم لا مؤونة عليهم من الكذب حتى الآن إذا طعموا بالتخلص في مجلسهم ذلك بالكذب, وهذا خلق خسيس, وعار لا يرضى به مصحح, ونعوذ بالله من مثل هذا.
[3] وأما قوله تعالى ((إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله)) المائدة 44. .
فنعم. هذا حق على ظاهره كما هو, وقد قلنا إن الله تعالى أنزل التوراة, وحكم بها النبيون الذين أسلموا كموسى وهارون وداود وسليمان ومن كان بينهم من الأنبياء عليهم السلام, ومن كان في أزمانهم من الربانيين والأحبار الذين لم يكونوا أنبياء لكن حكاماً من قبل الأنبياء عليهم السلام قبل حدوث التبديل , هذا هو نص قولنا, وليس في هذه الآية أنها لم تبدل بعد ذلك أصلاً, لا بنص ولا بدليل , وأما من ظن بجهله من المسلمين أن هذه الآية نزلت في رجم النبي صلى الله عليه وسلم لليهوديين اللذين زنيا وهما محصنان, فقد ظن الباطل, وقال بالكذب, وتأول المحال, وخالف القرآن, لأن الله تعالى قد نهى نبينا عليه السلام عن ذلك نصاً بقوله ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ َمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)) المائدة 48.
وقال عز وجل ((ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)) المائدة 49.
قال أبو محمد فهذا نص كلام الله عز وجل الذي ما خالفه فهو باطل.
[4] وأما قوله تعالى: ((وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه)) المائدة 47. فحق على ظاهره لأن الله تعالى أنزل فيه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم, واتباع دينه, فلا يكونون أبداً حاكمين بما أنزل الله تعالى فيه إلا باتباعهم دين محمد صلى الله عليه وسلم, فإنما أمرهم الله تعالى بالحكم بما أنزل في الإنجيل الذي ينتمون إليه فهم أهله, ولم يأمرهم قط تعالى بالحكم بما سمي إنجيلاً وليس إنجيلا, ولا أنزله الله تعالى- كما هو- قط. فالآية موافقة لقولنا, وليس فيها أن الإنجيل لم يبدل لا بنص ولا بدليل, إنما فيه إلزام النصارى الذين يسمون
(يُتْبَعُ)
(/)
بأهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله فيه, وهم على خلاف ذلك.
[5] وأما قوله تعالى: ((ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم)) المائدة 66, فحق كما ذكرناه قبل, ولا سبيل لهم إلى إقامة التوراة والإنجيل المنزلين بعد تبديلهما إلا بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم, فيكونون حينئذ مقيمين للتوراة والإنجيل حقاً لإيمانهم بالمنزل فيهما , وجحدهم ما لم ينزل فيهما وهذه هي إقامتهما حقاً.
[6] وأما قوله تعالى ((يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم)) النساء 47. فنعم, هذا عموم قام البرهان على أنه مخصوص, وأنه تعالى إنما أراد مصدقاً لما معكم من الحق لا يمكن غير هذا, لأننا بالضرورة ندري أن معهم حقاً وباطلاً, ولا يجوز تصديق الباطل أوالحكم به ألبتة, فصح أنه إنما أنزله تعالى مصدقاً لما معهم من الحق.
[7] وأما قوله تعالى ((وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله)) المائدة 43.
فإنما هو على الاستخفاف بهم والتوبيخ لهم, كقول القائل لآخر: أنا أعلم منك ثم يأتيه ثانية فيسأله فيقول المسؤول كيف تسأل وأنت أعلم مني؟ , وقد قلنا إن الله تعالى أبقى في التوراة والإنجيل حقاً ليكون حجة عليهم وزائداً في خزيهم, وبالله تعالى التوفيق, فبطل تعلقهم بشيءٍ مما ذكرنا والحمد لله رب العالمين.
[الرد على بعض المسلمين من نفاة وقوع التحريف]
قال أبو محمد: وبلغنا عن قوم من المسلمين ينكرون بجهلهم القول بأن التوراة والإنجيل اللذين بأيدي اليهود والنصارى محرفان, وإنما حملهم على هذا قلة اهتبالهم بنصوص القرآن والسنن, أترى هؤلاء ما سمعوا قول الله تعالى ((يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون)) آل عمران 71, وقوله تعالى: ((وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)) البقرة: 146. وقوله تعالى: ((وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)) آل عمران 78,
وقوله تعالى ((يحرفون الكلم عن مواضعه)) المائدة 13, ومثل هذا في القرآن كثير جداً. ونقول لمن قال من المسلمين " إن نقلهم نقل تواتر يوجب العلم وتقوم به الحجة ", لاشك في أنهم لا يختلفون في أن ما نقلوه من ذلك عن موسى وعيسى عليهما السلام لا ذكر فيه لمحمد صلى الله عليه وسلم أصلاً, ولا إنذاراً بنبوته, فإن صدقهم هؤلاء الغافلون في بعض نقلهم, فواجب أن يصدقوهم في سائره, أحبوا أم كرهوا, وإن كذبوهم في بعض نقلهم فواجب أن يكذبوهم في سائره أحبوا أم كرهوا, وإن كذبوهم في بعض وصدقوهم في بعض فقد تناقضوا, وظهرت مكابرتهم, ومن الباطل أن يكون نقل واحدٌ جاء مجيئاً واحداً بعضه حق وبعضه باطل. وما ندري كيف يستسهل مسلم إنكار تحريف التوراة والإنجيل, وهو يسمع كلام الله عز وجل ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار)) سورة الفتح 29. وليس شيءٌ من هذا فيما بأيدي اليهود والنصارى مما يدعون أنه التوراة والإنجيل, فلابد لهؤلاء الجهال من تصديق ربهم عز وجل أن اليهود والنصارى بدلوا التوراة والإنجيل, فيرجعون إلى الحق, أو يكذبوا ربهم ويصدقوا اليهود والنصارى, فيلحقوا بهم, ويكون السؤال عليهم كلهم حينئذ واحداً فيما أوضحناه من تبديل الكتابين, ومما أوردناه مما فيهما من الكذب المشاهد عياناً مما لم يأت نص بأنهم بدلوهما, لعلمنا بتبديلهما يقيناً, كما نعلم ما نشاهده بحواسنا مما لا نص فيه , فكيف وقد اجتمعت المشاهدة والنص.
حدثنا أبو سعيد الجعفري , حدثنا أبو بكر بن الأدفوي محمد بن علي المصري , ثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس , ثنا أحمد بن شعيب, عن محمد بن المثني, عن عثمان بن عمر , ثنا علي- هو ابن المبارك- , ثنا يحيى – هو بن أبي كثير-, عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه , قال:" كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد".
قال أبو محمد هذا نص قولنا والحمد لله رب العالمين. ما نزل القرآن والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتصديقه صدقاه , وما نزل النص بتكذيبه, أو ظهر كذبه كذبنا به , وما لم ينزل نص بتصديقه أو بتكذيبه وأمكن أن يكون حقاً أو كذباً, لم نصدقهم ولم نكذبهم, وقلنا ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقوله كما قلنا في نبوة من لم يأتنا باسمه نص, والحمد لله رب العالمين.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد, ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي, ثنا الفربري, ثنا البخاري محمد بن إسماعيل , ثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف , أنا ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود, قال, قال ابن عباس:" كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم أحدث تقرؤونه محضاً لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب و قالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ".
قال أبو محمد: هذا أصح إسناد عن ابن عباس رضي الله عنه, وهو نفس قولنا, وماله في ذلك من الصحابة مخالف , وقد روينا أيضاً أن عمر رضي الله عنه أنه أتاه كعب الحبر بسفر وقال له هذه التوراة أفأقرؤها؟ فقال له عمر بن الخطاب: " إن كنت تعلم أنها التي أنزلت على موسى, فاقرأها آناء الليل والنهار". فهذا عمر لم يحققها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[25 Dec 2005, 03:53 م]ـ
نورد هنا فقرة جميلة شارك بها الجويني في مناقشة حجج أهل الكتاب في دفع تهمة التحريف وهي قولهم:
"إن القول بالتبديل مشروط:
(1) بإمكانه, وإمكانه مشروط:
(2) بتعلق العلم بحصر نسخ التوراة والإنجيل المبثوثة في أقطار الأرض مع اتساع رقعتها, ومشروط أيضا:
(3) بانقياد كل فرد من أفراد الفريقين (يعني اليهود والنصارى) عالمهم وجاهلهم, وزاهدهم وعابدهم, وبرهم وفاجرهم, وإجماعهم على رأي واحد ومقالة واحدة, مع تباين الآراء واختلافها".
[قال الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي بعد نقله لهدا الكلام: " هده الشبهة أثارها علماء النصارى القدماء مثل يوحنا الدمشقي, ويحيى بن عدي اليعقوبي, والمطران أيشوعاب بن ملكون مطران نصيبين النسطوري المدهب" نقلا عن كتاب في مقارنة الأديان بحوث ودراسات, دار الجيل – مكتبة الزهراء القاهرة 1990م ص114] قلت: ودكرها أيضا عمار البصري النصراني صاحب المناظرات مع أبي الهديل العلاف. ودلك في كتابه البرهان وكتابه المسائل والأجوبة الدي حققه ميشال الحايك وطبعته كلية القديس يوسف ببيروت.
وكان جواب الجويني في غاية البساطة والقوة:
يقرر الجويني قاعدة ذهبية مفادها أن أكثر الأخطاء العلمية والعقائدية إنما جاءت من أخد الحجج مسلمة تسليما مطلقا بلا إخضاع مقدماتها للنقد الصارم بقصد التأكد أّولا من صحتها فيقول:
" إن أكثر العمايات في العلوم إنما جاءت من أخد الحجج مسلمة, من غير امتحان الفكر وتدقيق النظر في تصحيح مقدماتها".
ثم يكر على كلام خصومه بالنقض لأساسها فيبين أن هدا الانتشار الحالي لنسخ تلك الكتب لم يكن كذلك في كل الأزمان وأنه قد أتى على توراتهم زمان لم تكن عندهم أصلا بعد خراب البيت على يد نبوخدنصر الفارسي واحتاج الأّمر إلى مجيء الكاتب الهاروني عزرا لترى النور هده النسخة من الأسفار الخمسة التي عندهم يقول الجويني أنه لا معنى لدعوى استحالة الاتفاق بين النصارى واليهود على تبديل التوراة لأنه حين تدوين عزرا للتوراة الحالية لم يكن على وجه الأرض نصراني واحد أصلا (لأن عزرا عاش قبل المسيح بما يزيد على أربعة قرون) ثم يعترض على دعوى العصمة المزعومة لعزرا فيقول: أما عزرا وإن رفعوا قدره, فناسخها من نسخة, فوقوع التبديل ممكن, لحرصه على استمرار رئاسته (الدينية) , وعدم القول بعصمته لما نعلم له من الإقدام على الصغائر والكبائر. ورئاسة بني إسرائيل كان شأنها عظيما (يعني أن حرصه على ألا يفقد منصبه الرفيع كفيل بأن يدفعه للتبديل). ثم ينتقل إلى نقض دعوى اتفاق النصارى واليهود على نسخة واحدة من الأسفار الخمسة (المنسوبة لموسى) بإيراد تلك الفروق المشهورة بين النسخة اليونانية والنسخة العبرانية في أعمار الآباء بين آدم ونوح المدكورة في سفر التكوين, ثم يزيد الأمر بيانا بمخالفة النسخة السامرية من التوراة لكلا النسختين السالفتين ويدكر الجميع (النصارى واليهود. والسامريين) بأن بعضهم يتهم البعض الأخر بالتحريف في مواضع الاختلاف تلك فبطل بدلك دعوى الأجماع على نسخة واحدة من التوراة.
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[29 Dec 2005, 03:09 م]ـ
لقد استعرضنا جملة من الأقوال حول مسألة التحريف ولا شك أنها يمكن تقسيم القائلين إلى فريقين كبيرين: الفريق القائل بوقوع التحريف في النص والمعنى وأنصاره كثيرون نخص بالذكر بعض من وصلتنا آراؤهم:
1 - الجاحظ.
2 - علي بن ربن الطبري.
3 - القاضي عبد الجبار.
4 - ابن حزم.
5 - إمام الحرمين أبو المعالي الجويني.
6 - طاهر بن مطهر المقدسي.
7 - السموأل بن يحيى المغربي.
8 - الأنباري. وهو من أنصار تحريف التوراة و الإنجيل وينتقي حججه من الفصل لابن حزم.
9 - أحمد بن عبد الصمد الخزرجي.
10 - أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي صاحب كتاب الإعلام بما في دين النصارى ..
11 - أبو البقاء صالح بن الحسين الجعفري مؤلف تخجيل من حرف الإنجيل.
12 - القرافي. وهو ينقل كثيرا عن القرطبي و الخزرجي والسموأل المغربي والجعفري.
13 - علاء الدين الباجي الشافعي.
14 - نجم الدين الطوفي الحنبلي.
15 - ابن تيمية. وقد حرر تقريرا جامعا لمختلف آراء من سبقه كما بيناه سابقا.
16 - ابن قيم الجوزية. وينقل عن ابن تيمية وعن القرافي و السموأل المغربي.
(يُتْبَعُ)
(/)
17 - عبد الله الترجمان وهو من كبار أنصار وقوع التحريف في الأناجيل تبعا لابن حزم.
18 - مؤلف الرسالة الهادية في الرد على الموسوية عبد السلام المهتدي كتبها ردا على اليهود بعدما أسلم. وقد خص القسم الثالث منها بالبحث: في تغييرهم بعض كلمات التوراة.
19 - زيادة النصب رأسي انتقل من النصرانية للإسلام. وقد تأثر بما قاله عبد السلام المهتدي.
20 - الشيخ رحمة الله الهندي (ت 1891م).
ويقابل هذا الفريق فريق ثان لم يكتب في مسألة التحريف كتابا مفردا أو مبحثا مفردا ضمن رد له على أهل الكتاب وإنما تمسك بوقف نظري مفاده القول بوقوع التحريف في المعنى لأنه اعتقد أن كتب اليهود والنصارى منقولة نقل تواتر ومن هؤلاء.
1 - القاضي أبو بكر الباقلاني (ت.403هـ).
2 - القاضي عيسى بن سهل الجياني (ت 486هـ). ورأيه موجود في كتابه التنبيه على شذوذ ابن حزم, ففيه يعيب على ابن حزم القول بتحريف كتب أهل الكتاب ويقول له:" ولليهود والنصارى أن يقولوا لابن حزم نحن على ملل أتاتنا بها رسلنا فإن أنت أنكرت ذلك كفرت بما جاء في كتابك (يعني القرآن) ووجب قتلك حسب شرعك, وليس تحريف من حرف منا وخروج من خرج عنا بمبطل لشرعنا كما لم يبطل الخوارج وأهل البدع شريعتكم ولا نقضوا بظهوركم ديانتكم" ثم قال ابن سهل: وهذا كلام صحيح كاف لبيان بهتان ابن حزم ... ولو أنه استدل عليهم بأن دينهم منسوخ وشريعتهم منسوخة بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم لأصاب الحق ونجا من المعضل" انتهى كلامه بالمعنى.
وقد بينا سابقا كيف رد ابن حزم على أنصار هذا الكلام قبل نحو أربعين سنة من ظهور كتاب ابن سهل. وابن سهل هنا متأثر بلا شك بمذهب الباقلاني.
3 - فخر الدين الرازي (ت 606هـ). وآراؤه منثورة في تفسيره.
4 - عبد الرحمن ابن خلدون, وهو مثأثر برأي البخاري الذي نقلناه آنفا.
ولا شك أن الفريق الأول ساق من الاعتراضات والمعضلات ضد الكتب التي انتقدها ما من شأنه إخراس لسان الفريق الثاني المستند على موقف نظري إن لم نقل عاطفي مرده إلى أنهم ظنوا أن القدسية والجلالة التي يحظى بها كلام الله في نفوسهم كمسلمين هي نفس القدسية عند غيرهم وأن هذا الشعور كفيل بردع أي محاولة لتحريف كلام الله. لكن قد خفي على هذا الفريق أن الله تعالى قد يسلب من أقوام نعمة كلامه المنزل إن بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.(/)
الفقيه القاضي عيسى بن سهل الأسدي الجياني (ت.486هـ/1093م)
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 Dec 2005, 11:09 م]ـ
الفقيه القاضي عيسى بن سهل الأسدي الجياني (ت.486هـ/1093م)
حياته و مؤلفاته
بقلم: سمير القدوري
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد: فإن غرضي من هذا المقال توفية الفقيه الأندلسي عيسى بن سهل حقه من التعريف به وإنصافه, لكونه علما من أعلام الفقه في المذهب المالكي, ولأن ما ذكرته المصادر الأندلسية وغيرها في ترجمته يعد شحيحا مقارنة بالكم الهائل من المعلومات التي تحصلت لدي عنه حينما كنت اشتغل بدراسة كتابه في الرد على ابن حزم, ولاشك أن تحرير ترجمة لهذا العالم تستلزم استقراء جميع الكتب التي ورد فيها ذكره وعرض ما فيها على المحك لفرز اللب من القشور.
في المصادر الأندلسية والمغربية و غيرها, معلومات كثيرة متفرقة بشأن الفقيه عيسى بن سهل.
على رأس هذه المصادر تأتي مؤلفات عيسى ابن سهل نفسه, وهي تضمن في طياتها تفاصيل كثيرة مهمة تساعد في تثبيت معالم أهم مراحل حياته العلمية و السياسية.
بعد مؤلفاته تأتي كتب معاصريه في المرتبة الثانية, ككتاب التبيان لعبد الله ابن بلقين أمير غرناطة، وهو بلا شك أقدم مصدر تاريخي يشرح الدوافع السياسية التي أملت على عبد الله بن بلقين تنصيب عيسى بن سهل على قضاء حاضرة غرناطة و أعمالها.
وككتاب أجوبة قاضي الجماعة بقرطبة أبي عبد الله ابن الحاج (ت 529هـ/1134م) وهو مصدر عين بدقة تاريخ رجوع ابن سهل إلى الأندلس بعد استقراره بسبتة ثم بطنجة.
ثم تأتي في المرتبة الثالثة كتب التراجم و البرامج الأندلسية المؤلفة في القرن السادس الهجري, ككتاب الغنية للقاضي عياض, إذ فيه و في كتابه ترتيب المدارك, الكثير من أخبار تلامذة ابن سهل بسبتة, و معلومات أخرى بشأن شيوخ ابن سهل, ثم استدرك ابن حماده السبتي على شيخه عياض, ترجمة ابن سهل ألحقها بمختصره لترتيب المدارك , و تأتي في كتاب الصلة لابن بشكوال (ت578هـ/1182م) ثاني ترجمة لابن سهل انفردت بتحديد تاريخ ولادة ابن سهل، وفي مواضع متفرقة من الصلة توجد تراجم عدة تلاميذ ابن سهل.
أما في كتاب "بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس اكتفى الضبي (ت 599هـ/1202م) بذكر عيسى ابن سهل في عداد " المُحَدِّثين".
ثم يلي ذلك كتب القرون التالية للقرن السادس الهجري.
فقد انفرد كتاب "التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار البلنسي (ت658هـ/1259م) بترجمة لسهل بن عبد الله الأسدي, والد عيسى بن سهل.
أما أبو الحسن الرعيني الإشبيلي (ت666هـ/1308م) فقد انفرد بالنقل في برنامج شيوخه عن الكتاب الذي ألفه ابن سهل في الرد على ابن حزم.
و في"سير أعلام النبلاء " نجد الإمام الذهبي قد اقتصر أثناء حديثه عن عيسى بن سهل, على ما جاء بشأنه لدى ابن حماده السبتي وابن بشكوال.
و أما في كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة يستند ابن الخطيب في ترجمته لابن سهل على: كتاب الصلة, ومختصر كتاب ترتيب المدارك لابن حماده السبتي, و كتاب الأنوار الجلية في أخبار الدولة المرابطية لابن الصيرفي , و فهرسة أبي الحسن ابن البادش (من تلاميذ ابن سهل).
و جل ما في ترجمة ابن سهل الموجودة بكتاب الديباج المذهب لابن فرحون, سبق إيراده في الإحاطة.
ثم بعد هؤلاء المؤرخين انفرد كتاب أزهار الرياض في أخبار عياض للمقري بنقل ثناء محمد ابن القاضي عياض على عيسى بن سهل شيخ شيوخ والده.
وأما محمد بن محمد مخلوف صاحب شجرة النور الزكية في طبقات المالكية فينقل (مثل الذهبي) عن ابن حماده السبتي وابن بشكوال.
وسنجد ابن سهل في كتاب كشف الظنون لحاجي خليفة, مذكورا بين شراح كتاب الجامع الصحيح للبخاري. يبدو أن حاجي خليفة نقل ذلك عن مقدمة كتاب شرح القسطلاني على صحيح البخاري.
أما إسماعيل باشا البغدادي فقد أورد في كتابه هدية العارفين ترجمة عيسى بن سهل نقلا عن الصلة و كشف الظنون.
ثم نجد عمر رضا كحالة صاحب معجم المؤلفين ينقل عن ابن بشكوال وابن فرحون و الذهبي والبغدادي.
ترجمة عيسى بن سهل:
اسمه و نسبه:
هو عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي يكن أبا الأصبغ, ولد بجيان سنة (413هـ/1022م).
(يُتْبَعُ)
(/)
و جيان من بلاد الأندلس وصفها الحافظ النسابة الأندلسي أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله اللخمي المعروف بالرشاطي (ت.542هـ) في كتابه الموسوم باقتباس الأنوار و التماس الأزهار في أنساب الصحابة و رواة الآثار فقال بأنها كورة جليلة طيبة كثيرة الثمرة غزيرة السقي باطراد العيون, و أنها متصلة بإلبيرة مائلة إلى الجوف و شرق قرطبة.
كان سهل بن عبد الله الأسدي (ت440هـ/1048م) والده، يتولى الصلاة والخطبة بحصن القعلة وبها سكناه، وكان معدودا في أهل العلم، مع الصلاح والخير.
وتنبئ نسبته "الأسدي" عن أصله الراجع إلى بني أسد القبيلة العربية المشهورة, وقد أفاد الإمام ابن حزم أن لبني أسد بوادي عبد الله بجيان بقية وعدد , و بين أبو الوليد ابن الفرضي شيخ ابن حزم أن أبا إسماعيل هشام بن إسماعيل بن كنانة بن نعيم الأسدي, أول من دخل الأندلس منهم, أيام الأمير عبد الرحمن بن معاوية, ودخل معه أخواه أبو زيد, و أبو خالد, ثم انصرفا و بقي أبو إسماعيل. ثم أضاف ابن الفرضي أن موطنهم الذي منه نزحوا كان غزة من أرض الشام (فلسطين).
طلبه للعلم و تجوله بالأندلس:
درس ابن سهل ببلده أولا على يدي كل من: الفقيه هشام بن عمر بن سوار الفزاري الجياني , و الفقيه بكر بن عيسى بن سعيد الكندي (ت. 454هـ/1061م).
بعد ذلك, قصد ابن سهل غرناطة للأخذ عن الفقيه أبي زكرياء يحيى بن محمد بن حسين الغساني المعروف بالقليعي (ت.442هـ/1050م) , و روى عنه الكثير, من ذلك كتاب الموطأ لمالك بن أنس.
ثم دخل ابن سهل قرطبة ولم يتجاوز عمره 24 سنة, ولقي بها المقرئ مكي بن أبي طالب (ت.437هـ/1045م). روى عنه مؤلفاته ككتاب الموجز في القراءات السبع, وكتاب الرعاية في تجويد القرآن , و رسالة الفقيه ابن أبي زيد القيرواني , و سمع بها أيضا من الأديب اللغوي محمد بن عبد الرحمن بن يحيى العثماني القرطبي (ت.443/ 1051م) في شهر صفر من سنة (439هـ/1047م).
ثم قفل ابن سهل إلى بياسة حوالي (439 - 444هـ) , فولاه معن ابن صمادح التجيبي (433 - 443هـ) أمير المرية, قضاء بياسة.
قال ابن سهل: " مسألة كانت جرت بين يدي و حكمت فيها ( ... ) وكنت حينئذ حاكم بياسة و الشمنتان و طشكر و أعمالها, بتقديم ابن صمادح صاحب المرية ( ... ) فحكمت وسجلت بذلك ( ... ) و تاريخ السجل عقب ذي الحجة من سنة 443هـ". و أثناء مدة قضائه راسل ابن سهل, الفقهاء بمدن الأندلس سائلا عن القضايا التي تعرض له, فكاتب فقيه المرية أبا عمر أحمد ابن رشيق (ت446هـ/1054م) , و كبير فقهاء قرطبة أبا عبد الله محمد ابن عتاب (تـ462هـ/1069م) , و لما انتزعت جيوش باديس بن حبوس البربري مدينة بياسة من يد معن ابن صمادح سنة 443هـ اضطر ابن سهل للخروج عن بياسة و الرجوع إلى قرطبة.
و لما كان أبو عبد الله محمد بن عتاب القرطبي إماما جليلا متصرفا في كل باب من أبواب العلم، حافظا نظارا مستنبطا، بصيرا بالأحكام؛ صحبه ابن سهل طويلا وروى عنه كثيرا من الكتب نذكر من بينها:
موطأ الإمام مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي, و صحيح البخاري, وصحيح مسلم , و شرح غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام, و نسخة حديث ابن أبي الدنيا علي بن عثمان بن خطاب, وكتاب موعظة داود بن جهور. و بقرطبة أيضا أخذ ابن سهل العلم عن حاتم بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي (ت 469/ 1076) , و روى عنه كتبا كثيرة منها: رسالة مالك بن أنس في الأقضية, و وصية مالك بن أنس لطلبة العلم, والملخص لمسند الموطأ للقابسي, و كتاب الانتصار لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليف الأصيلي, و رد الأصيلي على أصحابه (المالكيين) الأندلسيين, و كتاب الأربعين حديثا للآجري, و كتاب أدب الكتاب لابن قتيبة, و كتاب فضائل عاشوراء لأبي ذر الهروي, ووصية يحيى بن يحيى الليثي لطلبة العلم.
و أخذ بها كذلك عن الفقيه عبد المهيمن بن عبد الملك بن أحمد المعروف بابن المش (ت457هـ/1044م). روى عنه كتاب "الكنز في معرفة الأصول ورجح مذهب مالك" تأليف والده عبد الملك ابن المش القرطبي المتوفى سنة (436هـ/1044م) , و أخذ أيضا عن الفقيه عبيد الله بن محمد بن مالك، المتوفى سنة (460هـ/1067م) ,و عن فقيه فرطبة أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال المعروف بابن القطان المتوفى سنة (460هـ/1067م) , وكان أحفظ الناس للمدونة والمستخرجة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحين تولى الفقيه أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عيسى القرطبي المعروف بابن الحشاء, قضاء طليطلة في سنة خمسين وأربعمائة , صَاحَبه ابن سهل وكتب له في قضائه بطليطلة , و في كتاب نوازل الأحكام لابن سهل ما يفيد أنه مكث بطليطلة حتى حدود سنة (456هـ/1064م).
قال ابن سهل ما ملخصه: "جرت بيني وبين الفقيه موسى ابن السقاط بطليطلة، مسألة في البنيان والرفوف في شهر صفر سنة 456هـ فكتبت إلى قرطبة أسأل ابن عتاب عن تلك المسألة".
و قال في نوازله أنه كتب- وهو بطليطلة- يسأل شيوخ قرطبة في سنة 456هـ عن مسألة تخاصم حول كرم وسط كروم لأناس.
في طليطلة لقى ابن سهل جماعة من كبار فقهائها نذكر منهم: أبو محمد عبد الله بن موسى الأنصاري المعروف بالشارقي، من أهل طليطلة وذوي العلم والفهم بها توفي سنة (456/ 1064) , وعبد الرحمن بن عبد الله ابن أسد الجهني الذي شوور في الأحكام ببلده طليطلة وتوفي هناك في عشر الثمانين (بين سنتي 471 - 480هـ) ".
ترك ابن سهل طليطلة بعد خلاف وقع بينه و بين ابن الحشاء. قال ابن حماده ما نصه:" خرج (ابن سهل) مع القاضي أبي زيد الحشاء كاتبا له، ثم فارقه لأمر نقمه عليه، فدخل قرطبة مختفيا…".
بقرطبة اشتغل ابن سهل بالكتابة للقاضي محمد بن أحمد بن عيسى ابن محمد بن منظور القيسي الإشبيلي,. ثم صار ابن سهل فقيها مشاورا بقرطبة, مثل مشاورته في قضية ابن حاتم الطليطلي المحكوم عليه بتهمة الزندقة والملقي عليه القبض بقرطبة أخيرا, وكان قد فر من طليطلة سنة 457هـ.
قال ابن سهل في خبر ابن حاتم الطليطلي: "فحفزه القضاء إلى موضع منيته قرطبة، وردها لحينه في عقب ربيع الآخر سنة 464هـ، وقاضيها أبو بكر محمد بن أحمد ابن منظور، فسمعت المحتسبة بوروده، فقصدوا محله وموضع نزوله ... وساقوه إلى القاضي… فأمرهم بحبسه… واستحضره وشاورنا: هل يعذر إليه أم يقتل دون إعذار؛ فقال جميع أصحابنا: لا يعذر إليه ويعجل قتله. وقلت له أنا: لا يسعك إلا الإعذار إليه فيما ثبت عليه، لأن القاضي المسجل بذلك قد أخذ به وقضى بفتيا فقهاء طليطلة ولا يجوز لك خلافه لأنه نقض لحكمه. فرجعوا إلى ذلك ورأوه صوابا، وأعذروا إليه بمحضرنا. فقال (ابن حاتم):" إن أبا زيد (ابن الحشاء القاضي بطليطلة) كان عدوه في أسباب الدنيا وعرضها". فأجله (ابن منظور) شهرين أولهما ليلتين بقيتا من ربيع الآخر وصرف إلى السجن وكبل. ثم توفي القاضي أبو بكر ابن منظور قبل تمام الأجل وولي مكانه عبد الرحمن ابن سوار، واجتمعنا بعد تمام الآجال عند المعتمد، وأحضر (ابن حاتم) في كبله وسئل هل أمكنه شيء مما أخر له. فقال:" لم يمكنني من يسعى إلي في ذلك" فاستمرت العزيمة على قتله، وخرج المعتمد وخرجنا معه إلى رأس القنطرة وصلب هناك بمحضره ومحضرنا، نصف يوم الاثنين لثلاث خلون من رجب [464هـ] وطعن بالرمح والحمد لله الذي عافانا مما به ابتلاه".
ثم انتقل ابن سهل بعد ذلك إلى إشبيلية, فقد قال ابن سهل:" مسألة في كراء أرض محبسة لخمسين عاما ( ... ) فكتب إلي بها أبو شاكر (ابن المعدل فقيه من بطليوس) , و قاضي بطليوس: أبو الحسن عامر بن خالص, بعد تقدم جوابي على بعض فصولها ( ... ) و كان سؤالهم إياي و أنا حينئذ بإشبيلية في سنة ثمان و ستين (وأربعمائة) ".
انتقاله إلى المغرب:
جاز ابن سهل البحر إلى سبتة فنوه بمكانه صاحبها البَرَغْوَاطي، فرأس فيها , وكان جوازه إلى سبتة حولي468 - 470هـ يؤكد ذلك ما حكاه ابن سهل عن ذلك الجواز في كتابه التنبيه على شذوذ ابن حزم ونص كلامه: "… ثم صرت إلى سبتة في عشر السبعين فأظهر إلي بعض من كان يحضر عندي من الطلبة نسخة (من أحد كتب ابن حزم) ".
انتقل عيسى ابن سهل إلى مدينة طنجة بعد سنوات قضاها في سبتة مدرسا للفقه, وقد وقفت على تراجم لجماعة من العلماء الذين تتلمذوا على يدي ابن سهل بسبتة, فأحببت ذكر تراجمهم باختصار تيسيرا على من يهمه ذلك:
- تلاميذ عيسى بن سهل بالمغرب:
1. محمد بن يعلى بن محمد وليد بن عبيد الله المعافري ويعرف بابن الجوزي من أهل سبتة وأصله من قرطبة خرج جده منها في فتنة البربر. يكنى أبا بكر وأبا عبد الله، وهو خال القاضي عياض. سمع بسبتة من القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل وغيره, وتجول في الأندلس فأخذ عن أهل مالقة, و المرية, وغيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورحل إلى إفريقية, فدرس على عبد الجليل الديباجي0 وكان متفننا في العلوم شاعرا بليغا توفي في أواخر صفر سنة 483هـ؛ مولده سنة 428هـ.
2.عبد الله بن يعلى بن محمد بن عبيد الله المعافري, يكنى أبا محمد, وهو أخو المتقدم, من أهل سبتة, سمع من ابن سهل, ومروان بن سمجون, وأخذ بالأندلس على غانم الأديب و غيره؛ و كان من أهل الفقه و النحو و البلاغة, مقدما في ذلك, و كتب للقضاة بسبتة, توفي منسلخ رجب سنة 486هـ.
3. القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأموي، سبتي سمع من القاضي عيسى بن سهل روى عنه كتاب الكنز تأليف ابن المش القرطبي. ولد سنة 433هـ وتوفي سنة 517هـ وقال ابن حماده "توفي سنة 520هـ".
4. عبد الله بن أحمد بن خلوف الأزدي الفقيه يعرف بابن شبوية .. درس بسبتة على أبي الأصبغ ابن سهل، وسمع منه وتفقه عنده وعند غيره… نزل بسلا فأكرمه أهلها ودرس عندهم، ثم انتقل إلى أغمات (ناحية مراكش) فكان رأسا بها وبها توفي سنة 537هـ وقد قارب الثمانين.
5. أبو علي الحسن بن علي بن طريف النحوي التاهرتي، شيخ سبتة في النحو, له سماع من القاضي ابن سهل. دَرَّس عمره النحو بسبتة. و توفي سنة 501هـ. يروي عنه عياض كثيرا في كتابه الإلماع.
6. إبراهيم بن أحمد البصري، أبو إسحاق القاضي. بسبتة، اختص بأبي الأصبغ ابن سهل وقت سكناه بسبتة ولازمه وتفقه عنده وسمع منه. توفي سنة 513هـ, وقال ابن حماده "توفي سنة 512هـ".
7. أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن قاسم بن منصور قاضي الجماعة بسبتة: أخذ بها عن أبي الأصبغ بن سهل واختص به وتفقه عنده وسمع منه, قال عياض "وكان ابن سهل يعجب من نبله وذكائه". توفي سنة 514هـ". و كان مولده سنة 458هـ".
8. أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن أحمد اللواتي يعرف بابن الفاسي الفقيه المشاور. أخذ عن شيوخ سبتة واقتصر على الفقيه أبي الأصبغ ابن سهل ولازمه وكتب له في قضائه بطنجة، وسير معه إلى غرناطة، فكتب له بها وكان مختصا به سمع منه كتبه وحدث بها عنه. توفي سنة 513هـ".
9. عبود بن سعيد التنوخي المعروف بابن العطار، قاضي سبتة قدمه أمير المسلمين لذلك. سمع من القاضي أبي الأصبع ابن سهل وحضر مجلسه. توفي سنة 480هـ.
10. أبو عبد الله محمد بن عيسى التميمي السبتي القاضي. سمع من ابن سهل تم ترك الرواية عنه توفي سنة 505 هـ.
وولي عيسى ابن سهل قضاء طنجة من طرف أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين. أما تحديد تاريخ استقرار عيسى ابن سهل بطنجة محتاج إلى بسط الكلام بشأن بعض الأمور.
مما لا شك فيه أن ابن سهل بدأ تأليف كتابه الإعلام بنوازل الأحكام بسبتة في المحرم من عام 472هـ , و أنه انتهى من مسودته في المحرم من عام473هـ. ثم قام بتبيض الكتاب المذكور, وهو بسبتة, سنة 474هـ/1081م. ولقد وقفت على ضميمة متأخرة عن تاريخ تأليف كتاب النوازل، ذكر فيها ابن سهل أن قاضي طنجة كتب إليه في أمر قضية بين متخاصمين رفعت إليه في شهر صفر سنة 476هـ.
وقد قال ابن الأبار في التكملة بأن: "الفقيه الأندلسي أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري المعروف بابن الحداد زار طنجة سنة (479هـ/1086م) ولقي بها القاضي عيسى بن سهل وجرت بينهما مناظرة, فألف ابن الحداد على إثر ذلك رسالة سماها بـ:"الامتحان لمن برز في علم الشريعة والقرآن" خاطب بها عيسى ابن سهل وطلب منه الجواب على مسائل عويصة".
نستخلص من هذه الأمور التي بسطناها أن ابن سهل دخل طنجة فيما بين سنتي 476هـ- 479هـ, و أنه نفس التاريخ الذي عين فيه عيسى بن سهل في منصب قاضي طنجة.
رجوعه إلى الأندلس:
تخبرنا المصادر أن عيسى بن سهل إلى غرناطة للقضاء بها, فمتى كان قفول ابن سهل للأندلس؟
قد احتفظ الفقيه أبو عبد الله ابن الحاج قاضي الجماعة بقرطبة (ت529/ 1134) بالجواب على هذا السؤال.
نقرأ في أجوبة ابن الحاج ما نصه: " أخبرني الفقيه أبو الوليد الشيتلي، صاحبنا أكرمه الله، قال: "سألت الفقيه أبا الأصبغ ابن سهل، ونحن محاصرون لحصن أليط، مع أمير المؤمنين يوسف ابن تاشفين، وذلك أنه كان يتم (الصلاة) هو ومن معه من عساكره وسائر الناس. فدخلت على عيسى بن سهل، قبل، فرحب بي وقام إلي فقلت له: ما ترى القصر أو الإتمام؟ فقال لي: قد أمرتهم بالقصر وأراهم يتمون".
(يُتْبَعُ)
(/)
في هذا النص دليل على أن عيسى بن سهل كان بصحبة عساكر يوسف ابن تاشفين المتوجهة سنة 481هـ لمحاربة النصارى المعتصمين بحصن أليط ( Aledo).
من المعلوم أن يوسف ابن تاشفين جاز البحر إلى الجزيرة الخضراء سنة 481هـ, و تلقاه المعتمد بن عباد هناك ثم أنفذ ابن تاشفين كتبه لملوك الطوائف يستدعيهم للجهاد معه عند حصن أليط, فاجتاز ابن تاشفين على مالقة واستنفر صاحبها تميم بن بلقين البربري الملقب بالمستنصر بالله، وتلاحق به أخوه عبد الله بن بلقين صاحب غرناطة الملقب بالمظفر، وكان بين هذين الأخوين نزاع حول بعض الحصون , فعند منصرفهم عن حصار حصن أليط، أرسل تميم ابن بلقين 50 مثقالا إلى عيسى بن سهل يستعطفه على القيام بالحجة معه (لدى ابن تاشفين) ضد أخيه عبد الله بن بلقين، لكن ابن سهل ردها إليه وتنزه عن ذلك. حينها أشار الفقيه ابن القليعي على عبد الله بن بلقين قائلا: " هذا وقت افتراصك لهذا الرجل (ابن سهل) بأن تكتب إليه وتعده بالقضاء عند انصرافك… على أن تجعلني معه في أحكامه" وبعد إلحاح من القليعي دفع إليه عبد الله ابن بلقين بخط يده رقعة تتضمن له القضاء.
هذاه هي الملابسات التاريخية و السياسية التي كانت و راء تولية عيسى بن سهل على قضاء غرناطة.
تخبرنا المصادر الأندلسية أن الأمير عبد الله ابن بلقين قد بعث, قاضيه عيسى بن سهل مرتين أو أكثر إلى المغرب سفيرا لدى المرابطين، لكن القاضي – كما زعم ابن بلقين- قد أطلع ابن تاشفين على ضعف أميره عبد الله ابن بلقين, وأعلمه أن غرناطة ليس فيها مختلف على طاعة ابن تاشفين, وأن قلوب الجند والعامة مع المرابطين، وبهذا شجع ابن سهل المرابطين على الاستيلاء على غرناطة إذ استولوا عليها سنة 483هـ ونفي ابن بلقين إلى المغرب سنة 484هـ.
من المؤكد لدي أن ابن سهل وهو في غرناطة كان يشتغل أيضا , دليل ذلك وجود ذكر لابن سهل في أسماء شيوخ كثير من علماء غرناطة, ونحن نسوق تراجم ما وفقفنا عليه من تراجم الآخذين عنه بغرناطة.
تلاميذه بغرناطة:
1. محمد بن حكم بن محمد بن أحمد بن باق الجذامي من أهل سرقسطة، وسكن غرناطة ثم فاس يكنى أبا جعفر. روى عن أبي الأصبغ ابن سهل. توفي بفاس وقيل بتلمسان سنة 533هـ.
2. محمد بن مفرج بن سليمان الصنهاجي يكنى أبا عبد الله أصله من طنجة وانتقل جده إلى الأندلس وبها ولد محمد هذا. لقي الباجي وسمع منه يسيرا. سمع من أبي الأصبغ ابن سهل. توفي سنة 536هـ.
3. محمد بن علي بن أحمد التجيبي من أهل غرناطة ويعرف بالنوالشي. له رواية عن أبي الأصبغ ابن سهل. سمع منه عبد المنعم ابن الخلوف كتاب الرعاية لمكي بن أبي طالب في سنة 532هـ…".
4. محمد بن علي بن عبد المؤمن الرعيني الحاكم، من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله روى عن أبي الأصبغ ابن سهل وأبي علي الغساني وأبي علي الصدفي وأبي بكر محمد بن سابق الصقلي… توفي سنة 540هـ".
5. أحمد بن الحصن بن عبد الملك بن إسحاق بن عطاف العقيلي القاضي من أهل جيان. ابتدأ الطلب وهو ابن 13 سنة. أخذ عن أبي الأصبع ابن سهل كتابه في نوازل الأحكام، مناولة. توفي سنة 542 ومولده سنة 471هـ. ومما سبق نستنتج أنه لقي ابن سهل فيما بين 484 - 486هـ.
6. أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي يعرف بابن القصير، من أهل غرناطة يكنى أبا الحسن، روى عن القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل وأبي بكر محمد بن سابق الصقلي. وكان فقيها حافظا. توفي سنة 531هـ.
7. عبد الله بن حمزة القاضي، من أهل غرناطة، يكنى أبا محمد روى عن أبي الأصبغ ابن سهل كتابه الإعلام بنوازل الأحكام. حدث عنه أبو بكر محمد بن يحيى بن زيدان القرطبي.
8. عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن فهر السلمي. من أهل المرية يكنى أبا القاسم روى عن الباجي والعذري وابن المرابط والو قشي وابن فورتش وأبي الأصبغ ابن سهل. ولا يعلم تاريخ وفاته, وكان أبوه قاضيا بالمرية. وفي فهرسة المنتوري نجد عبد الرحمن هذا يروي كتاب "الموجز في القراءات السبع" لمكي بن أبي طالب (ت437هـ) , عن عيسى بن سهل, عن مؤلفه.
9. عبد الرحيم بن محمد بن الفرج بن خلف بن سعيد بن هشام الأنصاري الخزرجي يعرف بابن الفرس يكنى أبا القاسم من أهل غرناطة. حكى ابن الصيرفي أنه سمع بغرناطة أول الدولة المرابطية على القاضي أبي الأصبغ ابن سهل. توفي سنة 542هـ, ومولده سنة 472هـ بالمرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
10. عبد الصمد بن أحمد بن سعيد بن عمر الأميي من أهل جيان، يكنى أبا محمد روى عن أبي الأصبغ ابن سهل. وكان محدثا مائلا إلى مذهب أهل الظاهر، وكان حيا سنة 535هـ وله تواليف منها "الكتاب المستوعب في أحاديث موطأ مالك ابن أنس".
11. يحيى بن خلف بن النفيس الحميدي من أهل غرناطة يكنى أبا بكر ويعرف بابن الخلوف لقي أبا الأصبغ ابن سهل وأبا بكر الصقلي وغيرهما. مولده سنة 466هـ وتوفي سنة 540هـ.
12. أبو الحسن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري المقرئ المعروف بابن البيذش من أهل غرناطة وأصله من جيان درس الأصول على ابن سابق (الصقلي) و أبي بكر المرادي, وسمع الجياني والصدفي وابن سهل القاضي، ولد سنة 444هـ. توفي بغرناطة سنة 528 هـ, و لقيه عياض بقرطبة سنة 507هـ".
13. الفقيه أبو عبد الله محمد بن نجاح الذهبي روى عن ابن سهل فهرسة شيوخه.
14. سليمان … المعروف بابن البيغي شاطبي الأصل وكان مفتيا، لقي ابن عبد البر و الباجي و الوقشي وأبا الأصبغ ابن سهل. توفي نحو سنة 520هـ".
15. علي بن هشام بن محمد السلولي من أهل غرناطة، يكنى أبا الحسن روى بها، عن أبي الأصبغ عيسى بن سهل سنة 484هـ وتفقه به، وعن غيره من مشايخ غرناطة، وكان مشاورا بها وولي الخطابة بجامع غرناطة، وتوفي في حدود سنة 520هـ".
16. أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن مفيد الطائي من أهل قرطبة وأصله من جيان روى عن أبي الأصبغ ابن سهل وغيره. .قال ابن بشكوال، - وسماه في معجم شيوخه-:" أخذت عنه من شعره و كان آخر من حدث عن ابن سهل ". توفي سنة 539هـ".
17. محمد بن سعيد بن عصفور الحضرمي, إشبيلي. يكنى أبا عبد الله, روى بغرناطة عن أبي الأصبغ ابن سهل سنة 484هـ.
وفاته:
لكن المرابطين صرفوا عيسى بن سهل عن قضاء غرناطة بعد تمكنهم منها, قيل بسبب شدته في القضاء و قيل بأنه فقدوا ثقتهم فيه بعد خيانته (المزعومة) لأميره البربري ولي نعمته. ولقد صرح لسان الدين ابن الخطيب في كتابه الإحاطة باسم القاضي الذي خلف عيسى بن سهل على قضاء غرناطة سنة 485هـ.
قال ابن الخطيب:" [و من الطارئين على غرناطة] عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الرحمن بن محمد بن سيد أبيه يكنى أبا الحسن, قرطبي. كان فقيها جليلا نبيها, و لي القضاء بغرناطة و أعمالها سنة 485, و كانت و لايته لها بعد القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل الأسدي, ولاه عليها يوسف بن تاشفين, وكان قبل صاحب الأحكام بقرطبة ".
الفرق بين تاريخ وفاة عيسى بن سهل و تاريخ تولية قاض مكانه لا يعدو أن يكون شهورا يسيرة فابن سهل توفي يوم الجمعة، ودفن يوم السبت الخامس من المحرم (بعد أيام من مطلع) سنة ست وثمانين وأربع مائة.
لقد أثنى كثير من العلماء على الفقيه القاضي عيسى بن سهل و بينوا علمه و فضله, فلابأس أن نختم ترجمتنا له بكلامهم.
قال ابن الصيرفي: "كان من أهل العلم، والفهم والتفنن في العلم مع الخير والورع وصحة الدين وكثرة الجود مع قلة الوجود، بارع الخط، فصيح الكتابة, حاضر الذهن، سريع الخاطر. له قريض جزل, وهمة في اقتناء الكتب, وهيبة". وقال محمد ابن القاضي عياض: "هو من شيوخ (شيوخ) أبي رحمه الله وهو أسدي النسب وكان من الراسخين في المسائل، وصنعة الوثائق، والخط البارع والكرم المنيف والإيثار على نفسه، والجزالة النافذة في أحكامه، وفصل القضاء وكثرة الرواية رحمه الله…".
وقال أبو الحسن بن الباذش: " كان من أهل الخصال الباهرة والمعرفة التامة يشارك في فنون العلم".
وقال ابن بشكوال: " وكان من جلة الفقهاء وكبار العلماء، حافظا للرأي ذاكرا للمسائل، عارفا بالنوازل، بصيرا بالأحكام مقدما في معرفتها…".
مؤلفات عيسى بن سهل:
بعد طول البحث على تبين أن لابن سهل خمسة كتب من تأليفه, نفصل الحديث بشأنها في هذا المبحث.
أ - كتاب الإعلام بنوازل الأحكام:
وهو أشهر كتب ابن سهل على الإطلاق، لكن ابن حماده السبتي اختصر العنوان ولم يذكره بالكامل, فقد نصت إحدى مخطوطاته الأندلسية (مؤرخة سنة 521هـ) في أول ورقة على تسمية الكتاب بـ "الإعلام بنوازل الأحكام و قِطر من سِيَرْ الحُكَََََََََّام". وهي نسخة مسندة إلى المؤلف من طريق اثنين من تلاميذه السبتيين, و موجودة بالخزانة الحمزية بالمغرب.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كانت عناية أهل المغرب والأندلس بكتاب الإعلام كبيرة, يمكن الاستدلال على ذلك من ثلاثة أوجه.
الوجه الأول: تواتر شهادات علماء المغرب و الأندلس على أهمية الكتاب.
الوجه الثاني: تعدد نسخ الكتاب حتى أن الدكتور رشيد النعيمي اعتمد على تسع مخطوطات, ثلاث منها مغربية و الباقية أندلسية يتراوح تاريخ نسخها مابين 521سنة هـ و سنة 861هـ.
الوجه الثالث: كثرة المستفيدين منه و المشتغلين به, فمنهم من اعتمد على الكتاب في أحكامه ونوازله، ومنهم من علق عليه حواش ومنهم من اختصره.
قال أبو بكر ابن العربي المعافري: "… وصار الصبي عندهم (يعني أهل الأندلس) إذا عقل, فإن سلكوا به أمثل طريقة لهم، علموه كتاب الله تعالى، فإذا حذقه, نقلوه إلى الأدب، فإذا نهض فيه, حفظوه الموطأ, فإذا لقنه, نقلوه إلى المدونة, ثم ينقلونه إلى وثائق ابن العطار ثم يختمون له بأحكام ابن سهل".
وقال ابن بشكوال "… وكان (ابن سهل) عارفا بالنوازل بصيرا بالأحكام مقدما في معرفتها وجمع فيها كتابا حسنا مفيدا يعول الحكام عليه".
و أما الناقلون عن أحكام ابن سهل فكثيرون, نذكر منهم على سبيل المثال:
- أبو عبد الله محمد بن القاسم بن أبي حمراء قاضي بطليوس, نقل عنه في كتابه في الوثائق المسمى بـ:"المقنع في الشروط".
- القاضي أبو الفضل عياض الذي يحيل في15 موضعا من كتابه "مذاهب الحكام في نوازل الأحكام" على نوازل ابن سهل.
- أبو محمد عبد الله بن عبد الله بن سلمون الكناني الفقيه الأندلسي (ت740هـ) الذي نقل فقرات كثيرة من أحكام ابن سهل, في كتابه العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود و الأحكام.
- أبو الحسن البناهي المالقي (القرن الثامن الهجري) ينقل عنه كثيرا في كتابه المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا.
- برهان الدين إبراهيم بن محمد بن فرحون (ت799هـ) ينقل عنه في كتابه تبصرة الحكام في أصول الأقضية و مناهج الحكام.
و لم يقتصر الأمر على النقل المجرد بل من العلماء من علق عليه حواش و منهم من اختصره, ومن هؤلاء مثلا:
- أبو محمد هارون بن أحمد بن جعفر بن عات النفزي، من أهل شاطبة وكان فقيها حافظا، له تنبيهات على مسائل المدونة والعتبية وحواش على الوثائق البونتية. وقيد مثل ذلك على الوثائق الفتحونية وأحكام ابن حدير وأحكام ابن سهل… توفي في شعبان سنة 582هـ ".
- أبو عمران موسى بن أبي علي الزناتي الزموري مولدا ومنشأ، نزيل مراكش، الشيخ الفقيه الصالح المدرس المذكر, شارح الرسالة والمدونة والمقامات وغيرها، أخذ عنه ابن البناء. توفي بمراكش في سنة 702هـ". قام هذا الفقيه باختصار نوازل ابن سهل. وجدت نسخة من هذا المختصر بالخزانة العامة بالرباط, رقمها (742 أوقاف) تقع في مجموع كان قديما يحمل رقم (896ص) بمكتبة الزاوية الناصرية بتامكروت (جنوب المغرب) , ويتألف من كتابين فقط:
الكتاب الأول:
كتاب اقتضاب السهل في اختصار أحكام ابن سهل.
يتكون من 139 صفحة في كل صفحة 29 سطرا, ومقياس الصفحة 16.00/ 20.00 سنتم، والخط مغربي دقيق تتخلله كلمات بالمداد الأحمر. أما الورق المستعمل فتشهد علامته المائية بأنه من صنع أوروبي. الناسخ هو: محمد بن الحاج الرعجاني, ولا ذكر لتاريخ, ولا لمكان النسخ.
نقرأ في أول الكتاب ما نصه:" قال الشيخ الأستاذ العالم العامل المفتي… أبو عمران موسى بن أبي علي الزناتي رضي الله عنه أما بعد حمد الله الكبير المتعال والصلاة التامة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله خير آل. فإن غرضي أن أجرد نوازل ابن سهل رحمه الله مما اختلط به من المشاهير والسير والسجلات والشواهد والاستدلالات والبسط (و) العمل والتكرارات، من غير نقص لشيء من مبانيها أو إخلال بشيء من معانيها، تقريبا لنفسي ومجلبة لنشاطي وأنسي…". ثم أفادنا الدكتور مصطفى الصمدي أن لهذا المختصر نسخة ثانية بمكتبة الزاوية الحمزية تحت عدد (325).
الكتاب الثاني من المجموع هو:
"المقصد المحمود في تلخيص الوثائق والعقود" لأبي الحسن علي بن يحيى ابن القاسم الصنهاجي الجزيري (تـ585هـ) , و يقع في الصفحات (142 - 295).وقد طبع هذا الكتاب سنة 1998م بالمجلس الأعلى للأبحاث العلمية بمدريد بتحقيق ودراسة: أسونثيون فرٌيرس ( Asuncion Ferreras) .
و لكتاب الإعلام عدة تحقيقات نذكر منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
- تحقيق قسم الاحتساب منه قام به التهامي الأزموري ونشر بعد وفاته في مجلة هسبيريس تامودا، المجلد 14 سنة 1973 صفحات 7 - 108.
- تحقيق للكتاب كله، من طرف رشيد حميد النعيمي المحامي, و نال به درجة الدكتوراه سنة1978م من جامعة سانت أندروس بالمملكة المتحدة, وقد طبع هذا التحقيق سنة 1997م بالرياض تحت عنوان:
"ديوان الأحكام الكبرى ", وهو عنوان غير أصلي للكتاب وضعه بعض النساخ.
- تحقيق الكتاب كله، قامت به: نورة التويجري، ونالت به درجة الدكتوراه بجامعة الإمام بالرياض سنة 1991م. ثم طبع بالرياض سنة 1994م.
وأما مؤلفات ابن سهل الأخرى فهي كالآتي.
ب- شرح عيسى بن سهل لصحيح البخاري:
قال إسماعيل باشا البغدادي في كتابه"هدية العارفين" ما نصه "… من تصانيف (ابن سهل) شرح الجامع الصحيح للبخاري…". و قد نقل عمر رضا كحالة هذه المعلومة عنه في معجم المؤلفين.
لكن البغدادي ينقل عن حاجي خليفة قوله في كشف الظنون بأن من شروح كتاب البخاري: "… شرح أبي الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله ألأسدي المتوفى … (كذا) ".و هو ناقل بدوره عن كتاب "إرشاد الساري" للقسطلاني الذي ينقل عن كتاب "الجواهر والدرر في ترجمة ابن حجر" لشمس الدين السخاوي (تـ902هـ/1496م)، الذي عدد شروح البخاري فقال: "… وأبو الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله ألأسدي، ذكر أنه كتب إلى بعض أئمة عصره يسأله عن إشكال في سنة ست وخمسين و (أربعمائة)، وكان هذا الشيخ يروي الكتاب (صحيح البخاري) عن الأصيلي و هذا الشرح ينقل عنه ابن رُشَيْد".
و ابن رشيد السبتي (ت 721هـ/1321م) كان قد نزل غرناطة و كان بها خطيبا مدة , فلا يستبعد وقوفه على شرح ابن سهل هناك. أقدم مصدر أندلسي ذكر ذلك الشرح هو "كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن فرح القرطبي (ت.671هـ/1272م).
قال: " قال الراجز: إذا المسيح قتل المسيحا, يعني عيسى بن مريم عليه السلام يقتل الدجال… قرأته في المجلد الأول من شرح ألفاظ الغريب من الصحيح لمحمد بن إسماعيل (البخاري)، تأليف القاضي الإمام المفتي أبي الأصبغ ابن سهل".
أطول نقل من هذا الشرح يوجد في كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري, تأليف ابن حجر العسقلاني (ت.852هـ) وهو يعزو النقل لكتاب رحلة ابن رشيد السبتي, و هو نص لا وجود له مع الأسف بالأجزاء الباقية من كتاب ملء العيبة.
ج- فهرسة شيوخ عيسى بن سهل:
هذه الفهرسة كان القاضي عياض قد وقف عليها واستفاد منها في كتابيه: الغنية, و ترتيب المدارك. وقد ذكرها أيضا أبو بكر ابن خير الإشبيلي في فهرسته. قال:"… فهرسة الفقيه الحافظ أبي الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي، روايتي لها عن القاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رحمه الله, وحدثني بها أيضا، إجازة، الفقيه أبو عبد الله محمد بن نجاح الذهبي عن ابن سهل رحمه الله".
وقال القاضي عياض: " فهرست أبي الأصبغ ابن سهل حدثنا بها أبو إسحاق ابن الفاسي عنه" , وفي موضع آخر استشهد عياض بفهرسة ابن سهل لضبط اسم: ابن أبي الدنيا، فقال: "علي بن عثمان، وكذا سماه ابن سهل في فهرسته".
د- كتاب ابن سهل في الرد على ابن حزم الظاهري:
هذا الكتاب انفرد أبو الحسن علي بن محمد بن علي الإشبيلي الرعيني (تـ666هـ/1267م) بذكر اسمه و النقل عنه: في برنامج شيوخه. ثم عثر الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني على قطعة أندلسية مخطوطة منه محفوظة بخزانة القرويين بفاس، وقد صُوِّرَ عنها شريط مسجل تحت رقم (5) بالخزانة العامة بالرباط، تتألف تلك القطعة من (269) صفحة حالتها سيئة للغاية بفعل إفساد الأرضة لأوراقها جملة. و تاريخ نسخ تلك المخطوطة لا يتجاوز القرن السابع الهجري.
وقد بينت صحة نسبة الكتاب لابن سهل وأن عنوان الكتاب هو: "التنبيه على شذوذ ابن حزم", وأن ابن سهل ألف هذا الرد حوالي (476 - 480هـ) بمدينة طنجة.
يتألف هذا الكتاب من محاور كبرى كما يلي:
1. المقدمة: بقيت الورقة الأخيرة منها فقط، و بها معلومات نفيسة عن ابن حزم.
2. باب ما يلزم المتأخرين من الإقتداء بالمتقدمين ويجب عليهم من توقيرهم و تعزيرهم:
يدافع ابن سهل فيه عن التقليد وضرورة اتباع إمام في الفقه. وهذا الباب, وإن أصابت بعض فقراته خروم, تام الأوراق.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. باب ذكر تبديع ابن حزم للصحابة والتابعين واستخفافه بجميع أئمة المسلمين:
يرد فيه المؤلف على كتاب " النكت الموجزة في نفي الأمور المحدثة في أصول أحكام الدين من الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد" لابن حزم، ويضم هذا الباب فصولا في نقض الإحكام لأصول الأحكام لابن حزم.
4. فصل فيه زيادة بيان في تخليط ابن حزم و تناقضه و سفاهته و جهله:
و هو مخصص لنقض أقوال ابن حزم حول المنطق والفلسفة والعلوم العقلية، الموجودة في كتبه مثل كتاب الفصل في الملل و النحل, وكتاب التقريب لحدود المنطق, و رسالة مراتب العلوم، ورسالة التوقيف على شارع النجاة.
5. فصل في ذكر ما شذ فيه عن جميع الأمة وخالف فيه جميع الأئمة: خصصه ابن سهل لنقض 12 مسألة لابن حزم من كتابه "الإعراب عن كشف الالتباس الواقع بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس".
هـ- رسالة ابن سهل إلى ابن حزم:
هذه الرسالة اكتشفت حقيقتها بعدما قارنت أسلوب وحجج عيسى بن سهل في "التنبيه على شذوذ ابن حزم" بمقتطفات من كلام الهاتف من بعد الذي لم يذكر فيها اسمه ورد ابن حزم عليه. و حقيقة الأمر أن ابن سهل كان حاضرا بمنزل شيخه ابن عتاب بقرطبة أثناء تسلمه كتاب كبير فقهاء المرية الفقيه أبي عمر أحمد بن رشيق الثغلبي، حوالي (444 - 446هـ) , يصف فيه شناعة أقوال ابن حزم، فكتب ابن سهل رسالة (الهاتف من بعد) يتوعد فيها ابن حزم بما سيطاله من جراء إصراره على الخروج عن المذهب. و كان ابن حزم حينئذ مستقرا بالمرية.
فهذه خمسة كتب ألفها ابن سهل, لم يصل إلينا منها سوى الإعلام بنوازل الأحكام, وطرف من التنبيه على شذوذ ابن حزم, و فقرات يسيرة من رسالته إلى ابن حزم.
أما فهرسته فقد استفاد منها القاضي عياض كثيرا في كتابيه: الغنية, و ترتيب المدارك أثناء كلامه عن بعض شيوخ ابن سهل و بعض من لقيهم من علماء الأندلس.
خاتمة:
أرجو أن أكون, بما سقته في هذا البحث, قد أثبتت بالأدلة الكافية الشافية المكانة العلمية الرفيعة التي كانت للفقيه القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي الجياني رحمه الله تعالى, وقد اقتصرت على اجتلاب المعلومات الضرورية خشية التطويل و استغنيت عن تفاريع شتى, وحسبي أنني لم آل جهدا في البحث و التنقيب, ومن الله تعالى نستمد العون و التوفيق.
جريدة المصادر و المراجع:
- الإحاطة في أخبار غرناطة, للسان الدين ابن الخطيب, بتحقيق محمد عبد الله عنان, القاهرة 1974م. و كذلك قسم الإحاطة الذي لم ينشر من قبل ثم حققه عبد السلام شقور, وطبع بتطوان سنة 1988م.
- اختصار اقتباس الأنوار, لأبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي المعروف بابن الخراط, دار الكتب العلمية, بيروت, سنة 1999م.
- إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري, للقسطلاني.
- أزهار الرياض في أخبار عياض, لشهاب الدين أحمد المقري التلمساني (الجزء 4) تحقيق سعيد أعراب و محمد ابن تاويت الطنجي, الرباط 1978م.
- أهمية المخطوطات الإسلامية (أعمال المؤتمر الافتتاحي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي) لندن 1413هـ/ 1992م.
- برنامج شيوخ الرعيني, تحقيق إبراهيم شبوح, دمشق 1962م.
- بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس, لأحمد بن يحيى الضبي, مدريد 1884م.
- تاريخ العلماء و الرواة للعلم بالأندلس, لعبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي المعروف بابن الفرضي, تحقيق عزت العطار الحسيني, القاهرة 1988م.
- التبيان للأمير عبد الله بن بلقين, تحقيق أمين توفيق الطيبي, الرباط 1995م.
- تذكرة الحفاظ, لمحمد بن عثمان الذهبي, حيدر أباد- الهند, سنة 1958م.
- التذكرة في أحوال الموتى و أمور الآخرة لمحمد بن أحمد بن فرح القرطبي, تحقيق محمد عبد القادر عطا, القاهرة 1418هـ/ 1998م.
- ترتيب المدارك و تقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك, للقاضي عياض بن موسى السبتي, الجزء الثامن, تحقيق سعيد أعراب, الرباط 1403هـ/ 1983م.
- التكملة لكتاب الصلة, لأبي عبد الله ابن الأبار البلنسي, تحقيق عبد السلام الهراس, الدار البيضاء 1990م.
- جمهرة أنساب العرب لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي, تحقيق عبد السلام هارون, دار الكتب العلمية, بيروت 1983م.
- الجواهر و الدرر في ترجمة ابن حجر, لمحمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي, تحقيق: إبراهيم باجس عبد المجيد, بيروت 1999م.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية, لابن سماك العاملي, تحقيق, سهيل زكار وعبد القادر زمامة, الدار البيضاء 1979م.
- الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب, لإبراهيم بن فرحون المالكي, تحقيق مأمون محيي الدين الجنان, بيروت 1996م.
- ديوان الأحكام الكبرى (الإعلام بنوازل الأحكام) لعيسى بن سهل الجياني, تحقيق رشيد النعيمي, الرياض 1997م.
- الذيل ة التكملة لكتابي الموصول و الصلة, لمحمد بن محمد بن عبد الملك المراكشي, السفر 5 - 8.
- رسائل ابن حزم الأندلسي, تحقيق إحسان عباس (الجزء الثالث) , بيروت 1987م.
- سير أعلام النبلاء, لمحمد بن عثمان الذهبي (الجزء 19) تحقيق شعيب الأرنؤوط, بيروت 1984م.
- شجرة النور الزكية في طبقات علماء المالكية، لمحمد بن محمد مخلوف، المطبعة السلفية، القاهرة 1350هـ/1930م
- الصلة، لأبي القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال، الدار المصرية للتأليف والنشر، القاهرة 1966م.
- صلة الصلة، لأحمد بن إبراهيم ابن الزبير الغرناطي, الأقسام:3 - 4 - 5, تحقيق عبد السلام الهراس وسعيد أعراب، الرباط 1993 - 1995م.
- العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيدسهم من العقود و الأحكام, لعبد الله بن سلمون الكناني الأندلسي, مطبوع بهامش كتاب تبصرة الحكام لابن فرحون. القاهرة 1301هـ.
- العواصم من القواصم, لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي, تحقيق: عمار الطالبي, مكتبة التراث- القاهرة, 1417هـ/ 1977م.
- الغنية (فهرسة شيوخ القاضي عياض) تأليف القاضي عياض، تحقيق ماهر زهير جرار، دار الغرب الإسلامي بيروت 1982م.
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ) إشراف: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ترقيم: فؤاد عبد الباقي. (طبع دار الفكر، بيروت بدون تاريخ).
- فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك, لمحمد بن أحمد عليش, دار الفكر- القاهرة (جزءان) , د. ت.
- الفصل في الملل و الأهواء و النحل, لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم, تحقيق: محمد إبراهيم نصر و عبد الرحمن عميرة, دار الجيل- بيروت 1985م.
- فهرسة أبي بكر ابن خير الإشبيلي، تحقيق محمد فؤاد منصور، بيروت 1419هـ/1998م.
- فهرس مخطوطات خزانة القرويين، تأليف محمد العابد الفاسي، (الجزء الأول والثاني) الدار البيضاء 1979 - 1980م.
- كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج تأليف أحمد بابا التنبكتي (جزآن)، تحقيق: محمد مطيع، الرباط 2000م.
- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون تأليف حاجي خليفة، مكتبة المثنى، بغداد.
- المدرسة الظاهرية بالمغرب و الأندلس, لتوفيق الغلبزوري, كلية تطوان, 2000 م.
- المقصد المحمود في تلخيص العقود, لعلي بن يحيى الجزيري, تح: اسوننثيون فريرس, مدريد, سنة 1998م.
- مذاهب الحكام في نوازل الأحكام، للقاضي عياض وولده محمد، تحقيق محمد بن شريفة، بيروت 1990م.
- المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا، تأليف أبي الحسن بن عبد الله البناهي المالقي، تحقيق إ. ليفي بروفنسال، القاهرة 1948م.
- مع القاضي أبي بكر بن العربي, لسعيد أعراب, دار الغرب الإسلامي- بيروت 1987م.
- معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة (الجزء الثامن) مكتبة المثنى.
- المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي, لابن الأبار البلنسي, تحقيق: فرانشسكو كوديرا- مجريط, 1884م.
- هدية العارفين، تأليف إسماعيل باشا البغدادي، استانبول 1951.
-
2 - المقالات المنشورة في المجلات والدوريات:
- مكتبة الزاوية الحمزية, صفحة من تاريخها, لمحمد المنوني, مجلة تطوان عدد 8 سنة (1963م) صـ95 - 177.
- مؤلفات ابن حزم و رسائله بين أنصاره و خصومه, لمحمد إبراهيم الكتاني, مجلة الثقافة المغربية, عدد 1, (1970م) صـ 83 - 107.
- مخطوط نوازل ابن سهل الأسدي, صورة للواقع الاجتماعي و الاقتصادي للأندلس في القرنين الرابع و الخامس الهجريين, لمحمد عبد الوهاب خلاف, مجلة معهد المخطوطات العربية (الكويت) المجلد 26, الجزء الثاني, سنة (1982م) صـ 735 - 744.
- مسالك التأليف في فقه النوازل بالغرب الإسلامي, لمصطفى الصمدي, مجلة الذخائر (لبنان) عدد 11 - 12, سنة (2002م) , صـ 19 - 42.
- مخطوطة أندلسية فريدة في الرد على ابن حزم الظاهري, لسمير القدوري, الذخائر, عدد 5 سنة (2001م) , صـ 239 - 256.
- المؤلفات الأندلسية و المغربية في الرد على ابن حزم الظاهري, لسمير القدوري, الذخائر عدد 11 - 12 (2002م) , صـ 106 - 205.
- كتاب "التنبيه على شذوذ ابن حزم" تأليف القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل, لسمير القدوري, الذخائر عدد15 - 16 (2003م) صـ 95 - 108.
- الردود على ابن حزم بالأندلس و المغرب من خلال مؤلفات علماء المالكية, لسمير القدوري, مجلة الأحمدية (دبي) العدد 13, سنة (2003م) صـ271 - 346.
- الكتب المخطوطة:
- أجوبة القاضي أبي عبد الله ابن الحاج القرطبي (ت 529هـ). مخطوطة مغربية خاصة.
- الإعلام بنوازل الأحكام، لعيسى ابن سهل. بالخزانة العامة (الرباط.) أرقام: ( D3398) (D1728)، (111 بالخزانة الحمزية).
- اقتضاب السهل في اختصار أحكام ابن سهل لموسى بن أبي علي الزناتي، بالخزانة العامة بالرباط رقم (742 أوقاف).
- التنبيه على شذوذ ابن حزم. تأليف عيسى بن سهل، (شريط رقم 5) بالخزانة العامة بالرباط.
- فهرسة المنتوري محمد بن عبد الملك القيسي الأندلسي: بالخزانة الحسنية (الرباط) رقم 1578.
- الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس, لابن حزم مخطوط شستربتي رقم 3482.
Références:
- Kaddouri, Samir, Identificacion de un manoscrito andalusi anonimo de una obra contra Ibn Hazm al-Qurtubî (m. 456/1064), al-Qantara XXII, 2 (2001) 299- 320.
- Marin, Manuela, familias de ulemas en Toledo. Estudios onomastico Biograficos de Al - Andalus. C.S.I.C Madrid. V, (1992) 229-271.
- Müller, Christian, Administrative tradition and civil jurisdiction of the Cordoban sahib al-ahkâm (I), al-Qantara XXI, 1 (2001) 57- 84.(/)
من أحكام الحج ... بحث مهدى لملتقى أهل التفسير ...
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Dec 2005, 12:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(من أحكام الحج)
عناصر الموضوع:
1 - فضل الحج والعمرة في الكتاب والسنة.
2 - قبل الرحيل.
3 - تعريف الحج والعمرة.
4 - حكم الحج والعمرة.
5 - شروط الحج.
6 - أركان الحج وواجباته.
7 - المواقيت.
8 - أنواع النسك.
9 - الإحرام ومحظوراته.
10 - أحكام الطواف.
11 - أعمال يوم التروية.
12 - أعمال اليوم التاسع.
13 - ليلة مزدلفة.
14 - يوم النحر.
15 - أيام التشريق.
16 - طواف الوداع.
17 - أخطاء في الحج.
? أولاً: فضل الحج والعمرة:
- وورد في فضل الحج المبرور:
أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في حديث أبي هريرة: أي الأعمال أفضل؟ قال: " إيمان بالله ورسوله " قيل ثم ماذا؟ قال: " جهاد في سبيل الله " قيل: ثم ماذا؟ قال:"حج مبرور".
- وورد فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا"، فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ كررها ثلاثاً، فقال صلى الله عليه وسلم: " لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ذروني ما تركتم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " أو كما جاء في الحديث.
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، ترى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ قال: " لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور".
- " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ".
- " ما من يوم. . . . من يوم عرفة ".
? ثانياً: مقدمات مهمة:
? ثالثاً:تعريف الحج والعمرة:
الحج لغة: القصد، الحج بالفتح أو الكسر كلاهما لغة صحيحة.
وشرعاً: قصد بيت الله الحرام بصفة مخصوصة في وقت مخصوص بشرائط مخصوصة.
العمرة:
لغة: الزيارة.
في الشرع: زيارة على وجه مخصوص.
? رابعاً:حكم الحج والعمرة:
أما الحج:
فهو الركن الخامس من أركان الإسلام.
- دل على وجوبه الكتاب والسنة والإجماع:
• أما الكتاب: فقوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) و (وأتموا الحج والعمرة لله).
• وأما السنة: فحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ".
• وأما الإجماع:
فقد أجمعت الأمة على وجوب الحج في العمر مرة واحدة على المستطيع، وما زاد فهو تطوع.
وأما العمرة:
مسألة: هل تجب العمرة أم لا؟
الصحيح أن العمرة واجبة: (الشافعي في الجديد وأحمد وداود وابن حبيب من المالكية وهو ما صححه الشيخ ابن جبرين كما السراج الوهاج ص27).
* الأدلة:
1) قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله).
2) قول ابن عباس: " إنها لقرينة الحج في كتاب الله".
3) ما ورد عن أبي رزين قال: قلت يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن، قال: " حج عن أبيك واعتمر " (صحيح رواه أبو داود وغيره).
4) حديث زيد بن ثابت: " الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت " (صحيح وقفه وضعين رفعه).
5) أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً وبعث به مع عمرو بن حزم فيه: " وأن العمرة الحج الأصغر".
6) ما ورد عن الصُبي بن معبد قال: أتيت عمر بن الخطاب فقلت يا أمير المؤمنين إني أسلمت وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأهللت بهما، قال: " فهديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم " (الحديث يدل على جواز القران وسنيته).
مسألة:
- هل يجب الحج على الفور أم على التراخي؟
أ- يجب على الفور: (صححها أبو حنيفة في رواية وأحمد في رواية عليها المذهب ومالك في رواية وأبو يوسف وداود والمزني من الشافعية).
* الأدلة:
1) قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) وقوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) الأمر يدل على الفور.
2) حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: " من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وقد تضل الضالة وقد تعرض الحاجة " (أبو داود وأحمد والبيهقي والحاتم في المستدرك وقال العلماء: حسن)، وله شاهد عنه مرفوع: " تعجلوا إلى الحج" يعني الفريضة " فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له" (حسن).
(يُتْبَعُ)
(/)
3) حديث أبي أمامة " من لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً " (البيهقي والدارمي، إسناده غير قوي)، وله شاهد من قول عمر: " ليمت يهودياً أو نصرانياً يقولا ثلاثاً رجل مات ولم يحج وجد لذلك سعة وخليت سبيله ".
4) احتجوا بالفرض الذي يلحق المكلف بتأخيره إلى عام آخر لما يغلب على الظن من إمكان وقوع الموت في مدة عام ويرون أنهم بخلاف تأخير الصلاة من أول الوقت إلى آخره لأن الغالب أنه لا يموت أحد في مقدار ذلك الزمان إلا نادراً.
? خامساً: شروط وجوب الحج:
• شروط وجوب الحج خمسة اتفق العلماء عليها:
الإسلام، العقل، البلوغ، الحرية، الاستطاعة.
- ونقل بعض العلماء اتفاق العلماء على ذلك وأنه لا خلاف فيها، فلا يجب مثلاً على الصغير حتى يبلغ و لا على العبد حتى يُعتق.
من لم تتوفر فيه الشروط لا يجب عليه الحج.
مسائل الشروط:
المسألة الأولى- حج الصبي هل هو صحيح منعقد أم لا؟
- لا خلاف بين جمهور الفقهاء على أن حج الصبي صحيح منعقد يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام بل يقع نفلاً، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركباً في الروحاء فقال: " من القوم؟ " قالوا: المسلمون، قالوا: من أنت؟ قال: " رسول الله " فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج يا رسول الله؟ قال: " نعم، ولك أجر" (رواه مسلم). فهذا يدل على أنه صحيح منعقد يثاب عليه ويثاب من حججه.
- إذا كبر وكان مستطيعاً فيجب عليه الحج بالشروط السابقة.
- إذا فعل محظورات الإحرام هل يجب على الصبي الفدية إذا فعلها أم لا؟
* الأدلة:
الجمهور أن عليه الكفارة ويستدلون بحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق.
المسألة الثانية: الاستطاعة ما هي؟
اتفق الفقهاء أن من شروط وجوب الحج الاستطاعة لقوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً).
واتفقوا على أن من ملك الزاد والراحلة وجب عليه الحج.
- واختلفوا في الاستطاعة ما هي على قولين:
أ- أن الاستطاعة ملك الزاد والراحلة (أبو حنيفة والشافعي وأحمد وابن حبيب من المالكين).
* الأدلة:
1) حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة في قوله تعالى (من استطاع إليه سبيلاً) قيل يا رسول الله ما السبيل؟ قال: " الزاد والراحلة " (وهو ضعيف ضعفه الألباني وقال الأمين: ثابت لا يقل عن درجة الاحتجاج).
2) أن الحج عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فاشترط لوجوبها الزاد والراحلة كالجهاد.
- هذا الخلاف في إذا كان بين الشخص وبين مكة مسافة تقصر فيها الصلاة أما القريب فلا تشترط الراحلة.
المسألة الثالثة- مسألة المعضوب:
المعضوب هو شخص وُجدت فيه شرائط وجوب الحج وكان عاجزاً عنه لمانع ميؤوس من زواله لزمانه أو مرض لا يرجى زواله أو كان ضعيف الخلق لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة، والشيخ الفاني سمي معضوباً من العضب وهو القطع كأنه قُطع عن كمال الحركة والتصرف.
- اختلف العلماء في المعضوب إذا وجد مالاً ووجد من ينوب عنه في الحج هل يجب عليه أن يُحِج عن نفسه أم لا؟ على قولين:
أ- أن المعضوب إذا قدر على مال يُحج به عن نفسه ووجد من ينوب عنه أن الحج واجب عليه: (الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسين وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة).
* الأدلة:
1) حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله فريضة الله في الحج على عباده أدركتْ أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: " نعم " (رواه البخاري ومسلم).
2) أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: " نعم، حجي عن أمك، أرأيت لو كان على أمك دين أكنتِ قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء" (رواه البخاري بمعناه).
3) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقضاء وشبهه بالدين في الحديث السابق والأمر بالوجوب.
المسألة الرابعة- من مات وعليه حجة الإسلام:
رجل أخر وكان مستطيعاً ثم مات.
* لا خلاف بين الفقهاء أن من مات قبل أن يتمكن من الأداء أن الفرض قد سقط عنه، واختلفوا فيمن مات بعد التمكين قبل الأداء هل يسقط عنه الحج بالموت أم لا؟ على قولين:
(يُتْبَعُ)
(/)
- أن الحج لا يسقط بالموت ويلزم الورثة أن يُحجوا عنه من صلب ماله سواء أوصى بذلك أو لم يوصي: (الشافعي وأحمد وداود وغيرهم).
* الأدلة:
1) حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ " قال: نعم، قال: " فاقض الله فهو أحق بالقضاء " رواه البخاري وغيره.
2) حديث ابن عباس أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج قال: " حجي عن أبيك " (رواه النسائي قال الألباني: صحيح الإسناد).
3) حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمرت امرأة سنام بن سلمة الجهني أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها قال: " نعم، لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يكن يجزء عنها فلتحج عن أمها " (رواه أحمد والنسائي وقال الألباني صحيح).
4) أنه حق استقر عليه تدخله النيابة، فلم يسقط بالموت كالدين.
المسألة الخامسة- من لم يحج عن نفسه وأراد أن يحج عن غيره فهل يصح ذلك؟
اختلف الفقهاء فيها على قولين:
أ- لا يحج عن غيره مَنْ لم يحج عن نفسه: (الشافعي وأحمد وإسحاق والأوزاعي).
* الأدلة:
دليلهم: حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: " مَن شبرمة؟ " قال: أخ لي أو قريب لي، قال: " حججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال: " فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة " (أبو داود وابن ماجة والدار قطني والبيهقي وقال الألباني: صحيح).
المسألة السادسة- الاستئجار على الحج:
اختلف الفقهاء في الرجل يؤاجر نفسه في الحج على قولين:
- يجوز الاستئجار على الحج: (مالك والشافعي وأحمد في رواية).
الأدلة:
1) حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " أحق ما أخذتم عليه أجر كتاب الله " (صحيح البخاري).
2) أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجعل على الرقية بكتاب الله وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فصوَّبهم فيه. (مسلم حديث أبي سعيد قال: انطلق. . حديث السيد الذي لُدغ).
3) أن الحج عبادة تتعلق بالمال فصحت النيابة فيها بالإجارة كالزكاة.
المسألة السابعة- حج العبد:
• قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الصبي إذا حج في حال صغره والعبد إذا حج في حال رقِّه ثم بلغ الصبي وعُتق العبد أن عليهما حجة الإسلام إذا وجد إليها سبيلاً لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أُعتق فعليه حجة أخرى" (السنن الكبرى للبيهقي وقال النووي: إسناده جيد).
المسألة الثامنة- هل من شرط وجوب الحج على المرأة أن يكون معها زوجها أو محرم منها:
* اختلفوا على قولين:
أ - يشترط في حقها وجود محرم لها: (أبو حنيفة وأحمد).
* الأدلة:
1) حديث ابن عمر: " لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ".
2) حديث أبي هريرة: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم ".
3) حديث أبي سعيد رضي الله عنه: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم".
4) حديث ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: " انطلق فحج مع امرأتك".
? سادساً: أركان الحج والعمرة وواجباتهما:
أركان الحج هي:
1 - الإحرام.
2 - الطواف بالبيت.
3 - السعي.
4 - الوقوف بعرفة.
ولا يتم الحج إلا بأداء هذه الأركان فمن ترك ركناً فسد حجه. (السراج 30).
وأما واجباته:فسبعة:
1 - الإحرام من الميقات.
2 - الوقوف بعرفة إلى الغروب.
3 - المبيت بمزدلفة إلى ما بعد منتصف الليل.
4 - رمي الجمار.
5 - الحلق أو التقصير.
6 - المبيت بمنى ليالي منى.
7 - طواف الوداع.
ومن ترك واجباً جبره بدم.
أما أركان العمرة: فهي:
1 - الإحرام.
2 - الطواف.
3 - السعي.
وواجباتها:
1 - الإحرام من الميقات.
2 - الحلق أو التقصير.
? سابعاً: مواقيت الحج:
تنقسم المواقيت إلى مواقيت زمانية ومواقيت مكانية:
? المواقيت الزمانية:
(يُتْبَعُ)
(/)
شهر شوال وذو القعدة وذو الحجة كما قال تعالى: (الحج أشهر معلومات). وهي التي لا يصح الإحرام للحج إلا فيها.
مسائل:
مسألة: أشهر الحج:
اختلفوا على ثلاثة أقوال:
شوال وذو القعدة وذو الحجة: (الظاهرية ومالك في قول).
ج- أدلة القول الثالث:
أن الأشهر في قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) جمع وأقله ثلاثة (ليس جمعاً كلياً).
مسألة: حكم الإحرام بالحج قبل أشهره:
اختلفوا إلى ثلاثة أقوال:
ب- لا ينعقد الإحرام بالحج قبل أشهره ويكون عمرة: (الشافعي).
* الأدلة:
1) قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) والمراد به وقت إحرام الحج لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر (في فعله) فدل على أنه أراد به وقت الإحرام.
2) ما ورد عن عطاء قال: من أحرم بالحج في غير أشهر الحج جعلها عمرة.
3) قياس إحرامه بالحج قبل أشهره وانعقاده عمرة على صلاة الظهر إذا أحرم بها قبل الزوال فإن إحرامه ينعقد بالنفل.
مسألة: وقت العمرة:
أ- جمهور الفقهاء على جواز فعل العمرة في كل أوقات السنة.
لأن الأصل الإباحة ولا دليل على الكراهية.
? المواقيت المكانية:
• قال ابن المنذر: أجمعوا على ما ثبت به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت.
• وما ثبت به الخبر هو ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذي الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة".
فهذه المواقيت هي التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سبب شرعيتها:
أن هذا المكان المقدس الذي هو البيت العتيق له مكانة وشرف وفضيلة وحرمة فإذا أقبل الناس إليه ودفعهم الشوق للمشاعر شرع لهم أن يظهروا بصفة يتميزون بها عن غيرهم ليعرفوا بأنهم من الوافدين إلى هذا البيت فشرع لهم لباس خاص وهو الإحرام وشعار خاص وهو التلبية وكان ذلك دليل إجابتهم.
المواقيت المكانية هي كالتالي:
1 - ميقات ذي الحليفة:
وهو ميقات أهل المدينة ومن أتى على طريقهم ويسمى الآن آبار علي وهي تسمية رافضية كما ذكر شيخ الإسلام في المجموع (26/ 96).
وهذا الميقات هو الذي أحرم منه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.
وهو أبعد المواقيت عن مكة فبينهما عشر مراحل.
2 - ميقات الجحفة:
وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب الذين يقدمون عن طريق البحر وينزلون السواحل ثم يركبوا الرواحل فأول ما يمرون في طريقهم بالجحفة.
وهي بلدة قديمة بينها وبين مكة ثلاث مراحل وتسمى قديماً (مهيعة).
وسميت بالجحفة لأن السيل اجتحفها.
وهي الآن خربة وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة دعا فقال: " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها إلى الجحفة " [البخاري في فضل المدينة برقم 1889، ومسلم في الحج برقم 1376 عن عائشة مطولاً] فأصابها الوباء فخربت فصار الناس يحرمون قبلها بقليل من بلدة قديمة اسمها (رابغ) وهي مشهورة.
قال ابن جبرين: " وقد ذكرها ابن حجر في فتح الباري أنها مشهورة بهذا الاسم، ولكنها لم تكن مشهورة في زمن النبوة ولم يرد لها اسم " (السراج).
فمن أحرم منها فقد أحرم قبل الجحفة بقليل وهو مجزئ.
إذا جاء أهل الشام ومصر بالبواخر وتوجهوا لجدة فإنه يلزمهم الإحرام إذا حاذوا رابغ أو الجحفة وهم في نفس البواخر، ولا يجوز لهم تأخير الإحرام إلى جدة.
3 - ميقات قرن المنازل (السيل الكبير):
وهو ميقات أهل نجد ومن كان على طريقهم من أهل المشرق ويسمى قرن الثعالب.
وهو عبارة عن جبل صغير مغلق شمالاً وجنوباً من جانبي الوادي الذي يجري معه ماء يقال له السيل الكبير.
وهذا من أقرب المواقيت بينه وبين مكة مرحلتان أي مسيرة يومين.
ولما فتح الطريق الذي ينفذ من الطائف إلى مكة الذي يسمى بالكرا أو بالهدا ولا يمر بوادي السيل اجتهد العلماء وحددوا فيه ميقاتاً يحرم منه ممن يأتي على هذا الطريق، وهذا الطريق ـ طريق الهدا ـ يمر بوادٍ يقال له (وادي محرم) وهو يحاذي أعلى مكان من وادي السيل، ولذلك جعلوا وادي محرم ميقاتاً لمن قدم من ذلك الطريق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الميقات يحرم منه أهل الطائف وأهل البلاد الجنوبية الذين ينزلون من ذلك الطريق.
4 - ميقات يلملم (السعدية):
وهو ميقات أهل اليمن ومن على جهتهم ومن أتى من البلاد الجنوبية الغربية ويسمى الآن بالسعدية.
وهذا الميقات من أوسط المواقيت بينه وبين مكة مرحلتان أو أكثر قليلاً.
5 - ميقات ذات عرق:
وهذا الميقات بينه وبين مكة قريباً من مرحلتين ولا يمر به طريق في هذه الأزمنة.
واختلف فيمن وقته هل هو النبي صلى الله عليه وسلم أم عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أقت ذات عرق لأهل العراق: (أبو حنيفة وأحمد والشافعي وهو الصحيح عند الشافعية).
* الأدلة:
1) ما رواه مسلم عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل فقال: " سمعت أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر من الجحفة ومهل أهل العراق من ذات عرق. . " الحديث (لا يحتج به للشك).
1) حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق ذات عرق. (أبو داود وهو صحيح).
2) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: " ومهل العراق من ذات عرق. . (صحيح).
3) حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن يلملم ولأهل الطائف قرن، قال ابن عمر: وقال الناس لأهل المشرق ذات عرق (الناس أهل الحجة وأهل العلم بالسنة) (الطحاوي شرح معاني الآثار).
وصحح ابن جبرين (السراج: 37) أن الذي وقته هو عمر رضي الله عنه.
مسائل المواقيت:
مسألة: من جاوز الميقات وهو بغير إحرام وهو مريد للعمرة أو الحج:
اختلفوا إلى ثلاثة أقوال:
أ-من جاوز الميقات غير محرم ثم أحرم ثم عاد إلى الميقات لم يسقط عنه الدم لبى أو لم يلبي: (مالك وأحمد وزخر وابن المبارك).
* الأدلة:
1) ماروي عن ابن عباس مرفوعاً (ابن حزم) وموقوفاً (مالك والدار قطني والبيهقي): " من ترك نسكاً فعليه دم" (المرفوع ضعيف رواه ابن حزم في المحلى، قال الألباني في الإزواء: ضعيف مرفوعاً وثبت موقوفاً).
2) إن الدم قد وجب عليه لتركه الإحرام من الميقات ولا يزول هذا برجوعه ولا بتلبيته كما إذا أفاض من عرفات ثم عاد إليها بعد الغروب.
مسألة: هل الأفضل الإحرام من الميقات أم من البلد؟
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم واختلفوا هل الأفضل الإحرام من الميقات أم من دويرة أهله على قولين:
أ- الأفضل الإحرام من الميقات: (مالك وأحمد والشافعي في قول وهو الأصح عند الشافعيين).
* الأدلة:
1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم في حجته من الميقات.
2) ما ورد عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه".
3) أنه لو كان الإحرام من البيوت أفضل لكان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يحرمون من بيوتهم ولما تواطئوا على ترك الأفضل واختيار الأدنى وهم أهل الفضل والتقوى.
4) أن عمران بن حصين أحرم من مصره فبلغ ذلك عمر فغضب وقال:" يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم من مصره".
5) أن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان فبلغ ذلك عثمان فلامه وكره ما صنع وفي رواية أحرم من سمرقند.
أجابوا عليه بأنه ضعيف لا يستدل به على ذلك.
مسألة: من مر على ميقات ولم يحرم منه ومر على آخر فأحرم منه فماذا عليه؟
اختلف الفقهاء فيمن ترك الإحرام من ميقاته وأحرم من ميقات آخر غير ميقاته على قولين:
أ-كل من مر على ميقات يحرم منه ولا يجوز له تأخير الإحرام عنه فإن أخره فعليه دم: (مالك والشافعي وأحمد إلا أن مالكاً يقول: إن تجاوزه إلى ميقاته الأصلي فلا دم عليه).
* الأدلة:
1) حديث ابن عباس: "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة" (الصحيحين).
2) أنه ميقات فلم يجز تجاوزه بغير إحرام لمن يريد التنسك كسائر المواقيت.
مسألة: من لم يرد الحج أو العمرة ومر على أحد المواقيت هل يلزمه الإحرام؟
لما روي على قسمين:
1) مجاوز ولا يريد الذهاب إلى مكة بل يريد غيرها: بالإجماع لا يحرم وإذا قصد بعد ذلك بدالة النسك فيحرم من موضعه ذلك.
2) من يريد دخول الحرم: وهم أنواع:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ-من يكثر ترداده إلى مكة: لا إحرام عليهم عند الجمهور، مالك والشافعي وأحمد: لأننا إذا أوجبنا ذلك ففي ذلك ضيق وحرج وإذا أراد النسك يحرم من موضعه.
ب-من مر على ميقات وهو لا يريد حج ولا عمرة ولكن يريد دخول الحرم لقضاء حاجة أخرى هل يلزمه الإحرام أم لا على قولين: الصحيح:
1. يجوز دخول مكة بغير إحرام إذا كان دخوله لغرض غير النسك: (الشافعي في المشهور والأئمة الثلاثة في رواية وهو قول ابن عمر- وهو أشد الناس اتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم- والزهري والحسن والظاهرية).
* الأدلة:
1) قال الباري ق صحيحه: " باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام" ودخل ابن عمر وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة.
2) حديث ابن عباس عن البخاري: "هن لهن ولمن ولكل آتي أتى عليهن من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة".
3) حديث أنس عند البخاري أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، (رواه مالك) وزاد: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرماً دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء (في رواية أنها تحت المغفر).
مسألة: ما هو ميقات أهل مكة في الحج وفي العمرة ومتى يهل؟
أما أهل مكة فإنهم يحرمون بالحج منها وبالعمرة يخرجون إلى الحل لما يأتي:
1) قال ابن حزم في مراتب الإجماع: أجمعوا على أن ذي الحليفة لأهل المدينة والجحفة لأهل المغرب وقرن لأهل نجد ويلملم لأهل اليمن والمسجد الحرام لأهل مكة مواقيت الإحرام للحج والعمرة حاشا العمرة لأهل العمرة.
2) ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "فدعا عبد الرحمن فقال: أخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة".
3) القياس: وهو أن النسك من شرطه الجمع بين الحل والحرم وجميع أفعال العمرة في الحرم فلو أحرم بها من الحرم لما جمع فيها بين الحل والحرم وإنما جاز ذلك في الحج لأنه لا بد فيه من الخروج إلى الحل للوقوف بعرفة.
* متى يحرم بالحج أهل مكة:
- يحرم أهل مكة في يوم التروية: (الجمهور).
* الأدلة:
1) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم لما أحللنا بالحج إذا توجهنا إلى منى، قال: فأهللنا من الأبطح.
2) ما رواه مسلم عن عبيد الله بن جريج قال: قلت لعبد الله بن عمر، أبا عبد الرحمن رأيتك إذا كنا بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل حتى يكون يوم التروية، فقال: " لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث فيه راحلته".
مسألة: من ركب الباخرة أو الطائرة كيف يحرم: (السراج: 38):
يلزمهم الإحرام من الميقات الذي يمرون عليه أو إذا حاذوه.
قال ابن جبرين: ومن لبى قبل الميقات بقليل للاحتياط فهو الأولى مخافة أن يتمادى به التساهل إلى أن يتجاوز حدود الميقات.
مسألة: لو لم يلبِ حتى نزل جدة:
سبيل التخلص من الفدية أن يرجع لميقاته ويحرم منه. (السراج: 38).
مسألة: من كان دون المواقيت كيف يحرم:
من بلادهم. مثاله: أهل جدة، والقرى التي بين مكة وجدة كبحرة، والقرى التي بين السيل الكبير ومكة كالشرائع، وكذا أهل مكة للحج.
? ثامناً: أنواع النسك:
إذا وصل الحاج إلى أحد المواقيت التي ذكرناها في أشهر الحج فإنه مخير بين ثلاثة أنساك:
1 - التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة وحدها:
وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك عمرة).
ويستمر في التلبية حتى يشرع في الطواف فإذا انتهى من العمرة وحلق حل له كل شيء.
فإذا كان يوم الثامن من ذي الحجة (التروية) يحرم بالحج وحده، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام أن يقول: (لبيك حجاً).
سمي متمتعاً:
1. لأن الحاج يتمتع فيما كان محظوراً عليهم حال الإحرام.
2. ولترفهه ولسقوط أحد السفرين عليه.
صفة التمتع:
التي أجمع عليها أهل العلم:
هي ما توفر فيها الشروط الآتية:
1) أن يجمع بين الحج والعمرة.
2) وأن يكون في سفر واحد.
3) وفي عام واحد.
4) وفي أشهر الحج.
5) وأن تتقدم أعمال العمرة عن أعمال الحج.
- إذا تأخرت العمرة باتفاق أهل العلم أنه لا تمتع.
- صفته:
يحرم من ميقات بلده بالعمرة وينطلق إلى مكة في أشهر الحج فيأتي بعمرة ثم يبقى بمكة بعد أن تحلل ثم يحرم في أيام الحج إما في أوله أو في اليوم الثامن وهو الأفضل ثم يأتي بالهدي يوم النحر.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - القران: وهو الجمع بين الحج والعمرة:
وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً في أشهر الحج أي يقرن بينهما.
وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك عمرة وحجاً).
للقرن صور متعددة بعضها متفق على أنها قران وبعضها مختلف فيها:
القران: هو الجمع بين أفعال العمرة وأفعال الحج.
* صور القران:
1) أن يحرم أو يهل بالعمرة والحج معاً: (هذه قران باتفاق أهل العلم).
2) أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف " يقول: لبيك عمرة وحج قبل الطواف": (هذه قران باتفاق أهل العلم) وليس من شرط القران سياق التمتع، الطواف يكون قدوم للحج والعمرة.
3) أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يدخل عليها الحج بعد الشروع في الطواف أو بعد الطواف ويستنتج أنه بعد ركعتي الطواف لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد ركعتي الطواف بالاتفاق، اختلفوا على قولين:
أ - لا يصح إحرامه بالحج (لا يكون قارناً أو يبقى على عمرته): (الجمهور: الأحناف وقول عند المالكية وهو مذهب الشافعية والحنابلة عند الأحناف الحكم مرتبط بأقل الطواف وأكثر الطواف، الأكثر له حكم الكل) إذا وقع الإدخال قبل الرابع فهو قارن وإن كان بعده فهو غير قارن.
ب - يصح إدخال الحج على العمرة أثناء الطواف ويكون قارناً ويصح مع الكراهة بعد الطواف ويكون أيضاً قارناً ولا يصح بعد ركعتي الطواف: (مشهور مذهب المالكية).
4) إذا أحرم بالحج ثم أدخل العمرة على الحج فهل يكون قارناً أيضاً؟
اختلفوا على قولين:
أ- لا يصح إدخال العمرة على الحج مطلقاً: (الجمهور: المالكية والشافعية في الجديد والحنابلة).
3 - الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده:
وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك حجاً).
مسائل أنواع النسك:
مسألة:عمل المفرد كالقارن سواء بسواء إلا أن المفرد ليس عليه هدي والقارن عليه هدي.
مسائل التمتع:
المسألة الأولى: متى ينقطع التمتع:
- إذا انصرف إلى بلده فقد انقطع تمتعه باتفاق أهل العلم.
- أما إذا انصرف إلى غير بلده فهي مسألة خلافيه بين أهل العلم وهي كما يلي:
مسألة: إذا سافر المتمتع بعد العمرة إلى غير بلده:
د- إذا كانت المسافة تقصر فيها الصلاة قُطع التمتع وإلا فلا: (الحنابلة).
* سبب الخلاف:
المسألة اجتهادية مبنية على: من هو حاضر المسجد الحرام؟ (لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
* الراجح:
المذهب الذي تنضبط فيه المسافة ويشترك فيه الحجاج في المسافة هو مذهب الحنابلة وهو مسافة القصر على القول بأنه هناك مسافة محددة للقصر وقيل إنه مرحلتين تقريباً 80 كيلو وبعض أهل العلم يرجعون ذلك إلى العرف وهو مذهب شيخ الإسلام وابن عثيمين والألباني، ولعل الأخذ بالتحديد من باب سد الذرائع أولى.
المسألة الثانية: حكم التمتع للمكي هل يقع منه أم لا؟
(المكي: حاضر المسجد الحرام).
اختلف أهل العلم بعد اتفاقهم السابق اختلفوا في المكي على قولين:
أ- يقع التمتع منه وليس عليه دم: (الجمهور: المالكية مع الكراهة والشافعية والحنابلة).
* سبب الخلاف:
الاختلاف في عودة اسم الإشارة في قوله (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
و (ذلك) هل تعود على التمتع أو تعود على الهدي؟
(فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي. . . ذلك. . .).
- الأحناف أرجعوها على التمتع والجمهور أرجعوه إلى الهدي الواجب على المتمتع وهو الذي عليه أكثر المفسرين فيعود على الهدي وبدله فليس على من أهله حاضري المسجد الحرام هدي.
* الراجح:
قال الأحناف: لو كان المراد قول الجمهور لقال (ذلك على من لم. . .) ويُرد بأن الحروف تنوب عن بعضها وهنالك أمثلة فالراجح هنا قول الجمهور.
- ليس هناك أثر بارز في الخلاف وليس عليه دم بالإجماع.
المسألة الثالثة: من هو المكي (حاضر المسجد الحرام)؟
اختلفوا على ثلاثة أقوال:
أ- هم أهل المواقيت فمن دونهم إلى مكة: (الأحناف).
ب- هم أهل مكة: (المالكية والظاهرية والثوري وابن عباس وطاووس ومجاهد).
ج- هم من كانوا دون مسافة القصر: (الشافعية والحنابلة).
* سبب الخلاف:
(يُتْبَعُ)
(/)
اختلافهم فيما يدل عليه قوله (حاضري المسجد الحرام) فاختلفوا في دلالة الاسم قال الأحناف: أهل مكة ومن كان في حكمهم لأنه يشابهونهم في أحكام مثل الإحرام من أماكنهم ولا يلزمهم الإحرام عند الدخول إليها، أما المالكية فهموا أن الحاضر هو المقيم الساكن فيها بأهله وأما الثالث فقالوا الحاضر يقابله المسافر منهم فهم من كان دون مسافة القصر على من يقول أن المسافر له مسافة معينة وإلا فيرجع إلى العرف في المسافر.
* الراجح:
القول الثالث.
العبرة هنا في وجوب الدم على من لم يكن من حاضري المسجد الحرام.
المسألة الرابعة: حكم فسخ الحج إلى العمرة:
- صورتها: هل للقارن والمفرد أن ينتقل من نسكه إلى التمتع أم لا يحل؟
- اتفق أهل العلم على أن هذا الفسخ ثابت عن الصحابة أنهم فعلوه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
- واتفقوا على أن من ساق الهدي فلا يجوز له فسخ الحج إلى عمرة.
- ثم اختلفوا فيمن لم يسق الهدي من المفرد أو القارن إذا لم يسق الهدي والمتمتع أيضاً على قول أنه إذا ساق الهدي لا يتمتع فيدخل في الخلاف إذا لم يسقه:
ج- يستحب فسخ الحج إلى عمرة: (الحنابلة وداود والحسن ومجاهد من التابعين).
* سبب الخلاف:
1. الاختلاف في فعل الصحابة رضي الله عنهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم هل كان خاصاً بهم أم هو عام؟
2. اختلاف الآثار عن الصحابة في هذه المسألة فنقلت عنهم أقوال مختلفة.
* الأدلة:
استدلوا:
1) بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بفسخ الحج إلى عمرة وقوله: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " وهو صحيح ثابت (رواه البخاري ومسلم). يدل على ثبوت أصل المسألة على أن ذلك ليس بخاص.
2) ما جاء في حديث جابر من سؤال سراقة بن مالك عن هذا الفسخ: أمتعتنا في منا هذا أم للأبد فشبك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " دخلت الحج من العمرة إلى يوم القيامة " وهو صحيح.
3) ما ورد عن الصحابة مثل أبي موسى وعمران بن حصين من الفتوى بجواز ذلك على مرأى من الصحابة في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم حتى ورد النهي عن عمر فتوقفا عن الفتوى بذلك.
4) وأن ابن عباس كلن يأمر بذلك عياناً جهاراً فيدل على عدم الخصوصية.
ج- القول الثالث:
1) استدلوا بأدلة القول الثاني وأن الأمر ليس للوجوب كما سبق وما ورد عن الصحابة في حجهم مفردين فدل على عدم الوجوب.
2) يدل على العمومية خلافاً لمن قال أنه خاصاً.
3) وكذلك فتوى الصحابة تدل على الاستحباب.
وهو ما ورد فيها 17 حديثاً صحيحاً في فسخ الحج إلى عمرة ولم يخصصها شيء.
المسألة الخامسة:
حكم من أنشأ عمرة في غير أشهر الحج ثم عمل لها في أشهر الحج.
اتفق أهل العلم أنه إذا أتى بالعمرة كاملة في أشهر الحج ثم حج فهذا تمتع.
واتفقوا أيضاً على أنه إذا أتى بالعمرة كاملة في غير أشهر الحج فإنها ليس عمرة تمتع.
-هل هذه المسألة تعتبر عمرة تمتع أم لا؟
ج- حكمها متعلق بالشهر الذي أهل فيه أو أحرم فيه: (الشافعية في الجديد والحنابلة) والظاهرية ومروي عن جابر رضي الله عنه وأبو نور وقتادة وإسحاق وبعض التابعين.
* سبب الخلاف:
هل الحكم مرتبط بالأكثر أم بالكل أم بالأقل؟ وهو خلاف اجتهادي.
* الراجح:
إن ثبت عن جابر ذلك فهذا مرجح للقول الأخير وقاسوا على ذلك الصلاة فإنه إذا بدأها في غير وقتها فلا يصح إلا بإيقاعها كاملة في وقتها فلا بد من استئنافها.
مسائل القران
هو أن يحرم بالحج وحده دون عمرة.
المسألة الأولى: هل حج النبي صلى الله عليه وسلم قارناً أم مفرداً؟
أنه صلى الله عليه وسلم حج قارناً: (الأحناف والحنابلة وهو قول بعض المالكية والشافعية المحققين منهم: ابن عبد الله والقرطبي من المالكية ومن الشافعية النووي وابن كثير وابن حجر والسبكي وكذلك قال الطبري به والظاهرية).
* الأدلة:
أحاديث تزيد على 20 مروية عن 17 صحابياً.
1) عمد فهم أحاديث كثيرة تزيد على 20 حديثاً مروية عن 17 صحابياً تدل صراحة على ذلك ذكر ابن رشد بعضها وهي صحيحة.
2) فعل الصحابة للقران كفعل علي رضي الله عنه (موجود في الكتاب).
يتعين الأخذ بالقول الثاني لعدم انتهاض أدلة القول الأول ويؤيد ذلك ما يأتي:
أ- أن رواة القران من الصحابة أكثر من رواة الإفراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ب- أن طرق الإخبار عن قران النبي صلى الله عليه وسلم تنوعت فمن الصحابة من روى ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من رواه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه كما روى أنس في الصحيحين أنه سمعه يلبي بهما جميعاً ومنهم من روى إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك فجاء في حديث علي أنه قال: " قد قرنت عندما قدمت من اليمن " وما أخبر به عن نفسه أولى ممن أخبر من فهمه ومنهم من روى أمر الله له بالقران: " أتاني آت من ربي فقال: قل حجة في عمرة" حديث عمر رضي الله عنه ومنهم من نقل أمره صلى الله عليه وسلم للصحابة بالقران عندما ساق الهدي.
- أما أحاديث الإقرار فقد يكون هناك خطأ في الفهم أو النقل.
ج- ما ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن عمر وأنس وابن عباس رضي الله عنهم أنهم رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعة عمر وكلهم قالوا: وعمرة مع حجته وحديثهم صحيح وهذا اللفظ دل على أنه قارن.
د- أن روايات القران صحيحة لا تحتمل التأويل وأما مرويات الآخر فتحتمل التأويل مر ذكرها.
هـ- أن روايات القران اشتملت زيادة سكت عنها رواة الإفراد والقاعدة تقول: أن الذاكر الزائد مقدم على الساكت (الناسي) والمثبت مقدم على المنفي.
و- أنه النسك الذي أمر به عن ربه فلا يعدل عنه.
ز- أنه النسك الذي أمر به كل من ساق الهدي فلا يمكن أن يأمرهم بذلك ويسوق هو لا يحج بهذا النسك.
• وبهذا يترجح القول الثاني ظاهراً.
المسألة الثانية: أي أنواع النسك أفضل؟
اتفق عامة أهل العلم على جواز الحج بأي نوع من أنواع النسك الثلاثة ولم يخالف إلا ابن عباس ومن اقتدى به كابن حزم وابن القيم.
- دل على جواز هذه النسك حديث عائشة المتفق عليه قالت: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع قمنا من أهل العجرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج. . وأهل رسول صلى الله عليه وسلم " ومن لفظ لمسلم " منا من أهل بالحج مفرداً ومنا من قرن ومنا من تمتع ".
ويدل على ذلك اشتهار العمل بالأنواع الثلاثة بين الصحابة.
واختلف أهل العلم في أي أنواع النسك أفضل إلى أقوال أهمها:
ج- التمتع أفضل: (أحمد والشافعي في قول وبعض الصحابة وبعض التابعين وروي عن عمر وعثمان الرجوع عن الإفراد).
* الأدلة:
1) قوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر. . .) أنه النسك الذي صرح في القرآن ولم يأت التصريح بغيره.
2) وهو العمرة حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بفسخ الحج إلى عمرة ثم قال: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت. . . الحديث ".
• وجه الدلالة:
أ- أن في أمره أصحابه بالانتقال إلى التمتع من الإفراد والقران دلالة على أنه الأفضل لأنه لا يعقل أن يأمرهم بالانتقال من الأفضل إلى المفضول وهو الداعي إلى الأفضل وإلى الخير دائماً.
ب- في تمني النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمل مثلهم وتأسفه على سوقه للهدي وهو ظاهر أنه يتمنى إلى الأفضل ولا يتأسف إلا على الأفضل.
ج- أنه يدل على اختيار الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ولصحابته التمتع فهو آخر الوحيين.
3) أن المتمتع يأتي بنسكين كاملين وهو أفضل ممن يأتي بنسك واحد أو يأتي بنسكين متداخلين
ج- مناقشة أدلة القول الثالث:
اعتُرض على حديث جابر بعدة اعتراضات منها (حديث الفسخ):
1.أنه خاص بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهذا الاعتراض سبق في مسألة فسخ الحج إلى عمرة وأجيب عنه.
أ- لم يثبت ما يدل على الخصوصية والحديث ضعيف.
ب- ثبت حديث صحيح وهو حديث سراقة أن هذا ليس خاصاً. (يرجع للمسألة السابقة).
1. أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه إنما فعل ذلك ليس لتفضيل التمتع على القران والإفراد هو لإبطال حكم أو عادة كانت لدى العرب لدى الجاهلية أنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور فأراد صلى الله عليه وسلم أن يبطل هذا الحكم ولم يأمرهم لتفضيل التمتع وقالوا وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو استقبلت. . . " فتمنيه وقوله هذا إنما قال لتطييب قلوب الصحابة وليحثهم على الانتثال على ما أمرهم عليه (لم يكن يحب أن يخالف أصحابه).
أجيب عنه بما يأتي:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ- أن فساد هذا الحكم الذي كان في الجاهلية قد صدر منه عندما اعتمر صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات في سنوات سابقة كلها كانت في أشهر الحج في شهر ذي القعدة فهذا الفعل على مرأى من المسلمين ورافقه أكثر المسلمين في تلك السنوات فأبطل هذه العادة بتلك العمرات.
ب- قولهم أن الحديث لتطييب قلوب الصحابة أن هذا التأويل ليس عليه دليل فالأصل حمل الكلام على ظاهره وهو حقيقة تمني ورغبة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
مسألة: هل حج النبي صلى الله عليه وسلم قارناً أم مفرداً؟
أنه صلى الله عليه وسلم حج قارناً: (الأحناف والحنابلة وهو قول بعض المالكية والشافعية المحققين منهم: ابن عبد الله والقرطبي من المالكية ومن الشافعية النووي وابن كثير وابن حجر والسبكي وكذلك قال الطبري به والظاهرية).
* الأدلة:
أحاديث تزيد على 20 مروية عن 17 صحابياً.
3) عمد فهم أحاديث كثيرة تزيد على 20 حديثاً مروية عن 17 صحابياً تدل صراحة على ذلك ذكر ابن رشد بعضها وهي صحيحة.
4) فعل الصحابة للقران كفعل علي رضي الله عنه (موجود في الكتاب).
يتعين الأخذ بالقول الثاني لعدم انتهاض أدلة القول الأول ويؤيد ذلك ما يأتي:
أ- أن رواة القران من الصحابة أكثر من رواة الإفراد.
ب- أن طرق الإخبار عن قران النبي صلى الله عليه وسلم تنوعت فمن الصحابة من روى ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من رواه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه كما روى أنس في الصحيحين أنه سمعه يلبي بهما جميعاً ومنهم من روى إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك فجاء في حديث علي أنه قال: " قد قرنت عندما قدمت من اليمن " وما أخبر به عن نفسه أولى ممن أخبر من فهمه ومنهم من روى أمر الله له بالقران: " أتاني آت من ربي فقال: قل حجة في عمرة" حديث عمر رضي الله عنه ومنهم من نقل أمره صلى الله عليه وسلم للصحابة بالقران عندما ساق الهدي.
- أما أحاديث الإقرار فقد يكون هناك خطأ في الفهم أو النقل.
ج- ما ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن عمر وأنس وابن عباس رضي الله عنهم أنهم رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعة عمر وكلهم قالوا: وعمرة مع حجته وحديثهم صحيح وهذا اللفظ دل على أنه قارن.
د- أن روايات القران صحيحة لا تحتمل التأويل وأما مرويات الآخر فتحتمل التأويل مر ذكرها.
هـ- أن روايات القران اشتملت زيادة سكت عنها رواة الإفراد والقاعدة تقول: أن الذاكر الزائد مقدم على الساكت (الناسي) والمثبت مقدم على المنفي.
و- أنه النسك الذي أمر به عن ربه فلا يعدل عنه.
ز- أنه النسك الذي أمر به كل من ساق الهدي فلا يمكن أن يأمرهم بذلك ويسوق هو لا يحج بهذا النسك.
• وبهذا يترجح القول الثاني ظاهراً.
مسألة: في النية.
اتفقوا على أن الإحرام لا يكون إلا بنية (يشمل مذهب الجمهور والأحناف) ثم اختلفوا هل تجزئ النية وحدها أم لابد أن تقترن بأمر آخر؟
أ- تجزئ النية وحدها ويستحب التلفظ بالتلبية أو بنية الإحرام: (الجمهور: المالكية والشافعية والحنابلة).
ب- أنه لا تجزئ النية وحدها حتى تقترن بقول أو فعل من خصائص الإحرام مثل التلبية: (الأحناف).
وليس هذا القول خاصاً بالتلبية كما قال ابن رشد بل أي فعل من أفعال الإحرام مثل سوق الهدي أو التجرد من المخيط ولبس الإحرام والتلفظ بما يدل على الدخول في النسك.
مسائل التلبية
المسألة الأولى:
ما حكم الزيادة على لفظ النبي صلى الله عليه وسلم في التلبية أو تبديله؟
اتفق أهل العلم على استحباب هذا اللفظ الوارد ومشروعيته واختلف أهل العلم في حكم الزيادة على هذا اللفظ أو تبديله:
أ- يستحب الاقتصار على لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأفضل ولا تكره الزيادة ولا تستحب: (الجمهور: المالكية والشافعية والحنابلة).
المسألة الثانية: من صيغ التلبية:
منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يزيد: " لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل".
وعن عمر رضي الله عنه أنه زاد: " لبيك ذا النعماء والفضل لبيك لبيك مرهوباً ومرغوباً إليك لبيك" (رواه ابن المنذر وهو صحيح).
وعن أنس رضي الله عنه أنه زاد: " لبيك حقاً حقاً تعبُّداً ورِقّاً " (أخرجه البزار).
وعن ابن مسعود أنه زاد: " لبيك عدد الحصى والتراب " (رواه سعيد بن منصور في سننه).
* الراجح:
القول الأول لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع ولا يزيد على ذلك فهذا الإقرار يدل على الجواز لا على الأفضلية لاقتصاره صلى الله عليه وسلم على ما كان يقول ولم يأخذ بما كانوا يقولون.
المسألة الثالثة: متى يقطع المحرم بالتلبية؟
ب- لا يقطعها حتى يرمي جمرة العقبة يوم 10: (الجمهور)
حديث ابن عباس من أخيه الفضل قال أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
الأحاديث الصحيحة. . . عمل أهل المدينة والصحابة الذين استدلوا بقولهم مالك تقل عنهم موافقة قول الجمهور والنقل هنا أصح.
اختلف الجمهور هل يقطع التلبية مع أول حصاة أم مع آخر حصاة؟
أ- يستمر حتى يرميها كاملة أي مع آخر حصاة: (قول عند الحنابلة وطائفة من أصحاب الشافعي)
واستدلوا بحديث الفضل وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم استمر بالتلبية ولم يقطع التلبية حتى آخر حصاة (ابن خزيمة وهو صحيح إسناداً ولذلك يحمل عليه الحديث المطلق).
المسألة الرابعة: متى يقطع المعتمر التلبية؟
ب- يقطع التلبية إذا فتتح الطواف: (الأحناف ليس تماماً كما قال ابن رشد أنهم مع القول الأول والشافعية والحنابلة وهو مذهب ابن عباس).
لأنه إذا بدأ الطواف فقد شرع في التحلل فتنقطع التلبية حينئذٍ فمتى شرع في الحل فيقطع التلبية.
جمعه:
أ. فهد بن مبارك الوهبي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[29 Dec 2005, 06:56 م]ـ
أحسن الله جزاءك يا شيخ فهد.(/)
لم حجزنا قلوبنا عن الله؟؟؟
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[26 Dec 2005, 05:15 ص]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من لوازم الإيمان أن تعرف الواحد الديان معرفة الله شيء، ومعرفة العلوم الإسلامية شيء آخر، قد تستطيع أن تتكلم ساعات طويلة ارتجالاً، ومن دون تحضير بأفصح لغة، وبأصح دليل، وبأعمق تحليل، وأنت لا تعرف الله، تعرفه إذا خفت منه، وتعرفه إذا رجوت جنته، وتعرفه إذا شعرت أنه معك دائماً، وتعرفه حينما توقن أنه يعلم وسيحاسب، وسيعاقب، تعرفه إذا توكلت عليه، تعرفه إذا ذكرته، تعرفه إذا اشتقت إليه.
أيها الإخوة، معرفة الله شيء، وأن تكون متبحراً في العلوم الإسلامية شيء آخر، هذه الخصيصة للمؤمن مستنبطة من قوله تعالى:
وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة: 83)
إن لم تشعر بالقرب، إن لم تشعر بالحب، إن لم تشعر بأن الله سبحانه وتعالى متفضل عليك فأنت لا تعرفه.
الآن سأورد أقوالا كثيرة حول علامات المعرفة، وهذه مفيدة جداً، من أمارات المعرفة بالله حصول الهيبة منه، فمن ازدادت معرفته ازدادت هيبته، الذي يعرف الله يعظم شعائر الله، وحينما أقول هان أمر الله علينا فهنّا على الله، معنى ذلك نحن لا نعرفه، المعرفة توجب السكون، فمن ازدادت معرفته ازدادت سكينته، الهياج والعنف والصياح والضجيج والسخط، والموقف القاسي، والكلام البذيء هذا لا يعبر عن أنك تعرف الله عز وجل، من علامات المعرفة أنس القلب بالله، فهو يحس أنه قريب منك، ومن كان لله أعرف كان له أخوف، قال تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء
[سورة فاطر: 28]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( ... أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ)).
[مسلم عن عمر بن سلمة]
من علامات معرفة الله أن الدنيا تضيق عليه بسعتها، ومن علامات معرفة الله أن الدنيا تتسع عليه بضيقها كيف؟ لو عاش في أجمل مكان، وتناول أطيب طعام، وتمتع بأجمل المناظر، وهذا المكان بعيد عن ذكر الله يضيق به، ولو عاش في غرفة قميئة، وهو ذاكر لله تتسع به، أينما حل إذا كان في هذا المكان ما يقرب إلى الله يأنس به، ولو كان ضيقاً، وإذا كان يبعد عن الله يستوحش منه، ولو كان واسعاً، من عرف الله عز وجل صفا له العيش، فطابت له الحياة، وهابه كل شيء، وذهب عنه خوف المخلوقين، وأنس بالله عز وجل، والمخلوق ينتهي عنده، لا يعبأ لا بتهديده، ولا بوعيده، ولا بإغرائه، لا يتأثر لا بسياط الجلادين، ولا بسبائك الذهب اللامعة، من عرف الله عز وجل قرت عينه بالله، وقرت عينه بالموت، وقرت به كل عين، ومن لم يعرف الله تقطع قلبه عن الدنيا حسرات، من عرف الله زهد فيما سواه، ومن ادعى معرفة الله عز وجل وهو راغب في غير الله كذبت رغبته معرفته، ومن عرف الله أحبه على قدر معرفته به، وخافه، ورجاه، وتوكل عليه، وأناب إليه، ونهج بذكره، واشتاق إلى لقائه، واستحيا منه، وأجلّه، وعظمه على قدر معرفته به.
أيها الإخوة، أي إنسان آتاه الله فكراً وقّاداً بإمكانه أن يقرأ، وأن يحفظ، وأن ينطق بالحق، وأن يجلب عقول الآخرين، هذا شيء، وأن تعرف الله، وأن تتخلق بالكمال البشري، وأن تكون متواضعاً، على الله متوكلاً، إلى ما عنده راجياً، من عقابه خائفاً، راضياً بقضائه وقدره، هذا من علامات المعرفة.
من علامات معرفة الله أن الذي يعرف الله عز وجل لا يطالب، ولا يخاصم، يؤدي الذي عليه، والذي له الخصومة الشديدة إذا خاصم فجر، ليس هذا من أخلاق العارفين بالله، لا يطالب، ولا يخاصم، ولا يعاتب، ولا يرى على أحد له فضلاًَ، لأن الذي خلقه منحه نعمة الوجود، أعطاه ما أعطاه، مكنه مما مكنه، هو لا يرى أن له على أحد فضلاً، بل يرى أن كل ما هو فيه من فضل الله عز وجل، ليس هذا أدباً، بل هو حقيقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
من علامات معرفة الله ألاّ يأسف على فائت، وألاّ يفرح بآت، لأنه ينظر إلى الأشياء بعين الفناء والزوال، لأنها في الحقيقة كالظلال والخيال، العارف بالله يخرج من الدنيا، ولم يقضِ وطره من شيئين، بكاء على نفسه، و ثناء على ربه، وهذا من أحسن الكلام، ولا يكون العارف بالله عارفاً ـ حتى لو أعطي ملك سليمان ـ لم يشغله عن الله طرفة عين، قال تعالى:
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [سورة النور: 37]
من علامات معرفة الله أن العارف بالله مستأنس بربه، مستوحش ممن يقطعه عنه، العارف بالله أنس بالله فاستوحش من الخلق، وافتقر إلى الله فأغناه الله عنهم، وذل لله فأعزه الله، وتواضع لله فرفعه الله، واستغنى بالله فأحوجهم إليه.
سئل الإمام الحسن البصري بما نلت هذا المقام؟ فقال: باستغنائي عن دنيا الناس بما نلت هذا المقام؟ وحاجتهم إلى علمي.
العارف بالله يتلون بتلون العبودية، بينما تراه مصلياً، إذا هو ذاكراً، أو قارئاً، أو معلماً، أو مجاهداً، أو حاجاً، أو مساعداً للضعيف، أو مغيثاً للملهوف، فيضرب في كل غنيمة من الغنائم بسهم، فهو مع المتعلمين متعلم، ومع الغزاة غازٍ، ومع المصلين مصل، ومع المتصدقين متصدق، فهو ينتقل في منازل العبودية من عبودية إلى عبودية، وهو مقيم على معبود واحد لا ينتقل في منازل العبودية إلى غيره.
من علامات معرفة الله ألاّ يعتقد باطناً من العلم ما ينقضه في ظاهر الحكم، ولا تحمله كثرة النعم على هتك أسرار محارم الله عز وجل.
أيها الإخوة، كثرة النعم تطغي العبد، وتحمله على أن يصرفها في وجوهها، وغير وجوهها، قال تعالى: أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى [سورة العلق: 7]
حينما تقوى مالاً أو مكانةً، أو منصباً أو علماً، الإنسان تغريه نفسه إذا استغنى أن يتفلت من منهج الله، علامة معرفة الله عز وجل أنه مهما بلغت بك المراتب، ومهما أقبلت عليك الدنيا ورعك ورعك، وتواضعك تواضعك، وذلك لله، وخدمة المساكين هي خدمة المساكين، صار سيدنا الصديق خليفة المسلمين، وكان قبل أن يكون خليفة المسلمين يحلب شياه جارته العجوز، فلما تسلم منصب الخلافة استقر في ذهن هذه العجوز أن هذه الخدمة انتهت، في اليوم الأول من تسلم منصب الخلافة طرق باب العجوز، قالت: يا بنيتي، افتحي الباب، من جاء؟ قالت: جاء جالب الشاة يا أماه، المنصب لا يغيره، والمال لا يغيره، هو هُو، الإنسان حينما يقوى، أو حينما يغتني، أو حينما يتسلم منصباً رفيعاً قد يتناول ما يحل له، وما لا يحل، لكن العارف بالله، قال تعالى:
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [سورة الأحزاب: 23]
مجالسة العارف بالله تدعوك من ست إلى ست، من الشك إلى اليقين، من الرياء إلى الإخلاص، من الغفلة إلى الذكر، من الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة، من الكبر إلى التواضع، من سوء الطوية إلى النصيحة.
أيها الإخوة، مقام المعرفة شيء، قد تجد إنساناً يعيد ما بدأت به هذا الدرس، قد تجد إنساناً فصيح اللسان، ناصع البيان، قوي الحجة، له تحليل دقيق لقضايا الدين، إذا تكلم ملك القلوب، أما حينما يعصي الله في خلوته فهو لا يعرفه أبداً، أما حينما يتكبر على خلقه فهو لا يعرفه أبداً، حينما يأخذ ما لا يحل له لا يعرفه أبداً، لذلك قال تعالى:
الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [سورة الفتح: 6]
هذا أيها الإخوة، حينما يخيب ظن الإنسان بإنسان يتوهمه مؤمناً، كيف يقول هذا الكلام، ويفعل هذه الأفعال؟ القضية سهلة جداً، الملخص أن العلم علمان، علم بأمر الله، وعلم بالله، العلم بأمر الله يقتضي المدارسة، يحتاج إلى كتاب، وإلى قراءة، وإلى مذاكرة، وإلى طلاقة لسان، وإلى حفظ، لكن العلم بالله يقتضي المجاهدة، حينما يجاهد نفسه وهواه يكشف الله عز وجل لهذا الإنسان طرفاً من كماله فيحبه، ومن أعجب العجب أن تعرفه، ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه، ثم لا تطيعه، مستحيل أن تعرفه، ثم لا تحبه، وأن تحبه، ثم لا تطيعه، العلم بالله يقتضي المجاهدة.
الآن ثمار العلم بأمر الله، معلومات دقيقة محشوة في الدماغ، أما النفس فليست صافية، علامة معرفة الله أن هذه المجاهدة مجاهدة النفس والهوى ولدت ثقة في النفس، وإقبالاً على الله، فسرى الكمال الإلهي في كل كيان الإنسان، صار متواضعاً صار، مؤدباً صار رحيماً صار منصفاً، صار يحب الخير، صار همه الأول أن يكون الناس بخير، لا أن يعلو عليهم، لذلك حينما قيل: يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ، يا من قدست الوجود كله، ورعيت قضية الإنسان، يا من ذكيت سيادة العقل، ونهنهت غريزة القطيع، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً بين الجميع فعشت واحداً بين الجميع، يا من كانت الرحمة مهجتك، والعدل شريعتك، والحب فطرتك، والسمو حرفتك، ومشكلات الناس عبادتك.
والحمد لله رب العالمين(/)
خواطر كانت تنفعني أوقات الغفلة
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[26 Dec 2005, 05:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه التذكرة لابد أن أذكر بها نفسي الأمارة بالسوء حتى أستقيم
1) أنك في حرب و صراع و جهاد مع الشيطان فلا تمكنه من نفسك
2) الطاعة تجلب لك العزة، والمعصية تجلب لك الحسرة و الذلة
3) فكن عبدا ربانيا،
4) أنت قوي بإيمانك فلا تبعه بشيئ من دنيا الناس
5) اللهم اجعلني أصدقكك في كل شيئ حتى أكتب عندك صديقا
6) احمد الله على نعمه، وإياك ومواطن سخطه و غضبة
7) خاف من يوم تقلب فيه موازين كل شيئ عليك، و لا تبقى إلا الحسرات
8) أنت محتاج إلى ربك، فأظهر فقرك إليه،، و عليك بكثرة السجود له
9) الغفلة لا تأتي إلا إذا فقدت الذكر
10) يا ترى كيف يكون يوم القيامة،،، و من أنا هناك؟؟؟؟
11) لا ينفعك أحد إلا الله و لن ينجيك أحد إلا الله، فاستهديه يهدك
12) متى سينصلح حالك؟؟؟ لحظات الصدق،، أنت تنتظرها، أم هي التي تنتظرك؟؟؟؟ د
13) طوبى لعبد وجد في صحيفتة أستغفارا كثيرا
14) و الله لو رجعت بحق، لفتحت لك بركات الدنيا وميراث الأخرة،، و لكن كيف يعطيك الله و أنت بعيد؟؟؟
15) إذا رأيت الله يعطي العبد و هو مقيم على معاصيه فاعلم ...... ؟؟
16) من سيكون هذا الرجل إلم يكن أنت؟؟؟
17) اللهم استرنا ولا تفضحنا
18) تشبه بمن تحب أن تكون معه!!!!
19) ليس هناك وقت،،، وأنت لا ترى أفراد السباق إلا وهم أمامك، و لا يليق بك أن تترق السباق تزهدا
20) لا تيأس فإن المهدي كان رجلا فأصلحه الله في ليلة
21) يا حيران أنسيتها أم تركتها؟؟؟،، المناجاة أيها العبد
22) و لعلها ساعة يحبك فيها ربك،، و لم لا،، ألست بعبد؟؟؟
23) إذا من هو الله؟؟ و كم جعلت له؟؟؟
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[09 Jan 2006, 03:18 ص]ـ
24) لما تأملت الخواطر، قلت فكم هي تنفعنى و تزيدني و تقربنى،و لكن لو كانت الخاطرة سيئة،كمن أطلق لنفسه العنان في الشهوات المحرمة أو المعاصى عموما وما شابهها
سبحان الله لا يليق بالمؤمن فرضاً، الخاطرة قد تنقلب إلى فكرة، و الفكرة قد تنقلب إلى عزيمة، و العزيمة قد تقترب إلى الشهوة، و الشهوة يأتيها الإصرار فتكون فعلاً، و الفعل إذا داومت عليه أصبح عادة، ومن أصعب الحالات مفارقة العادات.
إذاً حينما لا تعالج القضية في مستوى الخواطر فالأمور تزداد، وقال الجنيد رحمه الله تعالى: " من تحقق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه لا غير ".
ينبغي أن تكون مع الله دائماً، قال بعض العلماء: علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، و صغير ما صغر الله، مقياس دقيق، الله عز وجل يقول: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
ـ[ام البراء]ــــــــ[13 Jan 2006, 03:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل أبو الهيثم ..
خواطر مفيده .. أفادتني كثيراً .. عبارآتك الأخيره كانت رائعه استوقفتني كثيراً
واصل أثابك الله ..
الله أكبر الله أكبر لاإله ألاالله .. الله أكبر الله أكبرولله الحمد(/)
من عجائب مكة المكرمة والكعبة
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[26 Dec 2005, 05:05 م]ـ
الآيات البينات في الحرم المكي:
أولا: توسط مكة المكرمة لليابسة: وقد قام العلماء بإثبات ذلك في بحث قيم بهذا العنوان في أثناء تحديده لاتجاهات القبلة من المدن الرئيسية في العالم فلا حظ تمركز مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات السبع التي تكون اليابسة.
فإذا كانت الأرض هي مركز السماوات السبع بنص الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا (تبارك وتعالي) في سورة الرحمن:
يا معشر الجن والإ نس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان (الرحمن:33)
وذلك لأن قطر أي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفيه مرورا بمركزه , وأقطار السماوات علي ضخامتها تنطبق علي أقطار الأرض علي ضآلتها النسبية بحسب نص الآية الكريمة , فلا بد أن تكون الأرض في مركز الكون.
ويدعم هذا الاستنتاج ورود الإشارة بذكر السماوات والأرض وما بينهما في عشرين آية قرآنية صريحة , ومقابلة السماوات بالأرض في عشرات الآيات القرآنية الأخرى.
و يدعم هذا الاستنتاج كذلك ما روي عن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) من أقوال منها:
ـ كانت الكعبة خشعة علي الماء فدحيت منها الأرض.
ـ إن الحرم حرم مناء من السماوات السبع والأرضين السبع.
ـ البيت المعمور منا مكة ووصفه بقوله (صلى الله عليه وسلم) بأنه بيت في السما ء السابعة علي حيال الكعبة تماما حتي لوخر لخر فوقها.(/)
كيف تقيد الفوائد أثناء القراءة؟
ـ[أم اليمان]ــــــــ[27 Dec 2005, 01:34 ص]ـ
اسم الكاتب: عبدالإله الشايع
ملتقى أهل الحديث
قال ابن منظور في لسان العرب: " الفائدة ما استفدته من علم أو مال وجمعها الفوائد وهما يتفاودان العلم أي يفيد كل واحد منهما الأخر ".
إن من ثمرات قراءة الكتب تقييد الفوائد، حتى ذكر الكثير من أهل العلم أن قراءة الكتب قد لا يتحقق منها الفائدة المرجوه إلا بتقييد هذه الفوائد.
قال عبدالسلام هارون –رحمه الله -: " فإن الحكيم العربي كان يقول وقوله حق: (العلم صيد والكتابة قيد. وإذا ضاع القيد ذهب الصيد)
وكثيراً ما يقرأ الإنسان شيئاً فيعجبه، ويظن أنه قد علق بذاكرته، فإذا هو في الغد قد ضاع منه العلم، وضاع معه مفتاحه، فانتهى إلى حيرة في استعادته واسترجاعه ".
ولكن يبقى السؤال المهم ألا وهو:
ما الفوائد التي ينبغي تقييدها عند قراءة الكتب؟
وكيف يتم تقييد هذه الفوائد؟
وأين تقيد هذه الفائدة؟
وما ذا بعد تقييد هذه الفوائد؟
وسأحاول الإجابة على هذه الأسئلة المهمة حسب الوسع والطاقة.
ففيما يتعلق بماهية الفوائد، فقد ذكر بعض أهل العلم ما ينبغي تقييده من الفوائد.
قال ابن جماعة –رحمه الله – فيما ينبغي لطالب العلم: " إذا شرح محفوظات، وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات، انتقل إلى بحث المبسوطات، مع المطالعة الدائمة، وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة والمسائل الدقيقة والفروع الغريبة، وحل المشكلات والفروق بين أحكام المتشابهات من جميع أنواع العلوم، ولا يستقل بفائدة يسمعها، أو يتهاون بقاعدة يضبطها، بل يبادر إلى تعليقها وحفظها ".
وقال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله – في الفوائد التي ينبغي تقييدها: " الفوائد التي لا تكاد تطرأ على الذهن، أو التي يندر ذكرها والتعرض لها، أو التي تكون مستجدة تحتاج إلى بيان الحكم فيها، هذه اقتنصها، قيدها بالكتابة لا تقول هذا أمر معلوم عندي، ولا حاجة أن أقيدها، فإنك سرعان ما تنسى، وكم من فائدة تمر بالإنسان فيقول هذه سهلة ما تحتاج إلى قيد، ثم بعد فترة وجيزة يتذكرها ولا يجدها، لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر وقوعها أو يتجدد وقوعها وأحسن ما رأيت في مثل هذا كتاب " بدائع الفوائد " للعلامة ابن القيم، فيه بدائع العلوم، ما لا تكاد تجده في كتاب آخر، فهو جامع في كل فن، كلما طرأ على باله مسألة أو سمع فائدة قيد ذلك، ولهذا تجد فيه من علم العقائد، والفقه، والحديث، والتفسير، والنحو، والبلاغة ".
وقال الشيخ بكر أبوزيد في " حلية طالب العلم ": " ابذل الجهد في حفظ العلم (حفظ كتاب)، لأن تقييد العلم بالكتابة أمان من الضياع، وقصر لمسافة البحث عند الاحتياج، لا سيما في مسائل العلم التي تكون في غير مظانها، ومن أجل فوائدها أنه عند كبر السن وضعف القوى يكون لديك مادة تستجر منها مادة تكتب فيها بلا عناء في البحث والتقصي ".
وبعد هذه النقول يمكن تلخيص كلام العلماء حول الفوائد التي يجدر بنا أن نُعنى بتقييدها فيما يلي:
1 - المسائل التي تكون في غير مظانها، فمن يطالع كتاباً مثل كتاب " الحيوان " للجاحظ يلاحظ أنه حوى الكثير من الفوائد في الكلام عن الكتب وفضائلها مما ليس له علاقة بموضوع الكتاب الأساس وهكذا في كثير من كتب الأعلام القدماء.
2 - الفوائد التي يندر وقوعها، أو يتجدد.
3 - الضوابط العلمية والقواعد التي يبنى عليها العديد من المسائل الجزئية.
4 - الطرائف والنوادر والقصص المعبرة.
5 - المسائل المشكلة.
6 - دقائق الاستنباطات.
7 - الفروق الدقيقة والنظائر والأشباه.
8 - الفائدة التي يتفرد بها عالم عن غيره، ولم يسبق إليها، ومثال ذلك: عند قراءة كتب التفسير، أن يذكر ابن كثير تفسير لآية، لا توجد عند غيره من المفسرين.
أما كيف يتم تقييد هذه الفوائد وأين؟
فهناك كلام نفيس لبعض أهل العلم حول هذه المسألة المهمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال عبدالسلام هارون –رحمه الله -: " والباحثون، ولا سيما في أيامنا هذه، يقيدون هذه المعارف في جذاذات، يرجعون إليها عند الحاجة، ولكني سلكت طريقاً أوثق من طريق الجذاذات، هو دفتر الفهرس، وهو الذي سميته " كناشة النوادر "،أقيد فيها رءوس المسائل مرتبة على حروف الهجاء، مقرونة بمراجعها … ".
وقال الشيخ بكر أبوزيد: " اجعل لك كناشاً أو مذكرة لتقييد الفوائد والفرائد والأبحاث المنثورة في غير مظانها، وإن استعملت غلاف الكتاب لتقييد ما فيه من ذلك فحسن، ثم تنقل ما يجتمع لك بعد في مذكرة، مرتباً له على الموضوعات، مقيداً رأس المسألة، واسم الكتاب، ورقم الصفحة والمجلد، ثم اكتب على ما قيدته " نقل "، حتى لا يختلط بما لم ينقل، كما تكتب: " بلغ صفحة كذا " فيما وصلت إليه من قراءة الكتاب حتى لا يفوتك ما لم تبلغه قراءة ".
وقال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: " تقييد الفوائد التي تسمعها: على الكتاب، أو في دفتر خارجي، وهذه الفوائد إذا حرص الإنسان على تقييدها، وعلى مراجعتها مرة بعد مرة، فإنها بإذن الله تعالى تكون عنده ملكة في الكلام، وفي التحضير، وفي إزالة الإشكال، وقل مثل هذا في القراءة.
وقال: " فإذا قرأت كتاباً (سواء على شيخ أو قراءة حرة) فاحرص كل الحرص على أن تقيد ما تسمع أو تقرأ من الفوائد، أو ما يمر عليك من الشوارد والفرائد، فإذا أتممت قراءة الكتب ثم تصفحت تلك الفوائد، ستشعر أنك جمعت كنزاً عظيماً، خاصة إذا جعلتها منظمة بحيث تحكم تبويبها.
فإذا قرأت كتابين أو ثلاثة، ثم علقت على جنباتها ما قرأت من الفوائد، ثم لخصتها ونظمتها وجعلتها في دفتر فيكون لديك كثير من الفوائد المنتوعة: في المعتقد، وفي الأصول، وفي الجرح والتعديل، وفي النحو … وهلم جرا.
واجعل لك دفترأً شاملاً مقسماً، بحيث يكون فيه: قسم للفوائد الأصولية، وقسم للفوائد النحوية، وقسم للجرح والتعديل … وهلم جرا، فسترى أنك تستطيع أن تحضر دروساً ومحاضرات، وتكتب بحوثاً في كل فن على حدة خاصة أن هذه الفوائد قل ما تكون موجودة في كتاب مجموع، وأنت قد وجدتها في كتب متفرقة.
وأزيدك أيضاً فائدة تجعل العلم لا يتفرق من ذهنك، ويبقى ميسراً إذا أردت تَذَكَّرهً: فمثلاً إذا قرأت كتاباً في الرؤى والأحلام، ثم قرأت كتباً أخرى متنوعة، ومن هذه الكتب استخرجت فوائد تتعلق بالرؤى والأحلام، فاحرص كل الحرص على أن تفرغ هذه الفوائد من جميع هذه الكتب بأرقام الصفحات فقط، على الغلاف الداخلي لكتاب الرؤى والأحلام، فتقول: انظر الاعتصام (1/ 121) انظر إعلام الموقعين (2/…) إلخ.
ولن تعرف قيمة هذا الحصر إلا إذا أردت أن تقرا قراءة مستقلة في هذا الموضوع، فترى أنك جمعت متفرقات، وألفت بين مختلفات في موضوع واحد، وإذا رتب الكلام في الموضوع فترى أنك أحطت بأوله وآخره. وهذا الكلام مجرب ومقروء ومشاهد، كذلك إذا سمعت فائدة خارجية فاحرص على أن تضيفها للكتاب، ومع كثرة الفوائد الخارجية يخرج لك كتاب آخر ".
وبعد هذه النقول يمكن أن ألخص الطرق التي تقيد بها الفوائد بما يلي:
1 - تسجيل الفوائد على الغلاف الداخلي للكتاب.
2 - تقييد الفوائد على بطاقات ومن ثم يتم تصنيفها، وهذه الطريقه أفضل ما تكون عندما يكون الهدف كتابة بحث أو رسالة علمية.
3 - تخصيص كراساً أو كناشة لتقييد هذه الفوائد ومن ثم ترتيبها على الموضوعات.
4 - تسجيل الفوائد على غلاف الكتاب ثم نقلها إلى كراسٍ مخصص لهذا الأمر، وهذه طريقة جربتها ووجدت نفعها ولله الحمد.
5 - تقييد الفوائد وحفظها في الحاسوب الذي يتولى فهرستها وترتيبها آلياً، فتعم فائدتها ويسهل الرجوع لها.
ومن المهم هنا الإشارة إلى بعض الأخطاء التي قد يقع فيها كثير ممن يقرأ الكتب فيما يتعلق بتقييد الفوائد، من هذه الأخطاء:
1 - إهمال تقييد الفائدة بحجة أنه يعرفها قال الإمام النووي –رحمه الله – وهو يرشد الطلاب إلى تعليق الفوائد: " ولا يحتقرن فائدة يراها أو يسمعها في أي فن كانت، بل يبادر إلى كتابتها،ثم يواظب على مطالعة ما كتبه … ".
2 - عدم عزو الفائدة لأهلها فقد قيل من بركة العلم أن يعزى إلى أهله.
إذا أفادك إنسان بفائدة من العلوم فأدمن شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة أفادنيها وألق الكبر والحسدا.
3 - الاشتغال بالفوائد أثناء البحث، إذا كنت تبحث عن مسألة ما وأثناء تقليبك للكتاب وجدتَ فائدة فلا تنشغل بها لأن الفوائد كثيرة، وقد يضيع عليك الوقت لانشغالك بهذه الفوائد، وإن علَّمت على هذه الفوائد وأشرت إليها بالقلم فهذا حسن، حتى تنتهي من بحثك ثم تعود إلى هذه الفوائد.
4 - تأخير تقييد الفائدة، قال الإمام النووي –رحمه الله -: " ولا يؤخر تحصيل فائدة –وإن قلت – إذا تمكن منها، وإن أمن حصولها بعد ساعة، لأن للتأخير آفات، ولأنه في الزمن الثاني يحصل غيرها ".
5 - التقليل من شأن الفوائد التي يأتي بها القرين.
وأخيراً أشير إلى أهم ثمرات تقييد الفوائد، منها:
1 - حفظ العلم.
2 - إيجاد مادة تستفيد منها عند الكتابة أو تحضير موضوع أو خطبة أو كلمة وغير ذلك.
3 - تقييد الفوائد يسهم في رسوخ المعلومات في ذهن القارىء.
4 - تقييد الفوائد يعطي ملكة عند الحديث وإفادة الآخرين.
5 - يسهل الرجوع إلى الكتاب الذي سبق قراءته وتكرار الاستفادة منه.
6 - الفوائد ثمرة تجارب ومشاهدات فهي كالرحيق من الزهرة وكالشهد من العسل. وهي خلاصة الخلاصة، والعرب تقول: " يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن كثير]ــــــــ[23 Mar 2009, 05:47 م]ـ
شكر الله لك
وإن كان الموضوع قديماً ومنقولاً(/)
يا دعاة الحق نبهوا قومكم و ذكروهم؟؟؟
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[27 Dec 2005, 10:15 ص]ـ
الحمد لله الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيرا ...
أما بعد ...
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الإسلام تلك النعمة التي لا يعدلها نعمة تلك النعمة التي ضل عنها أكثر الناس وهداكم الله تعالى إليها تلك النعمة التي عشتم عليها وعاش عليها آبائكم وأجدادكم،، اشكروا الله على هذه النعمة وحافظوا عليها وأسالوا الله تعالى الثبات عليها وإياكم أن تتعرضوا لما يزيلها ويسلبها عنكم فتخسروا دنياكم وأخراكم
أيها المسلمون إن دينكم إن دينكم دين الإسلام منذ بزغت شمسه وتألق نجمه وأعدائه الذين هم أعدائكم يحاولون القضاء عليه بكل ما يستطيعون من قوة (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) إنهم يريدون منكم أن تكونوا كفاراً كما كانوا كفاراً كما قال عز وجل (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء) فلقد حاول هؤلاء الأعداء أن يقضوا على الدين العظيم منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
ثم في عهد الخلفاء الراشدين ثم في العصور التالية إلى وقتنا هذا بالسلاح الذي يرونه مناسباً لهم فكرياً كان أم خلقياً أم اقتصادياً كان أم عسكريا ولسنا نجازف ولسنا نجازف حينما نقول ذلك و لسنا نتخرص ولكن نقول ذلك بشهادة الله عز وجل بوحيه الذي جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبقدره الذي أثبته التاريخ وإن هذه المحاولة للقضاء علي دين الإسلام ليست من صنف واحد من أصناف الكفرة بل من كل الأصناف من المشركين من اليهود من النصارى من المنافقين من الملحدين من سائر الكفار وأسمعوا ما قال الله عز وجل عن المشركين (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وأسمعوا ما قال الله عن اليهود والنصارى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) وكان أعني اليهود والنصارى يدعوننا إلى ملتهم ويموهون فيها علينا (وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) واسمعوا قول الله عز وجل عن المنافقين (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء) واسمعوا ما قال الله عن سائر الكافرين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)
أيها المسلمون هذه شهادة من الله تعالى على أعدائكم بما يتمنونه لكم ويريدونه منكم ويدعونكم إليه من صدكم عن دينكم وموافقتهم على كفرهم إي شهادة بالله عليكم
إي شهادة أكبر وأعظم من شهادة الله إي شهادة أصدق من شهادة الله إي شهادة أراد بها الشاهد خيراً أبلغ من شهادة الله إن شهادة الله تعالى على هؤلاء شهادة صدق من عالم بالخفيات (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)
إنها شهادة من الله الذي يريد لكم الهداية دون الضلال قال الله عز وجل (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم)
(يُتْبَعُ)
(/)
أيها المسلمون أقرءوا التاريخ فإن التاريخ في ماضيه وحاضره ليثبت ما قرره الله عز وجل في هذه الآيات الكريمة فإياكم إياكم إن تنخدعوا بما عليه أعداكم من الكفر بالله ورسله وانحلال الأخلاق وفساد الأفكار وإن زينوا ذلك في أعينكم وسولوه وسهلوه في نفوسكم ولقد أغتر كثير من الناس ولقد أغتر كثير من الناس ممن هم سفهاء العقول سفهاء العقول غلال الدين اغتروا بما عليه هؤلاء الأعداء من القوة المادية فصاروا يداهنونهم ويتوددون إليهم مع أن الله عز وجل قال (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ولهذا إي من التودد لهؤلاء الأعداء الكفار أن بعض الناس يهنئ هؤلاء الكفار بأعيادهم الدينية التي يقيمونها على رأس سنتهم وهذا حرام بالاتفاق.
قال أبن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة قال: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول عيد مبارك فيقول عيدٌ مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا والقول لأبن القيم رحمه الله فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات إي أنه يخشى على من هنأهم بأعيادهم الدينية أن يخرج من الإسلام وهو لا يشعر قال فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة من يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الزنا
قال أعني أبن القيم: وكثيرٌ ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وكثيرٌ ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك إي في تهنئة هؤلاء بأعيادهم ولا يدري قبح ما فعل فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه) انتهى كلامه رحمه الله
أيها المسلمون إننا مقبلون على رأس سنتهم إي سنة الكفار في آخر هذا الشهر المبارك (ذي القعدة) ولربما يقوم بعض الناس بتهنئتهم تزلفاً إليهم أو تودداً أو مجاملة أو لغير ذلك من الأسباب فإياكم أن تقوموا بهذا فإن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية وشعائرهم الدينية تعني إقرارهم والرضاء بما هم عليه من الكفر بل وإدخال السرور عليهم بما رضوه لأنفسهم من الكفر بالله ورسله وهذا خطر عظيم وإن كان المهنئ لهم لا يرضى أن يكون على ملتهم ولكن رضا ولكن الرضا بكفر الغير رضاً بما لا يرضاه الله عز وجل فإن الله لا يرضى بدين سوى دين الإسلام كما قال الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) وقال الله عز وجل (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقال تعالى (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُم)
فكيف يرضى المؤمن بدين أو بشعائر دين لا يرضاه الله عز وجل كيف يدخل السرور على قوم إذا أقاموا شعائر دين لا يرضاه الله عز وجل هل هذا لائق بالمسلم إنه لا يليق أبداً أن نهنئ هؤلاء بأعيادهم الدينية وإذا كان تهنئتنا إياهم بأعيادهم الدينية حراماً فإنهم لو هنئونا هم بها فإننا لا نجيب يعني لو قالوا نهنئك برأس السنة فلا تجبهم لأنها ليست بأعياد لنا ولأنها أعياد لا يرضاها الله عز وجل حتى لو كتب لك التهنئة في كتاب أو برقية أو مهاتفة فلا تجبه لأنك إذا أجبته فقد رضيت بهذه الدين الذي لا يرضاه الله عز وجل فإنها أعياد غير شرعية فهي إما بدعية في دينهم لم يشرعها الله أصلا وأما كان في أصلها عندهم مشروعة (لكن بعد ذلك طرأ عليها التبديل و التحريف و الكفر الذى أعتقدوه) نسخت بدين الإسلام (مسألة بحث)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يعني أمة الدعوة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم في صحيحه ولا يحل للمسلم أن يجيب دعوتهم إلى حضور هذه الأعياد لأن حضور هذه الأعياد أعظم من تهنئتهم بها لأن ذلك مشاركة لهم فيها ولا يحل للمسلم أن يتشبه بهم بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال أو تنزيل قيم السلع أو غير ذلك من ما يعد من ما يعد نوعاً،نوعاً من الفرح لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) قال شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله: (أقل أحوال هذا الحديث التحريم إي أن التشبه بالكفار حرام وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم وقال رحمه الله:مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل وربما، وربما أطمعهم وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص وأستزلال الضعفاء) انتهى كلامه رحمه الله فمن فعل شيئاً من ذلك إي هنأهم أو قبل هديتهم بهذه المناسبة أو أهدى إليهم أو تشبه بهم فهو آثم سواء فعله تودداً أو مجاملة أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله ومن أسباب تقوية الكفار واعتزازهم واغترارهم بدينهم فأحذر أيها المسلم أحذر ما حذرك الله ورسوله منه واتقي ربك إن كنت تريد الفلاح واتقي النار فإنها أعدت للكافرين وأطيع الله ورسوله إن كنت تريد رحمة الله عز وجل
...
فيا عباد الله هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) وفي معنى قوله فهو منهم وجهان
الوجه الأول ما ذكره كثير من العلماء أن من تشبه بهم في الظاهر أدى ذلك إلى تشبهه بهم في الباطن إي في العقيدة والدين فيكون المعنى أن من تشبه بهم ظاهراً كان ذلك قائداً له إلى أن يتشبه بهم في الباطن فيكفر كما كفروا والعياذ بالله
الثاني: أن من تشبه بهم في الظاهر كان منهم فيما تشبه بهم فيه دون غيره من خصال الإسلام وعلى كل حال فإن المسلم لا يرضى أبداً أن يتشبه بقوم في ضلالتهم على كل حال بل يحمد الله أن عافاه من هذه الضلالة ويتجنب ما هم عليه من الكفر يطنطن بعض السفهاء بعض سفهاء العقول ضعيف بعض سفهاء العقول ضعيف الدين يطنطنون بكلمة الأديان الثلاثة ولا أدري من أين جاءوا بهذه الكلمة أين في الكتاب والسنة كلمة الأديان الثلاثة إن الدين واحد لا غير وهو دين الإسلام لقول الله عز وجل (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام) وهذه الجملة تفيد الحصر كما هو معروف من اللغة العربية وكما تكلم به الأصوليون والبلاغيون (إن الدين عند الله الإسلام) إي شئ واحد ليس إلا الإسلام ثم إن الله أكد ذلك في آية أخرى فقال (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) إذاً لا دين بعد بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء دين واحد هو دين الإسلام ولا يمكن أحد ولا يمكن أحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقر بدين اليهود والنصارى لأنه نسخ فدين اليهود نسخ بدين النصارى ودين النصارى واليهود نسخ بدين الإسلام فكيف يليق بمسلم أن يقول إن الأديان إن الأديان ثلاثة ومن أجل هذه المقولة البدعية الكاذبة من أجلها صار بعض من هم أسفه من هؤلاء يطنطن ويدندن ويحوم حول توحيد الأديان الثلاثة حتى قيل أن بعض الناس كتب في مجلد طبع في مجلد واحد القرآن والإنجيل والتوراة قاتله الله كيف يجمع بين حق وباطل في مجلد واحد كيف يقر المسلم ويقر غير المسلمون أيضاً إن هؤلاء إذا قيل لهم إنكم على دين بقوا على دينهم وحاولوا بكل ما يستطيعون أن يصرفوا المسلمون عن دينهم إلى دينهم الذي شهد له هذا وأمثاله بأنه حق وإن أقول من هذا المكان كل إنسان يدعي أن ديناً غير دين الإسلام بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم دين مقبول عند الله فإنه كافر مرتد عن دين الإسلام لأنه كذب الله عز وجل في قوله (إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام) وفي قوله (َمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) إذاً لا يمكن أبداً بحال من الأحوال أن نجتمع مع اليهود والنصارى على دين إلا إذا أمكن اجتماع جمر القضاء في الماء البارد وهذا
(يُتْبَعُ)
(/)
شئ مستحيل ولا يمكن أبداً أن نقر بأنهم على دين بل كما سمعتم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه ما من يهودي ولا نصراني يسمع بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم يموت ولم يؤمن بما جاء به إلا كان من أصحاب النار) وتأمل قوله: (يسمع) حيث علق الحكم بالسماع لأن الواجب عليهم إذا سمعوا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يؤمنوا به فإنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبنائهم ولكنهم استكبروا وعاندوا أيها الأخوة إياكم أن تلينوا مع قوم قال الله فيهم (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
لا تنخدعوا بما فتح الله عليهم من خزائن الدنيا وما علمهم من الصنائع عليكم بدين الإسلام تمسكوا به عقيدة وقولاً وعملاً فعلاً وتركاً وبذلك تسودون العالم كما ساده أسلافكم إياكم أن تنجرفوا وراء الأهواء التي ليس لها أساس من دين الله عز وجل اسمع كلام اليهود والنصارى بعضهم لبعض قالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود علي شئ ونحن نقول ليست اليهود على شئ ولا النصارى على شئ وإنما الدين دين الإسلام فقط إذاً يجب أن نحذر من كلمة الأديان ثلاثة لماذا لأنها لم تذكر في القرآن ولا في السنة ولا في كلام السلف والأديان السابقة لدين الإسلام كلها منسوخة ليست ديناً،،
هذه هي الحقيقة الواقعة التي يجب علينا أن نؤمن بها وأن لا تلين غصوننا لمثل هذه الدعاوى الباطلة ولا يضرنا أن نذكر بما فعل اليهود مع النبي صلى الله عليه وسلم حين نقضوا العهد أو نذكر بما فعل النصارى في الحروب الصليبية وغيرها وبما فعلوا أخيراً في البوسنة والهرسك وبما يفعلون الآن في الشيشان لأن الروس ليسوا كلهم شيوعيون بل منهم نصارى حاقدون منهم نصارى حاقدون على الإسلام كما يحقد الشيوعيون اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة اجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا فيه.
وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم(/)
نظم اختيارات شيخ الإسلام ابن تيميه للعلامة الشيخ سليمان بن سحمان ـ رحمه الله ـ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[27 Dec 2005, 04:20 م]ـ
على هذا الملف
ـ[الجعفري]ــــــــ[09 Jan 2006, 08:34 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[02 May 2006, 10:15 ص]ـ
بارك الله فيك(/)
من هو القرطبي مؤلف: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد .. ؟
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[28 Dec 2005, 03:23 م]ـ
من هو القرطبي مؤلف كتاب الإعلام في الرد على النصارى؟
بقلم: سمير القدوري
وقع لجماعة من المعنيين بالتراث العربي لبس بشأن هوية " الإمام القرطبي" المبهم اسمه صاحب كتاب الإعلام, بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام. فلما وقفت على هوية المؤلف الحقيقي وجب إحقاق الحق و إرجاع الفضل إلى أصحابه ورفع ذلك اللبس الذي لايزال مستمرا إلى اليوم في ما يكتب و ما ينشر من بحوث حول تاريخ الجدل الإسلامي المسيحي.
لنبدأ بعرض ومناقشة أولائك الذين غلطوا في أمر القرطبي, وأقدمهم وفاة هو إسماعيل باشا البغدادي الذي نسب الكتاب المذكور إلى أبي عبد الله محمد بن أحمد بن فَرْح الأنصاري القرطبي (ت.671هـ) مفسر القرآن الكريم. ثم تابع البغداديَّ على هذا القول المستشرقُ الألماني كارل بروكلمان في الملحق الأول على كتابه تاريخ الأدب العربي.
ثم أخذ بقوليهما بعد ذلك, الدكتور القصبي محمود زلط فقال عند تعداده لكتب القرطبي المفسر ما نصه:" ومنها: الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد و الأوهام و إظهار محاسن دين الإسلام, ولقد أشار البغدادي إلى هذا الكتاب في هدية العارفين, وحدد بروكلمان مكان هذا الكتاب فذكر في كتابه تاريخ الأدب العربي أنه يوجد منه نسختان خطيتان بمكتبة كوبريلي بتركيا تحت رقم 794 - 814". وعن هؤلاء الثلاثة انتشرت نسبة كتاب الإعلام إلى القرطبي المفسر في الدراسات العربية, فرغم أن الكتاب حقق كاملا مرتين, الأولى من طرف أحمد حجازي السقا سنة 1980م , الذي تردد بعض الشيء في نسبة الكتاب إلى القرطبي المفسر, و الثانية من طرف الباحثة فايزة سعيد صالح عزام, في نطاق رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى للعام الجامعي 1405هـ و الباحثة بدورها تنسب الكتاب للقرطبي المفسر تقليدا لأسلافها في هذه القضية.
وحقق الكتاب جزئيا ثلاث مرات على الأقل, من طرف كل من:
- عبد الله الخلائفي محقق القسم الثاني من الكتاب.
- علي بو عمامة من جامعة ستراسبورغ بفرنسا عام 1978م.
كل هؤلاء لم يفلحوا في تجاوز ما قاله البغدادي و كارل بروكلمان, ونحن نفند إن شاء الله ما ذهبوا إليه من ثلاثة وجوه.
الوجه الأول: يلاحظ القارئ لكتاب الإعلام اختلاف أسلوب صاحبه و أسلوب القرطبي المفسر.
الوجه الثاني: يلاحظ اختلاف جوهري بين مؤلف الإعلام و بين القرطبي المفسر فيما يتعلق بمسألة إعجاز القرآن, فحينما يقول صاحب الإعلام بالصَّرْفة أي" أن البشر قد صرفوا عن الإتيان بمثل القرآن, بل عن الإتيان بآية طويلة من آياته". في حين كان القرطبي المفسر يرفض تماما هذا المذهب ويقول في شأنه:" وهذا فاسد لأن لإجماع الأمة قبل حدوث المخالف, أن القرآن هو المعجز, فلو قلنا إن المنع و الصَّرْفَة هو المعجز لخرج القرآن عن أن يكون معجزا, وذلك خلاف القرآن". فنحن نرى أن مذهب القرطبي المفسر على النقيض تماما من مذهب مؤلف الإعلام في قضية من أمهات المسائل العقيدة الإسلامية وهذا ليس دليلا هينا على استبعاد كون المفسر مؤلفا لكتاب الإعلام.
الوجه الثالث: أننا لم نجد أحدا, قبل البغدادي, ممن ترجم للقرطبي المفسر ذكر أن له كتابا في الرد على النصارى يسمى الإعلام.
ثم جاء الباحث بول دوفيلار ( Paul Devillard) ليطلع علينا في رسالته للدكتوراه برأي طريف, حيث صرح بأن مؤلف الإعلام هو الفقيه أبو جعفر أحمد بن نصر الروادي (كذا) مؤلف كتاب الأموال (كان لايزال مخطوطا بالأسكوريال في نسخة (عدد 1165) كتبت عام 677هـ) , فلما اعتقد أن كتاب الأموال ألف سنة 677هـ, و ادعى أن كتاب الإعلام ألف سنة 684هـ استنادا على غلط ورد في فهرست خزانة كوبريلي, تجرأ فقال بما أن كتاب الأموال به بعض النصوص بشأن أحكام أهل الذمة, فلن نجد في القرن السابع عالما يمكن أن يؤلف الإعلام خيرا منه.
وهذا ليس بشيء يعتمد عليه أو يستحق أن يلتفت إليه ونحن نستخرج إن شاء الله ما في قول دوفيلار من أوهام بعضها فوق بعض.
(يُتْبَعُ)
(/)
أولا نحن لا نسلم كلام دوفيلار بشأن كتاب الأموال و مؤلفه لأنها معلومات غير صحيحة نقلها الباحث حرفيا من كتاب الأدب الدفاعي و الجدلي لشتاينشنيدر ( M. Steinscneider) الذي تصحفت عنده نسبة صاحب كتاب الأموال فجعلها الروادي, بينما صوابها الداودي.
و الداودي صاحب كتاب الأموال عالم مالكي معروف (أدرك القرن الخامس الهجري) مترجم له في كتاب ترتيب المدارك للقاضي عياض بما نصه:" أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي من أئمة المالكية بالمغرب ( ... ) أصله من المسيلة و قيل بسكرة. عاش في طرابلس ثم انتقل إلى تلمسان و كان له حظ من اللسان و الحديث و النظر. و ألف ( ... ) كتاب الأموال ( ... ) توفي بتلمسان سنة ثنتين و أربعمائة".
فلا يخفى بعد هذا ما في كلام شتاينشنايدر من غلط و خلط. وقد وقفنا بالخزانة العامة بالرباط على نسخة ثانية من كتاب الأموال للداودي (عدد 98 أوقاف) كتبت حوالي540هـ, فلا مجال بعد هذا للقول بأن كتاب الأموال ألف سنة 677هـ التي لا تعدو أن تكون تاريخ نسخ مخطوطة الأسكوريال (1165).
وكذلك لا نسلم قول دوفيلار بأن كتاب الإعلام قد فرغ من تأليفه سنة 684هـ لسبب واحد كاف في الدلالة على أن دوفيلار لم يمعن النظر أثناء قراءته لمقدمة الإعلام, إذ يقول المؤلف فيها ما نصه:" فقد وقفت وفقك الله على كتاب كتب به بعض المنتحلين لدين الملة النصرانية سماه تثليث الوحدانية بعث به من طليطلة - أعادها الله- إلى مدينة قرطبة حرسها الله".
فهذا النص يشهد بأن المؤلف قد كتب الإعلام قبل سنة 633هـ تاريخ سقوط قرطبة في يد النصارى, فلو كان يكتب بعد هذا التاريخ (في سنة 684هـ كما ظن دوفيلار) لوجب أن يقول:" مدينة قرطبة أعادها الله". ونحن سنقيم فيما بعد الدليل على ما يؤيد كلامنا هذا.
ورغم أخطاء دوفيلار الذي نسب كتابا ألف في القرن السابع الهجري إلى عالم مالكي توفي مع مطلع القرن الخامس الهجري , فقد لقيت رواجا لدى ميكل دي إبالثا ( M. de Epalza) , و لويس كاردياك ( Louis Cardillac) .
يرجع الفضل للدكتور بيتر شورد فان كونينكسفلد ( P.S.Van Koningsveld) في لفت انتباهي إلى وجود مخطوطة ثالثة من كتاب الإعلام بالخزانة الحسنية بالرباط. وهي مخطوطة نسخت بجزيرة جربة التونسية عام 1142هـ. ومن خاتمة الناسخ استنبط فان كونينكسفلد أن القرطبي مؤلف الإعلام كان حيا سنة 628هـ, وأنه ألفه قبل سنة 617هـ.
بعد هذا التمهيد نأتي الآن إلى مسألة تحديد هوية المؤلف الحقيقي للكتاب وسنبدأ من حيث انتهى الدكتور فان كونينكسفلد, أعني ما جاء بآخر النسخة المخطوطة من كتاب الإعلام بالخزانة الحسنية (رقم 83) حيث قال الناسخ:" وكان الفراغ منه أواخر يوم الخميس, أواخر شهر جمادى الأولى سنة 1142هـ بجزيرة جربة. وأما الفراغ من نسخ أصله (فكان) ضحوة سادس يوم من شعبان سنة 726هـ بدمشق المحروسة. ووجدت على الأصل المنتسخ منه ما صورته: قرأته على الإمام العالم الزاهد مصنفه رضي الله عنه, بتاريخ مفتتح عام 628هـ, وكتب الحقير العبد الفقير إلى الله أحمد بن يوسف السلاسي.
ووجدت على الأصل أيضا: بلغت المقابلة بالمبيضة و الحمد لله وحده وذلك على يد الفقير إلى مولاه, الغني به, أحمد بن عمر في العشر الأُوَل لمحرم سنة 617." انتهى كلام الناسخ.
أول شيء خطر ببالي بعدما و قفت على هذا النص أن أحمد بن عمر ربما كان هو المؤلف اعتبارا لعدة أمور. أولها أن المؤلف يرد على كتاب " تثليث الوحدانية" الذي بعث به إلى قرطبة أحد النصارى من مدينة طليطلة. فكان على المؤلف الإعلام قبل قيامه بإرسال الجواب إلى طليطلة أن يحتفظ لنفسه بنسخة من الإعلام مصححة و مقابلة على المبيضة, و يسجل اسمه (أحمد بن عمر) وتاريخ فراغه من مقابلتها على المبيضة (10محرم سنة 617هـ).
وهذا الفرع هو الذي قرأه أحمد بن يوسف السلاسي على المؤلف سنة 628 هـ , و ينتشر عنه الكتاب.
فهل هناك عالم قرطبي اسمه أحمد بن عمر عاش في القرن السابع و قام الدليل على أنه ألف كتابا في الرد على النصارى يسمى الإعلام بما في دين النصارى من الفساد و الأوهام؟
ولما شرعت في البحث لفت انتباهي و أنا بمنزل صديقي مصطفى ناجي رحمه الله, كتاب تلخيص صحيح مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي (ت.656هـ). فظهر لي أولا تطابق اسمه و عصره وبلده الأصلي مع ما أبحث عنه, لذلك قمت أول الأمر بمقارنة أسلوب خطبة كتاب تلخيص صحيح مسلم بأسلوب مقدمة كتاب الإعلام, و وجدت بين الأسلوبين تشابها غريبا, فرجعت إلى كتب التراجم للبحث فيها عن ذكر لكتاب الإعلام في مصنفات أبي العباس القرطبي صاحب تلخيص كتاب مسلم, فلم أجد فيه على كثرتها شيئا مما أملته.
بعد هدا قررت البحث عن ذكر لكتاب الإعلام في مصنفات أبي العباس القرطبي ووجدت الأمر كما حدست إذ أحال على كتابه في الرد على النصارى في عدة مواضع من كتابه المفهم كما يجده القراء مفصلا في مقال لي بالأسبانية نشر بمجلة القنطرة:
Identificacion de "Al-Qurtubî" autor de al-I'lâm
bimâ fî dîn al-Nasârâ min al-Fasâd wa-l-awhâm.
Al-Qantara. XXI, 1 (2000) 215-19.
و للمزيد من التفاصيل عن القرطبي وحياته العلمية يرجع لمقال جديد سيظهر قريبا إن شاء الله بمجلة مكتبة الملك فهد الوطنية.
----.
Geschichte der arabischen Litteratur, Leiden, 1937, SI, 737 Brocklmann, C.,
كتاب شتاينشنيدر: Polemishe und apologetische Literatur; Leipzig, 1877,p 27 .
ترتيب المدارك تحقيق أحمد بكير محمود, بيروت, المجلد 4, ص 623 - 624. والديباج المذهب لابن فرحون, رقم 31.
الإعلام ص 43.
De Epalza. M.,"Note pour une histoire des polémiques anti-Chrétiennes dans l'Occident musulman",Arabica, XVIII,1 (1971),p99- 106 .cf.,p104.
Morisques et Chrétiens, Paris 1977, p 216.
Van KONINGSVELD,P.S.," la Apologia de al-Kindî en la Espana del siglo XII", Actas del II Congreso sobre los mozarabes; Toledo 1989, 110- 111.(/)
دعوة للتفكر ... للاستشعار والتأمل. دعوة للاعتبار.!
ـ[الموحد 2]ــــــــ[30 Dec 2005, 02:07 ص]ـ
... *** ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم، إنها دعوة للتفكر .. للاستشعار والتأمل. دعوة للإعتبار ... ودعوة أيضاً للشكر والحمد والثناء والتمجيد ..
فهل من مشمر؟
تعالوا لننشط ونتعاون سوياً على التفكّر .. ! نريد أن نشكر الله جل وعلا سويَّاً.
نريد من كل واحد أن يدلَّ أخيه وصاحبه على خالقه ومعبوده .. !
لقد ملَّت القلوب من التأمل والتفكر في قضاياها الدنيوية ... وحاجاتها الشخصية .. ! حتى بلغت درجة الوسواس .. !
هلاَّ كان للمنعِم جل وعلا نصيبٌ من هذا التفكر والإستشعار؟ أليسَ هو الأحقُّ والأجدرُ بأن تعمل جميع جوارحنا فيما يرضيه؟
قال تعالى:
((أيود أحدكم أن تكون له جنة؟ من نخيل؟ وأعناب؟ تجري من تحتها الأنهار!؟ له فيها من كل الثمرات؟ وأصابه الكبر! وله ذرية! ضعفاء! فأصابها إعصار! فيه نار! فاحترقت! كذلك يبين الله لكم الآيات ... لعلكم تتفكرون!؟))
البقرة 266.
إخواني هذه دعوة لإعمال الفكر في نعمة من نعم المولى جل وعلا، على أبداننا وعلى أوقاتنا ..
وهي نعمة عظيمة .. إنها نعمة جليلة.
إنها نعمة يعصي الله جل وعلا بها الكثير الكثير من عباده ولا يزال سبحانه رحيمٌ لطيفٌ بهم .. !
وقد اصطفاك الله من بين هؤلاء كلهم بأن لا تعصيه بها .. وسيختصك بأن تتعرف على هذه النعمة .. فكن معي قليلاً.!
... (السبابة والإبهام) ... !
باختصار يا أخي:
الخطوات التي تستطيع أن تتعرف من خلالها على هذه النعمة .. وهي بسيطة جداً، لا تأخذ منك نصف دقيقة .. !
1. أقبض على السبابة بالإبهام. (ألصق السبابة ببطن الكف، ثمَّ شدَّ عليها بالإبهام، بحيث تكونان متقاطعتين).
2. أفعل نفس هذه الطريقة باليد الأخرى.
3. تصوَّر الآن أنه ليس معك إلا 6 أصباع، بدلاً من الـ 10 السابقة.
4. (السبابة والإبهام) في يديك اليمنى واليسرى غير موجودتين.
وأنت الآن تعيش بـ 6 أصابع فقط (الخنصر، البنصر، الوسطى).
5. حاول أن تغلق أو تفك زرار ثوبك .. أوَّل زرار الموجود حول الرقبة؟
(طبعاً لابد أن لا يكون هذا الزرار طق طق:)) ..
6. أتمنى أن لا تواصل قراءة الموضوع، إلا إذا أيست من عملية إغلاق الزرار أو فكه ..
أو واصل القراءة بعد عدة محاولات.
لن تستطيع أن تفعل ذلك .. !
ولكن أعلم وتيقن أنه قد يمكَّنك الله جل وعلا من إغلاقه أو فكه .. بعد مشقة وجهد ونصب وتعب وإعياء .. !
تصور يا أخي .. لو أن الله سلبك هاتين النعمتين .. فماذا ستفعل .. ؟
وكيف ستكون حياتك .. ؟ وإلى ماذا ستتحول هذه الحياة .. ؟
وكيف ستستعد لمقابلة الناس .. ؟
وكم ستحتاج من الوقت لكي تلبس ثوبك قبل المناسبة التي ستذهب إليها .. ؟!
يا أخي تصور الآن أن جوالك يتصل .. وإذا به أحد أحبابك، ويخبرك بأنه واقف عند الباب ينتظرك في الأسفل ..
وأنت قد فقدتك سبابتك وإبهامك، وتعيش بالأصابع الـ 6 فقط .. !
قمت فوراً وارتديت حذائك، ولبست شماغك وعقالك، والآن تلبس الثوب .. وفجأة أنت لا تستطيع أن تغلق الأزرَّة .. ؟!
يالله .. ماذا ستفعل .. ؟ وماذا سيقول عنك الناس .. ؟! وصاحبك ينتظرك بالخارج .. ؟
وأنت في معركة عنيفة .. واقف أمام المرآة .. وقد احتدم الصراع بينك وبين الأزرَّة .. تريد إغلاقها فلا تستطيع .. ! تحاول بشتى الوسائل والطرق .. للأسف الأزرَّة لايمكن إغلاقها .. !
ألا ترون الآن أيها الأحبة أن (السبابة والإبهام) نعمتان عظيمتان تقف وتتعطل عندهما الكثير من أمور الحياة!؟
هذه نعمة واحدة فقط، في زرار الثوب فقط، ومن خلال أصبعين فقط ... فكيف لو تأملنا وتفكرنا في ما سوف نفقده ولن نستطيع إتمامه ونحن نعيش بغير هذين الأصبعين بغير الزرار والثوب .. ؟!
فاللهم ألهمنا شكر النعم ..
بل إذا أردت أن تتعرف على نعمة أجل وأكبر من هذه النعمة .. فغمض عينيك الآن ..
تُرى هل تستطيع مواصلة القراءة في هذا الموضوع؟
أغمض الآن يا أخي لمدة 10 ثواني فقط ثم افتحها .. ؟
مالذي رأيتَ!؟
ظلامٌ وسوادٌ قاتم وحالك .. مربَّع الشاشة في عينيك، دوائر ومربعات وألوان، وصور تعبيرية .... إلخ ما رأيت.
ولكن! وأنت بهذه الحالة. هل تستطيع إغلاق هذا المتصفح .. ؟
هل تستطيع الخروج من هذا المنتدى .. ؟
هل تستطيع إغلاق جهازك .. ؟
هل تصدق يا أخي أن هناك من يجمع بهاتين النعمتين السيئات والمعاصي؟
فمنهم من يكتب الكلمات السيئة والعبارات القبيحة بهما .. ! ومنهم من يدخن بهما .. ! ومنهم من يسرق بهما .. !
ومنهم من يؤذي خلق الله بهما .. ! ومنهم من يزني بعينيه .. !، ومنهم، ومنهم ..
فاحمد الله جل وعلا أنه لم يجعلك من هؤلاء .. ثم احمده على أن عرَّفك ببعض نعمه.
فكيف لو أطلعك على الباقي .. !؟
ولكن الله جل وعلا قد حجب عنَّا الكثير والكثير من نعمه وجعلنا في نفس الوقت نتقلب فيها، وأعطانا من العقول والقلوب والأوعية التي نفكر من خلالها .. فهل نحن ممن استعمل قلبه وعقله فيما يرضي ربه أم فيما يسخطه!؟
أجب نفسك .. بنفسك .. وأنت خصيمها .. !
هل ستعصي الله جل جلاله وتبارك وتعالى بعد عرفت قدر هاتين النعمتين؟
أما عن الطريقة التي تستطيع أن تحمد وتشكر خالقك بها يا أخي على نعمتا السبابة والإبهام والعين ... ؟
بل وغيرها من النعم .. فعليك بهذا، عليك به، ولا تفرط فيه:
في السنن 5073 عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، إلا أدى شكر ذلك اليوم، ومن قال حين يمسي فقد أدى شكر ليلته)).
... *** ***(/)
كتاب الرد على أصناف النصارى لعلي بن ربن الطبري (248هـ)
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[03 Jan 2006, 02:41 ص]ـ
أما بعد فهذه أوراق من كتاب الرد على أصناف النصارى لعلي بن ربن الطبري المهتدي للإسلام مؤلف كتاب فردوس الحكمة في الطب وكتاب الدين والدولة في إثبات نبوة خير البشر صلى الله عليه وسلم.
وكان الكتاب قد اكتشف سنة 1934 بخزانة شهيد علي بتركيا على يد الراهب بويج وكتب عنه مقالا في مجلة der islam الألمانية. ثم قام كل من كوتشه وخليفة بنشر تلك النسخة المبثورة منه في مجلة melanges de l'université de st JOSEPH ببيروت سنة 1959م.
وما أنشره هنا من نص قد صححت أغلاط الناسخ الكثيرة التي شابته. ولم يتيسر لي نقل النص المنشور برمته.
وسيرى القارئ النقد الخطير الذي وجهه المؤلف لنص الأمانة التي دون فيه النصارى عقيدة التثليث. وقد ّّّّأثر الكتاب بشكل كبير على الحسن بن أيوب وعلى يحيى وعلى غيره من الكتاب المسلمين.
وإليكم نص الكتاب:
---------.
الرد على أصناف النصارى
لعلي بن ربن الطبري
بسم الله الرحمن الرحيم و ما توفيقي إلا بالله.
قال الفقير إلى الله الراجي عفوه و مغفرته (علي بن ربن المهتدي)
الحمد لله رب العالمين, وصلواته على أنبيائه أجمعين, و آلهم الطيبين الطاهرين, و ذريتهم تترا إلى يوم الدين, وهو حسبي (ونعم الوكيل) أما بعد فإن من شأن كل ذي دين أن يفضل دينه [و لا] يحب دينا غيره. ولا سبيل إلى معرفة الأفضل من الأرذل إلا باختبار, ولا يكون الاختبار إلا بالعقل, و لولا العقل لما عرف أن لنا صانع , وأنه إله واحد فرد صمد قديم أزلي, وأنه غلوب وهوب. و من لم يستعمل العقل جهل, ومن جهل فقد ضل, ومن ضل فقد كفر. ولقد دعاني القديم من ذلك إلى أن ألفت كتابي هذا للتنصل من دين النصرانية, و الإعذار و النصيحة للنصارى كافة, ولئلا يقول قائل منهم أو من غيرهم أني إنما تركت دين النصرانية, الذي كنت عليه من أول عمري إلى أن بلغت من العمر سبعين سنة, ورغبت في دين الإسلام الحنيفي, كي أبيع دنيا بدين أو سرورا بغرور. بل ما توخيت فيما ألفت من كتابي هذا إلا القربى إلى الله عز وجل, و الإعذار و الإنذار إلى كافة النصارى, و رجوت أن يكون ذلك على طريق النصيحة لهم, وإن كنت لا أشك أنهم يردون وجوههم عنه و آذانهم, وينقلبون ولا يقبلون, وأفوز بأجر الناصح (7) المأجور, ويبوء من تأبى وذمني, بإثم المعاتب الموزور, وما ذلك بمانع أهل الشفقة و المحبة من تأدية الحق وإبداء العذر, وأن الرجل ربما دعته الشفقة والرأفة على ولده أن يسقه الأدوية المرة الكريهة المنتنة بل ربما اعتراه في جسده داء فقطع عضوا من أعضائه مخافة أن يسري في جسده كله فيهلكه, وما أيسر هلاك البدن, وهو الغم العاجل, وأما هلاك النفس فهو خسران الأجل كما قال المسيح عليه السلام لتلامذته (لا تخافوا قلة الأبدان بل اتقوا قلة الأنفس المكذبة المضلة)
و ليس قصدي, فيما أتيت به وأثبته في كتابي هذا, رد على المسيح عليه السلام ولا على أهل حقه بل على من خالف المسيح و الأناجيل و حرف الكلمات من صنوف النصارى. و لن يتصفح كتابي هذا مسلم إلا ازداد سرورا بالإسلام, ولن يقرأه نصراني إلا وقع بين أمرين عظيمين. إما مفارقة دينه, ومعاتبة سره, وإما الإعتاب على ما هو عليه, و الشك فيه ما تبقى من عمره لما يتضح عنده من حجة العقل و صحة النقل إن شاء الله تعالى. وأنا ذاكر أولا دين الإسلام, ثم أسأل النصارى عن سبع مسائل سميتها المسكتات العواذل لأنها تسكت المسؤول المنصف و تبكته, و لأن النصارى إن وافقوني عليها خرجوا من دينهم الذي يدينون به, وإن خالفوني خالفوا التوراة والإنجيل. ثم أتبع هذه المسائل مسائل أخر تقوية للسبع الأول, وأذكر بعد ذلك سبعة أوجه من التناقض التي وجدتها في شريعة إيمانهم. ثم أذكر أصناف النصارى وما يلزم كل صنف من الحجة في مذهبه, وأشرح ما معنى الأبوة والبنوة و الحلول, بوجه من البراهين لا مخرج لهم منها ولا محيد عنها, وأفسر بعون الله تعالى الكلمات التي تأولوها بخلاف معانيها (في الإنجيل) , وأذكر التحريف و الفساد الموجود فيها. فأنا أثبت جميع ما احتجوا به من كتبهم بالسريانية بعينها لئلا يشعر شاعر أو يحتج معاند إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
و الإسلام هو الإيمان بالله الحي الذي لا يموت الواحد الفرد الملك القدوس الجواد العدل, إله إبراهيم و إسماعيل و يعقوب و عيسى’ وسائر النبيين, و إله الخلق أجمعين, الذي لا ابتداء له ولا أنداد ولا أولاد ولا أتراب ولا أنساب , وأنه خالق الأشياء كلها, لا من شيء ولا على حد, ولا مثال بل كيف شاء, وبأنه قال لها كوني فكانت على قدر واحد, وهو القدير الرؤوف الوهوب الذي لا يظلم مثقال ذرة, ولا يشبهه شيء في الأرض ولا في السماء, وهو الغالب الذي لا يغلب, والجواد الذي لا يبخل, و العالم الذي لا يجهل. لا يفوته ظلم ظالم, ولا تخفى عليه خافية, يعلم ما يلج في الأرض, وما يخرج (8) منها وما ينزل من السماء, وما يعرج فيها وكل له قانتون, وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نبيه ورسوله, وكذلك موسى, وعيسى صلوات الله عليهم أجمعين, و سائر الأنبياء لا نفرق بين أحد من رسله, و أن الساعة آتية لا ريب فيها و أن الله يبعث من في القبور. وأن الأبرار لفي نعيم و أن الفجار لفي جحيم. فهذه شريعة أهل الإسلام و دينهم.
[المسائل السبع المسكتات]:
و أول المسائل المسكتات: أنا نسأل النصارى عن هذا التوحيد الذي شرحته, والإيمان الذي وصفته هل هو حق أم باطل؟ فإن قالوا حق, فالذي هم عليه باطل لأنهم يؤمنون بثلاثة آلهة, بل أربعة, وهم الاب والابن و الروح القدس, و إنسان أزلي وهو يسوع المسيح. و حقيقة ذلك في شريعة إيمانهم التي أنا مفضح لها و مبدي سرها, و أنها تنطق بأن يسوع المسيح مخلوق وليس بخالق كما يقولون, فإن قالوا أن ما شرحت في التوحيد باطل, كفروا بما جاء به موسى و عيسى و سائر الأنبياء عليهم السلام, وكلهم موحد مخلص. قال الله تعالى لموسى عليه السلام في التوراة- وكل النصارى يشهدون بها- (إنني أنا الله" أهيا أسر أهيا" إله إبراهيم و إله إسحاق و إله يعقوب هذا اسمي إلى الأبد, وهذا ذكري إلى دهر الداهرين) و قال في السفر الثاني (أنا الرب إلاهك فلا تعبد إلاها غيري, ولا تسجد له, ولا تشبه بي شيئا مما في السماء ولا مما في الأرض ول مما تحت الماء).
وقد كان يسوع المسيح – صلوات الله عليه- في الأرض, فمن قال إنه الله, فقد عصى الله. و قال لموسى عليه السلام – في تسبيح- له (أنا الله-عز وجل- واعلموا أني أنا وحدي وأني أنا أميت وأحيي وأنا أسقم وأنا أشفي ولا ينجو مني ناج). وافتتح متى الإنجيل الأول فقال (كتاب مولود يسوع المسيح ابن إبراهيم) وهذا إقرار بأن الله قديم لا يتولد, فإن المتولد محدث, وليس الله محدثا بل هو محدث كل حادث. و قال متى تلميذ المسيح في الفصل الرابع من إنجيله أن (رجلا قال للمسيح أيها الحبر. فقال المسيح مجيبا له لم سميتني حبرا ليس الحبر إلا اله وحده) وقال يوحنا في الفصل السادس (9) عشر من إنجيله (أن المسيح رفع بصره إلى السماء وتضرع إلى الله وقال إن الحياة الدائمة, يجب للناس أن يعلموا أنك أنت الله الواحد الحق وأنك أنت أرسلت يسوع المسيح). فهذا هو التوحيد المحض المصرح, و الاعتراف بأنه مبعوث, وهذا إيمان المسيح وجميع الأنبياء عليهم السلام (لا ما افتراه ضلال النصارى) اغترارا شديدا و جرأة على الله المجيد. فإن قال قائل منهم "إن المسيح وإن كان وحد واعترف أنه مبعوث كما في الإنجيل فقد اعترف في غير موضع أنه الأزلي الخالق", فقد شنع على المسيح أقبح التشنيع ونسبه إلى التناقض باعترافه مرة بأن الله واحد وأنه مبعوث, وادعاؤه بعد ذلك أنه خالق أزلي. والمسيح برئ من ذلك, ومن نسبه إلى ما يليق بالعقل. لأن الإنجيل نطق أنه قال (إني لم أجئ أعمل لمشيئتي بل لمشيئة من أرسلني) وقال متى تلميذ المسيح في إنجيله (أن الشيطان دعا المسيح أن يسجد له وأراه ممالك الدنيا و زبررجدها وزخرفها ثم قال اسجد لي لأجعل هذا كله لك فقال المسيح عليه السلام إنه مكتوب ألا تعبد إلا الرب إلاهك ولا تسجد لشيء سواه).
(يُتْبَعُ)
(/)
المسألة الثانية من المسكتات: أنا نسألهم عن ما وصف به المسيح نفسه هل يكون محقا في بعض و مبطلا في بعض؟ فإن قالوا "إنه محق في بعض ذلك, ومبطلا في بعضه" كفروا به و كذبوا بأخباره, وإن قالوا إنه محق في جميع ذلك, فقد أقروا بأنه مبعوث, وأنه مربوب, وأن الله واحد فرد كما قدمت وبينت من قوله, وهذا خلاف لما في شريعة إيمانهم التي تقول " إنه إله حق من إله حق" فمن قال في المسيح بمثل ما قال في نفسه فهو المؤمن به, ومن قال فيه بخلاف ما وصف به نفسه فهو المخالف المغرور, لأن المسيح قال عن نفسه [في] ما حكاه عنه يوحنا في آخر إنجيله (ها أنا ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم) , وقال [متى] في الفصل الرابع من إنجيله أن المسيح قال لتلامذته (من قبلكم وآواكم فقد قبلني , ومن قبلني فإنما يقبل من أرسلني, ومن يقبل نبيا باسم نبي فإنما يفوز بأجر من قبل النبي) وقال يوحنا التلميذ في الفصل الخامس من إنجيله (إنني لم أجئ أعمل لمشيئة نفسي بل لمشيئة (10) من أرسلني, ومشيئته أن لا أضيع شيئا مما وهبه لي) فهذا الإقرار بأنه موهوب مبعوث و ليس بجحود.
الثالثة من المسكتات: أنا نسألهم عن الأزلي الخالق هل يتغير عن حال قدمه و جوهريته و تحاف عليه الأمراض والموت أم لا؟
فإن قالوا إنه يتغير أو يموت, فقد مات إيمانهم, وكان قائل هذا القول كمن شبه الله تعالى بالأنعام, وكمن شبه المسيح بالكلاب والخنازير, وكمن شبه إشعياء النبي بالحمر والبقر في قوله في كتابه (عرف الثور من اقتناه, والحمار مربط ربه, ولم يعرف بنوا إسرائيل قدر ذلك).
وإن قالوا" إن الأزلي الخالق لا يتغير ولا يموت" خالفوا شريعة إيمانهم, ومن خالفها كان عندهم كافرا بها, فإنها تقول"إن يسوع المسيح خالق غير مخلوق, وأنه إله حق من إله حق من جوهر أبيه, وأنه قتل وصلب و أولم" فإلههم إذا قد تغير ومات, وأنا موضح فساد هذه الشريعة و تناقضها, وأنها [لا] تثبت للحق بل تنتثر انتثارا , وإذا صح فسادها فسد الإيمان, ومن أقام على إيمان فاسد أقام على غرر عظيم.
الرابعة من المسائل المسكتات:
أنا نسألهم عن هذه الشريعة - التي لا اختلاف بين جماهيرهم فيها, ولا يتم لهم قربان إلا بها- هل هي حق من أولها إلى آخرها, أو باطل كلها أو بعضها حق وبعضها باطل؟ فإن قالوا" بعضها حق و بعضها باطل", أبطلوا بعض الإيمان وكفروا به, وفي بطلان بعضه فساد كله, وإن قالوا هي حق من أولها إلى آخرها, فمفتتح [تلك الشريعة] يقول " إنما نؤمن بالله الواحد الاب مالك كل شيء, وصانع كل ما يرى, وما لا يرى", فإن كان ذلك صحيحا فالمسيح إذا مخلوق مبعوث, لأنه لا يخلو أن يكون من الأشياء التي ترى أو من الأشياء التي لا ترى, فمن أيها كان فهو مخلوق, والله خالقه لقول شريعة الإيمان" إن الله خالق من يرى ومن لا يرى", وإن احتج محتج و قال"إن في آخر الشريعة بعينها ما يشهد لهم بأن المسيح هو أيضا إله حق من إله حق, وأنه خالق كل شيء" كان الجواب فيه, إن كان آخر شريعتهم موافقا لأولها فالأمر كما قلناه, وإن كان آخرها مخالفا لأولها فالشريعة إذا فاسدة متناقضة, وإذا فسدت الشريعة فسد الإيمان بها, وضل المؤمنون بها, ولا أعلم من الهثهاث و الهث شيئا أشنع من أمة تقوم بين يدي إلهها فترفع أصواتها فتقول" نؤمن بأنك أنت الله الواحد وأنك خالق كل ما نرى وما لا نرى" ثم يقولون" نعم يا رب و نؤمن بإله آخر هو خالق الأشياء كلها مثلك" ولو خاطب رجل بمثل هذا الخطاب سيدا أو سلطانا لكان ذلك سخفا منه (11) واستخفافا بقدرته فكيف بمن يخاطب بمثل هذا القول الخلاق العليم تعالى الله عن مثل هذا القول.
الخامسة من المسائل المسكتات:
أنا نسألهم عن المسيح هل هو الخالق الأزلي كما في شريعة إيمانهم أم هو إنسان مصطفى كما في شريعة إيماننا أم هو إله و إنسان كما قالت طوائف منهم؟ فإن قالوا هو إنسان مخلوق مبعوث, وافقوا المسلمين في شريعة إيمانهم, وإن قالوا بل هو إله خالق أزلي, خالفوا الإنجيلات و غيرها من الكتب, وكفروا بها. فقد قال متى في الفصل الثامن من إنجيله- يستشهد بنبوءة إشعياء- (بشأن) المسيح –عليه السلام- حين قال عن الله عز وجل (هذا عبدي الذي اصطفيته و حبيبي الذي ارتاحت له نفسي ها أنا ذا واضع روحي عليه و يدعو الأمم إلى الحق) وهذا تصريح بحجة و إشعياء نبي وليس بمتهم, والمحتج بنبوته الإنجيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالعبد لا يكون إلاها والإله لا يكون عبدا كما وسمتموه, فتدبروا ذلك أيها النصارى. وقد قال مارقس التلميذ في إنجيله إن المسيح قال وهو على الخشبة (يا إلهي (لم) خذلتني) وذلك آجر كلام تكلم به في الدنيا, وقال متى في الفصل العشرين من إنجيله أن المسيح تناول خبزة فكسرها وناول الحواريين كسرة وقال (هذا لحمي وناولهم كأسا فيها مشروبا وقال هذا دمي). ومن كان له لحم ودم فهو جسم, وكل جسم له طول وعرض وعمق, وما كان كذلك فهو مذروع موزون, والله جل جلاله لا يذرع ولا يوزن لأن كل مذروع متناه محدود, وكل متناه صائر إلى البلا والفساد, وقال لوقا في الفصل الثالث من إ نجيله يصف المسيح عليه السلام إذ كان صبيا فيقول (إن الصبي كان يتربا في قامته وحكمته ويتزيد عند الله وعند الناس) , وقال في هذا الفصل (إن الصبي كان يتربا ويقوى بروح القدس, ويمتلئ حكمة, وكانت نعمة الله ظاهرة عليه) , ومحال أن يقول الأزلي الخالق إن له إلاها, ويقال فيه إنه إذ كان صبيا كانت نعمة إله أزلي آخر ظاهرة عليه. وقال يوحنا في الفصل الخامس عشر من إنجيله أن المسيح قال لتلامذته (12) (إن كلامي الذي سمعتموه هو كلام من أرسلني)
وقال في هذا الفصل (إن أبي أجل وأعظم مني) , وقال يوحنا في إنجيله عن المسيح (كما أمرني ربي فكذلك أفعل فقوموا نمضي (من هذا المكان) فإني أن الكرم الحق و أبي هو الفلاح) وقال في الفصل الرابع عن المسيح أنه قال (أسأل أبي أن يعطيكم فارقليط آخر) (النور المضيء الذي لا يزل عن الطريق, كيف يقال له كذا يقول وهو يشهد عي وأنتم تشهدون وأنا أنبئكم بالأمثال وهو يأتيكم بالبيان) وقال لوقا في آخر إنجيله أن المسيح دخل على تلامذته بعد أن قام من بين الموتى وهم مجتمعون في غرفة قد أغلقوا بابها فارتابوا به وارتاعوا منه وظنوا أنه روح من الأرواح قد ولج بابهم (وعلم المسيح وجلهم من ذلك من ذلك فقال لهم جسوني يا هؤلاء واعلموا أن الأرواح لا يكون لها لحم و عظم مثل ما تجدون لي من اللحم والعظم) وقد علمنا أن اللحم والعظم مصنوعان و أن صانعهما ليس بجسم بل هو مبتدع الأجسام, فمن قال إن المسيح مربوب و أنه كان صبيا يذهب طولا وعرضا وأن من كان كذلك فليس بأزلي خالق بل مخلوق فقد وافق المسيح و تلامذته, ومن قال بخلاف ذلك فهو مخالف لهم أجمعين, ونحن الموافقون لله و لمسيحه, وقد يخرج عليهم من هذا القول كبيرة أخرى أزرى وأشنع من الأولى, وهي أن المسيح إن كان أزليا خالقا كما في شريعة إيمانهم لزمهم أن يجعلوا بعض الرب خالقا أزليا وعضا ميتا مخلوقا لأن المسيح مقر بأنه لحم ودم, فاللحم والدم إذا خالقان أزليان, وقد علمنا أنهما يتولدان على الأغذية والأشربة, وتلك الأغذية و الأشربة أجزاء من أجزاء الدنيا فخالق الدنيا كلها جزء من أجزاء الدنيا, وذلك الجزء بعينه هو خالق نفسه أيضا لأنه جزء من الدنيا التي هو خالق كلها, فهذا أشنع ما يكون من البهتان وأبعد ما يكون من المعقول, ومن قبل ذلك ودان به جعل المخلوق خالفا والخالق مخلوقا كما بينا آنفا وذلك أنهم صيروا اللحم و الدم خالقا أزليا والأزلي الخالق لحما ودما, وبهذا تنطق شريعة إيمانهم لقولها إن المسيح خالق غير مخلوق, ويلزمهم أشنع من هذه, وذلك: إن كان بعض الدنيا هو خالق جميع الدنيا, وبعض الشيء لا يكون موجودا إلا بعد (13) وجود كله وما ليس بموجود, ولا معقول فهو لاشيء, فخالق الدنيا عندهم معدوم غير موجود, ومجهول غير معقول, وإذا كان خالقها غير موجود فهي إذا غير مخلوقة, وأظن أصحاب هذه الشريعة قصدوا إلى هذا المعنى بعينه لا إلى غيره, والمثل في ذلك قول من قال: إن جزءا من أجزاء الإنسان هو خالق الإنسان كله, وقد علمنا أن ذلك اللحم لم يكن قبل الإنسان, وما لم يكن قبل الإنسان فهو لاشيء.
السادسة من المسائل المسكتات:
[أنا] نسألهم عن المسيح هل كان في بلد من البلدان, وفي زمان من الأزمنة أم لا؟. فإن قالوا: إنه لم يكن في بلد ولا [في] زمان, فقد خالفوا الإنجيل, فإن متى التلميذ يقول في أول إنجيله: أن المسيح ولد في بيت لحم المنسوب إلى يهوذا, وأنه ولد في أيام هيرودس الملك , ويقول لوقا في إنجيله أنه وجد في المعلف مقموطا , وقتل في أيام فيلاطوس الملك , ومن كان في زمان من الأزمنة وفي مكان من الأمكنة فالزمان أبدا قبله والأمكنة كانت محيطة به, وما كان كذلك فهو مخلوق, ومتى ثبت أن المسيح مخلوق بطلت شريعة إيمانهم التي تقول: إنه إله حق من إله حق, وأنه خالق كل شيء. لأن الزمان شيء من الأشياء المخلوقة, والزمان قبل يسوع المسيح الذي خلق الأشياء كلها فكيف يجوز أن يكون الزمان قبل خالق الزمان والمكان محيط بمبتدع المكان؟ وهذا من أشنع ما يكون من العائط والبهتان, والمولود الذي ولد في زمان وحصره مكان فهو إنسان ابن إنسان, وعبد ابن أمة, وفي هذا نقض الشريعة, وإبطال الدين ( ... ) وقطعت حججهم ومعاذيرهم فيما اختلقوا.
السابعة من المسائل المسكتات: أني وجدت يوحنا التلميذ يقول في الفصل الخامس من إنجيله (كما كان الاب حياة في جوهره فكذلك أعطى الابن حياة في قوته). وقال يوحنا التلميذ أيضا في الفصل الخامس من إنجيله: (أن المسيح قال: (إني لو كنت أنا الشاهد لنفسي على صحة دعواي لكانت باطلا ولكن غيري يشهد لي وأنا أشهد لنفسي و يشهد (14) لي أبي الذي أرسلني)
[ولنص الكتاب بقية ... ](/)
و قد جائتك أيام الحج أيها العبد الربانى
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[04 Jan 2006, 12:44 ص]ـ
الحمد لله الذي جعل كلمة التوحيد لعباده حرزاً وحصناً، وجعل البيت العتيق مثابة للناس وأمناً، وأكرمه بالنسبة إلى ذاته تشريفاً له وتحصيناً وأمناً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الكعبة البيت الحرام قياماً للناس، والشهر الحرام، والهدي، والقلائد، ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، وأن الله بكل شيء عليم، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، خير نبي اجتباه، وللعالمين أرسله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، اللهم صل، وسلم، وبارك على نبينا محمد، سيد الخلق، وحبيب الحق، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا، وعنهم يا رب العالمين.
في الإسلام، فضلاً عن العقائد التي تعد أساس الدين، عبادات تنظم علاقة الإنسان بربه، ومعاملات تنظم علاقة الإنسان بأخيه، وإذا صحت العبادات ارتقت المعاملات، وكان ارتقاء المعاملات مؤشراً على صحة العبادات، والعبادات تهدف أول ما تهدف إلى السمو بالإنسان نفساً وقولاً وعملاً، عن طريق إحكام الصلة بالله رب العالمين، والاهتداء بهديه، والتنعم بقربه، والتقلب في رحمته، والارتشاف من عذب شرابه، وقطف ثمار فضله، ومن هذا المنطلق شُرعت العبادات الشعائرية، كالصلاة والصيام والحج.
الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة مالية، بدنية شعائرية، وهو تلك الرحلة الفريدة في عالم الأسفار، ينتقل فيها المسلم ببدنه، وقلبه إلى البلد الأمين الذي أقسم الله به، في القرآن الكريم ليقف في عرفات، وليطَّوَّف ببيت الله الحرام، الذي جعله الإسلام رمزاً لتوحيد الله، ووحدة المسلمين، ففرض على المسلم أن يستقبله كل يوم خمس مرات في صلواته، قال تعالى:قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (البقرة: 144)
ثم فرض عليه أن يتوجه إليه بشخصه، ويطوف به بنفسه في العمر مرة واحدة.
إن هذا البيت العتيق هو أول بيت وُضع للناس، هو أول بيت أُقيم في الأرض لعبادة الله، ومجدِّدُ بنائه الخليل إبراهيم وولده الذبيح إسماعيل، وهما الرسولان الكريمان اللذان جعل الله من ذريتهما هذه الأمة المسلمة، واستجاب دعوتهما الخالصة، وهما يُشيدان هذا البناء العتيد، قال تعالى:َإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129)
[سورة البقرة-129 - 127]
قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا دعوة إبراهيم وبُشرى عيسى ابن مريم)).
[ابن سعد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر]
والحج برهان عملي يقدمه المؤمن لربه ولنفسه، على أن تلبية دعوة الله بدافع محبته وابتغاء رضوانه ـ أفضل عنده من ماله، وأهله، وولده، وعمله، ودياره، ومما تتميز به هذه العبادة أنها تحتاج إلى تفرغ تام، فلا تؤدى إلا في بيت الله الحرام.
إذاً لا بد من مغادرة الأوطان، وترك الأهل، والخلان، وتحمُّل مشاقِّ السفر، والتعرض لأخطاره، وإنفاق المال في سبيل رضوانه، وإذا صح أن ثمن هذه العبادة باهظ التكاليف فإنه يصحُّ أيضاً أن ثمرة هذه العبادة باهرة النتائج، حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم: ((من حجَّ فلم يرْفُثْ ولم يفْسُقْ رَجَعَ من ذنوبه كيومَ ولدته أمه)).
[رواه البخاري 1449، ومسلم 1350]
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال أيضاً: ((الحج يهدم ما قبله))، و ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، و ((الحجاج والعُمَّار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم)) حسنه الألباني، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب)). [رواه الترمذي والإمام أحمد عن ابن مسعود [/ size]][/size][/size][/font][/size] يذهب المسلم إلى بيت الله الحرام، ويُخلِّف في بلدته هموم المعاش والرزق، هموم العمل والكسب، هموم الزوجة والولد، وهموم الحاضر والمستقبل، وبعد أن يُحرم من الميقات يبتعد عن الدنيا كلياً، ويتجرَّد إلى الله عز وجل ويقول:" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ".
هذه التلبية كأنها استجابة لنداء ودعوة يقعان في قلبه، أن يا عبدي خلِّ نفسك وتعال، تعال يا عبدي، لأريحك من هموم كالجبال، تجثم على صدرك، تعال يا عبدي لأطهرك من شهوات تُنغِّص حياتك.
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمته مسؤول؟
تعالَ يا عبدي، وذق طعم محبتي .. تعال يا عبدي، وذق حلاوة مناجاتي.
" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ".
تعال يا عبدي لأريك من آياتي الباهرات، تعالى لأريك ملكوت الأرض والسماوات، تعالى لأضيء جوانحك بنوري الذي أشرقت به الظلمات، تعال لأعمر قلبك بسكينة عزت على أهل الأرض والسماوات تعال لأملأ نفسك غنىً ورضىً شقيتْ بفقدهما نفوس كثيرة، تعال لأخرجك من وحول الشهوات إلى جنات القربات، تعال لأنقذك من وحشة البعد إلى أُنس القرب، تعال لأخلصك من رُعب الشرك وذل النفاق إلى طمأنينة التوحيد وعز الطاعة.
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك ".
تعال يا عبدي لأنقلك من دنياك المحدودة، وعملك الرتيب، وهمومك الطاحنة إلى آفاق معرفتي، وشرف ذكري، وجنة قربي، تعال يا عبدي وحُطَّ همومك ومتاعبك، ومخاوفك عندي، فأنا أضمن لك زوالها، تعال يا عبدي واذكر حاجاتك، وأنت تدعوني فأنا أضمن لك قضاءها
فكيف يكون إكرامي لك إذا قطعت المسافات، وتجشمت المشقات، وتحملت النفقات، وزرتني في بيتي الحرام، ووقفت بعرفة تدعوني، وتسترضيني.
" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك، والملك، لا شريك لك".
تعال يا عبدي، وزرني في بيتي، لتنزاح عنك الهام، ولتعاين الحقائق ولتستعد للقاء،
تعال يا عبدي، وطُف حول الكعبة طواف المحب حول محبوبه، واسعَ بين الصفا والمروة سعي المشتاق لمطلوبه، تعال يا عبدي، وقبِّل الحجر الأسود، واذرُف الدمع على ما فات من عمر ضيعته في غير ما خُلقت له، وعاهدني على ترك المعاصي والمخالفات على الإقبال على الطاعات والقربات، " وكن لي كما أُريد لأكن لك كما تريد " كن لي كما أريد ولا تعلمني بما يصلحك، فإذا سلَّمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تُسلِّم لي فيما أُريد أتعبتك فيما تريد،
ثم لا يكون إلا ما أريد خلقت لك ما في الكون من أجلك فلا تتعب، وخلقتك من أجلي فلا تلعب، فبحقي عليك لا تتشاغل بما ضمنته لك عما افترضته عليك.
" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك ".
تعال يا عبدي إلى عرفات، يوم عرفة فهو يوم اللقاء الأكبر، تعالى لتتعرض لنفحة من نفحاتي تطهر قلبك من كل درن وشهوة، وتُصفي نفسك من كل شائبة وهم هذه النفحات تملأ قلبك سعادة وطمأنينة، وتشيع في نفسك سعادة لو وُزِّعت على أهل بلد لكفتهم، عندئذ لا تندم إلا على ساعة أمضيتها في قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
تعال لعرفات يوم عرفة، لتعرف أنك المخلوق الأول من بين كل المخلوقات، ولك وحدك سخرت الأرض والسماوات، وأنك حُمِّلت الأمانة التي أشفقت منها الجبال والأرض والسماوات، وأني جئت بك إلى الدنيا لتعرفني، وتعمل عملاً صالحاً يؤهلك لجنة الخلد، تعال إلى عرفات يوم عرفة، لتعرف أن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر، وأنك إن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فُتُّك فاتك كلُّ شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد أن يذوق المؤمن في عرفات، من خلال دعائه، وإقباله، واتصاله، روعة اللقاء، وحلاوة المناجاة، ينغمس في لذة القرب، عندئذ تصغر الدنيا في عينيه، وتنتقل من قلبه إلى يديه، ويصبح أكبر همه الآخرة فيسعى إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر، وقد يُكشف للحاج في عرفات أن كل شيء ساقه الله له مما يكرهه، هو محض عدل، ومحض فضل، ومحض رحمة، ويتحقق من قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216)
وبعد أن يفيض الحاجُّ من عرفات، وقد حصلت له المعرفة واستنار قلبه، وصحت رؤيته يرى أن السعادة كلها في طاعة الله، وأن الشقاء كله في معصيته عندئذ يرى عداوة الشيطان، وكيف أنه يَعِدُ أولياءه بالفقر إذا أنفقوا، ويخوفهم مما سوى الله، إذا أنابوا وتابوا، ويعدهم، ويمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غروراً، قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (إبراهيم: 22)
عندئذ يُعبِّر الحاج عن عداوته للشيطان تعبيراً رمزياً برمي الجمار، ليكون الرمي تعبيراً مادياً، وعهداً موثقاً في عداوة الشيطان، ورفضاً لوساوسه وخطراته.
يقول الإمام الغزالي: " اعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى في العقبة، وفي الحقيقة ترمي بها وجه الشيطان، وتقصم ظهره، ولا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله تعالى ".
وحينما يتجه الحاج لسوق الهدي، ونحر الأضاحي، وكأن الهدي هدية إلى الله تعبيراً عن شكره لله على نعمة الهدى، التي هي أثمن نعمة على الإطلاق، وكأن ذبح الأضحية ذبح لكل شهوة، ورغبة لا تُرضي الله، وتضحية بكل غالٍ ورخيص، ونفس ونفيس في سبيل مرضاة رب العالمين، قال تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج: 37)
ثم يكون طواف الإفاضة تثبيتاً لهذه الحقائق، وتلك المشاعر، ثم يطوف طواف الوداع لينطلق منه إلى بلده إنساناً آخر استنار قلبه بحقائق الإيمان، وأشرقت نفسه بأنوار القرب، وعقد العزم على تحقيق ما عاهد الله عليه، وإذا صحَّ أن الحج رحلة إلى الله، فإنه يصحُّ أيضاً أنه الرحلة قبل الأخيرة، لتجعل الرحلة الأخيرة مُفضية إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
وبعد أن ينتهي الحجاج من مناسك الحج يتجهون إلى المدينة المنورة، التي هي من أحب بلاد الله إلى الله، يتجهون إليها لزيارة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم
، فالرجل حينما يظلم نفسه بمعصية ربه، من خلال خروجه عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجب عليه أن يستغفر الله، فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم عين طاعة الله، ورفض سنة النبي صلى الله عليه وسلم عين معصية الله وإرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عين إرضاء الله، يستنبط هذا من إفراد الضمير في قوله تعالى عند كلمة يرضوه
: (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ) (التوبة: 62) هكذا بضمير المفرد.
ولا أدل على ذلك من قول الله تعالى: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء: 80)
ومن قوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 31)
ولعل سرَّ السعادة التي تغمر قلب المسلم حينما يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما إن يرى معالم المدينة حتى يزداد خفقان قلبه، وما إن يبصر الروضة الشريفة حتى يجهش بالبكاء، وعندئذ تُصبح نفس الزائر صافية من كل كدر، نقية من كل شائبة، سليمة من كل عيب، منتشية بحبها له صلى الله عليه وسلم وقُربها من سنته
رُوي أن بلالاً رضي الله عنه سافر إلى الشام، وطال به المقام، بعد وفاة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، ولقد رأى وهو في منامه وهو بالشام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: " ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني "؟ فانتبه حزيناً، وركب راحلته، وقصد المدينة، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده كثيراً.
فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما وجعل يضمهما، ويقبلهما فقالا: نشتهي أن نسمع أذانك، الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصرّا عليه، فصعد وعلا سطح المسجد، ووقف موقفه الذي كان يقفه.
ولما بدأ بقوله: الله أكبر .. وتذكر أهل المدينة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجَّت المدينة، وخرج المسلمون من بيوتهم فما رأيت يوماً أكثر باكياً وباكيةً في المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم.
لقد صدق أبو سفيان رضي الله عنهم حينما قال: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً .. وهذه الحقيقة ينبغي أن تنسحب على كل مؤمن إلى يوم القيامة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين)) [رواه البخاري ومسلم44](/)
أجوبة الشيخ د/ عبدالكريم الخضير عن بعض تساؤلات الحج.
ـ[احمد بن حنبل]ــــــــ[04 Jan 2006, 03:16 ص]ـ
السؤال الأول:
أمرأة أحرمت ولما وصلت مكة حاضت ورجعت مع رفقتها ولم تصنع شيئاً ولها الآن آن سبع سنوات، هل هي باقية على إحرامها إلى الآن – علماً أنها جاهلة – وماذا تصنع هل تمسك عن المحظورات إلى حين أدائها للعمرة مرة أخرى وفي هذا مشقة؟
الجواب:
نعم هي باقية على إحرامها لأن الدخول في النسك ملزم بإتمامه كما قال جل وعلا وأتموا الحج والعمرة لله، وعلى هذا فعليها اجتناب المحظورات حتى تؤدي العمرة وما فعلته منها فمعفو عنه لجهلها وعليها مع ذلك أن تبادر بإبراء ذمتها. والله الموفق
السؤال الثاني:
طواف الحج للمتمتع هل للحاج أن يؤجله ليكون آخر أعمال الحج لديه فيكون لطواف الحج و لطواف الوداع؟
الجواب:
للحاج أن يؤخر طواف الإفاضة ركن الحج حتى يكون آخر عهده بالبيت وعلى هذا يكفيه عن طواف الوداع لأنه إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد فأنها تدخل الصغرى في الكبرى. والله الموفق
السؤال الثالث:
هل هناك مانع من تقديم السعي والطواف على بعضهما في الحج والعمرة؟
الجواب:
الأصل تقديم الطواف على السعي لفعل النبي r وقوله خذوا عني مناسككم ولكن لو قدم السعي على الطواف صح النسك لحديث أسامة بن؟ سعيت قبل أن أطوف قال افعل ولا حرج
السؤال الرابع:
هل يصح من الأدعية شيء في الطواف والسعي غير ما يقوله الساعي عند الصفا والمروة؟
الجواب:
صح قول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة بين الركنين.
السؤال الخامس:
هل الوقوف بعرفة نهاراً يجزي عن الليل؟
الجواب:
إذا وقف نهاراً لا بد أن يمكث إلى غروب الشمس لفعله r وقوله خذوا عني مناسككم فإن انصرف قبل غروب الشمس لزمه دم عند جمع من أهل العلم
السؤال السادس:
رجل فال أنه وقف بعرفة دقائق معدودة نحو العشرة من النهار ثم غادرها إلى مكة من غير ضرورة فقط حب للسعة والراحة. هل عمله وحجه صحيح؟
الجواب:
الحج صحيح لكن خالف السنة لأن النبي r وقف إلى غروب الشمس وقال خذوا عني مناسككم ويلزمه إن كان انصرافه قبل غروب الشمس دم عند بعض العلماء
السؤال السابع:
متى يبدأ الوقوف بعرفة ومتى ينتهي وهل هناك وقت فاضل ووقت مفضول أم كله متساوي؟
الجواب:
يبدأ الوقوف من طلوع الشمس من يوم عرفة وينتهي بطلوع الفجر ليلة انحر وأفضل أوقاته من الزوال إلى غروب الشمس لفعله r
السؤال الثامن:
رجل يريد السفر إلى جدة لغرضين السياحة وعمل العمرة ويريد أن يقدم السياحة أولاً ثم العمرة كيف يصنع هل يحرم طوال إقامته من جدة أو يحرم من جدة إذا نوى؟
الجواب:
يحرم من ميقاته قبل وصوله إلى جدة ويمكث محرماً إلى أن يؤدي العمرة لكن إن وصل جدة ومكث فيها غير محرم لزمه الرجوع إلى ميقاته إذا أراد أن يؤدي العمرة فإن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه دم عند الجمهور. والله أعلم
السؤال التاسع:
رجل ذهب إلى جدة وكان الداعي الأساسي لسفره هو التجارة، وكان من عادته إذا وجد وقتاً متسعاً بعد إنهاء أمور تجارته يذهب للعمرة، إذا أراد العمرة من أين يحرم؟
الجواب:
إذا لم يكن الباعث على السفر أداء النسك فإنه لا يلزمه الإحرام إلا إذا أراد العمرة فإنه يحرم حينئذٍ من محلة
السؤال العاشر:
الطفل الصغير دون التمييز إذا أراد أهله له العمرة كيف يصنعون به من جهة المحظورات والنية عنه والتحلل، وهل له عمرة؟
الجواب:
ينوي عنه وليه ويفعل ما يفعل الكبير ويمنعه من ارتكاب المحظورات وإن لم يكن مميزا فإذا طيف به وسعي وحلق أو قصر حل. والله أعلم
السؤال الحادي عشر:
هل المحرم للعمرة لا يتحلل إلا بالحلق أو التقصير أم أن الحلق علامة على التحلل وليس هو. فيجوز للمحرم عمل المحظورات بعد الانتهاء من السعي؟
الجواب:
الحلق والتقصير نسك واجب سواء كان الحج أو العمرة فمن تركه حتى خرج من مكة لزمه دم عند جمع من أهل العلم. والله أعلم
السؤال الثاني عشر:
هل للصلاة في داخل الكعبة مزية وفضل؟
الجواب: دخل النبي (صلى الله عليه وسلم) البيت وصلى فيه وندم على ذلك لئلا يحرج أمته فإن تيسر الدخول والصلاة من غير مشقة فبها ونعمت وإلا فلا حرج. وبالله التوفيق
السؤال الثالث عشر:
هل الملتزم صح فيه شيء وأين مكانه؟
الجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يثبت في الملتزم – وهو ما بين الركن والباب – شيء مرفوع وفيه آثار عن بعض الصحابة كابن عمر وابن عباس. والله أعلم
السؤال الرابع عشر:
هل لبس الشراب للمحرم جائز , وإذا كان يجد النعلين هل يجوز له لبسه، وهل يجوز له لبس الخف، وإذا قطعه إلى دون الكعبين هل يجوز لبسه مع وجود النعلين؟
الجواب:
لبس الشراب للمحرم إن كان ذكراً لا يجوز له لأنه مخيط على قدر عضو، وإذا وجد النعلين لا يجوز له لبس الخف ولو كان مقطوعاً لأنه لبسه مع القطع مقيد بعدم النعل وقطعه إضاعة للمال وقد نهي عنه. وبالله التوفيق
السؤال الخامس عشر:
المبيت بمنى هل من تركه كله عليه عن كل يوم كفارة أم واحدة تكفي؟
الجواب:
ترك المبيت بمنى محظور واحد كفارته واحدة
السؤال السادس عشر:
من لم يجد في منى إلا السكن على الأرصفة والجلوس عليها هل هذا عذر له في تركها والمبيت بالعزيزية ومكة؟
الجواب:
إذا كان لا يتضرر ولا خطر عليه بسبب المبيت على الأرصفة لزمه المبيت بمنى ولو كان على الأرصفة أما إذا خشيت الضرر عليك فلا حرج في المبيت خارج منى وكلما قرب من الحجاج كان أولى. والله أعلم
السؤال السابع عشر:
المسعى هل هو من المطاف سواء في الأعلى أم الأرضي ومن طاف فيه ماذا علية؟
الجواب:
المسعى خارج المسجد فلا يجزي الطواف فيه ولو قل ويستوي في ذلك الأعلى والأرضي. والله المستعان
السؤال الثامن عشر:
صلاة ركعتي الطواف بماذا يبدأ في الركعة الأولى بالإخلاص أم الكافرون؟
الجواب:
يبدأ في الركعة الأولى بسورة الكافرون وفي الثانية بسورة الإخلاص على ترتيب المصحف، وكونه جاء ما يدل على تقديم سورة الإخلاص فالعطف في الخبر جاء بالواو وهي لا تقتضي الترتيب. والله أعلم
السؤال التاسع عشر:
هل دل دليل على وجوب الكفارة (الدم) على من أرتكب شيئاً محظورات الإحرام غير الصيد.؟
الجواب:
يستدل العلماء على إيجاب الدم على من ترك واجباً أو ارتكب محظوراً بخبر ابن عباس موقوفاً عليه. وعلى هذا فالورع أن يفتي بالأحوط من غير إلزام. والله أعلم
ويقول الشيخ حفظه الله / وفي النهاية لا تعجبني هذه الألقاب التي ذكرت في بداية الأسئلة فإني لا أستحقها وما أنا إلا طالب علم أسأل الله سبحانه أن يتجاوز عني وعنكم الزلات ويضاعف الحسنات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
السؤال العشرون:
ما هو افضل كتاب يبين مناسك الحج على القول الراجح؟
الجواب: منسك الشيخ ابن باز رحمه الله المسمى التحقيق والإيضاح منسك مختصر مفيد أعتمد فيه الشيخ على الدليل ومن أراد البسط في مسائل الحج فعليه بكتاب المناسك من فتح الباري لابن حجر وشرح المهذب للنووي والله الموفق
السؤال الحادي والعشرون:
أحياناً يكون هناك زحام في منى ولا يستطيع الحاج المبيت بها هل يرخص له المبيت بالعزيزية؟
الجواب:
الأولى أن يبيت بقرب الحاج ليتحقق له بعض المنافع المترتبة عل هذا الاجتماع العظيم لكن لو بات بعيداً عنهم في العزيزية أو غيرها من أحياء مكة فلا شيء عليه. وبالله التوفيق
السؤال الثاني والعشرون:
هل يكفي الوقوف في نهار عرفة بدون جزء من الليل؟ وما حكم ذلك؟
الجواب:
وقت الوقوف الأصلي هو النهار ولزوم الوقوف حتى غروب الشمس يلزم منه الوقوف ليلاً ولو يسيراً إذا تحقق الغروب لأنه مما لا يتم الواجب إلا به كإمساك جزء من الليل في الصيام وغسل شيء من الرأس تبعاً لغسل الوجه في الوضوء ومن انصرف قبل غروب الشمس لزمه دم عند جمع من أهل العلم وهو الأحوط، لكن إن لم يصل إلى عرفة إلا بعد غروب الشمس وقبل طلوع فجر يوم النحر أجزأه الوقوف ولا شيء عليه.والله الموفق
السؤال الثالث والعشرون:
هلا بينتم لنا فقه هذا الحديث: عن أم سلمة يحدثانه ذلك جميعاً عنها قالت كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله r مساء يوم النحر ............... السؤال بطوله؟
الجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا الحديث يدل على أن الحاج يتحلل التحلل الأول بمجرد رمي الجمرة ويلبس المخيط ويتمتع بكل شيء سوى ما يتعلق بالنساء إلا أنه إذا لم يطف طواف الزيارة قبل غروب الشمس يوم عيد النحر فإنه يعود محرماً كما كان قبل رمي الجمرة هذا ما يفيده الحديث إلا أن الحديث شاذ لمخالفته لحديث عائشة رضي الله عنها كنت أطيب رسول الله r لإحرامه قبل أن يحرم وكله قبل أن يطوف بالبيت ومع ذلك فلفظه لا يخلو من نكارة. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
السؤال الرابع والعشرون:
ما حكم امرأة لم تطف طواف الإفاضة ورجعت إلى بلدها ولم تستطع أن ترجع إلى مكة إلا بعد سنوات لتعقيدات الحصول على تأشيرة وغلاء النفقات، فهل لا تزال على إحرامها؟ وفي ذلك من الحرج ما لا يخفى عليها وعلى زوجها؟ وما الذي يلزمها لتتحلل؟ ثم إذا قدرت عل السفر إلى مكة هل تحرم بعمرة أم تحرم وتطوف فقط؟ افتونا مأجورين.
الجواب:
هذه المرأة لا تزال محرمة لا يجوز لزوجها أن يقربها حتى تعود إلا مكة وتطوف للإفاضة ولو مكثت سنين ما لم يثبت عجزها عن الرجوع فتوكل حينئذ من يطوف عنها لأن العاجز عن الحج بالكلية له أن يوكل من ينوب عنه فكذلك العاجز عن بعضه وفي صورة السؤال لا يمكن أن تتحلل إلا بالرجوع، ثم إذا قدرت على السفر فليس عليها إلا طواف الإفاضة فإن رجعت بعده مباشرة أجزأها عن طواف الوداع. وإن تأخرت لزمان تطوف للوداع أيضاً. وبالله التوفيق
السؤال الخامس والعشرون:
ماهو القول الحق والذي يدل الدليل عليه في المبيت بمنى في هذه السنوات من كثرة الزحام وعدم وجود مكان للمبيت بمنى إلا في الطرقات وعلى الأرصفة وهل يجب أن يدخل الحاج إلى منى لتحقق من وجود مكان وهل قال به أحد من السلف
الجواب:
المبيت بمنى واجب من واجبات الحج لا يجوز للحاج تركه إلا لعذر فإن تركه من غير عذر لزمه دم عند كثير من أهل العلم هذا مع تيسر المكان في منى أما إذا بحث عن مكان في منى ولم يجد فهو معذور فيبيت حينئذ في أقرب مكان من منى قرب الحجاج ليتحقق بذلك بعض المنافع المترتبة على هذه المناسك وإن بات بعيداً عنهم في مكة فلا أرى ما يمنع من ذلك وإن تحمل الحاج فبات في الطرقات أو الأرصفة مع أمن الخطر عليه فهو أحوط وأبرأ للذمة. والله أعلم
إالسؤال السادس والعشرون:
اذا انقطع طواف المعتمر بسبب انتقاض الوضوء بعد ثلاثة أشواط فهل يبدأ من جديد بعد الوضوء أو يكمل الأشواط الباقية
الجواب:
يكمل أربعة أشواط إلا إذا طال الفصل فعليه أن يستأنف. والله أعلم
السؤال السابع والعشرون:
هل يجوز لمن طاف بسطح الحرم أن ينزل حين الزحام في الطواف إلى المسعى الذي في السطح ويمشي بعض الأمتار فيه ثم يعود إلى مكان الطواف
الجواب:
لا يجوز أن يطوف داخل المسعى سواء كان في السطح أو في الدور الأول أو الأرضي لأن المسعى خارج المسجد فإن فعل فعليه الإعادة والله أعلم
السؤال الثامن والعشرون:
متى يبدأ الوقت المشروع للدخول في عرفة؟
الجواب:
يبدأ الوقوف بعرفة من طلوع الشمس يوم عرفة إلى غروبها هذا عند الحنابلة لكن لا يشرع ذلك إلا بعد زوال الشمس لفعل النبي r فإن وقف بعد طلوع الشمس وانصرف قبل الزوال فوقوفه صحيح عند الحنابلة ويلزمه دم ولا يصح هذا الوقوف عند كثير من العلماء لأن وقته لا يبدأ عندهم إلا بعد الزوال وهو أحوط. والله أعلم.
السؤال التاسع والعشرون:
في رمي الجمار هل لابد من رمي الحصى للشاخص، أم فقط لا بد أن تسقط في الحوض؟ وهل هناك أحد قال بهذا القول وهو رمي الحصى للشاخص؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته المطلوب الرمي سواء أصاب الشاخص أو وقع في الحوض – والمرمى هو الحوض – والشاخص علامة على الموضع فإذا أصاب الشاخص عرفنا أنه أصاب الهدف وكذلك إذا وقع الحصى في الحوض. وهل يجزي إذا وقع في الحوض ثم تدحرج فيه أولاً قولان لأهل العلم والذي يظهر أنه لا يلزم مكثها في الحوض فالمقصود إصابة الموضع في الرمي. وبالله التوفيق
السؤال الثلاثون:
يوكل بعض الحجاج شخصاً آخر ليرمي عنه الجمرات لعذر حصل له السؤال / إذا جاء اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة وأراد الموكل التعجل فهل يجوز للموكل أن يطوف للوداع بعد صلاة الظهر ولو لم يفرغ الوكيل من الرمي
الجواب:
من وكل في الرمي لعذر لا يجوز له أن يطوف للوداع قبل رمي وكيله فلا بد من تحقق رمي الوكيل ليكون آخر العهد بالبيت الطواف. وبالله التوفيق
السؤال الحادي والثلاثون:
كثيرا من الحجاج والمعتمرين القادمين من مصر وبلاد المغرب بالطائرة يمرون بالميقات غير محرمين وينزلون بجدة، ثم يستقلون طائرة أو حافلة إلى المدينة لزيارة المسجد النبوي ولما يحرموا بعد ثم يحرمون من ذي الحليفة هل عليهم بأس في ذلك؟
الجواب:
من تجاوز ميقاته دون إحرام يلزمه كثير من العلماء بدم وإن أحرم من ميقات معتبر والذي يظهر لي من الصورة المذكورة في السؤال أنه لا شيء عليهم إذا أحرموا من ذي الحليفة لأنه ميقات معتبر شرعا وهو ميقات لأهل المدينة ولمن مر عليه من غير أهلها كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح من حديث ابن عمر وغيره. وبالله التوفيق
السؤال الثاني والثلاثون:
رجل اتجه من الرياض إلى جدة وفي نيته أمران: العمرة وزيارة قريب له مريض بجدة، وهو محتاج إلى المكث في جدة عدة أيام قبل أن يذهب إلى مكة فهل يلزمه أن يبقى محرماً بجدة هذه الأيام رغم ما في ذلك من الحرج علي؟ أم هناك حل بديل؟
الجواب:
من سافر من الرياض إلى جدة يلزمه الإحرام من الميقات قبل الوصول إلى جدة ولو لزم على ذلك المكث في الإحرم عدة أيام، لكن إن دخل جدة غير محرم ومكث فيها ما شاء ثم رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا شيء عليه وإن أحرم من جدة لزمه دم على القول المفتى به لأن جدة ليست ميقاتاً. وبالله التوفيق
أخيرا نفع الله بالشيخ ووقاه الفتن ماظهر منها ومابطن.
http://http://www.muslmh.com/save/15/alhaah69.gif(/)
تهنئة الزميل العزيز الدكتور عبدالفتاح خضر بمناسبة ترقيته إلى رتبة أستاذ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jan 2006, 10:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من دواعي سرورنا وسعادتنا ما يحرزه الباحثون المتخصصون في الدراسات القرآنية من أعضاء هذا الملتقى العلمي الموفق بإذن الله من الشهادات العلمية التي تنادي على ما ورائها من جد في طلب العلم، وحرص على نيل درجاته، ونسأل الله أن تكون خالصة لوجه الله، وحباً لكتاب الله وخدمة له. ولا تزال أفراحنا تترى كل يوم، ونحن نتسامع بأن زميلاً عزيزاً من زملائنا قد نال شيئاً من التقدير والتثمين لجهده العلمي، وبحوثه المتخصصة.
ومن آخر الأخبار السارة ترقية زميلنا الأستاذ الدكتور عبدالفتاح خضر حفظه الله، عضو هيئة التدريس بقسم القرآن وعلومه بكلية الشريعة بجامعة الملك خالد، وعضو ملتقى أهل التفسير إلى رتبة أستاذ في تخصص التفسير وعلوم القرآن.
والأستاذ الدكتور عبدالفتاح خضر من أحب الزملاء وأقربهم إلى قلبي حفظه الله وأدام عليه فضله وإحسانه، وهو من القلائل الذين تأنس بهم، فهو واسع العلم، شديد العناية بالبحث والتحصيل، لا تراه إلا بساماً، مفيداً لإخوانه وطلابه، فقل أن جلست إليه إلا وخرجت بفوائد علمية متفرقة، يسعى في خدمة إخوانه والإحسان إليهم منذ عرفته. أسأل الله أن يبارك له في هذه الدرجة التي حصل عليها، وأن يجعلها عوناً له على طاعته، وخدمة كتاب الله.
ومن البحوث المنشورة التي قدمها الأستاذ الدكتور عبدالفتاح خضر للترقية:
1 - وصايا الرحمن في سورة لقمان.دراسة تفسيرية تحليلية.
2 - أنواع الإنس في القرآن الكريم: دراسة موضوعية.
3 - العلامة البقاعي وكتابه نظم الدرر.
4 - نعمة الأنس الحياتية في ضوء القرآن الكريم: دراسة موضوعية.
5 - نظرات في آية البر من سورة البقرة.
6 - منحة المنان بتفسير سورة الإنسان: دراسة تحليلية.
7 - الإعجاز البياني في الحزب الثاني من سورة البقرة.
ولعلنا نظفر ببسط لبعض هذه العناوين إن شاء الله من الأستاذ الدكتور عبدالفتاح مستقبلاً على صفحات هذا الملتقى العلمي.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[04 Jan 2006, 11:39 ص]ـ
نبارك للأستاذ الدكتور عبدالفتاح خضر ونتمنى له التوفيق.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[04 Jan 2006, 06:24 م]ـ
نباركُ للشيخِ الكريم ونسأل الله تعالى لنا وله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Jan 2006, 04:31 م]ـ
نسأل الله أن يبارك للأستاذ الدكتور عبدالفتاح، وأن ينفع به، وأن يرفع درجته
ـ[أبو المهند]ــــــــ[06 Jan 2006, 03:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لكم أخي العزيز د/ محمد وأسأل الله العظيم في هذه الأيام المباركة أن يمنحك الدكتوراه عما قريب لتسخيرها في خدمة هذا الدين العظيم وأكرر شكري وامتناني علي مباركتك إياي وإلى الأمام دائما معشر العلماء ودمتم أهلا للفضل والنبل
أخوكم أبو عمر عبد الفتاح خضر
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Jan 2006, 03:12 م]ـ
أبارك للأستاذ الدكتور عبد الفتاح هذه المرتبة العلمية، وأسأل الله له الرفعة في الدنيا والآخرة.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[06 Jan 2006, 10:22 م]ـ
مبروك لشيخنا هذه الدرجة , ونسأل الله أن ينفع بك , ويكثر من أمثالك في هذا المنتدى المبارك , وغيره.
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[07 Jan 2006, 03:13 ص]ـ
تهنئة خاصة للدكتور عبدالفتاح خضر بمناسبة ترقيته إلى رتبة أستاذ وأقول له:
ترقية في الدنيا ورفعة درجات في الآخرة - إن شاء الله -
والشكر موصول للدكتور: عبد الرحمن بن معاضة الشهري.
اخوك: ابو يزيد - جده - فجر السابع من ذي الحجة1426هـ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[15 Jan 2006, 02:22 ص]ـ
الأخ الفاضل: أبو يزيد، شكر الله لكم، وأسأل الله تعالى أن يسخرنا في خدمة هذا الدين العظيم، والشكر الجزيل لسعادة الزميل د/عبدالرحمن جزاه الله خيرا وجعله دوما أهلا للوصال في الصالحات(/)
لامية ابن عمر الضمدي في الإستسقاء
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[07 Jan 2006, 02:21 ص]ـ
كنت قبل عشر سنوات قد قرأت كتيبا في تحقيق قصيدة أو لامية (ابن عمر الضمدي) في الإستسقاء، وقد أعجبت بهذه القصيدة لما تضمنته من صدق الإلتجاء إلى الله والتضرع إليه، وقصتها أن المخلاف السليماني أصيب بجدب وقحط شديد عام 973هـ/1565م، فخرج الناس للاستسقاء وأمهم رجل مسن وهو (ابن عمر الضمدي) - رحمه الله - فلما وقف أمام الناس حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم ترجل هذه القصيدة، فما انتهى منها إلا وقد انهمر المطر وما استطاع الحراك من مكانه إلا محمولا على أكتاف الرجال من شدة المطر ومما قاله في قصيدته:
إِن مسّنا الضّر, أو ضاقت بنا الحيل ... فلن يخيب لنا في ربنا أمل
وإِن أناخت بنا البلوى فإِن لنا: ... ربّا يحولها عنا فتنتقل
الله في كل خطب حسبنا وكفى ... إليه نرفع شكوانا ونبتهل
من ذا نلوذ به في كشف كربتنا ... ومن عليه سوى الرحمن نتكل
وكيف يرجى سوى الرحمن من أحدٍ ... وفي حياض نداه النَّهل و العَلَل
لا يرتجى الخير إلا من لديه ولا ... لغيره يتوقى الحادث الجلل
خزائن الله تغني كلَّ مفتقرٍ ... وفي يد الله للسؤال ما سألوا
وسائل الله ما زالت مسائله ... مقبولة ما لها رد ولا ملل
فافزع إلى الله واقرع باب رحمته ... فهو الرجاء لمن أعيت به السبل
وأحسن الظن في مولاك وارض بما ... أولاك يخل عنك البؤس والوجل
وإن أصابك عسر فانتظر فرجا ... فالعسر باليسر مقرون ومتصل
وانظر إلى قوله: ادعوني استجب لكُمُ ... فذاك قول صحيح ماله بدل
كم أنقذ الله مضطراً برحمته ... وكم أنال ذوي الآمال ما أملوا
يا مالك الملك فارفع ما ألمّ بنا ... فما لنا بتولي دفعه قِبَلُ
ضاق الخناق فنفسي ضيقة عَجْلَى ... بنا فأَنَفُع شيء عندنا العَجَلُ
وحل عقدةً مَحْل حلّ ساحتنا ... بضرّه عمت الأمصار والحلل
وقُطِّعَتْ منه أرحام لشدته ... فما لها اليوم غير الله من يصل
وأهمل الخِل فيه حق صاحبه ... الأدنى وضاقت على كلٍّ به السُبلُ
فربَّ طفل وشيخ عاجز هَرِم ... أمست مدامعه في الخدّ تنهمل
وبات يرعى نجوم الليل من قلق ... وقلبه فيه نار الجوع تشتعل
أمسى يعج مِنَ البلوى إِليكَ وَمِن ... أحواله عندك التفصيل والجمل
فأنت أكرم من يُدعى وأرحم مَنْ ... يُرجى وأمرك فيما شئت ممتثل
فلا ملاذ ولا ملجأ سواك ولا ... إِلاّ إِليك لحي عنك مرتحل
فاشمل عبادك بالخيرات إنهم ... على الضرورة والشكوى قد اشتملوا
واسق البلاد بغيث مسبل غَدَقٍ ... مبارك مُرجَحِن مزنه هطل
سح عميم ملث القطر ملتعقِ ... لرعده في هوامي سحبه زَجَلُ
تكسى به الأرض ألواناً منمنمة ... بها تعود بها أحوالها الأُوَلُ
ويصبح الروض مخضرا ومبتسما ... من النبات عليه الوشي والحُلَلُ
وتخصب الأرض في شام وفي يمن ... به وتحيا سهول الأرض والجبلُ
يارب عطفاً فإن المسلمين معاً ... مما يقاسون في أكبادهم شعل
وقد شكوا كل ما لاقوه من ضرر ... إليك يا مالك الأملاك وابتهلوا
فلا يردك عن تحويل ما طلبوا ... جهل لذاك ولا عجز ولا بخل
يارب وانصر جنود المسلمين على ... أعدائهم وأعنهم أينما نزلوا
وفلّ حد زمان جار حتى غدا ... يدني الرفيع ويستعلي به السِفَلُ
يارب فارحم مسيئاً مذنبا عظُمت ... منه المأثِم والعصيان والزلل
قد أثقل الذنب والأوزار عاتقه ... وعن حميد المساعي عاقه الكسل
ولا تسوّد له وجها إذا غشيت ... وجوه أهل المعاصي من لظى ظلل
أستغفر الله من قولي ومن عملي ... إني امْرؤ ساء مني القول والعمل
ولم أقدم لنفسي قط صالحة ... يحط عني من وزري بها الثقل
يا خجلتي من عتاب الله يوم غدٍ ... إن قال خالفت أمري أيها الرجل
علمت ما علم الناجون واتصلوا ... به إليَّ ولم تعمل بما عملوا
يارب فاغفر ذنوبي كلها كرماً ... فإنني اليوم منها خائف وَجِلُ
واغفر لأهل ودادي كل ما اكتسبوا ... وحط عنهم من الآثام ما احتملوا
واعمم بفضلك كل المؤمنين وتُبْ ... عليهم وتقبَّلْ كل ما فعلوا
وصل رب على المختار من مضر ... محمد خير مَنْ يحفى وينتعل
وآله الغر, والأصحاب عن طرف ... فإنهم غُرر الإسلام والحجل
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[11 Jan 2006, 12:34 م]ـ
أبو يزيد جزاك الله خير
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Jan 2009, 12:52 ص]ـ
للرفع .. بمناسبة الاستسقاء غداً عندنا في السعودية الأربعاء 18/ 1/1430هـ .. نسأل الله تعالى أن يغيث بلادنا وقلوبنا ..
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[15 Jan 2009, 12:29 ص]ـ
راااااااااااااااااااااائعة هذه القصيدة ...
هل يمكن ذكر المصدر الذى يتضمن هذه القصيدة؟
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Jan 2009, 12:23 م]ـ
هذه القصيدة طبعت ضمن كتاب " نظم القاضي محمد بن علي بن عمر الضمدي (ت 990هـ) / تحقيق ودراسة: د. عبدالله بن محمد أبو داهش.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[15 Jan 2009, 04:29 م]ـ
بارك الله فيكم
هل يمكن الحصول على الكتاب عبر الشبكة أو ضبط القصيدة بالشكل لتسجيلها صوتيا
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Jan 2009, 04:38 م]ـ
لا أعلم عن هذا، ولكن يمكن لأخينا د. عبدالرحمن الشهري أن يفيدنا بجواب عن ذلك، أو غيره من الإخوة الكرام ..
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[17 Jan 2009, 12:15 ص]ـ
بارك الله فيكم ....
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[24 Jan 2009, 02:14 ص]ـ
لا أعلم عن هذا، ولكن يمكن لأخينا د. عبدالرحمن الشهري أن يفيدنا بجواب عن ذلك، أو غيره من الإخوة الكرام ..
يسر الله ذلك.
ـ[ابو تميم 1968]ــــــــ[18 Feb 2009, 10:31 م]ـ
إِنْ مسّنا الضّرُِِ, أو ضاقتْ بنا الحيلُ ... فلنْ يخيبَ لنا في ربِنا أملُ
وإِنْ أناختْ بنا البلوى فإِنَّ لنا: ... ربّاً يُحوِّلُها عنا فتنتقلُ
اللهُ في كل خطب حسبُنا وكفى ... إليه نرفعُ شكوانا ونبتهلُ
منْ ذا نلوذُ به في كشفِ كربتِنا ... ومنْ عليه سوى الرحمنِ نتكلُ
وكيف يُرجى سوى الرحمنِ من أحدٍ ... وفي حياض نداه النَّهلُ و العَلَلُ
لا يُرتجى الخيرُ إلا من لديه ولا ... لغيره يُتَوَقَّى الحادثُ الجللُ
خزائنُ اللهِ تُغني كلَّ مفتقرٍ ... وفي يدِ اللهِ للسؤالِ ما سألُوا
وسائلُ اللهِ ما زالتْ مساِئلُهُ ... مقبولَةً ما لها ردٌ ولا مللُ
فافزعْ إلى اللهِ واقرعْ بابَ رحمتِهِ ... فهو الرجاءُ لمن أعيتْ به السبلُ
وأحسنِ الظنَ في مولاكَ وارضْ بما ... أولاكَ يَخْلُ عنك البؤسُ والوجلُ
وإنْ أصابَكَ عسرٌ فانتظر فرجاً ... فالعسرُ باليسرِ مقرونٌ ومتصلُ
وانظرْ إلى قولِهِ: ادعوني استجبْ لكُمُ ... فذاك قولٌ صحيحٌ ماله بدلُ
كم أنقذَ اللهُ مضطراً برحمتِهِ ... وكم أنالَ ذوي الآمالِ ما أمَّلوا
يا مالكَ الملكِ فارفعْ ما ألمّ بنا ... فما لنا بتولِّي دفعِهِ قِبَلُ
ضاقَ الخناقُ فنفسي ضيقةٌ عَجْلَى ... بنا فأَنْفَعُ شيءٍ عندنا العَجَلُ
وحُلَ عقدةً مَحْلٍ حَلَّ ساحتَنا ... بضرّه عمت الأمصارُ والحُلًلُ
وقُطِّعَتْ منه أرحامٌ لشدته ... فما لها اليومَ غيرُ الله منْ يصلُ
وأهملَ الخِلُ فيه حقَ صاحِبِهِ ... الأدنى وضاقت على كلٍّ به السُبلُ
فربَّ طفلٍ وشيخٍ عاجزٍ هَرِمِ ... أمست مدامِعُهُ في الخدّ تنهملُ
وباتَ يرعى نجومَ الليلِ منْ قلقٍ ... وقلبُهُ فيه نارُ الجوعِ تشتعلُ
أمسى يَعُجُّ مِنَ البلوى إِليكَ وَمِنْ ... أحوالِهِ عندَكَ التفصيلُ والجملُ
فأنْتَ أكرمُ منْ يُدعى وأرحمُ مَنْ ... يُرجى وأمرُكَ فيما شِئتَ مُمْتثلُ
فلا ملاذَ ولا ملجأً سواك ولا ... إِلاَّ إِليك لحيٍ عنك مُرْتَحَلُ
فاشملْ عبادَكَ بالخيراتِ إنَّهُمُ ... على الضرورةِ والشكوى قد اشتملوا
واسقْ البلادَ بغيثٍ مُسْبِلٍ غَدَقٍ ... مباركٍ مُرجَحِنْ مُزْنُهُ هَطِلُ
سحٍ عميمٍ ملثِ القطرِ ملتعقِ ... لرعدِهِ في هوامي سُحْبُهُ زَجَلُ
تكسى به الأرض ألواناً منمنمة ... بها تعود بها أحوالُهَا الأُوَلُ
ويصبحُ الروضُ مخضراً ومبتسماً ... من النبات عليه الوشيُ والحُلَلُ
وتَخصَبُ الأرضُ في شامٍ وفي يمنٍ ... به وتحيا سهولُ الأرض والجبلُ
يا ربُ عطفاً فإنَّ المسلمينَ معاً ... مما يقاسون في أكبادِهِم شَعَلُ
وقدْ شكوا كلَ ما لاقَوْهُ من ضررٍ ... إليكَ يا مالكَ الأملاكِ وابتهلوا
فلا يردُكَ عن تحويلٍ ما طلبوا ... جهلٌ لذاك ولا عجزٌ ولا بخلُ
يا ربُ وانصرْ جنودَ المسلمينَ على ... أعدائِهِم وأعنْهم أينما نزلوا
وفُلَّ حدَ زمانٍ جارَ حتى غدا ... يُدني الرفيعَ ويٌستَعلى به السِفَلُ
ياربُ فارحمْ مسيئاً مذنباً عظُُمَتْ ... منه المأثِمُ والعصيانُ والزللُ
قد أثقلَ الذنبُ والأوزارُ عاتقَهُ ... وعن حميدِ المساعي عاقَهُ الكسلُ
ولا تُسوّدْ له وجهاً إذا غشيَتْ ... وجوهُ أهلِ المعاصي من لظى ظِللُ
أستغفرُ اللهَ من قولي ومن عملي ... إني امْرُؤٌ ساء مني القولُ والعملُ
ولم أقدمْ لنفسي قطَ صالحةً ... يُحَطُّ عني من وزري بها الثَقِّلُ
يا خجلتي من عتابِ اللهِ يومَ غدٍ ... إنْ قالَ خالفْتَ أمري أيُّها الرجلُ
علمتَ ما علمَ الناجونَ واتصلوا ... به إليَّ ولم تعملْ بما عملوا
ياربُ فاغفرْ ذنوبي كلَّها كرماً ... فإنني اليومَ منها خائفٌ وَجِلُ
واغفرْ لأهلِ ودادي كلَ ما اكتسبوا ... وحطَ عنهم من الآثامِ ما احتملوا
واعممْ بفضلِكَ كلَ المؤمنين وتُبْ ... عليهم وتقبَّلْ كلَ ما فعلوا
وصلِ ربِ على المختارِ من مضرٍ ... محمدٍ خيرِ مَنْ يحفى وينتعلُ
وآلهِ الغرِ, والأصحابِ عن طرفٍ ... فإنَّهم غُررُ الإسلامِ والحُجَلُ
هذا الضبط للقصيدة بحسب فهمي للمعنى
راجيا ان تعلم ان الاعراب فرع المعنى
ثم ان لفظ (رب) في قوله يا رب يحتمل ان يكون مضموما كونه منادى مبني على الضم اذا قصد العموم اما اذا قصد الاضافة الى ياء المتكلم فيكون منصوبا بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ويلفظ بالكسرة(/)
مفتريات على الإمام مالك في موقع مريب للمسمى ب " الأمين "
ـ[ابن رشد]ــــــــ[09 Jan 2006, 12:24 ص]ـ
هل صح هذا القول عن الليث بن سعد أنه قال: «أحصيتُ على مالك بن أنس سبعينَ مسألة، كلها مخالفة لسُنة رسول الله r مما قال فيها برأيه. ولقد كتبت إليه أعِظهُ في ذلك».؟
و هناك مفتريات أشد نكرا، تجدها في هذا الموقع الغريب:
http://www.ibnamin.com/malik.htm
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[09 Jan 2006, 10:12 ص]ـ
الأخ الفاضل الحبيب ابن رشد
سبق نقاش هذا الموضوع في ملتقى أهل الحديث كما أن صاحب الموقع عضو هنا فإن شئت فراسله على الخاص
وهذا رابط الموضوع في ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67622&highlight=%C7%E1%C5%E3%C7%E3+%E3%C7%E1%DF
همسة إذا سمحت: هذه الموضوعات خارجة عن تخصص الملتقى فلا يفضل طرحها فيه.
وأرجو أن لا أكون أغضبتك فالملتقى في قلوبنا وكذلك أنت
كل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم وأسأل الله المغفرة لنا ولكم
ـ[ابن رشد]ــــــــ[09 Jan 2006, 02:05 م]ـ
عندما كتبت كلامى هذا على جهاز الكمبيوتر عندي
لم أكن قد اطلعت على الموضوع في " ملتقى أهل الحديث " بعد،
و ما جعلنى أقف عليه هو دعوة صاحبه - المذكورة في ذيل كل مشاركاته إلى زيارة موقعه،
فلما دخلته وجدت فيه ما ذكرته
- و أما و قد نال الموضوع كفايته، فلا حاجة لمزيد نقد منى(/)
مقرأة الشيخ: موسى الجاروشة بمحافظة جدة ومنهجها في حفظ القرآن الكريم
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[09 Jan 2006, 02:45 ص]ـ
مقرأة الشيخ: موسى الجاروشة بمحافظة جدة ومنهجها في حفظ القرآن الكريم
المقرأة تقع في حي (قويزة) شرق الخط السريع
طلاب المقرأة: القضاة - الأطباء-الدعاء-المهندسون-المدرسون-أساتذة الجامعات- حفظة القرآن الكريم من أئمة المساجد. وغيرهم كثير.
منهج المقرأة:
1 - الانضباط والحضور وعدم التغيب مطلقا إلا لعذر قاهر.
2 - المحافظة على الصلوات الخمس في المسجد.
3 - المحافظة على جميع الأذكار الواردة في السنة يوميا.
4 - التواضع للقرآن مهما بلغت في الرتب وهذه الأمور من الأشياء المعينة على حفظ القرآن وتثبيته.
5 - الإتيان بالورد اليومي من الحفظ.
عدد أيام المقرأة:
يومان في الأسبوع فقط (السبت و الثلاثاء)
طريقة الحفظ:
حفظ حزب كامل في كل لقاء، ويختار الطالب شخصا آخر يقوم بالتسميع عليه، فيأتي الأول بالربع الأول تسميعا ثم يكمل الثاني الربع الثاني تسميعا،ثم يعودان من جديد فيسمع الثاني على أخيه الربع الأول، ثم يسمع الأول الربع الثاني ... وهكذا.
بالنسبة لمن حفظ القرآن مسبقا ويريد مراجعته ويثبت حفظه، فيختار شخصا آخر معه على نفس النهج، ويأتيان في كل لقاء بجزء كامل يسمع كل واحد منهما للآخر، .. الأول يسمع الربع الأول، والثاني يسمع الربع الثاني، ثم يعود الدور للأول فيسمع الربع الثالث، ثم يكمل الثاني الربع الرابع ... وهكذا حتى ينهيان الجزء .. ثم يعودان من جديد بالعكس، الثاني يسمع الربع الأول، وهكذا .. وبهذا يكونان سمعا الجزء الواحد مرتين.
في الشهر الواحد يكونان قد أنهيا ثمانية أجزاء، يعني في أربعة أشهر يتمان مراجعة القرآن حفظا.
ثم يعودان من جديد فيأتيان في كل لقاء بجزءين، بالطريقة السابقة، وبذلك يتمان مراجعة القرآن في شهرين .. ثم يعودان من جديد فيأتيان في كل لقاء بثلاثة أجزاء فيتمان مراجعة القرآن في شهر واحد وأسبوع .. ثم يعودان من جديد فيأتيان في كل لقاء بأربعة أجزاء (تسميع طبعا) وبذلك ينهيان مراجعة القرآن حفظا في شهر واحد .. ثم يعودان فيأتيان في كل لقاء بخمسة أجزاء، وبالتالي ينهيان مراجعة القرآن في ثلاثة أسابيع ..
بعد ذلك تعقد دورات في مراجعة القرآن حفظا في يوم واحد يبدأ كل اثنين بعد صلاة الفجر وينتهيان مع صلاة العشاء.
بعد أن يتم الطالب حفظ القرآن حفظا دقيقا ويثبت الحفظ تعقد دورات مكثفة في التجويد.
ملاحظة: لايشترط أثناء التسميع الترتيل وإنما القراءة حدرا حتى يستغل الوقت.
عندما يأتي الطالب بورده اليومي لا يشترط أن يراجع ما حفظه. حيث أنه بعد إكمال القرآن حفظا يأتي مرة أخرى بالطرق التي ذكرناها مسبقا، وكل مرة تسهل المراجعة ويزداد الحفظ.
هذه الطريقة في تثبيت الحفظ أثبتت جدواها بشكل كبير، لدرجة أن أئمة المساجد الذين انضموا لهذه المقرأة تغير حفظهم بشكل كبير جدا، وقد لمسنا ذلك عندما كنا نصلي خلفهم في صلاة القيام في رمضان، حيث وجدنا فرقا كبيرا قبل وبعد.
هذه الطريقة أحببت نشرها عبر هذه الشبكة كونها مهتمة بالقرآن الكريم ولكي يعمل بها في مناطق المملكة وخارجها فقد أثبتت جدواها بحمد الله.(/)
ماذا يمثل لك 2 يناير 630 م؟
ـ[ hedaya] ــــــــ[09 Jan 2006, 04:56 ص]ـ
ماذا مثل لك 2 يناير 630 م؟
إنه يوم الفتح الأكبر ... فتح مكة المكرمة، ذلك اليوم المشهود في رمضان سنة ثمان من الهجرة الموافق 2/ 1/630 م، فماذا يا تري مثل لك ذلك اليوم؟ فيه ندرك جميعًا ونوقن قيمة الجهاد والاستشهاد والمحن التي تمت من قبل ذلك الفتح المبين، وإن شيئا من تلك التضحيات لم يذهب سُدًا:
أتذكر يا أخي يوم خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – من وطنه مستخفيًا مهاجرًا، وقد سبقه أصحابه - رضوان الله عليهم - يتسللون وقد تركوا المال والأهل والوطن وراءهم! ها هم وقد أتم الله نصره عليهم، ورجعوا كثرةً بعد قلة وأقوياء بعد ضعف ... واستقبلهم أولئك الذين أخرجوهم بالأمس خاشعين وأذلاء اليوم.
ويقبل بلال بن رباح - رضي الله عنه - الذي طالما عذِّب في رمضاء مكة الحارة، ويصعد الكعبة المشرفة مناديا بأعلى صوته: "الله أكبر الله أكبر" بعد الهمس "أحد أحد"، حيث أصبح التكبير يجلجل فوق الكعبة.
إنها حقيقةٌ واحدة ... "الإسلام"، نكافح ونناضل في سبيلها، ولنعلم جميعًا أننا على الحق ما دام هدفنا نصرة الإسلام، ومهما أظلم الليل وتساقط الشهداء، ففتحٌ كفتح مكة، قادمٌ لا محالة بإذن الله:
{وكان حقًا علينا نصر المؤمنين}
ورأينا نبينا – صلى الله عليه وسلم – وهو على مشارف مكة يقرأ سورة الفتح الكريمة، ويسجد شكرًا لله وهو فوق ناقته، وهذا يدل على أنه كان مستغرقًا مع الل تعالى ... مستشعرًا لوجوب حمده إياه عز وجل على هذا النصر المبين، الذي أتى من بعد عسرٍ وتعذيبٍ ومعاناة.
فما كانت لنشوة النصر العظيم لتجد إلى نفسه - عليه الصلاة والسلام - من سبيل، إنما هو الانسجام التام مع الله تعالى، والشكر على نصره وتأييده، وهكذا يجب أن تكون حال المسلمين دائمًا ... عبوديةٌ مطلقةٌ لله في السراء والضراء، عند القوة والضعف، في الهزيمة وحال النصر.
والحمد لله من قبل ومن بعد،
والشكر له سبحانه على كل حال،،،
Hedaya(/)
ابكِ مثل النساء!
ـ[ hedaya] ــــــــ[09 Jan 2006, 08:13 ص]ـ
ابكِ مثل النساء!
في 2 يناير 1492 م سقطت مدينة "غرناطة" آخر مدن الأندلس المسلمة، ورفع العلم الصليبي على قصر الحمراء فيها! "غرناطة" كما يقول زوارها مدينة تنطق العربية والإسلامية في كل بقعة من بقاعها، تقع على هضاب حمراء راسخة في تضرعها الى خالقها، ومعترفة بهذا التراث الاسلامي الذي شيدها وبناها.
وقصر الحمراء درة "غرناطة" وعنوانها وشعارها التاريخي الأول، يكاد يكون هو المعلم العربي الأبرز في الأندلس يطل على المدينة الحديثة من هضاب عالية تشكل جزءا منها، أو على الأصح هي في موقع القلب من المدينة ... والقصر ولا شك شاهد معجز على عظمة المسلمين ورقيهم الحضاري ونهضتهم العمرانية والهندسية والفنية وقتذاك.
وكأني أنظر إلى القصر من بعيد يبكي مكان الدموع دمًا أحمرًا على ماضٍ تليد، حكم فعدل وشيد وبني، يبكي أمة كان لها في هذا المكان وجودٌ أنهته الفتن والمؤمرات وحب الملك والسلطان واستعانة الأخ على أخيه بالعدو، وصارت طوائف تقاتل بعضها بعضا ويحقد بعضها على بعض وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: "ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى ان تفتح الدنيا عليكم فتتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"، تنافسوا الدنيا ونسوا صيانة الدين والملك فاهلكتهم وجعلتهم أثر بعد عين وأصبحت حضارتهم مزارا للسياح يقال لهذه الآثار: "كان ها هنا عربٌ"!
ومما يزهدني في أرض أندلسا،،، ألقاب معتمدٍ فيها ومعتضدِ
ألقاب مملكةٍ في غير موضعها،،، كالهر يحكي انتفاخًا صولة الأسدِ
ويؤلمني المشهد الأخير حين سار السلطان المنكسر أبو عبدالله الصغير مع نفر من أتباعه الى خارج غرناطة ينتظر الفاتحين الجدد ليسلم المدينة اليهم اينهى آخر عهد للمسلمين بالأندلس وحين سلمها القى على المدينة آخر نظرة وداع عليها فهاجت نفسه وخرجت العبرات من عينية وبكى!
فتراه أمه في هذه الحالة وتقول له: "إبكِ مثل النساء ملكًا مضاعًا لم تحافظ عليه مثل الرجال"، وصدقت فالملك لا يحفظه إلا الرجال والدين لا يحفظه إلا الرجال، ولا أعني بذلك الجنس فرب أمرأة بألف من الذكران، والعرض لا يحفظه إلا الرجال، والمجد لا يحفظه إلا الرجال، والحرية لا يطلبها إلا الرجال، أما أشباه الرجال فليس هذا ميدانهم ولا بضاعتهم، إنما مكانهم في الخلف مع القاعدين؛ {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم، وقيل اقعدوا مع القاعدين}
Hedaya(/)
مختارات 104 (أنظمة وحقوق في خطبة عرفة)
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[09 Jan 2006, 02:07 م]ـ
(تقبل الله طاعتنا وطاعتكم، وعفا عنا وعنكم، وغفرلنا ولكم، وعقبى للأمة توحدا واجتماعا ونصرا. ولخصوم الحق عودا إليه حميدا،أو هزيمة إلى الأبد واندحارا. وكل عام والجميع بخير.)
مختارات 104 (أنظمة وحقوق في خطبة عرفة)
9/ 1/2006
النبي الذي أذّن بحقوق الإنسان على عرفة .. لتعرف له البشرية حقه - زين العابدين الركابي*
متابعات (الصحوة):
في مثل هذه الايام، قبل أكثر من 1400 سنة، وقف معلم البشرية والحق والجمال والرحمة والكمال .. وقف نبي الاسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ بـ (عرفة) يؤذن في الناس بما يسمى اليوم بـ (حقوق الانسان): يؤذن بكرامة الانسان، وحرمة الدماء والعرض والمال .. يؤذن بالمساواة ـ بالمساواة امام الشريعة او القانون .. ويؤذن بالسلام العام .. ويؤذن بالنظام .. ويؤذن باحترام المرأة وتقديرها .. الى غير ذلك من المفاهيم والقيم التي صدح وصدع بها وهو يودع الناس في ذلك المشهد العظيم الذي احتشد فيه معظم المسلمين في ذلك العصر (حج مع النبي مئة الف مسلم).
وهذا تمام مهيب بديع لما عمل له النبي قريبا من ربع قرن (23 سنة) .. وما عمل له عبر هذه المدة ـ القصيرة جدا في عمر النهضات والحضارات ـ هو: تأسيس (النهضة التنويرية الأكبر والأعمق) في تاريخ البشرية كله .. وهذه جملة تحتاج الى تفصيل:
ولندع نخبة من غير المسلمين من عقلاء البشر تتحدث عن هذه النهضة السعيدة المشرقة الواعدة:
1 ـ كتب المؤرخ البريطاني الشهير (ارنولد توينبي) في كتابه (تاريخ البشرية) كتب يقول: «كان لعبقرية النبي محمد اثر كبير في نقل رسالة ربه الى قومه، وقد كان تاريخ الجزيرة العربية مرتبطا بذلك. وفي سنة 622 م تبدل الوضع تماما لمصلحة محمد ورسالته. فقد جاءه مجموعة من الواحة الزراعية، أي يثرب او المدينة، يطلبون اليه ان ينتقل اليهم، ويتولى امورهم. وبعد ذلك انتشر الاسلام في العالم واثر فيه بعمق».
2 ـ وكتب الفيزيائي الايرلندي النابه جون ديزموند برنال في كتابه الموسوعي (العلم في التاريخ) كتب يقول: «سرعان ما اضيف الى تلك العوامل السلبية، ومنها الفراغ الذي يعيشه العالم: عامل ايجابي وهو ظهور دين عالمي جديد وانتشاره بسرعة. فالحواجز اللغوية والدينية والحكومية التي كانت حتى القرن السابع الميلادي: تعزل كل ثقافة داخل محيط اقليمها. هذه الحواجز قد زالت فجأة في كل الارجاء تقريبا ما بين المحيطين: الهندي والاطلسي، وقد اشاع الاسلام المحبة الاخوية بين كل الاجناس، وحدد لتابعيه شعائر دقيقة، وكانت فلسفته قائمة على التوحيد. لقد كان دينا راسخ الأسس في قلوب الناس».
3 ـ وكتب الزعيم الهندي المعروف (جواهر لال نهرو) في كتابه (لمحات من تاريخ العالم) .. كتب يقول: «والمدهش حقا ان نلاحظ ان هذا الشعب العربي الذي ظل منسيا اجيالا عديدة: بعيدا عما يجري حوله، قد استيقظ فجأة، ووثب بنشاط فائق ادهش العالم وقلبه رأسا على عقب. ان قصة انتشار العرب في آسيا واوربا وافريقيا والحضارة الراقية، والمدنية الزاهرة التي قدموها للعالم هي اعجوبة من اعجوبات التاريخ. والاسلام هو الباعث لهذه اليقظة بما بثه من ثقافة وثقة ونشاط».
وهذا ذاته شيء من التفصيل يحتاج الى مزيد من التفصيل.
فمن نماذج النهضة التنويرية الكبرى التي قادها نبي الاسلام:
اولا: نهضة التنوير العقلانية، وهي البداية الحقة، إذ لا نهضة حقيقية في أي حقل، في غياب العقل، او في حال تحجره وجموده. لذا نستطيع ان نقرر ـ بهدوء وثقة ويقين ـ: ان النهضة التنويرية العظمى على يد نبي الاسلام، كان (العقل) مفتاحها ونافذتها وآليتها ومدخلها.
وهذا هو التعليل العقلي والمنهجي لهذه الحقيقة .. لقد كانت الجزيرة العربية، وكان العالم كله في (غيبوبة عقلية)، وكان (الجمود الفكري) هو: العملة الرائجة والعرف الضاغط السائد الطاغي .. ويستحيل ـ باطلاق ـ: ان يحصل تقدم ونهوض وتحرير وتنوير بينما العقل (غائب) والفكر (متحجر) .. ومن هنا: فقد كانت الاسبقية المنهجية والتطبيقية هي: (استحضار العقل الغائب)، وتحريك الفكر الجامد وتشغيله بأعلى معدلات طاقته.
ولقد تبدت هذه الأسبقية المنهجية في سياقات متنوعة منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ ـ سياق (الامر الحصري) في البدء، او الامر بمطلوب واحد وحيد وهو (التفكير) .. «قل إنما أعظكم بواحدة ان تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا» .. واحدة فحسب وهي: ان تكون حرية التفكير وحركته بديلا لحالة الجمود الفكري. فما تفهم الرسالة ـ قط ـ والحالة هذه. وانما نزلت الرسالة لتفهم .. ولا يتجادل العقلاء في ان المقدمة الاولى للفهم هي: ان تكون اداة الفهم: حية لا ميتة .. متقدة لا منطفئة .. منفتحة غير منغلقة .. متحركة غير هامدة ولا جامدة.
ب ـ سياق التحريض على التفكير عن طريق النظرة الذكية المحدّقة في النفس والكون: «او لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بحق وأجل مسمى».
ج ـ وسياق الصعق بالمقارنات القياسية: «قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر أولوا الأسباب».
د ـ وسياق الحملة الطويلة الملتهبة المركزة على التقليد الغبي الغرير على ما كان دون عقل ولا تفكير ولا حجة ولا برهان: «وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون».
ثانيا: النموذج الثاني من النهضة التنويرية الكبرى التي قادها نبي الاسلام، انما هو نموذج أثمرته النهضة العقلانية الفكرية القوية اللماحة. فقد اثمر تفجير طاقة العقل والتفكير: منهجا علميا موضوعيا في التعامل مع الكون بعلم، ومن هنا بدأت المسيرة البشرية الصحيحة في العلم بـ (الكونيات) والتعامل الممتاز معها.
ولندع ـ ها هنا ايضا ـ نخبة من غير المسلمين من عقلاء البشر: تتحدث ـ بعلم وامانة ـ عن هذه القضية: قضية (أسس النهضة العلمية):
1 ـ يقول جون برنال ـ في كتابه السابق الذي اشرنا اليه آنفا ـ: «صعد الاسلام صعودا فجائيا. وكان الاثر المباشر لذلك هو التنشيط الكبير للثقافة والعلوم. وقد اصبح الاسلام نقطة التجمع للمعارف الآسيوية والاوربية، ومن ثم تدفقت في هذا المجرى المشترك سلسلة من المخترعات لم تكن معروفة ولا متاحة للتكنولوجيا اليونانية والرومانية».
2 ـ العالم المؤرخ الثاني الذي يوثق هذه الحقيقة هو (هربرت ولز). فقد سجل في كتابه (موجز تاريخ العالم) هذه الشهادة إذ قا ل: «لقد تمت للعرب في حقول العلوم الرياضية والطبية والطبيعية ضروب كثيرة من التقدم. ولا شك انهم وفقوا الى مستنبطات هائلة في المعادن، وفي التطبيق الغني لها. ولهذه التطبيقات قيمة قصوى، واثر عميق في نهضة العلوم الطبيعية في أوربا».
3 ـ اما المؤرخ العالم الثالث فهو (بول كندي) الذي جهر بهذه الحقيقة ـ العلمية في كتابه (نشوء القوى العظمى وسقوطها) فقال: «ان قسطا كبيرا من الموروث الثقافي والعلمي الاوربي هو في حقيقة الامر (استعارة) من الاسلام والمسلمين».
ثالثا: النموذج الثالث من هذه النهضة التنويرية التي قادها نبي الاسلام هو: (نموذج التسامي الانساني والديني) .. ولنكتف بمثالين فحسب في هذا المجال:
أ ـ استشهد دوغلاس ريد ـ في كتابه: جدل حول صهيون ـ بمقولة واضحة وأمينة لأوغسطين. وهذه الكلمة هي: «ان الاسلام اجاز لغير المؤمنين به الحرية الاقتصادية، وادارة شؤونهم الخاصة، وكان الاسلام متسامحا مع اتباع الديانات الاخرى. وان ما حققه الدين اليهودي من ازدهار بحرية في ظل الاسلام، ما كان بالامكان تحقيقه في بداية انتشار الديانة المسيحية».
ب ـ المثل الثاني: ما قاله المفكر اليهودي المشهور (اسرائيل شاحاك) في كتابه (الديانة اليهودية)، اذ قال: «ثمة حقيقة مهمة وهي: ان طرد اليهود لم يكن معروفا عمليا في بلاد المسلمين، لان هذا الطرد يتناقض مع الشريعة الاسلامية».
رابعا: النموذج الرابع من هذه النهضة التنويرية الانسانية العالمية، التي قادها نبي الاسلام هو (اعلان وحدة الاسرة البشرية) في ذلك الزمن القصي الذي كانت تسوده العصبيات العرقية والقومية والقبلية والعشائرية، بل كانت تسود التعصبات فيما بين ابناء القبيلة الواحدة .. ومن مبادئ الاعلان وحدة الاسرة البشرية: قول الله تعالى في كتابه المجيد:
أ ـ «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة».
ب ـ «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم».
هذا هو نبي الاسلام الذي وقف بعرفة قبل أكثر من 1400 سنة ليؤذن في العالمين بحقوق الانسان، وليتولى قيادة النهضة ـ التنوير الكبرى في التاريخ الانساني كله.
ونبي هذا شأنه، وهذا عمله الجليل في الكفاح من اجل تقدم البشرية وإسعادها، ينبغي ان تعرف البشرية له حقه العظيم، وان توفيه اياه .. اما وفاء المؤمنين به فهو اتباعه والتزام منهجه .. واما وفاء غير المؤمنين فهو تقديره واحترامه وتوقيره من حيث انه رائد انساني عظيم قدم للانسانية الكثير .. الكثير من العلوم والمعارف والقيم والاخلاق وعلمها: كيف تكون علاقتها بربها؟ وكيف تكون علاقة الانسان بالانسان؟ وكيف تكون علاقة الانسان بالكون؟ ومن هنا، فان الاساءة الدانماركية لنبي الاسلام: ليس عصبية دينية كريهة فحسب، بل هي ـ كذلك ـ سقوط انساني واخلاقي وحضاري. والغريب المريب: ان الحكومة الدانماركية لم تفعل شيئا جادا ونبيلا تجاه تلك الاساءة على الرغم من احتجاجات العالم الاسلامي!!
___________________________
(*) صحيفة الشرق الأوسط(/)
تهنئتي إليكم في عيد الأضحى
ـ[ hedaya] ــــــــ[12 Jan 2006, 07:47 ص]ـ
تهنئتي إليكم في عيد الأضحى
الحمد لله الذي به تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صاحب المعجزات، وبعد:
اعلم أخي المسلم/ أختي المسلمة أن للمؤمنين في الدنيا ثلاثة أعياد لا غير، عيد يتكرر في كل أسبوع وهو يوم الجمعة، وعيدان يأتيان في كل عامٍ مرة، وهما عيدا الفطر والأضحى، حيث أنه لمّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله قد أبدلكم يومين خيراً منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى"، فأبدلنا الله تعالى بيومي اللهو واللعب يومي المغفرة والشكر، والعفو والذكر.
أما أول أيام عيد الأضحى فيقوم الحجاج هناك في "منى" بتقديم الأضحيات لوجه الله تعالى، ومعهم كل قادر من المسلمين في كافة بقاع الأرض، ومن هنا كانت تسمية هذا العيد بعيد الأضحى، تيمنًا بسيدنا إبراهيم الخليل الذي أوشك أن يذبح ابنه اسماعيل تلبيةً لأمر الله تعالى، والذي افتدى سيدنا إسماعيل بكبشٍ من الجنة ... أطاع نبيا الله تعالى ربهما في مسألةٍ عزيزةٍ مثل هذه، فما لنا نعصي الله سبحانه في أمورٍ أيسر وأبسط؟!
http://www.w6w.net/upload2/24-12-2005/w6w_2005122401043180192c10.jpg
http://www.w6w.net/upload2/24-12-2005/w6w_20051224010709752eaf97.jpg
في أيام العيد تتوجه عيون العالم الاسلامي بأكمله نحو مكة المكرمة، حيث يؤدي ملايين المسلمين هناك خامس أركان الإسلام ألا وهو حج بيت الله الحرام، والذي يأتي تلبية لنداء الله عز وجل في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: {وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} صدق الله العظيم.
أحكام وآدب العيد: التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، وجهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلانًا بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره + ذبح الأضحية بعد صلاة العيد ووقت الذبح أربعة أيام + الاغتسال والتطيب للرجال ولبس أحسن الثياب بدون إسرافٍ ولا إسبالٍ ولا حلق لحية، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرجٍ ولا تطيب + الأكل من الأضحية اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم + الذهاب إلى مصلى العيد ماشيًا أن تيسر، ومن السنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلى في المسجد + مخالفة الطريق بأن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر + التهنئة بالعيد لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم.
أمورٌ منهيٌّ عنها ... فلنجتنبها: أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يضحي من أراد الأضحية + التكلف والإسراف في شراء الملابس والأضحية وفي صيانة البيوت وتزيينها + الاجتماع في بيوت حديثي الموت - سيما النساء - وإعادة الحزن والبكاء في هذا اليوم + زيارة القبور سيما للنساء ضعيفات القلوب وكثيرات البكاء + الغفلة عن ذكر الله وترك صلاة الجماعة خصوصًا + شد الرحال لزيارة الأضرحة والقباب والموتى وإيقاد السرج عليها ونحو ذلك + التشبه بما يفعله الكفار في أعيادهم + صيام يوم العيد + التهاون في ترك صلاة العيد + المبالغة في السهر وتضييع صلاة الفجر.
وأخيرًا اعلم أخي الكريم/ أختي الكريمة - تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال - أن العيد ليس لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد، وليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب ... جعل الله أيام الإسلام والمسلمين أعيادًا كلها.
Hedaya(/)
كتاب " حرمة المسلم على المسلم " مجاناً لكل مسلم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[15 Jan 2006, 09:13 م]ـ
في المرفق كتاب " حرمة المسلم على المسلم " قد ألفته لما رأيت حاجته الماسة في هذه السنين الصعبة، وقد سلمته للمطبعة في بغداد؛ ليطبع منه 10000 نسخة وسيوزع مجاناً إن شاء الله تعالى في بلدنا الجريح، وأنا إذ أضع الكتاب في هذا الملتقى المبارك، فإنا أجعله وقفاً لله تعالى، وقد أذنت لكل مسلم في الاستفادة من الكتاب أو طبعه أو الاقتباس منه، ولا أريد بذلك إلا الأجر والنية الصالحة.
وكنت قد صنعت لكتاب " رياض الصالحين " مثل ذلك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38264
وهو مضغوط ومرتب على هذا الرابط
http://saaid.net/book/open.php?cat=3&book=2281
ولجامع العلوم والحكم أيضاً
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67804
وأطلب من الأخوة نشر هذه الكتب ولو على الشبكة حتى يعم النفع، والله من وراء القصد
د. ماهر ياسين الفحل
الرمادي الصابرة
maher_fahl@hotmail.com
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Jan 2006, 09:22 م]ـ
الدكتور ماهر:
شكر الله لكم , وكثر في الأمة من أمثالكم , وأعاد الله لبلادكم الأمن والإيمان.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[16 Jan 2006, 02:51 م]ـ
بارك الله فيك يادكتور ماهر على هذا الاختيار الموفق, ونسأل الله أن ينفس عن إخواننا في العراق, ويجمع كلمتهم على الحق؛ إنه سميع مجيب.
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[16 Jan 2006, 02:58 م]ـ
وبارك الله فيكما وشكر سعيكما، وأسأله تعالى أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
ـ[مرهف]ــــــــ[17 Jan 2006, 06:51 م]ـ
كلما قرأت من كتبكم أيقنت أن الأمة يكثر خيرها في الأزمات على يد المخلصين من أبنائها وبلادكم وأنتم في قلوبنا والدعء لكم لا يفتر نسأل الله الفرج لكم وللمسلمين
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[25 Jan 2006, 02:54 م]ـ
أخي مرهف
السلام عليكم
أشكرك على هذه الكلمات الرائعة، والمشاعر الطيبة، وأسأل الله أن ينفع بكم وبعلمكم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[11 Feb 2006, 03:14 م]ـ
تنسيق جديد للكتاب من مطبعة الخنساء في بغداد
ـ[طارق]ــــــــ[13 Feb 2006, 12:19 ص]ـ
الأخ الفاضل الدكتور ماهر
تقبل الله منك عملك هذا وجعله في موازين حسناتك
ورفع عنا وعنكم الظلم والبغي والعدوان
إنه سميع قريب مجيب [ i]
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[17 Feb 2006, 05:38 م]ـ
بارك الله فيك أخي طارق
أسأل الله أن يحسن عاقبتنا وإياكم في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[02 Mar 2006, 08:09 م]ـ
بارك الله فيك يادكتور ماهر , ونسأل الله أن ينفس عن إخواننا في العراق كربهم , ويجمع كلمتهم على الحق؛ إنه سميع مجيب.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[02 Mar 2006, 08:22 م]ـ
هناك سؤال سيدى الدكتور ماهر .... هل تعرف الدكتور وميض العمرى وهو عراقى من الموصل صاحب كتاب (تنبيه الباحث إلى الحكم بالنص بالحوادث) ... حيث لم أجد له أى موقع أو مقالات على الشبكة ... أو حنى لو تعرف عنوانه العادى اذكره من فضلك
وجزاكم الله خيرا
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[03 Mar 2006, 05:34 م]ـ
بارك الله فيك أيضاً أخي أبا محمد وجزاك الله خير الجزاء ونفع بك.
الحقيقة أني لا أعرف الفاضل المذكور
وجزاك الله خيراً
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[06 Dec 2006, 07:13 ص]ـ
وتحول الكتاب إلى كتاب أليكتروني بارك الله في جهود الأخ عادل محمد ( http://http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6859&highlight=%E3%C7%E5%D1)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[13 Nov 2007, 04:05 م]ـ
هنا الإذن الخطي:
http://www.stooop.com/Month/10/17052249bb.jpg (http://www.stooop.com/)(/)
الندوة العلمية الأولى في علوم الحديث ... دعوة
ـ[خادم الكتاب والسنة]ــــــــ[16 Jan 2006, 02:34 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
تدعوكم
أكاديمية حفاظ الوحيين العالمية للتعلم عن بعد
www.alwhyyn.net
وبالتعاون من منتدى الحديث وعلومه بالأكاديمية
لحضور فعاليات
الندوة العلمية الأولى لمنتدى الحديث
والتي ستكون يوم الخميس 19/ذي الحجة / 1426 هـ الموافق 19/ 1/2006 م
وسيشارك في الندوة:
فضيلة الشيخ الدكتور أسامة نمر عبدالقادر - من الأردن - نشأة علوم الحديث
فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن رزق بن طرهوني - من السعودية- علوم الحديث وعلاقتها بالسيرة النبوية
بالاضافة لمشاركة مشرف منتدى الحديث طويلب العلم- طلحة بن بشير الجغبير: أثر علوم الحديث في الفقه الإسلامي
نرجو منكم نشر الاعلان في المنتديات والمجموعات البريدية ودعوة إخوانكم لهذا الملتقى العلمي الطيب
الندوة ستكون بتمام الساعة الثامنة والنصف مساء بتوقيت مكة المكرمة باذن الله، في قاعة البث المباشر بموقع قرآن أون لاين
www.quranonline.us
لمعرفة طريقة الدخول للغرفة
http://www.quranonline.us/arabic_way.html
للاستفسار حول الندوة مراسلة مشرف المنتدى
talhabj@hotmail.com
للاستفسار حول الغرفة وكيفية الدخول إليها مراسلة الأخ وسام مدير موقع قرآن أون لاين
wesamhamideh@hotmail.com
والله ولي التوفيق(/)
أرحب بنفسي بينكم000وكل عام وأنتم الى الله أقرب
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[17 Jan 2006, 03:25 م]ـ
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعد نبي الهدى وإمام التقى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم أرحب بنفسي بكم لما وجدته وقرأته وأطلعت عليه من كلام نفيس وأطروحات رائعه
تحتم علي الحرص على الإستفادة منكم ومما أكرمكم الله به من العلم والمعرفة وإن هذه نعمة من الله تستوجب شكرها.
وإني لفخور أن أكون أحد المستفيدين من هذا المنتدى وهي خطوة من ضمن الخطوات التي أرسمها لنفسي في بداية حياتي العلمية أسأل الله لي ولكم التوفيق والإخلاص في القول والعمل.
وأسأله سبحانه وتعالى أن يجمعني وإياكم مع رسولنا محمد في جنات النعيم
فلا تحرمومني مما عندكم وأنا أعتبر نفسي أخوكم الصغير لاحرمكم الله رضاه ومغفرته
وكل عام وأنتم الى الله أقرب
وصلى الله على نبينا محمد
أخوكم ومحبكم:أبو عبدالرحمن الأحمدي متخرج من قسم الدراسات القرآنيه وأحضر الماجستير في قسم التفسيروعلوم القرآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jan 2006, 06:11 م]ـ
حياكم الله بين إخوانكم. ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[18 Jan 2006, 12:42 ص]ـ
شكر الله لك شيخنا الفاضل الدكتور عبدالرحمن
لاحرمني الله منك
وأسأل الله العلي العظيم أن ينفعك وأن ينفع بك الإسلام وأهله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Jan 2006, 09:43 ص]ـ
حياك الله أبا عبد الرحمن، وأسأل الله لي ولكم ولجميع أعضاء الملتقى التوفيق والسداد، وأتمنى أن نرى مشاركاتك النافعة بإذن الله.
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[19 Jan 2006, 01:17 ص]ـ
رحبت بك الحور في جنات الخلود كما أسعدتني بترحيبك ودعائك لي
غفر الله لك ولوالديك وجزاك الله خيرا شيخنا الحبيب(/)
التوسُّل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[17 Jan 2006, 06:43 م]ـ
أجاب عليه: سلمان العودة
السؤال:
لقد أشكل علينا كلام لابن كثير - رحمه الله - في تفسيره لسورة النساء آية (64) قوله - تعالى -: " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً " الآية.حيث قال:" وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه (الشامل) الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالساً عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً"، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول: يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهنّ القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني، فرأيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في النوم فقال: يا عُتبي! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له ".
الجواب:
نعم. ذكر هذا ابن كثير في التفسير كما ذكر السائل، وذكره أيضاً ابن قدامة في (المغني) في كتاب الحج، زيارة قبر النبي - صلي الله عليه وسلم - (3/ 298)، وذكره النووي في (المجموع 8/ 256)، وقال:" ومن أحسن ما يقول، ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له ".وقال العز بن عبد السلام:" ينبغي كون هذا مقصوراً على النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه سيد ولد آدم .. "وانظر فيما ينسب للفقهاء (الموسوعة الفقهية) , مادة (توسّل).وقد اختلف العلماء في التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على قولين مشهورين أحدهما: الجواز , وفي مثله تساق القصة السابقة. والثاني: المنع، وهو منقول عن أبي حنيفة، وأحمد، وغيرهما. قال ابن تيمية - رحمه الله – " .. لم يكن الصحابة يفعلونه، في الاستسقاء ونحوه، لا في حياته ولا بعد مماته , لا عند قبره, ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة، أو عمن ليس قوله حجة ".وقد أطال ابن تيمية - رحمه الله - النَّفَس في مسألة التوسل والوسيلة. وصنف فيها كتاباً خاصاً مشهوراً، وساق الخلاف ,ورجح ما سبق, ثم بين أن المسألة خلافية وأن التكفير فيها حرام وإثم؛ لأنها مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة. وبالذي اختاره الشيخ من منع التوسل إلى الله بالرسول - صلى الله عليه وسلم – أقول؛ لأن سد هذا الباب أصفى للتوحيد , وأبعد عن الغلو , خاصة مع ما رُكّب في نفوس العامة من الميل إلى التعلق بالحسيات والتذرع إلى الوقوع في الشرك. مع ملاحظة ما ذكره - رحمه الله - من الاختلاف في المسألة عند أحمد وغيره، وعند المتأخرين. والقصة المذكورة ليس لها إسناد, ولو فرض أنها صحيحة فلا حجة فيها، والله أعلم.
الرابط / http://www.islamtoday.net/pen/show_question_content.cfm?id=2726
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[28 Jan 2006, 03:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. إن التوسل بات من المسائل المعروف حكمها لدى العامة والخاصة وفي هذه البلاد على الوجه الخصوص. فأعتقد أنه لا يخاض في هذه المسألة مرة أخرى إلا بإضافة جديدة، أو من باب التذكير ولكن يراعى في التذكير أن يوفى حق الموضوع ولا ينبغي للكاتب أن يترك القارئ في غموض وإشكال. ومن المفترض أن يحال على كتب العلماء المعتبرين ممن لهم عناية بالعقيدة الإسلامية السنية عناية كبيرة. وأحيل القراء هنا على كتابين في موضوع التوسل: وهما معروفان ومتداولان:
1 - التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيق الدكتور/ ربيع المدخلي.
2 - التوسل أحكامه وأنواعه: لمحدث الديار الشامية العلامة الألباني بعناية الشيخ العباسي.
كما أحيلهم على مقالي في الموقع بخصوص حديث مالك الدار. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
مواقف وخبرات ووصايا من أهل الإختصاص للمبتدأين
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[18 Jan 2006, 01:45 م]ـ
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله العلي العظيم أن لايحرمك أخي المبارك الناظر الى ماكتبت من النظر الى رب الخلائق أجمعين والتنعم في جنات النعيم ... اللهم آمين ... أرحب بك وإني أحبك في الله.
في هذا الموضوع أطلب فيه من الإخوه جميعا وأخص به المتخصصين في مجال التفسير وعلوم القرآن أن يكتبوا فيه للمبتدأين في هذا الفن المبارك وهذا العلم العظيم
بداياتهم فيه وأبرز مواقفهم وماهي وصاياهم للمبتدأ في هذا المجال وماهي المؤلفات التي يوصون بدراستها بدايتا لطالب العلم المبتدأ وربما أيضا ماهي بعض الصعوبات التي مرت عليهم ويوصون بتجنبها والإبتعاد عنها.
أتمنى أن لايخيب رجائي في أن يثرى هذا الموضوع بالمشاركه من الجميع وأعتبره طلب محبا لكم وحسبي أن المحب لمن يحب مطيع. لاحرمكم الله الفوز بجناته وجعل ماتكتبونه رفعتا لكم في الدرجات.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
محبكم:أبو عبدالرحمن الأحمدي
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[25 Jan 2006, 01:21 م]ـ
كنت أتمنى والله أنه من بين الأخوه القراء والمشاركين في هذا المنتدى المبارك .. يشاركني وحدتي والتي إستمرت قرابة الأسبوع ولوفي كتابة سطر واحد والظاهر أن بضاعتنا كاسدة؟
ولكن أجد لنفسي عذر أنه ربما الموضوع غير مناسب للطرح ....
ولكم عذر لإنشغالكم وعدم تفرغكم لقرقعة فضول مثلي ...
أعانكم الله وسدد خطاكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2006, 02:01 م]ـ
أخي الكريم أبا عبدالرحمن الأحمدي وفقه الله
لا تسوء بالملتقى وأهله ظناً! فموضوعك هذا من الموضوعات الطريفة التي استوقفتني، وأرغب إن شاء الله وغيري المشاركة معك فيه، غير أن الصوارف كثيرة منذ كتبت موضوعك. ولعله إن شاء الله يتكامل شيئاً فشيئاً بجهودك وجهود الزملاء في الملتقى، غير أننا في حاجة إلى وقت فحسب.(/)
متى سيتم افتتاح معرض الكتاب في الرياض؟
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[18 Jan 2006, 08:09 م]ـ
السلام عليكم
متى سيتم افتتاح معرض الكتاب في الرياض؟
ـ[محب احمد بن حنبل]ــــــــ[19 Jan 2006, 02:22 ص]ـ
وعلكيم السلام.
في 23/ 1/1427ه
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[19 Jan 2006, 11:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jan 2006, 12:45 م]ـ
معرض الرياض الدولي للكتاب 2006 ( http://www.riyadhbookfair.org/)
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[25 Jan 2006, 02:45 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن على إضافة الموقع
ـ[عبد اللطيف سالم]ــــــــ[11 Feb 2006, 02:10 ص]ـ
موعد معرض الكتاب في الرياض ( http://www.riyadhbookfair.org/images/king_abdullah.gif)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2006, 05:49 م]ـ
الافتتاح اليوم الأربعاء 32/ 1/1427هـ إن شاء الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Feb 2006, 12:47 ص]ـ
زرت المعرض عشية افتتاحه اليوم، ورأيت تنظيماً غير مسبوق في معارض الكتاب الدولية المقامة في السعودية. ويبدو لي أنه أفضل المعارض التي سبق أن رأيتها في الرياض من حيث التنظيم والأنشطة المصاحبة، وتوفير الخدمات للزوار. أما الكتب فالأمر يحتاج إلى تتبع لم أتمكن من التحقق منه ليلة الافتتاح.
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[28 Feb 2006, 01:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
مقام الزهراء (عليها السلام) ومنزلتها
ـ[القهواجي]ــــــــ[18 Jan 2006, 10:48 م]ـ
مقام الزهراء (عليها السلام) ومنزلتها
عند الله وعند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
الاحاديث في هذا الباب كثيرة، حتى أن عدّةً من علماء الفريقين دوّنوها في كتب مفردة، وقد انتخبت من تلك الاحاديث هذه الاحاديث التي سأقرؤها، وسترون أن مصادرها من أقدم المصادر وأهمّها:
الحديث الاول:
«فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة»، أو «سيّدة نساء هذه الاُمّة»، أو «سيّدة نساء المؤمنين»، أو «سيّدة نساء العالمين».هذا الحديث بألفاظه المختلفة موجود في: صحيح البخاري
في كتاب بدء الخلق، وفي مسند أحمد، وفي الخصائص للنسائي، وفي مسند أبي داود الطيالسي، وفي صحيح مسلم في باب فضائل الزهراء، وفي المستدرك وصحيح الترمذي، وفي صحيح ابن ماجة، وغيرها من الكتب.
ففاطمة سيّدة نساء العالمين من الاوّلين والاخرين.
الحديث الثاني:
في أن فاطمة سلام الله عليها بضعة من النبي:
«فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني».
هذا الحديث بهذا اللفظ في: صحيح البخاري، وعدّة من المصادر.
«فاطمة بضعة منّي يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها».
بهذا اللفظ في: صحيح البخاري، ومسند أحمد، وصحيح أبي داود، وصحيح مسلم، وغيرها من المصادر.
«إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها».
بهذا اللفظ في: صحيح مسلم (1).
«إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها».
بهذا اللفظ في: مسند أحمد وفي المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين، وفي صحيح الترمذي (2).
«فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها».
بهذا اللفظ في: المسند، وفي المستدرك وقال: صحيح الاسناد، وفي مصادر أُخرى (3).
الحديث الثالث:
«إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها».
هذا الحديث تجدونه في: المستدرك، وفي الاصابة، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم، ورواه غيرهم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Jan 2006, 12:55 ص]ـ
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، واختارلصحبة صحابته الكرام البررة، وقضى بحكمته أن تكون ذريته من نسل فاطمة الزهراء، السيدة الكاملة، التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وبشرها بلحاقها به بعيد موته.
لا ينكر فضل هذه السيدة الشريفة إلا أحمق جاهل، وناصبي غالٍ.
ومن أحب هذه السيدة، وآل بيتها الكرام فقد تقرب إلى الله بعمل شريف، واتى قربة من القربات، ففضلها لا ينكره إلا جاهل معاند، وكذا سيادتها، وقد روت زوجه عائشة رضي الله عنها في هذا ما أخرجه البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (مرحبا بابنتي). ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت أسر إلي (إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي). فبكيت فقال (أما ترضين أن تكوني سيدة أهل الجنة أو نساء المؤمنين). فضحكت لذلك)).
فهذا حديث صريح صحيح في سيادتها رضي الله عنها، واهل السنة يؤمنون بهذا، وبه يقولون، ويحفظون لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم حقوقهم، ويردون عنهم مطاعن الحاقدين، وأكاذيب المغالين.
وأهل البيت ـ كما ورد في النصوص ـ على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أصحاب الكساء، وهم الذين ضمهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى نفسه لما نزل قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، فقد أخرج مسلم بسنده عن عن صفية بنت شيبة قالت قالت عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)))
(يُتْبَعُ)
(/)
المرتبة الثانية: أزواجه رضي الله عنهن، فهن من أهل بيته، ومن ذلك ما روى البخاري بسنده، قال: حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال
: بني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم فأرسلت على الطعام داعيا فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوا فقلت يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه قال (ارفعوا طعامكم) وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال
(السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله). فقالت وعليك السلام ورحمة الله كيف وجدت أهلك بارك الله لك. فتقرى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة ويقلن له كما قالت عائشة ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة فما أدري آخبرته أو أخبر أن القوم خرجوا فرجع حتى إذا وضع رجله في أسفكة الباب داخلة وأخرى خارجة أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب)).
المرتبة الثالثة: آل هاشم، وهم الذين لا تحل لهم الصدقة، وفي تراجم كتاب الزكاة من صحيح مسلم: (باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم)، وفي ترجمة الباب بعده: (باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة)، وذكر فيه حديثًا طويلاً، فقال: ((حدثني عبدالله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن عبدالله بن نوفل بن الحارث ابن عبدالمطلب حدثه أن عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه قال
: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبدالمطلب فقالا والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن عباس) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصاب مما يصيب؟ الناس قال فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك وقال علي بن أبي طالب لاتفعلا فوالله؟ ما هو بفاعل فانتحاه ربيعة ابن الحارث فقال والله ماتصنع هذا إلا نفاسة منك علينا فوالله؟ لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك قال علي أرسلوهما فانطلقا وإضطجع علي قال فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال إخرجا ماتصرران ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش قال فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون قال فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه قال وجعلت زينب تلمع علينا من واء الحجاب أن لاتكلماه قال ثم قال إن الصدقة لاتنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس أدعوا لي محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب قال فجاءاه فقال لمحميه أنكح هذا الغلام ابنتك (للفضل بن عباس) فأنكحه وقال لنوفل بن الحارث أنكح هذا الغلام ابنتك (لي) فأنكحني وقال لمحمية أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا قال الزهري ولم يسمه لي))، والموضوع في تقرير فضل آل البيت، وحب الصحابة لهم |، وحب المسلمين لهم يطول، وأكتفي بذكر حديث يدل على حرص الصحابة على حق من حقوق آل البيت، وهو الصلاة عليهم، فقد روى البخاري بسنده، قال: حدثنا قيس بن حفص وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو قرة مسلم بن سالم الهمذاني قال حدثني عبد الله ابن عيسى سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى قال
: لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت بلى فأهدها لي فقال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم؟ قال (قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجي اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد))
وما من مسلم يصلي الصلاة، إلا ويقول في صلاته: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد ... ))، اللهم إننا نشهدك أننا نحب نبيك وآل نبيك وصحابته الكرام، فاحشرنا معهم، واجعلنا ممن قلت فيهم: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)، وصلى الله على محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين.
ـ[ابن رشد]ــــــــ[19 Jan 2006, 04:45 م]ـ
مقام الزهراء (عليها السلام) ومنزلتها
عند الله وعند الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
الاحاديث في هذا الباب كثيرة، حتى أن عدّةً من علماء الفريقين دوّنوها في كتب مفردة،
---------------------------------------------------------------------------------------
رضى الله عنها و أرضاها، فاطمة عليها السلام، بنت رسول الله صلى الله عليه و على آل بيته الأطهار و سلم تسليما كثيرا
- و لكن ما المقصود بعلماء الفريفين، و ما مناسبة التثنية، و لم يتقدم لهما ذكر؟
فهلا قلت: علماء الأمة؟
فمنزلتها عند كافة علماء الأمة لا خلاف فيها، و لا يعتد بخلاف الروافض و النواصب و الخوارج
و هذا لمجرد الاستفسار(/)
من هو وكيل دار عمار بالرياض؟
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[20 Jan 2006, 01:35 م]ـ
السلام عليكم
من هو وكيل دار عمار بالرياض؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Jan 2006, 03:11 م]ـ
لا أظن لها وكيلاً حصرياً في الرياض، ولكنك تجد كتبها في مكتبات التدمرية والرشد والعبيكان وأطلس وغيرها.
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[21 Jan 2006, 09:12 م]ـ
جزاك الله خيرا(/)
حمل كتب الشيخ العلامة عبدالعزيز السلمان ـ رحمه الله ـ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[23 Jan 2006, 06:09 م]ـ
فضلاً اضغط على هذه الروابط
حمل "إرشاد العباد للاستعداد ليوم المعاد" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70517)
حمل " إغتنام الاوقات في الباقيات الصالحات قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70518)
حمل "من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70519)
حمل " سلاح اليقظان لطرد الشيطان " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70520)(/)
سعيد صيام: قضية القدس ليست مطروحة للمزايدات!
ـ[القهواجي]ــــــــ[24 Jan 2006, 11:21 م]ـ
سعيد صيام: قضية القدس ليست مطروحة للمزايدات!
حوار: إبراهيم الزعيم / فلسطين 5/ 12/1426
05/ 01/2006
قبل ساعات فقط من الموعد المحدد لبدء الدعاية الانتخابية لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني التقينا بالشيح سعيد صيام، عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأحد مرشحي الحركة عن دائرة غزة في بيته، وكان لنا معه هذا الحوار.
كيف نفهم موقف "حماس" الرافض لتجديد التهدئة مع الاحتلال، في حين تستعد لخوض الانتخابات التشريعية؟
التهدئة كما يعلم الجميع أُعطيت في سياق حوار وطني فلسطيني في حوار القاهرة في مارس 2005، وتنتهي بانتهاء 2005، وهذه طبيعة الأشياء، ثم إنه لم يطلب أحد تمديد هذه التهدئة، ونحن نرفض الحديث عن التمديد في ظل العدوان الصهيوني، وفيما يتعلق بالانتخابات فهذا استحقاق وطني فلسطيني وتاريخ معلن، ونرى أن إجراءها في موعدها ضرورة وطنية لتجاوز هذه الأزمة؛ لأنه في الأساس "حماس" تريد الانتخابات لحماية المقاومة ومشروعها، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، فعدم الموافقة على تجديد التهدئة والإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها أمر متكامل، وهذا وذاك يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.
يُقال: إن شعبية "حماس" ستتضاءل؛ لأنها صامتة عن الاغتيالات والاعتقالات ومحاولة الاحتلال اقتطاع جزء من شمال القطاع لإقامة ما يُسمّى "المنطقة العازلة" ما رأيكم في ذلك؟
الحقيقة إن "حماس" لا تتعاطى مع الأحداث بردات فعل أو بطريقة انتقائية، فهي حركة واعية وراشدة وتدرك أين تكمن مصلحة الشعب الفلسطيني، وهناك محاولة لتشويه وتشويش مواقف الحركة التي لا يستطيع أحد أن يزاود على تضحياتها وقوتها وعطائها، واستطلاعات الرأي وتحركنا في الشارع يؤكد أن الحركة في تصاعد، وهذا المؤشر وواضح في الانتخابات البلدية الأخيرة، وواضح من التخوف الأوروبي والأمريكي من فوز كبير لحماس، وليس لدينا مشكلة من بعض الأصوات النشاز التي تصدر هنا وهناك.
التهدئة انتهت بانتهاء العام الماضي، فلماذا لا ترد "حماس" على العدوان وتشارك في نفس الوقت في العملية الانتخابية؟
قضية انتهاء التهدئة لا يعني أن تعلن "حماس" الحرب، حتى أثناء التهدئة كان هناك هامش لحق الردّ وحق المقاومة، والمقاومة كبرنامج وكخيار ليست فعلاً وردّ فعل، وإنما منهج، و"حماس" تدرك أن المرحلة الحالية هي مرحلة استحقاق دستوري واستحقاق شرعي يتمثل في إجراء الانتخابات في موعدها، لتعزيز وحماية صمود شعبنا ومقاومته وسلاحه وبرنامجه، وبالتالي هي تقدّر أين تردّ. ومتى ترد، وأين تكمن مصلحة الشعب الفلسطيني.
نرغب في الحديث عن الانتخابات التشريعية، لكن قبل ذلك نرجو أن تحدثنا عن آلية أخذ القرار في حركة "حماس"؟
حركة "حماس" حركة شورية دستورية، القرارات تُؤخذ عبر مؤسساتها الدستورية والشورية، القرارات المفصلية والمصيرية في تاريخ الحركة تُؤخذ من قيادات الحركة في كافة أماكن تواجدهم في الضفة وغزة والخارج والسجون، والقضايا المحلية اليومية التي تتعلق بالحركة في موقع معين فهذا تقدره الحركة أيضاً وفق رؤية شورية ودستورية.
في حال فزتم بمقاعد في المجلس التشريعي لا تمكنكم من تشكيل حكومة هل ستتحالفون مع تيارات أخرى، يسارية مثلاً؟
الحركة إذا ما جرت الانتخابات بصورة حرة ونزيهة ستحترم هذه النتائج وتلتزم بها، ومبدأ التحالفات السياسية وارد في أبجديات الحركة،سواء قبل إجراء الانتخابات أو بعد إجرائها، والدليل أن الحركة دعمت العديد من الشخصيات المستقلة، وبعضها ليس صاحب فكر إسلامي، بمعنى أن هناك السياسة الشرعية، المصالح تتعلق بدفع مفاسد وجلب مصالح، وكله في النهاية منطلق من مصلحة شعبنا.
كيف ستتعاملون مع القانون والنظام العام إذا حصلتم على أغلبية المقاعد في المجلس، مثل: الفلتان الأمني ... الفساد؟
(يُتْبَعُ)
(/)
كما يعلم الجميع دور التشريعي في ثلاث نقاط: التشريع وسن القوانين أو تعديل القوانين، والرقابة، والمحاسبة، في إطار هذه المهمات المناطة بالتشريعي والمسموح بها ستعمل الحركة على سن القوانين التشريعية وتعديل القوانين القائمة بما يخدم مصلحة شعبنا، وبما يحدّ من كل هذه المظاهر، سواء الفلتان أو الفوضى أو الفساد، والرقابة على الأرض لما يحدث، والمحاسبة للجهات التي تقف وراء هذه الظواهر.
هل نفهم من ذلك أنه إذا ثبت تورط أشخاص بعينهم في قضايا فساد يمكن أن يُقدموا للمحاكمة؟
وما الذي يمنع، ولا تملك "حماس" إلا أن تقدم هؤلاء الناس للمحاكمة، لأن شعبنا سئم وتعب من ترك هؤلاء الناس يعيثون فساداً، ويتحكمون في مقدرات الشعب دون أن يكون لهم حساب أو عقاب، كل حالة ستُحال إلى القضاء وسنعمل على استقلاليته وحمايته، وأن يكون سيد نفسه بحيث تنتشر العدالة وتسود بين أوساط الشعب.
لو سألنا عن برنامج الحركة في القضايا التي تتعلق بحياة المواطن اليومية، في المجال الزراعي والاقتصادي والصناعي، ما هو هذا البرنامج؟
نحن ندرك حجم وثقل التبعة والوضع الاقتصادي والصحي والتعليمي السيئ والمنهار، وفي تقديرنا لن نعمل بمعزل عن الآخرين، فهذا يتطلب جهد كافة القوى والفصائل، وليس مطلوباً فقط من "حماس"، و"حماس" أدرجت في برنامجها ما يتعلق بالاقتصاد والصحة والتعليم وكيفية إصلاحه والنهوض به والخروج مما هو عليه من حالات الفوضى والعبث.
البعض يقول: إن "حماس" غير معنية بفوز ساحق؛ لأن هذا سيدخلها في متاهة المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني وسيؤدي إلى انقطاع الدعم المالي؟
كل هذه التخوفات لا أساس لها من الصحة، وتأتي في سياق الحملة الانتخابية المضادة لمحاولة تقليل نسبة وجود "حماس" في المجلس التشريعي، وهذه التخوفات في قضايا الدعم أثبتت إخفاقها؛ فحماس في البلديات تفوز بنسب كبيرة والمشاريع الأوروبية مازالت متواصلة، وفوز "حماس" بنسبة كبيرة يدل على ثقلها وحجمها في الشارع، وهي ليست معنية بالتفاوض مع الاحتلال، ونسبة وجودها لا علاقة له بالتفاوض؛ لأن مهمة التفاوض هي مهمة منظمة التحرير الفلسطينية، وليست مهمة السلطة الفلسطينية، ولكن في ظل غياب المنظمة وضعف مؤسساتها والالتفاف عليها تبين أن السلطة والمجلس هو الذي يفاوض، وبالتالي لا توجد لدينا مشكلة في هذه القضية، والتفاوض مع (إسرائيل) ليس على أجندتنا، والمهمة الأساسية ستكون في دعم صمود شعبنا وبناء ما دمره الاحتلال وبناء الوضع الداخلي وترميم العلاقة الداخلية وتصليب عود الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات.
لكن دخولكم في التشريعي سيمنحكم الدخول إلى منظمة التحرير، وبالتالي تصبحون جزءاً من اللعبة؟
حينما نصبح في منظمة التحرير، ووفق أسس جديدة تراعي الأوزان وتراعي الظرف والمتغيرات على الساحة، هنا يقرر في منظمة التحرير، المفاوضات من عدمها، أو كيفيتها.
لكن أنتم مع دخول منظمة التحرير وتفعيلها.
هو أحد استحقاقات حوار القاهرة تفعيل منظمة التحرير، وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية تنظيمية وإدارية جديدة تراعي مصلحة الشعب الفلسطيني.
كيف ستعالجون القضايا الشائكة، مثل: القدس والأسرى واللاجئين؟
هذه لا نعدها قضايا شائكة، هذه ثوابت لا يستطيع أي إنسان أن يتجاوزها أو يتنازل عنها.
هل هناك برنامج واضح بشأنها، وخاصة الأسرى واللاجئين؟
البرنامج الواضح للحركة من خلال المجلس التشريعي العمل على تحرير كافة الأسرى وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم دون تمييع أو التفاف على هذا المفهوم.
سابقاً كنتم تحاولون تحرير الأسرى من خلال خطف الجنود والمستوطنين، بعد دخول التشريعي هل ستبقى هذه الآلية حاضرة أم ستتحولون إلى العمل السياسي؟
كل الأدوات والأساليب مفتوحة ومباحة في سبيل تحرير الأسرى، في الوقت الذي تعجز فيه الدبلوماسية والعمل السياسي عن تحريرهم، فالعمل العسكري يجب أن يكون رديفاً وموازياً للعمل على تحرير الأسرى.
ما مدى صحة ما أُشيع عن انسحاب الشيخ حسن يوسف من الانتخابات؟
نحن تواصلنا معه وأكد على ترشحه عن دائرة رام الله عن قائمة التغيير والإصلاح، وبالتالي كل ما أُشيع ننفيه جملة وتفصيلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ما هو تعقيبكم على تصريحات شارون الأخيرة باعتقال مرشحي "حماس" في الضفة؟
في سياق الحملة العدائية ضد شعبنا الفلسطيني وضد "حماس"، تهديد كهذا ليس جديداً عندنا، فهم يستهدفون مرشحي الحركة في الضفة منذ أشهر، وهناك اعتقالات طالت المئات من كوادر الصف الأول، ومن المرشحين ومن مسؤولي الحملات الانتخابية، وعلى الرغم من ذلك بفضل الله الحركة تحرز تقدماً وتعاطفاً جماهيرياً، وهذه التهديدات لا تخيف أبناء الحركة.
برأيكم هل يمكن أن تكسبكم هذه التصريحات تعاطفاً جماهيرياً؟
تعوّد شعبنا الفلسطيني على الوقوف في وجه من يحاول التدخل في شؤوننا الداخلية، والتعاطف مع من يقع في دائرة الاستهداف، كما حدث بعد اغتيال القادة الشيخ الشهيد أحمد ياسين والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، وكان يظن الاحتلال أن الحركة ستضعف وتنهار، وإذا الجماهير تتعاطف أكثر وأكثر مع الحركة، وتحظى بتأييد أوسع من ذي قبل.
هل مازلتم متخوفين من تأجيل الانتخابات أو إلغائها بأي (سيناريو) كان، سواء بالفوضى القائمة أو باغتيالات لرموز السلطة أو بتدخل أمريكي؟
ندرك أن هناك في الساحة الفلسطينية وخارجها من يريد تعطيل هذه الانتخابات لأجندته الخاصة أو لأجندة خارجية، نحن من طرفنا سنعمل على توفير كافة الأجواء والتسهيلات التي تمكن شعبنا من إجراء الانتخابات بصورة جيدة.
رفض الاحتلال لإجراء الانتخابات في القدس وتعاطي جزء من قيادة "فتح" مع هذا القرار هل هو مدعاة لتأجيل الانتخابات؟
قضية القدس ليست محل نقاش أو مزاودة من أحد، نحن مصرون على إجراء الانتخابات في غزة والضفة والقدس، وأن يشارك أهلنا في القدس في هذه الانتخابات، والاحتلال يحاول وضع العراقيل أمام إجراء هذه الانتخابات، لكن في كل الأحوال، وإذا ما أصر على منع أهل القدس فعلى القوى والأطراف المعنية أن تلتقي، وتضع السبل الكفيلة لتمكين أهلنا من إجراء الانتخابات وتمثيلهم، وأخذ حقهم في المجلس التشريعي.
هل تشعرون أنه بعد توحيد قائمتي "فتح" في قائمة واحدة يمكن أن تكون منافساً قوياً لكم في الانتخابات؟
فتح حركة كبيرة ولها تاريخها ومشاكلها الداخلية لا تظل في إطارها الداخلي، وإنما تنعكس على الواقع الفلسطيني، وبالتالي وقفنا موقفاً مسؤولاً على الرغم من اختلافنا السياسي معهم على مدار خلافاتهم ودعوناهم إلى التوحد، ونحن باركنا أن يكون هناك قائمة واحدة إذا سمح القانون بذلك، على أساس أننا نريد أن تكون هناك منافسة قوية، ونريد أن تكون الأجواء هادئة بعيدة عن التوتر الداخلي في العلاقة.
كيف تنظرون إلى "حماس" في عام 2006، هل أنتم على أعتاب مرحلة جديدة؟
"حماس" خطت خطاً جديداً وهو المزاوجة بين العمل الجهادي والحفاظ على حق شعبنا في المقاومة والحفاظ على سلاح المقاومة، وبين العمل السياسي الذي يخدم مشروع المقاومة، وهناك آمال معقودة على مشاركة "حماس"، وبالتالي أمامها مهمات كبيرة وصعبة، ولكن ثقتنا بالله كبيرة، ثم في شعبنا الفلسطيني، و شعوب أمتنا العربية والإسلامية أن يقفوا إلى جانب شعبنا لتخطي أزماته، والوصول إلى أهدافه في التحرر والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية
ww(/)
المسلمون .. والحب المُدَّعَى للنبي الكريم ... هل أنت منهم؟ .. اعرف السبب
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[24 Jan 2006, 11:37 م]ـ
بسم الله والحمد لله وصلى الله على رسول الله
يعلم الجميع ما حدث في الاونة الاخيرة من حدث عظيم وكبير هز قلوب الكثيرين وابكاء المحبين للحبيب محمد صلى الله عليه واله الطيبين.
وقد سرني ما رايت من تفاعل بالغ على جميع الأصعدة الرسمية والشعبية من استنكار وشجب واجتماع للصفوف ووحدة الموقف واستنهاض الهمم وعرض الخطط الرادعة لهذ الحقد الدفين من نشر للبضائع الدنماركية والنرويجية استعدادا لمقاطعتها كنوع من الرد البسيط للعداوة الصريحة لنبينا ولديننا.
لكني تفاجأت أن هذا الرد جاء سريعا وحازما!!! وسبب الدهشة هو ان هؤلاء القوم عداوتهم ظاهرة ومتوقعة منهم وان الاساءة للنبي تعتبر قليلة بالنسبة لماحكاه الله عنهم في قوله تعالى {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} (118) سورة آل عمران
هل هب المسلمون حبا للنبي عليه الصلاة والسلام ودفاعا عنه وعن كرامته؟؟!!
وهل هذا الدفاع ضد قوم معينين؟ أم أنه ضد كل من آذى رسول الله وحاول الانتقاص منه؟
لما تأملت مواقف بعض المسلمين وجدت ان العداوة انقلبت من عداوة وتنقص من الكافرين للنبي واله الى عداوة وتنقص من بعض المسلمين لنبيهم واله الطاهرين!!!
واليك الأدلة والبراهين
1/ يقول القاضي أحمد عثمان مطير عضو المحكمة الابتدائية التجارية الثانية وعضو المحكمة الأولى بلواء الحديدة عام (1981) في كتابه الدرة الفريدة، وهو من رؤوس الطريقة القادرية في الحديدة:
((وبمناسبة ذكر القات أنقل ما ذكره الكاتب شيخي العلامة أحمد عبد الباري عاموه –رحمه الله تعالى- قال ما لفظه:
(فائدة) نُقل عن الشيخ الكبير عبد القادر الجنيد أنه نام ذات ليلة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وبين أيديهم شيء من القات، قال: فناولني النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من القات ففزعت من النوم وأنا قابض على القات في يدي ومعي ندم عظيم لما لم أسأله عن فائدة القات فرجعت إلى منامي فرأيته صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه على ما هم عليه فسألته فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد القادر أنه نزل به جبريل الآن! يا عبد القادر كل منه فإن آكله لا ينطق إلا بالصواب ..
وكانت الرؤيا في سنة 953هـ قال شيخنا: ورؤيته صلى الله عليه وسلم حق ومن رآه مناماً فكأنما رآه يقظة) اهـ ..
من كتاب: الدرة الفريدة في تاريخ محافظة الحديدة صفحة (41) طبعة دار المصباح (الحديدة اليمن).
3/وهذا يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم (محمد فيتامين واو حقنا يوم القيامة)
وهذا يقول عن زوج نبي الله وأحب نسائه اليه أن تسميتها بالحميرا لأنها (حمارة)
واخر يقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه (أكبر من يعمل عمل قوم لوط) استغفر الله العظيم مما كتبتُ ولولا التوضيح والبيان لما كتبته والله شاهد علي.
استمع لهذا الرافضي C:\Documents and Settings\Administrator\Desktop
هذا فيض من غيض وتنقص بعض المسلمين لنبيهم ولأزواجه واصحابه رضي الله عنهم اجمعين
فأين أنت يامسلمون وأين الحب المدعى من هؤلاء امسلمييييييييييييييييييين؟؟!!!!!
ـ[مرهف]ــــــــ[25 Jan 2006, 12:23 ص]ـ
الأخ أبا حنيفة حفظه الله:
ما ذكرته من هذه الحادثة إساءة حقاً للنبي صلى الله عليه وسلم بل واستهتار بعقل المسلمين ولو أردت أن تبحث عن مثل هذه الترهات لجمعت فيها المجلدات ولا أبالغ إن قلت أن أغلبها من الدسيسات وضعها أصحاب الهوى والجهالات ولكن .... هل ترى من الحكمة ذكرها في هذه الحال وفي هذا الوقت ... وبدلاً من أن ننشغل بعدونا ننشغل ببعضنا، وهل إساءة هذه الأفراد من الجهلة كإساءة اليهود والنصارى في إسرائيل وأمريكا والدنمارك وبعض القنوات التنصيرية للإسلام وللنبي عليه الصلاة والسلام .. .
المسلم يتعظ بالحكمة ويتنور بالعلم الشرعي الصحيح عندما يجهل .. وأما أعداؤنا فيسرهم كلامنا على بعضنا ويشجعهم ذلك على عداوتنا والنيل من مبادئنا وشعائرنا.فوجه أخي الحبيب سهامك نحو عدوك واستخدم النصيحة بالعلم لإخوانك وإن جهلوا وانحرفوا.
وقعت رأس الفأس الحديدية في وسط غابة من الأشجار ففزعت الأشجارمنها وأخذوا يتصايحون للإنقاذ تخوفاً من أن تقوم هذه الحديدة فتقطعهم،فتكلمت شجرة كبيرة حكيمة من بينهم قائلة: لا تخافوا لن تسطيع الفأس بأن تقطعكم مالم تتبرع إحداكن بغصن منها فتنتصب الفأس فيها فتتقوى بها عليكم.(/)
حَمِّل: خط شبيه بخط عثمان طه وهو من أحسن الخطوط لكتابة الآيات
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[25 Jan 2006, 12:15 ص]ـ
الخطوط التالية شبية جداً بخط عثمان طه والذي كتبت به المصاحف في مجمع الملك فهد رحمه الله وهو من أحسن الخطوط لكتابة الآيات
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[25 Jan 2006, 02:53 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2006, 03:05 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[26 Jan 2006, 12:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
هذا الخط بأنواعه الثلاثة، لكن لا حظت أنه يضيف بعض الحركات من عنده! كالكسرة على لفظ "الله" ولا تظهر عندي وقت الكتابة هنا!
ـ[الراية]ــــــــ[27 Jan 2006, 03:04 م]ـ
المجمع يصدر برنامجاً للنشر الحاسوبي
يسر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أن يعلن عن اكتمال العمل على مشروع إنتاج أحد البرامج الحاسوبية المتميّزة، التي تخدم الباحثين وطلبة العلم وغيرهم،
بعنوان: مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي.
ويستخدم البرنامج المذكور في البحث عن نصوص الآيات القرآنية في المصحف، وكتابتها بخط الرسم العثماني (المطابق للرسم المستخدم في مصحف المدينة النبوية) في برامج النشر المكتبي.
ويتميّز البرنامج عن غيره من البرامج الأخرى المتوافرة في الأسواق بما يلي:
(1) إمكان كتابة وإدراج الآيات القرآنية مباشرة في برنامج تحرير النصوص (مايكروسوفت وورد) MS-Ward؛ وذلك على هيئة خط True type font ( مطابق لخط اليد المستخدم في كتابة مصحف المدينة النبوية)، مما يسهل أعمال التحرير والتنسيق.
(2) إمكان كتابة وإدراج الآيات القرآنية مباشرة في عدد من برامج الرسم والنشر المكتبي المشهورة، وهي: فوتوشوب PhotoShop، وإن ديزاين InDesign، وإليستريتور Illustrator. ويتم إدراج الآيات أيضاً على هيئة خط True Type Font ( مطابق لخط اليد المستخدم في كتابة مصحف المدينة النبوية)، وهذه خدمة هامة، وغير متوافرة في كثير من البرامج الأخرى المماثلة.
(3) سرعة ودقة نتائج البحث، حيث يمكن الوصول إلى الآيات المقصودة والبحث في المصحف بكامله في ثوان معدودة.
(4) السهولة والمرونة في استخدام البرنامج والتعامل معه حتى من قبل غير ذوي الاختصاص، مع المحافظة على البساطة وأناقة التصميم.
(5) توافر العديد من الخيارات الخاصة التي تتيح للمستخدم التحكم في حجم ولون الخط، ومكان كتابة تخريج الآية، وإحاطة النص القرآني بأقواس مزخرفة وغير ذلك الخدمات الأخرى.
(6) يتوافر في البرنامج خاصية الاتصال بموقع المجمع على شبكة الإنترنت؛ وذلك لتحديث الخدمات والخط المستخدم في كتابة الآيات القرآنية؛ مما يساعد على التحسين المستمر للبرنامج وخدماته وسهولة تلافي ما قد يظهر من أخطاء أو مشاكل فنية مستقبلاً.
(7) توافر نسخة أخرى من البرنامج مخصصة للعمل على بيئة أجهزة الماكنتوش Mac operating systems تتضمن معظم الخصائص الموجودة في نسخة نظام الويندوز؛ وذلك لندرة البرامج الحاسوبية التي تقدم خدمة كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني في نظام الماكنتوش.
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج مصحف المدينة النبوية للنشر الحاسوبي هو نتاج عمل دؤوب استمر لأكثر من ثلاث سنوات تحت إشراف إدارة الحاسب الآلي والجهات العلمية في المجمع بالتعاون مع شركة حرف لتقنية المعلومات.
http://www.qurancomplex.org/News/NewsItem.asp?l=arb&CatLang=0&CatID=3&NewsID=504
ولم اقف على هذا البرنامج في الاسواق حتى الآن.
ومن وقف عليه فليخبرنا مشكورا مأجورا
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[28 Jan 2006, 07:37 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً، وجزاكم خيراً.
ـ[محتسب لله]ــــــــ[11 Feb 2006, 07:50 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[23 Apr 2006, 06:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الخطوط الرائعة أستاذنا المفضال.
بس هذه الخطوط من إنتاجي!!!!!!!!!!!!!!!
لا عليك فقد وضعتها منذ فترة مع تجربة برنامج مصحف ويب لكنها لا تغطي كافة الرسم العثماني فلينتبه.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[14 Sep 2006, 06:04 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 09:22 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[بندر الرقابي]ــــــــ[17 Sep 2006, 10:13 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[البتول]ــــــــ[18 Sep 2006, 09:08 م]ـ
نشكركم على ما قدمتم
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[22 Sep 2006, 03:57 م]ـ
كل شرط جرا نفعا فهو ربا
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[23 Sep 2006, 02:04 م]ـ
حتى ننظر ...
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[23 Sep 2006, 10:07 م]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
بارك الله في أحمد القصير، وجعل ما قدم في ميزان حسناته يوم القيامة.
ولإخينا أبي زيد - جزاه الله خيرا - نقول:
ولازم من انتفاء الشرط ... عدم مشروط لدى ذي الضبط
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[24 Sep 2006, 02:03 م]ـ
أشكر لكم حسن صنيعكم رغم أني لم أحمل الخطوط لأنكم اعتذرتم عن ذلك إلا بعد الرد وشكرا(/)
ممكن عناوين المكتبات التالية ...
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[25 Jan 2006, 02:51 م]ـ
السلام عليكم
ممكن عناوين المكتبات التالية
الرشد
العبيكان
أطلس
دار الوطن
دار القاسم
دار العاصمة
في الرياض
وأرجو من الإخوة كتابة اسم الحي الذي فيه المكتبات
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2006, 03:00 م]ـ
العبيكان + الرشد (فرع طريق الملك فهد) + القاسم كلها تقع على طريق الملك فهد غرباً. أولها الرشد مقابل وزارة الشؤون البلدية والقروية من الغرب. والعبيكان مقابل عمارة المملكة من الغرب أيضاً، وبعدها القاسم قريبة من برج التلفزيون.
وفي آخر طريق الملك فهد من الجنوب على شارع السويدي العام تقع مكتبة أطلس وطيبة وغيرها من المكتبات (الثبات - ابن حزم - زمزم - بلنسية)
ومكتبة الرشد - المركز الرئيسي فهي على طريق الحجاز بحي عتيقة وسط الرياض.
دار الوطن مقرهم على شارع صلاح الدين - شرق الأستاد الرياضي بالملز.
دار العاصمة - في شارع الإمام أحمد بن حنبل شمال مستشفى التأمينات الاجتماعية.
وهواتف المكتبات سبق نشرها في الملتقى على هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2172
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[26 Jan 2006, 01:55 م]ـ
جزاك الله خيرا
وأجزل لك المثوبة
ونفع بك وبعلمك(/)
تلخيص التأصيل فى قضية التكفير
ـ[أبو حفص السكندري]ــــــــ[25 Jan 2006, 02:52 م]ـ
هذه العنوان لمحاضرة للشيخ الفاضل محمد حسن عبد الغفار القاها ضمن دروس شرح كتاب التوحيد للأمام بن خزيمة و قد رأيت لمل فيها من نفع أن أفرغها و أنشرها و قد تصرفت فيها تصرف ليس بيسير من حذف و أضافة لأنه كما تعلمون أن الشرح و التقرير يكون فيه من الكلام و التبسيط ما قد لا يناسب الكتابة والتحرير و سأضع رابط باصل المحاضرة للامانة فمن أحب أن يعود إليها فهذا أفضل.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). أما بعد
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ... أما بعد
الكلام فى هذه المحاضرة إن شاء الله عن مسألة هى من أهم المسائل وهى مسألة حكم من قال بأن القرآن مخلوق.
هذه المسألة مهمة جدا مهمة بذاتها و مهمة لأننا سندرج فيها من التأصيل فى مسألة التكفير ما لابد لكل طالب علم أن يتعلمه بل ويتقنه لأن الضلال فيه بعيد.
حكم من قال بان القرآن مخلوق أنه كافر هذا ما نقل عن السلف أصالة، من قال بأن القرآن مخلوق مثله مثل الشجر مثل الأنهار مثل الإنسان ... مخلوق فهو كافر.
هذا هو الحكم إجمالا و لكن هناك قاعدة يجب علينا أن نقررها و نكررها فقد قررناها من قبل وهى قاعدة التكفير.فالتكفير من اصعب ما يكون و أشق ما يكون لا يتجاسر عليه إلا جرىء جاهل و لا يتجرأ الإنسان على تكفير معين إلا بدليل اوضح من شمس النهار لخطورة هذه المسألة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما)
لذلك فهذه المسألة جد خطيرة و لضبطها يجب ضبط أربعة قواعد:
أولا: التكفير حق محض لله تعالى
فالتكفير حكم شرعي مثله مثل الحلال و الحرام فهو حق محض لله تعالى قال تعالى (ما على الرسول إلا البلاغ)
والكافر من حكم الله فى كتابه أو على لسان رسوله أنه كافر و المؤمن من حكم الله فى كتابه او على لسان رسوله أنه مؤمن.
فمن دخل حظيرة الإيمان لا يجوز لأحد أن يخرجه منها إلا ببرهان من الله لأن الله تعالى وسمه بالإيمان فلا يجوز لأحد أن يسمه بالكفر و من فعل إفتراء من غير برهان كان الجزاء من جنس العمل جزاء وفاقا و اجرا طباقا أن تحور عليه كلمة الكفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه)
ولنا دليل فى حديث أبى عمران الجوني عن جندب فى صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال من ذا الذي يتألى علي أن أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك
و لفظه عند أبى داود من حديث أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر فقال خلني وربي أبعثت علي رقيبا؟ فقال والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد أكنت بي عالما؟ أو كنت على ما في يدي قادرا؟ وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر اذهبوا به إلى النار قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت (أهلكت) دنياه وآخرته.
فالله تعالى عاقبه أشد عقاب إذ أن مغفرة الذنوب .. الحكم على أحد بدخول الجنة أول بدخول النار حق محض لله تعالى ومن لوازم ربوبيته ومن نازع الله فى ربوبيته فهو على شفا هلكة و خطر عظيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: لابد من التفريق بين الحكم العام و بين إنزال هذا الحكم على المعين
فقد جاء فى الأيات والأحاديث إطلاق كلمة الكفر على من فعل فعل معين او قال قول معين فلابد من التفريق بين فعل الكفر وقول الكفر وبين أن نقول هذا الذى فعل هذا الفعل أو قال هذا القول كافر
دليل ذلك ما رواه أبو يعلى فى مسنده عن عمر أن رجلا كان يلقب حمارا وكان يهدى إلى النبى فجىء به إلى النبى وقد شرب الخمر فأمر به النبى صلى الله عليه وسلم فحد
فقال رجل أللهم العنه فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا تلعنوه فإنه يحب الله ورسوله.
فوجه الدلالة أنه شارب للخمر و شارب الخمر مستحق للعن و لكن حكم اللعن العام لم ينزل على حمار رضى الله عنه و أرضاه بل أنكر النبى صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك
فهذا يبين أن هناك فرق بين النوع وبين المعين بين أن نقول الفعل فعل كفر والقول قول كفر وبين أن نقول فلان الذى فعل أو قال كافر.
وهناك أيضا حديث البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه إذ أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحد فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال اجمعي ما فيك منه ففعلت فإذا هو قائم فقال ما حملك على ما صنعت؟ قال يا رب خشيتك فغفر له)
فهذا الرجل شك فى قدرة الله على بعثه و ظن أن الله لن يستطيع ان يبعثه إذا أحرق وصار رمادا وهذا كفر بالله العظيم الذى لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء ولكن مع هذا غفر الله له رغم أنه جاء بكفر إلا أنه لم يكفر فلو كان كافر ما غفر الله له ابدا.
ثالثا:من ثبت إيمانه بيقين لا يزول بشك بحال من الأحوال
فمن قال لا إله إلا الله ثبت له حكم الإسلام يقينا و صار له ما للمسلمين و عليه ما عليهم و ليس لأحد أن يشكك فى إسلامه لظن أو وهم.
دليل ذلك حديث البخاري عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما و أرضاهما قال بعثنا رسول الله
إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال (يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله). قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم
وفى رواية مسلم قال (أفلا شققت عن قلبه أقالها أم لا)
فهذه دلالة صريحة على أن من ثبت إيمانه بيقين لا يجوز ولا يسوغ ولا يحل أن نخرجه من حظيرة الإيمان بشك أو ظن أو حتى غلبة ظن.
رابعا: حكم الكفر لا يثبت إلا بتوافر شروط وأنتفاء موانع
مثال ذلك رجل قال فرض الصلوات ثلاث صلوات فقط فى اليوم والليلة أيكفر أم لا؟
الجواب أنه توافرت شروط الكفر فيه فقد جحد معلوم من الدين بالضرورة و لكن ننتظر حتى نتثبت من امره فنجده مثلا حديث عهد بإسلام فهو جاهل و هذا مانع من تكفيره رغم أنه أتى بكفر ولكنه ليس بكافر.
فلابد من إقامة الحجة الرسالية على العباد قال تعالى (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)
فالجهل من الموانع والخطأ و شدة الغضب وشدة الفرح كما قال الرجل أللهم أنت عبدى وانا ربك ومن الموانع الإكراه قال تعالى (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)
ومن الموانع التأويل: قال شيخ الإسلام بعدما جاء بحديث الرجل الذى أوصى لأولاده بحرقه (فهذا رجل شك فى قدرة الله وفى اعادته اذا ذرى بل اعتقد أنه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك
والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول أولى بالمغفرة من مثل هذا)
مثال ذلك قاتل المؤمن عمدا فقد أتى بمقتضى العقوبة وتوافر شرط خلوده فى النار ولكن لم تنتفى الموانع فالتوحيد مانع والتوبة مانع و القصاص مانع فلا يلزم من وجود مقتضى الحكم وشرطه وجوده فإن الحكم إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء مانعه.
و قد روى أبو داود و الحاكم و غيره عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
: أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال " أوليس قد ابتعته منك " فقال الأعرابي لا والله ما بعتكه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بلى قد ابتعته منك " فطفق االأعرابي يقول هلم شهيدا فقال خزيمة بن ثابت أنا أشهد أنك قد بايعته فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال " بم تشهد؟ " فقال بتصديقك يا رسول الله فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
فهذا الأعرابي كذب النبى فى أمر الفرس لكن النبى لم يحكم بكفره لعلمه بما عليه الأعراب من جهل و قسوة طبع وجلافة وقد قال الله تعالى عنهم {وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}
وكذلك حديث الرجل الذى أمر أولاده أن يحرقوه بعد موته فيه دلالة على هذه القاعدة فقد توافر شرط الكفر ومقتضاه وهو شكه فى قدرة الله و لكنه لم يكفر لتوافر موانع مثل كونه جاهلا و كونه مؤمنا يخاف الله جل وعلا.
فهذه التأصيلات السابق يجب أن تكون أمام اعيننا عند البحث فى مسائل الإيمان والكفر حتى لا ينزلق طالب العلم الشرعى إلى منزلق خطير وهو تكفير المسلم.
وعودا لموضوع الدرس وهو حكم من قال بأن القرآن مخلوق فهو كافر لأنه كذب بالقرآن قال تعالى (و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) فالقرآن كلام الله بنص قوله تعالى فمن كذب بهذه الأية فهو كافر و قد نقل ذلك عن كثير من أئمة السلف.
قال الأمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر
وقال مالك بن أنس رحمه الله يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضربا ويحبس حتى يموت
وعن سفيان بن عيينة قال من قال القرآن مخلوق كان محتاجا أن يصلب على ذباب يعني جبل
وكان وكيع يقول من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه محدث يستتاب فان تاب والا ضربت رقبته
وقال من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن شيئا من الله مخلوق فقيل له من أين قلت هذا قال لأن الله يقول (ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)
وعن يحيى بن معين قال من قال القرآن مخلوق فهو كافر
وعن عمرو بن دينار قال أدركت تسعة من أصحاب رسول الله يقولون من قال القرآن مخلوق فهو كافر
وقال الإمام الأشعري فى كتابه الإبانة:
(ومن قال: إن القرآن غير مخلوق وإن من قال بخلقه كافر من العلماء وحملة الآثار ونقلة الأخبار وهم لا يحصون كثرة ومنهم: حماد والثوري وعبد العزيز بن أبي سلمة ومالك بن أنس رضي الله عنه والشافعي رضي الله عنه وأصحابه وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل ومالك رضي الله عنهم والليث بن سعد رضي الله عنه وسفيان بن عيينة وهشام وعيسى بن يونس وجعفر ابن غياث وسعيد بن عامر وعبد الرحمن بن مهدي وأبو بكر بن عياش ووكيع وأبو عاصم النبيل ويعلى بن عبيد ومحمد بن يوسف وبشر ابن الفضل وعبد الله بن داود وسلام بن أبي مطيع وابن المبارك وعلي بن عاصم وأحمد بن يونس وأبو نعيم وقبيصة بن عقبة وسليمان بن داود وأبو عبيد القاسم بن سلام ويزيد بن هارون وغيرهم ولو تتبعنا ذكر من يقول بذلك لطال الكلام وفيما ذكرنا من ذلك مقنع والحمد لله رب العالمين)
................................................
وهذه هى المحاضرة مسموعة على موقع طريق الإسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=28608(/)
من يا محمد في الورى ساواك
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[25 Jan 2006, 03:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم
من يا محمد في الورى ساواك ومن الذي حفظ الحقوق سواك
أعليت شأن العدل في كل الدنا فأتى إليك مسلّما يهواك
حاربت أضداد العدالة فانحنوا برءوسهم بل أولعوا بهداك
أوصيت خيرا بالنساء تكرما وتلطفا سبحان من رباك
أوصدت باب الرق لم تترك له بابا عدا من حاربوا مولاك
من ياحبيب الله ينسى فضلك والله من أعلى العلى رباك
الله أولاك العناية كلها دون الورى فمن الذي ساواك
أوضحت دربا للسعادة أورقت والزهر فوق غصونها حياك
رمت الهدى للناس في كل الدنا ما عذر من جافاك أوعاداك
لا يعرف الجهد الذي كُلِِّفته غير المجدّ تعمّقا بهداك
قل للذي يهذي ويهرف بالأذى هلا وعيت بما تخط يداك
إن كنت غرا جاهلا أو غافلا فاصمت فخير من ظهور هراك
أو كنت مغضوبا عليه من السماء فاطلب إلى رب السماء شفاك
أي منقذ للبشرية مثله صلى الله عليه وسلم، أرسل إلى البشرية كافة، وجاء بمنهج شامل كامل للحياة والأحياء إلى أن تقوم الساعة ... أحب للجميع الخير، تألَف لأسلوبه القلوب المقفرة، وتحبه النفوس الجامحة بعد أن تعرفه ومنهجه، بلغ من حرصه على هداية الناس أن يهون عليه رب العزة بقوله {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} في قوله تعالى {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)} [1]
لشدة حرصه على هدايتهم، وجموح بعضهم عن الهدى؛ فيتألم لذلك؛ وليس تألمه لعرض من الدنيا فات عليه، أو سلعة تجارية راجت عنده، لم يرد من أحد أجرا على بذل الهدى له {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)} [2]
كان الرجل يسمع عنه فيكرهه أشد الكره، بسبب الدعاية المضادة لدعوته من مغرض؛ فإذا رآه أحبه أشد الحب؛ لما يلمسه منه من حسن استقبال،وحلاوة أسلوب، وعلو خلق، وطيب تعامل ومنهج سامٍ كامل شامل صالح لكل زمان ومكان.
طالما أساء إليه الآخرون فيعفو عنهم ويصفح، مهما كانت الإساءة بالغة؛ كذبه قومه وحاربوه وقتلوا من أقربائه وأصحابه من هم في السويداء من قلبه وفي أعلى الصفوة في الأمة؛ ولما انتصر عليهم وأضحوا أسرى بين يديه قال لهم {ماذا ترون أني فاعل بكم}؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم! قال لهم: {أذهبوا فأنتم الطلقاء} [3].
وكان أعتى الرجال يحاربه أشد الحرب وأقساها فإذا أتى إليه تائبا مسلما فرح بمجيئه، وعفا عنه، وحلم عليه. وحسب تتبع الجامحين عن الهدى في بداية الأمر فقد كانت أ سباب جموحهم لا تخرج عن كونها ناتجة عن تقليد للكبراء، أو نظرة سطحية غير متعمقة، أو كبر وحسد مع وضوح الحق والحقيقة وجلائها لكل متأمل منصف.
جاء من عند الله بميزان تفاضل لكل البشر؛ يستطيع الوصول إليه كل أحد، ومن أي مكان كان –ميزان التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} [4]
وذابت تجاهه الموازين الجائرة القاصرة المتعنصرة، بسط الخير والهدى مع أتباعه بأقل الخسائر، وأقصر الأزمنة، وتحولت البلاد المستقبلة إلى متبعة ومناصرة، واستجابت بلاد شاسعة بأهلها له، حبا واقتناعا بداعي القدوة في أتباعه؛ الذين صاغتهم تربيته المتسلسلة عظيما عن عظيم.
جاء بدين صالح متوافق مع الفطرة؛ لا يصطدم معها البتة، أرحم الفاتحين بمن فتح أرضهم، ففتحت نفوسهم تبعا.
(يُتْبَعُ)
(/)
من دخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم انصهر بأمته، وأضحى مثلهم؛ له ما لهم وعليه ما عليهم. يدعو الناس بغية سعادة يجنونها في الدنيا والآخرة، لم يفرق بين جنس وجنس، ولا بلد دون بلد، بل فتح الباب للجميع بدون استثناء، ولم يكن ذلك لغرض أدنى يسعى له، لحق بالرفيق الأعلى وهو مدين، لم يدع لأقربائه عرضا دنيويا، ولم يورثهم مالا، بل ورث العلم والمعرفة والدعوة لإنارة القلوب والنفوس؛ للسير إلى الله بوعي وبصيرة؛ لينتفع الجميع نفعا يخصهم، لم يرد منهم جزاء ولا شكورا.
عدلٌ في عطائه وقضائه؛لم يظلم أحدا، ولم يغضب لنفسه قط _إلا أن تنتهك حرمات الله فينتصر لها. أشجع الناس؛ يلتاذ أعظم الشجعان في حماه إذا حمي الوطيس، قاد الجيوش بحنكة ودراية أذهلت القواد الأفذاذ، أعظم أب عرفته الذرية بنين وبنات، وأعظم زوج شهد له به الزوجات، وأعظم مرب ومصلح في العالمين عرف ذلك المختصون مربين ومربيات.
رأس الدولة فلم تعرف الدنيا أكمل وأتم وأعدل منه. وقاد الجيوش فلم يوازي قيادته فيها أحد أبدا ولم ترى بطلا شجاعا حكيما قبله ولا بعده مثله، انبرى للعلم والتربية فلم يصل إلى أسلوب تعليمه وتربيتة مرب مهما بلغ. فتح الباب على مصراعيه؛ يُري الناس الصراط السوي، ويقودهم إلى خالقم وباريهم بأمانة ودراية ووعي، اعتنى بالطفولة والشبيبة حتى أحبوه أشد الحب وأعظمه؛ فاق حب الآباء والأمهات؛ تسابقوا في تقديم أرواحهم الغضة في سبيل الله ضد من يكره الخير والحق والبر الذي جاء به حبا لله ورسوله
وكان الشاعر يعي ما قاله يوم أن قال يصفه عليه الصلاة والسلام:
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هم الرحماء
جاء بكتاب من عند الله سبحانه؛ سعادة البشرية بين دفتيه في أي عصر ومصر؛ قعّد لكل جانب من جوانب الحياة –إن لم يتعمق في التفاصيل والدقائق؛كتقسيم المال الموروث، وعرض الحقائق المهمة بوسائل وأساليب مضاعفة ومتنوعة حتى تتجسد في النفس صورة محسوسة كاملة الوضوح.
تعامل مع النفوس بمنهج الله بعلم ودراية مراعيا طبيعتها _كما هي_؛ لم يرفعها إلى مصاف الذي لا يخطئ –قط – فُتح باب التوبة في الليل ليتوب مسيء النهار، وفي النهار ليتوب مسيء الليل؛ - ليس حسب - بل يفرح الله بتوبة عبده إذا هو تاب، ومع ذلك أحاط النفس بسياج متين يحفظها من الانحراف عن الصراط، لتبقى بيضاء نقية، سالمة قوية؛ بعيدة عن الخطأ والانحراف الذي يسودها ويشقيها.
جاهد بكل أنواع الجهاد من أجل إسعاد الجميع دنيا وأخرى، وفتح باب الثواب والجزاء للمجتهد إلى الدرجة التي تحول الأعمال جميعها إلى عبادة إذا اُستحضرت النية
أعلى شأن حرمة الدم والمال والعرض في خطبة الحج تتويجا لورودها كثيرا في القرآن والسنة؛ فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ذكر النبي قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه قال {أي يوم هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال أليس يوم النحر قلنا بلى قال فأي شهر هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس بذي الحجة قلنا بلى قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه} [5]
وعنه في رواية أخرى وفيها زيادة تدل على كرمه وتعظيمه للشعائر التي يدعو إليها تطبيقا عمليا لما جاء به قال: لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره وأخذ إنسان بخطامه فقال أتدرون أي يوم هذا قالوا الله ورسوله أعلم حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال أليس بيوم النحر قلنا بلى يا رسول الله قال فأي شهر هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال أليس بذي الحجة قلنا بلى يا رسول الله قال فأي بلد هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال أليس بالبلدة قلنا بلى يا رسول الله قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب قال ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا} [6]
(يُتْبَعُ)
(/)
وحد ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فذكر الحديث وقال فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس فقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا وإن كل شيء من أهل الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم أضعه دماءنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطين فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم مسؤولين عني ما أنتم قائلون فقالوا نشهد إنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكسها إلى الناس اللهم أشهد اللهم أشهد قال أبو بكر قد بينت في كتاب النكاح أن قوله لا يوطين فرشكم أحدا تكرهونه إنما أراد وطىء الفراش بالأقدام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجلس على تكرمته إلا بأذنه وفراش الرجل تكرمته ولم يرد ما يتوهمه الجهال إنما أراد وطأ الفروج} [7]
حيث أبطل أمورا كانت في الجاهلية؛ فبدأ بنفسه وبمن هم أقرب إليه في تطبيق ذلك؛ وهو دليل على مساواته بين الجميع وعدم مراعاة نفسه وأقربائه في أحلك الظروف؛ كما قدم أقرب الناس إليه فيما يكون طريقا إلى الموت ببدر والأحزاب وسواها ويكون في مواجهة الخطر ليس بينه وبين العدو أحد كيوم حنين؛ ما يبرهن أحقية ما جاء به من عند الله، ووثوقه منه، ومن وعد الله له بالنصر والتأييد لا محالة. مع تواضعه الجم وإعراضه عن زخرف الدنيا صلى الله عليه وسلم وقد عرضت بين يديه تخييرا فأبى، واكتفى من الدنيا بما يسد رمقه ومن يعول. ولا يعارض حثه في المنهج الذي جاء به من عند الله على استغلال الأرض وعمارتها بحيث لا تشغل عن الآخرة وقد قبّل يدا باتت كالة من العمل ووعد بأن يمسي صاحبها مغفورا له.
أوصى باليتيم والأرملة والفقير والمسكين وابن السبيل؛ وفرض لهم من المال فرضا على الأغنياء بحيث يأثم من لم يسق ذلك المال المفروض في الزكاة لهم.
وطد العلاقات الخيرة بينه وبين الناس فاتسعت حتى طبقت الأرض لمتانتها، وسلامتها مما يعرقلها؛ إنها ربانية جاءت من عليم خبير سبحانه وتعالى.
صان حق الأسير وحث على إطعامه ومراعاة حقوقه بنص القرآن، وحرم قتل المعاهد، بل غير المسلمين على الإطلاق ما لم يكن محاربا.
وحث على حفظ العهود والعقود والمواعيد والمواثيق ورتب على التفريط فيها عقوبات.
فرض على نفسه ومن تبعه هداية الآخرين. وحث على حب الهدى لهم والفرح عند تحقق هدايتهم. بل حث على حب الخير للآخرين مثل حب الخير للنفس، فأي تقعيد وتأسيس لتمتين العلاقات الخيرة أكثر من هذا؟
ومزاياه وشمائله وسجياه من الكثرة ما لا يحصى ولو رؤوس أقلام؛ لأنها مضمون القرآن بكامله والسنة بكاملها فخلقه القرآن يأتمر بأوامره ويجتنب نواهيه
فأي المصلحين وأي الأمم جاء بهذا وطبقه عمليا حقيقة. فمن يكره محمدا صلى الله عليه وسلم غير جاهل بحقه، أو حاقد عليه بدون مبرر.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- سورة فاطر
[2]- سورة ص
[3]- سنن البيقي 9/ 118 رقم 18055.
[4]- سورة الحجرات
[5]- البخاري 1/ 37. رقم 67.
[6]- مسلم 3/ 1306 رقم 1679.
[7]- صحيح ابن خزيمة 4/ 451 رقم 2809(/)
وفاة عالم جليل من علماء التفسير
ـ[عرفات محمد]ــــــــ[25 Jan 2006, 06:00 م]ـ
في القاهرة، وفي اول أيام التشريق توفي إلى رحمة الله تعالى: فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد بكرإسماعيل عواض. الأستاذ بجامعة الأزهر وصاحب المصنفات المعروفة.
ولد رحمه الله في أسوان بجنوب مصر عام 1930 ميلادية، ودرس بالأزهر، وحصل على الدكتوراه من كلية أصول الدين بتقدير مرتبة الشرف الأولى.
كان الشيخ رحمه الله، من الجيل الأزهري القديم الذي درس العلوم الشرعية واللغوية بإتقان، يشهد لذلك تنوع مؤلفاته في التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، وقواعده، والنحو والصرف والمواعظ، ومن أشهر مؤلفاته:
1 - الفقه الواضح. في ثلاثة مجلدات كبار.
2 - خلاصة التفسير.
3 - قواعد النحو بأسلوب العصر
4 - قواعد الصرف بأسلوب العصر.
5 - دراسات في علوم القرآن.
6 - القواعد الفقهية.
7 - وصايا الرسول.
وغيرها من المؤلفات الكتير.
كان رحمه الله -رغم ضعف بصره الشديد- يقرأ في اليوم الواحد ثمانى ساعات، ولا يشغل نفسه إلا بالتعليم والقراءة والدعوة، والتسجيل لإذاعة القرآن الكريم، والكتابة للمجلات الإسلامية، وكان آية في الحفاظ على الوقت والانتفاع به، وكان كثيرا مايقول: أنا لاأزور ولا أزار.
وقد شرفت بالقراءة على يديه في التفسير واللغة والأصول.
رحم الله شيخنا وأجزل له المثوبة، وتقبله عنده في الصالحين. آمين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2006, 09:38 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته. وله كتاب عن منهج الطبري في التفسير أيضاً.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[26 Jan 2006, 05:26 ص]ـ
رحمه الله , وعفى عنه , ورفع درجته , وجعل ماقدمه في ميزان حسناته.
ـ[مرهف]ــــــــ[27 Jan 2006, 12:56 ص]ـ
رحمه الله وأجزل له المثوبة كذلك لا ننسى أن نذكر وفاة الشيخ طه العزاوي العراقي أول أمس في العراق رئيس مشيخة القراء رحمه الله وغفر له ونسأل الله أن ينفع المسلمين من علمائهم حال حياتهم وأن يعلي ذكرهم وصوتهم. آمين.
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[29 Jan 2006, 12:09 ص]ـ
جزاك الله خير د/ عرفات على التعريف بهذا الشيخ ورحمه الله
ـ[أبو المهند]ــــــــ[29 Jan 2006, 10:22 ص]ـ
أسجل خالص عزائي لأهل العلم عامة ولأهل عالمنا الجليل الأقربين خاصة، ولما كنت أعرفه ودرَّست لطلابي بعض مؤلفاته مثل تفسير سورة يوسف ووصايا القرآن ..... وكنت مع صهره الشيخ طارق عبد السميع ـ العالم الأزهري ـ ببلاد اليمن نتذاكر أحوال الشيخ الخاصة ونتعلم من سيرته ونتفكر في مجالس علمه التي كان منها مجلسه الأسبوعي بمسجد المحروسة بالقاهرة، ولا أحدث عن كثرة الناس ولا عن شديد حبهم له، رحم الله شيخنا شيخ العربية والتفسير، والذي أثرى المكتبة العربية عموما بعشرات الكتب والمؤلفات التى سهلت له طريقه ـ إن شاء الله إلى الجنة ـ وهكذا يذهب الصالحون إلى ربهم في صمت، وأخير ماذا لو كان هذا المتوفى أحد الفنانين أو السوقة من لاعبي الكرة أو ................... فلله المشتكى لا إلى غيره
أد عبد الفتاح خضر
جامعتى الأزهر والملك خالد
khedr299@hotmail.com
ـ[طارق]ــــــــ[13 Feb 2006, 12:26 ص]ـ
اللهم ارحم من مات من علماء المسلمين
وتقبل منهم أعمالهم
وارفع بها درجاتهم
إنك على ما تشاء قدير
ـ[عرفات محمد]ــــــــ[13 Feb 2006, 12:35 ص]ـ
بلغنى من أخ ثقة أن الدكتور رحمه الله توفي وهو ساجد لله، وهذا من حسن الختام؛ فإنه يبعث- إن شاء الله- على ما مات عليه، وقد تأكدت من صحة الخبر، فاللهم احسن لنا الختام أجمعين
ـ[طارق]ــــــــ[13 Feb 2006, 12:23 م]ـ
إضافة جميلة من الدكتور عرفات ـ بارك الله فيك ـ
ونسأل الله أن يرحم ويغفر لهذا الشيخ الجليل.
مع تحياتي وتحيات الشيخ أشرف قطب لك يا شيخ عرفات
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[18 Feb 2006, 04:06 ص]ـ
إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك احتسبنا مصيبتنا فأجرنا فيها وأبدلنا منها خيرا
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[18 Feb 2006, 08:46 ص]ـ
اللهم رب كل شيء ومليكه، الرحمن الرحيم العفو الغفور، اغفر له ولجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات.
ـ[عبدالله زايد]ــــــــ[18 Apr 2006, 01:59 ص]ـ
الحمدلله وحده و الصلاةعلىمن لابنى بعده وبعد
أسأل الله تبارك وتعالى ان يتغمده برحمته طالما شرفت بالإستماع إليه فى أذاعة القرآن الكريم
واتوجه إلى المولى عز وجل قائلا ربنا نظنه انشغل بالنظر فى كتابك الكريم ولانزكى عليك أحدا
نسألك ان تسره بالنظر إليك فى الآخرة وتجعلنا جميعاً كذلك
والحمد لله رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسرى خلف]ــــــــ[18 Apr 2006, 02:02 م]ـ
اللهم أجرنا في ما أصابنا واخلفنا خيرا منه
ونسأل الله أن يُنيله الدرجات العلى في الجنه إنه ولي ذلك والقادر عليه
ونقول لأهله إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمىً ... فلْتصبروا ولْتحتسبوا(/)
أي القرطبيين يقصد الحافظ ابن حجر بقوله: (قال القرطبي: .... )؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Jan 2006, 11:02 م]ـ
نعلم أن لقب " القرطبي " إذا أطلق عند الكلام في التفسير – للقرآن الكريم – فالمراد به غالبا: أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، صاحب كتاب " الجامع لأحكام القرآن، و المبين لما تضمنه من السنة و آي الفرقان "،
و إذا أطلق عند الكلام في الحديث و علومه، فالمراد به غالبا: أبو العباس، أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي، صاحب كتاب " المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم "،
و هو شيخ الأول و أستاذه.
و السؤال:
إذا أطلق ابن حجر لفظ " القرطبي "، فقال في " فتح الباري ": (قال القرطبي: ..... ): فأيهما يقصد؟
و المشكل عندي - في عدم بيان مقصوده منهما - أن الأول يذكر في كتابه كثيرا مما يقرب من لفظ المكتوب في كتاب الثاني، و لا عجب في ذلك، إذ القرطبي الأول تلميذ للثاني.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[27 Jan 2006, 03:37 م]ـ
و الذي أثار ذلك السؤال ما كتب - توهما - في مشاركة في الملتقى أن ابن حجر قد نفى وجود المنسوخ حكما و تلاوة في القرآن، إذ قيل: (( ... ومن النوع الثالث: الذي قيل بأنه نُسخ تلاوة وحكماً: ما رويَ عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان فيما نزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يُحرمن)، ثم نُسخن بخمس رضعات معلومات يُحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يُقرأ من القرآن". وغيرها من الروايات التي تحمل ذات المعنى، ولكنها كلها لا تخلو من اضطرابات واختلافات فيما بينها، وقد رد هذا الإمام ابن حجر بحجة أن الراوي ادعى أن هذا قرآناً، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر. [راجع: كتاب النكاح من فتح الباري].]].
- و بالرجوع إلى " فتح الباري " - كتاب النكاح - نجده يقول قبل الكلام المذكور أعلاه: " قال القرطبي: هو أنص ما في الباب، إلا أنه يمكن حمله على ... "،و هذا القول المنقول موجود في كتابيّ الإمامين القرطبيين،و لذا كان سؤالي المتقدم.
فهل من مجيب؟
- و أما ما توهم نسبته لابن حجر من رد لذلك الحديث أو ذلك النوع من النسخ فغير صحيح، على ما ذكر في موضعه هناك
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[31 Jan 2006, 04:46 م]ـ
أخي الفاضل الدكتور أبو بكر خليل السلام عليكم ورحمة الله
لقد كنت تتبعت حوالي 190 مرة ورد فيها نقل ابن حجر عن القرطبي أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري (ت.656هـ) صاحب كتاب المفهم لما أشكل من كتاب مسلم و كتاب مختصر صحيح البخاري و13 كتابا آخر. فالقرطبي إذا أطلق عند ابن حجر فالمقصود به هذا وقد ينقل عن أبي عبد الله القرطبي المفسر ويميزه عن شيخه بالإحالة على كتاب له كالتذكرة في أحوال الموتى وأمور الأخرة وكذكر كنيته.
واعلم أن المفسر اتكأ كثيرا على المفهم كتاب شيخه, فلا تستغرب ورود نفس الكلام لدى الرجلين فهذا سببه. والله أعلم
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Feb 2006, 01:16 ص]ـ
أكرمكم الله، و بارك لكم،
و أشكر لكم اهتمامكم بالرد(/)
صفوة الأمة 45
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[27 Jan 2006, 12:44 ص]ـ
صفوة الأمة 45
الحلقة الخامسة والأربعون
موقفه من أهل الباطل
طالما امتشق الفاروق سلاحه عند أي خطر ضد النبي صلى الله عليه وسلم أو إساءة إلى الإسلام، أو ما يعتبر قلة أدب وعدم تقدير لمن يستحق التقدير والتبجيل؛ روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله e وهو يقسم قسما؛ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم؛ فقال يا رسول الله اعدل! فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؛ قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل. فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه. فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله e وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي e الذي نعته} [1]
قوله: لا يجاوز يحتمل أنه لكونه لا تفقهه قلوبهم ويحملونه على غير المراد به ويحتمل أن يكون المراد أن تلاوتهم لا ترتفع إلى الله. وقوله يمرقون من الدين إن كان المراد به الإسلام فهو حجة لمن يكفر الخوارج. ويحتمل أن يكون المراد بالدين الطاعة فلا يكون فيه حجة وإليه جنح الخطابي. وقوله الرمية بوزن فعيلة بمعنى مفعولة وهو الصيد المرمي شبه مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه ومن شدة سرعة خروجه لقوة الرامي لا يعلق من جسد الصيد شيء. وقوله ينظر في نصله أي حديدة السهم ورصافه بكسر الراء ثم مهملة ثم فاء أي عصبه الذي يكون فوق مدخل النصل والرصاف جمع واحده رصفة بحركات. ونضيّه بفتح النون وحكى ضمها وبكسر المعجمة بعدها تحتانية ثقيلة قد فسره في الحديث بالقدح بكسر القاف وسكون الدال أي عود السهم قبل أن يراش وينصل وقيل هو ما بين الريش والنصل قاله الخطابي قال بن فارس سمي بذلك لأنه برى حتى عاد نضوا أي هزيلا، وحكى الجوهري عن بعض أهل اللغة أن النضي النصل والأول أولى. والقذذ بضم القاف ومعجمتين الأولى مفتوحة جمع قذة وهي ريش السهم يقال لكل واحدة قذة ويقال هو أشبه به من القذة بالقذة لأنها تجعل على مثال واحد وقوله آيتهم أي علامتهم. وقوله بضعة بفتح الموحدة أي قطعة لحم وقوله تدردر بدالين وراءين مهملات أي تضطرب والدردرة صوت إذا اندفع سمع له اختلاط وقوله علي حين فرقة أي زمان فرقة؛ وهو بضم الفاء أي افتراق وفي رواية الكشميهني على خير بخاء معجمة وراء أي أفضل وفرقة بكسر الفاء أي طائفة وهي رواية الإسماعيلي ... وقوله في آخر الحديث فأتى به أي بذي الخويصرة حتى نظرت إليه على نعت النبي e الذي نعته؛ يريد ما تقدم من كونه أسود؛ إحدى عضديه مثل ثدي المراة الخ، قال بعض أهل اللغة النعت يختص بالمعاني كالطول والقصر والعمى والخرس والصفة بالفعل كالضرب والجروح وقال غيره النعت للشيء الخاص والصفة أعم. [2]
في الحديث: علامة ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم بوصفه الفرقة المفرقة والرجل الذي وصفه فظهر في زمن علي رضي الله عنه وتحقق من الوصف. والأمر الثاني خطورة الفهم السقيم على صاحبه وعلى وحدة الصف، والإساءة إلى المنهج الرباني،لكون الناس في محاكمتهم لما يصدر عن سيء الفهم ليسوا سواء؛ وهذه واضحة تمام الوضوح في الممارسة الحالية في محاكمة الإسلام من خلال تصرفات المسلمين المقصرين أو من خلال وسائل الإعلام المضادة المغرضة التي تتعمد تشويه الإسلام؛ فإن ضحايا هذا المسلك جماهير غفيرة.
والخوارج ومن اقترب من فكرهم يضربون الوحدة الإسلامية في الصميم ويوصلهم الفكر القاصر إلى ممارسات تنتج هدم مقاصد وكليات الإسلام العظيمة إلى أن تزهق أنفس برية وتراق دماء محرمة، وتنتهك أعراض محترمة، ويُهدّ أمن شامل، وتعطل فرائض وواجبات، وييتم أطفال، وترمل نساء، وتسلب أموال ... ويفسح المجال لعدو الأمة المتربص أن يلحق ضررا بالغا بالأمة ودينها وبيضتها؛ ولا شك في تورطه للاصطياد في الماء العكر، ولكن عند فسح المجال من داخل الأمة. وهذه قضية مقلقة بدرجة غير اعتيادية فإذا وجد مثل هؤلاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه أعظم البيان، وأسلوبه معلوم السلامة والنجاح فكيف بغيره ... إنه مطلوب من العقلاء في الأمة علاج هذا الخلل بتعاون مسئول بين العلماء والحكام وذوي الرأي تعاونا يقضي على الفهم السقيم بالتي هي أحسن، والحذر من وضع يفرق ولا يجمع من البعض وبخاصة الحكام؛ ينبغي تمكين العلماء الربانيين وحكماء الناس أن يوضحوا المنهج السوي بالفهم السليم ... والحفاظ على وحدة الأمة على النهج القويم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فلا يصلحها ويذهب فرقتها وذلها سوى ذلك.
ما الذي جرأ على النيل من أعظم إنسان سوى هذا الوضع المزري الذي جعل أمة الإسلام لا تدفع عن نفسها ولا على أغلى شيء عندها ... ؟
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- البخاؤي 3/ 1321، رقم 3414. بتصرف
[2]- الفتح 6/ 618 - 619.(/)
ذكرى ميلاد الدولة الإسلامية!
ـ[ hedaya] ــــــــ[27 Jan 2006, 10:27 ص]ـ
ذكرى ميلاد الدولة الإسلامية!
الهجرة .. بكل إيمانياتها وروحانياتها .. كانت رحلة .. وأي رحلة .. كانت صحبة .. وأي صحبة؟؟ تجد في كل موضع قدم وفي كل كلمة نطق بها رسول الله آلاف المعاني والعبر .. اعتماد صادق ثابت على الله بغير اهتزاز أو خوف .. أمان سامية سجلها التاريخ لرسول الله لتتحقق بعد عشرات السنين .. هذه هي الهجرة ..
عندما هاجر المسلمون إلى المدينة، وأخذ الرسول عليه الصلاة والسلام يستعد للهجرة واختار أبا بكر ليكون صاحبه فيها وانطلق الإثنان إلى المدينة بعد أن ودع رسول الله مكة قائلا: (والله إنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ... ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت).
نعم .. لولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت .. ويتكرر المثل النبوي الآن في قفار الأرض من المشرق إلى المغرب الأشخاص مختلفين .. لكنها هجرة واحدة .. ودعوة واحدة .. ورسالة واحدة .. يهاجر المسلم من أحب أرض على قلبه .. يهاجر من وطنه .. من مسقط رأسه .. من حياته .. ثم يقول: لولا أن أهلك أخروجوني ما خرجت .. ولكن .. سيعودون ويعود كل غريب بإذن الله بعد أن تكون راية التوحيد قد شارفت على بلادنا أحب بلاد إلى قلوبنا .. ويكون النصر كفتح مكة بعد إذن الله ..
وبعد أن غادر الرسول مكة وأخذ يمشي نحو مقصده متخفياً بدأ بأول محطة له في طريق هجرته وهي "غار ثور"، ولكن كفار قريش لم تزل قلوبهم في غل وحقد عليه فتتبعوا آثاره وحذوا حذوه إلى أن وصلوا إلى الغار، وشاءت قدرة الله أن تعميهم وتعمي أبصارهم فبحثوا وبحثوا دون جدوى!
هكذا حماية الله دائماً لعبادة المتقين المتوكلين .. ليس لنبيه وحسب .. بل لكل من قرر أن يجند نفسه لخدمة الله تعالى ولخدمة رسالته لأن الله قد قضى أن تظل هذه الرسالة محمية وقضى أن يتم نوره ولو كره الكافرون فسخر أضعف جنده، حمامة بنت عشها على باب الكهف وعنكبوت نسجت بيتها على باب الكهف فلم يجدوهما، ويتجلى لنا موقف من أعظم المواقف عندما قال أبو بكر للرسول: لو نظر أحدهم إلى خلل قدميه لرآنا فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام بثباتٍ وإيمانٍ راسخ: (ما قولك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا).
http://up3.w6w.net/upload/24-01-2006/w6w_2006012422084555c11616.jpg
ثم يواصلون الرحلة .. و يأتي سراقة بن مالك ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فتغوص قدما فرسه في الرمل ويتعثر ويستغيث بالنبي عليه الصلاة والسلام، فيرحمه رسول الله ويعطيه الأمان بموقف شامخ راسخ، قائلا له: (ما قولك إذا لبست سواري كسرى)! ها هو النبي يعد بسواري كسرى وهو طريد شريد ملاحق مهدد بالموت فأي شخص هذا؟ وأي ثبات ذلك الثبات؟
و يصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة والجموع المؤمنة تنتظره ومن تلك البقعة الشريفة والأرض المقدسة، انطلقت صرخة الإسلام مدوية في أنحاء الأرض بكل شعوبها وأممها، فقد شرف الله المدينة المنورة بأن كانت النافذة على العالم بالدعوة الخالدة والرسالة الخاتمة.
إنها ذكرى هجرة انتصار الفاتحين ولقد سماها الله تعالى انتصارًا بقوله عز من قائل: {إلا تنصروه فقد نصره الله، إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين، إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا، والله عزيز حكيم} صدق الله العظيم.
hedaya(/)
أرجوا الدخول والمشاركة؟
ـ[القسطاس]ــــــــ[27 Jan 2006, 10:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (خيركم من تعلم القران وعلمه).
الإخوة الكرام لدي مشروع وأنوي أن أقوم به إن شاء الله.
هذا المشروع هو لحفظ كتاب الله الكريم من خلال خطه قمت بوضعها.
أرجوا منكم التكرم والنظر في هذه الخطة وإعطائي نصحكم وإرشادكم من خلال تجاربكم والله المستعان.
مشروع لحفظ القران الكريم خلال خمس سنوات تقريبًا
1 - حفظ ربع حزب خلا ل الأسبوع ((ويتكون من صفحتين ونصف تقريبًا))
2 - قراءة في تفاسير القران الكريم للطبري تحقيق أحمد محمد شاكر
تفسير البغوي
تفسير ابن كثير تحقيق محمد نسيب الرفاعي
تفسير سيد قطب في ظلال القران مع الاطلاع على ((تخريج أحاديث وآثار كتاب في ظلال القرآن لعلوي بن عبدالقادر السقاف
تفسير السعدي
التفسير الميسر أبو بكر الجزائري.
3 - دراسة أحكام التجويد مع قراءة في أسباب النزول, غريب القران, مشكل أعراب القران.
4 - قراءة علوم القران لمناع القطان مثلا أو بعض الدراسات في المكي والمدني والناسخ والمنسوخ, علوم القران للرومي, البرهان في علوم القران للإمام الزركشي, الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي.
الخطة اليومية المقررة وبالله التوفيق:
تكون البداية من الجزء الأخير ((30)) لسهولته, إلى أن أتم ختم القرآن.
سوف أضع جدول يناسب أيام الأسبوع عندي وتتوافق مع طريقة عملي وتناسبني في طريقة الحفظ, وهذا الجدول يستطيع أي شخص أن يقوم بتغيره حسب طبيعة عمله أو قدرته على الحفظ.
الاثنين: قراءة ربع الحزب ((وحفظ الصفحة الأولى فقط)) , مع قراءة في غريب القران, أسباب نزول القران إن وجد, مشكل أعراب القران, وجميع القراءات تكون خاصة بربع الحزب الذي أنوي حفظه خلال الأسبوع.
الثلاثاء: قراءة ربع الحزب ((وحفظ الصفحة الثانية فقط)) , مع قراءة في تفسير القران للسعدي والتفسير الميسر لربع الحزب فقط.
الأربعاء: قراءة ربع الحزب ((وحفظ ما تبقى ويكون تقريبًا نصف صفحة تقل وتزيد قليلاً)) , مع قراءة في التفسير أبن كثير لربع الحزب فقط.
الخميس: مراجعة ما تم حفظه, مع قراءة في تفسير الطبري لربع الحزب فقط.
الجمعة: مراجعة ما تم حفظه, مع قراءة في تفسير البغوي لربع الحزب فقط.
السبت: مراجعة ما تم حفظه, مع قراءة في تفسير سيد قطب لربع الحزب فقط.
الأحد: مراجعة ما تم حفظه مع قراءة في أي بحث من بحوث علوم القرآن.
وبهذا يتم الجدول, وأرجوا ألا تحرموني مشاركاتكم وأرائكم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[02 Feb 2006, 09:10 م]ـ
الاخ الكريم
اعتقد ان قرن التفسير بالحفظ هو شيء فعّال
ـ[حليمة ساسوي]ــــــــ[03 Feb 2006, 03:36 م]ـ
السلام عليكم و حمة الله و بركاته
أعانك الله أخي الكريم ووفقك لنيل هذا الشرف العظيم، و هو حفظ الكتاب العزيز، لكن عندي ملاحظة:
قد يشق عليك تطبيق هذا البرنامج بالطريقة التي ذكرت، لذلك أرى أن الحفظ بقراءة واحدة و تكون القراءة الرسمية لبلدكم كاف مع الاطلاع على تفسير واحد و أفضل أن يكون تفسير الطبري، ثم بعد الانتهاء من الحفظ يكون الاطلاع على القراءات المتعددة و التفاسير المختلفة.
أما أسباب النزول فستجدها في كتب التفسير المعتمدة و لست بحاجة للاطلاع على كتب متخصصة زمن الحفظ.
و الله المستعان.
ـ[القسطاس]ــــــــ[06 Feb 2006, 10:51 ص]ـ
سيف الدين
شكرًا على مرورك أخي الكريم, وكما ذكرت أخي سيف الدين حفظ القرآن الكريم مع القراءة شي فعال وجميل وأنا في الأسبوع الثالث من هذه التجربة الآن واستفدت الكثير بصراحة من هذي الطريقة وعازم بعد توفيق من الله ومنه علي أن أتمها, فلا تحرموني من دعائكم.
حليمة ساسوي
جزآك الله خير على الإرشاد والتوجيه.
بخصوص الحفظ والقراءة فأنا أحفظ بقراءة واحدة فقط , أما قراءة التفاسير بصراحة بعد ألتجربة وعلى حسب وقت فراغي فالحمد الله لا أجد صعوبة في قراءة التفاسير التي أشرت عليها, وبخصوص أسباب النزول فشكرًا على التوجيه لقد وجدت في كتب التفسير أسباب النزول كما أشرتي وسوف اتبعك في هذا. ولا تنسونا من دعاكم بالتوفيق والثبات.(/)
خبر اعتذار الصحيفة الدنماركية هل يكفي؟
ـ[مرهف]ــــــــ[31 Jan 2006, 01:50 ص]ـ
نشر موقع الإسلام اليوم نبأ اعتذار الصحيفة الدنماركية عما قامت به وهذا النص مع بيان اللجنة العالمية لنصرة خاتم النبيين:
اعتذرت صحيفة "جيلاندز بوسطن" الدنماركية في رسالة بعثتها إلى شعب المملكة السعودية عن إساءتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، بنشر صور غير لائقة.
جاء في الرسالة التي حملت عنوان "إلى مواطني المملكة العربية السعودية المحترمين" اعتذارها عن ما قامت به من نشر ثلاثة عشر رسماً كاريكاتوريا، أساءت إلى النبي الكريم منذ أربعة أشهر. واعتبر رئيس التحرير الذي كتب الرسالة أن ما نشرته الصحيفة سبب نوعاً من سوء التفاهم، معتبراً أن الصحيفة لم تكن تقصد " أن تسيء لأحد في معتقداته الدينية ولكن للأسف هذا ما حدث ولكن بدون قصد".
وأضاف كارستن بوستي ـ رئيس التحرير ـ أن الصحيفة قد اعتذرت عدة مرات في الأشهر الماضية، وفي صحف أخرى، وفي التلفزيون الدنماركي، وفي المذياع ووسائل الإعلام العالمية. كما عقدت الصحيفة اجتماعا بين مندوبين من الصحيفة مع عدد من أعضاء الجالية الإسلامية في الدنمارك لتدارك الأمر. وختم مقاله بأسفه لما آلت إليه الأمور، قائلا " نحن نعيد ونقول إنه لم يكن بقصدنا أن نسيء لأحد، ونحن نعتقد مثل باقي المجتمع الدنماركي باحترام حرية الأديان".
و في صعيد متصل أصدرت اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء بياناً ترد فيه على رسالة الصحيفة الدنماركية واصفة الرسالة بأنها تبرير متعالي للموقف العنصري ضد المسلمين، متناسية أن الحرية أن لا تعتدي على حرية الآخرين ومشاعرهم. وقال البيان: إن حرية صحيفتكم ما هي إلا عنصرية مقيتة مما تلاقيه الجالية المسلمة في بلدكم الآن من مضايقات بغير سبب، إلا أن المسلمين في أصقاع الأرض آلمهم ما يؤلم كل مسلم من الاعتداء الذي صدر من صحيفتكم على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرادوا أن يعبروا عن استيائهم بأسلوب حضاري حر.
وقد قال المهندس سليمان البطحي ـ الناطق باسم اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء ـ للتلفزيون الدنماركي "القناة الثانية":إن المقاطعة الشعبية للمنتجات الدنماركية بلغت مرحلة متقدمة، وأوضحت لهم أن تعامل الحكومة الدنماركية كان سيئاً مع القضية، وأكدت لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم شخصية مهمة ومقدسة لدى المسلمين، وكان عليكم أن تعرفوا ذلك جيداً".
وفيما يلي نص بيان اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء الذي جاء رداً على رسالة الصحيفة الدنماركية:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
لقد قرأنا نحن المسلمين ما حاولتم أن تبرروا به موقفكم العنصري ضد المسلمين، والكراهية التي زرعتموها بأيدكم بنشر ذلك الاستهزاء بأفضل البشر؛ رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي تلك الرسوم التي لا يختلف عاقلان أنها مشينه وسيئة كما اتفق على ذلك المسلمون جميعهم وكثير من الكتاب الغربيين.
وما زلتم تزيدون من إهانتنا بمثل هذا التبرير المتعالي الذي يتمادح بالحرية في التعبير وأنتم تتناسون أن الحرية يجب أن لا تعتدي على حرية الآخرين ومشاعرهم ويجب أن لا تتسبب في الألم البالغ والإهانة لهم، ويجب أن لا تضر بالمصالح العليا لبلادكم، الذي لم يقدر الإساءة النفسية التي أصابتنا جراء حرية صحيفتكم مما سيضر مصالحكم التي في بلاد المسلمين.
وأنتم تعلمون أنه لا وجود لحرية مطلقة بلا قيود لأن من الحريات ما يضر بأمن بلدكم، أو باقتصاده، أو بعلاقته بالدول الأخرى، وإلا هل تستطيع صحيفتكم أن تمدح هتلر مثلاً؟.
وإذا كنتم تتمتعون بهذه الحرية غير الحضارية، وهي حرية جائرة تتسم بالعنصرية، وزرع الكراهية بين الشعوب، فلنا حرية اختيار مع من نتعامل تجارياً، ولنا حرية إيجاد البدائل عن كل منتجاتكم من دول أخرى تحترم مقدساتنا و لا تتعمد أهانتنا فيها، ولنا حرية إقامة الدعاوى القضائية ضد كل من يعتدي على مقدساتنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن مما يزيدنا تأكيداً من أن حرية صحيفتكم ما هي إلا عنصرية مقيتة ما تلاقيه الجالية المسلمة في بلدكم الآن من مضايقات بغير سبب، إلا أن المسلمين في أصقاع الأرض آلامهم ما يؤلم كل مسلم من الاعتداء الذي صدر من صحيفتكم على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرادوا أن يعبروا عن استيائهم بأسلوب حضاري حر من غير تطاولٍ على مقدساتكم باسم الحرية، بل إن المسلمين يعظمون عيسى وموسى وجميع أنبياء الله ورسله عليه السلام، كما أننا نحن المسلمين نعرف الفرق بين الحرية المتحضرة والحرية العنصرية.
ونحن نأمل أن تتعلم صحيفتكم منا معاني الحرية الحقة.) انتهى وهذا هو الرابط:
http://www.islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=51430
وحبذا لو تقرأ هذا الرابط في بدايات الحادثة http://www.alyaum.com/issue/article.php?IN=11915&I=352944
ولكن لابد من التعليق على هذا الخبر:
إن صيغة هذا هذا المسمى بالاعتذار ليس فيه اعتذار وإنما صيغة متعالية مستكبرة وقد نشر في وسائل الإعلام هذا الخبر بصيغ متعددة مترجمة لاتدل على اعتذاروإنما على تبرير بعدم قصد الإساءة، ثم كيف يفسر ما قاموا به بعدم قصد الإيذاء أو الإساءة وقد رفض مدير تحريرها مقابلة الوفد الذي جاء إليه لبيان الموقف والحوار معه، وكذلك فعل الوفد المسلم مع الجهات المسؤولة في الدنمارك، وما هذا الضحك على الذقون في صف كلام غير مسؤول وقدأسيء إلى الجاليات المسلمة بتشويه السمعة والصورة، إن الاعتذار الحقيقي عندما تعترف الصحيفة المجرمة بجريمتها اللئيمة وتعتذر للمسلمين أولاً في الدنمارك ثم في أوربا ثم العالم الإسلامي، ثم تقوم بحملة تصص فيها صورة الإسلام والمسلمين وتفتح لها ولو لمدة من الزمن زاوية للمسلمين أن يعرفوا بالإسلام.
ثم تقوم الحكومة أيضاً بهذا الاعتذار نفسه وعلى رأسها الملك ورئيس الوزراء الذين لم يبدو أسفاً لما حصل وأن يستدعى الوفد الذي أتى إليهم للحوار من أجل الاعتذار رسمياً لهم عما بدر منهم اتجاه الإسلام والمسلمين واتجاههم أيضاً، وأن تمنع نشر كتاب ألف عندهم يشوه صورة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم.
وكذلك تقوم المحكمة التي رفضت قبول الدعوى على الصحيفة بالاعتذار وقبول الدعوى ومحاسبة الجريدة على هذه الجريمة القذرة.
فلا ينبغي أن تضيع هذه الجهود المثمرة في المقاطعة هباءً منثوراً دون تحقيق مكاسب للمسلمي نفي البلاد الأوربية.
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[31 Jan 2006, 07:33 ص]ـ
والله ما لم يكون الرد رادعاً سيتمادون في تطالوهم، وعسى أن تنجح جهود المسلمين في استصدار قرار يهم العرب والمسلمين أسوة بمعاداة السامية الذي يتتسر خلفه اليهود.
ـ[مرهف]ــــــــ[31 Jan 2006, 01:24 م]ـ
أحسنت أخي أبا ذر فإنني أدعوا كل من يستطيع العمل إلى أمرين:
ـ الأول إضدار قانون في أ, ربا لمحاسبة الذين يعادون الإسلام ورموزه وهذا عمل الجاليات المسلمة مع ضغط الحكومات الإسلامية.
ـ الثاني: قانون في الدول العربية والإسلامية يعاقب كل من يتعامل اقتصادياً وتجارياً مع الدول المسيئة للإسلام وشعائره ورموزه في العالم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Feb 2006, 02:17 ص]ـ
هؤلاء الفجرة المكرة لم يفعلوا ذلك - و هو شئ هزيل غير كاف أبدا بجانب جرمهم - إلا بعد تيقنهم من أثر المقاطعة الاقتصادية لمنتجاتهم المتعددة من الشعوب و الحكومات العربية و الإسلامية،
فهؤلاء الفجرة لا يأبهون إلا بمن يرد عدوانهم بوسائل عملية ملموسة، تمس مصالحهم، و تحس بها شعوبهم المتعصبة المبغضة لدين الإسلام،
و ردعا و زجرا لأي إجرام آخر منهم و من غيرهم أقترح ما يلي:
1 - ملاحقة رئيس تحرير تلك الصحيفة و ما شابهها قضائيا، برفع مئات الدعاوى القضائية ضده، أمام محاكم متعددة و في بلاد مختلفة، ليذوق وبال أمره و يدرك نتيجة فعلته: إرهاقا ماليا و بدنيا و نفسيا و معنويا، و لنا أمثلة كثيرة فيما يفعله اليهود تجاه أدنى ما يعتبرونه مساسا بهم،
2 - وضع " قائمة سوداء " - Black List - بأسماء الصحفيين و الإعلاميين المتورطين في تلك الإساءات الفاجرة، و كذا تلك المطبوعات، لمقاطعتهم و منع دخولهم بلادنا العربية و الإسلامية،و عدم اشتراكهم في أي مؤتمرات ثقافية ببلادنا،
3 - الدعوة للاستمرار في المقاطعة لكل ما هو دانماركي أو نرويجي لموقف حكومتهما المشين و المشجع لتلك السفالات و السفاهات، حيث رفض رئيس الوزراء النرويجي مجرد الاجتماع بسفراء (19) دولة إسلامية ذهبوا لإبلاغه اعتراضهم، و كذا كان سلوك بقية المسؤولين في البلدين،
4 - بيان أنواع تلك المقاطعة، كل فيما يخصه، و نشر قوائم بأسماء تلك المنتجات و المنشآت،
5 - هذا بالإضافة لما ذكر في المشاركات أعلاه
... فلا نركن لما صدر عن هؤلاء الفجرة المكرة، و لنستمر في مقاطعتنا و دفاعنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Feb 2006, 03:07 م]ـ
قائمة ببعض المنتجات الدانماركية، المدعو لمقاطعتها ردا على الرسوم المشينة المسيئة لرسول الله صلى الله عليه و سلم، تجدها في هذا الرابط:
http://www.islameiat.com/entsar/
ـ[مرهف]ــــــــ[01 Feb 2006, 07:22 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي د أبا بكر على هذه الاقتراحات وأحب أن أضيف بأن مدير تحرير الصحيفة ومن رسم وكتب أقروا أنهم لم يعتذروا ولن يعتذروا ولكنهم يتأسفون لأن المسلمين فهموهم خطأً .. ؟!، وعلى كل فليقل ما يقل فإن هذه المقاطعة بدأت تؤتي ثمارها ولا ينبغي أن نجعلها ثورات عاطفية ونزوات ثورية تنجلي بعد حين، وباعتقادي أن الغيورين المخلصين أوعى من أن ينساقوا إلى كلام أشبه بالمسح على رأس الصغير ليهدأ فينسوا قضيتهم.
وأضيف إلى ما اقترحت أيضاً:
ـ تشكيل لجنة متابعة إسلامية من علماء المسلمين أصحاب النفوذ لمتابعة هذه الجريمو ومتابعة المقاطعة والتنسيق مع الجاليات المسلمة في أوربا.
ـ ينبغي أن لا نحصر أمر المقاطعة بالدنمارك والنروج ولا كذلك نحصرها لهذا السبب فقط، بل لو أن المسلمين هبوا لمقاطعة فرنسا اقتصادياً وسياسياً عندما منعت الحجاب عن المسلمات وباسم الحرية أيضاً لأدى مفعولاً متقدماً يؤخذ بعين الاعتبار عند الدول الأخرى.(/)
علم اللغة النفسي
ـ[روضة]ــــــــ[31 Jan 2006, 02:12 ص]ـ
الأخ عبد الله الشهري،
السلام عليكم،
هل يمكن تزويدي ببعض التفصيلات عن هذا التخصص، إذا تكرمت، وما هي مباحثه؟
وأسماء أبرز الكتب التي عالجت هذا الموضوع.
مع الشكر الجزيل.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Feb 2006, 09:50 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
علم اللغة النفسي أو "اللغويات النفسية" - ترجمة ( psycholinguistics) - من العلوم الحديثة نسبياً، وهو حقل من حقول المعرفة المتفرعة عن علم اللغويات التطبيقية (أو اللسانيات التطبيقية) التي تسعى لدراسة الملكة اللغوية دراسة علمية تجريبية وذلك بمعالجة عدة مسائل منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 - طرقة معالجة اللغة في الدماغ: استقبالا وإرسالا وتخزينا.
2 - تفسيرأسباب العلل اللغوية: نسيان اللغة، سبق القلم/اللسان، تأخر النطق.
3 - تفسير عملية اكتساب اللغة عند الإنسان منذ طفولته (اللغة الأم) وتفسير اكتساب اللغات عند تجاوز مرحلة الطفولة وبيان الفرق بينهما من ناحية نفسية وحيوية.
4 - مساعدة الراغبين في تعلم اللغات الأجنبية من ناحية تهيئتهم نفسياً للإستبطان اللغة بأقل جهد ممكن نظراً للإرتباط الوثيق جداً بين اللغة والنفس.
5 - والأجمل من هذا - في نظري - تقديم تفسيرات علمية جادة للترتيب الذي يحصل بموجبه اكتساب "النحو" فالطفل الانجليزي مثلا وجدوه في الغالب يكتسب بعض اللواحق الصرفية على ترتيب معين لا يحيد عنه، وهذا له دلالات مهمة في تفسير طبيعة عمل الدماغ وما شابهه.
6 - دراسة علل الدماغ بواسطة التأمل في وظائف لغوية معينة.
7 - تفسير آلية استبطان واستظهار المفردات اللغوية مابين الجهاز النطقي (الصوتي) ومناطق معينة في الدماغ.
بالإضافة إلى تخصصات أخرى متعددة.
أما بالنسبة للكتب التي عالجت هذا الموضوع فهي كثيرة بالانجليزية، قليلة بالعربية، ومع ذلك أمتلك كتابان بالعربية احدهما مترجم والاخر صنفه عالم عربي. وتحرياً للدقة أمهليني بعض الوقت لكتابة تفاصيل هاذين الكتابين. لأني أكتب هذه المشاركة بناء على تنبيه وصلني على البريد وأنا بعيد عن مكتبتي الخاصة. وإن أردت كذلك بعض العناوين الانجليزية النافعة، فعلت ذلك، سائلاً الله تعالى أن يفتح علينا جميعاً من بركات كل علم نافع.
ـ[روضة]ــــــــ[01 Feb 2006, 10:53 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على الرد، وعلى هذه المعلومات القيمة،
توقعت أن تكون مباحث هذا العلم مثيرة، ولكن ليس إلى هذه الدرجة.
يبدو أن له تعلّقاً بعلوم كثيرة أخرى، فمن يريد دراسته عليه أن يكون متقناً للغة على الأقل، وأن يكون على دراية بعلم التشريح نوعاً ما، وبعلم النفس أيضاً، أليس كذلك؟
أتمنى أن تجدوا الوقت لإفادتنا بشيء عن الكتب العربية التي أُلفت عنه، أو عناوينها على الأقل.
زادكم الله علماً ونفع بكم.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Feb 2006, 05:07 م]ـ
جزاك الله خيرا.
الأول: كتاب "علم اللغة النفسي"، تأليف: توماس سكوفل، ترجمة: أ. د. عبدالعزيز العبدان، مطابع الحميضي، وهو في مكتبة جرير.
الثاني: كتاب "مشكلات اللغة والتخاطب في ضوء علم اللغة النفسي"، تأليف: د. نازك إبراهيم، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، وهو في مكتبة العبيكان.(/)
حكم التهنئة بالعام الهجري
ـ[الطبيب]ــــــــ[31 Jan 2006, 09:31 ص]ـ
منقول من صيد الفوائد، للفائدة
حكم التهنئة بالعام الهجري
السؤال
ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟
الجواب
التهنئة بالعام الهجري الجديد من المباحات، وأفضل ما يقال في شأنها أن من هنأك ترد عليه بكلام طيب من جنس كلامه، ولا تبدأ أحداً بها.
وهذا بعينه ما روي عن أحمد في التهنئة بالعيد أنه من هنأه رد عليه، وإلا لم يبتدئه، ولا أعلم في التهنئة بالعيد شيئاً يثبت.
وقد قال أصحابنا من الحنابلة: لا بأس بقوله لغيره: تقبل الله منا ومنك، فالجواب: أي لا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضاً بما هو مستفيض بينهم، وقد يستدل لهذا من حيث العموم بمشروعية سجود الشكر، ومشروعية التعزية، وتبشير النبي –صلى الله عليه وسلم- بقدوم رمضان، انظر ما رواه النسائي (2106)، وتهنئة طلحة بن عبيد الله لكعب بن مالك، وبحضرة النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه، انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (2769).
قال ابن تيمية –رحمه الله-: قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره.
وذكر الحافظ ابن حجر مشروعيته، وثمة آثار عديدة في مثل ذلك.
قال أحمد: لا أبتدئ به، فإن ابتدأني أحد أجبته.
وذلك لأن جواب التحية واجب؛ لقوله –تعالى-:"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"الآية [النساء:86].
ولم يرد في مثل ذلك نهي، والله –تعالى- أعلم.
ولا يدخل مثل هذا في باب البدع؛ لأنه من محاسن العادات وطيب الأخلاق، ولا يقصد به محض التعبد، هذا ما يظهر لي، والله أعلم.
سلمان بن فهد العودة
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال
ما حكم المباركة بمناسبة العام الهجري؟ بذكر: (كل عام وأنت بخير، كل سنة وأنتم طيبون، أو غيرها من العبارات).
أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فلا يظهر المنع من إيراد هذه الألفاظ على سبيل الدعاء، وتكون من باب الدعاء، إذا نصب فيها لفظ "كل"، وقد ذكر الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه (معجم المناهى اللفظية) ص (459) أن رفع "كل" في كل عام وأنتم بخير" لحن لا يتأدَّى به المعنى المراد من إنشاء الدعاء للمخاطب، وإنما يتأدى به الدعاء إذا فُتحت اللام من "كل"، ولذا فعلى الداعي به عدم اللحن- والله أعلم- انتهى.
وذكر الشيخ: ابن عثيمين – رحمه الله – في المجموع الثمين (2/ 226): أن قول "كل عام وأنتم بخير" جائز إذا قُصِدَ به الدعاء بالخير، - وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.
د. رشيد بن حسن الألمعي
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال
ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟ الجواب
الأصل في التهاني –والله أعلم- أنها من باب العادات، ولكن الأولى هنا –أعني في التهنئة بالعام الجديد- ألاّ يبدأ بها الإنسان؛ لأن هذا ليس من السنة، وليست الغبطة بكثرة السنين، بل الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته، وشر الناس من طال عمره وساء عمله –كما يقول شيخنا ابن عثيمين –رحمه الله تعالى- في ديوان خطبه ص (702) -.
ولكن لو هُنِّئ الإنسان، فلا ينبغي له أن ينكر، بل ينبغي أن يجعل الرد بالدعاء، كأن يقول: جعل الله هذا العام عام عز ونصر للأمة الإسلامية، ونحو هذه الدعوات الطيبة والله تعالى أعلم.
عمر بن عبد الله المقبل
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال:
ما حكم التهنئة بمناسبة العام الهجري الجديد بقول كل عام وأنتم بخير أو بالدعاء بالبركة وكأن يرسل رسالة يدعو فيها للمرسل إليه بالخير والبركة في عامه الجديد؟. الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ؟
فأجاب رحمه الله:
إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه ولا تبتديء أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركه، لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى
المصدر إجابة السؤال رقم 835 من اسطوانة موسوعة اللقاء الشهري والباب المفتوح الإصدار الأول اللقاء الشهري لفضيلته من إصدارات مكتب الدعوة و الإرشاد بعنيزة.
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في التهنئة بدخول العام الهجري:
الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم. قال الإمام أحمد رحمه الله: لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه.
المصدر: الإسلام اليوم والإسلام سؤال وجواب(/)
قصيدة: "<إمام المرسلين فداك روحي .. >"
ـ[صالح العمري]ــــــــ[31 Jan 2006, 10:57 م]ـ
إمام المرسلين فداك روحي ...
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه ...
صالح بن علي العمري- الظهران
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي = وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي = وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري = ومالي .. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التقى تفديك نفسي = ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا = فما للناس دونك من زكاةِ ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ = فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً = لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا = بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً .. وشُرحت صدرا = ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ = تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقع ٍ = وهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ = بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا = وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى = لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما = وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى = ورُحمى .. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ = وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ = فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا .. فقير ٌ = أفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ
طريدٌ أمّنَ الدنيا .. فشادت = على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى = رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍ = ولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ .. جاءَ باليُسْرى .. شَفيقٌ = فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي .. وسكونُ نفسي = ومنكَ هويتي .. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ = لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ
وفيك هدايتي .. وشفاءُ صدري = بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍ = ومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي = وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي = ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ = وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري = ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا = ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ = ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ!!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ = ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ = تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي = وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ!!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا = وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍ = رفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ = خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ!!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْ = بألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ!!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّوا = عن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ!!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا = عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني ... = فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماةٌ ... = وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً = كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربى = وتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلّى = ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا = وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا = وفاءك والحقوقَ الواجباتِ ....
* ليزا: كوندليزا رايز
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[01 Feb 2006, 05:17 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذه القصيدة الرائعة جداً , وعلى المساهمة في الذود عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , نسأل الله أن ينتقم لرسوله ممن تطاول على ذاته أنه قوي عزيز.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Feb 2006, 07:46 ص]ـ
لا فُضَّ فوك يا صالح، فوالله لقد كنت أنتظر مبادراتكم المعهودة في تسجيل مثل هذا الحدث في شعركم الرائق، فأسأل الله رب العرش العظيم أن يصدَّ عن وجهك النار يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وكم اتمنى ان تتحفنا بجديدكم فتطرحه في هذا الملتقى.
محبكم ..(/)
عام 1426 ذهب ولن يرجع
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[01 Feb 2006, 03:38 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم اما بعد انتهى عام 1426بكل مافيه ونحن في عام جديد فهل سألنا أنفسنا ماذا قدمنا لهذا الدين وماذا فعلنا من الاعمال الصالحة وحاسبنا أنفسنا قبل ان نحاسب ام مازلنا في غفلتنا فياأحبابي الوقوف بين يدي الله ليس بالامر السهل حينما يسألنا عن اعمارنا وأعمالنا وكل شى فاالله الله بالمبادرة بالتوبة النصوح والاستعداد للدار الاخرة اللهم بلغت اللهم فاشهد اللهم بلغت اللهم فاشهد اللهم بلغت اللهم فاشهد(/)
صحيفة فرنسية تنشر صوراً مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Feb 2006, 04:45 م]ـ
أعادت جريدةٌ فرنسية نشرَ الصور التي تسيء للرسول- صلى الله عليه وسلم- اليوم الأربعاء 1/ 2/2006م، فيما تواصلت الحملات الإعلامية الغربية ضد المسلمين بسبب حملة المقاطعة التي نظمتها العديدُ من القوى الإسلامية السياسية والشعبية ضد الدنمارك لنشر جريدة دنماركية تلك الصور، ورفض الحكومة الدنماركية اتخاذ إجراءات ضد الصحيفة.
وأشارت وكالات الأنباء إلى أن جريدة (فرانس سوار) الفرنسية نشرت اليوم هذه الصور التي تسيء إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، زاعمةً أن نشرها لا يستهدف استفزاز المسلمين ولكن بهدف نشر موضوع أثار جدلاً عالميًّا، وقد وجهت الجريدة انتقادات لبعض القوى الإسلامية متهمةً إياها بعدم التسامح مع حرية الرأي والتعبير الصحفي.
وتأتي إعادة نشر هذه الصور في غضون حملة إعلامية غربية على المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وذلك بسبب الاعتراضات الإسلامية ضد الحكومة الدنماركية لرفضها اتخاذ إجراءات ضد جريدة (جيلاندز بوستن) التي نشرت تلك الصور، وكذلك عدم تقديم الصحيفة اعتذارًا صريحًا عن نشرِ تلك الصور؛ حيث أكد رئيس تحرير الصحيفة أنها آذت المسلمين لكنها لا تنتهك التشريعات الدنماركية.
فقد هاجمت العديد من الصحف العالمية- ومن بينها جريدة (ديلي تليجراف) البريطانية- الإسلام والمسلمين، بتهمة عدم احترام الرأي الآخر، وذلك على الرغمِ من مساس الصور بمبدأ أصيل من مبادئ حقوق الإنسان في المجتمعِ الغربي وهو حرية العبادة وعدم ازدراء الأديان، إلى جانب استخدام المسلمين أساليب سلمية في التعبير عن آرائهم ومن بينها المقاطعة الاقتصادية، وهي ذات الأساليب التي يستخدمها الغرب للضغط لتحقيق مصالحه.
في أثتاء ذلك نقلت ( BBC) عن الصحفي فلامينج روزيه مسئول القسم الثقافي في الجريدة الدنماركية والمسئول المباشر عن نشر الصور قوله إنه نشرها دون قصد الإساءة إلى المسلمين، مؤكدًا أن نشرها يأتي في إطار تعريفِ المسلمين بأنَّ العالمَ منشغلٌ بقضاياهم ومتفاعل معها!!
--------------
نشرت صحيفة فرانس سوار الباريسية في عددها الصادر اليوم مجمل الصور الكاريكاتورية التي نشرتها صحيفة غيلاندز بوستن الدانماركية يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي، وأثارت استياء كبيرا في العالم الإسلامي كونها تسيئ للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وزعمت الصحيفة الفرنسية أنها اختارت نشر هذه الرسوم التي تثير جدلا متصاعدا منذ ظهورها في الدانمارك، ليس لهدف الاستفزاز المجاني بل لأنها تشكل "موضوع جدل على نطاق عالمي واسع محوره التوازن والحدود المتبادلة في مجال الديمقراطية واحترام المعتقدات الدينية وحرية التعبير".
واعتبرت فرانس سوار أنه لا يوجد في الرسوم الكاريكاتورية أي نية عنصرية أو رغبة في تحقير أي مجموعة، ووصفت بعض الرسوم بالطريف وبعضها بغير ذلك.
لكنها عمدت إلى مهاجمة ما وصفته بعدم التسامح من قبل الإخوان المسلمين وسوريا والجهاد الإسلامي ووزراء داخلية الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، بسبب "دعوتهم لمواطني المجتمعات الديمقراطية والعلمانية إلى إدانة الرسوم الكاريكاتورية باعتبار أنها تندرج في إطار الإساءات التي تعرض لها الإسلام".
وشددت الصحيفة الفرنسية على أنها لن تعتذر عن إعادة نشرها هذه الرسوم "لأننا أحرار في التحدث والتفكير والاعتقاد، وبما أن هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أساتذة في الإيمان ويجعلون القضية مسألة مبدأ، علينا أن نكون حازمين".
ومضت فرانس سوار تقول "يحق لنا رسم صور كاريكاتورية لمحمد ويسوع المسيح وبوذا ويهودا وكل أشكال الألوهية" زاعمة أن ذلك يندرج تحت بند حرية التعبير في بلد علماني.
موقف الصحيفة الدانماركية
ويأتي موقف الصحيفة الفرنسية بعد يوم من رفض غيلاندز بوستن تقديم اعتذار صريح عن نشرها الرسوم المسيئة للنبي محمد، رغم إقرار رئيس تحرير الصحيفة بأن هذه الرسوم "آذت بشكل لا يقبل الجدل مشاعر الكثير من المسلمين، وإن كانت لا تنتهك التشريعات الدانماركية".
وقال رئيس تحرير الصحيفة كارستن بوست إنه حدث سوء فهم أدى لتفسير الرسوم على أنها حملة موجهة ضد الإسلام.
وبدوره أعاد رئيس الوزراء الدانماركي أندير فوغ راسموسن التأكيد على أن بلاده تعتمد حرية الصحافة، وأن الصحف تقرر وحدها الرسوم الكاريكاتورية التي تريد نشرها مشددا على أنه لا يمكنه التدخل لتحديد ما يجب أن ينشر عبر وسائل الإعلام.
ويجمع المحللون على أن موقف رئيس الوزراء ورفضه استقبال ممثلي الجالية الإسلامية أو السفراء، أدى لتفاقم الأزمة.
غضب رسمي وشعبي
في هذه الأثناء تواصلت موجة الغضب الرسمي والشعبي في الشارع الإسلامي، منددة بالرسومات ومطالبة الدانمارك بالاعتذار.
ودعا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف المسلمين في العالم إلى المقاطعة، كما قرر العديد من المؤسسات التجارية العربية مقاطعة البضائع الدانماركية.
وفي غزة تجمع مسلحون أمام مقر الاتحاد الأوروبي مطالبين حكومتي الدانمارك والنرويج باعتذارات، وبمنع دخول رعايا الدولتين إلى غزة. كما دانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصرف حكومة كوبنهاغن معتبرة أنه يعكس "استهتارا بمشاعر الآخرين".
على الصعيد الرسمي جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في تصريحات بتونس إدانته لنشر الرسوم. وقال إن الصحافة الغربية تعتمد "سياسة الكيل بمكيالين تجاه الإسلام واليهودية".
فيما دعا وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز الدول العربية الأخرى إلى استدعاء سفرائها في كوبنهاغن للتشاور مثلما فعلت السعودية الأسبوع الماضي، كما قررت ليبيا إغلاق بعثتها الدبلوماسية في الدانمارك.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8699DF9B-79EC-43A4-852F-542CD2080988.htm(/)
طالب علم جديد
ـ[أبو جهاد الأنصاري]ــــــــ[02 Feb 2006, 01:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم فى الله / أبو جهاد الأنصاري
من مصر
طالب علم جديد ينضم إلى حضراتكم
أسأل العلى القدير أن يرزقنى كثيراً من العلم النافع على أيديكم
وأسأله - سبحانه - أن يجعله لنا عوناً فى هذه الدنيا على طاعته
وأن يكن لنا صدقة جارية بعد مماتنا
وأن يكون زخراً لنا فى الآخرة
ويرفع له منازلنا فى الجنة
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقاً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Feb 2006, 01:41 م]ـ
حياكم الله يا أبا جهاد بين إخوانك في الملتقى العلمي للتفسير والدراسات القرآنية. ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
ـ[أبو جهاد الأنصاري]ــــــــ[02 Feb 2006, 09:44 م]ـ
جزاك الله خيراً سيادة الدكتور / عبدالرحمن بن معاضة الشهري
لا حرمنا الله من علمك.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Feb 2006, 12:34 م]ـ
حياك الله أخاً كريماً في الله
وجنديا من جنود دعوة التوحيد
لا حرمنا الله من همتك وغيرتك الدعوية أخي الكريم
ـ[أبو جهاد الأنصاري]ــــــــ[12 Feb 2006, 05:56 م]ـ
حياك الله أخى الفاضل عبد الرحيم وجزاك الله خيرا(/)
يريدون حرق المصحف في الدنمارك يوم السبت
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[02 Feb 2006, 04:16 م]ـ
بدأت الدنمارك حملة بواسطة رسائل الجوال و الايمايل للمجيئ الى الساحة الكبرى في العاصمة كوبنهاجن للمشاركة في حرق المصحف الشريف رداً على المقاطعة الاسلامية وللتضامن مع الرسامين و الجريدة ..........
الله أكبر يا مسلمين ,,الله أكبر يا مسلمين,, الله أكبر يا مسلمين
الخبر مؤكد عن إخواننا المسلمين بالدنمارك والسويد
وصلتني ترجمة للرسالة المتداولة على الجوالات بالدنمارك والسويد من اخوة لنا ثقة مقيمون هناك
ومضمون هذا الرسالة كما يلي
" بناء على مقاطعة البلاد الاسلامية لمنتوجات الدانمرك. ورداً على حرق العلم الدانمركي دعوة لكل دانمركي ان يشتري نسخة من القرآن ويأتي بها الى الساحة العامة الرئيسية ليتم حرق المصاحف وذالك يوم السبت المقبل الساعة الثانية عشر ظهرا. ."(/)
من اجل قبول اعتذار الدنمارك
ـ[مرسال خير]ــــــــ[03 Feb 2006, 08:41 ص]ـ
رئيس وزراء الدنمارك يتاسف على ماقامت به صحيفة دنماركية اساءت للرسول صلى الله عليه وسلم 0
قصداُ منه استعادة كسب شعوب المسلمين وانهاء المقاطعة التي قامة على حب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم 0
لذا فالمقاطعة مهما طالة ستنتهي وربما دخلة منتجاتهم بطريقة او اخرى بعلامات ومسميات وتحت ستار دول عديده فلنربط اعتذار رئيس وزراء الدنمارك والحكومة الدنماركية بتشييد جامع كبير يورخه الاسلام في قلب عاصمة الدنمارك يحمل اسمي جامع محمد صلى الله عليه وسلم وأي تجاوز أخر يعد استقصاد للمسلمين ومن هنا يجب مقاطعتهم ومقاتلتهم بشتئ أسلحتنا
ياخوان الهدف من تشييد جامع بينهم له معنا كبير كبير جداً وهو انتصار للرسول وللمسلمين ولناخذ من قصة الغلام والملك عبره عندما قال له ستقتلني بعد أن تقول بسم رب الغلام وكيف كان الحال بعد قتله فانا مثلي مثلكم اقاطع واقاطع ولكن ربما دخلت لنا منتجاتهم بطريقه او اخر تحت مسميات دول اخرى وربما مع مرور الوقت وتعاقب الاجيال تنسى تلك المقاطعه ولكن الجامع سيبقى يستقطب المسلمين يوم بعد يوم.
ولا اعني ان المسلمين عاجزين عن تشييد دور عباداتهم بل عندما يشيد باموال وايدي اعداء الاسلام فان له معاني عدة ولعل ماذكرته اصبح واضح.
غيرتي على ديني وعلى نبي الهدى عليه افضل الصلاة والتسليم لاتقل عن غيرتكم جمعياً واشد بيدي على ايديكم جميعاً باننا مقاطعين وللابد أن شاء الله ولكن قد يحصل منهم اعتذار صريح وقد يقبل به اصحاب الرأي والمشوره فمقاطعة اعداد بسيطه هنا لاتكفي وانما وبالاضافه إلى اعتذارهم نطالبهم بتشييد الجامع ولربما بتشييده يدخل في الاسلام اعداد مهوله تزيد في قوة الاسلام عند اولئك اما انهم قد يخدعونا بادعاهم ببناء الجامع فبفضل من الله مايحدث في الشرق يعرف في الغرب وما يحدث في الجنوب يعرف في الشمال والا لما عرفتم عن الاساءة التي قامو بها على رسولنا الكريم ومتى وجد احدكم أن الرأي صائب فشارك في أيصاله بنشره عبر المنتديات والمواقع العامه وليكن بالطريقة التي وصلتنا بها البضائع الدنمركية ومقاطعتها
.................. مجرد رأي ومن نشره له الأجر والثواب
jonad_m_n@hotmail.com
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[06 Feb 2006, 10:45 ص]ـ
الأخ مرسال: هذا رابط من موقع الصحيفة المشؤومة يذكر ما اقترحته:
http://www.jp.dk/english_news/artikel:aid=3531006:fid=11324/
المشكلة الان اكبر و لا تتعلق بهم فقط .. بل بموقف أوروبا من المسلمين كلهم
ـ[القسطاس]ــــــــ[06 Feb 2006, 11:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) (البقرة: من الآية217)
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة: من الآية120)
(مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (البقرة: من الآية105)
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً) (البقرة: من الآية109)
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:59)
اذا كان الإنتصار لدين الله ولرسولة ببناء مجمع كبير كبير جدًا جدًا فأقول هذه المجمعات الكبيرة والهائلة بل والرائعة في التصميم والهندسة هل أزالت الحكم بغير ما انزل الله في الدول الإسلامية؟
هل الكاتب يعلم أو لا يعلم بأن فرنسا يوجد بها مجمعات كبيرة جدًا جدًا وبريطانيا كذلك والولايات المتحدة ومع ذلك فهم يحاربون الله ورسوله والمؤمنين بل ويستغلون هذه المجمعات لتثبيط المسلمين والكذب عليهم بأنهم دعاة سلااااام.
أخي الكريم لو لم يجد أهل مدينة ما سوى مسجد واحد فقط يصلون فيه ولكنهم مقيمين لشرائع الله وحدوه رافعين راية الجهاد التي يهابها الكفار لكفى.
ولما تطاولت الدنمرك بالرسوم على الرسول صلى الله عليه وسلم, ولما تطاول الأمريكان بالبول على كتاب الله عز وجل ورميه بالرصاص والاستهزاء به, ولما قامت فرنسا بقتل مئات الألوف من المسلمين في المغرب العربي.
((اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله القوم الظالمين)) والجهاد هو الضمان الذي يحفظ عز هذه الأمة ويحمي هيبتها) [عبر وبصائر للجهاد في العصر الحاضر 43/ 42.
لا يحمي هيبة الأمة وعزتها مثل الجهاد ومن يشكك في هذا فهوا مشكك في كلام الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عن ابن عمر قال لقد أتى علينا زمان وما نرى أن أحد منا أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم حتى كان ههنا بأخرة فأصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ضمن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد بعث الله عليهم ذلا لا ينزعه منهم حتى يراجعوا دينهم. إسناده صحيح
لا يقوم الدين إلا بكتابٍ يهدي وسيف ينصر
" وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "
أما إذا دخلت منتجاتهم عن طريق دول أخرى وتبن لنا هذا لماذا لا نقاطع الدولة الأخرى حتى تتأدب؟ أم كروشنا أهم!
وهذا طبعًا أقل ما نقدمه نصرة لدين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[09 Feb 2006, 10:45 م]ـ
أخي مرسال
بارك الله لك
موقف الغرب من الإسلام لا ينكره أحدا
فإنهم جميعا وبدون استثناء يريدون القضاء على هذه الأمة
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ..... } البقرة120
{إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} الكهف20
أخي الفاضل
إنهم يسيرون على منهج واحد يضرب والتاني يلاقي
ومنهم من يضرب على فترات
فإذا كانوا يريدون بناء مسجد فللضرورة أحكام وهي مصلحتهم ونفاقا للمسلمين من أجل هذه المصلحة
ولكنهم الأن يبحثون عن وسيلة أو خطة لمواجهة المسلمين
وأهديك هذا الرابط
http://www.aljanh.com/vb/showthread.php?t=4352(/)
مقال جميل بعنون (إنسانية محمد)
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[03 Feb 2006, 05:20 م]ـ
إنسانيّة محمد
حامد بن عبد العزيز الحامد 30/ 12/1426
30/ 01/2006
محمدٌ صفوةُ الباري ورحمتُه
وبغيةُ اللهِ من خلقٍ ومن نسمِ
جاء النبيون بالآيات فانصرمت
وجئتنا بحكيمٍ غيرِ منصرمِ
شريعةٌ لك فجّرْتَ العقولَ بها
عن زاخرٍ بصنوفِ العلمِ ملتطمِ
هكذا قال أحمد شوقي عن خير البرية صلى الله عليه وسلم.
ومهما أكثرت من الثناء على هذا الإنسان فإنما تكثر من الثناء على الإنسانية التي لم تعرف مخلوقا تَمَثّلها كما تمثلها محمد صلى الله عليه وسلم.
وكفاه دليلاً على إنسانيته معجزته الخالدة، وهي القرآن، الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42).
ومن أي جانب أردتَ أن تتحدث عن الإنسانية فسيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي القِدْحُ المعلَّى.
إن الإنسانية ليست فلسفة وضعية يصطلح عليها مجموعة أناس يخالفهم فيها غيرهم، ولكنها فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي مجموعة قيم أخلاقية قد اتفق بنو آدم على استحسانها.
وأي مصلح يتكلم عن الإصلاح فإنما يتحدث عن هذه القيم الإنسانية.
ومهما بلغ هذا المصلح أو ذاك من العظمة فإنه إن استطاع تثبيت بعض القيم الإنسانية فإنه سيغفل عن جوانب أخرى تعجز نفسه عن إدراكها، بل حتى في الجوانب الإنسانية التي يريد تثبيتها، ويسخّر حياته من أجلها قد لا يعطيها حقها اللائق بها، ولا يزنها بميزان عدل، وإنما قد يتطرف بها ذات اليمين أو ذات الشمال.
وأما المصلح العظيم صلى الله عليه وسلم فهو أجل وأعظم من أن يبخس الإنسانية جانباً من جوانبها، وأعظم من ذلك فإنه قد أعطى كل جانب إنساني قدره من غير وكس ولا شطط.
ولكن هذا القسطاس المستقيم للقيم الإنسانية لن يرضي الظالمين؛ لأنه سيحدّ من جشعهم وشهواتهم؛ فتنطلق ألسنتهم وأيديهم لتعلن تمردها على مبدأ العدالة، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33).
ولو كان هذا التمرد الأخلاقي على عظيم من عظماء البشر لأمكن تحمّله؛ لأن أي عظيم
لا يستطيع أن يدّعي المثالية، بل لا بد أن يعترف بالتقصير في جانب من جوانبه الإنسانية، ولكنه يعتذر عن هذا بما عنده من حسنات تستر هذا النقص الذي هو فيه.
وأما رسولنا صلى الله عليه وسلم فهو كامل في مثاليته؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، قد أدّبه ربه فأحسن تأديبه، فاستحق الثناء من رب العالمين: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4).
والعجب أن يكون هذا التمرد على الإنسانية باسم الإنسانية؛ تبديلاً للحقائق، وتشكيكاً في المسلمات، ونتيجة لهذا التمرد تتحول القيم الإنسانية إلى نزغات بهيميّة تقوم على مبدأ الظلم والبغي والطغيان.
إن الحديث عن الجوانب الإنسانية كلها قد لا يتيسر، ولكن المتيسر هو أن نعرض بعض جوانبها على ضوء الشريعة المحمدية، حتى تستضيء البشرية بهذه الإشراقة الإنسانية.
ولعلنا نستغني عن كثير من المقدمات المنطقية حينما نعلم أن الذنب الذي جناه محمد صلى الله عليه وسلم -في نظر أعدائه- هو اعترافه بالمبادئ الإنسانية.
فاستخدام القوة -مثلاً- أمام القوى المقاتلة ليس مبدأ محمدياً ابتداء، وإنما هو مبدأ إنساني، وحيث إن الإنسانية ممثلة بمحمد صلى الله عليه وسلم أصبح استخدام القوة مبدأ محمدياً.
والإسلام -الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم - لم يقابل بقواته أمماً تقابله بالورود والرياحين، وإنما يقابل جيوشاً مدججة بالسلاح، فما معنى امتلاك تلك الأمم للسلاح؟!
بل إن الإسلام منع من استخدام القوة أمام من لا يملك القوة، كالأطفال، والنساء، والرهبان، ونحوهم، وهذا لأن الأصل في الإسلام هو السلام، وأما استخدام القوة فعارض ينتهي بانتهاء سببه.
ثم إن استخدام القوة في الإسلام لا يكون إلا أمام الجيوش المحاربة، وأما الأفراد فليس من دين الإسلام مقابلتهم بالسلاح، وإنما يُقابَلون بالهدى والصلاح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعلك تعجب حينما ترى أن الإسلام قد وهب للأفراد حرية الاختيار -على عكس معتقدات الأمم الأخرى- ومع ذلك ترى الشعوب على اختلافها تتسابق إلى الدخول في دين الله أفواجاً، على عكس معتقدات الأمم الأخرى التي عجزت عن إدخال شعوبها في معتقداتها بالحديد والنار.
وأعظم من هذا حينما تجد الشعوب المختلفة تتسابق في تقديم أبنائها الأعلام لخدمة الإسلام، وهذا لإيمانها بأنها تعيش في ظل الإسلام على قاعدة: (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى)، وتردّد صباح مساء قول ربها سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13).
ولغتها:
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواهُ إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ
وإذا كانت هذه سياسة الإسلام أمام القوى الخارجية فإن الشريعة الإسلامية لم تهمل شؤونها الداخلية، ولأن المظاهر الإجرامية جزء من المجتمعات الإنسانية فقد وقف لها الإسلام بالمرصاد؛ ليدرأ شرها عن البلاد والعباد، فأعطى كل جريمة ما يناسبها من العقوبات التي ربما قد تصل إلى القتل، وهذه العقوبات تقرّ بها جميع الأمم، ولكنها تختلف في تحديد أنواع الجرائم التي تستحق تلك العقوبات.
وإذا كنا نريد برهاناً على صحة العقوبات الإسلامية وملاءمتها للحياة الإنسانية، فلسنا بحاجة إلى مقدمات منطقية، ولا نظريات فلسفية، وإنما يكفينا أن نلتفت إلى مجتمعات العالم أجمع؛ لنسألها:
أي المجتمعات نجحت في الحد من انتشار الجريمة؟!
ولنترك الجواب للأرقام.
ومن إنسانية الإسلام مراعاته لاختلاف القدرات العقلية لبني الإنسان، فيهب للعقول مساحة واسعة لتلعب دورها في بناء الحضارة الإسلامية، بل حتى في المسائل الشرعية يسمح بوجهات نظر مختلفة؛ اعترافاً بالطبيعة الإنسانية، وتيسيرا للأمة الإسلامية، (ولن يشادّ الدين أحدٌ
إلا غلبه).
ولكنه مع هذا لم يتجاهل التفريق بين المصالح العامة والمصالح الفردية؛ فيختار للرعاية نخبة من أولي الدّراية؛ ويَكِلُ إليهم النظر في مصالح الولاية.
وأما المصالح الفردية فقد شرع لكل فرد أن ينظر في أموره الخاصة على حسب ما تقتضيه مصلحته.
تلك هي الحرية التي يتكلم عنها الإسلام، وليست سفسطات وفلسفات تُسوَّد بها الصفحات، وتمتلئ بها المجلات، وليست شعارات ولافتات تتشدق بها المرئيات والإذاعات، حتى إذا ما أتيت
إلى الواقع لم تجدها شيئاً، وإنما تجد واقعاً لا يحرر الإنسان من الطغيان والعصيان، وإنما يحرره من مبادئه الحسان.
وهو إن طالب بالحرية فإنما يطالب بحريته الشخصية، وتسخير الإنسان لمصالحه الذاتية، بل وشهواته البهيمية.
ولعلك لا تجد أحداً من بني الإنسان يطالب بحرية مطلقة، وإنما يقيدها كل أناس على حسب ما تشتهيه أهواؤهم، وتمليه عليهم خيالاتهم، وأفضل حرية عرفها الإسلام هي تلك التي قامت على مبدأ العدل بين الناس أجمعين، على قاعدة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]. هذه بعض الجوانب الإنسانية التي يتمثلها الإسلام على قائده أفضل الصلاة والسلام.
وهي جوانب تشهد على صحة هذا الدين السماوي، وأن محمداً رسول من رب العالمين.
ومن الحيف والظلم أن يصدق شخص بالدلائل الإنسانية على صحة الرسالة المحمدية، ثم يتهجم على أمر جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، مما قد يكون متوقفاً على الوحي الذي يأتي من
رب العالمين، الذي خلق الإنسان، وعلّمه البيان، وهو أعلم بمصلحته.
فتعدد الزوجات -مثلاً- لا يستطيع العقل تحديد الأصلح فيه، فيقف عندئذ أمام الوحي السماوي موقف جاهل مسترشداً يريد الوصول إلى ما ينفعه.
وكون النبي صلى الله عليه وسلم يختص ببعض الخصائص، -كتزوجه بأكثر من أربع نسوة- لا يزعزع ثقتنا به صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد جاءنا ببراهين ودلائل على صدقه ونصحه تجعلنا نقطع بأنه ما من خير إلا وقد دلّنا عليه، وما من شر إلا وقد حذّرنا منه، وأنه لا يأتي منه صلى الله عليه وسلم إلا ما فيه خير وصلاح.
والمريض الذي يتناول الدواء بناء على وصفة طبية إنما يتناوله بناء على ثقته بالطبيب، وأما هو فقد يكون جاهلاً بفاعلية هذا الدواء لدائه.
وسيرته صلى الله عليه وسلم كلها يشهد بعضها لبعض على أنه مصلح عظيم، وإمام قد أرسله الله رحمة للعالمين، عليه من الله أزكى الصلاة وأتم التسليم.
ـ[مرهف]ــــــــ[04 Feb 2006, 02:32 ص]ـ
اللهم صل وسلم وبارك على نبيك سيدنا محمد الرحمة المهداة وعلى آله وصحبه وسلم(/)
منظومة نواقض الإسلام العشرة ...
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[05 Feb 2006, 05:03 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:
أحبتي الكرام مشرفي وأعضاء هذا الملتقى الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني ويشرفني أن أعرض لكم محاولتي الأولى في النظم , والمتمثلة في نظم (نواقض الإسلام) العشرة ...
أسأل الله أن تكون نافعة وأن تحوز على رضاكم
كما وأرجو منكم ألا تبخلوا عليَّ بالنصح والإرشاد وإيضاح الأخطاء التي قد تكون في المنظومة (الصغيرة) ..
وها هي
أبدَأُ بِسمِ البَارئِ الغَفوُرِ = فَي كُلِّ ذِي بَالٍ مِن الأُمورِ
وَحَامِدَاً رَبََّي عَلَى كُلِّ النِعَم = مُصَلّياً عَلَى النَّبِيِّ ذِي الشيَم
وَالآلِ وَالصَحْبِ وَأيضَاً مَنْ تَبِع = سُنَّتَهُمْ وَجَافَى كُلَّ مُبْتَدِع
نَوَاقِضُ الدّيِنِ العِظَامِ عَشَرَة = فَاحْذر أُخَيَّ المَهلَكَة وَالحَسْرَة
الشّركُ وَالسِحرُ وَمُسْتَهزِئ بِما = جَاءَ بهِ نَبيُّنَا مُعَلِّمَا
وَجَاعِلاً وَسَائِطاً مِنْ البَشْر = يَدْعُو وَيستَشفِع بِهم فَقَدْ كَفَر
مَنْ لَم يُكَفِّر كَافِرَاً أو شَكَّ = فِي كُفرِهِ فَالدّيِنُ مِنْهُ انفَكَّ
وَمَنْ يَظُنُّ غَيَرَ هَدي المُصطَفَى = أكمَلُ مِنْهُ فَهْوَ لِلكُفرِ اقْتَفَى
وَمُبغِضُ الرَّسُولِ أو مَاجَاءَ بِه = وَمُعرِضٌ عَنْ دِينِهِ فلتَنتَبِه
وَمَنْ يُظَاهِرْ كَافِرَاً فَمِثْلَهُ = فِي شَرعِنَا أدِلةً تَجِدْ لَهُ
مَنْ يَعْتَقِدْ جَوَازَ فِعْلَ مَنْ خَرَجْ = عَنْ شَرعِ أحمَدْ ذَاكَ فِي الكُفْرِ وَلَجْ
تَمّتْ وَصَلُّواْ بَعْدَ حَمْدِ المَولَى = عَلَى النَّبيِّ الطَاهِرِ المُزَكّى
أخوكم ومحبكم
أبو عبدالله
جابر بن عبدالرحمن بن محمد آل عتيق
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[06 Feb 2006, 09:24 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم ... منظومة جيدة وبداية موفقة.
====================================
إليك بعض ما لاحظته خلال تصفحي السريع:
1 - " فاحذر أخيّ المهلكة والحسرة ": هذا الشطر يعاني من خللٍ في الوزن، ولا يستقيمُ الوزنُ إلا إذا سكّنْتَ " المهلكة " وهذا لا يصح لأنها وقعت مفعولا به.
2 - " يدعو ويستشفع بهم فقد كفر ": لا يستقيم الوزنُ إلا إذا سكّنّا " يستشفع" ... وهذا لا يجوز لأن الفعل المضارع " يستشفع" لم يسبق بأداة جزم.
3 - " من يعتقد جواز فعلَ من خرج ": لماذا نَصَبْتَ " فعل"؟
4 - " عن شرع أحمد ذاك في الكفر ولج ": لا مسوّغ لتسكين " أحمد " ولو وجدتَ لها مخرجا يكون أفضل.
ولعلي أعود لاحقا للتمعن والتدقيق فيها ...
ولكم تحياتي ...
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[06 Feb 2006, 07:30 م]ـ
جزاك الله عني خيرا أخي المسدد (عمار)
أما عن ملاحظاتك فالبنسبة:
لما سُكِّنَ فللضرورة الشعرية ..
أما علمت أنه يجوز للشاعر -في الشعر- ما لا يجوز لغيره:) ...
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[06 Feb 2006, 08:46 م]ـ
- " من يعتقد جواز فعلَ من خرج ": لماذا نَصَبْتَ " فعل"؟
أحسنت ...
الصحيح (فعلِ) مجرور بالإضافة ..
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[06 Feb 2006, 10:32 م]ـ
وجزاكم الله خيرا أخي الكريم.
============================
أخي الفاضل /
الضرورات الشعرية والقاعدة التي يرددها الكثيرون:
وهي أنّ الشاعر يجوز له - في الشعر - ما لا يجوز لغيره ... مسائل يطول الحديث فيها.
وحريّ بالشاعر أن يحاول الابتعاد عن اللجوء إلى مثل هذه الضرورات خاصة إذا كان يستطيع إيجاد المخارج بمزيدِ تمعنٍ وتمهل.
والذي أعرفه -أخي الكريم - أنّ مسألةَ تسكينِ المتحرك وتحريك الساكن إن كانت في الأفعال تعدّ عيبا في القصيدة ولحنا (بمعنى أنه لا يجوز للشّاعر أن يحرّك مجزوما أو يسكّن مرفوعا أو منصوبا). فلو سكّن الشاعر أو الناظم - مثلا - الفعل المضارع بلا مسوّغ أو حرّكَهُ مع كونه مجزوما .. فهذا لايدخل في ضرورة الشعر بل يُعدّ خطأً.
وربّما لو قلتَ: يجوز لأبي عبد الله - في الشعر - ما لا يجوز لغيره .. لكنتَ أكثر دقة (مزحة).
ولكم تحياتي ...
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[09 Feb 2006, 02:55 ص]ـ
أبي عبدالله أحسن الله اليك اليوم لقد رأيت المنظومة في منزل أحد أصدقائي مطبوعة وقال لاادري لمن المنظومة وقلت له لواحد يكتب في ملتقى اهل التفسير وجزاك الله خير
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[09 Feb 2006, 01:02 م]ـ
بارك الله فيك أخي عبدالله الحضرمي
أنا سبق وأن قمت بنشرها في عدة مواقع:
أولا: في شبكة الدفاع عن السنة (وقمت بشرحها شرحا مبسطا لطلب مشرف المنتدى)
ثانيا: شبكة المعالي.
ثالثا: في ملتقى أهل التفسير.
وفي جميع هذه المواقع أذيلها بأسمي!!!
على العموم هي حلالا لمن أراد الإفادة والإستفادة ..(/)
رؤى متناثرة حول الدراسات الأصولية المعاصرة ... (أفكار ومقترحات)
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[06 Feb 2006, 08:04 م]ـ
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين. أما بعد:
فقد قرأت ما سطرته أنامل المشايخ الفضلاء حول الدراسات الأصولية المعاصرة، وما لها أو عليها، وما يجب أن تكون عليه في الحدود الممكنة، والنظريات المتاحة؛ وتتميما لما سبق طرحه، فقد أحببت أن أشارك في هذا المجال بجملة من الأفكار والمقترحات، وإن لم يدرك الضالع شأو الضليع في العلم والتعلم، وهي في نظري تخدم شِقَّين في هذه الدراسات؛ المطالب والمآخذ، مع بيان الأسباب الموجبة لهما.
وأنبِّه القارئ قبل البدء في المقصود إلى ضرورة الإنصاف، وقبول الحق من أي أحد، وعدم الاستعجال في الأحكام والردود، وإن كانت ولا بد، فلتكن موضوعية وبعدل، وعلى الأفكار فحسب.
وهذه المقترحات خواطر أو ورقة عمل للحوار البناء، لنرتقي بهذا العلم نحو الأفضل، فقد تجد في مضمونها دعاوى عريضة تحتاج إلى أدلة وبرهان، أفرزها عندي طول المعالجة لهذا العلم فترة من الزمن، وهي في طريقها للبحث المؤيد بالحجة والدليل قبولا أو ردا. بحول الله.
أضعها بين إخواني من المتخصصين لتقويم معوجها، وتسديد خطأها، وهي في نقاط:
من فضلك شاهد الموضوع عبر هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=71271
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[07 Feb 2006, 01:47 ص]ـ
هذا المقال كاملا على ملف مرفق:
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2006, 03:34 م]ـ
الحمد لله على هذه النعمة.
في هدأة الليل، ولا ضوء إلا ضوءُ الشاشةِ، على حد قول أبي العلاء المعري:
أراقبُ ضَوْءَ الصّبْحِ من كلّ مَطلَعٍ * ولا ضَوْء إلاّ ما بدا مِن لُغامهِ
تدبرت هذه الورقات المركزة الموفقة، تدبر المُحب الوامق، وقد أسعدني ما لمَحتهُ بين عباراتِها مِنْ أَدبِ كاتبها، وحُسنِ تعبيره عن مقصدهِ، مع ظهور العناية بهذا الفنِّ، وتتبع مسائله ومصنفاته، ولعمري إنه لجديرٌ بالعناية والتحقيق لأهميته. وعلم أصول الفقه، ليس مهماً للفقيه فحسب، كما إنه ليس مختصاً بالفقه فحسب، بل يحتاجه طالب العلم أياً كان تخصصه، فهو قواعد عقلية استنباطية مطردة في غالبها، نافعة لمن تأملها ودرسها في علومه كلها، ولذلك سماه بعضهم (الأصول) دون إضافةٍ للفقه.
وقد انتفعتُ بهذه الورقات التي سطرتهَا أناملُ أخي الحبيب أبي حاتم أحسن الله إليه، وما أكتبه الآنَ صدى القراءةِ الأولى فحسبُ، ولا بد من تكرار القراءة للتدبر والتأمل في مطاويها إن شاء الله.
قلت وفقك الله: (والدراسات التي تناولت موضوع التجديد في الأصول، تختلف باختلاف أصحابها وتوجهاتهم ومقاصدهم، وردُّها بالكليَّة قد لا يكون سديداً، فقد يصدق الكذوبُ، ويَجودُ البَخيلُ، غير أَنَّها قد ترشدك وتنبهك على مواطن الخلل أحيانا، فخذ منها ودع، والحكمة ضالة المؤمن) ص 11
وسؤالي: هل اطلعت على كتاب (من النص إلى الواقع محاولة لإعادة بناء علم أصول الفقه) للدكتور حسن حنفي الذي أصدرته دار المدار الإسلامي؟ وما تقويمك له؟
تصويبات لبعض الإخطاء الطباعية:
1 - ألبتة = صوابها البتة، فهمزتها همزة وصل. ص6
2 - التي نشأة وتبلورة = التي نشأت وتبلورت. ص 8
3 - (فالفرق كبيرٌ بين أن يكون النقد موجّه إلى أصل القاعدة وتطبيقها، وبين أن يكون موجّه إلى الصنعة) = أن يكون النقد موجهاً .. ص 9
4 - (هذا إن لم تحال إلى آخر لا ناقة له فيها ولا جمل) ص10
5 - (قيل: أنه من أصعب العلوم.) = (قيل: إنه من أصعب العلوم.) ص14
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[12 Feb 2006, 10:58 م]ـ
أشكر للشيخ الفاضل والأخ الحبيب/ عبدالرحمن الشهري .. سلمه الله.
هذا التعليق اللطيف والأدب الشريف.
كتاب حسن حنفي رأيته عند الدكتور/ محمد السليماني بعد الحج، لم أقرأ فيه.
سأقتنيه بحول الله في معرض الرياض القريب.
أشكر لك هذا المرور.
ومع خالص الحب والتقديرلمشرفنا الموقر.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Feb 2006, 01:36 م]ـ
أشكر أبا حاتم على هذه الرؤي المتناثرة الممتعة، وقد استفدت منها، ومن تعقيب الأخ عبدالرحمن الشهري.
وهذا بحث له صلة بالموضوع، كنت قرأته، وأحببت نقله هنا للفائدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
نحو منهج جديد لدراسة علم أصول الفقه. د. محمد الدسوقي
تمهيد
يمثل علم أصول الفقه أصالة الفكر الإسلامي أصدق تمثيل. فهذا العلم هو عماد الاجتهاد وبه قوام منهج الاستنباط. وقد سبق به فقهاء الإسلام فقهاء القانون في العالم كله، إذ لم تعرف المكتبة القانونية أصولاً للقانون إلا في العصر الحديث، في حين عرفت المكتبة الإسلامية تراثاً منهجياً فريداً للبحث الفقهي نما وتكامل على مدى ثلاثة عشر قرناً، وتبلور في إطار علم (أصول الفقه). على أن هذا التراث المنهجي تأثر، قوة وضعفاً، بما تأثرت به الحضارة الإسلامية عبر التاريخ. ولذلك كان في العصور الأولى قوياً يتناول الموضوعات في دقة وتمحيص. وعلى العكس، غلب عليه في العهود المتأخرة الجدل اللفظي، وتشقيق القول في مسائل فرعية، فضلاً عن الإيجاز الذي يشبه الألغاز أو الإعجاز على حد تعبير بعض الكتاب المحدثين، ثم الخوض في قضايا لا صلة لها بعلم الأصول، مما نأى بهذا العلم عن الغرض الأساسي لدراسته.
وقد آل كل هذا التراث إلى الأمة في عصرها الحاضر وهي تحاول أن تستعيد مكانتها وحضارتها، وتنفض عن كاهلها آثار الاحتلال بشقيه العسكري والفكري. وأقبل العلماء على ذلك التراث، فنشروا قدراً كبيراً منه، واغترفوا من كنوزه ما مهد لهم طريق التأليف الأصولي وفق منهج لا يعرف الفضول أو شوائب الإيجاز المخل، والجدل اللفظي الممل.
ولكن جهود المحدثين في التأليف الأصولي لم تتجاوز نطاق الصياغة إلى الآراء وتحليلها والأخذ منها والرد عليها، وإن كان هناك سعي للترجيح بين رأي وآخر. ومن ثم اتسمت كل الدراسات الأصولية الحديثة بوحدة المضمون، فقد تكررت فيها التعريفات والتقسيمات والمسائل والشواهد، وأصبح التفاوت بينما مقصوراً على الكم والأسلوب والدقة في تناول الموضوعات دون النوعية والمحتوى فلا تفاوت بينها في هذا.
ولأن هذه الدراسات الأصولية الحديثة اقتصرت على التكرار والاجترار ولم تعد صالحة لتقديم المنهج الذي يكفل للاجتهاد حيوية وقوة وقدرة على مواجهة المشكلات بأسلوب علمي وعملي، نادى بعض المفكرين والعلماء المحدثين بتجديد علم الأصول وتطوير مباحثه حتى يؤدي هذا العلم مهمته كما ينبغي أن تكون.
والذي لا مراء فيه أن علم الأصول كما يدرَّس اليوم بالمنهج التقليدي في عرض القضايا لا يحقق الغرض من دراسته، فقد أضحت هذه الدراسة وسيلة للإلمام بالآراء وحفظ التعريفات والأدلة دون الخروج منها بتصوير منهجي ينير طريق الاجتهاد المعاصر أو يعين على سلوكه.
ولهذا رأيت أن موضوع تجديد علم الأصول من الموضوعات الجديرة بالبحث، لأنه يتناول قضية منهجية تتعلق بأسلوب الاستنباط الفقهي، والأمة في حاضرها تعاني اضطراباً في هذا الشأن، يشوه الدعوة إلى تطبيق الشريعة، ويثير حولها الشبهات.
وتقتضي دراسة موضوع التجديد لعلم الأصول التمهيد لها بالحديث -في إجمال- عن نشأة هذا العلم وتطوره، ثم يأتي الكلام على ضرورة التطوير والتجديد وموقف بعض العلماء المحدثين منه، وأخيراً أهم الملامح العامة لهذا التجديد والتطوير.
وعليه تتكون الدراسة التي بين أيدينا من ثلاثة مباحث وخاتمة.
يعرض المبحث الأول لنشأة علم الأصول وطرف من تاريخه حتى العصر الحاضر في إجمال وإيجاز. أما المبحث الثاني فيتناول مفهوم التجديد، ومدى الحاجة إليه، وموقف العلماء منه. ويخصص المبحث الثالث لمجال التجديد في علم الأصول وفق ضوابط علمية تجعل من هذا التجديد وسيلة لنهضة فقهية رشيدة.
أما الخاتمة فقد اشتملت على أهم النتائج التي توصل إليها البحث وبعض التوصيات.
نشأة علم الأصول وتطوره:
إذا كان العلماء قد اختلفوا في تعريف علم الأصول، فإن كل التعاريف التي قال بها هؤلاء العلماء قديماً وحديثاً تدور ـ على ما بينها من تفاوت ـ في فلك أن هذا العلم هو: قواعد يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية5.
وتشمل هذه القواعد الأدلة الشرعية، وطرق الاستنباط منها، وبيان مراتب حجيتها، وتشمل الأحكام الشرعية ومن يخاطب بها، ومن هو أهل للاجتهاد، ومن ليس أهلاً له، فعلم الأصول -وفقاً لهذا- يرسم للفقيه المنهاج الذي يتبعه في استخراج الأحكام من أدلتها. ولهذا كان ميزاناً يضبط المجتهد في آرائه، ويتبين به الاستنباط الصحيح من الاستنباط الباطل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما دام علم الأصول هو منهاج الفقيه المجتهد، فإن نشأته تكون ملازمة لنشأة الفقه، لأنه حيث يكون فقه، يكون حتماً منهاج للاستنباط. وقد استمد الفقه الإسلامي مع بداية الدعوة استمداداً مباشراً من الوحي الإلهي بنوعيه: القرآن الكريم والسنة النبوية.
ويتضمن الوحي -إلى جانب بيان الحلال والحرام من الأقوال والأفعال- المبادئ والقواعد الكلية التي تومئ إلى مقاصد الأحكام بوجه عام، ويشمل تلك الأصول التي تحض العقل على النظر الصحيح، وتضع شروطه وضوابطه تثبيتاً وتمحيصاً وتدقيقاً واستخداماً، لكل ما وهبه الإنسان من ملكات للمعرفة والعلم، حيث يقول تعالى: ?وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً? (الإسراء: 36).
وقد مثلت هذه القواعد والمبادئ والأصول، الأساس الراسخ الذي قام عليه صرح علم الأصول، الذي وضعت لبناته الأولى في عصر الصحابة، ثم تتابعت على بنائه وتطويره أجيال العلماء حتى تكامل هيكله وسمق بأصالته، وتفرد بخصائصه التي وجهت الحياة العلمية والفكرية ليس فقط في الإطار الإسلامي، وإنما في الحياة الثقافية الأوربية.
بدايات الفكر الأصولي:
لقد واجه الصحابة -بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد أن آمنت بالإسلام شعوب ذات ثقافات مختلفة وأعراف متباينة -قضايا متعددة ومشكلات معقدة ونوازل مستجدة، لم يعرفها عصر البعثة. فكان لا مناص من أن يتجه علماء الصحابة إلى الاجتهاد لاستنباط الأحكام الشرعية لتلك القضايا والنوازل والمشكلات. ولم يدع أحد أن القرآن والسنة نصا على أحكام كل المسائل الجزئية، ما طرأ منها عهد التنزيل وما يطرأ في المستقبل. فالنصوص -كما يقول الشهرستاني- متناهية والحوادث غير متناهية، وما لا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى8، لذلك اتسع مجال الاجتهاد في عصر الصحابة، وأصبح المصدر الثالث للفقه بعد الكتاب والسنة.
ولقد كان الصحابة يرجعون في اجتهادهم أولاً إلى كتاب الله تعالى، فإن وجدوا فيه نصاً ظاهراً تمسكوا به، وأجروا حكم الحادثة على مقتضاه وإن لم يجدوا فيه فزعوا إلى السنة، فإن روي لهم في ذلك خبر أخذوا به فإن لم يجدوا في الكتاب والسنة نصاً ينزلون على حكمه، اجتهدوا آراءهم، وحكّموا أفهامهم فيما يرونه أشبه بالمعروف من مقاصد الشريعة، وقواعدها العامة.
فالصحابة في اجتهادهم كانوا إذن على دراية وافية ببعض الضوابط والقواعد التي أخذوا أنفسهم بها في استنباط الأحكام، وقد عرفوا هذه الضوابط والقواعد من الكتاب والسنة، ومن روح التشريع ومبادئه الكلية. ولكنهم ما كانوا يطلقون عليها أسماء اصطلاحية أو عناوين فنية، وإنما كانت تجري منهم مجرى السجية والطبيعة والملكة الفطرية9.
ويشهد للصحابة بأنهم في اجتهادهم قد تقيدوا ببعض الضوابط والقواعد ما أثر عنهم من روايات ونصوص تبين بجلاء أنهم قاسوا واستحسنوا، وتوخوا المصالح، وراعوا الأعراف، وأخذوا بسد الذرائع، وعرفوا الإجماع، وآمنوا بأن الأحكام قد فرضت لعلل تقتضيها ومقاصد تؤدي إليها. ولا يسمح المجال بسرد مثل تلك المرويات والنصوص، فضلاً عن أنها معروفة ومتداولة في كثير من المصادر القديمة والحديثة.
وفي عصر التابعين شاعت تلك الضوابط التي تقيد بها الصحابة في اجتهادهم، جرى تداولها على ألسنة العلماء، وعرفتها محافلهم فزادت ونمت، وبدأت مفاهيمها تتحدد وتتبلور، وتأخذ طابع المصطلح العلمي في الفكر الأصولي. وقد نما الفقه في عصر التابعين نمواً عظيماً، توازياً مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية ومواكبة لطروء الحوادث وتكاثرها. وقد تعددت لذلك المدارس الفقهية التي انضوت، على الرغم من تعددها، تحت تيارين كبيرين هما تيار أهل الرأي وتيار أهل الأثر أو أهل الحديث. وقد أسهم النزاع بين الفريقين حول بعض القضايا الأصولية كالإجماع والعرف والقياس ومذهب الصحابي في بلورة هذه القضايا على أسس علمية، وإن ظلت غير مدونة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد حمل ظهور الوضع في السنة وشيوع رواية الحديث في عصر التابعين، الفقهاء على الخوض في تمحيص مسائل كثيرة تتعلق بالسنة سنداً ومتناً. وفي هذا الشأن روي عن محمد بن سيرين (ت: 13ه) أنه قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم."
وفي مصادر التأريخ لنشأة المذاهب الفقهية عزيت إلى الأئمة نصوص وآراء، وسجلت محاورات ومراسلات جرت بينهم، تدل كلها على أنهم كانوا يسيرون وفق مناهج واضحة في استنباط الأحكام التي كانوا يفتون بها الناس، وعلى أن ما كان يأخذ به الصحابة والتابعون من ضوابط وقواعد قد أضحى في هذا العصر مصطلحات لها مفاهيم محددة تبلورت بسبب ما جرى بين الفقهاء من مناظرات ومحاورات كان لأصول الاستنباط ومناهجه حظ عظيم منها.
تدوين علم الأصول:
ظلت تلك المبادئ المنهجية الأصولية، سواء ما عرف منها في عصر الصحابة والتابعين أو في عصر نشأة المذاهب، متناثرة غير مجموعة ولا مدونة حتى كتب محمد بن إدريس الشافعي (توفي204ه) كتابه جواباً على طلب عبد الرحمن بن مهدي المحدث المشهور (توفي 198ه): أن يضع له كتاباً يحوي معاني القرآن، ويجمع مقبول الأخبار، ويبين حجية الإجماع، والناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة. وقد أرسل الشافعي كتابه هذا إلى ابن مهدي مع الحارث بن سريج، فسمي لذلك بالرسالة، إذ أن المؤلف لم يسمه بهذا الاسم، بل كان يشير إليه بقوله: كتابي أو كتابنا، أو في الكتاب كذا وكذا. وقد أملى الشافعي "الرسالة" مرة أخرى على تلاميذه بمصر، لتكون مقدمة لما أملاه في الفقه في كتاب الأم12.
فرسالة الشافعي أول مصنف في أصول الفقه، ومن ثم عده جمهور العلماء واضع علم الأصول. وهناك بعض الروايات التي تذهب إلى أن الإمام أبا حنيفة بيّن طرق الاستدلال في كتاب له يسمى كتاب الرأي، وأن صاحبيه أبا يوسف ومحمداً كتابا في هذا العلم بعد شيخهما، ويقرر علماء الشيعة الإمامية أن أول من دون علم الأصول، وضبطه هو الإمام محمد الباقر (توفي 114ه) 13.
ولا يستبعد أن يكون الشافعي قد سُبق في التأليف الأصولي، ولكن لم يصل إلينا قبل رسالة هذا الإمام كتاب في علم الأصول، وإنما هي روايات ونقول تعزى إلى بعض الأئمة حول بعض المسائل الأصولية. ولذا يظل الشافعي أول من كتب في الأصول كتابة علمية، رتبت أبواب هذا العلم وجمعت فصوله، ولم تقتصر على مبحث دون مبحث، وهو من ثم لم يسبق أو -على التحقيق- لم يعلم أن أحداً سبقه.
وكثرت بعد الشافعي الكتابة في الأصول، وكان لكتابه الرسالة تأثير واضح فيما ألف في القرنين الثالث والرابع، حيث انقسم العلماء بالنسبة إليه فريقين: فريقاً تقبل الرسالة وحولها إلى قاعدة حجاج عن مذهبه، وهؤلاء هم جمهور أهل الحديث، وفريقاً رفض معظم ما جاء فيها وانبرى لنقضه، وهؤلاء هم أهل الرأي, ومن في سلكهم من المخالفين لما وطأه الشافعي14.
ويمكن القول بوجه عام إن ما كتب بعد الرسالة، كان إما نقضاً لها ومحاولة لاستخلاص أصول فقهية مذهبية مستقلة كما فعل الأحناف، وإما شرحاً لها ودفاعاً عنها كما فعل الشافعية وغيرهم.
علم أصول الفقه: مدارس ومناهج.
وقد حصل مع بداية القرن الخامس ما يمكن عده تطوراً نوعياً لعلم الأصول. فقد تكامل نموه، واتضحت مباحثه، وتبلورت مسائله، ودون الفقهاء أصول مذاهبهم ومناهجهم في الاستنباط. وتراكم التأليف في علم الأصول، وظهرت كتابات كثيرة، منها ما هو مطول، ومنها ما هو موجز. وكما تشعبت طرق العلماء في التأليف، فمن الباحثين من يرى أن عدة هذه الطرق ثنتان، ومنهم من يذهب إلى أنها ثلاث. ولكن الدراسة الفاحصة للتراث الأصولي عبر مراحله التاريخية المختلفة، تقرر أن عدة هذه الطرق أو المناهج أربعة هي:
1. طريقة المتكلمين.
2. طريقة الأحناف.
3. طريقة الجمع بين المتكلمين والأحناف.
4. طريقة الشاطبي.
طريقة المتكلمين، وتسمى أيضاً طريقة الشافعية لكثرة مؤلفاتهم فيها، وكذلك لأن الإمام الشافعي يعد أول من كتب وفقاً لها.
وقد غلبت عليها سمة المتكلمين لأمرين:
الأول: أن المؤلفات المكتوبة على هذه الطريقة اعتاد أصحابها أن يقدموا لها ببعض المباحث الكلامية كمسائل الحسن والقبح، وحكم الأشياء قبل ورود الشرع.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن علماء هذه المدرسة كانوا يسلكون في تقرير الأصول مسلكاً استدلالياً قائماً على تقرير القواعد والاستدلال على صحتها والرد على المخالفين، من غير أن يولوا الفروع التي تندرج تحت هذه القواعد كبير اهتمام، أو يراعوا تطبيق الفروع عليها16.
وقد ألفت على هذه الطريقة كتب كثيرة للشافعية والمالكية والحنابلة والظاهرية وبعض الشيعة الإمامية.
وتختلف طريقة الأحناف عن طريقة المتكلمين في أن تلك الطريقة تقرر القواعد الأصولية على مقتضى ما نقل من فروع عن أئمة المذهب الحنفي. فهؤلاء الأئمة لم يتركوا قواعد مدونة مجموعة كالتي تركها الشافعي لتلاميذه، وإنما تركوا بعض القواعد المنثورة في ثنايا الفروع الفقهية التي استنبطوها والفتاوى التي أفتوا بها. وعمد فقهاء المذهب إلى تلك الفروع يؤلفونها في مجاميع يوحد بينها التشابه، ثم يستنبطون منها القواعد والضوابط، لتكون سلاحاً لهم حين الجدل والمناظرة، وعوناً لهم على استنباط أحكام الحوادث الجديدة التي لم يعرض لها أئمتهم في اجتهاداتهم السابقة.
وهذه الطريقة -التي تسمى أيضاً طريقة الفقهاء- وإن بدت في ظاهر الأمر دفاعاً عن مذهب معين، إلا أنه كان لها أثرها الواضح في التفكير الفقهي إذ هي دراسة مطبقة في الفروع، فهي أقرب إلى الفقه لأنها تربط الفروع بأصولها، وتيسر طريق الاستنباط لمن أراد السير على منهج أئمة المذهب الحنفي. ولهذا جنح بعض العلماء من غير الأحناف إلى الكتابة، وفق تلك الطريقة، بعد أن استقامت واتضحت خصائصها.
وقد كان لطريقة المتكلمين أثرها كذلك في التفكير الفقهي، لأنها قررت القواعد دون التقيد بمذهب معين، فالأصول فيها حاكمة على الفروع، ومن ثم لم يتعصب علماء هذه الطريقة لمذاهبهم بل إن منهم من خالف إمامه فيما ذهب إليه.
إلا أنه يؤخذ على طريقة الأحناف أن بعض قواعدهم الأصولية جاءت ملتوية، فكان ذلك الالتواء نتيجة طبيعية لتحكيمهم الفروع تحكيماً تاماً. وقد كانوا إذا ما قعدوا قاعدة، ثم وجدوا –مثلاً- فرعاً فقهياً يشذ عنها، يلجأون إلى إعادة تقريرها في شكل جديد يتفق مع ذلك الفرع إما بوضع قيد أو بزيادة شرط وما إلى ذلك.
ويؤخذ على طريقة المتكلمين أنهم كثيراً ما يستطردون في أمور نظرية لا مدخل لها في الاستنباط فيتكلمون في أصل اللغات، وتكليف المعدوم وهل هو جائز أم لا، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم متعبداً بشرعٍ قبل البعثة أم لا، إلى غير ذلك من مسائل علم الكلام.
على أن كثيراً مما ألف على طريقة المتكلمين لا يخلو من فروع فقهية. إلا أن الفرق بين المؤلفات الأصولية التي بنيت على طريقة المتكلمين وتخللتها الفروع الفقهية، وتلك التي بنيت على طريقة الفقهاء وتخللتها هذه الفروع هو أن الفروع في الأولى لا ترد بوصفها وسيلة لتقرير القاعدة، وإنما لبيان أثرها. أما في الثانية فترد الفروع لإثبات القاعدة أو الاستدلال على صحتها.
وقد استقر الأمر في التأليف الأصولي على الطريقتين مدة من الزمن، ثم طرأت فكرة التقريب بينهما، وتجنب ما كان يوجه إليهما من نقد، فظهرت طريقة ثالثة هي عبارة عن جمع بينهما وتركيب تأليفي بين منهجيهما. وقد قصد بذلك تحصيل فوائد الطريقتين معاً: خدمة الفقه بتطبيق القواعد الأصولية على مسائله وربطه بها، وتحقيق هذه القواعد وإقامة الأدلة عليها21. وتزخر المكتبة الأصولية بعديد المؤلفات التي بنيت على مقتضى طريقتي المتكلمين والأحناف، كما تزخر بمؤلفات تجمع بين النهجين.
وفي القرن الثامن الهجري جدَّت في التأليف الأصولي طريقة تختلف في منهجها عن الطرق الثلاث السالفة الذكر. ويقوم منهج هذه الطريقة على العناية بأسرار التشريع ومقاصده وتأكيد مراعاته للمصالح، وذلك في أسلوب تحليلي استقرائي مغاير لما عرف من قبل في دراسات علماء الأصول. وكان الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي الأندلسي (توفي780ه) علم هذه الطريقة في كتابه الموافقات، وكذلك في بعض ما جاء في كتابه الاعتصام حتى إنه ليمكن للمرء أن يتحدث عن طريقة الشاطبي في البحث الأصولي.
(يُتْبَعُ)
(/)
يعد كتاب الموافقات بإجماع الدارسين لفكر الشاطبي أو لتاريخ علم الأصول متفرداً في سياق الكتابة عن أصول الشريعة22 وحكمها. فقد أضاف إلى علم أصول الفقه ومؤلفاته بياناً إبداعياً في مقاصد الشريعة، وهو جانب كان حظه من العناية في المؤلفات الأصولية قليلاً وضئيلاً ولا يتناسب مع عظيم أهميته في عملية استنباط الأحكام23.
لقد اهتم الشيخ عبد الله دراز (توفي1351ه) بالموافقات اهتماماً خاصاً، وعلق على بعض ما ورد فيه مما يحتاج إلى تحرير وتفسير، أو نقد وتوجيه. وقد أشار في المقدمة التي كتبها لهذا الكتاب إلى أن علماء الأصول لم يكتبوا إلا في الركن الأول من ركني هذا العلم، أي علوم اللسان العربي، وأهملوا الركن الثاني ألا وهو علم أسرار التشريع ومقاصده. ويضيف الشيخ دراز قائلاً: "وقد وقف الفن منذ القرن الخامس عند حدود ما تكون منه في مباحث الشطر الأول، وما تجدد من الكتب بعد ذلك دائر بين تلخيص وشرح، ووضع له في قوالب مختلة. وهكذا بقي علم الأصول فاقداً قسماً عظيماً، وهو شطر هذا العلم الباحث عن أحد ركنيه حتى هيأ الله سبحانه وتعالى أبا إسحاق الشاطبي في القرن الثامن الهجري لتدارك هذا النقص وإنشاء هذه العمارة الكبرى في هذا الفراغ المترامي الأطراف في نواحي هذا العلم الجليل.24
وكتاب الموافقات، الذي لم يؤلف مثله حسب عبارة صاحب المنار يتكون من أربعة أجزاء. وقد التقى الشاطبي مع علماء الأصول في الأجزاء الأول والثالث والرابع منه في القضايا التي عرض لها، ولكنه تفرد في الجزء الثاني بحديث لم يسبق إليه، تناول فيه مقاصد التشريع. فهذه المقاصد ترد عادة في كتب الأصوليين في فصل قصير لا يتجاوز بضع صفحات يذكرون فيها ما يقال عن الاستدلال المرسل25 لأجل الأخذ بالمصلحة، وهي عند الشاطبي تستقل بربع الكتاب.
ومع هذا يرد الحديث عن المقاصد في الأجزاء الثلاثة الأخرى للكتاب، وكأنما المقاصد تمثل لحمة الكتاب وسداه للربط بين مختلف قضاياه. فالكتاب بكل أجزائه إذن إنما هو تعبير عن المقاصد الشرعية بأسلوب مباشر حيناً وغير مباشر حيناً آخر. وهو بذلك أول كتاب تدور كل مباحثه حول مقاصد الشريعة، ومنهج استنباط الأحكام وفقاً لهذه المقاصد.
وتجدر الإشارة -بعد إجمال القول في المناهج والطرق الأصولية- إلى أن القرنين الخامس والسادس عرفا أهم ما ألف في علم الأصول. ففي هذا العهد تكاملت ونضجت المدارس الأصولية وتبلورت مناهجها وأصبح ما كتب فيها من المؤلفات الأصولية مرجعاً لما ألف في القرون التالية.
وبالتالي فإن ما كُتِب في علم الأصول بعد القرن السادس كان -بوجه عام- جمعاً بين بعض ما كتب في هذه الحقبة، أو نظماً أو تلخيصاً أو شرحاً. وقد غلبت على هذه النوع من التأليف الصناعةُ الفنية، والميل إلى التشقيق والجدليات الخلافية، مما طغى على مقاصد العمل ورسالته. وقد أدى ذلك إلى جمود علم الأصول، فلم تتطور مباحثه على الرغم من كثرة المؤلفات فيه كثيرة هائلة.
على أن غالب المؤلفات الأصولية -إن لم تكن كلها- كان يسودها، على الرغم من تعدد الطرق والمناهج، النزعة المذهبية26، فهي تسعى للانتصار لمذاهب أصحابها وإبطال مذاهب المخالفين، وإن كانت في مجموعها تمثل المنهج العام للبحث الفقهي.
العلماء المحدثون والتأليف الأصولي:
أومأت في مستهل هذه الدراسة إلى أن المحدثين لم يختلفوا فيما كتبوا في الأصول من حيث النوع، وإنما جاء تفاوتهم في الصياغة من حيث الإيجاز والاطناب أو الدقة وعدمها.
ويلاحظ المستقرئ للمؤلفات الحديثة أن كثيراً منها أفرد موضوعات علم الأصول بالبحث والدراسة حيث نجد عدة دراسات مستقلة تتناول موضوعات محددة من علم الأصول، مثل الاجتهاد أو القياس أو المصلحة المرسلة.
والمؤلفات الحديثة كانت في أصلها مذكرات أعدت للطلاب والدارسين لهذا العلم حتى يتسنى لهم أن يحيطوا أو يلموا بمسائله، نظراً لأن الكتب القديمة لا تيسر لهم ذلك. فالغاية إذن كانت تسهيل علم الأصول وتذليل الصعوبات التي كان هؤلاء الطلاب والدارسون يلقونها في مطالعة الكتب القديمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
على أن المؤلفات الأصولية الحديثة اعتمدت على المصادر القديمة وبخاصة ما ألف منها في عصور المتون والشروح والحواشيي. وقد غلب على هذه المؤلفات منطق جدلي وإسراف في تتبع الآراء الخلافية مما نأى بها عن جوهر الدراسات الأصولية وأغراضها، وأدخل في هذه الدراسات ما ليس منها. وقد ألقت هذه المؤلفات بظلالها على ما كتب المحدثون، وإن حاول هؤلاء أن يخلصوا علم الأصول مما شابه في تلك العصور ـ عصور الضعف والجمود.
وإذا كانت الدراسات الحديثة لا تتفاوت فيما بينها من حيث المضمون، حيث إنها تتعرض للقضايا ذاتها، فإن ظاهرة خطيرة جدت في العقود الثلاثة الأخيرة أو قريباً منها. وتتمثل هذه الظاهرة في اعتماد هذه الدراسات لا على المؤلفات الأصولية القديمة ولكن على ما ألفه المحدثون، مما أضفى على ما كتب في هذه العقود لوناً من التدليس، حيث تعزى النصوص والآراء إلى مصادر قديمة، وهي في الواقع منقولة عن مؤلفات حديثة. هذا فضلاً عن هبوط المستوى العلمي لهذا النوع من الكتابات، لأن الذين كتبوا حاولوا أن يواروا تعويلهم على ما ألفه الجيل السابق عليهم، بتقديم أو تأخير في القضايا وتغيير أو تحوير في العبارات، فكان ما كتبوه دون ما ألفه علماء ذلك الجيل من أمثال المحلاوي والخضري وأحمد إبراهيم وأبي زهرة وغيرهم.
والخلاصة أن جهد المحدثين في التأليف الأصولي لا يعدو أن يكون صياغة حديثة لأفكار قديمة دون تجديد أو تطوير ذي بال، مما حدا ببعض المفكرين إلى الدعوى إلى تجديد علم الأصول حتى يتسنى للاجتهاد اليوم أن يواجه مشكلات الحياة بمنهج علمي يكفل لهذا الاجتهاد الفاعلية والواقعية والتطوير والتغيير.
الدعوة إلى تجديد علم الأصول:
إذا كانت الدراسات الأصولية الحديثة ليست إلا إعادة عرض لما كتبه الأقدمون، فإنها من ثم لا تضيف جديداً إلى علم الأصول من حيث المضمون. وإذا كانت الدعوة إلى تطبيق الشريعة لا سبيل إليها إلا عن طريق الاجتهاد الذي يقدم الحلول العملية لكل ما يواجه الأمة من مشكلات، فإن هذا الاجتهاد في حاجة -لكي ينهض برسالته- إلى منهج أصولي جديد لا يعرف الاجترار أو التقليد، وإنما يؤسس على دعائم في الفقه الدقيق بمصادر الأحكام والمقاصد العامة للتشريع، فضلاً عن الربط بين قضايا علم الأصول وأصول القانون، وكذلك بين قضايا هذا العلم ومناهج البحث بوجه عام.
إن مهمة الفقه الإسلامي تتمثل في معالجة واقع27 قائم لا فرض واقع آخر غابر باسم قواعد وأصول ترجع إلى أكثر من عشرة قرون. ولذا كان التجديد في منهج البحث الفقهي ضرورة الواقع الذي يعيشه الناس، حتى يكون تعامل الفقه مع هذا الواقع تعاملاً حياً مؤثراً، يحقق الحل الإسلامي بصورة عملية، لكي لا يظل هذا الحل فكراً نظرياً مثالياً، أو أملاً حلواً يداعب خيال الدعاة والمصلحين.
ولا يعني هذا التجديد هدماً لجهود السابقين، فما يقول بهذا أحد. وإنما يعني التجديد محاولة تطوير لمنهج الاستنباط على نحو لا يخرج على القطعيات بحال من الأحوال، وإنما يرى في الظنيات أو بعضها رأياً يكفل للاجتهاد قيادة الأمة في مختلف المجالات، ونبذ السلبية أو النزعة التراثية في معالجة المشكلات في عصر تختلف وقائعه وصراعاته الاجتماعية والفكرية كل الاختلاف عما كان من قبل.
ومن ناحية أخرى، ليس التجديد تنكراً لفضل علماء الأصول وما بذلوه من جهود مضنية في خدمة الشريعة والعناية بعلومها والمحافظة عليها، وليس في ذلك بخس لحقهم في ذلك، فلولا أن الله قيضهم للقيام بهذا العمل الجليل ولحرمنا هذه الثروة العلمية التي نحن الآن في أشد الحاجة إليها.
وتتمثل حاجتنا إلى هذه الثروة العلمية الآن في أننا يجب ألا نقف بها عند القدر الذي وصل إليه السلف، وإنما ينبغي أن نحسن استثمارها وتنميتها، ونعيد تقديمها في صورة جديدة حتى تظل مصدراً غنياً بالمفاهيم والمبادئ التي تكفل للاجتهاد القدرة على التعبير العملي عن مهمة الدين في الحياة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الحقيقة ليست الدعوة إلى تجديد علم الأصول وليدة العصر الحديث، وإنما لها جذور تمتد إلى الماضي. فلأبي حامد الغزالي (توفي505ه) في المستصفى وشفاء الغليل إشارات تدل على أن طرفا من قضايا هذه العلم يحتاج إلى تحرير القول فيه. وجاء الشاطبي في الموافقات فنبه إلى أن في علم الأصول مسائل ليست منه، وأن الركن الثاني من أركان هذا العلم -وهو ركن المقاصد- لم يلق من علمائه الاهتمام الجدير به. ثم حاول الشوكاني (توفي1250ه) في إرشاد الفحول أن يتناول بالبحث علم الأصول على نحو جديد يوضح من الآراء الراجح من المرجوح، والسقيم من الصحيح، وما يصلح من هذا العلم للرد إليه، وما لا يصلح منه للتعويل عليه. وقد علل هذا بقوله: "ليكون العالم على بصيرة في علمه يتضح له بها الصواب، ولا يبقى بينه وبين درك الحق الحقيقي بالقبول الحجاب،"28 مضيفاً أنه لم يذكر في كتابه من المبادئ التي يذكرها المصنفون في هذا "إلا ما كان لذكره مزيد فائدة يتعلق به تعلقاً تاماً، وينتفع به فيه انتفاعاً زائداً."29
وقد تحصّل من عديد الدراسات والبحوث في تاريخ الأصول وتطور التأليف فيه، وكذلك بعض الكتابات في علم المقاصد، ما يؤكد أن علم الأصول كما انتهى إلينا في حاجة إلى أن يعاد النظر فيه.
وتبنت مجلة المسلم المعاصر في العدد الأول منها الدعوة إلى اجتهاد معاصر جريء يعتمد على أصول الإسلام ولا يغفل حاجات العصر، ولم تقتصر هذه الدعوة على الاجتهاد في فروع الفقه ومسائله الجزئية، بل شملت الاجتهاد في أصوله ومناهجه30.
ولقد اختلفت الآراء والاستجابات في هذا الشأن. فبعض الكتاب يرى أن أصول الفقه قطعية لا ظنية لأنها راجعة إلى كليات الشريعة، وما كان كذلك فهو قطعي. ومن ثم أصبح هذا العلم علماً مستقراً له حدوده التي صيغت من القواعد الأساسية التي انبنى عليها. ومن ناحية أخرى، تولد هذا العلم من الحاجة الماسة إلى قواعد ثابتة تحكم المعاملات الفقهية التي بدأت تزداد عدداً وتتجدد نوعاً بانتشار رقعة الدولة الإسلامية واحتوائها لشعوب وأقاليم متعددة متفاوتة في حضارتها وبيئاتها، فاستنبطت أحكام مناسبة لها. وعليه يخلص أصحاب هذا الرأي إلى أنه لا مجال للاجتهاد والتجديد في علم الأصول من حيث قضاياه ومبادئه. وقصارى ما يمكن أن يجتهد فيه هو إما إعادة تبويبه وصياغته، أو معاودة البحث في أدوات القياس ونحو ذلك مما يساعد على تنظيم العلم. فهو إذن اجتهاد مقصور على الشكل دون المضمون."31
وقد عارض هذا الرأي كتاب آخرون. فكون قضايا علم الأصول كلها قطعية قول غير صحيح على إطلاقه، وذلك يتضح من اختلاف أنظار القدماء من الأصوليين في مسائل كثيرة مثل المصالح المرسلة، والاستحسان، والاستصحاب، والعرف. وحتى القياس والإجماع، وإن أخذ بهما الجمهور، إلا أنّ هناك من ينازع في حجيتهما، فضلاً عن أن القواعد التي وضعها علماء الأصول لضبط الفهم والاستنباط من النص لم تسلم من الخلاف، كما في مسائل العام والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمنطوق والمفهوم إلخ .. فضلاً عمّا تختص به السنة من خلاف حول ثبوت خبر الآحاد منها، وشروط الاحتجاج به، سواء أكانت شروطاً في السند أو في المتن32.
ويرى الشيخ محمد بن الطاهر بن عاشور (توفي 1393ه) أن من تمكن من علم الأصول "رأى رأي اليقين أن معظم مسائله مختلف فيها بين النظار، مستمر بينهم الخلاف في الفروع تبعاً للاختلاف في تلك الأصول، وإن شئت فقل قد استمر بينهم الخلاف في الفروع لأن قواعد الأصول انتزعوها من صفات تلك الفروع."33
وبعد أن يورد بعض الآراء لعلماء الأصول الأقدمين في هذا الشأن، يعقب الشيخ بن عاشور مبيناً أن سبب اختلاف الأصوليين في تقييد الأدلة بالقواطع يرجع إلى أنهم حاولوا أن يجعلوا أصول الفقه قطعية كأصول الدين السمعية، ولكن هؤلاء العلماء قد اختلفوا في معظم تلك الأصول مما يقضي بندرة ما هو قطعي منها34.
وما دامت مسائل كثيرة من علم الأصول مختلفاً فيها وليست قطعية، فإن الاجتهاد المعاصر يمكنه أن يرى فيها رأياً جديداً مادام لا يخرج عن المقاصد العامة للشريعة، وما دام يتغيا من ذلك أن يكون للأمة في حاضرها اجتهاد فعال يعتمد على أصول الإسلام ولا يغفل عن حاجات العصر.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقضايا علم الأصول -إذن- ليست كلها قطعية، وما هو قطعي منها كالكليات المنصوصة في الكتاب والسنة مثل (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)، (ولا تزر وازرة وزرة أخرى)، (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، (وإنما الأعمال بالنيات) لا نزاع فيه ولا اختلاف حوله.
وإذا كان الشاطبي في المقدمة الأولى من المقدمات التي مهد بها لكتاب الموافقات قد قال: "إن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية والدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة وما كان كذلك فهو قطعي"، فإنه قد قرر في خاتمة هذه المقدمة أن ما كان ظنياً يطرح من علم الأصول، "وأن ما يذكر مما ليس بقطعي فمبني على القطعي تفريعاً عليه، فيكون ذكره تبعاً."35
وعلق الشيخ عبد الله دراز على رأي الشاطبي هذا بأنه "رجوع عن قسم عظيم مما شملته الدعوى، ولكنه مقبول ومعقول، فإن من مسائل الأصول ما هو قطعي مجمع عليه، ومنها ما هو محل للنظر وتشعب الأدلة إثباتاً ورداً"، ثم أضاف: "على أنه بهذه الخاتمة التي طرح بها كثيراً من القواعد المذكورة في الأصول جزافاً دون تحديد لنوع ما يطرح، صار لا يعرف مقدار ما بقي قطعياً وما سلم فيه أنه ظني."36
والحاصل مما تقدم أن قضايا علم الأصول ومسائله ليست كلها قطعية، ومن ثم يكون الاجتهاد فيما ليس بقطعي من هذه المسائل والقضايا أمراً مطلوباً تفرضه سنة الحياة، وتقضي به صلاحية التشريع للتطبيق الدائم، وأن لكل ما يجدّ من نوازل حكماً في الشرع في كل زمان ومكان.
ولكن هل القضايا الظنية في علم الأصول في حاجة إلى نظر جديد واجتهاد فيها؟ وهل هذا العلم كما وصل إلينا لا يمد المجتهد بالمنهج الذي يعينه على الاستنباط واستخراج الأحكام كما ينبغي أن يكون في العصر الحاضر؟
إن بعض المعاصرين نقدوا علماء الأصول فيما كتبوا، ويكاد هذا النقد يدور في نطاق ما يأتي:
أولاً: عدم الحديث بتفصيل عن مقاصد الشريعة، والاكتفاء بالإشارة إلى هذا الموضوع في باب القياس عند تقسيم العلة بحسب مقاصد الشارع، بحسب الإفضاء إليها. وهذه المقاصد تعد الركن الثاني لاستنباط الأحكام الشرعية والركن الأول هو الحذق والتمهّر في اللغة العربية37.
ثانياً: الحديث عن مسائل كثيرة تعد من نوافل القول في علم الأصول أو لا مدخل لها في الغرض الذي من أجله وضع هذا العلم، كمسائل اللغات، أهي اصطلاح أو توقيف، وحكم الأشياء قبل الشرع، والإباحة أهي تكليف أم لا، ومسألة إن كان النبي صلى الله عليه وسلم متعبداً بشرع قبل بعثته أو لا، وعربية جميع القرآن، والجدال حول القراءات الشاذة، والنزاع في مسألة شكر المنعم، والعناية الزائدة بالحدود والتعاريف والانشغال بمناقشتها، وذلك مما جعل علم الأصول -وبخاصة في العصور المتأخرة- ميداناً للجدل والمناظرة فيما هو شكلي أو لفظي وجعل العلماء يبتعدون بهذا العلم عن غايته والأغراض المقصودة منه، حيث مالوا بمباحثه إلى الفكر النظري دون الفكر التطبيقي38.
ثالثاً: عدم تحرير القول في النزاع الطويل في خبر الواحد، حتى يعول عليه في أخذ الأحكام دون خلاف في كثير من الشروط التي وضعها بعض الأئمة لظروف خاصة أملتها عليهم، وهي شروط كانت ما تزال موضع جدل ومصدر خصام بين المسلمين، وشغلاً شاغلاً للدارسين39.
وكذلك عدم تحرير القول في الإجماع ووضع الضوابط التي تجعل له دوراً فاعلاً في الاجتهاد ولا سيما في العصر الحاضر الذي تنوعت فيه المشكلات، بحيث تحتاج دراستها إلى عدد من التخصصات. فما جاء عنه في كتب الأصول ليس إلا فكراً نظرياً بحتاً لا يعرف التطبيق بحال من الأحوال في حياتنا المعاصرة40.
وللدكتور حسن الترابي41 رسالة صغيرة عنوانها تجديد أصول الفقه الإسلامي حاول فيها أن يصور حاجة المسلمين في العصر الحديث إلى إعادة النظر في مسألة منهج الاجتهاد الأصولي وأدواته وضوابطه، وقد جاء في مقدمة هذه الرسالة أن "العالم الإسلامي في حاجة إلى نهضة شاملة في كل المجالات تثور على الأوضاع التقليدية وتخلص العقلية الإسلامية والواقع الإسلامي من الجمود. ولا يمكن أن تقوم هذه النهضة على غير منهج، وهذا المنهج منهج أصولي لا يشتغل بالجزئيات دون النظر في مقاصد الدين الكلية ويرتبط بواقع الحياة حتى لا تصبح قضاياه مقولات نظرية عقيمة لا تثمر فقهاً حياً يجابه التحديات العلمية".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويرى الدكتور الترابي أن علم الأصول لم يعد، بصورته الموروثة، مناسباً للوفاء بحاجاتنا المعاصرة حق الوفاء، لأنه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها، وبطبيعة القضايا التي كان يتوجه إليها البحث الفقهي. ويخلص الترابي إلى أن هذا العلم قد آل به الحال -بعد نهضة حميدة- إلى الجمود العقيم، بحيث أصبح معلوماتٍ لا تهدي إلى فقه ولا تولد فكراً، وإنما غدا الأمر نظراً مجرداً موغلاً في التشعيب والتعقيد بغير طائل.
وجملة القول إن التحديد في علم الأصول ضرورة دينية، وأن الدعوة إلى هذا التجديد تستند إلى مبدأ صلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق في كل عصر. ومن ثم لا تعني هذه الدعوة خروجاً عن كل ما كتبه السلف في هذا العلم، فمنه ما لا يقبل التطور، فيؤخذ به ويعول عليه، ومنه ما جاء عن نظر واجتهاد، ولا أحد يستطيع أن يدعي وجوب متابعة أي مجتهد فيما أداه إليه اجتهاده فقط، فإن ذلك أقصى ما يقال فيه: إنه رأي والرأي مشترك42.
ولا تقتصر الدعوة إلى التجديد على إعادة النظر فيما هو محل نزاع بين العلماء من الأدلة أو المبادئ اللغوية، وإنما تشمل، فضلاً عن ذلك، النظر في تحديد ما يعد في علم الأصول وما لا يعد منه، وفقاً للغاية من هذا العلم، وسعياً لتوجيه وجهة واقعية، فلا تطغى عليه المناقشات الجدلية العقيمة، أو الاهتمام بحركة الحياة المعاصرة حتى يتسع مجال الأصول لبناء نهضة شاملة تقود الأمة إلى أن تتبوأ منزلة الريادة والشهادة التي أنزلها الله إياها، فتكون بحق خير أمة أخرجت للناس.
مجالات التجديد في علم الأصول:
إذا كان ما هو ظني أو محل نزاع بين العلماء يجوز الاجتهاد فيه، فالمسائل الأصولية الظنية أولى بالاجتهاد، لأنها تتعلق بمنهج البحث في الفقه، والمناهج العلمية لا تعرف الجمود والتحجر، وإنما سمتها التطور والتجدد، وتساوقاً مع تطور المعارف ونمو الثقافات، وتجدد ضرورات الحياة وأوضاعها.
وإذا كان علم الأصول، كما وصل إلينا لم يعد مناسباً للوفاء وفاءً تاماً بما تحتاجه الأمة في حاضرها كي تبني نهضة شاملة، فإن الاجتهاد في هذا العلم لتجديده وتطويره وفقاً لأسس وقواعد لا تخرج على القطعيات أصبح ضرورة إسلامية بلا مراء.
ويشمل مثل هذا التجديد في علم الأصول عدة قضايا يمكن حصرها فيما يلي:
أولاً: إلغاء ما ليس من علم الأصول.
ثانياً: تدريس المقاصد الشرعية بصورة وافية.
ثالثاً: تطوير مفاهيم بعض الأدلة.
رابعاً: ربط القواعد بالفروع التطبيقية ما أمكن.
إن الفقه كما هو معروف يتعامل مع الواقع البشري، من خلال استنباط الأحكام التي تضبط السلوك العملي للإنسان بشقيه: العبادات والمعاملات. ومن ثم ليس من مهمة الفقه بهذا المعنى أن يبحث في أحكام العقيدة أو الأحكام الخلقية، وإن كانت هذه الدوائر الثلاث للأحكام تشكل وحدة عضوية متكاملة تطبع شخصية الإنسان بطابع متميز في الاعتقاد والعمل والسلوك.
وما دام الفقه يتعامل مع الواقع البشري، فإن منهج البحث في الفقه أو علم الأصول ينبغي أن يكون في خدمة هذا الواقع بمكوناته وخصوصياته وتفاعلاته وحاجاته. وهكذا فهدف هذا العلم هو العمل، ولذا لا يعد منه ما لا علاقة له بالعمل أو الواقع. ولعل الشاطبي هو أول من نبه إلى ضرورة تحديد ما يكون من علم الأصول، وما لا يكون منه، وفقاً لموضوعه، فقد قال في المقدمة الرابعة من مقدمات الموافقات: "كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية، أو لا تكون عوناً في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عارية، والذي يوضح ذلك أن هذا العلم لم يختص بإضافته إلى الفقه إلا لكونه مفيداً له، ومحققاً للاجتهاد فيه، فإذا لم يفد ذلك فليس بأصل له، ولا يلزم على هذا أن يكون كل ما انبنى عليه فرع فقهي من جملة أصول الفقه، وإلا أدى ذلك إلى أن يكون سائر العلوم من أصول الفقه، كعلم النحو واللغة والاشتقاق والتصريف والمعاني والبيان والعدد والمساحة والحديث، وغير ذلك من العلوم التي يتوقف عليها تحقيق الفقه وينبني عليها من مسائله، وليس كذلك، فليس كل ما يفتقر إليه الفقه يعد من أصوله، وإنما اللازم أن كل أصل يضاف إلى الفقه لا ينبني عليه فليس بأصل له."43
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الشاطبي في هذا النص فصل بين ما يعد من أساسيات علم الأصول، وما يعد خادماً لها، فهذه لا تدخل في الأصول، وإلا لأصبحت كل العلوم من جملة أصول الفقه.
وقد أورد أبو إسحاق بعد ذلك طائفة مما أدخله المتأخرون على أصول الفقه من مسائل كثيرة، وقد سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك في هذا البحث، مضيفاً إليها ما افترضه علماء الأصول من مسائل لا ثمرة لها في الفقه، كمسائل التحسين والتقبيح العقليين44، فهي عنده عارية أيضاً، أي ليس من صميم علم الأصول.
وإذا كان الكتاب المعاصرون فيما كتبوا في علم الأصول قد تخلوا عن بعض ما ليس من هذا العلم، فإن كثيراً من تلك المسائل العارية ما زالت تتردد في مؤلفات هؤلاء الكتاب، كالحديث عن حروف المعاني45، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم متعبداً بشريعة سابقة، وهل كان عليه الصلاة والسلام وأمته بعد البعثة متعبدين بشرع نبي سابق، وهل الحسن والقبح من الصفات الذاتية للأفعال، بحيث يستقل العقل بإدراكها أولاً، فضلاً عن دراسة النص الشرعي دراسة تاريخية، وليس دراسة أصولية، أي دراسة تكشف عن خصائص هذا النص من حيث منهجه في تقرير الأحكام، والمبادئ العامة التي تحكم الاستنباط منه، فما يكتب عن هذا النص في كتب الأصول الحديثة أقرب إلى الدراسات القرآنية وعلوم الحديث منه إلى الدراسات الأصولية بمعناها الدقيق.
على أن إلغاء ما ليس من علم الأصول -وإن كان مفيدا له- ليس من باب التخفيف في دراسة العلم أو عدم الاكتراث بأهميته، وإنما من باب مراعاة أن لكل علم قضاياه الأساسية التي يجب أن تكون قبلة الباحثين، دراسة لها وإحاطة بها، فلا تشغلهم المسائل الثانوية أو الخادمة للعلم عن تلك القضايا التي هي صلب العلم، فالاهتمام بهذا المسائل الثانوية يبدو أنه يطغى على دراسة القضايا الأساسية، فلا تلقى حظها من البحث العلمي الوافي. وبذلك لا تكون الدراسة أصولية لأن تياراً جانبياً حول وجهتها إلى جداول فرعية، فنأت عن لجة البحر، ومن ثم لم تهتد إلى الغوص فيه لاقتناص لآلئه، واكتشاف أسراره وسبر أغواره.
وأما المقاصد فإن الحديث عنها في كتب الأصول غالباً ما يأتي ضمن الحديث عن الشروط التكميلية التي ينبغي أن تتوافر في المجتهد، على الرغم من أن فقه المقاصد وربط الاستنباط بها هو السبيل لاجتهاد صحيح، ومن هنا ذهب الشاطبي إلى أن درجة الاجتهاد لا تحصل إلا لمن اتصف بوصفين:46
أحدهما: فهم مقاصد الشريعة.
والثاني: التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها، أي على فهمه للمقاصد في مراتبها الثلاث: الضروريات والحاجيات والتحسينات.
وفي شرحه لهذين الوصفين بيّن الشاطبي أن الشرط الثاني يعد كالخادم للشرط الأول، لأنه يتعلق بجملة من المعارف المحتاج إليها في فهم هذه المقاصد.
ويرى بعض الكتاب المحدثين47 أن هذه المعارف تشمل إجادة العربية والإحاطة بالنصوص التشريعية إحاطة تلم بها إلماماً تاماً، والخبرة الدقيقة بمشكلات الحياة العامة التي تتطلب حلاً شرعياً، ثم دراسة علم الأصول بوصفه المنهج العلمي للاجتهاد. وهذا الرأي يخرج المقاصد من علم الأصول ويجعل هذا العلم وسيلة من وسائل فهم المقاصد التي تدور التكاليف الشرعية كلها في فلكها، أو أن هذه التكاليف تتجه في جملتها إلى تحقيق المقاصد وجعلها واقعاً ملموساً في حياة الناس.
وهذا الرأي فضلاً عن كونه تعبيراً عما سار عليه علماء الأصول في الماضي، كان سبباً في عدم الاعتناء بالمقاصد في دراسة علم الأصول، والتعرض لها بصورة عابرة في باب العلة، أو عند الحديث عن المصلحة أو العرف والاستحسان.
وتجديد علم الأصول يقتضي منا ألا ننظر إلى المقاصد تلك النظرة التي تفصلها عن هذا العلم، وإن اتخذ وسيلة إليها فكل الأدلة النصية والعقلية تتوخى المقاصد وتهدف إليها، وما تغير الأحكام بتغير الأعراف والزمان والمكان إلا مظهر من مظاهر دوران هذه الأدلة في نطاق المقاصد الشرعية.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من المسلم به أن الله تبارك وتعالى لا يشرع لمجرد الرغبة في التشريع، ولا يشرع عبثاً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وإنما يشرع لمقاصد وغايات تحقق الخير للناس في المعاش والمعاد. وقد نفقه الغاية أو الحكمة من تشريع ما، وقد يغيب عنا ذلك، ومع هذا لا يرتاب مسلم في أن كل ما شرعه الله إنما شرعه لخير يعود على عباده، فهو سبحانه غني عن هؤلاء العباد، وهم الفقراء إليه في كل شيء، وبخاصة إلى منهجه الذي ارتضاه لهم، وأمرهم بالاعتصام به، حتى لا يضلوا سواء السبيل، فيكون الخسران المبين في الدنيا والآخرة.
فالتشريع الإلهي إذن منوط بمقاصد وحكم تهدف كلها إلى حفظ العالم بتحقيق المصالح وإبطال المفاسد، ومن ثم كان الربط بين الاجتهاد وفقه مقاصد هذا التشريع ضرورة دينية ومنهجية. فلا غرو عندها أن تواترت كل الدعوات إلى تجديد علم الأصول على وجوب الاهتمام بالمقاصد وتنمية دراستها والعمل على وضع قواعد أو ضوابط لها. وقد أشار بعضهم إلى أن كثيراً من المزالق في الاجتهادات الفقهية الحديثة مردها إلى أن علم الأصول في صورته الموروثة قد خلا من البيان الوافي للقواعد التي توضح علاقة الحكم بمقصده، وأن المنهجية العامة التي يؤسس عليها النظر الاجتهادي في تبين حصول المقاصد من الأحكام لا تقوم على تحليل الواقع المراد علاجه تحليلاً علمياً ولا تشمل مناظرة الحكم المستخلص من فهم نصوص الوحي بعناصر ذلك الواقع في عوارضه الشخصية الناشئة عن خصوصيات ظروفه48.
فمعرفة المقاصد منهجياً لا تكفي لكي يكون الاجتهاد المبني عليها محققاً للغاية منها، وإنما يحتاج الأمر -مع هذا- إلى فقه بالواقع وملابساته. ويشمل هذا الفقه كل ما ينطوي عليه هذا الواقع من مشكلات اجتماعية واقتصادية وفكرية ونفسية. فالمجتهد يجب عليه -كما يرى الشاطبي- النظر فيما يصلح بالمكلف في نفسه بحسب وقت دون وقت، وحال دون حال، وشخص دون شخص، ويعلل هذا بقوله: "إذ النفوس ليست في قبول الأعمال الخاصة على وزان49 واحد، كما أنها في العلوم والصنائع كذلك، فرب عمل صالح يدخل بسببه على رجل ضرر أو فترة (ضعف) ولا يكون كذلك بالنسبة إلى آخر، ورب عمل يكون حظ النفس والشيطان فيه بالنسبة إلى العامل أقوى منه في عمل آخر، ويكون بريئاً من ذلك في بعض الأعمال دون بعض. فصاحب هذا التحقيق الخاص هو الذي رزق نوراً يعرف به النفوس ومراميها، وتفاوت إدراكها، وقوة تحملها للتكاليف، وصبرها على حمل أعبائها أو ضعفها، ويعرف التفاتها إلى الحظوظ العاجلة أو عدم التفاتها، فهو يحمل على كل نفس من أحكام النصوص ما يليق بها، بناءً على أن ذلك هو المقصود الشرعي في تلقي التكاليف."50
ويزيد الشاطبي الأمر توضيحاً فيقول: "وهذا النظر فيما يصلح بكل مكلف هو نظر في مآلات الأفعال، وهو نظر معتبر مقصود شرعاً، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل. فقد يكون مشروعاً لمصلحة فيه تستجلب أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه. وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه، أو لمصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد على تلك المفسدة فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية."51
وهذا النظر في مآلات الأفعال هو -حسب تعبير الشاطبي- مجال للمجتهد صعب المورد إلا أنه عذب المذاق محمود الغِبِّ جار على مقاصد الشريعة."52
ويرى الشيخ ابن عاشور أن تصرف المجتهدين بفقههم في الشريعة يقع على خمسة أنحاء:
النحو الأول: فهم أقوالها واستفادة مدلولات تلك الأقوال بحسب الاستعمال اللغوي، وبحسب النقل الشرعي بالقواعد اللفظية التي بها عمل الاستدلال الفقهي.
النحو الثاني: البحث عما يعارض الأدلة التي لاحت للمجتهد والتي استكمل أعمال نظره، في استفادة مدلولاتها ليستيقن أن تلك الأدلة سالمة مما يبطل دلالتها، ويقضي عليها بالنسخ أو الترجيح أو التخصيص والتقييد.
(يُتْبَعُ)
(/)
النحو الثالث: قياس ما لم يرد حكمه في أقوال الشارع على حكم ما ورد حكمه فيه بعد أن يعرف علل التشريعات الثابتة بطريق من طرق مسالك العلة.
النحو الرابع: إعطاء حكم لفعل أو حادث حدث للناس لا يعرف حكمه، فيما لاح للمجتهدين من أدلة الشريعة دلالة نظير يقاس عليه.
النحو الخامس: تلقي بعض أحكام الشريعة الثابتة عنده تلقي من لم يعرف علل أحكامها، ولا حكمة الشريعة في تشريعها، فهو يتهم نفسه بالقصور عن إدراك حكمة الشارع منها، ويستضعف علمه في جنب سعة الشريعة فيسمى هذا النوع بالتعبدي.
ثم يعلق على ذلك بأن الفقيه بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة في هذه الأنحاء كلها. وحينما وضح علاقة هذه الأنحاء الخمسة بمعرفة مقاصد الشريعة، فصل النحو الرابع قائلاً: "أما في النحو الرابع فاحتياجه فيه ظاهر، وهو الكفيل بدوام أحكام الشريعة الإسلامية للعصور والأجيال التي أتت بعد عصر الشارع والتي تأتي إلى انقضاء الدنيا."53
ولأهمية المقاصد بوصفها عماد الفقه واستنباط الأحكام، تحمس الشيخ ابن عاشور إلى استبدال علم مقاصد الشريعة بعلم أصول الفقه. فبعد أن بين أن في علم أصول الفقه اختلافاً كبيراً بين علمائه، أطلق الدعوة الآتية قائلاً: "فنحن إذا أردنا أن ندون أصولاً قطعية للتفقه في الدين حق علينا أن نعمد إلى مسائل أصول الفقه المتعارفة، وأن نعيد ذوبها في بوتقة التدوين، ونعيرها بمعيار النظر والنقد، فننفي عنها الأجزاء الغريبة التي غلثت بها، ونضع فيها أشرف معادن مدارك الفقه والنظر، ثم نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه علم مقاصد الشريعة، ونترك علم أصول الفقه على حالة تستمد منه طرق تركيب الأدلة الفقهية، ونعمد إلى ما هو من مسائل أصول الفقه غير منزو تحت سرادق مقصدنا هذا، من تدوين مقاصد الشريعة، فنجعل منه مبادئ لهذا العلم الجليل، علم مقاصد الشريعة."
وقد عد بعض الباحثين ما ذهب إليه الشيخ ابن عاشور خطوة سديدة نحو إنشاء علم في أصول الأصول في الفقه.
ويؤكد الشيخ محمد أبو زهرة (توفي 1394ه) على أهمية المقاصد ووجوب الوقوف عليها فيما كتبه عن تعليل النصوص، فيقول: "إن الفقه الإسلامي ما كان ليتسع أفقه، وليعالج مشكلات الناس، ويخرج بتلك القواعد الفقهية لولا تعليل النصوص، والربط بين الفروع المختلفة بروابط جامعة من علل مستنبطة من النصوص عامة، أو بعلة خاصة من نص خاص، فإن التعليل هو الذي فتح عين الفقه، بل إن التعليل هو الفقه، أو هو لباب الفقه، وإن التعليل كما قلنا ليس الغرض منه إلا أن تعرف مقاصد الشارع الحكيم من النصوص." 56
وما دامت لمقاصد الأحكام هذه المنزلة في بنية التشريع الإسلامي، وتلك الأهمية بالنسبة للمجتهد، وما دام علم الأصول قد خلا من الحديث بصورة وافية عنها، فإن المنهج الأصولي لا تتوافر فيه كل الخصائص العلمية للاستنباط الفقهي إلا إذا أخذت دراسة المقاصد حظها فيه، ومن ثم فالدراسة الشاملة للمقاصد من ألزم الضرورات لتجديد علم الأصول وتطويره ليصبح أكثر وفاء بمقتضيات الاجتهاد في العصر الحديث، وأكثر استجابة لما يطرحه هذا العصر من قضايا ومشكلات، ولا يسمح المجال بتفصيل القول في طرق إثبات المقاصد وبيان مراتبها، والضوابط التي تمنع من إساءة فهمها أو إدخال ما ليس منها فيها. وتكفي هنا الإشارة إلى أن استقراء نصوص الشريعة وتكاليفها من أهم الطرق للوقوف على هذه المقاصد57 كما أن الاجتهاد الجماعي هو أمثل الطرق لوضع الضوابط التي تحدد مراتب المقاصد، وتحول دون إساءة فهمها.
ونأتي الآن إلى تطوير مفاهيم بعض الأدلة فالمراد به التوسع في هذه المفاهيم، أو تضييق دائرة الاختلاف حولها، أو ضبطها وجعلها أقرب إلى الواقع العملي بدلاً من أن تظل فكراً افتراضياً يتعذر تطبيقه إن لم يكن مستحيلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا التطوير تفرضه المشكلات والتحديات التي تواجه الأمة في حاضرها، وهي مشكلات وتحديات تتصل أساساً بجوانب الحياة العامة أو الواجبات الكفائية، كقضايا الحكم والاقتصاد والعلاقات بين الشعوب والدول. أما العبادات فقد توافر فيها فقه كثير، ويحفظها المسلمون ولو ضيعوها لا يضيعونها اعتقاداً ولا يغفلوا عنها غفلة كاملة58. ولكن تلك القضايا العامة معطلة ومغفول عنها، ولا يكاد المنهج الأصولي يسعفنا فيها، ومن ثم تواجهنا فيها تحديات وأسئلة محرجة. ولذلك فإن من الواجب العمل على تطوير الأدلة الأصولية الخاصة بالقضايا العامة حتى تتسع دائرة الاجتهاد فيها، تطويراً محكوماً بمنهج يحفظ على التفكير الإسلامي وحدة الأسس ويضمن قلة الاختلاف.
وأهم الأدلة التي يجب أن يكون للاجتهاد الحديث رأي جديد فيها -تطويراً لعلم الأصول، ونأياً به عن التجريديات التي لا سبيل لها إلى التطبيق- الإجماع والقياس حتى يسهم عملياً في مواجهة المشكلات التي تواجه الأمة في الداخل والخارج.
إن الإجماع -بلا مراء- ذو أصل أصيل في الدين، وآيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم صريحة في مشروعية العمل بما وقع عليه الإجماع بين المؤمنين.59 ولكن ما مجال الإجماع، وهل لا بد فيه من اتفاق فقهاء أهل العصر كافة حتى يكون إجماعاً صحيحاً؟
إن هناك خلطاً بين ما هو معلوم من الدين بالضرورة60، ويورد مورد الإجماع، والقضايا الظنية التي تختلف حولها الأنظار ويذكر أن فيها إجماعاً. فالمعلوم من الدين بالضرورة لا ينسحب عليه المفهوم الأصولي للإجماع، لأنه ليس مجالاً للبحث والنظر، وإن صدق عليه أنه مجمع عليه من الأمة لأن كل جيل تلقاه عمن سبقه دون نكير من أحد. وهذا هو الذي لا يجوز لأحد مخالفته61 ويكفر منكره.
فالمتواتر المعلوم من الدين بالضرورة ليس من مجال الإجماع، وعليه فمجال الإجماع هو كل ما ليس فيه نص صريح من كتاب أو سنة، وقد بنى الحكم فيه على أساس الاجتهاد والتشاور والاتفاق بين علماء الأمة.
أما ما ثبت من آراء بعض العلماء وسكوت غيرهم من انتشار تلك الآراء فيهم مما يطلق عليه في كتب الأصول "الإجماع السكوتي"، فإنه -فيما رأى- لا يصح أن يسمى إجماعاً، والسكوت ليس دائماً آية على الموافقة. وجوهر الإجماع، يقوم على المحاورة والنقاش العلمي الذي تتبلور من خلاله الحقائق التي تقود المجتمعين إلى رأي فيما يبحثون فيه.
وإذا كان مجال الإجماع القضايا الظنية الاجتهادية -والإجماع السكوتي لا يسمى إجماعاً- فإن ما ذهب إليه علماء الأصول في تعريفهم للإجماع وإصرارهم على أن يكون اتفاقاً لا يخالف فيه أحد من المجتهدين في عصر من العصور مهما اختلفت الديار وتناءت الأوطان، لون من الافتراض الذي لا تشهد له نصوص الكتاب والسنة، ولم يدر في خلد جيل الصحابة رضوان الله عليهم. فقد كانوا يتشاورون ويقضون بما يجمعون عليه، وما كان إجماعهم إجماعاً لكل علماء الصحابة، وإنما كان إجماعاً لمن حضر منهم. فما كان أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي يتوقف الواحد منهم عن تنفيذ قراراته بعد استشارة من حضر من علماء الصحابة حتى أن يستشير غيرهم ممن هم منبثون في مختلف أصقاع المسلمين62.
فإجماع من حضر من الصحابة كان يعد إجماعاً صحيحاً يؤخذ به، ولم يكن هناك شرط بحضور كل علماء الصحابة حتى يصح الأخذ بهذا الإجماع. فتقييد صحة الإجماع باتفاق جميع المجتهدين في عصر من العصور -كما قرر علماء الأصول- لا ينهض له دليل ولا تؤيده آثار، ولهذا لم يتحقق هذا الإجماع المفترض في تاريخ الأمة. ولذلك يرى بعض العلماء المحدثين أن للسلف بالنسبة للإجماع عصرين متمايزين: عصر الشيخين أبي بكر وعمر بالمدينة، حيث كان المسلمون أمرهم جميع، وفقهاؤهم معروفون وإمامهم شوري لا يستبد دونهم بالفتوى، ويمكن استطلاع آرائهم جميعاً فيسهل بذلك أن نتصور إجماعهم. ولكن يبقى السؤال: هل أجمعوا فعلاً إجماعاً مطبقاً على الفتوى فيما عرض لهم من المسائل الاجتهادية؟
ويمكن الجواب بأن هناك مسائل كثيرة لا يعلم فيها خلاف بين الصحابة في هذا العصر، وهذا أقصى ما يمكن الحكم به. أما دعوى العلم بأنهم جميعاً أفتوا بآراء متفقة والتحقق من عدم المخالفة فهي دعوى تحتاج إلى برهان يؤيدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ما بعد ذلك العصر، عصر اتساع الدولة الإسلامية وانتقال الفقهاء إلى البلاد المفتوحة ونبوغ فقهاء آخرين من تابعيهم لا يكاد يحصرهم العد، مع الاختلاف في المنازع السياسية، والتوجهات الفكرية فلا نظن أن وقوع الإجماع إذ ذاك مما يسهل التسليم به63.
ومن الكتاب المحدثين من يذهب إلى أن الإجماع كما تحدث عنه علماء الأصول يمكن الاستغناء عنه، وعدم عده أصلاً من الأصول فضلاً عن أنه أدى إلى تفرق كلمة الأمة، وذلك لأن هؤلاء العلماء قد اتفقوا جميعاً على أنه لا بد من استناد الإجماع إلى نص من القرآن أو السنة، وإذا كان هذا شأنه فإنه لا معنى لعده أصلاً من أصول الاجتهاد معهما، ومن ثم يستغنى عنه بهما.
ويرى صاحب هذا الرأي أن عدم اعتبار الإجماع أصلاً من الأصول يحل لنا مشكلة كبيرة، وهي أن تصل الأمة إلى فقه يتعاون فيه كل المجتهدين ولا تنفرد به فرقة دون غيرها، فإبقاء الاحتجاج بالإجماع يجعلنا أمام إجماعات متعددة، إجماع لأهل السنة، وإجماع للشيعة، وإجماع لغيرهم. ومن الصعب أن نرجح إجماعاً على إجماع، فكل فرقة تتعصب لإجماعها، فكان الاستغناء عن الاحتجاج بالإجماع وسيلة لجمع الكلمة، واتفاق الأمة64.
وقد يكون هذا الرأي مقبولاً من حيث نقده لعلماء الأصول في أن الإجماع لا بد من أن يكون له مستند من نص، لأن النص سيكون مصدر الحكم وليس الإجماع، فلا معنى لاعتباره أصلاً من الأصول. ولكنه ليس مقبولاً من حيث دعوته إلى الاستغناء عن الإجماع وعدم الاحتجاج به، ومن حيث القول بأنه يؤدي إلى تفرق الأمة. فالإجماع مصدر تشريعي خصب يكفل تجدد الفقه ونموه، وبخاصة في العصر الحاضر. فهذا العصر تقتضي دراسة مشكلاته دراسة علمية وافية بتخصصات مختلفة، ومعارف متعددة. وبالتالي لا يمكن أن يكون الأخذ بالإجماع والاعتماد عليه سبباً للتفرق والتعصب، وإنما يصبح الأخذ به على أسس جديدة، وفقاً لمفاهيم جديدة سبيلاً لاجتهاد جماعي يقرب بين المذاهب ويحد من التنافر والاختلاف بينها.
وحتى يمكن أن يكون الإجماع كذلك ينبغي أن يتطور مفهومه ليصبح تعبيراً صحيحاً عن الإجماع الذي تؤيده النصوص والآثار الصحيحة، فلا يكون فرضاً نظرياً ننفق الوقت في دراسته، دون جدوى عملية من هذه الدراسة.
وتطوير مفهوم الإجماع ينبغي أن يشمل تغيير تعريفه، فلا يظل مقصوراً على اتفاق جميع المجتهدين في كل الأقطار الإسلامية وإصرار كل واحد منهم على رأيه حتى وفاته، وإنما يشمل إلى جانب هذا -إن تحقق- اتفاق الجمهور أو الأغلبية65، فهذا الاتفاق من أهل الذكر يكون كافياً في حصول الإجماع. فالقضايا الظنية بطبيعتها تحتمل الخلاف، وليس من اليسير أن يتفق عدد كبير من المجتهدين على رأي واحد فيها، وهذا ما ذهب إليه بعض القدماء66 من العلماء كأحمد بن حنبل (توفي164ه)، وابن جرير الطبري (توفي310ه) وأبي بكر الرازي (توفي 370ه). وقد ذهب إليه كثير من المعاصرين كالشيخ الخضري، والشيخ عبد الوهاب خلاف (توفي 1375ه) والشيخ محمود شلتوت (توفي 1383ه) وغيرهم من الفقهاء الذين نقدوا ما جاء عن القدماء من جدل ومناقشات حول قضايا نظرية بحتة لا سبيل إلى أن تقع أو يتحقق بها اجتهاد وتشريع.
وتطوير دراسة الإجماع لا يكون بتغيير مفهومه فحسب، وإنما يصبح هذا التطوير منطلقاً لتصور جديد يلغي ما يسمى بالإجماع السكوتي ويجيز نسخ الإجماع بالإجماع، ولا يهتم كثيراً بالجدل الأصولي حول حجية الإجماع، فالأدلة والآراء في هذا كلها احتمالية. ويتطلب هذا التطوير لمفهوم الإجماع التركيز بصفة خاصة على الاجتهاد الجماعي وإبراز مدى حاجة الأمة إليه فيعصرها الحاضر، ودراسة سبل تحقيقه عن طريق مجمع فقهي عام يمثل بعضويته المجامع الفقهية المحلية المتعددة في العالم الإسلامي.
وهذا المجمع الفقهي العام ينظر فيما يهم المسلمين جميعاً أو في القضايا ذات الصبغة المشتركة بين الشعوب الإسلامية، وتبقى للمجامع المحلية رسالتها في دراسة المسائل والمشكلات التي يكون للعرف وظروف البيئة أثر في الحكم عليها، وبيان حكم الدين فيها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان علماء الأصول قد وضعوا للإجماع من الشروط ما جعل حديثهم عنه حديثاً مثالياً، فإن ما جاء عن هؤلاء العلماء بالنسبة للقياس قد حصره في دائرة ضيقة، وهي دائرة تعدية حكم الأصل إلى الفرع بجامع العلة المنضبطة. وهذا النمط من القياس يقتصر على قياس حادثة محدودة على سابقة محدودة معينة ثبت فيها حكم بنص شرعي فيضيفون الحكم إلى الحادثة المستجدة.
ومثل هذا القياس المحدود "ربما يصلح استكمالاً للأصول التفسيرية في تبيّن بعض الأحكام كأحكام النكاح والآداب والشعائر. ولكن المجالات الواسعة من الدين لا يجدي فيها إلا القياس الفطري الحر من تلك الشرائط المعقدة التي وضعها له مناطقة الإغريق، واقتبسها الفقهاء الذين عاشوا مرحلة ولع الفقه بالتعقيد الفني، وولع الفقهاء بالضبط في الأحكام الذي اقتضاه حرصهم على الاستقرار والأمن، خشية الاضطراب والاختلاف في عهود كثرت فيها الفتن وانعدمت ضوابط التشريع الجماعي الذي ينظمه ولي الأمر."67
والتوسع في مفهوم القياس منطلقه أن ما ثبت من الأحكام التي وردت بها النصوص المبنية على علل وأسباب شرعت لأجلها، وأن هذه العلل -كما يدل الاستقراء- مرجعها جميعها إلى تحقيق مصالح الناس، فكل ما يحقق مصلحة للناس في معاملاتهم في أي زمان ومكان يكون مشروعاً قياساً على ما نص عليه، والعلة هنا هي المصلحة، وليست كما قرر الأصوليون الأمر الجامع المنضبط بين المقيس والمقيس عليه كالسكر مثلاً بين الخمر وسائر المخدرات.
فأساس القياس هو التحقق من أن الحكم الذي يراد تشريعه في الواقعة المسكوت عنها فيه جلب نفع للناس، أو دفع ضرر أو رفع حرج عنهم، فمتى تحقق أن الحكم في الواقعة يحقق هذه المصلحة فهو حكم شرعي، وتشريعه هو قياس صحيح على ما شرعه الله، لأن الله ما شرع الأحكام إلا لنفع الناس أو دفع الضرر أو رفع الحرج عنهم. ومن عدل الله وحكمته أن تستوي أحكام الوقائع التي استوت في عللها وأسبابها وأن لا تبيح تصرفاً لأن في إباحته رفع حرج، وتحرم تصرفاً مثله68.
وقد قرر علماء الأصول أن المناسبة مسلك من المسالك التي يتوصل بها إلى معرفة علة الحكم. ومعنى المناسبة أن تكون الواقعة المسكوت عنها فيها وصف أو خاصية لو شرع الحكم على أساسها يكون في تشريعه جلب نفع أو دفع ضرر أو رفع حرج، ومعنى هذا أن مناط التعليل وأساسه بناء الحكم على المصلحة، وبهذا يمكن أن يكون القياس ميداناً واسعاً للاستنباط والاجتهاد، ومجالاً فسيحاً للعقل الإنساني لتحقيق مصالح الناس، وتنمية الفقه وعدم الجمود على الموروث عن علماء الأصول في القياس.
وقريب من هذا ما ذهب إليه الدكتور حسن الترابي. فهو يرى أن التوسع في القياس سبيله أن نعد "الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصداً معيناً من مقاصد الدين، أو مصلحة معينة من مصالحه، ثم نتوخى ذلك المقصد حيثما كان في الظروف والحادثات الجديدة". ثم يقول: "وهذا فقه يقربنا جداً من فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه فقه مصالح عامة واسعة، لا يلتمس تكييف الواقعات الجزئية تفصيلاً فيحكم على الواقعة قياساً على ما يشابهها من واقعة سالفة، بل يركب مغزى اتجاهات سيرة الشريعة الأولى، ويحاول في ضوء ذلك توجيه الحياة الحاضرة."69
ويذهب الترابي إلى أن هذا القياس الواسع أو "قياس المصالح المرسلة يعد درجة أرقى في البحث عن جوهر مناطات الأحكام، إذ نأخذ جملة من أحكام الدين منسوبة إلى جملة الواقع الذي تتنزل فيه، ونستنبط من ذلك مصالح عامة ونرتب علاقاتها من حيث الأولوية والترتيب. وبذلك التصور لمصالح الدين نهتدي إلى تنظيم حياتنا بما يوافق الدين، بل يتاح لنا -ملتزمين بتلك المقاصد- أن نوسع صور التدين أضعافاً مضاعفة."70
ومما له علاقة بالقياس من الأدلة الاستحسان، وقد بنى عليه جمهور المجتهدين اجتهادهم في كثير من الوقائع. ومرجع الاختلاف بين الشافعية والعلماء الذين أخذوا بالاستحسان كالحنفية والمالكية هو في الحقيقة اختلاف غير ذي موضوع، لأن الشافعية نظروا إلى الاستحسان كأنما هو رأي محض لا يستند إلى دليل فأنكروه. أما الآخرون فقد نظروا إليه على أنه رأي ناتج عن المقارنة بين الأدلة وترجيح بعضها على بعض. ولذلك قال الشاطبي: "إن الخلاف يرجع إلى الإطلاقات اللفظية ولا محصل له."71
(يُتْبَعُ)
(/)
إن بعض الوقائع قد يقتضي فيها القياس الظاهر المتبادر حكماًن ولكن يستقر عن نفس المجتهد -بناء على أدلة قامت عنده- أن هذا الحكم لا يتفق والمصلحة في هذه الواقعة، وأن الذي يتفق مع المصلحة فيها حكم آخر يقتضيه قياس خفي غير متبادر، فيحكم في الواقعة بما يتفق والمصلحة بناء على هذا القياس الخفي، ويعدل بذلك عن مقتضى القياس الظاهر، ويسمى حكمه هذا حكماً بالاستحسان."72
فالاستحسان قد يكون عدولاً عن قياس ظاهر أو استثناء جزئية من تطبيق قاعدة كلية، وهذا مراعاة لما تقتضيه المصلحة. قال الشاطبي: والحاصل أنه (أي الاستحسان) مبني على اعتبار مآلات الأفعال، فاعتبارها لازم في كل حكم على الإطلاق."73 وبذلك لا يكون الاستحسان خارجاً عن مقتضى الأدلة، فهو نظر في لوازمها ومآلاتها، ومن ثم فهو يمنح المجتهد حرية الاستنباط في حدود الإطار العام للشريعة وفق ما يطمئن إليه قلبه وينقدح في عقله من مصالح قد لا تتفق وما يقتضيه القياس، أو ما يؤدي إليه تطبيق القواعد العامة.
أما الاستصحاب فإنه من وسائل الاجتهاد التي يعول عليها في استنباط الأحكام لكثير من المشكلات، لأنه يشير أولاً إلى أن الشريعة الخاتمة لم تتنزل لإلغاء كل ما عرفته الحياة البشرية من عادات وألفته من تصرفات، وإنما كان نزولها لإصلاح ما اعوج من العقائد والقيم، ولإحياء ما درس منها ولتكميل ما نقص. ومن ثم لم تكن الشريعة هادمة لكل ما كان في الجاهلية، وكان ما تركته دون حكم له أو نص عليه على الأصل من الحل والإباحة.
وقد تحدث الأصوليون عن الاستصحاب فشققوا القول في أنواعه، ولكنهم لم يخرجوا بذلك التنويع عن فلك إبقاء الشيء على ما هو عليه حتى يثبت ما يغيره، سواء أكان فعلاً أو شيئاً أو نصاً، فالأصل في الأشياء الحل، وفي الأفعال الإباحة، وفي الذمم البراءة من التكليف، وفي النص العام الإبقاء على عمومه حتى يرد التخصيص، وفي النص المطلق الإبقاء على إطلاقه حتى يرد التقييد. وفي ذلك يقول الدكتور حسن الترابي: "وإذا جمعنا أصل الاستصحاب مع أصل المصالح المرسلة تتهيأ لنا أصول واسعة لفقه الحياة العامة في الإسلام."74
ويبدو من تلك الإشارات واللمحات عن تطوير مفاهيم بعض الأدلة حتى يتسنى للاجتهاد المعاصر أن يواجه التحديات بأسلوب علمي واقعي، أن هذا التطوير يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحكمة التشريع ومقاصده، وهي تحقيق المصالح ودفع المفاسد. فالمصلحة هي محور هذه الأدلة، وليس ترك القياس إلى الاستحسان أو الأخذ بالأعراف، أو تطبيق قاعدة الاستصحاب فيما لم يرد بشأنه نص إلا مراعاة للمصالح وما هو أيسر على الناس وأرفق بهم.
ولكن الدعوة إلى التوسع في مفاهيم بعض الأدلة قد ينجم عنها اضطراب في الآراء، بسبب عدم الضبط الدقيق لحدود هذا التوسع، وقد يتخذ من ليس أهلاً للاجتهاد من هذه الدعوة ذريعة للقول في الدين دون دراية وفقه، فيكون ضرره وخطره فادحاً، لأنه يُصَيَّر الخلاف في الاستنباط خارج دائرة ما يقبل منه ويعد رحمة بالأمة فضلاً عن بلبلة الأفكار، وفتنة الضعفاء والعامة، وشغل الناس بما لا يجديهم في الدين والدنيا.
وتكاد كل الضوابط والقيود التي تحول دون أن يكون ذلك التوسع في مفاهيم تلك الأدلة سبيلاً لتباين الآراء تبايناً يمزق وحدة الأمة ويفت في عضدها، ويغري من ليسوا أهلاً للاجتهاد بالجرأة على الفتيا لا تخرج عن دائرة تنظيم الشورى أو الاجتهاد الجماعي، ليقوم بمهمة المراجعة والمتابعة، وصولاً إلى الرأي الحاسم الذي يجمع عليه العلماء أو جمهورهم.
ولأننا في عصر لا يقيم للأفكار والنظريات المجردة وزناً من حيث صحتها ووجوب الأخذ بها، وإنما يحكم على الأفكار بالصحة من خلال علاقتها بالواقع وتأثيرها فيه فإن الفكر الأصولي في جوهره فكر يتعامل مع الواقع، لأنه منهج الأحكام العملية. ولهذا كانت دراسة هذا الفكر على نحو يجمع بين الجانب النظري والجانب التطبيقي هي الدراسة التي تؤتي أكلها في ترسيخ المفاهيم وتوضيح المبادئ، وتوجيه العقل لخوض معركة الاستنباط والاجتهاد.
إن القضايا التي يحرر مدلولها في عبارة دقيقة تخاطب العقل لها وزنها العلمي، ولكن لو أضيف إلى هذه العبارة صورة تطبيقية تعبر عنها فإن مدلول القضية يصبح أوقع في النفس وأرضى للعقل، وأنفع في مجال التنظير والتطبيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولهذا كان من وسائل تجديد علم الأصول الربط بين قواعده والفروع العملية ما أمكن، حتى لا تصبح دراسة تلك القواعد غاية في ذاتها، فيلم من يدرسها دون أن يعرف كيف يستثمرها في استخراج حكم، أو توجيه رأي، أو دفع شبهة.
ولما كانت هذه الفروع من الواقع المعاصر كانت أكثر وقعاً وفاعلية، في جعل المنهج الفقهي أكثر ملائمة لاجتهاد عملي، مما لو كانت تلك الفروع تراثية. وللأسف فإن المؤلفات الأصولية المعاصرة ما زالت تعول في التمثيل للقضايا الأصولية على ما ورد في كتب السلف من الفقهاء من الفروع التطبيقية، وكأن الواقع الذي تعيشه الأمة الآن لا يعرف نوازل مختلفة لها أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخاصة، وهي أبعاد يحتاج الحكم فيها شرعاً إلى منهج جديد يعتمد الثوابت، ولا يجمد على المغيرات، أو يقوم على القطعيات ولا يهاب الخروج عن الظنيات.
والحاصل أن علم الأصول ينبغي أن نتجاوز به في عصرنا مرحلة الاجترار والتكرار إلى مرحلة التجديد والابتكار، حتى يكون الاجتهاد -لا سيما في القضايا العامة التي تواجهنا فيها مشكلات جمة- ناضجاً متطوراً، لا يقف عاجزاً أمام ما تتمخض عنه الحياة كل يوم من نوازل بحجة أن السابقين لم يتكلموا فيها، أو أنه لا يوجد لها شبه فيما اشتملت عليه كتب الفقه الموروثة من مسائل.
وتجديد هذا العلم ليس أمراً هيناً علمياً ونفسياً. أما علمياً فإن الجهود يجب أن تتضافر لوضع منهج جديد يخلص الأصول مما ليس منها، ويعطي المقاصد حقها من الاهتمام والدراسة، ويحرر القول تحريراً دقيقاً في كثير من طرق الاجتهاد ومناهجه، وما يتصل بقضايا تفسير النص وسبل فهمه، ويلغي ذلك الجدل الذي أملاه حب الخلاف أحياناً، والرياضة الذهنية غير المثمرة أحياناً أخرى، والتي شغف به العلماء في عصور الضعف والتراجع الحضاري للأمة.
وليست العبرة في وضع تصور نظري جديد للأصول، وإنما ينبغي أن يكون هذا التصور سبيلاً لعمل علمي يكون بداية جديدة في التأليف الأصولي.
أما الجانب النفسي فإن هناك لوناً من الخشية في الإقدام على تجديد كل ما له علاقة بالدين، حتى أن كلمة التجديد نفسها إذا وردت في معرض الحديث عن مسألة فقهية تقابل بالامتعاض خوفاً من أن تكون ذريعة للتحلل من أوامر الدين وشعائره شيئاً فشيئاً.
وفضلاً عن هذا تجنح النفس الإنسانية إلى أن تتشبث بالإقتداء بالموروث، وقد ترى في الانصراف عنه مروقاً من عقائد ومبادئ يجب الحفاظ عليها والاستمساك بها.
والتحليل العلمي للوقوف ضد التجديد والتطوير مهما تكن مظاهره يثبت أن تعطيل العقل من وراء مقاومة التجديد، وليس الأمر في جوهره احتراماً لتراث أو اعتصاماً بتقاليد وأعراف.
والانتصار على هذا الجانب النفسي يحتاج إلى شجاعة وثقة بالنفس، وإيمان بأن الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً للناس كافة يحض على إعمال العقل ومحاربة الجمود.
وقد سجل التاريخ أن كل دعاة الإصلاح والتجديد لم يسلموا من افتراءات الجامدين والمتنطعين، ولكن الظهور كُتب في النهاية لهؤلاء الدعاة، وباء الجمود بالبوار والخسران، وتلك سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
خاتمة
إن أهم ما انتهت إليه هذه الدارسة حول تجديد علم الأصول من نتائج علمية وما ترشد إليه من توصيات يمكن تلخيصه فيما يأتي:
أولاً: يمثل علم الأصول أصالة الفكر الإسلامي أصدق تمثيل، وقد سبق به فقهاء الإسلام كل فقهاء القانون في العالم، فلم يضع هؤلاء الفقهاء أصولاً للقانون إلا منذ نحو مائتي عام.
ثانياً: إن علم أصول الفقه يمثل عبر تاريخه الطويل مناهج المجتهدين، فالاختلاف بين المذاهب مردّه إلى اختلافات أصولية، فضلاً عن الأسباب الأخرى للاختلافات الفقهية، وإن كان كل ما صدر عن علماء الأصول يعبر في مجموعه عن الخصائص العامة لمنهج البحث التشريعي والفقهي الإسلامي.
ثالثاً: إن الدراسة الأصولية منذ القرن السادس لم تقدم جديداً، باستثناء ما قام به الشاطبي. أما الدراسات الحديثة في الأصول -على جدواها- فلم تقدم سوى مادة متوافرة في الكتب القديمة. فهذه الدراسات صياغة جديدة لآراء غير جديدة، ومن ثم كان التفاوت بينها في الشكل لا في المضمون، وفي التعبير والكم لا في التفكير والكيف.
رابعاً: إن الاجتهاد في علم الأصول ضرورة دينية وعلمية. فالأمة في حاجة ماسة إلى منهج أصولي جديد، يقوم على تناول الأدلة تناولاً يوضح كيفية دلالتها على الأحكام، مع دراسة المقاصد والقواعد بصورة موسعة وافية، والتخلي عن القضايا الهامشية، وتحرير القول في كثير من المسائل الخلافية، دون إغفال لهموم المجتمعات المسلمة المعاصرة حتى لا تكون المباحث الأصولية في واد والواقع الذي تنظر له في واد آخر.
وأما التوصيات التي ترشد إليها الدراسة فهي تدور في نطاق ما يأتي:
أولاً: إن البلبلة الفكرية التي تعاني منها الأمة الإسلامية في العصر الحديث من جراء الغزو الفكري من جهة، وبسبب عدم الفقه الصحيح بالمفاهيم والقيم الإسلامية من جهة أخرى، لا سبيل إلى إنقاذ الأمة منها إلا بمنهج علمي يعبر
عن مقاصد الإسلام ومهمته في الحياة.
ثانياً: إن وضع هذا المنهج الذي ينظم التفكير ويقود إلى الإبداع، ويمنع من التفرق والتنازع، ويحصر الاختلاف في الرأي في دائرته المحمودة، ويحمي طاقات الأمة أن تهدر أو تنفق فيما لا جدوى منه، إن كل ذلك مسئولية أهل الذكر من المفكرين والباحثين.
ثالثاً: إن المقصود بالمنهج هنا ليس هو المنهج الأصولي فحسب، وإنما يراد به معنى أوسع ليشمل كل ممارساتنا وأفعالنا، فنحن في واقعنا أمة بلا منهج في حوارنا وتخطيطنا العلمي والثقافي والسياسي والعمراني ... إلخ. ومن ثم كان تخلفنا الحضاري، فلا حضارة بغير منهج.
رابعاً: إن الاجتهاد الجماعي في كل المجالات، وبخاصة في مجال البحث الفقهي، هو السبيل الأمثل لتطوير ذلك المنهج وتطبيقه، ولهذا ينبغي تنظيم الاجتهاد حتى يسود المنهج العلمي بقيمه الإسلامية حياتنا فنظل بحق خير أمة أخرجت للناس.
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصدر ( http://www.eiiit.org/article_read.asp?articleID=306&catID=256&adad=265)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Feb 2006, 08:54 م]ـ
بارك الله فيك أبا حاتم، وسددك. وهناك كتاب قرأته قبل مدة قريبة، جدير بعنايتك إن لم تكن قد اطلعت عليه، يدور حول موضوع تجديد أصول الفقه. عنوانه:
تجديد علم أصول الفقه
تأليف
أبي الطيب مولود السريريِّ
وهو كتاب ليس بالكبير، يقع في 207 صفحات، طبع عام 1426هـ وصدر عن دار الكتب العلمية في بيروت، وهذه صورة غلافه ( http://www.tafsir.net/images/tajdeed.jpg) ، ولكنه مليء بأفكار جميلة، وتستحق التأمل والتطبيق، وليتني أرى له صدى في أقسام أصول الفقه حتى ننتفع بمثل هذه الطروحات العلمية، ولعلك إن كنت قد اطلعت عليه توافينا برأيك مشكوراً يا ابا حاتم.
أخي الكريم الأستاذ فهد الناصر. جزاك الله خيراً على هذا البحث المنقول المفيد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jul 2008, 03:08 ص]ـ
أرفع هذا الموضوع تقديراً لمحرره أبي حاتم حفظه الله ورعاه.
وأنتهز هذه المناسبة للتعبير عن سعادتي الغامرة بمقابلة أخي أبي حاتم في مكة هذا الأسبوع وهو بصحة جيدة ولله الحمد بعد الحادث الأليم الذي تعرض له في مكة حيث تعرض لحادث سير أدخله المستشفى وبقي طريح الفراش عدة أشهر. وهو الآن يتماثل للشفاء يوماً بعد يوم أسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية.
في مكة المكرمة صباح الخميس 14 رجب 1429هـ.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[17 Jul 2008, 07:04 ص]ـ
الله يمن عليه بالشفاء والعافية
وشكر الله لكم يا أباعبدالله
ـ[أبو هجير البيضاوي]ــــــــ[17 Jul 2008, 04:36 م]ـ
هلا أفدتنا شيخنا الكريم عبد الرحمان الشهري -ولو باقتضاب-عن كتاب حسن حنفي من النص إلى الواقع مادام أن الشيخ لم يطلع على الكتاب؟
ـ[أبو حاتم]ــــــــ[21 Jul 2008, 06:15 م]ـ
أرفع هذا الموضوع تقديراً لمحرره أبي حاتم حفظه الله ورعاه.
وأنتهز هذه المناسبة للتعبير عن سعادتي الغامرة بمقابلة أخي أبي حاتم في مكة هذا الأسبوع وهو بصحة جيدة ولله الحمد بعد الحادث الأليم الذي تعرض له في مكة حيث تعرض لحادث سير أدخله المستشفى وبقي طريح الفراش عدة أشهر. وهو الآن يتماثل للشفاء يوماً بعد يوم أسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية.
في مكة المكرمة صباح الخميس 14 رجب 1429هـ.
أشكر للشيخ الفاضل/ عبدالرحمن الشهري ..
على خلقه وتواضعه .. وعلى عباراته اللطيفة ودعواته الشريفة ..
والشيء من معدنه لا يستغرب ..
أسأل الله لي ولك العلم النافع ..(/)
ما الذي يريده الغرب منا: صحيفة سويدية تعلن عن مسابقة لرسم الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ[مرهف]ــــــــ[07 Feb 2006, 03:05 ص]ـ
نشر موقع المختصر على هذا الرابط http://www.almokhtsar.com/html/news/1087/30/49309.php هذا الخبر:
انضمت صحيفة سويدية إلى جريمة الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلنت عن إقامة مسابقة لرسم صور النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وذلك دعمًا لحرية التعبير بزعمها ولموقف الصحيفة الدانماركية "يولاندس بوستن" التي كانت أول من اقترف تلك الجريمة.
وقالت صحيفة " sd-kuriren" السويدية في مقال كتبه رئيس التحرير "ريتشارد جومشوف": حرية التعبير في السويد تتجاوز الحظر الإسلامي بشأن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم.
وأشارت الصحيفة إلى قيام صحيفة "يولاندس بوستن" الدانماركية بنشر 12 رسمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في 30 سبتمبر، واعتبرت الصحيفة تلك الجريمة التي اقترفتها "يولاندس بوستن" بأنها محاولة لتسليط الأضواء على التهديدات والمخاوف المتزايدة تجاه الإسلام، إضافة إلى دعم الكلمة الحرة – بزعمها - والنقاش المفتوح, والتأكيد على أن حرية التعبير تتجاوز الحظر الإسلامي بشأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم أشار رئيس التحرير في مقاله إلى الاحتجاجات والتظاهرات التي أقامها المسلمون احتجاجًا على ما قامت به الصحيفة الدانماركية وما تبع ذلك من مقاطعة اقتصادية والمطالبة بمحاكمة المسئولين عن هذه الجريمة.
وبعد ذلك أعلن رئيس تحرير الصحيفة عن دعمه لموقف الصحيفة الدانماركية وعزم صحيفته مواصلة حرية التعبير، ثم دعا كل من وصفهم بالمهتمين بحرية التعبير للمشاركة برسومات عن رسول الله محمد صلى الله عليه سلم، كما يتخيلونه.
وأوضح رئيس التحرير أن الصحيفة تستقبل هذه الرسومات على البريد الإلكتروني وعلى البريد العادي، مشيرًا إلى أن هذه الرسومات سوف تنشر في أعداد الصحيفة في شهر مارس.
هذا، وقد نشرت الصحيفة في موقعها على الإنترنت رسمًا زعمت أنه يمثل النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقالت الصحيفة: إن هذه هي أول الرسومات التي تتلقاها بعد دعوته تلك, وحثت الرسامين والفنانين على مزيد من المشاركة.) انتهى الخبر.
أقول:
طبعاً العاقل الآن من حقه أن يسأل: ما الذي يريده الغرب بهذه التصرفات، ولم يرتكب مثل هذه الحماقات، ولمصلحة من هذا الكبر والغطرسة؟.
أيها الأخوة لا ينبغي أن نستقبل هذه الأخبار بالعاطفة فنسب ونشتم وندعوا وكأننا لا نملك غير هذا ـ مع أنه حق ـ بل ينبغي أيضاً أن نفكر بعمق في المهمة التي يريد أن ينفذها الغرب، والغاية التي يريد أن يصل إليها، وأن نرسم لأنفسنا ولغيرنا برنامجاً عملياً لنقوم بشيء بقدر استطاعتنا، وعلى أقل الأمور أن نجيب على هذا السؤال: ما الذي يريد الغرب أن يصل إليه؟ ولماذا يقوم بهذه التصرفات؟ وماذا تقترح من برنامج عملي لنصرة دينك ونبيك؟
فهل من مجيب أرجوا ممن يقرأ هذه المشاركة أن يشارك برأيه لنستفيد ونسأل الله أن يلهمنا الرشد والعمل.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Feb 2006, 03:45 ص]ـ
أخي العزيز مرهف وفقه الله
الذي يبدو لي أن الأمر مدبر له، وأنه أكبر من مجرد رسام يريد أن يمارس حقه في حرية التعبير فحسب، أو صحيفة تغار على حرية التعبير فتتعرض لمثل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصورة المستفزة. والذي يبدو لي كذلك أن العقلاء في المجتمعات الغربية لا يؤيدون مثل هذه التصرفات، غير أن الأمور لا تكون دائماً في أيدي العقلاء في المجتمعات. وأظن مايحدث الآن من تداعيات لما صنعته الصحيفة الدانماركية - وخاصة في الغرب - سيتكشف شيئاً فشيئاً عن مخطط أكبر، وأبعد مدى يخطط للعالم الإسلامي، نسأل الله أن تكون عاقبته خيراً للمسلمين. وقد جعل الله في أعطاف هذه الحادثة خيراً كثيراً للمسلمين، فهو سبحانه لا يخلق شراً محضاً، فقد رأينا من مظاهر الولاء للنبي صلى الله عليه وسلم ولرسالته ما يثلج الصدر من المسلمين في جميع الأصقاع، وهذا يبشر بخير، ويدل على خير في أبناء هذه الأمة، وأتباع هذا النبي الكريم بأبي هو وأمي. كما أعاد الوعي المفقود أو المغيب لكثير منا، وتأمل قول الله تعالى: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ونظائرها في القرآن تجد عاقبة مكر الأعداء
(يُتْبَعُ)
(/)
يؤول إلى الخسران والتباب.
وقد جعلتني هذه الحادثة أتوقف عند كثير من الآيات التي تشير إلى الاستهزاء بالرسل والأنبياء والمصلحين، وما تعنيه تلك السخرية، وما تكفل الله به من نصرة أنبيائه ورسله، وتخصيصه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمزيد من الإكرام والنصرة والحفظ، فجعلتني هذه الحادثة وتداعياتها أنظر لمعاني هذه الآيات نظرة أخرى أرجو أن أوفق لطرحها في الملتقى إن شاء الله.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[07 Feb 2006, 09:26 م]ـ
أخي العزيز مرهف وفقه الله
الذي يبدو لي أن الأمر مدبر له، وأنه أكبر من مجرد رسام يريد أن يمارس حقه في حرية التعبير فحسب، أو صحيفة تغار على حرية التعبير ........................................... .. وأظن مايحدث الآن من تداعيات لما صنعته الصحيفة الدانماركية - وخاصة في الغرب - سيتكشف شيئاً فشيئاً عن مخطط أكبر، وأبعد مدى يخطط للعالم الإسلامي، نسأل الله أن تكون عاقبته خيراً للمسلمين .................
------------------------------------------------------------------
حدسك في محله يا أخي الفاضل، و ما بدا لك بدا لي، نسأل الله السلامة لنا و للمسلمين كافة، اللهم آمين.
إنهم - قاتلهم الله - يخططون و يدبّرون لحرب عالمية ثالثة، بغرض الإبادة الجماعية للمسلمين - أيا كانت مذاهبهم، و أينما كانوا و كانت بلادهم - و ينوون جعلها حربا نووية شاملة، يستخدمون فيها كل ما لديهم من أسلحة الدمار الشامل،
هكذا يخططون، و الله من ورائهم محيط، و حسبنا الله و نعم الوكيل.
* و هذا يتطلب منهم السعي لإيجاد حالة عداء عام، و كراهية شديدة لكل ما هو إسلامي، و اصطناع كل ما يسيء للإسلام و ينفّر شعوبهم منه و من المسلمين، و إلصاق تهم كاذبة بهم و اختلاق وقائعها،
فهم يعملون على ما يسمونه " تهيئة العالم للمجيء الثاني للمسيح " - عليه و على نبينا الصلاة و السلام،
و في اعتقادهم أنه سينزل بعد حرب نارية عامة بين أتباعه و بين أعدائه، و سيسبقها - عندهم - إعادة بناء " الهيكل " في القدس (محل المسجد الأقصى المبارك، حماه الله)، و هو ما يعملون و يشجعون و يساندون فيه الآن سرا و جهرا،
و قد مهَدوا لإثارة شعوبهم و الرأي العام عندهم بأحداث 11 سبتمبر المعروفة،و ألصقوها بالمسلمين، ثم تبعها ما سمي بالحرب العالمية على الإرهاب، التي قال عنها " بوش " إنها " الحملة الصليبية " العالمية الممتدة ..............
- و قد يستغرق الأمر أسابيع أو شهورا أو أعواما لبدء القيام بهذه الحرب العالمية النووية على بلاد اتلإسلام كافة، مجتمعة أو واحدة تلو الأخرى، و الله تعالى أعلم و أقدر، و بيده الأمر كله، و لكن هذا ما يلوح للمراقب و المتتبع للأحداث و للأقوال.
... و ما يجري حاليا و يدبرّ لإيران - سلمها الله و سلم بلاد المسلمين - قد يكون البداية لها، و ما الإصرار على تجريد أي دولة إسلامية من الرادع النووي إلا دليلا على ما يبيّتون
و عندي أنه ستكون هناك حرب عالمية عامة مدمرة - نووية أو غير نووية - تقضي على منجزات الحضارة الصناعية الحديثة تماما، و يعود البشر إلى استعمال الآلات القديمة في حياتهم،
و لا يكون ذلك إلا بانهيار تات لتلك الحضارة الصناعية الحديثة و دمار عام لكل منجزاتها،
و دليل هذا: الحرب بالسيوف و الخيول في آخر الزمان، على ما يفهم من أحاديث قتال المسيخ الدجال
- فماذا أعدَت بلادنا لمثل تلك الحرب النووية المتوقع - بل المرجح - وقوعها قريبا قريبا،
و هل أعددنا أنفسنا للجهاد و الاستشهاد في سبيل الله،
بل هل أعددنا أنفسنا للقاء الله عز و جل؟
{و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون}
ـ[سلسبيل]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:13 م]ـ
إنهم يريدون أن يتبعوا نهج أسلافهم سبحان الله الوجوه تتغير والمسميات ولكن العقليات واحده على مر الزمن .... لأن مصدرهم واحد وشيطانهم واحد وحيلهم قديمة جديده متكرره قال تعالى
(أتواصوا به بل هم قوم طاغون)
وهذا مقال للشيخ ناصر العمر حفظه الله بعنوان (حتى يتفرق دمه بين القبائل فيه اجابة شافيه لما يريده الغرب منا
((أ. د. ناصر بن سليمان العمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يكن يتصور المرء أن مؤامرة كفار قريش لقتل النبي _صلى الله عليه وسلم_ تعود مرة أخرى بهذه السرعة وبالمنوال نفسه وعلى أيدي الغربيين أعداء العرب والمسلمين، حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل.
يختلف الحدث والزمان والمكان وتتفق الحقائق "أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ" (الذريات:53).
لقد ابتدر أبو جهل تلك الفكرة الآثمة التي لم يبتدرها إبليس ولم يملك إلاّ أن يصفق لها قائلاً: "هذا هو الرأي"، فتآمروا قديماً على قتله -بأبي وأمي هو- وطلبوا من كل قبيلة أن تأتي برجل منهم حتى يتفرق دمه في القبائل –زعموا-.
واليوم وعندما تحمّلت الدنمارك كبر سبّ النبي _صلى الله عليه وسلم_، وكانت الوقفة المشرفة من الأمة ضد هذه الجريمة النكراء، وعندما بدأت تلك الدولة تترنح تحت وطأة آثار تلك الحملة، وبالذات المقاطعة الاقتصادية الشجاعة من لدن المسلمين، في دولة يعد ثدي البقرة أعظم من بئر نفط لدى ممالك النفط، هنا هبّ الغرب في وقفة آثمة مع هذه الدولة الباغية من أجل تفتيت تلك المقاطعة، (حتى يتفرق أثرها في تلك الدول بدل دولة واحدة)، وهنا يقول بعض المسلمين: لا طاقة لنا بمحاربة هؤلاء القوم جميعاً؛ لأسباب لا تخفى على ذي عينين وعقل وأذنين.
ولذا كان لا بد من التيقظ والحزم وعدم الاستسلام لتلك المؤامرة، وهذا يقتضي أن تحصر المقاطعة في الدولة التي أيقظت الفتنة وهي نائمة "لعن الله من أيقظها" مع الاستمرار في المقاطعة وتفعيلها؛ لأنها بدأت تؤتي أكلها بإذن ربها، يقول رئيس تحرير تلك الصحيفة الآثمة: "علي أني أقول وأنا أشعر بالعار: إنهم انتصروا"، فحذار من إتاحة الفرصة لتفتيت هذه الوقفة الشجاعة بالتعجل بالدعوة لمقاطعة هذه الدول كلها، وهذا ما يريد أن يجرنا إليه الغرب الحاقد؛ لأنه يعلم أن من يقاتل فرداً ليس كمن يقاتل عشرة، ويدرك أنه بالدعوة إلى مقاطعة تلك الدول سينبري أناس من بني جلدتنا ضد هذه المقاطعات؛ لأنها ستمس مصالحهم مباشرة، وهنا يدب الخلاف ويكثر النزاع، وتتحول المعركة ضد العدو إلى معركة داخلية، والنتيجة هي الفشل _لا سمح الله_ "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" [الأنفال: من الآية46].
ولا يعني هذا براءة تلك الدول، أو عدم استحقاقها للعقاب، كلاّ، ولكن السياسة الشرعية تقتضي التعامل بحكمة مع الحدث، وعدم تفتيت الجهود، أو الاندفاع العاطفي غير محسوب النتائج، أو الدخول في معركة لا نملك أدواتها.
وعندما نحصر الحرب في الدولة البادئة فلأنها هي التي تولت كبر الحدث والبادي أظلم، وهي التي سنت تلك السنة السيئة، فعليها وزرها ووزر من عمل بها، وعلى نفسها جنت براقش، فاجعلوها عبرة لمعتبر، تصديقاً لقوله _سبحانه_: "يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" [الحشر: من الآية2]، وتحقيقاً لقول الباري _تعالى_: "فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ" [الأنفال: من الآية57]، وسبيل النجاة يكمن في قوله _جل وعلا_: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا" [آل عمران: من الآية103].
وختاماً "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [آل عمران:200].
ـ[سالم خميس اليعقوبي]ــــــــ[09 Feb 2006, 11:56 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين أما بعد:
بدايةً إسمحوا لي أن أشارك معكم برأيي في هذا الطرح المبارك، وأقول رداً على تساؤلات الأخ مرهف حفظه الله: إن ما فعله هؤلاء التافهون من الغرب ومن يساندهم من كبرائهم تحت لواء إبليس عليهم من الله ما يستحقون قد يكون لسببين من وجهة نظري:
الأول: قد يكون غرضهم أن يشغلوا المسلمين بمثل هذه القضايا بين الفينة والأخرى، في حين يخلو الجو للبعض الآخر والأقوى المتمثل برأس الكفر بالانفراد بقضايا الأمة كالقضية الفلسطينية مثلاً وغيرها من القضايا ... .
الثاني: وقد يكون قياس لحماس المسلمين بعد أن جربوا وأدخلوا جميع وسائل الفساد التي أدخلوها إلى بلاد المسلمين والى بيوتهم بل وإلى غرف نومهم، وذلك من خلال الغزو الفكري الحديث القديم الذي بدأ بدخول الاسرائليات.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد كان حماس المسلمين تجاه هذا الدين منقطع النظير فانظروا إلى حال الصحابة الكرام عندما جاء الأعرابي وبال بناحية المسجد، فنهوه فكان رد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دعوه لا تزرموه، فبين له رسول الله أن المساجد لم تجعل لهذا.
كذلك حادثة عمر بن الخطاب مع عبدالله ابن أُبي عندما قال: سمِّن كلبك يأكلك والله لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال عمر دعني أضرب عنقه،-مع إختلاف الروايات- فكان جواب النبي –صلى الله عليه وسلم- دعهُ يا عمر لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
وكذلك قصة معاذ ومعوذ فقد كانا يبثان عن أبي جهل في المعركة ليقتلاه وذلك لأنهما سمعا من أمهما أنه كان يسب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
وغير هذا من النماذج كثير، فهم يريدون قياس هذا الحماس هل لا زال موجوداً أم أندثر وتأثر بغزوهم الفكري.
أما بشأن اقترح برنامج عملي فأقول:لعل أنجع برنامج هو الالتزام بالهدوء، وأن نتذكر قول الله تعالى:"ولا تسبوا الذين كفروا فيسبوا الله عدوا بغير علم " وقوله تعالى:"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلاهنا وإلاهكم واحد ونحن له مسلمون" [العنكبوت 46] ... " وهؤلاء ظلموا بفعلهم ولكن هذا لا يمنع أن نلتزم بالهدوء: ويجب علينا ما يلي:
- أن ندع البكاء والعويل فيما بيننا سواءٌ من خلال الشجب والإنكار وغيره لأن هذا يدور بيننا وبلغتنا ولا يصل إليهم، بل يجب أن ندخل عليهم من حيث دخلوا علينا، وهو أن نغزوهم فكرياً عبر – سلاحهم – القنوات الفضائية لكن وفق منهج الكتاب والسنة، وبلغتهم حتى تصل الفكرة إليهم، وذلك من خلال إظهار محاسن الإسلام، وفضائله، وفضائل رسول الله – صلى الله عليه وسلم--.
- أن نقاطع ما حرم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- من الكبائر والمنكرات أولاً، بأن نطهر نفوسنا ومجتمعاتنا حتى نستحق أن نكون أمة منصورة بإذن الله، ونستحق إجابة الدعوة.
- أن يساهم المغتربون، بإظهار تعاليم الإسلام من خلال سلوكهم وأخلاقهم، ولا يتشبهوا بالقوم، لأن في ذلك إظهار للضعف والاستلام لهم، والالتحاق بركبهم - الهزيمة النفسية- ونتمثل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم-: " من قال هلك الناس فهو أهلَكهم، أو هو أهلُكهم.أو كما قال - صلى الله عليه وسلم-
وأخيراً أقول: إن هؤلاء المجربون عندما رأوا حماس المسلمين لا يزال باقياً نحو دفاعهم عن مقدساتهم "اليوم يئس الذين كفروا من دينكم" وأيقنوا أنه لا سبيل لهم لإضعاف عقيدة المسلمين تجاه خالقهم المعبود، ورسولهم المنصور، وكتابهم المحفوظ، والحمد لله رب العالمين من قبل ومن بعد، ولعل هذه الحادثة كانت سبباً في رجوع كثيراً من المسلمين إلى التمسك والإقتداء بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-- ولنعلم أن هذا الدين منصور بإذن الله، وإن نبينا منصور كذلك من قبل الله وكفى بالله ناصراً "ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاءُ وهو العزيز الرحيم" [الروم 4 - 5].
وأعتذر على الإطالة، هذا والله أعلم وأجل، فما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطاءٍ أو سهوٍ أو نسيانٍ فمني ومن الشيطان. سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك.
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Feb 2006, 02:15 ص]ـ
الأخوة: د عبد الرحمن، ود أبا بكر، والأخ سلسبيل وسالم:
جزاكم الله خيراً لمروركم على الموضوع وتعليقكم هذا الذي استفدت منه، وأردت أن أشارككم الرأي ولكن بوجهة نظر أخرى، وهي أن المتتبع لممارسات الغرب بشكل عام اتجاه المسلمين سواء في كتاباتهم الاستشراقية أو في تصرفاتهم السياسية نحو الإسلام والمسلمين والأفكار التي يطرحونها ويفرضونها على مجتمعنا نجدهم يحاولون صياغة الإسلام بما فيه من معتقدات وأفكار، وصياغة المسلمين عن طريق ذلك بما يسمى بالأوربة أو التغريب، وقد عبر أحد الباحثين الحاقدين الذين سمعتهم على قناة فضائية ولم أحفظ اسمه: إنني أطالب أوربا بأن تجعل الإسلام أوربياً لا أن تكون أوربا مسلمة وطبعاً لهذه الكلمة دلالاتها وهي وجهة السياسة الأوربية في العالم الإسلامي من الناحية الثقافية والاجتماعية.
فهذه نقطة وللكلام بقية.(/)
كتاب العقيدة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه وجزاه عنا وعن الإسلام خيرا
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[07 Feb 2006, 04:08 ص]ـ
كتاب العقيدة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه وجزاه عنا وعن الإسلام خيرا.
رواية مسدد بن مسرهد
روى القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن الحسين بن خلف الفراء في الطبقات والحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي في كتابه مناقب الإمام أحمد وذكر القاضي برهان الدين إبراهيم بن مفلح في كتابه المقصد الأرشد أن أبا بكر أحمد بن محمد البردعي التميمي قال لما أشكل على مسدد بن مسرهد أمر الفتنة يعني في القول بخلق القرآن وما وقع فيه الناس من الاختلاف في القدر والرفض والاعتزال وخلق القرآن والإرجاء كتب إلى أحمد بن حنبل أن أكتب إلي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ورد الكتاب على أحمد بن حنبل بكى وقال إنا لله وإنا إليه راجعون يزعم هذا البصري أنه قد انفق على العلم مالا عظيما وهو لا يهتدي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الذي جعل في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى وينهونه عن الردى ويحيون بكتاب الله الموتى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجهالة والردى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن آثارهم على الناس ينفون عن دين الله عز وجل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الضالين الذين عقدوا ألوية البدع وأطلقوا عنان الفتنة مخالفين في الكتاب يقولون على الله وفي الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا في كتابه بغير علم فنعوذ بالله من كل فتنة مضلة وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما،
أما بعد وفقنا الله وإياكم لكل ما فيه رضاه وطاعته وجنبنا وإياكم ما فيه سخطه واستعملنا وإياكم عمل الخاشعين له العارفين به الخائفين منه فإنه المسؤول ذلك.
وأوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم ولزوم السنة والجماعة فقد علمتم ما حل بمن خالفها وما جاء فيمن اتبعها فإنه بلغنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال إن الله ليدخل العبد الجنة بالسنة يتمسك بها، وآمركم أن لا تؤثروا على القرآن شيئا فإنه كلام الله وما تكلم الله به فليس بمخلوق وما أخبر به عن القرون الماضية فليس بمخلوق وما في اللوح المحفوظ وما في المصحف وتلاوة الناس وكيفما وصف فهو كلام الله غير مخلوق فمن قال مخلوق فهو كافر بالله العظيم ومن لم يكفره فهو كافر ثم من بعد كتاب الله سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والحديث عنه وعن المهديين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعدهم والتصديق بما جاءت به الرسل وابتاع السنة نجاة وهي التي نقلها أهل العلم كابرا عن كابر.
واحذروا رأي جهم فإنه صاحب رأي وكلام وخصومات.
وأما الجهمية فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم قالوا إن الجهمية افترقت ثلاث فرق فقالت طائفة منهم القرآن كلام الله وهو مخلوق وقالت طائفة القرآن كلام الله وسكتت وهي الواقفة الملعونة وقالت طائفة منهم ألفاظنا بالقرآن مخلوقة فهؤلاء كلهم جهمية كفار يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا.
وأجمع من أدركنا من أهل العلم على أن من هذه مقالته إن لم يتب لم يناكح ولا يجوز قضاؤه ولا تؤكل ذبيحته.
والإيمان قول وعمل يزيد وينقص زيادته إذا أحسنت ونقصانه إذا أسأت.
ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام فإن تاب رجع إلى الإيمان ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله العظيم أو برد فريضة من فرائض الله جاحدا لها فإن تركها كسلا أو تهاونا بها كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.
وأما المعتزلة فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم يكفرون بالذنب ومن كان منهم كذلك فقد زعم أن آدم كان كافرا وأن إخوة يوسف حين كذبوا أباهم عليه السلام كانوا كفارا.
وأجمعت المعتزلة على أن من سرق حبة فهو كافر وفي لفظ في النار تبين منه امرأته ويستأنف الحج إن كان حج فهؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة كفار وحكمهم ألا يكلموا ولا يناكحوا ولا تؤكل ذبائحهم ولا تقبل شهادتهم حتى يتوبوا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما الرافضة فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم قالوا إن علي بن أبي طالب أفضل من أبي بكر الصديق وإن إسلام علي كان أقدم من إسلام أبي بكر فمن زعم أن عليا بن أبي طالب أفضل من أبي بكر فقد رد الكتاب والسنة يقول الله تعالى محمد رسول الله والذين معه الآية فقدم الله أبا بكر بعد النبي ولم يقدم عليا وقال النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن الله قد اتخذ صاحبكم خليلا يعني نفسه ولا نبي بعدي.
ومن زعم أن إسلام علي كان أقدم من إسلام أبي بكر فقد أخطأ لأن أبا بكر أسلم وهو يومئذ ابن خمس وثلاثين سنة وعلي يومئذ ابن سبع سنين لم تجر عليه الأحكام والحدود والفرائض.
ونؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره وحلوه ومره من الله وأن الله خلق الجنة قبل خلق الخلق وخلق لها أهلا ونعيمها دائم فمن زعم أنه يبيد من الجنة شيء فهو كافر وخلق النار قبل خلق الخلق وخلق لها أهلا وعذابها دائم وأن الله يخرج أقوما من النار بشفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأن أهل الجنة يرون ربهم بأبصارهم لا محالة.
وأن الله كلم موسى تكليما واتخذ إبراهيم خليلا.
والميزان حق والصراط حق والأنبياء حق وعيسى ابن مريم عبد الله ورسوله وكلمته
والايمان بالحوض والشفاعة والايمان بالعرض والكرسي والايمان بملك الموت وأنه يقبض الأرواح ثم ترد إلى الأجساد في القبور ويسألون عن الإيمان والتوحيد والرسل
والإيمان بمنكر ونكير وعذاب القبر والإيمان بالنفخ في الصور والصور قرن ينفخ فيه اسرافيل.
وأن القبر الذي هو بالمدينة قبر النبي صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر وعمر وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى ابن مريم إلى الأرض فيقتله بباب لد وما أنكرته العلماء من أهل السنة من الشبهة فهو منكر.
واحذروا البدع كلها ولا عين تطرف بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من أبي بكر ولا عين تطرف بعد أبي بكر أفضل من عمر ولا بعد عمر عين تطرف أفضل من عثمان ولا بعد عثمان بن عفان عين تطرف أفضل من علي ابن أبي طالب
قال أحمد كنا نقول أبو بكر وعمر وعثمان ونسكت عن علي حتى صح لنا حديث ابن عمر بالتفضيل
قال أحمد هم والله الخلفاء الراشدون المهديون
وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح فمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها
ورفع اليدين في الصلاة زيادة في الحسنات والجهر ب آمين عند قول الإمام ولا الضالين والصلاة على من مات من أهل هذه القبلة وحسابهم على الله عز وجل والخروج مع كل إمام خرج في غزوة وحجة والصلاة خلف كل بر وفاجر صلاة الجمعة والعيدين والدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح ولا نخرج عليهم بالسيف ولا نقاتل في الفتنة ولا نتألى على أحد من المسلمين أن يقول فلان في الجنة وفلان في النار إلا العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة
والكف عن مساوىء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثوا بفضائلهم وأمسكوا عما شجر بينهم
ولا تشاور أهل البدع في دينك ولا ترافق أحدا منهم في سفرك وصفوا الله بما وصف به نفسه وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه واحذروا الجدال مع أصحاب الأهواء
ولا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل والمتعة حرام إلى يوم القيامة والتكبير على الجنائز أربع فإن كبر الإمام خمسا فكبر معه كفعل علي بن أبي طالب قال عبد الله بن مسعود كبر ما كبر إمامك قال أحمد خالفني الشافعي فقال إن زاد على أربع تكبيرات تعاد الصلاة واحتج علي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فكبر أربعا وفي رواية صلى على النجاشي فكبر أربعا
والمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة وصلاة الليل والنهار مثنى مثنى ولا صلاة قبل العيد وإذا دخلت المسجد فلا تجلس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد والوتر ركعة والاقامة فرادى أحبوا أهل السنة على ما كان منهم
أماتنا الله وإياكم على الإسلام والسنة ورزقنا وإياكم العلم ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
هذا آخر ما اتصل بنا مما كتبه الإمام إلى مسدد رحمهما الله تعالى.
رواية محمد بن حميد الأندراني:
(يُتْبَعُ)
(/)
روى الحافظ ابن الجوزي والقاضي ابو يعلى في طبقاته وبرهان الدين مفلح في المقصد الأرشد عن محمد بن حميد الأندراني عن الإمام أحمد أنه قال:
صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأقر بجميع ما أتت به الأنبياء والرسل وعقد قلبه على ما أظهر لسانه ولم يشك في إيمانه ولم يكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب وأرجأ ما غاب عنه من الأمور إلى الله عز وجل وفوض أمره إلى الله ولم يقطع بالذنوب العصمة من عند الله وعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره والخير والشر جميعا ورجا لمحسن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتخوف على مسيئتهم ولم ينزل أحدا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الجنة بالإحسان ولا النار بذنب اكتسبه حتى يكون الله الذي ينزل خلقه كيف يشاء وعرف حق السلف الذين اختارهم الله لصحبه نبيه وقدم أبا بكر وعمر وعثمان وعرف حق علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن وعوف وسعد بن أبي وقاص وسعد بن زيد بن عمرو ابن نفيل على سائر الصحابة فإن هؤلاء التسعة الذين كانو مع النبي صلى الله عليه وسلم على جبل حراء فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد والنبي صلى الله عليه وسلم عاشرهم وترحم على جميع أصحاب محمد صغيرهم وكبيرهم وحدث بفضائلهم وأمسك عما شجر بينهم.
وصلاة العيدين والخسوف والجمعة والجماعات مع كل أمير بر أو فاجر والمسح على الخفين في السفر والحضر والقصر في السفر.
والقرآن كلام الله وتنزيله وليس بمخلوق.
والإيمان قول وعمل يزيد وينقص والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى آخر عصابة يقاتلون الدجال لا يضرهم جور جائر.
والشراء والبيع حلال إلى يوم القيامة على حكم الكتاب والنسة.
والتكبير على الجنائز أربع.
والدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح ولا تخرج عليهم بسيفك ولا تقاتل في فتنة والزم بيتك.
والإيمان بعذاب القبر والإيمان بمنكر ونكير والإيمان بالحوض والشفاعة والإيمان بأن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى والإيمان بأن الموحدين يخرجون من النار بعدما امتحشوا كما جاءت الأحاديث في هذه الأشياء عن النبي صلى الله عليه وسلم نؤمن بتصديقها ولا نضرب لها الأمثال.
هذا ما اجتمع عليه العلماء في جميع الآفاق انتهت رواية الأندراني.
رواية عبدوس بن مالك العطار:
هو عبدوس بن مالك العطار أبو محمد
ذكره أبو بكر الخلال فقال كانت له عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل منزلة في هدايا وغير ذلك وله به انس شديد وكان يقدمه وقد روى عن أبي عبد الله مسائل لم يروها غيره ولم تقع إلينا كلها مات ولم تخرج عنه.
مراجع ترجمته
تاريخ بغداد 11115 2 طبقات الحنابلة لأبن أبي يعلى الترجمة 338
المنهج الأحمد لتراجم أصحاب الإمام أحمد 1435 436
رواية الحسن بن اسماعيل الربعي
هو الحسن بن إسماعيل الربعي روى عن إمامنا أشياء منها هذه الرسالة ومنها:
قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل وأنا أسمع كم يكفي الرجل من الحديث حتى يمكنه أن يفتي يكفيه مائة ألف قال لا قيل أربعمائة ألف قال لا قيل خمسمائة ألف قال أرجو.
مراجع ترجمته:
طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ترجمة 160
المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد 1386 387
أخرج أبو يعلى في الطبقات والحافظ ابن الجوزي في المناقب وذكر البرهان ابن مفلح في الطبقات عن الحسن بن إسماعيل الربعي أنه قال قال لي أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والصابر لله عز وجل تحت المحنة.
أجمع تسعون رجلا من التابعين وأئمة المسلمين وأئمة السلف وفقهاء الأمصار على أن السنة التي توفي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أولها الرضى بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره والصبر تحت حكمة والأخذ بما أمر الله به والنهي عما نها الله عنه وإخلاص العمل لله والإيمان بالقدر خيره وشره وترك المراء والجدال والخصومات في الدين والمسح على الخفين والجهاد مع كل خليفة بر وفاجر والصلاة على من تاب من أهل القبلة والإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والقرآن كلام الله منزل على قلب نبيه صلى الله عليه وسلم غير مخلوق من حيث تلي والصبر تحت لواء السلطان على ما كان منه من عدل أو جور ولا نخرج على الأمراء بالسيف وإن جاروا ولا تكفر أحدا من أهل التوحيد وإن عملوا بالكبائر والكف عما
(يُتْبَعُ)
(/)
شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ابن عم رسول الله والترحم على جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأولاده وأصهاره رضوان الله عليهم أجمعين فهذه هي السنة الزموها تسلموا أخذها بركة وتركها ضلالة.
رواية أحمد بن جعفر بن يعقوب الاصطخري
هو أحمد بن جعفر بن يعقوب بن عبد الله أبو العباس الاصطخري
مراجع ترجمته
طبقات الحنابلة ترجمة 9 2 المنهج الأحمد 1352
وروى أبو يعلى في ترجمته أحمد بن جعفر بن يعقوب الفارسي الأصطخري عنه رسالة مطولة عن الإمام أحمد ونحن ننقلها هنا وإن كان فيها تكرير لما مضى فإن المكرر أحلى.
قال الاصطخري قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل
هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق.
فكان قولهم إن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة والإيمان يزيد وينقص ويستثنى في الإيمان غير أن لا يكون الإستثناء شكا إنما هي سنة عند العلماء ماضية
قال وإذا سئل الرجل أمؤمن أنت فإنه يقول أنا مؤمن إن شاء الله أو مؤمن أرجو أو يقول آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله.
ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجىء ومن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فقد قال بقول المرجئة ومن لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجىء ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل والملائكة فهو مرجىء قال ومن زعم أن المعرفة تنفع في القلب لا يتكلم بها فهو مرجىء قال والقدر خيره وشره قليلة وكثيرة وظاهره وباطنه وحلوه ومره ومحبوبه ومكروهه وحسنه وقبيحه وأوله وآخره من الله قضاء خطاه وقدرا قدرهم عليهم لا يعدو أحد منهم مشيئة الله عز وجل ولا يجاوزه قضاءه بل كلهم صائرون إلى ما خلقهم له واقفون فيما قدر عليهم لأفعاله وهو عدل منه عز وجل.
والزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المال الحرام والشرك بالله والمعاصي كلها بقضاء و قدر من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة بل الله الحجة البالغة على خلقه لا يسال عما يفعل وهم يسألون وعلم الله تعالى ماض في خلقه بمشيئة منه قد علم من إبليس ومن غير وممن عصاه من لدن أن عصي تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة المعصية وخلقهم لها وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها وكل يعمل لما خلق له وصائر إلى ما قضى عليه وعلم منه لا يعدو أحد منهم قدر الله ومشيئته والله الفاعل لما يريد الفعال لما يشاء ومن زعم أن الله شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعات وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والمعصية فعملوا على مشيئتهم فقد زعم أن مشيئة العباد وأغلظ من مشيئة الله تبارك وتعالى فأي افتراء أكبر على الله عز وجل من هذا.
ومن زعم أن الزنا ليس بقدره قيل له أرأيت هذه المرأة إن حملت من الزنا وجاءت بولد هل شاء الله أن يخلق هذا الولد وهل مضى في سابق علمه فإن قال لا فقد زعم أن مع الله خالقا وهذا هو الشرك صراحا.
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام ليس بقضاء وقدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره وهذا اصراح قول المجوسية بل أكل رزقه وقضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله.
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز وجل فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله وأي كفر أوضح من هذا بل ذلك بقضاء الله عز وجل وذلك بمشيئته في خلقه وتدبيره فيهم وما جرى من سابق علمه فيهم وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدرة والمشيئة على الصغر والظمأ.
ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبيرة أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي نصدقه ونعلم أنه كما جاء ولا تنصر الشهادة والخلافة في قريش ما بقي من الناس إثنان ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها ولا يخرج عليهم ولا يقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة.
والجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل.
(يُتْبَعُ)
(/)
والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وإن لم يكونوا بررة ولا أتقياء ولا عدولا ودفع الصدقات والخراج والأعشار والفيء والغنائم إلى الأمراء عدلوا فيها أم جاروا والإنقياد إلى من ولاه الله أمركم لا تنزعوا يدا من طاعته ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك خرجا ومخرجا ولا تخرج على السلطان وتسمع وتطيع ولا تنكث بيعة فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة وإن أمرك السلطان بأمر هو لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه.
والإمساك في الفتنة سنة ماضية واجب لزومها فإن ابتليت فقدم نفسك دون دينك ولا تعن على الفتنة ولو بلسان ولكن اكفف يدك ولسانك وهواك والله المعين.
والكف عن أهل القبلة ولا تكفر أحدا منهم بذنب ولا تخرجه من الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك فيروي الحديث كما جاء وكما روي ونصدقه ونقبله ونعلم أنه كما روي نحو ترك الصلاة وشرب الخمر وما أشبه ذلك أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر والخروج من الإسلام فاتبع الأثر في ذلك ولا تجاوزه.
والأعور الدجال خارج لا شك في ذلك ولا ارتياب وهو أكذب الكاذبين.
وعذاب القبر حق يسأل العبد عن دينه وعن ربه وعن الجنة وعن النار ومنكر ونكير حق وهما فتانا القبر فنسأل الله الثبات.
وحوض محمد صلى الله عليه وسلم حق ترده أمته وله انية يشربون بها منه.
والصراط حق وضع على سواء جهنم ويمر الناس عليه والجنة من وراء ذلك نسأل الله السلامة
والميزان حق توزن به الحسنات والسيئات كما شاء الله أن توزن والصور حق ينفخ فيه إسرافيل فيموت الخلق ثم ينفخ فيه الأخرى فيقومون لرب العالمين.
والحساب والقضاء والثواب والعقاب والجنة والنار واللوح المحفوظ تستنسخ فيه أعمال العباد لما سبق فيه من المقادير والقضاء والقلم حق كتب الله به مقادير كل شيء وأحصاه في الذكر تبارك وتعالى.
والشفاعة يوم القيامة حق يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار ويخرج قوم من النار بعد ما دخلوها بشفاعة الشافعين ويخرج قوم من النار بعدما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار وقوم يخلدون فيها أبدا أبدا وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله عز وجل ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار وقد خلقت الجنة وما فيها والنار وما فيها خلقهما الله عز وجل وخلق الخلق لهما ولا يفنيان ولا يفني ما فيهما أبدا فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز وجل كل شيء هالك إلا وجهه ونحو هذا من متشابه القرآن قيل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا.
والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة ولا عند النفخة ولا أبدا لأن الله عز وجل خلقهن للبقاء لا للفناء ولم يكتب عليهن أطوت فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع وقد ظل عن سواء السبيل وخلق سبع سماوات بعضها فوق بعض وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمس مئة عام وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمس مئة عام والماء فوق السماء العليا السابعة وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء والله عز وجل على العرش والكرسي موضع قدميه وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى وما في قعر البحار ومنبت كل شعرة وشجرة وكل زرع وكل نبات ومسقط كل ورقة وعدد كل كلمة وعدد الحصى والرمل والتراب ومثاقيل الجبال وأعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم ويعلم كل شيء لا يخفى عليه من ذلك شيء وهو على العرش فوق السماء السابعة ودونه حجب من نار ونور وظلمة وما هو أعلم بها.
فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل وهو معكم أينما كنتم وبقوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ونحو هذا من متشابه القرآن فعل إنما يعني بذلك العلم لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله وهو بائن في خلقه لا يخلو من علمه مكان ولله عز وجل عرش وللعرش حملة يحملونه والله عز وجل على عرشه وليس له حد والله أعلم بحده والله عز وجل سميع لا يشك بصير لا يرتات عليهم لا يجهل جواد ولا يبخل حليم لا يعجل حفيظ لا ينسى يقظان لا يسهو قريب لا يغفل يتحرك ويتكلم وينظر ويبسط ويضحك ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويغضب ويسخط ويرحم ويعفو ويعطي ويمنع ونبذل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف
(يُتْبَعُ)
(/)
يشاء ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ويوعيها ما أراد وخلق آدم بيده على صورته والسماوات والأرض يوم القيامة في كفه ويضع قدمه في النار فتزوي ويخرج قوما من النار بيده.
وينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم ويتجلى لهم فيعطيهم وتعرض عليه العباد يوم القيامة ويتولى حسابهم بنفسه ولا يلي ذلك غيره عز وجل.
والقرآن كلام الله تكلم به ليس بمخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأول ومن زعم أن ألفاظنا به وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي ومن لم يكفر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم وكلم الله موسى تكليما من فيه وناوله التوراة من يده إلى يده ولم يزل الله عز وجل متكلما فتبارك الله أحسن الخالقين والرؤيا من الله عز وجل وهي حق وإذا رأى صاحبها شيئا في منامه ما ليس هو ضغث فقصها على عالم وصدق فيها وأولها العالم على أصل تأويلها الصحيح ولم يحرف أن لرؤيا تأويلها حينئذ حق وقد كانت الرؤيا من الأنبياء عليهم السلام وحيا فأي جاهل أجهل ممن لطعن في الرؤيا ويزعم أنها ليست بشيء وبلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن رؤيا المؤمن كلام لكل الرب عبده وقال إن الرؤيا من الله عز وجل وبالله التوفيق.
ومن الحجة الواضحة الثابتة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين ولكن عن ذكر مساويهم التي شجرت بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدا منهم أو تنقص أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب واحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا بل حبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة وخير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر بعد أبي بكر وعثمان بعد عمر وعلي بعد عثمان ووقف قوم على عثمان وهم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بغيب ولا بنقض فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستثيبه فإن تاب قبل منه وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده في الحبس حتى يموت أو يراجع.
ونعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها ونحبهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فإن حبهم إيمان وبغضهم نفاق.
ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون لها فضل فإن لهم بدعة ونفاقا وخلافا.
ومن حرم من المكاسب والتجارات وطيب المال من وجهه فقد جهل وأخطأ وخالف بل المكاسب من وجهها حلال قد أحلها الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم والرجل ينبغي له أن يسعى على نفسه وعياله من فضل ربه فإن ترك ذلك على أنه لا يرى الكسب فهو مخالف وكل أحد أحق بماله الذي ورثه واستفادة أو أوصى به أو كسبه لا كما يقول المتكلمون المخالفون.
والدين إنما هو كتاب الله عز وجل وآثار وسنن وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة يصدق بعضها بعضا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم والتابعين وتابع التابعين أو عن بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم المتمسكين بالسنة والمعلقين بالآثار لا يعرفون بدعة ولا يطعن فيهم بكذب ولا يرمون بخلاف وليسوا أصحاب قياس ولا رأي لأن القياس في الدين باطل والرأي كذلك أبطل منه وأصحاب الرأي والقياس في الدين مبتدعة ظلال إلا أن يكون في ذلك أثر عمن سلف من الأئمة الثقات ومن زعم أنه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه أحدا فهو قول فاسق عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما يريد بذلك إبطال الأثر وتعطيل العلم والسنة والتفرد بالرأي والكلام والبدعة والخلاف وهذه المذاهب والأقاويل التي وضعت مذاهب أهل السنة والجماعة والآثار وأصحاب الروايات وحملة العلم الذين أدركناهم وأخذنا عنهم الحديث وتعلمنا منهم السنن وكانوا أئمة معروفين ثقات أصحاب صدق يقتدى بهم ويؤخذ عنهم ولم يكونوا أصحاب بدعة ولا خلاف ولا تخليط وهو قول أئمتهم وكلمائهم الذين كانوا قبلهم فتمسكوا بذلك رحمكم الله
(يُتْبَعُ)
(/)
وتعلموه وبالله التوفيق.
بسم الله الرحمن الرحيم
{نص اعتقاد الإمام أحمد بن حنبل}
أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو محمد المبارك بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد المعروف بابن الطباخ البغدادي رحمه الله في الدنيا والآخرة إجازة قال حدثنا شيخنا الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن الناصر بن محمد بن محمد بن علي البغدادي بها قال أخبرنا الإمام جمال الإسلام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال أخبرنا عمي أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي بجميع هذا الاعتقاد وقال جملة اعتقاد أحمد بن حنبل رضي الله عنه والذي كان يذهب إليه.
مجمل الاعتقاد
إن الله عز وجل واحد لا من عدد لا يجوز عليه التجزؤ ولا القسمة وهو واحد من كل جهة وما سواه واحد من وجه دون وجه وأنه موصوف بما أوجبه السمع والاجماع وذلك دليل إثباته وأنه موجود.
قال احمد بن حنبل رضي الله عنه من قال إن الله عز وجل لم يكن موصوفا حتى وصفه الواصفون فهو بذلك خارج عن الدين.
توحيد الله
وبيان ذلك أن يلزمه أن لا يكون واحدا حتى وحده الموحدون وذلك فاسد.
الله قادر حي عالم
وعنده أنه قد ثبت أن الله تعالى قادر حي عالم وقرأ هو الحي لا إله إلا هو وكان الله على كل شيء مقتدرا وكان الله بكل شيء عليما.
صفته تعالى السميع العليم
قال وفي صفات الله تعالى ما لا سبيل إلى معرفته إلا بالسمع مثل قوله تعالى وهو السميع البصير فبان بإخباره عن نفسه ما اعتقدته العقول فيه وأن قولنا سميع بصير صفة من لا يشتبه عليه شيء كما قال في كتابه الكريم ولا تكون رؤية إلا ببصر يعني من المبصرات بغير صفة من لا يغيب عليه ولا عنه شيء وليس ذلك بمعنى العلم كما يقوله المخالفون ألا ترى إلى قوله تعالى لموسى إنني معكما أسمع وأرى قال وقوله تعالى وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم يدل على أن معنى السميع غير معنى العليم وقال قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وقال عليه السلام سبحان من وسع سمعه الأصوات ومعنى ذلك من قوله أنه لو جاز أن يسمع بغير سمع جازها أن يعلم بغير علم وذلك محال فهو عالم بعلم سميع بسمع.
وجه الله تعالى
ومذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أن لله عز وجل وجها لا كالصور المصورة والأعيان المخططة بل وجهة وصفه بقوله {كل شيء هالك إلا وجهه} ومن غير معناه فقد ألحد عنه وذلك عنده وجه في الحقيقة دون المجاز ووجه الله باق لا يبلى وصفة له لا تفنى ومن ادعى أن وجهه نفسه فقد ألحد ومن غير معناه فقد كفر وليس معنى وجه معنى جسد عنده ولا صورة ولا تخطيط ومن قال ذلك فقد ابتدع.
اليدان
وكان يقول إن لله تعالى يدان وهما صفة له في ذاته ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين ولا جسم ولا جنس من الأجسام ولا من جنس المحدود والتركيب والأبعاض والجوارح ولا يقاس على ذلك لا مرفق ولا عضد ولا فيما يقتضي ذلك من إطلاق قولهم يد إلا ما نطق القرآن به أو صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة فيه قال الله تعالى بل يداه مبسوطتان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلتا يديه يمين وقال الله عز وجل ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي وقال والسماوات مطويات بيمينه ويفسد أن تكون يده القوة والنعمة والتفضل لأن جمع يد أيد وجمع تلك أياد ولو كانت اليد عنده القوة لسقطت فضيلة آدم وثبتت حجة إبليس.
علم الله
وكان يقول إن لله تعالى علما وهو عالم بعلم لقوله تعالى وهو بكل شيء عليم وبقوله ولا يحيطون بشيء من علمه وذلك في القرآن كثير وقد بينه الله عز وجل بيانا شافيا بقوله عز وجل لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه وقال فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما أنزل بعلم الله وقال فلنقصن عليهم بعلم وهذا يدل على أنه عالم بعلم وأن علمه بخلاف العلوم المحدثة التي يشوبها الجهل ويدخلها التغير ويلحقها النسيان ومسكنها القلوب وتحفظها الضمائر ويقومها الفكر وتقويها المذاكرة.
وعلم الله تعالى بخلاف ذلك كله صفة له لا تلحقها آفة ولا فساد ولا إبطال وليس بقلب ولا ضمير وإعتقاد ومسكن ولا علمه متغاير ولا هو غير العالم بل هو صفة من صفاته ومن خالف ذلك جعل العلم لقبا لله عز وجل ليس تحته معنى محقق وهذا عند أحمد رضي الله عنه 52 ب خروج عن الملة.
قدرة الله
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان يقول إن لله تعالى قدرة وهي صفة في ذاته وأنه ليس بعاجز ولا ضعيف لقوله عز وجل وهو على كل شيء قدير وقوله تعالى قل هو القادر على أن يبعث عليكم وبقوله فقدرنا فنعم القادرون وبقوله تعالى أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وبقوله تعالى ذو القوة المتين فهو قدير وقادر وعليم وعالم ولا يجوز أن يكون قديرا ولا قدرة له ولا يجوز أن يكون عليما ولا علم له.
إرادة الله
وكان يقول إن الله تعالى لم يزل مريدا والإرادة صفة له في ذاته خالف بها من لا إرادة له والإرادة صفة مدح وثناء لأن كل ذات لا تريد ما تعلم أنه كائن فهي منقوصة والله تعالى مريد لكل ما علم أنه كائن وليست كإرادات الخلق وقد أثبت ذلك لنفسه فقال إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقال تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فلو كانت إرادته مخلوقة كانت مرادة بإرادة أخرى وهذا ما لا يتناهى وذلك في القرآن كثير وقد دلت العبرة على أن من لا إرادة له فهو مكره.
كلام الله
وكان يقول إن لله عز وجل كلاما هو به متكلم وذلك صفة له في ذاته خالف بها الخرس والبكم والسكوت وامتدح بها نفسه فقال عز وجل في الذين اتخذوا العجل ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين فعابهم لما عبدوا إلها لا يتكلم ولا كلام له فلو كان إلهنا لا يتكلم ولا كلام له رجع العيب عليه وسقطت حجته على الذين اتخذوا العجل من الوجه الذي احتج عليهم به ويزيد ذلك أن إبراهيم عليه السلام أنب أباه بقوله يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا.
كلام الله
وحكي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما فسرا قوله عز وجل قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون قالا غير مخلوق.
وكان يقول إن القرآن كيف تصرف غير مخلوق وأن الله تعالى تكلم بالصوت والحرف
وكان يبطل الحكاية ويضلل القائل بذلك وعلى مذهبه أن من قال إن القرآن عبارة عن كلام الله عز وجل فقد جهل وغلط وأن الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل دون العبارة عنه ودون الحكاية له وتبطل الحكاية عنده بقوله عز وجل وكلم الله موسى تكليما وتكليما مصدر تكلم يتكلم فهو متكلم وذلك يفسد الحكاية ولم ينقل عن احد من أئمة المسلمين من المتقدمين من أصحاب رسول ا لله صلى الله عليه وسلم والتابعين عليهم السلام القول بالحكاية والعبارة فدل على أن ذلك من البدع المحدثة.
إستواؤه جل شأنه:
وكان يقول إن الله عز وجل مستو على العرش المجيد وحكى جماعة عنه ان الاستواء من صفات الفعل.
وحكى جماعة عنه أنه كان يقول إن الاستواء من صفات الذات.
وكان يقول في معنى الاستواء هو العلو والارتفاع ولم يزل الله تعالى عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه فهو فوق كل شيء والعالي على كل شيء وإنما خص الله العرش لمعنى فيه مخالف لسائر الأشياء والعرش أفضل الأشياء وأرفعها فامتدح الله نفسه بأنه على العرش 53 ب أستوى أي عليه علا ولا يجوز أن يقال أستوى بمماسة ولا بملاقاة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل ولا تلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش.
وكان ينكر على من يقول إن الله في كل مكان بذاته لأن الأمكنة كلها محدودة وحكي عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك أن الله تعالى مستو على عرشه المجيد كما أخبر وأن علمه في كل مكان ولا يخلوا شيء من علمه وعظم عليه الكلام في هذا واستبشعه.
بائن من خلفه:
فهو سبحانه عالم بالأشياء مدبر لها من غير مخالطة ولا موالجة بل هو العالي عليها منفرد عنها وقرأ أحمد بن حنبل قوله تعالى وهو القاهر فوق عباده وقرأ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وقرأ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون وقرأ إني متوفيك ورافعك إلي وقرأ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون.
وذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه إلى أن الله عز وجل يغضب ويرضى وأن له غضب ورضى وقرأ أحمد قوله عز وجل ولا تطغو فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى فأضاف الغضب إلى نفسه وقال عز وجل فلما آسفونا انتقمنا منهم قال ابن عباس يعني أغضبونا وقوله أيضا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه ومثل ذلك في القرآن كثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
والغضب والرضى صفتان له من صفات نفسه لم يزل الله تعالى غاضبا على ما سبق في علمه أنه يكون ممن يعصيه ولم يزل راضيا على ما سبق في علمه أنه يكون مما يرضيه.
وأنكر أصحابه على من يقول إن الرضى والغضب مخلوقان.
أ قالوا من قال ذلك لزمه أن غضب الله عز وجل على الكافرين يفنى وكذلك رضاه على الأنبياء والمؤمنين حتى لا يكون راضيا على أوليائه ولا ساخطا على أعدائه وسمي ما كان عن الصفة باسم الصفة مجازا في بعض الأشياء وسمى عذاب الله تعالى وعقابه غضبا وسخطا لأنهما عن الغضب كانا.
وقد أجمع المسلمون لا يتناكرون بينهم إذا رأوا الزلازل والأمطار العظيمة أنهم يقولون هذه قدرة الله تعالى والمعنى أنها عن قدرة كانت وقد يقول الإنسان في دعائه اللهم إغفر لنا علمك فينا وإنما يريد معلومك الذي كلمته فيسمى المعلوم باسم العلم وكذلك سمي المرتضى باسم الرضى وسمي المغضوب باسم الغضب.
إن لله نفسا
مسألة وذهب إلى أن لله نفسا وقرأ أحمد بن حنبل ويحذركم الله نفسه وقال عز وجل كتب ربكم على نفسه الرحمة وقال واصطنعتك لنفسي وليست كنفس العباد التي هي متحركة متصعدة مترددة في أبدانهم بل هي صفة له في ذاته خالف بها النفوس المنفوسة المجعولة ففارق الأموات وحكى في تفسيره عن إبن عباس في قوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك قال تعلم ما في النفس المخلوقة ولا أعلم ما في نفسك الملكوتية إنك أنت علام الغيوب.
لا يجوز أن يسمى جسما:
وأنكر على من يقول بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة بالشريعة واللغة وأهل اللغة وضعوا هذا الأسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسما لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل.
وكان يذهب إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار وقرأ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ولو لم يرد النظر بالعين ما قرنه بالوجه وأنكر نظر التعطف والرحمة لأن الخلق لا يتعطفون على الله تعالى ولا يرحمونه وأنكر الانتظار من أجل ذكر الوجه ومن أجل أنه تبعيض وتكرير ولأنه أدخل فيه إلى وإذا دخلت إلى فسد الانتظار قال الله تعالى ما ينظرون إلا صيحة واحدة وقال عز وجل فناظرة بم يرجع المرسلون فلما أراد الانتظار لم يدخل إلى وروى الحديث المشهور في قوله ترون ربكم إلى الله قديم بصفاته.
مسألة وكان يقول إن الله تعالى قديم بصفاته التي هي مضافة إليه في نفسه:
وقد سئل هل الموصوف القديم وصفته قديمان فقال هذا سؤال خطأ لا يجوز أن ينفرد الحق عن صفاته ومعنى ما قاله من ذلك أن المحدث محدث بجميع صفاته على غير تفصيل وكذلك القديم تعالى بجميع صفاته.
الإسم والمسمى:
مسألة وعظم عليه الكلام في الإسم والمسمى وتكلم أصحابه في ذلك فمنهم من قال الإسم للمسمى ومنهم من قال الاسم هو المسمى والقول الأول قول جعفر بن محمد والقول الثاني قول جماعة من متكلمي أصحاب الحديث والذين طلبوا السلامة أمسكوا وقالوا لا نعلم.
أفعال العباد مخلوقة:
وكان يذهب إلى أن أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل ولا يجوز أن 55 أ يخرج شيء من أفعالهم عن خلقه لقوله عز وجل خالق كل شيء ثم لو كان مخصوصا لجاز مثل ذلك التخصيص في قوله لا إله إلا هو وأن يكون مخصوصا أنه إله لبعض الأشياء وقرأ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة وقرأ عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة وقرأ وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين وروي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن أعمال الخلق التي يستوجبون بها من الله السخط والرضا فقال هي من العباد فعلا ومن الله تعالى خلقا لا تسأل عن هذا أحدا بعدي.
الإستطاعة
وكان أحمد يذهب إلى أن الاستطاعة مع الفعل وقرأ قوله عز وجل انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا وقرأ ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا والقوم لا آفة بهم وكان موسى تاركا للصبر وقرأ ولن تستطعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فدل على عجزنا ودل ذلك على أن الخلق بهذه الصفة لا يقدرون إلا بالله ولا يصنعون إلا ما قدره الله تعالى وقد سمي الإنسان مستطيعا إذا كان سليما من الآفات.
عدل الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة وكان يقول إن الله تعالى أعدل العادلين وإنه لا يلحقه جور ولا يجوز أن يوصف به عز عن ذلك وتعالى علوا كبيرا وأنه متى كان في ملكه مالا يريده بطلت الربوبية وذلك مثل أن يكون في ملكه مالا يعلمه تعالى الله علوا كبيرا.
المشيئة لله:
قال أحمد بن حنبل ولو شاء الله أن يزيل فعل الفاعلين مما كرهه أزاله ولو شاء أن يجمع خلقه على شيء واحد لفعله إذ هو قادر على ذلك ولا يلحقه عجز ولا ضعف ولكنه كان من خلقه ما علم وأراد.
فليس بمغلوب ولا مقهور ولا سفيه ولا عاجز بريء من لواحق التقصير وقرأ قوله تعالى ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا وهو عز وجل لا يوصف إذا منع بالبخل لأن البخيل هو الذي يمنع ما وجب عليه فأما من كان متفضلا فله أن يفعل وله أن لا يفعل.
واحتج رجل من أصحابنا يعرف بأبي بكر بن أحمد بن هانىء الإسكافي الأثرم فقال جعل الله تعالى العقوبة بدلا من الجرم الذي كان من عبده وهو مريد للعقوبة على الجرم وفي ذلك دليل واضح على أنه مريد لما أوجب العقوبة لأن كل من أراد البدل من الشيء فقد أراد المبدل ليصح بدله وليس يصح إرادته للبدل حتى يصح البدل.
وأيضا فقد خلق الله من يعلم أنه يكفر ولم يكن بذلك سفيها ولا عابثا وكذلك أيضا إذا أراد سفههم لا يكون سفيها ولو جاز أن يقع من الفاعلين فعل لا يريده الله ولا يلحقه في ذلك ضعف ولا وهن ولا عجز ولا غلبة ولا قهر لأنه قادر أن يلجئهم إليه كان جائزا أن يقع منه فعل لا يريده ولا يقع منه ضعف ولا وهن ولا تقصير لأنه قادر على تكوينه وإيقاعه وإذا بطل هذا بطل أن يكون من الأفعال مالا يريده.
عدل الله تعالى
وذهب أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى إلى أن عدل الله عز وجل لا يدرك بالعقول فلأجل ذلك كان من حمله على عقله جوره.
وشرح بعض أصحابه ذلك فقال ما كان الله سبحانه وتعالى لا يتصور بالعقول ولا يتمثله التمييز وفات العقول دركه ومع ذلك فهو شيء ثابت وما تصور بالعقل فالله بخلافه وكذلك صفاته فمن حمل الربوبية وصفاتها على عقله رجع حسيرا ورام أمرا ممتنعا عسيرا والمخالفون بنوا أصولهم في التعديل والتجوير على عقولهم العاجزة عن درك الربوية ففسد عليهم النظر.
الطاعة والمعصية:
وكان أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول إن الله تعالى يكره الطاعة من العاصي كما يكره المعصية من الطائع حكاه ابن أبي داود وقرأ ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم وانبعاثهم طاعة الله والله يكرهه.
الإيمان قول وعمل
وكان أحمد بن حنبل يذهب إلى أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالقلب يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويقوى بالعلم ويضعف بالجهل وبالتوفيق يقع وأن الإيمان اسم يتناول مسميات كثيرة من أفعال وأقوال وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.
وعنده أن الصلاة يقع عليها اسم إيمان وقراءة القرآن يقع عليها اسم إيمان.
مسألة عن الإيمان
وسئل عن الإيمان أمخلوق أو غير مخلوق فقال من قال إن الإيمان مخلوق فقد كفر لأن في ذلك إيهاما وتعريضا بالقرآن ومن قال 56 ب إنه غير مخلوق فقد ابتدع لأن في ذلك إيهاما وتعريضا أن إماطة الأذى عن الطريق وأفعال الأركان غير مخلوقة فكأنه أنكر على الطائفتين.
وأصله الذي بنى عليه مذهبه أن القرآن إذا لم ينطق بشيء ولا روي في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء وانقرض عصر الصحابة ولم ينقل فيه عنهم قول الكلام فيه حدث في الإسلام فلأجل ذلك أمسك عن القول في خلق الإيمان وأن لا يقطع على جواب في أنه مخلوق أو غير مخلوق وفسق الطائفتين وبدعهما.
الكتب كلام الله:
وكان يذهب إلى أن التوراة والإنجيل وكل كتاب أنزله الله عز وجل غير مخلوق إذا سلم له أنه كلام الله تعالى.
القرآن معجز في نفسه:
وكان يكفر من يقول إن القرآن مقدور على مثله ولكن الله تعالى منع من قدرتهم بل هو معجز في نفسه والعجز قد شمل الخلق.
الإيمان يزيد وينقص:
وكان يقول أن الإيمان يزيد ويقرأ ويزداد الذين آمنوا إيمانا ويقرأ فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وما جاز عليه الزيادة جاز عليه النقصان.
الإيمان غير الإسلام:
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان يقول إن الإيمان غير الإسلام.
وكان يقول إن الله سبحانه قال فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين استثناء من غير الجنس.
وفرق أصحابه بين الإيمان والإسلام فقالوا حقيقة الإيمان التصديق وحقيقة الإسلام الاستسلام فلا يفهم من معنى التصديق الاستسلام ولا يفهم من معنى الاستسلام التصديق واستدل أحمد بن حنبل بحديث الأعرابي وسؤاله عن الإسلام وسؤاله عن الإيمان وجواب 57 أ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما بجوابين مختلفين واستدل أيضا بحديث الأعرابي الآخر وقوله يا رسول الله أعطيت فلانا ومنعتني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مؤمن فقال الأعرابي وأنا مؤمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلم وبحديث وفد عبد القيس وبقوله عز وجل قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا.
لا يكفر إلا تارك الصلاة:
وكان لا يكفر أحدا من أهل القبلة بذنب كبيرا كان أو صغيرا إلا بترك الصلاة فمن تركها فقد كفر وحل قتله قاله ابن حنبل ويستدل بقوله عز وجل ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله فقد جمع بينهم في الإصطفاء.
مسائل شتى في الفضائل:
وكان لا يفسق الفقهاء في مسائل الخلاف.
وكان يسلم أحاديث الفضائل ولا ينصب عليها المعيار وينكر على من يقول إن هذه الفضيلة لأبي بكر باطلة وهذه الفضيلة لعلي باطلة لأن القوم أفضل من ذلك ولا يتبرأ من عين رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يجمع المسلمون على التبرىء منها.
الميزان
ويقول إن لله تعالى ميزانا يزن فيه الحسنات والسيئات ويرجع إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الذنوب والإستغفار والتوبة:
ويقول إن الذنوب من ورائها الاستغفار والتوبة وإن اخترمته المنية قبل الاستغفار والتوبة فأمره مرجى إلى الله عز وجل إن شاء غفر وإن شاء عاقب ويجوز عنده أن يغفر الله لمن لم يتب واستدل على ذلك بقوله وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم والتائب لا يقال له ظالم واستدل بقوله عز وجل قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله والتائب لا يقال له مسرف.
الشهداء أحياء يرزقون:
ويقول إن الشهداء بعد القتل باقون يأكلون أرزاقهم.
وكان يقول إن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وأن الميت يعلم بزائره يوم الجمعة بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس وأن الله تعالى يعذب قوما في قبورهم ويذهب إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصراط:
وأن لله تعالى صراطا يعبر عليه الناس وأن عليه حيات تأخذ بالأقدام وأن العبور عليه على مقادير الأعمال مشاة وسعاة وركبانا وزحفا ويذهب إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واستجيدوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط.
سؤال الملكين:
وأن لله تعالى ملكين يقال لأحدهما منكر والآخر نكير يلجان إثر الميت في قبره فإما يبشرانه وإما يحذرانه ويذهب إلى حديث عمر رضي الله عنه كيف بك إذا نزلا بك وهما فظان غليظان فأقعداك وأجلساك وسألاك فتغير عمر بن الخطاب وقال يا رسول الله وعقلي معي فقال إذن كفيتهما وذكر حديث ابن عباس في قوله عز وجل لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال عند سؤال منكر ونكير.
الإجابة:
وكان يقول إن الله تعالى يجيب دعوة الداعي المؤمن والكافر ويفاوت بينهم في السؤال
مخالفة الإجماع والتواتر.
أ وكان يقول إن من خالف الإجماع والتواتر فهو ضال مضل ويفسق من خالف خبر الواحد مع التمكن من استعماله.
خير الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم:
وكان يقول إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وإن عليا عليه السلام رابعهم في الخلافة والتفضيل ويتبرأ ممن ضللهم وكفرهم.
لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم:
وكان يقول إنه لا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله وسائر الأمة يجوز عليهم الخطأ.
الإجماع:
وكان يقول إن الإجماع إجماع الصحابة.
وكان يقول إن صح إجماع بعد الصحابة في عصر من الأعصار قلت به.
القدر خيره وشره من الله تعالى:
وكان يقول لو لم يجز أن يفعل الله تعالى الشر لما حسنت الرغبة إليه في كشفه.
الملائكة الحفظة:
(يُتْبَعُ)
(/)
وأن للعبد ملائكة يحفظونه بأمر الله وأن القضاء والقدر يوجبان التسليم.
واجب الغزو:
وأن الغزو مع الأئمة واجب وإن جاروا الامامة.
وقال احمد بن حنبل رضي الله عنه وأرى الصلاة خلف كل بر وفاجر وقد صلى ابن عمر خلف الحجاج يعني الجمعة والعيدين وأن الفيء يقسمه الإمام فإن تناصف المسلمون وقسموه بينهم فلا بأس به وأنه إن بطل أمر الإمام لم يبطل الغزو والحج.
والإمامة لا تجوز إلا بشروطها النسب والإسلام والحماية والبيت والمحتد وحفظ الشريعة وعلم الأحكام وصحة التنفيذ والتقوى وإتيان الطاعة وضبط أموال المسلمين فإن شهد له بذلك أهل الحل والعقد من علماء المسلمين وثقاتهم أو أخذ هو 58 ب ذلك لنفسه ثم رضيه المسلمون جاز له ذلك.
وأنه لا يجوز الخروج على إمام ومن خرج على إمام قتل الثاني ويجوز الإمامة عنده لمن اجتمعت فيه هذه الخصال وإن كان غيره أعلم منه.
وكان يقول إن الخلافة في قريش ما أقاموا الصلاة:
وكان يقول لا طاعة لهم في معصية الله تعالى.
وكان يقول من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامة وإن قدرتم على خلعه فافعلوا.
مسائل شتى:
وكان يقول الدار إذا ظهر فيها القول بخلق القرآن والقدر وما يجري مجرى ذلك فهي دار كفر.
وكان يقول الداعية إلى البدعة لا توبة له فأما من ليس بداعية فتوبته مقبولة.
وكان يقول إن الإيمان منوط بالإحسان والتوبة رأس مال المتقين.
وكان يقول إن الفقر أشرف من الغنى وإن الصبر أعظم مرارة وانزعاجه أعظم حالا من الشكر.
وكان يقول الخير فيمن لا يرى لنفسه خيرا.
وكان يقول على العبد أن يقبل الرزق بعد اليأس ولا يقبله إذا تقدمه طمع.
وكان يحب التقلل طلبا لخفة الحساب.
وكان يقول إن الله تعالى يرزق الحلال والحرام ويستدل بقوله عز وجل كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا يعني ممنوعا.
وكان يقول إن الرزق مقسوم لا زيادة فيه ولا نقصان وإن وجه الزيادة أن يلهمه الله تعالى إنفاقه في طاعة فيكون ذلك زيادة ونماء وكذلك الأجل لا يزاد فيه ولا ينقص منه ووجه الزيادة في الأجل أن 59 أ يلهمه الطاعة فيكون مطيعا في عمره فبالطاعة يزيد وبالمعاصي ينقص وأما المدة عنده فلا تزيد ولا تنقص وقرأ لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
كرامات الأولياء:
وكان يذهب إلى جواز الكرامات للأولياء ويفرق بينها وبين المعجزة وذلك أن المعجزة توجب التحري إلى صدق من جرت على يده فإن جرت على يدي ولي كتمها وأسرها وهذه الكرامة وتلك المعجزة وينكر على من رد الكرامات ويضلله.
وكان يأمر بالكسب لمن لا قوت له ويأمر من له قوت بالصبر ويجعله فريضة عليه.
التفاضل بين الأنبياء:
وكان يقول إن بعض النبيين أفضل من بعض ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضلهم والملائكة أيضا بعضهم أفضل من بعض وإن بني آدم أفضل من الملائكة ويخطىء من يفضل الملائكة على بني آدم.
الوصية
ويقول إن الوصية قبل الموت أخذ بالحزم للقاء الله عز وجل.
ويقول إن التائب من الذنوب كمن لا ذنب له.
الأذكار
ويقول من كان له ورد فقطعه خفت عليه أن يسلب حلاوة العبادة.
قال إبراهيم الحربي سمعت أحمد بن حنبل يقول إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تحب فدم له على ما يحب.
الأخلاق:
وكان يقول أهل الصفة أعيان الصحابة.
وكان يقول الصبر على الفقر مرتبة لا ينالها إلا الأكابر.
وسأله رجل طلبت العلم لله فقال هذا شرط شديد ولكن حبب إلي شيء فجمعته.
وسئل قبل موته بيوم عن أحاديث الصفات فقال تمر كما جاءت ويؤمن بها ولا يرد منها شيء إذا كانت بأسانيد صحاح ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ومن تكلم في معناهما ابتدع.
وكان يقول أصحاب الحديث أمراء العلم:
وكان يقول إذا ذكر الحديث فمالك بن أنس هو النجم.
وكان يقول سفيان الثوري جمع الحالين العلم والهدى.
وكان يقول سفيان بن عيينة حفظ على الناس ما لولاه لضاع.
وكان يقول الشافعي من أحباب قلبي.
وكان يقول هل رأت عيناك مثل وكيع.
وكان يقول أنا أحب موافقة أهل المدينة.
وكان يحب قراءة نافع لأنها أكثر اتباعا.
فهذا وما شاكله محفوظ عنه وما خالف ذلك فكذب عليه وزور وكان دعاؤه في سجوده اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه على الحق فرده إلى الحق ليكون من أهل الحق.
وكان يقول اللهم إن قبلت عن عصاة أمة محمد صلى الله عليه وسلم فداء فاجعلني فداهم.
تم الاعتقاد بحمد الله ومنه وحسن توفيقه.
وفرغ من نسخه العبد المعترف بذنبه الفقير إلى ربه عبد القوي بن عبد الله ابن رحال بن عبد الله بن أبي القاسم بن أبي الهادر القرشي الشافعي حامدا لله وحده مصليا على محمد وآله وصحبه ومسلما تسليما.
وذلك في ليلة الثلاثاء الرابع من ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة.
وكان تمام نسخه على يد حامد بن محمد أديب التقي في 13 رمضان سنة 1342 ه من نسخة قديمة في المكتبة العمومية الظاهرية بدمشق من كتاب الأمر بالمعروف للخلال رقم 245 حديث.
ثم جرت مقابلته مرة ثانية على مخطوط المكتبة الظاهرية المذكور أعلاه من قبل الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان والسيدة ابتسام محمد جميل ميرخان في يوم الجمعة 10 ذي الحجة سنة 1406.
والحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الحضرمي]ــــــــ[09 Feb 2006, 02:52 ص]ـ
أحسن الله اليك اخي محمد ورحم الله الامام احمد وادخله الفردوس
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[07 Jun 2006, 07:41 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[08 Jun 2006, 05:49 م]ـ
[ line] ادعى زيدٌ أنه قرأ كتاباً من تأليف أحمد بن حنبل العَلم الذي نال احترام الأجيال من أهل السنة، وما صحّ لدينا من مؤلفاته ومسائله خير دليل على تورعه وتثبته وتقواه. لكن قد نقلت عنه نقول وحكيت أقوال لا تلائم ما عُهد عنه من ورع وتثبت. فماذا يفعل المسلم المعاصر من أهل السنة إزاءها؟.
هل يخضع للدعاية ويصدّق ما عزي الى أحمد بن حنبل ويعدّ صاحب القول المعزوّ اليه هو الأصل في التصديق كما تفعل الروافض، فكل حديث يروى من طريق علي أو سلمان أو المقداد فهو عندهم صحيح الا اذا ناقض أصولهم بأن مدح أو برّأ من لعنوه!! وكل حديث في سنده أبو هريرة أو من يكرهون من الصحابة فهو عندهم مردود ولا يحتجون به الا اذا نصر عواطفهم ونفس عن أحقادهم ضد شخص ما. ومعلوم أن هذه الطريقة ليست من العلم في شيء بل هي عين الجهل.
وأنا العبد لله قد وقعت عيني على كثيرين الآن وفي التاريخ يميلون مع هواهم ويخضعون لأصل من عزي اليه القول. نسوا قول ابن سيرين وابن المبارك: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
ولم يقتدوا بقول الإمام مالك: لقد رأيت سبعين عند هذه الأساطين [أي عُمُد المسجد وبها سمي العلماء أساطين لأنهم كانوا يسندون ظهورهم إلى أساطين المسجد] كلهم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخذت عنه شيئاً!!!!
وكلهم لو ائتمن على بيت مال لكان أمينا! غير أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن!
وقال الشافعي:كان مالك إذا شكّ في شيء من الحديث طرحه كله! [الكفاية ص234]
قال عبدالرحمن بن مهدي:"خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظنّ الحكم والحديث" [الكفاية في علم الرواية ص233]
وقال الخطيب:"ويجب على صاحب الكتاب أن يحتفظ بكتابه الذي سمع فيه فإن خرج عن يده وعاد إليه فقد توقف بعض العلماء عن جواز الحديث منه"قال "والذي عندي في هذا أنه متى غاب كتابه عنه ثم عاد إليه ولم ير فيه أثر تغيير حادث من زيادة أو نقصان أو تبديل وسكنت نفسه إلى سلامته جاز له أن يروي منه "236. وقال" سألتُ القاضي أبا الطيب طاهر بن عبدالله عن رجل وجد سماعه في كتاب عن شيخ قد سمي ونسب في الكتاب غير أنه لا يعرفه فقال: لا يجوز له رواية ذلك الكتاب"ص 237. قال الخطيب:"ويجب أن يكون الكتاب الذي يُحدث منه قد قوبل بأصل الشيخ الذي يروي عنه"
وتأملوا بالله عليكم هذه القصة: الخطيب يقول أخبرنا ابن الفضل قال أنا دعلج قال أنا أحمد بن عليّ الأبار قال سمعتُ بن المبارك يقول سمعتُ مع عبدالرحمن بن مهدي من حماد بن زيد فقلتُ يا أبا سعيد أعطني النسخة! فقال يا صبي أنا أدفع إليك كتابي؟؟؟ قال فاستشفعتُ عليه بإمام الحيّ فجاء فجلس حتى نسختُه وأخذه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حدث عني بحديث يُرى (يظن) أنه كذب فهو أحد الكاذبين.
ولذلك أقول إن في ما ورد عن أحمد في هذا المقال ما لا يليق أن يصدر عن رجل بضاعته في العلم مزجاة. وإني لأسأل أهل العلم والإخوة في المنتدى: أيُعقل أن يتورّع رجل أن يقول شيئاً في مسألة بسيطة في الأحكام، وهذه مسائل ابن هانئ له ممتلئة من قوله (لا أجرؤ عليه) ثم يخوض في الأمور الكبيرة من تكفير المسلمين هذا الخوض؟!!!!!!
ولذلك فمن هنا يبدأ العلم والتحدي.
كيف نثبت أو ننفي أن هذا الكلام الوارد هنا المعزوّ الى مؤلف عاش بين القرنين الثاني والثالث (164 - 241) اسمه أحمد بن حنبل صحيح أو منحول؟
ماذا فعلنا إذا طبقنا منهج المحدثين على أقوال الرسول وضربنا عنها صفحاً مع أقوال كبار العلماء، ولأقوالهم سطوة على فهوم الناس وتصوراتهم! ألسنا مُلزمين مع هؤلاء بالتحري والتثبت والالتزام بمنهج المحدثين في كلِّ قول نرويه.؟
بالتأكيد أننا إذا طبقنا قول عبدالرحمن بن مهدي:"من شرط صحة الرواية من الكتاب أن يكون سماع الراوي ثابتاً وكتابه متقناً-الكفاية233" فسيصعب إثبات شيء من ذلك!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
لا شكّ أن بين الإخوة في المنتدى من طلبة العلم من يعرفون ومن سمعوا بعلم كيفية إثبات صحة الكتاب الى مؤلفه، وهو جزء من علم تحقيق النصوص يدرسه طلبة الدراسات العليا ولا يمارسه إلا خواصّ المحققين. فهل بين الإخوة من يعلن عن نفسه فيستطيع أن يثبت لنا أو ينفي صحة صدور مثل هذه الأقوال أو بعضها عن أحمد بن حنبل!!!؟
من هنا يبدأ العلم
ـ[الجكني]ــــــــ[08 Jun 2006, 08:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أول ما أبدأ به تعليقي هذا بعد البسملة هو أن أطلب من الأخوة الكرام - إن حق للأخ أن يطلب من أخيه - ألا يذهبوا ب (نكهة) هذا الملتقي التفسيري،بإدخال أمور - حسب فهمي المتواضع - لا علاقة لها بالتفسير،وهذا مثل هذا الموضوع الذي طرحه أخي أبوعبدالله، وأقول مخاطباً له ولمن يرى رأيه: كان الأولى -وإن كان لابد من إقحام العقيدة-أن تذكر " عقيدة المصطفى صلى الله عليه وسلم الداعية إلى عدم التكفير وكثير من (الأشياء المنكرة) كما في هذه العقيدة المكذوبة والمنسوبة للإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله نعالى 0
لاأريد أن أطيل في المداخلة،بل أقتصر على نقطتين فقط بخصوص رواية الأصطخري:
الأولى: إن هذه الرواية ضمت في ثناياها ألفاظاً منكرة أجزم جزماً تاماً أن الإمام مبرء منها،وذلك عبارة "وكلم الله موسىتكليماً من فيه " من أين لك هذه الزيادة (من فيه) حاشا للإمام أن يتعدي ما في كتاب الله، وأيضاً انظر إلى العبارة الأخرى "وناوله التوراة من يده إلى يده) أيصل الجهل والغفلة بإمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله أن يعرض عن تقرير العقيدة الصافية التي جاء بها القرآن كقوله تعالى (وآتيناه التوراة) بقوله بدلها " وناوله " ألا يعلم الإمام الفرق بين الإيتاء والمناولة، وأيضاً ياليته اقتصر على هذه الغفلة،بل زاد الغفلة غفلة والتعدي تعدياً عندما قال وكأنه كان حاضراً " من يده إلى يده "0
الثانية:إن هذه الرواية -رواية الأصطخري - ذكر بعضها وأشار إليها مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي رحمه الله وحكم عليها بقوله: "000إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر ولأشياء التي والله ما قالها الإمام،فقاتل الله واضعها،ومن أسمج ما فيها قوله:ومن زعم أنه لايرى التقليد ولا يقلد دينه أحداً فهذا قول فاسق عدو لله،فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ويسكتون عنها 0انظر:سير أعلام النبلاء: 11/ 303
ـ[الجكني]ــــــــ[08 Jun 2006, 08:26 م]ـ
تتميم للمداخلة السابقة:نقل الإمام الذهبي رحمه الله رسالة عن الإمام أحمد،ثم علق عليها بقوله:"فهذه الرسالة إسنادها كالشمس،فانظر إلى هذا النفس النوراني لا كرسالة الإصطخري، ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبى عبد الله ‘فإن الرجل كان تقياً ورعاً لايتفوه بمثل ذلك،ولعله قاله 0انتهى
سير أعلام النبلاء:11/ 286
ـ[سيف الدين]ــــــــ[08 Jun 2006, 10:52 م]ـ
نلاحظ في الكتاب تطرّق الى مسائل فقهية رغم ان عنوان الكتاب هو " كتاب العقيدة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه وجزاه عنا وعن الإسلام خيرا"!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[10 Jun 2006, 01:35 ص]ـ
الأخ الدكتور السالم الشنقيطي الجكني المدني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يخفاك أن التثبت وعدم التسرع صفة حميدة للعلماء وطلاب العلم وخاصة المدنيين فقد روى ابن عبد البر عن سليمان بن موسى قال: إذا كان فقه الرجل حجازياً وأدبه عراقياً فقد كمل. التمهيد لابن عبد البر1/ 79.
وتجنباً للإطالة فسأعلق هنا على ثلاثة مسائل: الأولى: دعوتك إلى اقتصار ملتقى التفسير على علوم التفسير فقط دون غيره من العلوم.
الثانية قولك: هذه العقيدة المكذوبة والمنسوبة للإمام المبجل أحمد بن حنبل.
الثالثة نقلك عن الذهبي: بأن كتاب الرد على الجهمية موضوع.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الأولى: دعوتك إلى اقتصار ملتقى التفسير على علوم التفسير فقط دون غيره من العلوم أليس قد حجرت واسعاً بهذه الدعوة؟ فكونه ملتقى التفسير ألا يدخل تحته جميع المباحث الإسلامية؟ لأن (كتاب الله) كلية شاملة كاملة يدخل تحتها جميع جزئياتها من جميع التعاليم الإسلامية، لأن جميع الأحكام الشرعية أصلها الأول كتاب الله، والثاني سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبقية مصادر التشريع تابعة لهذين الأصلين العظيمين كما لا يخفاك ذلك، وأيضاً القائمون على الملتقى جزاهم الله خيراً قسموه إلى خمسة أقسام:
1 – الملقى العلمي للتفسير
2 – ملتقى الانتصار للقرآن الكريم
3 – الملتقى المفتوح والتقني
4 – ملتقى الكتب والبحوث والمخطوطات
5 – ملتقى الاقتراحات والملحوظات.
فهذه الأقسام شاملة وصالحة بأن يدخل تحتها جميع التعاليم الشرعية كما هو الشأن في بقية المواقع الإسلامية.
وأما الثانية: قولك: هذه العقيدة المكذوبة والمنسوبة للإمام المبجل أحمد بن حنبل وقلت: إن هذه الرواية ضمت في ثناياها ألفاظاً منكرة أجزم جزماً تاماً أن الإمام مبرأ منها " قلت: فوجود بعض الأخطاء أو الملاحظات الجزئية الفردية لا يدل على عدم إثبات الكتاب لمؤلفه، فقد يبرأ الكتاب من تلك الأخطاء بالرجوع إلى أصله، وقد يكون أخطأ فيها بعض النساخ وأضاف تلك العبارات فقد يكون يراها من باب الشرح والتوضيح والتقريب عنده، مع أنه لا شك أن الأسماء والصفات لا مجال فيها للرأي والواجب فيها الوقوف عند النص، وقد يكون ذلك من الإمام نفسه لأنه بشر يخطئ ويصيب وليس معصوماً من الخطإ، مع الاعتراف بفضله وعلمه عند الجميع، والكتاب أيضاً ضم في ثناياه علماً عظيماً صحيحاً مجمع عليه، فلم لا نقارن بين الكتاب في مجمله وفوائده العظيمة المجمع عليها وبين الجزئيات الفردية التي عليها ملاحظات؟؟ فكتاب العقيدة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ذكر في مقدمته ما يثبت نسبته إلى مؤلفه فقال: رواية مسدد بن مسرهد، روى القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن الحسين بن خلف الفراء في الطبقات والحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي في كتابه مناقب الإمام أحمد وذكر القاضي برهان الدين إبراهيم بن مفلح في كتابه المقصد الأرشد أن أبا بكر أحمد بن محمد البردعي التميمي قال لما أشكل على مسدد بن مسرهد أمر الفتنة يعني في القول بخلق القرآن وما وقع فيه الناس من الاختلاف في القدر والرفض والاعتزال وخلق القرآن والإرجاء كتب إلى أحمد بن حنبل أن أكتب إلي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ورد الكتاب على أحمد بن حنبل بكى وقال إنا لله وإنا إليه راجعون يزعم هذا البصري أنه قد انفق على العلم مالا عظيما وهو لا يهتدي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الذي جعل في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى وينهونه عن الردى ويحيون بكتاب الله الموتى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجهالة والردى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن آثارهم على الناس ينفون عن دين الله عز وجل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الضالين الذين عقدوا ألوية البدع وأطلقوا عنان الفتنة مخالفين في الكتاب يقولون على الله وفي الله تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً في كتابه بغير علم فنعوذ بالله من كل فتنة مضلة وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً، إلى آخر الكتاب، وفي آخر الكتاب قال الناسخ: فرغ من نسخه العبد المعترف بذنبه الفقير إلى ربه عبد القوي بن عبد الله ابن رحال بن عبد الله بن أبي القاسم بن أبي الهادر القرشي الشافعي حامداً لله وحده مصليا على محمد وآله وصحبه ومسلماً تسليماً، وذلك في ليلة الثلاثاء الرابع من ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة، وهو مطبوع وحققه عبد العزيز السيروان طبع عام 1988 م، الناشر دار قتيبة، بيروت. وذكر في خاتمته أنه قابله على نسخة قديمة فقال: وكان تمام نسخه على يد حامد بن محمد أديب التقي في 13 رمضان سنة 1342 ه من نسخة قديمة في المكتبة العمومية الظاهرية بدمشق من كتاب الأمر بالمعروف للخلال رقم 245 حديث، ثم جرت مقابلته مرة ثانية على مخطوط المكتبة الظاهرية المذكور أعلاه من قبل
(يُتْبَعُ)
(/)
الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان والسيدة ابتسام محمد جميل ميرخان في يوم الجمعة 10 ذي الحجة سنة 1406.
وأما الثالثة: نقلك عن الذهبي: بأن كتاب الرد على الجهمية موضوع.
فكتاب الرد على الجهمية ثابت للإمام أحمد بن حنبل ذكره الخلال والقاضي أبو يعلى أيضاً
طبع عدة طبعات منها طبعة دار قتيبة عام 1990 م تحقيق أحمد بكير محمود.
ويعزوا إليه جمع كبير من العلماء منهم الذهبي نفسه في تاريخ الإسلام 18/ 410، 18/ 88، وفي سير أعلام النبلاء 8/ 101، 402، وفي المنتقى من منهاج الاعتدال ص89، وأبو يعلى في طبقات الحنابلة 2/ 55، والحافظ ابن حجر في فتح الباري 13/ 493، 7/ 88 – 89، وابن القيم في طريق الهجرتين 1/ 523، وفي اجتماع الجيوش الإسلامية ص124، وفي الصواعق المرسلة 1/ 178، 3/ 927، وابن تيمية في الجواب الصحيح 2/ 16، 4/ 66، وفي بيان تلبيس الجهمية ص569، وفي دقائق التفسير 1/ 326، 2/ 31، وفي منهاج السنة النبوية 2/ 568، 2/ 484، وفي مجموع الفتاوى 15/ 284، 16/ 213، 17/ 300، 8/ 385 وفي درء التعارض 1/ 249، 2/ 75، 3/ 23 وقال: قال الإمام أحمد في خطبة كتابه الرد على الجهمية والزنادقة الحمد لله الذي جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل الى الهدي و يصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنوره أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة، وابن كثير في التفسير 3/ 229، والشيخ محمد الأمين في أضواء البيان 5/ 280 قال: ونص عليه أحمد بن حنبل في كتاب الرد على الجهمية، وابن النديم في الفهرست ص320، وابن جماعة في إيضاح الدليل ص10، وابن عيسى في شرح قصيدة ابن القيم 1/ 98، 290، 295، 349، 444، 2/ 307.
ـ[الجكني]ــــــــ[15 Jun 2006, 08:06 م]ـ
أخي الشيخ أبو عبدالله حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد:
قرأت تعليقكم على المداخلة التي كتبتها حول بحثكم عن (عقيدة الإمام أحمد رحمه الله) واستفدت منها مسائل مهمة، ولكن لي - إن سمحتم - توضيح حول النقاط الثلاثة التي ذكرتموها كالتالي:
1 - لازلت أطالب بخصوصية هذا الملتقي (للتفسير) وما يتعلق به من أبحاث، بعيداً عن (العقيدة) وما يتعلق بها من أبحاث، فقولكم حفظكم الله:"أليس قد حجرتم واسعاً بهذه الدعوة؟ " جوابه: في رأيي المتواضع:لا والله، بل أرى أني أحافظ على كثير من وقتي ووقت من يشاطرني الرأي بأن للعقيدة وأمورها (مواقع) أخرى كثيرة أشد فرحة بهذه الموضوعات من الأم بولدها ومن المريض بالبرء بعد السقم 0
2 - لا أختلف معك في أن (كتاب الله تعالى) (كلية شاملة) ولكن أين هذه (النصوص العقدية) في كتاب الله،وفي أي سورة؟ وأين هي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهذا - يعلم الله ليس تهكماً - وإنما هو تنبيه على أن هذه الأمور نحن في غنى عنها يكفينا ما هو في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، عن (عقيدة) مشكوك في صحة نسبتها لمن نسبت إليه 0
3 - تضمن كلامكم يا أخي أشياء هي في حد ذاتها تكفي لرد هذه العقيدة لو كانت صيحة النسبة للإمام دون شك، وذلك مثل قولكم:"وقد يكون أخطأ فيها بعض النساخ وأضاف تلك العبارات 00الخ " وقولكم:"وقد يكون من الإمام نفسه لأنه بشر يخطىء ويصيب وليس معصوما ً من الخطأ 00" وقولكم:" والكتاب أيضاً ضم في ثناياه علماً عظيماً صحيحاً (مجمع) عليه "
فانظر يا أخي إلى هذا الكلام فواحد منه يكفي لرد الكتاب، إذ ما يدرينا عن الشيء الذي كتبه مؤلفه من الذي أضافه الناسخ، وهل مكانة الناسخ وفهمه هي نفسها مكانة وفهم المؤلف؟
وأيضاً: كيف نحمل الأمة على عقيدة (بشر يخطىء ويصيب وغير معصوم) ولا ندعوهم إلى عقيدة (المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم)
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قولك أخيراً إن الكتاب ضم في ثناياه علماً مجمع عليه،فأي مسألة غير لا إله إلا الله محمد رسول الله وأصول الإسلام مجمع عليها عند المسلمين، إلا إذا كنت تقصد بالإجماع إجماع من يوافق على ما ذكرت فهذا شيء آخر يحتاج إلى دراسته وهل علمياً يسمى (مجمع عليه)
وأخيراً لست من شكك في نسبة كتاب (الجهمية) للإمام،لكني اتبعت قول إمام معتبر في مذهب الإمام وهو الإمام الذهبي 0
والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[16 Jun 2006, 09:21 ص]ـ
جزاك الله خيراً قولك: أين هذه (النصوص العقدية) في كتاب الله،وفي أي سورة؟ وأين هي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هذا سؤال غريب فهل تريد أن تكون هذه النصوص العقدية كلها من نص كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالحرف؟ وأسألك هل هذه النصوص العقدية تخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما تعلم كتاب الله تعالى فيه نصوص كثيرة مجملة وجاءت السنة وبيت ذلك الإجمال، وفصلوا العلماء تلك النصوص من عام وخاص ومطلق ومقيد كما هو معروف في محله، في كتاب الله أقيموا الصلاة وليس في كتاب الله عدد ركعات كل صلاة، وفيه وآتوا الزكاة وليس فيه مقدار النصاب ولا مقدار ما يؤخذ منه فجاءت السنة وفصلت ذلك أحسن تفصيل، وقولك: كيف نحمل الأمة على عقيدة (بشر يخطىء ويصيب وغير معصوم) ولا ندعوهم إلى عقيدة (المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم) أسألك هل إذا تركنا كتب السلف بدعوى أن فيها بعض الأخطاء أو أنها من غير معصوم على حد قولك فمن أين نأخذ عقيدة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي تدعو إليها؟؟ هذا كلام غير لائق لا عقلاً ولا شرعاً، اعلم يا أخي أننا لا ندعو ولا نحمل أحداً إلا على عقيدة توافق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكون الكتاب مؤلفه بشر يخطئ ويصيب لا ينافي أن يكون موافقاً لعقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو فُرض أن فيه بعض الأخطاء لا يقدح ذلك في الكتاب ولا في مكانته بل هو مأجور في قصده وجهده ومعذور فيما وقع من الخطإ الغير مقصود وكما سبق توجيه ذلك بأنه قد يكون من الناسخ أو من غيره ولا يقدح ذلك في الكتاب، ومثل هذه الأخطاء لا يسلم منها أي كتاب بعد كتاب الله عز وجل، ولو فتحنا هذا الباب بترك كل كتاب فيه بعض الأخطاء لتركنا عامة الكتب غير كتاب الله، وأما قولك فأي مسألة غير لا إله إلا الله محمد رسول الله وأصول الإسلام مجمع عليها عند المسلمين، فما ذا تقصد هل تنكر المسائل التي أجمعت عليها الأمة غير الشهادتين وأصول الإسلام؟؟ أجمعت الأمة على مسائل كثيرة من أصول الدين وفروعه وألفت فيه المجلدات بل الموسوعات: ابن المنذر ألف كتابه الإجماع، وابن حزم ألف كتابه مراتب الإجماع، وابن عبد البر ألف كتابه الإجماع وموسوعة الإجماع لسعد جيب وغيرهم، وإليك الإجماعت من كتاب الصلاة من كتاب الإجماع لابن المنذر فقال ابن المنذر:
كتاب الصَّلاة
أجمعوا على أن وقت الظهر: زوال الشمس.
وأجمعوا على أن صلاة المغرب: تجب إذا غربت الشمس.
وأجمعوا على أن وقت صلاة الصبح: طلوع الفجر.
وأجمعوا على أن من صلى الصبح بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس؛ أنه يصليها في وقتها.
8وأجمعوا على الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء ليلة النحر.
وأجمعوا على أن من السنة أن تستقبل القبلة بالأذان.
وأجمعوا على أن من السنة أن يؤذن المؤذن قائماً، وانفرد أبو ثور فقال: يؤذن جالساً من غير علة.
وأجمعوا على أن من السنة: أن يؤذن للصلاة بعد دخول وقتها إلا الصبح.
وأجمعوا على أن الصلاة لا تجزىء إلا بالنية.
وأجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.
وأجمعوا على أن من أحرم للصلاة بالتكبير، أنه عاقد لها داخل فيها.
وأجمعوا على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة.
وأجمعوا على أن من تكلم في صلاته عامداً، وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها، أن صلاته فاسدة.
وأجمعوا على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب.
وأجمعوا على أن من أكل وشرب في صلاته الفرض عامداً أن عليه الإعادة.
وأجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة.
وأجمعوا على أن ليس على من سها خلف الإمام سجود وانفرد مكحول وقال: عليه.
وأجمعوا على أن المأموم إذا سها إمامه أن يسجد معه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأجمعوا على أن ليس على الصبي جمعة
وأجمعوا على أن لا جمعة على النساء.
وأجمعوا على أنهن إن حضرن الإمام فصلين معه أن ذلك يجزىء عنهن.
وأجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم.
وأجمعوا على أن صلاة الجمعة ركعتان.
وأجمعوا على أن من فاتته الجمعة من المقيمين أن يصلوا أربعاً.
وأجمعوا على أن إمامة الأعمى كإمامة الصحيح، ومنع من ذلك أنس بن مالك، وابن عباس، رواية ثابتة.
وأجمعوا على أن لمن سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة مثل: حج أو جهاد أو عمرة أن يقصر الظهر والعصر والعشاء، يصلي كل واحدة منها ركعتين ركعتين.
وأجمعوا على أن عليه إذا سافر إلى مكة من مثل المدينة أن له أن يقصر الصلاة إذا كان خروجه في مثل ما تقدم وصفاً له
وأجمعوا على أن للذي يريد السفر أن يقصر الصلاة إذا خرج عن جميع البيوت من القرية التي خرج منها.
وأجمعوا على أن لمن خرج بعد الزوال أن يقصر الصلاة.
وأجمعوا على أن المقيم إذا ائتم بالمسافر وسلم الإمام من ركعتين أن على المقيم إتمام الصلاة.
وأجمعوا على أن فرض من لا يطيق القيام أن يصلي جالساً.
وأجمعوا على أن القادر لا تجزئه الصلاة إلا أن يركع أو يسجد.
وأجمعوا على أن الحائض لا صلاة عليها في أيام حيضتها فليس عليها القضاء.
وأجمعوا على أن عليها قضاء الصوم الذي تفطره في أيام حيضتها في شهر رمضان.
وأجمعوا على أن المرأة إذا حاضت وجبت عليها الفرائض.
وأجمعوا على أن من نسي صلاة في حضر؛ فذكرها في السفر، أن عليه صلاة الحضر إلا ما اختلف فيه الحسن البصري.
وأجمعوا على أن السكران يقضي الصلاة.
وأجمعوا على أن المطلوب أن يصلي على دابته.
وأما فيما يخص ما نقله الإمام أحمد في كتابه العقيدة فهو معظمه مسائل مجمع عليها أيضاً لا خلاف معتبر في شيء منها، وهي مسائل كثيرة مبثوثة في الكتاب وإليك بعضها: قال احمد بن حنبل رضي الله عنه من قال إن الله عز وجل لم يكن موصوفا حتى وصفه الواصفون فهو بذلك خارج عن الدين.
توحيد الله
وبيان ذلك أن يلزمه أن لا يكون واحدا حتى وحده الموحدون وذلك فاسد.
الله قادر حي عالم
وعنده أنه قد ثبت أن الله تعالى قادر حي عالم وقرأ هو الحي لا إله إلا هو وكان الله على كل شيء مقتدرا وكان الله بكل شيء عليما.
صفته تعالى السميع العليم
قال وفي صفات الله تعالى ما لا سبيل إلى معرفته إلا بالسمع مثل قوله تعالى وهو السميع البصير فبان بإخباره عن نفسه ما اعتقدته العقول فيه وأن قولنا سميع بصير صفة من لا يشتبه عليه شيء كما قال في كتابه الكريم ولا تكون رؤية إلا ببصر يعني من المبصرات بغير صفة من لا يغيب عليه ولا عنه شيء وليس ذلك بمعنى العلم كما يقوله المخالفون ألا ترى إلى قوله تعالى لموسى إنني معكما أسمع وأرى قال وقوله تعالى وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم يدل على أن معنى السميع غير معنى العليم وقال قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وقال عليه السلام سبحان من وسع سمعه الأصوات ومعنى ذلك من قوله أنه لو جاز أن يسمع بغير سمع جازها أن يعلم بغير علم وذلك محال فهو عالم بعلم سميع بسمع، وقال في باب الإيمان يزيد وينقص:
وكان يقول أن الإيمان يزيد ويقرأ ويزداد الذين آمنوا إيمانا ويقرأ فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وما جاز عليه الزيادة جاز عليه النقصان.
الإيمان غير الإسلام:
وكان يقول إن الإيمان غير الإسلام.
وكان يقول إن الله سبحانه قال فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين استثناء من غير الجنس.
وفرق أصحابه بين الإيمان والإسلام فقالوا حقيقة الإيمان التصديق وحقيقة الإسلام الاستسلام فلا يفهم من معنى التصديق الاستسلام ولا يفهم من معنى الاستسلام التصديق واستدل أحمد بن حنبل بحديث الأعرابي وسؤاله عن الإسلام وسؤاله عن الإيمان وجواب 57 أ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما بجوابين مختلفين واستدل أيضا بحديث الأعرابي الآخر وقوله يا رسول الله أعطيت فلانا ومنعتني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مؤمن فقال الأعرابي وأنا مؤمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلم وبحديث وفد عبد القيس وبقوله عز وجل قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا.
لا يكفر إلا تارك الصلاة:
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان لا يكفر أحدا من أهل القبلة بذنب كبيرا كان أو صغيرا إلا بترك الصلاة فمن تركها فقد كفر وحل قتله قاله ابن حنبل ويستدل بقوله عز وجل ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله فقد جمع بينهم في الإصطفاء.
مسائل شتى في الفضائل:
وكان لا يفسق الفقهاء في مسائل الخلاف.
وكان يسلم أحاديث الفضائل ولا ينصب عليها المعيار وينكر على من يقول إن هذه الفضيلة لأبي بكر باطلة وهذه الفضيلة لعلي باطلة لأن القوم أفضل من ذلك ولا يتبرأ من عين رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يجمع المسلمون على التبرىء منها.
الميزان
ويقول إن لله تعالى ميزانا يزن فيه الحسنات والسيئات ويرجع إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الذنوب والإستغفار والتوبة:
ويقول إن الذنوب من ورائها الاستغفار والتوبة وإن اخترمته المنية قبل الاستغفار والتوبة فأمره مرجى إلى الله عز وجل إن شاء غفر وإن شاء عاقب ويجوز عنده أن يغفر الله لمن لم يتب واستدل على ذلك بقوله وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم والتائب لا يقال له ظالم واستدل بقوله عز وجل قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله والتائب لا يقال له مسرف.
الشهداء أحياء يرزقون:
ويقول إن الشهداء بعد القتل باقون يأكلون أرزاقهم.
وكان يقول إن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وأن الميت يعلم بزائره يوم الجمعة بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس وأن الله تعالى يعذب قوما في قبورهم ويذهب إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصراط:
وأن لله تعالى صراطا يعبر عليه الناس وأن عليه حيات تأخذ بالأقدام وأن العبور عليه على مقادير الأعمال مشاة وسعاة وركبانا وزحفا ويذهب إلى الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واستجيدوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط.
سؤال الملكين:
وأن لله تعالى ملكين يقال لأحدهما منكر والآخر نكير يلجان إثر الميت في قبره فإما يبشرانه وإما يحذرانه ويذهب إلى حديث عمر رضي الله عنه كيف بك إذا نزلا بك وهما فظان غليظان فأقعداك وأجلساك وسألاك فتغير عمر بن الخطاب وقال يا رسول الله وعقلي معي فقال إذن كفيتهما وذكر حديث ابن عباس في قوله عز وجل لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال عند سؤال منكر ونكير.
الإجابة:
وكان يقول إن الله تعالى يجيب دعوة الداعي المؤمن والكافر ويفاوت بينهم في السؤال
مخالفة الإجماع والتواتر.
أ وكان يقول إن من خالف الإجماع والتواتر فهو ضال مضل ويفسق من خالف خبر الواحد مع التمكن من استعماله.
خير الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم:
وكان يقول إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وإن عليا عليه السلام رابعهم في الخلافة والتفضيل ويتبرأ ممن ضللهم وكفرهم.
لا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم:
وكان يقول إنه لا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله وسائر الأمة يجوز عليهم الخطأ.
الإجماع:
وكان يقول إن الإجماع إجماع الصحابة.
وكان يقول إن صح إجماع بعد الصحابة في عصر من الأعصار قلت به.
القدر خيره وشره من الله تعالى:
وكان يقول لو لم يجز أن يفعل الله تعالى الشر لما حسنت الرغبة إليه في كشفه.
الملائكة الحفظة:
وأن للعبد ملائكة يحفظونه بأمر الله وأن القضاء والقدر يوجبان التسليم.
واجب الغزو:
وأن الغزو مع الأئمة واجب وإن جاروا الامامة.
إلى غير ذلك من المسائل الكثيرة التي ذكرها في الكتاب رحمه الله،
وأما فيما يخص كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد فهو كتاب مشهور وقد يكون وصل إلى حد التواتر بين علماء المسلمين والكل يعزوا إليه بما فيهم الإمام الذهبي الذي أنت متعلق بكلمة فردية قالها ونقضها بالعزو إليه في مواضع كثيرة من كتبه ولم يتعقب ذلك العزو وكغيره من العلماء الذين عزوا إليه ولم يشككوا فيه وقد سبق إيضاح ذلك في التعليق السابق وإليك بعضه: فكتاب الرد على الجهمية ثابت للإمام أحمد بن حنبل ذكره الخلال والقاضي أبو يعلى أيضاً طبع عدة طبعات منها طبعة دار قتيبة عام 1990 م تحقيق أحمد بكير محمود.
ويعزوا إليه جمع كبير من العلماء منهم الذهبي في تاريخ الإسلام 18/ 410، 18/ 88، وفي سير أعلام النبلاء 8/ 101، 402، وفي المنتقى من منهاج الاعتدال ص89، وأبو يعلى في طبقات الحنابلة 2/ 55، والحافظ ابن حجر في فتح الباري 13/ 493، 7/ 88 – 89، وابن القيم في طريق الهجرتين 1/ 523، وفي اجتماع الجيوش الإسلامية ص124، وفي الصواعق المرسلة 1/ 178، 3/ 927، وابن تيمية في الجواب الصحيح 2/ 16، 4/ 66، وفي بيان تلبيس الجهمية ص569، وفي دقائق التفسير 1/ 326، 2/ 31، وفي منهاج السنة النبوية 2/ 568، 2/ 484، وفي مجموع الفتاوى 15/ 284، 16/ 213، 17/ 300، 8/ 385 وفي درء التعارض 1/ 249، 2/ 75، 3/ 23، وابن كثير في التفسير 3/ 229، والشيخ محمد الأمين في أضواء البيان 5/ 280 وابن النديم في الفهرست ص320، وابن جماعة في إيضاح الدليل ص10، وابن عيسى في شرح قصيدة ابن القيم 1/ 98، 290، 295، 349، 444، 2/ 307.
ومعذرة عن الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو عبد الله محمد بن محمد المصطفى المدينة النبوية
المسجد النبوي إدارة التوجيه والإرشاد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[16 Jun 2006, 11:09 ص]ـ
وتأملوا بالله عليكم هذه القصة: الخطيب يقول أخبرنا ابن الفضل قال أنا دعلج قال أنا أحمد بن عليّ الأبار قال سمعتُ بن المبارك يقول سمعتُ مع عبدالرحمن بن مهدي من حماد بن زيد فقلتُ يا أبا سعيد أعطني النسخة! فقال يا صبي أنا أدفع إليك كتابي؟؟؟ قال فاستشفعتُ عليه بإمام الحيّ فجاء فجلس حتى نسختُه وأخذه.
أخي الكريم وفقك الله.
قد دعوتَ إلى التأمل وأقسمتَ علينا في ذلك، فلما تأملت تبين لي أنه قد وقع منك اختصار أدى إلى إخلال، فإن سياقك يوهم أن الأبار سمع من الإمام ابن المبارك، إذ هو المتبادر عند الإطلاق، والأبار لم يدرك عبد الله بن المبارك، وإنما صاحب هذه القصة: عبد الرحمان بن المبارك العيشي البصري.
وأرجو من إخواننا أن يميّزوا بين كتاب الرد على الزنادقة والجهمية، والرسالة إلى مسدد بن مسرهد، فقد رأيت من خلط بينهما.
وأنصح بالرجوع إلى كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة للأستاذ عبد الإله الأحمدي، وبراءة الأئمة الأربعة من مسائل المتكلمين المبتدعة للشيخ عبد العزيز بن أحمد الحميدي ص94 - 113، ومقدمة الأخ دغش العجمي بين يدي كتاب الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[16 Jun 2006, 12:31 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التحري في إثبات نسبة الكتاب لمؤلفه، ولكن هناك من الأمور التي لم تذكرها وهي تثبت بها الأملاك والنسب والولاء وغيرهم بإجماع العلماء من تلك الأمور الاستفاضة والسماع قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على صحة شهادة السماع في النسب والولاء وهو ما يعلم بالاستفاضة، قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً من أهل العلم منع شهادة السماع في النسب. المغني لابن قدامة 10/ 164.
وقال ابن قدامة أيضاً في كتابه الكافي:تجوز الشهادة بما علمه بالاستفاضة في تسعة أشياء، النسب والنكاح والملك المطلق والوقف ومصرفه والموت والعتق والولاية والعزل. الكافي في الفقه الحنبلي لابن قدامة 4/ 543
قال ابن عبد البر: شهادة السماع يثبت بها النسب والولاء. الكافي لابن عبد البر 1/ 467، والشرح الكبير للدرديري 4/ 419.
وقال الونشريسي في كتابه المعيار: يحاز النسب بما تحاز به الأملاك. المعيار 2/ 514 ـ 515.
ومن تلك الكتب المشهورة المستفيضة بين علماء المسلمين كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد فهو كتاب مشهور وقد يكون وصل إلى حد التواتر بين علماء المسلمين والكل يعزوا وقد سبق إيضاح ذلك في التعليق السابق وإليك بعضه: فكتاب الرد على الجهمية ثابت للإمام أحمد بن حنبل ذكره الخلال والقاضي أبو يعلى أيضاً طبع عدة طبعات منها طبعة دار قتيبة عام 1990 م تحقيق أحمد بكير محمود.
ويعزوا إليه جمع كبير من العلماء منهم الذهبي في تاريخ الإسلام 18/ 410، 18/ 88، وفي سير أعلام النبلاء 8/ 101، 402، وفي المنتقى من منهاج الاعتدال ص89، وأبو يعلى في طبقات الحنابلة 2/ 55، والحافظ ابن حجر في فتح الباري 13/ 493، 7/ 88 – 89، وابن القيم في طريق الهجرتين 1/ 523، وفي اجتماع الجيوش الإسلامية ص124، وفي الصواعق المرسلة 1/ 178، 3/ 927، وابن تيمية في الجواب الصحيح 2/ 16، 4/ 66، وفي بيان تلبيس الجهمية ص569، وفي دقائق التفسير 1/ 326، 2/ 31، وفي منهاج السنة النبوية 2/ 568، 2/ 484، وفي مجموع الفتاوى 15/ 284، 16/ 213، 17/ 300، 8/ 385 وفي درء التعارض 1/ 249، 2/ 75، 3/ 23، وابن كثير في التفسير 3/ 229، والشيخ محمد الأمين في أضواء البيان 5/ 280 وابن النديم في الفهرست ص320، وابن جماعة في إيضاح الدليل ص10، وابن عيسى في شرح قصيدة ابن القيم 1/ 98، 290، 295، 349، 444، 2/ 307.
ومعذرة عن الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[16 Jun 2006, 01:07 م]ـ
شكراً على تصحيح اسم ابن المبارك فهو فعلا غير عبدالله رحمه الله
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Jun 2006, 05:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الشيخ أبو عبد الله:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
آمل أن لا تكون قد غضبت، وإن كنت غضبت فأرجو أن يكون غضبك لله وفي الله،حيث إني لم أرك بدأت حديثك بالسلام 0
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي: رأيتك في حديثك أدخلت أموراً ليست من صلب ما نحن فيه،كإقحامك المسائل (المجمع) عليهاً (فقهياً) وغيرها من مسائل الفقه، ونحن كلامنا متعلق ب (العقيدة) لاغير0
1 - سألتني:"هل تريد أن تكون هذه النصوص في الكتاب والسنة؟
الجواب: نعم وألف نعم،وأقول بصراحة:هل الله تعالى تعبدنا بما ليس في كتابه وبما لم يأت به النبي المعصوم صلوات الله عليه؟
فكلامك هذا أفهم منه: إما أن هذه النصوص في الكتاب والسنة وإما لا؟؟ إن كان الأول فبينه لنا، وإن كان الثاني فالعبد الضعيف يسعه ما وسع الصحابة رضي الله عنهم 0
ولا يفهم من هذا الكلام أني أنكر موافقة بعض المسائل المذكورة للكتاب والسنة، وذلك مثل مسائل رؤية الله تعالى وكلامه عز وجل والميزان،فهذه لا نحتاج إلى الإيمان بها وتصديقها ورودها في كتاب (مشكوك) و (مطعون) في بعض رواياته كرواية الأصطخري 0
وسألتني:هل هذه النصوص تخالف كتاب الله؟
الجواب: إما أنها تخالفه فيجب رميها،وإما أنها توافقه ففيه الغنية والكفاية 0وأضيف:إن هذه النصوص فيها ما يخالف بعضها بعضاً
كتكفير القائل بخلق القرآن مرة وأخري عدم تكفيره، بل وتكفير من لم يكفره،ثم القول بعد ذلك بعدم تكفير أهل القبلة بذنب،وكذكر بعض الصفات التي تحتاج في إثباتها إلى مصدر آخر إلى وغير ذلك من أمور لا أشك في أن الكلام فيها يستغنى عنه بما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام 0
ثم يا أخي: أي علاقة بين أحكام الجنائز ولا نكاح إلا بولي والزنا والسرقة وغيرها من المسائل الفقهية بالعقيدة،هذا يا أخي (ارتباك) و (خلط) في التأليف،لا يفعله من أراد إخراج كتاب (عقيدة) يحمل الناس عليها ويحكم بالكفر والضلال والفسق على من خالفها،فهل هذا من صنيع الإمام المبجل إمام السنة أحمد بن حنبل، أم من الناسخ والشارح،الذي أميل إليه أن الإمام بريء من هذا الكلام براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام 0
وقولك:" هذا غير لائق لا عقلاً ولا شرعاً " ما ضابط هذه اللياقة (العقلية)،وأما عدم لياقته شرعاً فأنت ملزم بالدليل الشرعي على ذلك،أعنى هات الدليل الشرعي على عدم لياقة ذلك شرعاً، ولا تنس يا أخي أن الدليل الشرعي هو:"قال الله وقال رسوله " ولا أعتقد أني حجرت عليك واسعاً 0
وقولك:"لاندعو أحداً إلا على عقيدة (توافق) كتاب الله 000" الأولى أن تدعوهم إلى عقيدة الكتاب والسنة،لاختلاف الناس في ضابط هذا (التوافق) لأنه أمر اجتهادي 0
وقلت:" لو فتحنا هذا الباب بترك كل كتاب فيه بعض الأخطاء 00" الجواب: ما المانع من ترك كل الكتب التي فيها بعض أخطاء بل المانع من ترك كل الكتب (الكلامية) عفواً (العقدية) واكتفينا بما قال الله ورسوله،ألا يسعنا ما وسع أمة محمد صلي الله عليه وسلم قبل دخول (الفلسفة) و (الكلام)،وفوق هذا وذاك: لماذا نحمل الناس على معلومات (عقدية) في كتاب أقل ما يقال عنه أن في نسبته لمؤلفه شكاً؟؟؟ إن ذلك لو كان في كتاب أدب وفقه وغيرهما لكان مدعاة لرفض الكتاب،فما بالك والكتاب في (العقيدة) 0
يا أخي: والله الذي لا إله إلا هو إني لا أحب الكلام في (العقائد) لا جهلاً بها وبمذاهبها، وإنما لاعتقادي الجازم بأن الخلاف فيها وتشعيبه هو من أكبر أسباب الفرقة بين المسلمين إلى يومنا هذا،فكل فرقة تكفر الأخرى وتبدعها وتضللها،بل وتتعبد الله تعالى بذلك بنصوص والله – حسب علمي المتواضع – ما أنزلها الله تعالى على نبيه،بل صح عنه عليه الصلاة والسلام ما يخالفها،والطامة الكبرى أننا ندرس هذا الخلاف وننشره ومن لم يتفق معنا فيه ألزمناه بما لا يلزمه،وأيضاً ننشر هذا الخلاف دون دراسة للأسباب التي إذا عرفناها تغيرت النظرة وإن بشكل 0
يا أخي كانت مداخلتي الأولى هي لذكر نص عن الإمام الذهبي يتعلق برواية الأصطخري،وجاء ذكر كتاب (الرد على الجهمية) عرضاً،:
فو الله الذي لا إله إلا هو لا يهمني هل الكتاب للإمام أحمد أم ليس له،بل الذي يهمني ويهم كل مسلم أن يموت وهو يشهد ألا إله إلا الله محمد رسول الله،هذا الذي ضمن (المعصوم صلى الله عليه وسلم) الجنة لمن مات عليه 0
والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[16 Jun 2006, 08:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخبرك بأني لم أغضب بل أفرح بجميع مداخلات الإخوان ولا تغضبني أبداً لأني أستفيد منها وجزاهم الله خيراً ولكن الوقت ثمين لا يصرف إلا ما فيه فائدة، ومن ناحية أخرى كتب الأئمة يجب احترامها مالم تخالف الكتاب والسنة ومستحيل أنهم يخالفوا الكتاب والسنة عن قصد وتعمد بل الأئمة رحمهم الله بذلوا قصارى جهدهم في خدمة الكتاب والسنة وبينوا وفصلوا، ولم يؤلفوا الكتب إلا لبيان القصود من الكتاب والسنة وتوضيح ذلك للناس، والمعيار لكلامهم هو الكتاب والسنة كلهم يوصي بعرض كلامه على الكتاب والسنة فإن وافق الكتاب والسنة فبها وإن خالف الكتاب والسنة فيرمى بقولهم عرض الحائط هذا معنى كلامهم، ومن ناحية أخرى كون الكتاب فيه ذكر بعض المسائل الفقهية كأحكام الجنائز والنكاح والتكبير في العيدين وغيرهم لا يقدح فيه لأن كثير من السلف يذكر في كتب الاعتقاد مسائل فقهية كالتكبير على الجنائز والتكبير في العيدين والمسح على الخفين وغيرهم من باب أنها من شعائر الإسلام، وقد جمعها الأخ الدكتور عبد العزيز العبد اللطيف في بحث وسماه (مسائل الفروع الواردة في العقيدة) وغيره، والكلام في العقائد لا إشكال فيه إن كان بالضوابط والمعايير الشرعية عند العلماء، والعقيدة من أهم العلوم ولا تعظم بالإعراض عنها، بل تعظم بتعلمها وتطبيقها عملياً، وكذلك الكتاب والسنة تعظيمهما باتباعهما وليس بالإعراض عنهما كما هو معلوم لدى الجميع، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى برد التنازع إلى الكتاب والسنة فاختلاف المسلمين وتنازعهم الواجب فيه الرد إلى الكتاب والسنة، ولعل من أسباب الفرقة بين المسلمين الجهل بالكتاب والسنة، ومن الخطإ البين جعل كلام العلماء مخالف للكتاب والسنة بدون برهان وأراه من التجني على الأئمة، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Jun 2006, 11:28 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
قرأت تعليقكم وأعجبنى فيه قولكم:" الوقت ثمين لايصرف إلا ما فيه فائدة " وباقيه ما فهمت المقصود منه،كما لم أفهم قولكم:" والعقيدة من أهم العلوم 00إلى قولكم " لدى الجميع "
وأما قولكم:" ولعل من أسباب الفرقة بين المسلمين الجهل بالكتاب والسنة " فهذا يا أخي (هروب) من الحقيقة المرة،وهل هذا الخلاف والإختلاف إلا بين العلماء، فإذا كان علماء المسلمين يجهلون الكتاب والسنة فمن يعلمها إذن؟ السبب يا أخي هو عندما (نزلت) هذه الأبحاث العويصة والدقيقة والمبنية على علوم قبلها للعامة 0وليس كل ما يعلم يقال،ورب إشارة أبلغ من عبارة، ويظهر لي أني استكفيت مداخلتي في هذه الجزئية،وأختمها بكلام للذهبي رحمه الله ذكره في ترجمته للإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى،قال الذهبي:"رأيت للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي،سمعت أبا حازم العبدوي،سمعت زاهر بن أحمد يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن في داري ببغداد دعاني فأتيته فقال:اشهد علي أني لا أكفر أحداً من أهل القبلة،لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد،وإنما هذا كله اختلاف العبارات 0
ثم قال الذهبي:" قلت:وبنحو هذا أدين،وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول:أنا لا أكفر أحداً من الأمة،ويقول:قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لايحافظ على الوضوء إلا مؤمن " فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم 0السير:15/ 88
والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[17 Jun 2006, 12:34 ص]ـ
جزاك الله خيراً لقد خرجت عن الموضوع؟ لا بد للكاتب من التأني وسعة الصدر والتجرد من العواطف فالمداخلة التي قلت إنك لم تفهمها فلعلك تقرأها بتأمل وتأن حتى تفهمها، وأما قولك فهذا يا أخي (هروب) من الحقيقة المرة فما ذا تعني بالهروب؟؟ وأين هذا الهروب؟؟
وأيضاً قولك: السبب يا أخي هو عندما (نزلت) هذه الأبحاث العويصة والدقيقة والمبنية على علوم قبلها للعامة وليس كل ما يعلم يقال،ورب إشارة أبلغ من عبارة، ما هذا الكلام؟؟ وأي عواصة في هذه البحوث؟؟ ولعلها عويصة على من لم يتفهمها أو يعرف المقصود منها، وماهي علاقة كلام الذهبي نقلاً عن أبي الحسن الأشعري وابن تيمية رحمهم الله بالموضوع الذي نحن بصدده؟؟
ـ[الجكني]ــــــــ[17 Jun 2006, 02:16 ص]ـ
وجزاك بمثله، أنا - وأعوذ بالله من هذه الكلمة - لم أخرج عن الموضوع، ولكن فعلاً حاولت أن أفهم ما علاقة الذي طرحته بموضوعنا،فلم أفهم، وذكرت ذلك بأسلوب مختصر،ويظهر لي أنك أيضاً لم تفهم ما أردته، وإليك تفصيل كل ذلك:
1 - لم أفهم علاقة قولك:" ومن ناحية أخرى كتب الأئمة يجب احترامها 00" بموضوعنا، فهل هناك من تطرق لكتب العلماء بغير الاحترام، أم أن الاحترام الذي تقصده هو (وجوب) قبولها والاقتناع بها وبما فيها من (تناقضات)،الاحترام يا أخي شيء والقبول شيء و (فرض وإيجاب) القبول شيء،0
2 - لم أفهم علاقة قولك:" الكلام في العقائد 000ضوابط ومعايير شرعية "ماهي هذه الضوابط والمعايير الشرعية عند العلماء في العقائد؟ ومن هؤلاء العلماء الذين وضعواها؟ وما مصدرهم؟ وما حكم من لم ير الأخذ بها؟ الأمر يا أخي ليس بالسهولة التي يتصورها كل من حفظ كلمة أو كلمتين لإمام واحد من الأئمة وأخذ يحكم على المسلمين من خلال ذلك، أو أنه اقتنع برأي وجادل عنه إن بالحق وإن بالباطل، (ووالله لا أقصدك) وإنما أتكلم على العموم،حتي رأينا رأي العين من يتكلم في عقائد الناس وهو لايكاد يحفظ جزئين من كتاب الله تعالى فضلاً عن عدم معرفته لكثير من فرض العين الذي عليه،0
3 - لم أفهم قولك:" العقيدة من أهم العلوم 00الخ " وأسألك أولاً:ما تعريف (العقيدة) وما تعريف (العلم) فهذه مصطلحات لابد من معرفتها وتعريفها حتى نعلم حدودها وضابطها (جمعاً ومنعاً)
4 - لم أفهم قولك:" الكتاب والسنة تعظيمهما باتباعهما وليس بالإعراض عنهما 00" ما دخل هذا الكلام هنا، حتى ياأخي لقد هممت بك سوءاً وهو أن تكون تقصد أن كل من عارضك فيما تذهب إليه في هذه المسألة،وأن كل من شك ورد ما كتبته عن (عقيدة الإمام أحمد) هذه أنه (معرض) عن كتاب الله تعالى، أرجو أن أكون مخطئاً فيما فهمته،وإلا صدقني لم أجد مدخلاً لكلامك هذا غير هذا التلميح الخطير، وإلا قل لي بربك أين في مداخلاتي ومداخلات غيري إعراض عن كتاب الله تعالى، ووالله ما كتبت حرفاً إلا ابتغاء رضوان الله تعالى وحفاظاً على كتابه من أن يحكم عليه بكتاب (مشكوك) و (مطعون) في نسبته لمؤلفه،والخوف كل الخوف يا أخي أن تجعل اتباع الكتاب والسنة مرتبط باتباع كتاب (الرد على الجهمية) وغيره،
5 - أما (الهروب) الذي أقصده فلا يمكن أن تعرفه إلا إذا قرأت التاريخ قراءةفاحصة محايدة 0والله من وراء القصد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[17 Jun 2006, 02:37 ص]ـ
وأما قولك:" أي عواصة في هذه البحوث 00الخ" ألا ترى أن تقرير مسألة من مسائل العقيدة الكبرى المختلف فيها بين (العقائديين) لايمكن بسطها إلا بأسلوب منطقي جدلي0
خذ مثلاً مسألة (الكلام) والله لن يستطيع (عقدي) أن يشرحها ويبسطها إلا إذا تمكن من علم (الكلام) ومعرفة مدلول (الكلام) عند المعتزلة وعند الأشاعرة وغيرهم،ثم ما علة كل فرقة فيما ذهبت إليه،ثم كيف يبين بطلان كل قول وهكذا
وخذ مسألة أخيرةوهي مسألة (الكسب) عند الأشعري، هذه المسألة التي حار فيها المتكلمون، يا أخي:علم (الكلام) أو (العقيدة) لو لم يكن علماً عويصاً لما أفنى فيه الإمام ابن تيمية وغيره من كبار العلماء الذين أفنوا أعمارهم في الرد على أهله وبيان بطلانه
وأما علاقة ما ذكره الذهبي عن الأشعري فهي واضحة وضوح الشمس لمن تأمل 0
والله من وراء القصد
ـ[السائح]ــــــــ[17 Jun 2006, 03:49 ص]ـ
شكراً على تصحيح اسم ابن المبارك فهو فعلا غير عبدالله رحمه الله
بارك الله فيك وزادك من فضله.
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[17 Jun 2006, 02:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قولك: ما المانع من ترك كل الكتب التي فيها بعض أخطاء بل المانع من ترك كل الكتب (الكلامية) عفواً (العقدية) واكتفينا بما قال الله ورسوله،ألا يسعنا ما وسع أمة محمد صلي الله عليه وسلم، وقولك: والله الذي لا إله إلا هو إني لا أحب الكلام في (العقائد) لا جهلاً بها وبمذاهبها، وإنما لاعتقادي الجازم بأن الخلاف فيها وتشعيبه هو من أكبر أسباب الفرقة بين المسلمين إلى يومنا هذا، فكل فرقة تكفر الأخرى وتبدعها وتضللها .... ،
هذا كلام خطير جداً وغير لائق نشره للناس وهو الدعوة إلى ترك كتب السلف بدعوى أننا نكتفي بالكتاب والسنة، وهل يوجد تعارض بين كتب السلف مع الكتاب والسنة حتى نتركها مع أن علماء السلف لم يؤلفوا الكتب إلا لبيان القصود من الكتاب والسنة وتوضيح ذلك للناس، والمعيار لكلامهم هو الكتاب والسنة كلهم يوصي بعرض كلامه على الكتاب والسنة فإن وافق الكتاب والسنة فبها وإن خالف الكتاب والسنة فيرمى بقولهم عرض الحائط هذا معنى كلامهم وقد سبق التنبيه على ذلك، ومن ناحية أخرى الحكم على المسلمين بأنهم فرق كل تكفر وتضلل وتبدع الأخرى ... هذا فيه نوع من التشنيع والتشهير والمبالغات التي لا تجوز ولا تنبغي للمسلم أن يتجرأ عليها، وأذكرك بقول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سورة ق. آية: (18)، وبقوله: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة الإسراء من الآية (53)، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رقم (5672)، ورقم (5784 – 5785) ورقم (6110)، ومسلم رقم (47 – 48) 1/ 68، وقال عيسى بن مريم (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله: فتقسو قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية) رواه مالك في الموطأ 2/ 986، وابن أبي شيبة رقم (34230) 7/ 65 ورقم (31879) 6/ 340، وقال ابن عباس: العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت والعاشرة اعتزالك عن الناس. مسند الفردوس رقم (4231) 3/ 82، وصفوة الصفوة 4/ 257، وتاريخ جرجان ص 250، وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: (اجعل كبير المسلمين عندك أباً، وصغيرهم ابناً، وأوسطهم أخاً، فأي أولئك تحب أن تسيء إليه) جامع العلوم والحكم 2/ 283، وقال يحي بن معاذ الرازي: (ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره،وإن لم تفرحه فلا تغمه،وإن لم تمدحه فلا تذمه) جامع العلوم والحكم 2/ 283، وقال ابن عمر لرجل سأله عن العلم: فقال (إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس،خميص البطن من أموالهم،كاف اللسان عن أعراضهم، لازماً لجماعتهم، فافعل) سير أعلام النبلاء 2/ 221، ولعلك نسيت الموضوع وهو (كتاب العقيدة للإمام أحمد بن حنبل) هل
(يُتْبَعُ)
(/)
هو للإمام أحمد أم لا؟ الذي وصفته أنت في كتاباتك بعدة أوصاف وهي قولك: (مشكوك فيه)، (ومطعون فيه)، (ارتباك) (وخلط)، (العويص)، (التناقضات) إلى غير ذلك من الأوصاف التي وصفته بها في كتاباتك، فالكتاب مطبوع ومحقق ومقابل على أصول فالذي ينفيه عن صاحبه مطالب بإثبات دليل النفي القاطع، أما التكهنات والتوقعات هذه لا تقدم ولا تؤخر، وأما مسألة علم الكلام التي أدخلتها أخيراً وغيرها من المسائل هذا ليس مقام بسطها، ولكل مقام مقال، وفي حالة بسطها لابد من التفريق بين علم التوحيد وهو معرفة الله بأسمائه وصفاته المنصوص عليهما في الكتاب والسنة وبين علم الكلام الفلسفي المذموم الذي لا نص عليه لا من كتاب ولا من سنة، وفيما يخص مسألة الكلام عند المعتزلة والأشاعرة التي ذكرتها وحلفت عليها بالله كما حلفت على غيرها، وكما تعلم ما تعبدنا الله بكلام المعتزلة ولا الأشاعرة، ولسنا بحاجة إليهم ولا إلى كلامهم فقد أغنانا الله عنهم وعن كلامهم بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبكلام علماء السلف الذين بينوا المراد من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ناحية أخرى من باب النصيحة الحلف بالله ليس بالأمر الهين ولا ينبغي التعود عليه في كل صغيرة وكبيرة قال الله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم، ويمكن تأكيد الكلام بدون الحلف بالله عز وجل، إلا إذا كان من باب لغو اليمين مثل لا والله وبلى والله فهذا شيء آخر وله حكمه الذي يخصه، وأما طلبك تعريف العلم وأقسامه كان عليك أن ترجع إلى الكتب حتى تتمكن من تلك التعاريف وإليك بعضها مجملاً لأن هذا ليس مكان بسطها، (العلم) من تعريفه أنه هو: الإدراك ومعرفة المعلوم على ما هو به، و (العلم المكتسب) هو ما يقع عن نظر واستدلال و (العلم الضروري) هو الذي لم يقع عن نظر واستدلال كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس، وإذا أردت أن تتوسع في التفريعات والأقسام فارجع إلى مظانه فستجده إن شاء الله تعالى وكذالك معرفة الضوابط والمعايير الشرعية التي بينها العلماء في العقائد هذا كله موجود في محله وهو سهل جداً لمن يريد الفائدة، وليس بالعويص كما تقرره أنت في كتاباتك، وليس هذا مقام بسطه ولكل مقام مقال، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الجكني]ــــــــ[17 Jun 2006, 03:01 م]ـ
أما وقد فهمت من سؤالي الفرضي "مالمانع من ترك الكتب (الكلامية) والتي تسميها أنت (العقيدة) والإكتفاء بكتاب الله ورسوله " الدعوة إلى ترك كتب السلف،وخطت يمينك ما نحن في غنى عنه، ووصفت الأمر ب (الخطورة) وغير لائق نشره بين الناس ‘وكأني بك تتحكم في ما هو لائق وغير لائق
وادعائك أن القول بأن فرق المسلمين يكفر بعضهم بعضاَهو نوع من التشهير 00الخ أقول:أما وقد أوصلت الكلام إلى هذا الحد فأرى أننا ننفخ في الهواء ونتكلم مع من في فمه ماء
وعند الله تجتمع الخصوم والله من وراء القصد
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[17 Jun 2006, 05:54 م]ـ
جزاك الله خيراً المقصود هو الفائدة للجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[17 Jun 2006, 07:06 م]ـ
كنتَ ستختصر الطريق عليك وعلى المسلمين، وستكون أنفع لهم لو قلتَ: إني لا أملك دليلاً ولا أستطيع أن أثبت نسبة هذه الرسالة إلى أحمد بن حنبل، ولكني وجدتها معزوّةً إليه فنسختها لكم، والعهدة على رواتها ونساخها وناقليها. وكفى الله المؤمنين القتال.
فالطباعة ليست توثيقاً، إنما هي نسخ جديد فقط. والتحقيق له أصوله وقواعده، وما أكثر مُدّعيه.
الأخ الجكني: لقد أتعبت الأخ يحيى شريف في قضية الضاد، فقد كنت ملزماً إما أن تغير تعريف الرخاوة أو تخطئ أحد الفريقين علماء النحو والتجويد أو القراء الذين ينطقونها شديدة. فلا محيص عن أحد هذين المهيعين لكنّك شرّقْتَ وغربت!
فسلّط الله عليك من يتعبك!
عين بعين، وكما تدين تدان
ولو سمحت لي لقلت ممازحاً:
وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالمٍ إلا سيبلى بأظلمِ
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[18 Jun 2006, 01:10 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاك الله خيراً الدكتور عبد الرحمن الصالح أنا الذي قلته بأن الذي ينفي الكتاب عن مؤلفه مطالب بالدليل لأن الكتاب ذكره جمع من علماء الحنابلة ولم يطعنوا فيه وأثبتوه للإمام أحمد وهم القاضي أبو يعلى في الطبقات والحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي في كتابه مناقب الإمام أحمد وغيرهم، والكتاب مطبوع وحققه عبد العزيز السيروان طبع عام 1988 م، الناشر دار قتيبة، بيروت، وذكر في خاتمته أنه قابله على نسخة قديمة تم نسخها في ليلة الثلاثاء الرابع من ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة، 576 هـ فقال: وكان تمام نسخه على يد حامد بن محمد أديب التقي في 13 رمضان سنة 1342 هـ من نسخة قديمة في المكتبة العمومية الظاهرية بدمشق من كتاب الأمر بالمعروف للخلال رقم 245 حديث، ثم جرت مقابلته مرة ثانية على مخطوط المكتبة الظاهرية المذكور أعلاه من قبل الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان والسيدة ابتسام محمد جميل ميرخان في يوم الجمعة 10 ذي الحجة سنة 1406.وذكر أنه من رواية مسدد بن مسرهد، فقال: روى القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن الحسين بن خلف الفراء في الطبقات والحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي في كتابه مناقب الإمام أحمد وذكر القاضي برهان الدين إبراهيم بن مفلح في كتابه المقصد الأرشد أن أبا بكر أحمد بن محمد البردعي التميمي قال لما أشكل على مسدد بن مسرهد أمر الفتنة يعني في القول بخلق القرآن وما وقع فيه الناس من الاختلاف في القدر والرفض والاعتزال وخلق القرآن والإرجاء كتب إلى أحمد بن حنبل أن أكتب إلي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ورد الكتاب على أحمد بن حنبل بكى وقال إنا لله وإنا إليه راجعون يزعم هذا البصري أنه قد انفق على العلم مالاً عظيماً وهو لا يهتدي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الذي جعل في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى وينهونه عن الردى ويحيون بكتاب الله الموتى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجهالة والردى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن آثارهم على الناس ينفون عن دين الله عز وجل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الضالين الذين عقدوا ألوية البدع وأطلقوا عنان الفتنة مخالفين في الكتاب يقولون على الله وفي الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا في كتابه بغير علم فنعوذ بالله من كل فتنة مضلة وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما، أما بعد وفقنا الله وإياكم لكل ما فيه رضاه وطاعته وجنبنا وإياكم ما فيه سخطه واستعملنا وإياكم عمل الخاشعين له العارفين به الخائفين منه فإنه المسؤول ... إلى آخر الكتاب ...
قلت: وكل هذه المعطيات تثبت نسبة الكتاب لمؤلفه ولا شك أن المثبت مقدم على النافي لأن المثبت علم ما لم يعلمه النافي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وأيضاً النافي ليس لديه أي دليل يثبت النفي ولو قدر أنه أوجد دليل النفي فالمثبت مقدم على النافي كما هو معروف، ووجود بعض الأخطاء أو الملاحظات الجزئية الفردية لا يدل على عدم إثبات الكتاب لمؤلفه، فقد يبرأ الكتاب من تلك الأخطاء بالرجوع إلى أصله، وقد يكون أخطأ فيها بعض النساخ وأضاف تلك العبارات فقد يكون يراها من باب الشرح والتوضيح والتقريب عنده، ومثل ذلك كثير وقد سبقت تلك المسائل كاملة في المكاتبات السابقة مع الدكتور الجكني، ومن ناحية أخرى اعتذر للإخوان عن الإطالة، وما أرت إلا الفائدة للجميع، ولم أرد إتعاب الأخ الجكني، ولكني طالبته بالدليل الذي يثبت نفي الكتاب عن مؤلفه، وأعوذ بالله أن أكون من الظالمين الذين أشرت لهم في بيتك:
وما من يد إلا يد الله فوقها ** ولا ظالمٍ إلا سيبلى بأظلمِ
ولكن لا بأس ما دمت ذكرته من باب المزح، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[الجكني]ــــــــ[18 Jun 2006, 02:48 ص]ـ
أخي الفاضل الدكتور عبد الرحمن الصالح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وبعد:
العبد الضعيف لم يتعب الشيخ الفاضل محمد يحي شريف، بل ماكان مني ومنه إلا مداولات في مسألة علمية متعلقة بحرف من كتاب الله تعالى،ولو رجعت إلى المداخلات لوجدت ما تكرم هو بتسطيره أطول وأكثر مما كان من العبد الضعيف،ولكن يا أخي التعب في مثل هذا محمود ومرغوب إن شاء الله 0
وأما البيت الذي أنشدته (ممازحا) فإني أبرأ إلى الله منه وكذا أنزه أخي الشيخ أبو عبد الله عنه،فوالله لم يظلمنى كما أني لم أظلم الشيخ شريف، واسمح لى أن أبدل عجز البيت بهذه العبارة وأقصد بها أخي أبو عبد الله:
ولا (عالم) إلاسيبلى (بأعلم) وأكرر اعتذاري لكم وللشيخين الفاضلين إن كان بدر مني مالا يليق،فالعلم رحم بين أهله
وأذكر لأخي أبو عبد الله أني لست بصدد (نفي) أو (إثبات) الكتاب للإمام أحمد وإنما هي معلومة جاءت عرضاً0والله من وراء القصد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[18 Jun 2006, 03:12 ص]ـ
<قلت: وكل هذه المعطيات تثبت نسبة الكتاب لمؤلفه ولا شك أن المثبت مقدم على النافي لأن المثبت علم ما لم يعلمه النافي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وأيضاً النافي ليس لديه أي دليل يثبت النفي ولو قدر أنه أوجد دليل النفي فالمثبت مقدم على النافي كما هو معروف >
استشهاد بكلمات في غير سياقها، وإيراد لها على غير وجهها.
وعلى هذه الطريقة يكون كلُّ كذاب مقدما على مكذبيه، وناحل على مفنديه!!!
بل يمكن والله أن يُنحل كتاب على مؤلفه ومؤلف حيٌّ يُرْزق
وقد رأينا جرائد تقوِّل شيوخاً ما لم يقولوه، وتزيد في ما قالوه كلمة أو كلمتين تُحقق بها مآرب أخرى
وبالجملة:
ليس مثل هذا الأمر مما يحتاج إلى إراقة حبر كثير فيه
وحتى لو ظنّ ابن الجوزي أو أبو يعلى صحته فلسنا ولا أحد من الأمة مُلزم باتباع ظنهما
ومجرد نشر هذا الكتاب معزوّاً إلى أحمد دون أن تشنّ عليه حملة يكشف عن حال "العلم" اليوم!
ومجرد عدّ مثل هذا التساهل، وهذه الطريقة في معاملة الكتب تحقيقاً يكشف حال التحقيق بين مدّعيه!
ومجرّد إيرادك لمثل هذه النصوص في غير محلها يكشف أن بيني وبينك شعرة معاوية قبل أن نؤذن بـ"الحرب"!
أم تراك حاملي على ما حملني سواك أن أنشد:
لجأتُ إلى السكوت من التلاحي * كما لجأ الجبانُ إلى الفرارِ
ـ[الجكني]ــــــــ[18 Jun 2006, 03:17 ص]ـ
كان الله في عونك يا دكتور مع الشيخ أبي عبد الله،وهنا حق لشهرزاد أن تقول:
وكل باحث سيبلى بأبحث
(ممازحا) والله لا (متهكما)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[18 Jun 2006, 03:27 ص]ـ
كان الله في عونك يا دكتور مع الشيخ أبي عبد الله،وهنا حق لشهرزاد أن تقول:
وكل باحث سيبلى بأبحث
(ممازحا) والله لا (متهكما)
وما أروع إيرادك لـ (العلم رحم بين أهله)!
وعسى أن يكون الأخ أبو عبدالله أكثر تشدداً في قبول العلم!
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[18 Jun 2006, 04:18 ص]ـ
أخي الفاضل الدكتور عبد الرحمن الصالح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،وبعد:
وأما البيت الذي أنشدته (ممازحا) فإني أبرأ إلى الله منه وكذا أنزه أخي الشيخ أبو عبد الله عنه،فوالله لم يظلمنى كما أني لم أظلم الشيخ شريف، واسمح لى أن أبدل عجز البيت بهذه العبارة وأقصد بها أخي أبو عبد الله:
ولا (عالم) إلاسيبلى (بأعلم) وأكرر اعتذاري لكم وللشيخين الفاضلين إن كان بدر مني مالا يليق،فالعلم رحم بين أهله
وأذكر لأخي أبو عبد الله أني لست بصدد (نفي) أو (إثبات) الكتاب للإمام أحمد وإنما هي معلومة جاءت عرضاً0والله من وراء القصد
أخي الكريم كلُّنا بضاعتنا مزجاة
والله تعالى قد علمنا أصول العلم فقال عز من قائل:"ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلْم"
وفي مثل هاتيك الكتب التي تتحدث في أمور مهمة جدا لا تسوغ الجرأة على الخوض فيها لكلّ من هب ودبّ! بل على المسلم أن يكون أكثر تواضُعاً، فيضع الأمور في نصابها.
اهل العلم شكّوا في نسبة كتاب (الفقه الأكبر) الى أبي حنيفة، وشكوا في نسبة (رسالة الإمام مالك الى هارون الرشيد) وفي صحة كتاب (الحيدة) وغيرها كثير.
لكن يريد بعض الإخوة أن يتساهل في قبول نسبة كتاب لا خطام له ولا زمام!!
ما فرق ما بيننا وبين الروافض إذن؟
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[18 Jun 2006, 08:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكما الله خيراً،الموضوع ما يحتاج إلى إطالة، الكتاب أثبتته وأقرته جماعة من علماء الحنابلة وهم القاضي أبو يعلى في الطبقات والحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي في كتابه مناقب الإمام أحمد، فأثبتوا لنا الذين نفوه حتى نقارن بين المثبت والنافي مع أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب فالمثبت مقدم على النافي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وأما قولك: استشهاد بكلمات في غير سياقها، وإيراد لها على غير وجهها، فما هو وجهها وسياقها؟؟ ولتعلم أن هذه الكلمات ليس نصاً وحتى يحصر في سياق أو وجهة معينة بل هي قاعدة مضطردة في كل نفي وإثبات، ونفي الكتب ليس مجال اجتهاد ولا قياس، ومجرد شكوى اهل العلم للكتب لا تنفي ولا تثبت، والكتب التي ذكرت أنهم شكوها لا تزال تطبع يوماً بعد يوم لأنهم لم يثبتوا النفي بدليل مقنع، فلا بد من إقامة الحجة المقنعة على نفي الكتاب حتى يحذر منه، وأما مجرد النفي المجرد أو الظن والتوقعات لا تدل على نفي ولا إثبات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
عقوبة من استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكن المؤمنون من عقابه
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[07 Feb 2006, 03:37 م]ـ
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، أما بعد:
فهذه فائدة من كلام الإمام ابن تيمية في سنة الله في المستهزئين الذي يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكن المؤمنون من عقابهم ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول ص164:
و من سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله، ورسوله فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله، و يكفيه إياه، كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكاتب المفتري، و كما قال سبحانه: {فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين}
و القصة في إهلاك الله واحدا واحدا من هؤلاء المستهزئين معروفة قد ذكرها أهل السير و التفسير و هم على ما قيل: نفر من رؤوس قريش: منهم الوليد بن المغيرة، و العاص بن وائل، و الأسودان ابن المطلب و ابن عبد يغوث، و الحارث بن قيس.
و قد كتب النبي صلى الله عليه و سلم إلى كسرى و قيصر، و كلاهما لم يسلم لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه و سلم، و أكرم رسوله = فثبت ملكه، فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم.
و كسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و استهزأ برسول الله صلى الله عليه و سلم = فقتله الله بعد قليل، و مزق ملكه كل ممزق، و لم يبق للأكاسرة ملك.
و هذا و الله أعلم تحقيق لقوله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر} فكل من شنأه، و أبغضه، و عاداه = فإن الله يقطع دابره، و يمحق عَينه و أثره.
و قد قيل: إنها نزلت في العاص بن وائل، أو في عقبة بن أبي معيط، أو في كعب بن الأشرف، و قد رأيتَ صنيع الله بهم
و من الكلام السائر: " لحوم العلماء مسمومة " فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟!
و في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ".
فكيف بمن عادى الأنبياء؟ و من حارب الله تعالى حُرِب، و إذا استقصيت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء، و قابلوهم بقبيح القول أو العمل، و هكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة، و باءوا بغضب من الله، و لم يكن لهم نصير لقتلهم الأنبياء بغير حق مضموما إلى كفرهم، كما ذكر الله ذلك في كتابه، و لعلك لا تجد أحدا آذى نبيا من الأنبياء، ثم لم يتب إلا و لابد أن تصيبه قارعة، و قد ذكرنا ما جربه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرضوا لسب رسول الله صلى الله عليه و سلم، و بلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة، و هذا باب واسع لا يحاط به، و لم نقصد قصده هنا، و إنما قصدنا بيان الحكم الشرعي.
وينظر هذا الرابط فيه مقال فيه فوائد ونقول للشيخ عبد الله زقيل وفقه الله.
http://alsaha2.fares.net/sahat?23@94.gbkAbvVwiCn.0@44%40gbkAbvVwiCn
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[10 Feb 2006, 01:06 ص]ـ
في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة للحافظ ابن حجر 4/ 152 في ترجمة:علي بن مرزوق بن أبي الحسن الربعي ..
ذكر عن جمال الدين إبراهيم بن محمد الطيبي: أن بعض أمراء المغل تنصر، فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغل، فجعل واحد منهم ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك كلب صيد مربوط، فلما أكثر من ذلك، وثب عليه الكلب، فخمشه فخلصوه منه. وقال بعض من حضر: هذا بكلامك فى محمد صلى الله عليه وسلم.
فقال: كلا بل هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير بيدى فظن أني أريد أن أضربه!
ثم عاد إلى ما كان فيه فأطال، فوثب الكلب مرة أخرى فقبض على زردمته فقلعها، فمات من حينه، فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين الفا من المغل.
استفدته من الشيخ عبد الله بن مانع حفظه الله.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Feb 2006, 01:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا، وللتوضيح فقط، كلمة "زردمته": في اللسان - مادة "زردم": الزَّرْدَمة ... موضع الابتلاع.
المصدر: http://qamoos.sakhr.com/openme.asp?fileurl=/html/7066035.html
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[14 Feb 2006, 09:14 م]ـ
جزاك الله خيرا(/)
متفرقات إخبارية عن الحملة الصليبية الجديدة
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[07 Feb 2006, 07:00 م]ـ
= مواقع 'إسرائيلية' تُعيد نشر الرسوم الكاريكاتورية المُسيئة للرسول
= لندن تعتزم مقاضاة مسلمين شاركوا في تظاهرة ضد الرسوم المسيئة
= الموسوي: قم والنجف تمارس دور الصم والبكم في قضية سب الرسول
= متحف روسي يعتزم إقامة معرض للصور المسيئة للنبي الأكرم '
للمزيد من الأخبار،،
انظر:
http://nosra.islammemo.cc/index.aspx(/)
شبكة الشريعة التخصصية
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 Feb 2006, 07:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،،
فقد تم منذ مدة بفضل من الله تعالى ومنة تصميم (شبكة الشريعة التخصصية ـ للفروع و علوم الآلة ـ)
أساس الشبكة:
نقوم بشبكة الشريعة التخصصية على سد ثغر علمي واسع في الجسد العلمي لأمة محمد صلى الله عليه و سلم؛ حيث نعهد نشاطا ملحوظا في علوم الحديث بصورة عامة، إلا أننا لما تأملنا في علم الفروع وجدنا أنه لا يتناول بصورته المجردة الخالية من التأثر الفكري باتجاه ما.
و نحن نصدق مع أنفسنا و نعترف بأوابدنا.
فإننا نرى تأثري للعلوم عامة ـ و الفروع خاصة ـ بالاتجاهات الفكرية و حسب ما كان عليه قادة هذه الاتجاهات على حق كانوا أم باطل.
فصرنا للأسف ننظر للمتفقهة أو الأتباع، فمن شعائره الخفية و الظاهرة نقول: هذا سلفي، هذا صوفي، هذا كذا .. هذا كذا.
رغم أن كتب الفقه واحدة، و الفروع واحدة، فليتنا تمايزنا في أمر خارج عن الفروع.
فكانت النتيجة أن فقد علم الفروع (الفقه) تلك الحيادية العلمية التي لا ينبغي أن يتناول إلا بها.
أما علوم الآلات، فقد وجدنا بها تقصيرا من حيث تناولها كعلوم آلة، و إن كانت تتناول عرضا من خلال تناول مسائلها المخدومة.
فما رغبنا تكرارا في المواقع العلمية بالشبكة، بل آثرنا سد الثغور و القيام بالكفاية فيما لم تقم به كفاية.
فكان تخصص الشبكة في علم الفروع (الفقه) و علوم الآلة (أصول الفقه ـ مصطلح الحديث ـ علوم القرآن ـ علوم اللغة العربية)
فيتم تناول هذه العلوم بصورة تخصصية، و لا يتم تناول غيرها إلا تبعا.
إدارة الشبكة:
محمد رشيد: المشرف العلمي العام
علاء الحزمي: مراقب و مختص بشؤون الأفراد
عبد الله: الدعم الفني ـ يختص بكل ما يتعلق بتقنيات الشبكة ـ
نهج الشبكة:
1 ـ كما سبق تقوم الشبكة على محض الحيادية العلمية في تناولها تخصصها العلمي لذا فلا تعرض لعقائد الأعضاء في خلال تناول المسائل، إلا أن يكون لذلك تأثير في محل التباحث.
2 ـ يتم التعاون بينها و بين غيرها من الشبكات في سبيل التكامل في وحدة العلوم الشرعية
3 ـ نعمل من خلالها إلى تقديم دورات تتمثل في شروح لبعض المتون المتعلقة بتخصص الشبكة، وذلك لالتزام المنهجية العلمية و تأصيل الطلاب في جانب علوم الآلة خاصة.
4 ـ نرجو التزام تخصص الشبكة فهي محصورة في علم الفروع و علوم الآلات.
فيتم تناول أصول التفسير و قواعده، دون ذات علم التفسير
يتم تناول مسائل مصطلح الحديث دون التعرض لمعرفة الأحكام على أحاديث بعينها
يتم تناول علوم اللغة العربية من نحو و صرف و عروض .. إلخ، دون التعرض للتفسير اللغوي أو الأدبيات أو الشعر.
هذا ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم
محبكم / محمد رشيد
شبكة الشريعة التخصصية
www.shree3a.net
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[08 Feb 2006, 08:47 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل/ محمد رشيد
أسعدتني كثيراً فكرة الشبكة التخصصية
أثابكم الله وسددكم
ملحوظة/ الرابط لم يعمل لدي!
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:29 م]ـ
جهد مبارك ولكن الرابط لم يعمل لدي أيضاً
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Feb 2006, 01:04 م]ـ
هذا رابطه، دخلته عن طريق البحث عن اسم الشبكة:
http://www.sharee3a.net/vb/
ـ[أبو عبد العزيز]ــــــــ[08 Feb 2006, 03:09 م]ـ
شكراً لأستاذنا محمد رشيد.
وشكراً لـ د. أبي بكر خليل
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[08 Feb 2006, 04:23 م]ـ
بارك الله تعالى فيكم إخواننا الكرام
وجزاكم الله تعالى خيرا أستاذنا الكريم د. أبو بكر
و يسعدنا رؤيتكم لدينا أخانا الكريم أبا عبد العزيز الكناني(/)
مفهوم الحرية
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[08 Feb 2006, 12:28 م]ـ
مفهوم الحرية
أيساء إلى نبي الحرية باسم الحرية؟!
يحلو لفظ الحرية عند الناس، لكن مفهوم مصطلحها مُشْكل عندهم عدا المحققين منهم، وتأتي الممارسة تابعة؛ فإذا خلت من الشروط والضوابط التي تحكمها خفيت حدودها، وأظلم طريقها، وتعدى ضررها. وبدعوي ممارسة الحرية ترتكب حماقات، وتمارس جرائم، ويختل الأمن ...
وليس خفاء معناها ناتجا عن صعوبة فيه؛ ولكن لعدم الحرص على البحث عنه. وهي عادة مستحكِمة عند الكثير – بدون مبالغة- بتعمق معنى المصطلحات المطلوبة للتنفيذ وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد.
ومعيار الضوابط والشروط: النقل الصحيح، والعقل السليم، حيث لا تعارض بينهما. بشرط العلم وتحري الصواب؛ مع سياج من التقوى والإخلاص، وتنفيذٍ أمين يتمتع بثقة المنهج المنبثق عنه تلك الشروط والضوابط، ومن استنبطها؛ وبعض هذه المواصفات يخلو منها ذهن الكافر بالله أو بالمنهج الرباني وما انبثق منها، وهذه الفجوة أنتجت أخطاء فادحة نالت مما نالت العظماء بحجة الحرية والتعبير عن الرأي، ويشارك في هذا مؤسسات وحكومات ... تتضمن عقلاء ومستشارين ... ويهمهم مصالح وعلاقات تمسهم ... ما يستدعي ضرورة تلازم العقل والنقل في تحديد ضوابط وشروط الحرية الصحيحة.
إن النيل ممن جاء بالحرية باسم الحرية مقلق، ودليل على إفلاس خطير في التفريق بين النافع والضار في عصر توفرت فيه وسائل التحقق منهما. فأي شيء تنتظر البشرية ممن هذا شأنه. إن المنهج الإسلامي هو المنقذ من هذا التردي، ومطلوب من الأمة الإسلامية حكاما ومحكومين تعاملا سليما معه بدعم معنوي وحسي لأولى الأمر من العلماء الربانيين المحققين ليضعوا النقاط على الحروف في هذا وغيره من قضايا تمس جوانب الحياة لإنقاذ البشرية من واقعها الملبد بالغيوم، والذي يهددها في مقاصدها وضروراتها الخمس، وما انبثق عنها؛ فأي شيء ننتظر ممن يحملون فكرا منحرفا مع إنتاجٍ لسلاح تدميرٍ شامل، وتهافت على أكل حق الآخر، والنيل من عرضه ودمه وأمنه وأرضه؛ مع دعاوى عريضة وفضفاضة تصم الآذان بمراعاة حق الآخر ... والممارسة العملية ترد ذلك وتكذبه قولا وحالا وواقعا.
الحرية:خروج عن رق الكائنات؛ [1] الشهوات والشبهات والإنسان، وقطع العلائق التي توصل إلى ذلك، والتعلق بما يحبه الله تعالى وما والاه؛ وذلك عين النفع للحياة والأحياء؛ بممارسة ما يسعد النفس والغير، والتزود من العمل المقرب إلى الله تعالى؛ المفضي إلى الجنة في الآخرة. تلك هي الحرية السليمة في النفس السوية محاطة بشروط وضوابط منها:
1 - خلوها من ضررٍ على حقوق النفس والغير دما وعرضا ودينا وعقلا ومالا.
2 - خلوها مما يتعارض مع منهج الله مما جاء به الأنبياء والمرسلون كتابا وسنة.
3 - خلوها من الأنانية وحب الذات المفضيين إلى التفريط بحق الغير لصالحها.
4 - العلم الذي يورث الخشية ومعرفة الحقوق، والوصول إليها بالتحري والخطوات العلمية السليمة ...
5 - التقوى لرعاية الحقوق بشعور مراقبة الله التي لا تغيب، ولا يحجبها شيء.
6 - والورع الذي يمنع السطو على الحقوق بدافع الشهوة أو الشبهة.
7 - النظرة الصائبة إلى الأشياء ووزنها بميزان دقيق.
8 - الموازنة بين القيم؛ قيمة الدنيا والآخرة كما هما في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فذلك يوضح حقارة الدنيا فتزهد النفس عنها،وتستشرف للآخرة فتحرص عليها فلا تقع في ظلم الآخرين بأي نوع من الظلم.
هذه بعض الضوابط والشروط الخاصة بمفهوم الحرية الحقيقية التي ينتفع صاحبها وينفع غيره بها، أو على الأقل تنأى عما يحدث ضررا على النفس أو الغير.
وهذه الضوابط وغيرها مجملة ومفصلة متضافرة في النصوص الإسلامية
منها ما جاء في سور العصر والهمزة والفيل؛ وبيانها كالآتي:
* سورة العصر؛ قال تعالى {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) [2]
(يُتْبَعُ)
(/)
يتبين منها إن الناجي من الخسران في جنس الإنسان عموما –حسب تحديد السورة - هو من يتحرى الحق من مضانه ويحوله إلى ممارسة صحيحة ويوصله إلى غيره. ويحيط ذلك بسياج من الصبر على ركيزتين:
1 - البحث والتحري والدقة في تقرير الحق كون البحث مضنيا.
2 - أذى الناس عند إيصال التوصية إليهم كون بعضهم يركبه أوصاف سيئة مثل الاستكبار والغرور والجهل.
مع الاتصاف بصفتي الإيمان والعمل الصالح؛ وغير المسلم يفتقد هذين الشرطين؛ لقد أقسم الله تعالى على ذلك؛ ولم يبق لمؤمن مجال للشك في هذا؛ إنه المسئول عن تحري الحق والعمل به وإيصاله للآخرين.
* سورة الهمزة قال تعالى {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) في عمد ممدة (9) [3]
" أي: الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله. فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله. ومن صفة هذا الغماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده، والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه، في طرق الخيرات، وصلة الأرحام، ونحو ذلك ". [4]
وامتلاك المال أو الجاه أو السلطان بدون تقوى وورع وإيمان باليوم الآخر يدفع إلى الإساءة إلى الآخرين تحت وطأة الكبر والغرور والعجب فيقعون في الهمز واللمز للآخرين ومن اللمز ما هو فعل كالصور الساخرة.
وليس مبتغى أصحاب الصحيفة سوى حفنة من المال يكسبونها من الخبر المثير، أو شهرة يلهثون وراءها ...
* سورة الفيل قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} [5]
جفا أصحاب الفيل الحقيقة واستهانوا بالمقدسات ونسوا قدرة الله؛ ظنوا أن بقدرتهم محاربة الحق، ورحلوا مسافات لهدم الكعبة. فحاربتهم الطيور بأمر الله؛ فقال عبد المطلب في ذلك:
أنت منعت الحبش والأفيالا وقد رعوا بمكة الأجبالا
وقد خشينا منهم القتالا وكل أمر لهم معضالا
شكرا وحمدا لك ذا الجلالا
خفيت عنهم الحقيقة، وغفلوا عن قدرة الله تعالى فسيقوا إلى تلك النهاية وما هي من الظالمين ببعيد.
ورفع المنهج الإسلامي الضرر والحرج في نصوصه وقعّد علماء الأصول لذلك قواعد تصلح للجميع زمانا ومكانا للمسلم وغيره. مستنبطة من نصوص القرآن والسنة منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله e قال لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاق الله عليه؛ هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه [6]
فرفع كل ضرر ومشقة في كافة المعاملات، وأضحى كل فرد في الأمة مسئولا مسئولية كاملة عما يأتي من قبله من ضرر ومشقة تؤثر على من سواه كائنا من كان مسلما أو كافرا ما لم يبدأ بالضرر؛ وهذه قناعة داخل ضمير المؤمن ودين يتعبد الله بها على المستوى الفردي والمؤسسي الخاص والعام ... وقد وردت هذه القاعدة وسواها من طرق متعددة [7].
وتعدت هذه القاعدة الإنسان إلى غيره من الأحياء حتى النملة
قال أبو هريرة هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح [8] والبيهقي عن أبي هريرة [9]
ربى أصحابه على الاعتماد على الله والعمل على إرضائه فهانت في أعينهم الدنيا فحرصوا على الآخرة فلم يتعمدوا إضرار أحد فبشروا بجزاء عملهم في ذلك اليوم في نعيم لايفني ولا يبيد، كلما اشتهت النفس شيئا حصلت عليه بمجرد التمني فإذا قارن هذا النعيم المقيم بما في الدنيا من نعم هانت الدنيا وما فيها، وأضحى يعمل فيها صالحا ليحصل على نتيجة هذا العمل في الآخرة ومن صور النعيم في الجنة لفئة من الناس أتقنوا العمل في الدنيا ما تضمنته الآية {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)} [10]
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم {أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن يسبحون الله بكرة وعشيا لا يسقمون ولا يمتخطون ولا يبصقون آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب وقود مجامرهم الألوة قال أبو اليمان يعني العود ورشحهم المسك وقال مجاهد الإبكار أول الفجر والعشي ميل الشمس إلى أن أراه تغرب} [11]
قال ابن حجر: وقد اشتمل ذلك على نفي جميع صفات النقص عنهم ولمسلم من حديث جابر يأكل أهل الجنة ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك وكأنه مختصر مما أخرجه النسائي من حديث زيد بن أرقم قال جاء رجل من أهل الكتاب فقال يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون قال نعم أن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع قال الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة وليس في الجنة أذى قال تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك وسمى الطبراني في روايته هذا السائل ثعلبة بن الحارث قال بن الجوزي لما كانت أغذية أهل الجنة في غاية اللطافة والاعتدال لم يكن فيها أذى ولا فضلة تستقذر بل يتولد عن تلك الأغذية أطيب ريح وأحسنه ... آنيتهم فيها الذهب ... والفضة ... وفي حديث أبي موسى مرفوعا جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما. [12] ... ومجامرهم الألوة والألوة العود الذي يبخر به قيل جعلت مجامرهم نفس العود لكن في الرواية الثانية ووقود مجامرهم الألوة فعلى هذا في رواية الباب تجوز ووقع في رواية الصغاني بعد قوله الألوة قال أبو اليمان يعني العود والمجامر جمع مجمرة وهي المبخرة سميت مجمرة لأنها يوضع فيها الجمر ليفوح به ما يوضع فيها من البخور والألوة بفتح الهمزة ويجوز ضمها وبضم اللام وتشديد الواو وحكى بن التين كسر الهمزة وتخفيف الواو والهمزة أصلية وقيل زائدة قال الأصمعي أراها فارسية عربت وقد يقال أن رائحة العود إنما تفوح بوضعه في النار والجنة لا نار فيها ومن ثم قال الإسماعيلي بعد تخريج الحديث المذكور ينظر هل في الجنة نار ويجاب باحتمال أن يشتعل بغير نار بل بقوله كن وإنما سميت مجمرة باعتبار ما كان في الأصل ويحتمل أن يشتعل بنار لا ضرر فيها ولا إحراق أو يفوح بغير اشتعال ونحو ذلك ما أخرجه الترمذي من حديث بن مسعود مرفوعا أن الرجل في الجنة ليشتهي الطير فيخر بين يديه مشويا وفيه الاحتمالات المذكورة وقد ذكر نحو ذلك بن القيم في الباب الثاني والأربعين من حادي الأرواح وزاد في الطير أو يشوى خارج الجنة أو بأسباب قدرت لانضاجه ولا تتعين النار قال وقريب من ذلك قوله تعالى هم وأزواجهم في ظلال أكلها دائم وظلها وهي لا شمس فيها [13]
فإذا غرز في النفس قيمة الدنيا وقيمة الآخرة ونعيمهما تحرت كسبها وسيرها عموما في الدنيا لتظفر بنعيم الآخرة، ونأت عن التحايل والخداع من أجل مصلحة دنوية فانية تتعلق بالإضرار بالآخرين باسم الحرية أو أي مسمى آخر ... ضرر الحرية يكمن في سوء فهمها، وعدم التقيد بشروطها وضوابطها من خلال النصوص الإسلامية؛ ومما يؤسف له أن تفهم حكومات ومؤسسات ذلك الفهم الخاطئ وتدافع عنه.
إن العالم بأسره يحتاج إلى النهج الرباني ليقوم اعوجاجه، ويهديه إلى الصواب في كل جانب من جوانب الحياة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- أنظر: الجرجاني، التعريفات، (بيروت،1408هـ 1988م، الثانية) ص86.
[2]- سورة العصر
[3]- سورة الهمزة
[4]- السعدي، تيسير الكريم المنان ... ص 864
[5]- سورة الفيل
[6]- المسترك 2/ 66 رقم 2345.
[7]-ابن ماجة 2/ 784، 2340
[8] البخاري ومسلم
[9]- سنن البيهقي 5/ 213.
[10]- سورة محمد (صلى الله عليه وسلم) واقرأ سورة الرحمن والواقعة.
[11]- البخاري 3/ 1186، 3074.
[12]- متفق عليه
[13]- فتح الباري 6/ 324. بتصرف(/)
نبادل أسف بأسف أعظم منه
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[09 Feb 2006, 10:56 م]ـ
نبادل أسف راسموسن بأسف أعظم منه
حقيقة هذا شعوري تجاه فوغ راسموسن رئيس وزراء الدنمارك .. حقيقة نبادل أسفه بأسف مثله .. بل بأسف أعظم منه، وكيف لا نفعل، وهو قد اختار الحديث للأمة الإسلامية عبر قناة عربية، فعل ذلك وهو الذي لم يتمكن منذ أسابيع معدودة من تخصيص دقيقات يقابل فيها سفراء لدول إسلامية جاءوه طالبين الجلوس إليه والحديث معه، ففي حين قابل طلبهم بالرفض جاءنا يطلب ودنا! فيا مرحبا ويا مرحبا.
علينا كأمة إسلامية أن نعترف أننا ملزمون أدبيا أن نبادل أسفه بأسف مثله، بل بأعظم منه ألم يبين بشكل واضح لا مراء فيه أسفه الشديد لعدم قدرتنا على استيعاب القيمة الأخلاقية لحرية الرأي داخل مجتمعه،؟ ألم يبين أنه عاجز عن تقنين هذه الحرية أو تحديدها، فلحرية الرأي الدنماركية قداسة لا يمكن له ولا لغيره زحزحتها قيد أنملة .. أو تحديد أبعادها!
وأمام هذا الكرم الأخلاقي علينا أن نبين لفوغ راسموسن رئيس وزراء الدنمارك، ولمنتخبيه أننا بدورنا نأسف جدا لأننا لم نعد نتذوق أجبانهم ولا ألبانهم، نأسف لأننا مازلنا نصر على إفراغ متاجرنا من منتجاتهم، نأسف جدا لأننا لم نعد قادرين على شراء أو بلع أو حتى التواجد بالقرب من بضائعهم، علينا أيضا ألا ننسى توجيه الأسف الشديد لمفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي الذي أصابته حمى فسمعناه يهذي بما لا يعي، علينا أن نبين لكل هؤلاء (أننا نحزن لأن الموضوع وصل لهذا الحد) وأننا (لم نقصد الإساءة لأحد)، لكن ما حيلتنا فلديننا قداسة تفوق بمراحل قداسة حرياتهم.
علينا أن نبين لهم أننا نأسف لأنهم مزارعون وأن حياتهم تتوقف على بيع منتجاتهم الزراعية، وأننا نأسف كون نصف إنتاجهم الحيواني يصدر للمملكة العربية السعودية، وأنهم قد لا يجدون ثمن الحطب في شتائهم القارس، وأن الآلاف من موظفيهم قد يشردون، وأن البطالة ستكون شغل حكوماتهم الشاغل لعقود متتالية، وأن شركاتهم ومصانعهم ستقلص نشاطها إلى النصف، هذا إذا لم تقفل أبوابها وتنهي نشاطها .. نعلم كل هذا ونأسف له.
كما نأسف لأن الحكومة الدنماركية والإعلام الدنماركي والشعب الدنماركي لم يفهمنا بعد، كما نحن وعلى حسب زعمهم لم نفهمهم بعد!
نأسف لأن مقاطعة بضائعهم أصابتهم في مقتل، فلم نقصد ذلك، ولا ندري لماذا فسروا موقفنا هذا التفسير. يا إلهي كدت أنسى أن أبين لكم أسفنا الشديد فنحن لم ولن نكتفي بأسفكم ذاك، فلم يعد يجدي معنا أسف ولا اعتذار.
ولكننا ولأننا أمة قدرت وتقدر تواضعكم أشد التقدير، وتقدر أسفكم الذي لم ولن نقبله، ننصحكم أن تحاولوا تفعيل أسفكم، لا باعتذار مموه ينتهي أثره مع آخر ألفاظه، بل باعتمادكم وسعيكم لاعتماد قوانين صارمة محليا وأوروبيا ودوليا، قوانين تجرم من يتجرأ أو يحاول المساس بديننا الإسلامي وبرسولنا الكريم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام .. وياليتكم عندما تفعلون ذلك تعرضونها علينا من باب الحوار الذي تسعون إليه! ثم تنشرون بنوده كافة بلغتكم الرسمية وبلغات أخرى كالعربية والفرنسية والألمانية والإنجليزية، وعلى صفحات كبرى الصحف العالمية، ويا ليتكم عندها تجرمون المذنبين بمن فيهم رئيس وزرائكم المتعجرف فوغ راسموسن، والقائمون على تلك الصحيفة السوداء، وكل من شارك برسم أو بفكرة انتهت للمساس بخير البرية محمد بن عبدالله عليه الصلاة والإسلام، ومن الطبيعي أن ينال رئيس تحرير صحيفة اليولاند بوسطن من تجريمكم حظ الأسد، وياليتكم توجهون لنا الدعوة لحضور محاكمة ذاك الأفاق الذي تطاول على ديننا وعلى خاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم وآل بيته بقصة يفترض أنها مخصصة للأطفال، ولا نخفيكم أننا طامعون في كرم وفي مضاعفة دعمكم المادي والمعنوي للجمعيات والمؤسسات الإسلامية في الدنمارك .. وبإفساح المجال لحديثنا لشعبكم في مدارسكم وجامعاتكم، بإعلامكم مدفوع الثمن سواء أكان مسموعا أم مرئيا أم مقروءا ما دمتم طامعين في دوام صداقتنا و خيرات أسواقنا.
وياليتكم عندما تفعلون ذلك تتذكرون أن الفرد منا يعد مرتدا خارجا عن الإسلام لو لامس لسانه موسى وعيسى عليهما السلام بما يشين، وأننا كأمة مسلمة لا نقبل منكم أو من غيركم أي إساءة تمس رسل الله وأنبياءه - كافة - عليهم الصلاة والسلام.
وأخيرا آمل أن تستوعبوا أننا حقا نبادل أسفكم بأسف أعظم منه.
الكاتب: أميمة أحمد الجلاهمة
السبت 5 محرم 1427هـ الموافق 4 فبراير 2006م العدد (1954
وهذا هو ردي
بيان ياليت الأمة تستوعبه وتجعله في مقدمة أولوياتها
أما أسفهم فهو مرفوض لعدة أسباب
الأول عجرفتهم في بداية الأمر
الثاني استهزائهم بالأمة
الثالث أنهم ما تأسفوا الا من باب درأ الخطر وليس اعترافا بالخطأ
الرابع أنهم ما تأسفوا الا لوضع خطة بديلة مستقبلية للمواجهة
الخامس وهو قبل كل شيء أن الإستهانة بأي نبي لا أسف الا بتوبة عما حدث وهم لا توبة لهم لأنهم كفار فلا يجوز معهم الا قتل من أساء ليكون عبرة لغيره
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[روضة]ــــــــ[09 Feb 2006, 11:20 م]ـ
http://www.f3f3.com/dnemark/rasool%20(12).gif
" قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون"
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[10 Feb 2006, 04:58 ص]ـ
حقا أختنا باحثة
شاكرا لك مرورك وردك الذي كفى كل رد
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3768
http://saaid.net/book/open.php?cat=2&book=1448(/)
نداء لمحبي رسول الله صلى الله عليه و سلم
ـ[طالب علوم القرآن]ــــــــ[11 Feb 2006, 05:39 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ....
إخواني في الله من باب نصرة رسول الله صلى الله عليه و سلم فإني كتبت هذا النداء على صفحة واحدة بصيغة وورد و ارفقته هنا كملف مرفق، و ارجو من الأخوة أن يقوموا بتنزيله و نسخه و نشره نصرة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و هو نداء للمسلمين عامة و للبحرينيين و الكويتيين خاصة، فلا تبخلوا على أنفسكم نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم بنسخ كم ورقة و توزيعها
و جزاكم الله خيرا(/)
إجابة الكسائي التي تدل على فهمه وحفظه وقوة ذاكرته
ـ[طارق]ــــــــ[13 Feb 2006, 12:12 ص]ـ
سُئل الكسائى: كم في القرآن آية أولها شين؟
فأجاب: أربع آيات:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (البقرة: من الآية185)
(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: من الآية18)
(شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (النحل:121)
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً) (الشورى: من الآية13)
((من كتاب البرهان في علوم القرآن)) للزركشي
فانظروا ـ رحمكم الله ـ إلى سرعة البديهة، وحضور الذهن، وقوة الذاكرة،
ومتانة الحفظ.
وقد أحببت أن أنقل لكم هذه المعلومة للفائدة.(/)
طارق بالباب
ـ[عبد الله العمري]ــــــــ[13 Feb 2006, 05:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فإني أبدأ بالشكر لمشرف المنتدى وأعضاءه الأجلاء، والمشاركين البررة .. وأهنئ كل مسلم بهذا الموقع البائن الذكر والسالب الفكر، وأسأل الله أن يجعله شامة لكل ذي هامة.
وقد تمنيت أن أكون من قبل ذي اشتراك مع السمار على الكواغد، أهل الأقلام والسواعد، إلا أن النظر إلى الحال رماني في شَرَكِ المحال، لعلمي بمزجية البضاعة ونفوق الباعة، عدى أنّ من لا يسعني له المخالفة، ألح بلسان المحب الرضيّ أن أضرب بسهمي مع السهام وغرة أصيلي مع العوادي الدهام، فانصعت كالطفل الراجف، وأسرعت كالبرق الخاطف، فعسى أن ألقى عند باب ولوجي مرحبا، أو عند أريكت جلوسي مؤنسا، وسأومض ببعض المشاركات في أوان نشطة النفس وزوال الحبس بذهاب اللبس.
وكلي أمل أن أجد من يشجع يراعتي، ويذكي نار براعتي.
أخوكم ...
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Feb 2006, 09:34 م]ـ
حياك الله أخي الكريم, فادخل ولا تقف بالباب, إلا إذا وجدت عنده ما وجد القائل:
لم أزل بالباب واقف ** فأدم ربي وقوفي
فلك ذلك. غير أن المجلس رحب, والفناء واسع, والصدر منشرح, والقلب فرحان, فمرحباً بك وأهلاً, و:
لا تُخفِ ما صنعت بك الأشواق ** واشرح هواك فكُلُّنا عُشَّاقُ.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2006, 11:50 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله أخا بني عمرو، وحيا الله هذا الأدب والنثر، فكأن هذه الدرر، من نسيم جبال ذي المضر، فقد اتخذوا الإجادة منهاجا، وأوقدوا للعلم سراجا، ولن تعدم في هذا الملتقى مرحباً عند الباب، ومؤنساً عند وضع الركاب، وكلنا في هذا الملتقى من جملة الطلاب، كثَّر الله أوقات نشاطك، ووقانا لَذْعَ سياطك.(/)
نصرة النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[16 Feb 2006, 05:18 م]ـ
أأخي المسلم الكريم إنَّ نصرة الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم والدِّفاع عنهُ واجب على كُلِّ مسلمٍ يشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ بقدرِ استطاعتهِ، وأنَّ التَّخاذلَ والجُبنَ عنْ نصرتهِ طمعاً في دنيا أو خوفاً منْ مخلوقٍ فهو إثمٌ وذنبٌ عظيمٌ، وكُلُّ إنسانٍ بحسبِ قدرتهِ وطاقتهِ، وما يجبُ على العالِمِ غيرُ ما يجبُ على العامِيِّ، وعلى الحاكمِ والمسؤولِ والأميرِ والوزيرِ ما لا يجبُ على غيرهِم، وعلى منْ يتكلمُ لغةَ القومِ ويستطيعُ إبلاغَ الاستنكارِ يجبُ عليهم ما لا يجبُ على غيرِهم، عملاً بقول المولى جلَّ شأنهُ: ((لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً))،ويقول سبحانه: ((فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))،يقولُ شيخُ الإسلامِ:"التعزيرُ: هو اسمٌ جامعٌ لنصرهِ وتأييدهِ ومَنْعُهُ منْ كُلِّ ما يؤذِيهِ، والتوقيرُ: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ مافيهِ سكينةٌ وطمأنينةٌ منْ الإجلالِ والإكرامِ، وأنْ يُعاملَ منَ التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بِما يَصونهُ عنْ كُلِّ ما يُخْرِجُهُ عنْ حَدِّ الوقارِ " أ. هـ
وإنَّ من أعظم النصرة لرسول الله صلى الله عليه نشر دينه وسنته؛ فعليك أخي المسلم الكريم بنشر هذه الكتب التي جعلها مؤلفها وقفاً لله تعالى، وأذن لكل مسلم بنشرها ولو أليكترونياً، وهي جاهزة للطبع.
صفحة الدكتور ماهر ياسين الفحل التي فيها كتبه
http://saaid.net/book/search.php?PHP...ED%C7%D3%ED%E4
كتاب " حرمة المسلم على المسلم "، وهو مهم جداً في هذا الوقت
http://saaid.net/book/open.php?cat=8...f0629b96b60fa6
تحقيق كتاب " جامع العلوم والحكم "
http://saaid.net/book/open.php?cat=3...f0629b96b60fa6
وهو أيضاً في ملتقى أهل الحديث، مع بيان ميزات هذه الطبعة، وسبب إعادة تحقيق الكتاب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=67804
تحقيق كتاب " رياض الصالحين "
http://saaid.net/book/open.php?cat=3...f0629b96b60fa6
وهو أيضاً في ملتقى أهل الحديث مع بيان فوائده
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38264
ألفية العراقي
http://saaid.net/book/open.php?cat=9...f0629b96b60fa6
بحوث في المصطلح
http://saaid.net/book/open.php?cat=9...f0629b96b60fa6
بحوث حديثية
http://saaid.net/book/open.php?cat=9...f0629b96b60fa6
المنتخب من صحيح السنة النبوية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=406336#post406336
محاضرات في علوم الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=72589
فجميع هذه الكتب وقف لله يجوز لأي مسلم طبعها أو نشرها خيرياً أو تجارياً أو أليكترونياً، ومن لم يستطع فليدل على الخير، والدال على الخير كفاعله، ومن دعا إلى هدى كان له مثل أجور من فعل، والأعمال بالنيات.
لمراسلة الدكتور ماهر ياسين الفحل
العراق – الأنبار – الرمادي - رئيس قسم الحديث في كلية العلوم الإسلامية
جامعة الأنبار – حرسها الله.
Maher_fahl@hotmail.com(/)
عقيدة الأئمة الأربعة
ـ[أبو حفص السكندري]ــــــــ[16 Feb 2006, 10:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عقيدة الإمام أبي حنيفة - 150 هـ -
هذه طائفة من أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ... فيما يعتقده في مسائل أصول الدين ... مع بيان موقفه من علم الكلام:
أ - أقوال الإمام أبي حنيفة في التوحيد:
أولا: عقيدته في توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي:
1 - قال أبو حنيفة: (لا ينبغي لاحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه، المأمور به، ما استفيد من قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) [الدر المختار من حاشية المختار 6/ 396 - 397].
(2) قال أبو حنيفة: (يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام) [شرح العقيدة الطحاوية 234، واتحاف السادة المتقين 2/ 285، وشرح الفقه الأكبر للقاري 189].
(3) وقال أبو حنيفة: (لا ينبغي لأحد أن يدعوا الله إلا به، وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك، أو بحق خلقك). [التوسل والوسيلة ص82 , وانظر شرح الفقه الأكبرص198]
ثانيا: قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية:
(4) وقال: (لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى، ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه، ونصفه كما وصف نفسه، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق ايديهم، ليست كايدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه) [الفقه الابسط 56].
(5) وقال: (وله يد ووجه ونفس، كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس، فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته، لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال) [الفقه الأكبر 302].
(6) وقال: (لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئا تبارك الله وتعالى رب العالمين) [شرح الطحاوية 2/ 427، جلاء العينين 368].
(7) ولما سئل عن النزول الإلهي قال: (ينزل بلا كيف) [عقيدة السلف أصحاب الحديث 42، الأسماء والصفات للبيهقي 456، شرح الطحاوية 245، شرح الفقه الأكبر للقاري 60].
(8) وقال أبو حنيفة: (والله تعالى يدعى من أعلى لا من اسفل، لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء) [الفقه الابسط 51].
(9) وقال: (وهو يغضب ويرضى، ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه) [الفقه الأبسط 56].
(10) وقال: (ولا يشبه شيئا من الاشياء من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته) [الفقه الأكبر 301].
(11) وقال: (وصفاته بخلاف صفات المخلوقين، يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، ويسمع لا كسمعنا، ويتكلم لا ككلامنا) [الفقه الأكبر 302]. (12) وقال: (لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين) [الفقه الابسط 56].
(13) وقال: (من وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر) [العقيدة الطحاوية].
(14) وقال: (وصفاته الذاتية والفعلية، أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة، وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته) [الفقه الأكبر 301].
(15) وقال: (ولم يزل فاعلا بفعله، والفعل صفة في الأزل، والفاعل هو الله تعالى، والفعل صفة في الأزل، والمفعول مخلوق، وفعل الله تعالى غير مخلوق) [الفقه الأكبر 301].
(16) وقال: (من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض) [الفقه الأبسط 46، ونقل نحو هذا شيخ الإسلام في مجموع الفتاوي 48/ 5، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية 139، والذهبي في العلو 101 - 102، وابن قدامة في العلو 116، وابن أبي العز في شرح الطحاوية 301].
(يُتْبَعُ)
(/)
(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده؟، قال: (إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض)، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى {وهو معكم}؟ قال: (هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه) [الأسماء والصفات 429].
(18) وقال كذلك: (يد الله فو أيديهم، ليست كأيدي خلقه) [الفقه الأبسط 56].
(19) وقال: (إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض)، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى [وهو معكم]؟، قال: (هو كما تكتب لرجل إني معك، وأنت غائب عنه) [الأسماء والصفات 2/ 170].
(20) وقال: (قد كان متكلما ولم يكن، كلم موسى عليه السلام) [الفقه الأكبر 302].
(21) وقال: (ومتكلما بكلامه، والكلام صفة في الأزل) [الفقه الأكبر 301].
(22) وقال: (ويتكلم، لا ككلامنا) [الفقه الأكبر 302].
(23) وقال: (وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى، كما قال الله تعالى {وكلم موسى تكليما}، وقد كان الله تعالى متكلما ولم يكن كلم موسى عليه السلام) [الفقه الأكبر 302].
(24) وقال: (والقرآن كلام الله، في المصاحف مكتوب، وفي القلوب محفوظ، وعلى الألسن مقروء، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أنزل) [الفقه الأكبر 301].
(25) وقال: (والقرآن غير مخلوق) [الفقه الأكبر 301].
ب - أقوال الإمام أبي حنيفة في القدر:
(1) جاء رجل إلى الإمام أبي حنيفة يجادله في القدر، فقال له: (أما علمت أن الناظر في القدر كالناظر في عيني الشمس، كلما إزداد نظرا إزداد تحيرا) [قلائد عقود العقيان ق77ب].
(2) يقول الإمام أبو حنيفة: (وكان الله تعالى عالما في الأزل بالاشياء قبل كونها) [الفقه الأكبر 302 - 303].
(3) وقال: (يعلم الله تعالى المعدوم في حالة عدمه معدوما، ويعلم أنه كيف يكون إذا أوجده، ويعلم الله تعالى الموجود في حالة وجوده موجودا، ويعلم كيف يكون فناؤه) [الفقه الأكبر 302 - 303].
(4) يقول الإمام أبو حنيفة: (وقدره في اللوح المحفوظ) [الفقه الأكبر 302].
(5) وقال: (ونقر بأن الله تعالى أمر بالقلم أن يكتب، فقال القلم: ماذا أكتب يا رب؟ فقال الله تعالى: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، لقوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر * وكل صغير وكبير مستطر}) [الوصية مع شرحها 21].
(6) وقال الإمام أبو حنيفة: (ولا يكون شيء في الدنيا ولا في الآخرة إلا بمشيئته) [الفقه الأكبر 302].
(7) ويقول الإمام أبو حنيفة: (خلق الله الأشياء لا من شيء) [الفقه الأكبر 302].
(8) وقال: (وكان الله تعالى خالقا قبل ان يخلق) [الفقه الأكبر 304].
(9) وقال: (نقر بأن العبد مع اعماله وإقراره ومعرفته مخلوق، فلما كان الفاعل مخلوقا، فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة) [الوصية مع شرحها 14].
(10) وقال: (جميع أفعال العباد من الحركة والسكون: كسبهم، والله تعالى خالقها، وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره) [الفقه الأكبر 303].
(11) قال الإمام أبو حنيفة: (وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة، والله تعالى خلقها، وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره، والطاعات كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره، والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته، لا بمحبته ولا برضاه ولا بأمره) [الفقه الأكبر 303].
(12) وقال: (خلق الله تعالى الخلق سليما من الكفر والإيمان، ثم خاطبهم وأمرهم ونهاهم، فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده الحق بخذلان الله تعالى إياه، وآمن من أمن بفعله وإقراره وتصديقه بتوفيق الله تعالى ونصرته له) [الفقه الأكبر 302 - 303] … والصواب: خلق الله تعالى الخلق على فطرة الإسلام، كما سيبينه الإمام أبو حنيفة في قوله الآتي.
(13) وقال: (وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر، فجعلهم عقلاء، فخاطبهم وأمرهم بالإيمان، ونهاهم عن الكفر، فأقروا له بالربوبية، فكان ذلك منهم إيمانا، فهم يولدون على تلك الفطرة، ومن كفر بعد ذلك فقد بدل وغير، ومن آمن وصدق فقد ثبت عليه وداوم) [الفقه الأكبر 302].
(يُتْبَعُ)
(/)
(14) وقال: (وهو الذي قدر الأشياء وقضاها، ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره، وكتبه في اللوح المحفوظ) [الفقه الأكبر 302].
(15) وقال: (لم يجبر أحدا من خلقه على الكفر ولا على الإيمان، ولكن خلقهم اشخاصا، والإيمان والكفر فعل العباد، ويعلم الله تعالى من يكفر في حال كفره، فإذا آمن بعد ذلك، فإذا علمه مؤمنا أحبه من غير أن يتغير علمه) [الفقه الأكبر 303].
ج - أقوال الإمام أبي حنيفة في الإيمان:
(1) قال: (والإيمان هو الإقرار والتصديق) [الفقه الأكبر 304].
(2) وقال: (الإيمان إقرار باللسان، وتصديق بالجنان، والإقرار وحده لا يكون إيمانا) [كتاب الوصية مع شرحها 2]، ونقله الطحاوي عن ابي حنيفة وصاحبه [شرح الطحاوية 306].
(3) وقال أبو حنيفة: (والإيمان لا يزيد ولا ينقص) [الوصية مع شرحها 3].
قلت: قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه، وقوله في مسمى الإيمان، وأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان … قوله هذا هو الفارق بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام - مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم - والحق معهم، وقول أبي حنيفة مجانب للصواب، وهو مأجور في الحالين، وقد ذكر ابن عبد البر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن قوله [التمهيد لابن عبد البر 9/ 247، شرح الطحاوية 395] … والله أعلم.
د - أقوال الإمام أبي حنيفة في الصحابة:
(1) قال الإمام أبو حنيفة: (ولا نذكر أحدا من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بخير) [الفقه الأكبر 304].
(2) وقال: (ولا نتبرأ من أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نوالي أحدا دون أحد) [الفقه الأبسط 40].
(3) ويقول: (مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة واحدة، خير من عمل أحدنا جميع عمره، وإن طال) [مناقب أبي حنيفة للمكي 76].
(4) وقال: (ونقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين) [الوصية مع شرحها 14].
(5) وقال: (افضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل) [النور اللامع ق119 - ب].
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين:
(1) قال الإمام أبو حنيفة: (أصحاب الأهواء بالبصرة كثير، ودخلتها عشرين مرة ونيفا، وربما أقمت بها سنة أو أكثر أو أقل ظانا أن علم الكلام أجل العلوم) [مناقب أبي حنيفة للكردي 137].
(2) وقال: (كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغا يشار إلي فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتني امرأة فقالت: رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها؟ فلم أدر ما أقول، فأمرتها أن تسأل حمادا ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادا، فقال: يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقة ثم يتركها حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلت للأزواج، فرجعت فأخبرتني، فقلت: لا حاجة لي في الكلام، وأخذت نعلي فجلست إلى حماد) [تاريخ بغداد 13/ 333].
(3) وقال: (لعن الله عمرو بن عبيد، فإنه أحدث للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم في الكلام) [ذم الكلام للهروي 28 - 31].
(4) وقال حماد بن أبي حنيفة: (دخل علي أبي رحمه الله يوما وعندي جماعة من أصحاب الكلام، ونحن نتناظر في باب، قد علت أصواتنا، فلما سمعت حسه في الدار خرجت إليه، فقال لي: يا حماد من عندك؟ قلت: فلان وفلان وفلان، سميت من كان عندي، قال: وفيم انتم؟ قلت: في باب كذا وكذا، فقال لي: يا حماد دع الكلام، قال ولم أعهد أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهي عنه، فقلن له: يا أبت ألست كنت تأمرني به؟! قال: بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه، قلت: ولم ذاك؟! فقال: يا بني إن هؤلاء المختلفين في ابواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتباينوا …) [مناقب أبي حنيفة للمكي 183 - 184].
(5) وقال أبو حنيفة لأبي يوسف: (إياك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام، فإنهم قوم يقلدونك فيشتغلون بذلك) [مناقب أبي حنيفة للمكي 373]
هذه طائفة من أقواله رحمه الله … وما يعتقده في مسائل أصول الدين، وموقفه من الكلام والمتكلمين.
-------------------
(كتاب / اعتقاد أئمة السلف) جمع / د ز محمد بن عبد الرحمن الخميس
العقيدة الصحيحة عن أبى حنيفة .. هنا
http://www.arabcastle.net/vb/uploaded2/45554878678.gif
http://www.rubat.com/phpbb/files/aqwal-009_117.jpg(/)
مسابقة في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم - لجميع الفئات العمرية
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[17 Feb 2006, 12:13 م]ـ
في موقع الألوكة
http://www.alukah.net/Page.aspx?PageID=1(/)
لو داومت على عمل صالح!!
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[18 Feb 2006, 03:50 ص]ـ
أهمية المداومة على الأعمال الصالحة وفضلها:
المداومة على الأعمال الصالحة من الأهمية في الشريعة الإسلامية بمكان، وتظهر أوجه أهميتها بما يلي:
1 - أن فرائض الله -عز وجل- إنما فرضت على الدوام، وهي أحب الأعمال إلى الله تعالى.
2 - أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته) رواه مسلم.
3 - أن الأعمال المداوم عليها أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). متفق عليه.
4 - أن من فاته شيء من الأعمال التي يداوم عليها من صلاة ليل، أو قراءة قرآن، ونحوها .. استحب له قضاؤه، ولولا ما للمداومة من أهمية ما شرع له ذلك.
آثار وفوائد المداومة على الأعمال الصالحة: يكرم الله عباده المحافظين على الطاعات بأمور كثيرة، ومن تلك الفوائد:
1 - دوام اتصال القلب بخالقه؛ وهو ما يعطيه قوة وثباتاً وتعلقاً بالله -عز وجل- وتوكلاً عليه، ومن ثم يكفيه الله همه، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
2 - تعهد النفس عن الغفلة، وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها، وتألفها، وكما قيل: (نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية).
3 - أنها سبب لمحبة الله تعالى للعبد وولاية العبد لله، قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}. والمراد: المداومين على التوبة والطهارة، المكثرين منها. وجاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: {وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).
4 - أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد، كما نصح النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنه بقوله: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة) أخرجه الإمام أحمد.
5 - أن المداومة على صالح الأعمال تنهى صاحبها عن الفواحش، قال تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر). وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق، فقال: إنه سينهاه ما تقول) أخرجه الإمام أحمد.
6 - أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لمحو الخطايا والذنوب، والأدلة على هذا كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) أخرجه الشيخان.
7 - أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لحسن الختام، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، وقال: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).
8 - أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للتيسير في الحساب وتجاوز الله تعالى عن العبد، وقد جاء في الأثر: إن الله تجاوز عن رجل كان في حياته يعامل الناس ويتجاوز عن المعسرين، فقال الله تعالى: (تجاوزوا عن عبدي). رواه مسلم.
9 - أن المداومة على العمل الصالح سبب في أن يستظل الإنسان في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه. وكل هذه الأعمال لا بد فيها من الاستمرار.
10 - أن المداومة على العمل الصالح سبب لطهارة القلب من النفاق، ونجاة صاحبه من النار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق). أخرجه الترمذي.
11 - أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة، دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان). فقال أبو بكر: ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؟ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم). متفق عليه.
12 - أن من داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري، وهذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.(/)
أفضل خمسةطرق لتوزيع الشريط الإسلامي+قائمه كبيره جدا بريال+شاركنا بفكره
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[19 Feb 2006, 12:32 ص]ـ
1 - يستفاد من الأشرطه المخفضه في إقامة مشاريع إستبدال الشريط الغنائي بإسلامي
سواء أقيم المشروع في جامع أو تسجيلات إسلاميه أو في مخيم دعوي
ووالله أن الشباب والناس مقبلين على الخير ويكون كل ثلاثة أشرطه غنائيه مقابل شريط إسلامي
2 - توزيعه على شباب الأرصفه والمقاهي ولمن يستمع الأغاني عند الإشارات
3 - لأصحاب محلات تأجير السيارات بوضع ثلاثة أشرطه في كل سياره بعد الإستئذان من صاحب المحل
4 - أصحاب الليموزينات وأصحاب الأجره الذين يذهبون خارج المدينه من الرياض إلى جده مثلاً
5 - أصحاب مؤسسات نقل الطالبات من الكليات إلى أنحاء المدينه
فمثلا بعض المؤسسات تنقل من رماح إلى الرياض ومن المزاحميه إلى الرياض وهكذا
فلو أعطي كل صاحب باص خمسة أشرطه وقيل له شغل في كل أحد وثلاثاء مثلاً في العوده فقط
لأستمع الطالبات إلى ثمانية أشرطه كل شهر كامله ونسأل الله التوفيق والإعانه
6 - وكذلك عند محطات الطرق السريعه بتوزيعه على المسافرين الذين يريدون ما يقطعون به الطريق
## إفتتاح دار طيبه للنشر والتوزيع على الدائري الشرقي طريق المطار بين مخرج 11 و10 ##
أشرطه بريال فقط ولا يشترط شراء كرتون فتستطيع أن تشترى ولو شريطاً واحداً
والقائمه تضم: العريفي والراشد والعوضي وسعيد مسفر والشنقيطي
وبدر المشاري وطلال الدوسري وعبدالله الرسي ...... الخ
وأشرطه قرآن للقارئ اللحيدان والقطامي وياسر الدوسري
تسجيلات منارات الإسلام الشريط بريال فقط
فرع حي الربوه بجانب التدمريه وأمام جامع الراجحي الجديد 4928797
فرع شارع خالد بن الوليد (إنكاس سابقاً) أمام أسواق الرياض مول 2389988
أخي في الله:-
أرجو أن لا تكتفي بقراءة هذا الموضوع!! فأرجو نشره بقدر المستطاع!!
وأنت وإستثمارك!! فالإستثمار الحقيقي هو الدلاله على الخير!!
ولا يكون مندوبي المبيعات أحسن منك حالاً في جده ونشاطه ونشره لبضاعته!!!!
فساهم أخي في الله ولو برفع الموضوع!! ولكن بعد نزوله في الصفحه الثانيه والثالثه فساهم في رفعه!!
إلى من يحمل هم الدعوه إلى الله!!!
إلى من يحترق لواقع أمته!!!
إلى من يأسف لحال كثير من الشباب والفتيات!!!
هل دعوتهم؟.؟.؟
ماذا قدمت لهذا الدين!!!
نسدد فواتير الجوالات بالمئات والآلاف!!
وإذا أتى مشروع دعوي رضينا بأقل القليل!!!
ألم تسمع بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
(الدال على الخير كفاعله)
(لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيراً لك من حمر النعم)
(من دعا إلى هدى كان له من الأجور مثل أجور من تبعه دون أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا)
ما عذرنا أمام الله سبحانه!!
بريال واحد فقط!! ربما تهدي شخص من حياة الضلال إلى الهدايه!!
كم نحن مفرطون؟
كم نحن مقصرون؟
100 شريط ب 85 ريال فقط لا غير أشرطة المشائخ الفضلاء كلها المؤثره جوال / 0554220522
من أراد المشاركه ولو بقيمة شريط واحد فعليه مراسلتي على البريد وسأقوم بتوزيعها بدلآ عنه
قصص لاأنساها + وغارت الحور 100 شريط 150 ريال جوال/0505219200
ماأقوى شخصيتها 100 شريط ب 200 ريال + أعمى وأصاب الهدف 100 شريط ب 100 ريال
### أشرطه مميزه مؤثره بريال واحد فقط ###
### مع أمكانية الشيخ إلى جميع أنحاء المملكه العربيه السعوديه وإلى دول الخليج ###
للإستفسار: جوال / 0504440255 أشرطة الشيخ: خالد الراشد
مفرق الجماعات + أحوال الغارقين + أحوال الغارقات + الملتقى الجنه + لمن كان له قلب + أين دارك غداً + الذي يراك حين تقوم + توبه صادقه + من حال إلى حال
أشرطة الشيخ: إبراهيم بو بشيت
الحب الزائف + غبار الغفله + المرأه المميزه + وهما يستغيثان الله + سكب العبرات + أسرار السحر + شواطئى التائبين + العماد بين الأسى والتأسي + بطولات رائعه + قصص مميزه
أشرطة الشيخ: محمد العريفي
دموع المآذن + رحلة المشتاق + على قمم الجبال + ألحان وأشجان + مفتاح الجنه + وداعاً أيها البطل
أشرطة الشيخ محمد بن بقنه:
مشاهد رأيتها + المتساقطون + حياة المتوكلين + حوريات الجنه
أشرطة القارئ: ناصر القطامي
جزء عم
أشرطة الشيخ خالد الجبير
(يُتْبَعُ)
(/)
قلبي لماذا ومتى وكيف
أشرطة الشيخ خلف العنزي
أرجعي إلى ربك + من أين نبدأ + ورحمتى وسعت كل شيئ + يالها من سجده
إعـ ــــلان هام جدأ جداً جداً:-
تعلن تسجيلات نداء الاسلام بالرياض - حي النظيم - عن السعر المخفض للشريط الاسلامي
عن السعر المخفض للشريط الاسلامي بريال واحد فقط ريال وكذلك مصحف الجيب المدينه ب 15 ريال فقط:
الشيخ / خالد الراشد & سعيد بن مسفر & محمد المنجد & بدر المشاري &
محمد العريفي &سعد البريك &طلال الدوسري & ابراهيم الدويش. وكثير من المشائخ
عرض خاص على اشرطة الفديو 14ريال فقط
القدرة على الشحن في انحاء المملكة والخليج
للاستفسار 0504184933 تلفاكس 2453315
وصل سعر التوزيع الخيري لأشرطة الدعاة المؤثرين ريال واحد فقط!!!
ذكريات تائب للشيخ العريفي + ماذا يحدث تحت الأرض للشيخ المنجد بريال واحد فقط وأشرطة عديده بريال ونصف بتسجيلات التقوى في الملز؟؟؟
وتوجد لديهم الكثير الكثير الكثير من الأشرطه الخاصه بالتوزيع الخيري لعدد من المشائخ والدعاة الفضلاء
تلفون التسجيلات: 014779341
موقع التسجيلات: وأنت جاي مع شارع الأحساء بإتجاه الجنوب لف يمين من عند ثاني إشاره!!
هذا الشارع مليئ بالتسجيلات؟؟؟
وكذلك تم إفتتاح دار السلام لكتب الجاليات بجانب تسجيلات التقوى وقرطبه بحي الملز
وكذلك تسجيلات الإيمان بالنسيم ت: 012331978 موقعها وأنت مع شارع حسان بن ثابت (النخيل سابقا) متجه جنوب من عند ثالث إشاره لف يمين ستجدها يسارك؟؟؟ جميع أشرطتها بريال وكذلك لديها مصحف الجيب المدينه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسجيلات الأنصار الإسلاميه بحي الخليج 012267777 جميع أشرطتها الخيريه بريال واحد فقط؟؟
وأنت جاي من إنكاس سابقا (خالد بن الوليد) ودخلت مع شارع الأمير بندر بن عبد العزيز متجه شرق بعد أول إشاره ب 200 متر على يمينك؟؟
بإفتتاح تسجيلات الأنصار الإسلاميه بحي الخليج بشرق الرياض
موقع التسجيلات:
وأنت جاي مع شارع خالد بن الوليد (إنكاس سابقا) ودخلت مع شارع الأمير بندر بن عبد العزيز متجه شرق بإتجاه استاد الملك فهد
تعد أول إشاره وامش تقريبا 300 متر ستجد التسجيلات على يدك اليمين
ت: 012267777
ليكن كل واحد منا داعية في عمله وفي مدينته!! والحجه قائمه علينا!! الشريط بريال واحد فقط!!
ربما تغير حياة شخص!! فتنقله من حياة الضلاله إلى حياة الهداية بإذن الله تعالى!!
وقد قال صلى الله عليه وسلم (لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم) (والدال على الخير كفاعله)
وما أحسن أن تكون دائما سيارتك مليئه بالأشرطه الوعظيه!! فهذا شاب يستمع إلى الأغاني عند الإشاره تهديه شريطا!!
وهذا شابا خارجا من مقهى في الثلث الأخير من الليل!! وهذا آخر يدور بسيارته لا يدري إلى أن يذهب؟؟؟
وما أحسن أن يكون التوزيع على الطرق السريعه عن طريق وضعها في البقاله أو توزيعها على السيارات عند المحطه!!
ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق
وهناك عدة أشرطه لعدد من المشائخ الفضلاء
100 شريط ب 150 ريال للتوزيع الخيري مع إمكانية الشحن لأنحاء المملكه
محمد العريفي + إبراهيم الدويش + إبراهيم بوبشيت + عبد المحسن الأحمد + خالد الراشد + بدر المشاري + نبيل العوضي + سعيد مسفر + طلال الدوسري + ناصر العمر + سلطان العويد + سلمان العوده
للإستفسار:
تركي 0505219200 + أبو مريم 0503255177 +
تسجيلات الإيمان 0506197725 أو 012331978)
قائمة بأشرطة التوزيع الخيري بريال واحد فقط؟. . .؟
الشيخ: سعيد بن مسفر (آثار الذنوب والمعاصي + أسباب الهدايه + الغفله الداء العضال)
الشيخ: سليمان الجبيلان وصالح الحمودي (التوبه عنوان السعاده + فكر واشكر)
الشيخ: علي عبد الخالق القرني (حروف تجر الحتوف + كشف الكربه عند فقد الأحبه)
الشيخ: محمد المختار الشنقيطي (سحائب المغفره + أن تقول نفس يا حسرتاه)
الشيخ: محمد صالح المنجد أدرك أهلك قبل أن يحترقوا + حفلات الزفاف إلى أين + أيتها المرأه الحجاب أو النار +
(يُتْبَعُ)
(/)
كتابك يا أختاه + ياعباد الله فاثبتوا + لا تعرض نفسك للفتنه + صراع مع الشهوات)
الشيخ: سعد البريك ما يطلبه المستمعون)
الشيخ: بدر بن نادر المشاري (قرع لأبواب السماء + الجوهره المصونه)
الشيخ: طلال الدوسري (أختاه هل تريدين السعاده + أختاه أين أنت غدا)
الشيخ: نبيل العوضي (اللؤلؤة كيف تحفظ نفسها + أين المصير ومن الطارق +
أنين الفجر)
الشيخ: عمر العيد (من يحول بينك وبين التوبه)
الشيخ: خالد الصقعبي (المرأة والوجه الآخر)
الشيخ: (منوع). . . (هل من عوده قبل الموت + اعتبري يا أمة الله +
مشاهد مبكيه + 17 قصه مبكيه + الصلاة الصلاة)
الشيخ: إبراهيم الفارس (قصص مؤثره)
الشيخ: إبراهيم بو بشيت (شواطئ التائبين)
الشيخ: إبراهيم الدويش (الشباب ألم وأمل)
للإستفسار:
ت: 012267777 جوال: 0555252919 جوال: 0504122020
مع إمكانية شحن الأشرطه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان الأشرطة المخفضة لتسجيلات دار الأرقم الإسلامية
بسعر ريـ 1 ـــــــال واحد (4217551/ 2712112)
www.mojama.net
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-
[ الشيخ سعيد بن مسفر]
عقوبة تارك الصلاة+الفراغ في حياة المرأة+لو أن الله هداني+ولو ترى إذ وقفوا على النار
غمرات الموت+النهر الجاري+القلق أسبابه وعلاجه+الغفلة الداء العضال+من أسباب الحياة السعيدة
الانتكاسة أسبابها وعلاجها+الدروس المهمة لعامة الأمة+فضل صلاة الجماعة+نعمة الإيمان
[الشيخ علي القرني]
كشف الكربة عند فقد الأحبة+أختاه هل تريدين السعادة+ما حقيقة كخيال+حروف تجر الحتوف
[الشيخ محمد المنجد]
تحريك القلوب+المرأة المميزة+فتنة الزلات في عالم الشهرة+كيف اهتدى هؤلاء
أصبري و صابري+المحفزات إلى عمل الخيرات+ماذا فعلوا بعباءة المرأة+أخطاء شائعة في الصلاة
مسائل فقهيه+صناعة التميز+رفع المعنويات+ماذا يحدث تحت الأرض++صدمة كاميرا الجوال
أقبل على نفسك+ماذا يحدث في الأفراح
[الشيخ إبراهيم الدويش]
الشباب ألم وأمل+المحرومون+جاري العزيز+غثاء الألسن
التوحيد وأثره في النفوس+يا سامعاً لكل شكوى+طريقنا للقلوب+السحر الحلال
40 وسيلة لاستغلال الإجازة الصيفية
[الشيخ خالد الراشد]
الذي يراك حين تقوم+أحوال الغارقين+قوافل العائدات+أحوال العابدين
مفرق الجماعات+الملتقى الجنة+توبة صادقة+لمن كان له قلب+قوافل العائدين+البداية والنهاية
وقفة+بل الرفيق الأعلى+الذي يراك حين تقوم+حوادث على الطريق
[الشيخ سلطان العويد]
فاكهة المجالس+أخطاؤنا في التربية
[الشيخ خالد الصقعبي]
فتياتنا والإعجاب+المرأة والوجه الآخر
[الجبيلان و الحمودي]
فكر و اشكر+التوبة عنوان السعادة
[الحليبي- المقرن]
رسالة إلى أصحاب الدش
[الشيخ إبراهيم الفارس]
قصص مؤثرة
[الشيخ إبراهيم بوبشيت]
شواطئ التائبين
[الشيخ ناصر العمر]
بناتنا بين التغريب والعفاف
[الشيخ محمد الشنقيطي]
حالنا مع القرآن+كيف ترق قلوبنا+الألفة بين الزوجين+الحذر من سوء الخاتمة
[الشيخ عبدالله السويلم]
من سير الصالحات+أنا مهموم
[الشيخ هاشم باصره]
مشكلات في حياة الشباب
[الشيخ إبراهيم الفارس]
قصص معبرة للشباب
[الجبيلان]
بصراحة مع الشبا f
[ الشيخ عبدالعزيز السدحان]
العناية بالأطفال
[الشيخ نبيل العوضي]
قصص وعبر+أنين الفجر
[الشيخ سعد البريك]
من يسدد الهدف+أيها الشاب حاول وأنت الحكم
[الشيخ بدر المشاري]
قرع لأبواب السماء+ الجوهرة المصونة+أبناء يعذبون آبائهم
[الشيخ محمد العريفي]
قصة فتاة+دموع المآذن+القرار الشجاع+الحان وأشجان+على قمم الجبال+وداعاً أيها البطل
[الشيخ خالد الخليوي]
الشباب و المراهقة
[الشيخ عبدالرحمن الوهيبي]
إليك أختي المسلمة
منوع
مشاهد مبكية+الصلاة الصلاة+إعتبري ياأمة الله+17 قصة مبكية -=-=-=-=-=-=-=-=- لطلب الكميات
تسجيلات دار الأرقم بالرياض
تسجيلات صوت الدعوة بالرياض
مباشر
0500608999
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسجيلات منارات السلام مقابل جامع الراجحي الجديد مخرج 15
ت/014928797
تسجيلات منارات السلام - شارع خالد بن الوليد (انكاس سابقا) - مقابل أسواق الرياض مول
ت/012389988
جوال 0505161919
-خالد الراشد
عذراً رمضان + قوافل العائدين+ قوافل العائدات +احوال الغارقين +• احوال الغارقات
• الملتقى الجنة +• زاد المؤمنة +• وقفة +• مفرق الجماعات +• اين دارك غدا +• من حال الى حال
• الذي يراك حين تقوم +• توبة صادقة +• لمن كان له قلب
2 - محمد العريفي
• دموع المآذن +• قصة فتاة +• مفتاح الجنة +• الحان واشجان +• القرار الشجاع
3 - ابراهيم الدويش
• الفائزون في رمضان +• رمضان والرحيل المر +• لماذا نخسر رمضان + 40 وسيلة لأستغلال رمضان
• روحانيات صائم
4 - محمد المنجد
• 100 فائدة من احكام الصيام +• ماذا يحدث تحت الارض +• انين الحجاب +• لا تيأسوا فالنصر قادم
• ياعبادي +• صراع مع الشهوات +• المحفزات لعمل الخيرات +• اقبل على نفسك
5 - علي القرني
• نفح الطيب في محبة الحبيب +• كشف الكربة عند فقد الاحبة +• حروف تجر للحتوف
6 - محمد المختار الشنقيطي
• وصايا للصائمين والقائمين
7 - بدر بن نادر المشاري
• القائد الاعلى +• الموسم
8 - الجبيلان
• فكر واشكر
9 - سعيد بن مسفر
• عقوبة تارك الصلاة + الانتكاسة اسبابها وعلاجها
10 - خالد الصقعبي
• المرأة والوجه الاخر+ فتياتنا والاعجاب
11 - احمد الفاجع
• هل تحب الغناء؟
12 - سعد الغنام
• العزة
13 - مازن التويجري
• نبض العزة
14 - فهد ابا حسين
• صراع مع الشيطان
• وصايا واحكام للمتعبدين
15 - عبدالرحمن الوهيبي
• دمعة غدير
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووووول
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@233.PIkUbpl2xfp.0@.1dd86839(/)
سلسلة آيات ووقفات
ـ[سعيد محمد]ــــــــ[19 Feb 2006, 11:38 ص]ـ
سلسلة آيات ووقفات
سلسلة آيات ووقفات
آيات ووقفات (الحلقة الأولى)
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فإنني أتشرف أيه الإخوة أن أتوقف معكم في تفسير بعض الآيات، ولآ أدعي أنني عالماً، ولكن حسبي أن أجمع ما قاله العلماء، وأضعه بين أيديكم، بشرح عصري، وعبارات سهلة جلية، واسلوب مبسط، ولعدم تفرغ الكثير منا لهذا الأمر، وانشغالهم عن الجلوس في المكتبة سواء في المنزل، أو خارجه، لذلك أحسست أن حاجة الأمة لتناول بعض معاني الآيات في أسطر قليلة في الصحيفة التي ضمت بين صفحاتها نور إيماني، وإشراقه مضيئة للحق، وأهله، وبصيص من الأمل لعل الله أن ينفع أمتنا بما نقول ونسمع.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبن كثير رحمه الله في تفسير البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) افتتح بها الصحابة كتاب الله واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، وجاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم. أخرجه الحاكم في مستدركه. قال السعدي:أي أبتدئ بكل أسم لله تعالى، وقد جاء في الحديث في صحيح البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه أن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً (1). وهكذا يتبين لنا أن هذا الفضل العظيم الذي منَّ الله به على عباده، وأحسن إليهم بتعليمهم أياه ومن منا لا يريد أن لا يضره الشيطان ولا يضر أولاده، ولكن كثيراً من الناس يغفلون عن هذه التعاليم الربانية، وعن هذا الهدي النبوي الذي أرشدنا إليه الرحمة المهداة للبشرية فحظ من أخذ من معينه، ويا حسرة من أعرض عنه. (الرحمن الرحيم) قال السعدي:هما اسمان مشتقان من الرحمة والرحمن مشدد وفيه المبالغة أشد من الرحيم، ونفهم من هذا أنه تعالى ذو الرحمة العظيمة التي وسعت كل شي، وعمت كل حي. قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر أي أكثر رحمة. وهكذا يتبين لنا أن البسملة أمر له شأن عظيم، وكذلك أسماءه الحسنى ومنها الرحمن والرحيم حينما تضاف إليها تكون ذا معنى أشمل وأوضح، وعليه فإن على المسلم أن يكون متنبهاً لهذا الأمر، وأن لا يغفل عن البسملة في أي شأن من شئون حياته.
الوقفات
1 - البسملة شأنها عظيم في كل أمر.
2 - ورد في الحديث أن سترنا عن أعين الجن قول بسم الله.
3 - الحث على البسملة عند الجماع لكي نتجنب ذرية أبليس الذي أقسم بالذات الإلهية ليشارك آدم في ذريته وفي أموالهم، فكم نرى والعياذ باله من الشباب الذي يكره الحق، ومنغمس في الشهوات، وكم نرى من غرق في أوحال الربا والتي شاركهم أبليس في تلك الأموال وأضلهم عن طريق الهدى والصلاح.
4 - كل عبد من عباد الله يرجوا الرحمة من الله عز وجل، و قد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن يدخل أحداً الجنة بعمله، قالوا حتى أنت يا رسول الله قال حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
____________________
(1) صحيح البخاري (141). صحيح مسلم (1434).
_____________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثانية)
الحمد لله رب العالمين
الله عز وجل أنزل هذه السورة العظيمة، وفيها من الألفاظ العقائدية، والبلاغة الربانية، وتهذيب ألسننا، وتعليم أنفسنا، وخضوع أرواحنا لله عز وجل، فعلمنا كيف الأدب مع الله، فالحمد والثناء أولاً، ثم الدعاء، وفيها أقسام التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد العبادة (الإلوهية)، وتوحيد الأسماء والصفات، فلنتمعن في آياتها، ونبحر في معانيها، ونستشف بعض أسرارها، ونغرف من منابعها الرقراقة، قال الله تعالى (الحمد لله) وتعني هذه الكلمة الثناء على ربنا الله بصفات الكمال، والشكر لله خالصاً دون سائر ما يعبد من دونه. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
فلله الحمد والشكر والثناء الحسن على أكبر نعمة أنعم علينا بأن أنزل على رسوله قرأناً نتلوه، ومنهجاً ننهجه، وعلماً ننهل منه، وشفاءً للأسقام، ونوراً للأفهام، وانشراحاً للصدور، ونوراً في القبور، وشفيعاً لقارئه، وحجة للعبد أو عليه نسأل الله أن يجعله حجة لنا وقائدنا إلى الفردوس الأعلى من الجنة.
وقوله (رب العالمين) فمعناها هو الرب المربي جميع العالمين، وهم الذين أعد الله لهم النعم العظيمة، والالاء الجسيمة، التي تستقيم بها الحياة، وتنعم بها البشرية، ونعمه كذلك على العالم الآخر عالم الجن، الذي يشاطر البشر في قوله تعالى (سنفرغ لكم أيه الثقلان) وقول (يا معشر الإنس والجن) وقول (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) قهم مكلفون تماماً كالبشر، فأيضاً لهم أرزاقهم ونعائم الله عليهم لا ينكر ذلك إلا كافر، فهم أيضاً من العالمين الذين ذكرهم الله في الآية، قال ابن كثير رحمه الله: ففي رواية سعيد بن جبير وعكرمة وعن ابن عباس: أي رب الجن والأنس. وقال الفراء وأبو عبيد: العالم عبارة عما يعقل وهم الأنس والجن والملائكة والشياطين. قال السعدي رحمه الله: للتربية الربانية نوعان عامة وخاصة، فالعامة هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا، أما الخاصة فهي تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويكملهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه. وهكذا يتبين لنا معنى من المعاني العظيمة، التي يقر الله فيها أن الفضل له والمنة علينا إذ أنه هو ربنا المربي لنا، والمعلم لنا، والهادي لنا، والذي أخرجنا بفضله وإحسانه من الظلمات إلى النور، وهدانا إلى صراطه المستقيم، فهو الرب المعبود، والإله المألوه الذي تعبده هذه العوالم من الأنس والجن والملائكة والشياطين، و لكن الكثير من الناس لا يعترفون برب العالمين كالملاحدة وغيرهم من أصحاب العقائد الأرضية، الشيطان رغم عصيانه وتمرده على الله إلا أنه لا ينكر بأن الله هو رب العالمين ولكنه حينما تمرد وعصى أمر الله بالسجود لآدم أخرجه الله من جنته، وحل عليه غضب الرب،ولكنه يعترف ويقر بان الله هو رب العالمين ولا ينكر هذا، قال الله تبارك وتعالى (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين) وهذا لا ينكره أحد بأنه هو المعبود، أما الملحدين والعياذ بالله من حالهم فهم ينكرون الرب تبارك وتعالى فيقولون لا إله والحياة مادة. وتدل هذه الآية دلالة واضحة على إنفراد الله بالخلق وتدبيره لهم وإنعامه عليهم وهو سبحانه له كمال الغنى، والعباد مفتقرون إليه لقوله تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) (1).
الوقفات
1 - فضل سورة الفاتحة وأنها لا صحة لصلاة المرء إلا بها.
2 - الرب سبحانه وتعالى هو المربي لنا بنعمه ومنها نعمة الإسلام الذي هدانا إليه بفضله وإحسانه.
3 - التربية الربانية لنا حيث علمنا ربنا كيف نتأدب معه سبحانه فنحمده ونثني عليه ثم ندعوه.
________________
(2) صحيح: الألباني في صحيح الجامع (5563).
(1) سورة فاطر 15.
___________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثالثة)
ننتقل الآن إلى المرحلة الثانية، والجانب الآخر من هذه السورة، والذي نتعرف فيها على أسرار جديدة، وحكم عديدة، فبعدما علمنا الله عز وجل كيف نحمده ونثني عليه، فيذكر لنا صفاته العظيمة، وهي الرحمة، قال الله سبحانه وتعالى (الرحمن الرحيم) شرحت معناها في الحلقة الأولى،ثم قال سبحانه (مالك يوم الدين) هو الملك المتصرف في عباده، ويظهر ملكه وأمره ونهيه، وثوابه وعقابه، وحكمه وعدله، في يوم الدين وهو يوم القيامة، يوم الحساب على الأعمال التي قدمها العباد إما خيراً، وإما شراً والعياذ بالله من سوء المنقلب. وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ " (2). الله أكبر هناك اليوم الفصل، هناك تستوي البشرية، فلا فرق بين راع ومرعي، ولا شريف ووضيع، ولا سيد وعبد، ولا غني وفقير، ولا خادم ومخدوم، الجميع سواسية في الحساب والجزاء،يأخذ كل مظلوم حقه من
(يُتْبَعُ)
(/)
ظالمه، الله هو الملك في هذا الكون، ولكنه يتجلى ملكه في يوم القيامة بحكمه وعدله وقضائه، ويرون العباد كل ذلك مشاهدة، قال تعالى (لقد كنت في غفلة من هذا فبصرك اليوم حديد).
الوقفات
1 - ذكر الله سبحانه صفتين عظيمتين الرحمن والرحيم.
2 - ذكر الله سبحانه ملكه وعظمته المتجلية في يوم الدين فلا ينفع ملوك الأرض ملكهم، ولن ينفع أي مخلوق مخلوق آخر بل الجميع تحت حكم ملك الملوك سبحانه وتعالى.
3 - إثبات أن لله يد سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث، ونثبت ذلك من غير تأويل (3)، ولا تكييف (4)، ولا تشبيه (5)، ولا تعطيل.
4 - هذه الآيات تشعرنا بهول الموقف بين يدي الرب عز وجل، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ولكنه كما جاء في الحديث يخفف على المؤمنين كصلاة أحدكم. (6)
__________________
(2) صحيح: البخاري (7413)، مسلم (2788). قال القاضي عياض في شرح هذا الحديث "في هذا الحديث يقبض ويطوي، كله بمعنى الجمع، لأن السموات مبسوطة، وألأرضين مدحوة وممدودة، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة وتبديل الأرض غير الأرض والسموات، فعاد كله إلى ضم بعضها إلى بعض، ورفعها وتبديلها بغيرها.
(3) أي نفسرها كما نشاء.
(4) أي نقول كيف او نسأل عن كيفيتها.
(5) أي نشبهها بأيدينا مثلاً، بل نقول (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). أنظر كتاب شرح العقيدة الواسطية- لمحمد بن عثيمين رحمه الله.
(6) أي قدر مدة وقوف المؤمنين يخفف حتى يصير مقدار صلاة فريضة في هذه الدنيا فلله الحمد والمنة.
______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الرابعة)
إياك نعبد وإياك نستعين
وننتقل الآن إلى المرحلة التربوية الربانية التي لفتنا الرب إليها، فكيف نستغيث به، وكيف نذكر أنفسنا، ونذلها بين يديه، وكيف نبتهل إليه بصالح أعمالنا، إنها حقاً تربية عظيمة، يذكرنا بها الرب جل وعلا، ويهذب نفوسنا بالتعلق به، واللجوء إليه لهذا قال سبحانه وكأنه يقول قولوا يا عبادي: (إياك نعبد وإياك نستعين) أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين بأحد سواك، وهذه التربية الربانية، من أجل السعادة الإنسانية، وإلا فالله عز وجل هو الغني ونحن الفقراء إليه، ولكنه سبحانه يربينا، ويعلمنا كي تقوم علينا الحجة، فلا يلوم العبد بعد هذه التربية إلا نفسه، لأنه عرف طريق الحق، وطريق الضلال، وعرف الظلمات والنور، والشقاء والحبور، وما علمنا بتلك الأقوال والأفعال، وأرسل رسوله، وانزل كتابه، إلا لكي نتبع المنهج الرباني الذي ارتضاه لعباده كي ننال مرضاته، ونصل إلى حبه ومغفرته، فمن للمسلمين من ناصر في حروبهم مع من اعتدى عليهم، وخرب دورهم، وأهلك الحرث والنسل، من المستعان في قضاء الحوائج؟ وتفريج الكربات؟ وشفاء المرضى؟ والرحمة بالأموات؟ من يتولى تلك الشئون كلها غير الله الواحد القهار، علَّمنا ربنا كيف تكون العبادة لله وحده، فهو الخالق الرازق، الناصر، المدبر للأمور كلها، ومجيب المضطرين، وكاشف البلايا والمصائب، فتكون له وحده العبادة، والاستعانة جزء من العبادة فالعبادة أسم جامع لكمال المحبة لله والخضوع له والخوف منه.
الوقفات
1 - الاستعانة جزء من العبادة، ونوع من أنواعها الكثيرة، فمن صرف نوعاً منها لغير الله فقد أشرك بالله عز وجل، وكما هو معلوم (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
2 - التربية الربانية أعظم حافزاً لنا للوصول إلى العمل الصالح الذي نعمله مخلصين فيه لوجه الله (1) عز وجل.
3 - كمال الخضوع والاستغاثة بالعمل الصالح وتقرير العبودية الخالصة لله وحده جاءت كلها في هذه الآية.
________________
(1) قال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله ومعنى يعمل المسلم العمل لوجه الله أي ليدخل الجنة فيرى وجه الله انتهى كلامه. وهذا معروف والدليل قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)، وقال سبحانه (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) قال المفسرون الزيادة أي النظر إلى وجه الله عز وجل.، وقال سبحانه (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون) فرؤية المؤمنين لله ستكون حقيقة وشرفاً للمؤمنين، ومن لا يؤمن بهذا فقد كفر. (كتاب شرح رياض الصالحين).
_____________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الخامسة)
اهدنا الصراط المستقيم
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه لمحة أخرى من التربية الربانية لعباده المؤمنين كيف يكونون في جميع أحوالهم خاضعين لله، متذللين لعظمته، وناكسي رؤوسهم بين يديه، فماذا علمهم أن يقولوا بعدما أثنوا عليه وحمدوه وأجلَّوه؟ وقرروا أنهم عبيدٌ له وحده، لا يعبدون إلا الله، ولا يستعينون إلا به، أمرهم بأن يقولوا اهدنا الصراط المستقيم، أي يارب اهدنا طريق الحق المبين، طريق الهدى والصلاح، طريق المغفرة والرحمة، الطريق المؤدي لرضا الرب وعفوه، وهو دين الإسلام. فما أحوجنا إلى هداية الله، وما أحوجنا إلى تعلم ديننا، وأركانه ووسائل الخير التي تدلنا على رضا ربنا، ما أحوجنا أن نعرف صراط الله المستقيم، ونعرف كيف سلكه الذين من قبلنا من السلف الصالح، ما أحوج الأمة اليوم أن تعيش حياة الصالحين، الذين أرادوا الخير فعملوه، وأرادوا السلام فحققوه، وأردوا الكرامة فنالوها، وذلك لأنهم اتبعوا ما يرضي الله فرضي الله عنهم، قال تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، إنهم الذين سكبوا دمائهم في سبيل الله إرضاء لله، ونشراً لدينه، وليس كما يقول المستشرقون بأنهم نشروا الدين بالسيف، فالسيف لا يدخل الإيمان في القلوب، ولكنهم عرضوا على رؤساء الكفار من فارس والروم، عرضوا عليهم أن يسمحوا لهم بتعليم الناس دين الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية، أو الحرب، فكانت خياراتهم المتكبرة المتغطرسة دائماً تنادي بالحرب، فكان لهم ما اختاروه، وماذا كانت النتيجة؟ هزمهم الله، ونصر المؤمنين، حتى وصل الإسلام إلى بقاع كثيرة من العالم، وهناك دول تدين بالإسلام اليوم لم ينتشر فيها الإسلام عن طريق معارك، بل انتشر بأخلاق التجار المسلمين، وهذه صفات العباد الصالحين الذين كانوا أمثلة رائعة في التحلي بالإسلام ديناً، وخلقاً. قال السعدي رحمه الله "فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً".
الوقفات
1 - تقرير ضعف وافتقار العبد لهداية الله، فكما قال ابن رواحه فوالله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا.
2 - وجوب مسألة الله الهداية والصلاح لقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
3 - تربية الله للمؤمنين أعظم مسألة، وهي مسألته سبحانه الهداية والثبات على الصراط المستقيم، وهو الإسلام فلله الحمد والمنة أن هدانا إلى الإسلام حيث نعبد الله وحده بدون وسطاء أو أولياء بيننا وبينه.
______________________________
آيات ووقفات (الحلقة السادسة)
صراط الذين أنعمت عليهم
ننتقل الآن إلى معرفة جديدة، وصفة مجيدة، لأي صراط يريد ربنا أن نسلكه، وأي هدى يريدنا أن نتبعه، وأي سلوك يريدنا سلوكه، هل هو سلوك عبدة البقر، أو سلوك عبدة العجل، أو الساجدين لصنم العذراء مريم، او صنم المسيح، كما يزعمون، أو للصليب، أو للكاهن، أي صراط يا رب تريد أن نتبعه، هل هو سبيل عبدة بوذا، أو عبدة النار، أو عبدة الشمس، قال الله عز وجل (صراط الذين أنعمت عليهم) وهم النبيون والصديقون والصالحون، وقال وكيع هم المسلمون. الله أكبر آية واضحة المعالم، دقيقة اللفظ، محددة الهوية، آية توقظ القلوب، وتحفز الهمم، و تنور الأبصار، وتجلي الغشاوة، آية تدفع المرء للتنافس مع إخوانه كي يصل إلى ما وصل إليه هؤلاء، آية تحرك الإيمان، وتجعل صاحب القلب السليم يزيد يقيناً بفضل الله، والغافل تجعله يصحوا من غفلته، ويندم لخطيئته، لقد علمنّا الله في هذه الآية أن هناك سبيل واحد يقودنا لرضاه سبحانه وتعالى ألا وهو سبيل المؤمنين الموحدين العبادة لله وحده لا شريك له، وهم النبيون من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، ومن تبعهم وصدقهم واتبع منهجهم، أما الذين يعتقدون أن ما يسمى في عصرنا الحاضر مسيحيون (والحقيقة أن الله سماهم نصارى) لزعمهم إتباعهم للمسيح عيسى، فهم غير متبعي عيسى عليه الصلاة والسلام، والمسلمين هم حقيقة متبعي دين عيسى عليه السلام، لأن عيسى عليه السلام كان يدعوا لعبادة الله الواحد الأحد، ولكن كتب النصارى حرفت، وعقيدتهم تبدلت، وسير أنبياء الله شوهت، حيث قالوا زعماً منهم أن عيسى هو أبن الله، وهذا زعم باطل، وعقيدة باطلة، وإشراك بالله، وطمس لحقيقة التوحيد، فهم
(يُتْبَعُ)
(/)
مشركون بالله، حائدون عن الطريق القويم، والصراط المستقيم، قال تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وقال سبحانه يؤنب عيسى عليه السلام وهو سبحانه أعلم (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) فقال عيسى منكراً هذا الأمر (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم) وهذا بطبيعة الحال سيكون سؤالاً موجها لعيسى عليه السلام أمام تلك الملايين من البشر الذين أعدهم الله من أهل الظلال كما سيأتي في الآية القادمة. أما اليهود فهم الذين أفسدوا عقائد الناس، لحبهم للربا، وتمردهم وعصيانهم لأوامر الله، فكانوا يشوهون في توراتهم الرب عز وجل (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) وكانوا يشوهون سمعة الأنبياء، ويتهمونهم بالزنا والجرائم التي لا تليق بالناس الأسوياء فضلاً عن الأنبياء، فقد اتهموا مريم العذراء بالزنا، والقصة معروفة حين برأها الله بكلام أبنها عيسى في المهد، وقد قالوا عن نبي الله لوط أنه ضاجع ابنتيه بعدما شرب الخمر وسكر، ولا يزال الكثير يعتقد أن هذه آية من آيات الإنجيل، وهذا والعياذ بالله من الجهل وإلا كيف يليق أن يتكلم الرب بهذا الكلام، أو يصف أحد أنبيائه بهذه الصفة، ويؤمنون بقناعة وجود هذا، ولما أرادوا أن يخرج نبي الله الذي وعدهم ربهم بخروجه من مكة، زوجوا بناتهم للعرب في مكة، وجنوب الجزيرة، وفي المدينة المنورة وغيرها كي تأتي الرسالة مرة أخرى من بني إسرائيل، و يكون النبي من سلالتهم، ولكن الله نزع الرسالة منهم لعدم كفاءتهم، لها ولشدة إعراضهم عن أوامر الله، فكانت الرسالة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يأتي نسبه من إسماعيل أبن إبراهيم وأمه هاجر، ولم يأتي هذه المرة نبي من بشارة الله لإبراهيم وهو أبنه إسحق الذي ينحدر من سلالته كل اليهود، لذلك حقد اليهود على نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، حتى أتى المنافقين وعلى رأسهم عبد الله ابن أبي أبن سلول الذي أسلم نفاقاً، وحرف المفاهيم الإسلامية، حتى غلا في الخلافة فقال بفرضية وجوب أحقيتها لآل البيت حتى افترقت الأمة فأصبح سنة وشيعة، وتمزق الصف الإسلامي، وظهرت الفرق المختلفة، وتفرعت، ولكن بقي المؤمنون أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أهل السنة والجماعة بقوا على الحق المبين، والصراط المستقيم.
الوقفات
1 - تعليم الرب لنبيه وأمة محمد التهذب في السؤال الموجه للرب سبحانه وتعالى، وهو الهداية للصراط المستقيم.
2 - تعليم الرب لنا عن طريق نبيه أوصاف الذين أنعم الله عليهم قال تعالى (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً) فهذه تفسر قوله تعالى أنعمت عليهم.
3 - تبين هذه الآية نعمة الله وفضله و هدايته لعباده الصالحين وحثهم على سلوك مسالكهم للنجاة يوم القيامة والخلود في الجنة.
_______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة السابعة)
غير المغضوب عليهم ولا الضالين
بعدما بين الله لنا صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وعرفنا أن لا نجاة لنا إلا بإتباع منهجهم، وسلوك مسلكهم، جاءت هذه الآية بالصفة الأخرى والجانب الثاني، النقيض تماماً لأهل الهدى والحق، فالمغضوب عليهم هم اليهود، فلم يتعظوا بالمواعظ، ولم يقروا بنعم الله عليهم، ولم يحترموا أنبيائهم، بل ظاهروهم بالعداء، وبارزوهم بالحرب، وجزوا رأسي نبي الله زكريا، وأبنه يحيى عليهما السلام، ولما نجا الله موسى من البحر ورأوا أناس يعبدون أصناماً لهم، سألوا موسى أن يجعل لهم آلهة مثلهم، وأرادوا قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسحره لبيد بن الأعصم بأثر من شعره ورماه بمشطه في بئر ذروان، وسممته اليهودية في ذراع الشاة الذي ظلت تلك الغدرة تضايقه عليه الصلاة والسلام حتى مات، وذلك ليموت عليه الصلاة والسلام شهيداً، ويكون قدوة لنا في الشهادة، تلك الأعمال وتلك السبل كانت سبباً في غضب الله على اليهود، وحل بهم ذلك الغضب لأسباب كثيرة سنجدها إن شاء الله في بقية السور، أما (الضالين) فهم النصارى الذين ضلوا عن دينهم، واتبعوا أهوائهم، فالكثير منهم يعرف أن دين الإسلام هو دين الحق، وأن محمد خاتم النبيين خصوصاً في زماننا هذا الذي كثرت فيه الكتب،
(يُتْبَعُ)
(/)
والمعارف، واختلطت الشعوب ببعضها، وانتشر العلم في مجالات كثيرة، وأصبح الذي في المشرق يعرف ماذا يحدث في المغرب، عن طريق وسائل الإعلام، والكتب والاتصالات، ولكنهم أعرضوا عن كل ذلك تعصباً لتأريخهم الأسود، الذي جاء بالكوارث، والمصائب على المسلمين، فهم لا يرون أن يدخلوا دين الإسلام فهو يحرمهم من كبريائهم، وزعاماتهم، وشهواتهم، فالإسلام في نظر الكثير منهم عائقاً أمام الكثير من الشهوات التي يريدون أن يفصلوا بين دين الله وبين شئون الحياة فصلاً تاماً، فالربا يؤيدونه، والزنا لا حكم ولا حد على من فعله، واللواط حرية شخصية، وهناك المنظمات واللجان، والمحاكم التي تعقد الزواج للوطيين، نعوذ بالله من الضلال.
قال ابن كثير في معنى الآية: أي غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق.
الوقفات
1 - تقرير غضب الله على اليهود لتمردهم على أوامر الله وقتل أنبياءه.
2 - التحذير من سلوك أو إتباع نهج اليهود والنصارى، ولقد جاء في آيات عدة حرصهم على إضلالنا كقوله تعالى (وودوا لو تكفرون) وقال سبحانه (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم) وقال سبحانه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) فهذه الآيات تكشف لنا مكائدهم وإراداتهم الحثيثة على إفساد عقيدتنا النقية الصحيحة.
3 - تقرير ضلال النصارى فاليهود عرفوا الحق وعدلوا عنه، والنصارى ضلوا الطريق وجهلوه لكنهم لا يعذرون الآن مع الانفتاح العالمي، وثورة الاتصالات، وتواصل الشعوب، وانتشار وسائل الإعلام، فأصبحت تلك الوسائل كلها حجة عليهم، لأن فيها إشارات وبرامج، ومواقع دينية بلغات مختلفة تنشر دين الإسلام.
4 - الحق هو ما جاء به الأنبياء كلهم، ولكن اليهود هم من تسبب في إلحاق التحريف في التوراة والإنجيل، ففسدت عقائدهم، وحفظ الله القرآن الكريم.
______________________________________
آيات ووقفات (الحلقة الثامنة)
سورة البقرة
ألم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين (2)
ألم الله العالم بمعناها، وقال المفسرون أن تلك الحروف التي جاءت في مقدمة بعض السور، إنما هي تعجيز لكفار قريش الذين لم يؤمنوا بالقرآن الكريم، وكذبوا به، بل حتى أنهم كانوا يقفون في الطرقات ويحذرون الناس أن لا يستمعوا لمحمد، (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه) كانت تلك هي الأساليب العدوانية، والسلوكيات الشائنة، والأعمال القبيحة التي استقبلوا بها محمد وأصحابه، وعملوا كل فضيع، واقترفوا كل شنيع، ومزقوا جلود العبيد بالسياط، لأنهم وحدوا الله عز وجل، وأتبعوا سبيل الرشاد، لأنهم خرجوا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فيقول الله هذه الأحرف تعجيزاً لهم، إن كنتم تقولون إن هذا القرآن أساطير الأولين (فأتوا بسورة من مثله) فاستخدموا مثل هذه الأحرف، وأتوا بكتاب مثله، وذلك تعجيزاً لهم ولن يستطيعوا قال تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) وقال سبحانه (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) لقمان 27. لذلك فالله عز وجل أنزل هذا الكتاب معجزة خارقة، وهداية باهرة، وشفاء لما في الصدور، ونوراً وبهاء، ويقيناً وضياء، طمأنينة لقلوب المؤمنين، وتعريف لهم بوعد الله ووعيده. ثم قال الله تعالى عن كتابه العزيز (ذلك الكتاب) أي هذا الكتاب وهو القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الكتاب الذي شرح الله به صدور العباد، وعرف الناس بأنه الوحي المنزل من الله عز وجل، فأسلموا، واهتدوا، لا ريب فيه ولا شك، فهو الحق المبين نزله الله على نبيه محمد بواسطة الملك جبريل عليه السلام قال تعالى (وقرأنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) وقال سبحانه (قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) البقرة97. وهذا دليل على تنزيل القرآن، وتلقين جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان أمياً لا يكتب، ولكنه يحفظ القرآن حينما يسمعه من جبريل، إلى أن جمع القرآن في عهد الخليفة الراشد أبي بكر
(يُتْبَعُ)
(/)