ـ[أخوكم]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:32 م]ـ
أستغفر الله العظيم
ورحم الله الرازي وغفر له ذنوبه
ورفع الله قدر المتريثين الذين يتثبتون ثم ينصفون الناس
ويذكرون إخوانهم إذا أخطأوا
ويعيينوهم إذا أصابوا
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[16 Apr 2005, 08:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الإشكالات التي نقلها الرازي وأجوبته عليها، والزيادة في الجواب بما يناسب المقام إن شاء الله تعالى:
الإشكال الأول: إنا لو جوزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر لزم السفسطة، فإني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانياً فحينئذ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه وحينئذ يرتفع الأمان على المحسوسات، وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمداً صلى الله عليه وسلم يأمرهم وينهاهم وجب أن لا يعرفوا أنه محمد لاحتمال أنه ألقي شبهه على غيره وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع، وأيضاً فمدار الأمر في الأخبار المتواترة على أن يكون المخبر الأول إنما أخبر عن المحسوس، فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات كان سقوط خبر المتواتر أولى وبالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية.
جواب الرازي عن الأول: أن كل من أثبت القادر المختار، سلم أنه تعالى قادر على أن يخلق إنساناً آخر على صورة زيد مثلاً، ثم إن هذا التصوير لا يوجب الشك المذكور، فكذا القول فيما ذكرتم.
إيضاح الجواب والزيادة عليه:
يعترض على المقدمة بالمنع إذ باب السفسطة مفتوح لا يفتحه هذا الأمر ولا غيره فالسفسطائيون لا يمنعهم من التوهيم شيء ولا يغلق دونهم الباب، بل البديهيات مرعى السفسطائيين.
قال الجرجاني رحمه الله في التعريفات (1/ 158) السفسطة قياس مركب من الوهميات، والغرض منه تغليط الخصم وإسكاته، كقولنا الجوهر موجود في الذهن، وكل موجود في الذهن قائم بالذهن عرض، لينتج أن الجوهر عرض.
قلت: إذا كان مورد الإشكال ممن يقول بقدرة الله تعالى، فلا يخلو إما أن يقول لا يقدر أن يخلق إنسانا آخر على صورة إنسان مخلوق وهذا تناقض وكفر، أو يقول يقدر. فإن قال يقدر ولكنه خلاف مقتضى الحكمة وأنه يفضي إلى السفسطة، وعدم الأمان على المحسوسات وإبطال النبوة لأنني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانيا فحينئذ أجوز هذا الذي رأيته ثانيا ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه، مما يجعل الصحابة يجوزون أن الذي تلقوا عن الشرائع ليس النبي صلى الله عليه وسلم.
نقول جوابه:
إن ألقى الله تعالى شبه عيسى على غيره ولم يبين ذلك لعباده، ولم يوضحه لهم في كتابه فنعم.
أما وقد بين الله في كتابه تعالى، وبين رسوله عيسى عليه الصلاة والسلام أن الله سيلقي شبهه مكرا بهولاء اليهود ومن معهم فقد زال الإلباس والإشكال وبطل بالكلية، وأن الأصل عدم إلقاء الشبه، ولكنه ألقاه في حال عيسى وبينه، فوقعت الحكمة وزال الإلباس
وهذا جار على كل المعجزات كناقة صالح، ونار إبراهيم، وآيات موسى، فكلها معجزات خارجة عن العادة، وبين الله ذلك أتم البيان في كتبه وعلى ألسن رسله أتم البيان، فالتصديق بالمعجزات لا يتنافي مع الأمان بالمحسوسات فالمعجزات جارية على خلاف الأصل والسنة المستمرة الماضية.
فإن كان المناظر ممن يصدق بالأنبياء فقد أسكتناه.
وإن ممن يكذب بالنبوات فقد خرجنا عن موضع الإشكال إلى إشكال آخر ليس هذا محل جوابه.
وقد يأتي الملك في صورة رجل كما جاء جبريل وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فلا يمكن أن يدعي مدع أن الذي جاءه جبريل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خبره قطعي، والتصديق بالنبوة يفضي إلى القطع بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول يخبر بذلك وليس هناك حادثة يمكن التعويل عليها في بقاء الإلباس
والاستقراء التام حجة قاطعة والله تعالى أعلم [/ size]
(يُتْبَعُ)
(/)
والإشكال الثاني: وهو أن الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام بأن يكون معه في أكثر الأحوال، هكذا قاله المفسرون في تفسير قوله {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [المائدة: 110] ثم إن طرف جناح واحد من أجنحة جبريل عليه السلام كان يكفي العالم من البشر فكيف لم يكف في منع أولئك اليهود عنه؟ وأيضاً أنه عليه السلام لما كان قادراً على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود الذين قصدوه بالسوء وعلى إسقامهم وإلقاء الزمانة والفلج عليهم حتى يصيروا عاجزين عن التعرض له؟
والجواب عن الثاني: أن جبريل عليه السلام لو دفع الأعداء عنه أو أقدر الله تعالى عيسى عليه السلام على دفع الأعداء عن نفسه لبلغت معجزته إلى حد الإلجاء، وذلك غير جائز.
إيضاح جواب الرازي (عفا الله عنه):
ما أورده المستشكل نوع من السفسطة، فإنهم بنو نتيجتهم على مقدمتين:
المقدمة الأولى: ان جبريل يؤيد عيسى في أكثر أحواله.
المقدمة الثانية: أن التأييد له صورة واحدة وهو إماتة أعدائه وإهلاكهم.
النتيجة: أن الله لم يرفع عيسى عليه الصلاة والسلام.
وهذا من أقبح القياس وابعده عن معيار العلم ومنهاج العقل، في مقدماته ونتيجته، فإن الله تعالى أيده بروح القدس ونصره به، والتأييد عام ليس مخصوصا بصورة معينة، والتاييد إنما يكون عند حاجة عيسى إليه، والله تعالى قد أغنى عيسى عن تاييد جبريل برفعه إليه، فاين ترك جبريل لتأييد عيسى عليهما السلام.
وأما قولهم إن عيسى كان قادرا على إحياء الموتى.
فإن قالوا إنه قادر قدرة مطلقة كقدرة الله تعالى كفروا وتحولنا إلى موضع آخر للمناظرة في تأليههم لعيسى والقول بربوبيته
وإن قالوا لم يكن قادرا إلا بقدرة الله تعالى وما أعطاه الله من ذلك بطل إشكالهم، وعدنا إلى الكلام على مقتضى الحكمة فإعطاء الله عيسى القدرة التي يدفع بها أعدائه يتحول به الغيب إلى العيان، وينتفي التكليف، ويصير الإيمان ضروريا ملجئا، وتنتفي الحكمة من ابتلاء الخلق
والإشكال الثالث: إنه تعالى كان قادراً على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره، وهل فيه إلا إلقاء مسكين في القتل من غير فائدة إليه؟
جواب الرازي:
فإنه تعالى لو رفعه إلى السماء وما ألقي شبهه على الغير لبلغت تلك المعجزة إلى حد الإلجاء.
قلت: إلقاء الشبه فيه فوائد كثيرة منها:
أن الدنيا لا يكشف فيهاعالم الغيب، بل هي ابتلاء للمؤمنين، واختبار تصديقهم للأنبياء بالإخبار بالغيب، ولو أن عيسى رفع أمام الناس ولم يلقى الشبه انتفى وجه الامتحان والاختبار، ورضخ الناس لقهر عالم الشهادة وصار إيمانه l إيمانا اضطراريا كإيمان من يرى النار عيانا يوم القيامة
ومنها بيان قدرة الله تبارك وتعالى على تخليص المؤمنين بألطاف القدرة وتنوعها مما يظهر معه كمال لطفه وقوته وقدرته، فقد اجتمت في هذه الصورة القدرة على الرفع والقدرة على المكر بالأعداء والتوصل إلى المقصود بألطف الأسباب التي تظهر فيها آثار صفاته الجليلة سبحانه وتعالى.
ومنها إن كان الشبه إلقى على أعداء عيسى عليه السلام ففيه من المكر بهم والإحاطة وقهرهم ما هو ظاهر
وإن كان من أصحاب عيسى ففيه من الرفعة والابتلاء واتخاذ الشهداء ما لا يخفى على من له أدنى بصيرة
والإشكال الرابع: أنه إذا ألقى شبهه على غيره ثم إنه رفع بعد ذلك إلى السماء فالقوم اعتقدوا فيه أنه هو عيسى مع أنه ما كان عيسى، فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله تعالى.
والجواب عن الرابع: أن تلامذة عيسى كانوا حاضرين، وكانوا عالمين بكيفية الواقعة، وهم كانوا يزيلون ذلك التلبيس.
إيضاحه:
وأصرح منه قول عيسى عليه الصلاة والسلام وبيانه فإنه أخبرهم وهو نبي خبره قطعي، ولكنهم بدلوا وحرفوا كما حرفوا دعوته ورسالته بالكلية
كما قال الله تعالى:
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة
والإشكال الخامس: أن النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح عليه السلام، وغلوهم في أمره أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً، فلو أنكرنا ذلك كان طعناً فيما ثبت بالتواتر، والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوّة عيسى، بل في وجودهما، ووجود سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكل ذلك باطل.
جواب الرزاي عن الخامس: أن الحاضرين في ذلك الوقت كانوا قليلين ودخول الشبهة على الجمع القليل جائز والتواتر إذا انتهى في آخر الأمر إلى الجمع القليل لم يكن مفيداً للعلم.
قلتِ:
التواتر المعتبر هو الخبر الذي ينقله العدد من الناس مع عدم احتمال تواطئهم على الكذب، وبقاء التواتر في كل طبقة من طبقات النقل،
وأين كل النصاري من إثبات تواتر في كل طبقة من طبقات الإسناد
فاختل تواترهم بأمرين
انقطاعه، وتوفر الدواعي على التواطؤ على الكذب
ولو قلنا بأن تواطؤ الجماعات على أمر يفضي إلى القطع به
لصدقنا المشركين الذين تواطؤوا على الشرك بعد نوح
والإشكال السادس: أنه ثبت بالتواتر أن المصلوب بقي حياً زماناً طويلاً، فلو لم يكن ذلك عيسى بل كان غيره لأظهر الجزع، ولقال: إني لست بعيسى بل إنما أنا غيره، ولبالغ في تعريف هذا المعنى، ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعنى، فلما لم يوجد شيء من هذا علمنا أن ليس الأمر على ما ذكرتم
والجواب عن السادس: إن بتقدير أن يكون الذي ألقي شبه عيسى عليه السلام عليه كان مسلماً وقبل ذلك عن عيسى جائز أن يسكت عن تعريف حقيقة الحال في تلك الواقعة
قلت وإن كان كافرا لم يمنع أن يتركوا تصديقه لقيام الحس المفيد للقطع عندهم على الخبر المفيد للظن والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[16 Apr 2005, 08:55 ص]ـ
جزاك اله خيرًا شيخنا الدكتور مساعد الطيار على كلماتك الطيبة .. و بارك فيك أخي عبد الله بن بلقاسم و أستأذنك في نقل ردك لمنتدى آخر مع وضع الرابط.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[19 Apr 2005, 02:43 م]ـ
الأخت الفاضلة
تجدين ردودا أخرى على الرابط التالي
http://www.tawdeeh.com/nasrania_in_quran/index.htm
ووفقك الله
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[23 Jun 2005, 09:42 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و الله يا إخواني - إن الإجابة على هذا السؤال
قد جعل زميلتي في أمريكا تسلم و تموت على الإسلام - رحمها الله تعالى
فكان هذا هو طرحها بعد أن بينت لها قصة الصلب و كيفية حصول الصلب
فردت - متسائلة - ثم قالت بالشبهات التي بالأعلى
فأخذ الوقت مني أكثر من سنة - حتى و لله الحمد و المنة - وجدت الجواب
فما أن حاورتها و أجبتها على هذه الإشكالية
قالت لي - الآن الآن - فأسملت بعد شهر أو شهرين
أنا لم أقرأ الردود - فقد تكون الردود كافية و وافية
و إن شاء الله - سأقرأها عن قريب - و سأرى إذا ما كانت تتطرق الي النقاط التي أريد إثارتها
حول الإجابة على هذا السؤال
و جزاكم الله خيرا
/////////////////////////////////////////////////
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[16 Apr 2009, 11:27 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
لله در الدكتور هشام عزمي على رده الحاسم للموضوع،
يلجأ النصارى وبخاصة المبشرين منهم إلى كتبنا يقتبس منها شذرات منتفرقة علها تخدم عقيدته المنحرفة ثابتة البطلان بينة البهتان، ويوردون هذه الاقتباسات معزولة عن المصدر الأم الذي يحوي الرد عليها وتفنيدها بما لا يدع مجالا للشك،
الأخطر من ذلك أنه عندما تعرض هذه الاقتباسات على البعض منا يسارع إلى تصديقها والطعن في مصدرها وكاتبه لحمية أو تحامل دون البحث عنها في مظانها والاطلاع عليها والتحقق منها، وكأنه يصدق ما يدعيه هؤلاء المبشرون،
كنا ندرس الفقه في المرحلة الإعدادية في الأزهر، وعندما وصلنا إلى شروط الشاهد، وجدت أن من أهم شروط الشاهد أن يكون مسلما، فسألت أستاذي رحمه الله لماذا؟ فقال: إن غير المسلم- أيا كان دينه- لا يخاف ربه وخالقه ويشرك به، يعبد غيره أو يدعي أن له ولدا أو شريكا أو يلحد به، فكيف يخافك أنت البشر مثله ويقول الحق، الشاهد المسلم يقول الحق بأمر من الله تعالى لا محاباة لأحد ولا خوفا من أحد، وهذا هو الضمير المسلم الذي ربانا عليه الرحمن في القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أما غير المسلمين فقد نشأوا على انعدام الضمير والكذب والخيانة، خانوا ربهم وحنثوا بعهدهم معه فيكف لا يفعلون ذلك معك؟!
يا إخوتي لا تصدقوا ما يقوله المبشرون فهم أفاكون كذابون مدلسون وهذه طبيعتهم، وهذا مذهبهم ومسلكهم، وتلك سجيتهم،
لا تصدقوا ما يروجوه من تنصير بعض المسلمين- قل العدد أو كثر- فتهمون بحسن نية وبلا استعداد إلى محاورتهم أو جدالهم فتقعوا في شركهم.
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[24 Apr 2009, 08:34 ص]ـ
باركك الله أختاه ونفع بك وأعانك ولي تعقيبان:
أولهما على قولك:
"فإنني واجهت بالأمس مشكلة بأحد منتديات المسيحيين والمليئة بكثير من المسلمين الذين هجروا الإسلام واعتنقوا النصرانية لما يقوم به هؤلاء المنصرين بإلقاء الشبهات وهناك آخرون كثيرون من المذبذبين من المسلمين والذين على وشك أن يقرروا إعتناق النصرانية
من قال لك أختاه أنهم كثرة؟! إنهم قلة قليلة, -ولا يعني هذا أن نتركهم- وأكثر هؤلاء مدعون أنهم كانوا مسلمين وتحولوا!! لقد تكلمت مع أحد هؤلاء المتبجحين والذي قال أنه كان مسلما ثم تنصر لأن الإسلام ....... فقلت له: ما ثاني سورة في القرآن؟! فلم يستطع الرد!! فعرفت أنه نصراني كاذب! وهم لا يتحرجون من هذا لأنهم يتبعون بولس الذي قال ما معناه: إذا كان مجد الله يزداد بكذبه فلم لا يكذب!!!
التعقيب الثاني: الآية لم تقل أن الله تعالى ألقى شبه عيسى على غيره! ولو قالت هذا لكان منطوق الآية: ولكن شبه به! والآية قالت: ولكن شبه لهم! وشتان في المعنى بين الجملتين, فيحتمل أن يكون المعنى ولكن شبه لهم موته أو صلبه أو قتله, وقد تأتي بمعنى: ولكن التبس الأمر عليهم! فرجاء تدبري الآية مرة أخرى!
وهذا القول بإلقاء الشبه الذي ينكره المسيحيون حاليا موجود في بعض الأناجيل الأبوكريفا التي يرفضها المسيحيون! وعلى الرغم من ذلك يصرون على أنه من اختراعات المسلمين!!!(/)
القرآن وأميّة بن أبى الصلت: أيهما أخذ من الآخر؟
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[05 May 2005, 02:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أمية بن أبى الصلت شاعر مخضرم من قبيلة ثقيف، التى كانت تسكن الطائف. وكان أبوه أيضا شاعرا، كما كانت له أخت تُسَمَّى: "الفارعة"، وبنتان وعدة أبناء بعضهم شعراء، وأخٌ اسمه "هذيل" أُسِر وقُتِل مشركا فى حصار الطائف. وهو من الحنفاء الذين ثاروا على عبادة الأصنام وآمنوا بالله الواحد واليوم الآخر، وأزعجهم التردِّى الخلقى الذى كان شائعا فى الجزيرة العربية، وتطلعوا إلى نبى يُبْعَث من بين العرب، بل إنه هو بالذات كان يرجو أن يكون ذلك النبى. وكان أمية يخالط رجال الدين ويقرأ كتبهم ويقتبس منها فى أشعاره. وكان رجل أسفار وتجارة، كما كان يمدح بعض كبار القوم كعبد الله بن جدعان وينال عطاياهم وينادمهم على الخمر، وإن قيل إنه قد حرَّمها بعد ذلك على نفسه. وتُجْمِع المصادر على أنه مات كافرا حَسَدًا منه وبَغْيًا، إذ ما إن بلغه مبعث النبى محمد حتى ترك الطائف فارًّا إلى اليمن ومعه بنتاه اللتان تركهما هناك، وأخذ يجول فى أرجاء الجزيرة ما بين اليمن والبحرين ومكة والشام والمدينة والطائف. وتذكر لنا الروايات مع ذلك أنه وفد على النبى ذات مرة وهو لا يزال فى أم القرى واستمع منه إلى سورة "يس" وأبدى تصديقه به مؤكدا لمن سأله من المشركين أنه على الحق. بَيْدَ أن حقده الدفين منعه من أن يعلن دخوله فى الإسلام رسميا وبصورة نهائية رغم أنه، كما جاء فى إحدى الروايات، كان قد اعتزم أن يذهب إلى المدينة للقاء الرسول مرة أخرى وإعلان دخوله فى الدين الجديد، لكن الكفار خذّلوه وأثاروا نار حقده على محمد من خلال تذكيره بأنه قتل أقاربه فى بدر ورماهم فى القليب، فما كان منه إلا أن عاد أدراجه بعد أن شقّ هدومه وبكى وعقر ناقته مثلما يصنع الجاهليون. ثم لم يكتف بهذا، بل رثى هؤلاء القتلى وأخذ يحرض المشركين على الثأر لهم منضمًّا بذلك إلى جبهة الشرك والوثنية ضد الإسلام، وظل هكذا حتى لقى حتفه على خلاف فى السنة التى مات فيها ما بين الثانية للهجرة إلى التاسعة منها قبل فتح النبى الطائف بقليل، وهو الأرجح (شعراء النصرانية قبل الإسلام/ ط2/ دار المشرق/ بيروت/219 وما بعدها، ود. جواد على/ المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ ط2/ دار العلم للملايين/ 1978م/ 6/ 478 - 500، وبهجة عبد الغفور الحديثى/ أمية بن أبى الصلت- حياته وشعره/ مطبوعات وزارة الإعلام/ بغداد/ 1975م/ 46 فصاعدا. وله تراجم فى "طبقات الشعراء"، و"الشعر والشعراء"، و"الأغانى" وغيرها).
ولأمية ديوان شعر يختلط فيه الشعر الصحيح النسبة له بالشعر المنسوب له ولغيره بالشعر الذى لا يبعث على الاطمئنان إلى أنه من نظمه، وهذا القسم الأخير هو الغالب. وأكثر شعر الديوان فى المسائل الدينية: تأمّلاً فى الكون ودلالته على ربوبية الله، ووصفًا للملائكة وعكوفهم على تسبيح ربهم والعمل على مرضاته، وإخبارًا عن اليوم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب، وحكايةً لقصص الأنبياء مع أقوامهم، إلى جانب أشعاره فى مدح عبد الله بن جدعان والفخر بنفسه وقبيلته وما إلى ذلك. ومن الشعر الدينى المنسو ب إليه ما يقترب اقترابا شديدا من القرآن الكريم معنًى ولفظًا وكأننا بإزاء شاعرٍ وَضَع القرآنَ بين يديه وجَهَدَ فى نظم آياته شعرا. ومن هذه الأشعار الشواهد التالية:
لك الحمد والنعماء والمُلْك ربنا= فلا شىء أعلى منك جَدًّا وأَمْجَدُ
مليكٌ على عرش السماء مهيمنٌ = لعزّته تَعْنُو الجباه وتسجدُ
مليك السماوات الشِّدَاد وأرضها = وليس بشىء فوقنا يتأودُ
تسبِّحه الطير الكوامن فى الخفا = وإذ هى فى جو السماء تَصَعَّدُ
ومن خوف ربى سبّح الرعدُ حمده= وسبّحه الأشجار والوحش أُبَّدُ
من الحقد نيران العداوة بيننا = لأن قال ربى للملائكة: اسجدوا
لآدم لمّا كمّل الله خلقه = فخَرُّوا له طوعًا سجودا وكدّدوا
وقال عَدُوُّ الله للكِبْر والشَّقا: =لطينٍ على نار السموم فسوَّدوا
فأَخْرَجَه العصيان من خير منزلٍ = فذاك الذى فى سالف الدهر يحقدُ
* * *
ويوم موعدهم أن يُحْشَروا زُمَرًا = يوم التغابن إذ لاينفع الحَذَرُ
مستوسقين مع الداعى كأنهمو = رِجْل الجراد زفتْه الريح تنتشرُ
(يُتْبَعُ)
(/)
وأُبْرِزوا بصعيدٍ مستوٍ جُرُزٍ = وأُنْزِل العرش والميزان والزُّبُرُ
وحوسبوا بالذى لم يُحْصِه أحدٌ = منهم، وفى مثل ذاك اليوم مُعْتبَرُ
فمنهمو فَرِحُ راضٍ بمبعثه = وآخرون عَصَوْا، مأواهم السَّقَرُ
يقول خُزّانها: ما كان عندكمو؟ = ألم يكن جاءكم من ربكم نُذُرُ؟
قالوا: بلى، فأطعنا سادةً بَطِروا = وغرَّنا طولُ هذا العيشِ والعُمُرُ
قالوا: امكثوا فى عذاب الله، ما لكمو= إلا السلاسل والأغلال والسُّعُرُ
فذاك محبسهم لا يبرحون به = طول المقام، وإن ضجّوا وإن صبروا
وآخرون على الأعراف قد طمعوا = بجنةٍ حفّها الرُّمّان والخُضَرُ
يُسْقَوْن فيها بكأسٍ لذةٍ أُنُفٍ = صفراء لا ثرقبٌ فيها ولا سَكَرُ
مِزاجها سلسبيلُ ماؤها غَدِقٌ = عذب المذاقة لا مِلْحٌ ولا كدرُ
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها = ولا البصير كأعمى ما له بَصَرُ
فاسْتَخْبِرِ الناسَ عما أنت جاهلهُ = إذا عَمِيتَ، فقد يجلو العمى الخبرُ
كأَيِّنْ خلتْ فيهمو من أمّةٍ ظَلَمَتْ = قد كان جاءهمو من قبلهم نُذُرُ
فصدِّقوا بلقاء الله ربِّكمو = ولا يصُدَّنَّكم عن ذكره البَطَرُ
* * *
قال: ربى، إنى دعوتك فى ا لفـ=ــجر، فاصْلِحْ علىَّ اعتمالى
إننى زاردُ الحديد على النـ=ــاس دروعًا سوابغ الأذيالِ
لا أرى من يُعِينُنِى فى حياتى = غير نفسى إلا بنى إسْرالِ
وقد ظنت طوائف المبشرين ممن فقدوا رشدهم وحياءهم أن بمستطاعهم الإجلاب على الإسلام ورسوله وكتابه بالباطل فأخذوا يزعمون أن القرآن مسروق من شعر أمية بن أبى الصلت لهذه المشابهات. والواقع أن عددا من كبار دارسى الأدب الجاهلى، من المستشرقين قبل العرب والمسلمين، قد رَأَوْا عكس هذا الذى يزعمه المبشرون، إذ قالوا بأن هذه الأشعار التى تُنْسَب لأمية مما يتشابه مع ما ورد فى القرآن عن خلق الكون والسماوات والأرض، وعن العالم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب وجنة ونار، وعن الأنبياء السابقين وأقوامهم وما إلى ذلك، هى أشعار منحولة عليه. قال ذلك على سبيل المثال تور أندريه وبروكلمان وبراو من المستشرقين، ود. طه حسين والشيخ محمد عرفة ود. عمر فروخ ود. شوقى ضيف ود. جواد على وبهجة الحديثى من العلماء العرب، وإن كان من المستشرقين مع ذلك من يدعى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أخذ بعض قرآنه من شعر هذا المتحنّف كالمستشرق الفرنسى كليمان هوار، ومنهم من قال إن الرسول وورقة قد استمدا كلاهما من مصدر واحد.
وإلى القارئ تفصيلا بهذا: فالمستشرق الألمانى كارل بروكلمان يؤكد أن أكثر ما يُرْوَى من شعر أمية هو فى الواقع منحول عليه، ماعدا مرثيته فى قتلى المشركين ببدر، وأنه إذا كان كليمن هوار المستشرق الفرنسى قد زعم أن شعره كان مصدرا من مصادر القرآن، فإن الحق ما قال تور أندريه من أن الأشعار التى نظر إليها هوار فى اتهامه هذا إنما هى نَظْمٌ جَمَع القُصَّاصُ فيه ما استخرجه المفسرون من مواد القصص القرآنى، وأن هذه الأشعار لا بد أن تكون قد نُحِلَتْ لأمية منذ عهد مبكر لا يتجاوز القرن الأول للهجرة، فقد سماه الأصمعى: "شاعر الآخرة"، كما أراد محمد بن داود الأنطاكى أن يفتتح القسم الثانى فى الدِّينِيّات من كتابه "الزهرة" بأشعار أمية (كارل بروكلمان/ تاريخ الأدب العربى/ ترجمة د. عبد الحليم النجار/ ط4/ دار المعارف/ 1/ 113). يريد بروكلمان أن يقول: لولا أنه كان هناك شعر يدور حول الموضوعات الدينية التى ذكرناها قبلا منسوب لأمية منذ ذلك الوقت المبكر لما أطلق عليه الأصمعى هذه التسمية ولما فكر الأنطاكى أن يورد له أشعارا دينية فى كتابه المذكور. ويقول المستشرق براو كاتب مادة "أمية بن أبى الصلت" بالطبعة الأولى من "دائرة المعارف الإسلامية"، تعليقا على اتهام هوار للقرآن بأنه قد استمد بعض مواده من أشعار أمية، إن صحة القصائد المنسوبة لهذا الشاعر أمر مشكوك فيه، شأنها شأن أشعار الجاهليين بوجه عام، وإن القول بأن محمدا قد اقتبس شيئا من قصائد أمية هو زعم بعيد الاحتمال لسبب بسيط، هو أن أمية كان على معرفة أوسع بالأساطير التى نحن بصددها، كما كانت أساطيره تختلف فى تفصيلاتها عما ورد فى القرآن. ثم أضاف أنه، وإن استبعد أن يكون أمية قد اقتبس شيئا من القرآن، لا يرى ذلك أمرا مستحيلا. وهو يعلل التشابه بين أشعار أمية وما جاء فى القرآن الكريم بالقول بأنه قد انتشرت
(يُتْبَعُ)
(/)
فى أيام البعثة وقبلها بقليل نزعات فكرية شبيهة بآراء الحنفاء استهوت الكثيرين من أهل المدن كمكّة والطائف، وغذّتها ونشّطتها كلٌّ من تفاسير اليهود للتوراة وأساطير المسلمين. ثم يخبرنا براو بما توصَّل إليه تور أندريه من أنه ليس فى قصائد أمية الدينية ما هو صحيح النسبة إليه، وأن هذا اللون من شعره هو من انتحال المفسرين (دائرة المعارف الإسلامية/ الترجمة العربية/ 4/ 463 - 464).
وعند طه حسين أن "هذا الشعر الذى يضاف إلى أمية بن أبى الصلت وإلى غيره من المتحنفين الذين عاصروا النبى (صلى الله عليه وسلم) وجاؤوا قبله إنما نُحِلَ نَحْلاً. نحله المسلمون ليثبتوا أن للإسلام قُدْمَةً وسابقةً فى البلاد" (فى الأدب الجاهلى/ دار المعارف/ 1958م/ 145). ويرى الشيخ محمد عرفة أنه لو كانت هناك مشابهةٌ فعلا بين شعر أمية والقرآن الكريم لقال المشركون، الذين تحداهم الرسول بأن يأتوا بآية من مثله، إن أمية قد سبق أن قال فى شعره ما أورده هو فى القرآن زاعمًا أنه من لدن الله. لكنهم لم يقولوا هذا، بل اتهموه بأنه إنما يعلّمه عبد أعجمى فى مكة. كذلك يؤكد أن شعر أمية لا يشبه فى نسيجه شعر الجاهلية القوى المحكم، إذ هو شعر بيِّن الصنعة والضعف على غرار شعر المولَّدين. ومن هنا كان هذا الشعر المنسوب لذلك المتحنف الطائفى هو شعر منحول عليه ومنسوب زورا إليه (من تعليق الشيخ محمد عرفة على مادة "أمية بن أبى الصلت" فى "دائرة المعارف الإسلامية"/ 4/ 465).
أما د. عمر فروخ فيؤكد أن القسم الأوفر من شعر أمية قد ضاع، وأنه لم يثبت له على سبيل القطع سوى قصيدته فى رثاء قتلى بدر من المشركين. وبالمثل نراه يؤكد أن كثيرا من الشعر الدينى المنسوب لذلك الشاعر هو شعر ضعيف النسج لا رونق له (د. عمر فروخ/ تاريخ الأدب العربى/ ط5/ دار العلم للملايين/ 1948م/ 1/ 217 - 218). ويرى د. شوقى ضيف أن المعانى التى يتضمنها شعر أمية مستمدة من القرآن بصورة واضحة، إلا أنه لا يرتب على ذلك أن يكون أمية قد تأثر بالقرآن، بل يؤكد أن الشعر الذى يحمل اسمه هو شعر ركيك مصنوعٌ نَظَمَه بعضُ القُصّاص والوُعّاظ فى عصور متأخرة عن الجاهلية. وردًّا على دعوى هوار بأن القرآن قد استمد بعض مادته من أشعار أمية يقول الأستاذ الدكتور إن ذلك المستشرق لا علم له بالعربية وأساليب الجاهليين، وإلا لتبين له أنها أشعار منحولةٌ بيِّنة النحل، ولما وقع فى هذا الحكم الخاطئ (د. شوقى ضيف/ العصر الجاهلى/ ط10/ دار المعارف/ 395 - 396).
ويؤكد د. جواد على فى كتابه "المفصل فى تاريخ العرب" أن بعض أشعار أمية الدينية مدسوسة عليه، ومن ثَمّ لا يمكن أن يكون أميّة قد اقتبس شيئا من القرآن، وإلا لقام النبى عليه الصلاة والسلام والمسلمون بفضحه. وعلى هذا فهو أيضا يرى أن شعره الذى يوافق فيه القرآنَ إنما صُنِع بعد الإسلام صنعا لأنه ليس موجودا فى التوراة ولا فى الإنجيل ولا غيرهما من الكتب الدينية، اللهم إلا القرآن الكريم، وأن أكثره قد وُضِع فى عهد الحجاج تقربا إليه، وبخاصة أن شعره الدينى يختلف عن شعره المَدْحِىّ والرثائى وغيره، إذ يقترب من أسلوب الفقهاء والمتصوفة ونُسّاك النصارى، كما تكررت إشارات الرواة إلى أن هذا الشعر أو ذاك مما يُعْزَى له قد نُسِب لغيره من الشعراء. ثم إنه قد مدح الرسول عليه السلام، كما أن فى الشعر المنسوب له ما يدل على أنه قد آمن به، فكيف يتسق هذا مع رثائه لقتلى بدر من المشركين؟ (المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 491 - 496). أما بهجة عبد الغفور الحديثى فإنه يقسم شعر أمية الدينى إلى قسمين: قسم يظهر عليه أثر الحنيفية وكتب اليهود والنصارى، وقسم يظهر عليه أثر القرآن. وهو يميل إلى أن يكون القسم الأول له كما يظهر من أسلوبه ومعانيه، أما الثانى فمنحول عليه بدليل ما يبدو عليه من ركاكة لغته وضعف صياغته، ومن أسلوبه المستمد من القرآن (أمية بن أبى الصلت- حياته وشعره/ 127).
وقد بحثت عن طريق المشباك (النِّتّ) فى كتب الأحاديث النبوية الشريفة عن روايات تذكر شيئا من شعر أمية فلم أجد إلا ثلاثة أبيات له فى مُسْنَد أحمد يتحدث فيها عن الشمس وعرش الله بما لم يأت شىء منه فى القرآن، وأن الرسول عليه السلام قد صدّقه فيها، وهذا نصها:
رجلٌ وثورٌ تحت رجْل يمينه = والنسر لليسرى، وليثٌ مُرْصَدُ
(يُتْبَعُ)
(/)
والشمس تطلع كل آخر ليلة = حمراءَ يصبح لونها يتورّدُ
تأبَى فلا تبدو لنا فى رِسْلها = إلا مُعَذَّبَةً وإلا تُجْلَدُ
كما جاء أيضا فى مُسْنَدَىْ ابن ماجة وأحمد أن الشريد بن الصامت قد أنشد النبىَّ ذات مرة مائة بيت من شعر أمية، وكان كلما انتهى من إنشاد بيتٍ قال النبى عليه الصلاة والسلام: "هِيهْ"، يستحثه على الاستمرار فى الإنشاد، ثم عقّب صلى الله عليه وسلم فى النهاية قائلا: "كاد أن يُسْلِم"، وفى رواية أخرى فى مسند أحمد أن النبى لم يعلّق فى نهاية الإنشاد بشىء، بل سكت فسكت الشريد بدوره. وهذا كل ماهنالك، فلم نعرف من الحديث ما هى الأبيات التى أنشدها الصحابى الكريم على مسامع رسول الله، ولا مدى مشابهتها للقرآن. على أن هاهنا نقطة لا بد من تجليتها قبل الانتقال إلى شىء آخر، إذ لا أظن الصحابى الجليل قد قصد عدد المائة تحديدا، فليس من المعقول أنه كان يعدّ الأبيات التى كان ينشدها على مسامع النبى أوّلاً بأوّل وهو يتلوها. ذلك أمر غير متخيَّل، والأرجح بل الصواب الذى لا أستطيع أن أفكر فى غيره أنه أراد الإشارة إلى أنه قد أنشد سيّدَ الأنبياء عددا غير قليل من الأبيات.
كذلك رجعتُ إلى تخريجات القصائد المشابهة للقرآن الكريم التى قام بها بهجة الحديثى فى رسالته عن أمية، فلفت انتباهى أن هذه القصائد، أو على الأقل الأبيات التى يوجد فيها ذلك التشابه، لم تَرِدْ فى أىٍّ من كتب الأدب واللغة والتاريخ والتفسير المعتبرة ككتاب "جمهرة أشعار العرب" لأبى زيد القرشى، أو "طبقات الشعراء" لابن سلام، أو "الشعر والشعراء" لابن قتيبة، أو "الأغانى" للأصفهانى، أو "تاريخ الرسل والملوك" أو "جامع البيان فى تفسير القرآن" للطبرى مثلا. بل إن كثيرا من هذه الأشعار لم تَرِدْ فى طبعة الديوان الأولى، فضلا عن أن بعضها قد نُسِب فى ذات الوقت إلى غيره من الشعراء. ونقطة أخرى مهمة جدا: لماذا لم يُثِرْ علماؤنا المتقدمون قضية التشابه بين شعر أمية والقرآن الكريم باستثناء محمد بن داود الأنطاكى، الذى كان يردّ، فيما يبدو، على من اتهم القرآن بالأخذ عن أمية بأن ذلك غير صحيح لأنه عليه السلام لا يمكن أن يستعين فى كتابه بشعر رجل أقر بنبوته وصدّق بدعوته، وأنه لو كان صحيحا رغم ذلك لسارع أمية إلى اتهام الرسول بالسرقة من شعره، وبذلك تسقط دعوته صلى الله عليه وسلم بأيسر مجهود وأقلّه؟ (الزهرة/ تحقيق د. إبراهيم السامرائى ود. نور حمود القيسى/ ط2/ مكتبة المنار/ الزرقاء/ 1406هـ- 1985م/ 2/ 503). لقد كان ابن داود الأنطاكى من أهل القرن الثالث الهجرى، فى حين أن صاحب "الأغانى" قد جاء بعده بقرن، فكيف اطمأن المتقدم وشكّ المتأخر، أو فلنقل: كيف أورد المتقدمُ الشعرَ المنسوب لأمية، بينما لم يورده الأصفهانى، الذى جاء بعده بقرن كما قلنا؟ والأحرى أن يكون الوضع بالعكس حيث يكون المتقدم أقرب زمنا إلى صاحب الشعر فيستطيع من ثم أن يحسم الحكم فى مسألة نسبة الشعر إليه، على الأقل قبل تراكم الروايات وازدياد صعوبة غربلتها وإصدار حكم بشأنها. بَيْدَ أن مثل هذا الوضع لا غرابة فيه، فعندنا مثلا ابن إسحاق وابن هشام اللذان اشتركا فى كتابة "سيرة رسول الله": تأليفًا بالنسبة لابن إسحاق، ومراجعةً وتعليقًا وتنقيةً بالنسبة لابن هشام، وجاء الأول قبل الثانى بزمن غير قصير كما هو معروف، ومع هذا لم يمنع ابنَ هشام تأخُّرُ زمنه عن النظر فى السيرة التى كتبها سَلَفُه وإجالة قلمه فيما يرى أنه لا بد من تغييره أو تصحيحه أو التعليق عليه بما يرى أنه الصواب أو الأقرب للحق، مثلما فعل عندما أنكر على ابن إسحاق مثلا إيراد أشعار لآدم وثمود والجن، بل لأفراد من قريش ذاتها ممن قال إن أهل العلم لا يعرفون لهم شعرًا أصلا أو ينكرون ما ينسب إليهم من شعر. والمسألة بَعْدُ هى مسألة اختلاف فى شخصية الباحث ما بين مطمئنٍ يقبل ما يُرْوَى له ومدقِّقٍ لا يقبل إلا بعد تمحيص وتقليب ... وهكذا. ومعروف أن ابن سلام وابن قتيبة وأبا الفرج الأصفهانى هم من النقاد ومؤرخى الأدب القدماء المشهود لهم بالتمحيص والتنقيب وعدم قبول أى شىء على علاته، بينما لا يزيد ما فعله ابن داود الأنطاكى فى كتابه "الزهرة" عن جمع الأشعار وتنسيقها، إلا حين يعلّق بكلمة هنا أو هناك تدور عادةً على شرح لفظة صعبة أو تحليل جانب من جوانب عاطفة
(يُتْبَعُ)
(/)
الحب التى ألف كتابه عنها. إن هذا كله من شأنه أن يعضّد القول الذى سمعنا كبار دارسى الأدب العربى من مستشرقين وعرب يرددونه من أن القصائد التى تتشابه مع القرآن من الشعر المنسوب لأمية هى فى الواقع قصائد منحولة. ولقد نبهنى هذا الاكتشاف إلى ما أحسست به عند مراجعتى لديوان أمية مؤخرا من أنى لا أستطيع أن أتذكر قراءتى لأىٍّ من هذه الأشعار فى الكتب التى أومأتُ إليها لِتَوِّى. وهذا هو السبب فى أننى قد استبدّ بى الاستغراب أثناء مطالعتى لذلك النوع من قصائد أمية حين فكرت فى الكتابة عن هذه القضية بالرغم من كثرة ما قرأت عن الرجل من قبل فى "الأغانى" و"طبقات الشعراء" و"الشعر والشعراء" مثلا، وكذلك فى كتب تاريخ الأدب العربى التى ألفها باحثون معاصرون ممن تكلموا فى هذه القضية، لكنهم لم يوردوا شيئا من الأشعار محل الخلاف والمناقشة مكتفين بالكلام النظرى فيها. وبالمثل كان الانطباع الذى شعرتُ به بمجرد قراءة تلك الأشعار هو أنها أقرب إلى النظم الذى وضع صاحبُه أمام عينيه آياتِ القرآن الكريم وأخذ يجتهد فى تضمينها ما ينظم من أبيات: فالكلام مهلهل وغير مستوٍ، وفيه فجوات يملؤها الناظم بما يكمّل البيت بأى طريقة والسلام، على عكس شعر أمية فى رثاء قتلى المشركين ببدر مثلا أو مدائحه لعبد الله بن جدعان. وغنى عن القول ألاّ وجه لمقارنة هذا الشعر بأسلوب القرآن وما يتسم به من فحولة وجلال وشدة أسر وسحر ينفذ إلى القلوب نفوذا غلابا قاهرا، وهو ما يجعل القول بتأثر شعر أمية بالقرآن لا العكس هو ما يمليه المنطق وتَهَشّ له العقول والضمائر إذا صحَّت نسبة هذه الأشعار له. ومع ذلك كله فلسوف أسلك الطريق الصعب فأفترض أن تلك الأشعار محلَّ الخلاف هى أشعار صحيحة قالها أمية فعلا، وأن الأحداث التى رافقت نظم هذه القصائد هى بالتالى أحداث صحيحة وقعت هى أيضا.
والآن لو تتبعنا أهم الأحداث فى حياة المصطفى وأمية مما يتصل بهذه القضية فماذا نجد؟ أول كل شىء أن شاعرنا كان، كما جاء فى الروايات التى تحدثت عنه، يتوقع أن يكون هو النبى المنتظر، وأنه حين علم أن النبوة تجاوزته لم يستطع صبرا على المُقام بالطائف على مقربة من الرجل الذى كان حُكْم القدر أن ينزل عليه وحى السماء، فأخذ ابنتيه وهرب إلى اليمن. ومعنى ذلك أنه هو الذى كان مشغولا بمحمد لا العكس. وهذا أحرى أن يجعله متنبها لكل ما يتعلق بمحمد، وعلى رأسه القرآن، الذى كان يتمنى بخلع الضرس بل بِفَقْءِ العين أن يكون هو النبى الذى يتلقاه ويبلغه للناس، حرصا منه على الشهرة والسمعة والمكانة بين قومه، جاهلا فى غمرة حماقته وحسده الأسود العقيم أنه سبحانه وتعالى "أعلم حيث يجعل رسالته". ومن المنطقى جدا، كما أومأنا، القول بأنه لم يستطع أن يتجاهل الرسول رغم غيظه، بل قل: بسبب غيظه من عدم اختياره هو نبيا للعرب، وأنه كان يتصيد الآيات والسُّوَر التى تنزل على الرسول ويضعها نصب عينيه وهو يَنْظِم شعره، جَرْيًا على المثل الشعبى القائل: "إن فاتك المِيرِىّ تمرَّغْ فى ترابه". إنه "عبده مشتاق" الجاهلى، الذى يمكن أن نرى فيه رائدا لنظيره فى كاريكاتير جريدة "الأخبار" القاهرية، مع بعض التلوينات المختلفة هنا وهناك تبعا لاختلاف طبيعة الدور الذى يريد كل من هذين العبدين أن يؤديه والظروف التى يتحرك فى نطاقها! ولقد فاتته النبوة، فليضمّن نصوصَ وحيها إذن شعره، فهذا أفضل من أن "يخرج من المولد بلا حمّص"! وهو حين يصنع هذا إنما كان يجرى على عادته قبل سطوع بدر الإسلام من العكوف على الكتب الدينية السابقة والاقتباس منها فيما يَنْظِم من أشعار. فهو إذن لا يفترع طريقا جديدا حين يقتبس من القرآن، بل يستمر فى سبيله القديم. والطبع غلاب كما يقولون! ولا أدرى فى الواقع لماذا، بدلا من هذا الهروب غير المجدى من الطائف، لم يواجه محمدا ويقول له فى وجهه إنه قد سبقه فى شعره إلى ما يقوله هو فى قرآنه، وإن هذا دليل على أنه ليس نبيا حقيقيا، ومن ثم فهو أفضل منه، على الأقل من ناحية العلم والحكمة. ألم يكن هذا هو ما يقتضيه المنطق لو كان عند أمية ذلك الدليل القاهر الذى يلوّح به بعض المستشرقين ويتابعهم عليه، فى غباءٍ لا يليق بمن عنده مسكة من عقل، مبشّرو آخر الزمان، ومن خلفهم ذيول المسلمين الذين فقدوا كل معنى من معانى الكرامة والرجولة؟ ومن
(يُتْبَعُ)
(/)
الواضح أن الرجل كان يحب الظهور بمظهر العالم الحكيم، هذا الوصف الذى وصفه به خطأً بعض من ترجموا له من القدماء، إذ لو كانت الحكمة من صفاته حقا لما ترك الحسدَ يطوّحه ويقلقله فى بلاد العرب جنوبا وشمالا وشرقا وغربا كراهيةَ أن يكون على مقربة من الرجل الذى آثرته السماء عليه فى مسألة النبوة (وإن ذكرتْ بعضُ الروايات، حسبما رأينا، أنه وفد عليه فى مكة واستمع إلى ما تلاه عليه من قرآن وقال كلاما طيبا فى حقه)، ولأَقْبَلَ بدلا من ذلك عليه بجْمْع قلبه وإخلاصه ما دام يرى أنه على الحق كما يشير إلى ذلك الشعر الذى يتحدث فيه، قبل البعثة النبوية، عن حاجة البلاد لنبى يأخذ بيدها فى طريق الهداية، وكذلك القصيدة التى قالها فى مدحه عليه الصلاة والسلام والدين الذى أتى به. بَيْدَ أنه، لحَِظّه التعيس، لم يحزم أمره، وظل مترددا يقترب بقلبه حينًا بعد حينٍ من الدين الجديد، لكنه سرعان ما تثور به عقارب الحقد فيبتعد عنه ... إلى أن أقبل أخيرا فى نوبة قوية بعض الشىء من نوبات يقظته الخلقية والروحية ليعلن إسلامه رسميا، فوقفت قريش فى طريقه وأخبرته بأن المسلمين قتلوا عُتْبة وشَيْبة ابنى ربيعة وغيرهما من رجالات الطائف ممن كانوا يمتّون إليه بواشجة القرابة، فما كان منه إلا أن لوى عِنَان فرسه مبتعدا عن طريق النور والسعادة حاكما بذلك على نفسه ببؤس المصير إلى الأبد، وهو ما يدل بأجلى بيان على أنه لم يحزم أمره يوما، وهذه هى مشكلته المزمنة مع نفسه، فأين الحكمة هنا إذن؟ أما العلم فإن نصيبه منه لا يخرج، فيما هو واضح، عن نقل النصوص والقصص من كتب الأمم السابقة إلى شعره دون الانتفاع الحق بها، فهو إذن كالحمار يحمل أسفارا، وإلا فلماذا لم يستفد بها فى اتّباع الحق الذى كان يؤمن به فى أعماق قلبه، وفضّل عليه الانحياز إلى الوثنية ممثلةً فى أقاربه الذين رثاهم ومجَّدهم حين سقطوا وهم يحاربون تحت رايتها ضد التوحيد، وزاد فشقّ جيوبه عليهم وبكى وجدع أنف ناقته كما كان يفعل أهل الجاهلية الجهلاء حسبما ذكرت كتب السيرة وتاريخ الأدب (د. جواد على/ المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 479)، وهو الذى طالما صدّع أدمغتنا من قبل بالحديث عن الحنيفية؟ ولْنقارن بين موقفه هذا وموقف النبى عليه السلام حين أسلم وَحْشِىّ قاتل عمه الغالى وأخيه من الرضاع حمزة بن عبد المطلب، وكذلك هندٌ آكلة الأكباد ومدبّرة مقتله المأساوى رضى الله عنه. لقد قَبِلهما النبى فى دينه، وكأن شيئا لم يكن، رغم الجرح الغائر الذى خلّفه موت سيد الشهداء فى قلبه، وذلك نزولا على مبدئه العظيم القائل بأن "الإسلام يَجُبّ ما قبله". أو لماذا لم يقم هو بالدعوة إلى ما كان يؤمن به (حسبما نقرأ فى الشعر المنسوب إليه)، ولو فى أضيق نطاق بين قومه فى الطائف فقط ما دام ادعاء النبوة سهلا إلى هذا الحد كما فعل محمد، الذى لم يكن قارئا كاتبا مثله؟ فانظر وقارن يتبين لك الفرق بين النبوة والحسد الذى يأكل قلب صاحبه أكلاً فلا يتركه يهنأ بحياته أبدا!
أما المحطة الثانية التى نحب أن نقف عندها فهى ذهاب رسول الله إلى الطائف حين شعر أن مكة تستعصى على دعوته بغباء غريب ما عدا القليلين الذين دخلوا فى دعوته رغم التضييق والعنت الشديد والأذى المتواصل، فحَسِبَ أن الطائف قد تكون أحسن استقبالا للدين الجديد، لكن أهلها للأسف لم يكونوا أفضل حالا من قومه فى مكة. ترى لو كان أمية قد سبق القرآن إلى تناول الموضوعات التى نقرؤها فى ذلك الكتاب بنفس الألفاظ والعبارات فى كثير من الأحيان، ومن ثم أخذ محمد بعض قرآنه من شعره، أكان يفكر مجرد تفكير فى السفر إلى بلد ذلك الشاعر معرضا نفسه للسخرية والاتهام من جانب أهلها بدلا من إقبالهم عليه ودخولهم فى دينه؟ إنه إذن لـ"كالمستجير من الرمضاء بالنار" كما جاء فى أمثال العرب، أو كمن "جاء يُكَحِّلها فأعماها" كما يقول المثل الشعبى! ولم يكن الرسول يوما بالشخص الذى يمكن أن يقع فى مثل هذا التصرف الأخرق العجيب، بل لم يتهمه أحد من أَعْدَى أعدائه بشىء من ذلك قط! ثم فلنفترض بعد هذا أنه قد ارتكب هذا التصرف الأحمق (وأستغفر الله العظيم على هذا التعبير الذى اقترفتُه لأكون فى غاية السماحة مع "الأنعام" الذين لهم قلوب لكن لا يعقلون بها، ولهم أعين لكن لا يبصرون بها، ولهم آذان لكن لا يسمعون
(يُتْبَعُ)
(/)
بها!)، فكيف فات الطائفيين الأمرُ فلم يجابهوه ويجبهوه بهذه السرقة التى كانت كفيلة بقصم ظهر الدعوة التى أتى بها بدلا من إغرائهم صبيانهم وعبيدهم وسفهاءهم بمطاردته بالحجارة فى شوارع المدينة حتى أخرجوه منها منتهكين بتصرفهم الوحشىّ هذا ما توجبه التقاليد العربية الراسخة القاضية بإكرام الضيف الوافد، واضطروه إلى اللجوء إلى بستانٍ لعُتْبة وشَيْبة ابنى ربيعة حيث قابل هناك خادمهما عداس، الذى قدّم له قِطْفا من العنب يتقوّت به ويزيل عن نفسه التعب، ثم أقبل عليه فى حب وإجلال حين رآه يسمّى الله قبل الطعام وعرف شيئا من دينه على ما هو معروف لقارئى السيرة النبوية؟
ثم هناك قدوم أمية على النبى ومدحه إياه بقصيدة يقرّه فيها على دعوته ويثنى عليه ويصدّق به. ويبدو أن ذلك كان بتأثير الأسئلة التى من المؤكد أنها كانت توجَّه له ممن حوله، إذ لا بد أن يثور فى أذهانهم التساؤل عن السبب، يا ترى، الذى يمنعه من الإيمان بمحمد ما دام يردد ما يقوله تقريبا ويضمّن شعره بعض ما جاء فى قرآنه! أقول هذا رغم أن فى نفسى من صحة هذه القصيدة شيئا للأسباب التى سأذكرها من فورى، لكننى قلتُه على الشرط الذى وضعتُه حين بينتُ أنه لكى نقبل أشعار أمية التى تشابه القرآن الكريم لا بد أن نقبل معها الأحداث التى صاحبتها حسبما أوردتها الروايات. على أية حال هأنذا أورد جُلّ أبيات القصيدة أولا، ثم ننظر فيها بعد ذلك:
لك الحمد والمنّ رب العبا = د. أنت المليك وأنت الحَكَمْ
ودِنْ دين ربك حتى التُّقَى = واجتنبنّ الهوى والضَّجَمْ
محمدًا ارْسَلَه بالهدى = فعاش غنيا ولم يُهْتَضَمْ
عطاءً من الله أُعْطِيتَه = وخصَّ به الله أهل الحرمْ
وقد علموا أنه خيرهم = وفى بيتهم ذى الندى والكرمْ
نبىُّ هدًى صادقٌ طيبٌ = رحيمٌ رءوف بوصل الرَّحِمْ
به ختم الله من قبله = ومن بعده من نبىٍّ ختمْ
يموت كما مات من قد مضى= يُرَدّ إلى الله بارى النَّسَمْ
مع الأنبيا فى جِنَان الخلو = دِ، هُمُو أهلها غير حلّ القَسَمْ
وقدّس فينا بحب الصلاة = جميعا، وعلّم خطّ القلمْ
كتابًا من الله نقرا به = فمن يعتريه فقدْمًا أَثِمْ
(أمية بن أبى الصلت- حياته وشعره" لبهجة عبد الغفور الحديثى/ 260 - 264)
وقد رفض د. جواد على هذه القصيدة على أساس أن ما فيها من إيمان قوى بالنبى ودينه يتناقض مع ما نعرفه من تردد أمية بالنسبة للإسلام وافتقار قلبه إلى الإيمان العميق، وأنه يشير فيها إلى وفاة الرسول التى لم تقع إلا بعد موت أمية أوّلا (المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 497 - 498). لكن بهجة الحديثى لا يشك فى القصيدة، بل يرى أنها تمثل خطرة من الخطرات التى كانت تنتاب أمية، فالمعروف أنه لم يكفر بالرسول تكذيبا بل حسدا، إذ كان فى دخيلة نفسه مصدِّقا بما جاء به، بل همّ أن يعلن إسلامه فعلا. كما أن الأنطاكى، الذى كان يعيش فى القرن الثالث الهجرى، قد أكد أنها موجودة فى شعره ومفهومة عند أهل الخبرة به (أمية بن أبى الصلت/ 78 - 79). والحق أن الحجة الأخيرة تكاد تكون العقبة الوحيدة التى تمنعنى من القطع بزيف هذه القصيدة رغم ما فيها مما يدابر المنطق: فهى تتحدث عن اختتام النبوة بمحمد عليه السلام، وهى قضية لم تكن قد طُرِحَت بعد، لأن القصيدة لا بد أن تكون قد سبقت غزوة بدر على آخر تقدير حيث حسم أمية أمره بعد تلك الغزوة وشقَّ جيوبه وعقر ناقته وتراجع نهائيا عن الدخول فى الإسلام، على حين أن الإشارة إلى أن نبوة محمد هى خاتمة النبوات قد وردت فى سورة "الأحزاب"، التى نزلت بعد ذلك بزمن طويل على ما هو معروف. أما ما جاء فى القصيدة من ذكر موت النبى فلا يعنى بالضرورة أنه قد مات فعلا، إذ الكلام يحتمل هذا، كما يحتمل أنه سيموت كسائر البشر حسبما جاء فى قوله تعالى: "إنك ميتٌ، وإنهم ميتون" (الزُّمَر/ 30)، إذ أتى الفعلُ الدالّ على الموت فى القصيدة فى صيغة المضارع لا الماضى كما لا بد أن يكون القارئ قد لاحظ، رغم أن فى ذكر الموت فى حد ذاته فى هذا السياق كثيرا من الغرابة والخروج على مقتضيات المديح. كذلك فوصف الرسول بأنه "رحيم رءوف" هو صَدًى لوصفه فى القرآن فى الآية قبل الأخيرة من سورة "التوبة" بهاتين الصفتين، وإن جاءتا فى القصيدتين بعكس ترتيبهما فى السورة، والآية المذكورة تنتمى لمرحلة زمنية متأخرة عن تاريخ نظم
(يُتْبَعُ)
(/)
القصيدة. كذلك ففى القصيدة صَدًى لقول رسول الله فى حديث أبى هريرة: "لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيَلِج النار إلا تحلَّة القسم"، والمقصود الإشارة إلى قوله تعالى فى الآية 71 من سورة "مريم": "وإنْ منكم إلا وارِدُها. كان على ربك حتما مقضيًّا"، ومعروف أن أبا هريرة إنما أسلم فى المدينة فى السنة السابعة للهجرة، أى بعد نظم أمية قصيدته بأعوام، فكيف يمكن أن يتأثر أمية بحديث كهذا لم يكن قد قيل إلا بعد ذلك ببضع سنوات؟ وأنا هنا، كما يلاحظ القارئ، أنطلق من أن القصيدة هى التى تأثرت بالقرآن لا العكس ما دام أمية قالها فى مدح النبى والتصديق بدعوته، إذ معنى هذا أنه لم يكن يرى فى القرآن أى أثر لشعره، وإلا ما فكر فى مدحه عليه السلام بتاتًا، بل فى هجائه وفَضْحه. ثم إن فى النظم هَنَاتٍ لا يقع فيها جاهلىٌّ عادة: فقد جاءت كل من كلمتى "أرسله" و"الأنبياء" فى القصيدة بهمزة، وهو ما يحدث اضطرابا فى موسيقى البيتين اللذين وردت الكلمتان فيهما، إلا إذا حذفنا الهمزتين كما فعلت أنا هنا، فعندئذ نشعر على الفور أننا بإزاء شعر إسلامى صوفى مما يصعب انتماؤه للعصر الأموى أو حتى بدايات العباسى. لكن هل يمكن أن يكون هذا قد فات ابن داود الأنطاكى؟ تلك هى المعضلة. إلا أننا لو استحضرنا فى المقابل أن كبار مؤرخى الأدب ونقاده فى تلك الفترة، وهم العلماء الذين شغلتهم قضية الانتحال فى الشعر الجاهلى والمخضرم كابن سلام وابن قتيبة والجاحظ وأبى الفرج وابن هشام، لم يَرْوُوا شيئا من هذا الشعر لأمية، لوجدنا أنها ليست بالمعضلة التى تستعصى على الحل. وأيا ما يكن الأمر فكما قلت: إن من يريد منا أن نقبل نسبة الأشعار محل الدراسة لأمية فلا بد أن يقبل معها الأحداث المصاحبة لها فى الروايات التى أوردتْها لنا.
ومما تقوله الروايات عن النبى وأمية أيضا ذلك اللقاء الذى تم بينه صلى الله عليه وسلم وفارعة أخت الشاعر حينما جاءته عند دخوله الطائف فى السنة التاسعة للهجرة وحكت له قصة أخيها وأنشدته من شعره بناءً على طلبه، وما عقَّب به عليه السلام قائلا: "يا فارعة، إن مَثَل أخيك كمَثَل من آتاه الله آياته فانسلخ منها" (ابن حجر/ الإصابة فى معرفة الصحابة/ مطبعة مصطفى محمد/ القاهرة/ 1939م/ 4/ 363، والاستيعاب فى معرفة الأصحاب/ مطبعة مصطفى محمد/ القاهرة/ 1939م/ 4/ 379). هل يعقل أنه صلى الله عليه وسلم يسعى إلى فتح ملفّ أمية ويقول فيه هذه الكلمة القارصة، وعلى مسمع من أخته، وفى أشد اللحظات على أهل الطائف وطأةً لأنها لحظة انكسار وانهزام، لو كان قد استمد شيئا من قرآنه من شعر الرجل؟ إنه فى هذه الحالة كمن يمد يده فى جحر الثعابين والعقارب معرِّضا نفسه لخطر الهلاك الوَحِىّ دونما أدنى داع، ومعاذَ الذكاء المحمدى أن يفوته عليه السلام ما ينتظره من الخطر فيقدم على التصرف بمثل هذا التهور! ونفس الشىء نقوله عن موقفه من الشريد بن الصامت، إذ لماذا يشجعه صلى الله علي وسلم على الاستمرار فى إنشاد الشعر الذى من شأنه أن يفضح دعواه لو كان أمية قد قاله فعلا قبل القرآن، واستمد هو قرآنه منه؟ بل لماذا ينشد سويد أمامه شعر أمية أصلا لو كان متطابقا مع القرآن هذا التطابق الذى يدل على استمداده منه؟ بل كيف لم يتنبه لهذا التشابه ولم يختلج على الأقل ضميره بالشكوك والوساوس؟ ولنفترض بعد ذلك كله أنه صلى الله عليه وسلم قد أقدم على هذا التصرف الخاطئ فى الحالين، فكيف لم يصدر عن الطرف الآخر أى شىء يُلْمِح إلى أسبقية شعر أمية على القرآن أو حتى إلى مجرد المشابهة بين النصين ولو على سبيل فلتات اللسان؟
وعندنا من الثقفيين، غير فارعة أخت شاعرنا، كنانة بن عبد ياليل، وكان رئيس ثقيف فى زمانه، واشترك مع أبى عامر الراهب العدو اللدود للإسلام فى التآمر على الدين الجديد وصاحبه، ولم يتركا سبيلا إلا وسلكاه لبلوغ هذه الغاية حتى إنهما ذهبا إلى قيصر للاستعانة به ضد الإسلام. ولما فشلا بقى أبو عامر فى الشام، وعاد ابن عبد ياليل بعد تطواف هنا وهناك وأعلن إسلامه. ويقال إنه كان من بين المرتدين، ثم رجع إلى الإسلام مرة أخرى. والسؤال الذى يتبادر إلى الذهن لو كان الرسول قد أخذ شيئا من شعر أمية هو: كيف سكت مِثْلُ كنانة فلم يتخذ من هذا الأمر سلاحا يوجهه إلى قلب الإسلام فى مقتل فيريح نفسه وقومه والعرب
(يُتْبَعُ)
(/)
جميعا من هذا البلاء الذى أرَّقهم وأزعجهم بدلا من الضرب فى الآفاق والاستعانة بمن يساوى ومن لا يساوى؟ أليس هذا هو ما كان ينبغى أن يمليه المنطق على مثل ذلك الزعيم القبلى؟ لكنه لم يفعل، فعلام يدل هذا؟ أيعقل أن يكون بيده ذلك السلاح الحاسم ولا يفكر فى استخدامه على طول ما حارب الإسلام وكثرة ما تآمر ضده؟ (ابن حجر/ الإصابة فى معرفة الصحابة/ 2/ 496، و3/ 305).
وكان عروة بن مسعود الثقفى قد بكَّر بالدخول فى الإسلام قبل قومه بزمن، فأراد من حبه لهم أن يهديهم الله على يديه، فاستأذن الرسولَ عليه السلام أن يأتيهم فيدعوهم إلى الدخول فى دين التوحيد، لكنه صلى الله عليه وسلم حذره من أنهم سيقتلونه. إلا أنه لم يكن يتصور أنهم يمكن أن يعادوه ويتأبَّوْا عليه اعتقادا منه أنهم يحبونه ويكرمونه أشد الإكرام، فعاود الاستئذان، والرسول يحذره، ثم أذن له فى الثالثة ليذهب إليهم ويلقى المصير الذى حاول الرسول أن يجنبه إياه، إذ ما إن بدأ يدعوهم إلى الإسلام حتى اجتمعوا إليه من كل جانب ورَمَوْه بالنبل فقتلوه، رضى الله عنه (أبو نعيم الأصفهانى/ دلائل النبوة/ ط2/ حيدر أباد الدكن/ 1950م/ 467). أولو كان الرسول قد أخذ قرآنه من أمية ابن الطائف التى طال استعصاؤها على الإسلام إلى وقت متأخر، أكان عروة يدخل فى دينه مخالفا قومه بهذه البساطة؟ بل أكان الرسول يرضى أن يذهب إليهم هذا المندفع الذى لا يفكر فى العواقب، ومعروف أن أول ماسيجيبونه به هو: أوقد نسيت أن الرسول الذى تدعونا إلى الإيمان بدينه ليس سوى سارق لشعر شاعرنا، أخذه وزعم أنه قرآن يُوحَى إليه من السماء؟ وحتى لو لم يفكر أى منهما فى تلك النتيجة التى لا يمكن أن يتجه الذهن إلى أى شىء غيرها، أكانت ثقيف تدع تلك الفرصة السانحة دون أن تتهكم بعروة على غفلته وتحمسه لدين يقوم على هَبْش النصوص الشعرية من الشعراء الآخرين والزعم بأنه وحى من عند رب العالين؟
وهناك أيضا من مشاهير الثقفيين الشاعر أبو محجن، الذى كان مدمنا للشراب، وكان يتأرجح بين عشقه المتوله للخمر وتحرجه الدينى، وإن كان للعشق الغلبة فى بداية أمره حتى لقد حُدَّ فيها مرارا، ونفاه عمر إلى إحدى الجزر ... إلى أن جاءت حرب القادسية، وقصته فيها معروفة، إذ كان ساعتها فى القيد فى بيت سعد بن أبى وقاص (قائد المسلمين فى تلك المعركة) بسبب الخمر انتظارا لإيقاع الحدّ عليه، فأخذ يلحّ على امرأة سعد من وراء زوجها أن تحل وثاقه كى يستطيع المشاركة فى الجهاد فى سبيل الله، ولها عليه عهد الله أن يعود من تلقاء نفسه بعد المعركة فيضع رجليه فى القيد كرة ثانية، حتى نجح فى إقناعها فأطلقته فحارب وأبلى فى الحرب بلاء حسنا وانتصر المسلمون، فكان عند كلمته وعاد فوضع رجليه فى القيد، ثم أعلن توبته النهائية عن أم الخبائث بعد أن أبدى سعد إعجابه به ووعده أنه لن يحده أبدا، إذ صرَّح قائلا إنه يستطيع الآن أن يقلع عنها دون الخوف من أن يقول أحد عنه إنه تركها خشية العقاب. ولا يزال ديوانه يمتلئ بالأشعار التى يتغزل فيها فى بنت الكَرْم متمردا على تحريمها فى دين محمد. بل إنه كان أحد الذين دافعوا عن الطائف أثناء حصار المسلمين لها عقب فتح مكة، وأصاب سهمه فيها ابنًا لأبى بكر (الزركلى/ الأعلام/ ط3/ 5/ 243، ودائرة المعارف الإسلامية/ الترجمة العربية/ 2/ 597 - 598، وديوان الشاعر، وبهجة عبد الغفور الحديثى/ أمية بن أبى الصلت/ 42 - 43). والسؤال هنا أيضا: كيف لم يتحدث مثل هذا الشاعر عن استعانة الرسول بشعر ابن قبيلته ولو فى نوبة من نوبات تهتكه وتمرده على تحريم الإسلام الصارم لأم الخبائث، أو فى شعره قبل دخوله فى الإسلام؟
ثم لدينا من الثقفيين أيضا الحجاج بن يوسف، الذى كان معلما للقرآن فى بداية حياته كأبيه لا يبتغى بذلك مالا، بل احتسابًا عند الله، ثم أصبح فيما بعد أحد عمال بنى أمية الكبار. وهو الذى أدخل على نظام الكتابة العربية المزيد من الإتقان والضبط، إذ عهد إلى نصر بن عاصم بإعجام الخط، أى وَضْع النقاط للتمييز بين الأحرف المتشابهة كالباء والتاء والثاء، والجيم والحاء والخاء ... طلبًا لمزيد من الدقة والتسهيل فى قراءة القرآن، الذى يدَّعى بعض الرُّقَعاء أنه مقتبَس فى بعض مواضعه من شعر أمية. كما كان، رغم كل ما قيل عن قسوته أيام ولايته على العراق، من
(يُتْبَعُ)
(/)
المداومين على قراءة القرآن. وكذلك كان يشجع بكل وسيلة على حِفْظه، ويُدْنِى منه حُفّاظه (أحمد صدقى العَمَد/ الحجاج بن يوسف الثقفى- حياته وآراؤه السياسية/ دار الثقافة/ بيروت/ 1975م/ 86 - 87، 96، 474، 477 - 478، وهزاع بن عيد الشّمّرى/ الحجاج بن يوسف الثقفى- وجه حضارى فى تاريخ الإسلام/ دار أمية/ الرياض/ 44). والآن ألا يحق لنا أن نتساءل: ما الذى جعل الحجاج يتحمس لدين محمد كل هذا التحمس لو كان هناك ولو ذرة واحدة من الشك تحوم حول مصدر هذا الكتاب، وبخاصة أن المصدر فى هذه الحالة لن يكون شيئا آخر غير شعر ابن القبيلة التى يعتزى هو إليها؟ لا ليس ابن قبيلته فقط، بل هو ابن خالة جده الرابع لأمه: معتب بن مالك (انظر فى نَسَبه "الحجاج بن يوسف الثقفى- وجه حضارى فى تاريخ الإسلام" لهزاع بن عيد الشّمّرى/ 15). ولا يظنَّنّ أحد أن شعر أمية لم يكن يهم الحجاج لانشغاله بالسياسة وما يتصل بها، فقد رُوِىَ عنه قوله: "ذهب قوم يعرفون شعر أمية، وكذلك اندراس الكلام" (د. جواد على/ المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 483)، أى أن نصوص الشعر والأدب إنما تضيع بذهاب من يحفظونها. وههنا نقطة مهمة جدا، ألا وهى أن شعر أمية قد ضاع، على أقلّ تقدير، ٍ جانبٌ كبير منه قبل الحجاج، فكيف وصلنا إذن كل هذا الشعر الذى يشابه القرآن إذا كان واحد من أقرب من تصله به رابطة الدم يشكو من ضياعه على هذا النحو؟
وأهم من ذلك كله دلالةً على ما نريد من أن القضية التى يثيرها الفارغون الجهّال من المبشرين ومَنْ لَفَّ لفَّهم من أبناء المسلمين الذين ختم الله على قلوبهم وعقولهم وأعينهم، فهم لا يفكرون ولا يستمعون إلا لكل مغرض ممن يريد أن يقضى عليهم وعلى أمتهم، إنما هى زوبعة فى كستبان لا أكثر، أن الفارعة أخت أمية، وأبناءه القاسم وأمية وربيعة ووَهْبًا، قد دخلوا مع ثقيف كلها فى الإسلام، وكان القاسم وأمية وربيعة يقولون الشعر، ولم يُؤْثَر عن أى منهم ولا من غيرهم ممن كان يمتّ بصلة نسب إلى أميّة أية كلمة تومئ مجرد إيماء إلى أن الرسول يمكن (يمكن فقط) أن يكون قد استفاد من شعر ذلك الشاعر على أى نحو من الأنحاء، ودعك من أن مجرد اعتناقهم الإسلام هو فى حد ذاته برهان على تكذيبهم بأبيهم وانحيازهم إلى محمد، وهو ما ينقض ما يهرف به الأغبياء المحترقون حقدًا على دين محمد من أن القرآن هو فى بعض جوانبه اقتباس من شعر متحنّف الطائف. كما أن كثيرا من العرب قد ارتدّ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وكان لكل قبيلة تعلاتها السخيفة التى تحاول أن تسوّغ بها هذه الردة، لكننا لم نسمع قطّ أن أحدا ممن ارتدّ قد فتح هذا الموضوع. بل إن قبيلة ثقيف قد هَمَّتْ بالارتداد، لولا أن عثمان بن العاص كرّه إليهم الإقدام على مثل ذلك التصرف الذى لا يليق، فما كان منهم إلا أن فاؤوا إلى رشدهم ولم يعودوا إليها، بل كان منهم كثيرون حاربوا المرتدّين بكل إخلاص. وهنا أيضا لم نسمع أية نأمة حول الاستفادة المحمدية المزعومة من شعر أمية! ليس ذلك فحسب، فهناك، كما أشار د. جواد على (فى كتابه: "المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام"/ 6/ 493)، يوحنا الدمشقى مثلا، وهو من أوائل من كتب من النصارى مهاجما الإسلام، وكان معاصرا لدولة بنى أمية. أفلو كان لهذه الشبهة أىّ ظل من الحقيقة مهما ضَؤُل، أكان هذا الراهب المتعصب على الإسلام، والذى يريد أن يهدمه على رؤوس أصحابه ويثبت بكل وسيلة أن محمدا لم يكن نبيًّا صادقًا، يُفْلِت تلك السانحة الغالية ويسكت فلا يستخدم هذه الورقة الجاهزة والرابحة بكل يقين؟
بهذا تكون القضية قد ظهرت على وجهها الحقيقى: فلا أمية ولا أى واحد من أبنائه أو أقاربه أو قبيلته أو حتى من العرب، بل ولا من النصارى واليهود الذين عاصروا النبى أو جاؤوا بعده بقليل، قد أثار هذا الأمر على أى وضع. أليس لنا الحق بعدئذ فى أن نصف من يفتح هذا الموضوع الآن بالرقاعة والوقاحة؟ إن ذلك بمثابة رفع دعوى من غير ذى صفة، بل من شخص لا يستند إلى أى توكيل من أىٍّ من أصحاب الشأن رغم أن الظروف كلها من شأنها أن تدفع أصحاب الشأن هؤلاء إلى الكلام لو كان لتلك المزاعم أساسٌ أىّ أساس! خلاصة القول إنه ليس أمامنا فى هذه المسالة إلا أمران: فإما قلنا بزيف نسبة هذه الأشعار إلى أمية، وإما قلنا إنه قد نظمها تقليدا لما جاء
(يُتْبَعُ)
(/)
فى القرآن. لكن د. جواد على يرفض الاحتمال الثانى ولا يرى إلا احتمالا واحدا هو زيف الأشعار المعزوّة إلى أمية. ومن بين ما اعتمد عليه فى هذا الرأى أن النبى عليه السلام لم يتهم أمية بالأخذ منه (المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 491). وأنا، وإن كنت أميل إلى رأى الأستاذ الدكتور، لا أستطيع أن أنبذ الرأى الآخر مائة فى المائة لعدم توفر دليل قاطع على صحته، ولكيلا أترك فرصة لأى جَعْجَاع يريد أن يُجْلِب على القرآن والرسول، فكان لا بد أن أسدّ هذه الثغرة. ومن هنا فإنى أجيب على الحجة التى ساقها د. جواد بالقول إن النبى عليه السلام أكبر من أن يقف عند هذه الأشياء، وبخاصة أنه قد نزل عليه القرآن كى يفيد منه الناسُ أيا كان نوع تلك الإفادة لا ليشمخ به عليهم. ثم إن القرآن ليس ملكا للرسول بل هو كتاب الله، فماذا كان يمكن للرسول أن يقول لأمية فى هذه الحالة، وبالذات إذا علمنا أن أمية لم يواجهه بل اكتفى بالازورار؟ وحتى هذا الازورار لم يكن كاملا، فقد جاء فى بعض الروايات أنه وفد عليه ذات مرة واستمع منه إلى سورة "يس"، وشهد له بالحق، وأنه، عند عودته من الشام، قد أخذ طريقه إلى المدينة ليعلن الدخول فى دين محمد لولا تحريض المشركين له بإثارة نقمته على الرسول جرّاء مقتل بعض أقاربه على يد المسلمين فى بدر حسبما جاء فى "الإصابة" لابن حجر و"مجمع البيان" للطَّبَرْسِىّ وغيرهما (د. جواد على/ المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 486). أما إذا كان لا بد من أن يردّ عليه النبى رغم ذلك كله، أفلا يكفينا ما رُوِىَ عنه صلى الله عليه وسلم من قوله فيه: "آمن شعره، وكفر قلبه" أو "آمن لسانه، وكفر قلبه" (صحيح مسلم من كتاب "الشعر". وقد أورده الدكتور جواد نفسه فى "المفصّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام "/ 485)؟ إذ معنى "آمن شعره أو لسانه" أنه كان يأخذ ما جاء فى القرآن ويردّده فى شعره ترديد المؤمن به، لكن حسده له عليه السلام قد منعه أن يعلن ذلك بصفة رسمية ونهائية، وهذا معنى كفران قلبه. أما الاحتمال الثالث الذى طرحه بعض المستشرقين، كالمستشرق الألمانى شولتس ناشر ديوان أمية، من أن النبى وأمية قد استقيا كلاهما من مصدر ثالث مشترك فهو احتمال ليس له رِجْلان يمشى عليهما، إذ أين ذلك المصدر المشترك؟ ولِمَ لَمْ يظهر طوال كل هاتيك القرون؟ وكيف وقع كل منهما عليه، وبينهما كل هذا البعد المكانى والنفسى؟ ثم لماذا هما وحدهما بالذات من دون العرب كلهم بل من دون العالم أجمع؟
ـ[موراني]ــــــــ[06 May 2005, 04:54 م]ـ
د. ابراهيم عوض المحترم وفقكم الله ,
في ختام مشاركتكم القيّمة تتساءلون:
أما الاحتمال الثالث الذى طرحه بعض المستشرقين، كالمستشرق الألمانى شولتس ناشر ديوان أمية، من أن النبى وأمية قد استقيا كلاهما من مصدر ثالث مشترك فهو احتمال ليس له رِجْلان يمشى عليهما، إذ أين ذلك المصدر المشترك؟ ولِمَ لَمْ يظهر طوال كل هاتيك القرون؟ وكيف وقع كل منهما عليه، وبينهما كل هذا البعد المكانى والنفسى؟
اسمحوا لي أن أوضّح في هذا الموضوع امرا قد تكون له أهمية في سياق البحث الذي يفرض نفسه في هذه القضية:
لم يقصد المستشرق Schulthess ناشر ديوان أمية بن أبي الصلت عام 1911 مصدرا ثالثا مشتركا بالمعنى أنه كان كتابا أو مصدرا مكتوبا على شكل من الأشكال , بل طرح هذا الاحتمال أنّ هذا (المصدر) هو مصدر فكري مشترك وهو فكرة التوحيد وما يتعلق به عند كلاهما النبي في وحيه والشاعر في شعره.
لا يشك أحد في وجود الحنيفية في جزيرة العرب في فجر الاسلام بل هو يعتبر من الوقائع التاريخية جاء ذكره في القرآن أيضا.
أما أمية فقال فيه النبي: آمن شعره وكفر قبله.
فقال أمية في النبي: أنا أعلم أنّ الحنيفية حق ولكن الشك يداخلني في محمد.
(فتح الباري , 7 , 153 الى 154).
ليس السؤال في محله عندما تقولون: أيهما أخذ من الآخر , بل يجوز أن نتأمل في هذا الشعر الذي منه الكثير في السيرة النبوية مثل شعر أبي عامر وشعر أبي قيس بن أسلت وزيد بن عمرو بن نفيل وغيرهم لكي نبرز منه طبيعة الحنيفية ومفهومها لدي كل منهم حتى ولو لم يدخلوا في الاسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هو (المصدر الثالث) ما يقصده شولتس: الاتجاهات الروحية في فجر الاسلام فلم يقصد بكلامه نقل مفردات من الشعر الى الوحي أو من الوحي الى الشعر لدى من اتبع الحنيفية على جزيرة العرب.
فعندما لا يشك اثنان في صحة النص القرآني فلنا أيضا ألا نشك في صحة هذه الأبيات لهؤلاء الشعراء.
ـ[موراني]ــــــــ[06 May 2005, 07:10 م]ـ
تصحيح مع اعتذار:
آمن شعره وكفر قلبه.
(بدلا من: قبله)
ـ[الباجي]ــــــــ[12 May 2005, 05:44 م]ـ
جزى الله الدكتور إبراهيم على بحثه العلمي خير الجزاء، ونفع به.
_____________________________
د: موراني يقول (هذا هو (المصدر الثالث) ما يقصده شولتس: الاتجاهات الروحية في فجر الاسلام فلميقصد بكلامه نقل مفردات من الشعر الى الوحي أو من الوحي الى الشعر لدى من اتبعالحنيفية على جزيرة العرب).
سواء قصد شولتس هذا، أم قصد ما ذكره د: إبراهيم: فكلا قصديه باطل لا محالة، لأن القرآن مصدره الوحي الإلهي ليس غير، فهو من عند الله لفظا ومعنى، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
وشولتس إذا لم يقصد ما ذكره الدكتور إبراهيم؛ فقد قصده غيره، و قد ذكر الدكتور إبراهيم مثالا لمن ذهب لهذا من المستشرقين وهو كليمان هوار Huoar الذي نشر بحثه متباهيا أنه اكتشف مصدرا جديدا للقرآن في شعر أمية، نشره في المجلة الآسيوية 1904م، وهناك غيره كثير ممن يحمل هذه الفكرة، ويقول بالمصادر اليهودية والنصرانية والجاهلية للقرآن، وقد فند الكثير من شبههم بعض المستشرقين قبل المسلمين، وأتى علماء المسلمين على ما تبقى منها منذ زمن معرفة أهل العلم بكتابة نولدكه وجفري، ورينان وبلاشير، وجولدزيهر وبروكلمان ... وما كتب عن القرآن – اعتمادا على بحوث المستشرقين – في دائرة المعارف البريطانية وغيرها.
ثم الحديث عن الحنفاء، والاتجاهات الروحية في صدر الإسلام، وفكرة التوحيد عند الجاهليين أثناء البعثة وقبلها = فما أظنك دكتور تصدق هذه الصورة الرائعة التي حاول (إرنست رينان) أن يظهر بها العرب في القرن السادس الميلادي، فهو يتحدث عن شعب آخر غير الذي عرفه العلماء والباحثون، ثم هذه القلة القليلة من الحنفاء الذين اعتمد عليهم في الحكم على شعب كامل، ومن خلال بعض الأفكار المشوشة التي انفردوا بها عن قومهم من المشركين - أهل الجهل والعادات القاسية والإباحية – فهذه الفئة - التي اعترف كبيرهم زيد بن نفيل: أنه كان يجهل كيف عبادة الله - لا تصلح قطعا للحكم الذي توصل إليه رينان، إلا إذا جوّزنا الحكم على أوربا كلها بالدقة العلمية في المعرفة بأحوال الشرق لمجرد وجود د: موراني وأفراد غيره قلائل لهم معرفة بهذا الأمر.
والسيرة النبوية عند جماعة من المستشرقين = طائفة من الأخبار والأحاديث تحتاج إلى التحقيق والبحث العلمي الدقيق، وبالتالي لا تصلح – عندهم – مصدرا تاريخيا صحيحا، فما بالها الآن أصبحت مصدرا مهما لشعر بعض أهل الجاهلية الذي تحنفوا؟
ثم – يا سبحان الله – يطبق الكثير من المستشرقين منهج ديكارت في الشك على شعر الجاهلية قاطبة وبذا يردونه، ثم إذا وصل الأمر إلى شعر أمية بن الصلت ومن على شاكلته = يطمئنون إليه غاية الطمأنينة، ويثقون به غاية الثقة. فما السر في ذلك يا ترى؟ هل أصابهم داء التعصب الذي يرمون به غيرهم من أتباع الديانات الأخرى أم ماذا؟
ويقول الدكتور موراني: (فعندما لا يشك اثنان في صحة النص القرآني فلنا أيضا ألا نشك في صحة هذه الأبياتلهؤلاء الشعراء).
سبحان الله د: موراني لو كنتُ القائل لقلتَ لي: أتقارن تمرا بزبيب. والأمر هنا أشد ...
وأنا هنا أتجاوز مسألة الصحة – مع أن هناك فارقا كبيرا وكبيرا جدا بين توثيق النص القرآني وبين الشعر الجاهلي جملة فضلا عن شعر من ذكرتَ – وأتحدث عن مضامين كل منهما، فهل تسوي دكتور بين بعض الأحاديث التي وردت في شعر من ذكرت، من ذكر ألفاظ: التوحيد والدين والأنبياء والجنة ... والتي لم يكن لها أي فكرة واضحة متميزة عندهم = وبين ما جاء من منهج متكامل عقيدة وشريعة، موثقا بالدلائل العقلية، والوقائع التاريخية للأمم السابقة مع أنبيائهم ... وغير ذلك مما لم يخطر لما يسمون بالحنفاء على بال، ولا كان منهم على ذُكر ... هل فعلا البحث العلمي المجرد يسوي بين كل هذا؟ أو تقول د: إن تلك الكلمات والمعاني السادجة في
(يُتْبَعُ)
(/)
أنفسهم، وأظهروها غفلا في أشعارهم = كانت مصدرا للقرآن أو بعض مصادره؟
ألا تشك دكتور في صحة ما أشرتَ إليه من شعر، وتشك في صحة نسبة القرآن الكريم، الذي نزل به الروح الأمين على قلب أفضل الرسل الكرام – عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام -؟
ـ[موراني]ــــــــ[12 May 2005, 09:49 م]ـ
الباجي المحترم يقول:
فكلا قصديه باطل لا محالة، لأن القرآن مصدره الوحي الإلهي ليس غير، فهو من عند الله لفظا ومعنى، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
حسن! يتبين من خلال هذا القول ان صاحبه ينطلق من ايمانه المطلق بالوحي. وليس لي أن أمسّ شيئا في هذا الايمان بل عليه أيضا أن أحترمه. فهذا هو ما أفعله دائما في الحوار العلمي مع غيري , مع المسلم المؤمن.
الي جانب هذا الاحترام هناك شيء آخر لا بد من ذكره (بدلا من مهاجمته) , فهو:
انّ القرآن نصّ (الى جانب أنه وحي لمن يؤمن به)
والأبيات لهؤلاء الشعراء أيضا نص (ولا أقول انّ هذا النص مزيّف)
ومن هنا لا أقول انّ النص القرآني أدخل فيه شيء من الشعر
كما لا أقول أن الشعر قد أخذ شيئا من نص القرآن.
عندما نجتنب القضايا التي تتعلق بالايمان فقط نجد أننا نواجه نصّين: القرآن من ناحية والأبيات في شعر هؤلاء الشعراء من ناحية أخرى.
فمن هنا لا نقول: القرآن جزء من الشعر المعاصر في عصر النبوة , كما لا نقول انّ النص القرآني (الوحي) له تأثير على هذا الشعر.
لا شك في أن المجتمعات في جزيرة العرب تأثرت بالأفكار الحنيفيين , أي بفكرة التوحيد.
وقد بلغت هذه الحركة التأريخية ذروتها في النبوة: ..... (ورضيت لكم الاسلام دينا) , كما ذكرت ذلك في اللقاء مع هذا الملتقى المفيد من قبل.
الباجي المحترم: عندما تترك مسألة الايمان الى الجانب وتحاول اجراء الحوار وفق البحث الوضعي سترى اننا سنصل في النهاية الى خلاصة في البحث لا يشك فيها أحد: هذا يرضى بايمانه بالنص , وذلك يرضى برأيه العلمي المعتمد على النص أيضا.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 May 2005, 07:15 م]ـ
هل يجوز من ناحية شرعية عقدية إستخدام مثل هذا العنوان
((القرآن وأميّة بن أبى الصلت: أيهما أخذ من الآخر؟))؟؟
أنا لاأظن ذلك
ما رأيكم أنتم؟؟
ـ[موراني]ــــــــ[13 May 2005, 10:04 م]ـ
جمال حسني الشرباتي , وفقك الله ,
اذا قلنا انّ هذه الصيغة للعنوان غير جائزة من الناحية الشرعية العقدية
لأخضعنا البحث بصورة عامة الأحكام الشرعية العقدية ولقيودها.
السؤال المطروح في عنوان هذه المشاركة في غير محله كما قلت أعلاه من الناحية العلمية.
الغريب أنّ صاحب هذه المشاركة الطويلة والجيدة لا ينوي , كما يبدو لي , الحوار حول ما طرحه من القضايا
لها أهميتها منذ أكثر من القرن.
ـ[الباجي]ــــــــ[13 May 2005, 10:05 م]ـ
د: موراني شكرا لتقديرك.
حتى لا نتوه في زخم الحوار الذي لا تحبه ولا أحبه؛ الكلام محدد هذا الشعر الذي تراه صحيح النسبة لمن نسب إليه؛ هل كان له تأثير مباشر أو غير مباشر على صياغة القرآن الكريم، لفظا أو معنىً؟ بعض المستشرقين يذهب إلى ذلك، هل تؤيدهم؟
بعد ذلك نتحدث عن المنهج العلمي أو العقلي، الذي أثبتَ به صحة هذا الشعر، ولم تستطع أن تثبت به سلامة القرآن من كل ما يقال عن الأصول العبرانية أو السريانية، أو الأصول الشعرية أو معاني الحنيفية التي كانت في الجاهلية ... التي استقى منها، والتي عرفها بعض الحنفاء العرب من الشرق أو الشمال أو غيرها من الجهات، وعن طريقهم وصلت للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فصاغها ببراعته قرآنا يتلوه المسلمون على أنه من عند الله، وذلك بسبب إيمانهم المطلق بصدقه، وهذا الإيمان حقيقة = سذاجتهم وجهلهم بطرق البحث العلمي. هذه هي الحقيقة التي يقولها بعض المستشرقين، ويخفيها بعضهم وراء كلمات جوفاء، إما احتراما لشعور المسلمين، وإما لأغراض أخرى.
والدكتور موراني يقول: (عندما تترك مسألة الإيمان إلى الجانب وتحاول إجراء الحوار وفق البحث الوضعي سترى أننا سنصل في النهاية إلى خلاصة في البحث لا يشك فيها أحد: هذا يرضى بايمانه بالنص , وذلك يرضى برأيه العلمي المعتمد على النص أيضا).
(يُتْبَعُ)
(/)
فانظر دكتور كيف تقابل الإيمان المطلق بالبحث العلمي، فتنسب لنا الإيمان - ونعما هو - وتنفرد عنا بالعلم، فهل تجد في ديننا الحنيف مصداق ما تقول؟ هل قرأت القرآن دكتور جيدا فعلمت إلى أي منهج عقلي يدعو؟ الإيمان دكتور عندنا لا يكون إيمانا إلا إذا كان نابعا من علم ومعرفة صحيحتين، وإيمان المقلد عند علمائنا مختلف فيه. فيحتاج الواحد منا أن يقيم دلائل على ما يؤمن به، ولو كانت مجملة بسيطة في نظر كبار أهل العقل والحكمة.
د: أجدني في غنى أن أحدثك عن ديننا الذي أنشأ المناخ العلمي، ودعا إلى الاحتكام إلى العقل، وشيد حضارة إنسانية، وأقام دولة الحق والعدل، واستعلى على جميع العنصريات، ورقى في الإنسان الاعتبارات المعنوية، وجعل التقوى ميزان التفاضل بين الناس ...
وكذلك أجدني غير مضطر إلى تذكيرك بالخلل الكبير الذي تعاني منه المناهج الغربية في دراستها وتحليلها للإسلاميات خاصة، وأديان الشرق عامة، وأكبر معضلات هذه المناهج (الإنفصامية)، فهي تفصم الحقائق وتشطرها، وتحول دون رؤية متكاملة لها.
فمثلا - كما أسلفت القول - السيرة النبوية لا تصلح مصدرا لتاريخ الإسلام لأسباب ارتأوها، بينما جزء منها وهو مرويات شعر الحنفاء؛ صحيحة ونصوص سليمة ينبغي أخذها بعين الاعتبار، لا بل هي مصدر مهم من مصادر القرآن الكريم.
القرآن لا يصلح مصدرا لدراسة الحالة العقلية والعلمية والاجتماعية التي كان عليها العرب ... بينما الشعر يصلح لذلك.
صحيح البخاري وغيره من المصادر المعتمدة، والمثبتة صحة نسبتها، وصحة ما فيها بأدلة علمية ... ووفق منهج البحث التاريخي ... = لا تصلح لدراسة الشريعة ... وهي في نفسها مشكوك فيها، وعبارة عن كلام لبعض الأتقياء نسبوه للرسول الكريم، وعادات وسنن للعرب الأوائل والمجتمعات الجاهلية حُسبت من الإسلام.
بينما كتاب الأغاني، ومروج الذهب للمسعودي، والحيوان للجاحظ، وحياة الحيوان للدميري ... = مصادر مهمة، وعليها يبني كثير من المستشرقين بحوثهم في رد الإسلام إلى أصول عبرية أو بيزنطية ... بل وفي نقض الإسلام جملة ...
أطلت عليك دكتور، نرجع إلى السؤال الأول: هل هذا الشعر له تأثير من أي نوع على القرآن؟ بعد ذلك تحدثنا د: عن المنهج العلمي الذي أثبت به هذا الشعر، ثم تبين لنا بالمنهج العلمي كيفية استفادة القرآن منه، إذا كان جوابك إيجابيا.
وعندها ربما أقف عن البحث معك، ويتولى من هو أقدر من الدكاترة في الملتقى زمام البحث، بعلم وعقل و موضوعية. بعيدا عن التشنجات والاتهامات والتعريضات والغمزات، فقد علم كل أناس مشربهم منذ زمن، وما هو إلا البحث، وقد يكون تكرارا لما مضت عليه السنون، وبَانَ زيفُه وضعفُه منذ قرون.
ـ[موراني]ــــــــ[13 May 2005, 10:31 م]ـ
الباجي المحترم ,
مشاركتي تتزامن مع مشاركتك: أنظر الى التوقيت.
لا أنوي أن أتدخل فيما طرحت من الأسئلة لأنها تخرج من موضوع هذه المشاركة للأخ ابراهيم عوض.
غير أنني أود أن أنبّهك على أمر واحد: كثيرا ما تذكر أفكار (المستشرقين) وتسألني عن رأيي عما قالوا به ....
فأقول: ما أنا وهؤلاء؟
في الختام: السيرة النبوية (حققه وأخرجه مستشرق ألماني ـ وهذا من باب الافتخار من جانبي ..... )
هذه السيرة لابن اسحاق (ابن هشام) وما اليها من الروايات الأخرى , وما جاء عند الزبير بن البكار .... وهلم جرا) هي من أهم المصادر لعصر النبوة. فلا أظن أن هناك باحث جدي اليوم يشك في هذا المصدر , بل يعتبره من المصادر الرئيسية للبحث وما اليها لدى المتأخرون (نسبيا) في أسباب النزول.
ـ[الباجي]ــــــــ[14 May 2005, 09:04 م]ـ
يا دكتور موراني: وهل ما سألتك عنه إلا في لب موضوع الدكتور إبراهيم؟
الدكتور موراني يقول: الغريب أنّ صاحب هذه المشاركة الطويلة والجيدة لا ينوي , كما يبدو لي , الحوار حول ما طرحه من القضايا لها أهميتها منذ أكثر من القرن).
ففيما سيناقش الدكتور إبراهيم إذا لم يناقشك فيما سألتُك عنه؟
دكتور موراني: أنا سألتُك وأعرف سلفا إجابتك، بل أنت أجبتَ عن سؤالي في مشاركتيك 2 و5، ولكن أحببت أن يكون الجواب أصرح من ذلك.
أما ما يتعلق بما أذكره من أراء المستشرقين وأسألك عنه، فأحب أن توضحها لي لمعرفتك بهم، كما أوضحت رأي شولتس الآن، وأحب كذلك أن أعرف موقفك مما يقولون فما البأس في ذلك؟
وبالنسبة لكتب السيرة: المهم فيها هل تعتمدون ما صح فيها أما تتخيرون ما تحبون وتتركون الباقي؟ هذا محور البحث، أما التحقيق فذاك شأن آخر.
ـ[موراني]ــــــــ[14 May 2005, 11:12 م]ـ
السؤال:
وبالنسبة لكتب السيرة: المهم فيها هل تعتمدون ما صح فيها أما تتخيرون ما تحبون وتتركون الباقي؟ هذا محور البحث،
الاجابة: أتمني أن تكون بخير وعافية.
أما أنا: فلا أجتنب شيئا من التراث ولا أترك منه الباقي , بل أعتمد على كل ما جاء فيه.
وأظن أن هذا يكفي في هذا الحوار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[01 Sep 2010, 04:30 ص]ـ
لم أر هذا النقاش إلاالآن، وعلى سبيل المصادفة. ويقول د. مورانى إننى، فيما يبدو، لا أريد أن اشارك برأيى فيه. ولكنْ يا زميلنا الدكتور مورانى العزيز ها هو ذا الأستاذ الباجى يلقى عليك بعض الأسئلة، وأنت لا تحاول أبدا أن تجيب عليه، بل تلف وتدور، مع أن الأمر معروف كما قال هو بحق، لكنه كان يريد منك جوابا واضحا. وليس فى الجواب الواضح أى حرج عليك، وإلا ما قبلك المنتدى عضوا فيه أصلا. على كل حال أرجو أن تكون بكل خير، وأرجو كذلك منك أن تدعو لى إذا كان ذلك ممكنا. هل هو ممكن؟ رمضان كريم مع الجميع!(/)
لقدجاء الامريكان شيئا إِِدَا (ملف تفاعلي عن حوادث تدنيس الجنود الأمريكيين للمصحف)
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[19 May 2005, 01:58 م]ـ
السلام عليكم وحمة الله وبركاته ياأهل القرآن.وبعد
لقد تابع المسلمون في العالم باستنكار شديد مانشرته مجلة النيوزويك من اهانة الامريكان لكتاب الله في معتقل غوانتنامو،وصدرت عدة بيانات من جهات رسمية وشعبية في العالم الاسلامي،وغاب الحديث عن هذه الجريمة الشنيعة في هذا المنتدى المبارك مع أولويته بالتصدي،لذا أرجو من المشاركين في هذا الملتقى القرآني تسجيل موقف في ذلك،وأقترح على الاخ الكريم عبدالرحمن الشهري وإخوانه المشرفين اصدار بيان بشأنه باسم ملتقى أهل التفسيروالمشاركين فيه من الاساتذة الافاضل من انحاء العالم، اضافة لوضع الروابط المهمة التي تحدثت عن الموضوع
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[19 May 2005, 03:34 م]ـ
شكرالله لكم يادكتور عيسى
وان كنت أظن أنها لاترد شيئا وتشفي ألما ....
أظن أن الأمريكان قد ألفوا منا هذه البيانات والاستنكارا ت -وهم يتوقعونها - دائما، ولم يرد في حساباتهم أن الرد منا سيكون رادعاً ...
ولنا في ما مضى مثال: اقدام اخوة القردة والخنازير على قتل الشيخ أحمد ياسين، وبعده الرنتيسي ومن قبلهما كثير،- مع أن المتوقع منا لوسألت أحدا أن اليهود سوف يقتلون احمد ياسين في يوم من الأيام فانه سوف يقول أن هذا مستحيل لأن العالم الاسلامي سوف يضج وينهض لأخذ الثأر- ... ومع ذلك جرى الأمر وقتل الشيخ .... بكل سهولة وبرودة ....
لذا أقول إن الاقتصار على مثل هذه البيانات أمر يجشع الاخرين على التمادي في استحقارنا والاستهانة بمعتقداتنا ..
ولو استبدلت هذه البيانات بشئ عملي مثل المقاطعة أو الظهور الاعلامي المكثف وربط هذه الجرائم بعقائد القوم وأنه لايمكن التفاوض معهم في اتفاق تجاري أو تبادل ثقافي الا بعد الاعتذار العلني وعدم تكرار ذلك .... لكن الأمر أفضل.
أخيرا إن الكثير سيقولون إن هذه الأفكار مربوطة بولاة الأمر ... لكن من الذي يؤثر في ولاة الأمر؟ أليست الشعوب؟ وخصوصاً أهل الحل والعقد من علماء وحكماء ... لماذا لانرى من بعضهم ووقفا ومطالبة قوية من ولاة الأمر؟؟؟؟ الا اذا كان الأمر فيه سعة؟؟؟؟؟!!!!!! وقد مرت الأمة بأشد من ذلك ..
انا لله وانا اليه راجعون
ـ[سلسبيل]ــــــــ[20 May 2005, 12:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- صحيح إن بعض الحثالة من الجنود الأمريكيين قاموا بتمزيق القرآن .....
- لكنه تمزيق مادي .........
لن يضر هذا الكتاب العظيم .......
- فقد مزقوا المصحف .....
ولم يمزقوا القرآن .........
- فهو محفوظ إن شاء الله ولو مزقوا كل النسخ في العالم ......
فالله سبحانه وتعالى تكفل بحفظه .....................
حفظ في القلوب والعقول والأرواح ..........
- فلا تحزنوا ..........
- لكن نحن المسلمون ............
مزقنا القرآن قبلهم من قلوبنا ..........
من عقولنا ........
من أرواحنا ......................
- مزقنا القرآن معنويا .........
قبل أن يمزقه الأمريكان ...
ماديا ......
- ولعمري إن التمزيق المعنوي أشد وأكثر تأثيرا ........
من تمزيقه ماديا ........
- والله لو نطق القرآن .........
لبكى على حاله مع المسلمين .......
- والله لو نطق القرآن ........
.لشكى لله ........
على هجر المسلمين له ...
- فكم من المصاحف تراكم عليها الغبار .....
في بيوت ملايين من المسلمين .......
- وكم من البيوت ..........
دخلتها الآف المجلات والجرايد ........
ولم تتشرف بدخول القرآن ....... عليها .....
- لقد مزقنا القرآن .........
- عندما هجره ملايين المسلمين ......
- لقد مزقنا القرآن .......
- عندما قرأنا القرآن ولم نفهمه ........
- لقد مزقنا القرآن .......
- عندما قرأنا القرآن وفهمناه .......
ولم نطبق .....
ما فهمنا ......
- لقد مزقنا القرآن ......
- عندما قرأنا القرآن وفهمناه وطبقناه .......
.لكن لم نجيد تطبيقه ........
- فكم قارئا للقرآن .........
لم يظهر تأثير هذا القرآن على سلوكه ومظهره ....
وتعامله ...
- لقد مزقنا القرآن .......
- عندما .........
غاب عنا في تعاملنا مع الناس ........
- فكم من الناس .....
صارت العادات والتقاليد والقربى هي الأساس في تعامله وحكمه على الناس ........
- فكم من إنسان ........
(يُتْبَعُ)
(/)
فضل علاقة القربى والأسرة والقبيلة .. وعصبيته ......
وصارت هي الميزان .....
بدلا من كتاب الله ............
- لقد مزقنا القرآن ......
- عندما غاب عنا في تعاملا تنا المالية .......
- فكم من الناس ...........
غاب عنه القرآن في ظل الجشع والطمع وتنامي الأرباح ........
وتسارع المعاملات ...........
- فكم من الناس لم يصبح لديه خوف أو حرج ......
وأصبح متهاون متساهل في حقوق وأموال الناس ....
- لقد مزقنا القرآن .........
- عندما قرأنا القرآن ولم يتعدى حناجرنا ......
- لقد مزقنا القرآن ..........
- عندما سجنَا القرآن في الأدراج .........
ولا نفرج عنه إلا في ليالي رمضان .......
- لقد مزقنا القرآن .........
- عندما أصبحنا نقرأه مثل: الصحف والمجلات ............
والكتب .....
- لقد مزقنا القرآن .........
- عندما .... وضعنا القوانيين الوضعية المستمدة من الثورة الفرنسية والأمريكية ........ بدلا من قوانيين القرآن ...........
وصارت هذه القوانيين الوضعية .......
هي السائدة في كل دوائرنا .....
- وأمست دستورا ..........
للكثير من بلاد المسلمين ......
- لقد مزقنا القرآن .......
- عندما ...... حصرنا القرآن في المساجد .........
والصلاة ........
وغاب عن حياتنا اليومية ........
- فكم من المسلمين ......
لا يعرف القرآن إلا في المسجد والصلاة .......
- لقد مزقنا القرآن .......
- عندما أصبحت ((مادة القرآن)) حصة إختيارية في بعض دول المسلمين .......
وبعضها لا يوجد مادة القرآن أصلا .........
- يالله ......... أللهم ألطف بنا ..........
- هل وصل الحال .......... إلى هذه الدرجة ......
- أصبح القرآن ....... إختياريا ..........
هل أصبح دستورنا ........ مادة غير ذات أهمية ........
- هل هذه مكانة القرآن عند المسلمين ........
أليس هذا تمزيقا أشد مما فعله الأمريكان ...... عند الله ....
- لقد مزقنا القرآن .........
- عندما تهاون المعلمين .........
وتكاسلوا ........ في تدريسه ....... وتطبيقه ........
- وأخيرا ..........
- مزقنا القرآن ........... عندما صمتنا وصمتت؟؟؟ الحكومات .......
للكثير من غلمان الغرب .. من المسلمين ..........
في السخرية منه .... والأستهزاء به ......
- والله إني أكاد أن أقسم ............
- إن هذا القرآن ....... لن يشتكي لله ........ يوم الحساب ....
مما فعله الأمريكان فيه .........
- لكن سوف يشتكي لله .......... من أهل القرآن ..........
وما فعلوه به ....... وهجرهم له ...
منقول للفائدة
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[20 May 2005, 02:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وبعد:
فإنه لا يخفى على كل مسلم -رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً- ما للقرآن من مكانة سامية في نفسه، وأنه يقدم نفسه وولده وعرضه وماله فداءً لهذا القرآن العظيم، حيث أنه كلام رب العالمين وهو حجة الله على الخلق أجمعين وهو سبب السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، ولا يرضى أن ينال منه أو يحد من قدره أو أن ينحى عن حياة الناس فضلاً عن أن تناله إهانة أو أن يمتهن من أيدٍ نجسة.
وإننا قد سمعنا ما تعرَّض له الكتاب العظيم –القرآن الكريم– من إهانة على يد عسكر الأمريكان في معتقل الظلم والجبروت غوانتانامو في كوبا، ونبين في هذه الأسطر الموقف الواجب تجاه نصرة هذا الكتاب والغيرة عليه.
أولاً: لقد أجمع المسلمون على أن من تعرَّض للقرآن بامتهان أو بابتذال متعمداً فإنه مرتد خارج من الملة إن كان من المسلمين، وأن من تعرض له من غير المسلمين فهو محارب لله ورسوله، وأما من رضي بذلك أو بدر منه ما يؤيده فقد دخل في النفاق الاعتقادي فالراضي كالفاعل.
ثانياً: على جميع المسلمين الغيرة على كتاب ربهم والوقوف بقوة في مناصرته والعمل في جميع المحافل في بيان الموقف الرافض لمثل هذه التعديات السافرة على الكتاب الكريم، وعلى المجتمعات المسلمة تفعيل غضبها وغيرتها على كتاب ربها بالعمل الجاد المستمر في كشف نوايا المعتدي عبر المنابر الإعلامية المختلفة وتنشيط المقاطعة للبضائع الأمريكية ولا ينسى الخطيب واجبه الشرعي تجاه أمته في تبصيرها بخطورة الأمر وتحريك تفاعلها البناء مع كتاب ربها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: لقد ظهر للعالم أجمع بعد هذا التصرف الظلم الواقع على أبنائنا في ذلك المعسكر الخارج عن قانون العالم وما يلاقونه من اضطهاد وبغي وعدوان دون توجيه تهمة إليهم فضلاً عن محاكمة عادلة لهم، وإذا أرادت أمريكا أن تسلم من هذا الغليان الشعبي الإسلامي بعد هذه الجريمة النكراء فعليها بإطلاق سراح هؤلاء المسجونين عاجلاً لعل عملهم أن يرفع شيئاً من ظلمها الذي نزل بأمة القرآن.
رابعاً: إنه لا ينفعنا اعتذار الخارجية الأمريكية ورفضها لهذا العمل أو ذر الرماد في العيون بإجراء محاكمة لمن فعل هذا الفعل فلنا في التاريخ معتبر، فقد رأينا محاكمتهم لأصحاب جرائم سجن أبو غريب فصدق عليها: تسمع جعجعة ولا ترى طحناً، ولا يرضي الأمة المسلمة في مثل هذا العمل إلا تسليمهم إلى محكمة تحكم فيهم بحكم الله العدل، فكتاب ربنا أغلى من الأنفس والمهج عندنا.
خامساً: لئن وصلت الإهانة من قبل أولئك الجند لكتاب من الكتب السماوية المقدسة فما بالك بالإنسان المحجوز عندهم؟! المسلوب حق الدفاع عن نفسه فلا بد من قيام الدول التي ينتمي إليها أولئك المسجونون في تلك البلدان بواجبهم الشرعي والقانوني في الدفاع عنهم والسعي لإطلاق سراحهم.
سادساً: إن لله الحكمة البالغة في الأمر كله ولعل من الحكمة في هذا الحدث أن بتقوى الولاء والبراء في قلوب المسلمين وتظهر أهميته لديهم وأن يتمسكوا به ويتذكروا دوماً أنه من أوثق عرى الإيمان وتجعلوا نصب أعينهم قول الله عن الكافرين وليعلم المسلمون أن سنة الابتلاء ماضية إلى يوم القيامة والعاقبة للتقوى وصدق (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: من الآية4) وقوله (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ) (النساء: من الآية89).
ويتجلى في هذا الحدث وما تبعه تنامي الكره لدى المسلمين لدولة أمريكا وإجرامها وأن ما تصنعه اليوم في العالم هو ظلم مكشوف تعدى كل المعايير والقيم ولكن صدق الله (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف: من الآية21).
سابعاً: ليتذكر المسلمون دوماً أن العداوات للقرآن قديمة ولكن العاقبة له كما قال الله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ، فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (فصلت:26،27)
ولله الحمد من قبل ومن بعد فقد ظهر حفظه سبحانه لكتابه الكريم في صورة واضحة وهو ما رأيناه من تفاعل الأمة المسلمة مع هذا الحدث العظيم وظهور غيرتها على كتاب ربها ونصرتها له عبر المظاهر الإيجابية التي رأيناها في العالم الإسلامي.
والمهم هو استثمار هذا الحدث فيما يعلي شأنه الأمة، ويكشف خطط ونوايا أعدائها (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران: من الآية118) نسأل الله أن يحفظ أمة الإسلام، ويذل أعداءها في كل ميدان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الموقعون:
1) أ. د/ ناصر بن سليمان العمر.
2) د/ عبدالله بن عبدالله الزايد.
3) د/عبدالله بن وكيل الشيخ.
4) د/ محمد بن عبدالله الشمراني.
5) د/ موسى بن محمد القرني.
6) د/ إبراهيم محمد الجارالله.
7) د/خالد بن عبدالرحمن العجيمي.
8) د/ سليمان بن صالح الرشودي.
9) د/ عبدالله بن ناصر الصبيح.
10) د/ عبدالله النافع آل شارع.
11) الشيخ/ عبدالعزيز بن سالم العمر.
12) الشيخ/ فهد بن سليمان القاضي.
13) الشيخ/ عبدالله بن عبدالرحمن الوطبان.
14) د/ عبدالله بن إبراهيم الريس.
15) د/ خالد بن إبراهيم الدويش.
16) أ. د/ سعود بن عبدالله الفنيسان.
17) د/ وليد بن عثمان الرشودي.
18) الشيخ/ حمد بن إبراهيم الحيدري.
19) أ. د/ سليمان بن فهد العيسى
http://www.islamtoday.net/albasheer...nt.cfm?id=42426
ـ[سلسبيل]ــــــــ[21 May 2005, 10:09 م]ـ
قال تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا "
مساكين هؤلاء الأمريكان لا يعرفون أنهم يدنسون ما تبقى لهم من" الضمير" و"المبادئ" التي يتشدقون بها بتدنيسهم لهذا الكتاب الخالد الذي حفظه الله في الصدور قبل السطور .....
يحسبون أنهم بذلك يغيظون الأسرى الذين لا حول لهم ولا قوة ....
يحسبون أنهم بذلك يزعزعون الإيمان من قلوب المؤمنين
يحسبون أنهم بذلك ينالون من مكانه القرآن في قلوب المسلمين
خابوا وخسروا والله فالقرآن محفوظ بحفظ الله له ... ومكانته في قلوب المسلمين لا تتزعزع وإن كان فيهم تقصير إلا أنهم يبذلون الدماء رخيصة في سبيل الدفاع عنه ... كيف لا هو دستورهم – الذي يعتقدون بأن لا دستور لهم سواه وينتظرون أن يأتي اليوم الذي يُحكمون به - ومنهاجهم وحياتهم وسر سعادتهم في الدنيا والآخرة ... كيف لا وهو كلام ربهم الذي لولا أن الله يسره لم تستطع الألسن النطق بالحرف منه كما قال ابن عباس رضي الله عنه ...
وخير رد لنا عليهم بتطبيق القرآن في حياتنا أفرادا وجماعات والإنشغال بالقرآن حفظا وفهما وتدبرا وعملا ودعوة
وجزى الله علماءنا الأجلاء خير الجزاء على هذا البيان الذي لا يعني أننا نقتصر في ردودنا على امتهان كرامتنا بالبيانات - فجزاهم الله عنا خيرا
وليس معنى أن حال الأمة اليوم من الضعف والهوان أن نعجز حتى عن اصدار بيان أو نقول إما أن نصلح كل شئ أو فليفسد كل شئ
أو نقلل من جهد العلماء ... أو نقلل من مكانتهم لدى العامة .... لا فالنقف جميعا صفا واحدا خلف علمائنا وليعذر بعضنا لبعض .... ولنضيق هوة الخلاف ولا نبحث عن أسباب الفرقة في أوقات اجتماع الكلمة وتوحيد الصف ... فالأمم عند الدفاع عن المقدسات و في الملمات والأزمات تصف جيمعها في خندق واحد
فجزى الله علمائنا وجزى الله الشيخ ناصر العمر على مواقفه التي عودنا فيها على قول كلمة الحق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 07:15 ص]ـ
شكر الله لكم يا دكتور عيسى هذا التنبيه، وإن قلوبنا جميعاً لتتميز غيظاً على مثل هذه الأفعال التي تهدف إلى إهانة المسلمين بامتهان مقدسات المسلمين، والتي تدل على حقد عقدي دفين، وحسد كامن في نفوس هؤلاء الكفار. هذا الحقد والحسد الذي تمثل في حروبهم العسكرية والثقافية والإعلامية المستمرة، والتي لا يمثل تدنيسهم للمصحف إلا فصلاً من فصوله وإن كان من أشدها استفزازاً للمسلمين. ولجوء الأعداء إلى تدنيس المصاحف قديم قدم عداوتهم للمسلمين، فقد مارسوه في حروبهم الصليبية في بلاد الشام ودنسوا المصاحف عند دخولهم للمساجد، ودنسوه في حروبهم للمسلمين في الأندلس، وهكذا في حروبهم الصليبية المتأخرة في كل بلاد المسلمين، والآن كما تناقلت الأخبار في جوانتانمو. ولست أشك أن هذا الخبر وتسريبه بهذه الطريقة له أهداف إعلامية لإضعاف معنويات المسلمين، واستفزاز مشاعرهم لاستغلال ذلك بطريقة أو بأخرى. لكننا نحن المسلمين نرى في هذه الأفعال تعجيلاً بنهايتهم، وإسراعاً للخلاص من هذا القيد الذي أدمى أكف نفوس أضناها السجن، وألسنة ألجمها الاستبداد دهراً طويلاً، ولله سبحانه وتعالى في هذا حكم عظيمة لإيقاظ أمة طال سباتها، وغفلت عن دينها وكتاب ربها.
نسأل الله أن ينصر دينه، وأن ينتصر للمسلمين فقد بلغ الظلم مداه.
وأرجو أن لا يكون ردنا مقتصراً على الاستنكار هذا، فلست أشك في إنكار كل من في قلبه ذرة من إيمان ودين، بل وإن العقلاء من غير المسلمين ليستنكرون هذا. ولكن الذي ينبغي على الجميع هو أن يترجم مثل هذه الإشارات إلى أعمال بعنايته بكتاب الله، ونشره وتعليمه وتنبيه الغافلين من المسلمين إلى ما يعنيه هؤلاء الطغاة من هذه الأفعال. والله غالب على أمره.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 07:17 ص]ـ
بقلم: محمد حسن يوسف
يشاء الله أنه لا يكاد يمر يوم إلا وتظهر فضائح جديدة لقطب الحضارة الإنسانية الأوحد في هذا العصر!!! فقد نقلت مجلة " نيوزويك " الأمريكية [1] عن محققين يتابعون ما يجري في معتقل جوانتانامو أن عسكريين أمريكيين يشاركون في عمليات الاستجواب للمعتقلين المسلمين قد وضعوا مصاحف في المراحيض لاستفزاز المعتقلين، وأنهم القوا في حالة واحدة على الأقل مصحفا داخل المرحاض.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد قالوها من قبل! إنها حرب صليبية جديدة على الإسلام!! حرب تباح فيها جميع المحظورات!! والمسلمون ما زالوا نائمين!! وهل يبقى شيء بعد وضع المصحف في المرحاض، ونزع أوراقه ورقة ورقة، وشد " السيفون " عليه؟!!! وإمعانا في المهانة، قام الجنود الأمريكيون بالتبول على صفحات المصحف الشريف وتدنيسه بأقدامهم لانتزاع الاعترافات من المعتقلين!!! [2]
لقد وصلت المذلة بالمسلمين إلى الحد الذي يهان فيه أقدس مقدساتهم، ولا يفعلون شيئا!! لقد نزع الله المهابة من قلوب أعدائنا منا، وقذف في قلوبنا نحن الوهن. لقد تشبعت قلوبنا بحب الدنيا، لدرجة أن يتم تدنيس القرآن جهارا نهارا، ولا يتحرك المسلمون!!! تراجع أمر الدين في حياتنا، وأصبح اللهث وراء لقمة العيش هو الأساس الذي نتحرك من أجله!!
ولكن القصة لم تقف عند هذا الحد! ففور نشر القصة على صفحات مجلة نيوزويك، قامت الاحتجاجات والمظاهرات الصاخبة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وكانت أشد هذه المظاهرات في باكستان وأفغانستان التي تئن من وطأة المستعمر الأمريكي!
وإزاء رد الفعل هذا، والذي لم يكن متوقعا، اضطرت كونداليزا رايس، وزيرة خارجية الولايات المتحدة، إلى التصريح بأن ازدراء القرآن الكريم شيء بغيض، وذلك في محاولة منها لتهدئة مشاعر المسلمين في شتى بقاع الأرض.
وفي هذه الأثناء، فاجأ الجنود الأمريكان في العراق العالم باقتحام بعض المساجد وتدنيس المصاحف برسم صلبان عليها. وقد بثت قناة الجزيرة شريطا يستنكر فيه الأهالي القاطنون بالقرب من أحد المساجد العراقية اقتحام بيت الله. وقد أشهر العراقيون المصاحف التي لطخها الأمريكان بصورة الصلبان. [3]
ثم تراجعت مجلة نيوزويك تحت ضغط الحكومة الأمريكية عن تقريرها حول تدنيس القرآن في معتقل جوانتانامو في كوبا، بعدما أثار موجة احتجاجات واسعة في العالم الإسلامي. [4] فتحت عنوان: " كيف اندلعت النار " [5]، راحت المجلة تحكي قصة الانتهاكات " المزعومة " التي حدثت للقرآن الكريم في معتقل جوانتانامو!!
ولكن بالرغم من نفي مجلة نيوزويك لهذا الحدث، وتأكيد البيت الأبيض أن الواقعة لم تحدث، أكد مواطن أفغاني أمضى في معتقل جوانتانامو ثلاث سنوات أن المحققين في المعتقل كانوا يقومون باستمرار بتدنيس القرآن الكريم، مما دفع السجناء إلى الإضراب عن الطعام، مطالبين الولايات المتحدة بالاعتذار. وقال إن تدنيس القرآن كان يجري بشكل روتيني خاصة في الأيام الأولى للاعتقال. وأوضح أن المحققين كانوا يلقون نسخا من المصحف على الأرض ويدوسونها، ويقولون للمعتقل الذي يخضع للتحقيق إنه لا أحد يستطيع منعهم من ذلك!!! وأضاف أن المعتقلين احتجوا بأن أضربوا عن الطعام، ولم ينهوا إضرابهم إلا بعد أن قدم مسئولون أمريكيون كبار اعتذارا عما فعله المحققون. [6]
إن القصة بهذا السياق لا تخرج عن أحد ثلاثة احتمالات، أحلاهم مرّ كما يقولون:
الاحتمال الأول: أن القصة قد حدثت بالفعل وفقا لما روته مجلة نيوزويك أولا في عددها الصادر في 10/ 5/2005، وهو ما يغني عن أي كلام يمكن أن يقال عن راعية الديمقراطية والأخلاق في العالم!!!
الاحتمال الثاني: أن تكون القصة حدثت بالفعل وفقا لما روته مجلة نيوزويك أيضا، ولكن أرادت الحكومة الأمريكية امتصاص غضب العالم الإسلامي، لما رأت أن الشارع الإسلامي ما زال ينبض بالحركة، فأجبرت مجلة نيوزويك على نشر تكذيب لها في عددها الصادر في 24/ 5/2005. وهو ما يدلك على الممارسات الديمقراطية الحقيقية التي تقوم بها الحكومة الأمريكية، والتي تريد أن تنقلها لشعوبنا، من تكميم أفواه الصحافة وعدم نشر الحقيقة إلا من وجهة نظرهم هم!!! ثم يطالبوننا بهذه الديمقراطية!!!
الاحتمال الثالث: أن القصة ليس لها أساس من الصحة، كما اعترفت بذلك مجلة نيوزويك في عدد 24/ 5/2005. وهو ما يدلك على الأساس القوي الذي تقوم عليه صحافة العالم " المتحرر " من جميع الأخلاق والقيم!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله. قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: والغيرة بفتح الغين, وهي في حقنا: الأنفة, وأما في حق الله تعالى فقد فسرها هنا ... بقوله صلى الله عليه وسلم: (وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم عليه)، أي: غيرته منعه وتحريمه.
فإذا كان الله عز وجل يغار إذا ارتكب أحد المؤمنين محرما، فكيف ستكون غيرته سبحانه مع من دنسوا كتابه؟!
ويدلنا التاريخ كيف كانت غيرة الله مع من فكروا في هدم بيته. والقصة وردت مطولة في تفسير القرطبي لسورة الفيل، وأحاول هنا أن اجتزأها: وذلك أن (أبرهة) بنى القليس بصنعاء, وهي كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض, وكان نصرانيا, ثم كتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنتهٍ حتى أصرف إليها حج العرب. فلما تحدث العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي, غضب رجل منهم, فخرج حتى أتى الكنيسة, فأحدث فيها.
فغضب عند ذلك أبرهة, وحلف ليسيرن إلى البيت الذي تحج إليه العرب بمكة حتى يهدمه. ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت, ثم سار وخرج معه بالفيل. وسمعت بذلك العرب, فأعظموه وفظعوا به, ورأوا جهاده حقا عليهم, حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام. فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم, فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة, وجهاده عن بيت الله الحرام, وما يريد من هدمه وإخرابه; فأجابه من أجابه إلى ذلك. ثم عرض له فقاتله, فانتصر عليهم أبرهة. ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك, يريد ما خرج له, حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له أهلها أيضا, ومن معهم من قبائل العرب; فقاتلوه فهزمهم أبرهة.
فلما نزل أبرهة بالقرب من مكة, بعث رجلا من الحبشة حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم, وأصاب فيها ماتتي بعير لعبد المطلب بن هاشم, وهو يومئذ كبير قريش وسيدها. فهمت قريش ومن كان بالحرم بقتاله; ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به, فتركوا ذلك.
ثم إن عبد المطلب انطلق إليه, ومعه بعض بنيه, حتى أتى العسكر. وكان عبد المطلب أوسم الناس, وأعظمهم وأجملهم, فلما رآه أبرهة أجله, وأعظمه عن أن يجلسه تحته; فنزل أبرهة عن سريره, فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه. ثم قال لترجمانه: قل له: حاجتك؟ فقال له ذلك الترجمان, فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال له ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك, ثم قد زهدت فيك حين كلمتني, أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك, وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك, قد جئت لهدمه؟ لا تكلمني فيه. قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل, وإن للبيت ربا سيمنعه. قال أبرهة: ما كان ليمتنع مني. قال عبد المطلب: أنت وذاك. فرد عليه إبله. وانصرف عبد المطلب إلى قريش, فأخبرهم الخبر, وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في جبالها وشعابها, تخوفا عليهم معرة الجيش.
فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة, وهيأ فيله, وعبأ جيشه. وكان أبرهة ينوي هدم البيت, ثم الانصراف إلى اليمن. فلما وجهوا الفيل إلى مكة, برك الفيل. وضربوا الفيل ليقوم فأبى, فضربوه في رأسه ليقوم فأبى. فوجهوه راجعا إلى اليمن, فقام يهرول ووجهوه إلى الشام, ففعل مثل ذلك, ووجهوه إلى المشرق, ففعل مثل ذلك, ووجهوه إلى مكة، فبرك.
وعند ذلك أرسل الله عليهم طيرا من البحر في جماعات عظام, مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, أمثال الحمص والعدس, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك; وليس كلهم أصابت. وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق التي جاءوا منها, ويسألون عمن يدلهم على الطريق إلى اليمن.
فخرجوا يتساقطون بكل طريق, ويهلكون بكل مهلك على كل سهل, وأصيب أبرهة في جسده, وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة, كلما سقطت منه أنملة أتبعتها منه مدة تقطر قيحا ودما. حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر. فما مات حتى أنصدع صدره عن قلبه; فيما يزعمون. وكان أصحاب الفيل ستين ألفا, لم يرجع منهم إلا أميرهم, رجع ومعه شرذمة لطيفة. وقيل هلكوا عن آخرهم!!!
اللهم انتقم لدينك وكتابك وعبادك المسلمين! اللهم انصر المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها! اللهم اقصم أعدائك أعداء الدين! اللهم آمين! آمين!!
11 من ربيع الثاني عام 1426 من الهجرة (الموافق في تقويم النصارى 19 من مايو عام 2005).
-----------------------------
[1] مجلة نيوزويك، النسخة العربية، في تقرير لها نُشر في عددها الصادر في 10/ 5/2005.
[2] جريدة الأسبوع، العدد 425، 16/ 5/2005. ص: 14.
[3] جريدة آفاق عربية، العدد 709، 19/ 5/2005. الصفحة الأولى.
[4] جريدة المصري اليوم، العدد 341، 18/ 5/2005. ص:12.
[5] مجلة نيوزويك، النسخة العربية، 24/ 5/2005. ص ص: 14 - 16. وهي قصة واهية للغاية لا تكاد تصدق!!!
[6] جريدة الأهرام، العدد 43262، 18/ 5/2005. ص:4. وجريدة الأخبار، العدد 16558، 18/ 5/2005، ص: 7.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 07:20 ص]ـ
أ. د.ناصر العمر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد تناقلت وكالات الأنباء وصحف العالم ما فعله الجنود الأمريكان في معتقل غوانتانامو من تدنيس للقرآن الكريم وإهانة ظاهرة متعمدة وهذا الأمر ليس بمستغربٍ على أولئك الذين يمثلون أكبر دول الظلم والغطرسة والجبروت والبغي في العصر الحديث.
وهذه الحادثة قد تكررت منهم مراراً وبخاصة ما حدث بالعراق وما رأيناه بأعيننا بالفلوجة ولي مع هذا الحدث الوقفات التالية:
أولاً: أجمع العلماء على أن من أهان القرآن الكريم أو دنّسه فإن كان من المسلمين فهو مرتد يجب أن يقام عليه حد الردّة، وإن كان من الكفار فهو محارِب فمَن فعل ذلك متعمداً عالماً فهذا حُكمه ويُلحق بهذا الحكم مَن رضي بهذا الأمر أو صدر منه ما يدل على الفرح به أو تأييده أو الدفاع عن فاعليه وهذا أمر عظيم ولا شك عند التدبر والتأمل، فليحذر أولئك المدافعون عن أمريكا وتفسير الحدث بأنه حدث فردي لا تتحمل أمريكا مسؤليته.
ثانياً: إلى متى ستظل أمريكا في أعين بعض الناس تمثل الديمقراطية أو العدالة أو الحرية مع جرائمها التي أهلتها لأن تكون أكبر دولة في البغي والعدوان والظلم والغطرسة، هل تركت أمريكا شيئاً يخل بميزان العدالة والحرية إلا وفعلته، وهل قتل الأبرياء حوادث عارضة في السنوات المعاصرة؟ كلا فجرائم فيتنام واليابان والهنود الحمر وما يحدث في العصر الحاضر من جرائم اليهود التي تعتبر أمريكا المسؤول الأول عنها في فلسطين ثم ما جاء من أحداث في أفغانستان وفي العراق كل ذلك يبين حقيقة أمريكا.
فأقول هل أبقت أمريكا مجالاً لأن يقول بعض المهزومين إن في أمريكا عدالة أو حرية أو ديمقراطية فقد أصبحت رمزاً للتفنن في البغي والظلم والطغيان والله المستعان.
ثالثاً: الذي حدث ابتلاء من الله جل وعلا وامتحان للأمة، وإلا فالله جل وعلا قادر على أن يهلك أمريكا بلحظة عين كما أهلك فرعون وقارون وهامان وكما أهلك عاداً وثمود وأهلك قوم لوط سبحانه وتعالى (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82)، ولكن الذي حدث ابتلاء وامتحان من الله للأمة يؤكد هذه الحقيقة قوله تعالى: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) (محمد: من الآية4)، فإننا نقف أمام هذا الحدث بل يقف كل مسلم ليتساءل ماذا أفعل؟ كيف أنكر؟ سواء على مستوى الحكومات أو مستوى الشعوب على مستوى العلماء والعامة على مستوى الرجال والنساء الصغير والكبير وقد يقول قائل: وماذا يفعل الصغير؟ ماذا تفعل الشعوب المقهورة المستضعفة؟ فأقول إنها تفعل الشيء الكثير كما سيأتي بيانه.
رابعاً: ماذا نحن فاعلون تجاه هذا الحدث، المسؤولية عظيمة جداً، والأمر جسيم وعظيم، الحكومات مطالبة بموقف حازم تجاه هذا الحدث، المنظمات الدولية وأخص المنظمات الإسلامية مطالبة بموقف يبرئ ذمتها أمام الله جل وعلا ثم أمام الشعوب المسلمة، العلماء مطالبون ببيان الحكم الشرعي في هذه الحادثة وتوجيه الكلمة للمسلمين قبل توجيهها لأمريكا، إن على الأمة الاستنكار القولي والعملي بكل صورة وبكل وسيلة مشروعة كخطب الجمعة من على المنابر العلمية والإعلامية وعبر كل وسيلة مشروعة، الصغار الكبار، المقاطعة الاقتصادية بل يستطيع الصغير أن يفعل شيئاً، يستطيع أن يقاطع أي منتج أمريكي، إن علينا في هذه المرحلة أن نتوجه بقوة لمقاطعة العدو، ألم يقاطع المسلمون اليهود في فلسطين سنوات ولا تزال المقاطعة سارية في كثير من جوانبها عبر مرور خمسين أو ستين سنة؟ مقاطعة أمريكا أولى بذلك، مقاطعة منتجاتها، المقاطعة بشتى صورها وأشكالها وهنا نأتي للنقطة الخامسة وهي:
إن المقاطعة لا يتصور البعض أن مغزاها هو مجرد الإضرار بالعدو حتى يأتي مَن يقول إنها لن تؤثر بأمريكا. لا إن من أهداف المقاطعة إحياء عقيدة الولاء والبراء وهو مبدأ عظيم جداً، البراءة من أمريكا وعملائها إنني عندما أقاطع منتجاً من منتجات أمريكا أحيي مفهوم الولاء والبراء في بيتي وفي نفسي وفي أهلي وهذا ملحظ عظيم يغيب عن بعض الأذهان حيث ينظرون إلى الأثر الاقتصادي فقط.
(يُتْبَعُ)
(/)
إنك عندما تدخل السوق وتجد منتجاً أمريكياً فتتركه تتحرك فيك مشاعر الإيمان لأنك ما تركته إلاّ براءة من الكفار وولاءً للمؤمنين.
وأقول أيضاً إذا لم يكن بالإمكان أن نقاطع كل سلعة أمريكية فلا أقل من أن يقاطع الواحد منا ولو عدداً يسيراً من هذه المنتجات من أجل هذا الهدف العظيم.
سادساً: إحياء عقيدة الولاء والبراء، التي أصبحت مع كل أسف ضعيفة هزيلة في نفوس كثير من المسلمين، والأمة تحتاج إلى هذا المبدأ وبخاصة في هذه العصور المتأخرة التي ضعفت فيها العقيدة لدى كثير من المسلمين.
سابعاً: إن ما حدث ينطبق عليه قوله تعالى: (لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ) (النور: من الآية11)، وكما أن الإفك وحادثة الإفك كانت عظيمة ومؤثرة فنزل فيها هذا القرآن العظيم (لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (النور: من الآية11)، فإن ما رأيناه من احتجاجات واستنكارات عالمية يبيّن أن في هذه الأمة خيراً وأنها مستعدة لمواجهة عدوها متى ما سنحت الفرصة المشروعة لذلك، ومما يتأكد في هذا الجانب وقوفنا مع المجاهدين الصادقين في ميادين الجهاد العظيمة في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان دعماً لهم بكل وسيلة ممكنة وأخص الدعم المادي لإثخان العدو في ميادينه المباشرة، وفي غيرها من الميادين تكون المواجهة بفضح أمريكا وعملائها وتجريدها من مقوماتها التي تدعيها كالديمقراطية والحرية وغيرها وهذا من جملة جهاد اللسان (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (التوبة: من الآية73) فلنجاهدها في ميادين الجهاد الحقيقية بالسنان ولنجاهدها في البلدان الأخرى باللسان فضحاً وتشهيراً وبياناً لجرائمها عبر التاريخ وما تفعله بالمسلمين.
وأخيراً فإن ما حدث هو من حفظ الله لهذا القرآن العظيم (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)، إن حفظ القرآن ليس فقط حفظ نصه وإنما يشمل ذلك حفظ لمنزلته ومكانته، فما حدث من ردة فعل قوية من المسلمين وكيف سُرِّب هذا الخبر من داخل معتقلات غوانتانامو على أيدي الأمريكيين أنفسهم إنه دليل عظيم على حفظ الله لكتابه وحمايته لكتابه جل وعلا وإبراز لمكانته في قلوب المسلمين جميعاً.
وبالمقابل ومما يجعلني أتفاءل وألتمس بعض جوانب الخير في هذا الحدث هو أن أمريكا تتساقط من قلوب الناس وهذا مؤذن بإذن الله بسقوطها من أرض الواقع طال الزمان أو قصر وعلامة ذلك شاهدة بارزة ولكن كما قال صلى الله عليه وسلم: «ولكنكم تستعجلون»، فأبشروا وأمّلوا، فالعدو مخذول والظلم مرتعه وخيم (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (الكهف:59)
أسأل الله أن يحمي هذه الأمة وأن يحفظها وأن يذل أعداءها وأن يجعل الدائرة عليهم.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصدر: موقع المسلم ( http://www.almoslim.net)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 07:26 ص]ـ
د. وسيم فتح الله
قال الله تعالى:"فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً" (البقرة200)، فجعل انتصار المرء لحظ نفسه وأبيه وعشيرته حداً أدنى لا يقل عنه ذكره وانتصاره لأمر الله عز وجل ولله تعالى المثل الأعلى، فمن كان انتصاره لنفسه أو لأبيه أو لقومه أشد من انتصاره لله تعالى ولأمر الله تعالى فقد باء بالخسران المبين، وخرج عن زمرة العقلاء إلى زريبة البهائم إن أُطعمت سكتت وأن جاعت هاجت، ليس لها وراء ذلك من غاية، فلا ترفع بالحق صوتاً ولا تأخذ على الباطل بيد، ولكن لا غرابة في ذلك فهذه إنما هي بهائم إن عقلها أصحابها لم تدر فيما أُعقلت، وإن أرسلها أصحابها لم تدرِ فيما أُرسلت، فالخزي كل الخزي والعار كل العار أن يتحول الإنسان إلى تلك البهيمة البكماء الصماء لا ترفع رأساً ولا صوتاً إلا لحاجة بطنها وفرجها ليس إلا ...
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا علمت ما تقدم وتأملت أحوالاً من انتصار ما يسمى حكومات الدول الإسلامية لحظوظ أنفسها عندما "تنتهك" دولة من الدول حرمة رمزٍ من رموزها السامية أو تتجرأ على الذات السامية لرأس الأمر فيها، فإذا بهذه الدولة تثور وتفور وتضطرب وتمور؛ استدعاء للسفراء وقطع للعلاقات وطلبات الاعتذار وشن الهجوم الكلامي والتهديد بالحرب والحصار، قطع للعلاقات الدبلوماسية وتهديد بالانسحاب من المعاهدات الرسمية، فلا يهدأ لهذه الحكومة المعتدى عليها بال حتى يعاد الاعتبار للذات السامية التي تُكُلِّم فيها بالاعتذار والبيانات والتصريحات التي تمجد تلك الذات وتسبح بحمدها، وإذا بأقلام الأمة وأصحاب المنابر ومشايخ السلطة وعلماء التدجين يحشدون كل آيات الطاعة العمياء لولي الأمر انتصاراً لذاته العظيمة التي تجرأت يد الحقد الآثمة بالتطاول عليها، ولو أن الأمر كان بهذا القدر حداً أدنى لا يقل انتصار حكومات المسلمين لدين الله تعالى عنه لكان حسناً، ولكن تأمل مدى الخزي والعار عندما تتفجر صدور القيح الصليبي عن نتن تشمئز منه النفوس والفطر السليمة فتتطاول على كتاب الله عز وجل وتدنسه فيما تحسب خابوا وخسئوا فهو رغم أنف كل حقيرٍ كتابٌ مكنونٌ مطهرٌ محفوظ، فإذا تطاير الخبر وعلمت به الناس في أقاصي المعمورة وتحركت بعض القلوب الغيورة من العامة والدهماء تتفجر غضباً لكتاب ربها، تأملت عند ذاك منتظراً زمجرة الحكومات المسلمة ومتربصاً كم من السفارات ستغلق، وكم من العلاقات الدبلوماسية ستقطع، وكم من الجيوش ستستنفر، وكم من الدول المسلمة ستقطع إمداداتها النفطية وثرواتها الطبيعية وعلاقاتها الثقافية وتعاوناتها الأمنية مع رأس الصليبية الحقود، وإذا بالانتظار يطول، وإذا بالناطقين الرسميين للحكومات صمٌ بكمٌ لا يعقلون، وإذا بمنابر الجمعة خافتة هزيلة مشغولة بالتمجيد والتقديس لغير رب العالمين، وإذا بالعلماء والمفتين مشغولون بالإنكار على من لم ينساقوا في الطاعة العمياء لولاة الأمر المعطلين لحكم رب السماء، وإذا بحشود الفتوى التي تشن بها الغارة على الشعوب المسلمة المغلوبة تتراجع وتتخافت وتضمحل أمام جريمة الكفر التي تتفطر لها السموات وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً، اللهم إلا بعض البيانات الفردية المتفلتة من سراديب التدجين ومصانع الفتوى الرسمية، ولكن أين العجب ...
أين العجب من كل هذا، ونحن أول من دنس المصحف الشريف عندما طرحناه جانباً وتحاكمنا إلى شريعة الغاب وقانون العلمانية والكفر، وأين العجب ونحن الذين عطلنا حكم كتاب الله ووضعنا الحدود جانباً وأخذنا نزحف على إستانا متمتمين بحقوق الإنسان وهمجية حدود القرآن (حاشاه)، وأين العجب ونحن الذين ما رضينا حكم الله وحكم رسوله الذي نطق به القرآن فإذا بنا نجد في صدورنا حاجة مما قضى به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأين العجب ونحن الذين جعلنا القرآن عضين نحذف من مناهجنا آيات البراء والجهاد ونكرر مراراً وتكراراً ما تشابه من الذكر الحكيم عساه يسعف مواقف المنافقين المنبطحين تحت أقدام الشياطين، أين العجب ...
يقول أهل القرار وولاة الأمور نحن لا نستطيع مجابهة دول الكفر والطغيان، ونقول حسناً لا نريد منكم إلا أن تنتصروا لكتاب الله بمثل ما تنتصرون به لأنفسكم وهو بقدرتكم وباستطاعتكم وقد فعلتموه قريباً ولا تزالون، فإن لم تفعلوا وأنتم عليه قادرون فذلك منكم بيان بأنكم بفعل أعداء الله راضون، فالسكوت في موضع الحاجة بيان، والحاجة متمحضة ملحَّة، والبيان الهزيل الذين صدر عن بعضكم على خجل لا يرقى إلى مستوى أفعالكم وبطولاتكم حين تنتصرون لأنفسكم وذواتكم السامية، فإما أن تنتصروا الساعة لكتاب الله تعالى ونحن حينها لكم جندٌ مطيعون نمضي في هذا الأمر حتى تنقطع سالفتنا أو ننتصر لكتاب الله، وإما أن نخلع لكم من رقابنا كل شبهة ولاء أو طاعة أو بيعة أو ما شاء علماؤكم ومفتوكم من مصطلحات التدجين هذه حتى يفتح الله تعالى بيننا وبينكم وهو خير الفاتحين، إذ قد علمنا من صمتكم القاتل أنكم لستم بشيء، ولن نبرح داعين إلى الله تعالى مبتهلين: اللهم أعز أولياءك وأظهرهم وأذل أعداءك واطمسهم في غير فتنة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأما أولئك القردة والخنازير الذين سولت لهم أنفسهم الحقيرة الاجتراء على كتاب الله فإن كتاب الله
(يُتْبَعُ)
(/)
في صدورنا في صدور مليار مسلم يسفكون دماءهم دفعةً واحدة في سبيل الله ولا يأبهون، فأنى لكم أن تنالوا من كتاب الله شيئاً ...
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 07:29 ص]ـ
مقدمة،،،
ثارت ثائرة العالم الإسلامي بعد ما حصل من تدنيس للقرآن الكريم في غوانتنامو الذي أهينت فيه كل القيم الانسانية والأخلاقية، وقامت المظاهرات والاحتجاجات في مناطق عديدة من البلدان الإسلامية، وسقط قتلى وجرحى وأحرقت اعلام امريكا والدويلة العبرية وصاح المتظاهرون وازبدوا وهددوا وارعدوا وتوعدوا.
مشهد آخر،،،
كنت مع بعض الاخوة يوم الخميس الماضي في زيارة لاحد المشائخ الفضلاء وهو الشيخ محمد الحنيني مدير مركز المصحف المستعمل بمحافظة الخرج وهو المركز الأول والوحيد من نوعه في العالم لتجميع المصاحف الممزقة والتالفة والتي عليها نقص ومن ثم تجديدها بطريقة خاصة وترسل لخارج المملكة فقط، وعندما كان الشيخ وفقه الله يتحدث عن القرآن ووجوب احترامه كورق مثل احترامه كنطق بدأ يتحدث عن تقديس الأجانب للقرآن وقص علينا قصص عجيبة ثم يقارنهم بالسعوديون في بلادنا واهمالهم للمصاحف –الا من رحم الله- وذكر عدة مواقف حصلت له في بداية نشاطة التجميعي قبل ان يصبح له مركز متخصص يتبع له أكثر من مائة وعشرون مندوب تجميع في أغلب مناطق المملكة حيث ذكر لنا قصص منها انه مرت عليه فترات يفتّش فيها براميل القمامة ويجد فيها قطع من مصاحف مختلطةً مع ماتحتويه القمامةُ عادةً ... أليس هذا من الإهانة للمصحف؟ أليس هذا أوجب للعقوبة من ذلك الكافر؟ إذاً،،، من الذي أهان المصحف أولاً؟ فالنصراني لايعترف بالمصحف اجمالاً ولو نفى ذلك فعقيدته تفضحه، أما المسلم السعودي فهو درس فضل القرآن وعرف أحكامه ومع ذلك يهينه!!! فالله المستعان.
مشهدٌ ثانٍ،،،
إن مافعله الأمريكان في سجن غوانتنامو نابع من كره عقائدي تأصلوا عليه وليس عمل فرديُ شاذ كما ينعق به أذنابهم الذين اهانوا انفسهم بالابتعاد عن دينهم مما جعل احدهم –على سبيل المثال- يصف القرآن الكريم بالكتاب الوعظي فقط لا التشريعي والآخر يستهزئ بالاعجاز العلمي للقرآن مما حدا بأحد انجس المواقع السابّة للاسلام بالاستشهد بمقالته، وليس ببعيد مافعله الأمريكان أمثال تشارلز جرانر و ليندي انجلاند و زعيمتهم جانيس كاربينسكي والبريطاني دارين لاركين من تعذيب للسجناء العراقيين والتي لجلجت به الصحف العالمية والقنوات الفضائية ثم مالبثت ان تناسوا ماحصل.
كثيرٌ منا يتذكر حينما أمرت القوات الأمريكية بتوزيع مئات آلاف النسخ من فلم الرسالة قبل بداية غزو العراق حتى يتعرف العلوج الأمريكان على طبيعة الشعب العراقي المسلم قبل ان يغزوهم، لا كما ادعى اذنابهم من بني جلدتنا ان الأمريكان أتوا محررين من طاغية واستدلوا بطلبهم النسخ حتى يتعرفوا على الاسلام حتى لا يقعوا في إهانة لأي مسلم عن غير قصد، زعموا.
قد يعلم هؤلاء الذين تمنّعوا من ذكر مساوئ عمتهم أن أول من بدأ المظاهرات هم الأفغان،، لكن هل يعلم هؤلاء لماذا بدأها الأفغان في شتى ولاياتهم؟؟ لقد بدأها الأفغان لانهم عاصروا التحرير الأمريكي لأفغانستان عن قرب، ولانهم ذاقوا جرعة الديموقراطية الأمريكية عن تجربة، ولأنهم شاهدوا تعمير أفغانستان عن قرب.
كذلك الأمر بالنسة للشعب العراقي لكن الاعلام الامريكي وكعادته اقصد الاعلام العربي وكعادته اغفل العراق من فقرة الاخبار الصادقة ...
مشهد أخير،،،
في بلادي بلاد الحرمين مهبط الوحي ومنبع الاسلام، يصلي المصلي وأمامه عشرات المصاحف التي لم يتحرك منها سوى ثلثها أما الباقي فقد ثقل وزنها من كثرة الغبار ... أما في إحدى قرى السودان،، فقد ذكر لنا الشيخ الحنيني أنها لا يوجد فيها الا مصحف واحد يتداورونه بينهم .. أما القرية الأخر فقد مزقوا المصحف،،، نعم مزقوه قطع حتى يتوزع على اكبر قدر من بيوت القرية ... هذا في دولة واحد فما بالك بدولٍ منع فيها تداول المصحف لعقود ثم سمح لهم،، من أين لهم ان يقرأوا كلام الله،،،
فايز الشمري
(يُتْبَعُ)
(/)
المصدر: صيد الفوائد ( http://www.saaid.net/Minute/118.htm#8)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 08:13 ص]ـ
طالب 18 من العلماء والمفكرين السعوديين بمحاكمة المسئولين عن تدنيس القرآن في قاعدة جوانتانامو الأمريكية أمام محكمة إسلامية مؤكدين أن اعتذار الخارجية الأمريكية ورفضها لهذا العمل أو ذر الرماد في العيون بإجراء محاكمة لمن فعل هذا الفعل لا ينفع، حيث يؤكد التاريخ أن محاكماتهم لأصحاب جرائم سجن أبي غريب فصدق عليها: تسمع جعجعة ولا ترى طحنا، ولا يرضي الأمة المسلمة في مثل هذا العمل إلا تسليمهم إلى محكمة تحكم فيهم بحكم الله العدل، فكتاب ربنا أغلى من الأنفس والمهج عندنا".
وأضاف الموقعون في بيانهم وبينهم ناصر بن سليمان العمر إن على جميع المسلمين الغيرة على كتاب ربهم والوقوف بقوة في مناصرته والعمل في جميع المحافل في بيان الموقف الرافض لمثل هذه التعديات السافرة على الكتاب الكريم، وعلى المجتمعات المسلمة تفعيل غضبها وغيرتها على كتاب ربها بالعمل الجاد المستمر في كشف نوايا المعتدي عبر المنابر الإعلامية المختلفة وتنشيط المقاطعة للبضائع الأمريكية، ولا ينسى الخطيب واجبه الشرعي تجاه أمته في تبصيرها بخطورة الأمر وتحريك تفاعلها البناء مع كتاب ربها كما طالب الموقعون أيضا بالإفراج عن جميع المعتقلين في جوانتانامو.
أضاف البيان "لقد ظهر للعالم اجمع بعد هذا التصرف الظلم الواقع على أبنائنا في ذلك المعسكر الخارج عن قانون العالم وما يلاقونه من اضطهاد وبغي وعدوان دون توجيه تهمة إليهم فضلا عن محاكمة عادلة لهم، وإذا أرادت أمريكا أن تسلم من هذا الغليان الشعبي الإسلامي بعد هذه الجريمة النكراء فعليها بإطلاق سراح هؤلاء المسجونين عاجلا لعل عملهم أن يرفع شيئا من ظلمها الذي نزل بأمة القرآن".
كان مفتي عام المملكة السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ دعا الثلاثاء واشنطن إلى التحقيق في حادثة تدنيس القرآن.
ومن جانبه طلب إمام المسجد الحرام في مكة المكرمة الشيخ عبد الرحمن السديس خلال صلاة الجمعة، من واشنطن تقديم اعتذارات لتهدئة غضب المسلمين إذا تأكدت المعلومات عن تدنيس القرآن.
المصدر: الإسلام اليوم ( http://www.islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=42534)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2005, 05:32 ص]ـ
مفكرة الإسلام: تواصلت ردود الأفعال الغاضبة تجاه تدنيس المصحف الشريف في جوانتانامو، فقد طالبت رابطة العالم الإسلامي اليوم السبت السلطات الأمريكية بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
وفي بيان صدر عن الأمانة العامة للرابطة بمكة المكرمة، أعرب الأمين العام للرابطة الدكتور عبد الله التركي عن استياء المسلمين والمنظمات الإسلامية في العالم عما تناقلته وسائل الإعلام من انتهاكات لحرمة القرآن الكريم وتدنيسه في سجن جواتنانامو، وفقًا لوكالة الأنباء الكويتية.
وشدد الدكتور 'التركي' على ضرورة إجراء تحقيق سريع حول تدنيس القرآن الكريم، واتخاذ إجراءات رادعة لمحاسبة من يثبت تورطهم؛ بما يمنع تكرار هذا الحادث المشين ويحافظ على مشاعر المسلمين في العالم.
وكانت تقارير صحفية أمريكية ذكرت أن بعض المحققين في سجن جوانتانامو الأمريكي في كوبا قاموا بتدنيس نسخ من القرآن الكريم، وتمزيق صفحاتها ودوسها بالإقدام ووضعها في الحمامات خلال عمليات التحقيق مع عدد من الأسرى.
المصدر ( http://www.islammemo.cc/news/one_newssearch.asp?word= المصحف& IDnews=65556)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2005, 05:33 ص]ـ
مفكرة الإسلام: دعت الجامعة العربية اليوم السبت إلى 'التعامل بجدية' مع التقارير التي كشفت عن تدنيس المصحف الشريف في معتقل قاعدة جوانتانامو الأمريكية في كوبا.
وأكدت الجامعة في بيان صحفي أنها 'تدين بقوة وحزم أية محاولات للإساءة إلى الدين الإسلامي عامة وإلى المصحف الشريف خاصة من أية جهة كانت وبأي شكل كان، مشددة على أنها تتابع بقلق شديد هذه الأنباء.
وحذرت من أن 'تلك الأنباء مدعاة لغضب كبير بين المسلمين الذين لا يتصورون أن يبلغ الاجتراء على معتقداتهم مثل هذا المستوى المتدني'، على ما أفادت وكالة الأنباء الكويتية.
وطالبت الجامعة العربية الإدارة الأمريكية بـ'تطبيق أغلظ العقوبات الممكنة على كل من يثبت ضلوعه أو تخطيطه لمثل تلك الجريمة النكراء'.
كما دعت إلى 'تقديم الضمانات لعدم تكرار حدوث مثل تلك الأفعال، والتقدم إلى المسلمين باعتذار عنها؛ اتساقًا مع المواقف المعلنة لكبار المسئولين الأمريكيين بشأن احترامهم للدين الإسلامي'.
وكانت مظاهرات غاضبة قد عمت عددًا من الدول العربية والإسلامية مثل أفغانستان وباكستان وفلسطين وإندونيسيا؛ تنديدًا بتقارير نشرتها مجلة 'نيوزويك' الأمريكية الأسبوع الماضي عن قيام محققين أمريكيين في جوانتانامو بإلقاء نسخ من القرآن الكريم في المراحيض بغرض إثارة استياء الأسرى.
المصدر ( http://www.islammemo.cc/news/one_newssearch.asp?word= المصحف& IDnews=65541)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2005, 05:35 ص]ـ
مفكرة الإسلام: في تواصل لحملة الغضب العارم التي سادت البلدان الإسلامية وألهبت مشاعر ملايين المسلمين بسبب انتهاك محققين أمريكيين بمعتقل جوانتانامو الأمريكي بكوبا لحرمة المصحف الشريف، أكد رئيس الوزراء الماليزي 'عبد الله أحمد بدوي' أن قيام المحققين الأمريكيين برمي المصحف الشريف داخل المراحيض بمعتقل 'جوانتانامو' يمثل إهانة بالغة للأمة الإسلامية بأسرها.
وقال بدوي في تصريحات للصحفيين ـ بحسب ما أوردته وكالة أنباء الإمارات ـ إنه عمل يؤذينا حقًا وقد أحدث غضبًا شديدًا في جميع أنحاء العالم الإسلامي مؤكدًا أن المسلمين ما كانوا ليتعرضوا لمثل هذه الإهانة لو لم يكونوا ضعفاء اقتصاديًا.
وأشار إلى أن أخطر التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية تتمثل في الأمية والفقر, موضحًا أن بلاده طرحت مبدأ الإسلام الحضاري بهدف الارتقاء بالأمة الإسلامية في مختلف الميادين الدينية والعصرية والاقتصادية والصناعية والتكنولوجية.
وكانت تقارير صحفية نشرتها مجلة نيوزويك الأمريكية قالت: إن محققين أمريكيين في معتقل جوانتانامو الأمريكي بكوبا قاموا بتدنيس نسخ من القرآن الكريم، وتمزيق صفحاتها ودوسها بالأقدام ووضعها في الحمامات خلال عمليات التحقيق مع عدد من الأسرى.
المصدر ( http://www.islammemo.cc/news/one_newssearch.asp?word= المصحف& IDnews=65629)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2005, 05:37 ص]ـ
http://www.tafsirnet.com/mushaf.jpg
مفكرة الإسلام [خاص]: اقتحمت قوات الاحتلال الأمريكية فجر اليوم مسجد القدس في منطقه البو فراج جنوب مدينة الرمادي غرب العاصمة العراقية بغداد.
وذكر مراسل 'مفكرة الإسلام' أن أكثر من 50 جنديًا أمريكيًا اقتحموا المسجد وقاموا بتفتيشه بالكامل وتمزيق المصاحف وضرب المصلين.
وصرح إمام المسجد لمراسلنا: قام جنود الاحتلال باقتحام المسجد, ونحن نكبّر تكبيرة الإحرام لصلاة الفجر, واقتحموا حرم المسجد بأحذيتهم وطوقونا وحاصرونا ببنادقهم في إحدى زوايا المسجد, وقاموا بتفتيش المسجد وغرفه الملحقة به, وقام عدد من الجنود تحت مسمع من آمر دوريتهم بركل المصاحف بأرجلهم عدة مرات حتى أوصلوها إلى باب المسجد الخارجي بطريقه هزلية فيما بينهم, وقد كان أحد الجنود يشير إلى أحد المصاحف بإصبعه وهو ملقى على الأرض وينظر إلينا ويركله برجله ويضحك بشكل غير طبيعي'.
وقال: وقام أحد الجنود - وهو يحمل صبغة سوداء اللون - برسم سبعة صلبان على المنبر, وثلاثة على سجادة الإمام الذي يقف أمام المصليين, وثلاثة على باب المسجد الداخلي وساريتيه الداخليتين, وخرجوا عند الساعة السابعة صباحًا دون أن يعتقلوا أحدًا.
وأضاف الشيخ: إن كانوا دنسوا مصحفًا في جوانتاناموا فنحن في العراق يوميًا يهان كتاب الله من قبل الصليبيين واليهود.
هذا, وتمكن مراسلنا من التقاط عدد من الصور لتلك المصاحف التي مزقت وركلت بالأرجل والصلبان التي رسمت على المنبر وأرضية المسجد.
http://www.tafsirnet.com/quraan_cross_in-rmadi.jpg
المصدر ( http://www.islammemo.cc/news/one_newssearch.asp?word= بركل%20المصاحف%20& IDnews=65701)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 May 2005, 05:46 ص]ـ
وعباد البقر يمزقون المصحف أيضاً!
http://www.tafsirnet.com/Burning_Quran.jpg
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[25 May 2005, 02:10 م]ـ
وصلتي رسالة من أحد الاخوة الدعاة من الصين وهو الاخ الشيخ /محمد نوح وله اهتمامات بالتفسيرمن حيث التأليف والترجمة الى اللغة الصينية
ولديه مشروع متميزلتأليف تفسير باللغة الصينينة يعكف عليه من عدة سنوات ولعلي أعرف به في مقال آخر ان شاء الله
وهذا نص الرسالة كما وصلتني:
(أخي العزيز الدكتور عيسى الدريبي
شكر الله لك على إرسالك لي هذه المقالة الرائعة،وقد قرأتها وأعجبت بها كثيرا،فأقول:
إن دل تدنيس الكفار لمصحفنا على شيء، فإنما يدل على عجزهم عن مقاومة منطقه القوي وإعجازه الأبدي، فلا نتعجب عندما نسمع مثل هذه الأخبار،لأنها ليست أولى ولن تكون أخيرة، كم من مرة سمعنا أن قرآننا دنس وأن شريعتنا الربانية وجه إليها تشكيكات وأن إسلامنا شوهت صورته من هذه البلاد أو تلك، يقصد أعداء الإسلام من خلالها إهانة المسلمين وإضعاف معنوياتهم، ولكن الله يأبى إلا أن يقوي بها إيمان المسلمين ويجدد بها عهدهم مع ربهم من خلال احتجاجاتهم القوية ومواجهاتهم الحقيقية لمكر أعدائهم، فالواجب علينا أمام هذه التحديات - كما أرى وكما ترون- أن نكثف جهودنا أكثر من أي وقت مضى في العناية بكتاب الله، ونشره و إخراج حكمه ومعانيه بلغة العصر وتنبيه الغافلين من المسلمين إلى ما يعنيه هؤلاء الطغاة من هذه الأفعال، حينئذ نستطيع أن نقول أننا قد فهمنا السر الذي وضعه الله عزوجل في مثل هذه الأحداث لابتلائنا)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 May 2005, 09:47 م]ـ
أدان 37 من كبار علماء الشريعة في المملكة العربية السعودية الجريمة الأمريكية النكراء التي ارتكبها الجنود الأمريكان في غوانتانامو بتدنيس المصحف الشريف إمعاناً في إيذاء نفسيات سجنائهم من أبناء المسلمين، مشددين على مثل أن هذه الجريمة لا تصدر إلا عن نفوس قد ملئت بالحقد والبغضاء للمسلمين ودينهم وكتابهم وتجردت من جميع صور الاحترام للإنسان
وأكد العلماء –في بيان لهم- أن هذه الجريمة تأتي في إطار مسلسل من الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمين ومساجدهم وعلمائهم ومعتقداتهم، مشددين على ثبوت وقع هذه الجريمة بعد ما ذكره المعتقلين المفرج عنهم من قاعدة غوانتانامو، وطالبوا حكومات العالم الإسلامي وعلمائه ومثقفيه وشعوبه أن يقفوا وقفة حازمة جادة تجاه تدنيس كتاب الله، كما طالبوا منظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية بشجب وإدانة هذه الجريمة النكراء
وقلل علماء الشريعة في المملكة من جدوى إصدار البيانات الإعلامية الاعتذارية عن الجرائم التي يمارسها الجنود الأمريكان، مشددين على ضرورة محاكمة من اقترفوا هذه الجرائم، ومحذرين أمريكا من استهتارها بمقدسات المسلمين ومعتقداتهم فأمريكا –بحسب البيان- لن تنال مرادها من عدوانها على المسلمين ومقدساتهم وإنما تضاعف أسباب كرهها وبغضها من المسلمين في كل أقطار الأرض وتثير العداوات بين الشعوب.
وختم العلماء بيانهم بالإعراب عن ثقتهم التامة ويقينهم القاطع بأن الله سينتصر لكتابه ويحفظه من كل حاقد ومجرم، وثقتهم أن عقوبة الله في الدنيا قبل الآخرة محيطة بأعداء الله الكافرين الذين ينالون من كتابه ودينه فوق كل أرض وتحت كل سماء جزاء جرائمهم وظلمهم وعدوانهم.
وهذا هو نص البيان الذي أصدره علماء الشريعة بالمملكة العربية السعودية:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
فقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر إساءة الجنود الأمريكان في غوانتانامو للقرآن الكريم وتدنيسه بالنجاسات وإلقائه في المراحيض إمعاناً في إيذاء نفسيات سجنائهم من أبناء المسلمين، إننا في موقع علماء الشريعة إذ نستنكر هذا الفعل الإجرامي الآثم الذي لا يصدر إلا عن نفوس قد ملئت بالحقد والبغضاء للمسلمين ودينهم وكتابهم وتجردت من جميع صور الاحترام للإنسان ومعتقداته وخياراته في الحياة فإننا نؤكد على الأمور الآتية:-
1 - إن هذا الفعل الإجرامي يأتي في سياق مسلسل خطير من الجرائم التي تصدر من أمريكا حيال المسلمين في مواقع مختلفة وبصور متعددة من انتهاك لحرمات المساجد وقتل للعلماء والنساء والأطفال وتدمير للمدن وانتهاك للأعراض وتعذيب للسجناء وإيذاء لمشاعر المسلمين في معتقداتهم وشعائرهم والنيل من نبيهم.
2 - إن هذه الجريمة بالذات قد تُحُدِّث عنها في وسائل الإعلام من قبل العديد ممن أفرج عنهم من معتقل غوانتانامو وكذلك تحدثت عن ذلك وسائل الإعلام في العراق وفي أفغانستان وبالتالي فالأمر متكرر من الجنود الأمريكان وليس بجديد.
3 - إننا نطالب حكومات العالم الإسلامي وعلمائه ومثقفيه وشعوبه أن يقفوا وقفة حازمة جادة في الموضوع وأن يعلموا أمريكا أن كتاب الله عزيز عليهم ولن يسمحوا بتدنيسه وفي السياق نفسه فإننا نشكر الشعوب التي بادرت إلى الاحتجاج على الجريمة ونشكر الحكومات والهيئات والمنظمات التي أعلنت استياءها ومطالبتها بمحاكمة المجرمين وفي مقدمة هؤلاء الحكومة السعودية.
4 - نطالب المنظمات الدولية وناشطي حقوق الإنسان في العالم أن يشجبوا هذه الجريمة النكراء التي تنتهك أعظم وأغلى حقوق الإنسان وهي عقيدته ودينه في الوقت الذي تزعم أمريكا في إعلاناتها السياسية أنها تدعوا إلى حرية الإنسان في اختيار عقيدته ودينه وهي تمارس الاعتداء على هذا الحق الغالي على أهله.
5 - نطالب المفكرين والمثقفين والعلماء في أمريكا بأن يقفوا وقفة حازمة في مواجهة هذه الممارسات السيئة التي سيكون لها أوخم العواقب على علاقة الشعب الأمريكي مع العالم الإسلامي.
(يُتْبَعُ)
(/)
6 - نخاطب الإدارة الأمريكية إن كان مازال لديها استعداد لسماع غيرها ونقول إن إصدار البيانات الإعلامية الاعتذارية عن الجرائم التي يمارسها جنودكم لن تجدي نفعا وإن التحدي الحقيقي أمامكم هو أن تحاكموا من اقترفوا هذه الجرائم في محاكمة علنية لا تنتهي إلى ما انتهت عليه محاكمة مجرمي أبو غريب وقتلة الجرحى المدنيين في مساجد الفلوجة وغيرهم من تمثيل مسرحي سيء الإخراج والتنفيذ.
ونحب تذكير أمريكا بأن ما تملكه من قوة تعتدي بها على العالم وثوابته لن تدوم وعليها أن تتعظ بالقوى العظمى التي سبقتها في الأمم السابقة حيث كانت أشد منها قوة ومارست العدوان ولكن الله كان لها بالمرصاد فأزالها بسبب ظلمها وعدوانها كما نذكر أمريكا بأنها لن تنال مرادها من عدوانها على المسلمين ومقدساتهم وإنما تضاعف أسباب كرهها وبغضها من المسلمين في كل أقطار الأرض وتثير العداوات بين الشعوب.
وفي الختام فإننا على ثقة تامة ويقين قاطع بأن الله سينتصر لكتابه ويحفظه من كل حاقد ومجرم، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9)
كما أننا واثقون أن عقوبة الله في الدنيا قبل الآخرة محيطة بأعداء الله الكافرين الذين ينالون من كتابه ودينه فوق كل أرض وتحت كل سماء جزاء جرائمهم وظلمهم وعدوانهم، وأمريكا بظلمها تستوجب غضب الله عز وجل جرّاء انتهاكاتها السافرة بدين الله وكتابه، قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) (فصلت:26، 27، 28).
وهذا هو نص البيان الذي أصدره العلماء:
1 - الشيخ/ إبراهيم بن حسن الشعبي. (من علماء منطقة جيزان-صامطة)
2 - الشيخ الدكتور/ أحمد عبدالعزيز الحليبي. (الأحساء-جامعة الملك فيصل)
3 - الشيخ الدكتور/ أحمد بن عبدالله العمري. (الجامعة الإسلامية-المدينة المنورة)
4 - الشيخ الدكتور/ أحمد بن نافع المورعي. (مكة المكرمة- جامعة أم القرى)
5 - الشيخ الدكتور/ جميل بن حبيب اللويحق. (الطائف جامعة الطائف)
6 - الشيخ الدكتور/ حسين بن محمد شريف. (جيزان- كلية المعلمين بأبي عريش)
7 - الشيخ الدكتور/ حمزة بن حسين الفعر. (جامعة أم القرى- مكة المكرمة)
8 - الشيخ الدكتور/ راشد بن أحمد العليوي. (جامعة القصيم - كلية الشريعة وأصول الدين)
9 - الشيخ الدكتور/ سالم بن محمد القرني. (أبها- جامعة الملك خالد)
10 - الشيخ الدكتور/ سعود بن عبدالله الفنيسان. (الرياض- عميد كلية الشريعة سابقا)
11 - الشيخ الدكتور/ سعيد بن ناصر الغامدي. (جامعة الملك خالد- معار للندوة العالمية بجدة)
12 - الشيخ الدكتور/ عائض بن عبدالله القرني. (الرياض- أستاذ جامعي سابق)
13 - الشيخ الدكتور/ العباس بن حسين الحازمي. (الرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود)
14 - الشيخ الدكتور/ عبد الرحمن بن أحمد علوش. (جيزان - كلية المعلمين)
15 - الشيخ الدكتور/ عبدالعزيز بن عبد الله الحميدي. (مكة المكرمة - رابطة العالم الإسلامي)
16 - الشيخ الدكتور/ عبدالعزيز بن عمر الغامدي. (أبها - جامعة الملك خالد)
17 - الشيخ الدكتور/ عبدالله قادري الأهدل. (الجامعة الإسلامية- المدينة المنورة)
18 - الشيخ الدكتور/ عبدالله بن ظافر العمري. (أبها - جامعة الملك خالد)
19 - الشيخ الدكتور/ عبدالله بن عبدالعزيز الزايدي. (الرياض- جامعة الإمام محمد بن سعود)
20 - الشيخ الدكتور/ عبدالله بن عبدالله الزايد. (المدينة المنورة - رئيس الجامعة الإسلامية سابقا).
21 - الشيخ الدكتور/ عبدالله أبو سيف الجهني. (الجامعة الإسلامية- المدينة المنورة)
22 - الشيخ الدكتور/ عبدالله بن مقبل القرني. (جامعة أم القرى - مكة المكرمة)
23 - الشيخ الدكتور/ عبدالله بن وكيل الشيخ. (الرياض- جامعة الإمام محمد بن سعود)
24 - الشيخ الدكتور عبدالوهاب بن ناصر الطريري. (الرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود)
25 - الشيخ الدكتور/ علي بن حسن عسيري. (أبها- جامعة الملك خالد)
26 - الشيخ الدكتور/ علي بن حسين موسى. (أبها- جامعة الملك خالد)
27 - الشيخ الدكتور/ علي بن عمر بادحدح. (جدة- جامعة الملك عبد العزيز)
28 - الشيخ الدكتور/ عوض بن محمد القرني. (أبها -محامي، أستاذ جامعي سابق)
29 - الشيخ الدكتور/ فيحان بن شالي المطيري. (المدينة المنورة - أستاذ في الجامعة الإسلامية سابقا).
30 - الشيخ الدكتور/ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك. (الأحساء- جامعة الملك فيصل)
31 - الشيخ الدكتور/ محمد بن موسى الشريف. (جدة- جامعة الملك عبدالعزيز)
32 - الشيخ الدكتور/ مسفر بن علي القحطاني. (الظهران- جامعة الملك فهد)
33 - الشيخ الدكتور/ مصطفى بن كرامة مخدوم. (الجامعة الإسلامية-المدينة المنورة)
34 - الشيخ الدكتور/ مناع بن محمد القرني. (أبها - جامعة الملك خالد)
35 - الشيخ الدكتور/ مهدي بن محمد الحكمي. (جيزان - كلية المعلمين)
36 - الشيخ الدكتور/ موسى بن محمد القرني. (محامي، أستاذ في الجامعة الإسلامية سابقا)
37 - الشيخ الدكتور/ هاني بن عبدالله الجبير. (قاضي بمحكمة جدة)
المصدر ( http://www.islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=42663)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[26 May 2005, 12:15 ص]ـ
بيان من الندوة العالمية للشباب الإسلامي حول تدنيس المحققين الأمريكيين للقرآن الكريم في معتقلات جوانتنامو
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد: فقد قال الله تعالى: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا, إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا, ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا} (الإسراء106ــ108) , وقد حفظ الله كتابه العزيز وأمر بتوقيره فقال تعالى: {إنه لقرآن كريم, في كتاب مكنون, لا يمسه إلا المطهرون, تنزيل من رب العالمين} (الواقعة 77ــ80) نقلت مجلة (نيوزويك) الأمريكية أن المحققين الأمريكيين في معتقلات جوانتنامو قد عمدوا إلى تدنيس نسخ من القرآن الكريم في إطار التعذيب النفسي للشباب المعتقلين هناك. وقد تواتر الخبر قبل ذلك بين الناس من خلال ما يتسرب من أحوال المعتقلين. وإن الندوة لتشكر مجلة (نيوزويك) على نشر الخبر على نحو يتسم بالمهنية والموضوعية.
وفي هذا المقام فإن الندوة العالمية للشباب الإسلامي تؤكد ما يلي:
(1) تشجب الندوة العالمية للشباب الإسلامي هذا العمل المشين لما فيه من عدوان على كتاب الله وإهانة لأكثر من مليار وثلث مسلم في العالم. (2) تدعو الندوة السلطات الأمريكية إلى أخذ الأمر بشكل جدي, والتحقيق فيه بإشراك أطراف دولية, ونشر ما يتوصل إليه التحقيق.
(3) تشدد الندوة على ضرورة حفظ كرامة المعتقلين وحرمة معتقداتهم, وسرعة إخراجهم أو تقديمهم إلى قضاء دولي عادل, فقد اختطفتهم القوات الأمريكية ظلما وعدوانا مخالِفة بذلك كل المواثيق والأعراف الدولية.
(4) تناشد الندوة الحكومات الإسلامية والمنظمات الأممية والإسلامية أن تتخذ خطوات عملية لوقف الممارسات الظالمة التي ترتكب ضد معتقدات الأمة ومرتكزاتها العقدية والحضارية بما في ذلك هذه الممارسة الشائنة.
(5) تدعو الندوة السلطات الأمريكية إلى رفع ما يتعرض له المسلمون ــ أفرادا ومؤسسات ــ من ظلم وسوء معاملة وريبة في داخل الولايات المتحدة من قبل بعض الدوائر الرسمية الأمريكية, وإلى معاملتهم باعتبارهم مواطنين ذوي حقوق كاملة وفقا للدستور الأمريكي.
(6) تدعو الندوة الحكومة الأمريكية إلى مراجعة سياساتها التي ثبت فشلها, مع عدم الانجراف مع التوجهات الصهيونية والمحافِظة التي أدت إلى تأجيج مشاعر الكراهية لدى الشعوب الأخرى ضد أمريكا وعزلها عن العالم, و قد تقود بعد ذلك إلى ممارسات مضادة غير منضبطة. والله غالب على أمره, وهو ــ سبحانه وتعالى ــ حسبنا ونعم الوكيل. الندوة العالمية للشباب الإسلامي الرياض
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 May 2005, 01:33 م]ـ
أخي الكريم د. عيسى
شكر الله لك هذه المبادرة الكريمة حيال ما حصل من محور الشر الأكبر في العالم، وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
كما أشكر اإخوة الذين تفاعلوا مع هذا قراءة أو كتابة، وأخص بذلك أخي عبد الرحم ن الشهري الذي جمع مادة مما كتبه بعض علماء المسلمين وكتابهم عن هذا الموضوع، وحقًّا إن هذا لمؤذن بنصر قريبٍ إن شاء الله، فإن الذي قدَّر هذا أعلم وأحكم وأحلم، وإنه مما لا يرضاه سبحانه البغي في الأرض، وإنه لا يخفى على ذي بصر؛ مسلمٍ أو كافرٍ أن هذه الدولة قد دخلت في نفق البغي، ولن تخرج منهم ـ إن شاء الله ـ إلا منهزمة ذليلة صاغرة، لكن على يد من؟
أسأل الله أن لا يجعلنا من المتولين الذين قال فيهم (وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا امثالكم).
ـ[سلسبيل]ــــــــ[11 Jun 2005, 01:15 م]ـ
مفكرة الإسلام: دعا الأكاديمي والناشط السياسي الفلسطيني الدكتور عبد الستار قاسم، الإعلاميين الفلسطينيين والعرب إلى التمسك بلغتهم العربية وعدم استخدام ألفاظ خاطئة في تقاريرهم الصحافية.
ونوّه قاسم المحاضر في جامعة النجاح الوطنية بنابلس في رسالةٍ بعثها لمجمع اللغة العربية؛ إلى أنّه يتم التداول خطأ لعبارة 'تدنيس القرآن الكريم'، مستدلاً بقوله تعالى: 'إنّه لقرآن مجيد، في لوح محفوظ'.
وقال: إن 'القرآن لا يدنّس إطلاقًا، ولا يستطيع الإنسان أنْ يطاله. الذي يُدنّس هو المصحف، أيْ الصحف المكتوب عليها الكلمات، أيْ أنّ التدنيس يطال الورق ولا يطال القرآن'، وفق ما نقله المركز الفلسطيني للإعلام.
كما أوضح قاسم أنّه يتمّ التداول الآن في وسائل الإعلام بأسماء الأشهر اللاتينية بدلاً من الأشهر السريانية، فيقال: سبتمبر بدلاً من أيلول وأكتوبر بدلاً من تشرين.
وقال الأكاديمي الفلسطيني: 'صحيح أنّ الأسماء السريانية متداولة في بلاد الشام والعراق، لكن المطلوب أنْ يتكيّف العرب مع لغتهم وليس مع لغة غيرهم، أيْ من المفروض أن ينقل أهل العرب الأسماء عن أبناء جلدتهم وليس عن الإنجليز'.
وختم قاسم رسالته بالقول: 'اللغة مرآة الفكر، وإذا كان للعرب أن يتجاوزوا اللغة فإنّ في ذلك ما يتضمّن اضمحلالاً فكريًا وتبعية للغير. إنّه من واجب مجمع اللغة العربية أنْ يبقى يقِظًا وفاعلاً، ومن واجب الإعلاميين أن لا ينساقوا تابعين للفكر واللغات الغربية'.
http://islammemo.cc/news/one_news.asp?IDnews=68696(/)
لمحاتٌ علميةٌ في القرآن الكريم للباحث محمد قرانيا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 May 2005, 07:43 ص]ـ
القرآن الكريم معمارٌ فريد متكامل. هو نسيجُ وحدِه، لغةً وأسلوباً وفكراً، وإيقاعاً. يتميّز برصفٍ للألفاظ يفجّر ما بداخلها من نغم، لا ينبع من حواشي الكلمات وأوزانها وفواصلها فحسب، وإنما من باطنها أيضاً، بأسلوبٍ محيّر معجزٍ، وبطريقةٍ تسلمنا إلى خشوعٍ وإدراك غامض، يضعنا في جوّ سحري آسرٍ، حتّى قبل أن ندرك كنهه "فإذا بدأنا نتأمل ونعقل ونحلل، ونعكف على الكلمات، فسوف تنفتح لنا كنوزٌ من المعاني والمعارف والأفكار، تحتاج إلى مجلداتٍ لشرحها" (1).
ونظراً لاتساع موضوع اللمحات العلمية، فإننا سنكتفي بإطلالاتٍ سريعةٍ على بعض اللمحات في الكتاب الكريم، آخذين بعين الاعتبار، أن القرآن كتابُ دينٍ وعقيدة وهداية، وليس كتابَ علمٍ أو فلسفةٍ، تكفي منه اللمحة والومضة والرمز والإشارةِ، عن الجزئيات والتفاصيل.
إن من أسرار القرآن الكريم، صلاحيتَه لكل مستويات التفكير الإنساني؛ فحوى إلى جانب الآيات المبسّطة المعاني، آياتٍ عاليةَ المستوى، يجد فيها الفقيه ما يفي ويفيض عن ثقافته الدينية، كما يجد فيها المفكّرُ العالم آياتٍ تقارب العلوم التجريبية، وتُرضي نوازعَ البحث والاستقصاء في نفسه، لأن البحث والاستيعاب، وربط الحقائق وتنظيمها في إطارٍ محدّد من النظريات والقوانين، هو من سمات رجل العلم الأصيل، "لهذا عندما يقرأ المفكّرُ القرآنَ، نجده يتوقّف عند آياتٍ معيّنةٍ لها جاذبيةٌ خاصة، ومعانٍ يرى فيها علماً قائماً بذاته" (2).
إن كثيراً من الآيات القرآنية تحتوي على تلميحاتٍ فيها عمومياتٌ تتيح للقارئ حريةَ التأمّل والتفكير، وهذا ما يؤكّد أن القرآن ليس كتابَ نظرياتٍ علمية، ولا يجوز ربطُ ما ورد فيه من الإشارات العلمية، بالكشوفات العلمية، كأن "نفصّل لبعض الآيات أثواباً من الاختراعات الحديثة" حتّى ندلّل فيها سعظمة القرآن، ولكن ذلك لا يمنع من الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية التي سبقت زمن الاكتشافات، والمعطيات العلمية المعاصرة.
لقد حضّ القرآن على العلم والمعرفة التي تؤدّي إلى الإيمان، الذي تتفاوت درجته بتفاوت درجة المعرفة: (إنما يخشى الله من عباده العلماءُ (. (فاطر ـ 28).
وكلٌّ من الإيمان والمعرفة، لا يتأتَّيان إلا بالنظر إلى جلال الخالق من خلال مخلوقاته ـ حيةً وميتةً ـ فالذي يدقّق بإمعانٍ أكثر، هو الذي يرى ويدرك بصورةٍ أدقّ وأعمق، ومن ثمّ فهو الذي يحظى بمرتبةٍ عاليةٍ من العبادة، لارتكازه على التفكير العلمي وليس على مجرّد الدعاء والتسبيح فحسب.
لقد ألحتِ الآيات العديدة على ضرورة التفكّر والتدبّر: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكّرون في خلق السموات والأرض (. (آل عمران ـ 191) لذا كان التفكير في صنع الله ـ إضافة إلى أنه عبادة ـ دعوةً لإعمال العقل، بغية الاستفادة من بديع صنع الخالق، والاشتغالِ بالبحث العلمي الذي يُمكّن من إدراك كنهِ بعض الأسرار الرائعة، التي يتوصّل إليها رجل العلم، قبل المتفقّه في الدين "ومن هنا قد يتجلّى لرجل العلم المغزى العظيم عندما يقرأ بإمعان (ربنا ما خلقت هذا باطلاً. سبحانك (. (آل عمران ـ 191) ومعنى الباطل: هو كل شيء لا يقوم على أساسٍ، ونحن لا نعرف عن طريق العلم التجريبي شيئاً في الكون قد قام على غير أساسٍ، من أول الذرة إلى السموات .. فلكل قوانينها العظيمة المتقنة، التي تاهت في أسرارها أعظم العقول" "لو كنتم تعلمون" (3).
إن القرآن الكريم رسالةُ السماء الأخيرة إلى الأرض، ارتضت أن يكون الإسلام دين الحياة، لا ينفصل عنها، ولا يتصادم معها، وإنما يتفاعل بها، ويحتضن كل جديدٍ، ما دامت غايته إصلاح البشرية، وسعادتها في ظلّ المبادئ والقيم التي ارتضاها خالق الخلق لتسيير الكون.
ولقد اقتضت الحكمة الإلهية ألا تتكشّف حقائقُ الوجود للناس دفعةً واحدةً، وإنما على مراحل. ممّا يوجب على الباحث التدقيق في كتاب الله المسطور، وكتابه المنظور. لأن من يظن أنه قد وصل إلى الحقيقة، لابدّ له من عرضها على ما جاء في كتاب الله .. فأهل اللغة يعلمون جيداً مقدارَ ما تحمله اللفظة، أو العبارة من أوجهٍ، وعلى ذلك قيل: إن معظم نصوص القرآن الكريم (ظنية الدلالة) تحتمل أكثر من معنى وإن كان قطعي الثبوت.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن العلوم الكونية، ومنها علوم الطب والصحة. لا تدخل ـ بصورةٍ مباشرةٍ في مهمات الرسالة السماوية ـ مع ورود إشارات لها في القرآن الكريم ـ لذا كان على الإنسان تطوير هذه العلوم، والارتقاء بها لتتماشى مع التوجيه القرآن غير المباشر، الذي يطلب من المرء الحفاظَ على جسده وصحته، ففي الآية القرآنية (وقرآن الفجر. إن قرآن الفجر كان مشهودا (. (الإسراء ـ 78) دعوةٌ للنهوض من النوم لتأدية صلاة الفجر، على الرغم ممّا في هذه الدعوة من تعكيرٍ للنوم، وحرمانٍ للجسم من أخذ كفايته من الراحة والسكينة، ولقد أثبتت الدراسات الطبية مقدار ما في النهوض المبكّر من فوائد صحية للجسم، لأن النوم المتواصل من شأنه أن يعرّض صاحبه للإصابة بأمراض القلب، وقد علّلت الدراسات ذلك بأن ثمّة مادة دهنيةً مذابةً في الدم تترسّب في جدران الشرايين التاجية القلبية، تعطّل وظيفة الشرايين في التغذية، وتُفقدها قابليات المرونة المطاطية، فلا تصلح لضخ كمياتٍ مناسبة من الدم اللازمة لتغذية أنسجة القلب العضلية، وينتج عن ذلك تضيّقٌ لمجرى الشرايين. لذلك تنبّه كثيرٌ من العلماء والمفكرين في الغرب إلى هذه المسألة التي نبّه إليها الإسلام، فحرصوا على النهوض من النوم بعد أربع ساعات، لإجراء بعض الحركات الرياضية، لمدة ربع ساعة، للحفاظ على طراوة الشرايين القلبية، ووقايتها بالحركة من الترسّبات الدهنية.
ولو عدنا إلى القرآن الكريم لوجدنا أنه قد "سبق الطب الحديث في اكتشاف هذه الظاهرة، والإشارة إليها، ووضع التدابير الصحية الرائعة عندما أوصى بالنهوض إلى صلاة التهجّد في الثلث الأخير من الليل ثمّ انتظار صلاة الفجر ... " (4) فحقق بذلك الفائدة الصحية، مع العبادة في النهوض إلى الصلاة، التي يتوجّه فيها المؤذن بالنداء الخالد: "الصلاة خيرٌ من النوم" وكأنه يثيرنا بالرياضة، ويغرينا بالعبادة، ويذكّرنا بأن العبادة رياضة، والرياضةَ صحةٌ وحياة، وإن الإنسان المعاصر ليستشعر أهمية هذه الرياضة الصباحية التي أكّدت الحقائق الطبية الحديثة نجاعتها وجدواها، ومن ثمّ الانطلاق للعمل في البكور بعد الصلاة فقال الرسول ([باكروا الغدوَ ـ أي الصباح ـ في طلب الرزق، فإن الغدو بركةٌ ونجاح] وقال أيضاً: "اللهم بارك لأمتي في بكورها "ورُويَ عن السيدة فاطمة رضي الله عنها أنها قالت" مرَّ بي رسول الله وأنا مضطجعة، فحرّكني، ثمّ قال: يا بُنية قومي اشهدي رزقَ ربك، ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس".
إن من ملامح الإعجاز البياني في القرآن الكريم مواكبة النصّ القرآني للمكتشفات العلمية، ومطابقته للظواهر المكتشفة، من ذلك مثلاً ما ورد في (سورة الطارق ـ 11) من قوله تعالى
(والسماء ذاتِ الرجع، والأرض ذات الصدع (إذ فسّر المفسرون الأوائل" رجعَ السماء" بأنه المطر. أمّا اليوم فقد أصبحنا نعرف للسماء صوراً أخرى كثيرةً للرجع، منها رجع الموجات الكهرومغنطيسية التي تنقل لنا موجات المذياع والتلفاز واللاسلكي وغيره، وأيضاً رجع الغلاف الجوي للأشعة الكونية، والأشعة الشمسية، لحماية الأرض والأحياء من تلك الأشعة القاتلة.
وأما "صدع الأرض" فقد فسّروها في القديم بتصدّع التربة عن البذرة، لتخرج منها النبتة، أمّا اليوم، فقد بتنا نعرف صدوعاً أخرى للأرض، ربما كانت أهمَّ من تلك الصدوع التي يخرج أنه المطر. أنا اليوم فقد أصبحنا نعرف للسماء صوراً أخرى كثيرةً للرجع، منهامنها النبات، ألا وهي تلك الصدوع العميقة، التي تمتدّ في قيعان المحيطات والبحار، وتتفتّق عن براكينَ وحممٍ عظيمةٍ من باطن الأرض، لتحمي الكرةَ الأرضية من انفجارٍ، لو لم تكن فيها تلك الصدوع.
وهكذا نجد أن اللفظ القرآني، لاسيما ما يتعلّق منه بالظواهر الكونية، قابلٌ لتجديد فهمه على مرّ العصور، وفقاً لما يكتشفه العلم من حقائق جديدة" (5).
ـ ولكن. كيف يتم النظر إلى اللمحة العلمية القرآنية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن ما يُطلق عليه التفسير العلمي للقرآن بدعوى (العلمية) لونٌ من ألوان الاجتهاد، لتفسير القرآن بالعلم، بغية تأكيد العظمة الحقيقية للإعجاز المفحم في القرآن الكريم، إضافة إلى أنه كتاب عقيدة وتشريع محكم الآيات، متسق الصياغة، مطّرد الدلالة، لا تناقض فيه ولا اضطراب، ولا اختلاف، لأنه من عند الله (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً (. (النساء ـ 82).
ولقد ظهرت النزعة (العلمية) منذ قرون. إذ أُخضعت الكثير من الآيات القرآنية لبعض معارف العلم الطبيعي المستحدثة، وقد انطلق أصحابها من فحوى الآية القرآنية: (ما فرطنا في الكتاب من شيء (. (الأنعام ـ 38) واستوحوا منها احتواء القرآن على جميع العلوم والمعارف جملةً وتفصيلاً، ولم يكتفوا باحتوائه على أصول وضوابط عامة (كليات) يعمل الناس وفق هديها، وإنما تركوا فيها الباب مفتوحاً للمجتهدين والمشتغلين بالعلوم، يدرسون تفاصيلها وفق مقتضيات الزمان الذي يعيشون فيه، والمكان الذي يسعون فوقه.
لقد ابتدأت نزعة التفسير العلمية منذ العصر العباسي حين ظهرت محاولات للتوفيق بين القرآن وما جدَّ في العصر من علوم، اهتمّ بها كثيرون، من بينهم "الغزالي" الذي قال في كتابه (إحياء علوم الدين) إن "القرآن يحوي سبعةً وسبعين ألف علم ومائتي علم. إذ كل كلمةٍ علمٌ ثمّ يتضاعف ذلك إلى أربعة أضعاف. إذ لكل كلمة ظاهرٌ وباطن، وحدٌّ ومطلع" ثمّ يقول: "إن كل ما أشكل فهمه على النظّار، واختلف فيه الخلائق في النظريات والمعقولات في القرآن إليه، رموزٌ ودلالات عليه، يختصّ أهل الفهم بإدراكها".
وظهرت مثل هذه المحاولات لدى "الفخر الرازي" ضمن تفسيره للقرآن، ثمّ تعدّدت بعد ذلك الكتب المستقلة التي تناولت الظواهر العلمية، التي استدلّ بها أصحابها على النصوص القرآنية، في الوقت الذي اندفع فيه أصحاب هذه النزعة باتجاه الثقافة الأجنبية التي هبّت على الأمة الإسلامية، فظهرت نزعات فلسفية صوفية في التفسير، متأثرة بالثقافتين الهندية واليونانية، منذ منتصف القرن الثاني الهجري، وعرف الناس التفسير الصوفي النظري، والتفسير الإشاري الفيضي. لكنّ عدداً من الفقهاء رأوا فيها خروجاً عن العقيدة السليمة.
إن من المسلّم به علمياً وجود فروق بين كل من الفرضية والنظرية والقانون "فالقانون علاقة محددة تربط برباط الضرورة بين الظواهر أو بين عناصرها. أمّا النظرية، فإنها صياغة (عمومية) لتفسير أسباب الظواهر، وكيفية حدوثها، في حين أن الفرضية تفسير أولي للظواهر، يقوم على التخمين والمعقولية، ولو لم يمكن إثباته. فالنظرية والفرضية كلتاهما إذن قابلةٌ للتعدّد، وقابلةٌ للتغيير أيضاً، ومن ثمّ فإن في تفسير القرآن بهما تعويضاً له هو أيضاً قابلاً للتعدّد والتبديل" (6). وهذا مستحيل!.
لقد وقف أحد العلماء المعاصرين عند الآية القرآنية (إن الله فالق الحب والنوى. يخرج الحيّ من الميت، ومخرج الميت من الحيّ (. (الأنعام ـ 95) وأعمل الفكر في المعنيين الظاهر والباطن اللذين أشار إليهما (الغزالي) في إحياء علوم الدين، فوجد أن المعنى الظاهر يتجلّى في هيمنة القدرة الإلهية على مصير الحبة الجافة، والنواة الساكنة، فيهب كليهما الحياة، وتنشقّ كلّ منهما عن جنين أو بادرةٍ صغيرةٍ فيها حياةٌ بعد سكون، فنراها وقد ارتفع ساقها إلى الشمس والهواء، واتجه جذرها إلى الأرض باحثاً عن عناصر الغذاء.
هذا المعنى الظاهر، مع صلاحه لإثارة مكامن الفكر عند الإنسان العادي، وتوضيح عظمة الله فيما خلق، وبيان كيف أن الحبة، أو النواة تنفلق، وتنشقّ عن شجرةٍ كبيرة، فإن المعنى الباطن الذي يراه رجل العلم في قوله تعالى: (فالق الحب والنوى (يقوم على نظرياتٍ وقوانين وعلوم فيزيائية وكيميائية وبيولوجية تملأ الصفحات الطويلة من الكتب، ويمكن لنا إيجازها بشيء من التبسيط، بالقول: "إن لكل شيءٍ في الكون مركزاً أو نواةً، ولا يقتصر هذا على نظرتنا القاصرة في نواة البلح أو نواة أي ثمرة أخرى، ولكننا نرى فيها صوراً رائعة نستطيع أن ننهل من مواردها الكثير. ثمّ إذا بنا في النهاية نرى وحدانية الخالق تتجلّى لنا في وحده خلقه، من أصغر الأشياء إلى أكبرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فللذرة نواةٌ تتوسّطها، وتسيطر على شخصيتها لأنها هي الأساس وقد تنشطر النواة، أو تنفلق ثمّ تلتحم، ومن الخطأ القول إن الإنسان هو الذي قام بشطر نواة الذرّة ليستخرج منها الطاقة الذرية، ولكن هذه العملية موجودةٌ قبل ظهور الإنسان على الأرض بملايين السنين، وهو الأساس الذي تقوم عليه حياة الشمس منذ الأزل، فحياة الشمس تعتمد على عملية الانفلاق والالتحام بنوى ذراتها، وهو ما يعبّر عنه بالطاقة النووية الشمسية، ولو توقّفت، لانتهت الحياة" ولا لزوم للدخول في التفاصيل المعقّدة، ولكن لابدّ أيضاً من التساؤل. هل "الحب والنوى" القرآني هو "النوى النووية" عند علماء الذرة؟ (7).
يجيب العلم بأنه لا يمكن التأكيد والجزم، ولكن يكفي القول: إن كثيراً من الآيات القرآنية قد جاءت مكتفية بالإشارة والتلميح من دون الإسهاب والتوضيح. ذلك أن القرآن ـ كما قلنا ـ كناب عقيدةٍ سماويةٍ في المقام الأول، وليس من المعقول أن يتعرّض لجميع الأسرار العلمية .. والمثير في المسألة أن (النوى) رأى المفسّرون فيها أنها تخاطب العرب الأوائل في جزيرتهم، لأن القرآن نزل على أعراب ليس لهم معرفة أو دراية بغير ما يحيط بهم من نخل ورمل وإبلٍ ومرعى، وسوى ذلك من الموجودات الطبيعية التي عرفتها الصحراء والواحات، و"نوى التمر" تناسب تفكيرهم.
كما أن (النوى) والنواة، تناسب تفكير الإنسان في القرن العشرين وما بعده، فلقد تركت الآية دون تحديد، ومع ذلك فإن الإنسان يستطيع أن يحدّد معناها بقدر ما يحمل من فكر علمي، والآية القرآنية (فالق الحب والنوى) ستظلّ كغيرها في كتاب الله تناسب الإنسان العادي، والمزارع، والفقيه، ورجل العلم. ينهل كل منهم من أسرارها على حسب وعيه وتفكيره، لأن سرّ الإعجاز القرآني صلاحيته لكل مستويات التفكير الإنساني، في كل مكان ولكل زمان.
لقد توقّف أحد المفسرين المعاصرين عند الآية الكريمة (أولم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض، كانتا رتقاً ففتقناهما (. (الأنبياء ـ 30) ونظر إليها نظرةً علميةً، فرأى فيها "إحدى الفرضيات البشرية التي تبحث في أصل الكون، وتزعم أنه بدأ في صورة غازٍ وأتربةٍ، ودخانٍ يملأ الفضاء، وينتشر فيه، ثمّ راح يتكدس في بؤراتٍ تحت تأثير الدوامات والجاذبية، ليكوّن الأجرام السماوية في الكواكب التي نراها، وهذا يعني أن الأرض والسماء كانتا متصلتين ثمّ فصل الله بينهما" (8) وفي ذلك تمحّلٌ لا مسوغٌ له، يضع النصّ القرآني تحت رحمة الفرضية، أو يُخضع الفرضية لفحوى النصّ الكريم، وهذا من شأنه أن يوقع الإنسان في مغالطاتٍ، نجد مثلها لدى من يقف عند الآيات التي تحفل بألفاظ الشمس والقمر والنجوم والجبال والمعادن، فيقرّر أن القرآن الكريم يتحدّث عن علم الفلك والجيولوجيا، كما يقرر عندما يتعرّض لذكر السحاب والمطر والرياح أن القرآن يتحدّث عن علوم الرصد الجوي والهندسة الزراعية، وعلم الحيوان، والتغذية وأنظمة الري، وقد علّق أحد المفسرين على آيات سورة الغاشية (17 ـ 20): (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت (قائلاً: "وهذه هي علوم الأحياء والفلك والجغرافيا كما نعرفها الآن" (9).
ووجد بعضهم أن مشاهد يوم القيامة في القرآن الكريم التي تتعطّل فيها النواميس، وتبدو الجبال من شدّة الهول (تمر مرَّ السحاب (. (النمل ـ 88) هذه المشاهد هي دليل على النظرية التي تثبت كروية الأرض ودورانها، وأن قوله تعالى: (الذي رفع السمواتِ بغير عمدٍ ترونها (. (الرعد ـ 2) يفيد بأن قوى الطرد المركزي، وقوى الجاذبية، هي الأعمدة التي ترفع السماء فوقنا، وهذا تفسير للنصّ يصرفه عن الدلالة المباشرة.
وربط العلماء بين الحركة الفلكية، وما ورد عن (القمر) الذي ذُكر في القرآن الكريم أكثر من ثلاثين مرةً، واستدلّوا من المفسّرين على عناية التنزيل بهذا الكوكب الرائع، الذي خصّه الله بسورةٍ في كتابه العزيز، وقد كرّر القسم به (كلا والقمر (. (المدثر ـ 32) و (القمر إذا اتسق (. (الانشقاق ـ 18) أي أن الله تعالى ينبّه عباده دائماً بأنه يذكر في القسم أنواعَ مخلوقاته، المتضمنة للمنافع العظيمة، حتّى يتأمّل المكلّف فيها، ويشكره عليها، لأن الشيء الذي يقسم الله به يحصل له وقع في القلب، فتكون الدواعي إلى تأمّله وتدبّره أقوى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم يقتصر حديث القرآن عن هذا الجرم السماوي على التذكير بنعمة الله، أو الحضّ على التفكير والتدبّر، وإنما قدّم كثيراً من الإشارات والرموز واللمحات التي تهدي إلى أضواء من العلم والمعرفة فيما يتعلّق بنظام الكون وأسراره، ففي قوله تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياءً، والقمر نوراً، وقدّره منازل، لتعلموا عدد السنين والحساب (. (يونس ـ 5) تحدّثت النظرية العلمية عن سرعة الضوء، وانتشار النور، مؤكّدة أن الضوء أقوى من النور وأبلغ منه، وأثبتت النظرية أن الآية نسبت الضياء إلى الشمس، في حين نسبت النور إلى القمر، لأن الشمس أقوى من القمر، وقال أهل التفسير: "إن الضوء ما كان بالذات كالشمس والنار، وأما النور فيكون بالعَرَض والاكتساب من غيره".
وقد ذكرت الآية أن الله قدّر القمر (منازل) أي مقادير معيّنة مخصوصة، فجعل له أماكن للنزول، أو قدّر سيره في فلكه، وللقمر ثمانية وعشرون منزلاً، ينزل كل ليلة في واحد منها، بنظام دائب لا يضطرب، وهو يحتجب عن الرؤية ليلةً أو ليلتين كل شهر، فيغيب ليلةً واحدةً إذا كان الشهر القمري تسعةً وعشرين يوماً، ويغيب ليلتين إذا كان الشهر ثلاثين "وثبت بالعلم أن القمر جسمٌ كرويٌ مظلمٌ، ولكن أشعة الشمس تضيء نصفه المقابل لها، ويتغيّر الجسم المستضيئ من القمر، من يومٍ لآخر في الحجم والشكل، منذ أول يوم حتّى نهاية الشهر القمري.
وتتوافق النظرية العلمية مع كلام الله الأزلي، في الحكمة في تقدير الله منازل القمر، التي تتجلّى في ضبط التوقيت الزمني لكل من اليوم والشهر والسنة والدهر، ومن وراء هذا الضبط، تكمن العبرة القرآنية، والحكمة الإلهية التي تهدف من جملة ما تهدف إلى تنظيم حياة البشر من عباداتٍ ومعاملاتٍ مدنيةٍ واقتصادية.
لقد أثبت العلم أن ضوء الشمس ذاتي، وأن نور القمر مستمدٌ منها لقوله تعالى: (تبارك الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً، وقمراً منيراً (. (الفرقان ـ 61) والمراد بالسراج هنا الشمس بدليل قوله تعالى: (وجعل القمر فيهن نوراً، وجعل الشمس سراجاً (. (نوح ـ 71) أي إنه ضوءٌ منبعثٌ من ذات الشيء، وهذا ينطبق على الطاقة الحرارية المضيئة في الشمس، وأما القمر فهو نورٌ أو منير، أي ينير بوساطة الإشعاع الشمسي المنبعث من طاقتها التي تسقط على القمر فتنيره، وكأن كلمتي السراج والنور تشيران إلى أن الشمس هي مصدر الطاقة الحرارية، وهذا ما يقرره العلم" (10).
ورأى علماء الفلك في الشمس والقمر أن قول الله فيهما: (كلّ يجري لأجلٍ مسمى (. (الرعد ـ 2) يتفق مع وظيفتيهما في النظرية العلمية في مدار حساب الأيام، لأن الله (يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل (. (لقمان ـ 29) وهذا يعني أن الله ينقص من زمن الليل بقدر ما يزيد من النهار، وينقص من زمن النهار بقدر ما يزيد في زمن الليل (وسخر الشمس والقمر (. (فاطر ـ 13) (العنكبوت ـ 61) لمصلحة البشر، وأخضعهما لنظام دقيق بديع، حيث يجري كل منهما في فلك معين لا يحيد عنه، ويستمرّ ذلك حتّى يرث الله الأرض ومن عليها.
واللمحات العلمية القرآنية، التي يعارض كثيرون في تحميلها خواصّ النظريات العلمية، لا تعدم وجود أناس يتبنّون رؤيتها بما يتلاءم مع معطيات العلم الحديث، ورأى بعضهم أن قوله تعالى:
(يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلقٍ في ظلماتٍٍ ثلاث (يخالف ما جاء في تفسير القرطبي عن الظلمات الثلاث التي حددها في ظلمة المشيمة والرحم، وبطن الأم، بينما رأوا أن النظرية العلمية الحديثة تتفق مع تفسير أبي عبيدة (معمَر بن المثنى) الذي حدّدها بظلمة بطن الأم، وظلمة الرحم، وظلمة صلب الرجل (الخصية) ورأى أحد المشتغلين بعلم الأجنّة أن في قوله تعالى (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً (دليلاً على نشأة الإنسان في بطن أمه عند التقاء البويضة الناضجة المنطلقة من مبيض الأم، بالنطفة الذكَرية المنطلقة من صلب الرجل، حيث يشكّل الاثنان مشيماً يدعى طبياً (الزيجوت) أو (البويضة الملقحة) ويتمّ هذا الالتحام في العادة في الثلث الأخير من النفير، ممثلاً بداية النشأة. تبدأ بعدها حوادث الانقسام الخلوي بقصد التكاثر والتخصّص، فتتشكّل المشيمة من هذه الخلايا وتدعى (المرحلة التويتية) التي تصل إلى جسم الرحم بعد أسبوع من التخلّق، فتجده متأهباً ببطانته لاستقبالها، وضمّها بين حناياه، فتنغرس فيه،
(يُتْبَعُ)
(/)
وتتابع الانقسام الخلوي، وتخصّص هذه الخلايا في تشكيل الأعضاء والحواس للجنين، حتّى يكتمل خلقه، وحواسه وعيشه، في المرحلة التالية، بعد خروجه من الرحم، مصداقاً لقوله تعالى (قل هو الذي أنشأكم، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون (. (الملك ـ 23) وبذلك تكون الظلمة الأولى، ثمّ تتبعها ظلمة المبيض الثانية، فظلمة الصلب الثالثة، ولكل واحدة من الظلمات الثلاث شرحٌ وقف عنده علماء الطب والتشريح، وقد علّق أحد العلماء على (الظلمة) القرآنية، التي خلقها الله (البصير) معللاً الحكمة من الظلمة تعليلاً علمياً، ووجد في ذلك قدرةً إلهية، لأن الخلايا الابتدائية لا تعيش في النور.
ولدى الوقوف العلمي أمام الآية الكريمة (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثمّ جعلناه نطفةً في قرار مكين، ثمّ خلقنا النطفة علقةً، فخلقنا العلقة مضغةً، فخلقنا المضغة عظاماً، فكسونا العظام لحماً، ثمّ أنشأناه خلقاً آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين (. (المؤمنون 12ـ 14) رأى أحد الباحثين، أن نظرية الخلق تتجسّد كاملة في هذه الآيات الكريمة، حيث ثبت بالتحليل المخبري والمراقبة الدقيقة العلمية المتطورة، في النصف الثاني من القرن العشرين، أن أطوار تشكّل الجنين تتمَّ بدقةٍ متناهية حسب معطيات النصّ القرآني.
....
وفي عالم الحيوان ...
عندما توقّف العلماء عند قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم (. (الأنعام ـ 38) وجدوا أن عالم الحيوان مماثل للعالم الإنساني، وأثبتت المراقبة للتجربة العلمية أن الإنسان الذي تخصّص بالعلوم العقلية، وابتكر المخترعات التي يقذف بها كل يوم إلى العالم ليجعل الحياة أكثر سعادةً، وأيسر متناولاً، قد سبقه فيها الحيوان إلى الابتكار والاختراع، فالنملة على صغر حجمها تبني مملكتها وفق أصول علميةٍ، وتقنيةٍ متطوّرة، تضاهي أكثر النظريات العلمية حداثةً وتطوّراً، فالنمل الأبيض الذي يعيش في الصحراء الأفريقية، قدّم للعلماء أفكاراً رائعة أثارت دهشتهم، ودفعتهم للبحث عن الوسائل التي تجعل المدنية المعاصرة ترفل بالرفاهية التي يرفل بها النمل في مملكته، هذه المملكة المغلقة التي كيّفها حسب متطلّبات العيش الآمن السعيد، فهي محصنة تحت الأرض بأكثر من مترٍ في العمق، وقد اخترع فيها وسائل خاصّةً تحقّق لها الرطوبة الدائمة التي لا تنقص ولا تزيد عن الدرجتين 98% ـ 99% مهما كان الجو في الخارج جافاً أو بارداً. إذ يعمد النمل إلى حفر خنادق يصنع داخلها ما يشبه الأنابيب التي تتغلغل في جوف الأرض إلى أكثر من أربعين متراً، حتّى تصل إلى مستوى الماء الجوفي، حيث تتبخّر منه الرطوبة، وتنتشر عبر الأنابيب، حتّى تصل إلى ردهات المملكة وغرفها، والشيء المثير في التمديدات أن المسالك التي أُعدّت لهذا الغرض، هي متممات أجهزة التكييف المتطوّرة التي أوجد لها النمل نظاماً فريداً لاستمرار تهوية مملكته الرطبة المغلقة، والتي تحتاج ـ على الدوام ـ إلى الأوكسجين اللازم للتنفس والعيش، فالنمل كالإنسان يأخذ الأوكسجين اللازم للتنفس والعيش، ويطرح ثاني أوكسيد الكربون، ولو أن الغاز المطروح قد اجتمع في المملكة لأدّى إلى اختناق النمل وهلاك جنسه، وقد أثبت العلم أن كل مليوني نملة، تحتاج إلى ربع مليون سنتمتر مكعب من الأوكسجين النقي "لكن الذي حيّر العلماء، وأثار دهشتهم أن هذه الحشرات تحيط ممالكها بأسوار سميكةٍ ومنيعةٍ، ولهذا فمن الصعب تحطيمها بالوسائل التقليدية، لأن مواد بنائها قد اختيرت بحكمة لتصبح صلبةً متينةً ـ مقاومة ـ ولا يستطيع الإنسان أن يهدمها إلا بالديناميت" (11)، وكأن بُناة هذه المملكة قد درسوا خواصّ موادّ البناء، وميكانيكية الرتبة كما يدرسها المهندس المعماري أو المدني، وقد أثبت العلم أن النمل قد عرف شيئاً عن مبادئ الجيولوجيا، أو علم طبقات الأرض، فاستخدم لبناء مملكته طبقةً خاصةً من الطين، تُحمَل من قبل (الشغّالات) حصراً، وهي جماعةٌ من النمل متخصّصةً بجرّ الأثقال وحملها، ثمّ يأتي (البناؤون) ليقوموا بدورهم بتسليح الطين، وذلك بإحضار موادّ بنائية تالفة، يختارونها بكفاءةٍ تخصّصية نادرة، ويخلطونها باللعاب، ويمزجونها بالطين، ثمّ يصبّونها في ما يشبه القوالب الصغيرة التي تناسب عالم النمل، ويبدؤون البناء قطعةً قطعة، تغدو
(يُتْبَعُ)
(/)
بعدها المملكة صالحة للسكن المريح، ولها من المقاومة صلابة الإسمنت المسلح، تعمّر مئات السنين من دون أن تؤثّر فيها عوامل المناخ. من تعريةٍ أو تمدّد، كما أنها مقاومة للزلازل.
ولا تزال أنظمة الرطوبة والتهوية في المملكة تحيّر العلماء وتذهلهم بتصميمها الهندسي البديع، الذي اتّبعت فيه قواعد علمية عالية، كظاهرة البروز الخارجية التي تعدّ بمنزلة (الرئة) التي يتبادل النمل عن طريقها الغازات، إذ توجد في كل بروزٍ ستة أنابيب ضيفةٍ تمتدّ من أعلى المملكة إلى أسفلها، ثمّ تتفرّع تفرعات جانبية أصغر، كما تتفرّع القصيبات الهوائية داخل رئة الإنسان، ويعمل النمل على تغطية فتحات الأنابيب العلوية الخارجية بطبقات رقية جداً. تسمح بتبادل الغازين المطروح والمستورد؛ بأسلوب يتماثل ويتشابه مع الأساليب العلمية الهندسية التي تدرس هذه الأيام في الجامعات، وهذا يعني أن مهندسي مملكة النمل قد صمّموا عماراتهم لمئات السنين بمعايير دقيقةٍ، وبمواصفاتٍ عاليةٍ. بغية الحفاظ على التوازن داخل المملكة بنسبٍ لا يعتريها الخلل أو الخطأ أو الفوضى.
والشيء الذي أثار دهشة العلماء أيضاً في تصميم بيوت المملكة، كيفية اهتداء النمل إلى حمايتها من عوامل المناخ، بحيث لا تؤثّر عليها الأمطار، فقد صمم النملُ لكل بيت سقيفةً تسيل المياه من فوقها، ولا تتسرّب إلى داخل البيت حتّى لا تختلّ موازين الرطوبة، ودرجات الحرارة، وأنظمة التهوية، ومعايير مخازن الحبوب، وقد لا نستغرب إذا علمنا أن موقع المملكة يُختار أيضاً بعنايةٍ فائقة، بحيث يكون بمنأى عن مسالك تيارات الرياح، وبعيداً عن مجاري السيول التي يمكن أن يصيب ضررُها مساكن الإنسان، ولكنه لا يستطيع التأثير على بيوت النمل.
وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن قوة البيت وصلابته، ودقة تصميمه قد تجلّت في مواقف النمل من النبي سليمان عليه السلام حينما خاطبت نملةٌ قومها (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمانُ وجنودهُ (. (النمل ـ 18) هذا الموقف الذي يؤكد تحصين المملكة، وقد أدركت النملة عندما يكون قومها في الداخل فإنها تأمن معهم من بطش الجيش الجرار، وأن الجيش الجرار الذي يمرّ فوقها لا يؤثر على بيوتها، فلا تخشى من أن تهدم البيوت فوقها. لأنها تعلم جيّداً مدى إمكانية مقاومة البناء الذي تدخله بأمان، وتعيش فيه بغير خوف.
إن أبعاد هذه المملكة التي تكاد تكون مملكةً سحرية، على الرغم من واقعيتها، لا تزال تثير التساؤلات، فكيف اهتدت النملة إلى كل ذلك؟.
قد يجيب أحدنا بأنها الغريزة، لكنّ آخر قد يردّ بأن الغريزة لفظٌ بديلٌ لجهلنا الإنساني بما هو كائن، وما كان، وما سيكون، فالتكنولوجية النملية البدائية التي صممت طراز بنائها العمراني الفريد، وتكيّفت داخل مملكتها مع وسائل العيش برفاهية منقطعة النظير قياساً إلى رفاهية البشر، جديرة بأن تثير في العقل البشري حوافز التفكر والتدبّر، وتدفع صاحبه للبحث الجاد، والاستنباط المجدي للوصول إلى ابتكاراتٍ من شأنها أن تخدم البحث العلمي، ثمّ إنها حقيقةٌ علمية، فالمملكة عالم حيٌ متوازن، لا يتعطّل، ولا يفسد، ولا يحتاج إلى قطع غيار مستوردة، ولا إلى أعمال متخصّصين في الخارج، كما لا يحتاج إلى عملات صعبة، أو سوقٍ سوداء، وليس فيه وساطات ولا هدر، ولا غشٌّ ولا تزوير، ولا رشوة ولا تآمر، ولا اقتتال على منصب، أو تنافس على موقع مسؤولية.
ولكن: هل مملكة النمل هي الوحيدة المتقنة الصنع بين بيوت الحيوان؟ أم أن ثمّة بيوتاً أخرى جيدة الإتقان. محكمة النسج. يرفل فيها الحيوان بالحياة الملائمة؟.
أجل. هناك بيوت النحل التي جعلت الخلية مملكةً كاملة بنظامها العجيب المدهش، وهناك بيوت العنكبوت، التي مثّل لها الخالق بحال من اتخذ من دونه ولياً في الآية الكريمة (مثل الذين اتخذوا من دونه الله أولياء، كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهنَ البيوت لبيتُ العنكبوت لو كانوا يعلمون (. (العنكبوت ـ 41) وقد كشف العلم الحديث متانة خيوط العنكبوت قياساً إلى مثيلها من خيوط الحرير، فأين هو الوهن ما دامت الخيوط قويةً متناسقة النسج؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد ردّت الدراسات (الوهن) في هذا البيت إلى خللٍ في نظام الأسرة العنكبوتية، وليس إلى بيت السكن، لأن العلاقات في هذا البيت متفكّكة، متقطعة الأواصر والصلات، ووقف الباحثون عند المفردة القرآنية (اتخذت) حيث أُلحقت تاء التأنيث بالفعل اتخذ، ممّا يدلّ على أن الأنثى هي التي صنعت البيت، وليس الذكر، وهذا يشير إلى قوة الأنثى وضعف ذكرها، وتلك حقيقة بيولوجية لم تكن معروفةً من قبل .. وقد أثبتت الدراسات تربّع الأنثى على عرش بيتها العنكبوتي، وإحكام سطوتها على من يدخله، حيث تعيش فيه طاغية قاتلةً لا يعرف عالمُ الحيوان مثيلاً لها في البطش والإرهاب".
فلماذا يقول جلّ شأنه: (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت (؟ ولماذا يختم بعبارة "لو كانوا يعلمون"؟ لابدّ أن هناك سراً، والواقع أن هناك سرّاً بيولوجياً كشف العلم عنه فيما كشف لنا مؤخراً، فالحقيقة أن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم من أمانٍ وسكينة وطمأنينة.
فالعنكبوت الأنثى تقتل ذَكَرها بعد أن يُلقّحها ثمّ تأكله.
ولهذا ـ يتنبّه الذكر إلى مصيره ـ فيعمد ـ غالباً ـ إلى الفرار بجلده بعد أن يلقّح أنثاه، ولا يحاول أن يضع قدمه في بيتها ثانيةً.
وتغزل أنثى العنكبوت بيتها ليكون فخاً وكميناً ومقتلاً لكل حشرة صغيرة، تفكّر في الاقتراب منه.
وكل من يدخل البيت من زوار وضيوف يُقتل ويُلتهم.
إنه ليس بيتاً إذن، بل مسلخ، ومذبحةٌ يخيّم عليها الخوف والتربّص.
وإنه لأوهن البيوت، لمن يحاول أن يتخذ منه ملجأً، و"الوهن ـ هنا ـ كلمة عربيةٌ تعبّر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة، وهذا من شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه ملاذاً ومعيناً" (12). وصدق الله، إذ قرر بأن (أوهن البيوت لبيت العنكبوت (بيتٌ لا يقوم على الحبّ والتعاون والتفاهم، وإنما هو بيت متفكك واهنٌ يقوم على البطش والفتك والهلاك.
....
وفي الإنسان أيضاً ...
يقول الله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنه الحق (. (فصلت ـ 53) وبالإشارة إلى الأنفس، ينبّه القرآن الكريم إلى الأسرار التي يختزنها الجسم الإنساني، والتي سيكتشفها أهل العلم في المستقبل و"سين الاستقبال" في لفظ "نريهم" دليل على ذلك، كما أن لفظ "آياتنا" يشير ـ كما قال بعضهم ـ إلى "عجائب خلق الله، وجمعت كلمتا "الآفاق والأنفس" علوم الكون وعلوم الطب وفيزيولوجية الجسم البشري".
ومن الآيات التي وقفت عند وظائف أعضاء الجسم، والحكمة من خلقها على هذه الشاكلة، قوله تعالى: (ألم نجعل له عينين، ولساناً وشفتين (. (البلد ـ 8 و9) وقد وجد علماء العصر الحديث أن التركيز على العينين، وربطهما باللسان والشفتين، جوهر الحكمة الإلهية، "لأن النظر بعينٍ واحدةٍ يرى منها الإنسان الأشياء في صورةٍ تختلف عمّا يراها عليه في كلتا العينين، والنظر بكلتا العينين يُعطي الأشياء تجسيماً وروعةً ووضوحاً لا يحققه النظر بعين واحدةٍ. واشتراك العينين معاً في رؤية الأشياء، يشكّل جهازاً خاصاً، ومهماً في الرؤية، ويوضّح هذه الحقيقة عدم استعمال العينين في آن واحدٍ بالنظر إلى الأشياء بالناظور فإنك ستحرم من كثير من روعة النظر المجسم وهيبة المنظر، وجمال المنظورات، وتناسق أجزائها وألوانها. قال "عينين" ولم يقل "أذنين" لأن الإنسان إذا ما فقد السمع بإحدى أذنيه استطاع أن يسمع بإذنٍ واحدة من دون أن يؤثّر ذلك في عملية السمع، أو يحدث خللاً أو اضطراباً، أو تغييراً في سماع الموجات الصوتية، والنبرات والنغمات، وتحسس درجاتها، أو اتجاهاتها، أو أنواعها، أو التلذّذ والتمتع بها.
أمّا قوله تعالى: (ولساناً وشفتين (فإن الجهاز الذي يصنع الكلام البشري بقدرة الله ليس اللسان وحده، لأن جهاز صنع الكلام يتركّب من عضوين رئيسيين هما "اللسان والشفتان" لأن الكلام يتكوّن من كلماتٍ، والكلمة تتركّب من حروف، وإن كل حرف يصنعه بقدرة الله، إما اللسان، وإما الشفتان، فإنْ نطقَ الإنسانُ بكلمة (زارَ) تحرّك اللسان وحده، ليصنع هذه الحروف الثلاثة، ويستطيع أن ينطق بها لو كان الناطق لا يملك شفتين. أمّا إذا أراد أن ينطق لفظ (باب) فإن الشفتين وحدهما ستتحرّكان لتصنعا هذه الحروف، من دون أن يشترك اللسان في صناعتها، ويستطيع الناطق أن يتلفّظ بها ولو كان لا يملك لساناً، فجهاز صناعة أصوات الحروف لتشكيل الكلمة،
(يُتْبَعُ)
(/)
وتركيب الجملة المفيدة بعد ذلك، هما اللسان والشفتان، ولكل منهما وظيفة مستقلة في تركيب أصوات الحروف الخاصة بكل منهما على انفرادٍ، ولا يشترك أحدهما في وظيفة الآخر، أو يتدخّل في واجب صاحبه، بل ولا يستطيع أحدهما أن يصنع حرفاً واحداً هو ليس من اختصاصه، فاللسان مجرّداً من الشفتين عاجزٌ عن لفظ كلمة (باب) والشفتان وحدهما من دون اللسان عاجزتان عن لفظ كلمة (زار) .. وهكذا فإن الكلمة المركّبة من حروفٍ متنوعةٍ في كلمة (زُبُر) لا يمكن لفظها إلا باشتراك اللسان والشفتين في صناعتهما في آن واحد، وجنباً إلى جنب، وكل منها يؤازر الآخر، فكلام الإنسان الذي يتكوّن من آلاف الكلمات والجمل والسطور، لا يمكن له أن يتمّ إلا إذا اجتمع اللسان والشفتان معاً، وفي آنٍ واحدٍ، لصناعة أصواتِ حروفها، فيتمتع بروعة اللفظ، ويحسّ بنعمة النطق. أمّا إذا حدث أيّ خللٍ في عضلات اللسان، أو أعصاب الشفتين، فإن الإنسان يفقد نعمة النطق السليم، والكلام العذب .. كما يفقد روعة الرؤية، ويُحرم من بهجة جمال الطبيعة، لو عجزت إحدى العينين عن الرؤية، وقام الإنسان بالنظر بعين واحدة" (13).
خاتمة:
إن النصّ القرآني حافلٌ باللمحات العلمية التي لا تتعارض معها النظريات العلمية، لكن الحفاوة الكبيرة والمبالغة بالعلم البشري لا تقتضي افتعال صلاتٍ بين النص القرآني والنظرية العلمية، مهما كانت درجة صحة النظرية، لأن الحقائق لا تفسّر إلا بمثلها من الحقائق المماثلة والمسلّمات الثابتة، ولأن منهج القرآن، ومنطقه وأسلوبه في عرض المشاهد الكونية، هو السرد الموجّه "إلى الناس كافةً، على اختلاف ثقافاتهم أو تفاوت وعيهم، وتعدّد تخصّصاتهم، ولما كانت العبرة والعظة والتسليم بقدرة الله هي الأمور المستهدفة من العرض القرآني، فإن ما يطرحه القرآن في هذا الصدد، لا يعدو أن يكون مشاهداتٍ يوميةً يُدركها الجميع، ولا تُخفي عليهم لمحة الإبداع فيها".
لذلك لا يصحّ رفض المنطق الديني، بل يجب الالتزام به، كما أنّ فرض الرؤية الدينية على الاكتشافات العلمية، وحتى النظرية، هو عمل تلفيقي، يؤول إلى تحديد إمكانية العلم، لإخضاعه لمنطقٍ من خارج نطاق العمل المحدّد الذي يسعى إلى تطوير نتائجه، وأبحاثه من خلال التجربة، فلا مسوّغ لفرض التجربة الدينية على التجربة العلمية أو العكس، لأن أيّ فرض يقلّل من حقيقة تلك التجربة، ومعناها، كما أن القيمة الدينية تتحوّل إلى علاقةٍ لا يمكن فهمها إلا من خلال فرض مفهوم علمي عليها. وهذا غير صحيح.
أمّا "إذا سرنا في الأرض، ونظرنا في الآفاق، وتحقق لنا بعض ما نقصده من الكشوف العلمية، وتوصلنا إلى تأكيد بعض النظريات أو القوانين التي تفسّر، وتحكم مشاهد الطبيعة التي نراها، ونتعامل معها، فإننا نكون قد وصلنا إلى موضع العظة والعبرة، والتفتنا إلى قدرة الله، ودلائل وحدانيته، أمّا أن يلجأ بعضهم إلى تجاوز هذا الهدف .. ومحاولة ردّ هذه المكتشفات إلى القرآن، والادّعاء بأنها قد وردت فيه بكل خباياها وتفاصيلها، فذلك زعمٌ يستحيل القبول به، ويحرم السكوت عنه" شرعاً.
ومن ثمّ "فإن اكتشافنا اللاحق للقوانين التي تحكم هذه الظواهر الكونية لا يضفي شيئاً على مدلولات النص القرآني؛ ذلك لأن العظة في أيّ ظاهرةٍ تتمثّل في وجود الظاهرة ذاتها، وليس في اكتشاف القانون الذي تقوم عليه، وإذا كان ثمّة قيمةٌ وراء اكتشاف القانون العلمي الذي تطّرد على أساس منه العلاقة بين مجموعةٍ من الظواهر، أو تعمل وفقاً له ظاهرةٌ ما. فإنها تكمن في كون هذه الاكتشافات شهادةً مُحدثةً بعظمة العقل البشري وتطوّره، أمّا عظمة خالق الظواهر والقوانين التي تحكمها، فإنها عظمةٌ أزليةٌ كانت قبل وجود هذه الظواهر، وثبتت بوجودها، وقَبِلها العقل البشري، وسلّم بها منذ بدأ الإنسان يلمس هذه الظواهر، ويتعامل معها، حتّى لو لم يُدرك كنهها، أو يفهم القواعد التي تعمل وفقاً لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والقرآن الكريم اقتصر على توصيف الظواهر، بينما أحال ما يتعلق بتفسيرها أو تقنينها إلى التدبّر والتعقّل، وما يشبه ذلك من القدرات التي أودعها الله في خلقه البشري، وحسبُ المسلم تمسّكه بهذه القاعدة البسيطة، حتّى لا يجهد نفسه في غير نفع، في مطاولة العلم بالقرآن، أو تشويه القرآن بالعلم، أو افتعال التوفيق بين نصوص القرآن الواضحة المباشرة، وبين النظريات العلمية المعقّدة والمتغيّرة" (14).
المصادر والمراجع
1 ـ القرآن الكريم. تفسير الجلالين.
2 ـ القرآن. محاولة لفهم عصري، د. مصطفى محمود، دار الشروق ـ بيروت، بلا تاريخ.
3 ـ مجلة الهلال. القاهرة. ديسمبر 1970.
4 ـ مجلة حضارة الإسلام، العدد 6 السنة 14، دمشق، أيلول 1973.
5 ـ مجلة القافلة، العدد 10، المجلد 50، المملكة العربية السعودية. ديسمبر. يناير 2001.
6 ـ مجلة العربي، الكويت، آب 1980.
7 ـ مجلة الفيصل، العدد 197، المملكة العربية السعودية ـ الرياض. أيار 1973.
الحواشي:
(1) - القرآن. محاولة لفهم عصري. د. مصطفى محمود. ص25. بيروت دار الشرق.
(2) - كيف يقرؤون القرآن. فالق الحب والنوى. د. عبد المحسن صالح. مجلة الهلال ص29 ديسمبر 1970. القاهرة.
(3) - المرجع السابق.
(4) -. استشارات طبية في ضوء الإسلام. د. إبراهيم السامرائي، مجلة حضارة الإسلام. ص90 العدد 6 السنة 14. أيلول 1973 دمشق.
(5) - كيف نتعامل مع النصوص الدينية لفهم الاكتشافات العلمية المتتالية. د. أحمد محمد كنعان مجلة القافلة. ص2 العدد 10 مجلد 50 شوال 1422. ديسمبر. يناير 2001.
(6) -. بدعة تفسير القرآن بالعلم. د. محمد رضا رجب، مجلة العربي. ص103 آب 1980 وقد استفدنا في هذا الموضوع من بنية بحث الفقرة المذكورة.
(7) - للاستزادة. يرجى الرجوع إلى. كيف يقرؤون القرآن، مرجع سابق.
(8) - بدعة تفسير القرآن بالعلم. مرجع سابق. ص105.
(9) - بدعة تفسير القرآن بالعلم. مرجع سابق. ص105.
(10) - القمر في القرآن. د. أحمد الشرباصي. مجلة الهلال. ص12 القاهرة 1973.
(11) - وتلك أمم أمثالنا، د. عبد المحسن صالح .. مجلة الهلال. ص18، القاهرة 1972.
(12) - القرآن. محاولة لفهم عصري. ص273.
(13) - عينين ولساناً وشفتين، د. إبراهيم الراوي. مجلة الفيصل، ص58، العدد 197. أيار 1993.
(14) - بدعة تفسير القرآن بالعلم. مرجع سابق. ص103.
المصدر:
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 95 - السنة الرابعة والعشرون - أيلول 2004 - رجب 1425 ( http://www.awu-dam.org/trath/95/turath95-015.htm)(/)
سؤال [متعلق بحوار دار بيني وبين نصراني حول إشكال في فهم بعض الآيات]
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[26 May 2005, 05:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاه و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبة و من اتبعة بهدى إلى يوم الدين ...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ...
كنت أتحاور في الفترة الأخيرة مع أحد النصارى ... و سألني ثلاثة أسئلة عن ترتيب خلق السموات و الأرض في القرآن الكريم ..
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
سورة البقرة 29
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا
وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا
النازعات 27: 32
السؤال الأول: استفسر عن مسأله وجود اشتباه تعارض بين ترتيب الخلق في الآيتين ..
فكان جوابي بتوضيح معنى " الدحي " في اللغة و أنة يختلف عن " الخلق في الآية الأولى ... مع توضيح ترتيب الخلق الصحيح كما أوردة " ابن عباس " رضي الله عنهما ..
فكان سؤاله الثاني:
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
ألا يعني هذا أنها ثمانية أيام؟
فأجبتة بتوضيح ذلك له و لله الحمد و زال اللبس (لا أريد كتابة الرد حتى لا أطيل)
فكان سؤاله الثالث ..
هذه الايات من سورة فصلت توافق ما جاء في سورة البقرة
ولكنها تخالف ما جاء في سورة النازعات
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
سورة البقرة 29
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا
وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا
النازعات 27: 32
اذ ان سورة النازعات كما ترى، فانها تقول ان الله خلق السماء وبناها وفعل كذا وكذا، ثم الارض (بعد ذلك) دحاها واخرج منها مائها ومرعاها والجبال ارساها، هذا هو (تقدير اقواتها) الذي من المفترض انه تم قبل الاستواء الى السماء ليدعوها وهي دخان؟؟؟
فأوضحت له أن تقدير الأقوات في الأرض قد تم في اليومين الثانيين بعد يومين خلق الأرض و ذلك يختلف عن ما ذُكر في سورة النازعات من اخراج الماء و المرعى فلابد من تهيئة السماء أولا لنزول المطر لخروج المرعى و الماء و ذلك من اعجاز القرآن .....
فاحتج علي بأن الله تبارك و تعالى يقول في الآية الكريمة بسورة فصلت " و جعلنا فيها رواسي " ..
و في سورة النازعات قال تبارك و تعالى .. " و الجبال أرساها " ...
مما يدل في نظرة بأن التقدير في اليومين المكملين للأربعة في سورة فصلت هو ذاتة ما في سورة النازعات ..
فرددت علية بأن كلمة " رواسي " لا يقصد بها هنا " الجبال " و انما الطبقة التكتونية التي تُثبت بها الجبال tektonic plates .. أما الجبال فقد أُرسيت " و الجبال أرساها " على تلك الرواسي .. و هذة النقطة اجتهاد شخصي ...
فأريد أن أعرف من شيوخنا هل أصبت فيما قلتة أم لا .. و هل يتعارض هذا مع الشرع .. ؟
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 May 2005, 02:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الرد ليس جواباً لسؤال الأخ الكريم، وإنما هو تتمة له؛ فقد وجدت في كتاب " تفسير سور فصلت " للدكتور محمد صالح علي مصطفى ما نصه:
(إن عامة المفسرين - وأعني من اطلعت على تفاسيرهم - يقولون: إن الرواسي هي الجبال. وهم بقولهم هذا يدخلون الجبال في الخلق الأول، وهو قبل تقدير الأقوات وخلق السماوات.
والذي أراه أنها غير الجبال؛ إذ أن الرواسي هنا ما أرسى الأرض كلها، ما فيها وما عليها بما يثقلها في نفسها، ويفصلها عن غيرها.
وهي بهذا المعنى موجودة مذ تكونت الأرض، مستقرة فيها من داخلها، مسلطة عليها من فوقها. وليس كذلك الجبال؛ فإنها بذاتها تحتاج إلى ما يرسيها كما قال تعالى: {والجبال أرساها}، ولم يقل أرسى بها؛ فهي مرساة، وليست مرسية.
وآية النازعات تشير إلى تأخر الجبال في الظهور، أي أنها لم تكن في الخلق الأول، وإنما ظهرت مع الماء والمرعى في عملية الدحو متاعاً للإنسان والأنعام، قال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ [وهي الأرض المخلوقة قبل السماء كما قدمنا] بَعْدَ ذَلِكَ [بعد خلق السماء] دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} ...... ) إلى آخر كلامه في الكتاب المذكور ص128 - 131.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[26 May 2005, 06:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين ...
بارك الله فيك أخي الحبيب ... و زادك الله تعالى علما ... و أرجوا من الأخوة أن يفيدونا بالتعقيب ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ...
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[26 May 2005, 10:38 م]ـ
أخي الفاضل
ستجد الرد الشافي هنا
بإذن الله تعالى
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=1533
مع محبتي
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[27 May 2005, 01:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين ...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ...
جزاك الله خيرا كثيرا أخي ... و لكن هذا الترتيب يخالف قول " ابن عباس " ... فهل في ذلك اشكال؟
و ألفت نظر الأخوة جميعا في منتدى التفسير أن شبكة التوحيد لحوار الملحدين تحتاج إلى اخوة كثيرين هذة الأيام نظرا لكثرة عدد الملحدين فيها ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ..
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[27 May 2005, 02:00 م]ـ
أعتقد أنك الأخ الحبيب " رحيم " ... أليس كذلك أخي؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 May 2005, 06:41 م]ـ
بلى أخي الفاضل
وبالنسبة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما هل تتكرم بذكره
وجزاك الله خيراً
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[29 May 2005, 05:08 م]ـ
أخي الفاضل: إن كنت تبحث عن نص يؤيد ما ذهبت إليه فالنص موجود في صحيح الإمام مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً: " خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ .. ".
بحسب الحديث الشريف: التربة قبل الجبال، ثم غُرِزت (ألقيت) الجبال ((في)) التربة.
ولكنه معلول سنداً ومتناً:
ففي صحة رفع الحديث إشكالات معلومة في علم علل الحديث، لعل الإخوة في ملتقى أهل الحديث يبينونها، إن أردت الاستشهاد به فاطلع عليها لزاماً، فلها علاقة بالإسرائيليات ..
وفي متنه مخالفة لعدد أيام الخلق في القرآن الكريم، فالأيام المذكورة فيه سبعة!!!
ولهذا أرجو التكرم بمراجعة استنتاجك ..
--------------
أما حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، روي بعدة روايات أشهرها ما رواه الإمام البخاري في التفسير باب تفسير سورة حم السجدة مطولاً: " خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ دَحَاهَا وَقَوْلُهُ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ فَجُعِلَتْ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ ".
أولاً: الحكم على الحديث سنداً:
الحديث موقوف على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، ذكره إجابة لزعيم الخوارج نافع بن الأزرق في سؤالاته المعروفة (انظر نصها كاملة في الإتقان للسيوطي / النوع السادس والثلاثون: في معرفة غريبه).
وقد رواه البخاري في تفسير القرآن أول سورة حم السجدة [أي: فصلت] معلقاً ـ ثم وصله ـ. كما وصله ابن حجر في تغليق التعليق4/ 301 وفتح الباري8/ 559، وحكم بصحته. وذكره عبد الرزاق الصنعاني بسنده في تفسيره 1/ 160 - 161 والطبري في تفسيره 4/ 96 - 97، والحاكم في المستدرك2 - 494 - 495 وصححه ووافقه الذهبي ورواه الطبراني في الكبير (وفي إسناده راو متروك) وابن أبي حاتم .. كلهم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مطولاً بنحوه.
ملاحظة هامة: لا يعد كل حديث مذكور في صحيح البخاري حديثاً له القوة ذاتها لما اشتهرت به أحاديث صحيحه، فللبخاري إشارات في صحيحه تدل على أن الحديث ليس على شرطه ومنها هذا الحديث.
فالناظر إلى الحديث في البداية يظنه معلقاً، ولكن عندما يكتمل متن الحديث يجد الإسناد ووصل المنقطع منه ..
فبعد أن روى البخاري الحديث قال: " حَدَّثَنِيهِ يُوسُفُ بنُ عَدِيّ حدثنا عُبَيْدُ الله بنُ عَمْرٍ وَعَنْ زَيْدِ بنِ أنَيْسَةَ عَنِ المِنْهالِ بِهذَا ".
أي جعل إسناده في نهايته!!
دليلاً على كونه ليس على شرطه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري وأيده العيني في عمدة القاري بقوله: " أسند الحديث المذكور بعد أن علقه كما ذكرناه قال الكرماني لعله سمع أولاً مرسلاً وآخراً مسنداً فنقله كما سمعه وفيه إشارة إلى أن الإسناد ليس بشرطه واستبعد بعضهم كلام الكرماني هذا وليت شعري ما وجه بعده وما برهانه على ذلك بل الظاهر هو الذي ذكره وقول الكرماني وفيه إشارة إلى آخره يؤيده كلام البرقاني حيث قال ولم يخرج البخاري ليوسف ولا لعبيد الله بن عمرو ولا لزيد بن أبي أنيسة مسنداً سواه وفي مغايرته سياق الإسناد عن ترتيبه المعهود إشارة إلى أنه ليس على شرطه وإن صارت صورته صورة الموصول ".
وعلى هذا فالحديث صحيح، ولكنه ليس بقوة صحة الأحاديث التي رواها البخاري وكانت على شرطه.
وتستطيع الاستزادة في ذلك من خلال علم علل الحديث أيضا ...
ثانياً: فهم الحديث متناً:
1. الحديث موقوف على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فهو من قول (اجتهاد) الصحابي. وللاحتجاج به تفصيل في علم أصول الفقه.
فإن تعارَض ظاهر كلامه (بخلق الأرض قبل السماء) مع نص قرآني صريح بأنهما كانتا معاً " كانتا رتقاً " .. فمن نقدم؟!
2. لعلك تتساءل: ما توجيه هذا التعارض بين ظاهر القول المنسوب لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع ما ذكرته في الرابط أعلاه ـ عند الرد رقم 4 ـ؟
الجواب: تساءل الإمام الشنقيطي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه: دفع إيهام الاضطراب عن كتاب الله ص7 قبلك عن ذلك .... ومما قال: " وقد مكثت زمنا طويلا أفكر في حل هذا الإشكال حتى هداني الله إليه ذات يوم ففهمته من القرآن العظيم, وإيضاحه أن هذا الإشكال مرفوع من وجهين كل منهما تدل عليه آية من القرآن:
الأول-إن المراد بخلق ما في الأرض جميعا قبل خلق السماء الخلق اللغوي الذي هو التقدير لا الخلق بالفعل الذي هو الإبراز من العدم إلى الوجود والعرب تسمي التقدير خلقا ومنه قول زهير: ولانت تفري ما خلقت وبعـ ### ـض القوم يخلق ثم لا يفرى
والدليل على أن المراد بهذا الخلق التقدير أنه تعالى نصّ على ذلك في سورة فصلت حيث قال: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} ثم قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} الآية.
الوجه الثاني: أنه لما خلق الأرض غير مدحوه وهي أصل لكل ما فيها كأنه خلق بالفعل لوجود أصله فعلا والدليل من القرآن على أن وجود الأصل يمكن به إطلاق الخلق على الفرع وإن لم يكن موجودا بالفعل. قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَة} الآية. فقوله خلقناكم ثم صورناكم أي بخلقنا وتصويرنا لأبيكم آدم هو أصلكم.
وجمع بعض العلماء بأن معنى قوله والأرض بعد ذلك دحاها, أي مع ذلك فلفظة بعد بمعنى مع ونظيره قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} وعليه فلا إشكال في الآية ... ". ا. هـ
3. دقق في كلام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، فمراحل بدء الخلق بحسب ((ظاهر حديثه)) كما يلي:
أ) خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ.
ب) ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ.
ج) ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ.
د) فَذَلِكَ قَوْلُهُ دَحَاهَا وَقَوْلُهُ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ فَجُعِلَتْ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
هـ) وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ.
ولكن .... كان ذاك نص حديثه حرفياً وهو يحتاج إلى توضيح عند التدقيق بما فيه ...
والآن إلى التوضيح:
ـ اسنتنتاج ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والمشار إليه بالحرف (د)، توصل إليه عن طريق جمع المرحلة (أ) مع المرحلة (ج).
أي الأيام الأربعة تساوي: يومي خلق الأرض مع يومي تقدير الأقوات.
ـ المرحلة (ب) لا تختلف أبداً عن المرحلة (هـ)
ودليل ذلك، أنهما لو كانتا مرحلتين مختلفتين لكانت أيام خلق السماوات والأرض ثمانية.
يومين لخلق الأرض (المرحلة (أ))
ويومين للمرحلة (ب)
ويومين للمرحلة (ج)
ويومين للمرحلة (هـ)
ومحال أن يقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بذلك
فالحديث أصلاً للرد على ذلك
أليس كذلك!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
--------------------------------------
وعلى هذا يكون تقدير كلام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
" خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاءَ فِي يَوْمَيْنِ.
ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ ـ وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالْآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا ـ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ.
أي: أتمَّ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ فَجُعِلَتْ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
ثُمَّ أتمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ بأن َسَوَّاها وخَلَقَ السَّمَوَاتُ السَّبْعِ فِي يَوْمَيْنِ ".
لعل رواة الحديث (الذين لم يرو لهم البخاري إلا هذا الحديث) تصرفوا في كلام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بخاصة إن علمت أن الإمام البخاري يرى جواز رواية الحديث بالمعنى .. ولهذا علقه في صحيحه!!
على كل حال .. أين كلام الله تعالى المحكم من كلام العباد والعبيد مهما علا شأنهم!!
وسبحان من أعجَزَ بكلامه، سائر العقلاء، إنسهم وجنهم، صالحهم وطالحهم، عالمهم ومتعالمهم ...
ويأبى الله أن يكون الكمال لغير كلامه جل في علاه
ففي كل شيء له آية ### تدل على أنه واحد.
-------------------- -----------
ملاحظة: الإجابة عن تلك الشبهة في مشروع أطروحتي كما يلي:
الله تعالى خلق السماء والأرض معاً (قبل الانفتاق الكوني الكبير)
عندها: " كانتا رتقاً ففتقناهما ".
وبعد الانفتاق تمايزت الأرض عن السماء، وكانت الأرض غير مدحوة، والسماء واحدة غير مسوية سبع سماوات.
ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك، ويدل لهذا أنه قال: " وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا " ولم يقل: " خلقها ", ثم فسر دحوه إياها بقوله: " أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ".
ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعاً في يومين.
فاكتمال خلق الأرض وتسويتها، تم قبل اكتمال خلق وتسوية السماء .. وإن بدءا في أصلهما معاً.
وفي ذلك تكريم للإنسان ومزيد عناية.
والله تعالى أعلم
مع محبتي
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 May 2005, 07:09 م]ـ
انظر
فائدة حول حديث خلق التربة الذي عند الامام مسلم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24189
مثال على ان ابا هريرة كان يروي الاسرائليات عن كعب ولا يبين ذلك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=68858#post68858
هل أخذ ابو هريرة حديث التربة عن كعب؟!
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22728&highlight=%C7%E1%CA%D1%C8%C9
حديث خلق الله التربة يوم السبت) أرجو التفاعل والمشاركة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14644&highlight=%CE%E1%DE+%C7%E1%CA%D1%C8%C9
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[12 Jun 2005, 09:36 ص]ـ
أخي رحيم ... بارك الله فيك و أحسن الله إليك ... و شكرا للأخ ابن وهب على الفوائد الرائعة ... !
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[23 Jun 2005, 11:25 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
و جزاك الله خيرا يا أخي الفاضل " ابو مجاهد العبيدي "
فالكلام بخصوص الجبال و كونها رواسي -- كلام جميل مقنع
و لكن يا أخي - كيف نوفق بين هذا الإستنتاج - و الدليل بآيات قرآنية
و بين من يزعم أنه أثبت علميا بأن الجبال هي مرسى للأرض
/////////////////////////////////////////////////(/)
طلب الجواب عن شبهتين حول: كتابة القرآن وجمعه، ونكاح المتعة والقول فيه.
ـ[بنت الإسلام]ــــــــ[01 Jun 2005, 12:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد ..
في الحقيقة أنا أرجو المساعدة منكم أخواني وأخواتي في الله إذا كانت لديكم القدرة والعلم الكافي ....
وأسأل الله ان يجازيكم عني جنة الفردوس من غير حساب ...
المسئلة هي إنني بدأت في الحوار مع فتاة شيعية بأحدى المنتديات السنية والتي لم يخصص فيها مجال للحوار العقائدي
ولكن
بالرغم من هذا حدث بيني وبينها مناقشة صريحة بين مذهبينا ...
وأنا كنت سأنسخ الحوار لكم هنا حتى تعلموا إلى أي حد وصل حوارنا ولكن المشرف العام بارك الله فيه طلب مني أن أعرض المسئلة من غير وضع الروابط أو أي شيء آخر ...
وبناء على رغبته سأكتفي فقط بوضع أسئلتها التي لم أستطع الرد عليها بشكل وافي والذي أرجو أن تساعدوني فيه ...
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
هذا هو آخر رد لها:
بنت الإسلام:
دعينا نناقش مسألة معينة ثم ننتقل إلى المسألة الأخرى، و أول المسائل التي أريد أن أناقشها معكِ هي ما يتعلق بالقرآن الكريم، هل هو محرف أم لا.
أعرف بأنكِ لا تقولين بأن القرآن الكريم محرف و لكن المشكلة أن روايات التحريف موجودة في كتبكم و بأسانيد صحيحة، فماذا نفعل بها؟
أنتم إلتزمتم بصحة كتابي البخاري و مسلم و روايات التحريف موجودة فيها و ذلك يعني أنها روايات صحيحة.
المشكلة الأخرى أننا لا نستطيع أن نقول أن تلك الآيات دالة على نسخ التلاوة
مثلاً
لا نستطيع أن نقول أن آية الرجم كانت مما نزل من القرآن ثم نسخت فأمر النبي بإزالتها من المصاحف لأن قول عمر بن الخطاب: " لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتُها " يدل على أنها كانت موجودة في كتاب الله و لم تنسخ ألا أن خوف عمر بن الخطاب من الناس منعه من كتابتها في المصحف.
كما أن جواب أُبيّ بن كعب بنعم، لما سأله عمر عن إثبات لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب في المصحف، دال بوضوح على أنها من القرآن، ولم تُنسخ تلاوتها، و إلا لما جاز إثباتها في المصحف.
وقول أبي الدرداء: " ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستزلّوني عن شيء سمعته من رسول الله " ظاهر في أن (وما خلق الذكر والأنثى) ليست من القرآن المنزل على النبي، وإنما هو شيء أثبته القوم من عند أنفسهم.
أحاديث التحريف عندكم تدل على أن التحريف وقع بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فكيف نقول أنها دالة على نسخ التلاوة!؟
أنظري إلى هذه الرواية التي تقول أن عثمان بن عفان قام بتغيير المصاحف وانظري إلى الآية كيف تغيرت
أخرج عن حميدة بنت أبي يونس، قالت: قرأ عليَّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة «إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلموا تسليماً وعلى الذين يصَلّون في الصفوف الأُوَل». قالت: قبل أن يغير عثمان المصاحف
راجعي الإتقان في علوم القرآن 2/ 53
و أنظري إلى هذه الرواية التي يرويها مسلم في صحيحه عن عائشة، أنها قالت: (كان فيما أُنزل من القرآن عَشر رضعات معلومات ُحرِّمن) ثم نُسخن بـ (خمس معلومات)، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وهن فيما يُقرأ من القرآن
و في هناك روايات تقول: أن عائشة قالت: (لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها).
صحيح مسلم 2/ 1075 كتاب الرضاع _ سنن إبن ماجة 1/ 625
و كانت عائشة بنت أبو بكر تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة رضي الله عنها أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها
هناااااااا وضعت رابط للإستدلال بكلامها ومكتوب داخل هذا الموقع التالي:
ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرضاعة وما يحرم بها وما لا يحرم وحكمه في القدر المحرم منها وحكمه في إرضاع الكبير هل له تأثير أم لا؟
ثبت في " الصحيحين ": من حديث عائشة رضي الله عنها عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وثبت فيهما: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة فقال " إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة ويحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم.
وثبت فيهما: أنه قال لعائشة رضي الله عنهما: ائذني لأفلح أخي أبي القعيس فإنه عمك " وكانت امرأته أرضعت عائشة رضي الله عنها.
وبهذا أجاب ابن عباس لما سئل عن رجل له جاريتان أرضعت إحداهما جارية والأخرى غلاما: أيحل للغلام أن يتزوج الجارية؟ قال لا اللقاح واحد. وثبت في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تحرم المصة والمصتان.
وفي رواية لا تحرم الإملاجة والإملاجتان. وفي لفظ له أن رجلا قال يا رسول الله هل تحرم الرضعة الواحدة؟ قال لا.
وثبت في " صحيحه " أيضا: عن عائشة رضي الله عنها قالت كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن.
وثبت في " الصحيحين ": من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الرضاعة من المجاعة. وثبت في " جامع الترمذي ": من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام
" وقال الترمذي حديث صحيح. وفي " سنن الدارقطني " بإسناد صحيح عن ابن عباس يرفعه لا رضاع إلا ما كان في الحولين. وفي " سنن أبي داود ": من حديث ابن مسعود يرفعه لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشر العظم.
وثبت في " صحيح مسلم ": عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه تحرمي عليه.
وفي رواية له عنها قالت جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه فقالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد علمت أنه كبير.
وفي لفظ لمسلم أن أم سلمة رضي الله عنها قالت لعائشة رضي الله عنها: إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي فقالت عائشة رضي الله عنها: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة؟ إن امرأة أبي حذيفة قالت يا رسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعيه حتى يدخل عليك.
وساقه أبو داود في " سننه " سياقة تامة مطولة فرواه من حديث الزهري عن عروة عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس كان تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هندا بنت الوليد بن عتبة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث ميراثه حتى أنزل الله تعالى في ذلك ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم [الأحزاب 5] فردوا إلى آبائهم فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري وهي امرأة أبي حذيفة فقالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ويراني فضلا وقد أنزل الله تعالى فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضعيه " فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة رضي الله عنها أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها وأبت ذلك أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن
عليهن أحدا بتلك الرضاعة من الناس حتى يرضع في المهد وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها كانت رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس. فتضمنت هذه السنن الثابتة أحكاما عديدة بعضها متفق عليه بين الأمة وفي بعضها نزاع.
*الآن أرجع أكمل كلامها بالرد:
أين ذهبت هذه الآية هل هي موجودة في القرآن الذي عندكِ؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم أن تلك الآيات المزعومة أسلوبها ركيك جداً و لا يصلح بأن نقول أنه من القرآن الكريم حتى و إن كانت مما نسخ.
نحن و إن كانت هناك روايات فإننا أولاً نبحث في سند الرواية و إذا كان سندها صحيح نبحث إذا كانت هذه الرواية يمكن أن نقول أنها تدل على نسخ التلاوة و إذا لم يمكن طرحنا هذه الرواية لأنها تخالف القرآن الكريم
أما أنتم تعانون من مشكلة وجود هذه الروايات في كتبكم الصحيحة و أمامكم أمران، إمام أن تعتقدوا بصحة تلك الروايات فتكونوا ممن يقول بتحريف القرآن الكريم و بالتالي تكفرون أنفسكم، و إما أن تعترفوا بعدم صحة كل ما في تلك الكتب فينتهي الأمر.
كلمات علماء الشيعة في نفي التحريف
طلبتِ أقوال علمائنا في نفي التحريف و هذا أمر غريب، لأنكِ عندما بحثتِ عن علماء الشيعة الذين يقولون بالتحريف لا بد أن يصادفكِ أقوال العلماء الذين يقولون بعدم التحريف، إلا إذا كنتِ قد نقلتِ تلك الأقوال بشكل أعمى من أحد الذين يعادون الشيعة.
ليست مشكلة سأنقل لكِ بعض الأقوال:
1 _ الشيخ الصدوق
يقول الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي، الملقّب بالصدوق ـ المتوفّى سنة 381 ـ: «إعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو ما بين الدفّتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس باكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشر سورة، وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة. ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب. وما روي ـ من ثواب قراءة كلّ سورة من القرآن، وثواب من ختم القرآن كلّه، وجواز قراءة سورتين في ركعة والنهي عن القران بين سورتين في ركعة فريضة ـ تصديق لما في قلناه في أمر القرآن، وأن مبلغه ما في أيدي الناس. وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كله في ليلة واحدة، وأنه لا يجوز أن يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام تصديق لما قلناه أيضاً.
بل تقول: إنه قدر نزل من الوحي الذي ليس من القرآن ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبع عشرة ألف آية، وذلك مثل ... كلّه وحي ليس بقرآن، ولو كان قرآناً لكان مقروناً به وموصولاً إليه غير مفصول عنه كما قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لمّا جمعه، فلما جاء به فقال لهم: هذه كتاب الله ربكم كما أنزل على نبيكم لم يزد فيه حرف ولم ينقص منه حرف فقالوا: لا حاجة لنا فيه، عندنا مثل الذي عندك، فانصرف وهو يقول: فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون. وقال الصادق عليه السلام: القرآن واحد، نزل من عند واحد، على نبي واحد، وإنما الإختلاف من جهة الرواة ... »
رسالة الإعتقادات، المطبوعة مع شرح الباب الحادي عشر ص 93.
2 - الشيخ المفيد:
ويقول الشيخ محمد بن محمد بن النعمان، الملقّب بالمفيد، البغدادي ـ المتوفّى سنة 413 ـ: «وقد قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة، ولا من آية، ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين (عليه السّلام) من تأويله، وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز.
وعندي أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل، والله أسأل توفيقه للصواب»
أوائل المقالات في المذاهب المختارات: 55 ـ 56.
3 - الشريف المرتضى
ويقول الشريف المرتضى على بن الحسين الموسوي، الملقّب بعلم الهدى ـ المتوفّى سنة 436 ـ: «إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبدان، والحوادث الكبار، والوقائع الوقائع العظام، والكتب المشهورة، واشعار العرب المسطورة، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه في ما ذكرناه، لأنّ القرآن معجزة النبوّة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينيّة، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!».
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال: «إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها، حتى لو أنّ مدخلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميزّ، وعلم أنّه ملحق وليس في أصل الكتاب، وكذلك القول في كتاب المزني، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء».
وقال: «إنّ القرآن كان على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مجموعاً مؤلّفاً على ما هو عليه الآن ... ».
«واستدلّ على ذلك بأنّ القرآن كان يدرّس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، حتى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنّه كان يعرض على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويتلى عليه، وأنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود واُبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عدّة ختمات.
كل ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتورٍ ولا مبثوت».
«وذكر أنّ من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتدّ بخلافهم، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا بصحّتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته»
نقل هذا في مجمع البيان 1: 15، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى.
ولقد عرف واشتهر هذا الرأي عن الشريف المرتضى حتى ذكر ذلك عنه كبار علماء أهل السنّة، وأضافوا أنّه كان يكفّر من قال بتحريف القرآن، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن حزم قوله فيه: «كان من كبار المعتزلة الدعاة، وكان إمامياً، لكنّه يكفّر من زعم أنّ القرآن بدّل أو زيد فيه، أو نقص منه، وكذا كان صاحباه أبو القاسم الرازي أبو يعلى الطوسي»
لسان الميزان 4: 224، ولا يخفى ما فيه الخلط والغلط.
4 _ الشيخ الطوسي:
ويقول الشيخ محمد بن الحسن أبو جعفر الطوسي، الملقّب بشيخ الطائفة ـ المتوفّى سنة 460 ـ في مقدّمة تفسيره: «والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه، وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى ـ رحمة الله تعالى ـ وهو الظاهر من الروايات.
غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها لأنّه يمكن تأويلها، ولو صحّت لما كان ذلك طعناً على ما هو موجود بين الدفّتين، فإنّ ذلك معلوم صحّته لا يعترضه أحد من الامّة ولا يدفعه»
التبيان في تفسير القرآن 1: 3
هذه أقوال بعض العلماء السابقين و إذا أردتِ المزيد أتينا لكِ بذلك، نحن في أتم الإستعداد.:::::::::::::::::::::::::
وردها الثاني اللي أبغاكم تساعدوني فيه إذا كان بالإمكان هو:
زواج المتعة زواج مشروع و الدليل على شرعيته قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)
و قبل أن أكمل أحب أن أوضح لكم أمراً مهماً و هو إن أي طعن في هذا النكاح يعتبر طعن في الله و رسولة و الصحابة الذين قاموا به، إذا قلتم أن زواج المتعة زنا فذلك يعني أنكم تقولون أن الله و رسوله أحلا الزنا و يعني أن الصحابة الذين تزوجوا بهذه الطريقة زناة و أبنائهم الذين ولدوا نتيجة هذا الزواج هم أبناء زنا حيث أن الروايات تقول أن هذا الزواج كان محللاً في زمان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أبو بكر و جزء من زمن عمر بن الخطاب الذي أصدر حكم التحريم.
أنتم تقولون أن الحكم نسخ و لكن الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم توفي و لم ينسخ هذا الحكم و عمر بن الخطاب هو الذي قام بالتحريم و لا يمكن لأي إنسان سواء كان عمر بن الخطاب أو أي شخص من أهل البيت و الأئمة الطاهرين أن ينسخ أحكام الله فقد سُد باب نسخ الأحكام بوفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم.
لنرى ماذا تقول الروايات
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرج البخاري في صحيحه عن مطرّف عن عمران بن حصين، قال: تمتَّعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فنزل القرآن، قال رجل برأيه ما شاء (و المقصود بارجل هو عمر بن الخطاب)
راجع صحيح البخاري ج1 ص468
و تقول الروايات أن عمر بن الخطاب قال: متعتان كانتا علي عهد رسول الله انهى عنهما واعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج
راجع مسند أحمد ج3 ص325 - المغني لابن قدامة ج7 ص572 - المحلي لابن حزم ج7ص107 و غيره
و هناك روايات أخرى تقول أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث
راجع صحيح مسلم ج4 ص131 - السنن الكبري للبيهقي ج7 ص237 - تهذيب التهذيب لابن حجر ج10 ص331 - فتح الباري لابن حجر ج9 ص173
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ص108: فصل في أوليات عمر
هو أول من سُمِّي أمير المؤمنين، وأول من كتب التاريخ من الهجرة، وأول من اتّخذ بيت المال، وأولمن سَنَّ قيام شهر رمضان، وأول من عسَّ بالليل، وأول من عاقب على الهجاء، وأول من ضرب في الخمر ثمانين، وأول من حرَّم المتعة
ثم أنكم حرمتم زواج المتعة و اخترعتم زواجات أخرى مثل الزواج بنية الطلاق و المسيار و العرفي و غيره
زواج المتعة هو مثل الزواج الدائم لا يختلف عنه إلا في أمور قليلة، والمسألة المشار إليها هي:
مسألة 12 - لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواماً كان النكاح أو منقطعاً، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ... الخ
يعني المسألة في بيان حدود الإستمتاعات الممكنة للزوج إذا كانت الزوجة صغيرة و لا يوجد حد لعمر الزوجة فيمكن أن تكون رضيعة.
و أنتم علمائكم يقولون بجواز نكاح الرضيعة:
يقول إبن قدامة في المغنى ج9 ص159
(فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فظاهر كلام الخرقي تحريم قبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها وهو ظاهر كلام احمد وفي أكثر الروايات عنه قال تستبرأ وان كانت في المهد، وروي عنه أنه قال إن كانت صغيرة بأي شيء تسبترأ إذا كانت رضيعة؟ وقال في رواية أخرى تستبرأ بحيضة إذا كانت ممن تحيض و إلا بثلاثة أشهر إن كانت ممن توطأ و تحبل فظاهر أنه لا يجب استبراؤها ولا تحرم مباشرتها وهذا اختيار ابن أبي موسى وقول مالك وهو الصحيح لان سبب الاباحة متحقق وليس على تحريمها دليل ..... )
وقال في ج9ص 210
(ولو تزوج كبيرة وصغيرة ولم يدخل بالكبيرة حتى أرضعت الصغيرة في الحولين حرمت عليه الكبيرة وثبت نكاح الصغيرة، وان كان دخل بالكبيرة حرمتا عليه جميعا، ويرجع بنصف مهر الصغيرة على الكبيرة. نص أحمد على هذا كله).
وقال في ج 9 ص214
(وان أرضعت بنت الكبيرة الصغيرة، فالحكم في التحريم والفسخ حكم ما لو أرضعتها الكبيرة؛ لأنها صارت جدتها، والرجوع بالصداق على المرضعة التي أفسدت النكاح، وان أرضعتها أم الكبيرة انفسخ نكاحهما معا؛ لأنهما صارتا أختين، فان كان لم يدخل بالكبيرة فله أن ينكح من شاء منهما …الخ).
ليس الرضيعة فقط حتى الرضيع:
يذكر النووي حكم الزوج الرضيع ـ من لم يمض من عمره سنتان ـ إن أرضعته زوجته البالغة بلبنها، قال في ج 6 ص 436:
(وكذا لو أرضعت المطلقة الصغير الذي نكحته بغير لبن الزوج انفسخ النكاح، ولا تحرم هي على المطلق. ولو كان تحته صغيرة، فأرضعتها أمة له قد وطئها بلبن غيره، بطل نكاح الصغيرة، وحرمتا أبدا. ولو كان تحت زيد كبيرة، وتحت عمرو صغيرة، فطلق كل واحد زوجته ونكح زوجة الآخر، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة واللبن لغيرهما، حرمت الكبيرة عليهما أبدا؛ لأنها أم زوجتهما، فإن كانا دخلا بالكبيرة، حرمت الصغيرة عليهما أبدا وإلا، فلا تحرم عليهما، ولا ينفسخ نكاحها …إلخ).
وأستدلت برابط ... والمكتوب في صفحة الموقع لإستشهادها التالي:
(يُتْبَعُ)
(/)
6429) مسألة: قال: (ولو تزوج كبيرة وصغيرة , فلم يدخل بالكبيرة حتى أرضعت الصغيرة في الحولين , حرمت عليه الكبيرة , وثبت نكاح الصغيرة. وإن كان قد دخل بالكبيرة , حرمتا عليه جميعا , ويرجع بنصف مهر الصغيرة على الكبيرة) نص أحمد على هذا كله. في هذه المسألة فصول أربعة: (6430) الفصل الأول: أنه متى تزوج كبيرة وصغيرة , فأرضعت الكبيرة الصغيرة قبل دخوله بها , فسد نكاح الكبيرة في الحال , وحرمت على التأبيد. وبهذا قال الثوري , والشافعي , وأبو ثور , وأصحاب الرأي.
وقال الأوزاعي: نكاح الكبيرة ثابت , وتنزع منه الصغيرة. وليس بصحيح ; فإن الكبيرة صارت من أمهات النساء , فتحرم أبدا ; لقول الله سبحانه: {وأمهات نسائكم}. ولم يشترط دخوله بها , فأما الصغيرة , ففيها روايتان ; إحداهما , نكاحها ثابت ; لأنها ربيبة , ولم يدخل بأمها , فلا تحرم ; لقول الله سبحانه: {فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم}. [ص: 147] والرواية الثانية , ينفسخ نكاحها. وهو قول الشافعي , وأبي حنيفة ; لأنهما صارتا أما وبنتا , واجتمعتا في نكاحه , والجمع بينهما محرم , فانفسخ نكاحهما , كما لو صارتا أختين , وكما لو عقد عليهما بعد الرضاع عقدا واحدا.
ولنا , أنه أمكن إزالة الجمع بانفساخ نكاح الكبيرة , وهي أولى به ; لأن نكاحها محرم على التأبيد , فلم يبطل نكاحهما به , كما لو ابتدأ العقد على أخته وأجنبية , ولأن الجمع طرأ على نكاح الأم والبنت , فاختص الفسخ بنكاح الأم , كما لو أسلم وتحته امرأة وبنتها. وفارق الأختين ; لأنه ليست إحداهما أولى بالفسخ من الأخرى , وفارق ما لو ابتدأ العقد عليهما ; لأن الدوام أقوى من الابتداء. (6431) الفصل الثاني: أنه إن كان دخل بالكبيرة , حرمتا جميعا على الأبد , وانفسخ نكاحهما ; لأن الكبيرة صارت من أمهات النساء , والصغيرة ربيبة قد دخل بأمها , فتحرم تحريما مؤبدا , وإن كان الرضاع بلبنه , صارت الصغيرة بنتا محرمة عليه لوجهين ; لكونها بنته , وربيبته التي دخل بأمها. (6432)
الفصل الثالث: أن عليه نصف مهر الصغيرة ; لأن نكاحها انفسخ قبل دخوله بها من غير جهتها , والفسخ إذا جاء من أجنبي كان كطلاق الزوج في وجوب الصداق عليه , ولا مهر للكبيرة إن لم يكن دخل بها ; لأن فسخ نكاحها بسبب من جهتها , فسقط صداقها , كما لو ارتدت. وبهذا قال مالك , والشافعي , وأبو ثور , وأصحاب الرأي. ولا نعلم فيه خلافا. وإن كان دخل بالكبيرة , لم يسقط مهرها ; لأنه استقر بدخوله بها استقرارا لا يسقطه شيء , ولذلك لا يسقط بردتها ولا بغيرها. (6433) الفصل الرابع: أنه يرجع على الكبيرة بما لزمه من صداق الصغيرة. وبهذا قال الشافعي.
وحكي عن بعض أصحابه , أنه يرجع بجميع صداقها ; لأنها أتلفت البضع , فوجب ضمانه. وقال أصحاب الرأي: إن كانت المرضعة أرادت الفساد , رجع عليها بنصف الصداق , وإلا فلا يرجع بشيء. وقال مالك: لا يرجع بشيء. ولنا أنه يرجع عليها بالنصف , أنها قررته عليه , وألزمته إياه , وأتلفت عليه ما في مقابلته , فوجب عليها الضمان , كما لو أتلفت عليه المبيع. ولنا , على أبي حنيفة , أن ما ضمن في العمد ضمن في الخطأ , كالمال , ولأنها أفسدت نكاحه , وقررت عليه نصف الصداق , فلزمها ضمانه , كما لو قصدت الإفساد.
ولنا , على أن الزوج إنما يرجع بالنصف , أن الزوج لم يغرم إلا النصف , فلم يجب له أكثر مما غرم , ولأنه بالفسخ يرجع إليه بدل النصف الآخر , فلم يجب له بدل ما أخذ بدله مرة أخرى , ولأن خروج البضع من ملك الزوج لا قيمة له , وإنما ضمنت المرضعة هاهنا لما ألزمت الزوج ما كان معرضا للسقوط بسبب يوجد من الزوجة , فلم يرجع هاهنا بأكثر مما ألزمته. [ص: 148] فصل: والواجب نصف المسمى , لا نصف مهر المثل ; لأنه إنما يرجع بما غرم , والذي غرم نصف ما فرض لها , فرجع به. وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: يرجع بنصف مهر المثل ; لأنه ضمان متلف , فكان الاعتبار بقيمته , دون ما ملكه به , كسائر الأعيان.
ولنا , أن خروج البضع من ملك الزوج لا قيمة له , بدليل ما لو قتلت نفسها , أو ارتدت , أو أرضعت من ينفسخ نكاحها بإرضاعه , فإنها لا تغرم له شيئا , وإنما الرجوع هاهنا بما غرم , فلا يرجع بغيره ; ولأنه لو رجع بقيمة المتلف , لرجع بمهر المثل كله , ولم يختص بنصفه ; لأن التلف لم يختص بالنصف , ولأن شهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا لزمهم نصف المسمى , كذا هاهنا.
ثم أكملت الرد كالتالي:
جاوبيني يا بنت الإسلام إذا كان عندكِ أخ رضيع أو إبن هل تقبلين أن يتزوج من مرأة كبيرة؟
و هل تقبلين لبنتكِ أو أختكِ الرضيعة أن يتزوجها رجل زواج دائم؟
^
^
أخيراً أرجو من لديع العلم أن لايبخل فيه والسلام ختام*(/)
كتابان تنصيريان يزعمان الأصل النصراني للقرآن الكريم
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Jun 2005, 10:13 م]ـ
إخوتي الأفاضل:
كنت قد كتبت هذا الموضوع في إحدى المنتديات اللادينية قبل حوالي السنة ..
رداً على النصارى الذين يكثرون الاقتباس من الكتابين ((دون أن يشيروا إلى ذلك؟؟!!!))
وسأعيد نشره ـ بإذن الله تعالى ـ بناء على طلب أخ كريم في هذا المنتدى
مع ملاحظة أن بعض التعبيرات فيه تناسب تلك المنتديات
=====================
بسم الله
أحزن كثيراً والله على الزملاء الذين يتخبطون هنا وهناك، كالذي يهرب من الرمضاء فيذهب إلى النار.
لا أدري كيف يثق بمصادره من تؤكد له تلك المصادر أموراً لا يقبلها عقل ولا منطق ..
وليت الأمر كذلك بل المصادر نفسها تتناقض مع أخواتها
بل إن المصدر ذاته يناقض نفسه مرات ومرات
وصدق الله العظيم في كلامه الخالد " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كبيراً ".
ولنأخذ مثالاً على تناقضهم قد يطول بعض الشيء ولكنه مثال حي تطبيقي على تخبط بعض الضالين الذين ضلوا وأضلوا كثيرا ممن يتبعون كل ناعق.
المثال على ذلك هو كتابان مشهوران جداً يعتبران من أعمدة كتب المنصرين و ((الباحثين)) النصارى في الديانة الإسلامية حول مصادر القرآن الكريم.
الكتاب الأول: قس ونبي، بحث في نشأة الإسلام. لأبي موسى الحريري.
الكتاب الثاني: القرآن دعوة نصرانية، في سبيل الحوار الإسلامي المسيحي. للأستاذ الحداد.
وكما ترون فإن كلا الكتابين لم يصرح المؤلفان باسميهما ... ولكن .. لا بأس من التعريف بهما.
مؤلف كتاب: قس ونبي. هو الأب ج. قزي، مدرس جامعي معروف في إحدى أشهر الجامعات التبشيرية في أحد بلاد الشام. وما زال على قيد الحياة إلى الآن.
أما مؤلف كتاب: القرآن دعوة نصرانية هو الأب يوسف درة الحداد .. ولد في يبرود في سوريا سنة 1913 وتوفي سنة 1979درس اللاهوت في القدس.
ولكنه قبيل وفاته جمدت الكنيسة التي يتبعها نشاطاته لأنها وجدت في كتابه اقتباسات كثيرة من القرآن فخشيت على الرعية من أن يتبدل فكرها أكثر من الفائدة المتوخاة من الكتاب!!!
وهذه حكمة الله تعالى ودرس لأمثاله لعلهم يتعظون ..
ومدحه الأب جورج فاخوري البولسي (ما زال على قيد الحياة) ولكنه تحفظ على بعض الشوائب التقنية في الكتاب. كما صرح بذلك في الصفحة 281 من الطبعة الثالثة من الكتاب التي صدرت سنة 1993.
الكاتبان أنهكا نفسيهما في إثبات العلاقة بين الإسلام والنصرانية وكيف أن الإسلام اقتبس منها.
كتاب الحريري أقرب إلى الموضوعية الأكاديمية إلا أنه في نفس الوقت الأقسى عبارة.
ولننتقل إلى أهم ما في كتابيهما وهو ورقة بن نوفل.
قال الحداد: " القرآن كله دعوة نصرانية. وقد درس محمد هذه الدعوة مدة خمس عشرة سنة بعد زواجه من خديجة، ثرية مكة، على يد ورقة بن نوفل " ص11
أما الحريري: " القس اختار محمداً وتبناه " ص65.
ولكن كلا الكتابين لما يتحفانا بذكر نبذة كاملة عن حياة ورقة .. رغم أنه أساس الكتابين وهذا خلل منهجي خطير في الكتابين .. يؤكد سوء نية الكاتبين ووجود مواقف في سيرة ورقة يريدان إخفاءها.
والذي يعنينا هو تاريخ ولادة ورقة ..
ولد ورقة سنة 508 للميلاد وتوفي سنة 611 للميلاد. وهذا التاريخ مهم لنبحث في مدى (صدق) حضرة الأبوين.
لما ولد سيدنا محمد كان عمر ورقة (60 عاما).
أي تزوج سيدنا محمد من خديجة وعمر ورقة (85 عاما).
وبعث سيدنا محمد وعمر ورقة (100 عام). وكان أعمى حينها.
يقولون انتحر محمد بعد وفاة ورقة.
أي أن الدعوة الإسلامية والعهد النبوي استمر (4 أعوام).
وهذا إعجاز (زماني) حققه سيدنا محمد نشكرهم على جهدهم في إثباته!!.
ماذا كان دين قس مكة العريق في النصرانية؟؟!!
جاء في البداية والنهاية لابن كثير: 2/ 340:
(يُتْبَعُ)
(/)
" أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله بن جحش بن رئاب وعثمان بن الحويرث كانوا ثم صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور ثم يأكلون ويشربون الخمر ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك فقال عثمان بن الحويرث ماله قد أكثر التنكس إن هذا لأمر قد حدث وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول أيا صنم العيد الذي صف حوله صناديد وفد من بعيد ومن قرب تنكست مغلوبا فما ذاك قل لنا أذاك سفيه أم تنكست للعتب ... ".
إذن ورقة ظل يعبد الأصنام طيلة 60 سنة.
وأكد تلك الحادثة يوم ولادة سيدنا محمد في السيرة الحلبية: 1/ 116 " وذكر أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن جحش كانوا يجتمعون إلى صنم فدخلوا عليه ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوه منكسا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب انقلابا عنيفا فردوه فانقلب كذلك الثالثة ".
خرج ورقة بن نوفل يطلب الدين الأصح بعد أن استمر في عبادة الأصنام 60 سنة، فما الدين الذي اتبعه؟
جاء في الاستيعاب في أثناء الحديث عن زيد بن عمرو (أحد مصادر القرآن بحسب الزملاء النصارى) 2/ 616 " ومن خبره في ذلك خرج في الجاهلية يطلب الدين هو وورقة بن نوفل فلقيا اليهود فعرضت عليهما يهود دينهم فتهود ورقة.
ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهما دينهم فترك ورقة اليهودية وتنصر وأبى زيد بن عمرو أن يأتي شيئا من ذلك وقال: ما هذا إلا كدين قومنا نشرك ويشركون ... ".
هل لاحظتم زيد بن عمرو اعتبر النصرانية شرك لا يختلف عن شرك المشركين .. قارنوا ذلك بعقيدة ورقة مصدر القرآن ..
فلننتقل الآن إلى مناقشة وضع ورقة كأستاذ عميق في النصرانية ..
حقيقة الموقف بهدوء وموضوعية ...
عبد ورقة وأصحابه الأصنام ستين عاماً ولم يطلعوا على أي كتاب من الأديان الأخرى
انقلب الصنم الذي كانوا يعبدونه بعد ولادة سيدنا محمد
خرج في رحلة البحث عن الحقيقة كل من ورقة وزيد بحثا عن الدين الحنيف (المستقيم)
تهودا لما التقيا باليهود وتعلما على يديهما
هل تهودا في لحظة؟!
من المؤكد أنهما بقيا عند اليهود ليتعلما
ثم التقيا بعض النصارى الذين عرضوا دينهم
رفض زيد النصرانية لأنها ديانة تقوم على الشرك.
وافق ورقة.
نفهم من هنا من خلال دراسة شخصية ورقة أن شخصيته لينة سهلة الانقياد للآخرين
بينما لزيد شخصية قوية.
وأيضاً: ورقة لم يكن عنده تلك الخلفية الثقافية التي تؤهله أن يحكم في صحة الأديان.
بسهولة غادر اليهودية واعتنق المسيحية ولا أدري ماذا كان سيفعل لو قابل هندياً؟!
المهم:
لاحظ تناقض الحداد في أثناء حديثه عن تأثر محمد بالموحدين ... ذكر معلمي محمد من الموحدين:
قس بن ساعدة 29 كلمة، أسعد الحميري32، المتلمس40، سيف بن ذي يزن 41، صرمة 66، وكيع 117، زيد بن عمرو 270، أمية بن الصلت 493.
أما ورقة المسكين فقط (23 كلمة)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
وعاد وذكرهم ص272 ولم يذكر ورقة بينهم؟؟!!
وقد يقول قائل ربما الأستاذ الحداد قصد أنه نصراني وليس موحداً فنقول له قد وقع في تناقض لأنه قال ص145:" وورقة بن نوفل .. الذي ربما تنصر ".
وفي ص149 اقرأ بتأمل " .. ورقة بن نوفل، ابن عم خديجة، ذاك القس الحنيف المتنصر (؟) الذي ترجم الإنجيل ". [علامة الاستفهام منه ونحن نضع أمامها!!]
وكان زميله الحريري أشجع منه فقد صرح في فصل عنوانه " نصرانية القس ورقة "
ما شاء الله، إن دين النصارى يصل فيه الإنسان إلى أعلى المراتب بسرعة البرق!!
صار ورقة (قس مكة) في زمن قياسي وبعد تقلبه بين الوثنية واليهودية!!؟؟!!
وانظر إلى عبارته التي أدان نفسه بها بنفسه
" لقد قيل عن القس ورقة أنه كان على دين موسى ثم صار على دين عيسى .. " ص16.
(قيل) أي أنه يشك في ذلك وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
ثم يذكر أن الحنيفية هي التحنث وهي الأبيونية وهي النصرانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
والنصرانية هي الإسلام؟؟!! انظر: الحريري ص109 وما بعدها.
" إن التحنث أو التعبد أو الصوم و الخلوة عادة نصرانية " الحريري ص289.
ولاحظ القنبلة التي فجرها بعد أن أعمى الله بصيرته ..
ففد نقل عن ابن الأثير أن أول من تحنث هو عبد المطلب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ثم تناقض الحداد معلنا أن الحنيفية هي المسيحية " أطلقوا على دعوتهم للنصرانية باسم الحنيفية وسموا التعبد والصيام على طريقتهم: التحنف " ص289.
ولاحظ المسكين الذي تشفق عليه عندما تقرأ: " ولكن جماعة من العقول من المستقلة أبت أن تقبل اليهودية والنصرانية كما هما بل اكتفت بعبادة الله ... وهؤلاء أطلق عليهم الشعب لفظ حنفاء ". ص142.
يبدو أنه ينسى ما يكتبه أو كتبه بعد أن شرب (كأسا) منعشاً. ما هذا التناقض يا حضرة الأب المحترم؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله تشفق على المسكين عندما تقرأ عبارته " اقتران التحنف باسم قس مكة، ورقة بن نوفل، برهان على نصرانيته ".
أعود وأؤكد لكم أني لا أجرّح بورقة البريء من كل تلك الخزعبلات
ماذا كانت مهمة ورقة؟؟!!
لقد كان يترجم الإنجيل إلى العربية وهذا الإنجيل المترجم كان يلقيه على تلميذه محمد فأصبح قرآناً.
فقط .. أرأيتم ما أسهل تلك المهمة المقنعة.
يقول الحريري " نذكر بمهمة القس ورقة التي عُرف بها ولم يُعرف بغيرها .. أن القس ورقة كان ينقل الإنجيل العبراني إلى العربية ". ص71.
" أما النجاح الثاني الذي تحقق على يد القس فيقوم على نقل الإنجيل العبراني إلى لسان عربية مبين وسُميَ النقل قرآناً. والقرآن في الحقيقة القراءة العربية للكتاب العبراني ". ص20.
ولكن الحريري ناقض نفسه عندما تحدث عن ترجمات الإنجيل العبراني .. " وضع في الأصل باللغة الآرامية ثم نقل إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية وربما إلى العربية ". ص72.
ربما: يبني عليها بناءه المتين
هنيئا لكم بهذا المدرس الجامعي العلمي ... ؟!
أما الحداد فقد ذكر نقلا عن الصحيحين " ورقة بن نوفل، قس مكة، كان يترجم الكتاب والإنجيل من العبرانية إلى العربية، وذلك بجوار محمد وحضوره ". ص211. أي صحيحين يقصد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
محمد كان بجوار ورقة أثناء ترجمة الإنجيل؟؟!!
ورقة انتظر حتى صار عمره 100 سنة فقام بترجمة الإنجيل.
لو كان ورقة هو النبي الحقيقي (كما ذكر الحريري أكثر من مرة في كتابه) فلماذا تأخر كل تلك الفترة في ترجمة الإنجيل؟!
ألم يخش أن يتوفاه الله قبل أن يلتقي بمحمد صلى الله عليه وسلم؟! كل هذه الدرر كانت موجودة لدى ورقة ولم يفرج عنها إلا بحضور محمد؟!
والحقيقة تقول إن الإنجيل لم يترجمه إلى العربية أحد في عصر النبوة ولا قبله.
الحقيقة يا سادة نشرتها دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، ومجلس كنائس الشرق الأوسط في كتابهم المليء بصور فلسطين (عدا المسجد الأقصى؟؟؟!!!) وعنوان الكتاب: المرشد إلى الكتاب المقدس، طبعة 1996م.
أول ترجمات الإنجيل إلى العربية:
يقول ص 79:
" عام 639م طلب القائد العربي عمر بن سعد بن أبي وقاص من البطريرك اليعقوبي يوحنا أن يضع ترجمة للإنجيل في اللغة العربية ربما تم ذلك حوالي ذلك التاريخ ...
عام 867م أعمال الرسل والرسائل كلها، مكتبة سانت كاترين، سيناء ..........
حوالي سنة 930م أسفار التوراة الخمسة وأشعيا، قام بها العالم اليهودي سعيد الفيومي ...
وأول ترجمة كاملة للكتاب المقدس بعهديه تمت في روما ... وعرفت بالبروباغاندا!! ".
هل مجلس الكنائس أصدق أم الأبوين الكريمين أصدق؟؟!!
أشفق عليكم يا من يلعب بكم هؤلاء وهؤلاء!!
لماذا لم يشر مجلس الكنائس العالمي إلى ورقة ولو بإشارة؟؟!!!!
أطلت عليكم في الحديث عن ورقة وأسأل الله تعالى أن ييسر لي متابعة الحديث عن علاقة ورقة بزواج سيدنا محمد بخديجة وعلاقته بالوحي، ونتعرف على شخصية جديدة من شخوص هذه الرواية هي شخصية عداس بن مرداس ....
وسنجد هنالك تناقضات تكاد تقتل قارئها من الضحك ..
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Jun 2005, 10:49 م]ـ
دور المزعوم لورقة في زواج السيدة خديجة بسيد البشر محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام:
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر الحريري ص 37 أن أبا طالب ((ألح)) على سيدنا محمد أن يعمل عند خديجة رضي الله عنها .. ثم أعجبت السيدة خديجة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعرضت عليه الزواج.
ويبالغ في ذكر تأثير أبي طالب على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ص38 معبراً عنه بـ " المخطط الذي يتنفذ على يد أبي طالب وخديجة .. ولم تبخل علينا كتب السير والأخبار فيما كان عليه القس والعم والزوج. لقد كان لكل منهم دوره فيما دبّر الله على أيديهم ".
حسناً لقد طلب منا الرجوع إلى كتب السير والأخبار .. وله ما يريد حضرة المدرس الجامعي الصادق جداً ..
جاء في السيرة الحلبية 1/ 226: " أن خديجة رضي الله تعالى عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم أذهب إلى عمك فقل له تعجل إلينا بالغداة فلما جاءها معه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت له يا أبا طالب تدخل على عمي فكلمه يزوجني من ابن أخيك محمد بن عبد الله فقال أبو طالب يا خديجة لا تستهزئى فقالت هذا صنع الله فقام فذهب وجاء مع عشرة من قومه إلى عمها .. وخطب أبو طالب يومئذ فقال الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضىء معد أي معدنه وعنصر مضر أي أصله وجعلنا حضنة بيته أي المتكفلين بشأنه وسواس حرمه أي القائمين بخدمته وجعله لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا وجعلنا حكام الناس ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلا رجح به شرفا ونبلا وفضلا وعقلا وإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مسترجعة وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله إثنتي عشرة أوقية ونشا أي وهو عشرون درهما والأوقية أربعون درهماً .... وعند ذلك قال عمها عمرو بن اسد هو الفحل لا يقدع كلاهما وأنكحها منه وقيل قائل ذلك ورقة بن نوفل اي فإنه بعد أن خطب أبو طالب بما تقدم خطب ورقة فقال الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله لا ينكر العرب فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم ورغبتنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم فاشهدوا على معاشر قريش إني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله وذكر المهر فقال أبو طالب قد أحببت أن يشركك عمها فقال عمها اشهدوا على معاشر قريش أنى قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد وأولم عليها صلى الله عليه وسلم نحر جزورا ".
ها قد رجعنا يا حضرة الأب فقل لنا ما عندك؟!
قال الأب الحريري ص38: " وعندما بلغت الساعة الحاسمة أرسلت خديجة إلى أعمامها فحضروا وأرسل محمد إلى أعمامه فحضروا ... وخطب ولي أمره أبو طالب وقال: ... وخطب القس ورقة ولي أمر خديجة وقال: الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضّلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقادتها. وأنتم أهل ذلك كله لا ينكر العرب فضلكم فاشهدوا عليّ يا معشر قريش. إني زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله. وفرح أبو طالب فرحاً شديداً وقال: الحمد لله ... وهو بعد هذا (الزواج) له نبأ عظيم وشأن خطير ".
فلنقارن بين ما قاله القزي الصادق المصدَّق وبين ما جاء في السيرة:
1. ورد في السيرة أن أبا طالب قال لخديجة لما أخبرته بعزمها الزواج من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: " يا خديجة لا تستهزئي ". أي أنه لم يكن من (المخططين) لهذا الزواج.
2. ورد في السيرة قبل هذه الفقرة ذكر للوسطاء بين السيدة خديجة وسيدنا محمد لإقناعه بالزواج ومنهم نفيسة بنت منية وغلامها ميسرة وغيرهما ولم أجد في أي مرجع من مراجع السيرة ذكر للوسيط ورقة.
3. ادعاؤه بأن ورقة هو ولي أمر خديجة وهذا ما تنفيه كل كتب السيرة. كيف يكون ورقة ولي أمرها وعمها موجود؟؟!!
4. والذي يؤكد ذلك أن أبا طالب رفض حديث ورقة (الذي تكلم بصفته عضوا في الوفد ليس أكثر) والدليل على استياء أبي طالب من حديث ورقة قوله بعد أن أنهى ورقة حديثه: " قد أحببت أن يشركك عمها " ولهذا لم يتم عقد الزواج إلى بعد موافقة عمها الصريحة.
5. اشتراط موافقة ولي أمر خديجة (عمها) والمهر دليل على أن الزواج لم يكن حسب شريعة النصارى.
6. لاحظوا النص الذي ذكره (أرسلت خديجة إلى أعمامها فحضروا) وورقة ليس من أعمامها بل لم يُذكر (رغم حضوره مع الوفد) لأن وجوده أقل أهمية من وجودهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
7. ليس لورقة كل تلك القداسة والهالة والاحترام لدى قريش بل ولدى أقاربه وهذا مهم كما سيمر معنا قريباً.
8. أخفى الحريري بخبث شديد وأمانة علمية منقطعة النظير قول ورقة: " ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم ورغبتنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم " ... بل حوّر الكلام بحيث يصبح الشرف والمكانة لورقة وأهله أسمى مما لبني هاشم كما هو متواتر في التاريخ.
9. كما حذف اعتراض أبي طالب على حديث ورقة .. فكيف دبرا أمر الزواج إذاً؟؟ ولماذا حذفه؟؟
10. وأخبث عبارة قالها الحريري كانت في نهاية الفقرة: " بعد هذا (الزواج) له نبأ عظيم وشأن خطير " من أين جاء بكلمة (الزواج)؟؟؟؟!!!!!!!!!
ظن المسكين الذي يجهل تعابير العربية أن (بعد) معناها (الأمر التالي) ولكن المعنى الصحيح هو (فوق) لأن أبا طالب كان يذكر ذلك أثناء افتخاره بنسبه وأخلاق محمد ... أي محمد فوق كل ذلك له كذا وكذا من الصفات ..
ولاحظوا تلك الخباثة المنقطعة النظير: لقد جعل عبارة " بعد هذا (الزواج) له نبأ عظيم وشأن خطير " في آخر خطبة أبي طالب مع انها كانت في وسطها.
ويمضي المسكين في خيالاته وأوهامه: " يلاحظ ثانية أن القس لم يكن حاضراً حفلة الزواج ومتقدما على الحاضرين وحسب بل كان محتفلا بالعقد ومكللا فهو الذي أبرم العقد وشهد عليه وأعلن على الحضور ما جرى هو المحتفل الأول بالعقد أو قل هو الكاهن الذي ربط باسم الله ما لا يحل إنسان بحسب تعاليم الإبيونيين كاهن نصراني يبارك الزواج فعلى أي دين يكون الزوجان إذن ".
أسئلة:
1. هل التكليل في بيت خديجة أم في الكنيسة؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
2. لماذا أصر أبو طالب أن يصدر الموافقة على الزواج من عم خديجة.
3. لا يوجد في كلام ورقة أي حرف يدل على النصرانية .. وأين اختفت عبارات التكليل المعروفة؟؟
4. هل المهر والصداق المتقدم والمتأخر موجود عند النصارى؟؟؟؟؟؟؟؟
5. هل سأل الكاهن المكلل الحاضرين: من له اعتراض على الزواج فليتكلم، أو ليصمت إلى الأبد؟؟
6. تلميح الحريري إلى أن الزواج كان نصرانياً. والدليل عدم زواج محمد على خديجة يتناقض مع ما ذكره وأخوه الحداد في مقدمة كتابيهما ـ في أن الإسلام مأخوذ عن الهراطقة ـ أن النصرانية بدعة لا تمانع تعدد الزوجات؟؟؟؟
فكر الحريري وجمع قواه ثم نطق باثاً سموم حقده مستنتجا ما حاول التأسيس له من قواعد باطلة بأدلة واهية ظاناً أن كل الطير يؤكل لحمه. معتبراً أن ما يصدق على مصادر دينه لابد أن يصدق على مصادر الدين الحق ...
قال الحريري الصادق ص41: " مهما كان جريئاً لا يخطر بباله وهو الخادم أن يتزوج من سيدته التي أشفقت عليه واستخدمته في تجارتها وقد كان قومها قد طلبوها للنكاح قبل ذلك ورفضت وذكروا لها الأموال فلم تقبل. لن يكون لمحمد ذلك لولا دافع دبَّر له المناسب. ومن يكون هذا الدافع غير القس؟ فلولا ذاك القس لما كان ما كان، ومتى أراد القس شيئاً كان ".
وهذا ذكرني بقوله ص54: " القس قدير على كل شيء في كل حال ".
الرد:
1. ناقض نفسه (كعادتهم) فقد ذكر هو بنفسه وساطة نفيسة لتقنع سيدنا محمد بالزواج من خديجة ومن بعث نفيسة سوى خديجة رضي الله عنها.
2. رفضت الزواج من قومها الأغنياء رفضا طبيعيا لأنها غنية ولا تريد المال. بل تريد الصدق والطهارة العفة ومكارم الأخلاق التي وجدتها في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
3. عبارته: وهو الخادم، سيدته ... من قال أنه الخادم وهي السيدة؟
بل كان وكيل أعمالها .. موظفاً مسؤولاً في شركتها (بحسب تعابيرنا) وهل كل الموظفين خدم؟!
لاحظوا بالله عليكم عبارات الحقد والغيظ من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وهل الثروة هي التي تحكم على الإنسان؟؟
لو كان الحريري مسيحياً حقيقياً لآمن بأن المال ما هو إلا شيطان وما الثروة بمقياس يقاس به الشريف والوضيع إلا عند .......... !!!!!!!!!
ما هذا الكلام يا حريري ص61: " القس دبر، والزوجة نفذت، والعم عضد، والنبي استسلم لإرادة الله. على هؤلاء قامت الدعوة الجديدة ".
وفي ص 39 يذكر الحريري المتناقض أن أبا خديجة رفض فقالت له: " أما تستحي؟ تريد أن تسفه نفسك عند قريش؟ فلم تزل به حتى رضي ".
لماذا لم تتوجه إلى الزعيم القس الذي يقول للشيء كن فيكون؟؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولماذا لم تخبر أباها أن تلك إرادة ورقة سيدك وأبوك وقس كنيستك المطاع؟
لاحظ معي يا زميلي الاضطراب الشديد عند من وصفهم الله تعالى في سورة الفاتحة بوصفهم الأليق بهم ..
يقول ص40 بعد أن ذكر القصة المعروفة في محاولة رقية أخت القس ورقة الزواج بعبد الله بن عبد المطلب أو على الأقل الحمل منه بولد ولو سفاحاً حيث سحبت ثوبه تريد مضاجعته ولكنه أبى .. رغم عرضها المغري بذبائح سخية من الإبل.
" ونلاحظ .. كيفية زواج والد محمد المدعو عبد الله (؟) [علامة السؤال من عنده] .. وقد عرضت رقية أخت القس ورقة نفسها عليه .. إلا أنها لم توفق بالزواج من عبد الله ".
هذا هو ورقة الذي إذا أراد شيئاً كان؟؟ ما هذا التناقض.
بل نفس ورقة كان قد خطب خديجة ولكنها لم توافق عليه كما هو معروف ومشتهر في كتب السيرة. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 8/ 14.
فكيف ينسجم هذا مع أحلام الأستاذ الجامعي المحترم؟
الحداد يؤكد سطوة ورقة وحظوته حيث عبّر عن هذا الزواج بأنه " زواج مصلحة مدروس " قام به " ورقة أقوى شخصية في مكة والحامي الأكبر للنصارى فيها والحجاز كلها ". ص288.
والله يا زملاء إني أخشى على أعصابكم لكن هذا ما قال به الأب الصادق المصدق حرفياً.
واقرأ في نفس الصفحة: " وهل كان قس مكة النصراني وسيدة قريش التي تأتمر بأمره يرضيان بهذا الزواج لو لم يكن مثلهما نصرانياً ".
خديجة التي رفضت الزواج بورقة تأتمر بأمره ... خديجة النصرانية لم تعرف جبريل الذي نزل على سيدنا محمد.
لم تذكر لنا يا عزيزي أي أمر ائتمرت به خديجة من قبل ورقة ونفذته .. اذكر لنا أمراً واحداً.
وليثبت الحداد نصرانية سيدنا محمد ادعى أن الحاضنة بركة (أم أيمن) الحبشية مسيحية " فكان محمد طفلا في حضانة مسيحية " ص277.
لا أدري أين ذهب عقل الحداد وهو يكتب هذا الكلام ... هل من المعقول أن يسلم النصارى أبناءهم إلى المسيحيين الذين قتّلوهم وأجبروهم على الرحيل إلى صحراء العرب بدعوى أنهم هراطقة؟؟!!
وأنه تعمد .. يقول ص322 في تفير قوله تعالى في سورة الضحى " ووجدك ضالاً فهدى " " هداية في الطفولة في بيئة نصرانية لا تكون إلا العماد النصراني ولا يستقيم غير ذلك ". وذكر أن حليمة أخذت سيدنا محمد إلى ورقة الذي عمده في غار حراء وعمره ست سنين.
وماذا قال الحريري. لقد قال ص40 أنه سافر إلى الشام وعمده بحيرا.
هل يوجد أحد من نصارى النادي تعمد مرتين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذه هي الأسس التي اعتمدوا عليه لإثبات نصرانية سيدنا محمد.
ألا تشفقون إخواني على هؤلاء الذي بحثوا واجتهدوا ليبحثوا في أصل الإسلام ولم يجدوا أقوى من تلك الأدلة.
أليست تلك شهادة للإسلام بأنه كاملُ!
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد بأن محمداً عبده ورسوله.
ويتابع درة الحداد درره ص335 " وحدهم النصارى من بني إسرائيل والمتنصرون معهم من العرب بزعامة ورقة بن نوفل وعبد المطلب الأول جد محمد الأعلى يقولون بإسلام القرآن لأنه إسلامهم ".
أليس استقسام عبد المطلب بالأزلام عدة مرات دليل شركه .. أم أن الحداد يوافق أن النصرانية شرك.
ومن هو عبد المطلب الأول والثاني وهل هناك أقنوم ثالث لعبد المطلب؟؟!!!
هل تنازل بنو هاشم عن السقاية والرفادة وسدنة البيت الحرام لورقة؟ من قال بذلك؟
كم من مرة كانت تسيل دماء العرب لنول ذلك الشرف العظيم .. وكيف ناله ورقة وآله بتلك السهولة؟!
وأختم قصة زواج سيدنا محمد بطرفة قالها الحريري ص57: " ولكن، لابد لنا أن نسأل لا عن نبوة محمد، بل عن نبوة خديجة .. ".
فالإله مصدر الوحي هو ورقة والنبي هي خديجة أما محمد فـ ......
الحريري277: " وهنا تبرز خصوصاً تلك الشخصية الجبارة التي لعبت الدور الأول في هداية ورقة ".
علاقة ورقة بالوحي:
الحريري ص65: " لقد أراد القس أن يكون محمد خليفة له على عمله الروحي بين العرب ويحافظ على استمرارية النصرانية .. ".
وص194: " جل همنا أن نقدم الدليل للمرة الألف على أن القرآن العربي هو قراءة ميسرة للكتاب الأعجمي وعلى أن محمداً لم يكن ليعرف أية لغة أعجمية .. ".
(يُتْبَعُ)
(/)
تلك مهمة ورقة التي نجح بها كما قال الحريري ص205: " تحقق على يد القس والنبي فمرده إلى جمع الفرق والشيع والأحزاب النصرانية المنتشرة في مكة والحجاز آنذاك وجعلها دينا واحدا وأمة واحدة وما الإسلام في حقيقته وجوهره إلا دين التوحيد ".
وهنا نلاحظ التناقض الواضح الفاحش:
محمد نصراني ابن نصراني ابن نصراني (الحداد291) فكيف يحتاج شخصاً كان عريقا في الوثنية ولم يتنصر إلا في سني حياته الأخيرة. فمن الأحق بتعليم الآخر والجدر بذك؟؟؟!!
لماذا احتاج محمد إلى ورقة لو كان محمد نصرانياً ابن نصراني ابن نصراني؟؟
ورقة الذي حابا الوثنيين حتى لا يلاقي نفس مصير زميله الشجاع زيد بن عمرو الذي قتله عباد الأصنام وتركو ورقة؟؟ لماذا تركو ورقة وقتلوا زيداً فقط؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ما علاقة ورقة العجوز الكبير في السن العاجز الأصم الأعمى (الحريري ص62) بغار حراء ذلك الغار الذي يقع على قمة جبل النور ذلك الجبل الشاهق العالي الذي يعجز أشد الرجال وأقواهم عن صعوده إلا بشق النفس؟؟
ثم لو كنت النصرانية عريقة في مكة فلماذا رحل ورقة وأصدقاؤه خارجها بحثاً عن الدين الحنيف؟
يقول الحداد ص316: " فنحن مدينون بنبوءة محمد النبي العربي إلى زعماء النصرانية بمكة ".
هل اعترف الحداد بنبوة سيدنا محمد .... هل لذلك لفظته الكنيسة التي يتبعها، ومنعت قراءة كتابه؟
اللهم ثبت علينا العقل والدين
وفجأة أثناء وجودنا مع هذا الكم الكبير من زعماء النصرانية في مكة يفجر الحريري القنبلة ص34: " ولسنا نجد في مكة في أيام النبي محمد، غير القس ورقة يلازم محمداً طوال أربع وأربعين سنة ".
لا يوجد نصارى في مكة أعلم من ورقة الذي عبد الأصنام 60 سنة؟!
أما ملازمة محمد لورقة الذي كان يلبس طاقية الإخفاء فقد غابت عن أبي جهل وأبي سفيان ومعارضو محمد الذين احتاروا في أصل القرآن ..
هل تتذكرون كم كلمة كتب الزميل الراعي عن ورقة وأثره في أصل القرآن؟؟
وهيا بنا لنلتقي بعداس النينوي:
يقول الحريري ص59: " لم تتوان خديجة عن البحث والاستشارات لتهدئ من روع زوجها فقد كانت تذهب به إلى القس ورقة تارة وإلى عداس النينوي طوراً ثم كتبت خديجة إلى بحيرا تسأله عن جبريل ".
بزعمه: خديجة النصرانية لا تعرف جبريل.
ورقة قس مكة لا يعرف جبريل.
عداس لا يعرف جبريل.
خديجة لا تثق بورقة ولذلك بعثت برسالة إلى بحيرا.
أهملت خديجة كل الجالية النصرانية في مكة وبعثت برسالة إلى بحيرا.
وأختم مع هذا الخلط العجيب لعدة أمور ليس لها علاقة ببعضها:
يقول الحريري ص54: " حاولوا تجنب خطر ما أدركوا وما عرفوا. وما تجنبوه من مخاطر كان إثباتاً أخطر لما نبحث عنه. لقد حاولوا إثبات نبوة محمد فيما هم في الحقيقة يثبتون نبوة القس. والقس قدير على كل شيء في كل حال. أما الذين تعاونوا مع القس وسمعوا نداءه وذهلوا بتدابيره فأولهم وأهمهم زوج النبي وأبو طالب عمه وكفيله. وأبو بكر صديقه الحميم، ووالد خديجة بعد رضاه، وأخوها عمرو، وغيرهم كثير. كلهم انصاعوا لتدابير الله على يد القس ووكيله في مكة واتُخِذوا فيما دبر. وبارك الراهب بحيرا والراهب عداس النينوي وسلمان الفارسي هذا التدبير ".
الله أكبر ولله الحمد
أسأل الله تعالى أن ييسر البحث القادم حول نصرانية مكة في عهد النبوة وتناقضهما في ذلك.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[04 Jun 2005, 10:57 م]ـ
الديانة النصرانية في مكة:
يقول الحريري بثقة بالنفس قل نظيرها ...
" هذه الشهادات وغيرها في كتب السير والأخبار تدل على وجود نصراني واسع في مكة ". ص18.
وص99: " وتشهد كتب الأخبار على وجود مناخ نصراني عام طغى على بيت محمد ".
ولكن .. قال ص105: " فلا شرك إذن ولا جهل بالله ولا إنكار وجوده ولا الوثنية بمعناها الحقيقي كان موجودا في مكة. ولئن طاب لكتاب السير والأخبار إثبات ذلك ".
لنكمل روايته الخيالية " فمكة لم تكن مشركة ولا وثنية ولا جاهلة بالله وبالتالي لم تكن في عصر الجاهلية .. وربما منادمة محمد للرهبان ومعرفته بهم والتجاؤه إليهم في ملماته وصعوباته وأمراضه خير شاهد على إلمام محمد بالنصرانية، أو على تنصره كما عرفنا ".
ولا أدري ما هي التماثيل والأصنام التي كانت حول الكعبة هل كانت (ألعاب البوكيمون)؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف سكت الوثنيون من قريش على النصارى رغم أن الوثنية كانت تدر على قريش الأرباح الهائلة ..
أم ............... دينهم واحد؟؟!!
لاحظ حيرة الحداد ص254 " وما كان قس مكة ورقة بن نوفل ليطوف مع مريده محمد حول الكعبة .. لو كانت الكعبة معبد أوثان ".
هل طردتك الكنيسة لأمر بيسط أيها الأب المسكين ...
لقد دفنت محروماً لأنك (دون أن تدري) كنت بكتاباتك سبباً في هداية بعض شباب النصارى!!!!!!
ها أنت تحت التراب .. كيف ستقابل ربك بتلك الأكاذيب؟؟!!
إذن سيدنا محمد لم يحطم الـ360 صنما التي كانت موجودة حول الكعبة وداخلها يوم الفتح ..
أنا متيقن بأن الحداد والحريري يتحدثون عن شيء آخر لا علاقة له بالإسلام ولا الجاهلية ولا بكل جزيرة العرب .. بل ولم يوجد على سطح الأرض.
هل يؤمنان بوجود حياة على سطح المريخ؟؟!! فيها مكة وكعبة وورقة .... ذلك أقرب للمنطق يا دعاة البحث العلمي.
مشفق والله على طلبة الجامعة التي تحمل اسم الأقنوم الثالث ...
كيف يتحمل طلبة لبنان ما يدرسهم أستاذهم من أغلوطات؟؟!!!
وإن كان معلموهم كذلك فكيف سيتخرجون؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
بأي علمٍ سيناظرون المسلمين؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
واستفد مما يضيف الحداد ص303: " ورقة بن نوفل قس مكة .. والذين يلتفون حوله من عبد المطلب جد محمد إلى أبي طالب عم محمد إلى عبد الله والد محمد إلى السيدة خديجة ابنة عمه. إلى محمد نفسه الذي يدور في فلكه قبل مبعثه، كانوا كلهم نصارى على مذهب النصرانية الإسرائيلية ".
((بدون تعليق))
والآن مع الحلقة الأخيرة من حلقات: تناقضات الحداد والحريري:
يقول ص 290: " إن التعبد والصوم والخلوة ليس من شرع إبراهيم ولا من شرع موسى ولا عادة نصرانية وممارسة الخلوة على انفراد عادة رهبانية ".
ولكنه يقول ص322: " ومنذ زمن المزمور الثالث في الزبور اعتاد أتقياء الله ممارسة الخلوة والنوم في بيت الله ينتظرون منه وحياً .. ".
وخذ هذا التناقض للمدرس الجامعي الحريري:
ص42 " فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده وكان يخلو بغار حراء ". وكرر نفس العبارة ص43.
ولكنه بعد أسطر قليلة في نفس الصفحة قال: " ولكن، لم يك محمد يعرف وحده أهمية الخلوة إعداداً للنفس وانقطاعاً إلى الله لو لم يتعرف على أناس مارسوها قبله ولو لم يتبع في ذلك مسيرة جده وندماء جده أمثال أبي أمية بن المغيرة والقس ورقة بن نوفل وغيرهما فعن هؤلاء أخذ محمد الطريقة وعلى خطواتهم سار في إعداد حياه الروحية ورسالته العلنية إلى الناس ".
وبعد أسطر يقول: " ولا نعرف بالحصر مقومات خلوة محمد في غار حراء ولا كيفيتها ".
ثم يكتشف أنها معروفة محصورة في نقاط محددة ص45 " وفي كتب السيرة وصف لها بما يتفق والتقاليد النصرانية في ذلك الحين ".
ثم يعددها: وهي التحنف، الزهد والانقطاع عن الناس، الصيام، أعمال البر والإحسان، شهر رمضان، الطواف حول الكعبة.
ثم يقول ص46: " هذه بعض مقومات خلوة النبي في غار حراء كلها عادات نصرانية .. ".
هل هناك تناقض؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!
رأفة بطلابك يا أستاذ حرام عليكم ..
ونسي انه قال ص43: " كان رسول الله يجاور في حراء من كل سنة شهراً وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية ".
وذكر ص142: " الصيام سنة عامة في كل الأديان والمذاهب ".
وقد صدق الحريري عندما عبر عن نفسيته وهو يحاول اثبات مصدر القرآن بقوله " وجميعنا كنا ضحية بلبلة في الاسلام لا حدود لها ولا نهاية ". ص219.
البلبلة صنعتها يداك وعقلك يا حريري عندما حسبت مصادر دين الإسلام كمصادر دينك.
هذه البلبلة صدر عنها اعتراف الحريري بنجاح دعوة سيدنا محمد حيث قال ص200 " لقد نجح القس في ذلك وتوقف نجاحه على نجاح تلميذه ونجح التلميذ ومآثر نجاحه يدل عليها أثره الكبير في تاريخ العالم ".
احذر يا أستاذ قزي كي لا يخسرك طلاب الجامعة بعد ان تلفظك كما لفظت الكنيسة صديقك اليبرودي.
ومن سيعلم طلابكم خفايا الإسلام وأصول القرآن .... بعدكم أيها الأب العلامة.
الحمد لله رب العالمين على نعمة الصراط المستقيم
اخواني المسلمون:
بعد كل هذا .... لنقرأ معاً سورة الفاتحة ونتفكر في معانيها وخاصة آخر آية منها.
بتصرف عن كتاب:
القرآن ليس دعوة نصرانية، الدكتور سامي عصاصة، دار الوثائق، دمشق، 2003م.
-------------------------------
إخوتي الأفاضل: أعتذر منكم مرة أخرى لبعض (الشطحات الاستفزازية) الضرورية في منديات الحوار الديني.
ولضيق الوقت لم (أنقحها) لتكون أليق بناديكم الكريم.
وعزائي أنكم أهل العلم والفضل
مع محبتي
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[19 Dec 2005, 02:05 ص]ـ
بارك الله في الشيخ عبد الرحيم وأمده بتأيده.
قد قال ابن حزم أن الله نفعه بمحك أهل الجهل له, فكان ذلك سببا في ظهور تواليف له عظيمة المنفعة وأنه لولا استثارتهم لكامنه وقدحهم لزناده لما نشط لتأليفها, ولا غرو فقد كان قدوم القسيس فندر لتركية زمن السلطان عبد الحميد سببا في ظهور كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[19 Dec 2005, 09:50 م]ـ
أضحك الله سنك أخي الكريم ..
أكرمكم الله .. حنانيك علينا أين أنا من رحمة الله الهندي!! رحمه الله تعالى وجمَعَنا به أنا وأنت وأحبابنا .. إخواناً على سرر متقابلين,,
لكن مداخلتك أسعدتني وأضحكتني كثيراً حيث عادت بي الذاكرة إلى ردي على تلك الشبهة، ولو رأيتني حين كان يسيل القلم سيلاً وتهدر (لوحة المفاتيح) هدراً .. يكاد يطير قلبي لها فرحاً!!!
لتكتمل لسيادتكم صورة مشاعري تجاه هذه الشبهة، فقد زارني في البيت أحد الإخوة الدعاة العاملين في المدارس والمساجد، وأحد أبرز مقرئي القرآن في بلدتي الصغيرة ..
أطلعْتُهُ على ((بعض)) الشبهات ـ كعادتي حين أضيِّف الأعزاء فلا يكررون الزيارة!! ـ، فخرج لا يلوي على أحد ... وأضحى كلما رآني في المسجد يقول: ما زلتَ مسلماً؟!!!
وفي إحدى المرات شاهدته من بعيد فغمزته: ما زلتُ مسلماً والحمد لله، ألا تريد زيارتي؟!!
من أكثر ما ساءني استدلالهم بشهادات لعدد من المتسمين بأسماء المسلمين .. ومنهم محمد عزة دروزة في كتابه: " القرآن المجيد ".
ذكر (الأستاذ الحداد) عن كتاب: " القرآن المجيد " شبهات .. من كثرة عجِيبِها، غلبَ على ظني أن (دروزة) حاله كحال نصر أبو زيد وخليل عبد الكريم .. الخ وبدأت أصوغ الخطوط العريضة لردودي على أساس الرد عليه وعليهم.
ثم شرح الله صدري أن أبحث في ترجمته أو على الأقل الاطلاع على أفكاره من كتبه، وهي للأسف في غالبها مفقود (أو بأحسن الأحوال، ما يسمى: أوائل الطبعات).
حتى المكتب الإسلامي الذي نشر كتاب (المبشرون والقرآن) لا يعلمون عن الكتاب شيئاً رغم أنهم طبعوه مرتين في أوئل السبعينات!
والكتاب الوحيد المتاح، وُضعَ عليه إشارة (محظور) في المكتبة العامة.
لمصلحة من يُغيَّب كتاب مثله تتجاوز صفحاته 450 صفحة؟!
ثم عثرت على مذكراته وهي ست مجلدات من القطع الكبير وإذ به أحد أعلام الجهاد المنسيين في فلسطين .. وإذ بكتابه يحوي قصصاً وحوادث برَّرت سبب عدم ذكره في إعلامنا!!
المهم:
في المكتبة الظاهرية بدمشق ـ وهي تشتهر باحتوائها أوائل الطبعات ـ وجدت الكتاب الذي أكثرَ الأستاذ الحداد النقل عنه: " القرآن المجيد ". ط المكتبة العصرية / بيروت (د. ت)
وجدته كتاباً صغير القطعِ قليل الصفحات (حوالي 130 بحسب ذاكرتي) بدأت (الرطوبة) تأكل من صفحاته الصفراء .. فقررت أن أسبقها وقراءته كله عدة مرات، والتركيز على مظان مواضع الشبهات.
وإذ بالرجل لا يقول شيئاً يخالف الحق!! وحتى عند حديثه عن " ما يسمونه ـ عن قصد ـ (جمع) القرآن الكريم في عهد سيدنا عثمان " .. تجده تعامَلَ معها بموضوعية ونزاهة ..
شعرت بالحرج، وترحمت على دروزة .. وقررت ألا أغادر دمشق إلا بعد الاطلاع على " القرآن والمبشرون " مهما كان الثمن ..
وبعد عدة أمور (بيني وبين ربي) وإذ بالمكتبة العامة ترفع الحظر عن الكتاب وتسمح بالاطلاع عليه .. وإذ بالكتاب كما توقعت ...
والحمد لله الحنان المنان ذي الجلال والإكرام، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...
وإليكم جزءاً من أطروحتي، ذكرت فيه بعضاً من شبهاتهم التي نسبوها ـ تقليداً لأستاذهم الحداد ـ إلى (دروزة) وهو منها براء ..
-------------------------
لقد أخطأ كتاب صفحات الإنترنت التنصيرية الاختيار ـ كالعادة ـ، ولكن خطأهم التالي أشد وأفدح.
فهم لم يتورعوا حتى عن التزوير عند النقل عن علماء المسلمين المعاصرين لهم، قبل موتهم!!
انظر مثلاً ما فعلوه بما يكثرون من نقله عن الأستاذ محمد عزة دروزة، وقد شاءت حكمة الله تعالى أن يعمي بصيرتهم؛ ليفضحهم .. حيث قاموا بذلك التحريف في حياته!! لذا فقد ألَّف بنفسه كتاباً لبيان ذلك التحريف والبتر أسماه " القرآن والمبشرون ". رد فيه على بتر وتحريف المدعو: " الأستاذ الحداد " عند النقل عن كتابات دروزة، في سلسلة الحداد المسماة: " دروس قرآنية ".
ومن العجيب أن تلك النصوص ما زالت مواقع الإنترنت التنصيرية مصرَّة على نقلها عن الأستاذ الحداد محرَّفة، مبتورة عن سياقها .. رغم أن دروزة ـ رحمه الله ـ رد عليهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك ما جاء في صفحة (هل القرآن معصوم؟): أثناء الحديث عن حالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين نزول الوحي: " وقال علماء المسلمين إنه كان يُؤخذ من الدنيا (القرآن المجيد لدَرْوزة) ... لما أُصيب المسلمون باليمامة فزع أبو بكر، وخاف أن يذهب من القرآن طائفة، فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم (القرآن المجيد دروزة ص54) ". [1]
ومما حرَّفت صفحة (أكذوبة الإعجاز العلمي) في النقل عن كتب دروزة، ومما جاء فيها: " وقد فصّل الأستاذ دروزة " موقف القران السلبي" من المعجزة، في (سيرة الرسول 225 - 226) قال: وقف الزعماء إزاء هذا الموقف القراني من تحديهم، واخذوا يطالبون النبي ص. بالمعجزات والآيات برهانا على صدق دعواه اولا؛ ثم اخذوا يدعمون مطالبهم بتحد اخر، وهو سنة الانبياء السابيقن الذين جاؤوا بالآيات والمعجزات (الإسراء 90 – 93؛ الحجر 6 - 7؛ الفرقان 7 - 8؛ القصص 48؛ الانبياء 5 ولا نغدو الحق اذا قلنا إن المستفاد من الايات القرانية المكية أن الموقف تجاه هذا التحدي المتكرر كان سلبيا ... ".
لكن، من يقرأ ما كتبَ دروزة في تحليله لموقف المشركين من معجزة القرآن الكريم، يجد قوله: " وننبه مع ذلك، إلى أن الموقف السلبي الذي تمثله النصوص القرآنية، لم يكن سلبياً بوجه عام .. أما من ناحية الحِجاج والبرهنة والتدليل والتنبيه إلى أهداف الدعوة النبوية، فإنها كانت إيجابية كل الإيجابية، وهذه نقطة جديرة بالتنبيه في صدد الرسالة المحمدية ". ثم أخذَ يذكر الأدلة في الحكمة من كون معجزة القرآن الكريم فيما يحمله؛ لأنها مزية من مزاياه. تلك المعجزة ترشِّحه للخلود والعموم، بعكس معجزات الأنبياء الأخرى، التي وقعت وانقضت.
رسالة الإسلام حيَّة خالدة، لذا وجبَ أن يكون دليلها حياً خالداً كخلودها. [2]
ومما قال محمد عزة دروزة في مقدمة كتاب " القرآن والمبشرون " فاضحاً تحريف " الأستاذ الحداد " ومَن ما زال ينقل عنه!: " قرأت في صيف سنة 1968م أربعة كتب مطبوعة [3] في مطبعة حريصا البولسية في لبنان لمبشر سمى نفسه الأستاذ الحداد، بعنوان مشترك هو: " دروس قرآنية " ... والخوري مطَّلِع على كتب تفسير المسلمين ... غير أنه جرى على بتر ما ينقل واللعب فيه. حيث يهمل تتمات مهمة، كما ظهر لي يقيناً مما نقله من كتبي (القرآن المجيد) و (عصر النبي) و (سيرة الرسول) التي ينقل عنها كثيراً. حيث أورد روايات منها أوردتها فيها للتفنيد، فرواها دون تفنيدي لها ..
والخوري الحداد وأمثاله أذكى من أن يجهلوا أنهم أعجز من أن ينالوا من القرآن والرسالة الإسلامية ورسولها العظيم .. بل هم يعرفون أن هذه الكتب لن يكون لها رواج بين المسلمين. والمتبادَر أنهم إنما يكتبونها بقصد تشويه القرآن والرسالة المحمدية وتهوينها في نظر بني مللهم؛ إبقاءً لهم على ما هم عليه، ليظلوا مطايا لهم يركبونها، وبقراً يحلبونها، ومدرار منافع ومآرب يجنونها. كما وصفت آية التوبة أمثالهم المتقدمين: " إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ .. (34) " ". [4]
ثم أخذ يُفصِّل الرد على الأب الحداد، في تحريفه عما نقل عنه وعن غيره من المتقدمين والمتأخرين من علماء المسلمين ... بل تحريفه المقصود في نقله عن الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة!! وقد وقع كتاب دروزة في أكثر من أربعمائة وخمسين صفحة.
فإن كان حال " الأستاذ الحداد " أحد أقطاب المنصرين المهاجمين للقرآن الكريم هكذا، فكيف التلاميذ؟! [5]
وصدق الله العظيم " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " [آل عمران: 71].
------------------------------
ملاحظة: تبين لي من خلال تتبع المواضِعِ التي بتَروا فيها أقوال المفسرين عن سياقها .. الخ أنهم يبحثون عن تفاسير ليست بين أيدي العامة كتفسير النسفي الذي نقلوا عنه كثيراً. بكتابة المجلد والصفحة دون ذكر الآية الكريمة .. والطبعة المتوفرة لدي أيضاً قديمة والبحث فيها مزعج لدرجة أن الآيات فيها غير مرقمة!!
وكنت أضطر لقراءة المجلد كاملاً .. وكان كما توقعت فالنسفي ـ رحمه الله ـ بريء مما نسبوا إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا فعلوا بالبتر والتحريف عن كتب دروزة التي يعاني (المختصون) صعوبة في إيجادها، فكيف بالعامة .. وهم غالب رواد الإنترنت؟!
هوامش:
===================================
[1] قام الباحث بقراءة كتاب: " القرآن المجيد " عدة مرات ولم يجد عبارة: " يؤخذ من الدنيا ". وخاصة ما كتبَ تحت عنوان: " الوحي الرباني والوحي القرآني "، ص15 - 28. أما ما ذكرَ دروزة من روايات حول جمع القرآن الكريم ـ وسبق مناقشتها في الفصل الثاني من الباب الأول ـ، فقد قسمها إلى أربع مجموعات، ثلاث منها للروايات وجعل القسم الرابع للحكم عليها، ووضع له عنوان: " تعليقات على الروايات والأقوال وترجيح تدوين وترتيب القرآن في عهد النبي، ومرجِّحات ذلك ". وجاء أول القسم الرابع: " ومن الحق أن نقول: إن ما في المجموعات الثلاث التي أوردناها، ما ليس موثَّقاً بالإسناد القوي، وما يتحمَّل النظر والتوقف ... ". ثم أخذَ يفصِّل في الرد على الشبهات التي توهِم وقوع الخطأ في جمع القرآن الكريم. انظر: ص 74 وما بعدها.
[2] انظر سيرة الرسول / صور مقتبسة من القرآن الكريم، محمد عزة دروزة، مطبعة الاستقامة، القاهرة، ط1، 1948م. ص225 - 236.
[3] هي كما ذكَر: الإنجيل والقرآن، والقرآن والكتاب / الجزء الأول، والقرآن والكتاب / الجزء الثاني، ونظم القرآن والكتاب.
[4] القرآن والمبشرون، محمد عزة دروزة، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1973م، ص6 - 15.
[5] ومن أشهر تلاميذه المعاصرين، صاحب أشهر المواقع التنصيرية على الإنترنت، القمص " زكريا بطرس " الذي ظهَرَ كثيراً بعد منتصف الليل على فضائية " الحياة " التنصيرية، في دروس متسلسة لنقد القرآن الكريم (قبل إصابته بمرض السرطان وانقطاعه عن لقاء الناس)!! ومن تابعها وجد وضوح التحريف وبتر النصوص.
مثلاً: قال بتاريخ 11/ 9/2005م: " القرآن قال: " رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ " حد وهو يصلي يقول: والعنهم؟ إحنا لما بنصلي بنقول: باركهم، لكن ده: " وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا " ". ومن يعود إلى سورة الأحزاب يجد أن ذلك من حديث الكفار في النار: " يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68) ".
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[20 Dec 2005, 07:42 م]ـ
لك ما تحب يا شيخ عبد الرحيم
فانظر المشاركة التي ستأتي(/)
منقول من كتاب (أكذوبة الإعجاز العلمي)
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[05 Jun 2005, 01:41 ص]ـ
هذا الموضوع منقول من (أكذوبة الإعجاز العلمي) الموجود على هذا الرابط: www.alkalema.net/meracl
الذي بعث به الأخ الكريم الباحث عبد الرحيم، جزاه الله خيرًا.
مقدمة
في إيمان المسلمين ان الإعجاز العلمي قي القرآن مستمر إلى يوم القيامة، فلا يمر عصر من الإعصار (هكذا وردت) إلا ويكتشف العلماء شيء مما أخبر به القرآن.
لقد أصبحت مسالة الإعجاز العلمي في القرآن عقيدة إيمانية ثابتة مثلها مثل أي عقيدة في الإسلام.
إنه الكتاب الذي حوى بين دفتيه جميع العلوم والمعارف الإنسانية.
هو الكتاب الذي حوى بين دفتيه أخبار الماضي والحاضر والمستقبل.
وللمسلمين المعاصرين أبحاثا لا عد لها في هذا العلم (الإعجاز البياني)، وأخصهم السيد رضى، والإمام الشيخ محمد عبده، وسيد قطب في كتابه التصوير الفني في القرآن، والدكتور مصطفى صادق الرافعي في (إعجاز القران)، وقد ركز هؤلاء على الإعجاز البياني والبلاغة والفصاحة، كما ركز غيرهم على إعجاز القرآن في العلوم الحديثة، كالطب والفلك، إلخ.
يقول: أنور الجندي في كتاب الإسلام على مشارف القرن الخامس عشر: " أن ما يداوله العالم اليوم من فلسفة وعلوم إنما هو من نتاج الفكر الإسلامي أصلاً، وأن القرآن كان بحق هو مصدر المصادر في منهاج العلوم التجريبية والاجتماعية جميعاً" (الإسلام على مشارف القرن الخامس عشر ص250).
ويقول: يوسف مروه في كتاب العلوم الطبيعية في القرآن ص69 "هذا القرآن العظيم نجد فيه ما يؤيد ويدعم مواضيع العلم الحديث: من تجزئة الذرة، وثنائية المادة، والأشعة الكونية، وطبقات الجو، والضغط الجوي، وتركيب الماء والهواء، ولغة الحشرات، وبصمات الأصابع، والكائنات المجهرية، وعدم فناء المادة، وغزو الفضاء، والذبذبات الصوتية، والنقل البعيد، والرؤية عن بعد (التلفزة) إلى غير ذلك من حقائق العلم الحديث".
ويقول أحمد سلمان في كتابه (القرآن والطب): لقد تناول القرآن بالبحث كل المعارف والعلوم الممكنة تناولا شاملا جامعا مانعا. (راجع القرآن والطب 120 - 121).
عن أبي مسعود قال: من أراد العلم فعليه بالقرآن فان فيه خبر الأولين والآخرين: قال البيهقي: أراد به أصول العلم.
عن ابن مسعود قال: أنزل في هذا القران كل علم، وبين لنا غاية كل شئ، ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرن: (أخرجه ابن جرير وابن ابى حاتم وغيرهم عن ابو هريرة قال: قال رسول الله: ان الله لو غفل شيئاً لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة. (راجع كتاب حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين 1/ 35).
وقد قيل: ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى إن بعضهم استنبط عمر النبي ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى في سورة المنافقين: {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها}: فإنها رأس ثلاث وستين آية وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
وقال المرسى جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط به علما حقيقة إلا المتكلم به ثم رسول الله خلا ما استأثر به سبحانه ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة ومثل ابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله. (راجع المصدر السابق/356).
وقد قيل أيضا: إن علوم القرآن قد بلغت: خمسين علماً وأربعمائة علم وسبعة آلاف وسبعون ألف علم على عدد كلم القران مضروبة في أربعة إذ لكل كلمة ظهر وبطن وحد ومقطع. (راجع المصدر السابق 1/ 352).
لقد تحدى القرآن الكريم جميع البشر بمن فيهم النصارى واليهود أن يأتوا بسورة من مثله فلم يستطع أحد أن يقوم بذلك.
فقد اقتضت الحكمة الإلهية ان تبقى القرآن معجزة خالدة حتى تتم الحجة على جميع الأجيال إلى ان تقوم الساعة ولم يثبت دوام ذلك إلا للقرآن الكريم.
لم يختص أي نبي بما اختص به النبي محمد من خلال القرآن الكريم.
والدين الخاتم لا بد له من معجزة خالدة تؤازره على مر الأيام والعصور وتعاقب الأجيال (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولله الحجة البالغة).
(يُتْبَعُ)
(/)
وللقرآن الكريم ميزة امتاز بها دون سائر الكتب السماوية والمعجزات الأخرى للنبي, وهي ان سائر المعاجز (هكذا وردت) لا تثبت شيئا إلا ان يكون معها مدعي النبوة لكي يأتي بالمعجز إذا سئل.
أما القرآن الكريم فانه يقوم بنفسه وبغياب من انزل عليه (ص) بالتحدي فيطرح بنفسه الدعوة ويتساءل عن برهانها ويثبتها بنفسه ويتحدى الناس على الإتيان بمثله ويدينهم ويبين عجزهم وهذه الخصية لا توجد في أي معجزة أخرى.
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}. البقرة 23.
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ}. يونس 38.
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}. هود: 13.
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء: 88.
{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.القصص: 49.
{لْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}. الطور: 33 - 34.
ان فكرة إعجاز القرآن هي فكرة غريبة عن الإسلام، إنها فكرة مستحدثة أحدثها المسلمون في أواخر القرن الثالث الهجري والقرن الرابع.
يقول ابن تيمية في كتاب الإيمان: ان تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة. وظهرت أوائله في المائة الثالثة. وما علمته موجودا في المائة الثانية. (راجع نظم القران والكتاب للأستاذ الحداد ص 5).
وقد قيل ان الجاحظ هو أول من وضع بحثا فيه. (راجع عالم المعجزات لابو موسى الحريري ص 204).
نحن لا ننكر أن القرآن والسنة قد أيدوا العلم وشجعوا العلماء ورفعوا من مكانتهم وجعلوهم ورثة الأنبياء!. الذي يخشاهم الله الماكر الشديد البطش والتكبر بحسب المصطلح القرآني!. {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فاطر: 28. (راجع: ال عمران: 54 والأنفال: 30 البروج: 12 الجاثية: 37 الحشر: 23. راجع بخصوص العلم: (بقرة: 151 وآل عمران: 7 و18 - 19 النساء: 113 و162 الأنعام: 91 و82 يونس: 39 والحج: 54 والعنكبوت: 43 وسبأ: 6 وفاطر: 19 و28 والزمر: 9 والشورى: 14 الرحمة: 1 - 2 يوسف: 76 المجادلة: 11.
عن أنس قال: قال رسول الله {طلب العلم فريضة على كل مسلم}.
وقال الحسن: قال رسول الله (إنما مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا رآها الناس اقتدوا بها , وإذا عميت عليهم تحيروا).
عن أبي هريرة قال: سمعت النبي يقول: {الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم} رواه الترمذي وابن ماجه.
لكننا ننكر وبشدة بأن يكون العلم الذي شجعه ورخص به القرآن والسنة هو العلم بمعناه العلمي والواسع، كما يدعي المسلمون.
لقد فات أصحاب نظرية الإعجاز العلمي في القرآن أن العلم المنسوب للقران والمرخص به شرعا هو علم الفقه أو التفقه في الدين والمحصور في القرآن والسنة كما جاء في الحديث الصحيح: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).متفق عليه. وليس العلم بمعناه العلمي والواسع كما يزعم المنتمون للأمة الأمية. انه العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم، والمحصور في القران والسنة.
إنه علم النواهي والمحرمات،علم المذموم والمكروه والضعيف والمدسوس والحسن انه علم السنة (الحديث)!. وليس العلم بمعناه الحديث والواسع كما يدعي المنتسبون إلى الأمة الأمية.
نقول: اختلف الناس (المسلمون) في العلم الذي هو فرض على كل مسلم، فتفرقوا فيه إلى أكثر من عشرين فرقة، ولا نطيل بنقل التفصيل، ولكن حاصله: ان كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده، فقال المتكلمون: هو علم الكلام، إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله وصفاته.
وقال الفقهاء: هو علم الفقه إذ به تعرف العبادات والحلال والحرام وما يحرم من المعاملات وما يحل.
وقال المفسرون المحدثون هو علم الكتاب والسنة، إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها والذي ينبغي ان يقطع به المحصل ولا يستريب فيه هو ان العلم ينقسم إلى علم معاملة وعلم مكاشفة، وليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمعاملة التي كلف العبد العاقل بها ثلاثة: اعتقاد، وفعل، وترك؛ فإذا بلغ الرجل العاقل باحتلام أو السن ضحوة نهار مثلا فأول واجب عليه تعلم كلمتي الشهادة ومنهما وهو قول: لا اله إلا الله، محمد رسول الله، وليس يجب عليه ان يحصل كشف ذلك لنفسه بالنظر والبحث وتحرير الأدلة، بل يكفيه ان يصدق به ويعتقده جزما من غير اختلاج ريب واضطراب نفس، وذلك قد يحصل بمجرد التقليد والسمع من غير بحث ولا برهان؛ إذ اكتفى النبي من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل. (إحياء علوم الدين 1/ 14. (
من هنا وحرصاً على مصلحة المسلمين وخوفاً على إيمانهم القويم ودينهم العظيم،
" فإن الخوض في علم لا يستفاد الخائض منه فائدة هو مذموم ... والخوض فيه حرام. لهذا يجب كف الناس -أي المسلمين- عن البحث وردهم إلى ما نطق به الشرع". (أحياء علوم الدين 1/ 3)
عن جماعة منهم حبيب بن أبي ثابت وسماك بن حرب وقال يزيد بن هارون: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يردنا إلا إلى الله.
وعن ابن المبارك قال: ما من شيء أفضل من طلب العلم لله وما من شيء أبغض إلى الله من طلب العلم لغير الله.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله {من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة} ورواه أبو داود.
عن ابن عمر مرفوعا {من تعلم علما لغير الله , أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار} رواه الترمذي.
وعن جابر مرفوعا {لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا لتحدثوا به في المجالس , فمن فعل ذلك فالنار النار} رواه جماعة منهم البيهقي , وانفرد به ابن ماجه عن الكتب الستة فرواه محمد بن يحيى عن سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر.
وعن كعب بن مالك مرفوعا {من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار} رواه الترمذي.
وفي مسلم عن أبي هريرة مرفوعا حديث {الثلاثة الذين يؤمر بهم إلى النار وهم المجاهد المرائي ليقال إنه جريء , والمنفق المباهي ليقال إنه جواد , والرجل الذي يقول تعلمت العلم وقرأت القرآن , فيقول الله كذبت إنما أردت أن يقال فلان جريء وفلان قارئ وقد قيل, ثم يسحب على وجهه حتى يلقى في النار.
وعن زيد بن أرقم مرفوعا كان يقول: {اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع , وقلب لا يخشع , ونفس لا تشبع , ودعوة لا يستجاب لها} ورواه أبو داود.
عن أبي بردة مرفوعا: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ماذا عمل به , وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه}؟ إسناده جيد.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه.
عن أبي موسى الأشعري مرفوعا يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء: إني أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم , انطلقوا فقد غفرت لكم وقال: يقول الله عز وجل: لا تحقروا عبدا آتيته علما فإني لم أحقره حين علمته.
وفي الصحيحين عن معاوية مرفوعا: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
وعن عمر مرفوعا {إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين}.
وعن أبي هريرة مرفوعا {من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة} رواهما مسلم.
وعن أبي أمامة مرفوعا: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم, إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير. رواه الترمذي.
وعن أبي الدرداء مرفوعا {إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء , وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب , وإن العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر} رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. راجع باب العلم في جميع كتب الحديث.
عن ابن سيرين قال: العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم؟ ذكره مسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال مالك: لا يؤخذ العلم عن أربعة ويؤخذ عمن سواهم , لا يؤخذ عن معلن بالسفه , ولا عمن جرب عليه الكذب , ولا عن صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه , ولا عن شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به.
وقال مالك أيضا: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم , لقد أدركنا في هذا المسجد سبعين ممن يقول قال فلان قال رسول الله وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان أمينا عليه فما أخذت منهم شيئا , لم يكونوا من أهل هذا الشأن. راجع الآداب الشرعية 2/ 146 - 147.
أن العلم المنسوب للقران والمرخص به شرعا هو علم الفقه أو التفقه في الدين والمحصور في القران والسنة كما جاء في الحديث الصحيح _ من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.متفق عليه_ وليس العلم بمعناه العلمي والواسع كما يدعي المسلمين.
لقد تحدى القرآن الكريم جميع البشر فلم يستطع أحد ان يقاوم ذلك التحدي
والسؤال هو: ما هي شروط هذا التحدي؟ لا يعقل أن تتحدى شخص ما بأن يأتي بمثله دون أن تحدد الشروط، ودون أن تحدد " بمثله " في ماذا؟ اللغة، الشرائع، ...
مجرد سؤال
هل الإعجاز في المعنى أم في بناء الجملة أم في النحو أم البلاغة أم أنه في جميعها؟
وهل هو خاص بالعربية وأهلها فقط أم أنه أيضاً قائم في حال الترجمة؟
لقد فات أصحاب نظرية الإعجاز العلمي في القرآن أن العلم المنسوب للقران والمرخص به شرعا هو علم الفقه أو التفقه في الدين والمحصور في القران والسنة كما جاء في الحديث الصحيح - من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.متفق عليه- وليس العلم بمعناه العلمي والواسع كما يزعم المنتمون للأمة الأمية. انه العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم، والمحصور في القران والسنة.
إنه علم النواهي والمحرمات،علم المذموم والمكروه والضعيف والمدسوس والحسن انه علم السنة (الحديث)!. وليس العلم بمعناه الحديث والواسع كما يدعي المنتسبون إلى الأمة الأمية.
هذا ما سوف نعمل جاهدين على إظهاره من خلال صفحاتنا هذه. وذلك من خلال الآثار الإسلامية الصحيحة.
عودة(/)
مَن ينقذ القرآن الكريم مِمن يعملون على تحميله مالا يحتمل؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[05 Jun 2005, 07:08 م]ـ
عجيب أمر غير المتخصصين من المسلمين، كيف يسمحون لأنفسهم بتناول القرآن الكريم الذي نزل لهداية البشر على أنه أرقام نزلت لـ ... (غير ما أنزلت من أجله)؟
فقد جعلوا منه مجرد أرقام وحسابات متناسقة مما يُذهِب هيبته، وأثره في النفوس.
فاستبدلوا العظة من القصص بأرقام ... مجرد أرقام.
وكذا فعلوا بأدلة التوحيد، وأحكام الشريعة ...
ثم يقولون " إنه إعجاز عددي ".
كلا: إنه بدعة البهائية ومن خدعتهم
إخوتي الأكارم، ما رأيكم بالموجود هنا:
http://www.alargam.com
ـ[سلطان الدين]ــــــــ[07 Jun 2005, 11:17 ص]ـ
أخي عبدالرحيم
هناك إطلاقات لاينبغي التلفظ بها , من ذلك قولك - وفقك الله - (مَن ينقذ القرآن الكريم)!!
القرآن كلام الله وصفة من صفاته , فهل يُنقذ كلام الله أو صفة من صفاته من بعض خلقه!! أرجو تأمل قبح العبارة!
ومن ذلك كتاب لبعض طلاب العلم أسماه (آيات مظلومة) فمن ذا الذي يجريء على ظلم الله أو صفة من صفته = والله يقول (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[07 Jun 2005, 02:50 م]ـ
بسم الله الرحم الرحيم
حين نريد التكلم عن القرآن، فاننا ننطلق من ثابت أكيد في قلب كل مؤمن وعقله، ألا هو:
أن القرآن كلام الله العليم الحكيم.
ومُقتضى هذه البدهية الراسخة، أن كلام الله هو المثال على تمام الحكمة وتمام العلم، و آية على عظمة صاحبه وهو الله سبحانه.
من هنا كان لكل كلمة في القرآن مرادها، ومعناها، ومكانها، ومركزيتها ..
ومن هنا كان مفهوم التوقيفي في القرآن مفهوم بديهي، يتناسب وكلام العليم الحكيم.
وبالتالي، فأن يكون في القرآن هذا الطيف الشامل للأعداد، و الأرقام،و مرات التكرار .. فذاك تدبير اللطيف الخبير (بما يعني اللطف من الدقة)
وأن تكون ترتيب السور و الآيات وأعدادها بهذا الشكل، فلا يُنكر حكمته و أنه آية من آيات الله في كتابه،أقول: لا يُنكر ذلك إلا جاهل جاحد!
و أما ما يفعله البعض من (خلط الأرقام) بعمليات حسابية متنوعة،
هي أقرب إلى الخلط منها إلى الحق .. والله أعلم!
وقد يكون هذا باب علم متكامل عظيم، لكن ما يحدث في واقعنا – ما زال –خلطاً!!
فمتى يتحول هذا الحساب إلى علم؟؟
1 - إذا كان بهدف! فلا بد من هدف واضح وراء إجراء أي معادلة حسابية. كأن يكون الهدف هو حساب عمر الأمة الفلانية، أو النبي الفلاني، ... الخ.
-2 أن يكون هناك قواعد ثابتة مضطردة، تنطبق حيث طبقتها في القرآن على مثل الهدف الذي سبق لك اختياره .. فمتى تضرب؟ ومتى تقسم أو تجمع أ, تطرح؟!! ومتى تستخدم حساب الجُمّل، ومتى تستخدم عدد التكرار أو رقم الآية أو الكلمة؟ ومتى تبدأ العد من أول القرآن، ومتى تبدأ العد من أول السورة؟!!
وحتى يكون ذلك! أرى كثيراً مما يُسمى" إعجازا" عددياً هو مجرد خلط أرقام وتكلف ..
ولا أُنكر أن منه ما هو مُحكم واضح صريح، يُصدق ويُحدث به.
وهو البسيط بلا تكلف ... و أمثلته كثيرة لمن أراد البحث.
و أرى أن تراعى جميع أوجه القراءات قبل الحديث عن أي استنتاج عددي.فهذا أولى
، فلسنا مضطرين لمثله حتى نترك نصاً أو وجهاً من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، فينضبط لنا استنتاج ما!!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[08 Jun 2005, 06:46 م]ـ
وهل هذا من الإعجاز؟
http://www.bilal-prayer.com/Quran.html
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[27 May 2006, 10:26 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي عبد الرحيم,
وتاريخ أمثال هؤلاء الجهلة المساكين, ((خليط من المتناقضات: المعتزلة والصوفية والأشعرية الخ وكما ترى يجمعهم الجهل بالدين وأهله)) أظنه قديم, حسب ماقرأت في أحد كتب القرن الثامن أو التاسع وليست مشكلة عصرية, وغالباً منسؤها المرض النفسي وأحلام اليقظة لبعض الفاشلين,
جاهدوهم بما تستطيعون
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[30 Jul 2006, 01:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخوي الأستاذ عبد الرحيم، ما تطلبه صعب المنال لأن جذوره مرتبطة بقضية الصراع والتدافع بين الحق والباطل هذا عندما تكون هناك نية سيئة لقلب معاني القرآن، ولكن الجهل والتعالم قريب من هذا أيضا.
والذي يهمنا في هذا أن نحصن أنفسنا، وأن تكون عندنا الفهم الكافي لكتاب الله تعالى لكي نذود عنه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
وهذه المسألة في واقع الأمر قديمة جدا، فالتلاعب بالقرآن وتحميله ما لا يحتمل ولي أعناق النصوص ليست وليدة الساعة، وصنيع اولئك لن يغير شيئا إن شاء الله تعالى بعد قيام بواجب التعريف بكتاب الله، فالله تكفل حفظ القرآن، وكفى به حافظا ونصير، ولكن ذاك لا يعفينا من مهمة الانتصار له.
ول
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[30 Jul 2006, 01:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الأستاذ عبد الرحيم، ما تطلبه صعب المنال لأن جذوره مرتبطة بقضية الصراع والتدافع بين الحق والباطل هذا عندما تكون هناك نية سيئة لقلب معاني القرآن، ولكن الجهل والتعالم قريب من هذا أيضا.
والذي يهمنا في هذا أن نحصن أنفسنا، وأن يكون عندنا الفهم الكافي لكتاب الله تعالى لكي نذود عنه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
وهذه المسألة في واقع الأمر قديمة جدا، فالتلاعب بالقرآن وتحميله ما لا يحتمل ولي أعناق النصوص ليست وليدة الساعة، وصنيع اولئك لن يغير شيئا إن شاء الله تعالى بعد قيام بواجب التعريف بكتاب الله، فالله تكفل حفظ القرآن، وكفى به حافظا ونصيرا، ولكن ذاك لا يعفينا من مهمة الانتصار له.
ول
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجندى]ــــــــ[01 Aug 2006, 03:39 م]ـ
الاخوة الكرام
قد مر علينا مثل هذه النوعية فى منتدى التوحيد فهل نحيلهم عليكم لتناقشوهم فيما ذهبوا اليه؟
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[01 Aug 2006, 10:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام يتعين أن لا نشغل أنفسنا بحروب وهمية وهامشية في الوقت نفسه، و يتعين علينا أن نعلم أن القرآن الكريم هو هداية الله تعالى للناس أجمعين، باختلاف أنواعهم وأجناسهم ومشاربهم الثقافية، وتخصصاتهم العلمية. وعليه فإن حقيقة إعجاز القرآن الكريم تتمثل في أن كل إنسان يجد فيه ضالته، فالمسألة في اعتقادي مرتبطة بفهمنا لطبيعة القرآن الكريم، وإشكالية تلقيه (" نظرية التلقي " أو ما يمكن أن نصطلح عليه بجمالية تلقي الخطاب القرآني). و العبرة بالحجة والدليل. أما إلقاء القول على عواهنه، واتهام الناس في صدق توجههم، و التشكيك في نواياهم، ونسبتهم للفرق الضالة دون سند مقبول، فإن ذلك أمر مجاف للحق و الحقيقة، للأننا نعرف من الإخوة من يبحث في الإعجاز الرياضي للقرآن الكريم وهم من الإخوة العلماء الأفاضل المشهود بصدق توججه، فلماذا كل هذا التحامل، ولصالح من نقوم بذلك، ولماذا نريد أن نحجر الواسع.
ـ[ناصر]ــــــــ[02 Aug 2006, 05:08 ص]ـ
أخي عبدالرحيم
هناك إطلاقات لاينبغي التلفظ بها , من ذلك قولك - وفقك الله - (مَن ينقذ القرآن الكريم)!!
القرآن كلام الله وصفة من صفاته , فهل يُنقذ كلام الله أو صفة من صفاته من بعض خلقه!! أرجو تأمل قبح العبارة!
ومن ذلك كتاب لبعض طلاب العلم أسماه (آيات مظلومة) فمن ذا الذي يجريء على ظلم الله أو صفة من صفته = والله يقول (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
إذا أمكن أن تشرحوا لي معنى كون القرآن صفة من صفات الله, و جزاكم الله خيرا.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Aug 2006, 10:37 م]ـ
للأخ ناصر وفقه الله:
الذي بين أيدينا اليوم بين دفتي المصحف هو كلام الله تعالى، كما قال سبحانه: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) أي: حتى يسمع القرآن، فالقرآن هو كلام الله تبارك وتعالى، لذا فهو صفة من صفاته سبحانه، لا يشابهه فيها أحد من خلقه، لأن الله لا يشابهه أحد.
وهذا مثل بقية صفاته سبحانه، فكما أنه سبحانه يسمع ويبصر، هو كذلك يتكلم، ومن كلامه: القرآن الكريم.
وفقني الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح.
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[02 Sep 2006, 04:13 م]ـ
هذه واحدة ...
والثانية الطامة ..
من مِن الصحابة -بعد النبي طبعا- تلفظ بما يسمى "الإعجاز"؟؟
أم ترانا نصبح متى نشاء أعلم منهم, ومتى نشاء هم أعلم؟؟
بل أقول: يسعنا ما وسع أبا بكر وعمر والمهديين ..... ولا نستعمل البتة هذه اللفظة العاجزة "الإعجاز", ولو قالت بها الأمة البعدية كلها!.(/)
الإصرار على نقد "موقع الأسرار"
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[12 Jun 2005, 10:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ظهر موقع فى الشبكة سماه القائم عليه"أسرار القرآن".جمع فيه ما رآه صاحبه تفسيرا للقرآن وتدبرا أوصله الى "حقائق "غابت عن الماضين. ومن موقع النصيحة للمسلمين- لامن موقع الحسد لعبقرية مسلم - كتبت هذه الورقات أرجو بها الكشف عن "أسرار الأسرار "والاعلان عن المطوي هناك. لا أريد الإطالة فى التقديم ... وأرى الدخول فى الموضوع من فوري هذا:
ينهض منهج الشيخ صلاح الدين أبو عرفة -وهو صاحب الموقع المذكور- على أصلين عظيمين:
- دعوى التمسك بظاهر القرآن وصحة الحديث.
- دعوى الاستقلال عن فهم السلف.
وأريد الاستفصال في هاتين المسألتين قبل التفرغ الى المؤاخذات المنهجية والمنطقية المتفرقة بحسب المقالات المنشورة.
1 - دعوى التمسك بالظاهر:
مفهوم"الظاهر" من أكثر المفاهيم تداولا عند صاحب "أسرار القرآن".ويشهره فى موقفين:
-فى موقف الاحتجاج لنفسه مدعيا أن قوله هو الموافق لـ (ظاهر القرآن).
-فى موقف الرد على مخالفيه من السلف والخلف, مدعيا انه لا يرتضيه ما عليه الجمهور لمخالفتهم لظاهر القرآن.
وكان على" صاحب الاسرار"أن ينقح هذا المفهوم نظرا لمركزيته فى منهج "قراءته للقرآن", لكنه لم يفعل مكتفيا بالدلالة الاجمالية لهذا المفهوم وهذا مخالف لشروط البناء العلمي للمناهج والنظريات. ويستفحل الأمر عندما يستعمل الباحث هذا المفهوم فى سياقات يستفاد منها تحميل "الظاهر"دلالات هي أبعد ما تكون عن معنى "الظاهر" ولو على محمله الإجمالي والعامي.
تعريف (الظاهر) عند أهل العلم:
قال أبو زيد الدبوسي الحنفي -رحمه الله-: الظاهر (ما ظهر للسامع بنفس السمع).
قال فخر الاسلام البزدوي الحنفي -رحمه الله-: (الظاهر اسم لكل كلام ظهر المراد به للسامع بصيغته.)
قال السرخسي الحنفي- رحمه الله- (الظاهر: ما يعرف المراد منه بنفس السماع من غير تأمل, وهو الذي يسبق الى العقول والأوهام لظهوره موضوعا فيما هو المراد.)
وعلق الدكتور محمد أديب صالح على التعاريف السابقة بقوله: أن عماد الظاهر عند هؤلاء الأئمة أن يكون اللفظ بحيث لا يتوقف فهم المراد منه على قرينة خارجية ,وإنما يتضح مدلوله المراد من الصيغة نفسها فمجرد سماع اللفظ كاف للحكم على المعنى الذي يدل عليه اللفظ ,لكن مع الاحتمال. ونستطيع بعد هذا الايضاح أن نعرفه تعريفا مبسطا يفي بالغرض فنقول: (هو اللفظ الذي يدل على معناه بصيغته من غير توقف على قرينة خارجية , مع احتمال التخصيص والتأويل والنسخ.) [راجع تفسير النصوص في الفقه الاسلامي- الجزء الاول]
يبدو ان قيد "مع الاحتمال" أضافه الدكتور ليجمع على صعيد واحد تعريفات الشافعية والمتكلمين مع أصوليي الحنفية.لأنه يغلب على الشافعية أن يذكروا قيد الاحتمال فى الدلالة الظاهرة:
قال أبو إسحاق المروزي: (الظاهر لفظ معقول يبتدر الى فهم البصيربجهة الفهم منه معنى ,وله عنده وجه في التأويل مسوغ لا يبتدر الظن والفهم. فهو بالنسبة للمعنى الراجح ظاهر وبالنسبة للمعنى المرجوح مؤول)
قال القاضي الباقلاني: (هو لفظة معقولة المعنى لها حقيقة ومجاز, فإن أجريت على حقيقتها كانت ظاهرا وإذا عدلت الى جهة المجاز كانت مؤولة).
ولنا على هذه التعريفات ملاحظات:
-"الظاهر" هي الدرجة الأولى فى دلالة الكلام ... ولا يتوقف فهمه على ذكاء أو ثقافة أو حس تذوقي أو استنباط.
-"السامع" الذي يخطر بباله المعنى الظاهر لا يشترط فيه شيء الا المعرفة بأوضاع اللغة. واصطلاحات المستعملين. ومن هنا لا بد من رفع التباس يتعلق بتوهم "الظاهر" أمرا نسبيا أو إضافيا: فالمعيار ليس ذاتيا بحيث يكون الظاهرهو ما" يظهر لي" وقد يخفى على الآخر فلا يكون ظاهرا عنده. كلا ... فلو كان الأمر كذلك لكان الظاهر" سفسطائيا" لا يصلح فى أدوات العلم الشرعي فضلا عن ان يكون معيارا يتحاكم اليه كما هو حاصل بالفعل عند أهل العلم.
-"السامع "هو ما يطلق عليه المعاصرون"المتكلم السامع المثالي"ويعنون به السامع العادي فى بيئة لسانية معينة:
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا يقصد به مطلق السامع كالمجنون وغيره, كما لا يقصد به فئة ممتازة من السامعين كالنوابغ وغيرهم. لنقل ان فهم السامع المتكلم المثالي هو ما نعبر عنه بقولنا "ما يفهمه العربي من الكلام العربي".
-يلزم مما سبق ألا يكون "الظاهر" -من حيث هو ظاهر- مختلفا فيه. فالاختلاف في الظهور دليل على انه ليس كذلك. فالظهور يفرض نفسه على كل واحد بغض النظر عن المذهب والاصول المعتبرة. وعلماؤنا ما كانوا يقولون فى مناظراتهم "هذا الظاهر ليس ظاهرا .... " بل يقولون" ليس مرادا" مع الاعتراف بكونه ظاهرا.
-اخيرا نلاحظ أمرا ذا بال- وقع فيه المردودعليه كما سننبه عليه فى موضعه- وهو"أن المستنبط من الظاهر ليس ظاهرا": فاللطائف المستنبطة تكون خفية لاتظهر للسامع بنفس السمع. بل تظهر باعمال الذهن والتوسل بقرائن خارجية وهذا يتعارض مع مفهوم" الظاهر".
غير ان المردود عليه "عبث" بمفهوم الظاهر فاستعمله اتفاقا وأحيانا بطريقة نشهد معها انقلاب الجنس الى ضده - وهو تجديف فى العقل عند المتكلمين-
قال فى المقدمة التي نصح قراءه بقراءتها:
وحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من قال بالقرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار"، و"من قال بالقرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار", فهما حديثان ضعيفان, والراسخون في العلم لا يحتجون بالضعيف. وإن صحا فإنما يراد منهما شيء آخر, اُسيء فهم الحديث فيه, ويتناقله من يتناقله بفهم مغلوط وبشيء من الهوى، فيكفّرون الناس ويدخلونهم النار بما لم يصح ولم يثبت عن النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام.
نترك مسالة الصحة والضعف جانبا. ونفترض مع المردود عليه (وإن صحا فإنما يراد منهما شيء آخر.) لكن ما هذا المراد الذي لم يفهم على وجهه وكفر بسببه الناس؟
يجيب:
(وأما من قال بالقرآن برأيه، فظاهر الحديث، أن يقول بهواه ما يخالف ظاهر القرآن ونص رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما لا تحتمله لغة العرب, وما ليس عنده فيه بينة ولا برهان، مستخفاً ابتداء بالكتاب ملحداً فيه، فهذا لا جرم يتبوء مقعده من النار، فالصواب هدى، فمن أين له بعد إلحاده بالهدى والصواب؟. هذا إن صح الحديث أصلاً.)
كل هذا يسميه المردود عليه "ظاهرا".ومع "ظهوره" فقد خفي على الناس!!!. (وهذا الذي نعتناه بانقلاب الاجناس). فأين- أيها المنصفون- فى ظاهرحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "الاستخفاف"؟ وأين فيه "الالحاد"؟ وأين فى ظاهر قوله" وما لا تحتمله لغة العرب"؟ وأين فى ظاهر الحديث شرط عدم مخالفة ظاهر القرآن؟
وهل علينا التذكيرفى كل حين بتعريف الأئمة:
(الظاهر: ما يعرف المراد منه بنفس السماع من غير تأمل)
(الظاهر: ما ظهر للسامع بنفس السمع).
نحن لا نحجر واسعا فلا نمنع المردود عليه ولا غيره أن يفهم من الكلام ما يشاء أو أن يحمله على ما يشتهي .. له ذلك وأكثر منه, لكن ينبغي التقيد بضوابط واصطلاح الناس -فهو يخاطب الناس- لكي لا يقع التلبيس علىالناس. ولا يقال بهذا الصدد "لا مشاحة فى الاصطلاح" لأننا نقول ان اصطلاح "الظاهر" لم يات عرضا فى كتاباته بل هو العمود الفقري لمنهجه وهو يرد على علمائنا من منطلق"الظاهر"الذي لم يظهر لهم .... او ظهر لهم لكنهم طووه لحاجات فى نفس يعقوب-في نفس عمران؟ -.وتوحد الاصطلاح واجب فى هذا المقلم كما لا يخفى.
ومن عجيب حال المردود عليه اتهام غيره بالحياد عن "الظاهر" -مع أخذهم به- وزعمه لنفسه التمسك بالظاهر-مع توغلها فى الباطن- ففي الحديث الذي استشهد به- تبرعا- "من قال بالقرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار".فالظاهر-الحق-من الحديث منع القول بالرأي مطلقا فى القرآن لا يستثنى من ذلك رأي صواب أو حسن ولا موافق للشرع أو مخالف له. وأهل العلم الذين حملوا الرأي المتوعد عليه على الهوى إنما استندوا الى ادلة أخرى مع إعمال للفكر والاجتهاد. فحق لهم ان يقولوا "الحديث ليس على ظاهره فى الاطلاق والعموم".
لكن المردود عليه يعجبه الرأي يراه فلا يرضى إلا أن يكون هو ظاهر القرآن أو الأقرب الي الظاهر. نذكر -من بين أمثلة عديدة جدا- فهمه "للمنسأة"في قصة سليمان عليه السلام. قال-هداه الله-:
(باختصار ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فالمنسأة بهذا, "أداة للزمن", وقد تكون بهيئة العصا, كانت على رأس ملك سليمان, ملازمة له, متعلقة فيه, استدل من استدل على انقضاء "أجله" بذهاب "أداته الزمنية", التي كان يملك بها سليمان زمام "الزمن الأرضي",-وقِفْ عند "دابة الأرض" الواردة في الآية- فيزيد فيه ويأخره بالقدر الذي يعينه على فعل أوامر الله الملك. تماما مثل ما يحلم العلماء التقنيون اليوم, بالسيطرة على "الإزاحة الزمنية", سواء بتسريعها أو بإبطائها, ذلك الذي سبقهم إليه النبي "المؤتى من كل شيء", وبما سخر الله له, ليجعله آيته وحجته على الحضارة البشرية حتى منتهاها, أن القوة لله جميعا.)
لقد فهم الرجل من "المنسأة" شيئا شبيها بما يتخيله الغربيون فى رواياتهم "العلمية" وأفلامهم المستقبلية من سفن تسافر فى الزمن فيختار الربان وجهته ما ضيا ومستقبلا- فى الزمان -كما يختار ربان السفينة الوجهة يمينا ويسارا-فى المكان-!!
ولسنا فى الحاجة الى تكرير أننا لا ننقد حريته فى الفهم. وإنما ننقد اعتبار فهمه من مقتضيات ظاهر القرآن, وتحامله ظلما على أئمة التفسير. قال:
بداية السؤال ..
إذا كانت "المنسأة" هي العصا, فلم قال الله الحكيم "منسأته", ولم يقل "عصاه"؟.
ظاهر الآية يرفض ما قاله المفسرون ..
فالمفسرون جزاهم الله خيرا, على أن "الأرضة" أكلت "العصا" حتى نخرتها, فانكسرت, فسقط سليمان أرضا, فعلم من علم بموته بعدما خر على الأرض!.
أفيكون ظاهر الآية عنده هو ما ذكره (ه. ج.ويلز) لا ما ذكره (الطبري)؟؟
قال المردود عليه:
فظاهر الآية يشير بشكل جلي, أن من استدل على موته, ممن حضره, إنما استدل بما رآه من أن دابة الأرض "تأكل" منسأته, بالفعل المضارع, فهو استدل على الموت من الفعل الحاضر في الأكل, لا بعدما مضى الفعل وصار ما صار!.
لاحظ كيف اقحم "الزمن"ضمن "ظاهره" المزعوم, فتحدث عن الفعل المضارع باعتباره صيغة لا مادة-فمادة الفعل "تأكل" جعلها بين علامة التنصيص اشعارا بمعنى آخر غير الاكل الحقيقي- ونبه على "الفعل الحاضر فى الأكل"مدعيا ان ذاك هو محور الاستدلال ... فلم يصب الظاهر ولا المنطق ..... :فأكل الدابة ليس تجريبيا بالشيء العيان الملاحظ ليستدل به بل المراد الاستدلال بالنتيجة الظاهرة وهي المنصوص عليها في قوله تعالى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ.
فالسقوط هو العمدة فى الاستدلال عند الإنس والجن. وقد فسر هذا السقوط بسبب من المرتبة الأولى وسبب من المرتبة الثانية: فالأول هو تهاوي المنسأة وهو ملحوظ والثاني هونخر الدابة للمنسأة وهو فى حكم المغيب. لأنه لم تجر العادة أن يتفرج الانسان على الأرضة أو العثة وهي تقوم بفعلها التخريبي.
لكن الذي حمل" المفسر" على هذا التكلف هو ما فى نيته من تأويل "المنسأة"بآلة الزمن"فكان لا بد من التمهيد لذلك بذكر الزمن وإقحامه فى الاستدلال "الظاهر".والحيلة كما يبدوفى ميزان المنطق ضعيفة جدا لكنها لها ثقل فى ميزان
"التداعي"الذي سنخصص له حيزا من الكلام ان شاء الله.
هذا وقد أشرنا آنفا الى أن الاستنباط من الظاهر-الحقيقي لا المزعوم- لا يسمى "ظاهر النص"كيف والعلماء يقولون:
" الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل التأمل."
أو كما قال "الشاشي:
الظاهر اسم لكل كلام ظهر المراد به للسامع بنفس السماع من غير تأمل.
ومعلوم أن الاستنباط لا يكون إلا بتأمل. وليس للمردود عليه خيار بين أمرين:
-أن يعد "اجتهاده وتأويله"هو ظاهر القرآن, فيقال له هذا قلب للأجناس.
-أن يقول: هو اجتهاد وتأويل شخصي لكنه مستند الى ظاهر القرآن .. فيقال له وكذلك فعل غيرك من المفسرين.فلا وجه لادعائك انحرافهم عن الظاهر. فضلا عن تشنيعك وتشغيبك عليهم.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[13 Jun 2005, 01:34 ص]ـ
موقف الشيخ صلاح الدين ابوعرفه من السلف:
لا أحد ينكر-ولا ابو عرفة نفسه-ان تفسيراته مختلفة عن المالوف, فلم يؤثر عن واحد من السلف تصريحا أو تلميحا أن" الخضر هو ابو موسى ابن عمران" أو أن "القدور الراسيات مفاعل سليمانية نووية"أو "أن آية قوم يونس هي الوفاة".وقد يستمتع صاحب الاختلاف بالتفرد لحظة, لكن لا يستطيع أن يخفي دائما الحقيقة الشاخصة:
(يُتْبَعُ)
(/)
ومفادها أن من أسماء التفرد عند الناس "الشذوذ".فصاحب موقع أسرار القرآن" شذ" فى تفسيره. سواء أكان منه القبول لهذا الوصف أم لا. ثم تأتي المعضلة بعد ذلك:كيف يمكن اقناع الناس بتفسير شاذ؟
أقول معضلة ليس بالنظر الى صعوبة العثور على الأدلة فهذا أمر عرضي ولكن لأمر جوهري نعبر عنه بالمعادلة التالية:"الانسياق وراء تفسير شاذ هو نفسه شذوذ."
إذن فليس العبرة بحمل الناس على تقبل الشذوذ بتوظيف ترسانة الادلة- مع الاعتراف بصعوبة ذلك-, ولكن الشأن في إزالة هذا الوصف نهائيا أو تناسيه على الأقل. وهكذا وجد الشيخ صلاح الدين نفسه مرغما على ان يقف من السلف موقفا لا يرضاه لنفسه. وقد يسال سائل عن وجه الإرغام فى المسألة فنقول:
إعلم ان" الشذوذ"أمرإضافي- نسبي-: فلا يحكم بشذوذ ألا بتصورمقارنة. والمقارنة بين أموركثيرة تسفر عن تصنيف عقلي ثنائي على النحو التالي:
تجانس عناصرمتعددة وتآلفها.
واختلاف عنصر عنها.
وهذا المختلف عن الجماعة هو المحكوم عليه بالشذوذ.
والآن يكفي اخلاء الساحة من العناصر المتجانسة أو عدم اعتبارها ليزول وصف الشذوذ عن العنصر الباقي.
هكذا قدر الشيخ صلاح الدين فمضي يقول ويعيد القول أن فهم السلف غير لازم مرة ,وأن فهم السلف نفسه غير متجانس مرة أخرى, وأن اقوال السلف لا تقاوم "ظاهر القرآن مرة ثالثة.
رأينا أن تعامل المردود عليه مع مفهوم "الظاهر" أدى به الى "تعويم" المصطلح, وسنرى الآن أن سوء تعامله مع السلف أدى به الى تناقض صارخ: تناقض يلمس على مستويات عدة منها "ازدواجية الخطاب" كما سيلاحظ القاريء بنفسه فى هذه الفقرات من مقدمته العامة:
1 - "واختلاف أهل التفسير أظهر دليل على أنه اجتهاد بالدرجة الاولى والأخيرة، ولنا أن نرى أنفسنا حاضرين بين الناس, يوم جمع عثمان رضي الله عنه المصحف، فلم يكن يومها تفسير لابن كثير أو للطبري أو غيرهم من المرتضين الأعلام, جزاهم الله عن الأمة كل خير بما أسلفوا ... "
2 - "فكل ما في التفاسير من قصص أو تعليق, لا ينتهي سنده الصحيح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو قول معلّق، لنا أن نأخذ ولنا ألا نأخذ، ما اتبعنا الهدى ووقفنا عند الثوابت. وليس في هذا استثناء, بعد قول الصحابة فيما أجمعوا عليه, ليس في هذا استثناء لأحد بلغ ما بلغ, .. "
3 - "ولا يفهم من كلامنا أننا ننفي أو نتجاوز فقه الأئمة الأكابر وجهدهم ونظرهم, فلا يقول بهذا مؤمن, ولا حاجة لإثبات رسوخهم وسبقهم وشرفهم, فجلّ ديننا وفقهنا وصلنا بجهدهم ومدادهم, فهم الناقلون المبلغون المبينون, وعامة الصواب مما وصلنا منهم, ولكننا نبحث وندرس فيما لم يقطعوا فيه, ولم يُجمعوا عليه جواباً, فلا يزال لهذا الدين خلف يحمله بأمر الله وتسديده, لا يحلون حراماً ولا يحرمون حلالاً, ولا يقطعون إجماعاً معلوماً مكتوباً بغير بينة ولا برهان, فكل يؤخذ من فمه ويرد عليه, وفوق كل ذي علم عليم."
4 - "وأما أن علينا أن نلتزم فهم السلف الصالح، فهذا صحيح, فيما لا يجوز تجاوزه ولا الخلاف فيه, كالعقائد وما سمعوه نصاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سوى ذلك فالأصل النظر والتدبر والسؤال, فلا نلغي عقولنا وأفهامنا, فلو كان التزام فهم السلف حجة وديناً, لما خالف ابن عباس من سلفه, ولما خالف الشافعي مالكاً رضي الله عنهم جميعا, ولم يزل الناس ينظرون ويعيدون ويصححون, فهذا الدين شجرة طيبة تؤتي اُكلها كل حين بإذن ربها. وهذه الأمة بوصف نبيها المعصوم عليه الصلاة والسلام كالغيث, لا يعرف أوله خير أم آخره."
مثل هذا الكلام ينبغي ان يقرأ بحذر شديد ... فكل الدسائس الموجودة فى موقع الاسرار مختزل هنا. وعلى المسلم ان يتذكر دائما المقولة الحصيفة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه:"كلمة حق أريد بها تصحيح باطل"
فلا بد من ان يلاحظ المسلم فى هذه النصوص وغيرها ازدواجية آلية الخطاب:
- آلية الطعن "منهجيا" فى كل السلف بدون استثناء .....
-وآلية توقيرهم" لفظيا"بدون حساب ....
وما كانت الآلية الثانية الا تقية او بابا سيلتجيء اليه الكاتب كلما حوصر واتهم بمضمون الآلية الاولى ... فتكون الحصيلة كتابة ماكرة من نوع:
"انت مخطيء رضي الله عنك"
أو من جنس:
"لم تفهموا القرآن ايها الأئمة الاكابر"
(يُتْبَعُ)
(/)
وليست العبرة فى المدح وإطلاق صفات التبجيل والاجلال لكن العبرة فى الموقف من أقوالهم خاصة عندما يبدو لك ان تخالفهم ..
وقد ألفنا في زمننا هذا قراءة خطابات فكرية "دبلوماسية"من نوع جديد: حيلتها الطعن الشديد لكن مخرجا فى صورة المدح الشديد. فيقولون مثلا:
" القرآن أجل من أن يفهم بعقولنا القاصرة .. "
أو:
"الشريعة أنظف من أن ندنسها بتطبيقاتنا ... "
أو:
" الله تعالى أعظم من ان يتدخل فى شؤون سياساتنا واقتصاداتنا .... "
وليس وراء هذه العبارات "الممجدة" الا اللهاث خلف الغاء الشريعة, وإقصاء القرآن من حياة الناس, وتعطيل الدين.
ولصاحب "اسرار القرآن"نصيب وافر من هذه الآلية. فاستمع اليه وهو يخالف الناس فى معنى "الجمهور":
والحق أن ثمة مسأله يجب الوقوف عندها, وهي ما نتناقله من أن هذا "قول الجمهور", فمتى يكون الرأي رأي الجمهور بحق؟!.
ذلك أن كثيرا مما في التفاسير, هو أخذ رجل عن رجل, ونقل الواحد عن الآخر, فتبدأ بابن عباس رضي الله عنهما مثلا, فيحمل القول نفسه مائة مفسر, فيصلنا نحن على أنه "قول الجمهور", وهذا ليس بعدل ولا بحق, فإنما هذا قول إمام واحد, وألف ناقل, فلن يعدو أن يبقى قول إمام واحد!.
أما قول "الجمهور" بحق, فهو أن ندفع بالمسألة الواحدة لمائة إمام, فينظروا فيها كل على حدة, ثم يقول كل بقوله, فإن قال أغلبهم برأي واحد متفق, دون أن يسمعه من الآخر, فذلك المتفق الغالب, هو "قول الجمهور", فلننظر ولنتحسّب. {قل إنما أعظكم بواحدة, أن تقوموا لله مثنى وفرادى, ثم تتفكروا}.
فالرجل للتهوين من شأن السلف لا يتورع من اقتراف خطايا فكرية منها:
-زعم ان القول لواحد والمائة نقلة فقط. أفلا يحتمل ان نقلهم "أقرار"؟ لم يفترض أنهم مخالفون لما ينقلون؟ فليس فى العادة ان يروج الانسان لسلعة غيره ولا يفعل ذلك لسلعته هوخاصة فى مقام المنافسة. صحيح انه لا ينسب لساكت قول لكن الناقل بنقله وترويجه لفكرة يشعر بتبنيه لها .... واعتقاد العكس يسلك فى سلك الشذوذ.
-يرى ان قول "الجمهور" بحق هو القول الذي يسفر عليه ما يشبه صناديق الاقتراع. وليت شعري كيف يرتب هذا الاقتراع فى كل لحظة أم فى كل اربع سنوات؟ ثم قوله هذا هل انفرد به ام قاله الجمهور. وكيف نجعل المتحكم فى اعتبار" ما هو جمهور"رأيا فرديا .... اليس هذا تنا قضا فى القول؟
-ثم على افتراض أن مقولته عن مفهوم"الجمهور" صحيحة ... فهل يدعي أن تفسيراته صادق عليها الجمهور.
لا أظنه يدعي ذلك. ومن ثم لا ينفعه الاعتراض على ما يسميه الجمهور ب"الجمهور".وأنما ذكره فى سياق التهوين فقط.
سيأتي المزيد من الكشف عن تناقضه في هذه المسألة فى الموعد المقبل ان شاء الله.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[13 Jun 2005, 10:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جميل هو الإصرار عند "صاحب هذا الموضوع " على نقده لموقع الأسرار وما حواه من دراسات واجتهاد (يؤجر صاحبه وان أخطأ) .. و نشكر لصاحبنا الذي قد يحق لي وصفه ب "المردود عليه " تأدبه هذه المرة، و محاولته الحديث بأسلوب علمي أكثر! فشكراً له!
الآن ...
سأبدأ مع المردود عليه في سؤاله (عن رأيه في منهج الشيخ صلاح الدين أبو عرفة؟!) قبل الخوض في نتائج دراساته .. وفي استخدام ألفاظه ..
هل أنت مع قراءة القرآن، وتدبره، بالاعتماد على مفاتيح الهدى (القرآن نفسه، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم) و باستخدام اللغة والعقل أم لا؟!
قلت عن الظاهر، و سقت لنا أقوالاً تُعرف بها الظاهر، الذي ما عاد ظاهراً!!
ما رأيك أن نستبدل "الظاهر " بكلمة "المُيسر " (ولقد يسرنا القرآن للذكر)
أو "المبين " أو .... ؟؟!!!
بل ما رأيك لو ذهبنا إلى كتاب الله نستقصي فيه كلمة (ظهر) ومشتقاتها، ودرسناها فعرفنا حدود الظهور في الكلام؟!
وحين نُحاكم فهماً بظاهر القرآن، فنحن نتحدث عن "الظاهر" لا" الواضح"!!، فقد يكون أمراً ظاهراً لا تعلمه أو لا تفطن إليه! والعلة في الرؤية لا في الظهور ..
وكيف نقرأ كلام الله، ولا نرى إلا بُعداً واحداً ... نُسميه ظاهراً وكفى!!
والشيخ -جزاه الله خيراً - لا يُصادر رأي السلف أو حقهم، فحق كل مسلم الإقبال على كتاب الله، والفهم منه ... ولكننا نُحاكم كل قول باستدلاله ... فمن حقك أن تقول أن المنسأة عصا، ولكن أرني كيف عرفت، و كيف يتوافق قولك مع سياق الآية أو القصة القرآنية ...
ثمّ يوضع القولين على مائدة المُفاضلة .. !
أما إن قلتها هكذا! وكل حجتك و استدلالك هو رأيك أو لقبك أو نقلك، فمن حقنا أن نرفض قولك (كائناً من كنت)، لافتقاده للمنهجية العلمية في الاستدلال ..
و أعود لأسأل "صاحب الرد" المردود عليه عن رأيه في المنهج؟! أولاً ...
و ننتظر "النقد" ..
ـ[ .. فارس .. ]ــــــــ[14 Jun 2005, 10:58 م]ـ
أخي خالد إسمح لي أن أعيد سؤالك لكن بشكل أوسع ....
فالسؤال هنا يجب أن يطرح بشكل عام على الأعضاء بما فيهم بكل تأكيد صاحب هذا الموضوع أخونا أبوعبد المعز وبشكل خاص لأصحاب هذا الموقع الشيخ والدكتور والعالم كي نعلم
هل أنت مع قراءة القرآن، وتدبره، بالاعتماد على مفاتيح الهدى (القرآن نفسه، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم) و باستخدام اللغة والعقل أم لا؟!
لا أريد أن يفهم من مشاركاتنا هذه أننا كيداً لأي مؤمن بل على العكس فنحن نعظم كل مؤمن مستمسك بكتاب الله لكن نريد أن نعلم
هل هذا المنهج بالتدبر هو (الصحيح)؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jun 2005, 02:02 م]ـ
أشكر الأستاذ الكريم أبا عبدالمعز على نقاشه العلمي هذا، وهذه فرصة موفقة تعاد مرة أخرى للطرح بناء على دعوات متكررة من أكثر من جهة لمناقشة الأفكار التي يطرحها موقع (أسرار القرآن) للشيخ الفاضل صلاح أبو عرفة وفقه الله. وأرجو أن يتاح المجال كاملاً لصاحب هذه الحلقات في طرح ما يريده أولاً، ثم يمكن فتح المجال للمناقشة بعد ذلك في الأفكار التي طرحها.
ـ[سلسبيل]ــــــــ[16 Jun 2005, 01:20 ص]ـ
جزى الله الشيخ أبا عبد المعز خير الجزاء ..... فقد أوضح اللبس الذي كان عندي وربما عند الكثير غيري .... وإنا ننتظر المزيد من الإصرار ...
قال تعالى: " وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض "
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[16 Jun 2005, 02:51 م]ـ
يطمح الشيخ" ابو عرفة" الى تأسيس منهج لتفسير القرآن مستقلا عن السابقين وبعيدا عن فهم السلف ,هذا المشروع فى حقيقة الأمر يكشف عن آفتين:
-آفة خلقية
-آفة ذهنية.
أما الآولى فمدارها على الغرور والتعالي بدون حق. وأما الثانية فمرجعها الى الجهل والتجاهل. وهذا بيان ذلك كله:
السلف عند المردود عليه طبقتان-لفظيا فقط وأما فى نفس الأمر فكل السلف عنده شيء واحد--:
-طبقة الصحابة.
-طبقةكل من جاء بعدهم.
وله مع كل طبقة حال:
فحاله مع الصحابة:"المزاحمة"
وحاله مع باقي الأمة:"المجاوزة".
فقد أعلن مرارا أن تفاسير السلف غير ملزمة له. لأسباب نحصرها -بإيجاز-في ما يلي:
-اشتمالها على ما هو مجانب لنصاعة الاسلام: الاسرائيليات.
-اشتمالها على ما هو مجانب لحصافة العقل:الاخطاء.
-اشتمالها على ما هو مجانب لعبقرية اللغة: السطحية.
-اشتمالها على ما هو مجانب للتاريخ: الكذب.
ذلك زعمه وهو أولى بما يتهم به غيره-كما سيأتي-.
ومن مظاهر تجنيه بهذا الصدد مؤاخذته الجميع على قول لا يدري من هو قائله.فما أشبهه بمن يعتقل قرية بأكملها بمجرد تلقي مكالمة هاتفية من مجهول يخبر فيهاعن جريمة محتملة. فهو لا يكاد يذكر مفسرا بعينه "أخطأ" فى تفسير آية بعينها ... وإنما يتهم المفسرين على الاطلاق. قال فى شأن قصة يونس عليه السلام:
المفسرون, وباختصار, يقولون, وانتبه أن ما سيأتي هو "قول" المفسرين من الناس, وليس قول النبي عليه الصلاة والسلام, يقولون: إن يونس دعا قومه فلم يستجيبوا له, فأيس منهم ولم يصبر عليهم, فخرج من بينهم وفرّ من خدمة الله والرسالة, فأتى سفينة تحمل ناسا, فركب فيها, فهاجت بهم الريح, وماج بهم البحر, فاضطروا إلى إلقاء بعضهم في البحر, ليخف حمل السفينة, ولم يكن لهم سبيل إلى ذلك سوى الاستهام والاقتراع, فاستهموا, فوقع السهم على يونس, فأعادوا الاستهام, -لأجل منزلة يونس فيهم, فوقع السهم عليه مرة أخرى, وأخرى, حتى استسلموا لها وألقوه في البحر. فالتقمه الحوت, فأوحى الله إلى الحوت: لا تأكل له لحما ولا تهشم له عظما, فإن يونس ليس لك رزقا, وإنما بطنك تكون له سجنا.
ثم أدرك يونس ذنبه, فاستفغر, فألقاه الحوت بالعراء, وأنبت الله عليه شجرة من يقطين.
وكان من أمر قومه أن أدركوا بعد خروجه من بينهم أن العذاب نازل بهم لا محالة, فخرجوا يبكون, برجالهم ونسائهم وصبيانهم, وفرقوا بين الغنمة ووليدها والبقرة ووليدها ولبسو المسوح, وصاروا يجأرون؟!.
هذا هو مجمل ما في التفاسير, جزا الله علماءنا عنا كل خير بجهدهم.
فهل لنا أن "نراجع" أقوال المفسرين, أم هم معصومون كالنبي؟.
وهكذا يستهويه الذهاب والمجيء بين التعويم والتعميم:
تعويم المصطلحات والمفاهيم.
وتعميم التهم والاحكام.
فليس عند الرجل مفسر شخصي بل هو مفسر نوعي واحد.
فيكثر من عبارات: "المفسرون يقولون"و "قالت التفاسير"-بصيغة الجمع- لكنه لا ينسب اليها الا قولا واحدا-بصيغة المفرد-:
"قول" المفسرين من الناس, وليس قول النبي عليه الصلاة والسلام."
ولا ينسى ان ينبه قارئه الى الحقيقة الانسانية للمفسرين ... لكنه ينسى فى غمرة تحامله أن المدعو"ابو عرفة" هو أيضا إنسان ... وأن ما قاله "ابو عرفة"ليس مأخوذا عن النبي عليه الصلاة والسلام. كذلك يكون الكيل بمكيالين.
ويكرر صنيعه هذا فى كل مناسبة كما فى كلامه عن الجفان والقدور" النووية":
(يُتْبَعُ)
(/)
(ولا تتجاوز التفاسير لآيات سورة "سبأ" ذلك المستوى السطحي الباهت, ولا تتفق ولا تنسجم أبدا مع المعطيات التي قدمنا لها, ووقفنا عليها .. )
(ولا يتعدّ تفسير آيات سورة "سبأ" مستوى سطحيا لا يتفق ولا ينسجم أبدا مع المعطيات التي قدمنا لها, ووقفنا عليها ..
فماذا تقول التفاسير إذا وصلت إلى {يعملون له ما يشاء, من "محاريب" و"تماثيل" و"جفان كالجواب" و"قدور راسيات"}؟؟ ..
الجواب ..
ليس هذا كله -وبعدما قدمنا من ملك الرجل العظيم- ليس هذا في التفاسير أبعد من معناه السطحي الظاهر, من محاريب الصلاة, وتماثيل لا يُعرف مأرب "النبي الصالح" فيها, ولا حاجته لبنائها, وجفان كالجواب, أي صحون كبيرة للأكل, وقدور ضخمة للطبخ والنفخ!!.)
لقد جمع المفسرين كلهم فى "ذات" واحدة ليتسنى له مؤاخذة جميعهم إذا ما وجد عند فرد واحد منهم ما يحتمل المؤاخذة ..... فتكون محاكمة من نوع محاكمة الذئب للحمل:"إن لم تكن أنت المذنب فأخوك".ولا يتورع من اعتماد الحجة ونقيضها لإحكام التهمة مستعينا بالقاعدة اليهودية المكيافلية الغاية تبرر الوسيلة.
فهو فى مواضع يتهم المفسرين بالحيدة عن ظاهر القرآن وينعتهم ب"المؤولين ".وهنا لما تمسكوا بظاهر القرآن اتهمهم بالسطحية وقلة الفهم. ولفق ترادفا بين الظاهر والسطحية ليشنع على العلماء ونسي أولا أنه يطعن فى القرآن بطريقة خفية وتناسى ثانيا انه هو نفسه أعلن فى "منهجه" الا يعتمد إلا على ظاهر القرآن وصحيح الحديث. (فما هذا الظاهر الذي له سطح وباطن؟!)
وعلى كل حال فالرجل ينضم الى الجوقة العتيدة:
ظاهر القرآن كفر (الصاوي)
ظاهر القرآن تجسيم (المتكلمون)
ظاهر القرآن سطحية (موقع أسرار القرآن)
لكن هل سلم الصحابة من هذا المصير؟
قال فى مقدمته:
فكل ما في التفاسير من قصص أو تعليق, لا ينتهي سنده الصحيح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو قول معلّق، لنا أن نأخذ ولنا ألا نأخذ، ما اتبعنا الهدى ووقفنا عند الثوابت. وليس في هذا استثناء, بعد قول الصحابة فيما أجمعوا عليه.
فالصحابي-إذن- من حيث هو صحابي لا يعتد بقوله وإنما يعتد بالاجماع ... ولكن يبدو أن هذا الاستثناء بقي غصة في حلق"منهجه" فمضي يضع شروطا تعجيزية لفسخ الاستثناء وبالتالي الحاق الصحابة بغيرهم ممن أتوا بعدهم. قال:
(فالأمي عند علمائنا، الذي بعث من "الأميين"، ولكن ظاهر الكتاب للمتدبر على خلاف هذا، ولا يحق لأحد أن يلزم الناس بشيء لم يلزمهم به رسول الله أو صحابته فيما فهموه عنه مجمعين عليه كاتبين له, تقرأه العامة والخاصة ... )
فقد تعنت تعنتا شديدا بتحديد شروط من عند نفسه لقبول اقوال الصحابة:
- اجماعهم أولا.
-كتابتهم لذلك الاجماع وتوثيقه ماديا ثانيا.
-اطلاع العامة والخاصة على النصوص المكتوبة لذلك الاجماع ثالثا.
سبحان الله ... !!!
ثم لا يرتاح الرجل حتى يجعل أقوال الصحابة وأفهامهم فى سلة واحدة مع" كل الناس".والانس فى مصطلح ابو عرفة ليس فى مقابل الجن ولكن فى مقابل العصمة. فكثيرا ما يرد ردا اجماليا آراء بدعوى أنها "للناس" .... !
ثم يستند الى حديث رواه الصحابة ليطعن فيهم ...
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية", و"نضر الله امرأ سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه, فرب مبلغ أوعى من سامع", فهذا الحديث عمدة راسخة لهذا الفهم، إذ هو هكذا: "كما سمعه" لا كما فهمه، والأصل بلاغ الآية والحديث كما تليا, كائناً من كان صاحب ذلك الفهم، على علو شأنهم وقوة فهمهم وحاجتنا إليه, دون أن نخلطه بكلام المعصوم ذي الوحي محمد عليه الصلاة والسلام, فكلام الله وكلام رسوله شيء, وكلام الناس –كل الناس- شيء آخر, وَلَبُعْد ما بينهما.
فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة الا يتدخلوا فى شؤون الفهم والتفسير وأن غاية وكدهم هو البلاغ فقط ...
وزعم ان الحديث السابق هو الأصل فى المسالة .. ولم يكلف نفسه عناء ذكر آيات وأحاديث أخرى تتوعد كل مفارق لنهج الجماعة وعلى رأسهم الصحابة .. ثم ارتضى لنفسه أن يفهم "رب" فى قول النبي صلى الله عليه وسلم على أنها تفيد التكثير ... بينما اهل اللغة ينصون على افادتها التقليل أيضا .. وارتضى لنفسه أن يدخلها فى عموم صيغة التفضيل"أوعى".
نعم. إن الرجل لا يتورع عن رفع نفسه الى مستوى لا تستحقه فذهب الى "مزاحمة الصحابة"والى ادعاء "صحبة معنوية" قال:
(ولنا أن نرى أنفسنا حاضرين بين الناس, يوم جمع عثمان رضي الله عنه المصحف، فلم يكن يومها تفسير لابن كثير أو للطبري أو غيرهم من المرتضين الأعلام, جزاهم الله عن الأمة كل خير بما أسلفوا.)
(فالله الله بيننا وبينكم, أن نقرأ كتاب الله كأنما نزل لتوه, وكأنما نأخذه غضا من فم المبلغ الأمين محمد عليه الصلاة والسلام, ولو كان ما يقولون ويفسرون حقا ملزما, كلازم الكتاب والحديث, فقد ابتدعوا على الله ورسوله الباطل.)
(ولو كان عبد يسمع هذه الآيات من فم النبي, ولم يكن يومها تفسير ولا تأويل, وكان يتلى يومها في الناس {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} , فبأي التفاسير نلزمه, وعلى أيها نحمله؟!.)
الرجل استكبر في نفسه فلم يعد يملأ عينه مسلم كائنا من كان .. ولكن تأخر زمنه يرغمه على قبول روايتهم وتبليغهم فكان ان هداه خياله الى الاستغناء عن هذا البلاغ ايضا متخيلا نفسه يأخذ عن الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة ... فاقتربت مقالته من مقالة الشيخ احمد التيجاني عندما يعلن:"حدثني سيد الوجود يقظة لا مناما".
وسنبين لهذا الرجل فى الحلقة القادمة أن تأسيس منهج فى التفسير على غير آثار السلف جهل ومحال لوكانوا يعقلون.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 Jun 2005, 02:48 ص]ـ
هذا القرآن معجزة مرتين:
-معجزة باللغة.
-معجزة فى اللغة.
أعني ب"الإعجاز باللغة" ما هو معروف من كون القرآن نزل بلغة العرب أصواتا وألفاظا وتراكيب. ومع ذلك لم ترتفع لبليغ عربي أو فصيح بدوي همة لمنافسة القرآن وقنعوا بالعجز, وفوقهم صوت القرآن ينادي بالتحدي .. مع أن الاستجابة للتحدي مغروزة فى فطرة الانسان.
وأعني ب"الإعجاز فى اللغة" اختيار الله سبحانه وتعالى إجراء المعجزة على صعيد اللغة وليس على صعيد آخر, وهذا الاختيار نفسه إعجاز. وتوضيح ذلك كما يلي:
إن المعجزة الخاتمة -لتكون حقا كذلك- يجب أن تستجيب لشروط ثلاثة:
-شرط عموم الإنسان.
-شرط عموم المكان.
-شرط عموم الزمان.
فالمعجزة الختامية ينبغي أن تصل الى كل مدعو من الأنس والجن, فلا تقوم الحجة على الجميع على نحو سواء, إلا إذا باشرها جميعهم على نحو سواء. فبدهي أن من رأى الآية عن كثب ليس كمن رآها عن بعد ,ومن عاينها ليس كمن أخبر بها. ومن باشرها ليس كمن لم يباشرها. ومن منطلق العدل الإلهي فى هداية البيان لزم التساوي بين الجميع. فلله الحجة البالغة. وحجج الناس داحضة عند ربهم.
ومن المبدإ نفسه تحتم على المعجزة الخاتمة أن لا تختص بمكان دون مكان. لأنها لو كانت كذلك لحصل الإخلال بشرط عموم الانسان لأن الحجة تكون قد أقيمت على من يكون "هنا" وليس على من هو كائن "هناك".
ومن هذا المشرب أيضا مقولة الزمان: فينبغي للمعجزة الخاتمة أن تستمر من مبعثها الى ختام الزمن أو بعبارة أدق الى زمن آخر مكلف فى هذه الحياة الدنيا.
والآن ....
ما المعجزة التي ستفي بالشروط الثلاث معا؟
مهما فكرنا فى الافتراض وأعدنا فى الاحتمال لن نتجاوز "اللغة".
فلو كانت المعجزة الخاتمة من جنس "عصا موسى" مثلا لكانت شيئا من الأشياء واختل شرط عموم المكان مثلا, لأن من الضروري أن تكون العصا فى مكان ويخلو منها مكان آخر. ولا يعقل تقسيمها على كل الاصقاع.
ولو كانت المعجزة من "نوع إحياء الموتى" لكانت فعلا من الأفعال فى ظرف مكاني وظرف زماني خاص ولا يعقل أن تقع فى كل زمن .. وفى كل مكان معا.
لكن انظروا الى القرآن لما كان من جنس اللغة فقد لبى كل الشروط:
يتلى هنا وهناك ...
يتلى اليوم وغدا, هنا وهناك.
يتلوه زيد وعمرو, اليوم وغدا, هنا وهناك ....
هذا ما قصدته ب"المعجزة فى اللغة".
لكن ماذا عمن لا يتكلم العربية. أليس ذلك خرقا لما زعمته من شرط العموم؟
روى مسلم فى صحيحه: عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفسي محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.
وعبارة " لا يسمع بي"جاءت بلفظها فى رواية مسلم وأحمد والبيهقي والطيالسي.فلا بد أن يكون مناط إقامة الحجة هو مجرد السماع كما هو ظاهر الحديث. فكيف نوفق بين هذا وما زعمناه من شروط العموم؟
هذا هو المطلب الذي سنبحث عنه وهو أساس الرد على صاحب موقع أسرار القرآن.
قال الله تعالى فى أول تحد فى القرآن:
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) سورة البقرة.
الخطاب للحاضرين وقت النزول لكن سياق التحدي يرشح العموم. (ولا نحتاج الى التذكير بعموم تحدى الانس والجن معا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا فى آيات أخرى).
التحدي الالهي فى الآيتين معا مبني على أسلوب الشرط:
إِن كُنتُمْ ....... فَأْتُواْ
إِن لَّمْ تَفْعَلُواْ ...... فَاتَّقُوا
ومفهوم الشرط فى الأولى يفيد أن من عجز عن الإتيان بمثل سورة لن يكون عنده ريب. والمقصود بالريب هنا الشك الذي له مبرر عقلي, لا مطلق الوسواس. لأن الوسوسة لا علاقة لها بالاقتناع فقدتراود الراسخين فى الايمان وليست مع ذلك شكا بل هي محض الايمان .. كما ثبت فى الحديث.
لكن ماذا لو عجز الانسان عن الإتيان بمثل سورة ... ثم قال: لإن كنت عاجزا فلعل غيري يستطيع ذلك. أو لإن كان الناس اليوم عاجزين فمن المحتمل أن يستطيع غيرهم فى ما سيأتي من الأزمان. (تذكروا شبهة التطور والارتقاء).
(يُتْبَعُ)
(/)
أليس هذا يدعو الى الريب من جديد؟ فكيف نوفق بين هذا وبين نفي الريب بمجرد العجز الشخصي عن الإتيان بمثل سورة من القرآن كما هو مفهوم؟
وكل مؤمن بالقرآن يعتقد ان تحدي القرآن مطلق لا نسبي.
ثم هنا أمر آخر يستفاد من الجملة الاعتراضية"-ولن تفعلوا-".فالنفي ب"لن" يفيد التأبيد ... يعني لن يكون فى مقدور الإانس والجن الإتيان بمثل سورة في كل الأزمان المستقبلة. لا شك عند المؤمن بالقرآن في صدق الله تعالى في ما أخبر ... لكن التحدي هنا للكافر الشاك .... ولا يعقل أن يصادر القرآن على المطلوب ... فلا بد أن يكون الكافر المتحدى عنده يقين بعدم استطاعة الإنسان -لا هو ولا غيره- فى الاتيان بمثل القرآن ... وهذا اليقين ينبغي أن يكون بمصدر آخر غير إخبار القرآن ... وهذا اليقين من جهة أخرى ينبغي أن يزيل كل ريب ... ومن جملته احتمال القدرة المستقبلية فى الاستجابة للتحدي فى يوم ما ومكان ما. .. بدون هذا كله لن يكون التحدي حقيقيا. مثلا قد يقول قائل: لن يفعلوا لأن الله سيصرفهم عن ذلك ... وهذه هي نظرية الصرفة التى تبناها "النظام المعتزلي"ويكفى أن نشير الى أنها نظرية متهافتة ... يتبرأ منها المعتزلة أنفسهم. فكأن النظام نسي المبدأ الثاني فى عقيدة الاعتزال: كيف يكون العدل فى انتصاب التحدي مع سلب قدرات الانسان؟ وهذا اعتراض وجيه على اصول المعتزلة ... وهو وجيه على أصول أهل السنة أيضا بالنظر الى صفة "الحكمة".
ثم الحكم غيبا على المستقبل يتورع عنه كل عاقل ... الا إذا كان المحكوم عليه محال بشهادة العقل .... أو إخبار الشرع عند المؤمن به.
لكن التحدي القرآني حقيقي ومطلق, نقطع معه عقلا بزوال الريب حاضرا ومستقبلا.
كيف ذلك؟
جوابنا يعتمد مرة أخرى على مفهوم "الاعجاز فى اللغة":
ولتقريب البرهان الى الأذهان نضرب المثل التالي:
لو كانت المعجزة الخاتمة من نوع" علمي تقني" كسلاح نووي أو آلة غير معهودة فى الزمن الماضي ثم تحدى صاحب المعجزة قومه ... فهل سيكون التحدي صحيحا؟
لا ....
لأن التحدي هنا نسبي ... صحيح إن بعض القوم سيؤمنون بالنظر الى شخوص "المعجزة" أمام أعينهم لكن هذه المعجزة بعينها فى عيوننا -نحن المعاصرين- ليست كذلك ويستطيع بعضنا أن يأتي بمثلها أو أفضل منها أو قريبا منها. (لهذا يخامرني الشك فى مصداقية ما يسمى بالاعجاز العلمي ... لأنه يقوم على فكرة النسبية فيقولون لم يكن هذا معروفا فى الماضي .... وهو معروف اليوم. وأرى أن التحدي ينبغي أن يكون مطلقا كما فى آيتي البقرة السالفتين. ولعلنا نخصص كلاما فى الموضوع أن شاء الله لاحقا.)
لكن تأملوا فى ظاهرة اللغة واعتبروا هاتين الخاصيتين:
-الخاصية الاولى: اللغة فى ملك كل عاقل. ولعلها الشيء الوحيد الموزع بالتساوي بين الصغيروالكبير والمراة والرجل والبدوي والحضري (وليس العقل كما زعم ديكارت).وانظروا تبعا لذلك لعموم التحدي بالقرآن ... فلو كان بشيء علمي لقيل هو خاص بالعلماء ولو كان بمهارة لقيل هو خاص بمن لهم نوع تلك المهارة. لكن التحدي كان باللغة التي تعرفها العجوز ويتقنها الصبي.
-الخاصية الثانية:-وهي العمدة فى كل استدلالنا وردنا-اللغة هي الشيء الوحيد الذي لا يتصور أن يتفوق فيه الخلف على السلف. صحيح يجوز ان يكون علم الخلف أفضل من علم السلف ... وسياسة الخلف أمضى من سياسة السلف وأعمار الخلف أطول من أعمار السلف الخ ... لكن قطعا ... قطعا لا يمكن للخلف أن يتفوقوا على السلف فى اللغة التي علموهم إياها.
لاحظوا أنني لا أتحدث عن تطور اللغة فبإمكان الخلف أن يغيروا من لغتهم جزئيا أو كليا كما حدث عندنا فى ما يسمى باللهجات ... وكما حدث عندهم فى اللاتينية حين اشتقت منها فرنسية واسبانية وايطالية ... لكن هذا المتولد من الاشتقاق ومن التحريف لا يحسب لغة للسلف ...
لكنني أتكلم عن الفصاحة وهو أمر آخر. فامرؤ القيس عندي أفصح من الف ابن تيمية. مع أن الاول مشرك كافر وابن تيمية معدود عندي من عباقرة البشر. كما أن عجوزا فى بادية العرب فى الجاهلية أفصح وأعلم باللغة من المتنبى الذى ملأ الدنيا وشغل الناس ... والسر فى ذلك أن اللغة مفردات اصطلح على معانيها واستعملت في تلك المعاني ... وتطاول الزمن من شأنه أن ينسي بعض المعاني أو يزيد اليها معان جديدة وفى الحالتين معا إما أن تفتقر اللغة أو تحرف.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهنا معجزة أخرى للقرآن وهو انه أوقف اللغة العربية ومنعها من "التطور" فكانت لغتنا الفصحي اليوم هي لغة الجاهليين. (قارن مع الفرنسيين مثلا الذين يترجمون فرنسية "رونسار"الذي كان فى القرن الثالث عشر الى فرنسية "سارتر")
قال الامام العظيم "مالك ابن أنس" فى قولته المنهجية التي ينبغي أن تخضع لها الأعناق:
ما لم يكن يومئذ دينا فليس اليوم بدين ....
وأقول على أثره- رضي الله عنه-: ما لم يكن يومئذ لغة عربية فليس بعربية.
إذا تقرر هذا عدنا الى آية التحدي لنرى فيها وجه القطع:
إن عجز المخاطبون عن الإتيان بمثل سورة من القرآن ... فمن بعدهم أشد عجزا. لما ثبت عندنا من أن صاحب اللغة أفصح ممن ليس بصاحبها .. ومعلم اللغة أعلم بلغته ممن تعلمها منه. ولا يقال ان بعض الاعاجم قد تفوقوا على اساتذتهم فى اللغة كسيبويه والزمخشري وغيرهم لأننا نقول تفوقوا لمعرفتهم بمصادر أخرى للغة لا استنادا الى عقولهم وذكائهم. فأوضاع اللغة لا علاقة لها بالعقل كما هو معروف.
الانسان المتحدى فى آيتي البقرة يقطع أن البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل القرآن مستقبلا استنادا الى أمر عقلي لا يقاوم وهو قياس الأولى: عجز المتأخر فى اللغة أولى من عجز المتقدم. وهذا يقطع الطريق على كل احتمال فى امكانية نجاح الاواخر بما لم يستطعه الاوائل.
وفي ضوء هذا القياس الاولوي قامت الحجة على كل الناس:فالعالمون بالعربية منهم قامت عليهم الحجة بعجز أسلافهم. والاعاجم قامت عليهم الحجة بعجز العرب. وهذا قاطع لمن لا يكابر (أرأيت كيف سوى الله تعالى المكابرين بالحجارة؟).
ومن هنا جاء البيان النبوي بذكر مجرد السماع: أن يسمع يهودي أو نصراني - كيفما كانت لغتهما-أن رجلا تحدى قومه فى لغتهم وبلغتهم فعجزوا فقد قامت الحجة عليهما عقلا بالنظر الى ما سبق.
بعدهذا نلتفت الى صاحب "أسرار القرآن"ونسأله:
هل ستفهم القرآن من باب اللغة العربية أم لا؟
لا بد أن تجيب بنعم .....
ثم يقال لك بعد ذلك:هذا الباب الذي دخلت منه, أأنت أعلم به أم سلفك؟
لا أخالك تركب رأسك وتدعي أنك أعلم باللغة من أصحابها ...
نحن لا نقلل من ذكائك وعبقريتك .... لكن للأسف لا تلازم بين الذكاء وأوضاع اللغة .. فلو لم تسمع من سلفك أن هذا السائل المشروب يسمى "ماء" ما استطعت أبدا أن تخمن أنه يسمى "ماء" ولو كان لك الجن ظهيرا!!!
لك أن تسميه ما شئت ... لكن ستكون قد خرجت عن لغة العرب .... كما خرجت عنها, عندما سمى العرب العصا" منسأة "وسميتها أنت "آلة الزمن"!!!
للحديث بقية أن شاء الله تعالى.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Jun 2005, 04:53 ص]ـ
(بعدهذا نلتفت الى صاحب "أسرار القرآن"ونسأله:
هل ستفهم القرآن من باب اللغة العربية أم لا؟
لا بد أن تجيب بنعم .....
ثم يقال لك بعد ذلك:هذا الباب الذي دخلت منه, أأنت أعلم به أم سلفك؟
لا أخالك تركب رأسك وتدعي أنك أعلم باللغة من أصحابها ...
نحن لا نقلل من ذكائك وعبقريتك .... لكن للأسف لا تلازم بين الذكاء وأوضاع اللغة .. فلو لم تسمع من سلفك أن هذا السائل المشروب يسمى "ماء" ما استطعت أبدا أن تخمن أنه يسمى "ماء" ولو كان لك الجن ظهيرا!!!
لك أن تسميه ما شئت ... لكن ستكون قد خرجت عن لغة العرب .... كما خرجت عنها, عندما سمى العرب العصا" منسأة "وسميتها أنت "آلة الزمن"!!!)
واصل أعانك الله وسددك، وفتح عليك.
طرح مميز، وأسلوب رصين ....
ولعلك أخي تذكر مصادرك التي تستقي منها تقريراتك .... حتى يكون هذا الرد بحثاً علمياً موثقاً ....
[تنبيه: شكر خاص للأستاذ جمال حسني الشرباتي على تنبيهه على الخطأ النحوي في المشاركة]
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[18 Jun 2005, 09:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
نعم، نواصل بعون الله. ونلتفت إلى صاحب "الإصرار"!
و يقول مقرراً، أنّ الشيخ أبوعرفة يُعاني من آفة خُلقية، وهي (الكبر)، وحيث أنه لا يعلم خفايا القلوب إلا الله، وأن حُسن الظن بالمسلم أولى،
و أن أهل القرآن يترفعون عن رشق الناس بأحجار الأحكام والاتهام ..
بعد كل ذلك، فلن نتحدث عن خبايا صاحب الإصرار، وشيخنا تشي مقاصد بحوثه بحقيقة نفسه، والله حسيبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول أن علامة التعالي هي تجاوز السلف، ومزاحمة الصحابة. ولقد كان ذلك دأب كل سلفك الصالح رضي الله عنهم. فكيف تجاوز أحدهم في تفسيره وحكمه ما كان عليه أستاذه الصحابي؟! كيف خالفه؟ ثم فعل ذلك تلميذه؟ وتلميذ تلميذه؟؟!! ولقد أخذوا عن بعضهم مشافهة، فعلم التلميذ فضل معلمه.
وكان ذلك منهاج الأمة حتى انتهت سلاسل العلماء بـ"ــــــــــ"! وانتهى تعظيم كلام الله ب"ـــــــــــ" .. فاُوقف أول ما أُوقف الاجتهاد!
أين الكبر والتعالي؟
ثمّ استقر الأمر على"التعميم" بالنسبة للمفسرين، وأقوالهم .. وما نحن بمن
جاء ليُشّهر بمسلم .. ولو شئنا لفعلنا! فتلك كتبهم بين أيدي الناس تعظم ويتقرب لها بالبحوث والدراسات.
بل غالب قول الشيخ أن (قد أخطئوا).وليس يجهل "صاحب علم " أين تقع أمثال تلك المقولات.
و أما "تعويم المصطلحات"، فكيف تحاكمنا إلى فهم لا ندين له ابتداء؟
و معروف أن المصطلحات، ما هي إلا وضع بشر، لا ندين له بربوبية بعد الله. ولا نتحاكم إلى مقصده.
و أما الصحابة رضي الله عنهم، فلقد كانوا على غير ما تظن، فغالب أقوالهم آراء لا وحي، خالف بعضهم بعضاً في المسائل الكثيرة، فما هاب المتأخر من هو أسبق منه للإسلام؟ وما تراجع الصغير عن فهمه للكبير، وما خلع المجهول فيهم عقله عند أعتاب "أمير المؤمنين"!!
نعم! نقتدي بهم في فهمهم، وسعة عقولهم، و أدب الخلاف بينهم، والتزامهم الهدى والبينة.
وأُشفق على صاحب الإصرار، وقد أرق العلم" السطحي" مضجعه، فصرف عليه من وقته وجهده وذهنه، ما يستحق مساندة الأخ (أبو مجاهد) ودعاءه له، وكان أولى بالمنهج السطحي، أن يُهمل، أو تُفند أبحاثه ببضع دقائق.!!
وأما قولك المُفصل عن "المُعجزة"، فقريباً تقرأ وتسمع لرده، في دراسة قادمة للشيخ "صلاح الدين أبو عرفة" .. فنحن لا نؤمن بلفظة " المعجزة" وتوابعها. و نبشرك أن "آية "موسى في العصا واليد وهي آية الله العظمى، تكون لي ولك كما هي لفرعون وقومه! وقريباً تسمع البيان بإذن الله.
و من حقك أن ترفض أي دين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا بقولة " الامام العظيم"مالك، ولكن بقولة "عبد الله " محمد صلى الله عليه وسلم:
(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد).رواه البخاري.
و سأتركها لك أن تقول ما الدين الذي قصده النبي صلى الله عليه وسلم، وماذا ترك للأمة لتدين به؟
وهل لنا بالمكان الذي اشتق فيه الشيخ كلمة عربية جديدة، أو قال بمعنى لغوي ليس من لسان العرب .. علماً بأننا نقول بأن لغة القرآن أعلى من لسان العرب. و أن الأصل أن نعود للكتاب والسنة إن أشكلت علينا كلمة ثم للغة.
ونواصل انتظار "النقد"!
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[21 Jun 2005, 01:03 ص]ـ
[ quote= أبومجاهدالعبيدي]
(بعدهذا نلتفت الى صاحب "أسرار القرآن"ونسأله:
هل ستفهم القرآن من باب اللغة العربية أم لا؟
لا بد أن تجيب بنعم .....
ثم يقال لك بعد ذلك:هذا الباب الذي دخلت منه, أأنت أعلم به أم سلفك؟
لا أخالك تركب رأسك وتدعي أنك أعلم باللغة من أصحابها ...
نحن لا نقلل من ذكائك وعبقريتك .... لكن للأسف لا تلازم بين الذكاء وأوضاع اللغة .. فلو لم تسمع من سلفك أن هذا السائل المشروب يسمى "ماء" ما استطعت أبدا أن تخمن أنه يسمى "ماء" ولو كان لك الجن ظهيرا!!!
لك أن تسميه ما شئت ... لكن ستكون قد خرجت عن لغة العرب .... كما خرجت عنها, عندما سمى العرب العصا" منسأة "وسميتها أنت "آلة الزمن"!!!)
واصل أعانك الله وسددك، وفتح عليك.
طرح مميز، وأسلوب رصين .... )).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
كنت أود منك أخي الفاضل أبا مجاهد- قبل أن تدلي بقولك هذا- أن ترجع إلى كتب اللغة، لتقف بنفسك على ما قاله علماء اللغة في مادة (نسأ)، التي اشتق منها اسم للآلة، على وزن (مِفْعَلَة)، وأعني به: (مِنْسَأَة)، التي أجمع المفسرون على أنها عصا سليمان عليه السلام، لعلك تدرك سبب تسمية هذه العصا بهذا الاسم دون غيره من أسماء الآلة. وإني إذ أخاطبك بهذا الخطاب فلأنني أريدك ألا تطلق حكمًا من الأحكام على شيء- وأنت الخبير بذلك- من قبل أن تتأكد من أن ما تقوله هو الصواب، أو هو القريب من الصواب، فإذا عزمت بعد ذلك، فتوكل على الله. وأرجو أن تحسن الظن بي وبغيري، وألا تحمِّل كلامي ما لا يطيق، وفقك الله وإيانا لكل خير.
(يُتْبَعُ)
(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى:? فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ? (سبأ:14)
أولاً- قال القرطبي:” قوله تعالى:? فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ?. أي: فلما حكمنا على سليمان بالموت، حتى صار كالأمر المفروغ منه، ووقع به الموت، ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل مِنسأته.
وذلك أنه كان متكئًا على المِنْسَأة؛ وهي العصا بلسان الحبشة في قول السدي، وقيل: هي بلغة اليمن، ذكره القشيري. فمات كذلك، وبقي خافي الحال إلى أن سقط ميتًا لانكسار العصا، لأكل الأرضة إياها، فعلم موته بذلك، فكانت الأرضة دالة على موته. أي: سببًا لظهور موته. وكان سأل الله تعالى: ألا يعلموا بموته حتى تمضي عليه سنة.
واختلفوا في سبب سؤاله لذلك على قولين: أحدهما ما قاله قتادة وغيره قال: كانت الجن تدَّعي علم الغيب، فلما مات سليمان عليه السلام، وخفى موته عليهم، تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
وقال ابن مسعود: أقام حولاً، والجن تعمل بين يديه حتى أكلت الأرضة منسأته، فسقط. ويروى: أنه لما سقط، لم يعلم منذ مات، فوضعت الأرضة على العصا، فأكلت منها يومًا وليلة، ثم حسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة.
وقيل: كان رؤساء الجن سبعة، وكانوا منقادين لسليمان عليه السلام، وكان داود عليه السلام أسس بيت المقدس، فلما مات أوصى إلى سليمان في إتمام مسجد بيت المقدس، فأمر سليمان الجن به، فلما دنت وفاته، قال لأهله: لا تخبرونهم بموتي حتى يتموا بناء المسجد، وكان بقي لإتمامه سنة.
وفي الخبر: أن ملك الموت كان صديقه فسأله عن آية موته، فقال: أن تخرج من موضع سجودك شجرة، يقال لها: الخرنوبة، فلم يكن يوم يصبح فيه إلا تنبت في بيت المقدس شجرة، فيسألها: ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا، فيقول: ولأي شيء أنت؟ فتقول: لكذا ولكذا، فيأمر بها، فتقطع، ويغرسها في بستان له، ويأمر بكتب منافعها ومضارها، واسمها، وما تصلح له في الطب، فبينما هو يصلي ذات يوم، إذ رأى شجرة نبتت بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة، قال: ولأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا المسجد، فقال سليمان: ما كان الله ليخربه، وأنا حي، أنت التي وجهُك هلاكي، وهلاك بيت المقدس، فنزعها وغرسها في حائطه، ثم قال: اللهم عَمَِّ عن الجن موتي، حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، ثم لبس كفنه، وتحنط، ودخل المحراب، وقام يصلي، واتكأ على عصاه على كرسيه، فمات، ولم تعلم الجن إلى أن مضت سنة، وتم بناء المسجد “.
قال أبو جعفر النحاس:” وهذا أحسن ما قيل في الآية، ويدل على صحته الحديث المرفوع. روى إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام، إذا صلى، رأى شجرة نابتة بين يديه، فيسألها: ما اسمك؟ فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء كتبت، فبينما هو يصلي ذات يوم إذا شجرة نابتة بين يديه قال: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة، فقال: لأي شيء أنت؟ فقالت: لخراب هذا البيت، فقال: اللهم عَّمِّ عن الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصًا، فتوكأ عليها حولاً، لا يعلمون، فسقطت، فعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنظروا مقدار ذلك، فوجدوه سنة “.
ثانيًا- وقرأ نافع وأبو عمرو:? تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ?، بألف بين السين والتاء من غير همز، والباقون بهمزة مفتوحة موضع الألف، لغتان؛ إلا أن ابن ذكوان أسكن الهمزة، تخفيفًا.
وأصلها من: نسأت الغنم. إذا طردتها؛ لأنها يطرد بها. أو من: نسأتها، إذا أخرتها، ومنه: النسيء: التأخير. وقال النحاس:” واشتقاقها يدل على أنها مهموزة؛ لأنها مشتقة من: نسأته. أي: أخرته، ودفعته. فقيل لها: منسأة؛ لأنها يدفع بها الشيء، ويؤخر “.
وهي اسم آلة على وزن (مِفْعَلَة) مثل (مِكْنَسَة). أما (مَنْسَأَة)، بفتح الميم فهي اسم مكان على وزن (مَفْعَلَة)، وكلاهما مشتَقٌّ من: (نَسَأ ينسَأ نَسُئًا).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثًا- جاء في لسان العرب مادة (نسأ):” نسأت المرأة تنسأ نسأً: تأخر حيضها عن وقته، وبدأ حملها، فهي نَسْءٌ، ونَسِيءٌ، والجمع: أنساء و نسوء. وقد يقال: نساء نسء على الصفة بالمصدر. يقال للمرأة أول ما تحمل: قد نسأت.
ونسأ الشيء ينسؤه نسأ، وأنسأه: أخره .. والاسم: النسيئة، والنسيء. ونسأ في أجله، وأنسأ أجله: أخَّره. وحكى ابن دريد: مدَّ له في الأجل: أنسأه فيه. قال ابن سيده: ولا أدري كيف هذا؟ والاسم: النساء. وأنسأه الله أجله، ونسأه في أجله بمعنى. وفي الصحاح: ونسأ في أجله بمعنى.
وفي الحديث عن أنس بن مالك:” من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ في أجله، فليصل رحمه “.
النَّسْءُ: التأخير، يكون في العمر والدين. وقوله: ينسأ. أي: يؤخر، ومنه الحديث:” صلة الرحم مثراة في المال مَنْسَأة في الأثر “. وهي مَفْعَلَة، منه. أي: مظنَّة له، وموضع.
وفي حديث ابن عوف:” وكان قد أنسِىء له في العمر “. وفي الحديث:” لا تستنسئوا الشيطان“. أي: إذا أردتم عملاً صالحًا، فلا تؤخروه إلى غد، ولا تستمهلوا الشيطان. يريد: أن ذلك مهلة مسولة من الشيطان.
والنسأة بالضم مثل الكلأة: التأخير. وقال فقيه العرب:” من سره النساء، ولا نساء، فليخفف الرداء، وليباكر الغداء، وليقلَّ غشيان النساء “. وفي نسخة:” وليؤخر غشيان النساء “. أي:
تأخر العمر والبقاء.
وقرأ أبو عمرو: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}. المعنى: ما ننسخ لك من اللوح المحفوظ، أو ننسأها: نؤخرها، ولا ننزلها. وقال أبو العباس: التأويل: أنه نسخها بغيرها، وأقر خطها. وهذا عندهم الأكثر والأجود.
ونسأ الشيء نسأً: باعه بتأخير، والاسم: النسيئة. تقول: نسأته البيع، وأنسأته، وبعته بنسأة، وبعته بكلأة، وبعته بنسيئة. أي: بأخرة. والنسيء: شهر كانت العرب تؤخره في الجاهلية، فنهى عز وجل عنه. وقوله عز وجل: {إنما النسيء زيادة في الكفر} قال الفراء: النسيء: المصدر، ويكون المنسوء مثل: قتيل ومقتول. والنسيء: فعيل بمعنى مفعول، من قولك: نسأت الشيء، فهو منسوء، إذا أخرته، ثم يحول منسوء إلى نسيء؛ كما يحول مقتول إلى قتيل.
ورجل ناسىءٌ، وقوم نسأة، مثل: فاسق وفسقة؛ وذلك أن العرب كانوا إذا صدروا عن منى يقوم رجل منهم من كنانة، فيقول: أنا الذي لا أعاب ولا أجاب، ولا يرد لي قضاء، فيقولون: صدقت، أنسئنا شهرًا. أي: أخِّر عنا حرمة المحرم، واجعلها في صفر، وأحل المحرم؛ لأنهم كانوا يكرهون أن يتوالى عليهم ثلاثة أشهر حُرُم، ولا يغيرون فيها؛ لأن معاشهم كان من الغارة، فيحل لهم المحرم؛ فذلك الإنساء.
قال أبو مصنور: النسيء في قوله عز وجل: {إنما النسيء زيادة في الكفر} بمعنى: الإنساء، اسمٌ وضِع موضِع المصدر الحقيقي، من أنسأت. وقد قال بعضهم: نسأت في هذا الموضع، بمعنى: أنسأت.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما:” كانت النسأة في كندة “. النُّسأة، بالضم وسكون السين، النسيء، الذي ذكره الله في كتابه من تأخير الشهور بعضها إلى بعض.
وانتسأت عنه: تأخرت، وتباعدت. وكذلك الإبل إذا تباعدت في المرعى. ويقال: إن لي عنك لمنتسأ. أي: منتأى، وسعة، وأنسأه الدين والبيع: أخرَّه به. أي: جعله مؤخرًا؛ كأنه جعله له بأخرة. واسم ذلك الدين: النسيئة.
وفي الحديث:” إنما الربا في النسيئة “ هي البيع إلى أجل معلوم. يريد: أن بيع الربويات بالتأخير من غير تقابض هو الربا، وإن كان بغير زيادة. قال ابن الأثير: وهذا مذهب ابن عباس، وكان يرى بيع الربويات متفاضلة مع التقابض جائزًا، وأن الربا مخصوص بالنسيئة. واستنسأه: سأله أن ينسئه دينه.
ونسأت عنه دينه: أخرته نَساءً بالمد. وكذلك النَّساء في العمر ممدود. وإذا أخرت الرجل بدينه قلت: أنسأته، فإذا زدت في الأجل زيادة، يقع عليها تأخير، قلت: قد نسأت في أيامك، ونسأت في أجلك. وكذلك تقول للرجل: نسأ الله في أجلك؛ لأن الأجل مزيد فيه؛ ولذلك قيل للبن: النسيء، لزيادة الماء فيه. وكذلك قيل: نسئت المرأة، إذا حبلت. جعلت زيادة الولد فيها كزيادة الماء في اللبن. ويقال للناقة: نسأتها. أي: زجرتها ليزداد سيرها.
ونسأ الإبل نسأ: زاد في وردها وأخرها عن وقته، ونسأها: دفعها في السير وساقها. ونسأت في ظمأ الإبل، أنسؤها نَسأً، إذا زدت في ظمئها يومًا، أو يومين، أو أكثر من ذلك. ونسأتها أيضا عن الحوض، إذا أخرتها عنه.
و المِنُسَأة: العصا، يهمز، ولا يهمز، ينسأ بها. وأبدلوا إبدالا كليا، فقالوا: مِنْسَاة، وأصلها الهمز؛ ولكنها بدل لازم، حكاه سيبويه. وقد قرىء بهما جميعًا. قال الفراء في قوله عز وجل: {تأكل مِنْسأته} هي العصا العظيمة، التي تكون مع الراعي. يقال لها: المِنْسَأة، أخذت من نسأت البعير. أي: زجرته ليزداد سيره.
ونَسَأ الدابة والناقة والإبل، ينسؤها نَسَأً: زجرها وساقها. ونسأت الدابة والماشية تنسأ نَسَأً: سمنت. وقيل: هو بدء سمنها حين ينبت وبرها بعد تساقطه. يقال: جرى النَّسْءُ في الدواب، يعني: السمن. والنَّسْءُ، بالهمز، والنسيء: اللبن الرقيق الكثير الماء. وفي التهذيب: الممذوق بالماء، ونسأته نسأ، ونسأته له، ونسأته إياه: خلطته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Jun 2005, 01:17 ص]ـ
أستاذنا الفاضل محمد إسماعيل عتوك؛ سرني تعليقك، مع أني لم أفهم مغزى توجيهك لي مع قبولي لنصيحتك، وابتهاجي بها.
ولي طلب أستاذي العزيز: لعلك تبدي رأيك وبصراحة ووضوح في موقع أسرار القرآن، وما يطرح فيه من غرائب وعجائب، واقرأ هذه الدراسة له كمثال:
http://www.alassrar.com/sub.asp?page1=study1&field=studies&id=45
أرجو أن تدلي بحكمك، فهو يهمنا
ـ[محمد إسماعيل]ــــــــ[22 Jun 2005, 10:33 م]ـ
شكرًا لك يا أخي أبا مجاهد على سرورك للنصيحة، وابتهاجك بها، وقبولك بها مع أنك لم تفهم مغزاها- كما تقول- وما أظن أن قولك هذا إلا من باب التواضع؛ فليس في كلامي ما يخفى على أمثالك يا أخي أبا مجاهد .. وكل ما أريد أن أقوله هو أن يحترم كل واحد منَّا آراء الآخر، وحريته في التعبير، وفي الخطاب وأن نحسن الظن بإخواننا المسلمين، وألا نكيل لهم الاتهام بمكيال بوش وشارون، دون تبصر، وتأمل، وتفكر، حتى يظهر لنا أنهم يسيئون الأدب فعلاً مع الأئمة من السلف الصالح، ويسيئون إلى القرآن الكريم في الفهم، والتأويل، ويقولون على الله سبحانه ما لم يقله في كتابه العزيز. أما أن نتهمهم لمجرد أنهم يخالفوننا في الرأي بأنهم يسيئون الأدب مع السلف، وبأنهم مصابون بآفة خَلقية، وخُلقية، وبأنهم يعملون على إلغاء الشريعة, وإقصاء القرآن من حياة الناس, وتعطيل الدين، وهم مسلمون موحدون، فهذا ما لا ينبغي لمسلم أن يفعله. وعلينا أن نتذكر دائمًا أنه ليس أحد منَّا من هو معصوم، فكل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون، وأن كلاً يؤخذ من قوله، ويُرَدُّ عليه إلا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم. والعجب ممن يلغي عقله، ويعطل تفكيره أمام عقول الآخرين، وتفكيرهم؛ وكأن الله سبحانه خلق لهم عقولاً يفكرون بها، وألسنة ينطقون بها، ولم يخلق لنا نحن غير آذان نسمع بها ما يقولون.
وإن كان يسيئك يا أبا مجاهد ما تراه من غرائب وعجائب في أقوال صاحب موقع الأسرار، فإن في كتب التفاسير على اختلافها ما هو أعجب، وأغرب، وكل إنسان يحمل طائره في عنقه .. وقد نبهت في مقالاتي إلى كثير من غرائب المفسرين وعجائبهم، وهي شواهد محسوسة وملموسة لمن أراد أن يعتبر .. ولكن مشكلتنا أننا لا نريد أن نسمع، ولا نريد أن نرى، وإذا أردنا أن نرى فإننا ننظر إلى الأمور من منظار هو أضيق من خرم الإبرة. ومشكلتنا أيضًا أننا لا نفرق بين أقوال المفسرين من السلف، وأقوال الأئمة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كما لا نفرق بين قول لابن عباس رضي الله عنهما صحت روايته، وبين قول له آخر لم تصح روايته .. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أن ما ثبت نسبته إلى ابن عباس لا يتجاوز المائة حديث.
وليتك يا أبا مجاهد تقف على ما يقوله الشيخ ابن تيمية في رده على المفسرين، وتصحيحه لأقوالهم في كثير من الآيات، ومن أقواله في دقائق التفسير:” والموجود بأيدي الأئمة من الروايات الصادقة والكاذبة والآراء المصيبة والمخطئة، لا يحصيه إلا الله، والكلام في تفسير أسماء الله وصفاته وكلامه فيه من الغث والسمين ما لا يحصيه إلا رب العالمين؛ وإنما الشأن في الحق والعلم والدين .. وهذه الكتب، التي يسميها كثير من الناس كتب التفسير فيها كثير من التفسير منقولاتٌ عن السلف، مكذوبةٌ عليهم، وقولٌ على الله ورسوله بالرأي المجرد، بل بمجرد شبهة قياسية، أو شبهة أدبية .. ومعلوم أن في كتب التفسير من النقل عن ابن عباس من الكذب شيء كثير من رواية الكلبي عن أبي صالح، وغيره، فلا بد من تصحيح النقل؛ لتقوم الحجة “.
والأهم من هذا كله يا أبا مجاهد أن هناك أولويات ينبغي أن تراعى من قبل المسلمين الغيورين على دينهم وقرآنهم، وكفانا نزاعًا وتهجمًا على بعضنا البعض، وأعداؤنا بيننا يطعنوننا في صدورنا بسهامهم المسمومة، فندير لهم ظهورنا، ولا نرى أمامنا إلا أبناء جلدتنا، وإخواننا في الدين، نتصيَّد أخطاءهم في ماء نعكره نحن، وقد يكون في الغالب ماء لا تشوبه شائبة من عكر، أو نحوه .. لماذا؟؟؟ لست أدري!!!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jun 2005, 01:15 ص]ـ
الأستاذ الكريم: محمد إسماعيل عتوك؛ جزاك الله خيراً كثيراً على هذا الإيضاح
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا أخفيك أن أكثر ما ذكرته معلوم، والتذكير بالمعلوم لا يقل أهمية عن تعليم غير المعلوم، وقد قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذريات:55) فجزاك الله خيراً على هذا التذكير.
وقد اتبعت وصيتك مع صاحب موقع أسرار القرآن مدة غير قصيرة، وأنا أحاول أن ألتمس له الأعذار، وأؤكد له أن في دراساته شيئاً من الحق والصواب، إلا أن منهجه غير مرضي لأسباب كثيرة.
وقد رجعت إلى موقعه، وقرأت بعض دراساته، فتبين لي أمور:
منها: أنه يتعب نفسه في تقرير قضايا لا يتعلق بها عمل في الغالب، وإنما هي من فضول المسائل، ولو لم يعلمها أيّ مسلم ومات وهو يجهلها لم يفته شيئ.
ومنها: إصراره العجيب على آرائه، فقد قرأت بعضاً من ردود القراء عليه، وبعض الردود مبنية على أدلة صريحة صحيحة قطعية، ومع ذلك لا يقبلها، ويحاول أن يجد له مخرجاً، ولم أجد له إلى الآن أي اعتراف برأي يخالفه. وهذا في الواقع ادعاء عصمة. واقرأ الردود على دراسته التي طلبت منك إبداء الرأي فيها.
ومنها: تحمس أتباعه العجيب لآراءه، ودفاعهم عن كل ما يقول.
وأما ما ذكرتَه وفقك الله من الأقوال الغريبة في كتب التفسير، والآراء الباطلة؛ فهذا لا شك فيه، ولا زالت الدراسات تخرج الغث من كتب التفسير، وتبين الضعيف، وتحكم على كل قول بما يناسبه. إلا أني لم أجد في كتب التفسير من يدعي أن ما قرره هو الحق المحض، ولا زال الأئمة ينبهون على أن ما يكتبون محتمل للخطأ والصواب.
وهنا أمر أنبه عليه صراحة، وأرجو أن يتسع صدرك له، وهو أن أغلب الدراسات التي تحررونها، وتبينون فيها بعض أخطاء المفسرين وغيرهم إنما هي في مسائل علمية لا يبنى على أكثرها عمل؛ إما مسائل نحوية، أو بلاغية، أو نحوها من مسائل - مع أني لا أقلل من شأنها - إلا أن جهلها، وعدم العلم لا يترتب عليه كبير أثر.
ولو أننا أمعنا النظر فيما ثبت عن الصحابة خصوصاً من أقوال في التفسير لما وجدناهم اهتموا بمثل هذه المسائل. وقد كتبت قبل مدة مقالاً بعنوان: تأملات في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة للآيات، وهو موجود في هذه الشبكة في قسم المقالات.
ورحم الله سيد قطب، فقد أجاد عندما قال: (أما القاعدون من المسلمين الباحثين والمفسرين الذين لا يتحركون حركة علمية بالقرآن فهم لا يفهمون القرآن، ولا يحسنون تفسيره، ولا يدركون منهجه. إن هذا القرآن لا يتذوقه إلا من يخوض مثل هذه المعركة ويواجه مثل تلك المواقف التي تنزل فيها ليواجهها ويوجهها، والذين يتلمسون معاني القرآن ودلالته وهم قاعدون يدرسونه دراسة بيانية أو فنية لا يملكون أن يجدوا من حقيقته شيئاً في هذه القعدة الباردة الساكنة، بعيداً عن المعركة، وبعيداً عن الحركة) الظلال 4 - 1864، 1948.
أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يهدينا بالقرآن، ويرفعنا به. وأعوذ به تعالى من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[23 Jun 2005, 10:13 ص]ـ
شكر الله لأخي الكريم، محمد عتوك موقفه الذي أراه مبنياً على فهم، وحلم، وسعة صدر، وبحث عن الحق.
أمّا أخي المشرف العبيدي، فله الشكر لكلماته التي تجد فيها رائحة الغيرة على المسلم، ودينه.
ولكن اسمح لي بمناقشتك فيما يلي:
1 - قولنا أن في القرآن علوما لا تلزم!
فكيف نرضى لكلام ربنا أن يكون فيه (العملي وغيره)؟!
كيف نرضى أن يكون في كتاب الله ما لا يلزم التساؤل عنه؟!
كيف يكون في كتاب الله ما لا ينفع المتدبر الباحث فيه.؟!
2 - أؤكد لك أخي أنّ دفاع من حول الشيخ صلاح الدين أبو عرفة عنه، لا ينبع من إتباع أعمى، أو إيمان بغير هدى. وإنما إيمانهم بالمنهج الذي ارتأوه صحيحاً، و علموا أنه الهدى. وليتك مع إخوتك في نقاشهم مع شيخهم ترى حرصهم على الحق.
وكم قال الشيخ وكرر أكثر من مرة في المسجد الأقصى وغيره أننا نلتزم القول الذي يستدل صاحبه لقوله ببينة، ونتركه لقول صاحب الحجة الأعلى. بل قال غير مرة أن إذا رأيتم مني تعصباُ لقول ورفضي لما قد تروه أصح وأقوى حجة فاتركوني واتركوا قولي.
وليس أدل على ذلك ما يذيل به كل بحث له: {ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - و نطلب منك أن تذكر لنا هنا ما تظن أنه تعصب من الشيخ لقوله، ونكرانه للبينة والدليل، مأجوراً بإذن الله، ولا بأس بنقاش علمي هنا أيضاً.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 Jun 2005, 02:08 م]ـ
روى البخاري- رحمه الله- بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت)
كلما سمعت هذا الحديث تأكدت من الحكمة البالغة فى معالجة هذه الشريعة للأمور. ففي هذا الحديث تنبيه جليل الى سلوك لا يكاد يخلو منه إنسان الا من رحم الله, وهذا السلوك هو حدة بصر الانسان لاكتشاف ما يوجد فى الآخرين ولو يخفى, وعجزه عن رؤية ذلك الخطأذاته فى نفسه وإن يبدو.
فمن المثير للحنق حقا أن تسمع شخصا يتكلم أثناء الخطبةفأول ما تفكر فيه هو أن تأمره بالسكوت, وكل المبررات متأتية لك: وعلى رأسها وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, والدفاع عن حقك فى الاستماع الى الخطبة بدون تشويش, لكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى, رأى شيئا آخر: فأنت عندما تأمر صاحبك بالصمت
لا يخطر ببالك أنك تكلمت, ولا تعي أنك وقعت في ما وقع فيه صاحبك, ولكي تقدر ما حدث بالفعل فاخرج من جلدك واجعل نفسك مكان جارك لتعلم أن جارك قبل قليل كان يسمع صوت صاحبك فقط أما الآن فهو سامع لصوتين اثنين ولو قلدك فى سلوكك لأمركما بالصمت بدوره ولكان جاره بالجنب تمنعه أصوات ثلاثة من متابعة الخطيب ....
صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.
مناسبة تذكري للحديث ما كتبه فاضل معلقا على ردي على صاحب موقع أسرار القرآن. وقد انطلق من توهم" مباديء " فى الحوار والرد لو تمسك بها هو لسكت.أما وقد تكلم فقد ناقض نفسه لا محالة, فيحشر كلامه مع المغالطة المشهورة عند أهل المنطق بصدد الكريتي الذي يقول "كل الكريتيين كاذبون."
الرجل يدعو الى أن يحترم كل واحد منَّا آراء الآخر، وحريته في التعبير، وفي الخطاب وأن نحسن الظن بإخواننا المسلمين،
هذا جميل. لكن لماذا لا يكون لي نصيب من دعوتك هذه. ومن عجيب الاتفاق كلامه بعد ذلك عن مكيال بوش وشارون ...
بعبارة أوضح كل من يذهب الى "عدم الرد على الآخر" أوجب على نفسه السكوت. فإن قال لأبي عبد المعز كتابة:"دع الناس وشأنهم." حق لأبي عبد المعز أن يرد عليه:"أنت فى زجرك هذا لم تدعني وشأني".فانظروا ايها العقلاء الى مبدأ ما أن يطبقه صاحبه حتي يعود بالنقض على المبدإ ذاته.
لا يقال أن الرجل يتحدث عن العموم ... الرجل يرد علي بلا شك ويشير الى عبارات منتقاة من كتابتي ... وباب التعريض فى البلاغة لا يخفى على من نصب نفسه مدشنا لمنهج "الانصاف من الاسلاف".
وأن تعجب فتعجب من تعجبه عندما يقول:
والعجب ممن يلغي عقله، ويعطل تفكيره أمام عقول الآخرين، وتفكيرهم؛ وكأن الله سبحانه خلق لهم عقولاً يفكرون بها، وألسنة ينطقون بها، ولم يخلق لنا نحن غير آذان نسمع بها ما يقولون.
والخلط واضح بين التفكير كعملية نفسية داخلية لا يمنعها أحد ولا صاحبها. وبين التفكير الصحيح. فليس الشأن أن تفكر ولكن ان تفكر بمنهج صحيح ..... وقد ثبت عندنا قطعا أن السلف أزكى وأعلم وأحكم ... فيكون الخضوع لهم ليس الغاء للعقل كما زعموا بل هو عين العقل ....
وإن كان الرجل معتدا بعقله وفكره .... فإنني معتد بما أقرأ فى فاتحة الكتاب:"اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم"
وإن كان لا بد من التفكير فليفكر: لماذا قال الله تعالى ذلك؟ ولماذا جعلها فى الفاتحة دون غيرها من السور؟ ولماذا لا تقبل صلاة من غير الفاتحة المتضمنة لتلك الآية؟
فلينظر بعدها كيف يستقيم له أن يدعو ربه أن يهديه الى صراط السالفين ... وبعد الصلاة يلتمس الهداية من عقله وفكره.
هذا الموضوع هو محور نقدنا القادم لصاحب موقع اسرار القرآن.
اللهم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم لا صراط غيرهم. آمين.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[25 Jun 2005, 09:22 ص]ـ
مهلاً!!!
لقد خرجت بفهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم يتناسب وما تريد الاستدلال له!
فان كان ما قلت يا أباعبد المعز حقاً، فما بال من مسّ الحصى؟
و قد روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من مسّ الحصى فقد لغا"- أي يوم الجمعة-
ثمّ- يا أخي- لا تذهب بعيداً في حبك "للسالفين"، فتأتي بعظيم!
(يُتْبَعُ)
(/)
فمن أين جئت بـ"صراط السالفين"؟؟
وكيف تحجر نعمة الله؟ فلا يكون المنعم عليهم بالهداية إلا السالفين!!
وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"مثل أمتي مثل المطر، الذي لا يدرى أوله خير أم آخره"
بل عُد إلى كتاب الله، وانظر أين وكيف يذكر الله "السالفين"!!
وها أنت تؤثر الرد في موضوع جديد، فنأمل أن يكون "نقداً".
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 Jun 2005, 10:26 ص]ـ
حاولنا أن نثبت أن التحدي القرآني للعالمين لا يتوقف على أهلية المتحدى’وقيام الحجة لا شك فيها وإن كان السامع بالقرآن ليس عربيا. وماذاك إلا لقيام حجة عقلية موازية لا سبيبل الى إنكارها مفادها أن عجز أهل اللغة العربية -أعنى المؤهلين للتحدي- دليل قاطع على عجز كل الناس فى الحال والمآل معا.
ونزيد المسألة توضيحا بتحليل موقف مشهود منقول حدث فى بدايات النزول القرآني:
أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوه لك فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله
قال: قد علمت قريش أني من أكثر مالا
قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر أو أنك كاره له
قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني ولا بشاعر الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلوا وما يعلى وإنه ليحطم ما تحته
قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه
قال: فدعني حتى أفكر
ففكر
فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت ذرني ومن خلقت وحيدا
وأخرجه ابن جرير وأبو نعيم في الحلية وعبد الرزاق وابن المنذر عن عكرمة مرسلا.
سأقسم قراءتي لهذا الحدث الى مقامات أربعة:
-مقام النقل والرواية.
-مقام السياق والملابسة.
-مقام مضمون كلمة الوليد.
-مقام شكل كلمة الوليد.
المقام الأول:
لقد ذاعت كلمة الوليد وانتشرت فى الآفاق لحكمة أرادها الله عز وجل. ولتقريب هذا الحجم الهائل من مساحة الانتشار نلقي نظرة على هذه الأسماء من المفسرين والمحدثين والمؤرخين واللغويين والادباء-اعتمادا على بحث سريع وغير شامل فى برنامج حيسوبي-:
الطبري. ابن كثير. القرطبي. الشوكاني. البغوي. البيضاوي. أبو السعود. السيوطي. النسفي. الألوسي. الثعالبي. الزمخشري. اب ن عاشور. الصنعاني. الزركشي. الزرقاني.
البيهقي. الحاكم. العراقي. الالباني. ابن عبد البر. ابن حجر. المباركفوري. ابن تيمية. ابن القيم. الغزالي. عياض. الذهبي. الأدنروي. ابن الأثير. الجرجاني. ابن منظور. ابو السعادات ابن الاثير ...
هاأنتم أولاء ترون كم انتشر الخبرواستفاض واستحق لقب الشهرة المطلقة.
وليس مقصودي إثبات صحة الخبر, فتلك نية اترفع عنها إذ حسبي عندئذ تصحيح واحد أو اثنين من النقاد. لكن مقصودي أن الله تعالى قضى أن تحفظ مقولة الوليد الكافر وتصل الى كل إنسان ويرددهاكل لسان. لتقرع كل الآذان. لم ذلك؟ لعلاقتها المباشرة بإعجاز القرآن.
المقام الثاني:
لماذا جاء الناس الى الوليد بن المغيرة.؟ ألأنه من زعماء قريش؟ أم لصفة أخرى؟
الاحتمال الأول ضعيف. فما كان الناس يريدون "قراراسياسيا" بشأن مصير محمد بن عبد الله
وإلا لقصدوا الى دار الندوة. ولكنهم كانوا يريدون "رأي خبرة" بشأن ما يقرأه محمد بن عبد الله.
لقد أدرك الوليد مقصد الناس وحاجتهم الى خبرته فاهتبلها مناسبة على عادة العرب للتبجح والاستعلاء:"والله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني ولا بشاعرالجن ... "
وشاء الله أن يصل الينا هذا لنكتشف حقيقة أن العرب فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكونوا على مستوى واحد من معرفة الكلام وتذوقه. فثمة طبقتان على الأقل:
العامة ممن يتكلمون الفصحى فى شؤونهم.
والخاصة من مثل الوليد المستفتى الذي يتكلم كأبناء جلدته فى شؤون حياته لكنه يفضل عنهم بميزة نادرة هي قدرته على"الكلام على الكلام".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولتوضيح الفرق نشير الى ان المستعمل للغة عادة يكون منشغلا بمحتوى اللغة ومآربه حتى تشف اللغة أو تندك فى مقصوده فلا يلاحظها. أما الناقد اللغوي كالوليد فله شأن آخر مع المتكلمين:انتباه الى المحتوى وانتباه الى اللغة فى ذاتها. ومن ثم تأهل أكثر من غيره الى الفتوى فى القرآن. ولا شك انه سيكون لرأيه تبعات ثقيلة جدا. تبعات لم تفت ماكرا كأبي جهل فبادر الى شن حرب نفسية يتوسل بها الى إحداث ما هو شبيه بالتنويم المغناطيسي ليؤثر على صاحبه فتأتي الفتوى على مقياس الاشتهاء.
إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوه لك.
فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر أو أنك كاره له.
فكأن أبا جهل يريد أن يلقن صاحبه الجواب. لكي لا تقع الكارثة.
لكن الله قدر أمرا آخر:
ان يصدر وصف القرآن من خبير فى اللغة والأساليب من جهة. وهذا الخبير واقع فى ظرف عصيب كل مفرداته تدعو الى مناوءة القرآن من جهة.
المقام الثالث:
قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني ولا بشاعر الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلوا وما يعلى وإنه ليحطم ما تحته.
هذا اعتراف الخبير. وأبو جهل كان يعرفه مسبقا. لذلك حاول "استصدار الفتوى".لكن سلطان القرآن على قلب الوليد كان أقوى بكثير من "وسوسة" أبي جهل في أذنه.
وهكذا يصبح قول الوليد المحفوظ فى الناس بالتواترحجة على العربي والعجمي والاحمر والاسود.
وإن لم يذعنوا له لزمهم الا يذعنوا لقول صيرفي فى نقود ولا قول طبيب فى مريض ولا شهادة مهندس فى بناء. فهل يلتزمون؟؟؟
وشاء الله أن يصدر هذا الرأي من كافر عدو لله ولرسوله ولكلامه. ليكون قوله فى القرآن فوق كل الشبهات. وليشهد العالم أن احتمال تواطؤ أو مجاملة غير وارد عند العقلاء. والحق ما شهدت به الأعداء.
ثم انظروا الى أمر آخر:
قال: فدعني حتى أفكر
ففكر
فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره.
هاهو صوت الهوى بعد العقل. وشتان بين التلقائية والتكلف. وبين الصدق والكذب. قال: فدعني حتى أفكر. هل سيفكر فى القرآن.؟ هيهات. بل سيفكر فى الكذبة التي سيقولها للناس.
المقام الرابع:
أسلوب الوليد فى هذه الواقعة عجيب. فهو يرتفع -حين الصدق-الى درجة عليا من البلاغة. فوصفه للقرآن قطعة فنية لا تجارى. والظاهر أنه قال ذلك على البديهة قال ابن عاشور: وقد روي أن الفقرات الشهيرة التي شهد بها الوليد بن المغيرة للقرآن من قوله (إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما هو بكلام بشر) قالها عند سماع هذه الآية -يقصد (أن الله يأمر بالعدل والإحسان) الآية-.
ويشاء الله ان يحكم الحجة: الوليد يشهد لبلاغة القرآن. وشهادته نفسها تنادي ببلاغة صاحبها. فتكون الحصيلة شهادة بليغ بتفوق بليغ خصم. وهذا منتهى الانصاف.
ثم انظر الآن الى من كان محلقا فى أعالي الفصاحة-وهو صادق-كيف يهوي به التكلف
الى حضيض الكلام-وهو كاذب-.
لم يجد الغبي إلا أن يقول: هذا سحر.وهو تعليل من حقه أن يصدر عن السذج من الأطفال. لكنه الهوى و"التفكير".
نخلص من هذه الاعتبارات الى تأكيد ما قررناه من أن الحجة قد قامت علينا بمثل هذا الذي وصل الينا ممن هو أهل للتحدي. أما نحن فلا يحق لنا ان نسلك انفسنا فى زمرتهم إلا إذا كنا مصابين بداء الجهل المركب.واسمحوا لي بهذا المثل الخارج عن اللياقة-لكنه العي والفهاهة-
عندما يسقط الملاكم خصمه الذي هو من وزنه فى الدقيقة الاولى هل تعتقدون أنه سيتحدى امرأة من الجمهور. وإن فعل فعلى سبيل الدعابة فقط ..... أما إن كان جادا فمن المؤكد أن الجمهور سيحتفظ فى ذاكرته بصورة الملاكم الغبي أكثر من صورة الملاكم القوي.
فهل يتعظ صاحب "أسرار القرآن" ويدرك -أننا وأنه -يستحيل علينا أن نكتشف في لغة القرآن ما خفي عن العين الفاحصة العالمة مع استدام التأمل وطول الأمد.
هذا والأمر يتعلق بكفار العرب وأجلافهم.حيث مجرد التفكير فى الدنو منهم ينادي على صاحبه بالجهل المركب. أما ادعاء مزاحمة الصحابة فأقله أن يعود صاحبه لا بخفي حنين بل بالجهل المثلث.
وهذا محور نصيحتنا للشيخ صلاح الدين فى المناسبة القادمة إن شاء الله.
ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[29 Aug 2005, 12:00 ص]ـ
اقتباس:
قال أبو عبد المعز: ((والخلط واضح بين التفكير كعملية نفسية داخلية لا يمنعها أحد ولا صاحبها. وبين التفكير الصحيح. فليس الشأن أن تفكر ولكن ان تفكر بمنهج صحيح ..... وقد ثبت عندنا قطعا أن السلف أزكى وأعلم وأحكم ... فيكون الخضوع لهم ليس الغاء للعقل كما زعموا بل هو عين العقل ....
وإن كان الرجل معتدا بعقله وفكره .... فإنني معتد بما أقرأ فى فاتحة الكتاب:"اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم"
وإن كان لا بد من التفكير فليفكر: لماذا قال الله تعالى ذلك؟ ولماذا جعلها فى الفاتحة دون غيرها من السور؟ ولماذا لا تقبل صلاة من غير الفاتحة المتضمنة لتلك الآية؟
فلينظر بعدها كيف يستقيم له أن يدعو ربه أن يهديه الى صراط السالفين ... وبعد الصلاة يلتمس الهداية من عقله وفكره.
هذا الموضوع هو محور نقدنا القادم لصاحب موقع اسرار القرآن.
اللهم اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم لا صراط غيرهم. آمين. [/ QUOTE])).
يرجى من الأخ أبو عبد المعز أن يطلع على:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=7529
لعله يراجع نفسه، ويقلع عن عادته، ويعترف بأنه مخطىء في كل ما قال. ولا يخفى عليه أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وأن إصراره على الخطأ كإصراره على النقد الذي لا يقوم على الحجة والبرهان، بل يتخطى الحجج والبراهين وأقوال السلف من أهل اللغة والتفسير، ثم يدعي أنه على صراطهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكشاف]ــــــــ[10 Jul 2006, 11:23 ص]ـ
لا ينقضي العجب من جرأة أبي عرفة هذا في موقعه وفي محاضراته، مع قلة بضاعته وضحالتها في التفسير وغيره. وأعجب منه مناصرة بعض من يدعي العلم لهذا المنهج المنحرف في التفسير، وقد كثرت غرائب بعض الباحثين الذين يكتبون من فلسطين حتى ساء ظن الواحد منا بأهل فلسطين، والخوف من أن يكون هناك دور لليهود في تمويل مثل هؤلاء الباحثين للطعن في كتاب الله بمثل هذه الطريقة التي ظهر شرها وخطرها. ولكن بفضل الله سبحانه هناك من علماء فلسطين من تصدى للرد على هؤلاء وبيان خطرهم وسوء منهجهم من أمثال الدكتور حسام الدين عفانة كما في موقعه.
وقد سئل عن ما يقوله أمثال أبي عرفة في موقعه
يقول السائل: ما قولكم فيمن يربطون الأحداث التي وقعت في أفغانستان وما تعلق بها بالآيات القرآنية الواردة في قصة موسى عليه السلام مع فرعون ربطاً تفصيلياً حيث إنهم يجعلون لكل حدث من الأحداث مهما كان صغيراً ارتباطاً بآية قرآنية وإن كثيراً من عامة الناس قد صدقوا هذه التفسيرات؟
الجواب: عرف التاريخ الإسلامي جماعة من الوعاظ والقُصَّاص الذين كانوا يحدثون الناس في المساجد بالغرائب والأباطيل والأكاذيب وكان هؤلاء القصاص يستميلون قلوب العامة إليهم بذلك قال ابن قتيبة: [… القصاص فإنهم يميلون وجه العوام إليهم ويشيدون ما عندهم بالمناكير والأكاذيب من الأحاديث ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن نظر المعقول أو كان رقيقاً يحزن القلب …] تأويل مختلف الحديث ص357.
والعامة في كل عصر مولعون بالغريب ويعجبون بالخرافة ويستمتعون بالعجائب وقد ظهر في زماننا هذا نوع جديد من القصاص يهواهم العامة ويتحلقون حولهم ويظنونهم من المجددين لدين الإسلام وهؤلاء القصاص الجدد يزعمون أن عندهم فهماً جديداً لآيات القرآن وينزلون آيات الكتاب الكريم على الواقع الذي تعيشه الأمة المسلمة اليوم وهو واقع مرير بلا شك.
ويتعلق العامة بالقصاص الجدد بسبب حالة الضعف والذلة والهوان التي تعيشها الأمة المسلمة ونظراً لحالة العداء الشديدة للغرب عامة ولأمريكا خاصة السائدة اليوم في العالم الإسلامي فلما سمع عامة الناس كلام القصاص الجدد حول دمار أمريكا وغرقها وتدمير أبراجها إلى آخر المقولة التي يرددها القصاص الجدد تعلق العامة بهذا الكلام كتعلق الغريق بالقشة.
وأذكر هنا أمثلة من ربط الأحداث الحالية بالآيات القرآنية مما يروج على العامة وأشباه طلبة العلم فمن ذلك: إن قصة موسى عليه السلام المذكورة في سورة القصص تنطبق على أمريكا اليوم وأن أمريكا ستغرق كما غرق فرعون وسيكون غرق أمريكا خلال سنة أو سنتين!!! قال الله تعالى: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا ءَاسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لْآخِرِينَ) سورة الزخرف الآيات 51 - 56.
الزعم بأن كلمة فرعون تعني البيت العظيم ويوجد اليوم البيت الأبيض قال الله تعالى (… سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ).
الزعم بأن ما ورد في سورة القصص من ذكر لبعض الأمور بصيغة المثنى مثل (رجلين)
(امرأتين) (الأجلين) (فذانك برهانان) (سحران تظاهرا) (أهدى منهما) (أجرهم مرتين) إن هذه التثنية تدل على أن القصة ستحدث مرتين الأولى مع فرعون والثانية مع أمريكا!!!
الزعم بأن قصة قارون المذكورة في سورة القصص تنطبق على السعودية لأن قارون كان من قوم موسى واليوم أسامة بن لادن سعودي فقارون هو السعودية. فالله آتى قارون من الكنوز: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة) والله سبحانه وتعالى أعطى السعودية آبار النفط.
(يُتْبَعُ)
(/)
الزعم بأن المراد بقوله تعالى على لسان فرعون: (فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى) أن الصرح هو المرصد الفلكي وأمريكا أطلقت التلسكوب الفضائي هابل.
الزعم بأن فرعون كان يقاتل القاعدة: (فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا) وأمريكا اليوم تقاتل شبكة القاعدة والناس تقول للقاعد فزّ!!!
الزعم بأن قوله تعالى مخاطباً موسى: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) ينطبق على انضمام جماعة الجهاد إلى القاعدة والآية قالت (عَضُدَكَ) والظواهري اسمه أيمن!!!
الزعم بأن قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ) بأنه ينطبق على مصاهرة أسامة بن لادن للملا عمر!!! الزعم بأن قوله تعالى: (فسقى لهما) ينطبق على حفر أسامة بن لادن لآبار المياه في أفغانستان!!!
الزعم بأن تحالف الشمال الأفغاني ينطبق عليه قوله تعالى: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) وقوله تعالى (والذين ظاهروهم) هم بنو قريظة والنسبة إليهم قرظي وقرظاي هو زعيم الحكومة الأفغانية الآن!!!
الزعم بأن قوله تعالى: (وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا) هي 10% من أرض أفغانستان التي كانت بأيدي تحالف الشمال الأفغاني حيث إن الطالبان والقاعدة سينتصرون عليهم ويطؤوا تلك الأرض التي لم يطؤوها من قبل!!!
الزعم بأن هناك توافقاً بين اسم موسى عليه السلام واسم أسامة بن لادن ففي قصة موسى في سورة القصص قال تعالى: (طسم) وأن السين والميم هما الحرفان المركزيان في اسم موسى وكذلك هما في اسم أسامة. والزعم بأن أوصاف موسى تنطبق على أسامة بن لادن من حيث الطول والسواد والأنف وحمل العصا فأسامة كذلك، إلى غير ذلك من المزاعم والترهات التي حاولوا إلصاقها بآيات الكتب المبين وبهر بها العامة. إنه نوع جديد من التلاعب بكلام رب العالمين إن كلام الله أجل وأعظم من هذه الأباطيل والترهات.
وأقول في إبطال هذا الكلام ما يلي: ينبغي أن يعلم أنني لا أكتب هذا الكلام إلا دفاعاً عن كتاب الله سبحانه وتعالى وكلامي لا يعني أنني حريص على بقاء أمريكا بل إن كل مسلم يتمنى أن يقصم الله ظهر دول الكفر وعلى رأسها أمريكا. ولكنه الدفاع عن كلام رب العالمين حتى لا يكون لعبة للمتلاعبين بأقدس ما يملك المسلمون وألخص ردي فيما يلي:
أولاً: إن تفسير كلام رب العالمين ليس من شأن العوام ولا من شأن أشباه طلبة العلم إن تفسير كلام رب العالمين له قواعده وضوابطه التي قررها العلماء ولا بد من معرفتها قبل أن يخوض أي أحد في تفسير القرآن الكريم وقد حذر النبي e من الجرأة على الخوض في كلام الله تعالى بغير علم فقد روى الترمذي بسنده عن ابن عباس t أن رسول الله e قال: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. وحسنه البغوي في شرح السنة 1/ 258. وجاء في رواية أخرى عن ابن عباس t أنه e قال: (اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) رواه الترمذي وقال حديث حسن وحسنه البغوي في شرح السنة 1/ 257. وعن جندب بن عبد الله t قال: قال رسول الله e :( من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) رواه الترمذي ثم قال: [هكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي e وغيرهم أنهم شددوا في هذا في أن يفسر القرآن بغير علم] سنن الترمذي مع شرحه عارضة الأحوذي 11/ 50 - 51.
وقد ذكر الإمام القرطبي في مقدمة تفسيره باباً بعنوان (ما جاء في الوعيد في تفسير القرآن بالرأي والجرأة على ذلك) وذكر فيه الأحاديث السابقة ثم ذكر أقوال أهل العلم في التحذير الشديد من التلاعب بكلام الله وتفسيره حسب الآراء والأهواء التي لا تقوم على أساس صحيح ونقل عن ابن عطية قوله: [وكان جلة من السلف الصالح كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعاً واحتياطاً لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم قال أبو بكر الأنباري: وقد كان الأئمة من السلف الماضي يتورعون عن تفسير المشكل من القرآن؛ فبعض يقدر أن الذي يفسره لا يوافق مراد الله عز وجل فيحجم عن القول. وبعض يشفق من أن يجعل في التفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
إماماً يبنى على مذهبه ويقتفى طريقه. فلعل متأخراً أن يفسر حرفاً برأيه ويخطئ فيه ويقول:إمامي في تفسير القرآن بالرأي فلان الإمام من السلف وعن ابن أبي مليكة قال: سئل أبو بكر الصديق t عن تفسير حرف من القرآن فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني! وأين أذهب! وكيف أصنع! إذا قلت في حرف من كتاب الله تعالى بغير ما أراد تبارك وتعالى) تفسير القرطبي 1/ 33 - 34.
وقال الإمام ابن العربي المالكي: [من تسور على تفسير القرآن فصور صورة خطأ فله الويل، ومن أصاب فمثله، كما روى أبو عيسى وهكذا قال النبي عليه السلام في القاضي أنه إذا حكم بجهل وأصاب فله النار لإقدامه على ما لا يحل في أمر يعظم قدره وهو الإخبار عن الله بما لم يشرع في حكمه أو إخباره عن ما لم يرده بقوله في وحيه) عارضة الأحوذي 11/ 52.
ثانياً: لا شك أن الله سبحانه وتعالى حث على الاتعاظ والاعتبار بآيات القرآن الكريم قال الله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) سورة القمر الآية 17.وهذه الآية تمسك بها القصاص الجدد ليفتحوا لأنفسهم باب القول في القرآن الكريم وفق أهوائهم وشهواتهم فيرون أنه لا يوجد أية شروط لمن أراد الادكار أي التفسير حتى لو كان كافراً.
وهذا الكلام الباطل يرده ما قاله المفسرون في معنى الآية وهو (والله لقد سهلنا القرآن للحفظ والتدبر والاتعاظ لما اشتمل عليه من أنواع المواعظ والعبر (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي فهل من متعظ بمواعظه معتبر بقصصه وزواجره) انظر تفسير الألوسي 14/ 83. تفسير ابن كثير 6/ 50، صفوة التفاسير 3/ 286.
إن الادكار والاتعاظ والاعتبار شيء والتلاعب بكتاب الله شيء آخر ولا يقبل بحال من الأحوال أن يقول إنسان مهما كان برأيه في كتاب الله ثم يقول إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فلو قال إنسان مثلاً إن المراد بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) البقرة هي عائشة رضي الله عنها ثم يقول هذا رأيي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فالله ورسوله منه بريئان!!! هل يكون هذا الكلام مقبولاً؟ بالتأكيد لا، لأن التفسير له قواعده وأصوله.
قال الشيخ مناع القطان رحمه الله: [ذكر العلماء للمفسر شروطاً نجملها فيما يلي:
1. صحة الاعتقاد: فإن العقيدة لها أثرها في نفس صاحبها، وكثيراً ما تحمل ذويها على تحريف النصوص والخيانة في نقل الأخبار، فإذا صنف أحدهم كتاباً في التفسير أوَّل الآيات التي تخالف عقيدته، وحملها باطل مذهبه، ليصد الناس عن اتباع السلف، ولزوم طريق الهدى.
2. التجرد عن الهوى: فالأهواء تدفع أصحابها إلى نصرة مذهبهم، فيغرون الناس بلين الكلام ولحن البيان، كدأب طوائف القدرية والرافضة والمعتزلة ونحوهم من غلاة المذاهب.
3. أن يبدأ أولاً بتفسير القرآن بالقرآن، فما أُجمل منه في موضع فإنه قد فصل في موضع آخر، وما اختصر منه في مكان فإنه قد بسط في مكان آخر.
4. أن يطلب التفسير من السنة فإنها شارحة للقرآن موضحة له، وقد ذكر القرآن أن أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تصدر منه عن طريق الله (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) النساء: 105.
وذكر الله أن السنة مبينة للكتاب: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل: 44.
وقال رسول الله e:( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) يعني السنة. وقال الشافعي رضي الله عنه: [كل ما حكم به رسول الله e فهو مما فهمه من القرآن] وأمثلة هذا في القرآن كثيرة، جمعها صاحب الإتقان مرتبة مع السور في آخر فصل من كتابه كتفسير السبيل بالزاد والراحلة، وتفسير الظلم بالشرك، وتفسير الحساب اليسير بالعرض.
5. فإذا لم يجد التفسير من السنة رجع إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال عند نزوله، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح.
(يُتْبَعُ)
(/)
6. فإذا لم يجد في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، والربيع بن أنس وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين، ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة، وربما تكلموا في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال، والمعتمد في ذلك كله النقل الصحيح، ولهذا قال أحمد: [ثلاث كتب لا أصل لها، المغازي والملاحم والتفسير] يعني بهذا التفسير الذي لا يعتمد على الروايات الصحيحة في النقل.
7. العلم باللغة العربية وفروعها: فإن القرآن نزل بلسان عربي، ويتوقف فهمه على شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، قال مجاهد: [لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب].
والمعاني تختلف باختلاف الإعراب، ومن هنا مست الحاجة إلى اعتبار علم النحو، والتصريف الذي تعرف به الأبنية، والكلمة المبهمة يتضح معناها بمصادرها ومشتقاتها. وخواص تركيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، ومن حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها. ثم من ناحية وجوه تحسين الكلام - وهي علوم البلاغة الثلاثة: المعاني والبيان والبديع - من أعظم أركان المفسر، إذ لابد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز، وإنما يدرك الإعجاز بهذه العلوم.
8. العلم بأصول العلوم المتصلة بالقرآن، كعلم القراءات لأن به يعرف كيفية النطق بالقرآن ويترجح بعض وجوه الاحتمال على بعض، وعلم التوحيد، حتى لا يؤول آيات الكتاب التي في حق الله وصفاته تأويلاً يتجاوز الحق، وعلم الأصول، وأصول التفسير خاصة مع التعمق في أبوابه التي لا يتضح المعنى ولا يستقيم المراد بدونها، كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، ونحو ذلك.
9. دقة الفهم التي تمكن المفسر من ترجيح معنى على آخر، أو استنباط معنى يتفق مع نصوص الشريعة) مباحث في علوم القرآن ص 340 - 342.
ثالثاً: إن الاتكاء على قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) سورة الكهف الآية 54. وقوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) سورة يوسف الآية 111. ونحوهما من الآيات التي أخذ منها القصاص أن كل شيء يحدث في هذا الكون لا بد وأن يكون مذكوراً في القرآن الكريم. فإن هذا فهم خاطىء لكلام الله والواقع يكذبه فإن أحداثاً كثيرة وقعت ليس لها ذكر في القرآن الكريم وإنما القرآن الكريم فيه عمومات تحمل عليها الحوادث قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي: [وينبغي أن تنزل جميع الحوادث والأفعال الواقعة والتي لا تزال تحدث على العمومات القرآنية فبذلك تعرف أن القرآن بيان لكل شيء وأنه لا يحدث حادث ولا يستجد أمر من الأمور إلا وفي القرآن بيانه وتوضيحه] تفسير السعدي ص11. وأما القول بأن كل حادث صغير أو كبير مذكور في القرآن الكريم فادعاء باطل باطل.
وخلاصة الأمر أنني أوجه نداء عبر هذا المنبر إلى هؤلاء الناس أن يثوبوا إلى رشدهم وأن يكفوا عن التلاعب بآيات القرآن الكريم وأن يكفوا عن إيقاع عامة الناس في الأوهام. وأن يعلموا أن لله سبحانه وتعالى سنناً في نصر المؤمنين وهزيمة الكافرين قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) سورة النور الآية 55، فقد علق الله تعالى نصر المؤمنين وتمكينهم في الأرض على اتباع أوامر الله جل جلاله وعبادته والبعد عن الشرك فهل هذا متحقق في الأمة المسلمة اليوم؟؟؟ وقال الله تعالى: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) فهل وجد الشرط حتى يتحقق المشروط؟؟؟
مصدر
http://www.yasaloonak.net/default.asp?page=fatawa&num=fatwa&types=4&typename= متفرقات& id=315
ـ[ناصر]ــــــــ[10 Jul 2006, 03:21 م]ـ
.......
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[10 Jul 2006, 09:05 م]ـ
جزى الله الإخوة الكرام أصحاب الإصرار على نقد موقع الأسرار
ولكني أتساءل:
ما هو مبلغ صاحب ذلك الموقع من العلم؟؟
ما هي مؤهلاته؟؟
ومن هم شيوخه؟؟
وعلى من تلقى العلم؟؟
أم أنه تلقى العلم عن الله والرسول -صلى الله عليه وسلم- بلا واسطة؟؟
كان واضحاً من خلال الردود أن أصحابها من أهل العلم، فهل كان المردود عليه كذلك؟؟
فإذا ظهر أنه لا مؤهلات لديه، وليس له شيوخ في العلم فاتركوه وشأنه، فحرام أن تضيعوا وقتكم في مناقشة شخص ليس من أهل العلم.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[05 Aug 2006, 07:13 ص]ـ
جزاك الله كل خير أخي الكشاف على تلخيص "بعض" أخطاء الموقع والتي مجرد إيرادها كافٍ للدلالة على سقوطها بله عن الرد عليها
وجزى الله صاحب الموضوع خير الجزاء وعسى الله أن يمده بالعون من عنده للدفاع عن القرآن
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[07 Aug 2006, 12:35 م]ـ
لا حول ولا قوة الا بالله ...
الذي استغربه مثل هذه العبارات:
"الأعراف", منزلة مشِرفة مشرَّفة عالية, عليها رجال "يعرفون" كلا بسيماهم, وأفرد الله لها سورة عظيمة طويلة في أول القرآن! ..
فنسألكم بالله الذي أنزل الكتاب, إن علمتم هذا, ولم تقرأوا قول أحد من قبل ولم تقرأوا تفسيرا, غير ما تقرأون من كلام الله هذا, كأنما أخذتم الآيات لتوكم من فم النبي الطاهر, فمن منا يقول: إنهم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم؟.
أجزم أن لا يقول بها منصف متدبر!.
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[10 Aug 2006, 03:41 م]ـ
والأشد استغرابا ما نجده في "أمهات" التفسير, مما سماه ابن تيمية فسادا وبطلانا, وما زلنا نغمض فيها ونتمجهر في ما سواها!.
فقد سبق وقرأت دراسة "الأعراف", فما راعني من صاحب البحث شيء, قدر ما راعني من "آرارء" المفسرين, أن أصحاب الأعراف قد يكونون أبناء الزنى, كرأي آخر بجانب كونهم الملائكة .....
فلو صح عن علماء التفسير هذا, فكيف لم ينتبهو إلى الحديث المتداول في الموضوع؟؟.
فإن تعجب, فاعجب من ذي المكانة, ودع عجبك من القليل!.
هذا -أخي أبو عيشة- ما يسمى "اعتوارا", يعني تسكّر عين وتفتح عين!.
ـ[أخوكم]ــــــــ[12 Aug 2006, 06:32 ص]ـ
الفرق بين الأقدمين الذين أخطأوا وبين صاحب الموقع:
1 - أن الأقدمين خير الواحد فيهم واسع فله تفسيرات كثيرة صحيحة يوافق فيها جمهور المسلمين، بينما شذوذه قليل جدا
أما صاحب الموقع فغالب تفسيره إن لم يكن كله من الشذوذ بل وغير المسبوق.
2 - أن الأقدمين إذا وضعوا التفسيرات الشاذة فهم يضعون بجوارها التفسيرات الصحيحة المقبولة شرعا وعقلا، ويأخذون بها في "معظم" أقوالهم
أما صاحب الموقع فجمع شذوذا جديدا في كل مسألة.
3 - أن الأقدمين يتحاشون أن يمدحوا أنفسهم
أما صاحب الموقع فلستُ أدري عن صحة المقولة المنتشرة عنه بأنه يدخل ملتقى أهل التفسير بعدة أسماء ليمدح نفسه، وعقليته وسبقه، ... الخ
وفي المقابل نجد في ردوده على الآخرين سوء خلق وسلاطة لسان.
فهذا الأحق بتسميته اعتوارا بل شللا كليا
والحمد لله أن الموضوع تم وضعه في قسم:
ملتقى الانتصار للقرآن الكريم
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[12 Aug 2006, 02:12 م]ـ
أحسنت أخي "أخوكم" ..
وليس أدل على قولك: "أن الأقدمين إذا وضعوا التفسيرات الشاذة فهم يضعون بجوارها التفسيرات الصحيحة المقبولة شرعا وعقلا ", مما نقرأه في الطبري والقرطبي وابن كثير عن قصة ملكة سبأ, كيف حققوها ونقحوها, ولم يأتوا بشاذ واحد, بل كل ما جاؤوا به -ولو أنه لا يوافق نقلا ولا عقلا- صحيح حميد بحمد الله ومنته.
أو كما أجمعوا عليه بخصوص "ناقة الله" التي عشّروها وأتوا لها بفصيل يرغو, وصخرة تنشق -طبعا هذا كله من القرآن بحمد الله ومنته- فكما تلحظ لا شذوذ ولا انحراف!.
أو ما ساقه العلامة البغوي المحقق في يوسف وامرأة العزيز, والآيات الأربع التي صرفته -بحمد الله عنها- وكان ثلاث منها قرآنا قبل تنزيل القرآن -لاحظ أخي موافقة العقل النقل-, أو ما ساقه عن قميص يوسف, وكان غاية في التوفيق والإسناد والتأصيل, حتى روى بغير شذوذ, أن يعقوب علّق تعويذة في عنق يوسف خشية الحسد!. أعاذنا الله وإياك من الشرك.
وانظر هذا التوفيق والإسناد وموافقة الشرع والعقل يا رعاك الله, كما في تفسير البغوي حفظه الله, وانتبه إلى قوله: فقال يوسف "النبي طبعا", وقال فلان وقال فلان, هذا غاية الاطلاع على الغيب فلله الحمد .... جاء في تفسير البغوي: قوله عز وجل: "ولما دخلوا على يوسف"، قالوا هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به قد جئناك به، فقال: أحسنتم وأصبتم، وستجدون جزاء ذلك عندي، ثم أنزلهم وأكرمهم، ثم أضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة، فبقي بنيامين وحيدا، فبكى وقال: لو كان أخي يوسف حيا لأجلسني معه، فقال يوسف: لقد بقى أخوكم هذا وحيدا، فأجلسه معه على مائدته، فجعل يواكله فلما كان الليل أمر لهم بمثل ذلك وقال: لينم كل أخوين منكم على مثال، فبقي بنيامين وحده، فقال يوسف: (((((هذا ينام معي على فراشي، فنام معه، فجعل يوسف يضمه إليه ويشم ريحه حتى أصبح)))))، وجعل روبين يقول: ما رأينا مثل هذا، فلما أصبح، قال لهم إني أرى هذا الرجل ليس معه ثان فسأضمه إلي فيكون منزله معي، ثم أنزلهم منزلا وأجرى عليهم الطعام، وأنزل أخاه لأمه معه، فذلك قوله تعالى: " آوى إليه أخاه "، أي: ضم إليه أخاه فلما خلا به قال: ما اسمك؟ قال: بنيامين، قال: وما بنيامين؟ قال: ابن المشكل، وذلك انه لما ولد هلكت أمه. قال: وما اسم أمك؟ قال: راحيل بنت لاوى، فقال: فهل لك من ولد؟ قال: نعم عشرة بنين، قال: فهل لك من أخ لأمك، قال: كان لي أخ فهلك، قال يوسف: أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك، فقال بنيامين: ومن يجد أخا مثلك أيها الملك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل، فبكى يوسف عند ذلك وقام إليه وعانقه، وقال له: "قال إني أنا أخوك فلا تبتئس"، أي: لا تحزن،
أما صاحب الموقع فيكفيه شذوذا أن يعتبرأن عمران قد يكون نبيا كأبراهيم ونوح وآدم, وهذا لعمرو الله فائق الشطط والشذوذ أعاذنا الله.
فنسأل الله العافية وأن لا نهدى إلى شيء لم يُهد إليه أحد!.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[26 Oct 2006, 11:39 ص]ـ
السلام عليكم
لم يكتف صاحب موقع الإسرار بما بثه من انحرافات وضلالات في ذلك الموقع حتى افتتح موقعاً جديداً سماه زوراً وبهتاناً (أهل القرآن) تجدونه على هذا الرابط:
http://www.ahlulquran.com/
وهو إعادة وتكرار لما جاء في موقعه السابق، لكن يبدو أنه لما كشف أمره في الموقع السابق أراد أن يجمل صورته بموقع جديد.
ألا فليتنبه الإخوة لذلك.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[18 Feb 2007, 06:32 م]ـ
الأخ القعقاع محمد ..
لو كنت أنت رائد المؤمنين لما أفلحوا ..
فالذي في الموقع شيء, وما تصفه تجنيا وعدوانا شيء آخر, {وإذا قلتم فاعدلوا}!.
ـ[أبو محمد نائل]ــــــــ[27 Jun 2008, 11:10 م]ـ
السلام عليكم
لا أهدف من رفع المشاركة فتح باب الخلاف أو الزيادة فيه ... ولكن هل لنا لنصل الى ملخص حول نقاط الإختلاف في الفهم لأني لا أتصور أن أحد يختلف مع كتاب الله.
أقصد ما هي النقاط الجوهرية ...
عن نفسي أسمع للأخ أبو عرفة في المسجد الأقصى أحياناً وليس دائماً والسبب تقصير
أو خروج من المسجد للإنطلاق الى أعمال الدنيا وكل ما أستمعه هو جزء من درس بعد صلاة الجمعة.
عودة لسؤالي والموضوع ما هي نقاط الإختلاف في الفهم للمفهوم وقلت لا أتصور أحد يختلف في كتاب الله إلا إن ثبت ولا أعلم ربما لجهلي ..
أما عن ملخص ما فهمت من سماع بعض الدروس أن الشيخ أبو عرفة ينكر وبشدة على من قال بالإعجاز والبديل الذي يقوله جاء به من الكتاب فهو ينقل البديل عن كلمة وقول إعجاز أن نقول البينه والبراهين أي البينات والبرهان والأيات والهدى والنور والحق والذكر ... الخ.
ويرفض وبشدة أن نقول العقيدة ويقول أنها لم ترد في الكتاب (القرآن) والبديل هو الملة كما قال الله (وهذه محاولة للدراسة والبحث ومن يعرف الموقع لأهل القرآن يعلم ما هو أوسع) وأستمع له يتساءل أين أهل العلم والعلماء للمناقشة والدراسة .. هذا قليل من كثير وما هدفي إلا الدعوةلسعة الصدر ودراسة أهم أمر هو فهم كتاب الله والتمسك به والإستغناء عن ما جاء بغير الكتاب وإن أجريَّ إلا على الله وهو الموفق والمستعان مع الشعور بعدم قدرتي على بيان المقصود.
وملخص المقصود هو بقاء باب الود والنقاش بين العلم وطالبيه مفتوح وبقاء شعار الدين النصحية قائم وقل هاتوا برهانكم.
ـ[أبو محمد نائل]ــــــــ[27 Jun 2008, 11:36 م]ـ
http://www.ahlulquran.com/new/kalemat.pdf
داخل الرابط تجد
قل آية كما قال الله ولا تقل معجزة كما قال الناس
قل ملّة كما قال الله ولا تقل عقيدة كما قال الناس
وبعد هذا لاينفع الكلام إلا الدليل والبرهان
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[30 Jun 2008, 02:40 ص]ـ
المشكلة أخي تتلخص بالآتي:
أولاً: النظرات الجديدة والإبداعية لا تخفى على أهل النظر حتى لو اختلفوا معها. والمشكلة هنا أن صلاح لم يقدم إلا ما هو شاذ وغريب وأبعد ما يكون عن الاجتهاد المعتبر. والعجيب أنه يأتي بالعجائب ثم هو يهجم على أهل التفسير ليلفت الانتباه إلى نفسه. وكان بإمكانه أن يقدم رأيه وكفى.
ثانياً: يغلب على اجتهاداته في التفسير الإغراب إلى درجة أنك تضحك من شدة ما يأتي به من فكاهات لا يليق أن تكون في فهم كتاب الله العزيز.
ثالثا: ما الداعي لإعادة فتح صفحته وقد أضاع أوقات أهل الفضل.
رابعاً: أنصح بإغلاق الموضوع لعلنا لا نضيع وقتنا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Oct 2010, 12:13 ص]ـ
وهذا موضوع في الرد على صاحب الموقع: صلاح الدين أبو عرفة وملته المشبوهة ... إلى أين؟ ( http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?p=15119)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Oct 2010, 09:29 ص]ـ
حياك الله يا أبا مجاهد .. فقد أثرتَ موضوعاً قديماً دار حوله سجال قديم والله المستعان.
نسأل الله للأخ صلاح الهداية فما انفك يُغْرِبُ في بحوثه ومقالاته حتى أصبحت المخالفةُ للمفسرين وما قال به أكثرهم غايةً ينشدها، دون أن يكون لذلك أثرٌ في نفع الأمة والنهوض بها. ونعوذ بالله من ضياع الأعمار فيما لا ينفع.(/)
أقوال المفسرين في تحريف الإنجيل بين اللفظي والمعنوي
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[13 Jun 2005, 11:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وصلى الله وسلم وبارك علىنبينا محمد الذي صح عنه عند مسلم من حديث أبي هريرة أنه قال:
و الذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي و لا نصراني ثم يموت و لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار
أما بعد:
فهذه ورقات كتبتها بطلب من بعض الفضلاء أورد عليه نصراني شبهة حول دعوى التناقض في تحريف الإنجيل بين المسلمين
وأرغب في إثراء هذه الورقات وحبذا لو أفاد من يشارك بآراء المفسرين حسب اطلاعه حول هذه الموضوع
من من المفسرين قال بالتحريف اللفظي
ومن منهم قال بالمعنوي يعني تحريف معانيه وصرفها عن ظاهرها وعدم الائتمار بها
والآن إلى جهد المقل والله المستعان.
فإن الله تعالى يقول في كتابه
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (48) سورة المائدة
فبين سبحانه أنه أنزل هذا القرآن مهيمنا على ما بين يديه من الكتب والمهيمن الشاهد المؤتمن الحاكم يشهد بما فيها من الحق وينفي ما حرف فيها ويحكم بإقرار ما أقره الله من أحكامها وينسخ ما نسخه الله منها وهو مؤتمن في ذلك عليها
والحكم والهيمنة لا تعنى الحراسة الحسية من امتداد أيدي المجرمين بالتحريف كما زعمه بعض الأغبياء ولا يتصور هذا إلا من فقد أدوات المنطق.
والنسخ لم يقع إلا في قليل من الشرائع وإلا فالأخبار عن الله وعن اليوم الآخر وغير ذلك لم تنسخ وكذلك الدين الجامع والشرائع الكلية لا نسخ فيها
فالذي عليه جميع المسلمين أن الله لن يقبل من أحد غير الإسلام كما قال تعالى
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران
ولن يقبل الله دين من يكفر برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا من يكفر بكتابه القرآن العظيم
قال تعالى
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (19) سورة آل عمران
والذين بيننا وبين اليهود والنصارى وسائر الملل من الخصومة كفرهم بالله و تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكتابه
وأما اعتقاد المسلمين في الكتب السماوية فإنهم يؤمنون بكل ما أنزل الله من الكتب على رسله كما قال تعالى عنهم
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (285) سورة البقرة
يؤمنون بالكتب السابقة جملة ويؤمنون بما فصل الله ذكره كتابه كالتوراة والإنجيل
وأنهما كتابان من عند الله تعالى، في آي آيات كثيرة من القرآن
كما قال تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} (3) سورة آل عمران
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل آية مدح الله فيها التوراة أو الإنجيل كقوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (44) سورة المائدة
{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} (46) سورة المائدة
فهي مدح لكتبه التي أنزلها، وأما النسخ التي طالها التحريف والتغيير- على القول بوقوعه- فلا يقول عاقل إنها المرادة من هذا، بل جعلها مقصودة سفسطة ظاهرة وتوهيم يراد به التلبيس والله المستعان
والمقصود بالنسخ أن الكتاب الذي تعبد الله به الناس بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم هو القرآن،
وقد بين الله أن بعث رسوله إلى العالمين كما قال تعالى
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107) سورة الأنبياء
وبين أن القرآن ينسخ ما في الشرائع السابقة كما قال تعالى:
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف
فكل ما نص فيه الله تبارك وتعالى عليه في القرآن من أحكام وفي الكتب السابقة ما يخالفها فهو ناسخ لها مزيل للأمر بالتعبد بها
وما في الكتب السابقةلا يخلو إما:
أن يكون خبرا كالإخبار عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وكماله وكالقصص وأخبار الأمم السابقة واليوم الآخر
وإما أن يكون حكما وأمرا ونهيا وتشريعا
فإن كان خبرا
فلا يخلو إما:
أن يوافق ما في كتاب الله
أو يعارضه
أو لا يعارضه ولا يوافقه
فإن وافقه فلا إشكال بالتصديق بما فيهما
وإن عارضه كان دليلا على وقوع التحريف في الكتب السابقة وامتداد أيدي المبدلين إليها والمحرفين فيها إذ يستحيل نسخ الأخبار، وهذا ليس للهوى ولكنه إملاء العقل والمنطق الذي دل على صدق نبوته عليه الصلاة والسلام،
وإما أن يكون خبرا لم يأت ذكره في القرآن وليس في القرآن ما يصدقه ولا يكذبه فهو
من جنس ماقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم)
ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم.
وإن كان ما جاء في الكتب السابقة حكما كالأوامر والنواهي والتشريع فلا يخلو أيضا إما
أن يكون موافقا فالعمل بشريعة الإسلام ولا يسمى ما جاء في الإسلام ناسخا بل إن الشرائع الكلية كالصلاة والصيام والصدقة والحج الشرائع الكلية التي أمر الله بها الأمم السابقة لم تنسخ وإنما النسخ لبعض تفاصيلها وهيئاتها
وإن كان مخالفا معارضا فهو إما أن يكون من المنسوخ الثابت حقا في كتبهم لكن نسخ في شريعتنا كما قد يقع النسخ في شرعنا فقد تنسخ بعض الآيات آيات أخرى وإما أن يكون من المحرف المبدل على قول من قال بتبديل ألفاظ الكتب السابقة من علمائنا
وإن كان من الأمور التي لم يأت فيها نص في شريعتنا فهل شرع ما قبلنا شرع لنا محل خلاف بين أهل العلم ليس هذا محل بسطه
وأما مسألة تبديل وتحريف ألفاظ الكتب السابقة فليست من المسائل العقدية التي يجب على المسلمين اعتقاد شئ فيها ولا يترتب على ا ختيار قول فيها تبديع ولا تفسيق ولا تكفير
وإنما يلبس بها بعض أهل الكتاب وهي عادتهم كا قال الله فيهم
(يُتْبَعُ)
(/)
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (71) سورة آل عمران
فمن المسلمين من قال بأن التحريف لم يقع في ألفاظ شئ من الكتب السابقة
ومنهم من قال وقع التحريف في بعضها دون البعض وهم جمهور المسلمين
وبعضهم يقول بل وقع التحريف في أكثرها أو كلها وهو قول أقل العلماء
ولم يقل أحد من المسلمين بوقوع التحريف في كل نسخة من التوراة والإنجيل
وبهذا يتبين أن هذه المسألة ليست من جنس المسائل التي يحصل التناظر فيها بين المسلمين والنصارى ولا يليق بالباحث عن الحق من النصارى أن يشغل نفسه بالبحث في قضية خلافيةبين المسلمين أنفسهم وهي قضية لم ير المسلمون أي حرج على أي واحد منهم اختار أي قول فيها بالأدلة وهو على دين النصارى، بل المنطق يفرض عليه التأمل في الأصول التي تبين له الحق من الأديان ثم بعد أن يختار الدين الحق يمكنه ترجيح القول الأقرب إلى الصواب من بين أقوال أهل الدين الواحد والملة الوحدة بعد أن يطمئن بأنه اختار الحق والهدى الذي ينجيه عند ربه تعالى،
فهذه المسألة من المسائل التي وقع الخلاف فيها بين المسلمين ولا يترتب على اختيار قول فيها ثمرة في العمل والاعتقاد، ولم ينصوا عليها في كتب العقائد ومختصرات ما ينبغي اعتقاده
والقائلون بعدم وقوع التحريف لو جئ لهم بنسخة من النسخ فيها الشرك بالله تعالى أو القول بألوهية عيسى عليه السلام أو بخبر يخالف القرآن فإنهم يقطعون جزما بأنها محرفة وليست من التوراة أو الإنجيل وذلك لوجود الدليل القطعي الجازم في القرآن بكذب ما في تلك النسخة، والنقل القاطع في الكتاب أن موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام دعيا إلى التوحيد والإيمان وكذا التوراة والأنجيل كان فيهما الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله ورسله وقيام الدليل القطعي على استحالة التناقض في كلام الله أو في أخبار رسله عليهم الصلاة والسلام فيصير قولهم راجع إلى القولين الآخرين ومن لم يقل بذلك منهم لم يكن مسلما
بل لوجئ للنصراني بنسخة من الإنجيل فيها أن عيسىعليه الصلاة والسلام كان قبل موسى مثلا لحكموا ببطلان هذه النسخة.
ولو جئ بنسخة توافق القرآن في الأخبار والاعتقاد للقائلين بالتحريف اللفظي لم يستطيعوا الجزم بوقوع التحريف في ألفاظهما وذلك لعدم الدليل النقلي قطعي الدلالة من القرآن وعدم القدرة على إقامة الدليل على الدعوى من الواقع.
وخلاصة القول أن القائلين بالتحريف لا يمكنهم الجزم بذلك إلا بدليل قطعي
والقائلين بعدم التحريف لا يمكنهم الجزم بعدمه إلا بدليل قطعي
ولا يمكن ذلك في الواقع فصار القرآن هو الحاكم والمهيمن و الشاهد على وقوع التحريف أو عدمه،
والقرآن ليس فيه ما يقطع دلالة بوقوع التحريف في الألفاظ في جميع نسخ التوراة والأنجيل، ولكن ما جاء في القرآن من الأخبار والاعتقاد في الله وفي اليوم الأخر والرسل إن وجد في بعض النسخ ما يخالف القرآن دل على انتحال تلك النسخ وتبديلها وقلنا بأن القرآن دل دلالة قاطعة على تحريف تلك النسخة وتبديلها جزما
وإن وافقت القرآن لم يكن ذلك دليلا على عدم وقوع التبديل فيها أيضا، إذ ربما يوافق الناس أخبار القرآن وما فيه بكلامهم مما ليس من كلام الانبياء وليس من الوحي المنزل عليهم، فيحتاجون إلى إثبات ذلك من طريق أخرى
وأما الشبه التي يلقيها بعض النصارى من وقوع التناقض في القرآن في هذه القضية فهو غلط بين حملهم عليه الهوى وقلة النظر والتأمل أو الرغبة في السفسطة والتلبيس
فإن الآيات الدالة على الأمر بالإيمان بالتوراة والإنجيل وإقامته وتصديقها واتباع ما جاء فيها كقوله تعالى
{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (93) سورة آل عمران
وقوله تعالى
{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (43) سورة المائدة
وقوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (68) سورة المائدة
ليست معارضة للآيات الدالة على وقوع التحريف من أهل الكتاب
كقوله تعالى
{مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (46) سورة النساء
وقوله سبحانه
{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (13) سورة المائدة
وقوله تعالى
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (41) سورة المائدة
فعلى قول جمهور المسلمين بوقوع التبديل في بعض ألفاظها فإن الآيات الدالة على الأمر بالتصديق بالكتب السابقة لا يشك عاقل أن المراد بها ا لتوراة والإنجيل الذان يستحقان هذا الاسم أي قبل وقوع هذا التحريف على فرض وقوعه فمثلا لو أن الرئيس بلير أشار إلى الدستور البريطاني في كلمته في مجلس العموم، وهناك نسخة محرفة من الدستور، لم يقل عاقل إن بلير أراد بالدستور الذي أشار إليه النسخة المحرفة ولله المثل الأعلى
فالتوراة والإنجيل هي التي أنزلها الله على رسله ولا تسمى المحرفة توراة ولا إنجيلا، والإيمان بها لا يستلزم العمل بالشرائع المنسوخة فيها فإن الإيمان بنوح وإبراهيم لا يلزم منه الإيمان بتفاصيل شرائعهما التي نسخت بعدهما ولا يستلزم النسخ أن القائل به كافر بهما كما زعمه بعض المسفسطين الملبسين.
فتصير الآيات متوافقة على هذا التفسير ويصير التحريف المراد في كتاب الله على هذا القول التحريف اللفظي والمعنوي
وأما القائلون بعدم وقوع التحريف في الألفاظ فلا يستدلون بما استدلت به النصارى ولكنهم يستدلون بعدم وجود الدليل من القرآن على التحريف وأما قوله تعالى يحرفون الكلم عن مواضعه فتفسيرها تبديل أحكامه ومعانيه وهذا معلوم في كتب التفسير
وعلى كل حال
فااختلاف علماء المسلمين في هذه القضية اختلاف لا يضر بالعقيدة بل هو من جنس الاختلاف الفكري والتاريخي في حادثة معينة هل وقعت أم لا
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
الجواب الصحيح ج: 2 ص: 447
قد قدمنا أن المسلمين لا يدعون أن كل نسخة في العالم من زمن محمد بكل لسان من التوراة والإنجيل والزبور بدلت ألفاظها فإن هذا لا أعرف أحدا من السلف قاله وإن كان من المتأخرين من قد يقول ذلك كما في بعض المتأخرين من يجوز الاستنجاء بكل ما في العالم من نسخ التوراة والإنجيل فليست هذه الأقوال ونحوها من أقوال سلف الأمة وأئمتها وعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى بيد كعب الأحبار نسخة من التوراة قال يا كعب إن كنت تعلم أن هذه هي التوراة التي أنزلها الله على موسى بن عمران فاقرأها فعلق الأمر
(يُتْبَعُ)
(/)
على ما يمتنع العلم به ولم يجزم عمر رضي الله عنه بأن ألفاظ تلك مبدلة لما لم يتأمل كل ما فيها والقرآن والسنة المتواترة يدلان على أن التوراة والإنجيل الموجودين في زمن النبي فيهما ما أنزله الله عز وجل والجزم بتبديل ذلك في جميع النسخ التي في العالم متعذر ولا حاجة بنا إلى ذكره ولا علم لنا بذلك ولا يمكن أحدا من أهل الكتاب أن يدعي أن كل نسخة في العالم بجميع الألسنة من الكتب متفقة على لفظ واحد فإن هذا مما لا يمكن أحدا من البشر أن يعرفه باختباره وامتحانه وإنما يعلم مثل هذا بالوحي وإلا فلا يمكن أحدامن البشر أن يقابل كل نسخة موجودة في العالم بكل نسخة من جميع الألسنة بالكتب الأربعة والعشرين وقد رأيناها مختلفة في الألفاظ اختلافا بينا والتوراة هي أصح الكتب وأشهرها عند اليهود والنصارى ومع هذا فنسخة السامرة مخالفة لنسخة اليهود والنصارى حتى في نفس الكلمات العشر ذكر في نسخة السامرة منها من أمر استقبال الطور ما ليس في نسخة اليهود والنصارى وهذا مما يبين أن التبديل وقع في كثير من نسخ هذه الكتب فإن عند السامرة نسخا متعددة
وكذلك رأينا في الزبور نسخا متعددة تخالف بعضها بعضا مخالفة كثيرة في كثير من الألفاظ والمعاني يقطع من رآها أن كثيرا منها كذب على زبور داود عليه السلام وأما الأناجيل فالاضطراب فيها أعظم منه في التوراة فإن قيل فإذا كانت الكتب المتقدمة منسوخة فلماذا ذم أهل الكتاب على ترك الحكم بما أنزل الله منها قيل النسخ لم يقع إلا في قليل من الشرائع وإلا فالإخبار عن الله وعن اليوم الآخر وغير ذلك لا نسخ فيه وكذلك الدين الجامع والشرائع الكلية لا نسخ فيها وهو سبحانه ذمهم على ترك اتباع الكتاب الأول لأن أهل الكتاب كفروا من وجهين من جهة تبديلهم الكتاب الأول وترك الإيمان والعمل ببعضه ومن جهة تكذيبهم بالكتاب الثاني وهو القرآن كما قال تعالى وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين فبين أنهم كفروا قبل مبعثه بما أنزل عليهم وقتلوا الأنبياء كما كفروا حين مبعثه بما أنزل عليه وقال تعالى الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين وقال تعالى فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير وقال تعالى فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين وإذا كان الأمر كذلك فهو سبحانه يذمهم على ترك اتباع ما أنزله في التوراة والإنجيل وعلى ترك اتباع ما أنزله في القرآن ويبين كفرهم بالكتاب الأول وبالكتاب الثاني وليس في شيء من ذلك أمرهم أن يحكموا بالمنسوخ من الكتاب الأول كما ليس فيه أمرهم أن يحكموا بالمنسوخ في الكتاب الثاني
وقال رحمه الله تعالى:إن المسلمين لم يدعوا أن هذه الكتب حرفت بعد انتشارها وكثرة النسخ بها ولكن جميعهم متفقون على وقوع التبديل والتغيير في كثير من معانيها وكثير من أحكامها وهذا مما تسلمه النصارى جميعهم في التوراة والنبوات المتقدمة فإنهم يسلمون أن اليهود بدلوا كثيرا من معانيها وأحكامها ومما تسلمه النصارى في فرقهم أن كل فرقة تخالف الأخرى فيما تفسر به الكتب المتقدمة ومما تسلمه اليهود أنهم متفقون على أن النصارى تفسر التوراة والنبوات المتقدمة على الإنجيل بما يخالف معانيها وأنها بدلت أحكام التوراة فصار تبديل كثير من معاني الكتب المتقدمة متفقا عليه بين المسلمين واليهود والنصارى وأما تغيير بعض ألفاظها ففيه نزاع بين المسلمين والصواب الذي عليه الجمهور أنه بدل بعض ألفاظها كما ذكر ذلك في مواضعه الوجه الثاني أن قياسهم كتبهم على القرآن وأنه كما لا تسمع دعوى التبديل فيه فكذلك في كتبهم قياس باطل في معناه ولفظه أما معناه فكل ما أجمع المسلمون عليه من دينهم إجماعا ظاهرا معروفا عندهم فهو منقول عن الرسول نقلا متواترا بل معلوما بالاضطرار من دينه فإن الصلوات الخمس والزكاة وصيام شهر رمضان وحج البيت العتيق ووجوب العدل والصدق
(يُتْبَعُ)
(/)
وتحريم الشرك والفواحش والظلم بل وتحريم الخمر والميسر والربا وغير ذلك منقول عن النبي نقلا متواترا كنقل ألفاظ القرآن الدالة على ذلك ومن هذا الباب عموم رسالته وأنه مبعوث إلى جميع الناس أهل الكتاب وغير أهل الكتاب بل إلى الثقلين الإنس والجن وأنه كان يكفر اليهود والنصارى الذين لم يتبعوا ما أنزل الله عليه كما كان يكفر غيرهم ممن لم يؤمن بذلك وأنه جاهدهم وأمر بجهادهم فالمسلمون عندهم منقولا عن نبيهم نقلا متواترا ثلاثة أمور لفظ القرآن ومعانيه التي أجمع المسلمون عليها والسنة المتواترة وهي الحكمة التي أنزلها الله عليه غير القرآن كما قال تعالى
كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة وقال تعالى وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وقال تعالى واذكر نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة وقال تعالى واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة وبذلك دعا الخليل حيث قال لما بنى هو وإسماعيل الكعبة
وأما الأناجيل الذي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل إنجيل متى ويوحنا
لوقا ومرقس وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح وإنما رآه متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه فكانت من جنس ما يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي من أقواله وأفعاله التي ليست قرآنا فالأناجيل التي بأيديهم شبه كتاب السيرة وكتب الحديث أو مثل هذه الكتب وإن كان غالبها صحيحا وما قاله عليه السلام فهو مبلغ له عن الله يجب فيه تصديق خبره وطاعة أمره كما قال الرسول من السنة فهو يشبه ما قاله الرسول من السنة فإن منها ما يذكر الرسول أنه قول الله كقوله يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد آذنت بالحرب ونحو ذلك ومنها ما يقوله هو ولكن هو أيضا مما أوحاه الله إليه فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله فهكذا ما ينقل في الإنجيل وهو من هذا النوع فإنه كان أمرا من المسيح فأمر المسيح أمر الله ومن أطاع المسيح فقد أطاع الله وما أخبر به المسيح عن الغيب فالله أخبره به فإنه معصوم أن يكذب فيما يخبر به وإذا كان الإنجيل يشبه السنة المنزلة فإنه يقع في بعض ألفاظها غلط كما يقع في كتب السيرة وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه ثم هذه الكتب قد اشتهرت واستفاضت بين لمسلمين فلا يمكن أحدا بعد اشتهارها وكثرة النسخ بها أن يبدلها كلها لكن في بعض ألفاظها غلط وقع فيها قبل أن تشتهر فإن المحدث وإن كان عدلا فقد يغلط لكن ما تلقاه المسلمون بالقبول والتصديق والعمل من الأخبار فهو مما يجزم جمهور المسلمين بصدقه عن نبيهم هذا مذهب السلف وعامة الطوائف كجمهور الطوائف الأربعة وجمهور أهل الكلام من الكلابية والكرامية والأشعرية وغيرهم لكن ظن بعض أهل الكلام أنه لا يجزم بصدقها لكون الواحد قد يغلط أو يكذب وهذا الظن إنما يتوجه في الواحد الذي لم يعرف صدقه وضبطه أما إذا عرف صدقه وضبطه إما بالمعجزات كالأنبياء وإما بتصديق النبي له فيما يقول وإما باتفاق الأمة المعصومة على صدقه واتفاقهم على العمل بخبره أو اتفاقهم على قبول خبره وإقراره وذكره من غير نكير أو ظهور دلائل وشواهد وقرائن احتفت بخبره ونحو ذلك من الدلائل على صدق المخبر فهذه يجب معها الحكم بصدقه وأنه لم يكذب ولم يغلط وإن كان خبره لو تجرد عن تلك الدلائل أمكن كذبه أو غلطه كما أن الخبر المجرد لا يجزم بكذبه إلا بدليل يدل على ذلك إما قيام دليل عقلي قاطع أو سمعي قاطع على أنه بخلاف مخبره فيجزم ببطلان خبره وحينئذ فالمخبر إما كاذبا أو غالطا وقد يعلم أحدهما بدليل فالمسلمون عندهم من الأخبار عن نبيهم ما هو متواتر وما اتفقت الأمة المعصومة على تصديقه وما قامت دلائل صدقه من غير هذه الجهة مثل أن يخبر واحد أو اثنان أو ثلاثة بحضرة جمع كثير لا يجوز أن يتواطئوا على الكذب بخبر يقولون إن أولئك عاينوه وشاهدوه فيقرونهم على هذا ولا يكذب به منهم أحد فيعلم بالعادة المطردة أنه لو كان كاذبا لامتنع اتفاق أهل التواتر على السكوت عن تكذيبه كما يمتنع اتفاقهم على
(يُتْبَعُ)
(/)
تعمد الكذب وإذا نقل الواحد والاثنان ما توجب العادة اشتهاره وظهوره ولم يظهر ونقلوه مستخفين بنقله لم ينقلوه على رؤوس الجمهور علم أنهم كذبوا فيه
ودلائل صدق المخبر وكذبه كثيرة متنوعة ليس هذا موضع بسطها ولكن المقصود هنا أن المسلمين تواتر عندهم عن نبيهم ألفاظ القرآن ومعانيه المجمع عليها والسنة المتواترة وعندهم عن نبيهم أخبار كثيرة معلومة الصدق بطرق متنوعة كتصديق الأمة المعصومة ودلالة العادات وغير ذلك وهم يحفظون القرآن في صدورهم لا يحتاجون في حفظه إلى كتاب مسطور فلو عدمت المصاحف من الأرض لم يقدح ذلك فيما حفظوه بخلاف أهل الكتاب فإنه لو عدمت نسخ الكتب لم يكن عندهم به نقل متواتر بألفاظها إذ لا يحفظها إن حفظها إلا قليل لا يوثق بحفظهم فلهذا كان أهل الكتاب بعد انقطاع النبوة عنهم يقع فيهم من تبديل الكتب إما تبديل بعض أحكامها ومعانيها وإما تبديل بعض ألفاظها ما لم يقوموا بتقويمه ولهذا لا يوجد فيهم الإسناد الذي للمسلمين ولا لهم كلام في نقلة العلم وتعديلهم وجرحهم ومعرفة أحوال نقلة العلم ما للمسلمين ولا قام دليل سمعي ولا عقلي على أنهم لا يجتمعون على خطأ بل قد علم أنهم اجتمعوا على الخطأ لما كذبوا المسيح ثم كذبوا محمدا فإذا كانت الكتب المنقولة عن الأنبياء من جنس الكتب المنقولة عن محمد ولم تكن متواترة عنهم ولم يكن تصديق غير المعصوم حجة لم يكن عندهم من
العلم بالتمييز بين الصدق والكذب ما عند المسلمين فهذه الأناجيل التي بأيدي النصارى من هذا الجنس فيها شيء كثير من أقوال المسيح وأفعاله ومعجزاته وفيها ما هو غلط عليه بلا شك والذي كتبها في الأول إذا لم يكن ممن يتهم بتعمد الكذب فإن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة لا يمتنع وقوع الغلط والنسيان منهم لا سيما ما سمعه الإنسان ورآه ثم حدث به بعد سنين كثيرة فإن الغلط في مثل هذا كثير ولم يكن هناك أمة معصومة يكون تلقيها لها بالقبول والتصديق موجبا للعلم بها لئلا تجتمع الأمة المعصومة على الخطأ والحواريون كلهم اثنا عشر رجلا وقصة الصلب مما وقع فيها الاشتباه وقد قام الدليل على أن المصلوب لم يكن هو المسيح عليه السلام بل شبهه وهم ظنوا أنه المسيح والحواريون لم ير أحد منهم المسيح مصلوبا بل أخبرهم بصلبه بعض من شهد ذلك من اليهود فبعض الناس يقولون إن أولئك تعمدوا الكذب وأكثر الناس يقول اشتبه عليهم ولهذا كان جمهور المسلمين يقولون في قوله ولكن شبه لهم عن أولئك ومن قال بالأول جعل الضمير في شبه
هم عن السامعين لخبر أولئك فإذا جاز أن يغلطوا في هذا ولم يكونوا معصومين في نقله جاز أن يغلطوا في بعض ما ينقلونه عنه وليس هذا مما يقدح في رسالة المسيح ولا فيما تواتر نقله عنه بأنه رسول الله الذي يجب اتباعه سواء صلب أو لم يصلب وما تواتر عنه فإنه يجب الإيمان به سواء صلب أو لم يصلب والحواريون مصدقون فيما ينقلونه عنه لا يتهمون بتعمد الكذب عليه لكن إذا غلط بعهضم في بعض ما ينقله لم يمنع ذلك أن يكون غيره معلوما لا سيما إذا كان الذي غلط فيه مما تبين غلطه فيه في مواضع أخر وقد اختلف النصارى في عامة ما وقع فيه الغلط حتى في الصلب فمنهم من يقول المصلوب لم يكن المسيح بل الشبه كما يقوله المسلمون ومنهم من يقر بعبوديته لله وينكر الحلول والاتحاد كالأريوسية ومنهم من ينكر الاتحاد وإن أقر بالحلول كالنسطورية
وأما الشرائع التي هم عليها فعلماؤهم يعلمون أن أكثرها ليس عن المسيح عليه السلام فالمسيح لم يشرع لهم الصلاة إلى المشرق ولا الصيام الخمسين ولا جعله في زمن الربيع ولا عيد الميلاد والغطاس وعيد الصليب وغير ذلك من
أعيادهم بل أكثر ذلك مما ابتدعوه بعد الحواريين مثل عيد الصليب فإنه مما ابتدعته هيلانة الحرانية أم قسطنطين وفي زمن قسطنطين غيروا كثيرا من دين المسيح والعقائد والشرائع فابتدعوا الأمانة التي هي عقيدة إيمانهم وهي عقيدة لم ينطق بها شيء من كتب الأنبياء التي هي عندهم ولا هي منقولة عن أحد الأنبياء ولا عن أحد من الحواريين الذين صحبوا المسيح بل ابتدعها لهم طائفة من أكابرهم قالوا كانوا ثلاث مائة وثمانية عشر واستندوا في ذلك إلى ألفاظ متشابهة في الكتب وفي الكتب ألفاظ محكمة تناقض ما ذكروه كما قد بسط في موضع آخر وكذلك عامة شرائعهم التي وضعوها في كتاب القانون بعضها منقول عن الأنبياء
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعضها منقول عن الحواريين وكثير منها مما ابتدعوه ليست منقولة عن أحد من الأنبياء ولا عن الحواريين وهم يجوزون لأكابر أهل العلم والدين أن يغيروا ما رأوه من الشرائع ويضعوا شرعا جديدا فلهذا كان أكثر شرعهم مبتدعا لم ينزل به كتاب ولا شرعه نبي
فصل وأما قولهم كيف يمكن تغيير كتبنا التي هي مكتوبة باثنين وسبعين لسانا وفي كل لسان منها كذا وكذا ألف مصحف ومضى عليها إلى مجيء محمد أكثر من ستمائة سنة فيقال أما بعد انتشارها هذا الانتشار فلم يقل المسلمون بل ولا طائفة معروفه منهم أن ألفاظ جميع كل نسخة في العالم غيرت لكن جمهور المسلمين الذين يقولون إن في ألفاظها ما غير إنما يدعون تغيير بعض ألفاظها قبل المبعث أو تغيير بعض النسخ بعد المبعث لا تغيير جميع النسخ فيعض الناس يقول إن ذلك التغيير وقع في أول الأمر ويقول بعضهم إن منها ما غير بعد مبعث محمد ولا يقولون إنه غير كل نسخة في العالم بل يقولون غير بعض النسخ دون البعض وظهر عند كثير من الناس النسخ المبدلة دون التي لم تبدل والنسخ التي لم تبدل هي موجودة عند بعض الناس ومعلوم أن هذا لا يمكن نفيه فإنه لا يمكن أحدا أن يعلم أن كل نسخة في العالم بكل لسان مطابق لفظها سائر النسخ بسائر الألسنة إلا من أحاط علما بذلك وهم قد سلموا أن أحدا لا يمكنه ذلك إلخ كلامه رحمه الله.
وأما دعوى أن ابن حزم أول من قال بالتحريف في التوراة والإنجيل فهذا غلط عليه ويدل على ذلك،
ما جاء في سنن النسائي كتاب آداب القضاة باب تأويل قول الله عز وجل ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. الحديث رقم 5400 وهو (صحيح الإسناد موقوف)
أخبرنا الحسين بن حريث قال أنبأنا الفضل بن موسى عن سفيان بن سعيد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: كانت ملوك بعد عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم بدلوا التوراة والإنجيل وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة قيل لملوكهم.
ومعلوم أن ابن عباس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وأما الطبري فقد جاء في تفسيره
القول في تأويل قوله تعالى قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهمآ أتبعه إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد للقائلين للتوراة والإنجيل هما سحران تظاهرا ائتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما لطريق الحق ولسبيل الرشاد أتبعه إن كنتم صادقين في زعمكم أن هذين الكتابين سحران وأن الحق في غيرهما
وقال رحمه الله تعالى (1/ 378)
القول في تأويل قوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا يعني بذلك الذين حرفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها ولا بما في التوراة جهال بما في كتب الله لطلب عرض من الدنيا خسيس فقال الله لهم فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره (الجزء الثالث، ص323)
القول في تأويل قوله تعالى وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني بذلك جل ثناؤه وإن من أهل الكتاب وهم اليهود الذين كانوا حوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده من بني إسرائيل والهاء والميم في قوله منهم عائدة على أهل الكتاب الذين ذكرهم في قوله ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك وقوله لفريقا يعني جماعة يلوون يعني يحرفون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب يعني لتظنوا أن الذي يحرفونه لكلامهم من كتاب الله وتنزيله يقول الله عز وجل وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فحرفوه وأحدثوه من كتاب الله ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله من عند الله يقول مما أنزله الله على أنبيائه وما هو من عند الله يقول وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه ولكنه مما أحدثوه من قبل أنفسهم افتراء على الله يقول عز وجل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني بذلك أنهم يتعمدون قيل الكذب على الله والشهادة عليه بالباطل والإلحاق بكتاب الله ما ليس
(يُتْبَعُ)
(/)
منه طلبا للرياسة والخسيس من حطام الدنيا وبنحو ما قلنا في معنى يلوون ألسنتهم بالكتاب قال أهل التأويل
وأما نقلهم ذلك عن البخاري رحمه الله وأنه نقل ذلك عن ابن عباس وأقره ولم يرده عليه فهذا يرده ماسبق من إثبات السند إلى ابن عباس بوقوع التحريف
وأما ما في صحيح البخاري برقم 6929 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم أخبرنا بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أن بن عباس رضي الله عنهما قال كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث تقرؤونه محضا لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند لله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم
ويقول النصارى:
ويؤمن المسلمون بالتوراة والإنجيل بالرغم من ان القرآن يتهمها بالتحريف والضياع فهل ينفع المسلمين الأيمان بكتاب محرف بكتاب او غير موجود فماذا يفيد هذا الإيمان أهو إيمان بكتاب محرف فهو طلب قريب إلى الكفر أكثر منه إلى الإيمان فالإيمان بكتاب غير موجود هو أقرب إلى الضلال من الهدى
وهذا كما يلحظ كل عاقل أنه من السفسطة العجيبة، والتلبيس الماكر،
وهو مبنى على التوهيم والتغليط والمكر
فيقولون المقدمة الأولى
المسلمون يؤمنون بالتوراة والأنجيل
المقدمة الثانية
المسلمون يعتقدون تحريف التوراة والإنجيل
النتيجة
إذا يجب أن يكفر المسلمون بالتوراة والإنجيل لأنهم يعتقدون وقوع التحريف فيها
وكان الواجب أن تكون النتيجة المنطقية الصحيحة
المؤمنون المسلمون يؤمنون بالتوراة والإنجيل التي تستحق هذا الاسم وهما ما لم يلحقه التحريف، فإذا وقع التحريف لم يعتقدوا أن هذا المحرف توراة ولا إنجيلا مع إيمانهم بنزول هذه الكتب وتضمنها للحق والهدى.
وهذا يقع كثيرا في جدلهم من فلسفة السوفسطائيين التي تقوم علىتغليط المناظرين بمثل هذه الأوهام التي بين الله أنها طريقتهم في الجدل.
ويقول النصارى
"إن كان الإيمان المقصود هو الإيمان بالإنجيل الذي بين أيدينا وهو الإنجيل الحقيقي فلم يعرف العالم غير هذا الإنجيل إن كان هذا هو المقصود بالإيمان فهذا يعني بصراحة ترك الإسلام واتباع المسيح لأن الإنجيل غايته الاولى والأخيرة هي المسيح"
فانظر غاية التلبيس ببناء النتائج على المقدمات
إذ كيف يلزم المخالفين له والمدعين بتحريف الإنجيل بأن العالم لم يعرف غير هذا الإنجيل أم أن المخالفين له ليسوا من العالم
ولو افترضنا جدلا أن الإنجيل لم يحرف فهل النتيجة صحيحة
وهل الإيمان بنبي من الأنبياء يستلزم الكفر بغيره م الأنبياء
فإذا كان المسلمون يؤمنون بالإنجيل فهل يلزمهم الكفر بالنبي صلى الله عليه وهل في الإنجيل وجوب الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم كما يقول يعني بصراحة ترك الإسلام واتباع الإنجيل
وبهذا يتبين لكل عاقل أن هذا المنهج في المناظرة من أبعد ما يكون عن منهج العقل والعدل والحق ولذا سمى الله أمة من الأمم بالضالين لوقوعهم في الضلال العقلي والنقلي معا
ويقول النصراني
ماذا ينفع هذا ألم يطلب القرآن من المسلمين الإيمان والعمل فلماذا لا تطبق هذه القاعدة عندما يقول المسلمين أننا نؤمن بالإنجيل، الإيمان دون عمل لا فائدة منه. إذن الإيمان بالكتاب أو عدم الإيمان به لا يعني شيئاً بل أن هذا لا يسمى إيماناً بكتاب وهمي
وهذا من وجوه التغليط المتكاثرة
فإن دعواهم أن إيماننا بالإنجيل لا يكون معه العمل مبنى على جهلهم بالإيمان وتصوره فإن الإيمان قول وعمل وأنه عمل القلوب والأركان ونحن نؤمن بالتوراة والإنجيل ويترتب عليها أعظم الأعمال وهي أعمال القلوب من محبة الأنبياء موسى وعيسى عليها الصلاة والسلام وتوليهما والاعتقاد بأنهما من الرسل ومحبة التوراة والأنجيل، والإيمان بكل ما أقره القرآن منهما وما بين الله لنا في الكتاب أنه فيهما فالمسلمون هم العاملون حقيقة بالتوراة والإنجيل القائمون بأمر الله فيها، إذا الشرائع كلها دعت إلى الحق والهدى وتواترت على ذلك فالمسلمون هم أولى الناس بإبراهيم وموسى وعيسى من كل مدع
فالتوحيد الذي هو أعظم ما في التوراة والإنجيل لا يقيمه الإ المسلمون على ما يرضي الله تعالى، والإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر هو أوضح ما يكون عند المسلمين، والقيام بالأخلاق الحميدة والخصال الكريمة هي صفات المسلم التي دعا الله إليها في القرآن ودعا إليها الرسول عليه الصلاة والسلام
القائلون بالتحريف اللفظي: الشوكاني رحمه الله (1/ 541) في فتح القدير والآلوسي في روح المعاني (1/ 181)(/)
ما رأيكم بهذا الرد على تلك الشبهة؟
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[24 Jun 2005, 07:31 م]ـ
الإخوة الأفاضل ...
عندما قرأت كلام الأخ المكرم أبي مجاهد العبيدي ناقلاً عن الشهيد الحي سيد قطب قوله: " أما القاعدون من المسلمين الباحثين والمفسرين الذين لا يتحركون حركة علمية بالقرآن فهم لا يفهمون القرآن، ولا يحسنون تفسيره، ولا يدركون منهجه. إن هذا القرآن لا يتذوقه إلا من يخوض مثل هذه المعركة ويواجه مثل تلك المواقف التي تنزل فيها ليواجهها ويوجهها، والذين يتلمسون معاني القرآن ودلالته وهم قاعدون يدرسونه دراسة بيانية أو فنية لا يملكون أن يجدوا من حقيقته شيئاً في هذه القعدة الباردة الساكنة، بعيداً عن المعركة، وبعيداً عن الحركة ".
تذكرت شبهة كانت تؤرقني ـ منذ أكثر من سنة ـ ليل نهار ... دون أن أجد لها جواباً شافياً ...
ونص الشبهة كما يلي: " ويظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً، فمثلاً، كما يقول البخاري، لما نزلت الاية 95 من سورة النساء: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم ... " اشتكى رجل اعمي (ابن أم مكتوم) للنبي قائلاً: اني اعمى ولن استطيع الجهاد ولذلك سيفضل الله المجاهدين عليّ. فأضُيفت الى الاية " غير أولي الضرر" واصبحت: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون .. ".
رواه البخاري
توضيح الشبهة: لو لم يكن ابن أم مكتوم رضي الله عنه في المجلس .. هل كان النص القرآني سيتغير بإضافة: " غير أولي الضرر " أم سيبقى دون أضافتها؟!
ظاهر الرواية يبين أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان ((سبباً)) في تعديل " النص " القرآني.
--------------------------------
وعندما رجعت إلى كتب شروح الحديث والتفسير وجدت جميع المفسرين الأقدمين، وأكثر المحدثين يذكرون تلك الرواية دون تعقيب ودون أن تثير في أنفسهم تساؤل المنصرين.
وهم معذورون في هذا، فنحن " بالمطلق " نأخذ تلك الروايات على التسليم دون تدبر الحكمة ((ما وراء الأخبار))
هذه هي المشكلة ... نحن ننظر إلى القرآن الكريم وتفسيره بمنظارنا نحن المسلمين ... بأنانية عجيبة ... متناسين غافلين عن ((حق)) الآخرين من غير المسلمين أن يتبينوا الحق.
ولما كان لابد لي من رد على تلك الشبهة، (فقد عاهدت نفسي أن لا أدع شبهة قرأتها ضد القرآن الكريم إلا أذكرها في أطروحتي مع نقدها ... ) راسلت عدداً كبيراً من أكابر المشايخ والدعاة فكان الجواب الدائم ـ إن حصل ـ
" يا أخي دعهم إنهم حمقى "؟؟؟!!!!
" يا أخي لا تشغل بالك بالرد على كل الشبهات "
" الكلاب تنبح والقافلة تسير "
" لا يضر السحاب نباح الكلاب "
....... الخ
عجيب أمر علمائنا ... لو كان الأمر يتعلق بأحكام المياه أو زيارة القبور ... أو ... أو .... لوجدت السيل الجرار من الردود ... (على أهمية تلك المواضيع طبعاً).
لكن عندما يتعلق الأمر بكلام الله تعالى والدفاع عنه تجدنا ننقلب زهاداً زهداً مذموماً سنسأل عنه سؤالاً عسيراً يوم القيامة
استعنت بالله تعالى ورجعت مرة أخرى إلى كتب المفسرين المعاصرين من شتى الفرق .. بلا ثمرة.
طبعاً: محمد رشيد رضا ـ رحمه الله تعالى ـ له موقف معروف في أحاديث كهذه، وعندما عدت إلى تفسيره، تأكد لي ذلك ولكنه للأسف أجَّل مناقشتها وحال أجل الله تعالى بينه وما أراد!!!
أخيراً وجدت الشعراوي رحمه الله ذكر الرواية ... وبيّن ما فتح الله تعالى عليه من توجيه لها وهو بتصرف واختصار كما يلي:
أن الحق جل جلاله أراد أن ينبه كل مؤمن أنه حين يتلقى كلمة من الله تعالى يتدبر ويتبين موقعه من هذه الكلمة. كما أن فيه دلالة على دقة كتبة الوحي ووعيهم، ومقدار حرصهم على إثبات القرآن الكريم وحتى معرفة مكان كل كلمة.
إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن ينبه المؤمنين إلى أنهم حين يتلقون كلام الله عز وجل يجب أن يتلقوه بيقظة إيمانية، بحيث لا تسمع آذانهم إلا ما يمر على عقولهم أولاً، ليفهم كل مؤمن موقفه منها. وتمر الآية على قلوبهم ثانيةً، لتستقر في قلوبهم عقيدةً ..
انظر: تفسير الشعراوي 4/ 2568.
=================================
قلت: ـ إضافة إلى ما ذكر الشعراوي رحمه الله ـ
الله جل جلاله علم بعلمه الأزلي المطلق أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه، سيقول ذاك ..
كما أن المكتوب في اللوح المحفوظ أزلاً فيه عبارة: " غير أولي الضر ".
وفي الحديث فائدة عظيمة جداً ...
فهذا الحديث نص قاطع على أن عناية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتقييد القرآن الكريم كتابة كانت على الفور مباشرة بعد نزول الآيات الكريمة دون إبطاء .. وسبحان من يجعل أدلة الخصوم على تحريف القرآن الكريم، أدلة قاطعة ضدهم.
فهل بعد هذا يقول قائل إن القرآن الكريم لم يُكتَب في زمن النبوة؟
ما هي إلا لحظات حتى نزل القرآن الكريم وكتب زيد ـ رضي الله عنه ـ الآية، ثم نزل النص التالي .. فما هي إلا لحظات حتى كتبها ..
ومن شدة ضبط وعناية زيد ـ رضي الله عنه ـ بما يكتب حفظ مكان الآية الكريمة على الكتف التي كتبها عليه ..
ففي رواية أبي داود رضي الله عنه: " قَالَ زَيْدٌ: فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ وَحْدَهَا فَأَلْحَقْتُهَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِفٍ ".
سبحانك يا الله ... كيف تجعل من إعجاز كتابك الكريم، أن من يطير فرحاً بما يحسبه ثغرة ضده، ينقلب حجة عليه!!
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
إخوتي الأفاضل ...
إن فتح الله تعالى عليكم بشيء في توجيه هذه الشبهة، أو تصويب التوجيه فلا تبخلوا به
مع محبتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Jun 2005, 11:23 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،
أخي الكريم عبد الرحيم، أظن هذه الشبهة فرع من الشبهة الكبرى حول أسباب النزول: فقد عمد أعداء الدين من نصارى و ملاحدة إلى الآيات التي نزلت في مناسبة معينة، واعتبروا أن ذلك دليلاً على أن القرآن ليس من عند الله، ولكنه ينزل " حسب الطلب "، على حد تعبيرهم (العلمي طبعاً!) .. ثم صنفوا هذه الآيات: فجعلوا منها آيات أنزلت " تحقيقاً لرغبة " النبي عليه الصلاة والسلام .. ثم جعلوا منها آيات أنزلت " تحقيقاً " لرغبات الصحابة .. و جعلوا منها آيات أنزلت موافقة لما صرح به بعض الصحابة لفظاً أو معنى .. و جعلوا منها آيات أنزلت إيضاحاً لمشكل أو استدراكاً أو استثناء.
انظر تناول الأخ متعلم (و هو من تلامذة الدكتور إبراهيم عوض) لهذه الشبهة العامة حول أسباب النزول بالنقض في رده القصير على كتاب النص المؤسس .. و قد أرفقت كلام الأخ متعلم بأكمله في الملف المرفق بهذه المشاركة.
و الله الموفق.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[24 Jun 2005, 11:53 م]ـ
أخي الداعية الكبير د. هشام نفع الله بك ...
كان ردي على شبهة كون الصحابة الكرام رضوان الله عليهم مصدر القرآن الكريم كما يلي:
=========================================
أما شبهة أخذه عن الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فهي شبهة واهية، لعدة أسباب:
1. ما نزل من قرآن كريم مؤيداً لمواقف بعض الصحابة، له حكم أسباب النزول تماماً. والله جل جلاله بعلمه السابق الأزلي علم أن فلاناً من الصحابة سيقول كذا وكذا، وسينزل من القرآن الكريم بُعيدها ما يقارب لفظ الصحابي.
ولا يعني ذلك أن الآية القرآنية الكريمة، كان سيتغير لفظها لو غير الصحابي لفظه.
مثال: آيات الظهار في أول سورة المجادلة، لا يمكن القول أنها لم تكن لتنزل لو أن هلال بن أمية لم يظاهر زوجته ـ رضي الله عنها.
بل الحق إن الله تعالى علِمَ بعلمه السابق أنها ستأتي إلى رسول الله وتشتكي إليه، ومن ثم سيتنزل من القرآن الكريم المعجز في ذلك الوقت الإجابة عن سؤالها.
وكذا الحال بالنسبة لما نزل من القرآن الكريم، موافقاً ـ كما يزعمون ـ لبعض الصحابة.
2. ما تنزل من القرآن الكريم في ذلك قليل جداً لا يكاد يذكر، (ذكر ابن حجر في فتح الباري 1\ 505، شرح باب: ما جاء في القبلة: إنها لا تزيد عن خمسة عشرة مرة.) ولا يصح أن ينبني عليه تعميم.
3. الإعجاز في النظم بين الآيات التي لها سبب نزول، أو التي حصل اتفاق بينها وقول صحابي لهو دليل كونها من مصدر إلهي واحد. فلا يعقل أن تجتمع أساليب عدد من الصحابة في دفتي مصحف واحد بهذا التنسيق البديع المحكم دون خلل.
4. في ذلك تكريم للصحابة رضوان الله عليهم.
5. لما ترسخت مبادئ الإسلام العامة في عقول الصحابة، وتركز الإيمان في قلوبهم؛ أنطقهم الله تعالى بما يوافق سنته في الكون والحياة. وكم من مسلم يستطيع الحكم على أي قضية من قضايا الحياة المعاصرة دون أن يحفظ ما يؤيد ما ذهب إليه من الكتاب والسنة، ولكنه لما عرف مبادئ الإسلام العامة، وتدخل الإيمان العميق قلبه، وتحركت كل جوارحه بمختلف العمل الصالح .. سدَّد الله تعالى طريقه وهداه صراطه المستقيم. قال تعالى في سورة البقرة: " وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) ".
6. كان في نزول تلك الآيات من القرآن الكريم فتنة وامتحاناً لقوة إيمان الصحابة.
7. لو كان أمر تأليف القرآن الكريم بتلك السهولة، فما الذي منع ابن أبي سرح من زعم النبوة، وكان عندها سيجد دعماً غير محدود من مختلف أعداء الإسلام.
8. ما الذي دعا ابن أبي سرح أن يعود إلى الإسلام من جديد؟! ولماذا لم يلتحق بمجموعة المتنبئين، أو يحشد له أتباعاً كما جمعوا؟
9. توفر همة المشركين واليهود والمنافقين لمعارضة القرآن الكريم، ولو كان تأليف مثله سهلاً ميسراً لوضوعو الأموال والملذات بين يدي ابن أبي سرح كي يؤلف سورة واحدة على الأقل. ولكن التاريخ لم يثبت أي محاولة ـ على الأقل محاولة ـ للقيام بتلك المعارضة.
فهل كان عبد الله بن أبي بن سلول سيدع تلك الفرصة تفلت من بين يديه، لو كانت بتلك السهولة؟
10. هذا دليل عدم تصرف سيدنا محمد بما يتنزل عليه من وحي، فلو كان الأمر متروكاً للنبي، لكان هواه يقتضي مخالفة قول كل صحابي؛ حتى لا يدع أي مجال للشك فيه. ولتبقى له الزعامة المطلقة بلا شريك، كما هو هوى كل نفس بشرية، ولكنها النبوة.
إن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ الذين لم يتزعزع إيمانهم قيد أنملة بسبب ذلك، لهم الأحرى بالشك من أولئك الذين يزعمون اتباع المنهج العلمي الموضوعي.
وسبحان الله العظيم، لا إله إلا هو! إن ما يعده منتقدوا القرآن الكريم، شبهة دامغة ضده. ينقلب دائماً حجة قوية، ودليلاً إضافياً على إلهية مصدره!!
كما أن ما سبق مثال واضح على تخبط المواقع التنصيرية على غير هدى في تحديد المصدر البشري المزعوم، الذي أخذ منه سيدنا محمد القرآن الكريم.
========================
ولكن سؤالي محدد هنا أكثر في شبهة آية النساء: " لا يستوي القاعدون ... "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[26 Jun 2005, 09:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين ..
أخي .. و الله أعلم .. فإن اجتهادي في الرد على تلك الشبهه هو ما يلي ..
يعلم جميع من درس تاريخ الغزوات في عهد الرسول عليه الصلاةو السلام .. كيف أن الأمر كان صعبًا على نفوس الصحابة لما كانوا هم فيه من هوان و ضعف .. هذا في عهد فجر الإسلام.
و كذلك فإن الإسلام قد عانى بعد أن قويت شوكته أيضًا من أمرآخر .. ألا و هو المنافقين ..
هؤلاء القوم الذين كانوا يصدون المؤمنين عن القتال , ويحبون أن يزينوا لهم القعود عن القتال في سبيل الله سبحانه و تعالى.
مما سبق نفهم أن الإسلام كان يعاني من كلا الأمرين ..
-1 الرهبه في نفوس الصحابه رضوان الله عليهم , مثل ما فيقوله تعالى " وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ "
و أيضًا في قوله سبحانه و تعالى " إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَتَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " ..
و كذلك في قوله عزّ و جلّ " إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ "
و يدل كل هذا أن الشيطان كان يوسوس في صدور المؤمنين ليثنيهم عن الجهاد.
-2 المنافقين .. في قوله تعالى " إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "
و كذلك قوله سبحانه و تعالى " وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا "
و كذلك أيضًا في قوله سبحانه و تعالى ..
" فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ * وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ "
و هذه الآيات تبين تمامًا كيف كان هؤلاء القوم يصدون عن سبيل الله و يفتنون المؤمنين عن الصدقات والجهاد في سبيل الله ..
و قد يقول قائل بإذن الله سبحانه و تعالى ..
بالله عليك ما علاقة هذا بالشبهه؟؟؟!!
أقول بحمد الله هي علاقة وثيقة ..
فكما تكرم أخي الحبيب و استاذي " عبد الرحيم " و نظيرة " د. هشام عزمي " - أكرمهم الله سبحانه و تعالى و رفع قدرهم - و كما هو متفقٌ بين أهلالإسلام إن الآية الكريمة " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون .. ". كانت مكتوبه هكذا في علم الله الأزلي و في اللوح المحفوظ.
فقد جعل الله سبحانه و تعالى الآية الكريمة تنزل بجزء منها أولًا بهذا الشكل " لا يستوي القاعدون من المؤمنين .. " ..
و قدر الله سبحانه و تعالى أن يكون " ابن مكتوم " الأعمى موجودًا ليقول كلامه عن أنه أعمى و لا يقدر على الجهاد .. ليعرف كل شخص من هم المقصودين " بأولي الضرر " ..
فلو كانت الآية الكريمة نزلت هكذا " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدو .. ".في أول أمرها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
لكان الذين في قلوبهم مرض و المنافقين أتكلوا على لفظ " أولي الضرر " و جعلوا أي مرض بسيط عارض غير مؤثر سببًا في عدم خروجهم للجهاد إتكالًا على هذا اللفظ ..
و لكانوا أثروا على المؤمنين الذين يريدون الجهاد .. و استشهدوا بتلك الآية الكريمة لتثبيط الهمم التي ألمها مرض بسيط .. لا يؤثر على على الجهاد في شئ .. و حتى لا يتأثر المجاهدين المؤمنين بذلك القول بإعتبار أنة رخصة ..
فكان يجب بيان معنى لفظ " أولى الضرر " و أنة لا يعني أي ضرر عارض يمر بالمؤمن و إنما هو أمر جوهري في بنية المؤمن كمثل أن يكون أعمى " كأبن مكتوم " أو غيرها من الأمور المؤثرة ..
فعندها لو جاء منافق أو نزغ الشيطان في قلوب المؤمنين بإيهامهم في حال مرض عارض بأن ذلك المرض يرخص له عدم الجهاد في سبيل إعتمادًا على الآية الكريمة " غير أولي الضرر " ..
عندها ينهر المؤمن شيطانه و يوبخ المحرض المنافق بأن الله سبحانه و تعالى قد بيّن من هم أولي الضرر حقًا .. و أن ذلك لا يكون إلا في الأمور القصوى التي يمتنع معها تمامًا الجهاد في سبيله .. مثل الأعمى " ابن مكتوم " رضي الله عنه.
و قد يقول قائل ..
و لماذا لا يبين الرسول الكريم صلى الله علية و سلم معنى تلك الآية و تلك اللفظة " غير أولي الضرر " وقت نزولها بدلًا من أن يتم ذلك .. ؟؟
ذلك لأن الحق تبارك و تعالى أراد أن يعلمنا أن ذلك الأمر هام جدًا حتى أنه أنزل به قرآنًا .. و أنه تشريع من لدن العزيز الحميد.
و ذلك أيضًا لأن الأمر – القتال - يتعلق بأمر من الأمور الحساسة جدًا في نفس كل انسان .. فكان يجب أن يكون البيان في تلك النقطة بالذات من الحق عزّ و جلّ الذي إليه تخضع القلوب أكثر من أي شئ ..
و قد يوسوس الشيطان في نفوس المؤمنين وقتها بأنه صلى الله علية و سلم يريد أن يشق عليهم .. فأحسب أنه عزّ و جلّ قدر أن يكون ذلك الحكم من لدنة وحدة حتى لا يكون للشيطان في نفوس المؤمنين حظ .. فقد كانوا يسئلونه صلى الله علية و سلم عن أقواله إن كانت أمرًا إلهيًا أم اجتهادًا بشريًا .. فقدر الحق تبارك و تعالى أن يبين هو ذلك بالذكر الحكيم أمام أعين الصحابه ليبين أن الأمر إلهيًا ..
و أنه إذا ما رفض الرسول صلى الله علية و سلم أن يقعد أحدهم بسبب مرض بسيط و قال أن ذلك المرض لا ينطبق عليه قوله سبحانه و تعالى " أولي الضرر " لعرف الصحابه أن الرسول صلى الله علية و سلم لا يشقُ عليهم .. و إنما هو أمرٌ إلهي بحت .. لا إجتهادي من لدن الرسول صلى الله علية و سلم.
و سأضرب مثلًا على ذلك بإذن الله سبحانه و تعالى ..
فلو كانت الآية قد نزلت كما هي في أول الأمر و لم يحدث الحوار الخاص ب" إبن متكتوم " رضي الله سبحانه و تعالى عنة .. و حدث أن اعتمد بعض الصحابة الذين ألمهم مرض عارض على تلك الآية كرخصة لعدم جهادهم تأثرًا بنزغ الشيطان و تحريض المنافقين ..
ثم جاء المصطفى صلى الله عليه و سلم و سأله " ما لك تقعد و لا تجاهد؟ " .. فيقول الرجل " سمعت قول الحق تبارك و تعالى " غير أولي الضرر " .. و أنا متعب ((مثلًا)) لأجل مرض ما ..
فيقول المصطفى صلى الله علية و سلم " لا مرضك هذا لا يجعلك من أولي الضرر و إنما أولي الضرر هم كذا و كذا .. " ..
فعندها سيطيعة الصحابي بإذن الله سبحانه و تعالى .. و لكن ربما يأتي الشيطان فينزغ في صدر المؤمن و يأتي المنافق فيقول " مال رسول الله صلى الله علية و سلم يشق عليك و الله سبحانه و تعالى قد أعطاك رخصة في القعود و قد ساواك – سبحانه و تعالى - بالمجاهدين في سبيله في حال قعودك " ..
....
فالخلاصة ..
أنه كان ذلك الأمر ليبين الله سبحانه و تعالى المعنيين من قوله سبحانه و تعالى .. " غير أولي الضرر " .. فلا يظن المؤمنين أن كل من قعد لأجل ضررٍ بسيط أصابه هو من نفس درجة المجاهدين .. فتثبط الهمم عن الجهاد .. و يلبس الشيطان على المؤمنين دينهم .. و يحرض المنافقون المؤمنين على القعود .. فيكون القاعد المتساوي مع المجاهد هو من نفس عين الضرر الذي أصاب " ابن مكتوم " رضي الله سبحانه و تعالى عنه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
و عدم تبيان الرسول صلى الله علية و سلم ذلك بدلًا من أن يأتي الأمر على هذا النحو .. لكي لا يشعر المؤمنين بأنه صلى الله علية و سلم يشق عليهم .. و لكي يبين الله سبحانه و تعالى للمؤمنين أن هذا الأمر من الأهمية الكبيرة حتى أنه أنزل به قرآنًا كريمًا.
و أقول قولي هذا و سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت , أستغفرك و أتوب إليك.
إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان .. و أن أصبت فمن الرحمن.
أرجوا من شيوخي أن يصوبوني و أن يرفقوا بي و يعذروني لقلة علمي إن أخطأت ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Jul 2005, 11:19 م]ـ
أخي الفاضل ..
أسأل الله العلي القدير أن يرفعك درجات بكل حرف تكتبه في شتى المنتديات ..
وأما اعتذارك بما تزعم أنه قلة علمك، فما فائدة حفظ المتون وأقوال السادة العلماء دون الاستنباط منها للدفاع عن دستور الأمة وشرفها (القرآن الكريم)؟
والتّبر كالتّرب ملقى في أماكنه ### والعود في أرضه نوع من الحطب
بالحركة في الدفاع عن الإسلام يظهر العلم، لا على رفوف المكتبات.
المهم: أوافقك أخي العزيز في أكثر ما ذهبتَ إليه، وأخالفك في قضية يسيرة وهي أن الآية الكريمة تبين حكماً شرعياً دنيوياً (إدارياً) في عذر أصحاب الأعذار.
بل يوافق ما ذهبت إليه قوله تعالى: " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج .. ". النور 24/ 61.
فآية النساء تتحدث عن الأجر الأخروي في الجنة (التفاضل بين المسلمين) بينما آية النور تتحدث عن الحكم الدنيوي.
وإن كان منها يدل على تبكيت غير أصحاب الأعذار كما في سورة التوبة ((الفاضحة)): " رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ (87) ".
يبقى هنا التساؤل: هل يطمح المخاطَبون بما تفضلت به أخي حسام إلى الدرجات العليا في الجنة، والتنافس مع الأوائل الرياديين (السابقون السابقون)؟
ظاهر الأمر أنهم أقل الناس قياماً لليل وصياماً وصدقة وقراءة للقرآن ...
فآخر همهم هو أن يكونوا أعلى درجة من السابقين الأولين من المهاجرين .........
والباقي عندك ..
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
مع محبتي
ـ[ابو العزايم عبد الحميد]ــــــــ[11 Mar 2006, 03:07 ص]ـ
بل هذه الاية ومثيلاتها دليل علي مصدر القران وانه من لدن حكيم خبير وستظل اسباب النزول شاهدة علي هذا لانه لايمكن لمحمد صلى الله عليه وسلم ولالغيره من البشر ان يوفق بين كلامه والاحداث الكونية والبشرية التي ليست من صنعه وهذة الاية مثل قوله تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) لو لم تحدث واقعة الخلاف بين هذه المراة وزوجها ما كان لهذه الاية موضع علما بانه لاصلة للرسول بهذا الخلاف اصلا ولا هو الذي صنعه فدل هذا على ان المتحكم في الاحداث البشرية والكونية ومنزل هذا القران واحد وهو الله عز وجل(/)
مع المستشرق موراني حول دعوى (تحقيق القرآن) واحتمال الزيادة والنقص واختلاف الترتيب
ـ[الجندى]ــــــــ[25 Jun 2005, 06:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع للمستشار سالم عبد الهادى يرد فيه على دعاوى المستشرق الألمانى د. مورانى باحتمال الزيادة والنقصان فى القرآن الكريم، ويدعوه للحوار حول ما قاله بخصوص هذه المسألة.
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=2191
ـ[الجندى]ــــــــ[28 Jun 2005, 06:55 ص]ـ
جديد الموضوع:
إهانات د. موراني المتكررة للقرآن، وانطلاقه في كلامه عنه من أسسٍ دينيةٍ
هل يُعَدّ د. موراني مبشِّرًا نصرانيًّا؟!
المستندات
الحصاد
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=2191
ـ[الجندى]ــــــــ[02 Jul 2005, 06:38 ص]ـ
تعقيبات د. مورانى!
http://70.84.212.52/vb/showpost.php?p=17166&postcount=18
http://70.84.212.52/vb/showpost.php?p=17467&postcount=20
http://70.84.212.52/vb/showpost.php?p=17473&postcount=24
ونذكر الإخوة بالموضوع الأصلى:
مع المستشرق موراني حول دعوى ((تحقيق القرآن)) واحتمال الزيادة والنقص وتغيُّر الترتيب ( http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=2191)
والتعقيب على الموضوع:
التعقيب على موضوع (تحقيق القرآن) ( http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=2208)
ـ[الجندى]ــــــــ[06 Jul 2005, 04:41 م]ـ
جديد الموضوع:
- ماذا وراء مقارنة د. موراني
بين القرآن وبين الإنجيل (الحالي)؟
- مقدَّسٌ حتى إشعار آخر!!
الإنجيل في نظر د. موراني
وماذا يريد من القرآن؟
- مَنْ يملك حق تحقيق القرآن؟!
- شهادة من ألماني
- إضافة مهمة ..
- هكذا يُبْطِلُونَ المعجزةَ القرآنية ويهدمون الإسلام!!
فهل يقدرون على مثلِه؟!
- فاصلٌ قصير
- سَمَاعِيٌّ
مِن البدايةِ إلى النهايةِ
- طبقات القراء
- لا تأخذوا القرآنَ مِنْ مُصْحَفِيٍّ
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=2191
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[07 Jul 2005, 01:02 م]ـ
بارك الله فيك.
ـ[الجندى]ــــــــ[11 Jul 2005, 08:24 م]ـ
وفيك الله بارك(/)
شبهة: تعدد مصاحف الصحابة , والجواب عنها
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[28 Jun 2005, 08:33 م]ـ
هذا سؤال وجه إلي اجبت عنه إجابة مختصرة بما فتح الله , ارجو من الإخوة إضافة ما يرونه مناسباً.
بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أما بعد: هذه شبهة ساقها أحد النصارى بالفلبين لأحد الدعاة هناك مفادها.
لديكم ما يسمى قرآن ابن مسعود، و قرآن أبي بن كعب، و قرآن عثمان فيتسأل: -
1 – أي هذه أصح.
2 - أي هذه كلام الله تعالى.
3 – و إن كان هذا لديكم فلم تنكرون علينا كون لدينا أكثر من إنجيل.
نرجو من فضيلتكم الإجابة عاجلا على هذه الشبهة، إجابة محررة شافية، حتى لا تكون مثل هذه الشبهة سببا في ردة أحد من حديثي الإسلام هناك.
وفقكم الله تعالى لما يحب و يرضى وسدد خطاكم و جعل إجابتكم في ميزان حسناتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
القرآن كلام الله سبحانه وتعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته المفتتح بسورة الفاتحة , والمختوم بسورة الناس , تلقته الأجيال عن الأجيال , لا يزيد فرد على فرد في تلاوته في مشرق الأرض ومغربها على ما بأيدينا , فهذه دور المخطوطات في العالم كله في بلاد الإسلام وغيرها , فيها ما لا يحصيه إلا الله من المصاحف التي كتبت في الأزمان والبلدان المختلفة , لا ترى فيها مصحفاً يختلف عن الآخر في شيء , وأما قول النصراني: لديكم ما يسمى قرآن ابن مسعود، و قرآن أبي بن كعب، و قرآن عثمان فهذا غير موجود عندنا فالقرآن عندنا واحد لا يتعدد , وإنما الموجود عندنا: مصحف ابن مسعود، و مصحف أبي بن كعب، ومصحف عثمان , والمصحف المراد به ما كتب بين دفتيه القرآن وأول من سماه بذلك أبو بكر رضي الله عنه , وسبب ذلك أن الصحابة كانوا يعتمدون على الحفظ , وهناك منهم من كتب لنفسه ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ليكون عوناً له على تذكره, ولذا نسب إليهم فقيل مصحف ابن مسعود ومصحف أبي بن كعب باعتبار أنهم كتبوها, كمن يشتري مصحفاً من مكتبة و يقول: هذا مصحفي باعتبار أنه مالكه , وإلا فهو لا يخرج عما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم , فهيئ الله أبا بكر رضي الله عنه فجمع القرآن في مصحف واحد مما استقر في العرضة الأخيرة التي عارض فيها جبريلُ أمين الوحي النبيَ صلى الله عليه وسلم في آخر سنة من حياته , وجعله عنده وترك ما بأيدي الناس معهم , ثم لما تولى عثمان رضي الله عنه الخلافة جمع الصحابة واستشارهم في كتابة مصحف موحد ليكون للناس إماماً وترك ما عداه مما كتبه الناس لأنفسهم فوافقوه على ذلك فكتب مصاحف ووزعها على الأمصار وأرسل معها القراء يعلمون الناس , وأمر الناس أن يدعوا ما معهم من المصاحف التي كتبوها لأنفسهم ويعتمدوا على مصحف كتب على أدق أنواع التحري وكان منهجهم في كتابته:
1 - لا يكتب شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن.
2 - لا يكتب شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العرضة الأخيرة.
3 - لا يكتب شيء إلا بعد التأكد أنه لم ينسخ.
4 - لا يكتب شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة.
5 - إذا اختلفوا في شيء من القرآن كتبوه بلغة قريش.
6 - يحافظ على القراءات المتواترة ولا تكتب قراءة غير متواترة.
وبهذا المنهج الدقيق والأسس السلمية كتب المصحف العثماني فكان في غاية الدقة والضبط والتحري ,وهو الذي بأيدي المسلمين اليوم , ليس عندهم غيره ,ويسمى المصحف العثماني نسبة إلى عثمان رضي الله عنه باعتبار أنه هو الذي أمر بكتابته وكتب في عهده , وكان ذلك بإجماع الصحابة رضي الله عنهم.
ولذا فإن المصاحف التي كتبها بعض الصحابة لأنفسهم اندثرت ولم يبق منها إلا روايات يسيرة تناقلها الناس فكانت عرضة للخطأ والزيادة والنقصان ممن نقلها , وبعضها كان يذكرها بعض الصحابة على أنها تفسير لا قرآن فظن ناقلها أنه مما سُمع من النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يثبت منها إلا القليل , ولذا لا يجيز العلماء القراءة بها في الصلاة ويعدون صلاة من قرأ بها باطلة لمخالفتها المصحف الإمام, وإنما يستفيدون منها في التفسير والأحكام.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا جواب مختصر لهذه المسألة ومن أراد التوسع فليرجع إلى كتب علوم القرآن المحررة , وأنصح الدعاة إلى الله أن يتسلحوا بالعلم ليجيبوا عن هذه الشبهات فإن الأعداء لن يألوا جهداً في صدهم عن دينهم قال الله تعالى:" ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم " وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[03 Jul 2005, 01:39 ص]ـ
أخي الفاضل ...
جزاك الله خيراً على ردك .. ففيه خير كثير.
ولكن من خبرتي المتواضعة في الرد على شبهات الملحدين والمنصرين ((وردهم على ردي، وبعدها ردي على ردهم، ثم ردهم، ثم الرد عليهم ... )) أرى ـ والله تعالى الأعلم ـ أن أفضل أسلوب للرد هو بسلوك مرحلتين:
الأولى: تفكيك الشبهة.
الثانية: إجمال الرد في نقاط بلا إطالة .. (1، 2، 3 ... ) تصل إلى المقصود بيسر وتبين قوة طرحك فلا يعد الناس إطنابك لتشتيت الموضوع بلا فائدة.
الفائدة من المرحلة الأولى: إشباع الشبهة نقداً ... وهذا يبين للطرف الآخر مقدار قوة حجتك في مقابل ضعف (((كل))) حججه.
ولكن الملاحظ في بعض ردود الإخوة على الشبهات انتقاء أيسر الشبهات رداً .. وترك كثير من النقاط في الشبهة دون نقد .. فينتصر الطرف الآخر أمام أي مراقب محايد.
وهم معذورون في ذلك في ظل عزوف (أهل العلم) عن ذلك ...
وفائدة المرحلة الثانية حصر الإجابة عن شبهات (الطرف الآخر) وهو طارح الشبهة في نقاط محددة تجبره على الرد عليها كلها، وعدم تشعيب الموضوع وحرفه " بذكاء الطرف الآخر وضعفنا " إلى ما يشتته مما يضعف الحجة ..
وبذا ينتصر طارح الشبهة مرتين!!!!
لذا أدعوكم إخواني إلى عدم الاكتفاء بانتقاء السهل مما يطرح من الشبهة والرد عليها بسطحية، بل النزول إلى ميدانها الحقيقي وهي منتديات الحوار الديني سواء كان القائمون عليها مسلمون كمنتدى التوحيد ومنتدى الجامع، أو غير مسلمين كمنتدى اللادينيين العرب ونادي الفكر العربي ...
ولنحذر جميعاً أن نكون مع " الخوالف ".
فلا عذر لمن يزعم أن باب الدعوة إلى الله مغلق ... فها هي منتديات الحوار والدعوة لغير المسلمين تشكو وتستغيث طلبة العلم الذين سيُسألون سؤالاً عسيراً عن (قعودهم) والقرآن الكريم يتعرض لسهام التشكيك والاتهام.
وكثير منا يعلم أشخاصاً ارتدوا عن الإسلام لقراءته شبهة من منصر أو ملحد في أحد المنتديات، دون ان يجد عليها رداً شافياً من خاصة المسلمين وعامتهم!!
يا طلبة العلم، لم تعثر بغلة على شاطئ دجلة لتُسألوا عنها .. بل ارتد مسلمون ..
بالله عليكم بم ستجيبون ربكم؟؟!!
كيف سيقابله من جعل جل وقته، وشبابه، وعلمه، وأمواله التي يصرفها على شبكة الإنترنت في شتم مخالفي أفكاره من أهل القبلة، بينما لا ترمش عينه حين يقرأ لغير المسلمين الذين يطعنون في الكتاب والسنة صباح مساء بشبهات محكمة السبك ملفتة العناوين .. وفي أقدس المقدسات؟!
وكثير من عوام المسلمين ينظرون إلى تلك الشبهات حيارى يتلفتون هنا وهناك ... فيجدون طالب علم معروفاً بهجومه الكاسح (على الآخر المخالف لفكره) ..
_ فضيلة الشيخ، ما جواب هذه الشبهة؟
_ هاااه!!!! يا أخي دعهم إنهم حمقى!! أنا مشغول بأمر أعظم من تفاهاتهم!!!!!!!!
أين هم الأشداء على الكفار الرحماء بينهم؟؟!!!!!!!
المهم:
====================
مثال عملي على أهمية تطبيق المرحلتين للرد على الشبهات:
الرد على شبهة مخالفة مصحف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مصاحف الصحابة ..
يجب تفكيك الشبهة أولاً:
الشبهة تعود في أصلها إلى أن مصاحف الصحابة لم تكن متشابهة بدليل:
1. حرق سيدنا عثمان ـ رضي الله عنه ـ لمصاحف الصحابة.
2. ورود روايات تؤكد ان مصحاحف بعض الصحابة تخالف المصحف الذي بين يدينا الآن (العثماني) وأشهر مصحفين خالفاه مصحف ابن مسعود ومصحف أبي بن كعب رضي الله عنهما.
3. الدليل الأقوى هو وردود نصوص صريحة تؤكد استبعاد ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن لجنة جمع المصاحف.
----------------------
المرحلة الثانية: تفصيل الرد على الشبهة
أولاً: حرق المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " أيها الناس، إياكم والغلو في عثمان. تقولون حرق المصاحف، والله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولو وليت مثل ما ولي، لفعلت مثل الذي فعل ". (1)
هذا القول من الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ يؤكد أن أمر حرق المصاحف، كان باتفاق المسلمين وإجماعهم. وأن من اعترض في البداية ـ كما هي عادة كل مجتمع ـ انصاع إلى الحق، وهدأت نفسيته، واطمأنت سريرته حينما أدرك بعد نظر الإمام الراشد عثمان رضي الله عنه، وأن مصلحة المسلمين العامة، مقدمة على مصلحة أفراد الناس الخاصة، وإن كانوا من كبار الصحابة .. فصفو المجتمع خير من كدر الفرد.
وكان سيدنا عثمان ـ رضي الله عنه ـ أول المطبقين لما أجمع عليه الصحابة، حين بعث إلى الأمصار قائلاً: " إني قد صنعت كذا وكذا، ومحوت ما عندي، فامحوا ما عندكم ". (2) فكان النموذج الأعلى والقدوة الأسمى لغيره، فهو رغم أنه يملك سلطة الإبقاء على مصحفه، أو وضعه في مكان لا يُرى، إلا أنه أبى إلا مصلحة المسلمين.
ثانياً: شبهة مخالفة ما ورد في بعض مصاحف الصحابة للمصحف العثماني:
قبل الشروع في تفصيل أشهر ما نُسب إلى مصاحف الصحابة من مخالفة للمصحف الذي بين أيدينا، ينبغي الإشارة إلى اتفاق كل المسلمين على تعريف القرآن الكريم بأنه: " كلام الله المعجز المتعبد بتلاوته المنقول بالتواتر ". (3)
وضابط النقل بالتواتر ـ بصفته أحد شروط القرآن الكريم ـ يمنع الاعتراف بقرآنية أي رواية تدل على كون آيات أو آية أو كلمة أو حرف أو حركة إعرابية جزءاً من القرآن الكريم، المتعبد بتلاوته إن لم تكن متواترة.
إن كل ما يذكره أولئك المشككون في عصمة القرآن الكريم، مطالبون بإثبات تواتر أي رواية يدعون أنها تدل على تحريف ـ بالزيادة أو الحذف ـ في القرآن الكريم.
لقد حرص المسلمون ـ منذ بداية الجمع الأول للقرآن الكريم في عهد أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ كما سبق بيانه ـ على وجوب تحقق شرط التواتر لأي حرف يكتب في المصحف الشريف. واستمر المسلمون على ذلك محافظين على نقاء المصحف الشريف من كل دخيل. يشترطون لناسخ المصحف الشريف ـ وطابعه ـ شروطاً شديدة، هي نهاية ما توصل إليه المنهج العلمي في الدقة والضبط.
وبعد هذا الرد المجمل .. سأكتفي بالرد التفصيلي لأشهر ما نسب إلى الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في مواقع الإنترنت التنصيرية من مخالفة للمصحف العثماني وهما: دعوى إنكار عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ للمعوذتين والفاتحة، ودعوى إثبات أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ دعاء القنوت في مصحفه، ويمكن الرد على مثلها بالقياس عليها.
أ) مصحف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وزعم خلوه من الفاتحة والمعوذتين: (4)
1. كان ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ لا يرى وضعها في المصحف، ولا يوجد أي أثر يدل على كونه أنكر أنها من القرآن، ما أنكره هو كتابة السور الثلاث (المعوذتين والفاتحة) لأنه لم يسمع نصاً صريحاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك. (5)
2. هذا خبر آحاد لا يثبت قرآناً ولا ينفيه، فالمتواتر أقوى من الآحاد عند الترجيح يقيناً. فلا يثبت الآحاد عند معارضته بالمتواتر.
3. على فرض صحته، فقد خالف إجماع الصحابة. وتخطئة الفرد، مقدّمة على تخطئة المجموع.
4. لم يثبت أبداً أن أيا من الصحابة غيره قد شكك في قرآنية المعوذتين، ولو في حديث ضعيف.
5. سورة الفاتحة يجب أن يحفظها كل مسلم، فلا صلاة بدون فاتحة الكتاب. فكيف كان عبد الله ابن مسعود يصلي، ويؤم الناس؟
6. إن إنكار سورة من القرآن الكريم توجب الحد أو التعزير من الخليفة، ولم يثبت أن الخليفة أدانه بسبب قوله هذا.
7. لا يمكن أن يسكت عامة المسلمين على من يقول بعدم قرآنية الفاتحة والمعوذتين في وقتنا هذا. فكيف إن كان في خير القرون؟
8. الروايات المسندة إلى ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كلها فيها الفاتحة والمعوذتين، فهي دليل على أنه كان يعلمها للناس ويحفظهم إياها مع القرآن الكريم.
ب) مصحف أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ وزعم زيادة دعاء القنوت فيه: (6)
1. هذه رواية آحاد لا تنقض المتواتر. ولا يجوز أن تعد قرآناً، لفقدها شرط التواتر كما سبق بيانه في تعريف القرآن الكريم. فالآحاد لا يُثبت قرآناً.
2. لو كانت من القرآن الكريم، لتوفرت همم الصحابة ودواعي حفظهم لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. لا يعقل أن لا يحفظها من الصحابة سوى أبي بن كعب رضي الله عنه.
4. وجود أدعية وقراءات تفسيرية وأحاديث قدسية ونبوية في نفس الموضع التي توضع فيه مصاحف الصحابة أمر عادي، ولهذا كان حرق المصاحف الذي ارتضاه كل الصحابة رضوان الله عليهم. فوجود نص معين في مصحف صحابي معين لا يعني بالضرورة كون ذلك الصحابي يعده من القرآن الكريم.
فقد اعتاد الناس في كل عصر ومصر، أن يضعوا أشياءهم الثمينة والعزيزة في مكان واحد، فكانوا يضعون ما كتبوه من حديث نبوي وأدعية وآيات قرآنية وتفسيرات لها .. مما سمعوه من فم النبي صلى الله عليه وسلم في مكان واحد؛ احتراماً لها، وفخراً بها، كي لا تكون عرضة للابتذال.
إن ما نسب إلى أبيٍّ رضي الله عنه، يدل على بعد نظر سيدنا عثمان رضي الله عنه، وأنه سن في الإسلام سنة حسنة، انتفع وسينتفع بها الناس إلى يوم القيامة.
5. موافقة أبي ـ رضي الله عنه ـ على المصحف الإمام، الذي جمعه عثمان رضي الله عنه.
6. ذُكِر أن أنساً ـ رضي الله عنه ـ رأى مصحف أبي رضي الله عنه، ولم يجد فيه ذلك الدعاء. (7)
7. الوضع والرسم والتلفيق والتزوير سهل، فليس بالضرورة أن يكون وجود أي كلام مكتوباً في ورقة. دليلاً على نسبتها إلى صاحبها يقيناً، ولذا يكون المتواتر هو الحجة والفيصل.
8. لا يجوز علمياً إثبات دخول نص مشكوك فيه، إلى نص مجمع عليه .. اعتماداً على الظن والأدلة الواهية.
إن ما نسب إلى أبي ـ رضي الله عنه ـ ـ ومثله الروايات الأخرى ـ لم يكن ظاهراً بين الصحابة، فلا توجد رواية واحدة اتفق عليها اثنان من الصحابة على الأقل. ولا يعقل أن يكون صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم تبليغ آية ما علمها إلا واحد من الصحابة، فلو كانت قرآناً لعلمها غيرَه، ممن يبلغون حد التواتر المتخذ شرطاً في القرآن الكريم المتعبد بتلاوته. لقد أقر كل الصحابة مصحف عثمان ـ رضي الله عنه ـ ولم يعترض أحد منهم، ولم يُذكر أحد الصحابة إخوانه بآية نسيها زيد ـ رضي الله عنه ـ فلم يضعها في المصحف الإمام.
إن الصحابة الذين حفظوا عن رسول الله سننه وآدابه وحركاته كلها، يستحيل أن يغيب عنهم آية من الآيات القرآنية التي يتلونها غدواً وعشياً.
إن المطلع على حال رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، يتيقن أنه لا يمكن أن يذهب عليهم شيء من كتاب الله تعالى قلَّ أو كثر. وأن العادة توجب أن يكون الصحابة أقرب الناس إلى حفظه وحراسته وما نزل منه. (8)
ثالثاً: استبعاد ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ من لجنة جمع المصاحف:
أما عن سبب اختيار عثمان ـ رضي الله عنه ـ زيدَ بن ثابت رضي الله عنه، وتفضيله على ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في تلك المهمة، فكان للأسباب التالية: (9)
1. فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ بالمدينة وكان عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ حينها في الكوفة، والأمر أخطر من أن يؤخره إلى أن يرسل إليه ويحضر.
2. عثمان ـ رضي الله عنه ـ إنما أراد نسخ الصحف التي كانت جمعت في عهد أبي بكر وأن يجعلها مصحفاً واحداً، وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ هو زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ لكونه كاتب الوحي، فله أولوية ليست لغيره. فلزيد الإمامة في الرسم، وابن مسعود إمام في الأداء.
3. ضعف بنية عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ الجسمية (10)، في مقابل قوة وشباب زيد بن ثابت رضي الله عنه.
4. زيد ـ رضي الله عنه ـ أحدث القوم بالعرضة الأخيرة للقرآن الكريم، التي عرضها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على جبريل قبيل وفاته.
5. كان ذلك في سَورة غضب قالها ابن مسعود رضي الله عنه، لأنه ظن أنه الأحق بهذا الشرف من زيد؛ لسابقته في الإسلام. فقد ثقل عليه ذلك، كما يثقل على أي إنسان تقدم غيره عليه. ولكن لما تبين له صواب هذا الرأي وإجماع الصحابة زمن عثمان ـ رضي الله عنه ـ وافق راضياً. (11)
6. القضية قضية اختصاص، والمسألة هنا إدارية بحتة .. فالأنجح في مهمة ما ليس بالضرورة هو الأتقى والأسبق في الإسلام. فقد قدم أبو بكر زيداً على عمر وعثمان وعلي رغم سابقتهم، وكذلك فعل عثمان، وهذا من المنهج العلمي الدقيق المحكم الذي لا تحكمه العواطف والانفعالات النفسية والهوى.
رضي الله عن الصحابة أجمعين؛ فقد كانوا أساتذة الأمة في تقعيد أصول المنهج العلمي الرصين، بلا إفراط أو تفريط.
(يُتْبَعُ)
(/)
-----------------------------------------------
1) البدايةة والنهاية، ابن كثير 9/ 121 (أحداث سنة خمس وثلاثين). وقد صحح الرواية في كتابه فضائل القرآن ص38. وذكر فيه ص39 رواية أخرى عن مصعب بن سعد قال: " أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منهم أحد ".
2) انظر: جامع البيان، الطبري 1/ 62.
3) انظر: مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، ص15 - 17. ومناهل العرفان، عبد العظيم الزرقاني، ص15. والمدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد أبو شهبة، ص6.
4) انظر: الانتصار للقرآن، أبو بكر الباقلاني 1/ 300 - 330.
5) قال ابن كثير في تفسير القرآن العظيم ص1893: " فقلت: وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء، أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه. فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتواتر عنده. ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة، فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأئمة، ونفذوها إلى سائر الآفاق كذلك. ولله الحمد والمنة ".
6) انظر: الانتصار للقرآن، الباقلاني 1/ 267 - 277.
7) نسب الباقلاني هذا إلى أبي الحسن الأشعري، انظر: الانتصار للقرآن 1/ 277.
8) انظر الأدلة على حفظ الصحابة للقرآن الكريم، وعوامل بقائه محفوظاً إلى الآن في الانتصار، الباقلاني1/ 418. والمدخل لدراسة القرآن، د. محمد أبو شهبة ص263 و399 - 403. وإتقان البرهان، د. فضل حسن عباس 1/ 193.
9) انظر: فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، 9/ 18 - 19. وسير أعلام النبلاء، الذهبي، 3/ 306. والمدخل إلى القرآن الكريم، د. محمد أبو شهبة، ص286.
10) كان رحمه الله لطيف الجسم ضعيف اللحم، نحيفاً قصيراً، دقيق الساقين .. انظر: سير أعلام النبلاء 3/ 294 - 296.
11) انظر: باب رضاء عبد الله بن مسعود بجمع عثمان ـ رضي الله عنه ـ المصاحف. وذلك في كتاب المصاحف لابن أبي داود 1/ 202.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Dec 2005, 09:22 م]ـ
الأخ عبد الرحيم: طريقة نافعة , ارجو تلخيصها والعناية بها فهي وجهة نظر جديرة بالتأمل والمناقشة , وأما جوابي بهذه الطريقة فهو المناسب بحسب ما شرح لي من وضع الأخوة فهو موجه للمسلمين ليتسلحوا به بحيث يترجم إلى الانجليزية , والفلبينية , فلم يكن القصد منه مناقشة النصارى , إذ هذا باب آخر.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[21 Dec 2005, 06:25 م]ـ
أخي المكرم
بارك الله بكم وشكراً للطفكم وثقتكم
أوافقك .. ولكن أخي الحبيب ما الذي يضمن أن الإخوة المسلمين لن يأخذوا ردك كما هو .. ويقومون بتصويره أو إلقائه على مَن يريدون محاورون (هكذا) كما جاءهم؟
نحن الآن نعيش في زمن السرعة .. زمن (القص واللصق)
فالدعاة في غالبهم مشغولون بعدة أمور خيرية ودعوية واجتماعية .. قد يفتقدون الفرصة للبحث العلمي لكل شبهة بما يليق بحجمها (أفقياً وعامودياً)
لذا يتوجهون بطلب الإجابة عليها من أمثال أفضالكم، وحين تأتيهم لن يقوموا ـ غالباً ـ سوى بـ (تمرير) الإجابة كما هي على مَن طرَحَها.
---------------------------------------
أما عن فكرة الرد الإجمالي ثم التفصيلي (في نقاطٍ 1، 2، 3، 4 ... ) فهي إحدى طرق المناظرة وليست الوحيدة.
مثلاً: إن كان الأمر يحتاج (عاطفة) كالتخويف من النار والموت ... أو للتبكيت كالهجوم عليه (قلب السحر على الساحر) أو قصة معبِّرة .... كل هذا لا يُستساغ أن يكون في نقاط (1، 2، 3 .. )
لذا فقد جمعت في ردودي على الشبهات في أطروحتي بين عدة أساليب، بل إن بعض الشبهات رددت عليها بكلمات لا تتجاوز في عددها أصابع اليد الواحدة، دليلَ تهافتها.
لكن شبهة كهذه الشبهة: (المصحف المنسوب لابن مسعود رضي الله عنه) وزعم خلوه من الفاتحة والمعوذتين.
فهي تمتلك مزيتين أساسيتين تحتِّمان تفضيل سلوك أسلوب الرد الإجمالي ثم التفصيلي:
الأولى: أن هذه الشبهة أساس لشبهات أخرى تستند عليها، فإن أبطلتَ هذه الشبهة، ستبطِل كل ما تفرَّعَ عنها من شبهات.
الثانية: أن هذه الشبهة تحتمل عدة إجابات في نقدها:
- فأنت تنقدها من جهة الرواية (السند).
من عدة محاور: نقد رواة أسانيدها، اضطرابها، أقوال العلماء في بطلانها: النووي في المجموع، والرازي في مقدمة تفسيره .. الخ
- وأيضاً من جهة المتن.
والنقد من جهة المتن يسير من عدة محاور ... (انظر أعلاه)
وشبهات خطيرة كهذه يجب أن لا تسلِّم للخصم بتجاوزها والانطلاق إلى ما بعدَها.
لذا يفضل سلوك هذه الطريقة، حيث ستقول له أنا عندي النقاط:
1 .......
2 .....
3 ......
.
.
.
15 ....
رُدَّ عليها واحدة واحدة قبل الانتقال إلى ما بعدَها ....
لكن، إن استخدمتَ الأسلوب الإنشائي: فقرة واحدة ... فمهما كان فيها من حقائق، سينتقي الطرف الآخر عبارة (منفعلة) أو (كلمة غامضة) ... الخ أو على أحسن حال، سينتقي أضعَف تلك الشبهات ويرد عليها كأنها هي كل ردودك.
وتجده هو الذي قادَ الحوار إلى ما يريد ..
وفي المحاوَرَة مع الخصم قاعدة ضرورية ـ ولها شواهدها من قصص الأنبياء ـ وقد أتقنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حواراته وهي بحسب التعبير الحديث:
((مَن يَضَعُ قواعد اللعبة، يفوز))
إنَّ وضعكَ لنقاط محددة، يجعل الجمهور المحايد الموضوعي يقف بجانبك، وهي دليل ثقتك، وتجعل حِفظَ ردودك أيسر ...
المسلم حين يسلك هذا السبيل: يكون النصر حليفه ـ بإذن الله ـ ..
وانظر المناظرات التي نقلها لنا الحبيب: سمير قدوري
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4401
وهذا ما تبيَّن لي من عدة محاورات مع أهل الملل الأخرى حيث كنت أرفض الانتقال من محور إلى آخر قبل أن يرد الطرف الآخر على كل نقاط ردي على شبهته، أو التسليم لها.
- في الختام: موضوع الرد على الشبهات حول القرآن الكريم، غدا (مع الإعجاز العلمي) أحد أهم الأسباب في سرعة انتشار الإسلام في أوساط المثقفين في كل أنحاء العالم في زماننا.
والحديث عن الأدلة العلمية على ذلك، سيأتي قريباً بإذن الله تعالى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[30 Dec 2005, 04:19 م]ـ
وهذا مثال تطبيقي على فائدة الترتيب المنظم في الرد على شبهة كهذه
تجدها هنا في منتدى الجامع للرد على النصارى
http://www.algame3.com/vb/showthread.php?t=359
حيث رد أحد الإخوة على نصراني بالشبهة ذاتها (المصحف المنسوب لابن مسعود رضي الله عنه)
بالطريقة المنصوح بها ذاتها ...
مما جعلَ النصراني يعترف بالهزيمة.
والله أكبر ولله الحمد
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[01 Jan 2006, 03:59 م]ـ
جزى الله خيرا الشيخ أحمد البريدي على جوابه الشافي وبارك الله فيك يا أخي عبدالرحيم على هذا الطرح.
لكن هناك بعض الأمور التي ذكرها الأخ عبدالرحيم فأحببت أن أعلق عليها
- تقول يا أخي الكريم "وكثير منا يعلم أشخاصاً ارتدوا عن الإسلام لقراءته شبهة من منصر أو ملحد في أحد المنتديات، دون ان يجد عليها رداً شافياً من خاصة المسلمين وعامتهم " فأقول لك: العيب ليس في طلبة العلم ولا في العلماء ولكن العيب في الشخص الذي دخل لمناظرة النصارى أو الملحدين أو قرأ لهم فأوقعوا شبهة في قلبه فانتكس ولعياذ بالله.
أخي الحبيب مشكلتنا هنا في الغرب ليست في قلة الحجة بل إنه مع البحث أو سؤال المتخصصين تجد أن هذه الشبهة قد رد عليهاعلماء هذه الأمة في زمن بعيد أو في زماننا هذا. المشكلة في هذا الذي لا يحفظ من القرآن إلا اليسير ولم يتفقه في الدين ويذهب لمناظرة النصارى أو يجادلهم في المنتديات! هذا هو الواقع! ولا تقل لي أن الخطأ في الدعاة بل هناك ولله الحمد في كل الأقطار دورات شرعية وحلق علم لكن الهمم ضعيفة والنفوس مريضة والله المستعان.
وحتى أضرب لك مثالا واقعيا لماذا ليس من أولويات العمل الإسلامي الرد على الشبه بل نشر العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة (وهذا رأي الخاص)! لو دخلت مسجدا هنا و كتب الله لك أن تصلي بالناس فقرأت بورش أو قالون أو غيرها من القراءات المتواترة لبدأ الناس بالفتح على الإمام ولظنوا أن هذا جاهل ضعيف الحفظ. وهذا مثال للضرب لا للحصر؛ يبين أن مازال هناك جهلا كبير عند عامة الناس بأمور الدين و كما لا يخفى عليك أيها الحبيب و في هذا الزمن الذي قل فيه العلماء ليس من المعقول أن يترك عالما أو طالبا للعلم دعوته ويذهب للرد على شبهات وضلالات الغاوين.
الأمر الثاني هو في منهج المناظرات والرد الشبهات وما يجني المرء من وراءه، كل عاقل يعلم أن الشبهات لا تنتهي، وصدق المتنبي الشاعر عندما قال:
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً * لأصبح الصخرُ مثقال بدينار
أقصد بكلامي هذا أنه كثيرا منا، وبحسن نية نعين الطرف الآخر لتحقيق مآربه فتجد ضالا تكلم في شبهة من الشبه ولم يكن قد اكترث إليه أحد من الناس فعندما يبدأ أهل العلم بالرد عليه وبيان ضلاله و بدون أن يشعروا بذلك أثاروا انتباه الناس إليه وأعطوا لمثل هذا النكرة وزنا لا يستحقه.
كما أن أسلوب مناظرة الآخر غالبا لا يثمر بفائدة تذكر وحتى لو ظهر بطلان حجتهم فقليلا ما يعترف الطرف الآخر بهزيمته بل يقلب الهزيمة نصرا وأبعد منه أن يعلن بعد المناظرة إسلامه ومن القصص الواقعية أن ناظر بعض الإخوة الطيبين طالبا بولنديا حول عقيدة التثليت عندهم وبعد ساعات من الأخد والرد و بعد أن بهت الذي كفر قال"لا أدري هذا الذي تقولون ولكن هناك أمور في الدين يجب أن نؤمن بها كما جاءت"
هذا ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه
دمتم لمحبكم في الله
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[01 Jan 2006, 07:39 م]ـ
أيها الإخوة فهل أجاب أحد عن الشق الباقي لماذا تعيبون علينا تعدد أناجيلنا؟
أقول للنصراني ولماذا تعددت أناجيلكم وهل هي شيء تركه لكم عيسى أم لفقه لكم أكابركم في حين غفلة منكم؟
لا يستطيع نصراني على وجه الأرض أن يثبت بالحجج القاطعة:
1 - أن هذه الأناجيل أمر عيسى بتدوينها أو أملاها.
2 - ولا يستطيع أحد منهم أن يثيت أنها كتبها تلاميذ عيسى؟
فإن قال قائل ّإن لدينا إنجيل متى وإنجيل يوحنا وهما تلميذان شاهدا المسيح؟
قلنا له وما دليلك على أن الإنجيلين المذكورين كتبهما متى ويوحنا, ومن قال لك أن المسيح له تلميذان اسم أحدهما متى واسم الأخر يوحنا؟
فلن تجد مصدرا سوى أناجيلك تلك تحدثت عنهما.
فحينها أقول ما لم تثبت لي صحة اّلأناجيل فلا تستشهد بها على وجود شخص يسمى متى وشخص يسمى يوحنا؟
3 - فإذا عجزت عن تثبيت ما نسبته للتلميذين وعجزت عن إثبات وجود عين التلميذين فأنت عن إثبات صحة إنجيل مرقس وإنجيل لوقا أعجز وهما باعترافكم لم يريا المسيح.
فلنا كل الحق في إنكار جملة أناجيلكم.
ونحن سنرد على أي دعوى تدلون بها في جواب ما سألناكم عنه.
فلا تتطاولوا معشر النصارى على القرآن المنقول إلينا مباشرة من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأحرى بكم النظر في المصيبة التي أصابتكم في أناجيلكم التي لاتستطيعون إثبات صلتها لا بتلاميذ المسيح ولا بتلاميذ التلاميذ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[02 Jan 2006, 06:28 م]ـ
أوافق أخي أمين نورشريف
في عدم جدوى الرد على كل شبهة يطرحها كل شخص ...
وهذا مُجرَّب ..
فليس المقصود هنا:
أن يرد (كل) مسلم على (كل) شبهة.
بل المقصود أن يكون عملنا في هذا المنتدى كعمل الأصوليين مع الفقهاء.
أي: نقوم بدور علم أصول الفقه الذي ينبني عليه الفقه ..
يقوم سادتنا أهل العلم بوضع ضوابط وأسس تقوم عليها الردود على الشبهات، ونحن (نقيس) الأشباه بنظائرها.
فإن وعيت الرد على شبهة مصحف ابن مسعود رضي الله عنه، سيكون من اليسير عليك الرد على شبهة (الحفد والخلع): مصحف أبَيٍّ رضي الله عنه.
وإن تمكَّنتَ من الرد على شبهة أن ورقة مصدر الوحي، لن تكون لشبهة أن مصدره بحيرا الراهب قوة .. وهكذا
=======
كما أنه فرقٌ بين الانتصار للقرآن الكريم والدفاع عن صورته الحقيقية، وبيان إعجازه ..
وعلم مقارنة الأديان الذي له دَور آخر .. وظروف تختلف عما نناقشه هنا.
أدنى المطلوب هنا:
الرد على الشبهات والطعون الرئيسة والجديدة في دستورهم ومصدر شريعتهم .. تلك الشبهات التي لها أثر سلبي جداً في نفوس كثير من عوام المسلمين، وليس الآن مجال التفصيل ضرب الأمثلة عليه.
فقط باختصار شديد .. ما حدث يوم أمس (الأحد) مع أحد الأجانب المعجبين جداً بالإسلام ـ أظنه أسلمَ اليوم إن صدق ـ وهو من الزوار الدائمين لموقع الإعجاز العلمي، اتصل بي معتاباً: كيف تقولون إن ولادة المسيح من أم عذراء قصة أسطورية؟!
قلت له من أخبرك؟
فأحالني على موقع للملحدين!!
وعندما دخلت أنا وهو معاً إلى مواقع الرد على النصارى والملحدين .. فلم نجد الإجابة.
قال لي: أين الإجابة عن تلك الشبهة؟!
قلت له: يكفي أن من قال ذلك ليس مسلماً بإقراره، واعتمد على تكذيب القرآن لتأكيد فريته .. الخ
المهم:
لو كان عندنا ((خزانة)) نضع فيها الردود على الشبهات،، واضحة العنوان، تجمع بين سهولة الفهم والإبهار في الإقناع .. مخرَّجة الآيات والأحاديث، مدعَّمة بأقوال أهل العلم ووقائع التاريخ الصحيح ...
ومتى احتاج أحد الدعاة إلى الجواب العلمي الموضوعي، بعيداً عن المهاترات و (الشخصنة) السِّمَة الغالبة لمواقع الرد على المخالفين .. لسدَّ ذلك ثغرة كبرى.
فهذا زمان (القص واللصق)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Jun 2008, 03:12 م]ـ
لو كان عندنا ((خزانة)) نضع فيها الردود على الشبهات،، واضحة العنوان، تجمع بين سهولة الفهم والإبهار في الإقناع .. مخرَّجة الآيات والأحاديث، مدعَّمة بأقوال أهل العلم ووقائع التاريخ الصحيح ...
ومتى احتاج أحد الدعاة إلى الجواب العلمي الموضوعي، بعيداً عن المهاترات و (الشخصنة) السِّمَة الغالبة لمواقع الرد على المخالفين .. لسدَّ ذلك ثغرة كبرى. هل من تفعيل لهذا الاقتراح.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[16 Jun 2008, 05:00 م]ـ
هذا الأمر من الضروري الانتباه إليه عند إنجاز أي موسوعة للقرآن الكريم وعلومه.
جزاكم الله خيرا على التذكير بهذا الموضوع الذي لم أنتبه إليه في المنتدى.
وبالسنبة إلى الخلاف في الاهتمام بالرد على الشبهات، أرى أن أي شبهة من الشبه يجب أن أخذ حظها من الاهتمام مهما كان حجمها. ولا شك أن الإجابة عن الشبهات لا تتطلب بالضرورة أن يكون الرد بأسلوب واحد، لأن المجيب يلزمه تكييف إجابته حسب حاجة السائل ومستواه العلمي وكفاية الاستدلال الذي يرفع الشبهة عنه، بخلاف الرد العلمي والمؤصل الذي لا يجيب سائلا بعينه، وإنما يعرض كافة جوانب الشبهة حتى لا يدع منها شيئا. وهذا النوع من الردود هو الذي يحتاج إليه في أي عمل موسوعي.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[18 Jun 2008, 07:29 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ردود رائعة وممتعة ....
وحشتنا يا د. عبد الرحيم؟ إنت فين؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[10 Sep 2008, 03:27 م]ـ
وفقك الله
كم لدينا من طاقات نووية ما شاء الله كأمثال عبدالرحيم ولكن ... آه(/)
دور الاختراعات العلمية في تقريب الحقائق الغيبية ومنها (الوحي)
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[09 Jul 2005, 05:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
دور الاختراعات العلمية في تقريب الحقائق الغيبية (ومنها الوحي)
لقد أثار بعض الجاحدين والمشككين حديثاً وقديماً الشبهة تلو الشبهة على الدين ككل، وخصوا عدداً من الغيبيات بهذه الشُّبه، معتقدين أن دفاع المسلمين عن عقيدتهم ومسلماتها عندهم سوف يتوقف عند هذا الحدِّ ويحارون في الجواب، أو على الأقل لا يستطيعون جواباً، لا سيما وهم يناظرون إما جاحدين بالدين ككل لا تقنعهم النصوص، أو ماديين لابد لهم ولمن قبلهم من الجاحدين من أدلة ملموسة، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن تتقدم العلوم وتكثر الاختراعات بما يقرِّب هذه الأمور التي كانت تظهر قبل سنوات ليست بالكثيرة على أنها أمور غير عادية ولا بد لإثباتها من معجزة أو ما شابه.
ولسوف أتعرض لأمرين أبين من خلالهما كيف أنهما ساعدا كثيراً على فهم هذه الغيبيات، والأمر الأول هو مسألة البعث، وإعادة الأجسام بعد موتها ودفنها، ولقد خاض في هذا الموضوع من خاض وأنكره كثيرون وفي مقدمتهم مشركو العرب، ثم في هذا الزمان الملاحدة واللادينيين، وكانت شبهتهم تتمثل في: كيف يرجع من يموت؟ وبعد أن يصير عظاماً ورفاتاً هل يمكن أن يُبعث مرة أخرى؟
وحقيقة أن اختراع التلفاز، والفيديو قد سهل علينا الأمر كثيراً إذ إننا نلاحظ أن الإنسان بمعرفته البسيطة، وعلمه القاصر استطاع أن يخترع لنا آلة يمكننا من خلالها مشاهدة أقوال وحركات وخطب لأناس قد ماتوا منذ زمن وصاروا عظاماً ورفاتاً، وتحللوا إلى تراب، والسؤال هو: إذا استطاع الإنسان بمحدودية علمه، وقصور معرفته أن يخترع لنا ما يرينا الأموات وهم يتكلمون ويتحركون، أيُعجز الله تعالى أن يعيدهم كما كانوا وهو الذي خلقهم أول مرة؟؟ حتماً كلا.
أما الأمر الآخر وهو يتعلق بالوحي، ومسألة الوحي أُثيرت حولها الشبهات الكثيرة، وتميزت بتكلفات من قبل البعض في رد هذه الشبهات مما أضعف بعض الردود، وكان من الشبه التي أُثيرت: كيف يتكلم محمد مع شيء لا يسمعه غيره، مع أنه نزل عليه بين المجموعة، إن هذا لشيء عجاب؟؟
والحقيقة أن ما شهده العقد الأخير من ظهور الهاتف المتنقل، وكيف أن المرء يتكلم بين الجمع مع غائب عنهم ولا يرونه، ولا يسمعه إلا هو، ومع ذلك لا ينكر عليه أحدٌ ذلك، أليس في هذا تقريباً للوحي، فإن العلم بهذا الاختراع وجه صفعة قوية لهؤلاء المشككين وجعلهم أمام خيار إنكار هذا الاختراع إذا أنكروا الوحي، إذ لا فرق بين كلام هذا الشخص أو ذاك مع غائب لايسمعه غيره، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم لغائب عن الجميع ولا يسمعه غيره ويطلب منهم أن يؤمنوا به، وأننا نستطيع أن نستشهد بهذه الأمور من خلال تدريسنا لهذه الموضوعات،وفي مناقشاتنا مع المنكرين، والله الموفق.
ـ[خلوصي]ــــــــ[30 Jun 2010, 10:19 م]ـ
للرفع تنبيهاً على أن الأستاذ النورسي قد سلك هذا المسلك كذلك ...
و للبحث كذلك عن أ. لطفي الزغير http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif
نعم! فإن الرفع بهذه النيات فضلاً عن التنبيه على مزيد فائدة قد يفتح باباً من أبواب التواصل و الرد .. رد من غاب و نسي من كان بينهم ذات يوم يأنس بهم و يأنسون به!
و لتقصي أطراف موسوعة القصص.(/)
الكشف عن تحريف صهيوني متعمد لترجمات معاني القرآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jul 2005, 11:15 م]ـ
لم يكتف اليهود الصهاينة بتمزيق نسخ من المصحف الشريف في سجن مجدو الإسرائيلي، تأسياً بما فعله المجرمون الأمريكان من تدنيس للقرآن في معتقل جوانتانامو الأمريكي، فذهبوا لأبعد من ذلك من خلال التحريف المتعمد لترجمات معاني القرآن الكريم إلى العبرية.
فقد كشف الدكتور محمد أحمد حسين -أستاذ اللغة العبرية في (جامعة الملك سعود) في الرياض- "تحريف مقصود" في عدد من ترجمات معاني القرآن من العربية إلى العبرية، والتي قام بها مستشرقون يهود إلى جانب رسائل مضمنة في الترجمات عينها، تحمل عدائية واضحة تجاه الإسلام والمسلمين وللنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على وجه الخصوص.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن الأكاديمي السعودي أن نسخة عبرية جديدة من المصحف الشريف صدرت على يد مستشرق إسرائيلي في مطلع العام الجاري، متسائلاً عن جدوى ودوافع إصدار هذه الترجمة طالما أن هناك 4 ترجمات عبرية سابقة؛ 3 منها مطبوعة ومتداولة، والآخر (مخطوط) وغير متداول.
وبين أستاذ اللغة العبرية في جامعة الملك سعود "إن الترجمة الحديثة تمت على يد أوري روبين -الأستاذ في (جامعة تل أبيب) - وهو باحث متخصص في اللغة العربية والقرآن الكريم والتفسير والسيرة النبوية والحديث الشريف، مشيراً إلى أن الترجمة استغرقت خمس سنوات قبل أن تدرج ضمن سلسلة كتب ودراسات متخصصة في علوم الأديان، تهتم بنشر الترجمات العبرية لعدد من الكتب العربية إلى العبرية، تتبناها دار نشر جامعة تل أبيب، ويشرف عليها الدكتور / أفيعاد كلينبرج -المستشرق والمؤرخ والمتخصص في علوم الأديان–.
ويشير الدكتور حسين إلى إن "المترجم أفصح عن محاولته في بناء النص القرآني المترجم بواسطة شروحات وملاحظات في الحواشي، مع تساؤل يتصدر مقدمة الترجمة -التي تقع في 616 صفحة- بـ: (ماذا يقول القرآن؟)، يعقبه استطراد للمترجم نصه: "إنه سؤال لا يوجه فقط للمتخصصين في علوم القرآن .. بل سؤال له تداعيات اجتماعية وسياسية وثقافية عميقة .. فهذا السؤال يتعلق بالحياة والموت غالباً".
وعلى الرغم من الترجمة التي يبدو أنها لم تحمل أي فكر عدائي، إلا أن الدكتور يتساءل عن جدواها وضرورتها؟ معرباً عن استيائه لما حصل في الترجمات السابقة للقرآن من المغالطات، ويؤكد أن بعض المترجمين قد عبثوا بالنصوص القرآنية مستغلين الخصائص اللغوية لها، ويلمح إلى أن التحريفات المقصودة يتبين الهدف من ورائها، إذ تخدم فكراً دينياً معادياً، ويضيف "إن صعوبة نقل الخصائص البلاغية للقرآن شكلت عائقاً أمام المترجمين، نتج عنه تحريفات أخرى غير مقصودة، وهو ما يعرف بـ (علم المعاني)، ويتضمن: الإطناب التقديم – التأخير – الحذف – البيان – الاستفهام – التشبيه – الاستعارة – الكناية - علم البديع – الطباق – المبالغة – النظم - الفواصل والتكرار".
على صعيد آخر طالب (مجلس الفتوى الأعلى) في فلسطين اليوم الاثنين 11 يوليو المواطنين الفلسطينيين بمتابعة وملاحقة نسخة من القرآن الكريم تحتوي على أخطاء مطبعية صادرة عن "مطبعة السحار للطباعة" في القاهرة.
وأوضح المجلس في بيان أصدره "إن النسخة المذكورة تحتوى على تغيير في بعض الأحرف؛ مما سبب تغييراً في معنى الكلمات في عدد من آيات القرآن الكريم، ويظهر ذلك جلياً في الآية رقم: 113 من سورة (الأعراف)، والآية رقم: 42 من سورة (يوسف)، والآية رقم: 8 من سورة (الحج) ".
وحث المجلس كل من يحصل على هذه النسخة بإتلافها بالطرق الصحيحة، أو تسليمها إلى دور الفتوى أو إلى دوائر الأوقاف في المحافظات، كما طالب أصحاب المطابع والمكتبات في فلسطين بعدم التعامل مع هذه النسخة، والانتباه إلى المصاحف المطبوعة الأخرى.
المصدر: الإسلام اليوم ( http://www.islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=44382)(/)
من ضوابط الإعجاز العلمي ... للعلامة عبدالله بن بيه
ـ[المجدد الوسطي]ــــــــ[22 Jul 2005, 11:56 ص]ـ
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من لا برهان له على رب سواه: (ومن يدع مع الله إلهاً ءاخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه)، وشهادة من قامت أمامه وفي نفسه البراهين على ألوهيته خلقاً بديعاً متضامناً مجاله الكون وشواهده السمع والبصر والإدراك وعلامات وآيات مع رسله يدركها الشهود والعقل والوجدان. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم الأنبياء صاحب معراج السماء الدال على البارئ. جل وعلا، بحاله ومقاله.
وأشهد أنك يا رب إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وخطيئة وضلال مبين. إياك نعبد بمنِّك وإياك نستعين بفضلك؛ لتحقق هذه الشهادة المباركة في عالم العقل والوجدان والحس. فحققنا بها وثبتنا عليها حتى نلقاك بها، وندعوك بلسان الضراعة الذي لا يعبر عنه إلا ضعفنا وعجزنا وقدرتك وإحاطتك بكل شيء أن تحققنا بمقتضيات لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيماناً وإحساناً واستسلاماً لأمرك ونهيك ومقاماً على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
أما بعد،
فإن الإعجاز العلمي اصطلاح حديث قصد به ما تكشفه العلوم الحديثة من حقائق في هذا العصر بالذات لم يكن في مقدور البشرية من قبل أن تصل إليها، وتأتي هذه الحقائق مطابقة لخبر وارد في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة.
أيها الأخوة:
سنتذاكر اليوم حول آيات ربنا المكتوبة وآياته المبثوثة في هذا الكون المدركة للإنسان بالحواس أو العقل أو عن طريق الاثنين معاً. عن طريق العلم.
لا يخفى على كريم علمكم أن هذا الدين المبارك الذي ختم البارئ. جل وعلى. به الديانات واجه كثيراً من التحديات فتغلب على صعابها وبين باطلها من صوابها. واجه هذا الدين تحدي إبادة أهله واستئصال شأفتهم وهو ناشئ عن تحدي الاستفزاز من الأرض قال تعالى: (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً) الإسراء 76
نعم كان ذلك في مكة، لم يلبث خلافه الذين استفزوه من أرض مكة إلا خمسة عشر شهراً خرجوا بعدها في أثره فهلكوا ببدر، يقول في التحرير والتنوير: (وفي الآية إيماء إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم. سيخرج من مكة وأن مخرجيه أي المتسببين في خروجه لا يلبثون بعده بمكة إلا قليلاُ)
لكن محاولة محو هذا الدين من الأرض كانت تراود نفوس أعدائه إلا أن الله سبحانه وتعالى قيّض لهذا الدين أتباعاً أمدّهم بعونه وقوته حتى هيأوا في أقل من قرن حيزاً جغرافياً من جدار الصين إلى جبال البرني يكفل وإلى الأبد بقاء هذا الدين.
التحدي الثاني: كان تحدي الديانات السماوية وغير السماوية فجادلها هذا الدين بالحسنى وبالحجة البالغة والبرهان الساطع توحيداً لا شرك فيه، وتشريعاً لا حيف فيه ومساواة كاملة بين أبنائه فانحسر التثليث أمام دليل الوحدانية، وكذب الأحبار أمام نور النبوة وعدالة الوحي. بعد أن أسلم منهم من هداه الله تعالى في عصر النبوة وما بعده ظلت أجيال منهم تصارع بالسلاح تارة وباللسان أخرى فانتدب للرد عليهم علماء وأعلام من أمثال ابن حزم وابن تيمية والشهرستاني.
التحدي الثالث: الفلسفات وبخاصة اليونانية التي سبق أن أفسدت النصرانية بثنائيتها وإلحادها فواجهها علماء هذا الدين بالعقل المؤيد بالوحي فكشفوا زيفها ونقضوا كيفها فبرز علماء أيضاً كأبي حامد الغزالي وابن تيمية وابن رشد على اختلاف فيما بينهم إلا أنهم جميعاً استضاءوا بنور الوحي فوقفوا سداً منيعاً دون الأخطاء القاتلة للفلسفة وأدمجوا عناصرها الإيجابية وأخذوا وأعطوا، ولذا فإن الفلاسفة المتنورين في الغرب قد أفادوا من فلاسفة الإسلام وظهر دين الحق على كل من ناوأه بالحجة والبرهان لا بالسيف والسنان على حد عبارة أبي بكر بن العربي الأندلسي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا القرن المنصرم واجهت الديانات وبخاصة الإسلام. وما زالت تحدي العلم الذي أصبح معبود الأجيال الصاعدة التي شكت في العقل مرة أخرى واطّرحت الأخلاق وانتبذت منها مكاناً قصياً فكيف تعود إلى عقلها وتعاود الأخلاق الفاضلة التي هي صمام أمان إنسانية الإنسان الذي لا نشك في أنه إذا تجرد من إنسانيته مع ما لديه من سلاح علم وتكنولوجيا سيصبح حيواناً خطراً يقضي على نفسه.
لقد كانت آيات الله تعالى بالمرصاد لكل تحدٍ بمختلف أوجهها ومجالاتها في التشريع والتوجيه والأخلاق لكن الآيات خرجت من عباءة العلم شواهد نطق بها العلم أنطقه الله تعالى الذي أنطق كل شيء بتصديق الوحي والشهادة له فانقلب السحر على الساحر.
وهكذا تضاعف غم الذين كانوا يعولون على العلم كأداة هدم لا تقهر لقلعة الدين عندما شاهدوه يتحول إلى قلعة من قلاع الدين لا تغلب حينما اكتشف العلم نفسه في نصوص الكتاب والسنة.
وتتابعت اعترافات بعض قمم العلم في هذا العصر بأن النصوص الدينية الإسلامية ليست كغيرها من النصوص الدينية التي تدخل فيها يد الإنسان بالتحريف والتبديل فعارضت العلم واعترض عليها لكنه لم يستطع أن يفند أي حرف من القرآن الكريم كما يجزم به الطبيب الفرنسي موريس بوكاي بعبارة قريبة من هذا، بينما أظهر في كتابه تعارض العلم والكتب السماوية الأخرى. ونعتقد أن ذلك نتيجة التحريف والتبديل لأن القرآن وحده وحي الله المحفوظ الشاهد لنفسه والبرهان على صدق رسوله الخاتم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. العلم يقوم اليوم شاهداً بالمعجزة وعلامة على صدق الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وسنحاول أن نقول كلمة عن تأصيل الإعجاز العلمي وقبل ذلك ينبغي أن نتحدث عن الألفاظ والمصطلحات ذات العلاقة بالإعجاز: المعجزة، والدليل، والعلامة، والآية.
فالمعجزة مشتقة من العجز وهو عجز الخصم أمام البرهان ليقر بالقضية الدعوى (وسميت معجزة لعجز من يقع عندهم ذلك على معارضتها) تلك عبارة ابن حجر.
وقد عرّفها بعضهم بأنها: (أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم من المعارضة)
أما الدليل: فقد استعمل جمعه دلائل وهو جمع على غير قياس كرهين ورصيد، وقد استعمله البعض كأبي نعيم والبيهقي في دلائل النبوة.
أما الآية: فهو اللفظ القرآني وهو يرادف العلامة لغة واستعمالاً لأنه علامة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعواه قال تعالى عن سيدنا موسى. صلى الله عليه وسلم. (في تسع ءاياتٍ إلى فرعون وقومه). (فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرة) وقال تعالى عن البيت الحرام: (فيه ءايات بينات مقام إبراهيم) وهي علامات تدل على اصطفاء هذا المكان للعبادة مقام إبراهيم وبئر زمزم الذي لا يزال ماؤه جارياً. ووصف القرآن الكريم بأنه آيات: (الر* تلك ءايات الكتاب وقرءان مبين)
أما العلامة فقد أطلقها بعضهم كالإمام البخاري في صحيحه: (باب علامات النبوة في الإسلام) (الفتح، ج6، ص 580) وعلق عليه الحافظ ابن حجر بأن العلامة أعم من المعجزة والكرامة ص 581. وقد بين فيما بعد العلامات: منها (ما وقع التحدي به ومنها ما وقع دالا على صدقه من غير سبق تحدٍ) ص 582 فيفهم من هذا أن العلامة أعم إذ كل معجزة علامة وليس كل علامة معجزة.
وقال الحافظ: عن المعجزة أخص (أي من العلامة) لأنه يشترط فيها أن يتحدى النبي _صلى الله عليه وسلم _ من يكذبه، إلى أن يقول: ويشترط أن يكون المتحدي به مما يعجز عنه البشر في العادة المستمرة. (فتح الباري ج2، ص 581).
جعل ابن خلدون المعجزة مركبة من الخارق والتحدي إذ يقول في مقدمة تاريخ العبر: (ومن علاماتهم (الأنبياء) أيضاً وقوع الخوارق لهم شاهدة بصدقهم وهي أفعال يعجز البشر عن مثله فسميت بذلك معجزة وليست من جنس مقدور العباد وإنما تقع في غير محل قدرتهم .. إلى أن يقول: فالمعجزة دالة بمجموع الخارق والتحدي وبذلك كان التحدي جزءاً منها).
.................................................. ...............
www.binbayyah.net
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Jul 2005, 04:43 م]ـ
شكر الله لك أخي المجدد هذا النقل، ويظهر أنه لا زال في الحديث بقية، لكن أحب أن ألفت النظر إلى موضوع متعلق بالمعجزة، فأقول:
أولاً: المعجزة نوعان:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: معجزة نسبية، وهذه التي تكون بمقدور البشر، ويتفاوتون فيها، فما يكون معجزًا بالنسبة لعامة الناس لا يكون معجزًا بالنسبة لخاصتهم، ومن هذا فنون السحرة وغيره مما لا يدخل في مقدور كل الناس، لذا لا يقال: إن الأكل معجزة، ولا الشرب معجزة، لكن لو شرب ما لا يُعتاد عليه كأن شرب السُّمَّ ولم يؤثر فيه، قيل: هذا أمر فيه إعجاز؛ لأنه ليس كل واحد من البشر يستطيع ذلك.
الثاني: معجزة كلية، وهي التي لا يقدر عليها جميع الخلق ولو اجتمعوا، وهذه معجزات الأنبياء الكبرى الدالة على صدقهم، وصدق ما جاءوا به من عند الله.
ثانيًا: إن الخروج عن مصطلح القرآن والسنة لآية النبي بمسمى المعجزة قد جعل المصطلحِين يذهبون إلى تحديدات وتقييدات كثيرة قد لا تتناسب مع آيات الأنبياء، وهذا ظاهر جدًّا عند من يقرأ في تاريخ المعجزة عند المتكلمين ومن تبعهم.
ثالثًا: إن اشتراط التحدي في المعجزة غير متلائم مع طبيعة معجزات الأنبياء، وفي ذلك نظر من واقع معجزاتهم، منه:
1 ـ أنه لم يرد وقوع التحدي في معجزات الأنبياء سوى التحدي بالقرآن، فمَن مِن الأنبياء تحدى قومه بأن يأتوا بمثل معجزته؟!
2 ـ أن للنبي صلى الله عليه وسلم معجزات كثيرة، منها ما كان بين المشركين؛ كانشقاق القمر، ومنها ما كان بين المؤمنين، ومناه ما ظهر له منفردًا، وأخبر عنه، ولم يرد في أي شيء منها أنه قُرِنَ بالتحدي البتة.
ومن هنا فإن شرط التحدي في المعجزة قد قصرها على آية واحدة من آيات الأنبياء عليهم السلام، وهي التحدي بالقرآن دون غيره من معجزاتهم، أو معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: إن المصطلحات لا تغير الحقائق، لذا فتقسيم الخارق للعادة إلى إرهاصات ومعجزات وكرامات لا يغيِّر من كونها كلها معجزة، فالمصطلحات لا تؤثر في الحقائق وتغيرها.
ويظهر أن مما دعا إلى ذلك اشتراط التحدي، بحيث جُعلت بعض المعجزات التي تظهر على يد النبي أو الولي كرامات؛ لأنها لا يقع بها التحدي.
وهذا التقسيم أثر عن اشتراطٍ فيه نظر، فيبطل التقسيم من هذه الجهة، والله أعلم.
فإن قلت: ألا تلتبس الخوارق التي تظهر على يد غير النبي عليه السلام بالخوارق التي تظهر على يده؟
فالجواب:
لا، لأن صدق النبي لا يُعلم من جهة المعجزات فحسب، بل يعلم من أحواله وأقواله وأفعاله، فكلها تدل على صدقه، ودليل ذلك حادث أبي سفيان مع هرقل لما سأله عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه صدَّق بنبوته دون أن يكون ظهر له معجزة من معجزاته، وإنما كان إيمانه به بسبب ما يعرفه من أحوال الأنبياء وصدقهم.
وكل من اتبع النبي عليه السلام فأجرى الله على يده خارق عادةٍ فإنه لا يمكن أن يدعي به النبوة، ولم يقع هذا البتة؛ لأنه لو ادَّعى ذلك لكشف الله كذبه.
ثم إن خوارق العادات التي تظهر على أيدي أتباع الأنبياء لا يمكن أن تكون أعظم من آيات الأنبياء، وإن شابهت بعضها ببعض الأحوال، وهذا يُعلم باستقراء خوارق العادات التي ظهرت على أيدي أتباع الأنبياء عليهم السلام.
وأخيرًا، فإن مفهوم المعجزة قد التبس به الحق بالباطل، وظهرت فيه أقاويل مخالفة للحق، ولعل الله ييسر أن يُكتب فيها من خلال آيات الأنبياء وآيات نبينا صلوات الله وسلامه عليهم دون التأثر بتقعيدات المتكلمين الذين نحو بالمعجزات إلى مناحي مختلفة، والأمر في قضية المعجزة يطول، والله الموفق.
ـ[المجدد الوسطي]ــــــــ[22 Jul 2005, 05:35 م]ـ
هذا الكلام الذي ذكرته حسن فضيلة الدكتور ولعل الله ييسر ان يوضع بين يدي العلامة حفظه الله ليطلع عليه وياتيك خبره وفقك الله لكل خير
اخوك المجدد
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[23 Jul 2005, 12:52 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ووصف الله تعالى إتيان النبي الأمي – عليه صلوات الله وسلامه – بالقرآن بأنه آية (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون * بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم). ووصف اعتراف أهل الكتاب بالقرآن الكريم بناء على م وجدوه في كتبهم من وصفه بكونه آية (أولم يكن لهم ءايةً أن تعلمه علماؤا بني إسراءيل * ولو نزلناه على بعض الأعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنون) الشعراء 197 - 199. وهكذا فإن القرآن آيات بينات والقرآن الكريم هو معجزة النبي –عليه الصلاة والسلام – الكبرى الباقية ما بقي الزمان شاهداً لأهل كل زمان يشهدون منها ما يدفعهم إلى الإيمان حسب ما سبق في علمه –جل وعلى- من هدايتهم على حد قوله –صلى الله عليه وسلم -: (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة) رواه البخاري ومسلم. وكان الحديث يشير إلى الديمومة الزمنية للوحي التي تستقطب الأتباع وهي التي تميز القرآن الكريم عن سائر معجزات الأنبياء، وكذلك عن معجزاته –صلى الله عليه وسلم – الكثيرة الأخرى، إذ إن تلك المعجزات ثابتة بالمشاهدة لمن شهد وقوع الحدث في عصر النبوة وبالسماع فقط لمن سواهم، فطريق معرفتنا لشق الصدر لسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وشق القمر له هو الخبر الوارد في الكتاب أو السنة فهي معجزات انقضت مشاهدتها بلحظة وقوعها، قال البوصيري: (فشق من صدره وشق له البدر ومن شرط كل شرط جزء). أما القرآن الكريم فإنه يحمل شهادة الله – جل وعلى – التي لا تغيب، وبيانه الذي لا يستعجم لكل الأقوام، فهو بلاغ للناس (هذا بلاغ للناس) أي كل الناس في كل زمان يبلغ إليه هذا الكتاب (وأوحي إلى هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ) فكان القرآن رسالة وشهيداً، مقدمة ونتيجة، ودعوى وبرهاناً تكفل البارئ بحفظه برهاناً على صدقه، فالدلائل والعلامات والآيات والمعجزات ألفاظ متقاربة توصف بها الخصائص المميزة لشجرة النبوة التي لا تشبهها شجرات البشرية. لقد شبه الناظرون وهم يشاهدون تلك الدوحة الناضرة السامقة الأثيثة الفروع، الجنية الثمار، الدانية القطوف، فطفقوا يصفون سناها وسناءها ونورها ونورها كل على قدر علمه وجده وحظه رأى من جوانب هذه الشجرة؛ فآمن بعضهم بمجرد مشهد شخص صاحب النبوة فكفاه المظهر عن المخبر، ففي حديث عبد الله بن سلام: (لما رأيت وجه النبي – صلى الله عليه وسلم – قلت: ما هذا بوجه كذاب، فأسلمت) وفي حديث الربيع بنت معوذ-رضي الله عنهما: (إذا رأيته قلت الشمس طالعة) ومنهم من جاوز المنظر إلى التأمل كحديث سلمان -رضي الله عنه - وبعضهم طالب صاحب النبوة –عليه الصلاة والسلام- بالمعجزات المادية كطلب قريش بانشقاق القمر فانشق نصفين ظهر بينهما جبل حراء كما ورد في الصحيح، ومنهم من طالب بإحياء حيوان ميت ليشهد له كصاحب سليم في حديث صاحب الضب فأحياه الله على يديه فشهد شهادة الحق. ومن هذا القبيل شهادة الأشجار والأحجار وحنين الجذع بمحضر الملأ من الصحابة، وتكثير القليل من الطعام والماء كما ورد في أحاديث بلغت حد التواتر، ومنهم من رأى المعجزة في الإخبار عن الغيوب في زمانه وبعده، وهي أنباء تترى لا تبليها الأيام ولا يكذبها الزمان ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. ومن أهل الكتاب من آمن بسبب البشارات السابقة في الرسالات القديمة إذ لم يخل كتاب من وصفه بالإشارة أو بصريح حتى إن كتب الهندوس والبوذيين تنص على اسمه الكريم. ومنهم من رأى المعجزة فيما أخبر عنه من تزكية النفوس التي يصل إليها المرء بالذوق عندما يستجيب لله والرسول – صلى الله عليه وسلم – ومن هؤلاء أبو حامد الغزالي بعد أن تحدث عن معرفة النبي – صلى الله عليه وسلم -. بالمشاهدة والتواتر والتسامع، قائلاً: (فإنك إذا عرفت الطلب والفقه يمكنك أن تعرف الفقهاء والأطباء بمشاهدة أحوالهم وسماع أقوالهم وإن لم تشاهدهم .. ) فكذلك إذا فهمت معنى النبوة فأكثرت النظر في القرآن والأخبار يحصل لك العلم الضروري بكونه – صلى الله عليه وسلم – على أعلى درجات النبوة، وأعضد ذلك بتجربة ما قاله في العبادات وتأثيرها في تصفية القلوب وكيف صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم -،
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله: (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) إلى غير ذلك من الآيات البينات والمعجزات. إلا أنه لا يختلف في أن معجزته الباقية وآيته الخالدة هي هذا الكتاب العزيز والذكر الحكيم والقرآن المجيد فهو المعجزة التي تخاطب أجيال البشرية المتعاقبة لتهديها إلى البارئ – جل وعلى – وإلى سبيل النجاة والخلود في دار المقامة والكرامة ولتعريف الإنسان على حكمة خلقه. وانطلاقاً من ذلك فإن كل جيل سيجد في كتاب الله من البينات ما يقيم عليه الحجة (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة) ومعنى ذلك أن باب التفسير سيظل مفتوحاً أمام الأجيال في نطاق احترام ثوابت التفسير وهي: 1 - المأثور عن النبي –صلى الله عليه وسلم. 2 - المأثور عن أصحابه – عليهم رضوان الله. 3 - مقتضيات اللغة العربية. التي سنشير إليها فيما بعد. فإذا احترمت هذه الثوابت فلا حرج – إن شاء الله – على المفسر ولعله لا يدخل تحت طائلة الوعيد في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي عنه – عليه الصلاة والسلام: (من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ). وقول الصديق - رضي الله عنه - وقد سئل عن الأب فقال: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأي؟) فكل الأدلة تشير إلى أن شخصاً قد يفتح له بفهم في كتاب الله لم يكن معروفاً لغيره وهذا ما يشير إليه دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – لابن عباس: (اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل)، واتفق العلماء على أنه تأويل القرآن، وقول أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه وأرضاه – لما قال له أبو حنيفة: هل عندكم شيء من الوحي ليس في كتاب الله؟ فقال: (لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن). فهذا الفهم هو الذي نعتمد عليه في تعاملنا مع القرآن بالعلوم، وقد قال الفخر الرازي: (إن المتقدمين إذا ذكروا وجهاً في تفسير الآية فذلك لا يمنع المتأخرين من استنباط وجه آخر في تفسيرها) هذا في التفسير بما لم يؤثر عن السلف بصفة خاصة، أما فيما يتعلق بالتفسير العلمي فقد اختلفت أنظار العلماء، ولعل أقرب ذلك إلى الصواب وأولاه بالإتباع ما قاله في التحرير والتنوير حيث يقول ابن عاشور: ( .. وإن بعض مسائل العلوم قد تكون أشد تعلقاً بتفسير أي قرآن … .. وكذا قوله تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج) فإن القصد منه الاعتبار بالحالة المشاهدة فلو زاد المفسر ففصل تلك الحالة وبين أسرارها وعللها بما هو مبين علم الهيئة كان قد زاد للمقصد خدمة. وأما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم حيث يمكن الجمع، وأما على وجه الاسترواح من الآية كما يؤخذ من قوله تعالى: (ويوم نسير الجبال) أن فناء الأرض بالزلازل، ومن قوله تعالى: (إذا الشمس كورت) .. الآية أن نظام الجاذبية يختل عند فناء العالم) واستطرد ابن عاشور حيث نقل عن ابن رشد الحفيد في فصل المقال قوله: (أجمع المسلمون على أن ليس يجب أن تحمل ألفاظ الشارع كلها على ظاهرها ولا أن تخرج كلها عن ظاهرها بالتأويل، والسبب في ورود الشرع بظاهر وباطن هو اختلاف نظر الناس وتباين قرائحهم في التصديق. هذا عن التفسير العلمي، وإنما مرادنا هو نوع خاص منه هو التقاء الحقيقة القرآنية وهو ما أشار إليه ابن عاشور في الفقرة الثانية من الكلام المذكور آنفاً من التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم أما الإعجاز العلمي: فهو إعجاز خبري بدون شك ولكن وسيلة كشفه هي العلوم المعاصرة ومعنى ذلك أن مستقر النبأ يجئ عن طريق العلوم العصرية (لكل نبأٍ مستقر) مستقره يوم اكتشافه وهو أمر لا ينافي نصوص الشريعة ولا مقاصدها. والإعجاز العلمي مركب من لفظين أولهما: الإعجاز وهو السبق والفوت، وهو أيضاً جعل الآخر عاجزاً، وثانيهما: العلم وهو كما يقول الأصفهاني: (إدراك الشيء على حقيقته وذلك ضربان، أحدهما: إدراك ذات الشيء والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود به، أو نفي شيء هو منفي عنه). والعلم هنا المراد به ما كشفته العلوم التجريبية من حقائق كونية بحقائق مقررة في القرآن الكريم أو السنة النبوية، ووجه الإعجاز يتركب من ثلاثة عناصر: عنصر الزمان، والرسول الأمي – صلى الله عليه وسلم – والكشف
(يُتْبَعُ)
(/)
العلمي المتأخر، وذلك أنه يستحيل عادة في ذلك الزمان أي زمان الوحي إدراك هذه الحقيقة بالوسائل البشرية المتاحة، ويستحيل في كل زمان أن يدركها رجل أمي – صلى الله عليه وسلم – لم يتعاط وسائل العلوم ومقدماتها الضرورية في كل زمان للوصول إلى نتائج معينة. أما العنصر الثالث فهو الاكتشاف المتأخر لهذه الحقيقة. ولكن يجب أن يضبط ذلك بضوابط من شأنها أن تحدد الإطار الشرعي للتعامل مع هذا الموضوع حتى لا تتفرق السبل ويتنكب عن الجادة ويصبح موضوع الإعجاز فوضى لا توصف بالخطأ الاجتهادي، بل يجب أن توصم بالخطر الذي يصل إلى الافتراء والقول في كتاب الله بلا علم والوقوع تحت طائلة الوعيد: (من قال في كتاب الله بغير علم فهو مخطئ ولو كان مصيباً) -الضابط الأول: أن يكون معنى اللفظ الوارد في الكتاب والسنة والذي يقصد مطابقته للحقيقة العلمية مفسراً بتفسير نبوي عنه – عليه الصلاة والسلام – أو مفسراً من قبل صحابي كتفسير ابن عباس – رضي الله عنه – (للرتق) في قوله تعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً) بكونها ملتصقتين فقد قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة: يعني أنها كانت شيئاً واحداً ملتزقتين) القرطبي. -والكيفية التي كان عليها الجسم المرتوق قبل الفتق غير معروفة على سبيل التأكيد، إلا أن بعض قصص التراث تروي شيئاً قد لا يكون بعيداُ عما تصوره القائلون بنظرية الانفجار الكبير التي ترى أن جسيما متناهيا في الصغر من الطاقة الخالصة ذا كثافة وحرارة هائلة انفجرت فتناثرت أجزاؤه في شتى الاتجاهات في شكل سحب) وقد عاد العلماء إلى هذه النظرية استناداً إلى معلومات القمر الصناعي أمريكي في أبريل 1992 م، أما القصة التي ذكرها العلامة الشيخ سيدي المختار الكنتي الشنقيطي من علماء القرن 12 الهجري في شرحه لمقصود وممدود ابن مالك، فنقول: إن أول شيء خلقه الله تعالى الذرة فجعلت تسيح ألف ألف عام حيث لا أرض ولا سماء .. فلما أراد ظهور الأكوان نظر إليها بعين الجلال فتصدعت فانبجست منها العناصر الخمسة وهي الماء والريح والنور والظلمة والنار). الضابط الثاني: في غياب تفسير نبوي أو تفسير صحابي؛ فالضابط أن يكون التفسير بمقتضيات اللغة العربية بأن يكون إطلاق اللفظ على المعنى من قبيل الحقيقة (وهي استعمال اللفظ فيما وضعت له العرب وضعاً) ويتصور ذلك في مرتبتين: مرتبة (المفسر) عند الأحناف وهو النص عند الجمهور لأنه لفظ لا يدل على معنى واحد لا يقبل التأويل. مرتبة الظاهر: لفظ احتمل أكثر من معنى إلا أنه أظهر في أحد معانيه أن يكون اللفظ حقيقة عرفية أو شرعية. إذا لم يكن اللفظ نصاً ولا ظاهراً حقيقة بأي معنى من المعاني فإن عدل عن الحقيقة إلى المجاز وعن الظاهر إلى المعنى المرجوح فإن الأمر سيكون من قبيل التأويل الذي يجب أن ينضبط بضوابط التأويل التي تقتضي وجود قرينة من نص آخر أو قياس مع احتمال اللفظ للمعنى المرجوح احتمالاً لغوياً لا غبار عليه، وقد تكون الحقيقة العلمية إذا كانت أكيدة فـ (خضراً) في قوله تعالى: (فأخرجنا منه خضراً) هو الشيء الأخضر هذا ظاهره إلا أنه حمله على اليخضور بالمصطلح العلمي أمر سهل لاحتمال اللفظ احتمالاً لا غبار عليه وتأكيد الحقيقة العلمية. إلا أن الشيء الذي يجب الانتباه إليه أن التفسير العلمي قد يكون موافقاً للحقيقة الوضعية لكنه يقابل مجازاً درج المفسرون عليه مما يقتضي من الباحث التقصي عن عدم وجود تفسير نبوي ولا صحابي، فإن اطمأن إلى ذلك أمكن حمل اللفظ على حقيقته والوضعية وبالتالي الالتقاء بين الحقيقة العلمية والحقيقة القرآنية كما في آية: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) إذا صحت الحقيقة التي وصل العالمان الأمريكيان فولر وزميله في الحديد. فيكون الإنزال على حقيقته يوضح ذلك حديث: (إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الحديد والنار والماء والملح) عن القرطبي في تفسيره. وقد فسر أكثر المفسرين (الإنزال) بأنه استعارة لخلق معدن الحديد كما هي عبارة صاحب التحرير والتنوير. هذه هي الضوابط التي يجب على كل باحث أن يضعها في حسابه وهو يحاول أن يتعامل مع الإعجاز العلمي في القرآن. ومع هذا فلا حجر في التعامل مع الإشارات القرآنية والحديثية بشرط عدم الإخلال بالنص وعدم الخروج عليه فمن القواعد المقررة عند الأصوليين أن الإشارة لا يعتد بها إذا خالفت النص، والحقيقة أن مخالفتها للنص دليل على عدم وجود إشارة. كما يمكن للباحثين أن يجعلوا بحوثهم تدور حول بعض القضايا العامة في خلق الكون كقانون الزوجية الذي تكرر التصريح به في أكثر من آية في الإنسان والأنعام: (جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) سورة الشورى –11 - كذلك فإن الزوجية وردت في النبات: (وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) سورة ق – 7. إلا أن الزوجية جاءت في صيغة العموم والشمول في خلق الكون: (والسماء بنيناها بأييدٍ وإنا لموسعون*والأرض فرشناها فنعم الماهدون* ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون*ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين*ولا تجعلوا مع الله إلهاً ءاخر إني لكم منه نذير مبين) الذاريات 47 –50 إن الزوجية من خصائص المخلوقات ودليل الاحتياج والافتقار، والوحدانية والفردانية من خصوصيات الخالق وذلك ما يشير إليه التقابل في سورة الشورى والذاريات
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المجدد الوسطي]ــــــــ[23 Jul 2005, 02:11 م]ـ
الله يكتب لك الاجر اخي عبدالله الا تحرق علي الموضوع
طبعا انت تعرف اني امزح معاك اسال الله ان يبارك فيك وانما كنت افضل نشره منجما ومرتبا بشكل افضل حتى يتمكن السادة الاعضاء من قراءته والخير فيما اختاره الله
محبكم
المجدد
.................................................. ..
http://www.binbayyah.net
ـ[خلوصي]ــــــــ[30 Jun 2010, 10:14 م]ـ
للرفع ..
و للبحث عن المجدد الوسطي http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif لنأنس به و بأخبار العلامة ابن بيّه ...(/)
الرد على د. عبد الصبور شاهين .. الزيف الاشتقاقي .. ونظرية دارون .. والقران الكريم
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[24 Jul 2005, 07:58 م]ـ
أرجو من المشرف عدم نقل الموضوع إلى الملقى المفتوح
بل أرجوه أن يقرأ بحثي هذا كاملا ليعرف مدى صلته القوية بالقران الكريم وتفسيره
هذا البحث هو جزء من كتابي:
غزو معاقل الداروينية
ونسف نظرية التطور
تأليف
أبو صلاح الدين
كافة حقوق التأليف والطبع والنشر والتوزيع محفوظة؛ فلقد سارعت بتسجيل البحث وتوثيقه؛ لأني قد تعرضت من قبل لـ ((سرقة)) بعض أبحاثي, وأنقذتني رحمة الله تعالى وعنايته. ويحق لكل أحد أن ينشر هذا الجزء على الشبكة بشرط ذكر المصدر والإحالة على هذا الموقع الكريم
حول د. عبد الصبور شاهين
وقع د. عبد الصبور شاهين فيما يسمى بـ"الزيف الاشتقاقي" – وقد نبه على ذلك مشكورا د. حمزة بن قبلان المزيني في مقال له بإحدى الجرائد السعودية, أسهب فيه وأفاد وأجاد, وقد استفدت منه كثيرا .. وأضفت إليه الكثير هنا كما سترى أخي القارئ بعون الله. ولي عليه بعض المؤاخذات والملاحظات ليس هذا محل ذكرها- في كتابه أبي آدم: قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة. القاهرة: مكتبة الشباب، 1998, فقد وقع – تجاوز الله عن زلاته- في مغالطات كثيرة .. , وإليك التفصيل:
**النقطة الأولى: تمييزه بين كلمتي "البشر" و"الإنسان". افترض أن كلمة "بشر" تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها الإنسان قبل استصفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها "بشر". فالبشر: "تسمية لذلك المخلوق الذي أبدعه الله من الطين". فبين (البشر والإنسان) عموما وخصوصا مطلقا، فـ (البشر) لفظ عام في كل مخلوق ظهر على سطح الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة، و (الإنسان) لفظ خاص بكل من كان من البشر مكلفا بمعرفة الله وعبادته، فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا.
الرد: كلمة "بشر" مرادف لكلمة "إنسان" بشكل لا لبس فيه, انظر مثلا المعجم الوسيط ومعجم ألفاظ القران الصادرين عن مجمع اللغة العربية. وهذا معلوم من اللغة بالضرورة, ولا حاجة للتوسع فيه أو استقصائه عند كل من كان له قلب.
ولقد نسي أو تناسى د. شاهين الآية: ?إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون? (آل عمران:59) , فهذا يؤكد أن آدم - وهو يطلق عليه "إنسان" باعتراف د. شاهين- خلقه الله خلقا مباشرا من طين (تراب). والآية: ?خَلَقَ الإنسانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ? (الرحمن: 14) , وهي صريحة كل الصراحة في نقض ودحض شبهات د. عبد الصبور شاهين.
وكلمة "بشر" في القرآن الكريم استعملت في المعاني التالية:
أ- بمعنى رجل: ومن الشواهد على هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى:
"قالت رب أنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر" (آل عمران، 47) , وهو المعنى الذي نجده في الآيات:
1ـ"وقلن حاشا لله ما هذا بشرا" (يوسف31)
2ـ"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلِّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين" (النحل103)
3ـ "فتمثل لها بشرا سويا" (مريم17)
4ـ"قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر" (مريم، 20)
5ـ"فكلي واشربي وقَرِّي عينا، فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" (مريم26). لاحظ أخي القارئ كلمتي "البشر" و "إنسيا". والدكتور شاهين لم يورد هذه الآية في الكتاب كله. وهو ما يدعو إلى التساؤل عن سر عدم إيراده لها: أتراه يجهلها؛ أم أنه نسي الإشارة إليها؛ أم أنه لم ير فيها شيئا جديدا يضاف إلى ما ورد في الآيات التي أوردها؟ أتراه تعمَّد عدم ذكرها لأنه يعرف أنها أوضح دليل ينقض فرضيته بدليل إيراده الآية 79 من سورة آل عمران غير كاملة، فقد أوردها على الصورة التالية: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة" (ص69 من كتابه). وربما بدا للقارئ غير المتمعن أن معنى هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى ينفي أن يكون "البشر" أهلا لتلقي "الكتاب والحكم والنبوة"، أي "التكليف"، بمصطلح الدكتور شاهين. وهو ما يتماشى مع فرضية الدكتور شاهين التي تقضي بأن "البشر" نوع بدائي قديم لم يؤهله الله لتلقي الكتاب ولم يؤته الحكم ولا النبوة التي اختص بها الإنسان الذي يمثل نوعا متطورا جاء بعد "البشر" بآجال طويلة، وصار "مكلفا
(يُتْبَعُ)
(/)
بالتوحيد والعبودية". أما هذه الآية بتمامها فهي: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلِّمون الكتابَ وبما كنتم تدرسون".
والواضح أن معنى هذه الآية ينصرف إلى الأنبياء على وجه الخصوص، بل أجزم أن المقصود فيها على وجه التحديد هو عيسى عليه السلام؛ بدليل سياق الآية, وهو ما يعني أنها موجهة لمن يدخل في جنس "الإنسان"، بتعريف الدكتور شاهين.
بل إن كلمة " بشر" لا يمكن أن تفهم في بعض الآيات إلا على أنها تدل على "الرجل". وذلك في مثل الآية التي ذكرتها هنا والآية (20) في سورة مريم: "قالت أَنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر" (مريم، 20). فمن الواضح أن مريم عليها السلام تستغرب، في هاتين الآيتين، أن تلد غلاما من غير أن يمسها رجل؛ إذ لا يمكن أن تخاف من أن تمسها امرأة في هذا السياق. يضاف إلى ذلك أن هاتين الآيتين تصوران حدثا وقع في زمن يدخل فيما يطلق عليه الدكتور شاهين "زمن التكليف"؛ أي أنه وقع في طور "الإنسان"، لا طور "البشر"، إذا استعملنا مصطلحات المؤلف. فاستخدام كلمة "بشر" في هاتين الآيتين ينفي المعاني التي يراها الدكتور شاهين لهذه الكلمة؛ وهي بذلك دليل ضد فرضيته في هذا الكتاب التي تحصر مفهوم كلمة "بشر" على الطور الذي سبق الإنسان المكلف. كما أن الآيات الكريمة الأخرى تدل دلالة أكيدة على أن المقصود إنما هو الإنسان الذَّكر، أي الرجل.
لقد تناقض شاهين مع نفسه من حيث لا يدري, فتناقض في تفسيره لكلمة البشر, فقال: (البشر) لفظ عام في كل مخلوق أبدعه الله من طين ظهر على سطح الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة. وقال في مكان آخر: كلمة "بشر" تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها الإنسان قبل اصطفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها بشر. والبشر عند عبد الصبور " ليس أهلا لتلقي الكتاب والحكم والنبوة "، أي ليس أهلا للـ"التكليف" بمصطلح الدكتور شاهين. فهو يقضي بأن "البشر" نوع بدائي قديم لم يؤهله الله لتلقي الكتاب ولم يؤته الحكم ولا النبوة التي اختص بها الإنسان. أقول: فلتحدد موقفك يا دكتور, هل البشر هو كل مخلوق من طين (وهذا التعريف يشمل كل من يطلق عليه إنسان في عرف الدكتور)؟! أم هو من ليس أهلا للتكليف (وهذا يخرج كل من يطلق عليه إنسان في عرفه المزعوم أيضا). إن لفظ "البشر" يرد في مجال التكليف كقوله تعالى: "وما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر31) , "نذيرا للبشر" (المدثر36). فهذا يدل على أن البشر "يُنذَرون" و"يُذكَّرون". وهو مما يدل على اكتمال مؤهلاتهم العقلية واللغوية أيضا، وأنهم وصلوا إلى مرحلة التكليف التي تدل على مستوى "الإنسان" في اعتقاد الدكتور. لذلك فإن تمييزه بين الكلمتين باطل عاطل لا معنى له.
ويزداد التناقض بقوله: بين (البشر والإنسان) عموما وخصوصا, فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا. أقول: يا دكتور, كيف يكون كل إنسان بشر, والبشر ليس أهلا للتكليف على حد قولك .. ؟!! فنحن عندما نقول كل شيء كذا, فهذا "الشيء" يجب أن يكون شاملا لكل مواصفات ومقومات الـ "كذا ". هذا مثل قولنا: كل رسول نبي, وليس كل نبي رسول. فكل رسول فيه كل مواصفات ومقومات النبي, ويزيد عليه بأشياء أخرى .. , فتأمل منصفا.
ب_ بمعنى "نبي" أو "أنبياء": حيث تأتي كلمة "بشر" كذلك في سياق الحديث عن الأنبياء عليهم السلام؛ وذلك في وصف الله سبحانه وتعالى للأنبياء بأنهم من جنس الإنسان. كما تأتي في وصف الأنبياء لأنفسهم بأنهم من بني الإنسان وإنما فُضِّلوا على غيرهم بالاختصاص بالرسالة. وتأتي كذلك في الدلالة على استنكار أقوام الأنبياء أن يرسل الله تعالى رجالا منهم أنبياء. وقد حدث كل ذلك في الفترة التي يمكن أن يسميها الدكتور شاهين بفترة طور "الإنسان". وذلك كما في قوله تعالى: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" (آل عمران 79). وهذا هو المعنى الذي نجده كذلك في الآيات:
(يُتْبَعُ)
(/)
1ـ"وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" (الأنعام91). فموسى هنا من جنس البشر.
2ـ "قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين" (إبراهيم 10)
3ـ"قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون" (إبراهيم11)
4ـ"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بربه أحدا " (الكهف110)
5ـ"لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم لا تبصرون" (الأنبياء3)
6ـ"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون" (الأنبياء34)
7 ـ"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين" (المؤمنون24)
8ـ"ولو أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون" (المؤمنون 34)
9ـ"ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين" (الشعراء154)
10ـ"وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين" (الشعراء186)
11ـ"قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما انزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون" (يس15)
12ـ"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين" (فصلت6)
13ـ"وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌّ حكيم" (الشورى51)
14ـ"ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" (التغابن6)
15ـ"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين" (هود27)
16ـ"أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" (الإسراء 93)
17ـ"وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا" (الإسراء94)
18ـ"ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون" (المؤمنون34)
19ـ"فقالوا أنؤمن لبشريْن مثلنا وقومهما لنا عابدين" (المؤمنون 47)
20ـ"فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر" (القمر24)
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[24 Jul 2005, 08:00 م]ـ
ج- وتأتي كلمة "البشر" في الدلالة على آدم؛ أو على عموم أفراد بني الإنسان، فيما يتصل بالخلق:
كما في قوله تعالى:"وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر28). وهو المعنى الذي في الآيات:
1ـ"قال لم أكن أسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر33)
2ـ"إذ قال ربك إني خالق بشرا من طين" (ص71)
3ـ"وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا " (الفرقان54)
4ـ "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون" (الروم20)
د- وتأتي في الدلالة على بني الإنسان عموما، فيما لا يتصل بالخلق: كما في قوله تعالى: "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير" (المائدة18). وهو المعنى في الآيات:
1ـ"إن هذا إلا قول البشر" (المدثر25)
2ـ"وما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر31)
3ـ"نذيرا للبشر" (المدثر36)
ومن الواضح أن كلمة "بشر"، منكَّرة ومعرَّفة، في هذه الآيات إنما تنصرف إما إلى "الرجل" أو إلى أفراد من جنس الإنسان في الطور الذي يمكن أن يسميه الدكتور شاهين بطور التكليف.
هذه الكلمة في بعض الآيات لا تدل إلا على "الإنسان" في الفترة التاريخية لبني الإنسان. ومن أوضح الآيات دلالة في هذا المعنى الآية التي وردت في سورة مريم، وهي قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
"فكلي واشربي وقَرِّي عيْنا، فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" (مريم26).
وكما هو واضح في هذه الآية فإن مريم عليها السلام تستطيع رؤية "البشر"، وهو ما يعني أنهم الذين كانوا يعيشون في تلك الفترة التاريخية. ثم إنه لما لم يكن لكلمة "البشر" مفرد من لفظها فقد استعمل القرآن الكريم وصفا من المادة اللغوية التي جاء منها لفظ "الإنسان" وهو "إنسي". وما دام أن كلمة "إنسي" استخدمت وصفا لـ"البشر" فإن هذا يدل دلالة أكيدة على أن "البشر" مرادف لـ"الإنسان"، وأن فرضية المؤلف التي تقوم على التمييز بينهما في الدلالة لا تصح.
ويدعي د. عبد الصبور شاهين أن الإنسان " تطور" عن البشر. أقول: يا دكتور, إن لفظ "الإنسان" ورد في حديث القرآن عن قصة الخلق مسبوقا وملحوقا بالكلمات نفسها التي وردت مع اللفظ "بشر". وذلك في مثل قوله تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر26) , "وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر28).
**النقطة الثانية: تفسيره لكلمة "سلالة" في قوله تعالى "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين" [المؤمنون12]. ويعني هذا أنه يفسر كلمة "سلالة" هنا لتدل على أن المعنى في هذه الآية أن الإنسان جاء من سلسلة آباء خلقوا من طين، " وكأن الآية تدفع عن العقل احتمال إدماج العمليتين [خلق البشر وخلق الإنسان] في عملية واحدة، فالإنسان خلق من (سلالة) نسلت من (طين)، أي: إنه لم يخلق مباشرة من الطين، فأما ابن الطين مباشرة فهو (أول البشر)، وكان ذلك منذ ملايين السنين" (ص90 من كتابه) ويقول: " فخلق الإنسان (بدأ من طين)، أي: في شكل مشروع بشري، ثم استخرج الله منه نسلا (من سلالة من ماء مهين)، ثم كانت التسوية ونفخ الروح، فكان (الإنسان) هو الثمرة في نهاية المطاف عبر تلكم الأطوار التاريخية السحيقة العتيقة" (ص91 منه).
الرد:
أولا: تفسيره لكلمة "سلالة" يعتمد على تمييزه بين "البشر" و"الإنسان". وما دام أنه اتضح أن تمييزه بين الكلمتين باطل, فإن الدلالة التي يراها لكلمة "سلالة" باطلة.
ثانيا: السلالة في اللغة (انظر المعجم الوسيط, ومعجم ألفاظ القران) هي:
أ- ما استُل من الشيء وانتُزع. ويشهد لهذا قوله تعالى " ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ".
ب- خلاصة الشيء, كخلاصة الغذاء مثلا. ويشهد لهذا الآية السابقة أيضا.
وبهذا يتضح معنى الآية لكل ذي لب منصف باحث عن الحق والحقيقة .. , وهو: " ولقد خلقنا الإنسان من خلاصة من الطين". ومن كابر وعاند وقال بقول الدكتور, فيلزمه أن يقول بهذا في الآية سابقة الذكر, وهذا قول لا يقول به مجنون, وما لزم منه باطل فهو باطل .. فتأمل منصفا ولا تشطط.
**النقطة الثالثة: دلالة حروف العطف: يقول في تفسير قوله تعالى "ولقد خلقناكم ثم صورناكم" (الأعراف11): "وهما مرحلتان في عمر البشرية، لعلهما استغرقتا بضعة ملايين من السنين. . . ومع ملاحظة استعمال الأداة (ثم) التي تفيد التراخي بين الأمرين" (ص86 من كتابه). ويقول عند الكلام على قوله تعالى: "وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه", يقول: "والأداة (ثم) للترتيب مع التراخي، وكأن استعمالها في هذا السياق ترجمة لمفهوم الزمان المتطاول الذي عبر عنه الظرف (إذا)، في مقابل استخدام الفاء أو الواو في ربط أجزاء أخرى من الآيات، تعبيرا عن التعقيب أو مطلق الجمع". (ص105ـ106 من كتابه).
الرد:
أولا: كلامه يعتمد على تفريقه بين لفظي البشر والإنسان, وفد أبطلنا ذلك من قبل والحمد لله. فما بني على باطل فهو باطل, وهذا يكفي في رد كلامه من أساسه.
ثانيا: إننا حين نتأمل الحالات التي يرد فيها حرف العطف "ثم" في القرآن الكريم نجد أنه ورد في التعبير عن الفترات القصيرة نحو مدة الحمل, مثل " ثم " في قوله تعالى ?وَاللهُ خَلَقَكُم مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً? (فاطر: 11). ومثل "الفاء" في قوله تعالى: "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركَّبك" (الانفطار 6ـ8). وغير ذلك الكثير والكثير من الآيات, ولا داعي لاستقصائها لكل من تأمل وأنصف.
أما بالنسبة لقوله تعالى "خلقناكم ثم صورناكم" .. فخلقناكم معناها: أوجدناكم وأبدعناكم من لا شيء, وعلى غير مثال سابق. وصورناكم معناها: جعلنا لكم صورا مجسمة. (انظر معجم ألفاظ القران). والفعل (جعل) في اللغة من (أفعال التحويل) كما هو معلوم عند المبتدئين, وهذا ينطبق على ما نحن فيه تمام الانطباق .. فإن الإنسان في أول أمره خلق من تراب, ثم عجن بالماء فصار طينا, ثم مكث حتى صار حمأ مسنونا, ثم يبس هذا الحمأ المتغير الرائحة حتى صار صلصالا (أي: يظهر صوتا إذا نقر عليه) .. , فأصبح الإنسان جسدا وصورة مجسمة. فـ "خلقناكم ثم صورناكم" ورد في التعبير عن المراحل والفترات القصيرة التي مر بها خلق الإنسان من التراب إلى الصلصال ونفخ الروح. والمقصود بالآية آدم عليه السلام, ويؤكد ذلك سياقها " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا .. خلقتني من نار وخلقته من طين". ولاثبات أن المقصود بخلقته من طين هو آدم .. انظر كلامي في فصل (الحجج الدامغة من القران).
انتهى المراد, والحمد لله أولا واخرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 Jul 2005, 12:45 ص]ـ
هذه بعض الإضافات الى الموضوع الذي أثاره الاستاذ أبو صلاح الدين لعل فيها ما ينفع:
رأي الدكتور عبد الصبور في امتداد السلسلة الآدمية إلى ما قبل آدم عليه السلام رأي باطل لا يتابع عليه ... استنادا إلى نصوص شرعية كثيرة ليس مكانها هنا .... ولو لم يكن في نظرية الشيخ عبد الصبور إلا تلبسها بالرجم بالغيب لكفاها لتطوى فلا تروى.
لكن التفرقة بين "البشر" و"الإنسان"من وجهة نظر بيانية لها تبرير قوي. إلا ان الدكتور عفا الله عنه نقل المقتضى البياني وحاول أن يبني عليه مقتضى علميا فكانت الانتكاسة ...
في سنة 1969 نشرت الدكتورة عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطيء دراسة سمتها "مقال في الإنسان: دراسة قرآنية"نشرتها دار المعارف بالقاهرة. وأعادت نشرها ضمن كتابها" القرآن وقضايا الإنسان"من منشورات دار العلم للملايين تحت يدي منها الطبعة الخامسة 1982.
وقد سطرت الكاتبة في أول مقالها هذه الجملة:
الإنسان في القرآن الكريم ,غير البشر.
فهل اطلع الدكتور على هذه الدراسة فأوحت له بالفكرة التي ستختمر بذهنه بعد سنوات ... ؟
لكن شتان بين المنهجين.
فبينا سارت المرأة على نحو استقرائي دقيق متلمسة الوجوه الصحيحة للغة ومستندة إلى ذوقها البلاغي المشهود .. إذ سار الرجل يتلمس الافتراضات ويحاول جاهدا أن ينصر فكرة مبيتة عنده ... وقد علم كل أناس أن شعار "اعتقد ثم استدل"من فعل الهوى وحده.
قالت:
(فاستقراء مواضع ورود "بشر"في القرآن كله ,يؤذن بأن البشرية فيه هي هذه الآدمية المادية التي تأكل الطعام وتمشي في الأسواق. وفيها يلتقي بنو آدم جميعا على وجه المماثلة التي هي أتم المشابهة. وبهذه الدلالة ورد لفظ "بشر " اسم جنس في خمسة وثلاثين موضعا من القرآن الكريم. منها خمسة وعشرون موضعا في بشرية الرسل والأنبياء. مع النص على المماثلة فيما هو من ظواهر البشرية وأعراضها المادية بينهم وبين سائر البشر.)
ثم مضت تستعرض شواهدها من سورة الأنبياء وأبراهيم وهود والكهف وغيرها. وكلها ناطقة بأن البشرية هي القاسم المشترك بين الآدميين ... ورفض الناس لرسالة المرسلين مبنية على هذا الأصل: أنتم بشر مثلنا فكيف أصبحتم أنبياء ورسلا. وعندما يحاول الكفار تعجيز رسلهم بطلبات متعنتة يخاطبهم رسلهم بهذه المثلية البشرية: "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا".
لكن البشرية عند الكاتبة جزء من الآدمية ...
أما الكاتب فقد استهواه عكس القضية: فزعم أن الآدمية جزء من البشرية. فأثار عليه الزوابع.
ومضت بنت الشاطيء في تحليلها المعجمي الرصين فقررت بعد ذلك أن "الإنسان في القرآن الكريم غير الناس."
لا حاجة الى الإشارة أنها لا تقصد الاختلاف" في الوجود ".بل الاختلاف في "البيان".فالقرآن يستعمل "الناس " في سياقات مخصوصة لا يمكن أن يستعمل مكانها "إنسان".وقد أحصت في النص القرآني نحو مائتين وأربعين مرة بدلالة واضحة على اسم الجنس لهذه السلالة الآدمية أو هذا النوع من الكائنات في عمومه المطلق. ومنه نداءات القرآن:"ياأيها الناس .... "
و"الناس" بيانيا غير "الإنس"أيضا.فملحوظ في مادة "أ. ن.س"الدلالة على نقيض التوحش ومن ثم يقابل "الانس" دائما "الجن" بملحظ الاستئناس والألفة والظهور في الأول والتوحش والاستتار والخفاء في الثاني.
بقي "الانسان".ما دلالة الإنسان؟
تصل الباحثة بمنهجها الاستقرائي الصارم الى أن "الإنسان" هو مناط التكليف. فليس ملحوظا فيه العنصر الترابي والجسمي كما في كلمة بشر .... ولا السلالة والتناسل كما في كلمة"الناس" ولا الاستئناس والاجتماع والمدنية كما في "الإنس".الملحوظ فيه هو تحمل المسؤولية والتكليف بالأمانة وما يترتب على ذلك من ثواب وعقاب ومن فوز وخسارة. وبعبارة أخرى لفظ "الإنسان "أدخل في مجال الأخلاق.
وهكذا يتكلم القرآن الكريم عن "الانسان الذي يطغى"و "الإنسان ما أكفره" والانسان الذي خلق من نطفة أمشاج لكن بغاية الابتلاء. والانسان الخصيم والانسان الضعيف وغيرها من الصفات النفسية و الخلقية والعقلية.
الخلاصة:
(يُتْبَعُ)
(/)
التفرقة بين الآدمية والبشرية والإنسانية أو بين البشر والناس والإنسان تفرقة معجمية بيانية صحيحة يشهد لها خصوصيات الاستعمال القرآني. لكن تلمس فرضيات وجودية خلف هذه الواجهة البيانية مجازفة خطيرة كان الدكتور عبد الصبور شاهين -حفظه الله- في غنى عنها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2005, 11:52 ص]ـ
أخي الكريم أبا صلاح الدين وفقه الله
اراك أكثرت علينا من (الردود) و (نسف) أقوال الباحثين الذين عرفوا بعلمهم ومصداقيتهم مثل الأستاذ الدكتور عبدالصبور شاهين. وحتى يكون الكلام مقبولاً لا بد من نقل كلام الدكتور عبدالصبور كاملاً دون تلخيص أو استنباط منكم، حيث إنني أشك أن يفوت مثل هذا الأمر الجلي الواضح على مثله. ولا سيما أنه من أفضل وأعلم الباحثين المعاصرين، ومؤلفاته التي اطلعت عليها مثل (تاريخ القرآن) و دراسته الصوتية لقراءة أبي عمرو بن العلاء، وترجمته لعدد من أفضل الكتب مثل دستور الأخلاق لدراز، والظاهرة القرآنية لمالك بن نبي، وغيرها تدل على عمقه العلمي، ودقة نظره، كما إنه أشرف على عدد كبير من أفضل الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه مثل رسالة رسم المصحف للدكتور غانم الحمد، وغيرها. كل هذا دليل على أن للرجل تاريخ علمي مجيد يستحق الثناء والإشادة.
وبخصوص حقوق النشر لما أشرتم إليه أخي الكريم فلست أدري ماذا تعني بحقوق النشر وأنت تكتب باسم غير معروف - لدي أنا على الأقل - ولا يمكن حفظ حقوق لاسم مستعار غير مشهور، أضف إلى ذلك أنك أحلت في بداية حديثك لمقالة الدكتور حمزة المزيني دون تحديد المصدر بدقة حتى يتسنى لنا الرجوع لها وموازنة المنقول من غيره، والدكتور حمزة في مقالاته اللغوية كثير الاستقصاء، وهو كثير الاستفادة من كتابات لغوية أجنبية دون الإشارة أحياناً ولا سيما في مقالاته التي ينشرها في جريدة الرياض، وقد نشر بعضها مؤخراً في كتب مستقلة مثل كتابه (التحيز اللغوي).
ثم إن التفريق بين الإنسان والبشر من حيث اللغة صحيح فلكل منهما اشتقاق يختلف عن الآخر، ودلالة دقيقة مختلفة، وليسا مترادفين كما قلتَ، وهذه مسألة علمية مشهورة كما أشار إليها الأستاذ الكريم أبو عبدالمعز.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[30 Jul 2005, 06:05 م]ـ
أخي الفاضل:
لقد قلتُ: ((لا حاجة الى الإشارة أنها لا تقصد الاختلاف" في الوجود ".بل الاختلاف في "البيان" هذا كلام مهم جدا ودقيق.))
ونحن ولله الحمد ممن يعرف الفرق اللغوي بين الإنسان والبشر.
ولكن الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الصبور شاهين اختلط عليه الأمر .. فذهب لما قلته في مقالتي.
وإذا أردت التأكد من قوله هذا فاقرأ كتابه (أبي ادم) نشر مكتبة الشباب بالقاهرة.
ود. عبد الصبور من العلماء الكبار المرموقين, وأنا من أكثر الناس والحمد لله معرفة بذلك,
وهو (((أستاذ فاضل كريم, وزميل عزيز لأخوالي جميعا حيهم وميتهم. ونحن على صلة به متينة والحمد لله))).
وهذا لا يمنعني من الرد عليه وبيان خطئه, مع اعتراف الجميع بفضله وعلمه.
(((وأما من انا, فهذا مما أحتفظ به لنفسي, فهو حرية شخصية.)))
وأما بالنسبة لحقوق الطبع؛ فذلك حفظا لحقي في مؤلفاتي التي لم تنشر بعد؛ لأني قد تعرضت من قبل لـ ((سرقة)) بعض أبحاثي من شبكة الانترنت. وأنقذتني رحمة الله تعالى وعنايته. ويحق لكل أحد أن ينشر هذا الجزء على الشبكة بشرط ذكر المصدر والإحالة على هذا الموقع الكريم.
وإذا فعلها أحد, فسيجد ما يردعه على هذه الصفحة, وأنا أعرف كيف أحمي نفسي منه بالقانون.
وقولكم: ((اراك أكثرت علينا من (الردود) و (نسف) أقوال الباحثين)).
فأسأل: أين هذا الإكثار .. ؟؟!!
وقولكم: ((وهو كثير الاستفادة من كتابات لغوية أجنبية دون الإشارة أحياناً ولا سيما في مقالاته التي ينشرها في جريدة الرياض))
أقول: هذا لم يحدث في مقاله الذي استفدت منه, وإنما فعل ذلك في كلامه ودفاعه عن نظرية التطور الفاشلة.
والمقال مما نشر بجريدة الرياض بالفعل, وقد كنت سهوت عن ذلك.
ولقد ناظر العلامة المجتهد الجليل إمام مصر المنسي أد. محمد بلتاجي حسن بلتاجي, أستاذ الشريعة بدار العلوم, ناظر دز عبد الصبور حول كتابه أبي ادم, ورد عليه ردا علميا قويا, مما جعل العلامة الفاضل عبد الصبور لا ينطق بكلمة.
وكذلك فعل أستذنا الفاضل زغلول النجار مع أد. عبد الصبور.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[30 Jul 2005, 06:09 م]ـ
قولكم ((لا بد من نقل كلام الدكتور عبدالصبور كاملاً دون تلخيص أو استنباط منكم))
أنا لم الخص أو أستنبط, إنما هذا من فعل العجزة في البحث العلمي, وفعل المهوشين المقمشين.
وشكرا لاهتمامكم أخي الفاضل.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[30 Jul 2005, 06:18 م]ـ
وأقول:
لا فرق بين لفظتي "بشر" و " إنسان" (((من حيث اللغة, والمعنى اللغوي المعجمي .. انظر مثلا معاجم اللغة مثل الوسيط على الأقل)))
إنما الفارق بينهما في (((الاستعمال البياني القراني))) كما أوضحته الأستاذة الفاضلة بنت الشاطئ.
وهذا فرق مهم جدا أرجو أن تنتبه إليه أخي الفاضل الشهري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[30 Jul 2005, 07:50 م]ـ
أرجو ألا يتم حذف مشاركتكم وردي عليها, كما حدث مع أخ لكم (مشرف) من قبل, في أحد الموضوعات السابقة.
وأكرر قولي في أد. عبد الصبور شاهين: (((أستاذ فاضل كريم, وزميل عزيز لأخوالي جميعا حيهم وميتهم. ونحن على صلة به متينة والحمد لله))).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Jul 2005, 10:45 ص]ـ
أسأل الله للدكتور عبدالصبور شاهين التوفيق والسداد وأن يلهمنا وإياه الحق في القول والعمل.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[01 Aug 2005, 10:07 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت كتاب الدكتور عبدالصبور هذا
و لقد أعجبت فيه و أن لم أعتقد بصحة ما جاء فيه
و لا أدري - هل هكذا أعمال تندرج تحت مبدأ " الإجتهاد " أم لا؟؟؟
و لكن أيضا - قرأت لمحمد الشحرور - كلام مشابه لكلام الكدتور عبدالصبور مع بعض الإختلافات
و إن شاء الله - إن سمح لي الوقت
سأضع بعض التساؤلات و بعض الردود
جزاكم الله خيرا
/////////////////////////////////////////////////
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[03 Aug 2005, 06:56 م]ـ
لا شك أن ما صدر من العلامة د. عبد الصبور, هو اجتهاد منه, مأجور عليه إن شاء الله؛ لحسن نيته.
وأما المدعو ((محمد شحرور)) .. فهو علماني صرف, هداه الله إلى الصواب. وإنما ينطلق في أبحاثه من منطلق هدم الإسلام وتعاليمه.
ونحن في انتظار مشاركتكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Aug 2005, 11:13 م]ـ
الزيف الاشتقاقي"
"أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة"
تأليف: الدكتور عبد الصبور شاهين
مراجعة د. حمزة بن قبلان المزيني
يصف علماء اللسانيات تتبع تاريخ الكلمات ومحاولة اكتشاف أصولها والمعاني الأصلية القديمة لها بـ"الزيف الاشتقاقي". ويقوم هذا المنحى من البحث على محاولة الربط بين كلمة ما وبين معنى أصلي مفترض لها في طور متقدم من اللغة نفسها، أو بينها وبين معناها في اللغة التي اقتُرضت منها، إن لم تكن هذه من الكلمات الأصلية في تلك اللغة المعينة. ويلاحظ علماء اللسانيات أن من الممكن أن نتتبع معنى كلمة ما حتى نصل إلى فترات قديمة معينة في تاريخ لغة ما، لكننا نُواجَه، بعد تلك الفترة، بطريق مسدود لا يمكننا تجاوزه إلا بضرب من الخيال. ولذلك تبوء أغلب هذه المحاولات بالفشل، بل ربما تصل إلى حد كبير من السخف، وذلك ما يجعلها مجالا للتندر والسخرية.
ويعد كتاب الدكتور عبد الصبور شاهين (أبي آدم: قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة. القاهرة: مكتبة الشباب، 1998)، كما سيتبين من هذه المراجعة، مثالا واضحا لهذا "الزيف الاشتقاقي".
وسوف أعرض هذا الكتاب هنا مبينا الفرضية التي يقوم عليها. كما سأبين الطرق التي سلكها المؤلف في محاولاته البرهنة على تلك الفرضية، وسيتبين لنا أن هذه الفرضية والبراهين التي ساقها المؤلف عليها لا تتمتع بكثير من الإقناع.
الغرض من تأليف الكتاب:
يبين الدكتور عبد الصبور شاهين أن ما دعاه إلى تأليف هذا الكتاب، الذي استغرق تأليفه خمسة وعشرين عاما، كما يقول، أنه وجد أن". . . نظرة القدماء إلى قصة الخلق قد تأثرت بالتصور الإسرائيلي لها، وهو الوارد في سفر التكوين، حيث يختزل الزمان كله إلى أقل من ثلاثة آلاف سنة تستغرق عشرين جيلا هم المسافة بين آدم وإبراهيم [هكذا]. . . ." (ص ص 21ـ22)، لذلك فإن هدفه من تأليف الكتاب هو: ". . . انتزاع العقل المسلم من براثن النقول الإسرائيلية المحشوة بالخرافات المنافية لكل ما هو عقل، وعلم، ونور" (ص17). كما يصرح بأن هذه المسألة شغلته ربع قرن أو يزيد قضاه". . . في محاولة لفهم النصوص التي جاءت في القرآن الكريم، وهي قطعية تروي وقائع قصة الخلق، وأيضا للتوفيق بين التصوير القرآني، والاتجاه العلمي في تصوير الحياة البشرية على هذه الأرض. . . " (ص 9).
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم يبين المؤلف كيف أن الأسطورة الإسرائيلية، كما يصفها، لا يمكن أن تكون تفسيرا لخلق الإنسان، وإنما اكتفى بوصفها بالخرافة وأنها تتصادم مع المعرفة العلمية الحديثة. وكان المنتظر منه أن يتوجه، في بداية الكتاب، إلى تفنيد هذه الأسطورة تفنيدا تاريخيا يتمثل في تتبع مصادرها الإسرائيلية، وطرق دخولها إلى المصادر الإسلامية، ونقد سندها، إلى غير ذلك. لكنه وجه جهده، بدلا من ذلك، وجهة أخرى تتمثل في محاولة الاستفادة، كما يقول، من العلوم الحديثة في تفسير الإشارات التي وردت في القرآن الكريم عن هذه القصة.
وسبب محاولته الاستفادة من العلوم الحديثة في هذا الغرض أن كثيرا من المفاهيم تغيرت في العصر الحديث، كما يقول، وأنه ". . . صار لزاما على من يتصدى لكتابة شيء عن هذه القصة أن يأخذ في اعتباره ما كشف عنه العلم الحديث من حقائق، وما قال به من نظريات، حتى لا يبدو متخلفا عن ركب المعرفة المعاصرة" (ص21).
ومن المعروف أن البديل "العلمي" الذي يُقترح في هذا العصر لتفسير نشأة الإنسان، بل نشأة الأحياء كلها، هو النظرية التي تسمى بـ"نظرية التطور". غير أن الدكتور شاهين لم ير هذه النظرية بديلا صالحا لما أسماه بالخرافة الإسرائيلية. وإنما بدأ كتابه بهجوم عنيف على هذه النظرية معتمدا على كثير من المعلومات غير الصحيحة عنها. وبدلا من أن يفي بما وعد به من الاستفادة من المنجزات العلمية في هذا العصر، في تفسير نشأة الإنسان، قصد إلى "استنطاق" آيات القرآن الكريم وإعطاء تفسيرات جديدة لبعض الألفاظ الرئيسة التي وردت في الآيات القرآنية الكريمة في سياق هذه القصة.
والتفسير اللغوي الذي بنى عليه فرضيته البديلة للخرافة الإسرائيلية، كما يسميها، جديد، على حد علمي؛ لكنه تفسير قد لا يتفق معه أحد فيه.
وسوف أعرض فيما يلي الفرضية التي أقام المؤلف كتابه عليها ثم أعرض التفسير اللغوي الذي أتى به للبرهنة على هذه الفرضية. كما سأتناول بعض النقاط الأخرى التي يتبين منها أنه لم يتوفر للدكتور شاهين في هذا البحث ما يكفي من الأدوات الضرورية اللازمة لتناول هذه القضية تناولا علميا دقيقا.
فعلى الرغم من أن عنوان الكتاب ينص على أن ما سيعرضه المؤلف يمثل "الحقيقة" إلا أنه يعترف بأن: "هذه القصة كما وردت في القرآن الكريم تحتمل الكثير من التأويلات، وهي حافلة بالإيماءات والإشارات ذات الدلالة التاريخية والزمنية. .. "، وأن ". . . جُلَّ اهتمامنا في عرض قصة الخليقة على استنطاق آيات القرآن باعتبارها المصدر الأول والأوثق الذي ينبغي اعتماده في هذا المجال. . . " (ص12).
ويدل قوله هذا على أن ما أتى به من تفسيرات وبراهين ليست إلا فرضيات بشرية يمكن أن يختلف القارئ معه فيها. فهي ليست "حقائق" مستقلة عن التفسير الذي أتى به. وتعتمد صلاحية هذه التفسيرات ومعقوليتها اعتمادا كليا على ما سيقدمه المؤلف للقارئ من الأدلة المقنعة عليها. ولهذا فإن المؤمن ربما يختلف مع المؤلف في هذه التفسيرات، لكن اختلافه معه فيها لا يمس "حقيقة" الآيات الكريمة.
التفسير اللغوي:
يتمثل تفسيره اللغوي في ثلاثة أشياء هي:
1ـ تمييزه بين كلمتي "البشر" و"الإنسان".
2ـ تفسيره لكلمة "سلالة".
3ـ دلالة حروف العطف.
وفيما يلي عرض لهذه التفسيرات الثلاثة:
تمييزه بين "البشر" و"الإنسان":
يعتمد تفسيره لنشأة الإنسان على التمييز الذي أقامه بين معنى كلمة "بَشَر" وكلمة "إنسان". فقد افترض أن كلمة "بشر" تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها الإنسان قبل استصفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها "بشر". فالبشر: "تسمية لذلك المخلوق الذي أبدعه الله من الطين، وأصله في اللغة من (ب ش ر)، وهو يفيد (الظهور مع حسن وجمال)، قال ابن فارس: (وهو أصل واحد: ظهور الشيء مع حسن وجمال، وسمي البشر بشرا لظهورهم") (ص64).
(يُتْبَعُ)
(/)
و"مع أن كل حيوان أو طير أو حَشَر [انظر هذه الصيغة لجمع "حشَرة" التي يقصد منها أن تتوافق مع "بَشَر"، ليؤكد إطلاق الكلمة الأخيرة على الأطوار الأولى للإنسان]ـ إلى آخر سلسلة الكائنات ـ هو من طين، فإن البشر أبرز هذه المخلوقات، وآكدها وجودا، فلذلك أطلق عليه في القرآن (البشر)، أي: الظاهر على كل الكائنات الطينية، يسخرها لخدمته، ويستمد منها قُوْتَه وقُوَّته ويصارع وجودها تأمينا لوجوده" (ص65).
والملحوظة الأولى على تعريف "البشر" هنا أن هذا التعريف المعجمي ربما يكون سببه ورود هذه الكلمة في قصة يوسف في قوله تعالى: "وقلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم"، في وصف بروز يوسف عليه السلام للنسوة واندهاشهن بجماله الفائق. وهذا لا يلزم منه أن يكون المعنى الأصلي لهذه الكلمة هو المعنى الذي رواه ابن فارس. وهو ما يعني أن هذا التعريف المعجمي للكلمة ليس صحيحا.
ويعتمد المؤلف في تمييزه بين "البشر" والإنسان" على ورود هاتين الكلمتين في القرآن الكريم في بعض الآيات، حيث لا تدل كلمة "البشر" فيها، كما يرى، على "الإنسان" وإنما تدل على الطور الأقدم له.
فهو يقول تحت عنوان "ملاحظات على العلاقة بين البشر والإنسان" (ص97):
"حقيقة لا ريب لدينا فيها؛ هي أن بين (البشر والإنسان) عموما وخصوصا مطلقا، فـ (البشر) لفظ عام في كل مخلوق ظهر على سطح الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة، و (الإنسان) لفظ خاص بكل من كان من البشر مكلفا بمعرفة الله وعبادته، فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا. والمقصود هو طبعا المعنى الأول الذي استُعملت فيه الكلمة (بشر) في آيات القرآن، وهو الظاهر أو المتحرك مع حسن وجمال". و:"لقد كان (البشر) خلال الأحقاب والعهود المتطاولة مجرد مخلوقات متحركة، حيوانية السلوك، ولكنها تزداد في كل مرحلة تعديلا في سلوكها، ونضجا في خبرتها، وتلونا في طرائق التفاهم اللغوي فيما بينها". (ص101)
وحين يستعرض الآيات التي ورد فيها لفظ "بشر" يجد أن هذا اللفظ استخدم في أربعة معان، هي (ص70):
1ـ البشر: هو الظاهر على كل الكائنات (وهو المعنى الأصلي)
2ـ المخلوق بإطلاق (وهو المعنى الأعم)
3ـ المخلوق غير المتميز (وصف سلبي)
4ـ المخلوق المتميز (وصف إيجابي)
أما "الإنسان" فطور أحدث لـ"لبشر"، جاء نتيجة للتطورات التي حدثت للبشر بمرور الأحقاب حتى وصل إلى طور صار فيه مؤهلا ليكون خليفة الله في الأرض. ويبين ذلك في قوله (ص98): "أما (الإنسان) فلا يطلق بمفهوم القرآن إلا على ذلك المخلوق المكلف بالتوحيد والعبادة لا غير، وهو الذي يبدأ بوجود آدم عليه السلام، وآدم ـ على هذا ـ هو (أبو الإنسان)، وليس (أبو البشر)، ولا علاقة بين آدم والبشر الذين بادوا قبله، تمهيدا لظهور ذلك النسل الآدمي الجديد. اللهم إلا تلك العلاقة العامة أو التذكارية، باعتباره من نسلهم".
"فإذا شرع [القرآن] في بيان حقيقة الخلق منذ البداية؛ ذكر أن هذه البداية كانت في صورة (بشر) هكذا مُنَكَّرا، باعتباره النموذج الذي أجريت عليه عمليات التسوية، والتصوير، والنفخ من روح الله (والتزود بالملكات العليا التي كان بها البشر إنسانا ـ وهي: العقل، واللغة، والدين) ". و"لأمر ما وجدنا القرآن لا يخاطب البشر، بل يخاطب الإنسان، والتكليف الديني منوط بصفة (الإنسانية)، لا بصفة (البشرية)، فلم يعد للبشر وجود منذ ظهر آدم عليه السلام. . . " (ص88). ثم يصف "البشر" بأنهم "جماعات الهمج البشرية" (ص99).
لكن هذا "التأثيل" لكلمة "بشر" ليس مسَلَّما؛ فهناك عدد من المشكلات التي تعترض سبيله، وتمنع الأخذ به، بالإضافة إلى عدم صحة التعريف المعجمي للكلمة، كما رأينا. ثم كيف يستقيم أن يكون معنى "بشر" (الظهور مع حسن وجمال)، مع وصفه لهؤلاء البشر بأنهم "همج"، ومع أن بقايا الأطوار القديمة التي وجدها الباحثون لهؤلاء "البشر"، وهي التي لا يعترض المؤلف على أنها تمثل "البشر"، لا تتناسب في حسنها وجمالها مع حسن الإنسان المعاصر وجماله؟
يضاف إلى ذلك أن المعاني الأربعة، التي يرى أن لفظ "بشر" استخدم لها في القرآن الكريم، ليست صحيحة كما سيتبين بعد قليل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحين نستعرض السياقات التي وردت فيها كلمة "بشر" في القرآن الكريم فإننا نجدها تستعمل، معرَّفة ومنكَّرة ومُثَنّاة، بمعان تختلف عن المعاني التي يقول إنها استعملت فيها. فقد استعملت في المعاني التالية:
بمعنى رجل:
ومن الشواهد على هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى:
"قالت رب أنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر" (آل عمران، 47)
وهو المعنى الذي نجده في الآيات:
1ـ"وقلن حاشا لله ما هذا بشرا" (يوسف31)
2ـ"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلِّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين" (النحل103)
3ـ "فتمثل لها بشرا سويا" (مريم17)
4ـ"قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر" (مريم، 20)
5ـ"فكلي واشربي وقَرِّي عينا، فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" (مريم26).
بل إنها لا يمكن أن تفهم، في بعض الآيات، إلا على أنها تدل على "الرجل". وذلك في مثل الآية التي ذكرتها هنا والآية (20) في سورة مريم:
"قالت أَنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر" (مريم، 20).
فمن الواضح أن مريم عليها السلام تستغرب، في هاتين الآيتين، أن تلد غلاما من غير أن يمسها رجل؛ إذ لا يمكن أن تخاف من أن تمسها امرأة في هذا السياق. يضاف إلى ذلك أن هاتين الآيتين تصوران حدثا وقع في زمن يدخل فيما يطلق عليه الدكتور شاهين "زمن التكليف"؛ أي أنه وقع في طور "الإنسان"، لا طور "البشر"، إذا استعملنا مصطلحات المؤلف. فاستخدام كلمة "بشر" في هاتين الآيتين ينفي المعاني التي يراها الدكتور شاهين لهذه الكلمة؛ وهي بذلك دليل ضد فرضيته في هذا الكتاب التي تحصر مفهوم كلمة "بشر" على الطور الذي سبق الإنسان المكلف.
كما أن الآيات الكريمة الأخرى تدل دلالة أكيدة على أن المقصود إنما هو الإنسان الذَّكر، أي الرجل.
بمعنى "نبي" أو "أنبياء":
وتأتي كلمة "بشر" كذلك في سياق الحديث عن الأنبياء عليهم السلام؛ وذلك في وصف الله سبحانه وتعالى للأنبياء بأنهم من جنس الإنسان. كما تأتي في وصف الأنبياء لأنفسهم بأنهم من بني الإنسان وإنما فُضِّلوا على غيرهم بالاختصاص بالرسالة. وتأتي كذلك في الدلالة على استنكار أقوام الأنبياء أن يرسل الله تعالى رجالا منهم أنبياء. وقد حدث كل ذلك في الفترة التي يمكن أن يسميها الدكتور شاهين بفترة طور "الإنسان". وذلك كما في قوله تعالى:"ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" (آل عمران 79)
وهذا هو المعنى الذي نجده كذلك في الآيات:
1ـ"وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" (الأنعام91)
فموسى هنا من جنس البشر.
2ـ "قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين" (إبراهيم 10)
3ـ"قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون" (إبراهيم11)
4ـ"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بربه أحدا" (الكهف110)
5ـ"لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم لا تبصرون" (الأنبياء3)
6ـ"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون" (الأنبياء34)
7 ـ"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين" (المؤمنون24)
8ـ"ولو أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون" (المؤمنون 34)
9ـ"ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين" (الشعراء154)
10ـ"وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين" (الشعراء186)
11ـ"قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما انزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون" (يس15)
(يُتْبَعُ)
(/)
12ـ"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين" (فصلت6)
13ـ"وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌّ حكيم" (الشورى51)
14ـ"ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" (التغابن6)
15ـ"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين" (هود27)
16ـ"أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" (الإسراء 93)
17ـ"وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا" (الإسراء94)
18ـ"ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون" (المؤمنون34)
19ـ"فقالوا أنؤمن لبشريْن مثلنا وقومهما لنا عابدين (المؤمنون 47)
20ـ"فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر" (القمر24)
وتأتي كلمة "البشر" في الدلالة على آدم؛ أو على عموم أفراد بني الإنسان، فيما يتصل بالخلق:
كما في قوله تعالى:"وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر28)
وهو المعنى الذي في الآيات:
1ـ"قال لم أكن أسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر33)
2ـ"إذ قال ربك إني خالق بشرا من طين" (ص71)
3ـ"وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا" (الفرقان54)
4ـ "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون" (الروم20)
وتأتي في الدلالة على بني الإنسان عموما، فيما لا يتصل بالخلق:
كما في قوله تعالى: "وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير" (المائدة18)
وهو المعنى في الآيات:
1ـ"إن هذا إلا قول البشر" (المدثر25)
2ـ"وما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر31)
3ـ"نذيرا للبشر" (المدثر36)
ومن الواضح أن كلمة "بشر"، منكَّرة ومعرَّفة، في هذه الآيات إنما تنصرف إما إلى "الرجل" أو إلى أفراد من جنس الإنسان في الطور الذي يمكن أن يسميه الدكتور شاهين بطور التكليف.
وبهذا فإن فرضيته التي تقضي بأن كلمة "البشر"، معرَّفة ومنكَّرة، تدل في القرآن الكريم على طور قديم للإنسان لا يمكن أن تقبل.
بل إننا نجد أن هذه الكلمة في بعض الآيات لا تدل إلا على "الإنسان" في الفترة التاريخية لبني الإنسان. ومن أوضح الآيات دلالة في هذا المعنى الآية التي وردت في سورة مريم، وهي قوله تعالى:
"فكلي واشربي وقَرِّي عيْنا، فإمّا تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" (مريم26).
وكما هو واضح في هذه الآية فإن مريم عليها السلام تستطيع رؤية "البشر"، وهو ما يعني أنهم الذين كانوا يعيشون في تلك الفترة التاريخية. ثم إنه لما لم يكن لكلمة "البشر" مفرد من لفظها فقد استعمل القرآن الكريم وصفا من المادة اللغوية التي جاء منها لفظ "الإنسان" وهو "إنسي". وما دام أن كلمة "إنسي" استخدمت وصفا لـ"البشر" فإن هذا يدل دلالة أكيدة على أن "البشر" مرادف لـ"الإنسان"، وأن فرضية المؤلف التي تقوم على التمييز بينهما في الدلالة لا تصح.
ويجب أن أشير هنا إلى أن الدكتور شاهين لم يورد هذه الآية في الكتاب كله. وهو ما يدعو إلى التساؤل عن سر عدم إيراده لها: أتراه يجهلها؛ أم أنه نسي الإشارة إليها؛ أم أنه لم ير فيها شيئا جديدا يضاف إلى ما ورد في الآيات التي أوردها؟
وهذه الاحتمالات كلها واردة عند من يريد أن يعتذر للدكتور شاهين. أما الذين يريدون أن يفهموا من عدم إيراده إياها شيئا آخر فإن أول ما يخطر لهم أنه تعمَّد عدم ذكرها لأنه يعرف أنها أوضح دليل ينقض فرضيته.
ويمكن أن يستأنس لهذا الاحتمال بما فعله الدكتور شاهين في إيراده الآية 79 من سورة آل عمران غير كاملة، فقد أوردها على الصورة التالية: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة" (ص69).
(يُتْبَعُ)
(/)
وربما بدا للقارئ غير المتمعن أن معنى هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى ينفي أن يكون "البشر" أهلا لتلقي "الكتاب والحكم والنبوة"، أي "التكليف"، بمصطلح الدكتور شاهين. وهو ما يتماشى مع فرضية الدكتور شاهين التي تقضي بأن "البشر" نوع بدائي قديم لم يؤهله الله لتلقي الكتاب ولم يؤته الحكم ولا النبوة التي اختص بها الإنسان الذي يمثل نوعا متطورا جاء بعد "البشر" بآجال طويلة، وصار "مكلفا بالتوحيد والعبودية".
أما هذه الآية بتمامها فهي:
"ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلِّمون الكتابَ وبما كنتم تدرسون".
والواضح أن معنى هذه الآية ينصرف إلى الأنبياء على وجه الخصوص، وهو ما يعني أنها موجهة لمن يدخل في جنس "الإنسان"، بتعريف الدكتور شاهين. بل ربما كان المقصود فيها عيسى بن مريم عليه السلام تحديدا، وبخاصة إذا نظرنا إلى الآيات التي سبقت هذه الآية والآيات التي جاءت بعدها.
وخلاصة القول أن فرضية الدكتور شاهين تسقط اعتمادا على المعنى الذي تؤديه هاتان الآيتان وحدهما. ذلك أن كلمة "بشر" فيهما مرادف لكلمة "إنسان" بشكل لا لبس فيه.
ومع هذا فإننا سوف نستمر في عرض فرضيته بالنظر في المعاني التي يرى أن كلمة "الإنسان" تدل عليها.
فهو يقرر في (ص16) أن:"المشروع الخلقي [للإنسان] كان واحدا. . . [منذ البداية] إلى يوم الناس هذا، وأن البشر قد مر في مراحل من (التسوية، ونفخ الروح الإلهي) في مراحل متدرجة من حيث النضج، وهو ما اختلفت به هويات الأجيال، وكل ذلك في إطار المرحلة البشرية إلى أن كان (آدم) أول الإنسان الأول [هكذا]، الذي اصطفاه الله نبيا، فكان أبا الإنسان. . .".
ويقول في (ص99):"وليس يبعد أن نفترض أن الخالق سبحانه ـ وقد مضت مشيئته بتفرد آدم وذريته بالسيادة على الأرض، والنهوض بأمر الدين، وإقامة التكاليف، وفي مقدمتها التوحيد ـ قدر سبحانه فناء كل البشر، من غير ولد آدم، وذلك بعد عزل السلالة الجديدة المنتقاة في الجنة، حتى تتم إبادة جماعات الهمج البشرية، لتبدأ بعد ذلك الملحمة الإنسانية، بطليعتها المصطفاة: آدم وحواء، وبدأ التكليف داخل الجنة، وبدأ الصراع بعد أن أخليت ساحته من العناصر الطفيلية التي لم يعد لها دور، بل التي انتهى دورها، ليبدأ على الأرض دور جديد. . ."
فالإنسان، إذن، "تطور" عن البشر.
غير أن لفظ "الإنسان" ورد في حديث القرآن عن قصة الخلق مسبوقا وملحوقا بالكلمات نفسها التي وردت مع اللفظ "بشر". وذلك في مثل قوله تعالى:
"ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر26)
"وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون" (الحجر28)
لكن الدكتور شاهين، أمام مثل هذه الآيات التي ورد فيها لفظ "إنسان" ولفظ "بشر" في سياق متماثل، يقول: "إن استعمال لفظ "الإنسان" في الآية الأولى [هنا] إنما كان لأجل المقابلة بينه وبين "الجان"، أما". . . الحديث عن الأصل الترابي [فـ] يرتبط غالبا (بالبشر). وهو ما تبينه الآية الثانية".
لكن هذا التحليل ليس مقبولا لأن السياق اللغوي واحد، فضلا عن أنه يقول في موضع آخر: "وربما كان إطلاق كلمة (بشر) أيضا بهذا المعنى، وهو (الظهور) ـ مقابلا لما يتصف به عالم الملائكة، وعالم الجن، من عدم الظهور، فهم خلق لا يُرى، وقد قرر القرآن ذلك بشأن (الجن)، إذ هي كلمة مشتقة من معنى: (الاجتنان) وهو الاستتار. . ." (ص65).
وهو ما يعني أن المقابلة تكون بين "البشر" والجن والملائكة أيضا.
كما يعتمد في تمييزه بين كلمتي "البشر" والإنسان" على أن لفظ "الإنسان" هو الذي يرد في القرآن في مجال التكليف.
غير أن هذا القول غير دقيق؛ إذ إن لفظ "البشر" يرد في مجال التكليف أيضا. وذلك في مثل قوله تعالى:
"وما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر31)
"نذيرا للبشر" (المدثر36)
فتدل هاتان الآيتان على أن البشر "يُنذَرون" و"يُذكَّرون". وهو مما يدل على اكتمال مؤهلاتهم العقلية واللغوية أيضا، وأنهم وصولوا إلى مرحلة التكليف التي تدل على مستوى "الإنسان". لذلك فإن تمييزه بين الكلمتين لا معنى له.
2ـ تفسيره لكلمة "سلالة":
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول عند كلامه على قول الله تعالى:"ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين"، إن هذه الآية لا تدل على الخلق الأول، أي "البشر"، وإنما هي تذكير للإنسان بأصله.
ويعني هذا أنه يفسر كلمة "سلالة" هنا لتدل على أن المعنى في هذه الآية أن الإنسان جاء من سلسلة آباء خلقوا من طين، ". . . وكأن الآية تدفع عن العقل احتمال إدماج العمليتين [خلق البشر وخلق الإنسان] في عملية واحدة، فالإنسان خلق من (سلالة) نسلت من (طين)، أي: إنه لم يخلق مباشرة من الطين، فأما ابن الطين مباشرة فهو (أول البشر)، وكان ذلك منذ ملايين السنين" (90)
ويقول: "فخلق الإنسان (بدأ من طين)، أي: في شكل مشروع بشري، ثم استخرج الله منه نسلا (من سلالة من ماء مهين)، ثم كانت التسوية ونفخ الروح، فكان (الإنسان) هو الثمرة في نهاية المطاف عبر تلكم الأطوار التاريخية السحيقة العتيقة" (ص91).
لكن هذا التفسير لكلمة "سلالة" يعتمد على مدى ما يورده المؤلفُ من الأدلة على لزومه. وهو لم يورد أي دليل على أن هذه الكلمة لا تدل إلا على هذا المعنى في هذا السياق. أما هذه الكلمة فيمكن أن تفهم بمعان أخر، كأن يكون معناها "جزءا من الطين"، و"جزءا من الماء المهين".
وباختصار فإن تفسيره لكلمة "سلالة"، ولزوم الدلالة التي يراها يتوقفان على قبول تمييزه بين "البشر" و"الإنسان". وما دام أنه اتضح أن تمييزه بين الكلمتين ليس لازما، بل متمحَّلا، ومغلوطا بسبب عدم إيراده الآية التي في سورة آل عمران كاملة، وبسبب عدم إيراده الآية التي في سورة مريم، وهي أكثر الآيات وضوحا في رد هذا التمييز، فإن الدلالة التي يراها لكلمة "سلالة" غير لازمة.
2ـ تفسيره لبعض حروف العطف:
يُستعمل حرفا العطف "الفاء" و "ثم" في سياق قصة الخلق في القرآن الكريم. ويحاول الدكتور شاهين أن يفسر ورود أحد الحرفين في سياق معين في مقابل عدم ورود حرف العطف الآخر وسيلة لتعضيد تمييزه بين "البشر" والإنسان".
فهو يقول في تفسير قوله تعالى، "ولقد خلقناكم ثم صورناكم": "وهما مرحلتان في عمر البشرية، لعلهما استغرقتا بضعة ملايين من السنين. . . ومع ملاحظة استعمال الأداة (ثم) التي تفيد التراخي بين الأمرين" (ص86).
ويقول، عند الكلام على قوله تعالى:"وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه" (ص ص 105ـ106): "والأداة (ثم) للترتيب مع التراخي، وكأن استعمالها في هذا السياق ترجمة لمفهوم الزمان المتطاول الذي عبر عنه الظرف (إذا)، في مقابل استخدام الفاء أو الواو في ربط أجزاء أخرى من الآيات، تعبيرا عن التعقيب أو مطلق الجمع".
لكننا حين نتأمل الحالات التي يرد فيها حرف العطف "ثم" في القرآن الكريم نجد أنه ورد في التعبير عن الفترات القصيرة نحو مدة الحمل (ص92، ص106).
كما يرد حرف العطف "الفاء" في قوله تعالى:"يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركَّبك" (الانفطار 6ـ8). وواضح أن هذا الترتيب بين الأحداث في هذه الآية يدخل فيما يرى المؤلف أنه آجال طويلة. وأمام هذا الدليل على عدم التمييز بين حرفي العطف نراه يجنح إلى تفسير استعمال "الفاء" هنا بأنها "ضُمِّنت معنى (ثم) " (ص107).
وبهذا فإن حرفي العطف لا يعود لهما المعاني التي يرى أنها تميز بين الفترات القصيرة والطويلة، وهو ما يلزم من تطاول الأحقاب في مسألة الخلق الأول وقصرها في مسألة الحمل والفترات القصيرة الأخرى، كما يرى.
وهذا دليل آخر، يضاف إلى الأدلة السابقة، على عدم إمكان التمييز بين "البشر" و"الإنسان.
وخلاصة القول أن تمييز الدكتور عبد الصبور شاهين بين "البشر" و"الإنسان" غير مقنع، ولم يتبين من خلال معالجته أنه تمييز ممكن. فقد كانت الأدلة كلها مما يمكن الاختلاف فيه.
موقفه من نظرية التطور
(يُتْبَعُ)
(/)
هاجم الدكتور عبد الصبور شاهين نظرية التطور هجوما عنيفا. ومن الأمثلة على هذا الهجوم قوله:". . . كما يصل [أحد الآراء المنسوبة إلى أحد الباحثين] في النهاية إلى رفض نظرية داروين، بأسلوب التقنية المعاصرة" (ص37). وقوله: "غني عن القول أن كل الجهود العلمية حتى الآن تنصب على معارضة داروين فيما ذهب إليه، وأن ما قدمناه لم يكن سوى بعض العينات التي جهد فيها العلماء ليدحضوا مذهب النشوء والارتقاء، حتى إننا نستطيع أن نقول: إن نظرية داروين لكثرة ما تعرضت له من نقد ـ مجرد مقولة هشة لا تعني شيئا في مجال البحث عن أصل الإنسان، وإن قدمت الكثير في مجال (البيولوجيا) أو علم الأحياء" (ص39). وهو قول متناقض عجيب!
وقوله، إن:". . . البشرية في المفهوم الديني القرآني جنسا واحدا، لا عدة أجناس مقتبس بعضها من بعض على ما قررته النظرية الداروينية التي أسقطها العلماء في الشرق والغرب على السواء" (ص115).
وعلى الرغم من هذا الهجوم على نظرية التطور إلا أن الدكتور شاهين يقبل في كتابه بعض المفاهيم الأساسية في هذه النظرية. ومن هذه المفاهيم العمقُ الزمني الطويل الذي مر به الإنسان في تطوره، كما تقول هذه النظرية. ومنها أنه يقبل نتائج الحفريات التي وجدت بقايا لأشكال متعددة للإنسان. فهو يقبل هذه الأطوار ويقول عنها: "وكل هؤلاء الأناسي وجوه مختلفة لمخلوق واحد، كان يتنقل من مرحلة إلى مرحلة في تسوية الخالق له، فكلما مضت مرحلة من التسوية تغيرت بعض أوصافه، وأفرده الباحثون في الجيولوجيا والأنثروبولوجيا بتسمية. . . " (ص ص 28ـ30).
أما السبب الوحيد الذي يجعله يهاجم هذه النظرية فهو ما يقوله من أن هذه النظرية تقول إن الإنسان تطور عن أشكال أدنى، كالقرد مثلا.
والمعلومات التي يبني عليها الدكتور شاهين رأيه عن هذه النظرية أغلبها معلومات خاطئة. فهو لم يرجع إلى الكتب العلمية التي تتضمن الأبحاث عن هذه النظرية وتفصيلات الأدلة التي يوردها المتخصصون في الأحياء عليها؛ وإنما اعتمد على أخبار صحفية قديمة، وأقوال صادرة، في أغلب الظن، عن أناس لا يرون ما تراه هذه النظرية. وكثيرا ما تكون الأقوال التي تخالف هذه النظرية وتسند إلى بعض علماء الأحياء مكذوبة عليهم أو أقوالا أسيء فهمها وتفسيرها (انظر ص ص 32ـ37). وهذا ما دأبت عليه الجماعات التي تؤمن بحرفية القصة التي وردت في سفر التكوين عن كيفية الخلق، وهي التي دأبت على مناصبة هذه النظرية العداء في أمريكا بخاصة.
كما أن موقفه من هذه النظرية يقوم على فهم مغلوط لطبيعة النظريات العلمية، وهو مفهوم لا يتناسب مع ما يراه المشتغلون بالعلوم عن طبيعة النظرية العلمية وبنيتها. فهو يقول (ص42): ". . . وإنما يأتي التناقض [الظاهر بين القرآن والعلم] من جهة أن العلم لم يستقر بعد على بر الحقيقة الكاملة، بل ما زال يدور في إطار النظريات الظنية الدلالة. . ."
ومعنى هذا أن الدكتور شاهين يفهم النظرية العلمية على أنها "حقيقة". لكن المشتغلين بالعلوم لا ينظرون إلى النظريات على أنها "حقائق"، وإنما هي تفسيرات منضبطة تبقى صالحة حتى يقترح العلماء نظريات أكثر دقة منها.
وأنا لا أريد هنا الدفاع عن نظرية التطور؛ وإنما أريد فقط أن أبين أن تصوير الدكتور شاهين لها تصوير خاطئ. وكان يجب عليه من باب الأمانة أن يرجع إلى المصادر الموثوقة عنها حتى لا ينقل للقارئ أقوالا ليست منها.
أما ما يقوله المتخصصون عن نظرية التطور وعن طبيعة النظريات العلمية بعامة، وهو ما ينبغي أن يلم به القارئ العربي بعيدا عما تشيعه بعض الكتب العامة التي ألفت عنها تحت تأثير موجة العداء التي يؤججها الأصوليون المسيحيون في أمريكا، أو بعض الترجمات العربية للكتب التي يؤلفها أولئك، فتمثله الأقوال التالية:
يقول نورمان د. نيويل، في مقدمة كتابه:
Norman D. Newell, Creation and Evolution: Myth or Reality? New York: Praeger, 1985
" الخلق والتطور: الخرافة أم الحقيقة؟ "،
(يُتْبَعُ)
(/)
"قَبِل علماء الأحياء والمتخصصون في علوم الإحاثة [علم تاريخ الأرض] منذ زمن بعيد، اعتمادا على عدد كبير من البراهين، التطورَ العضوي على أنه حقيقة. والنظريات العلمية ليست حقائق، لكنها تمثل تفسيرات علمية للمعلومات العلمية أو للمعرفة. وهذه النظريات إنما هي أفكار (ومن أمثلتها نظرية داروين عن الانتقاء الطبيعي)، وهي موضوع يخضع للدراسة بشكل مستمر في أثناء استخدامها في البحث عن الحقائق الجديدة والتفسيرات الجديدة. ولذلك فإنه يجب أن يخضع منطوق هذه النظريات للتغير باستمرار من أجل أن تتلاءم مع الكشوفات الجديدة التي تنتج عن وجهات النظر الجديدة".
ويقول بنتلي جلاس في كتابه:
Progress Or Catastrophe: The Nature of Biological Science and Its Impact On Human Society. New York: Praeger 1985
" تقدُّم أم فجاءة: طبيعة علم الأحياء وأثره على المجتمع الإنساني"، (ص68):
". . . يجب أن يتذكر المرء دائما أن النظرية العلمية الجيدة هي ببساطة تلك التي تُفسِّر بشكل مُرْضٍ الحقائقَ المعروفة، من غير أن تكون عرضة للدحض عن طريق المخالَفات الواضحة للبرهان العلمي. وهي عرضة للدحض، بصورة مستمرة، حين يبرهِن الاستقصاءُ العلمي على أنها ليست تفسيرا ممكنا أو حين يصعب تعديلها لتتناغم مع الحقائق، إن كان هذا ممكنا. وفيما يخص نظرية التطور فإن مرور أكثر من قرن من مثل هذا الاختبار عليها جعلها أقوى ألف مرة مما كانت عليه في حياة داروين".
ويقول ستيفن جاي جولد، وهو أحد علماء الأحياء المعاصرين البارزين الذين يكتبون باستمرار عن هذا الموضوع، وذلك في مقال له نشرته مجلة Time الأمريكية في 23 أغسطس 1999، (ص43) إن نظرية التطور تشبه في مركزيتها لعلم الأحياء مركزية الجدول الدوري للكيمياء أو مركزية الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن للتاريخ الأمريكي. وهو ما يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك علم للأحياء بغيرها. ويقول:
". . . تتمتع نظرية التطور بأدلة قوية بشكل يماثل أية ظاهرة من ظواهر العلم، فهي تماثل في قوتها دوران الأرض حول الشمس بدلا من العكس. وبهذا المعنى فإن بإمكاننا أن نصف نظرية التطور بأنها "حقيقة". (والعلم لا يتعامل بمفهوم الوثوقية، لذلك فإن مفهوم "الحقيقة" لا يمكن أن يعني إلا أنها افتراض مؤكد بدرجة عالية تجعل اعتناق المرء لرأي يخالف هذا الافتراض أمرا منحرفا) ".
التفسير العلمي للقرآن:
دأب كثير من الباحثين المسلمين على اللجوء إلى العلوم الحديثة، الطبية والفيزيائية والكيمائية، في تفسير بعض الآيات القرآنية الكريمة. فكثيرا ما نجد هؤلاء يأتون بتفسيرات "علمية" لبعض الآيات ثم يستنتجون منها أن القرآن قد سبق العلم الحديث إلى ذكر الظواهر التي ترد في هذه الآيات. ويجب أن أشير هنا إلى أن المسلمين ليسوا الوحيدين في هذا الصنيع. بل إن أصحاب الديانات الأخرى يقومون بالعمل نفسه. ويجد المطلع على "الأبحاث" التي يقوم بها من يسمون أنفسهم بـ"العلماء القائلين بالخلق" Creation Scientists ، وبخاصة في أمريكا، استخداما واسعا للعلوم في تفسير الإنجيل. بل إنهم يزعمون دائما أنهم يصلون إلى اكتشاف التوافق بين ما في الإنجيل وما تقول به العلوم الحديثة. وكما لاحظت سابقا فإن هؤلاء كثيرا ما يسيئون فهم النظريات العلمية، وكثيرا ما يسيئون تفسيرها، وكثيرا ما يكذبون على البسطاء في حديثهم عن النظريات العلمية وفي نقل وجهات نظرها بأمانة.
ولقد أثير استخدام العلم في تفسير القرآن الكريم منذ زمن بعيد؛ فقد رأى بعض علماء المسلمين أنه يجب أن يصان القرآن الكريم فلا يعرَّض للنظريات العلمية التي تتسم بالتغير. لكن هناك من ينادي بضرورة الاستئناس بالعلوم الحديثة في الكشف عما يسمونه بـ"الإعجاز العلمي" في القرآن الكريم. ويلحظ المطلع على الكتب التي تؤلفها هذه الفئة الأخيرة، أنها تمتلئ باستخدام النظريات العلمية والكشوف الطبية والكيميائية والأحيائية لتفسير الآيات القرآنية. لكن الفاحص لهذه الكتب سيجد أن كثيرا منها يبلغ حدودا من السخف والإدعاء لا تطاق.
ويعد استخدام الدكتور عبد الصبور شاهين لبعض نظريات الأحياء في تمييزه بين "البشر" الذي يمثل طورا قديما و"الإنسان" الذي يمثل طورا أحدث من باب تعريض القرآن الكريم للنظريات العلمية المتغيرة بطبيعتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما يتضمن الكتاب أمثلة أخرى لاستخدام "العلم" في تفسير بعض الآيات الكريمة. ومن ذلك ما أورده في تفسير قوله تعالى: "فلينظر الإنسان مم خُلق. خُلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب" (سورة الطارق).
فهو يقول: "ثم يأتي النص في سورة (الطارق) ليضيف من المعلومات عن الماء الدافق (المني) الذي (يخرج من بين الصلب والترائب)، وهي معلومة لم تكن معروفة حتى عصرنا. . ." (ص58).
ويقول في موضع آخر:"والصلب: فقار الظهر، وهي منبع الماء الدافق عند الرجل، والترائب: جمع، مفرده "تريبة"، وهي عظام الصدر مما يلي الترقوتين، وهي منبع ماء المرأة، وهذه المعلومة كانت مجهولة للإنسان، وبقيت مجهولة حتى منتصف القرن العشرين، وقد تضمنها الوحي القرآني منذ أوائل هذا الوحي، أي: منذ أكثر من أربعة عشر قرنا" (ص85).
وكان يكفيه أن يتطلع على أية مقدمة في علم التشريح ليعرف أن هذا التفسير ليس صحيحا. إذ لا شأن لصلب الرجل ولا لفقار ظهره ولا لترائبه ولا لصلب المرأة ولا لترائبها بالحمل ولا بما يتعلق به.
وأنا لا أريد هنا أن أفسر القرآن الكريم، لكنه يبدو لي أن التفسير الأقرب لقوله تعالى: "يخرج من بين الصلب والترائب" هو أن هذه الآية وصف للإنسان، وليست وصفا للماء الدافق. إذ يمكن أن يكون معناها تذكير الإنسان بالمكان الذي كان فيه في أثناء الحمل، وهو بطن أمه؛ أو تكون وصفا للإنسان يوم البعث، حين يبعث من بين تراب الأرض وأحجارها. والمعنى الثاني أقرب، وبخاصة إذا نظرنا إلى الآيات التي تتلو هذه الآية وتتحدث عن يوم البعث.
معلومات الدكتور شاهين العلمية:
من الغريب أن يتكلف الدكتور شاهين الخوض في النظريات العلمية مع أن هناك شواهد كثيرة في هذا الكتاب تدل على أن أدواته في هذا المجال لا تكفي. ولذلك فقد وقع ضحية لمعلومات نقلها من مصادر غير دقيقة، إن صح أن المعلومات هذه فيها؛ أو أنه وقع ضحية لأخطاء وقعت فيها ولم يتبينها لنقص أدواته في المجال العلمي. ومن ذلك ما قدمناه عن عدم اطلاعه على المصادر العلمية عن نظرية التطور، وعن المصادر العلمية في التشريح. واكتفاؤه بدلا عن ذلك برواية ما يجده عند الآخرين من غير تمحيص، أو الاكتفاء بما تنشره الصحف، مع ما تتصف به تلك النقول من عدم الدقة.
ومن الأمثلة الأخرى على قصور أدواته العلمية أنه ينقل عن "موسوعة الثقافة العلمية" أن تاريخ الفترة الجيولوجية التي تسمى بفترة "ما قبل العصر الكمبري" هو 71,125,000,000 (ص25). وربما ظن القارئ أن في هذا الرقم خطأ مطبعيا. لكن الدكتور شاهين يورد هذا الرقم كتابة في (ص26) فيقول:"فقد بدأت الحياة العتيقة بمرحلة ما قبل العصر الكمبري، أي: منذ واحد وسبعين مليارا وخمسة وعشرين مليونا من السنين".
أما ما يكاد يعرفه الناس جميعا في هذا العصر فهو أن عمر الكون كله يقدر باثني عشر بليونا وخمسمائة مليون سنة إلى خمسة عشر بليون سنة في بعض التقديرات. وأن عمر الأرض يقدر بأربعة بلايين وخمسمائة مليون سنة إلى خمسة بلايين. وإذا كان الأمر كذلك فإن الرقم الذي ذكره ليس صحيحا. وكان عليه لو كان يعرف شيئا ذا بال عن العلم الحديث أن يبين عدم توافق هذا الرقم الهائل مع التقديرات المعروفة.
ومما يؤكد عدم كفاية معرفته العلمية أنه يورد تقديرات فترات عمر الأرض في كتاب "آدم عليه السلام" للكاتب التونسي بشير التركي من غير أن يلفت نظره الخطأ فيها. فيقول التركي، كما يروي الدكتور شاهين (ص15):"إن أهم الموجات البشرية أربع". وأن الموجة الأولى يتراوح تاريخها "من أربعة مليارات إلى مليار من السنين، وهي فترة عاش خلالها بشر يسمى (بشر الجنوب) (الأسترالوبتيك) ".
وكما هو معروف فإن العلماء يقدرون أن الحياة بدأت على الأرض قبل خمسمائة مليون سنة، وأن الإنسان، حتى في أطواره الأولى، لم يوجد قبل ستة ملايين سنة.
ولو كان يعرف شيئا حقيقيا عن هذه العلوم للفتت نظره هذه التقديرات التي لم تخطر ببال أحد.
معرفته باللسانيات:
يعد الدكتور عبد الصبور شاهين أحد رواد الدراسات اللسانية في العالم العربي، وله بعض الكتب التي تتضمن أبحاثا لغوية، وقد ترجم بعض الكتب عن اللغة العربية من اللغات الأجنبية. وكان ينتظر منه ألا يقع في بعض الأمور التي لا تقرها اللسانيات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذه الأمور وقوعه فيما يسمى بـ"الزيف الاشتقاقي"، كما أسلفت. كما أنه وقع فيما يسمى بـ"التحيز اللغوي"، وذلك حين يفضل اللغة العربية على غيرها. ويتضح ذلك من قوله: "والعجيب أن للعربية هنا تميزا وتفوقا على اللغات الأخرى، فقد حققت بهذا اللفظ (بشر) تطابقا عجيبا مع معناه، وكأنما كانت تستملي الغيب، وتستقرئ أستاره، ليمنحها هذه اللفظة، دون اللغات الأخرى في الفصيلة السامية، بل دون ما عهدناه من اللغات الأوروبية" (ص65).
ومع أنه يستنكر، ضمن استنكاره للقصة الإسرائيلية التقليدية للخلق (ص9)، أن يكون اسم "آدم" مأخوذا من "التراب"، إلا أنه يرى (ص129) أن هناك تناسبا، في اللغة العربية، بين الاسم "آدم" و"المادة التي ينتمي إليها وهي (أديم الأرض).
وهذان القولان مثالان لـ"لزيف الاشتقاقي" أيضا. ذلك أن المتخصصين يرون أن أحد المبادئ الرئيسة التي توجه اللسانيات منذ بداية القرن العشرين ذلك المبدأ الذي يسمى بـ"عشوائية العلامة"، ويعني أنه لا يمكن، في أغلب الحالات، أن نعرف السبب وراء تسمية شيء ما باسم معين. كما ترى اللسانيات أنه لا صحة للزعم بتفضيل لغة على لغة، من حيث كونها نظاما لغويا.
ومن الطرائف أنه يقول إن عدد اللغات في العالم ألفان، مع أن عدد اللغات يفوق ستة آلاف، وهو من الأمور المعروفة جدا. ومنها تسميته "الكمبيوتر" بـ"الكمتور" (ص128)، ويعلق في هامش الصفحة نفسها قائلا:"الكمتور: نحت عربي ـ للمؤلف ـ من كلمة كمبيوتر". مع أن هناك لفظا عربيا سائغا مستعملا منذ زمن ليس بالقصير يسمى به هذا الجهاز، وهو "الحاسوب".
وكذلك قوله إن اللغة نشأت عن تقليد أصوات الطبيعة؛ وهو قول قديم يلعب فيه التخيل بسهم وافر.
وهناك ملحوظات أخرى تتصل بعدم دقته في إيراد عدد المرات التي وردت فيها بعض الألفاظ في القرآن الكريم (ص113). فقد ذكر أن كلمة (البشر) وردت مفردة ثلاثين مرة، وذكرت مثناة مرة واحدة. مع أن هذه الكلمة وردت خمسا وثلاثين مرة. ويقول إن كلمة (الناس) وردت اثنتين وستين مرة، مع أن العدد الصحيح خمس وستون. ويقول إن كلمة "أناس" وردت سبع مرات، والعدد الصحيح خمس. وأن كلمة "الإنسان" وردت مائتين وثلاثين مرة، والعدد الصحيح مائتان وإحدى وأربعون (وقد اعتمدت في هذه الإحصائية على المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، نشر مجمع اللغة العربية).
بل لقد أخطأ في جمع الأرقام التي أوردها؛ فقد ذكر أن مجموع هذه الأرقام هو ثلثمائة (هكذا!) وإحدى وعشرين مرة". أما جمعها الصحيح، بحسب الأرقام التي أوردها، فهو ثلاثمائة وخمسون. والعدد الصحيح هو ثلاثمائة وأربع وستون.
الأخطاء في إيراد الآيات القرآنية:
وقعت بعض الأخطاء الطباعية في بعض الآيات الكريمة، وكان يجب بذل عناية أكبر لمنع وقوع مثل هذه التطبيعات. وهذه الآيات هي:
"أبشرا من واحدا نتبعه" (ص56). والصحيح هو: "أبشرا منا واحدا نتبعه"
"ثم سواه ونفخ في من روحه" (ص91). والصحيح هو: "ثم سواه ونفخ فيه من روحه"
"أولا يذكر الإنسان إنا خلقناه من قبل" (ص52). والصحيح هو: "أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل"
"وقال لأقتلنك" (ص126): "قال لأقتلنك"
الخلاصة:
ليس من غرضي في هذه المراجعة استغلال وقوع الدكتور شاهين في بعض الأخطاء واتخاذ ذلك وسيلة للإساءة إليه. وإنما الدافع إلى كتابة هذه المراجعة أن موضوع الكتاب أخطر من أن يترك لمثل هذه المحاولات التي لا تفيد في إغناء فهمنا لمعاني القرآن الكريم ولا في توسيع معارفنا بالظواهر الكونية.
كما أنني كتبت هذه المراجعة لأبين أن من المزالق التي يقع فيها بعض الباحثين أنهم يريدون أن يردوا العلم بالدين أو أن يردوا الدين بالعلم أو أن يؤيدوا الدين بالعلم أو أن يؤيدوا العلم بالدين. مع أنه ربما ينجم عن كل هذه المحاولات الإساءة إلى العلم أو الدين أو إليهما معا.
والأوفق أن يصان القرآن الكريم بخاصة من أن يجعل مجالا يخوض فيه الخائضون مستخدمين ما تتوصل إليه العلوم من إنجازات. ذلك أن هذه الإنجازات تتصف بالتغير؛ كما يجب أن يصان العلم عن التفسيرات الفطيرة التي تتلبس بالدين.
وقد كتب ستيفن جاي جولد كتابا رائعا عن هذا الموضوع هو:
Rocks of Ages: Science and Religion in the Fullness of Life, 1999
(يُتْبَعُ)
(/)
"صخور العصور: العلم والدين في الحياة السعيدة" (وهذه الترجمة للعنوان مؤقتة حتى أصل إلى ترجمة أدق). وسأحاول أن أكتب له عرضا عما قريب إن شاء الله.
وختاما فإن كتاب "أبي آدم"، بالإضافة إلى المآخذ العلمية التي ذكرت، سيئ التأليف؛ إذ إن فيه كثيرا من الاضطراب والتكرار والحشو وسوء التنسيق. هذا في الأقسام التي عرضت لها من الكتاب؛ غير أن في الكتاب فصولا أخرى لا صلة لها بالعلم، وإنما هي تخرصات لا تستند إلى شيء. وأحسن ما في الكتاب كله تلك المواعظ الحارة التي يوردها المؤلف في كل صفحة تقريبا.
ومن المبالغة بمكان أن يقول الدكتور شاهين إن تأليف هذا الكتاب استغرق خمسة وعشرين عاما. وأظن أن الأقرب أن يقال إن هذا الموضوع شغله لهذه المدة الطويلة مما جعله يجمع المعلومات عنه، ويفكر فيه بين الحين والآخر. أما كتابة هذا الكتاب فعلا فلا أظنها استغرقت هذا الزمن الطويل.
وبعد ذلك كله، فإن من العجيب أن ينبري بعض الناس ليلغي حق الدكتور شاهين في أن يرى رأيا جديدا في تفسير القرآن الكريم. بل إن الأمر تجاوز إلغاء هذا الحق إلى التشكيك في دينه. والواقع أن هذا الكتاب يشهد على حسن نية مؤلفه (ولا نزكي على الله أحدا)؛ فهو لم يكذِّب آية في كتاب الله تعالى، ولم تصدر منه كلمة واحدة يمكن أن يفهم منها عدم إيمانه بالله خالقا.
أما فرضيته التي جاء بها فليست إلا واحدة من الاجتهادات التي سبقه إلى أمثالها المفسرون المسلمون على امتداد العصور. ومن أهم المفسرين المعاصرين الذين حاولوا إعطاء تفسيرات جديدة لبعض الآيات القرآنية، مستخدمين منجزات العلوم الحديثة فيها، طنطاوي جوهري والشيخ المراغي وسيد قطب رحمهم الله. ولم يشكك أحد في دينهم، ولم يعد أحد ما جاءوا به خروجا على الإسلام.
ولذلك فِإنه ينبغي، في رأيي، أن نميز بين أمرين: الأول هو أن فرضية الدكتور شاهين في تفسيره لآيات الخلق إنما هي تفسيرات بشرية يجوز عليها ما يجوز على التفسيرات الأخرى من القبول أو عدم القبول؛ والأمر الثاني أنه يجب ألا ينظر إلى هذا الاجتهاد على أنه خروج من المؤلف على الإسلام كما يرى بعض الناس.
أما فرضية المؤلف في هذا الكتاب فقد حاولت أن أبين هنا أنها ليس لها ما يسندها؛ ويجب أن تعامل على هذا الوجه. لكن هذا يجب ألا يتخذ ذريعة لمنعه من أن يرى تفسيرا مخالفا لما عهده الناس، ويجب ألا يتخذ ذلك ذريعة لاتهامه في دينه.
المصدر ( http://www.hmozainy.jeeran.com/fake.htm)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Aug 2005, 11:16 م]ـ
تاملات في قصة الخلق
على ضوء كتاب: أبي آدم، قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة (لفضيلة الدكتور عبد الصبور شاهين)
المؤلف: عبد الحق عقال ( http://www.islamiyyat.com/letter%20to%20dr%20shaheen.htm)
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[09 Aug 2005, 10:54 م]ـ
شكرا أخي الكريم الشهري على هذا الرابط الجميل: تأملات في قصة الخلق.(/)
شبهة مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب .. مقال لمحمد هادي معرفة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Jul 2005, 08:21 ص]ـ
هل كان ابن عباس يراجع أهل الكتاب في فهم معاني القرآن؟
سؤال أجيب عليه بصورتين: إحداهما مبالغ فيها، والأخرى معتدلة إلى حد ما، كانت مراجعته لأهل الكتاب ـ كمراجعة سائر الأصحاب ـ في دائرة ضيقة النطاق، في أمور لم يتعرض لها القرآن، ولا جاءت في بيان النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم تَعُد حاجة ملحة إلى معرفتها، ولا فائدة كبيرة في العلم بها كعدد أصحاب الكهف، والبعض الذي ضرب به موسى من البقرة، ومقدار سفينة نوح، وما كان خشبها، واسم الغلام الذي قتله الخضر، وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، ونحو ذلك مما لا طريق إلى معرفة الصحيح منه. فهذا يجوز أخذه من أهل الكتاب، والتحدث عنهم ولا حرج، كما ورد ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج))، المحمول على مثل هذه الأمور.
قال ابن تيمية: وفي بعض الأحيان يُنقل عنهم (عن بعض الصحابة مثل ابن مسعود وابن عباس وكثير من التابعين) ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: ((بلغوا عني ولو آيةً، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)). رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص، ولهذا كان عبدالله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما، بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك. ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية إنما تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها من الأمور المسكوت عنها، ولم نعلم صدقها ولا كذبها مما بأيدينا، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني، وقد أبهمه الله في القرآن، لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم.
ووافقه على هذا الرأي الأستاذ الذهبي، قال: كان ابن عباس يرجع إلى أهل الكتاب ويأخذ عنهم، بحكم اتفاق القرآن مع التوراة والإنجيل، في كثير من المواضع التي أُجملت في القرآن وفُصلت في كتب العهدين. ولكن في دائرة محدودة ضيقة، تتفق مع القرآن وتشهد له. أما ما عدا ذلك مما يتنافى مع القرآن ولا يتفق مع الشريعة، فكان لا يقبله ولا يأخذ به.
قال: فابن عباس وغيره من الصحابة، كانوا يسألون علماء اليهود الذين اعتنقوا الإسلام فيما لا يمس العقيدة أو يتصل بأصول الدين وفروعه، كبعض القصص والأخبار الماضية.
قال: وبهذا المسلك يكون الصحابة قد جمعوا بين قوله صلى الله عليه وسلم: ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج))، وقوله: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم)). فإن الأول محمول على ما وقع فيهم من الحوادث والأخبار، لما فيها من العظة والاعتبار، بدليل قوله بعد ذلك: ((فإن فيهم أعاجيب)). والثاني محمول على ما إذا كان المخبر به من قبلهم كان المخبر به من قبلهم محتملاً، ولم يقم دليل على صدقه ولا على كذبه. قال: كما أفاده ابن حجر، ونبه عليه الشافعي.
وأما المستشرقون فقد ذهبوا في ذلك مذاهب بعيدة، بالغوا فيها إلى حد ترفضه شريعة النقد والتمحيص. يقول العلامة المستشرق إجنتس جولد تسهير:
((وترى الرواية الإسلامية أن ابن عباس تلقى بنفسه ـ في اتصاله الوثيق بالرسول ـ وجوه التفسير التي يوثق بها وحدها. وقد أغفلت هذه الرواية بسهولة ـ كما في أحوال أخرى مشابهة ـ أن ابن عباس عند وفاة الرسول كان أقصى ما بلغ من السن (10 ـ 13) سنة)).
((وأجدر من ذلك بالتصديق، الأخبار التي تفيد أن ابن عباس كان لا يرى غضاضةً أن يرجع، في الأحوال التي يخامره فيها الشك، إلى مَن يرجو عنده علمها. وكثيراً ما ذُكر أنه كان يرجع ـ كتابةً ـ في تفسير معاني الألفاظ إلى مَن يُدعى (أبا الجلد) والظاهر أنه (غيلان بن فروة الأزدي) الذي كان يُثنى عليه بأنه قرأ الكتب)).
((وكثيراً ما نجد بين مصادر العلم المفضلة لدى ابن عباس، اليهوديين اللذين اعتنقا الإسلام: كعب الأحبار، وعبدالله بن سلام، كما نجد أهل الكتاب على وجه العموم، أي رجالاً من طوائف ورد التحذير من أخبارها ـ عدا ذلك ـ في أقوال تنسب إلى ابن عباس نفسه. ومن الحق أن اعتناقهم للإسلام قد سما بهم على مظنة الكذب، ورفعهم إلى مرتبة مصادر العلم التي لا تثير ارتياباً)).
(يُتْبَعُ)
(/)
((ولم يعدّ ابن عباس أولئك الكتابيين الذين دخلوا في الإسلام، حججاً فقط في الإسرائيليات وأخبار الكتب السابقة، التي ذكر كثيراً عنها الفوائد، بل كان يَسأل أيضاً كعب الأحبار مثلاً عن التفسير الصحيح للتعبيرين القرآنيين: (أم الكتاب) و (المرجان).
((كان يُفترض عند هؤلاء الأحبار اليهود، فهم أدق للمدارك الدينية العامة الواردة في القرآن وفي أقوال الرسول، وكان يُرجَع إلى أخبارهم في مثل هذه المسائل، على الرغم من ضروب التحذير الصادرة من جوانب كثيرة فيهم)).
هذه هي عبارة (جولد تسيهر) البادي عليها غلوه المفرط بشأن مُسلمة اليهود، ودورهم في التلاعب بمقدرات المسلمين، الأمر الذي لا يكاد يصدق في أجواء كانت السيطرة مع الصحابة النبهاء، إنما كان ذلك في عهد طغى سطو أمية على البلاد وقد أكثروا فيها الفساد.
وقد تابعه على هذا الرأي الأستاذ أحمد أمين، قال: ولم يتحرج كبار الصحابة مثل ابن عباس من أخذ قولهم. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم)). ولكن العمل كان على غير ذلك، وأنهم كانوا يصدقونهم وينقلون عنهم! وإن شئت مثلاً لذلك فاقرأ ما حكاه الطبري وغيره عند تفسير قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة).
وعقبه بقوله: وقد رأيت ابن عباس كان يجالس كعب الأحبار ويأخذ عنه، إشارة إلى ما سبق من قوله: وأما كعب الأحبار أو كعب بن ماتع فيهودي من اليمن، وأكبر من تسربت منهم أخبار اليهود إلى المسلمين، أسلم في خلافة أبي بكر أو عمر ـ على خلاف في ذلك ـ وانتقل بعد إسلامه إلى المدينة ثم إلى الشام. وقد أخذ عنه إثنان، هما أكبر مَن نشر علمه: ابن عباس ـ وهذا يعلل ما في تفسيره من إسرائيليات ـ وأبو هريرة.
نقد وتمحيص:
وإنا لنأسف كثيراً أن يغتر كتابنا النقاد ـ أمثال الأستاذ أحمد أمين والأستاذ الذهبي ـ بتخرصات لفقها أوهام مستوردة، فلنترك المستشرقين في ريبهم يترددون، ولكن ما لنا ـ نحن معاشر المسلمين ـ أن نحذو حذوهم ونواكبهم في مسيرة الوهم والخيال؟!
لا شك أن نبهاء الصحابة أمثال ابن عباس كانوا يتحاشون مراجعة أهل الكتاب ويستقذرون ما لديهم من أساطير وقصص وأوهام، وإنما تسربت الإسرائيليات إلى حوزة الإسلام، بعد انقضاء عهد الصحابة، وعندما تسيطر الحكم الأموي على البلاد لغرض العيث في الأرض وشمول الفساد، الأمر الذي أحوجهم إلى مراجعة الأنذال من مسلمة اليهود ومَن تبعهم من سفلة الأوغاد.
إن مبدأ نشر الإسرائيليات بين المسلمين كان في هذا العهد المظلم بالخصوص، حاشا الصحابة وحاشا ابن عباس بالذات أن يراجع ذوي الأحقاد من اليهود، ويترك الخلص من علماء الإسلام.
إن ابن عباس كان يستطرق أبواب العلماء من الصحابة بغية العثور على أطراف العلم الموروث من الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وقد سئل: أنى أدركت هذا العلم؟ فقال: بلسان سؤول وقلب عقول.
وإليك من تصريحات ابن عباس نفسه، يحذر مراجعة أهل الكتاب بالذات، فكيف يا ترى، ينهى عن شيء ثم يرتكبه؟!
التحذير عن مراجعة أهل الكتاب:
أخرج البخاري بإسناده إلى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس، قال: ((يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أُنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرأونه لم يشب (أي لم يخلطه شيء من غير القرآن)، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند اله ليشتروا به ثمناً قليلاً، أفلا ينهاكم ما جاءكم منن العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلاً قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم)).
وأخرج عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل إليكم)).
وأخرج عبدالرزاق من طريق حريث بن ظهير، قال: قال عبدالله بن عباس: ((لا تسألوا أهل الكتاب، فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم، فتكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل)).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الحديث وضح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في عدم تصديقهم ولا تكذيبهم، لأنهم كانوا يخلطون الحق بالباطل، فلا يمكن تصديقهم، لأنه ربما كان تصديقاً لباطل، ولا تكذيبهم، لأنه ربما كان تكذيباً لحق، فالمعنى: أن لا يُعتبر من كلامهم شيء ولا يترتب على ما يقولونه شيء. فلا حجية لكلامهم ولا اعتبار لأقوالهم على الإطلاق، إذن فلا ينبغي مراجعتهم ولا الأخذ عنهم في وجه من الوجوه.
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والبزاز من حديث جابر، أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء، فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو باطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني)). وفي رواية أخرى: ((لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ... )).
تلك مناهي الرسول صلى الله عليه وسلم الصريحة في المنع عن مراجعة أهل الكتاب إطلاقاً، لا في كبير ولا صغير، فهل يا ترى أحداً من صحابته الأخيار خالف أوامره وراجعهم في شيء من مسائل الدين والقرآن؟! كما حسبه الأستاذ أحمد أمين، زعم أن العمل كان على ذلك، وأنهم كانوا يصدقون أهل الكتاب وينقلون عنهم!
وأما الذي استشهدوا به على مراجعة مثل ابن عباس لليهود، فكله باطل وزور، لم يثبت منه شيء.
أما الذي جاء به الأستاذ مثلاً من قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) قال: فاقرأ ما حكاه الطبري وغيره عند تفسير الآية.
فقد راجعنا تفسير الطبري والدر المنثور وابن كثير وغيرها من أمهات كتب التفسير بالنقل المأثور، فلم نجد فيها ذكراً لكعب ولا مساءلته من قبل أحد من الأصحاب، أو غيرهم من التابعين أيضاً. ولم ندر من أين أخذ الأستاذ هذا المثال، ومن الذي عرفه ذلك، فأوقعه في هذا الوهم الفاضح.
وأما قوله: كان ابن عباس يجالس كعب الأحبار، وكان أكثر من نشر علمه ... ، فكلام أشد وهماً وأكثر جفاءً علىم ثل ابن عباس الصحابي الجليل، إذ لم نجد ولا رواية واحدة تتضمن نقلاً لابن عباس عن أحد من اليهود، فضلاً عن مثل كعب الأحبار الساقط الشخصية.
نعم، أشار المستشرق جولد تسيهر إلى موارد، زعم فيها مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب، ولعلها كانت مستند الأستاذ أحمد أمين تقليداً من غير تحقيق. ولكنا راجعنا تلك الموارد، فلم نجدها شيئاً، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً.
منها: أن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن تفسير تعبيرين قرآنيين: أم الكتاب، والمرجان.
روى الطبري بإسناده إلى عبدالله بن ميسرة الحراني: أن شيخاً بمكة من أهل الشام سمع كعب الأحبار يُسأل عن المرجان (الرحمان/ 22) فقال: هو البسذ.
لكن من أين علم جولد تسيهر أن الذي سأل كعباً هو شيخ مكة وزعيمها ابن عباس؟!
وكذا رُوي عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن شيبان، أن ابن عباس سأل كعباً عن أم الكتاب (الرعد/ 39) فقال: علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملن، فقال لعلمه: كن كتاباً، فكان كتاباً.
غير أن شيبان هذا ـ هو ابن عبدالرحمان التميمي مولاهم، النحوي أبو معاوية البصري المؤدب، سكن الكوفة ثم انتقل إلى بغداد ـ مات في خلافة المهد سنة (164) وكان من الطبقة السابعة، وعليه فلم يدرك ابن عباس المتوفى سنة (68) ولا كعب الأحبار الذي هلك في خلافة عثمان سنة (32). فالرواية مرسلة لم يعرف الواسطة، فكانت ساقطة عن الاعتبار.
وأيضاً رُوي عن إسحاق بن عبدالله بن الحرث عن أبيه، أن ابن عباس سأل كعباً عن قوله تعالى: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون) و (يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون) فقال: هل يؤودك طرفك؟ هل يؤودك نفسك؟ قال: لا، قال: فإنهم ألهموا التسبيح، كما ألهمتم الطرف والنفس.
وعبدالله هذا هو ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأصبح من فقهائها، وتحول إلى البصرة ورضيته العامة، واصطلحوا عليه حين هلك يزيد بن معاوية. توفي سنة (84) بالأبواء ودفن بها، وكان خرج إليها هارباً من الحجاج.
(يُتْبَعُ)
(/)
غير أن الطبري روى بإسناده إلى حسان بن مخارق عن عبدالله بن الحرث، أنه هو الذي سأل كعباً عن ذلك، قال: قلت لكعب الأحبار: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون ... ) أما يشغلهم رسالة أو عمل؟ قال: يا ابن أخي، إنهم جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتجيء وتذهب وأنت تتنفس؟ قلت: بلى! قال: فكذلك جعل لهم التسبيح.
قلت: يا ترى، هل كان هو الذي سأل كعباً أو أنه سمع ابن عباس يسأل كعباً؟ في حين أنه لا يقول: سمعت ابن عباس يسأله، بل مجرد أن ابن عباس سأله، الأمر الذي لا يوثق بكون الرواية منتهيه إلى سماع، والظاهر أنه إرسال.
على أنه من المحتمل القريب أن السائل هو بالذات، لكن ابنه إسحاق كره نسبة السؤال من مثل كعب إلى أبيه، فذكر الحديث عن أبيه مع إقحام واسطة إرسالاً من غير إسناد. ويؤيد ذلك أنه لم تأت رواية غير هذه تنسب إلى ابن عباس أنه سال مثل كعب، فالأرجح في النظر أنه مفتعل عليه لا محالة.
واستند جولد تسيهر ـ في مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب ـ أيضاً إلى ما رواه الطبري بإسناده إلى أبي جهضم موسى بن سالم مولى ابن عباس، قال: كتب ابن عباس إلى أبي جلد (غيلان بن فروة الأزدي، كان قرأ الكتب، وكان يختم القرآن كل سبعة أيام ويختم التوراة كل ثمانية أيام) يسأله عن ((البرق)) في قوله تعالى: (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً) فقال: البرق: الماء.
لكن في طبقات ابن سعد أن أبا الجلد الجوني ـ حي من الأزد ـ اسمه جيلان بن فروة، كان يقرأ الكتب. وزعمت ابنته ميمونة: أن أباها كان يقرأ القرآن في كل سبعة أيام، ويختم التوراة في ستة، يقرأها نظراً، فإذا كان يوم يختمها حُشد لذلك ناس.
لا شك أنها مغالاة من ابنته. يقول جولد تسيهر: ولا يتضح حقاً من هذا الخبر الغامض، الذي زادته مغالاةُ ابنته عموضاً، أي نسخة من التوراة كان يستخدمها في دراسته.
لأن التوراة المعهودة اليوم وهي تشتمل على (39) كتاباً تكون في حجم كبير، ثم هي قصة حياة إسرائيل طول عشرين قرناً، وفيها تاريخ حياة أنبياء بني إسرائيل وملوكهم ورحلاتهم وحروبهم طول التاريخ، وهي بكتب التاريخ أشبه منها بكتب الوحي. فهل كان يقرأ ذلك كله في ستة أيام؟ وما هي الفائدة في ذلك التكرار؟!
على أن راوي الخبر ـ وهو موسى بن سالم أبو جهضم ـ لم يلق ابن عباس ولا أدركه، لأنه مولى آل العباس، وليس مولىً لابن عباس. ففي نسخة الطبري المطبوعة خطأ قطعاً. قال ابن حجر: موسى بن سالم أبو جهضم مولى آل العباس، أرسل عن ابن عباس. وهو من رواة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر رضي الله عنه.
وأخيراً، فإن الموارد التي ذكروا مراجعة ابن عباس فيها لأهل الكتاب لا تعدو معاني لغوية بحتة، لا تمس قضايا سالفة عن أمم خلت كما زعموا، ولا سيما السؤال عن ((البرق))، وهو لفظ عربي خالص، لا موجب للرجوع فيه إلى رجال أجانب عن اللغة. كيف يا ترى يرجع مثل ابن عباس ـ وهو عربي صميم وعارف بمواضع لغته أكثر من غيره ـ إلى اليهود الأجانب؟! وهل يخفى على مثله ما للفظ البرق مفهوم؟ ثم كيف اقتنع بتفسيره بالماء؟ اللهم إن هذا إلا اختلاق!
الأمر الذي يقضي بالعجب، كيف يحكم هذا العلامة المستشرق حكمه البات، بأن كثيراً ما ذُكر أنه كان يرجع ـ كتابةً ـ في تفسير معاني الألفاظ إلى من يُدعى أبا الجلد؟! ويجعل مستنده هذه المراجعة المفتعلة قطعاً، إذ كيف يُعقل أن يراجع، مثله في مثل هذه المعاني؟!
وأسخف من الجميع تبرير ما نسب إلى ابن عباس من أقاصيص أسطورية جاءت عنه، بأنه من جراء رجوعه إلى أهل الكتاب في هكذا أمور بعيدة عن صميم الدين. قال الأستاذ أمين: وهذا يعلل ما في تفسيره من إسرائيليات. قال ذلك بعد قوله: وكان ابن عباس وأبو هريرة أكبر مَن نشر علم كعب الأحبار.
وقال الدكتور مصطفى الصاوي: وكثيراً ما ترد عن ابن عباس روايات في بدء الخليقة وقصص القرآن، مما لا يمكن أن يكون قد رجع فيها إلا إلى أهل الكتاب، حيث يرد هذا القصص مفصلاً، مثال هذا تفسيره للآية: (قالوا أتجعل فيها مَن يفسد فيها ويسفك الدماء) قال: لكنه حين يرجع إليهم مستفسراً، فإنما يرجع رجع العالم الذي يعير سمعه لما يقال، ثم يعمل فكره وعقله فيما يسمع، ثم ينخله مُبعداً عنه الزيف.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: إن كانت فيما رُوي عنه في ذلك وأمثاله غرابة أو غضاضة، فإن العتب إنما يرجع إلى الذي نسبه إلى ابن عباس، ترويجاً لأكذوبته، ولا لوم على ابن عباس في كثرة الوضع عليه. نعم ولعل هذه الكثرة في الوضع عليه آية على تقدير له وإكبار من الوُضاع، لكنه في نفس الوقت، رغبة منهم في أن تنفق بضاعتهم، موسومةً بمن في اسمه الرواج العلمي. وقد اعترف بذلك الدكتور الصاوي، فلماذا حكم عليه ذلك الحكم القاسي؟!
فالصحيح: أن ابن عباس كان في غنى عن مراجعة أهل الكتاب، وعنده الرصيد الأوفى بالعلوم والمعارف والتاريخ واللغة، ولا سيما في مثل تلكم الأساطير السخيفة التي كانت كل ما يملكه اليهود من بضاعة مزجاة كاسدة، بل إن موقف ابن عباس من أهل الكتاب عموماً، ومن كعب الأحبار خصوصاً، ما يصوره معتزاً بدينه كريماً على نفسه وثقافته.
يُروى أن رجلاً أتى ابن عباس يبلغه زعم كعب الأحبار: أنه يُجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيُقذفان في النارّ فغضب ابن عباس وقال: كذب كعب الأحبار، كذب كعب الأحبار، كذب كعب الأحبار، بل هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام.
يقال: لما بلغ ذلك كعباً، اعتذر له بعدُ وتعلل.
وربما كان كعب يجالس ابن عباس يحاول مراودته العلم فيما زعم، فكان ابن عباس يجابهه بما يحط من قيمته. روي أنه ذكر الظلم في مجلس ابن عباس، فقال كعب: إني لا أجد في كتاب الله المنزل (يريد التوراة) أن الظلم يخرب الديار، فقال ابن عباس: أنا أوجدكه في القرآن، قال الله عزوجل: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا).
هذه حقيقة موقف ابن عباس من اليهود كما ترى، وهو إذ كان يدعو إلى تجنب الرجوع إلى أهل الكتاب، لما يدخل بسبب ذلك من فساد على العقول وتشويه على العامة، فكيف يا تُرى أنه اكن يرجع إليهم رغم نهيه وتحذيره! وهل لا طرق سمعه، وهو الحافظ لكلام الله (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)، فحاشا ابن عباس أن يُراجع أهل الكتاب، وحاشاه حاشاه!!
منقول
تنبيه: الكاتب من علماء الشيعة ـ وله كتاب كبير عن التفسير والمفسرين
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Jul 2005, 12:12 ص]ـ
شكر الله لك ابا مجاهد هذا النقل , وإنكار عدم نقل ابن عباس عن أهل الكتاب بالكلية مكابرة مع ثبوت ذلك , وكنت قد طرحت هذا الموضوع قبل فترة بعنوان: سلسلة مشكل التفسير (1) وكانت هناك مداخلات قيمة لبعض الإخوة تحت هذا الرابط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=42&highlight=%D3%E1%D3%E1%C9)(/)
ما تعليق المتخصصين الفضلاء على هذا المقال بعنوان (العَجَزَة) للدكتور حمزة المزيني؟
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[10 Aug 2005, 02:52 م]ـ
منذ مدة اطلعت على هذا المقال في جريدة الوطن السعودية بعنوان (العجزة) - ج عاجز - للدكتور حمزة بن قبلان المزيني حول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية. وفي ذهني منذ قرأته أن أسأل المتخصصين الفضلاء في هذا الملتقى العلمي الرائع عن ما اشتمل عليه هذا المقال من رأي قد يوافق الكاتب عليه وقد يختلف معه، لكن المقصود في النهاية هو الفائدة العلمية المرجوة من ذلك. وأرجو أن أقرأ رأي الدكتور مساعد الطيار والدكتور عبدالرحمن الشهري وفقهما الله في هذا المقال إن اتسع وقتهما لذلك. ودونكم المقال مع مصدره.
العَجَزَة
الكاتب: أ. د.حمزة بن قبلان المزيني
من الظواهر البارزة التي صاحبت ما يسمى بـ"الصحوة" في الثلاثين سنة الماضية ظاهرة الاهتمام بما يسمى بـ"الإعجاز العلمي في القرآن"، و"الإعجاز العلمي في السنة النبوية"، بعد ذلك. وهي التي يزعم المهتمون بها أن القرآن الكريم يتضمن هو والسنة النبوية المطهرة إشارات واضحة إلى الاكتشافات العلمية التي أنجزت في إطار الجهود العلمية المعاصرة.
ولا أريد هنا تكرار ما سبقني إليه كثيرون من الإشارة إلى خطر القول بالتوافق بين بعض الإِشارات في القرآن الكريم والسنة النبوية للظواهر الكونية وبين النظريات العلمية المعاصرة. ذلك أن العلم بطبيعته متغير دائما وهو ما يمكن أن يجعل النصين الكريمين عرضة للتلعب بسبب هذا التغير الحتمي.
أما ما أريد الإشارة إليه فهو أن المهتمين بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لا يَذكرون لقرائهم وسامعيهم أن لزعم التوافق بين الاكتشافات والنظريات العلمية المعاصرة والقرآن الكريم والسنة النبوية ما يماثله في الديانات الأخرى.
وربما كان الجهل بهذه الحقيقة هو السبب الذي يجعل هؤلاء يُغفلون الإشارة إليها، وهذا احتمال بعيد؛ ذلك أن كثيرا من هؤلاء يقرأون باللغة الإنجليزية، في الأقل، وهي التي كُتب بها كثير من الكتب والمقالات عن هذه الظاهرة في مختلف الأديان. أما السبب الأكثر احتمالا فهو شعورهم بأن هذه الإشارة تضعف، بل تقضي، على هذا الزعم. ذلك أن ما كُتب عن هذه الظاهرة في الأديان الأخرى يبيِّن أنها زعم باطل.
وأود هنا أن أورد بعض ما كُتب عن هذه الظاهرة في الأديان الأخرى لكي نتبين أن هذا الزعم لا يعدو أن يكون نتيجة للتنافس العظيم بين هذه الأديان في العصر الحاضر على المكانة وعلى استقطاب المؤمنين بها حتى لا يخرجوا عنها. وربما يكون كذلك نتيجة لتهديد العلم المعاصر لبعض التفسيرات التقليدية القديمة لبعض الظواهر الكونية التي لُبِّست لبوسا دينيا. لهذا يأتي هذا الزعم بقصد الحفاظ على النظرة القديمة التي تقول بأنه يمكن تفسير هذه الظواهر من خلال النصوص الدينية.
وليس هذا الزعم مقصورا على الديانات السماوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام؛ فهو موجود في الديانات غير السماوية كذلك، ومنها، مثلا، البوذية التي ذكر أحد علماء الفيزياء المشهورين، في مقال نشره في سنة 1989 أن هناك أكثر من ستين كتابا تزعم كلها أنها اكتشفت توافقا واضحا بين النصوص البوذية المقدسة والاكتشافات والنظريات العلمية المعاصرة.
أما في المسيحية فيكفي أن تبحث في شبكة المعلومات لتجد مئات المواقع التي تهتم بتأكيد الزعم بالتوافق بين الكتاب المقدس والاكتشافات والنظريات العلمية المعاصرة. ومن أوضح الأمثلة على هذا المنحى تلك الجهود التي يقوم بها بعض الناشطين المسيحيين لتفسير نشأة الكون وأصل الإنسان وتطورهما انطلاقا من نصوص الكتاب المقدس في مقابل النظريات الفيزيائية والأحيائية التي تقول بنشأتهما وتطورهما بكيفيات لا تنطلق من المعتقدات الدينية في الكتاب المقدس. ويكفي أن تبحث عن "نظرية الخلق العلمية" Scientific Creationism و"التصميم الذكي" Intelligent design لكي تتبين مدى التلعب بالنظريات العلمية وتشويهها بحثا عن هذا التوافق.
وكذلك الأمر في اليهودية؛ فهناك عدد كبير من الناشطين الذين يزعمون أن التوراة تتضمن إشارات واضحة إلى المنجزات العلمية المعاصرة، وهو ما يعني سبقها لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن تلك الأمثلة كتاب "علم الله: التوافق بين الحكمة العلمية وحكمة الكتاب المقدس" The Science of God: The Convergence of Scientific and Biblical Wisdom, Free Press, 1997
من تأليف عالم الدين اليهودي جيرالد شرويدر. وقد كتب البروفيسور إيليا ليبوفيتش، رئيس قسم علوم فيزياء الفضاء في كلية الفيزياء وعلوم الفلك في جامعة تل أبيب، عرضا ضافيا لهذا الكتاب نشرته جريدة هاآرتس الإسرائيلية في 21 مايو، 2002 بعنوان: "الديناصورات في جنة عدن" Dinosaurs in the Garden of Eden.
ويقول ليبوفيتش إنه يبدو أن شرويدر "مصمم على أن يكتشف، لنفسه في الأقل، أن بعض الإِشارات الغامضة في الكتاب المقدس تشهد بأن كثيرا من النظريات الأساسية وكثيرا من التخصصات العلمية التي تتصل بهذا العالَم، لا العالم الآخر، مثل: علوم الفضاء وعلم الإحاثة وعلم طبقات الأرض وعلوم الكون وعلوم التطور الأحيائي، موجودة في ذلك الكتاب".
ويشير إلى أن شرويدر يرى أن "ما تَعرفه أو تظن أنك تعرفه، في العلم المعاصر الذي يتصف بأنه ثمرة للجهد البشري، ليس كافيا. بل لابد، كما يرى، أن تجد له إشارة في التوراة أو الأقسام الأخرى من الكتاب المقدس".
ويرى ليبوفيتش أنه يمكن تصنيف هذا الكتاب في عداد "الكتب الاعتذارية"، وهي كتب "براجماتية" يقصد بها الدفاع ضد أنواع الهجوم على الأدب اليهودي والفلسفة اليهودية والشريعة اليهودية، التي يوجِّهها غير اليهود. وكثيرا ما يؤدي مثل هذا النهج الاعتذاري إلى أن يقدِّم المؤلفُ الحقائقَ العلمية والتاريخية بأشكال غير دقيقة أو متحيِّزة. وهو موجَّه لليهود في الأساس، خاصة أولئك المشتغلين بالعلوم الطبيعية الذين يغلب عليهم أن يكونوا علمانيين.
ومن الطرائف التي يذكرها ليبوفيتش عن هذا الكتاب زعم المؤلف بصورة جادة أن أحد المقاطع في التوراة يشير إلى ما تقول به بعض النظريات العلمية، مثل نظرية الأوتار string theory الفيزيائية، من وجود ستة وعشرين بُعْدا في الكون ـ أربعة منها معروفة، وهي الطول والعرض والارتفاع بالإضافة إلى الزمن، أما الاثنان والعشرون بعدا الباقية فَخفيَّة. ويأتي دليل المؤلف على هذا الزعم من أن عدد أسماء الله في هذا المقطع ستة وعشرون. وبما أن الكلمة التي تعني "خفيّ" في العبرية هي alum فهي التي أخذت منها الكلمة التي تعني "العالَم" olam وهي كلمة تؤول دلاليا على أن لها صلة بـ alum ( وكنت كتبتُ مقالا، في مثل هذا السياق، عن هذا الاحتجاج الاشتقاقي الزائف بعنوان "الزيف الاشتقاقي").
ويشير ليبوفيتش إلى المشكل الذي يواجه المؤلف وهو أن بعض علماء الفيزياء اقترح مؤخرا أشكالا لنظرية الأوتار لا تحوي أكثر من عشرة أوتار أو أحد عشر وترا، فهل يريد المؤلف أن يجعل من دليله اللغوي مرجِّحا لبعض النظريات الفيزيائية على بعض؟
ومن الطرائف الأخرى التي يذكرها ليبوفيتش زعم المؤلف بأنه يجب أن نبحث في التوراة عن إشارات واضحة لوجود الديناصورات التي انقرضت قبل ستين مليون سنة.
ويختم ليبوفيتش عرضه بالقول إن "من الواضح أن العلم نتاج للروح البشرية، وهي التي ظلت تطوِّره بصورة مثابِرة واستطاعت أن تُحقق، بجهود عالية، قدرا عاليا من الإنجازات الناجحة، بالرغم مما تعرضت له، في مسار ما أنجزتْه، من مرات الفشل وخيبة الأمل. وقد حدثت هذه الإنجازات خلال عشرات الآلاف من السنين من حياة الإنسان على وجه الأرض".
والشبه واضح جدا بين عمل شرويدر وكثير من الكتب والمقالات والبرامج المتلفزة التي تزعم أنها تكتشف أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يتضمنان كثيرا من الإشارات الصريحة والضمنية لما اكتشفه رواد العلوم الطبيعية المعاصرة. ويرى أولئك أن هذه الإشارات تمثل نوعا من "الإعجاز" الذي يدعو إلى تعزيز إيمان المسلم بأن هذا القرآن الكريم وحي من الله تعالى.
وقد جاء هذا النوع من الاهتمام بالإعجاز العلمي بديلا للاهتمام القديم بالبحث عن أوجه الإعجاز اللغوي وغيره مما كان يراه الأقدمون أدلة على إعجاز القرآن الكريم للبشر.
ومن أوجه الشبه الأخرى بين كتاب شرويدر وما يراه المهتمون المسلمون بهذا النوع من البحث أن هؤلاء كثيرا ما يأتون بآراء علمية غير صحيحة. ومنها ما زَعمه أحدُهم من أن مكة المكرمة تمثل مركز الكون وأن تركيبها الجيولوجي يحميها من الزلازل، وأن حرة المدينة المنورة تحوي آلاف البراكين التي ستثور يوما ما محققة بعض النبوءات التي وردت في بعض الأحاديث. وقد رد بعض الجيولوجيين المسلمين، سعوديين وغير سعوديين، هذه الادعاءات التي نبعت من تهويمات الاهتمام الزائد بالإعجاز العلمي.
أما تسميتي لهؤلاء بالعَجَزَة فسببها أن هؤلاء في الواقع لا ينتجون علما ينفع المسلمين في حياتهم. إذ شغلتهم هذه المباحث غير المجدية التي تقوم على تقدير إنجازات "الكفار"، في الأساس.
ومن عجز هؤلاء أنهم لم يسألوا أنفسهم عن السبب الذي جعل المسلمين يغفلون عن هذه الإشارات في القرآن الكريم الذي ظلوا يقرأونه صباح مساء طوال ألف وأربعمئة سنة أو تزيد ـ إن كانت موجودة؟ ولماذا استطاع "الكفار"، وحدهم تقريبا، الوصول إلى هذه الاكتشافات في حين ظل المسلمون إلى الآن عاجزين، في الغالب، حتى عن الاستفادة منها والإسهام في تطويرها واستنباتها في البيئة الإسلامية؟
إن الاشتغال بالبحث عن أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بهذه الطريقة دليل على ما وصلت إليه "الصحوة" من قدرة عجيبة على تغييب الحس النقدي وتعطيل إعمال الفكر عما يمكن أن يطور المعرفة البشرية. كما يدل على غلبة الخطاب الوعظي على الخطاب العلمي؛ وهو خطاب لا يتورع عن استخدام مختلف الطرق لتغييب الوعي وتعطيل العقل.
لذلك فنصيب هذه الجهود من الصحة لا يتجاوز نصيب ما يمثلها في الديانات الأخرى، وهو ما يؤكد عقمها وإضاعة الوقت في الانشغال بها.
المصدر - جريدة الوطن السعودية ( http://www.alwatan.com.sa/daily/2005-07-14/writers/writers02.htm)
الخميس 8 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق 14 يوليو 2005م العدد (1749) السنة الخامسة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نصرمنصور]ــــــــ[12 Aug 2005, 07:39 ص]ـ
صلب الموضوع يحتاج إلى تأمل، وفيه حق وباطل، وخطأ وصواب من وجهة نظري - مع الاعتذار عن التطفل بين يدي مشايخنا الكرام -.
غير أن الذي يلفت النظر في مقالات هذا الكاتب هو ربطه بين كل شيء وبين الصحوة ربطاً يوحي بعداوة شديدة يحملها هذا الرجل لكل شيء له صلة بالصحوة.
وإلا فموضوع الإعجاز الآن صار حمى مستباحاً، كل يتكلم فيه ...
ويذكرني هذا الموضوع - مع الفارق - بهجوم شنه أحد الحاقدين على الإسلام على الإعجاز العلمي في القرآن، وعنوانه: (أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن) ولولا ما في هذا المقال من السوء والوقاحة لنقلته هنا، ففيه بعض التنبيهات التي قد تفيد الباحثين في الإعجاز.
ـ[صهيب بن هاديء]ــــــــ[12 Sep 2009, 08:49 ص]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله:
اولا: كون هناك اشتراك في نص ذا طابع اعجازي من الناحية العلمية بين القرآن الكريم والكتاب المقدس لا ينفي كونه نصاً اعجازياً لو ان معني النص القرآني يحتمل هذه الحقيقة العلمية المقطوع بها لا المتغيره فهل كونه ورد عند اهل الكتاب ينفي اعجازه؟ يقيناً لا
ياتي سؤال وهو: اذن هذا يثبت صحة الكتابين؟ بالطبع لا ايضاً لاننا نقول بالتحريف والتحريف واقع وكل علماء الغرب النقدين يقولون بالتحريف وحتي بعض رهبان مصر.
ونحن لا ندعي أن أصل الكتاب مؤلف بل اصله وحي لكن لا نقبله لانه فقد السند من ناحية بالاضافة الي جهالة معظم مؤلفيه وحدث فيه التحريف من ناحية آخري ((وهذا هو محل النزاع)) ونحن نقبل نبوات الكتاب واشارته للنبي صلي الله عليه وسلم علي الرغم من حدوث تحريفه.
ثانياً: كل ما ذكره الاستاذ الفاضل مجرد دعاوي، انا لا انكر وجود مواقع تتكلم عن الاعجاز العلمي في الكتاب المقدس أو غيره _مثل البوذية_ لكن هل ثبت هذا بالفعل؟؟
فاثبات وجود نص ذا طابع اعجازي في الكتاب المقدس عسير الي أقصي حد لانه يتطلب الي:_
1_ الرجوع الي الاصول المكتوبة باللغات الاصلية ((العبرية والارامية والسامرية واليونانية ... الخ))
2_ التحقق ان هذا النص ليس محرف او فيه مشكلة نصية او دخيل علي المخطوطات.
3_ والتحقق من ان دلالة النص تنطبق علي حقيقة علمية مقطوع بها لا متغيره. وهنا حدث ولا حرج علي التفسير الرمزي والباطني لنصوص الكتاب المقدس مثل ان علاقة الحب الشهوانية بين شاب وفتاة ووصف جسدها تفصيلياً في سفر نشيد الاناشيد في العهد القديم هو عبارة عن علاقة الله بشعب الكنيسة .... فماذا تتوقعون من طائفة تفسر بمثل هذه الطريقة؟
ثالثاً: الكتاب المقدس لا يزال يحرف وهناك فرصة للاقتباس من القرآن والسنه في ترجماته بل والاضافة المباشرة من اي مصدر بشري علي هذه الترجمات العربية والانجليزية،، والمواقع التي تتكلم عن الاعجاز العلمي في الكتاب المقدس تتكلم من الترجمات لا الاصول ((لأن الاصول الي حد ما اصبحت مقيده)) وآخر محاولة كانت لزكريا بطرس عندما قال ان كلمة علقة مكتوبة في الكتاب المقدس وعندما طالبناه بترجمة واحده فيها هذه الكلمة عجز،، لكن بسهولة ممكن تضاف في اي ترجمة عربية تاليه ........ ثم كيف نتحدث عن البوذية وهي نص حر؟؟، هل احد تابع تطور كتب البوذية، لوان كتب البوذية فيها نص ذا طابع اعجازي فهل نستطيع ان نعلم كون هذا النص اصيل في هذه الكتب ام مضاف منذ يومين بعد ثبوت الحقيقة العلمية؟؟ وكذا اي نص حر آخر.
رابعاًَ: كل هذه الكتب ما وجدنا فيها الا الخرافات والمخالفات لبديهيات العلوم وما وجدت ((الي الان)) نصاً واحداً ثبت انه ذا دلالة اعجازية بل المواقع التي تتكلم عن خرافات الكتاب المقدس ومخالفته للعلم بالالاف. وهذه المحاولات لاثبات وجود طابع اعجازي يذكر صاحب المقال نفسه انها تلفيق:
((ويكفي أن تبحث عن "نظرية الخلق العلمية" Scientific Creationism و"التصميم الذكي" Intelligent design لكي تتبين مدى التلعب بالنظريات العلمية وتشويهها بحثا عن هذا التوافق.))
((وكثيرا ما يؤدي مثل هذا النهج الاعتذاري إلى أن يقدِّم المؤلفُ الحقائقَ العلمية والتاريخية بأشكال غير دقيقة أو متحيِّزة. وهو موجَّه لليهود في الأساس، خاصة أولئك المشتغلين بالعلوم الطبيعية الذين يغلب عليهم أن يكونوا علمانيين.))
((وكنت كتبتُ مقالا، في مثل هذا السياق، عن هذا الاحتجاج الاشتقاقي الزائف بعنوان "الزيف الاشتقاقي))
خامساً: لو ثبت ان ايه في كتاب الله عز وجل تتكلم عن حقيقة كونية أو حقيقة جغرافية أو حقيقة تاريخية او بيلوجية مقطوع بها لا متغيره بالضوابط التي يحددها العلماء اي تصح دلالة الاية من ناحية اللغة ومن ناحية عدم مخالفتها للتفسير السلفي فكل الهراء الذي ذكره الكاتب لا يدفع الاستشهاد بهذا الامر ولا يمنع من دعوة اهل الكتاب وغيرهم الي دين الله عز وجل بمثل هذه الايات الكريمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ Amara] ــــــــ[12 Sep 2009, 01:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
ما يجب أن ننبه عليه أنه لا يجب أن يتكلم المرء بغير علم، و الذي أراه أن الأمر تتداخل على العلماء حتى قالوا في غير مواضع قولهم ..
إننا إذا أردنا التداوي ذهبنا إلى الطبيب
و إذا أردنا صنع طاولة ذهبنا إلى النجار
أما إذا أردنا الإسلام فكلنا نتحدث فيه .. سبحان الله ..
كم أهيب بفضيلة علمائنا أن يلتزموا بما علموا .. و أن لا يقدح كلام قرأوه في كتاب لجيرالد شرويدر أو إيليا ليبوفيتش، في عظمة ما بين أيديهم ..
لا مجال للمقارنة هنا بين كلام الله المحفوظ و غيره؟
فمال أرى الناس أخذهم هذا الوهم؟
و من أين يأتي تغييب الحس النقدي .. ممن يتدبر ما في الكتاب .. أو ممن ينكر مافيه من غزير العلم ..
أم أن الانفتاح العلمي يأتي من هذ القرآن هذا كهذ الشعر لا يتجاوز التراقي .. يتخلف به العلماء عن بيان الحق ..
من هم الذين يغيبون الحس النقدي أهؤلاء الذين اجتمعوا على القرآن ..
أم أولئك الذين بعثروا أموال الأمة في القنوات الغنائية الهزلية و امتلاك الطائرات و السيارات و القصور ..
لماذا لا نكلم أولئك و نصب جام غضبنا على من يتعلم القرآن و نصمه بالعجز ..
من هو العاجز؟
أهو من تدبر آية في الكتاب؟ أم من أعرض عن آيات؟
ـ[ Amara] ــــــــ[12 Sep 2009, 01:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
ما يجب أن ننبه عليه أنه لا يجب أن يتكلم المرء بغير علم، و الذي أراه أن الأمر تتداخل على العلماء حتى قالوا في غير مواضع قولهم ..
إننا إذا أردنا التداوي ذهبنا إلى الطبيب
و إذا أردنا صنع طاولة ذهبنا إلى النجار
أما إذا أردنا الإسلام فكلنا نتحدث فيه .. سبحان الله ..
كم أهيب بفضيلة علمائنا أن يلتزموا بما علموا .. و أن لا يقدح كلام قرأوه في كتاب لجيرالد شرويدر أو إيليا ليبوفيتش، في عظمة ما بين أيديهم ..
لا مجال للمقارنة هنا بين كلام الله المحفوظ و غيره؟
فمال أرى الناس أخذهم هذا الوهم؟
و من أين يأتي تغييب الحس النقدي .. ممن يتدبر ما في الكتاب .. أو ممن ينكر مافيه من غزير العلم ..
أم أن الانفتاح العلمي يأتي من هذ القرآن هذا كهذ الشعر لا يتجاوز التراقي .. يتخلف به العلماء عن بيان الحق ..
من هم الذين يغيبون الحس النقدي أهؤلاء الذين اجتمعوا على القرآن ..
أم أولئك الذين بعثروا أموال الأمة في القنوات الغنائية و و ..
لماذا لا نكلم أولئك و نصب جام غضبنا على من يتعلم القرآن و نصمه بالعجز ..
من هو العاجز؟
أهو من تدبر آية في الكتاب؟ أم من أعرض عن آيات؟(/)
فرضيّةُ (الشعوب الساميّة، واللغات الساميّة) فرضيّةٌ خرافيةٌ لا أصل لها
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Aug 2005, 02:10 م]ـ
للدكتور / عودة الله منيع القيسي.
توطئة
قد تستغرب، أخي القارئ، عندما يقال، إن فرضيّة الشعوب الساميّة، واللغات الساميّة .. فرضيّة خرافية لا أصل لها! وأنت معذور في هذا الاستغراب، لأنك تسمع هذا الإنكار لوجودها، لأول مرّة. ولكنها الحقيقة كما يتبين لك، من خلال هذا البحث!
وأنت تذكر أن المعتصم –الخليفة العباسي- قرّر أن ينتقم لشرف امرأة مسلمة، رفع علج من عُلوج الروم ثوبها عن جسَدها، فقالت: وامعتصماه! امستغيثةً بالمعتصم، وقد استدعى المعتصم المنجمين، ليروا: متى يستطيع أن يفتح عمّوريّة- بلد ذلك العلج؟ فقالوا: لن تفتح قبل نضج التين والعنب!
بَيْدَ أن المعتصم ضرب بكلامهم عُرْض الحائط، فأعدّ جيشاً وتوجّه لعمورية في سنة ثلاث وعشرين ومئتين للهجرة، ففتحها، وحرّقها، وسجّل هذه الواقعة العظيمة الشاعر العباسيّ العظيم –أبو تمام في قصيدته البائية المشهورة، ثم .. عرّج على المنجمين، فسخر من علمهم، فقال:
أين الروايةُ، بل أين النجومُ وما **صاغوه من زُخرفٍ فيها ومن كَذِبِ؟
تَخَرُّصاً، وأحاديثاً مُلفّقةً**ليست بَنَبْعٍ، إذا عُدّتْ، ولا غَرَب
وأنا أقول كما قال أبو تمام: إن ما زعمه العلماء الغربيون المهتمون بالبلاد العربية وباللغات "العربية" هو كتنبؤ المنجمين للمعتصم. ليس إلا "تخَرُّصاً وأحاديثاً ملفقة"، حقيقة لا يمكن دَحْضها.
كيف تكشّفتْ لي هذه الحقيقة ومتى؟
قبل أربعة أشهر تقريباً كنت أُعِدُّ لموضوع طرقه بعض لغويينا القُدامى، وهو أن العربية "الفصحى" إلهامية، وليست اصطلاحية، بيدَ أنهم اكتفوْا بإحساسهم أن الفصحى لغة عظيمة لا يمكن أن تكون من صُنع البشر. وأنا- بعد اطلاعي على كثير من قواعد العربية، ومن قوانين فقهها- اقتنعت، معهم، أنها "إلهامية". ولكنيّ رأيت ألا أكتفي بهذه القناعة، غير مُدلّل عليها تدليلاً علميّاً، فأخذت أبحث في كتب (فقه اللغة) - إضافة إلى كتب النحو والصرف.
وفي إحدى الأمسيات كنت أقرأ في كتاب: (دراسات في فقه اللغة- للمرحوم الدكتور صبحي الصالح)، فقرأت العبارة الآتية: (والتسمية .. لم تخترع اختراعاً، فهي مقتبسة من الكتاب المقدس الذي ورد فيه أن أبناء –نوح- هم سامٌ وحامٌ ويافتُ، وأنه من سُلالتهم تكونت القبائل والشعوب ([1]). [ويقصد بالتسمية تسمية شعوب هذه المنطقة (أي: الجزيرة العربية، والعراق، وسوريا الكبرى) "بالشعوب الساميّة" ولغاتها "باللغات الساميّة"!!
فطرقت عقلي .. "فكرةٌ": هبْ معي ([2]) أن هذا القول لم يرد إلا في التوراة .. أنصدقه ونأخذ به ونعتمده؟ والتوراة .. غير موثوقة عندنا، لأن رسولنا - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولاتكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله، وما أنزل" ([3]). أيْ: ما أنزل من التوراة والإنجيل، قبل التحريف، وما أنزل من القرآن الكريم الذي حفظه الله تعالى من التحريف.
والتوراة .. غير موثوقة لثلاثة اعتبارات: الأول: ما ورد في القرآن مثل قوله: "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عند الله، ليشتروا به ثمناً قليلاً، فويل لهم مما كتبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون" (البقرة: 79).
والثاني: قول رسولنا الأعظم .. السابق.
والثالث: أن التوراة غير موثقة ([4]) أولاً: لما ذكر القرآن من تحريفها. وثانياً: لأنها لم تكتب إلا بعد وفاة موسى –عليه السلام- بسبعة قرون! (لاحظ .. أن الحديث النبوي الشريف كُتب جُلّه، بعد وفاة رسولنا - صلى الله عليه وسلم- بقرن إلى قرنين .. ومع ذلك .. فقد جمع البخاري –رضي الله عنه- مئة ألف حديث، ولكنه لم يُثبت منها في (صحيحه) إلا ستة آلاف حديث ونيّفاً، أي: لم يثبت إلا ستة بالمئة مما جمع (6%). فكيف بكلام لم يُدَوّن إلا بعد سبع مئة سنة؟).
هذا .. فضلاً عن أن الحديث "مُوَثّق" بسلسلة رواة، والتوراة ليس لها سلسلة رواة! ومع هذا .. فلا يزال نقاد الحديث يجدون بعض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، في كتب الحديث .. إما لضعف في سلسلة الرواة، وإما لأن متن الحديث .. فيه قولان.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفوق هذا .. فقد كُتب معظم التوراة، واليهود في السَّبي، في العراق، مما جعل كثيراً من الأقوال والخرافات الآشورية، والبابلية والسُّومرية .. تتسرّب إليها!.
أبعد هذا .. يصحّ أن تُتّخذ أخبار التوراة مصدراً "موثوقاً" إذا لم تدعمْها مصادر أخرى؟ طبعاً .. "لا يصح" إلا إذا دعمتها مصادر أخرى، والمصادر الأخرى .. لا تدعمها.
والمصادر الأخرى التي نبحث فيها، إذ قد نجد فيها شيئاً يدعم هذا الخبر بالذات، (وهو أن أبناء نوح، عليه السلام، هم: سام وحام ويافث) - هي أربعة:
1. القرآن الكريم.
2. الحديث النبوي الشريف.
3. التاريخ القديم.
4. النقوش التي استخرجتها الحفريات.
* القرآن الكريم:
ما ورد في القرآن الكريم .. يشير إلى أن ذرية نوح -عليه السلام- هم الباقون: "وجعلنا ذريته هم الباقين" (الصافات: 77) دون أن يذكر القرآن أسماء ذريته أو أسماء بعضهم، ثم .. هم الباقون من "قومه" لا من جميع الأقوام، بدلالة أن الله تعالى قال: "وأُوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من - قومك- إلا من قد آمن، فلا تبتئس بما كانوا يفعلون. واصنع الفلْك بأعيننا ووحينا، ولا تخاطبني في الذين ظلموا، إنهم مغرقون" (هود: 36/ 37)، والمغرقون هم الذين لم يؤمنوا من –قومه- بدلالة قوله تعالى: "لن يؤمن من قومك". وبدلالة أن الصينيين والفرس لم يسمعوا بهذا الطوفان (انظر: سعد زغلول- تاريخ العرب قبل الإسلام- 83).
* الحديث الشريف:
استدعيْت بواسطة الحاسوب مادة (سام، حام، يافت) فلم أجدْ إلا حديثاً واحداً "موضوعاً" ([5]) ضعّف أحد رجاله يحيى ابن معين والبخاري –رحمهما الله- والراوي المضعّف هو: محمد ابن يزيد ابن سنان. ثم راوٍ آخر هو: يزيد ابن سنان. قال البخاري: مقارب الحديث ([6]) ولكنْ ضعّفه يحيى ابن معين وجماعة ([7]).
والراوي المضعَّف لا يؤخذ بالحديث الذي يكون واحداً من سلسلة رواته، إلا إذا رُويَ الحديث من طريقة أو طرق أخرى.
والحديث هذا الموضوع هو: "وَلَدُ نوح" سام وحام ويافث. فولد سام العرب وفارس والروم، والخير فيهم، وولد يافث، يأجوج ومأجوج، والترك والصقالبة، ولا خير فيهم، وولد حام .. القبط والبربر والسودان" ([8]).
وهذا الحديث مردود "متناً" أيضاً، فلماذا العرب والفرس والروم .. الخير فيهم؟ ولماذا الترك والصقالبة .. لا خير فيهم؟ إن الواقع "يكذّب" هذا. فليس العرب والفرس والروم خيراً من الترك والصقالبة. والرسول –الصادق الأمين العادل- لا يقول مثل هذا أبداً، ثم .. إن الفرس والروم .. جنسان مختلفان، الفرس شرقيون والروم غربيون، فليسوا من أصل واحد.
حاصل هذا .. أن الرسول الأعظم لم يقل: أولاد نوح هم: سامٌ وحامٌ، ويافثُ، والمؤكد أن الذي صنع هذا القول: وسمّاه حديثاً قد اعتمد على ما في التوراة هذه التي لا ثقة بأخبارها، فهو إمّا يهودي أسلم، أو مسلم اطلع على التوراة، أو سمع من يهودي.
وما أكثر الدوافع لوضع الأحاديث! ولكنّ هذا .. خارجٌ عن إطار بحثنا.
التوجه نحو المصدرين الباقييْن:
إذن ... ما العمل؟
العمل هو التوجه نحو المصدرين الباقيين - التاريخ والنقوش، فقد نجد فيهما أو في أحدهما ما يدعم فرضية العلماء الغربيين المختصين بهذا الشأن –سواءٌ أكانوا مستشرقين أو غير مستشرقين-.
* التاريخ:
بدأت بالمؤرخين الإسلاميين، وفي مقدمتهم شيخ المفسرين والمؤرخين –الإمام محمد ابن ([9]) جرير الطبري، في كتابه (تاريخ الرسل والملوك) فلم نجد فيه شيئاً موثقاً، بل اعتمد على الحديث الشريف المصنوع، فقال: (وقد ذكرنا قبلُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله عزّ وجل: "وجعلنا ذريّته هم الباقين" أنهم سام وحام ويافث) ([10]).
أقول: وجعلنا ذريته هم الباقين"، أي: هم الباقين من قومه، لا من الخلق أجمعين، لأن الصينيين والفرس -مثلاً- لم يسمعوا بهذا الطوفان! ([11]) كما أسلفنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن البديهي أن المؤرخين الآخرين كالمسعودي، والبلاذري، بل وحتى ابن خلدون –لم يقولوا شيئاً يضاف إلى ما قاله الطبري –لأن الطبري هو أسبقهم فقد توفي سنة 310هـ، وفعلاً .. لم أجدْ عندهم شيئاً يضاف إلى ما قاله الطبري، ثم .. انتقلنا إلى التاريخ القديم –التاريخ اليوناني والتاريخ الروماني- من خلال كتاب (المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام) للدكتور جواد علي، فلم نجد فيما ورد فيه –منهما (وما ورد فيه كثير) - شيئاً يشير إلى أن لنوح ثلاثة أبناء هم: سامٌ وحامٌ ويافثُ، بل لم ترِدْ لفظة "سام" إطلاقاً، لا ابناً لنوح، ولا غيره من خلق الله.
ليس العرب من أصل غير عربي:
ولقد أورد (جواد علي) نصوصاً كثيرة مما كتبه المؤرخون اليونان والرومان، عن العرب، فلم نجد ولا نصّاً واحداً يقول مثلاً عن أحد ملوك اليمن، أوملوك الآشوريين والبابليين والسومريين –وهم قُطّان العراق، أو ملوك الكنعانيين والفينيقيين- وهم قُطّان سوريّة الكبرى، أو غيرهم من ملوك الشعوب الذين قطنوا هذه الأماكن- يؤرخ لحادثة، مثلاً، فيقول: لقد قام –الملك حامورابي الذي ينتمي إلى السومريين –أبناء سام .. بوضع شريعة يتحاكم إليها الناس، بل على العكس من ذلك وردت عشرات النصوص في التاريخ اليوناني تذكر (العرب) و (الجزيرة العربية)، منها:
(ولما أراد الإسكندر احتلال غزة في طريقه إلى مصر .. قاومت المدينة ودافع عنها رجلٌ. سمّاه "أريان" [وهو مؤرخ يوناني]- باتس- أيْ: باطش، مستعيناً بجيوش عربية قاومت مقاومة شديدة). وكان ذلك سنة 315 قبل الميلاد ([12]).
(ونجد في كتاب (تاريخ الإسكندر)، لمؤلفه –كوينيس كورنيوس- خبراً يفيد أن جيوش الإسكندر لم تتمكن من دخول- جزيرة العرب .. ) ([13]).
(بنى الإسكندر مدينة يُظنّ أنها "المحمّرة" .. بُنيت في النهاية القصوى من الخليج العربي .. عند خط ابتداء "العربية السعيدة"، ويقع نهاية –دجلة - على يمينها) ([14]).
... ومثل النصوص اليونانية – النصوص الرومانية:
(ومن المؤرخين الرومان بيلنيوس المتوفى سنة 79 ب. م. (وقد أشار في مطلع حديثه عن الحملة إلى أن (أوليوس غالوس، كان القائد الروماني الوحيد الذي أدخل محاربي –رومة- جزيرة العرب. وقد خرّب مدناً) ([15]).
(وبعد أن كوّن "تراجان" ما يسمّى بـ"المقاطعة العربية" أو"الكورة العربية" - Provancia Arabaca- في سنة 105 أو 106م ([16]).
( .. فإن القيصر- سباتيميوس- أرسل حملة عسكرية في سنة 201م، توغلت في العربية السعيدة) ([17]).
لاحظ، أخي القارئ، أن كلّ النصوص (ومثلُها عشرات) تذكر العرب والعربية السعيدة، أي: جزيرة العرب، وليس فيها ولا نصّ واحد يذكر "ساماً" أو "الساميين".
* النقوش:
يقول الدكتور محمود فهمي حجازي في كتابه (علم اللغة العربية): كشفت الدراسات الميدانية التي قام بها عدد من الأوروبيين، في منطقة شمال الجزيرة العربية، ابتداءاً ([18]) من منتصف القرن التاسع عشر إلى اليوم عدة آلاف من النقوش ([19]).وهي ثموديّة ولحيانية وصفوية، وكُشفت نصوص أكّاديّة (بابلية وأشوريّة وسومرية) ونصوص آرامية وفينيقية.
بَيْدَ أن كل هذه النقوش تتحدث عن الأقوام التي ذُكرت آنفاً، كلُّ مجموعة تتحدث عن جماعة من هذه الجماعات، ولم يكن فيها ولا نصٌّ واحد، يذكر .. ساماً أو الساميين أو الساميّة، لا من بعيد ولا من قريب، بل إن النصوص الآشورية تشير إلى العرب الذين يعارضون سياسة آشور منذ (854) قبل الميلاد ([20]).
كاتب، يعتبر الساميّة "بدعة":
يقول رجا عبد الحميد عُرابي، في كتابه (سِفر التاريخ اليهودي): (كما نجح اليهود في ربط أصولهم بأصول شعوب المنطقة العربية عن طريق "بدعة" الساميّة، كذلك .. أرادوا ببدعة (العبرية) وتسمية أنفسهم عبرانيين – أن يربطوا تاريخهم بتاريخ شعوب المنطقة) ([21]).
لاحظْ أن الأستاذ رجا عبدالحميد قد سبقني إلى اعتبار الساميّة "بدعة" كما اعتبرتها أنا "خُرافة" لا تقوم إلا على تَخرُّصٍ، وأحاديثَ مُلفّقة.
الفرق أنه أطلقها من موقف سياسيّ، ولذلك .. فهو –غالباً- لا يقصد أنها ليس لها أصل وإنما يقصد أن دولة إسرائيل، والصهيونية العالمية ابتدعت اصطلاح: ساميّة، بل شعار الساميّة، لكي تكمِّمَ به أفواه منتقديها، ولذا .. لم يُدلّلْ على بطلان الساميّة، وأنّه لا أصل لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما أنا .. فأطلقتها من موقف "علميّ" مَحْضٍ، إذْ لا أصلَ لها حقّاً، ولذا فقد قمت -في هذا البحث- بالتدليل على ما قررته سابقاً.
اللغات القديمة في هذه المنطقة:
قرّر المختصون الغربيون بلغات المنطقة العربية، ثلاثة أشياء:
1. هذه اللغات .. بينها "تشابُهٌ" ولهذا .. فهي ترجع إلى أصل لغوي واحد، أيْ: لغةٍ أمّ لها جميعاً.
2. هذه اللغة هي اللغة الساميّة الأولى التي انبثقت عنها هذه اللغات ([22]).
- أمّا أنّ هذه اللغات .. بينها تشابهٌ .. فهذا صحيح، وإن كان افتراضُ أصلٍ واحد لهذه اللغات .. هو افتراض لا يقوم على دليل "مقنع"، لأن التشابه في بعض الصفات، لا يعود إلى أنها آتية من أصل واحد، وإنما يعود إلى أمرين:
الأول: أن اللغات جميعها .. بينها .. بعض الخصائص المشتركة، وأمامي كتاب وَجَدَ مؤلفه شبهاً بين العربية والإنجليزية (لاحظ- العربية والإنجليزية!) بلغت ألفاً وخمسمئة لفظة (1500)، ولم يتناول من المعجم إلا ثمانية حروف ([23]).
ذاك .. لأن طبيعة الإنسان لا تختلف اختلافاً جذريّاً بين شرق وغرب، وشمال وجنوب ولهذا .. فمعظم الأصوات اللغوية هي مشتركة بين جميع الأمم.
والثاني: أنه إذا كانت لغات الأرض جميعاً .. بينها بعض التشابه .. فإنه من البديهي أن لغات المنطقة الواحدة بينها، لا بدَّ، تشابهٌ أكبر، عن طريق تقارب التكوين البيولوجي والفكري لمن يقطنون منطقة واحدة، وعن طريق تقارض الألفاظ بين هذه اللغات، ومحاكاة اللغة الجديدة منها اللغة القديمة ببعض القواعد الضرورية، وتركيب الجمل، وهذا .. لا يقتضي – من حيث العقل والعلم الضروريّ – وجود لغة أمٍّ أتت منها هذه اللغات. وإلا .. فإن كل لغات الأرض لها "أمّ" واحدة الوجود.
ومما يزيد أمرَ تشابه اللغات – حتى المتباعدة منها في المنشأ – وضوحاً .. أنّ دارسي عائلات اللغات "اضطربوا" في تحديد موطن ما أسمَوْهُ (الساميين والحاميين) .. فقال بعضهم بأن موطن الشعوب الساميّة منطقتا دجلة والفرات. ورأى بعضهم الآخر بأن منشأ الشعوب الساميّة والحامية .. إنما هي إفريقية أو الحبشية. لماذا؟ لأنهم وجدوا .. وهذا هو موطن الاستشهاد – "تقارباً" بين اللغات الساميّة والحامية، وعندي أن التقارب طبيعي لتشابه الطبيعة البشرية.
لاحظ أنهم وجدوا تقارباً بين ما أسمَوْه اللغات الساميّة: واللغات الحاميّة، فبنوا على ذلك "وهماً"، وهو أنهما –إذن- من موطن واحد! بَدَل أن يتنبّهوا إلى أن تشابه اللغات (في بعض الخصائص) راجع إلى تشابُهِ الطبيعة البشرية، ليس أكثر.
ولضلالهم في البحث والاستنتاج عدّوا ما أسمَوهْ الشعوب الساميّة، والشعوب الحاميّة من موطن واحد أصلاً، ثم "افترقا؛ الساميون .. استقروا في منطقتنا هذه، والحاميون .. استقروا في إفريقيّة!
مع أنه واضح وضوحاً كبيراً .. أن هناك فرقاً في لون البشرة، والملامح بين سكان هذه المنطقة، وبين سكان إفريقية، مما يُبعد احتمال أن يكون قد نشآ في موطن واحد.
أمّا الشيء الثالث .. فهو افتراضهم وجود (أمّ سامية) .. وهذا ثبت بطلانه، بما أسلفنا من الأدلة. وكما أن ساماً ابن نوح خرافة، لم يَرِدْ هذا الاسم إلا في التوراة غير الموثوقة – كما بيّنا- وإن الجنس السامي، والشعوب الساميّة واللغات الساميّة .. مصطلحات، تقوم على فرض لم يدعَمْهُ شيء لا من العلم، ولا من التاريخ، ولا من النقوش، ونتيجة لهذا .. فليست هذه إلا مصطلحات جوفاء .. لا حقيقة لها تستند عليها، فيجب اطراحها بلا تردّدٍ.
متى عُرِف هذا المصطلح؟
وضَحَ لنا – مما سبق – أن هذا المصطلح .. لا أصل له في القديم، لأنه لا حقيقة له ألْبَتّةَ. وأوّلُ من أطلق هذا المصطلح – على اعتباره فَرَضاً – عالم نمساوي اسمه "أوغست لوديك شلوتسر" عام 1781م، وقد أخذه من التوراة كما سلف القول – أو العجب من هذا الرجل – سواءٌ أكان يهوديّاً أم متصهيناً – أن يأخذ مصطلحاً من كتاب يعلم كلّ عالم منصف أن هذا الكتاب غيرُ موثوق – للأسباب التي أسلفنا ذكرها – فلا يجوز الاعتماد على ما ورد فيه، من "الأخبار" خاصة!
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم .. العجب الأكبر من علماء الغرب المختصين بها الموضوع: فَرَضٌ أُطْلق .. ثم بعد البحث والتنقيب لم يوجد ولا دليل واحد يدعمه، لا من التاريخ، ولا من الحفريات – فكيف لم يعدلوا عنه ويطّرحوه، والعهد بالفروض التي لا تثبت بدليل أن يطّرحها العلماء؟ أم أنّ الحضارة الغربية التي تعُدّ حملَة العهد القديم جزءاً منهم .. لا تريد أن "تُزعل" اليهود، فكان أن أبقى العلماء المنحازون هذا المصطلح، برغم أنه تبين أنه خرافة لا أصل لها؟ تبين لهم – كما تبين لنا – لعدم وجود دليل عليه، ولو كان دليلاً واحداً.
ثم .. العجب الأدهى والأَمرُّ من المؤرخين العرب المعاصرين، واللغويين العرب المعاصرين – الذين انطلت عليهم هذه الخرافة، فأخذوا يُردِّدونها، كما تُرَدّد الببغاوات الأصوات، غير متنبّهين أن كلّ ما يقوله علماء الغرْب، حول أصل العرب ولغتهم، وديانتهم – يجب أن نبدأ النظر إليه "بالشك" حتى يثبت أنه صواب، لأن أحقاد الغرب على هذه المنطقة العربية موغلة في القِدَم، منذُ أنْ حاول الإسكندر المقدوني، قبل الميلاد، احتلال العربية السعيدة (أيْ: جزيرة العرب) ولم يستطع، مروراً بالحروب الصليبية، ثم الاستعمار الغربي، ثم .. هذا الاستعمار الاحتلالي الأمريكي الهمجي الغاشم، قال تعالى: "ولا ترْكنوا إلى الذين ظلموا، فتمسَّكُم النارُ" (هود: 113).
ولكن، ما الحيلة وقد كان مفكرو النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين منضبعين بما يأتي به علماء الغرب، فيظنونه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، مع أن الحق أن علماء الغرب – مستشرقين وغير مستشرقين – منحازون إلى إسرائيل ومنحازون "ضِدَّ" هذه الأمة الإسلامية، جذوراً، وحاضراً، وتراثاً وفكراً.
من نحن إذن؟
إذا كان "سامٌ" لا أصل له، وكان اصطلاح الساميين – تبعاً لذلك – واللغات الساميّة .. لا أصل له – فمن نحن إذن؟
نحن .. عربٌ، منذ أقدم العصور. نشأنا في الجزيرة العربية، وخرجت موجات عربية كثيرة من الجزيرة العربية إلى أطرافها الشمالية والشرقية، بحثاً عن الخصب واعتدال المناخ. ومن هذه الموجات الأكّاديون في العراق، وكان منهم السومريون والبابليون والآشوريون. ثم الكنعانيون والآراميون والفينيقيون إلى بلاد الشام، ثم .. الموجات العربية، زمن الفتح الإسلامي.
أما الجدّ البعيد البعيد .. فلا يعلمه إلا الله. وما ذكره المؤرخون عن تسلسل البشرية من آدم – عليه السلام – إلى نوح – عليه السلام – ثم من نوح إلى اليوم .. ليس إلا رجماً بالغيب، ليس إلاّ "تخرصاً وأحاديثاً ملفقة" كما قال الشاعر العظيم أبو تمام.
ذلك .. لأن الأخبار عن نسل آدم إلى عدنان إنما قام على الروايات "الشفويّة" التي يعتورها النسيانُ، والكذب، والمزاج والهوى، وحبُّ الظهور بمظهر الذي هو بكل شيء عليم.
وما قيل عن خُرافة "الساميّة" وأباطيلها .. فاعلمْ أنها "فرضية" لم يؤيّدها ولا دليلٌ واحد، وما أبقى عليها إلا انحياز الغرب لإسرائيل، وتخطيطهم لمحو "الهُوِيّة" العربية، والإسلامية، لأنها .. هوية ذات حضارة – من أقدم العصور وإلى اليوم – تخالف حضارتهم، أما قال شاعرهم (كِبْلِنْ): (الشرقُ شرق، والغربُ غرب، ولن يلتقيا)؟، ثم "على الطرف الآخر" أما قال صادقاً شاعرنا (أحمد شوقي):
.. وللمستعمرين، وإن ألانوا ** قلوبٌ كالحجارة لا تَرِقُّ"؟
فلنتناول كل ما يقوله الغربيون عنّا "بمنهج الشكّ" حتى لا نقبل إلا ما هو حق، وما أقلّ الحقّ عندهم، إذا تناولوا قضايانا، وديننا الحنيف.
--------------
الهوامش
[1] صبحي الصالح- دراسات في فقه اللغة-36، دمشق/ مطبعة جامعة دمشق - 1960م.
[2] هبّ أن .. ما ورد في المعاجم العربية هو تعدية (هبْ) بدون (أنّ)، أي: هب هذا القول، وقد خطّأ الرافعي .. طه حسين باستعماله (هبْ أنّ). بيدَ أني لا أرى ذلك خطأ، لأن (هبْ) تضمنت معنى (افرض)، وافرض تليها (أنّ). والكلمة إذا تضمنت معنى كلمة أخرى أخذت حكم هذه الأخرى، وهذا كثير في اللغة، فهو قانون لغويّ.
[3] البخاري .. محمد ابن إسماعيل –صحيحه- 2/ 953، اليمامة/ بيروت/ دار ابن كثير- 1407/ 1987.
[4] غير موثوقة .. شيء، وغير موثّقة شيء آخر، معبر موثوقة: لا يوثق بما ورد فيها، وغير موثقة: لم يُتّبعْ الأسلوب العلمي في روايات أخبارها.
(يُتْبَعُ)
(/)
[5] الحديث الموضوع: هو الحديث المصنوع أو المكذوب، أي: وضعه رجل، ولم يَقُلْه الرسول الأعظم.
[6] مقارب الحديث .. أي: أدنى مرتبة من الحديث الحسن.
[7] هكذا .. وردت العبارة، أي: لم يذكر بالاسم إلا يحيى ابن معين.
[8] علي ابن أبي بكر الهيثمي- مجمع الزوائد- 1/ 193 - القاهرة/ دار الريان للتراث – 1407هـ.
[9] (ابن) - أكتبها دائماً، وفي بدئها ألف، لأن حذف الألف، أينما وقعت، لا مبرر معقولاً له، فهي مثل ألف (ال) القمرية، فهي تسقط في درْج الكلام. ومع ذاك .. لا تسقط في الكتابة، فضلاً عن أن كتابتها بالألف دائماً يجعلها ذات قاعدة واحدة، وهذا .. يخفف على طالب العلم.
[10] الإمام محمد ابن جرير الطبري – تاريخ الرسل والملوك- 1/ 211 - القاهرة / دائرة المعارف 1966.
[11] انظر: سعد زغلول عبد الحميد: في تاريخ العرب قبل الإسلام-83، بيروت/ دار النهضة العربية -1976.
[12] جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام- 2/ 8، بيروت/ دار العلم للملايين/ بغداد/ دار النهضة – 1968م.
[13] المرجع نفسه – 2/ 9.
[14] المرجع نفسه -2/ 12.
[15] المرجع نفسه -2/ 52.
[16] المرجع نفسه -2/ 65.
[17] المرجع نفسه – 2/ 66.
[18] ابتداءاً، واستثناءاً .. وما شابههما .. أكتبهنّ بألف منونة بعد الهمزة، إذْ لا مبرر معقولاً لحذفها إلا وجود قاعدة تقليدية بذلك، وإلا .. فهنّ مثل: سراعاً، واستبداعاً .. فهل يجوز أن نحذف الألف المنونة بعد العين؟ والهمزة أخت العين.
[19] محمود فهمي حجازي- علم اللغة العربية- 219، الكويت/ وكالة المطبوعات- 1973م.
[20] جواد علي – المفصل في تاريخ العرب في الجاهلية- 1/ 165.
[21] رجا عبد الحميد عُرابي – سفر التاريخ اليهودي – 48.
[22] محمود فهمي حجازي – علم اللغة العربية – 139.
[23] انظر: عبد الرحمن أحمد البوريني- اللغة العربية أصل اللغات كلها، عمّان/ دار الحسن للنشر والتوزيع-1998م. وأنا .. لا أوافقه على أن العربية أصل اللغات .. لكنا نستخلص من كتابه أن جميع اللغات بينها قدْر من التشابه، فكيف بلغات المنطقة الواحدة. وذلك .. لا يستدعي لزوم أصل واحد لهُنَّ.
هذا المقال منقول وقد نشر في العدد الثالث والأربعين من مجلة الفرقان الأردنية - شهر رجب 1426هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Feb 2009, 06:00 م]ـ
من الكتب القيمة التي كتبت حول هذا الموضوع كتاب قديم للأستاذ الدكتور حسن ظاظا بعنوان (الساميون ولغاتهم: تعريف بالقرابات اللغوية والحضارية عند العرب).
وقد أشار في مقدمته إلى أن مصطلح السامية وضع لتقريب دراسة هذه اللغات وأصولها. وضعه اللغوي الألماني شلوتزر عام 1781م. ونقل قول اللغوي الفرنسي هنري فليش: (إنه ينبغي ألا نفهم من استعمال كلمة السامية أي شيء أكثر من اصطلاح المقصود به تيسير الأمر على الباحثين دون أن نعتقد أن له دلالة عنصرية)
ومقصود الباحث الفرنسي هذا هو الإشارة إلى أن أية عصبية للسامية أو ضدها بالمعنى الديني (ضد اليهود مثلاً)، أو بالمعنى الاجتماعي والسياسي (ضد العرب مثلاً) لا تقوم على أساس علمي من علم السلالات البشرية. وإنما هي مجرد فرضية علمية لدراسة أصل نشأة هذه اللغات.
ـ[مسافر وحدي]ــــــــ[19 Feb 2009, 05:28 م]ـ
السلام عليكم شيخنا الشهري
الموضوع جد شيق , و لكنني انظر دائما الي نسب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فاجد نفس الاسماء (سام) ثم (نوح) عليه السلام
صحيح انكر بعض العلماء النسب الشريف فيما بعد (عدنان)
لكن اذكر اني قرات مرة , ان (البخاري) قد وافق (ابن اسحق) على هذا النسب
و جزم (ابن حجر) بذلك في الفتح قائلا (العرب كلها من ولد سام بن نوح بالاتفاق) و اعتمد هذا شيخ الاسلام ايضا (مجموع الفتاوى 7\ 93)
و على كل , فقد صحح الحاكم ووافقه الذهبي حديث (ولد نوح ثلاثة سام و حام و يافث أبو الروم)
و هو غير حديث يزيد بن سنان
و جزاكم الله خيرا
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[20 Feb 2009, 01:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما التشابه بين اللغات من الناحية الصوتية والمعجمية؛ فلا يدل على أنها من أصل واحد. بل التشابه الحقيقي هو تشابه التركيب اللغوي والصرفي. وهذا إذا لاحظته فعلا يصنف اللغات إلى لغات سامية، أو سمها ما شئت، ولغات هندوروبية، أو سمها ما شيئت. فاللغة الفارسية مثلا والتركية والإنجليزية وما شابهها لها نظام متقارب في التركيب، مما يدل على أنها من أصل لغوي واحد. كما أن اللغة العربية واللغة العبرية واللغة الأمازيغية أو البربرية - وبعض دمي أمازغي بربري - كلها لغات من أصل واحد؛ لتقاربها التركيبي قبل المعجمي. وهذا لا يمنع أن اللغات جميعها من أصل واحد. لأن الناس جميعهم من آدم أول الناطقين من بني آدم تعلما من الله كما نص عليه القرآن الكريم. والله تعالى أعلم.
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[20 Feb 2009, 01:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عفوا إضافة أخرى:
ثم إن العبرة في دراسة اللغة ليست في دراسة الأسانيد وأقوال المؤرخين. وإنما هي في دراسة البنيات الداخلية للغات. والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[27 Apr 2009, 04:36 ص]ـ
الأصول العربية للتوراة العبرية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=77810#post77810)
ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[18 Sep 2010, 09:35 ص]ـ
- أمّا أنّ هذه اللغات .. بينها تشابهٌ .. فهذا صحيح، وإن كان افتراضُ أصلٍ واحد لهذه اللغات .. هو افتراض لا يقوم على دليل "مقنع"، لأن التشابه في بعض الصفات، لا يعود إلى أنها آتية من أصل واحد، وإنما يعود إلى أمرين:
الأول: أن اللغات جميعها .. بينها .. بعض الخصائص المشتركة، وأمامي كتاب وَجَدَ مؤلفه شبهاً بين العربية والإنجليزية (لاحظ- العربية والإنجليزية!) بلغت ألفاً وخمسمئة لفظة (1500)، ولم يتناول من المعجم إلا ثمانية حروف ([23]).
ذاك .. لأن طبيعة الإنسان لا تختلف اختلافاً جذريّاً بين شرق وغرب، وشمال وجنوب ولهذا .. فمعظم الأصوات اللغوية هي مشتركة بين جميع الأمم.
التشابه بين الإنجليزية والعربية مخالف تمام المخالفة للتشابه بين العربية وغيرها من اللغات المحسوبة على السامية ـ سواء صحّ هذا الاصطلاح أم لا ـ فهو تشابه في المفردات والاصطلاحات والأسماء ليس إلاّ نتيجة التفاعل الحضاري (اللغوي) بين الإنجليز والعرب (ممثلين في مسلمي الأندلس على وجه الخصوص) خاصة وأنّه وقع في زمن ومرحلة استكمال التأسيس البنيوي للغة الإنجليزية مرحلة عُرفت بالاقتباس اللغوي والاصطلاحي أو مرحلة التطور النهائي للغة الإنجليزية زمن الشاعر والمسرحي شيكسبير واستمرت هذه المرحلة إلى غاية نهاية القرن السابع عشر ميلادي ...
أما ما يوجد بين هذه اللغات المسماة ـ بحق أو بغير حق ـ بالسامية فإنّه يتعدى جانب المفردات والاصطلاحات إلى جوانب أكبر وأعمق في اللغة كالإعراب , التركيب , بنية الكلمات وأصولها , أصوات حروفها , طبيعة حركاتها ... إلخ ...
....
ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[18 Sep 2010, 09:38 ص]ـ
.... ولكن هذه المفارقة والمغايرة بين التشابه الواقع بين العربية والإنجليزية من جهة وبين تشابه مختلف اللغات المحسوبة على السامية من جهة أخرى لا يمنع من بقاء السؤال قائما ومطروحا بشدّة عن أصل هذه اللغات وعن سرّ تشابهها
هل هي ـ جميعا ـ مشتقة ومتفرعة من لغة واحدة هي اللغة السامية الأم هذه اللغة التي لا يعلم حقيقتها وكنهها أحدٌ ممّن كتب في تاريخ اللغات سوى قولهم واستنتاجهم ( ... جميع هذه اللغات بما فيها العربية مشتقة من هذه اللغة الواحدة ... )؟
ولكن لماذا لا يقال أنّ العربية هي أصل هذه اللغات جميعاً , كمجرد افتراض ما الذي يمنع منه ... ؟
إذا كانت العربية استطاعت أن تواكب ـ لوحدها من بين سائر لغات البشر دون استثناء ـ أكثر من خمسة عشر قرنا من التاريخ المتجدد والمتطور وأن تستوعب كما هائلا من الاصطلاحات الجديدة بما تملك من مرونة ذاتية وآليات داخلية , كما استطاعت أن تستقطب أمم عدّة وتعرّب ألسنتهم بفضل سعة حروفها وبساطة حركاتها ... ما المانع من أن تكون قد استطاعت مواكبة قرونا وأحقابا قبل الجاهلية الأولى خاصة وأن الحياة يومها كانت بسيطة إن لم نقل بدائية والتطور شديد البطء ... فاللغة التي صمدت كلّ هذه القرون وواكبتها يسهل عليها مواكبة القرون الأولى والله أعلم ...
ثمّ أليست اللغة العربية هي هي واحدة لم تتغير؟ أو على الأقلّ لم يثبت تغيرها بل جميع ما بلغنا منها يثبت أنّها واحدة ...
وحتى ما اكتشفوه في الحفريات الحديثة لا ينقض هذا الطرح
هذا فضلا عمّا يميز هذه اللغة عن غيرها من اللغات السامية ويفضلها عليها ... ممّا قد يرجح أنّها أمها لا أختها والله أعلم ...
ـ[مالك حسين]ــــــــ[18 Sep 2010, 05:33 م]ـ
من الكتب التي تناولت نقد هذا المصطلح وتخطئته كتاب بعنوان ((اللغة العربية أم اللغات ولغة البشرية)) لإسماعيل العرفي،
دار الفكر-دمشق، ط:1، 1406هـ-1985م، والكتاب مكون من (55) صفحة وهذا فهرسه:
مقدمة-توطئة-اللغة العربية أم اللغات-أفكار حول اللغة العربية-اللغة العربية لغة البشرية-خاتمة.(/)
نعم .. مصطلح السامية فرضية خرافية
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Aug 2005, 04:29 ص]ـ
لقد اطلعت على ما نقله الأخ الكريم عبد الرحمن الشهري من مقال في مجلة الفرقان للدكتور عودة الله منيع القيسي تحت عنوان ((فرضيَّّة (الشعوب الساميّة، واللغات الساميّة (فرضيّةٌ خرافيةٌ لا أصل لها))، وأحببت أن أشارك في هذا الموضوع بشيء كان في نفسي أن اكتب عنه منذ زمن، لكن هذا المقال دفعني إلى أن أحرر هذه المقالة الموجزة التي تواطئ ما ذهب إليه الدكتور الفاضل، فكلامه صحيح بلا ريب، لا يخفى على من يقرأ في تاريخ هذه المنطقة العريقة في القِدم.
إن من العجيب أن تكون الفرضية حقيقة، مع اليقين بأنها فرضية، والأعجب من هذا أن تتحول إلى ولاء وبراء بامتياز خاصٍ لليهود فقط.
إنه استغلال اليهود الذي تميزوا به، فحصروا هذا المصطلح الخرافي عليهم، ونقلوه إلى مصطلح سياسي يعادون عليه من يعادون، وإن كانوا ساميين ـ كالعرب ـ على مصطلحهم هذا، لكن الإعلام له سيطرته الغالبة التي تحول الصادق كاذبًا، والكاذب صادقًا، وترى كثيرًا من الناس يصدقونهم، فياللعجب!.
وهذه الكذبة في هذه المصطلح التي اخترعها المستشرق اللاهوتي (شلوتزر)، وهي نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام.
يقول: (( ... من المتوسط إلى الفرات، ومن بلاد النهرين إلى شبه جزيرة العرب تسود كما هو معروف لغة واحد وعليه فالسوريون والبابليون والعبريون والعرب كانوا أمة واحدة، والفينيقيون والحاميون أيضًا تكلموا بهذه اللغة التي أود أن أدعوها ساميَّة)) (نقلاً عن معرب القرآن عربي أصيل للدكتور جاسر أبو صفية / ص: 12).
وقد اعترض عليه المستشرق الفرنسي بيرو روسي في كتابه (مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب / ترجمة فريد جحا ص: 18)، فقال: ((إننا نعرف عندما نتكلم عن الوطن العربي أننا في سبيلنا إلى معارضة نظرية مقدسة تجعل العربي شخصية صحراوية انبثقت في التاريخ في عهد غير محدد أو معروف.
لقد كتبت دائرة معارف الإسلام: ((إن عهود العرب الأولى في التاريخ غامضة جدًّا، إننا لا نعرف من أين أتوا، ولا ماهو وجودهم البدائي)).ولكن شيئًا وحيدًا يبدو مؤكدًا لكاتب المقال، وهو انهم ساميون. وهاهو ذا التفسير الهزيل الهزيل، التعبير الخالي من الحقيقة، من أي معنى، تعبير فارغ إلى حدِّ أن دائرة معارف الإسلام هذه نفسها لم تستطع أن تضع تعبير ((الساميين)) على مائدة البحث.
وهل هناك ضرورة لإضافة أن تعبير (سامي) لم يرد ذكره بين مفردات اللغة الإغريقية أو اللاتينية؟!
وما يقال في هذا المجال طويل، إننا لن نجد هذا التعبير قبل نهاية القرن الثامن عشر، وذلك أن العالم (أ.ل. شلوتسر) هو الذي صاغ هذا النعت (السامي) في مؤلف نشره عام 1781، وأعطاه هذا العنوان (فهرس الأدب التوراتي والشرقي)، كأن الأدب التوراتي ليس شرقيًّا ... ))
وهذه التسمية مرجعها أسفار بني إسرائيل، حيث يعدُّون لنوح ثلاثة أبناء: سام، وحام، ويافث، ويقسمون الشعوب عليهم، وهذا فيه نظر ليس هذا محله.
ويجعلون شعوب السامية متكونة من (الآشورية البابلية والآرامية والعبرية والعربية والحبشية وغيرها).
وإذا تأملت أماكن عيش هذه الشعوب، فإنه سيظهر أربعة مناطق: (جزيرة العرب، والحبشة، والعراق، والشام).
وهذا التقسيم يوحي لك بأن هذه الشعوب تتكلم لغات مختلفة، وإن كانوا يقولون بأن أصلها واحد، وهو السامية المزعومة، التي لا يُعرف لها كنه ولا صفة.
ولو تأملنا المصادر التي يعتمدها هؤلاء الدارسون لوجدنا الأول عندهم هو أسفار بني إسرائيل (الموسومة عندهم بالكتاب المقدس)، فهم يجعلون هذا الكتاب، ولغتهم العبرية المزعومة الأساس في دراسة هذه المنطقة لغة وتاريخًا.
وقد يزيد بعض الباحثين ما يجدونه من أثريات قد دُّوِّن فيها شيء من الأخبار أو التاريخ، لكنهم يدرسونها حسب المنظور التوراتي فحسب.
وقد قابل هؤلاء باحثون لا دينيون فاعترضوا على كل ما هو توراتي، وأظهروا زيف بعض أقاصيص هذه الأسفار المكذوبة، لكن لأجل هذا المنطلق غير الديني أوقعهم في تكذيب أخبار صحيحة قد وردت في كتاب ربنا وسنة نبينا الصحيحة، وإن كانوا احسنوا في ردِّ بعض خرافات بني إسرائيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما نحن المسلمين ـ وياللأسف ـ فقلَّ أن تجد عندنا باحثين متخصصين في هذه الأمور ينطلقون من تراثنا العريق الذي قد صُحِّح فيه شيء من أخبار هؤلاء.
ولهذا أقول: إننا ـ نحن المسلمين ـ بحاجة إلى إبراز المنهج العلمي الإسلامي القائم على العدل، وإيضاح الحقِّ، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة: 8)، لكي لا تأخذنا العاطفة وردة الفعل في ردِّ كل ما مصدره يهوديُّ أو نصراني (1).
وإنني من خلال قراءتي في هذا الموضوع وما يدور حوله = أحسُّ بأن الموضوع بحاجة ماسَّة إلى متخصصين يتخصصون فيه؛ لأن تاريخ منطقتنا العربية ولغاتها القديمة من جزيرتها وعراقها وشامها ومغربها قد كُتِب بأيدي أناس خارجين عن المنطقة وليس لهم علم بلغتها، هذا على أحسن الأحوال، وإن كان كثيرٌ ممن كتب في ذلك لا يخلو من تزيييف متعمد من توراتيين يهود أو مستشرقين، والاستدلال لهذه المسألة يطول، وهو يصلح أن يكون بحثًا أكاديميًّا لمن يكون متخصصًا في الآثار أو اللغة أو التاريخ، فهذه المجالات الثلاثة لا يستغني الدارسون فيها عن بعضهم البعض.
ولئلا يطول الموضوع أُلمح إلى بعض القضايا المتعلقة بهذا المصطلح، فأقول:
1 ـ لا ريب أن المصدر الوحيد لهذه التسمية (وكذا تقسيم الشعوب) هو أسفار بني إسرائيل، وهي ـ كما لا يخفاك ـ ينقصها التوثيق، ولا تصلح لأن تكون المصدر الوحيد فقط.
وقد ورد في كتاب (مدخل إلى الكتاب المقدس، تأليف جماعة من النصارى، إصدار دار الثقافة) (ص: 23): ((كاتب التكوين مجهول، لكن العهد الجديد يدلنا ضمنًا على أن كاتبه هو موسى، ولم يعترض أحد على هذا المفهوم حتى العصر الحديث .. كما لا نعرف كيف كُتب هذا السفر، لكن من المعقول أن نرى موسى كمحرر استطاع أن يضم عددًا كبيرًا من القصص والحقائق التي قد يكون بعضها قد أصبح شائعًا قبل تاريخ تدوينه)).
وهذا الكلام فيه من الضعف والسقطات ما يُغني عن التعليق عليه.
2 ـ أن سفر التكوين يذكر أمرًا يتعلق بامتياز سام على ابني نوح الآخرين (يافث وحام)، فصار سام هو المقدَّم عند اليهود، وينسبون أنفسهم إليه.
3 ـ أن جميع الشعوب ـ كما في أسفارهم ـ قد خرجت من أبناء نوح عليه السلام.
4 ـ أن الناس كانوا على لغة واحدة، حتى بنوا أرض بابل، فكان ما كان من بلبلة الله لألسنتهم ـ كما تزعم هذه الأسفار ـ، وذلك بعد فترة من عيش أبناء أحفاد أولاد نوح.
وبعد هذه النقاط المأخوذة من أسفارهم يقع سؤال؟
لماذا نُسِبت اللغة وهذه الشعوب إلى سام، وقد وقع تبلبل ألسنة الناس؟
كيف عُرِفت هذه اللغات، وكيف أمكن الناس أن يتفاهموا عليها؟!
هل اللسان الذي كان يتكلم به الناس قبل البلبلة المزعومة هو اللسان السامي؟!
إذا كان اللسان هو السامي، فأين إخوة سام، ولم لم تُنسب إليهم لغات؟ لماذا أُهملوا كل هذا الإهمال؟!
أين نوح عليه السلام، ولم لم تكن نسبة اللسان إليه بدلاً من سام؟
هل يُنسب الأب إلى لغة ابنه كما وقع في كتاب (قاموس الكتاب المقدس)، فقد ورد فيه (ص: 982): ((نوح: اسم سامي معناه: راحة)).
ليس هناك إلا الافتراض والتحكُّم، والتحكُّم لا يعجز عنه أحدٌ.
ولعلك تتساءل: أين أخبار بني نوح في أسفار بني إسرائيل؟
لا عليك، فإن الأسفار إنما هي أسفار بني إسرائيل، ولا شأن لها بغير أخبارهم، وإن كانوا ساميين ـ على زعمهم ـ فهم قد خرجوا من دائرة الاصطفاء الذي يزعمون أنه صار في سام وأولاده، ثم اختير من أولاده إبراهيم، ثم اختير من أولاد إبراهيم إسحاق، ثم في يعقوب وأبنائه، وعليهم وقف الاصطفاء فلم يتغير ولم يتبدل كما يزعمون، لذا قلَّ أن تجد خبرًا عن غيرهم في أسفارهم، كما أنك تجد أنه بعد ذكر نوح وأبنائه انتقل الحديث إلى إبراهيم دون ذكر ما كان بينهما من التاريخ الطويل، فياللعجب كيف أغفلوا تاريخ أجدادهم؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
وانظر ما يقوله مؤلفو كتاب (مدخل إلى الكتاب المقدس) عن سفر التكوين (ص: 23): ((أهمية سفر التكوين: ... ويتحدث سفر التكوين عن بداية العالم والإنسان والمجتمع والعائلات والأمم، وبداية الخطيئة والخلاص، وبصفة خاصة هو يتكلم عن بداية نشأة الجنس العبراني)).
أقول: كم يمثل الجنس العبراني من بين تلك الشعوب التي ذكروها؟ ولماذا أهملوا كل الأجناس، واعتنوا بهذا الجنس القليل جدًّا، ألا يدل هذا على أنهم لا يرون غيرهم، وأنهم هم أصحاب الامتياز؟
إن الموضوع طويل جدًّ، ولا يكفي أن أقرر لك ما يتعلق به في مثل هذا المقال، لكن ألفت نظرك إلى بعض الأمور، منها:
1 ـ إن وجود الأخطاء والتحريفات والكذب في أسفار اليهود واضح وضوح الشمس في رائعة النهار، ولا ينكر ذلك إلا مكابرٌ.
2 ـ إن وصول أسفار اليهود إليهم غير متصل السند البتة، وهم يعرفون ذلك بيقين، ويعلمون أنهم فقدوا التوراة في السبي البابلي، وان الكاتب عزرا قد أملاها، لأنه ـ كما قيل ـ كان يحفظ التوراة.
ولا يخفاك ما قاله أصحاب كتاب (المدخل إلى الكتاب المقدس) بشأن سفر التكوين.
3 ـ إن هذه الأسفار إنما هي ـ في أغلبها ـ أخبار كُتِبت لأحداث شاهدها أشخاص، أو وردت إليهم شفاهًا عمن حدثت له، وبهذا فهي لا تمثِّل كلام الله الموحى به، سوى بعض ما في الأسفار الخمسة، وبعض الأسفار التي فيها بقايا وحي، ومع ذلك لا يمكن الجزم به جزمًا يقينيًّا.
والدليل على أنه بقي عندهم شيء من الوحي، خبر اليهودي واليهودية الذين زنيا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلوا ما في التوراة من حكم الزنى،والقصة معروفة.
4 ـ إن هذه الأسفار لا يصلح أن تكون المصدر الوحيد لأخذ الاسم أو الحدث، كما حصل في أخذ مصطلح السامية منها.
وإذا كان ولابدَّ من أخذ التسمية منه، فلم لم يكن (النوحية)؟
ما لغة نوح الأب؟
هل تغيرت لغة أبنائه عنه حتى تسمى لغة بعضهم سامية، وبعضهم غير سامية؟
وأحب أن تلحظ أن لغة نوح هي لغة من سبقه من أبائه، وهي لغة (عروبية) فيها أسماء عربية نعرف اشتقاقها وأصلها في لغتنا المعيارية التي نزل القرآن بها، فقد قال تعالى عن قوم نوح ((وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)) (نوح: 23)، وهذه أسماء عربية، فماذا ياترى تكون لغة نوح وقومه؟ أليست تلك اللغة العروبية الاشتقاقية التي بقيت في جزيرة العرب صافية أكثر منها في بلاد العرب الأخرى؛ في عراقهم وشامهم ومصرهم ومغربهم العربي منذ القِدم؟
وتلك قضية تحتاج إلى مقال مستقلٍ لعل الله ييسر بكتابته بتفصيل يدل على الحقيقة فيه، والله الموفق.
إن مما يحسن أن يعلمه القارئ أن أسفار بني إسرائيل تكره كل شيء عربيٍّ كائنًا ما كان هذا العربي، وسأذكر لك بعض الدلائل من كتبهم:
1 ـ الكنعانيون جعلوهم من نسل حامٍ المغضوب عليه مع أنهم ساميون ـ في مصطلحهم ـ فهم من سكان منطقة الساميين وليسوا من مناطق الحاميين، وإنما أخرجوهم كرهًا لهم لأنهم عرب يشهد بذلك التاريخ، وهم الجبارون الذين كانوا في زمن موسى فكرهوا محاربتهم، وجبنوا عن لقائهم.
2 ـ عندهم أن إخوة يوسف باعوا أخاهم يوسف للإسماعيليين، ولا يخفاك أن إسماعيل سكن جزيرة العرب، وهو عمُّ هؤلاء الذين يبيعون يوسف عليه السلام، أفيُعقل أن يخفى عليهم أبناء عمهم ولا يعرفونهم؟!
3 ـ أنهم حرفوا العهد الذي جعله الله لأبناء إبراهيم، وجعلوه لهم، وأنكروا كل فضيلة لإسماعيل، حتى لقد زعموا أن إسحاق هو الذبيح الذي له العهد، مع أن فيما كتبوه ما يدل على كذبهم.
ولقد سرت هذه العداوة عند بعض الغربيين من الباحثين المستشرقين المتأثرين بالدراسات التوراتية، فعلى سبيل المثال: جعلوا اللغات الآرية مقابل اللغات السامية، وجعلوا ممن ينطق بالآرية (الهند وأروبة) التي قد يُطلق عليها (الهندوروبية)، وزعموا أن بينها أواصر لغوية مشتركة، فانظر كيف ابتدعوا بأنفسهم إلى من يفصل بينهم وبينه مسافات، وتركوا العرب الذين تربطهم بهم أواصر لغوية وتاريخية،
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان الغرب يرجع إلى السامية، ولا يريدها، فلم لم يخترعوا اسمًا لهم من أولاد نوح كما اخترعوا السامية، لم لمَ يقولوا لهذه اللغة الآرية (يافثية) نسبة إلى يافث بن نوح الذي يجعلون من نسله اليونايين والناضوليين؟! (2)
وما ذاك إلا حاجة في نفوسهم، وإلا فأين بُعث موسى وعيسى، ألم يُبعثا في الشرق، فلم البعد عن الشرق والارتباط بشرق الشرق؟!
أإلى هذا الحدِّ وصل الحقد والحسد؟!
هذا، ولقد اجتهد اليهود في إثبات صحة كتبهم من خلال البحث في الأثريات، لكن لم يجدوا شيئًا، فصاروا يتشبثون بهذه المزاعم التي يصدرونها بين الفينة والفينة كالسامية التي صاروا يوالون ويعادون عليها، وكأنها أصل الشعوب.
إن نظرت عابرة لتاريخ الأنبياء تدلنا على أن العرب عريقون في أعماق التاريخ، فنوح عربي بدلالة ما ذكرت لك من أسماءٍ عربية لأصنام قومه التي كانوا يعبدونها، وهود عليه السلام وقومه عاد عربٌ، وصالح عليه السلام وقومه ثمود عرب، وشعيب عليه السلام وقومه أصحاب مدين عرب.
فنوح ـ عليه السلام ـ قبل السامية المزعومة التي صنعوها وتحاكموا إليها، ومن جاء بعده من الأنبياء المذكورين ـ عليهم السلام ـ كانوا قبل إبراهيم عليه السلام، وقبل بروز العبرية المزعومة التي يتكلم بها بنو إسرائيل.
فكيف تُغفل تلك الأمة العظيمة التي كانت لها هجرات خمس كبرى إلى أرض الهلال الخصيب وأرض الشام منذ القِدم، ويُتناسى تاريخها، وتُتناسى لغتها، ليؤخذ بمصطلح مخترعٍ ليس عليه دليل علمي؟!
إننا أما تراث تاريخي ولغوي قد لُعِب به، ودُرس بغير لغته التي تمتلك ثمانية وعشرين حرفًا بخلاف اللغات التي دُرست بها آثار هذه المنطقة، فنقصها ست حروف، فلو سلمت القراءات من الخطأ من جهة، فإنها لن تسلم بفقدانها هذه الأحرف التي تفكُّ كثيرًا من غموض مدونات الآثار.
واعتمادًا على السامية المزعومة، فإن الضاد ستنطق دالاً، والعين ستنطق ألفًا، والخاء ستنطق كافًا، والطاء ستنطق تاءً ... الخ من ألفاظ الحروف التي لا تعرفها كثير من لغات الغرب، فانظر مدى الخطأ الذي سيقرؤه الذي يريد البحث في تاريخ المنطقة القديم ولغاتها القديمة؟.
وبعد فإن الموضوع له ذيول تحتاج إلى فكٍّ وتحليل، ولكن الوقت لا يُسعف بأكثر من هذا الآن، ولعل الله ييسر لي أن أبسط الموضوع؛ فإن له علاقة بالمعرَّب من جهة، فأسأل الله التوفيق والسداد، والبركة في العمر لخدمة كتابه الكريم.
ــــــــــــــــ
(1) من القضايا المهمة في هذا الباب أن تعرف أن أبناء يعقوب الذين من نسلهم بنو إسرائيل كانوا أبناء عمِّ لأبناء إسماعيل عليهم السلام، فالجد واحد، وهو إبراهيم عليه السلام، فوشائج القربى بين العرب وبينهم جاءت من هذا الباب فقط، ولا يعني هذا أننا نقبل كل ما هو إسرائيلي، لكن قد يغفل بعض الكاتبين حينما يكتبون عن أولاد يعقوب أو عن بني إسرائيل، وكأنهم يكتبون عن قوم لا علاقة لهم بالعرب من قريب ولا من بعيد.
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن إبراهيم وبنيه كانوا يتكلمون عربية ذلك الزمان، فأم إسماعيل اسمها هاجر، وهذا لفظ عربي صريح، وهي من مصر، وإبراهيم من العراق، وقد نزل بها إلى مكة، وقابلت قبيلة جرهم، وتخاطبت معها، ولم تحتج إلى ترجمان، وقد اشتقت اسم ولدها إسماعيل من (يسمع إئيل) كما ورد في كتبهم، ونزل إبراهيم لابنه إسماعيل، وخاطب زوجتيه ولم يحتج إلى ترجمان.
وإذا نظرت إلى اسم ابن أخي إسماعيل وجدته (يعقوب)؛ أي الذي يعقب ويخلف غيره، وهو قد عقب أباه، كما قال تعالى (ومن وراء إسحاق يعقوب) فتأصيل هذا الاسم في العربية قريب المأخذ لمن تأمله، وهذا كله يدلك على وجود تلك اللغة الاشتقاقية العربية العريقة التي كانت سائدة في هذه المنطقة منذ القدم، وإن اختلفت وتحورت وتطورت إلا أنها لا تخرج عن لغة الاشتقاق. ولعله يأتي المقام لإكمال حلقات المعرَّب لآتي على هذه الأسماء وأبين علاقتها بالعربية المعيارية التي نزل بها القرآن الكريم.
(2) أشار إلى هذه الفكرة بيرو روسي في كتابه / مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب، ترجمة فريد جحا (ص: 19).
(ملاحظة: هذه الترجمة لهذا الكتاب سيئة جدًّا، ولا أدري هل تُرجم ترجمة أخرى، ففي الكتاب نقد لنظريات غربية في تعاطيها مع الشرق العربي).
ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[13 Aug 2005, 06:59 ص]ـ
جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك. ونفع بك الإسلام والمسلمين. فوائد قيمة ... وننتظر منك المزيد.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 Aug 2005, 08:39 ص]ـ
قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4|509): حدثنا أبو العباس ثنا بحر ثنا بن وهب ثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: ولد نوح صلى الله عليه وسلم ثلاثة: سام وحام ويافث. فولد سام: العرب وفارس والروم وفي كل هؤلاء خير. وولد حام: السودان والبربر والقبط. وولد يافث: الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج.
فنظرية التقسيم الثلاثي قديمة لا دخل لشلوتزر فيها.
وَكانَ مِن أَولادِ نوحٍ واحِدُ * مُخالِفٌ لِأَمرِهِ مُعانِدُ
فَبادَ فيمَن بادَ مِن عِبادِهِ * وَسَلِمَ الباقونَ مِن أَولادِهِ
سامٌ وَحامٌ وَالصَغيرُ الثالِثُ * وَهُوَ في التَوراةِ يُدعى يافِثُ
فَأَكثَرُ البيضانِ نَسلُ سامِ * وَأَكثَرُ السودانِ نَسلُ حامِ
وَيافِثٌ في نَسلِهِ عَجائِبُ * يَأجوجُ وَالأَتراكُ وَالصَقالِبُ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 Aug 2005, 09:29 ص]ـ
ملاحظة: كلامي السابق كان عن التقسيم الثلاثي وعن كون سام ابن لنوح عليه السلام. وأما كلمة "السامية" فأول من استعملها هو اليهودي النمساوي السابق الذكر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Aug 2005, 02:47 م]ـ
أشكر الدكتور مساعد الطيار وفقه الله على هذه المقالة، والمقالة التي أشار إليها للدكتور عودة الله منيع القيسي هي:
فرضيّةُ (الشعوب الساميّة، واللغات الساميّة) فرضيّةٌ خرافيةٌ لا أصل لها ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3736)
وفي الحق إن هذا الموضوع - مع أهميته - لم يحظ من الدارسين في الدراسات اللغوية والقرآنية بما ينبغي له لإبرازه وإشهاره، ورد مثل هذه النظريات التي اعتمدت في مؤلفات ومناهج دراسية أكاديمية وغير أكاديمية، وصارت من المسلمات العلمية عند كثير من الباحثين، مع ما يعتورها من الضعف، وما تنطوي عليه من أبعاد عقدية وحضارية كبيرة.
والدكتور مساعد الطيار من المعتنين بهذا الجانب العلمي، وكثير الاطلاع على ما كتب في هذا الجانب، وأسأل الله له التوفيق والسداد. وهناك دراسات علمية ومؤلفات لعدد من الباحثين في اللغة تناولت مثل هذه النظريات بالإبطال كما صنع الدكتور عودة الله القيسي في مقاله، وكما صنع من قبله الدكتور على فهمي خشيم في كثير من كتبه التي تدور حول هذا الموضوع.
وأما ما أشار إليه الأخ الكريم محمد الأمين من قدم ذكر أولاد نوح عليه السلام، فالخبر الذي رواه عن سعيد بن المسيب، وابن المسيب أخذه من التوراة، وقد اشار إلى ذلك الدكتور مساعد الطيار في مقاله ومثله الدكتور عودة الله. وكذلك الأرجوزة التي ذكر بعض أبياتها فهي للشاعر العباسي علي بن الجهم المتوفى سنة 249هـ، والتي يقول في أولها:
الحَمدُ لِلَّهِ المُعيدِ المُبدي = حَمداً كَثيراً وُهوَ أُهلُ الحَمدِ
ثُمَّ الصَلاةُ أَوَّلاً وَآخِرا = عَلى النَبِيِّ باطِناً وَظاهِرا
يا سائِلي عَن اِبتِداءِ الخَلقِ = مَسأَلَةَ القاصِدِ قَصدَ الحَقِّ
أَخبَرَني قَومٌ مِن الثِقاتِ = أولو عُلومٍ وَأولو هَيئآتِ
تَقَدَّموا في طَلَبِ الآثارِ = وَعَرَفوا حَقائِقَ الأَخبارِ
وَفَهِموا التَوراةَ وَالإِنجيلا = وَأَحكَموا التَنزيلَ وَالتَأويلا
إلى آخر ما قال في أرجوزته.
فهو قد جعل من مصادره العلماء الذين فهموا التوراة والأنجيلا، ومن هذا المصدر أورد أسماء أبناء نوح عليه السلام كما ذكرتم. فليس هناك إضافة علمية جديدة في ما تفضلتم به، وليس فيها كذلك ما يعكر صفو النتائج التي ذهب إليها الدكتور مساعد الطيار ولا الدكتور عودة الله القيسي في مقاله.
وإنني أشكر الدكتور مساعد الطيار والدكتور عودة الله القيسي على إثارة مثل هذه المسائل التي ترفع من درجة الوعي العلمي لدينا، وتدفعنا للاطلاع على أصول هذه النظريات التي تلبس لباس التحقيق العلمي في حين هي ترمي إلى أغراض سياسية حضارية، لاحتواء هذه الحضارة الإسلامية، والتقليل من شأنها في عين أبنائها وحملتها والله المستعان والموفق. ويا حبذا أن يتصدى نفر من الباحثين المخلصين في الدراسات القرآنية واللغوية لمثل هذه المسائل لتجليتها وإبرازها بطرق مختلفة في المنتديات والمجلات والصحف والبرامج حتى تتضح الصورة للجميع كما دخل الخلل على الجميع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jun 2006, 01:17 م]ـ
قال الدكتور عمر فروخ: (إن اللغة العربية وأخواتها البابلية والآرامية والكنعانية والعبرية والحبشية وغيرهن يرجعن إلى أم واحدة كان علماء اللغة الغربيون قد سموا تلك الأم اللغة السامية: يزعمون بذلك أن أولاد نوح الثلاثة: ساماً وحاماً ويافثاً تكلموا ثلاث أسر مختلفة من اللغات: لغات الأسرة السامية (في غربي آسية)، ولغات الأسرة الحامية (في أفريقية)، ولغات الأسر اليافثية (في أوربة). وقد اعتمد أولئك العلماء في ذلك ما ورد في التوراة الموجودة بأيدي الناس (سفر التكوين 1:11 وما بعد).
إن الأخذ بهذه النظرية بعيدٌ عن العلم وعن الواقع، فليس من المعقول في شيء أن يتكلم أبناء رجل واحد لغات ذات خصائص متباعدة، وكان صديقي الدكتور زكي النقاش (ولد في بيروت 1896م) قد اقترح أن يقول (اللغات الأعرابية) مكان (اللغات السامية) وهو على حق لأن أصل هذه اللغات من شبه جزيرة العرب، والأعراب أو أهل البادية هم أهل اللغة الفصحي الصحيحة.
انظر: الترجمة أو نقل الكلام من لغة إلى لغة للدكتور عمر فروخ – مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق – المجلد الرابع والخمسون - الجزء الثالث - ص 611 حاشية رقم 1، شعبان من سنة 1399هـ (تموز (يوليو) من سنة 1979م.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[09 Jun 2006, 06:26 م]ـ
أخبرني أستاذ من العراق قبل خمسة عشر عاماً، لا أحب ذكر اسمه لسوء خُلقه ورفْضه، قال حين رُقيت إلى الأستاذية أثنى د. رمضان عبدالتوّاب على كتابي في فقه اللغة، وقال: غير أن فيه بدعةً جديدة هي تسمية اللغات السامية بـ (اللغات الجزرية) نسبةً إلى شبه الجزيرة العربية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[24 Jul 2006, 06:08 ص]ـ
بارك الله بالدكتور مساعد الطيار وبكل من شارك في هذا الموضوع القيم
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[18 Sep 2006, 07:58 م]ـ
أحيل الأخوة في منتدانا الحبيب على هذا الكتاب:
اليهود ومعاداة السامية ... تاريخ وحقائق:
للمؤلف الأستاذ معمر فوزي الخليل
والكتاب يتحدث عن أصل التسمية , وتاريخ ظهور مفهوم معاداة السامية,
والمفهوم اليهودي لمعاداة السامية, والاستفتاء الأوروبي الأخير
وتنامي العداء ضد اليهود في أوروبا, وغيره من الموضوعات الشائقة الماتعة ....
وهذا هو رابطه:
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/alsamyah.zip
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[18 Sep 2006, 08:34 م]ـ
جزاكم الله خيراً ...
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[15 Sep 2007, 02:19 م]ـ
جزاك الله خيرا وأجزل لك الثواب.
كلام الدكتور مساعد حفظه الله يعتمد اعتماداً قوياً على ما جاء في القرآن الكريم وهذا في الحقيقة هو مفصل الافتراق بيننا وبين كثير من الباحثين في تحديد مواد البحث ومصدر الحقيقة، فهم لا يعطون القرآن القيمة التي يستحقها بقدر ما يعطون التوراة والإنجيل مالا يستحقان من الاعتبار في تمحيص السلسلة التاريخية للألفاظ واللغات. عباراة مثل: القرآن معصوم محفوظ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، عبارة هلامية عند الباحث الذي ارتضى المنهجية الغربية في التعاطي مع مفردات البحث العلمي، بينما نحن نؤمن بهذه العبارة وينعكس - ولا بد - أثر هذا الإيمان بها على طريقة معالجتنا لمادة البحث العلمي في ضوء القرآن، بجعلنا له حكماً صادقاً في حسم مادة السجال وتقريب الحقائق. إن أصل المشكلة هو في طبيعة المرجعية المستند إليها، وما ضاعت البشرية وافترقت أجناسها و معالم حياتها إلا بسبب تباين المرجعيات المعرفية فيما بينهم
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[27 Apr 2009, 04:39 ص]ـ
الأصول العربية للتوراة العبرية ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=77810#post77810)(/)
كيف ترد على من يزعم وجود أخطاء لغوية في القرآن.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[16 Aug 2005, 07:29 ص]ـ
أثار بعض الإخوة موضوع أخطاء لغوية مزعومة في القرآن الكريم وقد تولي كبر هذا الافك نصارى وعلمانيون ..... ولا يمكن لمثل هذا الزعم إلا أن يصدر من مثل اولئك ... فالنصارى مشهود لهم بالضلال ومعتقداتهم أبعد ما تكون عن مقتضيات العقل الصحيح ,وقد صرح قديسهم أوغسطين قديما أنه لا يؤمن بالنصرانية إلا لأنها تخالف العقل؛ أما علمانيونا فلا هم في العير ولا في النفير وأحسن أحوالهم اتباع كل ناعق والتلذذ – مرضيا- في تخريب بيوتهم بأيديهم.
لكن المحزن في الأمر أن إخواننا لا يحسنون الرد عليهم فتجدهم يبحثون في كتب النحو عن الوجوه والنظائر لتوجيه كلمة مرفوعة في القرآن أو لتبرير كلمة منصوبة يرى النصراني أنها مرفوعة حسب القاعدة ..... كل هذا لا يجدي فانا متيقن أن المجادل لا يفقه شيئا في النحو ولا في لغة العرب ..... لكنه يكسب جولة معنوية كبيره عندما يتخندق المسلم للدفاع عن القرآن ...... أوَ يحتاج القرآن الى مدافع عنه .... ؟ أوَ ليس هو قذيفة الحق الدامغة لكل باطل ....... ؟
بدل هذه الإستراتيجية السلبية كان الأجدر بالمسلم أن يلزم خصومه بأنهم لا يعقلون ... فهم بادعائهم وجود أخطاء لغوية في القرآن قد نادوا على أنفسه بالجهل المركب .... وعلى المسلم أن يثبت عليهم ذلك ليلقمهم حجرا بدل الفرار الى كتب اللغة والبلاغة والنحو والصرف.
كيف ذلك؟
ليس من العجب أن يرشدنا القرآن العظيم نفسه إلى المسلك الصحيح. اقرؤوا هذه الآية:
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (65) سورة آل عمران
قال ابن كثير: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله تعالى: {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم} الاية أي كيف تدعون أيها اليهود أنه كان يهوديا وقد كان زمنه قبل أن ينزل الله التوراة على موسى؟ وكيف تدعون أيها النصارى أنه كان نصرانيا وإنما حدثت النصرانية بعد زمنه بدهر؟ ولهذا قال تعالى: {أفلا تعقلون}
انتبهوا أيها المسلمون إلى تذييل الآية ب "أفلا تعقلون".فاليهود والنصارى بادعائهم أن خليل الرحمن منهم قد ارتكبوا خطأ فاحشا من شأنه أن يلحظه صبي. فالخطأ هنا مغالطة تاريخية لا تخفى على أحد ... كما لو شاهدنا زجاجة كوكاكولا في خيمة عنترة!!!.
هؤلاء لا يعقلون .... فهل من العقل أن تنسب شخصا إلى مذهب سيظهر بعد قرون .... ؟ (لست أدري أين قرأت أن ابن تيمية وهابي!)
يبدو أن حماقة النصارى دورية .... فهاهي تظهر مرة أخرى مع أخطائهم المزعومة في القرآن ......
يا أهل الكتاب لم تحاجون في القرآن وما وضعت القواعد إلا من بعده أفلا تعقلون.
هؤلاء لا يعلمون شيئا عن تاريخ الأفكار عند المسلمين ولا عند غير المسلمين .... فالنحو لم يكن قالبا لتصب فيه اللغة العربية وإنما هو نموذج ذهني منطقي لتفسير كلام العرب .... من غباوتهم أنهم لا ينتبهون إلى الترتيب الصحيح: كلام العرب أولا ..... ثم تفسير نظامه ثانيا ..... فالنحو هو الذي ينبغي أن يطابق كلام العرب لا العكس .... أما الذين لا يعقلون فيرون أن النحو هو الأول في الوجود ثم جاء كلام العرب وفقه ... فيخطؤون امرأ القيس بسبب قاعدة سيقترحها الكسائي بعد قرون!!
ولو سالتهم: هذه القواعد التي استنبطها النحاة في عصر التدوين من أين جاءتهم ..... ؟ لقالوا من كلام العرب ....
والآن هل يعقل أن تستنبط قاعدة من كلام ثم يخطأ ذلك الكلام نفسه بتلك القاعدة؟ هذا هو الجنون المحض ..... تذكروا تذييل الآية مرة أخرى (أفلاتعقلون).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم تعالوا لتنظروا حماقة النصارى من جهة أخرى: هم يعتقدون أنهم بصنيعهم ذاك يثبتون أن القرآن ليس من عند الله ... ويغيب عنهم أن القرآن على فرض أنه من عند محمد صلى الله عليه وسلم فهو من كلام العرب الذي ينبغي أن يخضع له عنق النحوي وأعناق قواعد النحوي. فالامر هنا لا يتعلق بوحي أوحي أو افتراء افتري .... بل يتعلق بالحجة اللغوية. والنحاة المسلمون احتجوا بكلام الكفار من الجاهليين ولم يحتجوا بكلام أئمة المسلمين الذين تأخر بهم الزمان ... فلم يكن همهم النقاء العقدي بل النقاء اللغوي. وهل في الدنيا أنقى من لغة القرآن-على فرض أنه مفترى-:متواتر تكلم به عربي في بيئة عربية وتحدى به عربا فصحاء بلغاء .... لم ينتبهوا إلى أخطائه وانتبه إليها لكع بن لكع من نصراني أعجمي وعلماني أخذا اللغة العربية من كتاب: كيف تتكلم اللغة العربية في خمسة أيام بدون معلم!!!!!
ـ[المقرئ]ــــــــ[16 Aug 2005, 03:12 م]ـ
بارك الله فيكم: أحسنتم وأجدتم وكلماتكم هذه رائعة:
[بدل هذه الإستراتيجية السلبية كان الأجدر بالمسلم أن يلزم خصومه بأنهم لا يعقلون ... فهم بادعائهم وجود أخطاء لغوية في القرآن قد نادوا على أنفسه بالجهل المركب .... وعلى المسلم أن يثبت عليهم ذلك ليلقمهم حجرا بدل الفرار الى كتب اللغة والبلاغة والنحو والصرف.
كيف ذلك؟]
نزل القرآن الكريم بلغة العرب، وكان ينزل هذا القرآن على أفصح الرجال وأعلمهم بلغات العرب وكان له أعداء من العرب وغيرهم وقد كانوا يتشبثون بأي حجة تدل على أن هذا القرآن ليس من عند الله وأنه مختلق
أتراهم نسوا هذه الحجة أم أن لغتهم كانت ضعيفة وليست كمستوى لغة المستشرقين هؤلاء ولم يستطيعوا أن يجدوا هذه الحجة الدامغة لبيان أخطاء كلام الله
المشركون قالوا كما ذكره الله في كتابه (إنما يعلمه بشر) هذه أحد الانتقادات
فماذا كان الرد (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)
هل جاء المشرك العربي وقال إنه يخالف قواعد العرب
بل إن الله أجرى على ألسنة المشركين وصف هذا الكلام بأنه عربي بالغ البيان
أعتقد أننا أعطينا هؤلاء المستشرقين أكبر من حجمهم، والجدال مع المخالفين إذا كان الحَكم والخصم واحدا فقل لي بأي طريقة نتحاور
فإذا كان هذا المستشرق إذا ذكرت له شاهدا عربيا إما من شعراء العرب أو من كلامهم قال ولكنه لا يوافق معلوماتي فكيف إذا هذا الحوار نحن نتحاور على قانون العرب في خطابهم فهل تكلموا بمثل هذه القاعدة التي نتحاور عليها؟ إذا كان الجواب بنعم: لابد أن ينقطع النقاش
وأما مسألة الاختيار فهذا أمر آخر، المهم أن لا ترد بأنه خالف اللسان العربي
المقرئ
ـ[عصام البشير]ــــــــ[16 Aug 2005, 03:55 م]ـ
أحسنتَ يا أبا عبد المعز.
وقد كانت هذه الفكرة تعتمل في ذهني، فأحسنت سبكها، وأجدتَ في التعبير عنها.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Aug 2005, 12:17 ص]ـ
1 ـ أحسنتم وأجدتم، ولا زلت أستغرب كيف يجادل المخالف ممن فيه مسكة من عقل في هذه الأمور، أتُراه يريد أين يكون أجهل من أبي جهل، لقد كان العرب متوافرون والقرآن ينزل بين ظهرانيهم، وهم الحجة في معرفة كلامهم من مفرداته وتراكيبه وأساليبه، فهل استنكروا منه شيئًا؟
إن من يتطاول اليوم على القرآن بالإبطال من جهة اللغة أو البلاغة أو غيرها إنما يصف نفسه بالجهل المطبق جدًّا.
قال الطاهربن عاشور: ((روى أن ابن الراوندى ـ وكان يزن بالإلحاد ـ قال لابن الأعرابي: أتقول العرب: لباس التقوى؟
فقال ابن الأعرابي: لا بَاسْ لا بَاسْ، وإذا أنجى الله الناس، فلا نَجَّى ذلك الرأس.
هبك يابن الرواندي تنكر أن يكون محمد نبيا، أفتنكر أن يكون فصيحا عربيا؟)).
2 ـ وكما ذكر أخي المقرئ في أمر المستشرقين المغرضين الذين لا يخضعون في نقاشهم إلى الأسلوب العلمي الحيادي الجادِّ، بل قصدهم التهويش والتزييف، فأنَّى لك أن تُقنِعهم، وليس على هؤلاء لومٌ؛ لأن هؤلاء يخالفونك من أول الطريق، ولهم هدف يريدون الوصول إليه، لكن اللوم كل اللوم على من هو من بني جلدتنا ويتلقف أفكارهم وآراءهم على انها وحي مسلم لا يقع فيه الخطأ ويبثه عبر وسائل الإعلام أو قاعات التدريس على طلابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 ـ إنني أقول: إنَّ عندنا زمرة من الناس لا ينفع معها الجدل؛ لأن الجدل للوصول إلى الحق ليس هو مطلبها، وإنما مرادها الجدل لذات الجدل، كما كان بعض المتكلمين من المعتزلة يفعلون ذلك أيام فورتهم وثورتهم، وقد حكى طرفًا من أخبارهم أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتابه تاويل مختلف الحديث (ص: 63 ـ 65)، قال: ((وكنت أسمعهم يقولون: إن الحق يدرك بالمقايسات والنظر، ويلزم من لزمته الحجة أن ينقاد لها، ثم رأيتهم في طول تناظرهم وإلزام بعضهم بعضا الحجة في كل مجلس مرات لا يزولون عنها، ولا ينتقلون.
وسأل رجل من أصحاب هشام بن الحكم رجلا من المعتزلة فقال له: أخبرني عن العالم هل له نهاية وحد؟
فقال المعتزلي: النهاية عندي على ضربين: أحدهما نهاية الزمان من وقت كذا إلى وقت كذا، والآخر نهاية الأطراف والجوانب، وهو متناه بهاتين الصفتين.
ثم قال له: فأخبرني عن الصانع ـ عز وجل ـ هل هو متناه؟
فقال: محال.
قال: فتزعم أنه يجوز أن يخلق المتناهي من ليس بمتناه؟
فقال: نعم.
قال: فَلِمَ لا يجوز أن يخلق الشيء من ليس بشيء، كما جاز أن يخلق المتناهي من ليس بمتناه؟
قال: لأن ما ليس بشيء هو عدم وإبطال.
قال له: وما ليس بمتناه عدم وإبطال.
قال: لا شيء هو نفي.
قال له: وما ليس بمتناه نفي.
قال: قد أجمع الناس على أنه شيء إلا جهما وأصحابه.
قال: قد أجمع الناس أنه متناه.
قال: وجدت كل شيء متناه محدثا مصنوعا عاجزا.
قال: ووجدت كل شيء محدثا مصنوعا عاجزا.
قال: لما أن وجدت هذه الأشياء مصنوعة علمت أن صانعها شيء.
قال: ولما أن وجدت هذه الأشياء متناهية علمت أن صانعها متناه.
قال: لو كان متناهيا كان محدثا إذ وجدت كل متناه محدثا.
قال: ولو كان شيئا كان محدثا عاجزا إذ وجدت كل شيء محدثا عاجزا، وإلا فما الفرق؟
فأمسك.
قال: وسأل آخر آخر عن العلم، فقال له: أتقول أن سميعا في معنى عليم؟
قال: نعم.
قال: (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير) هل سمعه حين قالوه؟
قال: نعم.
قال: فهل سمعه قبل أن يقولوا؟
قال: لا.
قال: فهل علمه قبل أن يقولوه؟
قال: نعم.
قال له: فأرى في سميع معنى غير معنى عليم؟ فلم يجب.
قال أبو محمد: قلت له وللأول: قد لزمتكما الحجة فلم لا تنتقلان عما تعتقدان إلى ما ألزمتكماه الحجة؟
فقال أحدهما: لو فعلنا ذلك لانتقلنا في كل يوم مرات. وكفى بذلك حيرة.
قلت: فإذا كان الحق إنما يعرف بالقياس والحجة، وكنت لا تنقاد لهما بالاتباع كما تنقاد بالانقطاع فما تصنع بهما؛ التقليد أربح لك والمقام على أثر الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بك))
ومن يجادل على هذه الكيفية لا يمكن أن تصل معه إلى شيء أبدًا.
4 ـ وهناك قضية أخرى فيما يتعلق بالجدل، وهي أنك أحيانًا ترفع من شأن المجادل، وهو لا يستحق ذلك، فمن الأولى تركه وعدم الجدل معه، وذلك يحتاج إلى حكمة لمعرفة متى يكون الترك أولى من الجدل، ومتى يكون الجدل أولى من الترك.
5 ـ وقضية أخرى كذلك، وهي أن الجدل مع بعض الناس لا خير فيه، كمن لا يدينون بدين من الملحدين أو المرتدين الذين لا يملكون ما يخسرونه، فما مثل مجادلة أولئك إلا كمثل رجل ـ أكرمكم الله ـ قد خرج من توِّه من بيارة، وهو متسخ منها، وأنت قد خرجت من بيتك بهندامك النظيف، فقال لك: تعال لنتعارك؟
فمن الخاسر في مثل هذا المقام؟
6 ـ إن من أهم أصول الجدل التي تفتقدها كثير من المجادلات مع الخصوم هو الاحتكام إلى أصول ثابتة مقنعة متفق عليها بين المتجادلين، وذلك أول الطريق إلى الوصول إلى الحق إن كان الجدل من أجل الوصول إلى الحق، لكن الملاحظ هذه الأيام أن أغلب المجادلات إنما يراد بها: إما الانتصار للنفس، وإما إثارة الشبه فحسب، أما الجدال من أجل الوصول إلى الحق فقليل جدًّا.
7 ـ وأعود فأقول: إن الترتيب المنطقي الذي ذكره أبو عبد المعز لقضية من يزعم أن في القرآن أخطاء لغوية هو عين الصواب، وكثيرًا ما نغفل عن التسلسل التاريخي لبعض الأمور، فنُصدم بشبه نظنها حقائق، وهي في الحقيقة واهنة كوهن بيت العنكبوت لا تكاد تتماسك أمام الحقيقة إذا ظهرت.
(يُتْبَعُ)
(/)
8 ـ لكن قد يبقى تعلق بعض ضعاف النفوس ببعض الشبه، وهذه تحتاج إلى إزالة، فمن منَّ الله عليه بالقدرة على الجدل، ومعرفة المداخل والمخارج منه، فإنه يمكنه إزالتها ـ بإذن الله ـ ولو كان علمه ناقصًا؛ فإن كثيرًا من الشبه تحتاج إلى عقل أكثر منها إلى علم، فإذا اجتمعا كان عين المراد.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[17 Aug 2005, 03:15 ص]ـ
((إن من يتطاول اليوم على القرآن بالإبطال من جهة اللغة أو البلاغة أو غيرها إنما يصف نفسه بالجهل المطبق جدًّا ... )).
هذا خطاب جميل يا دكتور مساعد، وربما يكون مقنعًا للوهلة الأولى .. ولكن قل لي بربك لمن يوجه هذا الخطاب؟ أيوجه إلى المسلمين، وهم في غنى عنه؟ أم يوجه إلى أعداء المسلمين الذين يطعنون ليل نهار في إعجاز القرآن وبلاغته وبيانه، ويحاولون بكل ما أوتوا من وسائل هدم هذا الدين، وصرف الناس عنه من خلال طعنهم في القرآن، وإقناعهم بأنه من كلام البشر، لا من كلام خالق البشر؟؟؟
أيكفي أن نقول لهم: إنكم حين تطعنون في القرآن الكريم إنما تصفون أنفسكم بالجهل المركب، ولو كنتم تعقلون، لما فعلتم ذلك. والدليل على ذلك أن الله تعالى وصفكم بأنكم لا تعقلون؟؟؟
أتدري يا دكتور مساعد كم تنصَّر من شباب المسلمين على أيدي هؤلاء المستشرقين، الذين تستهين بهم، ولا تقيم لهم وزنًا؟؟؟ ويكفي أن تزور موقعًا واحدًا من مواقعهم، لترى بنفسك ماذا يفعل أولئك، وما يكتب هؤلاء المغرضون من المستشرقين، والملحدين، والعرب اللادينيين عن قرآننا، وعن نبينا عليه الصلاة والسلام، وعن إسلامنا؟؟؟
ومن قال لك يا دكتور مجاهد: إنك إذا رددت على شبهاتهم، وكشفت عن زيفها وبطلانها أنك تجادلهم، وأن المطلوب منك إقناعهم؟؟؟ وهل مثل هؤلاء ينفع معه الجدل؟؟؟ وهل كان الغرض من تحدي القرآن للكفار بالقرآن الكريم هو جدالهم وإقناعهم بأنه كلام الله جل وعلا؟؟؟ وإن كان كذلك فهل نفع الجدل معهم شيئًا؟؟؟ وإن لم ينفع معهم شيئًا، فلم إذًا تحداهم؟؟؟
اسأل نفسك يا دكتور مساعد، وأنت أستاذ في التفسير: لماذا تحدى الله تعالى الكفار بالقرآن وهو يعلم أنهم لا يؤمنون به بصريح قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور:33 - 34)؟؟؟
نعم اسأل نفسك، وستعلم حيئذ أنك مطالب كإنسان مسلم قبل غيرك بالذود عن دينك وقرآنك ونبيك بالتصدي لدعوات أولئك المغرضين من أعداء الإسلام، فكيف وأنت العالم المؤتمن على حمل هذه الرسالة، ورفع رايتها خفاقة فوق كل راية؟؟؟ وإن كنت مقتنعًا بذلك فهل يتم لك ما تريد إلا بالتصدي لتلك الدعوات الهدامة، والكشف عن زيفها، وبيان بطلانها، والغرض منها؟؟؟
ولاحظ قبل أن تجيب أنك تكتب تحت عنوان ((كيف ترد على من يزعم وجود أخطاء لغوية في القرآن))، لا ((كيف تجادل من يزعم وجود أخطاء لغوية في القرآن؟؟؟
ـ[أخوكم]ــــــــ[17 Aug 2005, 06:41 ص]ـ
صدقت أبا عبدالمعز
(( .. من غباوتهم أنهم لا ينتبهون إلى الترتيب الصحيح: كلام العرب أولا ..... ثم تفسير نظامه ثانيا ..... فالنحو هو الذي ينبغي أن يطابق كلام العرب لا العكس .....
ولو سالتهم: هذه القواعد التي استنبطها النحاة في عصر التدوين من أين جاءتهم ..... ؟ لقالوا من كلام العرب .... ))
وثمة أمور مع ذلك:
1 - من لم يعترف في الأمر الأكبر الأوضح الأهم الذي يختص بألوهية الله وحده وبطلان ألوهية المسيح، فهل سيعترف بالأمر الأدق الأصعب الأخفى المتعلق باللغة؟!!
2 - من أحس بنوع من الملل والسآمة فليزر مواقعهم وليقرأ كلامهم ليضحك من قوم ينتقدون لغة القرآن وهم أكثر من يقع في الأخطاء اللغوية
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Aug 2005, 02:56 م]ـ
أشكر أخي سليمان كثيرًا على ملاحظاتك، لكن أودُّ أن أنبِّه إلى أمورٍ:
أولاً: إن قولك (( ... هؤلاء المستشرقين، الذين تستهين بهم، ولا تقيم لهم وزنًا)) لا أدري من أين أخذته، وأنا لا أرى هذا الرأي الذي نسبته إليَّ، وإني لأعرف ما يكتبون وقرأت في تراثهم، ولا يخفاك كثير ممن تتلمذ على هؤلاء وأخذ بطريقهم، وتسنَّم مناصب، وغيَّر وأثر في ثقافتنا، فمن قال لك: إني أستهين؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
لكني رأيتهم في كثير من الأحيان يستخدمون حججًا كحجج الصبيان فيتلقفها من لا علم له بالشريعة على أنها فتح وإضاة في تراث المشارقة، وإنهم يجب أن يأخذوا به، وتراهم يجادلون ويدافعون عنها، ويكتبون فيها صباح مساء لا يفترون، فأحببت أن ألفت إلى من يريد جدال هؤلاء إلى ما ذكرت.
إنني أقول ـ وأحكي واقعًا دخلته وشاهدته من هذه المناقشات مع مستشرقين أو مخالفين في الدين أو مخالفين في الاعتقاد ـ: إننا بحاجة إلى عقلٍ جَدِلٍ يُفكِّكُ أساليب هؤلاء وتلاعبهم بتراثنا، أكثر من حاجتنا لعالمٍ لا يدرك أصول الجدل، فإذا اجتمع العلم والعقل الجدلي كان نورًا على نورٍ.
ثانيًا: أن لا أردُّ أحدًا يذود عن الدين، وقد نبَّهت في مقالة سابقةٍ أن بعض الذين يدخلون في مجادلات لا علم عندهم لا بالشرع ولا بالجدل، وإنما عندهم الحماس والغيرة، ولا زلت أردِّد كثيرًا: إننا أمة من طبيعتها التنوُّع في عمل الخير، فالله يقيضُ لكل عملٍ رجاله، فللجهاد رجاله، وللعلم رجاله، وللخصومات رجالها، لكن أن يدخل من لا يُحسِن فيما لا يحسن فهذا الذي أعترض عليه يا أخي الفاضل.
ومن ثَمَّ، فإنني أتمنى أن تُنشأ (دورات علمية تدريبية) لمن يريد الردَّ أو الجدل على المخالف ليكون ردًُّه وجدله ناجعًا.
ثالثًا: قولك: ((ولاحظ قبل أن تجيب أنك تكتب تحت عنوان ((كيف ترد على من يزعم وجود أخطاء لغوية في القرآن))، لا ((كيف تجادل من يزعم وجود أخطاء لغوية في القرآن؟؟؟))، فأقول لك إن الذي دعاني إلى هذا أمران:
الأول: إشارة أخي أبي عبد المعز في قوله: ( ... كل هذا لا يجدي فانا متيقن أن المجادل لا يفقه شيئا في النحو ولا في لغة العرب).
الثاني: إننا أخذنا في مقاعد الدراسة حديثً عن أبي هريرة قال: (سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته).
وكان من فوائد الحديث: أن المفتي قد يزيد في جوابه عن مسألة السائل ما هو نافع للسائل، وذلك من الاستطراد المحمود، وإني لما رأيت أخي قد أتى على الموضوع، وأشبع الفكرة انتقلت إلى شيء يتعلق بها من هذا الباب الذي سلكه حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخيرًا، فإني أشكرك على حرصك وغيرتك، وأقول لك: هذا جهدي، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأً فمني ومن الشيطان، أسأل الله أن يوفقني وإياك لما يحب ويرضى.
ـ[حامل المسك]ــــــــ[18 Aug 2005, 05:54 م]ـ
والله ان هذا القرآن لأعلى واجل واعظم وابين من ان يجرنا الكلاب والقرده والخنازير لأن ندخله قفص الاتهام ونروح ندافع عنه بدفاعات مهما بلغت من قوة واتقان وبلاغه فهى لا شىء (والله العظيم مع كامل حبى واحترامى لكاتبها) مع وجود وخلود تحدى رب العالمين الملك الحكم الحق علام الغيوب لكل خلقه من الجن والانس ان يأتوا بسورة واحدة من مثله
فهؤلاءمالهم رد عندنا الا السيوف ومع الرأفه فضرب النعال
ـ[الجندى]ــــــــ[20 Aug 2005, 03:27 م]ـ
مثال تطبيقى على جهل الملاحدة
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2552
ـ[حسن عبدالله الخطيب]ــــــــ[03 Mar 2006, 06:13 م]ـ
تحية لجميع ملتقى التفسير الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
فلقد سبق لقسيس نصراني قد أثار مثل هذا الافتراءات على كتاب الله كما هم فاعلون اليوم وكل يوم بتطاولهم على دين ورسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الرد بعيدا عن كونهم كفروا بالله بتطاولهم على كتاب الله، فإنهم أجهل الناس بلغة العرب، فلقد نزل القرآن الكريم على أبلغ الناس وأفصحهم وأنحاهم فكيف يجهل السابقون أهل الخبرة والبيان ما اعتقده المتأخرون أنها أحطاء في كتاب الله والعياذ بالله، ولكن كما ذكر بعض إخواننا في هذا الملتقى الطيب ليس الهدف إلا بث الفتن والافتراءات والأكاذيب الباطلة حول كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه علهم ينالوا بعض ما تكنه صدورهم من غل وحقد وحسد
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم(/)
ما رأى مشايخنا فى هذه الشبهة؟
ـ[الجندى]ــــــــ[17 Aug 2005, 10:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هذه شبهة طرحها احد الملاحدة حول القرآن (القول السديد المُعتبَر في إثبات تحريف القرآن)
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2553
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[22 Aug 2005, 02:44 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الجندي الحبيب
و الله هذه شبهة قوية جدا
و نرجوا من علمائنا البت فيها
فأنا قد سالت نفس هذا السؤال في موضوع سابق لي هنا
بخصوص - القراءات
و تسائلت - بكيفية إستبدال كلمة كاملة مكان كلمة أخرى و ........... الخ
نرفع لعلمائنا الافاضل
/////////////////////////////////////////////////
ـ[حامل المسك]ــــــــ[24 Aug 2005, 04:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان ذاك الكلام الاجوف المزخرف من فم ذاك الكليب الاجرب يدحض نفسه بنفسه ولا يستحق عناء كتابته لكنه زمن الردة والبهتان فاكتب ما شئت ياسلمان فالكل جبان ولا حول ولا قوة الا بالله
ان هذا الخنيزير يناقش القرآت ويلف ويدور ليثبت انها تحريف وهى ثابته ومعروفه لدى الامه وما ون عامى الا ويعرف ان القرآن العظيم نزل على السن العرب وفاتته بديهية لان عقله اقل من عقل الجحيش ان التحرف ان وقع فى اى امر فانه يثبت عند اهله فلا يطرح ابدا على بساط المناقشه هل رأيتم يهودى يتكلم عن تحريف التوراة هل رأيتم صليبيا يناقش حقيقة الصليب هل رأيتم اصحاب انجيل من الاناجيل المختلفة ينا قش التحريف فى انجيله ان هل ينكر احدنا ان الصليب تحريف فى دين المسيح عليه السلام هل ينكر احدنا ان كل الاناجيل المتداوله بينهم محرفة لكن احدا لايناقش لان التحريف اذا وقع لا يناقش طبيعة
هذه شبهه ليس لها الا ابن الخطاب الفاروق رضوان الله عليه مثلما فعل مع الأصيبير الذى ظهر فى مصر يلقى شبهات حار فيها عمرو بن العاص رضوان الله عليه فارسل له الفاروق ان ارسله لى مقيدا مطروحا على بغل (مسيرة شهر) واستقبله وسأله أأنت القائل كذا وكذا قال بلى فاجابه بالقرع على رأسه بالجريدة حتى اغمى عليه فامرهم بافاقته ثم عاد وسأله ثم عاد وضربه مرارا حتى خرج الشيطان من رأسه وتاب فحدد اقامته فى الكوفه تحت رقابة المغيرة ابن شعبه
وهو من هو فى شدته ودارت الايام وظهر ابن السوداء واراد الاستعانة به في القاء الشبهات فخلع عمامته واراه اثار الضرب وقال تبت بفضل الرجل الصالح(/)
سؤال حول حساب الجُمَّل وموقف العلماء منه ..
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[18 Aug 2005, 12:40 م]ـ
إخوتي الأكارم
لم يترجح لدي ما يشفي الغليل في مسألة حساب الجُمل
وبخاصة حين استخدمه المنصرون في إثبات صحة شبهاتهم مثل
كهيعص = 205107090 = 195
المسيح = 1304060108 = 149
الهى = 130510 = 46
كهيعص = المسيح الهى = 195
حم عسق
ح م ع س ق = 278
المسيح هو بن الله = 278 ".
ارجو الاهتمام بالتاصيل العلمي للموضوع للأهمية
وبارك الله فيكم إخوتي
مع محبتي
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[03 Mar 2006, 05:24 م]ـ
حساب الجُمَّل: بتشديد الميم وتخفيفها، حساب مبناه على الحروف الأبجدية (أبجد هوز .. ) كل حرف يدل على رقم من الأعداد، آحادها وعشراتها ومئاتها. [1]
وحساب الجمل ليس من أدلة ديننا، ولا ينبني عليه علم ولا شرع، فلا تُبنى العقيدة الحقة على أوهام وتخرصات، لا دليل شرعي يؤيدها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " فهذه الأمور التي توجد في ضلال اليهود والنصارى، وضلال المشركين والصابئين من المتفلسفة والمنجمين .. مشتملة من هذا الباطل على ما لا يعلمه إلا الله تعالى. وهذه الأمور وأشباهها خارجة عن دين الإسلام، محرمة فيه، فيجب إنكارها، والنهي عنها. على كل قادر بالعلم والبيان واليد واللسان، فإن ذلك من أعظم ما أوجبه الله من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. وهؤلاء ـ وأشباههم ـ أعداء الرسل، وسوس الملل ... ". [2]
وهذا الحساب " باطل مردود؛ لأنه طريق غير مقبول للفهم في كلام العرب، ولا يجوز فهم القرآن بغير طرائق فهمهم، ولما في ذلك من فتح لأبواب الباطل. فإن كتاباً كبيراً لا يخلو من أن تتفق فيه كلمات أو حروف مع رقم ما، فهل نجعل ذلك دليلاً على حقية ما يزعمه أصحاب هذا الرقم؟ ". [3]
قلت: القرآن الكريم لا تُفهَم معانيه على الظن بلا دليل ولا أسس ثابتة راسخة، والله سبحانه وتعالى أعلى وأجل من أن يخاطب عباده بمثل هذه الأرقام، التي تحتمل كثيراً من الاحتمالات التي فيها الخير والشر، الحق والباطل.
مثال ذلك:
استدلال النصارى بجُمَّل حروف فواتح سورة مريم على صحة عقيدتهم ..
قال أحدهم:
" أ= 1
ب=2
ج=3
ذ= 4 [الصواب: د =4]
ة= 5 [الصواب: هـ = 5]
و=6
ز=7
ح=8
ط=9
ى=10
ك=20
ل=30
م=40
ن= 50
س=60
ع=70
ف= 80
ص=90
ق=100
ر= 200
ش=300
ت= 400
كهيعص = المسيح الهى = 195 ".
الجواب:
لقد ترك كل النصوص الصريحة والواضحة في تكفير من قال بأن الله ثالث ثلاث، ومن افترى أن الله هو المسيح .. واستعان بهذه الشبهة التي لا دليل عليها.
فلمن شاء ترتيب ما يشاء من كلمات وعبارات، عن طريق استخدام هذا الحساب بأي نصٍّ طويل يختاره .. بل النصوص ـ بحسب حساب الجُمَّل ـ التي عليهم، أكثر من التي لهم، انظر مثلاً:
1 - أحمد نبي يوحى إليه
53 + 62 + 34 + 46 = 195
2 – الصلب باطل
153 + 42 = 195
3 – البنوة إفك
94 + 101 = 195
4 – الإنجيل زيد به باطل
125 + 21 + 7 + 42 = 195
5 – الله واحد وهاب بلا ابن أو آب
66 + 19 + 14 + 33 + 53 + 7 + 3 = 195
6 – لا ابن لله، واحد وأحد أبدا
31 + 53 + 65 19 + 19 + 8 = 195
7 – الله واحد أحد وهاب لا يلد أبدا
66 + 19 + 13 + 14 + 31 + 44 + 8 = 195
8 – لا إفك ابن أو آب
31 + 101 + 53 + 7 + 3 = 195
9 – إله أحد وهاب لا يلد أو يولد
36 + 13 + 14 + 31 + 44 + 7 + 50 = 195
10 – هو واحد ولا أحد معه
11 + 19 + 37 + 13 + 115 = 195
11 – الابن عبد له
84 + 76 + 35 = 195
12 – الله بلا ولد أو والد أبدا
66 + 33 + 40 + 7 + 41 + 8 = 195
13 – لا ولد أو والد هو لله
31 + 40 + 7 + 41 + 11 + 65 = 195
14 – الله أحد ولا إله إلا هو
66 + 13 + 37 + 36 + 32 + 11 = 195
15 – دين أحمد وحي إلهي جدا
64 + 53 + 24 + 46 + 8 = 195
16 - أحمد جاء بحق وبهدى
53 + 5 + 110 + 27 = 195
17 – أحمد يدعو بالهدى
53 + 90 + 52 = 195
18 – أحمد هداية الله دوما
53 + 25 + 66 + 51 = 195
19 – وجاء وحي الله إلى أحمد
11 + 24 + 66 + 41 + 53 = 195
20 – المسيا أحمد
142 + 53 = 195
21 – يهدي الله أحمد دائما
29 + 66 + 53 + 47 = 195
22 – جحد يسوع الآب
15 + 146 + 34 = 195
23 – فداء ابنه وهم
86 + 58 + 51 = 195
وهذه دعوة للإخوة الباحثين فيما يسمى (الإعجاز العددي) أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، ولا يفسروا آيات القرآن الكريم بعيداً عن سياقها، ومدلولها اللغوي الذي عهدَه لسان العرب.
=================
[1] انظر: معجم متن اللغة، أحمد رضا 1/ 571 (ج م ل).
[2] مجموع الفتاوى، ابن تيمية 35/ 190.
[3] علوم القرآن الكريم، د. نور الدين عتر، ص159 (الحاشية).(/)
" علم الانتصار للقرآن الكريم " دعوة لإنشاء علم جديد من علوم القرآن الكريم
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[15 Sep 2005, 04:29 م]ـ
إخوتي الأفاضل ..
في نهاية أطروحتي .. وعند التوصيات فكرت بالتوصية لإنشاء علم جديد من علوم القرآن الكريم اسمه: " علم الانتصار للقرآن الكريم ". يعنى بالرد على الشبهات حول القرآن الكريم والذود عنه رداً علمياً محكماً.
في ظل الهجمة عليه التي لم يعرف التاريخ مثيلاً لها .. والتي لم يتعرض لمثلها أي كتاب مقدس لأي ملة من الملل.
تعريفه المقترح: هو العلم بالشبهات المثارة حول القرآن الكريم والرد عليها رداً علمياً، بقواعد مخصوصة.
والهدف منه:
1) لفت أنظار العلماء وطلاب العلم والباحثين الجدد إلى هذا العلم والتأليف فيه.
2) تقعيد قواعد وأسس للعلم حتى لا يدخله من ليس أهل له، فيفسد أكثر مما يصلح.
3) كي ينال هذا العلم نصيبه اللائق به من البحث .. كباقي مباحث علوم القرآن الكريم التي بُحِثت حتى (نضجت) كالناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمحكم والمتشابه ... وهذا لا يعني عدم البحث فيها (لأهميتها) ولكن من المهم أن تكون الأولوية له.
4) تجميع جهود العلماء السابقين واللاحقين فتأخذ بحُجَز بعضها بعضاً.
5) أعداء القرآن يهاجمونه بمنهجية منسقة واضحة المعالم، بينما الردود عليها عشوائية حائرة .. بحاجة إلى تجميع.
6) الدفاع عن القرآن الكريم فرض كفاية، وبهذا العلم يصطف العلماء كالبنيان المرصوص دافعاً عن دستورهم، ويجدون نوراً يهتدون بهديه في سيرهم.
7) ليضم ويشمل مؤلفات سابقة للعلماء ككتاب الانتصارات الإسلامية للطوفي .. الانتصار للقرآن للباقلاني .. حيث لا يمكن أن تدخل تحت علم الناسخ والمنسوخ أو علم المكي والمدني ...
ما رأيكم إخوتي؟!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Oct 2005, 02:15 ص]ـ
اقتراح موفق وفقكم الله ونفع بكم.
ولا شك أن تخصيص مثل هذا الموضوع بالكتابة والتقعيد يدفع الباحثين إلى إعمال الفكر في ضبطه وجمع جزئياته المتفرقة في مصنفات العلماء في مكان واحد، وسوف تتظافر جهود الباحثين واستدراكاتهم على إنضاجه مع مرور الوقت إن شاء الله.
مع مراعاة أن هذا الموضوع تصنف فيه المصنفات غالباً انطلاقاً من ردة فعل نتجت عن استهزاء بالقرآن أو تقليل من شأنه، فربما انحرف المؤلف عن القصد، أو ندت عنه عبارات تقلل من قبول كلامه ولو كان حقاً، ولو خلت مثل هذه الردود عن تلك العبارات لكانت أدعى للقبول، حيث إن ثورة المواقف تبرد، ولا يبقى للكلام قيمة إلا ما أيده الدليل، ودعمته الحجة، فإن القارئ إذا خلا بنفسه فكر وتدبر وتأمل في الأدلة، وهذا الموضوع - موضوع الانتصار للقرآن - يمت لعلم البحث والمناظرة بصلة من حيث القواعد العامة في الرد والمناظرة مع المخالف، فيمكن الاستفادة منه في هذا. وأشير في الختام إلى كتاب الشيخ الأستاذ الدكتور زاهر بن عواض الألمعي حفظه الله ورعاه (مناهج الجدل في القرآن الكريم) فهو من أقدم ما صنف في العصر الحديث في هذا الموضوع.
نسأل الله أن يسدد الجهود في نشر علوم كتاب الله بين الناس، والدفاع عنه بالحجة والبرهان، مع التأدب بأدب القرآن في ذلك كله.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[15 Nov 2005, 09:30 م]ـ
إخوتي الأفاضل ..
بإذن الله تعالى سأقدم بحثاً محكماً إلى مجلة جامعة دمشق حول هذا الموضوع
أولاً: سأقترح هذا التعريف له ...
هو: " العلم الذي يبحث في فهم الشبهات المثارة حول القرآن الكريم، والانتصاف له منها، بالحجة المؤيَّدة بالدليل الشرعي ".
فهل تجدونه جامعاً مانعاً؟
ثانياً: موضوعات هذا العلم:
يبحث علم الانتصار للقرآن الكريم في:
1. رصد وفهم وإدراك الشبهات المثارة حول القرآن الكريم.
2. الرد على الشبهات بالحجة والبرهان، مؤيدة بالدليل العلمي، وفق ضوابط الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن.
3. وضع شروط المتصدي للانتصار للقرآن الكريم.
4. إظهار حقيقة الإعجاز القرآني، ووضع ضوابطه، والرد على الشبهات حوله.
5. تجميع الجهود الفردية للعلماء المسلمين الذين بحثوا في الشبهات المثارة حول القرآن الكريم، والتعريف بها، والاستفادة منها.
هل تجدون موضوعات أخرى له؟
ثالثاً:
أهمية علم الانتصار للقرآن الكريم
1. لفت أنظار العلماء وطلاب العلم والباحثين الجدد إلى هذا العلم؛ لتخصيصه بالعناية والتأليف.
2. تقعيد قواعد وأسس للعلم حتى لا يدخله من ليس أهلاً له، فيفسد أكثر مما يصلح.
3. كي ينال هذا العلم نصيبه اللائق به من البحث .. كباقي مباحث علوم القرآن الكريم التي بُحِثت حتى (نضجت) كالناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمحكم والمتشابه .. وهذا لا يعني عدم البحث فيها (لأهميتها) ولكن من المهم أن تكون الأولوية له.
4. تجميع جهود العلماء السابقين واللاحقين، فيبني اللاحق على جهد السابق.
5. أعداء القرآن يهاجمونه بمنهجية منسقة واضحة المعالم، بينما الردود عليها فردية، بحاجة إلى تجميع وتنظيم، ولا سبيل لتجميعها إلا بإيجاد علمٍ يختص بها.
6. توفير الردود العلمية الصحيحة للعاملين في الدعوة الإسلامية.
7. يضم هذا العلم ويشمل مؤلفات سابقة للعلماء ككتاب الانتصارات الإسلامية للطوفي، والانتصار للقرآن للباقلاني .. فهي لا تدخل تحت أي علم من علوم القرآن الكريم الحالية كالناسخ والمنسوخ والمكي والمدني رغم أنها تتناول دراسة موضوعات في القرآن الكريم.
ما رأيكم بها؟
أرجو الاهتمام من الأحبة
مع محبتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Dec 2005, 02:46 م]ـ
أسأل الله لكم التوفيق في هذا البحث.
ومما يفيد في هذا أيضاً أن الدكتور الفاضل حازم سعيد حيدر في ختام رسالته للدكتوراه (علوم القرآن بين البرهان والإتقان: دراسة مقارنة) قد اقترح إضافة بعض علوم القرآن، حيث إن علوم القرآن غير منحصرة بعدد معين من الأنواع، بل يمكن مدها والإضافة إليها، بشرط ألا تكون هذه الإضافة تفريعاً ممططاً على ما سبق.
ومن الأنواع التي اقترح إضافتها:
1 - ترجمة معاني القرآن.
2 - مناهج المفسرين.
3 - تدبر القرآن.
4 - مقاصد السور أو مقاصد القرآن.
5 - الشبهات حول القرآن.
6 - قواعد حفظ القرآن.
7 - نقد التفسير.
والذي يعنينا هنا من الأنواع هو النوع الخامس (الشبهات حول القرآن) حيث يقصد به ما تقصده أخي الكريم عبدالرحيم بعلم الانتصار للقرآن الكريم. حيث قال تحته:
(تصدى علماء الإسلام لرد المفتريات المزعومة التي ذراها بعض المغرضين والشانئين لهذا الكتاب الكريم، تمثلت قديماً بردود ابن الأنباري، وابن أشتة في (المصاحف) والباقلاني في (الانتصار) والداني في (المقنع) والزركشي والسيوطي وغيرهم. وكتب المتأخرون متصدين لمحاولات التشكيك، والنيل من حرمة الكتاب العزيز، ضمن علوم القرآن كالزرقاني وأبي شهبة والصالح أو في كتابات مفردة). انظر: ص 652
واتفاق الباحثين الجادين مع الباحث يزيده عزماً ومضاء، فأسأل الله لك التوفيق.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[08 Dec 2005, 02:33 م]ـ
جزاك الله أخي الفاضل
قطعاً سألتزم بما نصحتني به بارك الله فيك ونفع بك وأحسن إليك
وأزيد ..
حين تصفحت عدداً من كتب علوم القرآن الكريم لأنظر منزلة الانتصار للقرآن الكريم عند أصحابها .. لفت نظري تقسيم الدكتور محمد نبيل غنايم لكتابه " بحوث في علوم القرآن " إلى قسمين:
الأول بعنوان: " علوم القرآن "، ويشمل: تعريفه، ونزوله، وكتابته، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، وإعجاز القرآن، وفضائل وآداب خاصة بالقرآن.
الثاني: من أساليب الغزو الفكري (الطعن في القرآن الكريم): ذكر فيه بعض الطعون المثارة حول القرآن الكريم، والرد عليها.
. القسم الأول: من: ص1 - 118. والقسم الثاني: من: ص119 - 226 / دار الهداية، القاهرة، ط1، 1993م
وهذا التقسيم للدكتور محمد غنايم يُبين أن بعض الباحثين المسلمين قد فَصَلوا بين دراسة ونقد الطعن في القرآن الكريم، وباقي علوم القرآن الكريم، كأنه علم مستقل غريب عنها.
بينما الحق والعدل أن يكون هذا العلم مبحثاً أساسياً من مباحث علوم القرآن الكريم ..
====================
الموضوع كما تعلم أخي المكرم أعظم وأجلّ من قضية (ردود على شبهات).
لأن الشبهات تتزايد وتنتشر وتتفرع وتتلون بشتى الألوان .. الخ
منها
http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=16787#post16787
وللأسف الشديد لا يمكن حصر جميع الشبهات حول القرآن الكريم في عصرنا والرد عليها (كلها) رداً علمياً محكماً بجهد فردي .. إلا إن اعتنت به (جمعية) أو (فريق) .. الخ
والأفضل من ذلك كله، إيجاد علم يضع الأسس والضوابط الناظمة للرد على الشبهات .. فكثيراً ما أخذ الوقت من أخيكم ليرد على الرادِّين على الشبهات!!
عدم وجود أسس واضحة للرد، يوقع العاملين فيه بالحرج. والأسوأ منه: التناقض .. هذا التناقض الذي يورث المطَّلع الباحث عن الحقيقة (وهو الهدف الرئيس للرد) على الردود المتناقضة حيرة وعدم الاحترام لأي من الآراء .. فتضيع الحقيقة وسط الزحام والضباب.
وأضرب على هذا مثالين:
- الأول: ما نسِبَ إلى مصاحف الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ من روايات شاذة تخاف المصحف العثماني .. والردود المتنوعة على ذلك. مِنَ العجيب أن تجد منها مَن يُقِر بتدخل سيدنا عثمان رضي الله عنه لترجيح مصحفه الرسمي (ما يسمى: المدونة الرسمية).
وتخيل أخي الكريم أن المصحف المترجم إلى الفرنسية (سنة 1972م) على يد الشيخ (أبو بكر حمزة) رئيس المعهد الإسلامي بباريس يُقرُّ بذاك!!
فيقول في ترجمته للآية 54 من سورة الأنفال 1/ 361: أنها تكرار للآية 52 من السورة ذاتها، وسبب ذلك التكرار اللجنة التي كتبت المصحف العثماني!!
كما يطعن في ترتيب الآية 44 من سورة هود ويقول إنها يجب أن تتبع الآية 47 من السورة ذاتها (ولكنه أبقاها على ترتيبها احتراما للمصحف العثماني).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويُصرح في 2/ 1279 أن بعض الآيات نقلت عن موضعها بتدخل من سيدنا عثمان، وأخرى حذفت، وأخرى أضيفت .. الخ
أهكذا يكون الدفاع عن القرآن؟! ولمن: لغير العرب المسلمين؟! وممن: من شخص اسمه كأسمائنا ويتبوأ أعلى منصب ديني إسلامي في فرنسا (كما يقول الفرنسيون)؟!
- الثاني: الجهود الضخمة التي بذلها د. محمد عمارة في كتابه شبهات حول القرآن ليثبت أن القرآن الكريم لم يقل إن (آزر) هو اسم والد سيدنا إبراهيم عليه السلام .. حتى لا يتعارض القرآن الكريم مع التوراة المحرفة التي زعمت أن اسمه (تارح)!!!
من هنا أقول إن الأولى هو تقعيد قواعد للنظر في الشبهات حول القرآن الكريم، مثلاً الاتفاق على قاعدة أن لا يُعتَد بقرآنية غير المتواتر مما نُسِبَ لمصاحف الصحابة الكرام رضي الله عنهم .. وتثبيت قاعدة: هيمنة القرآن الكريم التاريخية على مختلف الكتب المقدسة للشعوب، تلك الهيمنة التي لم تثبت حقائق التاريخ أنها انخرمت ولو لمرة واحدة ... إلى غير ذلك من القواعد.
(كما أن للفقه قواعد: لا ضرر ولا ضرار، الضرر يزال، الضرورات تبيح المحظورات .. ).
لو أن طلبة العلم الشرعي (بل مشايخهم المتصدين للردود على الشبهات) اتفقوا على قواعد وأسس ثابتة كمنطلقات صحيحة للرد على الشبهات لما كنا في هذه الحالة المأساوية في الردود على الشبهات، كل " شخص " يرد وفق منطلقاته وأهوائه مهما كانت حصيلته العلمية وأرضيته التخصصية ..
عند تقعيد قواعد لهذا العلم، والالتزام بها .. تستطيع الاطمئنان بضعف التأثير السلبي لما ستخرجه لنا ـ ثم لأبنائنا ـ الأيام الحبلى بكل جديد من شبهات.
فتعليم الصيد للفقير، وإعطاؤه أدوات الصيد .. خير من إطعامه السمك كلما طلب ذلك.
والأهم من ذلك، المزيد من الاحترام لكتاب الله تعالى بأن تخدمه مؤسسات بأسس علمية منهجية، وهذا من حقوقه علينا ..
كتاب الله يستحق منا أكثر .. ولا يجوز الاستمرار في هذه الغفلة التي سنُسأل عنها كلنا ..
الكلام في شجون هذا الموضوع يطول ويطول ....
حتى نكون عمَليِّين .. هل سيُكتَب لنا طول عمرٍ فنجد مساقاً جامعياً اسمه " الانتصار للقرآن "؟!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[10 Dec 2005, 07:13 م]ـ
جاء في البصائر والذخائر للتوحيدي:
أسلمَ أبو حنيفة ابنه حماداً إلى المعلم .. فعلمه الفاتحة .. فوصله بخمسمائة درهم.
فقال المعلم: إن هذا عظيم!!
فقال أبو حنيفة:
يا هذا، ليس للقرآن عندك قدر؟!
رحمك الله .. ما أفقهك!!
ـ[الجندى]ــــــــ[13 Dec 2005, 02:47 م]ـ
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=4365
ـ[خلوصي]ــــــــ[30 Jun 2010, 10:09 م]ـ
سيدي الفاضل:
تلك دعوة فريدة لموسوعة منهجية تكون فتحاً إذا أحسنا تبويبها بدقة و تفصيل مع حسن الإحالة!
على أن الله عز و جل بفضله و كرمه قد هوّن علينا الأمر بموسوعة عجيبة لا تلبّي حاجة فكرية فحسب! بل تعضدها في الوقت نفسه بالحاجة القلبية في نسق عجيب يقول عنه من أُلهمه نفسه: " سلكت طريقاً غير مسلوك بين العقل و القلب "!؟!
فضلاً عن أن القاريء ينعم ببرد اليقين و زوال الشبهة من غير أن يمعن النظر في الشبهة!
و منها يعجب كل من يقرؤها في الشرق أو في الغرب في إشارات قوية إلى ربّانية ٍ حاضرة!؟
http://www.tafsir.net/vb/t19194.html(/)
الدكتور سعيد بن ناصر وتأملات مهداة إلى أقسام التفسير
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[24 Sep 2005, 12:29 ص]ـ
كتب الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي مقالاً جميلاً بعنوان:
إلى أقسام التفسير
يبحث فيه توسيع أو تجديد دائرة الأبحاث والرسائل العلمية لتناقش ما تثيره العلمانية المعاصرة من كتابات تلقى شهرة ورواجاً وهي تهدف إلى تقويض النصوص , أو هدم دلالتها.
والآن إلى المقال الذي أتمنى أن تجدوا فيه الفائدة العزيزة , والفكرة الجميلة.
" أقول للزملاء في قسم التفسير أين أنتم عن الواقع؟
مليح ومهم أن تعرفوا أقوال المفسرين وأوجه الإعراب والبلاغة ونحو ذلك.
ولكن من المهم أيضاً: أن تعيشوا عصركم, وأن تلتفتوا إلى ما يفعله العلمانيون بعلوم القرآن ونصوص الوحي المعصوم.
قد يقول البعض: بأن أقوالهم هي من جنس أقوال المستشرقين, وقد درسناها وعرفناها. وهذه حجة من لم يعرف ما قاله ـ على سبيل المثال ـ محمد بن أركون, ونصر أبو زيد, وحسن حنفي.
إن الدراسات العلمانية المعاصرة تستهدف: التقويض والهدم, وهدم النص أو هدم دلالته, أو التشكيك في ثبوته ونزوله, أو إدخال النص في عجلة المذهب (التاريخاني) على طريقة اسبنوزا اليهودي وأحفاد فكرته. لقد تحدث العلمانيون عن كل شيء في القرآن وعلومه, عن أسباب النزول, وعن حالات تلقي الوحي كما يزعمون, وعن التطابق التاريخي للنصوص, وعن السياق اللغوي والنصي, وعن القراءات التأويلية (الهرمنوطيقية) لنصوص القرآن, والقراءات البنيوية والتشريحية, وتحدثوا عن نسبية النص, وجعل النص القرآني نصاً مفتوحاً, وتكلموا عن سقوط مناهج تفسير القرآن بالقرآن, وتفسير القرآن بالسنة, والقرآن باللغة. وكتبوا مشككين في ثبوت النص القرآني, في تدوين المصحف, وعن حفظ الصحابة, ومدى صحة ذلك, وعن القراءات, وغير ذلك من أبواب علوم القرآن.
والملحوظة المؤسفة: أن الزملاء الأفاضل في أقسام القرآن بعيدون عن هذه القضايا, ومشغولون بتحقيق مخطوطة فلان في التفسير, ومنهج فلان في تفسير القرآن, أو في القراءات ومخطوطاتها.
إن من السهولة بمكان تحقيق مخطوطة ومقارنة النسخ, ودراسة منهج فلان وفلان, ولكن الأمر الذي قد لا يستوعبه الكثيرون, أو لا يحبون الاستماع إليه, هي تلك الأطروحات الفكرية ذات المناهج والفلسفات التي تستهدف تقويض النص القرآني, أو على الأقل تقويض التفسير بالمأثور وطرائقه, وهدم المنهج العلمي لأصول هذا العلم وقواعده. فهل يفقه الزملاء الفضلاء في أقسام التفسير وعلوم القرآن ذلك؟ مسترشدين بقول الله تعالى: (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين المجرمين). "
جريدة المدينة: ملحق الرسالة يوم الجمعة 19/ 8 / 1426
العتيق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Sep 2005, 08:39 م]ـ
جزى الله الكاتب والناقل خيراً على هذا التوجيه الكريم. والالتفات لما أشار إليه الدكتور سعيد بن ناصر في غاية الأهمية لمن وفق للرد على مطاعن هؤلاء الكتاب الذي أكثروا على الناس من التأليف، في أسفار طوال منزوعة البركة، كما صنع حسن حنفي في مشروعاته الطويلة. غير أن الاشتغال بما يكتبه هؤلاء - برأيي - يذهب على طالب العلم رونق فهم القرآن ونشره بين محبيه من سواد المسلمين.
والدكتور سعيد بن ناصر حفظه الله أستاذي وله علي فضل كبير، وقد حادثته يوماً فيما يكتبه هؤلاء وأمثالهم من كتب، وما عاناه هو في رسالته للدكتوراه من اشتغال بقراءة ما يكتبونه، فتنهد وقال: (لقد قسى القلب من القراءة في كتب هؤلاء القوم، وأعوذ بالله أن أكون ممن أضاع وقته فيما لا ينفع). غير أن عنايته وأمثاله بما يكتبه هؤلاء للرد عليهم، وبيان ما يرمون إليه من الإفساد حق على طلبة العلم، لا بد من أن يتفرغ له أناس لكشفه وبيانه. غير أنه لا يصلح لذلك كل أحد، فإنهم يكتبون كتابات يتطلب فهمها فهمَ المناهج التي ينطلقون منها في تحليل النصوص ودراستها، وهي مناهج غربية نشأت في بيئة مختلفة عن بيئة النصوص العربية التي يحاكمونها إليها، وقد عني بهذا الجانب المتخصصون في الدراسات القرآنية، والدراسات العقدية، والدراسات النقدية الأدبية، وأدلى كل منهم فيها بدلوه، ونظر إليها من زاويته.
ويبقى ما أشار إليه الدكتور سعيد بن ناصر جديراً بالعناية والاهتمام من قبل الدارسين في الدراسات القرآنية، أرجو أن يتقبل الله دعوته هذه، وأن يكتب لها القبول بين الدارسين، فتظهر لنا دراسات ناقدة كاشفة لهذا الزيف، الذي يراد له أن يكتسح عقول الجيل، وينخر المناهج الصحيحة التي توارثها المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى اليوم، والله غالب على أمره. ولا سيما أن هناك أعداداً متزايدة - من فضل الله - من الطلاب والطالبات المقبلين على الدراسات العليا في الدراسات القرآنية في جميع بقاع العالم، فليتهم يولون هذه الدعوة نصيباً من العناية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[27 Sep 2005, 11:32 م]ـ
أخي الحبيب الشيخ عبد الرحمن الشهري .... سلمه الله
أشكر لك هذا المرور والتعليق المفيد , والموضوع إنما نقلته هنا لكي يتسنى لأكبر عددٍ من المتخصصين الإطلاع عليه, والنظر فيه توجيهاً وتقويماً واستفادةً , وذلك كله مراعاةً لسمة هذا الملتقى العلمي التخصصي , وطبيعة هذا الاقتراح العلمي , ثم الرغبة في الدلالة على الخير. والموضوع من الأهمية بمكان , لكن فرق بين أن يتصدى الجميع لهذا الأمر أو تهتم به طائفة. فالأول غير مقبول , والثاني مَدْعُو إليه مع ملاحظة ما أشرت إليه بارك الله فيك من توفر الرغبة لدى الباحث في هذا الاتجاه , وأن يعرف من نفسه المقدرة على ذلك. ومن قبل ذلك ومن بعده إتقان التخصص (أعني به التفسير وعلومه) فإنه سببٌ للنجاح في كل اتجاهٍ يسلكه الباحث.
أخيراً أخي الكريم وفقني الله وإياك لكل خير , نسيت أن أذكر أن هذه الاقتراح كانت من ضمن ثلاث اقتراحات متنوعة وجهها الدكتور ناصر بن سعيد الغامدي حفظه الله إلى أقسام الدراسات العليا بقسم العقيدة , وقسم أصول الفقه , ثم قسم التفسير , وهي كلها تدور في فلكٍ واحدٍ.
ـ[د. أياد الحمداني]ــــــــ[18 Mar 2006, 11:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة في ملتقى التفسير لقد اطلعت على ما أخبر به الأخ عن بعض أعمال العلمانيين خاصة في القرآن الكريم وجزاه الله خيرا حيث نبه إلى ما يجب فعله ولكن من خلال حرصه تحامل على نشر المخطوطات وبيان منهج فلان وأنا أقوا إن ما دعا إليه الفاضل هو صحيح من رد العلانيين وكتاباتهم إلى نحورهم لكننا يجب أيضا ألا نستهين بالخطوطات والعمل على نشرها وهي ليست بالأمر الهين كما ذكر الفاضل بل تحتاج إلى ثقافة ونصب وصبر، وكذلك بيان منهج فلان في التفسير ومقدار اصابته أو خطأه ولذلك فأنا أقول في هذه العجالة أن كل أحد واقف عى ثغرة الإسلام وخاصة في هذا الزمان وأشكر الكاتب على غيرته وكذا الكاتب فكل منهما قد أجاد وأفاد والسلام عليكم
المخلص
أياد الحمداني(/)
أهداف ترجمات القرآن وأنماطها عبر التاريخ (*)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Oct 2005, 03:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
د. محمود الربداوي
يعتقد بعض الناس أن ترجمة القرآن ظاهرة متأخرة، ويحسبون أنها ظاهرة عرفها المفكرون والتراجمة في القرون الأخيرة، وحقيقة الأمر أنّ ترجمة القرآن قديمة موغلة في القدم، يعود بعضها إلى حقبة نزول القرآن نفسه، نقرّر ذلك مستشهدين بالخبر الذي يروى عن الصحابي سلمان الفارسي، خلاصته أن بعض قومه من الفرس الذين لا يعرفون العربيّة، طلبوا منه أن يترجم لهم بعض الآي إلى لغتهم الفارسية، فاستجاب لطلبهم وترجم لهم البسملة وسورة الفاتحة، وظلوا يقرؤونها في صلواتهم بالفارسية حتّى لانت ألسنتهم للعربية.
ومع أن المسلمين، الأوائل من الأعاجم كانوا يرغبون بالفهم الدقيق لمعاني القرآن الكريم، ولا يتم لهم ذلك إلا إذا تُرجم إلى لغتهم التي حذقوا دلالتها، إلا أنهم تساموا بأنفسهم، وصعَّدوا قدراتهم اللغوية إلى تعلّم اللغة العربية نفسها التي نزل بها القرآن، فاعتكفوا على تعلّمها، وكان لهم ذلك، ويمكن إرجاع كل حركة التأليف والتدوين التي انطلقت في القرون الأولى للإسلام، وبزوغ الفكر العلمي اللغوي إلى تعامل العجم مع القرآن وتفاعلهم معه، ومع كل ذلك ظلّت الحاجة ملحّة لتقديم أفكار القرآن ومعانيه إلى الجماهير الغفيرة من أمم شتى التي أخذت تدخل في الإسلام أفواجاً دون أن تتمكن من فهم العربية، فنشأت حاجة ملحّة لترجمة الفكر العربي الإسلامي الجديد، وعلى رأس هذا الفكر الناشئ القرآن الكريم بأفكاره ومعانيه وما يتضمنه من تنظيم سياسي واجتماعي وتربوي وأخلاقي فنشأت ثلاثة أنماط من الترجمة:
النمط الأول: الترجمات الشرقية، ونقصد به ترجمات القرآن إلى لغات الأمم الشرقية كالفارسية والتركية والأوردية والجاويّة والبنغالية، وأغلب ترجمات هذا النمط كانت تتم على أيدي عناصر مسلمة، ولذلك كانت تتوفر فيها النظرة القدسية للقرآن، ومن هذا النمط ما ذكره الجاحظ عن موسى بن سيّار الأسواري (المتوفى سنة 255هـ) أنه كان يدرّس القرآن ويشرحه بالفارسية (2)، ومن هذا النمط أيضاً ما ذُكر عن ترجمات القرآن على أيدي علماء ما وراء النهر في سنة 345هـ للملك منصور بن نوح الساماني، وتوالت الترجمات الفارسية والجاوية، وهي أكبر اللغات الأندونوسية وأكثرها انتشاراً، وقد ترجم إليها القرآن مع تفسير البيضاوي.
كما ترجمت اللغة الأوردية ـ وهي اللغة التي تتكلمها شعوب الباكستان والهند ـ ترجمات عدّة أشهرها ترجمة (الشيخ عبد القادر بن الشاه ولي الله)، وترجمة (الدكتور عماد الدين أمر تسار) طبعت في مدينة (الله آباد) وهي أول طبعة بحروف أوردية إفرنجية، وهناك طبعة أخرى ظهرت سنة 1315هـ فيها الأصل العربي وترجمة بالفارسية والأوردية، وتأتي الأوردية في الهند بعد اللغة البنغالية، وقد ترجم إليها الراهب (وليم جلودساك) القرآن سنة 1908.
أمَّا في تركية ـ ومعظم شعبها من المسلمين ـ فالمعروف أن السلطان عبد الحميد كان يمنع منعاً باتاً ترجمة القرآن إلى اللغة التركية.
ويلحق بالنمط الشرقي ما وضعه كل من (فارجنيل ويوفات) من شرح للقرآن الكريم باللغة الصينية (3)، ونشراه في مجلة تسمى (مجلة العالم الإسلامي).
فإذا أضفنا إلى كل ما سبق ترجمة تنسب إلى (بار صليبي) المعاصر للحجاج الثقفي للسريانية، وما ذكرته دائرة المعارف اليهودية أنه توجد بعض ترجمات للقرآن باللغة العبرية، اكتملت لدينا صورة النمط الشرقي لترجمات القرآن.
النمط الثاني ـ وهو الترجمات إلى اللغات الأوروبية، والملاحظ أن القرآن جذب بطريقته المثلى في عرض جوانب من عقيدته وشريعته، وبأسلوبه المعجز المتفرّد في صياغة أفكاره ومبادئه، اهتمام كثير من الأوروبيين، وخاصة رجال الدين من القساوسة والرهبان، فدعوا إلى ترجمته أولاً قبل دراسته، ومنافحته بعد ذلك. وهذا النمط أغلبه لم يكن بأيدي المسلمين، ولم يكن الهدف المقصود منه تدبُّر أحكام القرآن، ولم تكن روح التقديس والإجلال التي عرفناها في الترجمات الشرقية متوفرة فيه. وقد نشطت هذه الترجمات على أثر اندحار العرب في الأندلس ونشوء الحروب الصليبية. وتُجمع الدراسات التي أرّخت لترجمات القرآن إلى اللغات الأوروبية أن أول ترجمة في أوروبة كانت كما تروي الكتب الموثَّقة، بإيعاز
(يُتْبَعُ)
(/)
من القديس (بطرس المبجَّل) رئيس دير (كلوني) المتوفى سنة 1175، في دير في جنوبي فرنسة وذلك في سنة 1143، فكلّف بطرس المبجّل ثلاثة رهبان: أحدهم إنكليزي يُدعى (روبرت الرتيني)، والثاني ألماني يُدعى (هيرمان الدلماطي)، والثالث إسباني بترجمة القرآن إلى اللاتينية، وتمّت هذه الترجمة بالاستعانة باثنين من العرب. ووضعت هذه الترجمة تحت تصرف رجال الكنيسة ليستعملوها في استكمال دراساتهم اللاهوتية، أو القيام بأعمال التبشير الدينية، وقد كان ظهور هذه الترجمة بعد الحملة الصليبية الثانية بأربع سنوات، غير أن الدوائر الكنسية منعت طبع هذه الترجمة وإخراجها إلى الوجود؛ لأنَّ إخراجها من شأنه أن يساعد على انتشار الإسلام بدلاً من أن يخدم الهدف الذي سعت إليه الكنيسة أصلاً وهو مناهضة الإسلام، ومن طريف ما يروى أن رجال الدين في أوروبة حاربوا القرآن الكريم بإطلاق الشائعات التي تقول بأن من يترجمه أو يطبعه أو ينشره فإنه يلاقي الموت الزؤام قبل أن يحين أجله الطبيعي، وعلى الرغم من ذلك فإن حركة ترجمة القرآن وطبعه استمرت قروناً طويلة، وخاصة في ألمانيا. وظلت هذه الترجمة مخطوطة تُتداول في الأديرة حوالي أربعة قرون، إلى أن قام (ثيودور بيبلياندر) فطبعها في بال سنة 1543، ونُقلت بعد ذلك إلى الإيطالية والألمانية والهولندية، ولكن هذه الطبعة وُصفت بأنها لا تستحق اسم ترجمة، فالأخطاء الكثيرة، والحذف، والإضافة والتصرّف بحريّة شديدة في مواضع يصعب حصرها يجعل هذه الترجمة لا تشتمل على أي تشابه مع الأصل، ويقول فيها (بلاشير): "لا تبدو الترجمة الطليطلية للقرآن بوجهٍ من الوجوه ترجمة أمينة وكاملة للنص". وعلى الرغم من ذلك شكّلت هذه الترجمة النواة الأولى لسائر الترجمات الأوروبية الأخرى، بل كان لها تأثير كبير إلى درجة الاقتباس منها والسير على منهجها.
ظهرت بعد ذلك ترجمات عبر القرون اللاحقة، وعبر لغات أوروبية مختلفة، ففي القرن السابع عشر ظهرت أول ترجمة فرنسية سنة 1647 قام بها (أندريه دي ريور) وقد تركت أثراً جيداً لفترة طويلة، حيث أعيد طبعها عدّة مرات. وتُرجمت إلى مختلف اللغات الأوروبية، منها الترجمة التي قام بها (الكسندر روس) إلى الإنكليزية و (غلازماخر) إلى الهولندية و (يستنكوف وفريفكين) إلى الروسية و (لانج) إلى الألمانية.
ولعلّ من أهم ترجمات القرآن في ألمانيا ترجمة (رودي بارت) وتعدّ أحسن ترجمة للقرآن الكريم باللغة الألمانية، بل باللغات الأوروبية عامّة، وقد حرص صاحبها على الدقة والأمانة العلمية لدرجة أنه عندما تعترضه كلمة يُشكل عليه فهمها أو لا يطمئن إلى قدرته على تحديد معناها فإنه يثبتها بنصّها العربي كما وردت في الآية، ولكن بالحروف اللاتينية لكي يتوصّل القارئ نفسه إلى فهم المعنى الذي يراه ملائماً للسياق. وجدير بالذكر إن (رودي بارت) لم يقدم على ترجمة القرآن إلا بعد أن درسَهُ في أصله العربي، ودرس الترجمات الإنكليزية والفرنسية الموثوقة، ورجع إلى مجموعة الكتب والمصادر التي تساعد على الترجمة الدقيقة للقرآن، كتفاسير الطبري والزمخشري والبيضاوي.
ومن البديهي أن الأوروبيين لا تستوقفهم آيات العبادات بمقدار ما تستوقفهم آيات المعاملات، فلذا نراهم يقفون طويلاً بالتحليل والمقارنة والتعقيب عند آيات التشريع والميراث والقانون والتنظيم الاجتماعي وأحوال المرأة ونظام الأسرة والزواج في الإسلام، ومن هنا أطال بارت وقوفه عند الآية: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم ((4) لأنَّه ككل المستشرقين تستوقفهم ظاهرة تعدد الزوجات التي نصت عليها الآية السابقة، ولكنه بقدرة فائقة من نفاذ البصيرة استطاع أن يربط بين أوّل الآية المتعلقة باليتامى وأموال اليتامى والأيامى وبين آخر الآية المتعلقة بتعدد الزوجات، وأن يربط كل ذلك بالظروف السياسية والاجتماعية وخاصة أن هذه الآية نزلت بعد معركة أُحد التي قُتل فيها من المسلمين عدد كثير، وترمّل على أثرها العديد من النساء. وفي القرن ذاته أيضاً ترجم الإيطالي (لودفيك مركي) القرآن من العربية مباشرة إلى اللاتينية سنة 1698، وتُعد هذه الترجمة عمدة ترجمات أوروبية كثيرة؛ لأنَّ مترجمها اعتكف على دراسة القرآن أكثر من أربعين سنة، واطلع على كتب المفسرين المسلمين،
(يُتْبَعُ)
(/)
مثلما فعل قبله بارت، لذلك عدَّه (هنري لامنس) أكثر المترجمين إنصافاً، مع أن (لامنس) هذا يقول: "إننا لا نملك ترجمة وحيدة للقرآن لا عيب فيها" (5).
في القرن الثامن عشر ظهرت ترجمات عن الأصل العربي مباشرة كتلك التي نشرها (جورج سال) بالإنكليزية سنة 1734 وعيبها الكبير أن (سال) زعم أن القرآن من صياغة محمد (، وترجم القرآن سنة 1715 (سافاري) إلى الفرنسية، نُشرت هذه الترجمة في مكة سنة 1165هـ، وقال فيها (مونتيه): إن ترجمة سافاري على الرغم من طبعها عدّة مرات طبعات أنيقة إلا أن دقتها نسبيّة".
وفي القرن التاسع عشر ظهرت ترجمة (كزيمرسكي) سنة 1840، وتُعدّ هذه الترجمة ـ إذا ما قورنت مع ترجمة سافاري ـ أكثر عراقة واستعمالاً، على الرغم من أنه تعوزها الأمانة العلمية، ودقة فهم الإعجاز والبلاغة العربية، ومع ذلك يقول عنها مونتيه: "لا يسعنا إلا الثناء على هذه الترجمة، فهي منتشرة كثيراً في الدول الناطقة بالفرنسية".
أمَّا في القرن العشرين فقد كثرت على الصائد الضِّباب، ففي سنة 1925 ظهرت ترجمة (ادوار مونتيه) التي استفادت من تدارك عيوب سابقاتها من الترجمات فامتازت بالضبط والدقة والعناية بالإخراج، وقد أحسن المترجم صنعاً إذ ألحق بها مجموعة من الفهارس المفصلة التي تخدم القارئ والمراجع.
وفي عام 1949 ظهرت ترجمة الفرنسي (بلاشير) التي رتّب فيها السور ترتيباً تاريخياً وهي ـ كما يشهد العلماء المسلمون ـ من أدق الترجمات لما يسودها من الروح العلمية والتعقيبات الموضوعية، وكثيراً ما يورد للآية الواحدة ترجمتين، يبيِّن في إحداهما، المعنى الرمزي، ويوضّح في الثانية المعنى الإيحائي (6)، وهذا ما جعلها أكثر الترجمات الفرنسية انتشاراً وطلباً. وطلعت علينا في السنوات الأخيرة من القرن العشرين ترجمة للفرنسي الأصل الجزائري المولد (جاك بيرك) (وهو صديق لبلاشير يشهد بترجمة بلاشير بأنها من أفضل الترجمات الفرنسية للقرآن)، وبعد ثماني سنوات من دراسة بيرك للنص القرآني، واستعانته بعشرة تفاسير قديمة وحديثة، كتفسير الطبري والزمخشري والقاسمي، جاءت متميزة، وخاصة بمقدمتها التي حلل فيها النص القرآني وأبرز ميزاته ومضامينه، والإعجاز الذي يتمتع به. وعلى الرغم ممَّا أحدثته الترجمة من ضجة كبيرة في الأوساط الفرنسية، حيث عُدَّت حَدَثاً ثقافياً بارزاً، فإن المترجم يتواضع ويرى أن عمله الترجمي لم يصل إلى مرحلة الكمال، وإنما شفيعه أنه موجّه إلى المسلمين الذين يحسنون اللغة الفرنسية ولا يتقنون اللغة العربية (7).
النمط الثالث: شاعت في أواخر القرن العشرين ترجمات مغرضة حاقدة، قام بها نفر من أعداء المسلمين، أحسوا بلهفة المسلمين الأفارقة للتعرف إلى معاني القرآن وأفكاره، فقدموا لهم نسخاً مشوهة من النص القرآني وتفاسيره. وحذفوا من المتن الآيات المتعلقة بالجهاد ومقاتلة الكفار، وعبثوا ببعض النصوص التي تتصل باليهود وموقفهم من الحنيفة، ووزعت هذه النسخ على مسلمي أفريقية، فلما تنبّه المسلمون إلى هذه المكيدة جمعوا ما أمكن جمعه منها وبدَّلوا بها نسخاً من النص العثماني الصحيح المدقق، حرصاً على سلامة النص القرآني وقدسيته.
ومن المؤسسات الحديثة التي عُنيت بترجمة القرآن الكريم (مجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف) فقد أخذ المجمع إيعازاً ملكياً بترجمة القرآن إلى (13) لغة حتّى الآن طُبعت منها ملايين النسخ كالإسبانية والفرنسية والتركية والفلبينية والألمانية والأندونيسية والفولانية والروسية والإنكليزية والمليبارية والتاميلية والأوردو والفارسية والهوساوية، كما توزع مصاحف جزئية إلى أكثر من أربعين لغة عالمية.
وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتنامي العداء للإسلام والمسلمين نشط المترجمون في ترجمة القرآن إلى لغات العالم، وزادت مبيعات نسخ القرآن، واقترحت منظمة ( Cair) ترجمة القرآن إلى الإنكليزية وتوزيعه مجاناً على من رغب من الأمريكان وغيرهم، معرفة دستور المسلمين الأول: القرآن الكريم.
والخلاصة أن القرآن الكريم تُرجم إلى أكثر من مئة لغة أوربية، تتوزع على الشكل التالي: 57 مترجمة إلى اللغة الإنكليزية، و 42 مترجمة إلى الألمانية، و 33 مترجمة إلى الفرنسية، وأن الكثير من الترجمات كانت تُصدَّر بالكلام عن تاريخ القرآن، وموضوعاته، وأسباب نزول آياته. وأحياناً بالكلام عن شخصيتة الرسول (ص)، وعن الجوانب التشريعية في العبادات والمعاملات التي تضمنها القرآن الكريم.
* المعلومات مستقاة من الأنترنت.
(2) البيان والتبيين، الجاحظ، 1/ 368. تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة، 1948.
(3) انظر بحثنا عن (انتشار اللغة العربية) في الصين.
(4) النساء، 3 - 4.
(5) الجمل المحصورة بين قوسَيْ اقتباس مقتبسة من الشبكة العالمية من مواقع متعدِّدة.
(6) المعنى الرمزي والمعنى الإيحائي: من مصطلحات بلاشير في ترجمة القرآن، وتختلف دلالة الرمز والإيحاء عنده عما هو متداول من دلالتيهما في المصطلح الأدبي والنقدي.
(7) للدكتورة زينب عبد العزيز أستاذة الأدب الفرنسي في الجامعات المصرية أحدث ترجمة للقرآن باللغة الفرنسية. ولها ملاحظات سلبية على
ترجمة جاك بيرك.
منقول من مجلة التراث العربي - العدد 98 - جمادى الأولى 1426هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[07 Oct 2005, 07:41 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عبد الرحمن
ولقد رأيت قبل عدة أعوام في مكتبة المسجد النبوي رسالة جامعية عن ترجمة القرآن ولا اذكر لمن هي؟ أو من أي جامعة؟
لعل أحد الإخوة يفيدنا عنها
ـ[مرهف]ــــــــ[09 Oct 2005, 01:10 ص]ـ
مداخلة في الموضوع:
نقل الدكتور الربداوي عن سلمان الفارسي خبراً ولم يوثقه، ولو ثبت هذا الخبر فإنه سؤثر على أحكام ترجمة القرآن كثيراً، وسيكون دليلاً لمن قال بجوازها دون أن يفرق بين ترجمة القرآن أو ترجمة تفسيره، وعلى فرض ثبوته فهو يدل على جواز الترجمة كوسيلة لتطويع اللسان،مع أن الخبر فيه نظر فالذي يتكلم القرآن بلغته كيف يلين لسانه إلى العربية؟ فلعل لترجمة سلمان ـ إن ثبت الخبر معنى آخر.
وجزاك الله خيراً أخي عبد الرحمن على نقل الموضوع.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[30 Jun 2008, 01:53 م]ـ
يرفع للفائدة.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[18 Feb 2009, 10:46 م]ـ
لما كان الإسلام ديناً عالمياً وليس كغيره من الأديان السابقة؛ إذ لم يقتصر على أمة دون أمة ولا على شعب دون شعب وإنما كان للناس جميعاً كما قال تعالى" قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً "وقال أيضا: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ" وقال ( e) :" بعثت إلى الأحمر والأسود " - لما كان الأمر كذلك فقد وجب إيصال الإسلام لكل الناس، والترجمة إحدى وسائل هذا الإيصال بلا شك، وترجمة سلمان الفارسي رضي الله عنه التي ذكرت في المقال السابق تؤكد هذا المعنى.
وإذا اتفقنا على ضرورة ترجمة القرآن فكيف تكون؟
الترجمة تكون لمعاني القرآن لا لنظومه وألفاظه، ونقصد بالمعنى ما يسميه المعاصرون بـ"الفكرة " لا الدلالة المباشرة، و مفهوم المعنى عند علماء البلاغة الأقدمين مفهوم معقد إلى حد ما؛ إذ يطلق على هذين الأمرين اللذين ذكرنا كما هو الحال عند الجاحظ أو الجرجاني أو غيرهما.
أما نقل القرآن بخصائصه الإلهية المعلومة فهذا أمر غير ممكن أصلا؛ إذ أن هذا الشيء المترجم لا يسمى قرآنا؛ يقول البهوتي: (الترجمة عنه تفسير لا قرآن؛ لأن القرآن هو اللفظ العربي المنزل على سيدنا محمد) ولأجل ذلك يبقى الإعجاز ما بقيت العربية؛ يقول الكاساني: (الإعجاز يزول بزوال النظم العرب فلا يكون الفارسي (مثلاً) قرآناً لانعدام الإعجاز … وعند الشافعي هذا ليس بقرآن) ولأجل ذلك فإنه إذا ما زال النظم العربي لم يعد المعنى المجرد قرآناً.
وهذه الصفة الدقيقة ليست لغير القرآن، وللإمام البخاري باب يتناول جواز نقل التوراة إلى العربية وتلاوته بها؛ وذلك بدليل قوله تعالى:
(قل فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين)
وذلك لأن التوراة معان مجردة
أما القرآن فلا يمكن نقل كلمة فيه وتغييرها بأخرى ولو إلى العربية نفسها؛ يقول القرطبي: (لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب أن يوجد أحسن منها لم يوجد)
ويقول سيد قطب: (إني لأنظر في القرآن - أعلى قمة في التعبير الأدبي في اللغة العربية بعض النظر عن القداسة الدينية – حين تنقل بعض آياته الفنية إلى لغة أخرى وحين تتخلّف عن الترجمة صوره وظلاله وإيقاعاته؛ إنه يفقد جماله الفنيّ؛ وإن بقيت قيمته المعنوية، ويستحيل حينئذ تقدير قيمته من هذه الوجهة. أما نقل صورهـ وظلاله فهو عمل أراه أعسر من العسر لدقة هذه الخصائص وتسامي آفاقها)
والحق أن هذا الأمر أعقد بكثير من عمليتي الفهم والإفهام المجردين؛ إذ من المعلوم أن الوصول إلى المعنى الدقيق أمر ليس بالبساطة التي يتوهمها كثير ممن لم ينعم النظر؛ حيث أن لوصول المعنى إلى ذهن المتلقي طريقان؛ هما:
1. المعاني التي تخاطب الذهن وتصل إليه مجردة عن ظلالها الرائعة.
2. المعاني التي تخاطب العقل والحسّ والوجدان، وتصل إلى النفس من منافذ شتى؛ من الحواس ومن الوجدان المنفعل بالأصداء والأضواء.
والحق أن العقل ما هو إلا كوّة واحدة من كوى النفس الكثيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما لاشك فيه أن الأسلوب الإلهي المتفرد الذي لمس الوجدان وحرّك المشاعر ففاضت له العيون واقشعرت الجلود – قد كان جماله الفني الرائع هو الذي استحوذ على نفوس العرب هذا الاستحواذ العظيم، ولما كان الأمر كذلك فإنه من الخطأ أن يتوهم أن الذي بهر هؤلاء العرب هو المعاني المجردة "الأفكار " وإنما انبهروا بالقرآن "نفسه" منذ اللحظة الأولى وفي وقت لم يكن التشريع المحكم ولا الأغراض الكبرى هي تسترعى إحساسهم وتستحق منهم الإعجاب؛ بل إن السحر الذي أحسوه إنما كان في صميم نسق القرآن نفسه وفي جماله الفني الباهر الذي لا يخفى.
وإذا كان المعنى هو الأصل الذي به يقوم الكلام؛ فإن للتعبير عن هذا المعنى طرق كثيرة متفاوتة الجمال والجودة، ولاشك أن الناظر في القرآن ليجد أن هذا المعنى المقصود قد جاء في قالب فني رائع، فجمع أهم خصائص العلم من جانب وأهم خصائص الأدب والفن والجمال من جانب آخر، وهذا العلم الملابس للجمال المعجز هو سمة مهمة من سمات القرآن، وليس إدراك هذين الأمرين عند تداخلهما بالأمر الهين بادي الرأي.
من يقوم بترجمة القرآن:
إذا كنا قد اتفقنا على ضرورة الترجمة والحاجة الماسة لها فمن يقوم بها؟
إن كل ترجمة لا يقوم بها مسلم هي ترجمة فيها خلل؛ وذلك لأن المترجم غير المسلم – وإن كان يجيد العربية فرضا - إما أن تكون له أهدافه في محاربة القرآن وتشويه صورته وإما أن يكون غير عالم بفهم المسلمين لدقائق الأمور، وفاقد الشيء لا يعطيه، ولهذا فإن الجهد الذي يقوم به مجمع الملك فهد وغيره في ذلك جهد مقدر وعظيم.
أهداف ترجمة القرآن عند الغربيين:
بدأت هذه الترجمة في الغرب منذ وقت مبكر لكنها اشتدت منذ الحروب الصليبية حيث أنشئت مراكز الدراسات الاستشراقية المختلفة في أوروبا بإذن من البابوات، وبتنسيق المجالس الكنسية. وكانت القضية الرئيسة آنذاك هي الصراع الفكري الديني بينهم وبين المسلمين وتشويه صورة الإسلام في أذهان الغربيين حتى لا يتحولوا إليه.
والشعوب الغربية المغرر بها ـ بطبيعة الحال ـ لا تعرف العربية ولا الإسلام من مصادره النقية، ولكنهم يتلقون الصورة من خلال المؤلفات الاستشراقية ويذكر هوبرت هيركومر إن معرفة الغربيين بالقرآن كانت محدودة جداً وما زالت، وقد بلغ من عدم معرفة هولاء الغربيين قديماً بالإسلام أن الصليبيين - جنوداً وضباطاً - قد رفضوا الاعتراف بحقيقة أنهم يواجهون ديانة تؤمن بالله واحترام المسيح عليه السلام والإقرار بنبوته.
وقد قام الغربيون بترجمات كثيرة لمعاني القرآن الكريم؛ وهي تزيد على خمس وسبعين ترجمة وهذه الترجمات إنما تنقل وجهة نظرهم سواء الحقيقية أو المصطنعة دون النظر إلى الحقيقة في نفسها، وقد كان الغرب في أول أمره يخشى من ترجمة القرآن حتى لا يتعرف عليه الناس؛ فجاء مارتن لوثر الذي رأى ضرورة ترجمة القرآن ولكن من وجهة نظرهم هم؛ فنشر أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن، وكان لوثر يرى في هذه الترجمة وسيلة مثالية لرفع روح المنصرين المعنوية، حيث أعلن قائلاً: "بعد ظهور المسلمين على حقيقتهم، أرى أن القساوسة عليهم أن يخطبوا الآن أمام الشعب عن فظائع محمد حتى يزداد المسيحيون عداوة له، ويزداد إيمانهم بالمسيحية، ولتتضاعف جسارتهم وبسالتهم في الحرب، ويضحوا بأموالهم وأنفسهم " ومنذ ذلك الوقت أصبح الغرب لا يمانع في ترجمة القرآن إلى لغاته مستغلاً هذه الترجمة في توجيه المزيد من الطعنات؛ يقول المستشرق ريجيس بلاشير: " كانت الحاجة إلى الترجمة هي محو أثر الإسلام من النفوس والتزهيد فيه "
وقد وضع هولاء بين يدي ترجماتهم تشويهات منهجية تهئ القارئ للنظر من وجهتهم دون وجهة سواها كأن يذكروا أن القرآن عقبة في وجه التقدم، أو أنه لا يتماشى مع طبيعة العقل والعمران البشري أو أنه هرطقة ومجموعة من التخيلات والتصورات جاء بها نبي مزيف قرأ التوراة والإنجيل والمزامير ونحو ذلك؛ يقول جورج سيل في مقدمة الترجمة الإنكليزية لمعاني القرآن الكريم سنة 1736 م وهي من أقدم الترجمات: " أما أن محمداً كان في الحقيقة مؤلف القرآن والمخترع الرئيس له فأمر لا يقبل الجدل، وإن كان من المرجح مع ذلك أن المعاونة التي حصل عليها من غيره في خطته هذه لم تكن معاونة يسيرة، وهذا واضح في أن مواطنيه لم يتركوا الاعتراض عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
بذلك".
وقد نجح الاستشراق بالفعل في تقديم مادة معرفية مزورة ومشوهة عن القرآن الكريم، ولا يمكن أن يعرف تشويهها بالطبع وخطرها إلا من أوتي معرفة بالأصول الصحيحة للقرآن، هذا فضلاً عن صعوبة الترجمة نفسها؛ إذ أن ترجمة معاني القرآن الكريم أصعب الترجمات على الإطلاق؛ إذ أن ترجمة معنى من معانيه ينقله من النص القرآني الإلهي المحكم البليغ إلى أي نص في لغة أجنبية؛ فيهتز عندئذ المعنى الرائع ويفقد التركيب البلاغي جمالياته ورونقه ودقته، ومعلوم أن اللغات لا تتقابل تمام المقابلة في معاني مفرداتها كما أن قواعد اللغات أيضاً تتباين، ومعلوم أن القرآن قد جاء بأوفر المعاني وأوجز الألفاظ، ومعلوم أيضاً أن الترجمة نوع من التفسير أو أن التفسير ومعرفة المعنى هي الخطوة الأولى قبل النقل إلى اللغة الأخرى، ولا شك أن التفسير يحتاج لقدرات خاصة، إلا أن هذه الترجمات التي قام بها الغربيون قد كانت فيها أخطاء منهجية مقصودة وكذلك أخطاء كان مردها إلى عدم المعرفة الدقيقة بالعربية.
وفي القرن العشرين دخلت دراسة الإسلام في الغرب مرحلة أخرى، وفي هذه المرحلة خلت مؤلفات المستشرقين من السب والشتم المباشر، لأنه طريقة مكشوفة لا تقنع أحداً في هذا العصر الذي أتيحت فيه المعارف بصورة لم تتح من قبل؛ ولذلك عاب المستشرقون المتأخرون على المتقدمين أنهم أساءوا جداً، وقد صدرت وثيقة عن سكرتاريا الفاتيكان لشؤون غير المسيحيين عام 1970م تطالب بمراجعة مواقف المسيحيين إزاء الإسلام ونقد أحكامهم السابقة؛ وتقول الوثيقة: «علينا أن نهتمّ أولاً بأن نغيّر تدريجياً من عقلية إخواننا المسيحيين ويجب التخلي عن الصورة البالية التي ورّثنا الماضي إياها أو شوهتها الفريات والأحكام المسبقة"ورغم هذا الكلام الطيب إلا أن هذه المرحلة كانت أخطر بكثير؛ إذ مال المتأخرون إلى صناعة الشبهات ومحاولة إتقانها مع ادعاء الموضوعية والحياد وبذلوا في ذلك جهوداً جبارة. ومهما اختلفت الصورة فإن القضية الأساسية التي لا يمكن تجاوزها هي أن جميع المستشرقين - متسامحهم ومتعصبهم - يتأثرون بوسطهم الثقافي المعادي للإسلام اللهم إلا من أسلم منهم أو من أحس بوخز الضمير فأنصف، ولكن هؤلاء المنصفون والمؤمنون قلة أمام الكثرة الكاثرة التي استمرت تصور الرسالة الإسلامية على أنها هرطقة، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن نبياً موحى إليه
ورغم قناعة المستشرقين العميقة بتفوق الإسلام، إلا أنهم يبذلون كل جهدهم لمحاربته وتشويه صورته كما فعل حيي بن أخطب اليهودي الذي سئل عندما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أهو هو؟ أي أهو النبي الذي كنتم تنتظرونه؟ قال نعم والله، قيل تعرفه بنعته وصفته؟ قال نعم والله؟ قيل فماذا في نفسك منه" قال عداوته والله ما بقيت"والحق أن القرآن لمن عرفه قوي الحجة عظيم الإقناع ظاهر التميز، ولكن الجاحدين يعرفون ذلك في أنفسهم وعقولهم وينكرونه؛ ولذلك قال تعالى الذي يعلم ما في الضمائر لرسوله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ " والمعنى إنهم لا يتهمونك بالكذب في نفس هذا الأمر ولكنهم يعاندون الحق ويدفعونه بعد أن اسيقنته أنفسهم.
ولأجل ذلك شنّوا حملات شرسة جداً لتشويه صورة القرآن وإثارة الشبهات حوله والزعم بأنه ملي بالأخطاء والأغلاط ( False Religion) وليس متفوقاً على التوراة والإنجيل كما يقول المسلمون، وما ذاك إلا لأنهم يعتبرون الإسلام هو الدين الوحيد الذي يشكل خطراً عليهم؛ إذ أن البوذية والهندوسية ديانات قومية لا تتمدد خارج أقوامها من ناحية وهي أقل رقياً من النصرانية من ناحية أخرى. أما الإسلام فهو دين متحرك زاحف دون قوة تسانده، ومن هنا فقد عملوا على تشويه صورته خوفاً على أهل الملة النصرانية نفسها؛ يقول مستر بلس: (إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق النصرانية)
(يُتْبَعُ)
(/)
ورغم كل محاولات التشويه المتعمدة؛ إلا أن الشعوب الغربية بدأت تعرف الحقيقة المجردة، ويذكر المركز الإسلامي في بروكسل أن الزيادة الهائلة في عدد معتنقي الإسلام كان من أسبابها أن الناس قد اكتشفوا أن حقيقة الإسلام المشرقة تخالف تلك الصورة التي رسمها الإعلام وغيره لهم تمام المخالفة
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[19 Feb 2009, 04:12 م]ـ
كتبت التعليق السابق واستعنت برواية ترجمة سلمان للفاتحة بالفارسية وكنت أراها في حينها رواية معقولة مقبولة ولكن توقفت فيها، ورأيت أن توثيقها من الضرورة بمكان كما طالب أخونا مرهف سقا
وهذه الرواية قد ترتب عليها عدة أمور كما سيأتي.
وقد جاءت تلك الرواية التي تروى عن ترجمة سلمان بهذا اللفظ "روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب فكانوا يقرأون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم".
وقيل إن الإمام أبا حنيفة قد جوّز قراءة القرآن بها - استنادا على ذلك- سواء كان ذلك عن عجز عن العربية أم لا؛ إذ أن المقصود عند أبي حنيفة هو الذكر وذلك حاصل بكل لسان، وقيل أيضا إن الله تعالى قال: "وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ" و قال "إن هذا لفي الصحف الأولى " وقد كان ذلك بلسانهم لا بالعربية ولو آمن الإنسان من خلال لغة أخرى كان مؤمنا
وهذا أمر مستغرب، لكن قال الألوسي في تفسيره إن الإمام أبا حنيفة قد رجع عن ذلك
القرآن المترجم في الصلاة:
قيل ليس عند الأحناف إلا قول واحد، وهو جواز قراءة القرآن بغير العربية فى الصلاة للعاجز عن العربية.وهذا أمر مقبول جدا، وليس كالرأي الذي رجع عنه الإمام
وقال بعض من يجوزون الصلاة بغير العربية لمن لا يعرفها: إن النظم مقصود للإعجاز وحالة الصلاة المقصود من القرآن فيها المناجاة لا الإعجاز فلا يكون النظم لازما فيها
واعترض ابن نجيم الحنفي على ذلك بأنه مردود لأنه معارضة للنص بالمعنى فإن النص قد طُلب بالعربية و، هذا التعليل يجيزه بغيرها
وعند الشافعي رضي الله عنه لا تجوز القراءة بغير العربية بحال، وإن كان الإنسان لا يحسن العربية وهو أمي فله أن يصلي بغير قراءة؛ إذ أن اللغة الأخرى من كلام الناس فلذلك هي تفسد الصلاة
توثيق رواية ترجمة سلمان:
من الملاحظ أن كل الذين أشاروا إلى رواية كتابة سلمان للفاتحة بالفارسية نحو الألوسي وابن نجيم الحنفي والزرقاني قد أحالوا إلى كتاب "النهاية والدراية" و لم أعثر على هذا الكتاب ولا هذه الرواية لا في مسند أبي حنيفة ولا غيره ولم أجد من أشار إليها في كتب الحديث، وحسبي أن هذا الخبر - على أهميته - لم يخرِّجه كبار رجال الحديث
وغالبا ما يشار في ذلك أيضا إلى كتاب "المبسوط" للسرخسي وكتاب النووي المجموع شرح المهذب وهو شرح لكتاب المهذب للشيرازي وقد رجعت إلى هذه الكتب الثلاثة فوجدت النووي والسرخسي يقولان " روي عن سلمان " بلا إسناد ولا تعليق أما الشيرازي فلم يشر لذلك أبدا، و كذلك يشار في تلك الرواية إلى كتاب "النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابته بالفارسية" للشرنبلالي وهو أبو الإخلاص: حسن بن عمار بن يوسف الوفائي المصري وهو فقيه حنفي كان مدرساً بالأزهر، وتوفي سنة 1069هـ
وقد جاء الشيخ الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن بهذه الرواية من كتاب الشربنلالي بلفظ آخر وهي "روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب لهم: "بسم الله الرحمن الرحيم "بنام يزدان يحشايند" فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم وبعد ما كتب عرضه على النبي صلى الله عليه وسلم كذا في المبسوط قاله في النهاية والدراية" ثم رد الزرقاني هذه الرواية للآتي:
- هذا خبر مجهول الأصل لا يعرف له سند فلا يجوز العمل به
- إن الخبر لو كان لنقل وتواتر لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره
- إنه يحمل دليل وهنه فيه ذلك أنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة الفاتحة فلم يكتبها لهم إنما كتب لهم ترجمة البسملة ولو كانت الترجمة ممكنة وجائزة لأجابهم إلى ما طلبوا وجوبا وإلا كان كاتما وكاتم العلم ملعون
- إن المتأمل في الخبر يدرك أن البسملة نفسها لم تترجم لهم كاملة لأن هذه
الألفاظ التي ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يؤت فيها بلفظ مقابل للفظ الرحمن وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم. وهذا دليل مادي على أن المراد بالترجمة هنا الترجمة اللغوية لا العرفية على فرض ثبوت الرواية
- قد وقع اختلاف في لفظ هذا الخبر بالزيادة والنقص؛ وذلك موجب لاضطرابه ورده والدليل على هذا الاضطراب أن النووي في المجموع نقله بلفظ آخر هذا نصه: "إن قوما من أهل فارس طلبوا من سلمان أن يكتب لهم شيئا من القرآن فكتب لهم الفاتحة بالفارسية". وبين هذه الرواية وتلك مخالفة ظاهرة إذ إن هذه ذكرت الفاتحة وتلك ذكرت البسملة بل بعض البسملة ثم إنها لم تعرض لحكاية العرض على النبي صلى الله عليه وسلم أما تلك فعرضت له.
- إن هذه الرواية على فرض صحتها معارضة للقاطع من الأدلة القائمة على استحالة الترجمة وحرمتها ومعارض القاطع ساقط.(/)
لِكُلّ مُسَيْلِمَةٍ سَجَاحٌ: كلمة عن أحمد صبحي منصور
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[15 Oct 2005, 12:08 م]ـ
د. أحمد صبحى منصور مدرس سابق فى جامعة الأزهر بدأ حياته التدريسية بمهاجمة ما يسمى بكرامات الأولياء، وانتهى المطاف به إلى اللحاق برشاد خليفة ومرافقته زمنا فى أمريكا ثم انفصل عنه وعاد إلى مصر معلنا رفضه لادعائه الرسالة، إلا أنه عاد بعد زمن إلى أمريكا كرة أخرى بعد أن كان يتعاون معها فى مصر على نطاق واسع، وأخذ يكتب من هناك منطلقا من أفكار رشاد خليفة الرسول الأفاق ويتبنى كل ما كان يزعمه ذلك الكذاب عن نفسه وعن القرآن، وعن الأحاديث النبوية التى ينكرها أشد الإنكار ويرى الأخذ بها وبالشهادة لسيدنا محمد بالرسالة كفرا وشركا، وكذلك عن المسلمين وأنهم جميعا كفار مشركون بدءا من الصحابة حتى يومنا هذا وإلى ما شاء الله، اللهم إلا من تابعه هو ورشاد خليفة فى ضلالهما وفسقهما عن مبادئ الإسلام وعقائده وتشريعاته. وفى هذه الدراسة نتناول ما كتب الدكتور منصور متمثلا فى مقالاته التى يجدها القارئ على موقعه فى المشباك. وستكون نقطة البدء المقال الذى كتبه بعنوان "إلى شيخ الأزهر لمجرد العظة والنصح والإرشاد: تعليقا على هجومه على مركز ابن خلدون" مهاجمًا فيه د. محمد سيد طنطاوى لهتكه بعض أستار ذلك المركز الذى كان منصور يتكسب المكاسب الهائلة من ورائه بوصفه "المدير السابق لرواق ابن خلدون والمستشار الإسلامي السابق للمركز" كما كتب هو نفسه تحت اسمه فى عنوان المقال الذى نحن بصدده، إذ كانت أمريكا وما زالت تمده بالملايين حسبما قرأنا فى الصحف مرارا. وقد قام هجوم الشيخ الصغير ضد أستاذه الشيخ الكبير على عدة محاور: الأول تلقيب الناس له بـ"شيخ الأزهر والإمام الأكبر"، والثانى احتكاره تفسير الدين كما يقول، والثالث الادعاء بأنه يكفِّر الآخرين.
وبدايةً لا أحب أن يتوهم القارئ ولو للحظة واحدة أنى هنا بصدد الدفاع عن الشيخ طنطاوى، فليس هذا من أربى فى قليل أو كثير، وبخاصة أنى لا أُعَدّ من المعجبين بالشيخ بأى حال، لكن هذا لا يمنعنى أن أتكلم بما أرى أنه الحق حتى لو جاء كلامى بمحض المصادفة فى صف الشيخ الأكبر، إذ إن عدم حبنا أو إعجابنا بشخص ما لا يعنى بالضرورة أننا ضد كل ما يصدر عنه، فإذا كان ذلك الشخص يتكلم فى قضايا تتفق رؤيتنا مع رؤيته فيها فمن الطبيعى أن ندافع عما يدافع هو عنه، بغض النظر عن الحب والإعجاب أو الكراهية والنفور. إنها مسألة مبدإ أولاً وآخرًا.
وأول شىء أقف عنده هو سخرية الشيخ الصغير المتأمرك من لقب "شيخ الأزهر والإمام الأكبر". ومعروف أن الألقاب هى مجرد مواضعات واصطلاحات، وعلى هذا فليس من الحكمة أن نملأ الدنيا عويلا ونقيم مأتما على لقب أو اصطلاح لا يقدم كثيرا أو يؤخر! وإذا كان منصور يضيق صدرا بلقب "شيخ الأزهر" مثلا، فأى لقب يا ترى ينبغى أن نخصصه للشيخ طنطاوى؟ ذلك أنه لا بد من لقب، فما من وظيفة فى الدنيا أو مركز اجتماعى أو سياسى أو دينى ... إلا ولا بد من الاصطلاح له على لقب. والمهم ألا يصادم اللقب عقيدة من العقائد أو يسىء إلى شخص أو طائفة من الناس مثلا أو يستفز الذوق الاجتماعى ... إلخ. فماذا يا ترى فى لقب "شيخ الأزهر" مما يحرج صدر د. منصور وضميره؟ لنقرأ ما كتبه منصور فى هذا الصدد: " تقول جريدة الوفد: " طالب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف". وأقول ليس فى الإسلام بعد لقب النبي والرسول ألقاب دينية تطلق على أي مسلم، وليس بعد خاتم النبيين عليه السلام "إمام"، إذ أنه عليه السلام هو إمام المسلمين بعده، إذ أن شيخ الأزهر يجعل نفسه "الإمام الأكبر للمسلمين". فإذا كان هو الإمام الأكبر، فماذا أبقى لخاتم النبيين عليه وعليهم السلام؟ ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وسؤالنا إلى سجاح الأمريكية: بأَىِّ كتاب (ولن أقول: "أَمْ بِأَيّةِ سُنّةٍ؟ " لأنك ترفضين الإيمان بالسنة بوصفها كفرًا وشِرْكًا يا أيتها الكاهنة التى تكفِّر المسلمين أجمعين!)، بأَىِّ كتابٍ تَرَيْنَ أن لقب "شيخ الأزهر أو الأمام الأكبر" لا يجوز إطلاقه على الشيخ طنطاوى وأمثاله؟ هاتى لنا آية من القرآن، يا من تكررين أنك لا تؤمنين إلا بما ورد فى القرآن، تدل على صدق ما تقولين! وأتحداك أن تجدى مثل هذه الآية ولو طلعتْ روحك من بدنك ورجعتْ إليه مليون مرة! هل كان النبى صلى الله عليه وسلم يلقَّب بـ"شيخ الأزهر" أو بـ"الإمام الأكبر" ونهى القرآن الكريم أن يلقَّب بذلك أى شخص غيره؟ أتحداك يا سجاح أن تأتينا على ذلك ولو بآية واحدة أو بنصف أو بربع أو حتى بعُشْر آية! إن الذى نعرفه أن النبى والرسول محمدا هو آخر الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك فقد صدرت الأوامر الأمريكية لمسيلمتك يا سجاح بأن يسرق لقبَ "الرسول" حتى يُحْدِث ثغرة فى جدار الإسلام تهز إيمان المسلمين وتربك عقيدتهم وتشوش عليهم الأمر كله، ثم تابعتِه أنت على ذلك العهر العقيدى يا من تتظاهرين بالشرف (على طريقة توفيق الدقن: "أحسن من الشرف ما فيش"!)، فخالفتما بذلك ما جاء فى القرآن الكريم بتفرقتكما الحلمنتيشية بين النبى والرسول، والزعم بأن رشاد "ساعة لقلبك" إنما هو "رسول" وليس "نبيا"، وذلك حتى تَهْرُبَا من النص القرآنى الذى يقول: "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسولَ الله وخاتم النبيين"، مع أن المقصود هو أن عصر الوحى السماوى قد انتهى بعد مجىء سيدنا محمد برسالته العالمية الخاتمة وإرسائه مبادئ التفكير العقلى المستقيم، وبلورته قواعد السياسة العالمية والأخلاق الإنسانية الرفيعة التى تجمع فى نسيج واحد متلاحم بين المثالية والواقعية، وهى ما يحتاجه البشر على اختلاف أوطانهم وعصورهم وأممهم وثقافاتهم، ولا يقبل تغييرا أو تبديلا إلا إلى الأسوإ كما حدث على يديك أنت ورسولك الكذاب الأشر.
فلينظر القراء الكرام إلى هذين البكّاشين اللذين أسلما نفسيهما إلى الكاوبوى ظانَّيْن أنهما سيجدان عنده المال والسمعة والحماية، فلم ينفع مسيلمةَ شىءٌ من ذلك وقُتِلَ فى مطبخه رغم أنف الكاوبوى ومخابراته وأجهزته الأمنية، ويوم القيامة يشويه الله فى نار جهنم جزاء وفاقا لكفره ومروقه وموالسته مع أعداء الملة والأمة، لعنه الله ولعنهم معهم لعنا كبيرا وفضحهم دنيا وأخرى، وعجَّل بإلحاق الهزيمة بهم على يد أشاوسة المسلمين فى العراق وأفغانستان وفلسطين، تلك الهزيمة التى نرجو ألا تقوم لهم بعدها قائمة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء، ويخزى وجوه الكافرين المُسَيْلِمّيين ويقتلهم من الرعب والغم والنكد قبل أن تصل إليهم يد القصاص جزاء خيانتهم وانحيازهم لأعداء الدين والوطن ومدّهم يد العون لهم ضد القرآن والإسلام والمؤمنين به. والعجيب من سَجَاحنا بعد ذلك كله حرصُها على إضافة الألقاب لنفسها، فهى تكتب تحت اسمها فى عنوان المقال الذى ننظر فيه أنها "المدير السابق لرواق ابن خلدون والمستشار الاسلامي السابق للمركز". فكيف تحللين لنفسك أيتها الكاهنة سجاح ما تحرِّمينه على الشيخ طنطاوى؟ ألأنك تَأَمْرَكْتِ تَرَيْنَ أن من حقك كسر القوانين التى تسنّينها أنت نفسك دون أن يكون لأحد أية صلاحية لمساءلتك؟ لا يا سجاح، هذا لا يصحّ!
ليس ذلك فحسب، بل إن الست سجاح الكاهنة تدَّعِى لنفسها القدرة على التنبؤ، فى الوقت الذى تنفى فيه نفيا قاطعا جامعا مانعا أن يستطيع الرسول الأكرم معرفة أى شىء من أنباء الغيب، مع أن القرآن الكريم يذكر أن الله سبحانه قد يطلعه على بعض هذا الغيب إكراما له أو تثبيتا لنبوته أو تدعيما لإيمان المؤمنين أو تحديا لشرك المشركين ... ! يقول متنبئنا المحروس فى نفس المقال الذى يهاجم فيه الشيخ طنطاوى: "لقد تنبأتُ سنة 1991 بالتدمير الذى سيحدث للعراق، وهو ما يحدث الآن. وقبلها سنة 1982 فى خاتمة كتابي "السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة" تنبأت بأن الصدام سيحدث بين الشباب المتدين والسلطة المصرية إذا لم يتم تنقية التراث من تلك الأحاديث الكاذبة (لا تقصد سجاح تنقية التراث من بعض الأحاديث، بل من السنة النبوية كلها على بكرة أبيها لأنها عندها، وعند رسولها الكذاب الذى يصلى الآن بمشيئته
(يُتْبَعُ)
(/)
تعالى جحيم النار فى قعر جهنم، كفر وشرك وإثم)، وحدث ما توقعت بعد عشر سنين من صدام بين السلطة والشباب المتدين خلال النصف الأول من عقد التسعينيات. وأنا الآن فى غربتي عن بلدي الحبيب أخشى من نبوءة ثالثة: إننا إن لم نصلح أمرنا بأيدينا فسيأتي الدمار. فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى الى الله. إن الله بصير بالعباد". هذا العريان الطـ .. ـز، الذى يحب التجميز، يرى أنه قادر على التنبؤ، لا نبوءة واحدة بل ثلاث نبوءات فى عينه وعين كل عدو للإسلام والمسلمين، كل نبوءة تنطح النبوءة التى قبلها، أما رسول الله فقد أصدر "جنابُه الواطى" هو ومسيلمته بشأنه فرمانا كاوبوويًّا بأنه لا ولن يعرف شيئا من أمور الغيب (من خلال وحى السماء طبعا، فنحن لا نؤمن بأنه يعرف الغيب من تلقاء نفسه)! وبالمناسبة فإن سجاح كانت قد أعلنت فى بداية المسرحية الهزلية أنها لا توافق مسيلمة على دعواه الرسالة، لكن بعد اجتماع الخيمة التى طيَّبها لها مسيلمة بالطيوب الحادة النفاذة التى تعمل عمل السحر فى النساء، وبعد ... وبعد ... عادت فسلمت قلاعها له! مبارك عليك يا سجاح تسليم القلاع! أما الخطوة الثالثة فقد تكون ادعاءها النبوة ذاتها، ويومها لن يعزّ عليها أن تتنصل مما قالته هى ومسيلمتها من قبل، إذ من الممكن جدا أن تقول إن النبوة التى تدّعيها تختلف عن النبوة التى كانت تقول إن محمدا قد وضع بمجيئه بدعوته حدا لها! ألم تقل هى ومسيلمتها إن النبى هو من يأتى بكتاب نبوءات؟ فها هى ذى تتنبأ، وتأتى تنبؤاتها كفلق الصبح! لا أطلع الله عليها صبحا، ولا جعلها تبصر مساء! وعلى أية حال فالشيخ طنطاوى، الذى لا أُحِبّه ولا أُعْجَب به حتى مذ كان مفتيا، لم يطلق على نفسه أى لقب، بل الآخرون هم الذين يطلقون هذه الألقاب عليه. وفى سياقنا هذا نجد أن صحيفة "الوفد" هى التى سمته: "شيخ الأزهر" و"الإمام الأكبر"، أما مسيلمة وسجاح فهما اللذان يحرصان على إطلاق الألقاب على نفسيهما، حتى لو كانت ألقابا كفرية كلقب "الرسول"، الذى يمكن أن يتلقب بعده الشيخ أحمد بلقب "النبوة" إذا ما اقتضت ظروف الخيانة والعداء لدين محمد صلى الله عليه وسلم أن يعلن النبوة بدوره! ألم يكن يعترض فى البداية على ادعاء رشاد "ساعة لقلبك" بأنه رسول، ثم لَحَسَ هذا الاعتراض وأصبح الكاهن الأكبر فى معبد المغدور الكافر عليه لعنة الله؟ فما الذى يمنعه من أن ينتقل من هذا إلى ادعاء النبوة لنفسه؟
أما النقطة الثانية التى يهاجم شيخَ الأزهر بسببها فهى قوله إن الشيخ طنطاوى يحتكر الكلام فى الدين لنفسه. ولست أظن أن هناك مسلما يستطيع أن يدعى احتكار الكلام فى الدين الذى تريد سَجَاحنا، ومن قبلها مسيلمتها، أن يحتكراه لنفسيهما دون البشر أجمعين على ما فى موقفهما من اتباع للهوى الشارد الساقط الذى لا تضبطه أصول علمية أو تحرّجات أخلاقية، بل يخضع لانفلات مهووس يأبى إلا ادعاء الرسالة ذاتها تقف وراءه وتشجعه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكذلك ادعاء المقدرة على التنبؤ على ما رأينا فى كلام منصور منذ قليل. على أن ليس معنى هذا أن الكلام فى الدين ينبغى أن يُتْرَك سداحَ مداحَ لكل من هب ودب، بل لا بد من اقتصاره على من تؤهله طبيعة دراسته للخوض فى مثل هذه الدراسات التى تحتاج إلى التخصص فيها شأنها شأن أى حقل آخر من حقول العلم، سواء كان التخصص رسميا أو أخذه الكاتب على عاتقه فتخصص فى هذا الموضوع من تلقاء نفسه وحرص بكل ما يستطيع من جهدٍ على التعمق فيه. ومع ذلك كله فالواقع الذى لا يستطيع أكذب كذوب أن يمارى فيه هو أن أحدا لا يستطيع أن يمنع أحدا من الكلام فى الدين، وسجاحنا نفسها أكبر برهان على ما نقول، فرغم أن الجميع يعرف ارتباطها بأمريكا وأهداف أمريكا فى المنطقة وضرب الإسلام فها هى ذى تكتب ما تريد ويُحْتَفَى به أعظم الاحتفاء ويُنْشَر لها فى المواقع الألكترونية المختلفة، بل تخصَّص لها بعضُ المواقع تخصيصا، دون أن يمنعها من الكلام والكتابة مانعٌ أيًّا كان. ولقد جمعتنى مناظرة علمية على الهواء فى التلفاز المصرى منذ بضع سنوات بأحد الزملاء من الأساتذة الجامعيين، وكان مما قلته ردا على مناظرى العلمانى (أو فلنقل بصريح العبارة: "الشيوعى" دون لف أو دوران): إن أحدا لا يستطيع أن يجبر أحدا فى الإسلام على اعتناق رأى ليس مقتنعا به
(يُتْبَعُ)
(/)
حتى لو كان صاحب الرأى هو شيخ الأزهر نفسه. وأذكر أنه قد علَّق من فوره قائلا: "ما أنبل هذا الكلام! ". وهل أنا بحاجة إلى أن أذكِّر القراء بالخلافات التى تقوم بين شيخ الأزهر وغيره من أساتذة الأزهر وغير الأزهر حول بعض آرائه ومواقفه التى يهاجمونها هى وصاحبها أشد هجوم وأعنفه؟ إن أشد ما أنفر منه هو هذه الأسطوانات المشروخة التى يشغِّلها لنا دائما كل من يريد أن نخرّ صُمًّا وعُمْيًا وبُكْمًا على ما يقول من آراء مارقة تصادم الدين وتحادّ الله ورسوله، فكلما رد عليه أحد العلماء المحترمين بأنه قد خرج عن الدين فى كذا وكذا هاج وماج، وثار وفار، وبدأ تشغيل الأسطوانة إياها إرهابًا لمن لا يشاطره رأيه الفطير المارق! وهل أنا بحاجة هنا أيضا إلى أن أذكِّر السادة القراء بأن الشيخ طنطاوى هو آخر من يمكن اتهامه بأنه يعادى أمريكا "لله فى لله"! الحق أنه لم يقل ما قال عن مركز ابن خلدون إلا بعد أن كانت روائح نشاطاته قد ملأت الآفاق وزكمت الآناف وخاضت فيها الصحف والمجلات!
وبالمناسبة فالدكتور أحمد صبحى منصور، الذى لا يريد أية قيود على الكتابة فى الإسلام، هو هو نفسه الذى يقول فى رده على عبد الرحيم على (أحد الذين كانوا يتعاونون مع مركز ابن خلدون ثم انقلب عليهم وهاجمهم) إن الكتابة فى القضايا الإسلامية تحتاج إلى متخصص متخرج من الأزهر لا إلى واحد مثله لا يستطيع معالجة مثل هذه المسائل بما ينبغى. وبالمناسبة أيضا فهذا الذى يدَّعِى دائما الفقر ومعاناة شظف العيش فى بلاد العم سام (السَّامُ عليه هو وعمه سام، آمين يا رب العالمين!) هو هو نفسه الذى كان يكتب جميع الدراسات والأبحاث تقريبا لمركز ابن خلدون بما يعنى ذلك من دخول الأموال التى لا حصر لها فى كرشه بصفته مستشار المركز (أَىْ فَرْخته أُمّ كِشْك!). ودليلنا على ذلك أنهم فى المركز كانوا قد أَعْطَوْا عبد الرحيم على هذا (رغم ما قالوه فيه من أنه لا يصلح للكتابة فى الشؤون الإسلامية) مبلغ خمسة آلاف جنيه تحت الحساب مقابل إعداد بحثٍ لا راح ولا جاء من وجهة نظرهم، فماذا كانوا سيعطونه على البحث حين يكتمل ويقبلونه؟ وماذا كان هو (المستشار الكبير) يأخذ لقاء ما كانوا يكلفونه به من دراسات تهاجم الإسلام وتطعن فى القرآن والحديث وكبار الصحابة وتكفِّر المسلمين على بَكْرَة أبيهم منذ الصحابة فنازلاً حتى عصرنا هذا وإلى ما شاء الله، اللهم إلا من كفر بمحمد ودينه وآمن برسول الميثاق أبى شخَّة؟ ومما له مغزاه فى هذا السياق أن ابنه الصغير جدا (حسبما كتب هو فى مقال له يخاطب فيه هذا الولد)، حين فكَّر فى القضاء على مشكلات مصر الاقتصادية، لم يخطر له إلا رقم البليون دولار قائلا إنه يمكنه أن يحل كل تلك المشاكل بذلك المبلغ، فما معنى هذا؟ إن أبناءنا حتى الكبار منهم الذى تخرجوا وأصبحت لهم مرتبات لا يفكرون فى امتلاك مثل هذا المبلغ ولا ربعه ولا عشره ولا واحدا على الألف ولا على الألفين منه، وأقصى ما يبلغه خيالهم هو بضعة عشرات من الآلاف، ومثلهم أنا فى ذلك، إذ كل إنسان إنما يتكلم عما يعرف، فما الذى عرّف الولد الصغير ابن صاحبتنا سجاح بمبلغ البليون دولار، إلا إذا كان هذا المبلغ هو من أحاديث الحياة اليومية فى بيتهم على الأقل تبعا لواقع المركز الخلدونى الذى تغدق عليه أمريكا بالملايين حسبما ذكرت الصحف وكبار الكتاب والمفكرين الذين كانوا يتعاونون معه ثم انفضوا عنه؟ ويستطيع القارئ أن يراجع المسألة فى مقال منشور بموقع المركز المذكور كتبه صاحبنا أبو 3 نبوءات (التى أدعو الله أن يقيِّض لها من يلحنها ويغنيها كما فعلوا فى أواسط الخمسينات من القرن الماضى مع أغنية: "3 سلامات، يا واحشنى، 3 سلامات"!). ومع هذا فصاحبنا يشكو مما يقاسيه الآن فى بلاد العم سام (ربنا يسمّم بدنه هو وعمه سام، عَمَى الدِّبَبَة!)، ولو لم أكن أعرف خبيئة أمره لتقطع قلبى حزنا عليه، فأنا سريع التأثر كالمنفلوطى للمساكين وأطير لمساعدتهم طيرانا لأنى كنت واحدا منهم يوما، ولظننت أنه (يا كبدى عليه!) قد اتخذ من أحد الأحواش فى جبّانة نيويورك أو شيكاغو أو فرجينيا مهجعا له ولأولاده ليلا، أما بالنهار فيقفون على باب إحدى الكنائس (الكنائس لا المساجد، لأن مثله لا علاقة له بمساجد المسلمين) يمدون أيديهم إلى الداخلين والخارجين وهم يصيحون فى
(يُتْبَعُ)
(/)
صوت واحد منغَّم، وقد عصب كل منهم عينيه وربط ذراعه إلى كتفه فى صورة من الصور التى كانت تفتن الجاحظ فاضح حِيَل المُكْدِين، قائلين: "عَشَا الغَلابَى عليك يا رب"! يا لبجاسة الباجسين!
وتبقى مسألة التكفير، وأترك لسجاح عرض القضية. تقول سجاح: "ومن ملامح الكهنوت فى هجومه (أى الشيخ طنطاوى، شيخ الأزهر) تكفير مخالفيه فى الرأى، إذ أنه بعد ادعاء الاحتكار للدين، يتهم مخالفيه فى الرأى بالخروج على هذا الدين الذى احتكره لنفسه، وهو يتهمهم مرتين بأنهم "أعداء خارجون"، (ان هؤلاء جماعة خارجون وسبق أن اتهم أحدهم بخيانة البلاد) ويدعو الى مواجهتهم بقوة لأنّ ما فعلوه (وصمة عار ونكبة يجب أن يتداركها المجتمع والمسلمون) ويطالب بقوة (بمنع هذه المهاترات) و (ضرورة ايقاف مركز ابن خلدون لدورها التخريبي فى المجتمع المصري) وأنه (يجب ايقافها ومحاكمتها). وأقول جاءت هذه الفتاوى التكفيرية مصحوبة بالمطالبة بالتدخل بالقوة والمنع وانشاء محاكم التفتيش، وهنا يضع شيخ الأزهر الدولة المصرية فى مأزق: فإما أن تتدخل طبقا لفتاويه كما فعلت فى الماضي وبذلك يكسب مركز ابن خلدون عالميا، وتخسر الدولة المصرية أضعاف أضعاف ما خسرته فى غارتها السابقة على المركز، وإما أن تتجاهل الدولة فتاوى شيخها الأزهرى وتترك الفرصة للمتطرفين كي يقوموا عنها بذلك الدور، وبذلك يتكرر ما حدث فى اغتيال فرج فودة حين أصدر الشيوخ ضده– وضدي- فتاوى الردة، ثم بعد اغتيال فرج فودة أعلن أحدهم فى محاكمة القتلة أن فرج فودة مرتد ومستحق للقتل وأن القاتل افتأت على السلطة حين قتل من يجب أن تقتله الدولة. ان خطورة هذا التكفير محققة وتستهدف اغتيال د. سعد الدين ابراهيم ورفاقه، خصوصا القرآنيين. والسوابق تؤكد ذلك من حادثة فرج فودة الى نجيب محفوظ وغيرهم. وهنا فإن شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، بشخصه، يعتبر مسئولا مسئولية مباشرة عن أى أذى يلحقه المتطرفون الإرهابيون بشخص د. سعد الدين ابراهيم ورفاقه، ويعتبر هذا بلاغا مقدما، ليس فقط للنائب العام فى مصر، ولكن لكل المؤسسات الدولية الداعية للاصلاح فى مصر والشرق الأوسط والمعنية بحقوق الانسان.
ثانيا: ان شيخ الأزهر فى اندفاعه للهجوم غفل عن حقائق علمية قرآنية وتاريخية وقانونية. انه يقول "ان توصية المركز بتنقية التراث الديني، لا سيما ما يتعلق بالحديث النبوي والسنة واعتماد النص القرآني مرجعية حاكمة وحيدة، هى دعوة صريحة لإغفال مصدر رئيسي فى الاسلام وهو السنة النبوية"
وأقول أنه:
1 - ينكر أن يكون القرآن مرجعية حاكمة وحيدة.
2 - يهاجم تنقية التراث والأحاديث والسنن.
3 - يعتبر السنة النبوية من مصادر التشريع فى الإسلام.
ونرد عليه بإيجاز قدر المستطاع:
ينكر أن يكون القرآن مرجعية حاكمة وحيدة:
1 - وهو بذلك يتجاهل قوله تعالى "أفغير الله ابتغي حكما، وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا: الأنعام 114"، والقرآن هو وحده الذى نحتكم اليه حين نختلف، وعادة ما يحدث الاختلاف بسبب الأحاديث الضالة المنسوبة كذبا للنبي عليه السلام أو لله تعالى، ولذلك فإن الله تعالى يقول قبل الآية السابقة "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ: الأنعام 112"، فهنا يشير الله تعالى الى الوحي الشيطاني بأحاديثه الضالة المزخرفة، ثم يقول عمن يتبع هذا الحديث الضال "ولتصغى اليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون: الأنعام 113"، أى يهواها الذين لا يؤمنون بالآخرة ويفسدون فى الأرض. ثم تأتى الآية التالية لتجعل الإحتكام الى القرآن وحده فى تلك الأحاديث الضالة، "أفغير الله أبتغى حكما، وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا: الأنعام 114". ثم تأتى الآية التالية تؤكد تمام القرآن وصدقه وعدله "وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته، وهو السميع العليم: الأنعام 115". ويدور سؤال: ماذا اذا خالف البشر جميعا آية قرآنية واحدة، وتأتى الإجابة من رب العزة سبحانه وتعالى "وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
يَخْرُصُونَ: الأنعام 116" اذن هم يتبعون الظن بدلا من كتاب الله الذى لا ريب فيه. وعلماء الحديث يقررون أن الأحاديث تقوم على الظن، وليس على اليقين، وهم بهذا يؤكدون اعجاز القرآن فيما نبأ بما سيفعله بعض المسلمين بعد نزول القرآن، حين ينسبون للنبي أحاديث بعد موته بقرون، ويسندون تلك الأحاديث الى الصحابة الذين ماتوا بعد انهماكهم فى السياسة والفتوحات والفتنة الكبرى. ماتوا دون أن يعرفوا ماذا أسند اليهم الرواة بعد موتهم بقرون فى العصر العباسي. والحقيقة المؤسفة أن شيخ الأزهر برفضه الاحتكام للقرآن فى تلك الأحاديث أنه يعترف ضمنا بتعارضها مع القرآن ويخاف عليها من الاحتكام الى القرآن بشأنها وينحاز اليها دفاعا عنها، فيهاجم مركز ابن خلدون فى دعوته الى الاحتكام الى القرآن.
2 - تنقية التراث من الأحاديث والسنن: ان شيخ الأزهر حين يهاجم تنقية التراث بأحاديثه وسننه، انما يغفل حقائق تاريخية عليه أن يعرفها ويعترف بها. فأئمة الاجتهاد فى الفقه والحديث انصب اجتهادهم على تنقية التراث الشفهى، أو الأحاديث الشفهية. فمالك انتقى كتابه "الموطأ" بأحاديثه التى تزيد قليلا على الألف حديث من عشرات الألوف من الأحاديث الرائجة فى عصره. والبخاري انتقى صحيحه "حوالى 3 آلاف حديث" من بين ستمائة ألف حديث. ومسلم لم يقتنع باجتهاد البخاري، فكتب "صحيح مسلم" بمقدمة رائعة عن الوضع فى الحديث، أو الكذب فى الحديث، و"الحاكم" استدرك على البخاري ومسلم معا. وجاء ابن حنبل فألغى أبوابا كاملة من الحديث حين قال "ثلاثة لا أصل لها، التفسير والملاحم والمغازي". بل إن ابن حنبل ألغى "الإجماع" من مصادر التشريع لدى المسلمين حين قال "من ادعى الاجماع فى شيئ فقد كذب، ومن أدراه أن الناس قد اختلفوا، وهو لا يعلم؟ "، ثم جاء الحنابلة أتباع ابن حنبل، فأكثروا من وضع الحديث، ومنها حديثهم المشهور "من رأى منكم منكرا، فليغيره". وقد تصدى لهم أئمة الحنابلة أنفسهم، ومنهم ابن الجوزي فى القرن السادس، فى كتابه "اللألئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة"، وابن تيمية فى القرن الثامن فى كتابه "أحاديث القصاص"، وابن القيم صاحب ابن تيمية فى كتابه "المنار المنيف فى الصحيح والضعيف"، ثم السيوطي فى القرن العاشر فى كتابه المشهور عن الموضوعات فى الحديث. وحتى عصرنا الراهن كتب الألباني (وهو فى الأصل ساعاتي من البلقان) كتب موسوعته فى الأحاديث الضعيفة، وكل ذلك فى نفس الإطار "تنقية الأحاديث، أو تنقية التراث"، وقد قام بها علماء من خارج الأزهر قبل وبعد انشائه.
على أن علماء أجلاء من الأزهر قاموا أيضا بنفس الدور، فالشيخ محمد عبده فى تفسيره أنكر الشفاعة وأنكر علم النبي بالغيب، محتكما فى ذلك الى القرآن العظيم. وصار على نهجه الشيخ شلتوت، شيخ الأزهر، فى كتابيه "الفتاوي، والاسلام عقيدة وشريعة" وان لم يقترب من عبقرية الإمام محمد عبده. ولا ننسى جهد أستاذ المحققين أحمد أمين فى كتبه "فجر الإسلام، ضحى الإسلام، ظهر الإسلام". والى عهد قريب كان يقال أن هناك لجان فى الأزهر لتنقية التراث، وكان أولى لشيخ الأزهر د. طنطاوي أن يقوم بهذا العمل، ليس فقط خدمة للإسلام، واصلاحا للمسلمين بالإسلام، ولكن أيضا لأن ذلك ما يمليه عليه واجبه الوظيفي. ان قانون الأزهر يفرض على أساتذة الأزهر "تجلية حقائق الاسلام" وهذا يعني أن هناك حقائق اسلامية خفية يجب اظهارها، وأن هناك أباطيل منسوبة للإسلام يجب كشفها وفضحها وازالتها، والمعيار فى ذلك هو الميزان الكتاب الفرقان القرآن العظيم. ولكن شيخ الأزهر لم يتقاعس فقط عن هذه المهمة، وانما تطاول على المجتهدين الذين تطوعوا للقيام بهذا العمل حبا فى الاسلام، واصلاحا للمسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - ان شيخ الأزهر يعتبر السنة "سنة البخاري وغيره" من مصادر التشريع فى الاسلام وهذا خطأ فى التعبير، فهل يعقل أن تظل مصادر التشريع فى الإسلام ناقصة الى أن يأتي البخاري وغيره بعض موت النبي بقرون ليكملوها؟ وماذا نفعل بقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا: المائدة 3" ان العبارة الصحيحة هي: ان القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للتشريع فى الاسلام، أما المسلمون فقد أضافوا له مصادر اخرى توسعت بها الفجوة بينهم وبين الاسلام، وكان من بين تلك المصادر الأحاديث والسنن، وكلهم مختلفون فيها جزئيا وكليا. ان تلك الأحاديث ليست جزءا من دين الاسلام وأولئك الذين يعتبرونها جزءا من الاسلام، انما يتهمون النبي عليه السلام بأنه لم يبلغ الدين كاملا وبأنه فرط فى تبليغ هذا الجزء وهذا اتهام نرفضه، لأنه عليه السلام بلّغ الدين كاملا، وهو القرآن العظيم المحفوظ الى يوم القيامة. ولتأكيد هذا فإنني أورد تلك الحقائق الاسلامية لتذكير شيخ الأزهر وغيره:
1 - أن القرآن الكريم وحده هو الحديث الذى يجب الايمان به وحده "أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ: الأعراف 185"، "فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ: المرسلات 50"، وكما ينبغي الايمان بالله وحده الاها ينبغي الايمان بالقرآن وحده حديثا "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ: الجاثية 6" ويتكرر فى القرآن الكريم التأكيد على أن أفظع الظالمين ظلما هو من افترى على الله كذبا أو كذّب بآياته. وبعضهم يكذب آيات الله اذا تعارضت مع البخاري، ويرفض الاحتكام الى القرآن فى أحاديث البخاري وغيره.
2 - القرآن وحده أصدق الحديث وأصدق القول "اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا: النساء 87"، "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً: النساء 12". والقرآن وحده هو أحسن الحديث، وما عداه من كلام فى الدين هو طاغوت، حتى ولو كان حسنا مزخرفا "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ* اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد: ٍ الزمر 17 - 23".
1 - يكتفى المؤمن بالله تعالى ربا "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ: الزمر 36" ويكتفى أيضا بالقرآن كتابا وحيدا "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ: العنكبوت 51"، وكما أنه ليس لله تعالى مثيل "فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ: الشورى 11" فإنه ليس للقرآن مثيل "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا: الإسراء 88".
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - النبي محمد والمؤمنون مأمورون بإتباع القرآن وحده " كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ: الأعراف 2 - 3"، " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: الأنعام 153".
3 - هناك فرق فى مفاهيم القرآن فيما يخص النبي محمد بين لفظى النبي والرسول. محمد النبي هو شخصه وعلاقاته بمن حوله، لذا يأتى له الأمر باتباع الوحي بصفة النبي"وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا الأحزاب 2" ويأتيه العتاب واللوم بصفة النبي "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ: التحريم 1" ويأتى الحديث عن علاقاته بمن حوله بصفة النبي، "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا: الأحزاب 28"، "يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا: الأحزاب 30"، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ: الأحزاب 53" أما محمد الرسول، فهو عندما يبلغ الرسالة. وبعد موت النبي وتبليغ الرسالة كاملة، فإن الرسول هو القرآن وحده، نفهم هذا من قوله تعالى "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا: النساء 100"، "وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ: آل عمران 101"، "أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا* رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا: الطلاق 10 - 11"، بل أن كلمة الرسول قد تأتى بمعنى كلام الله أى صفة من صفاته، ويستحيل أن يكون مقصودا منها النبي محمد، نفهم هذا من قوله تعالى " لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً: الفتح 9"، إن المطاع فى قوله تعالى "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، هو واحد، وهو الله تعالى فى كتابه الذى بلغه الرسول فى حياته، وذلك فإن الضمير يعود بصيغة المفرد فى قوله تعالى "وإذا دُعُوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم: النور 48" لم يقل عن الله ورسوله "ليحكما بينهما" لأن التحاكم هو للرسالة، للقرآن.
4 - لقد كانت وظيفته عليه السلام التبليغ فقط، ويشمل التبليغ أنه كان شاهدا ومبشرا ومنذرا وداعيا الى الله ومعلما للقرآن ومزكيا للمسلمين بالقرأن، ولكنه كان فى كل ذلك يتكلم بالقرآن فقط "كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ: الأعراف 2"، "وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: الأنعام 51"، "نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ: ق 45"
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الطريف أن النبي عليه السلام خطب الجمعة أكثر من خمسائة مرة ومع ذلك فلم يحفظ له العصر العباسي خطبة جمعة واحدة لأنه كان يخطب الجمعة بالقرآن، ولأنه كان مبلِّغا فقط فلم يكن من حقه التشريع، لأن التشريع حق الله وحده، لذلك كان يسألونه عن أشياء تكرر ذكرها فى القرأن من قبل وكان فى وسعه أن يجيب بمجرد قراءة القرآن والاستشهاد به، ولكنه كان ينتظر أن تأتى الإجابة من الله "يسألونك عن"، "قل".
5 - مفهوم السنة فى القرآن هو "الشرع والمنهاج" ولذلك تأتى السنة منسوبة لله فى شرعه، كقوله تعالى للنبي " مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا: الأحزاب 38"، فالسنة هنا هي سنة الله أو فرض الله أو أمر الله، ويقول تعالى فى منهاجه فى التعامل مع المشركين "سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا: الفتح 23" والنبي محمد هو أول الناس طاعة لسنة الله تعالى وشرعه، ونحن نتخذه قدوة حسنة لنا فى هذا، يقول تعالى "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة: الأحزاب 21"، لم يقل سنة حسنة وانما قال أسوة حسنة.
6 - إلا أنهم يعتبرون ما كتبه البخاري وغيره هو السنة النبوية الالهية ويدعون أنها وحي من السماء، وان ذلك الوحي قد امتنع عن كتابته الرسول فى عهده والخلفاء الراشدون وغير الراشدين الى أن جاء بعض الناس كالبخاري وغيره فتطوعوا بدافع شخصي لتدوين تلك السنة، فظل الاسلام ناقصا الى أن تطوع البخاري وغيره لإكماله فى عصور الفتن والاستبداد والانحلال. ولستر عورة هذا الافتراء يحرفون معاني القرآن، ليجعلوا طاعة أحاديث البخاري طاعة للرسول، أو يؤولون معني قوله تعالى "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" فيقولون أن الذكر الأول هو السنة التى تبين للناس ما أنزل اليهم وهو القرآن عندهم. وهم بذلك يخرجون الآية عن سياقها اذ تتحدث عن أصحاب الكتب السماوية السابقة ودور القرآن فى توضيحها، يقول تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ، بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ: النحل 43 - 44" ويتكرر نفس المعنى فى نفس السورة "تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ: النحل 63 - 64"، ويتأكد هذا فى صورة أخرى "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ: النمل 76".
وهم يدَّعون أن الحكمة هي السنة حين تأتى مرادفة للكتاب "أى القرآن" فى نحو قوله تعالى "وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة": النساء 113" ويعتبرون واو العطف تفيد المغايرة، اى أن الكتاب غير الحكمة، وهذا خطأ، فواو العطف فى القرآن تفيد التوضيح والتبيين ولا تفيد المغايرة، يقول تعالى "ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين: الأنبياء 48"، فالفرقان والضياء والذكر كلها صفات للتوراة وتوضيح لها، ويقول تعالى لعيسى عن الإنجيل والتوراة "واذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل" المائدة 110، فالكتاب والحكمة هنا وصف للإنجيل، بدليل قوله تعالى عن عيسى، "فلما جاء عيسى بالبينات، قال قد جئتكم بالحكمة: الزخرف 63" وعليه فإن الكتاب والحكمة هما من صفات القرآن الكريم الذى أحكمت آياته وهي من صفات التشريعات فى القرآن، والله تعالى جاء بأوامره فى العقيدة والشريعة فى سورة الاسراء، بدءا من قوله تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا" وختم الأوامر بقوله تعالى "ذلك مما أوحي اليك ربك من الحكمة: الاسراء -39" وقال تعالى لنساء النبي "واذكرن ما يُتْلَى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة: الأحزاب 34"، فآيات
(يُتْبَعُ)
(/)
الله القرآنية هى الحكمة المأمور بتلاوته. ولذلك فإن الضمير يعود على الاثنين معا، الكتاب والحكمة بصيغة المفرد، لأنهما شيئ واحد، يقول تعالى "وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به: البقرة 231" ولم يقل يعظكم بهما، لأن الحكمة هى الكتاب، هى القرآن.
7 - وهم يحتجون بالصلاة وتفصيلاتها التى لم تأت فى القرآن، ويتخذون من ذلك حجة لإتهام القرآن بأنه ناقص وأنه محتاج لتفصيلات البخاري وغيره، ونقول أن ما ورد من أحاديث البخاري عن الصلاة يفسد الصلاة ويشكك فيها، وقد تعلم أجدادنا المسلمون الصلاة والقرآن من الفاتحين العرب قبل مولد البخاري وغيره. والصلاة والزكاة والحج متوارثة من ملة ابراهيم، والقرآن الكريم ما فرط فى شيئ، حيث يورد التبيين لكل ما يحتاج للتبيين. والصلاة، وهى السنة العملية المتوارثة، لا خلاف فى عدد ركعاتها وكيفيتها، لذلك لم يوضح رب العزة فى القرآن من ملة ابراهيم المتوارثة الا ما أحدثه العرب فيها من تغيير أو ما أنزله الله فيها من تشريع جديد، مثل التشريع الجديد فى الصوم "البقرة 183 - 187" أو فى صلاة الخوف "البقرة 238، والنساء 101 - 104".
8 - ان البخاري الذى يخاف شيخ الأزهر من مناقشته والاحتكام فيه الى القرآن، انما يحوي فى داخله أفظع الاتهامات للنبي عليه السلام، ولدين الاسلام العظيم وتشريعاته، وكل ذلك كنا قد أوضحناه فى كتاب لنا بعنوان "القرآن وكفى مصدرا للتشريع" أثبتنا فى الفصل الأول أن القرآن وحده هو المصدر التشريعي للإسلام وفى الفصل الثاني عرضنا أحاديث البخاري التي تطعن فى النبي وفى الاسلام وتشريعاته، وقد أبى الناشر إلا أن يغير عنوان الكتاب فجعله "القرآن لماذا" وإلا أن يغير اسم المؤلف، فجعل اسمه د. عبد الله الخليفة، ومع ذلك فقد صودر الكتاب من المطابع سنة 1991، وفهم الشيوخ، وهم أحيانا يفهمون، أن المؤلف هو كاتب هذه السطور".
هذا ما قاله الدكتور منصور، وقد تعمدت أن أنقل نص كلامه كاملا لخطورته ولكيلا يقال إننا اقتطفنا منه ما نريد وتركنا ما لا نريد، وأبقيت على أسلوبه كما هو بركاكاته وأخطائه الإملائية والنحوية حتى يعرف القراء مستوى هذا العبقرى الذى يوشك أن يتنبأ ويلحق برسوله الكذاب، وإن كنتُ أصلحتُ بعض ما ظننته أخطاءً مطبعية. والناظر فى هذا الكلام يلحظ على الفور كمّ المغالطات والبهلوانيات الرهيب الذى لجأ إليه المتنبئ صاحب النبوءات الثلاث: إنه مثلا يتهم شيخ الأزهر (الإمام الأكبر الذى لا أحبه، لكنى أقدر منصبه ولقبه، وأرى أنه لا بد من احترام المنصب واللقب) يتهمه بأنه لا يريد تنقية الإسلام من السنة النبوية، مع أن هذا ليس اتهاما، بل هو شرف، وأى شرف! إن الرجل بهذا إنما يعمل على صيانة الإسلام وحياطته من عبث الفاجرين المدلسين الذين يريدون هدمه خطوة خطوة على طريقة زعيمهم كيسنجر: فالسُّنّة اليوم، والقرآن غدا. كلا، بل القرآن الآن أيضا، فها هو ذا رشاد "ساعة لقلبك" قد كسر نصوص القرآن وادعى الرسالة، ثم ها هو ذا صاحبنا قد ادعى المقدرة على التنبؤ، لا مرة واحدة، بل ثلاثا فى عين كل عدو يكره دين الله وقرآنه وسنة رسوله، فى الوقت الذى يشدد فيه على أن النبى محمدا، عليه الصلاة والسلام (وعلى من ينكر سُنّته ويحارب دينه من شياطين الإنس المجرمين الخبثاء الخزىُ واللعنةُ والعار)، لا يمكنه معرفة أى شىء من الغيب (من خلال الوحى الإلهى طبعا لأنه لا يوجد بين المسلمين من يظن أن الرسول يستطيع علم الغيب من تلقاء نفسه أبدا)!
وهو يقيم اتهامه الضال الشارد لشيخ الأزهر على أساس قوله تعالى: "أفغير الله أبتغي حَكَمًا، وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصَّلا: الأنعام 114"، وأن القرآن هو وحده الذى نحتكم اليه حين نختلف، وأن الاختلاف عادة ما يحدث بسبب الأحاديث الضالة المنسوبة كذبا للنبي عليه السلام أو لله تعالى بدليل قوله سبحانه قبل الآية السابقة: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ: الأنعام 112"، إذ يزعم أن الله تعالى إنما يشير هنا الى الوحي الشيطاني بأحاديثه الضالة المزخرفة، كما يشير إلى من يتبع هذا الحديث الضال بقوله: "ولتصغى اليه أفئدة
(يُتْبَعُ)
(/)
الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون: الأنعام 113"، أى يهواها الذين لا يؤمنون بالآخرة ويفسدون فى الأرض، وأن الآية التالية تجعل الاحتكام الى القرآن وحده فى تلك الأحاديث الضالة: "أفغير الله أبتغى حكما، وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا: الأنعام 114"، وأن الآية التى بعدها تؤكد تمام القرآن وصدقه وعدله "وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته، وهو السميع العليم: الأنعام 115". ثم يطرح جنابه الواطى هذا السؤال: "ماذا اذا خالف البشر جميعا آية قرآنية واحدة؟ "، ليجعل الإجابة هى قول رب العزة سبحانه وتعالى: "وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ: الأنعام 116". وعلماء الحديث، كما يقول، يقررون أن الأحاديث تقوم على الظن، وليس على اليقين، وهم بهذا يؤكدون إعجاز القرآن، فيما نبّأ بما سيفعله بعض المسلمين بعد نزول القرآن حين ينسبون للنبي أحاديث بعد موته بقرون، ويسندون تلك الأحاديث الى الصحابة الذين ماتوا بعد انهماكهم فى السياسة والفتوحات والفتنة الكبرى، ماتوا دون أن يعرفوا ماذا أسند اليهم الرواة بعد موتهم بقرون فى العصر العباسي.
وإن نظرة سريعة إلى الآيات التى أوردها تلميذ رسول تُوسان لتدلنا فى الحال على أنها موجهة إلى الكفار الذين كانوا يريدون من النبى أن ينزل على عقائدهم وشرائعهم وعاداتهم وتقاليدهم ويترك ما جاءه به الوحى الكريم، ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالأحاديث النبوية. إنها تحمل على الكفار لا على المسلمين الذين جاؤوا بعد هذا فشمَّروا عن ساعد الإيمان والجِدّ والإخلاص والنصح لله ورسوله وبذلوا كل جهدهم فى سبيل الحفاظ على شطرٍ غالٍ وثمينٍ من الدين المحمدى العظيم. إن الشيطان هنا يقلب الأمر رأسًا على عقب بأسلوب عجيب يعرف هو قبل غيره أنه كذب فى كذب، لكنه لا يستطيع إلا أن ينفذ ما يُمْلَى عليه، وإلا قُتِل أو رُمِىَ رمية الكلاب النجسة! وهذا الأسلوب فى تفسير القرآن هو تطبيق لما ينادى به التفكيكيون من وجوب الدخول على النص دون الرجوع إلى أى شىء يتعلق به أو بصاحبه، كى يتسنى لهم العبث به وإنطاقه بما تريده شياطينهم دون حسيب أو رقيب، وهو عمل الباطنية القدماء. ومن هنا سمَّيْتُ أتباع هذه الطريقة فى عالمنا العربى بـ"الباطنية الجدد"، إذ رأيت أحد من يُسَمَّوْن نقادا فى بعض الدول الخليجية يستعمل هذا المنهج النقدى فى ترويج الأفكار الكنسية الصليبية فى مهد الوحى المحمدى من خلال قراءته لشعر أحد الشعراء السعوديين المسلمين الذى لو قُيِّض له أن يهب من قبره لبصق فى وجه هذا الكلام الشيطانى الأثيم الذى يعمل على محاربة الإسلام تحت ستار التفكيكية، فكَّك الله عظام أصحابه وتركهم مصروعين فى الوحل والطين! وهل فعلتْ سجاح هنا شيئا آخر غير هذا؟ ألم تهجم بجهلٍ وخبثٍ على نصوص القرآن الكريم دون أن تقيم اعتبارا لترتيبها تاريخيا أو لأساب نزولها أو لما قاله المفسرون بشأنها؟ الله أكبر! أهذا هو العلم الذى يريدنا متنبئ آخر الأزمان (صاحب الثلاث نبوءات) أن نأخذ به؟ ألا إن ذلك لشىءٌ يستطيعه أى جهول، إذ هو لا يكلف صاحبه بحثا ولا تنقيرا ولا تعبا، بل يتيح له الكلام فى أعقد الأمور بمجرد تحريكه لطرف لسانه بعيدا عن تعب المخ ومؤنة التفكير!
وهو يحاجّ شيخ الأزهر (الإمام الأكبر) بأن علماء الحديث لم يجمعوا الأحاديث كلها التى وصلتهم، بل غربلوها وانتقَوْا منها ما اقتنعوا بصحته وضربوا عن الباقى صفحا، إذ قال: "ان شيخ الأزهر حين يهاجم تنقية التراث بأحاديثه وسننه، انما يغفل حقائق تاريخية عليه أن يعرفها ويعترف بها. فأئمة الاجتهاد فى الفقه والحديث انصب اجتهادهم على تنقية التراث الشفهى، أو الأحاديث الشفهية. فمالك انتقى كتابه "الموطأ" بأحاديثه التى تزيد قليلا على الألف حديث من عشرات الألوف من الأحاديث الرائجة فى عصره. والبخاري انتقى صحيحه "حوالى 3 آلاف حديث" من بين ستمائة ألف حديث. ومسلم لم يقتنع باجتهاد البخاري، فكتب "صحيح مسلم" بمقدمة رائعة عن الوضع فى الحديث، أو الكذب فى الحديث، و"الحاكم" استدرك على البخاري ومسلم معا. وجاء ابن حنبل، فألغى أبوابا كاملة من الحديث، حين قال "ثلاثة لا أصل لها، التفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
والملاحم والمغازي". بل إن ابن حنبل ألغى "الإجماع" من مصادر التشريع لدى المسلمين حين قال "من ادعى الاجماع فى شيئ فقد كذب، ومن أدراه أن الناس قد اختلفوا، وهو لا يعلم؟ "، ثم جاء الحنابلة أتباع ابن حنبل، فأكثروا من وضع الحديث، ومنها حديثهم المشهور "من رأى منكم منكرا، فليغيره". وقد تصدى لهم أئمة الحنابلة أنفسهم، ومنهم ابن الجوزي فى القرن السادس، فى كتابه "اللألئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة"، وابن تيمية فى القرن الثامن فى كتابه "أحاديث القصاص"، وابن القيم صاحب ابن تيمية فى كتابه "المنار المنيف فى الصحيح والضعيف"، ثم السيوطي فى القرن العاشر فى كتابه المشهورعن الموضوعات فى الحديث. وحتى عصرنا الراهن كتب الألباني (وهو فى الأصل ساعاتي من البلقان) كتب موسوعته فى الأحاديث الضعيفة، وكل ذلك فى نفس الإطار "تنقية الأحاديث، أو تنقية التراث"، وقد قام بها علماء من خارج الأزهر قبل وبعد انشائه".
وهذا فى الواقع دليل ضد المبطل الأفاك لا له، إذ هو برهان على أن علماء الحديث، رضوان الله عليهم، كانوا يطبقون منهجا علميا محكما دقيقا ولا يقبلون الأشياء على علاتها، وإلا فلو كانوا قد اخترعوا الأحاديث النبوية للإساءة إلى الإسلام فلم يا ترى كانوا يتعبون أنفسهم ويعيدون النظر فيما اخترعوه وزيّفوه لينتقوا منه أشياء ويحذفوا منه أشياء؟ كما أنه برهان على أن أولئك العلماء الذين يتخذهم تُكَأَةً للتشكيك فى الأحاديث المحمدية هم أنفسهم الذين اهتموا بهذه الأحاديث وجمعوها ولم يهملوها كما يريد هو حتى يخلو الجوّ له ولأمثاله من المتعاونين مع الكاوبوى البلطجى ضد دين محمد صلى الله عليه وسلم فيعيثوا فيه فسادا وتدميرا. إن الفرق بينه وبين أولئك الأئمة الأعلام كالفرق بين السَّمَا والعَمَى، أو بين الوحل والماس، أو بين الماء العذب الفرات وماء المجارى المنتن! لقد بذل هؤلاء الأئمة أعمارهم فى الحفاظ على سنة رسول الله، أما هو فيريد، بخبث إجرامى مَرَدَ عليه، أن يهدم السنة النبوية توصلا بهدمها إلى هدم القرآن والإسلام كله، فلماذا يريد أن يحشر نفسه بينهم إذن؟ أما قوله إن الإسلام لم ينتظر البخارى ومسلم وبقية علماء الحديث حتى يؤلفوا كتبهم تلك، بل كان المسلمون يمارسون دينهم قبل هؤلاء بقرون، فالرد عليه من أسهل الأشياء، فقد كان المسلمون يستعينون طوال تلك القرون بالأحاديث النبوية، وكل ما فعله علماء الحديث أنهم أرادوا غربلة هذه الأحاديث بحيث يجد القضاة والمفتون وأصحاب المذاهب الفقهية مجموعات الأحاديث بين أيديهم جاهزةً مقشَّرةً لا تحوجهم كل مرة إلى تقويمها والتثبت من صحتها. وهذا يشبه العمل بقواعد اللغة قبل تأليف كتب النحو وبعد تأليفها، فالعرب قبل تأليف تلك الكتب كانوا واعين بوجود هذه القواعد، لكن كلا منهم كان يعتمد على جهده الفردى فى التحرز من الخطإ، ثم لما أُلِّفَتْ كتب النحو والصرف سَهُلَ الالتزام بتلك القواعد إلى حد كبير وخُفِّفَ عن المتكلم كثير من الجهد الذى كان عليه أن يبذله. وليس معنى هذا أن الأحاديث التى جمعها أهل الحديث هى فوق النقد، فما هم فى نهاية المطاف إلا بشر يصيبون ويخطئون، شأنهم شأن أى عالم آخر فى أى ميدان من ميادين العلم، لكنهم قد بذلوا مع ذلك جهودا عبقرية فى الفحص والتقويم لم يعرفها علماء أى تخصص آخر فى ميدان "العلوم الإنسانية"!
كذلك فهو يتهم الشيخ طنطاوى بأنه يخشى المقارنة بين القرآن والحديث لأنه، كما يقول، يعرف مسبقا أن الأحاديث النبوية تناقض القرآن وتحاربه. وهذا كلام تافه، وتفاهته بينة للعيان، إذ متى كانت أحاديث الرسول مناقضة للقرآن؟ إن ذلك لو حدث فمعناه أن تلك الروايات ليست من كلام النبى عليه الصلاة والسلام، وهذا قليلٌ جِدُّ قليلٍ فى كتب الحديث كما يعرفه كل من له خبرة فى هذا المجال، اللهم إلا إذا ثبت أن التناقض المزعوم ليس تناقضا بل هو تخصيص لحكم عام مثلا، أو استثناء لحالة من الحالات التى لها ظروف مختلفة تخرجها عن القاعدة العامة، أو حكم وقتى انتهى العمل به وبقى الحديث الذى يتعلق به لم يندثر ... وما إلى ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول الكاهن الأكبر فى المحراب الرشادى إن وظيفة النبى محمد فى القرآن لا تزيد عن التبليغ البتة، وكأنه عليه السلام لم يكن أكثر من جهاز تسجيل، أو فى أحسن الأحوال: إذاعة قرآن كريم تمشى على رجلين. وفات هذا اللجوج أن إذاعة القرآن نفسها لا تكتفى بقراءة القرآن، بل تضيف إليه التفسير والحديث والفتيا والشرح والتحليل ورد الشبهات والوعظ والإرشاد ومناقشة الكتب والدراسات التى تتعلق بالقرآن الكريم. ثم إنه هو نفسه لا يكتفى بالتبليغ، بل يملأ الكتب والمواقع الألكترونية والندوات والمؤتمرات كلاما سخيفا كافرا، ومعنى هذا أنه يرى نفسه فوق رسول الله: فالرسول عليه السلام لا يحق له بمقتضى فرماناته الصعلوكية أن يفتح فمه برأى أو اجتهاد أو تفسير أو فتوى أو تنزيل للحكم القرآنى على هذه الحالة أو تلك من الحالات الفردية ... إلخ، أما هو فمن حقه أن يصدِّع أدمغتنا بهذه الكفريات التى سيصلى بسببها عذاب الدرك الأسفل من نار الجحيم بمشيئة الله! إن ما يقوله هذا الأفاق، وكان يقوله الأفاق الأكبر قتيل توسان من قبل، إنما يجعل من الرسول الأكرم شيئا يشبه تلك المرأة التى تقول بعض الروايات التى تحظى برضا العامة إنها لم تكن تتكلم أو تردّ على أحد إلا بالآيات القرآنية، وهو فى الواقع أمر يبعث على السخرية ويجعل كفى تأكلنى لصفع تلك الوجوه الكالحة ذات الخدود الغليظة.
ترى ألم يحدث قط أن سأل أحد الصحابة النبى عليه السلام عن معنى آية قرآنية استعصى فهمها عليه، أو جاءه أحد المسلمين يستفتيه فى حالة خاصة لا يعرف كيف يطبق عليها الحكم القرآنى العام، أو تحركت نفسه الشريفة لوعظ أصحابه بكلام من عنده يستوحى فيه القرآن؟ إن البكاش يريد منا أن نلغى عقولنا ونتجاهل الواقع الذى يفقأ عين كل شيطان خبيث مارد، وهو أن الرسول الكريم كان حاكما وقائدا عسكريا وقاضيا، إلى جانب كونه نبيا مبلغا للوحى، وهو ما يعنى أنه عليه السلام قد ترك لنا تراثا من الأحاديث غاليا ينبغى أن نتمسك به حتى نفهم الإسلام فهما سليما لا مروق فيه ولا كفر كما يقع من بعض الناس! ألا شاهت الوجوه! ثم إنه، بسلامته، يتصور أنه قادر على إيهامنا بأن القرآن والسنة يتناقضان ولا يلتقيان أبدا، أو أن القرآن كاف بنفسه لا يحتاج إلى شىء بجانبه. إن القرآن بوجه عام إنما يمثل دستور المسلمين، فإذا قلنا إننا محتاجون إلى صوغ قوانين تنظم حياتنا، أيمكن أن يقول لنا قائل إن محاولة صياغة هذه القوانين تتناقض مع وجود الدستور؟ إن القرآن يكتفى فى معظم الأحيان بالنص على الخطوط التشريعية العريضة والمبادئ الأخلاقية العامة، ثم يأتى الحديث النبوى فيقدم لنا الفتاوى والأحكام التفصيلية التى تستوحى تلك المبادئ العامة وتحولها إلى تطبيقات عملية يومية. ثم إنهما رغم ذلك كله لا يقدمان لنا أحكاما مباشرة جاهزة للوقائع التى تستجدّ مع الأيام، بل لا بد للفقهاء أن يعملوا عقولهم ويستوحوا نصوص القرآن والسنة كى يصلوا إلى الحكم الصحيح لهذه الوقائع والنوازل المستجدّة ... وهكذا.
وقد حدث بعد نشر هذه الدراسة فى جريدة "الشعب" لأول مرة أن قرأت المقال الذى ترجمه الصديق المشباكى الأستاذ ميسرة عفيفى (المصرى المقيم فى اليابان والمتزوج منها) للكاتب اليابانى الدكتور ناوكي كومورو عن الإسلام ونَشَره فى ذات الصحيفة، فوجدت فيه عن الصلاة ما يلى: "يجب الذهاب فيه إلى المسجد والصلاة جماعة. بالمناسبة يطلق البعض على المسجد الإسلامي لفظ المعبد الإسلامي وهذا خطأ فادح. لا يوجد كهانة في الإسلام وبالتالي لا يوجد معابد. الصحيح أن يطلق عليها مصلى أو جامع. لأنه لا يوجد رهبان في الإسلام. إسمحوا لي بتعليق صغير هنا، فرضت الصلاة في الإسلام عن طريق القرآن، ولكن لا يذكر القرآن الطريقة التفصيلية للصلاة. القرآن هو الوحي الأوحد في الإسلام، ولكنه لا يغطي كل شئ إلى تفاصيل التفاصيل، لذلك هناك مصادر عدة للتشريع الإسلامي أولها هو القرآن، إذا لم نجد فيه حكما، نذهب إلى ثاني المصادر ثم إلى الثالث، وهكذا إلى المصدر العاشر للتشريع. وسأحكي بالتفصيل عن هذه المصادر فيما بعد، ولكن أكتفي هنا بذكر أن الطريقة المفصلة لكيفية الصلاة نجدها في المصدر الثاني من مصادر التشريع وهو السنة". أى أنه حتى اليابانيون يفهمون الإسلام على وجهه الصحيح، على حين أن شُيَيْخَنا
(يُتْبَعُ)
(/)
الأزهرى يظن أنه مستطيع بما علمه إياه الكاوبوى اللعين أن يَسُوق البَلَه على الشيطنة، ناسيًا أننا نستطيع أن نعهد به إلى أحد المتصلين بعالم الجن والعفاريت ممن كان يعمل معهم فى صباه وشبابه فى قريته فيطرد الشياطين التى تركبه بعصا غليظة يظل يضربه بها فوق ظهره وعلى أجنابه حتى يظهر له صاحب، آكلاً بهذه الطريقة علقةً لم يذقها حمار فى مطلع ولا حرامى فى جامع، علقة يظل يحلم ويحلف بها طول العمر! لقد كنا، ونحن صغار، نردد أن الفلاح إذا أراد أن يتمدن يجىء لأهله بمصيبة، وها هو ذا شيخنا الأزهرى يريد أن يتأمرك، فجلب المصائب على أم رأسه وأورد نفسه موارد الجحيم، لعن الله كل أفاق كذوب!
ولمزيد من التفصيل نعيد القول بأن الأفاق، تشكيكا منه فى أحاديث سيد الأنبياء والمرسلين، يزعم أنه عليه السلام "كانت وظيفته التبليغ فقط، ويشمل التبليغ أنه كان شاهدا ومبشرا ومنذرا وداعيا الى الله ومعلما للقرآن ومزكيا للمسلمين بالقرأن، ولكنه كان فى كل ذلك يتكلم بالقرآن فقط " كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ: الأعراف 2"، "وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: الأنعام 51"، "نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ: ق 45" ومن الطريف أن النبي عليه السلام خطب الجمعة أكثر من خمسائة مرة ومع ذلك فلم يحفظ له العصر العباسي خطبة جمعة واحدة لأنه كان يخطب الجمعة بالقرآن، ولأنه كان مبلغا فقط فلم يكن من حقه التشريع، لأن التشريع حق الله وحده، لذلك كان يسألونه عن أشياء تكرر ذكرها فى القرأن من قبل وكان فى وسعه أن يجيب بمجرد قراءة القرآن والاستشهاد به، ولكنه كان ينتظر أن تأتى الإجابة من الله "يسألونك عن"، "قل"".
هذا ما قاله البكّاش النتّاش، فهل فى الآيات التى ساقها هنا كلمة واحدة تَنْهَى النبى عن أن يتكلم بشىء يوضح به القرآن أو يجادل به الكفار ويرد على عنادهم وشبهاتهم؟ أبدا، وكل كلام غير هذا إنما هو كذب فى كذب! إن القرآن والسنة النبوية إنما يشبهان معًا كتابا ذا هوامش وحواشٍ: القرآن فيه يمثل النص الأصلى، والحديث يقوم بدور الشارح، ولا تعارض البتة بين الاثنين. وكلام الرسول وأفعاله هى جزء من الوحى، إلا إذا اجتهد الرسول عليه السلام من عند نفسه، ولم توافقه السماء على ما اجتهد، فعندئذ ينزل القرآن منبها إياه بوجوب العدول عن هذا أو باستحسان ذلك العدول على الأقل: "عَبَسَ وتولَّى* أنْ جاءه الأعمى* وما يدريك؟ لعله يزَّكَّى* أو يَذَّكَّر فتنفعه الذكرى* أما من استغنى* فأنت له تَصَدَّى* وما عليك ألاّ يَزَّكَّى* وأما من جاءك يسعى* وهو يخشى* فأنت عنه تَلَهَّى* كلا، إنها تذكِرة" (عبس/ 1 - 11)، "يا أيها النبى، لِمَ تحرِّم ما أحل الله لك؟ تبتغى مرضاة أزواجك، والله غفور رحيم" (التحريم/ 1)، "وإذا قيل لهم: تعالَوْا يستغفر لكم رسولُ الله لَوَّوْا رؤوسهم ورأيتَهم يَصُدّون وهم مستكبرون* سواء عليهم أَسْتغْفَرْتَ لهم أم لم تستغفر لهم. لن يغفر الله لهم، والله لا يهدى القوم الفاسقين" (المنافقون/ 5 - 6)، "يا أيها النبى، إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله" (الممتحنة/ 12)، "قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله، والله يسمع تحاوركما. إن الله سميع بصير" (المجادلة/ 1)، "يا أيها الذين آمنوا، إذا ناجيتم الرسول فقَدِّموا بين يَدَىْ نجواكم صدَقة" (المجادلة/ 11)، "ما كذَب الفؤادُ ما رأى* أفتُمَارُونه على ما يرى؟ " (النجم/ 11 - 12)، "يا أيها الذين آمنوا، لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تَحْبَط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" (الحجرات/ 1)، "لقد رضِىَ الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا" (الفتح/ 18)، "لقد صَدَق اللهُ رسولَه الرؤيا بالحق لَتَدْخُلُنَّ المسجد
(يُتْبَعُ)
(/)
الحرام إن شاء الله" (الفتح/ 27)، "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخِيَرَة من أمرهم. ومن يعصِ اللهَ ورسولَه فقد ضلَّ ضلالا مبينا* وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه: أَمْسِكْ عليك زوجك، واتق الله" (الأحزاب/ 36 - 37)، "وإذا قيل لهم: اتَّبِعوا ما أنزل اللهُ قالوا: بل نتَّبِع ما وَجَدْنا عليه آباءَنا" (لقمان/ 21)، "وإذا قيل لهم: اسجدوا للرحمن، قالوا: وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا؟ وزادهم نفورا" (الفرقان/ 60)، "ولا تَقُولَنَّ لشىءٍ: إنى فاعلٌ ذلك غدا* إلا أن يشاء الله" (الكهف/ 23 - 24)، "وإذ قلنا لك: إن ربك أحاط بالناس، وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنةً للناس ... " (الإسراء/ 60)، "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولَئِنْ صبرتم لهو خيرٌ للصابرين" (النحل/ 126)، "يجادلونك فى الحق بعدما تبيَّن كأنما يُساقون إلى الموت وهم ينظرون" (الأنفال/ 6)، "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى مُمِدّكم بألْفٍ من الملائكة مُرْدِفين" (9)، "إلاّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانِىَ اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن، إن الله معنا" (التوبة/ 40)، "وسيحلفون بالله: لو استطعنا لخرجنا معكم. يهلكون أنفسهم، والله يعلم إنهم لكاذبون* عفا الله عنك، لم أذنتَ لهم حتى يتبيَّن لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين؟ " (التوبة/ 42 - 43)، "قل: استهزئوا. إن الله مُخْرِجٌ ما تَحْذَرون* ولئن سألتَهم ليقولُنّ: إنما كنا نخوض ونلعب" (التوبة/ 63 - 64)، "ما على المحسنين من سبيل، والله غفور رحيم* ولا على الذين إذا ما أَتَوْكَ لتَحْمِلهم قلتَ: لا أجد ما أَحْمِلكم عليه ... " (التوبة/ 91 - 92)، "فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحَكِّموك فيما شَجَرَ بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حَرَجًا مما قضيتَ ويسلِّموا تسليما" (النساء/ 65)، إذ تقول للمؤمنين: ألن يكفيكم أن يُمِدّكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مُنْزَلين؟ " (آل عمران/ 124).
فهذه نصوص قاطعة الدلالة على أن النبى لم يكن (كما يريد البكاش النتاش هو ورسوله الكذاب أن يصوراه لنا) مجرد آلة تسجيل لا تنطق إلا بما يتضمنه الشريط الموجود فيها لا تخرج عنه ولا تقول من عندها شيئا. فالآيات تتحدث عن رُؤًى رآها صلى الله عليه وسلم فى المنام وحدّث بها من حوله، وحوارات ومعاهدات سبق أن دارت بينه وبين المؤمنين أو مجادلات قامت بينه وبين الكافرين، وقد تَذْكُر الآيات هذه الحوارات والمجادلات كما وقعت أو توردها موجزة، وقد تكتفى بالإشارة إليها وحسب، وفى كل الحالات نعرف أن هناك كلاما قاله النبى لم ينزل به القرآن قبلا، بل كان القرآن حاكيا له فقط فيما بعد. وهناك أيضا كلام عن حُكْم النبى وقضائه بين المتخاصمين، وهذا طبعا غير القرآن، وهناك تصرفات أقدم النبى عليها ووافقه القرآن فيها أو عاتبه عليها، وهناك رأى ارتآه النبى من عند نفسه ذكره القرآن ... إلخ. وهذا كله برهان لا يُرَدّ ولا يُصَدّ على أن ما يصور به الكذاب الأفاق رسول الله عليه الصلاة والسلام من أنه لم يكن أكثر من آلة تسجيل ليس فيها إلا أشرطة للقرآن الكريم هو ضلال فى ضلال! فإذا أضفنا إلى ما مرّ أن فى القرآن أحكاما كثيرة أتت مجملة عامة وتحتاج عند التطبيق إلى النظر فيها لاستخراج الحكم فى هذه الواقعة الخاصة أو تلك لتنزيلها عليها تبيّن لنا على نحو يقينى أنه صلى الله عليه وسلم كان يجتهد برأيه وتصرفه ولم يكن مجرد جهاز تسجيل كما يصوره المفترى الكذوب. مثال ذلك آية السرقة فى سورة "المائدة"، التى لا بد أن تثير عند قراءتها الأسئلة التالية: ما قيمة المبلغ الذى تُقْطَع عنده يد السارق؟ وهل تُقْطَع فى كل الأحوال أم هل هناك ظروف وشروط معينة لا بد من توفرها حتى يتم القطع؟ وكيف ينفَّذ هذا القطع؟ بل ما معنى القطع؟ كذلك عندنا آيات الزكاة، ولكن كيف يخرج المسلم زكاته؟ وما نصابها؟ وما نسبتها إلى ماله؟ وهل الزَّكَوَات كلها شىء واحد أم هل تختلف حسب نوع المال المزكَّى عنه؟ وهل لا بد من إخراجها عَيْنًا أم هل من الجائز أن نخرجها نَقْدًا؟ وهكذا يرى القارئ أن هناك، إلى جانب القرآن الكريم، مندوحةً واسعةً للمساهمات النبوية من خلال القول والسلوك والتطبيق والحُكْم ... إلخ. أما ما قاله صويحبنا عن الصلاة وأنها إنما وردت
(يُتْبَعُ)
(/)
لنا من أيام إبراهيم عليه السلام ولم تَرِدْ عن طريق السنة النبوية، فإنى سائله: وكيف وصلت إلى العرب على أيام النبى؟ أترى العرب فى الجاهلية كانوا يصلّون على النحو الذى كان يصلِّى عليه إبراهيم طوال كل هاتيك القرون منذ عصر أبى الأنبياء حتى عصر محمد؟ أم تراك ستقول إنها قد وصلتنا فى كتاب من كتب إبراهيم؟ فأين يا ترى ذلك الكتاب؟ وهل كانت صلاة إبراهيم تتضمن مثلا الفاتحة التى لم تكن قد نزلت بعد، أم ماذا؟ الواقع أنه ليس أمام هذا الأفّاق النهّاق إلا الإقرار بأنها إنما وصلت إلينا من خلال سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ألا لعنة الله على من يظن أنه يمكنه النزول بالرسول الأكرم إلى مستوى الجمادات التى لا تعقل ولا تحس ولا تريد ولا تفكر ولا تعبر عن نفسها أبدا، على حين يعطى لنفسه الحق فى أن يفعل كل ذلك وأكثر من ذلك بما يعنى أن الكَفُور يضع نفسه فى مرتبة أسمى من سيده وتاج رأسه ورأس الذين نفضوه، وكذلك الذين أَزُّوه على محاربة الله ورسوله! أما بالنسبة لخُطَبه صلى الله عليه وسلم فى الجمعة وغيرها فها هى ذى بعض نصوصها ننقلها عن كتاب "جمهرة خُطَب العرب" لأحمد زكى صفوت من فصل بعنوان "الخطب والوصايا عصر صدر الإسلام: خطب النبي":
"أول خطبة خطبها بمكة حين دعا قومه: حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءا وإنها لجنة أبدا أو لنار أبدا
أول خطبة خطبها بالمدينة: حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولي فبلغك وأتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسلام عليكم وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته
خطبته في أول جمعة جمعها بالمدينة: الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأومن به ولا أكفره وأعادى من يكفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ودنو من الساعة وقرب من الأجل من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوي وفرط وضل ضلالا بعيدا وأوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله فاحذروا ما حذركم الله من نفسه ولا أفضل من ذلك نصيحة ولا أفضل من ذلك ذكرا وإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره وذخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم وما كان من سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد والذي صدق قوله وأنجز وعده لا خلف لذلك فإنه يقول عز وجل ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما وإن تقوى الله يوقى مقته ويوقى عقوبته ويوقى سخطه وإن تقوى الله يبيض الوجوه ويرضى الرب ويرفع الدرجة خذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله قد علمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين فأحسنوا كما أحسن الله إليكم وعادوا أعداءه وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وسماكم المسلمين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ولا قوة إلا بالله فأكثروا ذكر الله واعملوا لما بعد اليوم فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس ذلك بأن الله يقضى على الناس ولا يقضون عليه يملك من الناس ولا يملكون منه الله أكبر ولا قوة إلا
(يُتْبَعُ)
(/)
بالله العظيم
خطبة له يوم أُحُد: أيها الناس أوصيكم بما أوصاني الله في كتابه من العمل بطاعته والتناهي عن محارمه ثم إنكم بمنزل أجر وذخر لمن ذكر الذي عليه ثم وطن نفسه على الصبر واليقين والجد والنشاط فإن جهاد العدو شديد كربه قليل من يصبر عليه إلا من عزم له على رشده إن الله مع من أطاعه وإن الشيطان مع من عصاه فاستفتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد والتمسوا بذلك ما وعدكم الله وعليكم بالذي أمركم به فإني حريص على رشدكم إن الاختلاف والتنازع والتثبيط من أمر العجز والضعف وهو مما لا يحبه الله ولا يعطى عليه النصر أيها الناس إنه قذف في قلبي أن من كان على حرام فرغب عنه ابتغاء ما عند الله غفر له ذنبه ومن صلى على محمد وملائكته عشرا ومن أحسن وقع أجره على الله في عاجل دنياه أو في آجل آخرته ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا صبيا أو امرأة أو مريضا أو عبدا مملوكا ومن استغنى عنها استغنى الله عنه والله غني حميد ما أعلم من عمل يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به ولا أعلم من عمل يقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه وإنه قد نفث الروح الأمين في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها لا ينقص منه شئ وإن أبطأ عنها فاتقوا الله ربكم وأجملوا في طلب الرزق ولا يحملنكم استبطاؤه على أن تطلبوه بمعصية ربكم فإنه لا يقدر على ما عنده إلا بطاعته قد بين لكم الحلال والحرام غير أن بينهما شبها من الأمر لم يعلمها كثير من الناس إلا من عصم فمن تركها حفظ عرضه ودينه ومن وقع فيها كان كالراعي إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه وليس ملك إلا وله حمى ألا وإن حمى الله محارمه والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد إذا اشتكى تداعى إليه سائر جسده والسلام عليكم
خطبته بالخيف: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم اداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن إخلاص العمل لله والنصيحة لأولى الأمر ولزوم الجماعة إن دعوتهم تكون من ورائه ومن كان همه الآخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كان همه الدنيا فرق الله أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له خطبة له عليه الصلاة والسلام ومن خطبه أيضا أنه خطب بعد العصر فقال ألا إن الدنيا خضرة حلوة ألا وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ألا لا يمنعن رجلا مخافة الناس أن يقول الحق إذا علمه ولم يزل يخطب حتى لم تبق من الشمس إلا حمرة على أطراف السعف فقال إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى
خطبة له: إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله قد أفلح من زينه الله في قلبه وأدخله في الإسلام بعد الكفر واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أصدق الحديث وأبلغه أحبوا من أحب الله وأحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقسو عليه قلوبكم اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا اتقوا الله حق تقاته وصدقوا صالح ما تعملون بأفواهكم وتحابوا بروح الله بينكم والسلام عليكم ورحمة الله خطبة له أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم فإن العبد بين مخافتين أجل قد مضى لا يدري ما الله فاعل فيه وأجل باق لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته ومن الشبيبة قبل الكبر ومن الحياة قبل الممات فوالذي نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار
(يُتْبَعُ)
(/)
خطبة له: أيها الناس كأن الموت فيها على غيرنا قد كتب وكان الحق فيها على غيرنا قد وجب وكأن الذي نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم ونأكل من تراثهم كأنا مخلدون بعدهم ونسينا كل واعظة وأمنا كل جائحة طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن أنفق مالا اكتسبه من غير معصية وجالس أهل الفقه والحكمة وخالط أهل الذل والمسكنة طوبى لمن زكت وحسنت خليقته وطابت سريرته وعزل عن الناس شره طوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ولم تستهوه البدعة خطبة له ألا أيها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا وبادروا الأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتؤجروا وتنصروا واعلموا أن الله عز وجل قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في عامي هذا في شهري هذا إلى يوم القيامة حياتي ومن بعد موتى فمن تركها وله إمام فلا جمع الله له شمله ولا بارك له في أمره ألا ولا حج له ألا ولا صوم له ألا ولا صدقة له ألا ولا بر له ألا ولا يؤم أعرابي مهاجرا ألا ولا يؤم فاجر مؤمنا إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه أو سوطه
خطبته يوم فتح مكة: وقف على باب الكعبة ثم قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتل الخطأ مثل العمد بالسوط والعصا فيهما الدية مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم خلق من تراب ثم تلا يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم الآية يا معشر قريش أو يأهل مكة ما ترون إني فاعل بكم قالو خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء
خطبته في الاستسقاء: روى أن أعرابيا جاء إلى رسول الله وآله في عام جدب فقال أتيناك يا رسول الله ولم يبق لنا صبي يرتضع ولا شارف تجتر ثم أنشده أتيناك والعذراء يدمي لبابها وقد شغلت أم الرضيع عن الطفل وألقى بكفيه الفتى لاستكانة من الجوع حتى ما يمر ولا يحلى ولا شيء مما يأكل الناس عندنا سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام النبي يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا هنيئا مريعا سحا سجالا غدقا طبقا ديما دررا تحيي به الأرض وتنبت به الزرع وتدر به الضرع واجعله سقيا نافعة عاجلا غير رائث فوالله ما رد رسول الله وآله يده إلى نحره حتى ألقت السماء أرواقها وجاء الناس يضجون الغرق الغرق يا رسول الله فقال اللهم حوالينا ولا علينا فانجاب السحاب عن المدينة حتى استدار حولها كالإكليل فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه
خطبته في حجة الوداع: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا إيها الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت اللهم اشهد فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن ربا الجاهلية موضوع وإن أول ربا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبد المطلب وإن دماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم أيها الناس إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند
(يُتْبَعُ)
(/)
الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادى وشعبان ألا هل بلغت اللهم اشهد أيها الناس أن لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حق لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا ألا هل بلغت اللهم اشهد أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال أخيه الا عن طيب نفس منه ألا هل بلغت اللهم اشهد فلا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده كتاب الله ألا هل بلغت اللهم اشهد ايها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى الا هل بلغت اللهم اشهد قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد الغائب أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية ولا يجوز وصية في أكثر من الثلث والولد للفراش وللعاهر الحجر من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل والسلام عليكم ورحمة الله خطبته في مرض موته عن الفضل بن عباس قال جاءني رسول الله فخرجت إليه فوجدته موعوكا قد عصب رأسه فقال خذ بيدي يا فضل فأخذت بيده حتى جلس على المنبر ثم قال ناد في الناس فاجتمعوا إليه فقال اما بعد أيها الناس فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وإنه قد دنا مني خفوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ومن أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه ولا يخش الشحناء من قبلي فإنها ليست من شأني ألا وإن أحبكم إلي من أخذ مني حقا إن كان له أو حللني فلقيت ربي وأنا طيب النفس وقد أرى أن هذا غير مغن عنى أقوم فيكم مرارا ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع فجلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى فادعى عليه رجل بثلاثة دراهم فأعطاه عوضها ثم قال أيها الناس من كان عنده شيء فليؤده ولا يقل فضوح الدنيا ألا وإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة ثم صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم ثم قال إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بأنفسنا وآبائنا".
ثم نُثَنِّى بعدها فننقل بعض خُطَب الجُمْعة النبوية من كتب الصِّحاح ليزداد القاصى والدانى علمًا بمدى الجرأة على الكذب عند أفاقنا حوارىّ رشاد "ساعة لقلبك"، ففى البخارى: "930 - قَالَ مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ قُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ. فَقُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَىْ نَعَمْ. قَالَتْ فَأَطَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِدًّا حَتَّى تَجَلاَّنِي الْغَشْىُ وَإِلَى جَنْبِي قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَفَتَحْتُهَا فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا عَلَى رَأْسِي، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَحَمِدَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ " أَمَّا بَعْدُ ". قَالَتْ وَلَغِطَ نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْكَفَأْتُ إِلَيْهِنَّ لأُسَكِّتَهُنَّ فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ قَالَتْ قَالَ " مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ ـ أَوْ قَرِيبَ مِنْ ـ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا
(يُتْبَعُ)
(/)
الْمُؤْمِنُ ـ أَوْ قَالَ الْمُوقِنُ شَكَّ هِشَامٌ ـ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، هُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا وَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا وَصَدَّقْنَا. فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنُ بِهِ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ ـ أَوْ قَالَ الْمُرْتَابُ شَكَّ هِشَامٌ ـ فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ ". قَالَ هِشَامٌ فَلَقَدْ قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ فَأَوْعَيْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا يُغَلِّظُ عَلَيْهِ.
941 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ ـ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ ـ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ " اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا ". فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلاَّ انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْد"ِ.
ومن صحيح مسلم: "حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، وَهُوَ ابْنُ سَلاَّم، عَنْ زَيْدٍ، يَعْنِي أَخَاه، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلاَّمٍ، قَالَ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مِينَاءَ، أَنَّحَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا، سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ " لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ".
2042 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلاَ صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ " صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ". وَيَقُولُ: " بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ ". وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ: " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ". ثُمَّ يَقُولُ: " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَىَّ وَعَلَىّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
2043 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ، بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلاَ صَوْتُه. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِه"ِ.
ومن سنن أبى داود: "1098 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ جَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِيُّ فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا قَالَ وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابِعَ سَبْعَةٍ أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ زُرْنَاكَ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ فَأَمَرَ بِنَا أَوْ أَمَرَ لَنَا بِشَىْءٍ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّأْنُ إِذْ ذَاكَ دُونٌ فَأَقَمْنَا بِهَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ ثُمَّ قَالَ " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَنْ تُطِيقُوا أَوْ لَنْ تَفْعَلُوا كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا ". قَالَ أَبُو عَلِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ قَالَ ثَبَّتَنِي فِي شَىْءٍ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَدْ كَانَ انْقَطَعَ مِنَ الْقِرْطَاسِ.
1099 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّ إِلاَّ نَفْسَهُ وَلاَ يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا ".
1100 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ تَشَهُّدِ، رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ " وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى ". وَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يُطِيعُهُ وَيُطِيعُ رَسُولَهُ وَيَتَّبِعُ رِضْوَانَهُ وَيَجْتَنِبُ سَخَطَهُ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَلَهُ".
ومن سنن النسائى: "1418 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ " مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ". قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ اللَّيْثَ عَلَى هَذَا الإِسْنَادِ غَيْرَ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ يَقُولُونَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
1419 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَصَلَّيْتَ ". قَالَ لاَ. قَالَ " صَلِّ رَكْعَتَيْن ". وَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَلْقُوا ثِيَابًا فَأَعْطَاهُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ - قَالَ - فَأَلْقَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " جَاءَ هَذَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَأَمَرْتُ النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ فَأَلْقُوا ثِيَابًا فَأَمَرْتُ لَهُ مِنْهَا بِثَوْبَيْنِ ثُمَّ جَاءَ الآنَ فَأَمَرْتُ النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ فَأَلْقَى أَحَدَهُمَا ". فَانَتْهَرَهُ وَقَالَ " خُذْ ثَوْبَكَ ".
1420 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " صَلَّيْتَ ". قَالَ لاَ. قَالَ " قُمْ فَارْكَعْ ".
1421 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، إِسْرَائِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، يَقُولُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ مَعَهُ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ مَرَّةً وَيَقُولُ " إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ "".
ومن سنن ابن ماجة: "1168 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالاَ جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ " قَالَ لاَ. قَالَ " فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا ".
1169 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلاً، دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَخْطُبُ فَجَعَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ " اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ " ".
ومن صحيح ابن خزيمة: " 1799 - أنا أبو طاهر حدثنا أبو بكر حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا سفيان عن بن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن أبا سعيد الخدري دخل يوم الجمعة ومروان بن الحكم يخطب فقام يصلي فجاء الأحراس ليجلسوه فأبى حتى صلى فلما انصرف مروان أتيناه فقلنا له يرحمك الله إن كادوا ليفعلون بك قال ما كنت لأتركهما بعد شيء رأيته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ذكر أن رجلا جاء يوم الجمعة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في هيئة بذة فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتصدقوا فما لقوا ثيابا فأمر له بثوبين وأمره فصلى ركعتين ورسول الله -صلى الله عليه وسلم -يخطب ثم جاء يوم الجمعة الأخرى ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتصدقوا فألقى رجل أحد ثوبيه فصاح له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو زجره وقال خذ ثوبك ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن هذا دخل في هيئة بذة فأمرت الناس أن يتصدقوا فما لقوا ثيابا فأمرت له بثوبين ثم دخل اليوم فأمرت أن يتصدقوا
(يُتْبَعُ)
(/)
فألقى هذا أحد ثوبيه ثم أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي ركعتين
1800 - أنا أبو طاهر حدثنا أبو بكر حدثنا أبو زهير عبد المجيد بن إبراهيم حدثنا المقري ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي رفاعة العدوي قال انتهيت الى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب فقلت يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه فأقبل الي وترك خطبته فأتي بكرسي خلت قوائمه حديدا قال حميد أراه رأى خشبا أسود حسبه حديدا فجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته وأتم آخرها
1801 - أنا أبو طاهر حدثنا أبو بكر حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي حدثنا زيد، يعني ابن الحباب عن حسين وهو بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب فاقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل فأخذهما فوضعهما بين يديه ثم قال صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في خطبته" ... وهلمّ جَرًّا، وهو ما يثبت إثباتا جازما حاسما أن الأوغاد يتنفسون الكذب تنفسا بدل الهواء الذى يتنفسه سائر عباد الله، وأنهم جمعوا إلى الكذب الوقاحة وجمود الوجه وانعدام الحساسة والكرامة.
فإذا أضفنا إلى هذا أنهم يكفِّرون المسلمين جميعا لكونهم يشهدون بنبوة محمد ورسالته عرفنا إلى أى مدى يكره هؤلاء المجرمون سيدنا رسول الله لحساب الماسونية العالمية بحجة أنهم حريصون على الوحدانية النقية التى لا تشوبها شائبة. أى أن الشهادة لسيدنا محمد بأنه رسول من رب العالمين تناقض عند هؤلاء الملاحيس عقيدة التوحيد، فهل رأى القراء عهرا وفجرا كذلك العهر والفجور؟ وهذا كله فى الوقت الذى يكررون فيه الشهادة كتابة وشفاها أن رشاد "ساعة لقلبك" رسول من عند رب العالمين. ومن هنا فإنهم يكفِّرون المسلمين جميعا من لدن الصحابة حتى يومنا هذا وإلى ما شاء الله، فضلا عن تكفيرهم إياهم لسبب آخر هو أنهم باعتمادهم فى عقائدهم وتشريعاتهم على السنة النبوية إلى جانب القرآن الكريم إنما يشركون بالله إلها آخر هو الرسول الكريم، الرسول الذى يريدون أن يحُلِوّا محله رسولهم الزنيم مسيلمة الكاوْبُويِىّ الذى يثنى على إيمان الأمريكان ويكفّر المسلمين أجمعين أبصعين أكتعين، لعنة الله عليه وعلى من يشايعه على هذا الضلال والكفر من هنا إلى يوم الدين وإلى ما بعد يوم الدين! آمين يا رب العالمين!
وعلى هذا فإذا كان الشيخ طنطاوى شيخ الجامع الأزهر قد كفَّرهم فهو على حق فى هذا التكفير بلا أى جدال، إذ يرفض هؤلاء المهاويس المتاعيس الشهادة بأن محمدا رسول الله ويعدّونها كفرا وشركا، كما أنهم يرفضون الأحاديث النبوية ويكفّرون من يأخذ بها أيضا، فضلا عن أنهم يتهمون الصحابة الكرام (عليهم رضوان الله، وعلى من يعاديهم ويتهمهم بما ليس فيهم الخزى والرجس أبد الآبدين) بأنهم قد عبثوا بالقرآن وأضافوا إليه آيتين عمدا كما وضحنا فى مقال سابق عن رشاد خليفة "رسول الميثاق" الأفاق، وهذا من أشد ضروب الفحش والفسق والكفر والضلال. ثم هم فوق ذلك كله يمالئون أعداء الدين والأمة والوطن والله والرسول ويشهدون لهم بالطهارة ويتعاونون معهم على تنفيذ مخططات الكفر والعدوان! فما الذى ينتظره المسلم أكثر من ذلك ليكفر هؤلاء الأنجاس المناكيد؟ إن سجاح الفاجرة تستنكر أن يكفرها الشيخ طنطاوى (وإن كنت لم أقرأ هذا التكفير ولم أسمع به، لكنى فى ذات الوقت أؤيده تمام التأييد إذا كان قد وقع)، أقول إنها تستنكر تكفير الشيخ لها مع أنها تكفر الأمة كلها إلا الكفار الحقيقيين الذين يؤمنون بأن رشاد "ساعة لقلبك" أبا شخّة هو رسول من عند رب العالمين! فعلا يا أخى: شيخ الأزهر ليس عنده حق! لقد كان ينبغى أن يكفِّر بدلا من ذلك جميع المسلمين، ويشهد بالهدى والإيمان والصلاح والتقوى لشيخ المنافقين الضلالية وحده لا شريك له!
(يُتْبَعُ)
(/)
ويتلاعب أبو حميد أيضا بكلمة "سُنّة" الواردة فى القرآن متصورا أنه يستطيع أن يخدع المسلمين بالقول بأن هناك تعارضا بين القرآن والسنة النبوية، مع أن الأمر أبسط من هذا تماما: فالسُّنّة فى القرآن أقرب ما تكون فى المعنى بوجه عام إلى ما نسميه الآن بـ"القوانين الكونية"، أما بالنسبة إلى الرسول فهى الطريقة التى فسَّر عليه السلام بها آيات القرآن وطبّق أحكامه ووضع المبادئ التى جاء بها موضع التنفيذ. وإذن فعندنا معنيان للسُّنّة: السُّنّة بمعنى القوانين الكونية الدائمة التى لا تحيد عنها حوادث الكون، والسُّنّة بمعنى الأسلوب الذى انتهجه النبى فى تحويل أوامر القرآن ونواهيه إلى واقعٍ مَعِيش. ولا تعارض بين المعنيين، فكل منهما يكمل الآخر، وإن سار فى مدار خاص به. وليس فى شىء من ذلك غرابة، فكثيرا ما يكون للكلمة الواحدة معان شتى، وهذا مما يعرفه كل أحد عنده أدنى إلمام بطبيعة اللغات، وهو معروف فى القرآن على نطاق واسع، ومنه على سبيل المثال كلمة "الأُمَّة"، التى تعنى فيه الجماعة والوقت والجنس من الناس والطريقة والسُّنّة والإمام ... إلخ. وهناك معاجمُ قرآنيةٌ خاصّةٌ بذلك الجانب منه اسمها "كُتُب الأشباه والنظائر"، ومن أشهر من ألفوا فيها مقاتل بن سليمان (ق 2 هـ) وابن الجوزى (ق 6 هـ) وابن الدامغانى (ق 6 هـ) وابن عبد الصمد المصرى وابن فارس وابن العماد (ق 9 هـ). أما الفَسَقَة المنافقون الذين يتلاعبون بالنصوص ويريدون أن يقسروها على النطق بما تكنّ قلوبهم العفنة الدنسة من رجس فهؤلاء لا يؤخذ عنهم علم، ولا يُسْمَع منهم قول، أو يُحْتَرَم لهم رأى!
أما الآيات القرآنية التى يستشهد بها الضالّ المارق فهى، كما سبق القول وكما نعيده الآن، قد نزلت فى حق الكافرين من أهل مكة الوثنيين، لا فى حق المسلمين، الذين لم يعبد الله ويوحّده حق العبادة والتوحيد أمة فى الأرض وعلى مدار التاريخ كله مثلهم، والذين حفظوا قرآنه وسنة نبيه التى فسر بها عليه السلام هذا القرآن وطبَّق من خلالها مبادئه واستخرج بها منه أحكام الوقائع الفردية…إلخ، بخلاف ما يريد هذا المداور أن يُوقِعه فى رُوعنا من أن هذه الآيات الطيبات الطاهرات قد نزلت لتكفير المسلمين والزراية عليهم وتوعُّدهم بنار اللظى، التى سوف تحرق جلده ولحمه يوم الدين هو وكل عاتٍ متمردٍ من أتباع الكاوبوى بمشيئته تعالى وحَوْله وطَوْله! وهذه هى الآيات التى استشهد بها كُوَيْهِننا على أن الله سبحانه وتعالى قد كفَّر أمة محمد منذ أول جيل آمن به عليه الصلاة والسلام، وهو جيل الصحابة الكرام:
" أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ: الأعراف 185"، "فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ: المرسلات 50 "، "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ: الجاثية 6"، "اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا: النساء 87"، "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً: النساء 12"، "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ* اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد: ٍ الزمر 17 - 23"، "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ: الزمر 36"، "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى
(يُتْبَعُ)
(/)
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ: العنكبوت 51"، "فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ: الشورى 11"، "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا: الإسراء 88"، " كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ: الأعراف 2 - 3"، "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: الأنعام 153". ومن الواضح أن الكلام فى كل النصوص تقريبا هو عن المشركين وعنادهم وكفرهم بالله وكتابه ونبيه وما كان هذا النبى يغاديهم ويراوحهم به كل يوم من دعوتهم إلى الإيمان. وحتى فى النَّصَّيْن المدنيَّيْن المأخوذين من سورة "النساء" نرى أن الكلام هو عن اليوم الآخر وأن ما يقوله الله بشأنه لا يمكن إلا أن يكون هو الحق الذى لا ريب فيه. فالمقابلة، كما يرى القارئ، ليست بين القرآن والحديث، بل بين الإيمان بالله واليوم الآخر وبين التكذيب بهما. أما أحاديث النبى عليه السلام فليس فيها أدنى مخالفة للقرآن، إذ هى تشرحه أو تطبقه على الوقائع اليومية الجزئية أو تستخلص منه الحكم الفردى…إلخ، فكيف يتصور عاقل أن الرسول أو أصحابه أو تابعيهم يمكن أن يخترعوا شيئا يسخط الله ويؤدى إلى زعزعة دينه وكتابه؟ إن مثل هذا الزعم لا يمكن أن يصدر إلا عن خبث شيطانى عريق!
هذا، ولا أريد أن أغادر السخف الذى أفرزته لنا است المارق الغبية مثله والذى يقول فيه: "هناك فرق فى مفاهيم القرآن فيما يخص النبي محمد بين لفظى النبي والرسول. محمد النبي هو شخصه وعلاقاته بمن حوله، لذا يأتى له الأمر باتباع الوحي بصفة النبي "وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا الأحزاب 2" ويأتيه العتاب واللوم بصفة النبي "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ: التحريم 1" ويأتى الحديث عن علاقاته بمن حوله بصفة النبي"، "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا: الأحزاب 28"، "يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا: الأحزاب 30"، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ: الأحزاب 53" أما محمد الرسول، فهو عندما يبلغ الرسالة. وبعد موت النبي وتبليغ الرسالة كاملة، فإن الرسول هو القرآن وحده، نفهم هذا من قوله تعالى "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا: النساء 100"، "وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ: آل عمران 101"، "أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا* رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
(يُتْبَعُ)
(/)
فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا: الطلاق 10 - 11"، بل أن كلمة الرسول قد تأتى بمعنى كلام الله أى صفة من صفاته، ويستحيل أن يكون مقصودا منها النبي محمد، نفهم هذا من قوله تعالى " لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً: الفتح 9"، إن المطاع فى قوله تعالى "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، هو واحد، وهو الله تعالى فى كتابه الذى بلغه الرسول فى حياته، وذلك فإن الضمير يعود بصيغة المفرد فى قوله تعالى "وإذا دُعُوا الى الله ورسوله ليَحْكُم بينهم: النور 48" لم يقل عن الله ورسوله "ليحكما بينهما" لأن التحاكم هو للرسالة، للقرآن"، أقول إننى لا أريد أن أغادر ذلك السخف المقزز الذى مر آنفًا دون أن أكرّ عليه وأنسفه نسفا حتى يتبين تمام التبيُّن خيط الحقيقة الأبيض الناصع من خيط الباطل الأسود القطران.
وإذن فباسم الله نبدأ، وعليه نتوكل، وبه نستعين فنقول: هل وردت كلمة "الرسول" فى الآيات التالية فى سياق الكلام عن تبليغه صلى الله عليه وسلم رسالته: "آمن الرسول بما أُنْزِل إليه من ربه والمؤمنون" (البقرة/ 285)، "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" (النساء/ 59)، "فإن تنازعتم فى شىء فرُدّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" (النساء/ 59)، "يا أيها الرسول، لا يَحْزُنْك الذين يسارعون فى الكفر من الذين قالوا: "آمنّا" بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم" (المائدة/ 41)، "يسألونك عن الأنفال. قل: الأنفال لله والرسول" (الأنفال/ 1)، يا أيها الذين آمنوا، لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" (الأنفال/ 27)، "والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم" (التوبة/ 61)، "لكنِ الرسولُ والذين آمنوا معه جاهَدوا بأموالهم وأنفسهم" (التوبة/ 88)، "إن الذين يَغُضّون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى" (الحجرات/ 3)، "إذا ناجيتم الرسول فقدِّموا بين يَدَىْ نجواكم صدقة" (المجادلة/ 12) ... إلخ؟ إن سياقها، على العكس من ذلك، يدور حول العلاقة بينه عليه والسلام وبين المؤمنين من حوله، وهو السياق الذى يقول التابع لأمريكا يا ويكا إنه لا يأتى إلا مع كلمة "النبى"! كما ورد عتابه صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى بشأن تحرّجه من الزواج من بنت عمته زينب بنت جحش بعد تطليق زيد لها: "وتخشى الناسَ، والله أَحَقُّ أن تخشاه" (الأحزاب/ 36) فى سياقٍ سبق أن تكررت فيه كلمة "الرسول" سبع مرات. وبالمثل فإن قوله عزَّ شأنه: "وزُلْزِلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله؟ " (البقرة/ 214) لا يخلو من رائحة عتاب! أما التبليغ الذى يزعم البكاش أنه لا يأتى إلا مع كلمة "الرسول" فها هى ذى بعض الآيات القرآنية التى تثبت أنه يأتى مع كلمة "النبى" أكثر مما يأتى مع كلمة "الرسول": "يا أيها النبى، قل لمن فى أيديكم من الأسرى: إن يعلم اللهُ فى قلوبكم خيرا يُؤْتِكم خيرا مما أُخِذ منكم ويغفر لكم، والله غفور رحيم" (الأنفال/ 70)، "يا أيها النبى، قل لأزواجك: إن كنتنّ تُرِدْن الحياة الدنيا وزينتها فتعالَيْنَ أمتِّعْكُنّ وأُسرِّحْكُنّ سَراحًا جميلا* وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدّ للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا" (الأحزاب/ 30)، "يا أيها النبى، قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِين عليهن من جلابيبهن. ذلك أَدْنَى أن يُعْرَفْن فلا يُؤْذَيْنَ، وكان الله غفورا رحيما" (الأحزاب/ 59). فهذا كله أمر من الله لرسوله بتبليغ ما أنزله إليه من وحى، وليس كما ظن الجاهل من أن الآية 30 من سورة "الأحزاب" إنما تتناول علاقته بمن حوله.
أما ادعاؤه الجاهل بأن كلمة "الرسول" قد تطلق على كتاب الله كما فى قوله تعالى: "أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا* رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ
(يُتْبَعُ)
(/)
أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا: الطلاق 10 - 11" فهو كلام لا يستحق عنت الرد عليه، اللهم إلا لتنبيه من لا يدرى أن هذا الكائن جاهل جهلا مغلظا وأنه لا يعرف فى العلم إلا التشادقات المغثية للمعدة، وإلا فكيف يقول الله عن القرآن إنه "يتلو عليكم آيات الله مبيِّنات"؟ هل يعقل أن يتلو القرآن ما فيه من الآيات؟ أفتونى يا سادة يا كرام بشأن هذا القىء الذى يسلحه هذا الجاهل من فمه! ومثل ذلك زعمه أن كلمة "الرسول" قد تأتى بمعنى كلام الله، أى صفة من صفاته، ويستحيل أن يكون مقصودا منها النبي محمد، كما فى قوله تعالى: " لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً: الفتح 9". ترى هل يمكننا مثلا أن نسبِّح كلام الله؟ إن المقصود هو الإيمان بالله ورسوله، وكذلك تعزير الله وتوقيره وتسبيحه. وقد تكررت الآيات التى يتقدم فيها ذكر شخصين أو شيئين ثم لا يعود الضمير بعد ذلك إلا على واحد فقط، مثل: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشِّرْهم بعذابٍ أليم" (التوبة/ 34)، "وإذا رَأَوْا تجارةً أو لَهْوًا انفضّوا إليها وتركوك قائما" (الجمعة/ 11)، "فلا يُخْرِجَنّكما من الجنة فتَشْقَى" (طه/ 117)، وعلى ذلك فلا مشكلة هنا، ولا موضع أيضا لحذلقات الغباء الماسخة التى يظن صاحبها أنه أتى بالذئب من ذيله!
وبعد، فأود أن أختم دراستى هذه ببعض الخطوط البارزة فى شخصية الدكتور أحمد صبحى منصور مأخوذة من كتاباته هو: إنه يدعو إلى الاستعانة بالتدخل الأجنبى، رافضا فى ذات الوقت أى حل تقدمه المعارضة الوطنية (وبالذات الإسلامية، التى يتهمها دون سائر طيوف المعارضة بأنها تسعى إلى الحكم بالأساليب الدموية التى ستدمر الوطن كله فلا تبقى منه شيئا)، اللهم إلا ما نادى به خالد محيى الدين ("فارس الوطنية المصرية والشيخ الأكبر لليسار المصرى والعربى" كما يلقبه بهذا اللقب الطنطان، الذى لم ينزل الله به من سلطان) من الاستعانة بهذا التدخل حسبما ذكر. والتدخل الأجنبى، كما جاء فى كلامه، هو التدخل الأوربى والأمريكى. وإلى القارئ بعض ما كتبه كويتبنا فى هذا الصدد، وهو مأخوذ من مقال بعنوان: "إلى المعارضة المصرية: لا بد من الاستعانة بالأجنبى لمنع الحرب الأهلية القادمة": "ان شعارات الناصرية فى رفض التدخل الاجنبى لم تعد تلائم العصر الحالى. الاستعمار القديم انتهى، بل وقد ثبت لدينا بالدليل العملى ان ذلك الاستعمار أفضل وأكثر تحضرا وشفقة من الاستبداد المحلى الحالى الذى أضاع البلاد والعباد. لم يعد مستساغا ان يتخفى حاكم فرد خلف شعار الوطنية ليستأثر وحده بالوطن ويكون الشعب كله أسيرا فى قبضته ويقوم فيهم بدور الاله يعز من يشاء ويعذب من يشاء، فاذا تدخل المجتمع الدولى للدفاع عن حقوق الانسان او لطلب الاصلاح السياسى والديمقراطية هب ذلك الفرد يرفض ذلك معتبرا دعوة العدل والاصلاح تدخلا فى الشئون الداخلية لا ترتضيه العزة الوطنية والقومية. لقد آن لهذا الغباء أن ينتهى من عقولنا. ان عصرنا الجديد هو عصر القرية العالمية الواحدة التى تم الغاء المكان والزمان فيها، والتى أصبح فيها الفرد العادى مستحقا للتمتع بكل حقوق الانسان ومتمتعا بحماية المجتمع الدولى الذى جعلته ثورة الاتصالات شاهدا على كل ما يحدث فى العالم من انتهاكات. شعارات الناصرية والقومية والسلفية الوهابية لم تعد تتفق وعصر حقوق الانسان الفرد الذى يجب على الحكومات ان تعمل لخدمته ورفاهيته لا لتسلبه كرامته وحقوقه. لا بد للمعارضة المصرية ان تعايش العصر و لا بد لها أن تتخلص من ذلك التراث الماضوى وتخاطب المجتمع الدولى تطالبه بالتدخل الفورى السريع لانقاذ مصر وحضارتها وسكانها من حرب أهلية قادمة لن تبقى ولن تذر. اذا أصر شيوخ الناصرية واليسار والسلفية السياسية والدينية على رفض التدخل الأجنبى حرصا منهم على ثقافة بالية فليتذكروا ان فارس الوطنية المصرية والشيخ الأكبر لليسار المصرى والعربى الاستاذ خالد محيى الدين لا يرى بأسا فى التدخل الاجنبى الايجابى لاقرار الحق والعدل".
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو يؤكد أن جميع الدول الإسلامية التى تعاقبت على حكم مصر قد اضطهدت الأقباط اضطهادا شنيعا، ومن ثم نراه يستفز الأقباط إلى أن يهبّوا ويدفعوا عن أنفسهم هذا الظلم المستمر، واصفًا إياهم بـ"المسلمين والمؤمنين" فى الوقت الذى يلحّ هو وكل أتباع رشاد خليفة على وَصْمنا نحن المسلمين جميعا بالشرك والكفر بدءا من الصحابة حتى يومنا هذا وما بعده إلى ما شاء الله: "الأقباط بالذات- نراهم من خلال تاريخهم الطويل أكثر الناس تعرضاً للاضطهاد والصبر عليه، منذ اضطهاد الرومان فى حكم دقلديانوس وكراكلا، إلى الاضطهاد فى فترات مختلفة فى العصور الأموية والعباسية والمملوكية، ولا نقول العصور الإسلامية لأن الإسلام يرفض الظلم. كان الأقباط- ولا يزالون- يتحملون الاضطهاد ما استطاعوا، وورثوا حتى الآن صبراً على المكاره يدفعهم إلى المزيد من السلبية والسكون والمغالاة فى الحذر وتوقع الخطر وطلب الأمن والأمان بأى وسيلة. وذلك يجعلهم أكثر من غيرهم من المسلمين المصريين استحقاقاً لمعنى الإيمان الظاهرى، أى الأمن والأمان، وبالتالى فإن المعتدى عليهم يكون بنفس القدر أبعد الناس عن الإيمان بمعناه الظاهرى ومعناه الاعتقادى أيضاً حيث يخالف تعاليم القرآن الكريم التى سنتعرض لها فى حينها ... والأقباط المصريون بالذات أكثر المصريين إيثاراً للسلام والمسالمة والأمن والأمان وهم بذلك أحق البشر جميعاً بوصف الإسلام بمعنى السلام والمسالمة وبوصف الإيمان بمعنى الأمن والأمان".
وهو يقف دائما وأبدا فى خندق أمريكا، ولا يحب إلا سعد الدين إبراهيم وفرج فودة والعفيف الأخضر وعلى سالم (الذى لم يجد من يدعوه إلى الترشُّح لمنصب رئاسة الجمهورية سواه! ولا حول ولا قوة إلا بالله!) وأحمد البغدادى وأمينة ودود (السحاقية التى أمَّتْ منذ وقت قريب بعض من يدعى الإسلام من الرجال والنساء فى صلاة الجمعة بتخطيط من أمريكا داخل إحدى الكنائس) وكذلك مجدى خليل (وما أدراك ما مجدى خليل؟)، ولا يثنى على أحد إلا عليهم، ولا يخطئ مرة واحدة فيكف لسانه عن المسلمين بما فيهم الصحابة والتابعون والفقهاء والمفسرون وعلماء الحديث أجمعين، بله أن يقول كلمة طيبة فى أى مسلم يحب دينه! ومقالاه فى أبى بكر وعمر رضى الله عنهما اللذين رسم لهما فيهما صورة كريهة بشعة، فلم يترك فى الفاروق شيئا طيبا على الإطلاق إلا بدّل حسنه سوءا واصما إياه بكل عار ومنقصة وتعصب واستبداد وانغلاق ذهن، كما ادعى على الصِّدّيق أنه كانت له حدبة فى ظهره، هذان المقالان متاحان لمن يريد على موقعه فى المشباك! وأجتزئ بالفقرة التالية التى يمدح فيها مجدى خليل (وهو من غلاة المتعصبة من أقباط المهجر الذين يَرَوْن فى الحقبة الإسلامية من تاريخ أرض الكنانة جملة اعتراضية خاطئة ينبغى حذفها من الكلام حتى تستقيم الأمور، ومن ثم فإنهم يدعون المسلمين إلى العودة إلى دين أجدادهم كما يقولون ليصبحوا مثلّثين مصلّبين عابدين بشرا مخلوقا ضعيفا مثلهم ويتخَلَّوْا عن دين التوحيد الكريم ويهدموا مساجدهم ويبنوا مكانها كنائس)، قائلا إنه هو وسعد الدين إبراهيم الوحيدان اللذان يعاونانه على بناء مسجد له ولأمثاله من حواريِّى الرسول الأفّاق رشاد خليفة: "قضيت عشرين عاما فى مصر أبشِّر فيها بالاسلام الحقيقى القرآنى الذى كان عليه خاتم النبيين، وعانيت فيها من مطاردة الجاهلين، تركت لهم جامعة الأزهر فظلوا ورائى من مسجد الى مسجد يطاردوننى فانقطعت فى بيتى اصلى مع أهلى فعوقب بعض اهلى بالاعتقال والتعذيب لأنهم يصلون معى داخل بيتى، فانقطعت عن الذهاب الى بلدى وبيتى. أى أخرجونى من بيتى الذى بنيته فى قريتى ليكون بيتا ومسجدا. جئت الى أمريكا بلد الحرية الدينية فوجدت المتطرفين قد سبقونى فى التحكم فى المساجد ووجدت نفسى فى نفس العزلة التى تعودت عليها. ولكن لا يزال السؤال المؤلم يلح على عقلى: ألا يوجد لله تعالى مسجد حقيقى يمكن أن نذكر فيه اسم الله تعالى وحده ونبشر فيه بالقيم الاسلامية المنسية من العدل والسلام والتسامح والحرية وحقوق الانسان والديمقراطية، تلك الحقوق التى سبق بها القرآن العالم الحديث منذ 14 قرنا؟ ألا يمكن أن يوجد مثل هذا المسجد الاسلامى الحقيقى فى أمريكا بلد الحرية والديمفراطية والتسامح وحقوق الانسان؟ ظل هذا السؤال يلح فى عقلى الى أن شجعنى
(يُتْبَعُ)
(/)
على البوح به لقرائى صديقى الدكتور سعد الدين ابراهيم– رفيق النضال والكفاح ضد الطغيان فى جلسة فى بيتى فى مدينة الاسكندرية مقاطعة فرجينيا الامريكية – كان معنا الكاتب الصحفى الصديق مجدى خليل أخذنا نستعيد فيها ذكريات الماضى وآمال المستقبل. تحدثت عن اضطرارى للصلاة فى بيتى وشكاوى القراء المسلمين المتنورين فى أمريكا من تخلف خطباء المساجد وجهلهم والصورة السيئة التى يقدمونها عن الاسلام. أخذَنا الحديث الى ضرورة وجود مسجد يتعلم فيه المسلمون الاسلام الحقيقى البعيد عن التطرف وثقافة الارهاب والذى يمكن أن تنبت فيه نواة لمدرسة يتعلم فيها أئمة يبشرون بالاسلام الحقيقى بين المسلمين ليثبتوا للغرب التناقض بين الاسلام والتطرف. اقترح الدكتور سعد الدين ابراهيم أن أتوجه بهذه الفكرة الى القراء المسلمين فى كل مكان طالبا الرأى والمشورة، وهأنذا أفعل. ما رأيك عزيزى القارىء فى أن نقيم مسجدا فى مقاطعة الأسكندرية فى ولاية فرجينيا يكون قلعة للدفاع عن التعاليم الحقيقية المنسية للقرآن الحكيم وليكون فيه مدرسة يتعلم فيها ويتخرج أئمة مسلمون يواكبون العصر– عصر الديمقراطية وحقوق الانسان؟ تعضيدكم لهذه الفكرة يمكن ان ينقلها الى حيز الامكان، وانا فى انتظار رسائلكم".
وهو يرى أن من حق أمريكا، حفاظا منها على مصالحها، أن تفعل بنا وبالدنيا ما تشاء، وفى ذات الوقت ينتقد المسلمين الأوائل لفتحهم البلاد ونشرهم التوحيد بدل التثليث والثنوية والوثنية، كما يدعى على المسلمين الحاليين المزاعم القاتلة متهما إياهم بالإرهاب واضطهاد الأقليات: "الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية عندنا تتعرض لدرجات مختلفة من الاضطهاد ويسرى التعتيم عليها حتى لو وصل الأمر الى ارتكاب المذابح العرقية كما حدث من قبل فى العراق ثم فى دارفور. اذا فشل التعتيم وتدخل الغرب لاقرار العدل وللدفاع عن المظلوم اتهمناه بالتدخل فى شئوننا الداخلية وبالتآمر على العرب والمسلمين. حدث هذا حين تدخلت أمريكا والغرب لاغاثة ضحايا دارفور الأفارقة المسلمين من مذابح أرتكبها فى حقهم (أشقاؤهم العرب المسلمون). بل ان التعتيم قد يصل الى تجاهل دور أمريكا والغرب فى حماية مسلمى كوسوفا من الابادة الجماعية على يدى الصرب المسيحيين لأنه لا يصح ان نذكر أى ايجابية لأمريكا والغرب. مقابل هذا التعتيم والتجاهل تنطلق حناجرنا بالصراخ حين ترسل احدى المنظمات الوهابية الأمريكية شكوى كاذبة الى الصحف العربية تشكو من التمييز الذى تزعم وقوعه فى مجتمع المسلمين الأمريكيين. وكم عانى مركز ابن خلدون وصاحبه دكتور سعد الدين ابراهيم حين فتح بصراحة ملف الأقليات فى الوطن العربى مطالبا باعطائهم حقوقهم بالمساواة والعدل، فتعرض لاضطهاد وأغتيال معنوى للشخصية شارك فيه مثقفو الاستبداد والاستعباد من دعاة القومية العربية وفكر الستينيات العظيم الى دعاة السلفية الوهابية السياسية مع ذيول الحاكم المستبد القائم. أولئك جميعا هم الذين تزدهر بهم ثقافة العبيد.
ان ثقافة العبيد هى عملة رديئة لها وجهان: الأول الخنوع للقريب الظالم واستعذاب ظلمه سواء كان أخا أو أبا أو حاكما، والوجه الثانى هو كراهية الآخر اى الأجنبى لمجرد انه أجنبى مختلف عنا. الأجنبى يبدأ بالمختلف معنا فى الداخل– المختلف دينيا ومذهبيا وعرقيا ولغويا، ثم يمتد ويتضخم ليشمل الأجنبى الغريب فى الخارج. كلما زادت الفوارق بيننا وبين الأجنبى وزادت قوته وازداد احتكاكه بنا ازددنا عداء له مهما فعل من خير لنا. ينطبق هذا على الغرب وأمريكا بالذات، فاذا قدمت أمريكا خيرا فهى مؤامرة، واذا تصرفت أمريكا وفقا لمصلحة شعبها– وهذا هو واجب أى حكومة فى العالم باستثناء حكوماتنا المقدسة- اشتعل الهجوم علي الرئيس الأمريكى لأنه لا يعمل لمصلحة الشعوب العربية كما لو كان رئيسا للولايات المتحدة العربية وليس الامريكية. فى نفس الوقت فان الحاكم المستبد المحلى يرتكب ما يشاء من جرائم ويجد من يدافع عنه ويمجده ويفسر كل خيباته الثقيلة فى ضوء التآمر الامريكى والاسرائيلى. ولو راجعت الأمثلة الشعبية السابقة لوجدتها تنطبق على هذه الحالة المرضية. فضرب الحاكم لنا شرف ومثل أكل الزبيب ونحن نبلع له الزلط بينما نتمنى لأمريكا الغلط، فاذا خيبت امريكا أملنا ولم تغلط بادرنا نحن بالغلط فيها لكى
(يُتْبَعُ)
(/)
نفرغ فيها احباطنا وعجزنا وفشلنا وقهرنا. لا نستطيع ان نقدر على الحمار- هل عرفت المقصود به الآن ياصاحبى– اذن علينا بالبردعة لأنها لن ترد ولن تنهق ولن ترفس مثل الحمار".
وهو يردد هذه الفكرة المجرمة الخطيرة فى مقال له آخر يهاجم فيه الأستاذ فهمى هويدى، الذى فضح علاقته بأمريكا فرد عليه قائلا: " يستشهد هويدي باختطاف أمريكا بعض الذين لهم صلة بمنظمة القاعدة واستجوابهم حول معلومات عن القاعدة، ويتخذ من ذلك ذريعة لاتهام امريكا بانتهاك حقوق الانسان. انه ينقل هذه المعلومات عمن يدافع عن حقوق اولئك المختطفين وهي المنظمة الامريكية Rights Watch Human، كما ينسى ان أمريكا فى حالة حرب معلنة جديدة فى نوعها يستخدم فيها الارهابيون الفكر الدينى لتحويل الشباب البرىء الى قنابل متحركة تنفجر فى أى زمان وفى أى مكان. وهى أمام هذا الخطر المجهول غير المرئى ملزمة بالدفاع عن أمنها فى الداخل، خصوصا وأن المتطرفين يسيطرون على أكثر من ألف مسجد على التراب الأمريكي يقومون فيها بغسيل مخ الشباب المسلم بتحويلهم الى "استشهاديين ". والذين يحتجون على امريكا هم الأمريكيون انفسهم مع أن ما تقوم به أمريكا هو أمر مشروع فى حالة الحرب، أما غير المشروع فهو ما يقوم به الاستبداد العربي والتيار المتطرف من اضطهاد وقتل واخفاء قسري للمفكرين المسالمين الداعين للاصلاح. ويقف فهمي هويدي بقلمه ضد أولئك المصلحين بل ويمهد بقلمه بالتحريض ضد مفكرين مسالمين لا يملكون حولا ولا قوة.
ويتحدث بعدها عما يسميه بالاستقواء الأمريكي الذى يسعى للهيمنة على العالم. على أنه ليس عيبا على أى دولة أن تسعى للاستقواء والتمكين بل العيب أن تكون أى دولة فى خيبتنا القوية!! أمريكا الآن هى أكبر قوة فى العالم وليس عيبا أن تحافظ على مكانتها. وقد سبقها فى احتلال مركز القوة الأولى فى العالم امبراطوريات من الفراعنة والفرس والرومان والعرب والانجليز ولم يقل أحد ان هذا الاستقواء عيب فى حد ذاته، ولا زلنا نفخر بالاستقواء العربى الذى كان فى عهد الامويين والعباسيين والعثمانيين. انما يأتي العيب حين يستخدم الاستقواء لاستعباد الآخرين كما حدث من كل الامبراطوريات السابقة على أمريكا ومنهم العرب المسلمون. أمريكا بعد ان صارت القوة الأولى فى العالم لم تمارس نفس ما ارتكبته الامبراطوريات السابقة من احتلال واستعباد. قبلها عاشت أمريكا منعزلة وفق مبدأ مونروا بعيدة عن تقاتل أوروبا حول المستعمرات، ثم دخلت الحربين العالميتين للدفاع عن الديمقراطية، ثم دخلت فى حرب باردة مع الاتحاد السوفيتي أيضا للدفاع عن الديمقراطية والحرية، وسقط الاتحاد السوفيتي ليظهر التيار السلفى عدوا للحرية مخترعا نوعية جديدة من الحرب الفكرية التدميرية، وبدأ هذا التيار بالاعتداء على أمريكا فى عقر دارها فاضطرها الى الدخول فى حرب ضد عدو خفى متحرك متنقل من المتعذر تحديده أو حصاره. أثناء دفاعها عن الديمقراطية ساندت أمريكا الشعوب الواقعة تحت الطغيان النازى (فى أوربا) والطغيان الياباني (الفلبين) والطغيان السوفيتى الشيوعي (أوربا الشرقية وكوريا الجنوبية وفيتنام الجنوبية وأفغانستان)، وحررت الكويت المحتلة من صدام، ثم قامت بتحربر الشعب العراقي منه أيضا، وهى الآن تدعو المستبدين العرب الى الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي سلما لتفادى الحروب الأهلية والتدخل الأجنبى وتعلن رسميا أنها لن تفرض ديمقراطية من الخارج على العرب، الا أن الاستبداد العربى يرفض الاصلاح السلمى الداخلى. ونجد فهمى هويدي ينقم على أمريكا هذا التدخل الاصلاحي ويعتبره من لوازم التمكين".
وهو يدافع عن إسرائيل ويتهم الأبطال الاستشهاديين بأنهم انتحاريون يجلبون على أنفسهم سخط الله جراء تفجيرهم لأجسادهم فى الصهاينة المجرمين، ويرى أن لإسرائيل الحق كل الحق فى البقاء، وأن العيب فينا نحن، وأننا نعلق فشلنا وخيبتنا وتخلفنا على شماعة إسرائيل البريئة المسكينة التى يهددها الفلسطينيون الإرهابيون المتوحشون أعداء الحياة والتقدم والحضارة. ويجد القارئ هذا الكلام الرهيب فى مقال بعنوان: "العملية الانتحارية الأخيرة فى اسرائيل ودلالاتها" كتبه فى 27/ 2/ 2005م، وهذا نصه كاملا:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان هناك تقدم ايجابى فى العملية السلمية على المستوى الرسمى حدث فى قمة شرم الشيخ الأخيرة، ومن الممكن أن تفرز الاتفاقات الرسمية تقدما أكثر فى المستقبل القريب، ولكن قد تظل الجماهير العربية– المعنية أساسا بالتعايش السلمى– بعيدة عما يجرى منساقة الى تيار الرفض للسلام، الأمر الذى لن يخدم عملية السلام والتعايش السلمى. السبب يرجع الى عاملين اساسيين: الأنظمة العربية المكروهة شعبيا، والمعارضة الأصولية الارهابية. والجماهير العربية ضحية لهاتين القوتين المتنازعتين. هاتان القوتان المتنازعتان اتفقتا على تكريس الصورة النمطية لأسرائيل فى ذهنية الجماهير العربية والاسلامية بحيث تصبح اسرائيل هى العدو الوحيد لكل العرب والمسلمين والذى لا سبيل للتعامل معه الا بالعنف والارهاب على اساس ان الصراع هو صراع وجود وليس صراع حدود.
النظم الاستبدادية التى ترعى عملية السلام– وقتيا الآن– هى التى تلحق ابلغ الضرر باسرائيل على المدى المستقبلى. انها تشترى بقاءها فى السلطة عن طريق لعبتين متناقضتين، الأولى موجهة لأمريكا والغرب واسرائيل، عن طريق الاسهام فى اتفاقات السلام المرحلى بين اسرائيل والفلسطينيين لتكون لصالح الأمن الاسرائيلى فى المدى القريب المنظور. وبذلك تسترضى تللك النظم أمريكا والغرب واسرائيل، وتفلت من مطالب الاصلاح الديمقراطى وتداول السلطة. الثانية: وهى الأخطر والسياسة المستمرة والمستقرة لتلك الأنظمة منذ 1952. هى توجيه غضب الجماهير ونقمتها واحباطها نحو اسرائيل باعتبارها العدو الذى يجب ان نوحد صفوفنا تجاهه، والعدو الذى يهدد مستقبلنا والذى لا يكف عن التآمر علينا، والذى هو سبب كل النكبات التى تحيق بنا. وعلى تلك الشماعة يتم تعليق كل الاصلاحات وتأجيل كل الاستحقاقات، ويتم تفسير كل الفشل فى ضوء التآمر الأسرائيلى والغربى والأمريكى. وهكذا بدلا من ان يتوجه الغضب الشعبى والاحباط نحو العدو الحقيقى الذى اضاع الحقوق وخرب البلاد وقتل الأبرياء– وهو نظام الحكم المستبد– فان ذلك الغضب يتوجه نحو اسرائيل. وحتى اذا اضطر المستبد الى المشاركة فى عملية سلام تتناقض مع العداء الذى يؤججه ضد اسرائيل فانه لا يهتم بتبرير ذلك للجماهير كى تظل الكراهية لأسرائيل هى العقيدة الحاكمة.
المعارضة الأصولية المتطرفة الأرهابية تشارك نظم الحكم فى استغلال اسرائيل عدوا يجب ان تتوحد الأمة على حربه، الا أن للمتطرفين اسبابهم الأخرى الدينية، فالعالم عندهم ينقسم الى معسكرين: معسكر الايمان، وهو معسكرهم وحدهم، ثم معسكر الكفرالذى تقبع اسرائيل واليهود فى أحط درجاته. واذا كان الجهاد واجبا ضد المسيحيين فى الغرب وامريكا فهو أثر قدسية والحاحا ضد الدولة الاسرائيلية، وهى المعركة المقدسة التى ستحدث فى نهاية العالم للقضاءعلى كل اليهود حسب ما يؤكدونه فى أدبياتهم. ويعتقدون انه لا مفر منها ويستعدون لها بتجذير الكراهية لاسرائيل وكل ما هو يهودى.
هذه هى الثقافة التى تربينا عليها فى الصغر، ثم صارت أشد قوة مع تعاظم المد السلفى الوهابى ومع تكاثر المساجد والمدارس والجامعات والجمعيات والصحافة العادية والاليكترونية والقنوات الفضائية. هذه الثقافة وجدت أنصارا لها بين القوى السياسية الأخرى من اليساريين والقوميين والفاشيين الوطنيين. كلهم تحالفوا بغير عهد مكتوب على حشد كل البغضاء ناحية اسرائيل وأمريكا لأنحيازها لأسرائيل. وفى ظل هذا العداء المترسخ لن تساوى تلك الانفاقات الرسمية شيئا، وهذا ما يعرفه المستبدون الذين ساهموا فى انجاحها ليخدعوا اسرائيل بمكسب وقتى بينما هم قد حفروا لها فى المستقبل الغاما تنسف امكانية التعايش السلمى بين العرب واليهود وتجهز لحروب قادمة. هذه الألغام سيكون ضحيتها عشرات الألوف من الأبرياء على الجانبين. هناك العشرات من الضحايا الذين يفجرون انفسهم املا فى مستقبل افضل فى الجنة حسبما أقنعهم شيوخهم– وتلك الجنةهى الأمل الباقى لديهم بعد ان أفقدهم الأستبداد والفساد كل حلم أوأمل فى الحصول على حقوقهم الأنسانية فى هذه الدنيا. الضحايا تجدهم فى عشرات الشباب الأبله من طلبة الجامعات الذى يدفعه التحريض الاعلامى المتواصل ضد اسرائيل فيتسلل الى اسرائيل لكى يجاهد أو يموت وهو لا يدرى شيئا عن القتال والدفاع. انهم مجرد شباب غض شاء سوء حظه أن يكون
(يُتْبَعُ)
(/)
مصريا فى هذا العصر الكئيب. وهى ظاهرة مدمرة ومرشحة للتكرار طالما بقى الحال على ما هو عليه. ولكن فى المرات القادمة قد يكونون أكثر مهارة وخبرة وكفاءة واستعدادا بحيث يفلتون ويقتلون ابرياء اسرائيليين. الضحايا ايضا من اليهود الاسرائيليين المدنيين صرعى العمليات الانتحارية التى جعلوها استشهادية. ان تلك العمليات الانتحارية هى سلاح اولئك الضعاف الضحايا العرب والمسلمين، وبدلا من أن يتوجه الكفاح ضد المستبد وهو العدو الحقيقى الذى افقرهم وعذبهم وأذلهم وصادر حقوقهم فانه بغسيل المخ يتوجه نحو اسرائيل فى ظل أكبر حملة دعائية استمرت لأكثر من خمسين عاما تحاصر العقل العربى المسلم من طفولته الى كهولته تدفعه دفعا الى كراهية كل ما هو اسرائيلى ويهودى. والشباب العربى المسلم هم الضحية.
فى أى بلد فى العالم تجد الشباب عنوان الاقبال على الحياة والتفتح والانفتاح على المستقبل لأنه المستقبل. أما فى مصر والشرق الأوسط تجد الشباب منغلقا مشدودا للماضى يفكر فى الموت اكثر من الحياة، يريد أن يرحل الى الجنة مفجرا نفسه ومعه "بعض الكفرة" ليدخلهم النار ليتمتع هو بالحور العين فى الجنة بعد أن فقد أمله فى الزواج والعمل والسكن. المشكلة أن عدد الشباب هو الأضخم فى نسبة السكان واذا كانوا سيظلون بهذه العقلية المريضة الانتحارية فسينجح التخطيط الجهنمى للمستبدين العرب الذين قرروا تأجيل المعركة النهائية مع اسرائيل للأجيال القادمة مقابل أن يتمتعوا هم وحدهم باحتكار السلطة والثروة فى هذا الجيل. أذن فالمستقبل يحمل مخاطرجدية لعمليات انتحارية مقبلة طالما ظلت الثقافة التراثية السلفية سائدة يعززها الأستبداد والفساد. والعمليات الانتحارية سلاح فتاك لا تعرف متى وأين وكيف يضرب. ولا سبيل لمواجهة هذا السلاح الا بسلاح فكرى عقلى اسلامى من داخل الثقافة الاسلامية ذاتها ليعرف كيف يخاطبها ويقنعها.
المحصلة النهائية أن تلك الانفاقات الرسمية على مستوى القمة لن تجدى شيئا فى اقناع الشباب المطحون والناقم والمأزوم. بل ستتزيدها تفاقما لأن اولئك الحكام المستبدين المكروهين انما يعبرون عن أنفسهم وليس عن شعوبهم وبالتالى فان الكراهية لهم لا بد أن تنعكس على ما أسهموا فى انجازه خصوصا اذا كان الشباب المأزوم يعتبرها "استسلاما مخزيا للعدو الصهيونى" حسب تعبيرهم.
لا بد من الاصلاح الديمقراطى والاصلاح الدينى لتجذير السلام فى الشرق الاوسط والا ستظلون تكتبون اتفاقات رسمية على الماء لن تمنع القادم من أنهار الدماء".
ـ[البحر الرائق]ــــــــ[10 Mar 2006, 02:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و كفى، و سلام على عباده الذين اصطفى،
و بعد
استاذنا الفاضل / د. ابراهيم
جزاك الله خيرا على ما قدمت و ما اوضحت من شبهات هذا الأفاك الأثيم، وجعل ذلك فى ميزان حسناتك، و أنا أبشرك بأن نبتة السوء هذه لم و لن تجد أرضا خصبة فى مصر أرض الكنانة، ومهما أنشأوا من مراكز كمركز ابن خلدون أو غيره فلن يفلحوا، و الله متم نوره و لو كره الكافرون.
لكن لى مؤاخذة على استاذنا و هى بعض الالفاظ التى و ردت فى المقال التى لا تتناسب مع ملتقانا الكريم، و انا أعلم انها خرجت من استاذنا الفاضل من باب التهكم و السخرية بأعداء الاسلام، لكن كنت أتمنى أن يعرض عنها شيخنا تنزيها له و لملتقانا - ملتقى أهل التفسير -عن هذه الالفاظ.
ثم اننى أرى أن هناك منهجية أخرى للتعامل مع مثل هذه المقالات. وهى أن ننقل مقال الخصم كاملا دون تدخل فى نصه ثم نبدأ فى سرد مجمل النقاط ثم نبدأ فى دحض هذه الشبهات واحدة بعد الأخرى.
و أنا أرى ان أحمد صبحى هذا قد كرس همه الأكبر فى هدم السنة و عدم الاعتراف بحجيتها و كونها من مصادر التشريع و الانتقاص الغريب و غير المبرر من شأن النبى صلى الله عليه و سلم، و هذا الأمر الرد عليه أيسر مما يمكن، لكن الأمر الذى يقلق هو انهم يهدمون السنة و يستدلون على هدمها بالقرآن مما قد يجعل من لا حظ لهم من العلم يصدقون هذا الإفك العريض، وهو بذلك يفعل ما فعله الخوارج حيث استدلوا على كفر على بالقرآن و قالوا:إن عليا حكم الرجال فى دين الله، و الله يقول (إن الحكم إلا لله)
و ما نحب ان يتعلمه الناس انه ليس كل من استشهد بالقرآن كلامه صحيح، إذ العبرة بمناطات الدليل و توجيهاته و الاستشهاد به فى محله و ليس مجرد الاستشهاد.
و الغريب أيضا أنهم يستدلون على عدم حجية السنة بالسنة، فيقولون قال رسول الله (من كتب عنى شيئا سوى القرآن فليمحه)
و أستطيع أن أجزم قائلا إن هذه الخطط تسير وفق خطوات منظمة بدأت بالطعن فى السنة بالطعن فى حملة السنة اولا ثم الطعن فى نصوص السنة ليصلوا بعد ذلك إلى الطعن فى القرآن، فمن المؤكد أنهم لا يسعون لتكون الحاكمية للقرآن وحده دون السنة، فهذا و سيلة لا غاية، بل الغاية عندهم هدم الدين برمته و لتكون الحاكمية للبيت الابيض و السى اى ايه و لنقع نحن المسلمين فى نقاشات متعددة فرعية لدرجة أن ننشغل بهذه الحوارات عن مخططهم الرئيسى
اسأل الله أن يعيننى لأكتب مقالا موسعا حول حجية السنة و كونها من الوحى الإلهى.
و فى النهاية أشكر لسيادتكم هذه الغيرة على الاسلام راجيا من الله أن يجعل ذلك فى ميزان حسناتك و أن يجزيك خير الجزاء.
ـــــــــــــــــــــــ
البحر الرائق -أحمد محمود على
ليسانس تربية - قسم اللغة العربية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسري خضر]ــــــــ[27 Apr 2007, 09:23 ص]ـ
جزاك الله خيرا يااستاذنا الجليل علي هذا البحث الرائع وكل ماتقدمونه رائع واسأله سبحانه ان يجعله في حسناتك يوم القيامة
وبارك الله في الأخ البحر الرائق واشكره علي تعقيبه لكنني لست معه في قوله (لكن لي مؤاخذة على أستاذنا و هي بعض الألفاظ التي و ردت فى المقال التي لا تتناسب مع ملتقانا الكريم، و أنا أعلم إنها خرجت من أستاذنا الفاضل من باب التهكم و السخرية بأعداء الإسلام، لكن كنت أتمنى أن يعرض عنها شيخنا تنزيها له و لملتقانا - ملتقى أهل التفسير -عن هذه الألفاظ.
فالشدة في موضعها حكمةوسجاح التي تخرجت في الأزهر ونالت اعلي شهاداته العلمية ممن ضل علي علم وتستحق اكثر واشدمن هذا
كما لا أوافق علي قولك (ثم اننى أرى أن هناك منهجية أخرى للتعامل مع مثل هذه المقالات. وهى أن ننقل مقال الخصم كاملا دون تدخل في نصه)
فقد نقل الدكتور الفاضل ا لنصوص وعزاها إلي مواضعها (وفى هذه الدراسة نتناول ما كتب الدكتور منصور متمثلا فى مقالاته التى يجدها القارئ على موقعه فى المشباك)
وفق الله الجميع
ـ[يسري خضر]ــــــــ[14 Jan 2008, 11:38 ص]ـ
كتب الدكتور المفضال جابر قميحة مقالا عن الدكتور ابراهيم عوض يكشف عن بعض جهوده أحببت ان انقله لقراء الملقي بارك الله فيهم ونصه
(عالم جليل له عشرات من الكتب, ومازال قلمه يجري على الأوراق, فيحولها إلى عالم كبير, وقوة لا تبارى, وكأن الله قد خلقه بألف عين, وألف بصيرة, وظفها كلها للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار, والمثل الإنسانية العليا، ولا أبالغ إذا قلت إنه يجمع في شخصيته بين ملامح كثيرة من موسوعية العقاد, ويقين سيد قطب, ومنطقية محمد الغزالي, ووقاره العقلي, زيادة علي وجدانية صادقة دفاقة، ولأنه جمع كل هذه المآثر, ولأنه عاش ويعيش نظيف القلب واليد واللسان, زهدت فيه وسائل إعلامهم, وهذه الزهادة وسام يشهد له بالعزة والعظمة.
معًا على درب الجهاد بالكلمة
أكتب هذه الإلماعة المقطرة عن الدكتور إبراهيم عوض مع إيماني بأن ضيق المساحة المتاحة لن يسمح لي إلا بأقل القليل مما يجب أن أكتب عن هذا العالم الناقد الجليل:
الدكتور إبراهيم عوض الحاصل على الدكتوراه من جامعة أكسفورد سنة 1982, والأستاذ المرموق في كلية الآداب بجامعة عين شمس, كان أول لقائنا من بضع سنين -على مدى ثلاث ساعات- ومعنا العالم الفاضل الدكتور يحيى إسماعيل, في واحدة من الندوات الشهرية بقاعة "آفاق عربية" لمحاورة "واحد" من أدعياء التجديد في الفقه الإسلامي, واستطاع الدكتور إبراهيم بنظراته الشمولية, وغزارة مادته, وقوة عارضته أن يُقزّم المجدّد الدعيّ, حتى إن معاونه الذي أحضره ليشدّ به أزٍره - وهو أيضا دعيّ تجديد وتنوير- لما أحسّ أنه سيدركه الغرق افتعل الغضب, وغادر القاعة بعد بداية الحوار الملتهب بنصف ساعة, صارخا: أنا لا أستطيع أن أواصل المشاركة تحت سيف "الإرهاب الفكري"، وهي حجة يتذرع بها عتاة "العلمانيين" في الندوات والمناظرات والبرامج حينما يشعرون ببوادر الهزيمة أمام صعقات الحجج القوية, والبراهين الحاسمة.
ومن أحسن ما قرأنا له دراسته الضافية التي ينقض فيها - بعقلانية بصيرة- زيوفات الصحفي الشوباشي الذي قاد مظاهرة خائبة تهتف "بسقوط سيبويه".
وفي هذه الدراسة رأيت في إبراهيم عوض - كما حضرته من قبل- قوة حجة, ونصوع بيان, ووجدانا متوهجا, وغيرة قوية صادقة على الإسلام والعربية.
متزوج .. وعنده أولاد!!
وكأني رأيته وأراه يهز إليه بجذع النخلة فتسَّاقَط عليه توفيقات وتيسيرات وفكرا جنيّا, أو يضرب بقلمه يمنة ويسرة, فيأتي بما يشرح صدور المؤمنين, ويكبت ويكسر كل شرير متربص بالدين.
وأمام قرابة خمسين كتابا أنعم الله عليه بتأليفها يقف الناظر والقارئ والباحث معجبين متعجبين: كيف استطاع هذا الرجل أن يقدم كل هذا العطاء خلال مدة لا تزيد على عشرين عاما?
وكان هذا هو السؤال الذي طرحه عليّ أخي الأستاذ زين العابدين النجار المحامي حينما ألقى نظرة على مكتبتي ووجدها عامرة بكتب الدكتور إبراهيم ثم أردف سائلا:
- الدكتور إبراهيم متزوج?
- نعم .. وعنده أولاد.
- عجيبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الكلمة الأخيرة قرأت سؤالا صامتا في عينيه, مؤداه: فكيف استطاع أن يجمع بين "الانشغالات" الأسٍرية, والاشتغال بالكتابة وإنجاز هذا العدد الكبير من الكتب?
إنها البركة يا صاحبي
أنا لن أقول إنها الموهبة, والثقافة الواسعة, والتمكن من العربية الفصحى, وأكثر من لغة أجنبية فحسب, فهناك كثيرون يملكون كل أولئك, وعُمّروا, ولم نشهد لأحدهم ربع هذا الإنتاج عدّا. ولكني أقول - وكلي يقين- إنها "البركة" يا صاحبي .. البركة التي قد ينعم الله بها على بعض عباده في المال, أو الصحة, أو الوقت .. إلخ كما بارك الله في الأنبياء والرسل والكتاب والذكرٍ, والماء والشجر والبيت الحرام, كما نرى في كثير من الآيات القرآنية, وما أصدق قوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ... } [الأعراف: 96 [.
وبارك الله في بعض الأيام والليالي لخصوصية فيها, ألم تر أن ليلة القدر في ميزان الله - خير من ألف شهر? وأن الله سبحانه وتعالي- قال عنها: {إنَّا أّنزّلًنّاه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} الدخان: 3.
والبركة - كما قال الراغب الأصفهاني في كتابه "المفردات" ( ... هي ثبوت الخير في الشيء على غير المعهود عند الناس, وعلى وجه لا يُحصى ولا يُحصر .. وقد تكون على وجه محسوس أو غير محسوس ... ).
وفي حياتنا اليومية ما يقطع بصحة هذه الحقيقة, فقد يكفى "المبلغ القليل", ويقضي من الحاجات أحيانا ما لا يقضيه ضعفه عدّا, والأمثلة المشهودة الدالة على ذلك في حياتنا أكثر من أن تحصى.
وكاتبنا الدكتور إبراهيم رزقه الله الموهبة والثقافة الواسعة, ورزقه الله نعمة "الصبر الأيوبي" والدقة في التعقب والمتابعة, وبارك الله في أفقه وفكره, فكان قديراً على التعامل بعقلانية نيرة حاسمة مع الآخرين, وبارك الله له في وقته, فاتسع يومه الواحد لإنجاز ما قد يعجز غيره عن إنجازه في شهر أو أشهر.
رصيد ضخم وتنوع موضوعي
ولكن أهم من هذا الكمّ القيمة الموضوعية والفنية, والرؤى الجديدة فيما كتب الدكتور عوض, فعلى سبيل التمثيل لا الحصر قدم في التفسير والدراسات القرآنية: المستشرقون والقرآن- السجع في القرآن - سورة طه .. مصدر القرآن - سورة يوسف - سورة المائدة - القرآن والحديث (مقارنة أسلوبية).
وفي التراجم والنقد وتاريخ الأدب مما قدمه: معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين - المتنبي - لغة المتنبي - المتنبي بإزاء القرن الإسماعيلي - عنترة بن شداد - النابغة الجعدي وشعره - أصول الشعر العربي - مع الجاحظ - المرايا المشوهة - في الشعر الجاهلي - في الشعر الإسلامي والأموي - شعراء عباسيون - فصول من النقد القصصي - نقد القصة في مصر - محمد حسين هيكل - محمد لطفي جمعة - القصاص محمود طاهر لاشين - في الشعر العربي الحديث - أدباء موديرن - دراسات في المسرح - د. محمد مندور.
كما تصدى بعدد من الكتب للذين حاولوا النيل من الإسلام والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم, وأغلب هؤلاء - للأسف- من المأسٍلمين أعداء الإسلام, ومن هذه الكتب: وليمة لأعشاب البحر: بين قيم الإسلام وحرية الإبداع - العار: هتك الأستار عن خفايا كتاب: فترة التكون في حياة الصادق الأمين لخليل عبدالكريم - افتراءات الكاتبة البنجلاديشية: تسليمة نسرين على الإسلام والمسلمين - دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية: أضاليل وأباطيل .. ماذا بعد إعلان سلمان رشدي توبته? دراسة فنية وموضوعية للآيات الشيطانية.
حائط الصد الإسلامي
وأجدني - وأنا أكتب مقالي هذا- أقع أسير أبيات من قصيدة طويلة نظمتها في الشاعر الإسلامي الكبير عمر بهاء الدين الأميري - رحمه الله- ونص الأبيات:
فما اغتربتَ, ولكن ظلَّ مغتربا
من عاش في أرضه عيش الملاعين
حيث الحقيقةُ تاهتٍ في غَيابتهم
وخلفها ألفُ جزار وسكين
لكنما عشتَ همًا ضاريًا نَهمًا
هَمَّ اغتراب, وهمًا من فلسطين
وهمَّ كلًّ شريد مسلم ضربت
به الفجاجَ تلافيقُ السلاطين
أكلما شبَّ جرح في مشارقها
تبيتُ بالمغرب الأقٍصى كمطعون
وتنزف النزفَةَ الحرّى مُبًّرحة
وكنتَ درعا لموجوع ومحزون
والمعروف أن عمر بهاء الدين الأميري عاش العقود الأخيرة من عمره بعيدا عن وطنه, يضرب في فجاج الأرض, يفيض شعره بنبض دينه, وآلام الأمة الإسلامية, داعيا للحق والعدل والحرية. وإلى هذا الفصيل ننسب الدكتور إبراهيم عوض الذي وقف قلمهُ, ونذره لله والدين والرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن ولغته, بعيدا عن الحزبية والتبعية المذهبية والسياسية.
وهو يملك استشعارا قويا, وحساسية مرهفة لكل ما يمس المقدسات التي ذكرناها, كأنه موكل بأعداء الإسلام يصدهم وينقض دعاواهم وافتراءاتهم.
المصدر والطوابع والسمات
وهو في هذا التصدي - كما ألمعت آنفا- يمتح من ثقافة واسعة المدى, بعيدة الأعماق متنوعة الاتجاهات والطوابع, منها القديم, ومنها الحديث. وهو يعتز بعربيته, لذلك يحرص على أن يكون أداؤه التعبيري فصيحا راقيا, وكثيرا ما يحرص على تصويب الأخطاء اللغوية والنحوية التي يقع فيها العادون بكتبهم على الإسلام أو مترجموهم, كما فعل في نقضه كتاب خليل عبدالكريم, وقصة المارقة تسليمة نسرين كما يتسم نقده بالشمولية والاستقصاء- لا للموضوع الأساسي وجزئياته فحسب, بل كل ما يتعلق به ويحيط. ولنكتف بدراسته النقدية لرواية "العار" لتسليمه نسرين:
فهو يستهل دراسته بنقد موضوعي مركّز بمقال كان رجاء النقاش قد نشره في الأهرام واصفا فيه الرواية بالجرأة والشجاعة, وإبراز القيم الإسلامية الإنسانية. كما يأخذ على النقاش تمجيده للترجمة التي قام بها الصحفي عصام زكريا من الإنجليزية إلى العربية "مع أن رجاء النقاش لم يقرأ النص الإنجليزي وهو الأصل". ولم يكتف الدكتور عوض بذلك بل رجع هو إلى الأصل الإنجليزي, وتمكن من تسجيل الأخطاء الغزيرة التي وقع فيها المترجم. وكان موضوعيا دقيقا في نقده للرواية, فلم يكتف بإبراز ما فيها من إساءات للإسلام والمسلمين, ولكن تركيزه الأساسي كان على نقد الرواية نقدا فنيا, وهذا النهج يغفله كثير من النقاد الإسلاميين في نقدهم للأعمال الأدبية التي يسيء بها العلمانيون والحداثيون إلى الإسلام, وموروثات الأمة, وقيمها الخلقية)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[14 Jan 2008, 12:39 م]ـ
ما شاء الله ما شاء الله جهد عظيم ومبارك إن شاء الله عز وجل ...
نعم إنها البركة، والهمة والجد والعمل والنشاط .... فالباري عز وجل لا يبارك للكسالى والقاعدين وإنما يبارك للمجاهدين والعاملين ....
جزاكم الله خيراً ....
ـ[الجندى]ــــــــ[15 Jan 2008, 10:52 م]ـ
اللهم بارك فى وقت وعلم وجهد د. إبراهيم عوض وجازه يا ربنا خير الجزاء لنصرته الإسلام(/)
رد على بحث " طريقة قرآنية جديدة لإيجاد أعلى سرعة " c "
ـ[د. محمد الجهني]ــــــــ[22 Oct 2005, 07:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رد على بحث " طريقة قرآنية جديدة لإيجاد أعلى سرعة " c "
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
بين يدي بحثان أصلهما واحد ونتيجتهما واحده. أولهما بحث للدكتور محمد دودح الباحث العلمي في هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بعنوان "سرعة الضوء في القرآن الكريم "
والآخر للأستاذ الدكتور منصور حسب النبي أستاذ الفيزياء بجامعة عين شمس وعنوانه:
A New Astronomical Quranic Method For The Determination Of The Greatest Speed C
وترجمته " طريقة قرآنية فلكية جديده لإيجاد أعلى سرعة سي" وسي ترمز لسرعة الضوء.
وهذا البحث موجود على الانترنت تحت عنوان:
http://islamicity.com/Science/960703A.SHTML
والبحث في أصله للدكتور محمد دودح والذي ورد فيه تقريظات من علماء شرعيين وكونيين كثيرة جداً الى درجة أن شبهه أحد أساتذة الفيزياء بجامعة اكسفورد البريطانية بأنه اكتشاف علمي يضاهي الوريقات التي أقامت الدنيا ولم تقعدها لانشتاين. وقد حقق ما أسماه الباحثان " المعادلة القرآنيه" جمع كبير من العلماء في المملكة وموسكو ومصر وبريطانيا وعقدت ندوات مختلفه داخل المملكة وخارجها لتحقيقها من الناحية الفيزيائية والرياضية والشرعية واللغوية. كما ترجم بحث الدكتور حسب النبي الى عدة لغات.
وفي هذا المقال أتعرض بالنقد العلمي البناء لما ورد في البحثين من أخطاء عقدية ومنطقية وعلمية
يقول الدكتور حسب النبي باختصار شديد:
" من المعروف أن القمر يدور حول الأرض بنفس السرعة التي يدور بها حول نفسه 29.53 يوما. و تسمى هذه الفترة بالشهر الاقتراني الذي يبلغ 29.53 يوما. و لذلك في التقويم القمري الشهري يكون إما 29 يوما أو 30 يوما. لكن يجب الانتباه هنا إلى أن الأرض تدور حول الشمس، و بالتالي فالقمر يدور حول الشمس أيضا نتيجة دورانه حول الأرض. فخلال دوران القمر حول الأرض أثناء الشهر الاقتراني، تكون الأرض (و بالتالي مدار القمر) قد قطعت مسافة في دورانها حول القمر. فموقع القمر بالنسبة للنجوم قد تغير. فالوقت الذي يستغرقه القمر ليعود لنفس مكانه بالسماء (كما يرى من الأرض) يسمى بالشهر الفلكي (27.32 يوم) حيث يعبر عن الوقت الصافي الذي تستغرقه دورة واحدة في مدار القمر. هذا المدار هو دائري تقريبا بمعدل نصف قطر R يساوي 384264 كم. راجع الجدول أدناه (من المهم التفريق بين t و بين T)
الاقتراني الفلكي الفتره
29.53059 يوماً 27.321661يوما=655.71986 ساعةً T الشهر القمري
24 ساعة=86400 ثانية 23ساعة و56 دقيقة و4.0906 ثانية=86164.0906 ثانية t اليوم الأرضي
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} (السجدة). فالله سبحانه وتعالى يتحدث عن بعض الملائكة التي تعرج من السماء إلى الأرض.
والمعلوم أن المقصود من هذه الآية أن هذه الملائكة تعرج من السماء إلى الأرض وتقطع المسافة التي يقطعها القمر في ألف سنة قمرية في يوم واحد (أي أنها تقطع تلك المسافة في يوم يوازي: 12 ألف شهر قمري). والسؤال هنا: ما هي تلك المخلوقات العجيبة؟ وما هي السرعة التي يمكن أن تصل إليها حتى تتمكن من تلك الخاصية المدهشة؟
هدفنا الآن: أن نحسب المسافة الفلكية الحقيقية التي يقطعها القمر خلال ألف سنة (2) أن نحسب السرعة اللازمة لنقطع هذه المسافة خلال يوم واحد فقط عن طريق القاعدة البسيطة: السرعة تساوي المسافة على الزمن لفهم تلك الآية فهماً صحيحاً، دعونا نتحدث عن معادلة مهمة:
قلنا إن مسافة الألف سنة هي طول المسار الذي يقطعه القمر في خلال 12000 شهر، أي أن:
C*t= 12000 L المعادلة الأولى
حيث C هي سرعة الملائكة، و t هو الزمن الذي يستغرقه القمر في دورة فلكية واحدة حول الأرض و هو كما ذكرنا من قبل (23 ساعة و 56 دقيقة و 4.0906 ثانية) أي: 86164.0906 ثانية.
و L هي المسافة التي يقطها القمر في دورانه في شهر فلكي واحد حول الأرض دون الأخذ بالاعتبار دوران الأرض (و بالتالي مدار القمر) حول الشمس.
(يُتْبَعُ)
(/)
دعونا نأخذ V أنها هي السرعة الزاويّة المتوسطة لسرعة القمر في المسار الخاص به، و هي تستنتج من طول نصف القطر المتوسط بين المسار و الأرض فيكون:
V = 2 Pi * R/T
و بالتعويض عن R بـ: 384264 كم .. و T بـ 655.71986 ساعة (و هي فترة الاقتران التي تبلغ 29.53059 يوم أي متوسط الوقت بين مرور قمرين)
فنتج عن ذلك
V= (2*3.1416*384264) / (655.71986) = 3682.07 Km/hr
و هذه القيمة معطاة في كل كتب الفلك و تم مراجعتها و اعتمادها من قبل وكالة ناسا.
و دعونا بذلك نقول إن @ هو الملك يجري حول الشمس وفق قواعد النظام الأرضي-القمري خلال شهر فلكي واحد (27.321661 يوما). فإذا أخذنا بالاعتبار فترة سنة شمسية (365.25636 يوماً) فيمكننا بذلك حساب @
@=27.321661*360/ 365.25636=26.92848
حيث @ هو الثابت الذي يعتمد على زمن الشهر و العام الذي يدور فيه القمر.
و حيث أن وجود الشمس سيغير الخصائص الجاذبية للفضاء و الوقت، يجب أن نعزل تأثير جاذبيتها من على النظام الأرضي-القمري بأن نتجاهل دوران النظام الأرضي-القمري حول الشمس. فإذا اعتبرنا الأرض ثابتة أمكننا أن نطبق القاعدة Vo=Vcos@
لنحسب السرعة الزاويّة الصافية للقمر. و بذلك يمكننا حساب المسافة الخطية التي يقطعها القمر خلال شهر فلكي واحد.
L = V cos @ T المعادلة الثانية
بتعويض المعادلة الثانية في المعادلة الأولى نحصل على:
C =12000 V cos @ T/t
و بتعويض قيم الثوابت من الجدول أعلاه. حيث
cos@ = cos 26.92848 = 0.89157 و
V = 3682.07km/hr نحصل على:
C=12000 x 3682.07 x 0.89157 x 655.71986/86164.0906
C = 299792.5 km/s
و هي السرعة التي تجري بها تلك الملائكة في الكون و هي مطابقة تماما لسرعة الضوء التي تعتبر أقصى سرعة يمكن أن تبلغها الأجسام الكونية التي نعرفها حتى الآن. و هذا الحساب يتعلق بدقة الأرقام التي نعلمها عن مدة دوران القمر حول الأرض" انتهى كلامه.
وما أعتقده هنا أن نية الباحثين الكريمين صادقة بإذن الله إلاً أن صدق النوايا لا يبرر السكوت عما ورد في هذين البحثين من أخطاء كبيرة. أرجو أن يتقبل الباحثان والمحققون للمعادلة القرآنية ما أورده من نقد برحابة صدر المسلم الصادق الذي ضالته الحق, ويتلخص نقدي باختصار فيما يلي:
- الإشكالية العقدية الأولى:
ذكر الباحث أن الأمر الكوني يسير بسرعة الضوء فإذا علمنا أن ضوء الشمس يستغرق أكثر من ثمان دقائق بقليل حتى يصل إلى الأرض بل إن ضوء القمر وهو أقرب إلينا يستغرق أكثر من ثانيتين فهل يحتاج أمره تعالى وقتا محدداً حتى يصل إلى الأرض وهو القائل سبحانه ((و ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)) (القمر). قال ابن كثير"وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال وما أمرنا إلا واحدة أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لانحتاج إلى تأكيد بثانية فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلاً موجوداً كلمح البصر لايتأخر طرفة عين "
والقائل سبحانه أيضاً ((إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)).
بل إننا نعلم أن بعض النجوم يصل إلينا ضوؤها بعد بلايين السنين وبعضها قد اندثر ومازال ضوؤها مستمراً وكأنها مازالت في مواقعها.
ولاأظن أحداً يقول إن أمر الله تعالى يحتاج إلى وقت حتى يصل إلى الأرض أو إلى نقطة محددة في هذا الكون.
ونحن نعلم ايضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به إلى المسجد الأقصى وصلى بالأنبياء عليهم السلام وعرج به إلى سدر ة المنتهى وعند كل سماء يستفتح جبريل فيفتح لهما وحاج ربه في الخمسين صلاة حتى صارت خمساً ثم نزل إلى مكه وكل ذلك في أقل من ليلة واحدة.
الإشكالية العقدية الثانية:
وبما أن الباحث يؤمن بالقوانين الطبيعية ودقتها وتطبيقها على القرآن والسنة فليقبل هذا القانون الذي استخدمه:
المسافة=السرعة x الزمن
هذا القانون يقضي بأنه إذا تحددت السرعة والزمن تحددت المسافة فكأن الباحث يستنتج من بحثة بعد مصدر الأمر الكوني (أي بعد الله سبحانه) ,وأعوذ بالله من هذا القول, وذلك أنه قال إن الأمر الكوني يسير في سرعة الضوء ويحتاج الى يوم واحد.
وهذا أمر في غاية الخطورة.
الإشكالية المنطقية: ـ
ذكر الباحث بعد الآية القرآنية الكريمة
(يُتْبَعُ)
(/)
((يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)) (السجدة).
أن المسافة التي يقطعها القمر في ألف سنة = المسافة التي يقطعها الأمر الكوني في يوم واحد.
وأقول له من أين أتيت بالقمر والملائكه ولاذكر لهما في الآية ولماذا لاتكون المسافة التي تقطعها الأرض حول الشمس أو المسافة التي يقطعها الإنسان أو غير ذلك. وأقول أيضاً من أين أتيت بالمسافة ولا ذكر لها في الآية وإنما ذكر سبحانه الزمن وإذا كنت مصراً على أن تضع هذه الآية على صيغة معادلة فالأولى أن تقول:
يوم عند الله = ألف سنه مما نعد
.
الإشكالية العلمية الأولى:-
ذكر الباحث أنه وصل إلي قيمة قريبة جداً من سرعة الضوء العالمية فنتيجته s/km 299792.5 وسرعة الضوء العالمية s/km 299792.458 وهذه دقة متناهية ومذهلة حقاً فهل كان الباحث محقاً في هذا الأمر.
وبما أن النتيجة التي وصل إليها الباحث دقيقة جداً فليقبل الدقة في النقد والتصويب.
استخدم الباحث القيم التالية فيما أسماه بالمعادلة القرآنية:
R= 384264 km
Pi=3.1416
Cos@ = 0.89157
T= 655.71986 hrs
t = 86164.0906 seconds
V=3682.07 km/hr
وبذلك نجد أن الباحث قرب قيمة V وعند حساب قيمة V بنفس الطريقة التي استخدمها الباحث بدون تقريب نجد أن:
V= 3682.071738 km/hr
وعند استخدام هذه القيمة تكون:
C= 12000*3682.071738*0.89157*655.71986/86164.0906
= 299792.6404 km/s
وعند استخدام نفس القيم التي استخدمها الباحث يظهر لنا فرق بين القيمة العالمية وما أسماه الباحث سرعة الأمر وذلك من جراء تقريب لم ينتبه اليه.
الإشكالية العلمية الثانية:-
استخدم الباحث قيمة Pi=3.1416 مقربة إلى أربعة أرقام عشرية.
وعند استخدامها مقربة ألى تسعة أرقام عشرية ( Pi=3.141592654)
تكون نتيجة ماأسماه الباحث بالمعادلة القرآنية: s/km C=299791.9393
وهذا التقريب في قيمة V و Pi يجعل ما أسماه الباحث بسرعة الأمر الكوني يختلف عن سرعة الضوء العالمية وهذا الإختلاف غير قليل بميزان القياسات المعملية لسرعة الضوء.
الإشكالية العلمية الثالثة:-
استخدم الدكتور منصور حسب النبي قيمة
R= 384264 Km
وهي القيمة التي من خلالها أوجد قيمة V ولا أدري من أين جاء بهذه القيمة والقيمة الصحيحة والتي تعتمد عليها وكالة الفضاء الأمريكية هي R=384401km ولكن الدكتور فيما يبدو لي والله أعلم أوجد قيمة R من قيمة V وقيمة V مقربة فظهرت هذة النتيجة الغريبة. وعند استخدام R=384401 Km يكون ماأسماه بسرعة الأمر.
C= 299898.82 Km /s
وفرق كبير بين القيمة العالمية لسرعة الضوء وهذه القيمة.
الإشكالية العلمية الرابعة:-
وهذه إشكالية أخرى حيث توهم الباحث أن السنة النجمية SIDEREAL YEAR)) اثنى عشر شهراً نجمياً فقط وهي في حقيقتها 365 يوماً و 6 ساعات و9.0 دقائق و9.5 ثانية.
والشهر النجمي يساوي 27.321661 يوماً ولو كان في السنة النجمية 12 شهرا نجمياًً لأصبح عدد أيامها 327.8599يوماً فقط.
وأعزو هذا التوهم إلى ماجرت به العادة عند الناس من أن السنة 12شهراً فقط.
والسنة النجمية هي الزمن الذي تستغرقه الأرض حتى تدور دورة واحدة حول الشمس بالنسبة لنجم ثابت.
ولذلك فإن القمر النجمي لايدور 12مرة حول الأرض في السنة النجمية وإنما يدور 13.368مرة تقريباً حول الأرض أي أن القمر في الف سنة يدور حول الأرض حوالي 13368 دورة وليس 12000 دورة كما ظن البحث وبذلك يصبح ما أسماه الباحث بسرعة الأمر الكوني C= 334099.7 km /s تقريباً. وأما سرعة الضوء فهي 299792.458 km/s وفرق كبيركبير بين القيمتين.
الإشكالية العلمية الخامسة:-
استخدم الباحث النظام النجمي باعتبار الأرض والقمر معزولين في حركتهما عن الشمس ولهذا يصبح الشهر 27.321661يوماً وكأن العرب تعرف هذا النظام من قبل. ويبدوأن هذه الفكرة ظهرت للباحث فجربها بعد أن لوى عنقها مرات ومرات فأعطته نتيجة مقاربة لسرعة الضوء ثم عرضها على بعض المتخصصين في اللغة وعلوم الشريعة وأخرجوا ماأسموه بالمعهود عند المخاطبين من الحركة كقاعدة للقياس حيث قالوا: "هو دوران القمر حول الأرض في منازله النجمية الثوابت بدون اعتبار لأي حركة للأرض أو القمر حول الشمس وبدون اعتبار لأي تغيرفي بعد القمر عن الأرض حول الشمس ولذا إذا ثبت وجود أي جزء من حركة للقمر أو للأرض حول الشمس فينبغي إهماله وإسقاطه من الإعتبار وبالمثل تستبعد أي نسبة من التغير إذا وجدت لأنها غير مدركة بالعين المجردة لعموم المخاطبين وورود لفظي يوم وسنة بالتنكير صالح لشمول الزمان المعهود في التعريف والزمان التابع للحركة في الحساب والمعتبر في الحساب هو الزمان التابع للحركة لأن دلالة السياق هي المعهود من الحركة والزمان تابع لها ".
هذا هو ماذكره العلماء الذين اعتمدو قاعدة الحساب من الناحية الشرعية.
وأقول للعلماء الفضلاء:
لماذا اعتبرتم دوران القمر حول الأرض في منازلة النجمية الثوابت؟.
ألأن الباحث استخدم النظام النجمي؟.
ولماذا بدون اعتبار لأي حركة للأرض أو القمر حول الشمس؟، ألأن الباحث لم يعتبر ذلك؟.
ولماذا إذا ثبت وجود أي جزء من حركة للقمر أو للأرض يجب إهماله؟،
ألأن الباحث أهمل ذلك؟.
ولماذا تستبعد أي نسبة من التغير في بعد القمر إذا وجدت لأنها غير مدركة بالعين المجردة لعموم المخاطبين.
وأسأل العلماء الأفاضل هل النظام النجمي الذي استخدمه الباحث مدرك لعموم المخاطبين؟ أم أنه نظام جديد لاتعرفه العرب؟.إن العرب تعرف الشهر 29 أو 30 يوماً و لاتعرف الرصد من نجم ثابت بعيد.
كلمة أخيرة أقولها للعلماء الأفاضل, إن وضع كتاب الله على منضدة التشريح العلمي من أخطر القضايا فكتاب الله أقدس وأعظم من أن ينزل إلى مستوى العلوم البشرية وأن تثبت صحته من خلالها.
وكيف يصح في الأذهان شيء ــ إذا احتاج النهار إلى دليل
الدكتور محمد بن صبيان الجهني
رئيس قسم الهندسة النووية
كلية الهندسة- جامعة الملك عبد العزيز
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Oct 2005, 04:43 م]ـ
شكر الله للدكتور هذا الجهد المبارك واستئذنك أن تبين لي معنى قولك الآتي بصورة أوضح:
وهذه إشكالية أخرى حيث توهم الباحث أن السنة النجمية Sidereal Year)) اثنى عشر شهراً نجمياً فقط وهي في حقيقتها 365 يوماً و 6 ساعات و9.0 دقائق و9.5 ثانية.
والشهر النجمي يساوي 27.321661 يوماً ولو كان في السنة النجمية 12 شهرا نجمياًً لأصبح عدد أيامها 327.8599يوماً فقط.
وأعزو هذا التوهم إلى ماجرت به العادة عند الناس من أن السنة 12شهراً فقط.
والسنة النجمية هي الزمن الذي تستغرقه الأرض حتى تدور دورة واحدة حول الشمس بالنسبة لنجم ثابت.
ولذلك فإن القمر النجمي لايدور 12مرة حول الأرض في السنة النجمية وإنما يدور 13.368مرة تقريباً حول الأرض أي أن القمر في الف سنة يدور حول الأرض حوالي 13368 دورة وليس 12000 دورة كما ظن البحث
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Oct 2005, 04:32 م]ـ
الأخ الدكتور محمد حفظك الله:
بعد قراءتي لهذا الرد العلمي الماتع وأنت من أهل هذا العلم فإني أقترح عليك أن ترسل هذا الرد لهيئة الإعجاز العلمي بمكة وينظروا فيه فإني قرأت لمحمد دودح عدة مقالات وفيها من التسرع بعض المغالطات ولعل عذره في ذلك عدم تمكنه في العلوم الشرعية إن لم أقل عدم معرفته بها فهلا أجبتم هذا الطلب من باب إبداء النصح له جزاكم الله خيرا
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[11 Dec 2005, 09:51 م]ـ
أخي د/ محمد الجهني
أرجو الدخول على هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3768(/)
الاستشراق كما في الموسوعة العربية العالمية
ـ[مرهف]ــــــــ[07 Nov 2005, 11:09 م]ـ
في الحقيقة كنت أجمع همتي للكتابة في هذا الملتقى المبارك لأكتب لمحة عن الاستشراق وتاريخه وأعماله وخطورته وغير ذلك ولكني أثناء بحثي وجدت هذا الببحث في الموسوعة العربية العالمية وفيها نبذة جيدة ومختصرة وإن كان لي تعليق سأذكره فيما بعد على فقرة منه وهذا هو البحث:
الاستشراق تاريخه وأعماله:
الاستشراق حقل معرفي وإبداعي ضخم نشأ في الغرب (أوروبا وأمريكا الشمالية) لدراسة الثقافات الشرقية (الآسيوية غالبًا) وتمثلها في الفنون المختلفة. وتعتبر الجوانب العلمية والسياسية والدينية للاستشراق هي الأبرز بين جوانبه المختلفة، فقد كانت الهاجس الرئيسي وراء نشوئه. غير أن الجوانب الأخرى، في الفنون والآداب الغربية، ذات أهمية لمن يريد التعرف على ذلك الحقل في مختلف جوانبه. وقد اتضحت ضخامة الاستشراق وتعدد نواحي النشاط فيه في دراسة للناقد والمفكر العربي الأمريكي إدوارد سعيد. بعنوان الاستشراق (1978م) صدرت باللغة الإنجليزية ثم ترجمت إلى العربية. انظر: سعيد، إدوارد.
تاريخ الاستشراق وتطوره
بدأ الاستشراق في الأندلس (أسبانيا) في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، حين اشتدت حملة الصليبيين الأسبان على المسلمين. فقد دعا ألفونس -ملك قشتالة- ميشيل سكوت ليقوم بالبحث في علوم المسلمين وحضارتهم، فجمع سكوت طائفة من الرهبان بدير قرب طليطلة، وشرعوا في ترجمة بعض الكتب الإسلامية العربية إلى اللغات الأجنبية، ثم قدمها سكوت لملك صقلية الذي أمر باستنساخ نسخ منها وبعث بها هدية إلى جامعة باريس.
وكذلك، قام رئيس أساقفة طليطلة ريمون لول بنشاط كبير في الترجمة. ومع مرور الزمن توسع الأوروبيون في النقل والترجمة في مختلف الدراسات الإسلامية، وأنشئت في أوروبا مطابع عربية ـ بعد اختراع الطباعة ـ لطبع عدد من الكتب التي كانت تدرس في المدارس والجامعات الأوروبية.
وأنشئت كليات لتدريس اللغات الشرقية في عواصم أوروبا في مطلع القرن الثالث عشر الهجري (أواخر القرن الثامن عشر الميلادي)، وكان الغرض الأول منها تزويد السلطات الاستعمارية بخبراء في الشؤون الإسلامية ثم أخذ الطلاب المسلمون يؤمُّون هذه الكليات الأوروبية للدراسة فيها. ثم عمل المستشرقون في الدوائر العلمية والجامعات في كثير من الدول الإسلامية.
وأنشأت الدول الاستعمارية عدة مؤسسات في البلاد الإسلامية التي خضعت لنفوذها لخدمة الاستشراق ظاهريًا، وخدمة الاستعمار والتنصير حقيقة، منها في مصر: المعهد الشرقي بدير الدومينيكان، والمعهد الفرنسي، وندوة الكتاب، وكلية السلام، والجامعة الأمريكية وكلية فكتوريا ومدارس الراهبات والفرنسيسكان والفرير، وفي لبنان: جامعة القديس يوسف (الجامعة اليسوعية حاليًا) والجامعة الأمريكية، وفي سوريا: مدارس اللاييك، والفرير، وكلية السلام، وغيرها ... وهكذا في كثير من الأقطار الإسلامية.
واشتهر في العهد الاستعماري عدد من المستشرقين الذين قاموا بإصدار مجلات في جميع الدول الإسلامية، وجمعوا بشتى الطرق المخطوطات العربية الإسلامية ونقلوها إلى بلادهم بأعداد هائلة بلغت في أوائل القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي) مائتين وخمسين ألف مجلد من نوادر المخطوطات، ومازال العدد في تزايد حتى يومنا هذا.
عقد المستشرقون أول مؤتمر لهم في باريس عام 1290هـ، 1873م ثم توالت بعد ذلك المؤتمرات الاستشراقية التي تُلقى فيها البحوث والدراسات عن الشرق وأديانه وحضاراته، وما تزال مثل هذه المؤتمرات تُعقد حتى اليوم.
دوافع الاستشراق
الدافع الديني:
بدأ الاستشراق بالرهبان كما مضى، واستمر كذلك حتى العصر الحاضر. فكثير من المستشرقين تخصصوا في الدراسات اللاهوتية المتعلقة بالتوراة والإنجيل وأُعِدُّوا إعدادًا خاصًا للقيام بمهمة دراسة الإسلام والمسلمين لأهداف تنصيرية. يقول المستشرق البريطاني برنارد لويس: "إن آثار التعصب الديني الغربي لا تزال ظاهرة في مؤلفات عدد من العلماء المعاصرين وبعضها لا يزال مستترًا وراء الحواشي المرصوصة في الأبحاث العلمية". ويقول الباحثون إن الصورة المشوهة والتعصب الديني مازال قائمًا وخاصة في تصور المستشرقين للقرآن والرسول والإسلام عمومًا، ذلك أن الصورة التي شكَّلها
(يُتْبَعُ)
(/)
الاستشراق إنما استمدها من مصادر كنسية كُتبت أيام الصراع العنيف بين الشرق والغرب إبان الحروب الصليبية وحروب الدولة العثمانية في أوروبا.
الدافع الاستعماري والسياسي:
ترتبط ظاهرة الاستشراق ارتباطًا عضويًا بظاهرة الاستعمار. فلكل الدول الاستعمارية الغربية مؤسسات استشراقية. وعندما فشلت الحروب الصليبية في تحقيق أهدافها الدينية والسياسية في العصور الوسطى، عاد الأوروبيون مرة أخرى إلى الشرق في ثوب الاستعمار، واتجهوا إلى دراسة كل شؤون البلاد الشرقية ليتعرفوا مواطن القوة فيها فيقضوا عليها، ومواطن الضعف فيغتنموها. وكان كثير من المستشرقين ـ وما زالوا ـ يعملون مستشارين لحكوماتهم في التخطيط لسياساتها الاستعمارية والتنصيرية في الشرق الإسلامي، وعلى سبيل المثال: كان المستشرق الهولندي سنوك هرخرونيه يعمل مستشارًا لحكومته في تخطيط سياستها ضد إندونيسيا المسلمة. وكان المستشرقان البريطانيان ماكدونالد وجِبْ يعملان مستشاريْن لحكومتهما في تخطيط سياستها ضد المسلمين في شبه القارة الهندية وغيرها، وعمل ماسينيون مستشارًا للحكومة الفرنسية في تخطيط سياستها ضد المسلمين في شمالي إفريقيا. وما زال المستشرق اليهودي برنارد لويس يعمل مستشارًا للحكومة الإسرائيلية في تخطيط سياستها ضد العرب والمسلمين. ولا تكاد تخلو سفارة من سفارات الدول الغربية لدى الدول الإسلامية من سكرتير أو ملحق ثقافي يجيد اللغة العربية يتمكن من الاتصال برجال الفكر والسياسة فيتعرف أفكارهم ويبث فيهم من الاتجاهات السياسية ما تريده دولته.
الدافع التجاري:
حرص بعض الغربيين على تشجيع الاستشراق الذي يُعينهم على معرفة أحوال الشرق الاقتصادية لترويج بضائعهم وشراء موارد الشرق الطبيعية والمواد الخام ومنافسة الصناعات المحلية التي كانت لها مصانع مزدهرة في مختلف البلاد الإسلامية.
الدافع العلمي:
أقبل بعض المستشرقين على دراسة حضارات الشرق من جميع جوانبها بدافع من حب الاطلاع المعرفي، وكان هؤلاء أقل من غيرهم خطأ في فهم الإسلام وحضارته، فجاءت أبحاثهم أقرب إلى الحق وإلى المنهج العلمي السليم من أبحاث الجمهرة الغالبة من المستشرقين، بل اهتدى بعضهم إلى الإسلام، مثل المستشرق الفرنسي رينيه الذي عاش في الجزائر فأعجب بالإسلام وأعلن إسلامه وتسمى باسم ناصر الدين رينيه وألف مع عالم جزائري كتابًا عن سيرة الرسول محمد ³، وله كتاب أشعة خاصة بنور الإسلام بين فيه تحامل قومه على الإسلام ورسوله.
الدافع الأدبي/ الفني:
منذ بداية الاتصال بين الشرق والغرب، لاسيما في بداية العصور الوسطى، كانت المعلومات عن الشرق والإسلام بوجه خاص تدخل الخيال الغربي وتؤثر في تشكل تقاليد أدبية وفنية ماتزال مستمرة في العديد من الأعمال الإبداعية. في ملحمة الشاعر الإيطالي دانتي "الكوميديا الإلهية" في القرن الثالث عشر الميلادي، نجد تصويرًا لشخصيات إسلامية تعكس الكيفية التي تصورت بها أوروبا النصرانية المسلمين آنذاك. انظر: دانتي أليجيري [في الموسوعة]. ثم نجد جانبًا مغايرًا إلى حد ما في بعض أعمال الشاعر الإنجليزي تشوسر في القرن الرابع عشر الميلادي ثم شكسبير في السادس عشر وفولتير في السابع عشر وهكذا عبر العصور حتى نصل العصر الحديث لتتواصل التناولات والتصورات الاستشراقية في أعمال العديد من الكتاب الغربيين ومنهم على سبيل المثال الروائي الأمريكي جون بارث الذي اهتم بـ ألف ليلة وليلة على نحو خاص.
أما على مستوى الفنون التشكيلية فإن أشهر ما أسفرت عنه التقاليد الاستشراقية هي اللوحات التي أنتجها فنانو العصرين الثامن عشر والتاسع عشر في أوروبا من أمثال الفرنسي دي لاكروا. انظر: التصوير التشكيلي.
أبرز وسائل المستشرقين لنشر أفكارهم:
1 - تأليف الكتب المتخصصة في موضوعات مختلفة عن الإسلام وتراثه الحضاري.
2 - إصدار المجلات الخاصة ببحوثهم عن المجتمعات الإسلامية، مثل مجلة العالم الإسلامي.
3 - إلقاء المحاضرات في الجامعات والجمعيات العلمية.
4 - الكتابة في الصحف المحلية ببلادهم والبلاد التي لهم فيها نفوذ.
5 - عقد المؤتمرات لمناقشة القضايا الإسلامية للوصول إلى آراء تحقق لهم أهدافهم.
6 - إنشاء موسوعة دائرة المعارف الإسلامية بعدة لغات.
(يُتْبَعُ)
(/)
7 - إنشاء الجمعيات، مثل جمعيتي: المستشرقين الفرنسيين، الذين أصدروا المجلة الآسيوية، والمستشرقين الإنجليز الذين أصدروا مجلة الجمعية الآسيوية الملكية وجمعية المستشرقين الأمريكيين، الذين أصدروا مجلة الجمعية الشرقية الأمريكية، وكذلك فعل المستشرقون في كل بلد من بلدان أوروبا.
أهم مؤلفات المستشرقين:
1 - دائرة المعارف الإسلامية، صدرت في الفترة من 1332 - 1357هـ، 1913 - 1938م. وظهرت لها طبعة جديدة في الفترة من 1365 - 1397هـ، 1945 - 1977م.
2 - المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف، في ثمانية مجلدات، وشمل الكتب الستة المشهورة، بالإضافة إلى مسند الدارمي ومسند الإمام أحمد بن حنبل وموطأ الإمام مالك، رتَّبه ونظَّمه لفيف من المستشرقين ونشره الدكتور أ. ي. فينْسنك.
3 - مفتاح كنوز السنة، تأليف الدكتور أ. ي. فينسنك. وضعه للكشف عن الأحاديث النبوية الشريفة المدونة في كتب أربعة عشر إمامًا.
4 - تاريخ الأدب العربي، ومؤلفه كارل بروكلمان.
أبرز المستشرقين المعتدلين:
1 - توماس آرنولد (ت 1349هـ، 1930م)، إنجليزي، له كتاب الدعوة إلى الإسلام.
2 - زيجريد هونكه، التي أبرزت تأثير الحضارة العربية الإسلامية على الغرب في مؤلفها الشهير شمس العرب تسطع على الغرب.
3 - يوهان ج. رايسكه (ت 1188هـ، 1774م) ألماني، اتهم بالزندقة لموقفه الإيجابي من بعض جوانب الإسلام.
4 - هادريان ربلاند (ت 1131هـ، 1718م)، هولندي، له كتاب الديانة المحمدية في جزءين، وضعته الكنيسة في قائمة الكتب المحرم تداولها لما فيه من بعض الإنصاف للإسلام.
أبرز المستشرقين المتعصبين:
1 - لوي ماسينيون (1883 - 1962م)، فرنسي، منصِّر، له كتاب الحلاج الصوفي الشهير في الإسلام (1341هـ، 1922م).
2 - د. س. مرجليوث (ت 1359هـ، 1940م، إنجليزي، له من الكتب التطورات المبكرة في الإسلام (1332هـ، 1913م)؛ محمد ومطلع الإسلام، (1323هـ، 1905م)؛ الجامعة الإسلامية (1331 هـ، 1912م).
3 - أ. ج. آربري (1905م - 1969م)، إنجليزي، من كتبه: الإسلام اليوم (1362هـ، 1943م)؛ التصوف.
4 - هـ. أ. ر. جب (ت 1385هـ، 1965م)، إنجليزي، من كتبه: المذهب المحمدي (1367هـ، 1947م)؛ الاتجاهات الحديثة في الإسلام (1367هـ، 1947م).
5 - هنري لامانس اليسوعي (ت 1356هـ، 1937م)، فرنسي من محرري دائرة المعارف الإسلامية، له كتابا: الإسلام؛ الطائف.
6 - جوزيف شاخت (1902 - 1969م)، ألماني، له كتابا: المدخل إلى الفقه الإسلامي؛ أصول الشريعة المحمدية.
7 - د. ب. ماكدونالد (1863 - 1943م)، أمريكي، منصِّر، له كتابا: تطور علم الكلام والفقه والنظرية الدستورية (1349هـ، 1930م)؛ الموقف الديني والحياة في الإسلام (1326هـ، 1908م).
8 - ر. أ. نيكولسون (1868 - 1945م)، إنجليزي، له كتابا: متصوفو الإسلام (1328هـ، 1910م)؛ التاريخ الأدبي للعرب، (1349هـ، 1930م).
9 - جولدزيهر (ت 1339هـ، 1920م)، مجري يهودي، من كتبه: تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي.
10 - أ. ج. فينسنك، وله كتاب عقيدة الإسلام (1351هـ، 1932م).
11 - س. م. زويمر (1867 - 1952م)، أشهر منصِّر في هذا القرن، مؤسس مجلة العالم الإسلامي الأمريكية، له كتاب: الإسلام تَحَدٍّ لعقيدة، (1326هـ، 1908م).
12 - غ. فون. غرونباوم، ألماني يهودي، له كتابا الأعياد المحمدية (1371هـ، 1951م)؛ دراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية (1374هـ،1954م).
أبرز إيجابيات الاستشراق
1 - الإسهام في تحقيق ونشر الكثير من كتب التراث الإسلامي.
2 - تَمَيُّز بعضهم بالمنهجية العلمية التي تعينهم على البحث.
3 - تعرف بعض الغربيين حقيقة الإسلام من كتابات المنصفين من المستشرقين.
أبرز سلبيات الاستشراق:
الانقياد للتحيز الثقافي. يقع معظم المستشرقين تحت هيمنة تكوينهم الثقافي الغربي الأساسي سواء كان نصرانيًا أم يهوديًا أم علمانيًا لا دينيًا، ويميلون نتيجة لذلك إلى التشكيك في صحة العقيدة الإسلامية، كما فعل مونتجمري واط في كتابه محمد في المدينة حين سعى إلى التشكيك في أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام، أو القول بعجز العرب بوصفهم من جنس بشري متدن عن صنع الحضارة، كما فعل إرنست رينان في تأريخه العنصري المؤيد للجنس الآري على الجنس السامي، وهكذا.
وقد دحض العلماء المحققون من أبناء الأمة الإسلامية هذه المزاعم في أبحاث ورسائل علمية لا يتسع المجال لذكرها. لكننا نذكر منها رأي بعض المستشرقين المنصفين ومنهم موريس بوكاي عن القرآن الكريم حيث يقول: "صحة القرآن الكريم لا تقبل الجدل، فهي تعطي النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل ولا يشترك مع نص القرآن في هذه الصحة لا العهد القديم ولا العهد الجديد". وقد ألف موريس بوكاي كتابه: التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ـ دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ليثبت أن القرآن وحي من الله، وأن التوراة والإنجيل مليئان بتحريف البشر وتأليفهم.
http://www.mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid0
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[09 Nov 2005, 12:52 ص]ـ
ملاحظات على بحث الاستشراق في الموسوعة السابقة:
أول هذه الملاحظات: أنها عرفت الاستشراق بحقل معرفي إبداعي، وبرأيي أن تعريفها بهذا الوصف هو إلباسها ثوبا يغطي عورتها التي تفضح أصلها، فالاستشراق لم ينشأ لأجل المعرفة والابداع بل إنه لم يبدع إلا المغالطات والشبهات والتشكيكات تحت ستار الموضوعية والعلم والإنصاف مع أن الحقائق العلمية والتاريخية أثبتت أنهم أبعد الباحثين عنها. فكان الأولى أن يعرف الاستشراق بأنه ظاهرة فكرية ذات مرجعية دينية استعمارية عدوانية،وذو نزعة عنصرية أوربية تهدف إلى تشويه الحضارة الإسلامية وتصدير الثقافة الإسلامية للمسلمين بلبوس تغريبي وتنصيري ويتخذ من الموضوعية والعلمية والتنوير والتجديد والتطوير ترساً له يتطفل من خلاله.
أما عن بدايته "من الصعب تحديد بداية للاستشراق، إذ أن بعض المؤرخين يعودون به إلى أيام الدولة الإسلامية في الأندلس، في حين يعود به آخرون إلى أيام الصليبيين، بينما يرجعه كثيرون إلى أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري. وأنه نشط في الشام بواسطة الراهب يوحنا الدمشقي في كتابين الأول: حياة محمد. والثاني: حوار بين مسيحي ومسلم. وكان هدفه إرشاد النصارى في جدل المسلمين. وأيا كان الأمر فإن حركة الاستشراق قد انطلقت بباعث ديني يستهدف خدمة الاستعمار وتسهيل عمله ونشر المسيحية ". [1]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ http://www.khayma.com/bosaeed/adeaan/adeaan.htm
ـ[أنس]ــــــــ[01 Apr 2006, 09:36 م]ـ
أشكرك يا أخ:مرهف على مشاركتك الفعالة وشكراً.(/)
هاتوا معاولكم هذا صنم نهاية العصر: "القراءة"
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[07 Dec 2005, 10:38 م]ـ
هاتوا معاولكم هذا صنم نهاية العصر: "القراءة"
مدخل:
هدفنا من هذا المكتوب الكشف عن زيف فكري ومنهجي خطير ... مداره على تهافت الطائفة التي تسمي نفسها " الطائفةالحداثية " ورفعها لصنم جديد يعبدونه ويلهجون بذكره ألا وهو مفهوم "القراءة".وقد نشأ هذا المفهوم في غيابات الحضارة الغربية واستورده القوم منهم ... ولعبوا به في النقد الأدبي وتخطفوه فيما بينهم ..... وهاهم تسول لهم أنفسهم التسور على حرم القرآن ..... فوجب التنبيه ووجب عمل المعول.
مقدمة ترفيهية قبل استجماع الهمة.
إي والله , لقد آن الأوان لنقول " لملوك" الحداثة إنكم عراة كما ولدتكم أمهاتكم!
ولملك الحداثة-الذي أمسى الآن في جحر الضب بجسمه كاملا–أن يقول:
- في كلامك "تناص " كما شرحه سيدنا ومولانا "ميشال ريفاتير".
فأقول:
-هو ذاك.والنص الغائب تلك الأسطورة التي تعرفها .... ليس من دأبنا أن نتهافت على الأساطير كدأبكم , لكن ميزة أسطورتنا هذه أنها فاضحة لأساطيركم: ما تبدون منها وما تخفون.
-وكيف كان ذلك؟
حسنا .....
" كان في قديم الزمان خياط أصابت حرفته الكساد , ولأن في السفر سبع فوائد فقد عزم على الضرب في أرض الله .. وحط عصا ترحاله في مدينة من مدن الناس. ولأنه كان ألمعيا أوعز إلى ابنه -الذي كان يرافقه-أن يشيع في المدينة أنه يخيط ما لا قبل للناس به ... فتناهت الأصداء إلى حاكم المدينة.ولأن الحاكم لا يحب أن يسبقه غيره إلى شيء نادر أو تحفة طريفة فقد أرسل بسرعة في طلب الخياط ... فكان هذا الحوار:
-من أنت؟
-خياط.
-ما هذا الذي يقوله الناس عنك؟
-هو صحيح يا مولاي ... فأنا أخيط ما لا يحسنه غيري.
- ......
-أستطيع يا مولاي أن أخيط كسوة لا يراها إلا الأذكياء! والبلداء هم عنها عمون.
- إن لم تصنعها لي ,أو صنعتها لأحد قبلي ,قطعت رأسك.
وانصرف الخياط إلى أجل مسمى بينهم. وقد انقلب بحسنيين: جناح في القصر وأمر لخازن المال ألا يعصي له أمرا.
مضى الأجل ولم يحضر الخياط .... وطافت الشكوك. فأرسل الحاكم حاجبه ليستطلع الخبر. فلما مثل الحاجب بين يدي الخياط وجده منكبا على ثوب" لايراه هو".ويتعجب من الزر " غير المرئي" الذي يناوله الخياط إلى ابنه.ويشتد عجبه أكثر من هذا الصبي الصغير الذي يقلب الزر في يده ويثبته في صدر الثوب " غير المرئي" دائما. أيكون الصبي يبصر الزر والثوب لأنه ذكي ويكون الحاجب ( ...... )؟
وفي الطريق استقر رأي الحاجب على ما لا بد له منه ...
-هل رأيت الثوب بعينك؟
-نعم يا سيدي ... وما رأيت في الدنيا أحسن منه.لله دره من خياط!
(وماذا تريدون: هل تريدون أن يشهد الحاجب على نفسه بالبلادة؟ لله دره من خياط فقد أحكم الكيد إحكاما!)
ثم يأتي دور الوزير بعد أموال وأموال اقتطعت للخياط.
وعند عودته من عند الخياط لم يكن في ذهن الوزير إلا سؤال واحد:
أفيكون الحاجب أذكى منه؟
ليكن ما يكون:
- ................
-نعم يا سيدي ... وما رأيت في الدنيا أحسن منه.لله دره من خياط!
ثم جاء دور الملكة .... ولا يحسن بالملكة أن تكون أقل ذكاء من الحاجب والوزير وصبي الخياط ...
ثم جاء دور الملك ....
فلم يملك إلا أن "يبتهج" أكثر من غيره .... لأنه يدعي أنه" رأى" من دقائق الكسوة ما لم يره أحد. كيف لا وهو أذكى واحد في مدينته.
وجاء الاحتفال ....
وخرج الحاكم "في كامل زينته" التى لا يراها إلا الأذكياء. وتعالت صيحات الجمهور" الذكي "إستحسانا وإعجابا .....
إلا طفل صغير بدأ يضغط على كف أمه ويقول:"أنظري أماه إن الملك يسير عاريا".
ولو قدر للملك وسمع كلام الطفل لازداد افتخارا بكسوته وخياطه المقرب فله أن يقول:" ... ولما كان الطفل قليل العقل فقد حرم من رؤية الكسوة!!! ""
يتبع .....
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Dec 2005, 04:02 م]ـ
وفقك الله، وأعانك، وسدد خطاك، ونحن بانتظار ما شرعت به بعد هذه الطرفة الأدبية التي أشارت عما تريد بيانه.
وإني لأتمنى ممن كانت له في هذا المجال قدرة ان يشارك في هذا النقد لهذه القراءة المتهافتة التي تأتي بما لا زمام له ولا خطام.
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق أن الجدال مع بعضهم يقوم مقام جدال الجاهل للعالم، فليس للجاهل أرضية مشتركة مع العالم، وليس لبعض هؤلاء أصول واضحة يعتمدون عليها، فلا الشرع ولا الإجماع، ولا اللغة العربية من أصولهم في طرحهم لقضاياهم، فكيف تجادلهم؟
لكن هذا لا يمنع إظهار عوار منهجهم وتهافته، وبيان ما فيه من الخطأ والخطل، والقول المجانب للعقل والصواب، فضلا عن مجانبته للشرع.
تكرمًا: ارجع إلى هذا الرابط
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4331
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Dec 2005, 07:00 م]ـ
1 - وشهد شاهد من أهلها
الغرب هم الآن في خريف "حضارتهم" ويأبى حداثيو قومنا إلا أن يشاركوهم هذا الخريف.صلى الله على محمد أبلغ البشر:عن أبي سعيد رضي الله عنه
: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال (فمن)
[6889] البخاري.
وليس من الصعب على المرء أن يتبين ألوان هذا الخريف المنذر بشتاء مظلم ... ما عليه إلا أن يستبين اللون الفكري السائد عند القوم .. فإن شاع لون السفسطة فذلك نذير الانهيار. وقد عرف تاريخ الفكر الغربي أعراض هذا المرض مرات عديدة أعقبها الانهيار الحتمي ولم ينهضوا إلا عند دفنهم للسفسطة. مثلا:
- لم تتأسس الحضارة الهللينية إلا بعد القضاء على فلول السفسطائين علي يد بعض "حكمائهم العقلاء" كسقراط وأرسطو.
- وما انهارت "اثينا" إلا بعد أن استولى على عاصمة العالم الثقافية مذاهب السفسطة التي تترقب دائما خلود الناس إلى الترف والغرائز والبحث عن اللذة لتخرج من جحورها .... وقد خرجت هنا باسم "فلسفة الشك" و"البيرونية" و" المغالطات" ......
وهكذا فأم الحضارة الغربية –أعني أثينا- ناطقة بالدرس البليغ:"لم تبرز إلى الوجود إلا بعد الانتصار على السفسطة المانعة من الحضارة. ولم تسقط إلا بعد هيمنة السفسطة الموجبة لسقوطها.
ولما كانت اللغة أعظم مظاهر حضارة الإنسان على الإطلاق لأنها الوجه الثاني لوجوده كما نبه على ذلك القرآن العظيم في مطلع السورتين الكريمتين: الرحمن والعلق, فإن السفسطة تفضل دائما أن تبدأ عملها التخريبي بنخر جسم اللغة .... لأن الشك في اللغة أو إفسادها هو أسرع طريق للشك وإفساد كل المجالات الأخرى ....
ومن تتبع مسار الفكر الغربي الحديث في قرنهم العشرين سيلاحظ أمرا عجبا:
- النصف الأول من القرن اتسم بتأليه اللغة والرفع من شأنها ومضى مفكروهم يرون أن كل شيء في الكون لغة .... ونشطت الحركات اللغوية على أكثر من صعيد: فرويد ولاكان وأشياعهما يرون اللاشعور لغة ..... ويرون علاج الحالات المزمنة باللغة بدل العقاقير .... ليفي شتراوس يرى أن العلاقات الاجتماعية ما هي في جوهرها إلا أنظمة من الدالات والمدلولات أي لغة .. ونشط علم السميولوجيا ليرى مظاهر الحضارة لغة أو على شاكلتها .... وازدهرت البنيوية فارتقت بعلوم اللغة إلى الصف الأول ضمن العلوم الانسانية ثم شاع بينهم أن كل علم إنساني يريد أن يتقدم لا بد أن يستلهم النموذج اللغوي ....
- النصف الثاني من القرن شهد الاحتفال ب"أكل" إلههم ... فكأنهم ما رفعوا اللغة إلا ليراها جميع الناس وبالتالي يكونون جميعا شهداء على خرابها وسقوطها. وكانت "التفكيكية"-الوجه العصري للسفسطة القديمة- حاملة لواء التخريب وصانعة المعول الذي يسمى "قراءة" ..... ومع أن هذه التفكيكية- مثلها مثل أي سفسطة أخرى- يستهجنها كل عاقل ولا يمكن قبولها إلا كما نقبل لعب الصبيان: أعني نبتسم لخيالهم لحظة ثم ننصرف إلى أعمالنا.أما أخذ لعبهم على محمل الجد والمشاركة معهم فهذا لا يخطر ببال الراشد أبدا. قلت هذه التفكيكية على سذاجتها يصعب دحضها لأمرين:
- "أثر الخياط"-راجع الأسطورة أعلاه-فالهالة التي أحيطت بالتفكيك والتهويل الذي صاحبه كل ذلك جعل الناس لا يتجرؤون على ما تجرأ عليه الطفل وإن كان رأيهم هو رأي الطفل فعلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
- من المعلوم أن أي سفسطة لا يمكن دحضها بالمنطق ... وإن كانت في نفس الأمر داحضة بالفطرة التي فطر الله الناس عليها .... وما من فرد إلا اعترته حالة سفسطة لكن رحمة الله تتداركه بعد ذلك فيعود إلى فطرته ... أما أن تتحول إلى مذهب فذلك الجنون بعينه ..... وقديما ذكر علماؤنا أن السفسطي لا يناقش ولكن يلكم على وجهه فإن احتج أو طالب بالقصاص فهي الشهادة بانه يؤمن بالعالم الخارجي الذي ينكره ..... أقول هذا الكلام لأن التفكيكي لا يعدم أجوبة للدفاع عن فلسفته ولو كان بطلانها ظاهرا للصبيان ..... فبيرون الشاك الإغريقي –مثلا-كان لا يؤمن بالعقل كمصدر للمعرفة الحقة وعندما يناظر ويثبت له خصمه بالأدلة القطعية أن العقل يصلح للمعرفة يكون جواب بيرون الشاك:"هذه الأدلة من أين أتيت بها؟ "فإن قال مناظره: " جئت بها من العقل" كان الرد:" أنا أشك في العقل فكيف يكون خصما وحكما"!!
الحمد لله الذي نجانا من هذا الوساوس .....
إذن شهد النصف الثاني من القرن العشرين استراتيجية إزاحة اللغة – ومعها إزاحة العقل والفكر-والتخلص من سلطتها لينتثر نظام المعرفة ..... وإن كانت أعراض هذا المرض قد بدأت في الظهور من قبل .... في شكل سفسطات من نوع "الادب السوريالي" و"الدادا" ..... ولكي يدرك العربي هذا الغثاء والعبث الصبياني يكفي أن نشير مثلا إلى ما يشاع عن سبب تسمية "الدادا" فقد فتح "تريستان تزارا"المعجم –عندما أراد تسمية مولوده الفكري- فكان أول كلمة وقعت عليها عينه هي كلمة "دادا" والتي تعني في لغة الاطفال "الحصان الخشبي" فكان مذهبه "الدادا" ..... وهذا الشاعر الحداثي هو صاحب الوصفة المشهورة لإبداع قصيدة سوريالية جميلة:يكفي أن تأخذ قبعتك وتضع فيها كلمات كثيرة مكتوبة على قصاصات صغيرة من الورق ... ثم اخلط جيدا ... وبعد ذلك اسحب ورقة ورقة وانقل كلماتها على الورقة بحسب ترتيب خروجها ..... ثم استمتع بالقصيدة هنيئا مريئا!!!
وهؤلاء هم أيضا مبدعو الشعر الحداثي المسمى بالشعر الآلي: وهو سهل جيدا ما عليك إلا أن تختار وقتا تكون فيه متعبا وقليل التركيز والوعي وخذ ورقة واكتب بسرعة فائقة ما يخطر ببالك بحيث تكتب الكلمة ولا تعرف الكلمة المقبلة ... وكلما اسرعت كلما صدقت قصيدتك لأن اللاشعور –بزعمهم-هو المبدعى الحقيقي ... فتغييب العقل يطلق يد اللاشعور في الابداع .....
هذا الاستطراد لا بد منه .... ليعرف الناس حقيقة هذه الحداثة وحقيقة مبدعيها وأتباعها ......
ثم جاءت فضيحة سوكال* ... (انظر الهامش)
وأهمية هذه الفضيحة في نظري هي كونها صفعة مهينة للحداثيين وعلى رأسهم أذنابهم المسلمون والعرب ...... هذا الإهانة لا سبيل لهم للخلاص منها فليست صادرة من قطب أوسفر أو سلمان أو سليمان ليقولوا مسلمون رجعيون ظلاميون ولا عبرة بكلامهم ..... بل هي صادرة من أعلى مستوى في الفكر الغربي ... من بروفسور مختص في الفزياء وفي بلد هو قمة الحضارة الغربية ..... ولا أعتقد أن من يدعي "تشريح النص" يجرأ على أن يتوهم أن عمله يضاهي تفجير النواة. فيقول لا عبرة بكلام سوكال.
يتبع ......
---------------------------------------
هامش: رابط الفضيحة هو هذا http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4320
مع ضرورة الرجوع إلى المصدرين لمن يتقن الفرنسية أو الانجليزية ليدرك حجم الرجة التي احدثها سوكال ....
وقد لاحظت مع الأسف عدم تفاعل الإخوة مع الموضوع-باستثناء فاضلين فقط-
وكان أملي أن ينقل الموضوع لكل المنتديات على الاقل بمناسبة مرور عشرية على وقوع الفضيحة ..... ويؤسفني أن أتذكر بهذا الصدد مقولة مالك بن نبي رحمه الله: ما فائدة أن تكتب جالسا ويقرؤك غيرك مستلقيا ....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Dec 2005, 09:25 م]ـ
أحسن الله إليك أبا عبدالمعز على هذه النوادر التي تتحفنا بها، ولكن عدم كتابة الرد أحياناً بسبب جودة الموضوع، مما يجعلنا نرى أن مجرد الإعجاب لا يفي بحقها علينا معشر القراء، فنبقى نتحفز لنكتب ما يمكن أن يسمى مداخلة حول الموضوع والوقت يمضي، فيكون العتاب!
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قرأت ما كتبته مرات، ورجعت بي الذاكرة إلى كتابات كثيرة أضعت الكثير من الوقت في محاولة فهمها ولكن دون جدوى، مما جعلني أشعر - مع كثرة إعجاب النقاد الحداثيين بها، وثنائهم عليها - بشعور الحاجب ومن بعده، كيف أبدي عدم فهمي لما يكتبه هؤلاء فأفتضح؟! والأمر في حقيقته لا يزيد على ما ذكرته في مقالتك، فزدنا علماً حول هذا الأمر، فهو في حاجة إلى كتابات طويلة مؤصلة على غرار ما كتبته وما تكتبته في غير هذه المشاركة في الملتقى العلمي للتفسير أعانك الله وسددك، وثق أننا لا نقرأ ما تكتبته إلا ونحن متحفزين متمعنين فيما تكتبه.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[08 Dec 2005, 11:30 م]ـ
2 - ورطة مدرس أدب حديث ولا تلميذ لها.
الحداثي طفل صغير تعجبه الفرقعات وتلؤلؤ الأشياء –حتى لو أحرقته! - خاصة الألفاظ والمصطلحات ... وعنده شغف شديد بالكلمات التي تنتهي ب"لوجيا" ..... ولا يجد لذته إلا في لوك الكلمات ذات الرطانة الأجنبية ..... فهو قلما يقول مثلا "من وجه نفسي واجتماعي وحضاري" بل يفضل أن يتفيهق على نحو:"على المستوى السايكولوجي والسوسيولوجي والانتربولوجي"ثم ينظر وقع الكلمات على مخاطبيه بزهو واضح كالطاووس .... أما مخاطبوه فلا يملكون إلا أن يشهدوا له بالعلم والتعمق فيه بسبب تأثير "مكيدة الخياط".ولنا وقفة مع درس سوكال بعد حين.
المدرس المتورط الذي أريد أن أتحدث عنه هنا ليس أحدا غيري!!!
فمن المحاور التي ينبغي أن نلقنها للتلاميذ محور المناهج النقدية ومن ضمنها بطبيعة الحال آخر العنقود: التفكيك واستراتيجية القراءات. (تخيلوا وقع كلمة استراتيجية على التلميذ المغفل وهرولته إلى استعمالها في أقرب مناسبة!!)
ومن المفروض علي –باعتباري مدرسا-أن أتحدث عن التفكيك بتمجيد شديد (حسب ما خطوا في الكتاب المقرر) ومن المفروض أن أحدثهم عن النص المفتوح وتعدد القراءات وتكوثر المداخل .... وعلي أن أشرح لهم إجمالا نظرية اليهودي الهالك "دريدا" التي تنص على أن كل قراءة لا تكون إلا خاطئة ..... وأن النص لا وجود له إلا في القراءة .. فأضرب لهم مثلا قائلا: هذه القصيدة واحدة وأنتم ثلاثون .... وكل واحد منكم سيقرأ القصيدة ويؤولها كما يشاء .... فتكون الحصيلة ثلاثين قراءة أي ثلاثين قصيدة ... وفي الحصة القادمة سيصبح العدد ستين ...... وهلم جرا.
لكن خاطرا يؤرقني دائما فأحمد الله ان التلاميذ لا يخطر ببالهم-إلى حد الساعة على الأقل- ماذا لو قدمت للتلاميذ في الامتحان قصيدة للمتنبي في مدح صاحبه سيف الدولة ثم خطر للتلاميذ أن يكونوا "تفكيكيين" في إجاباتهم:
-ماذا لو كتب تلميذ: "هذا هجاء مقذع مؤولا كل كلام المتنبي على قاعدة الاستعارة التهكمية .... "!! هذه قراءته.
-ماذا لو كتب زميله:"هذا غزل رقيق .... فالمتنبي أسقط على سيف الدولة صورة الأنثى التي لم يجدها في الواقع!! هذه قراءته.
-ماذا لو كتب ثالث:"هذه قصيدة في الفخر.فالثنائية متوهمة فقط وليس "سيف الدولة "في القصيدة إلا الأنا الأخرى – alter-ego- للمتنبي ... والحوار المتوهم ليس إلا مونولوجا داخليا. (لاحظوا إرهاب الكلمات) هذه قراءته.
-ماذا لو قدم الرابع الورقة بيضاء .... هذه قراءته.
كيف يمكن للحداثي أن يصحح كل هذا دون أن يتورط تورطا قبيحا جدا:
-فإن وبخ التلاميذ وحاكمهم إلى معيار ما ... فقد ناقض نفسه وكذبها وللتلاميذ أن يقولوا له .... كيف توبخنا وأنت أمليت علينا بالأمس أن كل القراءات مشروعة؟
-وإن سار مع منطق التفكيك فهي الفوضى لا محالة ..... وحتى الورقة البيضاء ينبغي ان تعطى لها نقطة جيدة .... لأن المدرس سيقرأها على النحو التالي: سكوت التلميذ تعبير استفزازي حداثي عن الثورة على كل نص تراثي ورفض لكل اسقاطات عصرية على شاعرية المتنبي".
الحداثة نسيج عنكبوت ..... بوسع أي تلميذ أن يبطلها ويضع أستاذه الحداثي في حيص بيص.
يتبع .......
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[09 Dec 2005, 07:42 م]ـ
أبا عبد المعز: اتحفنا بفرائدك وفقك الله , وأنا عن نفسي آخذ نفساً عميقاً عند قراءة مقالاتك , بل بعضها أكررها لما تحمله من قوة , وكما قال أخي د. عبد الرحمن إن عدم الرد ليس دليلاً على عدم التفاعل , فسر وفقك الله في فضحهم , فما أحوجنا إلى ذلك.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[09 Dec 2005, 09:20 م]ـ
لقد حاول هذا الكيد خلقٌ في القديم .. ثم تبعهم قوم في الحديث ..
فأما الصدر الأول منهم، فنُكصوا على أعقابهم خائبين، وكُبّوا لوجوههم خاسرين ..
وأما الجماعة الثانية الحديثة فقد أسررت الحَسْوَ في الارتغاء واستقت بلا دلو ولا رِشاء، ودلّت على فسولة أصحابها وضعف منّتهم ..
والله لا يُغالَب، بل هو غالب على أمره فعّال لِما يريد ..
وما هذه "القراءة" الحديثة إلا كالرسم الحديث ..
إذ هما عبدان للأسلوب ..
فذاك يحتال على الإحساس بالكلمة ..
وهذا يحتال عليه باللون ..
والأشدّ احتيالاً الإدعاء بالتجدّد ..
وبارك الله فيكم وجوزيتم كل خير ..
وبانتظار المزيد من هذه الطرف والنفائس ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[10 Dec 2005, 12:49 ص]ـ
منذ أن ظهرت القوميات في البلاد الإسلامية وجدنا ظاهرة القراءة تتمطمط رافعة قدمها وباسطة يدها،فأخذ يدلج فيها فسول القوميين وبثور العلمانيين ومندوبو المستشرقين وفي هذه الأثناء كانت تجارب اللسانيات ما زلت تطبخ في المعامل الغربية لتكون سفيرة لقراءة جديدة تبشر (بالمفهوم الغربي) بفهم حداثي باسم التجديد والتغييراقرأ هذا الرابط تكرما أخي أبا عبد المعز
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=614&highlight=%C7%E1%DE%D1%C7%C1%C9+%C7%E1%E3%DA%C7%D5 %D1%C9 وعنوانه محمد شحرور وجذور القراءة المعاصرة
ثم ينظر هذا الرابط وتاريخ كتابته
http://www.albayan.co.ae/albayan/culture/2002/issue130/afaque/2.htm لندرك مدى تقصيرنا في متابعة هذه المستجدات الخطيرة فالظاهر أنهم يصنعون المصطلحات وينمقونها ثم يقوم مندوبوهم في ساحاتنا الثقافية للترويج لها وتعظيمها وبيان مدلولاتها ومعانيها بالفهم الذي رسم لهم أن يقولونه للناس وأهم ما في هذه المصطلحات هو التعمية والإرهاب اللساني والدلالي وكل من لا يستخدم مصطلحاتهم الحداثية فهو لاحداثي، والنتيجة فالتهم جاهزة ..........
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[11 Dec 2005, 12:13 م]ـ
الفاضل أبو عبد المعز
تابع بارك الله بكم وفيكم ولكم
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[11 Dec 2005, 03:45 م]ـ
3 - الجذور السفسطائية لمفهوم "القراءة"
ثبت أن كل منهج يستند إلى خلفية نظرية فلسفية ....
و "القراءة" ليس بدعا من المناهج , مرجعها النظري هي:السفسطة. فما السفسطة؟
السفسطة "مذهب" في نظرية المعرفة و"موقف" من الحقيقة يمكن أن تظهر باسمها الصريح كما يمكن أن تتقنع بأسماء أخرى براقة في غالبها يخطف بريقها البصر فلا تنتبه العين إلى معنى السفسطة الكامن تحتها. وإني لمرشد القاريء إلى ضابط عام ييسر رصد هذا المذهب:
-من قال أولزمه إنكار الحقيقة في الداخل والخارج فهو سفسطائي.
-من قال أو لزمه أن الحقيقة ليست في الخارج ولكنها داخل الانسان فهو سفسطائي.
-من قال أو لزمه أن الحقيقة في الخارج ولكنها تتعدد فهو سفسطائي.
و"القراءة" لا تحتاج إلى تمحيص شديد لكي نكتشف جذورها الضاربة في هذه البنود الثلاث.
البند الثاني مثلا هو ترجمة الشعار المعروف ل"جورجياس"السفسطائي الإغريقي المشهور:"الإنسان مقياس كل شيء" وفحواه أن الحقيقة ليست اكتشافا في الواقع ولكنها اختراع للوعي .. فأنا الذي يقرر معنى الحقيقة وأنا الذي يضع معيارها.هذا المبدأ الذي كان بعض الناس قديما يخجلون من ذكره لشناعته أصبح عند الغرب اليوم أساس معظم فلسفاتهم ... فالفلسفة البرغماتية –وهي العمود الفقري للفكر الأمريكي- تقوم على المبدأ ذاته ..... فصواب الفكرة وخطؤها في هذا المذهب ليس ذاتيا في الفكرة بل هو فكرة في الذات لا غير: فهذه الفكرة صواب إن حملت لي "منفعة" وهي خطأ إن لم تحمل لي "منفعة" .... وليس من المستغرب أن تكون "حقيقة" الأمس "باطل" اليوم" .. لأن معيار الحق يدور مع المصلحة وجودا وعدما. وليس من المستغرب أن تكون الفكرة الواحدة صوابا وخطئا في وقت واحد إذ لا يشترط إلا وجود تقديرين أعني ذاتين ...
هذا هو جوهر "التفكيكية" عندما رفعت شعار "لا وجود إلا للقراءة" متخطية بذلك ما تبقى من "عقل" عند البنيوية.
فالبنيويون من قبل أجهزوا على "المؤلف" وأعدموه .... ويقصدون بذلك أن نية القائل ومراد المتكلم وقصد الكاتب لا أهمية لها إطلاقا ..... ولتوضيح المسالة أضرب مثلا طريفا ما زال عالقا بذهني:
في ندوة انعقدت حول مناهج تحليل الرواية قام ناقد فرنسي يدعى "ريكاردو" بتحليل رواية من تيار "الرواية الجديدة " وكان صاحب الرواية موجودا فى الندوة ..... وأثناء المناقشة اعترض المؤلف على الناقد وبين أن المعاني التي أشار إليها الناقد الفاضل لم تخطر بباله إطلاقا .... وأنه من المجازفة أن ينسب إلى روايته ما لا يعرفه هو وهو كاتبها.
فما كان من الناقد الفاضل إلا أن قال:
"لكنك ياعزيزي أنت لست الآن إلا قارئا من القراء."
ولعل في هذه الحادثة أقصى ما يمكن تخيله: خضوع الكاتب لسلطة القاريء. بل انتفاء مفهوم "المؤلف" أصلا. لأنه ينتقل مباشرة -بعد خروج النص - من صف المبدع إلى صف القراء ..... والقراء لا يتفاضلون!!
حسنا ...... مات المؤلف فمن يتكلم في النص؟
يجيب البنيويون: المتكلم الحقيقي هي اللغة ... فللغة نظامها وقوانينها ومستوياتها وهي مستقلة عن المتكلم وعن العالم (كان دو سوسير -أبو البنيوية -يرى أن الكلمة ليست علاقة بين اسم وشيء ولكن علاقة بين دال ومدلول ليعزل العالم عن اللغة وكان يميز بين اللغة والكلام ويرى أن موضوع علم اللغة هو الأول لا الثاني ليعزل الإنسان ..... )
إن تمسك البنيويين بسلطة اللغة -أي النص- هو الأمر الوحيد الذي أنقذهم من السقوط في السفسطة ..... لأنهم يعتقدون ب"شيء ما" خارج الانسان ثابت يمكن التحاكم والرجوع إليه. لكن التفكيكيين قوضوا هذا القلعة الأخيرة .... فاعلنوا "موت النص" بعد "موت المؤلف" وأصبح القاريء هو الكيان الوحيد الموجود ..... ولتقدير ما وقع بالفعل أخترع لكم هذا المشهد –على سبل التوضيح-:
قال المؤلف: أحب التفاح.
قال الناقد البنيوي: الجملة تتحدث عن رغبة الذات في موضوع ما.وهذا الموضوع ليس طبيعيا بقدر ما هو ثقافي فتكون الرغبة في تجاوز" المقدس " فالنص يحيل على قصة آدم وحواء ..... والتفاحة مظهر ل "عصيان"ما.
قال المؤلف: ما أردت إلا أنني جائع ....
قال البنيوي: هذا لا يهمني ف كلمة "التفاح " في اللغة لها هذه الإيحاءات المثيولوجية.
قال التفكيكي: أرى هنا تركيبة شعورية لها وجهان: ملل وقرف في وجه, وألم وتوجع في وجه آخر.
قال البنيوي: هذا لا يوجد في النص.
قال التفكيكي: بلى ..... الدال "تفاح" ينفك إل عنصرين "تف" و" آح" .... العنصر الأول فيه " أثر" الملل والضجر كما في "أف" .... وفي الثاني فيه" ترسبات " الوجع.
للفقرة بقية .....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[11 Dec 2005, 08:24 م]ـ
أما البند الثالث فهو لا يختلف كثيرا عن الثاني ... وكلاهما يلزمهما البند الأول أي السقوط في الغنوصية المطلقة .... فتعدد الحقائق هو المعبر عنه بالفكر النسبي الذي يلهج به الحداثيون .... ويوظفونه سياسيا في شعارهم:"التعددية" و"قبول الآخر".ويقولون لا أحد يملك الحقيقة المطلقة ... وهم يعرضون هنا بالإسلاميين .... ويقصدون بالآخراللادينية والإلحاد والفجور ويرون الحق لكل هذا الخليط أن يوجد ... بل لا بد من التعامل مع جميع المفاهيم على قدم المساواة ولا داعي للإنكار على فكر ما أو التشنيع على شذوذ ما لأن الحقيقة المطلقة غير موجودة فثبتت المساواة في الطابع النسبي ..... قال نيتشه دهقان الفكر التفكيكي (وهو الذي صعد إلى الرتبة الأولى في تصنيف الحداثيين بعد أفول نجم ماركس):"هناك عيون من جميع الألوان, إذن هناك حقائق من جميع الألوان, إذن لا حقيقة البتة".وبمثل هذا القول قال لويس التوسيرالفرنسي الماركسي (الذي عجل بنهاية الماركسية عندما أدخل مفهوم القراءة في قلب الماركسية فنادى بضرورة قراءة " الرأسمال") قال التوسير:"ليس هناك خطاب بريء". فإن صدق الرجل فقوله هذا ليس بريئا أيضا ... وقولي عن قوله إنه ليس بريئا هو بدوره غير بريء ومن خالفنا أو وافقنا فمخالفته أو موافقته ليست بريئة أيضا ...... اللهم ثبتنا على دينك.!!!!
(للعبرة فإن التوسير ذبح زوجته وسيق إلى مستشفى المجانين أما سلفه نيتشه فقد خرب داء الزهري مخه ومات في مستشفى المجانين أيضا ... وميشال فوكو لوطي كان من أوائل ضحايا الأيدز ..... فتبا لهؤلاء الحداثين من بني قومنا الذين لم ينتشلوا متبوعيهم إلا من ردهات المارستانات!!!)
هذا ....
وقد تقرر عند أئمة أمتنا أن أية فكرة أو أي اجتهاد لم نستطع أن نكتشف فيها البطلان بسبب إحكام الشبهة أو بسبب الزخرفة والتزيين الشيطاني فإنه مع ذلك يمكن القطع ببطلانها ليس بتحليلها بل بمجرد النظر إلى مآلها ولوازمها: فلا يلزم عن الحق إلا حق , ولا يلزم عن الباطل إلا باطل.لذلك أقول لناشئة المسلمين ليس من الضروري أن نتتبع المنهج التفكيكي أو الفلسفة النسبية في كل المفردات واللبنات فالمشقة ستطول وإرهاب المصطلحات وارد ... وإنما يكفي أن نقول:
يلزم من تبني القراءات التفكيكية القول بأنه ليس في الوجود قرآن. نعم.
جرب أن تجادل أحدهم وتحتج عليه بآية من التنزيل .... سيقول لك: هذا فهمك للآية ولا يلزمني .... أو هذه قراءة ممكنة للقرآن من جملة قراءات كثيرة أخرى ممكنة ... فإن قلت له ابن عباس قال .... رد عليك بقوله: رأي ابن عباس قراءة أخرى ممكنة ....
النتيجة: رفع القرآن الإلهي من الأرض ولم يبق إلا القراءات البشرية النسبية ... هذا يلزم كل الحداثيين شاؤوا أم أبوا ..... فلينظروا بعد ما بقي لهم من دين المسلمين.
قارنوا –رحمكم الله- بين هؤلاء "القراءتية" وبين سلف الأمة- ويقينا لم يسر على هذه الأرض أعقل من المسلمين- قالوا ضمن تعريفهم للتفسير:" الكشف عن مراد الله .... "وبذلك سدوا باب السفسطة ... فهناك "مراد الله " وهو الحق الوحيد .. والإنسان يسعى بجهده وقواعده الموضوعية ليصل أو ليقترب من هذه الحقيقة .... وسدا لباب السفسطة رمى الأصوليون مذهب" المصوبة" عن قوس واحدة .... وقالوا لا يعقل أن يكون الحق عند المختلفين بنفس القدر .... بل الحق عندفريق واحد ولهم أجران وللفريق الثاني أجر واحد هو أجر الجهد فقط ....
يتبع ..........
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[16 Dec 2005, 03:07 م]ـ
كلام موفق، ويا حبذا المواصلة على هذا النحو، لمزيد من كشف منهج هؤلاء.
وقد اطلعت على كتاب جيد بعنوان (تهافت القراءة المعاصرة) للدكتور محامي منير محمد طاهر الشواف يناقش فيه أحد من يدعو للقراءة المعاصرة للتراث وللقرآن، وهو المهندس المدني السوري محمد ديب شحرور وخاصة في كتابه (الكتاب والقرآن قرأة معاصرة). والكتاب مجلد في 627 صفحة، جدير بالقراءة والتلخيص.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 Dec 2005, 05:08 ص]ـ
4 - عودة إلى سوكال
للتأكد من فهمي لمصطلح "الاختلاف" عزمت على الرجوع إلى معجم كما يفعل جميع عباد الله ..... فلم أجد أفضل من "دليل" "يضيء" لأكثر من سبعين تيارا .... فكان أن وقعت على هذه التحفة الحداثية ..... أتركها لكم بدون تعليق إلا شيئين:
(يُتْبَعُ)
(/)
-تذكروا انكم تقرؤون في معجم.
-لو كان "سوكال" مسلما لترحمت عليه حيا وميتا.
د. ميجان الرويلي ............ د. سعد البازعي.
دليل الناقد الأدبي.
إضاءة لأكثر من سبعين تيارا ومصطلحا نقديا.
المركز الثقافي العربي.
الطبعة الثالثة.
2002
عدد الصفحات464
القياس:17*24
جميع الحقوق محفوظة.
الناشر المركز الثقافي العربي.
الدار البيضاء-المغرب
.. إن دريدا يشير إلى الأثر في تعريف للاخـ (ت) ـلاف ويزعم أنه يجعل حركة الدلالة ممكنة بشرط أن يرتبط كل "حاضر" أو ظاهر بشيء آخر غير نفسه ويحتفظ بعلامة عنصر ماض تميز "حضوره", كما يهيء نفسه "بتجويف" (أي أثر) محدد يكون علامة علاقته بعنصر المستقبل. إن هذا الأثر (التجويف) لا يرتبط بدرجة أقل بما يسمى المستقبل وبدرجة أكبر بما هو ماض , وإنما هو أثر يؤسس ما يسمى الحاضر في ذات هذه العلاقة , لا وجود للحاضر ولا للماضي ولا للمستقبل. فالأثر جزء لا يتجزأ من العلاقة , والعلاقة ذاتها أساس الماضي والحاضر والمستقبل , أساس الزمن ومفهومه.
ونتيجة لهذه العلاقة المنفصمة التي بدونها لا يمكن للحضور أن يتشكل , يكون الحضور دائما متأخرا عن نفسه ويأتي دائما كنتيجة للماضي المطلق الذي يؤسس إمكانية الحضور. و الاخـ (ت) ـلاف كحركة الزمانية هذه يقتضي أن تكون هذه الزمانية خارج مفهوم الزمن , لكنها أيضا هي أساس الزمن وبالتالي على علاقة معه , تحتفظ من خلال هذه العلاقة بعلامة العلاقة في داخلها. لكن كون هذا الماضي الزماني المطلق خارج الزمن فإن الاخـ (ت) ـلاف كزمانية يشير أيضا إلى مكانية أو فضائية , مساحة فاصلة, وكذلك يصبح الاخـ (ت) ـلاف هو أيضا أساس المكانية.
ثانيا: إن حركة الاخـ (ت) ـلاف (كمنتج لأشياء مختلفة تتصف بكونها حركة التمايز والتباين) هي الجذر المألوف لكل المفاهيم المتضادة التي تسم كل لغة. ودريدا هنا يعتمد على الفعل اللاتيني الذي يعنى (الاختلاف) وبذلك يكون الاخـ (ت) ـلاف هو نفسه سبب التمايز. لكن دريدا لا يقف هنا , بل يحيل أيضا إلى إيحاءات الاختلاف نفسه التي تنجم عن التضاد. بما أن إنتاج هذا التمايز والاختلاف ينجم عن "بينية" مكانية تقابلية بين المتضادات (بينية هي نفسها جاءت نتيجة مكانية المتضادات ورصفها جنبا لجنب) فلا بد من وجود صدع يفصل بينها اعتمادا على عدم التشابه أو النفور [الحساسية] بين الأقطاب والمصطلحات أو المفاهيم (إن احدى دلالات الاختلاف هي الجدل أو المنازعة أو اختلاف الرأي). ولهذا فإن الاخـ (ت) ـلاف هنا يتحدد على أنه توزيع مكاني , ولا بد له من إبراز المساحة والفسحة التي تفصل المتضادات. إن المكانية, مثلها مثل مفاهيم التقويض الأخرى (الأثر الأصل مثلا) , لا هي زمان ولا هي مكان, لكنها هي التي تعطي المكان إمكانية وجوده. فالاخـ (ت) ـلاف (كموجد للفراغ المكاني بين الضدين) هو افتراض مسبق, وعليه يعتمد وجود الفراغات بين المفاهيم والآراء والمصطلحات وما شابه ذلك. وهنا لا يختلف مفهوم الأثر الأصل عن مفهوم الاخـ (ت) ـلاف: فالمكانية من منظور الأثر الأصل هي الصدع الذي يحدد الخارجية عموما, الخارجية التي لا تسمح لأي وجود أن يحتفظ بمكان مفصول ومعزول عن غيره. وبما أن المكانية هي الإمكانية التي يقتضيها أي كائن فإن هذه المكانية لا بد أن تكون جوهرية فيه وجزءا من هويته. لكن المكانية تبقى ليست زمانا ولا مكانا , وإنما خارج مطلق يحدد هوية الوجود. ومن هنا يرى دريدا أن أي "خارج" لا بد أن يقطن ويحتل الداخلي حتى يتسنى لما هو داخل أن يكون (أو حتى أن يتسنى لأي شيء أن يوجد ويحل في موقع مكانى).
أما من منظور الاخـ (ت) ـلاف , فإن المكانية هي عنف الانفجار والانفصام التي من خلالها يتأتى للمفاهيم والمصطلحات ضمن البينية المتضادة أن تنفصل عن بعضها وتتقابل حتى يتسنى لعملية الدلالة أن تتم.ولذلك فإن هذه "المكانية" هي في آن إنتاجية أو محصلة (سلبية وايجابية معا) الفواصل والقواطع الفراغية التي بدونها لا يمكن أبدا للمفردات والمصطلحات أن تؤدي عملية الدلالة ووظيفتها.أما أهمية الفواصل والقواطع فتكمن في أنها تسمح للعناصر المتضادة الدخول في علاقة معينة دون أن تسمح لها بالتوافق أو التطابق التام. إن المكانية تهيء ظهور المفاهيم , لكن المفاهيم نفسها –وهي تعتمد في وجودها على المكانية—لا بد أن تكون قد وسمت مسبقا بعلاقتها مع
(يُتْبَعُ)
(/)
آخرها في مشهد الدلالة الأصلي (الأولي). والمكانية من ثم ليست هي عزل المختلفات والفصل بينها فقط, وإنما هي أيضا عملية العزل ذاتها , هي هذا النشاط الإيجابي أو الفعل الذي يرسي الفواصل بالاضافة إلى الفواصل ذاتها. كما أن ما تفعله بهذه المفاهيم ينطبق أيضا على المكانية نفسها وعلى عمليتها الإيجابية والسلبية.ولذلك فهي مفهوم غير مستقر ولا يقبل التحديد أبدا.
ثالثا: إن الاخـ (ت) ـلاف هو منتج الاختلافات ومنتج عملية إنتاج الاختلافات, أي عملية توليد الاختلافات التي بها تتميز الاختلافات نفسها. ف الاخـ (ت) ـلاف هو مصدر الاختلافات اللغوية التي توصل إليها سوسير. وبهذا الربط يكون الاخـ (ت) ـلاف هو مبدأ السميوطيقا والادراك اللغوي. ولا يجب خلط الاختلافات البنيوية الأفقية مع الاختلافات المنتجة للمفاهيم , فالأولى هي خصائص الإشارات وأنظمة الإشارة التي تهيء العناصر الأولية للدلالة. وهذا النظام اللغوي يعتمد على انتاج اختلافات منتظمة , وبذلك فإن أساس هذه الاختلافات هو الاخـ (ت) ـلاف.وعليه فإن الدلالة ونظامها يعتمد أساسا على الاخـ (ت) ـلاف.ومن الواضح أن الاخـ (ت) ـلاف كمبدأ للمخالفة والتباين والتميز يتداخل مع معناه كمفهوم مكاني, بما أن المفاهيم بالضرورة لا بد أن تنطبع داخل الأنظمة والبنى حيث تتم عملية الإحالة والمرجعية إلى المفاهيم الأخرى (تنطبع , كما يقول سوسير, بشكل سلبي, أو بشكل غير متحيز, لأن اللغة تتكون من الاختلافات فقط)
رابعا: إن الاخـ (ت) ـلاف هو إمكانية تسمية وإدراك الاختلاف العيني "الطبيعي", والاختلاف هو دائما سابق على أي "وجود" طبيعي وخارج عنه حتى يتسنى "للوجود-الكينونة"إمكانية الإدراك والمعرفة , أي حتى يختلف الوجود عن الموجودات. ولهذا فإن الاخـ (ت) ـلاف أقدم وأسبق من الوجود. وهنا يكاد مفهوم الاخـ (ت) ـلاف يتطابق مع مفهوم الأثر والأصل.
..........
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 Dec 2005, 05:26 ص]ـ
فى غمرة انتشائي بهذا النص الذي أضاء لي مصطلح "الاختلاف" نسيت أن أشير إلى الصفحات التي طلع منها قمر الدج (ى) (أرجوكم لا تصحفوا الوصف فتقرؤوه دجال مثلا) ..... فعذرا للدكتورين الفاضلين صاحبي هذا الدليل الأدبي ......
الصفحات 117 - 118 - 119
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[18 Dec 2005, 08:35 ص]ـ
الفاضل أبو عبد المعز
بارك الله في قلمكم السيّال وزادكم علما وفهما
هل عدم وضعكم لكلمة "يتبع ... " يعني أن الموضوع قد انتهى من جانبكم؟
أسألكم هذا لأني أقوم بتنسيق الموضوع في ملف وورد بنية نشره على بعض الأخوة، فإن انتهيتم منه نشرته، وإن كان مازال في جعبتكم ما تضيفونه، صبرت بانتظار إضافتكم ...
أخوكم المحب لكم في الله
أبو حسن
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[18 Dec 2005, 09:35 ص]ـ
أخي عبد المعز
بارك الله فيك
أفضح زيف المشدوهين المتمعلمين المقلدين المتفلسفين الذين عندهم تفسيرا لكل ما يقوم به الغرب دون إمعان النظر والعقل في كلامهم أو أبحاثهم حتى وإن كانت زيف وكذب فلقد أعطوا للغرب حبال قيادهم فساروا خلفه كالبهائم لا تدري الي أين هم مساقون
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Dec 2005, 02:32 م]ـ
ذكرني قول أخي الكريم الأستاذ أبي عبدالمعز: «الحَداثيُّ طفلٌ صغيرٌ، تُعجبهُ الفرقعات وتلؤلؤُ الأشياء – حتى لو أحرقته! - خاصةً الألفاظ والمصطلحات ... وعنده شغف شديد بالكلمات التي تنتهي بـ (لوجيا) ..... ، ولا يَجدُ لذتَه إلا في لَوكِ الكلمات ذات الرطانة الأجنبية ..... فهو قلما يقول مثلا "من وجه نفسي واجتماعي وحضاري" بل يفضل أن يتفيهق على نحو:"على المستوى السايكولوجي والسوسيولوجي والانتربولوجي"ثم ينظر وقع الكلمات على مخاطبيه بزهو واضح كالطاووس».
أقول: ذَكَّرني هذا بكلامٍ قديمٍ مطابقٍ لهذا مَرَّ عليَّ في كلام الجاحظ (ت255هـ) وابن قتيبة (ت276هـ)، وأبي سعيد السيرافي وابن فارس الرازي (ت395هـ) رحمهم الله، فرجعت إليه مرة أخرى في مظانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
فوجدت ابن قتيبة رحمه الله يقول في كتابه النفيس (أدب الكاتب) وهو يتكلم عن الثقافات الأجنبية، وولع الناس بها، وأنَّ مصطلحاتها تستهوي الغِمْرَ الحَدَثَ: « ... فإذا سمع الغِمْرُ والحَدَثُ الغِرُّ قولَةَ: الكون والفساد، وسمع الكيان والأسماء المفردة، والكيفية والكمية، والزمان والدليل، والأخبار المؤلفة، راعه ما سمع، وظن أن تحت هذه الألقاب كل فائدة، وكل لطيفة، فإذا طالعها لم يحل منها بطائل، إنما هو الجوهر يقوم بنفسه، والعرض لا يقوم بنفسه ... ولو أن مؤلف حد المنطق بلغ زماننا هذا حتى يسمع دقائق الكلام في الدين والفقه لعد نفسه من البكم، أو يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأيقن أن للعرب الحكمة وفصل الخطاب». [أدب الكاتب 3 - 5]
وهذا الجاحظ يأتي على ذكر منطق أرسطو بسخرية خفية فيقول: «ألا ترى أن كتاب (المنطق) الذي وسم بهذا الاسم، لو قرأته على جميع خطباء الأمصار وبلغاء العرب لما فهموا أكثره». [الحيوان 1/ 90]
وأبو سعيد السيرافي في مناظرته الشهيرة لمتى بن يونس، في مجلس الوزير أبي الفضل بن جعفر بن الفرات سنة 326هـ يقول مخاطباً لِمَتَّى: « ... ما وجدنا لكم إلا ما استعرتم من لغة العرب كالسبب والآلة والسلب والإيجاب، والموضوع والمحمول، والكون والفساد، والمهمل والمحصور، وأمثلة لا تنفع ولا تجدي، وهي إلى العي أقرب، وفي الفهاهة أذهب. ثم أنتم هؤلاء في منطقكم على نقص ظاهر؛ لأنكم لا تفون بالكتب ولا هي مشروحة، فتدعون الشعر ولا تعرفونه، وتذكرون الخطابة وأنتم عنها في منقطع التراب ... وإنما بودكم أن تشغلوا جاهلاً، وتستذلوا عزيزاً! وغايتكم أن تهولوا بالجنس والنوع، والخاصة والفصل، والعرض والشخص، وتقولوا: الهلية، والأينية، والماهية، والكيفية، والكمية، والذاتية، والعرضية، والجوهرية، والهيولية، والصورية، والأيسية، والليسية، والنفسية؟ وهذه كلها خرافات وترهات، ومغالق وشبكات، ومن جاد عقله، وحسن تمييزه، ولطف نظره، وثقب رأيه، وأنارت نفسه، استغنى عن هذا كله بعون الله». [الإمتاع والمؤانسة للتوحيدي 1/ 122].
وهذا العلامة اللغوي أحمد بن فارس الرازي (ت395هـ) يقول: «وزعم ناس يُتوَّقَّفُ عن قبولِ أخبارهم أن أن الذين يسمون الفلاسفة قد كان لهم إعراب ومؤلفات نحو.
قال أحمد بن فارس: وهذا كلام لا يعرج على مثله، وإنما تشبه القوم آنفاً بأهل الإسلام، فأخذوا من كتب علمائنا، وغيروا بعض ألفاظها، ونسبوا ذلك إلى قوم ذوي أسماء منكرة، بتراجم بشعة لا يكاد لسان ذي دين ينطق بها. وادعوا مع ذلك أن للقوم شعراً، وقد قرأناه فوجدناه قليل الماء، نزر الحلاوة، غير مستقيم الوزن. بلى، الشعر شعر العرب، وحافظ مآثرهم، ومقيد أحسابهم، ثم للعرب العروض التي هي ميزان الشعر، وبها يعرف صحيحه من سقيمه، ومن عرف دقائقه وأسراره وخفاياه، علم أنه يربي على جميع ما يبجح به هؤلاء الذين ينتحلون معرفة حقائق الأشياء، من الأعداد والخطوط، والنقط التي لا أعرف لها فائدة، غير أنها مع قلة فائدتها ترق الدين، وتنتج كل ما نعوذ بالله منه». [الصاحبي 76 - 77]
وهذه أمثلة فحسب أمكن الاهتداء إليها على عجل، ولغيرهم من العلماء والأدباء كلامٌ مشابه لهذا في ازدراء الثقافات الأجنبية في عصرهم، ولا سيما هذه العبارات الفضفاضة، التي تغر السامع، وتوهمه أن وراءها ما يستحق العناء، وهي خاوية من ذلك.
بل أذكر أن ابن نباتة في كتابه الممتع (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون) ذكر أن كتب الفلسفة التي نقلت للمأمون من جزيرة قبرص، وأمر بترجمتها، إنما أريد لها أن تفسد الثقافة العربية، وأن توقع الخلاف بين علماء الإسلام.
وأرى هؤلاء المقلدين في زماننا يكررون الاسطوانة نفسها، مع بعض التعديلات والله المستعان، فقد انبهر بهم أقوامٌ، واغتر بهم فئام من الناس، فغدوا وهم يلوكون مصطلحاتهم، وربما استمعت إلى أحدهم وهو يتكلم عن رأيه في الأدب العربي المعاصر، فلا تكاد تهتدي إلى مراده، ولا تفهم مقصده الذي يدعو إليه، لغرابة ألفاظه، ونبو السمع عنها.
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Dec 2005, 02:40 ص]ـ
كنت أقرأ في كتاب (معجزات قلب القرآن) لمؤلفه الشيخ هشام سعيد الدفتردار اللبناني فوجدت فيه واقعة حصلت بوجوده وهو طالب وهي واقعة أدبية طريفة مضحكة و لطيفة تصلح أن تكون مثالاً للقراءة المعاصرة، يقول الشيخ في معرض كلامه عن التأويل الفاسد أنه كمثل (صاحبه) الذي جعل القطاطيب جمع القطّاب في قول الشاعر:
ولولا المزعجات من الليالي لما مس القطا طيب المنام
ولما سئل صاحبه عن (القطاب) قال هو الكثيب من الرمل، فقيل له: إن الرمل لا ينام، فقال وهو يبتسم ابتسامة ماكرة: ألا ترون أن الرمل يكون عاصفاً ثم يسكن. انتهت القصة مع بعض التصرف لأني أكتبها حفظاً، وهكذا أصحاب القراءة المعاصرة يأتون بمثل هذه الدلالات العجيبة المضحكة التي تصلح أن تلحق بكتاب (أخبار الحمقى والمغفلين) لابن الجوزي رحمه الله، فكم سيكون حجم كتاب ابن الجوزي لو كان حياً إلى الآن؟!!!. يرحمكم الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[26 Dec 2005, 08:09 ص]ـ
- فكرة للمناقشة:
قرأت لأحد الحداثيين أن فكرة "موت الكاتب"، والتي سماها روجيه غارودي "فلسفة موت الإنسان"، بدأت مع المتنبي حين سئل عن شيء من شعره فقال: "سلوا ابن جني عن شعري، فهو أعلم به مني" ... وحين قال في بيته الشهير:
أنام ملء جفوني عن شواردها * ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
فما رأي الأخوة الأفاضل في هذا؟
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[27 Dec 2005, 04:03 ص]ـ
5 - قراءة في قراءة خبيثة
محمد عابد الجابري أستاذ الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط ... يعد من رموز القراءتيين وأشدهم كيدا للقرآن (وهذا سأبينه بالدليل الجلي) وله تاريخ عريق في الكيد لهذه الأمة منذ أن كتب مع رفيقين له كتابا مقررا في الفلسفة موجها لطلبة الباكالوريا وكان سببا فى ضلال وإلحاد كثير من المراهقين والشبان –أعرفهم شخصيا- كيف لا يلحدون والجابري في مفتتح كتابه يسوي الفكر الأسطوري والفكر الديني و"يثبت" أن فكرة الدين خلقها إنسان الكهوف لحاجة في نفسه نحو الأمن والأمان .....
ومحمد عابد الجابري عندي أذكى الحداثيين وأخبثهم لأنه قد أوتي أمران:
-حدس قوي شبيه بحدس الجرذان ... فلما حدس أن السفينة الماركسية غارقة لا محالة تخلى جزئيا عنها ومال إلى الفكر اللبرالي , حيث الريح طيبة , وزاوج بين خلفية عقيدته الماركسية وأدوات القراءة الغربية, ومضى يعبث بدين وتاريخ المسلمين ..
كان في بداية أمره مناضلا سياسيا فحدس مرة أخرى أن السياسة ملطخة للأثواب فاستقال من حزبه السياسي الاشتراكي ولبس مسوح المفكر فيما غرق زملاؤه المثقفون في أوحال السياسة والتكالب على السلطة ... وهكذا نفذ بجلده مرتين.
-أوتي الجابري مهارة كبرى في التقية (وهذا هو الأمر الثاني) فهو شديد الطعن في الإسلام -من غير أن يثير الضجة - بل تجد من الإسلامين من يحسن الظن به ويعتبرونه أقرب العلمانيين إليهم مع أنه خبيث الطوية (وهذا سأبينه بالدليل الجلي).فمن نفاقه وتقيته أنه يتحدث عن مسمى الإسلام تحت تسمية العروبة .... فالعقيدة الإسلامية يسميها "العقل العربي" وتاريخ الصحابة يسميه"العقل السياسي العربي" وهكذا يتمكن من هجو الإسلام هجاء مقذعا مع الإطمئنان إلى مخرج النافقاء إذا سمع حسيسا عند مدخل القاعصاء فيتسنى له الهروب في كل مرة مدعيا أنه يتحدث عن العروبة لا عن الإسلام .... عكس صنيع صديقه "أركون" المتهور الذي لا يتقي شيئا ويعلن أنه ينقد العقل الإسلامي صراحة .... وليس عند الرجلين إلا الخبث في وجهيه: المتقي والجريء.
تعالوا الآن لنقوم بقراءة لقراءة الجابري للقرآن ....
وفي ظني ليس هناك شيء أصعب على الجابري وعلى كل الحداثين من مفهوم "قراءة القراءة" خاصة إذا كانت القراءة مسلطة عليهم وتتخذ من قراءاتهم مادة وموضوعا .. وآية ذلك أنك عندما تقرأ الجابري –أو غيره- فقد جعلت نفسك في مأمن وبوسعك أن تطعن ما تشاء في جسم ضحيتك وليس له أن يحتج أو يتظلم لأنك "تقرأ " كما أنه "يقرأ " ومن الغباوة بمكان أن يمنعك من القراءة وهو من أشد المنافحين عن مفهوم التعدد في القراءات .... ومن أشد المناوئين ل"ظلامية" الإسلاميين وأطروحتهم في وجوب القراءة الوحيدة المستندة إلى مبدأ" ما بعد الحق إلا الضلال" ... ولكم هنا أن تعتبروا بموقف نصر حامد أبو زيد الذي أراد أن "يقرأ" كما يشاء فلما" قرؤوه" غضب وثار واحتج وسافر بتظلمه بين الشرق و الغرب .... ألم يكن الرجل يعي أن الذين كفروه وأخرجوه من الملة ما فعلوا أكثر من قراءة ..... صحيح هي قراءة مستندة على الدين ولكن ليس له ان يمنع من شاء أن يستند على ما شاء, هذا هو "دستور القراءة" فلماذا تغضب يا أبا زيد؟ ثم أليس هو مختصا في قراءة النصوص الدينية ويعطي لنفسه الحق في تأويلها ..... فما باله لا يعطي الحق لخصومه ليكفروه بناء على تأويل نصوصه ..... حقا إن الكيل بمكيالين لهو ديدن الحداثيين.
قال الجابري: في ثالث كتاب ضمن مشروعه نقد العقل العربي تحت عنوان فرعي هو العقل السياسي العربي محدداته وتجلياته-المركز الثقافي العربي1990الدار البيضاء-ص31 - 32:
(يُتْبَعُ)
(/)
[تبدأ السورة كما قلنا بتأكيد نبوة محمد (ص) فتقرر أن ما يأتي به وحي من الله ينقله إليه ملك قوي شديد هو جبريل:"والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى , علمه شديد القوى , ذو مرة"."ثم ترسم السورة مشهدا للقاء محمد مع جبريل أثناء نزول الوحي عليه:" ... ذو مرة فاستوى (جبريل) , وهو بالأفق الأعلى , ثم دنا فتدلى (جبريل) فكان قاب قوسين أو أدنى (لاتفصله عن محمد سوى مسافة قصيرة) , فأوحى (الله) إلى عبده (محمد بواسطة جبريل ما أوحى".لقد رأى محمد (ص) جبريل يملأ الأفق كله فملك عليه ذلك جماع نفسه ولم يعد هناك مجال لتطرق الشك إليه فيما رأى ,فكيف تجادلونه وتشككون في أن يكون جبريل يأتيه بالفعل:"فأوحى إلى عبده ما أوحى ,ما كذب الفؤاد ما رأى , أفتمارونه على ما يرى ",كيف؟ وقد رآه مرة أخرى وقت" الإسراء والمعراج"في أعلى عليين حيث الجنة والملائكة بأعداد كثيرة تسبح لله في "سدرة المنتهى"وكأنها طيور تتزاحم على شجرة. لقد رأى هناك من عجائب الملكوت ما رأى فما انحرف بصره وما زاغ]
صاغ اليهودي الهالك دريدا نحتا بالفرنسية differance حيث استبدل « a » ب « e » فاصبحت الكلمة الجديدة المبتكرة تعنى الاختلاف والارجاء معا. وما دمنا نخاطب الحداثيين فلنصنع مثل صنيع كبيرهم دريدا وها أنا أقترح مصطلح "قراءة" لكن مكتوبة بشكل حداثي بحيث تكتب "القاف" قريبة من حرف "الخاء" في الرسم الخطي وتؤذن في الناس أنهم أحرار في اختيار الحرف الذي يعشقون ....
ما صنع الجابري بالقرآن هنا يناسبه "الخائية " وليس "القافية".
وقبل تحليلنا الأسلوبي نشير أولا إلى مقصد الجابري:
تجاوز الجابري نهج" الطعن النظري" في القرآن الكريم (فهو لا يريد أن يلفت إليه أنظار الغاضبين تمسكا بخطة التقية) لكنه يحاول في المقابل "الطعن العملي" فيضع القاريء أمام سياقات محكمة بدهاء وخبث بخرج منها القاريء عمليا بنتيجة دبر لها بليل وهي أن القرآن كلام عادي جدا بل أقل من العادي ولسان حال الجابري الخبيث: القرآن ما تقرأ لا ما يقال عنه.
- (وحي من الله ينقله إليه ملك قوي شديد هو جبريل:"والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم ..... ")
فلو أزلت علامات التنصيص - التي لا علاقة لها بالقراءة – لوجدت أن الجابري قد مكر بك لقد أرغمك على قراءة جزء من كلامه وجزء من الآية على تنغيم ووتيرة واحدة .... فكأن الأمر يتعلق بفقرة واحدة منسجمة .... ولهذه الخطة تنويعات أخرى سنبينها فيما بعد والقصد واحد.
- علمه شديد القوى , ذو مرة"."ثم ترسم السورة مشهدا للقاء محمد مع جبريل أثناء نزول الوحي عليه:" ... ذو مرة فاستوى (جبريل).
لاحظوا التقطيع المونتاجي للآية والوقوف عند تعبير" ذو مرة" ثم يحشر كلامه كأنه يقاطع القاريء ويستأنف مع تكرار" ذو مرة" فيسقط النص القرآني في تكرار يشوه النسج ويصبح قريبا من الهذيان.
- فاستوى (جبريل).
لماذا أقحم الخبيث جبريل بين قوسين ..... مع أن الضمير لا إشكال في مرجعه .... الجواب: ليحرف القاريء القرآن رغم أنفه ......
مرة كتب الجابري رادا على من يأخذ عليه قلة الاستشهاد بكلام غيره ..... قالـ: لا أحب أن أزين كلامي بكلام غيري .... لكن لا بأس على الجابري من أن يزين كلام الله بكلامه!!!
-والآن اقرؤوا آيات سورة النجم بعد قراءة الجابري –بالخاء شرف الله قدركم-:
ذو مرة فاستوى (جبريل) , وهو بالأفق الأعلى , ثم دنا فتدلى (جبريل) فكان قاب قوسين أو أدنى (لاتفصله عن محمد سوى مسافة قصيرة) , فأوحى (الله) إلى عبده (محمد بواسطة جبريل ما أوحى".
مونتاج غريب من أي القرآن وإضافات قرائية-بالخاء دائما- من الجابري فتكون الحصيلة كلاما قريبا من العي ولسان حال الخبيث: أبهذا تحدى الله الانس والجن!
-"فأوحى إلى عبده ما أوحى ,ما كذب الفؤاد ما رأى , أفتمارونه على ما يرى ",كيف؟
لاحظوا كيف ذيل الخبيث الآية- وقد انتهت – باداة الاستفهام المقحمة"كيف" لتقرأها مع الآية على نغمة الاستفهام ..... ولسان حاله: أنك قد تزيد كلاما بشريا في ما تعتقده كلاما إلهيا فتكون الحصيلة كلاما واحدا ......
- وقد رآه مرة أخرى وقت" الإسراء والمعراج"في أعلى عليين حيث الجنة والملائكة بأعداد كثيرة تسبح لله في "سدرة المنتهى"وكأنها طيور تتزاحم على شجرة.
هل تحتاجون إلى تعليق على هذه السخرية بالملائكة؟
المعروف عن أسلوب الجابري أنه أسلوب أكاديمي عقلاني لكن لا باس من التعبير الشعري المجازي إذا احتاجه للسخرية برموز المسلمين:" وكأنها طيور تتزاحم على شجرة."هكذا قال فض فوه.
- فكيف تجادلونه وتشككون في أن يكون جبريل يأتيه بالفعل:"فأوحى إلى عبده ما أوحى ,ما كذب الفؤاد ما رأى , أفتمارونه على ما يرى ",كيف؟
الجابري العقلاني هنا يتبنى الاسلوب الانشائي على غير عادته –عادة الابستمولوجي البارد الذي ينحت في صخر-
هاهوالجابري من عصرنا يخاطب المشركين من وراء القرون ويبكتهم " فكيف تجادلونه وتشككون" هل تحول الابستملوجي البشلاردي إلى عاطفي بقدرة قادر؟
لكن الخبيث على أصله القرائي- لا أذكركم بالخاء- وجد في الآية استفهاما انكاريا هو" أفتمارونه على ما يرى" فأراد أن يفتح الكلام باستفهام إنكاري لتقرأ الفقرة كلها على نغمة الإنكار ...... والمقصود واضح لذي أذنين.
يتبع ...... مع نصوص أخرى للجابري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[27 Dec 2005, 08:45 م]ـ
كم يطيب للجابري أن يلغو في القرآن وأعني هنا ب"في" دلالتها الحقيقية على الظرفية ... فمن باب الإصرار وسبق الترصد يعمد إلى تقطيع الآيات وأجزاء الآيات ويدرج بينها كلامه مع أنه عندما ينقل كلام غيره من المؤرخين والمفسرين "يحترم" المنقول عنهم فيأتي به كاملا ويعلق بعد تمام الكلام أو في الحاشية .... لكن العبث لا يحلو له إلا بلغة القرآن وتكون الحصيلة تحريفا وتزويرا للقرآن على هذا النحو الذي ستقرؤه لسورة الضحى برواية الجابري الضعيفة وسبب الضعف "الإدراج" وهو هنا من الصورة القبيحة جدا فقد وقع أول المتن ووسطه وآخره:
ومنهم زوجة عمه أبي لهب واسمها أم جميل وهي أخت أبي سفيان وكانت من المستهزئين به فقالت له:"إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك " ولكن رجاءها سيخيب. لقد جاءه جبريل بسورة الضحى تحمل إليه القسم بان الله ما ودعه وما قلاه:"والضحي, والليل إذا سجى , ما ودعك ربك وما قلى , وللآخرة خير لك من الأولى , ولسوف يعطيك ربك فترضى , ألم يجدك يتيما فآوى (مات أبوه وهو جنين في بطن أمه وماتت أمه وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه أبو طالب) , ووجدك ضالا فهدى , ووجدك عائلا فأغنى (أغناه بمال خديجة زوجته, وكانت غنية تستأجر الرجال في مالها, وقد بلغها حسن سلوكه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا ففعل, ثم تطور الأمر إلى أن عرضت عليه الزواج فقبل, وكان ذلك قبل نزول الوحي عليه وعمره خمسة وعشرون عاما وعمرها هي أربعون سنة) , فأما اليتيم فلا تقهر (وقد كنت يتيما) , وأما السائل فلا تنهر (وقد كنت فقيرا) , وأما بنعمة ربك فحدث " (نعمة النبوة) (10 الضحى93/ 1 - 11)
هذا التذييل المرجعي (10 الضحى93/ 1 - 11) مزور كما هو ملحوظ ... فقد أصبحت" الضحى" في كتاب الجابري خليطا من القرآن والسيرة والاخبار والجميع مرصع بكلام الجابري ... وعلى القاريء اللبيب أن يتتبع حيث يضع الجابري علامة الفاصلة فهو لا يضعها بعد نهاية الجملة القرآنية بل بعد أن يذيلها بكلامه إمعانا في دمج كلام في كلام: ألم يجدك يتيما فآوى (مات أبوه وهو جنين في بطن أمه وماتت أمه وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه أبو طالب) , ووجدك عائلا فأغنى (أغناه بمال خديجة زوجته, بيد أنه يذهب إلى أبعد من ذلك في الضلال .... فاقرأ إن شئت (بعد اختزال القوسين):
فأما اليتيم فلا تقهروقد كنت يتيما, وأما السائل فلا تنهروقد كنت فقيرا.
فيا أيها الفصحاء ما معنى هذا؟
-هل يريد الخبيث أن يقول إن الآيتين بعد التعديل أحسن جرسا وإيقاعا؟
-أم يريد أن يقول: أقحمنا كلامنا في القرآن فجاءت النتيجة كما تسمعون فصيحة بليغة.
–أو يريد أن يقول: كيف يكون الإعجاز في (فأما اليتيم فلا تقهر, وأما السائل فلا تنهر.) ولا يكون في: فأما اليتيم فلا تقهروقد كنت يتيما, وأما السائل فلا تنهروقد كنت فقيرا.؟
هذا ما عبرت عنه بقولي: الطعن العملي في القرآن.
للكلام بقية ........
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[29 Dec 2005, 11:52 م]ـ
( .. يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا. قال (أبوه) أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ,لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا. قال (إبراهيم) سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا,) ص 35.
لماذا أقحم الجابري الكلمتين بين القوسين .... [قال (أبوه) , قال (إبراهيم)].لا أعتقد أن الجابري سيقول إن مرجع الضمير في "قال" الأولى مشكل فيحتاج إلى التصريح به فالسياق متعلق بحوار بين إبراهيم وأبيه وكل غبي في الدنيا يعلم أن القائل لا بد أن يكون هوالأب بقرينة "يا إبراهيم".ولا بد أن يكون المجيب هو غير المتكلم الأول ..... ثم إن المصنف لا يوجه كتابه للإسكيمو أو لسكان جزر الواق واق فقد قال في صفحة 21:
(هدفنا من هذا الفصل ليس عرض العقيدة الإسلامية فهي معروفة والكتاب موجه إلى العرب والمسلمين وهم جميعا يعرفونها على الأقل في أصولها العامة .... )
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن [قال (أبوه) , قال (إبراهيم)] ليس لهما وظيفة توجيهية أو تفسيرية وليس تحتهما إلا خبث صبياني كما في مقالب الصبيان بعضهم لبعض فالهدف واضح هو اللعب بالقرآن والمكر بالقاريء الضحية الذي يجد نفسه قد حرف القرآن وهو غافل مسترسل في قراءته ..... فما صنيع الجابري - المفكر الكبير -إلا كمن يلقي النجاسة في الماء الصافي فيأخذه الزهو الصبياني عندما يتصور أنه أفسد وضوء المتطهر ...... هذا مبلغ علمهم ومبلغ أخلاقهم.
ومما يؤكد صبيانية الجابري أنه كرر هذه اللعبة في أماكن كثيرة من كتابه ذاك .... والفرنسيون يقولون بلسانهم- الذي لا يتقنه الجابري جيدا- "أن أفضل دعابة ما كان يسيرا ... " فحرم الجابري من خفة الدم بعدما حرم من ثقل الحلم في الدنيا وحسابه عند ربه في الآخرة .. وهذه أمثلة وتنويعات على مقلب واحد:
والرجز فاهجر (الأصنام) , ولا تمنن تستكثر (لا تعط شيئا من عبادة أو صبر على الأذى لتطلب أكثر منه", ولربك فاصبر , فإذا نقر في الناقور ,فذلك يومئذ يوم عسير ,على الكافرين غير يسير"
لم يغلق الجابري القوس الثاني عمدا ... لتذويب كل حاجز بين كلامه وكلام ربه .... قلت (عمدا) وأستبعد السهو المطبعي لأن الجابري في كتابه هذا يعول على الدلالات السميولوجية لعلامات التنصيص .... مع سبق الإصرار والترصد.
- والمؤتفكة أهوى (=قرى قوم لوط أسقطها في الهاوية) فغشاها ما غشى (=من الحجارة والتراب) فبأي آلاء ربك تتمارى (=وتشكك أيها الإنسان)؟ هذا نذير من النذر الأولى .....
لاحظ مثلا أن علامة الاستفهام تعمد أن يضعها ليس في ختام الاستفهام القرآني ولكن بعد الحشو الذي أضافه الجابري ,وقد جاء بواو العطف لتربط كلاما بكلام لتكوين كلام جديد متجانس: فبأي آلاء ربك تتمارى وتشكك أيها الإنسان؟
- ولولا أن يكون الناس أمة واحدة (=على الكفر) لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون, ولبيوتهم أبوابا وسررا (من فضة كذلك) عليها يتكئون, وزخرفا (=ذهبا).
لا يقال أن بعض المفسرين المسلمين يدمجون كلامهم اثناء تفسير الآية (كتفسير الجلالين مثلا) ويكون الجابري له سلف لأنا نقول شتان بين الفريقين فالجابري يستشهد بالنص ولا يفسره ويتعمد إغراق النص القرآني في كلام استطرادي مشرقا ومغربا ثم يعود إلى تتمة الآية ويتعمد لشرحه أن يكون متعلقا نحويا وأسلوبيا بجزء من الآية ليوهم الناس أن كلام الله وكلام البشر لا يختلفان.
- أفرأيت الذي تولى, (=رجع عن الإنفاق) وأعطى قليلا وأكدى, (أمسك) ,أعنده علم الغيب فهو يرى= (أن ما قاله أخوه ممكن وحق) أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى, (=وفى بأن هم بذبح ولده عطاء وتضحية)
يوظف الجابري علامات الترقيم لتحقيق مقصده ..... فمثلا قوله (رجع عن الإنفاق) مفصول عن تولى -التي يفترض أنه يشرحها –بفاصلة, ليلحقه بما بعد الآية لتكوين كلام واحد: رجع عن الإنفاق وأعطى قليلا وأكدى. وقوله (أن ما قاله أخوه ممكن وحق) يقرأ وكأنه في محل نصب ل "يرى" .....
ـ[ابن حجر]ــــــــ[31 Dec 2005, 11:10 م]ـ
الله يصلح أحوال المسلمين(/)
إلى الجميع بلا استثناء: ما رأيكم .... ؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[13 Dec 2005, 02:11 م]ـ
أنزل الله كتابه على نبيه صلى الله عليه وسلم , وتكفل بحفظه بقوله تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ". ومنذ نزوله لم يسلم من الطعن في مُبلِّغه , أوالتشكيك بمصدره , من اتهام بالسحر والكهانة والشعر ,تكفل القرآن بالرد عليها في حينه , ثم توارث الحاقدون راية الطعن من آبائهم الجاهليين , فزينوها وزخرفوها بلسان عصرهم , مستخدمين ما جدّ من معارف وعلوم , ومصداقاً للوعد الإلهي بحفظ كتابه هيئ الله علماء من أمة الإسلام , فبيّنوا عوارها وتهافتها , وردوها على أصحابها ,وظل هذا القرآن نقياً خالصاً بحمد الله يقرأه المسلمون كما أُنزل.
فهل توقف الحد عند هذا , كلا بل ما زال أحفاد الجاهليين الأوليين يتوارثون علوم آبائهم ,يزخرفوها ويلبسوها أقنعة جديدة , تحقيقاً لسنة الله الباقية في المدافعة بين أهل الحق والباطل إلى قيام الساعة , لتنبري لهم طائفة من أمة الإسلام مدافعين عن كتاب ربهم في جهود تذكر فتشكر.
وإسهاماً من إخوانكم القائمين على هذا الملتقى رأينا طرح مقترح على أعضاء الملتقى ورواده يتمثل في فتح ملتقى خاص بهذا الموضوع , يكون مجمعاً لكل ما يتعلق به , ومنهلاً ينهل منه من يريد أن يتصدى لأمثال هؤلاء , وكانت الفكرة تراودنا منذ فترة , وأثارها الآن تلك البدايات الموفقة في كتابات أخوين فاضلين وهما: الأخ عبد الرحيم , والأخ أبي عبد المعز وغيرهما من الأخوة الفضلاء.
والمرجو من الجميع إبداء الرأي حول أصل الفكرة وما يتبعها من اقتراحات وأفكار , وآليات تنفيذها لتحقيق الغرض المرجو منها , ويمكنني أن ابدأ بعرض رؤيتي للموضوع متمثلة في النقاط التالية:
1 - فتح ملتقى خاص اسمه: ملتقى الانتصار للقرآن.
2 - نقل جميع المواضيع التي طرحت سابقاً في الملتقى العلمي إليه.
3 - دعوة المتخصصين للكتابة والمشاركة فيه , أو مراسلتهم ونشر بحوثهم.
4 - العناية بالجانب التأصيلي ووضع الضوابط في الرد على المشككين , والطاعنين , إذ إن شبه القوم لن تنتهي.
5 - حصر الكتب التي عُنيت بهذا الجانب , وتقويمها.
6 - طرح الشبه الرئيسة , والتي لها رواج للمدراسة , والمناقشة للخروج برأي موحد , أو إحالتها إلى لجنة تتولى الرد عليها.
7 - أن يكون هذا الملتقى نواة لمجلة علمية محكمة متخصصة بهذا الجانب.
8 - فتح غرفة في البالتوك مستقبلاً لمناقشة هذه القضايا , والمستجدات.
9 - ... لك أنت أخي لتكتب ما تراه.
وفقكم الله جميعاً للخير , والسداد.
ـ[الجندى]ــــــــ[13 Dec 2005, 02:39 م]ـ
سيروا على بركة الله، فهذا مشروع طيب فيه خير كثير.
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[13 Dec 2005, 04:50 م]ـ
سيروا على بركة الله والله الموفق
بارك الله فيكم جميعا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Dec 2005, 06:00 م]ـ
سر على بركة الله يا أخ احمد، فلنعم ما اقترحت.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Dec 2005, 06:57 م]ـ
اقتراح ممتاز يا دكتور / أحمد، وما أحوج أمتنا إليه
أسأل الله أن يجعله فتحا جديدا من فتوحات الملتقى العامر بكل خير
وأن يسدد على طريق الحق مشرفي الملتقى وأعضاءه الكرام
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Dec 2005, 06:57 م]ـ
اقتراح مهم, ويحتاج إلى عناية ورويَّة,
ومن المهمات فيه: تحديد منهج خاصٍّ له ينفرد به عن غيره من أقسام الملتقى؛ لحمايته من التشتيت المُمِل, والاستكثار, والرأي الفطير, ونحوها من آفات مثل هذا القسم في كثير من المنتديات.
وبالتالي فهو بحاجة إلى عناية خاصة في الإشراف والتوجيه, وإدارة النقاش وتهذيبه, كما أنه بحاجة أكثر إلى الانضباط بمنهجه وأصوله الشرعية العامة, والخاصة بهذا الملتقى, وكلاهما يحتاج إلى بيان واضح.
وما ذكر هذه الضوابط وغيرها إلا ليقوم هذا الفرع الكفائي المتعين على أهله في هذا الملتقى على أصوله الصحيحه, فيؤتي ثماره المرجوة, ويكون نواةً صالحة لكثير مما يبنى عليه بعد ذلك بإذن الله.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[15 Dec 2005, 07:45 م]ـ
وحبذا لو شارك في هذا بعض المتخصصين في العقيدة والمذاهب المعاصرة.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Dec 2005, 07:59 ص]ـ
قال تعالى: {وجاهدهم به جهاداً كبيراً} (الفرقان 52) ,
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن عباس رضي الله عنه: بالقرآن. (جامع البيان 19/ 30) ,
وهذه منقبةٌ عظيمةٌ لمن دعا إلى الله تعالى بالقرآن العظيم وتفسيره للناس؛ فهو مجاهد, وهو في هذا مقتدٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم حين امتثل أمر الله له بقوله: {قل إنما أنذركم بالوحي} (الأنبياء 45) , وقوله تعالى: {وأوحيَ إليَّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} (الأنعام 19).
فلا يتم إنذار ولا بيان ولا حجة إلا بالوحي.
ومن تأمل سيرة سلف هذه الأمة في قرونها المفضلة وجد عنهم في ردِّ تأويل الجاهلين, وانتحال المبطلين, وتفاسير أهل الأهواء خَبَراً كثيراً, يستعين به في إبطال أصول كل انحراف جاء بعد زمانهم.
ومن جهاد مفسري السلف في ذلك: رَدُّ علي بن أبي طالب, وسعد بن أبي وقاص, وجابر بن عبد الله, وابن عباس رضي الله عنهم على تفاسير الخوارج لبعض الآيات. وكذا رَدُّ ابن أبزى, وأبي مجلز, وسعيد بن جبير, وأبي جعفر الباقر, والحسن, وقتادة, ويحيى بن سلاَّم, وأحمد بن حنبل, وابن قتيبة, وغيرهم على تأويلات الخوارج والرافضة والقدرية والمعتزلة لعدد من الآيات.
فاستخراج مناهج السلف في الرد على تفاسير أهل الأهواء وإبطالها, والتعرُّف على أصول الانحراف في التفسير وأسبابه وبذوره الأولى مطلبٌ مهم في هذا الباب؛ فما من خطاٍ وانحرافٍ في تفسير آيةٍ وقع بعد عهد السلف إلا وله مثالٌ سابق في ذلك العهد, أشار علماؤهم إليه, ونبَّهوا عليه, وحَذَّروا منه, ووَضَّحوا الصواب فيه أوضح بيان, وبكُلِّ سبيل, فأبطلوا بذلك طرائق أهل الأهواء في التفسير, وقطعوا به أصول مناهج منحرفة ما فَتِئَ أعداء الإسلام يبعثونَها بكلِّ لباسٍ في كلِّ زمان.
وإن في العناية بمنهج السلف في هذا الباب, وما لهم فيه من سابقة وحسن بلاء, يوفِّرُ على المفسِّر من بعدهم وقتاً وجهداً كبيرين يبذلهما في كشفِ أخطاء وانحرافات التفسير في كُلِّ عصر, ومن ثَمَّ تصحيحها وبيان الحق فيها بلا التباس, والتَوَفُّر بعد ذلك الواجب على غيره من واجبات المفسر الكثيرة التي تمسُّ الحاجة إليها.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[16 Dec 2005, 03:02 م]ـ
أشكركم على هذه الفكرة الرائدة، وأؤكد على ما قاله الأخ أبو بيان من وجوب وضع الضوابط للكتابة في هذه الزاوية.
أعانكم الله دائماً.
ـ[ناصر الدوسري]ــــــــ[17 Dec 2005, 08:01 م]ـ
الأخ الدكتور / أحمد بارك الله فيك.
وأشكرك على غيرتك على كتاب الله عز وجل، وهو جهد مشكور إن شاء الله.
ومداخلتي عبارة عن طلب إيضاح للمقصد من وراء هذا الجهد، فالذي فهمته الرد على المشكيكين والطاعنين في القرآن وفي صحته، ومما قرأته من الأخ أبي ريان أنه فهم أن المراد ما في كتب التفاسير من التفاسير الباطلة والشاذة.
فإن كان المقصد هو الأول فالموضوع متشعب ويحتاج إلى تصنيف وتفريع، فهناك طعون المستشرقين، وهناك طعون بعض الفرق الإسلامية، وهناك طعون العلمانين، وغيرهم.
أضاف إلى ذلك تصنيف مطاعنهم من حيث الموضوع، مثل الطعن في تواتر القرآن، والطعن فيما يتعلق بالقراءات، والطعن بالتعارض بين الآيات، والطعن بالتعارض مع مواكبة العصر.
وعلى كل ففكرة ممتازة، والله أسأل أن يجعل أجرها في ميزان حسناتك، وألا يحرم الاخوة المشاركين الأجر والمثوية
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[17 Dec 2005, 08:35 م]ـ
وفقك الله يا دكتور ناصر,
وأغلب الظن أن كنيتي أبا بيان,
وقصدي مما كتبتُ أن أنبه إلى الاهتمام بجهود السلف في الرد على المعاصرين في جميع الشبهات, وليس تولي الرد على ما في كتب السابقين من باطل وشاذ, فهذا باب آخر كُتب فيه شيئٌ طيب, ويتأخر في الوجوب- في نظري- على ما الإخوة بصدده وفقهم الله.
ـ[ناصر الدوسري]ــــــــ[17 Dec 2005, 08:53 م]ـ
الأخ أبو بيان
عذراً على الخطأ في كنيتك، وقد كان ما طرحته مجرد فهم يحتمل الصواب والخطأ، وقد بينته زادك الله بياناً يا أبا بيان
ـ[طارق الفريدي]ــــــــ[17 Dec 2005, 11:02 م]ـ
مقترح رائع، و مشروع فذ .....
أسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتك ...
ـ[مرهف]ــــــــ[17 Dec 2005, 11:46 م]ـ
الأخ الدكتور أحمد حفظك الله:
نعم الاقتراح، وإن كنت أعده واجباً شرعياً اتجاه المختصين الذين وفقهم الله لهذا الاختصاص، ولعل هذه البنود خطوطاً عريضة والأمر قابل للتفصيل أكثر وأهم ما أراه قابلاً للزيادة هو انتقاء اللغة في توجيه الخطاب بأن تكون واضحة سهلة لتصل الرسالة لأكبر شريحة ممكنة، وهذا يعني الابتعاد عن اللغة التي يحتاج القارئ العادي فيها إلى قاموس يضعه بجانبه ليفهم المكتوب فالبلاغة أن يعبر الكاتب عما يريد بأسلوب مفهوم غير متكلف وبعبارة سليمة فصيحة فسر على بركة الله أيدكم الله بروح القدس
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[18 Dec 2005, 08:58 ص]ـ
مشروع جيد، ولو كان فيمن يشرف عليه مَن يجيد بعض اللغات: الإنجليزية - الفرنسية - الألمانية ... لكان حسنًا.
وفقكم الله، وشكرًا لفضيلة الدكتور أحمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Dec 2005, 12:22 م]ـ
سيروا على بركة الله لكن لا تجعلوا هذا الباب عاما لكل من هب ودب وارجو ان تكون هناك رقابة عليه بحيث لا يكتب فيه الا اهل الاختصاص حماية لردود علمية رصينة تكافيء الشبه الخطيرة
واقبلوا تحياتي
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Dec 2005, 01:55 م]ـ
شكر الله لكم جميعاً مشاعركم الطيبة ,وهذه المشاركات التي تنم عن إدراك لأهمية طرح الموضوع , وقد تلخصت المشاركات على النحو التالي:
1 - التأييد من الجميع للفكرة وهذا شيء مفرح.
2 - مع التأييد هناك بعض الاقتراحات والخطوط العريضة , يمكن إجمالها بما يلي:
- تحديد منهج خاصٍّ له ينفرد به عن غيره من أقسام الملتقى " ابو بيان "
- مشاركة بعض المتخصصين في العقيدة والمذاهب المعاصرة "د. إبراهيم "
- مقدمةٌ تأصيليةٌ "ابو بيان "
- الموضوع متشعب ويحتاج إلى تصنيف وتفريع، فهناك طعون المستشرقين، وهناك طعون بعض الفرق الإسلامية، وهناك طعون العلمانين، وغيرهم."د ناصر "
- تصنيف مطاعنهم من حيث الموضوع، مثل الطعن في تواتر القرآن، والطعن فيما يتعلق بالقراءات، والطعن بالتعارض بين الآيات، والطعن بالتعارض مع مواكبة العصر."د ناصر "
- الاهتمام بجهود السلف في الرد على المعاصرين في جميع الشبهات "ابو بيان "
- انتقاء اللغة في توجيه الخطاب بأن تكون واضحة سهلة لتصل الرسالة لأكبر شريحة ممكنة. "مرهف "
- لو كان فيمن يشرف عليه مَن يجيد بعض اللغات: الإنجليزية - الفرنسية - الألمانية ... "خالد "
- ان تكون هناك رقابة عليه بحيث لا يكتب فيه الا اهل الاختصاص حماية لردود علمية رصينة تكافيء الشبه الخطيرة "د. جمال "
هذا مجمل ما طرحه الأخوة وفقهم الله , وما زلنا ننتظر المزيد , ولعل أغلب ما ذكر يدخل ضمن الضوابط العامة , وهي مهمة جداً , ونحتاج إلى مزيد منها , ثم لعلنا ننتقل بعدها إلى آلية التنفيذ ,وليت بعض الأخوة يتفرغ ليكتب رؤيته حول أفضل الطرق , والخيارات المطروحة وينشرها , ويكتب آخر رؤية أخرى وهكذا ثم يتم تلخيصها والنقاش حولها , للخروج برأي جماعي.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[19 Dec 2005, 02:07 ص]ـ
إخوتي الأفاضل ...
بارك الله في جهودكم
وأكرمكم من خيري الدارين
1. حبذا لو يكون المنتدى علمياً إلى درجة الصرامة، لا تعليقات ساخرة، ولا شتائم ... الخ ولهذا أرى والله أعلم:
أ. التحكيم العلمي: بمعنى أن المواضيع في ذاك المنتدى بالذات إما أن يكون للملتقى رأي خاص به، ومن ثم تكون الردود والتعقيبات والإضافات ..
مثلاً: مسألة نسخ آية: " الرضعات المشبعات " للملتقى رأي خاص يعبر عنه، محكَّم ... مع فتح المجال للتعقيب والردود.
لكن إن جاء سؤال إلى الملتقى بعد شهر أو شهرين حول المسألة تلك، يقوم المشرف بفتح الرابط والإجابة.
وسترون تكراراً عجيباً للشبهات.
أو: يختص ذاك المنتدى بالذات إلى عدم عرض المشاركة مباشرة، بل ممكن أن ينتظر ربع ساعة ريثما يُقره الأخ المشرف.
ب. تجنب الخوض في الخلافات مع الأشاعرة، الشيعة .. الخ أو ذكر علمائهم بسوء.
ج. ضرورة استكتاب عدد من أهل العلم وخاصة المفسرين ذوي العلم في هذا الموضوع بالذات.
2. العاملين في هذا المجال يقيناً سيخطئون، فالعامل يخطئ بعكس النائم.
لكن كثيراً من الإخوة العاملين إن وجدوا ردود فعل قاسية من الإخوة الأعلم منهم قد يتركون الملتقى .. لذا أوصي إخواني أهل العلم بالحلم.
الحلم الحلم الحلم .. ثم الرفق واللين.
3. من المهم جداً أن يوازن الخطاب بين الأسلوب العلمي، مع الشرح المبسط الميسر .. فتجمع بين أصالة الرد العلمي، وسهولة فهمه (حتى يُفهَم على المراد منه) فيكون هذا الملتقى بإذن الله تعالى المرجع العلمي للردود على الشبهات ..
والميزان الدقيق لـ (غربلة) الردود وتمحيصها ونقدها.
4. من الممكن أن يقوم الملتقى بعمل (دورات) في فنون مخاطبة أصحاب الأديان الأخرى والردود على الشبهات .. وستجدون العون من إخوة لكم كثر في هذا.
5. أهمية الحرص على التوثيق العلمي في الرد وتخريج الأحاديث وشرح الغريب ... الخ
6. التنبيه بمنع وضع روابط لأي منتدى أو موقع غير إسلامي.
7. جميل عدم فتح المشاركات في الملتقى لمن هب ودب ..
ولكن ما رأيكم بالتزكية؟
يعني: مثلاً: أنا أعرف أخاً مغربيا مهتماً بهكذا أمور، أزكيه عند الأخ عبد الرحمن الشهري فيفتح له باب المشاركة معنا ...
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
ـ[الميموني]ــــــــ[19 Dec 2005, 02:28 ص]ـ
نؤيدكم فيما اقترحتم جزاكم الله خيرا
مع التنبّه لقضية مهمة تتعلق بالشبه و هي ترك إحياء الشبه الميتة و المغمورة و بخاصة الدقيق منها لأن الشبه لا تنتهي و المقصود حصول الفائدة و منع تأثيرها في العامة و غيرهم
و هذا منهج مهم يحتاج في شرحه و بيانه لصفحات لأن ذكر الضوابط مفيد حتى نسلم من الإكثار
في ذكر شبه الشيطان التي قد تؤثر سلبا في نفوس بعض الناس و قد تمنع بعضهم لاشتغاله بها من التزود من العلم النافع لإكثاره منها مع عدم أهليته
فالاعتدال في مثل هذا يحصل به تحقيق الغرضين و إصابة الهدفين و سلامة من الإيغال الذي كرهه عمر رضي الله عنه لصبيغ بن عسل و كرهه الثوري و الأئمةفي مسائل يطول التنبيه عليها
و الخلاصة أنا نؤيدكم و نرغب منكم و من الفضلاء مراعاة ذلكم الجانب و تقديم الأصلح
عند اختلاف الأنظار و الترجيح كما هو اللائق بكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[19 Dec 2005, 04:58 م]ـ
ونحن نؤيدكم في خطاكم وندعو الله لكم السداد والتوفيق
وسأحاول ما امكن تزويدكم بالكتابات التي تدخل تحت كل جزئية ان شاء الله تعالى
ـ[الباجي]ــــــــ[19 Dec 2005, 05:31 م]ـ
الحمد لله.
وفق الله كل العاملين بجد ...
ابتداء عندي هدية للإخوة الذين يحسنون اللغة الإنجليزية ... عبارة عن رابط لموقع متخصص فيما أنتم مقدمون عليه ... أثنى عليه بعض أهل الفضل ثناء عطرا ... من حيث المجهود والعلمية واللغة ... وتتبع الشبهات والإيرادات ... فأحب أن أسمع رأي من يقف عليه من أهل الاختصاص مشكورا ...
http://www.islamic-awareness.org/
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Dec 2005, 10:29 م]ـ
اشكر الجميع على اقتراحاتهم , وسأقوم إن شاء الله بحصرها وتلخيصها كل ما تجمع منها عددٌ يحتاج إلى التلخيص , وآمل من الجميع أن يكون المقترح واضحاً وموجزاًعلى هيئة نقاط يمكن معرفة مراد المقترح ,ويسهل تلخيصها , وفقكم الله جميعاً.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Dec 2005, 10:32 م]ـ
الموضوع المطروح مشروع كبير ربما يحتار الباحث فيما يقدم منه , ولتقريب الموضوع , أعرض وجهة نظري في تحديد شيءٍ من معالمه , يمكن أن تكون محاور أو تصنيفات داخل الملتقى أو أن تكون مراحل يبدأ في المهم منها , بحيث يكون التقسيم بالنظر إلى الجهة التي أخطأت على القرآن , ويمكن إجمالهم على النحو التالي:
القسم الأول:كل من وجه سهامه إلى القرآن من غير المسلمين كالمستشرقين ونحوهم.
القسم الثاني:كل من تسمى بأسماء المسلمين , ولبس لباسهم , إلا أنه وجه سهامه إلى كتابهم ودستور حياتهم كالحداثيين , والليبراليين , والعقلانين ونحوهم , وما أكثرهم , وهم الطابور الخامس وعلى أيديهم ضاعت كثير من معالم الدين.
القسم الثالث: بعض المسلمين الذين حسنت نياتهم., ولم يوفقوا في أعمالهم , فأرادوا الدفاع عن القرآن , فحملوه ما لا يحتمل.
ـ[وائل حجلاوي]ــــــــ[21 Dec 2005, 07:14 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه مقترحات لمن يتشوف للرد على الشبهات:
ليعلم من يتصدر للرد على الشبهات أنه قد وقف على ثغر خطير من ثغور الإسلام, فاليتقِ الله أن يؤتى الإسلامُ من قِبلِه, إما بسبب جهلٍ منهُ أو بسببِ تفريطٍ في إعداد العُدَّةِ وكمال التأهُّب, ومما أوصي به نفسي أولاً وإخواني:
1 - أن يكون الرد على الشبهات بعد الحلم والتأني والبحث العلمي المؤصَّل.
2 - أن نتجنب عند الرد على الشبهة: ردود الأفعال والارتجال والحماس العاطفي, لأن ذلك من صور التسرع والعجلة. والصحيح أن الحُجَّةَ تُقرعُ بالحُجَّةِ, والدليل يواجه بدليل مثله.
3 - حبذا أن يكون الرد على الشبهة -بعد عرضها-: على مراحل هي:
أ - تلقي أبحاث ومقالات موضوعية مؤصَّلة علمياً ومتخصصة تتناول الرد على شبهة معينة تمَّ طرحها مسبقاً.
ب - نشر الأفضل من تلك البحوث والمقالات, ليطلع عليها رواد شبكة التفسير.
ت - فتح الباب للجميع للمشاركة أو الأسئلة, ضمن حدود الأبحاث التي نُشِرت وبدون استطراد.
ختاماً:
وفق الله الجميع وسدَّدَ خطاهم ...
ـ[محمد أحمد فاضل]ــــــــ[21 Dec 2005, 09:17 م]ـ
جزاك الله كل الخير د. أحمد ووفقك الله إلى مايحبه ويرضاه
ـ[الباجي]ــــــــ[23 Dec 2005, 01:47 م]ـ
الحمد لله.
وفق الله كل العاملين بجد ...
ابتداء عندي هدية للإخوة الذين يحسنون اللغة الإنجليزية ... عبارة عن رابط لموقع متخصص فيما أنتم مقدمون عليه ... أثنى عليه بعض أهل الفضل ثناء عطرا ... من حيث المجهود والعلمية واللغة ... وتتبع الشبهات والإيرادات ... فأحب أن أسمع رأي من يقف عليه من أهل الاختصاص مشكورا ...
http://www.islamic-awareness.org/
أما وقف أحد من إخواننا على هذا الموقع ... فلعلكم تبداؤن من حيث وصل هؤلاء ... أويكون تعاون مباشر بينكم .... فالموقع شكره بعض أهل الفضل جدا ... وذكرتُ له ضرورة تحول المسلمين من طريق الدفاع والإكتفاء بدحض الشبهات لأنها متولدة ومتكررة دائما - جهلا - عند المخالفين ... إلى إشغال القوم بأنفسهم .... وبيان ما في دياناتهم من خلل ... وما في كتبهم المحرفة من فساد ... وكشف عوار مناهجهم التي ينطلقون منها ... فأخبرني أن في هذا الملتقى شيئا من ذلك ... ولعمر الله لو كان هذا لهي الطامة على كل المخالفين من يهود ونصارى وملحدين ... إذا صدر من متأهلين خبراء ... تماما كم فعل علامة الأندلس ابن حزم منذ زمن ... وكما فعل شيخ الإسلام في منهاجه رحمهما الله وأجزل الله أجرهما عن الإسلام وأهله.
وكما فعل الدكتور اليهودي إسرائيل فنكلشتاين ... في كتابه < التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها .. رؤية جديدة لإسرائيل القديمة وأصول نصوصها المقدسة على ضوء اكتشاف علم الآثار >.
وكما فعل غيره من الغربيين مع كتابهم المقدس الإنجيل ... لا يحضرني اسمه الآن ... فلنأخذ منهما ومن غيرهما ما صح نقده ليكون لنا عونا على ردّ شبه القوم ... وهناك العديد من الكتابات الغربية القوية المتينة في نقض نظريات دارون حول بدء الخليقة ... - وفي أمريكا اليوم صراع ومحاكم قائمة حول تدريس هذه النظرية الباطلة لأبنائهم - ونقد العلمانية والليبرالية ... وغيرها من المذاهب الباطلة ... كتبت كلها باللغات الأجنبية ... ويوجد منها كمٌّ هائل على النت ... فقط تحتاج لمن يقرأ ... ويجمع المادة ... ويحتسب عمله لله ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[23 Dec 2005, 05:14 م]ـ
الباجي ... ما هي العلاقة بما ذكرت في مشاركتك الأخيرة وما جاء في ذلك الموقع من النسخ القديمة من المصاحف؟
لقد أبرز د. عبد الرحمن الشهري مشكورا في هذا المنتدى أهمية الاقامة في البحث الشامل في هذه النسخ. فأين اذا المشكلة , خاصة بعد ما تبين كثرة تلك النسخ برسومها العتيقة في جميع أنحاء العالم تقريبا , وهذا الأمر ليس وليد الساعة كما هو معلوم.
ـ[الباجي]ــــــــ[23 Dec 2005, 08:43 م]ـ
وكما فعل غيره من الغربيين مع كتابهم المقدس الإنجيل ... لا يحضرني اسمه الآن ...
اسمه: < تطور الإنجيل ... المسيح ابن الله أم ملك من نسل داود؟ دراسة نقدية وترجمة جديدة لأقدم الأناجيل تكشف مفاهيم مثيرة > لـ إينوك باول Enoch Powell . ترجمة: أحمد ايبش.
الباجي ... ما هي العلاقة بما ذكرت في مشاركتك الأخيرة وما جاء في ذلك الموقع من النسخ القديمة من المصاحف؟
لقد أبرز د. عبد الرحمن الشهري مشكورا في هذا المنتدى أهمية الاقامة في البحث الشامل في هذه النسخ. فأين اذا المشكلة , خاصة بعد ما تبين كثرة تلك النسخ برسومها العتيقة في جميع أنحاء العالم تقريبا , وهذا الأمر ليس وليد الساعة كما هو معلوم.
مساء الخير دكتور موراني:
حقيقة لم أفهم ما أردتَ قولَه ... ولم يسبق لي كلام هنا عن النسخ المشار إليها ... ولم أطلع على الملتقى المنوه به لأني لا أحسن لغته ... وإنما أتمنى وألح أن يطلع عليه من يحسن الإنجليزية ليخبرنا عن قيمة مجهودات كاتبيه ... لتتم الإستفادة منه فيما يدعو إليه الأخ الكريم أحمد البريدي ... وإنما ذكرتُه هنا لأني رأيته يقول في مشاركته الأولى:
3 - دعوة المتخصصين للكتابة والمشاركة فيه , أو مراسلتهم ونشر بحوثهم.
4 - العناية بالجانب التأصيلي ووضع الضوابط في الرد على المشككين , والطاعنين , إذ إن شبه القوم لن تنتهي.
5 - حصر الكتب التي عُنيت بهذا الجانب , وتقويمها.
وهذا الموقع - أحسبه - يحتوي بعض ذلك ... والرأي ما يراه الأساتذة الكرام ...
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Dec 2005, 09:15 م]ـ
الأخ الباجي: فيما يتعلق بالموقع ما زالت الدعوة قائمة في تلخيص محتوياته لكل من يجيد اللغة الإنجليزية , ولن نعدم إن شاء الله , وإنا منتظرون.
د. عبد الله الجيوسي:ننتظر ما وعدت.
د. موراني:ارجو عدم إثارة مواضيع جانبية لا صلة لها بما نحن فيه صلة مباشرة , ويمكن طرحها بمشاركة مستقلة.
لا زلنا ننتظر مشاركات الأخوة , وارجو أن لا تكن قد أصيبت بالعقم , خاصة في مثل هذا الموضوع المهم.
ـ[موراني]ــــــــ[23 Dec 2005, 09:21 م]ـ
أحمد البريدي المحترم ,
لا أظن انني خرجت من موضوع المشاركة , فان كان كذلك حسب تقديركم فأعتذر.
وأضيف أن العضو د. هشام عزمي (كما أذكر) كان له توقيع من قبل باحالته على هذا الموقع فربما له علم بمحتويات هذا الموقع.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Dec 2005, 09:26 م]ـ
من أوراق العمل التي يمكن أن يبدأ بها الآن:
1 - حصر جميع المواضيع التي طرحت في الملتقى والتي لها صلة بهذا المواضيع مع روابطها تمهيداً لنسخها أو نقلها بعد الإفتتاح.
2 - حصر الكتب التي لها صلة بهذا الموضوع تمهيداً للتعريف بها.
ارجو ممن عنده القدرة على العمل بإحدى هاتين الورقتين أن أن يراسلني على الخاص , أو يعلنها هنا في الملتقى , شاكراً للجميع تفاعلهم.
ـ[الباجي]ــــــــ[24 Dec 2005, 09:10 ص]ـ
وفقكم الله.
بعد حصر المواضيع التي يراد درسها ونقدها ... أرى أن يقسم العمل بين الإخوة المتخصصين الذين أظهروا استعدادهم للمشاركة ... حتى لا تتشتت الجهود ويحصل تكرار ... و لعل مما يساعد على هذا تكوين لجنة ... يتولى إدارتها أحد الأفاضل المتخصصين ... فهذا - فيما أحسب - جزء من المنهجية الصحيحة لإنجاح مثل هذه المساعي ...
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[25 Dec 2005, 02:06 م]ـ
أخي الفاضل ...
اقتراحات:
1. أقترح أن يُفتَح الباب لاستقبال أسئلة غير الأعضاء في المنتدى، بدون اشتراط تسجيلهم.
فمن لديه سؤال من المسلمين أو غيرهم، يضعه في المنتدى ولا يشاهده إلا أحد المشرفين، ويقوم الأخ المشرف بعرض السؤال على أخ ـ أو إخوة ـ مختصين، كما تفعل مواقع الفتاوى كاسلام اون لاين او الاسلام سؤال وجواب ... الخ
أو .... من الأفضل:
2. إيجاد قسم للمتميزين أو هيئة استشارية للملتقى تضم إخوة متميزين من أهل العلم وطلبته لا يطلع عليه غيرهم، يتم عرض الأسئلة عليهم، ويتشاورون في الإجابة فتخرج الإجابة بأبهى حُلة، وبأحلى ما يكون الرد، وبعيداً عن المداخلات الجانبية من الإخوة وملاحظاتهم التي قد تحيِّر السائل (خاصة إن كان من غير المسلمين أو المتشككين).
همسة: تستطيعون الاستفادة من الأخ: الجندي في ذلك.
3. عمل مشاريع ضخمة:
مثلاً:
مشروع رد المتناقضات المزعومة حول القرآن الكريم.
بتتبع مظانه وفق ترتيب المصحف الشريف، ومن ثم يكون هذا المشروع عند تمامه (بعد سنة، سنتين ... ) مرجعاً شاملاً لكل داعية.
مع محبتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[25 Dec 2005, 09:02 م]ـ
أؤكد على النقطة الثانية مما ذكره أخي عبد الرحيم وفقه الله.
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[25 Dec 2005, 09:11 م]ـ
قد ألقيت نظرة سريعة على الموقع الذي ترجمت اسمه: الوعي اللإسلامي أو الضمير الإسلامي أو الصحو الإسلامي
وقد جاء على فاتحته ما ترجمته:
((الهدف الرئيس من موقعنا (الوعي الإسلامي) هو تعليم المسلمين بشأن المسائل التي يرددها المنصرون والمستشرقون. ستجدون مقالات جيدة منوعة وأجوبة عن كتابات المنصرين والمستشرقين. ونحن نتابع المادة ونضيف المستجدات بنشر مقالات جديدة ومراجع وحجج.
نرجوا منكم مراجعة ذلك بين الفينة والأخرى.))
أما محاور الموقع فهي:
المحاور الرئيسة للموقع هي:
القرآن. وتحته المداخل التالية: (النص+ المخطوطات+ المتشابه + القراءات+ دراسات قرآنية+العلم+ الإعجاز)
الحديث.
الكتاب المقدس (عند أهل الكتاب) ومداخل المحور: (النصوص+ المخطوطات+ المصادر+ التقنين (الاعتراف الرسمي بقدسية الكتب))
التاريخ. ومداخله: (النقوش الإسلامية+ البرديات العربية+ قبة الصخرة)
المناظرات وهو مدخل واحد (الردود على مطاعن النصارى في دين الإسلام)
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[25 Dec 2005, 10:10 م]ـ
بارك الله فيكم فهذا اقتراح ممتاز .. ويحتاج إلى تكاتف الجهود " وتعاونوا على البر والتقوى "
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[27 Dec 2005, 05:45 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعا وسدد رميكم ....
لي ملاحظة تتعلق بمنهج الجدال مع القوم ..... فليس إلا نهجان:
-نهج التخندق (اسمحوا لي بهذا التعبير العسكري) وأقصد به نهج الدفاع عن القرآن والذب عنه.
-نهج الهجوم على أصول الخصوم و"تفكيك" خطابهم لبيان تهافته.
لا ريب أن النهج الأول يعطي تفوقا واضحا لأعداء القرآن لأن القاعدة عندهم هي "ألغوا فيه" واللغو لا ضفاف له .... ولا عدد يحصره وقد تنقضي أعمارنا وأعمار أبنائنا رادين مدافعين ولا ينتهي اللغو .... فما من آية إلا ويكون لغوهم فيها من وجوه: من وجه اللغة ومن وجه النقل والتواتر ومن وجه تناقضها مع آية أخرى ومن وجه اختلافها مع الكشوف العلمية وهكذا ..... وما من رد بتوجيه آية إلا وفتحوا بصددها جبهات أخرى ..... فنكون كمن يتلقى الضربات من كل الجهات من غير أن يحدد مكان خصمه وهذا متعب حقا ...
النهج الافضل في تصوري هو نقل المعركة إلى خطابهم نفسه فيكون الكشف عن عوار منهجهم واضطراب مصطلحهم وجهلهم وتقليدهم .... فبدل الجواب على الشبهة نركز على بناء الشبهة ذاتها ولا ضير من اعتماد "منهجهم التفكيكي" لإنهاك شبهاتهم بدل تلمس الوجوه لكلام رب العالمين ....
ولعل في تراثنا ما يدل على ذكاء النظار من المسلمين فقد أورد الشاطبي رحمه الله في كتاب الاعتصام مناظرة لطيفة لابن العربي المالكي الذي وجد نفسه يوما في معقل من معاقل الباطنية مهددا بالقتل ومطالبا بالمناظرة فانجاه الله عندما ألهمه كلمة واحدة وهي "لم؟ " فكان كل سؤال يأتيه يجيبه "ولم ذلك؟ "فيضطر السائل إلى تبرير سؤاله وعند كل تبرير يسأل ابن العربي "ولم ذلك؟ "حتى لا يحير جوابا فيقف .... فينتصر العالم السني بأقل جهد ...
ولعل إخواننا يبدون آرائهم ويناقشون منهج المواجهة قبل وسائلها ومفرداتها ..... وبارك الله في المنتدى وأهله.
ـ[نياف]ــــــــ[27 Dec 2005, 08:17 ص]ـ
مقترح رائع، و مشروع فذ .....
أسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتك ...
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Dec 2005, 02:41 م]ـ
كلام ابي عبد المعز حق
وأذكر بقول عمر بن الخطاب بأن من لا يعرف الجاهلية لا يعرف الإسلام
وبالضد تعرف الأشياء
ولكن هذا الأمر فيه خطورة، فقد يتم حجب الموقع في بعض الدول بحجة الحض على الكراهية والطائفية
ايضا قد يطلق بعض الإخوة العنان لكلام غير علمي، أو ينقل عن مواقع حوار الأديان بعض الألفاظ التي لا تليق بمثل هذا الملتقى المبارك.
إخوتي:
مع أن هواي أن ينقلب الملتقى ساحة حوار أديان،،
لكن المصلحة العامة أولى ..
وأرجو أن يكون قصدي واضحاً.
نريد رداً علمياً دفاعاً يليق بعظمة القرآن الكريم وسموه، ينظر إليه المحايد باحترام، يكون بلا تهريج ولا مهاترات لا داعي منها، ولا طائل من ورائها.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[29 Dec 2005, 01:41 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
خدمة كتاب الله مطلب شرعي، والتصدي للدفاع عنه، وكشف زيف الشبهات التي يلصقها الحاقدون عليه قربة إلى الله إذا صاحب ذلك إخلاص وتجرد، وما نبه إليه واقترحه فضيلة الدكتور وفقه الله مما يشكر عليه لا حرمه الله الأجر، وعمل مثل هذا لا بد له من الضوابط حتى لا يخرج عن الهدف المرسوم له.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 Dec 2005, 01:55 م]ـ
تتابعت بحمد الله الاقتراحات , وبعضها متداخل أو مؤداها واحد تم استبعادها , وخلاصتها ما يلي:
-المواضيع يكون للملتقى رأي خاص بها، ومن ثم تكون الردود والتعقيبات والإضافات " عبد الرحيم ".
-أن يقوم الملتقى بعمل (دورات) في فنون مخاطبة أصحاب الأديان الأخرى والردود على الشبهات " عبد الرحيم ".
-أهمية الحرص على التوثيق العلمي في الرد وتخريج الأحاديث وشرح الغريب. " عبد الرحيم ".
-التنبيه بمنع وضع روابط لأي منتدى أو موقع غير إسلامي. " عبد الرحيم ".
-عدم فتح المشاركات في الملتقى لمن هب ودب. " عبد الرحيم ".
-ترك إحياء الشبه الميتة و المغمورة و بخاصة الدقيق منها "الميموني "
-يكون التقسيم بالنظر إلى الجهة التي أخطأت على القرآن.
-أن يكون الرد على الشبهات بعد الحلم والتأني والبحث العلمي المؤصَّل." وائل عبد القادر"
- أن نتجنب عند الرد على الشبهة: ردود الأفعال والارتجال والحماس العاطفي, لأن ذلك من صور التسرع والعجلة. والصحيح أن الحُجَّةَ تُقرعُ بالحُجَّةِ, والدليل يواجه بدليل مثله. " وائل عبد القادر"
- حبذا أن يكون الرد على الشبهة -بعد عرضها-: على مراحل هي:
أ - تلقي أبحاث ومقالات موضوعية مؤصَّلة علمياً ومتخصصة تتناول الرد على شبهة معينة تمَّ طرحها مسبقاً.
ب - نشر الأفضل من تلك البحوث والمقالات, ليطلع عليها رواد شبكة التفسير.
ت - فتح الباب للجميع للمشاركة أو الأسئلة, ضمن حدود الأبحاث التي نُشِرت وبدون استطراد. " وائل عبد القادر"
-أن يقسم العمل بين الإخوة المتخصصين الذين أظهروا استعدادهم للمشاركة ... حتى لا تتشتت الجهود ويحصل تكرار ... و لعل مما يساعد على هذا تكوين لجنة ... يتولى إدارتها أحد الأفاضل المتخصصين "الباجي "
-أن يُفتَح الباب لاستقبال أسئلة غير الأعضاء في المنتدى، بدون اشتراط تسجيلهم. " عبد الرحيم ".
-إيجاد قسم للمتميزين أو هيئة استشارية للملتقى تضم إخوة متميزين من أهل العلم وطلبته لا يطلع عليه غيرهم، يتم عرض الأسئلة عليه. " عبد الرحيم ".
-عمل مشاريع ضخمة:
مثلاً: مشروع رد المتناقضات المزعومة حول القرآن الكريم.
بتتبع مظانه وفق ترتيب المصحف الشريف، ومن ثم يكون هذا المشروع عند تمامه (بعد سنة، سنتين ... ) مرجعاً شاملاً لكل داعية؟." عبد الرحيم ".
-رابط لموقع متخصص "الباجي: ولعلك أخي تشير إلى حصر المواقع التي لها عناية بهذا الجانب , والاستفادة منها.
-النهج الافضل في تصوري للرد على الشبهات هو نقل المعركة إلى خطابهم نفسه فيكون الكشف عن عوار منهجهم واضطراب مصطلحهم وجهلهم وتقليدهم .... فبدل الجواب على الشبهة نركز على بناء الشبهة ذاتها ولا ضير من اعتماد "منهجهم التفكيكي" لإنهاك شبهاتهم بدل تلمس الوجوه لكلام رب العالمين .. ابو عبد المعز "
-لعل إخواننا يبدون آرائهم ويناقشون منهج المواجهة قبل وسائلها ومفرداتها " ابو عبد المعز "
-خدمة كتاب الله مطلب شرعي، والتصدي للدفاع عنه، وكشف زيف الشبهات التي يلصقها الحاقدون عليه قربة إلى الله إذا صاحب ذلك إخلاص وتجرد "أبو حذيفة "
هذه خلاصة ما طرحه الأخوة تقريباً, وفقهم الله لكل خير.
وأعيد اقتراحاتكم محل العناية , وحبذا لو تفرغ أخ لكتابة تصور كامل للملتقى من خلال ما كتبه الأخوة وذلك بإعادة صياغته وتقسيمه إلى نقاط: الفكرة , الأهداف , الضوابط , الوسائل ...... الخ.
ـ[أبو زياد محمد]ــــــــ[29 Dec 2005, 04:17 م]ـ
اقتراح ينال احترام الجميع بلا شك سيروا على بركة الله ووفقكم الله لكل خير
ـ[علي ساجت]ــــــــ[29 Dec 2005, 04:28 م]ـ
بارك الله فيكم وفي جهودكم، لكن أقول:
ان الهجوم هو خير وسيلة من الدفاع، وما انتكست الامة الا لانها التزمت جانب الدفاع ولم تلتزم جانب الهجوم وكشف وفضح الباطل، اننا اذا بقينا مدافعين فالنتيجة وخيمة والله اعلم،
حفظكم الله وسدّد خطاكم.
ـ[شموخ قلم]ــــــــ[29 Dec 2005, 04:36 م]ـ
بارك الله في جهودكم الاقتراح مميز جداً ..
والأهم بالنسبة لي .. أن يبدأ بالقوة التي يريدها الأخوة الأعضاء .. وذلك سيتم_إن شاء الله_إذا ماطُبقت كامل الاقتراحات ..
لكم الشكر ..
ـ[مراد طباخي]ــــــــ[29 Dec 2005, 05:00 م]ـ
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد فاني أبارك هذا الجهد المتميز في الحفاظ على القرآن والذب عنه لقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) لذلك أنا على استعداد للمساعدة في هذا المجال والذي فيه بيان عزة القرآن وعظمته فوق سائر الكتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الرحمان سعيد زهير]ــــــــ[29 Dec 2005, 05:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمت الله بركاته أنا أضم صوتي للإخوة بنسبة لهدا العمل الجبار إن شاء الله وعندي إضافة أريد ان أضيفها وهي رعاية الأسلوب الأمثل لعرض الحجة لانها إن شاء الله دامغة للباطل ولنا في قصة موسى وفرعون عبرة كما جاء في سورة الشعراءوأسئل الله أن يحمي بكم كتابه ويالها من
شرف
ـ[ش. م]ــــــــ[29 Dec 2005, 06:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أحييكم على هذا الاقتراح الطيب ولقد كنت أتوق لرؤية مثله بين أيدي المتخصصين الأفاضل ليقوموا على ثغر مهم يكاد يكون هو الأكثر اختراقا في أيامنا هذه
لي ملحوظات سريعة وهي
* دعوة المتخصصين في كل مجال: اللغة ـ علم النفس ـ العلوم الطبيعية ـ الإعجاز العلمي، وذلك لأن شبه هؤلاء ضد القرآن متنوعة وتدخل في عدة مجالات، ومن المفيد أن ننتفع بآراء المختصين.
ومن هؤلاء المقترح دعوتهم: المتخصصون في شؤون الغرب والمطلعون على ما كتبه الغربيون في نقدهم أنفسهم أو في الإشادة بالإسلام والقرآن والدفاع عما يرمونه به من الشبهات
* إن أمكن تقسيم المنتدى الجديد إلى أقسام فرعية بحيث تستوعب كل أنواع الشبهات المطروحة فهو جيد، وأؤيد رأي الأخ عبدالرحيم في تغليب المصلحة مع أهمية توازي الهجوم مع الدفاع، ولكن الموقع قد يغلق بالفعل فنخسر، وهدفنا هو إعداد ردود قوية محكمة تكون بين أيدي الناس وتقوي حجتهم في مواجهة هذا الخطر القديم الجديد.
والموقع الذي وضعه الأخ الباجي مغلق عندنا
http://www.islamic-awareness.org/
* لا بد من التفاهم التام بين المسلمين وعدم رمي بعضهم بعضا أو الانتقاص من جهودهم وبالذات في مجال الإعجاز العلمي الذي يلقى هجوما من بعض المسلمين، فلا بد أن تتكامل الجهود، ويمكن أن يكون من المتخصصين بعض أعضاء الهيئة العالمية للإعجاز العلمي مثل الدكتور عبدالله المصلح بارك الله فيه
* الاستفادة مما كتبه السابقون والمعاصرون في هذا المجال وعرض كتبهم وردودهم، وكذلك المواقع المتخصصة في مجال الحوار مع الأديان ورد الشبهات
* تلقي أسئلة القراء جميعا وذلك بنموذج خاص له رابط في الملتقى والشبكة، وتصل منه الأسئلة التي يدونها القراء إلى عنوان بريد خاص يختص به أحد المتطوعين من الشماركين ليجمعها ثم يعرضها على المختصين
والله الموفق
ـ[الراية]ــــــــ[29 Dec 2005, 06:25 م]ـ
سيروا على بركة الله، فهذا مشروع طيب فيه خير كثير.
ـ[فاروق]ــــــــ[29 Dec 2005, 08:05 م]ـ
بسم الله ..
مشروع كبير فهو ثغر من ثغور الرباط .. يتطلب صبرا و رؤية شاملة وحجة قوية ..
جزاكم الله ..
وفقكم الله ..
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[29 Dec 2005, 08:38 م]ـ
بسم الله الر حمن الرحيم
أشكر جميع الإخوة الكرام الذي شاركوا مؤيدين وداعمين لهذ المقترح، كما أثني على حماسهم لهذه الفكرة.
وأعتقد إن مثل هذه الفكرة من أهم ما يجب قياما بحق كتاب الله ـ عز وجل ـ ولا سيما من أهل الاختصاص، غير أن الأمر ـ بارك الله فيكم ـ لا يقف عند مجرد التأييد، بل في الحقيقة هو يحتاج ـ إن أردنا أن نقوم ببعض الواجب ـ إلى جهد علمي وبحثي واسع، ولا أقصد بهذا أن أثبط من العزائم، فإني على يقين أن أكبر المشاريع بدأت بفكرة تلتها خطوة ثم خطوات، وإنما أردت أن أقول: إنه مشروعكم وفكرتكم،أنتم من دعمها، وأيدها، وأنتم من تحمس لها، فإن يُطلب من أحدنا مستقبلا،دراسة شبهة، أو رد على مبطل، فينبغي علينا التعاون في ذلك، وبذل الجهد والوقت، والله الموفق
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[29 Dec 2005, 11:48 م]ـ
إخواني الكرام
سرُّ تميز هذا الملتقى في تخصصه, وينبغي ألاَّ نتعجل مع كثرة المؤيدين والداعين بالخير, فالواقع شيء آخر ..
وإذا تذكرنا أن هذا الملتقى لأهل التفسير وطلابه فسنعيد النظر في عدد من الاقتراحات ..
فعنوان المشروع "الانتصار للقرآن" عنوان ضخم بلا حدود, تتداعى إليه علوم الشريعة والعربية, وتتداخل فيه بصورة يصعب معها ضم أطراف الملتقى الجديد وحفظه من الشتات ..
فأتمنى أن نستفيد من جانب الإتقان في هذا الملتقى, والفراغ أولاً من تحديد عنوان دقيق داخل في إطار تخصص الملتقى, وتحديد الجوانب التي يقبل فيها الحديث في هذا الملتقى, والشبه التي تدخل في ميدانه, والتركيز على أصول الشبه أولاً: بحصرها, ثم بترتيبها في الأهمية, وسيسهل ردها بعد ذلك؛ لأنها من علوم الملتقى أولاً, وأهله مخاطبون بها, ولأنها ستكون محصورة يسهل الفراغ منها تباعاً.
ومن الضروري لكل ذلك اختيار هيئة إشرافية تقوم على تأسيس الملتقى, والانطلاق به على أصول علمية منهجية واضحة.
إخواني هذه دعوة للإتقان ليس إلاّ, فإنه مما يعز على أنفسنا أن نرى جديداً في الملتقى لا إتقان فيه, وربما كان عبئاً عليه, ولا ننسى خطورة شأن عدد من الشبه التي يبعد منزعها عن علم التفسير, فنغدو باحثين عمَّن يبطلها, أو نتناولها بضعف لايغني فيها شيئاً, وندع بذلك ما نستطيعه وما هو من شأننا وواجبنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[30 Dec 2005, 12:15 ص]ـ
بارك الله فيكم ووفقكم الى الخير
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[30 Dec 2005, 02:40 ص]ـ
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فإن المنهجية و التخطيط ثم التخصص و التعاون هم أساس أي عمل ناجح
و ليت كان لي في الوقت متسع لأفصل هذا الكلام، وكنت أحب أن أشارك معكم مشاركة فعالة في تنفيذ هذا المشروع الجيد، و لكن الله المستعان،
ولما كان من ضيق الوقت فأكتفي ببعض هذه المقترحات لعلها تنفع إخوانى القائمين على هذا العمل المبارك
1 - فأنا أرى الكثير من المقترحات المختلفة، و فيما أظن أن لو فتحنا باب المقترحات،لما أغلق الباب، و هذا مطلوب لاشك للوصول لأعلى مستوى رقي بالموقع،، و لكن المهم ما هو الهدف الرئيسي لهذا الموقع، هل يبحث أعضاء هذا الموقع عن التميز و حسب؟؟؟
أم أن التخصص في علوم القرآن هو سمة الموقع؟؟؟ أم .... أم ..... ؟؟؟ فالهدف أولا لابد أن يتضح
2 - ولما تكلمت عن الهدف في النقطة الأولى قصدت أن أبرز الهدف الذي عليه سنرتب الأفكار و المقرحات
3 - أظن إذا استوفينا المقترحات المرتبة ترتيب الأههم فالمهم على أساس المنهجية للهدف الرئيسي الذي يبرز سمة الموقع و هو التخصص في علوم القرآن، فهذا نجاح كبير
4 - ثم نرتب الأفكار و المقترحات بعد ذلك على ما يميز هذا الموقع عن غيره
5 - هذا شيئ من المنهجية ووضوح الأفكار، التي سنرتب عليها كل تقدم و رقي بالموقع إن شاء الله، فيما دون ذلك من الممكن أن تكون الصورة جميلة و لكن مبعثرة الهدف
و خلاصة كلامي هو المنهجية و التخطيط ثم التخصص و التعاون حتى نجني و لو ثمرة
و الله يبارك في إخواننا،، حتى نجني ثمار و ثمار
و الله المستعان
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[30 Dec 2005, 01:19 م]ـ
كم أنا سعيد والله بمداخلة أخي ابي بيان , وأخي أبي الهيثم كما سعدت بمداخلة بقية إخواني , وذلك أنها تمثل وجهة نظر تكاد تكون مغايرة نوعاً ما عن بقية ما طرح , فليس الحماس كافياً في تنفيذ أي مشروع , كما أن أي مشروع بدون الحماس له محكوم عليه بالفشل , فنحن بحاجة إلى كل الآراء , حتى نصل إلى الرؤية الواضحة ذات المنهجية المنضبطة , وأحب أن يعلم إخواني جميعاً أننا لسنا في عجلة من أمرنا , ومن قرأ الكلام الذي افتتحت به هذا المقترح اتضح له ما نقصد بجلاء , وسنسير بإذن الله تعالى بروية فالقصد من هذا الملتقى بدرجة كبيرة هو ضبط هذا الموضوع , والسير به نحو الأفضل , وهذا ظننا إذ الملتقى يضم نخبة من أهل العلم والفضل يهمهم ذلك , ويعنيهم , وإن صدورنا مفتوحة لكل ما تخطه أنامل الفضلاء سواءً هنا في الملتقى أو بمراسلتي على البريد , وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[30 Dec 2005, 10:44 م]ـ
مشروع طيب من أستاذ جد طيب، و اقتراح الأخ خالد الشبل بأن يترجم إلى عدة لغات، أمر طيب كذلك، لكن رأيي أن هذا لا يمكن تحقيقه إلا بعد استقرار المشروع الأصلي.
ـ[محمد بن متعب]ــــــــ[30 Dec 2005, 11:23 م]ـ
جزاكم الله خيرا، وأنا على أتم الاستعداد بالمشاركة.
ـ[الياسمين]ــــــــ[30 Dec 2005, 11:55 م]ـ
عمل ممتاز لو قام به المخلصون
ـ[طموح]ــــــــ[30 Dec 2005, 11:55 م]ـ
هذا مشروع طيب جدًا ..
، و هناك موقع (شبكة الرد) يُعنى بكل الشبهات الموجهه للدين عمومًا سواء في الصحف أو المقالات أو المواقع .. و هو موقع ممتاز .. و هو كذلك يجمع أقوال و ردود كبار العلماء فيمكن الاستفادة منه ..
و أسأل الله العظيم أن يوفقكم و يسدد خطاكم ..
ـ[مولاي عمر]ــــــــ[31 Dec 2005, 04:09 ص]ـ
الدكتور أحمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أزكي رأي كل من بارك الفكرة، وأعبر أننا على مستوى الجامعة المغربية يمكن أن يساهم بعض الأخوة الأساتذة في هذا العمل المبارك،وقد استضاف المركز الجامعي للأبحاث و الدراسات القرآنية بكلية الآداب بالمحمدية الدكتور طه عبد الرحمن وقدم محاضرة جيدة في موضوع "الآيات القرآنية والقراءات الحداثية"، وقبل أيانم قدم الدكتور مصطفى بنحمزة محاضرة بالدار البيضاء في موضوع"رؤية في القراءات الحديثة للقرآن الكريم"
الموضوع في حاجة ماسة إلى جهة للتجميع والترشيد والترويج ...
بارك اله أعمالكم ووفقكم والسلام.
الدكتور مولاي عمر بن حماد
أستاذ علوم القرآن والتفسير بكلية الاداب بالمحمدية
ومدير المركز الجامعي للأبحاث و الدراسات القرآنية بنفس الكلية
benhammad@maktoob.com
ـ[محمد العدوي]ــــــــ[31 Dec 2005, 01:40 م]ـ
تصحيح
اخي الكريم الدكتور احمد المريدي وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا على ملخص الاقتراحات وهي قيمة ولا شك
واثني على اقتراحك بتفرغ اخ لكتابة وتلخيص الامر
واقترح ان يكون اكثر من اخ يفعلون ذلك وان يتم تسجيل الراغبين بذلك لديك ثم يتم تداول الامر فيما بينهم حتى الوصول الى صياغة متقنة للموضوع يتم نشره او تبنيه او ترجمته ثم توزيعه لمن يهمه الامر
والسلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Dec 2005, 01:46 م]ـ
الأخ طموح: لو ذكرت لنا رابط الموقع.
الدكتور مولاي عمر بن حماد: ما أجمل أن تتكامل الجهود , وسعدت برغبتكم في المشاركة أنت وبقية زملائك في الكلية , وبلغهم شكري نيابة عني , ونحن بانتظاراقتراحاتهم الآن , ومشاركاتهم بعد الافتتاح الرسمي إن شاء الله.
الأخ محمد العدوي: ننتظر من يبدي استعداده للقيام بهذا الأمر.
ـ[طموح]ــــــــ[01 Jan 2006, 12:56 ص]ـ
www.alradnet.com
إليكم الرابط إخوتي الكرام ..
لكن هو غير متخصص بالقرآن الكريم إنما لجميع الشبه التي تُثار ضد الدين سواء كانت صحفية أو الكترونية أو غيرها .. أي سنستفسد منه في بعض الجوانب كالطريقة و التنظيم الإسلوب و بعض المقالات و غيرها
ـ[هشام التميمي]ــــــــ[01 Jan 2006, 04:39 م]ـ
بارك الله في الجهود ... وسدد الله العاملين
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 Jan 2006, 06:35 م]ـ
كنت من قديم أرى تقصير منا تجاه هذا الباب، ففي الفترة الأخيرة كثر تردادي على البالتوك، و رأيت كيف تلقى الشبه حول كتابنا الكريم، ووالله وجدت في كثير من الأحيان رغبة جامحة للرد على كل جزئية و الكتابة فيها، إلا أن الأمر يعظم جدا عليّ في هذه الأيام حيث كثرة الانشغالات
سيروا على بركة الله تعالى، فوالله إني مستبشر بتأثير ذلك
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Jan 2006, 09:52 م]ـ
بارك الله فيكم وإلى الأمام .. وهذا اقتراح قد تأخر قليلاً لكن النفوس معدة ومهيئة له الآن عما مضى ولله الحمد والمنة.
اما بالنسبة لموقع Islamic-Awareness.Org الذي أشار إليه الشيخ الباجي حفظه الله فأنا على علاقة وثيقة بصاحبه د. سيف الله وهو أستاذ بريطاني من أصل باكستاني بجامعة كامبريدج، وقد عاونته من قبل في بعض المقالات بموقعه حتى إنه كتب اسمي على واحد او اثنين منها.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Jan 2006, 10:00 م]ـ
انظروا هذين الرابطين غير مأمورين:
http://www.islamic-awareness.org/Hadith/muwatta.html
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19805
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[02 Jan 2006, 10:01 م]ـ
أخي د. هشام: ما علاقة هذه الروابط بموضوعنا.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[03 Jan 2006, 04:02 ص]ـ
تنبيه من مشفقٍ:
أنا في الحقيقة أخشى - يا أخواني في الله - أن يطغى عند الإخوة همُّ الانتصار للقرآن و الردِّ على شبهات الخصوم على الهدف الأساسي من استنشاء (ملتقى أهل التفسير) و هو التفقه في كتاب الله و تعلّم ما فيه.
ثم من يستحق أن ينتهض لمثل هذا العمل الكبير؟! سبحان الله .. لا يتأهل له في الحقيقة إلا أفرادٌ قليلون .. عندهم من العلم ما يحفظ عليهم دينهم أولاً و أخيراً؛ فلا يتأثروا بما يعرض على قلوبهم من الشبهات المهلكات.!
و ما نبأ (عبد الله القصيمي) عنكم ببعيد. . . حيث راح يدافع عن الإسلام فانقلب على أعقابه لكثرة و خطورة ما أدخله على قلبه من الفتنة.
هذه رؤيتي للموضوع. . من هذه الزاوية، و قد أكون مبالغاً في الاحتياط. . أحببتُ مشاركتكم فيه لتنظروا في الأمر.
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[04 Jan 2006, 08:16 م]ـ
ففي يوم الإثنين 24/ 11/1426هـ اجتمع المشرفون على شبكة التفسير والدراسات القرآنية اجتماعهم الثامن،، وقد حضر الاجتماع كل من:
د. مساعد الطيار
د. أحمد البريدي.
د. ناصر الماجد.
د. عبدالرحمن الشهري
وتغيب عن الاجتماع د. أبو مجاهد العبيدي لسفره.
وتداولوا جملة من القضايا المتعلقة بالملتقى , ومن ضمنها: فتح ملتقى خاص بالانتصار للقرآن , وعرضوا ما تم اقتراحه من الأخوة في مداخلاتهم وقرروا ما يلي:
- يتم إنشاء قسم جديد في الملتقى باسم (ملتقى الانتصار للقرآن الكريم) "
- يتولى الإشراف على هذا القسم الدكتور أحمد البريدي، وله أن يستعين بمن يرى من المؤهلين.
- يمنع طرح ما يتعلق في الموضوع بغير الملتقى المخصص.
- من أهداف هذا الملتقى المتخصص:
• التأصيل العلمي لموضوع الانتصار للقرآن الكريم، والكيفية الشرعية المناسبة لرد شبهات المخالفين.
• توفير ملتقى علمي للمتخصصين في الرد على هذه الشبهات تحت إشراف علمي موثوق.
• توفير الدراسات والبحوث الجادة للذين يتولون مناقشة المخالفين في المنتديات والمواقع الأخرى.
• إحاطة المتخصصين في الدراسات القرآنية ولفت نظرهم إلى حجم الشبهات والطعون الموجهة إلى كتاب الله قديماً وحديثاً.
• عدم إتاحة الفرصة للمخالفين للكتابة في هذا القسم، وطرح شبهاتهم دون أن يكون هناك رد مناسب عليها.
وعلى هذا نأمل من الجميع التوقف من طرح المواضيع المتعلقة بالملتقى لحين الافتتاح رسميا , والذي سيتم الإعلان عنه لاحقاً إن شاء الله.
ـ[أبو بدر عبدالله]ــــــــ[05 Jan 2006, 11:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كنت اتابع العديد من المقالات حول القران ورد الشبهات من خلال موقعكم الكريم. وجزاكم الله خيرا على هذه الجهود. لكن اكنت اتمنى ان تعطى الفرصة الاخوة المتصفحين للمشازكة من خلال الاسئلة خول هذا الكتاب الكريم الذى اكاد اجزم ان فهم القران وكيفية التعامل معه وتطبيقه اله لدى من شبهات المفتريين لانها لاتج اذانا صاغية عند اغلبية المسلمين. لكن اتمنى ان يتم الاهتمام بتبسيط معانى القران وكيفية العمل به وتاثير القران على اخلاق ويقين القارى له لكة يتم تحقق الحكمة من انزال هذا الكتاب الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسن]ــــــــ[08 Jan 2006, 05:01 م]ـ
شيء طيب
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[08 Jan 2006, 07:57 م]ـ
ففي يوم الإثنين 24/ 11/1426هـ اجتمع المشرفون على شبكة التفسير والدراسات القرآنية اجتماعهم الثامن،، وقد حضر الاجتماع كل من:
د. مساعد الطيار
د. أحمد البريدي.
د. ناصر الماجد.
د. عبدالرحمن الشهري
وتغيب عن الاجتماع د. أبو مجاهد العبيدي لسفره.
وتداولوا جملة من القضايا المتعلقة بالملتقى , ومن ضمنها: فتح ملتقى خاص بالانتصار للقرآن , وعرضوا ما تم اقتراحه من الأخوة في مداخلاتهم وقرروا ما يلي:
- يتم إنشاء قسم جديد في الملتقى باسم (ملتقى الانتصار للقرآن الكريم) "
- يتولى الإشراف على هذا القسم الدكتور أحمد البريدي، وله أن يستعين بمن يرى من المؤهلين.
- يمنع طرح ما يتعلق في الموضوع بغير الملتقى المخصص.
- من أهداف هذا الملتقى المتخصص:
• التأصيل العلمي لموضوع الانتصار للقرآن الكريم، والكيفية الشرعية المناسبة لرد شبهات المخالفين.
• توفير ملتقى علمي للمتخصصين في الرد على هذه الشبهات تحت إشراف علمي موثوق.
• توفير الدراسات والبحوث الجادة للذين يتولون مناقشة المخالفين في المنتديات والمواقع الأخرى.
• إحاطة المتخصصين في الدراسات القرآنية ولفت نظرهم إلى حجم الشبهات والطعون الموجهة إلى كتاب الله قديماً وحديثاً.
• عدم إتاحة الفرصة للمخالفين للكتابة في هذا القسم، وطرح شبهاتهم دون أن يكون هناك رد مناسب عليها.
وعلى هذا نأمل من الجميع التوقف من طرح المواضيع المتعلقة بالملتقى لحين الافتتاح رسميا , والذي سيتم الإعلان عنه لاحقاً إن شاء الله.
بارك الله فيكم وسدد خطاكم وإلى الأمام دومًا.
ـ[الجعفري]ــــــــ[09 Jan 2006, 06:34 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
وسيروا إلى الأمام , وأسأل الله لكم التوفيق والنجاح فيما ترومون من نشر الخير والرد على أهل الباطل.
ـ[د. محمد بسام الزين]ــــــــ[13 Jan 2006, 09:48 م]ـ
أفكار ممتازة، نحتاج للمشاركة في الردود العلمية على الشبهات أن نطلع على الحرب الإعلامية على القرآن التي تشنها بعض المحطات الفضائية مثل قناة الحياة، لنتمكن من تحليلها ومناقشتها عبر الموقع ونتوصل إلى الرد العلمي بشكل جماعي، وكلنا أمل أن توفر إدارة الموقع مشكورة هذا الأمر
مع حبي لكنم
د. محمد بسام الزين
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[13 Jan 2006, 10:23 م]ـ
كتب أحد الإخوة اقتراحاً يطلب فيه نقل المواضيع ذات الصلة بالانتصار للقرآن الكريم، لكن فيه إشكالان:
الأول: المشقة الكبرى على الأخ المشرف (البحث عن المواضيع، المداخلات والردود التي قد تكون أغنى من الموضوع الأول .. الخ) والذي يفضل أن يتفرغ لأمور أخرى، ذات أهمية أكبر.
الثاني: المشرف سينتقي ما يراه الأنسب والأليق بالساحة الجديدة (منتدى الانتصار للقرآن) ولا شك أنه مأجور في ما ينتقيه، لكن قد يرى بعض الإخوة أن موضوعاتهم أهم من موضوعات منتقاة ..
فالإنسان مطبوع على النظر إلى حاجته ومبتغاه بـ (عين الرضا) والأولوية والسبق.
لذا أقترح على الأخ المشرف عدم التطوع (بصفته مشرفاً) بنقل أي موضوع سبق طرحه، وأن يُترَك الأمر لصاحب الموضوع الأصلي:
فيقوم صاحب الموضوع بإعادة تنسيقه وتهذيبه بما يتوافق والمستوى المطلوب من المتصدي للانتصار للقرآن الكريم، يُخرج الحديث، ويوضح الغريب ... ويلتزم بآداب وشروط البحث العلمي، ثم ((يقترحه)) على الأخ المشرف أو الهيئة الاستشارية فيقومون بتحكيمه وإقراره إذا رأوه موضوعاً علمياً يناسب هيبة وجلال القرآن الكريم.
وبعد وضعه يُفتَح الباب للنقد من جميع الإخوة في الملتقى، فكلنا يستفيد من تجارب غيره، والمرء قوي بإخوانه ..
كما أقترح منع المشاركات المقتصرة على التأييد والثناء دون نقد أو فائدة علمية، ليبقى الموضوع محافظاً على جديته ومنهجيته العلمية.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Jan 2006, 09:40 م]ـ
لا مانع من كلا الأمرين , فمن رأى إعادة صياغة موضوعه فحسن , ومن لم يطرح موضوعه فليذكرنا به مع رابطه , المهم أن نبدأ الخطوة الأولى , ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة , بارك الله في جهودك.
ـ[أبوعبدالرحمن الأحمدي]ــــــــ[18 Jan 2006, 01:11 ص]ـ
بارك الله في الجهود إقتراح رائع وموفق أسأل الله أن يكتب للجميع التوفيق والسداد
وبالنسبه لما يخص بفتح غرفة في البالتوك فإنها فكرة رائعه جداجدا مع أنها تحتاج الى جهد كبير وكادرمن المشرفين متواجد لإنعاش الغرفه ولجان للتنظيم والإعداد والإعلان.
أسأل المولى جلة قدرته أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه ...
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Jan 2006, 01:26 م]ـ
أوافق وأدعم
ـ[سالم العلوي]ــــــــ[21 Jan 2006, 11:03 م]ـ
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد:
فهنيئا لنا بكم يا دكتور أحمد أنت والكوكبة المباركة من الأساتذة الأفاضل الذين يمهدون الطريق للسائرين في هدى القرآن وأنواره ..
وبالمقابل فهنيئا لكم هذا التجاوب الرائع من كثير من الأخوة والأخوات في مشارق الأرض ومغاربها حول هذه الفكرة خصوصا وغيرها عموما.
والحق أن هذا الموضوع من المواضيع المهمة جدا، لكن كما ذكر الأخوة تكون العبرة بما يطرح فيه وتفنيد ذلك وتبسيطه وإظهار الحجة الراسخة التي لا تبقي للباطل بقية في قلوب القارئين والمطلعين بإذن الله.
وهمسة في أذن جميع الأخوة المؤيدين، إن العاطفة والحماس شيء، والمشاركة الفعلية الإيجابية شيء آخر.
وفي العموم الموضوع مهم، لأن الباطل اليوم يعرض بكل وسائل العرض المرئية والمسموعة والمقروءة، وتأثر الناس بذلك حاصل علمنا به أم لم نعلم.
وفقكم الله .. وسدد على طريق الحق والهدى والرشاد خطاكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[22 Jan 2006, 05:35 م]ـ
أحسنت أخي الكريم في طرح هذه الفكرة القيمة والتي تخامر نفس كل غيور لكن الجهود الفردية المشكورة إذا اجتمعت في قالب واحد ستكون بعون الله مثمرة نافعة ومؤدية للغرض المنشود وكلنا بعون الله يد واحدة في سبيل الدفاع عن دستورنا ومصدر عزنا والله لا يضيع أجر من احسن عملا ...
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[22 Jan 2006, 10:50 م]ـ
لا أدري هل تنفع المشورة بعد انعقاد العزيمة، لكن لحق من له حق علي في إبدائها لزمني إرسالها.
منذ الوهلة الأولى التي اطلعت فيها على هذه الفكرة، وإنا متردد في طرح مالدي، وهكذا في بعض مايستشار فيه المرء من رأي يولده عن فكر عميق وتجربة فاحصة وبصيرة مسددة، والعاقل يجد هذه الصعوبة تعتور فكره في مواطن كثيرة من مواطن الرأي، لا لضعف أو عجز في التصور، إنما لمحاولة جادة في طرح الرأي السديد العميق دون المرتجل، ووضع البدائل عند عدم استحسان الطرح المقترح، وأذكر أنه مر بي في بعض الأسئلة التي كان يطرحها التوحيدي على ابن مسكويه، في سبب تردد المرء وعزوف فكره عن اتخاذ الرأي السديد لنفسه في كثير من المرات، بينما يمحصه كل تمحيص لمن استشاره، فأجاب: بأن المرء يملك من نفسه مالايملك من أمر غيره، وقد لايعاب في كثير من تصرفاته الشخصية، بينما قد يلحقه العيب الشديد في بعض أرائه التي يطرحها للآخرين فيأخذوا بها ويبنوا عليها، فتراه يجتهد في سداد الرأي لغيره ما لا يجتهد لنفسه، حتى لايلحقه عيب أو وسم بضعف الرأي وزلل في الفكر أو قريبا من هذا الجواب.
ومن هنا كان الكثير من أهل الرأي ومن عرفوا بسداده، يستحثون من كان دونهم في طرح مالديهم وإن صغر سنهم، كما يروى عن عمر الفاروق رضي الله عنه في ذلك.
لهذا كان ترددي في طرح مالدي حتى لزمني طرحه، ذلك أني أحسب نفسي داخل أسوار الملتقى لاخارجه، ومن هنا كان النظر قصيرا في إبداء الرأي بخلاف من يطل من على أسواره.
والرأي السديد في مثل هذا الموطن لن يكتمل إلا ممن تحلى بخصال، أهمها العلم التام بهذا الفن، والخبرة التي تدل بعواقب أمره وتستجلي أواخرها، ولسان هذا العلم فلكل علم لسان تكسبه الدربة ومثاقفة النظار، والتجربة الناضجة في هذا المعترك.
أما أن يأتي المشير بقوله: هذه فكرة حسنة وهذه سيئة، فظني أن هذا لا يتعدى أوائل الرأي.
وسأجتهد في طرح مالدي في أطر مرقمة حتى أجمع شتات الفكر.
لكن هناك أسئلة تلح بطرحها، وقد يكون في أعطافها شيئا من بوادر الرأي:
1ـ من المعني بهذا الطرح: هل هم أبناء جلدتنا، أم أهل الاستشراق، أم الجهلة من المسلمين، أم نحن، أم الأمر ليس مؤطرا أو داخل تفؤية معينة، بل سيكون كسائر المنتديات التي أصبحت تعج بأرباب الفساد لا كثرهم الله، والذين يتكاثرون بل يبيضون في مثل تلك المواقع، بيضا فاسدا، يحتمل أن يكون مصابا بانفولنزا الطيور التي أقلقت العالم بأسره، والتي يخشى أن يكون حاملا فيها فيروسا يصيب السليم والمعافى منه مالا تحمد عقباه.
فلابد من تحديد الخصوم ـ فهذا درب سبيله المجادلة التي لاتخلو من المغالبة والمخاصمة ـ أما أن نجلب النار إلى قرصنا، ونستثير القاصي والداني، أو نجادل أنفسنا فنختلق الشبهة ونجيب عليها، فلا آمن من احتراق القرص، خاصة وأن الأرض زلقة، والقرص في ملة، وإماتة الشبهة أو تركها ميتة، أولى من إحيائها ومن ثم محاولة إمراضها أو إماتتها، الله أعلم.
2ـ لا أظن تصور الفكرة الهادفة بمعزل عن الذهن المتوقد الصافي، ولا يعني عدم قيامه بدعواها، عدم اقتناعه بجدواها، لكن تعلمون بارك الله فيكم أن اكتمال بعض مفردات أي أمر، يقف حائلا عن البدء فيه، عند أهل الرأي السديد، بل هذا منظور شرعي ومطلب دينيي، وهو النظر في عاقبة الأمر هل يمكن السير إلى نهايته، أم أن الطريق مشوك لايؤمن عثاره، وقد نبه الشاطبي رحمه الله إلى هذا المطلب النفيس في موافقاته، وبين أنه مطلب شرعي ودلل عليه، فمواصلة الأعمال الفاضلة مطلب شرعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
3ـ القائمون على هذا الأمر ومن سيتولى حاره وقاره، هل عاشوا مع كتب القوم زمنا من أعمارهم، فدرسوها وعلموا لسانها، أم الدفوعات ستكون من أصولنا، التي هي محل طعنهم، وغرض نبلهم، فماهي الأصول المشتركة التي يمكن التنازع والتحاكم إليها، وهل تم درسها والعلم بها، خاصة العلوم اللسانية والعقلية والفلسفية والمنطقية وماسار مسارها.
4ـ هل ستكون صفحات مفتوحة، لكل من أراد أن يضع فكره، ويطرح مالديه، أم أن الأمر مقصور على نخبة معينة ممن كملت آلتهم لهذا الأمر.
5ـ هل تصور شرعية مثل هذا الطرح على الملأ، وأثره على غر ربما لايحسن دفع الشبهة عن قلبه، وهل ستتخذ التحوطات الواجبة لدرء مثل هذه المفسدة، وهل يحسن أن يكون نقاش مثل هذه المسائل وتناولها مطروحا للجميع.
6ـ رأينا مثل هذا الطرح في الملتقى العلمي، وقد كان طرحا مزعجا، والتعامل معه مقلقا، ومن خلال المطالعة تيقنت أن المجادلة والحوار والمخالفة في الرأي لا تجدي في مثل هذه الصفحات أكثر من إعجاب كل ذي رأي برأيه، فإن كان المقصود استحداث ميدان للمعركة ـ وهي معركة بلاشك ـ فيجب اتخاذ العدة اللازمة التي أمر الله بها، وإن كان المراد العلم الصافي والحجة الدامغة والكلمة الطيبة، فلا أظن نجاح مثل هذا النوع من المناظرة والمدافعة في مثل هذه الصفحات، فهل قام في أذهان الأخوة الكرام تصور كامل عن كيفية التعاطي مع مايطرح، وكيف سيحسم فيه الخلاف، الذي لايخالجني الشك بأنه سيكون غالبا في نهاية كل معركة إغلاق صفحتها أو الطلب من الجميع بالتوقف عن الطرح ـ عندها سيصمونكم بالاقصائية وعدم الاعتراف (بالآخر) الذي لا أعرف من أين أتانا هذا المصطلح الجديد ـ كما سبق في مواطن عدة في الملتقى العلمي، لأن المخالف في هذا الأمر غالبا غير ناشد للحق أو هو ضالته، إنما الانتصار والظفر والغلبة، خاصة وأنه لابد من التعرض لبعض الأسماء التي ستجد من يدافع عنها ولابد.
7ـ إن للقران خصوماً أقلقهم الحق وهو منتصر عليهم ولاشك، تبناهم الشيطان وألبسهم مسوحه، وأسكنهم مساكنه وأطعمهم من طعامه، وسقاهم من سقائه كأسا رويا، فهل قام أهل القرآن أو من أراد أن يقرأ تعويذته على مثل نصر أبو زيد والجابري وأركون وأدونيس والنابلسي وشحرور وبعرور وأمثال هذه الشلة، هل قاموا بتتبع مشاريعهم وجمع كتبهم والعكوف عليها والنظر في الكتب التي تصدت لها أو لبعضها، إنها مدرسة كاملة لايكفي أن ينطلق المتصدي لها من خلفيته الشرعية فحسب، بل لابد من جمع كتبهم التي لن تسعفه نقوده في جمعها لكثرتها، وأسعارها الباهضة التي ضاهت بها الكتاب النادر، ثم هل سيحسن النظر فيها والتعامل معها، وهل سيصبر على اصطلائه بنارها، والصبر على زبدها وغثائها، لا أعرف أنه أفلح في ذلك إلا قلة قليلة، صبرت واحتسبت ماسيضيع عليها من ساعات عمرها وماستفقده من علم شرعي كان تحصيله أحب إليها، لكن لابد لكل ثغرة من جندي مسلم يقوم عليها، وينظر ويسأل الله أن يقيمه مقاما حسنا.
8ـ الكمال والتأنق لاحدود لهما، لكن هل ترون أن الملتقى العلمي قد استوى سوقه، وأعطى ثمرته، حتى يمكن التوسع إلى فتح أبواب هي في حد ذاتها تحتاج إلى قيام مواقع عدة متخصصة لاموقع واحد، فضلا عن أن يكون جزء من موقع، لا أدري.
في ظني أن هناك جوانب مهمة ربما لا تقل أهمية عن هذه الفكرة، مع ذلك أرى أنها بمعزل عن تناولها والإفادة في ظلها، عدا كتابات هنا وهناك، كالجانب البلاغي والنحوي والفقهي، وكطرح كتابات (بحثية) جادة يستفيد منها الجميع، بعيدا عن اللغة الأكاديمية التي يقل طعمها في الغالب، عن غيرها من الأساليب الكتابية.
هذه أسئلة تطرح نفسها، وتساؤلات بودي أن ينظر فيها الإخوة الكرام، ويحاولوا الإجابة عليها في أنفسهم، لعل فيها مايفيد إن شاء الله.
***************
فإن كانت قد بيتت النية وانعقد العزم على تجسيد هذه الفكرة، فلابد من الأخذ في الاعتبار لبعض الأمور:
(يُتْبَعُ)
(/)
1ـ للعنوان دائما أهمية كبرى في معرفة مضمون أي أمر، بل هو أحيانا يلخص لك زبدة المكتوب ويدل على صاحبه، وكثير من الناس يقف مع المفردة وقفة تأمل، بل تعمل في نفسه طابعها فتحرك فكره ناحية معناها وتجعله أسيرها، فهلا كان هناك نظرة أخرى لما توحيه كلمة الانتصار من معنى، وهل نستمد قوتنا وانتصارنا نحن إلا من القرآن، فنحن أحوج مانكون لأن ننتصر به لا له، وإن كان هناك مؤلفات بهذه التسمية لعلماء كبار كالباقلاني رحمه الله، لكن يبقى في النفس من هذه التسمية.
2ـ أن لا يكتب فيه كاتب إلا باسمه الصريح مذيلا توقيعه بمستواه التعليمي ـ ولهذا الأمر غالبا ميزة في معرفة التعامل مع مكتوب صاحبها، حيث يستشف من ذلك غالبا توجهه الفكري أو مستواه العلمي ـ الذي على ضوئه يمكن التعامل معه، ومعرفة مقوله من منقوله.
وأن تبقى الكتابة فيه لثلة محصورة من أهل العلم والكفاية، أما أن يفتح الباب لكل من هب ودب، فهذا أمر علمت بدايته واستكرهت نهايته، لكن يبقى هناك من لهم أسماء مستعارة، وعندهم دراية بهذا الفن أو لديهم قدرة في التعامل مع بعض الأقلام، عندها يمكن للمشرف ومن له الأمر في السماح لمن وثق بعلمه ودرايته بالكتابة في تلكم الصفحات.
3ـ أن لايكون ملتقى حواري ومكبا لشبه القوم، بل صفحات يمسك بزمامها أصحاب كفاية وقدرة، يطرحون مالديهم ويبادلهم إخوانهم بمثل ذلك، وفي كل صفحة يطرح موضوع متجدد، إما لفكرة مطروحة في الحياة العلمية المحيطة، أو مناقشة كتاب من كتب القوم ...
وصدقوني أن هذا عمل جليل لايستطيع القيام به إلا ثلة قليلة، تحسن القراءة في كتبهم وتصطلي بنارهم، وتديم جوارهم، حتى تعرف لسانهم، وتنطلق في الرد عليهم بلسانهم ومن خلال كتبهم وعلمهم وفهمهم، كماهي طريقة فحول العلماء في كل فن، فلا يكفي أن يرمى المخالف بالضلال والكفر والزندقة لمخالفته نصوص الوحيين، بل لابد من رميهم بنبالهم، وتوثيقهم بحبالهم.
4ـ أن يستشار في هذا الشأن بعض علماء العقيدة والفكر المعاصر، ومن لهم دربة ودراية تامة متخصصة بهذا الفن ويستكتبون ويكون لهم حضور وتواجد ملموس.
5ـ ولو كان لبعضهم الإشراف على هذه الصفحات مع الشيخ د/ أحمد البريدي لكان حسنا.
6ـ يجب أن يعلم بأن هذا الفن من العلم أصبح نوع منه له أهله ممن تخصص وخصص وقته له، لاتساع الشقة وتكاثر الطغام وتفننهم، لهذا فهو أمر لايحسن بالمفسر جهله وعدم التصدي له، لكن لايلزمه التصدر له، وإنما يطلب منه المشاركة في مايحسنه، كأي علم من علوم كتاب الله، يهديك لهذا النظر للواقع، وسبر بعض الأقلام والكتب منذ زمن بعيد حتى يومنا هذا، تجد الكل يشارك بمالديه في هذا الميدان، من نحوي أو بلاغي أو فقيه أو محدث ... ، لكن تجده يكتب من الباب الذي أتقنه وأحسن تصدره، فهل ستدعون فيه كذلك إلى التخصص في التفسير، وتحجرون فيه الأمر على أهله، لا أظن سد هذا الباب يكتمل بأهل التفسير وحدهم، إللهم إلا في سد بعض الثغرات، التي هي من قبيل تخصص كل واحد منهم فيما يتقنه من علوم كتاب الله، أما أن تكون الدعوة لمثل ماذكر، فهذا أمر لابد أن تتظافر فيه كل الجهود والتخصصات.
7ـ أن يكون مشروعا موجها موحدا لاتشعب فيه ولا تشغيب، فلم تعد شرور تلك الشلة الفاشلة مجرد شبه يمكن نقاشها في بضع كلمات، بل أصبحت مشششششششششششاريع علمية تبنوها وأقاموا عليها كثيرا من أبحاثهم ودراساتهم، وهناك من يقوم الآن بتبني تلكم المشاريع والتنظير لها ومن ثم تطبيق فحواها على كلام الله، كقيام بعضهم بتفسير كتاب الله تفسيرا موضوعيا انطلاقا من أفكار فاسدة، ومعتقدات باطلة، فيحتاج الأمر للوقوف مع تلكم الأفكار التي قامت عليها هذه المشاريع، بعد حصر أصحابها وحصر كتبهم، ومناقشتها نقاشا عميقا.
8ـ إن كان ولابد فلتراجع كل المواضيع المطروحة في الملتقى، ولينظر في أيجابياتها وسلبياتها، ويحاول أن يستقى منها مايفيد في رسم خطة مثمرة، ولو اجتهد الإخوة الكرام في تأمل لتلكم المشاركات، ثم تلمسوا الثمرة التي جنيت لتبين لهم الكثير.
وختاما/ فلست مع هذه الفكرة كما أني لست ضدها، وأشعر أنها لم تنضج ولم تختمر حق التخمير، فلو تروي قليلا حتى تكتمل صورتها في الذهن وتؤخذ العدة اللازمة، وترسم لها خطى مدروسة، وتستدعى لها الكفاءات والأقلام الماهرة، اللهم إلا أن تكون هذه الصفحات ستقوم على غير ماتصورته في ذهني ولا أظن. وأنا أعلم أن قولي هذا ليس منصفا لعدم طرحي للبدائل، لكن للأسف ففاقد الشئ لايعطيه، ربما لظني السيئ بالمجادلة والمناظرة في صفحات الشبكة العنكبوتية، المتمخض عن مطالعة بعض مثل هذه الطروحات هنا وهناك.
وهذا لايعني أن تترك هذه الثغرة دون من يقوم عليها كلا، بل لقد دعوت في مقال لي سابق في هذا الملتقى أن يقوم أهل التفسير على سدها، وأن يكون هناك منهم من يتبناها ـ ليعش المفسر زمانه ـ لكن لم يخطر في ذهني وقتها أن تكون صفحات الانترنت ميدانها، إلا في بيان لبعض المواطن التي لابد منها.
وأجمل مافي خاطري: بأن التخصص أصعب طريقا، وأوحش مسلكا، لكنه أكثر إبداعا، وأحمد عاقبة. والتفنن أسهل دربا، وأجمل محضرا، لكنه أقل إبداعا، وأبخس عاقبة.
لا أضمن صواب كل ماكتبت، لكني أضمن سلامة ما أبطنت.
والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[23 Jan 2006, 12:40 ص]ـ
و نعم الرأي ما أبديت أخي الفاضل، و كنت قد رأيت مثله أو قريبا منه من مدة - بعدما تلقيت رسالة من الإخوة المشرفين يطلبون مني المشاركة بإبداء الرأي في ذلك الموضوع المطروح للمناقشة و المشاورة - و لكني آثرت التروي و التريث في إبداء ما استقر عليه النظر، لأمور سبقت - أنت - إلى ذكرها، و لما لمسه - كاتب هذا - من ميل عام في الملتقى إلى الاشتغال به - مع ما ألمح إليه بعض الإخوة من الانشغال عما هو أولى و ألصق بمقصود الملتقى و موضوعه - فينظر إلى القول المخالف كأنه الصوت النشاز، فانتظرت حتى ينتهي الطرح و يهدأ الحماس، و يأتي وقت الفكر و التدبر.
- و أشد ما أخشاه أن يكون الملتقى المقترح مقرا لجمع و طرح كل الشبهات المثارة حول القرآن الكريم - قديمها و حاضرها و جديدها - ليصبح مكانا جامعا لكل الشبهات المبهمات، و التشكيكات الموهمات، و التناقضات الواهيات، فنجمع - بأيدينا - قاذورات الكافرين و الكارهين و المنافقين في مكان واحد، ثم ننفق من الجهد و الفكر و الوقت ما ننفق لتنظيفه و تطهيره، و مهما فعلنا فلن تنمحي آثار تلك القاذورات عند الغالب الأعم من مرتادي تلك المواقع، بل تترك شبها و ظنونا أكثر مما تكشف و تزيل، إلا من عصم ربي و كان متمكنا من علمه و دينه.
- و يمكن تشبيه مثل ذلك الملتقى المقترح ببئر يلقي فيه القوم جيفهم و قاذوراتهم حتى تمتلئ و تفيض و تلقي ببعض ما فيها حولها، ليصيب من يصيب من المارة و الحائمين، و لينزح منها الكفرة و من في قلبه مرض، ثم يلقونه أمام بعض منا من العوام و الجهال و صغار السن و ضعاف العقل، و يقولون لهم: انظروا كم في القرآن من تناقضات و اختلافات - بزعمهم - و يأتون لهم بعشرات الأمثلة، و يدلونهم على مافي مثل ذلك الموقع؟
- نعم: إذا عرضت شبهة نكشفها و ندفعها، و إذا عنَ إشكال نزيله و نحله، كلّ في حينه و محله، و لكن لا نجمع ذلك في محل واحد
- هذا ما أراه صوابا،
و أحسب ان رأيي هذا صواب يحتمل الخطأ، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[23 Jan 2006, 06:01 م]ـ
بارك الله في الأخوين الكريمين ونفعَ بهما، واسمحا لي أن أوافقكما على أكثر ما قلتماه، ولكن: الدين النصيحة، والمستشار مؤتمَن:
وإماتة الشبهة أو تركها ميتة، أولى من إحيائها ومن ثم محاولة إمراضها أو إماتتها
هل أمات ابن حنبل وابن تيمية الشبهات أم ... تركوها ميتة؟!
بل لولا ردودهما لماتت السُنَّة ..
عندما تصدى الأئمة للرد على الشبهات، سكتَ من هم دونهم.
أما حين يسكت الأئمة وأهل العلم، سيضطر العوام ـ وأشباههم ـ للرد، فيفسدون أكثر مما يصلحون.
وسبق بيان أمثلة على ذلك في بعض مشاركات ابنكم وتلميذكم الفقير الضعيف. ومنها قيام أحد مترجمي القرآن الكريم بترجيح ضياع بعض نصوص القرآن الكريم، وأحد المدافعين عن القرآن بالإكثار من الأدلة على أن تارح والد إبراهيم وليس آزر، وتوجيه أن مريم أخت هارون بتكلف يغني عنه حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
قارن علو همة الإمامين (ابن حنبل وابن تيمية) مقابل دعوى إماتة الباطل بالسكوت عنه، التي كانت حجة خبيثة من رجل خبيث (سعد زغلول) تجاه طروحات الخبيث الآخر (طه حسين) ..
انظر: علو الهمة فكانت همة محمد رشيد رضا في الرد على شبهات المنصرين رغم تهديد الحكومة المعينة من الاحتلال البريطاني له، قائلاً: إن الرد على الشبهات فرض كفاية .. ورغم شعوره بتهافت الشبهات، لكنه نظرَ إلى أنه في الناس عوام.
فإن كان المقصود استحداث ميدان للمعركة ـ وهي معركة بلاشك ـ فيجب اتخاذ العدة اللازمة التي أمر الله بها
المعركة موجودة، وننزهكم عن الفرار يوم الزحف!! بدعوى أن العدو أضعف من أن يواجَه.
ومِن العدة التدريب والمِران على مناظرة مثيري الشبهات حول القرآن الكريم، وهذا فن لا يُتقَن بالدراسة النظرية فقط .. بل يُتقن بالممارسة العملية كعلوم التجويد والفرائض والخطابة ..
" كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع، مناظرة تقطع دابرهم .. لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفَّى بموجب العلم والإيمان، ولا حَصَلَ بكلامه شفاء الصدور، وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامُه العلم واليقين ".
ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: 1/ 357
(يُتْبَعُ)
(/)
وختاما/ فلست مع هذه الفكرة كما أني لست ضدها، وأشعر أنها لم تنضج ولم تختمر حق التخمير
ولن تتخمر طالما أننا ننتظر .. وننتظر .. والشبهات تتضخم، والمتأثرين سلبياً بها يتزايدون .. بل تختمر بـ ((المُفاعَلة)).
و أشد ما أخشاه أن يكون الملتقى المقترح مقرا لجمع و طرح كل الشبهات المثارة حول القرآن الكريم - قديمها و حاضرها و جديدها - ليصبح مكانا جامعا لكل الشبهات المبهمات، و التشكيكات الموهمات، و التناقضات الواهيات، فنجمع - بأيدينا - قاذورات الكافرين و الكارهين و المنافقين في مكان واحد، ثم ننفق من الجهد و الفكر و الوقت ما ننفق لتنظيفه و تطهيره، و مهما فعلنا فلن تنمحي آثار تلك القاذورات عند الغالب الأعم من مرتادي تلك المواقع، بل تترك شبها و ظنونا أكثر مما تكشف و تزيل، إلا من عصم ربي و كان متمكنا من علمه و دينه.
الحمد لله بأن بيَّنتم أن الشبهات موجودة معلومة، فلا داعي لاختراعها. وليست ((((كل)))) الشبهات تظهَرُ تهافَتها لـ ((كل)) الناس. بل لعلي لا أغالي إن قلت: كل الدعاة.
ومَن قال إن الشبهات ستزيد؟!
هي موجودة، ونحن (المتخصصين بالقرآن الكريم والأشد غيرة عليه) أجهلُ الناس بها.
الجميل في تخصيص ملتقى كهذا، أنَّ الرد على الشبهات سيكون تحت أنظار إخوة كرام من علمائنا، كأخوينا ابن الشجري والدكتور (أبو بكر خليل)، يُسدِّدون رميَنا، ويُصلِحونَ عِوَجَنا، ويدعون لنا في ظاهر الغيب.
وين لنا بأمثل أفضالِهم سوى في هذا الملتقى؟
أوافق الإخوة بشدة على منع دخولِ (المخالِف) إلى منتدى كهذا، وإلا فسيتحول إلى منتدى مهاترات، ننزه هذا الملتقى المبارك عنه ..
والطرح الأسلم والأحسن أن يُفتَح في الملتقى بابٌ لفتاوى وأسئلة العامة (من مسلمين وغيرهم)، يوَجَّه السؤال للأخ المشرف (على البريد الخاص) فيعرض الأخ المشرف السؤال على متخصصين من أهل العلم في منتدى لا يراه غيرهم، ثم يخرج بالجواب علمياً محكماً جميلاً بديعاً يليق بعلو وسمو القرآن الكريم. ومن ثم يُخرَج للعموم بأبهى حُلَّة ...
ويكون الجواب موضوعاً في (خزانة) كلما احتاجه الدعاة سيجدونه؛ فالشبهة ذاتها ستتكرر مرات ومرات ..
نعم: إذا عرضت شبهة نكشفها و ندفعها، و إذا عنَ إشكال نزيله و نحله، كلّ في حينه و محله، و لكن لا نجمع ذلك في محل واحد
لا فُضَّ فوك أخي المكرم، فالرد البطيء الهادئ أوقع أثراً في المخالف من الرد السريع المنفعل .. وهذا مُجرَّب.
وبه سيعلم المخالِف مقدار علمك ويُقدِّر لك الرجوع إلى مختلف المراجع والمصادر المُعِينة للرد عليها، لأجله.
وأرى ـ والله أعلم ـ ألا يُفتح مجال لمناقشة قضية ما، في حين أن قضية أخرى ما زال الرد عليها ليس محكماً من جميع الجهات.
ختاماً:
لقد فتحَ الله سبحانه وتعالى لنا بهذا الملتقى المبارك باباً لأجرٍ ينفعنا بعد الموت: ففيه العلم الذي يُنتَفعُ به، والصالحون الذين يدعون لكم ..
انظر إلى شبهة دعوى " أن القصص القرآني أساطير "، بزعامة طه حسين ومحمد خلف الله. فرغم أنها كانت شبهة متهافتة في زمانها، إلا أن ذلك لم يمنع الردود العلمية عليها .. وقد نفعَنا الله بعلمِ إخوة لنا طواهم التراب في ردها، فكانت ردودهم علماً يُنتفَع به.
زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون.
بهذا المقياس يجب أن تكون ردودنا علمية هادئة على شبهات لا تقل عنها طرافة: كدعوى الجذور الوثنية للديانة الإسلامية، وصرع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ووجود المُعرَّب في القرآن الكريم ... الخ.
فكلها شبهات تبدو لنا متهافتة، ولكن التركيز والتكرار والتكرار لها في وسائل إعلام لا نملك 1% من قوتها يجعل لها قبولاً ـ أو على الأقل وجهة نظر ـ لدى كثير من أصحاب بعض (مراكز القوى) والتأثير في الوطن العربي .. فضلاً عن حيرة كثير من الدعاة ـ وخاصة في دول غربية ـ، كيف يردون على شبهات كهذه؟!
ولنا في إثارة شبهة دعوى (رضاعة الكبير) على إحدى الفضائيات العربية وتأثيرها على عوام المسلمين، قبل أسابيع .. خير مثال قريب على ذلك.
اللهم اجعلنا ممن يسلك سبيل أئمة أهل السنة (ابن تيمية وابن حنبل) فالتمثل بالكرام فلاح ..
أسأل العلي القدير أن يوفقنا لما فيه رضاه، وأن يستعملنا لخدمة دينه ..
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Jan 2006, 08:37 م]ـ
أخي الكريم ابن الشجري , و د. أبو بكر خليل:
شكر الله لكما ما سطرتما , واسأل الله أن لا يحرمكما الأجر والمثوبة , وأنا أتفق معكما فيما طرحتما , وتخوفكما في محله , بل إني أشترك معكما فيه , إذ المشروع يحتاج إلى طاقات كبيرة بل لست مبالغاً إن قلت: إنه مشروع دول ومؤسسات عالمية لا أفراد.
وعملنا لا يعدو فتح ملتقى يجمع فيه ما تفرق في غيره , وأن يكون له عناية خاصة, فهو حقيقة ليس المشروع بذاته , وإنما اللبنة الأولى فيه.
لكن ألا تريان أن رسم صورة مثالية في الذهن لهذا المشروع من معوقات العمل , كما أن الإرتجالية من علامات الفشل.
إن ترك هذا الميدان بحجة عدم الجاهزية , أو خوض غماره بلا تخطيط , كلاهما طرفان مرفوضان كما تفضلتما.
فدعونا نبدأ بدايات بسيطة نحاول أن نسدد فيها , ونقارب , ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة , نعم سيحصل أخطاء , وتجاوزات , وهكذا العمل البشري , لنصحح الخطأ , ولنسعى للأفضل , والعبرة بتمام النهايات لا بنقص البدايات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
كم مشروعٍ بدأ بدايات يسيرة ما تصور أصحابه أن يبلغ ما بلغ , والله بارك وسدّد , والواقع يشهد بذلك.
وإني بعد حديثكما يحدوني الأمل أن تكونا من أوائل من سيضع هذه اللبنة , سدد الله على الخير طريقنا جميعاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو حازم]ــــــــ[24 Jan 2006, 07:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فكرة جميلة اتمنى ان ترا النور قريبا جعل الله ذلك في ميزان حسناتك
ذكرت بارك الله فيك انه تجمع الشبه الرئيسية وهذا جميل ولكن ما رايك لو جمعت كل الشبه بلا استنثناء ويوضع لها مجلد خاص بحيث يتم الرد جميعا
ولكم جزيل الشكر على هذا الموقع
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[27 Jan 2006, 07:09 م]ـ
استكمالاً لطرح المكرم د. أبو بكر خليل
أقترح تخصيص موضوع ثابت تحت عنوان: " قضية الشهر "
نتناول فيها بالبحث المفصَّل القضية المطروحة من جميع جوانبها ..
مثلاً:
قضية: الألفاظ الأعجمية في القرآن الكريم، والتوفيق بينها وبين أن القرآن الكريم كتاب عربي مبين.
قضية: معاني حروف فواتح السور، وضوابط البحث فيها.
قضية: المنهج الصحيح في التوفيق بين الآيات الكريمة، التي ظاهرها يوهم التعارض للعامي.
قضية: تكرار القصص القرآني، وإنطاق الشخص في بعض أحداثها كلاماً لا يتفق حرفياً، مع كلامه في سورة أخرى، تحدثت عن الحدث ذاته ..
وبهذا نجمع بين عدة فوائد: إشباع المواضيع بحثاً، تأصيل المنهج، تسديد الردود المقترحة وتنقيتها من الشوائب، التدريب على منهج حوار عملي، وجود أصول للردود تصلح أن تُقاسَ عليها نظائرها من الشبهات.
وفي كل شهر يتم تنسيق الردود على صفحة (وورد)، تصلح لأن تكون بداية مطبوعة تصدر باسم الملتقى المبارك.
وحسب الدعاة أن يكون الرد صادراً عن أمثال أفضال العلماء الكرام في هذا الملتقى
والله الموفق
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[27 Jan 2006, 11:01 م]ـ
الأخ العزيز عبد الرحيم
أنا معك في جدوى هذا المقترح، و أرى أنه أولى بالدراسة و المناقشة من مقترح (فتح ملتقى للرد على الشبهات و التشكيكات في القرآن) - لما فيه من محاذير و مضار، تقدم ذكر بعض منها - و لم يكن اعتراضي على مسألة كشف الشبهات و نحوها، و إنما كان على جمعها في محل واحد، قد يورث كبر مساحته و كثرة مسائله شكوكا و ظنونا يصعب اقتلاع آثارها من عقول و نفوس البعض، و لنا في بعض التساؤلات المطروحة في الملتقى أمثلة بيّنة.
* و تخصيص قضية للبحث في كل شهر تتم مذاكرتها بصورة متقنة فكرة جيدة و طيبة، و من الممكن جعل مسألة النسخ، المطروحة الآن للنقاش، قضية البحث الخاصة بالشهر القادم - شهر المحرم - فتكون بدءا و افتتاحا متوافقا مع بدء السنة الهجرية الجديدة، جعلها الله خيرا و رخاء للمسلمين المجاهدين و المستضعفين و المرابطين في كل مكان من بلاد الإسلام - بفضله و عونه و رحمته عزَ و جلَ. اللهم آمين
- و إن شاء الله و يسَر و أعان سأقدم بحثا في تأصيل وقوع النسخ في القرآن الكريم، و الله وليّ التوفيق
و صلى الله و سلم على رسوله الكريم صاحب الهجرة المباركة، و رضي الله عن صاحبه و خليفته أبي بكر الصدّيق، و عن الآل و الصحب الكرام أجمعين
ـ[كمال]ــــــــ[29 Jan 2006, 11:34 م]ـ
توكلوا على الله يا إخوان .. هذه فكرة طيبة سيكون لها أثر طيب على المسلمين قبل غيرهم، إذا بذل فيها الجهد المطلوب و اتبع فيها المنهج العلمي الرصين البعيد عن الانفعال والسطحية .. ووفق الله الجميع لنصرة كتابه وهداية الناس به.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Feb 2006, 04:17 م]ـ
أقترح (إن تمت الموافقة على موضوع: قضية الشهر)، أن تُعلن إدارة المنتدى عن ترشيح أربعة مواضيع للمناقشة، والتصويت عليها، منذ الآن كسباً للوقت ..
وحين يتم إطلاق قسم الانتصار للقرآن، تكون نتيجة التوصيت قد أعطت المشرفين فكرة عن أكثر المواضيع إثارة لاهتمام أعضاء المنتدى.
وأقترح أن تتم مخاطبة الكاتب الرئيس المقترح لكل موضوع من المواضيع الأربعة، وذلك بهدف تحكيمها من قبل المشرفين:
مثلاً:
الموضوع المقترح الأول: الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، د. أبو بكر خليل.
الموضوع المقترح الثاني: علم الانتصار للقرآن الكريم / تعريفه ومحدداته، عبد الرحيم.
الموضوع الثالث ...... ،
الموضوع الرابع ..... ،
وهكذا في كل أربعة أشهر.
1. يتم ترشيح أربعة مواضيع قبل شهر من طرحه، ويتم التصويت عليها.
2. يُكلف أربعة أعضاء المناسب ليكتب المقال الرئيس لكل موضوع.
3. يُحكِّم السادة المشرفون الموضوع.
4. وبعد ذلك يطرح على الأعضاء في الملتقى للتعليق.
ومن الممكن أن تكون أولوية العرض بحسب التصويت،
في الشهر الأول أكثر المواضيع أصواتاً.
وبعد ثلاثة شهور الموضوع الأقل تصويتاً.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Feb 2006, 08:36 م]ـ
المهم قبول الاقتراح أولا و إقراره، ثم يأتي بعد ذلك اختيار الموضوع، و من الأفضل تركه للإخوة الأفاضل المشرفين، ليكون وفق خطة مدروسة و متكاملة تخدم مواضيع تتكامل و تترابط، و حتى لا نشغل الوقت و الفكر باختلاف الرؤى و الآراء في " التصويت "،
- و أما التكليف بكتابة المقال الرئيس في الموضوع المطروح: فيحسن تركه، فلا فضل لمشارك على آخر بأسبقية الاقتراحات، و إنما الأفضلية لجودة العرض و البحث و إحكامه.
- و أما ما نسب إايّ اقتراحه: فقد تكلم في موضوعه كثير من الإخوة، و ليس لي إلا لفت الانتباه إليه، و قد سبق إلى الكتابة فيما اقترحته - في تأصيل النسخ في القرآن - الأخ د. لطفي الزغير، و كذا يكمل بعضنا بعضا و يعينه
* و المهم هو البدء، و الله هو الموفق و الهادي إلى سواء السبيل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Feb 2006, 11:16 م]ـ
اقتراح موفق , وسيتم العمل به إن شاء الله , وكل من كان عنده موضوع له صلة بالمنتدى الجديد , فما عليه سوى مراسلتي ليتم التنسيق بشأنه , فنحن بحاجة إلى كل المواضيع , والطاقات , وقد تم بحمد الله حتى الآن عمل ما يأتي:
- إنشاء الملتقى , وهو الآن مخفي يطلع عليه المشرفون فقط , لحين افتتاحه.
- نقل جميع المشاركات المتعلقة بالمنتدى الجديد إليه من الملتقى العلمي.
- مخاطبة الأستاذ عبدالرحيم الشريف ليكتب حول الجانب التأصيلي للموضوع.
- مخاطبة الدكتور عبد الله الجيوسي للبدء في عمل ببلوغرافي لكل ما يتعلق بالموضوع.
وأبديا استعدادهما.
وأقول للأخوين الكريمين عبد الرحيم ود. أبي بكر: استعينا بالله تعالى فيما اقترحتما , وسنحدد موعد طرحهما مستقبلاً إن شاء الله.
اسأل الله للجميع التوفيق والتسديد.
ـ[ابو عبد الله]ــــــــ[18 Feb 2006, 10:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
فكره رائعه،وسنراها إن شاء الله قريباً.
ـ[ضياء الإسلام]ــــــــ[25 Feb 2006, 09:14 ص]ـ
وفقكم الله إلى مافيه الخير لأمة محمد وجعله في ميزان حسناتكم
ـ[حسن عبدالله الخطيب]ــــــــ[02 Mar 2006, 07:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم جميعا وجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين
وجعل ذلك في ميزان حسناتكم
سدد الله خطاكم وعلى طريق الحق مساركم
وعلى بركة الله وعين الله ترعاكم
حسن عبدالله الخطيب
ـ[الطبيب]ــــــــ[02 Mar 2006, 10:50 ص]ـ
سيروا على بركة الله سدد الله خطاكم،،،
ـ[محمدسليمان حامد أحمد]ــــــــ[05 Mar 2006, 06:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علّم الإنسان ما لم يعلم، وبعد
أشكر الأخوة القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله تعالى أن يكون في ميزان حسناتهم
وأنا على استعداد للمشاركة في أي جهد مستطاع من أجل العلم الذي فيه ينتفع ابن آدم.
محمد سليمان أحمد
ماجستير دراسات اسلامية معاصرة
أحضّر الآن لرسالة الدكتوراة في السودان الحبيب
ـ[امل]ــــــــ[11 Mar 2006, 01:02 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على بركة الله ومعكم ان شاء الله
وندعو الله أن يرزقنا اخلاص النية قبل العمل وبعده
وهذا ما كنت أتمناه منذ أن وجدت الوسيلة للخطاب والتحاور مع غير المسلمين
وما نستطيع ان نفعله للدعوة لديننا الاسلامي
والآن لابد من التسلح للدفاع عن ديننا
شكرا لكم على هذه الفكرة
وربنا يوفقكم
ـ[ابو العزايم عبد الحميد]ــــــــ[11 Mar 2006, 02:09 ص]ـ
[[ size=4] فكرة اكثر من رائعة وانا الان اراها حلقة من حلقات النور نحو النور المبين التي بدأت مسيرتها بحهود الصديق بجمع القران مرورا بالمصحف الامام الذي جمع ذو النورين عليه المسلمين وانتهاء بالمصحف المرتل الذي حافظ على الاداء الصوتي للكلمة القرانية ثم اني المح في القائمين عليه والمشاركين قوله تعالى (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فسيروا على بركة الله. اخوكم ابو العزايم عبد الحميد المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة(/)
التماس من الدكتور موراني ......
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[13 Dec 2005, 07:36 م]ـ
دكتور موراني ....
سررت بوجودك المستمر في المنتدى ...... ولي عندك سؤال علمي وأنت مؤهل أكثر من غيرك للإجابة ...
كتب Rémi BRAGUE تقريرا عن لوكسنبرغ بعنوان " القرآن: الخروج من الحلقة" وهذا التقرير يخص:
LUXENBERG, Christoph. Die syro-aramâische Lesart des Koran. Ein Beitrag zur Entschlûsselung der Koransprache. Berlin : Das Arabische Buch, 2000, IX-311 p. ;
ماذا تعرف عن لوكسمبرغ هذا ..... هل هو جاد في منهجه أم لا؟
أطرح هذا الأمر لأنني قرأت في مقال الفرنسي أن لوكسنبرغ متأكد من أن لغة القرآن ليست هي العربية الفصحى (يسميها الفرنسي" براغ" العربية الرسمية) الفصحى التي سيؤسسها (؟) علماء النحو فيما بعد. لغة القرآن عند لكسنبرغ مزيج من السريانية والعربية وهي اللغة السائدة في المنطقة زمن نزول القرآن حتى أن اسم مكة عنده مشتق من الارمينية وتعنى المدينة الواطئة ...
بصراحة مثل هذا الكلام يحمل المرء على الشك في جدية بعض المستشرقين ... فما رأيك؟
ـ[موراني]ــــــــ[14 Dec 2005, 12:09 ص]ـ
أبو عبد المعز المحترم
لا علم لي بالمقال لهذا الفرنسي غير أنني أعرف الكتاب الذي ذكرتموه , وهو في حقيقة الأمر كتاب سيّيء لا قيمة له لأسباب , منها:
المؤلف نفسه مجهول اذ نشر كتابه هذا باسم مستعار , وكذلك له حديث في الاذاعة بهذا الاسم المستعار.
ولا أحد في الدوائر الاستشراقية يعلم اسمه الحقيقي وليس له ذكر في قائمة أعضاء المعاهد الاستشراقية. انّ التعامل مع هذا الرجل صعب جدا لأنه مجهول كشحص وكما يبدو ينشر كتابه على نفقاته.
أما نظريته التي قد أشرتم اليها فهي كانت موضوعا في عدد من الندوات الاستشراقية (اذكر منها ندوة في برلين قبل عام أو عامين) , اذ يزعم صاحب الكتاب , وهذا خلاصة قوله , انّ العلماء مسلمين كانوا أو غير مسلمين لم يفهموا الى الآن النص القرآني فهما صحيحا بسبب اعتمادمهم على اللغة العربية فحسب.
أما زعمه أنّ اللغة السريانية هي اللغة السائدة في القرنين السادس السابع الميلاديين في المنطقة فهو مرفوض تماما لدى المستشرقين المتخصصين في اللغات السامية.
مهما يكون من الأمر: كتابات هذا الرجل غير مقبولة في الاستشراق المعاصر كما أنها لا تدرّس في المعاهد باعتبارها منهجا غير علمي وبلا جدية علمية.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 Dec 2005, 12:27 ص]ـ
شكرا للفاضل د. موراني ...
وقد تعجبت جدا من كون المذكور ألمانيا .... مع ما هو معروف من دقة في منهج المدرسة الالمانية مقارنة مع المدارس الاخرى .....
أما الفرنسي الذي أشرت إليه فهذا الرابط:
http://www.revue-texto.net/Parutions/CR/Brague_CR.html
ـ[موراني]ــــــــ[14 Dec 2005, 06:45 م]ـ
قام لوكسنبرغ في كتابه المذكور على الصفحات 65 الى 68 بعرض (الفهم الصحيح) للفظ (الرقيم) في سورة الكهف كما يلي:
أشار الى الدراسة للمستشرق Bellamy الصادرة في المجلة:
Journal of the American Oriental Society 111 / 1991
حيث قال هذا الأخير انّ قراءة اللفظ (الرقود) بدلا من (الرقيم) واردة في هذا الموضع.
ويذكر لوكسنبرغ بعد ذلك الترجمتين لكل من Paret و Blachère
وما جاء لديهما من التوضيحات لمعنى اللفظ (الرقيم).
ويلخص لوكسنبرغ قوله اعتمادا على ما ذكره بلامي (الرقود) فيقول أنّ المفتاح لفهم هذا اللفظ تكمن في العبارة (الرقيد) بدلا من (الرقود) وأيضا بدلا مما جاء في القرآن خطأ (الرقيم) , اذ الخطأ الذي وقع فيه الناسخ أنه بدل الدال الى الميم وكتب بدلا من (الرقيد) اللفظ (الرقيم) اذ جاء في الخط الحجازي المائل كتابة الميم على السطر وعلى صيغة قريبة من الدال. ومن هنا جاء في الرسم (الرقيم) خطأ.
في نهاية هذا المطاف يقترح لوكسنبرغ قراءة (والرقيد): والرقاد , وبهذه القراءة انحلت المشكلة كما يقول! اذ جاء في اللسان العرب (الرقاد هو النوم). ومن هنا يقرا لوكسنبرغ هذه الآية كما يلي:
ام حسبت اصحب (كذا) الكهف والرقاد كانوا من ايتنا عجبا.
وبهذا انتهت الدرسة حول الرقيم , الرقيد , الرقود حتى وصل بنا المؤلف الى الرقاد.
وفي هذا الكتاب غرائب أخرى مثل هذا فلا يستحق النظر فيه.
الا أن وراء هذه النتيجة المدهشة درس آخر وهو ضرورة المزيد من الاهتمام بالنسخ القرآنية الاولى برسومها القديمة وبخطوطها المختلفة ودراستها دراسة علمية بمقارنة الرسوم بعضها بالبعض وذلك من أجل سدّ الابواب امام هذا العبث والتلاعب بالمفردات والحروف اللذان لا يعتمدان على الاصول بل على الافتراضيات فحسب.(/)
مؤلفات حديثة ضد القرآن: مؤلفون وهميون
ـ[الباجي]ــــــــ[14 Dec 2005, 04:15 م]ـ
الحمد لله.
هذه فصلة من بحث مطول ينتظر خروجه قريبا - إن شاء الله - في إحدى المجلات العلمية ... بعنوان < ماذا أرادوا بالقرآن > أو < الغارة على القرآن > كتبه الأخ العزيز الأستاذ الصديق بشير نصر ... أحد المهتمين منذ زمن طويل بالمستشرقين وبحوثهم حول الإسلام وعلومه ...
أهدي هذه الفصلة للأخ الفاضل أبو عبد المعز بمناسبة سؤاله عن هذه الشخصية المتخفية ...
ومما يستحق الملاحظة هنا أن المدعو لكسمبرغ ليس بدعا فيما أتى به من نتائج في كتابه ... ولا في المنهجية التي سلكها ... فقد سبقه إلى بعض ذلك بعض أئمة الإستشراق من أمثال " نولدكه " و" جيفري " ... وإنما يفوقهم هذا المتستر بالجرأة ... واتساع نطاق بحثه ... ليس أكثر ...
مؤلفات حديثة ضد القرآن: مؤلفون وهميون:
ظاهرة (المؤلفين الوهميين) تشكّل حالة جديرة بالتأمل والدراسة. وأقلّ ما تُفسّرُ به أنها حالة إفلاس. ولم يعرف التاريخ الثقافي إلا حالات نادرة في حقب مختلفة، وفي ثقافات مختلفة، وفي أزمنة متباعدة. أما أن يخرج كتاب مجهولون بأسماء مستعارة، في زمن واحد، وبيئة واحدة، ومن ثقافة واحدة، وفي موضوعٍ واحد فإنّ ذلك يدعو إلى الريبة والشكّ.
والأصل أن ينسبَ الناسُ إلى أنفسهم ما يصنعون من آثارٍ وأعمالٍ لا أن يخفوها تحت أسماء وهمية، والإنسان بطبعه يبحث عن كلّ ما من شأنه أن يرفع من قدْره. وقد رأينا من يعتدي على أعمال غيره فينسبها إلى نفسه عدواناً، وأما أن يتخلى المرء على ما يخصّه إلى غيره ولو كان اسماً مستعاراً فذلك هو الغريب الشاذ.
وفي العقد الأخير خرجت علينا مطابع الغرب ودور نشره بمؤلفاتٍ خطيرة تستخف بالإسلام وتشكك في القرآن بأسماء مستعارة لكتّاب مجاهيل. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل روّجت آلة الإعلام الغربي والأمريكي لهذه المؤلفات بطبعها مرّات ومرّات، والدعاية لها بالعرض في أكبر المجلات والصحف، فضلاً عن توزيع بعضها مجّاناً على الشبكة الدولية للمعلومات.
وسنعرض هنا لأربعة كتب لأسماء وهمية، أثير حولها ضجّة إعلامية كبيرة للفت الأنظار إليها.
غلاف كتاب كريستوف لوكسنبرج:
كريستوف لوكسنبورج
قراءة سريانية – آرامية للقرآن: مساهمة في تحليل لغة القرآن
كريستوف لوكسنبورج هو مؤلف كتاب قراءة سريانية أرامية للقرآن: مساهمة في تحليل اللغة القرآنية. Die Syro-Aramaische Lesart Des Koran
Ein Beitrag zur Entschlüsselung der Qur'ansprache قامت بنشره سنة دار نشر ألمانية هي دار الكتاب العربي. Das Arabischen Buch
وقد أثار الكتاب ضجّة كبيرة في الأوساط العلمية لم تنقطع بعد. فما سرّ هذه الضجة، وما حقيقة مؤلفه؟
هانس شيلر.
كريستوف لوكسنبورج اسم مستعار يُقدّم على أنه عالمٌ ألماني متخصص في اللغات السامية القديمة، ويدرّس بالجامعات الألمانية، دون ذكر لأسم هذه الجامعات. وبعد أن ثار الجدل بين الباحثين في هويّة هذا الكاتب اعترف هانس شيلر صاحب دار النشر التي تولّت طبعه
بأن اسم المؤلف مستعار، وقد دفعه إلى ذلك الخوف على حياته من المتطرفين المسلمين الذين قد يثيرهم ما ورد في الكتاب من نتائج تهدم إرثهم القديم عن القرآن، لا سيمّا عندما أخفق في العثور على ناشر لكتابه في المانيا وخارجها عدا صاحب دار الكتاب العربي للنشر.
والشخص الوحيد من الباحثين الغربيين الذي حاول أن يميط اللثام عن صاحب هذا الاسم المستعار هو البرفيسور فرنسوا دي بلوا في عرضه لهذا الكتاب بمجلة الدراسات القرآنية
Journal of Qur'anic Studies , Vol. V, Issue 1, 2003,pp92-97 .
يقول دي بلوا في آخر عرضه المشار إليه:
(يُتْبَعُ)
(/)
” لعله من الضروري في نهاية هذا العرض أن نتكلم قليلاُ عن المؤلف والاسم المستعار له. جاء في المقالة المنشورة في نيويورك تايمز 2/ 3 / 2002 (وهي المقالة التي انتشرت بشكل كبير لاحقاً عبر الإنترنت) إشارة إلى أنّ مؤلف الكتاب هو كريستوف لوكسنبرج العالم باللغات السامية القديمة في المانيا. ومن الواضح جداً من خلال ذلك العرض أنّ هذا الشخص ليس عالماً باللغات السامية القديمة إنه واحد من أولئك الذين يتكلمون بعض اللهجة العربية، وليس له تمكن من الفصحى، وله معرفة بالسريانية بالقدْرِ الذي يمكّنه من استخدام القاموس السرياني، مع فهم سطحي لمنهجيات للغات السامية المقارنة. وكتابه ليس عمل عالم محترف، ولكنه عمل هاوٍ. ولست أعرف ماذا يعني كاتب مقال نيويورك تايمز (الكساندر ستيل) بقوله " في ألمانيا ". فحسب معلوماتي كريستوف لوكسنبرج ليس ألمانياً ولكنه مسيحي لبناني. والأمر لا يتعلّق بعالمٍ بفقه اللغة (فيلولوجي) جسور، ينفض الغبار عن كتب بلغات مهجورة في أقاليم المانية ثم يخرج على العالم بنشر نتائجه باسم مستعار ليتجنب التهديد بالموت من قبل المتطرفين المسلمين. باختصار إنه كاتب يكتب من برج عاجي كسلمان رشدي. وليس ثمة عالم باللسانيات في أوروبا أو أمريكا يحتاج إلى محو هويته، وليس له الحق في فعل ذلك. “.
القرآن لم يكتب باللغة العربية:
لقد نال كتاب لوكسنبرج من التقريظ ما لم ينله غيره في العقود الأخيرة.
يقول روبرت فينيكس Robert Phenix Jr وكورنيليا هورن Cornelia Horn من قسم اللاهوت بجامعة القديس توماس في دراستهما عن هذا الكتاب المنشورة بمجلة الدراسات السريانية. Journal of Syriac Studies, Vol.6, No.1, January2003.
” ليس ثمة عمل في تاريخ تفسير القرآن يماثل هذا العمل، ولا يوجد لذلك نظير إلا في الدراسات النقدية للإنجيل. وقد حرر لوكسنبرج الباحثين من سطوة التراث التقليدي للمفسرين المسلمين. وسواء أكان لوكسنبرج على صواب أم خطأ فيما جاء به إلا أنه وضع تفسير القرآن في منعطف حرج كان قد بلغه مفسرو الإنجيل قبل قرنٍ من الزمان. لقد أظهر هذا العمل لجميع مفسري القرآن قوة المنهج العلمي للفيلولوجيا وقيمتها في إنتاج نص قرآني أوضح “.
ويقول الباحثان في آخر عرضهما للكتاب:
” لا بدّ لأية دراسة علميّة للقرآن في المستقبل أن تأخذ هذا المنهج بعين الاعتبار .. لقد أبدى لوكسنبرغ ارتياباً في مسألة نقاء القرآن من حيث كونه نصّاً عربياً خالصاً، وعريّاً عن المعضلات اللاهوتية والفقه لغويّة التي تعرّضت لها تواريخ نقل النصوص المقدسة كالتوراة العبرية برواياتها المختلفة “.
ويقول الكسندر ستيل Alexander Stille في عرضه للكتاب الذي نشر في نيويورك تايمز2/ 3 / 2002 وهو بعنوان (نظرات راديكالية جديدة للإسلام وأصول القرآن)
Radical New Views of Islam and the Origins of the Koran
صفحة من إحدى نسخ المصاحف التي عثر عليها ب بصنعاء:
” يؤكد كريستوف لوكسنبرج العالم الألماني باللغات السامية القديمة أن القرآن قد أسيء فهمه كما أسيئت ترجمته على مدى قرون من الزمن. ولقد استند في بحثه على نسخ قديمة من القرآن [يعني مخطوطات مصحف صنعاء التي اكتشفت في العقود الأخيرة مدفونة بسقف المسجد] تظهر أن جزءاً من القرآن مأخوذ من نصوص مسيحية آرامية كانت موجودة قديماً ولكن أسيء فهمها من قبل المسلمين الذين جاءوا بعد ذلك وأعدوا نسخ القرآن الشائع بين الناس اليوم. ينطلق الكتاب من فكرة أنّ لغة الكتابة التي كانت سائدة في بلاد العرب قبل وإبان ظهور الإسلام هي اللغة الآرامية.
وكان الآراميون الذين اعتنقوا النصرانية يُعرفون بالسريان، ويتكلمون الأرامية لغة الرُّها الواقعة في شمال غرب بلاد ما بين النهرين. وبسبب انتشار النصرانية على يد السريان في سوريا وبلاد الرافدين أصبحت السريانية لغة الكتابة في تلك البلاد وتجاوزتها إلى البلدان المجاورة كبلاد فارس والجزيرة العربية. ومن هنا يفترض لوكسنبرج أن القرآن نزل بِاللغة السريانية وهي لغة الكتابة في عصر نزول الوحي، ولذلك لا يمكن فهم الألفاظ الغامضة فيه إلا بردّها إلى أصلها السرياني.وأصول تفكير لوكسنبرج ترجع إلى دراسات وبحوث سابقة، ولعلّ من أهمها وأبرزها بحوث الفونس مينجانا Alphonse Mingana.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبذا يمكننا القول بأنّ نظرية لوكسنبرج التي هلّل لها الغرب ليست جديدة. وهي في أحسن أحوالها تطبيق عملي لأراء مينجانا. ولا ريب أنّ مينجانا أكثر تأهيلاً من غيره للبحث في تأثير السريانية على لغة القرآن، ربما لأنه تعلّم السريانية في صباه في الموصل على أيدي الرهبان، وأنشغل بها طيلة عمره.
ومشكلة الاستشراق في العقود الأخيرة الاعتماد على القواميس الموضوعة في اللغات السامية كالآرامية، والسريانية، والأكادية، مع دراسة قصيرة قد لا تتجاوز بضعة أسابيع في نحو تلك اللغات فيصبح بذلك الدارس عالماً في اللغات السامية، أو لمجرد قراءة سريعة في كتب مختصرة لتعليم النحو السرياني ككتاب نولدكه (مختصرالنحو السرياني)، أو كتاب (فقه اللغات السامية) لكارل بروكلمان. وهذا تدليس حقيقي، وتجنٍّ على المعرفة. وقد قُيّض لنا أن نلتقي ببعض هؤلاء ممن يزعمون أنهم علماء باللغات السامية وهو لا يفرّق في العربية بين الشِّعر والشَّعرِ، ويزعم أنه يريد أن يصحح أخطاء النحاة واللغويين.
وهذا يصدق على المدعو لوكسنبرج، إذ أن نظريته لا تتعدى الألفاظ، ولهذا نراه يجري مقارنات لفظية بين المفردات العربية والسريانية أو الآرامية دون أن يكلّف نفسه عناء المقارنة بين نحو تلك اللغات. وهذا الأمر يبطل كلّ نظريته في الأصول السريانية للألفاظ القرآنية.
فمنهج لوكسنبرج في التعامل مع الألفاظ القرآنية التي يراها غامضة هو أن يعمد إلى إعادة إعجام الرسم المهمل بإعادة وضع النقط على اللفظ بجعل الخاء جيماً والراء زاياً والباء تاءً وهكذا حتى يقع على لفظ سرياني ملائم ينضبط به المعنى القرآني على حدّ زعمه. ولكن فاته شيءٌ مهمّ لم يتفطّن إليه وهو أنّ إعادة إعجام الألفاظ يترتب عليه أحياناً تغيير في الموقع الإعرابي وهذا يهدم البنية النحوية للجملة فلا يبقى أيّ معنى.
أثر ألفونس مينجانا على كريستوف لوكسنبورغ:
كتب مينجانا في سنة 1927 دراسة نُشِرت بمجلة مكتبة جون ريلاندز بمانشستر بعنوان (التأثير السرياني على أسلوب القرآن) Syriac Influence on the Style of the Kuran ، يقول في مطلعها:
” لا شكّ أنّ الوقت حان لإخضاع نصَّ القرآن لنفس النقد الذي تعرّض له الكتاب المقدّس اليهودي العبري والآرامي، والكتب المسيحية اليونانية .. وإني لمقتنعٌ بأنّ معالجةً شاملةً لنصّ القرآن بعيداً عن الشّراح المسلمين ستؤتي ثماراً وفيرةً من المعلومات القيّمة. ومن الضروريّ أن يتسلّح الباحثُ بمعرفة كافية بالسريانية، والعبرية، والحبشية. والسريانية في نظري أكثر نفعاً من العبرية والحبشية لتأثيرها الواضح على القرآن. “.
وشرع مينجانا في بيان مواضع تأثير السريانية على أسلوب القرآن، وجعلها في ستة وجوه: أسماء الأعلام، والمصطلحات الدينية، والكلمات العامة،والإملاء، وبناء الجمل، والإحالات التاريخية الأجنبية.
والقولُ بوجود ألفاظ قرآنية من لغاتٍ غير عربية مسألة لم ينفها أكثر المسلمين، والنافون منهم ذهبوا إلى أنها بدخولها إلى اللسان العربي تعرّبت. يقول السيوطي في كتابه الإتقان (1: 137) في معرض الجمع بين المثبتين والنافين:
” والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعاً، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، ولكنها وقعت للعرب فعرّبتها بألسنتها وحوّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربيّة، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب. فمن قال إنها عربية فهو صادق، ومن قال إنها أعجمية فصادق، ومال إلى هذا القول الجواليقي وابن الجوزي وآخرون. “.
ولذلك فإنّ فكرة ردّ بعض الألفاظ القرآنية إلى السريانية بتحوير في بنيتها بشكل يعجم المهمل ويهمل المعجم يعدّ محاولة متطرفة للتفسير.
وليس هذا المكان الضيّق ملائماً لبسط القولِ في هذا الموضوع.
ومما جاء نتيجةً لهذا المنهج في كتاب لوكسنبرغ أن لفظة (قسورة) سريانية وليس معناها (الأسد) كما فهم المفسرون المسلمون، وأصلها في السريانية (قوصرا) كما هي في الآرامية (قوسره، و قوصره) والرسم القرآني قسوره أصح سريانياً ويلفظ (قاسورا) بإمالة الواو، ومعناها (الحمار الهرم الذي لا يقوى على حمل شيء)، وهذا المعنى مضحك بلا ريب إذ لا معنى لفرار الحمر المستنفرة من حمار عجوز.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويسخر لوكسنبرغ من فهم العرب حيث يجعلون لفظة (قسورة) بمعنى (الأسد) وهي تعني (الحمار)، ويجعلون لفظة (الحمار) في قوله تعالى (وانظر إلى حمارك .... ) الآيةبمعنى البهيمة، ومعناها الصحيح كما في السريانية (صفة للإنسان).
ويذهب لوكسنبرغ إلى أنّ لفظة (الطعام) في الآية تعني (العقل والفهم) كما في السريانية (طعما) وفي بعض المصاحف ترسم لفظة (طعامك) محذوفة الألف (طعمك) وهذا يشبه قول العامة (كلام بلا طعمه) بمعنى بلا فهم. و (الشراب) هي (شربا) في السريانية، و (يتسنه) في السريانية تعني لم يتغيّر. وبذلك يكون التفسير الصحيح للآية (انظر إلى حالك وعقلك لم يتغير).
والمراد بقوله تعالى: (وانظر إلى حمارك ... ) الآية لا يمكن بلوغه إلا بتحوير رسم اللفظة فتكون (جمارك) ومعناها في السريانية (كمالك) من الكمال والتمام، فقوله تعالى (انظر إلى حمارك ... ). معناه: إذاً انظر إلى كمالك، وبذلك يستقيم معنى اللفظة مع السياق العام للآية.
وهكذا على هذا النحو يمضي المدعو لوكسنبورغ في قراءته للقرآن. ولم يجد النقّاد الغربيون ما يثيرهم في هذه الرسالة بحق إلا تلك التحويرات التي أجراها الكاتب بإلغاء آيات الجهاد، والتأويل العجيب لقوله تعال: ... (حور مقصوراتفي الخيام ... ) الآية.
وقوله تعالى (كذلك وزوجناهم بحور عين).
ويستغرق لوكسنبرغ في تحليل معنى (حور العين) أربعين صفحة من كتابه (من 221 إلى 260)، ويخرج علينا في نهاية المطاف بتفسير مضحك وهو أن لفظة (الحور) صفة للعنب الأبيض، وأن لفظة (عين) صفة لبريق الحجارة الكريمة، والمعنى الذي ذهل عنه المفسرون طيلة قرون هو أن طمع المجاهدين والشهداء في الجنة حيث الحوريات وَهْمٌ، إذ لا ينتظرهم إلا جِفانُ من العنب!!.
كيف ذلك؟ إنّ لفظة (زوّجَ) في الآية والتي تعني النكاح أخطأ الكُتّاب في رسمها بعد الإعجام، والأصحّ أنها (روّح) أي: أراح وأنعشَ، ومعنى الآية إذاً هو روّحنا عليكم بجفنات بيضٍ وجواهر من بللور، وليس المراد من ذلك النساء البيض الواسعات الأعين. وعن قوله تعالى: (ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون) يقول إنّ المراد من لفظة أزواج في الآية، بناء على ما وصل إليه من استنتاجات، أنواع، أي لهم فيها أنواع من الثمار!!، وقوله تعالى: (فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم و لا جان) لا يعني في نظرية لوكسنبورغ إلا جفنات الجنة التي لم يدنسها قبلهم إنس ولا جان، غير أنّ أوّل الآية لا يؤيّد زعمه حيث لم يقدّم تفسيراً ما المراد بـ (قاصرات الطرف).
إنّ أدق دراسة نقدية خرجت لهذا الكتاب، بعيداً عن العرض السريع الذي قامت به مجلات ومواقع غربية، ذلك البحث القيّم الذي شارك فيه ثلاثة من الباحثين: م. سيف الله، ومحمد غنيم، وشبلي زمان والمنشور بموقع Islamic Awareness تحت عنوان:
From Alphonse Mingana to Christoph Luxenberg
[Arabic Script & The Alleged Syriac Origins of the Qur'an
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[02 Oct 2006, 03:47 ص]ـ
أخي الكريم الباجي وفقه الله:
هل خرج البحث , وفي أي مجلة , وحبذا لو تتحفنا به كاملاً.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[02 Oct 2006, 11:00 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الباجي ولو أن كلام هذا الدعي متهافت لا يحتاج للرد
ولكن ......... ماذا نفعل في زمان أضحى فيه القسورة حماراً؟؟؟؟
ـ[عبدالقادر]ــــــــ[03 Oct 2006, 01:32 ص]ـ
أخي الباجي
ارجو منك أن تضع اسم المجلة حتى نفهم الموضوع جيدا
فأنا أعاني من أمثال هؤلاء في ألمانيا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Oct 2006, 05:22 م]ـ
جزى الله شيخنا الباجي خيرًا على هذه الفصلة القيمة، وقد سبق لي من عامين تقريبًا سؤال المستشرق الألماني الدكتور موراني عن هذا الأبتر لوكسنبرج فأجابني بما يفيد أنه نكرة في عالم البحث "العلمي" الاستشراقي، بل إن كتابه ليس له مكان يذكر في الدراسات المعاصرة , وإن مؤلفه ترك فيه معايير البحث الموضوعي وجاء بآراء لا يوافق عليها أحد تقريبا.
وسؤالي للدكتور موراني وجوابه عليه موجودان في الملتقى على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=2114
من المشاركة رقم 6 وما بعدها.
والحمد لله أولاً وآخرًا.
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[09 Oct 2006, 06:06 م]ـ
أحسن الله إليك أخي
لكن هذا ليس في الغرب فقط.
فقد وقع تحت يدي كتاب من هذا القبيل بعنوان: الفرقان لابن الخطيب جمع القرآن وتدوينه، هجاؤه ورسمه، تلاوته وقراءاته، وجوب ترجمته وإذاعته. نشر دار الكتب العلمية بيروت.
اشتريت الكتاب لأهمية موضوعه وظناً مني أن مؤلفه من أهل العلم لما أطلق على نفسه (ابن الخطيب) مع ملاحظة أنه لم يكتب اسمه الحقيقي على طرة الكتاب وإنما اكتفى بما تقدم. وإنما كتب اسمه بعد الإهداء بخط دقيق: محمد محمد عبد اللطيف. دون بيانات عنه وكان هذا أول الغدر كما يقال.
فإذا ما تصفحت موضوعات الكتاب وجدت ما لا يقوله مسلم.
ويكفي فقط أن تقرأ قوله:
التناقض الموجود في رسم المصحف
والناظر لهذا الاختلاف الذي أوردنا بعضه يرى أن الرسم القديم يقلب معاني الألفاظ ويشوهها تشويهاً شنيعاً ويعكس معناها بدرجة تكفر قاريه وتحرف معانيه .............
هذه فقرة نقلتها من صفحة فتحتها بعفوية لنقل شيء يسير منه وما خفي كان أعظم.(/)
صبيرة طومسون
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[14 Dec 2005, 07:03 م]ـ
قصة صبيرة طومسون
ذكر عمر فروخ ومحمود الخالدي في " التبشير والاستعمار". ص34 قصة أحد (الأجانب) واسمه: طومسون، قدَّم له أحد الصبية اللبنانيين ثمرة شجر الصبار (صبيرة).
وكما تعلمون، فإن هذه الثمرة شوكية القشرة الخارجية، وفي داخلها بذور كثيرة ..
فما كان من طومسون إلا أن أخذ ينزع البذور بذرة بذرة .. ولكم أن تتخيلوا ماذا بقي منها؟!
يقول المستشرق الشهير (جب): " حين " ننقي " الإسلام من شوائبه، لن يبق منه شيء .. حاله كحال صبيرة طومسون ".
ويعود الفضل لهذا الاستنباط، إلى الكاتب الأردني المبدع " خيري منصور " في كتابه: " الاستشراق والوعي السالب ". الذي جمَعَ فيها شذرات من نظرة المستشرقين إلى المسلمين .. بمختلف أصنافهم: أدباء وتاريخيين ورسامين ومنصرين وتجار ورحالة ... ولا يخلو الكتاب من قصص مضحكة لهم " ولاجتهاداتهم " (شر البلية ما يضحك) .. في مقابل " وعي سالبٍ " مِن أكثرنا .. يعني: لو كانوا بلا وعي به فذلك أفضل!! .. لا يفوتنكم الكتاب.
-----------------------------------------------------------------
ماذا يريد المستشرقون وتلاميذهم أن ننتزع من الإسلام، حتى يقبَلوه ويرضون عنه؟!!
الجواب: هذه الحقائق بأسلوب قصصي ..
===========================
اتصل بي رئيس البلدية ... : عندي لك مفاجأة ... هل تتذكر طومسون؟
- طومسون الذي مات من سنين؟
- بلى، سآتي وأخبرك المفاجأة ..
- بشرط: الغداء منك ..
عادت بي الذاكرة ...
ذات يوم، اقتربت من نهاية قراءة فَرضي اليومي من القرآن، إذ بآية تلفت الانتباه بأسلوبها، وإعجاز نظمها .. هي الآية الخامسة والخمسون من السورة التي شيَّعتها الملائكة: " وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ".
قلت: هذه الآية تعنيني، الله شرَّفني بمخاطبتي .. سأستجيب فوراً .. هذا واجبي بصفتي مسلماً .. والله لا يأمر إلا بخير.
لماذا لا أستبين سبيل المجرمين .. فكرت، وإذ بي أتذكر طومسون الذي كان وراء بناء محطة تنقية المياه العادمة بين مسجدَي البلدة.
فذهبت إليه .. وتذكرت ـ وأنا أقرع جرس بوابتها ـ .. رئيسَ بلديتنا يدافع عن نفسه: " محطة تنقية داخل البلدة وبين مسجدين، عجيب .. هل لمحطة التنقية أهمية تستوجب أن يأتي الأمر بإنشائها من (فوق)!! ".
أهل البلدة يتساءلون: " أين أم أولاد طومسون الذين يتزايدون؟ ولماذا يسكنون معه في محطة التنقية التي تزكم الأنوف؟؟ ولماذا أسماء أبنائه عربية؟؟؟ ولماذا يصر على تسميتهم أطفال، مع كأنهم كالخُشُب المسندة؟؟!! " ...
فجأة انقطع حبل أفكاري
- هاللو، شكراً لك .. ليش تعذب نفسك (خبيبي)؟!
- أهلا طومسون، هذه بعض ثمار الصبار لك وللأولاد .. منظَّفة .. ضعها في الثلاجة، وعند المساء ستكون رائعة.
- لمعت عيناه مكراً (كأفلام الكرتون اليابانية): أنا متأكد أنك تريد أن ترشيني .. قل لي لماذا جئت؟
- سأدخل لب الموضوع مباشرة: لماذا تهتمون بنا وتدفعون الملايين لإنشاء محطة تنقية، ولماذا لا تدعونا نحن نشرف عليها؟
- تعال أعرِّفك على أطفالي (قال مغيِّراً الموضوع).
دخلت الغرفة المجهزة بكل الألعاب ... والكتب ... والهواتف!!
نظرت وإذ بمجموعة من الأشخاص يلعبون معاً بألعاب الليغو (التفكيك والتركيب) وهم منسجمون باللعب يتهامسون .. يتنازعون .. يصرخون .. يتفقون .... تماماً كالأطفال.
اقتربت منهم، قال لي أسمنهم منزعجاً:
- أف ما هذه الرائحة!!
- معذورون فلم تتعودوا إلا على رائحة محطة التنقية و ..
- أنت مسلم .. صح؟
- أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
" ها ها ها " ضحك (حسن) ثم قال:
- " لا يُشترط التلفظ بالشهادتين .. أو كتابتهما في الإسلام .. المهم أن تشاهِدَ الوجود على حقيقته " [1] هذا هو المعنى (المُركَّب) للشهادتين.
- طيب: أنا والحمد لله أصلي.
تصلي؟ صاحوا مستغربين ثم قال (الصادق):
- " الصلاة مسألة شخصية، ولو علمَ فقهاؤك فوائد رياضة اليوغا لاتخذوها بديلاً عن الصلاة ". [2]
- والزكاة؟
سمعت صوتاً من بعيد، وإذ به (عابد)
- " الزكاة اختيارية .. وهي مشروع فاشل .. لا يقلل الفقر بل يزيده ". [3]
جاء طومسون بالشاي ..
- أنسيت، نحن في شهر رمضان؟!!
وقف (مجيد) لينجد أباه:
(يُتْبَعُ)
(/)
- الصوم ليس فرضاً بل اختيارياً [4] ألم تسمع قول الحبيب: الصوم يقلل من الإنتاج؟
وأخذ يوزع الشاي على إخوانه.
- ما هذا لم يبقَ إلا الحج!!!
ضجت الغرفة بالضحك، ونظر طومسون إلى أبنائه بحنان وغمز ابنه (الطيب) الذي قال:
- الحج طقوس وثنية تعبِّر عن الحنين إلى عبادة الأصنام [5]
تنفس طومسون متنهدا وقال (الابن سر أبيه) همهم: " That's my boy " ثم خرج ليستنشق عبق المنشأة .. حاملاً صحن ثمار الصبار وأخذ ينقي بذورها ويرميها ذات اليمين وذات الشمال ..
- يا طومسون، ماذا تبقي من ثمرة الصبار إن رميت ببذورها؟
- أنتم العرب أجهل الناس، ألا تعلم أنني (فنلندي) لذا فأنا أعلم منك بالصبار!!
وأخذ يتمتم (باسخفاف): " عرب ستبقون عرب ... ".
ثم سار مبتعداً ..
التفتُّ إلى الناس المنهمكين بالفك والتركيب، قائلاً:
- وأركان الإيمان، هل بقيت بحالها أم تفككت أيضاً
غرد الشحرور قائلاً:
- كل أركان الإيمان أساطير عدا ركنين: التوحيد والإيمان باليوم الآخر. [6]
- شكراً لكم لقد تفضلتم علينا ... لكن، أأنتم متأكدين أنكم مع التوحيد؟
التفت (حسن) متأففاً
- ما أغباك يا رحيم، الله يرحمك يا ابن عربي، التوحيد هو توحيد الإنسان في بوتقة العالم، فالإنسان والعالم والإله شيء واحد .. بل صفات الكمال للإله هي ذاتها صفات (السوبرمان) البشري. الإله الحقيقي (الله الجديد) وأعني به: " الدافع الحيوي، التقدم، الحرية، الطبيعة، الخبز، الحب ". [7]
صاح (أركون) إلهي الواحد هو: " الأمل، الحرية، المساواة، العدالة ". [8]
- طيب، الإيمان باليوم الآخر لم تمسوه بسوء؟
صاحوا جميعاً: رد يا (أبو زيد) لماذا تصمت؟ فأجاب:
- " اسمع .. مع إنك قليل العلم سأعلمك .. أنا أسمح لك بالإيمان باليوم الآخر عدا: العرش / الكرسي / الملائكة / الجن / الشياطين / الصراط / السجلات / ... وغير ذلك من الأساطير " [9]
وأضاف (الصادق):
- " مكان الحساب على الأرض ليس في السماء .. والعالم المتحضر هو الذي سيربح الجنة (الرفاهية) ". [10]
- لكن أهوال القيامة .. نعيم الجنة عذاب النار .. !!! قل يا (حسن) أنت أحسنهم ...
- " أهوال القيامة معنوية غير حسية، فالجبال لن تهتز .. ولكننا سنراها كذلك لاضطراب قلوبنا [11] أما الجنة والنار فهما شعوريان: راحة الضمير، أو القلق " [12].
- لكن كيف تكون الحور العين معنوية لا حسية؟؟!!!
سمعت قرقرة كصوت الديك التركي .. ميَّزت منها:
- " الحور العين ....... [همهمات وكلام غير مفهوم] ..... ااهغفاته .... إنها .. مباتهخ .... إنها ......... ما تراه من ((((فنون)))) على شاشة التلفاز [13] ".
أذن المؤذن لصلاة المغرب، خرجت كأني لا أعرفهم ... نظرت وإذا طومسون مشغولاً بنزع بذور ثمرة الصبار بشغف ولذة .. صاح كصياح أطفال مبتهجاً:
- " إنَّ نزعَ بذورها والرمي بها في كل اتجاه خير وأمتع من أكلها .. فلا يمكن لمعدتي أن تهضمها ".
- " سأذهب إلى الصلاة، وعندي إحساس بأن ثمرة الصبار ستقودك إلى الحق .. الحق الذي ما سواه باطل ".
استمر طومسون بنزع البذور ... غابت اللذة .. وأخذ ينتزع البذور ويرميها بعصبية غير مبررة
" إما أنا أو أنتِ يا صبيرة " .. ولم ينتبه أن قدمه صارت فوق المياه العادمة ...
تعالوا يا أبنائي .. أنقذوني ..
هرع الأبناء لإنقاذه .. ولكن أحسُّوا بما يشبه الحبل يجذبهم حيث والدهم ..
- ما هذا ما هذا .. أنتم تزيدون من أوزاري ... ليتني لم آتِ بكم .. لا أم لكم ... لا أم لكم ......
استرعى انتباهه صوتين نديَّين قريبين جداً .. وكانا آخر ما سمعته أذناه
سمع إمام المسجد الأول يقرأ آيات تتحدث عن فرعون: " ... فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ..... ".
متداخلا مع صوت إمام المسجد الآخر، وآياته تتحدث عن فرعون أيضاً: " .... يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ... ".
-------
بعد الغداء، قلت لرئيس البلدية: لماذا تذكرت طومسون بعد هلاكه بزمن؟!!
- ألم تعلم، قرروا إغلاق محطة التنقية.
- هل تشاءموا بطومسون؟ .. أم عجزت الأمهات أن يلدن مثله؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- لا يا أخي .. فقد أعيتهم كثرة نباتات الصبار التي ملأت المكان وسدت المنافذ .. نباتات (عينها قوية) استعصت على كل استئصال أو إبادة بالمبيدات .. ولا يريدون أن يصرفوا على استئصالها نقوداً إضافية. لذا أخذوا يفحصون سبب انتشارها السريع وكونها عصيَّة على كل استئصال وأن الزمان يزيد جذورها تشبثاً .. والأعجب: كيف تتسبب بنضارة الوجه؟ [14] .. لغاية الآن لم تظهر النتيجة ـ أو لا يريدون إخبارنا ـ
نظرت إلى وجهه ـ وارتحت ـ ثم سألت متعجِّباً:
- لكن من أين أتت؟
- يقولون: أحد الأغبياء أخذ يرمي بذور الصبار في كل مكان .. (و أخذ يبحث عن شيء في وجهي).
- " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ". صدق الله العظيم.
- غمزني رئيس البلدية مداعباً: لو لم تذهب لصلاة الجماعة ذلك اليوم، أكنت ستساعد طومسون .. نخوةً وشهامةً.
- ضحكت قائلاً: الحمد لله، ألم أقل لك: جماعة المسلمين هي الوقاية وهي النجاة .. حتى لو لم تلمس ذلك بيديك!!!
فأنا ـ كما تعلم ـ أعاني من حساسية الجيوب الأنفية، وأخشى أن يجذبني حبله .. ويبدو أن طومسون فرح أيضاً، لأن ثقل جسمي سيزيد من أوزاره .. وهو (مش ناقصه).
لقد مات طومسون .. أما ثمار الصبار فقد انتشرت .. وزادت شموخاً أفقياً وعامودياً ..
شكراً طومسون!!
هوامش:
================
[1] من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي 1/ 17
[2] الإسلام في الأسر، الصادق النيهوم، ص127.
[3] وجهة نظر، محمد عابد الجابري، ص150 - 151.
[4] الإسلام، عبد المجيد الشرفي، ص63.
[5] النص القرآني، طيب تيزيني، ص154.
[6] نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي، محمد شحرور، ص31
[7] حوار المشرق والمغرب، حسن حنفي، ص72
[8] قضايا نقد العقل الديني، محمد أركون، ص282.
[9] النص، السلطة، نصر حامد أبو زيد، ص135.
[10] الإسلام في الأسر، الصادق النيهوم، ص 82.
[11] من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي 4/ 508.
[12] السابق، 4/ 605.
[13] العنف المقدس والجنس، تركي الربيعو، ص140.
[14] لمعرفة الإعجاز العلمي في السنة النبوية حول تأثير زيت الصبار على البشرة انظر حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ:
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=556
طومسون الحقيقي أمريكي. وهنا تذكرت ما كتب الشاعر النصراني " رشيد خوري " سنة 1947م منتقداً حملات (التبشير) المسيحي الغربية التي أثرت في النصارى الشرقيين أكثر من المسلمين!!!!!!!!
" إن إقامتي الدليل على عدم نزاهة المبشرين الأمريكيين لا يقتضي أن أكون بارعاً في الجدل، أو عالماً شهيراً بالتاريخ، وكم أنفق الأمريكيون كي يُعرِّفوننا بمواطِننا المسيح وبدينه، كأننا أشد افتقاراً إلى فضائل المسيحية من الأمريكيين أنفسهم ".
قلت: هذا الاستغراب من نصراني لما ينفقه من وقت وجهد ومال إخوة في الدين ليحول ملة نصارى المشرق إلى المغرب ..
ما معنى أن يقطع إنسان ما الفيافي والقفار ويدفع المليارات كي يُخبِرَك بما أنت أعلمُ به منه!!!
إنها والله لإحدى عجائب الدنيا!!!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[15 Dec 2005, 01:26 م]ـ
الوعي السالب – وفئران جامايكا
ويُعلِّق خيري منصور قائلاً: " العلة ليست في (الصبيرة) بل في آكلها .. كيف تختفي الصبيرة إلى أن تتلاشى بين يدي المستشرق أو المبشر، في حين أنها تؤكل كلها بعد أن يُقشرها أهل البلاد؟! ".
الاستشراق والوعي السالب، خيري منصور، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط2، 2005م. ص225
------------------------------
ما المقصود بـ (الوعي السالب للاستشراق)؟
يضرب خيري منصور مثالاً خيالياً على ذلك ... ثم يتبعه بأمثلة وشواهد واقعية على الوعي السالب للمثقفين العرب ..
فئران جامايكا
- عانت جزيرة جامايكا من انتشار الفئران التي قللت من إنتاج المحصول الزراعي الرئيس فيها (قصب السكر).
- اقترح (أذكاهم) استيراد عدد من حيوان (النمس) ....
- بعد ثلاث سنوات قضى (النمس) على الفئران تماماً ...
- اكتشف سكان الجزيرة البائسون أن صيفهم الذكي (النمس) قد سطا على دواجنهم فأفناها ...
- تحرك (النمس) إلى الطيور الأخرى وأعشاشها ....
- استغلت الحشرات غياب الطيور فأتلفت المحاصيل الزراعية في الجزيرة قصب السكر وغيره ...
- بدأت مظاهر المجاعة في الجزيرة ..
- فكر (أذكاهم) في استيراد من يطرد (النمس) ...
- إلا أنهم قرروا أنه لن يقاوم الغزاة (النمس) إلا هم بما يتوفر لديهم من أسلحة ... وهكذا كان .. فنجت الجزيرة ونجو جميعاً.
بتصرف واختصار عن: الاستشراق والوعي السالب، ص198
=====================
تلك كانت باختصار قصة فئران جامايكا ... وبإذن الله تعالى سيتم بيان الوعي السالب عند (المثقفين) العرب في أخطر مراحل التاريخ العربي.
وسيتم تسليط الضوء على (وعي!!) ثلاثة شعراء برزوا في تلك المرحلة:
حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، والشيخ علي الريماوي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[17 Dec 2005, 06:04 م]ـ
بعد أن نقلَ خيري منصور فرَحَ مؤرخ تونسي بشَّر بقدوم المحررين الأحرار الفرنسيين .. وشماتته بالأتراك (المحتلين) .. انتقل ص199 للحديث عن مرحلةٍ تالية ... مرحلتنا تتلوها
تلك المرحلة هي ما بعد الحرب العالمية ... ووزوال دولة الخلافة الإسلامية ... وسط تصفيق العرب مهللين مستبشرين.
عندها وقف وزير خارجية بريطانيا: " نظراً لما قامت به تركيا، فقد قررت حكومة جلالة الملك وضع مصر تحت الحماية ".
وبردة فعل عفوية سريعة .. انطلقت حناجر كثير من العرب مهللين بالتحرير مرحبين بحماية أهل السماحة والأخلاق ...
فقال شاعر النيل حافظ إبراهيم مبشراً نهر النيل
فَعِش لِلنيلِ سُلطاناً أَبِيّاً ### لَهُ في مُلكِهِ عَقدٌ وَحَلُّ
وَوالِ القَومُ إِنَّهُمُ كِرامٌ ### مَيامينُ النَقيبَةِ أَينَ حَلّوا
لَهُم مُلكٌ عَلى (التايمزِ) أَضحَت ### ذُراهُ عَلى المَعالي تَستَهِلُّ
وَلَيسَ كَقَومِهِم في الغَربِ قَومٌ ### مِنَ الأَخلاقِ قَد نَهِلوا وَعَلّوا
فَإِن صادَقتَهُم صَدَقوكَ وُدّاً ### وَلَيسَ لَهُم إِذا فَتَّشتَ مِثلُ
إلى أن قال:
فَمادِدهُم حِبالَ الوُدِّ وَاِنهَض ### بِنا فَقِيادُنا لِلخَيرِ سَهلُ
وَخَفِّف مِن مُصابِ الشَرقِ فينا ### فَنَحنُ عَلى رِجالِ الغَربِ ثِقلُ
ألم تلاحظوا الشفافية العالية .. يعتذر للغرب؛ لأن العرب كانوا (ثقالاً) عليهم!!!
فعلاً، الشاة ثقيلة على من يقوم بذبحها وسلخها!
ولذا أقترح أن يذبح العرب أنفسهم ويسلخوا أجسادهم ويقدموها مطهية أيضاً ..
ملاحظة: الوقود المستخدم للطهي على حسابهم أيضاً.
أما أمير الشعراء أحمد شوقي
حلفاؤنا الأحرار إلا أنهم ### أرقى الشعوب عواطفاً وميولا
أعلى من الرومان ذكراً في الورى ### وأعز سلطاناً وأمنع غيلا
لما خلا وجه الزمان بسيفهم ### ساروا سماحاً في البلاد عدولا
بما أن الأمير شهِدَ لهم بالسماحة .. فهل بعد قوله قول؟!
ويكتب (الشيخ) علي الريماوي سنة 1917م محتفياً بالذكرى الأولى (للتحرير) الإنجليزي لفلسطين
وهذا نهار فيه حلت قيودنا ### وقد نشط الاقدام وانطلق الفكر
وحل محل الظلم عهد محبب ### وقد لاح من بعد الظلام لنا فجر
بريطانيا العظمي وأنت شهيرة ### وعندك طبعا يحمل الحمد والشكر
عهدناك للإسلام أكرم دولة ### عهدناك والعمران دينك والبر
يكفي للتعليق عليه أنه قال تلك القصيدة في العام ذاته ((عام وعد بلفور!!!)) وفيه انحلت قيودنا تماماً ..
ألا تُحل القيود عن الكفن، حين يوضع في القبر؟!!
ويختم الشاعر إسكندر خوري نشيد المرحبين بالتحرير
بني (التايمز) قد فزتم ### وبالإنقاذ قد جئتم
بلاد القدس شرفتم ### فأهلاً أينما بِتُّم
القدس شرُفت بهم!!
وتدور الأيام ... وما زال العرب متمسكين بميراث أجدادهم ...
لكن الجزائري: محمد أركون يطالب بنبذ (ميراث) الأجداد ... لكن مهلاً .. لنكن موضوعيين
مَن قال إنه يرفض كل ميراث السلف ...
أبداً ... إنه ما زال يفتخر بسلفه
سلفه الذي يحبه ويجهر أنه مثله الأعلى في أكثر من كتاب ولقاء .. إنه:
أتاتورك ..
هذا هو الوعي السالب ... الذي إن قارنتَه بـ (اللاوعي) لفضلتَ اللاوعيَ عليه!!
على كل حال .. مَن قال إن علم الاستنساخ .. علمٌ حديث؟!
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[30 Dec 2005, 04:19 م]ـ
وخطورة الوعي السالب أنها تمتد وتتشعب وقد لا يلمس جيلنا أثرها لكن الأثر سيظهر في الأجيال التالية ..
سأذكر خلاصة دراسة الأستاذ أنور الجندي حول شخصية طه حسين وأفكاره، من خلال كتبه ومقالاته ومحاضراته وما تناقلته وسائل الإعلام عن نشاطاته .. حيث لخَّص كل ذلك ـ بعد تفصيل الأدلة عليه ـ بقوله:
" ولنذكر يومَ أصدَرَ (الشعر الجاهلي) وسارت المظاهرات إلى سعد زغلول [1] تطالب برأسه، فقال سعد:
" إن مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر في هذه الأمة المتمسكة بدينها، هَبُوا أن رجلاً مجنوناً يهذي في الطريق، فهل يضير العقلاء شيء من ذلك؟ إنَّ هذا الدين متين، وليس الذي شكَّك فيه زعيماً أو إماماً فليشك كما شاء".
ومن يومها، انطلق طه حسين تحت اسم الرحمة لرجلٍ كفيف، أو التجاهل لرجل يهذي. ولكن طه حسين كان يقطع الطريق من مرحلة إلى مرحلة، مؤثِّراً في المناهج الجامعية ثم المدرسية، وفي مناهج الثقافة والأدب والتاريخ .. ففي كل ما تناوله سموم مدسوسة، وآراء للاستشراق منشورة، وشبهات مثارة، وكتب تدرَّس في الجامعات، تتناول الرسول والإسلام بعبارات فاحشة، وحفلات رقصٍ في الجامعة .. وفوق كل ذلك: أراؤه مسروقة، أخَذها من هذا المستشرق أو ذاك، دافعَ عن الإلحاد، وعن الشك، ونافَقَ الغربيين، وهجمَ الأزهر، وأدخلَ الأساطير إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ". [2]
إن الوعي السالب يجعل مُمارِسَه شريكاً في الجريمة ـ إن لم يكن أخطر ـ ولنتذكر عبارة (التدخين السلبي). [3]
================
[1] كان سعد زغلول يفطر فى رمضان، ويشرب الخمر – حتى في رمضان – فيعتذر عنه المعتذرون بأنه ضعيف لا يقوى بدنه على الصيام – فهو من أهل الأعذار –. وقد سمي ميدان التحرير في مصر بذلك لأن زوجة سعد (تحررت) من حجابها عنده في مظاهرة نسائية. انظر كتاب: واقعنا المعاصر للشيخ محمد قطب.
[2] طه حسين حياته فكره في ميزان الإسلام، أنور الجندي، دار الاعتصام، القاهرة، ط2، 1977م، ص221 - 222. وذكَر في الصفحة التالية، ملامحَ العمل التغريبي الذي قام به طه حسين في التعليم.
[3] تُطلَق على من يجلس في أوساط المدخنين من غيرهم، وخطر التدخين السلبي أضعاف أخطار التدخين الفعلي كما يقرر كل الأطباء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[01 Jan 2006, 10:42 م]ـ
كي لا نعيش كثيراً مع نماذج الوعي السالب المحبِطة، هذا نموذج من وعي إيجابي
((نفعَ صاحبه بعد الموت))
أفاد بعد وفاته بعقود .. أضعاف ما أفاد في حياته
فقد ناقش فيه ((أقوى)) ما ذُكِر في مواقع الإنترنت التنصيرية من أدلة على الإطلاق، حول كون القرآن الكريم مقتبس من كلام الشعراء الجاهليين ..
-------------------
نشرت الجمعية الإنجليزية المكلفة بالدعوة إلى النصرانية كتابا بعنوان "تنوير الأفهام"، وقد كتب ذلك الكتاب أحد الحاقدين على الإسلام وأهله، وضمن كتابه الأبيات التي ذكرناها أول المقال، ونسبها إلى امرىء القيس، ثم ادعى بعد ذلك أن القرآن الكريم قد اقتبس من تلك الأبيات.
ونص الأبيات التي لفقها على امرىء القيس:
دنت الساعة وانشق القمر ### عن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه ### ناعس الطرف بعينيه حور
مر يوم العيد في زينته ### فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك ### فتركني كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة ### كانت الساعة أدهى وأمر
كتب الحسن على وجنته ### بسحيق المسك سطرًا مختصر
عادة الأقمار تسري في الدجى ### فرأيت الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرته فرقه ### ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شق العذار خده ### دنت الساعة وانشق القمر
[انظر مجلة المنار 7/ 3/101]
وقد تنبه العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله لهذه الفرية، وردها بالأدلة والبراهين قال رحمه الله:" لولا أن في القراء بعض العوام، لما كنت في حاجة إلى التنبيه على أن هذه القصيدة يستحيل أن تكون لعربي، بل يجب أن تكون لتلميذ أو مبتدئ ضعيف في اللغة من أهل الحضر المخنثين عشاق الغِلمان، فهي في ركاكة أسلوبها وعبارتها وضعف عربيتها وموضوعها، بريئة من شعر العرب لا سيما الجاهليين منهم، فكيف يصح أن تكون لحامل لوائهم، وأبلغ بلغائهم.
وهب أن امرأ القيس زير النساء كان يتغزل بالغلمان - وافرضه جدلا - ولكن هل يسهل عليك أن تقول: إن أشعر شعراء العرب صاحب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) يقول: أحور قد حرت في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حور، وتضيق عليه اللغة فيكرر المعنى الواحد في البيت مرتين؛ فيقول: أحور بعينيه حور.
أتصدق أن عربيا يقول: انشق القمر عن غزال، وهو لغو من القول؟ وما معنى: دنت الساعة في البيت؟ وأي عيد كان عند الجاهلية يمر فيه الغلمان متزينين؟ وهل يسمح لك ذوقك بأن تصدق أن امرأ القيس يقول: فرماني فتعاطى فعقر، وأي شىء تعاطى بعد الرمي، والتعاطي: التناول ... وهل يقول امرؤ القيس: لحاظ فاتك؟ فيصف الجمع بالمفرد.
وهل يشبّه العربي طلوع الشعر في الخد بالسُرى في الليل؟ مع أنه سير في ضياء كالنهار؟
وكيف تفهم وتعرب قوله: بالضحى والليل من طرته فرقه ### ذا النور كم شيء زهر
وهل يقول عربي، أو مستعرب فصيح في حبيبه: إن العذار شق خده شقًّا؟!
.... بعد هذه الإشارات الكافية في بيان أن الشعر ليس للعرب الجاهليين، ولا للمخضرمين، وإنما هو من خنوثة وضعف المتأخرين، أسمح لك بأن تفرض أنه لامرىء القيس إكراما واحتراما للمؤلف – أي مؤلف كتاب "تنوير الأفهام" -، ولكن هل يمكن لأحد أن يكرمه ويحترمه فيقول: إن الكلمات التي وضع لها العلامات هي عين آيات القرآن؟ .... وليس في القرآن (فرماني فتعاطى فعقر) وقد ذكرنا لك الآية آنفا، وقوله (تركني كهشيم المحتظر) مثله، وإنما الآية الكريمة: " إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ " [القمر: 31]. فالمعنى مختلف والنظم مختلف، وليس في البيت إلا ذكر المشبه به، وهو فيه في غير محله؛ لأن تشبيه الشخص الواحد بالهشيم يجمعه صاحب الحظيرة لغنمه لا معنى له، وإنما يحسن هذا التشبيه لأمة فُنيت وبادت كما في الآية ... وليس في القرآن أيضًا: كانت الساعة أدهى وأمر، وإنما فيه: " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) "، فههنا وعيدان شرهما الساعة المنتظرة فصح أن يقال: إنها أدهى وأمر، وليس في البيت شيء يأتي فيه التفضيل على بابه.
واعلم أن هذا الشعر من كلام المولدين المتأخرين هو أدنى ما نظموا في الاقتباس، ولم ينسبه إلى امرىء القيس إلا أجهل الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن المعنى مختلف، والنظم مختلف، فكيف يصح قول المؤلف – أي مؤلف كتاب "تنوير الأفهام" -: إن هذه الكلمات من آيات القرآن، وإنها لا تختلف عنها في المعنى، ولو فرضنا أن هذه الكلمات العربية استعملت في معنى سخيف في الشعر ليس فيه شائبة البلاغة، ثم جاءت في القرآن العربي بمعان أخرى وأسلوب آخر، وكانت آيات في البلاغة كما أنها في الشعر عبرة في السخافة، فهل يصح لعاقل أن يقول: إن صاحب هذا الكلام البليغ في موضوع الزجر والوعظ مأخوذ من ذلك الشعر الخنث في عشق الغلمان، وأن المعنى واحد لا يختلف؟
فمن كان معتبرا باستنباط هؤلاء الناس وتهافتهم في الطعن والاعتراض على القرآن فليعتبر بهذا، ومن أراد أن يضحك من النقد الفاضح لصاحبه، الرافع لشأن خصمه فليضحك، ومن أراد أن يزن تعصب هؤلاء النصارى بهذا الميزان فليزنه، وإنه ليرجح بتعصب العالمين." اهـ[مجلة المنار 7 / الجزء 5 / ص 161]
--------------------
تخيَّلو بالله عليكم لو لم يرد محمد رشيد رضا ـ رحمه الله تعالى ـ على تلك الشبهة، ركوناً إلى أن العقل العربي العادي لا يستسيغها ...
انظر منتديات الحوار الديني وابحث في " دنت الساعة وانشق القمر ### عن غزال صاد قلبي ونفر ".
ستجد عجباً من دفاع المسلمين عن القرآن الكريم في مواجهة هذه الشبهة،، وتقول: ليتهم صمتوا!!
وعيُ محمد رشيد رضا هو المطلوب، ولا يستخفَّن أحدكم بشبهة،،
فالبدهي عندك .. غامض عند غيرك
بل أنت أحياناً تكون قد هيأت فكرة تشكِّل (فهماً) وتوجيهاً لمسألة ما، ثم تغيب عنك إن لم تقيِّدها بالكتابة
ورحم الله تعالى من قال:
الفهمُ عَرَضٌ ... يأتي ويزول
لو أعرِضُ لكم نماذج من الأسئلة التي تردني من عرب ومسلمين عبر البريد الإلكتروني، لظننتم أنني أهزأ بكم
نحن في غربة عن الدين، لا يعلمها إلا الله تعالى
--------------------
لقد غرسَ محمد رشيد رضا نبتاً طيباً فأكلنا
وماذا غرسنا نحن لمن بعدَنا كي يأكلوه؟!!!
--------------
وإني لأتخيَّل وجوه ـ بعض ـ (أهل العلم) قبل عشرات السنين، وهم يقرؤون كلام محمد رشيد رضا، مغتابين غامزين ...
" انظروا انظروا إلى محمد رشيد رضا بماذا أوجع رأسه، تلك السخافات أحقر من أن يرد عليها تلميذ من كتاتيبنا، ولا تستحق الجهد المبذول في المطبعة لصفِّ حروفها .. لماذا لم ينكر الباطل بالسكوت عنه "!!!
أين هم .... وأين هو؟!
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[01 Jan 2006, 11:18 م]ـ
إخي عبد الرحيم بارك الله فيكم وفي ما ذكرت عن الشيخ رشيد رضا رحمه الله.
ولعلك تثمثل بالبيت القائل.
أسد علي وفي الحروب نعامة ...
كناية عن قوم يفرون من حلبة الجدل مع الخصوم البينة عداوتهم لله ورسوله.
مع أن علمائنا كانوا لا يبقون لشبه الخصوم بقية فأنت تجد بيانهم ناصعا وجدلهم بارعا. واستدلالهم لدعاوى المفترين قارعا , ودعني من الذين يساقون إلى حتفهم بعضم وراء بعض.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[02 Jan 2006, 06:25 م]ـ
حين ضغطت الحكومة المصرية (المعيَّنة من قبل الاحتلال البريطاني) على محمد رشيد رضا طالبةً الكف عن الرد على شبهات المبشرين في مجلة المنار، قال: " إني لن أدع الرد على المبشرين ما داموا يطعنون في الإسلام .. لأن الرد عليهم فرض من فروض الكفاية، حيث لا أرى مجلة ولا جريدة تقوم بها، فإن تركتها كنت آثماً كجميع القادرين عليها ".
انظر: الإسلام والمسلمون بين أحقاد التبشير وضلالات الاستشراق، د. عبد الرحمن عميرة، ص29.
------
كان بإمكان محمد رشيد رضا الركون إلى الدعة والسلامة،،
لكنه لم يجد لنفسه عذراً فهو ليس من أصحاب الأعذار ... ولا يليق بمثله أن يقعد مع ((الخوالف))
كذا هم أصحاب المعالي،،
وما يُحزِن أخي سمير هو استمرار كثير من الإخوة في تضييع وقتهم بالحكم على هذا وذاك،،
فيضيع وقته فيما لا يفيد، فضلاً عن تعريض نفسه لاحتمال اكتساب الاثم والوقوع في عرض مسلم لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
ولن أقول في ذلك غير ما قال أخي الجندي (الذي يقف على رأس (ثغرٍ) من ثغور الإسلام أعانه الله على الذبِّ عنه)
قال: " أخي .. لأني أحبك,, عليك بخاصة نفسك ".
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=15914&postcount=1(/)
حوار مع الدكتور أحمد الطعان الباحث بشؤون القرآن الكريم في كتابات العَلمانيين: ضع سؤالك
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[15 Dec 2005, 02:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قريباً بإذن الله تعالى .. سيتم اللقاء العلمي مع الدكتور أحمد إدريس الطعان الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بجامعة دمشق، وهذا هو اللقاء العلمي الخامس الذي يجري في شبكة التفسير والدراسات القرآنية، بعد اللقاءات الأربعة السابقة. ( http://www.tafsir.net/interviews.php)
وسيكون الحوار كما يأتي:
بعد التعريف بالدكتور وأطروحته للدكتوراه سيتم الدخول مباشرة في محاور اللقاء وهي:
* مدخل: العَلمانية:المفهوم والخصائص.
أ- تدرج معنى المفهوم بحسب العصور والمجتمعات:
1. فصل الدين عن الدولة.
2. فصل الدين عن الحياة.
3. إنكار الغيبيات.
4. تنحية الأسئلة الكبرى.
5. أنسنة الإله وتأليه الإنسان.
6. الدنيوية.
ب- علاقة العَلمانية بـ:
1. العِلمانية.
2. اللائكية.
3. العَلمانوية.
4. السلام.
5. الديمقراطية.
6. العولمة.
7. العقل.
* المحور الأول: أسلمة العلمانية (هل يمكن التوفيق بين الإسلام والعَلمانية؟ ولماذا؟)
- إجاية العَلمانيين.
- تعقيب.
* المحور الثاني: مصدر القرآن الكريم.
- نظرة العَلمانيين إلى مفهوم الوحي.
- تعقيب.
* المحور الثالث: التأويل.
- العَلمانيين والتأويل.
- تعقيب.
* المحور الرابع: حتمية العَلمانية (طوفان العَلمانية - هل سيكتسح المجتمع الإسلامي؟ متى؟ وكيف؟)
- إجابة العَلمانيين.
- تعقيب.
* المحور الخامس: مصطلحات الفكر العَلماني: (تعريفها وبيان خطر تطبيقها).
مدخل أول: حرص العلمانيين على زخرفة اللفظ (التفيهُق).
مدخل ثاني: علم اللسانيات.
1. البنيوية.
2. التفكيكية.
3. الهرمينوطيقا.
4. الأنسنة.
5. المركَسة.
6. الأرخنة.
(مصطلحات أخرى يطلب الإخوة التعريف بها).
أرجو من الإخوة التكرم بالمشاركة بمقترحاتهم وأسئلتهم أو إضافة محاور جديدة ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Dec 2005, 03:22 م]ـ
نرحب بالدكتور الكريم أحمد إدريس الطعان في ملتقى أهل التفسير ضيفاً كريماً، ومشاركاً فيما يدور في هذا الملتقى العلمي من حوارات ونقاشات علمية. ونسأل الله أن يبارك في جهوده العلمية في الدفاع عن القرآن الكريم، وكشف الشبهات التي تثار بين الحين والآخر ضده. ونرجو أن يوفق الدكتور أحمد الطعان في أجوبته في هذا اللقاء العلمي المتجدد. كما أشكر أخي الكريم الأستاذ عبدالرحيم الشريف على تبنيه إدارة هذا الحوار لصلته بالضيف الكريم، وبموضوع اللقاء العلمي، وآمل أن ينير هذا اللقاء العلمي جوانب كثيرة تخفى على كثير من المتخصصين في الدراسات القرآنية من الشبهات المتجددة التي تثار حول كتاب الله الكريم، والتي تمس الحاجة إلى معرفتها، وكيفية التعامل معها، والرد عليها رداً علمياً.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Dec 2005, 06:44 م]ـ
مرحبا بالدكتور الطعان في الملتقى, وشكر الله له تعاونه ومشاركته, ونسأل الله أن يوفقه ويفتح عليه. والشكر موصول لأخينا الأستاذ عبد الرحيم على ما يقدمه من فوائد للملتقى, والتي ليس من آخرها هذا اللقاء إن شاء الله.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[15 Dec 2005, 10:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم إخوتي الأكارم جميعاً على حسن استقبالكم وبارك الله فيكم ...
وأسأل الله عز وجل أن يوفقني لبيان الحق وكشف الزيف ...
ولي طلب واحد هو أن يتاح لي من الوقت ما يكفي لتنسيق مشاركاتي وعرضها عليكم وجزاكم الله خيراً .. وأنا الآن إن شاء الله عز وجل جاهز للبدء إذا رغبتم ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Dec 2005, 11:28 م]ـ
نرحب بالدكتور أحمد ونسأل الله له السداد , ونؤمل فيكم كثيراً في ملتقى التفسير عموماً , وفي ملتقى الانتصار للقرآن خصوصاً إن كتب الله له الافتتاح.
ـ[الجندى]ــــــــ[17 Dec 2005, 03:27 م]ـ
مقالات الدكتور أحمد الطعان
http://www.eltwhed.com/vb/forumdisplay.php?f=36
ـ[الخطيب]ــــــــ[18 Dec 2005, 02:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً بالأخ الحبيب د. أحمد الطعان، وبمدير الحوار الأخ الحبيب الأستاذ عبد الرحيم الشريف.
أثق بأن حواراً يديره الأخ عبد الرحيم، ويكون فارسه الأخ د. أحمد الطعان سوف يكون مفيداً بعون الله. فالأخ د. أحمد الطعان باحثٌ جيد جداً، له خبرته وباعه في مناقشة الخطاب العلماني. أرحب بالأخوين الكريمين، ولي بعون الله عودة.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[19 Dec 2005, 03:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل وأستاذي الخطيب بارك الله فيك وأكرمك الله لقد طال البعد بيننا أرجو أن نلتقي قريباً على الأقل في المراسلة والخاص ..
والسلام عليكم ورحمة الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[19 Dec 2005, 06:50 ص]ـ
نكررالترحيب بضيف الملتقى د/أحمدالطعان في هذا الموضوع الهام ومن كاتب متخصص فيه، اذأن سببا رئيسا من اهم اسباب هجمة العلمانيين على هذا الدين هي موقفهم من القران وطريقة تعاملهم معه كنص إلهي، أوكنص من النصوص، كما يرى بعض كتابهم
واقترح على اخي الدكتور عبدالرحمن الشهري - اثراء للموضوع -التنسيق مع الدكتور سعيدبن ناصر الغامدي الاستاذ بجامعة الملك خالدللمداخلة في هذا الموضوع فهو راصد لكتابات العلمانيين ومهتم بهذا الموضوع من الناحية العقدية
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Dec 2005, 04:51 م]ـ
معنا في الملتقى أحد الأخوات لها عناية بهذا الموضوع وهي الأخت منى محمد بهي الدين , وعنوان رسالتها: التيار العلماني الحديث وموقفه من التفسير, نوقشت في جامعة الأزهر , فليتها تطرح ما تراه.
ـ[مرهف]ــــــــ[20 Dec 2005, 06:07 م]ـ
هلا شرحت لنا فضيلة الدكتور أحمد الطعان مدى العلاقة بين العلمانية والاستشراق منذ النشأة الاستشراقية والعلمانية إلى وقتنا الحالي وذلك من جهات التوافق والافتراق والمؤسسات الراعية والممولة إن أمكن،فإن الدارس يلحظ توافقاً إن لم نقل تطابقاً بين ما تطرحه العلمانية ضد الإسلام وما يزعمه الاستشراق على الإسلام،أم أن هذا الربط بين العلمانية والاستشراق غير سليم، لأن البون شاسع بين المبدأين، فالاستشراق ذو مبدأ ديني صليبي، والعلمانية تفصل بين الدين والدنيا ولا تقبل الدين أصلاً وإن اتفقا في الغاية وبعض الأفكار, أرجوا التوضيح مع فائق احترامي مع بعض الأمثلة على التوافق.
إن كلاً من العلمانية والاستشراق يحثان على التعامل مع النص القرآني على أساس أدبي لا على أنه نص إلهي.
إن كلاً من العلمانية والاستشراق يطرحان فكرة أن الإسلام هو خليط النصرانية واليهودية.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[20 Dec 2005, 11:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل مرهف بارك الله فيك:
العلمانية هي البيضة التي باضها الاستشراق في عالمنا العربي والإسلامي وأفقست بعده بعقود من الزمن، والواقع أن الاستعمار والتبشير والاستشراق // أجنحة المكر الثلاثة // هي التي مهدت الأرضية الثقافية والبيئة المناسبة لتقبل بعض العقول للعلمانية.
ولا يمكن الفصل بين هذه الأجنحة الثلاثة إلا على مستوى التنظير، وقد تحالفت العلمانية بعد أن استوت على سوقها مع آبائها وكانت وفيَّة لهم فترجمت ثقافتهم وبررت استعمارهم وتقبلت حضارتهم دون تمييز ويكفي أن نتذكر هنا جهود سلامة موسى في توطئة الأرض للإنكليز وطه حسين وعلاقاته مع عدد من المستشرقين ثم علي عبد الرازق الذي أصدر كتابه الإسلام وأصول الحكم في الوقت الذي تكاتفت فيه أوربا لإسقاط الخلافة في تركيا.
كما أن أكثر الأفكار التي طرحها الاستشراق رددها العلمانيون فيما بعد ولا يزالون فقد تبنى طه حسين فكرة مرجليوث حول الانتحال في قضية الشعر، وإنكار وجود سيدنا إبراهيم عليه السلام.
وهنا يمكن مراجعة هذا الموضوع:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2649
وإذا تأملنا سوف نجد أن العلمانية تسربت إلى بلادنا العربية عبر نافذتين أساسيتين هما: لبنان ومصر، وتأتي تونس في المرحلة الثانية لهاتين، فقد كان اهتمام الدول الغربية بالأقليات المسيحية في لبنان وسوريا تحركه طائفة من الأطماع والغايات، وقد احتضنت العديد من الجامعات والمدارس في إيطاليا وفرنسا طلبة مشرقيين مسيحيين ووجدت صلات وروابط قوية بين الكنيسة الكاثوليكية الغربية، والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية رغم الاختلاف بينهما، ويعود تاريخ الإرساليات التبشيرية الأجنبية إلى الشام إلى مطلع القرن السابع عشر، وكان اليسوعيون أنشط هذه الجمعيات وتعود صلتهم بالشام إلى سنة 1625 م.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقبل ذلك كانت العلاقة بين الأمير فخر الدين الثاني 1572 – 1632 حاكم لبنان والبابا غريغواريوس الثالث عشر 1585 – 1605م متينة، وقد فتح هذا الأمير أمام الطلبة اللبنانبيين باب الذهاب إلى روما للدراسة فيها، ومنحهم أرضاً ومساكن ثم أنشأ لهم مدرسة خاصة عام 1584م أسماها المدرسة المارونية، وتعاطف كثيراً مع الإرساليات الأوربية، وبسط يد الحماية في بلاد الشام حتى صار الأوربيون يدعونه " حامي النصارى في الشرق ".
ومن هؤلاء الطلبة " إبراهيم الحاقلاني 1605 – 1664م والمطران جرمانوس فرحات 1670 – 1732م ويوسف السمعاني 1687 – 1778 م وقد آلت السلطة بعد ذلك في لبنان إلى البطارقة والأساقفة المنتمين إلى الطوائف الدينية المتنوعة، وكان هؤلاء الطلبة على حظ كبير من المعرفة والاطلاع على علوم الغرب، وكانوا ثمرة الإرساليات الآتية من أوربا وفرنسا خصوصاً ثم من أمريكا، ثم أصبحوا بعد ذلك في نظر القوميين والعلمانيين العرب أركان النهضة وطلائع التنوير.
ولم يمض وقت طويل حتى انتشرت المطابع، ونقلت البعثة التبشيرية الأمريكية مطبعتها من مالطا إلى بيروت. وهنا يجب أن لا يغيب عن بالنا الصلة الوثيقة الملاحظة بين العلمانية والتبشير من جهة، وبين العلمانية والمسيحيين الذين حملوا لواء الدعوة إلى القومية فيما بعد من جهة ثانية.
لقد أنشأ بطرس البستاني 1819 – 1883 م المدرسة الوطنية في بيروت سنة 1863 م ثم أصبح النصف الثاني من القرن التاسع عشر مسرحاً للتنافس الشديد في إنشاء المدارس فكانت مدرسة عينطورة ومدرسة القديس يوسف، والمدرسة الوطنية والمدرسة السورية الإنجيلية ومدارس الجمعية الأهلية كالمدرسة البطريركية، ومدرسة الأقمار، ومدرسة الحكمة، ومدرسة كفتين التي تخرج منها فرح أنطون.
وكانت الجامعة الأمريكية البروتستانتية التي أُسست في بيروت سنة 1866م وتأيدت بمطبعة أحد المراكز الرئيسة في الشرق والتي كان هدفها الأساسي هو بعث الأفكار التنصيرية، وإشاعة الثقافة الغربية في الوسط المسيحي أولاً، والإسلامي ثانياً.
وكان الرهط الأول من العلمانيين قد تخرجوا منها ومن هؤلاء شبلي شميل ثم يعقوب صروف، وفارس نمر، ثم جرجي زيدان صاحب مجلة الهلال.
بيد أن المنافسة كانت شديدة بين الجامعة الأمريكية البروتستانتية والإرساليات الفرنسية الكاثوليكية التي تسعى لصيانة أبناء ملتهم الكاثوليك من الأضاليل البروتستانتية، وقد انتشرت مدارس هؤلاء في بيروت وصيدا، وأسسوا الكلية الكاثوليكية على غرار الجامعة الأمريكية سنة 1875م وتبنت فرنسا هذا المشروع في إطار الصراع على النفوذ بينها وبين أمريكا في لبنان.
ولكن يبدو أن الطائفية الشديدة المنتشرة في بيروت ولبنان بشكل عام، والتي تتميز بنوع من العنصرية المتحكمة، والعدوانية المتجذرة لم تساعد الغرب الأمريكي أو الأوربي على إمداد رجالاته ورموزه الذين زرعهم في لبنان بالوسائل المرادة لتحصيل أغراضه في العلمنة، والتبشير والسيطرة، وكانت فتنة الستين الرهيبة في لبنان والتي وقعت سنة 1860 م تمخضت عن مجزرة رهيبة في صفوف اللبنانيين، واستهدفت البعثات التبشيرية الكاثوليكية وخصوصاً اليسوعية التي كانت أكثر الطوائف نشاطاً في ممارسة التنصير.
كانت هذه المجزرة دافعاً قوياً للتلاميذ " المدللين " إلى الهجرة من لبنان إلى مصر، وخلافاً لما يؤكده بعض الباحثين من أن هجرة هؤلاء المفكرين كانت لأسباب وعوامل سياسية واجتماعية وثقافية وبحثاً عن الحرية، فإني لا أستبعد أن تكون هذه الهجرة نتيجة لمؤامرة دبرت، وخطة رسمت في الأروقة الغربية، وأوعز بتنفيذها إلى هؤلاء المتغربين، ومن ثم نقلوا نشاطهم من لبنان إلى مصر.
وكان من هؤلاء المهاجرين فرنسيس مراش بين عامي 1867 – 1873 م وخليل سعادة، ونجيب حداد بين عامي 1867 – 1899 م وشبلي شميل هاجر إلى الإسكندرية سنة 1886م وفرح أنطون هاجر سنة 1897 م واستقر في مصر أيضاً كل من يعقوب صروف، ونقولا حداد، وفارس نمر.
وأما في مصر:
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد كانت حملة نابليون التي بدأت سنة 1798 م 1213 هـ بداية الغزو الصليبي الحديث، ولكنه هذه المرة يختلف عن الحملات الصليبية السابقة، فقد جند معه العقول، وكل ما وصلت إليه الحضارة الغربية من منجزات مادية وفكرية وثقافية لتسهم معه في تكريس هذا الغزو وتوطيد أركانه وكان لهذه الحملة أثران:
إيجابي: حيث قامت بدور الصاعق الكهربائي الذي يجعل النائم يصحو، والمريض ينتفض وينشط وكان ذلك قد لفت أنظار المسلمين إلى واقعهم المتردي، وانحطاطهم المتفاقم عن ركب الحضارة.
سلبي: حيث رافق هذه الحملة ملابسات، وأعراض مرضية أخذت تتفشى وتنتشر في المجتمع المصري من أزياء وعادات وأخلاق، بالإضافة إلى الفكر الوافد الذي زرعه نابليون في عقول بعض الفئات وبدأ ينمو حتى أينعت ثماره فيما بعد على يد سلامة موسى وأمثاله.
لقد جاء الفرنسيون معهم بكل ما نشاهده اليوم من مظاهر للعلمانية في الأخلاق والسلوك والفكر، فقد قتل نابليون عدداً كبيراً من العلماء، ودنس جنوده المقدسات، وزينوا للمصريين مخالفة دينهم بالممارسات الشنيعة، فتأثراً بهم خرجت المرأة المصرية عن حشمتها، وحجابها، واختلطت بهم، وكان الهدف الأكبر للفرنسيين هو قلب التقاليد الإسلامية المصرية. ورافق هذا الاحتلال محاولات متواصلة وجهود مكثفة لقطع الشعوب الإسلامية " الغافية " عن ماضيها وتراثها ودينها ولغتها، وصبغها بصبغات غربية، وإشاعة الفواحش والمنكرات والعادات الغربية بين أبناء المسلمين، وساعد على ذلك الفقر الشديد الذي تعانيه المجتمعات الإسلامية نتيجة للاستعمار، والحكام والملوك المستبدين الذين صنعهم الاستعمار ووطد سلطانهم لخدمة مصالحه واستفحل نتيجة لذلك الجهل والأمية، وظل التعليم محصوراً في بعض الطبقات الثرية، والأسر الأرستقراطية.
وقد أدرك المستعمر أن تغيير الفكر، وغسل الأدمغة يجب أن يتم قبل أي مشروع آخر وذلك لتسهيل مهمته في استعباد الشعوب واستغلالها، وجعلها دائماً في دوامة التبعية الحضارية والحاجة إلى الوصاية والانتداب، فكانت دراسات المستشرقين الهائلة التي وُظِّفت لها أموالٌ طائلة وبُذلت من أجلها جهودٌ جبارة، وكانت في معظمها قائمة على التزوير والتحريف والافتراء.
ومن هنا ظلت أعين المسلمين دائماً تنظر إلى الإنتاج الاستشراقي بالريبة والحذر بل غالباً ما يتعامل معها المسلمون على أنها جهود استعمارية معادية، والحسن فيها استثناءً نادرٌ، ولذلك رأى المستعمر أن يصنع لهذه الأمة قادة من أبنائها يربيهم على موائده، ويعلمهم في معاقله، ثم يفيض عليهم من إحسانه، ويمرغهم في إنعامه، ويغمسهم في ملذاته، ويسديهم من خيراته، ثم يضفي عليهم من الشهرة والمجد ما يجعلهم محط الأنظار وقادة الأفكار، ورواد الإصلاح، وزعماء التجديد إنها نصيحة زويمر للمبشرين: "" تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها "".
وهذا ما فعله الغرب المستعمر فأبرز من أبرز وطمس من طمس، وكان الذين برزوا هم الذين أخلصوا لسادتهم المستعمرين، وتحقق هؤلاء السادة من عمالتهم ودناءتهم فجعلوهم نجوماً للأمة يَهدُونها إلى التغرُّب، ويزينون لها التأوْرُب.
أخي الكريم:
العلمانية هي المُسخة الجديدة للاستشراق ...
وأنا أسميها مُسخة لأنها نسخة مشوهة تريد ان تلصق نفسها بحضارتنا وتراثنا على أنها من داخل هذا التراث وليست غريبة عنه وكما جاء في الحديث // هم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا //.
والعلمانيون في تعاملهم مع القرآن الكريم على أنه نص بشري أو أدبي هم يجترون في ذلك جهود المدارس الغربية التاريخية وخصوصاً المدرسة الألمانية في دراساتهم وانتقاداتهم للكتاب المقدس وخصوصاً ما سمي بالنقد العالي للكتاب المقدس.
إنهم يسعون لإسقاط ما تم إنجازه بخصوص الكتاب المقدس على القرآن الكريم.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Dec 2005, 02:03 م]ـ
إخوتي الأحبة: سنبدأ اللقاء مع الأخ أحمد الطعان، وبالنسبة للتعريف به وبأطروحته: " موقف الفكر العربي العلماني من النص القرآني / دعوى تاريخية النص نموذجاً " فسيتم ذلك في موضوع مستقل حين يزف لكم البشرى بطباعتها قريباً تحت عنوان مبدئي: " العلمانيون والقرآن ".
ولنبدأ اللقاء:
(يُتْبَعُ)
(/)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سؤال:
أخي الفاضل ... تعددت التعريفات، واشتهرت الدراسات، لكن: لا بد مما ليس منه بد فما العلمانية؟
لن أتعب رؤوسكم بقراءة ما كُتب في دوائر المعارف والمعاجم الأوربية عن العلمانية وسوف أدخل معكم مباشرة إلى بعض النتائج:
- أولاً: هناك اتفاق بين المعاجم ودوائر المعارف المشار إليها على أن العلمانية هي توجه دنيوي محض، وتسعى لصرف الناس عن الاهتمام بالآخرة أو أي غيبيات، وتدعوهم إلى الاهتمام بالعالم الحاضر، والحياة المشاهدة، وتكرس محبة هذا العالم لأن الخير الوحيد، الحقيقي الذي يجب أن يُعترَف به هو في هذا العالم. أرجو أن نحتفظ بهذه الملاحظة معنا لأننا سنحتاجها قريباً.
- ثانياً: هناك اتفاق صراحة أو ضمناً على أن العلمانية مناهضة للأديان، ومتقاطعة معها فهي تُحوّل المقدس إلى مدنس، وتقلل من قيمة الإيمان بالله عز وجل واليوم الآخر.
لقد صرحت دائرة معارف الدين والأخلاق، ودائرة المعارف البريطانية بأن العداء قائم بين العلمانية والأديان، أما دائرة المعارف الأمريكية فلجأت إلى المراوغة مما أوقعها في التناقض فهي تقول: بأن العلمانية لا تمانع العقائد المسيحية، ولا تنكر وجود خير آخر، ثم تقول في نفس الوقت، ولكن الخير الحقيقي في هذه الحياة الحاضرة، وهو الجدير بالاهتمام والبحث وإذا كانت المسيحية تعتبر المسيح هو المنقذ والمخلص، فإن الخلاص والغاية في نظر العلمانية هو في العلمانية القائمة على التجارب والمحسوس.
- ثالثاً: مهما حاولت العلمانية والعلمانيون المصالحة مع الأديان، فإن هذا يبدو بعيداً، لأن العلمانية القائمة في أساسها على رفض المبادئ الدينية، وعدم الاعتراف بها كأسس للالتزام الأخلاقي، بل ورفض كل الماورائيات التي تقوم عليها الأديان، وتدعو إلى إقامة الأخلاق والحياة الاجتماعية والسياسية على أسس وضعية نسبية وطبعية، وهذا بحد ذاته بمثابة إعلان الحرب على الأديان؛ لأن هذه تطرح نفسها على أنها الحقيقة المطلقة.
- رابعاً: نلاحظ أن العلمانية التي تقوم على محاربة احتكار الحقيقة، وتندد بـ " ملاك الحقيقة المطلقة " تقع هي نفسها في هذا الاحتكار والتملك فهي كما تشير دائرة معارف الدين والأخلاق تطرح نفسها على أنها: دين سلبي إنكاري، وهي كما أشارت دائرة المعارف الأمريكية ترى الخلاص الوحيد والحقيقة المطلقة في العلمانية.
--------------------------------------
سؤال:
يرفض العلمانيون العرب نعتهم بالملحدين، فهل للعلمانية جذور إلحادية؟
العلمانية هي ترجمة لكلمة سكيولاريزم secularism الإنجليزية، وقد استخدم مصطلح " سكيولار " لأول مرة مع نهاية حرب الثلاثين عاماً سنة 1648 م عند توقيع صلح " وستفاليا " وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة، وهو التاريخ الذي يعتمده كثير من المؤرخين بداية لمولد ظاهرة العلمانية في الغرب.
وكان معنى المصطلح في البداية محدود الدلالة، ولا يتسم بأي نوع من أنواع الشمول أو الإبهام إذ تمت الإشارة إلى علمنة ممتلكات الكنيسة وحسب، بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية، أي إلى سلطة الدولة أو الدول التي لا تخضع لسلطة الكنيسة.
وفي فرنسا في القرن الثامن عشر أصبحت الكلمة تعني من وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية: "" المصادرة غير الشرعية لممتلكات الكنيسة "" أما من وجهة نظر المستنيرين فإن الكلمة تعني: "" المصادرة الشرعية لممتلكات الكنيسة لصالح الدولة "".
ولكن المجال الدلالي للكلمة اتسع وبدأت الكلمة تتجه نحو مزيد من التركيب والإبهام على يد هوليوك 1817 – 1906م الذي يعتبر أول من صاغ المصطلح بمعناه المعاصر، وجعله يتضمن أبعاداً سياسية واجتماعية وفلسفية، وأراد هوليوك أن يُجنب المصطلح مصادمة الأديان فعرّف العلمانية بما يشير إلى الرغبة في الحياد فقال:""العلمانية: هي الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن مع ذلك إذا شئنا أن نربط العلمانية بفلسفة منظرها هوليوك فيمكن القول إن العلمانية قائمة على الشك أحياناً، والإلحاد الصريح أحياناً أخرى؛ لأن هوليوك كان ينفي عن نفسه تهمة الإلحاد، ولكنه في نفس الوقت يعترف بعدم وجود أدلة كافية للإيمان بالله [عز وجل]، ويجهر أحياناً بأن الإله إنما هو " الحاضر المعيش ".
ويرجع أول استخدام لكلمة علمانية عند هوليوك إلى شهر ديسمبر سنة 1846 م عندما أوردها في مقال نشره في مجلة " ذي ريزونور " أي "المجادل العقلاني "، والسبب أنه شعر مع بعض زملائه وأسلافه مثل " توماس بين " و "ريتشارد كارليل " و "روبرت تيلور " أن المسيحية لم تعد مقبولة لدى أكثر فئات المجتمع، وقد مست الحاجة إلى استبدالها بمبدأ حديث فكان هو " العلمانية " وقد سماها أتباع روبرت أدين بـ " الدين العقلاني ". وهنا نتذكر ما تحدثنا عنه في التمهيد مما سمي " دين العقل " أو " الدين الطبيعي ".
أسس هوليوك في عام 1855 م " جمعية لندن العلمانية " وفي ديسمبر من نفس العام تحولت الحركة العلمانية إلى تيار واسع النطاق، وتزايد انتشارها بين عامي 1853 – 1854 م، مما دفع القس بردين جرانت إلى التصدي لها في كل أنحاء إنكلترة مفنداً ومجادلاً.
ولكن ازداد توزيع مجلة " الريزونور " العلمانية إلى خمسة آلاف نسخة، وانتشرت الجمعيات العلمانية في جميع أنحاء بريطانيا ومن أبرزها " جمعية لستر العلمانية " و" جمعية بولتون العلمانية " وجمعيات أخرى في سائر أنحاء البلاد.
وكان لجهود تشارلس برادلاف 1833 - 1894 م دوراً كبيراً في ترسيخ المبادئ العلمانية الجديدة، وإضفاء طابع الإلحاد عليها، وذلك عندما استلم رئاسة جمعية لندن العلمانية سنة 1858 م بدلاً من هوليوك، واشترك سنة 1860 م في تحرير مجلة " المصلح القومي " التي حلت محل سابقتها " الريزونور " وأسس الجمعية العلمانية القومية سنة 1866 م.
اندثرت مجلة " المصلح القومي " سنة 1881 م لتحل محلها مجلة " المفكر الحر " التي زادت من جرعتها الإلحادية، فكانت لا تكف عن الاستهزاء بالأناجيل، والسخرية من الذات الإلهية، إلى درجة أنها طالبت بمحاكمة أصحاب الأناجيل الأربعة لأنهم يجدفون على الله [عز وجل] فهم يقولون بأن الله [عز وجل]، ضاجع عذراء يهودية وأنجب منها طفلاً غير شرعي أسماه المسيح.
-----------------------
والخلاصة؟
في الواقع إننا لا نعرض هنا خلاصة لأن الخلاصة كانت هي ما عبرت عنه دوائر المعارف والمعاجم ـ كما رأينا ـ ولكن يمكن اعتبار ما نذكره هنا على أنه تأكيد للخلاصة، أو أنه خلاصة الخلاصة.
لقد رأى بعض القسيسين أن العلمنة في الأصل تحوُّل المعتقدات المسيحية إلى مفاهيم دنيوية عن البشر والعالم ولا سيما من منظور بروتستانتي. ولكن عالم اللاهوت الهولندي " كورنليس فان بيرسن " يوضح ذلك بشكل أكثر صراحة عندما يقرر بأن العلمانية تعني: "" تحرر الإنسان من السيطرة الدينية أولاً، ثم الميتافيزيقية ثانياً على عقله ولغته " ويفصل أكثر بقوله: " إنها تعني تحرر العالم من الفهم الديني، وشبه الديني، إنها نبذ لجميع الرؤى الكونية المغلقة، وتحطيم لكل الأساطير الخارقة، وللرموز المقدسة … إنها تخليص للتاريخ من الحتميات والقدريات، وهي اكتشاف الإنسان أنه قد تُرك والعالَم بين يديه، وأنه لا يمكن بعد الآن أن يلوم القدر أو الأرواح الشريرة على ما تفعله بهذا العالم، إنها تعني أن يدير الإنسان ظهره لعالم ما وراء الطبيعة، وأن يولي وجهه شطر هذا العالم أو" الهنا "وأن يحصر نفسه في الزمن الحاضر"".
إنها تعني: "" زوال وظيفة الدين في تحديد رموز التوحيد والاندماج الثقافي "، وتعني أن هناك: " مساراً تاريخياً لا راد له تقريباً هو الذي يتحرر بمقتضاه المجتمع والثقافة من الخضوع لوصاية الدين والأنساق الميتافيزيقية المغلقة ""، وتعني: "" القضاء على التبعية الطفولية في كل مستوى من مستويات المجتمع، إنها عملية نضج ورشد وتحمل للمسؤولية، أو قل إنها التخلي عن كل سند ديني أو غيبي أو ميتافيزيقي، وجعل الإنسان يعتمد على نفسه "".
(يُتْبَعُ)
(/)
أخيراً يمكن أن نختم بما يلي: العلمانية في المنظور الغربي هي: التحرر من الأديان عبر" السيرورة " التاريخية، واعتبار الأديان مرحلة بدائية لأنها تشتمل على عناصر خرافية كالماورائيات والغيبيات، ولا يتم الخلاص من هذه الأعباء إلا عن طريق تحقيق النضج العقلي الذي تحققه العلمنة عبر آلياتها الثقافية والفكرية والفلسفية. وهذا ما يعبر عنه د. ج.ويل بقوله:"" الفكرة العلمانية تنطوي على مفهوم فلسفي يتعلق باستقلال العقل في قدرته ". وذلك يعني بنظر كلود جفراي "" إلغاء كل مرجع ديني". وهو نفس ما يريده جول فيري 1832 – 1893م ولكن بتعبير أكثر حدة حيث الغرض النهائي من العلمانية عنده هو:"" تنظيم المجتمع بدون الله "" [عز وجل]. إنها الدنيوية إذن.
--------------------------
سؤال:
من حيث تعريف العلمانية: لا علاقة لها بالدين، لكنها في الجوهر: دراسات متعمقة في الدين هل هذا ما تقصده؟
من خلال تتبعي لكتابات العلمانيين ودراستها دراسة علمية:
كان قد استقر رأيي - ردحاً من الزمن - على أن العلمانية هي: "" أنسنة الإلهي، وتأليه الإنساني "" ويتميز هذا الحد بأنه يجمع خصائص كثيرة للعلمانية في شطريه:
فالشطر الأول " أنسنة الإلهي " يحتوي على مقولة العلمانية في رفض المصدر الإلهي للأديان أو الوحي، واعتبارها ظواهر اجتماعية وإنسانية تاريخية برزت ضمن ظروف ومعطيات معينة كما أراد فرويد وغيره. ويحتوي هذا الشطر أيضاً: على إلغاء أو تمييع كل المقدَّسات والمعجزات، وإعادة تفسيرها تفسيراً إنسانياً اجتماعياً أو اقتصاديا أو مادياً، أو نفسانياً واعتبارها مجرد خرافات وأساطير عفا عليها الزمن.
ويحتوي هذا الشطر أيضاً: على أنسنة الطبيعة والكون بمعنى تجريده من أية دلالات روحية أو كونية أو رمزية، واعتبارها مواد للإنسان عليه أن يستثمرها في منفعته وأنانيته بشكل مطلق وإمبريالي دون أي اعتبار آخر، مع رفض الدلالات الغيبية، والإشارات الربانية التي تؤكد عليها الأديان جميعاً كمعالم للهداية، باعتبار الطبيعة - في رؤيتها - كتاباً كونياً منظوراً إلى جانب الوحي المكتوب.
ويحتوي هذا الشطر أيضاً: على الجهود التي تبذلها العلمانية لاستثمار الإلهي وتحويله إلى فكرانية بمعنى: "" تحويل الوحي إلى إيديولوجية "". "" تحويل الوحي ذاته إلى علم إنساني "" وذلك لتحقيق أغراض الإنسان وأطماعه، وقد تجلى ذلك واضحاً في الفلسفة الفيورباخية، وتبنى ذلك حسن حنفي من العلمانيين العرب – كما سنرى – ومعنى ذلك "" إلغاء الغيب كمصدر للمعرفة، وقصرها على عالم الشهادة "" ويتم ذلك بالعقل والتجريب بعيداً عن الوحي.
وعلى مستوى العلاقة بين العلمانية العربية والنص القرآني فإنه يتجلى أيضاً دور الشطر الأول من التعريف حيث نجد نزعة الأنسنة سائدة لدى هؤلاء فكتب أركون كتابه " نزعة الأنسنة " وحاول نصر حامد أبو زيد وغيره استعادة القضية الكلامية القديمة التي ثار حولها جدل طويل، وهي مسألة خلق القرآن في شكلها الاعتزالي، وذلك من أجل تكريس إنسانية الوحي ومنتوجيته البشرية، وسنفصل ذلك فيما بعد.
وأما الشطر الثاني من التعريف " تأليه الإنساني " فيتولى تغطية جوانب كثيرة أيضاً من خصائص العلمانية أهمها: النزعة الغرورية التي كرستها فلسفة نيتشة وداروين عبر " الإنسان الأعلى " و" البقاء للأقوى " والتي مورست عملياً من خلال حكام النازية والفاشية كما أشرنا سابقاً.
ويتضمن هذا الشطر أيضاً: التركيز العلماني الدائم على مركزية الإنسان، واستقلالية العقل، وهذه الأخيرة تشكل بُعداً أساسياً في العلمنة حتى عُرِّفت بأنها لا سلطان على العقل إلا للعقل في تفسير الوجود. هذا الجزء يتكفل بالإشارة إلى هذا البعد، حيث إن تأليه الإنسان يعني أن التفكير الإنساني مستقل عن الوحي، بل يرقى إلى مرتبة الوحي، ويحظى بنصيب من الألوهية. لقد بلغ الأمر بالفرنسيين بعد الثورة أن نصبوا تمثالاً وعبدوه سموه " إلاهة العقل ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويتضمن هذا الشطر أيضا: الإشارة إلى تأليه القيم الجديدة للعلمانية المتمثلة في حقوق الإنسان، وترسيخ الفردية المطلقة، والديمقراطية، وحرية المرأة المطلقة، ونسبية الأخلاق، والعِلمانية – بالكسر -، وكل ذلك ما هو إلا إحلال لمنظومة جديدة مؤلَّهة من القيم الإنسانية، وإضفاء حالة من القداسة عليها، بدلاً من الدستور الإلهي القائم على الوحي.
ويتضمن هذا الشطر أيضا: الإشارة إلى الجانب العبثي في العلمانية وهو بعد جوهري فيها، ذلك لأن تأليه الإنساني يعني أن الإنسان الجسد هو المُؤلَّه، لأن العلمانية لا تعترف إلا بالجسد، وحاجات هذا الجسد الجنسانية والغرائزية تنال حظاً وافراً من الإجلال والقداسة - كما رأينا في الفصل الأول -إن تأليه الإنساني يعني تقديس المُدَنَّس والارتفاع به إلى مستوى الألوهية.
أما البعد المادي في العلمانية فإن شطري التعريف يسهمان في تغطيته، إذ إن أنسنة الإلهي تعني تحويل ما ليس بمادة إلى مادة، أو بعبارة أخرى تدنيس المقدس والتعامل معه على هذا الأساس الدَّنِس. ثم يأتي الشطر الثاني ليضفي على المادة قداسة جديدة " تقديس المدنس " وتصبح المادة بهذا الشكل حالَّة محل الألوهية، ويغدو كل ما سواها ضربٌ من الأساطير والأوهام. وهو ما سعت الفيورباخية والماركسية إلى تكريسه.
---------------------------------------
سؤال:
ما هو التعريف النهائي الجامع المانع الذي ارتضيته للعلمانية
الدنيوية، وما أريد أن أقوله هنا: هو أن " الدنيوية " ليست مجرد ترجمة لغوية للعلمانية، وأعني أن العلمانية يمكن أن تُعرَّف تعريفاً جامعاً مانعاً - فيما أرى - بكلمة واحدة هي: " الدنيوية ".
إن هذا التعريف - كما يبدو لي - لا يكاد يغادر صغيرة ولا كبيرة من مقولات العلمانية وخصائصها إلا ويطويها في داخله، وإن نظرة سريعة في تاريخ العلمانية وأسسها وجذورها، وأبعادها وتجلياتها سوف تبين أن الدنيوية هي الهم الأول، والهاجس الأساسي، بل الوحيد الذي تدور عليه العلمانية.
فالمادية، واللامادية، والمثالية، والعقلانية، والعِلمانية، والتطورية، والجنسانية، والأنسنة، والحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والعنصرية، والفردية، كل هذه العناصر التي أفرزتها العلمانية عبر تاريخها الطويل أُريدَ منها أن تحقق للإنسان السعادة في هذه الحياة الدنيا دون أي اعتبار آخَر ليوم آخِر، والسعادة المقصودة هنا هي أقصى قدر ممكن من اللذة والمتعة.
------------------------------
سؤال:
إن كان للعلمانية بعدها الدنيوي الإلحادي، فما علاقتها بالتنصير وما يتفرع عنه من تبشير واستعمار واستشراق ... الخ
العلمانية هي البيضة التي باضها الاستشراق في عالمنا العربي والإسلامي وأفقست بعده بعقود من الزمن، والواقع أن الاستعمار والتبشير والاستشراق // أجنحة المكر الثلاثة // هي التي مهدت الأرضية الثقافية والبيئة المناسبة لتقبل بعض العقول للعلمانية.
ولا يمكن الفصل بين هذه الأجنحة الثلاثة إلا على مستوى التنظير، وقد تحالفت العلمانية بعد أن استوت على سوقها مع آبائها وكانت وفيَّة لهم فترجمت ثقافتهم وبررت استعمارهم وتقبلت حضارتهم دون تمييز ويكفي أن نتذكر هنا جهود سلامة موسى في توطئة الأرض للإنكليز وطه حسين وعلاقاته مع عدد من المستشرقين ثم علي عبد الرازق الذي أصدر كتابه الإسلام وأصول الحكم في الوقت الذي تكاتفت فيه أوربا لإسقاط الخلافة في تركيا.
كما أن أكثر الأفكار التي طرحها الاستشراق رددها العلمانيون فيما بعد ولا يزالون فقد تبنى طه حسين فكرة مرجليوث حول الانتحال في قضية الشعر، وإنكار وجود سيدنا إبراهيم عليه السلام.
وإذا تأملنا سوف نجد أن العلمانية تسربت إلى بلادنا العربية عبر نافذتين أساسيتين هما: لبنان ومصر، وتأتي تونس في المرحلة الثانية لهاتين، فقد كان اهتمام الدول الغربية بالأقليات المسيحية في لبنان وسوريا تحركه طائفة من الأطماع والغايات، وقد احتضنت العديد من الجامعات والمدارس في إيطاليا وفرنسا طلبة مشرقيين مسيحيين ووجدت صلات وروابط قوية بين الكنيسة الكاثوليكية الغربية، والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية رغم الاختلاف بينهما، ويعود تاريخ الإرساليات التبشيرية الأجنبية إلى الشام إلى مطلع القرن السابع عشر، وكان
(يُتْبَعُ)
(/)
اليسوعيون أنشط هذه الجمعيات وتعود صلتهم بالشام إلى سنة 1625 م. تسربت العلمانية إلى بلادنا العربية عبر نافذتين أساسيتين هما: لبنان ومصر، وتأتي تونس في المرحلة الثانية لهاتين.
فقد كان اهتمام الدول الغربية بالأقليات المسيحية في لبنان وسوريا تحركه طائفة من الأطماع والغايات، وقد احتضنت العديد من الجامعات والمدارس في إيطاليا وفرنسا طلبة مشرقيين مسيحيين ووجدت صلات وروابط قوية بين الكنيسة الكاثوليكية الغربية، والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية رغم الاختلاف بينهما، ويعود تاريخ الإرساليات التبشيرية الأجنبية إلى الشام إلى مطلع القرن السابع عشر، وكان اليسوعيون أنشط هذه الجمعيات وتعود صلتهم بالشام إلى سنة 1625 م.
وقبل ذلك كانت العلاقة بين الأمير فخر الدين الثاني 1572 – 1632 حاكم لبنان والبابا غريغواريوس الثالث عشر 1585 – 1605م متينة، وقد فتح هذا الأمير أمام الطلبة اللبنانبيين باب الذهاب إلى روما للدراسة فيها، ومنحهم أرضاً ومساكن ثم أنشأ لهم مدرسة خاصة عام 1584م أسماها المدرسة المارونية، وتعاطف كثيراً مع الإرساليات الأوربية، وبسط يد الحماية في بلاد الشام حتى صار الأوربيون يدعونه " حامي النصارى في الشرق ".
ومن هؤلاء الطلبة " إبراهيم الحاقلاني 1605 – 1664م والمطران جرمانوس فرحات 1670 – 1732م ويوسف السمعاني 1687 – 1778 م وقد آلت السلطة بعد ذلك في لبنان إلى البطارقة والأساقفة المنتمين إلى الطوائف الدينية المتنوعة، وكان هؤلاء الطلبة على حظ كبير من المعرفة والاطلاع على علوم الغرب، وكانوا ثمرة الإرساليات الآتية من أوربا وفرنسا خصوصاً ثم من أمريكا، ثم أصبحوا بعد ذلك في نظر القوميين والعلمانيين العرب أركان النهضة وطلائع التنوير.
ولم يمض وقت طويل حتى انتشرت المطابع، ونقلت البعثة التبشيرية الأمريكية مطبعتها من مالطا إلى بيروت. وهنا يجب أن لا يغيب عن بالنا الصلة الوثيقة الملاحظة بين العلمانية والتبشير من جهة، وبين العلمانية والمسيحيين الذين حملوا لواء الدعوة إلى القومية فيما بعد من جهة ثانية.
لقد أنشأ بطرس البستاني 1819 – 1883 م المدرسة الوطنية في بيروت سنة 1863 م ثم أصبح النصف الثاني من القرن التاسع عشر مسرحاً للتنافس الشديد في إنشاء المدارس فكانت مدرسة عينطورة ومدرسة القديس يوسف، والمدرسة الوطنية والمدرسة السورية الإنجيلية ومدارس الجمعية الأهلية كالمدرسة البطريركية، ومدرسة الأقمار، ومدرسة الحكمة، ومدرسة كفتين التي تخرج منها فرح أنطون.
وكانت الجامعة الأمريكية البروتستانتية التي أُسست في بيروت سنة 1866م وتأيدت بمطبعة أحد المراكز الرئيسة في الشرق والتي كان هدفها الأساسي هو بعث الأفكار التنصيرية، وإشاعة الثقافة الغربية في الوسط المسيحي أولاً، والإسلامي ثانياً.
وكان الرهط الأول من العلمانيين قد تخرجوا منها ومن هؤلاء شبلي شميل ثم يعقوب صروف، وفارس نمر، ثم جرجي زيدان صاحب مجلة الهلال.
بيد أن المنافسة كانت شديدة بين الجامعة الأمريكية البروتستانتية والإرساليات الفرنسية الكاثوليكية التي تسعى لصيانة أبناء ملتهم الكاثوليك من الأضاليل البروتستانتية، وقد انتشرت مدارس هؤلاء في بيروت وصيدا، وأسسوا الكلية الكاثوليكية على غرار الجامعة الأمريكية سنة 1875م وتبنت فرنسا هذا المشروع في إطار الصراع على النفوذ بينها وبين أمريكا في لبنان.
ولكن يبدو أن الطائفية الشديدة المنتشرة في بيروت ولبنان بشكل عام، والتي تتميز بنوع من العنصرية المتحكمة، والعدوانية المتجذرة لم تساعد الغرب الأمريكي أو الأوربي على إمداد رجالاته ورموزه الذين زرعهم في لبنان بالوسائل المرادة لتحصيل أغراضه في العلمنة، والتبشير والسيطرة، وكانت فتنة الستين الرهيبة في لبنان والتي وقعت سنة 1860 م تمخضت عن مجزرة رهيبة في صفوف اللبنانيين، واستهدفت البعثات التبشيرية الكاثوليكية وخصوصاً اليسوعية التي كانت أكثر الطوائف نشاطاً في ممارسة التنصير.
(يُتْبَعُ)
(/)
كانت هذه المجزرة دافعاً قوياً للتلاميذ " المدللين " إلى الهجرة من لبنان إلى مصر، وخلافاً لما يؤكده بعض الباحثين من أن هجرة هؤلاء المفكرين كانت لأسباب وعوامل سياسية واجتماعية وثقافية وبحثاً عن الحرية، فإني لا أستبعد أن تكون هذه الهجرة نتيجة لمؤامرة دبرت، وخطة رسمت في الأروقة الغربية، وأوعز بتنفيذها إلى هؤلاء المتغربين، ومن ثم نقلوا نشاطهم من لبنان إلى مصر.
وكان من هؤلاء المهاجرين فرنسيس مراش بين عامي 1867 – 1873 م وخليل سعادة، ونجيب حداد بين عامي 1867 – 1899 م وشبلي شميل هاجر إلى الإسكندرية سنة 1886م وفرح أنطون هاجر سنة 1897 م واستقر في مصر أيضاً كل من يعقوب صروف، ونقولا حداد، وفارس نمر.
وأما في مصر:
فقد كانت حملة نابليون التي بدأت سنة 1798 م 1213 هـ بداية الغزو الصليبي الحديث، ولكنه هذه المرة يختلف عن الحملات الصليبية السابقة، فقد جند معه العقول، وكل ما وصلت إليه الحضارة الغربية من منجزات مادية وفكرية وثقافية لتسهم معه في تكريس هذا الغزو وتوطيد أركانه وكان لهذه الحملة أثران:
إيجابي: حيث قامت بدور الصاعق الكهربائي الذي يجعل النائم يصحو، والمريض ينتفض وينشط وكان ذلك قد لفت أنظار المسلمين إلى واقعهم المتردي، وانحطاطهم المتفاقم عن ركب الحضارة.
سلبي: حيث رافق هذه الحملة ملابسات، وأعراض مرضية أخذت تتفشى وتنتشر في المجتمع المصري من أزياء وعادات وأخلاق، بالإضافة إلى الفكر الوافد الذي زرعه نابليون في عقول بعض الفئات وبدأ ينمو حتى أينعت ثماره فيما بعد على يد سلامة موسى وأمثاله.
لقد جاء الفرنسيون معهم بكل ما نشاهده اليوم من مظاهر للعلمانية في الأخلاق والسلوك والفكر، فقد قتل نابليون عدداً كبيراً من العلماء، ودنس جنوده المقدسات، وزينوا للمصريين مخالفة دينهم بالممارسات الشنيعة، فتأثراً بهم خرجت المرأة المصرية عن حشمتها، وحجابها، واختلطت بهم، وكان الهدف الأكبر للفرنسيين هو قلب التقاليد الإسلامية المصرية. ورافق هذا الاحتلال محاولات متواصلة وجهود مكثفة لقطع الشعوب الإسلامية " الغافية " عن ماضيها وتراثها ودينها ولغتها، وصبغها بصبغات غربية، وإشاعة الفواحش والمنكرات والعادات الغربية بين أبناء المسلمين، وساعد على ذلك الفقر الشديد الذي تعانيه المجتمعات الإسلامية نتيجة للاستعمار، والحكام والملوك المستبدين الذين صنعهم الاستعمار ووطد سلطانهم لخدمة مصالحه واستفحل نتيجة لذلك الجهل والأمية، وظل التعليم محصوراً في بعض الطبقات الثرية، والأسر الأرستقراطية.
وقد أدرك المستعمر أن تغيير الفكر، وغسل الأدمغة يجب أن يتم قبل أي مشروع آخر وذلك لتسهيل مهمته في استعباد الشعوب واستغلالها، وجعلها دائماً في دوامة التبعية الحضارية والحاجة إلى الوصاية والانتداب، فكانت دراسات المستشرقين الهائلة التي وُظِّفت لها أموالٌ طائلة وبُذلت من أجلها جهودٌ جبارة، وكانت في معظمها قائمة على التزوير والتحريف والافتراء.
ومن هنا ظلت أعين المسلمين دائماً تنظر إلى الإنتاج الاستشراقي بالريبة والحذر بل غالباً ما يتعامل معها المسلمون على أنها جهود استعمارية معادية، والحسن فيها استثناءً نادرٌ، ولذلك رأى المستعمر أن يصنع لهذه الأمة قادة من أبنائها يربيهم على موائده، ويعلمهم في معاقله، ثم يفيض عليهم من إحسانه، ويمرغهم في إنعامه، ويغمسهم في ملذاته، ويسديهم من خيراته، ثم يضفي عليهم من الشهرة والمجد ما يجعلهم محط الأنظار وقادة الأفكار، ورواد الإصلاح، وزعماء التجديد إنها نصيحة زويمر للمبشرين: "" تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها "".
وهذا ما فعله الغرب المستعمر فأبرز من أبرز وطمس من طمس، وكان الذين برزوا هم الذين أخلصوا لسادتهم المستعمرين، وتحقق هؤلاء السادة من عمالتهم ودناءتهم فجعلوهم نجوماً للأمة يَهدُونها إلى التغرُّب، ويزينون لها التأوْرُب.
------------------------
سؤال:
لنعد إلى (تفكير) الفكر العلماني، يقول العلمانيون: " نحن لا نريد للدين أن يتدخل في السياسة، الاجتماع، الاقتصاد .. ". لكنهم هم يتدخلون في الدين، ألا تجد في ذلك مفارقة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
عندما عزمت على دراسة ظاهرة العلمانية كان التعريف القابع في ذهني هو التعريف الشائع لها وهو " فصل الدين عن الدولة " ولما قرأت قليلاً ورأيت من يطرح تعريفاً جديداً هو " فصل الدين عن الحياة " ملت إليه وقلت هو هذا .. !!
ومع طول المعايشة والمعاشرة للخطاب العلماني رأيت أن القضية أكبر من كونها قضية فصل، وإنما هي في كثير من الأحيان أقرب إلى الجحود والنكران للأديان وقيمها، فضعفت قناعتي بهذا التعريف، وهذا لا يعني أن التعريف قد فقد قيمته عندي، وإنما يعني أنه قاصر عن الحد الكامل، وإن كان يغطي مرحلة من مراحل العلمانية أو حيِّزاً من رقعتها الشاسعة.
تبادر إلى ذهني في وقت من الأوقات أن العلمانية هي إلغاء المقدس، ولكن بعض العلمانيين أنفسهم يعتبرون المقدس نمطاً لوجود الإنسان، وأن الإنسان يعيد إنتاج المقدس بأشكال جديدة وهو يمارس دنيويته وأن المقدس عنصر من عناصر الوعي، وأن أقصى مظاهر الحداثة المعاصرة غارقة في المقدس، وهو ما يعني أن العلمانية غارقة في مقدسات، بل ووثنيات جديدة تخترعها كبديل للمقدس الديني، بل وتضع آلهة جديدة، وتقدم لها مراسم وقرابين وألوان من العبودية والخضوع، وهو ما أشار إليه - آنفاً - رفيق حبيب."" إن الأسطرة ملَكة ثابتة وعبر هذا فالإنسان المعاصر يساهم أيضاً وعبر حرتقاته العلمية الجديدة في صنع أساطيره "" ولذلك "" يمكن أن يُؤلَّف عمل كامل عن أساطير الإنسان الحديث "".
قلت: فهي إذن " إنكار الغيب، وإثبات المادة " بيد أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في إنكار الغيب، لأن الإيمان بالغيب لا بد منه، فإذا لم يأت اختياراً جاء اضطراراً، وهذا هو الواقع فالعلمانية تؤمن بغيبيات وميتافيزيقيات كثيرة مثل النيترونات، والأنتيرونات، والأثير أو السديم، وغير ذلك من أشياء يقوم عليها العلم ولكنها افتراضية، والإيمان بها ليس إلا ضرباً من ضروب الإيمان بالغيب، وإن كابرت العلمانية وعاندت، وهو ما يلفت النظر إليه جلال أمين عندما يذهب إلى أنه "" لا مفر من اتخاذ موقف ميتافيزيقي ما، والبدايات الميتافيزيقية هي التي تفضي إلى النتائج، والمقولات المختلفة التي تكون أيديولوجية ما، والتي توجه السلوك الإنساني، وهذا يعني أن العلمانية منظومة شاملة ورؤية للكون والطبيعة والإنسان تستند إلى ميتافيزيقا مُسبقة تطرح إجابات عن الأسئلة النهائية الكبرى، فحالة الشك المطلقة، الشك في كل المسلمات تجعل الحياة مستحيلة "". "" فالغيبي مبدأ من مبادئ علم الاجتماع لا بد منه للمجتمع ولا يأتلف المجتمع ويكتمل إلا بمبدأ غائب عنه يرسم الحدود الفاصلة بين المقدس والدنيوي.
قلت: إذن فالعلمانية هي " النسبية المطلقة " أو "" أن الإنسان هو ما يفعله "" كما طرح غير واحد منهم – على سبيل المثال - مراد وهبة، ولكن المتأمل يرى كثيراً من المنظرين والمؤسسين للفكر العلماني لا يقولون بالنسبية المطلقة، لأنهم يعتبرون آراءهم وفلسفاتهم حقائق مطلقة يجب على الناس أن يلتزموا بها، ويسيروا على مقتضاها، فالماركسيون – مثلاً - يعتبرون الماركسية هي الحقيقة المطلقة، حقيقة الحقائق، وكل العلوم التي جاءت قبلها كانت تمهيداً لها، وكل ما سيأتي بعدها يجب أن يكون شرحاً لها.
ولذلك مع أن النسبية المطلقة تستحوذ على حيز عريض جداً من النظرية العلمانية، إلا أنها لا يمكن أن تكون حداً شاملاً لكل عناصرها وأسسها، هذا بالإضافة إلى أن العلمانية نفسها تتحول إلى مطلق في نظر أصحابها وعلى الآخرين أن يتعلمنوا أو يُوصَمُوا بالجهل والظلامية والأصولوية.
سمعت أحد العلماء الأجلاء يؤكد مراراً على أن العلمانية هي الغنوصية فتأملت في هذا الحد فوجدته يغطي مساحة من مساحات العلمانية، وحقلاً من حقولها وهو: التأويل، حيث بالرغم من أن الغنوصية قائمة على العرفان، والعلمانية - بحسب أصحابها - قائمة على العقل، إلا أنهما يلتقيان في النتائج المترتبة عن " التأويل المنفلت "، حيث نصل عن طريق التأويل العلماني والغنوصي المنفلتين إلى خلاصات ما أنزل الله بها من سلطان، وفهوم تتجافى إلى أبعد الحدود مع النص، فإن النص إذا كان في السماء فإن التأويل العلماني أو الغنوصي في أسفل الأرضين، وإذا كان النص يتجه غرباً فإن تأويلهما يتجه شرقاً. وهكذا رأيت أن
(يُتْبَعُ)
(/)
الجامع بين العلمانية والغنوصية هو " التأويل المنفلت ".
وسمعته أيضاً يعرف العلمانية بأنها " تنحية الأسئلة الكبرى " ولكن الذي بدا لي أن العلمانية بعد أن فشلت في الإجابة عن هذه الأسئلة اقترحت تنحيتها لأنها بدأت تُعكِّر عليها سيرورة العلمنة. وهذه التنحية كارثة من كوارث العلمانية على الإنسانية لأنها الأسئلة الجوهرية للإنسان، بل هي محور إنسانيته، والمعنى الصميم لهذه الإنسانية، وتنحيتها حَطّم إنسانية الإنسان، وجعله مادة بلا هدف ولا غاية، يتقلب في ظلام الشك والحيرة، وبدد له كل أمل في السعادة.
ومن هنا رأيت أن تنحية الأسئلة الكبرى ليست تعريفاً للعلمانية وإنما نهاية من نهايات العلمانية، بل يمكن اعتبار هذه التنحية: إشهاراً للإفلاس، وإعلاناً للخيبة.
استبطنت في مرحلة من مراحل البحث التعريف القائل بأن العلمانية "" رؤية مادية بحتة للوجود بما فيه "" ولكن تذكرت أن باركلي لم يكن مادياً فقد أنكر المادة واعتبرها موجودة لأنها مُدرَكة فقط، وأن هيوم أنكر الروح والمادة ولم يعترف بأية حقائق ضرورية، وكذلك فإن جان جاك روسو كان ممثلاً للفلسفة المثالية، ومع ذلك كان لهؤلاء جميعاً إسهاماً بارزاً في علمنة الفكر الأوربي.
هذا بالإضافة إلى - ما أشرنا إليه سابقاً - من أن العلمانية لم تتمكن من الاستمرار في المادية لأن العقل يؤكد وجود حقائق كونية ليست مادية يقوم عليها الوجود والعلم.
فالمادية سمة أساسية من سمات العلمانية ولكنها لا تُعبّر عنها تماماً وإن كان بروزها يكاد يجعل العلمانية تُختَزَل غالباً في هذه السمة.
-----------------------
سؤال:
هل يمكن (علمَنَة الإسلام) بنظرهم؟
في البداية يمكن أن يتبادر إلى الذهن سؤال وهو: أن الشرائع السماوية أيضاً قصدت تحقيق السعادة للإنسان في الحياة الدنيا فهل الأديان منخرطة على هذا الأساس في تيار العلمانية؟
والإجابة: أن الشرائع الإلهية تربط سعادة الدنيا بالسعادة في الآخرة، لذلك فسعادة الإنسان في الحياة الدنيا بمنظور الشرائع الإلهية ألا ينخرط في الملذات والشهوات والمُتع دون ضوابط وحدود لأن هذا سينغص سعادته في الآخرة.
لقد تركت هذه الدنيوية العلمانية أثرها حتى على الإسلاميين، فأصبحنا نُبرز كثيراً عناية الإسلام بالحياة الدنيا، ودعوته إلى عمارتها، والاستمتاع بالطيبات منها، ونتغاضى - مجاراة للعلمانيين - عن أن الإسلام في الأصل يدعو الناس إلى الآخرة عبر ممر الدنيا، وهذا لا يعني تخريب الدنيا، وإنما يعني التطلع إلى المستقبل الأبدي، وليس إلى الحياة العاجلة، وهذا ليس من شأنه أن يجعلنا نهمل عمارة الحياة الدنيا، وإنما من شأنه أن يُهذِّب نفوسنا ويسموَ بها عن الأنانية، ويطهرها من السخائم والعداوات والتنافس على المتاع الزائل والحطام الفاني.
وهنا يجدر بنا أن نتذكر قول أحد أقطاب الصوفية كتلخيص لموقف الإسلام من الحياة الدنيا " أن تكون الدنيا في يدك وليس في قلبك " وهذا بعكس العلمانية التي تريد أن تمزج الدنيوية بكل ذرة من ذرات الجسد الإنساني، وتغرسها في صميم قلبه، وتجعلها الملاذ الوحيد، والمعشوق الوحيد، والغاية النهائية للإنسان، ولا يخفى ما في ذلك من تكريسٍ للتنافس الأعمى بين البشر دولاً وأفراداً، وهو ما نعايشه اليوم، لأن البقاء للأقوى، وساحة البقاء في المنظور العلماني قاصرة على هذا العالم المحسوس فقط.
وتتجلى الدنيوية واضحة في الممارسات التأويلية التي تشتغل على النص القرآني فتحاول دائماً أن تحد من سلطانه الإلهي، وتبرز دائماً ما يؤكد على الاعتبارات الدنيوية في مسائل الميراث، والمرأة، والحجاب، والدولة والأخلاق، ويُبرَّر ذلك بمبررات دنيوية محضة مثل: مواكبة العصر، ومسايرة التحضر، وتطور الفكر. والنموذج الذي يُحتذى في كل ذلك هو الغرب، فكل ما عنده أصبح معيار التطور والتحضر والتقدم، وتغفل هذه الممارسات أو تتنكر للجانب الغيبي الأخروي الذي يشكل الحيِّز الأكبر من الرسالة القرآنية، وفي حالات متطرفة فإنها تقوم بعملية مسخ وتشويه لهذا الجانب عن طريق " التأويل المنفلت " لتجعله يصب في خدمة الدنيوية أيضاً.
والخلاصة:
(يُتْبَعُ)
(/)
العلمانيون - كما مر بنا سابقاً - يستدلون على علمانية الإسلام بدنيويته، وبما حصل في التاريخ الإسلامي من ترف وبذخ وإقبال على الدنيا، فهم بذلك يقرون بأن الدنيوية هي جوهر العلمانية، وقد مر معنا كذلك كيف تؤكد دوائر المعارف والمعاجم الغربية على دنيوية العلمانية بما يغني عن الإعادة هنا.
لقد أشرنا - سابقاً - إلى أن الدنيوية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ والحضارات، وأن أكثر الأمم اختارت الحياة الدنيا على الآخرة، ذلك لأن الحياة الدنيا حلوة خضرة وقريبة، أما الآخرة فهي في منظور الإنسان العجول بعيدة غير مغرية كما تفعل الحياة الدنيا "متاع الغرور ".
---------------------------
سؤال:
وما تعقيبك على ذلك؟
إن الدنيوية تتحول إلى علمانية عندما تتحول الوسيلة إلى غاية، والممر إلى مقر، وقد يعترض علينا هنا بأننا نتحدث بلهجة صوفية وعظية، ولكن هذه هي الحقيقة سواء كانت في قالب صوفي وعظي أم حداثي معاصر؟
عمارة الدنيا مرادة إلى أقصى الحدود، ولكن على أن لا يؤدي ذلك إلى الفساد في الأرض، كما يجب مراعاة أن الإنسان مؤتمن وليس مالكاً حقيقياً، وأنه رضي بحمل الأمانة، وكل ما يؤدي إلى الإخلال بحفظ الأمانة " الكون والطبيعة والإنسان ورسالته فيهما " فإنه انقلاب إلى دنيوية عضوض أي علمانية.
الإنسان مُستَخلَف في الأرض، وهذا يعني أنه لا يملك أن يضع لنفسه منهجاً في الحياة باستقلالية كاملة، لأن المنهج وضعه المالك الحقيقي، والسيد الحقيقي في هذا الوجود، أما وظيفته هو فإنها تنحصر في أن يفهم المنهج بشكل صحيح وينزله على حياته كما أراد واضعه عز وجل. والفهم غير الوضع والإنشاء وإن كان الخطاب العلماني سينازع في هذا كما سنرى.
إن أي إنسان عاقل عندما يشتري جهازاً من شركة ما يقرأ النشرة المرفقة معه والتي تُبيِّن كيفية استعماله، وقراءة هذه النشرة توفر عليه جهداً ووقتاً يبذله في محاولته تشغيل الجهاز دون استعانة بالصانع. إن جهده المستقل قد ينتهي بالوصول إلى معرفة تشغيل الجهاز ولكن بعد جهد ووقت من التجريب والمحاولة، ولكنه قد ينتهي أيضاً بإتلاف الجهاز وإعطابه.
إن كل ممارسات الإنسان في هذا الكون لكي تبرأ من " الدنيوية العلمانية " يجب عليها أن تكون قائمة على مبدأ العبودية لله عز وجل، والرغبة فيما عنده من الخير والسعادة، ومنافية لمبدأي الكبرياء الزائف، والعقلانية المتهورة القائمين على الاعتداد الأعمى بالذات والمنفعة العاجلة، واللذة الزائلة، والنظرة القاصرة على هذه الحياة الدنيا.
إن الاحتراز الوحيد الذي نضعه هنا لعله يجنبنا كثيراً من الانتقادات والإلزامات التي قد ترد علينا إزاء هذا التعريف هو أن العلمانية " الدنيوية " التي نقصدها تزيد وتنقص، وتهبط وتصعد، وأننا عندما نتحدث عن العلمانية التي تقارن الإلحاد والزندقة فإننا نقصد العلمانية في أعلى درجاتها. إن هذا يعني أن بعض الباحثين الحريصين على إسلامهم وإيمانهم ولكن تصدر منهم بعض الأفكار التي تخدم التوجه الدنيوي العلماني، وتتحرك في داخل أسواره لا يمكن أن يوصفوا بأنهم علمانيين، وإن كان يصح أن نصف أفكارهم المنحرفة بأنها أفكار علمانية. والله أعلم.
يتبع ..
علاقة العَلمانية بالعِلمانية.
ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[22 Dec 2005, 08:07 م]ـ
سؤال:
هل العلمانية من العِلم (العِلمانية)، أم من العالَم (العَلمانية)؟
من خلال القراءة للمصطلح في المصادر الأجنبية من معاجم ودوائر للمعارف، وتعريفات للباحثين الغربيين يمكننا أن نؤكد أن العَلمانية - بفتح العين - هي الترجمة الصحيحة على غير قياس لكلمة secularism الإنجليزية أو secularit الفرنسية، وهاتان الكلمتان لا صلة لهما بلفظ العلم ومشتقاته، فالعلم في الإنجليزية والفرنسية يعبر عنه بكلمة science والمذهب العلمي نطلق عليه كلمة scientism والنسبة إلى العلم هي scientific أو scientifique في الفرنسية والترجمة الدقيقة للكلمة هي " العالمانية " أو " الدنيوية " أو " اللادينية "، ولكن تحولت كلمة عالمانية إلى عَلمانية لأن العربية تكره تتابع الحركات وتلجأ إلى التخفف منه.
(يُتْبَعُ)
(/)