وانشراح النفس للإيمان سابقة له، فمن يشاء الله له الهداية يشرح نفسه له، كما أن من أراد الله له الكفر فإنه يجعل صدره ضيقًا حرجًا، فلا يستطيع أن يؤمن بالله، وهو ممتنع عليه الإيمان كامتناع الصعود إلى السماء على الإنسان.
وهذا التفسير من دقائق فهم السلف، وتفسيرهم يرجع إلى لازم معنى الجملة الثانية، وهي جعل الضيق والحرج في صدر الكافر، إذ من لازمه أنه لو أراد الإيمان فإنه لا يستطيعه، كما لا يستطيع الإنسان الصعود للسماء، فنبهوا على هذا اللازم الذي قد يخفى على كثير ممن يقرأ الآية.
وفي تفسيرهم إثبات القدر، وأن الله يفعل ما يشاء، فمن أراد الله هدايته شرح صدره، ومن أراد ضلاله ضيَّق صدره وجعله حرجًا لا يدخله خير، وفي هذا ردٌّ على القدرية الذين يزعمون أن العبد يخلق فعله.
أما البحث التجريبي المعاصر فقد كشف عن قضية تتعلق بالصعود إلى الأجواء العليا، حيث وجد أن الإنسان تتناقص قدرته على التنفس الطبيعي درجة بعد درجة كلما تصاعد إلى السماء، وسبب ذلك انخفاض الضغط الجزئي للأكسجين في طبقات الجو العليا، وقد جعل أصحاب الإعجاز العلمي هذه الظاهرة الكونية تفسيرًا للحرج الذي يصيب الكافر بسبب عدم قدرته على الإيمان.
وقد جعلوا التشبيه يعود إلى الضيق والحرج، والمعنى عندهم: إن حال ضيق صدر الكافر المعرض عن الحق وعن قبول الإيمان بحال الذي يتصعد في السماء.
وذكر وجه الشبه، وهو الصفة المشتركة بينهما: ضيقًا وحرجًا، وجاء بأداة التشبيه (كأن) ليقع بعدها المشبه في صورة حسية واضحة ...
وإذا تأملت هذين التفسيرين وعرضتهما على سياق القرآن ومقاصده، فأي القولين أولى وأقوى؟
لا شكَّ أن ما ذكره السلف أولى وأقوى، والثاني ـ وإن كان محتملاً ـ لا يرقى إلى قوته، وإن قٌبِلَ هذا القول المعاصر على سبيل التنوع فالأول هو المقدَّم بلا ريب.
ووجه قوته كائن في أمور:
الأول: أن ما قاله السلف مُدركٌ في كل حين، منذ أن نزل الوحي بها إلى اليوم، أما ما ذكره المعاصرون، فكان خفيًّا على الناس حتى ظهر لهم أمر هذا المعنى هذا اليوم.
الثاني: أن التنبيه عن امتناع الإيمان عنهم بامتناع صعود الإنسان إلى السماء أقوى وأولى من التنبيه عن تشبيه الحرج والضيق الذي يجده الكافر في نفسه بما يجده من صعِدَ طبقات السماء.
فالحرج والضيق مدرك منه بخلاف امتناع الإيمان الذي يخفى سبيله، وهو الذي جاء التنبيه عليه في الآية، وذلك من دقيق مسلك قدر الله سبحانه.
الرابع: أن لا يُقصَر معنى الآيةِ على هذا المعنى المأخوذ من البحوث التجريبية.
وهذا الضابط كثيرًا ما ينتقضُ عند أصحاب الإعجاز العلمي، وقد وجدت حال بعضهم مع تفسير السلف على مراتب:
ـ فمنهم من لا يعرف تفسير السلف (الصحابة والتابعين وأتباعهم) أصلاً ولا يرجع إليه، وكأنه لا يعتد به ولا يراه شيئًا. وهؤلاء صنفٌ يكثر فيهم الشطط، ولا يرتضيهم جمهورٌ ممن يتعاطى الإعجاز العلمي.
ـ ومنهم من يقرأ تفسير السلف، لكنه لا يفهمه، وإذا عرضه فإنه يعرضه عرضًا باهتًا، لا يدل على مقصودهم، ولا يُعرف به غور علمهم، ودقيق فهمهم.
ـ ومنهم من يخطئ في فهم كلام السلف، ويحمل كلامهم على غير مرادهم، وقد يعترض عليه وينتقده، وهو في الحقيقة إنما ينتقد ما فَهِمَه هو، وليس ينتقد تفسيرهم؛ لأنه أخطأ في فهمه.
ومما يظهر من طريقة عرض أصحاب هذا الاتجاه لما توصلوا إليه من معانٍ جديدة أنهم يقصرون معنى الآية على ما فهموه، دون أن ينصوا على ذلك صراحة، وهذا مزلق خطير لا ينتبه إليه كثير من الفضلاء الذين دخلوا في هذا الميدان.
بل إنهم يتفوهون بكلام يلزم منه تجهيل الصحابة وتصغير عقولهم، وأني لأجزم أن هؤلاء الفضلاء لو تنبهوا لهذا اللازم لعدَّلوا عباراتهم، لكن طريقة البحث التي سلكوها جعلتهم لا ينتبهون إلى هذا المزلق الخطير.
ومن ذلك أن بعضهم يقول: ( ... وهناك آيات وألفاظ قرآنية لم تكن لتفهم حقيقتها حتى جاء التقدم العلمي يكشف عن دقة تلك المعاني والألفاظ القرآنية، مما يوحي إلى كل عاقل بأن كلام الكتاب الكريم كلام الله المحيط علمًا بكل شيء، وإن كان قد حدث جهلٌ بفهم بعض ألفاظه ومعانيه، فإن زيادة علوم الإنسان قد جاءت لتُعرِّف الإنسان بما جهل من كلام ربه).
(يُتْبَعُ)
(/)
ألا يلزم من هذا الكلام أن الصحابة قد خفي عليهم شيء من معانيه، وكذا خفي على التابعين وأتباعهم، وبقي بعض القرآن غامضًا لا يُعرف حتى جاء (التقدم العلمي!) فكشف عن هذه المعاني.
ولو كان يعتقد هذا اللازم، فالأمر خطير جدَّا. لكني لا أشكُّ ـ محسنًا الظن بقائله ـ أنه لم يتنبه لهذا اللازم الخطير، وأُراه لو انتبه له لعدَّل عبارته.
ولقد كان من نتيجة هذا التقعيد أن لا تُذكر أقوال السلف بل يذكر ما وصل إليه البحث التجريبي المعاصر، وتفسير الآية به، وهذا فيه قصر لمعنى الآية على ذلك التفسير الحادث، وهذا خطأ محضٌ.
وقد سئل آخر: لماذا لم يبين الرسول هذه الوجوه للصحابة؟
فكانت إجابته أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لو أخبرهم بهذه الحقائق العلمية لما أدركوها، وقد يقع منهم شك أو تكذيب.
وهذا الجواب من أعجب العجب، فكيف يقال هذا في قوم آمنوا بما هو أعظم من هذه الحقائق الكونية، وأرى أن خطأ هذا أوضح من أن يوضَّح، وإني أخشى أن يكون هؤلاء ممن فرح بما أوتي من العلم، فنسب الجهل للصحابة الذين آمنوا بما هو أعظم من هذه الأمور.
ألم يؤمنوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أسري به، ثم عرج به في جزء من الليل، ورأى ما رأى من آيات ربه الكبرى؟ أليس هذا أعجب مما يذكره الباحثون التجريبيون؟
وقل مثله في غير ذلك مما آمنوا به وصدَّقوا ولم يعترضوا.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإني قد رأيت لأحد الفضلاء كتابًا في مناهج المفسرين، وأجاب عن سبب عدم تفسير النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كاملاً، وكان مما أجاب به، فقال: (لضعف المستوى العلمي عند الصحابة، ولو فسره لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حوت آياته من علوم ومعارف فقد لا يستوعبونها، وقد تكون محل استغراب بعضهم، والعلماء الذين جاءوا بعد الصحابة قدموا بعض المضامين العلمية للآيات، ولذلك قيل: خير مفسر للقرآن هو الزمن).
وهذا القول من ذلك الفاضل من أعجب العجب، إذ كيف يكون خيرة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ضعيفي المستوى العلمي، وما المراد بالعلم الذي ضعفوا فيه؟!
أليسوا أعلم الأمة، والأمة عالة عليهم في هذا؟!
ألم يخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة؟! حفظه منهم من حفظه، ونسيه من نسيه.
إن مثل هذا القول خطير، وإني لأحسن الظن بأن قائله لم يتنبه لما يتبطنه هذا الكلام من خطأ محضٍ، وأن الأمر يحتاج إلى تعديل أسلوب وعبارات، والله المستعان.
وبعد، فإن هذين النقلين اللذين نقلتهما فيما يتعلق بالإعجاز العلمي إنما هما عن أفاضل ممن تكلموا في الإعجاز العلمي دون غيرهم ممن تخبط في هذا المجال.
وهنا يجب أن يُفرَّق بين فضلهم، وما لهم من قدم في الدعوة إلى الله، والحرص على هداية الناس، وبين ما وقعوا فيه من الخطأ، فالأول يشكر لهم ويُذكر ولا يُنكر، ولكن هذا الفضل ليس حجابًا حاجزًا عن التنبيه على ما وقعوا فيه من الخطأ.
كما أن التنبيه على خطئهم لا يعني نبذهم وعدم الاعتداد بهم، وإنما المقصود هنا تصحيح المسار في هذه القضية التي رُبِطت بكتاب الله، وجُعلت من أهم ما توصل إليه المعاصرون، بل جعله بعضهم هو طريق الدعوة للكفار.
وأختم هذا البحث بمسائل متفرقة في هذا الموضوع، وهي كالآتي:
أولاً: قضايا العلم التجريبي بين القرآن والعلم الحديث:
* العلم بالسنة الكونية لا يرتبط بالمعتقد، ولا بالأفكار؛ لأنها نتيجة البحث والتأمل، وهي من العلوم التي وكلها الله لعباده، فعلى قدر ما يكون الجهد في البحث يصل البشر بإذن الله إلى نتائجه المرجوة، ولما كان الوصول إلى هذه العلوم التجريبية مرتبطًا بالقدرة على البحث ووجود المناخ المناسب له، وكان الغرب الكافر قد حرص عليه، فإنهم قد سبقوا المسلمين في ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
* أن إشارة القرآن لبعض هذه المسائل المرتبطة بالعلوم التجريبية لم يكن هو المقصد الأول، ولم ينْزل القرآن من أجلها، وإذا وازنتها بين المعلومات العقدية والشرعية، ظهر لك أنَّ المعلومات العقدية والشرعية ـ أي: كيف يعرفون ربهم، وكيف يعبدونه ـ هي الأصل المراد بإنزال القرآن، وهي التي تكفلَّ الله ببيانها للناس، أما المعلومات الدنيوية بما فيها العلوم التجريبية فهي موكولة للناس كما سبق، وإن جاءت فإنها تجيء مرتبطة بالدلالة على حكم عقدي أو شرعي، فهي جاءت تبعًا وليس أصالةً؛ أي أن القرآن لم يقصد أن يذكرها على أنها حقيقة علمية مجردة، بل ليستدل بها مثلا: على توحيد الله وأحقيته بالعبادة، أو على حكم تشريعي، أو على إثبات اليوم الآخر.
* القضايا العلمية التي يفسر بها من يبحث في الإعجاز أو التفسير العلمي لا يدركها إلا الخواص من الناس، ولا يوصل إليها إلا بالمراس.
* الفرق بين القرآن والعلم التجريبي في تقرير القضية العلمية:
1 ـ أن القرآن يقررها حقيقة حيث كانت وانتهت، والعلم التجريبي يبدأ في البحث عنها من الصفر حتى يصل إلى الحقيقة العلمية.
2 ـ القرآن يذكر القضية العلمية مجملة غير مفصلة، أما العلم التجريبي فينحو إلى تفصيل المسألة العلمية.
* علم البشر قاصر غير شمولي، ونظره من زاوية معينة، لذا قد يغفل عن جوانب في القضية، فيختلَّ بذلك الحكم ونتيجة البحث. وقد يكتشف ما لم يحتسب له عن طريق الصدفة لا الممارسة العملية.
* القرآن طرح القضايا العلمية بعيدًا عن الخيالات التي كانت إبان نزوله، سواءً أكانت هذه العلوم عند العرب أم عند غيرهم، وهذه الخيالات بان خطئوها في القرون المتأخرةِ، ولا يزال هناك غيرها مما سيكشفه العلمُ التجريبي، وكل ذلك مما لا يمكن أن يخالف حقائق القرآن إن صحَّة تلك العلوم.
* قد تكون بعض القضايا العلمية صحيحة في ذاتها، لكن الخطأ يقع في كون الآية تدلُّ عليها، وتفسَّر بها.
ثانيًا: موقف المسلم من قضايا العلوم التجريبة المذكورة في القرآن:
* الإيمان بالقضية الكونية التي ذكرها القرآن لا تحتاج إلى إدراك الحسِّ، بل يكفي ورودها في القرآن، بخلاف القضايا العلمية التي تحتاج إلى الإيمان بها إلى الحسِّ، سواءً أكانت هذه القضايا مذكورة في القرآن أم لم تكن مذكورة.
* المسلم مطالب بالأخذ بظواهر القرآن، وأخذه بها يجعله يسلم من التحريف أو التكذيب بها، ولو كانت مخالفة لقضايا العلم التجريبي المعاصر.
فإذا عارضت النظريات العلمية، ولو سُميت حقائق علمية فإنه لا يلزم الإيمان بها، بل يقف المسلم عند ظواهر القرآن؛ لأن المؤمن مطالب بالإيمان بنصوص القرآن لا غير.
* يجب الحذر من حمل مصطلحات العلوم المعاصرة على ألفاظ القرآن وتفسيره بها.
* البحوث العلمية الناتجة عن الدراسات لا يلزم مصداقيتها، وهي درجات من حيث المصداقية، لذا ترى دراسة علمية تذكر فوائد شيء، وتأتي دراسة تناقضها في هذه الفوائد.
ثالثًا: هل نحن بحاجة إلى التفسير العلمي، أو الإعجاز العلمي؟
إن نتيجة ما يتوصل إليه الباحث في الإعجاز العلمي هي إثبات أن الحقيقة أو النظرية الكونية أو التجريبية قد ورد ذكرها في القرآن صراحة أو إشارة، وهذا فيه دليل على صدق القرآن وأنه من عند الله.
وهذه النتيجة لا يمكن الوصول إليها إلا بعد البحث المجرد في الحقائق الكونية والمواد التجريبية، ولا شكَّ أن الباحث إذا كان ممن يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه لن يأتي بشيء مخالف لما في القرآن والسنة، أما إذا كان الباحث كافرًا فقد يقع منه مخالفات للشرع، ويكون ذلك دليلا على خطئه في مسار بحثه.
ومن ثمَّ فإنَّ عندنا أمران:
الأول: العناية بالبحث التجريبي والنظر في هذا الكون والتدبر فيه للننافس بذلك أعداء الله الذين تقدموا علينا في هذا المجال.
الثاني: العناية بما يسمى بالإعجاز العلمي لإثبات صحة هذا الدين لأولئك الذين لا يؤمنون إلا بالحقائق المادية، ودعوتهم إلى الإسلام، وذلك أنه لما كان هذا العصر عصر الثورة العلوم التجريبية الدنيوية، فإنَّ تقديم هذه التفسيرات الموافقة لما ثبت في هذه العلوم للناس دعوة لهم لهذا الدين الحقِّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا القول حقٌّ لكن الأمر يحتاج إلى توازن في طرح مدى الدعوة بهذه التفسيرات العلمية للقرآن، وهل أثبتت نجاحها وتميُّزها؟
إنَّ الذي يُخشى منه أن تكون الدعوة بهذه التفسيرات الموافقة للعلوم التجريبية قد أخذت أكبر من حجمها، وأنَّ عدد المتأثرين بها قليلٌ لا يكادون أن يوازوا بعددهم ما يقوم به داعية أو مركز إسلامي يبيَّن للناس هذا الدين الحقَّ.
ومن المعلوم أن الأفواج الكثيرة التي دخلت في الإسلام أسلمت بأبسط من هذا الطرح العلمي، فأغلبهم أسلم لما يجد في الإسلام من موافقته لفطرته التي فطره الله عليها دون أن يصل إلى الإيمان بالله بهذا العلم الذي لا يدركه إلا القليل من الناس.
ثمَّ إنَّ من سيسلم من الباحثين في العلوم التجريبية من الكفار بسبب هذا الإعجاز العلمي يلاحظ فيه ما يلي:
ـ أنه لا وقت عنده لدعوة غيره، بل لتفهم الدين الجديد الذي دان به، بسبب كبر السنِّ ـ في الغالب ـ والانشغال بالأبحاث والتجارب التي تجعله بعيدًا عن تفهُّم هذا الدين وطبيعته.
ـ أنَّ بعض من يسلم منهم يكون إسلامه صوريًا، ولم يتحقق فيه الاستسلام الحقُّ.
ـ أنَّ تأثير هؤلاء يكاد يكون معدومًا، بل لو ثبت إسلامهم قد يُحاربون، ويسفَّهون، ولا يُحترمون في مجتمعاتهم العلمية.
وأخيرًا، فإن بعض من يستسلم لهذه الحقائق المذكورة في القرآن أو السنة، يأخذها بنظره العلمي التجريبي، ولا يدرك حقيقة الوحي، وأنَّ هذا القرآن من عند الله، فبينه وبين ذلك حجاب مستور، والله أعلم.
ومن ثمَّ، فإن العناية بالأمر الأول ـ وهو البحث التجريبي والنظر في هذا الكون والتدبر فيه ـ يجب أن تكون أكبر وأكثر من العناية بالأمر الثاني ـ وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي ـ لوجهين:
الوجه الأول: أنه هو المجال الوحيد الذي سبقنا فيه أعداؤنا، ولابد لنا من منافستهم في ذلك، والسعي للتقدم عليهم فيه.
الوجه الثاني: أنه عندما يقوم الباحثون المسلمون بتلك البحوث نضمن أنهم لن يصلوا إلى نتائج خاطئة مخالفة للكتاب والسنة، بل إنهم سوف يعيدون النظر في بعض النتائج المخالفة للكتاب والسنة التي وصل إليها البحث الغربي الكفار.
وإذا بقي همُّنا منصبًّا على العناية بما يسمى بالإعجاز العلمي لإثبات صحة هذا الدين لأولئك الذين لا يؤمنون إلا بالحقائق المادية، فإننا سنبقى عالة على الغرب ننتظر منه كل جديد في العلوم، ثمَّ نبحث ما يوافقه في شرعنا، ولا يخفاك ما دخل علينا من هذه العلوم مما هو مخالف لشرعنا، وما ذاك إلا بسبب أنَّ موقفنا نحن المسلمين موقف التلميذ الضعيف المتلقي الذي يشعر أنه لا شيء عنده يمكن أن يقدمه.
والبحث العلمي بلا قوة تحميه لا يمكن أن ينفعل في الواقع، لذا لابدَّ من أن يواكب العلم قوةٌ تكون في الأمة كي تدعم هذا العلم وتحافظ عليه، وإلا صار ما تراه من هجرة العلماءِ عن ديار المسلمين إلى ديار الغرب الكافرة.
وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأرجو أن يبعد عني وعنكم الشطط والتحامل في هذه القضية وفي غيرها، وإن هذه القضية بالذات حسَّاسة، وتدخلها العواطف، ويبرز في الردَّ على من يعترض عليها الكتابة الخطابية، فتخرج عن كونها قضية علمية تحتاج إلى تجلية وإيضاح إلى قضية دفاع عن مواقف وشخصيات.
وأقول أخيرًا: إنَّ في الموضوع قضايا كثيرة تحتاج إلى تجلية وإيضاح، ولولا ضيق المقام لأشرت إليها، وإني أسأل الله أن يوفقني ويعينني على الكتابة فيه على منهجٍ عدل وسط لا شطط فيه.
د. مساعد الطيار
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Jun 2008, 02:35 م]ـ
يرفع للفائدة.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[16 Aug 2008, 05:58 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[الغني بالله]ــــــــ[19 Aug 2008, 01:47 ص]ـ
جزاك الله شيخنا الكريم.
أحيانا يجد الواحد منا بحثا قام الغرب به وتوصلوا بعد لأي إلى حقيقة موجودة في القرآن بالنص خذ على سبيل المثال بناء الأهرامات اكتشفوا بالأدلة التي لا تقبل الجدل أنها بنيت من الطين الذي سخن بالنار لدرجة عالية والقرآن قد أشار إلى ذلك.
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص: 38].
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[20 Aug 2008, 02:31 م]ـ
جزى الله شيخنا خير الجزاء على ما سطرته يداه
ويعلم الله وحده كم تعب في هذه النتائج والتحريرات
فلا تنسوه من صالح دعاءكم
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[22 Aug 2008, 08:07 ص]ـ
أستاذنا الدكتور مساعد طيار
واستاذنا الدكتور عبد الرحمن الشهري
بارك الله بكما
عذرا لندرة مشاركاتي في الملتقى ولكن لي رجاء هو الدخول على هذين الرابطين
مع رجاء قراءة الموضوع الى نهايته بمشاركات الأعضاء لأن بها مجموعة من الأفكار
الرابط الأول:
http://www.aljanh.net/vb/showthread.php?t=24576
الرابط الثاني:
http://www.aljanh.net/vb/showthread.php?t=24370
أعلم أنه سيأخذ من وقتكم ولكن ارجو أن يكون ما أردت من فكر أن يصل الى أولي الأمر
وقبلها أعرف رأيكم في هذه الأفكار
شاكرا لكم سعة صدركم
محمد حامد سليم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الرحمن الظاهري]ــــــــ[08 Oct 2008, 02:57 ص]ـ
يرفع للفائدة ... وبارك الله في الشيخ عبد الرحمن والشيخ مساعد ...
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[09 Jun 2009, 10:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
يشرفني أن أشكر فضيلة الدكتور عبدالرحمن الشهري حفظه الله على مجهوده الكبير في هذا الملتقى الصرح العلمي الشامخ والذي استفدت منه كثيرا.
كما ويشرفني أن أشكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار حفظه الله على المباحث التي استفدت منها كثيرا.
ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ولا أزكي على الله أحداً.
سائلا الله العلي القدير أن يمن على الشيخين بسعادة الدارين، وطول العمر في عافية، والفوز بالجنة. اللهم آمين.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:43 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
ـ[أبوالعباس شيحان بن مليح]ــــــــ[11 Sep 2009, 07:57 م]ـ
شكر الله للشيخ مساعد والشيخ عبدالرحمن على جهودهم في علوم القرآن وغيرتهم على هذا العلم الشريف فقد دخل على المسلمين من باب التغريب الشيء الكثير وأصبح له صلات بكثير من العلوم الشرعية ألقوا فيها من نفثاتهم وسمومهم تشويهًا لها ومحاولة لطمسها ومن كان من هذه الحملات التغريبية (للإنصاف) معجباً بهذه العلوم الشرعية فإنه لايحسن الكلام بها بل لم يتحقق بها إلا نزرٌ قليل جداً وصار لكتابات هؤلاء حظوة عند بعض الجهات الإسلامية بل تقرَََََر في مناهجها التعليمية.
فعجبا كيف نتعلم الدين من أعدائه وأنا أشد على أيدي الغيورين الذين يحاربون العجمة ومدارس التغريب ويجاهدون في أزالة أدرانها من الأمة وكان منهم العلامة بكر أبوزيد رحمه الله في كتبه على رأسها كتاب (تغريب الألقاب العلمية) والكلام في هذا الباب يطول وللأسف لم ينل حظه -في الواقع-
ـ[نورة العنزي]ــــــــ[18 Oct 2010, 07:23 م]ـ
يراجع للفائدة.
ـ[عزتي بالله]ــــــــ[18 Oct 2010, 09:11 م]ـ
جزاك الله كل خير شيخنا الفاضل عبدالرحمن وزاد بك نفعا" ووفق الله شيخنا مساعد وأعانه الله وشكر له جهوده الرائعه وتميزه بالطرح العلمي ..(/)
من يعلم شيئا عن موضوع نقد الإعجاز العددي فليفدنا
ـ[محمد بن عبدالعزيز الخضيري]ــــــــ[13 Jun 2003, 03:27 ص]ـ
كثر الخوض في مسألة الإعجاز العددي ولم أطلع على بحث مستوف في القضية فمن وجد فليدلنا أو ليكتب ما توصل إليه
ـ[محمد بن عبدالعزيز الخضيري]ــــــــ[13 Jun 2003, 03:39 ص]ـ
وجدت هذه المقالة في أحد المواقع وهذا نصها
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
يثور جدل واسع حول ما يسمّى بالإعجاز العددي للقرآن الكريم، وإن كان المعارضون قلّة لم تفرّق بين دراسات جادّة إبداعية، ودراسات ركيكة. بل عمدوا إلى الاحتجاج على البطلان بالدراسات السخيفة، وسلّوا سيوفهم في وجوه الأشباح التي لا واقع لها. وليتهم أنصفوا فعرضوا على الناس وجوه هذا الإعجاز، وقدّموا نقدهم المنهجي الموضوعي.
ما يلفت الانتباه أنّ حجج الرافضين للإعجاز العددي تتماثل وتتكرر، ويدهشك أن لا تجد فرقاً كبيراً بين موقف العالم والمتعالم، مما يجعلك تدرك أنّ رفضهم يجعلهم غير راغبين في دراسة المسألة دراسة جادّة، فكأنهم آمنوا أن لا إعجاز عددياً، وبالتالي لا داعي لإضاعة الوقت فيما لا طائل منه. أمّا الذين كلفوا أنفسهم الكتابة باسم الرافضين، فقد جمعوا أدلة الرافضين وقدّموها للناس على أنها القول الفصل الذي لا يجوز مخالفته. وعندما يشعرون بضعف موقفهم يسترون ضعفهم بعبارات طنانة، وشتائم وأوصاف قد تجدي فقط في ردع الذين يطلبون السّلامة، ويرغبون في أن يصفهم الناس بالتقاة الصالحين، وكأنهم لا يعلمون أنّ الذي ينهل من روح القرآن الكريم لا يقيم وزناً إلا للحقيقة الربّانية.
الكتاب الذي نعالجه في هذه العجالة يصلح أن يكون مثالاً للدلالة على منهج الرافضين غير الجادّين. وهو لطالب ماجستير، أشرف على دراسته من يحمل درجة الدكتوراة، وقرّظه كاتب لا يقل عدد الكتب التي ألفها، أو حققها، عن عشرة كتب، وذلك في حدود علمنا. كل ذلك لا يغني عن الحق شيئا، فضعف حجج المنكرين للإعجاز العددي لايخفى على المختصين، ولا على غير المختصين، لأنّ ضعفهم يتجلى بالدرجة في منهجية التفكير لديهم.
عندما اقترح عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على أبي بكر أن يجمع القرآن الكريم تردد رضي الله عنه، ثم مضى بعد أن اطمأنّ إلى أنّ المصلحة في جمعه. وعندما أضيف النقط والشكل إلى النص القرآني الكريم لقي ذلك معارضة أيضاً، حتى اطمأن الناس إلى إيجابية تلك الإضافات. وهذا ما حصل عندما أضيف الترقيم إلى الآيات الكريمة، ثم ما لبثت المعارضة أن تلاشت، بل إننا نلاحظ اليوم أنّ هناك من يطبع المصاحف من غير أن يضيف رقم السورة في المصحف، وكأنهم لم يقتنعوا بعد بأنّ ذلك أيسر للناس، ولا يخلّ بقداسة القرآن الكريم، وتنزيهه عن الزيادة أوالنقصان. وهذا الموقف لايخلو من إيجابيّات، لأنّ الحذر مطلوب عند التعامل مع أيّ جديد يتعلق بالقرآن الكريم.
وعليه فإننا ننظر بإيجابية إلى وجود معارضين لما نسميه بالإعجاز العددي، ولكننا نرجو أن تكون هذه المعارضة جادّة، وصادقة، وموضوعيّة. وكم نُسرّ عندما نجد أنّ المعارض يقدّم الدليل المقنع، لأنّ هذا يساهم في تصويب المسيرة، ويحفظ من الزلل. وكم نشعر بالغيظ عندما نرى أنّ المعارض لا يفهم شيئاً عن الموضوع، ثم هو يناقش ويجادل، ويبلغ غيظك مداه عندما تراه ُيقدّم لك الأدلة التي يخجل منها الأطفال.
هذا عالم كبير مشهور بمنهجيته، وكتبه تملأ الأسواق، سُئل عن قضية العدد تسعة عشر فسارع إلى رفض المسألة، وبدل أن يقدِّم الدليل القوي والمقنع، تجده ينتقي الرد الذي يدهشك في غرابته وإغرابه فيقول:" يقولون إن بسم الله الرحمن الرحيم تسعة عشر حرفاً، وهذا غير صحيح" ألا يعلم هذا الشيخ الجليل أنّ القرّاء سيبادرون إلى عد الحروف، وعندها سوف لن تسعفه الحذلقات، لأنه لا يجوز أن تكتب البسملة إلا على صورتها المدونة في المصحف، والتي هي تسعة عشر حرفاً. والأغرب من هذا أن تجد أكثر من كاتب، وأكثر من عالِم، يستدلون بهذا الدليل المُستفِز. وهذا يدل على أنهم لا يعلمون شيئاً عن الموضوع، ولم ترض لهم كبرياؤهم أن يعترفوا بأنهم لم يدرسوا المسألة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ليس كل من كتب في وجوه الإعجاز القرآني أحسنَ وأجاد، بل نجد أنّ الكتابات الركيكة والمتكلّفة هي الأكثر شيوعاً. ولا نقصد هنا الكتابات المعاصرة فقط، بل تجد أنّ الكثير مما كُتب في إعجاز القرآن الكريم، منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، قد غلب عليه التكرار، وعدم العمق في تناول المسألة. والآن نجد أنّ أغلب ما يُكتب في الإعجاز العلمي، على وجه المثال، يتسم بالتكلف والركاكة، فهل يجوز أن يحملنا ذلك على رفض الأبحاث الجادّة والابداعية؟! وما يقال في وجوه الإعجاز المختلفة يقال أيضاً في الإعجاز العددي، فأنت تجد أنّ الأبحاث الركيكة هي الغالبة في كتابات المعاصرين، وهذا أمرمتوقّع في كل علم. وعليه لا يليق برافضي فكرة الإعجاز العددي أن يجعلوا من أنفسهم فرساناً يصولون ويجولون، ويبارزون الفزّاعات الوهميّة، فيهدرون أوقاتهم وهم يناقشون أبحاثاً لا طائل منها، ويوهمون الناس أنّ هذا هو الإعجاز العددي.
إن حُبّ الإسلام، وصدق الرغبة في تنزيه القرآن، يدفعان إلى التدقيق والتحقيق، وإلى الدقّة والموضوعية، والمنهجية السويّة في القبول والرفض. أمّا المسارعة إلى الرفض، من غير علم وإحاطة بالموضوع، فهي من علامات عدم التقوى، قبل أن تكون من علامات الجهل، فكيف بهم وهم يهجمون على الناس بكل تهمة، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون؟!
أخرجنا عام 1990م كتاب:"إعجاز الرقم 19 في القرآن الكريم مقدمات تنتظر النتائج"، وناقشنا فيه بحث المدعو رشاد خليفة، وبيّنا مواضع الخلل في بحثه. وقبل ذلك قمنا بمراسلته، واستخدمنا كافة الوسائل للتحقق من انحرافه قبل أن نلمِّح بذلك. وقدّمنا للناس تفصيلاً بمواضع الخلل والزلل في بحثه. وعلى الرغم من إدراكنا لخروجه عن الإسلام، فإنّ ذلك لم يمنعنا أن نبيّن للناس المواضع التي أصاب فيها، وما لنا ألا نقبل الحق عندما يظهر، فالحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها.
نظراً لإدراكنا أهمية الإعجاز العددي، وانعكاساته الإيجابية على الدراسات القرآنية، فقد قمنا بتخصيص بعض الوقت للبحث والكتابة في هذا المجال. وقد منّ الله علينا بجمال هذا العلم وجلاله، ولا يزال القلم عاجزاً عن رسم جوانب هذا الجمال، ولكن المؤشرات تبشّر بخير عظيم. أمّا المعارضات فإلى وقت، ثم تتلاشى بعد أن يطمئن الناس إلى صِدقيّة هذه البحوث.
أربعة من العلماء الفضلاء، يعيشون في الخليج، أرسلوا إلينا بنقدهم لبعض أبحاثنا، وسرّنا هذا التوجه الإيجابي، وقدّرنا لهم صدقهم وحرصهم. وزاد من سرورنا أنّ رابعهم قام بتفنيد حججهم، مدوناً ذلك في هامش الأوراق. وبحكم تخصصنا في هذه المسألة، كان من السهل علينا أن نبين لهم وجه الحقيقة. والأمثلة الإيجابية على مثل هذه المواقف ليست قليلة. في المقابل رأينا صوراً مناقضة، لا يسرك أن تسمعها، نرى أنها من ضرورات الطريق، وكم تجنبنا الرد على من كتب في النقد، لعلمنا بأن ردنا سَيُحرج بعض الفضلاء، لعدم التكافؤ في هذه المسألة، فشتّان بين المقيم وعابر السبيل. إلا أنّ بعض الناصحين رأى أنه لا بد من ذلك، وليتحمّل الأخوة مسئولية تسرعهم وعدم منهجيتهم، ولا يضرهم ما يصيبهم إن كانوا صادقين مع الله.
آخر ما قرأناه في ذلك كتاب بعنوان:" الإعجاز العددي في القرآن بين الحقيقة والوهم" تأليف فاتح حسني محمود، حائز على الماجستير في التفسير وعلوم القرآن الكريم، من الجامعة الأردنية. والكتاب مطبوع عام 2002م. وكان يمكن أن نضرب صفحاً عنه، كما فعلنا مع غيره، عندما كنا نشعر بركاكة الطرح، ولكن عندما يكون الكتاب عبارة عن بحث مقدّم لاستكمال متطلبات مادة إعجاز القرآن الكريم، لطلبة الدراسات العليا في كلية الشريعة، قسم التفسير، وعندما يشرف عليه رئيس قسم حائز على درجة الدكتوراه- فريد السلمان-، وعندما يقرظ الكتاب كاتب اسمه إبراهيم محمد العلي، يصبح الأمر عندها مستحقاً لكتابة مقالة تُحصّن الناس من الانخداع بالألقاب، وقد تدفع البعض إلى التحقق قبل الإقدام على رفض خير عظيم، يبشّر بفتوح لها ما بعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
في البداية نقرأ في تقريظ الأخ إبراهيم محمد العلي الآتي:" ... فأتى على بنيان هذه الدراسات من قواعدها، وبين تهافت دعوى وجود الإعجاز العددي ... وقد اتسمت دراسته على وجازتها بالأدب في نقاش أصحاب هذا الرأي" وإليك بعضاً من هذا الأدب الجَمّ إذ يقول بعد التمهيد صفحة 11:" إنّ فكرة العدد والأعداد في القرآن ليست وليدة معاصرة، بل هي مبكرة جداً قدم رسالة الإسلام بل هي ربيبة يهودية خبيثة، وحسابات يهودية بحتة وما هو حاصل في هذه الأيام هو زخرفة ... " وأمّا الأخ العلي فيستمر في تقريظه فيقول:" ... فسررت بقدرة الباحث العلمية، وبأدبه الجم ... " ولسنا معنيين بأدبه الجمّ، فهذه قضية يبدو أنها باتت نسبية. وما يهمنا هنا هو الجانب العلمي، فقد هالنا أن تصل جامعاتنا إلى هذا المستوى، وهالنا أن يباع العلم في سوق المجاملات، وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بكتاب الله العزيز.
لم يتيسّر لنا أن نقرأ أغلب الكتب التي انتقدها الكاتب، وعليه فالذي يعنينا في هذا المقام هو ما ورد من انتقاد لبعض أبحاثنا. ومع ذلك سيجد القارئ أمثلة على خطئه في انتقاد غيرنا، مع علمنا بوجود كثير من الأبحاث العددية التي لا تستحق المناقشة، يتخذها البعض مطيّة لرفض الإعجاز العددي برمته.
الكتاب صغير، ويتألف من 93 صفحة، وهو على وجازته مليء بالأخطاء، ولم يناقش المسألة مناقشة جادّة تليق بهذا الوجه من وجوه الإعجاز القرآني، ويلحظ أنّ الكاتب تابع في ردوده غيره ممن لا يشعرون بجلال المسألة، وإليك أمثلة من هذا لكتاب الذي أشرف عليه دكتور يشرف على طلبة الماجستير، وقرظه كاتب يكتب في الحديث الصحيح:
1. في الصفحة 32 ينتقد الكاتب فاتح كتاب معجزة القرآن العددية، لصدقي البيك، ويقول إن الكاتب مبهور برشاد خليفة، وإن كتابه ثناء وتعزيز له. الحقيقة هي أن صدقي البيك قام بدراسة بحث رشاد خليفة، وبين مواضع الخطأ، ومواضع الصواب، وكان من القلة التي عملت على التحقق من صدق بحث رشاد خليفة، وكان ذلك قبل أن يظهر انحراف رشاد خليفة، وينكشف كذبه. فلماذا يتعمد الكاتب أن يسيء إلى الرجل، ويجعله مناصراً لرشاد خليفة؟! وليت الكاتب بذل من الجهد في التحقق معشار ما بذله صدقي البيك.
2. يقول الكاتب فاتح معترضاً على صدقي البيك صفحة 32:" يقول إنّ مجموع حروف صاد في سورة ص، مريم، والأعراف = 152، وهي 19×8 وهذا خطأ، فعدد الصادات في الأعراف 93 ومريم 23 وفي ص 29 والمجموع 145 وليس 152، فها قد رجعنا يا أستاذ صدقي فوجدنا العدد ليس كما تقول فهل رجعت أنت".
يَعرفُ صدقي البيك أنّ تكرار حرف الصاد في سورة الأعراف هو98، ولكنه لم يحسب على طريقته حرف الصاد في كلمة (بصطة) لأنها تقرأ (بسطة)، ويعلم صدقي البيك أنّ تكرار حرف الصاد في سورة مريم هو 26 وتكراره في سورة ص هو 29. وعليه يكون عدد الصادات، وفق ما بيته صدقي البيك، هو فعلاً 152. ونحن نفهم أن يقول البعض إن تكرار الصاد في الأعراف هو 98، وتكراره في مريم هو 26، فمن أين جاء الأخ فاتح بقوله 93 في الأعراف، و23 في مريم؟! ألا يستطيع أن يستخدم أبسط برامج الكمبيوتر للتحقق من إحصاءاته، وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بحرف كالصاد، وليس الألف أو الياء أو الهمزة، حيث يصعب ذلك في برامج الكمبيوتر؟!
3. ثم انظر إليه صفحة 33 كيف يسخر من الأستاذ صدقي، ويقول إنه أحصى تكرار السين فوجده 45 ويعقب فيقول:" أي ضياع للوقت هذا ولمصلحة من نقدم للناس معلومات خاطئة ما هو موقفنا من العالم حين يرى المستوى الفكري لعلماء المسلمين بهذا المستوى" في الحقيقة أخي القارئ أنّ إحصاء الأستاذ صدقي البيك هو الصحيح. ولو كنا نتمتع بأدب الأستاذ فاتح الجمّ لسألناه: " ... لمصلحة من تقدّم أنت للناس معلومات خاطئة ... "؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
4. ثم انظر إليه وهو يفنِّد بعض ما ورد في كتاب اسمه أسرار معجزة القرآن، لعبد الحليم السلقيني، حيث يقول الكاتب فاتح صفحة 42:" ولو عددت عزيزي القارئ حروف الآية الأخيرة لوجدتها 73 وليس كما قال 72" ويقصد الآية 18 من سورة يوسف: " وجاءوا على قميصه بدم كذب ... " واضح أنه أخطأ في عدّ حروف كلمة (وجاءوا) ولو رجع إلى المصحف لوجدها قد كتبت دون ألف هكذا (وجاءو). واللافت أنه يَحوز على ماجستير في التفسير وعلوم القرآن، وأشرف عليه من يحمل الدكتوراه، ويشرف على رسائل الماجستير في علوم القرآن، ولم يخطر ببال أحدهما أنّ الرسم العثماني للمصحف هو توقيفي، أي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وحياً، وبالتالي لا بد من الرجوع إلى المصحف في العدّ. وقد تكرر منه هذا الخطأ في أكثر من موضع، مما يدل على أنّ التعصّب قد أذهله عن الانتباه إلى أبسط الحقائق القرآنيّة!!
5. يقول في صفحة 51: " ... أما أن نجمع عدد آيات السورتين ونقول إنه 222 ليوافق نظرية زوال بني إسرائيل وأنها سنة 2022 ونحسب حسابات عددية ... " وهو بهذا الكلام يُعرّض ببحثنا الذي أخرجناه بعنوان:" زوال إسرائيل 2022م نبوءة أم صدف رقمية" وهو بذلك يَعرض البحث بصورة ساذجة، لا واقع لها؛ فليس هناك في الكتاب العدد 222 وليس هناك جمع لكلمات سورتين بالصورة التي يطرحها، ومن يرجع إلى كتابنا المذكور، وعلى وجه الخصوص الطبعة الثالثة الصادرة هذا العام 2002م، وما تبعه من كتب تعززه، وهي كتاب: (لتعلموا عدد السنين والحساب 309) وكتاب (الميزان 456 بحوث في العدد القرآني) يدرك أنّ الأمر يختلف تماماً عن الصورة التي يحاول البعض أن يطرحها. ونحن نعلم أنهم لا يعلمون حقيقة الأمر، بل هو التقليد للآخرين من غير فكر ولا رَويّة.
هذه الأخطاء التي وقع فيها الكاتب فاتح حسني محمود بعض ما لاحظناه سريعاً عند انتقاده لكتب لم نقرأ منها سوى كتاب صدقي البيك، ولا ندري ما يمكن أن يكون عليه رد أصحاب هذه الكتب. وعلى أية حال كان هدفنا هنا أن نقدّم بهذه الملاحظات قبل أن نناقش ما ورد في ردوده على بعض بحوثنا، والتي خصص لها أقل من سبع صفحات صغيرة، على الرغم من أننا كتبنا في الإعجاز العددي، حتى الآن، ستة كتب؛ خمسة منها يمكن له أن يقرأها مطبوعة، أو منشورة في الصفحة الالكترونية لمركز نون لدراسات القرآنية. وإليك بعض مؤاخذاته، وانتقاداته، التي أقرّه عليها المشرف المختص:
1. حساب الجُمّل: هو إعطاء كل حرف من حروف (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) قيمة عددية، بحيث يمكن أن نعبّر عن عدد معين بكلمة أو جملة؛ فبدل أن نقول: (صَفَر) نقول: 370 على اعتبارأنّ قيمة الصاد 90 وقيمة الفاء 80 وقيمة الراء 200 ... وهكذا. وهو حساب مغرق في القدم، ولا يُعرف له بداية. واللافت أنه استخدم في اللغات السامية المختلفة، ومنها العربية، والعبرية ... وأكثر ما استخدم هذا الحساب في التأريخ. وعندما نزل القرآن الكريم كان العرب يستخدمون هذا الحساب؛ فهو إذن جزء من اللغة العربية، واستمر العرب باستخدامه بعد الإسلام. وبعد هذا التعريف بحساب الجُمّل، إليك بعض اعتراضات الكاتب فاتح على هذا الحساب:
أ. يقول صفحة 56: " وقد استخدم هذا الحساب المشبوه الأصل ... " تصور عبقرية هذا الكاتب، وعبقرية من نقل عنهم، حيث يقولون إن الحساب مشبوه، هل يحتاج هذا إلى تعليق؟!
ب. يقول صفحة 57: " هل يجوز لك يا أستاذ بسّام أن تطلق حكماً شرعياً خطيراً وخطير جداً بالاستناد على روايات تاريخية ظنية فردية متأخرة ... " أما الحكم الشرعي الخطير جداً فهو أنني قلت إنه لم يرد في الشرع ما يثبت، ولا ما ينفي حساب الجُمّل، وبالتالي فهو من المباحات. هذا هو الحكم الشرعي الخطير جداً، والذي يعاتبني الكاتب عليه، ويقره المشرف الدكتور، ويقرظه الكاتب الذي يكتب في علم الحديث. والأعجب من هذا أنه اعتبر أنّ الأمثلة التي طرحناها للتدليل على استخدام العرب لحساب الجُمّل في التأريخ هي الدليل الذي أخذنا منه هذا الحكم بالإباحة؛ انظر قوله صفحة 57:" ... فهل التاريخ مصدر من مصادر التشريع وأنت خريج الشريعة يا أستاذ بسّام، وتقول إنّه لا غبار عليه من الوجهة الشرعية ... "!! نعم هذه هي طريقة الفهم والمعالجة، وهي ليست من خصوصيات هذا الكاتب، بل هو يقلّد بعض التقاة، الذين ابتليت الأمة
(يُتْبَعُ)
(/)
بمنهجيتهم في التفكير والبحث. والمؤسف أن تسوّق هذه المنهجية الفظة عن طريق بعض الشكليات، والمظاهر، والألقاب.
ج. يكرر الكاتب القول إنّ هذا الحساب من عمل اليهود، وهذا لم يثبت إطلاقاً، لأن استخدام هذا الحساب قد عرف في اللغات السامية، بما فيها العبريّة، وعندما نعرف مثلاً متى بدأ العرب يطلقون على الجبل كلمة (جبل)، يمكن عندها أن نعرف متى بدأوا باستخدام حساب الجُمّل.
د. استخدم هذا الحساب في السّحر، والشّعوذة، والكهانة، والتنجيم. ولو تنطّح الكاتب لرفض وإدانة هذا الاستخدام لكان الأمر مفهوماً. ونذكّر هنا بأنّ الألفاظ القرآنية أيضاً قد استخدمت من قِبل السحرة، والمشعوذين، والمنجمين، فهل علينا أن نرفض القرآن من أجل ذلك الاستخدام المنحرف، أم ماذا؟!
هـ. الذي يهمنا هنا أن يعلم القارئ الكريم أنّ دليلنا على وجود الجُمّل في القرآن الكريم يتمثل في استقراء القرآن؛ فإذا استطعنا أن نحشد الأمثلة الكثيرة على وجوده، فإنّ ذلك يكفينا. وإذا لم يُعتبر ذلك حُجّة، فيكفينا أن يطلع الناس على عجائب قرآنية، ولا ضرر في ذلك؛ فعندما نقول مثلاً إنّ جُمّل كلمة (أبيض) يساوي مجموع أرقام الآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة (أبيض)، فإنّ ذلك يثير الانتباه، ويدعو إلى الاعتبار. فأين الحرمة في ذلك، وهل يُقبل إيمانياً أن نقول إنّ ذلك جاءعلى وجه الصدفة؟! إن كان ذلك يصح في عقيدة الكاتب والمشرف، فإنه لا يصح في عقيدتنا؛ لأننا نقول إنّ كلّ ما نجده في القرآن الكريم هو مرادٌ لله سبحانه وتعالى.
و. يورد الكاتب صفحة 51 اسم كتاب (البيان في عدّ آي القرآن) لأبي عمرو الداني، ثم يدوِّن في الهامش سنة الطبعة، واسم المحقق للكتاب. وليتهُ رجع إلى آخر فصلين في الكتاب، ليجد أنّ أبا عمرو الداني قد خصصهما لحساب الجُمّل!! فليقل لنا لماذا عندما يكتب شيخ القراء في عصره حول عدّ آي القرآن الكريم يختم بالحديث عن حساب الجُمّل؟!
2. بعد أن يناقش الكاتب فكرة حساب الجُمّل بطريقته العجيبة، وبإشراف من يحوز على الدكتوراه، يبدأ بمناقشة بعض الأمثلة التي أوردناها في كتاب لنا:
أ. قلنا في كتابنا (إرهاصات الإعجاز العددي) " عُرِّف المسجد الحرام في القرآن الكريم بأنّه " للذي ببكة مباركاً "، وجُمّل هذه العبارة هو 1063. وعُرّف المسجد الأقصى بأنّه: " الذي باركنا حوله ". وجُمَّل هذه العبارة أيضاً 1063 ... "
يقوم الكاتب في صفحة 58 و 59 بحساب عبارة " للذي ببكة مباركاً " فيجدها 1458 وليس 1063 ولم يخطر بباله أنّ الفرق الكبير يقتضي التدقيق والمراجعة، لأن الخطأ يمكن أن يكون في رقم أو رقمين، ولكنّه لم يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق. أمّا السر وراء خطئه هذه فهو أنه حسب التاء المربوطة في كلمة (ببكة) بقيمة 400، أي أنّه اعتبرها (ببكت) في حين أنّها ترسم في القرآن الكريم (هاءً). والهاء في حساب الجُمّل قيمتها (5) وعليه يكون مجموع الجُمّل هو 1063. وهذا ما نجري عليه في كل البحوث، من غير استثناء. والغريب أنه يحمل الماجستير في التفسير وعلوم القرآن، ويشرف عليه من يحمل الدكتوراه، ولم يخطر ببال أيّ منهم أن كلمة (بكة) ترسم بالهاء. وإن أصرّ على اعتبارها تاءً فلماذا لم يقل ذلك للقارئ، حتى يكون موضوعياً في حكمه، أم أنها الأمانة العلمية تحول دون ذلك؟! ثم ليقل لنا، هو ومشرفه، لماذا رسمت كلمة (بينة) في القرآن الكريم أيضاً (بينت) وكذلك (امرأة) و (امرأت) وكذلك (نعمة) و (نعمت) ألا يوجد حكمة لهذا الاختلاف في الرسم؟! وإليك أخي القارئ هذه الأسطر من كتاب متخصص في علوم القرآن الكريم واسمه: (المدخل لدراسة القرآن الكريم) لمحمد أبو شهبة، وهذا مجرد انتقاء عشوائي، يقول صفحة 305: (وكتبت هاء التأنيث على خلاف الأصل تاء في مواضع من القرآن، وذلك مثل (رحمت) في البقرة وآل عمران وغيرهما، و (نعمت) في البقرة وآل عمران والمائدة وغيرهما، و (سنت) في الأنفال ... إلى غير ذلك) لاحظ قوله (هاء التأنيث).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم يقوم الكاتب بحساب جملة " الذي باركنا حوله " فيجدها 1064 وليس 1063. وقد خلص إلى هذه النتيجة على الرغم من أنّه يزعم أنّه قرأ الكتاب قبل أن ينقده، وهناك فكرة تتكرر كثيراً في الكتاب، بل تتكرر أيضاً بعد أسطر قليلة من المثال الذي خطّأهُ، وهي أننا نلتزم رسم المصحف الذي يسمى بالرسم العثماني، والذي هو في رأي جماهير العلماء توقيفي، أي بأمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، وحياً. فلو رجع إلى رسم المصحف، لوجد أنّ كلمة (باركنا) تكتب دون الف، هكذا (بركنا). وعليه يكون الجُمّل 1063. فأين الخطأ؟! ثم انظر إلى أدبه وهو يقول معقباً: " غريب هل هذا مقصود أم سهو ... فإن تعريض القرآن لهذه الأخطاء الشنيعة هو انحراف عن غاية وهدف القرآن ... " فمن هو الذي يرتكب الأخطاء الشنيعة يا أستاذ فاتح؟! إننا ندرك أنّه أخطأ ولم يقصد الافتراء، ولكنّ خطيئته في سوء ظنّه بالمسلمين.
ب. في صفحة 60 يؤاخذنا لأننا لفتنا انتباه القارئ إلى أنّ جُمّل " المسجد الأقصا " وفق رسم المصحف هو 361 أي 19× 19. وأن جُمّل " بنو اسرءيل " وفق رسم المصحف هو أيضاً 361. ويخشى أن يؤدي ذلك إلى أن يقول اليهود إنّ المسجد الأقصى لهم! يقول هذا على الرغم من أن كلامنا يُختم بالعبارة الآتية: " وقد وجدنا أكثر من دلالة لهذا التساوي، أشرنا إليها في بحث آخر، والمقام هنا لا يحتمل التفصيل .. "، ثم نقول له في الهامش انظر إن شئت كتابنا (زوال إسرائيل 2022م نبوءة أم ُصدف رقمية).
ج. يقول صفحة60: " ويقول إنّ جُمّل كلمة (نمل) هو 120 وهو نفس عدد آيات السورة، ونقول له لم هذا الانعدام في المنهجية فلم لم تحسب الألف واللام (النمل) .... فهل من المنطق يا أستاذ بسّام خاصة وأنك حسبت حروف الحديد بعد قليل (6) أحرف ".
نقول: لم نقل إن عدد آيات سورة النمل هو 120 بل هو 93 آية. ثم إنّه لو قرأ المسائل التي ينتقدها لوجد أننا نحسب كلمة (الحديد) وكلمة (حديد)، كما سنرى بعد قليل، فلماذا يسأل والجواب تحت عينيه، وليس بعد صفحات؟!
أمّا ما قلناه حول سورة النمل، فخلاصته أنّ سورة النمل تُستهلّ بـ (طس) وقد لفت انتباهنا أنّ حرف الطاء يتكرر في السورة 27 مرّة، وهذا هو ترتيب سورة النمل في المصحف. وأنّ تكرار حرف السين في سورة النمل هو 93 وهذا هو عدد آيات السورة. وأن المجموع هو: (27+ 93) = 120 وهذا هو جُمّل كلمة (نمل) فما هو الإشكال في طرح هذه الملاحظات؟! نعم وجدناها تساوي جُمّل (نمل) ولم نجدها تساوي جُمّل (النمل) فماذا نصنع، هل نكتم ذلك أم علينا أن نبحث عن السر وراء هذه الملاحظات العددية، في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي هو كلام العليم الخبير؟!
د. يقول في صفحة 60: " ... فحتى يعطي توافقاً بين ترتيب سورة الحديد وهو 57 في المصحف قال إنّ جُمّل الحديد 57 ولم يقل جُمّل حديد " العجيب أنّه في بداية حديثنا عن مسألة الحديد قلنا إنّ جُمّل (الحديد) هو 57 وهذا يوافق الوزن الذري للنظير الوسط. وقلنا إنّ جُمّل (حديد) هو 26 وهذا يوافق العدد الذري للحديد، ثم يقول لنا لماذا قلتم (الحديد) ولم تقولوا (حديد) ... عجيب!!
ويقول صفحة 60: " وقال إنّ الوزن الذري للحديد هو 57 وهذا خطأ ... " ثم يكتب في الهامش فيقول: " الوزن الذري للحديد ثابت وهو (55.8) ثم زاد الاكتشاف حتى وصل 5 نظائر ... " لو كان قد تدبر كلامنا وهو يقرأ لينتقد لأعفى نفسه من الوقوع في الخطأ المضحك، فما أظنه أتقن علوم القرآن التي تخصص فيها حتى ينصرف إلى الكيمياء.
نقول: إذا كان الوزن الذري هو مجموع (بروتونات + نيوترونات)، ومعلوم أنه لا يوجد ربع أو نصف بروتون أو نيوترون، فكيف يكون الوزن الذري 55.8؟ معلوم أن العدد الذري للحديد هو (26) وهذا لا يختلف، أمّا الوزن الذري؛ فعنصر الحديد عدده الذري (26) وأوزانه الذريّة هي: (59،58،57،56،55). ولا يوجد عنصر حديد عدده الذري 26 ووزنه 55.8 وإنما هذا لإعطاء فكرة عن نسبة انتشار هذه النظائر في الطبيعة. والعجيب أننا بيّننا ذلك في كتابنا. ثم أين الخلل من الناحية الشرعيّة عندما نلفت انتباه الناس إلى مثل هذه الملاحظات الجميلة؟! ونحبّ هنا أن نذكّر بأنّنا لم نقف في الكتاب عند هذا الحد، بل أثبتنا بالاستقراء أنّ النظير 57 مقصود دون غيره. وهذا يعني أنه يجب أن يُقدّم هذا
(يُتْبَعُ)
(/)
النظير على غيره عند دراسة الحديد في القرآن الكريم. وكان يجب على الكاتب فاتح، بعد أن قرأ التفصيلات، أن يسأل نفسه: لماذا النظير 57 بدل أن يسألنا لماذا اخترنا النظير57؟! فنحن لم نختره، بل دلّت كل الملاحظات الاستقرائية على خصوصيته. فلماذا سكت الكاتب عن إيراد الملاحظات البديعة وتساءَل بما يوهم القارئ أن الأمر متكلف. هنيئاً للمشرف بهذا الطالب، الذي كان مقتنعاً بالإعجاز العددي كما يلمح، ثم انقلب لأن المشرف من الرافضين لهذا الإعجاز، ولا أظن أنه يعلم ما يرفض، إذ إنّ هذا هو واقع معظم الرافضين، بل لم نجد لذلك استثناءاً واحداً. وإننا نتمنى أن نجد ناقداً جادّاً يُصوِّب المسيرة، ويهدي السبيل، فإنّنا نخشى أن نكون وحدنا، فنقول في القرآن بغير علم.
هـ. انظر إليه صفحة 62 وهو يستشهد بقول القاضي أبو بكر بن العربي في رفض حساب الجُمّل: " ومن الباطل علم الحروف المقطّعة في أوائل السور، وقد تحصل لي فيها عشرون قولاً وأزيد ولا أعرف أحداً يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم، والذي أقوله إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولاً متداولاً عنهم ... " واضح أنّ ابن العربي يتكلم هنا عن الحروف النورانية، والتي تسمى الفواتح، وما قيل في معناها. وكاتبنا يستدل بهذا على رفض حساب الجُمّل، وكان الأجدر به أن يرجع إلى سياق كلام ابن العربي، بدل أن يأخذ عن السّيوطي. ونحن مع ابن العربي في مذهبه هذا، لأنّ ما قيل في تفسير فواتح السور لا يستند إلى دليل معتبر شرعاً. أمّا حساب الجُمَّل فإننا ننكر على كل من استخدمه في السحر والشعوذة والكهانة والتنجيم، كما وننكر على كل من قال في القرآن بغير دليل معتبر؛ فالقول بأنّ جُمَّل حروف الفواتح يشير إلى عمر أمّة الإسلام لا يستند إلى دليل، ولا نحتاج في رفضه إلى أقوال العلماء. في المقابل لم ينكر العلماء على من استخدم حساب الجُمَّل في التأريخ. أما مسلكنا نحن فهو مسلك جديد، لم يعرف من قبل، وليس فيه قول لأحد، ويقوم على استقراء الألفاظ القرآنية، ثم عرض النتيجة على القارئ ليرى فيها رأيه، فهي بحوث أقرب إلى الوصف منها إلى إلى القول في القرآن.
و. يقول صفحة 62:" ... فمثلاً حسب جُمّل (السنين والحساب) في سورة الإسراء فوجده 309 ففسرها ولتعلموا عدد 309 ... فلماذا حسب (السنين والحساب) ولماذا لم يبدأ بالعد من عند (عدد السنين والحساب) ".
نقول: بعد الانتهاء من التعقيب على وعد الآخرة في فواتح سورة الإسراء، تأتي الآية 12 في السورة: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلاً"
واللافت هنا الأمور الآتية:
1. الكلام عن عدد السنين والحساب بعد الكلام عن وعد الآخرة وزوال الإفساد الإسرائيلي من الأرض المباركة.
2. لدينا ملاحظات رياضية كثيرة تشير إلى أنّ كل كلمة في سورة الإسراء قابلت سنة. واللافت أنّ كلمة (والحساب) في الآية هي الكلمة (19).
3. في حساب الجُمّل لا بد من كلمة مفتاحية تدلك على العبارة التي يجب أن تحسبها لتصل إلى معرفة التاريخ المدّخر في العبارة، فمثلاً عندما يقول الشاعر:
فقلتُ لمن يقولُ الشِّعرَ أقصر لقد أرّختُ: مات الشعرُ بعده
يكون الحساب بعد كلمة (أرخت) أي نحسب عبارة (مات الشعر بعده) وقد يستخدم الشاعر كلمات أخرى مثل: (عدده، حسابه، تاريخه ... ) وعليه فقد قمنا بحساب (السنين والحساب) التي جاءت بعد كلمة (عدد) فكان جُمّلها (309) فكأنه يقول (ولتعلموا عدد 309) ونحن لا يمكن أن نبني على هذه الملاحظة، ولكن يمكن لهذه الملاحظة أن تكون المفتاح الذي يفتح أمامنا بعض أسرار العدد القرآني، وهكذا كان؛ فقد لفت انتباهنا أنّ العدد 309 هو مدّة لبث أصحاب الكهف، وسورة الكهف تأتي بعد سورة الإسراء في ترتيب المصحف، مما يعني وجود التناسب بين السورتين. وعندما درسنا قصة أصحاب الكهف عددياّ، وجدنا علاقات عددية مدهشة لها ارتباط بالنتائج العددية في سورة الإسراء، فرأينا أن نعرض ذلك على القارئ، فكان كتاب: (ولتعلموا عدد السنين والحساب 309) فليرجع إليه من شاء في صفحة مركز نون الالكترونية. وبهذا يتضح أننا لا نبني على حساب الجُمَّل، وإنّما نبني على ملاحظات تتعلق باللفظة القرآنيّة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ز. تبدأ قصة الكهف في سورة الكهف بقوله تعالى: (أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم ... " وفي الآية 25 يقول سبحانه وتعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) عندما يسمع الإنسان قوله تعالى: (ولبثوا في كهفهم) ينتظر أن يجد الجواب فوراً بعد كلمة كهفهم، وفعلاً يأتي الجواب البياني: (ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) وإذا قمنا بعدّ الكلمات من بداية القصة فسنجد أنّ كلمة (ثلاث) هي الكلمة 309. وهنا يتساءل الكاتب فاتح لماذا كلمة (ثلاث)؟ وكأنه لا يدرك أنها الكلمة التي تأتي مباشرة بعد كلمة (كهفهم)، إذ من المفترض أن يكون الجواب فورياً بعد كلمة (كهفهم)، كما هو في الجواب البياني. وإذا كان الجواب البياني مؤلفاً من خمس كلمات مترابطة لتعطي العدد 309، فإن ترتيب كلمة (ثلاث) يكفي ليعطي العدد (309). فلماذا نحسب كلمة غيرها. وهي التي تعطينا الجواب الفوري؟! وعليه فإنّ كلّ كلمة في قصة أصحاب الكهف قابلت سنة. ولا بد لذلك من فائدة، لأنّ القرآن هو كلام الخبير العليم، وبالتالي لا مجال للقول بالصدفة شرعاً. ثم إنّ التّواترات العدديّة تمنع من القول بالصُّدفة عقلاً.
ح. يقول الكاتب في صفحة 61: " ... لكني وجدت أنه في الآية 48 قد عدّ (أوَلم) كلمة واحدة حتى يتوافق عده في حين أنّه يعتبر (لم) كلمة واحدة في مواضيع أخرى و (أو) كلمة أخرى، وفي الآية 76 عد (ما إنّ) كلمتان ولو اختل العدد معه لعدها كلمة واحدة كما حصل في الآية 48 " انظر كيف يُحسن الأستاذ فاتح الظنَّ بنا، ويتوقّع أننا لا نتّبع قاعدة، بل نتقلب كيف نشاء، لنحصل على النتائج. والأولى به أن يسألنا عن القواعد التي نلتزمها دائماً في كل بحوثنا من غير استثناء. ألا يكفي أن تكون هناك قاعدة مطّردة؟! والعجيب هنا أنّه لم يفرّق، لا هو ولا مرشده، بين كلمة (أوْ) و (أوَ) فيوجد كلمة تكتب منفصلة (أوْ)، ولا توجد كلمة تكتب (أوَ) بل تلحق دائماً بما بعدها مثل: (أوَلا، أوَلم، أوَليس، أوَكلما) فلو كان يحسن الطباعة فهل كان يكتب (أوَ) ثم يجعل فراغاً ويكتب (لا) في مثل كلمة (أوَلا)؟! والمعنى في قولنا (فعل أَوْ لم يفعل) يختلف عن قولنا (أوَلم يفعل؟) ويبدو أنّه لم يدرك أنّ الهمزة هنا هي همزة استفهام. وقد يحسن هنا أن نبين أنّنا نتعامل عند إحصاء الحروف والكلمات مع الرسم العثماني؛ أي أنّ الإعجاز هنا هو إعجاز الكتاب. ولو كنا نتعامل بالمعنى لقلنا إنّ (ماذا) أكثر من كلمة فهي (ما) ثم (ذا). ولنسأل الكاتب فاتح: هل يجوزعند قراءة القرآن أن نقف على (أوَ) في كلمة (أوَلم) مع العلم أنه بإمكاننا أن نقف على (أوْ) في قوله تعالى (لبثنا يوماً أوْ بعض يوم). وخلاصة الأمر أنّ (أوْ) كلمة مستقلّة، في حين أنّ (أَوَ) همزة استفهام مع واو العطف. ولا يستقلان، بل يتصلان رسماً بما بعدهما.
فليت مرشده أرشده، لأراحنا من هذا. وهو كما رأينا لم يكتف بوضع يدنا على الخطأ المزعوم لينصحنا، بل بادر إلى اتهامنا، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
ط. وأختم الكلام حول انتقاداته لنا، والتي هي أقل من سبع صفحات، بعرض كلامه في الصفحة 61، ثم نعرض كلامنا في المسألة، ليرى القارئ نموذجاً يُمثّل منهجه في عرض وانتقاد أفكار الآخرين. يقول الكاتب فاتح مقتبساً عنّا:
(ويقول صفحة 59 "إنّ في سورة القصص قد تكرر حرف الطا 19 مرة وعددنا مرات ذكر موسى وهارون في السورة فوجدنا أن اسم موسى تكرر 18 وهارون مرة وعليه يكون تكرار موسى وهارون 19 مرة، وتجدر الملاحظة هنا أن من بين كل الأنبياء لا نجد مثل هذا التلازم بين موسى وهارون بل لقد أرسلا معاً ") ثم يعقب قائلاً:
(لكن لو فرضنا أن تكرار حرف الطا هو 18 مرة وليس 19 ماذا تراه يقول، أنا أظن أنه سيقول إن تكرار حرف الطا هو بمقدار تكرار اسم موسى وينسخ كلامه السابق على اتحاد رسالة موسى وهارون.
وبنفس الصفحة يعتبر موسى م و س ي فيحسب حسابات الجُمّل لهذه الأحرف مع حساب الجُمّل لكلمة هارون ليخرج بنتيجة أن العدد 377 وهو نفس عدد كلمات الآيات التي ورد فيها ذكر موسى أو هارون.) انتهى
يبدو أنّه لا يعلم أنّ الألف المقصورة هي صورة ياء (ى). ويبدو أنّه لم يلاحظ أنّ الياء في آخر الكلمة هي غير منقوطة في رسم المصحف، لذلك أنكر علينا أن نحسب الألف المرسومة ياءً بقيمة عشرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
بالرجوع إلى كتابنا (إرهاصات الإعجاز العددي)، الذي اقتبس منه الكاتب فاتح، يلاحظ القارئ عدم أمانته في الاقتباس؛ فلا هو اقتبس النص بحرفيته، ولا قام بوضع نقاط تبين مواضع الحذف من النص، ثم هو قام بالتقديم والتأخير في الكلمات دون مراعاة للنص الأصلي، ونسب الكلام إلينا، ووضع علامات تنصيص!! وإليك أخي القارئ النص الأصلي بكامله، كمثال على عدم دقته في طرح المسائل، وعدم مراعاته للأمانة العلمية:
] هناك (29) سورة في القرآن الكريم تفتتح بأحرف نورانية، منها أربع سور تبدأ بحرف الطاء وهي: (طه: طه، طسم: الشعراء، طس: النمل، طسم: القصص). وقد جاء في كتاب (التعبير القرآني) للدكتور فاضل السامرّائي، في فصل فواصل الآي:
" … كل سورة تبدأ بالطاء ترد فيها قصة موسى في أوائلها مفصلة قبل سائر القصص مثل (طه، وطس، وطسم في القصص، وطسم في الشعراء) وليس في المواطن الأخرى مما يبدأ بالحروف المقطعة مثل ذلك. فالقاسم المشترك فيما يبدأ بالحروف (ط) قصة موسى مفصلة في أوائل السورة …".
لفت انتباهنا عند البحث، أن حرف الطاء يتكرر في سورة القصص 19 مرّة، فلمّا قرأنا كلام الدكتور السامرّائي وقوله إن السور التي تبدأ بحرف الطاء ترد فيها قصة موسى عليه السلام مفصلة، سارعنا إلى إحصاء تكرار موسى وهارون في سورة القصص، فوجدنا أن اسم موسى تكرر 18 مرّة، وورد اسم هارون مرة واحدة. وعليه يكون تكرار موسى وهارون 19مرة. وتجدر الملاحظة هنا أنه من بين كل الأنبياء، لا نجد مثل التلازم القائم بين موسى وهارون، بل لقد أرسلا معا. كما ويجدر ملاحظة أن سورة القصص لم يرد فيها من أسماء الأنبياء إلا موسى وهارون عليهما السلام.
جمّل كلمة موسى هو116، وجمّل كلمة هرون، وفق رسم المصحف، هو 261. وعليه يكون مجموع جمّل موسى و هرون هو 377. إذا عرف هذا، فإليك الملاحظات الأربع الآتية:
أ- مجموع كلمات الآيات التي ورد فيها اسم موسى أو هارون في سورة القصص هو 377 وهو، كما قلنا، مجموع جمّل الاسمين معا.
ب- إذا فتحتَ كتاب (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) لمحمد فؤاد عبد الباقي، تجد أنّ كلمة هارون قد تكررت في القرآن الكريم 20 مرة، فإذا جمعت الأرقام العشرين للسور التي وردت فيها كلمة هارون فستجد أن المجموع هو 377.
ج- السور التي تبدأ ب (ط) تتكرر فيها كلمة هارون سبع مرات في الآيات الآتية: (92،90،70،30) من سورة طه، والآيات (13، 48) من سورة طسم الشعراء، والآية (34) من سورة طسم القصص. وعليه يكون المجموع: (30+70+90+92+13+48+34) = 377.
د- تكرر اسم (موسى) عليه السلام في السّور التي تبدأ ب (ط) 46 مرّة، وإذا ضربنا جمّل موسى بعدد تكراره يكون الناتج: (116×46) = 5336. وإذا ضربنا جمّل هرون بعدد تكراره في السور التي تبدأ ب (ط) يكون الناتج: (261×7) = 1827.
وعليه يكون المجموع: (5336+1827) = 7163 والمفاجأة هنا أنّ هذا العدد هو (19× 377).
لا نظن أنّ الأمر يقتصر على هذه الملاحظات الأربع، فنحن بحاجة إلى جمع الملاحظات المختلفة، لعلنا نصل إلى قانون في مثل هذه المسألة وغيرها [انتهى.
وعليه نجد أن اعتراضاته على بحوثنا لم يسلم له منها اعتراض واحد، بل لم يكن قادراً على تجنب الخطأ في واحد من ردوده التي لم تتجاوز السبع صفحات. فكيف به لو لم يكن له مرشد ومقرّظ؟!
يزعم الكاتب في صفحة 77 أنّ القرآن الكريم لم يخص العدد 19 بأهمية، والقرآن الكريم مليء بالأعداد. وهذا غير صحيح؛ فبإمكانك أن ترجع إلى الآية 31 من سورة المدّثر لتعلم أنّ هناك خصوصية للعدد 19 دون باقي الأعداد، ويمكن مراجعة كتابنا (إرهاصات الإعجاز العددي) للتحقق من ذلك. ومن لم يجد الكتاب مطبوعاً فيمكن أن يجده في صفحة مركز نون للدراسات القرآنية وهي: www.noon-cqs.org .
جاء في الصفحة 78 من كتاب فاتح حسني: " وبالمناسبة فإنّ من قام الإعجاز العددي قد أغفل القراءات القرآنية فهذا الأمر يقوض نظرياتهم أكثرفإن من القراءات ما يتغير منها الأحرف ومثاله القراءة المشهورة فتثبتوا، أيضاً فإن الخلاف في عد آي السور قديم بين الكوفيين والبصريين و ... فعلى أي حساب نحسب؟! فبحساب الحروف وبحساب الجُمّل أيضاً تتداخل كل حساباتهم وتنهار نظرياتهم ... ".
ولنا هنا على هذا النص الملاحظات الآتية:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ. معلوم أننا لا نقبل من القراءات إلا ما كان متواتراً عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان موافقاً لرسم المصاحف العثمانيّة. فظهور إعجاز لإحدى القراءات لا يمنع وجود إعجاز للقراءات الأخرى، فكيف اعتبر أنّ تعدد القراءات يقوّض الإعجاز العددي؟!
ب. هذا الكلام تردد على ألسنة أكثر المعارضين، وكأنهم يفرحون بتعدد القراءات، حتى لا يمكن اثبات الإعجاز. وما علموا أنّ تعدد القراءات يزيد في إعجاز القرآن الكريم، بل إنّ هناك مَنْ كتب في إعجاز القراءات القرآنيّة.
ج. عندما نقرأ " وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم " بفتح اللام، ندرك أنّ الأمر يتعلق بغسل الرجلين في الوضوء. وعندما نقرأ " وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم " ندرك أنّ المقصود هو المسح على الرجلين في الوضوء. ومعلوم أنّ هناك غسل، وهناك مسح على الخف والجورب. فإذا وجدنا أنّ تعدد القراءات يؤدي إلى تعدد المعاني من غير تناقض، فما الذي يمنع أن تتعدد وجوه الإعجاز العددي بتعدد القراءات؟!
د. تعدد القراءات لم يؤثر في الرسم القرآني، إلا في كلمات معدودة، بيّنتها كتب علوم القرآن الكريم. وقد لاحظنا أنّ ذلك لا يمس جوهر الموضوع.
هـ. لقد توصّلنا بعد دراسة مستفيضة لاسباب اختلاف العد في آي القرآن الكريم، إلى أن ذلك يرجع إلى تعليم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعليه تكون الأقوال في عدّ الآيات تختلف كاختلاف القراءات، ومن هنا لا يبعد أن يعطي اختلاف العدّ في الآيات وجوهاً جديدة في الإعجاز.
و. ليس بالضرورة أن تعطي القراءة المتواترة ما تعطيه الأخرى، وإلا فما الحكمة من تعدد القراءات؟! ثم ألا يكفي أن نجزم أنّه قرآن كريم، حتى نبني على وجه من الوجوه؟! وهل قام المعارضون بدراسة هذه القراءات ليثبتوا أنّ الإعجاز ينهار بتعدد القراءات، أم أنهم يطلقونها كلمات لا معنى لها. ولماذا لم يعطونا أمثلة تدلل على مزاعمهم.
ز. هناك سور أجمع العلماء على عدد آياتها تفصيلاً، وأخرى لم يختلفوا في عددها إجمالاً، وبقي الأمر يتعلق بسور محددة، وبالتالي يسهل دراسة ذلك لإدراك أنّه لا يؤثر في مسألة الإعجاز بشكل عام، وإذا افترضنا أنّه أثّر في مثال أو أكثر، فإنّه لا يؤثر في مجمل الإعجاز. ونعود إلى القول بأنّ الأمر يؤدي إلى إعجاز أشد، لتعدد الحيثيات التي ننظر منها، ليثبت في النهاية أنّ كل القراءات، وكل عدٍّ ثابتٍ للآيات هو توقيفي، عن الرسول، صلى الله عليه وسلّم، أي بأمره وحياً.
ح. لقد بدأت تتجلى لنا وجوه إعجازية كثيرة، لا علاقة لها باختلاف القراءات؛ كترتيب السور، وعدد الكلمات، وترتيب الكلمات في السور، وترتيب الكلمات في القرآن الكريم، وإليك هذا المثال:
لم تذكر كلمة (النحل) في القرآن الكريم إلا مرّة واحدة، وذلك في الآية (68) من سورة النحل، وعدد كلمات الآية هو (13) كلمة. فإذا ضربنا رقم الآية بعدد كلماتها يكون الناتج: (68×13) = 884 وتكون المفاجأة أنّ هذا هو ترتيب كلمة النحل في السورة. وحتى لا يظن غير المؤمن أنّ هذا صدفة، قمنا بحشد الملاحظات المختلفة لاثبات أنّ العدد 884 يتكرر بشكل يستبعد احتمال الصدفة في عقل غير المؤمن. أمّا المؤمن فهو يدرك أنْ لا صدفة في كلام العليم الخبير، وبالتالي يبحث عن السّر في مثل هذا التوافق العددي، وهذا يؤدي إلى سلسلة اكتشافات، هي جائزة المؤمن الذي يعتقد بأن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه.
يقول الكاتب صفحة 83 معترضاً على اختلاف مناهج العادّين: " وهذا الكاتب نفسه عدّ (الإنسان) ستة أحرف بدون همزة وعد (الأكرم) في نفس الصفحة 6 أحرف فعد الهمزة " يبدوا أنّه لم يدرك أن كلمة (الإنسان) تكتب في المصحف هكذا (الإنسن) وعليه فإنها فعلاً ستة أحرف.
يقول الكاتب في صفحة 85: " بسّام جرّار يعد حروف سورة نوح فتكون معه 953 حرفاً ويقول إنّ مدة لبث نوح هي 953 سنة بالضبط ... في حين يعدها المهندس عدنان الرفاعي 950 حرفاً".
ولنا هنا الملاحظات الآتية:
1. تكتب كلمة آخرة في المصحف هكذا: (ءاخرة) وهذه خمسة أحرف، فإذا أضيف إليها (ال) التعريف تصبح سبعة أحرف هكذا: (الءاخرة) وهذا أساس الخلاف في عدّ أحرف سورة نوح.
2. شيء طبيعي أن تختلف مناهج العادّين، وهذا حصل قديماً وحديثاً، والمهم هنا أن تكون هناك قاعدة مطّردة، لها سند صحيح من عقل أو نقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. تساهم النتائج في إثبات القاعدة، لأن القضية استقرائية، والنتائج التي تحصلت لدينا، وفق قواعدنا المثبتة بالاستقراء، تعزّ على الحصر، مما يجعلها دليلاً لا يسهل نقضه. وفي الوقت الذي يأتي فيه غيرنا بنتائج مماثلة، وفق قواعد أخرى، يكون ذلك أشدّ إعجازاً.
4. يشترط عند اعتماد القاعدة، وعند التدليل عليها، أن يكون الدليل مقنعاً، يقبله العقل ويرضى به. وإليك هذا المثال التوضيحي:
عندما تكون (ما) نافية تحصى كلمة ويحصى ما بعدها كلمة أخرى مثل: (ما لم، ما ليس، ما لكم، وما تدري ... ) ففي هذه الأمثلة تكون (ما) كلمة، وما بعدها كلمة أخرى. وهذا واضح وغير ملتبس. أمّا عندما تكون (ما) استفهامية، فإن الأمر عندها قد يلتبس. والأصل أنْ تحسب (ما) كلمة، وما بعدها كلمة أخرى، ولكن استقراء اللفظة القرآنية يحملنا على اعتبار (ما) الاستفهامية وما بعدها كلمة واحدة، مثل: (مالك؟، مالكم؟، مالي؟ ... ) والذي يدفعنا إلى القول بهذا ما ورد في القرآن الكريم، حيث تكتب عبارة مثل: (ما لهذا الرسول؟) تُكتب في المصحف هكذا: (مال هذا الرسول؟) وتكررَ ذلك في رسم المصحف. وعليه تكون (مال) كلمة، أي (ما) الاستفهامية وما بعدها. وتأتي النتائج العدديّة فتدلل على ذلك. ومن هنا لا مانع من اختلاف الضوابط، لأنّ النتائج كفيلة بحسم الخلاف.
الخاتمة
ستكون هناك محاولات كثيرة غير جادّة وغير مقنعة. وسيكون هناك تكلّف وتمحُّل. وسيبقى هناك إشكالات. وسيبقى هناك معارضون. كل ذلك لا يصرفنا عن الاستمرار في هذا الطريق المبارك، والمقدّمات تبشر بحصاد وفير.
إنّ ضعف وركاكة أدلة المعترضين تزيدنا قناعة بسلامة وصحة المسلك. وكم نتمنى أن يحظى الإعجاز العددي بتقييم العلماء الجادّين، الذين يمتلكون الفهم والمنهجية السّوية، والرغبة في الوصول إلى الحقيقة، والصدق في النصيحة. ونحن في مركز نون على استعداد لمحاورة كل المخلصين، من أجل الوصول إلى الحقيقة، ومن أجل إيمان يستند إلى الحقيقة.
عنواننا هو: noon@p-ol.com
www.noon-cqs.org
ـ[محمد بن عبدالعزيز الخضيري]ــــــــ[13 Jun 2003, 03:44 ص]ـ
وهذه مقالة أخرى في هذه القضية للدكتور خالد السبت
بسم الله الرحمن الرحيم
المُعْجِزَةُ المَزْعُومَةُ فِي أَحْدَاثِ بُرْجَيِّ التِّجَارَةِ العَالَمِي فِي إمريكا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فقد كثُر السؤال عن ورقة تداولها الناس، كما نُشر مضمونها في " الشبكة العنكبوتية "، وحاصلها الربط بين آية من سورة براءة وبين ما حدث لبرجي التجارة في إمريكا.
ومع تهافت محتوى تلك الورقة في ميزان العلم الصحيح إلا أن كثيرا من الناس اغتروا بها، واعتبروا ذلك من أدلة إعجاز القرآن حيث أخبر عن هذا الأمر قبل وقوعه بما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان!! وفي آخر الورقة حثٌ على تصويرها ونشرها!
وقد عجبت من جُرأة كاتبها على الله وعلى كتابه، والله يقول: " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ". [الأعراف: 33]، وقال: " وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". [يونس: 60]، وقال: " قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ". [يونس: 69]، وقال: " إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ". [النحل: 105].
ولما كان إيمان السلف رضي الله عنهم وافراً، وعلومهم راسخة اشتد تحرجهم من القول على الله بلا علم، وكانوا أبعد الناس عن التكلف، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ على المنبر: " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [عبس: 31] فقال: هذه الفاكهة عرفناها فما الأبُّ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر! (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي رواية عن أنس رضي الله عنه قال: كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي ظهر قميصه أربع رقاع، فقرأ: " وَفَاكِهَةً وَأَبًّا " [عبس: 31] فقال: فما الأبُّ؟ ثم قال: إن هذا لهم التكلف!! فما عليك أن لا تدريه؟ (2)
وهذا ابن عباس حَبْرُ الأمة، وترجمان القرآن – كما روى عنه ابن أبي مليكة – أنه سُئل عن آية لو سُئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها. (3)
وسأله رجل عن " يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ " [السجدة: 5] فقال له ابن عباس: فما " يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج: 4]؟ فقال له الرجل: إنما سألتك لتحدثني!! فقال ابن عباس: هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما، فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم. (4)
وهذا جندب بن عبد الله رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه طلق بن حبيب فيسأله عن آية من القرآن، فقال: أُحَرِّجُ عليك إن كنت مسلما لَما قمت عني – أو قال -: أن تُجالسني. (5)
ولم يكن هذا الورع والتحرز مقتصراً على الصحابة رضي الله عنهم بل كان خُلُقاً لمن جاء بعدهم من أهل الرسوخ والتُّقى، فهذا سعيد بن المسيب رحمه الله وهو من خيار علما التابعين يُسئل عن تفسير آية من القرآن فبقول: إنَّا لا نقول في القرآن شيئا. (6)
وذكر عنه يحيى بن سعيد أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن. (7)
وسأله رجل عن آية من القرآن فقال: " لا تسألني عن القرآن ... " (8)
وقال يزيد بن أبي يزيد: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحرام والحلال وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع. (9)
وأخرج ابن جرير عن عبيد الله بن عمر قال: أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم سالم بن عبيد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع. (10)
وقال هشام بن عروة بن الزبير: ما سمعت أبي يؤول آية من كتاب الله قط. (11)
وسأل محمد بن سيرين عَبِيْدَةَ السلماني عن آية من القرآن فأجابه بقوله: " ذهب الذين كانوا يعلمون فِيْمَ أُنْزِلَ القرآن. فاتق الله، وعليك بالسداد. (12)
وهذا إبراهيم النخعي يقول: كان أصحابنا – يعني أصحاب ابن مسعود كعلقمة والأسود وغيرهم من أصحاب ابن مسعود – يتقون التفسير ويهابونه. (13)
وقال الشعبي رحمه الله: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنَّها الرواية عن الله عز وجل. (14) وقال ابن مسروق: اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله. (15)
وهذا شيح الإسلام ابن تيمية مع تَبَحُّرِهِ في العلم وسعة اطلاعه حتى إنه إذا سُئل عن فن ظن الرائي والسامع أنه لا يَعرف غير ذلك الفن، وحَكَم بأن لا يعرفه أحد مثله، وله يد طُولَى في التفسير مع قوة عجيبة في استحضار الأدلة من الكتاب والسنة (16)، فمع هذا كله كان رحمه الله يقول: ربما طالعت الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأُمَرِّغ وجهي في التراب، وأسأل الله تعالى وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني. (17)
وهذا طرف يسير من شدة تحرزهم في الكلام على التفسير، وأما ما ورد عنهم من عظم الورع في الفتيا والجواب على المسائل الموجهة إليهم فهذا أمر يطول وصفه ولا تحتمله هذه المقدمة. (18)
وبعد هذا أقول: أين حال هؤلاء المجترئين على الله تعالى من حال هؤلاء السلف رضي الله عنهم؟
وأما الرد على مضمون تلك الورقة المشار إليها فمن ثمانية أوجه هي:
الأول: أن مدار هذه الفرية يعود إلى ما يسمونه بـ (الإعجاز العددي في القرآن).
وهذا النوع من الإعجاز باطل جملة وتفصيلا، إذ لم يكن معهوداً لدى المخاطبين بالقرآن من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الأمة بكتاب الله، وأبرها قلوباً، وأكثرها صواباً، فلم يُنقل عن أحد منهم بإسناد صحيح شيء من هذا القبيل إطلاقا، ولو كان هذا من العلم المُعتبر لكانوا أسبق الناس إليه، وأعلم الأمة به، وذلك أن هذا الأمر لا يتطلب آلات وتقنيات حتى يتمكن الإنسان من اكتشافه، وإنما هو مجرد إحصاء وعدد، وهذا أمرٌ لا يُعْوِزُ أحداً، وقد عَدَّ السلفُ جميع كلمات القرآن، وجميع حروفه، وعرفوا بذلك أعشاره،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأرباعه، وأثلاثه، وأخماسه، وأسداسه، وأسباعه، وأثمانه، وأتساعه، وأنصاف ذلك كله، وغير ذلك بدقة متناهية كما هو معروف في محله. (19)
فكيف خفي عليهم هذا العلم جملة وتفصيلا وعرفه من بعدهم؟
هذا لا يكون أبداً، وما يذكره بعضهم من أمثلة على هذا الإعجاز المزعوم كثير منه لا يصح فيه العد أصلاً – كما في موضوعنا هذا كما سيأتي – وما كان العَدُّ فيه صحيحاً فإن ما يُذكر معه إنما هو من باب الموافقة والمصادفة، ولا يَعْجَزُ الإنسان إذا أحصى أموراً كثيرة مما ورد في القرآن – مثلاً – كعدد المرات التي ذُكرت فيها الجنة، والنار، والبر، والأبرار، والخير، والشر، والنعيم، والجزاء، والعذاب، والمحبة، والبغض، والكفار، وأصحاب الجنة، وأصحاب النار، والمؤمنون، والكفار، والمنافقون، والكفر، والإيمان، والنفاق ... إلخ.
فإذا أحصيت ذلك كله ستجد أشياء منه تستطيع أن تلفق منها بعض الفِرَى، فقد تتساوى بعض الأعداد، أو يكون بعضها على النصف بالنسبة لغيره، وهكذا مما لا يعجز معه أهل التلبيس من إيجاد وجوه للربط بينها يطرب لها بعض السذج والمغفلين.
وليس المقصود هنا التفصيل فيما يُسمى بـ (الإعجاز العددي) وإنما المقصود الإشارة إلى بطلان هذا الأمر الذي تدور حوله تلك الورقة المشار إليها. (20)
الثاني: زعم هذا الكاتب أن رقم السورة - وهو تسعة – موافق للشهر الذي وقع فيه الحدث، وهو الشهر التاسع.
والجواب عن هذا لا يخفى إذ إن ترتيب السور في المصحف لم يكن عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان عن اجتهاد صدر عن الصحابة رضي الله عنهم في زمن عثمان رضي الله عنه حينما جمع الناس على مصحف واحد (21). وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز أن يُرتب على هذا الترتيب للسور استنباطات في المعاني ولا غيرها، ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم قبل جمع عثمان رضي الله عنه للمصاحف كانوا يتفاوتون في ترتيب مصاحفهم، فبعضهم كان يرتب السور حسب النزول، وبعضهم على غير ذلك، وبهذا تعرف قيمة ما بناه ذلك الكاتب على هذا الرقم (9).
الثالث: زعم كاتب الورقة أن سورة براءة تقع في الجزء الحادي عشر من أجزاء القرآن الكريم، وأن هذا يوافق اليوم الذي وقع فيه الحدث، وهو اليوم الحادي عشر.
والجواب عن هذا يتبين مما قبله، إذ لو لم تُرتب السور في المصحف على هذا الترتيب الذي أجمع عليه أصحاب النبي صلى الله عليه زمن عثمان رضي الله عنه لما وقعت السورة في الجزء المشار إليه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى نقول: إن تجزئة القرآن على ثلاثين جزءاً لم تكن معروفة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة، لا في زمن عثمان رضي الله عنه ولا قبله ولا بعده، وإنما وقع ذلك بعدهم، وكان الصحابة رضي الله عنهم يحزبون القرآن بطريقة أُخرى حسب السور على النحو التالي:
1 – السبع الطوال. 2 – المئين. 3 – المثاني. 4 – المفصل.
ولا شك أن هذا الترتيب الذي كانوا عليه أدق وأفضل، إذ إن ترتيب القرآن على الأجزاء يفضي إلى انتهاء الجزء قبل تمام المعنى، حيث يفصل بين أجزاء الموضوع الواحد.
أما طريقة الصحابة رضي الله عنهم فهي – كما سبق – على السور، وبناء على ذلك تكون المعاني تامة. وإذا كان الأمر كذلك فليس لأحد أن يتمسك برقم الجزء الذي وقعت فيه السورة ليربط بينه وبين أمر آخر ليخرج لنا بمعنى كهذا.
الرابع: في البداية كانت الآية التي تعلق بها الكاتب هي الآية رقم (110) من سورة التوبة، وهي قوله تعالى: " لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " وإنما تعلق بهذه الآية لتوافق عدد الأدوار في الأبراج حيث تبلغ هذا العدد، ولكن مضمون الآية لا يساعده، وإنما المناسب أن تكون الآية التي قبلها وهي (109) وذلك قوله تعالى: " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ... " ثم رأيت في الأوراق المنشورة مؤخراً الإحالة إلى هذه الآية (109) لكن هذه يتطلب كذبة إضافية لحبك الدعوى، ولم يتطلب هذا من الكاتب كبير جهد حيث زعم أن عدد الأدوار (109)
(يُتْبَعُ)
(/)
فأسقط دوراً ليوافق ذلك مُدَّعاه، وهذا من أعجب الأمور!! ولا أدري كيف يسمح الناس لمثل هذا أن يستخف بعقولهم إلى هذا الحد؟
الخامس: أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة، وهو الأدق والأضبط، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ. (22) وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة، ويدل عليه أيضا الحديث المخرج في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى ... الحديث. (23)، وقد صرح الحافظ رحمه الله أنهم كانوا لا يعتبرون الحساب بالشمس (24).
وقال ابن القيم رحمه الله تعليقا على قوله تعالى: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ " [يونس: 5]، وقوله تعالى: " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ " [يس: 38 - 39]: ولذلك كان الحساب القمري أشهر وأعرف عند الأمم وأبعد من الغلط، وأصح للضبط من الحساب الشمسي، ويشترك فيه الناس دون الحساب، ولهذا قال تعالى: " وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ " [يونس: 5] ولم يقل ذلك في الشمس، ولهذا كانت أشهر الحج والصوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب الشمس وسيرها حكمة من الله ورحمة وحفظا لدينه لاشتراك الناس في هذا الحساب، وتعذر الغلط والخطأ فيه، فلا يدخل في الدين من الاختلاف والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب (25).
وربما يُفهم من العبارة الأخيرة لابن القيم رحمه الله أن أهل الكتاب كانوا يعتمدون الحساب بالشمس، وهذا قد صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله برده بعد أن نسبه لابن القيم (26).
والواقع أنه لم يكن معتبرا في شرعهم وإنما وقع لهم بعد ذلك لدى جهلتهم، ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: " لَيْسَ يَوْم عَاشُورَاء بِالْيَوْمِ الَّذِي يَقُولهُ النَّاس , إِنَّمَا كَانَ يَوْم تُسْتَر فِيهِ الْكَعْبَة , وَكَانَ يَدُور فِي السَّنَة , وَكَانُوا يَأْتُونَ فُلَانًا الْيَهُودِيَّ - يَعْنِي لِيَحْسِبَ لَهُمْ - فَلَمَّا مَاتَ أَتَوْا زَيْدَ اِبْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلُوهُ " (27) وقد فسره الحافظ رحمه الله بما نقله من كتاب " الآثار القديمة " للبيروني ما حاصله: أن جهلة اليهود يعتمدون في صيامهم وأعيادهم حساب النجوم، فالسنة عندهم شمسية لا هلالية. قال الحافظ: فَمِنْ ثَمَّ اِحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يَعْرِف الْحِسَاب لِيَعْتَمِدُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (28).
السادس: أن الآية المشار إليها تتحدث مع ما قبلها وبعدها عن مسجد الضرار الذي بناه المنافقون، ورَبْطها بالحدث الجديد تلاعب بكتاب الله تعالى، وتحميل له ما لا يحتمل إطلاقا من أي وجه من وجوه الدلالة المعروفة لدى العلماء. وهذا أمر أوضح من أن يشرح.
السابع: زعم كاتب الورقة أن عدد الحروف من بداية السورة إلى الآية (109) = (2001) حرفا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا إضافة إلى الأوجه السابقة الدالة على عدم الاعتداد به فإنه كذب محض، ذلك أن كل وجهين (صفحتين) من المصحف الكريم تحويان ما يقرب من ألف حرف، وعدد الأوجه من أول السورة إلى الآية المشار إليها يبلغ (17.5) تقريبا، فإذا اعتبرت هذا العدد عرفت البون الشاسع بين ما ذكره الكاتب وبين الحقيقة؛ ولذا رأيت في بعض طبعات تلك الورقة المعدلة أن هذا الرقم (2001) هو عدد الكلمات من أول السورة إلى الآية المشار إليها، وهذا أيضا غير صحيح ذلك أن العدد الحقيقي للكلمات هناك يزيد على (2920) كلمة.
وإذا أحسنَّا الظن بالكاتب قلنا إنه لا يحسن العَدَّ، ذلك أن الكلمة عند أهل العربية على ثلاثة أقسام:
1 – الاسم.
2 – الفعل.
3 – الحرف الذي جاء لمعنى نحو: من، على، إلى، والباء وغيرها من حروف الجر وما في حكمها، وهكذا الضمائر سواء كانت متصلة أو منفصلة فإنها تُعد كلمات أيضا.
الثامن: زعم الكاتب أن المركز المشار إليه يقع على شارع اسمه: " جرف هار ".
وهكذا كذب مُلَفَّق، وقد سألت من يعرفون تلك البلاد فلم يعرفوا هذا الاسم، كما اطلعت على بعض المعلومات والخرائط التي توضح الموقع وما حوله عبر الشبكة العنكبوتية، وليس لهذا الاسم ذكر في شيء من ذلك.
ثم لو فرضنا جدلا أن هذا هو الاسم الحقيقي لشارع فنقول: إن هذا الاسم أعجمي، والقرآن بلسان عربي مبين، ومعلوم أن الألفاظ قوالب المعاني، وإنما تُفَسَّر الألفاظ بحسب ما وُضِعَت له من المعاني في اللغة التي تضاف إليها، فكم من لفظة أعجمية توافق لفظا كلمة عربية وتناقضها في معناها ومدلولها، ولا يقول أحد له أدنى مسكة من عقل بأن هذه الألفاظ المتوافقة في مجرد اللفظ أنها تُحمل على مدلول واحد.
ومعلوم أن (الجرف) في العربية هو المكان الذي يأكله السيل (29).
وأما (الهار) فإن أصل الكلمة هذه الكلمة يدور على معنى واحد وهو السقوط والانهدام (30).
ولا يبعد على هذا الكاتب وأمثاله أن يخرج علينا باستنباط جديد بعد أن عرف معنى هاتين الفظتين في لغة العرب، وهو أن يقول بأن المبنى المشار إليه يمر بجانبه نهر، فهو يقع على ضفافه وبالتالي فهو على جرف هار، والدجل ليس له حد ينتهي إليه.
وفي الختام أنبه القارىء الكريم أن المقصود الأهم من كتابة هذه الورقات إنما هو التنبيه على حال هذه المُخْتَلَقَات وهي كثيرة ومتنوعة وذلك بعرضها على ميزان العلم فينكشف أمرها، وهذا الذي بين يديك يمكنك أن تعتبر به حال كثير مما يمر بك مما قد يستهوي بعض السذج والبسطاء، والله الموفق.
كتبه
د. خالد بن عثمان السبت
2/ 3/1423 هـ
--------------------------------------------------------------------------------
الحاشية:
(1) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد (1/ 58)، وابنُ أبي شيبة (10/ 512 – 513)، وسعيد بن منصور في تفسيره (1/ 181)، والحاكم (2/ 514)، والبيهقي في الشعب (2084).
(2) إسناده صحيح. أخرجه عبد بن حميد في تفسيره كما في الفتح (13/ 271)، وابن سعد (3/ 327)، وابن جرير (30/ 60 - 61)، والبيهقي في الشعب (2084)، وأصله في البخاري مختصرا.
(3) إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير.
(4) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد، وابن جرير.
(5) إسناده صحيح. أحرجه ابن جرير. ولعل السائل أورد عليه مسألة مُتَكَلَّفَة، وإلا فمن المعلوم أن السؤال عما يعني في التفسير وغيره أمرٌ غير مُسْتَنكَر.
(6) إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير، وابن سعد.
(7) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد، وابن جرير.
(8) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد، وابن جرير، وابن أبي شيبة.
(9) إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير.
(10) إسناده صحيح.
(11) إسناده جيد. أخرجه أبو عبيد.
(12) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، والبيهقي في الشعب.
(13) إسناده صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة، والبيهقي في الشعب، وأبو نعيم في الحلية.
(14) إسناده صحيح. أخرجه ابن جرير.
(15) إسناده صحيح. أخرجه أبو عبيد.
(16) انظر: الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ص 706.
(17) العقود الدرية ص 26، وهو في الكواكب ص 78.
(18) للتوسع انظر على سبيل المثال: سنن الدارمي (1/ 53) فما بعدها، الموافقات (4/ 286).
(19) انظر في ذلك على سبيل المثال: فنون الأفنان لابن الجوزي ص 245 فما بعدها، البرهان للزركشي (1/ 249)، الإتقان للسيوطي (1/ 197)، جمال القراء للسخاوي (1/ 231).
(20) ورأيت بعضهم يحتج له بأن الله جعل خزنة النار تسعة عشر.
وهذا لحكمة يعلمها الله تعالى ولكن ما وجه الإعجاز في ذلك؟ وهكذا سائر الأعداد المذكورة في القرآن كابواب النار وغير ذلك وسيكون بيان ذلك كله – إن شاء الله – في غير هذه الورقات عند الكلام على التفسير العلمي للقرآن.
(21) مع أننا نقول في الوقت نفسه: إن هذا الترتيب وقع عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم في زمن عثمان رضي الله عنه، فينبغي اتباعه في طباعة المصاحف، ولا تصح مخالفته.
(22) أخرجه أحمد (4/ 107)، والبيهقي في السنن (9/ 188)، وسنده حسن، وذكره الألباني في الصحيحة (1575).
(23) أخرجه البخاري (2004)، ومسلم (1130).
(24) انظر: الفتح (4/ 291)، وانظر (7/ 323).
(25) مفتاح الدار السعادة ص 538 – 539.
(26) انظر: الفتح (7/ 323).
(27) قال في الفتح (4/ 248): وسنده حسن ".
(28) السابق، وللتوسع في هذا الحساب راجع: صبح الأعشى (2/ 382 - 401).
(29) انظر: المفردات للراغب (مادة: جرف).
(30) انظر: المقاييس في اللغة، كتاب الهاء، باب الهاء والواو وما يثلثها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jun 2003, 07:39 ص]ـ
حياكم الله يا أخي الكريم ونشكرك على تواصلك معنا مرة أخرى. ونهنئكم بحصولكم على درجة العالمية (الدكتوراه) ونسأل الله أن يجعلها عوناً لك على طاعة الله وأن يبارك لك في العلم والعمل.
أما الإعجاز العددي فقد سبق حديث حوله في مشاركة سابقة طرحها أحد الإخوة، فربما يكون فيها ما ينفع. وهي على هذا الرابط الإعجاز العددي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=271) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jul 2003, 05:44 ص]ـ
عوداً على بدء ..
هناك كتاب نقدي لكتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم، وهو كتاب يتميز بالإنصاف في المناقشة والحوار، والأدب في الأخذ والرد. وهو كتاب
رسم المصحف والإعجاز العددي
(دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم)
للدكتور أشرف عبدالرزاق قطنة.
وقد قدم له الدكتور وهبة الزحيلي، والأستاذ محمد راتب النابلسي، والأستاذ نذير كتبي.
والكاتب قام بشكل رئيسي في كتابه هذا بدراسة ثلاثة كتب اعتنت بموضوع الإعجازز العددي في القرآن الكريم، هي:
1 - كتاب (معجزة الرقم (19) - مقدمات تنتظر النتائج).
لكاتبه بسام نهاد جرار. وهو يدرس العلاقة بين الحروف في فواتح السور، وبعض كلمات القرآن الكريم والعدد 19.
2 - كتاب (الإعجاز العددي للقرآن الكريم) لمؤلفه الدكتور عبدالرزاق نوفل. وهو يدرس العلاقات بين تكرار ورود الكلمات المترادفة والمتضادة في القرآن الكريم.
3 - كتاب (المعجزة - النظرية الأولى) لكاتبه عدنان الرفاعي. وهو يحصي الحروف والكلمات في القرآن ويعمل على بيان الترابط العددي فيما بينها من جهة، وترابطها مع الظواهر الكونية من جهة أخرى.
وقد اختار هذه الكتب لدراستها لكونها تستغرق معظم وأهم الأفكار المتعلقة بموضوع الإعجاز العددي في القرآن، وكونها تقوم بدراسة شاملة لجميع سور القرآن، وكونها هي الأساس الذي قامت عليه بقية الدراسات المؤيدة لموضوع الإعجاز العددي.
والكتاب فيه نفائس، وهو خطوة جيدة في الطريق النقدي الصحيح لهذا النوع من الدراسات.
والله أعلم.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[23 Jun 2005, 10:43 ص]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا - هذا الموضوع يحتاج الي قراءة عدة مرات
فأنا في حوار مع أحد الأعضاء في منتدى آخر " قرآني "
لا يأخذ بالنسة النبوية أبدا و يعتبرها إفتراء على نبي الإسلام
و يعتمد كثيرا على الإعجازالعددي للقرآن الكريم
و لقد توصل بإعجازه هذا على أن الصلاة عددها 3 مرات فقط في اليوم
و أن صلاة الجمعة - هي صلاة منفردة - أي رابعة تؤدى فقط يوم الجمعة
و أن الحج و أن ........................... الخ كله مخالف لما نعمله نحن اليوم
و كل هذا - بإستخدام ما يسميه بالإعجاز العددي
/////////////////////////////////////////////////
ـ[القناص الإسلامي]ــــــــ[23 Jun 2005, 11:00 ص]ـ
all you want and more just visit us
www.alimam.ws www.islamicav.ws www.islamselect(/)
شبهات المستشرقين حول جمع القرآن
ـ[أبو تمّام]ــــــــ[26 Jun 2003, 09:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
أيها المشايخ وطلاب العلم الفضلاء. السلام عليكم،
فأنا ضيف الآن، مضيف غدا، وعندي تساؤلات:
ما هي شبهات المستشرقين حول جمع القرآن، وكيف نفندها نقلا وعقلا، وما هي المقارنة بين جمع القرآن وجمع النصوص الدينية في الرسالات الأخرى.
والله ولي التوفيق،،،
ـ[وائل]ــــــــ[26 Jun 2003, 12:19 م]ـ
الأخ الكريم أبوتمام
في برنامج الشبهات وردودها الخاص بوزارة الأوقاف المصرية - المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وردت هذه الشبهة والرد عليها، كما يلي:
1 - جمع القرآن
اتخذ المعترضون من وقائع جمع القرآن وليجة يتسللون من خلالها للنيل من القرآن، وإيقاع التشكيك فى كونه وحيًا من عند الله عز وجل.
والواقع أن الذى ألجأهم إلى التسلل من هذه " الوليجة " وهى وقائع جمع القرآن أمران رئيسيان:
الأول: محاولتهم نزع الثقة عن القرآن وخلخلة الإيمان به حتى لا يظل هو النص الإلهى الوحيد المصون من كل تغيير أو تبديل، أو زيادة أو نقص.
الثانى: تبرير ما لدى أهل الكتاب (اليهود والنصارى) من نقد وجه إلى الكتاب المقدس بكلا عهديه: القديم (التوراة) والجديد (الأناجيل) ليقطعوا الطريق على ناقدى الكتاب المقدس من المسلمين، ومن غير المسلمين.
ومواطن الشبهة عندهم فى وقائع جمع القرآن والمراحل التى مرَّ بها، هى:
أن القرآن لم يُدوَّن ولم يكتب فى مصحف أو مصاحف كما هو الشأن الآن، إلا بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم أما فى حياته، فلم يكن مجموعاً فى مصحف. وأن جمعه مرًّ بعدة مراحل:
الأولى: فى خلافة أبى بكر - رضى الله عنه - وهو جمع ابتدائى غير موثق تمام التوثيق كما يزعمون؟.
الثانية: فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وقد كان الجمع فى هذه المرحلة قابلاً لإدخال كثير من الإضافات التى افتقر إليها تدوين القرآن فيما بعد. لأن القرآن لم يكن فيهما مضبوطًا مشكولاً.
الثالثة: الإضافات التى أُلْحِقَتْ بالنص القرآنى وأبرزها:
* نَقْط حروفه لتمييز بعضها من بعض، مثل تمييز الخاء من الجيم والحاء، وتمييز الجيم من الخاء والحاء، وتمييز التاء بوضع نقطتين فوقها عن كل من الياء والباء والنون والثاء.
1 - ضبط كلماته بالضم والفتح والكسر والجزم، مثل: " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين " وهذا أمر طارئ على جمع القرآن فى مرحلتيه السابقتين.
2 - علامات الوقف: مثل:ج صلى لا قلى م 00 00
3 - وضع الدوائر المرقوم فيها أرقام الآيات فى كل سورة.
إن كل هذه الإضافات لم تكن موجودة فى العصر النبوى، بل ولا فى عهد الخلفاء الراشدين.
يذكرون هذا كله ليصوروا أن الشبهة التى لوحظت فى جمع المصحف الحاوى للقرآن الكريم، تزرع الشكوك والريوب (جمع ريب) فى وحدة القرآن واستقراره وسلامته من التحريف. فعلام إذن يصر المسلمون على اتهام التوراة التى بيد اليهود الآن أنها لا تمثل حقيقة التوراة التى أنزلها الله على موسى عليه السلام؟ أو لماذا يطلقون هذا الوصف على مجموعة " الأناجيل ": التى بيد النصارى الآن؟
الرد على هذه الشبهة:
إنًّ تأخير تدوين القرآن عن حياة النبى صلى الله عليه وسلم وجمعه فى مصحف فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، لامساس له مطلقًا بوحدة القرآن وصلة كل كلمة بالوحى الإلهى؛ لأن القرآن قبل جمعه فى مصاحف كان محفوظًا كما أنزله الله على خاتم المرسلين.
والعرب قبل الإسلام، وفى صدر الإسلام المبكر كانوا ذوى ملكات فى الحفظ لم يماثلهم فيها شعب أو أمة، من قبلهم أو معاصرة لهم، ومن يعرف الكتابة والقراءة فيهم قليلون فكانوا يحفظون عن ظهر قلب ما يريدون حفظه من منثور الكلام ومنظومه.
وروعة نظم القرآن، ونقاء ألفاظه، وحلاوة جرسه، وشرف معانيه، هذه الخصائص والسمات فاجأت العرب بما لم يكونوا يعرفون، فوقع من أنفسهم موقع السحر فى شدة تأثيره على العقول والمشاعر، فاشتد اهتمامهم به، وبخاصة الذين كانوا من السابقين إلى الإيمان به، وكانوا يترقبون كل جديد ينزل به الوحى الأمين، يجمعون بين حفظه والعمل به.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان النبى صلى الله عليه وسلم كلما نزل عليه شئ من الوحى يأمر كُتًّاب الوحى بكتابته فورًا، سماعًا من فمه الطاهر ثم ينشر ما نزل من الوحى بين الناس.
وقد ساعد على سهولة حفظه أمران:
الأول: نزوله (مُنَجَّمًا) أى مفرقًا على مدى ثلاث وعشرين سنة؛ لأنه لم ينزل دفعة واحدة كما كان الشأن فى الوحى إلى الرسل السابقين.
والسبب فى نزول القرآن مُفَرَّقًا هو ارتباطه بتربية الأمة، والترقى بها فى مجال التربية طورًا بعد طور ومعالجة ما كان يجد من مشكلات الحياة، ومواكبة حركة بناء الدعوة من أول شعاع فيها إلى نهاية المطاف.
الثانى: خصائص النظم القرآنى فى صفاء مفرداته، وإحكام تراكيبه، والإيقاع الصوتى لأدائه متلوًّا باللسان، مسموعًا بالآذان، وما يصاحب ذلك من إمتاع وإقناع، كل ذلك أضفى على آيات القرآن خاصية الجذب إليه، والميل الشديد إلى الإقبال عليه، بحيث يجذب قارئه وسامعه واقعًا فى أسره غير ملولٍ من طول الصحبة معه.
وتؤدى فواصل الآيات فى القرآن دورًا مُهِمًّا فى الإحساس بهذه الخصائص. ولنذكر لهذا " مثلاً " من سور القرآن الكريم:
بسم الله الرحمن الرحيم (والعاديات ضبحا * فالموريات قدحا * فالمغيرات صبحًا * فأثرن به نقعًا * فوسطن به جمعًا * إن الإنسان لربه لكنود * وإنه على ذلك لشهيد * وإنه لحب الخير لشديد * أفلا يعلم إذا بُعثر ما فى القبور * وحُصل ما فى الصدور * إن ربهم بهم يومئذ لخبير)
عدد آيات هذه السورة [العاديات] إحدى عشرة آية، وقد وزعت من حيث الفواصل، وهى الكلمات الواقعة فى نهايات الآيات، على أربعة محاور، هى: الثلاث الآيات الأولى، وكل فاصلة فيها تنتهى بحرف الحاء: ضبحا قدحا صبحا.
والآيتان الرابعة والخامسة، كل فاصلة فيهما انتهت بحرف العين: نقعا جَمْعا.
والآيات السادسة والسابعة والثامنة، انتهت فواصلها بحرف الدال: لكنود لشهيد لشديد.
أما الآيات التاسعة، والعاشرة، والحادية عشرة، فقد انتهت فواصلها بحرف الراء: القبور الصدور لخبير.
مع ملاحظة أن حروف الفواصل فى هذه السورة ماعدا الآيات الثلاث الأولى مسبوقة بحرف " مد " هو " الواو " فى: " لكنود " و " الياء " فى: " لشهيد لشديد ".
ثم " الواو " فى: " القبور الصدور ثم " الياء " فى: " لخبير " وحروف المد تساعد على " تطرية " الصوت وحلاوته فى السمع. لذلك صاحبت حروف المد كلمات " الفواصل " فى القرآن كله تقريبًا، وأضفت عليها طابعًا غنائيًا من طراز فريد جذب الإسماع، وحرك المشاعر للإقبال على القرآن بشدة أسره إياهم عن طريق السماع، ليكون ذلك وسيلة للإقبال على فقه معانيه، ثم الإيمان به.
ومن سمات سهولة الحفظ فى هذه السورة أمران:
أنها سورة قصيرة، حيث لم تتجاوز آياتها إحدى عشرة آية.
قصر آياتها، فمنها ما تألف من كلمتين، وهى الآيات الثلاث الأولى. ومنها ما تألف من ثلاث كلمات، وهى الآيتان الرابعة والخامسة. ومنها ما تألف من أربع كلمات، وهى الآيات: السادسة والسابعة والثامنة. وآيتان فحسب كلماتها خمس، وهما العاشرة والحادية عشرة. وآية واحدة كلماتها سبع، هى الآية التاسعة.
ونظام " عقد المعانى " فى السورة رائع كروعة نظمها. فالآيات الثلاث الأولى قَسَمٌ جليل بِخَيْلِ المجاهدين فى سبيل الله.
والآيتان الرابعة والخامسة استطراد مكمل لمعانى المقسم به، شدة إغارتها التى تثير غبار الأرض، وسرعة عَدْوِِهٍَا ومفاجأتها العدوّ فى الإغارة عليه.
ثم يأتى المقسم عليه فى الآية السادسة: " إن الإنسان لربه لكنود ": عاص لله، كفور بإنعامه عليه.
وفى الآية السابعة إلماح إلى علم الإنسان بأنه عاق لربه، شهيد على كفرانه نعمته.
وفى الآية الثامنة تقبيح لمعصية الإنسان لربه، وإيثار حطام الدنيا على شكر المنعم.
أما الآيات الثلاث الأخيرة من (9) إلى (11) فهى إنذار للإنسان الكفور بنعم ربه إليه.
وهذه السمات، ليست وقفًا كلها على سورة " والعاديات " بل هى مع غيرها، سمات عامة للقرآن كله، وبهذا صار القرآن سهل الحفظ لمن حاوله وصدق فى طلبه وسلك الطريق الحق الموصل إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الحفظ كان العلاقة الأولى بين المسلمين وبين كتاب ربهم وكان الحفظ له وسيلة واحدة ضرورية يعتمد عليها، هى السماع. وهكذا وصل إلينا القرآن، من بداية نزوله إلى نهايته.
وأول سماع فى حفظ القرآن كان من جبريل عليه السلام الذى وصفه الله بالأمين.
وأول سامع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمع القرآن كله مرات من جبريل.
وثانى مُسَمِّع كان هو عليه الصلاة والسلام بعد سماعه القرآن من جبريل.
أما ثانى سامع للقرآن فهم كُتَّابُ الوحى، سمعوه من النبى عليه الصلاة والسلام فور سماعه القرآن من جبريل؛ لأنه كان إذا نزل الوحى، وفرغ من تلقى ما أنزله الله إليه دعا كُتَّابَ الوحى فأملى على مسامعهم ما نزل فيقومون بكتابته على الفور.
ثم يشيع عن طريق السماع لا الكتابة ما نزل من القرآن بين المؤمنين، إما من فم الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من أفواه كتاب الوحى.
وقد يسَّر الله تعالى لحفظ القرآن واستمرار حفظه كما أنزله لله، أوثق الطرق وأعلاها قدرًا فكان صلى الله عليه وسلم يقرؤه على جبريل فى كل عام مرة فى شهر رمضان المعظم. ثم فى العام الذى لقى فيه ربه تَمَّ عرض القرآن تلاوة على جبريل مرتين. زيادة فى التثبت والتوثيق.
وفى هذه الفترة (فترة حياة النبى) لم يكن للقراء مرجع سوى المحفوظ فى صدر النبى عليه الصلاة والسلام، وهو الأصل الذى يُرجع إليه عند التنازع، أما ما كان مكتوبًا فى الرقاع والورق فلم يكن مما يرجع إليه الناس، مع صحته وصوابه.
وكذلك فى عهدى الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما كان الاعتماد على الحفظ فى الصدور هو المعول عليه دون الكتابة؛ لأنها كانت مفرقة، ولم تكن مجموعة.
وكانت حظوظ الصحابة، من حفظ القرآن متفاوتة، فكان منهم من يحفظ القدر اليسير، ومنهم من يحفظ القدر الكثير، ومنهم من يحفظ القرآن كله. وهم جمع كثيرون مات منهم فى موقعة اليمامة فى خلافة أبى بكر سبعون حافظًا للقرآن، وكانوا يسمون حفظة القرآن ب " القُرَّاء ".
ولا يقدح فى ذلك أن بعض الروايات تذهب إلى أن الذين حفظوا القرآن كله من الصحابة كانوا أربعة أو سبعة، وقد وردت بعض هذه الروايات فى صحيحى البخارى ومسلم لأن ما ورد فيهما له توجيه خاص، هو أنهم حفظوا القرآن كله وعرضوا حفظهم على رسول الله تلاوة عليه فأقرهم على حفظهم، وليس معناه أنهم هم الوحيدون الذين حفظوا القرآن من الصحابة.
أول جمع للقرآن الكريم
لم يجمع القرآن فى مصحف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، ولا فى صدر خلافة أبى بكر رضى الله عنه، وكان حفظه كما أنزل الله فى الصدور هو المتبع.
وفى هذه الأثناء كان القرآن مكتوبًا فى رقاع متفرقًا. هذه الرقاع وغيرها التى كتب فيها القرآن إملاء من فم النبى صلى الله عليه وسلم، ظلت كما هى لم يطرأ عليها أى تغيير من أى نوع.
ولما قتل سبعون رجلاً من حُفَّاظِه دعت الحاجة إلى جمع ما كتب مفرقًا فى مصحف واحد فى منتصف خلافة أبى بكر باقتراح من عمر رضى الله عنهما.
وبعد وفاة أبى بكر تسلم المصحف عمر بن الخطاب، وبعد وفاته ظل المصحف فى حوزة ابنته أم المؤمنين حفصة رضى الله عنها.
وفى هذه الفترة كان حفظ القرآن فى الصدور هو المتبع كذلك.
وانضم إلى حُفَّاظه من الصحابة بعد انتقال النبى عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى، التابعون من الطبقة الأولى، وكانت علاقتهم بكتاب الله هى الحفظ بتفاوت حظوظهم فيه قلة وكثرة، وحفظًا للقرآن كله، وممن اشتهر منهم بحفظ القرآن كله التابعى الكبير الحسن البصرى رضى الله عنه وآخرون.
كان هذا أول جمع للقرآن، والذى تم فيه هو جمع الوثائق التى كتبها كتبة الوحى فى حضرة رسول الله، بمعنى تنسيق وثائق كل سورة مرتبة آياتها على نسق نزولها، ولا معنى لهذا الجمع إلا ما ذكرناه، وإطلاق وصف المصحف عليه إطلاق مجازى صرف. والقصد منه أن يكون مرجعًا موثوقًا به عند اختلاف الحفاظ.
ومما يجب التنبيه إليه مرات أن الجمع فى هذه المرحلة لم يضف شيئًا أو يحذفه من تلك الوثائق الخطية، التى تم تدوينها فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام إملاءً منه على كتبة وحيه الأمناء الصادقين.
مرحلة الجمع الثانية
(يُتْبَعُ)
(/)
كانت هذه المرحلة فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وكان حافظًا للقرآن كله كما ورد فى الروايات الصحيحة. والسبب الرئيسى فى اللجوء إلى هذا الجمع فى هذه المرحلة هو اختلاف الناس وتعصبهم لبعض القراءات، إلى حد الافتخار بقراءة على قراءة أخرى، وشيوع بعض القراءات غير الصحيحة.
وهذا ما حمل حذيفة بن اليمان على أن يفزع إلى أمير المؤمنين عثمان ابن عفان، ويهيب به أن يدرك الأمة قبل أن تتفرق حول القرآن كما تفرق اليهود والنصارى حول أسفارهم المقدسة. فنهض رضى الله عنه للقيام بجمع القرآن فى " مصحف " يجمع الناس حول أداء واحد متضمنًا الصلاحية للقراءات الأخرى الصحيحة، وندب لهذه المهمة الجليلة رجلاً من الأنصار (زيد بن ثابت) وثلاثة من قريش: عبد الله بن الزبير، سعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وزيد بن ثابت هذا كان هو رئيس الفريق الذى ندبه عثمان رضى الله عنه لهذه المهمة الجليلة؛ لأنه أى زيد بن ثابت قد تحققت فيه مؤهلات أربعة للقيام بهذه المسئولية وهى:
كان من كتبة الوحى فى الفترة المدنية.
كان حافظًا متقنًا للقرآن سماعًا مباشرًا من فم رسول الله.
كان هو الوحيد الذى حضر العرضة الأخيرة للقرآن من النبى عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه السلام.
كان هو الذى جمع القرآن فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه.
منهج الجمع فى هذه المرحلة
وقد تم الجمع فى هذه المرحلة على منهج دقيق وحكيم للغاية قوامه أمران:
الأول: المصحف الذى تم تنسيقه فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، وقد تقدم أن مكوّنات هذا المصحف هى الوثائق الخطية التى سجلها كتبة الوحى فى حضرة النبى عليه صلى الله عليه وسلم سماعًا مباشرًا منه.
فكان لا يُقبل شئ فى مرحلة الجمع الثانى ليس له وجود فى تلك الوثائق التى أقرها النبى عليه الصلاة والسلام.
الثانى: أن تكون الآية أو الآيات محفوظة حفظًا مطابقًا لما فى مصحف أبى بكر عند رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأقل. فلا يكفى حفظ الرجل الواحد، ولا يكفى وجودها فى مصحف أبى بكر، بل لابد من الأمرين معًا:
1 - وجودها فى مصحف أبى بكر.
2 - ثم سماعها من حافظين، أى شاهدين، وقد استثنى من هذا الشرط أبو خزيمة الأنصارى، حيث قام حفظه مقام حفظ رجلين فى آية واحدة لم توجد محفوظة إلا عند أبى خزيمة، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين عدلين.
قام هذا الفريق، وفق هذا المنهج المحكم، بنسخ القرآن،لأول مرة، فى مصحف واحد، وقد أجمع عليه جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعارض عثمان منهم أحدًا، حتى عبد الله بن مسعود، وكان له مصحف خاص كتبه لنفسه، لم يعترض على المصحف "الجماعى" الذى دعا إلى كتابته عثمان رضى الله عنه، ثم تلقت الأمة هذا العمل الجليل بالرضا والقبول، فى جميع الأقطار والعصور.
ونسخ من مصحف عثمان، الذى سمى " المصحف الإمام " بضعة مصاحف، أرسل كل مصحف منها إلى قطر من أقطار الإسلام، مثل الكوفة والح
جاز، وبقى المصحف الأم فى حوزة عثمان رضى الله عنه، ثم عمد عثمان إلى كل ماعدا " المصحف الإمام " من مصاحف الأفراد المخالفة أدنى مخالفة للمصحف الإمام، ومنها مصحف الصحابى الجليل ابن مسعود وأمر بحرقها أو استبعادها؛ لأنها كانت تحتوى على قراءات غير صحيحة، وبعضها كان يُدخل بعض عبارات تفسيرية فى صلب الآيات أو فى أواخرها.
الفرق بين الجمعين
من نافلة القول، أن نعيد ما سبق ذكره، من أن أصل الجمعين اللذين حدثا فى خلافتى أبى بكر وعثمان رضى الله عنهما كان واحدًا، هو الوثائق الخطية التى حررت فى حضرة النبى صلى الله عليه وسلم إملاءً من فمه الطاهر على كتبة الوحى، ثم تلاوتهاعليه وإقرارها كما تليت عليه هذه الوثائق لم تدخل عليها أية تعديلات، وهى التى نراها الآن فى المصحف الشريف المتداول بين المسلمين.
وكان الهدف من الجمع الأول فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه هو جمع تلك الوثائق المتفرقة فى مكان واحد منسقة السور والآيات، دون نقلها فى مصحف حقيقى جامع لها. فهذا الجمع بلغة العصر مشروع جمع لا جمع حقيقى فى الواقع.
ولهذا عبَّر عنه أحد العلماء بأنه أشبه ما يكون بأوراق وجدت متفرقة فى بيت النبى فربطت بخيط واحد، مانع لها من التفرق مرة أخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الجمع فى خلافة عثمان رضى الله عنه فكان نسخًا ونقلاً لما فى الوثائق الخطية، التى حررت فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام وأقرها بعد تلاوتها عليه، وجمعها فى مصحف واحد فى مكان واحد. وإذا شبهنا الوثائق الأولى بقصاصات ورقية مسطر عليها كلام، كان الجمع فى خلافة عثمان هو نسخ ذلك الكلام المفرق فى القصاصات فى دفتر واحد.
أما الهدف من الجمع فى خلافة عثمان فكان من أجل الأمور الآتية:
1 - توحيد المصحف الجماعى واستبعاد مصاحف الأفراد لأنها لم تسلم من الخلل. وقد تم ذلك على خير وجه.
2 - القضاء على القراءات غير الصحيحة، وجمع الناس على القراءات الصحيحة، التى قرأ بها النبى عليه الصلاة والسلام فى العرضة الأخيرة على جبريل فى العام الذى توفى فيه.
3 - حماية الأمة من التفرق حول كتاب ربها. والقضاء على التعصب لقراءة بعض القراء على قراءة قراء آخرين.
وفى جميع الأزمنة فإن القرآن يؤخذ سماعًا من حُفَّاظ مجودين متقنين، ولا يؤخذ عن طريق القراءة من المصحف؛ لإن الحفظ من المصحف عرضة لكثير من الأخطاء، فالسماع هو الأصل فى تلقى القرآن وحفظه. لأن اللسان يحكى ما تسمعه الأذن، لذلك نزل القرآن ملفوظًا ليسمع ولم ينزل مطبوعًا ليُقرأ.
فالفرق بين الجمعين حاصل من وجهين:
الوجه الأول: جمع أبى بكر رضى الله عنه كان تنسيقًا للوثائق الخطية التى حررت فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام على صورتها الأولى حسب ترتيب النزول سورًا وآيات.
وجمع عثمان رضى الله عنه كان نقلاً جديدًا لما هو مسطور فى الوثائق الخطية فى كتاب جديد، أطلق عليه " المصحف الإمام ".
أما الوجه الثانى فهو من حيث الهدف من الجمع وهو فى جمع أبى بكر كان حفظ الوثائق النبوية المفرقة فى نسق واحد مضمومًا بعضها إلى بعض، منسقة فيه السور والآيات كما هى فى الوثائق، لتكون مرجعًا حافظًا لآيات الذكر الحكيم.
وهو فى جمع عثمان، جمع الأمة على القراءات الصحيحة التى قرأها النبى صلى الله عليه وسلم فى العرضة الأخيرة على جبريل عليه السلام.
أما المتون (النصوص) التى نزل بها الوحى الأمين فظلت على صورتها الأولى، التى حررت بها فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام.
فالجمعان البكرى والعثمانى لم يُدْخِِِِِلا على رسم الآيات ولا نطقها أى تعديل أو تغيير أو تبديل، وفى كل الأماكن والعصور واكب حفظ القرآن تدوينه فى المصاحف، وبقى السماع هو الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن على مدى العصورحتى الآن وإلى يوم الدين.
فذلكة سريعة:
العرض الذى قدمناه لتدوين القرآن يظهر من خلاله الحقائق الآتية:
1 - إن تدوين متون القرآن (نصوصه) تم منذ فجر أول سورة نزلت بل أول آية من القرآن، وكان كلما نزل نجم من القرآن أملاه عليه الصلاة والسلام على كاتب الوحى فدونه سماعًا منه لتوه، ولم يلق عليه الصلاة والسلام ربه إلا والقرآن كله مدون فى الرقاع وما أشبهها من وسائل التسجيل. وهذا هو الجمع الأول للقرآن وإن لم يذكر فى كتب المصنفين إلا نادرًا.
2 - إن هذا التدوين أو الجمع المبكر للقرآن كان وما يزال هو الأصل الثابت الذى قامت على أساسه كل المصاحف فيما بعد، حتى عصرنا الحالى.
- إن الفترة النبوية التى سبقت جمع القرآن فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، لم تكن فترة إهمال للقرآن، كما يزعم بعض خصوم القرآن من المبشرين والمستشرقين والملحدين بل العكس هو الصحيح، كانت فترة عناية شديدة بالقرآن. اعتمدوا فيها على ركيزتين بالغتى الأهمية:
الأولى: السماع من الحفظة المتقنين لحفظ القرآن وتلاوته.
الثانية: الحفظ المتقن فى الصدور.
والسماع والحفظ هما أقدم الوسائل لحفظ وتلاوة كتاب الله العزيز. وسيظلان هكذا إلى يوم الدين.
- إن القرآن منذ أول آية نزلت منه، حتى اكتمل وحيه لم تمر عليه لحظة وهو غائب عن المسلمين، أو المسلمون غائبون عنه، بل كان ملازمًا لهم ملازمة الروح للجسد.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن تاريخ القرآن واضح كل الوضوح، ومعروف كل المعرفة، لم تمر عليه فترات غموض، أو فترات اضطراب، كما هو الشأن فى عهدى الكتاب المقدس التوراة والإنجيل. وما خضعا له من أوضاع لا يمكن قياسها على تاريخ القرآن، فليس لخصوم القرآن أى سبب معقول أو مقبول فى اتخاذهم مراحل جمع القرآن منافذ للطعن فيه، أو مبررًا يبررون به ما اعترى كتابهم المقدس من آفات تاريخية، وغموض شديد الإعتام صاحب وما يزال يصاحب، واقعيات التوراة والأناجيل نشأة، وتدوينًا، واختلافًا واسع المدى، فى الجوهر والأعراض التى قامت به.
وقد بقى علينا من عناصر شبهاتهم حول جمع القرآن ومراحله ما سبقت الإشارة إليه من قبل، وهى: النقط والضبط وعلامات الوقف.
المراد بالنَقْط هو وضع النُّقط فوق الحروف أو تحتها مثل نقطة النون ونقطة الباء.
أما الضبط فهو وضع الحركات الأربع: الضمة والفتحة والكسرة والسكون فوق الحروف أو تحتها حسب النطق الصوتى للكلمة. حسبما تقتضيه قواعد النحو والصرف.
أما علامات الوقف فهى كالنقط والضبط توضع فوق نهاية الكلمة التى يجوز الوقف عليها أو وصلها بما بعدها. وهذه الأنواع الثلاثة يُلحظ فيها ملحظان عامَّان:
الأول: أنها لا تمس جسم الكلمة من قريب أو من بعيد ولا تغير من هيكل الرسم العثمانى للكلمات، بل هى زيادة إضافية خارجة عن " متون " (أصول) الكلمات.
الثانى: أنها كلها أدوات أو علامات اجتلبت لخدمة النص القرآنى، ولتلاوته صوتيًا تلاوة متقنة أو بعبارة أخرى:
هى وسائل إيضاح اصطلاحية متفق عليها تعين قارئ القرآن على أدائه أداء صوتيًا محكمًا، وليست هى من عناصر التنزيل، ولو جرد المصحف منها ما نقص كلام الله شيئًا. وقد كان كتاب الله قبل إدخال هذه العلامات هو هو كتاب الله، إذن فليست هى تغييرًا أو تبديلاً أو تحريفًا أدخل على كتاب الله فأضاع معالمه، كما يزعم خصوم القرآن الموتورون.
فالنقط أضيفت إلى رسم المصحف للتمييز بين الحروف المتماثلة كالجيم والحاء والخاء، والباء والتاء والثاء والنون والسين والشين، والطاء والظاء والفاء والقاف والعين والغين، والصاد والضاد.
وقبل إضافة النقط إلى الحروف كان السماع قائماً مقامها، لأن حفاظ القرآن المتقنين المجوِّدين ليسوا فى حاجة إلى هذه العلامات، لأنهم يحفظون كتاب ربهم غضًا طريًا كما أنزله الله على خاتم رسله، أمَّا غير الحفاظ ممن لا يستغنون عن النظر فى المصحف فهذه العلامات النقطية والضبطية والوقفية ترشدهم إلى التلاوة المثلى، وتقدم لهم خدمات جليلة فى النظر فى المصحف؛ لأنها كما قلنا من قبل وسائل إيضاح لقراء المصحف الشريف.
فمثلاً نقط الحروف وقاية من الوقوع فى أخطاء لا حصر لها، ولنأخذ لذلك مثالاً واحدًا هو قوله تعالى: (كمثل جنة بربوة).
لو تركت " جنة " بغير نقط ولا ضبط لوقع القارئ غير الحافظ فى أخطاء كثيرة؛ لأنها تصلح أن تنطق على عدة احتمالات، مثل: حَبَّة حية حِنَّة خبَّة جُنة حِتة خيَّة جيَّة حبة جبَّة.
ولكن لما نقطت حروفها، وضُبطت كلماتها اتضح المراد منها وتحدد تحديدًا دقيقًا، طاردًا كل الاحتمالات غير المرادة.
وأول من نقط حروف المصحف جماعة من التابعين كان أشهرهم أبوالأسود الدؤلى، ونصر بن عاصم الليثى، ويحيى بن يَعْمُر، والخليل ابن أحمد، وكلهم من كبار التابعين.
والخلاصة: أن نقط حروف الكلمات القرآنية، وضبط كلمات آياته ليس من التنزيل، وأنه حدث فى عصر كبار التابعين، وإلحاق ذلك بالمصحف ليس تحريفًا ولا تعديلاً لكلام القرآن.
وهو من البدع الحسنة وقد أجازه العلماء لأن فيه تيسيرًا على قُرَّاء كتاب الله العزيز، وإعانة لهم على تلاوته تلاوة متقنة محكمة، وهو من المصالح المرسلة، التى سكت الشرع عنها فلم يأمر بها ولم ينه عنها.
وتحقيق المصلحة يقوم مقام الأمر بها، ووقوع المضرة يقوم مقام النهى عنها.
وهذه سمة من سمات مرونة الشريعة الإسلامية العادلة الرحيمة. أما علامات الوقف فلها أدوار إيجابية فى إرشاد قراء القرآن وتوجيههم إلى كيفية التعامل مع الجمل والتراكيب القرآنية حين تُتلى فى صلاة أو فى غير صلاة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والواقع أن كل هذه المضافات إلى رسم كلمات المصحف فوق أنها والله سبحانه وتعالى أعلم وسائل إيضاح كما تقدم، اجتلبت من أجل خدمة النص القرآنى، تؤدى فى الوقت نفسه خدمة جليلة لمعانى المفردات والتراكيب القرآنية. وقد أشرنا من قبل إلى مهمات النقط فوق أو تحت الحروف، وعلامات الضبط الأربع: الفتحة والضمة والكسرة والسكون، فوق أو تحت رسم الكلمات.
ونسوق الآن تمثيلاً سريعًا للمهام الجليلة التى تؤديها علامات الوقف، التى توضع فوق نهايات الكلمات التى يُوْقَفُ عليها أو لا يُوقف:
قوله تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هوصلى، وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير).
نرى العلامة (صلى) فوق حرف الواو فى كلمة " هو " وهى ترمز إلى أن الوقف على هذه الكلمة " هو " جائز ووصلها بما بعدها وهو " وإن يمسسك " جائز كذلك إلا أن الوصل، وهو هنا تلاوة الآية كلها دفعة واحدة بلا توقف، أولى من الوقف.
والسبب فى جواز الوقف والوصل هنا أن كلاً من الكلامين معناه تام يحسن السكوت عليه، وكذلك يحسن وصله بما بعده لأنهما كلامان بينهما تناسب وثيق، ومن حيث البناء التركيبى، هما شرط " إنْ "، وفِعْلا الشرط فيهما فعل مضارع، وهما فعل واحد تكرر فى شرطى الكلامين " يمسسك " والفاعل هو " الله " فيهما. الأول اسم ظاهر، والثانى ضمير عائد عليه، أما كون الوصل أولى من الوقف، فلأن التناسب بين الكلامين أقوى من التباين لفظًا ومعنى، مع ملاحظة أن جواز الوقف يتيح لقارئ القرآن نفحة من راحة الصمت، ثم يبدأ رحلة التلاوة بعدها وقوله تعالى: (قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل قلى فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرًا).
علامة الوقف (قلى) موضوعة فوق اللام الثانية من كلمة "قليل" وترمز إلى جواز الوصل والوقف على كلمة " قليل " وأن الوقف عليها أولى من وصلها بما بعدها، وفى الوقف راحة لنفس القارئ كما تقدم.
وجواز الوقف لتمام المعنى فى الجزء الأول من الآية.
وجواز الوصل، فلأن الجزء الثانى من الكلام مفرع ومرتب على الجزء الأول.
أما كون الوقف على كلمة " قليل " أولى فى هذه الآية فلأن ما قبلها جملتان خبريتان، وهما واقعتان مقول القول لقوله تعالى: (قل ربى .. ).
أما جملة " فلا تمار فيهم " فهى جملة إنشائية فيها نهى عن الجدال فى شأن أهل الكهف كم كان عددهم والكلام الإنشائى مباين للكلام الخبرى. إذن فالكلامان غير متجانسين. هذه واحدة.
أما الثانية فإن " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرًا ولا تستفت فيهم منهم أحدًا "، غير داخل فى مقول القول الذى أشرنا إليه قبلاً.
وهذان الملحظان أحدثا تباعدًا ما بين الكلامين لذلك كان الوقف أولى، إلماحًا إلى ذلك التباين بين الكلامين. والوقف هو القطع بين كلامين بالسكوت لحظة بين نهاية الكلام الأول، وبداية الكلام الثانى، وله شأن عظيم فى تلاوة القرآن الكريم، من حيث الألفاظ (الأداء الصوتى) ومن حيث تذوق المعانى وخدمتها، وقوله تعالى: (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منهج ذلك من آيات الله).
علامة الوقف (ج) موضوعة فوق " الهاء " نهاية كلمة " منه " وترمز إلى جواز الوقف على " منه " وعلى جواز وصله بما بعده " ذلك من آيات الله " وهذا الجواز مستوى الطرفين، لا يترجح فيه الوقف على الوصل، ولا الوصل على الوقف. وهذا راجع إلى المعنى المدلول عليه بجزئى الكلام، جزء ما بعد " منه " وجزء ما قبله.
وذلك لأن ما قبل " منه " كلام خبرى لا إنشائى وكذلك ما بعدها " ذلك من آيات الله .. " فهما إذن متجانسان.
والوقف مناسب جدًا لطول الكلام قبل كلمة " منه " وفى الوقف راحة للنفس، والراحة تساعد على إتقان التلاوة.
والوصل مناسب جدًا من حيث المعنى؛ لأن قوله تعالى: " ذلك من آيات الله " تركيب واقع موقع " الخبر " عما ذكره الله عز وجل من أوضاع أهل الكهف فى طلوع الشمس وغروبها عنهم.
وقوله تعالى: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبينلا يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة .. ).
علامة الوقف (لا) موضوعة على " النون " نهاية كلمة "طيبين" ترمز إلى أن الوقف على " طيبين " ممنوع.
والسبب فى هذا المنع أن جملة " يقولون " وهى التالية لكلمة "طيبين" حال من " الملائكة " وهم فاعل " تتوفاهم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
أما " طيبين " فهى حال من الضمير المنصوب على المفعولية للفعل " تتوفاهم " وهو ضمير الجماعة الغائبين " هم " ولو جاز الوقف على " طيبين " لحدث فاصل زمنى بين جملة الحال " يقولون " وبين صاحب الحال " الملائكة " ولم تدع إلى هذا الفعل ضرورة بيانية.
لذلك كان الوقف على " طيبين " ممنوعًا لئلا يؤدى إلى قطع "الحال" وهو وصف، عن صاحبه " الملائكة " وهو الموصوف. وهذا لا يجوز بلاغة؛ فمنع الوقف هنا كان سببه الوفاء بحق المعنى، ومجىء الحال هنا جملة فعلية فعلها مضارع يفيد وقوع الحدث بالحال والاستقبال مراعاة لمقتضى الحال؛ لأن الملائكة تقول هذا الكلام لمن تتوفاهم من الصالحين فى كل وقت لأن الموت لم ولن يتوقف.
وقوله تعالى: (إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولدم له ما فى السماوات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا).
علامة الوقف (م) موضوعة على حرف الدال من كلمة " ولد " للدلالة على لزوم الوقف على هذه الكلمة " ولد " وامتناع وصلها بما بعدها وهو: " له ما فى السماوات وما فى الأرض ".
وإنما كان الوقف، هنا لازمًا لأن هذا الوقف سيترتب عليه صحة المعنى وليمتنع إيهام غير صحته أما وصله بما بعده فيترتب عليه إيهام فساد المعنى.
بيان ذلك أن الوصل لو حدث لأوهم أن قوله تعالى: " له ما فى السماوات وما فى الأرض " وصف ل " الولد " المنفى، أى ليس لله ولد، له ما فى السماوات والأرض، وهذا لا يمنع أن يكون لله سبحانه ولد ولكن ليس له ما فى السماوات والأرض؟! وهذا باطل قطعًا.
أما عندما يقف القارئ على كلمة " ولد " ثم يستأنف التلاوة من " له ما فى السماوات وما فى الأرض " فيمتنع أن يكون هذا الوصف للولد المنفى، ويتعين أن يكون لله عز وجل، وهذا ناتج عن قطع التلاوة عند " ولد " أى بالفاصل الزمنى بين تلاوة ما قبل علامة الوقف " لا " وما بعدها حتى آخر الآية.
فأنت ترى أن الوقف هنا يؤدى خدمة جليلة للمعنى المراد من الآية الكريمة. ومثله قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهمم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون).
علامة الوقف (م) موضوعة فوق الميم من كلمة " همم " للدلالة على لزوم الوقف عليها، وامتناع وصلها بما بعدها، وهو " الذين خسروا أنفسهم ".
وسر ذلك اللزوم؛ أن الوصل يوهم معنى فاسدًا غير مراد، لأنه سيترتب عليه أن يكون قوله تعالى: " الذين خسروا أنفسهم " وصفًا ل " أبناءهم " وهذا غير مراد، بل المراد ما هو أعم من "أبناءهم" وهم الذين خسروا أنفسهم فى كل زمان ومكان. فهو حكم عام فى الذين خسروا أنفسهم، وليس خاصًا بأبناء الذين آتاهم الله الكتاب.
هذه هى علامات الوقف، وتلك هى نماذج من المعانى الحكيمة التى تؤديها، أو جاءت رامزة إليها، وبقيت حقيقة مهمة، لابد من الإشارة إليها.
إن خصوم القرآن يعتبرون علامات الوقف تعديلاً أُدْخِل على القرآن، بعد عصر النزول وعصر الخلفاء الراشدين.
وهذا وهم كبير وقعوا فيه، لأن هذه العلامات وغيرها ليست هى التى أوجدت المعانى التى أشرنا إلى نماذج منها، فهذه المعانى التى يدل عليها الوقف سواء كان جائز الطرفين، أو الوقف أولى من الوصل أو الوصل أولى من الوقف، أو الوقف اللازم أو الوقف الممنوع. هذه المعانى من حقائق التنزيل وكانت ملحوظة منذ كان القرآن ينزل، وكان حفاظ القرآن وتالوه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطبقونها فى تلاوتهم للقرآن، قبل أن يُدوَّن
القرآن فى " المصحف " هذا هو الحق الذى ينبغى أن يكون معروفًا للجميع، أما وضع هذه العلامات فى عصر التابعين فجاءت عونًا لغير العارفين بآداب تلاوة القرآن، دون أن تكون بشكلها جزءا من التنزيل.
تنسيق المصحف:
نعنى ب: تنسيق المصحف " الفواصل بين سوره ب: " بسم الله الرحمن الرحيم " وترقيم آيات كل سورة داخل دوائر فاصلة بين الآيات، ووضع خطوط رأسية تحت مواضع السجود فى آيات القرآن، ثم الألقاب التى أطلقت على مقادير محددة من الآيات مثل:
الربع الحزب الجزء. لأن هذه الأعمال إجراءات بشرية خالصة أُلْحِق بعضها بسطور المصحف، وهو ترقيم الآيات وَوُضِع بعضها تحتها، كعلامات السجود فى أثناء التلاوة.
أما ماعدا هذين فهى إجراءات اعتبارية عقلية، تدل عليها عبارات موضوعة خارج إطار أو سُور الآيات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس فى هذا مطعن لطاعن؛ لأنّاَ نقول كما قلنا فى نظائره من قبل إنها وسائل إيضاح وتوجيه لقرَّاء القرآن الكريم توضع خارج كلمات الوحى لا فى متونها، وتؤدى خدمة جليلة للنص المقدس مقروءاً أو متْلُوًّا.
ولا يدعى مسلم أنها لها قداسة النص الإلهى، أو أنها نازلة من السماء بطريق الوحى الأمين.
والمستشرقون الذين يشاركون المبشرين فى تَصيُّد التهم للقرآن، ينهجون هذا النهج " التنسيقى " فى أعمالهم العلمية والفكرية، وبخاصة فى تحقيق النصوص فيضعون الهوامش والملاحق والفهارس الفنية لكل
ما يقومون بتحقيقه من نصوص التراث. ولهم مهارة فائقة فى هذا المجال، ولم نر واحدًا منهم ينسب هذه الأعمال الإضافية إلى مؤلف النص نفسه، كما لم نر أحدًا منهم عدَّ هذه الإضافات تعديلاً أو تحريفًا أو تغييرًا للنص الذى قام هو بتحقيقه وخدمته.
بل إنه يعد هذه الأعمال الإضافية وسائل إيضاح للنص المحقق. وتيسيرات مهمة للقراء.
وهذا هو الشأن فى عمل السلف رضى الله عنهم فى تنسيق المصحف الشريف، وهو تنسيق لا مساس له ب " قدسية الآيات " لأنها وضعت فى المصحف على الصورة التى رُسِمَتْ بها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تاريخ القرآن
هذا هو تاريخ القرآن، منذ نزلت أول سورة منه، إلى آخر آية نزلت منه، كان كتابًا محفوظا فى الصدور، متلوًّا بالألسنة، مسطورًا على الرقاع، ثم مجموعًا فى مصاحف، لم يخضع لعوامل محو وقرض، ولا آفات ضياع، وضعته الأمة فى " أعينها " منذ نَزَلَ فلم يضل عنها أو يغب، ولم تضل هى عنه أو تغب، تعرف مصادره وموارده، على مدى عمره الطويل، تعرفه كما تعرف أبناءها، بلا زيغ ولا اشتباه.
هذا هو تاريخ القرآن، وضعناه وضعًا موجزًا، لكنه مُلِمٌّ بمعالم الرحلة، كاشفًا عن أسرارها. وضعناه لنقول لخصوم القرآن والإسلام:
هل فى تاريخ القرآن ما يدعو إلى الارتياب فيه، أو نزع الثقة عنه؟
وهل أصاب آياته المحكمة خلل أو اضطراب؟
وهل رأيتموه غاب لحظة عن الأمة، أو الأمة غابت عنه لحظة؟
وهل رأيتم فيه جهلاً بمصدره ونشأته وتطور مراحل جمعه وتدوينه؟ أو رأيتم فى آياته تغييرًا أو تبديلاً؟
تلك هى بضاعتنا عرضناها فى سوق العرض والطلب غير خائفين أن يظهر فيها غش أو رداءة، أو تصاب ببوار أو كساد من منافس يناصبها العداء.
هذا هو ما عندنا. فما هو الذى عندكم من تاريخ الكتاب المقدس بعهديه.
القديم (التوراة) التى بين أيدى اليهود الآن، والجديد (الأناجيل) التى بين أيدى النصارى الآن.
ما الذى تعرض له الكتاب المقدس فى تاريخه الأول المقابل لفترة تاريخ القرآن، التى فرغنا من عرضها؟
تعالوا معنا نفحص تلك الفترة من تاريخ الكتاب المقدس فى رحلته المبكرة:
مولد التوراة وتطورها:
يضطرب أهل الكتاب عامة، واليهود خاصة حول تاريخ التوراة (مولدها وتطورها) اضطرابًا واسع المدى ويختلفون حولها اختلافًا يذهبون فيه من النقيض إلى النقيض، ولهذا عرضوا لتاريخ القرآن بالطعن والتجريح ليكون هو والتوراة سواسية فى فقد الثقة بهما، أو على الأقل ليُحرجوا المسلمين بأنهم لا يملكون قرآنًا مصونًا من كل ما يمس قدسيته وسلامته من التحريف والتبديل. وقد عرضنا من قبل تاريخ القرآن، وها نحن نعرض تاريخ التوراة حسبما هو فى كتابات أهل الكتاب أنفسهم، مقارنًا بما سبق من حقائق تاريخ القرآن الأمين.
الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد تتعلق به آفتان قاتلتان منذ وجد، وإلى هذه اللحظة التى نعيش فيها:
آفة تتعلق بتاريخه متى ولد، وعلى يد من ولد، وكيف ولد، ثم ما هو محتوى الكتاب المقدس؟ وهل هو كلام الله، أم كلام آخرين؟.
والمهم فى الموضوع أن هذا الغموض فى تاريخ الكتاب المقدس لم يثره المسلمون، بل أعلنه أهل الكتاب أنفسهم يهودًا أو نصارى ممن اتسموا بالشجاعة، وحرية الرأى، والاعتراف الخالص بصعوبة المشكلات التى أحاطت بالكتاب المقدس، مع الإشارة إلى استعصائها على الحلول، مع بقاء اليهودية والنصرانية كما هما.ومعنى العهد عند أهل الكتاب هو " الميثاق " والعهد القديم عندهم هو ميثاق أخذه الله على اليهود فى عصر موسى عليه السلام، والعهد الجديد ميثاق أخذه فى عصر عيسى عليه السلام.
والمشكلتان اللتان أحاطتا بالكتاب المقدس يمكن إيجازهما فى الآتى:
(يُتْبَعُ)
(/)
- مشكلة أو أزمة تحقيق النصوص المقدسة، التى تمثل حقيقة العهدين.
- مشكلة أو أزمة المحتوى، أى المعانى والأغراض التى تضمنتها كتب (أى أسفار) العهدين، وفصولهما المسماة عندهم ب"الإصحاحات ".
والذى يدخل معنا فى عناصر هذه الدراسة هو المشكلة أو الأزمة الأولى؛ لأنها هى المتعلقة بتاريخ الكتاب المقدس دون الثانية.
متى؟ وعلى يد مَنْ ولدت التوراة:
هذا السؤال هو المفتاح المفضى بنا إلى إيجاز ما قيل فى الإجابة.
وهو تساؤل صعب، ونتائجه خطيرة جدًا، وقد تردد منذ زمن قديم. وما يزال يتردد، وبصورة ملحة، دون أن يظفر بجواب يحسن السكوت عليه.
وممن أثار هذا التساؤل فى العصر الحديث وول ديورانت الأمريكى الجنسية، المسيحى العقيدة، وكان مما قال:
" كيف كُتبت هذه الأسفار (يعنى التوراة) ومتى كُتبت؟ ذلك سؤال برئ لا ضير فيه، ولكنه سؤال كُتب فيه خمسون ألف مجلد، ويجب أن نفرغ منه هنا فى فقرة واحدة، نتركه بعدها من غير جواب؟!.
فقد ذهب كثير من الباحثين إلى أن خروج موسى من مصر كان فى حوالى 1210 قبل ميلاد السيد المسيح، وأن تلميذه يوشع بن نون الذى خلفه فى بنى إسرائيل (اليهود) مات عام 1130 قبل الميلاد. ومن هذا التاريخ ظلت التوراة التى أنزلها الله على موسى عليه السلام مجهولة حتى عام 444 قبل الميلاد، أى قرابة سبعة قرون (700سنة) فى هذا العام. (444) فقط عرف اليهود أن لهم كتابًا اسمه التوراة؟
ولكن كيف عرفوه بعد هذه الأزمان الطويلة؟ وول ديورانت يضع فى الإجابة على هذا السؤال طريقتين إحداهما تنافى الأخرى.
الطريقة الأولى:
أن اليهود هالهم ما حل بشعبهم من كفر، وعبادة آلهة غير الله، وانصرافهم عن عبادة إله بنى إسرائيل " يهوه " وأن " الكاهن خلقيا " أبلغ ملك بنى إسرائيل " يوشيا " أنه وجد فى ملفات الهيكل ملفًا ضخمًا قضى فيه موسى عليه السلام فى جميع المشكلات، فدعا الملك " يوشيا" كبار الكهنة وتلا عليهم سفر " الشريعة " المعثور عليه فى الملفات، وأمر الشعب بطاعة ما ورد فى هذا السفر؟
ويعلق وول ديورانت على السفر فيقول: "لا يدرى أحد ما هو هذا السفر؟ وماذا كان مسطورًا فيه؟ وهل هو أول مولد للتوراة فىحياة اليهود "؟.
الطريقة الثانية:
أن بنى إسرائيل بعد عودتهم من السبى البابلى شعروا أنهم فى حاجة ماسة إلى إدارة دينية تهىء لهم الوحدة القومية والنظام العام، فشرع الكهنة فى وضع قواعد حكم دينى يعتمد على المأثور من أقوال الكهنة القدماء وعلى أوامر الله؟
فدعا عزرا، وهو من كبار الكهان، علماء اليهود للاجتماع وأخذ يقرأ عليهم هو وسبعة من الكهان سفر شريعة موسى ولما فرغوا من قراءته أقسم الكهان والزعماء والشعب على أن يطيعوا هذه الشرائع، ويتخذوها دستورًا لهم إلى أبد الآبدين.
هذا ما ذكره ديورانت نقلاً عن مصادر اليهود، وكل منهما لا يصلح مصدرًا حقيقيًا للتوراة التى أنزلها الله على موسى؛ لأن الرواية الأولى لا تفيد أكثر من نسبة الملف الذى عثر عليه " خلقيا " إلى أقوال موسى وأحكامه فى القضاء بين الخصوم.
ولأن الرواية الثانية تنسب صراحة أن النظام الذى وضعه الكهان، بعد قراءتهم السفر كان خليطًا من أقوال كهانهم القدماء، ومن أوامر الله؟!
انتهى
تحياتي
ـ[أبو تمّام]ــــــــ[26 Jun 2003, 04:49 م]ـ
شكرا على ردك الممتاز.
ـ[وائل]ــــــــ[26 Jun 2003, 05:11 م]ـ
بارك الله فيك ورزقني وإياك الإخلاص وجعل مثوانا الجنة إنه نعم المولى ونعم النصر، وللعلم يا أخي الكريم فجل ما قمت به أني نسخت لك الرد، اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل به
تحياتي
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[26 Jun 2003, 05:35 م]ـ
للمستشرقين كتابات متعددة حول تاريخ القرآن وجمعه اشتملت على عدد من الأغلاط والشبه والتشكيك بنصوص القرآن الكريم ومن تلك الكتب: كتاب تاريخ القرآن لشفالي، وكذا لبراجتسترا سر، وكذا لجفري، وليتوردور نولدكه، وكتاب مواد لدراسة تاريخ النص القرآني لجفري،وكتاب بيرتون عن جمع القرآن،وغيرها من الكتب والمقالات والتي تطرقت لهذا الموضوع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأقتطف لك جزءا من بحث قصير بعنوان (من شبهات المستشرقين حول القرآن الكريم في دائرة المعارف الإسلامية - مادة القرآن الكريم -دراسة ونقد) كتبته في 27 صفحة تقريبا.واشتمل على نقد عدد من الشبه الواردة في مادة القرآن الكريم في دائرة المعارف الإسلامية.
ومن الشبه قوله [بل إن القرآن لم يجمع إلا بعد وفاة محمد ?] ص8161. وممن صرح بهذه الفرية آرثر جفري () في مقدمة تحقيقه لكتاب المصاحف، وغيره من المستشرقين. وهدف هذا الافتراء الذي فال به المستشرقون،هو التشكيك في حفظ القرآن،والطعن في الكتابة،أو لبيان اختلافها وغير ذلك من الشبهات. مستدلين بذلك بما ورد عن زيد بن ثابت ?أنه قال (قبض النبي ? ولم يكن القرآن جمع في شيء) "فهذا الحديث إن صح فقد بين العلماء المراد منه وهو أن القرآن لم يجمع في صحيفة واحدة في كتاب واحد على غرار ما هو حادث اليوم " (). ويقول الخطابي رحمه الله موضحاً لهذا الحديث: (إنما لم يجمع ? القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته،فلما انقضى نزوله بوفاته أهم الخلفاء الراشدين ذلك…" ().
ثم إنه قد جاء عن زيد بن ثابت ? نفسه أنه قال "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب () واللخاف () وصدور الرجال" ().
وهذا صريح الدلالة في أن القرآن كان مكتوباً في السطور، محفوظاً في الصدور، في عهد الرسول ?.
وبهذا يتبين خطأ هذا الزعم،بل إن القرآن كان مجموعاً قبل وفاة النبي ?،إلا أنه كان مفرقاً. ومما يدل عليه أيضاً:
1 - قوله تعالى: ? إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ? (القيامة:17) فجمعه يشمل معنيين هما حفظه في الصدور،وكتابته في السطور.
2 - وجود كتاب الوحي والذين كانوا يكتبون ما يملي عليهم رسول الله ? من لسان الوحي.
3 - إطلاق لفظ الكتاب على القرآن في كثير من آياته الكريمة، وهذا فيه إشارة إلى أنه كان مكتوباً.
4 - نهي النبي ? في أحاديث مشهورة عن كتابة شيء عنه غير القرآن.
5 - اهتمام النبي ? والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته، ومن ذلك الاهتمام العناية بكتابته ().
وغير ذلك من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة التي تدل على أن القرآن قد كُتب كله على عهد النبي صلى الله ?،تدويناً في السطور،علاوة على حفظة في الصدور.
ومن العجيب أن الكاتب ناقض نفسه في هذا الأمر وهو لا يشعر، ففي موضع آخر قال: [وعند تجميع النص القرآني في عهد الرسول ? اقتضى الأمر بعض المراجعات والتغييرات….] ص 8168.
فها هو كما ترى يثبت أن النص القرآني كان مجموعاً في عهد النبي ?.
وللفائدة ينظر الرابط التالي:
http://medinacenter.org/oriental/shobohat.htm
http://medinacenter.org/oriental/shobohat2.htm
http://medinacenter.org/oriental/o6.html
ـ[ابن العربي]ــــــــ[11 Feb 2004, 01:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
للمزيد من الفائدة أنظر أخي كتاب " آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره دراسة ونقد"
تأليف: عمر إبراهيم رضوان
أصل هذا الكتاب رساله علميه نال بها الباحث درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بإشراف مصطفى مسلم وهو مطبوع في مجلدين الناشر دار طيبة
والله تعالى اعلم(/)
لقاء مشرفي ملتقى أهل التفسير بالأستاذ الدكتور زغلول النجار وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jun 2003, 05:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على تمام فضله وإكرامه، وعلى سابغ إحسانه وإنعامه، وهو الذي بنعمته تتم الصالحات، وببركة عونه تتكامل الأعمال والحسنات، وهو ذو الجلال والإكرام، وذو الطول والإنعام، فله الحمد واجبا، وله الدين واصبا.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف خلقه، وخاتم رسله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
فقد يسر الله بفضله وكرمه لمشرفي ملتقى أهل التفسير وبعض أعضائه الكرام اللقاء بسعادة الأستاذ الكريم الدكتور زغلول النجار في الليلة التي يسفر صباحها عن يوم الجمعة السابع والعشرين من ربيع الثاني للعام الجاري 1424هـ، بمنزل المشرف العام بالرياض.
وقد حضر هذا اللقاء الشيخ د. مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض والمشرف على الملتقى. والشيخ محمد بن عبدالله القحطاني المحاضر بكلية الشريعة بأبها والمشرف على الملتقى. والشيخ محمد بن مصطفى السيد أحد أعضاء ملتقى أهل التفسير والطالب بمرحلة الدكتوراه في قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين والذي نسق لنا هذا اللقاء فجزاه الله خيراً.
كما حضره الشيخ خالد بن عبدالعزيز الباتلي المحاضر بقسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بالرياض وأحد أعضاء ملتقى أهل التفسير، والشيخ حسين المطيري من كلية المعلمين بالرياض، والشيخ سامي جاد الله من دار المحدث للنشر بالرياض.
وحضره من غير الأعضاء شقيقي المهندس عبدالله الشهري، والأستاذ فواز بن عبدالله المحرج المدير العام لمؤسسة رواسن للإنتاج الإعلامي.
وقد كان لقاء مباركاً ناقش فيه الحضور مع الدكتور زغلول النجار عدداً من القضايا المتعلقة بالتفسير العلمي للقرآن الكريم، والإعجاز العلمي، والتعرف عن قرب على جهود الدكتور زغلول النجار في هذا السبيل، حيث يعتبر الدكتور زغلول النجار من المهتمين بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وهو أحد أشهر أساتذة علم طبقات الأرض " الجيولوجيا " في العالم اليوم. وقد سعد الجميع بحسن خلق الدكتور النجار، وطيب معشره، وتواضعه الكبير، وأدبه الجم، مع كبر سنه حيث قد بلغ السبعين من العمر، ولكنه خفيف الروح، حاضر البديهة، أجاب عن الأسئلة وناقش المسائل، بمستوى من العلم والأدب اللائقين بأمثاله من العلماء الكبار وفقه الله.
ونرجو أن يكون هذا اللقاء المبارك فاتحة خير للقاءات أخرى مماثلة مع كبار العلماء المتميزين في العالم الإسلامي الذين أبلوا بلاء حسناً في خدمة القرآن الكريم، تأليفاً وتدريساً.
****
ترجمة الأستاذ الدكتور زغلول النجار:
ولد الدكتور زغلول راغب محمد النجار في قرية مشاري، مركز بسيون بمحافظة الغربية في 17 نوفمبر عام 1933م. حفظ القرآن الكريم منذ الصغر على يد والده الذي كان يعمل مدرسًا بإحدى مدارس المركز. وقد حرص الوالد دائمًا على غرس القيم الدينية والأخلاقية في حياة أبنائه.
تدرج في مراحل التعليم حتى التحق بكلية العلوم بجامعة القاهرة في عام 1951م، ثم تخرج في قسم الجيولوجيا بالكلية في عام 1955م حاصلاً على درجة بكالوريوس العلوم بمرتبة الشرف وكان أول دفعته.
في شبابه .. تأثر الشاب زغلول النجار باليقظة الإسلامية التي ظهرت في ذلك الوقت .. والتي قامت على يد "الشيخ حسن البنا" الذي أسس جماعة "الإخوان المسلمون" في عام 1928م .. إلا أن انتمائه لهذه المسار أثَّر على مسيرة حياته؛ فلم يُعَيَّن الدكتور زغلول – الحاصل على مرتبة الشرف وأول دفعته – معيدًا بجامعة القاهرة، ومن ثَمَّ التحق بعدة وظائف في الفترة ما بين 1955م إلى 1963م؛ حيث التحق بشركة صحارى للبترول لمدة 5 أشهر، ثم بالمركز القومي للبحوث 5 أشهر أخرى .. حتى انضم إلى مناجم الفوسفات في وادي النيل (من إسنا إلى إدفو) لمدة 5 أعوام؛ حيث أثبت الدكتور تفوقًا ملحوظًا، وتمَّ إنتاج الفوسفات في مناجم "أبو طرطور" في خلال 6 أشهر فقط، وخرجت شحنات تجارية تقدر بمليارات الجنيهات .. ولم تنتج هذه المناجم مثل هذه الكمية بعد ذلك حتى هذا الوقت. وفي احتفالية فريق العمل بمناجم الفوسفات بهذا الإنجاز، كانت الإشادة بتفوق الشاب زغلول النجار ودوره في هذا النجاح، وعرفه
(يُتْبَعُ)
(/)
رئيس اتحاد العمال في كلمته قائلاً "عندنا شخصية جيدة تجمع العمال على قلب رجل واحد…"، ولكنه بدلاً من أن يلقى التكريم اللائق كشاب وطني نابغ في مهنته، "فصل" من وظيفته .. لنفس الأسباب السياسية الفكرية .. وهكذا ..
لم يثبت الدكتور زغلول في وظيفة من أي من هذه الوظائف فترات طويلة .. وإنما الثبات كله كان في قلبه المتعلق بالإيمان المضحي في سبيل فكرته .. والتحق الدكتور زغلول بمناجم الذهب بالبرامية .. حتى لاحت له الفرصة للالتحاق بجامعة عين شمس معيدًا بقسم الجيولوجيا بشرط عدم تلاحمه مع الطلاب أو التقصير في أي من محاضراته .. وبالفعل التزم الدكتور زغلول بهذه الشروط .. حتى كان يوم زيارة رئيس الحكومة في ذلك الوقت للجامعة .. وحيث إن الدكتور زغلول لم يُبَلَّغ ولم يعلم من قبل بهذه الزيارة .. حافظ على محاضرته والتزم بتدريسها .. ففصل بعد سنة واحدة من تعيينه في الجامعة، فانتقل للعمل بمشروع للفحم بشبه جزيرة سيناء.
وفي عام 1959م لاحت أول انطلاقة حقيقية للدكتور زغلول النجار في إثبات ذاته، حيث دعي من جامعة الملك سعود بالرياض إلى المشاركة في تأسيس قسم الجيولوجيا هناك.
ومن السعودية استطاع السفر إلى إنجلترا .. وحصل هناك على درجة "الدكتوراه في الفلسفة" في الجيولوجيا من جامعة ويلز ببريطانيا عام 1963م، ثم رشحته الجامعة .. لاستكمال أبحاث ما بعد الدكتوراه من خلال منحة علمية من جامعته .. Robertson, Post-Doctoral Research fellows. ويذكر الدكتور زغلول أنه حينما حاولت إدارة البعثات المصرية الرفض، بعث أستاذه الإنجليزي الذي كان نسيبًا لملكة بريطانيا بخطاب شديد اللهجة إلى البعثات قال فيه: إنه لا يوجد من يختلف على أن الدكتور زغلول هو أحق الدارسين بهذه المنحة التي تمنح لفرد واحد فقط، وهدَّد أن بريطانيا لن تقبل أي طالب مصري بعد ذلك إذا لم يقبل الدكتور زغلول في هذه المنحة .. فبالطبع كانت الموافقة.
موقف لا يُنسى في رحلته!
في أكتوبر من عام 1961م، كانت الباخرة التي ستقل الدكتور زغلول إلى إنجلترا راسية على ميناء بور سعيد .. وفي أثناء إنهاء إجراءات السفر فوجئ الدكتور بأنه ممنوع من السفر، وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع إلغاء هذا القرار هو مدير جوازات بور سعيد .. والذي لم يكن موجودًا في ذلك الوقت .. فكان الدكتور زغلول النجار وأخوه محمد النجار في سباق مع الزمن الذي لم يبق منه إلا القليل .. ذهبا إلى البيت فلم يجداه .. ثم توجها إلى مستشفى الولادة ببور سعيد حين علما بأنه هناك مع زوجته وهي في حالة وضع ..
"كان ضابطًا شهمًا" كما يصفه الدكتور زغلول وقال لهما: "إن زوجتي اليوم كتبت لها حياة جديدة؛ ولذلك ستسافر، وليكن ما يكون" .. أصدر الضابط أوامره إلى السفينة التي كانت تحركت بالفعل للوقوف في عرض البحر .. واستقل الثلاثة قاربًا صغيرًا في جنح الظلام .. وأنزلت السلالم من السفينة في مشهد من جميع ركابها .. يقول د. زغلول "لم أتخيل ارتفاعًا أكبر من ذلك في حياتي"، وهكذا كتب للدكتور زغلول السفر إلى إنجلترا.
أبحاثه العلمية في إنجلترا
قدم الدكتور زغلول في فترة بقاءه بإنجلترا أربعة عشر بحثًا في مجال تخصصه الجيولوجي، ثم منحته الجامعة درجة الزمالة لأبحاث ما بعد الدكتوراة (1963م - 1967م).
حيث أوصت لجنة الممتحنين بنشر أبحاثه كاملة .. وهناك عدد تذكاري مكون من 600 صفحة يجمع أبحاث الدكتور النجار بالمتحف البريطاني الملكي .. طبع حتى الآن سبع عشرة مرة ..
عودته إلى البلاد العربية
انتقل الدكتور زغلول بعد ذلك إلى "الكويت"؛ حيث شارك في تأسيس قسم الجيولوجيا هناك عام 1967م، وتدرج في وظائف سلك التدريس حتى حصل على الأستاذية عام 1972م، وعُيِّن رئيسًا لقسم الجيولوجيا هناك في نفس العام.
ثم توجه إلى قطر عام 1978م إلى عام 1979م، وشغل فيها نفس المنصب السابق. وقد عمل قبلها أستاذًا زائرًا بجامعة كاليفورنيا لمدة عام واحد في سنة 1977م.
نشر للدكتور زغلول ما يقرب من خمسة وثمانين بحثًا علميًّا في مجال الجيولوجيا، يدور الكثير منها حول جيولوجية الأراضي العربية كمصر والكويت والسعودية.
(يُتْبَعُ)
(/)
من هذه البحوث: تحليل طبقات الأرض المختلفة في مصر – فوسفات أبو طرطور بمصر - البترول في الطبيعة – احتياطي البترول – المياه الجوفية في السعودية – فوسفات شمال غرب السعودية – الطاقة المخزونة في الأراضي السعودية – الكويت منذ 600 مليون عام مضت. ومنها أيضًا:
مجهودات البشر في تقدير عمر الأرض، الإنسان والكون – علم التنجيم أسطورة الكون الممتد – منذ متى كانت الأرض؟ – زيادة على أبحاثه العديدة في أحقاب ما قبل التاريخ (العصور الأولى)
كما نشر للدكتور زغلول ما يقرب من أربعين بحثًا علميًّا إسلاميًّا، منها:
التطور من منظور إسلامي – ضرورة كتابة العلوم من منظور إسلامي – العلوم والتكنولوجيا في المجتمع الإسلامي – مفهوم علم الجيولوجيا في القرآن – قصة الحجر الأسود في الكعبة – حل الإسلام لكارثة التعليم – تدريس الجيولوجيا بالمستوى الجامعي اللائق ..
وله عشرة كتب: منها الجبال في القرآن، إسهام المسلمين الأوائل في علوم الأرض، أزمة التعليم المعاصر، قضية التخلف العلمي في العالم الإسلامي المعاصر، صور من حياة ما قبل التاريخ .. وغيرها. كما كان له بحثان عن النشاط الإسلامي في أمريكا والمسلمون في جنوب إفريقيا .. هذا بالطبع بجانب أبحاثه المتميزة في الإعجاز العلمي في القرآن، والذي يميز حياة د. زغلول النجار.
بلغت تقاريره الاستشارية والأبحاث غير المنشورة ما يقرب من أربعين بحثًا. وأشرف حتى الآن على أكثر من ثلاثين رسالة ماجستير ودكتوراة في جيولوجية كل من مصر والجزيرة العربية والخليج العربي.
* رسم د. زغلول النجار أول خريطة جيولوجية لقاع بحر الشمال. وحصل على عدة جوائز منها "جائزة أحسن بحوث مقدمة لمؤتمر البترول العربي عام 1975م، وجائزة مصطفى بركة للجيولوجيا".
* تزوج الدكتور زغلول في عام 1968م ورُزِقَ منها بولدين توفاهما الله سبحانه وتعالى.
* الآن، يشرف الدكتور زغلول على معهد للدراسات العليا بإنجلترا تحت اسم:
Markfield Institute of Higher Education وهو معهد تحت التأسيس يمنح درجة الماجستير أو الدكتوراة في مجالات إسلامية كثيرة مثل الاقتصاد، والمال والبنوك، والتاريخ الإسلامي، والفكر الإسلامي المعاصر، والحركات المعاصرة، والمرأة وحركات تحررها .. إلخ.
* د. زغلول عضو في العديد من الجمعيات العلمية المحلية والعالمية منها: لجنة تحكيم جائزة اليابان الدولية للعلوم، وهي تفوق في قدرها جائزة نوبل للعلوم .. واختير عضوًا في تحرير بعض المجلات في نيويورك وباريس .. ومستشارًا علميًّا لمجلة العلوم الإسلامية Islamic science التي تصدر بالهند .. وغيرها ..
وقد عُيِّن مستشارًا علميًّا لعدة مؤسسات وشركات مثل مؤسسة روبرستون للأبحاث البريطانية، شركة ندا الدولية بسويسرا وبنك دبي الإسلامي بالإمارات .. وقد شارك في تأسيس كل من بنك دبي وبنك فيصل المصري وبنك التقوى وهو عضو مؤسس بالهيئة الخيرية الإسلامية بالكويت ..
الدكتور زغلول عالمًا داعيًا
للدكتور زغلول النجار اهتمامات واسعة متميزة ومعروفة في مجال "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم"، حيث يرى أنه وسيلة هامة وفعالة في الدعوة إلى الله عز وجل، ويقول عن تقصير علماء المسلمين تجاه هذه الرسالة: "لو اهتم علماء المسلمين بقضية الإعجاز العلمي وعرضوها بالأدلة العلمية الواضحة لأصبحت من أهم وسائل الدعوة إلى الله عز وجل"، ويرى أنهم هم القادرون وحدهم بما لهم من دراسة علمية ودينية على الدمج بين هاتين الرسالتين وتوضيحهما إلى العالم أجمع .. لذلك اهتم الدكتور زغلول بهذه الرسالة النابعة من مرجعيته العلمية والدينية في فكره، منذ شبابه. جاب د. زغلول البلاد طولاً وعرضًا داعيًا إلى الله عز وجل .. ولا يذكر أن هناك بلدًا لم يتحدث فيه عن الإسلام من خلال الندوات والمؤتمرات أو عبر شاشات التلفزة، أو حتى من خلال المناظرات التي اشتهرت عنه في مجال مقارنة الأديان.
انتهت ترجمته التي كتبتها الكاتبة نهى سلامة، ونشرت في عدد من المواقع على الانترنت، مع بعض التصرف.
وللدكتور زغلول النجار صفحة أسبوعية في صحيفة الأهرام المصرية، يكتب فيها عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد كان لها صدى واسع في العالم الإسلامي وغيره. وسيأتي الحديث عنها خلال اللقاء. وقد وعدنا بمأئة مقالة من هذه المقالات تشتمل على ألف صفحة، مجموعة على قرص ليزر، وسوف أفيدكم بها لاحقاً إن شاء الله. وسيتم بإذن الله طرح بعض مقالاته للنقاش في ملتقى أهل التفسير إن شاء الله.
والدكتور زغلول النجار له موقع رسمي خاص على شبكة الانترنت، ينشر فيه أبحاثه بعدة لغات عالمية. وهو www.elnaggarzr.com
ويمكن مراسلته عن طريق بريد موقعه info@elnaggarzr.com
وللحديث بقية إن شاء الله.
ـ[عوض احمد الشهري]ــــــــ[01 Jul 2003, 04:42 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ عبد الرحمن على ما أمتعتنا به من سيرة هذا الرجل ونسأل من الله أن يكثر في الأمة من أمثاله فالأمر العجيب الذي ألفت إنتباهي هو بلوغه هذا السن-ماشاء الله -؛ ومع ذلك لم يثنه عن العمل لهذا الدين
نسأل من الله أن يبارك في عمره وأن يختم له بالحسنىونحن متشوقون لمعرفة ما دار من نقاش للمسائل العلمية
هذا ونسأل الله لكم التوفيق والسداد .... آمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو تيمية]ــــــــ[01 Jul 2003, 06:50 ص]ـ
بارك الله في الشيخ زغلول النجار و في من التقى به ..
زغلول النجاز هذا الرجل الداعية النبيل من القلة الذين أتمنى أن يمن الله علي بلقائهم، و العبد الفقير مهتم جدا بمحاضراته العلمية، و الحق يقال: لم أر إلى الآن رجلا تكلم في الإعجاز العلمي القرآني بقوة هذا الرجل ..
و الكلام عن هذا الشيخ الفاضل يطول، لأن له مكانة خاصة في النفس
أسأل الله تعالى أن يبارك فيه و ينفع به ..
الحقيقة إخواني الكرام أغبطكم على ذلك اللقاء الذي لا أشك أنه كان عامرا بالعلم و الأدب ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2004, 05:49 م]ـ
يمكنكم الآن قراءة اللقاء كاملاً على صفحات شبكة التفسير والدراسات القرآنية ( http://www.tafsir.net/zaghlool.php) وفقكم الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2005, 07:24 ص]ـ
أجرى الأخ الكريم فهد السنيدي لقاء بعنوان (شبهات حول الإعجاز العلمي) مع الأستاذ الدكتور زغلول النجار يوم الأحد 7/ 4/1426هـ بالقاهرة. ومعظم محاور اللقاء تم التطرق إليها في لقاء مشرفي شبكة التفسير مع الأستاذ الدكتور زغلول النجار الذي سبق نشره في هذه المشاركة في 26/ 4/1424هـ. وقد شارك الدكتور مساعد الطيار وفقه الله في لقاء قناة المجد مع الدكتور زغلول النجار من خلال الهاتف.
http://www.tafsirnet.com/TafsirNet.jpg
ويمكن الاستماع إلى اللقاء كاملاً من خلال موقع قناة المجد، كما يمكن قراءة اللقاء والعناصر التي طرحها الدكتور مساعد الطيار في اتصاله الهاتفي.
أرشيف برنامج ساعة حوار بقناة المجد ( http://www.almajdtv.com/prgs/archive/hewar/-hewar-pro.html)
وقد أثار هذا اللقاء العلمي الموفق عدداً من النقاشات العلمية الهادئة في الملتقى بعد نهاية البرنامج، وأرجو أن يستمر هذا النقاش العلمي بمزيد من الطرح العلمي الهادئ ليستفيد الجميع إن شاء الله.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[24 Jan 2007, 02:00 م]ـ
جزى الله الاخوة خير الجزاء علي هذه المعلومات النادرة عن الدكتور زغلول حفظه الله والصواب ان اسم قريته (مشال) فلعلها سمعت خطا
ـ[خالد البكري]ــــــــ[24 Jan 2007, 08:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم المسملين
ـ[خالد البكري]ــــــــ[24 Jan 2007, 08:33 م]ـ
] أرشيف برنامج ساعة حوار بقناة المجد
لا يمكن عرض الصفحة،، تأكد منه بارك الله فيك
ـ[طالبة المغفرة]ــــــــ[10 Sep 2010, 03:50 م]ـ
أرجو تكرماً النظر في أمر الرابط.(/)
ِمحمد شحرور وجذور قراءاته المعاصرة لـ الكتاب والقرآن.
ـ[مرهف]ــــــــ[12 Jul 2003, 09:30 م]ـ
ِمحمد شحرور وجذور قراءاته المعاصرة لـ الكتاب والقرآن.
إن مركب (القراءة المعاصرة) يعتبر حلقة من سلسلة صراع طويلة،وله جذوره التي بدأت من أكثر من سبعين عاماً فليس محمد شحرور هو أول من قام بها أو ابتدع هذا المركب البراق بل هو حلقة من سلِسلة تعود بدايتها إلى كتابات علي عبد الرزاق وطه حسين.
لقد ألف الأول ـ على عبد الزاق ـ كتابه " الإسلام وأصول الحكم " نفى الأسس التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام، بينما ألف الثاني ـ طه حسين ـ " في الشعر الجاهلي " الذي روج فيه لآراء المستشرق الإنجليزي مارجليوث إذ طعن في كتابه أصول ومصداقية الشعر الجاهلي مستخدماً المنهج الديكارتي بحجة مواكبة الحضارة الغربية والسير في ركاب حركة التنوير التي تمسحت بالعقل والعقلانية.
ثم جاء محمد أحمد خلف الله وألف كتاب " الفن القصصي في القرآن " وطعن في واقعية الأحداث الواردة في القصص القرآنية.
ثم آزره أمين لطفي الخولي الذي انتهج سبيلاًً أدبياً في الحديث عن الدراسات القرآنية ليُخرج النص القرآني عن كونه كتاباًً منزلاً من عند الله
ثم تطورت اللعبة فنُحت لها هذا المصطلح الخُلَّبي " قراءة معاصرة " ولعب أدوار حلقاتها كلاً من الدكاترة: حسن حنفي، ونصر حامد أبو زيد وسيد محمود القمني ومحمد شحرور وطيب تيزيني.
فمنهم من اتخذ في كتاباته طابعاً فلسفياً ومنهم من اتخذ طابعاً أدبياً في قالب فلسفي، كل ذلك مع أسلوب ماكر في اصطناع المصطلحات الغامضة كالغنوصية،والأيستمولوجية، والأمبريقية،والأنسنة،والإسلاموية،والسلفوية،والماضوية،والمستقبلوية،والأنطولوجية، والبلشفية،والمنشفية،والديالكتيكية،والسيوكولاستيكية، والزمكانية، والميكانزماتية، والسيميولوجية، والهرمونوطيقية، والديماغوجية .... الخ وألفاظ كثيرة غيرها انبهر منها كثير من السذج من المثقفين وظنوها علماً فلاكتها ألسنتهم في المجالس ورسمتها أقلامهم في الكتب لكي يقال عنهم:متنورون .. متحضرون ... عصريون.
وقد تبنى جميعهم فيها المنهج المادي الديالكتيكي التاريخي الماركسي
ولم تكن كتاباتهم هذه وليدة الدراسات الاستشراقية فقط بل كانت متممة وداعمة لها فسميت بعد ذلك بـ " الدراسات الشرق أوسطية "؛ وكانت الغاية منها هدم مفاهيم القرآن ومبادئ الإسلام وإحلال المبادئ الماركسية محلها، ولكنهم سلكوا لذلك سبيلاً ظنوا أنهم يبدعون فيه، فادعوا بأنهم يواكبون الحداثة وروح العصر ويسيرون في طريق التقدم والتطور ومعانقة المستقبل، فرفعوا شعار العلمية والموضوعية وجعلوه حكراً عليهم مقابل نعتهم لغيرهم بالجهالة والجمود والسذاجة والعمالة والتخلف والظلامية والتحجر ووو .. كما فعل ـ على سبيل المثال ـ نصر حامد أبو زيد في قراءاته المعاصرة لمقاصد الشريعة وأصول الفقه والقواعد الشرعية وكانت مجلة العربي الكويتية تنشر مقالاته.
ولعل من المفيد ذكره بيان أن هذا الموكب المريب نشط في وقت يسعى فيه أعداء الإسلام لتغيير صورة الإسلام على النمط الغربي أو على النمط الأمريكي تحت شعار العولمة في محاولة لرسم صورة جديدة للإسلام تتوافق مع المخططات السياسية للقرن الواحد والعشرين.
أما الدكتور محمد شحرور فهو أستاذ جامعي في كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق وقد قضى في تأليف كتابه الأول ـ كما زعم هو ـ أكثر من عشرين عاماً فكان في أكثر من ثماني مئة صفحة وقد أشار المؤلف في مقدمة كتابه إلى المراحل التي مر بها في تأليف الكتاب، فكان أولها عام 1970 في إيرلندا، وكان آخرها عام 1990 عند عودته من روسيا.
ورغم ضخامة الكتاب إلا أنه طبع أربع مرات في خمسة عشر شهراً، فكانت الأولى في كانون الأول عام 1990، والرابعة في الشهر الأول عام 1992.
وحتى لا يضيع الوقت في هذا الكتاب فإني سأعرض تلخيصاً للمنهج المطبق في " الكتاب والقرآن " استنتاجاً كما عرضها السيد ماهر المنجد في كتابه " الإشكالية المنهجية في الكتاب والقرآن " صـ 178 وما بعد بعدما قام بدراسته وبدراسة أهم الدود عليه، فيقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وقد صار بإمكاننا الآن من خلال مجمل ما قدمنا وما وقفنا عليه من الدراسة أن نستنتج المنهج الحقيقي المطبق فعلاً في الكتاب فنلخصه في البنود التالية:
1 ـ تحطيم خصائص اللغة العربية وأنظمتها.
2 ـ عدم المقدرة لقراءة المعجم وفهمه وتفسير الكلمات بغير معناها.
3 ـ مخالفة معجم المقاييس لابن فارس وإهمال المعاجم الأخرى.
4 ـ تزييف حقائق اللغة والإدعاء بما ليس فيها.
5 ـ مخالفة نظرية الجرجاني في النظم من خلال اجتثاث المفردة من سياقها وتجريدها من معناها الحقيقي.
6 ـ إغفال علوم الصرف والاشتقاق التي كان من أئمتها أبو علي الفارسي وابن جني.
7 ـ مخالفة ما ورد في الشعر الجاهلي.
8 ـ الاستخفاف بعقل القارئ وغياب المنهج العلمي الحقيقي.
9 ـ إضفاء صفة العلمية والحقيقة على افتراضات وتصورات محضة فقدت أدلتها وبراهينها.
10 ـ الانطلاق من أفكار الماركسية ومبادئها وإكراه آيات القرآن وقسرها على التعبير عنها
11 ـ اتخاذ آيات القرآن غطاءً لأفكاره وأطروحاته وانهيار العلاقة بين التشكيل اللغوي للآية والمعنى الذي يوضع لها من خارجها.
12 ـ إقحام علم الرياضيات واستخدام ألفاظ العلم والتكنولوجيا بغرض الإرهاب العلمي
13 ـ بناء نظرية فقهية على أسس فاسدة ومقدمات باطلة علمياً ومنطقياً ولغوياً.
14 ـ وضع النتائج قبل المقدمات والإتيان بمقدمات واهية غير مسلم بها ولا ملزمة ولا منطقية
15 ـ عدم التوثيق وانعدام المرجعية مطلقاً وعدم مراعاة أبسط قواعد البحث العلمي.)
ولا ريب أن ما تضمنه الكتاب من ملاقاته هوى في نفوس كثير من المتحللين والإباحيين الذين لا يعنيهم إلا إرضاء شهوتهم والاستمتاع الغريزي الحيواني، وما تضمنه من إرهاب علمي ومصطلحات براقة جوفاء تبهر من يقرأها وما زعمه مؤلفه من الاعتماد على أرضية معارف القرن العشرين ومناقشاته لمواضيع وقضايا فكرية أو اجتماعية أو ... بإسلوب غير منضبط جذاب في محاولة للإقناع لتغيير الواقع ورافق ذلك دعاية إعلامية قوية روج لها منتفعون و داعمون للمشروع أدى إلى انتشار الكتاب بسرعة.
وختاماً أذكر ما قاله السيد ماهر المنجد في آخر كتابه عندما دعي من قبل الأستاذ الدكتور نعيم اليافي إلى حضور ندوة علمية خاصة مع المؤلف الدكتور محمد شحرور في دمشق نظمها اتحاد الكتاب العرب منذ أكثر من سنة وفي أثناء ذلك لا حظ المنجد أن المؤلف كان على العكس تماماً مما وجده في كتابه من تنظيم وتقسيم واصطلاحات فقد كان مشتتاً يتحدث دون ترابط سببي في كلامه، فعندما طلب الدكتور اليافي أن يقدم الكتاب من خلال ثلاث نقاط: تجربته مع الكتاب، مقولته في الكتاب، النتائج التي وصل إليها، تحدث عن كل شيء إلا عن هذه النقاط الثلاث وكان حدبثه مبعثراً ولغته سقيمة ركيكة لا تكاد تستقيم فيها جملة فصيحة ... حتى الآيات القرآنية التي كان يستشهد بها كان يغلط في قولها فيرده الحضور مرة والدكتور اليافي مرة أخرى ثم كانت الطامة الكبرى أن سمى نظرية " النَّظم " لعبد القاهر الجرجاني بنظرية " النُّظم " بضم النون وكررها أكثر من مرة؟؟!!.فما النتيجة التي تخرج بها بعد ذلك يا رعاك الله؟!.
ـ[مرهف]ــــــــ[12 Jul 2003, 09:34 م]ـ
ـ انظر للاستزادة: الماركسلامية والقرآن، المحامي محمد صياح المعراوي صـ 227، التشابه منهج القرآن في فهم القرآن، صلاح الدين خليل الكلاس، صـ 171.ومجلة النهج الماركسية العدد 47 السنة 13 لعام 1997 مقال بعنوان " عودة إلى الجذور " لـ د. قدري جميل، وفي هذا المقال يعرف قدري بالكتاب الجديد للسيد إبراهيم البدراوي " الحضارة البشرية أمام مفترق الطرق " ويبين في هذا المقال وجوب عرض الماركسية بإسلوب جديد يتناسب مع مستجدات الواقع الراهن بكل تعقيداته باستخدام المنهج الجدلي وبالقوانين التي اكتشفها مؤسسوا الماركسية اللينينية وأن يتحمل كل البحاثة والمفكرين الماركسيين بشكل عام مسؤوليتهم في تطوير الماركسية.
وقد ألمح إلى هذه الفكرة أيضاً الدكتور المحامي في رده على القراءة المعاصرة في كتابه " تهافت القراءة المعاصرة " فقال صـ13: (وحيث أنه [أي محمد شحرور] توصل إلى أن الماركسية سلكت الطريق العقلي الموضوعي الموصل إلى الله ولكنها لم تصل إليه، والمسلمون آمنوا بالله بدون أن يعرفوا الطريقة العلمية للوصول إليه والرأسمالية أطلقت الحريات التي أخرجت إبداعات الإنسان وعبقريته وأعطت ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فكان في نظر المؤلف أنه لا بد من نظرية جديدة لإنهاض العرب والمسلمين تقوم على تلبيس الإسلام طاقية الماركسية بعد إدخال التعديلات الجوهرية على الماركسية والإسلام وأن يغلف ذلك بالحريات التي أطلقها المبدأ الرأسمالي وألغتها الماركسية وأن يبهَّر الناتج بالعواطف القومية والوطنية حتى لا يبقى لنظريته لون أو طعم .. ).
ـ وأضيف هنا أيضاً ما قاله الدكتور محمد رفعت زنجير في كتابه " اتجاهات تجديدية متطرفة " صـ 41 وهو يعرض في نقد الكتاب أيضاً: (يبقى أن نشير إلى ما سماه الكاتب [يريد شحرور] بالقانون الثاني للجدل، فهو هنا يحاول إسقاط التفسير المادي للتاريخ على التاريخ الإسلامي، والجدلية نظرية فلسفية نادى بها إنجلز مثلما نادى ماركس بالشيوعية، وكلاهما يهوديان، وقد هوت الشيوعية وهوت معها التفسير المادي للتاريخ وكان من المفترض ةفق التفسير المادي أن تكون الشيوعية هي المحطو الأخيرة في سلسلة النظم الإجتماعية التي عرفتها البشرية، لذا فإن إسقاط المصطلحات المستوردة الميتة على كتاب الله مع ثبوت بطلانها وفشلها وإخفائها فيه تجن كبير على كتاب الله الذي لا يأتيه الياطل من بين يديه ولا من خلفه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2003, 06:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مرحباً بكم أخي الكريم مرهف، وأشكرك على هذه المشاركة النفيسة.
وأتفق معك في ما ذكرته وفقك الله عن كتابات الدكتور محمد شحرور. وأضيف أنه قد كتب في مناقشة كتابه هذا كتاب ثمين هو كتاب (بيضة الديك) للعلامة اللغوي الصيداوي وفقه الله. وقد أتى فيه بنفائس ونوادر.
وقد اشتهرت كتابات الدكتور محمد شحرور في الآونة الأخيرة كثيراً، وكثرت مبيعاتها بشكل ملفت للنظر في معارض الكتاب الدولية في القاهرة وفرانكفورت وغيرها بطريقة غريبة. حتى إن بعض المكتبات كانت تنصح به الزبائن، وتصر على قيمته العلمية، وريادته الفكرية، ونحو ذلك. وعندما تقرأ ما فيها تعجب من هذه الهالة المصطنعة التي لم تحظ بها كتب السلف المحققين، على تواضع فكرها، ورداءة بيانها، وكبر حجمها، وغلاء ثمنها.
أشكرك أخي مرهف، وأرجو منك أن تغوص بنا قليلاً في كتابات هذا الدكتور محمد شحرور الأخرى لتوضيح حقيقة ما يكتبه، ولا سيما أن عناوين كتبه المشهورة تتخذ من القرآن أو الكتاب أساساً تدور حوله، والله المستعان.
وفقك الله، وجزاك عنا خيراً.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[18 Jul 2003, 04:41 م]ـ
http://www.bouti.net/bouti_lecture8.htm
ـ[مرهف]ــــــــ[21 Jul 2003, 05:35 ص]ـ
بسم الله
جزاكم الله خيراً وإنني الآن بصدد جمع الردود وكتابنها سواء من مقالات نشرت أو كتب ألفت مع بعض الأمور التي تزيد خلفية القراءة المعاصرة والمراد منها وأسأل الله تعالى التوفيق لي ولكم وآسف على تأخر الرد بسبب إنشغالي وتعطل الجهاز عندي
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[20 Feb 2006, 06:20 م]ـ
بارك الله فيك أخي مرهف ... بحثك قيم وأدعوك للتعمق أكثر في فهم خلفياته الفكرية والفلسفية فعلى حد علمي لم يفند كتابه حتى الآن بما يكفي والردود الموجودة في غالبها لم تحقق الغرض باستثناء رد الدكتور الصيداوي وهو يتناوله من زاوية واحدة ....
مكمن التلبيس عند شحرور وهو مكمن القوة عند المعجبين به هو الجانب التطبيقي فيه والتحويري الذي مارسه في ضرب الآيات والألفاظ بعضها ببعض ونزعها من سياقاتها أحياناً وتوظيفها فيها أحياناً أخرى ... نريد رداً يكشف عن الركاكة في هذا الجانب بالذات والتناقض فيه ولإشكالات التي تطرأ عليه الإلزامات التي تنتج عنه وهذا الأمر أخي الكريم لو استطعت أن تقوم به بدون تسرع وعلى تريث واستقصاء فسوف يكون لك الأجر العظيم عند الله عز وجل وسيكون جهدك مشكوراً ومبروراً إن شاء الله عز وجل .. فقد رأيت أناساً كثيرين مخدوعين به ويشيدون به وهم لا يشعرون بمواطن الخخل لديه ...
جزاك الله خيراً ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[مرهف]ــــــــ[22 Feb 2006, 01:54 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التشجيع وأسأل الله أن يوفقني لما طلبت، وأعيد قناعتي بأن هذه السلسلة التي ذكرتها يرجع أصولها إلى فكر استشراقي ولكن الذي كنت أبحث عنه هو وجه الربط التاريخي أو الوثائق والأدلة التاريخية التي تربط بين هذه السلسلة التي ما زالت حلقاتها تتدلى والاستشراق ولكم مني فائق الاحترام
ـ[أبو المهند]ــــــــ[14 Jan 2008, 01:31 م]ـ
أرى أن الأخ الفاضل مرهف سقا قد تفضل بما لديه من تحذير وقد نصح جزاه الله خيرا، وأرى إهمال أمثال هؤلاء ليموتوا حتف أنوفهم والموفق من وفقه الله تعالى.
ـ[مرهف]ــــــــ[15 Jan 2008, 04:43 م]ـ
أستاذنا الدكتور خضر حفظكم الله:
عندما تكون أفكار وكتب أمثال هؤلاء منتشرة في الجامعات ويروج لها في الإعلام والمجلات والجرائد ويتكلم بها في اروقة المحافل الثقافية وتطبع في سنة واحدة آلافاً مؤلفة من الطبعات ... ،لا نسكت عنها ونترك أبنائنا فريسة هذه الأفكار التي تشوشهم على أقل التقدير إن لم تضلهم وذلك بسبب استفحال الجهل بالدين بين أبنائنا.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Jan 2008, 01:15 م]ـ
وجهة نظركم محترمة والأمور تقدر بقدرها، ولكل حادثة حديث.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[17 Aug 2010, 06:16 ص]ـ
ارفع هذا الموضوع للاستفادة منه، بارك الله في كاتبه، ودعوة للدكتور مرهف لإكمال كتابته الفاحصة لمثل هذا الفكر المنحرف.
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[14 Sep 2010, 06:57 م]ـ
جزاكم الله تعالى كل خير أخي الدكتور مرهف وجميع من شارك في هذا الموضوع القيم وهنا أرجو من الاخوة عرض مقالة الأستاذ ماهر المنجد بكاملها والتي أشار إليها الدكتور مرهف والتي نشرت في مجلة عالم الفكر التي تصدر عن وزارة الإعلام بدولة الكويت المجلد الحادي والعشرون - العدد الرابع- أبريل - مايو - ينيو 1993 ميلادية بعنوان ((الإشكالية المنهجية في الكتاب والقرآن دراسة نقدية))
فهي بحق من أفضل ما دون في الرد العلمي المنهجي على تلك القراءة وبيان عوارها ومواطن الخلل فيها بعد استعراض موجز للكتاب ولمن تعرض له بالنقد ممن سبقه فيما يقارب من مائة صفحة تقريباً فجزاه الله وكل من ينافح ويذب عن كتاب الله وسنة نبيه صل1 خيرا الجزاء(/)
بحث مختصر في مسألة الإعجاز العددي في القرآن الكريم
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[13 Jul 2003, 07:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذا سؤال ورد إلي من موقع الإسلام اليوم، وأحببت أن أعرض جوابي عليه بين يديكم في هذا الملتقى المبارك راجيا إبداء الرأي وتصويب الخطأ وسد الخلل:
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو أن تكون الإجابة عاجلة ولكم الثواب والأجر، هل يوجد إعجاز عددي في القرآن، مثل ذكر الحديد أو عدد ذكر الرجل والمرأة وغيرها جزاكم الله تعالى خيرا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالكلام عن مصطلح الإعجاز العددي يحتاج إلى دارسة وافية ونظر متأمل، فالكلام حوله كثير والدراسات المعاصرة متعددة ـ وفي الحق ـ فإن من الصعوبة أن أختصر الكلام في هذه المسألة؛ لأنها تحتاج إلى بسط ومزيد إيضاح، ومع هذا فسأجتهد وُسْعِي أن أختصر الكلام، وألخصه في نقاط بما يحضرني، مع يقيني أن المسألة تحتاج إلى مزيد من البحث والعناية، والله المسئول أن يعصمنا من زلل الرأي وخطل القول:
أولا: مصطلح (الإعجاز العددي) مصطلح متأخر بدأ تداوله في العصر الحديث، غير أن الباحث ربما وجد عند المتقدمين ما يمكن أن يسمى إرهاصات له، واستحضر الآن مثالين على ذلك:
- أولها ما أخرجه ابن خزيمة والبيهقي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: (كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا.
قال: فدعاهم وسألهم عن ليلة القدر قال: أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر الأواخر، أي ليلة ترونها؟ قال: فقال بعضهم ليلة إحدى، وقال: بعضهم ليلة ثلاث، وقال: آخر خمس، وأنا ساكت.
فقال: ما لك لا تتكلم؟ فقلت: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت، قال فقال: ما أرسلت إليك إلا لتتكلم، قال: فقلت: أحدثكم برأيي! قال: عن ذلك نسألك، قال فقلت: السبع، رأيت الله ذكر سبع سماوات، ومن الأرضين سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وبرز نبت الأرض من سبع. قال فقال: هذا أخبرتني ما أعلم أرأيت ما لا أعلم ما قولك: نبت الأرض من سبع، قال فقلت، إن الله يقول: (شققنا الأرض شقا) إلى قوله: (وفاكهة وأبا) والأب نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس، قال فقال عمر: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه بعد، إني والله ما أرى القول إلا كما قلت، قال وقال: قد كنت أمرتك أن لا تتكلم حتى يتكلموا وإني آمرك أن تتكلم معهم).
فابن عباس رضي الله عنه نظر إلى تكرر رقم سبعة في عدد من آيات القرآن الكريم، مما يدل على أن له معنى خاصا، فجعله أمارة يستنبط منها أن ليلة القدر الوارد ذكرها في قوله تعالى: (إنا أنزلنا في ليلة القدر) هي ليلة السابع من العشر الآواخر من رمضان، وهذا لا يمنع أن يكون رضي الله عنه استند في فهمه إلى قرائن أخرى.
- والثاني: أننا نجد عند بعض المفسرين من السلف ومن بعدهم محاولات لبيان معنى حروف التهجي التي افتتح بها بعض سور القرآن الكريم معتمدين في ذلك على حساب الجمل (وهو ما كان يعرف عند العرب قديما من وضع قيمة رقمية لكل حرف عربي حسب ترتيب (أبجد هوز) ويسمونه: حساب الجمل، وانظر في هذا إلى ما أشار إليه الألوسي وابن عاشور في تفسيرهما رحمهما الله، ولا يضيرنا أن تكون تلك المحاولات قد أصابت الحق أو أخطأته، لأن المراد البحث في نشأة هذا النوع من الدراسة.
إلا أن هذا المصطلح قد أحاط ظهوره في العصر الحديث كثير من الدخل والدخن؛ فالحسابات العددية ارتبطت بالبهائية (وهي أحد الفرق الباطنية الضالة) وعلى تلك الحسابات اعتمد ـ الهالك ـ رشاد خليفه في دعوى النبوة، وهذا الارتباط مع عوامل أخرى، جعل كثيرا من الدارسين يقف من هذا الاتجاه الجديد موقف الريب، وينزع فيه منزع الشك، ومن أبرز العوامل ـ أيضا ـ ما اتسمت به كثير من الدراسات المتعلقة بالإعجاز العددي من مظاهر التكلف وصور التمحل وافتقاد المنهجية المطردة المنضبطة، مما يُجل القرآن الكريم عنه، إلى عوامل أخرى ربما ورد ذكرها في ثنايا الكلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: عند النظر في مصطلح (الإعجاز العددي) نجده يتركب من جزأين: الإعجاز، والعدد. والأمر المعجز: هو الشيء الذي لا يُستطاع ويُعجز عنه، قال في القاموس عند تعريف المعجزة: هي ما أعجز به الخصم عند التحدي. والعد والعدد: الإحصاء، ويُراد به هنا الأرقام المعروفة التي يُعد بها ويُحصى.
وبهذا يظهر أن مصطلح الإعجاز العددي يراد به ـ وبحسب ما تبين لي من خلال الدراسات المتعلق به ـ أنه: (ما ورد في القرآن الكريم من أشارت إلى حقائق كونية بطريق الحساب العددي).
ومن خلال هذا يتبين أن مصطلح الإعجاز العددي يتألف من ركنين أساسين:
أولهما: أن يكون أمراً معجزاً ليس في مقدور البشر المجيء بمثله.
الثاني: أن يكون الأمر المعجز معتمداً على الأرقام والأعداد.
إن معرفة هذين الركنين في مصطلح (الإعجاز العددي) أمر أساس، فلكي يصح أن نطلق على ذلك النوع من الدراسات أنها من قبيل البيان لما في القرآن الكريم من إعجاز عددي، فيجب أن يتوفر فيها هذان الركنان:
الأول: أنها أمر معجز.
والثاني: أنها تعتمد على لغة الأرقام والأعداد.
وبهذا يظهر لنا جلياً الخلل الكبير الذي اتسمت به كثير من الدراسات المتعلقة بهذا النوع من الإعجاز، وقد أشار السائل الكريم إلى مثال على هذا، وهو تساوي ذِكْر الرجل والمرأة في القرآن الكريم أو تساوي ذكر الدنيا والآخرة، أو الملائكة والشياطين، فهذه أمور ذكرها من كتب في الإعجاز العددي مستشهدا بها على ما في القرآن الكريم من إعجاز عددي، وهذه الأمثلة ونحوها لو سُلِم بصواب عَدِها وانضباطهـ مع أن فيها نظر ـ فهي ليست مما يندرج ضمن الأمور المعجزة التي لا يُقدر عليها، فأنت مثلا تستطيع أن تؤلف كتابا ضخما وتتعمد أن تراعي تساوي عدد المرات التي تذكُر فيها لفظ الرجل والمرأة، أو لفظ الدنيا والآخرة، أو لفظ الملائكة والشياطين، فمثل هذا لا خلاف أنه في مقدور كل أحد أن يفعله، وإذاً فهو ليس أمراً معجزاً، فلا يصح أن يدرج في البحوث المتصلة بالإعجاز العددي. لأنها غير معجزة أصلا، وربما ازداد الأمر وضوحا في الفقرة الرابعة.
ثالثا: أما ما يتعلق بالحكم الشرعي على هذا النوع من الدراسات الحديثة، فقد أبدى كثير من المختصين في الدراسات القرآنية تحفظهم الشديد على هذا النوع من البحوث المتصلة بالقرآن الكريم، بل رأينا المبالغة في النكير على القائلين به والداعين إليه، حتى خرج البحث عن المسار العلمي إلى نطاق يتعلق بالأشخاص، وهذا شطط لا موجب له. وربما أثر في هذا ما أحاط نشأته من إشكالات وما اتسمت به كثير من دراساته بالتكلف والتمحل ـ كما سبق الإشارة إليه ـ إننا قبل أن نطلق الحكم الشرعي على هذه المسألة يجب أن نطرح سؤالا منهجيا مهما وهو:
هل هذه (الأعداد المعجزة) التي يُذكر أنها في القرآن الكريم، والتي تشير إليها البحوث والدراسات المعاصرة جائزة الوقوع عقلا؟ بحيث لا يمتنع وقوعها عقلا في القرآن الكريم، وبمعنى آخر هل هناك ما يمنع من ورود أرقام وأعداد تحسب بطريقة ما فتدل على حقائق علمية وكونية؟
إن هذا سؤال جوهري، الإجابة عليه بشكل علمي تزيل كثيرا من الحرج، وترفع كثيرا من اللبس في هذه المسألة، والظاهر عندي أن هذا الأمر جائز الوقوع عقلا؛ لأنه لا يوجد ما يحيل وقوعه لا من حيث نصوص الشرع، ولا من حيث جريان العادات والسنن، كما أنه تعالى لا يعجزه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرة، وعدم وجود المانع دليل على الجواز قطعا، على أنه لا تلازم بين الجواز العقلي والوقوع الفعلي، إذ ليس كل ما يجوز عقلا يقع فعلا، وهذا لا إشكال فيه بحمد لله.
ومتى صار بنا البحث إلى التسليم بجواز وقوعه عقلا، فلا معنى للقول بمنعه والحكم بتحريمه ابتداءً، لأنه ممكن الوقوع، ومتى ما وقع صار ذات الوقوع دليلا على جوازه شرعا، مثال ذلك: حينما نقول: يجوز عقلا ورود إشارة في القرآن الكريم إلى إحدى الحقائق الكونية التي كشفها العلم الحديث، فلا يلزم منه أن ترد في القرآن الكريم، لكن متى ما وردت كان ذلك الورود بعينه في القرآن دليلا على جواز البحث القرآني في مثل هذه المسائل شرعا وصحة القول بها، وكذا الحال هنا في المسألة محل البحث، وهذا يجعلنا على حذر من المسارعة إلى الإنكار والتحريم لهذا النوع من الدراسات، معتمدين في ذلك على ما نراه من دراسات جانبت الصواب؛ لأن الإنكار
(يُتْبَعُ)
(/)
والتحريم سيذهب سُدى بمجرد أن تظهر دراسة علمية رصينة تكشف دلالة الحساب العددي في القرآن الكريم على حقيقة علمية ما، لا سبيل إلى ردها أو التشكيك فيها، إلا بنوع من المكابرة.
ـ وفي الحق ـ فلا تلازم بين القول بجواز هذا النوع من الدراسة من حيث النظر العقلي وتصحيح البحوث الموجودة اليوم، بل فيها ما هو باطل قطعا، وفيها ما دون ذلك مما يحتاج إلى مزيد من النظر، وإنما المقصود بحث هذه المسألة بحثا علميا مجرداً.
رابعاً: من المسائل المهمة التي وقع خلال كبير نتيجة عدم الوعي بها، أن كثيرا من الدراسات ذات الصلة بموضوع الإعجاز العددي، لا تفرق بين ما توفر فيه ركنا الأمر المعجز ـ كما تقدم في الفقرة الثانية ـ وبين ما أخل بهذين الركنين أو أحدهما، فأدخلوا بعض الحسابات العددية التي توصلوا لها وفق عملية حسابية معينة ضمن إطار الإعجاز، وهذا خلال في المنهج، وقد مَرّ قريبا في الفقرة الثانية ضرب بعض الأمثلة على هذا الأمر، ومن الأمثلة كذلك قول بعضهم: إن لفظة الجهر ورد في القرآن (16) مرة، مساويا لفظ العلانية، ولفظ إبليس وردت (11) مرة ويساويه لفظ الاستعاذة بالله، ولفظ الرغبة بلغ (8) مرات ويساويه لفظ الرهبة، فهذه وأمثالها ـ كما مر ـ ليست أمرا معجزا لا يُقدر عليه؛ لأن كل أحد يقدر على هذا، وإذاً فمثل هذه التوافقات العددية في القرآن الكريم ليست من الإعجاز، ويمكن أن نطلق عليها مصطلح الظاهرة العددية في القرآن الكريم.
فهي حقيقة ظواهر عددية في القرآن الكريم، وليست أمرا معجزا يدرج ضمن بحوث الإعجاز العددي، وعليه فيجب أن يفرق بين الظاهرة العددية في القرآن وبين الإعجاز العددي فيه.
ولا يفهم من هذا النهي عن الاشتغال بمثل هذه الظواهر العددية، ذلك أن السلف قديما أحصوا حروف القرآن الكريم بشكل دقيق وتفننوا في ذلك وشققوا المسائل فيه وفرعوا، فلنا فيهم أسوة، وإنما أردت القول إنها ليست من ضمن البحث الإعجازي في القرآن الكريم.
خامسا: من خلال ما قرأته من دراسات تتعلق بموضوع الإعجاز العددي ظهر لي بشكل جلي ـ وأعتقد أن كثيرا من المختصين يشاركونني هذا الرأي ـ أن هذا النوع من الدراسات يفتقر إلى المنهجية العلمية التي تحكم مساره وتضبط أبحاثه، ولا سيما أن هذا النوع من الدراسات قد يتأثر بمقررات عند الباحث سابقة لدراسته، قد تجعله ـ حتى من غير قصد ـ يتحكم في مسار البحث واتجاه الدراسة، ومن صور افتقاد المنهجية اعتماد بعض الدراسات على بعض المسائل الخلافية المتصلة بالقرآن الكريم التي لم يزل الخلاف فيها بين أهل العلم قائما، نحو رسم المصحف وترتيب السور، حيث وجدت أن بعض من كتب في هذا المجال يصرح بشكل واضح أنه ينطلق في أبحاثه من اعتبار رسم المصحف أمرا توقيفيا، وهذه المسائل الخلافية وإن كان المرء ربما يرجح فيها قولا ما، فمن الصعب أن يجعل اختياره وترجيحه أساسا منهجيا يُبنى عليه دراسات علمية، بل قد رأيت من تلك الدراسات ما يعتمد على بعض ما أُحدث في رسم المصحف الشريف من الأحزاب والأجزاء، وهذا خلال منهجي خطير؛ لأن هذه الأحزاب والأجزاء أمور حادثة من صنع البشر، بل هي مخالفة لما كان عليه الشأن في عصر النبوة حيث اشتهر أن القرآن الكريم كان يقسم إلى الطوال والمئين والمثاني والمفصل، فهذه الأمور المحدثة في رسم المصحف ليس لها العصمة التي لكلام الله حتى يبنى عليها وتجعل مأخذا ومنزعا لما يسمى بالإعجاز العددي؛ لأن الباحث ينطلق مما للقرآن الكريم من عصمة باعتباره كلام الله جل وعلا، فيجعله دليلا يرشده إلى حقائق كونية أو مسائل غيبية، ولولا هذه العصمة لم يصح استدلاله، فكيف يساوى هذا بما هو من اجتهاد البشر وصنعهم. ومن الأمثلة التي نُذَكِر بها هنا ما تردد كثيرا بعد الأحداث التي وقعت في أمريكا، واستدلال بعضهم عليها بما ورد في سورة التوبة، معتمدين في جزء من قوله على هذه الأجزاء والأحزاب.
ومما يذكر في هذا الصدد؛ أن تكون الدراسات التي يتوصل لها الباحث ذات قيمة علمية، أي أن تكون ذات معنى علمي مفيد مهما كان مجاله، شرط أن تكون ذات قيمة علمية أو فائدة عملية، و إلا كانت عبثا ينزه كلام الله عنه، وتصان الدراسات المتعلقة به عن مثله.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهاك مثالا ذكره أحد أشهر المهتمين بالدراسات العددية في القرآن الكريم حيث يقول: إنّ سورة النمل تُستهلّ بـ (طس) وقد لفت انتباهنا أنّ حرف الطاء يتكرر في السورة 27 مرّة، وهذا هو ترتيب سورة النمل في المصحف، وأنّ تكرار حرف السين في سورة النمل هو 93 وهذا هو عدد آيات السورة، وأن المجموع هو: (27+ 93) = 120 وهذا هو جُمّل كلمة (نمل) " أ. هـ كلامه.
ويريد بقوله (جمل) أي حساب الجمل الذي تقدم بيانه، فهذا المثال على فرض التسليم بصحة ما تضمنه من أرقام وحساب، فإن المحصلة النهائية له ليست ذات قيمة علمية أو عملية، فضلا عن أنها ليست أمرا معجزا في ذاتها، فأين هذا من وصف ربنا جل وعلا لكتابه الكريم بقوله: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).
سادساً: وأخيرا أود أن أختم هذا الكلام بالتذكير ببعض التنبيهات التي لا تغيب عن فطنة القارئ الكريم:
- أولها: يجب أن لا يغيب عن النظر ونحن ندرس ما في القرآن الكريم من تلك الإشارات الكونية، أن القرآن الكريم لم ينزل ليكون كتاب علوم كونية أو دلالة على حوادث غيبية، بل هو كما أخبر جل وعلا كتاب هداية وبيان وإيضاح ورشاد، فلا يضير القرآن الكريم أن لا يوجد فيه شيء من تلك المسائل، وإذا فنحن لسنا بحاجة إلى أن نتكلف أمرا لم يدل عليه القرآن الكريم بشكل جلي بعيد عن الكلفة والتحمل.
-ثانيها: لقد رأينا بعض الدراسات التي تتعلق بمسائل غيبية أوحوادث مستقبلة ـ وفي الحق ـ فهذا دحض مزلة، ومسلك خطر، لا تُأمن فيه السلامة، ولم يزل الدجل والإفك يقترن بماتصل بالغيبيات والأمور المستقبلة من بحوث ودراسات، ومسائل الغيب قد حجبها الله عن عباده إلا من ارتضى من رسله، فينبغي أن تنزه البحوث المتعلقة بالقرآن الكريم عن الخوض في هذا البحر اللجي.
-ثالثها: كثير من المحاولات التي نراها اليوم يقوم بها أناس فيهم غيرة ومحبة لهذا الدين، لكنهم ليسوا على علم راسخ بالقران الكريم، ولا معرفة بالأدلة الشرعية والأصول المرعية، وأهل العلم مجمعون على أن الناظر في كلام الله عز وجل ـ حتى يجوز له الكلام فيه ـ لا بد أن يستجمع أموراً معروفة ويحقق شروطاً معلومة، ومن نتائج الخلال في هذا الجانب والقصور فيه، أننا رأينا بعض الدراسات تنطلق من قناعات سابقة في أمر ما، تكون حكما على القرآن الكريم، حتى إنك ترى الباحث يتكلف ويتمحل في البحث والاستنتاج حتى يصل إلى تلك النتيجة المقررة عنده سلفا.
وأخيرا فلعلك ـ أيها السائل الكريم ـ قد تبين لك أن مسألة الإعجاز العددي أمر جائز الوقوع عقلا، ولا يوجد ما يمنع من ورود ما يؤيده في القرآن الكريم، غير أن التكلف والتمحل في الإبحاث ذات الصلة وافتقاد المنهجية شابت كثيرًا من تلك الدراسات، مما يجعل المرء على حذر من قبولها مطلقا دون فحص ونظر.
هذا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[13 Jul 2003, 08:43 م]ـ
عذرا الاعجاز العددي لا بد فيه من تناول ثلاثة مسائل
الاولى هل الشرع يقر نسبة هذه الاستنتاجات اليه ?
الثانية هل تدخل هذه الموافقات العددية في مفهوم الاعجاز ?
الثالثة ماضوابط وشروط اعتبار التوافق العددي ?
وقد تفضلتم بالاجابة عن المسالة الثانية تفصيلا ويستفاد بعض جواب المسالة الثالثة من كلامكم تصريحا وضمنا وتبقى المسالة الاولى بلا جواب مع كونها اصل البحث ولو اذنت لي ان اشارككم الحديث لاجبت بالنفي للاوجه الاتية
1 - اهمال النبي صلى الله عليه وسلم لها مع توفر الداعي وانتفاء المانع
2 - ان هذا التوافق ليس مما يدخل في اطار الكمالات في لسان العرب محل الاعجاز القراني
3 - ان فتح هذا الباب يؤدي لمفاسد راجحة قطعا
ولكم جزيل الشكر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jul 2003, 06:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك أخي الكريم أبا فارس على طرح هذا الموضوع بطريقة منظمة مرتبة كما هي عادتكم وفقكم الله. وما أشرتم إليه من مسائل، وأمثلة توضيحية، وشروط، واستدراكات قد وفقتم فيه كثيراً ولله الحمد. ويبقى الأمر بعد ذلك مطروحاً لتتبع الأدلة والمؤلفات في هذا الباب بشيء من العمق العلمي، والنظر إلى الأمر من جميع جوانبه حتى تتضح الصورة، ويتبين الحق من غيره في مثل هذه المسائل التي يشتد ولع الناس بها، ويخوض فيها كثير من الكاتبين في مناسبات مختلفة، وبمناهج كثيرة بعلم أحياناً، وبغير علم أحياناً.
ولا شك أن الدعوة إلى المنهجية في تناول قضايا البحث العلمي، والعمق فيها من الأمور التي يجب أن لا نمل من تذكير أنفسنا بها، والحرص على تنمية هذا الجانب بقدر الطاقة البشرية. فإن هذا الأمر مما يثري البحوث، ويبعث على الثقة بها. وإن كان هذا الأمر يحتاج إلى معاناة شديدة لكلام العلماء قديماً وحديثاً، وقدرة على فهم كلامهم على وجهه، دون تكلف في الإثبات أو النفي. وما أجمل التوسط والاعتدال في كل الأمور.
والسير في طريق الاعتدال **من أفضل العادات والخصالِ
وهناك كتاب نقدي لكتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم سبقت افشارة إليه في الملتقى، وهو كتاب يتميز بالإنصاف في المناقشة والحوار، والأدب في الأخذ والرد. وهو كتاب
رسم المصحف والإعجاز العددي
(دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم)
للدكتور أشرف عبدالرزاق قطنة.
وقد قدم له الدكتور وهبة الزحيلي، والأستاذ محمد راتب النابلسي، والأستاذ نذير كتبي.
والكاتب قام بشكل رئيسي في كتابه هذا بدراسة ثلاثة كتب اعتنت بموضوع الإعجازز العددي في القرآن الكريم، هي:
1 - كتاب (معجزة الرقم (19) - مقدمات تنتظر النتائج).
لكاتبه بسام نهاد جرار. وهو يدرس العلاقة بين الحروف في فواتح السور، وبعض كلمات القرآن الكريم والعدد 19.
2 - كتاب (الإعجاز العددي للقرآن الكريم) لمؤلفه الدكتور عبدالرزاق نوفل. وهو يدرس العلاقات بين تكرار ورود الكلمات المترادفة والمتضادة في القرآن الكريم.
وفقكم الله أخي ناصر لما يحب ويرضى، وأرجو أن يتواصل هذا الجهد العلمي الموفق في موقع الإسلام اليوم وموقع أهل التفسير فالهدف واحد ولله الحمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[19 Jul 2003, 12:15 ص]ـ
للرفع والفائدة
قال الشيخ خالد بن عثمان السبت
((هذا النوع من الإعجاز باطل جملة وتفصيلاً، إذ لم يكن معهوداً لدى المخاطبن بالقرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الأمة بكتاب الله، وأبرها قلوباً، وأكثرها صواباً، فلم ينُقل عن أحد منهم بإسناد صحيح شئ من هذا القبيل إطلاقاً، ولو كان هذا من العلم المعتبر لكانوا أسبق الناس إليه، وأعلم الأمة به، وذلك أن هذا الأمر لا يتطلب آلات وتقنيات حتى يتمكن الإنسان من اكتشافه، وإنما هو مجرد إحصاء وعدد، وهذا أمر لا يُعْوِز أحداً، وقد عدَّ السلف جميع كلمات القرآن، وجميع حروفه، وعرفوا بذلك أعشاره، وأرباعه، وأثلاثه، وأخماسه، وأسداسه، وأسباعه وأثمانه وأنصاف ذلك كله، وغير ذلك بدقه متناهية كما هو معروف في محله [انظر في ذلك على سبيل المثال: فنون الأفنان لابن الجوزي، البرهان للزركشي، الاتقان للسيوطي 1/ 197، جمال القراء للسخاوي 1/ 231].
فكيف خفي عليهم هذا العلم جملة وتفصيلاً وعرفه من بعدهم؟ هذا لا يكون أبداً، وما يذكره بعضهم من أمثلة على هذا الإعجاز المزعوم كثير منه لا يصح فيه العد أصلاً – كما في موضوعنا هذا كما سيأتي – وما كان العد فيه صحيحاً فإنه ما يُذكر معه إنما هو من باب الموافقة والمصادفة، ولا يعجز الإنسان إذا أحصى أموراً كثيرة مما ورد في القرآن – مثلاً – كعدد المرات التي ذكرت فيها الجنة، والنار، والبر، والأبرار، والخير، والشر، والنعيم، والجزاء، والعذاب، والمحبة، والبغض، والكفار، وأصحاب الجنة، وأصحاب النار، والمؤمنون، والكفار، والمنافقون، والكفر، والإيمان، والنفاق ... الخ.
فإذا أحصيت ذلك كله ستجد أشياء منه تستطيع أن تلفق منها بعض الفِرَى، فقد تتساوى بعض الأعداد، أو يكون بعضها على النصف بالنسبة لغيره، وهكذا مما لا يعجز معه أهل التلبيس من إيجاد وجوه للربط بينها، يطرب لها بعض السذج والمغفلين.))
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Jul 2003, 12:28 ص]ـ
مقال ماتع نافع ابا فارس:
واحببت ان اطرح عليك ما يلي
ما دام ان الأمر هو دراسة للمصطلح ألا ترى أن لفظ الإعجاز كذلك من المصطلحات الحادثة إذ لم يرد في القرآن والسنة بهذا المصطلح وإنما ورد بلفظ الآية.
ولذا فأصل التسمية فيه خلل والذي بنيت عليها النتيجة التالية:
وبهذا يظهر لنا جلياً الخلل الكبير الذي اتسمت به كثير من الدراسات المتعلقة بهذا النوع من الإعجاز، وقد أشار السائل الكريم إلى مثال على هذا، وهو تساوي ذِكْر الرجل والمرأة في القرآن الكريم أو تساوي ذكر الدنيا والآخرة، أو الملائكة والشياطين، فهذه أمور ذكرها من كتب في الإعجاز العددي مستشهدا بها على ما في القرآن الكريم من إعجاز عددي، وهذه الأمثلة ونحوها لو سُلِم بصواب عَدِها وانضباطهـ مع أن فيها نظر ـ فهي ليست مما يندرج ضمن الأمور المعجزة التي لا يُقدر عليها، فأنت مثلا تستطيع أن تؤلف كتابا ضخما وتتعمد أن تراعي تساوي عدد المرات التي تذكُر فيها لفظ الرجل والمرأة، أو لفظ الدنيا والآخرة، أو لفظ الملائكة والشياطين، فمثل هذا لا خلاف أنه في مقدور كل أحد أن يفعله، وإذاً فهو ليس أمراً معجزاً، فلا يصح أن يدرج في البحوث المتصلة بالإعجاز العددي. لأنها غير معجزة أصلا، وربما ازداد الأمر وضوحا في الفقرة الرابعة
أم أن هذا الأمر مبني على رأي من كتب فيه فما رأيك وفقك الله.
ـ[مرهف]ــــــــ[22 Jul 2003, 01:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وفقك الله أخي ناصر على هذه الدراسة النافعة لموضوع الإعجاز العددي في القرآن الكريم،
أريد أن أبين أمراً قبل التعليق على المشاركة وهو أن الذين كتبوا بالإعجاز العددي وروجوا له هم أهل العقائد الباطلة والنحل المنحرفة المنتسبة للإسلام، ففي بلادنا راجت كتب الإعجاز العددي وجل من يكتب فيه من الباطنية، ثم انجر الأمر على بعض المثقفين الذين ينبهرون بكل جديد استخدم له مصطلحات ضخمة توهم عظمة ما يقدم تحت هذا المصطلح، ولبساطة هؤلاء وسذاجتهم وعدم معرفتهم لأبعاد هذا الأمر كتبوا في الإعجاز العددي فكتب المهندس عبد المنعم الكحيل مثلاً سلسلة الإعجاز العددي في القرآن وأصدر ثلاث أعداد من هذه السلسلة وعظم وضخم من أهمية إثارة هذا العلم، وعده الإعجاز المقصود في القرآن في
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا العصر وذكر في مقدمة العدد الأول من سلسلته أن اللغة المستخدمة في هذا العصر هي لغة الأعداد والأرقام، ولم يعد للكلام قيمة كالعدد، وبما أن القرآن معجز في كل زمان، وكان إعجازه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والعصور الأولى هو في أسلوبه وبيانه، وكانت اللغة العربية هي المتعامل بها، فإننا الآن نتعامل بالعدد والرقم ولم يعد الناس يفهمون اللغة العربية، والقرآن لاينفك عن الإعجاز في كل زمان فلا بد أن يكون اليوم إعجازه من نوع آخر، ألا وهو الإعجاز العددي حتى نثبت للعالم أن القرآن معجز في كل زمان. (الكلام مع تصرف مني)، وكان عمله في عد كلمات الآية ثم تقسمها ومعرفة جذرها ليخرج بنتيجة أن أكثر الآيات تقبل تعود لجذر العدد 33 مثلاً
ولست بصدد الرد على هذه المغالطات والحجج الباطلة، ولكني عرضت لهذا الأمر من أجل أن نعلم أن مصطلح (الإعجاز العددي) وليد أبوين غير شرعيين وهما: الفرق الباطنية، والتأثر بالمستوردات الغربية ما هب منها وما دب مع ضعف الوعي والتسلح بالعلم الشرعي.ومعرفة هذا يفيدنا للحذر من أبعاد هذا الفن على العقيدة والشريعة والبحث في حيثياته للحكم عليه.
ثم أنتقل الآن للتعليق على ما سبق من كلام الأخوة:
أولاً:استدلال الأخ ناصر بحديث عمر رضي الله عنه واستدلال ابن عباس على كون ليلة القدر هي السابع والعشرون فقال: (فابن عباس رضي الله عنه نظر إلى تكرر رقم سبعة في عدد من آيات القرآن الكريم، مما يدل على أن له معنى خاصا، فجعله أمارة يستنبط منها أن ليلة القدر الوارد ذكرها في قوله تعالى: (إنا أنزلنا في ليلة القدر) هي ليلة السابع من العشر الآواخر من رمضان، وهذا لا يمنع أن يكون رضي الله عنه استند في فهمه إلى قرائن أخرى).ليس دليلاً على وجود الإعجاز العددي أو ما سماه بالإرهاصات فالحديث أولاً ضعيف كما ذكر ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف، ثم قال ابن رجب بعدما ذكر الحديث: (وقد صح عن ابن عباس أنه كان ينضح على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين) ثم ذكر ابن رجب أن طائفة من المتأخرين استنبطت من القرآن أنهاليلة سبع وعشرين من موضعين:
أحدهما: تكرار ذكر ليلة القدر في ثلاثة مواضع، وليلة القدر حروفها تسع حروف والتسع إذا ضربت في ثلاثة فهي سبع وعشرون.
والثاني أنه قال (سلام هي) فكلمة (هي) هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة فإن كلماتها كلها ثلاثون كلمة.ثم نقل ابن رجب عن ابن عطية الغرناطي أنه قال: (هذا ملح التفسير لا من متين العلم) قال ابن رجب: (وهو كما قال.).
فأمثال هذه الأمور كانت عندهم معلومة ولكنهم يعدون المشتغل بها كالمشتغل بما لا يعنيه ولذا فإنهم لم يعظموا شأنه ولم يلتفتوا إليه ولم يجعلوه إعجازاً.
أما ما ورد عن بعض المفسرين من السلف في حساب الجمل للحروف المقطعة في القرآن أوائل السور، فيقول ابن جرير الطبري رحمه الله 1/ 68 في تفسير سورة البقرة عند تفسير (ألم): (وقال بعضهم هي حروف من حساب الجمل كرهنا ذكر الذي حكى ذلك عنه إذ كان الذي رواه ممن لا يعتمد على روايته ونقله.).وفي هذا بيان أن مثل هذه الأمور التي تسمى بالإعجاز العددي كانت موجودة كما ذكر الأخ ناصر إلا أن السلف رضي الله عنهم كانوا يكرهونها.
ثانياً: تعريف الإعجاز العددي بما ذكره الأخ ليس جامعاً مانعاً وإنما بقتصر على نوع من الإعجاز العددي الذي يروج له أصحابه، وكما ذكر الأخ فإن التطبيقات القائمة لهذا الفن لا تنبئ عن إعجاز، وإنما هي ظواهر ـ كما اصطلح عليها الأخ ناصر ـ إن صحت وصح الإستدلال بها وصح مدركها، ولكني أرتاح لما قاله الأخ: سين ـ حبذا لو يذكر اسمه ـ أنها موافقات، أي أن المكتشفات العلمية وافقت ما أشار إليه النص القرآني من أعداد هذا إن سلمت وصحت.
ولكن ألا تشاركوني الرأي أن تساوي ذكر عدد لفظ الرجل مع المرأة في القرآن والاستدلال به هو نتيجة تأثر بالأفكار الغربية والوقوف أمامها بضعف.؟ وإلا لم لم يفطن لها إلا الآن؟
ثالثاً: من ناحية الحكم الشرعي، هل كل ما جاز عقلاً جاز شرعاً؟ فالإمام الشافعي أنكر نسخ السنة للقرآن شرعاً مع تجويزه لوقوعه عقلاً، ولكن لم يثبت لديه نسخ السنة للقرآن.
ومع أنني أوافق أخي ناصر في كثير مما قال في الفقرة الثالثة إلا أنني أنكر أن يكون لما يسمى الإعجاز العددي وجود في القرآن وكما مر فإن أمثال هذه الدراسات كانت موجودة في القرون المتقدمة إلا أنه لم يكن يأبه لها ويعطى لها مشروعية وإنما كان يتمرسها الذين يبحثون عن الغرائب، وفي نفس الوقت لم تحرم وكما قال ابن عطية فإنها ليست من متين العلم ولكننا اليوم أمام واقع سببه التطفل من قبل غير المتخصصين في الدراسات القرآنية والكتابة في أشباه هذه الأمور والترويج لها وسكوت المختصين والتردد فيها.
رابعاً:لا بد أن نفرق بين الإشارات العلمية الواردة في القرآن وبين ما يسمى بالإعجاز العددي.
خامساً صحيح أن لفظ الإعجاز لم يرد في القرآن الكريم ولم يستخدم عند الصحابة والتابعين بل كانوا يستخدمون لفظ (آية) كما ألف ابن المديني كتاباً سماه (آيات النبي صلى الله عليه وسلم) ثم استخدم لفظ (أعلام النبوة)، ويظهر أن استخدام (معجزة) و (إعجاز) بدأ في نهاية القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري عند المتكلمين، فقد ألف محمد بن يزيد الواسطي المتوفى 306 هـ كتاباً سماه (إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه) (1)، وقد ذكر السيد صقر أنه أول من ألف كتاباً يشتمل على هذا العنوان وقال: (وهي من الكتب التي لا نعرف عنها غير أسمائها المجردة).انظر إعجاز القرآن للباقلاني ص 10.مقدمة السيد أحمد صقر محقق الكتاب، واانظر فكرة إعجاز القرآن لـ نعيم الحمصي ص 7 ـ 8 ,وع ذلك لا مانع أن يصطلح أهل الفن على معنى لهذه اللفظة. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[15 Mar 2005, 12:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، والصلاة والسلام على من نطق بأفصح لسان، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
فقد تردّدت كثيراً قبل الكتابة في هذا الموضوع .. علماً بأنه مرّ على تدوينه أكثر من عام ونصف العام ..
على أني وجدت فيه أموراً ينبغي التوقف عندها .. وتبيين حقيقة أبعادها .. سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يفتح عليّ ببيانها .. وأن يعصمني من زلل الرأي فيها ..
وأول ذي بدء أتقدم بكلمة شكر للأخ ناصر الماجد على تناوله الراقي لموضوع الإعجاز العددي بهذه الروح الوسطية المعتدلة .. ذلكم المنهج الذي أشار إليه أخونا الكريم عبد الرحمن الشهري مشكوراً، في قوله: "وما أجمل التوسط والإعتدال في كل الأمور" .. ..
وإن ما دعاني في الحقيقة إلى رفع هذا الموضوع من جديد، وإعادة النظر فيه، هو المنهج الذي يتبعه بعض العلماء وكثير من المتعلمين في احتجاجهم على ما يسمّى بالإعجاز العددي للقرآن الكريم .. وليتهم أنصفوا فعرضوا على الناس الحقيقة، أو قدّموا للمتخصّصين نقداً منهجياً موضوعياً .. لكان ما عزمت عليه أمراً منسياً ..
ولكني وجدت للأسف أن "المعارضين" لم يفرّقوا حتى بين دراسات جادّة إبداعية وبين دراسات سخيفة ركيكة .. بل وعمدوا إلى الإحتجاج على البطلان بالدراسات السخيفة، ليسلّوا سيوفهم في وجوه أشباح لم نجد لها أصلاً على أرض الواقع .. مما جعلني أدرك أنّهم لم يدرسوا المسألة دراسة جادّة .. فهم قد آمنوا أنه لا وجود لإعجاز عددي في القرآن الكريم مطلقاً، وبالتالي لا داعي لإضاعة الوقت في أمر قد حُسم مسبقاً ..
فجمعوا "أدلتهم" من بطون الكتب، وقدّموها للناس على أنها القول الفصل الذي لا يجوز مخالفته .. وعندما شعروا بضعف موقفهم لجأوا إلى عبارات طنانة، وشتائم وأوصاف قد تجدي فقط في ردع الذين يطلبون السّلامة، وكأنهم لا يعلمون أنّ الذي ينهل من روح القرآن الكريم لا يقيم وزناً إلا للحقيقة الربّانية ..
ذلك أن كتاب الله أعظم من أن يحيط به فهم أحد من البشر، في أي زمان وأي عصر .. إذ كيف لمحدود أن يحيط علماً بدلالات كلام الله العليم الحكيم؟
وإن تعجب فعجب قولهم: ألّو كان هذا حقاً، فلِمَ لَم يعلمه علماؤنا بسلفهم وحاضرهم؟ ولماذا لم يتقوّلوا به، أو بأمر يشابهه؟ ولا يسعنا هنا إلا أن نقول: إن هذا بالطبع لم يكن قصوراً بهم ولا جهلاً فيهم رحمهم الله، ولكنه تصديق لقول الحق تبارك وتعالى "لكل نبأ مستقرّ"، "ولتعلمنّ نبأه بعد حين" .. ولو كان هذا السؤال في محله، لما حلّ لعبد أن ينظر أو يخالف .. ولكان أول من ابتدع هم التابعون عند أول كلمة تفوّهوا بها بغير سند عن الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً .. فمن منا يقول بهذا؟
ومن ثم، أفلم يأت المجدّدون بجديد؟ ألم يأت علماء الإسلام وشيوخه بجديد؟ فما المانع إذن بأن يأتي علماؤنا بجديد في تأصيل القواعد المنهجية، كما فعل أسلافنا الكرام في تحقيقاتهم؟ وإلا فما هي الفائدة من التقدّم العلمي واتساع دائرة المعارف الإنسانية؟
أولم يقل الجرجاني رحمه الله في رسالته الشافية: "إن من حق المنع إذا جُعل آية وبرهاناً، ولا سيّما للنبوّة، أن يكون في أظهر الأمور، وأكثرها وجوداً، وأسهلها على الناس، وأخلقها بأن تبين لكل راء وسامع " .. ونحن نسأل: ما هي أظهر الأمور اليوم بنظر "المعارضين"؟ وما هو أكثرها وجوداً؟ وأسهلها على الناس؟ وأخلقها بأن تبين لكل راء وسامع؟
وأولم يقل السيوطي رحمه الله في إتقانه: " إن العلوم وإن كثُر عددها، وانتشر في الخافقين مددها فغايتها بحر قعره لا يُدرك، ونهايتها طود شامخ لا يُستطاع إلى ذروته أن يُسلك، ولهذا يُفتح لعالِم بعد آخر من الأبواب ما لم يتطرّق إليه من المتقدّمين الأسباب "؟
وأولم يقل ابن مالك رحمه الله في تسهيله: "إذا كانت العلوم منحاً إلهية ومواهب اختصاصية، فغير مستبعد أن يُدّخر لبعض المتأخّرين ما عسُر على المتقدّمين، نعوذ بالله من حسد يسدّ باب الإنصاف، ويصدّ عن جميل الأوصاف "؟
فَلِم يُشاع في المسلمين أن علوم القرآن باتت في الكتب والتفاسير، وما سوى ذلك بدعة واختلاق، وأن السلف الصالح تكفّل بمهمّة النظر والتدبّر نيابة عنا، فأجابوا عن كل سؤال، وبيّنوا كل مشكل، ولم يتركوا متّسعاً لنظر ولا حيّزاً لتدبّر؟ فهل هم لم يتركوا لنا سوى فرض التلاوة والترتيل، وترديد ما أثبتوا وأقرّوا؟ ألم يعلم هؤلاء أن هذا فيه تعطيل لأمر الله تعالى لنا بتدبّر كتابه: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبّروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب"؟
ومع هذا وذاك، فنحن لا نغفل عن حقيقة أن الناس مع ما ألفت قلوبهم واعتادت عقولهم، "قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا"، فهم ينكرون كل جديد ويستعجبوه، ولو قامت عليه الحجج البيّنات، "أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب، ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إن هذا إلا اختلاق" .. ولكن هل كل عجيب باطل، وهل كل معهود حق ..
والحق، أن السادة العلماء هم أول من يتحمّل همّ البحوث الصادرة في هذا المجال وتبعاتها .. فإن يك حقاً فعليهم إثباته وبيانه للناس .. وإن يك باطلاً فعليهم ردّه بالحجّة والبرهان .. ولن يقنع الناس بقول بعضهم: إن هذا لم يقل به أحد من السلف .. فتلك حجّة صالحة في العقائد والشرائع .. وما كان من سواهما من آيات الأرض والسماء .. فالأصل النظر والإعادة، "فلكل نبأ مستقرّ وسوف تعلمون" ..
وعلى هذا، فإن أردنا الحكم على مصطلح الإعجاز العددي، فلا بدّ من الإتصاف بالإنصاف ولا بدّ من معالجة هذه القضية بموضوعية دون آراء مسبقة .. وكما أشار الأخ ناصر الماجد في بداية مقالته فإن الكلام عن هذا المصطلح يحتاج إلى دارسة وافية ونظر متأمل .. ثم ضرورة التدبّر في إيغال وتؤدة مع الإعمال الحريص للنظر في البحوث المتعلقة به ..
يتبع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Mar 2005, 09:50 ص]ـ
هنا بعض أبحاث الإعجاز العددي، وهي بحاجة إلى دراسة جادة حتى يكون الحكم عليها حكماً علمياً مبنياً على الحجة والبرهان: أبحاث في الإعجاز العددي ( http://www.islamnoon.com/ijazresearches.htm#)
وخاصة موضوع: الإعجاز العددي بين الحقيقة والوهم؛ فقد ناقش كاتبه الذين أنكروا هذا النوع مناقشة مفصلة تحتاج إلى قراءة فاحصة متأنية.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[15 Mar 2005, 12:25 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم - و الله لقد كنت أحتاج الي موضوع كهذا
أقرأ فيه - وجهة نظر المعارضين - المؤيدين - لا مؤيدين ولا معارضين " محتارين "
فالحق و الحق يقال -- أنني قرأت المداخلات كلها
و رايت منطقيه في الطرح عند الطرفين
و لقد سمعت في التلفاز للشيخ محمد سعيد البوطي - كلام منطقي
سأضعه بأختصار جدا -- بما معناه
قال
لو ان الرئيس دعا الوزراء او العلماء - لإجتماع مهم جدا
ليقرروا قرار مهم جدا - لدولتهم - يعني الأمر خطير
و إجتماع طاريء كما يسمى في أيامنا هذه
ثم حضر الجميع الي الإجتماع لمناقشة هذا الأمر الخطير
فجلس - وزير ما - ينظر الي القاعة
ينظر و يتأمل الثريات الجميلة و الترتيب المبدع
ينظر و يتأمل إلي الأرضية و الي السقف المزخرف
ينظر و يتأمل الي الوحات الجميلة و ........ الخ
ثم يسألونه عن رأيه و عن مشاركته لتقرير مصير الدوله
و هو غير مكترث - للقضية و الآراء التي طرحت في الإجتماع
ثم إنتهى الإجتماع - و هو ينظر و يتأمل
ما اراد الشيخ أن يبينه أن بما يسمى بالإعجاز العددي - أصبح كالمتأمل
يأخذ الآية - لا يتدبر معناها - و جلس و أخذ قلم و ورقه - و يحسب - كم حرف و كم كلمة و ..... الخ
فجعلته لاهيا عن التدبر في الآيات القرآنية
رأيت ان مثاله صحيح و منطقي - و أنه واقعي جدا
فالذي يأخذ القرآن - و يجعله كأنه كتاب رياضيات - يلهيه هذا عن التدبر لمعنايه البلاغيه
و لكن
ما الإشكاليه هنا - إذا وجدنا جمعا أو ربطا بينهما
أي - تدبر لمعانيه - و حساب له!!!!!
يعني هل يوجد - تحريم أو منع او نهي عن هذا الفعل؟؟؟
أن يجمع المرء بين العلوم - إذا صح بأن يسمى الإعجاز العددي - علوما!!!
اما إشكالية - عدم عمل الرسول عليه الصلاة والسلام او صحابته رضوان الله عليه بهذا العلم
فهذا لا يعني - أن نمتنع بالبحث عن العلوم العلميه الفضائيه او الجيولوجيه او الفيزيائيه أو .... الخ من العلوم
لعدم إهتمامهم بها!!!
فلكل عصر - و الله أعلم - اهتمامات تختلف عن العصور الأخرى
فأكيد نحن في هذا العصر - التكنولوجيا هي إهتمام الجميع
كما كان في فترة من العصور - إهتمامهم بصنع الأسلحة الكبيرة الضخمة ثم إنتقالها الي الصغيرة الدقيقه
إخواني - انا من أصحاب " المحتارين "
فأرى بأن كل من الطرفين - له وجهة نظر منطقيه عقليه
و لا يوجد دليل عندي شرعي بتحريم او نهي لمثل هذه العلوم
و لكن اكثر الذي يخيفني - هو عدم وجود منهجيه له - و أن اكثر من يستخدمه يهدم ثوابت إسلاميه
أو يكون صاحب بدعه او ........ الخ. و الله أعلم
نرجوا إثراءنا بالحسنى أكثر - بعيدا عن التعصب او اللمز ببعضنا البعض
/////////////////////////////////////////////////
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2006, 08:57 ص]ـ
يرفع للفائدة
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[08 Mar 2006, 01:46 م]ـ
البيان الرياضي في التعبير القرآني
و لقد سمعت في التلفاز للشيخ محمد سعيد البوطي - كلام منطقي سأضعه بأختصار جدا -- بما معناه قال: لو ان الرئيس دعا الوزراء او العلماء - لإجتماع مهم جدا ليقرروا قرار مهم جدا - لدولتهم - يعني الأمر خطير و إجتماع طاريء كما يسمى في أيامنا هذه ثم حضر الجميع الي الإجتماع لمناقشة هذا الأمر الخطير فجلس - وزير ما - ينظر الي القاعة ينظر و يتأمل الثريات الجميلة و الترتيب المبدع ينظر و يتأمل إلي الأرضية و الي السقف المزخرف ينظر و يتأمل الي الوحات الجميلة و ........ الخ ثم يسألونه عن رأيه وعن مشاركته لتقرير مصير الدوله وهو غير مكترث - للقضية و الآراء التي طرحت في الإجتماع ثم إنتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
الإجتماع - و هو ينظر و يتأمل.
ما اراد الشيخ أن يبينه أن بما يسمى بالإعجاز العددي - أصبح كالمتأمل يأخذ الآية - لا يتدبر معناها - وجلس و أخذ قلم و ورقه - ويحسب - كم حرف و كم كلمة و ..... الخ. فجعلته لاهيا عن التدبر في الآيات القرآنية.
رأيت ان مثاله صحيح و منطقي - و أنه واقعي جدا. فالذي يأخذ القرآن - و يجعله كأنه كتاب رياضيات - يلهيه هذا عن التدبر لمعنايه البلاغيه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعقيباً على ما جاء في مداخلة أخينا الإسلام ديني، وردّاً على ما تفضّل به الشيخ البوطي حفظه الله - إن كان هذا كلامه - أقدّم لكم جزءاً من بحث سأنشره قريباً إن شاء الله تعالى. والسؤال الذي سأحاول أن أقدم له إجابة في هذا الفصل من البحث هو: هل أن التعبير الرياضي موجود في القرآن أصلاً؟
البيان الرياضي في التعبير القرآني
إن المتأمّل في القرآن الكريم يجد أنه كتاب جمع أبعاد الزمان، والتقط مفردات الأحداث ورموز الوقائع، وقوافل كافّة المعاني، ليحضرها على متن لوحة تعبيرية موجزة، كان أصدق أسمائها «آية»، هي أعمق من البحر، وأوسع من السماء. هي كذلك، لأنها «آية»! آية تحكي عظمة المبدع، ووحدانية الصانع لتلك الهيكلية المحكَمة، ولذلك النظام الذي يحمل في طيّاته أجمل صور الإبداع والإتقان. إنه الكتاب الذي تحدّى الله به الجنّ والإنس على أن يأتوا بمثله، فعجزوا!
وهذا العجز لم يأتِ من فراغ! ذلك أن الارتباط والتناسق بين مكوّنات القرآن الكريم، هو مطلق في ماهيّته، لأنه كلام فوق الحدوث، وفوق قوانين النطق المادي الذي يتقيّد بالزمان والمكان. فعظمة الكلمات والحروف القرآنية تتجلّى في تصويرها المطلق للأشياء بشكل يطابق تماماً حقيقة وجود هذه الأشياء، حتى لتكون الصورة المنبثقة عن هذه الحقيقة عبارة عن كلمات تنبض هي وحروفها بروح هذه الأشياء. ولذلك نجد أن الكلمات القرآنية، بمجموع حروفها، ومواقع هذه الكلمات في العبارات القرآنية، ومن ثم مواقع العبارات في الآيات والسور القرآنية، كلها ترتبط بصورة مطلقة في المسائل التي تصفها وتعبّر عنها، ومن ثم تصوّر المسائل بشكل مطابق تماماً للواقع الذي تبحث فيه هذه المسائل.
وهذا ما يدفعنا في الحقيقة إلى البحث عن أسرار الكلمات القرآنية، التي تعطي لكل جيل ما يناسب معرفته وعلمه، حول ماهيّة الأشياء التي تصفها، دون أن يناقض ذلك المفاهيم التي تعطيها هذه الكلمات لغيره من الأجيال. ولذلك سنتعرّض في هذا الباب من البحث إلى مجموعة من الأمثلة، التي من شأنها أن تتيح لنا فهم كيفية تداخل الكلمات القرآنية في معادلات التصوير المطلق للعبارات القرآنية، ولندرك كيف أن موقع الكلمة في العبارة القرآنية، يرتبط ارتباطاً مطلقاً بالمعاني التي تحملها العبارة التي تنتمي إليها. ولبيان مرجعيّة القرآن لهذه الطلاقة الفريدة، نحتاج أن نقف عند بعض المفاهيم والمصطلحات، التي من شأنها أن تساعدنا على إدراك هذا التصوير المطلق والمقصود.
اللّغة والمنطق والقرآن
يجيب النصّ القرآني عن أسئلة الوجود والكون والحياة والمصير. وهو يجيب عن ذلك بشكل فنّي لا يمكن فهمه إلا بفهم لغته أولاً، لأن اللّغة التي نزل بها القرآن ليست مجرّد مفردات وتراكيب، وإنما تحمل في مضمونها رؤيا مطلقة للإنسان وللحياة وللكون. فلا عجب إذن أن دهشة العرب الأولى إزاء القرآن كانت لغوية محضة، حيث فتنهم بلغته، جمالاً وفناً، فكانت هي المفتاح المباشر الذي فتح لهم الأبواب لدخول عالَم النصّ القرآني والإيمان بدين الإسلام.
ولذلك يمكن القول إن المسلمين الأوائل الذين شكّلوا النواة الصلبة الأولى في الدعوة إلى الإسلام قد آمنوا بالقرآن لكونه نصّاً بيانياً امتلكهم. فَهُمْ لم يؤمنوا به لأنه كشف لهم عن أسرار الكون والإنسان، أو لأنه قدّم لهم نظاماً جديداً للحياة، بل لأنهم رأوا فيه لغة لا عهد لهم بما يشبهها. فبلغة القرآن تغيّر كيانهم النفسي، وبلغته تغيّرت حياتهم، حتى صار هو نفسه وجودهم. فأجمعوا على أن القرآن كتاب فريد لم يروا مثله من قبل، وأقرّوا بأنه لا يمكن مضاهاته ومحاكاته، واتفقوا على أنه نقض لعادة الكتابة شعراً، وسجعاً، وخطابة، ورسالة، وأن نظمه عجيب وغريب. ولهذا لا يمكن الفصل، على أي
(يُتْبَعُ)
(/)
مستوى، بين القرآن واللّغة التي نزل بها.
وإن هذا الإقرار الذي توصّل إليه العرب قبل أربعة عشرة قرناً، نجده يتحقّق بشكل جديد في عصرنا الحالي. فحيثما قلب الإنسان نظره في القرآن الكريم، يجد الإعجاز اللّغوي في نظامه البديع، وفي ألفاظه التي تفي بحق كل معنى في موضعه، لا ينبو منها لفظ يقال إنه زائد، ولا يعثر الباحث على موضع يقال إنه إثبات لفظ ناقص.
فالباحث المتعمّق في كلمات القرآن، يجد بالفعل أن لغة هذا الكتاب العظيم، ليست كباقي اللغات الوضعية، ذلك أن إعجازه اللّغوي، لا يقتصر على نحوه وصرفه واشتقاقه، ولا على بلاغته وفصاحته فحسب، وإنما كذلك على منطقه وبيانه، الذي يتّخذ منه القرآن سبيلاً في هدايته. فهناك ارتباط وثيق وعلاقة مطلقة بين اللّغة التي يستعملها القرآن، وبين المنطق الذي تعبّر عنه هذه اللّغة. فكيف وأين يتجلّى لنا هذا الترابط بين اللّغة والمنطق في القرآن الكريم؟
عند النظر في قوانين اللّغة بشكل عام، نجد أنها تتمثّل في أدائها لأغراض متعدّدة ومتنوعة، أهمّها أمران اثنان. الأول: وصف العالَم. والثاني: وصفها لذاتها (). ففي حين أن التمثيل في الحالة الأولى ينعكس على "استعمال" كلمة ما في عبارة معيّنة، نجد أن التمثيل في الحالة الثانية ينعكس على "ذكر" تلك الكلمة في العبارة نفسها. فما الفرق بين الحالتين؟
إننا نكون بصدد "استعمال" شيء ما عندما نسند إليه خاصيّة معيّنة، في قولنا مثلاً: «يرفض زيد أن يمتثل للأوامر». في حين أننا نتكلّم عن "ذكر" شيء ما في حالة إسناد خاصيّة معيّنة لاسم الشيء، وليس للشيء ذاته، في قولنا مثلاً: «هذه الجملة تتكوّن من ست كلمات». إذ يبدو الفرق واضحاً بين الجملتين. فالأولى تنتمي إلى اللّغة الشيئيّة، لكونها تعيّن واقعة شيئيّة تتمثّل في رفض زيد أن يمتثل للأوامر. في الوقت الذي تطرح فيه الجملة الثانية بعض الصعوبات، لأنها تتميّز بتسميتها لذاتها، أي أنها انعكاسية وتقوم بوصف ذاتها وهي تعود في المنطق إلى ما يسمّيه العلماء بـ"الإحالة الذاتية" (). وإن البحث عن الفرق بين هاتين الحالتين يجرّنا مباشرة إلى البحث عن المفارقات اللّغوية.
فلو أخذنا – مثلاً - الجملة القائلة: "إن الصبا يسبق الشيخوخة"، لعلمنا أنها تفي بشروط اللغة من نحو وتأليف، وأن "استعمال" الكلمات الواردة فيها يفي أيضاً بالمعنى المطلوب، إلا أنها تكشف لنا في الوقت نفسه عن ثغرة منطقية عميقة! لماذا؟ لأننا نجد – مثلاً - عند اللجوء إلى أي قاموس لغوي، أن "ذكر" كلمة (شيخوخة) ككلمة قد سبق "ذكر" كلمة (صبا) ككلمة، وذلك لأن ترتيب حرف "الشين" قد سبق حرف "الصاد" بحسب ترتيب الحروف الأبجدية، وعليه فإنه طبقاً لما جاء في القاموس، فإن كلمة (شيخوخه) تسبق كلمة (صبا)!
وهذا الأمر قد شكّل تناقضاً في تركيب الجملة القائلة بأن "الصبا يسبق الشيخوخة"! حيث وجدنا ثمّة حالة واحدة على الأقل والتي تدلّ على عدم استقامة هذه الجملة من ناحية منطقية. ذلك أن "ذكر" كلمة (شيخوخة) في القاموس قد سبق "ذكر" كلمة (صبا)، في مثالنا! وإن لهذا النوع من المنطق اللّغوي تاريخاً طويلاً، ويرجع في أصله إلى العصر الإغريقي.
ومن أشهر الأمثلة التي ما زالت تشكّل تناقضاً ظاهراً في المنطق الرياضي حتى يومنا هذا، هو ما وردنا عن الفيلسوف الكريتي إبمنيدس () في عبارته المشهورة: "إن جميع الكريتيين كاذبون" ()! فما هو التناقض في هذه العبارة؟ بما أن إبيمنيدس يُعدّ من جزيرة كريت اليونانية، أي أنه من الكريتيين، وبما أنه ادّعى بأن الكريتيين جميعهم كاذبون، كما جاء في العبارة، فلا بدّ أن تكون العبارة التي قالها إبيمنيدس كاذبة وغير صحيحة! ولكن .. إذا كانت عبارته غير صحيحة، فهذا يعني أن الكريتيين جميعهم صادقون. ولكن .. إذا صدق جميع الكريتيين، فوجب أن يكون إبيمنيدس صادقاً. وإذا صدق إبيمنيدس، فستكون عبارته صادقة .. وعليه فقد دخلنا في دوّامة لا مخرج منها، إذ نجد أنفسنا نرجع إلى نفس نقطة التناقض والمفارقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد شكّلت مثل هذه التناقضات عقبات جدّية في المفاهيم المنطقية، وخصوصاً في المنطق الرياضي. وإن أول من تنبّه لهذه النقطة الحرجة في العصر الحديث كان عالم الرياضيات النمساوي جودل ()، والذي تمكّن من تقديم برهان رياضي قاطع في إثباته لما تقدّم من كلام، على استحالة تمثيل عبارة ما لذاتها بصورة مطلقة ()، أي أنه لا يمكن إثبات شيء ما بصورة قاطعة ()! ولذلك نجد أن المنطق اللّغوي الذي نتعامل معه نحن البشر ينقسم إلى النوعين اللذين ذكرناهما آنفاً لحالتي "ذكر" شيء ما أو "استعمال" ذات الشيء في الكلام.
وعليه فلا يمكننا وصف أيّة لغة بشرية بالطلاقة، لكونها مولّداً للتناقضات والمفارقات. ذلك أن اعتمادها سيؤدّي حتماً إلى بناء جمل غير متّسقة، أي جملاً تحتمل الصدق والكذب في الوقت نفسه، مثل العبارة الصادرة عن إبمنيدس في المثال السابق. ويتحقّق هذا الأمر خاصّة عندما نسمح لتعبير ما بأن يتكلّم عن نفسه، أو عندما ينطبق محمول ما على نفسه، أو أن تتضمّن مجموعة ما نفسها. وكملخّص لما ذكرناه أعلاه، نقول: إن "الإحالة الذاتية" تأخذ بعين الاعتبار نوعيّة الكلمات الواردة في عبارة ما، أي أنها تفرق بين "استعمال" أو "ذكر" تلك الكلمات. فعندما "نستعمل" كلمة ما في عبارة معيّنة، فإننا نقصد المعنى الذي جاءت هذه الكلمة لتعبّر عنه. في حين أننا عندما "نذكر" كلمة ما، فنحن نتكلّم عن اللفظ، وبالتالي ليس عن المعنى. وهنا، يتّضح لنا الضعف في اللّغات الطبيعية، التي نتعامل معها نحن البشر. فمهما علت ومهما توسّعت وترعرعت هذه اللّغات، فإنها ستبقى ضعيفة وناقصة، وستحوي المفارقات في ثنايا كلماتها، ذلك أن الفكر الإنساني محدود أصلاً، ولن يتأتّى له الاتّصاف بالطلاقة أبداً.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه طبقاً لمواصفات مبدأ "الإحالة الذاتية"، أو ما يُسمّى أيضاً بـ"الانعكاسية"، يمكننا أن نعتمد على هذه الطريقة لامتحان قيمة اللّغة، أيّة لغة كانت. وبعودة إلى القرآن، وبما أنه يتكلّم عن أشياء عديدة، ويستعمل كلمات كثيرة، منها ما يتكرّر ومنها ما يفسّر نفسه، فإنه لو كان من تأليف بشر، لكان من الضروري أن نجد في ثناياه مفارقات وتناقضات منطقية، كالتي تعرّضنا لها سابقاً، والتي تجلّت بتطبيق هذا المبدأ عليها ولكن هيهات .. هيهات ..
التدبّر ومثل التحدّي ..
يروّج كثير من المستشرقين أن هناك تناقضات في القرآن الكريم، ويلجأون في ادعاءاتهم هذه إلى ألاعيب المنافقين قديماً وحديثاً. وأساس هذا الاتجاه هو أن القرآن الكريم، وهو المعجزة، هو كلام الله سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه منزّه عن الخطأ، ومنزّه عن النسيان، ومنزّه عن كل ما في البشر من نقص وتناقض. وبالتالي فإن وجود أي تناقض أو اختلاف فيه، ولو كان ظاهرياً، سيساعدهم على هدم المعجزة، ومن ثم الادعاء بأن هذا الكلام ليس منزلاً من عند الله تعالى.
ولكن الإعجاز القرآني الموجود في كل كلمة من كلماته، وفي كل حرف من حروفه، إنما يظهر أمام هؤلاء بهذه الصورة، ليجعلهم بالفعل شهداء على المعجزة الخالدة، وليجعلهم وهم يحاولون ادّعاء التناقض في القرآن، أن يبيّنوا معجزاته. إذ هم يثيرون مما يزعمونه أشياء تجعل العقل ينشط في محاولة للردّ عليهم. وبالتالي فإنه في بحثنا في القرآن الكريم تتبيّن المعجزة، ويتبيّن أنه كلام الله سبحانه وتعالى، المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم.
ولقد عاب القرآن الكريم إعراض المنافقين عن تدبّره، في قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. فلكون الرسالة المنبثقة منه سبحانه خالية من التناقض والاختلاف، ولكونها متناسقة وثابتة في نصّها، نعلم علماً يقينياً أنها من عنده سبحانه وتعالى. وإن هذه الآية الكريمة وحدها فيها من الإعجاز القرآني ما يكفي للردّ على مطاعنهم. وكيف لا يكون كذلك، وهي تصرّح بأن سلامة القرآن الكريم من الاختلاف والتناقض، هو دليل على كونه من عند الله تبارك وتعالى؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع أن هذا التصريح جليّ للأعيان، إلا أننا نعجب أن مِن علمائنا مَن أغفل قيمته في مصنّفاته، حتى أن الإمام يحيى بن حمزة العلوي قد شكّك في اعتبار كون القرآن خالياً عن التناقض، وجهًا من وجوه إعجازه. يقول رحمه الله في بيانه لما ذهب إليه: "وهذا فاسد لأوجه، أما أولاً فلأن الإجماع منعقد على أن التحدّي واقع بكل واحدة من سور القرآن، وقد يوجد في كثير من الخطب والشعر والرسائل، ما يكون في مقدار سورة خالياً عن التناقض، فيلزم أن يكون معجزاً. وأما ثانياً فلأنه لو كان الأمر كما قالوه في وجه الإعجاز لم يكن تعجّبهم من أجل فصاحته، وحسن نظمه، ولوجب أن يكون تعجّبهم من أجل سلامته عما قالوه، فلمّا علمنا من حالهم خلاف ذلك بطل ما زعموه. وأما ثالثاً فلأن السلامة عن المناقضة ليس خارقاً للعادات، فإنه ربّما أمكن كثيراً في سائر الأزمان، وإذا كان معتاداً لم يكن العلم بخلوّ القرآن عن المناقضة والاختلاف معجزاً، لما كان معتاداً، ومن حقّ ما يكون معجزاً أن يكون ناقضاً للعادة" ().
وبعد أن ذكر هذه الأوجه الثلاثة، قال رحمه الله: "وأيضاً فإنا نقول جعلكم الوضع في إعجازه خلوّه عن المناقضة والاختلاف ليس علماً ضرورياً، بل لا بدّ فيه من إقامة الدلالة، فيجب على من قال هذه المقالة تصحيحها بالدلالة لتكون مقبولة، وهم لم يفعلوا ذلك".
ويبدو كذلك أن الشيخ عبد العظيم الزرقاني قد تأثّر ملاحظة الإمام العلوي، إذ نراه هو الآخر يورد في كتابه عنواناً أسماه "وجوه معلولة"، قال بعده مباشرة: "ذكر بعضهم وجوهاً أخرى للإعجاز، ولكنها لا تسلم في نظرنا من طعن، لأن منها ما يتداخل بعضه في بعض، ومنها ما لا يجوز أن يكون وجهاً من وجوه الإعجاز بحال. ونمثّل لهذا الذي ذكروه بتلك الأوجه العشرة التي عدّها القرطبي، وهي .. " (). وبعد أن تعرّض لهذه الوجوه، وقام بدمج بعضها في بعض خالف القرطبي في وجهين منها هما: الحِكم البالغة والتناقض بين معانيه. وقال: "إن واحداً منهما لا يصلح وجهاً من وجوه الإعجاز لأنهما لا يخرجان عن حدود الطاقة، بل كثيراً ما نجد كلام الناس مشتملاً على حِكَمٍ وسليماً من التناقض والاختلاف" ().
ولكن المتأمّل في كلام هذين الإمامين الجليلين يرى أنه بنفيهما "عدم الاختلاف والتناقض" من بين وجوه الإعجاز، قد خالفا النصّ القرآني الوارد في آية النساء، وهو ما جاء في قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. فالقرآن الكريم يصرّح بأن سلامته عن الاختلاف دليل على كونه من عند الله تعالى، فهو إذن وجه أصيل من وجوه الإعجاز. خاصّة وأن القرآن استغرق إنزاله ثلاثاً وعشرين سنة، ومع هذا لا نلمح خلافاً بين أول ما نزل وآخر ما نزل من حيث استواؤه موضوعاً وشكلاً ().
يقول ابن كثير: "يقول تعالى آمراً عباده بتدبّر القرآن، وناهياً لهم عن الإعراض عنه، وعن تفهّم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبراً لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تضادّ ولا تعارض لأنه تنزيل من حكيم حميد، فهو حقّ من حقّ" (). ويقول الطبري: "أفلا يتدبّر المبيتون غير الذي تقول لهم، يا محمد كتاب الله، فيعلموا حجّة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك، وأن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند ربهم، لاتِّساق معانيه، وائتلاف أحكامه، وتأييد بعضه بعضاً بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق، فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه وتناقضت معانيه وأبان بعضه عن فساد بعض" ().
فتفسير الآية واضح وجليّ. ولكن الأمر الذي سنعلّق عليه هنا هو قوله تعالى: {لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}. إذ إن قوله تعالى: {لَوَجَدُواْ فِيهِ} قابل لأن يحيل على قضية شيئية أو قضية لغوية، كما افترضنا من قبل في قولنا مثلاً: "هذه الجملة تتكوّن من ست كلمات". والآية تقول إنه لو كان القرآن من تأليف البشر، وليس من عند الله {لَوَجَدُواْ فِيهِ} {اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}! فهل يمكننا تطبيق مبدأ "الإحالة الذاتية" على هذه العبارة من النصّ القرآني الكريم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
قبل أن نباشر بتطبيق هذا المبدأ على كلمات من القرآن الكريم، نودّ أن نسلّط بعض الضوء على مفهوم الكلمة القرآنية التي نحن بصددها هنا. وقد وجدنا بُعداً جميلاً لهذا المفهوم عند الأستاذ محمد العفيفي، في قوله: "إن كل كلمة في القرآن تعطيك مع اتصالها فصلاً خاصّاً بها وحدها، لا يتكرّر في القرآن كله بعد ذلك .. " (). وهو يؤكّد على أن "تفصيل القرآن هو التطابق المطلق بين مواقع الكلمة القرآنية مهما تعدّدت مواقعها، وبين عدد الحقائق التي تقدّمها مواقع كل كلمة قرآنية. فعدد مواقع كل كلمة قرآنية هو نفسه عدد حقائقها" (). ويقول في موضع آخر: "كلما تدبّرنا أي كلمة قرآنية متعدّدة المواقع في موقع جديد من مواقعها، فإن تعداد المواقع إنما هو تحقيق الاستجابة لحاجاتنا إليه" (). ثم يخلص العفيفي إلى القول بأن "تعدّد مرات ورود أى كلمة في القرآن، دليل على ثبات هذه الكلمة، وحاجتنا نحن المخلوقين إلى عدد من الحاجات، قدّرها الخالق سبحانه تقديراً، فجاءت في كتابه العزيز آية قرآنية مفصّلة تفي بهذه الحاجات، على مستويات الفكر الإنساني والعمل الإنساني كما وصلهما الله بالحياة" ().
ويؤكّد على أن "الكلمة القرآنية مهما تعدّدت مواقعها، فقد أتت مرة واحدة، والحاجات هي التي تكرّرت، بدليل أن القرآن ليس به أي إضافة عددية لكلمة من كلماته، دون حاجة حقيقيّة يأتي ذكرها مفصّلاً ومحكماً لا مكان معه لتكرارنا لكلامنا العادي" (). وذلك ليقرّر بحُكم قاطع أن "النظر في كلمات القرآن على أساس البُعد العددي لمواقع كل كلمة في سائر الآيات التي جاءت فيها الكلمة القرآنية، إذا وعينا هذه المواقع تفصيلاً وتوصيلاً، فقد وعينا عدد الحقائق السماوية لها تفصيلاً وتوصيلاً" ().
لقد استوحى الأستاذ العفيفي من هذا المفهوم للكلمة القرآنية أن الله سبحانه وتعالى ربط كل كلمة في كتابه العزيز مع جنسها من الكلمات الأخرى، وجعل منها شخصيّة واحدة مرتبطة بذاتها، هي شخصيّة القرآن الكريم. ولذلك وجب علينا عند التعرّض لأي كلمة قرآنية أن نتدبّرها من خلال اتصالها بمواقعها وعلاقاتها في القرآن كله. ولعلّ هذا التصريح الذي أدلى به الأستاذ العفيفي قيّم وجميل، إلا أنه يشعرنا بجزء ضئيل من عظمة المقصود في هذا الوجه من الإعجاز القرآني.
فالأستاذ العفيفي لم يبّين مدى تفوّق الكلمة القرآنية على غيرها من الكلمات، ولم يوفّر لنا الإجابة على أسئلة كثيرة أخرى، منها: أين نجد البناء القولي للكلمة القرآنية بالثبات والحقيقة المرتبطة بها؟ وما هو العلم الذي يمكننا أن نصله من خلال السياق للكلمة القرآنية إذا توالت صِلاتنا بها في كل موقع من مواقعها؟ ثمّ أين نجد الفصول الخاصّة التي ترسمها لنا الكلمة القرآنية من خلال تعدّدها في مواقعها عند اتصالها بسياقها القرآني؟
وهذه التساؤلات تحثّنا على افتراض بُعد جديد يكمل ما انتهى إليه العفيفي، وذلك للكشف عن الحقيقة التي تعبّر عنها الكلمة القرآنية من خلال تعدّدها في مواقعها. وإن من القواعد التي ننطلق منها لفهم هذا البُعد مبدأ الإحالة الذاتية. ولنضرب مثلاً يقرّب ما نرمي إليه إلى الأذهان: فإن قلت لك: «هذه الجملة تحوي كلمة "تحوي"». هل هي صحيحة؟ إن هذه الجملة انعكاسية وهي تحيل على قضية لغوية لأنها تتكلّم عن نفسها. ستقول إذن: إن الجملة صحيحة لأنها تحوي بالفعل كلمة "تحوي". ولكن ماذا بالنسبة لهذه الجملة: «هذه الجملة تتكوّن من خمس كلمات»؟ فهل هي صحيحة؟ الجواب هو طبعاً بالنفي. لأنك إذا قمت بإحصاء الكلمات الواردة فيها، ستجد أن عددها هو ستة، وليس خمسة، ولذلك كان من المفروض أن تقول: "هذه الجملة تتكوّن من ست كلمات"!
(يُتْبَعُ)
(/)
نعود من جديد إلى الآية التي أخبرنا الله سبحانه وتعالى فيها، أنه لو لم يكن هذا الكتاب من عنده، لوجد فيه الذين يتدبّرونه «اختلافاً كثيراً». ونقول: لقد تمّ "استعمال" كلمة «اختلافاً» في العبارة القرآنية للدلالة على عدم وجود التناقض في كلامه تعالى. ولكن في حالة إسناد كلمة «اختلافاً» إلى "ذكرها" في العبارة القرآنية، نجد أنفسنا أمام أمر عجيب، لأننا نحصل على صورة مغايرة تماماً لما نعهده في الكتب البشرية جمعاء. فإذا أمعنت النظر في ذكر كلمة «اختلافاً»، وليس في "استعمالها"، أي في دلالتها المعنوية في الآية، فستتجلّى لك الصورة التالية:
لو كان القرآن من تأليف البشر، لوجدت أن "ذكر" كلمة «اختلافاً» ككلمة، جاء فيه أكثر من مرة واحدة، لأن كلمة «كثيراً» تفيد الكثرة، وهي بالعادة أكثر من مرة واحدة. والآن وبعد الرجوع إلى القرآن الكريم، نجد أن كلمة «اختلافاً» جاءت بهذه الصيغة في كل القرآن الكريم مرة واحدة فقط، وذلك في الآية التي نحن بصددها.
فلو كان هذا القرآن من عند غير الله، «لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً»، كأن قد قيل: لو كان هذا القرآن من كلام البشر، لوجدتم فيه أيها السادة أن كلمة «اختلافاً» "كذكر" لكلمة «اختلافاً»، جاءت فيه أكثر من مرة واحدة. ولكن بما أن هذه الكلمة لم ترد بهذه الصيغة إلا مرة واحدة في كل القرآن، فإن ما نقرؤه في القرآن الكريم هو حقاً كلام الله سبحانه وتعالى!
فهل يمكن لبشر أن يحيط بشيء من هذا القبيل؟ لا يمكن! ولماذا؟ لأن البشر لا يستطيعون تصوير الحقائق بصورة مطلقة، يستوي في ذلك ما كان معلوماً منها عندهم أو مجهولاً. وكلما اتسع إدراكنا لهذه الحقيقة، تبيّن لنا أن التصوير المطلق للعبارات القرآنية يوحي بأن هذا الكتاب العظيم قادم من الملأ الأعلى، وفيه من الإعجاز ما تنتهي الدنيا ولا ينتهي! ولنوضّح هذه الصيغ العجيبة بمزيد من الأمثلة.
اثنا عشر شهراً في كتاب الله ..
يقول الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]. فواضح من الآية أن عدد الشهور المعتدّ بها عند الله سبحانه وتعالى في شرعه وحكمه، هو اثنا عشر شهراً على المنازل القمرية.
يقول الدكتور حسين جمعة في شأن فصاحة كلمة «عِدّة» في هذه الآية الكريمة أنها "اكتسبت أبعاداً فكرية وجمالية خاصّة في سياقها القرآني. فالعدّة تشير إلى المقدار والتهيّؤ للعملية الإحصائية .. ولكنها في الوقت نفسه ارتبطت ببلاغة التصميم للكون منذ بدء التكوين ثم اتّفقت بالدلالة مع ما تواضع عليه الخَلْق في عدد الشهور. فانتظم التهيّؤ الكيفيّ التركيبيّ للكلمة مع الدلالة في تطورّها منذ تصميم الكون حتى خلق البشرية، واتفاقهم على معطيات العدد والعِدَّة في مواضَعاتهم الاجتماعية والفكرية .. " ().
ومع اكتساب الـ «عِدّة» لهذه الجمالية الخاصّة، إلا أننا نجد لها جمالية أعظم في تأليفها المحكم، واقترانها الدقيق بعبارة «في كتاب الله». يقول الزمخشري: " «في كتاب الله»: أي فيما أثبته، وأوجبه من حكمه ورآه حكمة وصواباً، وقيل: في اللوح" ()، أي في اللوح المحفوظ «يوم خلق السموات والأرض». وإلى هذا الرأي الأخير ذهب أكثر المفسرين ().
ولكن عند تدبّر عبارة «في كتاب الله» في هذه الآية الكريمة، نجد أنها جملة قابلة لأن تحيل على قضية لغوية، لأنها تتكلّم عن نفسها، أي أنها جملة انعكاسية، وتكشف لنا عن سرّ جديد من أسرار التعبير القرآني العجيب. فالآية تقول: «إن عِدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله»، ولم تقل: "إن عدّة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في اللوح المحفوظ يوم خلق السموات والأرض .. "، مع أن هذا هو المعنى العام والمقصود للعبارة، كما أشار إليه المفسّرون. فلابدّ إذن أن يكون لهذا الاختيار دلالته. وإننا لنعجب حقاً عندما نجد أن كلمة "شهر" تردّدت في كل القرآن الكريم بصيغة المفرد (12) مرة بالضبط، فكان ذلك في المواقع التالية:
البقرة: 185
البقرة: 185
البقرة: 194
البقرة: 194
البقرة: 217
المائدة: 2
المائدة: 97
التوبة: 36
سبأ: 12
سبأ: 12
الأحقاف: 15
القدر: 3
فهذا الاختيار الحكيم يضفي معنى بيانياً - رياضياً إلى المعنى العام الذي عبّرت عنه الآية الكريمة، ليصبح مفهومها كما جاء في تعبير النصّ القرآني نفسه: «اثنا عشر شهراً في كتاب الله». فمع أن عدد الشهور في السنة هو (12) شهراً، إلا أننا نجد أن عدد الشهور الواردة «في كتاب الله» يساوي أيضاً (12) شهراً، أي أن كلمة "شهر" جاء ذكرها (12) مرة في صفحات القرآن. فانظر إلى دقّة انتقاء الكلمات في التعبير القرآني المعجز. فلو أن كلمة "شهر" تكرّرت أكثر أو أقل من (12) مرة في القرآن الكريم، لنجم تناقض في النصّ! ولكن هيهات .. فهذا لا يكون إلا تنزيل من العزيز الحكيم سبحانه.
وللحديث بقية .. إن شاء الله تعالى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[10 Jun 2006, 04:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لكم إهتمامكم، ونكرر أن الأمر ينقصه " منهج" متفق عليه وصحيح لأبحاث الإعجاز العددى
فكل علم له منهج، فلماذا هذا العلم الجديد الناشيء، ليس له منهج
ولا يمكن الحديث عن " منهج" وتصحيح إحصائيات، إلا بعمل جماعي
فأنا أرفض البحث المنفرد، وأشجع البحث الجماعي، يكفي أن أقول أن أي شركة إقتصادية " محترمة" فيها آلاف العمل، من أجل إنتاج جماعي يرقي للفائدة
فلماذا أبحاث الدراسات القرآنية وهي أهم من الأعمال الإقتصادية، يغلب عليها العمل الفردي، لا العمل الجماعي
نوجه دعوة للعمل الجماعي المنظم
ونفيدكم علما بأنه جارى بحث مشترك لأربع باحثين فى الإعجاز العددى، لوضع منهج الإعجاز العددى، والإتفاق على إحصائياته
تم وضع خطة البحث فى هذا المنتدي هنا:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=5773
وهنا
http://www.geocities.com/estratigy/planing/plane3gaz.htm
يمكن من شاء أن يشترك معنا فى هذا البحث المشترك أن يبلغنا ببريده ليشترك فى العمل الجارى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرى
estratigy@yahoo.com(/)
دعوة للدفاع عن القرآن ضد شبهات المغرضين من المستشرقين والمبشرين!
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[21 Sep 2003, 12:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله العظيم أن يجعل هذا الموقع المبارك ذخرا للإسلام والمسلمين وأن ينفع به آمين.
الإخوة الكرام:
هذه أول مشاركة لي في منتداكم الموقر , وهي دعوة للدفاع عن القرآن ضد شبهات المغرضين من المبشرين والمستشرقين!
أردت بها الجواب على رسالة جاءت لي منذ أيام عبر البريد الالكتروني وتتعلق برد الشبهات عن كتاب الله فيما يتعلق بجمعه وكتابته!
وقد أحلت صاحب الرسالة على كتاب الشيخ محمد أبوشهبة " المدخل لدراسة القرآن الكريم " فاعتذر بأن الكتاب لايوجد عندهم في بلاد الغرب ولايستطيعون الحصول عليه ويتمنى بأن يكتب له ملخص للرد على هذه الشبه!!
فأحببت أن أجعلها هذا الأمر بين يدي أهل التخصص في هذا الموقع المبارك ليرد الجميع على هذه الشبهات ويدفعوا عن كتاب الله هذه الشبه التي يروج لها أهل الاستشراق والمغرضين من المبشرين!
ونص هذه الرسالة التي جائتني من أحد الإخوة من تونس يقول فيها:
===============
سيجرى لقاء بينه وبين هذا أحد الحاقدين على الإسلام من الذين تنصروا من المسلمين ويعمل بالتبشير يوم 5 أكتوبر 2003م , وسيكون بحضور بعض القساوسة التابعين للمدرسة العليا ل TEOLOGIE , ان النقاط التي سيتم مناقشتها هي ثلاث نقاط ويحتاج المساعدة في نقطتين اما الثالثة فهو واثق مما سيقوله ولا يحتاج للمساعدة بإذن الله وهي عن فلسفة الاديان.
يقول:
1ـ السورة رقم 1 و113 و114 هناك حاليا بالغرب من يدعي انه عندما جمع القرآن الكريم في عهد عبدالملك ابن مروان رفض ابن مسعود الاعتراف بهذه السور, فاريد تفصيليا كيف جمع القران.
2ـ بجريدة نيورك تاميز يوم 27 او 28 جويلية نشروا بحثا وكذبوا الملاعين وقالوا ان هناك نسخة اخرى للقران تختلف عن النسخة الحالية, وادعوا ان العرب في البداية لم يستعملوا النقاط فوق حرف ق ,ف ,ن, ز ,الخ وصنع الزنادقة اسطورة اخرى فبودي شرحا لهاته النقطة.
==================
وأتمنى من الإخوة الكرام أن لايقصروا في الرد!
وأن يكون الرد سريعا لأني أحلت السائل على موقعكم المبارك!
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Sep 2003, 11:17 ص]ـ
حياك الله ابا محمد:
قد تمت مناقشة مجمل هذه المواضيع في مشاركات سابقة منها:
1 - المصحف العثماني) توصيفه -تاريخه -هل كتبه عثمان بيده؟ -هل هو موجود الآن؟
تجده على هذا الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=558&highlight=%CC%E3%DA+%C7%E1%DE%D1%C2%E4.
2- شبهات المستشرقين حول جمع القرآن على هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=539&highlight=%CC%E3%DA+%C7%E1%DE%D1%C2%E4
3- هل ثبت ان ابن مسعود كان لايكتب المعوذتين في مصحفه على هذا الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=660&highlight=%C7%E1%E3%DA%E6%D0%CA%ED%E4
4- ابن مسعود والفاتحة على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=690&highlight=%C7%E1%E3%DA%E6%D0%CA%ED%E4
5- تعدد قراءات القرآن الكريم
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=654&highlight=%C7%E1%E3%D5%CD%DD
6- بين بعض القراءات القرآنية وبعض القواعد النحوية
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=562&highlight=%C7%E1%E3%D5%CD%DD
7- حول حول إعراب القرآن (رسم القرآن
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=427&highlight=%C7%E1%E3%D5%CD%DD
8- وقوف المصاحف (من إجوبة الدكتور مساعد الطيار لملتقى أهل الحديث) http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=492&highlight=%C7%E1%E3%D5%CD%DD
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[21 Sep 2003, 06:34 م]ـ
جزاك الله خيرا على التوضيح.
ولعل صاحب السؤال يستفيد مما أشرتم إليه!
سدد الله خطاكم ونفع بكم!(/)
الردود العلمية على من حرَّف أو ادَّعى التَّحريف في الكتاب العزيز! مع ذكر كتبهم
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[23 Sep 2003, 10:36 م]ـ
الردود العلمية على من حرَّف أو ادَّعى التَّحريف في الكتاب العزيز! مع ذكر كتب المُحَرِّفين للتحذير!
هذه مشاركة الغرض منها إيراد المصنفات المطبوعة والمخطوطة في الرد على من ادعى تحريف القرآن؛ لكي يتسنى جمعها هنا ليستفيد منها من يهتم بالدفاع عن كتاب الله الكريم نافيا عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
بحيث يضع المشارك هنا اسم الكتاب والمؤلف وتاريخ الطبعة إن كان مطبوعا ونبذة يسيرة عن الكتاب.
وإن كان مخطوطا يذكر إسم المخطوطة ومكان وجودها ورقمها وبعض المعلومات عنها.
وأيضا لابأس بذكر أسماء الكتب التي ادعت التحريف سواء كان أصحابها من الفرق المنحرفة كالروافض أو كتب المستشرقين والمبشرين ليتسنى وضعها بين أيدي الباحثين المتخصصين لكشف زيفها.
(1) الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف.
المؤلف: الشيخ يوسف أحمد نصر الدجوي من علماء الأزهر.
مطبعة النهضة الأدبية بالقاهرة.
رد به على كتاب (هل من تحريف في الكتاب الشريف) لطائفة المبشرين بالديار المصرية ونسب الكتاب للقس كُلْديسك الانجليزي.
(2) تنزيه القرآن الشريف عن التغيير والتحريف.
المؤلف: الشيخ عبد الباقي سرور نعيم من علماء الأزهر المتوفي سنة 1347هـ
رد به على كتاب (هل من تحريف في الكتاب الشريف) لطائفة المبشرين بالديار المصرية ونسب الكتاب للقس كُلْديسك الانجليزي.
========
ومن كتب الفرق المنحرفة التي ادعت تحريف القرآن
(3) فصل الخطاب في إثبات تحريف الكتاب.
المؤلف: حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي. وهو من علماء الرافضة في أواخر القرن الثالث عشر أتم تأليفه سنة 1292م.
حاول فيه هذا الرافضي أن يثبت أن في القرآن نقصا وتحريفا
طبع حجر بفارس سنة 1298 هـ.
وللكتاب نسخة بالخزانة التيمورية برقم (605) تفسير تيمور.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[26 Sep 2003, 05:56 م]ـ
4 - إعادة قراءة القرآن. الدكتور محمد رجب البيومي يرد على جاك بيرك.
كتاب الهلال ط سنة 1999 يقع في 400 صفحة من القطع الصغير.
وهذا الكتاب هو رد للدكتور محمد رجب البيومي على أخطاء وتحريفات المستشرق الفرنسي جاك بيرك الذي قام بترجمة معاني القرآن للفرنسية ثم كتب كتابه " إعادة قراءة القرآن " الذي هو عبارة عن سلسلة محاضرات ألقاها في معهد العالم العربي بباريس لتقديم ترجمته لمعاني القرآن الكريم.
فند الدكتور البيومي في الكتاب أخطاء المستشرق وبين عدم قدرته على فهم ومعاني اللغة العربية حيث دخل مجالا بعيدا عن تخصصه وقدرته.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[29 Sep 2003, 04:17 ص]ـ
(5) المستشرقون وترجمة القرآن الكريم
للدكتور محمد صالح البنداق.
منشورات دار الآفاق. بيروت 1400هـ
يقع في 240 صفحة.
حذر فيه مؤلفه: من خطورة تلاعب أهل الاستشراق بترجمة القرآن وتحريفاتهم.
كما ذكر نماذج من عيوب هذه الترجمات المغرضة.
ووجه اللوم للمسلمين وللمتعلمين منهم على وجه الخصوص لتقاعسهم عن هذا المجال وتركه لأعداء الإسلام والقرآن.
وبالكتاب عرض موجز لمواقف وآراء وفتاوى بشأن ترجمة القرآن الكريم.
وبه أيضا: ترجمة لتفسير معاني الفاتحة في 36 لغة شرقية وغربية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Sep 2003, 08:27 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الكريم أبا محمد على مشاركاتكم الثمينة، والتي تنادي على ما ورائها من العلم والحرص على العلم. وهذا الموضوع الذي أشرتم إلى المؤلفات فيه من أهم المسائل التي ينبغي العناية بها من قبل طلاب العلم، حيث قد تتبعت الشبهات التي أوردها المغرضون والحاقدون على القرآن الكريم قديماً وحديثاً، وأجابت عنها إجابات مفصلة. وكثيراً ما توجد مثل هذه الإشكالات لدى الكثير من المسلمين في بلاد الغرب وغيرها، حيث يجالسون النصارى واليهود وغيرهم ولا يعرفون جواباً لمثل هذه الشبهات.
أرجو أن يكون في ذكر هذه المصنفات ما يكون عوناً لنا جميعاً لمعرفة الشبهات والرد عليها بعلم وعدل. وفقكم الله أخي أبا محمد ونفع بكم.
ـ[محب]ــــــــ[01 Oct 2003, 02:47 ص]ـ
(6) ..
اسم الكتاب:
سورة النورين .. التى يزعم فريق من الشيعة أنها من القرآن الكريم .. دراسة تحليلية أسلوبية
اسم المؤلف:
د/ إبراهيم عوض
اسم الناشر:
دار زهراء الشرق ـ 116 ش محمد فريد ـ القاهرة ـ مصر
يقع الكتاب فى (53) صفحة .. يتناول المؤلف ـ وهو دكتور فى البلاغة ـ سورة " النورين " التى يزعم فريق من الشيعة أنها قد سقطت من القرآن الكريم .. يتناولها من ناحية التحليل الأسلوبى، راصداً مدى اقتراب أسلوب السورة المزعومة من الأسلوب القرآنى أو ابتعاده عنه .. وقد انتهى إلى أنها لا تمت للقرآن بأية وشيجة، وأن التزييف فيها والركاكة واضحان تمام الوضوح، إلى جانب تناقضاتها وسخف معانيها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[01 Oct 2003, 08:35 م]ـ
وجزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل عبد الرحمن الشهري على مجهودكم الرائع في خدمة كتاب الله!
جعلكم الله تعالى ممن ينفون عن كتابه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين!
الإخوة الفضلاء:
أرى من تمام الفائدة أن لأ أقصر الكلام على ذكر المؤلفات في الرد على من ادعى التحريف في الكتاب العزيز وإنما أضيف لها أيضا الرد على من حرَّف القرآن بتأويل باطل وادعاء فاسد تحت أي مسمى!
وكذا ذكر المؤلفات التي احتوت على التحريف بغرض التحذير منها , ولكي توضع بين يدي أهل التخصص ليفندوا ما فيها من أباطيل وأكاذيب!
ولذا أتمنى من المشرف الموقر أن يصحح عنوان المشاركة ليكون كالتالي:
الردود العلمية على من حرَّف أو ادَّعى التَّحريف في الكتاب العزيز! مع ذكر كتب المُحَرِّفين للتحذير!
والله الموفق!
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[02 Oct 2003, 03:06 ص]ـ
(7) تنوير الأذهان في الرد على مدعي تحريف القرآن
تأليف: محمد زكي الدين بن الراجي عفو الصمد الشيخ محمد سند
طبع بمطبعة المحروسة بمصر سنة 1310هـ
يقع الكتاب في 54 صفحة
رد به على كتاب " البرهان الجليل على صحة التوراة والانجيل " حيث استدل مؤلفه المأفون بزعمه بآيات من القرآن على صحة هذين الكتابين ثم ادعى إثر ذلك تحريف القرآن.
والكتاب قسم لثلاثة فصول:
الفصل الأول: في ترتيب الآيات
الفصل الثاني: في ترتيب السور
الفصل الثالث: في حفاظ القرآن
ثم ختم الكتاب بست براهين عقلية دالة على صحة القرآن وعدم وقوع التحريف والنقص منه
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[02 Oct 2003, 03:16 م]ـ
(8) الشيعة وتحريف القرآن
تأليف: محمد مال الله
تقديم: الدكتور محمد أحمد النجفي
الناشر: مكتبة ابن تيمية ـ 1409هـ
يقع الكتاب في 172 صفحة
ويحتوي على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة
الباب الأول: المدخل إلى عقائد الشيعة
الباب الثاني: علماء الشيعة وتحريف القرآن
الباب الثالث: نماذج من تحريفات الشيعة للقرآن
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[02 Oct 2003, 03:34 م]ـ
(9) التحريف المعاصر في الدين. تسلل في الأنفاق بعد السقوط في الأعماق
مكيدة الماركسية والباطنية المعاصرة تحت شعار قراءة معاصرة للنصوص الإسلامية المصادر
تأليف: الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني
طبعة دار القلم دمشق.
الطبعة الأولى سنة 1418هـ
ويقع الكتاب في 244 صفحة
رد به على المهندس الشيوعي: محمد شحرور الذي كتب كتابا يقارب 800 صفحة لعب به بنصوص القرآن المجيد لعبا عبثيا تضليليا شبيها بألاعيب السحرة القائمة على خفة الحركة ومخادعة النظر
ويحتوي الكتاب على مقدمات وخمسة فصول وخاتمة:
الفصل الأول: متابعة حول نقض أصوله التي بنى عليها تضليلاته
الفصل الثاني: متابعة حول ماجاء في الفصل الثاني من كتابه النبوة والرسالة
الفصل الثالث: متابعة حول ما جاء في الباب الثاني من كتابه جدل الكون والإنسان
الفصل الرابع: نماذج من تحريفات الشحرور في آيات الأحكام
الفصل الخامس: متابعة أخيرة حول ما جاء في الفصول الأخيرة من كتاب المهندس الشحرور
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[05 Oct 2003, 03:34 ص]ـ
(10) شطحات مصطفي محمود في تفسيراته العصرية للقرآن الكريم
تأليف: دكتور عبد المتعال الجبري
طبعة دار الاعتصام 1976م
يحتوي الكتاب على ثمان فصول
ويقع في 224هـ
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[07 Oct 2003, 06:43 ص]ـ
(11) أصول الدخيل في تفسير آي التنزيل
تأليف: الدكتور جمال مصطفى عبد الحميد عبد الوهاب النجار
مطبعة الحسين الإسلامية 1422هـ
يقع الكتاب في 344 صفحة ويحتوي على:
تمهيد:
1 - بين الأصيل والدخيل
2 - نشأة الدخيل والتصدي له
الباب الأول: الدخيل في المنقول
الفصل الأول: الإسرائيليات
الفصل الثاني: الأحاديث الموضوعة
الباب الثاني: الدخيل عن طريق التفسير بالرأي
الفصل الأول: الدخيل عن طريق اللغة
الفصل الثاني: الدخيل عن طريق الفرق المبتدعة
المبحث الأول:الدخيل عن طريق الشيعة
المبحث الثاني:الدخيل عن طريق الخوارج
المبحث الثالث:الدخيل عن طريق المعتزلة
الفصل الثالث: الدخيل عن طريق الإلحاد المتعمد
المبحث الأول:الدخيل عن طريق الباطنية
المبحث الثاني:الدخيل عن طريق القاديانية
المبحث الثالث: الدخيل عن طريق البهائية
الفصل الرابع: الدخيل عن طريق تفاسير بعض الصوفيين
الفصل الخامس: الدخيل عن طريق التفسير العلمي
ـ[محب]ــــــــ[11 Oct 2003, 02:01 ص]ـ
(12) ترجمة جاك بيرك للقرآن الكريم .. بين المادحين والقادحين
تأليف: د/ إبراهيم عوض
الناشر: دار زهراء الشرق ـ 116 ش محمد فريد ـ القاهرة ـ مصر
الطبعة: الأولى 1421 هـ ـ 2000 م
عدد الصفحات: 105 صفحة
حاول المؤلف بدراسته " تقييم " ترجمة جاك بيرك الشهيرة للقرآن. وقد انتهى إلى أن " قيمة الترجمة البيركية للقرآن الكريم .. ليست فتحاً فى ميدانها، كما زعم لها من دافعوا عنها وعن صاحبها؛ إذ فيها أخطاء وأوهام كثيرة وجهل وعبث شديد، وفيها إساءات للقرآن والإسلام لا يمكن التهوين من شأنها بأى حال ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب]ــــــــ[11 Oct 2003, 02:55 ص]ـ
(13) المستشرقون والقرآن .. دراسة لترجمات نفر من المستشرقين الفرنسيين للقرآن وآرائهم فيه
تأليف: د/ إبراهيم عوض
الناشر: دار زهراء الشرق ـ 116 ش محمد فريد ـ القاهرة ـ مصر
الطبعة: الأولى 1423 هـ ـ 2003 م
عدد الصفحات: 195 صفحة
يقول المؤلف فى المقدمة: " حينما فكرت فى إعداد هذه الدراسة لم يكن يخطر على بالى أن هؤلاء المستشرقين الذين ينتقدون القرآن ويخطئونه وينفرون الناس منه لا يحسنون فهمه على هذا النحو المخزى الذى تكشف لى بعد ذلك. لقد كنت أظن أن أخطاءهم هى من تلك الأخطاء العادية التى لا ينجو منها جهد بشرى، أما هذا الجهل الفادح، وهذا العناد الحرون، وهذا الالتواء فى النية الذى سيلمسه قارئ الكتاب بيده، فهو فى الحقيقة شىء لم يكن يخطر لى ببال، حتى إنى بعد أن فرغت من دراستى هذه فكرت أن أسميها (المهزلة الاستشراقية .. فى المسألة القرآنية) ..
" .. أما الكتاب فإنه مقسم إلى بابين، فى كل باب أربعة فصول ..
" ويضم الباب الأول أربع دراسات تحليلية نقدية لأربع ترجمات فرنسية للقرآن: الثلاث الأولى لثلاثة من مشاهير المستشرقين هم: سافارى ومونتيه وبلاشير، والترجمة الرابعة للشيخ أبو بكر حمزة، وهو عربى مسلم يعيش فى فرنسا، لكنه ـ فيما أقدر ـ متأثر ببعض آراء المستشرقين الخطيرة التى لا أدرى كيف يجمع المرء بين الإسلام وبين الإيمان بها، فلذلك ألحقت ترجمته بالترجمات الثلاث السابقة. ولعله أن يصلنى أو يقع بين يدى ما يزيل السحابة التى غطت على نفسى من جراء ترجمته ..
" أما الباب الثانى فإنه يضم فصولاً أربعة عن القرآن ترجمتها عن أربعة مستشرقين مختلفين هم: باتلمى سانت هيلير وإدوار مونتيه وكليمن هيوار وبلاشير. وفى هذه الفصول الأربعة يطلع القارئ على معظم ما يردده المسشرقون عن القرآن ومصدره وتاريخه وجمعه ومبادئه وعلاقته بالكتب السابقة. وقد شفعت كل فصل من هذه الفصول بتعليقات وافية محصت فيها هذه الآراء ودرستها وبينت ما فيها من عوار وتهافت ..
" لقد أقبلت على هذا البحث بعقل مفتوح ظاناً أنى سأقرأ كلاماً إن لم يوافق اعتقادى فهو كلام موزون، أما هذا التهافت وهذه الجرأة الجاهلة التى سيراها القارئ بنفسه من خلال عشرات الأمثلة (لاحظ أنها مجرد أمثلة) فقد صدمتنى وخيبت ظنى تخييباً ".
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[17 Oct 2003, 01:38 ص]ـ
(13) موقف الرافضة من القرآن الكريم
تأليف: مامادو كارامبيري
الناشر: مكتبة ابن تيمية بدون تاريخ.
ويحتوي على تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة
التمهيد: وتحته مبحثان:
المبحث الأول: تعريف الرافضة وبيان ماابتدعوه في الإسلام.
المبحث الثاني: جهود المسلمين في المحافظة على القرآن تحقيقا لوعد الله تعالى بحفظه.
الباب الأول: موقف الرافضة من نصوص القرآن
الفصل الأول: إجماع الرافضة على القول بتحريف القرآن الكريم
الفصل الثاني: أنواع التحريف المزعوم عندهم في القرآن وأمثلته.
الفصل الثالث: شبههم في القول بالتحريف وردها من الشبه التي يتعلقون بها كيفية جمع القرآن الكريم. الرد.
الباب الثاني: موقف الرافضة من معاني القرآن الكريم
الفصل الأول: اعتمادهم التأويل الباطل تفسيرا للقرآن الكريم
الفصل الثاني: نماذج من تأويلاتهم الباطلة
الباب الثالث: ما ترتب على هذين الموقفين من آثار سيئة.
الفصل الأول: عدم الاعتراف بالقرآن وأحقيته للتشريع
الفصل الثاني: فتح الباب أمام أعداء الإسلام للطعن في القرآن الكريم
الفصل الثالث: مخالفة السواد الأعظم من المسلمين في بعض الأحكام الشرعية
الخاتمة.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[24 Oct 2003, 09:51 م]ـ
(14) الغارة على القرآن
تأليف: دكتور عبد الراضي محمد عبد المحسن
الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع
سنة الطبع: 1421هـ
ويحتوي الكتاب على مقدمة وثلاثة فصول.
الفصل الأول: حركة الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن الكريم:
المبحث الأول: حقيقة التنصير
المبحث الثاني: دوافع الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن الكريم
المبحث الثالث: تاريخ الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن الكريم
الفصل الثاني: تفنيد مزاعم الجدل التنصيري حول أصالة القرآن الكريم:
المبحث الأول: وجوه تهافت الدعوى الأولى " القرآن تلفيق من اليهودية والنصرانية "
المبحث الثاني: وجزه تهافت الدعوى الثانية: " القصص القرآني تكرار لقصص التوراة والإنجيل "
الفصل الثالث: دلائل الإعجاز القرآني:
المبحث الأول:الإعجاز البياني
المبحث الثاني: الإعجاز الإخباري
المبحث الثالث: الإعجاز التشريعي
المبحث الرابع: الإعجاز العقلي
المبحث الخامس: الإعجاز العلمي
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[10 Feb 2004, 03:49 ص]ـ
(15) دفاع عن القرآن الكريم
أصالة الإعراب ودلالته على المعاني في القرآن الكريم واللغة العربية.
المؤلف: دكتور محمد حسن حسن جبل - أستاذ أصول اللغة العربية بجامعة الأزهر
طبع بمطبعة البربري الحديثة - بسيون غربية عام 2000م
وهو يرد على الهجمات اللغوية التي تتخذ العربية - لغة هذا الدين - هدفا توجه الطعون إليها
وعلى رأس هذه الطعون التي تعرض لها الكتاب بالتفنيد: دعوى عدم أصالة الإعراب في القرآن الكريم
يقع الكتاب في 236 صفحة
ويحتوي الكتاب على مقدمة وقسمين وخاتمة
القسم الأول: الادعاءات وأدلتها
أولا: الادعاءات
ثانيا: أدلة جاحدي أصالة الإعراب ودلالته على المعاني
القسم الثاني: مناقشة نظرية للإدعاءات
الباب الأول: الرد على ادعاء فقدان الآثار القديمة والحديثة للإعراب
الباب الثاني: مناقشة الدعاوي التي أسست على تشعب قواعد الإعراب ودقتها
الباب الثالث: شواهد تطبيقية واقعية لأصالة الإعراب ووجوده في القرآن الكريم منذ أول نزوله وفي عربية القرن السابع الميلادي وما قبله.
الباب الرابع: إثبات وجود الإعراب في الشعر الجاهلي
الباب الخامس: الحق والرجال
الخاتمة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[10 Feb 2004, 04:03 ص]ـ
(16) سورة النورين التي يزعم فريق من الشيعة أنها من القرآن الكريم
المؤلف: دكتور إبراهيم عوض
الناشر: دار زهراء الشرق سنة 1998م
يقع الكتاب في 54 صفحة
التعريف بالكتاب:
يتعرض الكتاب بالدراسة لما يزعمه فريق من الشيعة من أن القرآن الكريم سقطت منه بعض النصوص التي تتحدث عن حق علي رضي الله عنه في الإمامة.
ومن هذه النصوص حسب زعمهم وضلالهم سورتان كاملتان تسميان (الولاية) (والنورين)!!
وقد تلقفت طائفة من المستشرقين والمبشرين هذه الورق وأخذت تلعب بها بغية إثارة الشك في النص القرآني.
والمؤلف في هذا الكتاب يحلل أسلوب سورة النورين المزعومة لييبرهن بدراسة علمية ابتعادها عن أسلوب القرآن وأنها لاتمت له بصلة.
وأن التزييف فيها والركاكة واضحان تمام الوضوح إلى جانب تناقضاتها وسخف معانيها.
فيذكر آياتها المزعومة آية آية ثم يتكلم عليها في ملاحظات لفظية ومعنوية.
ثم يذكر أن سورة الولاية المزعومة ليست في الغالب إلا صيغة أخرى لسورة النورين.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[10 Feb 2004, 06:39 ص]ـ
تكرر اسم
د. إبراهيم عوض وذكر أنه دكتور في البلاغة
أقول لو كان هو إبراهيم عطوة عوض
فهو أيضا قارئ بالعشر فقد ذكر في تحقيقه لكتاب إرشاد المريد إلى مقصود القصيد أنه شيخ مقرأة السيدة زينب
والكتاب هو للشيخ الضباع شرح فيه قصيدة الشاطبي وفي نظري لا غنى عنه لمن يتعلم القراءات السبع خاصة لبيان المعتمد من الأحكام
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[12 Feb 2004, 05:55 م]ـ
تنبيه:
الأخ الفاضل: راجي رحمة ربه حفظه الله
ما تتحدث عنه موضوع آخر ...
وأما دكتور إبراهيم عوض المذكور فهو غير من ذكرت ..
وهو ليسانس آداب جامعة القاهرة 1970م وحاصل على الدكتوراة من جامعة أكسفورد 1982م.
وله عدد من المؤلفات النقدية والإسلامية منها:
1 - المستشرقون والقرآن
2 - السجع في القرآن - مترجم عن الانجليزية
3 - افتراءات الكاتبة البنجلاديشية تسليمة نسرين على الإسلام والمسلمين
4 - مصدر القرآن - دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحي المحمدي
5 - النابغة الجعدي وشعره
6 - أصول الشعر العربي - مترجم عن الانجليزية
ـ[محب]ــــــــ[16 Feb 2004, 04:51 ص]ـ
أخى الكريم .. راجى رحمة ربه ..
كما قال لك الأخ الكريم أبو محمد أشرف، فإن إبراهيم عوض صاحب تفنيد سورة النورين ليس هو إبراهيم عطوة عوض الذى ذكرت.
رجلنا هنا هو: إبراهيم محمد عوض، دكتور البلاغة والأدب، بكلية آداب، جامعة عين شمس، وهو حى يزرق .. جزى الله الجميع خيراً.
ـ[محب]ــــــــ[16 Feb 2004, 04:53 ص]ـ
أخى الكريم .. أبو محمد أشرف ..
كما قال لك الأخ الكريم راجى رحمة ربه، فإن الكتاب الذى ذكرته فى بند (16) تكرر من قبل بعينه فى بند (6).
وبالمناسبة، فالكتاب المذكور فريد فى بابه، لم أرَ من صنف فى مثل موضوعه، وهو على صغره يصلح كنواة جيدة لدراسة أعمق عن البلاغة المعجزة للنص القرآنى.
ـ[محب]ــــــــ[16 Feb 2004, 05:13 ص]ـ
إضافة ..
(15) .. دفاع عن القرآن الكريم ..
النسخة التى أمتلكها:
تقع فى 205 صفحة، مقاس 17 × 24 سم، وليس بها سنة الطبع.
دار المعرفة الجامعية
40 ش سوتير ـ الأزاريطة ـ ت 4830163
387 ش قنال السويس ـ الشاطبى ـ ت 5973146
فى آخر المقدمة قال المؤلف:
" إيضاح: هذه أول نشرة لهذا الكتاب، وقد سبقتها طبعة خاصة، هذبت ووسعت كثيراً بهذه النشرة ..
" طنطا فى 7 من شوال 1418 هـ، 4 من فبراير 1998 م " ا. هـ
ثبت المحتويات:
التقديم
القسم الأول: الادعاءات وأدلتها
أولاً: الادعاءات
ثانياً: أدلة جاحدى أصالة الإعراب ودلالته على المعانى
القسم الثانى: مناقشة نظرية للادعاءات .. ثم إثبات أصالة الإعراب ودلالته على المعانى إثباتاً علمياً
الباب الأول: الرد على ادعاء فقدان الآثار القديمة والحديثة للإعراب
الفصل الأول: الرد على ادعاء خلو اللغات السامية من الإعراب
الفصل الثانى: مناقشة الاستدلال بخلو اللهجات العامية الحديثة من الإعراب على أن الإعراب لم يكن فى أى وقت
الباب الثانى: مناقشة الدعاوى التى أسست على تشعب قواعد الإعراب ودقتها
الفصل الأول: الأميون يتعاملون باللغة فطرياً وتلقائياً دون إحساس بتشعب
الفصل الثانى: القول بقصور عقليات العرب = عنصرية مبنية على نظر فاسد
الفصل الثالث: تكلف القواعد ثم تطبيقها على العربية = بناء على مستحيلات
الفصل الرابع: الرد على ادعاء تطبيق القواعد الإعرابية على القرآن بعد التوصل إليها فى أواخر ق 2 هـ
الفصل الخامس: نشأة النحو وهو علم قواعد الإعراب
الفصل السادس: التشعب تشقيق علمى وراءه قواعد كلية محدودة
الباب الثالث: شواهد تطبيقية واقعية لأصالة الإعراب ووجوده فى القرآن الكريم منذ أول نزوله وفى عربية ق 7 م وما قبله
الفصل الأول: شواهد صوتية لوجود الإعراب فى القرآن الكريم فى القرن الأول الهجرى / 7 م
الفصل الثانى: شواهد خطية لوجود الإعراب فى القرآن الكريم منذ نزوله
الفصل الثالث: إثبات وجود الإعراب فى الشعر الجاهلى
الباب الرابع: دلالة الإعراب على المعانى
الفصل الأول: نوعا المعانى: اللغوى والتركيبى
الفصل الثانى: علاقة المعنى اللغوى بالإعراب
الفصل الثالث: علاقة المعنى التركيبى بالإعراب
الفصل الرابع: دلالة الإعراب على المعانى فى القرآن الكريم
الفصل الخامس: هل تغنى القرائن عن التزام الإعراب وعلاماته
الفصل السادس: معطيات أخرى للإعراب
الباب الخامس: الحق والرجال
الفصل الأول: النحاة المتقدمون ودلالة الإعراب على المعانى
الفصل الثانى: قطرب صاحب الدعوى الأول
الفصل الثالث: تفسير شبه قطرب
الخاتمة(/)
شبهة .. مطلوب الإجابة عنها
ـ[محب]ــــــــ[11 Dec 2003, 03:46 م]ـ
بسم الله .. والحمد لله ..
الشبهة ..
يأتى النصارى بمثل سورتى الحفد والخلع، ويقولون: هذا يكسر التحدى القرآنى ..
ـ فإن كانتا قرآناً نسخ .. فهما ليستا بقرآن الآن .. فيصح معارضة القرآن بهما ..
ـ وإن كانتا مجرد دعاء .. فقد التبس على أبىّ بن كعب ما ليس بقرآن .. وهذا يطعن على شدة تمييز العرب مؤمنهم وكافرهم لبلاغة القرآن المعجزة عن بلاغة غيره من أول وهلة عند السماع ..
أفيدونا أثابكم الله ..
نرجو عدم الاكتفاء بإيراد رد الباقلانى دون الشرح والبيان والتفهيم.
جزاكم الله خيراً، وسدد ألسنتكم، وثبت أقدامكم.
ـ[الشيخ أبو أحمد]ــــــــ[11 Dec 2003, 08:39 م]ـ
في كلا الحالتين اخفق النصارى كعادتهم ...
فموضوع الخلاف "الحفد والخلع" أصلا وبكل الاحوال ليس من كلام الناس الخاص, فلا ينطبق عليه شرط التحدي ... فان كانت قرآنا ونسخ, فهي بهذا ليس من كلام الناس, فلا تدخل إذن شرط التحدي ... {وادعوا شهداءكم من دون الله}.
وإن كانت دعاءا للنبي, فدعاء النبي من الوحي, ولعل هذا من الوحي الملتزم باللفظ والمعنى, فيخرج مرة اخرى عن الشرط المطلوب ....
ونرجع مرة اخرى للملحدين بفقأة العين أن {اتوا بسورة من مثله} ... فهل هم الذين قالوا "الحفد والخلع" ...... ؟
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[12 Dec 2003, 10:23 م]ـ
ذكر القاضي عياض في إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم أن الروايات التي نقلت الآيات المنسوخة اللفظ إنما رويت بالمعنى دون لفظها؛ لأنها ممن أنسي وذهب من الصدور، وقد رواها الصحابة بمعناها دون لفظها، وعليه فلا يبقى فيها إعجاز لعدم وقوفنا على اللفظ المنزل. والله تعالى أعلم.
ـ[محب]ــــــــ[14 Dec 2003, 04:46 ص]ـ
أخى الكريم .. أحمد القصير ..
ما هو الدليل على أن هذه الآيات رويت بالمعنى دون اللفظ؟
وهل هذا الكلام ينطبق أيضاً على الحفد والخلع؟
جزاك الله خيراً.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[14 Dec 2003, 09:50 م]ـ
قال السيوطي في الديباج على مسلم ج:2 ص:391: «قد وردت أحاديث كثيرة بأن الصحابة كانوا يحفظون آيات وسورا فيصبحون وقد محيت من قلوبهم فيأتون النبي فيخبرونه فيقول إنها مما نسخ فالهوا عنها». أ. هـ
ومن هذه الأحاديث:
ما رواه ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي عن أبيه قال بعث أبو موسى إلى قراء اهل البصرة فدخل عليه منهم ثلاثمائة رجل كلهم قد قرأ القرآن فقال أنتم قراء أهل البصرة وخيارهم وقال كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بأحدى المسبحات فأنسيناها غير أني قد حفظت منها (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة.
ذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره ج:4 ص:359
وأخرج الطبراني في المعجم الأوسط ج:5 ص:48
قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد قال حدثنا أبي قال حدثنا العباس بن الفضل عن سليمان بن ارقم عن الزهري عن سالم عن ابيه قال قرأ رجلان من الأنصار سورة أقرأهما رسول الله فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان بها فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله فذكرا له فقال رسول الله إنها مما نسخ وأنسي فالهوا عنها فكان الزهري يقرأ ما ننسخ من آية أو ننسها
والحديث فيه ضعف فقد أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج:6 ص:315 فقال: رواه الطبراني وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك
وأخرج البخارى في التاريخ الكبير (4/ 241) عن حذيفة قال قرأت سورة الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها.
وقال أبو عبيد في فضائل القرآن حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن.
ذكره السيوطي في الإتقان في علوم القرآن - ج2/ص66
قال صاحب معتصر المختصر (2/ 163):
النسخ على وجهين:
نسخ العمل مع بقاء التلاوة ونسخهما معا والأول كثير والثاني قد يخرج من قلوب المؤمنين كافة مثل ما حدث أبو أمامة بن سهل لابن شهاب في مجلس سعيد بن المسيب أن رجلا كانت معه سورة فقام من الليل ليقرأها فلم يقدر عليها وقام الآخر فقرأها فلم يقدر وقام آخر كذلك فأصبحوا فأتوا رسول الله فقال بعضهم قمت البارحة أقرأ سورة كذا وكذا فلم أقدر عليها وقال الآخر ما جئت إلا لذلك وقال الآخر وأنا يا رسول الله فقال رسول الله أنها نسخت البارحة وهذا حديث مسند لأن أبا أمامة ولد في حياته وسماه رسول الله أسعد.
وقد يخرج من القرآن ويبقى في الصدور مثل ما روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال نزلت سورة فرفعت وحفظ منها لو أن لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وعنه كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيناها غير أني حفظت منها يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في اعناقكم فلتسئلن عنها يوم القيامة وعنه أنه قال نزلت سورة براءة ثم رفعت فحفظ منها أن الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين الحديث.
هذا ما تيسر لي من أدلة حول هذه المسألة وقد كتبتها على عجل والمسألة تحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق، والله تعالى أعلم.(/)
الاختلافات اللفظية في استشهادات القرآن .... شبهات تنصيرية
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[23 Feb 2004, 08:49 م]ـ
إخواني الأعزاء مرتادي الملتقى،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
منذ أيام أرسل لي أحد أصدقائي المسلمين الذين لا يجيدون العربية يسألني عن إحدى الشبه التنصيرية المنشورة على أحد المواقع الإنجليزية المتخصصة في الكذب على الإسلام. مفاد هذه الشبهة أن القرآن يستشهد بأقوال بعض الشخصيات في القصص القرآني ثم يعيد الاستشهاد في سياقات أخرى و بين الاستشهادات بعضها و بعض اختلافات و تناقضات مثيرة!!
و ضرب هذا المنصر صاحب الشبهة أمثلة متعددة ...
أولا: دعاء زكريا و البشارة بيحيى المعمداني:
"هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41) " سورة آل عمران
"ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) " سورة مريم
و يتساءل المنصر النابه ماذا قال زكريا حقيقة في دعائه هل قال " رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ" أم قال "رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا"؟
و ماذا كان الرد؟ و من قام بالرد؟ الله أم الملائكة؟
و هل قال زكريا " رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ " أم قال " رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا "؟
ثانيا: البشارة بابن إبراهيم:
" وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ
(يُتْبَعُ)
(/)
مَجِيدٌ (73) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آَتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76) " سورة هود
" وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ " سورة الحجر
و يتعجب المنصر المحترف من الاختلافات الشاسعة و يسأل علماء الإسلام:
ماذا كان رد فعل إبراهيم في البداية؟ هل قال " سَلَامٌ" أم قال " إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ"؟
هل أجابت الملائكة " لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ" أم أجابوا " لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ"؟
ثالثا: ميلاد موسى:
"إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) " سورة طه
" وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) " سورة القصص
و هاهو منصرنا يتساءل في براءة:
هل أوحى الله لأم موسى أن تلقيه في اليم أم أن تقذفه في التابوت و تقذف التابوت في اليم؟
و هل قالت أخت موسى " هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ" أم قالت " هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ"؟
و الآن أنا عاجز تماما عن الرد على هذه الشبهة المبتكرة لذا قدمت لكم هنا ملخص لمقال هذا النصراني، فهل من مجيب؟؟
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[25 Feb 2004, 11:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الدكتور ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
السؤال الذي طرحتموه، هو مما يحيك في صدور أهل الكتاب، مما يظنونه مثالب في القرآن ..
وتبدأ المشكلة في التعامل مع القرآن كنص مشابه للتوراة أو الإنجيل (بصورتهما الحالية)! فمن المعروف أن الإنجيل والتوراة التي بين أيدي أهل الكتاب الآن هي عبارة عن قصص مغرقة بالتفاصيل .. والقرآن في جزئه القصصي ليس كذلك!
فالقصص في القرآن لا تروى على سبيل الرواية فحسب بل هي جزء من نظام تربية الأمة، وبالتالي فالمراد من القصة هو عبرة ما، وغاية ما، فيذكر من القصة ذلك الجانب و تغفل باقي التفاصيل .. و هذا المذكور هو مما يتناسب مع جو السورة العام، وليس من المشكل سرد الحديث بشكلين مختلفين أو أكثر ما دام ليس هناك تناقض، وما دامت الفكرة واضحة ... فليس من المستبعد أن يكون زكريا عليه السلام قد اعتاد الدعاء ذاته مستخدما كل مرة كلمات مختلفة، ويناديه الله عن طريق الملائكة لا (تكليما) مباشرا ....
وكذلك الحال مع إبراهيم، وأم موسى ...
فليست معضلة ان ترد الفكرة الواحدة والقصة الواحدة بأوجه مختلفة، ما كان التناقض غير موجود!
وهي رسالة لنا نحن أهل القرآن أن نتدبر كتاب الله فنعلم صلة هذا الوجه مع سياق السورة والرابط بينهما ..
ووفقنا الله جميعا للذود عن دين الله و كتابه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 Feb 2004, 03:46 ص]ـ
شكرا جزيلا أخي الكريم خالد جزاك الله كل خير. و لكن ما قته ليس غائبا عن ذهني و لو كان هو مبتغاى لما وضعت سؤالي في هذا الملتقى الذي يرتاده علماء مؤهلين في علوم التفسير و القرآن.
ما أريد معرفته هو ما الحكمة من هذه الإختلافات بالتحديد و لماذا قال في موضع "رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ " و قال في الآخر "رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا "؟ و لماذا قال في موضع "هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ" و قال في الآخر "هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ"؟ و هكذا في بقية الأسئلة!!
فهل من مشمر؟؟ يا رب!!!!
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[28 Feb 2004, 10:44 م]ـ
حياك الله أخي الكريم:
ما ذكرته يسميه أهل التفسير: المتشابه اللفظي وله حكم وأسرار ارجو منك مراجعة الكتب التالية:
- ملاك التأويل القاطع بذوي الالحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل للغرناطي.
- البرهان في متشابه القرآن للكرماني.
- فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن للأنصاري.
وللتشابه صور كثيرة: التكرار اللفظي , الزيادة والحذف , التقديم والتأخير ,ابدال حرف مكان حرف , أو كلمة محل أخرى , مجيء الكلام في موضوع على نظم وفي آخر عكسه , ... الخ.
آمل مراجعة هذه الكتب وقرآتها بعناية والمقارنة فيما بينها , نفع الله بك.
وأعلم أخي الكريم أنهم لن يألوا جهداً في تشكيك المرء بدينه فاعتصم بالله تعالى وأياك وتوارد الشبه على قلبك , فإنها مزلة.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 Feb 2004, 11:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
أرجو من إخوتي أن يغفروا لي فظاظتي و عدم صبري ... المشكلة أن هذا المنصر بالذات سخص سخيف و لجاج و إذا رددت عليه بأن الإختلافات اللفظية إنما هي مراعاة للغرض الديني و الحكمة الالهية سيسأل بالتالي عن ماهية هذه الحكمة و سوف يرتفع نباحه و صياحه بأن المسلمين عاجزون عن فهم كتابهم و تدبر معانيه .... إلخ .. و خصوصا أن موقعة من المواقع ذات الشعبية الكاسحة بين النصارى و له قرآء بالآلاف!
عموما أنا أِشكرك أخي المشرف الكريم أحمد البريدي على ردك النافع - بارك الله فيك و جزاك كل خير - و إن كان هذا وضعني في حيرة شديدة: كيف سأتمكن من الحصول على هذه الكتب؟ حيث أني أعمل في مدينة صغيرة و لا يمكنني الحصول على المراجع بسهولة - أو حتى بصعوبة!!
هل هذه الكتب متاحة على الإنترنت للقراءة أو التحميل؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Mar 2004, 05:25 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا ما تمكنت من لبحصول عليه بعد البحث المضني أمام هذا الكومبيوتر المرهق:
http://www.quranway.net/Library/aviewer.asp?FileType=2&fId=54
المتشابه اللفظي في القرآن
* تعريفه:
عرفه الزركش في البرهان فقال: هو إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة ويكثر في إيراد القصص والأنباء.
ومراده في التعريف بالقصة الواحدة: اللفظ القرآني المعيَّن يرد بصور متشابهة. ومعنى التشابه فيها الاختلاف بين ألفاظها بالزيادة والنقص أو الإبدال أو التقديم والتأخير وهذا كله مما يشكل على القارئ الحافظ فيحتاج معه إلى المراجعة ومزيد الضبط، ولهذا يسمى القراءُ هذا النوع المُشكِل.
- وهناك أيضاً [المكرَّر] وهو ما تكرر فيه لفظ بعينه دون اختلاف في عدة مواضع من القرآن كتكرير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} … (الرحمن:13) وهذا هو التكرار اللفظي من غير اختلاف.
- ومن المكرر ما تكرر فيه المعنى مع اختلاف في الألفاظ بفروق يسيرة متشابهة وهو عين المتشابه اللفظي.
- أما ما تكرر فيه المعنى دون الألفاظ - كتكرار قصص الأنبياء عليهم السلام بأساليب مختلفة وألفاظ متباينة - فهو خارج عن حد المتشابه اللفظي.
----------------------------------------------------
و لكنه لا يزال غير كافي لكتابة رد تفصيلي على هذه الشبهة كما طلب مني بعض الأخوة غير العرب و في ظل عجزي عن إيجاد الكتب التي ذكرها شيخنا الفاضل أحمد البريدي سيظل طلب الأخوة في حكم المستحيل و لا حول و لا قوة إلا بالله!
لذا أرجوكم - و أنتم علماء القرآن و المدافعين عن حياضه - ان تقوموا أنتم بكتابة هذا الرد و سوف أقوم بنقله إلى الإنجليزية - باسمكم - ليستفيد منه هذا القطاع العريض من المسلمين بارك الله فيكم و جعله في ميزان حسناتكم إلى يوم الدين.
ـ[ناجح]ــــــــ[02 Mar 2004, 02:40 م]ـ
د. هشام عزمي
هذه عناوين مكتبات متوفر لديها الكتب التي نصحك بمطالعتها الاخ الكريم أحمد البريدي
يمكنك مراسلتهم عبر الشيكة العنكبوتية
ملاك التأويل القاطع بذوي الالحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل للغرناطي
http://www.furat.com/bookdetails.cgi?bookid=142
====
فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن للأنصاري
http://www.daralfajr.20fr.com/Islam.htm
====
البرهان في متشابه القرآن للكرماني
نتيجة البحث عن: البرهان في متشابه القرآن
عدد الكتب التى تم العثور عليها: 1
الصفحة 1 من 1
البرهان فى توجيه متشابه القرآن
الكرمانى. مركز الكتاب للنشر 2000
عدد الصفحات:
السعر: 4.30 $
http://www.e-kotob.com/
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 Mar 2004, 04:49 م]ـ
جزاك الله كل خير أخي الفاضل ناجح ... و لكن أسعار هذه الكتب تفوق إمكانياتي بمراحل - فضلا عن تكاليف الشحن - و هو درس لي لأعرف حجمي الحقيقي و لأتوقف عن التظاهر باني أعلم كل شيء أمام إخواني غير العرب ... و لله الأمر من قبل و من بعد.
عموما سأنتظر أسبوعا آخر و إذا لم يقم أحدهم بالرد هنا على هذه الشبهة سأقوم - إن شاء الله - بكتابة الرد بالاشتراك مع أحد الأخوة من بريطانيا حسب ما لدينا من معلومات و الله خير نصير.
طلب بسيط: اذكرونا في دعواتكم!
ـ[ناجح]ــــــــ[02 Mar 2004, 05:47 م]ـ
د. هشام عزمي
اضع عناوين مواقع تحوي الاخطاء والتناقضات التي في الانجيل
قبل ان يسئل هذا النصراني عن القرآن عليه ان يحل التناقضات والاخطاء التي في الانجيل
==
Bible Errors
A few choice mistakes from the Good Book
http://web2.airmail.net/capella/aguide/errors.htm
101 Clear Contradictions in the Bible
http://www.themodernreligion.com/comparative/christ/not/bible_contradiction_clear.htm
http://atheism.about.com/cs/errorsinthebibl/
http://www.hevanet.com/refugee/bibleerr.htm
A List of Biblical Contradictions
Jim Merritt
http://www.infidels.org/library/modern/jim_meritt/bible-contradictions.html
طلب بسيط: اذكرنا في دعواتك!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 Mar 2004, 09:53 م]ـ
مهلا عزيزي ناجح ... الأمر يتجاوز هذا بكثير و دعني اعطيك خلفية عن الموضوع من البداية فنقول بسم الله:
قام الأخوان عثمان شيخ - و هو بريطاني من أصل باكستاني - و محمد إلفي - من ماليزيا - بكتابة مقالة مؤلمة عن الإختلافات المخجلة بين إنجيلي متى و لوقا في راويتهما قصة ميلاد المسيح و كيف أن الروايتين - فضلا عن تناقضهما - يضمان إختلافات تاريخية بارزة. و قام الأخوان الفاضلان بنشر هذه المقالة في عيد ميلاد المسيح -كما تحتفل به النصارى - ليغيظوا المنصرين و أتباعهم. المقالة موجودة على هذا الرابط:
http://www.bismikaallahuma.org/Bible/Contra/Internal/birth-nar.htm
و كان الرد من اعداء الإسلام على هذه المقالة يتضمن الشبهات المذكورة في رسالتي الأولى و يعلق المنصر قائلا: "الإختلافات الموجودة بين الأناجيل سببها أن كتابها أشخاص مختلفون و كل منهم يروي القصة من وجهة نظره و لكن ما سبب الإختلافات في الراوايات القرآنية؟ " ثم لا يلبث أن يجيب جازما: "هذا لا يدع مجالا للشك أن القرآن كتب بأيدي أناس مختلفين و كل منهم كان يروي كما تراءى له"!!
و قد قام الأخوة بكتابة رد تفصيلي على رد المنصر و دفاعه عن كتابه المحرف و لكن ما زالوا لا يحيرون جوابا بخصوص الشبهات على القرآن لذا قاموا بمراسلتي لأعينهم حتى يستطيعوا نشر ردهم على الشبكة و كما نقول عندنا في مصر (جبتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين عايز تتعان!!)
قما رأيك في هذه الورطة؟؟
ـ[ناجح]ــــــــ[02 Mar 2004, 11:43 م]ـ
د. هشام عزمي
منذ فترة شاهدت برنامج في قناة الشارقة استضافوا فيه الدكتور فاضل السامرائي
وكان هناك اتصالات مع المشاهدين يمكنك مراسلة قناة الشارقة لتحصل على مواعيد البرنامج وتتصل
بالدكتور ستجد الجواب ان شاء الله
برنامج لمسات بيانية
هذه بعض مؤلفات الدكتور فاضل السامرائي،
التعبير القرآني
لمسات بيانية في نصوص من التنزيل
بلاغة الكلمة في التعبير القرآني
=====
هنا نموذج لما طرح بالبرنامج نقلا من احد المنتديات
====
هذا موضوع قرآني لغوي
قد يكون طويلا قليلا
ولكن احتملوه وتأكدواأن فيه فوائد جليلة
وجمالا يريح النفس ويبهرالقلب بعظمة التعبير القرآني
=============================
ترد كلمة الملائكة في القرآن الكريم
ومعها الفعل بالتذكير مرة وبالتأنيث مرة أخرى
فما أسباب هذا الاختلاف وهل هو جائز أصللا؟
أما من حيث الجواز فهو جائز طبعا
لأن الملائكة ليست جمعا مذكر سالمافيجوز تذكير الفعل ويجوز التأنيث
ولكن السؤال: هل هناك خطة معينة سار عليها القرآن في ترتيب هذه الأفعال؟ ولماذا اختار الله عز وجل بعض المواضع ليكون الفعل معها مذكرا ومواضع أخرى جاء الفعل مؤنثا؟
=======================================
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد استقراء الآيات القرآنية التي تحدثت عن الملائكة تم التوصل إلى الملحوظات التالية:
ــ كل فعل أمر يصدر للملائكة يكون بالتذكير: اسجدوا، أنبئوني، فثبتوا
ــ كل فعل للعبادة يأتي بالتذكير: "فسجد الملائكة كلهم أجمعون"، " فقعوا له ساجدين"، "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون"
وقد يكون ذلك لما تتطلبه العبادة من قوة، ولأن المذكر في العبادة أكمل، وقد قال عز وجل: "وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم"، وقال عن مريم عليها السلام: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ـ التحريم:12
ــ كل فعل يقع بعد ذكر الملائكة يكون بالتذكير، أي الفعل الذي يتأخر عن الملائكة يكون بالتذكير: "والملائكة يدخلون عليهم من كل باب"، " وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُون"، "وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ"، "لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين"
ــ كل وصف اسمي للملائكة يكون بالتذكير:
* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ـ آل عمران:124
* بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ ـ آل عمران125
* وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُون ـ النساء
* والْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ ـ الأنعام
* إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ـ لأنفال:9
* وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ـ الزمر:75
* فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِين ـ الزخرف:53
ــ العقوبات تأتي بالتذكير، ولو كانت عقوبة جاءت في موضعين فالأشد منهما بالتذكير
* وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ـ لأنفال:50
* فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ـ محمد:27
من الآية نفسها نلاحظ الشدة في الثانية بذكر عذاب الحريق، وتتبع بقية آيات السورة يرينا أنه تم تشبيههم بآل فرعون، فالسياق جاء بالشدة فذكر الفعل، أما الآية الثانية فكان السياق أخف فجاء بالتأنيث
* وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً ـ الفرقان:25
* إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ـ فصلت:30
الفعل واحد هو النزول، ولكن حالة الشدة جاء الفعل فيها مذكرا، أما جو الطمأنينة فقد استدعى التأنيث
وفي المقابل لم تأت بشرى من الملائكة بصيغة التذكير
بل كل البشارات بالتأنيث
ولعل ذلك لما في البشارة من رقة وما يتناسب معها من لطف وخفة وذلك من خصائص الإناث
* وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ــ البقرة:248
*إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ـ آل عمران
* وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ـ آل عمران:42
* فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً ـ آل عمران
* إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)
... مباشرة من الدكتور فاضل صالح السامرائي عبر برنامج لمسات بيانية ...
=====
قما رأيك في هذه الورطة؟؟
انت تظن انها ورطة وهي ليست كذلك عند المتخصصين اذا كان عندهم وقت والاهتمام للرد عليك؟؟
ـ[ناجح]ــــــــ[03 Mar 2004, 04:12 ص]ـ
موقع للرد على النصارى
http://www.alhakekah.com/
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[03 Mar 2004, 09:56 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا المجهود جعله الله في ميزان حسناتك يوم الحساب العسير .. آمين
كاتب الرسالة الأصلية: ناجح
انت تظن انها ورطة وهي ليست كذلك عند المتخصصين اذا كان عندهم وقت والاهتمام للرد عليك؟؟
صدقت و الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[05 Mar 2004, 03:51 م]ـ
أفيدونا أفادكم الله!!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[08 Mar 2004, 04:03 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: د. هشام عزمي
أفيدونا أفادكم الله!!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Mar 2004, 04:20 م]ـ
أخي العزيز د. هشام عزمي وفقه الله
أخي الكريم ناجح وفقه الله
جزاكما الله خيراً على حرصكما على دفع الشبهات التي تثار بين الحين والآخر على الإسلام، وعلى صدق نيتكما. وأنا ألمس الغيرة الصادقة على الدين من خلال كتابتكما، وأنا أتابع ما تكتبان، ولا شك أن غيري من الأعضاء والمشرفين كذلك، غير أن الوقت أضيق من أن يستوعب للكتابة المفصلة كما ينبغي أن تكون. ولذلك فإنني أوصي نفسي وإياكم بالحرص على عدم الدخول بقدر الطاقة في مجادلات ومناقشات بغير علم، فإن هذا يفضي إلى ما تريانه من جرأة السفهاء، وربما إلى القول على الله بغير علم، وهذا فيه من الوعيد ما تعلمان وفقكما الله.
إن حسن النية، ونبل المقصد يا دكتور هشام لا تكفيان لإقناع الآخرين برأيك، إذا كنت لا تملك دليلاً ناصعاً، وبرهاناً واضحاً، وديننا ولله الحمد ليس في حاجة إلى ترقيعات عليلة، وتأويلات فاسدة، لإقناع النصارى أو اليهود أو غيرهم، فنحن على بينة من أمرنا، والتعرض للنصارى بمثل هذه الطريقة ثم العجز عن الرد بحجة وبرهان فيه من المفاسد أكثر مما فيه من المصالح. وقديماً قالوا: زئير الأسد لا يكفي لقتل الفريسة!
فنصيحتي أن تتبين ماذا تكتب، وأن تتريث حتى تكون على علم وبينة، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. ولست أشك في أن الدافع لك على ما تعمله هو الحرص على الإسلام، والغيرة عليه، ولكن لا بد من العلم والعلم والعلم. وإلا فالسكوت أولى بنا إن شاء الله.
وأرجو التكرم بعدم وضع الروابط التي تذهب بنا إلى مثل هذه المواقع، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وقد نختلف أو نتفق على هذا الأمر، لكن هذا رأي كثير من الإخوة، فأرجو الحرص على هذا بقدر الطاقة.
أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للعمل الصالح، والعلم النافع وجزاكم الله خيراً أخي الكريم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Mar 2004, 11:55 م]ـ
شيخنا الفاضل عبد الرحمن الشهري حفظكم الله و رعاكم و وفقكم إلى كل خير
قرأت كلامكم و فكرت كثيرا فيه و أنا أعوذ بالسميع العليم من أن أتكلم عنه أو عن دينه بغير علم و لو كان القول بغير علم منهجي لما وجدتني على صفحات هذا الملتقى و – كذلك – ملتقى أهل الحديث أسأل عن شتى المسائل متلقيا الجواب مرة و التجاهل مرات! و يعلم الله كم أتوخى الحذر فيما أكتب و أنشر على موقعي أو مواقع الآخرين و ليس هذا إلا لأني أرى بعيني كيف تتداعى حجج الجهال و الأشاعرة و المعتزلة أمام جدليات محترفي التنصير و كفانا ما حدث مؤخرا عندما انبرى أحد المعتزلة من باكستان للرد على أحد المنصرين بخصوص خلق القرآن مما سبب فتنة ما زلنا نعاني من بقاياها!!
و اعلموا – أدام الله فضلكم – أن الغرض من تصدينا للنصارى إنما هو توفير الردود السليمة للشبهات ضد الإسلام حسب منهج أهل السنة و الجماعة حتى يتمكن إخواننا المسلمون من استخدامها في محادثاتهم مع النصارى و مع أولئك الذين يحاولون تنصيرهم أو تنصير ذويهم. و لا أبغي مطلقا إقناع النصارى أو غيرهم فتبديد شبهة من ذهن مسلم أغلى عندي من إقناع عشرات النصارى. و اعلموا – سدد الله خطاكم – أن عامة المسلمين إنما هم حطاب ليل لا يميزون بين السلفي و الأشعري و المعتزلي و عندما يجابهون الشبهات يهرعون إلى مواقع الرد على الشبهات فربما لا يجد أحدهم إلا رد المعتزلي الذي يطعن في الصحيحين ليتفادى حديث رضاع الكبير أو الأشعري الذي يرد الحديث لمخالفته ما ثبت عنده من آراء مسبقة! فيأخذ هذه الترقيعات العليلة و التأويلات الفاسدة – كما وصفتموها - إلى أعداء الدين!! لذا كان لزاما علينا توفير الرد السليم الذي يتفق و المذهب السديد و الله المستعان.
قد نصحتموني بأن أتبين ما أكتب و أن أتريث حتى أكون على علم و بينة و هي نصيحة أغلى من الألماس و أضعها على العين و الرأس فو الله ما سألتكم إلا لهذا الغرض و ما أردت إلا أن أكون على علم و بينة كي أتبين ما أكتب. عموما سأخبركم عما ننوي كتابته ردا على هذه الشبهة:
من المعلوم أن القرآن نزل بلسان عربي مبين و أن زكريا و إبراهيم و أم موسى لم يتحدث أيهم العربية لذا من غير المنطقي أن نتوقع أن يستشهد القرآن بأقوالهم بتمامها و تفصيلها لكونها بلغة مختلفة عن لغة الذين نزل القرآن بلسانهم هذه نقطة. النقطة الثانية أن القصص القرآني لا يهدف إلى الإغراق في التفاصيل بل له أهداف تربوية و تعليمية بالدرجة الأولى و هذه الأهداف هي كذا و كذا ...... و الدليل على ذلك 1) تكرار القصص في عدة مواضع و كل مرة بشكل و درس مختلف و 2) عدم الالتزام بالترتيب الزمني في الرواية أي من سليمان إلى عيسى إلى إبراهيم إلى موسى و هكذا. ثم انتقل إلى أهداف القصص القرآني و هي عديدة و موجودة في العديد من المصادر. و لن نتعرض لأي تخمينات أو مجازفات أو مقارنة للنصوص.
فما رأيكم شيخنا الفاضل؟
أما عن موضوع الرابط فأنا لم أفهم كلامكم و يا ليتكم تزيدوني توضيحا. فأنا لم أضع أي روابط لمواقع مسيئة للأسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Mar 2004, 01:18 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي هشام وهذا هو ظني بكم وفقكم الله. والهدف هو العلم والنصح كما تفضلت. وما ذكرته من الجواب صحيح إن شاء الله فيما أرى.
أسأل الله لك التوفيق.
بالنسبة للروابط أقصد في توقيعكم وفقك الله لو تقللها وتكتفي بالاسم فقط والوظيفة.
ـ[ابن الشحي]ــــــــ[13 Mar 2004, 12:50 م]ـ
جزاك الله خيرا
واسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[17 May 2004, 06:49 ص]ـ
السلام عليكم،،
و هل قال زكريا " رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ " أم قال " رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا "؟
وجدت الإجابة لهذا السؤال و لكنها تحتاح إلى العزو للمصدر بدقة فهل تساعدوني؟؟
يقول الكرماني:
قدم في سورة آل عمران ذكر الكبر، و أخر ذكر المرأة، و قدم ذكر المرأة في سورة مريم لأن في مريم قد تقدم ذكر الكبر في قوله (وهن العظم مني) و تأخر ذكر المرأة في قوله (و اني خفت الموالي من ورائي و كانت امرأتي عاقراً) ثم أعاد ذكرها فأخر الكبر ليوافق عتياً ما بعده من الآيات و هي (سوياً) و (عشياً) و (صبياً).
يقول ابن الزبير الغرناطي:
اختلف السياق في الآيتين مع اتحاد معناهما، و السبب و الله أعلم: أن المعنى و إن كان في السورتين واحد و في قضية واحدة فإن مقاطع سورة مريم و فواصلها استدعت ما يجري على حكمها و يناسبها من لدن قوله تعالى في افتتاح السورة (ذكر رحمة ربه زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً) إلى قوله في قصة عيسى، عليه السلام (و السلام على يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حياً)، لم تخرج فاصلة منها على هذا المقطع و لا عدل بها إلى غيره، ثم عادت إلى ذلك من لدن قوله تعالى (و اذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً) - إلى آخر السورة، فاقتضت مناسبة آي السورة ورود قصة زكريا عليه السلام على ما تقدم و لم يكن غير ذلك ليناسب. أما آية آل عمران فلم يتقيد ما قبلها من الآي و ما بعدها بمقطع مخصوص فجرت هي على مثل ذلك و الله أعلم.
هل تفيدونني بذكر المصدر بدقة: رقم الجزء و الصفحة و دار النشر إلى آخره؟؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 May 2004, 05:58 م]ـ
أفيدونا!!
ـ[محب]ــــــــ[27 May 2004, 05:26 م]ـ
بالنسبة لكلام الكرمانى فهو موجود فى ص 47 من " البرهان فى متشابه القرآن " المطبوع باسم: " أسرار التكرار فى القرآن "، تأليف: محمود بن حمزة بن نصر الكرمانى، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، 1396 هـ.
أما كلام ابن الزبير الغرناطى، فلم أعثر عليه، لكن له كتاباً شهيراً فى متشابه القرآن، أغلب الظن أن كلامه الذى أوردته موجود به، واسم الكتاب: " ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه متشابه اللفظ من آي التنزيل "
وقد وجدت كلاماً للدكتور عبد العظيم المطعنى حول هذه المسألة أورده لعل فيه إفادة .. قال:
الموضع الثانى عشر " الكبر والعقر ":
" قال: رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر، قال: كذلك الله يفعل ما يشاء " [آل عمران 40]
" قال: رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقراً وقد بلغت من الكبر عتياً " [مريم 8]
فى آل عمران قدم بلوغه الكبر على عقر امرأته، وفى مريم عكس الترتيب، فقدم عقر المرأة على بلوغه الكبر ..
فما السر إذن؟
ـ ملاحظة أمرين:
والجواب: ولا بد ـ هنا ـ أن نلحظ أمرين:
أولهما: أن زكريا عليه السلام كان يمنعه من الإنجاب سببان: عقر امرأته، وتقدم سنه.
ثانيهما: أن هذين السببين كانا يخطران بباله بدرجات متفاوتة أحياناً.
إذا تقرر هذا، فإن السبب الذى يمثل فى خاطره أكثر يعمد إلى تقديمه ويؤخر ما عداه.
ففى سورة آل عمران، أفاد التعبير نفسه أن الكبر هو السبب الأظهر عند زكريا عليه السلام، حيث أسند إليه البلوغ: " وقد بلغنى الكبر "، فكأن الكبر كان يطارده حتى أدركه ..
بخلاف مريم، فإن البلوغ فيها مسند إلى ضمير زكريا عليه السلام، لذلك قدم الكبر فى آل عمران وأخر عقر امرأته.
أما فى مريم فإن تقديم العقر على بلوغه الكبر .. فلأن العقر ـ على ما شرحناه ـ كان السبب الأظهر.
ـ وسبب آخر:
أن زكريا عليه السلام قد تقدم على قوله هذا فى سورة مريم شكواه إلى ربه من الكبر: " رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً "، ومع هذا فقد تلقى البشرى من ربه بأنه وهب له غلام .. فكأن الله ألهمه، أو هو فهم من البشرى أن ما شكاه من الكبر ليس بسبب مانع من الإنجاب .. إذن فالعقر ما زال باقياً فى خاطر زكريا فقدمه على الكبر. ثم عطف بلوغه عنه عتياً عليه لأنه لم يشك ـ قبل ـ العقر. فكان عنده السبب الأظهر.
فالتقديم هنا والتأخير هناك، والتأخير هناك والتقديم هنا .. إنما هو بحسب ما هو أظهر، ولم يتحدث الخطيب الإسكافى عن هذا الموضع كذلك.
وكذلك يلاحظ الباحث أن عقر امرأة زكريا عليه السلام حين أخر فى كلام آل عمران كانت العبارة الدالة عليه: " وامرأتى عاقر " مبتدأ وخبر مجردان.
ولكن حين قُدِّم فى مريم كانت العبارة الدالة عليه: " وكانت امرأتى عاقراً " بزيادة " كان " إذا قورنت بموضعها فى آل عمران، و "كان" تفيد ثبوت النسبة فى الماضى مع الاستمرار هنا.
انتهى كلامه حفظه الله.
[خصائص التعبير القرآنى وسماته البلاغية، ج 2 ص 177، 178 .. مكتبة وهبة بالقاهرة ط 1، 1992 م]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[27 May 2004, 06:00 م]ـ
بارك الله فيك يا اخي و يا ليتك توافينا بالرد على باقي الشبهات التي ذكرتها في المشاركة الأولى بهذا الموضوع إن لم يكن في هذا إثقال:)
ـ[ش. م]ــــــــ[28 May 2004, 02:06 ص]ـ
الأستاذ الكريم هشام عزمي
بارك الله فيك على جهدك الطيب وإنك لتذكرني باحتكاك قديم مع بعض النصارى والملحدين الذين وجدوا ف الشبكة العالمية مرتعا خصبا لنشر ضلالاتهم ومهاجمة الحق ونحن في عصر ضعفت فيه النفوس للأسف.
لذلك فإني أشاركك خوفك على المسلمين وكنت عند ردي عليهم أفعل من أجل ألا يأتي مسلم يقرأ هذه الترهات فتغرس في عقله وتكبر شيئا فشيئا
وإني أسعى للرد على 30 مسألة من مسائلهم الجزئية ويسرني أن أمنحك نسخة لموقعك عند الانتهاء منها
ولكن .. لا تنس الدعاء فما زلت في أول الطريق في إعدادها.
قد أجد عندي شيئا يفيدك فانتظرني قليلا
ويمكنك أن تقرأ مقالا لي عن القصص القرآني في هذا الملتقى الطيب
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1989
أختكم في الله: ش. م
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[28 May 2004, 03:49 م]ـ
بارك الله فيك و زادك من فضله يا أختاه ... و إن اردت المشاركة في الرد على الشبهات، فنحن نقوم بذلك في منتديات الجامع المتخصصة في الرد على النصارى ( http://www.aljame3.com/forums/index.php?) و نرحب بك في أي وقت:)
و سيكون من دواعي سروري أن تمنحينا نسخة من ردود الشبهات لنشرها، كان الله في عونك لاتمامها و الله خير معين.
ـ[موراني]ــــــــ[28 May 2004, 06:13 م]ـ
من ظواهر هذا العصر عامة الانشطة لعدة فرق نصرانية (مسيحية) في جميع أنحاء العالم وخاصة في أميركا. أما متابعة ما يكتب أعضاء هذه الفرق المشكوك في صلاحية وجودها فهي ربما لن تسفر عن شيء يذكر لسبب واحد وهو:
انّ هذه الفرق بذاتها لا شهرة لها في العالم الغربي ولا ينطلق أعضاءها من المباديء العلمية المسلم بها على المستوى (الأكاديمي) كما يقال , اي على المستوى العلمي الثابت.
ويلاحظ ايضا أن هذه التحديات المقصودة من هؤلاء أعضاء في الفرق الدينية ضد الاسلام وضد أديان أخرى في آن واحد لا تخرج من جدران نواديهم ولا يهتم بها أحد بجدية ألا القليل النادر.
بهذه السطور لا أريد أن أقلل أبعاد الأخطاء التى وقعت فيها هذه الفرق النصرانية لكنني
أتساءل: أليس من الخير والأفضل تجاهل كل ما يكتب على تلك الصفحات في انترنيت تجاهلا تاما بدلا من أن نحوض جدالا ومناظرة مع من لا يستحق أن يلفت أنظارنا على الاطلاق؟
وفي النهاية أقول: انّ الجنون فنون! (وأقصد بذلك تلك الفرق)
تقديرا
موراني
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[29 May 2004, 10:18 م]ـ
ترددت كثيرا قبل المشاركة في هذا الموضوع وما سأضيفه من نفع ولكن ما دفعني هو وجود إخوة أفاضل على قدر وعلم يصوبون ما قد أقع فيه من زلل.
بالنسبة للموضوع فأقول لا إشكال فيه إن شاء الله تعالى فكل ما ذكر عن الأنبياء بأنهم قالوه فقد قالوه وتعلم أن زكريا عليه السلام لم يكن يتحدث اللغة العربية ولكن الله عز وجل يصف لنا ما قالوه وصفا دقيقا يصور ما حصل وما قيل بدقة وروعة باللغة العربية ولكن القرآن كما هو معلوم يختلف عن الكتاب المقدس عند النصارى من حيث سرد القصة وأحداثها ففي القرآن لا يذكر إلا ما فيه فائدة للقاريء والمستمع فالله عز وجل يذكر في قصص الأنبياء في القرآن في كل موضع ما يناسب المقام مع أن الجميع قيل. بهذا أخي الحبيب تستطيع أن تتأمل في الرابط بين اللفظ المذكور وسياق القصة ففي سورة مريم مثلاً أثنى الله عز وجل على عددا من الأنبياء وذكر منته عليهم فالله عز وجل ذكر منته على زكريا عليه السلام بما رحمه ووصفه بعبده فقابل ذلك أن يذكر كيف تذلل زكريا عليه السلام لله عز وجل في بيان ضعفه إليه وافتقاره إليه بقوله (( ... إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا .... )) الآية مع أنه قال في دعائه كما في سورة آل عمران (( .... رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء)) ولكن ناسب في سورة آل عمران كون المسألة ظاهرة في منته وتفضله عز وجل على زكريا عليه السلام بالولد فناسب ذكر قول زكريا عليه السلام في دعائه وطلبه الولد. وقس على ذلك في قصص الأنبياء الأخرى. هذا الكلام الذي ذكرته محتمل فإن كان حقا فالمنة
(يُتْبَعُ)
(/)
لله وإن كان خطأ فأنتظر من الإخوة الفضلاء التقويم والتصحيح وجزاكم الله خيرا
ـ[ش. م]ــــــــ[30 May 2004, 11:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأستاذ الفاضل د. هشام
رأيتك تذكر كلام الغرناطي عن الفواصل
وأقول: لا تفتح على نفسك بابا جديدا هو مسألة الفواصل فسيردون عليك بأن القرآن مثل الشعر، وأنه يغير في الكلام من أجل أن توافق الكلمة آخرالآية كما يفعل الشعراء ... ونحو هذا الكلام
الأخ الفاضل أهل القيروان: معك حق فيما ذهبت إليه من أن هؤلاء لا يقومون على أي أساس علمي
ولكنهم يا أخي لا يقتصرون على نشر ذلك في مواقعهم
ستجدهم يدخلون المنتديات ويضعون رابط الموقع بأي عنوان مثيرا لافت للنظر
أو تجدهم يعرضون تلك الترهات على أعضاء المنتدى
وهم بالتأكيد لا يختارون المنتديات الراقية أو المتخصصة التي فيها من يعرف أن يرد، بل يعرفون نوعية الزوار والأعضاء فيختارون من يعرفون أنهم عجزة ضعفاء لتنغرس تلك الكلمات في عقولهم شيئا فشيئا ويجدوا أنفسهم يتساءلون عنها: نعم .. لماذا هكذا؟
أؤكد على كلام الأخ الأستاذ أبي عاتكة أن التأمل في سياق القصة وهدف الآية يقود إلى استنتاج سبب مجيء التعبير القرآني بشكل معين يخالف شبيهه في مكان آخر
كنت أستمع اليوم إلى هدف سورة القصص في برنامج خواطر قرآنية، وعرفت أن هدف السورة هو: التأكيد على الثقة في وعد الله
وعلق الأستاذ عمرو: من يتصور أن الأم إذا خافت على طفلها ألقته في اليم؟ المتصور أن يقال لها: إن خفت عليه فاحضنيه أو خبئيه
وهكذا نرى أن الآية لم تذكر التابوت ها هنا لكن قالت ألقيه، تأكيدا على إيمان المرأة وعلى ثقتها بوعد الله" إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين"
ووضعه في تابوت يُفهَم تلقائيا، لأن القارئ وإن لم يكن قد قرأ الآية الثانية التي توضح ذلك إلا أنه سيفهم أنها ستلقيه لتحميه .. والله أعلم
وهذه بعض أهداف ذكر قصة موسى عليه السلام في القرآن الكريم تجدونها هنا
http://www.lamasaat.8m.com/ahdaaf.htm
مع بيان قصة موسى في سورتي النمل والقصص (جزء من القصص)
http://www.lamasaat.8m.com/moosa.htm
ـ[موراني]ــــــــ[31 May 2004, 06:08 م]ـ
الاخ الكريم ش. م.
ربما كنت أنا متفاءلا أكثر منكم عند معالجة المسألة المطروحة هنا.
لأنني لا أظن أنّ هناك مسلما واعيا معتصما بدينه يتعرض لفتنة بسبب ما يزعم هؤلاء أذلة وأقلة من الناس.
السبيل الوحيد لايقاف هذه الآراء الفاسدة من جانب هؤلاء الضالين هو عدم ذكرهم وعدم الرد عليهم. هذا الطريق نافع جدا في الانترنيت على الأقل.
عندما تجيب عليهم بما هو أحسن وأصح , بل الصحيح , فدخلت معهم في الحوار والمجادلة. وهذا هو بالضبط ما يريدون!
التجاهل الكامل في هذه الحالة خير من مجادلتهم.
وفقكم الله
موراني(/)
سبب اهتمام المستشرقين بتاريخ القرآن!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Mar 2004, 07:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف أن للمستشرقين عناية كبيرة بنشر كتب التراث الإسلامي بعامة، غير أن جانب تاريخ القرآن الكريم على وجه الخصوص وكتابته وجمعه، قد لقي عناية خاصة. فأكثر من كتب في تاريخ القرآن للأسف من المستشرقين مثل:
- ريتشارد بل في مقدمة القرآن.
- ودبليو منتجمري واط.
- وريجي بلاشير.
- وجون بيرتون.
- وآرثر جفري في المفردات الأجنبية في القرآن، ونشر كتاب مقدمتان في علوم القرآن.
- وثيودور نولدكه الألماني في كتابه تاريخ القرآن.ويعتبر كتابه من أشهر وأهم ما كتب في تاريخ القرآن.
- وجولد زيهر.
أو من غير أهل السنة كالزنجاني صاحب تاريخ القرآن، والعجيب أن الذي طبع كتابه هذا أول مرة هو المجمع العلمي في ميونخ بألمانيا عام 1935م. حتى إنه يقول في مقدمة كتابه: (وفي هذا العصر قامت ألمانيا بعمل عظيم محمود، ذلك أن المجمع العلمي في ميونخ بألمانيا، يعنى اليوم عناية خاصة بالقرآن الكريم، فقد عزم على جمع كل ما يمكن الحصول عليه من المصادر الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه، وأدلى هذا الأمر إلى الأستاذ برجشتراسر الذي كان قد بدأ بالعمل في حياته، فلما توفي سنة 1933م عهد المجمع بالسير في هذا المشروع إلى العالم أوتو برتيزل أستاذ اللغة العربية في ميونخ) أهـ.
وقد اعتنى هؤلاء المستشرقون بنشر كتاب التيسير لأبي عمرو الداني، والمقنع في رسم مصاحف الأمصار مع كتاب النقط للداني، ومختصر الشواذ لابن خالويه، والمحتسب لابن جني، وغاية النهاية لابن الجزري في طبقات القراء ولا تزال طبعته هذه هي المعتمدة! وكتاب معاني القرآن للفراء، وغير ذلك من الكتب التي تبحث في هذا الجانب من الدراسات القرآنية.
كل هذه الجهود رغم أهميتها، تثير الشك في سبب عناية هؤلاء المستشرقين بتاريخ القرآن، وقد كتبت دراسات كثيرة ولله الحمد حول أعمالهم وتحقيقاتهم ونشرهم لكتب التراث بعامة، وكتب الدراسات القرآنية بصفة خاصة. من أهمها فيما اطعلت عليه ما كتبه الدكتور عمر رضوان بعنوان آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره في مجلدين وهي رسالة دكتوراه حصل عليها من قسم القرآن بكلية أصول الدين بالرياض.
وقد وجدت لفتة لهذا الأمر للشيخ الجليل، عبدالله بن يوسف الجديع في كتابه الممتع المقدمات الأساسية في علوم القرآن يقول فيها: (ومنذ سنين طويلة وأنا أتساءل عن سبب حرص المستشرقين على الكتب التي صنفها بعض علماء الإسلام فيما يتصل بنقل القرآن، ولا أجد الجواب يرجع إليَّ إلا أن هؤلاء حاقدون على دين الإسلام، لهم مقاصد سوءٍ، يبحثون عن طريق للطعن على القرآن، فتراهم أول من اعتنى مثلاً بنشر كتاب المصاحف لأبي بكر بن أبي داود السجستاني، وهو كتاب مفيد للمشتغلين بالعلم، مصنفه إمام ابن إمام، فقصد هؤلاء إلى نشره وترجموه إلى بعض لغاتهم، ظناً منهم أنهم وجدوا فيه بعض مرادهم، لما تضمنه من حكاية قصة جمع القرآن والمصاحف التي كانت عند بعض الصحابة مما فيه اختلاف حرف أو ترتيب عن مصاحف المسلمين، وقد شرحتُ أنه ليس من ذلك شيء فيه مطعن على القرآن العظيم.
وهؤلاء المستشرقون مساكين كإخوانهم من أهل البدع، لا يدرون ما الأسانيد، ولا يميزون صحيح نقل من سقيمه، فجميع الأخبار المحكية عندهم مسلمات، وإني لأعذرهم في ذلك، فإن اليهود والنصارى قد حرموا الإسناد، واختصت به هذه الأمة الوسط، فأنى لهم أن يفهموه؟!.
قلت: صدق الشيخ الجديع وفقه الله، فكثير من الشبهات التي أوردت على القراءات وجمع القرآن ورسم المصحف منشؤها هؤلاء المستشرقين في كتبهم تلك، وفي تحقيقاتهم. وكتاب مذاهب التفسير الإسلامي لزيهر من اشهر الكتب التي انشغل المعاصرون بالرد على شبهاتها، وفي تحقيقاتهم - على حرصهم وتحريهم حتى لا أظلمهم - كثير من الدس والشبهات والله المستعان.
هذه مجرد إشارة عابرة للفائدة، وطلب إثارة الفكرة، وليس منهج المستشرقين في التحقيق وعنايتهم بداخل في الموضوع، فهو معروف لا ينكر.
ـ[ابن العربي]ــــــــ[03 Mar 2004, 06:13 ص]ـ
بسم الله
كتاب أعمال المستشرقين /// تأليف علي النملة
ذكر بعض الأسباب في المقدمة
وهذا الكتاب منشور في مجلة جامعة الإمام
العدد السابع
ربيع الثاني 1413 هـ
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 Mar 2004, 05:02 ص]ـ
سؤال:
هل كل من نطلق عليه مستشرق فهو بالضرورة غير مسلم؟
أم أن بعضهم دخل في الإسلام. وظل لقب الاستشراق لصيقا به!
وأنا أسأل نفسي هذا السؤال حين أقرأ كتاب التيسير لأبي عمرو، وأقول هل يعقل أن يكون صاحب هذا الجهد كافرا، ونفس السؤال يراودني وأنا أقرأ في غاية النهاية لابن الجزري.
==============
وتعقيب عن ابن أبي داود
مقولة أنه إمام ابن إمام
فكونه ابن إمام فهذا لا شك فيه، أما أنه إمام فكأن في ذلك مبالغة، خاصة أن أباه كان أول من طعن فيه.
ولعل أكثر ما يطلق عليه صدوق لا ثقة أو حجة ناهيك بلقب إمام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العربي]ــــــــ[05 Mar 2004, 07:56 م]ـ
بسم الله
الأخ راجي رحمة ربه
ستجد الجواب على سؤالك في كتاب / مناهج البحث في الإسلاميات لدى المستشرقين وعلماء الغرب
تأليف / محمد البشير مغلي
ص 37
وهو من منشورات مركز الملك فيصل
وفقك الله
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[06 Mar 2004, 12:44 ص]ـ
لا أمل لي في الاطلاع على الكتاب في القريب العاجل، ولو لخصت رأيه في سطر أو سطرين لكنت لك من الشاكرين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2004, 05:38 م]ـ
أرجو أن يبدي الأستاذ موراني رأيه في عناية المستشرقين هذه، وهل ما كتب أعلاه على صواب أم أن فيه تحاملاً على المستشرقين. وذلك لكون الأستاذ موراني أحد المستشرقين المهتمين بالدراسات الإسلامية.
ـ[موراني]ــــــــ[12 Jun 2004, 07:11 م]ـ
لكي أجيب على السؤال الذي طرحه الاستاذ عبد الرحمن الشهري مشكورا , وهو:
(وهل ما كتب أعلاه على صواب أم أن فيه تحاملاً على المستشرقين.)
أقول صراحة لكن بتحفظات:
ليس صوابا! بل هو تحامل شديد لأسباب لا يذكرها الا القليل النادر , وسأذكرها أنا
فيما بعد.
نعم , كل من يهتم باللغات والحضارات الشرقية بدءا باللغة التركية (العثمانية القديمة) عبر الحضارات الى الحضارة اليابانية اهتماما علميا وعلى مستوى الكليات والجامعات
يسمى بمستشرق. أما نحن فالمقصود في هذا المجال المستشرق القائم بدراسات لجوانب الحضارة الاسلامية. ولهذه العبارة جوانب سلبية بلا شك غير أنني لا أتحدث ههنا بلسان رسمي الذي لا وجود له ولا أدافع عن أحد في الفئات الاستشراقية المعاصرة أو الماضية , بل أحب أن أشير الى أن هناك اختلافا ملموسا وأساسيا عند معالجة ظواهر هذه الحضارة وهذا الدين وعند البحث فيه, وهو يرجع الى الآتي:
المستشرق لا ينطلق في أبحاثه من الأسس الثابتة في الايمان أو العقيدة , بل هو بذاتي علماني بالمعنى أنه لا يقوم بابحاث قرآنية على الأساس أن هذا الكتاب وحي
أو بأخرى أن هذا الكتاب منزل , بل يقول:
ان هذا الكتاب الذي يعتبره كل مسلم وحيا وكتابا منزلا على البشر , هذا الكتاب نص!
ومن يتساءل ويشك فيما يؤمن المسلم به أو يرفض علانية ان هذا الكتاب غير منزل ويخوض حوارا ومجادلة من زاوية دينه وايمانه ضد (أهل القرآن) فهو ليس من المستشرقين. قد يكون (مبشرا) أو داعيا الى فرقة من الفرق الدينية الكثيرة.
ومن هنا يأتي الاختلاف (في نظري) بين المسلمين والمستشرقين وما أدى الى وصف المستشرقين (بطعن) و (تشويه) و (عداوة) و (حقد) ما الى ذلك في القاموس من المفردات والصفات السلبية ضد المستشرقين.
ولذلك (بمنتهى الايجاز) أرى أن الرأي المذكور أعلاه ليس صوابا بل ينطلق من نقطة أخرى غير انطلاق المستشرق.
يبقى السؤال المطروح: ما هو السبب لاهتمام المستشرقين بالقرآن وجمعه وعلومه؟
ولهذه المشاركة تتمة.
تقديرا
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jun 2004, 07:23 م]ـ
شكراً للأستاذ موراني، وفي انتظار المزيد من الإيضاح.
ـ[موراني]ــــــــ[12 Jun 2004, 10:20 م]ـ
لقد جاء ذكر بعض المستشرقين الذين قاموا بدراسات حول القرآن وعلومه , وهم من قدماء المستشرقين ما عدا John Burton
الذي أخرج كتاب الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام (اعتمادا على المخطوط أحمد الثالث , الرقم 143 أ) عام 1987. هذا , فيرى بيرتون أن القرآن كان بين يدي المسلمين عند وفاة نبي الاسلام كما هو بين يدينا اليوم. هذا من جانب.
ومن جانب آخر لا أذكر طعنا ما أو حقدا (الحقد .... لماذا؟) او حتي تشويها مقصودا لدى Nöldeke الذي أجرى دراسات دقيقة حول (عربية القرآن) حسب منهجية اللغويين , أي بحث وحلل بعض الآيات من ناحية اللغة وأشار الى بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل في شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو (يحارب) شيئا من هذا الدين.
بل اعتبر المواد التي درسها , كما فعل جولدزيهر , نصا وموضوعا للبحث فقط بدون أي اشعار الى عقيدته هو أو الى عقيدة غيره.
نعم , ما هو السبب لهذا الاهتمام بالقرآن وعلومه لدى المستشرقين؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ان السبب ليس كما يقال: كلمة الحق يراد بها الباطل! بل , القرآن يحتل المرتبة الأولى والعليا باعتباره كتابا مقدسا للدين , ومن هنا يعتبر منطلقا أساسيا لفهم الدين ولدراسته. وكذلك أيضا عند المسلمين: أليس القرآن هو البداية والنهاية لجميع أمور الناس في حياتهم اليومية ومعاملاتهم بعضهم البعض وما بعدها في ايمانهم بالآخرة؟
الفرق بين هؤلاء وأولائك أن الأول لا يبحث حسب معايير القواعد العقائدية الثابتة (كما قلت سابقا) بل يبحث في القرآن باعتباره الوثيقة العليا نصا لهذه الحضارة التي لا يشك في عظمتها الا الضال والمضل في الفئات والفرق الدينية السابق ذكرها!
الاهتمام بالقرآن وبعلومه اذا مفروض وفهمه واجب (حسب القدرة!) والبحث فيه
من الضروريات العلمية الملحة على كل من يود التقارب الى هذا الدين علميا (ولا أقول روحيا .... وأرجو التمييز في هذا الموضع بالذات).
لقد ازداد اهتمام بعض المستشرقين المعاصرين بالقرآن في الأعوام العشرة أو أكثر الماضية وقام بعضهم في دراسات لغوية وتحليلية حول نص القرآن وعرضوا أبحاثا لا بأس بها حول النحو والتفسير في القرون الأولى للاسلام (المدارس النحوية في البصرة والكوفة) ,
وقام البعض الآخر بدراسات تأريخية حول روايات كتب التفسير وتحديد نشأتها تاريخيا
(وقد هاجموني أنا شخصيا فيها لرأئي المغاير لهم .... لكن هذا سيكون موضوعا آخر) ,
كما درس الآخرون النص وميزات السور المكية والمدنية من ناحية اللغة فيها.
لا أذكر في هذه الدراسات شيئا من الطعن.
هكذا الأمر في حضارة النصارى: الاهتمام في (انجيل) مستمر كما الاهتمام بالتوراة لدى اليهود مستمر أيضا. هنا عند النصارى وهناك عند اليهود فرقتان: احداهما يدرس الكتاب من الناحية الدينية فقط
والأخرى يدرسه من الناحية العلمية التأريخية اللغوية فيترك الايمان ايمانا ويفضل
في ذلك العلم علما.
الدراسات حول الانجيل تملي مكتبات , وهي دراسات موضوعية ومتناقضة بعضها البعض حول فهم النص وتأريخه كما هو بين يدينا اليوم. وليس في ذلك شيء من الحرج , بل هذه دراسات تعتبر من المواد العلمية في الدراسة في كليات الجامعات
منذ أكثر من 100 عام. أما الفريق الآخر فيتمسك بمفاهيم الايمان لما جاء في هذه الكتب.
وهكذا الأمر في دراسات المستشرقين حول القرآن وعلومه.
لتجنب سوء التفاهم بين أعضاء الكرام في هذا الملتقى وبين ما ذكرت هنا في سطور سريعة أود أن أبرز انني لا أدافع عن أحد له نصيب في صنعة الاستشراق قديما كان أو حديثا , الا أنني أرجو وأتمنى أن يحترم المرء الرأي الآخر ويضع في عين الاعتبار أن هذا الآخر لا يتركز على القواعد العقائدية بالضرورة عندما يدرس الكتب المقدسة للأديان عامة.
ولهذه المشاركة أيضا ربما (!) تتمة.
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[17 Jun 2004, 06:17 م]ـ
كما جاء ذكره من قبل نشر المستشرق نولدكه Nöldeke كتابه (تأريخ القرآن) عام 1860 الذي عالج فيه بمنهجه العلمي وباعتبراه لغويا تأريخ السور والآيات. ولا شك أن كتابه هذا جاء اساسا هاما للأبحاث الأخرى في هذا المجال.
وقد أعيد طبع الكتاب عام 1938 على يد برجشترسير Bergsträsser وغيره بعد تنقيهه واستكماله. وقد أدى اهتمام برجشترسير بنص القرآن الى اهتمامه بالقراءات فنشر بعض المصادر في هذا العلم مثل:
المختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه (وأعيد طبع هذا الكتاب عدة مرات في العالم العربي) ,
كتاب غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري
الا أن وفاة المبكر والمفاجيء (سقط في الجبال في ثلج الشتاء) حال دون اتمام مشروعه فقام تلميذه بريتسل Pretzel بمتابعة ما ترك أستاذه من الأعمال ونشر كتاب التيسير في القراءات والمقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار للداني.
والجدير بالذكر أن الكتب المذكورة أعلاه قد نشرت لأول مرة على الاطلاق وهي عبارة عن اهتمام المستشرقين بنص القرآن ولغته اكثر منه بالمسائل العقائدية الدينية فيه.
لقد لاحظ المستشرقون في القرن الماضي أن الترجمات التي جاءت بها القرون الماضية (تقريبا من القرن 16 وما بعده) كانت مليئة بالأخطاء التي نجمت عن عدم فهم النص فهما سليما. ورفضت دوائر المستشرقين الأخذ بهذه الترجمات للقرآن ونصحت بعدم الرجوع اليها قائلة انّ أخطاْ الترجمة قد أدت الى اساءة فهم النص والى اساءة الدين (مثل الاستاذ فيشر Fischer الذي قدم بحثا في هذا الموضوع وناقش ترجمة سورة المسد ورفضها رفضا تاما).
ربما من أهم الكتب التي الفت في مجال دراسات اللغة في القرآن , واللغة الفصحى بصورة عامة , هو كتاب (العربية) للمستشرق فوك Fück عام 1950. وبعد عام واحد من صدوره ترجم الكتاب الى العربية , وقام بترجمته الدكتور عبد الحليم النجار. وظهرت أيضا ترجمة فرنسية له ضمن نشرات معهد الأبحاث العليا بالرباط (المغرب).
ربما يجد أعضاء هذا الملتقى سبيلا الى شراء النص العربي لهذا الكتاب وهو حسب علمي غير موجود في ألمانيا.
موراني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Aug 2007, 12:24 م]ـ
أشكر الدكتور موراني على تعقيبه المفيد على المشاركة، ولا شك أن للباحثين المسلمين نظرة متفاوتة إلى جهود المستشرقين في هذا الجانب العلمي بالذات.
ربما من أهم الكتب التي الفت في مجال دراسات اللغة في القرآن , واللغة الفصحى بصورة عامة , هو كتاب (العربية) للمستشرق فوك Fück عام 1950. وبعد عام واحد من صدوره ترجم الكتاب الى العربية , وقام بترجمته الدكتور عبد الحليم النجار. وظهرت أيضا ترجمة فرنسية له ضمن نشرات معهد الأبحاث العليا بالرباط (المغرب).
ربما يجد أعضاء هذا الملتقى سبيلا الى شراء النص العربي لهذا الكتاب وهو حسب علمي غير موجود في ألمانيا.
موراني
ترجم هذا الكتاب الدكتور رمضان عبدالتواب أيضاً، وترجمته مطبوعة متداولة نشرتها مكتبة الخانجي قديماً وهو كتاب جيد وفيه فوائد.(/)
من مخططات الحداثيين نحو القرآن الكريم
ـ[الخطيب]ــــــــ[23 Mar 2004, 07:12 ص]ـ
الحداثيون والقرآن الكريم
عبثا يحاول الحداثيون التشكيك في النص القرآني من جهة مصدره وتاريخه ومراحل تدوينه معتمدين على قلة الوعي لدى كثيرين في عالمنا العربي والإسلامي بمخططات الحداثة والحداثيين التي توقن بأنه لن يكون لها وجود في كيانات مجتمعاتنا إلا بالقضاء على أقوى عامل مؤثر في تكوين ثقافتنا وهو القرآن الكريم وبالطبع فإن العمل على الوصول إلى هذه الغاية قد اتخذ أشكالا وصورا لم يكن منها بد لإحداث خلخلة في يقين المؤمنين بهذا الكتاب الخالد ولم تكن هذه الصور بعيدة عن المناهج الغربية التي تعامل بها الغربيون مع الكتاب المقدس حيث وصلوا من خلال تطبيقهم لها إلى نتائج باهرة قطعت بأن هذا الكتاب لم يكتب في عهد أنبيائه وبأنه قد تأثر بثقافات عصر كتابته ولقد فرحوا بالوصول إلى هذه النتائج في إثر إخضاع هذا الكتاب المقدس لمنهج النقد الأعلى وأيضا منهج النقد الأدنى
هنا ظن بعض الغربيين ومن تأثروا بهم من أبناء جلدتنا ممن اتشحوا بوشاح العلمانية أو التنوير والحداثة ظنوا أن بإمكانهم الوصول إلى نفس النتائج مع القرآن الكريم وهو الأمر الذي أعلن فشله كثير من الغربيين ومنهم المستشرق الإنجليزي آربرى وكذلك المستشرق السويدي" تور أندريه" مؤلف كتاب " محمد: حياته وعقيدته "وغيرهما ومع هؤلاء كامل الحق لأن القرآن الكريم قد ثبت يقينا وبطرق التواتر المفيدة للعلم الضروري ثبت توثيق هذا الكتاب وحفظه صدرا وتدوينه كتابة في عهد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ولم يكن ذلك منذ عهد بعيد منا فألف وأربعمائة سنة في عمر الزمن شيء يسير بالإضافة إلى هذه الخصوصية التي لم تتوفر لأي نص آخر على الإطلاق من التداول الشفهي لهذا الكتاب الخالد من لدن عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى عصرنا الحاضر طبقة عن طبقة وجمعا عن جمع تحيل العادة تواطؤهم على الكذب
والله إن العجب لا ينقضي من أمر هذا الكتاب الخالد فعندما قرأت هذه المقالة نزلت بعدها لأداء صلاة المغرب بمسجد الحي الذي أقطنه فوجدت خلايا نحل من الصغار الذين ينتظرون شيخهم الذي يتلقون عنه كتاب ربهم فرأت عيني الدليل الواضح على عظمة هذا الكتاب ووقفت على أحد أسرار خلوده وبقائه واستحضر ذهني منظرا آخر لجموع المصلين الذين يتسابقون إلى إسعاف الإمام الذي يؤمهم في الصلاة حين ينسى كلمة أو يخطئ في حركة الإعراب إسعافه بما يرده إلى صوابه ولست أغفل في هذا المقام أولئك الأكارم من أكفاء البصر الذين يحفظون القرآن عن ظهر قلب وهم لا يحصون عددا وأكثرهم يحفظه بقراءاته المتواترة ولربما قادته مهارته وفضوله المعرفي إلى الوقوف على الشواذ أيضا
إن مسألة الاستيثاق من النص القرآني قد تجاوزت هذا الحد الذي يلمح إليه البعض من الرجوع إلى رواية هنا أو هناك لم يفهم مقصودها هذا أو ذاك أو لم يستوثقوا منها وهي في ميزان النقد أوهى من بيت العنكبوت
ففي رأيي بني قومي أن واقعنا مع القرآن هو خير رد على كل تهمة توجه إلى القرآن من جهة استيثاقه فلسنا في حاجة إلى إشغال أذهاننا وإضاعة أوقاتنا في سبيل تقرير أن النهار موجود حيث الشمس واضحة في كبد السماء
وكيف يصح في الأذهان شيء ****إذا احتاج النهار إلى دليل
ـ[النجدية]ــــــــ[24 Jul 2007, 12:41 م]ـ
أساتذتي الكرام ...
أقبل حاليا على القراءة في موضوع (الحداثة و فكر الحداثيين، و أثره في التفسير ... )
فهلا ساعدتم تلميذتكم؛ بإرشادي لأفضل الكتب في هذا الشأن؟؟؟
و لكم مني خالص الدعاء!!!
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[07 Aug 2007, 11:51 م]ـ
أساتذتي الكرام ...
أقبل حاليا على القراءة في موضوع (الحداثة و فكر الحداثيين، و أثره في التفسير ... )
فهلا ساعدتم تلميذتكم؛ بإرشادي لأفضل الكتب في هذا الشأن؟؟؟
و لكم مني خالص الدعاء!!!
الأخت الكريمة ـأحيلك على هدا التعريف للحداثة راجيا أن ينفعك الله-عز وجل- به
http://uemnet.free.fr/activites/co/2005-2008/15-12-2005.htm
ـ[النجدية]ــــــــ[08 Aug 2007, 08:12 ص]ـ
جزاكم الرحمن خيرا!!!
و نفع الله بكم، ورزقكم و مشايخي العلم النافع، و العمل الطيب الصالح!!
ـ[معن الحيالي]ــــــــ[08 Oct 2007, 12:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي جعل في الامة خيرا كثيرا وحمية على كتابه العزيز.
بارك الله فيكم ورزقكم خير الدنيا والاخرة ونفع بكم وجعل الجنة مثواكم.
اود ان نعرف كيف يمكن ان نحدد الضوابط التي يمكن الوقوف عندها في الرد على مثل هذه الشبهة؟
ومن الله التوفيق
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Oct 2007, 02:07 ص]ـ
أسعدتم فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الخطيب وأفدتم بما تفضلتم به، ولعلنا نصيب كبد الحق الحقيق بالقبول
نعدما نرددمعا قول الله تعالى" {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} {الحجر9}.(/)
يا أهل التفسير بل يا أهل الإسلام اترككم مع هذا الخبر
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[29 Mar 2004, 10:43 م]ـ
تشن جمعية (يد لاحيم) اليهودية حملة شعواء لتشويه صورة الإسلام عبر محاولات حثيثة للتشكيك بالدين الإسلامي وأصوله، تعمد من خلالها إلى إدخال تفاسير محرفة لآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وتنسب أقوالا محرفة ومشوهة وبعيدة عن الواقع لعلماء وفقهاء مسلمين كبار من أمثال الإمامين أبي حنيفة والشافعي.
وتنشر الجمعية المذكورة والممولة من حركة "شاس" الدينية المتطرفة مؤلفا من 222 صفحة باللغة العبرية على الإنترنت وتصدر أشرطة فيديو وكاسيت تتضمن تمثيلا يسيء للمرأة المسلمة ومعاملتها في الإسلام.
ولهذا الغرض أنشأت الجمعية اليهودية لها مركزين رئيسيين في تل أبيب والجزء الغربي من مدينة القدس المحتلة ووضعت هاتفا مجانيا لمن يريد التعرف على ما أسمته "القرآن الجديد". وزعم رئيس الجمعية راب ليفسيك أنه مستعد لإيصال ما أسماها "رسالة الإسلام الجديدة" لمن يريد التعرف على الأحاديث والآيات القرآنية "بالشكل الصحيح".
وبحجة توعية المجتمع الإسرائيلي على مفاهيم الإسلام, تعمد هذه الجمعية المشبوهة إلى تحريف أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وتحريف معاني ونصوص القرآن الكريم بزعم أنه ليس من عند الله وليس منزلا من السماء وإنما هو من عند النبي حسب افترائها.
وتزعم الجمعية أنها بذلك تسدي للمسلمين خدمة لأنهم حسب ادعائها يفهمون القرآن والأحاديث بصورة خاطئة وأن الجمعية تعمل على إزالة ما أسمته بالأفكار المسمومة المبثوثة في المجتمع الإسلامي حسب ادعائها.
ودأبت "يد لاحيم" على هذه الخطوة الخطيرة منذ بضعة أشهر عن طريق نشر صور محرفة وكريهة عن الإسلام في المجتمع الإسرائيلي بكميات كبيرة باللغة العبرية. كما تعمل على نشره لاحقا في المجتمعات الغربية بهدف التحريض على المسلمين وإحداث حروب وقلاقل مستمرة بين العالمين الغربي والإسلامي.
وأخطر ما تقوم به هذه الجمعية العنصرية هو تلقين هذه الأفكار الحاقدة والأكاذيب للأطفال اليهود بل ولبعض الأطفال العرب في المدارس اليهودية المختلطة بغية تنشئتهم على كراهية المسلمين وتشكيكهم في دينهم بزعمها بهتانا وزورا أن الدين الإسلامي مليء بالتسمم ويؤدي إلى الهلاك.
وتعتبر هذه الخطوة من الجمعية اليهودية جزءا من السياسة المتبعة لدى الأحزاب المعادية والحاقدة على الإسلام والمسلمين.
وقد فند مفتي القدس والأراضي المقدسة الشيخ عكرمة صبري محاولات جمعية يد لاحيم المس بالقرآن الكريم وتحريفه وأكد للجزيرة نت أن هذه المحاولات ليست جديدة على هؤلاء ومآلها الفشل كسابقاتها. وأوضح المفتي أن الله تعالى قد أخذ على نفسه عهدا بحفظ القران الكريم من التحريف, كما جاء في الذكر الحكيم: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
ـــــــــــ
المصدر:الجزيرة: هنا ( http://www.aljazeera.net/news/arabic/2004/3/3-29-12.htm)
ـ[أبو علي]ــــــــ[30 Mar 2004, 09:12 ص]ـ
أخي أحمد البريدي وفقه الله
لا عجب أن يصدر ذلك من اليهود، فإذا عدنا إلى قصتهم في القرآن (سورة البقرة) فإننا نجدها جاءت مباشرة بعد ذكر قصة إبليس، وبالتفكر في سبب ذلك يتبين لنا أن قصتهم مشابهة لقصة إبليس.
إبليس أمر بالسجود لآدم فأبى.
اليهود أمروا أن يؤمنوا برسول الله المصدق لما معهم ولا يكونوا أول كافر به، فكانوا أول كافر بما استيقنته أنفسهم من الحق.
إبليس قال: أنا خير من آدم (خلتني من نار وخلقته من طين).
قالت اليهود: نحن الجنس السامي شعب الله المختار.
إبليس لعن وخرج من رحمة الله مذءوما مدحورا.
اليهود لعنوا وضربت عليهم الذلة والمسكنة.
إبليس حسد آدم وتوعد أن يغوي ذريته.
اليهود كذلك ودوا لو يردوا المؤمنين كفارا حسدا من عند أنفسهم.
إبليس عدو مبين للإنسان
اليهود أشد عداوة للذين آمنوا.
الشيطان قال: أنظرني إلى يوم يبعثون.
واليهود أحرص الناس على حياة.
إذن فإبليس شيطان الجن واليهود شياطين الإنس، فكان من الحكمة أن يحذرنا الله من شيطان الجن وقبيله وبعد ذلك يحذرنا من شياطين الإنس اليهود.
تشابه واضح في موقف إبليس وفي موقف اليهود.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[30 Mar 2004, 09:28 م]ـ
لا أشك فيما ذكرت وفقك الله , إذ القرآن صرح به في مواضع منها " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " " ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "
لكن ما نحن صانعون امام هذه الحملات هل سنكتفي بترديد " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ", إن للبيت رب يحميه , ليكن هذا حجة للكسل والتخاذل , أم سنكون من أدوات تحقيق هذا الوعد , ونعمل على وقف هذه الهجمات بالعمل على كل الجهات وفي كل الجبهات , اسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[30 Mar 2004, 10:38 م]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: أحمد البريدي
لكن ما نحن صانعون امام هذه الحملات هل سنكتفي بترديد " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ", إن للبيت رب يحميه , ليكن هذا حجة للكسل والتخاذل , أم سنكون من أدوات تحقيق هذا الوعد , ونعمل على وقف هذه الهجمات بالعمل على كل الجهات وفي كل الجبهات , اسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه.
ما شاء الله! و الله لقد ألهمتني بفكرة رائعة أضعها هنا قريباً إن شاء الله.
إن تنصروا الله ينصركم.
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 09:16 م]ـ
جزى الله أخانا أبا على خيراً على تلك المقارنة.
أوضحت التشابه بين اليهود وإبليس: فى عصيان الأمر، وفى الاستكبار، وفى الجزاء، وفى عاقبته، وفى دوام العداوة.
لكن خفى على وجه التشابه الأخير:
الشيطان قال: أنظرني إلى يوم يبعثون.
واليهود أحرص الناس على حياة.
فالشيطان لم يطلب الإنظار لحرصه على الحياة، وإنما لحرصه على الانتقام من آدم وبنيه .. واليهود أحرص الناس على حياة؛ لتمكن الدنيا من قلوبهم، وليس لغرض الإضلال وإن وقع.
ـ[الخالد]ــــــــ[04 Apr 2004, 03:36 م]ـ
شكرًا لك يا أخ أحمد على هذا الموضوع، فقد بين لنا بعض ما يقوم به قتلة الأنبياء ضد دين الحق دين الإسلام ولكن كل منا يعمل على حسب طاقته والله هو الموفق.(/)
شارك في نقد كتاب (جمع القرآن) بقلم المستشرق جون جلكرايست - المقدمة
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[31 Mar 2004, 02:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
في الحقيقة أنا ترددت في عرض هذا الأمر عليكم إخواني الأفاضل لهيبتي منكم أولاً و لخشيتي ألا ينال الموضوع تأييدكم ثانياً ثم إني فكرت و أعدت التفكير و قلت لنفسي: هؤلاء هم علماء القرآن و الذابين عنه و المدافعين عن حماه فإن لم تضع اقتراحك أمامهم فلن تضعه أبداً.
حسنٌ , لندخل في الموضوع ... كتاب جمع القرآن بقلم جون جلكرايست - و هو منصر بروتستانتي محترف - من الكتب ذات الشعبية الكاسحة بين النصارى و هو كتاب لطيف اللغة سهل القراءة للشخص العامي لبعده عن التعقيدات الأكاديمية التي تجدها في كتب المستشرقين و المبشرين الذين تناولوا موضوع جمع القرآن و تاريخ النص القرآني بالبحث أمثال تيودور نولدكه و ريتشارد بيرتون و آرثر جيفري و غيرهم.
و الكتاب يهدف إلى التشكيك في القرآن كنص محفوظ على مر الأجيال و خلاصته هي كما كتب مؤلف الكتاب ...
القرآن تم جمعه قطعة قطعة و لم يتم جمعه في حياة النبي - صلى الله عليه و سلم - و كانت تتم تلاوته بألسنة الصحابة و قراءته بلهجات متعددة. لذا نجد أن النص متناسق مع بعضه البعض - كما نتوقع - على الأقل في الخطوط العريضة.
بعد موت محمد - صلى الله عليه و سلم - فقدت أجزاء من القرآن بلا رجعة مع استشهاد العديد من القراء في موقعة اليمامة. هذه الواقعة - بجانب اكتمال نص القرآن بوفاة وسيط الوحي - ألهمت عدد من الصحابة بكتابة مصاحفهم الخاصة. هذه المصاحف كانت متفقة إلى حد كبير في المحتوى العام و لكن تضمنت كماً هائلاً من القراءات المختلفة التي أثرت على النص و وجدت في كل المصاحف حتى أنه لم يوجد مصحفان متطابقان. فضلاً عن ذلك كان القرآن يتلى بلهجات متعددة في مختلف الأقطار الإسلامية.
أثناء حكم عثمان - رضي الله عنه - برزت محاولة تستهدف " تعيير " القرآن (= وضع نص عياري أو قياسي) و فرض نص موحد على الأمة. تم اختيار مصحف زيد بن ثابت لهذا الغرض لأنه كان متاحاً و كان محفوظاً بعيداً عن الأيدي لسنوات عدة و لم يكتسب نفس الشعبية التي نالها مصحف عبد الله بن مسعود و مصحف أبي بن كعب. باختصار تم تدمير كل المصاحف المخالفة و بالتالي صار مصحف زيد هو النص القياسي للعالم الإسلامي بأكمله.
رغم ذلك ظلت روايات عديدة تبين أن فقرات محورية قد فقدت من النص. فضلاً عن هذا كان لا بد من مراجعة النص و إصلاحه ليلائم احتياج الخليفة إلى نص موحد معتمد. و رغم ذلك بعد موت عثمان قام الحجاج حاكم الكوفة بعمل 11 تغييراً و إصلاحاً للنص.
و لأن المصحف القديم كان مكتوباً بالحروف الساكنة فقط فقد ظلت القراءات المتعددة و لم تتأثر بما عمله عثمان - رضي الله عنه - حتى مضت ثلاثة قرون وقام أحدهم و يدعى ابن مجاهد بحصرها في سبع قراءات محددة المعالم لتتفق مع رواية تقول أن القرآن نزل على سبعة أحرف رغم أن الرواية لم تحدد معنى السبعة أحرف.
و على مدار القرون التالية ظل القرآن يقرأ على سبعة قراءات حتى اندثرت تدريجياً خمسة منها و صار القرآن يتلى حسب قراءة حفص و ورش. و بظهور القرآن المطبوع أخذ القرآن بقراءة حفص السيادة العلمية.
النص القرآني كما يقرأ و يتلى اليوم إنما هو " إصدار " زيد تم تصحيحه عند اللزوم ثم إصلاحه على يد الحجاج ثم تلاوته حسب إحدى القراءات السبع. هذه هي الحقيقة بعيداً عن الاعتقاد الشائع بوجود نص وحيد مباشرة من محمد - صلى الله عليه و سلم. الحقيقة إذن - اعتماداً على كل الأدلة المتوافرة - تبين أن القرآن قد وصلنا بعد مراحل موسعه من الإصلاح و الحذف و التعيير الذي تم فرضه لنص تم تفضيله على يد خليفة متأخر و ليس بتوجيه نبوي أو أمر إلهي.
القرآن هو نص موثق بمعني أنه يحفظ إلى حد كبير المواد التي سلمها محمد - صلى الله عليه و سلم. لا يوجد دليل بوجود إضافات للنص و بالنظر للعديد من القراءات الموجودة و النصوص الناقصة لا يوجد ما يمكن اعتباره مضراً أو متناقضاً مع المحتوى العام. و بهذا الاعتبار يمكن التفكير في موثوقية نسبية لهذا الكتاب باعتبار أنه يحفظ التعاليم الأساسية التي كانت موجودة في الأصل. و على العكس لا يوجد أساس تاريخي أو واقعي للنظرية المحببة بأن القرآن قد تم حفظه لآخر نقطة و لآخر حرف.
هذا هو ملخص الكتاب و الكتاب مليء بعشرات الشواهد و الأدلة على هذه المزاعم.
إذن ما هو المطلوب؟؟ اقتراحي هو أن أضع هنا أحد فصول الكتاب ثم نقوم جميعاً - مشرفون و أعضاء - بتفنيد مزاعم هذا المبشر و أدلته و كشف زيفها و مناقشتها في ورشة عمل موسعة و بعد ذلك يقوم أحدنا بتنسيق كل الردود و الإجابات في صورة رد علمي موثق بالأدلة و البراهين صادر من ملتقى أهل التفسير. ثم ننتقل إلى الفصل الذي يليه و هكذا ..
يا إخواني هذا مشروع طموح و عظيم الثواب و أرجو ألا أكون قد بالغت في أحلامي. كما أنه سوف يشكل دعاية جبارة للمنتدى فالناس تقبل على مواضيع دحض الشبهات و خاصة في هذا العصر الذي تحالف فيه أعداء الإسلام للنيل منه و من كتابه فما رأيكم في اقتراحي؟
لكن ما نحن صانعون امام هذه الحملات هل سنكتفي بترديد " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ", إن للبيت رب يحميه , ليكن هذا حجة للكسل والتخاذل , أم سنكون من أدوات تحقيق هذا الوعد , ونعمل على وقف هذه الهجمات بالعمل على كل الجهات وفي كل الجبهات , اسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه.
هل استجاب الله لدعوتك يا أستاذنا الفاضل بأن يجعلنا من أنصار دينه؟
اللهم آآآآميييين!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[31 Mar 2004, 02:45 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب د / هشام
اقتراحك جيد وأرجو أن يلقى قبولا لدى الإخوة الكرام فإن وافقوا بدأنا فورا فالكتاب بحق خطير وبحاجة إلى تضافر الجهود لمناقشته
ـ[محب]ــــــــ[31 Mar 2004, 08:26 م]ـ
أضم صوتى بالتأييد لهذه الفكرة العظيمة، وأرجو ألا يحرمنا أساتذنا الأفاضل من علمهم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Apr 2004, 04:17 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل أحمد الخطيب و كذلك أخي الحبيب محب و ليت الأخوة المشرفين يوافقون على هذا الاقتراح.
ما يؤلمني حقاً هو التجاهل النسبي من علماء الإسلام لشبهات النصارى بالمقارنة بهوسهم بشن الغارات على الشيعة و غيرهم من أهل الأهواء! فهل الشيعة - مثلاً - يمولون من مئات الجهات بملاين الدولارات؟؟ و هل هم يقدرون بثلث سكان العالم؟؟ و هل نراهم منهمكين في تشييع السنيين و ينفقون البلايين سنوياً لهذا الغرض؟؟
يا إخواني هناك أولويات و هناك عدو متحفز يغزو دورنا و بلادنا لنشر قيمه و مبادئه بين أهلينا و سبيله الطعن في ثوابتنا و مقدساتنا، فماذا نحن فاعلون؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Apr 2004, 04:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اقتراح الدكتور هشام عزمي جيد، وفكرته رائعه
والمهم هو القيام بها على الوجه المنشود
وأقترح أن يقوم صاحب الفكرة بإدارة المشروع بطريقة مناسبة، وذلك:
بعرض نص كل فصل بنص امؤلف
ثم تقسيم الفصل إلى مسائل
ثم يتولى المشايخ الكرام الرد على ما في كل مسألة من الأخطاء والانحرافات بطريقة علمية مبنية على الأدلة النقلية الصحيحة والعقلية الصريحة.
ثم إذا اتضح الرد، وحصل المقصود ننتقل إلى المسألة الأخرى.
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[01 Apr 2004, 05:17 م]ـ
اقتراح موفق وفقك الباري:
واتفق مع أخي أبي مجاهد في توليك إدارة الموضوع , وأرى أن يطرح على هيئة نقاط تمثل كل شبهة واحدة منها فتذكر كلام المؤلف ثم تقوم بعرض ما أورد على شكل نقاط , ونأمل من الجميع الايجابية في التعامل مع مثل هذه المشاريع.
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[01 Apr 2004, 06:14 م]ـ
اقتراح سديد وأتمنى أن ينظم بطريقة تعود بالفائدة على المسلمين جميعا!
* وأتمنى من صاحب الاقتراح د هشام عزمي وفقه الله أن يراعي ما يلي:
1 - أن يذكر لنا أولا ملخصا للكتاب؛ فيذكر لنا باختصار أبوابه وفصوله ومحتواه.
2 - التعريف بمؤلفه إن أمكن وجهوده في الباطل.
3 - أن تطرح الفقرة موضوع المناقشة في يوم معين وليكن يوم الجمعة ويفتح باب الرد لمدة أسبوع.
4 - تلخيص الردود في محاور للمشاركين في البداية حتى لايحيد أحد عن الموضوع
* أما بالنسبة للمشاركين فينبغي أن يراعى مايلي:
1 - يراعى في المشاركات البعد عن الاستطراد في موضوعات لاتخدم الموضوع
2 - يراعى الاختصار في الرد وعد الإطالة من المشاركين في نقل الصفحات الطوال
3 - يراعى ترك التقريظ والمدح للمشاركات حتى لانقطع اتصال الردود
4 - يراعى في الردود ترك التكرار في الرد
5 - ذكر المصادر في النقول وترك الاستدلال بالضعيف والواهي وغير ذلك مما لايخفى على من يشارك.
* أما بالنسبة للمشرفين الأجلاء فأتمنى منهم:
1 - أن يضعوا عنوانا للمشروع وليكن مثلا: " كشف الزور والبهتان ورد أكاذيب ومفتريات جون جلكرايست حول جمع القرآن "
2 - أن يكتب على الصفحة الأولى للمشروع: حقوق الطبع غير محفوظة ولكل مسلم حق الطبع بعد مراجعة وتنقيح ملتقى أهل التفسير
3 - أن يثبت هذا الموضوع
4 - أن نستمر في الرد على هذه النوعية من الكتب التي يروج لها أهل الباطل حول القرآن.
والله تعالى أسأل أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Apr 2004, 06:29 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً شيوخنا الأكابر و سأضع هنا أولاً محتويات الكتاب ثم المقدمة (و هي لإعطاء خلفية كافية عن خطورة الكتاب و كاتبه) ...
جمع القرآن
جون جلكرايست
John Gilchrist
المحتويات
مقدمة
المصادر المستعملة
1 - المرحلة الأولى لجمع القرآن
* تطور القرآن في عهد محمد
* أول جمع للقرآن في عهد أبي بكر
* نظرة عامة حول جمع القرآن في المرحلة الأولى
* الآيات المفقودة التي وجدت عند خزيمة الأنصاري
2 - جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان
(يُتْبَعُ)
(/)
* هل كان لمصحف ابي بكر طابع رسمي؟
* إحراق عثمان للمصاحف الأخرى
* مراجعة مصحف زيد بن ثابت
* مميزات المصحف العثماني
3 - مصحفا عبد الله بن مسعود و أبي بن كعب
* عبد الله بن مسعود كبير علماء القرآن
* رد فعل بن مسعود على قرار عثمان
* قراءة عبد الله بن مسعود
* أبي بن كعب سيد قراء القرآن
4 - الفقرات التي فقدت من القرآن
* التدوين الغير الكامل للمصحف
* الناسخ و المنسوخ و نظرية النسخ
* الآية المفقودة المتعلقة بطمع بني آدم
* أية الرجم حسب عمر بن الخطاب
5 - السبعة أحرف
* السبعة أحرف حسب كتب الحديث
* فترة الإختيار
* ابن مجاهد و تعريفه النهائي
* تأملات حول توحيد نص القرآن
6 - تأملات حول جمع القرآن
* شهادة القرآن بخصوص جمعه
* هل هناك نسخة أصلية في مسجد النبي؟
* إعادة النظر في تاريخ النص القرآني
7 - المصاحف القرآنية الأكثر قدما التي وصلتنا
* تطور النص المكتوب في مرحلته الأولى
* الخط الكوفي و المشق و الخطوط القرآنية الأخرى
* دراسة مصحفي طبكبي و سمرقند
مقدمة
آعتاد المسلمون منذ قرون عديدة على الفكرة القائلة ان القرآن بقي محفوظا في نصه الاصلي منذ زمن الرسول محمد إلى يومنا هذا بدون أن يَمسًّه أي تغيير أو نقصان أو إضافة من أي نوع كانت و بدون أي تغيير في طريقة قراءته. في الوقت ذاته يعتقد المسلمون أن هذا الكمال المزعوم للنص القرآني هو دليل على أصله الإلهي بدليل أن الله وحده استطاع الحفاظ على هذا النص. لقد أصبح هذا الشعور جد قويا عندهم لدرجة أنه نادرا ما نجد باحثا إسلاميا يقوم بتحليل نقدي لموضوع جمع القرآن حيث أنه كلما ظهرت بوادر محاولة مثل هذه فهي تُقمَعُ في حينها.
لكن ما الذي سنَسْتَنْتِجُه إن نحن استعرضنا الوقائع و المعطيات المتوفرة لدينا حول جمع القرآن في بداية العهد الاسلامي؟
حين نضع الانفعالات العاطفية جانبا و نقوم بتقييم موضوعي للمعطيات التاريخية المتوفرة لدينا فإننا نصل إلى استنتاج مناقض تماما لما يزعمون. سيظهر لنا من خلال هذا الكتاب أن ما دُوِّن في إطار الإرث الإسلامي كاف للبرهنة على أن القرآن كان في وقت من الأوقات يحتوي على عدد مختلف من الآيات بل أحيانًا على مقاطع كاملة لا توجد في الَّنص القرآني الحالي. زيادة على هذا فقد كان هناك عدد جُّد مهم من القراءات المختلفة قبل أن يُقَرِّر الخليفة عثمان بن عفان آستأصالها جميعًا و الاحتفاظ بالمصحف الذي وصلنا.
في سنة 1981 نشرت كتيبا عنوانه " The Textual History of the Quran" كرد على منشور ٍاسلامي حاول الطعن في موثوقية الإنجيل. فبالرغم من أن هذا البحث اتجه أساسا نحو تكذيب ما قيل في موضوع الإنجيل إلا أنه لا يخلو من أدلة تثبت أن نقل القرآن لم يكن أبدا أوثق من نقل الإنجيل.
في سنة 1986 نُشر مقالان في مجلة "البلاغ" حاول صاحباهما الرد على كتيبي السالف الذكر. أحد هذين المقالين كتبه الدكتور كوكب الصديق الباحث الإسلامي المتمركز في أمريكا و الآخر كتبه الباحث الجنوب إفريقي عبد الصمد عبد القادر. يكفي هنا أن نشير إلى أننا سنعود لهذين المقالين بالتفصيل لاحقا.
بعد أبحاث دقيقة في الموضوع أصدرت كتيبا أخر في سنة 1984 عنونته " Evidences for the Collection of the Quran". هذا المؤَلَّف أثار بدوره رد فعل بعض العلماء المسلمين تُوِّج بنشر كتيب سنة 1987 من طرف "مجلس العلماء" لجنوب إفريقيا لكن مع الأسف لم يذكر المؤلف إسمه إلا أنني علمت أن الأمر يتعلق بالمدعو "مولانا ديزاي" ( Maulana Desai) القاطن بمدينة بورت إليزابث و سأشير ٍاليه على هذا الأساس.
هذا الكتاب ألف أساسا ليكون تأكيدا للحجج التي قدمت في منشوراتي السابقة و كذلك الاستنتاجات المستخلصة منها و ليكون في نفس الوقت تقييما للأجوبة الثلاث الصادرة عن العلماء المسلمين السالفي الذكر و تفنيدا لمقولاتهم.
إحدى المصاعب التي يواجهها كاتب في مثل هذه الحالة تتجلى في الحساسية المحيطة بهذا الموضوع في الأوساط الاسلامية. إن الشعور السائد عند جل المسلمين يُعتقد على أساسه أن الأصل الالهي للقرآن برهانه يكمن في الطريقة المثالية التي تم بها إيصاله إلينا عبر العصور. هذا الشعور يؤدي إلى الإحساس بالخوف من كون أي دليل على عكس ذلك قد يكون برهانا على عدم ألوهيته.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا ما يمنع العلماء المسلمين من التطرق لهذه المسألة بروح موضوعية و من خلال البحث في المعطيات الخالصة بل نلاحظ أن هناك رغبة مسبقة في البرهنة بأي وسيلة كانت على الشعور السائد الذي يتمثل في الفرضية القائلة إن نص القرآن بقي محفوظا بطريقة مثالية. لذلك فإن العاطفة تلعب الدور الأهم كلما تعلق الأمر بموضوع القرآن و ليس من المستغرب أن نجد العلماء المسلمين الثلاثة المذكورين سالفا لا يستطيعون التعامل معي و مع كتاباتي على مستوى البحث العلمي المحض و لا على مستوى الوقائع. لهذا نجد الدكتور كوكب الصديق في مقدمة مقاله المعنون "يقول داعية الكذب المسيحي إن القرآن ليس قول الله" (مجلة البلاغ ‚ مجلد 11 عدد 1 فبراير/مارس 1986) يحاول مهاجمتي بكل ما أوتي من حسن اللسان حيث يقول "السيد جلكرايست يحاول تحطيم البنيان القوي للقرآن من خلال جدال حقير لا يليق بالمسألة. الطريقة التي يستعملها توضح لنا هزالة الوسائل التي بحوزته و الوقاحة التي تميز تهجمه تظهر لنا أنه يستند الى استغلال فرصة عدم وجود أية دراية بالموضوع لدى المسلمين" في حين يصفني ناشر المجلة بأنني "عدو صريح للإسلام يهذف إلى تحطيم بنيانه".
مقال السيد عبد القادر عبد الصمد نشر تحديدا في العدد الموالي لنفس المجلة تحت عنوان "كيف تم جمع القرآن؟ " (مجلة البلاغ ‚ مجلد 11 عدد 2 ماي/يونيه 1986). في نهاية هذا المقال يصف الكاتب الباحثين من أمثالي بأنهم "أعداء القرآن المجنونون" تحركهم "الغيرة و البغض و العداء و النوايا السَّامة" لا غير.
أما مولانا ديزاي فقد اعتبر هو كذلك في منشور له تحت عنوان "القرآن فوق كل اتهام" أنه من الضروري فضح محاولتي و استغنى عن تقديم الدلائل على مزاعمه و اكتفى بالشتم. يزعم هذا الكاتب أنني "قررت نفي أصالة القرآن المجيد" عوض أن يتخد منهجا أكثر توازنا قد يؤدي به لا محالة الى اعتبار أنني حاولت فقط أن أركز على المعطيات المتعلقة بموضوع جمع القرآن بدون أية فكرة مسبقة. فقد ذهب الى حد القول إن "مزاعمه لا أساس لها" و في مكان ما يقول "إن جلكرايست سيلعن نفسه" و في مكان آخر يتهمني بأني أعاني من "جهل كبير" وبأنني "ذو عقلية لا تقبل النقاش".
ردود فعل انفعالية مثل هذه تكشف عن خوف العلماء المسلمين من أية دراسة تاريخية محضة لموضوع جمع القرآن نظرا لأنها قد تؤدي إلى نفي ما يزعم من أن القرآن جُمع و احتُفظ به في ظروف مثالية.
في هذا الكتاب سأبدل كل جهدي لمعرفة الى أي حد تم نقل و توصيل النص القرآني بطريقة كاملة و دقيقة. هذه الدراسة لن تكون إلا إبرازا للمعطيات المدوَّنة. إن مسألة الأصل الإلهي للقرآن لا يمكن حلها باعتبار طريقة نقله و توصيله و إنما تكون بدراسة مضمونه و تعاليمه. ما يهمنا هنا هو فقط استخلاص الدقة التي تم بها تأليفه و جمعه. أما إذا كان هناك علماء مسلمون كالذين تم ذكرهم سالفا يشعرون أن دراسة مثل هذه تحطم اقتناعاتهم بأن القرآن من عند الله (ديزاي يتهمني مرارا بأنني أهدف الى "نفي سلامة القرآن الشريف من التحريف") فهذه مشكلتهم لأنهم ينطلقون من الفرضية القائلة بأن جمعا و نقلا مثاليين يضمنان الأصل الالهي لكتاب ما.
لا أجد مبررا للرد على هؤلاء العلماء المسلمين بعبارات شاتمة كالتي استعملوها ضدي لأنني أمتلك الحرية الكاملة للخوض في هذا الموضوع بدون أية عراقيل نفسية و بدون أية فرضية أو فكرة مسبقة. زيادة على هذا فأنا أعتقد أنه إذا لم يكن كتاب ما من عند الله فلا يمكن لأي دليل كيفما كان نوعه أن يغير هذا الامر. إن هؤلاء العلماء يحاولون البرهنة على فرضية محضة و هذا ما يتضح من خلال طريقة تعاملهم مع الموضوع. كل واحد منهم حاول التطرق للمسألة بشكل جد مختلف عن الآخرين. الصديق و ديزاي يتناقضان بشكل مكشوف في نقاط عديدة بالرغم من أن كلاهما يحاول التوصل لنفس النتيجة ألا و هي كمال النص القرآني و خلوه من النقصان. هذه المعضلة لا يمكن تفسيرها إلا بشيء واحد و هو أنهما يبذلان جهذهما للانتهاء إلى حيث بدءا أو بعبارة أخرى للرجوع في النهاية إلى ما افترضاه في البداية و هو ما ذكر سالفا.
من المفيد أن نقوم بجرد سريع لمواقف هؤلاء العلماء كل واحد على حدة:
1 - الدكتور كوكب الصديق
(يُتْبَعُ)
(/)
الصديق يتخد الموقف الاسلامي الرسمي. العبارة "نص واحد لا اختلاف فيه" هي ما عَنْوَنَ به جزأ من مقاله و هو ما يلخص مراده بوضوح. الفرضية تتجلى في القول بوجود نص قرآني واحد لم يضف إليه شيء و لم يقتطع منه شيء و لم يكن أبدا أي اختلاف في طريقة قرآءته. لقد كان على هذا الكاتب أن يقدم بعض الاستفسارات حول ما جاء في الحديث النبوي (وهو من أقدم ما دُوِّن في موضوع جمع القرآن) بخصوص حرق الخليفة عثمان لجميع المصاحف القرآنية باستثناء مصحف حفصة (1) بسبب وجود اختلافات عديدة في كيفية قرآءة القرآن في المناطق المختلفة التي كانت تحت النفوذ الاسلامي. الصديق يزعم أن الاختلافات همت فقط طريقة تلاوة النص و هذا برهان يَسْتَدِل به زمرة من العلماء المسلمون. سنرى فيما بعد أن هذا التدليل غير مقنع بل لا أساس له من الصحة. الصديق يفضل السكوت عن الأحاديث النبوية التي تظهر بوضوح أن القرآن الذي هو اليوم بين أيدينا هو بشكل أو بآخر غير مكتمل.
2 - عبد الصمد عبد القادر
يفضل هذا الباحث المرور مَرَّ الكرام على الأدلة الثاقبة التي يمكن استخلاصها من الحديث النبوي كما لو كانت غير موجودة بتاتاً و لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لها في مقاله. بالمقابل نجده يحاول البرهنة على أن القرآن يحتوي على شهادة كافية بخصوص طريقة جمعه. سأتطرق إلى هذه المسألة في نهاية الجزء الرئيسي من هذا الكتاب مع العلم أنه عموما لا يؤثر على الموضوع الذي نحن بصدد دراسته.
3 - مولانا ديزاي
بالرغم من الشتائم التي وجهها إلي فهو يعترف بموثوقية و صحة أغلب الحقائق التي قدمتها و يعترف بأنه كانت هناك بالفعل اختلافات نصية في المصاحف الاولى و بأن عددا من المقاطع التي كانت ضمن القرآن فقدت منه لاحقا. بخصوص الاختلافات في القراءة يعتمد ديزاي على حديث نبوي واحد يروي أن محمدا قال إن القرآن نزل من عند الله على سبعة أشكال لغوية و لهذا فهو يزعم أن كل هذه القراءات قد شرعها الله و هي التي تشكل ما يعرف ب"الأحرف السبع" و يتقبل ببالغ السهولة فكرة أن عثمان قام بالفعل بتنحية مصاحف موثوقة و نجده يبرر هذا الإجراء بكونه هدف إلى ضمان اتساق في القراءة. سنرى فيما بعد أن تفكيرا كهذا يعرض صاحبه إلى تناقضات خطيرة. بخصوص المقاطع المفقودة من القرآن يعترف ديزاي بوجودها كما ذكرنا سالفا لكن يزعم أن الله نسخها ولذلك فهي لا توجد ضمن النص القرآني الحالي. لي اليقين أن هذه المزاعم لن يستسغيها لا كوكب الصديق و لا عبد الصمد عبد القادر و نفس الشيء بالنسبة لما تعلق بالقراءات المختلفة. و مع هذا أجد نفسي مضطرا للقول بأن المولانا هو الوحيد من بين الثلاثة الذي استطاع الإعتراف بإخلاص بموثوقية الأحاديث التي تحكي عن كيفية جمع القرآن. بالرغم من أنني أعتبرأن حججه غير مقنعة كما سنرى لاحقا إلا أنني أجد أن تقبله للحقائق التاريخية أمرا مسعدا.
في نهاية هذا الكتاب سأقدم عرضا موجزا عن المصاحف القرآنية الاولى التي استطاعت أن تصلنا. هذفي من هذا هو تحديد إمكانية وجود أحد المصاحف العثمانية التي تنوقلت بعد تنحية المصاحف الأخرى. يتضمن هذا الكتاب صورا لأقدم المصاحف التي وصلتنا وبالخصوص تلك التي بقيت من القرن الثاني للهجرة قبل أن يشيع استعمال الخط الكوفي في شكله المتطور في أوساط الخطاطين و يصبح معيارا إلى أن عوض بالخط النسخي.
لي الثقة بأن هذا الكتاب سيكون بمثابة إسهام في التقييم الحقيقي لمسألة جمع القرآن في بداية التاريخ الإسلامي من خلال دراسة موضوعية للمعطيات المتوفرة لدينا. لن أعتدر عن كون دراستي هذه لا تأخذ بعين الإعتبار الشعور السائد في الأوساط الإسلامية كما ذكر سابقا و أتمنى أن لا تؤدي إلى ردود فعل انفعالية كتلك التي صدرت كجواب على منشوراتي السابقة. أؤكد مرة أخرى أن هذفي هو الوصول إلى خلاصة مضبوطة و مبنية على الحقائق بخصوص موضوع جمع القرآن لا غير. أنا لست "عدوا صريحا للإسلام" تسيطر عليه رغبة جنونية للإستهزاء بالقرآن أو نفي سلامته من التحريف بأي وسيلة كما يفترض بعض الكتاب الإسلاميين.
جون جلكرايست
29 يناير 1989
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Apr 2004, 07:14 م]ـ
الأخ الكريم أبا محمد ..
ها أنا ذا قد نقلت المقدمة ليعلم إخواني فقط ما نحن مقبلون عليه و كيف يتظاهر هؤلاء بالموضوعية و الحياد و يصفون علماء المسلمين بالإنفعالية و اللاموضوعية!!
ما نريده هنا هو رد علمي بكل المقاييس لا ذرة للإنفعال فيه وفقنا الله لما فيه الخير.
في منتديات الرد على النصارى نضع عادة مدة شهر لكل فصل (من كتب النصارى) و لكني أظن أننا لن نحتاج للشهر بأكمله إن شاء العلي القدير.
أما بالنسبة لعدم تكرار الردود و مشاركات التأييد و غيرها فهذا لا يهم طالما سيقوم الأخوة المشرفون بتنقيح الردود و تنسيقها لتخرج في أفضل صورة و سوف أقوم بإذن الله بترجمة المشروع إلى الإنجليزية - و هي اللغة الأصلية للكتاب - حتى تعم الفائدة و الله المستعان.
أما عن منهجنا في عرض الكتاب فهو كالآتي .. فالكاتب قد قسم كل فصل إلى عدة مسائل كما يبين الفهرس و سأقوم بإذن الله بنقل كل مسألة بنصها ثم تقسيم المسألة إلى نقاط صغيرة ليسهل الرد و إذا وجد أيكم مني غفلة أو عدم انتباه لأي شبهة فلينبهنا جميعاً و الكمال لله وحده. و سيتم عرض فصول الكتاب تباعاً إن شاء الله.
و ندعوا الله أن يكون كل هذا بنية نصر دينه و أن يجزينا خير الجزاء و أن يوفقنا ليخرج هذا العمل في أروع صورة فما ابتغينا سوى أن نكون من أنصار دينه و من المجاهدين في سبيله.
هذا و بالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو محمد أشرف]ــــــــ[02 Apr 2004, 04:32 ص]ـ
قبل منا قشة شبهات جون جلكرايست أود أشير إل بعض العبارات التي استوقفتني في المقدمة ومنها:
1 - قوله: ((في سنة 1981 نشرت كتيبا عنوانه " The Textual History of the Quran" كرد على منشور ٍاسلامي حاول الطعن في موثوقية الإنجيل)).
يظهر بوضوح أن يتحرك بردة فعله الناشئة عن تعصب؛ فهو يتحرك بدافع التعصب والعاطفة التي ينكرها على من يرد عليه، فهو لا يبحث عن الحقيقة وأبعد ما يكون عن النزاهة التي يتشدق بها!!
2 - قوله: ((إن مسألة الأصل الإلهي للقرآن لا يمكن حلها باعتبار طريقة نقله و توصيله و إنما تكون بدراسة مضمونه و تعاليمه)) اهـ
وهل المضمون والتعاليم الربانية العالية التي جاء بها القرآن والتي يشهد لها أعداء الإسلام أخذت من بحثه قدرا ولو ضئيلا بالمقارنة مع الأناجيل التي يؤمن بها وهي خاوية على عروشها!!
وبالمقارنة مع جهده الحثيث للتشكيك في طريقة جمع القرآن!!
3 - قوله: ((أنه نادرا ما نجد باحثا إسلاميا يقوم بتحليل نقدي لموضوع جمع القرآن حيث أنه كلما ظهرت بوادر محاولة مثل هذه فهي تُقمَعُ في حينها)) اهـ
يظهر بوضوح حرصه على تشويه صورة المسلمين وأنهم يقمعون من يحاول أن يناقشهم أو يرد عليهم.
وهو بهذا الكلام يريد أن يظهر المسلمين بأنهم يمارسون الإرهاب الفكري!
وهي طريقة عصرية تمارس اليوم على نطاق واسع ضد المسلمين!!
ـ[الخطيب]ــــــــ[03 Apr 2004, 12:05 ص]ـ
شبهته حول تسمية السور
يرمي جلكرايست إلى أن تسمية السور ليست توقيفية مدعيا أن بعضها لم يتم تسميتها من قبل النبي صلى الله عليه وسلم معرِّضا بأن تسميتها قد تمت من قبل غيره ويمثل لدعواه بسورة الإخلاص ونص كلامه في ذلك:
اقتباس
ــــــ
بعض هذه السور كانت لها أسماء في عهد محمد كما يتبين لنا من خلال الحديثين النبويين التاليين:
"من قرأ هاتين الأيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" (كتاب صلاة المسافرين‚ صحيح البخاري حديث رقم 1341)
"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِمَ من الدجال" (نفس المرجع‚ حديث رقم 1342)
في الوقت ذاته هناك دلائل على وجود سُوَرٍ لم يعطها محمد أية أسماء. فسورة الإخلاص (رقم 112) على سبيل المثال لم يُسَمِّها محمدٌ على الرغم من أنه تكلم عنها مُطَوَّلا و ذكر أنها تساوي ثلث القرآن (الحديثين 1344 و 1346 من كتاب صلاة المسافرين‚ صحيح مسلم)
ـــــــــــــــ
الرد على هذه الشبهة
تسمية السور توقيفية لا اجتهادية ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي اوقف الصحابة على أسماء السور والأدلة على هذا التوقيف مسرودة في كتب علوم القرآن وقد خلص إلى هذه النتيجة السيوطي في الإتقان حين قال:
" وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك "
وأما بخصوص مدعاه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسم سورة الإخلاص بهذا الاسم فهي دعوى عارية عن الدليل فقصارى حجته أن النبي صلى الله عليه وسلم عبر عنها بمستهلها كما في هذا الحديث: " أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن قالوا وكيف يقرأ ثلث القرآن قال قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن " صحيح مسلم عن أبي الدرداء 1/ 556
وعند الترمذي 3/ 276
" من قرأ قل هو الله أحد فقد قرأ ثلث القرآن "
وليس هذا بدليل لمايلي:
- إن تسمية السورة بمستهلها هو وارد في الأثر النبوي ومعهود عند الأسلاف ولقد ضم النبي صلى الله عليه وسلم إلى سورة الإخلاص سورتي " الزلزلة، والكافرون " في التعبير عن الكل بمستهله وذلك فيما أخرجه الترمذي 5/ 165 عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن "
وأخرج النسائي 1/ 318 بسنده عن عمران قال: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فقرأ رجل خلفه سبح اسم ربك الأعلى فلما صلى قال من قرأ سبح اسم ربك الأعلى ... " الحديث والشاهد أنه عبر عنها بمستهلها لا باسمها المعروف وهو " الأعلى "
- ويضاف إلى هذا أنه قد ورد في السنة تسميتها مع سورة الكافرون بسورتي الإخلاص
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد أخرج الترمذي في سننه 3/ 221 ح رقم (869) باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف بسنده عن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد "
- كما ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسمونها بذلك وهو مما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك فقد أخرج أبو نعيم في الحلية 1/ 304 عن أبي غالب مولى خالد بن عبدالله قال: " كان ابن عمر ينزل علينا بمكة فكان يتهجد من الليل فقال لي ذات ليلة قبيل الصبح يا أبا غالب ألا تقوم فتصلي ولو تقرأ بثلث القرآن فقلت قد دنا الصبح فكيف أقرأ بثلث القرآن فقال إن سورة الإخلاص قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن "
- وهناك دليل قوي لا يفوتنا هنا وهو إجماع المحدثين والمفسرين وغيرهم على هذه التسمية فلقد تصفحت وبحثت عن هذه التسمية فلاحظت أن عامة من تعرضوا للحديث عن هذه السورة العظيمة قد عنونوا لأبوابهم بقولهم باب فضل سورة الإخلاص مثلا ونجو ذلك وذات التعبير هذا قد عبر به المفسرون أيضا ومعروف أن الإجماع غير التوقيف لكنه يكون دليلا على التوقيف كما يكون دليلا على النسخ
- وأقوى من ذلك كله هذا الإجماع على كتابتها في المصحف بهذا الاسم والنقل التواتري له عن طريق الحفظة الذين حفظو القرآن الكريم وهم لا يحصون عدا في كل طبقة من طبقات النقل
تدوين القرآن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم
يزعم جلكرايست أن القرآن لم يكتب كله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان الاعتماد على الحفظ بديلا عن كتابة بعض الآيات لدى الصحابة معتمدا في ذلك على فقدان الدليل على أن مجموع القرآن كتب آنذاك في مصحف واحد سواء تحت الإشراف المباشر لمحمد أو غيره – حسب قوله – حتى وصل إلى استنتاج أن القرآن لم يتم أبدا وضعه في مصحف واحد في عهد محمد – صلى الله عليه وسلم –
ـــــــــــــــــ
الرد على هذه الشبهة
ترتكز هذه الشبهة في نفيها كتابة جميع القرآن في حياة النبي e على عدم وجود مصحف يجمع القرآن كله في حياته e وهو ارتكاز على غير مرتكز فيجب التفريق بين تدوين كل القرآن وبين جمعه في مصحف واحد أما عن التدوين فالقرآن كله كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأما عن الجمع ففي رأيي أن القرآن الكريم لم يمر سوى بمرحلة واحدة من الجمع وذلك في عهد الصديق رضي الله عنه ومن الخطورة بمكان ترديد ما ألفناه من تعدد مرات الجمع لأنه يوحي بالنقص الذي يَحتاج معه إلى إعادة الجمع
من الأدلة على أن القرآن قد كتب كله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم
1 - أخرج الترمذي 5/ 272 وغيره (أبو داود والنسائي والبيهقي وأحمد) عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان ثم ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول ما حملكم على ذلك فقال عثمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا نزلت عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ..... "
فلنتأمل كلمة " الشيء " إنها تؤكد على كتابة كل ما نزل وإن كان قليلا كما تؤيده الرواية التالية
2 - أخرج مسلم وأبو داود والترمذي واللفظ لأبي داود عن زيد بن ثابت قال: كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه فقال أكتب فكتبت في كتف لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله إلى آخر الآية فقام بن أم مكتوم وكان رجلا أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولي ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ يا زيد فقرأت لا يستوي القاعدون من المؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أولي الضرر الآية كلها قال زيد فأنزلها الله وحدها فألحقتها والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِف .... " وعند الدارمي عن البراء بن عازب قال: " لما نزلت هذه الآية لا يستوي القاعدون من المؤمنين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف فكتبها وشكا بن أم مكتوم ضررا به فنزلت لا يستوي القاعدون .... غير أولي الضرر "
3 - لقد كانت همة الصحابة رضي الله عنهم الكتبة منهم متوجهة إلى تدوين كل ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم وليس القرآن فقط حتى إنه نهاهم عن ذلك إلا عن القرآن فقال فيما - رواه مسلم -: " لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا إِلاَّ الْقُرْآنَ فَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ "
وأما عدم تدوين القرآن الكريم في مصحف جامع فهذا يرجعه العلماء إلى عدم الحاجة إليه في هذا العصر لوجود النبي صلى الله عليه وسلم مرجعا للناس إضافة إلى تنجيم القرآن وترقب النسخ
أكتفي بهذا في مداخلتي ولربما أعود ببعض القضايا المتعلقة بذات الموضوع إن شاء الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[08 Apr 2004, 07:13 ص]ـ
السلام عليكم،
ها هو تخريج الأحاديث كما وجدتها في موقع الدرر السنية و الله المستعان:
فيما أخرجه الترمذي 5/ 165 عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن "
حسن دون فضل زلزلت .. الألباني صحيح الترمذي 2317
وأخرج النسائي 1/ 318 بسنده عن عمران قال: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فقرأ رجل خلفه سبح اسم ربك الأعلى فلما صلى قال من قرأ سبح اسم ربك الأعلى ... " الحديث والشاهد أنه عبر عنها بمستهلها لا باسمها المعروف وهو " الأعلى "
لم أجده في الموسوعة و له شواهد في صحيح مسلم:
سمعت زرارة بن أوفى يحدث عن عمران بن حصين؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر. فجعل رجل يقرأ خلفه بسبح اسم ربك الأعلى. فلما انصرف قال "أيكم قرأ" أو "أيكم القارئ فقال رجل: أنا. فقال "قد ظننت أن بعضكم خالجنيها". صحيح مسلم المسند الصحيح 398
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر (أو العصر) فقال أيكم قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى؟ " فقال رجل: أنا. ولم أرد بها إلا الخير. قال "قد علمت أن بعضكم خالجنيها". صحيح مسلم المسند الصحيح 398
فقد أخرج الترمذي في سننه 3/ 221 ح رقم (869) باب ما جاء ما يقرأ في ركعتي الطواف بسنده عن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد "
صحيح الألباني صحيح الترمذي 689
أخرج الترمذي 5/ 272 وغيره (أبو داود والنسائي والبيهقي وأحمد) عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان ثم ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول ما حملكم على ذلك فقال عثمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا نزلت عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ..... "
ضعيف الألباني ضعيف الترمذي 599
ضعيف الألباني ضعيف أبي داود 168
أخرج مسلم وأبو داود والترمذي واللفظ لأبي داود عن زيد بن ثابت قال: كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه فقال أكتب فكتبت في كتف لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله إلى آخر الآية فقام بن أم مكتوم وكان رجلا أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولي ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ يا زيد فقرأت لا يستوي القاعدون من المؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أولي الضرر الآية كلها قال زيد فأنزلها الله وحدها فألحقتها والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِف .... "
حسن صحيح الألباني صحيح أبي داود 2188
وعند الدارمي عن البراء بن عازب قال: " لما نزلت هذه الآية لا يستوي القاعدون من المؤمنين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف فكتبها وشكا بن أم مكتوم ضررا به فنزلت لا يستوي القاعدون .... غير أولي الضرر "
لم أجده في الموسوعة و له شواهد عند الترمذي:
لما نزلت: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} جاء ابن أم مكتوم، - وكان أعمى – فقال يا رسول الله: فكيف في، وأنا أعمى؟ قال: فما برح حتى نزلت {غير أولي الضرر} صحيح الألباني صحيح النسائي 2906
ائتوني بالكتف، واللوح، فكتب {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} وعمرو بن أم مكتوم خلفه، فقال: هل لي رخصة؟ فنزلت {غير أولي الضرر} صحيح الألباني صحيح النسائي 2905
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه مشاركة متواضعة و أرجو من شيوخنا الأجلاء المزيد من الإيجابية و أن يخبروني هل أضع الفصل الثاني أم انتظر!!
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[08 Apr 2004, 04:25 م]ـ
اللهم اعصمنا من الزلل
ارجو من د. عزمي عدم الاستعجال بوضع فصل جديد , فلسنا في عجلة من أمرنا.
وأما الرد على ماذكره المؤلف فإليك إياه.
أولاً: ما جاء في المقدمة
الشبهة: آعتاد المسلمون منذ قرون عديدة على الفكرة القائلة ان القرآن بقي محفوظا في نصه الاصلي منذ زمن الرسول محمد إلى يومنا هذا بدون أن يَمسًّه أي تغيير أو نقصان أو إضافة من أي نوع كانت و بدون أي تغيير في طريقة قراءته, في الوقت ذاته يعتقد المسلمون أن هذا الكمال المزعوم للنص القرآني هو دليل على أصله الإلهي بدليل أن الله وحده استطاع الحفاظ على هذا النص. لكن الواقع يخالف ذلك كما يعتقد.
الرد: نعم هذا هو اعتقاد المسلمين كما اخبر الله ذلك في كتابه بقوله "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " وهذا وعد من الله والله لا يخلف الميعاد.
تكملة الشبهة: لقد أصبح هذا الشعور جد قويا عندهم لدرجة أنه نادرا ما نجد باحثا إسلاميا يقوم بتحليل نقدي لموضوع جمع القرآن حيث أنه كلما ظهرت بوادر محاولة مثل هذه فهي تُقمَعُ في حينها.
الرد: هذه مغالطة فكتب المسلمين على مر العصور إلى يومنا هذا تعرضت لهذا الموضوع , وكل ما كتبه الكاتب موجود في مؤلفاتهم على سبيل البحث والتحرير ,فهو إما أنه لم يطلع عليها وهذا كاف في رد كلامه , أو اطلع عليها , ولم يشر إليها في حاجة في نفسه فأين الموضوعية يا ترى.
تكملة الشبهة: لكن ما الذي سنَسْتَنْتِجُه إن نحن استعرضنا الوقائع و المعطيات المتوفرة لدينا حول جمع القرآن في بداية العهد الاسلامي؟
حين نضع الانفعالات العاطفية جانبا و نقوم بتقييم موضوعي للمعطيات التاريخية المتوفرة لدينا فإننا نصل إلى استنتاج مناقض تماما لما يزعمون. سيظهر لنا من خلال هذا الكتاب أن ما دُوِّن في إطار الإرث الإسلامي كاف للبرهنة على أن القرآن كان في وقت من الأوقات يحتوي على عدد مختلف من الآيات بل أحيانًا على مقاطع كاملة لا توجد في الَّنص القرآني الحالي. زيادة على هذا فقد كان هناك عدد جُّد مهم من القراءات المختلفة قبل أن يُقَرِّر الخليفة عثمان بن عفان آستأصالها جميعًا و الاحتفاظ بالمصحف الذي وصلنا.
الرد: ذكر دليلين على ما يزعم أنه مخالفة للواقع الذي يعتقده المسلمون
الدليل الأول: أن القرآن كان في وقت من الأوقات يحتوي على عدد مختلف من الآيات بل أحيانًا على مقاطع كاملة لا توجد في الَّنص القرآني الحالي.
وجوابه: المسلمون لا ينكرون هذا , إلا أنهم يرونه متعلق بموضوع أثبته الله لنفسه واتفقت عليه الأمم ما عدا اليهود ألا وهو موضوع النسخ فقال تعالى: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها "
وأما الرد على اليهود في انكاره فهو مبسوط في كتب أصول الفقه فليت الكاتب يرجع إليه.
الدليل الثاني: كان هناك عدد جُّد مهم من القراءات المختلفة قبل أن يُقَرِّر الخليفة عثمان بن عفان آستأصالها جميعًا و الاحتفاظ بالمصحف الذي وصلنا.
وجوابه: أن هذه المسألة متعلقة بالأحرف السبعة , وهل جمع عثمان على حرف واحد أم على سبعة أحرف , فإن كان على سبعة أحرف وهو مذهب طائفة من أهل العلم فكلامه منتف, وإن كان على حرف واحد وهو مذهب الجمهور فالأحرف السبعة إنما نزلت توسعة للأمة في آخر العهد المدني عندما دخل الناس في دين الله أفواجاً توسعة لهم , ولم تكن قرآناً مستقلاً يختلف عما بأيدينا بدليل أن العهد المكي , وأول العهد المدني كله على حرف واحد ولم يتغير بنزول بقية الأحرف.
وقد سبق تناول هذه المسألة في الملتقى مراراً منها هذا الرابط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=962) و: هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=549):
ثم ذكر أن من قاموا بالرد عليه لم يلتزموا الموضوعية والمنهج العلمي, فليتنا نلتزم حتى لا يكرر هذه المقالة مرة أخرى , ونحرص على بيان عدم التزامه هو بالمنهج العلمي.
وصلى الله على نبينا محمد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2004, 05:46 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً، وجعل ذلك في موازين حسناتكم. وأرجو من الأعضاء الكرام المشاركة بقدر الطاقة، ومن الدكتور هشام المتابعة للموضوع حتى يكتمل بإذن الله.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Jun 2004, 12:14 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: عبدالرحمن الشهري
بارك الله فيكم جميعاً، وجعل ذلك في موازين حسناتكم. وأرجو من الأعضاء الكرام المشاركة بقدر الطاقة، ومن الدكتور هشام المتابعة للموضوع حتى يكتمل بإذن الله.
ـ[موراني]ــــــــ[06 Jun 2004, 11:16 ص]ـ
الى من بصدد هذا الأمر:
لقد صدر هذا الكتاب عام 1989
ولم اسمع به الى يومنا هذا (والحمد لله!)
أما المؤلف فلم اجد اسمه مذكورا في الدراسات الاستشراقية حتى اليوم
ولم أعثر على اسمه مشاركا في المؤتمرات والندوات الاكاديمية حتى يومنا هذا أيضا
كل ما يقلقني في هذا الأمر أن كل من يغمس لسانه في الحضارة الاسلامية
دينا كان قرآنا او حديثا تفسيرا أو أدبا أو شعرا ... الخ فهو يسمى ب (مستشرق).
هذا أيضا من الشبهات! هذا المؤلف قام بشيء مرفوض رفضا تاما
وينبغي ألا نعالج أسلوبه بأساليب العلم أو بأساليب الايمان
لأن كل ما وراء كلامه لا يدخل من باب الاستشراق بل مكانه في دار النصارى المتعصبين والمبشرين.
وأرجو من الجميع أن يتفضلوا بالتفريق بين هذا وبين الاستشراق مشكورين لأن هذا في واد
والمستشرق في واد آخر تماما
موراني
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Mar 2007, 06:34 ص]ـ
ما زلنا نترقب اكتمال هذه الدراسات النقدية للكتاب. وأرجو أن يواصل الدكتور هشام وفقه الله فقد افتقدناه كثيراً في الملتقى، وأسأل الله أن يكون بخير وسلام.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[12 Mar 2007, 06:19 م]ـ
الكتاب منشور في أحد المواقع المسيحية المتخصصة في "الرد على الإسلام".
وهو متوفر باللغة العربية ( http://www.answering-islam.de/Main/Arabic/Gilchrist/Jam/index.html) ( نسخة غير مكتملة)، و اللغة الإنجليزية ( http://www.answering-islam.de/Main/Gilchrist/Jam/index.html) ( نسخة كاملة يمكن تحميلها في ملف واحد من خلال رابط معروض في أسفل الصفحة).
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[17 Mar 2007, 05:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كنت عندما شرعت في قراءة هذه المقدمة أظن أن العلماء المسلمين المذكورة أسمائهم قد قصروا في الرد على هذا المنصر في طعونه على كتاب الله تعالى. لكني عندما اتصلت ببعض من أعرف من الأخوة المشتغلين بالدعوة خارج الوطن العربي علمت أن هذه الردود المكتوبة باللغة الإنجليزية قد قوضت كلام هذا المنصر النصراني وأتت عليه تمامًا، وما كان زعمه أن هؤلاء العلماء قد ردوا عليه بعواطفهم وانفعالاتهم إلا كذبًا وزورًا، وهم قد نقضوا كلامه وأكلوا لحمه وعظامه، هذا الكذاب الخسيس!
وإن شاء الله نرى الردود الكاملة من علمائنا على هذا الكتاب الهزيل، ففيه من الكذب والتدليس والتمسح بالعلم وكلام أهل العلم ما يحتاج لرده وتفنيده.
ـ[ underash86] ــــــــ[18 Mar 2007, 12:29 م]ـ
لكني عندما اتصلت ببعض من أعرف من الأخوة المشتغلين بالدعوة خارج الوطن العربي علمت أن هذه الردود المكتوبة باللغة الإنجليزية قد قوضت كلام هذا المنصر النصراني وأتت عليه تمامًا
رجاء أخى الفاضل وضع روابط هذا الردود المكتوبة باللغة الإنجليزية و غيره للأهمية
شكرا
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[18 Mar 2007, 02:49 م]ـ
هو كما تفضل الدكتور هشام "كتاب هزيل" فلماذا نهدر وقتنا في رد تفاهاته، علماً أنه لم يأت بحرف جديد عما كتبه
زيهر وجب ومن لف لفهما وهما أشهر وكتبهما أوسع انتشاراً ودراساتهما يعتمد عليها ممن جاء بعدهما.
وقد قتل هذا الموضوع بحثاً وألفت فيه رسائل علمية وكتب أكاديمية.
فإن أبيتم إلا الرد فاختاروا كتاباً يعد مرجعاً عند المستشرقين ليكون النفع أكبر.
والله أعلم.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Mar 2007, 03:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
قصدت بالردود المكتوبة ما ذكره جلكرايست من كتب علماء المسلمين كالشيخ عبد الصمد عبد القادر ومولاي ديزاي، فكتبهم لم تكن عاطفية إنفعالية كما أوهم الكذاب في مقدمته، بل كانت رودًا علمية محكمة.
أما كون كتابه هزيلاً فنعم، أما الإعراض عن الرد عليه فأمر يختلف من شخص لشخص، فهناك من الناس من ليس لديه فرصة لنيل الأجر والثواب خير من هذه، وهناك من لديه من الأعمال الحسنة عند الله ما يفوق الرد على هذا المنصر فلا نصرفه عن هذا لذاك.
والله أعلم.
ـ[محمد جابري]ــــــــ[16 Oct 2008, 08:53 م]ـ
شكر الله للأحبة غيرتهم على دينهم عموما وعلى القرآن خصوصا، وأثابهم ثوابا جزيلا وألهمهم الصواب والرشاد.
حفزني المشروع، حتى كدت أن أرتمي في أحضانه؛ لكن منعني قوله تعالى {فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [يس: 76]، فهل ننشعل في الرد عليهم مضيعة للوقت والكاتب ما كتب كتابه إلا من أجل رد الأخرين واشغالهم عما يمكن أن يفيدهم، ويكون بمثابة من رمى عصفورين بحجر.
وإني أتساءل هل انتهينا من مراجعة التفسير مراجعة تطهره مما لا يليق بجلال الله مما كتبه المفسرون؟ بل مما اتفق عليه المفسرون وهو خلاف الواقع وإرادة الله؟ وحتى لا يستغرب مستغرب هذا القول فإني أومئ إليه بمراجعة ما كتبه المفسرون في قوله تعالى:
{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15]
وأما الكافرون فلا يحزننا كفرهم لقوله عز من قائل {وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [لقمان: 23]
فهم أول من يكفر بقولهم؛ لكونها شبهات زرعت كي تصد الطائفة الشاكة أو المشككة أو القابلة للتشكيك وهذا في حد ذاته تطهير للصف ممن لا يصدق أمر الله ويصدق كل زارع شوك في سبيل الإيمان.
اما الأولويات فتحدد تبعا، حبذا لو تفضل أخونا عبد الرحمن الشهري بفتح باب للمساهمة في إعادة كتابة تفسير جامع على نفس الطريقة. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
هل من أولى أن نحدد مخططاتنا وفق تعاليم ربنا أم نبقى عرضة لنعيق كل ناعق؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Oct 2008, 07:27 ص]ـ
اما الأولويات فتحدد تبعا، حبذا لو تفضل أخونا عبد الرحمن الشهري بفتح باب للمساهمة في إعادة كتابة تفسير جامع على نفس الطريقة. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
هل من أولى أن نحدد مخططاتنا وفق تعاليم ربنا أم نبقى عرضة لنعيق كل ناعق؟
شكر الله لكم يا أستاذ محمد، وأتفق معك في أن الانشغال بالردود - إذا أشغل عن الأولويات - لا ينبغي للعقلاء. وإنما الاشتغال بالمهمات وترك هذه الكتب تموت ولا يدري بها أحد. غير أن وجهة نظر من يتصدى للردود لها حظها من النظر أيضاً. وأما كتابة تفسير كامل فيه ما تفضلتم به من الحرص على الصواب بقدر الاستطاعة فمشروع جدير بالعناية، وهناك محاولات جادة كثيرة في المكتبات على هذا المنوال ولله الحمد، غير أن وجهات نظر الباحثين لا تنتهي حول خدمة القرآن الكريم فجزاكم الله خيراً، وليتك تطرح الفكرة في موضوع مستقل وتبين فيها تفصيل هذا المقترح مشكوراً مأجورا.(/)
شارك في نقد كتاب (جمع القرآن) بقلم المنصر الكاثوليكي جون جلكرايست -الفصل الأول
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Apr 2004, 10:25 م]ـ
ها هو الفصل الأول من الباب الأول للكتاب و هو لا بتضمن أي طعن ظاهر حسبما أرى. إذا رأيتم أن نتجاوز هذا الفصل سأقوم بوضع الفصل التالي فوراً بإذن الله. هل هناك ما يُستدرك على هذا الفصل؟
1 - تطور القرآن في عهد محمد
أي بحث في موضوع جمع القرآن يجب أن يبدأ بالنظر في مميزات الكتاب نفسه كما بلَّغه محمد إلى أصحابه. لم يُبَلَّغ القرآن أو يوحى كما يعتقد المسلمون مرة واحدة بل جاء على أجزاء خلال فترة من الزمن دامت 23 سنة امتدت منذ بدأ محمد يدعو للإسلام في مكة سنة 610 ميلادية إلى وفاته في المدينة المنورة سنة 632 ميلادية. ففي القرآن نفسه نجد: "قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا" (سورة الفرقان 25 الآية 32)
زيادة على هذا لم تصلنا لا من محمد ولا من أصحابه أية معلومات عن الترتيب الزمني للفقرات حيث أنه حين بُدِءَ في جمعها على شكل سور لم يؤخد بعين الإعتبار لا الموضوع و لا التسلسل من حيث النزول. كل العلماء المسلمون يُقِرُّون بأن جل السور و على الخصوص الطويلة منها هي خليط من المقاطع التي ليست بالضرورة متصلة ببعضها البعض حسب التسلسل الزمني. مع مرور الوقت أصبح محمد يقول لكُتَّابه: "ضعوا أية كذا في موضع كذا" (السيوطي‚ الإتقان في علوم القرآن م 1 ص 135) و هكذا أصبحت تضاف إلى الأجزاء التي كانت مجموعة أنذاك مقاطع أخرى إلى أن تصبح سورة مكتملة. بعض هذه السور كانت لها أسماء في عهد محمد كما يتبين لنا من خلال الحديثين النبويين التاليين:
"من قرأ هاتين الأيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" (كتاب صلاة المسافرين‚ صحيح البخاري حديث رقم 1341)
"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِمَ من الدجال" (نفس المرجع‚ حديث رقم 1342)
في الوقت ذاته هناك دلائل على وجود سُوَرٍ لم يعطها محمد أية أسماء. فسورة الإخلاص (رقم 112) على سبيل المثال لم يُسَمِّها محمدٌ على الرغم من أنه تكلم عنها مُطَوَّلا و ذكر أنها تساوي ثلث القرآن (الحديثين 1344 و 1346 من كتاب صلاة المسافرين‚ صحيح مسلم)
حين صارت الآيات القرآنية تتكاثر أصبح أصحاب محمد يكتبون بعضا منها و يحفظون البعض الآخر عن ظهر قلب. فمن الظاهر أن الحفظ كان يشكل الطريقة الرئيسية للحفاظ على نص القرآن لأن كلمة "قرآن" تعني "القرآءة" و لأن أول كلمة قال محمد أنها نزلت عليه حين حصلت له رؤيا جبريل في غار حراء كانت هي كلمة "إقرأ" (سورة 96 الآية 1 فكانت القراءة الشفهية ذات قيمة عالية و كانت جد متداولة بين الناس. مع كل هذا ففي القرآن نفسه ما يدل على أنه مُدَوَّنٌ كِتابيا كما تشهد الآية التالية:
"في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي كرام بررة" (سورة عبس 13 - 16)
هناك أيضا حجج على أن أجزاء من ما كان موجودا من القرآن في المرحلة المكية كتب آنذاك. هناك رواية تحكي أن عمر بن الخطاب حين كان لا يزال كافرا ضرب أخته في بيتها بمكة حين سمعها تقرأ بعض القرآن فلما رأى ما أصابها من الدم قال لها: "اعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد" (سيرة بن هشام مجلد 2 صفحة 190) () و حين قرأ قسطا من سورة طه (السورة 20) التي كانت أخته و زوجها يقرآنها قرر الدخول في الإسلام. مع هذا يتضح لنا أن الحفظ كان هو المنهج السائد إلى حين وفاة محمد و كانت تعطى له أهمية أكبر. ففي الحديث النبوي ما يدل على أن جبريل كان يحقق و يراجع القرآن مع محمد كل سنة خلال شهر رمضان و في السنة الأخيرة راجعه معه مرتين. عن فاطمة ابنة محمد:
"أسر النبي صلعم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة و أنه عارضني العام مرتين و لا أراه إلا حضر أجلي " (صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن 4612)
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كان بعض الصحابة المقربون من محمد يكرسون كل جهدهم لتعلم القرآن حفظا عن ظهر قلب. من بين هؤلاء نجد من الأنصار أبي بن كعب و معاذ بن جبل و زيد بن ثابت و أبو زيد و أبو الدرداء (صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن 4620) بالإضافة إلى مجمع بن جارية الذي قيل أنه لم يحفظ إلا بضعة سور في حين كان عبد الله بن مسعود و هو من المهاجرين و من أوائل الصحابة يحفظ أزيد من تسعين سورة من بين السور المائة و أربعة عشر التي يحتويها القرآن و تعلم البقية من مجمع (بن سعد كتاب الطبقات الكبير مجلد 2) (1)
لا تتوفر لدينا أية معلومات كافية عن مقدار ما تمت كتابته من نص القرآن في عهد محمد. فبالتأكيد ليس هنالك أي دليل على أن مجموع القرآن كتب آنذاك في مصحف واحد سواء تحت الإشراف المباشر لمحمد أو غيره. من خلال المعلومات التي نتوفر عليها حول جمع القرآن بعد وفاة محمد (سنستعرضها قريبا) نستنتج أن القرآن لم يتم أبدا وضعه في مصحف واحد في عهد محمد. توفي هذا الأخير فجأة سنة 632 ميلادية بعد مرض لم يدم طويلا و بوفاته اكتمل القرآن و انقضى نزوله و لم يعد من الممكن إضافة آيات أخرى إليه نظرا لانتهاء نبوة محمد. حين كان لا يزال على قيد الحياة كانت هناك دائما إمكانية نزول أجزاء جديدة من القرآن و لهذا لم يكن من الائق جمع النص في كتاب واحد و هو أيضا ما يفسر كون القرآن بقي مفرقا بين ما في ذاكرة بعض الناس و ما في مختلف المواد التي كان مكتوبا عليها وقت وفاة محمد.
سنرى فيما بعد أنه بشهادة القرآن نفسه كان من الوارد نسخ بعض الآيات خلال فترة النزول (بالإضافة إلى ما تم نسخه من قبل) و هذا ما يحول دون جمع النص في كتاب واحد ما دامت إمكانية نسخه قائمة.
إضافة إلى كل هذا يظهر لنا أنه لم تكن هناك سوى نزاعات قليلة حول نص القرآن فيما بين الصحابة حين كان محمد لا يزال على قيد الحياة خلافا لما سيقع بعد موته. كل هذه العوامل تفسر غياب نص قرآني رسمي و موحد وقت وفاته. إمكانية نسخ أجزاء من القرآن و احتمال نزول آيات جديدة -لا يوجد في القرآن ما يدل على تمامه أو على آستحالة نزول آيات جديدة- حالا دون محاولة جمعه خلافا لما قام به أصحاب محمد بعد موته. يتبين كذلك أن الآيات القرآنية صارت تنزل على محمد بشكل مكثف قبيل وفاته و لذلك آستمنع جمعها.
"حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ" (صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن 4599)
عند نهاية المرحلة الأولى التي مر منها القرآن نجد أن محتواه كان موزعا بشكل واسع في ذاكرات الناس بينما كانت بعض أجزاءه مكتوبة على مختلف المواد التي كانت تستعمل آنذاك في الكتابة لكن لم يكن هنالك أي نص موحد أمر به للأمة الإسلامية. لقد ذكر السيوطي أن القرآن قد كتب كله في عهد محمد و بقي محتفظا عليه بعناية بالغة لكن لم يجمع في موضع واحد قبل موته (السيوطي الإتقان في علوم القرآن م 1 ص 126) و قيل أنه كان متوفرا بأكمله مبدئيا (في ذاكرة الصحابة و أيضا على شكل مكتوب). أما التسلسل النهائي للسور فقد قيل أن محمد قد أمر به شخصيا.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) تكلم البخاري في صحيحه -كتاب فضائل القرآن- عن بضع و سبعين سورة "حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق بن سلمة قال خطبنا عبدالله بن مسعود فقال والله لقد أخذت من في رسول الله صلى اللهم عليه وسلم بضعا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي صلى اللهم عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم قال شقيق فجلست في الحلق أسمع ما يقولون فما سمعت رادا يقول غير ذلك"
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Apr 2004, 01:14 م]ـ
مناقشة ما جاء في الفصل الأول:
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله: "زيادة على هذا لم تصلنا لا من محمد ولا من أصحابه أية معلومات عن الترتيب الزمني للفقرات حيث أنه حين بُدِءَ في جمعها على شكل سور لم يؤخد بعين الإعتبار لا الموضوع و لا التسلسل من حيث النزول. كل العلماء المسلمون يُقِرُّون بأن جل السور و على الخصوص الطويلة منها هي خليط من المقاطع التي ليست بالضرورة متصلة ببعضها البعض حسب التسلسل الزمني. مع مرور الوقت أصبح محمد يقول لكُتَّابه: "ضعوا أية كذا في موضع كذا" (السيوطي‚ الإتقان في علوم القرآن م 1 ص 135)
الرد: هذه المسألة متعلقة بموضوع: ترتيب الآيات وقد أجمع المسلمون قاطبة على أن ترتيب الآيات توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم , ومعنى توقيفي أي لا مجال للعقل فيه وقد نقلَ الإجماعَ غيرُ واحدٍ مِن أهل العلم، قال السيوطيُّ:" الإجماعُ والنُّصُوص المترادفةُ على أنّ ترتيبَ الآياتِ تَوْقِيفيٌّ لا شُبهةَ في ذلك، أمّا الإجماعُ: فَنَقَلَهُ غيرُ واحدٍ؛ مِنهم الزركشيُّ في " البرهان "،" ... إلى أنْ قال ": وفي سُوَرٍ شَتَّى مِن المفصَّلِ تدلُّ قِراءتُه e لها بِمَشْهَدٍ مِن الصحابة أنّ تَرْتيبَ آياتها تَوْقِيفيٌّ، وما كانَ الصحابةُ لِيُرَتِّبُوا تَرْتيبًا سمعوا النبيَّ e يقرأُ على خِلافه، فبلغَ ذلك مَبْلَغَ التواتر " الاتقان 1/ 189 وكلام الزركشي انظره في البرهان 1/ 323
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وأمّا ترتيبُ آياتُ السُّوَرِ فهو مُنزَّلٌ مَنصوصٌ عليه فلم يكنْ لهم أنْ يُقدِّمُوا آيةً على آيةٍ أخرى في الرَّسْمِ كما قدَّمُوا سورةً على سورةٍ؛ لأنّ ترتيبَ الآياتِ مأمورٌ به نَصًّا، وأمّا ترتيبُ السُّوَرِ فَمُفَوَّضٌ إلى اجتهادهم " مجموع الفتاوى 1/ 597
ففي صحيح البخاري (أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان y في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة:240) قد نَسَخَتْهَا الآيةُ الأخرى يعني قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} (البقرة: من الآية234) قال: فَلِمَ تكتبها؟ فقال عثمان t:
يا ابنَ أخي لا أُغيِّرُ شيئاً مِنه مِنْ مَكَانِه ".
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه وربما قرأ سورة كاملة كما قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب وسمعها أصحابه , وكان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل سنة , فاكتسب القرآن عندنا نحن المسلمين جانب التوقيف أي أن ترتيبه بالوحي , واكتسب أيضاً جانب التواتر وجانب الاجماع.
فإذا علم هذا فلا يلزم منه ترتيبه حسب التسلسل الزمني , أو حتى حسب المواضيع , ورغم هذا فقد تكلم العلماء على أسرار القرآن في ترابط آياته , وهو المسمى بعلم المناسبات , وليت الكاتب يطلع على شيئ من هذا , فقد ذكروا أشياء عجيبة في سياق الآيات ومنا سباتها رغم تباعُدِ زمنِ نزولها غالبًا؛ مما يؤكد أن الترتيب الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم مراد ومقصود؛ ولذا فإن الدعوات لترتيبه على حسب المواضيع أو على حسب زمن النزول تفقد القرآن هذه الخاصية العظيمة , وهي دعوات من لا يعرف القرآن وأسراره.
وإنك لتعجب ممن يدعي الموضوعية والبحث العلمي ويذكر حديثاً يخرجه من كتاب الاتقان , ومعلوم عند المتعلمين أن الاتقان ليس محلاً لتخريج الأحاديث وسوف أوفر عليك عناء البحث فدونك تخريجه:
الحديث رواه أحمد في مُسنده (1/ 92) برقم (401)، وأبو داود في سننه في كتاب: الصلاة / باب: مَن جهرَ بها (1/ 498) برقم (786)، والنسائي في السنن الكبرى برقم (8007)، والترمذيُّ في جامعه في كتاب: تفسير القرآن / باب: ومن سورة التوبة (5/ 272) برقم (3068).
والحديث ضعَّفهُ الألبانيُّ في ضعيف سنن الترمذي برقم (599).
وقد قام بدراسةِ الحديث دراسةً مُطولة عبدُ الله الجديع وذكرَ عِلَلَهُ وأجاب عنها في كتابه: المقدمات الأساسية في علوم القرآن صـ (124) وخَلُصَ إلى أنّ الحديثَ صحيحٌ.
وللحديث بقية ان شاء الله.
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 10:01 م]ـ
ما هو اسم هذا المستشرق بالضبط؟ John , وماذا ...... ؟
بتحياتي
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 10:36 م]ـ
وجدته!
ليس هذا باستشراق من قريب أو بعيد , بل هذا من نشاطات الكنيسة غير الكاثولكية في جنوب افريقية.
فلذلك لا أفهم لماذا يسمى هذا الشخص ومن وراءه من الأنظمة (باستشراق)؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[18 Feb 2005, 01:15 ص]ـ
نعم هو ليس مستشرقًا، بل هو منصر بروتستانتي محترف و الطعن في الإسلام حرفته التي يقتات منها!
على أية حال، العنوان ليس من إنشائي و أود تغييره .. كذلك حذف الرابط أعلاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[18 Feb 2005, 12:57 م]ـ
هشام عزمي المحترم
لا تحذف شيئا.
التعديل أو التصحيح قي معوضعهما.
كل ما يجب الاشارة اليه الا تضع هذا التيار في واد أنا فيه (مستشرقا)
عندي نوع من الحساسية تجاه تلك الفئة وتجاه القول انّ ما يقولون فهو استشراق.
بارك الله فيك
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[19 Jun 2005, 12:05 ص]ـ
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته ...
هل توقف الموضوع عند هذا الحد يا أخوة يا كرام ..
هذا الكتاب من أهم ما يعتمد عليه النصارى .. في التنصير و التشكيك في الإسلام ..
أرجوا من الأخوة التفاعل في هذا الموضوع أثابكم الله أجرا عظيما ..
و السلام عليكم و رحمه الله و بركاته ...
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[21 Jun 2005, 11:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة وا لسلام على رسول الله أما بعد
قوله:
زيادة على هذا لم تصلنا لا من محمد ولا من أصحابه أية معلومات عن الترتيب الزمني للفقرات
وهذه كلية وإطلاق كان ينبغي الاستقراء التام فيه، مع أنه إطلاق غير صحيح يعرف ذلك من أول وهلة
فمعرفة المدني والمكي في السورة الواحدة كله ترتيب للآيات فمعلوم أن كل آية مكية هي في الترتيب الزمني مقدمة على الآية المدنية إلا ما استثني
ومعرفة السفري والحضري والليلي والنهاري أبعد في تحديد زمن النزول
ومعرفة الناسخ والمنسوخ قائم على معرفة التأريخ والترتيب الزمني بين الآيات مطلقا ومنه ترتيب الآيات في السورة الواحدة
وما يدل على ذلك
ما روى أبو داود في كتاب الفرائض رقم الحديث 2888 قال الألباني: (صحيح)
حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال:
آخر آية نزلت في الكلالة {يستفتونك، قل الله يفتيكم في الكلالة}.
ومعلوم أن الآية
{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (12) سورة النساء
والآية الأخرى
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (176) سورة النساء
ونص الحديث يبين الترتيب الزمني وهما آيتان في سورة واحدة.
ولو أنه اقتصر على ما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/ 8) لكأن أقرب وما قاله ابن حجر قد يتعقب أيضا حيث قال:
وقد ضبط النقلة ترتيب نزول السور كما سيأتي في باب تأليف القرآن ولم يضبطوا من ترتيب نزول الآيات إلا قليلا وقد تقدم في تفسير اقرأ باسم ربك أنها أول سورة نزلت ومع ذلك فنزل من أولها أولا خمس آيات ثم نزل باقيها بعد ذلك وكذلك سورة المدثر الت نزلت بعدها نزل أولها أولا ثم نزل سائرها بعد وأوضح من ذلك ما أخرجه أحصاب السنن الثلاثة وصححه الحاكم
قوله:
حيث أنه حين بُدِءَ في جمعها على شكل سور لم يؤخد بعين الإعتبار لا الموضوع و لا التسلسل من حيث النزول
وكل هذه إطلاقات تدل على التهور
فهل كل السور لم يراع فيها الموضوع؟ وما الدليل وهل عدم العلم بالشئ دليل على عدمه
وهل كل السور لم يراع فيها الترتيب الزمني؟ وما الدليل مع أن الأصل وقوع الترتيب ولذلك ينبه العلماء على بعض الآيات المتقدمة لفظا المتأخرة نزولا
ومنها الحديث الذي ذكره الشيخ أحمد البريدي في ال
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي صحيح البخاري (أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان y في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة:240) قد نَسَخَتْهَا الآيةُ الأخرى يعني قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} (البقرة: من الآية234) قال: فَلِمَ تكتبها؟ فقال عثمان t:
يا ابنَ أخي لا أُغيِّرُ شيئاً مِنه مِنْ مَكَانِه ".
قال الحافظ ابن حجر
هذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ وقد قيل إنه لم يقع نظير ذلك إلا هنا وقد ظفرت بمواضع أخرى منها في البقرة أيضا قوله فأينما تولوا فتم وجه الله فإنها محكمة في التطوع مخصصة لعموم قوله وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره كونها مقدمة في التلاوة ومنها في البقرة أيضا قوله تعالى ما ننسخ من آية على قول من قال إن سبب نزولها أن اليهود طعنوا في تحويل القبلة فإنه يقتضى أن تكون مقدمة في التلاوة متأخرة في النزول وقد تتبعت من ذلك شيئا كثيرا ذكرته هذا الموضع ويكفى هنا الإشارة إلى هذا القدر
نقله لقوله تعالى
في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي كرام بررة" (سورة عبس 13 - 16
فيها خطأ والصحيح بأيد سفرة كرام بررة
مع أنه في استدلاله أنه مكتوب فيه نظر فالسفرة هم الملائكة
قوله:
توفي هذا الأخير فجأة سنة 632 ميلادية بعد مرض لم يدم طويلا
وهذا كذب ربما يريد من خلاله أن يحضر لشبهة أن الموت حال بين إكمال القرآن والله المستعان
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يمت فجأة بل ودع الصحابة قبل ذلك وخيره الله سبحانه وتعالى
كما في الصحيحين
5957 [2] (متفق عليه)
وعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال: "" إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده "". فبكى أبو بكر قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له، فقال الناس: نظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا. متفق عليه.
وودع الناس في الحج:
كما ثبت ذلك عنه في الصحيح وقال لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، وأوصى عليه الصلاة والسلام
فهذا الكاتب أساء الأدب بقوله الأخير، وهذا من الوقاحة مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن قلة الأدب في المناظرة والحوار مع المسلمين مع دعواهم المحافظة على الآداب
ويدل له ما رواه البخاري في صحيحه
3428 حدثنا محمد بن عرعرة حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال ثم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني بن عباس فقال له عبد الرحمن بن عوف إن لنا أبناء مثله فقال إنه من حيث تعلم فسأل عمر بن عباس عن هذه الآية إذا جاء نصر الله والفتح فقال أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه قال ما أعلم منها إلا ما تعلم
قوله:
و بوفاته اكتمل القرآن و انقضى نزوله و لم يعد من الممكن إضافة آيات أخرى إليه نظرا لانتهاء نبوة محمد.
وهذا أيضا من التدليس ولكن انقضى النزول لتمام القرآن وكماله ليس لانتهاء نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم تنته بموته بل هو نبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة وقد قبضه الله بعد كمال الرساله وتمام القرآن
قوله:
حين كان لا يزال على قيد الحياة كانت هناك دائما إمكانية نزول أجزاء جديدة من القرآن و لهذا لم يكن من الائق جمع النص في كتاب واحد و هو أيضا ما يفسر كون القرآن بقي مفرقا بين ما في ذاكرة بعض الناس و ما في مختلف المواد التي كان مكتوبا عليها وقت وفاة محمد.
وهذا مجرد دعوى عارية من الدليل
وهو ادعاؤه أن السبب في عدم كتابة القرآن كاملا في مصحف واحد هو إمكانية نزول آيات فمن أين له الدليل على هذه الدعوى،
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم من حديث أبي سعيد
لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن فمن كتب عني غير القرآن فليمحه و حدثوا عني و لا حرج و من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
قوله
سنرى فيما بعد أنه بشهادة القرآن نفسه كان من الوارد نسخ بعض الآيات خلال فترة النزول (بالإضافة إلى ما تم نسخه من قبل) و هذا ما يحول دون جمع النص في كتاب واحد ما دامت إمكانية نسخه قائمة.
وهذه دعوى كسابقتها تفتقر للدليل حسب المنهج العلمي الذي يتبجحون به
فمن السهل محو ما نسخ لفظه
قوله
إضافة إلى كل هذا يظهر لنا أنه لم تكن هناك سوى نزاعات قليلة حول نص القرآن فيما بين الصحابة حين كان محمد لا يزال على قيد الحياة خلافا لما سيقع بعد موته. كل هذه العوامل تفسر غياب نص قرآني رسمي و موحد وقت وفاته.
كيف يقال ذلك وأنه ليس هناك نص قرآني موحد وجبريل الأمين يعارض النبي الأمين هذا الكتاب في كل عام ويعارضه في العام الآخير مرتين كما في الصحيحين2054 (صحيح)
إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة و إنه عارضني العام مرتين و لا أراه إلا حضر أجلي و إنك أول أهل بيتي لحاقا بي فاتقي الله و اصبري فإنه نعم السلف أنا لك
فما هو النص الرسمي عند هذا النصراني
وعلى كل حال ففي كلامه مع التدقيق أغاليط يقصر الوقت عن تتبعها والله الهادي إلى سواء السبيل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[22 Jun 2005, 10:52 م]ـ
روى البخاري في صحيحه 4716 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا مسلم عن مسروق قال قال عبد الله رضي الله عنه ثم والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيما أنزلت ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[24 Jun 2005, 09:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين ..
بارك الله بك أخي الحبيب عبد الله .. نرجوا مزيداً من التفاعل يا أخوة ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة ..
ـ[الخطيب]ــــــــ[02 Jul 2005, 07:46 م]ـ
كانت لي هنا مشاركة فأين ذهبت؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[17 Mar 2007, 06:08 م]ـ
مفتاح الرد على هذا المنصر يكمن في إطلاقاته الكثيرة التي يزعمها دون دليل أو برهان، فهو يقول مرة: ((لم تصلنا لا من محمد ولا من أصحابه أية معلومات عن الترتيب الزمني للفقرات))، ويقول مرة أخرى: ((لا تتوفر لدينا أية معلومات كافية عن مقدار ما تمت كتابته من نص القرآن في عهد محمد))، ويقول مرة ثالثة: ((ليس هنالك أي دليل على أن مجموع القرآن كتب آنذاك في مصحف واحد سواء تحت الإشراف المباشر لمحمد أو غيره))، ويقول مرة رابعة: ((لم يكن هنالك أي نص موحد أمر به للأمة الإسلامية)).
وهذا أسلوب خبيث يرمي به إلى التشكيك في تاريخ القرآن، والإيحاء أن ظروف جمعه وكتابته كانت مجهولة ومعلوماتنا عنها غير كافية؛ فلم تكن هناك أية ..... ، ولم يصلنا أي ... ، وليس هناك أي .... ، إلى آخر هذه اللم أيّات!(/)
درء الشبهات أوْلى الأولويات
ـ[الخطيب]ــــــــ[02 Apr 2004, 03:11 م]ـ
هذه دعوة مخلصة من فقير آلمه ما تتعرض له حرمة القرآن من انتهاك على يد الحقدة المشتبهين. إن الحرب على القرآن هي أكبر وأخطر مما نتصور، إنها محاولة للطعن في الإسلام عن طريق بتر الرأس فإذا ما بترت الرأس فما عسى أن يفعل بقية الجسد؟
أنا اليوم جد سعيد، فما اقترحه الأخ د / هشام عزمي - جزاه الله عنا خيرا - من مناقشة كتاب جمع القرآن لجون جلكرايست ثم موافقة الإخوة الكران على المُقترَح هو ما كنت آمله منذ فترة فهل تذكر أخانا أبا مجاهد العبيدي يوم أن تحاورنا في هذا الشأن؟
ولقد تمنيت واتمنى على ملتقى أهل التفسير أن يفرد ساحة كاملة للرد على الشبهات فهو في نظري أوْلى الأولويات فالكثير من القضايا التي تطرح عادة هي اجترار وأكثرها ما ترك فيها الأول للآخر شيئا
موضوع جمع القرآن المطروح للمناقشة هو أول الغيث وبعدها النهر إن شاء الله سينهمر ولسوف نعرف أن لطرح هذه الموضوعات ثمرات لا ترتكز فقط على دفع الشبهات بقدر ما تولده فينا من حس نقدي، سوف نعرف أن كثيرا مما هو في أذهاننا من قبيل المسلمات هو بحاجة إلى مراجعات ووقفة مع الذات، كثر من الكلام قيل لوقت غير الوقت، وظرف غير الظرف، ليس هذا تنكرا لعلمائنا ولكنها دعوة إلى الجد كما جدوا والكد كما كدوا فلا ينبغي الوقوف عند حد ما قيل:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ******** إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولنقل جميعا:
لسنا وإن كنا ذوي حسب ****** يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا تبني **** ونفعل مثلما فعوا
الموضوع المطروح هو بمثابة إلقاء حجر في مياه راكدة والسؤال الآن هو كيف نعمل على الإفادة والاستفادة منه؟
تحقيق هذا لا يقوم على جهد فردي ولكن على بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا
كان من المفترض أن أطرح هذا الكلام كمداخلة في الموضوع نفسه بيد أنني استملحت فكرة أخينا أبي محمد أشرف الذي دعا إلى عدم بتر الردود بمداخلات واطراءات تقطع حبل الوصال بينها
وفقنا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Apr 2004, 07:50 م]ـ
وأنا أتفق معكم وفقكم الله، وأرجو لهذه البداية النجاح والتوفيق بإذن الله.
ـ[محب]ــــــــ[04 Apr 2004, 06:53 ص]ـ
بسم الله .. والحمد لله ..
فليسمح لنا أساتذنا بإبداء الرأى فى الموضوع، وتوضيح بعض جوانب المشكلة.
أحد جوانب المشكلة:
كثرة الهجوم على الإسلام فى هذا العصر، ومن جميع الجهات.
أحد جوانب المشكلة:
كثرة الهجوم على الإسلام على شبكة الإنترنت، التى لم يعد من الممكن حجبها عن كثرة كاثرة من بيوت المسلمين.
أحد جوانب المشكلة:
التنظيم الواضح لأعداء الإسلام ـ على الإنترنت ـ فى عرض شبهاتهم، وتصنيفهم المرتب لها، والجهد المبذول فى ذلك .. وغياب ذلك كله ـ إلا القليل ـ من جانب طلبة العلم المسلمين، والهيئات العلمية المتخصصة.
أحد جوانب المشكلة:
التيار السائد بين كثير من طلبة العلم، القائل بأن الردود على أعداء الإسلام تأتى فى نهاية الأولويات، وكلهم يحفظ نفس بيت الشعر يتواصون به .. فلو كل كلب عوى ألقمته حجراً .. لأصبح الصخر مثقالاً بدينار!
أحد جوانب المشكلة:
تيار مقابل ـ للتيار السابق ـ بين كثير من الشباب، يعبر عن إحباط شديد تجاه طلبة العلم، ويقول بأن طلبة العلم يهجرون ساحة الرد على أعداء الإسلام، وكثير من أصحاب هذا التيار يعتقد أن ليس عند طلبة العلم إلا مسائل بعينها يعيدون فيها ويزيدون دون غيرها.
كما أن بعضهم اتخذ من غياب طلبة العلم حجة للولوغ فى الساحة ولو لم يملك العلم الكافى، لأن من يملكون العلم الكافى مشغولون بأمور أهم وأولى!
وصارحنى أكثر من واحد منهم ـ أشهد الله ـ بأنه ما من حل لهذا الوضع البئيس إلا خروج المهدى المنتظر!
أما عن رأيى الشخصى .. فالاهتمام بالردود على أعداء الإسلام ما زال خابياً، ومن تأمل البيت من الخارج رأى أن الردود عند أهل الإسلام الآن ليست على جانب كبير من الأهمية، بله أن تكون من الأولويات!
يكفى أن نقارن بين عدد الردود التى وضعت على مؤلفات القمنى والعشماوى، وبين عدد تلك الردود التى وضعها علماء أجلاء رداً على كتاب واحد فقط لطه حسين، هو كتاب " فى الشعر الجاهلى "!
(يُتْبَعُ)
(/)
فاعتبروا يا أولى الأبصار!
ثم إن الله عز وجل قد فتح على ابن تيمية، من فهم لغة القرآن وتحليلها، وغير ذلك من مسائل العقيدة والتفسير والنبوات .. كل ذلك فى كتابه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح "، وهو رد على النصارى.
فاعتبروا يا أولى الأبصار!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Apr 2004, 08:05 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
جزاك الله كل خير على هذا الكلام الجميل يا شيخنا الجليل وفقك الله و رعاك و إن شاء الله لن تكون هذه هي النهاية و لن نرحمكم من الشبهات و أرجو أن يكون الأخوة الأجلاء هنا أوسع صدراً من أقرانهم في ملتقى أهل الحديث الذين يضيقون بشبهات " العوام " و ينصحونهم بدراسة العقيدة الصحيحة قبل الولوج في الشبهات. و الآن هم يتجاهلون أسئلتي عمداً و لله الحمد على كل شيء.
صدقت و الله أخي الفاضل محب في هذا التحليل الدقيق للمشكلة فبينما نجد في الجانب النصراني قساوسة و علماء في الللاهوت نجد أن مناظريهم كلهم من الهواة المدفوعين بالغيرة على هذا الدين. فنحن لا نجد طلبة العلم لنجدتنا ناهيك عن العلماء.
و بالمناسبة فالشبهات تتجدد باستمرار و لا صحة مطلقاً للقول الشائع بأن الشبهات ما زالت هي هي؛ فشبهة مثل زواج الأطفال أو زواج الشيدة عائشة - رضي الله عنها - لم توجد من قرن مضى و أنا لم أجد لها رداً في جميع المصادر التي بحوزتي و إن كنت قد قرأت بعض الردود الجيدة على الشبكة.
على أية حال الأمور تتحسن هذه الأيام إلى الأفضل و الحمد لله فقد كنا من سنوات قليلة نتخبط بين منكر للسنة الصحيحة و منكر للنسخ و منكر للأحرف السبعة فى مواجهاتنا مع النصارى و الآن نستطيع أن نجد من يدافع عن هذه الأمور من وجهة نظر اهل السنة و لله الحمد و المنة.
حسنٌ، هل هناك مزيد من الردود على الفصل الأول من كتب جلكرايست؟ لم يقم بالرد سوى شيخنا الجليل أحمد الخطيب و أنا لا أدري هل هناك المزيد أم لا! نحن نتطلع إلى مزيد من الإيجابية من مشايخنا الكرام و لكم جميعاً جزيل الشكر.
ـ[ابو بشرى]ــــــــ[29 Apr 2004, 02:42 ص]ـ
بسم الله
أحببت أن أشارك بهذا الرد على الطاعنين في القرآن
يطعن بعضهم في القرآن بسبب تعدد القراءات!
وإنه لأمر عجيب أن يدافَع بإنكار القراءات المتواترة
القراءات ميزة عظيمة
فهي بذاتها تدفع الشبهة التي يحاولون الإيحاء أو التصريح بها
وكأنهم يقولون إن القرآن ليس متفقا على نصه أو متناقض!
حاشا لله!
فتعدد القراءات المتواترة حفظ إلهي لهذا الكتاب العزيز
وما جرأ الطاعنين فيه بها إلا جهل المسلمين بالقراءات أصلا
فهي من دلائل حفظه
ولتقريب الصورة
ولله المثل الأعلى
فلو جاءك عشرة رجال فقالوا:"فلان مات"
وجاء عشرة آخرون فقالوا:"فلان توفي"
وجاء عشرة فقالوا:"فلان فارق الحياة"
فهل تشك في الخبر بعد كل هذا؟
فما بالك واختلاف القراءات ليس إلا في همز أو تسهيل أو إمالة أو حركة ..... إلخ
لحكم أرادها الله
عرف بعضَها العلماء وحرروها
فالقراءات تزيد اليقين ولا تبعث الشك
والحمد لله رب العالمين
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 May 2004, 08:12 م]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " فكل من لم يناظر أهل الإلحاد و البدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه و لا وفّى بموجب العلم و لا حصل بكلامه شفاء الصدور و طمأنينة النفوس و لا أفاد كلامه العلم و اليقين ".
ابن تيمية، درء تعارض العقل و النقل ج1 ص357.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Jun 2004, 12:17 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: د. هشام عزمي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " فكل من لم يناظر أهل الإلحاد و البدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه و لا وفّى بموجب العلم و لا حصل بكلامه شفاء الصدور و طمأنينة النفوس و لا أفاد كلامه العلم و اليقين ".
ابن تيمية، درء تعارض العقل و النقل ج1 ص357.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Jun 2004, 12:05 م]ـ
وهذا كتاب فيه الرد على بعض شبهات النصارى حول القرآن:
الرد على أسئلة توني بولدروجوفاك وتشكيكاته حول القرآن الكريم والنبي العظيم ( http://www.trutheye.com/html/modules.php?name=myBooks2&op=open&cat=9&book=177)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Jun 2004, 02:22 م]ـ
وهنا تجدون خبراً عن صدور كتاب إلكتروني في الرد على شبهات النصارى
http://alsaha2.fares.net/sahat?128@32.JLXMm020ceZ.21@.1dd5b863
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[30 Jun 2004, 05:37 م]ـ
الكتاب متاح للتحميل من مكتبة صيد الفوائد
كشف كذب اللئيم حول الإسلام العظيم ( http://www.saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1247&PHPSESSID=9c27caad297aac6b43926b2f0ceb30ca)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[09 Jul 2004, 10:55 ص]ـ
و هناك أيضًا كتاب لطارق الشافعي
الذود عن القرآن ( http://www.saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1251)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[17 Feb 2005, 07:59 م]ـ
مشروع الرد على كتاب المنصر البروتستانتي جون جلكرايست (جمع القرآن):
المقدمة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1595) .
الفصل الأول ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1721) .
الفصل الثاني ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1720) .
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 Jan 2006, 09:05 م]ـ
للرفع.(/)
حول مصحف ابن مسعود ... للشيخ ناصر الماجد
ـ[الراية]ــــــــ[15 Apr 2004, 10:27 ص]ـ
سمعت أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لم يدخل سورتي الفلق والناس في مصحفه، ما سبب ذلك؟
الجواب /
24/ 2/1425هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما أشار إليه السائل الكريم عن ابن مسعود رضي الله عنه صحيح، إذ روي ذلك عنه بأسانيد حسان، فقد أخرج ابن حبان (797) وغيره عن زر بن حبيش قال: لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت له: "إن ابن مسعود رضي الله عنه كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول: إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه ... الحديث"، وأخرج الطبراني في الكبير (9151) عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: لا تخلطوا بالقرآن ما ليس فيه، فإنما هما معوذتان تعوذ بهما النبي – صلى الله عليه وسلم- "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" وكان عبد الله رضي الله عنه يمحوهما من المصحف. وأخرج الطبراني في الكبير (9148) عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله رضي الله عنه يحك المعوذتين، ويقول: لم تزيدون ما ليس فيه، وفي لفظ عنده: ليستا من كتاب الله.
وقد اختلف الأئمة قديما في هذا المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فمنهم من رد الرواية عنه وضعفها بل وبالغ في إنكارها كصنيع ابن حزم رحمه الله، ومنهم من صحح الرواية واعتذر عنها بما لا يخلو من ضعف، كصنيع الباقلاني رحمه الله، وبكل حال فإن هذا المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه اجتهاد منه، بحسب ما انتهى إليه علمه، إذ ظن أنهما دعاء كان النبي– صلى الله عليه وسلم- يتعوذ بهما، يدل على ذلك ما رواه الطبراني في الكبير (9152) عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه كان يحك المعوذتين من المصاحف، ويقول (إنما أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أن يتعوذ بهما ولم يكن يقرأ بهما) وهذا منه رضي الله عنه اجتهاد بحسب ما انتهى إليه علمه، وهو بشر غير معصوم يصيب ويخطئ، كما يصيب البشر ويخطئون، ولا عصمة لقول أحد بعد النبي – صلى الله عليه وسلم-، ولذا رأينا الصحابة رضي الله عنهم لم يقروه على قوله بل خالفوه، وأجمعوا على إثبات المعوذتين في المصحف الإمام وفي سائر المصاحف التي أُرسلت إلى الأمصار، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه تابع ابن مسعود رضي الله عنه على قوله هذا، بل رأينا أبي بن كعب رضي الله عنه يخالفه في ذلك استنادا إلى ما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- فقد أخرج أحمد (21186) وغيره بسند صحيح عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب رضي الله عنه: إن ابن مسعود رضي الله عنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه! فقال: أشهد أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: "قل أعوذ برب الفلق" فقلتها، فقال: "قل أعوذ برب الناس" فقلتها، فنحن نقول ما قال النبي – صلى الله عليه وسلم- ومن المتقرر؛ أن من حفظ وعلم، حجة على من لم يحفظ ولم يعلم، فابن مسعود رضي الله عنه لم يحفظ ولم يعلم هاتين السورتين، وغيره من سائر الصحابة رضي الله عنهم علمها وحفظها فالحجة لهم عليه، وكذلك لم ينقل عن أحد من تلاميذ ابن مسعود رضي الله عنه ـ مع كثرتهم وجلالة قدرهم ـ أنه تابعه على قوله هذا، بل ثبت عن بعضهم مخالفته صراحة فقد روى ابن أبي شيبة (30197) عن النخعي قال: قلت للأسود بن يزيد ـ وكان من أعلم أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه من القرآن هما؟ قال: نعم، يعني المعوذتين. وفوق هذا أن إجماع الأمة كلها من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا على إثبات هاتين السورتين أبلغ دليل على خطأ هذا القول، ومع هذا فقد ثبتت أحاديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم- في المعوذتين خصوصا تدل على أنهما من القرآن الكريم، وأنهما أنزلتا كما أنزل القرآن الكريم، فقد أخرج النسائي (953) وغيره بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنزل علي آيات الليلة لم يُر مثلهن قط "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس"، وأخرج أحمد (17341) وغيره بسند صحيح عنه أيضا أنه قال اتبعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو راكب فوضعت يدي على قدمه فقلت أقرئني سورة هود أو سورة يوسف فقال: "لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من "قل أعوذ برب الفلق" "قل أعوذ برب الناس". فالحمد لله الذي حفظ كتابه من التبديل وصانه من التغيير، هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=44992
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[15 Apr 2004, 04:05 م]ـ
ألم تثبت قراءة ابن مسعود و فيها المعوذتان و حفظها عنه مئات القراء؟!!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Apr 2004, 07:40 م]ـ
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4878
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[15 Apr 2004, 08:00 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخنا الجليل و لكن هذا لا يحل الإشكال في كون قراءة ابن مسعود تتضمن المعوذتين مما لا يتفق و صحة هذه الروايات خاصة و قد ردها العديدون من العلماء مثل الرازي و الأنباري و النووي و ابن حزم و الباقلاني و غيرهم.
وفي تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص21) نقلاً عن أعداء أهل الحديث أن ابن مسعود: ثم جحد من كتاب الله تعالى سورتين. فهبه لم يشهد قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بهما، فهلا استدل بعجيب تأليفهما وأنهما على نظم سائر القرآن المعجز للبلغاء أن ينظموا نظمه وأن يحسنوا مثل تأليفه؟!
سبحان الله!! هل يليق بابن مسعود رضي الله عنه أن يكون هذا رأينا فيه؟!!
ـ[الخطيب]ــــــــ[16 Apr 2004, 03:41 م]ـ
يجب أن تتوافر لدينا الجرأة في رد مثل هذه الروايات التي تفضي إلى النيل من الكتاب العزيز فصحة السند لا ينبغي أن تقف دافعا وحصنا يزعزع ثوابتنا أو يلجئنا إلى تأويلات متكلفة غير مستساغة كهذا التأويل الذي يزعم أن ابن مسعود رضي الله عنه ربما لم يعلم كونهما من القرآن، هل هذا مما يقبل؟!!.
لن أستغرق كما استغرق غيري في إثبات كون المعوذتين من القرآن، فالأمر أهون من هذا، ويتمثل في رد الروايات التي تفيد أن ابن مسعود أنكر كون المعوذتين من القرآن. واعتماد أن المعوذتين ثابتتان عن ابن مسعود في روايات من تلقوا عنه من القراء
يجب علينا أن نوجه النظر أن ننشط الهمم نحو نقد المتون التي لم تحظ بما حظي به السند من اهتمام، والمعروف عند علماء فن المصطلح أن لا تلازم بين صحة المتن وصحة السند، فكم من متون واهية مريضة ركبت لها أسانيد غاية في الصحة، وكم من متون صحيحة لم تجد لها سندا قويا ينقلها.
وكيف ننسى ونحن نحكم بصحة روايات تطعن في المقطوع به كيف ننسى قول المحدثين: إن الصحيح قد لا يكون صحيحا في نفس الأمر لجواز السهو الخطأ على الثقة ...
وإذا عدنا بكلامنا إلى الموضوع المطروح وتذكرنا أن ابن مسعود نسب إليه أنه لم يثبت الفاتحة في مصحفة كذلك ووقفنا على اتعليلات المعلولة والتأويلات السمجة التي قيلت في فلسفة هذا الموقف فسوف نعرف كم نحن محتاجون إلى مراجعة كثير من المتون ودراستها دراسة تعيد الحق إلى نصابه والعقل إلى صوابه.
فبالله عليكم بماذا كان يصلي ابن مسعود لو لم تكن الفاتحة عنده أيضا من القرآن؟!!
ـ[بلال محمد ساكو]ــــــــ[10 Nov 2010, 12:00 ص]ـ
جزاكم الله خير(/)
خطورة ما يسمى بالنص المفتوح وعلاقته بتفسير القرآن الكريم
ـ[المستعين بالله]ــــــــ[15 Apr 2004, 05:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أود أن ألفت انتباه الاخوة المشاركين في ملتقى التفسير إلى أهمية الوقوف في وجه أدعياء التفسير الحديث المسمى بالنص المفتوح والاعتماد على زمان ومكان النص وكيف حاولوا بخبثهم ومكرهم تطبيق هذه النظرية الفاسدة على كتاب ربنا سبحانه وتعالى
فأرجوا من كل أخ عنده اطلاع على هذه النظرية أن يزودنا بمراجع تعين على فهم هذه النظرية ومراجع أخرى فندت هذه النظرية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Apr 2004, 06:32 م]ـ
النص المفتوح
هذا المصطلح من المصطلحات النقدية في الأدب الحديث، وقد تعرض لتعريفه مؤلفا كتاب (دليل الناقد الأدبي): وذكرا أنه من وضع امبيرتو إيكو، وأنه حاول أن يشيع مصطلح النص المغلق والنص المفتوح في الأدب، ولكنه لم ينجح في ذلك بشكل واضح.
وقد ذكرا أن النص المغلق عنده هو النص الذي ينفتح على كل احتمالات التفسير، أي يقبل كل تأويل محتمل.
بينما النص المفتوح هو النص الذي سعى مؤلفه إلى تمثل دور القارئ أثناء كتابته للنص، وبالتالي فهو نص يبيح التأويل والتفسير ضمن حدود نصية معينة ومفروضة، والتأويلات التي يتعرض لها هذا النص مجرد أصداء لبعضها البعض، على عكس الاستجابات التي يستثيرها النص المغلق.
يقول إيكو: (إنك لا تستطيع استخدام النص المفتوح كما تشاء، وإنما فقط كما يشاء النص لك أن تستخدمه، فالنص المفتوح مهما كان مفتوحاً لا يقبل أي تأويل).
وقد كثرت المصنفات النقدية التي تستوحي النظريات النقدية الغربية وتدعو لتطبيقها على التراث الإسلامي العربي بشكل ملفت للنظر، ولا تزال هذه الدعوات تلقى رواجاً كبيراً، ويتبناها عدد من الباحثين، وهي تأتي في ثياب النقد الأدبي، والآن النقد الثقافي، والحداثة الفكرية ونحو ذلك من الطروحات التي يجد الباحث في العلوم الشرعية صعوبة بالغةً - وأنا أتحدث عن نفسي – وهو يحاول فك رموز هذه النظريات النقدية، التي تنطلق من منطلقات عقدية تكون غالباً يهودية أو متأثرة باليهودية، بينما يصر المروجون لمثل هذه المصطلحات أنها ليست كذلك. وأنها من الحكمة التي هي ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها، بينما يرى من يرفض هذه النظريات أنها ليست من الحكمة في شيء، وأنها تمثل تبعية فكرية مقيتة للغرب النصراني والوثني واليهودي.
وقد كثرت المصطلحات التي تحمل مضامين غامضة يختلف حولها النقاد من مثل (النص المفتوح) وغيره، وفي رأيي أن الدراسات التي تشرح الموقف الصحيح من مثل هذه المصطلحات بطريقة سهلة ميسرة وعميقة لا تزال تشكو من العوز والقلة، ولا تزال الحاجة ماسة لمثل هذه المؤلفات، مع تقديرنا لكل الجهود المبذولة من المخلصين وفقهم الله وسددهم.
وأضيف أن دراستها بعمق أكثر يحتاج إلى عمق علمي وتخصص في اللغات الغربية التي كتبت بها أكثر الدراسات والنظريات كالانجليزية الأدبية والفرنسية والروسية والإيطالية وغيرها. وأن الباحثين الذين كتبوا الدراسات في نقد هذه المصطلحات في غالبهم قد اعتمدوا على الترجمات وهذا على أنه قد يؤدي الغرض لكن تبقى القراءة بالنصوص الأصلية أعمق، وتتيح للباحثين معرفة الحقيقة بشكل متكامل، علماً أن قراءة النظريات وما دار حولها بلغتها الأصلية هي فوق أنها قراءة للنظرية هي قراءة للفكر الذي كتبت به هذه النظرية، فإن اللغات أوعية للعقائد والثقافات كما هو معلوم. ولذلك نجح الدكتور عبدالوهاب المسيري وفقه الله في قراءة الثقافة الغربية واليهودية ودراستها دراسة متأنية واعية أثمرت عدداً من المصنفات التي تعد من أدق وأعمق المؤلفات في اليهود واليهودية، والثقافة الغربية بصفة عامة، وذلك لإجادته للغات التي كتبت بها هذه النظريات، وانطلاقه لقراءة هذه الثقافات بلغاتها الأصلية. ولذلك رأيت أحد الحداثيين يسخر من أحد طلاب العلم الباحثين الذين كتبوا في الرد على الحداثة بأنه تقليدي لم ير جامعات الغرب ولم يدرس لغة أجنبية قط! وعندما رفض أحد الباحثين الذين درسوا في الغرب مثله ما جاءوا به من النظريات الغربية باسم الحداثة سخر منه و قال إنه تقليدي لا يفهم!
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الخطورة في جانب من جوانبها تكمن في تطبيق مثل هذه النظريات الغامضة الخطيرة على نص القرآن الكريم، مع الاختلاف الشديد حول معناها الدقيق. فإن هذا يشبه إلى حد بعيد ما ذهبت إليه الباطنية في سلب اللغة العربية المعاني التي تدل عليها، وصرفها إلى معاني لا تمت إلى اللغة بصلة حقيقية.
فهم يرون - مثلاً - أن النص إذا كتبه صاحبه لم يعد لكاتبه علاقة به، ويمكنك أن تفهم هذا النص كما تدل عليه اللغة فحسب ولو لم يخطر على بال الكاتب أي معنى من المعاني التي يمكن أن يدل عليها النص. وقد ذهب إلى هذا الناقد رولان بارت الذي يعظمه كثيراً بعض نقاد الأدب الحديث، يقول أحدهم: (الكاتب صاغ النص حسب معجمه الألسني، وكل كلمة من هذا المعجم تحمل معها تاريخاً مديداً ومتنوعاً وعى الكاتب بعضه وغاب عنه بعضه الآخر، ولكن هذا الغائب إنما غاب عن ذهن الكاتب ولم يغب عن الكلمة التي تظل حبلى بكل تاريخياتها، والقارئ حينما يستقبل النص فإنه يتلقاه حسب معجمه، وقد يمده هذا المعجم بتواريخ للكلمات مختلفة عن تلك التي وعاها الكاتب حينما أبدع نصه، ومن هنا تتنوع الدلالة وتتضاعف، ويتمكن النص من اكتشاف قيم جديدة على يد القارئ، وتختلف هذه القيم وتتنوع من قارئ وآخر بل عند قارئ واحد في أزمنة متفاوتة، وكل هذه التنوعات هي دلالات للنص حتى وإن تناقضت مع بعضها البعض) أهـ.
ولو تأملت ما يدعو إليه دعاة البنيوية - مثلاً- من هذا لعجبت أشد العجب، مع أنهم يزعمون أن البنيوية ليست هدماً فقط، وإنما هي إعادة بناء كذلك، فضلاً عن أنهم قد انتقلوا الآن إلى التفكيكية وما بعد الحداثة من النظريات التي هي خطوة أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها
على كل حال الحديث عن النص المفتوح وغيره من المصطلحات النقدية التي تحمل كثيراً من المضامين العقدية تحتاج من الإخوة الباحثين في الدراسات القرآنية والعقدية إلى عناية أكثر، وقراءة متأنية، ومناقشة هذه الطروحات والأفكار بروية، وهدوء، بعيداً عن اتهام النيات، وتشويه الأشخاص، فربما كان بعض من يدعو للحداثة من المسلمين الذين أخطأوا الطريق في البحث وهم كثير، وليس للحجج والأفكار إلا حجج وأفكار مثلها تدفعها برفق وقوة، بعيداً عن الخصومات التي تسيء إلى البحث والحقيقة، ومن قرأ كتاب (حكاية الحداثة) ظهر له ما أعنيه.
وفي الختام أشير إلى مسألة مهمة وهي أن ما ذهب إليه المستشرق مرجليوث من إنكار الشعر الجاهلي ورفضه والزعم بأنه كله قد كتب في الدولة العباسية، ثم الترويج لهذه النظرية من قبل الدكتور طه حسين بعد ذلك أقل خطراً من نظرية أصحاب البنيوية والتفكيكية وغيرها من الطروحات النقدية الغربية المعاصرة. والسبب أن إنكار مرجليوث يسهل الرد عليه بإثبات أن الشعر الجاهلي حقيقة ثابتة في التراث العربي لا يشكك فيها إلا جاهل، وقد نفع الله بما كتبه طه حسين نفعاً كبيراً، فقد كتبت في الرد عليه كتب ثمينة في تحقيق الشعر الجاهلي ودراسته ونشر دواوينه، لم تكن لتكتب لولا كتابه ذاك، ورب ضارة نافعة.
غير أن ما يدعو إليه دعاة الحداثة كمصطلح يسلب اللغةَ دلالتها، ويفرغها من مضمونها، كما صنع الباطنية مع القرآن الكريم. نسأل الله أن يوفق المسلمين للدفاع عن دينهم وقرآنهم ولغتهم بما يبطل كيد الأعداء، ويكشف للمسلمين الحقيقة.
أرجو أن يوفق أحد الأعضاء للكتابة الموسعة حول هذا الموضوع، فما كتبته هنا لا يعدو الإشارة العابرة.
من المراجع:
- دليل الناقد الأدبي، تأليف د. سعد البازعي، ود. ميجان الرويلي. وهو معجم لشرح كثير من مصطلحات الأدب الحديث.
- مفهوم النص - مقدمة في دراسة علوم القرآن لنصر حامد أبو زيد، وهو يتنبى هذه النظرية للنص في كتبه وقد حصل بكتبه فساد كبير، ورد عليه عدد من الباحثين.
- مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة للدكتور سفر الحوالي، وقد نشر على حلقتين في مجلة البيان عدد صفر وربيع أول 1425هـ
- الحداثة في الشعر العربي المعاصر للدكتور وليد قصاب. وهو كتاب جيد.
- الانحرافات العقدية في أدب الحداثة وفكرها للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي. وهو كتاب موسع في الرد على نظريات الحداثيين وخطرها على العقيدة والأدب.
(يُتْبَعُ)
(/)
- حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية للدكتور عبدالله الغذامي وبقية كتبه. وهو أشبه ما يكون بالسيرة الذاتية لمؤلفه في جزء كبير منه.
- الحداثة في الشعر العربي المعاصر للدكتور محمد حمود. وهو كتاب أدبي يشرح المقصود بالحداثة دون اتخاذ موقف محدد منها.
وغيرها من الكتب التي تناولت الأمر من زوايا مختلفة، ونظرات متباينة.
ـ[الغرنوق]ــــــــ[30 Apr 2004, 07:57 م]ـ
هل من امثله لكي اتصور المساله؟؟
وجزاكم اله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Jan 2005, 07:21 ص]ـ
عندما ورد هذا السؤال للملتقى سألتُ عدداً مِمَّن أعرفُ لهم عنايةً خاصةً بِهذا الموضوعِ من الزملاءِ الدارسينَ للمذاهب الفكرية المعاصرةِ، والمدارس النقديةِ. وكان مِمن سألتُ في قسم العقيدة الدكتورَ العزيزَسعيدَ بن ناصر الغامدي، الأستاذ المساعد بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية الشريعة في أَبها وقد انتقل الآن لجدة في جامعة الملك عبدالعزيز، وكتبتُ له هذا السؤالَ ضمنَ اللقاء الذي كانت تُزمعُ (مجلةُ البيان) عقدَه معه في حينها، وطَلبتْ المجلةُ من المهتمين بالتغيرات التي تحدثُ على الساحة الفكرية والنقدية أن يشاركوا في طرح الأسئلة على فضيلته ليكتمل الموضوع.
وقد نُشر اللقاءُ في العدد الأخير من المجلة رقم (208) لشهر ذي الحجة 1425هـ. فأحببت نقل الجوابِ الخاص بالسؤال للإخوة في ملتقى أهل التفسير، ليزيد الأمر وضوحاً إن شاء الله، واللقاء كله جدير بالقراءة والتأمل، لعلكم تقرأونه أوتطلعون عليه على موقع المجلة عند نشره في الشهر التالي.
[ line]
http://www.albayan-magazine.com/baners/golaf/208.jpg عنوان اللقاء:
د. سعيد بن ناصر الغامدي في حوار موضوعي مع البيان يُقوِّمُ الاتجاهات الحداثيةَ العربيةَ الجديدة في الساحة الثقافية. السؤال: ما معنى النص المفتوح؟ وهل له أثر ملموس أو متوقع على تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية؟ وهل هناك كتب عربية توسعت في هذا؟
الجواب: مصطلح (النص المفتوح) من المصطلحات المستخدمة في مذهب (ما بعد الحداثة) التي اهتمت بمناهضة الشكل المنتهي، ودعت للشكل المفتوح والفوضى التخريبية، والدعوة إلى التقويض، والنصوصية المتداخلة، والبعد الأفقي، وأهمية المكتوب، ومعاداة السرد، والاحتفاء بالمهمش والمقصى، واعتماد نظرية اللاتقريرية في قائمة طويلة من الألفاظ والمصطلحات التي تبدو عليها آثار الطروحات البنيوية وما بعدها.
وللنص المفتوح أبعاد فلسفية وتاريخية وسياسية:
- فأما البعد الفلسفي فقائم على الأساس المادي، والعقل المادي الذي يؤكد أصحابه دائماً بأن الحقيقة الثابتة ليست سوى صناعة لغوية.
- أما البعد السياسي (الأيديولوجي) فقائم على أن أهمية الشيء مرهونة بنتائجه، وهنا تلتقي مع البراجماتية الذرائعية.
ومنظور ما بعد الحداثة معني بإيجاد الإشكاليات ضمنَ المُسلَّماتِ، حتى يُمكنَ له خلخلةُ الثقةِ بها، ثم تقوم بعد ذلك بإعادة تعريف الحقائق المتغيرة، وزعزعة الثقة بالثوابت، من أجل ذلك سعت حركة ما بعد الحداثة إلى تأصيل النص وانفتاحه، وقدرته على إنكار الحد والحدود، مما يجعله يقبل التأويل المستمر والتحول الدائم، وبذلك – حسب رأيهم – تتحول النصوص إلى نصوص لا نهائية في نصيتها، ولا محدودة في معانيها، مما يفضي إلى تعدد الحقائق والعوالم بتعدد القراءات.
وفي الناتج العملي لفكرة (النص المفتوح) نجد البراجماتية والليبرالية التي يعتبر أصحابها (أن القطعيات والحقائق الثابتة والمطلقة عبارة عن نَسَقٍ مُغلقٍ) [تركي الحمد في كتابه (من هنا يبدأ التغييرص138)].
أما الليبرالية – حسب قوله ص138: (فتبقى نصاً مفتوحاً على عكس (النصوص المغلقة في بقية الأيديولوجيات)؛ ولذلك – حسب رأيه – انتصرت الليبرالية في صراعها مع بقية الأيديولوجيات. ولسنا هنا بصدد مناقشة هذا النوع من الادعاء، بل المقصود بيان أوجه التلاقي الفكري الفلسفي مع التنظير السياسي بين نظرية (النص المفتوح) و (الليبرالية المؤدلجة).
علاقة النص المفتوح بالقرآن
أما علاقة ما يسمى بالنص المفتوح بالوحي فإننا نجد أثر ذلك في هجوم نصر حامد أبو زيد، ومحمد أركون على نصوص القرآن، حيث يرى أبو زيد أن النصوص الدينية ليست سوى نصوص لغوية، ويتبنى القول ببشريتها، وينادي بتأويلها تأويلاً مفتوحاً متنوع القراءات بحسب نوعية وعدد القراء؛ لأنه يرى أن التمسك بحرفية النص ودلالاته اللغوية يجعل النص مغلقاً، ومن ثم ينحصر فهم النص في أقلية مستبدة مسيطرة حسب قوله.
ونحواً من هذا الطرح ومن زاوية تاريخية يدرس أركون نصوص الوحي وفق مفهوم (النص المفتوح) أيضاً، وضمن منظور الدلالات المفتوحة القابلة للتجدد مع تغير آفاق القراءة، المرتهن بتطور الواقع اللغوي والثقافي –حسب كلامهم.
وأمَّا الكتبُ التي تناولت نصوص الوحي وفق هذا المنظور المادي التقويضي المستهدف تدنيس المقدس وتهميشه، فمنها:
- كتب نصر أبو زيد، وخاصة كتابه (مفهوم النص).
- وكتاب لإبراهيم محمود بعنوان (قراءة معاصرة في إعجاز القرآن).
- وللتزيني كتاب (النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة).
- ولنائلة السليني (تاريخية التفسير القرآني).
- ولأركون (العلمنة والدين والإسلام)، و (الفكر الإسلامي: قراءة علمية) وغيرها.
** ** **
للاطلاع على اللقاء كاملاً في مجلة البيان:
في حوار موضوعي مع البيان يُقوِّمُ الاتجاهات الحداثيةَ العربيةَ الجديدة في الساحة الثقافية. ( http://www.albayan-magazine.com/conversations/conv-33.htm) .
الاثنين 21 - 12 - 1425هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[31 Jan 2005, 07:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ........
لفهم معنى النص المفتوح ..... هذه فذلكة تاريخية:
كان النص فى النظريات النقدية الكلاسيكية ..... لا ينفصل عن صاحبه وظرفه وعصره ...... ولا يعتد بفهم من .. لم يعتبر هذه العناصر ...
وكان التحليل هو محاولة الكشف عن نيات ومقاصد المؤلف ..... (وهذه النظريات هي الامثل .... وهي التي اخذ بها جل علماء الاسلام .. الا من التحق منهم بالقرمطة ... او التصوف الغالي .. ) والنص فى هذا الاطار ... رسالة يوجهها الكاتب او القائل الى .. مخاطب ما .... ويحاول القارىء ان يفهم ... مراد المتكلم ..... باعتماد المعهود من اسلوب الكاتب واعراف العصر ... وبديهي .... ان ليس كل فهم للنص صحيح .... الا اذا تطابق الفهم مع نية الكاتب ..... وبعبارة اخرى لا يكون النص الا مغلقا .... ولا يسمح الا بقراءة واحدة صحيحة .... وباقى القراءات لا شك فى خطئها ... لانها لم تخطر ببال المتكلم ... (ويستثنى هنا نصوص الشرع من قرآن وسنة ... فقد يقرأ النص القرآني مثلا ... قراءتين مختلفتين .. ومع ذلك صحيحتين ... لان الله تعالى احاط بكل شيء علما .... ولا يخفى عليه قول او لازم قول .... عكس كلام الناس .. فقد يقولون قولا ولا ينتبهون الى غوره او لوازمه ... ومن التجني ان نستنبط معنى ونضيفه الى المتكلم مع انه كان غافلا عنه .. )
.......... ثم جاءت النظريات البنيوية .........
فأحدثت ثورة .... على صعيد منهج التحليل ..... إذ عمدت الى الاطاحة بالمؤلف ...... وزعمت انه من الممكن ان نفهم النص بدون الرجوع الى .... شخصية المؤلف او نفسيته او عصره .... وقال زعميهم .. ميشال فوكو (وقد كان من اوائل من هلك بالسيدا) لقد مات المؤلف ...
ومقصودهم بابعاد المؤلف ..... اعطاء النص انفتاحا اكبر ... فلن يعودمقصود الكاتب او نيته سيفا مسلطا على رقبة القاريء .... وانما ... يجوز للقاريء ان يفهم بحسب ما تسمح بها اللغة ....... من حيث دلا لا تها المختلفة ..... حقيقية مجازية اسطورية الخ ...
ومن الطريف ... انه فى احد الملتقيات .... نشأ صراع بين ... ريكاردو .. احد النقاد البنيويين .... وبين روائي .. إذ فهم الناقد شيئا ...... اما
الروائي .... فاحتج ... قائلا: هذا الذي تقوله لم يخطر ببالي .... اما الناقد فقال .... :هذا لا يهم فأنت نفسك الآن مجرد قاريء لا غبر ....
.......... اذن .......... من المتكلم فى النص مادام المؤلف مغيبا ........... يقولون المتكلم هو اللغة نفسها ..
................ ثم جاءت التفكيكية ............
ثم جاءت التفكيكية ... لتقوض كل شيء .... (ومن منظري هذه السفسطة .. يهودي من اصل جزائري .... يدعى ... دريدا) ..
اقصت البنيوية الكاتب ....... وتكلفت التفكيكية باقصاء النص نفسه .... واصبحت السلطة المطلقة للقاريء .... فقالوا .. ليس هناك الا قراءات خاطئة .... يقصدون من المستحيل ان يقف النص عند فهم واحد مطلق .... وظهرت عبارات"النص المتعدد"عند تفكيكي فرنسي هو بارت ... وعبارات "النص المفتوح "عند الايطالي ايكو .....
نص مفتوح ... يعني يجوز فهمه فى الصباح .. على نحو .... وفى المساء على نحو آخر ....... وفى الليل على نحو ثالث ..... ويقولون ان القاريء هو الخالق الحقيقي للنص ..... وليس هناك سلطة يمكن ان يخضع لها القاريء لا المؤلف ولا اللغة نفسها ........
باختصار .... انهيار الفكر الغربي ...... قريب جدا ... ما دام ينتج هذا النوع من السفسطة .... ويغلفها فى العبارات البراقة ... ويلمع اصحابها ...... وجلهم من اليهود ....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2005, 12:33 ص]ـ
أشكر الأستاذ أبا عبدالمعز على مروره وبيانه وفقه الله. وللحديث عن هذا الموضوع تفصيل لعلي أعود إليه مرة أخرى - إن شاء الله - للحديث حوله بشيء من التفصيل. وقد اطلعتُ مؤخراً على حلقات يكتبها المهندس الأديب عبدالرحمن النور في مجلة اليمامة الأسبوعية التي تصدر في الرياض تعرض فيها للنص المفتوح لعلي أوفق للاطلاع على بقية الحلقات التي فاتتني منها، وأذكر هنا خلاصتها إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2005, 05:10 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أشرت من قبل إلى المقالات التي كان يكتبها المهندس الأديب عبدالرحمن النور في مجلة اليمامة الأسبوعية التي تصدر في الرياض. وقد نشر منها ثمان حلقات ثم توقفت لأسباب لا أعلمها ولا الكاتب نفسه حسب قوله. وقد طلبت منه إرسال مقالاته التي نشرت لنشرها هنا، حيث تعرض إلى موضوع النص المفتوح في إحدى مقالاته. وقد قرأت المقالات فرأيت أنها مترابطة وممتعة في الوقت نفسه، فرأيت نشرها هنا كلها لتأتي المقالة عن النص المفتوح في مكانها الصحيح من حيث ترابط الفكرة التي بنيت عليها. والله الموفق لكل خير ودونك المقالات واحدة تلو الأخرى ..
[ line]
المقالة الأولي
(سيدة القص و النص)
أجل ... أيتها الرواية.
يا سيدة القص و النص.
هاهي جماهيرك الغفيرة تمتطي صهوات الروايات والحكايات و النبوءات كلها، ثم تحلق خلف غيب الغمام البعيد؛ لتأتي لك بالأخبار؛ لتكشف لك الأسرار، و هي تتهامس .. تتساءل ... هل جاء فارسك المنتظر؛ فارس الروايات و الحكايات و الأسرار؟!
فكيف لجماهيرك أن تصدق أن رجلا حكم أرض العراق بكل أركانها الأربعة يستسلم بهذه السهولة لجبروتك، دون قيد أو شرط، إن لم يكن يريد أن يكون ذاك الروائي المنتظر؟!
كيف لجماهيرك أن تصدق أن من يراه الناس دكتاتورا عنيدا؛ يضع رقبته في أغلالك؛ و يديه و رجليه في قيدك؛ كي تسحبيه في طرقات حكاياتك على قفاه طائعا مختارا، لأكثر من ثلاث مرات متشابهات؛ كي تصلبي جسده في ميادين نصوصك طائعا مختارا، وسط صيحات جماهيرك المخيفة المتوحشة المتعطشة لرواية الملحمة، ملحمة الحرب و الحب معا، ملحمة الموت والحياة معا.
أجل ... أيتها الرواية.
يا سيدة القص و النص.
فمنذ طفولتي الأولي، روعتني أحداث ضخمة عجيبة تفجرت في عيني و عقلي في آن واحد، مثلما تفجرت الحياة في وعي و أنا في سن السابعة؛ فصرت أبحث عن جواب لسؤال يحيرني وهو: لماذا تحدث كل هذه الأِشياء؟!
بدأت قراءة الروايات و قراءة الأحداث فيها، و أنا أفتش عن سر ما يحدث في هذه الحياة. ثم كبرت؛ و أخذتني الأيام في تفاصيلها؛ فهجرت قراءة الروايات إلا من شيء يسير هنا أو هناك، وقد كنت أسأل نفسي: لماذا يحرص الجميع على أن يكونوا روائيين؟ و لماذا هذا القلق و المتابعة العارمين لقراء الرواية؟ و لماذا تحرص هذه الجماهير الغفيرة من قراء الروايات على متابعة الجديد في عالم الروايات، و الاحتفاء بأي موهبة روائية عند أول إصدار، بشكل يوحي بنفاذ صبر تلك الجماهير، وكأنها تنتظر شيئا ما، و كأنها على موعد مع معجزة ما، و كأنها تنتظر الكشف عن سر ما، وكأنها تتوقع حدث ما؟!
ثم بدأت أمارس هواية أخرى، وهي قراءة هذه الحياة كنص مفتوح على كل الاحتمالات، وهي هواية قادتني إلى أسرار عظيمة على أية حال، منها ما أسميه أسرار النهايات، أو فلسفة النهايات أو علم النهايات وهو علم خطير بكل معنى للكلمة، وحين بدأت بقراءة رواية صدام حسين الأخيرة، المعنونة " اخرج منه يا ملعون " لأعرف سر نهايته؛ بدأت كل الأسئلة التي عصفت بذهني تدفعني بقوة إلى أن أحاول أن أكشف لنفسي سر ظهور فن الرواية و إلى أين ستنتهي الرواية؟
يقول أحمد محمد عطية في مقدمة كتابه (الرواية السياسية، دراسة نقدية في الرواية السياسية العربية):
" الرواية هي أكبر الفنون الأدبية عمقا و اتساعا، لأن معمارها الفني يشمل أساليب التعبير الشعرية و القصصية و الدرامية، ويضيف إليها تصوير المجتمع، والتعبير عن ضمير الإنسان و أشواقه و مصيره، واستيعاب التاريخ و التنبؤ باتجاهات المستقبل، وقد تطورت الرواية من أداة للتسلية وحكايات المغامرات و الأساطير إلى أداة فنية للوعي بمصير الإنسان وتاريخه و نفسيته و وضعه في المجتمع، يمكن بواسطتها رصد و ضع الأمة من خلال شخصيتها الروائية الفردية، فأصبحت الرواية طاقة سياسية و اجتماعية هامة تعبر عن روح الأمة و مشكلاتها و طموحاتها، وبسبب حظوتها لدى جماهير القراء و قابليتها للتحول إلى الفنون الجماهيرية الحديثة كالسينما و التلفزيون و ترجمتها إلى اللغات العالمية صارت الرواية الشكل العالمي المعمم للثقافة أو كما يقول البيريس: " إن الرواية لتقوم بدور الكاهن المعرف، والمشرف السياسي، وخادمة الأطفال، وصحفي الوقائع اليومية، والرائد و معلم الفلسفة السرية، وهي تقوم بهذه الأدوار كلها في فن عالمي
(يُتْبَعُ)
(/)
يهدف إلى أن يحل محل الفنون الأدبية جميعا، ويمكن أن يكون في أيامنا شكلا معمما للثقافة "
أجل ... أيتها الرواية.
يا سيدة القص و النص.
قولي لجماهيرك ... و أنت تتربعين فوق عرش الكتابة الذهبي، ذاك الذي أرتمي تحت أرجله الحكام و الوزراء و السفراء و الكتاب و الشعراء و الصغير و الكبير من الناس؛ طلبا لقربك، ما الذي يريده من يكتب الرواية، ما الذي يريده من يقرأ الرواية؟
قولي لنا أيتها الرواية ... يا سيدة النص والقص، بعد أن كبرت لأربعة قرون، و أنت تكتملين شبابا و فتنة فوق عرش الكتابة الدري، في القرن الواحد والعشرين، مثل مجرة درية تطوف الكون لمستقر لها، هل حان وقت من تنتظرين؟
قولي لنا إن كنت تعرفين ..
من هو؟!
من أي قوم هو؟
في أي أرض هو؟!
في أي زمان هو؟!
أنا لا أدرى ما الذي كان يدور في ذهن صدام حسين و هو يكتب روايته على صوت قرع طبول الحرب، و لكنني أعترف لكم، أنني اندفعت بكل طاقاتي في قراءة روايته، لعلي أجد سر الرواية المكنون، فانتهي بي الأمر إلى كتابة هذه المقالات القصيرة، وهي باختصار قراءة في عالم الرواية، تلك التي فتنت الناس و ما تزال، وهم يطوفون بين أروقة دور النشر و يستمعون إلى أحاديث مجالس الرواية ونقد الرواية في انتظار ذلك القادم من رحم الغيب، ذلك الروائي المنتظر، لتزفه الجماهير إلى سيدة القص و النص، ليحكي لها أسرار الليل و النهار، ليحكى لها ما عين رأت، وما أذن سمعت، وما خطر على قلب بشر.
فأي سر أنت .. أيتها الرواية؟!
يا سيدة القص والنص معا.
[ line]
المقالة الثانية
قراءة في عالم الرواية، لماذا و كيف؟
منذ الدهشة القصصية الأولي، عند قراءتي لقصة عنترة بن شداد حين رأيت نفسي أقف إلى جانبه و هو يصارع الصحراء و كائناتها المخيفة، و حيدا أعزلا إلا من دلالة سواد لونه و شجاعته وسيفه، منذ تلك اللحظة أحببت قراءة القصص، ثم انتقلت إلى قراءة الروايات، و صرت أبحث في كل رواية أقرئها عن نفسي، و عن الحياة و أسرارها. قرأت عشرات الروايات و تفاعلت معها؛ أذهلتني رواية البؤساء لفكتور هيجو، ثم تقلبت بين روايات نجيب محفوظ حتى مللت من حواديت الحارة المصرية و الثورة المصرية، مرورا بروايات عبد الرحمن منيف، التي أصابتني روايته " نهايات " بحزن عظيم فوق ما أنا فيه من حزن و أنا أرى الصحراء تحثو التراب في وجه عساف في نهايته المأساوية التي تشبه إلى حد كبير مأساوية نهاية عبدالرحمن منيف، ثم عشت مع الطيب صالح في روايته " موسم الهجرة إلى الشمال" و كدت أغرق مع مصطفي سعيد في نهر النيل قبل أن أدرك أن تلك الرواية أكذوبة مثل أكذوبة مصطفي سعيد نفسه، تجولت في أمريكا اللاتينية مع جابرييل ماركيز في " مائة عام من العزلة "، ثم توقفت عن قراءة الروايات، ثم اعتزلت.
لكن هذه الحياة التي نعيش وقع أحداثها العجيبة كل يوم، جعلتني أنتبه إلى أنها هي الرواية الحقيقية الجديرة بالقراءة، لماذا؟ لأن قراءة أحداث هذه الحياة و التعرف على شخصياتها وهي تتفاعل فيما بينها، وهي تتفاعل مع الحياة، يفتح بصيرة الإنسان إلى ذلك العالم الباطن و قوانينه و سننه الثابتة.
هناك وقع أحداث الحياة وهناك وقع أحداث الروايات، و ما بين الحياة و الرواية من اتصال و انفصال هو الذي قادني إلى هذه القراءة في عالم الرواية، حسب رؤيتي الخاصة كقارئ مجتهد، عاد بعد حين إلى حب الرواية و حب قراءة الرواية، ليكتشف سر الحياة، فكيف ستكون قراءتي في عالم الرواية؟
تقول معاجم اللغة أن الفعل قرأ يعني تلا، قرأ الشيء أي تلاه. و في ظني أن تلاوة الشيء هي أول مرحلة من مراحل القراءة، فتلاوة الشيء هي للتعرف على بناءه الظاهر وما يحيط به، ثم يعقبها مرحلة أخرى وهي الدخول من المبنى الظاهر إلى المعنى الباطن المرتبط بذلك البناء، هناك حيث جوهر المعني و حقيقته، هناك يكمن كنز الأسرار كلها. والعرب تقول: استقرأ الجمل الناقة: أي تاركها لينظر ألقحت أم لا، أي أن الجمل ينتظر أن يظهر الحمل في بطن الناقة على شكل علامات واضحة في شكلها وسلوكها، و أنا أريد أن استقرأ الرواية في هذه المقالات، و أنظر هل تم لقاحها أم لم يتم بعد. أذن، بالنسبة لي، فإن قراءتي هذه تبدأ من الظاهر في عالم الرواية الحديثة و ما يحيط به ثم تغوص إلى باطن هذا العالم حيث المعنى يفضي بنا إلى
(يُتْبَعُ)
(/)
السر المخبوء في نشأة و حركة الرواية و إلى أين تتجه بالإنسان في تحولاتها الدائمة.
و ليس المقصود القراءة النقدية التقليدية من حيث شكل الرواية و طريقة السرد و مواضيع الرواية الأخرى، وإن احتجت بعض الأحيان لذلك، بل هي قراءة لما يجري في ظاهر و باطن عالم الرواية و ما سوف يكون عليه في المستقبل، ذلك العالم الكامن و المحيط بجماهير الرواية في آن واحد، تلك الجماهير المكونة من كتاب و نقاد وقراء الرواية. و هذه القراءة في عالم الرواية هي محاولة مني للدخول إلى نظرية تعين على تصور حقيقة و واقع عالم الرواية القادم، نظرية تضئ الطريق أمام تلك الجماهير لتكون الخطى أسرع في ظل تسارع نمو الرواية و سبق الأمم لنا في هذا المجال، و ذلك عكس ما يحدث عادة في عمليتي الإبداع و النقد الأدبيين. يقول الدكتور فيصل دراج في كتابه " نظرية الرواية و الرواية العربية ":
" فإذا كانت النظرية لا تكون نسقا، إلا إذا برهنت عن صحتها في مجالات مختلفة، فإن عليها، لزوما، أن تذهب إلى الرواية، كما تذهب إلى مجالات أخرى، مبرهنة عن قدرتها على معالجة الظواهر المختلفة. و لعل الانطلاق من فكرة النسق لا من خصوصية الجنس الروائي، هو ما يشد نظريات الرواية إلى الفلسفات الجمالية، أكثر مما يجذبها إلى حقل النقد الأدبي، وبهذا المعنى، فإن نظرية الرواية، وبصيغة الجمع، تقرأ الدلالة الفكرية، التاريخية، للرواية، قبل أن تقرأ العلاقات الداخلية التي تبني الممارسة الروائية ".
و أنا على يقين أنه لا يمكننا أن نسبق الآخرين بنفس تقنيات و رؤى الروائيين الآخرين، قد نكون وصلنا إلى شيء من العالمية، كما يعتقد البعض، بسبب المجهودات الجبارة التي قام بها عدد كبير من الروائيين في العالم العربي، لكن المجهود وحده لا يمكن أن يجعلنا نتسيد عالم الرواية و يتوج أحدنا منصب الروائي المنتظر، الذي قد طال انتظارنا لظهوره بيننا، بل نحتاج إلى العبقرية الروائية الفذة إلى جانب المجهود، فكيف نصل إلى هذه العبقرية إن لم يكن لنا نظريتنا الروائية الخاصة التي نسبق بها جميع الأمم، إن لم يكن لدينا تجربة خاصة و رؤية خاصة و تقنية خاصة لتحقيق المعجزة الروائية؟
و إذا كان النظر هو إعمال البصر في الشيء، و البصر هو رصد العالم الظاهر، فإن قصر الأمر على الأشياء الظاهرة هو السبب في أننا نحتاج إلى أن تسبق النظرية أعمال إبداعية ظاهرة ومعروفة لاستنباط النظرية، أما إذا أردنا أن نعكس الأمر، أي لتسبق النظرية العمل الإبداعي لأول مرة؛ فإننا نحتاج إلى البصيرة التي تقودنا إلى الديناميكيات الباطنية التي تحرك هذا الظاهر، و من ثم يمكن رصد حركة هذا الظاهر و مداه و تحولاته، تماما مثلما يحدث في عالم الفيزياء حيث يرتبط هذا الظاهر المنضبط في حركته بعالم باطني مفتوح على كل الاحتمالات، تسيره إرادة واحدة و تضبطه قوة قاهرة واحدة، هما إرادة و قوة الله عز وجل. أي أننا نحتاج إلى البصر و البصيرة معا للخروج بنظرية صادقة لتفاعل الظاهر و الباطن في آن واحد في عالم الرواية، و تقديمها للروائيين و هم يحثون الخطى على أرض الرواية. و سوف تكون استراتيجية العمل الروائي النقدي في ظني هي في الكشف عن هذه النظرية و مدى صدقها؛ فإن صدق الواقع ما جاء في النظرية؛ فتلك نظرية حقيقية و ستقودنا إلى الروائي المنتظر.
إذن، بما أن هذه القراءة هي محاولة لوضع معايير للرواية المنتظرة، أي أنها محاولة تسبق العمل الروائي على غير المألوف، حيث أن الدراسات و القراءات النقدية للرواية على مستوى العالم العربي أو الغربي جاءت لنقد النصوص الروائية والقصصية المكتوبة و المطروحة بين يدي القراء؛ فإن هذه القراءة ستسلك طريقا غير مألوف لاستكشاف المجهول.
و يجب أولا أن يكون لدينا تصورنا الخاص عن نظرية الأدب، و من هذه النظرية سيكون المدخل للحديث عن نظرية الرواية بصفتها أكبر الفنون الأدبية عمقا و اتساعا، و كظاهرة أدبية تحتوي نظرية الأدب و تشرحها.
(يُتْبَعُ)
(/)
و كل ما أحتاجه الآن هو صبر و تأني القارئ عند قراءته للمقالات القادمة، لأن الطريق جديد و طويل و ملئ بالإشارات و العلامات و المنعطفات و التقاطعات و التحذيرات، و هو طريق لم يسبق لي أن سرت في هذا الطريق، إلا أنني قد عزمت السير فيه، و قد استعنت، على طوله ومشقته، بالله عز وجل و توكلت عليه.
أجل أيتها الرواية
فأي النظريات أنت ... أيتها الرواية؟!
[ line]
المقالة الثالثة
الروائي المنتظر و نظرية التغيير
كثر في الآونة الأخيرة القول أن أشكال الأعمال الأدبية جميعها تكاد تختزل في شكل أدبي واحد هو الرواية، و إذا كان ذلك صحيحا فهل يمكن أن تكون نظرية الرواية القادمة هي نظرية الأدب الجديدة؟! بصيغة أخرى هل يمكن لنظرية جديدة للأدب أن تقود إلى رواية جديدة؟
و قبل الحديث عن نظرية الأدب يجب أن نسأل هذا السؤال الخطير: ما هو الأدب؟
لن أذهب إلى كتب الأدب لأبحث عن تعريف لهذه الكلمة، ذلك أن تعريف الشيء يرتبط بمعرفة وظيفته، و أنا أجزم أن تعريف و وظيفة الأدب يجمعهما كلمة عظيمة واحدة، و هي كلمة: التغيير، و لكن تغيير ماذا؟
تغيير الواقع، و لكن واقع من؟
واقع الإنسان.
إذن، نظرية الأدب هي نظرية تغيير واقع الإنسان.
و الله عز و جل يقول: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
و أهمية أي كاتب أدبي، أو أي نص أدبي، تعتمد بالدرجة الأولي على حجم التغيير الذي يقوم به الكاتب الأدبي أو العمل الأدبي، بغض النظر عن اتجاه التغيير، الذي سأتحدث عنه لاحقا، بإذن الله.
لكن التغيير، من حيث هو عملية غامضة و معقدة و مركبة، يحتاج أيضا إلى نظرية تشرح لنا عملية التغيير. و هنا لا بد أن أستعين بالهندسة النفسية، للحديث عن مستويات التغيير يقول الدكتور محمد التكريتي في كتابه " آفاق بلا حدود، بحث في هندسة النفس الإنسانية":-
مستويات التغيير:
هناك عدد من مستويات التغيير (أو التأثير على) الإنسان، أو النظام، أو المؤسسة، أو المجتمع، تدعى المستويات المنطقية LOGICAL LEVELS ، وهي: -
1 - مستوى البيئة.
2 - مستوي السلوك.
3 - مستوى القدرة والمهارة.
4 - مستوى المعتقدات والقيم.
5 - مستوى الهوية.
6 - المستوى الروحي.
و هذه المستويات موازية لمستويات الإيمان و الاعتقاد، و كما ذكرنا سابقا، فإن أي تغيير يحصل في مستوى معين سيؤثر على ما فوقه من مستويات، ولا يؤثر على ما تحته. وقد اكتشف هذه المستويات العالم الأنثروبولوجي " غريغوري باتيسون"، عام 1972 م ".
و الحقيقة، أنه يمكن تطويع ما ذكره الدكتور محمد التكريتي في الوصول إلى نظرية التغيير أو نظرية الأدب إذا اعتبرنا أن هذه المستويات تشكل واقع الإنسان، مع اعتبار أن المستويين الأولين هما مستويان ظاهران و هما مستويا الواقع الظاهر، كبنية ظاهرية، إن جاز لنا التعبير، أما بقية المستويات الأربعة فهي مستويات الواقع الباطن، كبنية باطنية، لكن كلا البنيتان متصلتان، حقيقة، كبنية واحدة، أي أن هناك جزء من هذا الواقع نستطيع أن نراه، لكن أغلبه مدفون مثل جبل يظهر لنا منه أعلاه، أما ثقله وحجمه الحقيقي فهو مدفون تحت سطح الأرض، وهذا الواقع يعمل ضمن نطاق قوانين واحدة يمكن تسميتها " العقل" و هي المسؤولة عن عملية التغيير، أي أن مستويا الواقع الظاهر يرتبط بهما عقل ظاهر، كما أن بقية المستويات الأربعة وهي مستويات الواقع الباطن يرتبط بهم عقل باطن،، و كلا العقلين يعملان كعقل واحد، و هذه المستويات لها أبعاد أخطر و أعمق عند الحديث عن نظرية الأدب التي تقوم على عملية التغيير كوظيفة أساسية للأدب.
لكن فكرة المستويات التي ذكرها العالم الأنثروبولوجي " غريغوري باتيسون"، لم تنتبه إلى وجود مستوى آخر، وهو في اعتقادي أخطر مستوى في عملية التغيير، و ذلك هو مستوى القلب، وهو المستوى السابع، أعمق أعماق الإنسان، و أقصى مكان في واقع الإنسان و في عقله الباطن، وهو مكان عملية التغيير الشامل، مكان قلب جميع المستويات التي تسبقه، و لذلك سمي هذا المكان أو المستوى بالقلب، من عملية قلب الأشياء نحو عملية التغيير الشامل للواقع.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن، وظيفة الروائي المنتظر، هي في إحداث التغيير في واقع القارئ، أي أن الرواية كفن إنساني عالمي عظيم يجب أن تكون رسالتها في تغيير واقع القارئ الفرد و من ثم القارئ الأمة، و من ثم القارئ الإنسان العالمي، أي أن الرواية يجب أن تكون بيد الروائي المنتظر أداة للتغيير، و لكن كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
عالم الرواية هو عالم باطني، و يمكن النفاذ إلى عمقه من الظاهر، و ليس المقصود بالعالم الباطني للرواية هو عالم التصوف بمفهومه الديني، بل المقصود هو تلك المستويات التي ذكرت و هذا العمق للأشياء جميعها، الذي نطل عليه من ظاهر الأشياء نفسها، هذا العمق الذي نهبط من خلاله إلى قاع الأشياء لنستبين ما يقر و يستقر فيها، هذا العمق الذي نستكشفه في الرحلة الروائية من السطح حيث نرى البيئة المحيطة بالحدث / أو الأحداث و الشخصيات كمستوى أول ظاهر، ثم نتعرف على السلوك كمستوى ثاني ظاهر، ثم نهبط قليلا إلى عالم القدرة والمهارات كمستوى ثالث باطن، ثم نهبط إلى عالم المعتقدات والقيم كمستوى رابع باطن، ومنه نهبط إلى عالم الهوية و الانتماء كمستوى خامس باطن، ثم إلى عالم الروح كمستوى سادس باطن، و أخيرا إلى عالم القلب العجيب العميق كمستوى سابع باطن، ثم العودة إلى السطح مرة أخرى، هذه الرحلة الروائية التي تشبه النزول إلى قعر بئر مظلم ثم الصعود مرة أخرى, حين تسرد لنا الرواية تفاصيل شعور بطل القصة عندما يأتى إلى هذه البئر المجهولة في صحراء مجهولة و هو يكاد يموت من الظمأ ثم أخذ ينزل رويدا رويدا في هذا البئر ليصل إلى القاع، حيث قد يجد الماء هناك فيرتوي و يعود مرة أخرى إلى الحياة بروح جديدة، أو قد لا يجد الماء فيموت هناك في قلب البئر في نهاية مأساوية مرعبة، هذه الرحلة الروائية المحفوفة بالمخاطر بكل تفاصيلها و ما فيها من معاناة و خوف و قلق و أسئلة و انتظار و صبر، التي تبدأ من ظاهر الأحداث حتى تصل إلى باطن المعنى هي المسافة بين الوعي و اللاوعي، بين الشعور و اللاشعور، أما لحظة العودة إلى نقطة البداية، مع إجابة حقيقة لأسئلتنا فهي نقطة التحول الحقيقي الكامل، وهي مرحلة الصحوة الحقيقة، حين نكتشف وعيا جديدا للأِشياء، وللعالم، و لذواتنا، عندما تتلاشى المسافة بين اللاوعي و الوعي و يصيران شيئا واحدا.
و في هذا العالم الباطني المظلم المجهول لا تعد رؤية البصر تفيد كثيرا، بل قد تكون هي سبب الظلال و التيه، فما تراه بعينك في الظاهر قد يكون له ألف دلالة مختلفة هنا في الباطن، ما تسمعه من أصوات في الظاهر؛ يأخذ دلالته من فطرة الصوت الأولي في الباطن، تلك الفطرة المسموعة بوضوح شديد في أذن العالم الباطني شديدة الحساسية، وهنا لا بد من أن تقود القارئ خبرة الروائي في السير في هذه الرحلة، أي أن الروائي يحتاج إلى أن تكون له تجربته الخاصة و نظريته الخاصة في هذا العالم، ولن تكون أي رواية عظيمة إلا إذا كانت تخرج إلى الوجود من عمق العقل الباطن لذلك الروائي العظيم بعد أن رأي بعينيه و سمع بأذنيه و لمس بيديه كل تفاصيل هذه الرحلة العجيبة، الرحلة إلى أعماق النفس البشرية و ما فيها من أسرار، حيث كنز المعرفة الإنسانية، ومعقل التغيير الحقيقي الشامل.
من هنا تكون الرواية هي أكبر الفنون الأدبية عمقا و اتساعا فعلا، و أداة للتغيير؛ تغيير قلب الإنسان و واقع الإنسان.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2005, 05:15 م]ـ
المقالة الرابعة
بنية الواقع و نظرية الأدب
كيف يمكن الدخول إلى عالم الرواية بنظرية فكرية إنسانية دون أن نقرأ واقع الإنسان قراءة حقيقية كاملة؛ و نستخرج المعنى الحقيقي الذي ينطبق على حقيقة واقع الإنسان، ظاهره وباطنه؟!
حير عقلي هذا السؤال لسنوات طويلة؛ و قد بلغت حيرتي فيه حدا جعلتني في أزمة تلو الأخرى عند قراءتي أية رواية، كنت ألجأ إلى كتب نقد الرواية و مناهج النقد الأدبي بشكل عام رغبة مني في أن أعرف أسرار ما أقرأ و ما تقوله الرواية. عرفت أن كل منهج نقدي يولد من رحم منهج فكري، و كل منهج فكري هو نتاج مفاجأة و أزمة و معاناة، و كارثة ... ، إلى آخره، لكن كل ما يعنيني من قراءة تلك الكتب هو أن أتخلص من أزمتي أنا، و معاناتي أنا، و كارثتي أنا. مرت عشرون سنة منذ أول كتاب قرأته في نقد الرواية إلى أن وصلت سن الأربعين، و أنا
(يُتْبَعُ)
(/)
أقرأ دون جدوى، سعيت جاهدا أن أفهم هذه المناهج الأدبية المختلفة، لكنى وجدت التعاريف تتغير و تتقلب و تتلاشى مع تغيرات و تقلبات وتلاشى المسببات من حول الإنسان. يتحدث بعض النقاد عن الرومانتيكية كمنهج أدبي مستقل ثم لا تلبث أن تقرأ عن أن أحد النقاد الكبار يرى أن الرومانتيكية لم تكن إلا مقدمة للواقعية، تسمع أحدهم يتحدث عن الواقعية النقدية و عن الواقعية الاشتراكية، كمنهجين مختلفين تماما، ويأتي آخر ليقول أنهما شيئا واحد في مكانين منفصلين، وأنا ما زلت في دوامة من الأسئلة، وسط دوامة من الأزمات و أنا أعيش في هذه الرواية الآدمية الملحمية العجيبة. كان لدي إحساس أن هذه مشكلتي وحدي و يجب كما تعودت أن أجد الحل بنفسي.
وفي لحظة استرخاء عجيبة، و كلمة " الواقعية" تتردد في رأسي؛ اكتشفت في صدى ما تردد من قراءاتي أن الواقعية كمذهب أدبي كانت تسير جنبا إلى جنب مع أي مذهب أدبي آخر خلال رحلة التفكير الإنساني الحديث، بل أن لها صدى أقدم من ذلك بكثير، عبر جميع الظروف التاريخية التي مر بها الإنسان. كانت الواقعية تطغى على الفكر الإنساني في مراحل مختلفة و أماكن مختلفة من العالم حتى صارت إلى الواقعية النقدية في الغرب أو الواقعية الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، بل إن تعريف كثير من مناهج التفكير كان يختلط بتعريف الواقعية نفسها؛ ثم هاهي تنفرد في الساحة بعد أن مرت بها مذاهب أخرى مثل الوجودية، و الرمزية، و السريالية و الحداثة و ما بعد الحداثة، و ذهب كل ذلك جفاء، و بقيت هذه الواقعية تقاوم و كأنها قدر هذا الأدب الإنساني، رغم أن كثيرين يراهنون على زوالها كما زال غيرها. هنا عدت للقراءة بتركيز عن الواقعية لعلى أجد الجواب المفقود، هذه القراءة قادتني إلى أن الإنسان الحديث في بحثه عن أجوبة لأسئلته التي فرضتها ظروف خاصة مثل الحروب و الثورات، كان هواه الخاص أو نزوته الخاصة أو شهوته الخاصة أو مرضه الخاص، إلى آخر قائمة الضعف الإنساني؛ يقوده إلى منهجه الخاص في فهم هذه الحياة، لكن كل ذلك يجرى على أرض الواقع، واقع العالم الكبير الذي يعيش فيه، واقع الحياة نفسها، هذا الواقع الذي يقذف إشعاعاته عنوة في و عي ذلك الإنسان حتى إذا ما خرج مذهبه الفكري أو الأدبي، وإذا بطيف إشعاعات ذلك الواقع تغلف ذلك المذهب بشيء من الواقعية، و تنعكس في وعي صاحبه.
إذن، الإجابة هي في دراسة بنية الواقع مباشرة، لكن الواقع، حسب ما ذكرت في المقال السابق، له بنية ظاهرة و بنية باطنة تعملان كبنية واحدة مكونة من سبعة مستويات، اثنان منها ظاهران، والبقية باطنة، و أغلب الفلاسفة و المفكرين الكبار استمدوا مناهجهم من قراءة جزء يسير من بنية الواقع الظاهرة، وهي بنية المستويين الأولين الظاهرين للواقع، وهما مستوى البيئة و مستوى السلوك و العادات. يقول الله عز وجل في سورة الروم، الآية السابعة: " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون". ولو أراد إنسان أن يدرك السنن التي تتحكم بالمستوى الأول أو الثاني؛ لأستنزف عمره كله دون أن يدرك من حقيقة الواقع الكلية شيئا ذا بال. هذا هو سبب أزمة المنهج الفكري و الأدبي عند دراسة الأدب و واقع الإنسان، و الرواية الحقيقية التي ستذهل العالم أجمع يجب أن تخرج من منهج الواقع، واقع هذا العالم بكل أبعاده و حقائقه و قوانينه مهما بدا هذا الواقع غريبا و مختلفا و محتوما، و أن تلتحم هذه الرواية أيضا بتفاصيل واقع هذه الرواية الآدمية الملحمية الكبرى، التي نعيش تفاصيلها كل يوم منذ أن خلق الله آدم و جعله خليفته في الأرض، أي أنه يجب على الروائي المنتظر أن يتجاوز كل هذه المذاهب والنظريات الأدبية المتقلبة إلى نظرية حقيقية واضحة؛ تكشف له أسرار المعرفة على نحو خاص قبل أن يقدم روايته الجديدة وهي تدفع الإنسان نحو التغيير طوعا أو كرها، ذلك التغيير الذي هو روح الأدب و معناه، ولكن أليس هذا ما فكر فيه الآخرون من قبل؟!
يقول د. صلاح فضل في كتابه " منهج الواقعية في الإبداع الأدبي ":
(يُتْبَعُ)
(/)
" و الآن ما هي فلسفة الانعكاس الواقعية، إن كل تصور للعالم الخارجي ليس إلا انعكاسا في الوعي الإنساني لهذا العالم الذي يوجد مستقلا عنه، هذه الحقيقة الأساسية في العلاقة بين الوعي و الكائن تنطبق بطبيعة الأمر على الانعكاس الفني للواقع. و يرى " لوكاتش" نتيجة لذلك أن نظرية الانعكاس تمثل المبدأ المشترك لكل صيغ السيطرة النظرية و العلمية على الواقع من خلال الوعي الإنساني، وهي بالتالي أساس الانعكاس الفني للواقع، ويصبح هدف البحوث التفصيلية بعد ذلك تحديد الخواص النوعية للانعكاس الفني داخل نظرية الانعكاس العامة، كما يلاحظ أن الأصل الدقيق المتعمق لنظرية الانعكاس لا يتوفر بجميع أبعاده إلا من خلال المادة الجدلية، أما بالنسبة للضمير البرجوازي فلا يتصور منه إدراك دقيق لنظرية الموضوعية التي تقضي بانعكاس الواقع في الوعي مع استقلاله عنه، على أنه يحدث أحيانا من الوجهة العملية أن كثيرا من الفنون و العلوم البرجوازية تعكس الواقع بدقة أو تتقدم خطوات طيبة في نطاق العرض الصائب للقضية و التصوير الدقيق لها، بيد أنه بالرغم من ذلك لا يوشك الموضوع أن يرقى إلى المستوى الخاص بالمعرفة النظرية حتى نجد المفكرين قد اصطدموا بالمادية الآلية أو غرقوا في المثالية الفلسفية، وقد نقد " لينين" بوضوح تام خصائص هذا الحاجز الذي يصطدم به التفكير البرجوازي في كلا الاتجاهين، فهو يقول بمناسبة المادية الآلية أن عيبها الرئيسي في عجزها عن التطبيق الجدلي لنظرية الصور على مسار المعرفة و تطورها، ثم يصف المثالية الفلسفية بأنها من وجهة نظر المادية الجدلية تغرق في التضخم الجزئي المبالغ فيه لبعض المعالم الصغيرة أو الجوانب المحدودة فتقع بذلك في التصلب و الشخصية و عدم التوازن، هذا القصور المزدوج في نظرية المعرفة البرجوازية طبقا لتحليل " لوكاتش" يعلن عن نفسه في كل المجالات، ويتضح بالنسبة لجميع صور الانعكاس في الوعي الإنساني ".
أقول بعد أوردت هذا النص، و أنا بكامل وعي، أن وعي الإنسان عاجز تماما أن يصل إلى معرفة الواقع و قوانينه من خلال المادية الجدلية أو من خلال الضمير البرجوازي، أو المادية الآلية أو المثالية الفلسفية أو الواقعية النقدية أو الاشتراكية، أو الحداثة أو ما بعد الحداثة أو أي مذهب أو منهج إنساني آخر؛ لأن الواقع من الناحية العلمية و العملية في حقيقته غير مدرك إدراكا تاما كاملا من قبل أي مخلوق في هذا الكون رغم أن الواقع في حقيقته " نص" بكل ما في كلمة نص من معنى، و لكنه نص صعب القراءة؛ ذلك أننا إذا أردنا أن نقرأ الواقع كما نقرأ أي نص آخر، تلك القراءة التي تقودنا إلى جوهر المعني في باطن هذا الواقع، فإن هذه القراءة ستواجه ضعف الإنسان و جهله و عجزه و استعجاله في مقابل تعقيد نص الواقع و تعدد مستوياته؛ ذلك لأن الواقع حين وقوعه يكون مفاجئا و غامضا و مدهشا و مروعا و معقدا في آن واحد، و هو ما يجعل الإنسان يرتبك في قراءة هذا النص؛ و ينتج مناهج فكرية هشة و مفككة ومرتبكة و متقلبة و ناقصة. لذا فإنه لا يمكن قراءة " نص" الواقع و معرفة معناه إلا من خارج هذا الواقع، و ذلك عن طريق نص آخر يحيط بجميع مستويات الواقع السبعة ويدرك قوانينها و سنن التغيير فيها، نص موثوق و مكتوب بحروف الكتابة؛ ليمكن الدخول إليه و قراءته و محاورته عن طريق قوانين و أساليب القراءة المعروفة لدى الإنسان، تلك القراءة التي تدرس المبنى و تتجاوزه إلى فهم المعنى، بل تتجاوزه إلى استخراج جوهر المعنى من باطن " نص " الواقع.
فما هو، يا ترى، ذلك النص المكتوب الصادق الثابت الذي يغير و لا يتغير، الذي يفضي إلى نص الواقع و يحيل إليه بكل مستوياته السبعة؟!
[ line]
المقالة الخامسة
ما هو النص؟
قبل الحديث عن ذلك النص المكتوب الذي يحيط بجميع مستويات الواقع السبعة ويدرك قوانينها و سنن التغيير فيها، الذي يمكن قراءته و الدخول منه و إليه لقراءة " نص" الواقع نحو معرفة الواقع؛ عن طريق قوانين الكتابة و القراءة المعروفة للإنسان يجب أن نسأل السؤال التالي، هل يمكن اعتبار الواقع " نصا"، رغم أن الكثيرين يرون أن النص هو " الكتابة" فقط؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول سعيد يقطين في كتابه " انفتاح النص الروائي، النص و السياق "، و هو يتحدث عن رولان بارت في دراستين ل (بارت) حول " النص و نظريته":
" في الأولى يبدأ (بارت) أولا بالتساؤل عن النص بمعناه الشائع، مسجلا أنه: السطح الظاهري لنسيج الكلمات المستعملة و الموظفة فيه بشكل يفرض معنى ثابتا و واحدا إلى حد بعيد. وهذا السطح قابل للإدراك بصريا من خلال عملية الكتابة التي تجعل منه موضوعا مؤسسيا يتصل تاريخيا بالقانون و الدين و الأدب ... ".
و يقول يقطين عن تصوره للنص في كتابه المذكور: " النص بنية تنتجها ذات (فردية أو جماعية)، ضمن بنية نصية منتجة، و في إطار بنيات ثقافية و اجتماعية محددة"
أظن، والله أعلم، أن معنى " النص" أبسط و أعقد بكثير في آن واحد مما يظنه (بارت)، ولكن كيف؟
سأحكي قصة صغيرة للقارئ، على سبيل المثل، قصة من واقع الإنسان القارئ، تقول:
" في زمن يدعى (زمن الظواهر و المظاهر) عاش رجل اسمه " القارئ الأخير". كان يحلم بقراءة أكبر عدد ممكن من الروايات ليبحث عن معنى الحياة في كلمة واحدة، لكن انشغاله بجمع المال لم يتح له فرصة فعل ما يريد. وبعد أن جنى ثروة طائلة من الأموال؛ فكر ذات يوم بطريقة يشجع فيها الناس على القراءة و حب القراءة، وصار يحلم بقارئ يظهر يوما ما، قارئ خاص و عبقري يستطيع أن يقرأ رواية ما ويلخص له " معناها " في كلمة واحدة؛ و بذلك يشجع القراءة و يعوض نفسه قراءة عشرات الروايات؛ ليصل إلى معنى الحياة. رأى أن أفضل طريقة هي أن يضع جائزة نقدية فالجميع يركض نحو النقود، و اختار لجنة للجائزة مكونة من أشهر نقاد عصره، أخبرهم بما يريد، و أخبرهم أيضا أن هذه المسابقة تحتوى على لعبة تحدى، وهي أن تختار اللجنة رواية أصعب من سابقتها؛ إلى أن يعجز القراء عن فك لغز هذه اللعبة، وبعدها يقام حفل نهائي ينهى هذه اللعبة / المسابقة. فاز بالجائزة عشرات القراء، حتى اشتهر أمر هذه المسابقة وأمر صاحبها. جاءت لحظة الإثارة التي انتظرها " القارئ الأخير" راعى الجائزة لفترة طويلة حين لم يتقدم للرواية الأخيرة أي قارئ متسابق، أعلن في الصحف و مددت المسابقة شهرا كاملا، دون أن يتقدم أحد، فقرر " القارئ الأخير " انتهاء اللعبة، دون أن يظهر القارئ العبقري. كانت حفلات تسليم الجائزة السابقة تختتم بعد أن تقرأ لجنة التحكيم مقاطع سريعة من الرواية للمشاهدين و الحضور، ثم تعلن كلمة المعني / الحل، وبعدها يعلن اسم القارئ الفائز/ المنتصر؛ ليعتلى " منصة " التكريم ثم يستلم جائزته، أمام جمع من المشاهدين، من يد راعي الجائزة. أما هذا الحفل الختامي فقد أقتصر على أن تقرأ اللجنة مقاطع سريعة من الرواية، ثم تتلو بيانا تعلن فيه انتهاء لعبة هذه المسابقة دون أن يظهر القارئ الخطير العبقري، مع تعليق الإفصاح عن كلمة المعنى. و بعد أن فرغت اللجنة من قراءة تلك المقاطع من الرواية الأخيرة، دوت صرخة غريبة في جانب القاعة و اختلطت مع الصوت الحاد لتصفيق الحضور؛ و إذا برجل يركض نحو منصة التكريم وهو يصرخ ملوحا بيديه في كل اتجاه و يردد قائلا: (أنا أعرف الكلمة " المعنى" .. أنا استحق الجائزة). و وسط ذهول الحضور التقط الرجل الميكرفون و قال: (أنا أعرفها ... أنها كلمة " الظاهر"). و انتقل الذهول إلى أعين الحضور حين رأوا أعضاء اللجنة ينظرون لبعضهم البعض و يتهامسون، ثم سقطت أفواههم بين أيديهم حين تبين لهم أن ذلك الرجل كان موظف الأمن، ذلك الوقور الهادئ الواقف دوما عند باب دخول القاعة طوال تلك المسابقات السابقة، وضجت القاعة بالتساؤل حين تناقلت الآذان همسات تقول: هو ر جل أمي، لا يعرف القراءة و لا الكتابة بتاتا، ولكن كيف عرف الكلمة/ المعنى؟!.
لكن موجة التصفيق ارتفعت مرة أخرى و بددت شيئا من ذاك الذهول؛ حين فاق صاحب الجائزة من دهشته؛ ليعلن في الحضور أنه قرر في هذه المرة أن يضاعف مبلغ الجائزة إلى عشرة أضعاف، و طلب أن يقف الجميع احتراما للقارئ العبقري الفائز وهو يقف مبهورا على منصة التكريم".
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه القصة، وسأسميها " جائزة القراءة" تحتوى مشاهد من الواقع متعددة، و لكنى سأعيد ترتيبها كما يلي: رجل الأعمال " القارئ الأخير" ينوى تشجيع القراءة، هذه النية حدثت في زمن ماضي، قد تكون قبل عشرين عاما مثلا من المشهد الأخير في القصة، و النية محلها القلب، و القلب هو المستوى السابع من مستويات الواقع، وهو مستوى باطن، ولا يعلم ما في القلوب إلا الله. بعد هذه النية، اتخذ " القارئ الأخير" القرار في مرحلة لاحقة ثم شكل لجنة من المحكمين، ثم الإعلان عن هذه المسابقة، ثم استقبال المتسابقين و تقييم إجاباتهم، ثم العثور على قارئ فائز يصعد إلى منصة التكريم و يستلم الجائزة، ثم تتكرر هذه الأحداث إلى أن تصل إلى القارئ المطلوب.
مشهد صعود القارئ الفائز على منصة التكريم و استلام الجائزة، يتكون من حدثين؛ صعود المنصة و استلام الجائزة، و يدرك المشاهد (الحاضر) منه أن من يعتلى منصة التكريم ويستلم الجائزة قد عرف إجابة السؤال/ اللعبة. هذا المشهد يمكن أن نفهم منه "معنى" واحد محدد ظاهر تراه العين، و يفهم منه فوز مستلم الجائزة. هذا المشهد الظاهر هو ظاهر " نص" الواقع، و له بنية ظاهرة تبدأ من لحظة وقوع الحدث الظاهر و إدراكه من قبل حواس الإدراك لدى الإنسان، هذه اللحظة أسميها اللحظة الواقعة الفاصلة؛ لأنها تفصل بين بنيتي الواقع الظاهرة و الباطنة. لكن القصة كاملة تحتوى على مشاهد أخرى تصنع و تبرز مشهد استلام الجائزة، و لا يدركها أو يراها من يشاهد لحظة التكريم في الواقع، لحظة بدء البنية الظاهرة، لأنها مشاهد سابقة للحدث الواقع الحاضر المشاهد، الذي يمثل بدء البنية الظاهرة بالنسبة للمشاهد (أو قارئ النص المكتوب)، وهذه المشاهد قد تصل في الزمن الماضي إلى أول لحظة نوى فيها رجل الأعمال في قلبه تشجيع القراءة. أي أن هذه المشاهد التي هي دون أو تحت البنية الظاهرة (بكل ما فيها من علاقات و أسباب) هي مشاهد باطنة لا تراها العين الحاضرة المشاهدة، بل هي تبعد وتختفي و تتلاشى عن الذهن الحاضر، شيئا فشيئا، مكانا و زمانا حتى تصل إلى " قلب" راعى الجائزة في زمن قد يمتد إلى عشرين سنة سابقة و مكان لا يعلمه إلا الله، لحظة أن قرر رجل الأعمال تشجيع القراءة، و ذلك هو أعمق أعماق الباطن. لكن هذا الجزء من النص (البنية الباطنة)، حقيقة، هو من يصنع معنى النص من الجذور و يصعد به إلى " منصة" معنى النص. و إذا كان الشرط الأساسي ليكون أي شئ " نصا" هو أن يحتوى على معنى ظاهر؛ فإن هذه القصة تخبرنا أن الواقع بمشاهده من حولنا هو نص بكل معنى الكلمة، يمكن أن يعيشه الإنسان ويستفيد منه؛ كما استفاد موظف الأمن (القارئ العبقري)، لأنه عندما رأي بنية النص الظاهرة تكرر أمامه؛ قرأها و عرف منها المغزى، ثم كانت المسابقات السابقة كافية لتدريبه وهى تقرأ أمامه ليدرك معنى واقع عالم القصة أو الرواية حين تتلى عليه و يستخلص منها المعنى في كلمة واحدة، لأنه يملك تجربة واسعة وعميقة تدرك معنى واقع الحياة أصلا، حتى لو كان هذا القارئ أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
هذه القصة هي مقدمة للحديث عن بنية الواقع؛ نحو فهم شامل. و إذا كانت الدراسات الأدبية الحديثة تعانى من أزمة حقيقة وهي تتطلع إلى أن تجمع جميع الأجناس الأدبية (شعر، قصة، ... ) في نص مفتوح شامل؛ فكيف ستكون أزمتها الآن، بعد أن صار النص أوسع بكثير مما يعرفون. أي أننا إذا أردنا أن نصل إلى نظرية أدبية شاملة؛ و تنتج لنا نصا أدبيا مفتوحا و شاملا فإننا نحتاج إلى أن يقودنا نص مفتوح شامل، يرى الطريق الصحيح و يدرك واقع الإنسان بكل ما فيه من أشياء و تفاصيل و بكل سعته الزمانية و المكانية.
و هذا، لعمري، أمر عجيب!
[ line]
المقالة السادسة
المفهوم الشامل للأدب
لماذا نقرأ؟
كان من الواجب أن أبدأ هذه المقالات بهذا السؤال الخطير، فقد سألني بعض الزملاء: ما دخل الأدب بنظرية تغيير واقع الإنسان؟
و سألتهم، بدوري: لماذا يقرأ الناس القصص والروايات، مثلا؟
أجابوني: للمتعة ... للتسلية ... للاستفادة من تجارب الآخرين ... لا أقل و لا أكثر.
قلت لهم: هل يستطيع الإنسان أن يقرأ شيئا ليس له "معنى"؟
قالوا: أي شيء ليس له معنى فليس له قيمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن قيمة الشيء في معناه، و الأدب إن لم يكن له معنى فليس له قيمة، فما هو معنى " الأدب"؟
ورد في كتاب " دليل الناقد الأدبي" لكل من (د. ميجان الرويلي و د. سعد البازعي) تحت عنوان (البنيوية و النقد البنيوي):
" ترى البنيوية أن " الأدب " هو صيغة متفرعة عن صيغة أكبر، أو هو بنية ضمن بنية أشمل هي اللغة (أي الكتابة كمؤسسة اجتماعية)، تحكمه قوانين و شيفرات و أعراف محددة تماما كما هي اللغة كنظام. ويصبح " الأدب" من هذا المنظور نوعا من الممارسة الفعلية مقارنة مع الكتابة عموما، و بدوره يصبح هو بالنسبة لأنواعه نظاما لغويا و تتحول أنواعه بدورها إلى ممارسات فعلية يهيئ لها الأدب قوانين و أنظمة تجعل هذه الأنواع تأخذ صفاتها النوعية و الأدبية. ودراسة الأدب تسعى إلى كشف الكيفية التي تعمل بها عناصره حتى تخلق تأثيرات أدبية تبدو و كأنها تأثيرات واقعية طبيعية في حين أنها لا تعدو مجرد التوهم بالواقعية كنتيجة لتبني " حيل" و أعراف مألوفة ... فالبنيوية تسعى إذن إلى تأسيس مثال أو أنموذج " نظام" الأدب نفسه على أنه هو المرجع الخارجي للأعمال الفردية. وما محاولتها دراسة و تحديد مبدأ البنية التي تنتظم الأعمال الأدبية عموما (و ليس العمل الفردي) و العلاقات القائمة بين مختلف فروع الحقل الأدبي، ما هذه المحاولة إلا محاولة تأسيس منهجية علمية لدراسة الأدب ".
و أنا أظن، أن الأدب أعم و أشمل مما تظنه البنيوية، رغم أن البنيوية تجاوزت المفهوم التقليدي لكلمة الأدب بكثير، إلا أنها لم تدرك جوهر المعنى لكلمة " الأدب". و إذا كانت كلمة " النص" تتجاوز بكثير ما يظنه "رولان بارت" إلى أن تصبح كل ما له معنى ظاهر يدركه الإنسان، وهو تعريف يشمل كل شيء في واقع الإنسان بما فيه الإنسان نفسه؛ فإن كلمة " الأدب" لكي تحتوي هذا المفهوم الجديد الشامل " للنص" يجب أن تثور و تنسف المفهوم التقليدي، بما في ذلك المفهوم البنيوي، لكلمة " الأدب"، و الذي تراكم فوق حقيقتها عبر مئات السنين؛ لتنطلق إلى جوهر معناها الحقيقي الشامل الذي يحتوي كل ما في كلمة " أدب" من حيوية و عنفوان التغيير، و لكن كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
في المشهد التقليدي للأدب، حين يتلو الشاعر قصيدته، يعمد إلى أن يصل إلى " معنى" ظاهر واحد معين محدد مؤثر، يكون هو القاسم المشترك بين الشاعر و المستمع؛ لكي يؤثر في مستمع القصيدة و يحدث " تغييرا " في موقف المستمع من الشاعر، هذا باختصار شديد ما يريده الشاعر (أو المؤلف) من النص، وهو إحداث التغيير المطلوب عن طريق التأثير بقوة المعنى المشترك بين الطرفين (الشاعر و المستمع، الكاتب و القارئ).
إذن، هذه القصيدة هي " نص أدبي " بقدر ما تظهر من معنى، و بقدر ما تحدث من تغيير.
كذلك القصة، هي " نص أدبي " بقدر ما تظهر من معنى، و بقدر ما تحدث من تغيير.
كذلك النار، و أعوذ بالله من النار، هي " نص أدبي" بقدر ما تظهر من معنى، و بقدر ما تحدث من تغيير، و هي قد أحدثت، و تحدث في واقع الإنسان، أكبر تغيير عرفه التاريخ. كذلك الأنهار، والأشجار، والجبال، و الحيوانات، والطيور، ... إلى كل ما في هذا الكون من أشياء، هي " نص أدبي" بقدر ما تظهر من معنى، و بقدر ما تحدث من تغيير.
و من هذا المفهوم الشامل للأدب فإن الأدب ليس (صيغة متفرعة عن صيغة أكبر، أو هو بنية ضمن بنية أشمل هي اللغة ... ) بل إن الأدب، في جوهر معناه الشامل هو عملية تغيير واسعة و شاملة “ Process of change “ ، لها إجراءاتها و موادها و وسائطها، وهي تطال الإنسان في أعمق أعماقه، و تشمل موادها كل شيء في هذا الوجود، وما الشعر أو القصة أو السياسة أو الاقتصاد، .... أو المجرات السابحة في باطن الكون، أو قبلة حانية على جبين طفل يتيم، إلا مادة أدبية نصية يستخدمها الأدب ليحدث التغيير في واقع الإنسان. لكن كل ذلك يحدث عبر وسائط متعددة تنقل المعاني، يغفل الإنسان عن إدراك جلها، وما اللغة، حقيقة، إلا أحد هذه الوسائط التي يستخدمها الأدب لنقل " المعاني" في بنية النص إلى الإنسان ليحدث التغيير المطلوب، حتى و إن كانت اللغة الشريان الوسيط الرئيس في كثير من أعمال الإنسان " الأدبية". و بذلك فإن واقع الإنسان بكل ما فيه هو البنية النصية التي يستخدمها الأدب، و اللغة هي نظام وسيط يحفظ المعنى داخل
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه البنية، وهي نظام يكشف أيضا عن المعنى و يسلمه إلى القارئ الجاد الذي يملك مفاتيح نظام اللغة وأسراره، وبذلك تصبح عملية " التغيير" عملية حركية فيزيائية مستمرة، ويصبح الأدب بمفهومه الجديد الشامل طريقنا للوصول إلى المعنى الشامل للواقع في بنية الواقع الشاملة.
ففي القصة السابقة قصة " جائزة القراءة"، حين وضع رجل الأعمال (القارئ الأخير) جائزة للقراءة؛ يفوز فيها، بجائزة نقدية، من يستطيع أن يقرأ رواية ما و يلخص معناها في كلمة واحدة، بشرط أن تكون هذه الكلمة هي المعنى الواحد الحقيقي لتلك الرواية؛ حسب رؤية نقاد ذوي خبرة عالية في قراءة الروايات؛ نرى أن إدراك المعنى الحقيقي الواحد يجعل القارئ يفوز بالجائزة، و هذه الجائزة تقوم بدورها بتغيير واقع القارئ ماديا و معنويا، هذا المعنى قد تتكرر أمام عيني موظف الأمن و جعله يدرك المطلوب، ويفوز بالجائزة لأنه قارئ عبقري للواقع، رغم أنه قارئ أمي لا يعرف كتابة ولا قراءة أية " نص مكتوب بحروف الهجاء".
هذا المفهوم الجديد الشامل " للأدب" يمكن استخدامه بشكل مباشر وبسيط و سريع لتقييم أعمال كثيرة، فمثلا الشاعر " أبو الطيب المتنبي"، (الشاعر العظيم كما يظنه البعض)، لم يستطع بشعره، على مدى ثمان سنوات، أن يصل إلى المعنى المطلوب الذي يستطيع به أن "يغير" من حال و موقف " سيف الدولة" منه (إذا اعتبرنا أن سيف الدولة هو " القارئ" الذي يستهدفه المتنبي بشعره)؛ فيجعله يعطيه الجائزة و هي (الإمارة) التي عاش المتنبي وهو يحلم بها طوال عمره، لأن " المعنى" في قلب سيف الدولة يستقر في أعماق لم يصل إليها المتنبي بتجربته و شعره، ففشل الشعر و الشاعر في إحداث التغيير المطلوب، لأن "المتنبي" لم يمتلك من "عبقرية القراءة" الحد الكافي و المطلوب ليصيد المعنى الذي بدوره سيغير من حال سيف الدولة مع المتنبي و من حال المتنبي و حال الواقع من حوله، و حال مصيره المأساوي الذي انتهى إليه.
فهل يمكننا أن نقرأ بنية " الواقع" بكل اتساعها الزمانية والمكانية، و نستخلص منها أدوات نقيس و نفحص بها بنية " النص الروائي " نحو الوصول إلى جوهر المعني الذي هو الوقود الحقيقي لعملية التغيير، تغيير واقع الإنسان، وتغيير واقع عالم الرواية نحو عالم روائي شامل و مفتوح.
هذه القراءة في ظني، والله أعلم، سوف تفتح باب " قبر" النقد الأدبي على مصراعيه، لينطلق " النقد الأدبي" بإذن الله، وقد امتلأ بحيوية و عنفوان الحياة؛ ليدرس" النص" في واقع الإنسان كله، بعد أن ظن البعض، من جهلهم، أن " النقد الأدبي" قد مات، فقاموا و صلوا عليه.
فسبحان الحي الذي لا يموت، وهو بكل شيء عليم.
[ line]
المقالة السابعة
المعني في بنية النص الروائي
المعنى، وما أدراك ما لمعنى؟!
ما علاقة المعنى بدراسة بنية النص الروائي؟ و ما علاقة ذلك بقراءة الرواية الحديثة القادمة؟
في القصة السابقة، قصة " جائزة القراءة "، كان رجل الأعمال (القارئ الأخير) يبحث عن قارئ خاص، يقرأ رواية ما و يلخص معناها في كلمة واحدة، و في ظني أن مثل هذه القراءة، إن وجدت، تعتبر أرقى درجات القراءة، و إذا كان الأدب هو تغيير واقع الإنسان، فإن قراءة الروايات لا تكون أدبا إلا إذا كانت تنتج معنى ظاهرا محددا و مؤثرا؛ يقوم بدوره بتغيير واقع الإنسان القارئ. فهل يمكن، مثلا، قراءة رواية صدام حسين الأخيرة، بعنوان " أخرج منها يا ملعون"، و استخراج معنى واحد مؤثر يقوم بتغيير واقع قارئ هذه الرواية، و يقلب رؤيته للواقع رأسا على عقب؟
الإجابة على هذه الأسئلة تكمن في معرفة كيف يتكون المعنى في بنية النص الروائي من أول حدث إلى آخر حدث. هذا المعنى الواحد المحدد المؤثر، في نص روائي طويل، يتشكل و يدور دورة روائية كاملة في بنية النص الروائي، كما تتشكل و تدور قطرة ماء صغيرة دورة بيئية مائية كاملة؛ حين تثور هذه القطرة الصغيرة في وسط البحر (أو المحيط)، ثم حين تتلبس الهواء بعد أن تخلع عنها " بنية " السوائل فتصير بخارا يطير إلى سقف السماء؛ ثم حين يؤلف الله، عز وجل، بينها و بين قطرات أخريات قد طرن خلفها؛ لتصير سحابة فتية صغيرة، تنمو و تكبر؛ فتصير سحابة حبلى بماء الحياة و هي تركض أمام الريح؛ ثم حين تتمرد على سطوة البرد و الجمود؛ فتنهمر (ماءا) فوق وجه الأرض كجلمود
(يُتْبَعُ)
(/)
صخر، ثم حين تتلوى و تسيل في جداول صغيرة، يتبع بعضها بعضا في وجه الأرض؛ ثم حين تتدفق هذه الجداول في جسد النهر قبل أن يقذف نفسه في ماء البحر (أو المحيط) مرة أخرى.
حين يحدث كل ذلك؛ تكون قطرة الماء قد انتقلت في بنية هذه الدورة المائية في سبعة أطوار، الطور الأول: حالة القطرة السائلة، الطور الثاني: الحالة الغازية، الطور الثالث: السحاب، الطور الرابع: المطر، الطور الخامس: الجداول، الطور السادس: النهر، الطور السابع: البحر (أو المحيط)، ثم تبدأ دورة أخرى، كل طور من هذه الأطوار له شكل عام و له حقيقة عامة، و لكن الحقيقة الكيميائية لقطرة الماء الصغيرة في كل طور هي أنها ماء؛ في المحيط هي ماء، في الهواء هي ماء، في السحاب، في المطر، في الجدول، في النهر، في المحيط، مرة أخرى هي ماء، تتحرك هذه القطرة في البنية المدركة، ولكن تبقى قطرة الماء ماء.
و كذلك " جوهر" المعنى الواحد في حركته في بنية النص الروائي، يتقلب في الأطوار (المستويات) السبعة لبنية النص الروائي، حين يظهر المعنى في بيئة الحدث الروائي أولا، ثم يتحول في السلوك و العادات ثانيا، ثم يتنقل إلى بنية النص الروائي الباطنة، في طور القدرات، ثم في طور المعتقدات، ثم طور الانتماء، ثم طور الروح و أخيرا طور القلب، و ذلك حين تنقلب أحداث الرواية وتأخذ مسارا آخر يغير في جميع الأطوار (المستويات) و ينتج واقعا جديدا، و لكن " جوهر" المعنى الواحد في هذه الرواية (في حقيقته الروائية) يبقى كما هو؛ كما تبقى حقيقة قطرة الماء كما هي في حقيقتها الكيميائية. و هذه الرحلة لجوهر المعنى هي رحلة دائمة و متصلة و متواصلة بين الإنسان و الواقع (معايشة)، بين الإنسان و الإنسان (مشافهة)، بين الإنسان و النص (كتابة و قراءة)، و في كل الاتجاهات الرأسية و الأفقية في بنية النص.
و لكن، كما هو معروف، فإن النص الروائي، مثله مثل واقع الحياة، لا يتكون من معنى واحد فقط، بل هو يتكون من شظايا صغيرة لآلاف المعاني المتداخلة و المتراكبة و المتفاعلة و المتصارعة، في آن واحد، و لكنها في نهاية المطاف تتجمع في معنى واحد، عند حدث واحد، في لحظة واحدة، تكون هي مركز أو محور أحداث الرواية، و هي اللحظة الواقعة الفاصلة بين ظاهر النص و باطنه. وهذا يقودنا إلى إشكالية ما هو المعنى المقصود من الرواية؟ هل هو هذه الشظايا الصغيرة؟ أم هو هذا المعنى الواحد المتراكم منذ أول حدث في النص الروائي؟ و إذا كان هو المعنى الواحد، فهل هو المعنى الذي يصنعه ويريده ويدركه المؤلف؟ أم هو المعنى الذي يصنعه و يريده ويدركه القارئ؟ أم هو المعنى الذي يظهره النص (حسب قانون الكتابة) عنوة فوق إرادة المؤلف و القارئ معا؟!
ورد في كتاب دليل الناقد الأدبي لكل من (د. ميجان الرويلي، د. سعد البازعي) ما يلي:
" انعكست مفاهيم البنيوية على كثير مما ساد قبلها و أثرت فيه تأثيرا كبيرا. فالأدب لم يعد إبداعا عبقريا يعتمد على قدرة المؤلف الخارقة، بل أصبح صيغة كتابية مؤسساتية تحكمها قوانين وشيفرات تميط اللثام عن هذا "اللغز " القار من أفلاطون إلى عصرنا هذا. كما أثرت البنيوية على مفاهيم وظيفة الأدب و طبيعته، فلا هو يحيل إلى العالم الخارجي الطبيعي، كما ترى نظرية المحاكاة، ولا هو عبقرية تعتمد على مؤلفها و صاحبها بصلة بل إنها تصنعه و تتحكم فيه. أما القارئ فما هو إلا بنية أو إنتاج ثقافي مدرب على حل الشيفرات و تتبعها و رصدها (هو شخص حرفي له أدواته و معداته، كما يقول دريدا عن ليفي ستراوس). و هكذا يتنازل المؤلف عن وظيفته للكتابة، و تمتص الكتابة وظيفة القارئ الذي يتنازل للقراءة عن دوره الفاعل. من هنا لا بد أن تغيب مفاهيم الذاتية و الوعي لدى المؤلف و لدى القارئ، و تتم عملية إزاحة الإبداع و التفرد و العبقرية و التميز، وهي المفاهيم التي حكمت أدبية الأدب عصورا طويلة".
(يُتْبَعُ)
(/)
ما لذي يبقى في النص، إذا تنازل المؤلف عن وظيفته للكتابة، و التي تمتص بدورها وظيفة القارئ الذي يتنازل للقراءة عن دوره؟! ما لذي يبقى في النص إذا نحن غيبنا مفاهيم الذاتية و الوعي لدى المؤلف و لدى القارئ، و إذا نحن أزحنا الإبداع و التفرد و العبقرية و التميز؟! ألا يصير "المعنى" في هذه الحالة أمرا غامضا و عائما و محيرا، و قد يقودنا في كثير من الأحوال، إلى القراءة الضالة الخاطئة للنص الروائي.
أليست هذه هي معضلة القراءة الحديثة للنص، أليس هذا هو النفق المسدود الذي دخلت فيه البنيوية و لم تخرج منه بعد؟
حسنا، أظن، والله أعلم، أن حل هذه المعضلة، الذي يخرجنا من كل هذا الإشكال هو في ضرورة وجود " المعنى" المهيمن؛ هذا هو حل اللغز الذي دوخ أساطين البنيوية و تلاميذها، هذا هو حل لغز القراءة الحديثة المتطورة، هذا هو الحل لقراءة أية نص روائي، قراءة حديثة متفوقة، و لكن ما هو هذا المعنى "المهمين "؟
المعنى المهيمن هو الذي يهيمن، في آن واحد، على المعنى الذي يقصده المؤلف، و على المعنى الذي يراه القارئ، و على المعنى الذي تفرضه (حروف) النص المكتوب، وهو المعنى الثابت و القياسي، الذي نقيس عليه حقيقة وصدق المعنى في قلب المؤلف أو القارئ أو النص. فإذا كانت المعاني الثلاثة، للمؤلف و القارئ و النص، تنطبق على هذا المعنى المهيمن، فهذا دليل قاطع على عبقرية ذلك " النص المقروء أو المكتوب"، و عندها سيقوم ذلك النص بدوره الأدبي في إحداث التغيير المطلوب الشامل.
لكن المعاني لا تظهر و لا تتحرك في الفراغ، بل تحتاج إلى بنية نص تظهر و تتحرك فيه، و كذلك المعنى المهيمن لا يظهر في فراغ، بل إنه يحتاج إلى بنية نص يتحرك فيها؛ و بذلك فإن هذا النص، هو أيضا، يجب أن يكون نصا مهيمنا على ما سواه، نصا ثابتا لا يتغير، نصا قياسيا، نستطيع أن نقيس به المعاني في ظهورها و حركتها في واقع الإنسان، و من ثم في واقع الروايات التي يكتبها الإنسان، نصا يكون جوهر المعنى في أوله مثل آخره، و في باطنه مثل ظاهره.
وهذا يعيدنا، مرة أخرى، إلى الحاجة إلى " نص" مهيمن مكتوب نستطيع به أن نتجاوز كل المذاهب الأدبية بما في ذلك الحداثة و ما بعدها، و البنيوية و ما بعدها، فهل عرف القارئ، الآن، ذلك النص المهيمن الذي يغير و لا يتغير، و الذي يعلو و لا يعلى عليه؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2005, 05:16 م]ـ
أجل ... إنه " نص" القرآن كلام رب العالمين، عز و جل، (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) سورة فصلت الآية (42)
هذا هو النص المكتوب الثابت الذي يمكن الدخول إليه لدراسة بنية واقع الإنسان بشكل مباشر و شامل و صادق، و هو النص الذي يحيل إلى الواقع بكل مستوياته السبعة، و هو النص المفتوح الشامل الحقيقي الذي يمكن أن نفهم منه معنى الحكايات كلها، و الروايات كلها، و النبوءات كلها، و الظواهر كلها، و البواطن كلها، و هو النص المهيمن ذو المعنى المهيمن، الذي يغير و لا يتغير، و الذي يعلو و لا يعلى عليه، و لكن ما علاقة " نص" القرآن الكريم بكتابة النص الروائي المنتظر؟
عشرون سنة مرت بي و أنا أركض غريبا، وحيدا، فوق عيني غشاوة المصطلحات، في صحراء تصفر فيها الريح، خلف المعنى المخبوء في "نص" هذه الحياة، و أنا أبحث في بطون الروايات، و أتقلب بين صفحات كتب النقد الأدبي و مصطلحاته. تغربت هنا و هناك، إلى أن وصلت إلى صحراء البنيوية و ما بعد البنيوية، و ازدادت الغربة وازدادت الغشاوة و ازداد صفير الريح. بحثت عن نظرية للنص، تفضي إلى نص روائي جديد، عند " بارت" و دريدا و كثيرين غيرهم، قرأت عن النص المفتوح و النص المغلق، و في كل مرة تزداد في عيني غشاوة المصطلحات، و يزداد في أذني صفير الريح. و ذات يوم، حين فتحت عيني بعد أن هدأت الريح، و جدت بين يدي شيء من أوراق مبعثرة لمصطلحات ما بعد البنيوية، وشيء من علم قليل؛ فضاق صدري، و انفجرت و تفجرت و فجرت ... ، و ثرت على البنيوية و ما بعدها و مصطلحاتها، فماذا وجدت؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وجدت أن النص المفتوح ( open text )، يعنى، بكل بساطة، النص الذي تحتوى بنيته معاني متعددة و احتمالات كثيرة لتأويل المعنى المقصود، و وجدت أيضا أن النص المغلق ( closed text ) هو النص الذي تنغلق بنيته على معنى واحد محدد، و لا يمكن للقارئ الفكاك منه. و لكن منظري ما بعد البنيوية صاروا يتحدثون عن التناص و عن ما يسمى ب ( hypertext ) ، ويترجمه " دليل الناقد الأدبي" إلى النص المتعالق، و سألت نفسي: ما هو يا ترى هذا المتعالق؟!
يقول دليل الناقد الأدبي عن النص المتعالق:
" و المهتمون بهذا النص يرون نظريته تقوم على نظريات النص ما بعد البنيوي التي نادى بها دريدا، و فوكو و بارت على وجه الخصوص، و لعل في وصف بارت للنصوصية المثلى في كتابه أس/زي تعريفا حقيقيا للنص المتعالق حتى أن جورج لاندو استشهد به حين عرض لتاريخ مصطلح النص المتعالق. يقول بارت: " إن في هذا النص المثالي شبكات كثيرة و متفاعلة معا، دون أن تستطيع أي منها تجاوز البقية؛ إن هذا النص كوكبة من الدوال لا بنية من المدلولات؛ ليس له بداية؛ قابل للتراجع، و نستطيع الولوج إليه من مداخل متعددة، ولا يمكن لأي منها أن يوصف بأنه المدخل الرئيس، والشيفرات التي يهيئها تمتد على مسافة ما تستطيع (رؤيته) العين، ولا يمكن تحديدها (أي الشيفرات) ... إن أنظمة المعنى تستطيع السيطرة على هذا النص المتعدد (تعددية) مطلقة، و لكن عددها غير قابل للانغلاق أبدا، لأنه كما هي الحال معتمد على لانهائية اللغة".
هذا الكلام زاد غشاوة مصطلحات ما بعد البنيوية، رغم أني أعتقد جازما أن هؤلاء المنظرين جادون فيما يطرحونه من نظريات، و لكننا، جميعا، لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نرى كيف سيكون النص الروائي لما بعد البنيوية قبل أن نزيل عن أعيننا هذه الغشاوة؛ فانفجرت و تفجرت و فجرت مرة أخرى لأجد أن النص المتعالق، بكل بساطة، هو نص كبير ممتد يحتوى على عدد كبير و متنوع من النصوص، و هذا التنوع يصل إلى حد تتلاشى فيه حدود نوع النص الأدبي و تتوسع لتشتمل على كل شيء، أي أن ما يسمى ( HYPER TEXT ) هو النص المتنوع الشامل الذي يجد فيه القارئ كل شيء، تماما، مثل ( HYPER MARKET ) أي السوق المتنوع الشامل الذي يجد فيه المتسوق كل شيء، وليس المتعالق كما يترجمه دليل الناقد الأدبي، و إذا أردت أن أقدم تعريف آخر للنص المتنوع الشامل أستطيع أن أقول أنه النص الذي فيه تفصيل كل شيء، و لكن أتدرون ما النص الذي كانت تسير في اتجاهه مصطلحات البنيوية و ما بعد البنيوية و فيه تفصيل كل شيء؟
إنه " نص " القرآن الكريم، الذي يقول الله عز وجل عنه في سورة آل عمران، الآية السابعة: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ".
إذن، نظرية نص ما بعد البنيوية تسير في اتجاه " نص" القرآن الكريم، أدركنا ذلك أم لم ندركه، و هذه النظرية لا تتحقق بشكل تام صادق صريح إلا في نص القرآن. و لكن ما علاقة ذلك بالنص الروائي الحديث؟
النص المغلق هو النص "المحكم" و هو نص ثابت و الآيات المحكمات هي آيات أحكمت بنيتها على معنى واحد محدد لا يمكن للقارئ الفكاك منه و هو المعنى " المهيمن" و النص المحكم هو النص الذي يحمل " الخطاب"، ولذلك ليس هناك مجال ليقوم القارئ بأي تأويل، أما النص المفتوح فهو النص " المتشابه" وهو نص متحرك و الآيات المتشابهات هي آيات فتحت بنيتها لتؤدى إلى تأويلات كثيرة، و هذا النص المتشابهة يقوم بفحص قدرة و عبقرية القارئ، فالقارئ البليد المستسلم الذي في قلبه زيغ (عن المعنى الحقيقي المهيمن للواقع) سيقتنع بأول معنى يستطيع تأويله، و من هنا فإن النص المتشابهة، حقيقة، يفتن هذا القارئ، أما القارئ العبقري (الراسخ في العلم)، فهو من يستطيع التروي و التبصر و التدبر و يغوص في كل التأويلات المحتملة إلى أعماق النص ليجد المعنى الصحيح الذي هو المعنى المهيمن الثابت في النص "المحكم"، و لكن النص المحكم و النص المتشابهة لا يستطيعان التفاعل فيما بينهما (بوجود القارئ) إلا في وسط النص المتنوع الشامل Hypertext ،
(يُتْبَعُ)
(/)
و التناص في أرقى أشكاله هو التناص بين نص القرآن و" نص" واقع الإنسان (المعاش) منذ أن خلق الله عز وجل، آدم عليه السلام، هذا الواقع الذي يحتوي على نصوص "محكمة" و أخرى "متشابهة"، و ما الضلال الذي يحدث في تاريخ البشرية الآن إلا أنها تتبع ما تشابه من نصوص الواقع و تترك المحكم منه، وهذا دليل على أن القراءة العبقرية الحديثة للواقع لم تظهر بعد.
و رواية " الواقع" المباشر، ولا أقول الرواية الواقعية، في حقيقتها لا تكون رواية "واقع" إلا إذا كان " نصها الروائي" يحتوي على النص المحكم و النص المتشابهة وسط نص متنوع شامل، تتناص فيه الرواية و الواقع ليكونا نصا واحدا يتفاعل معه القارئ، ليحدث المتعة و التغيير في آن واحد لقارئ الرواية، و من هنا تكون متعة النص و من هنا تكون متعة القراءة، ومن هنا أيضا يستحق القارئ العبقري، الذي يدرك المعنى الواحد الصحيح، الجائزة بكل جدارة واستحقاق؛ وهو ما يمثله إدراك المعنى الحقيقي في القرآن الكريم، كلام رب العالمين، و في " القصص الحق" في القرآن و في روايات الواقع الإنساني الكبير، بكل جدارة و استحقاق.
يقول شكري عزيز الماضي في كتابه " في نظرية الأدب " بعد أن قدم شرحا لمفهوم التناص و نظرية النص، في مرحلة ما بعد البنيوية:
" و مهما يكن من أمر فإن التناص يقدم مفهوما جديدا لمصطلح " الكتابة"، فالكتابة ليست رسما للأصوات اللغوية على الورق بل تمثل و جودا كليا. كما يقدم مفهوما جديدا لمصطلح " النص". فالنص (المكتوب حتما) يتصف بصفات محددة بدونها قد يكون أثرا أو عملا أو ما شئت. لكن " النص" الذي يستحق هذه التسمية – ذو سمات جديدة تماما. و إذا ما استعرض المرء التراث العربي المكتوب، و فق هذه السمات، فإنه لن يجد " نصا يستحق هذه التسمية سوى " القرآن الكريم " فهو:
- نص مكتوب (نص/ كتابة)
- النص القرآني يطرح إشكالية التصنيف (ليس له شكل محدد، و لا ينتمي إلى أي نوع من أنواع الكتابة المألوفة).
- النص القرآني ليست له بؤرة مركزية (بل يتضمن بؤرا لا نهاية لها).
- النص القرآني له فاتحة (و لكن ليست له بداية أو نهاية بالمعنى المألوف).
- النص القرآني يقبل تأويلات لا حصر لها (حظي بهذا و سيبقى يحظى بتأويلات لا نهاية لها).
- النص القرآني ذو طاقة رمزية مطلقة.
- الإحالة المرجعية (في النص القرآني) على النص نفسه.
- حقوق طبع النص القرآني غير محفوظة لأحد "
انتهي كلام شكري عزيز الماضي، و أنا أقول، بعد هذا الكلام، أن نص القرآن الكريم، أكبر و اعظم من ذلك بكثير، فهو كلام الله رب العالمين،" الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شئ عليم"، الذي هو في السماء إله و في الأرض إله، سبحانه، و هو المهيمن و قوله مهيمن. و" نص" القرآن الكريم هو " النص" الوحيد الذي يدخل في علاقة " تناص" مباشرة مع الواقع و مع الإنسان، و الإحالة المرجعية (في النص القرآني) ليست على النص نفسه فقط، بل إنه يحيل القارئ إلى "نص " الواقع، ويحيل القارئ إلى " نص" القارئ (أي نفس القارئ).
و الآن هل لي أن أقول أن المنهج الإنساني العالمي القادم، منهج ما بعد البنيوية، الذي لم تدرك البشرية أسمه حتى الآن، هو منهج " الإسلام"، اسما و رسما و جسما، و معنى.
أجل إنه زمن الإسلام، و منهج الإسلام و الحمد لله رب العالمين.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[11 Sep 2010, 07:36 ص]ـ
يرفع للتذكير والاستفادة منه.
ـ[باحثة علم]ــــــــ[11 Sep 2010, 01:22 م]ـ
فعلا بارك الله فيكم(/)
شارك في نقد كتاب (جمع القرآن) للمستشرق جون جلكرايست. الفصل الثاني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[16 Apr 2004, 04:29 م]ـ
2 - أول جمع للقرآن في عهد أبي بكر
إذا كان محمد قد ترك بالفعل نصا كاملا و مجموعا كما يزعم العلماء المسلمون (عبد القادر عبد الصمد مثلا‚ انظر الفصل 6) فلماذا كانت هناك حاجة إلى جمعه بعد وفاته؟ لقد كان فعلا من المنطقي أن لا تبدأ عملية الجمع إلا بعد أن تنتهي الرسالة بموت الرسول. الرواية الشائعة حول جمع القرآن في أول الأمر تنسب هذا العمل إلى زيد بن ثابت الذي كان من بين الصحابة الذين كانت لهم دراية عميقة بالقرآن.
سنرى فيما بعد أن هناك أدلة كثيرة على أن صحابة آخرون قاموا هم كذلك بجمع القرآن في المصاحف بشكل مستقل عن زيد و ذلك بعد وفاة محمد بفترة وجيزة لكن المشروع الأكثر أهمية هو ذلك الذي قام به زيد لأنه تم بأمر رسمي من أبي بكر أول خليفة في الإسلام. كتب الحديث النبوي أعطت أهمية بالغة لهذا الجمع الذي قام به زيد بن ثابت و النص الذي نتج عنه هو الذي أصبح ذا طابع رسمي في خلافة عثمان.
بعد وفاة محمد مباشرة ارتدت بعض القبائل العربية عن الإسلام بعدما كانت قد اعتنقته منذ مدة قصيرة. على إثر هذا اضطر أبو بكر إلى إرسال جيش مكون من أوائل المسلمين لإخضاعها. فقامت معركة اليمامة التي سقط فيها عدد من صحابة محمد الأقربون الذين أخذوا القرآن مباشرة من عنده. الحديث التالي يصف لنا ما حدث بُعيد هذه الأحداث:
"حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت رضي اللهم عنهم قال أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي اللهم عنهم إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى اللهم عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي اللهم عنهمما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي اللهم عنهم"
(صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن-4603 باب جمع القرآن-) {نفس الحديث نجده مكررا في كتاب الأحكام رقم 6654 و في كتاب تفسير القرآن رقم 4311}
انتهى الأمر بزيد بن ثابت إلى قبول الفكرة مبدئيا بعد إقناع أبي بكر و عمر إياه بضرورة الأمر و قبل أن يجمع القرآن في كتاب واحد. يتضح جليا من خلال هذه الرواية أن جمع القرآن كان أمرا لم يقم به "رسول الله".
إن تردد زيد إزاء المهمة التي أسندت إليه كان سببه من جهة كون محمد نفسه لم يهتم بجمع القرآن و من جهة أخرى ضخامة المشروع. هذا ما يظهر أن المهمة لم تكن بالسهلة بتاتا. فإذا كان زيد يحفظ القرآن جيدا و يعرفه بأكمله عن ظهر قلب و لا يجهل أي جزء منه و إذا كان عدد من الصحابة يتوفرون كذلك على مقدرة هائلة في مجال الحفظ والإستظهار فإن عملية جمع القرآن لن تكون إلا سهلة {خلافا لما جاء في حديث البخاري المذكور أعلاه}. فلم يكن على زيد إلا أن يكتب ما كان يحفظ من القرآن في ذاكرته و يطلب من الصحابة أن يضبطوا ما كتب. يزعم ديزاي و بعض الكتاب الأخرون أن كل الحفاظ من أصحاب محمد كانوا يعرفون القرآن بأكمله عن ظهلر قلب‚ كلمة كلمة و حرفا حرفا و ذهب ديزاي بعيدا في مزاعمه حيث قال أن هذه القدرة الهائلة على حفظ القرآن هي موهبة إلاهية: "إن قوة الذاكرة ملكة وهبها الله للعرب لدرجة أنهم كانوا يحفظون الألاف من أبيات الشعر ببالغ السهولة. الإستعمال
(يُتْبَعُ)
(/)
الكامل لهذه الموهبة هو ما مكن من حفظ القرآن و صيانته من الضياع" (1) ( Desai, The Quraan Unimpeachable, p.25)
يذهب بعد هذا إلى وصف استظهار القرآن بأنه "قوة حفظ ذات طبيعة إلهية". النتيجة المنطقية لهذا الزعم هي أن جمع القرآن كان من أسهل الأمور. فإذا كان زيد و القراء الأخرون يعرفون القرآن بكامله حتى أخر كلمة منه بدون أي غلط أو نقصان و برعاية ربانية <هذا مزعم العلماء المسلمين> فمن غير المعقول أن نجده <أي زيد> يقوم بجمع القرآن بالشكل الذي فعله. فعوض أن يعتمد فقط على ذاكرته مباشرة نجده يبحث عن النصوص في مختلف المصادر: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب و اللخاف و صدور الرجال حتى وجدت أخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي اللهم عنهم" (صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن-4603)
لقد رأينا سابقا أن القرآن كان وقت وفاة محمد مفرقا بين ما كان في ذاكرة الصحابة و ما كان مكتوبا على مختلف المواد التي كانت تستعمل أنذاك في الكتابة. إلى هذه المصادر لجأ الصحابي الشاب حين كان يُعِد لجمع القرآن في مصحف واحد. المصدران الرئيسيان من بين المصادر التي ذكرت هما "الرقاع" و "صدور الرجال" (السيوطي - الإتقان في علوم القرآن). لم يعتمد زيد على ذاكرة الناس فقط بل اعتمد كذلك على ما كان مكتوبا أيً كانت طريقة كتابته (اللخاف أي الحجارة الرقاق الخ .. ) و التجأ إلى كثير من الصحابة و إلى جميع المواد التي كانت أجزاء من القرآن مكتوبة عليها. لم يكن هذا تصرف شخص يعتقد أن الله وهبه ذاكرة خارقة للعادة يمكنه الإعتماد عليها كليا في مهمته بل تصرف كاتب نبيه كان يريد جمع القرآن من جميع المصادر الممكنة. كان هذا تصرف رجل يعي كل الوعي أن النص القرآني كان متناثرا في أماكن عدة لدرجة أنه وجب جمع كل ما أمكن جمعه من أجل الحصول قدر المستطاع على نص كامل نسبيا.
أقدم الروايات في الإسلام تبين لنا بوضوح أن زيدا قام ببحث على نطاق واسع بينما نجد أن علماء متأخرين زعموا أنه اعتمد على ما دُون كتابيا على مختلف المواد -عظام الحيوانات‚الرقاع‚جلود الحيوانات الخ .. - التي كانت محفوظة في بيت محمد. زعموا أن زيدا لم يفعل شيئا أكثر من جمعه لهذه النصوص من أجل الإحتفاظ بها في موضع واحد.
يقول الحارث المحاسبي في كتاب "فهم السنن" إن محمدا كان يأمر بكتابة القرآن و لذلك حين أمر أبو بكر بجمع القرآن في مصحف واحد وُجِدت المواد التي كان مكتوبا عليها "في دار رسول الله التي نزل فيها" (السيوطي‚ الإتقان) فجُمِعت و حُدِّدت لكي لا يضيع منها شيء. لكن يتضح من خلال ما دُوِّن في إطار الحديث النبوي أن زيدا قام ببحث واسع النطاق عن هذه المواد التي كتبت عليها أجزاء من القرآن. ديزاي يجاحد قائلا إن البحث الذي قام به زيد كان مقتصرا على المواد التي كُتب عليها القرآن "بين يدي رسول الله" لأن زيدا كان هو الصحابي الوحيد الذي أتيحت له الفرصة لكي يكون جنب محمد حين جاءه جبريل و رتل معه القرآن آخر مرة ( Desai, The Quraan Unimpeachable, p.18) يضيف ديزاي أنه رغم وجود نصوص قرآنية أخرى في تلك الفترة فهي كانت لم تكن تتوفر على مصداقية كاملة لأنها لم تكتب تحت الإشراف المباشر لمحمد لكن كتبت من طرف أصحابه الذين اعتمدوا في ذلك على ما استطاعوا حفظه في ذاكراتهم. يمتنع ديزاي عن إعطاء أية دلائل أو نصوص من أي نوع كانت و لا يُرينا المصادر التي اعتمد عليها في البرهنة على مزاعمه و التي من المفروض أن تكون من أقدم ما دُوِّن من التراث الإسلامي. في الواقع كون القرآن عُرض مرتين في آخر المطاف كان سرا لم يبح به محمد سوى لابنته فاطمة الزهراء (صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن) {قال مسروق عن عائشة عن فاطمة عليها السلام أسر إلي النبي صلى اللهم عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي}
فكيف أمكن أن يكون هذا سرا إذا كان زيد بن ثابت حاضرا في هذه المناسبة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
في نفس السياق نعرف من خلال أقدم ما دُوِّن حول جمع القرآن في خلافة أبي بكر أنه لم يكن هناك أي تمييز بين ما كتب من القرآن تحت إمرة محمد أو غيره من المصادر و لا شيء يوحي بأن زيدا اعتمد على الأول دون الثاني. كما سنرى لاحقا هذه تفاسير حديثة العهد نسبيا الغرض منها التأكيد على أن القرآن جمع في ظروف مثالية لكنها لا ترتكز على أية نصوص قديمة و أصيلة للبرهنة على مزاعمها.
هناك حكايات مفادها أنه كلما نزل شيء من القرآن كان محمد يطلب من كتابه و من بينهم زيد أن يكتبوه (صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن 4606 على سبيل المثال)
{حدثنا عبيدالله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال لما نزلت (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) (والمجاهدون في سبيل الله) قال النبي صلى اللهم عليه وسلم ادع لي زيدا وليجئ باللوح والدواة والكتف أو الكتف والدواة ثم قال اكتب (لا يستوي القاعدون) وخلف ظهر النبي صلى اللهم عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم الأعمى قال يا رسول الله فما تأمرني فإني رجل ضرير البصر فنزلت مكانها (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) (والمجاهدون في سبيل الله) (غير أولي الضرر)}
لكن لا شيء يؤكد أن القرآن كان مجموعا بأكمله في بيته. هناك أيضا روايات عديدة في كتاب المصاحف لابن أبي داود تشير إلى أن أبا بكر كان أول من قام بتدوين القرآن نذكر من بينها: "حدثنا عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين بن حفص قال حدثنا خلاد قال حدثنا سفيان عن السدى عن عبد خير عن علي قال: رحمة الله على ابي بكر كان أعظم الناس أجرا في جمع المصاحف‚ و هو أول من جمع بين اللوحين. " (كتاب المصاحف‚ ص 5). هنا أيضا نجد أدلة قوية على أن أشخاصا آخرين سبقوا أبا بكر لجمع القرآن في مصحف واحد:
"عن بن بريدة قال: أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حديفة" (السيوطي - الإتقان في علوم القرآن). سالم هذا كان من بين أربعة رجال أمر محمد أصحابه أن يأخذوا القرآن عنهم (صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن 4615 و كتاب المناقب 3524) و {حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو عن إبراهيم عن مسروق ذكر عبدالله بن عمرو عبدالله بن مسعود فقال لا أزال أحبه سمعت النبي صلى اللهم عليه وسلم يقول خذوا القرآن من أربعة من عبدالله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب} كان من القرأء الذين قتلوا في معركة اليمامة. بما أن أبا بكر لم يأمر بجمع القرآن إلا بعد هذه المعركة فمن البديهي إذا أن سالما سبق زيد بن ثابت لجمع القرآن.
ها هو الفصل الثاني من الكتاب و بانتظار تعليقاتكم. و أرجو ألا أكون قد تسرعت.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Apr 2004, 11:13 ص]ـ
أخي الكريم /د. هشام
أود أن أقترح لهذا الموضوع اقتراحا لعله أن يكون أنفع لمتابعة الموضوعات التي ستطرحونها، وهو كالآتي:
ـ تقسم موضوعات الكتاب على مشاركات مستقلة
ـ ويكون لكل مشاركة عنوان مستقل تذكر فيه صفحات الكتاب المنقود، وعنوان الكلام المنقود، مثلاً:
يكون عنوان المشاركة الأولى: (1) مقدمة كتاب جمع القرآن (ص1 ـ ص7)
ويكون عنوان المشاركة الثاني: (2) جمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (ص 8 ـ 13)
وهكذا تكون المشاركة في كل موضوع مستقلة، ولا تتداخل المشاركات فيما لو أراد مشارك أن يشارك في التعليق على المقدمة، وجزاكم الله خيرًا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Apr 2004, 01:41 م]ـ
أخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأرجو الصبر على أفراد هذا الملتقى، وليكن مشروعك طويل الأجل، وإني لأشكرك على حرصك، وأدعو نفسي والإخوة إلى المشاركة في هذا الموضوع، ولو تكرَّر الردُّ.
كما أدعو بأن لا يحقر الإنسان نفسه في التعبير عن فهمه لما يُطرح وردِّه عليه، فلربما ألهمه الله ووفقه لما لم يوفِّق إليه غيره.
وأتمنى الاستفادة من كتاب جمع القرآن لمحمد شرعي أبو زيد على هذا الرابط
http://www.khayma.com/sharii/
فإنه سيفيد جدُّا في نقد كلام المستشرق.
وأتمنى من الإخوة الذين عندهم قدرة نقدية أن يشاركوا في النقد، والله يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليعلم الإخوة المشاركون أنه سيكون هناك تنقيح لهذه الردود وجمعها بعد تحريرها في زاوية في هذا الملتقى تكون أنموذجًا للأعمال الجماعية التي يقوم بها أعضاء هذا الملتقى.
والله أسأل أن يتمَّ هذا المشروع، وأن يبارك فيه، إنه سميع مجيب.
ـ[الخطيب]ــــــــ[24 Apr 2004, 10:51 م]ـ
رد الشبهات عن الفصل الثاني
يقول جون جلكرايست:
إذا كان محمد قد ترك بالفعل نصا كاملا و مجموعا كما يزعم العلماء المسلمون (عبد القادر عبد الصمد مثلا‚ انظر الفصل 6) فلماذا كانت هناك حاجة إلى جمعه بعد وفاته؟
التحليل والنقد
ينبغي هنا التفريق بين مسألتين:
هل ترك النبي صلى الله عليه وسلم نصا كاملا؟
والجواب عن بالإيجاب بلا مراء، ولسنا بحاجة إلى تقديم أدلة لأن الشأن في هذا قاطع واضح وعلى النافي تقديم أدلته، فالمثبت هنا مقدم على النافي، خصوصا أن المثبت مؤيد بالماضي والحاضر حيث نقل إلينا هذا القرآن كاملا متواترا دون زيادة أو نقصان ولا زال الحاضر يدعم ذلك بقوة، وليختبرنا المختبرون بزيادة حرف في القرآن أو نقصه ليعرف بعدها كيف سينكشف حاله ويفتضح أمره.
وأما الشق الثاني
هل ترك النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مجموعا في مكان واحد وليكن هذا المكان بيوته صلى الله عليه وسلم كما ذكر بعض العلماء (ينظر: مناهل العرفان 1/ 240) ويشير إليه كلام الحارث المحاسبي في فهم السنن الذي قال فيه: كتابة القرآن ليست بِمحدثةٍ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مُفَرَّقًا في الرِّقاع والأكتاف والعُسُب، فإنَّما أمر الصِّدِّيق بنسْخِها من مكانٍ إلى مكانٍ مجتمعًا، وكان ذلك بِمنْزلة أوراقٍ وُجِدت في بيت رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشرٌ، فجمَعَها جامعٌ وربطها بخيطٍ، حتى لا يضيع منها شيءٌ. أ.هـ
والجواب – من وجهة نظري - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات والقرآن الكريم غير مجموع في مكان واحد لا في بيته ولا خارجه وأدلتي على ذلك متعددة سأسردها بعد نقل خبر جمع القرآن في عهد أبي بكر كما هو في صحيح البخاري:
بالسند المتصل أخرج البخاري في صحيحه: " أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ t ، وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ، قال: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقال: أَبُو بَكْرٍ إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقال: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ. قال: أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ r ؟ فَقال: عُمَرُ هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ. قال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لاَ يَتَكَلَّمُ. فَقال أَبُو بَكْر: ٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلاَ نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ r ، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ r ؟ فَقال أَبُو بَكْر: ٍ هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ. فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِه:} لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ {إِلَى آخِرِهِمَا. وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ
(يُتْبَعُ)
(/)
حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَر " (البخاري، كتاب تفسير القرآن باب {لقد جاءكم رسول من أنفسكم})
ومن خلال هذا الخبر وغيره نستنتج صحة دعوى عدم جمع القرآن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وهاكم الأدلة:
أولا- لو كان هذا الكلام صحيحا لكان القرآن مجموعا بالفعل ولما استنكر كل من أبى بكر وزيد فكرة الجمع حين عرضت عليهما للوهلة الأولى قبل المراجعة والإقناع حيث قال أبو بكر لعمر:" كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ r ؟ " وقال زيد لأبي بكر وعمر: " كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ r ؟ "
وفي توجيه ذلك يقول القاضي أبو بكر في نكت الانتصار: وجهُ ذلك – أي وجه هذا الاعتراض- أنَّهما لم يَجدا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بلغ في جمعه إلى هذا المقدار، بل كان في الأكتاف والعُسُب، ... ، إلى أن تُوُفِّي صلى الله عليه وسلم والحال على ذلك، فكَرِهَا أن يَجمعاه على وجهٍ يُخالف ذلك؛ كراهةَ أن يُحِلاَّ أنفسهما مَحلَّ مَنْ تَجَاوَزَ احتياطُه للقرآن احتياطَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا نبهَّه عمرُ وخوَّفه من تغيُّر القرآن، وأنَّ فِعْلَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ليس على وجه الوجوب، ولا تركُهُ لِما تَرَكَ منه على وجه الوجوب، رَأَيَا صوابَ ذلك الرأي فَسَارَعَا إليه. أ.هـ
قلت – أنا العبد الفقير -:
هذا الكلام يبدو عليه التكلف ويتجاهل إلى حد كبير ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من حصافة وقدرة على الاجتهاد وبعد النظر فلا يليق أن يعترض كل من أبي بكر وزيد على فكرة الجمع لا لسبب إلا لأن المكتوب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في العسب واللخاف والمطلوب منهما أن يجمعاه في صحف متساوية فماذا في ذلك من مخالفة والذي يراجع تاريخ الصحابة يجد أنهم قد اجتهدوا في مسائل عديدة حتى في حياة النبي صلى الله علي وسلم في جرأة ووعي يحسب لهم فعندما قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب: " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " (أخرجه البخاري) فهم كثير من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم قد قصد بذلك حثهم على الإسراع إلى النيل من بني قريظة وليس معناه أنه لو أدركتهم صلاة العصر وهم في طريقهم إلى بني قريظة فعليهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها حتى يصلوا إلى بني قريظة فيصلوها هنالك وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بصنيعهم هذا فلم يعنفهم.
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد الصحابة في مسائل عديدة وليس أجرأ من أن يلغي عمر رضي الله عنه سهم المؤلفة قلوبهم من مستحقي الزكاة مع ورود ذلك في القرآن، وأن يعطل حد السرقة في عام الرمادة وأن يقوم أبو بكر بمقاتلة مانعي الزكاة مع تذكير عمر إياه بقول النبي صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله " لكن أبا بكر يصر على مقاتلتهم ويقول: " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه." (أخرجه مسلم)
· وفي رأيي أن مرجع اعتراض كل من أبي بكر وزيد على فكرة الجمع نفسه هو لأن الفكرة في الأصل لم تكن مسبوقة وليس بسبب اختلاف شكل الجمع وهيئته
ثانيا – قول زيد: " فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. " ولما أعلن زيد عن ثقل هذه المهمة التي أوكلت إليه لكن كل ذلك قد حدث فهو إذن قرينة على أن المكتوب ما كان يوضع في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على الأقل لم يوضع كله بل كان مفرقا عند الصحابة الكتبة سواء منهم من كانوا يكتبون لخاصة أنفسهم أو من كانوا يكتبون بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثا – يدل لذلك أيضا قول زيد " فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ" (البخاري، كتاب تفسير القرآن باب {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}) إذ لو كان القرآن مجموعا في مكان واحد لما كانت هناك حاجة للتتبع بل لما كانت هناك حاجة إلى هذا الجمع البكري من أصله فكان يكفي النسخ من هذه الأشياء الموجودة في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون حاجة إلى إشهاد للوثوق بما في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بالإشهاد وهو متوفر عن طريق الكتبة والمتعلمين.
رابعا- قال السيوطي في الإتقان: قال الدير عاقولي في فوائده: حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد عن زيد بن ثابت قال: قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع في شيء.
فهذه الرواية نص في صحة الدعوى
خامسا- أخرج ابن أبي داود بسند حسنٍ عن عبْدِ خَيْرٍ عن علِيٍّ t قال: " رحمةُ اللهِ على أبي بكرٍ؛ كانَ أعظمَ الناسِ أجرًا في جمع المصاحفِ، وهو أوَّل من جمع بين اللَّوْحَيْن ِ"
وهي رواية قاطعة بأن أبا بكر أول من جمع القرآن
والحاصل أن جمع القرآن بمعنى جمع متفرقه مكتوبا فى مكان واحد كان أول ما كان فى عهد الصديق رضى الله عنه مع يقيننا بأن القرآن كله قد كتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه لم يجمع ما كتب كله لا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في بيت غيره من الصحابة لعدم الحاجة إلى ذلك من جهة ولطبيعة النزول المنجم للآيات داخل سورها من جهة أخرى، وقد تنبه إلى ذلك كثير من العلماء منهم القسطلاني الذي قال (في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (7/ 446): " وقد كان القرآن كله مكتوبًا في عهده صلى الله عليه وسلم، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور " وأكد عليه الدكتور محمد عبد الله دراز حين قال في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم ص 35: وكما أن الرسول لم يكن عنده شيء مكتوب فلم يكن عند الأفراد في هذه الحقبة نسخة واحدة كاملة من القرآن وإنما كانت المخطوطات متفرقة ومبعثرة بين المؤمنين أ. هـ
أعتقد أن هذا الرأي مدعوم بأدلة كافية، إضافة إلى أنه يجنبنا مغبة القول بتعدد مرات الجمع التي تسدي إلى المشتبه المغرض معروفا كبيرا لأنها توحي بأن الجمع لم يكتمل في أي مرة من المرات ولذا احتيج إلى إعادته أكثر من مرة
ففي رأيي – والله أعلم – أن القول بأن القرآن الكريم قد جمع ثلاث مرات أغلوطة يجب أن ننزه عنها أقلامنا وألستنا صيانة وحفظا لكتاب ربنا من عبث العابثين وطعن الطاعنين، فما تم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو تدوين للقرآن في مواد خام أولية منها العسب واللخاف وجريد النخل .... إلخ بدون جمع في مكان واحد، وأما عثمان رضي الله عنه فقد نسخ مصاحفه من مصحف أبي بكر ولم يقم بجمع القرآن فلماذا يجمع ما هو مجموع؟
فكم يروقني القول بأن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على مصحفه الذي نسخه بهيئة استوعبت ما احتمله الرسم من الأحرف السبعة، لا أنه جمع القرآن في مصحفه حيث هو مجموع من عهد أبي بكر رضي الله عنه، ومن ثم لا يبقى خالصا إلا جمع واحد للقرآن هو الجمع البكري فالقرآن جمع مرة واحدة لا مرات ثلاث والله أعلم
ومن ثم أقترح حال حديثنا عن تاريخ تدوين القرآن وكتابته أن نعتمد هذا النسق:
· تدوين القرآن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم
· جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه
· نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه
عوضا عن هذا النسق:
· جمع القرآن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم
· جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه
· جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه
لي عودة بمشيئة الله لتتمة المناقشة
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Apr 2004, 04:13 ص]ـ
قال المنصر جلكرايست ..
في نفس السياق نعرف من خلال أقدم ما دُوِّن حول جمع القرآن في خلافة أبي بكر أنه لم يكن هناك أي تمييز بين ما كتب من القرآن تحت إمرة محمد أو غيره من المصادر و لا شيء يوحي بأن زيدا اعتمد على الأول دون الثاني.
فهل هناك ما يناقض قوله هذا؟؟ و بفرض صحته فما هو الرد عليه؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 May 2004, 01:53 ص]ـ
للرفع رفع الله أقداركم!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Jun 2004, 12:07 ص]ـ
كاتب الرسالة الأصلية: د. هشام عزمي
للرفع رفع الله أقداركم!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[سليمان داود]ــــــــ[07 Jun 2004, 02:05 م]ـ
للرفع رفع الله أقداركم!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[معاذ الرفاعي]ــــــــ[07 Jun 2004, 04:03 م]ـ
اسمحوا لي باقتراح تنظيمي لتتم الفائدة إن شاء الله
ماذا لورشحتم محررا من البداية يقرأ الفصل ويحرر الشبهات الواردة فيه شبهة شبهة وحبذا لوتكون مرقمة ليسهل الرجوع إليها أثناء المناقشات، وتكون مهمة المحرر أيضا تحرير الردود وتنسيقها، ولا شك إن مهمة المحرر مهمة شاقة لكنها أساسية ومحورية فيما أرى
فما رأيكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[24 Jun 2005, 09:36 م]ـ
فعلا ما رأيكم؟؟(/)
آراء المفسرين في عقيدة التثليث .. دراسة في تفاسير الرازي وابن عاشور وسيد قطب
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2004, 11:00 ص]ـ
هذا مقال جيد أحببت تقريبه للإخوة في هذا الملتقى, من موقع: الإسلام اليوم.
--------------------
* آراء المفسرين في عقيدة التثليث
دراسة في تفاسير الرازي وابن عاشور وسيد قطب (1/ 4)
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3347
--------------------
* آراء المفسرين في عقيدة التثليث
دراسة في تفاسير الرازي وابن عاشور وسيد قطب 2/ 4
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3364
--------------------
* آراء المفسرين في عقيدة التثليث
دراسة في تفاسير الرازي وابن عاشور وسيد قطب 3/ 4
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3392
-------------------
* آراء المفسرين في عقيدة التثليث
دراسة في تفاسير الرازي وابن عاشور وسيد قطب 4/ 4
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=71&catid=73&artid=3424
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Jun 2008, 02:33 م]ـ
الشيخ نايف: هل تتكرم بنقله هنا بدلاً من الاحالة.(/)
كتاب (شبهات حول القران الكريم) بقلم د. محمد عمارة
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 May 2004, 09:09 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،،
كتاب (شبهات حول القران الكريم) بقلم د. محمد عمارة هو كتاب صغير الحجم عظيم الفائدة تتبع فيه مؤلفه عشر شبهات من موهمات التناقض في القرآن و فندها بأسلوب علمي و عقلي سليم متتبعاً آثار من سبقه من العلماء و المفسرين خاصة القرطبي و الزمخشري و محمد عبده مما يعكس انتماءه إلى المدرسة الفكرية التي كان جل همها التصدى لشبهات أعداء الإسلام من منصرين و ملاحدة.
و الكتاب أضعه هنا على حلقات متتابعة حسب ما يتاح لي من وقت لكتابته على الجهاز و بالله التوفيق.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 May 2004, 09:11 ص]ـ
شبهات حول القرآن الكريم
د. محمد عمارة
تقديم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين، و على آله و صحابته أجمعين، و من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
و بعد. .
فلقد تذكرت، عندما قرأت الأسئلة العشرة، التي تدور حول "شبهات" يثيرها خصوم الإسلام، أو الجاهلون بحقيقته، إزاء القرآن الكريم. . . تذكرت سنة الله، التي لا تبديل لها و لا تحويل. . سنة التدافع الفكري بين الحق و الباطل علىامتداد التاريخ الإنساني، عبر الثقافات و الحضارات. .
هذا التدافع الفكري هو السبيل الحافز لتبليغ دعوة الحق، و إقامة الحجة على صدقها، و إزالة الشبهات عنها. . و في ذلك أداءللفريضة التي افترضها الله، سبحانه و تعالى، على كل الذين أنعم عليهم بنعمة الإسلام.
بل إن هذا التدافع الفكري هو السبيل لتنشيط ملكات و طاقات العقل المسلم، كي يواكب المستجدات في ميادين هذا التدافع. . فلكل عصر شبهاته، و لكل مذهب من المذاهب الضالة سهامه التي يصوبها نحو الحق و أهله. . و صدق الله العظيم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (الأنعام: 112).
و المسلمون إذا لم يهتموا بالنظر في الشبهات التي يثيرها الخصوم - المغرضون منهم و الخصوم - حول القرآن و علومه، و السنة النبوية و علومها، و الإسلام و حضارته و أمته، سيصاب عقلهم بالكسل و التبلد، و ستغلبهم الشبهات الباطلة، الأمر الذي يزعزع يقينهم الإيماني. . و ذلك فضلاً عن تفريطهم في فريضة إقامة الدين، و تبليغ دعوته، و إقامة حجته، و إزالة الشبهات عن عقائده و شريعته و مبادئه و قيمه. .
و لقد علمنا القرآن الكريم أن هذا التدافع الفكري هو السبيل للتقدم، و انتصار الحق على الباطل، و حلول الصلاح محل الفساد {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة: 251)، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الححج: 40)، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 33،34)
كذلك يعلمنا القرآن الكريم ضرورة الاهتمام بما يثيره الآخرون حول الإسلام، و انظر فيه، و دفع باطله بالحق الذي نتعلمه من فقه الإسلام. . فالقرآن لم يتجاهل الشبهات التي أثارها المشركون ضده - فضلاَ عن أن يصادرها - و إنما تتبعها، و ذكرها في سوره و آياته، و قام بتفنيدها، حتى ما كان منها متهافتاً. . استوت في ذلك شبهاتا أهل الكتاب - من اليهود و النصارى - مع شبهات المشركين و الدهريين. . لقد كان القرآن الكريم هو الذي يسعى لاستنطاق الخصوم ما لديهم من "علم" أو "أثارة من علم" أو "برهان" على هذا الذي يعتقدون: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} (الأنعام: 148)، {السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الأحقاف: 4)، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: 111).
بينما كان مذهب المشركين و منهاجهم هو التجاهل و عدم الاستماع و الصد و الصدود عن سماع القرآن. . كانوا يقولون لأتباعهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت: 26).
لذلك كله، كان إقبالي على الإجابة عن هذه الأسئلة العشرة - التي قدمت نماذج متنوعة لما يثار حول القرآن الكريم من شبهات - لوناً من أداء الواجب الجامع بين المهمة العلمية و الرسالة الدينية معاً. .
و أرجو الله، سبحانه و تعالى، أن يكون الصواب حليفي في هذه الإجابات. . و ان يجعل الجهد الذي بذلته في ميزان حسناتي، و ميزان حسنات الذين يفقهون هذه الإجابات على هذه الشبهات. . إنه سبحانه أعظم مسئول و أكرم مجيب.
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه من والاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 May 2004, 09:14 ص]ـ
يعطي القرآن معلومات مختلفة عن خلق الإنسان. . من ماء مهين (77: 20) (1) من ماء (21: 30). . من نطفة (36: 77). . من طين (32: 7). . من علق (96: 2). . من حمأ مسنون (15: 27). . و لم يك شيئاً (19: 67).
فكيف يكون كل ذلك صحيحاً في نفس الوقت؟
الجواب:
ليس هناك أدنى تناقض - بل و لا حتر شبهة تناقض - بين ما جاء في القرآن الكريم من معلومات عن خلق الإنسان. . و حتى يتضح ذلك، يلزم أن يكون هناك منهج علمي في رؤية هذه المعلومات، التي جاءت في عديد من آيات القرآن الكريم. . و هذا المنهج العلمي يستلزم جمع هذه الآيات. . و النظر إليها في تكاملها. . مع التمييز بين مرحلة خلق الله للإنسان الأول - آدم عليه السلام - و مرحلة الخلق لسلالة آدم، التي توالت و تكاثرت بعد خلق حواء، و اقترانها بآدم، و حدوث التناسل عن طريق هذا الاقتران و الزواج.
لقد خلق الله، سبحانه و تعالى، الإنسان الأول - آدم _ فأوجده بعد أن لم يكن موجوداً. . أي أنه أصبح "شيئاً" بعد ان لم يكن "شيئاً" موجوداً. . و إنما كان وجوده فقط في العلم الإلهي. . و هذا و معنىالآية الكريمة: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} (مريم: 67).
أما مراحل خلق الله، سبحانه و تعالى، لآدم. . فلقد بدأت ب (التراب) الذي أضيف إليه (الماء) فصار (طيناً) ثم تحول هذا الطين إلى (حمأ) أي أسود منتن، لأنه تغير - و المتغير هو (المسنون) - فلما يبس هذا الطين - من غير أن تمسه النار - سمى (صلصالاً) - لأن الصلصال هو الطين اليابس - من غير ان تمسه نار - و سمى صلصالاً لأنه يصل، أي يصوت، من يبسه - أي له صوت و رنين. .
و بعد مراحل الخلق هذه - التراب. . فالماء. فالطين. . فالحمأ المسنون. . فالصلصال. . نفخ الله، سبحانه و تعالى، في مادة الخلق هذه من روحه، فغدا هذا المخلوق "إنساناً" هو آدم، عليه السلام.
و عن هذه المراحل تعبر الآيات القرآنية فتصور تكامل المراحل - و ليس التعارض المتوهم و الموهوم - فتقول هذه الآيات الكريمة: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} (آل عمران: 59) - فبالتراب كانت البداية.
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} (السجدة: 7)، و ذلك عندما أضيف الماء إلى التراب {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} (الصافات: 11) - و ذلك عندما زالت قوة الماء عن الطين فأصبح "لازباً"، أي جامداً. .
و في مرحلة تغير الطين، و اسوداد لونه، و نتن رائحته، سمي (حمأ مسنوناً)، لأن الحمأ هو الطين الأسود المنتن.
و المسنون هو المتغير بينما الذي (لم يتسنه) هو الذي لم يتغير. . و عن هذه المرحلة عبرت الآيات: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)} (الحجر: 26 - 35) (2).
تلك هي مراحل خلق الإنسان الأول، توالت فيها ة تتابعت و تكاملت المصطلحات: التراب. . و الماء. . و الطين. . و الحمأ المسنون. . و الصلصال. . دونما أي شبهة للتعارض أو التناقض. .
و كذلك الحال و المنهاج مع المصطلحات التي وردت بالآيات القرآنية التي تحدثت عن خلق سلالة آدم عليه السلام. .
(يُتْبَعُ)
(/)
فكما تدرج خلق الإنسان الأول - آدم - من التراب. . إلى الطين. . إلى الحمأ المسنون. . إلى الصلصال. . حتى نفخ الله فيه من روحه. . كذلك تدرج خلق السلالة و الذرية. . بدءاً من (النطفة) - التي هي الماء الصافي - و يعبر بها عن ماء الرجل - (المني) -. . إلى (العلقة) - التي هي الدم الجامد، الذي يكون منه الولد، لأنه يعلق و يتعلق بجدار الرحم. . إلى (المضغة) - و هي قطعة اللحم التي لم تنضح، و المماثلة لما يمضغ بالفم -. . إلى (العظام). . إلى (اللحم) الذي يكسو العظام. . إلى (الخلق الاخر) الذي اصبح - بقدرة الله - في أحسن تقويم (3).
و من الآيات التي تحدثت عن توالي و تكامل هذه المراحل في خلق و تكوين نسل الإنسان الأول و سلالته، قول الله، سبحانه و تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (الحج: 5).
و قوله، سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون: 12 - 14).
و إذا كانت (النطفة) هي ماء الرجل. . فإنها عندما تختلط بماء المرأة، توصف بأنها (أمشاج) - أي مختلطة - كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان: 2).
كما توصف هذه (النطفة) بأنها (ماء مهين) لقلته و ضعفه. . و إلى ذلك تشير الآيات الكريمة: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة: 7 - 8).
{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} (المرسلات: 20 - 23).
و كذلك، وصفت (النطفة) - أي ماء الرجل - بأنه (دافق) لتدفقه و اندفاعه. . كما جاء في الآية الكريمة: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} (الطارق: 5 - 7).
هكذا عبر القرآن الكريم عن مراحل الخلق. . خلق الإنسان الأول. . و خلق سلالات و ذريا هذا الإنسان. . و هكذا قامت مراحل الخلق، و مصطلحات هذه المراحل، شواهد على الإعجاز العلمي للقرآن الكريم. . عندما جاء العلم الحديث ليصدق على هذه المراحل و مصطلحاتها، حتى لقد انبهر بذلك علماء عظام فاهتدوا إلى الإسلام. .
فكيف يجوز - بعد ذلك و معه - أن يتحدث إنسان عن وجود تناقضات بين هذه المصطلحات. .
لقد صدق الله العظيم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء: 82).
-----------------------------------------------------------------
(1) الآيات التي تحدثت عن "الماء المهين" هي في السورة (32: 8) و (77: 20).
(2) انظر معاني المصطلحات الواردة في هذه الآيات في: الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد (المفردات في غريب القرآن) طبعة دار التحرير - القاهرة - سنة 1991م. و (لسان العرب) - لابن منظور - طبعة دار المعارف - القاهرة.
(3) انظر في معاني هذه المصطلحات (المفردات في غريب القرآن) - مصدر سابق.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[27 May 2004, 04:59 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
يوضح القرآن أن الله لا يغفر أن يشرك به (4: 48). و مع ذلك فقد غفر الله لإبراهيم، عليه السلام، بل جعله نبياً رغم أنه عبد النجوم و الشمس و القمر (6: 86 - 78). فما الإجابة؟
الجواب:
الشرك محبط للعمل: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (الزمر: 64 - 66)، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء: 48).
و الأنبياء و الرسل هم صفوة الله من خلقه، يصطفيهم و يستخلصهم، و يصنعهم على عينه، و ينزهم - حتى قبل البعثة لهم و الوحي إليهم - عن الأمور التي تخل بجدارتهم للنبوة و الرسالة. . و من ذلك الشرك، الذي لو حدث منهم و اقترفوه لكان مبرراً لغيرهم أن يقترفه و يقع فيه. . و لذلك، لم يرد في القرآن الكريم ما يقطع بشرك أحد الأنبياء و الرسل قبل بعثته. . بمن في ذلك أبو الأنبياء و خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام. .
أما الآيات التي يشير إليها السؤال. . و هي قول الله، سبحانه و تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام: 74 - 83).
أما هذه الآيات، فليس فيها دليل على أن إبراهيم، عليه السلام، قد مر بمرحلة شرك، و حاشا له أن يقع في ذلك، و إنما هي تحكي كيف آتى الله إببراهيم الحجة على قومه. . حجة التوحيد، و دحض الشرك. . فهي حجاج و حوار يسلم فيه إبراهيم جدلاً - كشأن الحوار - بما يشركون؛ لينقض هذا الشرك، و يقيم الحجة على تهاوي ما به يحتجون، و على صدق التوحيد المركوز في فطرته. . ليخلص من هذا الحوار و الحجاج و الاحتجاج إلى أن الخيار الوحيد المتبقي - بعد هذه الخيارات التي سقطت - هو التوحيد. . فهو حوار التدرج من توحيد الفطرة إلى التوحيد القائم على المنطق و البرهان و الاستدلال، الذي فند دعاوى و حجج الخصوم. . الاستدلال اليقيني - {و ليكون من الموقنين} - و ليس فيه انتقال من الشرك إلى التوحيد. . تلك هي الحقيقة التي رجحجها المفسرون:
فالقرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (671ه 1273م) يقول في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) - مورداً الآراء المختلفة حول هذا الموضوع:
"قوله تعالى: "قال هذا ربي " اختلف في معناه على أقوال؛ فقيل: كان هذا منه في مهلة النظر وحال الطفولية وقبل قيام الحجة؛ وفي تلك الحال لا يكون كفر ولا إيمان ...
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال قوم: هذا لا يصح؛ وقالوا: غير جائز أن يكون لله تعالى رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله تعالى موحد وبه عارف، ومن كل معبود سواه بريء. قالوا: وكيف يصح أن يتوهم هذا على من عصمه الله وآتاه رشده من قبل، وأراه ملكوته ليكون من الموقنين، ولا يجوز أن يوصف بالخلو عن المعرفة، بل عرف الرب أول النظر. قال الزجاج: هذا الجواب عندي خطأ وغلط ممن قال؛ وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم أنه قال: "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " "إبراهيم: 35 " وقال جل وعز: "إذ جاء ربه بقلب سليم " "الصافات: 84 " أي لم يشرك به قط. . .
لقد قال "هذا ربي " على قول قومه؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر؛ ونظير هذا قوله تعالى: "أين شركائي " "النحل: 27 " وهو جل وعلا واحد لا شريك له. والمعنى: ابن شركائي على قولكم. . .
وقيل: إنما قال " هذا ربي " لتقرير الحجة على قومه فأظهر موافقتهم؛ فلما أفل النجم قرر الحجة وقال: ما تغير لا يجوز أن يكون ربا. وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها ويحكمون بها. وقال النحاس: ومن أحسن ما قيل في هذا ما صح عن ابن عباس أنه قال في قول الله عز وجل: " نور على نور " [النور: 35] قال: كذلك قلب المؤمن يعرف الله عز وجل ويستدل عليه بقلبه، فإذا عرفه أزداد نورا على نور؛ وكذا إبراهيم عليه السلام عرف الله عز وجل بقلبه واستدل عليه بدلائله، فعلم أن له ربا وخالقا. فلما عرفه الله عز وجل بنفسه ازداد معرفة فقال: " أتحاجوني في الله وقد هدان " [الأنعام: 80].
وقيل: هو على معنى الاستفهام والتوبيخ، منكرا لفعلهم. والمعنى: أهذا ربي، أو مثل هذا يكون ربا؟ فحذف الهمزة. وفي التنزيل " أفإن مت فهم الخالدون " [الأنبياء: 34] أي أفهم الخالدون؟ ... " (1)
و مع هذا الرأي ايضاً الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (467 - 538ه/1075 - 1144م) صاحب تفسير (الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل). . الذي يقول في تفسير هذه الايات:
"وكان أبوه آزر وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن ينبههم على الخطأ في دينهم، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤدّ إلى أن شيئاً منها لا يصحّ أن يكون إل?هاً، لقيام دليل الحدوث فيها، وأن وراءها محدثاً أحدثها، وصانعاً صنعها، مدبراً دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها.
{هَـ?ذَا رَبّى} قول من ينصف خصمه مع علمه بأنه مبطل، فيحكي قوله كما هو غير متعصب لمذهبه. لأن ذلك أدعى إلى الحق وأنجى من الشغب، ثم يكرّ عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة.
{لا أُحِبُّ ?لأفِلِينَ} لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال، المتنقلين من مكان إلى آخر، المحتجبين بستر، فإنّ ذلك من صفات الأجرام.
{لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى} تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إل?هاً وهو نظير الكوكب في الأفول، فهو ضال، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه.
{إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ?لسَّمَـ?و?تِ وَ?لأرْضَ} أي للذي دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها." (2)
و على هذا الرأي أيضاً - من المحدثين - الشيخ عبد الوهاب النجار (1278 - 1360ه/1862 - 1941م) - صاحب (قصص الأنبياء) - الذي يقول: "لقد أتى إبراهيم في الاحتجاج لدينه و تزييف دين قومه بطريقة التدرج في الإلزام، أو التدرج في تكوين العقيدة. ." (3).
ذلك هو موقف إبراهيم الخليل، عليه السلام، من الشرك. . لقد عصمه الله منه. . و إنما هي طريقة في الجدال يتدرج بها مع قومه، منطلقاً من منطلقاتهم؛ ليصل بهم إلى هدم هذه المنطلقات، و إلى إقامة الدليل العقلي على عقيدة التوحيد الفطرية المركوزة في القلوب.
----------------------------------------------------------------------
(1) (الجامع لأحكام القرآن) ج7 ص25، 26. طبعة دار الكتاب العربي للطباعة و النشر – القاهرة سنة 1387 ه سنة 1967 م.
(2) (الكشاف) ج2 ص30، 31 طبعة دار الفكر – بيروت – بدون تاريخ – و هي طبعة مصورة عن طبعة طهران "انتشارات آفتاب – طهران" – و هي الأخرى بدون تاريخ للطبع.
(3) (قصص الأنبياء) ص80. طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان – بدون تاريخ للطبع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[04 Jun 2004, 04:02 م]ـ
يؤكد القرآن أنه لا يمكن للملائكة أن تعصى الله (66: 6) و مع ذلك فقد عصى إبليس الذي كان من الملائكة، كما في الآية (2: 34) فأيهما صحيح؟
الجواب:
الملائكة مخلوقات مجبولة على طاعة الله و عبادته و التسبيح له و به. . فم لا يعصون الله، سبحانه و تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6).
و مع تقرير هذه الآية أن هؤلاء الملائكة القائمين على النار {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. . يقرر القرآن الكريم أن إبليس - و هو من الملائكة - في قمة العصيان و العصاة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (البقرة: 34).
و هناك إمكانية للجمع بين معاني الآيتين، و ذلك بأن نقول: إن عموم الملائكة لا يعصون الله، سبحانه و تعالى، فهم مفطورون و مجبولون على الطاعة. . لكن هذا لا ينفي وجود صنف هم الجن - و منهم إبليس، شملهم القرآن تحت اسم الملائكة - كما وصف الملائكة أيضاً بأنهم جنة - لخفائهم ز استتارهم -. . و هذا الصنف من الجن، منهم الطائعون ز منهم العصاة. .
و في تفسير الإمام محمد عبده (1265 - 1323ه/1849 - 1905م) لآية سورة البقرة: 34 - يقول:
"أي سجدوا إلا إبليس، و هو فرد من أفراد الملائكة، كما يفهم من الآية و أمثالها في القصة، إلا أن آية الكهف فإنها ناطقة بأنه كان من الجن. . و ليس عندنا دليل على أن بين الملائكة و الجن فصلاً جوهرياً يميز أجدهما عن الآخر، و و إنما هو اختلاف أصناف، عندما تختلف أوصاف. فالظاهر ان الجن صنف من الملائكة. و قد اطلق القرآن لفظ الجنة على الملائكة، على رأي جمهور المفسرين في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} (الصافات: 158) و على الشياطين في آخر سورة الناس" (1).
و نحن نجد هذا الرأي أيضاً عند القرطبي - في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) - فيقول:
" وقال سعيد بن جبير: إن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم، وخلق سائر الملائكة من نور. . والملائكة قد تسمى جنا لاستتارها، وفي التنزيل: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً} (الصافات: 158)، وقال الشاعر في ذكر سليمان عليه السلام:
وسخر من جن الملائك تسعة:: قياما لديه يعملون بلا أجر " (2)
فلا تناقض إذاً بين كون الملائكة لا يعصون الله. . و بين عصيان إبليس - و هو من الجن، الذين أطلق عليهم اسم الملائكة - فهو مثله كمثل الجن هؤلاء منهم الطائعون و منهم العصاة.
--------------------------------------------------------------------------
(1) (الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده) ج4 ص133. دراسة و تحقيق: د. محمد عمارة. طبعة دار الشروق. القاهرة سنة 1414ه سنة 1993م.
(2) (الجامع لأحكام القرآن) ج1 ص294 - 295 – مصدر سابق -.(/)
هل يصح هذا التفسير؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 May 2004, 01:08 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،،
ذكر المفسرون في تفسيرهم قوله تعالى: "واضرب لهم مثلاً اصحاب القرية اذ جاءها المرسلون. اذ ارسلنا اليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا انا اليكم مرسلون" (سورة يس:13 - 14) أن المرسلون هنا هم حواريي المسيح عليه السلام و أن المرسل هو المسيح. . .
قال البغوي:
" إذ أرسلنا إليهم اثنين " قال وهب: اسمهما يوحنا وبولس، " فكذبوهما فعززنا "، يعني: فقوينا، " بثالث "، برسول ثالث وهو شمعون، وقرأ أبو بكر عن عاصم: ((فعززنا)) بالتخفيف وهو بمعنى الأول كقولك: شددنا وشددنا، بالتخفيف والتثقيل، وقيل: فغلبنا، من قولهم: من عز بز. وقال كعب: الرسولان: صادق وصدوق، والثالث شلوم، وإنما أضاف الله الإرسال إليه لأن عيسى عليه السلام إنما بعثهم بأمره تعالى، " فقالوا " جميعاً لأهل أنطاكية، " إنا إليكم مرسلون ".
قال القرطبي:
قوله تعالى: "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أمر أن يضرب لقومه مثلا بأصحاب القرية هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فيما ذكر الماوردي. نسبت إلى أهل أنطبيس وهو اسم الذي بناها ثم غير لما عرب؛ ذكره السهيلي. ويقال فيها: أنتاكية بالتاء بدل الطاء. وكان بها فرعون يقال له أنطيخس بن أنطيخس يعبد الأصنام؛ ذكره المهدوي، وحكاه أبو جعفر النحاس عن كعب ووهب. فأرسل الله إليه ثلاثة: وهم صادق، وصدوق، وشلوم هو الثالث. هذا قول الطبري. وقال غيره: شمعون ويوحنا. وحكى النقاش: سمعان ويحيى، ولم يذكرا صادقا ولا صدوقا. ويجوز أن يكون "مثلا " و "أصحاب القرية " مفعولين لأضرب، أو "أصحاب القرية " بدلا من "مثلا " أي اضرب لهم مثل أصحاب القرية فحذف المضاف. أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار هؤلاء المشركين أن ما يحل بهم ما حل بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل. قيل: رسل من الله على الابتداء. وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله. وهو قوله تعالى: "إذ أرسلنا إليهم اثنين " أضاف الرب ذلك إلى نفسه؛ لأن عيسى أرسلهما بأمر الرب، وكان ذلك حين رفع عيسى إلى السماء.
و قال الشوكاني في قتح القدير:
والمرسلون: هم أصحاب عيسى بعثهم إلى أهل أنطاكية للدّعاءإلى الله، فأضاف الله سبحانه الإرسال إلى نفسه في قوله: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ ?ثْنَيْنِ}، لأن عيسى أرسلهم بأمر الله سبحانه، ويجوز: أن يكون الله أرسلهم بعد رفع عيسى إلى السماء، فكذبوهما في الرسالة، وقيل: ضربوهما، وسجنوهما. قيل: واسم الاثنين يوحنا، وشمعون. وقيل: أسماء الثلاثة: صادق، ومصدوق، وشلوم قاله ابن جرير، وغيره. وقيل: سمعان، ويحيى، وبولس.
فهل يصح هذا الفهم للآيات؟؟؟
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[25 May 2004, 08:19 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرحمن في تفسير هذه الآيات:
وتعيين تلك القرية لو كان فيه فائدة لعينها الله، فالتعرض لذلك وما أشبهه من باب التكلف والتكلم بلا علم، ولهذا إذا تكلم أحد في مثل هذا تجد عنده من الخبط والخلط والاختلاف الذي لا يستقر له قرار، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق وترك التعرض لما لا فائدة فيه وبذلك تزكو النفس ويزيد العلم من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها ولا حجة عليها ولا يحصل منها إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها. انتهى من كلامه
وقال الإمام الطبري رحمه الله:
القول في تأويل قوله تعالى: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية - ذكر أنها أنطاكية , {إذ جاءها المرسلون} اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل , وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية , فقال بعضهم: كانوا رسل عيسى ابن مريم , وعيسى الذي أرسلهم إليهم. ذكر من قال ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا بشر , قال: ثنا يزيد , قال: ثنا سعيد , عن قتادة {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} قال: ذكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية مدينة بالروم فكذبوهما , فأعزهما بثالث , {فقالوا إنا إليكم مرسلون}
حدثنا ابن بشار , قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن , قالا: ثنا سفيان , قال: ثني السدي , عن عكرمة {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية} قال: أنطاكية
وقال آخرون: بل كانوا رسلا أرسلهم الله إليهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد , قال: ثنا سلمة , قال: ثنا ابن إسحاق , فيما بلغه , عن ابن عباس , وعن كعب الأحبار , وعن وهب بن منبه , قال: كان بمدينة أنطاكية , فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس بن أبطيحس يعبد الأصنام , صاحب شرك , فبعث الله المرسلين , وهم ثلاثة: صادق , ومصدوق , وسلوم , فقدم إليه وإلى أهل مدينته , منهم اثنان فكذبوهما , ثم عزز الله بثالث ; فلما دعته الرسل ونادته بأمر الله , وصدعت بالذي أمرت به , وعابت دينه , وما هم عليه , قال لهم: {إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم}
انتهى من كلام الإمام الطبري
قلت: الأثر الأول حسن الإسناد وأما الثاني فصحيح الإسناد والثالث ضعيف لعدم ذكر الرواة بين ابن إسحاق وبين من روى عنهم.
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيرالآيات (26 - 29) من سورة (يس):
وقد تقدم عن كثير من السلف أن هذه القرية هي أنطاكية وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عند المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام كما نص عليه قتادة وغيره وهو الذي لم يذكر عن واحد من متأخري المفسرين غيره وفي ذلك نظر من وجوه " أحدها " أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عز وجل لا من جهة المسيح عليه السلام كما قال تعالى: " إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون - إلى أن قالوا - ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين " ولو كان هؤلاء من الحواريين لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح عليه السلام والله تعالى أعلم ثم لو كانوا رسل المسيح لما قالوا لهم " إن أنتم إلا بشر مثلنا " الثاني " أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح ولهذا كانت عند النصارى إحدى المدائن الأربعة اللاتي فيهن بتاركة وهن القدس لأنها بلد المسيح وأنطاكية لأنها أول بلدة آمنت بالمسيح عن آخر أهلها والإسكندرية لأن فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة والمطارنة والأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين. ثم رومية لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم وأوطده ولما ابتنى القسطنطينية نقلوا البترك من رومية إليها كما ذكره غير واحد ممن ذكر تواريخهم كسعيد بن بطريق وغيره من أهل الكتاب والمسلمين فإذا تقرر أن أنطاكية أول مدينة آمنت فأهل هذه القرية ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسله وأنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم والله أعلم. " الثالث " أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة وقد ذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغير واحد من السلف أن الله تبارك وتعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين ذكروه عند قوله تبارك وتعالى:" ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى " فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية كما أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضا أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظا في هذه القصة مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني حدثنا حسين الأشقر حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى عليه الصلاة والسلام يوشع بن نون والسابق إلى عيسى عليه الصلاة والسلام صاحب يس والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه " فإنه حديث منكر لا يعرف إلا من طريق حسين الأشقر وهو شيعي متروك والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. انتهى من كلام الحافظ ابن كثير
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 May 2004, 08:58 ص]ـ
الأخ الكريم الدكتور هشام عزمي
ما ذكره الأخ أبو بكر عن الشيخ السعدي هو القاعدة المثلى في المبهمات في القرآن، لكن ما الذي يشكل على تحديد الأسماء عندك، فالآيات واضحة بدون تحديد أسماء المرسلين ولا القرية التي أرسلوا لها.
ولو قيل: إنهم من ذكرهم المفسرون فما الذي يشكل؟
أرجو التكرم بوضع الإشكال الذي خطر لكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[25 May 2004, 09:12 ص]ـ
السلام عليكم
أظن أن الدكتورعزمي استبعد كون المرسلين المذكورين من حواريي عيسى عليه الصلاة والسلام لأن ظاهر الآية يدل على أنهم من رسل الله.
ولعل قول الإمام البغوي "هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فيما ذكر الماوردي" فهم منه الأخ الدكتورأن جميع المفسرين قبلوا القول بأن المرسلين المذكورين هم من أصحاب عيسى
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 May 2004, 02:50 م]ـ
صدقت أخي أبو بكر؛ فالتفسير لا يتفق و ظاهر الآيات و شعرت أثناء قراءته أن المفسرين اعتمدوا هذه الخرافات من أهل الكتاب ثم لووا أعناق الآيات لتناسب هذ الأساطير!!
و للعلم فهذه الروايات لا يعتمدها حتى النصارى فالمشهور عندهم أن المسيح لم ينشر دعوته خارج فلسطين و لم يذهب الحواريون لنشر دين المسيح - أو التكريز ببشارة الملكوت! - لدى غير اليهود إلا بعد رحيله .. فتأمل كم الخرافات التي دسها فسقة أهل الكتاب علينا ليسخروا منا و من علماءنا!!!
و هل يجوز عندنا ان يرسل المسيح الرسل إلى أهل أنطاكية و هو الذي أرسل إلى قومه من اليهود فقط؟؟؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 May 2004, 07:56 م]ـ
أخي الكريم الدكتور هشام
أحب أن لا تعجل عليَّ في مقالي هذا، فإني أريد أن نؤسس منهجًا لنقد الأخبار ـ خصوصًا الإسرائيليات ـ، ولقد أعجبني نظرك النقدي في كون عيسى عليه السلام كان مرسلاً لليهود، فكيف يبعث برسله إلى أنظاكية، وهم أهل وثن؟
هذا جميل جدًّا.
لكن يا أخي الكريم ألا ترى أن المنقول عنه في هذا مثل كعب الأحبار، وهو من هو في معرفة كتب أهل الكتاب، وكذا وهب بن منبه.
وهذان الرجلان ثقتان في نقلهما، وإنما يأتي الخطأ فيما ينقلونه عن أهل الكتاب لا أنهما يتعمدان الكذب أو الخطأ.
وما دام حُكي عنهما فلابدَّ من وجود هذا الخبر عندهم، وإن لم يقرَّ به المعاصرون منهم ـ إن كان أحدهم قد أنكره ـ فليس كل تاريخهم يعلمون، ولعلك على خُبْرٍ من أمر المائدة التي لا يعرفون عنها شيئًا، فما المانع أن يكون من أخبارهم مثل هذا الخبر؟ مع أني أقرُّ لك بصحة نقدك، لكن أقول: قد تكون القرية التي أرسل إليها المرسلون غير انطاكية، وهذا افتراض لا غير.
ثمَّ هل يتغير معنى الآية بحملها على هذا الخبر الذي نقدته أم لا؟
فإن كان يتغير المعنى، فإننا بحاجة إلى تحرير قصة الآية، والعناية بها لكونها تؤثر في فهم المعنى.
وقد قلت لك: إن معنى الآية بيِّن واضح بدون هذه القصة، ووجودها كعدمها من هذه الجهة.
لكن يبقى بحث تاريخيٌّ، وهو صحة وقوع هذا الحدث، والبحث التاريخي له مجال آخر، وله طريقة أخرى في نقده، ومنه الجزء الذي أشرتم إليه في نقدكم.
وأحب يا أخي الكريم أن نبتعد عن بعض العبارات، وأقصد بذلك (خرافات)، فإن المروي عنهم مثل هذا التفسير أعلام فضلاء، لا يمكن أن نتصور أن تنطلي عليهم الخرافات، فإن انطلت على واحد، فكيف تنطلي على جماعات متتالية جيلاً بعد جيل؟
فالتفسير الذي نقدتموه مروي عن جمع من أعلام الصحابة والتابعين وتابعيهم؛ كابن عباس وبريدة بن الحصيب وكعب ووهب بن منبه وعكرمة وقتادة والزهري وغيرهم ممن عاصرهم أو جاء بعدهم.
والبحث في هذا الموضوع ذو شجون، ولا يخفاكم ما ذكره ابن كثير من الخلاف بين العلماء في المراد بالرسل، وفي القرية التي بُعثوا إليها.
ومقصودي أن هذا الموضوع يحتاج إلى تحرير كما ذكرتم، وفيه إشكال من الجهة التي إليها أشرتم، لكن يا حبذا لو تخففنا من بعض العبارات، ولعل الله يوفق أحدنا لتحرير ذلك، إنه خير معين.
محبكم / مساعد الطيار.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 May 2004, 09:02 م]ـ
بسم الله. . .
حاشا الله أن أطعن في مسلم موحد، فما بالك بأئمة أجلاء في مقام وهب بن منبه و كعب الأحبار اللذين شهد لهما الصحابة بالثقة و الأمانة. اعتراضي هو على الروايات التي لا سبيل لتحقيقها أو معرفة صحتها في هذا الزمان أو حتى في زمن رواتها و التي اعتمدها مفسرونا بلا تحقيق و حشوا بها كتبهم!
(يُتْبَعُ)
(/)
أنا اتفق معك كل الاتفاق شيخي الجليل و لا اعترض على حرف واحد من كلامك و هذه الروايات لا بد أن يجري عليها قانون روايات أهل الكتاب: فما وافق كتابنا و سنة رسولنا قبلناه و ما خالفهما رفضناه و ما لم يوافق أو يخالف توقفنا فيه و لكن. . .
هل ثبت هذا الكلام سنداً عن ابن عباس؟
هل ثبت عن وهب بن منبه و هو الذي روي عنه روايتان متناقضتان؟؟
هذه روايات عن المسيح و النصارى فهل ينقل كعب الأحبار و وهب بن منبه - و هما إسرائيليان - من كتب النصارى أيضاً؟؟؟
عموماً هناك كلام نفيس بخصوص هذه الروايات وجدته لدى شيخ الإسلام في الجواب الصحيح ج1 ص251 - 255. . .
# الوجه الخامس أنه ليس في القرآن آية تنطق بأن الحواريين رسل الله بل ولا صرح في القرآن بأنه أرسلهم لكن قال في سورة يس {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتحذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون إني إذا لفي ضلال مبين إني آمنت بربكم فاسمعون قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون} (يس: 13 - 30).
فهذا كلام الله ليس فيه ذكر أن هؤلاء المرسلين كانوا من الحواريين ولا أن الذين أرسلوا إليهم آمنوا بهم وفيه أن هؤلاء القوم الذين أرسل إليهم هؤلاء الثلاثة أنزل الله عليهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون.
وقد ذكر طائفة من المفسرين أن هؤلاء كانوا من الحواريين وأن القرية أنطاكية وأن هذا الرجل اسمه حبيب النجار ثم إن بعضهم يقول إن المسيح أرسلهم في حياته لكن المعروف عند النصارى أن أهل إنطاكية آمنوا بالحواريين واتبعوهم لم يهلك الله أهل إنطاكية.
والقرآن يدل على أن الله أهلك قوم هذا الرجل الذي آمن بالرسل. وأيضا فالنصارى يقولون إنما جاءوا إلى أهل إنطاكية بعد رفع المسيح وأن الذين جاءوا كانوا اثنين لم يكن لهما ثالث قيل أحدهما شمعون الصفا والآخر بولص ويقولون إن أهل إنطاكية آمنوا بهم ولا يذكرون حبيب النجار ولا مجيء رجل من أقصى المدينة بل يقولون إن شمعون وبولص دعوا الله حتى أحيا ابن الملك فالأمر المنقول عند النصارى أن هؤلاء المذكورين في القرآن ليسوا من الحواريين وهذا أصح القولين عند علماء المسلمين وأئمة المفسرين وذكروا أن المذكورين في القرآن في سورة يس ليسوا من الحواريين بل كانوا قبل المسيح وسموهم بأسماء غير الحواريين كما ذكر محمد بن إسحاق قال سلمة بن الفضل كان من حديث صاحب يس فيما حدثني محمد بن إسحاق عن ابن عباس وعن كعب وعن وهب بن منبه أنه كان رجلا من أهل إنطاكية وكان اسمه حبيبا وكان يعمل الحرير وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام وكان منزله عند باب من أبواب المدينة يتاجر وكان مؤمنا ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيما يذكرون فيقسمه نصفين فيطعم نصفه عياله ويتصدق بنصفه وكان بالمدينة التي هو بها مدينة إنطاكية فرعون من الفراعنة يقال له إنطخس بن إنطنخس يعبد الأصنام صاحب شرك فبعث الله إليه المرسلين وهم ثلاثة صادق وصدوق وشلوم فقدم الله إليه وإلى أهل المدينة منهم اثنين فكذبوهما ثم عزز الله بالثالث.
(يُتْبَعُ)
(/)
وروى الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} لكي تكون الحجة عليهم أشد فأتوا أهل القرية فدعوهم إلى الله وحده وعبادته لا شريك له فكذبوهم فأتوا على رجل في ناحية القرية في زرع له فسألهم الرجل ما أنتم قالوا نحن رسل رب العالمين ارسلنا إلى أهل هذه القرية ندعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له قال لهم أتسألون على ذلك أجرا قالوا لا قال فألقى ما في يده ثم أتى أهل المدينة فقال: {يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون}
وهذا القول هو الصواب وأن هؤلاء المرسلين كانوا رسلا لله قبل المسيح وأنهم كانوا قد أرسلوا إلى إنطاكية وآمن بهم حبيب النجار فهم كانوا قبل المسيح ولم تؤمن أهل المدينة بالرسل بل أهلكهم الله تعالى كما أخبر في القرآن ثم بعد هذا عمرت إنطاكية وكان أهلها مشركين حتى جاءهم من جاءهم من الحواريين فآمنوا بالمسيح على أيديهم ودخلوا دين المسيح.
ويقال إن إنطاكية أول المدائن الكبار الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام وذلك بعد رفعه إلى السماء ولكن ظن من ظن من المفسرين أن المذكورين في القرآن هم رسل المسيح وهم من الحواريين وهذا غلط لوجوه:
منها أن الله قد ذكر في كتابه أنه أهلك الذين جاءتهم الرسل وأهل إنطاكية لما جاءهم من دعاهم إلى دين المسيح آمنوا ولم يهلكوا.
ومنها أن الرسل في القرآن ثلاثة وجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى والذين جاءوا من أتباع المسيح كانوا اثنين ولم يأتهم رجل يسعى لا حبيب ولا غيره.
ومنها أن هؤلاء جاءوا بعد المسيح فلم يكن الله أرسلهم وهذا كما أن الله ذكر في القرآن أنه أهلك أهل مدين بالظلة لما جاءهم شعيب وذكر في القرآن أن موسى أتاها وتزوج ببنت واحد منها فظن بعض الناس أنه شعيب النبي وهذا غلط عند علماء المسلمين مثل ابن عباس والحسن البصري وابن جريج وغيرهم كلهم ذكروا أن الذي صاهره موسى ليس هو شعيبا النبي وحكى أنه شعيب عمن لا يعرف من العلماء ولم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين كما بسطناه في موضعه
وأهل الكتاب يقرون بأن الذي صاهره موسى ليس هو شعيبا بل رجل من أهل مدين ومنهم من يقول إنها غير مدين التي أهلك الله أهلها والله أعلم.
وكذلك ذكر المفسرون في المرسلين هل أرسلهم الله أو أرسلهم المسيح قولين:
أحدهما أن الله هو الذي أرسلهم.
قال أبو الفرج ابن الجوزي وهذا ظاهر القرآن وهو مروي عن ابن عباس وكعب ووهب بن منبه قال وقال المفسرون في قوله {إن كانت إلا صيحة واحدة} أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة وصاح بهم صيحة واحدة فإذا هم ميتون لا يسمع لهم حس كالنار إذا أطفئت وذلك قوله {فإذا هم خامدون} أي ساكنون كهيئة الرماد الخامد.
ومعلوم عند الناس أن أهل إنطاكية لم يصبهم ذلك بعد مبعث المسيح بل آمنوا قبل أن يبدل دينه وكانوا مسلمين مؤمنين به على دينه إلى أن تبدل دينه بعد ذلك ومما يبين ذلك أن المعروف عند أهل العلم أنه بعد نزول التوراة لم يهلك الله مكذبي الأمم بعذاب من السماء يعمهم كما أهلك قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وفرعون وغيرهم بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار كما أمر بني إسرائيل على لسان موسى بقتال الجبابرة وهذه القرية أهلك الله أهلها بعذاب من السماء فدل ذلك على أن هؤلاء الرسل المذكورين في يس كانوا قبل موسى عليه السلام وأيضا فإن الله لم يذكر في القرآن رسولا أرسله غيره وإنما ذكر الرسل الذين أرسلهم هو وأيضا فإنه قال {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} فأخبر أنه أرسلهم كما أخبر أنه أرسل نوحا وموسى وغيرهما وفي الآية {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء} ومثل هذا هو خطاب المشركين لمن قال إن الله أرسله وأنزل عليه الوحي لا لمن جاء رسولا من عند رسول وقد قال بعد هذا {يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون} وهذا إنما هو في الرسل الذين جاءوهم من عند الله لا من عند رسله وأيضا فإن الله ضرب هذا مثلا لمن أرسل إليه محمدا يحذرهم أن ينتقم الله منهم كما انتقم من هؤلاء ومحمد إنما يضرب له المثل برسول نظيره لا بمن أصحابه أفضل منهم فإن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا أفضل من الحواريين باتفاق علماء المسلمين ولم يبعث الله
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد المسيح رسولا بل جعل ذلك الزمان زمان فترة كقوله {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل} وأيضا فإنه قال تعالى {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا} ولو كانوا رسل رسول لكان التكذيب لمن أرسلهم ولم يكن في قولهم إن أنتم إلا بشر مثلنا شبهة فإن أحدا لا ينكر أن يكون رسل رسل الله بشرا وإنما أنكروا أن يكون رسول الله بشرا وأيضا فلو كان التكذيب لهما وهما رسل الرسول لأمكنهما أن يقولا فأرسلوا إلى من أرسلنا أو إلى اصحابه فإنهم يعلمون صدقنا في البلاغ عنه بخلاف ما إذا كانا رسل الله وأيضا فقوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين} صريح في أن الله هو المرسل ومن أرسلهم غيره إنما أرسلهم ذلك لم يرسلهم الله كما لا يقال لمن أرسله محمد بن عبدالله أنهم رسل الله فلا يقال لدحية بن خليفة الكلبي أن الله أرسله ولا يقال ذلك للمغيرة بن شعبة وعبدالله بن حذافة وأمثالهما ممن أرسلهم الرسول وذلك أن النبي أرسل رسله إلى ملوك الأرض كما أرسل دحية بن خليفة إلى قيصر وأرسل عبدالله بن حذافة إلى كسرى وأرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس كما تقدم ذكر ذلك.
ومعلوم أنه لا يقال في هؤلاء إن الله أرسلهم ولا يسمون عند المسلمين رسل الله ولا يجوز باتفاق المسلمين أن يقال هؤلاء داخلون في قوله {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات}.
فإذا كانت رسل محمد لم يتناولهم اسم رسل الله في الكتاب الذي جاء به فكيف يجوز أن يقال إن هذا الاسم يتناول رسل رسول غيره والمقصود هنا بيان معاني القرآن وما أراده الله تبارك وتعالى بقوله {إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين}. هل مراد الله ورسوله محمد من أرسلهم الله أو من أرسلهم رسوله وقد علم يقينا أن محمد لم يدخل في مثل هذا فمن قال إن محمدا أراد بذلك من أرسله رسول فقد كذب على محمد عمدا أو خطأ. انتهى
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[25 May 2004, 09:06 م]ـ
السلام عليكم
المهم في مثل هذا المقام أن ننظر في الأسانيد وفي ألفاظ الروايات. فمثلا إذا نظرت إلى رواية كعب الأحبار ووهب بن منبه وابن عباس وجدت أنهم لم يقولو أنهم كانوا رسل المسيح بل كانوا رسل الله وإنما ذكروا أن القرية كانت أنطاكية. ومع هذا فهذا أسناد لا يعتمد عليه البتة. فبين ابن اسحاق وبين أصحاب الرواية انقطاع كبير. و ابن إسحاق مدلس كان يأخذ عن كل أحد ومن أجل ذلك تكلم فيه جماعة من النقاد إلا أن القول الوسط أنه صدوق في نفسه.
أما الروايتان عن عكرمة وقتادة فهي صحيحة لكن انظر ماذا قال قتادة. قال: ذكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية مدينة بالروم فكذبوهما , فأعزهما بثالث , {فقالوا إنا إليكم مرسلون}
فلم يجزم بصحة هذا القول. إنما قال "ذكر لنا"
وهذا نص ما قاله ابن جرير في الآية
القول في تأويل قوله تعالى: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}.
يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية- ذكر أنها أنطاكية، {إذ جاءها المرسلون} اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل، وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية، انتهى من كلامه
فهل أيد القول بأنها أنطاكية. ولم أر في تفسيره شيئا من كلامه يؤيد القول بأنم كانوا رسل المسيح عليه الصلاة والسلام.
أما كلام القرطبي فيظهر منه أنه ذهب الى أنهم كانوا رسل الله ثم ذكر أنه قيل أنهم كانوا رسل المسيح.
وأما الآخرين ممن ذكر أنهم قالوا شيئا من ذلك فلينظر في أسانيد الروايات فكما قال الإمام أحمد "ثلاثة ليس لها اسناد" ذكر منها التفسير. معنى كلامه أن أكثر الآثار التفسيرية من طرق لا يعتمد عليها.
وأيضاً مجرد ذكر أسمائهم لا يكفى لأنا قد نفهم من كلامهم - إن صح عنهم - غير الذي فهمه بعض المفسرين.
وعلى كل حال، هذا كله من الإسرائيليات التي ليس فيها حجة في الدين وإنما ذكر ليعرف.
وفي تفسير الآية (79) من سورة البقرة ذكر الإمام ابن كثير هذا الحديث:
وقال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتاب الله الذي أنزله على نبيه أحدث أخبار الله تقرءونه غضا لم يشب وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل عليكم رواه البخاري من طرق عن الزهري
وعزاه الشيخ أحمد شاكر إلى ثلاثة أماكن من البخاري مع الفتح (13/ 414,282؛ 5/ 515).
وقد أجاز لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرواية عنهم لكن بقيد، وهو "لا تصدقوهم ولا تكذبوهم" فما عرفنا كذبه لمخالفته كتاب الله ينبغي الانكار عليه كما فعل ابن عباس، ويدخل في هذا القسم شيء كثير من الإسرائيليات المذكورة في التفاسير. أما ما لا نعلم صدقه أو كذبه فلا بأس في نقله لكن ينبغي أن لا يصدق.
وللشيخ أحمد شاكر كلام جيد في شأن الإسرائيليات في مقدمة عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير وهم اختصاره لتفسير ابن كثير إلا أنني أرى أنه تشدد في الإنكار على ذكرها في التفاسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 May 2004, 09:21 م]ـ
الفارق بين المشاركتين 4 دقائق فقط:)
بارك الله في علمك أخي أبا بكر الأمريكي.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 May 2004, 12:36 ص]ـ
إخوتي الكرام:
لا يسعني إلا أن أُزجي لكم شكري على ما قدَّمتموه من فوائد نفيسة، بارك الله لكم في علمكم ووقتكم ومالكم وولدكم.
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[26 May 2004, 01:24 ص]ـ
وأنا إيضا استفدت من هذا الموضوع وخاصة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه أمعن النظر في هذه المسألة وبينه أكمل بيان لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله كما هو العادة عنده فرحمه الله وجزاه خيرا
وبارك الله فيكم جميعا
ـ[طالب معرفة]ــــــــ[26 May 2004, 10:55 ص]ـ
أشكر الإخوة الكرام على اجتهاداتهم الطيبة في مناقشة صحة تفسير الآية، إلا أنني أريد أن أنبه إلى أن تفسير المفسرين ما هو إلا اجنهادات قابلة للصواب والخطإ، وليست كلاما صحيحا مائة بالمائة، وهي مرتبطة بالسقف المعرفي الذي يوجد تحته المفسر، ولهذا فإن مناقشة هذا التفسير من طرف الإخوة كانت جيدة، تبينت من خلالها مجموعة من المحاذير في التفسير، ومنها محاولات الربط بين الآيات والشخصيات والأحداث التاريخية، التي لا قرينة في الآية عليها، وإنما هي مما يحفظه الرواة من ثقافة أهل الكتاب وكتبهم، وإن كلام ابن تيمية الذي أورده الدكتور الكريم واضح في المسألة.
إن الذي يحتاج إلى الوقوف والنظر والتدبر هو رسالة القرية في هذه الآيات، فهذا مثل يضرب للناس في شأن التعامل مع المرسلين ورسالتهم، فالله أرسل رسولين إلى قوم ما لم يحددهم القرآن، فكذبوهما فأضاف ثالثا لكن هؤلاء القوم لم يستجيبوا له هو الآخر، بدعوى أن الله سبحانه وتعالى لم ينزل شيئا من السماء وأن هؤلاء الرسل كاذبين، وجاء رجل ليس من الرسل وعزز الرسل في دعوتهم لقومه، قائلا لهم: اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون، ولم يذكر لنا القرآن الكريم كيف تعامل معه قومه، ولاشك أن تعامل قومه معه لم يكن حضاريا، إذ أنهم لم يتعاملوا مع رسلهم بهذا المستوى، ولكن الله سبحانه وتعالى جزاه على تدخله هذا خير الجزاء، قيل ادخل الجنة قال ياليث قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.
فهذا المثل المضروب هو الذي نحتاج أن نقف عليه، فالله أرسل الرسل معززا بعضهم ببعض، وما علينا نحن إلا أن نأتي من أقصى المدينة للتأكيد على رسالتهم بالنسبة لأقوامنا للننال الجنة وحسن الختام. وفائدة أسماء الأماكن والأشخاص والتواريخ لا فائدة منها في أفكار وتصورات يراد منها أن تكون إنسانية وعالمية تتجاوز الزمان والمكان.
والسلام
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[26 May 2004, 11:28 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المقدمة في أصول التفسير:
هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد فإنها على ثلاثة أقسام: " أحدها " ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح. و " الثاني " ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. و " الثالث " ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت؟ وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا}. فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا. فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته؛ إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا: {قل ربي أعلم بعدتهم} فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب. فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الأهم فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب أو جاهلا فقد أخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق للصواب. انتهى من كلامه
والأمر كما سمعت الشيخ ابن عثيمين يكرر غير مرة في أشرطته: "كلام السلف قليل، كثير الفائدة. وكلام الخلف كثير، قليل الفائدة" وهذا لا يشمل كتب التفسير فقط بل وكل العلوم الشرعية فمثلا تجد أحد أرباب الفقه يخوض في مسألة معتمدا على حديث لا أصل له في كتب السنة مع أنه قد يوجد حديث صريح الدلالة في المسألة في الصحيحين.
وبعضهم أفنوا أعمارهم في دراسة العلوم اللغوية ثم إذا سألته عى معنى "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد التي كان المشركون حتى الأميين منهم يفهمونها جعل يتخبط. والله المستعان
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالب معرفة]ــــــــ[26 May 2004, 08:09 م]ـ
أعتقد أن الحكم على قول ما أنه من الإسرائيليات أم لا، يحتاج إلى غير قليل من التأمل والبحث، إذ ليس كل أمر ذكر فيه أخبار أهل الكتاب هو من الإسرائيليات، فقد حدثنا القرآن الكريم عن كثير من أخباربني إسرائيل مع موسى أو بعده أو قبله، وحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أخبارهم، ولا أعتقد أن ما قاله الله ورسوله عنهم وعن أخبارهم يمكن إدخاله في هذه الخانة، وإنما ندخل في الإسرائيليات الأخبار المتحدثة عن الأمم السالفة أو الملاحم والفتن التي مصدرها بنوإسرائيل خصوصا وأهل الكتاب عموما، وهذه الأخبار الإسرائيلية التي مصدرها أهل الكتاب، فهي وإن وافقت بعض الحق الذي عندنا فلابد من الحذر منها، لأن فيها جوانب من الباطل التي قد لا نطلع عليها في حينه، فيحتاج الأمر إلى وقت وتأمل، وعرض لها - وهذا هو الأهم - على ما عندنا من الحق الجلي في كتاب ربنا، فإن وافقته موافقة تامة قبلناها، وإن خالفت ما في القرآن الكريم ولو جزئيا، وقفنا على هذه المخالفة حتى نرى بماذا تتميز التلاوة القرآنية لنفس الموضوع عن التلاوة الكتابية له، وهو ما يبين معنى التصديق والهيمنة الذي يتميز به كتاب ربنا. ولا يغرنكم ما يقال من أن أخبار الأمم السالفة والملاحم والمواعظ والفتن يجوز روايتها مع احتمال ضعفها لأنه لا يترتب عليها عمل، بل إن العمل المترتب عليها عظيم، إذ أن الأخبار والقصص تحدثنا عن السنن الثابتة في الكون والمجتمع والتاريخ والنفس البشرية، وكل تلاوة لها بغير الحق، أو بغير علم يقيني، تجعلنا ننقل إلى الناس تجربة إنسانية غير صحيحة، فيترتب على ذلك ضرر بمقدار الخطإ المنقول، وذلك لأن هذه القصص لا تنقل الأفكار والتصورات المجردة، وإنما تنقلها مجسدة في واقع الناس وحياتهم، ويكون الأمر أدهى وأمر إدا ربطت التجربة الخاطئة بحياة الأنبياء ونحن نقتدي بهم ونتأسى، فننسب إلى الأنبياء والمرسلين سلوكات ومفاهيم لا تصح عنهم من جهة، ولا يمكن أن تكون صالحة للتأسي من جهة ثانية
إن كتب التفسير والحديث فيها من هذه الأخبار الشيء الكثير، وإن المتخصصين في العلوم الشرعية وعلم التفسير خصوصا ليعلمون حقيقة هذا الأمر، وإن دعوة كثير منهم إلى تنقية الثرات الإسلامي مما علق به لتعبر عن هذه المشكلة خير تعبير، ولهذا أتمنى من أهل التفسير والدارسين له أن يأخذوا حذرهم وأسلحتهم لمواجهة هذا الأمر الكبير.
والسلام
ـ[محب]ــــــــ[27 May 2004, 05:31 م]ـ
بسم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب .. والصلاة والسلام على سيدنا المصطفى وآله ..
أسمح لنفسى بعرض شبهة النصارى على هذه الآيات، حتى تأتى إجابات شيوخنا على التمام، فتصيب سهام الحق صلب الباطل لا أطرافه .. وأعتذر مقدماً لأنى سأعرض شبهتهم بأحسن مما فعلوا، وعذرى أن علمائنا الكرام كانوا يفعلون ذلك غالباً بشبه المخالفين، حتى تأتى ردودهم فوق ما يتمنى الخصم.
المشهور عند المتقدمين من علمائنا اتهام " بولس " بإفساد المسيحية، كما صرح بذلك ابن حزم وابن تيمية وغيرهما .. والإجماع من المتأخرين بلا شذوذ على أن " بولس " هو من بدل دين المسيح بلا خلاف.
فى ثنايا دفاعهم عن " بولس " استدل النصارى بقصة أصحاب يس على عدم الطعن فى بولس .. قالوا:
أولاً:
على الأخذ بالروايات التى تصرح باسم بولس أو بولص فلا إشكال .. بل يكون مؤداها أن بولس هو رسول الله فى القرآن .. لقوله: " إذ أرسلنا .. ".
ثانياً:
الروايات التى صرحت بخلاف اسمه، لكنها تجعل الرسل هم رسل المسيح، تحمل على الاضطراب، لأن من الثابت أن المسيح لم يبعث إلى أنطاكية هذه الأسماء التى اضطربت بها الروايات .. ومع تسليم الروايات بأنهم رسل المسيح، ومع الثابت تاريخياً من بعث المسيح حوارييه إلى أنطاكية، فالواجب ترك الأسماء المضطربة فى الروايات والرجوع إلى المحفوظ عند أهل الكتاب .. أولاً: لأن أهل الكتاب لم يضطربوا فى ذلك والروايات فعلت .. وثانياً: لأن الروايات سلمت بصحة أصل حكاية أهل الكتاب .. وثالثاً: لأن الثابت عند المسلمين أن هذه الروايات تأخذ عن أهل الكتاب، فعند اضطرابها يرجع للمصدر الذى أخذت عنه، والمصدر يقول ويصرح بأن بولس كان من المرسلين.
(يُتْبَعُ)
(/)
فعلى كلا الصنفين من الروايات يكون بولس مقصوداً بقوله: " إذ أرسلنا "، فيكون رسولاً لله، ولو عن طريق غير مباشر عن طريق المسيح.
ولا يغبش على ذلك: أن المسيح عندهم لم يبعث بولس فى حياته لأنه لم يقابله أصلاً .. لا يضير ذلك لأنه ليس من المهم فى هذا المقام إثبات صحة هذا الجزء من القصة عندهم .. إذ المقام مقام الكلام على ما يقوله القرآن، وخلاف ذلك له مقام آخر.
ولا يغبش على ذلك أيضاً: الحكم بضعف سند هذه الروايات .. أولاً: لأن الروايات الأخرى ليست بأقوى سنداً .. وثانياً: لو ألزمتمونا بعدم الأخذ بالروايات الضعيفة فى هذا المقام، جاز لنا إلزامكم بعدم الأخذ بالروايات الضعيفة فى مجال التفسير كافة، وهذا معناه ترك معظم أقوال الصحابة والتابعين فى التفسير، لأن أكثر ذلك ضعيف السند، وجاز لنا أيضاً إلزامكم بعدم الأخذ بالروايات الضعيفة فى مجال السيرة بعامة، وهذا معناه عدم ثبوت كثير من أحداثها، وحال أهل الإسلام بخلاف ذلك، فأنتم تقبلون كثيراً من الروايات الضعيفة فى التفسير والسيرة.
فإن قيل لهم: لأهل الإسلام قول آخر فى هؤلاء الرسل، وهو أنهم ليسوا رسل المسيح أصلاً، وهناك روايات تعضد هذا القول .. فعلى الأخذ بهذا القول فليس لبولس تزكية فى القرآن ..
قالوا:
أولاً:
لا يهمنا الخوض فى مسألة أى القولين أرجح .. يكفينا أن صنفاً من علمائكم ـ وإن قل ـ أخذ بهذا القول .. فلا يحق لكم إنكاركم علينا بسبب حملنا الآيات على بولس، لأننا لم نبتدع قولاً لم يقل به أحد من أهل الإسلام، بل هو قول بعض علمائكم فى المسألة .. وهذا لو كان علماؤكم القائلين بقولنا قليلين .. فكيف وأكثر علمائكم على هذا الرأى؟!
ثانياً:
أكثر مفسريكم القدامى يروون الروايات التى بها تصريح بذكر بولس ضمن رسل يس، ويسكتون .. وهذا السكوت منهم إقرار .. ولو لم تعتبروا سكوتهم إقراراً فبينوا لنا صريح رأيهم .. فإن قلتم لم يصرحوا وسكوتهم ليس إقراراً، انسحب هذا على جميع تفاسيركم، حيث الشائع فيها إيراد الآراء والسكوت عنها، فيكون الحال أن أكثر مفسريكم لم يصرحوا برأيهم فى معظم آيات القرآن، فلماذا تصدوا لتصنيف كتاب فى التفسير أصلاً ما داموا لن يفعلوا أكثر من ترديد بعض الآراء والروايات والسكوت عليها؟! .. فلا يمكنكم اعتبار سكوت علمائكم ليس إقراراً إلا مع الطعن فى علمهم وجلالة شأن تفاسيرهم.
ثالثاً:
لو كان مفسروكم يعتقدون فعلاً بفساد بولس .. لما جاز أن يسكتوا عن الروايات التى تناقلوها فى تفاسيرهم والتى صرحت باسمه .. بل لكانوا نبهوا على خطأ هذه الروايات لتضمنها اسم بولس .. فلما لم يفعل واحد منهم ذلك أبداً علمنا أن بولس لم يكن مطعوناً فيه عندهم، وإلا صرحوا بذلك عند إيراد هذه الروايات على الأقل، إذ لا يجوز منهم السكوت عن عدم تبيين هذا الباطل، خاصة وأن بولس ليس مجرد شخص سىء، بل هو عندكم مبدل دين المسيح .. وإلا لو كانوا فى تفاسيرهم يسكتون عن عدم تبيين الباطل فأى خير ترجون من هذه التفاسير؟! ..
ونفس سكوتهم عن الطعن فى بولس عند تفسير هذه الآيات يخدمنا فى تزكية بولس .. إذ إن سكوتهم معناه احتمال أن يكون بولس فعلاً من هؤلاء الرسل .. ومجرد هذا الاحتمال ـ اللازم من سكوتهم عن الطعن فيه ـ يستلزم أن بولس لم يكن من المطعون فيهم عندهم.
قالوا: والحاصل من جميع ما سبق، أن موقف المفسرين فى كتبهم مؤيد لنا، وأما الروايات فأكثرها مؤيد لنا، وما خالفنا بينا ما فيه .. فيكون بولس رسول لله ـ ولو عن طريق المسيح ـ فى القرآن .. وغير مطعون فيه من قبل مفسريكم .. فلماذا تخالفون كتاب ربكم وعلماء ملتكم بالتهجم على بولس؟!
انتهى عرض شبهة النصارى، وأكرر اعتذارى لأنى نظمت أقوالهم ورتبتها بأحسن مما فعلوا.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[27 May 2004, 06:48 م]ـ
و الله لقد حاورت أحد النصارى من شهر أو يزيد بخصوص هذه الشبهة و اعترضت عليه بضعف السند و اضطراب المتن فلم يكن رده سوى السباب و السخرية و لم يجب بربع جوابك هذا!!!
أولاً. . بالنسبة لموضوع الأخذ بالروايات الضعيفة، فنحن لا يضيرنا تركها فالقرآن قطعي الثبوت و الروايات الضعيفة ظنية الثبوت - إن لم يكن كذبها محتملاً - و نحن لا نفسر ما هو قطعي و يقيني بما هو ظني و يحتمل الكذب، و هذا من بداهات العقل.
ثانياً. . يريد النصراني أن يثبت وجود اسم بولس في الروايات بأي ثمن؛ فهو لا يهمه تضارب الروايات و تناقضها، و لا يعنيه ضعف سندها و مصدرها، و لا يضيره مخالفتها لما هو ثابت عنده. . المهم هو وجود اسم بولس و ليحترق العالم من بعده!! و سبحان خالق العقول و الأفهام!
ثالثاً. . ذكر المفسرون هذه الروايات بصيغة التمريض (قيل) مما يوحي بعدم صحتها لديهم.
رابعاً. . قولهم ان سكوت المفسرين يعني توثيقهم لبولس ليس سوى (استنتاج من السكوت. . Argument from the silence) ، و هي طريقة جدلية يستعملها النصارى بكثرة مثل قولهم: ((طالما لم يصرح الغزالي بتحريف الإنجيل في كتابه (الرد الجميل) فهذا يعني أنه يؤمن بعدم تحريفه))، و هذا أسلوب لا يصلح في موقف الحجة و المناظرة؛ فالحجة لا تقوم على الخصم إلا بنص صريح و ليس بما فهمه خصمه من نص ذو أوجه.
و أخيراً. . هذه الروايات ليست حجة إلا على من آمن بثبوتها و صحتها و نحن لا نفعل فلست حجة علينا.
فما رأيكم بهذا الجواب؟؟ من لديه إضافة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالب معرفة]ــــــــ[03 Jun 2004, 07:14 م]ـ
تحية إلى الإخوة جميعا وخصوصا محب والدكتور عزمي،
وأود - انطلاقا مما أثرتموه في مسألة التفسير، وكيف أن النصارى وغيرهم يستغلون تفسيرات بعض المفسرين لتأييد كثير من أفكارهم وعقائدهم وتصوراتهم، مدعين أن ما قدمه المفسرون، هو ما أراده القرآن فعلا - أن أنبه الإخوة المهتمين بعلم التفسير والدراسات القرآنية عموما، إلى أن هذا الباب هو أحد المقاتل العظيمة التي استطاع المخالفون من غير المسلمين عموما، ومن أهل الكتاب خصوصا، أن يطعنوا في دين الله وكتابه، وهو ما يدعونا إلى الوقوف وقفة نقدية صارمة أمام تراثنا التفسيري والحديثي من أجل إعادة غربلته وتصفيته وتنقيحه، وبيان عيوبه وأخطائه من أجل تجاوزها وإصلاحها، وهو ما يقتضي إسقاط تلك الهالة العظيمة من التقديس والتبجيل التي رافقت التفسير والمفسرين حينا من الدهر، بل وجل العلوم الإسلامية، وأعتقد أن هذه الخطوة ضرورية من أجل إعادة النظر في موروثنا الثقافي وما يحمله من نقائص آن الأوان للإجهاز عليها وإزالتها حتى لا تبقى ذريعة للذين يصطادون في الماء العكر. وهذا النقد الذاتي ليس كشفا لعيوبنا أمام الأعداء - كما يدعي البعض - وإنما هو اكتشاف لهذه العيوب من أجل ألا تبقى وصمة عار في جبين دين الله تمنعه من تحقيق هدايته في الأرض دون تشويش ولا شبهات.
وإذا رغب الإخوة في إثارة هذا الموضوع، فلدينا من الأمثلة ما يصلح أن يكون أرضية لهذا النقاش.
والسلام
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 07:20 ص]ـ
يرفع للمدارسة(/)
مقاصد المستشرقين من طبع كتب التفسير وعلوم القرآن؟!
ـ[المحرر]ــــــــ[24 Jul 2004, 05:06 ص]ـ
يقول الشيخ عبد الله الجديع – حفظه الله – في المقدمات الأساسية (182): ... ومنذ سنين طويلة وأنا أتساءل عن سبب حرص المستشرقين على الكتب التي صنفها بعض علماء الإسلام فيما يتصل بنقل القرآن، ولا أجد الجواب يرجع إليَّ إلا أنَّ هؤلاء حاقدون على دين الإسلام، لهم مقاصد سوءٍ، يبحثون عن طريق للطعن على القرآن، فتراهم أولَ من اعتنى – مثلاً – ينشر كتاب (المصاحف) لأبي بكر بن أبي داود السجستاني، وهو كتاب مفيد للمشتغلين بالعلم، مصنفه إمام ابن إمام، فقصد هؤلاء إلى نشره وترجموه إلى بعض لغاتهم ظناً منهم أنهم وجدوا فيه بعض مرادهم، لِمَا تضمنه من حكاية قصة جمع القرآن، والمصاحف التي كانت عند بعض الصحابة مما فيه اختلاف حرف أو ترتيب عن مصاحف المسلمين، وقد شرحت أنه ليس من ذلك شيءٌ في مطعن على القرآن العظيم.
وهؤلاء المستشرقون مساكين كإخوانهم من أهل البدع، ولا يدرون ما الأسانيد، ولا يميزون صحيح نقلٍ من سقيمه، فجميع الأخبار المحكية عندهم مسلمات، وإني لأعذرهم في ذلك، فإن اليهود والنصارى قد حرموا الإسناد، واختصت به هذه الأمة الوسط؛ فأنى لهم أن يفهموه؟!
ـ[موراني]ــــــــ[24 Jul 2004, 01:20 م]ـ
لقد ذكر العضو (المحرر) هذه السطور عن الشيخ عبد الله الجديع بغير تعليق عليها.
ومن هنا يبدو لي كأنّ (المحرر) قد تبنى رأي الشيخ بما ورد أعلاه.
كما يبدو لي أيضا كأنّ هذا الرأي سائد بين المسلمين عامة اذ جاء ذكر هذه السطور للشيخ عبد الله الجديع في ملتقى أهل الحديث , في الرابط (المعجم المفهرس) قبل أيام , وذلك بعد اغلاق الرابط. أضيف هذا القول بالضبط من جانب المشرف عبد المرزوع وهنا أيضا بغير تعليق عليه.
انني لا أخاطب الشيخ عبد الله الجديع ولا الآخرين ولا أنتقدهم لشيء بما عبّروا عنه بل أحب أن أضع هذه الكلام الى موضعه.
لم يأت ذكر من هو المقصود بهذا الكلام المؤسف , بل جاءت الصورة عامة: المستشرقون ....
فلا أظن أنّ أحدا يعلم , اللهم الا القليل النادر , أنّ أحدا يعلم على علم اليقين من هو المقصود بهذه الكلام أو أي بحث استشراقي وراء هذه التهم.
لقد نشر المستشرق الانجليزي Arthur Jeffery كتابه عام 1937 وقدم عليه مقدمة عام 1936 بالقاهرة.
عنوان الكتاب
Materials for the History of the Text of the Qur'an. The old Codices. Leiden. Brill 1937 .
أما العنوان التوضيحي للكتاب (بانجليزية أيضا) فهو كما يلي:
كتاب المصاحف لابن أبي داود. مع جمع القراءات الأخرى من المصاحف لابن مسعود , ابيّ , عليّ , ابن عباس , أنس , أبي موسى وللقدماء الآخرين ذوي مكانة. وذلك تقديم نصوص تختلف عن مصحف عثمان.
أما ترتيب الكتاب في الفصل حول القراءات وهو يتفق وترتيب السور والآيات القرآنية.
الى جانب ما جاء في كتاب المصاحف لابن أبو د اود السجستاني من الذكر للقراءات
استخرج المؤلف المذكور النصوص المماثلة للقراءات من 32 كتابا (!) طبعت في القاهرة واسطنبول والهند , الا واحدا وهو كتاب قرّة عين القرّاء للمرندي (مخطوط اسكوريال , الرقم 1337).
من هنا يتبين أنّ المستشرق المذكور قد اعتمد في تأليف كتابه وعند جمع القراءات على ما حرص على جمعه القدماء المسلمون في العلموم القرآنية ....
ولا غير!
هذا , فعند قراءة المقدمة للكتاب لا يستطيع القاريء الكريم أن يجد نوعا من (الحقد) على دين الاسلام ولا (طعنا) على القرآن أو غير ذلك من التهم التي جاء ذكره في كلام الشيخ عبد الله الجديع.
انّ هذه التهم بهذه العبارات وبغيرها من المفردات شائعة بين الناس غير أنني أخشى أن الذين يذيعون هذا الكلام على الناس عامة وعلى طلبة العلم خاصة لم يقوموا بدراسة هذا الكتاب أو بقراءته. وهذا في طبيعة الحال مجرد افتراضات منّي فقط ,
فان كنت مخطئا فأعتذر عند من هو أهل به.
وان كنت مخطئا فعلى الجانب الآخر أن يأتي بالدلائل القاطعة المستخرجة من الكتاب (نصا!) لاثبات الحقد على الاسلام والطعن في القرآن لدى هؤلاء المستشرقين.
تقديرا
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[26 Jul 2004, 03:24 م]ـ
اضافة الى السطور الأخيرة
يمكنني أو أقول اليوم:
(يُتْبَعُ)
(/)
لم أكن مخطئا ....... نظرا الى التعقيبات ........
موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jul 2004, 09:30 م]ـ
كنت أشرت في مشاركة سابقة إلى ما يشبه ما تفضل به أخي الكريم المحرر في مشاركة بعنوان:
سبب اهتمام المستشرقين بتاريخ القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=1454)
وقد عقب عليها الدكتور موراني بما فيه الكفاية. والدكتور موراني - فيما يبدو لي - من المستشرقين المنصفين، وهو على اطلاع بما يدور في الأوساط الاستشراقية. وأرجو أن يعذرنا الدكتور موراني فربما تكون الصورة لدينا غير مكتملة فيما يتعلق بهذا الجانب. غير أنه لا يمكننا تبرئة بعض الكتابات من التحامل على العلم الشرعي الإسلامي، والإساءة التي ربما تكون عن جهل بالإسلام.
وقد كنت بحثت موضوع جهود المستشرقين فيما يتعلق بدراسة الشعر الجاهلي، فتبين لي أن المستشرقين مع كثرة بحوثهم وجهودهم المشكورة في خدمة الشعر الجاهلي، إلا أنهم عجزوا عن إدراك معاني اللغة العربية، ومعاني شعر الجاهلية الذي لا يستطيعه كل أحد من العرب فضلاً عن غير العرب، وقد وجدت كلاماً نفيساً للأمير المترسل شكيب أرسلان حول هذا الأمر، ملخصه أنه قد عرف كثيراً من المستشرقين أصحاب الدراسات الكثيرة في تراث الشرق الإسلامي، غير أنه إذا وصل الأمر إلى لغة العرب وشعر الجاهلية، فإنه لا يستطيع أن يضع أكبر المستشرقين في الميزان مع أي عالم من علماء العربية من العرب، لبعد الشقة، وانعدام الموازنة، فاللغة العربية لغة عصية، لا تعطي قيادها لكل أحد إلا بعد طول خبرة، ورضاع لها مع حليب الأم منذ نعومة الأظفار.
على كل حال الحديث في هذا الأمر ذو شجون، وأشكر الجميع على الحرص على الحقيقة، مع الوقار والتلطف في العبارات، فإن هذا الملتقى لا يزال - ولله الحمد - يحظى باحترام أمثالكم من طلاب العلم النابهين، وأجمل بالعلم إذا تدراسه أمثالكم، على بساط من الأدب وحسن الخلق. ولعل الدكتور موراني ينتقد التعميم للمستشرقين جميعاً فحسب.
ـ[المحرر]ــــــــ[26 Jul 2004, 10:00 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ عبد الرحمن،
أنا نقلت هذا النقل من كتاب الشيخ الجديع، فلا أعلم ماذا أغضب الدكتور؟!
أم " يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو فاحذرهم ".
ـ[موراني]ــــــــ[26 Jul 2004, 10:20 م]ـ
الأستاذ المحترم عبد الرحمن الشهري ,
أشكر لكم كما يشكر لكم غيري أيضا على هذه الكلمات ذات التوازن والرفق.
فيما يتعلق بالشعر , والشعر الجاهلي خاصة , فهناك دائرة صغيرة وضئيلة بين المستشرقين تخصصت في هذا الفن , للأسباب التي ذكرتموها.
عندما أجيب على بعض التهم (من جانب المسلمين) التي في الغالب لا أساس لها فلا أقصد به تبرئة ما قيل من الاساءات ضد التعاليم الدينية.
انّ البغية التي أود الوصول اليها هي ألا نحكم على كل من يسمى بالمستشرق (أو يسمي نفسه مستشرقا!) من زاوية نظرة مسبقة على جميع الأعمال وعلى جميع نتائج الأبحاث الاستشراقية كما حدث ويحدث.
عندما أخرجت 3 مجلدات من التفسير لابن وهب (بما فيها من الأخطاء المؤسفة التي أعترف بها وأحاول تصحيحها عند اعادة طبع الكتاب!) لم أكن حاقدا على الاسلام ولا طاعنا في القرآن (كما جاء في كلام الشيخ عبد الله الجديع وغيره , وهم كثيرون) بل أخرجت هذا التفسير لكي يبلغ القاريء المسلم الذي لم يزل محروما من الاطلاع على هذه المصادر النادرة. لم أفكر دقيقة من اليوم في أن أعثر على أمر ما وأبرزه في هذا العمل طعنا على الدين الآخر .... غير أنّ فيه روايات حول جمع القرآن وفيه أيضا اختلاف القراءات.
لقد علقت ملاحظتي الأولى على كلام الشيخ عبد الله الجديع لأن كلامه على صيغته هذه غير مقبول وليس في خدمة العلم الجاد الذي يقوم به كثير من الباحثين (في الغرب) ... كما يقال.
ودمتم بالخير والعافية
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[26 Jul 2004, 10:29 م]ـ
@المحرر
لقد سبقتي قبل قليل.
لكي تكون مطمئنا: ليس هناك نوع من (الغضب)
بل الرجاء بالموضوعية فقط , حتى عند النقل.
موراني
ـ[المحرر]ــــــــ[27 Jul 2004, 03:32 ص]ـ
قال الدكتور - هداه الله للإسلام -: (عندما أجيب على بعض التهم (من جانب المسلمين) التي في الغالب لا أساس لها).
أقول: المسلمون - في الغالب - لا يلقون التهم جزافاً؛ فلعلك يا دكتور تحاول ضبط العبارات التي توجهها للمسلمين، وخاصةً انك قد عبت على الشيخ عبد الله الجديع (وغيره كثير) - على حد زعمك - إطلاق العبارات العامة.
وأيضاً، من تعاليم الدين الحنيف أن ينتقد الفكر والرأي والقول دون ذكرٍ للأشخاص إلا في مواضع نادرة؛ فكان الأولى أن لا يذكر الدكتور اسم المستشرق المقصود بكلام الشيخ الجديع - وفقه الله -،
والسلام على من اتبع الهدى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jul 2004, 03:11 ص]ـ
ما ذكره الشيخ الجليل عبدالله الجديع وجهة نظر محترمة، والأمر الذي أشار إليه الدكتور موراني واضح من الناحية العلمية النقدية وهو الاعتراض على التعميم لكل المستشرقين.
والأمر فيه سعة ولله الحمد، فأرجو عدم الغضب من الجميع، فهذه مسألة جزئية ليس لها كبير أثر. ولكم تحياتي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[01 Oct 2006, 12:57 م]ـ
عندما سئل الأستاذ جاك بيرك، وكان على خلاف الأخ موراني لا يُسمي نفسه مستشرقا، بل كان يقول: أنتم تسمونني مستشرقا، أنا عالم اجتماع غربي مختص بالعالم الإسلامي! سئل
هل ظلم الاستشراق الإسلامَ؟
قال نعم بالتأكيد. الاستشراق القديم نشأ في أوساط متعصبة وتبشيرية. وبأهداف غير علمية. الاستشراق شأن جميع العلوم الانسانية بدأ يسير ببطء نحو الموضوعية
لا يمكننا الحكم على الحركة الاستشراقية بكاملها أي مسيرة 300 سنة بصفحة واحدة أو أن نكون وجهة نظر موضوعية عنها
لكن الملاحظ أن الدارسين العرب أو الكاتبين العرب يتحاملون لأسباب يعود معظمها إلى عيب في الفكر العربي وفي الثقافة العربية كلها
هذا العيب إذا لم يتداركه الدارسون والباحثون وطلبة العلم فإن مردوده السيء ستكون له عواقب وخيمة
هذا العيب هو (اللاتاريخية) بمعنى عدم ربط المعلومة بواقعها التاريخي بل التعامل معها وكأنها طائرة في الهواء
وهذا الخلل المنهجي لدى الدارسين المسلمين قد تسرب إليهم من اللاعقلانية الهرمسية التي تبنتها المذاهب الشيعية وعلى رأسها الرافضة
والسبب الثاني هو ظلم السياسي الغربي وصانع القرار هناك ولاموضوعيته ىإزاء قضية المسلمين الرئيسية (فلسطين)
فالعربي بعاطفيته يمزج بين السياسي والمثقف الغربي فيعد المستشرق عدوا حتى إذا كان باحثا موضوعيا
وهذا أيضا قصور في التصوّر سببه عدم سفر الدارسين المسلمين الى الجامعات الغربية والاختلاط بالمستشرقين ومحاورتهم عن كثب
ويوجد جهل حقيقي بجهود المستشرقين العملاقة في حفظ التراث العربي وإعادة التفكير فيه
جهل لا يمكن أن يزول بمقال او بجدل فارغ
بل يتطلب قراءة
ناريخ التراث العربي للأستاذ فؤاد سزكين كاملا
ومن نعم الله ترجمته الى اللغة العربية
وهذا الحال في الدارسين من التعصب بعيد كل البعد عن موضوعية العلماء القدماء كابن قتيبة الدينوري في مقدمة تأويل مختلف الحديث حيث يقول ما معناه، ونحن نعوذ بالله أن يطلع ذو النهى منا على ظلم لخصم أو إيثار لهوى
والاستشراق اليوم قد تركه المستشرقون أنفسهم، وعمره من وجهة نظري قرن ونصف وما قبلها كان بوادر وما بعد عام 1973 هو ذوبان الاستشراق في التخصص الأكاديمي العام
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[02 Oct 2006, 10:48 م]ـ
أعتقد أن كلام الشيخ الجديع وغيره مبني على ما اطلع عليه - وكذلك أغلب المسلمين - من أعمال المستشرقين
كما أعتقد أن الدكتور موراني لا ينكر كون زيهر وجب وماسينيون وموير ومرجليوث ودوركايم من المستشرقين كما لا يمكن أن ينكر تأثر الدارسين الغربيين بكتاباتهم
أما كتابات أنور عبد الملك وإدوارد سعيد فلعلها كافية - نوعاً ما - مع كتابات من ذكرتهم ومن قلدهم لتثبت وجهة نظرنا.
لا ننكر بعض الجهود الجليلة لكريمر وبروكلمان وغيرهما ولكن لنا الحق في الوقوف إزاء كل عمل يأتي من الغرب وقفة فاحص متأمل على الأقل وذلك لما أصابنا من جهتهم وليس شاتلييه وزويمر وأمثالهم منا ببعيد(/)
لماذا يتهافت الغرب على قراءة القرآن؟!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2004, 05:20 م]ـ
لماذا يتهافت الغرب على قراءة القرآن؟!
ترجمة: إدريس الكنبوري
عن"لوموند" الفرنسية
كانت "راشيل" ترغب دائما في أن تقتني مصحفا، فطالما حدثها أبوها عنه. كان يتلو عليها أحيانا بعض الآيات، ومازالت "راشيل" تتذكر تلك الآية الكريمة: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".
لذلك قررت "راشيل" –وهي طالبة في العشرين من عمرها- ذات يوم سبت أن تجوب شوارع باريس كلها، لتشتري مصحفا يماثل ذلك الذي يوجد في منزل والدها من حيث حجمه الكبير، ومداد خطه المذهب. وفجأة وجدت نفسها في إحدى المكتبات وأمام عشرات من النسخ المبعثرة على الرفوف، إختارت واحدة، تلألأت عيناها وهي تتصفحه بلطف وسكون، ثم انصرفت.
أما كريمة، فلم تكتف بنسخة واحدة، بل أخذت نسخا متنوعة حتى تتمكن من المقارنة والتحليل، لأنها تعتقد بأن ترجمة القرآن تختلف من شخص إلى آخر، لذلك وجب التحقق لفهم المعنى.
وتقول نادية، وهي تلميذة في الثانوي: "إني قررت ألا أطالع أي شيء يتعلق بالدين لأنني لا أستطيع أن أستوعب ذلك، فأنا أرغب في أن يرشدني أحد", وتأسف لكون الأسئلة العديدة التي توجهها إلى أمها لا تجد عنها أجوبة، لأنها أمية، وتعتبر ذلك سببا في ضعف معرفتها بثقافة بيئتها، لأنها لا تعرف عنها سوى النزر القليل.
ولا يتردد "جون شليلات" ,العامل بمكتبة ابن سينا المتخصصة في باريس, في القول بأن الشغل الشاغل للمسلمين هو عملهم والحرص على نجاح أبنائهم في الحياة، ويعتقد بأن جلهم لا يعرف شيئا عن القرآن، ولكن حينما يأتون إلى فرنسا، فإن سحرا ما يجذبهم إلى هذا الكتاب السماوي.
إن راشيل ونادية وكريمة لسن سوى عينة مصغرة من مئات القراء الذين تحولت رغبة المطالعة لديهم صوب كتاب الله (القرآن) بشكل ملفت للأنظار، وبالخصوص بعد الاعتداءات الأخيرة على أمريكا في 11 سبتمبر.
قد يبدو للوهلة الأولى أن القرآن أصبح أكثر الكتب مبيعاً, في حين أن الأمر يتعلق بظاهرة، لكون المخزون من نسخ القرآن نفذ من أكبر المكتبات بتولوز وليل وستراسبورغ ومارسيليا، فالقرآن يباع عادة في فرنسا وبوتيرة عالية في شهر رمضان, إلا أنه بعد أحداث أمريكا فاقت المبيعات كل الأرقام.
وأمام تعدد أسئلة القراء، كان لابد من إيجاد الأجوبة المقنعة. لذلك كان طبيعيا أن يحتكم هؤلاء إلى القرآن، لأنه يشكل الأصل والمرجع لفهم الإسلام, فهذا النص السماوي يحتوي على 114 سورة, وفهم دلالات آياته الكريمة يعني بالضرورة عدم الاكتراث بما يروج في وسائل الإعلام، وما ينتج عن ذلك من مغالطات لاتفيد في شيء.
ويتساءل "بيير" الذي يعمل مراقبا في مجال التدبير عن حقيقة الاتهامات التي يوجهها الغرب عن المسلمين: هل بإمكان القرآن الرد عليها. لان المسألة تهم مليار ومائتي مسلم في العالم، ويبدو سؤاله مبررا منطقيا خاصة إذا علمنا أن الإسلام يعتبر الديانة الثانية في فرنسا من حيث درجة الاعتناق، وعلى هذا الأساس يقترح "بيير" أن يكون القرآن جزءا من ثقافة فرنسا المعاصرة.
إن اهتمام الغرب بالقرآن الكريم، لم يكن وليد أحداث 11 سبتمبر كما يؤكد خطيب مسجد باريس، فالتاريخ يذكرنا بأن نابليون حينما قام بحملته الشهيرة على مصر كان شديد الاهتمام بفهم معاني القرآن, وكان يبدي تأثرا لبعض الآيات فيه, بل استطاع أن يتلو أمام اندهاش سكان القاهرة بعض الآيات إلى درجة أن "فيكتور هيجو" لقبه بنبي الغرب. ويضيف الخطيب في هذا الصدد بأن اهتمام وشغف الغرب بمعرفة القرآن ازداد فعلا بعد الاعتداءات الأخيرة على أمريكا. لذلك ينصح القارئ الغربي بضرورة نهج طريقة علمية لفهم القرآن، من خلال فهم الظروف التي نزل فيه القرآن أولا، وإدراك الإطار العام الذي تندرج في سياقه كل آية في مرحلة لاحقة, لأن القرآن قبل كل شيء ليس بالبضاعة التي تشترى أو كتابا للمطالعة، بل هو كتاب الله الذي يدعو إلى طاعته بالحجة والإقناع, وهو الكتاب الذي يقول فيه الحق: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويفسر بدر الدين الروداكي، مسؤول بمكتبة معهد العالم العربي, هذه الظاهرة بكونها انعكاسا طبيعي لرغبة الفرد، عندما يريد إزالة الغشاوة عن جهله بحقائق الأمور، ويشبه ذلك بما حدث أثناء العرض الأول لفيلم (المصير) ليوسف شاهين، فالكثير من الناس كانوا متعطشين وقتئذ لمعرفة كل الحقيقة عن ابن رشد الفيلسوف الذي شغل زمانه. إن شغف المعرفة يولد طاقة لدى الفرد لاكتساب المزيد من المعلومات، إنها غريزة المعرفة لا غير، لذلك وجد الغرب نفسه الآن محتاجا إلى القرآن لتفسير ما وقع وإيجاد أجوبة مقنعة لذلك.
وأمام تعدد القراءات، فإن استيعاب معاني القرآن بدا لدى البعض مستعصيا، ف"بريفو" ,الربان المتقاعد, حاول مرارا أن يفهم دلالات بعض الآيات بيد أنه لم يستطع لذلك سبيلا, ليخلص إلى القول بأنه وجد نفسه أمام حقيقتين: إما أن القرآن نص معقد أو أنه لا يتوفر لديه طاقة ذهنية لإستيعابه. يقول الروداكي: إن القرآن كلام الله, إنه البيان, والقارئ لا يملك سوى التخشع لفهم معانيه, لذلك فترجمته لا تعدو أن تكون محاولة لنقل المعنى لا غير، وهذا ما ينتج عنه أخطاء تمس المعنى، فيكثر الإبهام والغموض.
ومن الأكيد أن الترجمة الخاطئة للقرآن تسيء أيضا للقارئ الغربي الذي يصعب عليه فهم الدين الإسلامي, لذلك يمكن اعتبارها سببا مباشرا في تعدد التأويلات حول معاني بعض الآيات القرآنية.
والى جانب المعاني والدلالات، فالقرآن كتاب الله يرتل لكي ينفذ إلى الوجدان, لذلك وجدت في الإسلام مدارس قرآنية لتجويده.
والأحكام التي يصدرها القراء حاليا حول القرآن لا ترتكز على أساس لان الظروف المفاجئة التي برزت فيها تعكس طبيعة تسرعها, مما يدعو إلى الانتباه والحذر في آن واحد. لكن ثمة قراء لا يعيرون لهذه الأحكام اهتماما، كما هو الشأن بالنسبة إلى سيسيل, وهي تلميذة في العلوم التطبيقية وشديدة الولع بالقرآن , إذ تعتقد بأن القرآن لا يحمل في طياته تلك الصورة السلبية التي لدى البعض في أذهانهم, " وأن ما يروج حوله لا يمكن وصفه إلا بالشائعات"، والتوراة القديمة عاشت الوضع نفسه, لذلك فإن الأمر يقتصر بالنسبة إليها على معرفة معاني القرآن قبل كل شيء للتعبير عنها بلغة مفهومة.
لقد نزل القرآن على النبي محمد منذ ما يزيد على 14 قرنا، في شبه الجزيرة العربية وانتشر عن طريق الحفظة والرواة في زمن كانت القافلة هي السبيل الوحيدة للتواصل بين الشعوب والامصار, لذلك حينما تجد آيات تدعو إلى مواجهة العنف بالعنف فإن المطلوب من القارئ هو فهم تلك الآيات في سياقها. فالرسول مثلا واجه تهديدات قريش وهاجر من مكة إلى المدينة، ورغم ذلك تمت ملاحقته لإيذائه، فكلما ابتعدنا عن السياق التاريخي للآية ووضعناها في سياق مطلق، إلا وتولد عن ذلك غموض وتناقض في المعنى والدلالة لدى القارئ العادي, ويضيف عبد الهادي الطويل عبد العزيز، مقيم بفرنسا من أصل جزائري ويملك مقهى صغيرة بالدائرة الخامسة في باريس: "إن القرآن يدعو إلى التسامح، إنه الدين الوحيد الذي يعترف بالديانتين الأخريين".
لقد تعددت النقاشات حول التسامح والعنف، وأثير غير ما مرة مصطلح الجهاد، والقرآن كان المصدر والنواة الأساسية لهذه الآراء، لأنه مثل جميع النصوص الدينية الهامة الأخرى حي ونابض بالمعاني والدلالات، لذلك وجب فهمه جيدا وإدراك الحقائق الغامضة فيه والبحث عن المعرفة الحقيقية حتى نستطيع التفريق بين ماهو خطأ وما هو صحيح.
إن الزائر لأرشيف المكتبة الوطنية ومعهد العالم العربي، سينبهر، عندما يسرق لحظات من وقته للاطلاع من باب الفضول أو حبا في المعرفة على المخطوطات النادرة التي تعود إلى العصر الوسيط، وهي تركن في هدوء وسكينة في رفوف بديعة، تحفظ في مكنونتها بخط كوفي ومداد مذهب أسرارا من تاريخ الإنسانية, و"كارولين باستلير" ليست سوى واحدة من الزائرات التي حينما قرأت بعضا من القرآن استنتجت أن تصريحات الطالبات بتحريم اللعب والضحك ما هو إلا بهتان لا يرتكز على منطق.
أكيد أن الغرب أدرك الآن أن القراءة الجيدة للقرآن تعني بالأساس فهم حقيقة الإسلام، وأكيد أنه عرف بأن أول آية نزلت على النبي (محمد) كانت إقرأ.
(إقرأ) لها دلالة في الزمان والمكان منذ ما يزيد على 14 قرنا، والآن أدرك الغرب أن لهذا الفعل نفس الدلالة في هذا الزمان.
منقول من موقع الإسلام اليوم.
ـ[خلوصي]ــــــــ[24 Jun 2010, 06:58 م]ـ
مادة دسمة شيخنا للتوسم في منهج الموسوعة القصصية و تنوّع مادتها ... فلذا جئت بها بعد ست سنوات من الأرشفة http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif !!
و كأنها و أمثالها تدعوني أكثر إلى المماطلة في كتابة ما كلفتموني به ... فكلما توسعت الآفاق تأخر الإعداد خاصة مع حب الكمال الذي أرّقني فمنعني سنوات طويلة من إخراج أي بحث كتبته إلى دائرة الأضواء ... على أن دائرة أهل التفسير جذابة إلى درجة لا أظنها إلا ملقية بي على غير ما عهدته من نفسي! فاللهم بارك لهذا الحي ... بارك بارك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نعيمان]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:22 م]ـ
مادة دسمة شيخنا للتوسم في منهج الموسوعة القصصية و تنوّع مادتها ... فلذا جئت بها بعد ست سنوات من الأرشفة http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif !!
فاللهم بارك لهذا الحي ... بارك بارك.
اللهمّ آمين آمين آمين
ـ[ام الزين]ــــــــ[28 Jun 2010, 02:27 م]ـ
file:///C:/DOCUME%7E1/salha/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-17.pngfile:///C:/DOCUME%7E1/salha/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-18.pngfile:///C:/DOCUME%7E1/salha/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-19.pngfile:///C:/DOCUME%7E1/salha/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-20.pngfile:///C:/DOCUME%7E1/salha/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-21.png
هدا عبارة عن ماء مجمد (قطعة تلج) اعجاز الرحمن في ((الثلج))
file:///C:/DOCUME%7E1/salha/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-22.png بارك الرحمن في خلقه
http://www.hirmes.com/ice/images/forms/9.jpg(/)
الاعجاز العلمى بين الحقيقة والوهم
ـ[احمد محمد فتحى]ــــــــ[28 Oct 2004, 07:11 ص]ـ
هذا الكتاب يبتغى به وجة الله
ومن اراد التعليق مشكور
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 Oct 2004, 03:48 ص]ـ
لم أقرأ الكتاب
ولكني لست مع الإعجاز العلمي مطلقا؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Oct 2004, 09:24 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم أحمد فتحي على نيتك الصادقة، وجهدك الموفق. وأستأذنك فقد وجدت الملف المرفق عبارة عن محادثة (مسنجر) أو نحوها في المقدمة، كتبت بأسلوب الحديث العادي، مع اشتمالها على أخطاء. فآثرت الاقتصار على بحث الدكتور سعاد يلدرم المرفق. ولم أتمكن من قراءته كاملاً، فأرجو من المشايخ الكرام التعليق.
وأما قضية قبول التفسير العلمي أو رفضه، فهي قضية تناقش بالعلم والحجة والدليل، وقبل ذلك كله بالأدب وحسن الخلق، وأما الرفض مطلقاً بدون سبب فهذا يحسنه كل أحد.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 Oct 2004, 01:36 م]ـ
الأخ المشرف
كان قولي مقدمة ليقال لي لماذا لا تقبل
ولا أظن أني أسأت الادب
وإذا كنت كمشرف غير قابل بي فاخبرني
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[30 Oct 2004, 03:39 م]ـ
جزاك الله خيرًا يا شيخنا الكريم عبد الرحمن الشهري على تنقيح الملف و جزى الأخ الفاضل أحمد فتحي على جهده المشكور.
الأخ الفاضل الشرباتي المقدسي، حللت أهلاً و نزلت سهلاً في ملتقى اهل التفسير بين أهلك و إخوانك:)، و أرجو أن تتعلم و تستفيد من الملتقى كما نفعل جميعًا: نقرأ و نستوعب و لا نعلق إلا بغرض الاستزادة لا المجادلة.
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع و قلب لا يخشع!
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[30 Oct 2004, 07:10 م]ـ
دكتور هشام
أنت أخ عزيز وكان لي تواصل لطيف معك
وأشكرك على ترحيبك المتحفظ بي
وأنا شخص مفكر وعندي إطلاع وستجد عندي نظرة ثاقبة للأمور
كما اني متعلم لا ارفض العلم المبني على الدليل
ولي موقف بالنسبة للإعجاز ومن الممكن أن نتناقش فيه
ولم يسألني احد حتى الآن عنه
ـ[احمد محمد فتحى]ــــــــ[30 Oct 2004, 09:30 م]ـ
اخى الكريم
قل لى لماذا هذا الحذف او التغير لنتفق علية لنتفق عليه
اولا
وما يمكن ان نتفق علية ما المانع منه اما ان تغير من تلقاء نفسك فهذا امر لا اقرك علية
فهل انت موافق على عدم هذا الاقرار
لك التعليق مع شكرى
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 Oct 2004, 03:15 ص]ـ
الأخ المشرف الشهري
إطلعت إطلاعا سريعا على ملفك--وأجده له قيمة ويستحق مناقشة متأنية في هذا المنتدى المبارك
وسوف أقوم بطباعته لأني لا أطيق القراءة كثيرا من على الشاشة
وإلى أن يحصل ذلك أرجو أن تسمح لي بالتفريق بين تفسير علمي لآية وبين القول بالإعجاز العلمي
نعم هناك آيات لها مدلولات في مجال العلوم الطبيعية ولكن لم يكن هذا وجه الإعجاز والتحدي للعرب
إذ العرب أنذاك كانوا أهل بلاغة وفصاحة لا أهل علوم طبيعية
إذا كيف يتحداهم فيما لا يعرفون؟؟؟
ـ[احمد محمد فتحى]ــــــــ[31 Oct 2004, 05:12 ص]ـ
اخيك
واجو ذكر سبب التغيير
لكم التعليق مع شكرى
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 Oct 2004, 06:05 ص]ـ
الأخ أحمد فتحي
عندي إقتراح بسيط بعد إطلاعي السريع على ملفك
هو أن تلخص موقفك في مشاركة وتنتظر من الأخوة التعقيب عليها
ما رأيك؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Oct 2004, 04:35 م]ـ
حياكم الله جميعاً، وأعتذر عن التعديل أخي أحمد، ولكنني لم أحذف شيئاً مهماً. والوقت يضيق عن مشاركتي حالياً لكن لا تغضب علينا فما أردتُ إلا الفائدة للجميع، وللحديث بقية.
وأما أخي الكريم جمال فليتفضل بما عنده نفع الله به.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 Oct 2004, 05:24 م]ـ
السلام عليكم
إن المعجزة أمر خارق للعادة ومعجزة الرسول عليه الصلاة والسلام هي القرآن وهي دليل نبوته
وهي التي تحدى بها العرب فعجزوا واستسلموا وقالوا أقوالا تشير إلى عجزهم عن الإتيان بمثله من حيث البلاغة والبيان لا من حيث العلوم والأخبار
1 - إن التحدي الذى تحدى به الله العرب كان بما يتقنون وهو اللغة والفصاحة والبلاغة
2 - إن العلوم الطبيعية ليست مما يعرفه العرب آنذاك فلا يمكن ان يتحداهم بما لا يعرفون
3 - إن الإعجاز العلمي كما يقولون واقع في آيات معدودات فما القول في أيات ليس فيها من العلوم الطبيعية شيئا
4 - إن العلوم الطبيعية ليست قطعية ودائمة التغير والتبدل والقران الكريم قطعي من عند الله
ولا يستخدم الظني دليلا لإثبات القطعي
5 - إن العلوم في تغيرها المستمر يجعل ما فسرناه على أنه علم يتفق مع نظرية قيلت لا يصلح مع تغير النظرية
أذكر أنه لما كانت الذرة لا تنقسم كان يقول البعض ها هو القران قد أشار إلى ذلك في قوله تعالى ((ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)) ---ولما انقسمت الذرة بهتوا
6 - إن بعض الايات تتعارض ظاهرا مع بعض النظريات العلمية قال تعالى ((والشمس تجري لمستقر لها)) --أو قوله ((يا نار كوني بردا وسلاما)) ولا مانع من تفسيرها لا على اساس علمي
أي بدون محاولة تفصيل نظرية علمية لها
7 - إن ما ورد من آيات قيل أن فيها بعض العلوم الطبيعية قليل جدا لا يشكل مدعاة لفخر أمام كافر ندعوه للإسلام لأن ما لديه من علوم أوسع واكبر وادق من إشارات وردت في القرآن
وحتى لا أطيل أكتفي منتظرا تعقيبكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن العربي]ــــــــ[01 Nov 2004, 01:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أقوال العلماء في تفسير القرآن بالإعجاز العلمي والنظريات التجريبية
السؤال: ماحكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ ومامدى مشروعية ربط آيات القرآن
ببعض الامور العلمية التجريبية فقد كثر الجدل حول هذه المسائل؟؟
الجواب: إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى (أو لم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض
كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي) بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءً منها ومن شدة
دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً وصارت من الكواكب التي تدور حول
الشمس – إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها.
وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) على
دوران الأرض وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القران الكريم لما يسمونه نظريات
علمية وانما هي ظنيات أو وهميات وخيالات.
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها اصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما
فيها من القول على الله بلا علم.
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
.
عضو عضو نائب رئيس اللجنة رئيس اللجنة
عبد الله بن قعود
عبد الله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة: 4\ 145.
فتاوى العلماء الأكابر في حكم تفسير القرآن بالإعجاز العلمي والنظريات التجريبية
أقوال العلماء في تفسير القرآن بالإعجاز العلمي والنظريات التجريبية
السؤال: ماحكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ ومامدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الامور العلمية التجريبية فقد كثر الجدل حول هذه المسائل؟؟
الجواب: إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى (أو لم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي) بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءً منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس – إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها.
وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) على دوران الأرض وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القران الكريم لما يسمونه نظريات علمية وانما هي ظنيات أو وهميات وخيالات.
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها اصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بلا علم.
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو عضو نائب رئيس اللجنة رئيس اللجنة
عبد الله بن قعود
عبد الله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة: 4\ 145.
هذا قول العلامه الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين
49ـ سئل فضيلة الشيخ محمد العثيمين: هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات العلمية الحديثة؟
فأجاب بقوله:
تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر،
ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله ـ عز وجل (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (صّ:29) وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزل القرآن عليها، أضرب لهذا مثلاً قوله تعالى: () يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ
(يُتْبَعُ)
(/)
تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن:33)
لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ونزلها على ما حدث وقال: إن المراد بالسلطان العلم، وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض وتعدوا الجاذبية وهذا خطأ ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذا فسرت القرآن بمعنى فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها.
ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس وما يؤول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذُكرت بعد قوله تعالى:: () كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن الايات 26 - 28)
فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السموات؟
الجواب: لا، والله يقول: (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض).
ثانياً: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟
والجواب: لا. إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء، ونقول: إن وصول هؤلاء إلى ما وصولوا إليه هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نُحرِّف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا فهذا ليس بصحيح ولا يجوز.
المرجع: كتاب العلم للعلامة ابن عثيمين رحمه الله.
هذا قول العلامه الفقيه صالح بن فوزان الفوزان
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان:
((حكم تفسير القران .. بنظريات علمية حديثة.)).
.. تحت هذا العنوان كتب فضيلته بمجلة الدعوة [العدد 1447 الخميس 21 محرم 1415هـ الموافق 30 يونيو 1994] صـ 23، وبعد أن لخّص كلاما لشيخ الإسلام ابن تيميه في التفسير:
انتهى ملخص كلام الشيخ في الرد على من فسّر آية في القران بتفسير لم يرد في الكتاب والسنة،وأنه تفسيرٌ باطلٌ ..
.. وهذا ينطبق اليوم على كثيرٍ من جهّال الكتبة الذين يفسرون القران حسب أفهامهم وآرائهم ..
أو يفسرون القرآن بنظريات حديثة من نظريات الطب أو علم الفلك أو نظريات روّاد الفضاء ويسمّون ذلك: بالإعجاز العلميّ للقرآن الكريم ..
؛ وفي هذا من الخطورة والكذب على الله الشيء الكثير؛ وإن كان بعض أصحابه فعلوه عن حسن نيّة وإظهاراً لمكانة القرآن .. إلاّ أنّ هذا عملٌ لا يجوز ..
قال صلى الله عليه وسلّم: (من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار.)
.. والقرآن لا يُفسّر إلاّ بالقرآن أو بالسنة أو بقول الصّحابيّ كما هو معلوم عند العلماء المحققين ..
والله الموفق والهادى إلى سواء السبيل
وصلّى الله وسلّم على نبينا محمدٍ وآله وصحبه.
هذا قول الشيخ العلامه سعد الحصين
وقال الشيخ / سعد الحصين حفظه الله:
ولعل أول من وقع في شبهة الاعجاز العلمي في القرآن هو: الغزالي (ت 505 هـ) في (احيائه) اذ إدعى أن اللقرآن يحوي سبعة وسبعين ألف علم، بعدد كلماته مضاعفة أربع مرات بإدعائه أن لكل كلمة ظاهرا وباطنا وحدا ومطلعا، وفي كتابه (جواهر القرآن) يخصص الفصل الخامس لبيان اشتمال القرآن على جميع العلوم أوالفنون الدنيوية.
وكما فتح الغزالي الباب للخلط بين التصوف والإسلام؛ فتحه للخلط بين الفكر والفقه في نصوص الوحي، فجاء من بعده الرازي (ت606) فزاد الطين بلة ثم استفحل الامر فجاء ابن ابي الفضل المرسي (655) فاستخرج الهندسة من قوله تعالى (انطلقوا الى ظل ذي ثلاث شعب) والجبر والمقابلة من الحروف في اوائل السور مثلا ....
والسلام عليكم ورحمة الله وباركاته
منقول
ـ[احمد محمد فتحى]ــــــــ[01 Nov 2004, 02:14 م]ـ
ليست هناك ما يسمى بقواعد المتفق عليها
بين من يقولم بالاعجاز العلمى
حتى نقول اننا قد وصلنا الى اعجاز فى هذة الاية ام لا
بل ان اغلب التعريفات العلمة البيسطة لم يصل اليها العلم
لكم التعليق مع شكرى
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Nov 2004, 05:06 م]ـ
أشكر للجميع مشاركته.
هذا الموضوع قد أشبع بحثاً في الملتقى منذ مدة، بكلام محرر، وأدلة مطولة، ومناقشات مقنعة، شارك فيه الدكتورمساعد الطيار، وغيره، فأرجو مراجعةما سبق كتابته.
الأخوان: أحمد فتحي، وجمال الشرباتي أشكركما على مشاركتكما معنا، وأرجو تحرير المشاركات علمياً قبل اعتمادها، فهذا موقع علمي يقرأه المتخصصون، فلا يصلح فيه الكلام المهلهل، ولا الخواطر السانحة التي لا تستند إلى علم ولا دليل. أرجو العناية بذلك كثيراً، لأنه يخيب ظني كثيراً عندما أرى العناوين البراقة، ثم أدخل إلى المشاركة، فإذا هي لا تفي بالعنوان، ولا تعبر عنه تعبيراً صحيحاً.
ونحن هذه الأيام مشغولون بعض الشيء، غير أنه يوشك أن نعود إلى ما لا يتناسب مع الطرح العلمي في الموقع بالتهذيب والتشذيب، حتى لا يبقى إلا ما ينفع طلاب العلم على وجه يرضي طالب العلم الجاد إن شاء الله. فأرجو إعانة المشرفين على الملتقى على هذا، وأسأل الله لكم التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[12 Apr 2005, 08:44 ص]ـ
انصح بقراءة ما كتبه استاذنا العلامة فضل عباس حول الاعجاز اعلمي في كتابه اعجاز القران فانه ان شاء الله تعالى مفيد وجديد
ـ[الجندى]ــــــــ[12 Apr 2005, 08:08 م]ـ
موضوع ذا صلة:
هل هناك اعجاز علمى فى القرآن؟ ( http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=371)(/)
" الفرقان الحق " فضيحة العصر - قرآن أمريكى ملفق .. بقلم:د. إبراهيم عوض
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:22 ص]ـ
من مواضيعى فى الملتقى القديم
" الفرقان الحق " فضيحة العصر - قرآن أمريكى ملفق بقلم:د. إبراهيم عوض
" الفرقان الحق "
فضيحة العصر - قرآن أمريكى ملفق
بقلم:د. إبراهيم عوض
كلمة سريعة
فى الصفحات التالية دراسة وتفنيد لما يُسمَّى بـ " الفرقان الحق "، وهو عبارة عن مجموعة من السُّوَر تتجاوز الخمسين، لفَّقَتْها، فى الفترة الأخيرة على غرار القرآن الكريم، بعضُ الجهات التبشيرية المتعاونة مع الصهيونية العالمية بتخطيط أمريكى؛ بغية أن تحلّ مع الأيام فى نفوس المسلمين محل القرآن المجيد.
وفى هذه السُّوَر هجومٌ كله إقذاع وفُحْش على سيد الأنبياء والمرسلين، واتهامٌ بذىء بالكفر والضلال والنفاق له عليه الصلاة والسلام، وتسفيهٌ لكل شىء جاء به الإسلام من توحيدٍ ونعيمٍ أُخْرَوِىّ وصلاةٍ وصيامٍ وحجٍّ وجهادٍ وطهارةٍ وتشريعاتٍ أسريةٍ …، وادِّعاءٌ بأن كتاب الله إنما هو وحىُ شيطانٍ إلى شيطان، وتمجيدٌ للتثليث النصرانى ومداعبةٌ من طَرْفٍ خفى لليهود …
وقد نبَّه عدد من الصحف العربية مؤخرا لهذا الكتاب، وقدَّم بعضُها عرضًا سريعا له أبرز فيه الغايات التى يهدف ملفقوه إليها. لكن ْ لم يصل إلى علمى أن أحدًا قد حاول أن يدرس دراسةً تحليليةً هذه السُّوَر التى يقدمها ملفقوها إلى القراء بوصفها وحيا إلهيا، وهذا ما حَفَزنى للقيام بهذه المهمة تبصرةً للأمة بالأخطار التى تتهدد عقيدتها كى تكون على حذرٍ مما يُخَطَّط لها وتأهُّبٍ يقظٍ لما يمكن أن تتمخض عنه الأيام من مصائب ومؤامرات.
وقد استبان لى بعد الدراسة التى قمت بها لتلك النصوص أن أصحابها لم يكونوا بالذكاء الذى تتطلبه مثل هذه المؤامرة، إذ إن الثقوب فيها كثيرة وشنيعة.
وهذا من شأنه أن يؤكد لنا أن الأعداء، رغم تفوقهم العلمى والاقتصادى والعسكرى، ليسوا معصومين بل كثيرا ما يقعون فى الأخطاء المضحكة، وأننا نستطيع أن نضع أيدينا على جوانب ضعفهم وأن نستفيد منها ونحوِّلها إلى نقاط قوة لنا لو صحَّتْ منّا العزيمة وتسلَّحنا بالإخلاص والدأب والصبر والإيمان بالله والثقة بأنفسنا والغيرة على حاضر أمتنا ومستقبلها…
كما يؤكد أيضا أن دين الله لا يمكن أن يغلبه غالب مهما تآمر المتآمرون ومهما خطّطوا ومهما رصدوا الإمكانات والجهود. بيد أن هذا لا يعنى أن نغطّ فى نوم عميق ونَنْكِل عن أداء الواجب المَنُوط بنا، وإلا وَكَلَنا الله للذلة والمهانة واستبدل بنا قومًا غيرنا للتشرف بحفظ دينه والعمل بما فيه من خيرٍ كفيلٍ بإبلاغ من يحرص عليه إلى قمم الذُّرَى العوالى فى القوة والتحضر!
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:24 ص]ـ
فضيحة العصر - قرآن أمريكى ملفق
قرأت فى بعض الصحف العربية بأُخَرة عن ظهور كتاب بعنوان " الفرقان الحق " يهاجم القرآنَ هجوما شرسا، ويسبّ الرسولَ عليه السلام وأتباعَه أجمعين، وعلى رأسهم الصحابة الكرام، مع أن رقبةَ أىّ عِلْج من هؤلاء الذين لفقوا الكتاب لا تساوى قُلامةَ ظُفْر مما يطيِّره المقص من أظافر أرجلهم. وجاء فى بعض ما قرأناه من مقالات عن هذا الموضوع أن جهات تبشيرية وصهيونية محترقة تشرف عليها بعض الدوائر الأمريكية وراء هذا العمل الذى يجسد التعاون الوثيق بين هاتين الجهتين الحاقدتين على سيد الأنبياء عليه السلام والتوحيد النقى الذى جاء به فقَشَع العقائد الوثنية للهمجيين المغرمين بدماء البشر وتقريبها لأربابهم المتوحشين، وكذلك العُنْجُهيّات القبلية اليهودية التى سوَّلَتْ لبنى إسرائيل ولا تزال أن الله ليس إلا ربًّا خاصًّا بهم دون سائر البشر.
وكدَيْدَنِى فى مثل هذه الأحوال أخذتُ أسأل هنا وههنا عن السبيل إلى الحصول على نسخة من ذلك الكتاب كى أفهم الموضوع من مصدره الأصلى، حتى ألهمنى الله أن أبحث عنه فى المِشباك (النِّتْ) حيث وجدته فى موقع تابع لمركز تبشيرى اسمه:
" American Center of Divine Love "
قلت لنفسى: أقرأ كى ألم بالموضوع، قبل أن أكتب عنه حسبما اقترح علىّ بعض من يُولُوننى ظنهم الحَسَن ممن يعرفون اهتماماتى بدراسة مثل هذه الكتب والنشرات، وقرأت فألفيت أصحاب الموقع يعرضونه على أنه وحى سماوى.
(يُتْبَعُ)
(/)
أُوحِىَ إلى من؟ لا أحد يعرف!
متى أُوحِى؟ لا أحد يعرف!
فى أية ظروف أُوحِى؟ لا أحد يعرف!
كما وجدته يفيض بالبذاءات فى حق رسولنا الطاهر النبيل الذى لم تنجب الأرض نظيره فى العبقرية والحنان والرحمة والفهم للطبيعة البشرية والحنو على ضعفها والرقة للمستضعفين والمكسورين والمحتاجين والتحمس لبناء حياة إنسانية مجيدة يسودها العمل والإنتاج والابتكار والعدل والمساواة دون تشنجات صبيانية عاجزة أو تهويمات خيالية فارغة أو أحقاد مريضة أو ادعاءات فارغة. باختصار: حياة إنسانية تنهض على دعامتين من المثالية والواقعية على نحو لم تعرف البشرية ولن تعرف له مثيلا! فمحمد صلى الله عليه سلم، فى هذا الوحى الشيطانى البذىء، كافر ومنافق وضال مُضِلّ يفتري الكذب على الله وسارقٌ قاتلٌ زان ٍ، ومصيره جهنم هو ومن آمن به، وبئس المصير! وأتباعه كَفَرَةٌ منافقون ضالون لصوصٌ قَتَلَةٌ مثله، وصلاتهم وصيامهم نفاق ما بعده نفاق، وحجهم وثنية، وجنتهم جنة الزنى والخنا والفجور، والوحى القرآنى ليس وحيا إلهيا، بل هو وحى تنزّلت به الشياطين الكاذبون على شيطان كاذب مثلهم!
ولم يكد الذين وضعوا هذا الكتاب السفيه ونسبوه تدليسا وافتراء إلى الله يتركون شيئا فى الإسلام إلا خصصوا للهجوم الحاقد البذىء السفيه عليه سورة أو أكثر أرادوا أن يحاكوا بها السور القرآنية، وهيهات، رغم أن كل شىء فى ذلك الكتاب تقريبا مسروق من القرآن الكريم بطريقة القص واللزق كما سنوضح لاحقا، فضلا عن أن مصطلح " السورة " نفسه مسروق من كتابنا المجيد.
والانطباع الذى يخرج به على الفور من يقرأ هذا الكتاب هو أن ملفِّقيه مجرمون عُتَاة فى السفالة وقلة الأدب وأنهم تربية شوارع، ولا يمكن أن يكون كلامهم هذا وحيا إلهيا بحال؛ لأن الألوهية لا يمكن أن تنحدر إلى لغة الصِّيَاعة التى لا يحسنها إلا أرباب السجون المارقون وعصابات الحوارى والمآبين.
وقبل أن نمضى أبعد من ذلك يحسن أن نعرض على القارئ عينة من هذا الوحى المراحيضى كى يستطيع أن يتابعنا فيما يلى عن بينة.
تقول مثلا السطور التى سمَّوْها " سورة الأنبياء ": " باسم الآب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد * يا أيها الذين كفروا من عبادنا الضالين إنكم لتقولون قولا لَغْوًا ما كان شعرا ولا نثرا ولا قولا سديدا (المقصود بذلك هو القرآن) * إنْ هو إلا لغوٌ مردَّدٌ ترديدا * يرغِّب التابعين ترغيبا ويهدد المعرضين تهديدا * حَسُنَ وقعا فى نفوس عبادنا الضالين واستمرأه الجاهلون * سمٌّ فى دسمٍ ولكن أكثرهم لا يشعرون فلا يَبْغُون عنه محيدا * وحذرنا عبادنا المؤمنين من الرسل الأفاكين (يقصدون سيد الرسل والنبيين) فمن ثمارهم يُعْرَفون. فهل يُجْنَى من الشوكِ العنبُ أو من الَحسَكِ التين * أقوال يرتعد منها عبادنا المؤمنون هَلَعًا من التقتيل ونفورًا من الغزو وأَنَفًا من جنة الزنى والفجور * فإذا سمعوها اقشعرت أبدانهم فَرَقًا واستعاذوا بنا من الشيطان الرجيم * وما دَخَلَ الجنةَ من كرر الصلاة لغوا وأما الذين عملوا بمشيئتنا فأولئك هم عباده المفلحون لهم مقام فى الملكوت ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون * إن الظن لا يغنى من الحق شيئا. وما السلام كالقتال وليس من يَلْقَى أخاه المؤمن بغصن الزيتون كمن يُشْرِع عليه سيفا فيقتله ذلك أنه من الكافرين * ونسختم بلَغْوكم قول التوراة والإنجيل الحق فألبستم الحق باطلا وافتريتم أقوالا ما أنزلنا بها من سلطان * وانتحل الوسواس الخناس اسمنا ووسوس فى صدور أوليائه بما ألقى فى رُوعهم من بهت وكفر وهم مصدّقوه فكان بعضهم لبعض ظهيرا * وأَمَرَهم بالمعروف مكرًا منه ونهاهم عن الفحشاء والمنكر والبَغْى قَوْلا إفكًا وحلله لهم تحليلا فكان فعلا مفعولا * وأغوى الجاهلين من عبادنا فاتَّبَعوه وأَبَى الجاهلون إلا ضلالا وكُفُورا * وقد صدَّق عليهم إبليس ظنَّه إذ اتبعوه وأما المؤمنون من عبادنا فما كان له عليهم من سلطان فما أغواهم ولا بدَّد لهم شملا فهم بما أنزلنا موقنون وبحبلنا معتصمون * وما بشرنا بنى إسرائيل برسول يأتى من بعد كلمتنا وما عساه أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق وأنزلنا سنة الكمال وبشرنا الناس كافة بدين الحق ولن يجدوا له نَسْخا ولا تبديلا إلى يوم يُبْعَثون * ولو بشرناهم لما كذّبوا وما أرسلنا
(يُتْبَعُ)
(/)
من رسول إلا بلسان قومه. فأَنَّى نبشِّر بنى إسرائيل برسول ليس منهم وما لسانه بلسانهم وعندهم موسى والأنبياء والمرسلون وقفَّينا على آثارهم بكلمتنا بالحق المبين * وحذّرْنا عبادنا المؤمنين من رسول أفاك تبيَّنوه من ثمار أفعاله وأقواله وكشفوا إفكه وسحره المبين فهو شيطان رجيم لقوم كافرين ".
هذا هو الكلام الذى تفتقت عنه أذهان بل أستاه هؤلاء المآبين، وزعموا كفرا أنه وحى من لدن رب العالمين!
على أن لى كلمة فى هذا المقام لا أحب أن تفوتنى، ألا وهى أن بعض المنتسبين إلى الإسلام يتساءلون فى براءة زائفة: لماذا يصف المسلمون غير المسلمين بأنهم كافرون؟ ألا يُعَدّ ذلك نفيا للآخر وعدوانا عليه وإهانة له؟
شفْ يا أخى الرقة والبراءة ورهافة الشعور التى لا تظهر إلا حين يحاول المسلمون أن يدافعوا بعض دفاع عن دينهم ضد بعض ما يوجَّه لهم ولكتابهم ورسولهم من سباب وشتائم!
وواقع الأمر أن ذلك ليس نفيا للآخر ولا عدوانا عليه ولا إهانة له بحال من الأحوال، فكل أهل دين يعتقدون أنهم على حق، وبطبيعة الحال فمن لا يؤمن بدينهم يسمَّى عندهم كافرا دون أن يكون فى هذا افتئات على أحد. ذلك أن هذه هى مصطلحات أصحاب الأديان: مؤمن وكافر ومنافق ... إلخ، بالضبط مثلما كان الشيوعيون يقولون: تقدمى ورجعى، وطليعى شريف ورأسمالى متعفن، ومثلما يقول الحداثيون الآن: التنويرية والظلامية، والفكر المتحضر والفكر المتخلف ... وهَلُمَّ جَرًّا. وهاهم أولاء مزيِّفو هذه السُّخَامات والسَّخَافات يقولون عن نبينا عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات: أفاك وضال وكافر وكذاب وغير ذلك من الشتائم التى وردت فى النص الذى بين أيدينا وفى غيره من النصوص المشابهة الأخرى، وما خفى مما لا يجرؤون على ترديده على الملإ ويصلنا رغم ذلك بعضُه لهو أشنع وأبشع!
فيا أيها المؤمنون لا يوسوسنّ لكم الشياطين المنتشرون كالوباء بين أظهركم ممن يحملون أسماء مثل أسمائكم، ولهم سِحَنٌ كسِحَنكم، ومكتوبٌ فى هويّاتهم الرسمية أنهم مسلمون مثلكم، بأضاليلهم التى يجهدون بها أن يَحْرِفوكم عن دينكم ويخوفوكم من التمسك بهَدْى نبيكم بشبهة أنه لا ينبغى فى هذا العصر التنويرى الذى يأخذ على عاتقه الدعوة إلى احترام حقوق الآخر أن نسمى هذا الآخر كافرا! ذلك أنهم يسموننا كفرة، ولن يَرْعَوُوا عن هذا أبدا حتى لو مزّق الله قلوبهم تمزيقا وبدّلهم قلوبا غيرها.
إننا لا نحجر على أحد أن يعتقد فينا ما يشاء، فهذا حقه، وليس من حقنا ولا من حق غيرنا أن نتدخل فيما بين المرء وضميره أو نعتدى عليه أو نُكْرِهه على ما لا يحب من عقيدة أو رأى، لكننا أيضا لا نريد من أحد أن يحجر علينا فى الرد على التهم والشتائم التى توجَّه إلى رسولنا العظيم، وأن نبين وجه الوقاحة والبذاءة والبطلان والزيف فيها.
ترى هل فى هذا الكلام صعوبة تَعْسُر على الفهم؟
هم أحرار، ونحن أحرار، وللناس آذان تسمع، وأذهان تفكر، وعقول تميّز وتحكم، ولهم وحدهم الحق فى اتباع هذا أو ذاك مما نقوله نحن أو يقوله الآخرون.
وقبل أن ندخل فى تحليل هذا الوحى الشيطانى ونبين ما يقوم عليه ويغَصّ به من تفاهة وقلة عقل وتناقض وتكذيب للكتاب المقدس نفسه الذى زيَّف الشياطين هذا الوحى لتعضيده وإقناع المسلمين بصحته وبطلان الكتاب الذى نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين على سيد الأنبياء والمرسلين، والذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه دهر الداهرين، قبل هذا نرى أنه لا بد من إعطاء القراء الكرام فكرة عن ذلك الوحى المسمى زورا وزيفا بـ " الفرقان الحق "، وما هو فى الواقع سوى " الضلال المبين " بقَضِّه وقَضِيضه!
إن هذا " الضلال المبين " (وسيكون هذا هو اسمه هنا من الآن فصاعدا) يشتمل، حسبما هو موجود فى الموقع المشار إليه آنفا، على نحو خمسة وأربعين نصًّا يُطْلَق على الواحد منها " سُورَة " تقليدا مفضوحا للقرآن، وكل من هذه السُّوَر يتكون من عدد من الآيات يتفاوت ما بين عدد أصابع اليد الواحدة أو أصابع اليدين والقدمين لا يزيد عن ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا أننى قد لاحظت أن ترقيم هذه السُّوَر غير متسلسل دائما حتى إن أول سورة، وهى " سورة المحبة "، قد أخذت الرقم (2)، كما أن ترقيم السورة الأخيرة، واسمها " سورة البهتان "، هو (59)، ومعنى ذلك أن هناك فجوة فى بعض الأحيان بين السورة والتى تليها، فهل ينبغى أن نفهم من هذا أن هناك سُوَرًا ناقصة؟ لكن لماذا؟ وما هى هذه السُّوَر؟ وأين ذهبت؟ لا أدرى.
كذلك يلاحظ أن أسماء طائفة من سور " الضلال المبين " قد أُخِذَتْ من أسماء سور القرآن الكريم، مثل " النور والنساء والمنافقين والطلاق ". أى أن من افْترَوْا هذا " الضلال المبين " لم يَسْطُوا فقط على نصوص آيات القرآن ليصنعوا منها هذا الترقيع الرقيع بل سَطَوْا على أسماء بعض سوره الكريمة، وإن كانوا قد نقلوها من محلها الطاهر الشريف إلى ذلك الكنيف!
أما الأسماء الأخرى التى لم يأخذوها من أسماء سور القرآن الكريم فمنها " الأساطير والغرانيق والجنة والمحرّضين والكبائر والرُّعاة والشهادة والإنجيل "، وإن كانت كلها رغم ذلك فى الهجوم على القرآن: ففى " سورة الأساطير " مثلا يزعمون أن القرآن ما هو إلا أساطير الأولين كما كان وثنيو العرب يقولون قبل أن يكذّبوا أنفسهم بأنفسهم ويؤمنوا به، وفى " سورة الغرانيق " يدّعون أنه كان فى القرآن آيتان تمجدان الغرانيق، أى اللات والعُزَّى ومَنَاة، ثم حُذِفتا فيما بعد.
أما "سورة الرعاة " فهى هجاء للصحابة والعرب الأوائل الذين حملوا الإسلام إلى العالمين، والذين يحاول أولئك اللصوص السُّطَاة أن ينالوا منهم بالقول بأنهم لم يكونوا متحضرين ولا أغنياء بل كانوا مجرد رعاة، وكأن التلاميذ الذين كانوا يلتفون حول المسيح كانوا من أصحاب القصور ومن خريجى الجامعات، ولم يكونوا من صيادى السمك والعُرْج والبُرْص والعُمْى والمخلَّعين والممسوسين والعشّارين والخطاة على حسب ما جاء فى الأناجيل نفسها! إننا بطبيعة الحال لا نبغى أن ننال من الفقراء والمساكين والمسحوقين، فنحن لسنا من أغنياء القوم ولا من السادة، لكننا أردنا فقط أن ننبه هؤلاء المأفونين إلى مدى السخف والسفالة التى ينساقون إليها فى العدوان على ديننا ورسولنا وصحابته الكرام. وبالمناسبة فلم يكن الصحابة جميعا من الرعاة، بل كان فيهم التجار والزراع والصناع والعلماء والقادة العسكريون، وكان منهم الأفراد العاديون والرؤساء، وكان منهم العرب وغير العرب، كما كان فيهم كثير ممن كانوا هودا أو نصارى ثم أسلموا ... وهكذا يستمر هؤلاء الأفاكون المجرمون إلى آخر السُّوَر الشيطانية المفتراة كذبًا على الله.
وأول ما ينبغى التصدى له فى هذا الوحى الإبليسىّ هو المشاكل الغبية غباء مزيِّفيه التى لا يمكن العثور على مخرج من أىٍّ منها، بل كلما حاول مخترعوه التخلص من بعض ما جرَّتْهم إليه وجدوا أنفسهم يزدادون تورطا، شأن البقرة الغبية التى تحاول الانعتاق من الحبل الملتف حول رقبتها، لكنها بدلا من ذلك تدور فى الاتجاه المعاكس فتجده قد ازداد التفافا حتى خنقها وأودى بحياتها.
فكيف كان ذلك؟
المعروف أولا أن النصارى لا يؤمنون بنبىٍّ بعد المسيح لأنهم يَرَوْن أنه قد أنهى فصول المأساة البشرية بموته على الصليب وتكفيره من ثَمَّ عن الخطيئة البشرية الأولى، وأنه لم يعد هناك مجال لأى شىء إلا لمجيئه فى آخر الزمان، هذا المجىء الذى سيكون بداية لألفيَّةٍ سعيدةٍ يعيش فيها الناس فى هناءة وسلام، فلا خصومات ولا عداوات حتى ولا بين الحيوانات العجماوات، حتى إن الذئب والحمل، كما يقال، سوف تقوم بينهما صداقة ومودة فيلعبان معا ويأكلان معا فى غاية الانسجام والتفاهم! أما اليهود فهم أصلا فى انتظار المسيح الأول لا يزالون لأنهم لا يؤمنون بأن عيسى بن مريم هو المسيح الذى أتى ذكره فى كتبهم. وهذا الكتاب الذى نحن بصدده ليس هو الكتاب الذى ينتظره اليهود مع مسيحهم المنتظر، فهم يريدون مسيحا من بيت داود يعيد إليهم مجدهم ويبنى لهم مملكتهم، أما كتاب " الضلال المبين " فلا يؤدى إلى هذه الغاية على الإطلاق ولا نعرف له صاحبا، فهو كطفل السِّفَاح الذى لا تجرؤ أمه العاهرة أن تُقِرّ به وتنسبه إلى نفسها.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك لا يخفى على القارئ أن غرض كل من الفريقين اللذين اشتركا فى تزييف هذا " البهتان الباطل " يتناقض مع غرض الفريق الآخر. وهكذا يأبى الله العلىّ العظيم إلا أن يوقعهم فى شر أعمالهم.
وهذه أولى بركات محمد ودين محمد!
وعلى كل حال فها هم أولاء المؤلفون الأغبياء يكذّبون أنفسهم بأنفسهم إذ يعلنون بملء أفواههم فى القىء المنتن الذى وَسَمُوه بـ " سورة الأنبياء " (ومن أفواههم النجسة ندينهم) قائلين على لسان رب العزة إننا "ما بشَّرْنا بنى إسرائيل برسول يأتى من بعد كلمتنا وما عساه أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق من بعدى وأنزلنا سنة الكمال وبشرنا الناس كافة بدين الحق ولن يجدوا له نَسْخا ولا تبديلا إلى يوم يُبْعَثون ". إذن فليس هناك نبى يمكن أن يجىء بعد عيسى عندهم، وإلا للزمهم أن يؤمنوا بمحمد، الذى زعموا أنه لم تأت به أية بشارة لا فى التوراة ولا فى الإنجيل.
ليس هذا فحسب، بل إن كلمة " الفرقان" نفسها مسروقة من القرآن، لأن كتابهم المقدس بعهديه العتيق والجديد لم ترد فيه هذه الكلمة، وإلا لذكرها " فهرس الموضوعات الكتابية ". فكيف إذن يزعمون أن الله قد أنزل هذا الوحى مع أنه لم يأت به نبى، إذ الوحى لا ينزل هكذا من السماء على غير أحد، اللهم إلا على سُنّة أنبياء آخر زمن من صنف أولئك الأساقفة الذين شرعت أمريكا أم التقاليع والغرائب ترسِّمهم من اللُّوطِيِّين!
لكن ما هى سُنّة أنبياء آخر زمن هؤلاء؟ هى سنّة المومس التى تحمل سفاحا (والمومس لا تحمل بالطبع إلا سفاحا)، ولا تريد أن يطّلع الناس على ورطتها وخزيها، فعندما يَئِين الأوان ويحلّ موعد الوضع تراها تلف الطفل المسكين الذى لا ذنب له فيما اقترفته يدها الأثيمة فى خرقة وتأتى به فى ظلام الليل الدامس إلى باب معبد من المعابد فتتركه هناك أو تلقيه قرب أحد صناديق القمامة، ثم تنصرف وترقب الموقف من بعيد دون أن يعرف أحد أنها هى صاحبة هذا العار! إنه شُغْل مومسات كما أقول فى بعض كتبى التى أرد فيها على أمثال هؤلاء النُّغُول! إن الأنبياء كانوا دائما ما يأتون فى ضحوة النهار ولا يستترون هكذا فى ألفاف الظلمات المتراكبة المتكاثفة المريبة شأن محترفى اللصوص والقتلة الذين يَلْبِدُون للفريسة المسكينة فى حقل من حقول القصب أو الذرة حتى يأخذوها غيلة وغدرا، ثم بعد أن يرتكبوا جريمتهم الوحشية الخسيسة يعودون لبيوتهم فيمارسون حياتهم لا تُثْقِل ضمائرَهم أيّةٌ من خوالج الندم، إذ قد ماتت قلوبهم وسَوّسَتْ ضمائرهم.
ثم إن الوحى الذى ينزل على الأنبياء لا ينزل دفعة واحدة هكذا بل يتتابع مصاحبا للحوادث والمناسبات التى تجدّ، مما يجعله تجسيدا للتجارب التى خاضها النبى مع قومه، أما هذا " الضلال " فقد صيغ مرة واحدة ثم لُفَّ فى خرقة قذرة نجسة وأُلْقِىَ به عند صندوق قمامة فى سكون الليل البهيم مع انقطاع رِجْل السابلة.
ثم إن ذلك الرِّجْس مخالف فى الواقع لطريقة أهل الكتاب فى تسمية كثير من أسفارهم باسم الأنبياء الذين تُعْزَى إليهم: فهذا سِفْر يشوع، وهذا نشيد الأناشيد لسليمان، وهذه نبوة أَشَعْيا، وهذا إنجيل متى، وهذه رسالة القديس يعقوب، وهذه رؤيا القديس يوحنا ... وهكذا. وعلى ذلك فإننا نتساءل: أين النبى الذى أتى بهذا الضلال؟ ما اسمه يا ترى؟ من أى بلد جاء؟ إلى أى أسرة ينتمى؟ ما صنعته؟ ما سيرته؟ ما أوصافه؟ ما أخلاقه؟ ما رأى الناس فيه؟ ما الذى دار بينه وبين قومه من أخذ ورد؟ ماذا كانت استجابتهم لما أتاهم به أولا ثم آخرا؟ ...
ترى أية نبوة هذه يا إلهى؟
إن القوم لا يحسنون التدليس، وهم برغم ذلك يتصدَّوْن لحرب القرآن ظانّين أنهم قادرون على محوه من النفوس والصحائف على السواء!
يا لهم من مجانين مسعورين!
(يُتْبَعُ)
(/)
وللتفكُّه أذكر أن بعض إخواننا الساخرين أجاب على سؤالى الخاص بشخصية هذا النبى المزعوم قائلا: أتريد أن تعرف مَنْ ذلك النبى؟ قلت: نعم. قال: ولم لا يكون هو الابن الثانى لله؟ قلت: لقد قالوا إنه ليس له إلا ابن وحيد مات على الصليب. قال: هذا كان من ألفى سنة. أتظن ذلك الإله لم تشتقْ نفسه للذرية مرة ثانية طوال هذه المدة فأراد أن ينجب ابنا آخر؟ أم تراه، حتى لو كان قد حدَّد النسل، واتخذ الاحتياطات اللازمة لعدم الإنجاب، لم يحدث أن اخترق طفل جديد هذا الحظر وأفسد تلك الاحتياطات كما يحدث لكثير منا فى مثل هذه الظروف؟ قلت: وهل يصح أن تقيس الآلهة على أوضاع البشر؟ قال: لست أنا الذى قاسهم، بل إلههم هو الذى فعل ذلك. أليس هو الذى أنجب مثلما ننجب؟ فما الذى يمنع أن يكون له ولد ثان وثالث ورابع ... إلى ما شاء الله؟ إلى جانب بعض البنات أيضا إرضاءً للسِّتّ التى لا بد أن تتطلع إلى أن يكون لها بنت أو أكثر كى يساعدنها فى أعمال المنزل ... ومضى الصديق الساخر كلما حاولت أن أغلق عليه السبيل فتح بدل الباب أبوابا، حتى وجدت أنه لا بد من غلق هذا الحوار الذى لا يؤذِن بنهاية.
ثم إن أولئك النُّغُول يرددون ما جاء فى كتابنا العزيز من أنه ما من نبى أُرْسِل إلا بلسان قومه، فما معنى نزول هذا " الضلال المبين " بالعربية، بل بالعربية المسجوعة؟ معناه أنه نزل للعرب، لأنهم هم الذين يتكلمون العربية. أليس هذا هو ما تقتضيه العبارة التى قالها النغول والتى سرقوها بنصها من القرآن المجيد ووضعوها فى هذا الموضع الدنس؟ بَيْدَ أننا قد سمعناهم يقولون بلسانهم (الذى ستقطعه زبانية الجحيم يوم القيامة إن شاء الله ثم تشويه أمام أعينهم وتحشره فى حلوقهم طعامًا نجسًا لأفواهٍ نجسة) إن النبوة لا تكون إلا فى بنى إسرائيل، فليس للعرب فيها إذن أى نصيب (حقدا منهم على إسماعيل وأمه هاجر، التى يقولون إنها أَمَة، وابن الأمَة لا نصيب له عندهم فى البركة النبوية). وبطبيعة الحال فالعرب لا يمكن أن يكونوا قوم نبىّ من بنى إسرائيل، إذ إن بنى إسرائيل هم ذرية يعقوب، أما العرب فهم ذرية إسماعيل كما هو معروف. وهذا إن غضضنا الطرف عن تأكيدهم أن باب النبوة مغلق إلى ما قبل يوم القيامة حسب اعتقاد النصارى،، وإلى مجىء مسيح اليهود حسب اعتقاد بنى إسرائيل، وهو فى الواقع ما لا يمكن غض الطرف عنه أبدا، لكنها طبيعة الجدل المفحم التى أتبعها عادة مع هؤلاء المتاعيس حتى أبين للقارئ الكريم كيف أن الأسداد قد ضُرِبَت عليهم أَنَّى اتجهوا وأَنَّى ارتدُّوا.
وهذه ثانية بركات محمد ودين محمد!
وثالثة هذه البركات المحمدية أن هؤلاء الأبالسة الأغبياء (وهذه أول مرة يقابل الواحد فى حياته أبالسة أغبياء! لكن ما العمل، وكل من يقصد دين محمد بِشَرٍّ فإنه لا يُفْلِح أبدا حتى لو كان أبا الأبالسة جميعا؟)، هؤلاء الأغبياء يَسْطُون على آيات القرآن فى مفارقة غريبة غرابةَ أمرِهم كله وشذوذه، إذ يتهمونه بأنه وسوسة شيطان إلى شيطان. فإذا كان الأمر كما يقولون فكيف لم يجدوا فى الأرض العريضة كلها (ولا أقول: فى السماء، لأن مثل هذا الإجرام لا يمكن أن تصله بالسماء أية آصرة) إلا هذا الوحى المحمدى الذى يزعمون أنه وحى شيطانى كى يتخذوه وحيا لهم؟
بالله عليكم أيها القراء مَنِ الشيطانُ هنا؟
إن المؤمن لينفر من الشيطان ومن كل ما له صلة بالشيطان ولا يفكر مجرد تفكير فى الاقتراب منه أو المرور من الطريق الذى يمكن أن يلقاه فيه. لكن هؤلاء الأبالسة الأغبياء لم يجدوا إلا الوحى القرآنى ليسرقوه ويدّعوه لأنفسهم زاعمين أنه أُنْزِل عليهم من السماء، مع أن السماء لا يمكن أن ترضى هذا العمل الخسيس. والغريب أن عملهم هذا يزعق بعلوّ حسه شاهدا عليهم بالسرقة والسطو، ولكن متى كان لدى هؤلاء المجرمين حياء أو خشية من التى يتحلى بها الآدميون حتى ننتظر منهم أن يستحوا أو يختشوا؟ إنهم من نفس الطينة التى جُبِل منها أمثالهم سارقو فلسطين والعراق وأفغانستان فى عز الظهر الأحمر، الذين يزعمون مع ذلك أننا نحن الذين نريد أن نقتلهم وندمر حضارتهم! والمصيبة أنهم بعد ذلك كله يقولون إن هذا " الضلال المبين " هو من عند الله، أى أن ربهم لص وكذاب متنفِّج، وأدنى من الشيطان
(يُتْبَعُ)
(/)
قدرة على صياغة الكلام والمعانى، ولذلك يسطو على ما كان هذا الشيطان قد أوحاه، حسب زعمهم، إلى محمد ثم يدّعيه لنفسه. ثم إنه مُلْقِيه رغم هذا كله فى قعر الجحيم يوم القيامة لقاء ما استعان به، وذلك على طريقة الأمريكان، إذ يظلون يعصرون الحاكم من حكام العالم الثالث حتى يستنزفوه لآخر قطرة فيه ثم ينقلبون عليه آخر الأمر ويجزونه جزاء سِنِمّار!
وهذا دليل آخر على أن مزيفى هذا " الضلال " إنما هم الأمريكان! إنها نفس الأخلاق المنحطة، وإن كان الشىء من معدنه غير مُسْتَغْرَب!
ولكن ما مغزى عمل هؤلاء الشياطين؟
إنه دليل لا يُنْقَض على أنهم يَرَوْن فى أعماق قلوبهم أن أسلوب القرآن معجز، وإن أنكروا هذا بألسنتهم النجسة، ولذلك استعانوا به رغم اتهامهم للقرآن كله بأنه من وسوسة الشيطان! وهنا أيضا لن أفعل شيئا آخر غير الاقتباس من كلامهم، إذ نجدهم فى الفقرة الأولى من " سورة السلام " يدّعون لبهتانهم هذا أنه وحى معجز. إذن فالقرآن معجز فى رأيهم رغم كل الكذب الذى اقترفوه ضد كتاب الله فى نصوصهم المسروقة كلها تقريبا منه، وهذا نص ما قالوه: " إنا أنزلناه فرقانًا حقًّا بلسانٍ عربىٍّ بيّن الإعجاز لتتبينوا الضلال من الهدى وتعلموا سوء ما كنتم تفعلون ".
ترى ما رأى القارئ الكريم فى ألاعيب هؤلاء النغول الخائبة؟
إن المسلمين يقولون، حسبما يقرأون فى كتاب ربهم وحسبما أكده العلماء الأثبات منا ومنهم، إن أهل الكتاب أساتذة فى العبث بالوحى الإلهى الذى نزل على رسلهم وتحريفه عن مواضعه، لكنهم دائما ما يتهموننا بأننا نردد كلاما غير صحيح. فهل، بعد أن بيّنّا ما صنعوه فى هذا " الضلال المبين "، يمكن لأحد أن يتمارى فيما يتهمهم به القرآن والمسلمون؟ هل يحتاج بعد اليوم أحد إلى برهان آخر على ذلك العبث والتزييف والتدليس والانتحال؟
والغريب بعد هذا كله أنهم قد زيَّفوا، فيما زيفوا من سُوَر ٍ، سورةً بعنوان " الأساطير " تقول أول آية منها للمسلمين: " يا أهل التحريف من عبادنا الضالين "! لا بل إنهم يتهمون الرسول بأنه قد حرّف الإنجيل نفسه! إى والله، الإنجيل نفسه دون أدنى مبالغة! وهذا ما قالوه فى الفقرة الأولى من "سورة الإيمان " بالحرف الواحد: " وحرَّفْتُم آيات الإنجيل الحق وكتمتم كلمتنا واتبعتم صراطا ذا عِوَج وأوهمتم أتباعكم أنكم على صراط مستقيم ". ولا أدرى بالضبط ما الذى جرى لعقول القوم فأقدموا على هذه الهلاوس التى ليس لها من حل إلا أخذ صاحبها على الفور لمستشفى المجانين خَبْطَ لَزْق! وصدق المثل القائل: "رمتْنى بدائها وانسلَّتِ"! الحقّ أن هؤلاء الناس (هذا إذا تجاوزنا وألحقناهم بالبشر) لا يعرفون ما يسمَّى فى اللغات بـ " الحياء "!
على أن سرقتهم لكلمات القرآن وعباراته وتركيباته وصوره وفواصله لا تجعل مع ذلك من " بهتانهم " كلاما معجزا. لماذا؟ لأنهم يفعلون ما يفعله الخياط الغبى الذى يأتى إلى أفخم الحُلَل والملابس فيقتطع من كل منها مِزْعة ثم يشبك هذه المِزَع بعضها مع بعض. وبطبيعة الحال لن ينتج عن ذلك إلا مرقّعة كمرقّعات الدراويش تبعث على السخرية أو على الرثاء أو عليهما معا!
ذلك أن هؤلاء الأوغاد لم ينجحوا قط فى أن يضعوا ما يسرقونه من نصوص القرآن فى مواضعها وسياقاتها، بل يضعونها فى إطار يختلف عن إطارها الذى نُقِلَت منه.
علاوة على أن أولئك اللصوص لا يحسنون عملية لزق النصوص المسطوّ عليها، إذ كثيرا ما تأتى متنافرة لا انسجام بينها.
فضلا عن أن الفواصل (أى نهايات الآيات)، التى يسرقونها هى أيضا من القرآن، لم يتصادف أن جاءت ولو مرة واحدة كما ينبغى أن تأتى الفاصلة الجيدة قارَّةً فى مكانها حاسمةً فى موسيقيتها ومعناها، بل يشعر القارئ أنهم قد اجتلبوها اجتلابا، لا لشىء غير أن يُنْهُوا الآية بسجعة والسلام.
كذلك فإنهم إذا أضافوا شيئا من عندهم كما يقع أحيانا لم يجيئوا إلا بكلام ركيك ثقيل الظل وخيم الأنفاس!
والسورة التى أوردتُها فيما مضى من صفحات تشهد على ما أقول.
(يُتْبَعُ)
(/)
زد على ذلك ما تقوم عليه المسألة كلها من سماجة ليس لها من مثيل، إذ هم يسطون على القرآن ألفاظا وعبارات وتراكيب وصُوَرا وفواصل وينتحلونه لأنفسهم ثم يستديرون له بعد ذلك كله مُزْرِين عليه زاعمين أنه من وسوسة الشيطان! فالأمر، كما تَرَوْنَ، يجرى على أسلوب " حسنة وأنا سيدك! ".
إنهم أشبه بخادمة لِصَّة دنيئة حقيرة قبيحة سليطة اللسان تسرق من سيدتها بعض ملابسها التى لا تستطيع مع هذا أن ترتديها على ما يقتضيه الذوق الراقى أو حتى الذوق السليم ثم تفتعل مشكلة وتترك العمل عندها، لتأتى بعد ذلك إلى هذه السيدة نفسها وقد ارتدت ما سرقته منها من ملابس فتختال بها أمام عينيها بُغْية إغاظتها غير واعية بما تثيره فى نفوس الناس المحترمين أهل الذوق الراقى الكريم من تهكم بغبائها وجلافتها ودناءتها فى التصرف واللبس والكلام، وأنها مهما فعلت واستعرضت وحاولت أن تغيظ سيدتها ليست فى نهاية المطاف غير خادمة لصة حقيرة قبيحة سليطة اللسان ذات ذوقٍ فِجّ متخلف!
ترى هل يفيق هؤلاء اللصوص السفلة إلى مدى الفظاعة التى ارتكسوا فيها حين سرقوا القرآن وانثنَوْا بعد ذلك للمسلمين يشمخون عليهم بفعلتهم الشيطانية؟
أما أنا فمن معرفتى بهم وبطبائعهم وأساليبهم الساقطة لا أعلّق عليهم أملا ولا أتوقع منهم خيرا، إذ العاقل لا ينتظر من المرحاض أن يُثْمِر تفاحا وخَوْخا أو أن يُزْهِر وردًا وآسًا ورَيْحَانا!
على أن المسألة لم تنته فصولا بعد، بل ما زال فى جراب الحاوى مفاجآت مضحكة ... مضحكة من الغم لا من السعادة!
تعالَوْا نَرَ مثلا كيف يبدأ اللصوص السارقون معظم سُوَر " ضلالهم المبين ".
هل رأيتم أحدا قَطّ يبدأ كلاما جديدا له بواو العطف؟ إن هذه الواو إنما تعنى أن هناك كلاما سابقا وأن الكلام الحالىّ هو امتداد لفظى ومعنوى له، وهو ما لا وجود له هنا لأن هذه هى بداية السورة. وهل قبل البداية شىء؟ وعلى رغم وضوح المسألة بل نصاعتها فإن هؤلاء اللصوص لا يراعون هذه البديهية فى عالم النحو والكتابة والأساليب، فتجدهم يقولون مثلا فى مطلع " سورة الطهر ": " باسم الآب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد * ودعانا الشيطان (يقصدون الرسول عليه السلام) بأسماءٍ قُبْحَى غيّبها بأسماء حسنى مكرًا منه ... إلخ "، وفى مطلع " سورة الرعاة " نقرأ: " باسم الآب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد * ومَثَلُ الرسول الصالح كمَثَل راع أورد رعيته وِرْدا طهورا ... "، وفى" سورة المحرِّضين " نطالع: " باسم الآب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد * ونَهَيْنا عبادنا عن القتل ووصَّيناهم بالرحمة والمحبة والسلام ... ". وعلى نفس الشاكلة تجرى بدايات سُوَر " الإيمان والحق والطهر والزنى والمائدة والمعجزات والضالين والصيام والماكرين والأمّيِّين والصلاة والملوك والهدى " وغيرها.
ترى علام يدل هذا؟
إنه يدل على أن الأمريكان والصهاينة رغم كل تقدمهم العلمىّ والتقنىّ والعسكرىّ والسياسىّ والتخطيطىّ لا يستطيعون أن يحبكوا تآمرهم على القرآن الكريم الذى يُضْرَب بهوان أتباعه وتخلفهم فى العصر الحالىّ الأمثالُ والحكمُ والمواعظ.
فعلام يدل هذا مرة أخرى يا ترى؟
يدل على أنهم فى حربهم للقرآن إنما يحاربون الله، والله غالب على أمره. ولو كانت حربهم للقرآن حربا لنا نحن العرب والمسلمين لكان القرآن الآن فى خبر " كان " بعد كل تلك الحروب والمعارك الطاحنة التى لم يكفّوا يوما عن شنها عليه طوال الأربعة عشر قرنا الماضية وجنّدوا لها أعتى العقول عندهم من مبشرين ومستشرقين وسياسيين وعسكريين وكل ما يمكن أن يخطر أو لا يخطر على بالك من صنوف العلماء والمتنفذين لديهم. لكن هاهو ذا واحد مثلى لا فى العير ولا فى النفير وليس بين يديه ولا واحد على الألف مما يتصرف فيه أى مستشرقٍ من الكتب والمراجع والمعاجم والموسوعات والدوريات والمعاونين، هاهو ذا واحد مثلى منقطع عن بلده ومكتبته الخاصة التى كان من الممكن أن تمده على الأقل بالأساسيات التى يحتاجها ك " فهرس الموضوعات الكتابية " أو " دائرة المعارف الكتابية " أو حتى " الكتاب المقدس " نفسه الذى استغرق الأمر منى وقتا طويلا واتصالات متعددة كى أحصل على نسخة منه، أما " فهرس الموضوعات الكتابية " فقد كَلَّفْتُ بموافاتى بما أحتاجه منه بعضَ
(يُتْبَعُ)
(/)
من أعرف فى أرض الكنانة من خلال نظام الرسائل الفورية بالمِشْباك، الذى لا أعرف منه أكثر مما يعرف الجاهل بالسباحة عندما يقعد على الشط مكتفيا بغمس قدمه فى الماء ثم يقول إنه قد نزل البحر وعام فيه مع العائمين! أقول: ها هو ذا واحد مثلى فى هذه الظروف الشحيحة وبهذه الإمكانات الشديدة الضآلة يكرّ على هذا " الضلال " فيُظْهِر عوراته وسوآته بكل بساطة وسهولة.
والسبب؟
السبب هو أننى حين أفعل ذلك إنما أدافع عن القرآن، أى عن قضية موفَّقة مباركة يسندنى فيها ويقينى من العِثار ربُّ القرآن الذى ابتهلتُ إليه أن يسهّل مهمتى فاستجاب بكرم منه وفضل، وهو سبحانه أهل الكرم والبر والتوفيق.
أما الأمريكان والصهاينة ومن لَفَّ لفَّهم وحذا حَذْوَهم فنبشّرهم بخذلان من الله مبين: " إن الذين كفروا يُنْفِقون أَمْوالَهم ليصُدّوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكونُ عليهم حسرةً ثم يُغْلَبون. والذين كفروا إلى جَهَنَّمَ يُحْشَرون * ليَمِيز اللهُ الخبيثَ من الطيّب ويجعلَ الخبيثَ بعضَه على بعضٍ فيَرْكُمَه جميعا فيجعلَه فى جَهَنَّمَ. أولئك هم الخاسرون ". صدق الله العظيم!
إن الإله الذى لا يعرف كيف يصوغ الكلام ولا يدرى أهو فى أوله أم فى وسطه أم فى آخره لهو إلهٌ سكرانُ أو قد أصابه الخَرَف! نعوذ بالله من الخرف وآلهة الخَرَف!
لقد كنا نسمع بإله الحرب وبإله الفنون وبإله الحب مثلا، لكن هذه أول مرة نعرف أن هناك إلها للخَرَف! ومن يَعِشْ يَرَ!
إن مثل هذا الإله لو كان يعيش بين قبائل أفريقيا المتوحشة قديما لقتلوه لانتهاء عمره الافتراضى، وربما أكلوا لحمه أيضا رغم أنه لحمٌ عجوز لا ينضج بسرعة وليس له حلاوة مذاق اللحم العَجَّالى، لكن الأمريكان والصهاينة لا يتنبهون لهذا الأمر على وضوحه البالغ فيُبْقُون على هذا الإله المضطرب الذاكرة والعقل الذى يوقعهم فى مآزق محرجة ليس لها من مخرج!
ألم أقل لكم إن من يتصدى للقرآن فإن مصيره إلى البوار، وبئس القرار؟
على أن خيبة هذا الإله لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه إلى الوقوع فى الأخطاء اللغوية المزرية!
قد يجيبنى بعضهم: وماذا تريد من إله أمريكانى خواجة من أصحاب: " مُشْ فِخِمْتُو يا خبيبى "؟
لكننى أستطيع أن أرد عليهم بأن هذا الإله الخواجة لا بد أنه استعان ببعض العرب فى اختراع هذا الوحى الدنس، وإلا فهذا دليل آخر على أنه، رغم كل علمه وقوته وتقدمه، تفوته أشياء مما تفوت عباد الله اللاأمريكيين، كما حدث فى حكاية البلح الأصفر الذى كان لا يزال على شماريخ النخل فى عز الخريف فى صور القبض على صدام حسين الشهيرة. وأما إن كان قد استعان ببعض العرب، وهو ما أنا موقن منه إيقانا، فمعناه أن بركة القرآن قد آتت أُكُلَها وسطعت (كما يسطع العبيرُ وضياءُ الشمس جميعا) نتائجُها الطيبةُ الطاهرةُ فأفشلت هذا التآمر الخسيس، وانقلب السحر على الساحر الخائب الموكوس، رغم كل ما معه من خبث وسلاح وفلوس!
وبعد، فهذه عينة من الأخطاء اللغوية التى سقط فيها سقوطَ الجرادل صاحبُنا الإلهُ الخواجة وأذيالُه من بنى جلدتنا الذين أخجلونا وشمّتوا الدنيا فينا بجهلهم بلغة القرآن المجيد الجديرة بالحب بل بالعشق بل بالوَلَه حتى ممن يكره كتابَها العزيزَ والرسولَ الذى أُنْزِل عليه هذا الكتاب ضياءً وهدًى للعالمين:
" وما كان النجسُ والطمثُ والمحيضُ والغائطُ والتيممُ والنكاحُ والهجرُ والضربُ والطلاقُ إلا كومةُ رِكْسٍ لفظها الشيطان بلسانكم " (الطهر/ 6، وصوابها: " كومةَ ركس " بفتح التاء لأنها خبر " كان").
و" كى يَشْهَدهم الناسَ " (الصلاة / 3، بفتح سين " الناس " رغم أنها فاعلٌ حقُّه الرفعُ بالضمة).
(يُتْبَعُ)
(/)
و" ذلكم هم المنافقون " (نفس السورة والفقرة، وهى غلطة لا يمكن أن يقع فيها إلا إله أمريكانى من الذين يقولون: " يا خبيبى! يا خَبّة إينى "، أما لو كان رب العالمين هو الذى أنزل هذا الكتاب لقال: " أولئك / أولئكم هم المنافقون "، إذ إن الكاف التى فى آخر اسم الإشارة لا علاقة لها بالمشار إليه، الذى هو هنا " الكافرون "، بل تتغير حسب طبيعة من نخاطبه: إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا، أما الذى يتغير حسب تغير المشار إليه فهو اسم الإشارة نفسه. ومادام " المنافقون " جمعا فينبغى استخدام " أولئك " لهم. ترى أَفَهِم الأوباشُ أم نُعِيد الكلام من البداية؟ ولا بأس عندنا من الإعادة، ففى التكرار للحمير إفادة!).
و" خلقناكم ذكرا وأنثى يتحدان زوجًا فردا " (الزواج / 3، وهو كلام ركيك من كلام الخواجات).
و" الإنتقام " (الإخاء / 11، بهمزة تحت الألف، وهو خطأ شنيع صحته " الانتقام " دون التلفّظ بالهمزة لأنها همزة وصل لا تُنْطَق).
و" وصَّيناكم بألا تَدِنُوا " (الماكرين / 6، يقصد " بألا تدينوا "، وهذا أيضا كلامٌ خواجاتى).
و" سلبتم أقواتِهم " (الماكرين / 7، وهو جهلٌ مُدْقِع أستغرب كيف يقع فيه شيطان، والشياطين، رغم شِرّيرِيّتهم، لا يخطئون مثل هذه الأخطاء البدائية. لكن يبدو أنه من أولئك الشياطين الفاشلين الذين منهم أحمد الشلبى مورّط أمريكا فى العراق. على كل حال فالصواب هو فتح تاء " أقواتَهم " لأنها ليست جمع مؤنث سالما كما يظن الأغبياء، بل جمع تكسير، فلذلك تُنْصَب بالفتحة لا بالكسرة).
و" بإسمنا " (الماكرين / 15، وهى مثل الهمزة فى " الانتقام " لا ينبغى أن تُلْفَظ).
و" زَنُوا " (الماكرين / 17، من " الزنى "، وهو خطأ لا يليق، صوابه " زَنَوْا ").
و"حضيرة " (مرتين: الرعاة / 13، والمحرّضين / 10، والصواب، كما لا يخفى إلا على جاهل قد طمس الله على عينه وجعل على عقله غشاوة، هو "حظيرة "، وهو المكان الذى ينبغى أن يوضَع فيه أمام مذْوَدٍ مملوءٍ تبنًا وبرسيمًا هؤلاء الطَّغَامُ الذين يحاولون بغبائهم أن يطفئوا نور الله بأفواههم النَّتِنَة).
و" نقول له: كن، فيكونَ " (النسخ / 10، بفتح نون " يكون " من غير أى داع، والواجب ضمّها لأن الفعل المضارع لم يسبقه ناصب من أى نوع).
و" أشرك بنا من يشاركنا وِلائِنا لعبادنا " (المشركين / 12، بكسر همزة " ولاء "، وحقها الفتح لأن الكلمة مفعول ثان للفعل " يشاركنا ". وهى، كما يرى القارئ، غلطة لا يقع فيها إلا جاهل له فى الجهل تاريخ عريق مؤثَّل).
و" مؤمنين منافقين " (الكبائر / 9، ولا أدرى كيف يُوصَف المؤمن بأنه منافق، اللهم إلا إذا جاز لنا أن نقول: فلان قصير طويل، وطيب شرير، وذكى غبى ... إلخ، أو إلا إذا احتُجَّ علينا بأن قائل هذا هو الله، الذى لا تُرَد له مشيئة، فهو لا يُسْأل عما يفعل. لكن فات ذلك المجادلَ الشَّكِسَ أن إرادة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيلات وأنها فوق السخافات والسفسطات. أما إذا قيل إنه إله أمريكى يحق له أن يفعل أى شىء دون أدنى حرج، فإننا نبادر بالموافقة ما دام فاعل هذا من ذلك الصنف من الناس الذين وصف رسولنا الكريم واحدا منهم قديما بـ " الأحمق المطاع ").
و" وزعمتم أنكم آمنتم بالكتاب وبأهل الكتاب الذين هادوا والنصارى " (الكبائر / 9، والمخاطَبون هنا هم المسلمون. وفى الكلام ركاكة لا يمكن بلعها ولا هضمها، علاوة على أن المسلمين لا يقولون أبدا إنهم آمنوا باليهود والنصارى، إذ ليس اليهود والنصارى كتابا سماويا ولا نبيا من الأنبياء حتى يكونوا موضوعا للإيمان، فضلا عن أننا، على العكس من ذلك، نؤمن بأنهم حرّفوا كتبهم وعبثوا بها وأنهم ما زالوا مقيمين على العبث والتحريف حتى هذه اللحظة باختراعهم هذا " الضلال المبين " وزَعْمهم أنه كتاب من عند رب العالمين، ناسين أن الكتب السماوية لا تنزل على أهل الأُبْنَة اللوطيين، حتى لو رأت أمريكا أن ترسّمهم أساقفةً وقِسّيسِين).
(يُتْبَعُ)
(/)
و" إنْ هو (أى القرآن) إلا خير شِرْعة أُخْرِجَت للكافرين " (البهتان / 9، وهو وحىٌ حلمنتيشىٌّ خَدِيجٌ لا رأس له ولا ذَنَب، ولا يمكن أن يدور إلا فى اسْت أحد الممرورين المضطربين. لا شفاه الله من دائه بل أخزاه وجعله عبرة لغيره من الكافرين المخبولين! آمين يا رب العالمين. ومن الواضح أن الجهلاء يريدون أن يقولوا إنه " شرّ شرعةٍ أُخْرِجت للكافرين ").
وكما ثبت أن الإله الذى أوحى بهذا " الضلال المبين " هو إله جاهل باللغة التى لفَّق بها كتابه، فسأثبت للقراء الآن أنه إله جاهل أيضا بالكتب التى يقول إنه أوحى بها قبل هذا، وأنه إله لا منطق عنده ولا عقل، وأنه نسّاء كذلك، إذ لا يستطيع أن يتذكر ما جاء فى القرآن الكريم فينقل الآيات التى فيه خطأً، مع أنه، كما قيل لى، كان يفتح المصحف وهو يفعل ذلك. فهل نقول إنه لا يعرف الكتابة والقراءة جيدا؟ أم هل نقول إنه يستعين بمن يقرأون له، لكنهم للأسف يستغلون جهله وأميته فيخدعونه ولا يعطونه المعلومات الصحيحة التى يطلبها منهم؟
يقول بعد البسملة التثليثية فى أول ما يسمّى بـ " سورة الحق "، والحق منها ومن مزيفيها براء: " وأنزلنا الفرقان الحق نورًا على نور محقًّا للحق ومبطلا للباطل وإن كره المبطلون * ففضح مكر الشيطان الرجيم ولو تنزَّل بوحى مَلَكٍ رحيم ". بالله هل هذا إله يدرى ما يقول؟ ما معنى أنه سيفضح مكر الشيطان الرجيم حتى لو جاء به ملاك رحيم؟ تُرَى كيف يمكن أن يأتى بالوحى الشيطانى ملاك رحيم؟ هل الملائكة تتصرف من تلقاء نفسها؟ بل هل يمكن أن يقع منها أى عصيان لأوامر الله؟
ومثلُ ذلك رقاعةً وسخفًا قولُهم فى الفقرة الثانية من " سورة الطهر ": " ولو كنتم أنبياءَ وأُوتيتُم الحكمة واطلَّعتم على الغيب وأتيتم بالمعجزات دون محبة فلا حول لكم ولا منّة وإنما أنتم مفترون ". كيف بالله يمكن أن يكون إنسانٌ ما نبيًّا مؤيَّدًا بالحكمة وعلم الغيب والمعجزات جميعا ثم يرفض الله تعالى أن يعترف به نبيا؟ فمن الذى أرسله إذن وجعله نبيا وأيده بكل هذه المواهب الإعجازية؟ إن القوم إنما يصدرون هنا عن الفكر الوثنى، إذ يتصورون أن هناك إلها آخر يمكن أن يرسل نبيا من لدنه على غير هوى الله فيرفض الله من ثم أن يعترف بنبوته.
وفى أول " سورة العطاء " نطالع الآتى: " يا أيها الذين ضلُّوا من عبادنا، لقد قيل لكم: النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن ... "، ليعود الإله الغافل فى الفقرة السادسة فيقول بخصوص هذه الآية نفسها: " ورحتم تُضِلّون المهتدين وتفترون علينا الكذب إنه لا يفلح المفترون ". والآن أيدرى القارئ الكريم من أين أتى القرآن بعبارة " النفس بالنفس ... إلخ "؟ إنها من التوراة، ونص القرآن هو: " وكتبنا عليهم فيها (أى على بنى إسرائيل فى التوراة) أن النفسَ بالنفسِ، والعينَ بالعيِن، والأنفَ بالأنفِ، والأذنَ بالأذنِ، والسنَّ بالسنِّ ... " (المائدة / 45)، ولا أحد فى اليهودية أو النصرانية إلا ويؤمن بأن التوراة هى من عند الله. والقرآن لم يقل شيئا آخر غير هذا، فما معنى كل ذلك؟ معناه ببساطة أن الإله الذى أوحى هذا الكتاب المسمى بـ " الضلال المبين " هو إله لا عقل لديه ولا ذاكرة! وقد بلغ به فقدان العقل والذاكرة أَنْ وصف هذا التشريع بأنه " حكم الجاهلية "، فضلا عن أنه لم يحسن نقل الآية كالعادة كما لا بد أن القراء قد لاحظوا، إذ نَسِىَ ثلاث جمل كاملة هى: " والعَيْنَ بالعين، والأَنْفَ بالأنف، والأُذُنَ بالأُذُنِ "، وهكذا ينبغى أن يكون الإله والوحى الإلهى، وإلا فلا.
تصوَّروا! تصوروا أن يعيب إلهٌ شريعته التى أنزلها فى كتاب له أرسل به رسولا من رسله أولى العزم هو موسى عليه السلام بأنها " حكم الجاهلية "؟ جاء ذلك فيما يسمَّى: " سورة الحكم "، ونص كلام هذا الهَرِم الفاقد الذاكرة كما جاء فى الفقرة العاشرة من السورة المذكورة هو: " أَفَحُكْمَ الجاهلية تبتغون بأن النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن إنْ هو إلا سُنَّة الأولين وقد خَلَتْ شِرْعة الغابرين ". ثم يمضى الإله المسكين فى تخبطاته بصورة تدعو إلى الرثاء قائلا فى الفقرة التى تلى ذلك مباشرة: " فلا تنتقموا وتَصَدَّقوا به فهو كفارة لكم إن كنتم مؤمنين "، جاهلا فى غمرة
(يُتْبَعُ)
(/)
نسيانه وخَرَفه أن هذا هو ما يقوله القرآن الكريم فى آية سورة " المائدة " التى سبق الاستشهاد بها قبل قليل، مع فارق مهم هو أن القرآن لا يوجب هذا كما يريد منا مزيفو كتاب " الضلال " بل يكتفى بالحث عليه لمن أراد أن يحرز أجرا عند الله ينفعه يوم القيامة، وهو ما يتمشى مع أوضاع المجتمعات البشرية التى لا تستطيع أن تُمْضِىَ أمرها دون محاكم وعقوبات، وإلا لفسد الأمر وعاث المجرمون من أمثال هؤلاء الملفقين بغيا ونهبا وتقتيلا، إذ ما الذى يردع المجرم عن عدوانه وغَيّه لو أُلْغِيَت العقوبات؟ إن هذا ما يتمناه كل مجرم له فى الإجرام تاريخ عريق. أما المبالغة فى الأمر بالتسامح والتظاهر به وتصوُّر أن البشر قادرون عليه فى كل الأحوال فهو نفاق رخيص. وليست العبرة بمثل هذه المبالغة، بل العبرة أن يكون هناك تشريع يحقق العدل ويأخذ لكل ذى حق حقه مع دعوة الناس إلى الصفح ما أمكن، وهو ما فعله القرآن. أما الكلام الساذج عن إدارة الخد الأيسر لمن يصفعك على خدك الأيمن فهو سذاجة بل بلاهة بل تنطع. وأتحداكم أن تأتوا لى بمن يدعو إلى هذا لأصفعه وأرى ماذا سيفعل! إنه ما من دولة نصرانية تخلو من المحاكم والعقوبات والسجون ... إلخ مما هو موجود فى كل البلاد! بل إن الله نفسه يعاقب الأشرار فى الدنيا والآخرة.
وعلى اعتقادكم فإنه سبحانه لم يسامح البشرَ إلا بعد أن عاقب ابنه عقابا لم نسمع أن أبا طبيعيا عاقبه ابنه، بله أن يكون هذا الابن ابنًا بريئًا بارًّا لم يرتكب ذنبا فى حق أحد! ترى لماذا لم يجر الله على سنة التسامح التى تدعون إليها وتظنون أنكم تتفوقون بها علينا، مع أننا، مهما صدقنا ادعاءاتكم فينا، لم نقترف عشر معشار ما اقترفتموه فى حقنا وفى حق الآخرين من جرائم وفظاعات وحشية؟ فلماذا التساخف إذن لمكايدة المسلمين؟
أما إذا كان الأمر مجرد تنطُّع للمباهاة والسلام، فإنى على استعداد لعظة الأوباش بألا يكتفوا بإدارة الخد الأيسر لمن يصفعهم على الأيمن بل لا بد من إدارة القفا أيضا ليتلقَّوْا عليه ما لذ وطاب من الضرب واللَّطْس ثم إدارة الأرداف كذلك للاستمتاع ببعض الركلات، مع كم لكمةً من اللكمات المنتقاة وكم بَصْقَةً من البَصْق الذى يعجبك كى يكون أجرهم عند الله عظيما فى ملكوت السماوات! وسلِّم لى على التسامح.
لو أنكم كنتم صادقين فى هذه المثالية المتنطعة، فلماذا لا تنسَوْن ما تدَّعون أننا آذيناكم به ولا تزالون حتى الآن تتخذونه ذريعة لسحقنا وسحق أية محاولة منا للنهوض من تخلفنا؟
هذا، ولم ندخل بعد فى حكاية " من أخذ منك رداءك فأعطه أيضا إزارك "، وامش بعد ذلك " بلبوصا " تستعرض على الناس فى الشوارع والمجامع سوأتك وأعضاءك التناسلية والإخراجية، ثم تعال فقابلنى يوم القيامة!
لقد كان من الممكن أن يجوز علينا هذا الكلام لو أننا لم نَخْبُرْكم ونَخْبُر سلوككم وأخلاقكم! أمّا، وقد عرفناكم وكان ماضيكم معنا على مدى قرون زفتًا وقَطِرانا، فكيف يدور فى وهمكم أننا يمكن أن نصدق حرفا مما تقولون؟
وعلى كل حال فهذا هو نَصّ سورة " المائدة " الذى سلف الحديث عنه قبل قليل: " فمن تصدَّقَ به فهو كفّارة له ". أستغفر الله العظيم! رضينا بالله ربًّا، وبالإسلا م دينًا، وبمحمد نبيًّا ورسولا، وتبرَّأْنا من كل دينٍ يخالف دين الإسلام!
ليس ذلك فقط، فالواقع أن هذا الإله إلهٌ هجّاصٌ أيضا. ذلك أنه يزعم أنه قد أيّد هذا " الضلال المبين " بالمعجزات حسبما جاء فى الفقرتين الرابعة والخامسة من " سورة المعجزات ". فأين تلك المعجزات يا ترى؟ أفتونى بعلم أيها العقلاء! إن النبى الكذاب الضَّلاِلىّ صاحب هذا الكتاب لم يجرؤ على الظهور للناس الذين يزعم أنه أُرسل إليهم، فكيف يمكن أن يكون قد أتى بمعجزات أراناها فصدّقْنا به وبها، ونحن لم نتشرف أصلا بطلعته الغبية؟ إنه يعرف تمام المعرفة أنه لو فقد عقله وأرانا خلقته فليس له عندنا إلا البراطيش ننهال بها على وجهه السمج حتى تتورم خدود العِلْج الزنيم فى عَلْقَة لم يأكل مثلَها حمارٌ فى مَطْلع أو حرامىٌّ فى جامع!
(يُتْبَعُ)
(/)
وفى تلك السورة نفسها نقرأ هذا الكلام العجيب الذى لا يمكن أن يصدر عن أمّىّ، بله رب العالمين الذى خلق العقل والبيان، فلا يُعْقَل من ثم أن يَتَدَهْدَى لهذا الدَّرْك الأسفل من العِىّ والفَهَاهة واللامنطق، إذ جاء فى الفقرة الثامنة منها وصفًا ل " الضلال المبين " الذى يسمونه كذبًا ومَيْنًا بـ " الفرقان الحق ": " صِنْو الإنجيل ورَجْع الصَّدَى وبيان للناس كافة وتذكرة للكافرين ونور ورحمة وبشير ونذير وهدى للضالين لعلهم يتذكرون ويهتدون ". ترى كيف يكون بشيرا للضالين؟ إن البشارة إنما تكون للمهتدين لا للضالين. لكن من أين يأتى لمخترع هذا " الضلالِ " المنطقُ والبيانُ " وقد طمس الله على بصيرة المزيِّف الدجال؟
ثم إنه، بسلامته، قد حسم الأمر بالنسبة لنا نحن المسلمين ورمانا، فى الفقرة الثالثة من " سورة المنافقين "، فى سَقَر، إذ قال: " وأوردكم جهنم جميعا وإنْ منكم إلا واردها وكان عليه أمرا مقضيا "، كما أنه يقول فى الفقرة السادسة منها عنا: " وطبع الشيطان على قلوبكم وسمعكم وأبصاركم فأنتم قوم لا تفقهون. لا جَرَمَ أنكم فى الآخرة أنتم الخاسرون ". فكيف يجىء بعد ذلك ويتكلم عن الهداية؟ والعجيب أنه رغم هذا يعود فى هذه السورة ذاتها فى الفقرة الثامنة قائلا: " يُلْقِى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم يهتدون كلما أوقدوا نار الكفر أطفأناها ويسعَوْن فى الأرض فسادًا فوَيْلٌ للمفسدين "، مشيرا إلى أنه سوف يأتى علينا يوم نهتدى فيه، أى نتخلى عن توحيدنا لصالح التثليث الوثنى الذى نفض معظم الناس عندهم فى الغرب أيديهم منه. فكيف يريد هؤلاء المجانين منا أن نأكل ما رماه الغربيون فى صندوق القمامة منذ قرون؟ إن المجرمين يتخبطون فى المصيدة التى ساقهم بغضهم وكيدهم لمحمد إليها غير مستطيعين التخلص من ورطتهم.
وتعالَوْا ننظر أيضا فى هذا الاضطراب العقلى الذى تعكسه الفقرة حيث نقرأ أننا نحن المسلمين كلما أوقدنا نار الكفر أطفأها الله سبحانه. فها نحن أولاء، من وجهة نظر هذا الإله المخبول، نشعل نار الكفر منذ أربعة عشر قرنا، فلِمَ لَمْ يطفئها؟ أم سيقال إن عمال المطافئ الذين يشتغلون عنده كانوا مضربين طوال هاتيك القرون عن العمل أو إن أمريكا ضاربةٌ من يومها على مملكته حصارا اقتصاديا يشمل قطع الغيار الخاصة بعربات المطافئ، فلذلك لا يستطيع تشغيلها بل تقف فى مكانها لا تَرِيم كقطعة الخردة؟
ثم إنه فى الآية الثالثة عشرة من نفس السورة يعود فيقول: " يا أيها الذين آمنوا من عبادنا (المقصود هنا النصارى، وربما اليهود أيضا) إذا رُفِع لنا دعاء فإنه يستجاب لكم فيهم ولا يستجاب لهم فيكم فأنتم المقسطون وهم المبطلون ". وإننا لنسأل هؤلاء الأوغاد: لماذا، بدلا من هذه الخَوْتَة ووجع الدماغ وتزييف الكتب الذى تشغلون أنفسكم به، لا تَدْعُون أنتم وبقية المغفلين أمثالكم لنا بالهداية وتفضونها سيرة وتنصرفون إلى ما يصلح حالكم، لا أصلح الله لكم حالا ما دمتم تصرون على الكفر والتآمر على عباد الله الموحدين تريدون أن ترجعوهم كفارا بعد أن أنعم الله عليهم بدين التوحيد؟ ألستم تقولون إن الله أوحى لكم هذا الهباب الذى تسمونه " الفرقان الحق " وأكد لكم فيه أن دعاءكم فينا مستجاب؟ ألستم تريدون لنا أن نؤمن بتثليثكم؟ بسيطة! إن الأمر لا يحتاج لأكثر من دعوة (أو دعوتين إذا لزم الأمر وكان إلهكم نائما نومة القيلولة مثلا أو كان مشغولا بملاعبة ابنه أو مداعبة زوجته ويحتاج من ثَمّ إلى مزيد من التنبيه)، وبعدها تجدوننا قد دخلنا فى دينكم وأصبحنا وثنيين مثلكم، ويرتاح بالكم وتريحوننا من هذه الشتائم التى لا تأتى معنا بنتيجة؟ صحيح: لم لا تفعلون ذلك؟ ولكن لا تنسَوْا أن تعطونى الحلاوة إن وفقكم الله، ولن يوفقكم أبدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة بمشيئته تعالى وحوله وقوته!
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك فهذا الإله الضالّ الُمضِلّ لا يستطيع تذكُّر الآيات القرآنية على وجهها الصحيح فتراه يخطئ فى الاستشهاد بها فى معظم الأحيان رغم حرصه على وضعها بين علامتَىْ تنصيص جريا على أسلوب الباحثين حين يريدون أن يؤكدوا أنهم قد نقلوا النص حرفيا: خذ مثلا قوله فى الاستشهاد، فى الفقرة الحادية عشرة من " سورة القتل " عندهم، بالآية السابعة عشرة من سورة " الأنفال ": " ولَمْ تقتلوهم ولكن الله قتلهم "، مع أن بدايتها فى القرآن الكريم بالفاء لا بالواو.
كما أنه فى أول " سورة الضالين " يستشهد بسورة " الصَّمَد " القرآنية على غير ما جاءت عليه فى القرآن، إذ يقول بعد البسملة الوثنية: " وألبس الشيطانُ الباطلَ ثوبَ الحق وأضفى على الظلم جلباب العدل وقال لأوليائه: أنا ربكم الأحد لم أَلِد ولم أُولَد ولم يكن لى بينكم كُفُوًا أحد ". وليس هذا نَصَّ سورة "الصمد" كما نعرفها فى القرآن منذ أُنْزِلت على خير البرية.
ثم ما الذى يغيظ أى إله فى قولنا عنه إنه واحد أحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، اللهم إلا إذا كان إلها أحمق؟ فلنتركه لحماقته يهنأ بها كما يحلو له هو ومن يرافئونه على هذا الجنون!
أما فيما يسمى: " سورة الطاغوت " فإنه، عند مهاجمته لشريعة الجهاد التى يتهمها زورا بالعدوانية والظلم وتقتيل الأبرياء، ينقل على نحو محرف ما جاء فى سورة " التوبة " من أن " الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتِلون فى سبيل الله فيَقْتُلون ويُقْتَلون وعدًا عليه حقًّا فى التوراة والإنجيل والقرآن "، إذ يقول: " وافترَوْا على لساننا الكذب: بأنا اشترينا من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيلنا وعدا علينا حقا فى الإنجيل. ألا إن المفترين كاذبون ... ". وواضح أن الأفاكين قد أسقطوا عدة كلمات من الآية القرآنية الكريمة عمْدًا حتى لا يُضْطَّروا إلى الإقرار بأن فى التوراة أمرا، لا بالقتال دفاعا عن النفس والعِرْض فقط كما فى الإسلام، بل بالقتل بدافع الكراهية للأمم الأخرى وإبادتها لمجرد الإبادة. وهو ما يعضد قول من قال إن هذا " الضلال المبين " هو ثمرة التعاون الأثيم بين الصهيونية والصليبية، فلذلك يعملون على إظهار اليهود فى صورة المسالم البرىء. والنص الصحيح لآية سورة التوبة هو: " وَعْدًا عليه حَقًّا فى التوراة والإنجيل والقرآن ". ولم يقتصر الأمر فى السورة على هذا الخطإ، بل هناك خطأ آخر فى الفقرة العاشرة حيث أوردوا فى وحيهم الشيطانى الآية السابعة عشرة من سورة " الأنفال " التى تبدأ بقوله تعالى: " فلَمْ تقتلوهم، ولكن الله قتلهم " على النحو التالى: " وما قتلتموهم ولكن الله قتلهم ".
كذلك نجد فى "سورة النسخ " خطأ آخر من ذات النوع، إذ يقول إلههم المسطول فى الفقرة الثانية عشرة: " وإذا قيل: " هو قولٌ افتراه (أى الرسول) " قلتم: " فَأْتُوا بعَشْرِ سُوَرٍ مثله مفتريات إن كنتم صادقين ". وتعليقا على هذا نقول: أوَّلا ليس فى القرآن عبارة " هو قول افتراه ". ثانيا: لم يتخذ ردُّ القرآن على دعوى الكفار بافتراء النبى للقرآن صيغةً واحدةً فى كل مرة، بل كان يختلف من موضع إلى آخر. ثالثا: العبارة التى أوردها هذا الإله المائق المأفون لم ترد فى القرآن على هذا النحو، بل نصها فى الآية الثالثة عشرة من سورة " هود " هو: " فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ".
وفى " سورة الوعيد " نقرأ فى الفقرة الأولى قولهم: " يا أيها الذين ضلّوا من عبادنا (والمقصود نحن المسلمين ورسولنا): لقد توعدتم عبادنا المؤمنين بلساننا افتراءً فقلتم: " يا أيها الذين أُوتُوا الكتاب آمِنوا بما نزَّلْنا مصدِّقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردَّها على أدبارها ونلعنهم كما لعنَّا أصحاب السبت لَعْنًا "، مع أن النص القرآنى يقول: " أو نلعنهم " (بـ " أو " لا بالواو)، كما أنه يخلو من المفعول المطلق: " لَعْنًا ". وفوق ذلك فإن هذه الآية موجهة إلى اليهود، فما معنى تسميتهم فى " الضلال المبين " بـ " عبادنا المؤمنين "، والنصارى يعدون اليهود كَفَرَةً كُفْرًا لا كفر بعده ولا قبله؟ أترك المخابيل مع هذه المسألة وحدها يحاولون أن يجدوا لها حلا، وهيهات! وإلا
(يُتْبَعُ)
(/)
لكانوا مكذِّبين بالمسيح وبالأناجيل.
ولعل القارئ لم ينس أيضا ما نبّهْنا إليه قبل قليل من إسقاط هذا الإله الخَرِف للجمل الثلاث من آية سورة " المائدة " التى تتحدث عن القصاص فى التوراة. ونكتفى بهذه الأمثلة، ومن يُرِدْ غيرها فليرجع بنفسه إلى هذه النصوص الكفرية المتهافتة السخيفة! ومرة أخرى أرى أن هذا الإسقاط لبعض كلمات الآية القرآنية هو تعضيد لمن يقولون عن تزييف هذا " الضلال المبين " إنه نتيجة الجهود والمؤامرات المشتركة من جانب اليهود والنصارى فى أمريكا مع الاستعانة بطائفة من العرب الأرجاس الأنجاس!
والطريف المضحك أن كتاب " الضلال المبين " يدور كله من أوله لآخره على المسلمين ونبيهم والكتاب الذى أنزله الله عليه: لا يشتم غيرهم، ولا يحاول أن يَخْتِل أحدا عن دينه سواهم، ولا يترك شيئا أىّ شىء فى دينهم دون أن يسفِّهه ويُزْرِىَ به مناديا إياهم فى مفتتح كل سورة تقريبا من سور "ضلالهم المبين" بـ " يا أهل الجهل " أو " يا أهل الظلم من عبادنا " أو " يا أيها الذين ضلُّوا من عبادنا " أو " يا أيها الذين أشركوا من عبادنا الضالين " أو " يا أيها الذين كفروا من عبادنا الضالين " أو " يا أيها المنافقون من عبادنا الضالين " أو " يا أيها المفترون من عبادنا الضالين " أو " يا أهل التحريف من عبادنا الضالين "، وكأن الله سبحانه وتعالى لم تعد له شُغْلَة ولا مَشْغَلَة إلا المسلمون.
ولكن لم يا ترى؟
السبب هو أن المسلمين يوحّدونه ولا ينسبون له ولدا، سبحانه! ولأنهم يصلّون له وحده لا يشركون فى عبادتهم له أحدا من خلقه. باختصار: لأنهم لا يتبعون سُنّة الوثنيين فى أىٍّ من عقائدهم أو عباداتهم أو تشريعاتهم. فهذا التوحيد النقى المطلق هو الذى يغيظ ... يغيظ من؟ لا، لا يمكن أن يغيظ هذا الإيمانُ الناصعُ الصافى اللهَ سبحانه وتعالى بل إلها أحمق مغفَّلا كهؤلاء الذين يعبدونه وهم يحسبون، بعقولهم الزَّنِخَة العَطِنة وقلوبهم السوداء العَفِنة، أنهم يُحْسِنون صنعا!
هذا إلهٌ متخلفٌ ينبغى أن يُعْهَد به إلى من يُفَهِّمه ويرشده ويُحَضِّره ويُبَصِّره بمصلحته وما يصحّ وما لا يصحّ فى حقه، بالضبط كما يفعلون بأولياء العهد فى الدُّوَل الملكية، إذ يُحْضِرون لهم فى صغرهم أساتذة يعلّمونهم فنون البروتوكول، حتى إذا جاء عليهم الدَّوْر ليحكموا البلاد كانوا جاهزين لتولى أمور المُلْك ولم يكونوا عارا على بلادهم وأُسَرهم. ولكن يبدو أن هذا الإله لم يجد فى صباه من يأخذ بيده ويعلّمه مقتضيات الألوهية على وجهها الصحيح، فلذلك نراه يفضّل أن يشرك به عبادُه على أن يُفْرِدوه بالألوهية ويخصّوه بالعبادة والدعاء والتمجيد!
إن هؤلاء الأغبياء ما زالوا سادرين فى أوهامهم التى كانت تجوز على المتخلفين فى العصور الوسطى والتى تخلصت منها أوربا عندما أذَّن فيها المؤذن ببزوغ فجر النهضة، ناسين أننا الآن فى القرن الواحد والعشرين!
صحّ النوم يا أيها المتخلفون!
أو لم تجدوا فى طول الأرض وعرضها على رُحْبها واتساعها من يحتاج إلى الهداية إلا المسلمين؟ أولم يأتكم نبأ عُبّاد البقر أو عُبّاد النار أو عُبّاد الشيطان أو الشيوعيين مثلا؟ أَوَقَدْ نَسِيتم ما كنتم تقولونه فى اليهود الذين تتهمونهم بقتل ربكم؟ ألا يحتاج أىٌّ من هؤلاء أن تُولُوه شيئا من هذا الحنان الزائف الذى تغدقونه علينا بالإكراه والذى تسمونه: " المحبة "؟
فلنفترض أننا نحن المسلمين ضالون فعلا كما تزعمون كذبًا ومَيْنًا، أليس ضلالنا هذا أنظف من ضلال هؤلاء الذين ذكرتُهم آنفا؟ إننا على الأقل نعبد الله ونوحّده ولا نشرك به شيئا، فضلا عن أننا لم نقتل المسيح ولم نطعن أمه فى عِرْضها مما سنتناوله بالتفصيل فيما بعد، بل نؤمن به نبيًّا من أنبياء الله ونحترمه ونكرّم أمه تكريما لا يكرِّمها إياه أحد من العالمين. فنحن إذن، على أسوإ الفروض، أفضل من غيرنا، فلماذا كل هذه البذاءة والسفالة والوقاحة مع رسولنا ومعنا دون الناس أجمعين؟ ثم تقولون لنا بعد ذلك إن دينكم هو دين المحبة!
(يُتْبَعُ)
(/)
أية محبة تلك التى تسوِّل لكم التطاول علينا واتهامنا مع ذلك كله بأننا نحن المعتدون القاتلون اللصوص السارقون، فى الوقت الذى تهجمون فيه على بلادنا وتدمرونها تدميرا، وتقتّلون رجالنا ونساءنا وأطفالنا، وتسرقون بترولنا، وتحتلون بلادنا، وتعذّبوننا وتهينوننا وتنتهكون أعراض نسائنا، وتضربوننا بالقنابل والصواريخ والطائرات والدبابات والبوارج ... إلخ؟ إن جنودكم اللوطيين ومجنَّداتكم السحاقيات يعتدون على إخواننا وأخواتنا فى السجون والمعتقلات فى أرض الرافدين (وهذا مجرد مثال) بكسر عظامهم، وإبقائهم عرايا فى صَبَارَّة الشتاء مع غمر الزنازين بالماء الوسخ حتى لا يستطيع المساكين النوم، وتسليط الكلاب المتوحشة عليهم تنهش خُصَاهم وغراميلهم فينزفون حتى الموت، فضلا عن إكراههم للأب أن يمارس اللواط مع ابنه والعكس بالعكس، واغتصاب النساء والفتيات العفيفات اللاتى يفضلن الموت بعد خروجهن من المعتقل على الحياة مع هذا العار، طالبين منهم ومنهن أن يشتموا الله ورسوله ويرددوا أنهم يؤمنون بالصليب وبيسوع ابن الله، قائلين إنهم جاؤوا إليهم يحملون رسالة المحبة، وهم لم يحملوا إلا رسالة اللواط والسحاق والتعذيب والتقتيل والتدمير البربرى الذى لا يترك شيئا يمرّ عليه إلا جعله أنقاضًا وأحجارًا لا يُعْفِى من ذلك مدرسة ولا مصنعا ولا متحفا ولا بيتا ولا مسجدا؟ أية محبة جئتمونا بها أيها الوحوش؟ لعنة الله عليكم وعلى ما جئتمونا به! اغربوا عن وجوهنا، لا نريد أن نراكم!
أىّ جنون ذلك الذى طوّع لكم أننا يمكن أن نترك توحيدنا الطاهر العظيم وندخل معكم فى تثليثكم وتصليبكم؟ فلتحتفظوا بهذه المحبة لأنفسكم بدلا من اللهاث وراء إضلال من هداهم الله وعافاهم من هذا الرجس وذلك البلاء، والعياذ بالله!
لماذا لا توجهون دعوتكم هذه إلى من تركوا منكم دينهم واتخذوا الإلحاد دينا بديلا، وهم الأغلبية الساحقة فيكم؟
أنتم تقولون فى " ضلالكم المبين " إننا ذاهبون إلى الجحيم! ماشٍ، فلتريحوا إذن أنفسكم ولتوفروا جهودكم وأموالكم وأوقاتكم، ولتنصرفوا عنا ما دام الأمل فينا مقطوعا. أليس هذا ما يقول به العقل يا من عدمتم العقل؟
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:27 ص]ـ
والآن إلى بعض ما يقوله هؤلاء الأوساخ فينا وفى رسولنا وديننا عقيدةً وعبادةً وتشريعًا:
" يا أيها المنافقون من عبادنا الضالين: أَنَّى تشهدون بما لم تشهدوا وترددون ما لا تفقهون. لقد شهدتم إفكا وقلتم بَهْتًا ونُكْرا * وبلَّغتم الناس ما ليس لكم به علم. وأنفذتم جاهليتكم على الراسخين فى العلم والدين القويم فأثقلتم كواهلهم وزرا * وشُبِّه لكم الحق فما فهمتم للتجسد معنى وما فهمتم للبنوة مغزى وما أدركتم للفداء مرمى وما علمتم من أمور الروح أمرا * وعلَّم الأميين أمِّىٌّ كافر فزادهم جهلا وكفرا * وأخرجهم من النور إلى الظلمات وأضلهم قسرا " (الشهادة/ 1 - 6).
" إن الذين يُقِيمون الصلاة فى زوايا الشوارع والمساجد رياءً كى يشهدهم الناس ذلكم هم المنافقون وهم فى الحقيقة لا يُصَلّون * فمن نوى أن يصلى فليدخل داره وليغلق بابه ويصلِّ خفيةً نجزيه علانية بعين العالمين * تكررون الكلام لغوا كعَبَدَة أوثان تظنون أنكم بالتكرار تُسْتَجَابون * إننا نعلم سُؤْلكم قبلما تَسْألون * وترددون الدعاء طمعًا بدخول الجنة فلن تُفْتَح أبواب الجنة للمنافقين. أما الذين يعملون بمشيئتنا فهم الذين يدخلون " (الصلاة / 3 – 7).
" يا أيها المنافقون من عبادنا: إن صيامكم غير مقبول لدينا وغير ممنون * فما كان الصوم تضوُّرًا لأجَلٍ معلوم * تتخمون صُوَّما أكثر منكم مفاطر وكالأنعام تَطْعَمون * ترهقون أجسادكم ونفوسكم نهما فكأنكم ما طَعِمْتم من قبل ولن تكونوا من بعد طاعمين * وتأكلون السنة فى شهرٍ جشعا لضَعَتكم وتضوُّركم فخيرٌ لكم ألا تصوموا فإنه لا أجر للضعاء والمتضورين * وتكلِّحون وجوهكم وتصعِّرون خدودكم للناس لتَظْهَروا صائمين إنما يفعل ذلك القوم المنافقون " (الصيام / 3 - 8).
(يُتْبَعُ)
(/)
" يا أهل العدوان من عبادنا الضالين: تسفكون دماء البهائم أضحيات تبتغون مغفرة ورحمة من لدُنّا عما اقترفت أيديكم من قتل وزنى وإثم وعدوان * إنما أضحية الحق قلبٌ طهيرٌ يتفجر رحمة ومحبة وسلاما لعبادنا ورفقا بالبهائم فلن ينالنا لحومُها ولا دماؤها ولكن ينالنا تقوى المتقين " (الأضحى/ 7 – 8).
" وهبط الذين اتبعوا الطاغوت إلى دركٍ سحيقٍ فاشْتَرَوُا الحربَ بالسلام والسلبَ بالإحسان والزنى بالعفة والكفرَ بالإيمان فخسرت تجارتهم وكسبوا عذابا وبيلا * واقترفوا الفحشاء والمنكر والبغى سعيًا وراء جنة الزنى يوعَدونها وَعْدًا غَرورًا وثوابًا إفكًا من الشيطان، ألا بُعْدًا لجَنّة الكافرين وتَعْسًا لمن بها يُوعَدون * وافترَوْا على لساننا الكذب: " بأنا اشترينا من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيلنا وعدًا علينا حَقًّا فى الإنجيل ". ألا إن المفترين كاذبون. فإنا لا نشترى نفوس المجرمين إنما اشتراها الشيطان اللعين * وأشركونا فى عصبة تقتل وتسلب عبادنا وفرضوا لنا فى خمس ما يغنم الغزاة المجرمون * وبرّأهم المنافقون فقالوا: " وما قتلتموهم ولكن الله قتلهم ". ألا إنا لا نقتل عيالنا لنغنم مع القتلة والمعتدين " (الطاغوت / 6 – 1).
" يا أيها الذين كفروا من عبادنا الضالين: لقد جعلتم من جناتنا مواخر للزناة ومغاور للقتلة ومخادع رِجْس للزانيات ونُزُل دعارة للسُّكارَى والمجرمين " (الكبائر / 1) ... إلخ.
ومن الواضح أن مَثَلهم حين يتظاهرون بالعيب على دين رب العالمين كَمَثَل المومس التى لا يعجبها عفة الحرائر الشريفات فتذهب تعيبهن قائلةً فى تباهٍ وتشامخٍ كاذبٍ داعرٍ إنها عشيقة لفلان وفلان من أكابر القوم وليست زوجة لرجل لا هو صاحب شهرة ولا ذو منصب كبير من السفلة المجرمين!
ماذا فى إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة والصلاة والصيام؟
وماذا فى الصلاة فى المساجد بحيث يُزْرِى عليها الكَفَرَة المارقون؟ ألا يصلون فى الكنائس؟ أكل من صلى منهم يذهب إلى مخدعه فيصلِّى؟ إن الصلاة فى الإسلام تجوز فى أى مكان: فى الشارع، وفى الحقل، وفى المصنع، وفى ميدان القتال، وفى السَّفَر، وفى الحَضَر ... ذلك أن الله سبحانه فى كل مكان، ولا بد من عبادته فى كل حين، وإلا فلو انتظر الإنسان حتى يعود إلى كِسْر داره ويدخل مخدعه فلن يصلى ركعة واحدة إن شاء الله، وهذا ما حدث فى بلادكم، حيث لا تذكرون الله إلا كل أسبوعٍ مرة. وهذا بالنسبة للعجائز وأمثالهم، أما الشبان والشابات فإنهم لم يعودوا يعبدون الله ولا مرة كل مائة عام، فقَسَتْ قلوبهم، فبئس الاقتراح اللعين من القوم الملاعين! والعبرة فى كل حال بإخلاص النية وتطهير القلب من الرياء، أما اتهام الآخرين بالنفاق زورا وبهتانا عاطلا مع باطل، واحتقار عبادة الموحدين وإظهار التنطُّس والاشمئزاز منها، فهو بعينه الكِبْر وجمود القلب الذى أَصْلَى المسيحُ عليه السلام اليهودَ بسببه قوارصَ الكلمات وقوارضَ اللعنات!
ثم ماذا فى الصيام؟ أليس فى دينكم صيام أيضا؟
وماذا فى الأضاحى؟ إنكم تُظْهِرون الشفقة عليها، فهل نفهم من هذا أنكم لا تذبحون الحيوانات ولا تتسمَّمون بها؟ وهل يكره الله من عباده أن يُطْعِموا من أضاحيهم الفقراء والمساكين؟ فأين المحبة والرحمة التى تصدِّعون رؤوسنا بها ليل نهار؟ أم إن اللحم لا يصلح إلا إذا كان من جسد المسيح تأكلونه كما يفعل الوثنيون؟ كيف يا إلهى يأكل الإنسان جسد ربه ويشرب دمه؟ ومن غبائكم وجهلكم تسمّونه " الخروف " كما أفهمكم يوحنا فى هلاويسه (رؤيا / 5/ 6 فصاعدا. وفى إنجيل يوحنا أنه " حَمَل " / 1/ 29، 36)، فيا لكم من خرفان غبية بليدة تسمِّى ربَّها خروفا.
(يُتْبَعُ)
(/)
يا أكلة الخنزير الذى حرّمته السماء وحلّله لكم، تقرُّبًا إلى الوثنيين، بولس اللعين (كورنتوس 1/ 6 / 12– 13، 9/ 19 – 29، وكولُسِّى/ 2 كله)، ومهّد له الطريقَ قبلا بطرسُ ذو العقل الثخين (أعمال الرسل / 9 – 16، و 11/ 2 – 10)، والذى يجعلكم تبغضوننا وتحقدون علينا إلى يوم الدين! إننا حين نذبح الأضاحى إنما نذبحها ليَطْعَم معنا منها المحتاجون والجائعون، لا ليتمتع برائحتها الله رب العالمين، وكأنه إله من آلهة الوثنيين حسبما صورتموه فى " الكتاب المقدس " لديكم، ولذلك تُتْرَك فلا يأكل منها أحد. وهذا معنى قوله تعالى: " لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها، ولكنْ يناله التقوى منكم " (الحج / 37)، الذى سرقتموه كعادتكم ونقلتموه إلى " ضلالكم المبين "، دون فهم كالحمار الذى يجلس إلى مكتب ويمسك كتابا بحوافره يظن أنه بذلك سيكون من الآدميين الذين يفهمون، ثم جئتم تَشْغَبون به علينا فى عنادٍ حَرُون. وهذه أول مرة أسمع بإله يضيق صدره بإطعام الفقراء والمساكين. أىّ إله هذا يا ترى؟ ومن أية جِبِلَّةٍ جُعِل؟ هذا إلهٌ قاسٍ غليظ القلب والوجدان، نعوذ بالله منه وممن صنعوه وعبدوه!
على أن ثمة شيئا خطيرا فات هؤلاء الأوغاد، ألا وهو أن الإسلام هو الدين الوحيد الذى يشهد كتابه لمريم عليها السلام بالعفة، فهل من العقل أن يأتى إنسان إلى الشاهد الوحيد الذى يملكه فيسبّه ويتطاول ويتسافه عليه ويكذِّبه ويفترى ضدَّه الأكاذيب؟ إن ذلك لهو الحماقة بل هو الجنون بعينه، فضلا عما فيه من قلة أدب ووغادة!
ومعروف ما يقوله، عن عيسى وأمه، اليهود الذين يضع الأوغاد الآن أيديهم فى أيديهم ليكونوا علينا إِلْبًا واحدا. إنه عندهم ابن سِفَاح، وكانوا يعرّضون به قائلين فى وجهه: " لسنا مولودين من زِنًى " (يوحنا / 8/ 42).
وبطبيعة الحال لا يمكن إبطال هذه التهمة بأدلة قانونية، إذ المعروف أن المرأة لا تحمل ولا تلد إلا إذا اتصلت برجل: عن طريق الزواج أو من خلال علاقة غير شرعية. ولم تكن مريم قد تزوجت بعد، فلم يبق أمام الناس إلا الباب الثانى، اللهم إلا إذا ثبت بدليل غير عادى أنها لم تَزْنِ، وأين هذا الدليل إلا فى القرآن الكريم، الذى يتطاول عليه بَغْيًا وعَدْوًا أغبى من عرفت الأرض من المخلوقات؟ لقد ذكر المولى فى كتابه أن جبريل عليه السلام قد أتاها رسولا من الله ونفخ فى جيبها فحملت بعيسى. لكن أحدا لم يَرَ جبريلَ وهو يفعل ذلك، فلم يبق إذن إلا تبرئة القرآن الكريم لها، فضلا عما حكاه عن كلام عيسى فى المهد دليلا على عفتها! والغريب أن هذا الدليل الذى يقول به القرآن لتبرئة مريم غير موجود فى الأناجيل الموجودة فى أيدى النصارى! فما معنى هذا؟ معناه أن هؤلاء الحمقى المغفلين يتركون الدنيا كلها ويتفرغون للتطاول والتباذُؤ والتسافُه وإقلال الأدب والحياء على المسلمين، الذين يمثلون المخرج الوحيد لهؤلاء البهائم من ورطتهم! وهذا دليل على الخبال الذى هم فيه، وهو أمر طبيعى جدا، إذ ما الذى ننتظره لمثل هؤلاء الأباليس؟ أننتظر أن يوفقهم الله جزاء كفرهم وبغيهم على رسوله والكتاب الذى أنزله عليه نورًا للعيون وهُدًى للقلوب؟
ولم يكن اليهود هم الوحيدين الذين ينسبون عيسى عليه السلام إلى أب من البشر، بل كان الناس جميعا يقولون إن أباه هو يوسف النجار. لا أقول ذلك من عندى، بل تذكره أناجيلهم التى نقول نحن إنها محرفة فيكذّبوننا عنادا وسفاهة! لقد كتب يوحنا فى إنجيله (1/ 5) أن الناس كانت تسميه " ابن يوسف "، وهو نفس ما قاله متى (1/ 55) ولوقا (3/ 23، و 4/ 22)، وكان عيسى عليه السلام يسمع ذلك منهم فلا ينكره عليهم. بل إن لوقا نفسه (2/ 27، 33، 41، 42) قال عن مريم ويوسف بعظمة لسانه مرارًا إنهما " أبواه " أو " أبوه وأمه ". كذلك قالت مريم لابنها عن يوسف هذا إنه أبوه (لوقا / 2/ 48). ليس ذلك فحسب، بل إن الفقرات الست عشرة الأولى من أول فصل من أول إنجيل من الأناجيل المعتبرة عندهم، وهو إنجيل متى، تسرد سلسلة نسب المسيح بادئة بآدم إلى أن تصل إلى يوسف النجار (" رجل مريم " كما سماه مؤلف هذا الإنجيل) ثم تتوقف عنده. فما معنى هذا للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ... ؟ لقد توقعتُ، عندما قرأت
(يُتْبَعُ)
(/)
الإنجيل لأول مرة فى حياتى، أن تنتهى السلسلة بمريم على أساس أن عيسى ليس له أب من البشر، إلا أن الإنجيل خيَّب ظنى تخييبا شديدا، فعرفت أنّ من طمس الله على بصيرته لا يفلح أبدا. ثم إنهم بعد ذلك، ويا للغرابة، يجدون فى أنفسهم النَّتِنة الجرأةَ على التَّسَافُه على رب العالمين وإيذاء رسوله الكريم فى صحائفَ ملفقة زاعمين أنها وحى من لدن رب العالمين، وكأن الله سبحانه وتعالى لم يجد فى كونه الواسع العريض غير المآبين الموكوسين ليتخذ منهم أنبياءه وينزّل عليهم وحيه الشريف!
لكن خيبة هؤلاء السفهاء لا تنتهى عند هذا الحد، إذ هم يُصِرّون على أنه عليه السلام قد صُلِب، ويخطِّئون القرآن لنفيه واقعة الصَّلْب، بل يكفّروننا نحن ورسولنا لهذا السبب، مع أنهم لو عقلوا لقبلوا أيديهم ظهرًا لبطن، ثم عادوا فقبلوها بطنًا لظهر ... وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية. لماذا؟ لأن العهد العتيق الذى لا يصح لهم إيمان إلا به يؤكد أن من عُلِّق على خشبة فهو ملعون من الله (تثنية الاشتراع / 21/ 22)، وعيسى، بنَصّ ما جاء فى " أعمال الرسل "، قد عُلِّق على خشبة (5/ 30، و10/ 39)، أى صُلِب.
ولقد شعر اللعين بولس بالوكسة التى وقع فيها محرِّفو الأناجيل ومزيِّفوها حين قالوا بصلبه عليه السلام فأقرّ، فى رسالته إلى أهل غلاطية (3/ 13)، باللعنة التى وقعت على رأس المسيح بتعليقه على الخشبة، بَيْدَ أنه سارع إلى لىّ الكلام عن معناه مدَّعِيًا أن تحمُّل ذلك النبى الكريم للّعنة إنما كان من أجل البشر. وبطبيعة الحال هو لم يقل عنه إنه نبى بل إله! إذن فهم أنفسهم يقرون بأن إلههم ملعون، وهذا يكفينا، ولا يهم بعد ذلك أن نعرف السبب الذى صار ملعونا لأجله، فهو لا يقدم فى الأمر ولا يؤخر!
أليس من العار أن يعتقد إنسان أن الرب الذى يؤمن به ويعبده ويبتهل إليه ويطلب منه البركة والخير هو نفسه ملعون؟ فكيف يطلب منه إذن ما لا يملكه بل ما يحتاج من غيره أن يوفّره له؟
على رأى المثل: جئتك يا عبد المعين تُعِيننى، فإذا بك يا عبد المعين تُعَان!
والله إنها لمهزلة!
إنها أول مرة يسمع الواحد فيها بإله ملعون! ولكن لم لا، وقد جعلوه خروفا، كما روَوْا فى أناجيلهم المزيَّفة أنه قد مات على الصليب بعد أن أُهين وضُرِب وشُتِم وبُصِق عليه ووُضِع الشوك على رأسه وسُخِر منه وسُمِّرَت يداه ورجلاه فى الخشب وطُعِن فى خاصرته بالرمح وجعلوا من لا يشترى يتفرّج، وهو فى حال من العجز تامة لا يستطيع أن يصنع هو ولا أبوه شيئا رغم الآلام التى كانت تعذّبه والصرخات التى كان يرسلها فى الفضاء فى مسامع ذلك الأب القاسى الغبى؟
أما نحن المسلمين فإننا نرفض الصَّلْب أصلا من جذوره، ومن ثَمَّ فلا لعنة ولا يحزنون!
وبهذا يتبين للقراء البؤس العقلى الضارب بأطنابه على أولئك الطَّغَام الذين يزعمون أنهم أَتَوْا لهدايتنا، وهم أضلّ خلق الله! أترى أحدا قد سمع بمثل هذا البؤس من قبل؟ ألم أقل إن من يغضب الله عليه لا يفلح أبدا؟
ومع العَمَى الحَيْسِىّ الذى يسدّ السبيل على هؤلاء الأغبياء نمضى، فماذا نجد؟
لقد وردت، فى الفقرة الحادية عشرة من " سورة الزنى " فى " ضلالهم المبين "، الكلمة التالية: " ووصينا عبادنا ألا يحلفوا باسمنا أبدا وجوابهم نَعَمْ أَوْ لا. فقلتم بأن من كان حالفا فليحلف باسم الإله أو يصمت. وهذا قول الكفرة المارقين ".
وأول شىء نحب أن نقوله هو: ما علاقة الحلف بالله بالكفر؟ وإذا لم نحلف بالله إذا أردنا أو أُرِيدَ منا أن نُطَمْئِن الآخرين فبأى شىء نحلف؟ أنحلف بسيدى سِحْلِف، الذى يأكل ويَحْلِف؟
أنا لا أضحك، ولكنى أحاول تجنب انفقاع مرارتى!
وطبعا مفهومٌ من الذى يقصده الأوباش بالكفرة المارقين! إنه نبينا وسيدنا وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم. نعم سيدهم وتاج رؤوسهم، وإن كانوا لا يستحقون شرف سيادته عليهم.
إن الحَلِف موجود فى كل المجتمعات والعصور والديانات بما فيها شريعة موسى التى أكد المسيح، حسبما تروى عنه الأناجيل، أنه ما جاء لينقض أحكامها بل ليتمّمها والتى تنظّم عملية الحلف بتشريعات خاصة به جوازا ووجوبا وحرمة (تكوين / 25/ 3، وخروج / 22/ 1، وعدد / 30/ 2).
فمن أين جاءت المشكلة إذن؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن المسيح فى نفس العبارة التى يؤكد فيها أنه ما جاء لينقض الناموس (أى شريعة موسى) بل ليتمّمه يسارع فى التو واللحظة بنقض كل ما أكده فى هذا الصدد قائلا إنه إذا كان قد قيل للقدماء كذا فإنه هو يغيّره إلى كذا. وكان من بين ما غَيَّرَ حُكْمَه القَسَمُ، وهذا نَصّ ما قاله فى هذا الصدد: " قد سمعتم أيضا أنه قيل للأولين: لا تحنث بل أَوْفِ للرب بأقسامك، أما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا البتة: لا بالسماء لأنها عرش الله، ولا بالأرض فإنها موطئ قدميه، ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك الأعظم، ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة منه بيضاء أو سوداء. ولكن ليكن كلامكم: " نَعَمْ نَعَمْ، ولا لا "، وما زاد على ذلك فهو من الشرير " (متى / 5/ 33 – 37). وجاء فى "رسالة يعقوب " (5/ 12): " يا إخوتى، لا تحلفوا لا بالسماء ولا بالأرض ولا بقَسَمٍ آخر، ولكن ليكن كلامكم نعم نعم، ولا لا، لئلا تقعوا فى الدينونة ". وهذا كل ما هنالك. فهل فى هذا الكلام ما يفهم منه أن القسم كفر؟ بطبيعة الحال لا يوجد شىء من هذا لا من قريب ولا من بعيد.
هذه واحدة، والثانية هى أن الله نفسه قد صدر عنه القَسَم حسبما روى لنا العهد الجديد نفسه، فما القول إذن؟
جاء على سبيل المثال فى " لوقا " (1/ 73 - 74): " ... القَسَمَ الذى حلف (الله) لأبينا إبراهيم أن يُنْعِم علينا * بأن نَنْجُوَ من أيدى أعدائنا ... ".
ويقول كاتب " أعمال الرسل " (2/ 31): " كان (داود) نبيا وعلم أن الله أقسم له بيمينٍ أن واحدا من نسل صلبه يجلس على عرشه ... ".
بل إننا نقرأ فى " رسالة القديس بولس إلى العبرانيين " (6/ 13 – 17): " لأن الله عند وعده لإبراهيم، إذ لم يمكن أن يُقْسِم بما هو أعظم منه، أقسم بنفسه * ... * وإنما الناس يُقْسِمون بما هو أعظم منهم وتنقضى كل مشاجرة بينهم بالقَسَم للتثبيت * فلذلك لمّا شاء الله أن يزيد وَرَثَة الموعد بيانا لعدم تحوُّل عزمه أقسم بنفسه ".
وهذا ما قلناه قبل قليل، فلماذا إذن التنطع الكاذب وقلة الأدب والسفاهة مع سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم؟
كذلك فالملاك، بنص كلام يوحنا فى " رؤياه " (1/ 6)، يقسم بالله " الحى إلى دهر الدهور خالق السماء وما فيها والأرض وما فيها والبحر وما فيه ".
ليس ذلك فقط، بل هذا هو بطرس، خليفة السيد المسيح كما يقولون وأكبر حوارييه ومؤسس كنيسة روما، يحلف كذبا، فى آخر حياة سيده أمام الجمع الذى جاء للقبض عليه، ثلاث مرات متتالية إنه لا يعرفه ولا علاقة له به قائلا: " إنى لا أعرف الرجل! "، رغم أن المسيح كان قد نبَّهه إلى أنه سينكره فى تلك الليلة ثلاثًا قبل أن يصيح الديك، ومع ذلك وقع كالجردل فى الإثم الذى نبَّهه إليه نبيُّه! (متى / 26/ 72 – 73، ومرقس / 14/ 71) مستحقا بأثرٍ رجعىٍّ وَسْم السيد المسيح له قبلا بأنه " شيطان " وأنه لا يفطن إلا لما للناس ولا يفطن لما لله (مرقس / 8/ 32).
فماذا يقول الأوغاد فى هذه أيضا؟
ثم إننا نسألهم: ألا تحلفون كلكم فى حياتكم اليومية وفى المحاكم وعند ممارسة الأطباء منكم الطب وتَوَلِّى الحكّام حُكْم بلادهم ... إلخ؟ ألا يُقْسِم النصارى فى كل لحظة أمامنا بـ " المسيح الحى " و" العذراء " و" الإنجيل "؟
وبعد، فهل يشجِّع الإسلام على القَسَم كما يوحى كلام هؤلاء المآبين فى " ضلالهم المبين "؟ كلا على الإطلاق، ففى القرآن نقرأ قوله تعالى: " ولا تجعلوا الله عُرْضَةً لأيمانكم " (البقرة / 225)، " واحفظوا أيمانكم " (المائدة / 89)، " ولا تُطِعْ كلَّ حَلاّف مَهِين " (القلم / 10)، وفى الحديث مثلا أن الحَلِف إذا كان مَنْفَقَةً للسلعة، فهو َممْحَقَةٌ للبركة.
إذن فما قاله هؤلاء الفجرة التافهون المتنطعون لا يعدو أن يكون زوبعة فى فنجان!
(يُتْبَعُ)
(/)
أما نَهْى الرسول عليه السلام الذى ذكره الأوغاد الفَجَرة فى سورتهم المفتراة المزيَّفة عن الحَلِف بالآباء وأَمْره عليه السلام لمن يريد الحَلِف أن يحلف بالله بدلا من ذلك أو فلْيصمت، فمعناه بكل وضوح لمن يريد أن يعرف الحقيقة لا مجرد الشَّغَب على سيد المرسلين هو محاربة العصبية القبلية التى كانت متفشية بين العرب أوانذاك وما يرتبط بها من التعظُّم بالآباء والأحساب والأنساب، فأراد الرسول الكريم أن يبين لهم أن البشر جميعا هم خلق الله وعياله وأنه لا فضل لأحد على أحد بنسب أو حسب، وأن توجُّه المؤمن ينبغى أن يكون لله وحده بوصفه عبدا له ينبغى أن يكون دائما على ذكْرٍ منه. وهذا هو المعنى الذى أراده الرسول عليه السلام، وهو معنى إنسانى عظيم لمن لم يطمس الله على بصيرته ويريد أن يفهم.
وبداية الحديث وختامه يدلان على أنه صلى الله عليه وسلم لا يحبِّذ الحَلِف، وهذا واضح من استخدام جملة الشرط، التى تعنى أنه إذا كان لا بد من الحَلِف فليكن باسم الله لا بأسماء الآباء التى من شأنها إحياء النوازع والنعرات الجاهلية لا أن الحلف فى ذاته مرغوب!
ولنفترض أن المسيح قد نسخ حكم التوراة فى الأيمان، فلم لا يكون من حق سيدنا رسول الله أن ينسخ بدوره ما قاله المسيح؟
وأغلب الظن أن عيسى عليه السلام، إن صحّ ما ترويه عنه الأناجيل فى هذا الصدد، قد لاحظ كثرة لجوء اليهود إلى الحَلِف لأكل حقوق الناس بالباطل، فأراد أن يضع حدا لهذه الظاهرة، وإن كان فى عبارته، كما هى العادة فى الكلام المنسوب إليه فى الأناجيل، مغالاةٌ أراد أن يوازن بها مغالاة اليهود فى المسارعة إلى استغلال اسم الله فى خداع الآخرين!
فكلا النبيين الكريمين أراد أن يعالج ظاهرة نفسية وخلقية ذميمة رآها منتشرة بين معاصريه.
وبالمناسبة فإنهم يعيبون محمدا عليه الصلاة والسلام بأنه أتى بالنسخ ويكفّرونه من أجل ذلك (سورة الرعاة / 8 – 10)، مع أن المسيح، حسبما ورد فى الأناجيل كما رأينا، هو الذى ابتكره رغم أنه أنكر أن يكون قد أتى لينقض الشريعة أو يَحُلّ الناموس! وهكذا نرى أنه ما من شىء يقوله هؤلاء الأغبياء زورًا وبهتانًا إلا فضحهم الله فيه! وبالمناسبة فعلماء الإسلام لا يقولون كلهم بوقوع النسخ فى القرآن.
وأخيرا نود أن نجلِّىَ جانبا من جوانب العبقرية الإسلامية فى مجال القَسَم، فعلى عادة الإسلام نراه ينتهز هذه السانحة لاستخلاص كل ما يمكن استخلاصه منها من فوائد، إذ يفرض كفارة على من يُقْسِم ثم يحنث بيمينه، إذ يُوجِب عليه عتق أحد الأرقاء أو إطعام عشرة مساكين أو كساءهم ... وهَلُمَّ جَرًّا، نافعا بذلك المجتمعَ ومساكينَه وفقراءه بأيسر سبيل. فانظر إلى هذه العبقرية الخلاقة التى تنجز أضخم الإنجازات بأقل الإمكانات، بدلا من التوقف عند لطم الخدود وشق الجيوب على قلة الإمكانات وعدم الفرص كما يفعل كثير من العرب والمسلمين اليوم حتى فى ميدان الكرة كما هو معلوم. والنتيجة هى هذا التخلف الشامل الذى نعانى منه على كل المستويات وفى كل المجالات!
فهذا عن القَسَم، ثم ننتقل إلى تعدد الزوجات، الذى يعده أهل اللواط والسحاق زِنًى وإشراكا بالله، فكأنهم يؤلهون المرأة ويعدّون من يأخذ معها زوجة أخرى مشركا. ولو أنهم قالوا إن الأفضل الاقتصار على زوجة واحدة ما لم تكن هناك ضرورة لما وجدوا من يخالفهم، وهذا هو موقف الإسلام، أما الزعم بأن الزواج بأكثر من واحدة هو زنى وشِرْكٌ فَجُنونٌ مُطْبِقٌ ليس لصاحبه موضع إلا فى مستشفيات الصحة العقلية والنفسية!
ألا يدرك هؤلاء الأغبياء أنهم بهذا يكفّرون أنبياءهم ويَقْرِفونهم بالفحشاء؟ ألا يعرف هؤلاء المخابيل أن إبراهيم وموسى وسليمان وداود وغيرهم من أنبياء العهد القديم كانوا من أهل التعديد، بل كان فى حريم بعضهم عشرات النساء؟
ألا يعى هؤلاء المناكيد أنهم بهذا يلوّثون عيسى نفسه، الذى ينتمى إلى داود وسليمان، وكانا من أهل التعديد كما ذكرنا؟
لكنْ مَتَى كان عند أولئك البلهاء عقل يميّزون به؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ألا يذكر كتابهم المقدس " فوق البيعة " أن داود قد رأى زوجة قائده العسكرى أوريّا وهى تستحم عارية فى فناء بيتها المجاور لقصره حين صعد ذات يوم إلى سطح هذا القصر (ولا أدرى لماذا، إلا أن يكون من أولئك العَهَرة العرابيد الذين يتجسسون على نساء الجيران، وبالذات اللاتى ليس فى بيوتهن حمّامات فيُضْطَرَرْن إلى الاستحمام عاريات فى فناء البيت " على عينك يا تاجر "، وكأننا فى فلم من أفلام البورنو والإستربتيز! ومن يدرى؟ فربما كان معه منظار مقرِّب حتى تتم المتعة على أصولها!). المهم أنها وقعت فى عينه وقلبه كما لا أحتاج أن أقول، فأرسل فأحضرها وزنى بها (بارك الله فيه!)، ثم لم يكتف بهذا العمل الإجرامى الذى يليق تماما بجدّ الرب الذى يعبده هؤلاء المتاعيس المناحيس، بل كلف رجاله فى ميدان المعركة أن يخلّصوه من الزوج المسكين بوضعه على خط التَّماسّ مع العدو فى قلب المعمعة، ونجحت مؤامرته الخسيسة وقَتَل العدوُّ أوريّا، فألحق داود زوجته بحريمه بعد أن تزوجها وبعد أن مرت أيام المناحة والحداد طبعا (سفر الملوك الثانى / 16 كله). انظروا إلى حرصه الجميل على التقاليد! والله فيه الخير! و" بَتْشاَبَع " هذه بالمناسبة هى أم سليمان النبى الملك! أَنْعِمْ وأَكْرِمْ بهذا النسب الملكى النبوى الإلهى الشريف! أى أن نسب المسيح، حسبما يقول كتابهم، هو نسبٌ عريقٌ فى الفُحْش والإجرام. أما نحن فننزّهه عن ذلك تمام التنزيه لأن أنبياء الله لا يكونون إلا من ذؤابات قومهم شرفًا وفضلا ونبلا. ولعل هذا هو السبب فى أن السيد المسيح، كما جاء فى " متى " (22/ 45)، قد نفى أن يكون من ذرية داود! والله معه حق، فإن مثل هذا النسب لا يشرّف أحدا، وإن كنا نحن المسلمين لا نصدّق حرفا من هذه الحكايات وأمثالها مما سطرته أيدى اليهود الفَسَقة الفَجَرة لتشويه كل قيمة نبيلة وشريفة فى الحياة! ثم هم بعد هذا يتهموننا نحن بالكفر والشرك والضلال! عجبى! لو كنت من أصحاب الأصوات الجميلة لفَقَعْتُ بالموّال وقلت: " خسيس قال للأصيل: ... ! "، لكنى للأسف لست حَسَن الصوت.
ومن المهازل التى لها صلة بقضية تعدد الزوجات نسبةُ كتابهم المقدس إلى الله أولادا من أمهات شتى، فضلا بطبيعة الحال عن آدم، الذى لم تكن له أم. ومن هذا الوادى تسمية العهد العتيق للرجال فى بدء الخليقة بـ " بَنِى الله " فى مقابل تسمية النساء بـ " بنات الناس " (تكوين / 6/ 2)، وقول الله لبنى إسرائيل: " أنتم بنو الرب إلهكم " (تثنية الاشتراع / 14/ 1)، وقوله سبحانه لداود: " أنت ابنى. أنا اليوم ولدتك " (مزامير / 1/ 7). ليس هذا فقط، بل يجعله بِكْره (مزامير / 88/ 27)، ليعود بعد ذلك فيقول إن إبراهيم هو بكره (إرميا / 31/ 9)، ناسيا أنه قد جعل البكورية فى موضع سابق على هذين الموضعين لإسرائيل (خروج / 4/ 2)! يا له من إله مسكين! إنه يذكِّرنا بخَرَاش الذى تكاثرت الظباء عليه فلم يعد يدرى من كثرتها ماذا يصيد منها وماذا يدع. لقد كثر أبناء الله حتى لم يعد يتذكر مَنِ البِكْر منهم ومن ليس كذلك! معذور يا ناس! كان " الله " فى عونه! فإذا كان الإله، كما يقول كتابهم، له كل هؤلاء الأولاد الذين جاء بهم من أمهات شتى، فمعنى هذا أنه هو أيضا كان من المعدّدين مثل من ذكرنا من الأنبياء السابقين فكيف يجرؤون إذن أن يرموا المسلمين ورسولهم وحدهم بالكفر والزنى لنفس السبب؟
أإلى هذا الحد ينغِّص حقدُكم على سيد الأنبياء والمرسلين ودينه النقى البرىء من الشرك والوثنيات حياتَكم ويخرجكم عن طوركم فلا تستطيعون تفكيرا ولا تحسنون تعبيرا، بل يأخذكم البِرْسام فتَهْذُون وتَبْذُؤون متصورين أنكم تقدرون على تلطيخ صورته؟
هيهات ثم هيهات ثم هيهات ... إلى آخر الهياهيت التى فى الدنيا جميعا!
ثم إنكم بعد ذلك لصائرون إلى المكان الذى يليق بأمثالكم، وأنتم تعرفونه جيدا. ألا وهو مراحيض الغِسْلِين فى قاع سَقَر!
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كان التعدد هو شريعة الأنبياء إلى أن حرّف أهل التثليث دينهم وابتدعوا أناجيل ما أنزل الله بها من سلطان ونسبوا للسيد المسيح، عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة السلام، أقوالا وتشريعات ينقض هو فى بعضها أحكام التوراة ويفسِّرون هم بعضها الآخر بما ينقض التوراة، ثم جاء بولس الكذاب اللعين فبَرْجَلَ النصرانية وشَقْلَبَ حالها. لقد ابتدأ حياته فى النصرانية بكذبة بائسة مثله وابتلعها القوم بما يدل على خلوّ رؤوسهم من العقل، وإلا فهل يصدّق أى شخص عنده مُسْكَة من هذا العقل أنه، عندما شاهد نورا فى السماء قبل تحوله إلى النصرانية مباشرة وسمع صوتا يسأله لماذا يضطهده، كان سؤاله لهذا الصوت: من أنت يا رب؟ (أعمال الرسل / 9/ 3 – 5، و 26/ 14 - 15). أأنا فى حُلْمٍ أم فى عِلْمٍ يا إلهى؟ أهذا سؤال يُسْأَل؟ إن هذا الكذاب قد أجاب فى السؤال على السؤال، وإذن فما معنى السؤال؟ لكننا لا ينبغى أن نطرح مثل هذا السؤال، لأن الأباعد لا يدركون معنى لمثل هذا الجواب أو ذاك السؤال، وإلا لكانوا قد تركوا النصرانية كلها بسبب بولس وما افتراه من جواب فى هيئة سؤال! حلوة " من أنت يا رب؟ " هذه! دمّها مثل الشربات: شربات الطُّرْشِى، بل شربات الفسيخ!
لقد كان جواز تعدد الزوجات هو تشريع الأنبياء كما قلنا، لكن مؤلف إنجيل متى عزا لعيسى كلاما فهم منه القوم أنه يحرم التعدد، مع أن الكلام لم يكن فى التعدد قط، بل فى الطلاق! يقول متى (19/ 3 – 12): " ودنا إليه الفَرِّيسِيُّون ليجربوه قائلين: هل يحلّ للإنسان أن يطلِّق زوجته لأجل كل عِلَّة؟ * فأجابهم قائلا: أما قرأتم أن الذى خلق الإنسان فى البدء ذكرًا وأنثى خلقهم وقال: * لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران كلاهما جسدا واحدا؟ * فليسا هما اثنين بعد، ولكنهما جسدٌ واحد. وما جمعه الله فلا يفرّقه إنسان * فقالوا له: فلماذا أوصى موسى أن تُعْطَى كتابَ طلاق وتُخَلَّى؟ * فقال لهم: إن موسى لأجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلّقوا نساءكم، ولم يكن من البدء هكذا * وأنا أقول لكم: من طلَّق امرأته إلا لعلة زنى وأخذ أخرى فقد زنى * فقال له تلاميذه: إن كان هكذا حال الرجل مع امرأته فأجدرُ له ألا يتزوج * فقال لهم: ما كل أحد يحتمل هذا الكلام إلا الذين وُهِب لهم * لأن من الخصيان من وُلِدوا كذلك من بطون أمهاتهم، ومنهم من خصاهم الناس، ومنهم من خَصَوْا أنفسهم من أجل ملكوت السماوات. فمن استطاع أن يحتمل فلْيحتمل ". هذا هو نص الكلام الذى ذكروا أن عيسى عليه السلام قد قاله فى تعدد الزوجات وفهموا منه أنه يحرّم هذا النظام الذى أقره الأنبياء جميعا.
ومن الواضح أن عيسى عليه السلام (إن صدّقنا أنه هو قائل هذا النص) لم يتطرق لموضوع التعدد من قريب أو بعيد، إذ كان الكلام كله عن الطلاق.
وإذا كان قد عرَّج على سبيل الاستطراد إلى موضوع الإضراب عن الزواج، فهذا أيضا لا علاقة له بالتعدد من قريب أو بعيد.
أما قوله: " ذكرًا وأنثى خلقهم " فلا أدرى كيف يمكن أن يؤدى إلى إلغاء التعديد، إلا إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق لكل رجلٍ زوجةً باسمه لا يتزوجها إلا هو، ولا تموت قبله أو يموت هو قبلها، وإلا إذا كان عدد الرجال فى كل المجتمعات مساويا تماما لعدد النساء فى كل العصور، وهذا عكس المشاهد للأسف فى هذه الدنيا الغريبة التى يريد بعض المتهوسين أن يصبّوها فى قوالب من حديد كما كان يفعل أهل الصين مع أقدام بناتهم الصغيرات قديما حتى لا تكبر بل تظل دقيقةً مُسَمْسَمَة، إذ إن النسبة المئوية لعدد من فى سن الزواج فى المجتمعات كلها تميل دائما لصالح المرأة كما تقول الإحصاءات السكانية. ولا ننس بالذات الحروب، التى يروح فيها من أرواح الرجال أكثر مما يذهب من أرواح النساء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم جاء بولس، الذى قلب كيان النصرانية رأسًا على عقب، فقال فى رسالته الأولى إلى أهل كورِنْتُس (7/ 1 – 2): " أما من جهة ما كتبتم به إلىَّ فحسَنٌ للرجل ألا يَمَسّ امرأة * ولكن لسبب الزنى فلتكن لكل واحدٍ امرأته، وليكن لكل واحدةٍ رجلها "، وإن فُهِمَ من حديثٍ آخَرَ له أن هذا الحظر إنما هو خاصّ بالشمامسة (تيموتاوس / 1/ 12). وهذا كلام يدل أقوى دلالة على أن هذا الرجل لم يكن يتمتع بأى فهم للطبيعة البشرية: فالإنسان لا يتزوج فقط من أجل ألا يقع فى الزنى، بل لأن الحياة لا يمكن أن تستمر إلا عن طريق لقاء الذكر والأنثى، كما أن الحب وممارسة الجنس يشكلان متعةً من أحلى متع الحياة الإنسانية وأعمقها، متعةً ينبغى على المؤمن أن يشكر المولى عليها لا أن ينظر إليها على أنها بلوى أقصى ما يمكنه تجاهها هو الصبر عليها فى مضض وتأفف. ولو أن نصائح بولس الغبية هذه قد أُخِذ بها لكان فيها نهاية الحياة! إن هذه النصائح المجنونة إنما تنبع فى الحقيقة من النظرة الدونيّة التى تنظر بها النصرانية ورجال الكنيسة إلى المرأة والجسد الإنسانى، وهذه النظرة قد ورثتها الكنيسة من العهد العتيق وما يقوله عن قصة الخلق وخروج آدم من الجنة بسبب إغراء حواء له بعصيان النهى الإلهى عن الأكل من الشجرة واستحقاق المرأة من ثَمّ ابتلاء الله لها بعبء الحمل والولادة وإيقاع العداوة بينها وبين الرجل (تكوين / 3/ 6 – 24)، وهو ما يختلف فيه الإسلام عن النصرانية اختلافًا جِذْرِيًّا، إذ عندنا أن الذنب الذى أخرج أبوينا من الجنة هو ذنبهما جميعا لا ذنب حواء فقط، كما أن العلاقة بين الرجل والمرأة هى علاقة السكن والمودة والرحمة كما يقول القرآن المجيد (الروم / 21) لا علاقة العداوة والبغضاء. ولقد كانت النتيجة، وهنا وجه المفارقة، هو هذا السعار الجنسى الذى اشتهرت به أمم الغرب بعد أن لم تعد تطيق قيود النصرانية التى تعمل على وَأْد التطلعات والغرائز البشرية. ذلك أن غرائز البشر وتطلعاتهم لا يمكن تجاهلها، فضلا عن قهرها أو إلغائها كما يحاول الأغبياء. لكن من الممكن، ومن المطلوب أيضا، ترويضها والسمو بها إلى أقصى قدر ممكن، وهذا ما يفعله الإسلام. ولقد كان رجال الدين النصارى على رأس المنفلتين من هذه القيود الخانقة، وفضائحهم معروفة للقاصى والدانى فى كل العصور. وهذا أحد الأسباب التى جعلت الأوربيين يكرهونهم ويرَوْن فيهم مثالا للنفاق البغيض! وما فضائح باباوات روما فى العصور الوسطى واصطحاب بعضهم لعشيقاتهم معهم فى جولاتهم فى أرجاء أوربا لمباركة جموع المؤمنين، ولا الصلات الجنسية الحرام التى كانت بين بعض آخر منهم وبين أخواتهم بمجهولةٍ لمن عنده أدنى فكرة عن أحوال رجال الدين هناك قبل عصر النهضة الذى تخلص فيه الأوربيون من قيود النصرانية المُعْنِتَة.
وحتى فى موضوع الطلاق لا يعدو الكلام أن يكون عبارات شاعرية ساذجة لا دلالة لها على شىء فى الواقع والحقيقة، إذ ما معنى أن ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان؟ إن الزواج إنما هو اختيار إنسانى قام أيضا بتوثيقه كائن إنسانى، فشأنه إذن كشأن أى شىء آخر من شؤون الحياة، فلماذا أُفْرِد وحده بهذا الوضع دون سائر الأمور الإنسانية؟ أما إن قيل إن الله هو فى الحقيقة خالق كل شىء، فإن الرد هو أنه لا مُشَاحّة فى هذا، لكننا ضد إفراد الزواج بذلك الحكم، ونرى أن هذا الوضع ينطبق أيضا على عملية الطلاق مَثَله مثَل أى شىء آخر. ثم ما الحكمة فى أن يُعْنِت الله سبحانه وتعالى عبادَه فلا يرضى أن يرحمهم من قيود الزواج إذا ثبت أنه لا أمل فى أن يجلب لطرفيه السعادة؟
إن كثيرا من البلاد النصرانية قد انتهت إلى أنْ تضرب بهذه الأحكام عُرْض الحائط، إذ وجدت أنها لا تؤدى إلا إلى التعاسة والشقاء. وفى بعض البلاد يُقْدِم الزوج أو الزوجة فى حالات كثيرة إلى ترك النصرانية جملةً والدخول فى الإسلام، الذى يجدانه أوفق للطبيعة الإنسانية. فإلى متى هذا الخنوع لبعض الألفاظ الشاعرية التى قد تدغدغ العواطف فى مجال التفاخر الكاذب بمثالية أخلاق دينٍ ما، لكنها لا تجلب للمتمسكين بها إلا العَنَت والإحباط؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن كثيرا من الأزواج فى المجتمعات النصرانية هم فى الواقع مطلَّقون، لكنْ طلاقًا غير رسمى، وهم يسمونه: " انفصالا ". وفى هذه الأثناء التى قد تطول سنين، كثيرا ما يصعب على الزوج والزوجة، تحت ضغط الغرائز، أن يمتنعا عن ممارسة الجنس فى الحرام، فلماذا كل هذا الإعنات؟ وحَتَّامَ يستمر هذا العناد والنفاق؟
إن الطلاق شديد البغض إلى الله كما قال صادقا سيدنا رسول الله، لكن الظروف قد تضطر الواحد منا إلى فعل ما هو بغيض تجنبا لما هو أفدح وأنكى. ومن هنا كان الطلاق عندنا حلالا رغم كونه بغيضا، أى أن المسلم لا يُقْدِم عليه إلا إذا سُدَّت فى وجهه جميع السبل الأخرى حسبما يعرف كل من له أدنى إلمام بالشريعة الإسلامية.
كذلك يسىء الأوغادُ الأدبَ مع سيدنا رسول الله، إذ يتهمونه بالكفر والقتل وسفك الدماء والمجىء بدين يقوم على إكراه الناس على اعتناقه برهبة السيف وتهديم بيوت عبادتهم. افترَوْا ذلك عليه فى أكثر من سورة من سورهم المزيفة الكاذبة التى أوحى بها الشيطان إليهم فى أدبارهم ك " سورة القتل " و" سورة الماكرين " و" سورة الطاغوت " و" سورة المحرِّضين " و" سورة الملوك "، زاعمين أن دينهم يقوم على المحبة والسلام!
وأَوَّلَ كلِّ شىء لا بد أن نلفت الأبصار إلى أن المسيح لم يمض عليه فى النبوة أكثر من ثلاث سنوات ليس إلا، ومن ثم لا يمكن التحجج بأنه لم يشرع لأتباعه قتال من يعتدون عليهم. كما أنه لم يكن يعيش فى دولة مستقلة، فضلا عن أن يكون هو الحاكم فيها مثلما هو الحال مع الرسول محمد عليه السلام، وإذن فقياس الوضعين أحدهما على الآخر خطأ أبلق وأبله معا. وهذا لو أن السيد المسيح، حسبما تحكى قصةَ حياته الأناجيلُ التى بين أيدينا، كان فعلا وديعا متسامحا دائما مثلما يحب النصارى أن يعتقدوا ويعتقد الآخرون معهم. فما أكثر الشتائم واللعنات التى كان يرمى بها فى وجوه اليهود بل فى وجوه تلاميذه أيضا، من مثل قوله لأحد اليهود: " يا مُرَائى " (متى / 7/ 5)، وقوله لتلاميذه ينصحهم ألا يهتموا بمن لا يستطيعون فهم دعوته: " لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تلقوا جواهركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وترجع فتمزّقكم " (متى / 7/ 6)، وقوله لبعض الفَرّيسيّين: " يا أولاد الأفاعى " (متى / 12/ 3)، وقوله لأهل كورزين وصيدا: " الويل لك يا كورزين! الويل لك يا بيت صيدا! " (متى /11/ 21، ولوقا / 10/ 13)، وقوله لمن طلبوا منه آية: " إن الجيل الشرّير الفاسق يطلب آية " (متى / 12/ 38، و 16/ 4)، وقوله عن غير الإسرائيليين ممن يريدون أن يستمعوا لدعوته ليهتدوا بها: " ليس حسنا أن يؤخَذ خبز البنين ويُلْقَى للكلاب " (متى/ 15/ 26)، وقوله لبطرس أقرب تلاميذه إليه حسبما أشرنا من قبل: " اذهب خلفى يا شيطان " (متى / 16/ 23، ومرقس / 8/ 33)، وقوله لحوارييه: " أحتى الآن لا تفهمون ولا تعقلون؟ أَوَحَتَّى الآن قلوبكم عمياء؟ * لكم أعين، أفلا تبصرون؟ ولكم آذان، أفلا تسمعون ولا تذكرون؟ " (مرقس/ 8/ 17)، وقوله لبعض الفَرِّيسِيّين: " أيها الجهال ... ويل لكم أيها الفريسيون " (لوقا / 11/ 39 – 50)، وقوله عن فَرِّيسِىّ آخر: " هذا الثعلب " (لوقا/ 13/ 32). ولا ينبغى فى هذا السياق أن نهمل ما صنعه مع الباعة فى الهيكل حين قلب لهم موائدهم وكراسيّهم وسبّهم وساقهم أمامه حتى أخرجهم من المعبد (مرقس/ 12/ 15 – 17)، وكذلك قوله لحوارييه: " أتظنون أنى جئت لأُلْقِى على الأرض َسلاما؟ لم آت لألقى سلاما لكنْ سيفا * أتيتُ لأفرِّق الإنسان عن أبيه، والابنة عن أمها، والكَنَّة عن حماتها " (متى / 10/ 34 – 35)، وقوله أيضا فى نفس المعنى: " إنى جئت لألقى على الأرض نارا، وما أريد إلا اضطرامها " (لوقا / 12/ 44).
من هذا يتبين أن الصورة الوديعة تمام الوداعة التى يرسمها النصارى للسيد المسيح ليست حقيقية، بل هى من مبالغاتهم التى اشتهروا بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولست أقول هذا حَطًّا من شأنه عليه السلام، فهو نبىٌّ كريم لا يكمل إيماننا نحن المسلمين إلا به، لكنى أريد أن أقول إن الطبيعة الإنسانية لا يمكن أن تتحمل السماحة والصبر إلى أبد الآبدين، ولا بد أن تأتى على أحلم الحلماء أوقات يضيق منه الصدر ويثور على المجرمين، وربما غير المجرمين أيضا، مع أن المسيح عليه السلام لم ينفق فى الدعوة ومخالطة الناس فى ميدانها إلا سنواتٍ ثلاثا لا غير.
بل إنهم، فى سِيَره التى ألفوها وأطلقوا عليها: " الأناجيل "، قد نسبوا إليه بعض التصرفات التى أقلّ ما توصف به أنها تصرفات جافية تفتقر إلى اللياقة تجاه أمه عليها السلام: من ذلك أنه، بينما كان يعظ فى أحد البيوت ذات يوم، أُخْبِر أن أمه وإخوته بالخارج يريدون أن يَرَوْه ولا يستطيعون أن يصلوا إليه من الزحام، فما كان منه إلا أن أجابهم قائلا: " إن أمى وإخوتى هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها " (لوقا / 8/ 19 – 20)، وحين دعت له امرأة بأنْ " طُوبَى للبطن الذى حملك وللثديين اللذين رضعتهما " ردَّ فى جفاء: " بل طوبى لمن يسمع كلمة الله ويعمل بها " (لوقا / 11/ 27 – 28). وليس لهذا من معنى، فضلا عن الخشونة التى لا يصح سلوكها تجاه من حَمَلتْنا وربَّتْنا، إلا أنها لم تكن هى ولا إخوته ممن يسمعون كلمة الله ويعملون بها! وفى مناسبة أخرى كان هو وأمه فى عرس فى قانا الجليل، وفرغت الخمر فنبهته إلى ذلك، فأجابها فى غلظة: " ما لى ولك يا امرأة؟ " (يوحنا / 2/ 1 - 3).
إننا بطبيعة الحال لا نصدّق بشىء من ذلك، فقرآننا يؤكد أنه عليه السلام كان بَرًّا بوالدته غاية البِرّ (مريم / 32)، فكأن مؤلفى الأناجيل قد تعمدوا أن يشوهوا سيرته وصورته!
على أن المسألة لا تنتهى هنا وحسب، بل إنهم ليصورونه، عقب مقتل النبى يحيى (الذى كان أبوه زكريا يكفل مريم عليها السلام، والذى تعمّد هو على يديه فى نهر الأردن)، كما لو كان بلا قلب أو مشاعر، إذ نراه بعد علمه بمقتل هذا النبى الكريم تلك القِتْلة المأساوية المعروفة يأخذ أتباعه ويمضى بهم خارج المدينة ليمارسوا حياتهم ويأكلوا كما كانوا يفعلون من قبل، وكأن شيئا لم يقع (متى/ 14/ 12 وما بعدها، ومرقس / 6/ 28 وما بعدها)، وهو ما يدل على تحجر الإحساس، أستغفر الله!
كذلك كان سائرا ذات مرة فى الطريق فجاع، ورأى شجرة تين هناك، فدنا إليها لعله يجد فيها تينا يأكله، فلما لم يجد فيها ثمرا دعا عليها ألا تثمر إلى الأبد فلا يأكل أحد منها شيئا، فيبست التينة لوقتها، وكان هذا فى رأيه برهانا على قوة الإيمان (متى / 21/ 19 وما بعدها، ومرقس / 11/ 12 وما بعدها). وإن الإنسان ليتساءل: كيف يمكن أن يُعَدّ هذا برهانا على قوة الإيمان؟ وما ذنب التينة يا ترى؟ وما الفائدة التى تعود على الناس أو الحياة من اليبوسة التى أصابتها؟ ألم يكن هناك برهان آخر أكثر نفعًا ومعقوليةً يمكن أن يقوم به السيد المسيح الذى يضرب النصارى به الأمثال فى الحلم والوداعة؟
ثم إن هذا التصرف من السيد المسيح يناقض ما أراده من المثل الذى ضربه فى موقف آخر عن التينة، وخلاصته أن رجلا كانت له شجرة تين مغروسة فى كَرْمه ظلت لا تثمر ثلاث سنين، فطلب من الكَرّام أن يقلعها ليستفيد من مساحة الأرض التى تشغلها، لكن الكرّام استسمحه أن يتركها هذه السنة أيضا على أن يقطعها العام القادم إذا لم تثمر، فأجابه صاحب الأرض إلى طِلْبته (لوقا / 13/ 6 – 9). ومغزى المثل أن الله يعطى الفرصة للعاصين مرة واثنتين وثلاثا قبل أن يأخذهم بذنوبهم. فلماذا لم يطبق المسيح عليه السلام هذا المبدأ مع التينة، التى ليس لها مع ذلك عقل الإنسان ولا إرادته؟
خلاصة القول إننا لو قارنّاه برسولنا الكريم، عليه وعلى ابن مريم السلام، لوجدنا أن النبى محمدا كان أحلم وأطول بالا وأوسع صدرا، وظل هكذا، لا ثلاث سنوات فقط مثله، بل ثلاثة وعشرين عاما!
أما فى المدينة فقد كانت هناك دولة، ومن ثم كان لا بد أن تجد نفسها منغمسةً فى حروب عاجلا أو آجلا شأن ما يحدث للدول فى كل مكان وزمان ما دمنا نعيش فى دنيا البشر لا فى دنيا الملائكة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما حكاية " من لطمك على خدك الأيمن فحَوِّل له الآخر " فهذا كلام لا يسمن ولا يغنى من جوع، ولا يترتب عليه إلا خراب المجتمعات والدول، وفوز الذئاب والكلاب من البشر بكل شىء، وذهاب الناس الطيبين فى ستين داهية غير مأسوف عليهم من أحد!
ثم أين هذا الصنف الأبله من الناس الذى تضربه على خده الأيمن فيدير لك الأيسر لتَحِنّ عليه بما لذّ وطاب من الصفع والإهانة كيلا يشكو أحد الخدين من التفرقة بينه وبين أخيه؟ أَرُونِى نصرانيا واحدا يفعل ذلك! هذه تشنجات لفظية لا أكثر!
بل إن المسيح نفسه لم يفعل هذا! حتى الصَّلْب، الذى يزعمون أنه عليه السلام إنما أُرْسِل إلى الأرض ليتحمله فداءً للبشر الخُطَاة، ظل يسوّف فيه ويحاول تجنبه ما أمكن، وعندما وقع أخيرا فى أيدى الجنود وأخذوا يعتدون عليه بالشتم والضرب كان يعترض على ما يوجهونه إليه من أذى. بل إنه، وهو فوق الصليب، أخذ يجأر إلى ربه كى يزيح عنه تلك الكأس المرة. وهذا كله قد سجَّله مؤلفو الأناجيل أنفسهم!
وعلى كل حال فإن المقارنة بينه وبين الرسول لا تصح إلا على مستوى الحياة الفردية الشخصية، أما على مستوى الحُكْم فلا، لأن عيسى عليه السلام، كما سبق أن وضّحت، لم يعش بعد النبوة أكثر من ثلاثة أعوام، ولم يتولَّ أى منصب إدارى، فضلا عن أن يكون حاكما يرأس دولة ويدبِّر شؤونها ويمارس الحرب والسياسة ويشرّع للناس ويقضى بينهم كرسولنا الكريم.
ترى هل يمكن أن تقوم دولة دون محاكم وقضاة وسجون؟
وبالمناسبة فقد أخطأ الأغبياء هنا غلطة سخيفة سخافة عقولهم، إذ ظنوا أن قوله تعالى لرسوله الكريم: " فإن تنازعتم فى شىء فرُدّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " (النساء / 59) يتناقض مع قوله جل شأنه: " أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " (الزمر/ 39)، إذ يتساءلون: كيف يأمر الله رسوله فى موضع بالحكم بين الناس، ثم يقول فى موضع آخر إن الله هو الذى يحكم بين العباد؟ ومن هنا اتهموا الرسول بأنه قد نسخ بالآية الثانية ما سبق أن قاله فى الآية الأولى، وسخروا منه وتطاولوا عليه (سورة المشركين/ 5 – 6). وفات هؤلاء الأغبياء أن الحكم فى آية " النساء " هو الحكم فى خصومات الدنيا، وهو من مهمة النبى عليه السلام، بخلاف الحكم فى آية " الزمر "، التى تتحدث عن الحساب الأخروى، وهو من اختصاص الله لا يشاركه فيه أحد. فهذان موضوعان مختلفان تماما كما يرى القراء، بيد أن البهائم لا يفهمون!
كلام السخفاء إذن فى تفضيل المسيح على النبى العربى هو كلام تافه لا قيمة له عند كل من له أدنى فهم للحياة والتاريخ والطبيعة البشرية والمجتمعات الإنسانية!
ثم تعالَوْا بنا إلى واقع الحياة، فماذا نجد؟
لننظرْ إلى الحروب التى خاضها النصارى وتلك التى خاضها المسلمون ونقارن بينهما.
وأول ما يلفت النظر بطبيعة الحال أن النصارى قد خاضوا الحروب وقاتلوا وقَتَلوا ولم يديروا خدهم لا اليمين ولا الشمال لأحد، اللهم إلا كِبْرًا وبَطَرًا وتجبُّرا. ومع هذا فإنهم ما زالوا سادرين فى سخفهم ورقاعتهم وسماجتهم ومحاضرتهم لنا عن التسامح والمسكنة والتواضع وإدارة خدك الأيسر لمن يصفعك على أخيه الأيمن وترك إزارك له أيضا إذا أخذ منك رداءك. لقد أبادوا أمما من على وجه الأرض فلم تبق لها من باقية: حدث هذا فى أمريكا على يد الأوربيين الذين هاجروا إليها فى مطالع العصور الحديثة وظلوا يشنون الغارات على الهنود الحمر أصحاب البلاد وينشرون بينهم الأوبئة التى لم يكن لهم بها عهد حتى أفنَوْهم عن بكرة أبيهم تقريبا، وذلك بمباركة القساوسة الناطقين باسم المسيح وحاملى رسالة التواضع والمحبة والتسامح وإدارة الخد الأيسر، والتنازل عن الرداء والإزار معا وسير صاحبهما عاريًا حافيًا كما ولدته أمه!
وحدث هذا أيضا فى أستراليا نحو ذلك الوقت!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد ناب المسلمين والعرب من هذه المحبة جانب، إذ بعد أن انتصر فرديناند وإيزابلا على بنى الأحمر فى شبه جزيرة أيبريا وأصبحت الأندلس نصرانية، رأينا هذين الملكين ينقلبان على المسلمين الذين بَقُوا فى بلادهم لم يغادروها مع من غادرها، فيغدران بهم ويُثْخِنان فيهم تقتيلا وتنصيرا، ضاربَيْنِ عُرْضَ الجدار بالمعاهدات التى تكفل للمسلمين الأمان والحرية الدينية والاحتفاظ بممتلكاتهم لا تُمَسّ، حتى لم يعد هناك بعد فترة وجيزة فى تلك البلاد مخلوق يوحّد الله. والبركة فى محاكم التفتيش التى أقامها خلفاء السيد المسيح ناشرو دعوة التسامح والتواضع والمحبة على الورق وفى عالم الدعاية الكاذبة الفاجرة لا غير، أما فى دنيا الواقع فإنها لا تسمن ولا تغنى عند اللزوم من جوع أو قتل أو حرق أو سلخ أو تكسير للعظام أو سَمْل للعيون أو تغريق فى البحر أو مصادرة للأملاك أو ... أو ... أو ... !
فانظر إلى ما فعله المسلمون حين فتحوا تلك البلاد تدرك الفرق بين النفاق النصرانى المتشدق زورا وبهتانا بالمبادئ الخلقية الورقية التى لم تعرف السبيل يوما إلى التطبيق على الأرض، وبين المثالية الإسلامية الواقعية التى لا تعرف هذه الشقشقات اللفظية، لكنها لا تنزل أبدا إلى هذا الدرْك الأسفل من القسوة والتوحش مهما خالفت عن أمر دينها ولم تلتزم به كما يحدث فى دنيا البشر أحيانا!
إن المسلمين متَّهَمون دائما بأنهم نشروا دينهم بالسيف، مع أنه لم يثبت قط أنهم أكرهوا شعبا على ترك دينه كما فعل النصارى فى كثير من الدول التى احتلوها مما ذكرنا منه أمثلة ثلاثة ليس إلا.
ولا يكفّ النصارى أبدا عن الكلام فى الجزية وقسوة الجزية حتى ليخيَّل لمن لا يعرف الأمر أن المسلمين كانوا يصادرون أموال الأمم التى يفتحون بلادها مصادرة، مع أن المبلغ الخاص بالجزية لم يكن يزيد على بضعة دنانير فى العام عن الشخص الواحد، فضلا عن أنه لم تكن هناك جزية على الأطفال والنساء والشيوخ والرهبان. وفى المقابل كان غير المسلمين يُعْفَوْن من دفع الزكاة على عكس المسلم، كما كانوا يُعْفَوْن من الاشتراك فى الحرب. وبهذا يكون المسلمون قد سبقوا كالعادة، ودون شقشقة لفظية أيضا، إلى مبدإ الإعفاء من الحرب على أساس مما نسميه الآن: " تحرُّج الضمير "، إذ لمّا كان أهل البلاد المفتوحة غير مسلمين كانت الحرب تمثّل لهم عبئًا نفسيًّا وأخلاقيا أراد الإسلام أن يزيحه عن كاهلهم بطريقة واقعية سمحة. وفضلا عن هذا فإن المسلمين، فى الحالات التى لم يستطيعوا فيها أن يحموا أهل الذمة، كانوا يردون إليهم ما أخذوه منهم من جزية، إذ كانوا ينظرون إليها على أنها ضريبة يدفعها أهل الذمة لقاء قيامهم بالدفاع عنهم.
ومع ذلك كله يُبْدِئ الشياطين مزيفو " الضلال المبين " ويُعِيدون فى مسألة الحروب الإسلامية مدَّعين بالباطل أن المسلمين كانوا يقتلون أهل البلاد التى يفتحونها إلا إذا دفعوا الجزية: " وحَمَل الذين كفروا على عبادنا بالسيف فمنهم من استسلم للكفر خوفَ السيف والرَّدَى فآمن بالطاغوت مُكْرَهًا فسَلِم وضلَّ سبيلا * ومنهم من اشترى دين الحق بالجزية عن يدٍ صاغرًا ذليلا * ... * وزعمتم بأننا قلنا: قاتلوا الذين لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون صُغْرا " (سورة الجزية / 5 – 6، 12).
والملاحظ أن الشياطين يخلطون عن عمد بين القتال والقتل، فالآية تقول: " قاتلوا " لا " اقتلوا "، والفرق واضح لا يحتاج إلى تدخل من جانبى.
ومعنى الآية أنه ينبغى على المسلمين أن يهبوا لمقاتلة الروم، الذين شرعوا فى ذلك الحين يتدخلون فى شؤون الدولة الإسلامية الوليدة متصورين أنها لقمة سائغة سهلة الهضم لن تأخذ فى أيديهم وقتا، فكان لا بد من قطع هذه اليد النجسة، وإلا ضاع كل شىء. كما كان لا بد أيضا من أخذ الجزية منهم عن يدٍ وهم صاغرون جزاءً وفاقا على بغيهم واستهانتهم بالمسلمين وتخطيطهم لاجتياح دولتهم دون أن يَفْرُط منهم فى حقهم أى ذنب!
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى أية حال فإن النصارى مأمورون بحكم دينهم أن يدفعوا " الجزية " (هكذا بالنص) لأية حكومة يعيشون فى ظلها وأن يعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، حسبما قال لهم المسيح حرفيا (متى / 22/ 17 – 21، و 12/ 24 – 25، ومرقس / 12/ 14 – 17).
كما أن بولس، الذى يخالف فى غير قليل من أحكامه ما قاله نبيُّه، قد كرر هنا نفس ما قاله السيد المسيح فأمرهم بالخضوع لأية حكومة تبسط سلطانها عليهم وألا يحاولوا إثارة الفتن، لأن تسلط هذه الحكومات عليهم إنما هو بقَدَر من الله كما قال لهم، ومن ثم لا ينبغى التمرد على سلطانها، بل عليهم دفع الجزية والجبايات دون أى تذمر: " لِتَخْضَعْ كلُّ نفس للسلاطين العالية، فإنه لا سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة إنما رتَّبها الله * فمن يقاوم السلطان فإنما يعاند ترتيب الله، والمعاندون يجلبون دينونة على أنفسهم * لأن خوف الرؤساء ليس على العمل الصالح بل على الشرير. أفتبتغى ألا تخاف من السلطان؟ افعل الخير فتكون لديه ممدوحا * لأنه خادمُ الله لك للخير. فأما إن فعلتَ الشر فَخَفْ فإنه لم يتقلد السيف عبثا لأنه خادمُ الله المنتقمُ الذى يُنْفِذ الغضب على من يفعل الشر * فلذلك يلزمكم الخضوع له لا من أجل الغضب فقط بل من أجل الضمير أيضا * فإنكم لأجل هذا تُوفُون الجزية أيضا، إذ هم خُدّام الله المواظبون على ذلك بعينه * أدُّوا لكلٍّ حقه: الجزية لمن يريد الجزية، والجباية لمن يريد الجباية، والمهابة لمن له المهابة، والكرامة لمن له الكرامة " (رسالة القديس بولس إلى أهل رومية / 13/ 1 – 7).
وهذا الكلام خاص بخضوع النصارى للحكومات الوثنية، فما بالنا بالحكومات المسلمة المؤمنة الموحِّدة التى لم يسمع أحد أنها فعلت بالنصارى ولا واحدا على الألف مما كانت تلك الحكومات تفعله بهم؟ أَكُلُّ هذه الضجة لبغضكم القتّال لدين محمد بسبب فضحه لوثنياتكم وتثليثكم وبسبب كَسْبه القلوبَ المتعطشةَ لنور التوحيد واستقامة العقل والضمير؟
وربما يسأل أحدٌ نفسَه: ولكن لماذا كان حكم النصارى بهذه القسوة مع غيرهم رغم الكلام المعسول عن المحبة والتسامح وما إلى ذلك؟
والجواب أوَّلا هو أن هذا الكلام المعسول إنما يخص العلاقات الفردية لا الدولية، فالنصرانية لم يكن لها أية سلطة على عهد السيد المسيح، الذى رأيناه هو وحوارييه، على العكس من ذلك، يحاكَمون على يد أعدائهم وبمقتضى قوانين هؤلاء الأعداء. وحتى على المستوى الفردى قد وجدنا أن مثل هذه المبادئ لا تؤكِّل عيشا.
وإلى جانب هذا فالنصرانية ديانة لا تقوم على العقل، بل تطلب من الشخص أن يؤمن دون مناقشة أو تفكير. وهذا أمر طبيعى لأنها مؤسسة على التفكير الخرافى، إذا صح وصف الخرافات بأنها تفكير، وعلى ذلك فإنها فى الواقع تفتقر إلى هذا التسامح الذى تدّعيه. ومعروف أنه كلما بالغ الشخص فى الحديث عن مزاياه وأزعج الآخرين بها بداعٍ وبدون داعٍ كان ذلك دليلا على كذبه. فهذا هذا! ومن ثَمَّ فإنها حين وجدت نفسها ذات سيادة ودولة ورأت أنها لا تملك أية تشريعات تتعلق بالحكم والعلاقات الدولية انكفأت إلى العهد العتيق تستلهمه المشورة فلم تجد إلا الحروب والتشريعات اليهودية التى تتسم بالقسوة الوحشية المفرطة فى معاملة الأعداء فى الحرب وبعد الحرب على السواء دون التقيد بأية التزامات أخلاقية أو إنسانية. ولسوف أقتصر هنا على نص واحد من النصوص التى وردت فى العهد العتيق خاصة بالحرب. جاء فى " سفر تثنية الاشتراع ": " وإذا تقدَّمْتَ إلى مدينة لتقاتلها فادْعُها أولا إلى السلم * فإذا أجابتك إلى السلم وفتحت لك فجميع الشعب الذين فيها يكونون لك تحت الجزية ويتعبدون لك * وإن لم تسالمك بل حاربتك فحاصَرْتَها * وأسلمها الرب إلهك إلى يدك فاضرب كل ذَكَرٍ بحدّ السيف * وأما النساء والأطفال وذوات الأربع وجميع ما فى المدينة من غنيمة فاغتنمها لنفسك، وكُلْ غنيمةَ أعدائك التى أعطاكها الرب إلهك * هكذا تصنع بجميع المدن البعيدة منك جدا التى ليست من مدن أولئك الأمم هنا * وأما مدن أولئك الأمم التى يعطيها لك الرب إلهك ميراثًا فلا تستَبْقِ منها نسمة * بل أَبْسِلْهم إبسالا ... " (20/ 10 – 17).
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا مثال من التشريعات التى وجدها النصارى تحت أيديهم فطبقوها بمنتهى الدقة والإخلاص (والمحبة والتسامح والتواضع أيضا من فضلك!) متى واتتهم الظروف كما حدث فى أمريكا وأستراليا مثلا، وكما حدث فى الأندلس عندما سقطت فى أيديهم فنكَّلوا بالمسلمين تنكيلا رهيبا، وكما حدث كذلك فى فلسطين، التى امتلخوها من العرب والمسلمين وأعطَوْها لليهود. وكدَيْدَنِهم عملوا على أن يصبغوا هذه الجريمة بصبغة إنسانية فزعموا أنهم إنما يريدون أن يعوّضوا اليهودَ عما ذاقوه من ويلات. على يد من؟ على يد النصارى أنفسهم، وليس على أيدى العرب والفلسطينيين! لكن متى كان الإجرام والتوحش يبالى بمنطق أو عدل أو أخلاق؟
أما الحرب فى الإسلام فلا تُشَنّ إلا للدفاع عن النفس كما هو معلوم، وليس بحجة أن الله قد أعطانا بلاد الآخرين والسلام، استلطافا منه لنا!
أما عند هزيمة العدو فإننا نأسره ولا نقتله، ثم بعد انتهاء الأعمال القتالية فإما أطلقنا سراح الأسرى دون مقابل، وإما أخذنا منهم الفدية لقاء تركهم يعودون لذويهم. أما المحو والاستئصال الذى يأمر رب اليهود شعبه به فلا مجال له فى الإسلام!
ومع ذلك كله يظل هؤلاء المناكيد يرددون أكاذيبهم عنا وعن قسوتنا وإكراهنا غيرنا على الدخول فى ديننا ... إلى آخر تلك المفتريات اللعينة.
ولكن ما وجه الغرابة فى هذا، وقد اجترأوا على الله نفسه فصنعوا كلاما سمجا كله كفر وقلة أدب وسفاهة وتطاول على رسول الله، ثم ادَّعَوْا أنه من عند رب العالمين؟ هل من يفعل ذلك يمكن أن يطمئن له عاقل ذو ضمير؟ هل من يفعل ذلك يمكن أن يكون فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان؟
وفى النهاية أرجو أن يكون القارئ قد تنبه لحكاية" الجزية " فى النصوص السابقة المأخوذة من الكتاب المقدس بعهديه العتيق والجديد جميعا، فإنها تكذِّب الأوغاد المجرمين مخترعى الوحى المزيف وناسبيه لرب العالمين كفرًا منهم وإلحادا، إذ يزعمون أن الرسول هو الذى اخترع " الجزية " من عنده وأنها لم تنزل من السماء!
وكما يُبْدِئ الأوغاد المجرمون ويُعِيدون فى الزعم بأن الإسلام انتشر بالسيف رغم أنهم هم الذين نشروا دينهم بالسيف والكذب والخداع واستغلال السذاجة عند الشعوب البدائية ... إلخ، فكذلك نراهم يُبْدِئون ويُعِيدون فى الإزراء على الجنة ونعيمها كما صورها القرآن الكريم، مدَّعين أنها جنة مادية شهوانية لا تليق بالناس المتحضرين أمثالهم من أصحاب الروحانيات والخلق السامى الكريم!
عجيبٌ أمر هؤلاء الأوغاد عجيبٌ عجيب! أية روحانيات يتحدثون عنها، وقد نزلوا بربهم من عليائه إلى دنيا البشر المادية فتجسَّد وأكل وشرب وتجرع الخمر وصنعها آية لضيوف حفل قانا الجليل وتبول وتغوَّط وتألم وحزن ولُعِن وشُتِم وضُرِب وأُهِين وحُوكِم وصُلِب، ثم مات أيضا " فوق البيعة " كيلا يكون أحدٌ أحسن من أحد؟
أَوَبَعْد أن جسَّدتم الله تواتيكم نفوسكم على التظاهر بالاشمئزاز من جنة المسلمين قائلين إنها جنة مادية؟
وماذا فى الجنة المادية؟ ألا تحبون الأكل؟ ألا تحبون الشرب؟ ألا تحبون الجنس؟ ألا تحبون التمتع بالظلال والجمال والهدوء؟ ألا تحبون أن تستمعوا إلى الأصوات العذبة الجميلة؟ ألا تحبون راحة البال وسكينة النفس بعد كل هذا القلق الذى اصطليناه فى الدنيا؟ إن من يقول: " لا " لأى من هذه الأسئلة لهو ثُعْلُبَانٌ كذابٌ أَشِرٌ عريقٌ فى النفاق والدجل! فما الحال إذا عرفنا أن هذه المتع الفردوسية ستكون متعا صافية مبرَّأة من كل ما كان يتلبَّس بها على الأرض من نقصان ونفاد وملل أو كِظَّة وغثيان أو قلق وآلام وأوجاع وإفرازات وعلل وتعب وكدح وصراع وخوف، وكذلك من كل ما كان يعقبها من إخراج وتجشؤ وفتور وإرهاق ونوم ومرض ... إلخ؟
لقد ذكر القرآن المجيد أنه فى العالم الآخر سوف " تُبَدَّل الأرضُ غَيْرَ الأرض والسماواتُ " (إبراهيم / 48)، وأن أهل الجنة " لا يَمَسّهم فيها نَصَبٌ، وما هم منها بمُخْرَجين " (الحجر/ 48)، وأنهم سيَبْقَوْن " خالدين فيها لا يَبْغُون عنها حِوَلا " (الكهف / 108)، وزاد الرسول الكريم فى أحاديثه الأمر بيانا فأوضح أن هذه المتع ستكون متعا خالصة تماما لا يكدّرها مكدِّر عضوىّ أو نفسىّ. فما وجه التنطع والاشمئزاز الكاذب إذن؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد لاحظتُ أن الذين يُزْرُون على جنة القرآن هم من أشد الناس طلبا للدنيا وتطلعا إليها وانخراطا فيها وسعارا محموما خلف لذائذها، ومنهم هؤلاء المبشرون الفَسَقَة العَهَرَة الذين كانوا ولا يزالون يمثلون طلائع الاستعمار والاحتلال الغربى لبلادنا وبلاد كل الشعوب المستضعفة، ذلك الاستعمار الذى يريد أن يستمتع بطيبات الحياة دوننا ويترك لنا الجوع والفقر والجهل والمرض والقذارة والذلة والتخلف والشقاء! أليس مضحكا أن يأتى هؤلاء بالذات ليُظْهِروا النفور من تلك اللذائذ؟ فمن هم إذن يا تُرَى الذين سُعِروا بحب الجنس على النحو الذى نعرفه فى بلاد الغرب واقعًا مَعِيشًا وأدبا مكتوبا ولوحاتٍ مصوَّرَةً وأفلاما عارية ومسرحياتٍ عاهرة؟
أفإن جاء الرسول الكريم وقال لنا إنكم ستستمتعون بهذه الطيبات فى الجنة، لكنْ مصفَّاةً مما يحفّها هنا على الأرض من أكدار وشوائب، ومصحوبةً بالمحبة بين أهل الجنة ومشاهدتهم لوجه ربهم العظيم ذى الجلال والإكرام وتمتعهم بالرضا الإلهى السامى عنهم وانتشائهم بالتسبيحات الملائكية حولهم، نَلْوِى عنه عِطْفنا ونشمخ بأنوفنا ونُبْدِى التأفف والتنطُّس؟ إن هذا، وَايْمِ الحق، لَنِفاقٌ أثيم!
سنسمع المنافقين المنغمسين فى شهوات الجسد يتحدثون بتأفف عن هذه اللذائذ التى لا تليق فى نظرهم ببنى الإنسان، وهم الذين يمارسون اللِّواط والسِّحاق مما ينزل بهذا الجسد وصاحبه أسفل سافلين.
وعلى أية حال ما وجه النفور من الجسد وإشباع غرائزه فى اعتدال؟ أليس هذا الجسد هو أحد الوجهين اللذين تتكون منهما الشخصية الإنسانية؟ فما الذى يمكن أن يكون فى ذلك من عيب؟ ترى أمن الممكن أن تقوم الحياة البشرية بعيدا عن الجسد؟ كنت أستطيع أن أفهم وجه الاعتراض لو كنا نقول إن المتع الجسدية هى وحدها المتع التى نريدها، لأن هذا من شأنه أن يُلْغِىَ الجانب الروحى من الإنسان أو على الأقل يتجاهله بما يسىء إلى هذا الإنسان نفسه. أمّا، ونحن لا نقول بهذا، فلست أجد أىّ مسوِّغ للاعتراض إلا العناد الأحمق والنفاق البغيض! وعلى كل حال فالقرآن والأحاديث يلحّان صراحةً على أن أطايب النعيم هى مما لم تره عين أو تسمع به أذن أو خطر على قلب بشر. ثم يستوى بعد ذلك أن تكون هذه المتع الفردوسية متعا جسدية روحية معا أو روحية خالصة الروحانية. ونصوص القرآن والسنة تحتمل هذا وذاك لمن يريد، وإن كان العبد الفقير يرى أنها ستجمع بين الحسنيين بالمعنى الذى شرحتُه، أى أنها ستكون متعا جسدية روحية، لكنْ على نحو غير الذى نعرفه فى هذه الدنيا. المهم أنها ستكون متعا خالصة والسلام!
لقد استند الثعالب المنافقون فى إنكارهم هذا إلى ما نُسِب للسيد المسيح من رده على اليهود الذين أرادوا أن يضيّعوا وقته فى الأسئلة السخيفة فقال لهم إن الناس " فى القيامة لا يزوِّجون ولا يتزوجون " (متى / 22/ 23 – 30)، إذ كان سؤالهم عن امرأة مات عنها زوجها فتزوجها من بعده إخوته الستة واحدا بعد موت الآخر، فلِمَنْ من هؤلاء السبعة ستكون زوجةً فى القيامة؟
والسؤال، كما هو جلىٌّ بيِّن، سؤال سمج سخيف لا يمكن أن يقع إلا فى خيالات المهاويس ولا يراد به إلا التعنت والرغبة فى أن يمسكوا شيئا يتعللون به للتشكيك فى القيامة التى لم يكونوا، كما جاء فى القصة، يؤمنون بها لأنهم من طائفة الصَّدُوقِيِّين المنكرين للبعث. وهو أسلوب يبرع فيه أحلاس المجالس والمجامع الذين يعشقون الظهور والرواج عند العامة، فأراد المسيح أن يقطع عليهم الطريق ولا يعطيهم الفرصة للمضى مع هذا الجدال العقيم! وبطبيعة الحال لن يكون هناك زواج ولا تزويج، فنحن لسنا فى الدنيا، ومن ثم لن نحتاج إلى مأذون أو مسجّل مدنى وشهادات رسمية وما إلى ذلك مما هو معروف هنا فى هذه الحياة الأرضية. وهذا مثل قولنا مثلا إنه لن تكون هناك مطاعم ولا مطابخ فى الآخرة. فهذا شىء، والخروج من ذلك القول بأنه لن يكون هناك طعام وشراب شىء آخر. وعلى نفس القاعدة فإن قول المسيح إنه لن يكون زواجٌ أو تزويجٌ يوم القيامة لا يعنى أنه لن يكون هناك متع مما يحصِّله الإنسان من الاتصال بالجنس الآخر، فهذه المتع قد تتم من خلال الزواج، وقد تتم دون زواج. ومتع الجنة، كما أشرنا آنفا، لن يكون فيها شىء من وجع الدماغ الذى شبعنا
(يُتْبَعُ)
(/)
منه فى الدنيا، ومن ثم فلا خِطْبة ولا مهر ولا زواج بما يعنيه كل هذا من استعدادات وتكاليف، فضلا عن أن تكون هناك صراعات بين عدة رجال مثلا على الفوز بامرأة جميلة كل منهم واقع فى غرامها ولا يهنأ له عيش إلا بالزواج منها، أو بين عدة نساء على الفوز برجل غنى وسيم كلهن مدلَّهات فى هواه فلا تروق لهن الدنيا إلا بالاقتران به.
ومما يؤيد كلامى أن المسيح نفسه فى الفقرات التى سبقت جوابه على سؤال اليهود، حين أراد أن يوضح ملكوت السماوات، وهو ما يقابل الجنة عندنا، ضرب لمستمعيه مثلا من عُرْسٍ أقامه أحد الملوك لابنه أَوْلَمَ فيه وليمةً " على كيفك " قُدِّمَتْ فيها الذبائح والمسمَّنات، وحضرها المدعوُّون وقد لبسوا الحلل التى تليق بهذه المناسبة السعيدة. فعلام يدل هذا؟ وهل يختلف يا ترى عما نقوله نحن عن الجنة؟
أَوَلَمْ يقل المسيح (مرقس / 14/ 25، ولوقا / 22/ 18) إنه سيشرب عصير الكرمة فى ملكوت الله جديدا، أى على نحو آخر غير ما كان عليه فى الدنيا، وهو ما يقوله الإسلام؟
أولم يقل لتلاميذه إنهم سيأكلون ويشربون معه على مائدته فى الملكوت (لوقا / 22/ 29 – 30)؟ فما الفرق بين الشراب والطعام وبين الجنس؟ أليست كلها متعا من متع هذه الدنيا التى تتأففون منها نفاقا ورياء، وأنتم غارقون فيها، لا إلى أذقانكم فقط كما يقول التعبير المشهور، بل إلى شُوشَة رؤوسكم؟
ثم إننا لا ينبغى أن ننسى أن السيد المسيح، مَثَلُه فى هذا مَثَلُ النبى يحيى، كان عزوفا عن النساء لأسباب خاصة به قد يمكن أن نجد لها إيماء فى كلامه عليه السلام عن أولئك الذين خصاهم الناس أو خَصَوْا هم أنفسَهم أو كانوا مَخْصِيِّين خِلْقَةً مما مَرَّ بنا من قبل.
ثم أين كان آدم وحواء فى بدء أمرهما؟ ألم يكونا فى الجنة؟ فماذا كانا يفعلان هناك؟ يقول كتابكم المقدس إن هذه الجنة كان فيها أشجار حسنة المنظر طيبة المأكل، وإن الرجل يترك أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسدا واحدا، وإن آدم وزوجه كانا عريانين لا يشعران بخجل، وإن الله قد ضمن لهما الخلود فيها ... إلخ (تكوين / 2/ 8 – 9، 24). فما معنى كل هذا؟ وماذا كان أبوانا الأوَّلان يعملان فى الجنة؟ أكانا يكتفيان بتمضية وقتهما فى التأملات الروحانية واضعَيْن أيديهما على خدودهما ليلا ونهارا؟
كذلك يتحدث بولس فى رسالته الأولى لأهل كورنتس (15/ 35 فصاعدا) عن " الأجساد الأخروية " التى لا تعرف الفساد ولا التحلل والتى يسميها أيضا بـ " الأجساد السماوية " و" الأجساد الروحانية ".
وفى السِّفْر المسمَّى بـ " رؤيا القديس يوحنا " وَصْفٌ مفصَّلٌ لكثير من متع الفردوس وعذابات الجحيم، وكلها مادية كالمتع والعذابات التى نعرفها فى دنيانا هذه، مع التنبيه بين الحين والحين إلى أن كل شىء من هذه الأشياء سيكون جديدا ولا يجرى عليه ما كان يجرى على نظيره فى الأرض من فساد ونقصان، وهو ما لا يختلف عما قلناه، فلم التعنت إذن ومهاجمة الإسلام نفاقا وحقدا؟
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:28 ص]ـ
وأَصِل الآن إلى آخر قضية أنوى أن أتناولها فى هذه الدراسة، وهى التهمة التى وجهها هؤلاء المآفين إلى القرآن الكريم وخصّصوا لها سورة افترَوْها وسمَّوْها: " سورة الغرانيق "، إشارةً إلى ما يقال من أن سورة " النجم " كانت تحتوى فى البداية على آيتين تمدحان الأصنام الثلاثة: " اللات والعُزَّى ومَنَاة "، ثم حُذِفتا منها فيما بعد. يريدون القول بأن محمدا، عليه الصلاة والسلام، كان يتمنى أن يصالح القرشيين حتى يكسبهم إلى صفه بدلا من استمرارهم فى عداوتهم لدعوته وإيذائهم له ولأتباعه، ومن ثم أقدم على تضمين سورة " النجم " تَيْنِك الآيتين عقب قوله تعالى: " أفرأيتم اللاتَ والعُزَّى * ومناةَ الثالثةَ الأخرى؟ " (النجم /19 – 20) على النحو التالى: " إنهنّ الغرانيق العُلا * وإن شفاعتهن لَتُرْتَجَى ". والمقصود من وراء ذلك كله هو الإساءة للرسول الكريم بالقول بأنه لم يكن مخلصا فى دعوته، بل لم يكن نبيا بالمرة، وإلا لما أقدم على إضافة هاتين الآيتين من عند نفسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهم بهذا يظنون أن محمدا يشبه بولس، الذى كان يفتخر بأنه يتلون حسب الظروف من أجل إدخال الناس إلى النصرانية بكل سبيل والذى أقدم على إلغاء السبت والختان وأَحَلَّ الخنزير حين رأى أن هذه الأحكام تقوم عقبةً كأداءَ فى طريق الدخول إلى المسيحية! ونَسُوا أن محمدا نبى من عند رب العالمين، على عكس بولس، الذى ما إن دخل المسيحية بكذبته تلك الكبيرة التى لا تدخل العقل ولا تجوز إلا على البُلْه والمعاتيه حتى انطلق كالثور الهائج يقلب كل شىء فيها تقريبا رأسًا على عقب!
وعلى أية حال فهذه بعض من آيات السورة الشيطانية المذكورة: " باسم الآب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد * يا أيها الذين كفروا من عبادنا: لقد ضلَّ رائدكم وقد غَوَى * وما نطق عن الهوى إن هو إلا وحىٌ إفكٌ يُوحَى * علَّمه مريد القُوَى * فرأى من مكائد الشيطان الكبرى وهو بالدرك الأدنى * وردَّد الكفر جهرا وتلا: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. إن شفاعتهن لَتُرْتَجَى * كلما مسه طائف من الشيطان زجر صاحبه فأخفى ما أبدى * وإمّا ينزَغَنَّه من الشيطان نَزْغٌ استعاذ بنا على مسمعٍ جهرا * ... * ومن أظلمُ ممن افترى علينا كذبا ثم قال: " أُوحِىَ إِلَىَّ ". وما أُوحِىَ إليه إلا ما تنزَّلَتْ به الشياطينُ افتراءً ومكرا " (1 - 7، 15).
وهذه الفرية هى مما يحلو للمستشرقين والمبشرين أن يرددوها للمكايدة وإثارة البلبلة، مع أن أقل نظرة فى سورة " النجم " أو فى سيرة حياته صلى الله عليه وسلم كافية للقطع بأن تلك القصة لا يمكن أن تكون قد حدثت على هذا النحو الذى اخترعه بعض الزنادقة قديما وأخذ أعداء الإسلام يرددونها شأن الكلب الذى وجد عظمة فعض عليها بالنواجذ وأخذ ينبح كل من يقترب منه! بل إن بلاشير فى ترجمته الفرنسية للقرآن الكريم قد أقدم على شىء بلغ الغاية فى الشذوذ والخيانة العلمية، ألا وهو إثبات هاتين الآيتين المدَّعَاتَيْن فى نص ترجمته لسورة " النجم " بزعمهما آيتين قرآنيتين كانتا موجودتين فيها يوما.
وقد تناول عدد من علماء المسلمين قديما وحديثا الروايات التى تتعلق بهاتين الآيتين المزعومتين وبينوا أنها لا تتمتع بأية مصداقية. والحقيقة إن النظر فى سورة " النجم " ليؤكد هذا الحكم الذى توصل إليه أولئك العلماء، فهذه السورة من أولها إلى آخرها عبارة عن حملة مدمدمة على المشركين وما يعبدون من أصنام بحيث لا يُعْقَل إمكان احتوائها على هاتين الآيتين المزعومتين، وإلا فكيف يمكن أن يتجاور فيها الذم العنيف للأوثان والمدح الشديد لها؟ ترى هل يمكن مثلا تصوُّر أن ينهال شخص بالسب والإهانة على رأس إنسان ما، ثم إذا به فى غمرة انصبابه بصواعقه المحرقة عليه ينخرط فجأة فى فاصل من التقريظ، ليعود كرة أخرى فى الحال للسب والإهانة؟ هل يعقل أن تبلع العرب مثل هاتين الآيتين اللتين تمدحان آلهتهم، وهم يسمعون عقب ذلك قوله تعالى: " ألكم الذَّكَر وله الأنثى؟ * تلك إذن قسمةٌ ضِيزَى * إن هى إلا أسماءٌ سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان. إن تتَّبعون إلا الظن وما تَهْوَى الأنفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى "؟ إن هذا أمر لا يمكن تصوره!
كما أن وقائع حياته صلى الله عليه وسلم تجعلنا نستبعد تمام الاستبعاد أن تكون عزيمته قد ضعفت يوما، فقد كان مثال الصبر والإيمان بنصرة ربه له ولدعوته. ومواقفه من الكفار طوال ثلاثة وعشرين عاما وعدم استجابته فى مكة لوساطة عمه بينه وبينهم رغم ما كان يشعر به من حب واحترام عميق نحوه، وكذلك رفضه لما عرضوه عليه من المال والرئاسة، هى أقوى برهان على أنه ليس ذلك الشخص الذى يمكن أن يقع فى مثل هذا الضعف والتخاذل!
هذا، وقد أضفت طريقةً جديدةً للتحقق من أمر هاتين الآيتين هى الطريقة الأسلوبية، إذ نظرت فى الآيتين المذكورتين لأرى مدى مشابهتهما لسائر آيات القرآن فوجدت أنهما لا تمتان إليها بصلةٍ البتة.
كيف ذلك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن الآيتين المزعومتين تجعلان الأصنام الثلاثة مناطا للشفاعة يوم القيامة دون تعليقها على إذن الله، وهو ما لم يسنده القرآن فى أى موضع منه إلى أى كائن مهما تكن منزلته عنده سبحانه. ولن نذهب بعيدا للاستشهاد على ما نقول، فبعد هاتين الآيتين بخمس آيات فقط نقرأ قوله تعالى: " وكم مِنْ مَلَكٍ فى السماوات لا تُغْنِى شفاعتُهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويَرْضَى ". فكيف يقال هذا عن الملائكة فى ذات الوقت الذى تؤكد إحدى الآيتين المزعومتين أن شفاعة الأصنام الثلاثة جديرة بالرجاء من غير تعليق لها على إذن الله؟
ثم إنه قد ورد فى الآية الثانية من آيتى الغرانيق كلمة " تُرْتَجَى "، وهى أيضا غريبة على الأسلوب القرآنى، إذ ليس فى القرآن المجيد أى فعل من مادة " ر ج و " على صيغة " افتعل ". أما ما جاء فى إحدى الروايات من أن نص الآية هو: " وإنّ شفاعتهن لَتُرْتَضَى "، فالرد عليه هو أن هذه الكلمة، وإن وردت فى القرآن ثلاث مرات، لم تقع فى أى منها على " الشفاعة "، وإنما تُسْتَخْدَم مع الشفاعة عادةً الأفعال التالية: " تنفع، تغنى، يملك ".
كذلك فقد بدأت مجموعةُ الآيات التى تتحدث عن اللات والعُزَّى ومناة بقوله عَزَّ شأنُه: " أ (ف) رأيتم ... ؟ "، وهذا التركيب قد تكرر فى القرآن إحدى وعشرين مرة كلها فى خطاب الكفار، ولم يُسْتَعْمَل فى أى منها فى ملاينة أو تلطف، بل ورد فيها جميعا فى مواقف الخصومة والتهكم وما إلى ذلك بسبيل كما فى الشواهد التالية: " قل: أرأيتم إن أتاكم عذابُه بَيَاتًا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون؟ " (يونس / 50)، " قل: أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزقٍ فجعلتم منه حلالا وحراما، قل: آللهُ أَذِنَ لكم أم على الله تفترون؟ " (يونس / 59)، " قل: أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشَهِد شاهدٌ من بنى إسرائيل على مِثلِْه فآمن واستكبرتم؟ إن الله لا يهدى القوم الظالمين " (الأحقاف / 10)، " أفرأيتم الماء الذى تشربون؟ * أأنتم أنزلتموه من المُزْن أم نحن المُنْزِلون؟ * لو نشاء جعلناه أُجَاجًا، فلولا تشكرون " (الواقعة / 68 – 70). فكيف يمكن إذن أن يجىء هذا التركيب فى سورة " النجم " بالذات فى سياق ملاطفة الكفار ومراضاتهم بمدح آلهتهم؟
وفوق هذا لم يحدث أن أُضيفت كلمة " شفاعة " فى القرآن الكريم (فى حال مجيئها مضافة) إلا إلى الضمير " هم " على خلاف ما أتت عليه فى آيتى الغرانيق من إضافتها إلى الضمير "هنّ ".
وفضلا عن ذلك فتركيب الآية الأولى من الآيتين المزعومتين يتكون من " إنّ (وهى مؤكِّدة كما نعرف) + ضمير (اسمها) + اسم معرّف بالألف واللام (خبرها) "، وهذا التركيب لم يُسْتَعْمَل ل " ذات عاقلة " فى أى من المواضع التى ورد فيها فى القرآن الكريم (وهى تبلغ العشرات) إلا مع زيادة التأكيد لاسم " إنّ " بضميرٍ مثله كما فى الأمثلة التالية: " ألا إنهم هم المفسدون / ألا إنهم هم السفهاء / إنه هو التواب الرحيم / إنك أنت السميع العليم / إنك أنت التواب الرحيم / إنه هو السميع العليم / إنه هو العليم الحكيم / إنه هو الغفور الرحيم / إنى أنا النذير المبين / إنه هو السميع البصير / إننى أنا الله / إنك أنت الأعلى / إنا لنحن الغالبون / إنه هو العزيز الحكيم / وإنا لنحن الصافّون / وإنا لنحن المسبِّحون / إنهم لهم المنصورون / إنك أنت الوهاب / إنه هو السميع البصير / إنه هو العزيز الرحيم / إنك أنت العزيز الكريم / إنه هو الحكيم العليم / إنه هو البَرّ الرحيم / ألا إنهم هم الكاذبون / فإن الله هو الغنى الحميد ". أما فى المرة الوحيدة التى ورد التركيب المذكور دون زيادة التأكيد لاسم " إنّ " بضميرٍ مثله (وذلك فى قوله تعالى: " إنه الحق من ربك " / هود / 17) فلم يكن الضمير عائدا على ذات عاقلة، إذ الكلام فيها عن القرآن. ولو كان الرسول يريد التقرب إلى المشركين بمدح آلهتهم لكان قد زاد تأكيد الضمير العائد عليها بضميرٍ مثله على عادة القرآن الكريم بوصفها " ذواتٍ عاقلةً " ما داموا يعتقدون أنها آلهة. وعلى ذلك فإن التركيب فى أُولَى آيَتَىِ الغرانيق هو أيضا تركيب غريب على أسلوب القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
مما سبق يتأكد لنا على نحوٍ قاطعٍ أن الآيتين المذكورتين ليستا من القرآن، وليس القرآن منهما، فى قليل أو كثير. بل إنى لأستبعد أن تكون كلمة " الغرانيق " قد وردت فى أى من الأحاديث التى قالها النبى عليه الصلاة والسلام.
وينبغى أن نضيف إلى ما مرّ أن كُتُب الصحاح لم يرد فيها أى ذكر لهذه الرواية، ومثلها فى ذلك ما كتبه ابن هشام وأمثاله فى السيرة النبوية.
ولقد قرأت فى كتاب " الأصنام " لابن الكلبى (تحقيق أحمد زكى / الدار القومية للطباعة والنشر / 19) أن المشركين كانوا يرددون هاتين العبارتين فى الجاهلية تعظيما للأصنام الثلاثة، ومن ثم فإنى لا أستطيع إلا أن أتفق مع ما طرحه سيد أمير على من تفسير لما يمكن أن يكون قد حدث، بناءً على ما ورد من روايات فى هذا الموضوع، إذ يرى أن النبى، عندما كان يقرأ سورة " النجم " وبلغ الآيات التى تهاجم الأصنام الثلاثة، توقَّع بعضُ المشركين ما سيأتى فسارع إلى ترديد هاتين العبارتين فى محاولة لصرف مسار الحديث إلى المدح بدلا من الذم والتوبيخ ( Ameer Ali, The Spirit of Islam, Chatto and Windus, London, 1978, P.134 ). وقد كان الكفار فى كثير من الأحيان إذا سمعوا القرآن أحدثوا لَغْطًا ولَغْوًا كى يصرفوا الحاضرين عما تقوله آياته الكريمة (فُصِّلَتْ / 26)، فهذا الذى يقوله الكاتب الهندى هو من ذلك الباب.
ولتقريب الأمر أمثِّل لهذه الطريقة بواقعة كنت من شهودها، إذ كان رئيس ومرؤوسه يتعاتبان منذ أعوام فى حضورى أنا وبعض الزملاء، وكان الرئيس يتهم المرؤوس المسكين بأنه يكرهه، والآخر يحاول أن يبرئ نفسه عبثا لأنه كان معروفا عنه خوضه فى سيرة رئيسه فى كل مكان. وفى نوبة يأس أسرع قائلا وهو يؤكد كلامه بكل ما لديه من قوة: " إن ما بينى وبينك عميق! "، فما كان من زميل معروف بحضور بديهته وسرعة ردوده التى تحوِّل مجرى الحديث من وجهته إلى وجهة أخرى معاكسة إلا أن تدخل قائلا فى سرعة عجيبة كأنه يكمل كلاما ناقصا: " فعلا! عميقٌ لا يُعْبَر ". وهنا أمسك الرئيس بهذه العبارة وعدَّها ملخِّصةً أحسن تلخيص للموقف ولمشاعر مرؤوسه المزنوق الذى يحاول التنصل مما يُنْسَب إليه!
ومن ذلك أيضا ما كان بعض أصدقائنا المدرسين يعابث به تلميذاته إذا رآهن قد أسرفن فى التحمس لقاسم أمين وإبراز أهمية الدور التى تؤديه المرأة فى الحياة، إذ كان، كلما ردّدن أمامه العبارة المشهورة فى هذا السياق من أن " وراء كل عظيم امرأة "، يجيبهن مرة: " طبعا وراءه لا أمامه، فهو صاحب الصدارة والتفوق، أما هى فتابعة له "، ومرة: " فعلا وراءه، والزمان طويل "، ومرة: " وراءه مسوِّدة عيشته " ... وهكذا.
ورغم أننا قد فنَّدنا هذا السخف الساخف فإنّا لنستغرب ذلك الضجيج الذى يُحْدِثه هؤلاء الأوباش حول رسولنا الكريم بسببه. ذلك أنهم يقولون إنه ما من نبى من أنبياء الكتاب المقدس إلا قد ارتكب خطيئة أو أكثر من العيار الثقيل حسبما جاء فى هذا الكتاب ذاته: فإبراهيم تخلى عن زوجته لفرعون مدّعيا أنها أخته وتركها له يفعل بها ما يشاء خوفًا على حياته، وكان من الممكن أن ينال الملك ما يشتهى منها لولا أن الله قد ضربه هو وأهله ضرباتٍ عظيمة كما يقول مؤلف " سفر التكوين " (12/ 11 – 20)، فعرف أن سارة ليست أختا لإبراهيم بل هى زوجته. وموسى يقدم على قتل المصرى بدم بارد وخسّة حقيرة وجبن واضح. وهارون يصنع العجل لبنى إسرائيل ليعبدوه ويرقصوا وهم يطوفون به عراةً أثناء غياب موسى فى الطور عند لقائه بربه. وداود يزنى بامرأة قائده ثم يدبر مؤامرة إجرامية خسيسة لقتله والتخلص منه ليفوز بالزوجة، وكان له ما أراد. وسليمان ينظم نشيدا كله عهر وإغراء بالفاحشة، كما ينزل على رغبات زوجاته الوثنيات فيصنع لهن أصناما يعبدنها فى بيته إرضاءً لهن ... إلخ. وهؤلاء المتنطعون يقولون إن وقوع الأنبياء فى الخطايا أمر طبيعى لأنهم بشر. فإذا كان الأمر كذلك فلماذا، يا أيها المتنطعون، لا تنظرون بنفس العين إلى غلطة الغرانيق بافتراض أنها وقعت بالفعل، وبخاصة أنها لا ترقى أبدا إلى ما فَرَط من أىٍّ من أنبياء كتابكم حسبما تقولون أنتم أنفسكم، فقد حُذِفت الآيتان المذكورتان فى الحال ولم تُسَجَّلا فى القرآن قط؟
(يُتْبَعُ)
(/)
مرة أخرى أكرر أن هذه الرواية هى رواية مكذوبة لا تثبت على محك النقد العلمى: سواء من ناحية السند أو من ناحية المتن والأسلوب كما رأينا، لكنى أحاول أن أبين للقارئ الفاضل مدى التواء هؤلاء المخابيل وخبث نفوسهم وكيلهم بمكيالين، وأن أُوقِفَ هؤلاء المخابيل أمام صورتهم فى المرآة ليَرَوْا قبحها ودمامة ملامحها الشيطانية!
وهنا أحب أن أشير إلى مفارقة غاية فى العجب والغرابة والشذوذ، فانطلاقا من المفهوم الطاهر للنبوة فى ديننا والإيمان بأن الأنبياء لا يمكن أن يقترفوا مثل هذه الجرائم التى لا تقع إلا من عتاة المجرمين نقوم نحن المسلمين بالدفاع عن أنبياء الكتاب المقدس ضد التهم التى يلصقها هذا الكتاب المحرَّف بهم، لكن النصارى يردون على هذا الدفاع بالتخطئة مؤكِّدين أن هؤلاء الأنبياء قد ارتكبوا فعلا الخطايا التى تُنْسَب إليهم. ومع ذلك فإنهم عند تناولهم للشبهات الباطلة التى يتعلقون بها للنيل من أخلاق الرسول الأعظم نراهم وقد أخذتهم الحميَّة للأخلاق الكريمة فلا يُبْدُون أى تسامح أو تساهل مع هذه التهم الكاذبة!
أليست هذه مفارقة تحتاج إلى دراسة تحليلية لذلك الالتواء النفسى؟
ويمكن القارئ أن يرجع مثلا إلى موقع " النور " النصرانى، ولسوف يجد مقالا بعنوان " عصمة الوحى وخطايا الأنبياء " يتحدث فيه صاحبه عن الخطايا التى اجترحها كل من آدم ونوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوط وإخوة يوسف وداود وسليمان وغيرهم مما أشرنا لبعضه آنفا، مع تسويغ هذه الخطايا بشبهة أنهم بشر، لكنه عندما يتناول ما يظنه أخطاءً لسيد الأنبياء والمرسلين يحاسبه حسابا عسيرا، ولا يرضى أبدا بغض البصر أو التسامح تحت أى بند من البنود!
إننى حين أدافع عن سيد النبيين والمرسلين لا أفعل ذلك لمجرد انتمائى لدينه، بل أفعله إيمانا منى بعظمته وعبقريته وشموخ شخصيته: فقد أتى بمبادئ لا ترقى إليها أية مبادئ فى أى دين أو فلسفة أو مذهب من مذاهب السياسة والتربية والأخلاق.
ثم إنه قد وضع تلك المبادئ موضع التطبيق، وكان توفيقه فى هذا المجال مذهلا، ولم يقتصر الأمر معه على مجرد الدعوة لها كما هو الحال مع عيسى عليه السلام، الذى لم يأت، حسب ما هو مسطور فى سيرته، إلا ببعض المواعظ والنصائح المغرقة فى الخيال مما لا يؤكِّل عيشا! والواقع أنه لو أخذت البشرية مأخذ الجِدّ ما دعا إليه السيد المسيح حسبما جاء فى الأناجيل لما كانت هناك حضارة ولا تقدُّم ولا تمتُّع بأى من خيرات الحياة، فكل الكلام المنسوب له عليه السلام تنفير من الغنى والقوة والدفاع عن النفس وتبغيض فى الدنيا وطيباتها، وهو يقول بصراحة لا تحتمل أى تأويل إن مملكته ليست من هذا العالم. كما ينظر إلى الغرائز البشرية نظرة التوجس بل الكراهية، مع أن هذه الغرائز هى وقود سفينة الحياة، ولولا هى لما رامت هذه السفينة موضعَها إلى الأبد! كذلك لم يترك المسيح أية تشريعات تقريبا، وبالذات فى مجال السياسة والحكم وتنظيم المجتمع. ومن ثم فإننا إذا أردنا أن نقيم دولة على المبادئ التى خلَّفها لم نجد ما يمكن أن يساعد فى هذا المجال! ولكن لا ينبغى فى ذات الوقت أن ننسى أنه عليه السلام لم يُكْتَب له أن يعيش بعد اختياره نبيًّا إلا لسنوات ثلاث، وهى فترة غير كافية لإنجاز أى مشروع على الإطلاق! ومن هنا كان من الظلم البين له مقارنة عمله بما أنجزه الرسول الأعظم رغم احترامنا له وحبنا إياه وإيماننا بنبوته.
لكن صورة المسيح التى تعرضها علينا الأناجيل هى للأسف صورة ظالمة، إذ تظهره عصبيًّا جافى الطبع لا يستقر فى مكان، ولا عَمَلَ له إلا إبراءُ المرضى الذين يلهثون خلفه هنا وههنا فى فوضى مزعجة، وإلا لَعْنُ اليهود وسبُّهم ومخالفتهم فى كل ما يتمسكون به من تشريعات، مع الزعم فى ذات الوقت بأنه ما جاء لينقض الناموس الذى أتى به موسى عليه السلام، ثم لا شىء وراء ذلك!
طبعا سيقول النصارى إنه قد أتى إلى العالم ليفتدى البشرية من خطيئتها الأولى، لكن أحدا من غير السذَّج لا يمكن أن يأخذ هذه المزاعم المصنوعة على غرار وثنيات القدماء وخرافاتهم مأخذ الجِدّ!
ومع ذلك فكلُّ إنسانٍ وما يؤمن! ونحن لا نتدخل فى عقائد غيرنا، بيد أننا فى الوقت ذاته لا يمكن أن نتسامح مع من يَمَسُّ سيدنا رسول الله بسوء!
(يُتْبَعُ)
(/)
أنتم أحرار فى كفركم به يا من لا تؤمنون برسالته، فهذا اختياركم، ونحن لا نصادر حق أى إنسان فى الاختيار. لكن هذا شىء، والتطاول على شخص الرسول الأكرم والقرآن الذى جاء به شىء آخر مختلف تماما.
وأرجو أن تكون الرسالة قد وصلت!
ـ[يسري خضر]ــــــــ[08 Apr 2009, 11:29 م]ـ
التاريخ: 11/ 4/1430 الموافق 07 - 04 - 2009 نقلا عن
المختصر للأخبار
المختصر / ذكرت تقارير صحفية أنه يتم توزيع مصحفا مزعوما للقرآن الكريم على المتفوقين من الطلبة في المدارس الأجنبية الخاصة بالكويت، يحرض على الشرك بالله ويهدف إلى تخريب عقيدة المسلمين، مشيرة إلى أن تلك المدارس أصبحت مرتعاً خصباً للمنصرين والمبشرين والمخربين للدين الإسلامي، وذلك في محاولة يائسة لترسيخ ثقافة الاستسلام في أذهان الأجيال القادمة، حتى يردوهم عن دينهم الإسلامي الحنيف.
اضافت التقارير ان دارين أمريكيتين للنشر اشرفتا على طباعة هذه المصحف المزعوم، وهما "أوميجا 2001"، و "ون برس"، وقدم له عضواً اللجنة المشرفة على تدوينه وترجمته ونشره، والذين رمزا لإسميهما بـ"الصفي والمهدي"، كما ورد في مقدمته، وذكرا بأنه "للأمة العربية خصوصا وإلى العالم الإسلامي عموما".
ويقع المصحف المزعوم أو كما اسمياه بـ (الفرقان الحق)، في 366 صفحة من القطع المتوسط ومترجم إلى اللغتين العربية والإنجليزية، ويوزع على المتفوقين من الطلبة في المدارس الأجنبية الخاصة بالكويت، والتي أصبحت مرتعاً خصباً للمنصرين والمبشرين والمخربين للدين الإسلامي، وذلك في محاولة يائسة لترسيخ ثقافة الاستسلام في أذهان الأجيال القادمة، حتى يردوهم عن دينهم الإسلامي الحنيف، لاسيما أن الشباب يمثلون طموح الأمة وقادة المستقبل.
وذكرت جريدة "الحقيقة الدولية" الأردنية ان المصحف المزعوم يقول في مقدمته أن (الفرقان الحق) لكل إنسان بحاجة إلى النور بدون تمييز لعنصره أو لونه أو جنسه أو أمته أو دينه.
ويتألف من 77 - ما أسموه - بـ"سورة" مختلقة وخاتمة، ومن أسماء تلك السور المفتراة (الفاتحة، المحبة، المسيح، الثالوث، المارقين، الصَّلب، الزنا، الماكرين، الرعاة، الإنجيل، الأساطير، الكافرين، التنزيل، التحريف، الجنة، الأضحى، العبس، الشهيد).
ويفتتح المصحف المزعوم بالبسملة التي تجمع الأديان السماوية الثلاث اليهوية والمسيحية والإسلام، وهي "بسم الأب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد مثلث التوحيد موحد التثليث ما تعدد".
ويتجلى في هذه البسلمة خلط واضح لمعنى الإله فهو الأب كما زعمت النصارى، ومثلث التوحيد وهو الإله الواحد الأحد كما نؤمن نحن المسلمون.
وبعد البسلمة والمقدمة تأتي سورية الفاتحة المزعومة في مطابقة بالأسم لفاتحة القرآن العظيم، ثم سورة النور، ثم السلام، .. وهكذا.
وفي سورة السلام المفتراة حشو للإفك والباطل وتلفيق واضح، ومن آياتها: (والذين اشتروا الضلالة وأكرهوا عبادنا بالسيف ليكفروا بالحق ويؤمنوا بالباطل أولئك هم أعداء الدين القيم وأعداء عبادنا المؤمنين).
وفي السورة المفتراة ذاتها يرد القول الآتي: (يا أيها الناس لقد كنتم أمواتا فأحييناكم بكلمة الإنجيل الحق، ثم نحييكم بنور الفرقان الحق).
ثم يتجلى التحريف والعبث بآيات القرآن العظيم في كل آيات ذلك الكتاب، ففي إحدى آيات هذا المصحف المزعوم، يرد القول الآتي: (لقد افتريتم علينا كذبا بأنا حرمنا القتال في الشهر الحرام، ثم نسخنا ما حرمنا فحللنا فيه قتالا كبيرا).
وفي سورة المسيح التي خطتها أيديهم الآثمة: (وزعمتم بأن الإنجيل محرف بعضه فنبذتم جُلَّه وراء ظهوركم). وهم بذلك يستنكرون على القرآن بيان حقيقة تحريفهم للإنجيل والتوراة.
ويتبع ذلك اتهام المسلمين بالنفاق في مثل قولهم: (وقلتم: آمنا بالله وبما أوتي عيسى من ربه، ثم تلوتم منكرين، ومن يبتغ غير ملتنا دينا فلن يقبل منه، وهذا قول المنافقين).
ويتواصل الرفض لاستخدام القوة في قتال الكفار أعداء الله، بقولهم في السورة المزعومة نفسها: (وكم من فئة قليلة مؤمنة غلبت فئة كثيرة كافرة بالمحبة والرحمة والسلام).
ثم يتعمدون مساواة الطهر بالخبث والنجاسات ومساواة النكاح بالزنا، في سورة الطهر، بقولهم على الله زوراً وكذباً: (وما كان النجس والطمث والمحيض والغائط والتيمم والنكاح والهجر والضرب والطلاق إلا كومة رجس لفظها الشيطان بلسانكم وما كانت من وحينا وما أنزلنا بها من سلطان).
المصدر: محيط
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Apr 2009, 12:19 ص]ـ
ليس من العقل نبش الروائح الكرهية
الجيفة تدفن حتى لا تقتل الناس برائحتها العفنة.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Apr 2009, 12:23 م]ـ
سبحان الله العزيز , وأين طنينُ الذباب من التغني بالكتاب.
ليت شعري هل سيبقى هذا (النزقانُ) أضحوكةً يضربُ بها المثل في الغباء في مستقبل أجيال الأرض كما يضحكُ ناشئتنا اليوم بمحاكاة مسيلمة (النَّقْناق) للقرآن وكما يعيرون من اعتادوا منه الكذب باسم مسيلمة؟ ربَما.!(/)
المهزلة الأركونية فى المسألة القرآنية .. بقلم: إبراهيم عوض
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:32 ص]ـ
من مواضيعى فى الملتقى القديم
أنقل إليكم مرة أخرى مقال ماتع للدكتور إبراهيم عوض نقلاً عن اخ فى منتدى الجامع للرد على النصارى.
===================
الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..
مرة أخرى أسوق إلى إخوتى الكرام مقالاً ماتعاً ـ أيضاً ـ للدكتور إبراهيم عوض.
يتعرض هذه المرة لكتابات د/ محمد أركون.
ليس هذا خروجاً منى على تخصص منتدانا فى دعوة النصارى، لأن المقال المذكور فيه رد على كثير من الشبهات التى يثيرها النصارى، إذ الجميع ـ النصارى العرب والغربيين والعلمانيين والملاحدة ـ الجميع يعتمدون على كتابات المستشرقين فى النهاية، شاءوا ذلك أم أبوا، علموا ذلك أم جهلوا أم تجاهلوا!
كذلك وجب التنبيه على أن القارئ سيجد فى كلام الدكتور إبراهيم عوض كثيراً من المفردات التى سيحسبها عامية منبتة الصلة بالفصحى .. أقول: سيحسبها كذلك .. لأنها فى الحقيقة ليست عامة محضة لا تمت للفصحى بوشيجة .. بل هى على أصل معناها الصحيح فى الفصحى، استخدمها الدكتور إبراهيم هكذا، وأرادها وآثرها على غيرها، تقريباً للفصحى من القراء .. والله أعلم.
فالواجب ألا يتسرع القارئ فى هذه اللفظة يقرؤها أو تلك، فيظن أن الدكتور قد انحدر أسلوبه، بل عليه أن يبحث عن أصلها فى معاجم اللغة، وسيجدها فصحى سليمة إن شاء الله.
وبعد ..
فالكل يؤخذ من كلامه ويُرَد، إلا المصطفى محمد صلوات ربى وسلامه عليه.
إليكم نص المقال فيما يلى ..
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:33 ص]ـ
المهزلة الأركونية فى المسألة القرآنية
القرآن: مخيال جماعى أم وحى إلهى؟
بقلم د. إبراهيم عوض
موقع ديوان العرب ـ عدد كانون الثاني 2005
الدكتور محمد أركون أستاذ جزائرى من أصل بربرى، وُلِد عام 1928م، وتعلم العربية وآدابها على يد المستشرقين فى جامعة الجزائر التى أسسها الفرنسيون أيام احتلالهم لبلد "المليون شهيد"، ثم تابع دراساته العالية فى فرنسا حيث
حصل على الدكتورية، وانتهى به الأمر إلى تعيينه أستاذا لتاريخ الفكر الإسلامى فى جامعة السوربون فى العاصمة الفرنسية.
وكانت أول مرة أسمع فيها بالدكتور أركون فى أواخر سبعينات القرن الماضى، حين كنت أتمشى فى بعض شوارع لندن عصر أحد الأيام الصيفية الجميلة، وفجأة وجدت مكتبة لبيع الكتب فدخلتها أسأل عما إذا كان لديهم ترجمات قرآنية، فتصادف أن وجدت ترجمة كازيميرسكى الفرنسية، وفيها مقدمة كتبها د. أركون. وكنت أرجع لتلك الترجمة بين الحين والحين، لكنى لم أعكف على دراستها كما عكفتُ على تلك التى قام بها سافارى أو مونتيه أو بلاشير أو بو بكر حمزة، ومن ثم لم تأت فرصة لقراءة المقدمة المذكورة.
وفى الفترة الأخيرة تكرر سماعى لاسم الرجل فى بعض الكتابات العربية مقرونا فى بعضها بالمدح الشديد، وفى بعضها الآخر بالذم الحاد، ولا أدرى بالضبط ما الذى دفعنى إلى الاهتمام به اهتماما خاصا حتى إنى فكرت أن أقرأ ما أستطيع أن أُحَصِّله من كتبه وأكتب عنها إذا وجدت فيها ما يدفع لذلك.
وقرأت فوجدت أن الرجل، رغم انتمائه إلى أسرةٍ وبلدٍ مسلمين، يعمل بكل جهده ووسعه للتشكيك فى القرآن، وإن ادعى وأغرق فى الادعاء أنه يريد دراسته دراسة علمية محايدة، فهو مثلا يسميه: "أساطير"، مما يذكِّرنا بالقرشيين، الذين كانوا كلما حَزَبَهم أمر هذا الكتاب ولم يستطيعوا أن يقفوا فى طريقه أو يردّوا على حُجَجه أو يأتوا بمثله حسبما تحداهم أكثر من مرة صاحوا قائلين: "أساطيرالأولين" (الأنعام/ 25، والنحل/ 24، والمؤمنون/ 83، والفرقان/ 5، والنمل/ 68، والأحقاف/ 15، والقلم/ 15، والمطففين/ 13). يقصدون بذلك أن القرآن الذى نزّله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ليس إلا قصصا نقلها النبى عما خلَّفه السابقون وراءهم من قَصَص مسطور. يريدون أن يقولوا إن القرآن ليس وحيا إلهيا بل إنتاجًا بشريًّا، وإن محمدا ليس هو مؤلفه!، إنما هو مجرد مردِّد له. ولهذا كان النضر بن الحارث يعمد إلى الأماكن التى يتردد عليها الرسول بغية دعوة المكيين إلى دينه، فإذا ما فرغ، عليه الصلاة والسلام، من تلاوة آيات الذكر الحكيم على جمهور الحاضرين شرع هذا
(يُتْبَعُ)
(/)
الشيطان يقرأ عليهم من كتاب يتضمن قصص رستم وإسفنديار وملوك الفرس، زاعما أن قصصه أحسن من قصص محمد حسبما ورد فى التفاسير وكتب أسباب النزول.
فـ"الأساطير" هنا معناها الكلام المسطور، أى المكتوب.
وفى "لسان العرب" و"تاج العروس" على سبيل المثال أن "الأساطير" جَمْع "سطر" أو جمع "أسطار"، الذى هو بدوره جمع لـ"سطر"، وإن كان هناك من يقول إنها جمع "أسطورة"، ومن يقول إنه جمع لا واحد له من لفظه.
وقد ذكر بعض اللغويين أنها "الأباطيل" كما جاء فى "الصحاح" و"لسان العرب" أو "الأباطيل أو الأحاديث التى لا نظام لها" حسبما ورد فى "تاج العروس"، وإن لم يكن هذا شرطا فى رأيى، فهو ليس من أصل المادة، بل مجرد إسقاط لموقف الكفار، الذين كانوا يتعنتون على النبى الكريم ويعملون جهد طاقتهم على تكذيبه صلى الله عليه وسلم، على كلمة "أساطير"، لأن المادة التى اشتُقَّت منها هذه الكلمة ليس فيها معنى البطلان، بل هى مادة "السطر والتسطير" أى الكتابة لا غير.
وكان ابن عباس يتأولها بهذا التأويل على ما ورد فى تفسير الطبرى للآية 25 من سورة "الأنعام" والآية 24 من سورة "النحل" مثلا.
ولو كانت تعنى "البطلان" لقد كان النضر إذن يكذّب نفسه أيضا حينما كان يأتى بقصص رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة ويقرؤها على الجمهور ليصرفهم عن آيات القرآن التى كان يتلوها على مسامعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا غير متصوَّر بطبيعة الحال!
جاء فى تفسير القرطبى أثناء كلامه فى الآية 25 من سورة "الأنعام" عن ابن عَبَّاس: أن المشركين "قَالُوا لِلنَّضْرِ بن الْحَارِث: مَا يَقُول مُحَمَّد؟ قَالَ: أَرَى تَحْرِيك شَفَتَيْهِ وَمَا يَقُول إِلا أَسَاطِير الأَوَّلِينَ مِثْلمَا أُحَدِّثكُمْ عَنْ الْقُرُون الْمَاضِيَة، وَكَانَ النَّضْر صَاحِب قَصَص وَأَسْفَار، فَسَمِعَ أَقَاصِيص فِي دِيَار الْعَجَم مِثْل قِصَّة رُسْتُم وإسفنديار فَكَانَ يُحَدِّثهُمْ".
وقد أتاها هذا "البطلان" من موقف المشركين نفسه لا من شىء آخر كما قلنا، إذ كانوا يقصدون باستعمالها أن يقولوا إن ما يتلوه محمد ليس وحيا نزل من عند الله، بل هو كلام منقول عن السابقين مسطورٍ فى الكتب ويُتَعلَّم تعلّما ويستطيع أن ينسخه من يريد. فتكذيبهم بالوحى هو الذى خلع، من حيث الواقع العملى، على الكلمة معنى "البطلان"، وإلا فلو كانوا يقصدون أن يتهموا آيات القرآن بأنها قصص باطلة لا أساس لها لقالوا مثلا: "خُرافات" أو "أحاديثُ خُرافة".
وقد تعلق أركون بهذه الكلمة، وعضّ عليها بالنواجذ؛ ليصف بها القرآن الكريم بعد أن أعطاها المعنى الذى نستعملها به الآن، وهو معنى "الخرافة" كما سنوضح لاحقا، فلما هاجمه بعض الكتاب المسلمين الذين يغارون على دينهم وعلى الحقيقة التى يمثلها هذا الدين فى أصفى مجاليها وتجلياتها وأظهروا سخف ما صنع، أخذ يتمحّك قائلا إن المسؤول عن ذلك الالتباس هو د. عادل العوا (مترجم كتابه "الفكر العربى"). كما زعم فى محاضرة له بدمشق ضمن نشاط "أيام الفرنكفونية" أنه قد وقع بينهما خصام ومشادة بسبب ترجمة العوا لعبارته: "كتاب قصصى" بـ"كتاب أسطورى"! (انظر مقال أنور بدر فى صفحة "أدب وفن" من صحيفة "القدس العربى" اللندنية/ الجمعة 26 مارس 2004م).
وهذا كلام عجيب لا يجوز ولا فى عقول البُلْه، إذ الدكتور العوا لم يصنع شيئا أكثر من أنه ترجم الكلمة التى استعملها أركون فى وصف القرآن مرارا وتكرارا فى كتبه ومقالاته وحواراته المختلفة، ألا وهى كلمة " un mythe, mythique"، التى لا تعنى ولا يمكن أن تعنى إلا "أسطورة، أسطورى" حسبما ترجمها العوا.
ترى ماذا كان د. أركون يريد من الأستاذ المترجم؟ أكان يريد منه أن يلغى عقله وضميره حتى لا يكشف للقارئ العربى المسلم هذه العورة الفكرية؟ لكن ما الذى أدرى العوا بأن أركون لا يريد أن يعرف ذلك القارئ بهذا الذى يقوله فى القرآن؟ أكان يشمّ على ظهر يده؟ أتراه كان كاهنا، فهو يطلع على الغيب ويعرف مقدما أن د. أركون سوف يغضب من هذه الفضيحة غير المقصودة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء ذلك فى حوار أجراه محمد البنكى مع د. أركون فى عدد 6 يناير 200م من مجلة "أوان" التى تصدرها كلية الآداب بجامعة البحرين إشارة إلى ما كان الكاتب الجزائرى المتفرنس قد قاله فى كتابه الذى ترجمه عادل العوا: "الفكر العربى"، وهو أن " The Quran is a discourse with mythical structure " ، ونقله العوا إلى لغة الضاد قائلا: "القرآن خطابٌ أسطورىُّ البنية"، وهى ترجمة سليمة ودقيقة ولا يمكن أن ينتطح فيها عنزان، أو حتى يتصارع دِيكان!
وقد ادعى أركون أن هذه الترجمة خاطئة، إذ القرآن يميز (حسبما قال) بين الأسطورة والقصص، فالكتب الدينية، وكذلك الفلسفية، تعتمد القصص والاستعارات والمجازات والرموز لتقديم الحقائق والتعاليم الدينية بصورة أدبية، فكيف تترجم هنا بـ"الأسطورة"؟ هكذا يقول ويتساءل كاتبنا الأمين، وقد ارتسمت براءة الأطفال فى عينيه الجريئتين، وكأن الدكتور العوا قد اخترع كلمة "الأساطير" من لدنه وألبسها النص بعد أن لم تكن فيه!
الواقع أن الدكتور أركون هو الذى يريد أن "يُلبسنا العِمّة"! لكن للأسف "خَرَجَتْ آوِتْ" يا دكتور! فالمعاجم الفرنسية، وكذلك المعاجم الفرنسية – العربية، تُجْمِع على أن معنى " mythe" هو "أسطورة، خرافة، وهم، تُرَّهة، شخص أو شىء خرافى" كما جاء بالنص فى معجم "المنهل" لجبور عبد النور وسهيل إدريس مثلا، ويؤيد ذلك ما أورده بتوسعٍ كلٌّ من " petit Larousse en couleurs" و" Grand Larousse encyclopedique" و" La Grande Encyclopedie Larousse" فى شرح الكلمة ذانها.
فأين تهرب يا دكتور أركون؟ أما زلت مصرا على أن الغلط هو من صنع العوا؟ أهذا هو المنهج العلمى الذى تصدع أدمغتنا بأنك جئتنا به لتعلمنا من خلاله كيف ندرس القرآن؟
يا رجل، إنك لا تقبل ما يقوله الإسلام من أن الوحى وما يتضمنه من عقائد وأخلاق وتوجيهات هو من الله، بل تنحاز إلى تفسير علماء النفس واللغة والأنثروبولوجيا له على أنه نتاج "الذات الجماعية الكبرى المعبرة عن مِخْيالٍ مصعَّد أو متسامٍ" (فى كتابك "الإسلام- أوربا- الغرب"/ ترجمة حبيبك وحواريّك ومروّجك فى السوق العربية د. هاشم صالح/ دار الساقى/ بيروت/ 1995م/ 112)، كما قلت إن الأديان (ومنها بل على رأسها الإسلام بطبيعة الحال لأنه هو المقصود بكلامك وانتقاداتك أولا وآخرا) تقوم على المعرفة الأسطورية لا العلمية (نفس المرجع/ 75)، فأنت إذن تضع "الأسطورى" فى مقابل "العلمى"، مثلما وضعته (فى كتابك "تاريخية الفكر العربى الإسلامى") فى مواجهة "العقلانى" (ترجمة هاشم صالح/ مركز الإنماء القومى ببيروت، والمركز الثقافى العربى بالدار البيضاء وبيروت/ 1998/ 16 - 17).
وبالمثل دعوتَ إلى وضع إستراتيجية تربوية لأكبر عدد من البشر تكون مهمتها "تغيير عقول الناس وتفكيك الآراء اللاهوتية القديمة والراسخة فى الذهن أبًا عن جَدّ منذ مئات السنين"، أى استبدال التفسير الأنثروبولوجى بالنظرة القديمة التى تقوم على الإيمان بالوحى الإلهى، وإن غلب عليك التشاؤم فقلتَ إن "الإنتاج المِخْيالى للمجتمعات البشرية والتأسيس الاجتماعى للروح والفكر يستمران فى الهيمنة سوسيولوجيا وسياسيا"، وإن "التجليات التقليدية للأديان سوف تظل لوقت طويل وسائل جبارة للتعبئة الاجتماعية، وسوف تستمر التصورات التقليدية الموروثة عن الأنظمة اللاهوتية فى تحريك ملايين البشر" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ ترجمة وتعليق هاشم صالح/ دار الطليعة/ بيروت/ 2001م/ 78 - 79/ هـ1).
بل لقد وصفتَ كلام القرآن الكريم عن زيارة إبراهيم عليه السلام لمكة بأنه "خيال أسطورى" لا علاقة له بالتاريخ الحقيقى (الإسلام- أوربا- الغرب/ 75 - 76). وهذا موقف طبيعى جدا ممن يؤكد أن "الوظيفة النبوية والخطاب الذى يوضحها أو يجسدها لا يمكنهما ممارسة فعلهما إلا داخل سياق معرفى ومؤسساتى يفضل الأسطورة على التاريخ، والروحى على الزمنى، والعجيب المدهش أو الساحر الخلاب بصفته بنية أنثروبولوجية للمخيال على العقلانى الوضعى" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 86).
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالمناسبة فإن كاتبنا يأخذ على طه حسين أنه لم يطبق النظرية الأنثروبولوجية الخاصة بالمعرفة الأسطورية حين نفى زيارة الخليل إبراهيم لمكة هو أيضا فى كتابه "فى الشعر الجاهلى"، الذى صدر سنة 1926م (المرجع السابق/ 75).
ونحب أن نعرّف د. أركون أن رائده المصرى لم يقصّر كما ظن (وبعض الظن إثم)، فقد قام بالواجب وزيادة، إذ قال عن هذه الزيارة وبناء الخليل عليه السلام للبيت الحرام هناك إنها ليست إلا أسطورة يهودية استغلها العرب لأسباب سياسية (فى الشعر الجاهلى/ مطبعة دار الكتب/ 1926م/ 28 - 29).
ليس ذلك فقط، بل إنه زعم أيضا نفس الزعم الذى ينحاز إليه أركون، إذ قال إن الدين لم ينزل من السماء، وإنما نبع من الأرض، فهو نتاج اجتماعى، وإن الجماعة حينما تعبد الله فإنما تعبد (أو فلنقل: تؤله) نفسها (انظر كتابى "معركة الشعر الجاهلى بين الرافعى وطه حسين"/ مطبعة الفجر الجديد/ القاهرة/ 1976م/ 24).
لكن يبدو أن معرفة د. أركون بالموضوعات التى يتحدث عنها هى معرفة ضحلة، ومن ثم فهو يحاول أن يغطى على هذا العوار المعرفى بكثرة ترديد المصطلحات الفارغة التى يحسب أنها قادرة على إرباك عقولنا ودفعنا إلى الإقرار بأستاذيته والاستسلام لما يهرف به.
مسكين، ورب الكعبة!
ثم إن درويشك وقرة عينك ولاعب الدور الأكبر فى تسويقك بين العرب "هاشم صالح" يا د. أركون قد ترجم كلمة " mythe"، فى كل مرة رآك تستخدمها، بـ"الأسطورة"، فلماذا قبلتَها منه ولم تتشاجر معه كما فعلت، أو تدَّعى أنك فعلت، مع د. عادل العوا لو كنت صادقا فى إنكارك على هذا الأخير؟
ألا ترى أنك تتخبط على غير هدى؟
من حقك أن تقول ما تشاء فى القرآن، سواء كان ذلك بعلم أو بجهل، لكن ليس من الحق ولا مما يتسق مع نبل العلم وجلاله أن يلجأ أحد ممن ينتسب للعلماء إلى أسلوب الحواة الذين يلاعبون المغفلين لعبة الـ3 ورقات!
إذا كنت تظن أن عندك عقلا فالناس أيضا عندها، والله العظيم، عقول وذكاء قد يفوقان عقلك وذكاءك!
ثم هذا هو درويشك وتابعك يقول فى موضوع الأساطير إن "عقلية الناس فى القرون الوسطى كانت ميالة إلى تصديق الحكايات الأسطورية بسهولة، ولم تكن تستطيع أن تميز بين ما هو حقيقى وما هو أسطورى كما نفعل اليوم، فينبغى ألا نُسْقِط عليهم عقليتنا المعاصرة، وإلا فلن نفهمهم. ولذلك نرى الطبرى يستشهد بالحكايات الأسطورية الرومانية للبرهنة على صحة ما ورد فى القرآن من قصص! ولا يشعر القارئ بأى تناقض إذ يفعل ذلك. وحتى الحكايات التى رواها عن النبى موسى معظمها أسطورى ولا علاقة له بالحقيقة التاريخية. وأما جلجامش، الذى هو بطل الملحمة الآشورية- البابلية الشهيرة بنفس الاسم، فإنهم ينظرون إليه وكأنه شخصية واقعية أو تاريخية. ينبغى ألا ننسى أن الأديان التوحيدية ظهرت فى منطقة غنية بالأساطير والأديان القديمة من مصرية وبابلية وآشورية ... " (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 163 فى الهامش).
ألا تزال تظن أن بإمكانك المراوغة؟
ولقد حاول د. أركون أن يوحى لنا بأن المقصود هو اعتماد القرآن فى أسلوبه على القصص والاستعارات والمجازات والرموز. لكن هذه أيضا لعبة مكشوفة وسقيمة، فالعب غيرها من فضلك، فالقرآن لا يعتمد دائما على هذه الأدوات، إذ هناك التشريعات والتوجيهات الأخلاقية، وجانب كبير من العقائد أيضا، فأين المجاز أو القصص فيها؟
وحتى مع إدخال القصص والمجازات والاستعارات فى هذا المجال، أيمكن أن يعنى هذا أن بنية القرآن هى بنية أسطورية؟
ثم لماذا يقال هذا فى القرآن وحده، على حين أن الأدب يعتمد كثيرا على هذه الأدوات، ولم يقل أحد ولا حتى كاتبنا الهمام إنه أسطورى البنية؟
إن الناس جميعا يدركون الفرق بين الأسطورة والمجاز والقصص، إلا أن أركون يتعمد خلط الأوراق رغبة منه أن يربكنا ويشتت انتباهنا فلا نستطيع أن نرى يديه وهما تغيران الورقة التى تربح من بين الورقات الثلاث بورقة لا تربح!
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن الحاوى المسكين لا يدرى أنه قد جاء يبيع الماء قى حارة السقائين الذين لا يَرُوج بينهم سقّاء مبتدئ لم يتعلم الصنعة على أصولها! لو أنك قلت لنا منذ البداية فلربما كنا عهدنا بك إلى أحد صبية الحارة ليعلّمك كيف تحمل القربة وتدور بها فى الشوارع وتنادى على الماء بطريقة منغمة تصغو إليها الآذان وتنفتح لها القلوب، وكيف تُفْرِغ الماء فى الأزيار والطُّسُوت والقُلَل والأباريق دون أن تريقه على الأرض أو تبلّ به ملابسك وتجعل من نفسك أضحوكة الحارة!
ما كل من ذهب لفرنسا، حتى لو أعطاه المستشرقون درجة الدكتورية ورَقَّوْه وجعلوا منه بروفيسيرا وعيَّنوه فى السوربون، يصلح أن يكون سقّاء أو حاويا فى حارتنا أُمّ البِدَع! فهذه نقرة، وتلك نقرة أخرى!
وفى النهاية هأنتذا تقول فى موضع آخر، وبعَظْمَة لسانك أيضا، إن ترجمة الجملة السابقة التى وردت فيها كلمة "أسطورة" وعِبْتَها على د. العوا هى ترجمة "صحيحة وسليمة لغويا" (تاريخية الفكر العربى/ 10). وهذا نص
كلامك كاملا: "فعندما يقرأون ترجمة جملة كهذه: " Le Coran est un discours de
nature mythique"، أى "القرآن خطاب أسطورى البنية" كما جاء فى ترجمة الدكتور عادل العوا، فإنهم يصرخون ويدينون ... فى الواقع إن الترجمة صحيحة وسليمة لغويا، إلا أن مفهومات "خطاب" و"أسطورة" و"بنية" لم يفكَّر فيها بعد كما ينبغى فى الفكر العربى المعاصر. ولن تؤدى المناقشة إلى أية نتيجة إذا ما تمسك هذا الطرف المذكور بأحكام فقه اللغة التقليدى والتاريخ الروائى- الخَطّىّ واستخدام القرآن لمفهوم الأسطورة".
طبعا علينا أن نلغى عقولنا والمعاجم التى بين أيدينا وما اصطلح عليه الناس فى استعمالاتهم اللغوية وننسى ما شرح به د. أركون نفسه معنى "الأسطورة" كما رأينا، ونصدق هذه البهلوانيات. وفوق ذلك كله علينا أن نمسح من ذاكرتنا أنه هو ذاته قد خطّأ عادل العوا فى هذه الترجمة التى يؤكد الآن أنها صحيحة وسليمة لغويا.
مسكين أركون يظن أنه أذكى من الناس مع أنهم قد يفوقونه ذكاء وانتباها! كما يظن أن فى مستطاعه اختراع عربية وفرنسية جديدتين غير اللتين نعرفهما ويعرفهما معنا أصحابهما!
وبالمناسبة فإن كلمة "الأساطير" ليست استخداما قرآنيا كما يزعم أركون فى النص الذى فرغنا منه لتونا، بل هو مجرد حاكٍ لما كان الكفار يقولونه. وهذا يذكرنى بما قاله الحاطبُ فى حبله وحبل أمثاله خليل عبد الكريم، إذ زعم هو أيضا أن القرآن الكريم سمَّى أتباعَ نوح بـ"الأرذلين"، مع أن أى طفل صغير قرأ القرآن يعرف تمام المعرفة أن الذى قال ذلك إنما هم الطائفة الكافرة من قوم ذلك النبى الكريم لا القرآن. وقد رددتُ عليه وأشبعتُه ما يحتاجه من تقريعٍ جرّاءَ هذا الجهل الفاضح الذى ارتكبه، وهو الذى لا يريحنا من ثرثراته وطنطناته البغيضة الثقيلة عن المنهجية والعلمية والتوثيقية والمهلَّبية والألماظية والملوخية، وكذلك "الفاصوليّة" (كما ينطقها إخواننا فى السعودية)، والذى سُقْتُ من الأدلة القوية ما يجعلنى أستبعد أن يكون هو مؤلف الكتب التى تحمل اسمه. وهو ما يجده القارئ فى كتابىّ: "لكن محمدا لا بواكىَ له- الرسول يهان فى مصر ونحن نائمون"، و"اليسار الإسلامى وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة"، الذى كتب هو نفسه عنه عَرْضا فى مجلة "أدب ونقد"مدح فيه العبد لله مدحا لم يمدحنيه أشد الناس حبا لى، ورفعنى للسماء السابعة وجعلنى أوحد زمانى فى الأستاذية، ثم استغفلنى وكتب فى عنوان المقال أن اسم الكتاب هو: "اليسار الإسلامى وتطوراته ... " (هكذا بالنص! فانظر، أيها القارئ الكريم، التدليس على أصوله، وكيف يمارسه جَنَابه عينى عينك، مغيرا "تطاولاته" إلى "تطوراته"، وحاذفا بقية الكلام مع الاستعاضة عنها بثلاث نقاط، حتى إذا ما اعترضتُ عليه ادعى أن "تطوراته" هى مجرد غلطة مطبعية، والقلم يغلط يا أخى كما يقولون عندنا فى القرية!).
(يُتْبَعُ)
(/)
خلاصة القول أن د. أركون قد أخذ كلمة "الأساطير" التى استعملها المشركون فى تكذيب النبى عليه السلام، ثم أفرغها من محتواها اللغوى القديم وأعطاها معنى الخرافة، وهو المعنى الذى شاع لها الآن ولم نعد نفكر فى غيره، فضلا عن أن نقصده. ثم لم يكتف الدكتور بهذا على فداحته، بل ادعى أنه لا يستعمل هذه الكلمة بالمعنى السئ الذى استعملها به القرآن. وكل دعاواه، كما وضحتُ ورأَى القراءُ معى، هى دعاوى غير صحيحة.
كما أنه حريص على تغيير المصطلحات الإسلامية بمصطلحات أنثروبولوجية وألسنية كى يتسلل كالثعلب إلى عقول قرائه المسلمين المقصودين بكل هذه "الهيصة" التى يحدثها هو ودرويشه المنقطع له فلا يثيرهم شىء من انتقاده وتكذيبه للوحى.
وقد تناول هاشم صالح هذه النقطة، ولكنه تمحك بالمنهجية والحيادية العلمية فقال فى أحد تعليقاته إن "أركون يستخدم مصطلحات ألسنية محضة للتحدث عن القرآن، فهو يقول: "المنطوقة" أو "العبارة اللغوية" بدلا من "الآية القرآنية"، ويقول: "المدوَّنة النَّصِّيّة" بدلا من "القرآن" ... إلخ. وسبب ذلك هو أنه يريد تحييد الشحنات اللاهوتية التى سرعان ما تستحوذ على وعينا عندما نتحدث عن القرآن. فالقداسة اللاهوتية أو الهيبة اللاهوتية العظمى التى تحيط بالقرآن منذ قرون تمنعنا من أن نراه كما هو، أَىْ نَصّ لغوى مؤلف من كلمات وحروف وتركيبات لغوية ونحوية وبلاغية ... بمعنى آخر إن المادة اللغوية للقرآن اختفت تماما أو غابت عن أنظارنا بسبب الهيبة العظيمة التى تحيط به. وميزة القراءة الألسنية هى أنها تحيِّد الهيبة، ولو للحظة، من أجل فهم التركيبة النصية واللغوية للقرآن" (القرآن من التفسير الموروث إلىتحليل الخطاب الدينى/ 119 فى الهامش).
والذى يسمع كلام صالح دون أن تكون عنده فكرة عن حقيقة الأمر سوف يظن أنه، فى الوقت الذى يتحدث أركون عن القرآن وهو متمالك قواه العقلية والمنطقية، إذا بواحد مثلى ينخرط أثناء الرد عليه فى فاصل لا ينتهى من النهنهات والشهقات والتأوهات ولطم الخدود والرقص والتطوح والصراخ والزعيق كما يفعل المتواجدون فى حلقات الذكر بسبب ما حدث له من "لُطْف وانجذاب" بتأثير من "الهيبة اللاهوتية الأنثروبولوجية المخيالية" التى تلغى العقل وتُشِلّ الفكر والمنطق، مع سيول من الدموع المنهمرة التى لا تُعَدّ الدموع التى ذرفتْها مريم فخر الدين فى جميع أفلامها مع فريد الأطرش والعندليب الأسمر شيئا بالقياس إليها، والتى استهلكتُ لها قناطير من ورق الكلينكس المستورد كَلَّفَتِ الخزانة العامة مقدارا هائلا من العملة الصعبة كان يمكن أن يُنْفَق على البرنامج الأركونى الهادف إلى تغيير المخيال الجماعى واستبدال "الخيبة" الألسنية بـ"الهيبة" اللاهوتية حسبما مر منذ قليل!
وبهذا نكون قد "فكَّكْنا" اللعبة التى أراد سيادته أن يضحك بها على ذقوننا ظنًّا منه أننا "برِيَالة"، وعليه هو أن يلُمّ قِطَعها ويركّبها من جديد إن استطاع! أقول: "فكّكنا" رغم كراهيتى لهذا المصطلح لما أعرفه عمن يستخدمونه من بيننا والنيات التى يضمرونها من وراء هذا الاستخدام! ولا تنس أن تسلِّم لى على "المخيال الجماعى"، ودَعْك من "الهيبة القرآنية"، فهى لا تُؤَكِّل عيشا فى هذا العصر الأركونى!
هذا، وأكرر ما سبق أن قلته من أن كلمة "أساطير" لا تعنى "الباطل" فى أصل اشتقاقها، وأنها إن كانت تعنى هذا فى كلام المشركين فهو من أثر موقفهم المتعنت من رسول الله عليه الصلاة والسلام وتكذيبهم له واتهامهم إياه بأنه إنما يتلو عليهم قصص الأولين المسطورة فى الكتب لا وحيا إلهيا.
وإذا كنتُ قد سقتُ قبلا الأسباب التى حاجَجْتُ بها عن هذا الفهم، فهأنذا أضيف لما قلته شواهد من الشعر العربى قديمه وحديثه وردت فيها هذه الكلمة بالمعنى الذى شرحته، وليس فيها معنى "البطلان".
قال أُحَيْحَة بن الجلاح:
فلم يتركا إلا رسوما كأنها .. .. .. .. .. أساطير وحىٍ فى قراطيس مُقْتَرِى
أى سطور كتاب فى يد قارئ.
وقال ابن الرومى:
سطَّر العابثون فيها أساطيـ .. .. .. .. .. ـر عَفَتْ متنها فما يُسْتبان
أى سطورًا امَّحَتْ، فلم تعد ظاهرة للعيون.
وقال ابن الزقاق البلنسى:
سِيَرٌ تذكِّرنا أساطير الأُلَى .. .. .. .. .. كانوا الدعائم فى الزمان الأولِ
وقال الشريف الرضى:
(يُتْبَعُ)
(/)
تمحو أساطير الخطوب كما محا .. .. .. .. .. مَرّ الشمال من الغمام المثقلِ
أى ما خَطَّتْه الشدائد.
وقال مهيار الديلمى:
نشرْتَ أساطير الكرام فشوهدَتْ .. .. .. .. .. أخابير كانت تُستراب مع النقلِ
أى ما كُتِب عنهم وعن كرمهم. يقصد أنه بكرمه قد أعاد إلى واقع الحياة ما كان الناس يسمعونه عن الكرام السابقين مجرد سماع، فأصبح أمرا يشاهده المشاهدون لا كلاما يسمعونه دون معاينة.
وقال ناصيف اليازجى:
سواد الليالى فى بياض نهارها .. .. .. .. .. أساطير لا تُقْرَا لهنّ حروف
وقال نقولا الترك:
بدا عذار النهار فى سعد طلعته .. .. .. .. .. يحكى أساطير "بسم الله" فى الصحفِ
ولذلك فعندما أراد رفاعة الطهطاوى، فى كتابه "تخليص الإبريز"، أن يترجم مصطلح " mythologie"، الذى سمع به لأول مرة فى حياته فى عاصمة الفرنسيس لم يستخدم كلمة "أساطير"، بل قال ببساطة إنه "علم جاهلية اليونان وخرافاتهم" (المطبعة الأميرية ببولاق/ 1265هـ/ 164)، وهى الكلمة التى قلتُ إن الكفار كان ينبغى أن يستعملوها لو أنهم كانوا يقصدون أن الآيات التى يتلوها عليهم الرسول عليه السلام هى قصص خرافية باطلة بالمعنى الذى نفهمه نحن الآن من كلمة "أسطورة".
كذلك حاولتُ أن أجد كلمة "أسطورة" بين موادّ "دائرة معارف البستانى" فلم أجد إلا مادة بعنوان "خرافة: superstition"، ذكر فيها كاتبها أن المترجمين قد عرَّبوا مصطلح "ميثولوجيا" بـ"الخرافة"، ثم أضاف أن "خرافةَ رجلٌ من بنى عذرة استهوته الجن على زعم بعضهم، فلما رجع أخبر بما رأى فكذّبوه حتى قالوا لما لا يُصَدَّق من الأحاديث: "حديث خرافة". وعليه قول بعض الجاهليين:
حياةٌ ثم موتٌ ثم نشرٌ .. .. .. .. .. حديث خرافةٍ يا أم عَمْرِ"
(دار المعرفة/ بيروت/ 7/ 356 - 257).
أما فى مقدمة سليمان البستانى للترجمة التى عملها للإلياذة فقد تحدث عن "أساطير" العرب وأخلاقها وعاداتها وآدابها فى الجاهلية، كما وصف كلامهم عن أول من نظم الشعر عندهم وهل هو عاد أو ثمود أو حِمْيَر قائلا إن هذا مما لا يتجاوز "الأساطير" الموضوعة ويأباه العقل ويعجز النقل عن إثبات شىء منه" (إلياذة هوميروس منظومة شعرا/ دار المعرفة/ بيروت/ 1/ 7، 108).
كذلك نجد عند محمد فريد وجدى فى "دائرة معارف القرن العشرين" (مادة "سطر") أن "أساطير الأولين" هى "ما سطروه من أعاجيب أحاديثهم، وهو جمع "إسطار"، وقيل: "جمع "أسطورة"، وهى ما يعبر عنه الأوربيون بالميتولوجيا" (دار الفكر/ بيروت/ 5/ 128).
كما تحدث العقاد عن موضوعنا هذا فى مقال له بعنوان "آراء فى الأساطير" كرر فيه ذكر هذا المصطلح مرارا، وإن كان قد ترجم عنوان كتاب " Myth and Science " لـ Vignoli الإيطالى بـ"الخرافة والعلم" (الفصول/ المكتبة العصرية/ بيروت/ 34 - 35. وقد صدر هذا الكتاب للمرة الأولى فى 1922م).
وبالمناسبة فما زال من الكتّاب إلى وقت غير بعيد من يقول: "أسطورة" للـ" legend"، أما الـ" myth" فيقول عنها: "ميثة" كما فى قاموس "المعجم الأدبى" لجبور عبد النور.
ومن ثم كان كل من عبد الله يوسف على (فى ترجمته الإنجليزية للقرآن) ود. ماسون (فى ترجمتها الفرنسية) موفقا كل التوفيق فى ترجمة "أساطير الأولين" حين قال الأول: " tales of the ancients"، وقالت الثانية:
" Anciens’des contes d" فى بعض المواضع، و" histoires racontees par les
Anciens" فى المواضع الأخرى، فلم يخلعا على الكلمة شيئا من خارجها لم يكن لها فى الأصل.
والواقع أننى لا أدرى لم يحاول د. أركون أن يحدث كل هذا الضجيج حول الانتقادات التى وُجِّهت إليه بسبب استخدامه لمصطلح "أسطورة" للقرآن الكريم. أتراه يؤمن أن هذا الكتاب هو من عند الله؟ إن الرجل يعمل على التشكيك فى كل ما يتعلق بالقرآن: نصا وتاريخا وجمعا وتفسيرا وقدرة على أن يكون موضع استلهام للمسلمين فى محاولتهم النهوض من سباتهم كرة أخرى، فلم إذن هذه الضجة المستحدثة حول نقطة لا تقدم ولا تؤخر ما دام هذا موقفه من القرآن؟
تعالَوْا لنرى:
إنه أولا يثير زوبعة حول إمكانية دراسة تاريخ النبى عليه السلام والوحى الذى كان ينزل عليه.
لماذا يا ترى؟
يقول جَنَابه العالى إن "المعرفة التاريخية بـ"لحظة النبوة" أصبحت خارج نطاق إمكانياتنا إلى الأبد بسبب ضياع
(يُتْبَعُ)
(/)
وثائق أولى أساسية كثيرة، ضياع لا مرجوع عنه ولا تعويض له" (الإسلام- أوربا- الغرب/ 115!. وانظر كذلك كتابه "القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى"/ 106 فى المتن والتعليق فى الهامش).
كما يؤكد أنه ما من أمل أى أمل فى بعث المشروعية الإسلامية (أو "المشروعية التقليدية" كما يسميها على سبيل
المراوغة)، وأن المشروعية الوحيدة الحقيقية والعادلة هى التى لا تدين بالولاء إلا للعقل الحر المستقل عن أى ولاء أو خضوع لهيئة أخرى تتجاوزه (الإسلام- أوربا- الغرب/ 115 - 116).
وهو ما يعنى فى حالتنا هذه رفض الوحى والنبوة المحمدية، إذ ليس الوحى والنبوة من نتاج العقل، بل آتيين من خارجه، وإن لم يكن فيهما بالضرورة ما يرفضه هذا العقل بعد التفكير والتمحيص السليم حسب اعتقادنا نحن المسلمين فى ديننا وفى النبى الذى أتى به.
لكن ما هذه الوثائق التى يقول كاتبنا إنها ضاعت ضياعا أبديا، ومن ثم لم يعد بإمكاننا دراسة "لحظة النبوة" كما يسمى الرسالة المحمدية على طريقته فى تغيير المصطلحات وابتداع مصطلحات أخرى بديلة لا يثير انتقادُ مفاهيمها، فيما يَتَصَوَّر، حساسيةً عند المسلمين؟
أليس القرآن بين أيدينا، وكذلك الأحاديث وكتب السيرة والتاريخ والنصوص الشعرية؟
بلى، بَيْد أن الدكتور أركون الذى لا يعجبه العجب يشكك فى النص القرآنى تشكيكا لم يشككه، فى حدود ما أذكر، أعتى المستشرقين والمبشرين كراهية لهذا الدين ونبيه والكتاب الذى أُنْزِل عليه، ودَعْنا من الحديث والسيرة وغيرهما، فما دام القرآن قد أصبح غير ذى موضوع من حيث الثقة به كوسيلة للاقتراب من فهم الرسول ورسالته، فإن أمر تلك الكتب لا يعود يساوى شيئا.
أم تراه يقصد أنه كان للنبى عليه السلام متحف وطنى كانت محفوظة فيه وثائق الدولة التى لا يمكن الاطلاع عليها إلا بعد ثلاثين عاما من حفظها، ثم شَبَّ فيه حريق بيد فاعل مجهول من الذين يكثر أمثالهم فى بلادنا أيام جَرْد
العُهْدة، أو أحرقه أزلام الاحتلال الأمريكى حين دخلوا المدينة "المنورة" بدباباتهم ومجنزراتهم حاملين معهم عملاءهم الذين ظلوا يزينون لهم احتلالها حتى اقتحموها ودمروها وقطعوا عنها الكهرباء وجعلوها "ظلاما فى ظلام"، ثم زادوا فكلفوا أزلامهم بحرق المتحف الوطنى وصيَّروا عاليه واطيه؟
أم تراه يقصد بالوثائق أفلاما تسجيلية صورها أعداء محمد فى الأوقات التى كان، عليه السلام، يقول إن الوحى يتنزل عليه فيها، وذلك لإثبات أنه لا وحى ولا يحزنون (وإلا فلماذا لم يظهر جبريل ولا فى لقطة واحدة فى فلم من هذه الأفلام؟)، ثم تنبَّه النبى لهذه الأفلام وخطرها على دعاواه فأوعز لرجاله أن يحرقوها حتى لا تقع فى يوم من الأيام بعد أربعة عشر قرنا فى يد رجل ينتسب إلى أمته، ويوافق اسمُه اسمَه، وتخالف سُنّتُه سُنّتَه، وآخر لقبه "واو" و"نُون"، ويربّيه المستشرقون، ويسخر منه المسلمون، ويعيش فى مدينة اسمها " عنتريس؟ هردميس؟ دردبيس؟ فسافيس؟ مهاويس؟ متاعيس؟ هاديس؟ سنتريس؟ "، حاجة كذا تنتهى بـ"إيس" (آخْ! بَسْ، بَسْ! أتقول: "سنتريس"؟ عرفتُها، عرفتُها: "باريس! "، إذ كثيرا ما ربط زكى مبارك بين قريته "سنتريس" و"باريس" التى حصل منها على الدكتورية! والرجل الذى آخر لقبه "واو" و"نون"، هو "أركون")، ويحاول عن طريق التفكيكية والأركيولوجية
والأنثروبولوجية والفينومونولوجية والجوهرانية والبسبسانية أن يَفْتِش الحقيقة ويبين أنه لم يكن ثمة وحى ولا نبوة ولا يحزنون؟ (ولا تسألونى: ما البِسْبِسانية؟ فهى من غريب لغة القطط، فاسألوا أولاد وبنات نَوْنَوْ، ولا تسألونى أنا).
لكنْ أية وثائق "أولى" و"أساسية" و"كثيرة" تلك التى تتحدث عنها يا دكتور؟ أأنت جاد فيما تقول؟ لقد أضحكتنى فى هذه الأيام السود التى تمر بها أمة محمد (لا يا دكتور. حاسِب، حاسِبْ، لا أقصد "أمة محمد" أركون، بل "أمة محمد" بن عبد الله الذى تشكك فيه وفى دينه والقرآن الذى نزل عليه، ظنًّا منك أنك ستفعل ما لم يستطعه أحد من أعداء الإسلام، من الوثنيين والشيوعيين واليهود والنصارى وعبّادِ الشياطين وعبّادِ البقر وعبّادِ الخنافس والثعابين وعبّاد ما لا أدرى ماذا أيضا (وكذلك عبّاد ما أدريه، ولكنه لا يقال على الملإ) على مدى أربعة عشر قرنا، ألا وهو تدمير الإسلام، انخداعا بالزَّلَمَة الذى باع
(يُتْبَعُ)
(/)
لك ترام العتبة ومبانى الميدان كلها بما فيها المطافئ وقسم الشرطة (كما فعلوا مع إسماعيل يس فى فلم "العتبة الخضراء")، وأخذ يتخيل ويحلم أنه سيأتى الوقت الذى يتبين فيه أن الفكر الإسلامى والعربى بعد أركون شىء آخر مختلف تماما عن الفكر الإسلامى والعربى قبل أركون، أو بعبارته هو: "ربما راح هذا العمل يشطر تاريخ الفكر الإسلامى، وبالتالى العربى، إلى شطرين: ما قبل أركون، وما بعد أركون"! (انظر كتاب أركون: "الفكر الإسلامى- نقد واجتهاد"/ ترجمة وتعليق هاشم صالح/ دار الساقى/ لندن/ 1990م/ 230).
يا حفيظ! شف يا أخى الرجل ومطاويه. (و"المطاوى" فى العامية المصرية هى الدعاوى العريضة التى لا يصدقها عقل!).
أما إن كنت تقصد بالوثائق الضائعة نُسَخَ القرآن التى تخلص منها المسلمون على عهد عثمان درءًا للفتنة، فقد فاتك، لكونك قليل البضاعة من العلم بالموضوع الذى تتناوله رغم كل الطنطنات والمصطلحات العجيبة التى تكثر منها، أن كتب علوم القرآن، وبخاصة تلك التى تتناول تاريخه وطريقة جمعه، قد احتفظت لنا بأشياء كثيرة جدا جدا من المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع بصراحة تامة. ليس هذا فحسب، بل إن تلك الكتب قد أوردت حتى القراءات الشاذة والقراء الذين كانوا يقرأون بها ... إلخ دون أدنى حرج، اللهم إلا إذا كان د. أركون يقصد بالوثائق
المذكورة شيئا آخر، وهو ما لا أستطيع إزاءه شيئا لأنى لا أُنَجِّم ولا أضرب الودع! ومن هذه الكتب، إذا أحب أن يرجع إليها: "تاريخ القرآن" للزنجانى، و"البرهان فى علوم القرآن" للزركشى، و"الإتقان فى علوم القرآن" للسيوطى، و"مناهل العرفان فى علوم القرآن" للزرقانى، و"الجمع الصوتى الأول للقرآن الكريم" للدكتور لبيب السعيد، و"مباحث فى علوم القرآن" للدكتور صبحى الصالح.
إن أركون يزعم أن ثمة تلاعبات قام بها العقل الإسلامى فى النص القرآنى أثناء "المرور من حالة الكلام الشفوى إلى حالة الكلام المكتوب ... وهذا ما فعله أيضا ناشرو السيرة النبوية كابن هشام (مات عام 213 أو 218هـ/ 828 أو 833م) " (تاريخية الفكر العربى الإسلامى/ 85).
كما يزعم أنه لم يحدث "إجماع، بعد فترة طويلة من الاحتجاج والاختلاف، على شكل ومضمون النص القرآنى، الذى انضم إليه مؤخرا الحديث النبوى المُنْجَز من قِبَل البخارى ومسلم بالنسبة للسنيين، ومن قِبَل الكلينى بالنسبة للشيعيين" إلا فى القرن الرابع الهجرى (المرجع السابق/95).
وبالمثل نراه يدّعى "أن المسلمين يرفضون منذ القرن العاشر الميلادى (أى منذ القرن الرابع الهجرى الذى قال إنهم قد أجمعوا فيه أخيرا على نص واحد للقرآن كما رأينا) أن يفتحوا تلك الإضبارة الشائكة المتعلقة بتاريخ تشكل المصحف الرسمى، أو بكيفية تشكل هذا المصحف الرسمى تاريخيا" (الإسلام- أوربا- الغرب/ 79).
ولكن أية تلاعبات تلك التى تعرَّض لها النص القرآنى؟ كنا نحب لو أفصح الدكتور حتى نكون على بينة مما يقول ومما ينبغى أن نناقشه، لكنه للأسف لم يحاول أن يبصرنا بما يقصد!
وأنا، فى الواقع، لا أستطيع إلا أن أرى فى هذا حيلة ماكرة (حسبما قدَّر، وإن كانت مكشوفة بل مفضوحة عندنا) لإيهام القارئ المسلم أن المسألة من الوضوح والبيان بحيث لا تحتاج لأى تحديد أو تفصيل!
والعجيب أنه يحدد القرن الرابع الهجرى، ولا أدرى على أى أساس ما دام قد أقر قبل ذلك بعدة أسطر بأن عثمان، رضى الله عنه وأرضاه، قد استطاع أن يضع حدا للخلاف فى قراءة القرآن فى فترة خلافته، أى بعد الهجرة بسنوات لا بقرون أربعة كما يحاول الكاتب الأمين أن يلقى فى رُوع قرائه!
على أنه لا بد أن نوضح للقارئ الذى لا إحاطة له بمسألة جمع القرآن أن الحديث عن الخلاف فى قراءة القرآن لا يعنى أكثر من أن الرسول قد أخبر المسلمين بنزول القرآن الكريم على سبعة أحرف، إذ رُوعِىَ أن الأغلبية الساحقة من العرب آنذاك كان يصعب عليهم أن يتبعوا فى نطقه لهجة واحدة؛ إذ لم يكن لهم قبل الإسلام دولة تضم شتاتهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ولها لغة رسمية يتبعها الجميع. ثم لما تحققت هذه الوحدة فى ظل الإسلام وترسخت مع الأيام، وأصبحت هناك لغة رسمية واحدة لهذه الدولة، رأى الخليفة وكبار الصحابة أنه لم تعد هناك حاجة للحروف السبعة إلا فى أضيق نطاق، كجمع كلمة أو إفرادها مثلا مما تحتمله الطريقة التى كُتِب بها القرآن وتواترت به الروايات، وإلإبقاء على الهمزة أو تسهيلها، وإخلاص المد بالألف أو إمالته، وهو ما يعرف الآن بالقراءات القرآنية، وهى مسألة محسوبة ومقنَّنة وتم مراعاتها فى طريقة كتابة المصحف التى تسمح بالنطقين عادةً دون أية مشكلات.
هذه هى حقيقة المسألة التى يتعمد د. أركون أن يكون حديثه عنها مملوءا بالغموض كى يوحى للقارئ أنه بإزاء قضية خطيرة، وما هى بالخطيرة ولا يحزنون.
أما بالنسبة للتلاعب الذى يزعم أنه قد وقع فى النص القرآنى عند انتقاله من المرحلة الشفاهية إلى المرحلة الكتابية فهو كلام لا معنى له ولا وجود إلا على ألسنة من يريدون استبلاهنا، فالقرآن إنما تم تسجيله كتابةً منذ اللحظة الأولى إلى جانب حفظه فى الأذهان مما يجعل من المستحيل التلاعب فيه، وبخاصة فى ظل تقديس المسلمين التام له حتى لقد كان الواحد منهم يفزع أشد الفزع إذا سمع أحدا يقرأ على حرف غير الذى يعرفه، ولا يهدأ له بال إلا حين يتضح له أنه حرف صحيح نزل به أيضا القرآن الكريم، وحين تُوُفِّىَ الرسول عليه السلام قام الصحابة بجمعه فى كتاب واحد بعد أن كان مكتوبا لكن دون أن يشكل كتابا يضمه غلاف ... إلى أن جاء عثمان ووجد أن بعض المسلمين لم يتنبهوا إلى الحكمة من "الأحرف السبعة" التى نزل بها القرآن فى البداية تيسيرا عليهم، وظنوا أن القراءة التى يقرأ بها غيرهم على حرف مختلف عن الحرف الذى يقرأونه به هى قراءة خاطئة، مما كان من الممكن أن تترتب عليه فتنة لا يعلم مداها إلا الله، فقام بعد استشارة كبار الصحابة بجمع المسلمين على حرف واحد من هذه الحروف تقريبا وألغى الباقى، وقام بهذا العمل، كالعادة فى كل جمع قرآنى، لجنة وضعت لنفسها منهجا علميا سارت عليه كما يعرف ذلك كل من قرأ تاريخ جمع القرآن، وبهذا انحسمت المسألة.
لكن د. أركون يتجاهل هذا كله زاعما أن كتابة القرآن (مجرد كتابته: لاحِظْ) لم تحدث إلا فى عهد عثمان (انظر كتابه "الفكر الإسلامى- نقد واجتهاد/ ترجمة وتعليق هاشم صالح/ دار الساقى/ لندن/77).
فانظر، أيها القارئ الكريم، الفرق بين ما حدث على أرض الواقع وبين ما يهوّل به الدكتور أركون، الذى لم أر، على طول ما قرأت للكتاب من مستشرقين وعرب، من يدانيه فى المقدرة على اللف والدوران حول الموضوع الذى
يتناوله وإرهاق ذهن القارئ بإدخاله فى دوامة لا تكاد تنتهى من تفصيلاتِ تفصيلاتِ التفصيلات دون أن يصل به إلى شىء غير الطنطنة بأسماء العلوم الجديدة ومصطلحاتها، وعلى إحداث الفرقعات المخيفة تقليدا للطريقة التى اتبعتها أمريكا عند احتلالها العراق، طريقة "الصدمة والترويع".
لكنْ فات الأستاذ الدكتور أن الرصاص الذى يطلقه فى الهواء هو من النوع الفِشِنْك الذى لا يصلح إلا للعب
الصبيان!
ثم نصل إلى حكاية الإجماع على النص القرآنى الواحد الذى يقول إنه لم يحدث إلا فى القرن الرابع الهجرى، وكأننا بإزاء مجامع مقدسة كالتى عرفتها النصرانية والتى كانت تبدِّل وتخترع العقائد والطقوس، وتحلّل وتحرّم كما يحلو لها، وكأن الدين مسألة سياسية تخضع للمؤامرات والتربيطات، وليس عقائد وتشريعات ومبادئ خلقية موحًى بها من الله، وينبغى الحفاظ عليها كما أُنْزِلت من لدنه سبحانه وتعالى.
وأرجو ألا يظن القارئ أننى، بإشارتى إلى المجامع المقدسة، أعطى كلام أركون معنى أبعد مما يقصد، فهاهو ذا الدرويش التابع يقول بصريح العبارة تعليقًا على كلام شيخه الذى لا يقوم على رجلين: "القرآن لم يُثَبَّت كليا أو
(يُتْبَعُ)
(/)
نهائيا فى عهد عثمان على عكس ما نظن، وإنما ظل الصراع حوله محتدما حتى القرن الرابع الهجرى حين أُغْلِق نهائيا باتفاق ضمنى بين السنة والشيعة، وذلك لأن استمرارية الصراع كانت ستضر بكلا الطرفين. بعدئذ أصبح معتَبَرًا كنَصٍّ نهائى لا يمكن أن نضيف إليه أى شىء أو نحذف منه أى شىء، وأصبحوا يعاملونه كعمل متكامل على الرغم من تنوع سوره واختلافها فيما بينها من حيث الموضوعات والأساليب" (محمد أركون/ القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 114 - تعليق بالهامش).
وهذا كلام ككلام السكارى لا قيمة له! هل رأيت سكران وهو يتطوح فى الخمارة ثم يسقط تحت الأقدام صائحا بملء فمه: "أنا جدع"؟ فهذا مثل هذا، وإلا فليقل لى أركون أو تابعه: أَنَّى لهما بهذا الكلام الذى لم يرد فى كتب الأولين ولا الآخرين؟ ومتى اتفق السنة والشيعة على ما اتفقوا عليه؟ وأين؟
ربما كان ذلك فى شقة الدكتور أركون وبحضور هاشم صالح فى تلك الجلسة التى نزل الدرويش بعدها إلى شوارع باريس يستعجل، فى حسرة تقطِّع القلوب (قلبى أنا على الأقل حتى لقد كدت أبكى لولا بقية من تماسك، رغم نفورى من أم الخبائث نفورا فطريا)، مجىء اليوم الذى تصبح فيه المدن العربية مثل باريس تعج بخمارات كتلك
التى تتلألأ أضواؤها من حوله؟ (الفكر الإسلامى- نقد واجتهاد/ 229 - 230).
أقول: "ربما"، فأنا لم أكن حاضرا هذا اللقاء التاريخى الذى كان شيخ الطريق ودرويشه يقرران فيه مصير الإسلام.
فانظر أيها القارئ الكريم لهذه البهلوانيات التى يراد منا أن نأخذها بجِدٍّ واهتمام بوصفها آخر المنجزات الفكرية.
لكن، أيها الدرويش، هل نفهم من أن القرآن ظل نصًّا مفتوحا إلى القرن الرابع الهجرى أنه قد دخله مثلا بعض من رسائل عبد الحميد، على شىء من عبارات الجاحظ، على سطور من سهل بن هارون، على عدة سجعات من أبى العلاء ... إلى آخر هذه الزمرة من الكتاب؟ فكيف يا ترى يمكن أن تختلط أساليب أمثال هؤلاء وأفكارهم بأسلوب
القرآن وفكره، وهم عندك أنت وشيخك أرقى من محمد، ومخيالُهم الجماعى (الله يخرب بيت هذا المخيال الجماعى الذى رَبَّى لى العَصَبِىّ!) أكثرُ تحضرا وأعمق ثقافة من مخيال المجتمع الذى كان ينتمى إليه محمد؟ طيب، هل تستطيع أنت أو شيخك العبقرى أن تتشطَّر وتدلّنا ولو على رقعة واحدة (واحدة فقط!) من تلك الرقع الأسلوبية والفكرية التى دخلت القرآن طوال تلك القرون الأربعة؟
ثم أين كانت أمة المسلمين من ذلك كله حتى إنها لم تعترض أو حتى تعلق مجرد تعليق؟ أكانت مغيَّبة عن الوعى كلها على بكرة أبيها (إلا أنت وأستاذك طبعا، و! إلا فكيف عرفتما ما عرفتماه؟) إلى أن تم المراد فأعطَوْها حقنة منبِّهة فقامت لتجد نفسها قد فقدت الذاكرة فى تلك الأثناء فلم تعرف ماذا تم؟ أم كانت معك أنت وشيخك فى الشقة فسقيتموها "حاجة أصفرة"، فسقطتْ لتوها لكونها متخلفة لم تتعود على هذا اللون من الشراب، إذ إن شرابها هو الماء القراح الذى لا يعرف غيره عباد الله المتخلفون؟
وعلى نفس النحو من اللامبالاة بالعلم وحقائق التاريخ يدعى د. أركون أن المسلمين لم يحاولوا قط منذ القرن الرابع الهجرى أن يفتحوا الملف الشائك الخاص بقضية جمع القرآن، وهى دعوى كاذبة، فالمعروف أن الكلام والبحث فى تاريخ القرآن وجمعه وقراءاته ورسمه ومكّيّه ومدنيّه وناسخه ومنسوخه وتلاوته وأسباب نزوله وإعرابه لم يتوقف يوما حتى هذه اللحظة.
ومن الأسماء التى يمكن أن نذكرها بعد القرن الرابع ممن كتبوا فى ذلك الموضوع هذه العينة الضئيلة جدا، وهى مجرد مؤشّّر لما وراءها: مكى بن أبى طالب (ق 4 - 5هـ) والواحدى (ق 4 - 5هـ) والدانى (ق 5هـ) والشاطبى (ق 6هـ) والسخاوى (ق6 - 7هـ) وابن أبى الإصبع المصرى (ق 6 - 7هـ) والخراز (ق 7 - 8هـ) والعُكْبَرى (ق 7هـ) والزركشى (ق 8هـ) وابن القاصح (ق 9هـ) وابن الجزرى (! ق 9هـ) والطبلاوى (ق 10هـ) والسيوطى (ق 10هـ) والدمياطى البنا (ق 12هـ) والصفاقسى (ق 12هـ)، وحفنى ناصف والزرقانى ومحمود خليل الحصرى ولبيب السعيد وصبحى الصالح ومحيى الدين الدرويش وعبد الصبور شاهين (ق 20 م).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه الأسماء لم تترك شيئا يتصل بالقرآن من غير أن تناقشه فى حرية وتفصيل ودون أية جمجمة، وقد وُجِد من بين العلماء من يبدون آراء تخالف ما عليه الجمهور بوجه عام قديما وحديثا، وهذا معروف عند دارسى علوم القرآن، علاوة على كتب التفسير المختلفة، وهى لا تكاد تُحْصَر، وتمثل محيطا زخّارا يضم فى جوفه الهائل المهول لآلئ لا تقدَّر بثمن من كل أنواع العلوم القرآنية كما هو معلوم.
والقائمة أكبر كثيرا جدا من هذا على ما يعرف الدارسون، لكن أركون يطلق الكلام على عواهنه متصورا أن لَوْكه للمصطلحات الفارغة والتفيهق بها سوف يُشِلّ منا العقول فنخرّ صرعى أمام سحر بلاغته الطنطانة الفارغة، وقد فغرتْ أفواهنا اندهاشا بل انشداها بما يقول.
مرة أخرى: مسكين! كان الله فى عونه!
لقد رأينا الدكتور أركون ينحاز للرأى القائل بإرجاع الدين إلى المخيال الجماعى، بمعنى أن الأنبياء ليسوا إلا معبرين عن ثقافة أممهم وتطلعاتها وأوهامها، فلا وحى ولا اتصال بالسماء البتة! وفاته أن يتنبه للواقع الذى يخزق الأعين والذى يجرى بعكس هذا الذى يزعمه تماما، فكلنا نعرف أن الأنبياء والمصلحين إنما يسبحون ضد التيار، ويظلون وقتا طويلا مكروهين من المجتمع الذى ينتمون إليه ويحاولون أن يهدوه سواء السبيل. بل إنهم ليتعرضون أثناء ذلك إلى ضروب من العنت والمشقة والأذى والإهانة والحصار والتضييق فى لقمة العيش، بل السجن والقتل أيضا. وهذا من الشهرة بحيث لا أظن أركون أو غير أركون يستطيع أن يجادل فيه ولو للحظة. ثم إن أممهم لا تؤمن، إن آمنت، إلا بعد اللَّتَيّا والّتِى حتى إن المستشرقين والمبشرين من أساتذتك وأحبابك، وقد فوجئوا بنجاح محمد ودينه على عكس ما كانوا يرغبون، قد زعموا، ويا لبؤس ما زعموا، أنه عليه السلام إنما أكره العرب بالسيف على الدخول فى دينه! كذلك قد يموت النبى أو المصلح دون أن يحدث أى تغيير فى المجتمع الذى قام من أجل تطويره.
ولا أدرى كيف نَسِىَ أركون ما أخذ يبدئ فيه ويعيد فى لذة شامتة من أن المشركين، حين أتاهم الرسول بدعوته، قد رفضوا أن يؤمنوا بما يقول إلا إذا جاءهم بدليل. على حين أن الدليل الذى يلح عليه سيادته لم يكن يزيد على بعض المطالب المتعنتة التى أراد المشركون من ورائها تغيير نظام الطبيعة دون أن يحاولوا إعمال عقولهم التى وهبها الله لهم لتُسْتَعْمَل فى مثل هذه المواقف لا لتُهْمَل ويتعلق أصحابها بتلك المطالب الطفولية التى كان لا بد أن تلقيها البشرية خلف ظهرها وتستقبل مرحلة أخرى يقوم الأمر فيها على الدليل العقلى لا الدليل الإعجازى الذى لجأ إليه أنبياءُ كُثْرٌ من قبل، ومع هذا لم يكن حالهم مع أقوامهم ولا النتيجة التى وصلوا إليها مع هؤلاء الأقوام أفضل مما وصل إليه محمد، بل ولا عشر معشار ما وصل إليه محمد!
وأذكِّرك يا دكتور، إن كنت قد نسيت على عادة من يغيرون كلامهم فى كل موقف ويلبسون لكل حال لبوسها ناسين كعادتهم أيضا أن يراعوا الحكمة القائلة: "إذا كنتَ كَذوبا فكن ذَكورا"، بأنك قلت إن المشركين فى مطالبهم تلك إنما كانوا يعبرون عن "الذات الجماعية" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 97)!
فمن يعبر إذن عن المخيال الجماعى (أو الذات الجماعية: لا فرق، فأحمد هو الحاج أحمد!): الرسول أم المشركون من قومه؟
لقد احترتُ واحتار دليلى معك كما احتار دليل رامى وكوكب الشرق!
لكن، أيها القارئ الكريم، لا تأخذ فى بالك، فالأستاذ الدكتور لا يدرى ماذا يقول، بل كل ما يريده هو محاربة الإسلام بأى شكل، على طريقة مبدإ مدربى الكرة الفاشلين عندنا: "الذى تغلب به، العبْ به" دون أن يكون للفن أو الموهبة أو متعة الجمهور أى اعتبار. المهم النقاط الثلاث! والنتيجة هى الصفر المونديالى الكبير!
كذلك كيف تفسر لنا يا دكتور أركون كيف أن دين محمد قد انتشر هذا الانتشار الواسع خارج بلاد العرب والمجتمع العربى وما زال ينتشر حتى الآن، ودخل فيه أمثال دينيه وجِرْمانوس ولِنْجز وكاوون وجارودى وماسون
(يُتْبَعُ)
(/)
وبوكاى وهوفمان وكلاى ويوسف إسلام وغيرهم بالملايين من الأوربيين والأمريكيين، ومنهم الآنسة الفرنسية الجميلة التى حلقت شعر رأسها بالمُوسَى احتجاجا على القانون الجائر الذى كنتَ من كبار عَرّابيه، وكلُّ شعب من الشعوب التى دخلت الإسلام مِخْيَالُه الجماعى يختلف عن مخيال العرب ومخاييل الشعوب الأخرى؟
يا دكتور، لو لم يكن لك من ذنب إلا أنك كنت المتسبب فى حَلْق هذه البنت رأسها "زَلَبَطَّة" لكفاك لكى تبوء بغضب الله. فكيف، وأنت تريد أن تقضى بتَفَيْهُقاتك وكلامك الفارغ على دين محمد كله لا على شعر الفتيات الجميلات فقط؟
يا دكتور أركون، كيف، وقد فاتك الخوف من الله أو الغيرة على الحرية الشخصية التى فَلَقْتَ دماغنا أنت وأحبابك الفرنسيون بها، لم تتنبه إلى أنك بهذا القانون قد ضربت الجمال والأناقة فى مقتل؟
رُحْ يا رجل منك لله! شعر البنت الفرنسية هذه فى رقبتك إلى يوم الدين! قلبى وربى غضبان عليك (كما كنت
أسمع جدتى، رحمها الله، تقول وأنا صغير)، ولن تفلح إن شاء الله، اللهم إلا إذا كان سبحانه وتعالى قد ادَّخر لك توبة تختم بها حياتك فتُقْلِع عن هذه السخافات الأركيولوبية الفينومينوكَوَنّونُوِيّة المأمآنية (والكلمة الأخيرة من غريب لغة الخِرْفان بالمناسبة! حتى لا يسألنى أحد).
ثم ما دامت النبوة والإصلاح هى من بنات "المخيال الجماعى"، فلماذا لا تقول هذا لنفسك وتَرْبَع على ظَلْعك وتريحنا وتستريح معنا، إذ معنى ذلك أن كل ما تتعب قلبك وقلوبنا لكى تقنعنا به لن يكون له أى تأثير علينا ولن يدخل فى عقولنا أو قلوبنا، لأنه ببساطة ليس نتاجا لمخيالنا الجماعى، الذى لا يعرف شيئا اسمه "العلمانية" أو "الحداثة" أو "عقل الأنوار" ... إلى آخر هذه الرطانات التى تمضغها وتلوكها عبثا، والتى لا فائدة منها معنا حتى لو ظللت تمضغها وتلوكها وتنقلها عن هذا الشِّدْق لذاك من هنا إلى يوم يبعثون؟
"مخيالنا الجماعى"، يا خواجه أركون، هو مخيال "الفتَّة والطَّبْلِيّة ولعق الأصابع بعد الأكل بها وصلِّ على النبى
وقال الله وقال الرسول، و (لا تنس بالمرة) الثلاث طوبات! "، أما هذا الذى تهذى به فهو ليس لنا بمخيال!
أرأيت أنك لا تستطيع أن تقول شيئا متناسقا بعضه مع بعض؟ إن كلامك مفكَّك يُنْكِر ذيلُه رأسَه، بل لا رأس له فى الواقع أصلا ولا ذيل، ولا يترتب عليه إلا تصديع أدمغتنا بمصطلحاتك وتحليلاتك المملوءة ثرثرة بغيضة وتعالما وحذلقة ثقيلة الظل والروح!
وفضلا عن ذلك هل تحسب أننا من البلاهة بحيث يمكن أن يدور فى وهمنا للحظة واحدة أن الغرب أو تلامذة الغرب
وذيوله تهمهم مصلحتنا؟ هل قال لك أحد إننا مختومون على قفانا؟
إن المسألة كلها لا تخرج عن رغبة الغرب الحارقة فى القضاء على الإسلام فى عقولنا وقلوبنا على السواء حتى يكون مضغهم لنا وهضمهم للحومنا سَلِسًا لا غصّة فيه ولا عُسْر هضمٍ ولا مَغْص!
إنهم ينظرون فيَرَوْن أن المسلمين، رغم كل التخلف الذى هم فيه وقِصَر ذات يدهم علميا وإداريا وعسكريا وصناعيا، ما زالوا يقاومون ويقفون فى طريق المخططات التى يراد منها تركيعهم التركيع النهائى رغم أنه ليس فى
أيديهم دبابة ولا قنبلة ولا طائرة لأن حكامهم قد منعوا عنهم الدبابة والطيارة والقنبلة وأغلقوا عليها مخازنهم بالضبّة والمفتاح بعد أن دفعوا فى شرائها دماء الشعب وأخربوا خزينة الدولة، ومع ذلك فإن طائفة من الأمة تتحدى بكل قوةٍ وشراسةٍ الجبروت والطغيان الكفرى الغربى دون أن يبالوا بأى شىء مسترخصين حياتهم وأموالهم فى سبيل الحفاظ على الدين والكرامة، وهذا ما يؤرق الغرب ويعمل بكل ما لديه من قوة على تحطيمه. وهو يعرف أن السر فى هذه القوة التى يرخص فيها كل شىء على نفس المسلم هو الإيمان بالجنة، ومن ثم فلا بد من القضاء على الإيمان بجنة محمد وقرآنه، ولا بد من تجنيد كل الإمكانات التى يؤمِّلون من ورائها بلوغ هذا الهدف الشيطانى، ومنها إطلاق الأذناب التى تتخذ أسماء إسلامية على أبناء الإسلام تشككهم فى دينهم، آملين أن يكون لتشكيكها أثر أقوى وأبعد، وأن تكون مقاومة هذا التشكيك أضعف وأسرع اضمحلالا!
ولا تنس، بالله عليك أيها القارئ، أن تقرأ عنّى الفاتحة لسيدى "المخيال"، فسِرّه باتع كما يؤكد الشيخ أركون!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكى يكتمل النَّصْب ويكون نَصْبًا على أصوله يزعم هؤلاء أنهم إنما يفعلون ذلك لتحرير العرب والمسلمين. أى أن تشكيك العرب والمسلمين فى دينهم، وهو الورقة الأخيرة فى أيديهم التى يناضلون بها عن وجودهم وكيانهم وشخصيتهم حتى لا ينقرضوا، أو على الأقل حتى لا يذوبوا فى الغربيين ويصبحوا مجرد أذناب تفقد مسوغ وجودها مع الأيام فيقوم المجرمون ببترها لكى يثبتوا صحة نظرية "البقاء للأصلح" التى جاء بها تشارلز داروين.
إن هاشم صالح لا يكتفى بترجمة ما يكتبه شيخه، بل يحرص فى كثير من الأحيان على التعليق عليه فى الهوامش تعزيزا وتعضيدا لأفكار شيخه كى يقال عنه إنه قد شارك فى التأليف، أو كما يكتب هو أحيانا على غلاف الكتاب: "ترجمة وإسهام فلان"، وكأن المسألة ناقصة هاشم صالح.
فى كتاب لأركون اسمه "معارك من أجل الأنسنة فى السياقات الإسلامية" (يا حفيظ! استر علينا يا رب! أهذا بالله كلام يستحق الانتماء إلى لغة العرب، لغة الوضوح والإشراق والبيان؟ إنه عنوان يذكرنا بوجه الخنزير قُبْحًا، وذنَب الضَّب تعقيدًا! ولكن ما علينا، فلنعصر عليه ليمونة تدفع عنا شعور الغثيان ولنمض فيما نحن فيه!) فى ذلك الكتاب المذكور يتناول أركون كتاب "الإعلام بمناقب الإسلام" الذى وضعه أبو الحسن العامرى (ق 4هـ) يشيد فيه بدين محمد ويثبت أنه الدين الذى يضمن للمؤمنين به سعادة الدنيا والآخرة.
وبطبيعة الحال لا يعجب هذا الكلام البروفيسور أركون فيلفّ ويدور كعادته آتيًا كم شقلباظا من شقلباظاته الفكرية ومرصِّعًا كلامه بِكَمْ مصطلح من مصطلحاته البِسْبِسَانية الَمأْمَآنية لزوم الإبهار وتدويخ القارئ العربى وإيهامه بأنه أمام أستاذ خطير نحرير صاحب فكر عميق لا يصلح معه إلا التسليم به والخُرُور عليه فى صَمَمٍ وعَمًى وبَكَم تامّ دون أن يفتح فمه بكلمة ولو ليوحِّد بها الله.
ومن بين ما فعله مؤلفنا الشقلباظى فى العيب على الكتاب المذكور والحطّ من شأنه اتهامُه بالدفاع عما سماه هو بلغته البسبسانية المأمآنية: "السياج المغلق"، يقصد أن يقول: الجمود الغبى الذى يسوّل للمسلم بأن يرى فى دينه أفضل الأديان، تعصّبًا منه لعقيدته التى لا تسمح بالمناقشة ولا المراجعة والتى لا تستطيع أن ترى أو تسير إلا فى اتجاه واحد دون عقل أو تفكير!
يعنى: كالحصان الذى وضعوا على عينيه غمامتين فهو لا يرى إلا ما أمامه وفى أضيق نطاق.
وفى هذا السياق، وبدلا من اكتفاء هاشم صالح بالترجمة بأسلوبه المملوء بالأخطاء اللغوية، وبخاصةٍ لازمته العجيبة: "كما وأَنّ" التى لا أدرى أى شيطان زوَّده بها ونفخ فى رُوعه أن يكثر من ترديدها لدرجة تكاد تفقدنى رشدى لولا لطف الله بعبده الضعيف، نراه يتدخل بتعليقاته التى لا يخطر فى باله مرة أن يعتقنا منها قائلا فى الهامش تعليقا على مصطلح "السياج المغلق": "يمكن اعتبار فكر محمد أركون كله بمثابة تفكيك لهذا السياج المغلق والراسخ منذ العصور الوسطى. وهذا هو معنى نقد العقل الإسلامى. إنها محاولة لتبيان كيفية تشكُّل هذا العقل فى العصور الأولى وكيفية ترسُّخه فيما بعد بصفته عقلا مثاليا مطلقا لا يناقَش ولا يُمَسّ. ومن الواضح (وأرجو أن تأخذ بالك أيها القارئ لما يلى لترى الدَّجَل الشقلباظى كما ينبغى أن يكون، وإلا فلا)، ومن الواضح أنه لا يمكن أن يحصل أى تحرير فى الأرض العربية أو الإسلامية إن لم نبتدئ بتفكيك هذا الانغلاق التاريخى المزمن. فى الواقع إن العقل الإسلامى هو عقل تاريخى، أى أن له لحظة انبثاق تاريخية محددة تماما ويمكن الكشف عنها. وما إن تنكشف تاريخية العقل الإسلامى حتى تحصل زلزلة أرضية تشبه الزلزلة الفكرية التى حصلت فى أوربا بعد الكشف عن تاريخية العقل اللاهوتى المسيحى" (دار الساقى/ بيروت/ 2001م/ 252).
ولقد أغنانا الحداثيون والعلمانيون والملاحدة عن أن ننتظر حتى يقع هذا الزلزال لنرى توابعه، فهاهم أولاء من حولنا فى كل مكان، ونعرف أخلاقهم وتصرفاتهم كما نعرف ظهور أَكُفِّنا وزيادة، وندرك جيدا ما الذى ينتظرنا لو نجح هذا المخطط الشيطانى نجاحا تاما ولم يقتصر أمره على هؤلاء الأكروباتيين بل عمَّ الأمة كلها.
إن شقلباظيِّينا المفضوحين لا هَمَّ لهم إلا الخمر والجسد والدعوة إلى الحرية الجنسية بوصف ذلك كله وأمثاله حقا من حقوق الجسد وصاحبه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهاهم أولاء أيضا يقفون على النواصى ويعترضوننا فى الطرقات يسوِّقون التبعية الذليلة لأمريكا والغرب، تلك التبعية التى لا تؤدى إلا إلى الدمار والضياع.
ليس ذلك فحسب، بل يقتحم كثير منهم أوطان الإسلام فوق دبابات المستعمر الذى جلبهم معه من بلاده حيث كانوا يعيشون بعيدا عن أمتهم وقد تخَلَّوْا عن دينها ونمط أخلاقها واتبعوا دينه وخلقه وسلوكه.
ألم تكفنا العقود الطويلة التى اجتاح الجرادُ الغربىُّ فيها بلادنا ونهَب ثرواتنا وأذلَّنا وعمل كل ما فى طاقته للإبقاء علينا متخلفين لا نفكر فى شىء آخر غير أن نكون خدما بل عبيدا له؟
طيب يا أخى، إذا كانت أوربا قد نَضَتْ عن نفسها رداء الكهنوت الدينى فهذا أمر طبيعى كان ينبغى أن يتم منذ قرون حين جاء محمد صلى الله عليه وسلم بالدين الصحيح ونبَّه أهل الإنجيل إلى ما صنعوه بدينهم من تزوير وتحريف وتوثين وتشويه للعقيدة والتشريع، أى حولوه من دين إلهى إلى فكر بشرى هو بطبيعته ابن الأرض ونتاج التاريخ، علاوة على أن دينهم قد نزل أصلا ليواجه مطالب مرحلة تاريخية فقط ولقوم معينين يعيشون فى بقعة جغرافية معينة، ثم يذهب لحال سبيله بعد أن يشرق نور الإسلام. أما نحن، أصحاب الرسالة العالمية التى لا تحدها أية حدود تاريخية أو جغرافية أو قومية، فماذا عندنا من تحريفٍ أو تشويهٍ لنصوص الوحى أو عبثٍ وتلاعبٍ بالعقائد والتشريعات الواردة فيه حتى نصنع ما صنعته أوربا؟
ألم يسمع مستشارو السوء بقول الرسول العظيم: "لا يكن أحدُكم إمَّعة"؟ بلى لقد سمعوا به وبغيره مما أتى به سيد
الخلق لعزّ الدنيا والآخرة، لكنهم يكرهون العزة والكرامة ورسول العزة الكرامة، ويؤثرون عليهما الهوان والانبطاح أمام البلطجيين الدوليين.
إن الإسلام لا غيره، رغم قلة إمكانات المسلمين العلمية والاقتصادية والعسكرية والتنظيمية فى هذا الطور المخزى من تاريخهم، هو الذى حرر بلاد العرب والمسلمين من الاستعمار الغربى الكافر المجرم، وهو الذى لا يزال يقف شوكة فى حلوق هؤلاء البلطجية العالميين، وهم يريدون اقتلاع هذه الشوكة بكل الوسائل، ومن بينها أمثال هذه الكتب التى يؤلفها كاتبنا الشقلباظى، ويترجمها له ننُّوس عَيْنه.
هذه هى الحكاية بالمفتشر، أما "الشقلباظات" الأركونية، وكذلك "الإسهامات" الهاشمية الصالحية (التى تريد أيضا أن تبعث من رقدة العدم منصور فهمى ورسالته التى شجعه المستشرقون على أن ينال فيها من الرسول والإسلام، إن
لم يكن قد كتبوها بأنفسهم له حسبما قرأتُ مرةً لأحد العارفين بخفايا الأمر، ومنحوه عليها درجة الدكتورية، وكان مشرفه فيها هو البهودى ليفى بريل)، فهى شقلباظات وإسهامات ضالّة مضلّة لا تجوز إلا على النَّوْكَى والمغفَّلين، نعوذ بالله أن نكون من النَّوْكى أو المغفَّلين أو الشقلباظيين أو الإسهاميين. آمين، يا أكرم الأكرمين!
إن ما ينادى به أركون وتابعه ( ... ) لَيُشْبِه ما تقوم به أمريكا الآن فى العراق، الذى كان عامرا، والحمد لله. إنها تريد
إعماره، وبما أنه كان عامرا فلا بد من تدميره إذن وتخريبه حتى يمكن تعميره لأن تعمير المعمَّر مستحيل كما هو معروف: فهذا شىء لزوم الشىء، أى أن الخراب هنا لازم لتحقيق العمار. وعلى نفس المنوال فلا بد أن يزلزل أركون وجماعته الإسلام (الذى يقاوم مخططات الاستعمار وعدواناته الإجرامية الوحشية وقام وما زال يقوم بمهمته التحريرية العظيمة على خير ما يرام) حتى يمكن أن يبثوا فى نفوس المسلمين الروح التحررية، إذ من غير الممكن أن تُبَثّ الروح التحررية فى نفوسهم فى الوقت الذى لا تزال هذه الروح موجودة بداخلهم. أى أن الخراب هنا أيضا لازم لتحقيق العمار! وعند خراب بصرة يكون قد تحقق، بحمدالله، تحرر المسلمين، ولكن مِنْ ماذا؟ من الإسلام طبعا، وهل هناك غيره؟ ومن ثم يكون قد تم القضاء على الروح التحررية تماما فى نفوس المسلمين. وهذا هو المطلوب، وهذه هى المهمة التى يمنّ علينا هاشم صالح بأن أركون يؤديها خدمةً لنا وعشقًا لسواد عيوننا!
مسكين أركون وتابعه.
إن هذا المنطق الإبليسى الذى يظل يلفّ ويحوم حول نفسه داخل الدائرة الجهنمية ذاتها لا يبارحها لَيُذَكِّرنى
(يُتْبَعُ)
(/)
بالأغنية الفكاهية التى كنا نسمعها فى المذياع أيام الصبا، وكانت كلماتها تجرى على النحو التالى: "شنطةْ مِين؟ شنطة حمزة! حمزة مين؟ صاحب الشنطة! ".
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:37 ص]ـ
قلنا إن أركون يتباكى على ضياع "وثائق مهمة وأساسية" كانت كفيلة بأن تكشف لنا لغز النبوة لو لم تَضِع، ورغم أننا سخرنا من هذا الكلام المتهافت فإننا سنغضى على ما فيه من تفاهة وسنعامله على أنه كلام يقبل المناقشة:
أتراك يا د. أركون لو وصلتْ إليك هذه الوثائق (رغم أنى لا أعرف عن أى وثائق تتحدث)، أكنتَ ستسكت فلا تكفّ عن إثارة الاعتراضات؟
لا إخال أبدا، بل أُرَجِّح، بل أكاد أجزم موقنا، أنك كنت ستتعلل بأنك لا تستطيع أن تصدر حكما فى الأمر لأنك لم تشاهد النبى وهو يمارس النبوة. وحتى لو تحققت لك هذه الأمنية فلا أحسب إلا أنك ستتحجج بأنك تريد أن تَخْبُر تجربة النبوة من الداخل بنفسك وأن تعيشها كما عاشها النبى ولا تكتفى بمشاهدته وهو يتلقى الوحى، أى أن تكون أنت أيضا نبيا. ولم لا؟ هل محمد أحسن منك؟
لكنك نسيت أنّ هذا، وإنْ حَلّ المشكلة بالنسبة لك، فلن يحُلّها بالنسبة للآخرين الذين سيكون من حقهم هم أيضا أن يقولوا، مثلما قلتَ، إنهم يريدون أن يَخْبُروا تجربة النبوة خُبْرًا مباشرا ... وهكذا دواليك. وبهذه الطريقة سوف يصبح الناس جميعا أنبياء، ولكن إلى من يتوجهون بدعوتهم؟ إلى لا أحد، وبذلك تفقد النبوة معناها.
لقد فاتك، فى الواقع، شىء مهم لم تُرِد أن تلمسه رغم أنه كان ينبغى أن يكون أول شىء تتناوله، ألا وهو دراسة شخصية النبى، والظروف التى كان الوحى ينزل فيها، والأعراض التى كانت تصاحبه، والمضمون الذى اشتمل عليه، والاتهامات التى وُجِّهَتْ إلى متلقى هذا الوحى زاعمة أنه إنما كان يعلمه بشر أو أن القرآن ليس سوى كلام من تأليفه هو ... إلخ.
فهل فى شخصية النبى ما يجعلك تشكّ فى إلاهية المصدر القرآنى، وبخاصة بعدما فندنا نظريتك المتهافتة فى "المخيال الجماعى"؟ أقول: "نظريتك" على سبيل المجاز، فأنت لا تزيد على أن وجدتَها فى الفكر الأوربى فوضعتَ يدك
عليها وقلت: ما المانع فى أن ننتفع بها فى الشغب على الإسلام؟
ترى هل كان النبى كذابا؟ أم هل كان من المصابين بالهَلاوِس أو الصَّرْع مثلا؟
لقد درستُ هذه الاتهامات بالتفصيل فى كتابى: "مصدر القرآن" وحاولتُ أن أعثر بين أوراق الدعاوى التى يرفعها مكذِّبو النبى فى وجهه على أية شهادة، مكتوبة أو شفوية، ذَكَر فيها أحدٌ ممن اتُّهِم النبى بالإفادة منهم أنه قد تعلم على أيديهم وأخذ مادة القرآن عنهم فلم أجد شيئا من هذا البتة! بالعكس لقد اتضح لى أن هؤلاء الذين اتُّهِم النبى بالاستفادة منهم إما أسلموا أو، إذا كانوا قد ماتوا قبل بعثته عليه السلام، قد أسلم أبناؤهم وأقاربهم.
كما كان هناك أمية بن أبى الصلت، وكان قد طمع فى النبوة لنفسه زمنا، فلم يا ترى لم يقل إن محمدا قد تعلم منه، وقد كان شاعرا، وهو ما كان كفيلا أن يجعل كلامه يجلجل فى أرجاء الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها ويفضح النبى فضيحة الأبد؟
كذلك لِمْ لَمْ يفتح فمه بحيرا، الذى طالما أبدأ المرجفون باسمه وأعادوا، ويقول: نعم، لقد تعلم محمد منى كذا وكذا؟
لقد كان الرسول فى ذلك الوقت مستضعفا أشد الاستضعاف هو وأتباعه فى مكة، ومن ثم فليس من الممكن أن يتذرع أحد من المتَّهِمين بأن هؤلاء الشهود لم يتكلموا لأنهم كانوا يخشَوْن بأس محمد وسطوته وسلطانه، إذ لم يكن له فى أم القرى أى سلطان.
ثم ها هى ذى حياة النبى عليه السلام واضحة جلية تمام الوضوح والجلاء، وليس فيها ما يمكن اتهامه بسببه بالكذب أو المرض النفسى والعصبى، علاوة على أن الأعراض التى كانت تصاحب الوحى لا تشبه من قريب أو من بعيد أَيًّا من أعراض الصَّرْع أو الهلوسات أو الهستريا على ما بَيَّنّا فى كتابنا المومإ إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعله يحسن فى هذا السياق أن نشير إلى الطريقة التى اتبعها كاتب مادة " Muhammad" فى الطبعة الأولى من " Encyclopaedia of Islam"، وهى تشبه طريقة محمد أركون فى معاندة الحق واعتماد أسلوب اللف والدوران بغية تجنب المواجهة مع ذلك الحق فى عينيه، إذ زعم أن الأطباء النفسيين المحدثين يعترفون بصحة تشخيص الأعراض المصاحبة للوحى على أنها أعراض الصَّرْع، وإن سارع عقب هذا مباشرة إلى القول بأننا "يجب أن ندعهم يقررون بأنفسهم طبيعة حالته بدقة"، وذلك دون أن يذكر لنا اسما واحدا (واحدا فقط) من هؤلاء الأطباء المزعومين، فضلا عما فى كلامه من تناقض ساطع يراه حتى الأكمه، إذ بعد أن يؤكد أن الأطباء قد شخّصوا حالة الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس إصابته بالصَّرْع يعود فى الحال قائلا: "فلنتركهم يقررون بأنفسهم طبيعة مرضه بدقة"، أى أنهم لم يقرروا بعدُ طبيعةَ مرضه، وهو ما يكشف أن كاتب هذا الهراء مستشرقٌ محترقٌ وكذابٌ أَشِرٌ من الذين سيَصْلَوْن جهنم فى الدرك السفل منها مع الأنذال الجامعين بين الكفر والنفاق.
وغنىٌّ عن القول أن من بين المستشرقين والمبشرين من يعترض على اتهام الرسول بالصَّرْع مثل ألفرد جيوم فى كتابه " Islam" (Pelikan Books, 1964, P. 25).
كذلك عندنا مضمون الوحى، فهل فيه ما ينبئ أنه يعكس رغبات النبى وكراهاته أو آماله وآلامه أو أفراحه وأشجانه؟
أبدا، فقد ماتت خديجة مثلا هى وأبو طالب فى العام العاشر للبعثة، وكان حزن النبى عليهما من الشدة والألم أَنْ سُمِّىَ العام الذى ماتا فيه: "عام الحزن"، فهل يجد أحد فى القرآن أية كلمة فى هذا الموضوع؟
وبالمثل مات ابنه إبراهيم، الذى رُزِقَه على كبر، وبعد أن سمع سخفا كثيرا ووقاحة من المشركين فى بداية الدعوة مرارا وتكرارا ينبذونه بـ"الأبتر" جَرّاءَ موت أولاده الذكور واحدا واحدا فى صغرهم، فهل يجد أحد فى القرآن أية كلمة فى هذا الموضوع ولو لتعزية النبى والتسرية عن فؤاده؟ أبدا.
ومعروف أنه كان يحب عائشة لجمالها وصباها وذكائها وشدة حبها له ولأنها، فوق ذلك كله، ابنة صديقه الحميم أبى بكر، فهل فى القرآن ما يمكن أن يُشْتَمّ منه رائحة الفرح حين بنى عليه السلام بها، وهو الذى قال المبشرون والمستشرقون فى زواجه منها وفارق السن بينه وبينها وتدلهه فى هواها الكثير؟ إن القرآن الكريم يخلو حتى من مجرد ذكر اسمها كما يعرف الجميع.
وبالمثل هل يجد أحد فى القرآن ما يشى بوقع الانتصار العظيم الذى أحرزه المسلمون فى بدر على غير ما كانوا يتوقعون؟ أبدا ... وهكذا، وهكذا مما يدل على أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون من لدن محمد على أى نحو من الأنحاء.
ويزيد الأمر يقينا الدراسة الطويلة والمفصلة التى قام بها كاتب هذه السطور بعنوان "القرآن والحديث- مقارنة أسلوبية" والتى ثبت من خلالها بطريقة علمية إحصائية أن أسلوب القرآن شىء آخر مختلف تماما عن أسلوب الأحاديث. والكتاب يقع فى 600 صفحة لمن يريد أن يرسو على شاطئ اليقين لا أن يعاند لأن هناك من كلفه بالعناد والشغب على دين محمد.
ثم هناك النبوءات، والحقائق العلمية القاطعة التى ذكرها القرآن الكريم، والروح الإلهى الذى يترقرق فى كل آية من آياته والذى يخلو تماما من أى ملمح إنسانى مهما صغر.
وفضلا عن ذلك كله فالمقارنة بين القرآن والكتب التى يقال كذبا إنه مأخوذ منها تبرهن بأجلى برهان وأقواه أنه لا يمكن أن يكون قد تأثر بتلك الكتب لأنه كثيرا ما يخالف تلك الكتب ويكون الحق والمنطق وحقائق التاريخ والعلم فى جانبه هو.
ويجد القارئ هذه الموضوعات فى كتبى التالية: "مصدر القرآن"، و"دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" والدراسات التى وضعتها عن سُوَر "طه" و"المائدة" و"يوسف" ... إلخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
حتى النصوص التى يزعم فريق من الشيعة أنها كانت فى القرآن ثم حذفها عثمان، وكأن القرآن لعبة فى يد مجموعة من الأطفال يعبثون بها ويحطمونها كما يشاؤون دون أن يجدوا من يعقّب عليهم، هذه النصوص قد اخترتُ من بينها السورة الكاملة، وهى سورة "النورين" التى لا تزيد على صفحتين بحال إن لم تقلّ، وحللتها فى خمسين صفحة كاملة لأجد فى نهاية المطاف أنه لا توجد أية وشيجة بينها وبين أسلوب القرآن ولو فى آية أو جملة واحدة. وهذا، لمن يبحث عن الحق لا المشاغبة، متاح فى كتابى "سورة النورين التى يزعم فريق من الشيعة أنها من القرآن الكريم- دراسة تحليلية أسلوبية"، فوق أن علماء الشيعة جميعا ينفون نفيا قاطعا أنه كان هناك فى يوم من الأيام نصوص قرآنية زيادة على تلك التى فى المصحف المعروف للناس كلهم.
ومِثْلُ سورة "النورين" الجملتان اللتان تُسَمَّيان: "آيتَىِ الغرانيق" واللتان أقدم ريجى بلاشير بغَشْمٍ وتهورٍ على إثباتهما فى سورة "النجم" فى ترجمته الفرنسية للقرآن، فقد ثبت من خلال التحليل الأسلوبى المتأنى الذى قمتُ به فى كتابىَّ: "ماذا بعد إعلان سلمان رشدى توبته؟ دراسة فنية وموضوعية للآيات الشيطانية" و"دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" أنهما لا تمتان لكتاب الله بأية صلة.
وأخيرًا، وليس آخِرًا، ما الذى جاء به القرآن فى مجال العقيدة والتوجيهات الأخلاقية والفكرية والاجتماعية والسياسية مما يمكن أن يكون محل انتقاد على أساس أنه يعوق سير الحضارة أو أنه يكبّل العقل البشرى بقيود تمنعه من أداء مهمته فى التفكير والاستكشاف مهما وقع أثناء ذلك من أخطاء؟
أهو التوحيدُ ومحاربةُ الثنويةِ والتثليثِ والوثنيةِ؟
أهو عالميّة الربوبية وعدم اقتصارها على قوم بعينهم مهما أثبتوا بسلوكهم الدنس وأنانيتهم البشعة أنهم لا يستحقون ذرة واحدة من هذا التركيز عليهم دون سائر الخلق؟
أهو الرحمة التى يكرر القرآن أن الله سيعامل بها عباده يوم الحساب، وأن الحسنة ستكون بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، على حين! أن صاحب السيئة سيُجْزَى عليها بمثلها، وقد يغفرها الله له فلا يكون ثَمَّ حساب عليها أصلا؟
ولا نَنْسَ أيضا البعد الثقافى والافتصادى المتمثل فى الإعلاء من شأن العمل والإنتاج والإبداع والتنفير من الكسل والاعتماد على الآخرين دون موجب، هذا البعد الذى يكمّله الحث الدائم على الصبر، سواء فى ذلك الصبر على المكاره ومتاعب الحياة وحدثانها المزعجة أو على مشقات العمل والجهاد ومكافحة آفات النفس وعوامل الانهيار فى المجتمع، كما يكمّله التبغيض العنيف فى الاستسلام لمشاعر اليأس أو القنوط من رَوْح الله، مع التلويح من الجهة المقابلة بأن الرحمة الإلهية لا تغيب أبدا وأن مع العسر، مهما تكاثف واشتد، يُسْرَيْن لا يُسْرًا واحدا.
وبالمثل لا ينبغى أن ننسى البعدَ الاجتماعى فى القرآن الكريم حيث جعل للفقراء والمحتاجين نصيبا مفروضا فى أموال الأغنياء يخرجونه على سبيل الوجوب لا مَنًّا ولا تفضُّلا.
كذلك لا يفوتنا هنا أن نشير إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام إن المجتهد إذا أخطأ فله أجر. إنه لم يقل إن عقابه سيخفَّف، أو إنه سيحظى بالعفو، بل قال إنه يأخذ أجرا، وهو ما لا وجود له فى أى دين أو مذهب فلسفى أو أى نظام سياسى أو اجتماعى. والحق أنه لو لم يكن فى الإسلام فى مجال الفكر إلا هذا المبدأ الأخير لكفاه فخرًا واستحقاقًا لأن يُقْبِل الناس عليه إقبالا ويدخلوا فى فسطاطه مباهين!
على أن مناقشتنا للدكتور أركون فى موضوع القرآن لن تقف عند كلامه النظرى فيه، إذ إن له جهودا تطبيقية أراد بها أن يقدم تحليلا للخطاب القرآنى على حد تعبيره بدلا مما سماه: "التفسير الموروث".
وهو فى هذه الجهود كثير الدعاوى يركب المراكب الوعرة ملوِّحًا بسوطه فى الهواء محدثًا فرقعاتٍ تلقى الرعب فى قلوب غير المتمرسين، إذ يظنون أن الرجل سوف يكرّ على خصومه فيزلزل الأرض من تحت أقدامهم ويفتك بهم كما تصنع الحمم البركانية بمن قدر له حظه التاعس أن يسكن قريبا من فوهة بركانها، ليفاجأوا به فى نهاية المطاف وقد ثَنَى عِنَان جواده الهزيل "للخلف دُرْ" وأخذ يعدو بأقصى سرعته وكأنه قد برز له عفريت فجأة ألقى الجزع والفزع فى قلبه الخفيف الرهيف.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك سوف نراه يتناقض من موضع إلى آخر، وقد يكون مجال التناقض فقرتين متتاليتين.
ثم إنه كثيرا ما يَعْلَق فى شَرَكٍ يكون قد وضعه هو بنفسه فى التراب موهما نفسه وإيانا بأنه سوف يصطاد به الذئب ويجىء به من ذيله، لكنه سرعان ما يقع هو لا الذئب فى هذا الشَّرَك، ثم لا يستطيع تخليص نفسه منه ويظل يضرب بجناحه على غير هدى ولا أمل فى الفرج بأية حال.
وإليكم البيان:
فى إحدى هذه الفرقعات الخنفشارية، وتحديدا فى مدخل محاولته تحليل سورة "الفاتحة"، نراه يضع عدة "إضاءات" يقدم بها لهذا التحليل، وعلى رأس هذه الإضاءات قوله: "إن القرآن مدونة متجانسة ... كل العبارات التى يحتويها كانت قد أُنْتِجِتْ فى نفس الوضعية العامة للكلام أو نفس الظرف العام للخطاب" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 114).
وقد فسر تابعه " ... " معنى الظرف العام للخطاب بأن "كل خطاب أو كلام يقال فى ظرف معين أو أحوال معينة، والذين يحضرون الجلسة التى قيل فيها هذا الكلام يفهمونه بشكل أفضل من الغائبين الذين يطَّلعون عليه قراءةً " (بالهامش).
وليس لهذا من معنى إلا أن القرآن كله قد نزل فى نفس الظروف العامة للخطاب، وهى الظروف التى حددها أركون بعد أسطر بأنها ثلاث وعشرون سنة. أى أن القرآن قد انتهى تشكّله فى حياة الرسول، ولم يستمر نصًّا مفتوحا يُزاد فيه ويُنْقَص طَوال عدة قرون كما رأينا قبل قليل!
ولعل القراء الكرام يذكرون أن الكاتب العبقرى قد قال فى موضع ثالث إن القرآن قد أخذ صورته النهائية على عهد عثمان.
أرأيتم إلى هذا التناقض الفِجّ العارى فى هذه المساحة الضيقة من السطور والصفحات؟
كذلك ففى مقارنته بين طريقته فى تناول النص القرآنى التى يسميها: " بروتوكول القراءة الألسنى النقدى " وبين الطريقة التى يتبعها المفسرون المسلمون والتى يُطْلِق عليها سعادته: "البروتوكول التفسيرى" يبدأ بتعداد المبادئ التى تقوم عليها القراءة التفسيرية كما يراها والتى ينظر إليها بترفع بوصفها أثرا من مخلفات الماضى التى ينبغى أن تُزَال، ذاكرا من بينها أن الحقيقة التى يتضمنها القرآن، والتى هى الحقيقة الوحيدة حسب الرؤية التقليدية للمسلمين، لا يمكن أحدا أن يحددها أو يعرفها إلا "عن طريق الاستعانة بأقوال الجيل الشاهد عليها، أقصد جيل المؤمنين الأوائل الذين تَلَقَّوُا الوحى من فم النبى مباشرة، والذين طبقوه عمليا فيما بعد" (المرجع السابق/ 122).
ومن الواضح الذى لا يحتاج إلى فضل بيان أن ذلك يتناقض تناقضا أبلق مع ما سماه: "الوضعية العامة أو الظرف العام للخطاب "، ومع ما شرح به تابعُه معنى هذا "الظرف العام للخطاب" مثلما رأينا قبل أسطر قلائل.
فماذا ينبغى أن نسمى هذا أيضا؟
أما أنا فأسميه: "فرقعات خنفشارية". إنها قد تلقى الرعب فى قلوب العامة والصغار فيبصق الواحد منهم فى عُبّه وهو يبسمل لإزالة الخوف من قلبه، أما الذين ودَّكتهم الحياة فإنهم يبصقون، ولكن ليس فى عُبّهم!
هذا، ولم نغادر بَعْدُ "الظرف العام للخطاب"، الذى يحدده البروفيسير (على عادته فى المبالغات والفرقعات الخنفشارية التى تأخذ ذيلها فى أسنانها وتطلق ساقيها للريح عند أول عقبة) بأنه "مجمل الظروف التى جرى فى داخلها فعلٌ كلامىٌّ، سواء أكان مكتوبا أم شفهيا. ويخص ذلك فى آن معا المحيط الفيزيائى- المادى والاجتماعى الذى نُطِق فيه الكلام، كَمَا ويخصّ الصورة التى شكلها المستمعون عن الناطق لحظة تفوهه بالخطاب، ويخص هوية هؤلاء، والفكرة التى يشكّلها كل واحد منهم عن رأى الآخر فيه. كما ويخصّ الأحداث التى سبقت مباشرةً عملية التلفظ بالقول، وبخاصة العلاقات التى كان المخاطبون يتعاطَوْنها فيما بينهم، ثم بشكل أخصّ التبادلات التى اندرج فيها الخطاب المعنِىّ" (السابق/ 114).
يا ألطاف السماوات!
كل هذا يا دكتور أركون؟
لقد سببتَ لى الدُّوَار يا رجل!
بالله عليك متى يمكننا أن ننتهى من فَهْمِ بَلْهَ شَرْحَ أىّ شىء فى القرآن إذا كان علينا أن نحيط بذلك كله قبل البدء فى عملية الفهم؟ إن هذا أمر أخشى، لو بدأنا فيه، أن يأخذنا هبوطا إلى آدم، وصعودا إلى يوم القيامة. ذلك أن الدنيا متشابكة بعضها مع بعض على نحو لا يكاد يُتَصَوَّر!
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع الفرقعات الخنفشارية نمضى خطوة أخرى لنرى إلامَ يأخذنا هذا التنطع الألسنى البِسْبِسَانى وعَمّ ينجلى فى نهاية
المطاف!
إن الرجل لا يكتفى بهذا على ما فيه من استحالة التطبيق، بل يشترط قراءة كل ما كُتِب فى تفسير سورة "الفاتحة" من تفاسير منذ بداية التفسير القرآنى حتى اليوم ثم التقفية بما يحتاجه ذلك من جرد وفرز. إلا أنه سرعان ما يحيص قائلا إن هذا العمل " لا يمكن أن يقوم به شخص واحد، وإنما فريق كامل من فرق البحوث ".
وبالمناسبة فما "الفاتحة" إلا مجرد مثال لأية سورة أخرى نريد تحليلها طبقًا لبروتوكوله الألسنى النقدى.
هل يمكنك، أيها القارئ الكريم، أن تبلع هذه المطواة؟ (والمطواة: هى الفَشْرَة من فشرات أبى لمعة، وفى رواية أخرى: من فشرات أم لمعة، رضى الله عنهما).
إننا لو رُمْنا ذلك فلن ننتهى أبدا من تحليل القرآن كما هو واضح!
ثم فلنفترض أننا قد استطعناه، فمن ذا الذى يا ترى يمكنه الزعم بأنه سيكون التحليلَ المثالى الذى لا يخرّ الماء؟ إن هذا أيضا بدوره مستحيل!
خلاصة الكلام أن البروفيسير قد انتهى إلى أنْ طامَنَ من غُلَوائه المتنطعة الفارغة وقنع من الغنيمة بالإياب فأخبرنا أنه سيكتفى بتفسير الرازى، الذى زعم أنه "قد جمع فى تفسيره أهم ما أنتجه الجهد التفسيرى خلال القرون الهجرية الستة الأولى السابقة له". لكنه، ككل معّارٍ مُغْرَمٍ بالمطاوى (و"المطاوى" فى العامية المصرية هى الكلام الواسع الذى لا يصدقه ولا حتى صاحبه كما سبق القول)، قد عزَّ عليه أن ينهزم هكذا على الملإ أمام أول تجربة، بينما لا تزال ترن فى الآذان أصداء فرقعاته الألسنية المأمآنية، فأخذ يؤكد لنا أنه يزمع أن يقدم لتفسير الرازى طبعة محققة مصحوبة بقراءة تهدف للإجابة عما لا أدرى ماذا (السابق/ 135 - 137).
وليس لدىّ من تعليق على هذا إلا قول الرسول الكريم الذى يبدو وكأنه قد قاله خصيصا فى هذا الوعد: "أَفْلَحَ إنْ صَدَق"!
ثم إنه بعد ذلك كله لم يرجع إلى الرازى إلا مرتين اثنتين لا غير نَقَلَ فى الأولى منهما ثلاثة أسطر ونصفا (ص 127)، وفى الثانية فقرةً لا تزيد على ثلاثة عشر سطرا (ص 139 - 140)، ولشديد الأسى والأسف لم يحسن الاستفادة من أىٍّ من النصين.
وهكذا ينبغى أن تكون الفرقعات الخنفشارية، وإلا فلا!
كذلك فإن تفسير الرازى، الذى تغلب عليه الصبغة الفلسفية، هو مجرد لون واحد من التفاسير لا يغنى عن غيره ولا يغنى غيره عنه، فهناك التفسير بالمأثور والتفسير الاعتزالى والتفسير الصوفى والتفسير الخارجى والتفسير الشيعى والتفسير اللغوى والتفسير الفقهى والتفسير العلمى ... وهلم جرا.
وحتى لو وافقْنا المؤلفَ على ما يقوله عن قيمة تفسير الرازى وأنه يغنى عن التفاسير السابقة عليه، فماذا نحن فاعلون فى التفاسير التى جاءت بعده؟
وعلى أية حال فلو تحوَّلنا بعد ذلك كله لنرى ماذا أنجز الأستاذ الدكتور فى التحليل الفعلى لسورة "الفاتحة" من هذا كله راعَنا كثرة العناوين وتعمد الكاتب انتقاء الكلمات الضخمة التى تسبب الدوار للرأس دون أن يكون وراءها شىء بالمرة، أو على الأقل دون أن تقدِّم لنا ثمرة تستحق كل هذه الطنطنات والفرقعات.
كيف ذلك؟
لنأخذ أولا العناوين، وسوف أوردها بالترتيب التى أتت به فى التحليل المذكور:
"اللحظة الألسنية أو اللغوية: عملية القول أو عملية النطق، المحدِّدات أو المعرِّفات، الضمائر فى سورة "الفاتحة"، الأفعال فى سورة "الفاتحة"، الأسماء أو التحويل إلى اسم فى سورة "الفاتحة"، البِنْيات النحوية فى سورة "الفاتحة"، النظم والإيقاع. العلاقة النقدية- الفاتحة كمنطوقة أو عبارة: اللحظة التاريخية، النسق اللغوى أو الشيفرة اللغوية، النسق الدينى أو الشيفرة الدينية، النسق الثقافى أو الشيفرة الثقافية، النسق التأويلى أو الباطنى، اللحظة الأنثربولوجية".
وهى، كما ترى، عناوين مخيفة تجعل قلب الواحد منا يسقط فى قدميه كما كنا نعتقد ونحن صغار، ثم ظننّا بعد أن
(يُتْبَعُ)
(/)
كبرنا ونضجنا واتسع أفقنا الثقافى أن سقوط القلب فى الرجلين أمر خرافى ومستحيل ... إلى أن وقعتُ على هذا الكلام الذى يقوله الدكتور أركون فتبين لى أن ما كنا نقوله ونحن صغار هو أمر صحيح لا وهم فيه ولا تخريف، فها هو ذا قلبى قد سقط فعلا فى رجلىّ. والتجربة، كما يقولون، خير برهان. ومن لا يرد أن يصدّق فليأت ولْيَرَ بنفسه!
إلا أن المسألة لا تخلو مع هذا من الجانب الفكاهى، فهذه العناوين التى تخلع القلوب من أماكنها لا تساوى ثمن الحبر الذى كُتِبت به، إذ لا شىء وراءها، أو إذا كان وراءها شىء فإنه لا يستحق كل هذه الزيطة والزنبليطة.
أى لحظات تاريخية؟ وأى بروتوكولات؟ وأى شفرات؟ أنحن داخلون حربا عالمية؟
المهم: لننظر مثلا تحت عنوان "النظم والإيقاع"، وهو، كما ترى معى أيها القارئ، مما يمكن فهمه. فماذا نجد تحته؟
لقد كتب المؤلف العبقرى تحت هذا العنوان أربعة عشر سطرا فى فقرتين: فأما فى الفقرة الأولى فقد أشار سيادته
(مجرد إشارة عابرة ع الماشى) إلى أهمية الدور الذى يلعبه التشديد والإيقاع والنغم والمدة وارتفاع الصوت والكثافة فى عملية القول والعلاقة بين علم النحو والنبرة، وأننا فى اللغة العربية، والنص القرآنى بالذات، نمتلك أدبياتٍ (يعنى بلغتنا نحن عباد الله المتواضعى العقل والفهم: كتاباتٍ) غنيةً وغزيرةً خاصةً بالنظم والإيقاع، ولا تزال تنتظر من يدرسها طبقا للمناهج الحديثة فى التحليل العلمى، وأنه "من غير الممكن (فى الحالة الراهنة) المخاطرة بتفسيرٍ مُرْضٍ لنصٍّ قصيٍر كـ"الفاتحة".
صحيح أن بروتوكول القراءة الشعائرية (يقصد الطريقة القديمة فى تفسير القرآن، وإن كان كلامه يوحى بأن المقصود هو قراءة القرآن على الجبّانات وفى المآتم، وإلا فما معنى مصطلح "الشعائرية" هنا بالله عليكم؟) وتقنين التجويد يقدمان لنا بعض التعليمات التى لم يُدْرَس تأويلها الصوتى والفونيمى والنظمى- الإيقاعى بشكل جاد حتى الآن" (بالمناسبة: الدكتور أركون دائما ما يقول عن أى شىء فى تراثنا إنه لم يُدْرَس بشكل جاد حتى الآن، أو لم يدرس أصلا لا بشكل جاد أو هازل. هذه شِنْشِنته على الدوام، وتحتاج إلى دراسة نفسية، لا ألسنية ولا شعائرية، ولا مارشات عسكرية، من التى تصاحب المراسم البروتوكولية، فى اللحظات التاريخية! فقط دراسة نفسية. أكرر: "فقط دراسة نفسية"! ويا بخته أنه لم يتقدم به الزمن كم عِقْدًا من السنين أو تأخر الزمن بالشدياق كم عِقْدا، وإلا لكان الكاتب اللبنانى الذى لم يكن يعجبه هذا التنطع الفارغ قد وضعه على السَّفُّود كما فعل مع المستشرقين الذين قُدِّر له أن يعمل معهم فى أواسط القرن التاسع عشر فى ترجمة الكتاب المقدس!).
لكن حين جد الجِدّ أخذ ذيله فى أسنانه وولَّى هاربا ولم يعقّب: يا أركون، أقبل ولا تخف، إنك من الآمنين!
لكنْ من يقرأ ومن يسمع فى مثل هذا الظرف العصيب؟
وإليك كل ما قاله البروفيسير بعد هذه الطبول والزُّمُور المزعجة التى أصمَّت لنا الآذان وخلعتْ منا القلوب: قال لا فُضَّ فوه، ولا برئ من تباريح ألم الحقد شانئوه: "ولهذا السبب فإننا سنكتفى فقط بالتنبيه إلى الملاحظة البسيطة التالية، وهى وجود قافية "إيم" متناوبة مع قافية "إين" فى سورة "الفاتحة". أما فيما يخص الوحدات الصوتية الصغرى (الفونيمات) فإننا نلاحظ هيمنة الوحدات التالية: "ميم" 15 مرة، و"لام" 12 مرة، و"نون" 12 مرة، و"هاء" 5 مرات. نحن نعلم أن التفسير التقليدى يضفى قيمة رمزية على كل وحدة صوتية وعلى عدد التكرارات، وبالتالى
فإن الدراسة النظمية أو الإيقاعية للعلامات أو الكلمات ينبغى أن تتلوها الدراسة الرمزية، أو ينبغى أن تستطيل عن طريق الدراسة الرمزية" (ص 134).
أرأيت؟
إن الرجل لم يقدم شيئا على الإطلاق رغم كل الوعود الجبارة التى لا أظن إلا أنه سينجزها يوما ما، عندما تقوم القيامة بإذن الله، وتكون فى يد الواحد منا فسيلة فيغرسها طبقا لنصيحة الرسول عليه السلام ولا يتعلل بأن القيامة
ستقوم. فالدكتور أركون حين يُنْفَخ فى الصور وينادى المنادى: "يا دكتور أركون، ألم تنته بعد من إنجاز ما وعدتَ به قراءك فى كتابك عن القرآن؟ سوف تقوم القيامة بعد خمس ثوان، بعد أربع، بعد ثلاث، بعد ثانيتين، بعد ثانية"،
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور أركون عندما يسمع هذا التنبيه، وقبل أن يصل المنادى فى عدّه إلى كلمة "بعد ثانية" سيكون قد غرس البحوث والدراسات التى وعد بها، غَرَسَها فى الطين مع سائر الفسائل "لأنها دراساتٌ فَسْلة"، ولسوف تنبت إن شاء الله (ولكن فى العالم الآخر طبعا لأنه قد غرسها فى الوقت الحرج القاتل، أو كما يقولون فى لغة معلِّقى الكرة: فى الوقت الضائع) سوف تنبت أشجارا ضخمة وارفة الظلال مثقلة بالأثمار التى تتساقط فى أفواهنا ونحن نائمون تحتها نتمطى فى كسلٍ يليق بأهل الجنة التى يكذِّب بها الحداثيون والألسنيون والبروتوكوليون، فنمتلئ فى الحال من نعمة المعرفة الألسنية البروتوكولية، ونجد مادة للكلام والنقاش نقطع بها الوقت الطويل الذى نقضيه دون عمل، وندعو للدكتور أركون بأن "يزيده الله مما هو فيه" أنْ أَضْفَى على حياتنا هناك مسحة من الطرافة، إذ أعطانا الفرصة لكى نَرْكَب بتهكماتنا وسخرياتنا هذا الفكر البسبسانى المأمآنى، ونتسلى بما فيه من مأمآت ونَوْنَوَات مثلما كنا نفعل فى الدنيا! وهل وراءنا حاجة؟ الحمد لله، لا شغلة ولا مشغلة رغم ما يقوله بعض القاديانيين من أن حياة أهل الجنة لن تكون حياة سكون ودعة، بل حياة عمل وجهاد من أجل الارتقاء الروحى، تصورًا منهم أن قوله تعالى فى سورة "يس": "إن أصحاب الجنة اليوم فى شُغُلٍ فاكهون" معناه أنهم سيكونون دائما فى شغل وتعب وجهاد، مع أن الآية تحدد طبيعة هذا "الشغل" بأن المؤمنين سيكونون فيه فاكهين، لا عابسين ولا مرهقين ولا بَرِمين، وأنهم سيكونون مع زوجاتهم فى ظلال على الأرائك متكئين كما تقول الآية التى تلى ذلك! فأل الله ولا فألكم يا أتباع غلام أحمد! هل تريدون لنا وجع الدماغ من أول وجديد؟ ألم يكفكم ما نقاسيه فى هذه الدنيا المزعجة حتى تضيفوا إليه إزعاجا آخر فى الجنة؟ فأية جنة هذه يا ربى؟
(انظر The Holy Quran, Edited by Malik Ghulam Farid, The London. Mosque, 1891, P. N. 2454, 952 )
وعَوْدًا إلى ما قاله د. أركون عن مبادئ البروتوكول التقليدى فى تفسير القرآن وما توجبه من الاستعانة بالنحو وعلم اللغة التاريخى والبلاغة والمنطق للوصول إلى معنى النص القرآنى، والفرق بينها وبين مبادئ بروتوكوله هو التى لا تعرف هذه الاستعانة ولا تبالى بها، نلفت نظر القارئ إلى أنه أمضى الصفحات التى خصصها لسورة "الفاتحة" فى الكلام عما تشتمل عليه السورة الكريمة من ضمائر وأسماء وأفعال وبنيات نحوية، محاولا الوصول إلى شىء من المعنى من وراء هذه الإحصاءات عبثا، ومتخبطا فى أثناء ذلك تخبطا لا يليق بمن يتصدى لتفسير كتاب الله العظيم حتى لو كان من طائفة البسبسانيين المأمآنيين!
فمثلا يرى سيادته بعلمه العبقرى أن السورة تحتوى على فعلين مضارعين (هما: "نعبد، ونستعين") أُسْنِدا إلى البشر (جماعة المؤمنين)، وفعلٍ واحدٍ ماضٍ مسند إلى الله (هو: "أنعمتَ")، وأن السبب فى هذا أن الفعل المضارع يدل على استمرار المحاولة وديمومة التوتر، فهو يناسب البشر، بخلاف الماضى الذى يدل على أن الأمر قد تم وانتهى الأمر ولا مرجوع عنه، وهو ما يناسب القدرة الإلهية (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 130 - 131).
وهذا كلامٌ خديجٌ لا نضج فيه، إذ كثيرا ما تُسْنَد الأفعال المضارعة إلى الله، والماضية إلى البشر، والعبرة بالسياق والمعنى لا بصيغة الفعل كما فى الشواهد التالية، وكلها من القرآن الكريم ذاته: "الله يستهزئ بهم ويَمُدّهم فى طغيانهم يعمهون"، "قال إنه يقول إنها بقرةٌ لا فارض ولا بِكْر"، "قد نرى تقلُّب وجهك فى السماء"، "والله يرزق من يشاء بغير حساب"، "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم"، "الله ولىّ الذين آمنوا يُخْرِجهم من الظلمات إلى النور"، "قل: إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء"، "ولله ما فى السماوات وما فى الأرض، يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء"، "يُوصِيكم الله فى أولادكم: للذَّكَر مثل حظ الأُنْثَيَيْن"، "فأولئك يتوب الله عليهم"، "يريد الله أن يخفف عنكم"، "أولئك الذين يعلم الله ما فى قلوبهم"، "ويستفتونك فى النساء. قل: الله يفتيكم فيهن"، "لكنِ اللهُ يشهد بما أنزل إليك"، "يَهْدِى به الله من اتَّبع رضوانه سُبُل السلام"، "قد نعلم إنه لَيَحْزُنك الذى يقولون"- "لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح بن
(يُتْبَعُ)
(/)
مريم"، "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه"، "وقالت اليهود: يد الله مغلولة"، "فقد كذَّبوا بالحق لما جاءهم"، "انظر كيف كذَبوا على أنفسهم"، "وَذَرِ الذين اتخذوا دينهم لهوًا ولَعِبًا وغَرَّتْهم الحياة الدنيا"، "وما قَدَروا الله حَقَّ قَدْره"، "وجعلوا لله شركاءَ الجِنَّ" ... إلخ إن كان لذلك من آخر.
لكنك، يا بروفيسير، لا بضاعة علمية لديك ذات قيمة. إنما هى الحذلقة والانتفاش بما تظن أنه عندك من العلم
الخطير العميق، وما هو بعميق ولا خطير.
ومما قاله سيادته أيضا فى تحليله للسورة إن أداة التعريف "أل" التى تكررت فى قوله تعالى: "اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمتَ عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" تدل على أن "هذه التراكيب هى عبارة عن مفاهيم أو أصناف أشخاص محدَّدين بدقة من قِبَل المتكلم وقابلين للتحديد من قِبَل المخاطب عندما يصبح بدوره قائلا أو متكلما" (ص 127).
ويزيد تابعُه " ... " الأمرَ بيانا فيعلّق فى الهامش قائلا إن "المقصود بذلك أن كلمة "المغضوب عليهم" أو "الضالين" تدل على أشخاص محدَّدين بدقة فى مكة، وكانوا معادين للرسالة الجديدة، ولذلك دُعُوا بـ"المغضوب عليهم"
و"الضالين".
ولكن القرآن لا يحدد أسماءهم، وإنما يترك الصياغة عامة شمولية تنطبق على أعداء هذا الدين فى كل زمان ومكان، مع أن المفسرين لا يذكرون أبدا أن المقصود أحد من أهل مكة، فضلا عن أن يحددوا هذا "الأحد"، بل الموجود عادة فى كتب التفسير أنهم اليهود والنصارى، وإن كنت أفهم الكلام فى الآية على أنه عام لا يختص بقوم دون غيرهم.
ولو كان القرآن يقصد أشخاصا بأعيانهم كما يزعم بروفيسيرنا لجاء تعبيره مختلفا مثلما هو الحال فى قوله تعالى: "عبس وتولَّى* أنْ جاءه الأعمى"، "أفرأيتَ الذى تولَّى* وأَعْطَى قليلا وأَكْدَى؟ * أعنده علم الغيب فهو يَرَى؟ "، "ذَرْنِى ومن خلقتُ وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * ومهَّدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد "، حيث يدل السياق الحكائى والتعبير اللغوى على أن الكلام يدور على شخص بعينه وليس كلاما عاما.
أى أنه ليس فى أسباب النزول الخاصة بالسورة ولا فى طريقة التعبير فيها ما يمكن أن يفهم منه أن المقصود بـ"الضالين" و"المغضوب عليهم" أشخاص معينون من أهل مكة، وبخاصة أن "فاتحة الكتاب" هى النص القرآنى الوحيد الذى يجب الصلاة به، وفى كل ركعة منها لا فى واحدة وكفى، ولا تصحّ الصلاة من دونه، فلا يعقل أن يكون مدارها على شخص أو أشخاص بأعيانهم.
وهكذا ترَوْن، أيها القراء، كيف أن الرجل الذى يقلل من شأن النحو واللغة فى عملية التفسير القرآنى كما رأينا، لم يستطع أن يتجاهل فيما يسميه: "تحليل الخطاب القرآنى" اللغة ولا النحو، لكن دون أن يستطيع الاستفادة منهما للأسف.
ليس هذا فحسب، بل ثمة ارتباك واضطراب فى استعمال المصطلحات النحوية واضحان، وهو ما يؤكد ما قلناه مرارا عن قلة بضاعة البروفيسير من العلم بالموضوع الذى تصدى له رغم أنه هو الميدان الذى تخصص فيه وأصبح أستاذا.
وهذا كل ما يقدمه لنا الدكتور أركون من خلال ما يسميه: "تحليل الخطاب الدينى"، وهو لا يشفى غليلا ولا يزيد القارئ علما بشىء فى السورة، فلا رجوع لأسباب النزول ولا تعمق فى تحليل دلالات الاختيارات المعجمية أو الصيغ الصرفية أو التراكيب النحوية التى رُوعِيَتْ فى كلمات السورة وبناء جملها وما فيها من تقديم وتأخير وحذف وذكر وتكرير وما إلى ذلك، ولا التفات لما تريد السورة أن تغرسه فى عقل المسلم وقلبه من عقائد ومشاعر ومفاهيم مما تعج به كتب التفسير، التى لا تعرف هذه البهلوانيات الألسنية الضحلة، ويعمل الأستاذ الدكتور عبثا على التقليل من شأنها.
إن ما نطالبه به هو من الأمور الصعبة التى تحتاج إلى صبر وجِدّ، ولا يصلح فيها التنفج الكاذب، ومن هنا ينصرف عنها النابتة الجديدة الذين يُسَمَّوْن بـ"الكتاب الحداثيين" ممن يقبلون بغَشْم على نصوص الأدب والقرآن فيعيثون فيها فسادا كما يفعل الثور الهائج حين يقتحم محلا لبيع تحف الخزف، فهو يدوسها بأظلافه وينطحها بقرونه لأنه لا يدرك قيمتها!
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا المتنطس الذى لا يعجبه المنهج الذى يتبعه المفسرون المسلمون والذى يستعينون فيه، ضمن ما يستعينون، بالنحو والصرف والبلاغة، يغرق فى شبر ماء أمام كلمة " أَمْ " الواردة فى الآية التاسعة من السورة الثانية التى يريد تحليلها على منهجه (أو "بروتوكوله" حسب تعبيره، وكأننا بصدد تشريفات ملكية)، وهى سورة "الكهف" فلا يجد إلا ما يقوله الجاهل ريجى بلاشير (الذى أعماه الله سبحانه فى أخريات حياته حتى يكون عَمَاه من العَمَى الحيسى ويجمع بين عمى البصيرة والبصر)، فيردده فرحا به كأنه وقع على كنزٍ شماتةً منه بالقرآن، وكان الأحرى به بدلا من هذا أن يشعر بالخجل لأنه دائم التنفج فى كتاباته بأن منهجه الجديد (الذى هو آخر صيحة فى عالم الأزياء التحليلية) يختلف عن منهج المستشرقين السابقين البالى. إلا أن الكيد للإسلام يستحق أن يلحس أركون كلامه وتنفجاته وينسى ما صدع رؤوسنا به فى كثير من كتاباته ويجرى وراء المستشرقين الذين كانوا لا يعجبونه مرددا كلامهم.
فماذا قال بلاشير وردده وراءه أركون دون أن يتمعن فيه؟
قال بلاشير إن "أَمْ" هذه لا تستعمل إلا للتناوب أو المفاضلة بين شيئين، لكن الملاحَظ أنها فى آيتنا هذه لا يسبقها شىء يمكن أن يشكّل الطرف الآخر فى عملية التناوب، ومن ثم فإن الآيات قد تعرضت لعملية تلاعب، وهذا التلاعب يدل عليه غياب الطرف الآخر للتناوب (ص 148).
يقصد أن "أم" فى قولنا مثلا: " أتأكل تفاحا أم كمثرى؟ " هى للمناوبة بين هاتين الفاكهتين اللتين ينبغى أن تختار واحدة منهما فقط.
لكن فات بلاشير ومقلده أن " أم " لا تنحصر فى هذه الوظيفة، بل لها عدة وظائف: ففى قوله تعالى: "سواء عليهم أأنذرتَهم أم لم تُنْذِرهم: لا يؤمنون" نراها تدل على أنه لا فائدة فى هذا أو ذاك، فالنتيجة واحدة فى الحالتين. أما فى قولنا: " أزيد عندك أم عمرو؟ " فتدل على الرغبة فى تحديد الموجود من الشخصين. وتسمى "أم" فى هذين التركيبين: "أم المتصلة"، لأنها متصلة بما قبلها، وهذا ما ظن بلاشير ومقلده أنه كل مهمتها.
لكنهما قد فاتهما (أو بالأحرى: "فات بلاشير وحده" لأن أركون هنا إنما هو مجرد مردِّد لما قاله بلاشير دون تمعن، فينبغى ألا يُحْسَب له حساب) فات بلاشير أن هناك "أم" أخرى هى "أم المنقطعة" التى ليس للاسم الذى بعدها مناوبٌ قبلها، بل تنشئ كلاما جديدا كما هو الحال فى الآية محور الكلام، ونصها: "أم حَسِبْتَ أن أصحاب الكهف والرَّقِيم كانوا من آياتنا عَجَبا؟ "، والتى يقول المفسرون إن معناها هنا "بل أ ... ؟ "، وإن كانت تأتى أحيانا بمعنى "بل" فقط دون همزة كما فى قوله تعالى: "فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا؟ " (النساء/109).
وأنا أضيف حالتين أُخْرَيَيْن: أولاهما تأتى فيها "أم" للمناوبة بين طرفين، لكن الطرف الأول لا يُذْكَر، بل يُفْهَم ضمنيا من الكلام السابق، كما فى قول أحدنا مثلا: "رأيى أن تأخذ فلانا باللين والهوادة وأن تصبر عليه طويلا، ولسوف يَصْلُح حاله بهذا الأسلوب إن شاء الله. أم لك رأى آخر؟ ". والمعنى: "أتوافقنى على رأيى هذا أم إن لك رأيا آخر؟ "، إلا أن عبارة "أتوافقنى على رأيى هذا " ليست مذكورة فى الكلام كما هو واضح، بل تُفْهَم فهمًا من السياق.
والأخرى بمعنى: " أَتُراك ... ؟ "، وهذا المعنى الأخير لا يكون إلا فى بعض حالاتِ مجيئها منقطعة، وأنا أفهم الآية على هذا المعنى.
ومع ذلك كله لقد كان ينبغى على بلاشير ومقلده ألاّ يُطَنْطِنا بهذا الذى طَنْطَنَا به، فالنبى الذى جاء بالقرآن (أو "اخترعه" كما يقول من لا يؤمنون بنبوته عليه السلام) عربى، ومن ثم فإن ما يقوله هو الصواب لا ما يُرْجِف به هؤلاء الأعاجم.
وحتى لو قلنا إن المسلمين قد غيَّروا فى القرآن من بعده صلى الله عليه وسلم، فالذين غيروا فيه هم أيضا عرب، ومن ثم فما يقولونه هو الصواب.
أليس هذا ما يمليه المنطق؟
لكن القوم، حين يتعلق الأمر بالإسلام والقرآن، لا يهتمون بمنطق ولا عقل، بل تشغلهم أحقادهم وتُذْهِلهم عن كل شىء!
وهذا الاستعمال قد تكرر فى القرآن كثيرا جدا بحيث لا يمكن، مهما تسامحنا مع الببغاوات، أن نظن أنه خطأ فى كل هذه المواضع! اللهم إلا أن يكون العرب والمسلمون من الجهل والبلادة فى لغتهم بدرجة ليس لها نظير فى التاريخ!
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد رجعتُ إلى كتاب النحو الذى وضعه بلاشير (بمشاركة جودفروا ديمومبين) لطلاب الاستشراق فوجدتهما لا يذكران من "أم" إلا المتصلة، وهى التى سبقتها همزة، سواء كاتت همزة استفهام أو همزة تسوية، كما فى المثالين اللذين ضربتهما قبل قليل ( Grammaire de L Arabe Classique, Maisonneuve et Larose, Paris, 1966, PP. 218, 469 ) , فهذه كل بضاعة النحو عند هذا المستشرق، وذلك هو السر فى الخبط الجاهل الذى تناول به الآية وزعم أنه قد سقط قبلها كلامٌ جرّاءَ العَبَث الذى وقع فى القرآن بعد وفاة النبى عليه السلام.
وعلى أية حال هأنذا أورد العينة التالية من الشواهد القرآنبة على ذلك الاستعمال لمن يريد أن يطمئن على هذا الذى نقول:
"أم حسِبْتم أن تدخلوا الجنة ولَمّا يأتكم مَثَلُ الذين خَلَوْا مِنْ قبلكم؟ " (البقرة/ 214، ومثلها كل الآيات التى تبتدئ بعبارة "أم حسبـ (ـتَ/ تم)) ")، "أم يقولون: افتراه؟ " (يونس/ 38، وهود/ 35 مرتين، والسجدة/ 3، والأحقاف/ 8)، "أم اتخذ مما يخلق بناتٍ وأَصْفاكم بالبنين؟ " (الزخرف/ 16)، "ما لكم؟ كيف تحكمون؟ * أم لكم كتاب فيه تَدْرُسون؟ " (القلم/ 37). ومن يُرِدْ شواهد أخرى من القرآن فبمكنته أن يراجع المواضع التالية: البقرة/ 133، والنساء/ 53، والرعد/ 33، والأنبياء/ 21، 24، 43، والنمل/ 20، وفاطر/ 40، والصافات/ 156، وص/ 9، والزمر/ 43، والشورى/ 9، 21، 24، والأحقاف/ 4، ومحمد/ 29، والطور/ 30، والملك/ 20، والقلم/37.
ومثلُ "لم" فى هذا استخدامُ القرآن للظرف "إذ" فى أول الكثير من قصصه دون أن يسبقه كلام، وهو ما لا أذكر أنى رأيته خارج القرآن شعرًا أو نثرا. وهذه الـ"إذ" يقابلها قولنا حين نريد أن نحكى لأحدٍ حكاية: "كان يا ما كان" أو "يحكى أن" أو "حدث ذات مرة" أو ما إلى ذلك. ويقول المفسرون بأن معناها: "اذكر"، وهو معنى لا يذهب بعيدا عما قلناه.
فهل يصح أن يأتى من يتحامق قائلا إن هذا استعمال خاطئ، وإنه يدل على أنه كان ههنا كلام، ثم حُذِف؟
لكن أين ذهب؟ ألعله أكلته القطة؟
كذلك يقف أركون يفرك يديه ابتهاجا ساذجا إزاء قوله تعالى فى الآية الخامسة والعشرين من السورة ذاتها عن المدة التى بقيها أصحاب الكهف فى كهفهم فى رأى رواة حكايتهم: "ولبثوا فى كهفهم ثلاثَمائةٍ سنين وازدادوا تسعا"، وَهْمًا منه، وممن يردد كلامهم بعَبَله دون أن يتوقف ليتثبت منه قبل ترديده، أن فيها شذوذا لغويا، إذ كان ينبغى أن يكون الكلام فى رأيهم هكذا: "ثلاثَمائة ِسنةٍ" لا "ثلاثمائةٍ سنين"، وهو ما يرتبون عليه افتراض "العديد من الافتراضات حول شروط أو ظروف تثبيت النص" كما يقول بلاشير (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 148).
ثم يضيف الدرويش فى الهامش قائلا إن "النقد الفيلولوجى يكشف عن أشياء مذهلة ويطرح تساؤلات عديدة، ولكن من دون أن يستطيع القطع بشىء".
يقصد أن منهج المستشرقين السابقين لم يكن يساعدهم على الاستفادة من النتائج التى يتوصلون إليها، بخلاف أركون ومنهجه الذى يسوِّل له أن يطير بكل شبهة سخيفة مطنطنا بها ومخطِّئا القرآن دون تبصر أو مراجعة!
ترى هل من المنهج العلمى أن يطير الباحث مع أوهامه دون أن يراجع نفسه لعله قد أخطأ أو تسرَّع أو سَهَا أو فاتته أشياء يجهلها؟
لماذا كلما كان الأمر ينصبّ فى ناحية الإساءة للقرآن والتشكيك فيه نرى أستاذك يفقد حذره ووسوساته التى يفلقنا بها دائما عندما تكون الوقائع كلها فى صف النص القرآنى؟
فمثلا معروف بين العالمين جميعا أن حرص المسلمين على قراءة القرآن فى الصلاة وخارج الصلاة يتعبدون به ويتقربون إلى الله منذ بداية نزوله حتى الآن كان له دور عظيم فى الحفاظ على النص القرآنى فى الذاكرة المسلمة، والدكتور محمد أركون لا يمارى فى ذلك، إذ يقول: "إن الاستخدام الطقسى أو الشعائرى للنص القرآنى ساهم بالتأكيد وبشكل مبكر فى تثبيته" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 155/ هـ1).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويحسب القارئ المسكين أنه لا خلاف إذن بينه وبين الكاتب، بيد أن البروفيسير لا يعطيه فرصة للاستمتاع بهذا الوهم، إذ سرعان ما يسدد ضربة غير قانونية إلى فكه قائلا: "لكن لهذا الاستخدام بالذات تاريخ لا نعرفه، بمعنى أننا لا نعرف متى بدأ المسلمون يستخدمون النص القرآنى كنص عبادى فى الصلوات والطقوس، ولا كيف تطور ذلك على مدار التاريخ " (نفس المرجع والصفحة والهامش).
ترى هل يُعْقَل أن أركون يجهل منذ متى شرع المسلمون فى قراءة القرآن فى صلواتهم وعبادتهم؟
إن قراءة القرآن هى فى حد ذاتها عبادة وقربى إلى الله، وهو ما يعنى، لهذا السبب على الأقل، أنها قد بدأت منذ اللحظة الأولى لنزوله.
لكن الدكتور أركون لا يستطيع إلا أن يكون تلميذا وفيًّا لذلك الصنف من المستشرقين الذين لا يتركون أى شىء فى الإسلام إلا ويشككون فيه: هكذا "لله فى لله".
ولنعد الآن لما كنا بسبيله، ولسوف أطرح عليه وعلى من ينقاد لهم دون تبصر أو تفكير عدة أسئلة لعلهم يحاولون الإجابة عليها فتتضح لهم على ضوء هذه المحاولة حقيقة الأمر، وإن كنت أشك فى ذلك كثيرا:
هل يظن المستشرقون أن من حقهم، وهم الأعاجم، وبعد كل هذه القرون المتطاولة، أن يخطِّئوا أسلوب القرآن حتى لو قلنا معهم إن صاحبه هو محمدبن عبد الله؟!
أليس ما يقوله محمد هو الصواب الذى يُحْتَجّ به لا الخطأ الذى يُسْتَدْرَك على صاحبه؟
إن محمدا لا يختلف فى هذه الحالة عن أى شاعر أو خطيب جاهلى، فضلا عن أى أعرابى ممن كان العلماء يسعَوْن إلى البادية للالتقاء بهم وأخذ اللغة عنهم، فلماذا هو من دون العرب جميعا الذى ينبغى أن يكون مخطئا؟
الأن هذا التركيب وأمثاله لم ترد فى كتب النحو التى تُدْرَس فى المدارس؟
لكن متى كانت هذه الكتب تستوعب كل إمكانات اللغة العربية فى الجاهلية قبل أن تُقَنَّن القواعد على النحو الذى نعرفه فى كتب النحو والصرف الخاصة بتلاميذ المدارس؟
إن القرآن نفسه رغم كونه المثال الأعلى فى الفصاحة العربية لا يستوعب هذه الإمكانات، فكيف يفكر أحد فى محاكمته إلى كتب الطلاب الصغار الذين أُريد الابتعاد بهم عن كل ما يخرج عن القوالب البسيطة المباشرة ولا يعرفون من هذه الإمكانات إلا أقل القليل؟
إن هذا لأشبه بمن يريد نَطْل البحر بكستبان إبرة!
على أن ليس معنى كلامى هذا أننى أغضّ الطرف على التشكيك فى مصدر القرآن الإلهى، بل كل ما أريد قوله أن الحجة التى يستند إليها من يقصد التشكيك فى هذا المصدر هى حجة داحضة لا تثبت على محكّ النقد على الإطلاق، ومن ثم فالاستناد إليها للتشكيك فى إلاهية المصدر القرآنى استناد إلى حائط مائل كما نقول فى مصر.
أما إيمان أمثال هؤلاء أو كفرهم فلا يعنينى، فلست موكلا بالقلوب أهديها. إنما أنا واحد من أهل العلم مقتنع بأن هذا القرآن هو من عند الله، ولهذا أرى أنه لا بد من وقف هذه الهجمات الجَراديّة الحمقاء، بالمنطق طبعا والحجة والتدقيق فى الكلام والاستشهاد بالنصوص على الوجه المستقيم ... إلخ.
ولقد غَبَرَ علىّ زمان كنت أسارع فيه إلى تخطئة أىّ أسلوب لا يجرى على القواعد كما درسناها فى المدارس، وإلى الاعتراض على أية كلمة لا أجدها فى المعجم الصغير الذى لم أكن أملك غيره فى شبابى الأول. لكنى كلما كَبِرْتُ واسْتَحْصَدَتْ معارفى واتسع أفقى اللغوى تبين لى أن الأمور ليست كما كنت أظن، وأن اللغة بحرٌ هدّارٌ لا يستطيع السباحة فيه كل من هب ودب، وإلا فعلينا أن نخطّئ معظم الشعراء العرب الأقدمين، إن لم يكن كلهم، لأنهم لا يجرون دائما على قواعد النحو والصرف كما ندرسها فى المدارس، وهو ما لا يقول به أى عاقل، بل الحاقدون الموتورون وحدهم!
وفى الكتب التى تُعْنَى بالصحة اللغوية كثير من الأقاويل التى شاعت وذاعت على غير أساس، ومع هذا يرددها الخلف عن السلف كأنها "قرآن منزل" (أكاد أضحك الآن على هذا التشبيه بعد أن ظهر لنا أمثال بلاشير وأركون وجماعات المبشرين الذين يتطاولون على القرآن ويخطّئونه).
(يُتْبَعُ)
(/)
لنأخذ مثلا تأكيدهم أن تكرار كلمةِ " بين " مع اسمين ظاهرين خطأ، فلا يصح أن نقول: "بين عمر وبين أحمد" بل لا بد أن نقول: "بين عمر وأحمد"، بخلاف ما لو كان أحد طرفَىِ البينيّة أو كلاهما ضميرا مثل: "بين محمد وبينى" أو "بينى وبينه"، مع أن العبد لله قد استطاع أن يضع يده قبل عدة أعوام على نحو ثلاثين شاهدا من عصور الاحتجاج اللغوى لتكرار "بين" مع اسمين ظاهرين أوردتُها فى كتابى "من ذخائر المكتبة العربية" فى آخر الفصل الخاص بكتاب "معجم البلدان" لياقوت الحموى، غير ماعثرت عليه بعد ذلك.
كما ثارت بينى وبين زميل لى أحبه وأقدر علمه مناقشةٌ منذ وقت ليس بالبعيد حول مدى الصحة فى مجىء فعلِ" كلما" أو جوابِها مضارعا، وأردت أن أتثبت بنفسى من صواب رأى من يرفضون هذا ويلحّون على أنه لا بد أن يكون فعل هذه الأداة وجوابها كلاهما ماضيا، فإذا بى أجد نحو اثنى عشر شاهدا من الشعر القديم يستعمل فيها أصحابها فعلَ "كلما" وجوابَها مضارعا، وفى الحال تراجع الزميل الكريم عن موقفه الذى كنت فى البداية أكثر ميلا إليه تبعا لما كننت أسمع من تخطئة من يخالفونه.
ومثل ذلك ما كنت قد قرأته فى مطلع شبابى عند بنت الشاطئ من أنه لا يصح أن نقول: "قد لا يأتى محمد"، بإدخال "لا" على "قد"، بل لا بد من استعمال "ربما" بدلا من "قد" فى حالة النفى، وإبقاء "قد" للإثبات فقط. ثم تبين لى فيما بعد أن من العرب القدماء من كان يجمع بين "لا" و"قد".
إن السبب فى هذه المسارعة إلى التخطئة هو الظن بأننا قد أحطنا باللغة خُبْرا، على حين أن معرفتنا بها ليست بهذه الإحاطة التى يتصورها بعضنا، وقد كنت أنا من هؤلاء البعض يوما. أما الآن، وبعد انتشار الموسوعات والمعاجم الألكترونية، فقد أصبح من السهل علينا أن نعرف فى ثوانٍ قلائل ما كان أجدادنا ينفقون فى تحصيله الشهور، وربما السنين أيضا، وإن لم ينقص هذا من قدرهم، فقد كانوا عباقرة رغم ذلك!
هل هذا كل شىء؟
لا، فما زلنا فى بداية الكلام، فالصَّبْرَ الصَّبْرَ أيها القارئ لترى بنفسك السخف الشيطانى الصبيانى الذى يتعامل به أعداء القرآن مع هذا الكتاب العظيم يظنون أنهم قادرون على أن يطفئوا نور الشمس بنَفَسٍ من أنفاسهم الواهنة المنتنة.
معروف أن اللغة العربية، بسبب من إعرابها الذى يحاربه هذه الأيام بعض من يكرهونها ولا يستطيعون أن يرَوْا بهاء محاسنها للرَّمَد الذى فى عيونهم، يعطيها مرونة عالية فى تركيب العبارة، إذ مهما قدّمنا أو أخرنا أو حذفنا فإن الإعراب يُسَهِّل التعرف على وظيفة الكلمة رغم ذلك فى معظم الأحيان، وهو ما لا يتوفر للّغات الأخرى بوجه عام.
إن بلاشير، وأركون من ورائه، يتصوران أن اللغة العربية لا تعرف إلا وضعا واحدا لكل حالة من حالات التمييز، ومن هنا فإنهم لا يتخيلون أن من الممكن أن يجىء تركيب الكلام فى تمييز "ثلاثمائة" وأمثالها إلا هكذا: "ثلاثمائةِ سنةٍ، ستمائةِ امرأةٍ، تسعمائةِ كتابٍ" بإفراد التمييز وخفضه على الإضافة كما ترى.
لكن هذا، وإن كان هو ما يعرف التلاميذ، ليس كل شىء، إذ كان العرب أيضا يجمعون المعدود فى هذه الحالة مع الإضافة أو قطعها، وإن لم يشتهر الجمعُ اشتهار الإفراد.
وما دام هذا الاستعمال قد ورد فى القرآن فمعنى ذلك أنه صحيح، حتى لو كان محمد هو مؤلف القرآن، بل حتى لو قلنا إن القرآن قد تعرض لتدخل من العرب بعد وفاة الرسول حسبما يزعم الزاعمون السخفاء مثلما سبق أن شرحنا.
إن القول بغير هذا هو العَتَه بعينه، ولا يمكن أن يقال فى حق أية لغة أخرى فى العالم، إلا أن الحقد المجنون يريد أن يلغى لنا عقولنا فنردد حماقاته دون تبصر، والعياذ بالله!
وفى المثال الذى نحن بصدده من سورة "الكهف" يمكننا أن نركِّب الكلام على أكثر من وضع فنقول: "ثلاثَمائةِ سنةٍ، ثلاثَمائةٍ من السنين، سنين ثلاثَمائةٍ، ثلاثمائةِ سنين، ثلاثمائةٍ سنين، ثلاثَ مئاتٍ من السنين، ثلاثَ مئين من السنين، مئين ثلاثًا من السنين، مئاتٍ ثلاثًا من السنين، ثلاثًا من مئات السنين"، ولكلٍّ نكهتها وظلالها الإيحائية.
وأحب أن أقف عند التركيب الذى ظن بلاشير ومقلّده أركون أنه هو وحده لا سواه التركيب الصحيح، ثم أُقَفِّىَ بالكلام عن التركيب الذى اعترضا عليه، أو بالأحرى اعترض عليه بلاشير فاعترض معه آليا د. أركون.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأما التركيب المعتاد فهو يشير إلى "عدد الثلاثمائة" وأنه سنون، والخطاب فيه موجَّه إلى من لا يرى فى العدد ولا فى تمييزه ما يدعو إلى الاستغراب أو الاستنكار. ولذلك فنحن نستخدم هذا التركيب عادة عندما لا نريد أن نعبر عن أى شىء آخر غير هذا المعنى العام. أما إن كان المخاطَب متشككا فيما نقوله له أو يستهوله، كأن يستبعد أن يكون العدد ثلاثمائة أو أن يكون التمييز سنوات لا أياما مثلا، فعندئذ يكون هناك موضع للتركيب القرآنى، فكأن المتكلم يريد أن يقول: نعم، العدد ثلاثمائة، وهذه الثلاثمائة هى سنوات لا أيام ولا أسابيع ولا حتى شهور. إنها سنوات " كلّ سنةٍ تنطح الأخرى" بالتعبير المصرى الدارج. فـ"سنين" فى هذا التركيب الأخير هى بدل من "الثلاثمائة"، أى أن السنين ليست مجرد تمييز لها، بل هى الثلاثمائة نفسها عدًّا وإحصاءً.
إن المفسرين ومُعْرِبى القرآن لا يتوقفون طويلا أمام هذا التركيب لأنهم ببساطة لا يجدون فيه شيئا، بخلاف الذين لا علم لديهم ويعترضون على ما يجهلون، فهم يعملون من الحبة قبة! أما أنا فلم أشأ أن أردد فقط ما قاله النحويون فى إعراب الآية، بل أردت أن أضيف لما يقولون ما لعله يكشف شيئا مما وراء ظاهر التعبير من أسرار النفس وأغراض البلاغة.
ومثل هذا القلب الذى يقابلنا فى هذه الجملة (إذ هى فى الواقع محولة عن "سنين ثلاثمائة" لا عن "ثلاثمائة سنة") له نظائر فى اللغة كثيرة، فنحن نقول مثلا: "ضُرُوبًا من المنى، وأفانينَ من اللذات" على حين يقول ابن زيدون فى نونيته العبقرية: "مُنًى ضُروبًا ولذّاتٍ أفانينا" فيضفى على العبارة العادية حيوية مدهشة لم تكن لها. كما أننا نقول: "عدةَ سنوات" و"سنواتٍ عدة"، وفى هذه ما ليس فى تلك: فالأولى تعنى "عددا من السنوات"، أما الأخرى فتعنى "عددا كبيرا من هذه السنين" ... وهكذا.
ومرة أخرى: هل هذا كل شىء؟
والجواب: كلا، فما زال هناك ما يقال مما يمكن أن يتعلم منه المستشرقون وصبيانهم لا لأنى أذكى منهم أو أكثر علما، وإن كان هذا جائزا، فلست بالذى يعمل فى هذا المقام على أن يبخس نفسه حقها، ولكن لأنى أبذل كل ما لدىّ من جهد رغم أنى فى الظروف التى أنا فيها الآن لا أملك من المراجع ولا أدوات البحث ما يجده هؤلاء تحت أيديهم، فضلا عما أُحِسُّه فى أعماق ضميرى من الرغبة الحارقة المخلصة للوصول إلى برد اليقين.
وعلى هذا فقد أخذت أنقّب بحثًا عن شواهد من خارج القرآن توضح ما أقول، لا لأنى أرى أن القرآن يحتاج لما يعضده (فقد شرحت كيف أن القرآن، حتى لو قلنا إن محمدا هو مؤلفه ... إلخ، لا يمكن أن يكون محل شك عند من له مُسْكة من عقل)، بل لمزيد من التوضيح ونزولا إلى مستوى من نناقشهم. فقد قرأنا مثلا أن والدة الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لم تكن تطمئن إلى ما يفتيها به، إذ كانت رغم كل شىء تنظر إليه على أنه ابنها لا ذلك العالم العملاق، فكانت تقصد أحد تلاميذه ممن تظن أن عنده من العلم ما ليس عند ابنها، وكان هذا يحرج التلميذ إحراجا شديدا. وهو نفسه ما يقاسيه بعضنا عندما يسألنا أحد أولادنا فى المرحلة الابتدائية أو الإعدادية مثلا عن شىء فى تخصصنا فنجيبه بما لم يسمع به فى المدرسة، فينظر إلينا فى تشكك ويأبى أن يقتنع ظنًّا منه أن الكتاب المدرسى والمدرس الذى يدخل عليهم الفصل فيقومون قياما على أمشاط أرجلهم وهم صامتون لدرجة أنك لو رميت الإبرة لَرَنَّتْ لا يمكن أن يخطئا، بل المخطئ هو بابا الذى يراه فى مباذله فى البيت أمامه ليلا ونهارا، ولا يوجب له نظامُ المنزل أن ينتصب له عند دخوله عليه واقفا أو يصمت فلا يتكلم.
وعلى ذلك فإننى أسوق الشواهد الشعرية التالية التى جاء فيها المعدود مجموعا لا مفردا، أو مقطوعا لا متصلا، أو الاثنين كليهما، فمن ذلك قول علقمة الفحل:
فكان فيها ما أتاك وفى .. .. .. .. .. تسعين أسرى مقرنين وصفد
وقول عمرو بن كلثوم:
رددت على عمرو بن قيس قلادة .. .. .. .. .. ثمانين سُودًا من ذُرَى جبل الهضب
وقول ربيعة بن ضبع الفزارى:
إذا عاش الفتى مائتين عامًا .. .. .. .. .. فقد ذهب اللذاذة والفتاءُ
وقول السيد الحِمْيَرى:
ثلاثة آلافٍ ملائك سلّموا .. .. .. .. .. عليه فأدناهم وحَيّا ورحَّبا
وقول أبان اللاحقى:
يُجْرِى على أولاده خمسةً .. .. .. .. .. أرغفةً كالريش طيارة
(يُتْبَعُ)
(/)
وقول ابن المعتز:
وأجّلونى خمسةً أياما .. .. .. .. .. وطوّقونى مثلكم إنعاما
وقول أبى العلاء المعرى:
يدٌ بخمس مئين عسجدًا وُدِيَتْ .. .. .. .. .. ما بالها قُطِعَتْ فى ربع دينارَ؟
وقول ابن أبى الحديد:
عام ثلاث ثم أربعينا .. .. .. .. .. من بعد ستمائةٍ سنينا
وقول إبراهيم الحضرمى:
وخمس مثين بعد خمسين درهما
وقول أحمد بن مأمون البلغشى:
من عام خمسة وأربعينا .. .. .. .. .. بعد ثلاث عشرةٍ مئينا
وقول أحمد بن على بن مشرف:
إلى ثلاثمائةٍ سنينا .. .. .. .. .. يخادعون الله والذينا
ومضِيًّا فى سياستى فى النزول على شرط الخصم وعقليته أُضِيفُ، إلى ما سبق، الشواهد التالية مما يسمَّى: "الكتاب المقدس". وقد يبدو ذلك غريبا، فلهذا أكرر هنا ما قلته من قبل من أننى أربأ بالقرآن أن يكون أى شىء آخر حاكما عليه، إلا أن المسألة لا تتعلق بى، بل بخصوم سخفاء لا يعجبهم العجب. لهذا رأيت أن أستشهد بالكتاب المقدس، فهو كتاب نصرانى كتبه نصارى، ومن ثم لا يمكن أن يقال إنهم يقلدون أسلوب القرآن أو يريدون الدفاع عنه.
جاء فى الترجمة الكاثوليكية التى راجعها ونقّح أسلوبها الأديب والعالم اللغوى الشهير الشيخ إبراهيم اليازجى، الذى كان يتشدد فى مسألة السلامة اللغوية تشددا مرهقا: "هذه عشائر القهاتيين بإحصاء كل ذكرٍ من ابن شهر فصاعدا ثمانية آلافٍ وستمائةٍ قائمون بحراسة القدس" (العدد/ 4/ 28)، "وإخوتهم ورؤوس بيوت آبائهم ألفٌ وسبعمائةٍ وستون جبابرةُ بأسٍ لعمل خدمة بيت الله" (أخبار الأيام الأول/ 9/ 13)، "ومن الحبرونيين حَشَبْيا وإخوتُه ألفٌ وسبعمائةٍ ذوو بأس" (أخبار الأيام الأول/ 26/ 30)، "وإخوته ألفان وسبعمائةٍ ذوو بأس" (أخبار الأيام الأول/ 26/ 32)، وفى الترجمة اليسوعية: "فجعل منهم سبعين ألف حمّالٍ وثمانين ألف قطّاعٍ على الجبل وثلاثة آلافٍ وكلاءَ لتشغيل الشعب" (أخبار الأيام الثانى/ 2/ 18).
والآن ماذا يا ترى يمكن أن يقول د. أركون؟ أيرى أنه يتبع فعلا منهجا علميا صارما ومتقشفا كما يلحّ ويكرر دون أن يمل حتى مللنا مللا شديدا من هذا التنفج الكاذب؟
إن الرجل لا يكلف نفسه أن يتعب قليلا للتثبت مما يرمينا به من كل مصيبة علمية وأختها. إنه ما إن يقع على أى شىء يحسب أن فيه إساءة للإسلام حتى يطير به فرحا، ولا أحب أن أصادر حقه فى هذا الفرح، فكل إنسان وما اختار لنفسه، لكنى أحب أن أُسِرّ إليه بنصيحة لعلها تنفعه إن أراد أن ينتصح وينتفع: ألا وهى التثبت مما يقول، ثم فليؤمن بعد ذلك بالقرآن ومحمد عليه السلام أو لا يؤمن، فهذه مسؤوليته هو.
والذى أغضبنى هنا ليس أنه لا يؤمن بإلاهية المصدر القرآنى، بل عدوانه الأثيم على الحقيقة العلمية دون أن يطرف له جفن!
على أن د. أركون لا يقف عند هذه النقطة، بل يضيف شيئا آخر يظن أنه يستطيع به أن يسىء إلى النص القرآنى، وهو الابتهاج بما صنعه بلاشير بالآيات من 9 إلى 25، إذ زعم هذا الـ"بلاشير" أن السورة قد خضعت لتحويرات أخرى بعد أن اكتشف أن الآيات المذكورة ينبغى أن يعاد النظر فى ترتيبها، بل إنه رتبها فعلا، فجعل مجموعة الآيات من 9 إلى 16 مضافًا إليها الآيتين 24 - 25، ومجموعة الآيات من 13 إلى 16 عبارة عن روايتين لشىء واحد، أى أنهما نصٌّ واحد أُورِدَ بروايتين مختلفتين. وهو ما يعنى أن إحدى المجموعتين زائدة لا لزوم لها ( Blachere, Le Coran, Librairie Orientale et Americaine, Paris, PP. 318-319, 1957 )
وهذه النسخة التى معى الآن من تلك الترجمة كانت تخص المستشرق البريطانى هاملتون جب، ثم انتقلت ملكيتها إلىّ فى يوليه 1982م. وقد وصلتنى اليوم صورة من صفحاتها التى تحتوى على نص ترجمة سورة "الكهف". ويجد القارئ كلام أركون فى ص 148 من كتابه "القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى").
من الذى أفتى لبلاشير بهذا؟
لا أحد بالطبع إلا شيطان السخف الاستشراقى الأثيم!
وهَبْه كان مقتنعا فعلا بهذا الذى يزعم، أولم يكن ينبغى أن يورد النص القرآنى كما هو بما وقع فيه من عبث أو اضطراب على حسب أوهامه، ثم فَلْيُعَلِّقْ فى الهامش بما يعنّ له؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن هذا ليس هو المراد، ولن يحقق له أهدافه الإبليسية، فالمقصود هو إيقاع الشك والارتياب فى النص القرآنى لإفقاده قدسيته وجلاله فيتعود القارئ التعامل معه على أنه نص عادى من النصوص التى يصنعها البشر بما يمكن أن يصيبه ما يصيب أى نص بشرى من عبث ونسيان وإضافة وحذف وتقديم وتأخير ... إلخ. وهذا الهدف لا يتم على الوجه الناجع إلا إذا تقدم أحدهم ونفذه على أرض الواقع، ولم يكتف بالكلام النظرى الذى لا يمكن أن يكون فى قوة التطبيق العملى. ومن هنا أراد بلاشير أن يكون هو "الفأر الزردوق" الذى يعلّق الجُلْجُل فى رقبة القط ويحصل له الشرف، شرف الإساءة إلى العلم والحق، بل إلى الشرف نفسه!
هذه هى حقيقة المسألة، ولا شىء غير ذلك، وما كل هذه الطنطنات الأركونية إلا ألاعيب صغيرة لا تنطلى على من يعرف هذه الأساليب الاستشراقية الخبيثة!
إن هذا الصنف من المستشرقين ليس له من عمل إلا التشكيك فى كل ما يتعلق بالإسلام والقرآن، حتى إنهم ليشككون مثلا فى نسب الرسول عليه السلام زاعمين أن "عبد الله" ليس أباه، بل هو مجرد اسم معناه: "إنسان" على اعتبار أن كل إنسان هو "عبد الله"، أى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له أب معروف، فلذلك قيل إنه ابن عبد من عباد الله، بما يعنى أنه "ابن رجل"، والسلام. أما مَنْ هذا الرجل؟ فلا أحد يعرف!
تالله إن من يقول هذا عن رسول الله إنما هو " مَرَة مِنْ ظَهْر مَرَة "!
(مع احترامى الشديد للجنس اللطيف الذى لايمكن أن يدور فى بالى الإساءة إليه بحال، بل هو مجرد تعبير مجازى مغروس فى "المخيال" الشعبى أستعين به لغرض فنى ولإتاحة الفرصة لنفسى كى أتفيهق أنا أيضا، ولو مرةً فى العمر، بكلمة "مخيال").
ومن هذا الوادى أيضا قول مستشرق آخر إن خطبة الجمعة كانت بعد ركعتَىِ الصلاة كما هو الحال فى صلاة العيدين، ثم أصبحتْ فى العصر الأموى قبلهما.
ومنه كذلك زَعْمُ ثالثٍ أن عبد الملك بن مروان قد بنى قبة الصخرة كى يستعيض بها الحجاج الأمويون عن الحج، الذى يستلزم الذهاب إلى الحجاز حيث يبسط ابن الزبير نفوذه، ومن ثم يمكنه أن يؤثر فى ولاء حجاج الشام إذا ذهبوا إلى هناك.
ومنه زَعْم هذا الأعمى البصر والبصيرة، متابعةً منه لكايتانى، أن "سدرة المنتهى" ليست شجرة سماوية، بل شجرة فى أطراف مكة، وأن "جنة المأوى" دارةٌ (فيللا) هناك.
ألا ما أعجب هذا العلم الخارج من أستاه المستشرقين!
هل من المعقول أن أى مستشرق تنبض فى استه فكرة ما تنغّص عليه توازنه وراحة باله لا يجد لها من حل إلا الافتراء على القرآن والزعم بأن هذه الآية أو تلك كان مكانها هناك، لكنها نُقِلت إلى هنا؟
وبالمناسبة فإن ما يقوله بلاشير، ويردده خلفه أركون، ليس له أى أساس من الصحة، لكنها السخافة الاستشراقية التى يدَّعى أركون أن منهجه يتخطاها، ثم يتضح أنه ليس إلا تقليدا لها!
وهاتان هما المجموعتان المشار إليهما من آيات سورة "الكهف"، أضعهما تحت بصر القارئ كى يرى بنفسه الرقاعة الاستشراقية:
"أم حسبتَ أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا؟ /9* إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا: ربنا، آتنا من لدك رحمة وهَئِّ لنا من أمرنا رشدا/10* فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عددا/11* ثم بعثناهم لنعلم أىُّ الحزبين أَحْصَى لما لبثوا أمدا/12* ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعا/ 24* قل: الله أعلم بما لبثوا. له غيب السماوات والأرض. أَبْصِرْ به وأَسْمِعْ! ما لهم من دونه من ولىٍّ، ولا يشرك فى حكمه أحدا/25" (مج 1)
"نحن نقصّ عليك نبأهم بالحق. إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى/13* وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا: ربُّنا ربُّ السماوات والأرض. لن ندعو من دونه إلها. لقد قلنا إذن شططا/14* هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة. لولا يأتون عليهم بسلطانٍ بيِّن؟ فمن أَظْلَمُ ممن افترى على الله كذبا؟ /15* وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فَأْوُوا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهئِّ لكم من أمركم مِرْفَقا/16" (مج2).
والآن أيمكن أن يكون لهذا الكلام التافه أية قيمة؟ أويمكن أن المجموعتين كانتا، كما يفترى هذا الأعجمى الخبيث، نصًّا واحدًا لكنه ورد بروايتين مختلفتين؟
ومع ذلك فإن أركون يبتهج به ويشمت رافعا ذيله تيهًا وعُجْبًا!
(يُتْبَعُ)
(/)
إن كلا من النصين يتناول الموضوع من زاوية مختلفة ويورد تفاصيل مختلفة عما ينظر منه ويورده الآخر، وهذا من الوضوح بمكان إلا بالنسبة لمن أعمى الله قلبه وجعل على بصره غشاوة، فهو لا يهتدى للحق سبيلا!
وبالنسبة للقصص الثلاث التى تحتوى عليها سورة "الكهف" يقول أركون إنها "مغروسة عميقا فى الذاكرة الجماعية العتيقة للشرق الأوسط" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 151)، ومعنى هذا، مرة أخرى، أن القرآن ليس إلا النتاج المخيالى للبيئة التى ظهر فيها على عكس ما يتوهم المفسرون التقليديون الذين يرى سيادته أن منهجهم لا يصلح لتناول القرآن (ص153، 154 - 155، 162).
وهذا تدليس علمى على أخيب طراز.
لماذا؟
لأن القرآن لم يورد هذه القصص الثلاث ابتداءً، بل أوردها ردًّا على التحدى الذى وجهه كفار قريش إلى الرسول بناءً على تحريض من أحبار اليهود، الذين قالوا لهم إن بإمكانهم أن يحرجوه بسؤاله عن أبطالها، على اعتبار أنه لن يعرف كيف يجيب على هذا التحدى، إذ لا علم له بهذه القصص الثلاث.
فما معنى هذا؟
معناه أن أحبار اليهود كانوا متأكدين أن محمدا ليس عنده أى علم بهؤلاء الأشخاص، وأن قريشا نفسها لم تكن على علم بهم، وإلا لقالوا لليهود إن ذلك من تراثنا، ومن ثم فسوف يكون بمستطاع محمد الإجابة على السؤال فلا يحصل المراد من التحدى، ألا وهو تكذيبه فى قوله إنه يتلقى الوحى من السماء. أليس هذا هو ما يُفْهَم بكل جلاء من التحدى؟
ثم ينبغى ألا يفوتنا أن الوفد القرشى الذى ذهب إلى يثرب لمقابلة أحبار اليهود فى هذا الشأن كان مكونا من النضر بن الحارث وعقبة بن أبى معيط، أو على الأقل كان النضر وعقبة على رأسه، وهذا موجود فى النص الذى نقله د. أركون عن الطبرى (ص157). ونحن نعرف أن النضر كان يتهم الرسول بأنه إنما يقص فى قرآنه أساطير الأولين، وعلى هذا فإن النضر لا بد أن يكون حريصا على ألا تكون الأسئلة التى يعود بها من يثرب هى من أساطير الأولين التى يمكن أن تطولها يد محمد.
أما قول أركون إن هذه الحكايات الثلاث كانت مغروسة بعمق فى الذاكرة الجماعية العتيقة لشعوب الشرق الأوسط، فهو كلام فارغٌ أفرغُ من فؤاد أم موسى!
لو كان ما يزعمه أركون صحيحا ما فكر أحبار اليهود الخبثاء أن يحرّضوا قريشا على تحدى الرسول بهذا السؤال، فالإنسان لا يقدم على مثل هذا التحدى الخطير إلا وهو موقن أن الخصم لن ينجح فى الجواب. أليس ذلك كذلك يا بروفيسير؟
وهب أن هذه النقطة قد فاتت اليهود، وهم أخبث أهل الأرض فلا يمكن أن تفوتهم، أفكانت تفوت مشركى قريش؟
وعندنا أيضا الشعر الجاهلى، وهو يخلو من الإشارة إلى أى من الحكايات الثلاث.
ثم كيف نفسر تحير المفسرين فى شرح معنى "الرقيم"، وفى تحديد مكان الكهف، وفى معرفة الشخصية الحقيقية للعبد الصالح بل لموسى نفسه، وفى التعرف على مواضع البلاد التى بلغها ذو القرنين والأقوام الذين قابلهم ... إلخ؟
كل هذا يجعلنا نلقى بنظرية "المخيال الجماعى" أو "الذاكرة الجماعية لشعوب الشرق الأوسط" فى القُمَامة، وضمائرنا مطمئنة.
على أن د. أركون، عندما يدَّعِى أن محمدا قد استمد هذه القصص الثلاث من تراث البيئة التى ينتمى إليها، إنما يردد هنا أيضا مايقوله المستشرقون، الذين لا يكفّ أبدا عن التنفج بأن منهجه يتجاوز مناهجهم ويصل إلى نتائج لا يستطيعون أن يتوصلوا إليها بهذه المناهج. فهذا هو كاتب مادة " Ashab al-Kahf: أصحاب الكهف"، فى الطبعة الثانية من " Encyclopaedia of Islam"، يقول إن "محمدا قد ألمَّ بهذه الحكاية وكثير غيرها من الحكايات ذات الأصول اليهودية والنصرانية، ثم تمثَّلها واتخذ منها فى القرآن أداة للتربية الأخلاقية".
ـ[الجندى]ــــــــ[05 Feb 2005, 02:37 ص]ـ
وأخيرا نختم بهذه الطرفة الأركونية: فبروفيسيرنا، بعبقريته البديعة التى لم تأت بمثلها ولاّدة، يتصور أن القرآن، عندما يقول: "إنما مَثَل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تَذْروه الرياح" إنما يريد أن يشبه سرعة زوال الحياة الدنيا بسرعة زوال المطر (ص149).
فانظر بالله عليك إلى الرجل: كيف يتصدى لمناطحة القرآن، وهو لا يستطيع أن يعرف الطرف الثانى من التشبيه فى هذه الصورة البلاغية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن المشبَّه به ليس هو الماء النازل من السماء، بل هو نبات الأرض الذى سيؤول رغم كل شىء فى النهاية إلى هشيم! أما ذِكْر ماء السماء فى الآية فلأنه هو الذى يساعد البذور على النمو ويخرجها من باطن الأرض نباتًا يغزر ويملأ الأراضى والحقول!
ليس ذلك فحسب، بل إنه ليُقَوِّل كتابَ الله ما لم يقله، إذ يزعم أن "القرآن يلحّ فى أكثر من مكان على أهمية اللغة العربية ومزاياها من أجل التركيز على تمايزه واختلافه قياسا إلى الوحى السابق عليه" (الإسلام- الغرب- أوربا/ 80). ويجد القارئ هذه التقولات الكاذبة أيضا فى كتابه: "تاريخية الفكر الإسلامى" (مركز الإنماء القومى ببيروت، والمركز الثقافى العربى بالدار البيضاء وبيروت/ 1998/ 69)، حيث نقرأ أن مسألة "المكانة المتميزة والخاصة للّغة العربية بالقياس إلى اللغات الأجنبية ... غالبا ما وردت فى القرآن. ذلك أنه كان من الضرورى تبرير اختيار اللغة العربية لنقل الوحى إلى البشر من دون سواها، ثم البرهنة على فكرة إعجاز النص القرآنى وعدم قدرة البشر على تقليده أو الإتيان بمثله".
ترى أين نجد ذلك فى القرآن؟
إن كل ما يمكن أن يفكر الإنسان فيه فى هذا السياق هو وصف القرآن لنفسه بأنه قد نزل "بلسان عربى مبين"، ومعناه أن أسلوبه هو أسلوب عربى كله جلاء ووضوح. فالكلام، كما نلاحظ، عن أسلوب القرآن لا عن تميز اللغة
العربية وتسويغ انتقائها لغةً للوحى القرآنى!
أرأيت، أيها القارئ الكريم، كيف أن د. أركون، أستاذ تاريخ الفكر الإسلامى، يجهل المضمون القرآنى إلى هذا
الحد، ثم هو يتنفج مع ذلك على المفسرين والمفكرين المسلمين نافشا ريشه عليهم.
ثم إنه، بعد ذلك كله، لا يترك المفسرين المسلمين فى حالهم رغم عجزه الفاضح عن مساماتهم، بل يتنقص منهم ويفترى عليهم المفتريات المضحكة، إذ يزعم أنهم، حين يتناولون القرآن بالتفسير، يعتقدون أنهم إنما يعبرون عن مقصد الله على نحو متطابق. وهذا واضح، حسب كلامه، فى أن الطبرى، بعد أن يورد الآية التى يتناولها بالتفسير، يضيف الكلمتين الآتيتين: "يقول الله تعالى: ... "، ثم يضع نقطتين على السطر، ويذكر تفسيره للآية على أساس أن ذلك هو مقصد الله، غير واع أن ما يقوله إنما هو مجرد تأويل من التأويلات التى تقبلها الآية (الفكر الإسلامى- نقد واجتهاد/235 - 236،291 - 292).
ووجه الافتراء هنا أن مفسرينا، على الضد من ذلك، كانوا واعين تماما أن ما يقولونه لا يعدو أن يكون مجرد
اجتهاد. وهذا واضح من أنهم، بعد قولهم كلمتهم فى تفسير الآية، يردفونه عادة بقولهم: "والله أعلم".
ومعروف عن الطبرى، الذى حظى بالنصيب الأكير من هجوم أركون، أنه كان يورد أولا كل الأقوال فى النقطة التى يتناولها فى الآية، سواء كانت لغوية أو تشريعية أو خاصة بأسباب النزول، ثم يوازن بينها قبل أن يقول كلمته هو، التى يقدم لها بالعبارة التالية: "وأولى الأقوال عندى بالصواب قول من قال كذا وكذا" أو ما يشبهها. فأين التعصب الذى يدعيه أركون عليه والاعتقاد بأن ما يقوله هو مقصد الله على وجه التطابق؟
أما القرطبى فهو، بعد إيراده الآراء المختلفة فى الآية، يعقب فى الغالب قائلا: "والرأى الفلانى أصح". كما يقول عادة: "فإن صحَّ هذا فيكون الأمر كذا وكذا"، أو "والله الموفق للصواب"، أو "والله أعلم"، بما يفيد أن المسألة لا تعدو عنده الترجيح بشروطه لا أكثر، وهو ما يكذِّب دعوى أركون على المفسرين القدماء وينسفها من جذورها، وإن لم يعن هذا أنهم لم يكن لهم موقف أو رأى خاص يتمسكون به ويناضلون دونه ويرَوْن أنه هو الرأى الأفضل، إذ إن هذه طبيعة بشرية فينا جميعا. لكن هذا شىء، والزعم بأنهم كانوا يظنون أن ما يقولونه فى تفسير الآية هو مقصد الله سبحانه، وأنهم قد احتكروا الحقيقة المطلقة، شىء آخرمختلف تمام الاختلاف!
وقد أشار د. أركون إلى شىء من هذا حين كان يتكلم عن الرازى ومحاولته العثور على الصلة التى تربط الآية التاسعة من سورة "الكهف" بالآيات التى سبقتها، إذ قال: "أما المفسر فخر الدين الرازى فيقترح وجود تمفصل مع الآية السابقة، ولكنه يبدو غير واثق تماما فيضيف قائلا: والله أعلم" (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل
الخطاب الدينى/ 148).
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك يدَّعى زورا وبهتانا أنهم لم يتنبهوا إلى أن فى القرآن مجازا واستعارات، وأنهم جميعا، من سنة وشيعة وإباضية ... ، كانوا يأخذون "كلام النص على حقيقته وكأنه خالٍ من المجاز. هذا فى حين أننا نعلم أن النص
الدينى ملىء بالمجاز، بل وينفجر بالمجازات والاستعارات الخارقة والرائعة" (الإسلام- أوربا- الغرب/ 192).
والواقع أن من الصعب علىّ أن أعرف عن أى مفسرين يتكلم د. أركون، فالمعروف أنهم كلهم تقريبا يفسرون آيات الجوارح الإلهية على أنها من باب المجاز، فما بالنا بالآيات التى لا تتعلق بهذا الموضوع ولا تثير أية حساسية فى تحليلها مجازيا؟
ومرة أخرى نرى أركون يناقض نفسه فى موضع آخر قائلا عن "المجاز" إنه "قد دُرِس كثيرا بصفته أداة أدبية لإغناء
الأسلوب فى القرآن وتجميله"، وإنْ أضاف أنه "لم يُدْرَس أبدا فى بعده الإبستمولوجى بصفته محلا ووسيلة لكل التحويرات الشعرية والدينية والإيديولوجية التى تصيب الواقع" (تاريخية الفكر العربى الإسلامى/ 98)، فضلا
عن اعترافه بأن من المفسرين من كان يتناول القرآن تأويلا رمزيا باطنيا فى مقابل من يأخذونه على ظاهره وحرفيته (الإسلام- أوربا- الغرب/193).
وفى النهاية أُحِبّ أن أؤكد أننى لا أعادى العلوم الجديدة كما قد يظن خطأً بعض من يقرأ هذه الدراسة لما يجده فيها من تهكمات على البروفيسير أركون فيحسب أنى أتهكم على تلك العلوم.
والواقع أنى إنما أتهكم على من يظنون أن هذه العلوم هى فكرٌ مقدسٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبخاصة إذا تسرعوا فى تطبيقها على النص القرآنى متصورين أن كلمتها حاسمة فى هذا الموضوع لا ينبغى أن تناقَش، فضلا عن أخطائهم القاتلة فى التطبيق نتيجة لضعف إحاطتهم بالقضايا التى يناقشونها ولما دخلوا به الحَلْبة من موقفٍ مسبقٍ وهوًى فاشٍ غلابٍ لا يخفى على كل من له عينان!
كذلك لست أنا بالذى يضيق بمناقشة النص القرآنى، وإلا لتجاهلت ما كتب الرجل وأمثاله ممن يعملون على التشكيك فى كتاب الله من مستشرقين ومبشرين وتابعين لهم من أبناء الإسلام الناشزين عليه ولما قارعت شبهاتهم بحججى شبهة شبهة لا أجمجم ولا أورِّى ولا أنادى أبدا بوجوب الابتعاد بالنص القرآنى عن المناقشة أو حتى التشكيك، بل أرهق نفسى وأغوص هنا وهناك فى كل المصادر والمراجع التىتتصل بالموضوع، مع عدم الرضا فى نهاية المطاف عما فعلتُ لمعرفتى أننى، مهما صنعتُ، فلن أوفى الموضوع حقه من البحث والجلاء.
إن كاتب هذه السطور، على العكس من ذلك، يجد لذة عجيبة ورائعة فى قراءة مثل هذه الكتابات، إذ أراها فرصة لمراجعة نظرتى السابقة إلى ما أومن به لعلى أرى شيئا جديدا أضيفه لعلمى أو اقتناعى ... إلخ، فضلا عن أنها تحرك منى العقل، وحركةُ العقل عند من يعرفون قيمة هذه النعمة الإلهية لا يمكن تقديرها بمال!
ولعل القارئ يرى الفرق بين الطريقة التى يتبعها د. أركون وتلك التى أتبعها أنا، فهو فى كثير من الأحيان يلقى بحُكْمه لا يبالى أين يقع ولا كيف، ودون أن يكلّف نفسه إقامة الدليل على ما يقول أو الرجوع إلى أهل الاختصاص ليسترشد بما قالوا، بل دون أن يهتم مثلا باستنطاق المعاجم أو الاستعانة بالشواهد. وهذا ما
يزعجنى فى كتاباته. إنها كتابات متسرعة لا ترفدها قراءات واسعة وعميقة بالرغم من الشقشقات الفارغة بأسماء العلوم ومصطلحاتها مما يحسب أنه يلقى الرهبة فى قلوب قرائه من أبناء العرب الذين يمثلون التخلف فى نظره لعدم انسياقهم معه وراء مايهرف به الغربيون فى ديننا وكتابنا، وفوق ذلك فهى كتابات منفوخة غرورا جَرّاء إحساسٍ حادٍّ ومتضخمٍ بالذات قائم على غير أساس كما أَثْبَتُّ فى هذه الدراسة!
أما العلوم الجديدة فمرحبا بها وأهلا وسهلا، على أن نظل مفتَّحى الأعين والعقول والقلوب قلا نتحول إلى عبّاد لها كأننا وثنيون فى معبد أصنام.
لقد وقفتُ مثلا ضد ما كان د. محمد مندور قد كتبه فى بداية أربعينات القرن الماضى داعيًا إلى إبقاء النقد الأدبى بعيدا عن العلوم، وبخاصة علم النفس، الذى قال إن نتائجه غير نهائية ولا تنطبق على المتميزين من البشر كالأدباء
مثلا، علاوة على أن محاولة تطبيقه فى ميدان النقد الأدبى معرَّضة للخطإ. وكان رأيه أن النقد لا ينبغى أن يستند إلى أى شىء سوى الذوق الأدبى، الذى أكد أنه لا يمكن اكتسابه على نحو مُرْضٍ إلا من خلال قراءة النصوص الأدبية.
أما أنا فقد قلت إن النقد الأدبى يحتاج، فوق هذا، إلى أن نتذرع له بكل ما يمكننا تحصيله من علوم ومعارف، وأضفت أنى، رغم موافقتى للدكتور مندور على إمكانية الوقوع فى الخطإ عند تطبيق نتائج علم النفس على الأدب ونصوصه، أرى أن ذلك لا ينبغى أبدا أن يخيفنا، فهذه طبيعة الحياة، لا فى مجال النقد الأدبى فقط، بل فى كل المجالات، إذ لا بد أن تقع الأخطاء مهما احترزنا وأخذنا كل الاحتياطات اللازمة.
ومع أنى كنت شديدا فى محاسبة أحد الأطباء النفسيين الذين أخطأوا فى تطبيق بعض مُعْطَيَات علم النفس على شِعْر المتنبى فقد ظللت على رأيى المبدئى فى وجوب الاستعانة بعلم النفس وغيره من العلوم فى مجال النقد رغم ذلك.
ويجد القارئ الكريم كل هذا فى مفتتح الفصل الثالث من كتابى "مناهج النقد العربى الحديث"، وهو الفصل الخاص بـ"المنهج النفسى" (مكتبة زهراء الشرق/ 2004م/ 79 وما بعدها).(/)
حوار حول الواقع المعاصر للدراسات الاستشراقية مع المستشرق الألماني د. ميكلوش موراني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2005, 02:42 م]ـ
http://www.tafsir.net/images/ABES13.WMF
مرت فترة من الزمن في منتصف القرن الميلادي المنصرم نشطت فيها حركة الدراسات الاستشراقية حول القرآن الكريم بصفة خاصة، وفي الدراسات العربية الإسلامية بصفة عامة. وقد كانت الجهود التي بذلها الاستشراق الألماني تكاد تكون أبرز الجهود في مضمار الدراسات القرآنية، ولعل السبب في ذلك يعود إلى سبق ألمانيا في المجال العلمي الإنساني قبل الحرب العالمية الأولى، وسنذكر في آخر اللقاء قائمة بالدراسات الاستشراقية الألمانية التي دارت حول القرآن الكريم استقيناها من دراسة الدكتور محمد حسين الصغير بعنوان (المستشرقون والدراسات القرآنية). ثم يأتي بعد ذلك الاستشراق الفرنسي من حيث الدقة والنوعية، وبعدها الاستشراق الانجليزي المكثف، ثم الاستشراق الأمريكي ممثلاً بآرثر جفري الذي كتب عدداً من الدراسات حول القرآن.
والدراسات الاستشراقية تدرس الآن في الجامعات العربية والإسلامية من الناحية التاريخية، وكأن هذه الدراسات قد انقرضت أو توقفت تماماً، في حين لا يزال لها أنشطة ودراسات ومجلات ومعاهد تقوم بإعداد الدراسات والبحوث الاستشراقية. وإن كانت قد تضاءلت عن ذي قبل من حيث النوعية والكمية أيضاً. ...
ورغبة من شبكة التفسير والدراسات القرآنية في التعرف على واقع الدراسات الاستشراقية في الجامعات الأوربية، رأى القائمون على الشبكة إجراء حوار يلقي الضوء على هذه الدراسات الاستشراقية المعاصرة في دوائر ومعاهد الاستشراق في أوربا عامة، وفي ألمانيا بوجهٍ خاصٍ. وذلك في هذا اللقاء العلمي مع المستشرق الألماني الدكتور ميكلوش موراني الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة بون بألمانيا، والأستاذ بمعهد دراسة اللغات الشرقية، وعضو ملتقى أهل التفسير الذي يشارك كثيراً فيما يدور فيه من بحوث ومدارسات.
وضيفنا في هذا اللقاء متخصص في تراث علماء المالكية، وهو رئيس المشاريع العلمية حول تاريخ المذهب المالكي في جامعة بون منذ 1981م، وقد قام بتحقيق ونشر عدد من المخطوطات العربية، ومن آخرها تحقيقه لأجزاء من كتاب الجامع لعبدالله بن وهب المصري المتوفى سنة 197هجرية في التفسير وعلوم القرآن.******
ونرجو من الأعضاء الكرام الراغبين في المداخلة بعد قراءة الحوار كاملاً بأسئلة تثري الموضوع الذي أجري الحوار من أجله وهو (الواقع المعاصر للدراسات الاستشراقية)، أن يتفضلوا بمداخلاتهم وأسئلتهم حول الموضوع، ملتزمين في ذلك بما تعودناه منهم من حسن الأدب في النقاش، والرغبة الصادقة في الفائدة العلمية، وتبادل الخبرات في هذا الملتقى العلمي المتخصص. على أن تكون النقاشات مشفوعة بالأدلة، والحجج، دون التعرض للأديان والعقائد والأشخاص بما يخرج الحوار عن مساره العلمي. وسيتولى الدكتور ميكلوش موراني الإجابة عن الأسئلة التي يريدها في هذه الزاوية، وسيثبت الموضوع في أعلى الملتقى العلمي مدة كافية، لينتفع به أكثر من يزورهذه الصفحة من ملتقى أهل التفسير.
وشبكة التفسير والدراسات القرآنية تشكرمن شارك في طرح الأسئلة التي عرضت على الدكتور موراني، ونخص بالشكر الشيخ الدكتور مساعد الطيار، والمشرفين الفضلاء، والشيخ نايف الزهراني من أعضاء ملتقى أهل التفسير الذين أثروا هذا اللقاء بأسئلتهم ومقترحاتهم وفقهم الله لكل خير.
******
للاطلاع على الحوار كاملاً
http://www.tafsir.net/images/murany.gif (http://www.tafsir.net/murany.htm)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[10 Feb 2005, 03:34 م]ـ
بداية أشكر الأستاذ عبد الرحمن الشهري على حرصه واهتمامه باستظافة بعض الشخصيات المميزة في الدراسات الاستشراقية، من أمثال الدكتور موراني، وهذا اللقاء يُعد الأول من نوعه حسب علمي، فلا تكاد تجد حواراً مع أحد من المستشرقين بهذه الطريقة المطروحة في هذا الملتقى المبارك، وأتمنى بعد أن يكتمل الحوار مع الدكتور أن ينسق ويطبع على شكل كتاب ليستفيد منه القراء الذين لا يعرفون الشبكة، وليكون وثيقة علمية يستفيد منها الباحثون في مجال الاستشراق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأثني بالشكر للدكتور موراني على تقبله مثل هذا الحوار، وآمل أن لا يضيق ذرعاً بما سيوجه إليه من أسئلة من القراء، وآمل أيضاً أن يتفضل بالإجابة على كل سؤال بحيادية وموضوعية وإنصاف كما رأينا في حواره مع الأستاذ عبد الرحمن الشهري.
وأما عن أسئلتي فهاكموها على التفصيل:
السؤال الأول:
هل لك أن تعطينا بطاقة شخصية مفصلة، عن أصلك ونشأتك، وديانتك، ومراحل تحصيلك العلمي.
السؤال الثاني:
ما سبب توجهك للدراسة في مجال الاستشراق؟
السؤال الثالث:
على ضوء دراستك للعلوم الإسلامية، ومخالطتك لعدد من المستشرقين، هل لك أن تحدثنا عن مشاعرك ومشاعر بقية المستشرقين تجاه الدين الإسلامي، وهل تتفضل بذكر مواقف فيها اندهاش من عظمة هذا الدين.
السؤال الرابع:
من خلال اطلاعكم على الدراسات القرآنية والإسلامية، سواء في القديم أو في الحاضر/ ما هي أهم المآخذ التي رأيتموها على تلك الدراسات؟
السؤال الخامس:
ما الدراسات التي توصي بها، وترى أن الجامعات الإسلامية لم تفي بها، أو لم تأخذ حظها من الدراسة والتحقيق؟
السؤال السادس:
نرى في كتابات بعض المستشرقين بغضاً وحقداً على الدين الإسلامي، وقد تخلوا من الإنصاف والموضوعية، فما تعليقكم؟
السؤال السابع:
من المآخذ التي أخذت على المستشرقين قلة بضاعتهم في علوم اللغة العربية، وكذا أصول ومصطلحات العلوم الإسلامية، مما نتج عنه تخبط وعدم فهم للنصوص ومقاصد الشريعة، وبالتالي انعكست هذه الدراسات بإعطاء صورة مشوهة عن الدين الإسلامي، فما تعليقكم؟
السؤال الثامن:
ما هي أهم المآخذ التي رأيتموها على البحوث والدراسات الإسلامية الأكاديمية في الجامعات الإسلامية؟
السؤال التاسع:
ما هي أهم المآخذ التي رأيتموها على الدراسات الاستشراقية؟
السؤال العاشر:
هل هناك مواقع الكترونية متخصصة في مجال الاستشراق وتنصحون المتخصصين من المسلمين بالدخول والمشاركة فيها، بالحوار والنقاش؟ وكيف لنا أن ننشر أبحاثنا الإسلامية في مثل هذه المواقع؟
ـ[موراني]ــــــــ[10 Feb 2005, 07:10 م]ـ
أحمد القصير المحترم ,
أقترح اليكم أن تقبل مني الأجوبة في أقسامها وعلى التوالي
لسؤال الأول:
هل لك أن تعطينا بطاقة شخصية مفصلة، عن أصلك ونشأتك، وديانتك، ومراحل تحصيلك العلمي.
هناك سيرة ذاتية في البداية
.........................
السؤال الثاني:
ما سبب توجهك للدراسة في مجال الاستشراق؟
عندما ابتدأت بدرس اللغة العربية لم يكن هناك أي قصد محدد على الاطلاق. كان اهتمامي قد تركز على حضارات الشرق الأوسط ولذلك درست اللغة العبرية والسريانية أيضا كما كنت متأثرا بالنقوش القديمة العربية (اللحيانية مثلا وغيرها). وكل ذلك يدخل من باب الاستشراق حتى اليوم.
.................................................. .
السؤال الثالث:
على ضوء دراستك للعلوم الإسلامية، ومخالطتك لعدد من المستشرقين، هل لك أن تحدثنا عن مشاعرك ومشاعر بقية المستشرقين تجاه الدين الإسلامي، وهل تتفضل بذكر مواقف فيها اندهاش من عظمة هذا الدين
أودّ أن أوضح أمرا ذا بال في هذا الحوار: عند دراسة العلوم الاسلامية عامة لا مجال فيها للمشاعر كما تقول. وكذلك لا مجال فيها
لاندهاش من عظمة الاسلام كدين من الأديان.من أجل توضيح هذا الموقف الحيادي ربما من المستحسن أن أضرب لكم مثلا:
عند دراسة الأحاديث النبوية نحرص على تمييز بين ما هو صحيح وضعيف ومتروك الخ.
وهذا علم كبير وواسع يحتاج الى علوم أخرى مثل علم الجرح والتعديل ويتطلب من المرء أن يتعمق في كتب الطبقات وغير ذلك.
في حنيه أنا دائما أزعم أن كل حديث (صحيح) عندما نتأمل اليه من زاوية أخرى , ليس هو صحيحا حسب معايير الجرح والتعديل غير أنه صحيح اذ هو مكتوب مروي ثابت كوثيقة ينبغي دراسته لأنه تعبير تأريخي لموقف ما وله علاقة بظروف تأريخية ما وهو عبارة عن رأي فيئة أو طبقة اجتماعية داخل المجتمع الاسلامي في عصر ما. فمن هنا: هو ليس بضعيف , بل هو وثيقة.
خلال هذا البحث لا مجال للاندهاش ولا للمشاعر. اذا تغلبت المشاعر على البحث فسد فلن يؤدي الى نتائج تذكر.
ـ[موراني]ــــــــ[10 Feb 2005, 10:29 م]ـ
@أحمد القصير
السؤال الرابع:
من خلال اطلاعكم على الدراسات القرآنية والإسلامية، سواء في القديم أو في الحاضر/ ما هي أهم المآخذ التي رأيتموها على تلك الدراسات
أخشى , للأسف , انني لا أفهم سؤالكم وما تقصدون يه.
أي دراسات قديمة أو معاصرة وعلى يد من؟
للأسف , هل تقصد دراسات المستشرقين قديما وحديثا؟
ـ[سلسبيل]ــــــــ[10 Feb 2005, 10:50 م]ـ
شكرا لشبكة التفسير .... والدكتور موراني على هذا اللقاء الممتع .........
وسؤالي للدكتور
1 - ما هو تأثير ما يعرف باسم " الحرب على الإرهاب " على الدراسات والبحوث الإستشراقية في وقتنا الراهن (من ناحية الكم والنوع)؟؟
2 - وهل برأيك أن العالم الغربي الآن (بعد الحادي عشر من سبتمبر) يتجه نحو التعرف على الإسلام؟؟؟ أكثر من ذي قبل؟؟
وبالتالي فإن العصر الذهبي للمستشرقين ودراساتهم يعود من جديد والحاجة إليهم أكثر من ذي قبل؟؟؟؟
وشكرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[11 Feb 2005, 12:35 ص]ـ
@سلسبيل
وفقك الله
سئل عمر بن عبد العزيز عن الفتنة واختلاف الصحابة ....
فأجاب: تلك دماء كفّ الله يدي عنها
ولا أغمس لساني فيها
هذا من ناحية
ومن ناحية أخرى أود أن أناشدكم جميعا انني في أبحاثي الاسلامية (الاستشرقاية) لا أتدخل في هذه الأمور المذكورة في السؤال
أنا مستشرق (كما يقال) ولست سياسيا.
لكي تفهم يا سلسبيل ما أقول وما أودّ أن تفهم أنت وغيرك من الأعضاء المحترمين والضيوف الكرام في هذا الملتقى
اليك , واليكم جميعا ما وجدته في آخر نسخة قديمة من المدونة لسحنون بالقيروان:
(سمعت الكتاب وكتبته بيدي وسوف تبلى يدي ويبقى الكتاب) ... تحية من أواخر القرن الثالث الهجري!
يبقى الكتاب! هذا هو ما يهمني .....
أما ما تسأل عنه فلست بصاحبه.
ولك الخير والعافية
ـ[موراني]ــــــــ[11 Feb 2005, 12:24 م]ـ
الأخ سلسبيل المحترم:
كانت روايتي بالأمس بالمعنى. فلكي أكون أدق فاليك قول عمر بن عبد العزيز مرة أخرى.
سئل عمر بن عبد العزيز عن علي وعثمان والجمل وصفّين وما كان بينهم فقال:
تلك دماء كفّ الله يدي عنها وأنا أكره أن أغمس لساني فيها.
وبرواية أخرى:
ذكرو اختلاف أصحاب محمد* عند عمر بن عبد العزيز فقال:
أمر أخرج الله أيديكم منه ما تعملون ألسنتكم فيه.
(كتاب الطبقات لابن سعد , في ترجمة عمر بن عبد العزيز)
وهذا هو تعليقي كلما يوجه الناس اليّ اسئلة مثل سؤالكم حول (كما تقول) " الحرب على الإرهاب "
* كذا في المطبوع بدون تصلية.
ـ[موراني]ــــــــ[11 Feb 2005, 02:47 م]ـ
أحمد القصير
السؤال السادس:
نرى في كتابات بعض المستشرقين بغضاً وحقداً على الدين الإسلامي، وقد تخلوا من الإنصاف والموضوعية، فما تعليقكم؟
السؤال السابع:
من المآخذ التي أخذت على المستشرقين قلة بضاعتهم في علوم اللغة العربية، وكذا أصول ومصطلحات العلوم الإسلامية، مما نتج عنه تخبط وعدم فهم للنصوص ومقاصد الشريعة، وبالتالي انعكست هذه الدراسات بإعطاء صورة مشوهة عن الدين الإسلامي، فما تعليقكم
السؤالان يتعلق بعضهما ببعض:
فاسمح لي أن أبدأ بسؤال: أين ترى بغضا وحقدا على الدين الاسلامي في كتب المستشرقين؟ أرجوك أن تتفضل بذكر كتاب , فقرة فيه ومؤلفه في آن واحد بغير تعميم.
عندما تقرأ القائمة للدراسات المستشرقين الألمان في ملحق هذا الحوار ترى أن السؤال السابع في غير موضوعه.
حتى الى يومنا هذا هناك مستشرقون ألمان يتعمقون بالعلوم اللغوية وفي فقه اللغة.
هناك , على سبيل المثال , مشروع كبير ومهم لا يشك فيه أحد وهو تكوين قاموس عربي _ ألماني _ انجليزي معا ابتداء من حرف الكاف نظرا الى أن القاموس الذي ألفه Lane تحت العنوان:
مدّ القاموس
an arabic-english Lexicon derived from the best and most copious eastern sorces. London 1863-1874 and 1877-1893
ينتهي في 5 مجلدات كبيرة عند حرف ق. أما الباقي فهو ملحق ملخص أضيف اليه بعد وفاة المؤلف.
ولذلك رأت جمعية المستشرقين الألمان أن يكمل هذا القاموس ابتداء بحرف ك وفقا للمتطلبات الحديثة.
ويقوم بتأليف هذا العمل الهائل المستشرق الألماني Ullmann . هل تعرفون هذا القاموس؟ لجميع المعاني لمفرد واحد شواهد من الشعر والنثر بذكر الكتب اسما ومؤلفا وصفحة وسطر!
أنا شخصيا لا أعرف أحدا يقوم بـ (تشويه) الاسلام قصدا وهو على المستوى الأكاديمي , الا أنني أعرف كثيرا لا ينظرون الى الاسلام من زوايا الدينية بل من الموقف العلماني. ربما هذا هو السبب لعدم فهم بعض النتائج العلمية لدى المسلمين , كما أشرت الى ذلك في بداية الحوار.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Feb 2005, 10:18 م]ـ
أشكر الإخوة الكرام على تفاعلهم مع هذا اللقاء الممتع مع الدكتور ميكلوش الذي أشكره كثيرًا على تقبلِّه لطلب شبكة التفسير بعقد هذا اللقاء النوعي معه، كما أشكره على رحابة صدره، وتفضُّلِه بالإجابة على أسئلة الأعضاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد اقترح أخي الكريم أحمد القصيِّر الذي يمتع هذا الملتقى بمشاركاته الرائعة بفكرة جميلة جدًّا، وأتمنى أن يقبلها الدكتور موراني، وهي أن يُطبع هذا اللقاء باسم شبكة التفسير، وإذا وافق الدكتور مشكورًا، فأتمنى أن نضمَّ لها أسئلة الإخوة المشاركين، وأن نضعها مع اللقاء الرسمي في كُتيِّب واحد.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق للخير والسداد.
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[11 Feb 2005, 10:32 م]ـ
بداية أرحب بالدكتور مورانى ...
اسئلتى كالتالى ...
- من واقع دراستك الاكاديمية للاسلام ... هل تجد أن الاسلام قد أحدث ثورة على الجاهليه أم هو امتداد لها ...
بمعنى أدق هل لك أن توضح لنا مدى ارتباط الاسلام بالعادات الجاهليه .. و هل أحدث الاسلام ثورة عليها ... و ما هو ردك على من يدعي بأن الاسلام هو دعوة اقليمية محددة بشبه الجزيرة العربية و أنة امتداد تجديدى لقوانين و عادات تلك المنطقة فى وقت سابق لتلك الدعوة؟
- ما مدى ارتباط الاستشراق بالتنصير فى الوقت الراهن؟ ... أقول هذا لأنة حسب معلوماتى فإن الاستشراق قد بدأ بقانون كنسى حدد مهمة المؤسسه الاستشراقية فى التمهيد و الإعداد لإرتداد العرب إلى المسيحية و كذلك فإنة مثلا قرار إنشاء كرسى اللغة العربية بجامعة كمبردج عام 1636 م قد نص على أن الكرسى أنشىء " بهدف توسيع حدود الكنيسة و نشر المسيحية بين المسلمين الذين يعيشون فى الظلمات " ... نقلا عن د. عبد الراضى عبد المحسن فى كتابه " الغارة على القرآن الكريم " عن كتاب the ecumenical concils للكاتب francis dvornilk صفحة 65 - 66 , hawthorn books , new york .
و هل ترى معى أن ذلك هو سبب قله الكتب الخاصة بالمستشرقين التى تناولت الاسلام بحيادية أو هل ترى معى على الأقل أن ذلك كان سببا فى تشويه صورة المستشرقين عموما عند غير المتخصصين من المسلمين؟
- من خلال دراستك الاكاديمية للاسلام ... ما هو التعريف الذى سوف توردة للسائل عن شخصيه محمد صلى الله علية و سلم؟ ... و ما هو رأيك فى كتاب جورج بوش الجد عن محمد صلى الله علية و سلم الذى هو بعنوان " محمد مؤسس الدين الاسلامى و مؤسس إمبراطوريه المسلمين "؟ ..
- ما هو رأيكم فى القرآن؟ ... و هل ترى أن منظومة الأخلاق الاسلامية الموصوفة فى القرآن بصفة عامة هى الحل لما فى العالم من شرور الآن؟ ... أم أن لابحاثك الخاصة رأي آخر؟
- من وجهة نظرك .. ماذا قدمت البحوث الاستشراقية للشرق ... أم هى علاقة فى اتجاه واحد تفيد الغرب و لا تفيد الشرق ... ؟ .. و إن كانت تلك العلاقة متبادله فهل من الممكن أن تذكر لى الجوانب الايجابيه التى اضافتها تلك البحوث للشرق عموما أو للمسلمين أو لبلاد المسلمين .. ؟
أقول هذا لأننى أرى أن معظم الدراسات الاستشراقيه السابقة كانت لها آثار فكرية و اجتماعية و اقتصاديه و سياسية سلبية .. بالنسبه لى أو للفكر الاسلامى عموما طبعا! ..
لا زال فى جعبتى بعض الاسئله بإذن الله .. و لكن سأكتفى بذلك أملا فى عودة مرة أخرى بعد اجابتكم بإذن الله ...
و شكرا لسعة صدرك ...
و السلام على من اتبع الهدى ....
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Feb 2005, 10:35 م]ـ
فكرة الشيخ القصير فكرة رائدة,
أؤيدها كذلك,
وأتمنى من الدكتور موراني الموافقة عليها,
ولا أظنه إلا فاعلاً إن شاء الله.
ـ[حسام مجدي]ــــــــ[11 Feb 2005, 10:36 م]ـ
فكرة جميله بالفعل ...
ـ[موراني]ــــــــ[11 Feb 2005, 11:17 م]ـ
الدكتور مساعد الطيار المحترم حفظه الله ,
اسمح لي أن أتقدم اليك والى كل من له صلة بتكوين هذا الملتقي القيم بشكري الجزيل على اهتمامكم
بالوضع الاستشراقي المعاصر. وهنا ليس لي الا أن أذكر أنّ كل ما أعبّر عنه فهو رأيي الشخصي وليست له (شمولية) , كما يقال اليوم , على الاطلاق.
انني أرحب أيضا بالفكرة المطروحة لنشر هذا اللقاء في كتيب فيما بعد غير أنني أقترح الى جميع المشاركين أن يركزوا أسئلتهم على ما هو الأهم وعلى ما جاء في الحوار العلمي أصلا لكي لا يكون هناك توسيع في القضايا. غير أنني مستعد للاجابة على جميع ما يطرح هنا من الأسئلة (ما عدا السياسة).
فكما ترون فيصلني عدة أسئلة فلا ينبغي أن أجيب عليها فورا , وذلك احتراما للسائل.
فعند إغلاق هذا الحوار , الذي استفدت منه خلال يوم واحد كثيرا , سنرى صيغة ما لنشره فيما بعد.
تفضلوا جميعا بقبول احترامي وتقديري
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Feb 2005, 04:28 م]ـ
الدتور موراني حفظه الله وفقه
أشكر لكم هذا التجاوب، وأتمنى من الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأرجو أن يتمَّ ما نتمناه من هذا اللقاء العلمي الهادف، وأتمنى أن يلاحظ الإخوة المشاركون في طرح الأسئلة ملحوظة الدكتور موراني، وأن يركزوا الأسئلة في المجال العلمي الاستشراقي الذي هو من اختصاصه لتكون الإفادة أكبر وأكثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[12 Feb 2005, 05:27 م]ـ
الدكتور موراني: اشكرك على التجاوب السريع مع اسئلة الأخوة واستفساراتهم , وقد قمت بتنفيذ طلبك وهو حذف المشاركات المتعلقة بالمشكلة الخاصة بجهازك , والذي اراه مواصلة طرح الاسئلة من الجميع , إلا أنه لا يلزم أن يكون ردك عليها متسلسلاً , فلا بأس من تقديم جواب سؤال على آخر إن كان حاضراً, والتريث في إجابة ما ترى التريث فيه مع الوعد بالجواب عليه لتتم مناقشة الموضوع من جميع جوانبه , شاكرأً ومقدراً لك جهدك وعنائك.
ـ[موراني]ــــــــ[12 Feb 2005, 07:38 م]ـ
أودّ أن ألمس بعض النواحي لهذه القضية التي تتكرر في أذهان كثير من الناس عندما
يجرى الحديث حول الاستشراق في التأريخ وفي الحاضر.
نشأت الدراسات الأولى حول الاسلام واللغة العربية في القرن 12 م اذ تم ترجمة القرآن الى اللغة اللاتنية عام 1143 م على يد الراهب Petrus Veneralbilis . أما الراهب الآخر الذي طلب بالقاء محاضرات في الجامعات حول اللغة العربية والاسلام فهو نشأ على جزيرة مالورقة: Raymundus Lullus : طالب بشدة الحوار مع العرب وسافر لهذه الأغراض الى شمال افريقية لكي يقنع العرب من طريق الحوار بعدم صلاحية دينهم! نعم, تم تأسيس المعاهد للدراسات العربية والاسلامية في الجامعات المعروفة في القرون الوسطى وتحت سيطرة الكنيسة لهذه الأغراض: لاقناء الطرف المسلم بعدم صلاحية ايمانه ولتنصيره.
لم تخرج هذه الحركة الدينية في رحاب تلك المعاهد من اطار المناظرات والمجادلات الدينية والعقائدية ضد الاسلام بل بذلت أيضا جهدها لاقناء الأوروبيين بعداوة الاسلام على النصرانية (قل: الكنيسة الكاثولوكية وقتذاك).
أما الاستشراق الحديث , اعتبارا من القرن 18 م تقريبا والاستشراق المعاصر من منتصف القرن 19 م فلا علاقة لهما بما سبق ذكره لا تأريخيا ولا (روحيا ـ كما يقال). لم ينشأ الاستشراق ولم تؤسس المعاهد للدراسات الاسلامية وللغة العربية من أجل تنصير , بل أسست تلك المعاهد , التي ما زالت موجودة الى يومنا هذا , كما أسست غيرها لدراسة الحضارات واللغات للشعوب الشرقية ... حتى الى اليابان.
اذا , فهذا الاستشراق الحديث يبحث في تلك الحضارات والأديان كما تبحث المعاهد الأخرى في تأريخ أوروبا واللغات الأوروبية الأخرى وآدابها , بل كما تدرس العقائد النصرانية دراسة نقدية بعيدا عن القيود الدينية التي تفرضها الكنيسة على جامعاتها هي. تغيرت ظروف الأبحاث بعد الفصل بين الدين والدولة في جميع مجالات التعليم.
يفتخر الاستشراق الألماني , وبالحق كما أرى , بمستشرقين كبار من منتصف القرن 19 م تقريبا ,
فلا يجد المرء بينهم مبشّرا واحدا أو خادما واحدا للدولة وضع أبحاثه وعلمه تحت تصرف الدولة لأغراض سياسية بحتة.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[12 Feb 2005, 10:13 م]ـ
أعتذر من الدكتور لذهاب ترحيبي مع ما حُذِف، وقد ألفيته في محفوظات جهازي:
أشكر Dr. Miklos. Muranyi على موافقته على الإجابة عن أسئلة رواد ملتقى أهل التفسير حول الاستشراق المعاصر.
سيكون اللقاء مفيدًا، إن شاء الله.
أرجو لك التوفيق لكل خير يا دكتور.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Feb 2005, 06:51 ص]ـ
الأستاذ موراني وفقه الله
في مناهج البحث العلمي الغربية, وعلى الخصوص الاستشراقية, يكثر الحديث عن "الموضوعية" و"الحياد" في التعامل مع العلوم عموماً, والعلوم الإنسانية على وجه الخصوص, وسؤالي هو:
- ماذا تعني لك "الموضوعية" في البحث العلمي؟
- وعلى ضوء ذلك التعريف-: هل يمكن تحقيقها في البحوث العلمية؟
- وما مدى اتصاف البحوث الاستشراقية - قديمها وحديثها - بهذه الصفة؟
- وما المعايير المُتَّبعة في المعاهد الاستشراقية للتأكد من تحقق هذا الشرط في دراساتها الأكاديمية؟
مع شكري وتحياتي,
وتمنياتي لك بكل خير.
ـ[موراني]ــــــــ[14 Feb 2005, 05:05 م]ـ
أشكر للجميع على اهتمامهم ومشاركاتهم في هذا الحوار.
قد يكون من المستحسن أن أجمع بين بعض الأسئلة المطروحة في الأيام السابقة وذلك بسبب
التشابه بعضها بالبعض حينا وبين أهدافها حينا آخر.
كما أبرزت في مطلع هذا الحوار ليس في الاستشراق المعاصر والحديث أغراض لتشويه الدين الاسلامي
(يُتْبَعُ)
(/)
أو زرع بذور الشكوك في قلوب المسلمين. الهدف الرئيس في البحث هو اتّباع المبدأ الأساسية في جميع نواحي الدراسات , وهو الموضوعية في البحث. ليس هذا المبدأ وليدة العقود الماضية بل هو المنطلق عند دراسة جميع الأديان والحضارات شرقية كانت أو غربية.
نقطة الخلاف بين الاستشراق الغربي والمفهوم الذاتي لدى المسلمين ترجع أساسا الى مسألة الفصل بين
الدين ومتطلباته من ناحية وبين العلم ومتطلباته من ناحية أخرى. ما كان في الدين فرضا لا مجال للشك فيه يصبح في العلم موضوع البحث ومن هنا لا يخضع للمعايير الدينية.
عندما يقترب الباحث من القرآن باعتباره وحيا وكتابا منزلا يأتي بنتائج لا تخرج من نطاق المتطلبات الدينية بل تتفق مع ما فرضت التعاليم الدينية على الباحث.
عند القراءة في الكتب التي ألفت حول نبي الاسلام يتبين للجميع مسلما كان أو غير مسلم أنّ الاستشراق يعتبر محمدا شخصية تاريخية ونبيا معا. فالسبب لذلك لا يعود الى (ايمان) الباحث بالنبوة بل الى اقتناعه الثابت أن محمدا قد رأى نفسه رسولا وعبرت عن ذلك عدة آيات في القرآن كما عبرت عن اخلاصه وعن أبعاد ايمانه الذي لا يشك فيه أحد. فالوثيقة التأرخية التي تؤدّي بالباحث الى هذه المعرفة هي القرآن نفسه. أو بعبارات أخرى: لقد وصلت الى نفس الحقيقة والى نفس المعرفة التي يؤمن به المسلم بعدم اعتبار مصدري (أي القرآن) وحيا بالضرورة أو كتابا منزلا.
لقد كتب الاستشراق كتبا ومقالات ودراسات حول عصر النبوة والتاريخ الاسلامي في مختلف فتراته غير أنني لا أذكر كتابا رفض مؤلفه فيه النبوة. من هذه الكتب الأساسية ما أصدره المستشرق الانجليزي W.Montgomery WATT في مجلدين: محمد في مكة ومحمد في المدينة. ولخصهما في كتيب عام 1961 تحت العنوان: محمد النبي والسياسي Muhammad Prophet and Statesman .
فالباحث يعترف اذا بهذه الشخصية نبيا وسياسيا ويرى في سيرته تطورا هائلا مرسوما في كتب السيرة وفي الفرآن معا. بل يرى أيضا أن هناك تطورا ملموسا حتى في اللغة من الآيات المكية الأولى الى ما بلغ هذا الدين ذروته في الآية:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)
وكذلك في خطبة حجة الوداع.
اذا يتخذ الباحث مبدأ (الموضوعية) أساسا لبحثه فيجب أن يعترف بالعظمة التأريخية وأبعادها بكل سهولة تاركا مسألة الايمان والشعور الدينية الى الجانب.
(سيتبع)
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[15 Feb 2005, 09:59 م]ـ
جزى الله المشرف العام على هذه البادرة المتميزة و أسأل الله أن يبارك في القائمين على هذا الموقع وأن يسدد خطاهم.
وحقيقة أني قرأت الحوار مرات ومرات وما تلاها من أسئلة وردود وقد لفتت انتباهي جملة من الأمور كان أولها تعريف الدكتور للإستشراق وتقسيمه إلى معاصر وتقليدي مع محاولة إبعاد النقاش عن علاقة الإستشراق عموما بسياسة الدول الغربية سواء كان ذلك في الماضي أو الحاضر. والدكتور المحترم أشار إلى نشأة علم الإستشراق في القرون الوسطى على حد قوله" نعم, تم تأسيس المعاهد للدراسات العربية والاسلامية في الجامعات المعروفة في القرون الوسطى وتحت سيطرة الكنيسة لهذه الأغراض: لاقناع الطرف المسلم بعدم صلاحية ايمانه ولتنصيره "وذكر في الحوار نفسه"نعم تطورت مسيرة الاستشراق كما تطورت العلوم الإنسانية الأخرى. كان هذا التطور مرتبطاً بالاتجاهات العامة في تلك العصور حيناً، وبالسياسةِ في تلك العصور حيناً آخر" وورد أيضا في حديث الدكتور عن الإستشراق المعاصر "في نظري وحسب تجاربي وما أرى حولي في السنوات الأخيرة، هُناك تراجعٌ مَلموسٌ وعام في جَميع المَجالات الاستشراقية القَديمة (الكلاسيكية). وذلك لأنَّ الاتجاهات الحديثة في الاستشراق نشأت على حساب الدراسات الأصيلة, فيكادُ المرءُ لا يَجدُ معهداً يُركِّزُ على العلوم الإسلاميةِ، كما كان يُركِّزُ عليها الاستشراقُ في بداية القرنِ العشرين حتى السبعينات الميلادية، اللهمَّ إلاَّ القليل النّادرُ من المعاهد الاستشراقية. وترجع الأسبابُ لذلك التغَيُّرِ (المؤسفِ) في جانب الدراسات الإسلامية إلى انتقال اهتمامات الجيل الحديث إلى دراسة القضايا المعاصرة إِسلاميةً كانت أو عربيةً"
ثم تقولون يا دكتور"أما الاستشراق الحديث , اعتبارا من القرن 18 م تقريبا والاستشراق المعاصر من منتصف القرن 19 م فلا علاقة لهما بما سبق ذكره لا تأريخيا ولا (روحيا ـ كما يقال). لم ينشأ الاستشراق ولم تؤسس المعاهد للدراسات الاسلامية وللغة العربية من أجل تنصير , بل أسست تلك المعاهد , التي ما زالت موجودة الى يومنا هذا , كما أسست غيرها لدراسة الحضارات واللغات للشعوب الشرقية ... حتى الى اليابان "
وحقيقة ليس لدي الآن معلومات كافية عن علاقة الإستشراق والحركة الإمبريالية خلال هذه الفترة لكن المعاهد الإستشراقية اليوم تحاول من خلال دراستها الطويلة للإسلام أن تلعب دورا أساسيا وتهئ أرضية مناسبة لاستنساخ دين جديد باسم الأورو إسلام و افتتاح قسم جديد بجامعة منستر لتكوين أساتذة لتعليم هذا الدين الجديد في المدارس الألمانية كان بمثابة حجر الأساس في هذا الإتجاه.
فكأني بالدكتور المحترم يريدنا أن نناقش الإستشراق كدراسة مثل بقية الدراسات الأكاديمية التي تدرس في الغرب وهذا بعيد عن الواقع.!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[15 Feb 2005, 11:42 م]ـ
أمين نور الشريف وفقه الله ,
لقد قرأت مشاركتكم الممتعة بمنتهى انتباه اذ اقتبستم أشياء من حديثي ووضعتموها جنبا الى جنب.
لمجرد توضيح سريع لهذه الأمور التي تشغل كثيرا من الناس: (الاستشراق) في القرون الوسطي لا صلة له
بالاستشراق المعاصر والحديث أي بهذا العلم من العلوم الانسانية الذي أصبح موادا في التعليم على المستوى الأكاديمي. ومن هنا فلا علاقة للاستشراق منذ Noeldeke ومنذ Goldziher , وغيرهما من كانوا قبلهما أو كانوا معاصرين لهما, بالتنصير ولم يخضعوا لسياسة الدولة التي تم فيها الفصل بين الدين والسياسة وبين العلم والدين.
أكرر ذلك ملخصا لتوضيح الأمر لعلّي لم أعبّر عنه بهذه الصراحة وهذا الايجاز.
أما قولكم:
لكن المعاهد الإستشراقية اليوم تحاول من خلال دراستها الطويلة للإسلام أن تلعب دورا أساسيا وتهئ أرضية مناسبة لاستنساخ دين جديد باسم الأورو إسلام و افتتاح قسم جديد بجامعة منستر لتكوين أساتذة لتعليم هذا الدين الجديد في المدارس الألمانية كان بمثابة حجر الأساس في هذا الإتجاه .....
لي رأيي الخاص في هذا الكلام: * الأورو إسلام * , وكان خيرا أن طرحتم هذا الجانب في هذا الحوار مشكورا.
انّ العبارة (الأورو إسلام) Euroislam مرفوضة عندي وعند غيري الكثيرين لعدة أسباب لا أريد أن أشرحها لأنها لا تهم بهذا الصدد.
لقد قلتم الحقيقة غير أنكم تركتم نصفها أو لبّها , فبئس ما قلت اذا! ليس لنا أن نحرك الأشياء عن مواضعها:
هذه العبارة (الأورو إسلام) لم يخترعها الاستشراق بل هي تأتي من المسلمين المقيمين في المجتمعات
الغربية وهم يعتبرون أنفسهم الطبقة المثقفة بينهم.
وهم هنا في ألمانيا وخارجها غير أنني لا أود أن أذكر أسماء أو شخصا بعينه وهم من أبناء البلاد العربية من جانب وأيضا من أبناء أوروبا الذين دخلوا في الاسلام , ولهم كامل الحرية أن يؤمنوا بما يشاؤون وأن يكون لهم دين يجدون فيه هدى لأنفسهم.
فالاستشراق لا صلة له بهذه التطورات. أما (الكرسي) في مدينة مونستر Münster فتأسس لهدف واحد: لدراسة العلوم الاسلامية للذين سيصبحون معلمين للدين الاسلامي في المدارس وهم كما فهمت الى الآن مسلمون أصلا.
أما الاستشراق الأكاديمي الأصيل فلا يهيء أرضية لدين جديد في أوروبا كما تقول.
لكي تكون مطمئنا: الإستشراق اليوم كدراسة في التعليم العالي وفي الأبحاث لا يختلف من بقية الدراسات الأكاديمية التي تدرس في الغرب.
لكي أضيف شيئا في النهاية: لم أجد أحدا من هؤلاء الذين يرحبون *بأورواسلام* ولا أحدا من روادهم لكي يشرح لي تحديدا معنى هذه العبارة:
هل معناه أن لا يؤدي المسلم ما شرع الله عليه في الدين؟ فان كان كذلك: كيف يتم التعديلات المسماة لوصول الى هذا الهدف (المنشود):* أورواسلام *؟
وهلم جرا! لم ألتق بأحد من هؤلاء الناس والدعاة ب (أورواسلام) كان شرح وفسّر لي كل ما تتهم به الاستشراق بأنه على وشك لخلق أرضية لهذه الحركة.
بتحياتي المخلصة
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[16 Feb 2005, 01:54 ص]ـ
تحية للدكتور موراني، وبعد:
سألتُك فقلتُ لك: نرى في كتابات بعض المستشرقين بغضاً وحقداً على الدين الإسلامي، وقد تخلوا من الإنصاف والموضوعية، فما تعليقكم؟
فأجبتني وقلتَ: «فاسمح لي أن أبدأ بسؤال: أين ترى بغضا وحقدا على الدين الاسلامي في كتب المستشرقين؟ أرجوك أن تتفضل بذكر كتاب , فقرة فيه ومؤلفه في آن واحد بغير تعميم».
وهذا جواب ما طلبتم:
أقول: ما ذكرته من أن الاستشراق الحديث يختلف كل الاختلاف عن الاستشراق في القديم، حيث يتصف الاستشراق الحديث بالموضوعية والإنصاف، أقول هذه الدعوى يخالفك فيها مستشرقون آخرون هم محسوبين على الاستشراق الحديث، حيث يرون أن الصورة المشوهة للإسلام والعرب ما زالت مستمرة في الدراسات الاستشراقية الحديثة، ويؤكد هذه الحقيقة «د. ادوارد سعيد» في كتابه «الاستشراق»، حيث ذكر أن الدراسة الموضوعية المتأنية لكتابات المستشرقين في العصر الحديث تؤكد هذه الحقيقة، وهي أن موقف المستشرقين لم يتغير في جوهره عن موقف أسلافهم، وبخاصة موقفهم من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن القرآن الكريم.
ولتأكيد هذه الحقيقة أقدم لك بعض الأمثلة:
1 - المستشرق «ماكدونالد» في مجلة «المنصرين» (1933م) يصف الإسلام بأنه هرطقة آريوسية من الدرجة الثانية.
2 - كتاب «تاريخ الإسلام» لجامعة كامبردج، وهو كتاب ضخم اشترك في تأليفه عدد كبير من المستشرقين المعاصرين، صدر في جزئين سنة (1970م) وفي هذا الكتاب يُردد ما زعمه جمع من المستشرقين منذ نشوء الاستشراق حتى اليوم، وهو أن الإسلام مزيج ثقافي مستعار من عدة ثقافات أخرى يهودية ونصرانية، يونانية وفارسية، بالإضافة إلى ثقافة بيئته الأصلية وهي البيئة العربية الجاهلية.
3 - المستشرق «مونتجمري وات» في كتابه «محمد النبي ورجل الدولة» (1964م): حيث يزعم أن القرآن ليس وحياً، وإنما هو من إنتاج الخيال المبدع كما يسميه، وأن القرآن يعتمد كثيراً على الأخذ من اليهودية والنصرانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[16 Feb 2005, 09:03 ص]ـ
دكتور موراني،
تحية طيبة لشخصك الكريم .. و بعد،
ما رأي سيادتك في نظرية John Wansbrough بخصوص تاريخ الإسلام في القرنين الأول و الثاني بعد الهجرة و التي تقول أن الإسلام كدين، و كذلك القرآن كنص، لم يصل إلى صورته النهائية إلا في أواخر القرن الثاني و أنه لا دليل على أن الذين قاموا بالفتوحات في الشام و العراق و مصر كانوا مسلمين؟
و ما هي قيمة هذه النظرية في الدوائر الاستشراقية؟ و ما هو وزنها العلمي و عدد معتنقيها أو مؤيديها (بالتقريب)؟
و ما هو رأي سيادتك و رأي الدوائر الاستشراقية على العموم في البحث الذي قام به Yehuda Nevo من الجامعة العبرية بالقدس حول مخطوطات القرآن بصحراء النجف اليمينية و الذي يرى أنه يؤيد ما ذهب إليه Wansbrough ؟
ـ[الأصمعي]ــــــــ[16 Feb 2005, 04:56 م]ـ
.
أنا أسألك عن أحد المستشرقين الذي له حظوة عند كثير ممن كتب في الاستشراق والإشادة لبعض ما كتبه ...
ذلكم هو: (جوزيف شاخت)، وما رأيك في بعض أرآئه وبخاصة في السنة، مثل الأسانيد التي تكون عائلية كأحاديث عمرو بن شعيب
وكذلك أحاديث بهز بن حكيم، ونحوها حيث أن (شاخت) يرى أنها مختلقة سندا ومتنا.
وما رأيك بكتابه: (أصول الفقه المحمدي) وكتابه الآخر المدخل إلى الفقه الإسلامي.
وهل كان شاخت فعلا يهوديا؟
وما رايك في كتاب (الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي وتطبيق ذلك على ما كتبه (برنارد لويس).
أرجو أن تكون إجاباتك واضحة.
كما أني أعتقد أن دراسة الاستشراق بدون النظرإلى الظروف المحيطة به، والمصاحبة له، خطأ محض. والكلام في هذا يطول وتجد هذا في
كتابات بعض هؤلاء الاستشراقيين.
تحياتي للإخوة الكرام.
ـ[موراني]ــــــــ[16 Feb 2005, 05:24 م]ـ
لم يكن مؤلف هذا كتاب مستشرقا ولم يدرس المواد الاستشراقية , بل (كما يقال) كان (مفكرا عربيا) ومتخصصا في الأدب الانجليزي. وحكمه وموقفه من الاستشراق الحديث يتركزان على بعض أعمال الاستشراقية باللغة الانجليزية بغير لفط النظر الى الاستشراق الألماني أو الفرنسي وحتى الاسباني حتى ولو بجملة قصيرة.
غير أنه قال كلمة حق ولم يرد بها الا الحق عندما زعم أنّ موقف المستشرقين لم يتغير في جوهره عن موقف أسلافهم , يعني بذلك في الدرجة الأولى موقف المستشرقين من النبي ومن القرآن. الاّ أنه أخطأ عندما زعم أن منهجية الأبحاث لم تتغير. انه كان عاجزا من أن يرى أن المنهجية والاقتراب من العلوم الاسلامية قد تغيّر كما تغيرت الأوضاع بظهور المصادر الجديدة التي لم يتناولها الأسلاف بسبب عدم وجودها في بداية القرن 20 م مثلا.
أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير: الاستشراق لا ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل بل يعتبره (كما سبق لي أن قلت) نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد. وهذه النظرة متواترة في الدراسات الدينية حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا. اذ لا يعتبر الباحث الانجيل (مثلا) كتابا مقدسا في الأبحاث الموضوعية اذ ان اعتبره مقدسا أو حتى وحيا فارق ميدان الموضوعية في البحث. وكيف يعتبره وحيا عندما يجد في بداية كل كتاب فيه اسم مؤلفه الذين نشؤوا ما بين 60 الي110 عام بعد نشاط عيسى! النظرة التأريخية شيء ونظرية الكنيسة وتعاليمها شيء آخر تماما. وهكذا الامر في الدراسات حول القرآن أيضا الذي يعتبر نصا تأريخيا. أنا شخصيا أنصح وأصرّ على النصيحة لطلابي ألا ينسوا أن هذا الكتاب الذي جعلوها موضوعا لدراساتهم ليس نصا فحسب بل هو أيضا وحي لمن يؤمن به ولذلك ليس لي أن أتجاوز حدودا رسمتها الأخلاق كما فرضها عليّ الاحترام تجاه ايمان الآخر به.
عندما ننظر الى الحضارة الاسلامية بعد الانتشار السريع والمذهل للاسلام ديانة جديدة من الحجاز الى بلاد الشام والعرق ومصر خلال ما يقل عن 30 سنة من التأريخ فلا بد أن نعترف بالحقيقة أن لقاء الحضارات والمجتمعات المختلفة بعضها ببعض لم يتم بغير تأثير متبادل , فمن هنا للاسلام وجوه حتى الى يومنا هذا , أم لا يرى المرء المتأمل آثارا فارسيا وهنديا وغيرها في الحضارة العربية؟
لقد قلتم:
الإسلام مزيج ثقافي مستعار من عدة ثقافات أخرى يهودية ونصرانية، يونانية وفارسية , كما جاء ذلك على لسان الاستشراق.
ربما كانت العبارة (مستعار) في غير موضعها. قد يكون من المستحسن أن يقال أنّ الأديان التوحيدية تكمن فيها جميعا عناصر متشابهة وأصول تجمع بين هذه الأديان , وهي فكرة التوحيد. لا أحد يزعم حسب علمي أنّ الاسلام لا ذاتية أصلية له كما لا أحد يزعم أنّ جميع العناصر والأفكار الاخلاقية (مستعارة) من غيره.
ومن يزعم أن الاسلام دينا وحضارة قد نشأ في فراغ بغير علاقة بما حوله من البيئة فتجاهل الوقائع التأريخة المسلّم بها في حضارة البشرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[16 Feb 2005, 08:26 م]ـ
نشر المستشرق الانجليزي Wansbrough كتابين في عامي 1977 و 1978:
Quranic studies
The Sectarian Milieu
لا شك أنهما كانا يتمتعان بشهرة كبيرة بعد نشرهما وكانا موضوع الحوار والنقاش النقدي الحاد
كما يتبين ذلك من خلال عديد من الدراسات النقدية فيهما. أنا شخصيا رفضت الفكرة الأساسية لهذين الكتابين وخاصة ما جاء في (الدراسات القرآنية) حيث يزعم مؤلفه (وأقول ذلك بمنتهى ايجاز في هذا المجال) , أنه ليس هناك مصادر ثابتة تدعم وجود النص القرآني ما قبل عام 200 هـ. كما أن هناك فراغا تأريخيا في مجال السيرة النبوية حتى عام 150 هـ تقريبا (وذلك بالنظر الى تأليف السيرة لابن اسحاق).
بنيت آراء Wansbrough على عدم فهمه لروايات القدماء وعلى عدم ثقته العلمية بالأسانيد في بداية القرن الثاني. ووصل الأمر في ذلك الى أن بعض طلابه وأتباعه لم يتبنوا ما قمت بتقديمه من الدلائل الثابتة والمقنعة لنشأة كتب التفسير كمؤلفات مستقلة ما قبل هذا (التأريخ السحري ـ كما سميته أنا) يعني عام 200! وذلك بمناسبة تخريج كتب التفسير لابن وهب باسانيد ابن وهب التي تعود بنا الي بداية القرن الثاني باعتباره جامعا لهذا التفسير من شيوخه. لقد جرى الحديث حول ذلك في هذا الملتقى.
أما Nevo فلم يفهم فكرة Wansbrough فهما صحيحا. نظريته باطلة من أولها الى آخرها.
الفكرة الرئيسية لديه أن عدم وجود ذكر محمد في الكتابات القديمة ما قبل عام 71 هـ , كما هو الحال في النقوش في صحراء النقب ( Negev ) دليل على وجود فكرة التوحيد فحسب ولا يثبت وجود الاسلام في ذلك الوقت ..... لا أريد أتدخل في هذه التفاصيل الباطلة اذ هناك عدد من المستشرقين قد رفضوا هذا المظنون الخاطيء منهم من يحسن اللغات القيمة السائدة في تلك الفتلرة في المناطق شمال الحجاز والتي لم يعرفها Nevo .
لقد أتيحت الفرصة لي أن أتحدث اليه وأناقش معه شخصيا هذه الآراء الخاطئة وعدم صلاحية الأخذ بآراء
Wansbrough لديه, وذلك قبل ما ألقى محاضرته في جامعة القدس التي انتهت بخروج المشاركين القائلين:
هذا كارثة عظيمة!
توفي Nevo عام 1992 ونشرت دراسته عام 1994 على 32 صفحة في المجلة الاستشراقية بالقدس.
وهناك دراسات نقدية على ما جاء به على يد بعض المستشرقين في الولايات المتحدة وانجلترا وهي تبين عدم صلاحية هذه النظرية التي بنيت على نتائج عدة من الحفريات في شمال الحجاز وفي النقب بتجاهل عديدا من الكتابات التي نشرت قبل العقود من نواحي المدينة المنورة ومن المناطق الأخرى القريبة منها.
في النهاية أود أن أذكر أن Nevo لم يدرس المواد الاستشراقية ولم يتعمق في فراءة كتب القدماء في التأريخ , بل كان صاحب الحفريات.
هناك عدد كبير من المخطوطات وألواح متبقية من مصاحف من القرن الأول الهجري (مثلا باليمن) وغيرها مكتوبة على البردي وكلها دلائل قاطعة على عدم صلاحية الفكرة الرئيسية لدى هذين الرجلين.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[16 Feb 2005, 11:18 م]ـ
قد نحسن الظن بالاستشراق الحديث، وقد تتغير بعض القناعات تجاه الاستشراق عموماً، لكن عندما نتذكر الأسلاف وماضيهم، نتذكر سوء النوايا، والكذب المتعمد في دراساتهم، والتي تكشر بأنيابها عن حقد دفين، بعيداً عن الموضوعية والبحث عن الحقيقة، والتي نقدر لكل من يبحث عنها جهده وقناعاته التي توصل إليها.
إن تلك الحقبة المظلمة جعلتنا نشكك دائماً في نوايا الاستشراق الحديث، وهذا ما يؤمن به كثير من المثقفين المعاصرين؛ حيث يرون أن الاستشراق في القديم كان يُركز بوضوح على مواطن الشبه في الدين الإسلامي، لينفذ منها للتشكيك والطعن في صحة هذا الدين.
ولما رأى الاستشراق الحديث أن هذه المحاولات قد باءت بالفشل، فلم تلقَ آذاناً صاغية من قبل كثير من المسلمين، بل قوبلت بالاكتراث وعدم المبالاة بها، واستطاع كشف زيفها البسطاء من المسلمين فضلاً عن المختصين منهم.
لما رأى المستشرقون هذه الحقيقة لجئوا إلى أسلوب آخر لكسب الثقة، وتغيير قناعات كثير من المسلمين، ذلك الأسلوب هو محاولة الظهور بزي الإنصاف والموضوعية ليستطيعوا كسب عدد أكبر من المتعلمين والمتخصصين من المسلمين، وبالتالي يسهل النفوذ إلى عقول هؤلاء لبث الشبه والشكوك وتغيير القناعات تجاه دينهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا ما يؤمن به كثير من المثقفين المعاصرين، وأعتقد أن قناعاتهم هذه لم تخرج من فراغ، وحسبك وصية النبي صلى الله عليه وسلم لهم: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين».
قد تطالبني بإثبات هذه الحقيقة؛ فأطالبك بإثبات نفي هذه الحقيقة، ونحن نملك من الأدلة ماضٍ يؤكد هذه الحقيقة، ولن نحسن الظن إلا بعد أن تمضي عشرات القرون لتثبت حسن النوايا، وقد لا نحسن الظن وإن مضت.
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 12:01 ص]ـ
نعم , هذا ردّ خاص على مشاركتكم الأخيرة لسبب واحد: وهو اننا من الآن على وشك الخروج
من المباديء العلمية المرغوب فيها في هذا الملتقى عموما وليس في هذا اللقاء فحسب.
عندما تقصد بسوء النوايا والكذب المتعمد (كذا) في دراسات المستشرقين التي فيها حقد دفين كما تقولون , فلا أراني الاّ واتنم تريدون أن الاشارة الى القرون الوسطى عندما سيطرت الدولة العثمانية علي نصف أوروبا.
لا أسمي ذلك باستشراق بل بمجادلة حادة ضد كل ما لم يكن وقتذاك نصرانيا. وهذا كان موجودا بلا شك في ظروف تأريخية معينة. أم تقصدون بـ (ـالحقبة المظلمة) الاستشراق الأكاديمي الجامعي مثلا في القرنين 19 م و20 م؟ والكذب المتعمد لديهم لأي سبب؟ لكي يبث الباحث الشكوك في قلوب المسلمين تجاه دينهم؟ قل لي صراحة: لماذا أراد , كما تزعم , المستشرق في الماضي أن يثير شكوكا لدى المسلمين؟ لكي يتنصروا؟ في حينه يجب أن لا تنسى أن كبار المستشرقين كان أصلهم في اليهودية تربية وتعليما غير أنهم لم يكونوا متديّنين (حسب معايير الفئات الدينية لديهم).
أما رأيكم في المستشرقين في الحاضر:
فهنا أتكلم عن نفسي فقط: ما هي الدوافع لي لكي اكسب الثقة من المسلمين أو لكسب عدد أكبر من التعلمين والمثقفين من طريق دراساتي ومن طريق ابداء آرائي في العلم؟ هل تظن أن العلم والبحث عبارة عن المجاملة؟ كلا! بل هو الطريق الى معرفة الآخر أكثر وأكثر ولا من أجل اقناعه بما أرى بعيدا عن المعايير الدينية التي أحترمها مهما كانت. اذا: ماذا أكسب؟
ربما تتفضلون بالابتعاد عن ملاحظات التعميم في أمور العلم والبحث والحكم فيه.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 01:46 ص]ـ
أحسنت دكتور موراني
فهل من الممكن الإلتفات إلى تساؤلاتي السابقة؟
فستساعدك تلك الإجابات في كشف كثير من الالتباس فيما بعدها من تساؤلات.
مع تحياتي.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[17 Feb 2005, 02:12 م]ـ
د. موراني:
لقد عهدت فيك حُلُماً وأناة، فماذا دهاك؟
إن كنتُ قلتُ الحقيقة، فلماذا تستثيرك الحقيقة؟
وإن كنتُ جانبتُ الصواب، فهلا أبنت لنا الحقيقة، والتي لم يُجرى هذا الحوار إلا من أجلها؟
لا زلتُ أفضل البقاء ومزيدٍ من النقاش، ولكن إن رغبت في ذلك.
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 03:04 م]ـ
أحمد القصير , مرحبا بك دائما.
لقد أدخلت في هذا الحوار عبارات ومصطلحات ليست في موضعها في تبادل الآراء المثمر
مثل (سوء النوايا والكذب المتعمد في دراسات المستشرقين التي فيها حقد دفين) وغيرها.
ليست هناك دراسات علمية يتعمد فيها صاحبها على الكذب أوالكذيب , ربما كان فيه تقصير في ادراك القضايا الني تناولها.
أما (حقد دفين) , فحقد على من؟ على المسلم بسبب عقيدته التي تختلف عن عقيدة صاحب الدراسة الحاقد ..... ان كانت لديه عقيدة ما على الاطلاق.
وكان امتداد هذه النظرية التى لا أساس لها الافتراض أن الاستشراق الحديث ينوي (كسب) المثقفين العرب.
لقد أجبت على هذه الاستطالة بلا دلائل كما رأيته ملائما: برفضها , لكي نعود بالحديث الى ما كنا عليه.
وفقك الله
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[17 Feb 2005, 03:25 م]ـ
جزى الله خيرا الشيخ أحمد القصير وردا على الدكتور موراني
إذا كان الإستشراق الحديث كما تزعمون! فأين بقي الفهم السليم لهذه الحضارة العظيمة؟ أين بقي الإنصاف؟ لماذا لم تأخذالمجتمعات الغربية من الدراسات الإستشراقية إلا الشبهات والرزايا والبلايا بل بقيت طيلة هذه القرون تجهل حقيقة الإسلام؟ ودعنا من المجتمعات يا دكتور أين هو أثر الدراسات الإستشراقية المنصفة على حد قولكم على فئة المثقفين والأكادميين الألمان!!!
بل إن الحقيقة أن ما نشاهده منذ زمن هو شبه وهجمات على الإسلام. ولما قلت أن الإستشراق هو الأرضية لاستنساخ دين جديد فذلك لم يأت من فراغ
كيف تفسرون يا دكتور استعانة وزارة الداخلية الألمانية بالمستشرقين لفهم الساحة الإسلامية العالمية؟ كل الساسة يعتمدون في تحليلاتهم وآرائهم المتعلقة بالقضايا الإسلامية على المستشرقين لا على المنهزمين أو المنتسبين إلى الإسلام؟ فمثلا لما حدثت ضجةإعلامية كبيرة حول الحجاب ألم يبث بعض المستشرقين شبهات بأن الحجاب هو خاص بأمهات المؤمنين وأن النصوص القرآنية لا تشير بصراحة إلى أن الحجاب ملزم لكل مسلمة؟ فأين بقي آنذاك صوت الإستشراق الكلاسيكي الذي يعتمد على الإنصاف والحقائق العلمية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 03:39 م]ـ
أمين نور شريف , حفظك الله ,
ما نشاهده منذ زمن هو شبه وهجمات على الإسلام:
سؤالي: أين؟ من كتب هكذا على المستوى الأكاديمي؟
أنا لا أعرف مستشرقا استعانت به وزارة الداخلية , بل أعرف عددا اسما
وهم العرب يلعبون دورهم مترجما في المحاكم ويترجمون وثائق.
لم تصلنا في الكلية أي اسفسار من جانب الدولة منذ أعمالي بالكلية أكثر من 30 سنة.
أما مسألة الحجاب فهي مختلف عليها حتى بين المسلمين في ألمانيا وفي كتابات بعض المثقفين العرب.
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 04:47 م]ـ
اجابة اضافية على أمين نور شريف ,
لقد عطّلت قبل قليل من اكمال اجابتي عليكم:
بعد الأحداث من 11 سبتمبر كثر الكلام حول الاسلام والمسلمين بصورة عامة وخرج أصحاب الحوار والمجادلات الحادة التي أجريت بين حين وآخر من ميدان الموضوعية والانصاف لقلة معرفتهم في أمور الدين والدنيا.
نظمت في كليتنا سلسلة من المحاضرات القاها بعض المستشرقين ورجال السياسة والاعلام
وممثلو الهيئات والمنظمات الاسلامية في البلاد الذين لا يجدون سبيلا أن يتفقوا بينهم على كلمة واحدة منذ
انشاء هذه المنظمات والروابط الهيئات.
لقد أبرز الجانب الاستشراقي في هذه الندوة أن المستشرقين لم يقوموا باعطاء صورة واضحة عن الاسلام كديانة وعن التعاليم التي يتبعها المسلمون في البلاد , بل بدلا من ذلك انسحب الاستشراق من الساحة العامة الى برج العاج في الكليات والمعاهد.
وهذا هو الوضع فعلا وهذا الوضع مستمر منذ عقود طويلة.
ربما توضح لك هذه الملحوظة شيئا مما سألت عنه.
ولكي أكون منصفا: لقد سئلت عدة مرات من جانب فئات مختلقة عامة وخاصة عما اذا كنت على استعداد لالقاء محاضرات حول كون الاسلام وتأريخه ومزاياه وذلك بعد الأحداث من 11 سبتمبر خاصة.
فرفضت جميع هذه الاقتراحات , لكى لا يجعلني أحد قريبا من السياسية في مجرى هذه الأحداث.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[17 Feb 2005, 05:45 م]ـ
الاستاذ موراني: اشكرك على التجاوب السريع مع ما يطرحه الأخوة وارجو أن لا تضيق ذرعاً بما يطرح , ففي هذا الللقاء فرصة نادرة لطرح مكنونات النفوس تجاه هذا الموضوع الحساس مع من يعنيه الأمر. ومداخلتي كالتالي:
عندما نشأة المدرسة العقلية على يد جمال الدين الأفغاني كان لأفكارها صدى كبيراً عند المستشرقين فهذا جب الانجليزي يثني عليها لانها برأيه: ترمي إلى تأويل العقائد الإسلامية وتنقيحها ثم ذكر: أن الأب بانيرث المبشر يرى ان تقابل هذه الحركة الإصلاحية من المسيحية الغربية بالتشجيع " مجلة المجتمع عدد 364
وقال عن محمد عبده: إن عظمة اسمه قد ساهمت في نشر أخبار لم تكن تنتشر من قبل ثم إنه قد أقام جسراً من فوق الهوة السحيقة بين التعليم التقليدي والتعليم العقلي المستورد من اوربا الأمر الذي مهد للطالب المسلم أن يدرس في الجامعات الأوربية دون خشية من مخالفة معتقده. الاتجاهات الحديثة في الاسلام لجب ص 70
الا تلاحظ في الكلام المتقدم ربطاً بين الاستشراق والتبشير, وشاهداً للشعور السائد عند المسلمين تجاه الاستشراق واهدافه, بالإضافة إلى الدعاية للجانب العقلي , والحرص على جعله المقدم في معتقد المسلمين , وربما لا يخفاك خطورة هذا على المسلمين, والعقل كما تعلم لا ينكره الاسلام وإنما جعله في موضعه المناسب.
ـ[موراني]ــــــــ[17 Feb 2005, 07:01 م]ـ
أحمد البريدي المحترم ,
أشكر لك على ما ذكرتم بدقة احالة فيه على المصادر.
في الحقيقة الأمر ليس لي علم بمكانة الأفغاني ومحمد عبد ومنزلتهما بين المسلمين اليوم
كما لا أستطيع أن أقدّر أهمية , أو عدم أهمية , تفسير المنار خاصة , مجلة المنار بصورة عامة لأنني لم أتابع
هذه الجوانب في أعمالي ولم أهتم بما يقول المسلم المعاصر في هذين الرجلين.
كل ما أعلم أن كلا الرجلين من أبرز الشخصيات في النهضة العربية في في أواخر القرن 19 م وبداية القرن 20 م وهنا أذكر أيضا رشيد رضا.
في طبيعة الحال رحبت الدوائر الأوروبية بهذه الحركة بما فيها المستشرقين الذين اهتموا في ذلك الوقت بهذه الحركة الفكرية مثل هـ. جب الانجليزي.
لقد ذكرتم , كما قال جب:
ان تقابل هذه الحركة الإصلاحية من المسيحية الغربية بالتشجيع ....
ثم:
أقام جسراً (أي محمد عبده) من فوق الهوة السحيقة بين التعليم التقليدي والتعليم العقلي المستورد من اوربا الأمر الذي مهد للطالب المسلم أن يدرس في الجامعات الأوربية دون خشية من مخالفة معتقده
لا أرى في هذين القولين اشارة مباشرة أو غير مباشرة الى نية التبشير , بل أرى فيهما عدم نية التبشير: .......... المسلم أن يدرس في الجامعات الأوربية دون خشية من مخالفة معتقده
بكل احترامي لكم وغيركم: انني لا ألاحظ في الكلام المتقدم ربطاً بين الاستشراق والتبشير , بل ألاحظ فيه الموقف الايجابي لدى الأوروبيين من حركة النهضة ما دار فيها من الحوار بين المثقفين (الاسلاميين) والمثقفين (الغربيين) العرب في مصر على وجه الخصوص بمن فيهم مثل خالد محمد خالد ومحمد الغزالي , علي عبد الرازق.
أما الاستشراق أو المستشرق بعينه فلا أعتقد أنه قام بتبشير المسلمين. فمن قام بحاولة هذا الأمر (المرفوض في نظري) فهم مستشرقون تابعون حينذاك للمدارس الكنيسية الخاصة بهم كما ذكرت ذلك بمناسبة أخرى قبل مدة في هذا الملتقى كما أذكر.
وختاما: قضيت الى الآن 35 سنة في كليتنا وتعرفت على المدراء القدماء الذين تولوا أمور المعهد الاستشراقي منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية وكانوا متقاعدين عند انضمامي الى المعهد. لم يبشّر واحد منهم أحدا من الطلاب العرب الذين تعلموا في معهدنا قديما وحديثا. أما اليوم فيزدادون عددا كل عام .... (دون خشية من مخالفة معتقدهم).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[18 Feb 2005, 02:33 ص]ـ
ذكرتم في حديثكم السابق بعضاً من خصائص الاستشراق الحديث، ومنها: الموضوعية والإنصاف.
فدعنا نتحدث عن بعض الحقائق القرآنية وموقف الاستشراق منها.
ولعلي أخص واحدة من تلك الحقائق، وهي إعجاز القرآن الكريم، وسأختار الإعجاز العلمي لتميزه وسهولة فهمه:
أقول: لعلكم اطلعتم على شيء من الإعجاز العلمي في القرآن، ولعلكم وقفتم على بعض الحقائق العلمية التي أثبتها العلم الحديث، والتي أشار إليها القرآن الكريم بالدقة والتفصيل مما لا يدع مجالاً للشك بإلهية هذا القرآن، وأن بشراً في عصر النبوة لا يمكن أن يتوصل لمثل هذه الحقائق إلا عن طريق الوحي.
أمام هذه الحقائق الشاهدة على إلهية القرآن كيف يقف المستشرقون عموماً؟ وكيف تفسرونها أنتم في نظركم الخاص؟
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[18 Feb 2005, 03:07 ص]ـ
سؤال الشيخ احمد القصير مهم جدًا و أود أن أضيف إليه سؤالاً آخر: ما هي القيمة العلمية حاليًا في الدوائر الاستشلراقية لدراسات نولدكة اللغوية في القرآن و التي وصف فيها بعض الظواهر اللغوية القرآنية مثل الالتفات بأنها عيوب لغوية؟
هذا السؤال مهم جدًا لأن هذه الدراسات و أمثالها يستعملها العاملون في مجال التنصير بغزارة للطعن في لغة القرآن.
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[18 Feb 2005, 12:45 م]ـ
ما قول المستشرق ضيف المنتدى الدكتور موراني في مقولة ان العقل المسلم لم يتحدث عن الاخلاق؟ و كل ما كتبوه عن الاخلاق منقول اما من الحضارة الفارسية او من افكار الفلسفة اليونانية؟ و الاستشهاد بعدم وجود كلمة ضمير في الكتابات الاسلامية على غياب مفهوم واضح للاخلاق عند المسلمين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Feb 2005, 08:14 م]ـ
لستُ أدري هل لكلامي هذا مناسبةٌ أم لا، لكنني أَودُّ أولاً أن أشكرَ جَميعَ مَنْ شارك في هذا الحوار وما يزالُ، وأشكرُ الدكتور موراني على أجوبتهِ المتلاحقة.
و حرصاً على ثمرة هذا اللقاءِ، وعلى استمرارِ هذا الجوِّ الهاديء المؤدَّبِ الوقورِ الذي يُميزُكم ويُميزُ ملتقاكم وفقكم الله جَميعاً - أُحِبُّ التأكيدَ على أمورٍ:
أولاً: موضوع الحوار مُحدَّدٌ، وهو (الواقع المعاصر للدراسات الاستشراقية). وليس عن الاستشراق عموماً، وبالتالي فإن الأسئلة التي تخرج عن هذا رُبَّما لا يُجابُ عليها. لأهمية التركيز على الموضوع.
ثانياً: الدكتور ميكلوش موراني - كما هو ظاهر من ترجمته - قد تخصصَ في مؤلفات ومخطوطات الفقه المالكي في فترة زمنية معينة، وبحوثه ودراسات الأكاديمية تدل على ذلك. وبالتالي فإن مطالبته بالإجابة عن كل ما يَخُصُّ الاستشراقَ، وتَخصصاتِ المستشرقين على اختلاف جنسياتهم وأهدافهم لا ثَمرةَ له ولا مبرر، وهو لا يَملك الإجابةَ عن كل هذه الأسئلة، وهناك دراسات متخصصة، ورسائل علمية ناقشت هذه القضايا وهي تباع في الأسواق.
ثالثاً: قد يَفهمُ البعضُ من هذا اللقاء فَهماً خاطئاً، أو لم يكن مقصوداً لنا، والذي قصدناه من حوار الدكتور موراني، هو الوقوفَ على الواقع المعاصر للدراسات الاستشراقية بِحَسب ما يعرفه الدكتور موراني، وبحسب خِبْرَتهِ في العمل الاستشراقي لمدةٍ تزيد على أربعين عاماً. ولا شكَّ أَنَّ اللقاءَ قد أَلقى الضوءَ على كثيرٍ من هذه الجوانب. وننتظر منكم من الأسئلةِ ما يُجلِّي هذه الجوانب، دون الدخول في مسائل لا علاقةَ لها بِموضوعنا، وربما يَجِدُ الدكتور موراني حَرَجاً في التعرضِ لها والإجابة عليها.
رابعاً: الدكتور موراني في أجوبته يعبر عن رأيه الخاص، وهو يؤكد ذلك، ولا يمثلُ أَيَّ جهةٍ رسْميَّةٍ، ولا يُمثلُ بقيةَ المستشرقين على اختلاف اتجاهاتهم. وليس الاستشراق من الأمور الغامضة التي تخفى على الدارسين من أمثالكم، غير أَنَّ هناك مفاهيمَ خاطئةً عن الاستشراق رأى أَنَّها لم تُفْهَم على وجهها فحاول تصحيحها من وجهةِ نَظرهِ، وبالتالي فإن أجوبتَه لا يُمكنُ تعميمها على كل المستشرقين ومعاهدهم ومؤلفاتهم فهي من الكثرة بحيث لا يمكن لواحدٍ أن يُحيطَ بها، وبنوايا مَنْ كَتَبَها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والإنصافُ يقتضينا ذكرَ مَحاسنِ المستشرقينِ والتنبيهَ على أخطائهم، كما يُنبَّه على خطأِ المسلم في كتابته وتصنيفه. وقد كان العلماءُ المسلمون الذين عاصروا المستشرقين في القرن الماضي أكثرَ وعياً مِنْ كَثيرٍ مِنّا الآن. حيث لَمَسوا عن قُربٍ حرصَ بعضِ العلماءِ المستشرقين على نَشرِ التراث الإسلامي نشراً أَميناً يدلُّ على عُلوِّ الهمَّةِ، وصدقِ الرغبةِ في خدمة العلم لذاتِ العلم لا لأهدافٍ أخرى. ويحضرني من ذلك ثلاثة أمثلة:
الأول: ما صنعه المستشرق الألماني فلوجل في معجمه (نجوم الفرقان في أطراف القرآن) الذي أقام الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي كتابه (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) عليه. حيث أثنى عليه عبدالباقي في مقدمته فقال: (وإذا كان خير ما ألف، وأكثره استيعاباً في هذا الفن، دون منازع ولا معارض، هو كتاب (نجوم الفرقان في أطراف القرآن) لمؤلفه المستشرق فلوجل الألماني، الذي طبع أول مرة عام 1842م فقد اعتضدت به وجعلته أساساً لمعجمي). وهذا دلالة على إنصاف الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي الذي قام بجهود عظيمة في خدمة القرآن والسنة ربما عجزت عن قريب منها مؤسسات ومعاهد.
الثاني: المستشرق الدكتور ف. كرنكو الذي حقَّقَ كتاب (المعاني الكبير) لابن قتيبة الدينوري (ت276هـ) رحمه الله، ثم بعثه لدائرة المعارف العثمانية في حيدر أباد الدكن لطباعته. فقام بمراجعته الشيخ عبدالرحمن بن يحيى العتمي المعلمي اليماني رحمه الله المتوفى سنة 1386هـ. وكتب في مقدمته: (جُلُّ الفضل في إحياء هذا الكتاب الجليلِ لجناب المستشرق الكبير الدكتور كرنكو، وذلك أنَّ الباحثين لم يجدوا لهذا الكتاب أثراً في مكاتب العالم إلا أنهم عثروا على جزء منه في خزانة أيا صوفيا باستانبول رقم 4050 وجزء آخر بمكتب الهند بلندن في القسم العربي رقم 1155 فظفر الدكتور كرنكو عند بعض أصدقائه بنسخةٍ مأخوذةٍ بالتصوير الشمسي عن جزء أيا صوفيا فبادر إلى انتساخها بخط يده، ثم دعته هِمُّته العاليةُ ورغبتهُ الصادقة في إحياء العلم ونشره، إلى تكميل الموجود من الكتاب فنسخ الجزء الثاني من جزء مكتب الهند فحصلتْ له نسخةٌ تحتوي على الجزئين ... ولما رأى الدكتور ما في الأصل من كثرة الخطأ والتصحيف شَمَّر عن ساعد الجدِّ، وبذل غايةَ الجهد في تصحيح نسختهِ، وضَحَّى مقابلَ ذلك بمدةٍ ثَمينةٍ من وقتهِ، صرفها في تقليب المعاجم، وتتبعِ المظانِّ من الكتبِ المطبوعة والخطية التي لم تطبع بعدُ، كما ترى دليل ذلك في تعليقاته القيمة، وبالغ في الاعتناء بتخريج أبيات الكتاب، ولا يَخفى على من زاول مثل ذلك ما فيه من المشقة الشديدة، ثم أكمل ذلك بترتيب الفهارس المتعددة كما يأتي. ثم بعث حضرة الدكتور كرنكو بنسخته المصححة إلى إدارتنا العلمية (دائرة المعارف العثمانية) للطبع، وذكر ما قاساه من سُقْمِ الأصل وأَنَّه مع ما عاناه وبذله من المجهود العظيم في تصحيح النسخة لا يثق بأنه لم يبق في النسخة شيءٌ من الغلط، فأحيلت النسخة إلى كاتب هذه الكلمة – المعلمي – فتصفحتُ الكتابَ،واستدركت بعض ما بقي بحسب ما بلغه علمي، على ما تيسر واتسع له الوقت المقرر)
إلى أن قال: (أكثرُ التعليقات من إفادات حضرة الدكتور كرنكو وبعض التعليقات بقلم كاتب هذه الكلمة وتمتاز في المطبوعة بعلامة في أواخرها وهي حرف (ي) ... علينا وعلى جَميع العالم الأدبي تقديم الشكر الجزيل لحضرة المستشرق الجليل البحاثة الدكتور كرنكو فإن له الفضل في إحياء هذا الأثر الثمين مع ما بذله من المجهود البالغ في تصحيحه والتعليق عليه وترتيب فهارسه، مؤملين أن لا يزال يقدم للعلم وأهله أمثال هذه التحف السنية).
انظر: كتاب المعاني الكبير لابن قتيبة (ت276هـ) مقدمة المعلمي.
وأدب المعلمي، وتقديره لجهد المستشرق كرنكو ظاهرٌ لا يخفى في كلامه رحمه الله، هذا مع أَنَّ المعلمي من أبرز من كتب الردود العلمية على الطاعنين في السنة وأهل العلم من المنتسبين للعلم من المسلمين، كما في كتابيه في الرد على أبي رية، والكوثري، ومع ذلك لم يغمط المستشرقَ فضلَهُ وجُهدَه بل وكرر ذلك وأعاده.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث: ومثالٌ آخر ما صنعهُ المستشرقُ الألمانيُّ رودولف جاير في تحقيقه لديوان الأعشى. الذي اعتمد عليه الدكتور الجليل محمد محمد حسين رحمه الله ونشره عام 1370 هـ وقال منوهاً بالطبعة الأولى للديوان: (وقد نشر المستشرق الألماني رودولف جاير هذا الديوان للمرة الأولى سنة 1928، نشره عن ست نسخ، هي كل ما أمكن جمعه من النسخ المخطوطة للديوان، واستعان بعدد ضخم من الكتب العربية بلغ في مجموعه خمسمائة وتسعة وستين مؤلفاً، استخرج منها جميعاً كل ما روي للأعشى من شعر، وأثبت في الملحقات رواية كل بيت من أبيات الديوان جاء ذكره في واحد من هذه الكتب، مع قراءات النسخ المختلفة.
والواقع أنَّ مجهود الناشر للديوان يُعتَبَرُ مثالاً للدقةِ، وللأمانةِ العلميَّةِ،وللجَلَدِ على العمل الطويل الذي اتصل في خدمة هذا الكتابِ أربعينَ عاماً، وقد اعتمدتُ على هذا المَجهودِ القيّم في طبعتي هذه، فبدأتُ من حيثُ انتهى جاير، ولذلك كان من حقِّ هذا المستشرق عليَّ أَنْ أعتَبِرَ عملي في الديوان إِتْماماً لِمَجهوده المضني، وثَمرةً لِعَمَله المتصلِ الدءوب). ثم قال في ختام مقدمته: (وأخيراً فقد رأيتُ إِتماماً للفائدةِ أن أضعَ بين يدي القارئ ترجمةً عربيةً لمقدمة جاير الألمانية، فهي – على ما فيها من نَفْعٍ – دَرْسٌ خُلُقيٌّ رفيعٌ في إنكارِ الذات، والتفاني في خدمة العلمِ، وحَمْلِ أمانته حتى الموت)!
وكلام الدكتور محمد محمد حسين ظاهر لا يحتاج إلى تعليقٍ، ومن يعرف كتابات الدكتورمحمد محمد حسين في نقده للمذاهب الأدبية المعاصرة التي شوهت الأدبَ، وحَمَلَ رايتها كثيرٌ من المنتسبين للإسلام، وحِدُّتُه في ذلك، ثُمَّ قرأَ ما كتبه أعلاهُ يعلمُ مقدارَ الإنصافِ الذي تَحلَّى به ذلك القَلَمُ عليهِ رحمةُ الله وغَفَرَ له.
وقد سقت هذه النقول على طولها، لأنتهز هذه الفرصة وهذا اللقاء، لنستفيد من أدب الإنصاف هذا، فإنَّهُ درسٌ ثَمينٌ يُحرَصُ عليه، وقَلَّ من تنبه له في الحوارات والمنتديات العلمية، مع مسيس الحاجة إليه، وقد اشتدت حاجتنا إليه في هذه الأزمنة التي كثر فيها الجدلُ، واحتدم فيها النقاشُ حول كثيرٍ من القضايا العلمية وغيرها، فطغى علوُّ الصوتِ، ونَبْرَةُ الخطاب، على الرغبةِ الصادقةِ في العلم، والوصول إلى الحق والفائدة.
ونحنُ في شبكة التفسير وملتقى التفسير لسنا مُولعينَ بإثارةِ العواصفِ، ونبش الدفائن؛ لأنَّ الحديث عن التجاربِ والخبرات العلميةِ حديثٌ موضوعيٌّ، لا يُؤتي ثِمارَه في عواصفِ الضجيج والحِدَّةِ، ولكنَّه يصلُ إلى غايته في جَوٍّ من الهدوءِ العاقل، حينَ يتحدثُ الكاتبُ عن مسائل العلم في جوٍّ مُشبعٍ بالعطفِ والتقدير، مع مراعاة الحَيدةِ التامَّةِ؛ لأَنَّ التعصب للخطأِ طفولةٌ فكريةٌ لا مَجالَ للرجوع إليها بعد وضوحِ الحقِّ، وبيان الدليل، والرغبة الصادقة في المعرفة. والكلمةُ الأخيرة في كثيرٍ من القضايا لم تُقَلْ بَعدُ، ما دامت هناك أوجهٌ للنظر تلوحُ للدارسين بعد الخفاءِ، ولكنَّ الحلقات المتصلة من المناقشة والحوار العلمي فيما بيننا تُسهمُ في تحقيق الغاية المبتغاة، وحوارُنا هذا من تلك الحلقات إن شاء الله.
أقول هذا وأنا في غاية الحرجِ منكم؛ لتقدمي بينَ يديكم وأنتم أولى بإرشادي، وأسألُ الله أَنَّ يرزقنا جَميعاً الإخلاصَ في القول والعمل، وأن يرزقنا العلم النافع، وأن يغفر لنا الزلل والخطأ إنه غفور رحيم.
ـ[موراني]ــــــــ[19 Feb 2005, 01:45 م]ـ
فيما يتعلق باعجاز القرآن واثبات الهية القرآن والحقائق التي فيه , فلا ينتطلق الاستشراق
من المصطلحات مثل (الهية) و (حقائق) , هذا من ناحية. ليس هناك دين ولا نبي بدون معجزات , ويري الاسلام في القرآن المعجزة الكبرى وهو موقف يعترف به كل ذي عقل من غير أن يؤمن بالـ (ـحقائق)
من ناحية أخرى يجب أن أعترف بانني لم أشتغل كثيرا في مسألة اعجاز القرآن غير أن هناك مستشرقين متخصصين في علوم القرآن لهم نصيب في هذا العلم , مثل المستشرقة الألمانية Neuwirth في الحاضر (كانت مديرة للمعهد الاستشراقي الألماني في بيروت سابقا).
أنا شخصيا أرى في هذه النظرية أهمية كبيرة للبحث العلمي في تأريخ النبوة وفي الفهوم الذاتي لنبي الاسلام كما جاء في الآيات المعنية خاصة في مخاطبة المشركين والكفار وأهل الكتاب حيث تذكر عدة آيات كلام الذين لا يؤمنون والردّ عليهم. هذه الآيات هي أثبت الوثائق للنبوة. وهنا أود أن اكرر أنّ النبوة لا يشك أحد فيها اذ هذا هو المنطلق الأساسي للفهم الصحيح القرآن بغير أن أناقش مسألة الهية الكتاب لأنّ ذلك يدخل من باب العقيدة والايمان الشخصي وهذا الأخير ليس أساسا للبحث. من المسلم به أنّ كثيرا من القدماء قد اختلفوا في فهم اعجاز القرآن وفي تفسيره. فاذا اختلف القدماء في فهمه وعرضه ومن حقنا أن تختلف فيه أيضا عرضا وفهما.
لقد كتب طالب في معهدنا عام 1994 رسالة الماجستير حول نظرية الاعجاز منطلقا من كتاب حجج النبوة للجاحظ (رسائل الجاحظ , ج 3 بتحقيق عبد السلام هارون). وذكر في مقدمة الدراسة:
انه من المسلّم به أن المسلمين يرون في القرآن معجزة , وهذا الواقع يجب علينا أن تحترمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[19 Feb 2005, 02:16 م]ـ
تنبيه قيّم. ( http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=11238&postcount=41)
ـ[موراني]ــــــــ[19 Feb 2005, 04:48 م]ـ
فيما يتعلق بدراسات نولدكه حول لغة القرآن (القرآن والعربية) , فهي دراسات لغوية وأيضا مقارنة باللغات السامية الأخرى فهي تعتبر حتى اليوم من الأعمال المعتمد عليها في االدراسات الحديثة. لا يقول نولدمه انّ في الفرآن (عيوب لغوية) , بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمالا متناقضة لغويا ليس لها مثيل عند الشعراء وفي لغتهم. ويتأسف على أنّ كتاب القراءات للطبري بقي في حكم المفقود.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[19 Feb 2005, 07:19 م]ـ
د. موراني
تحية طيبة وبعد:
على ضوء تعاملكم مع المخطوطات في المكتبات الألمانية، هل لكم أن تحدثونا عن:
1 - كيفية فهرسة المخطوطات العربية في تلك المكتبات.
2 - وعن إمكانية الاستفادة منها من قبل العرب المسلمين.
3 - وهل استوعبت الفهارس جميع المخطوطات؟ أم أن هناك مخطوطات ترونها من الأهمية بمكان ولم تدرج ضمن الفهارس، أو أدرجت ولكن بغير اسم مؤلفيها، أو بتغيير العنوان.
4 - وهل لكم أن تحدثونا عن أهم المكتبات في ألمانيا والتي ترون أنها تحتوي على عدد أكبر من المخطوطات الإسلامية.
5 - وهل لهذه المكتبات مواقع على الشبكة يمكن الاستفادة منها في مجال المخطوطات؟
ـ[موراني]ــــــــ[19 Feb 2005, 10:16 م]ـ
من أهم أعمال المستشرقين الألمان جمع المخطوطات العربية وتنسيق الفهارس لها منذ القرن 19 م الى اليوم. لكي أذكر أهم المكتبات التي يجد الباحث فيها تحفا من التراث هي:
مكتبة برلين الدولية
مكتبة مونيخ في ولاية بواريا
مكتبة الجامعة في لايبزيج
مكتبة جوتا.
لجميع المكتبات فهارس خاصة للمخطوطات العربية مطبوعا وعلى صيغة فهارس داخلية غير مطبوعة في المكتبة.
يمكن زيارة هذه المكتبات المذكورة في أوقات العمل الرسمية وكل من يرغب في قراءة المخطوطات يجب عليه فحسب أن يطلب المخطوط كما جاء ذكره في الفهارس وأن يكون عنده أوراق رسمية مثل جواز السفر الخ. ليس هناك تمييز بين الباحث هذا وذاك , عربيا مسلما كان أو غيره. من خدمات هذه المكتبات تقديم المصورات من المخطوط المرغوب فيه على ميكروفيلم أو على أوراق مصورة وذلك بالتزام القاريء ارسال نسخة من المخطوط المحقق عند نشره الى المكتبة وعدم تقديم المخطوط المصور الى طرف آخر بغير اذن المكتبة.
لا يمكن زيارة هذه المكتبات من طريق الشبكة لأغراض القراءة في المخطوطات أو الفهارس. لجميع هذه المكتبات صفحة في الشبكة فمن يريد الاتصال باحداها فليبحث عنها في الشبكة غير أنه قد يكون من المستحسن أن أجمع أنا في هذا الر ابط العناوين المعنية لكل مكتبة ان دعت الحاجة الى ذلك.
كان المستشرق آلوارد Ahlwardt المتوفى عام 1909 قد قام بتأليف الفهارس الدقيقة والشاملة للمخطوطات في مكتبة برلين , وهذا العمل هو المرجع الأول والرئيس عند دراسة التراث الذي تم جمعه في برلين عبر قرون. لقد مهّد آلوارد بفهرسه الطريق لكتابة تاريخ العربي الاسلامي اذ سلك مسلكا جديدا في أعماله وهو أنه أضاف الى وصف كل مخطوط وصفا دقيقا لمحتواه بذكر جميع الأبواب الى جانب تأريخ النسخ وتعريف على كل من المؤلف والناسخ والراوي وغير ذلك من المعلومات الهامة للمخطوط.
هناك عدد غير معروف لي من المخطوطات لم يتم تنسيق الفهارس لها في المكتبات المذكورة. ولذلك تمّ انشاء مشروع خاص في جمعية المستسرقين الألمان (بالمعونة المالية من جانب الدولة) لاصدار (الفهارس للمخطوطات الشرقية الموجودة في ألمانيا). وهذا العمل يشمل على جميع المخطوطات في الدولة. وقد تم اصدار فهارس للمخطوطات العربية في هذه السلسلة من المنشورات غير أن هذا العمل لم ينته الى الآن بل هو مستمر ومتواصل بغير توقف.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[19 Feb 2005, 10:56 م]ـ
أشكركم على ما تفضلتم به من جواب، ولي سؤال آخر على قولكم: (تمّ انشاء مشروع خاص في جمعية المستسرقين الألمان (بالمعونة المالية من جانب الدولة) لاصدار (الفهارس للمخطوطات الشرقية الموجودة في ألمانيا). وهذا العمل يشمل على جميع المخطوطات في الدولة. وقد تم اصدار فهارس للمخطوطات العربية في هذه السلسلة من المنشورات غير أن هذا العمل لم ينته الى الآن بل هو مستمر ومتواصل بغير توقف).
أقول: متى بدء العمل بهذا المشروع تقريباً؟ وهل هو شامل لجميع المخطوطات في المكتبات الألمانية؟ وهل تتوقع أن يأتي على المخطوطات التي لم تشملها الفهرسة في الفهارس القديمة؟
وهلا تفضلتم بكتابة اسماء المكتبات بالحروف الإنجليزية، مع ذكر عناوينها في ألمانيا.
ـ[موراني]ــــــــ[20 Feb 2005, 12:39 ص]ـ
اجابة على سؤالكم:
لا أعلم متى بدأ هذا المشروع بالضبط لأن هذه الفهارس ليست في مكتبتي الخاصة , فلذلك سأراجع هذا الأمر فيما بعد. على العموم: هذه الفهارس الجديدة تشمل على ما لم يكن مفهرسا من قبل.
سأبحث في الشبكة عن عناوين هذه المكتبات لكي أضعها هنا في الملتقى بالحروف اللاتينية. المراسلة مع هذه الجهات تتم طبعا بللغات الأوروبية نظرا الى أن الموظفين لا يعرفون اللغة العربية الا من هو قريب من المخطوطات العربية.
هذا , وأنا في خدمة جميع المشاركين في هذا الملتقى لتسهيل السبل لهم لحصول على ما يرغبون فيه من المخطوطات. وحسب قواعد هذه المكتبات لا يمكنني أن أظلب مخطوطا لطرف آخر باسمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[20 Feb 2005, 04:04 م]ـ
http://www.bsb-muenchen.de/english/orient_e.htm
http://orient.staatsbibliothek-berlin.de/
ـ[موراني]ــــــــ[20 Feb 2005, 04:07 م]ـ
http://orient.staatsbibliothek-berlin.de/en/orienthandschriften/index.html
باللغة الانجليزية
ـ[موراني]ــــــــ[20 Feb 2005, 06:05 م]ـ
http://www.princeton.edu/~rbsc/department/manuscripts/islamic.html
بالفهارس للمخطوطات الموجودة في جامعة Princeton
ـ[موراني]ــــــــ[20 Feb 2005, 07:39 م]ـ
أما السؤال لعبد الله حسن:
في مقولة ان العقل المسلم لم يتحدث عن الاخلاق؟ و كل ما كتبوه عن الاخلاق منقول اما من الحضارة الفارسية او من افكار الفلسفة اليونانية
.... فلم أتجاهله قصدا , بل بحثت عن هذا الكلام فيما عندي في مكتبتي الخاصة فلم أعثر على شيء من هذا القبيل.
لمن هذه المقولة؟
مما لا شك فيه أنّ العرب الذين خرجوا تحت لواء الاسلام وفتحوا البلاد المجاورة قد تأثروا بحضارات الشعوب بما في ذلك الحضارة الفارسية والفلسفة اليونانية. ألم يتم ترجمة فلسفة اليونان في بغداد (وبعد ذلك في طليطلة)؟ ألم يكن ذلك الخطوة الأولى لنشر هذه الأفكار (بما في ذلك الآراء حول صفة الله!) في الغرب؟
فكيف تكون الحضارة الاسلامية العربية خالية مما حولها من الحضارات الأخرى؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 Feb 2005, 03:23 ص]ـ
يا أستاذ موراني، ارجع للسؤال مرة أخرى لو سمحت ... هل تقول بأن ما كتبه المسلمون عن الاخلاق منقول عن القرآن الكريم والسنة النبوية أم من الحضارة الفارسية وافكار الفلسفة اليونانية؟!
ـ[موراني]ــــــــ[21 Feb 2005, 12:30 م]ـ
هذا سؤال آخر في نظري.
أما رأيي الشخصي ـ فلا أقول الا برأيي ـ واجابتي على هذا السؤال:
بأن ما كتبه المسلمون عن الاخلاق منقول عن القرآن الكريم والسنة النبوية أم من الحضارة الفارسية وافكار الفلسفة اليونانية؟!
فأقول: من كلاهما: من القرآن والسنة ومن الحضارات المجاورة
وأضيف: وفي أشعار العرب وأمثالها تجد كثيرا من الأخلاق الحسنة.
فأنظر:
اليأس احدى الراحتين
تجده في ديوان البحتري:
واليأس احدى الراحتين ولن ترى
تعبا كظنّ الخائب المكدود
أما تفسير الآية 12 في سورة الروم عند فخر الدين الرازي:
والابلاس يأس مع حيرة يعني يوم تقوم الساعة يكون للمجرم يأس محيّر لا يأس هو احدى الراحتين.
أما في مختار الحكم ومحاسن الكلم للمبشّر بن فاتك (تحقيق عبد الرحمن البدوي. مدريد 1958) , ص 204:
وللطالب المحروم راحة الاياس (عن أرسطو!)
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[21 Feb 2005, 03:05 م]ـ
دكتور موراني أرجوا إفادتي بأمر شغلني حقيقة لمدة من الزمن يخص المخطوطات العربية الموجودةفي برلين وغيرها. وسؤالي كيف حصلت المكتبات والمتاحف الألمانية على هذا الكم الهائل والنادر من المخطوطات؟ هل هي من ما غنمته الدول المستعمرة خلال فترة الإحتلال لدول العالم الإسلامي؟ ثم ألا ترون بأنه جدير بإعادة هذه المخطوطات لأصحابها؟ ففي حواركم أشرتم أنكم كنتم من الذين طالبوا بإعادة مجموعة من المخطوطات إلى جامع القيروان بعد أن كانت قد نقلت إلى القصر الجمهوري على حد قولكم.
أطرح هذه الأسئلة لأني عندما أحضرت صورا لبعض المخطوطات من برلين فوجئت بالبروفسور المشرف يسأل بوقاحة عن من يريدها ومن أجل أي بحث كأنه ورثها كابرا عن كابر!!!!!
ـ[موراني]ــــــــ[21 Feb 2005, 03:58 م]ـ
بخصوص أصل المخطوطات التي في حوزة المكتبات فتجد تأريخ انشاء هذه المجموعة الهائلة , كما تقول , على صفحات المكتبات نفسها على الشبكة. أما ما (غنمته) الدول المسعمرة فيجب ألا تنسى أن ألمانية لم تكن دولة مستعمرة الا لفترة وجيزة في ناميبيا وتانزانيا .... هذا من جانب. تم جمع كثير من المخطوطات من طريق الشراء على يد المستشرق ريتر Ritter الذي قام أكثر من 30 سنة في تركيا. وهناك أيضا اهداءات للمكتبات واقتناءات أخرى منذ قرون.
من أصحاب هذه المخطوطات؟ هذا تراث للبشرية جميعا , فليس هناك صاحب بعينه لهذه المخطوطات. لا أحد يفكر في أن ترجع المكتبة السليمانية المخطوطات التي جمعها السلاطين في الدولة العثمانية ونقلواها رأسا الي القسطنطينة من جميع أنحاء العالم العربي.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد أتيحت الفرصة لي لكي أتجول في كثير من المكتبات في العالم العربي: دار الكتب المصرية ومكتبة الأزهر كانتا في بداية هذا الطريق الطويل ورأيت كيف يتعامل الموظف بالمخطوطات وكيف رمى به (! نعم أنا لا أبالغ!) من مائدته قاعدا على كرسيه الى عدد لا يحصى من المخطوطات الأخرى التي أعادها ضيوف المكتبة بعد قرائتهم فيها!
كما رأيت موظفا صغير السن في الأزهر أكل (الطعمية والفول) داخل المكتبة والى جانبه مخطوطات.
لقد دخلت رواق المغاربة في الأزهر فيه مخطوطات لم تكن مهرسة لا في وقتها عام 1980 ولا اليوم. عندما فتحت الدلاب فيه المخطوطات نزلت الحشرات من الرفوف هاربا ....
دخلت مكتبات مغربية ودخلت الخزانة حيث عمل مدير المكتبة ورأيت على رفوف مخطوطات وطرفها كأنه قطن! عند فتح الكتاب تمزقت الأوراق على شكل القطن الأبيض.
اعادة هذا التراث الى (أصحابها)؟ الى من يتعامل معه كأنه ليس بتراث؟ ولي أمثلة أخرى ....
هل دخلت المكتبة البريطانية مثلا؟ قبل دخولك قاعة المخطوطات الشرقية ترى انذارا بسيطا على المدخل:
pencil only قلم رصاص فقط. ورأيت عكس ذلك تماما , العالم المحترم يقرأ في المخطوط ويتابع السطور التي يقرأ فيها بـ (ـستيلو) بيده!
أنا أعرف الاستاذ المشرف في مكتبة برلين شخصيا , من المستحيل أن سألك بوقاحة كما تقول. غير أنه من حقه بل الواجب عليه أن يسألك عن رغبتك وأهدافك العلمية في المخطوط. نعم! ورثها كابرا عن كابر وهو يحافظ عليها. تكاد لا تجد مخطوطا هناك غير مجلد على سبيل المثال.
أما ما ذكرت حول القيروان فالمكان الأصلي لتلك المخطوطات خير من الرطوبة التي كثيرا تسيطر على تونس العاصمة. وأغلب المخطوطات محبوسة محبسة على مدينة القيروان ولا يجوز اخراجها كما أخرجوها الى المكتبة الوطنية (لا الى القصر الجمهوري) بأمر الرئيس السابق , وحيث سرق كثير منها خاصة أوراق وألواح من المصاحف وظهرت بعد أعوام في دور المزاد في أوروبا وفي أمريكا.
هذا حول مسألة اعادة المخطوطات الى أصحابها.
ـ[موراني]ــــــــ[21 Feb 2005, 10:50 م]ـ
* الأورو إسلام *
مرة أخرى: أنظر الرقم 22 من المشاركات.
اليكم بالوثيقة التي صدرت عن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا
حول المفهوم الذاتي وحول الاسلام في أوروبا.
ليست هذه الوثيقة من أعمال المستشرقين بل من المسلمين المقيمين في البلاد ومن انضم اليهم من الألمان الذين دخلوا في الاسلام (ولهم كامل الحرية أن يفعلوا ذلك وفقا للدستور).
والجدير بالذكر أنّ النص لم يصدر بالعربية (ان كنت مخطئا , أعتذر , فأرجو بافادتي بالنص العربي المترجم)
هذا هو الرابط:
http://www.islam.de/?site=sonstiges/events/charta&di=en
وهذا هو المفهوم *لأورواسلام* ......
وهنا أتساءل أنا: ما هو رأي المسلم في هذا؟
وذلك لمجرد التوضيح.
ـ[عبدالله حسن]ــــــــ[22 Feb 2005, 12:35 م]ـ
خلال قراءة سريعة وجدت ملاحظتين على هذه المقالة:
الاولى - احدى قواعد الاسلام انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .. فاذا قضى القضاء الالماني مثلا بالتوريث على اساس يخالف الشريعة الاسلامية مثلا فعلى المسلمين تلافي هذا الخطا و قسمة الاث بينهم بالطريقة الشرعة ... الاقرار بالقوانين الغربية و التزام طاعتها لا يكون بتقديمها على شرع الله ... اذا اقر القضاء الالماني زواج المسلمة بغير المسلم فهذا لا يعني ان هذا الزواج صحيح.لم يتم توضيح هذه الناحية في المقالة ابدا ..
الثانية - الفقرة الاخيرة في المقالة تقول ان المسلمين محايديين سياسيا لكنها فيما يبدو لي تناقض نفسها عندما تقول أنها ستدعم الاحزاب التي تخدم الاسلام بشكل كبير
ـ[موراني]ــــــــ[22 Feb 2005, 12:47 م]ـ
عبد الله حسن:
ليس هذا نص (مقالة) , بل وثيقة للمجلس المذكور أعلاه
وتعتبر موقفا رسميا له من الأمور السياسية والقانونية في البلاد
بما فيها القضايا التي لمستموها.
لقد ذكرت هذه الوثيقة (أو ميثاق كما يقولون: Charta ) دليلا على أنّ الاستشراق لا يخلق أرضية جديدة
لدين جديد (كذا!) مسمّى بأورواسلام , بل هذا التيار يأتي من زاوية أخرى تماما.
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[22 Feb 2005, 02:06 م]ـ
دكتور موراني المحترم
أولا لم تعطوني رداعلميا كما عهدنا منكم بخصوص المخطوطات العربية، بل حاولتم تبرير ذلك بضرب أمثلة من الواقع. ومن دون شك أن الدول الإسلامية اليوم قد أعرضت عن هذا التراث. لكن تبقى حقائق تاريخية أن معظم هذه المخطوطات قد سرقت ونقلت إلى أوروبا. أما قولكم أنه ورثها كابراعن كابر فهذا كذب كما لا يخفى عليكم. بل أن الورثة الحقيقيين اليوم وأصحاب هذه المخطوطات وهم ورثة الأنبياء مطالبون بتقديم توضيحات إذا ما أرادوا الوصول إلى ما خلفه أجدادهم والله المستعان.
الأمر الثاني لا يخفى على الدكتور المحترم أنه ليس هناك للمسلمين جهة واحدة تمثلهم في ألمانيا فما يعرف بالمجلس الأعلى للمسلمين لا يمثل سوى 800.000 مسلم حسب الإحصائيات الرسمية وكذلك ما يعرف بمجلس الفتوى الأوروبي وكل هذه المسميات هي محاولة لفرض الوصاية على المسلمين وواقع الحال يبين أن عددا كبيرا من الجمعيات لا يتبع هذه الشرذمة من المنهزمين.
لكن هناك مسألة يا دكتور أكررها لعلي أوفق هذه المرة لتوضيحها، وهي أن الحكومة الألمانية رغم التنازلات التي يقدمها هؤلاء المخذولون غير راضية عن اقتراحاتهم. سواء كان ذلك على المستوى العقدي أو الفقهي ولم يحدث وأن استشهد أحد الساسة بمقولة للمجلس الأعلى على حد علمي. بل إن مجموعة من الأحزاب ووسائل الإعلام تصنف المجلس تحت لواء التطرف. في حين أن غالبية الإستشارات تتم مع المستشرقين وخبراء الشرق الأوسط وأذكر مثلا عند مقتل فانكوخ قامت قناة ntv الإخبارية باستجواب بروفسور مستشرق من جامعة بون للأسف حاولت أن أجدالإسم ولم أوفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[22 Feb 2005, 02:43 م]ـ
أمين نور شريف:
تقول: قولكم أنه ورثها كابراعن كابر فهذا كذب كما لا يخفى عليكم
اسمح لي: أنا لا أحاور على هذا الأساس
أما المجلس المذكور أعلاه فسبق لي أن قلت انّ المسلمين في البلاد لا يجمعون على كلمة واحدة
فعندما يظهر مستشرق على شاشة التلوزة ليس معناه أن الحكومة يستشيرهم في جميع الأمور.
هناك جهات أخرى ومعروفة تقوم بهذا العمل , وهذا معروف , وأسست هذه الجهات لهذه الأغراض.
يجب أن نفرق بين هذا المستوى والمستوى الأكاديمي في الكليات الذي أنا بصدده هنا فحسب.
ـ[الجندى]ــــــــ[22 Feb 2005, 10:15 م]ـ
الدكتور مروانى ما رأيك فى المواد المطروحة عن الاستشراق فى موقع "مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق"؟
http://www.mazen-center.8m.com
ـ[موراني]ــــــــ[22 Feb 2005, 10:49 م]ـ
أنا أعرف هذا الموقع منذ ثلاثة أعوام تقريبا. كانت فيه تغييرات تقنية كما أظن
واتصلت بصاحب الموقع وكان بيننا مراسلات.
لقد أخرجت من هذه الصفحات مقالات حول المفهوم الاستشراق وقرأتها وناقشتها مع طلابي تقريبا قبل عامين.
في هذا الموقع ترى الخلاف بين منطلقات البحث العلمي التي أشرت اليها في بداية هذا اللقاء.
ـ[موراني]ــــــــ[23 Feb 2005, 10:32 ص]ـ
الموقع الجديد لا يعمل عندي.
ـ[المازني]ــــــــ[23 Feb 2005, 07:33 م]ـ
نشكركم على إجراء هذ اللقاء الهادف ونأمل منكم استضافة شخصيات أخرى لمحاورتها
ـ[المازني]ــــــــ[23 Feb 2005, 07:43 م]ـ
بعد شكرنا الدكتور موراني على تفضله بإجابة الأسئلة، يسرنا أن نسأل الدكتور موراني عن الجديد لديه في مذهب المالكية، فقد سمعنا أن له مشاريع جديدة مع حميد لحمر، فهلا سرّب لنا بعض الأخبار (ابتسامة)
كما نأمل منه أي يفيدنا عن مكان وجود أي نسخة لكتاب الطراز للقاضي سند بن عنان الأزدي الذي هو موضوع أطروحة الدكتوراة وبإشراف صديق قديم لكم علما بأني على علم بنسخة الخزانة العامة بالرباط ونسخة المكتبة المحمودية بالمدينة وبما أن الدكتور من المهتمين بالمدونة، والطراز شرح لها فإننأمل أن نتواصل معه ونستفيد منه حول هذا الموضوع ولو عن طريق المكاتبة الخاصة. وشكرا مرة أخرى
ـ[موراني]ــــــــ[23 Feb 2005, 10:45 م]ـ
مصطفى المازني , أشكر لك على أهتمامك الذي عبّرت عنه في هذا السطور.
فيما يتعلق بـ (ـالمشاريع الجديدة) , كما تقول , فقد سبق لي أن ذكرت المكتبة الرقمية لاحياء التراث
للمذهب المالكي في الفقرات الأخيرة في الحوار.
يتركز هذا المشروع على دراسة المخطوطات للكتب التي ألّفت بين انتشار الموطأ لمالك بن أنس برواياته وتكوين المدونة والمختلطة لسحنون بن سعيد أي ما يقرب 60 الى 70 عاما من الحركة الفكرية الفقهية في افريقيا , وذلك نظرا الى أنّ أغلب هذه الكتب لم تزل موجودة في مكتبة القيروان.
ويضاف الى هذه أمهات المذهب مختصر المدونة والمختلطة لابن أبي زيد القيرواني الذي لم ينشر منه الا الجامع.
هذا المشروع الكبير يحتاج الى كل من الطاقة البشرية والى الجهات التي تتبنى هذا العمل من الناحية المالية للدراسة وللاخراج وللنشر معا. لقد تم ادخال عدد كبير من هذه المؤلفات وترتيبه في الحاسوب من طريق المصورات الرقمية التي أجريتها في المكتبة.
وفي نهاية المطاف قد يكون من المستحسن اخراج المدونة والمختلطة لسحنون اعتمادا على هذه أمهات المذهب والى المخطوطات التي نسخت قبل نهاية القرن الخامس الهجري في كل من القيروان والمغرب والأندلس.
أما كتاب الطراز فلا علم لي بوجوده في مكتبات أخرى.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[25 Feb 2005, 02:37 م]ـ
أشكر القائمين على هذا الموقع الموفق ما شاء الله تبارك الله. لقاء ممتع من أحسن اللقاءات التي اطلعت عليها على الانترنت. فقد خرجت بشيء جديد. معظم دراسات الاستشراق التي اطلعت عليها تؤكد الجانب السلبي للاستشراق مع عدم إنكارها، ولكن هناك جوانب إيجابية ينبغي لنا أن نستفيد منها كما في هذا اللقاء. والدكتور موراني فيما يبدو لي من المستشرقين المنصفين، ولم يظهر منه ما يدل على سوء نية نحو الإسلام أو كتبه.
لي تعليق حول كلام الأستاذ أمين نور شريف حول قضية إعادة المخطوطات العربية التي في المكتبات الغربية أقول: كلامك من حيث المبدأ صحيح لو ثبت أن تلك المخطوطات قد سرقت فعلاً، ولكن مع تسليمي أن هناك من المخطوطات جزء قد أخذ عنوة في الحروب المختلفة ولكن هناك عدد كبير من المسلمين باع هذه المخطوطات على غربيين. وقصة الحلواني في المدينة المنورة الذي باع الكثير من المخطوطات للمستشرقين وغيرهم قصة معروفة. بل إنه قد باع كثيراً من مخطوطات المكتبة المحمودية في المدينة! وما كان بيعاً بهذه الصورة فالذنب ذنب البائع لا ذنب المشتري. هذه واحدة.
والثانية أن دور المخطوطات العربية تعيش حالة من الضعف وسوء التنظيم وسوء القيام على حفظ هذه المخطوطات كما ذكر موراني عن الذي يأكل الفول والطعمية بجانب المخطوطات ليس غريباً بل هو مألوف معروف. وأمثلة ذلك كثيرة. فالمشكلة يا أخ أمين مشكلة حضارية دولية وليست فردية. والمفترض أن تقوم الدول العربية والإسلامية بتبني حفظ هذا التراث وإحيائه وإعادة ما يمكن إعادته من أصول المخطوطات بالشراء إن أمكن. وقد بذلت كثير من دور المخطوطات شيئاً من الجهد في ذلك مثل مركز الماجد في الإمارات وغيره.
أؤيد فكرة طباعة هذا اللقاء بعد اكتماله تماماً كما ذكر الإخوة المشرفون وسيكون هذا سبقاً علمياً لموقع شبكة التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[25 Feb 2005, 04:36 م]ـ
أشكر لفهد بن عبدالرحمن الناصر المحترم على ما تفضل بتوضيحه حول مصير المخطوطات الاسلامية في العالم العربي. لقد دفعني حديثه المفيد الى أن ألقي ضوء على جانب آخر في هذه القضية التي يتناوله البعض بحماسة أكثر منه موضوعيا.
عندما أكتب هذه السطور وبين يديّ مخطوط عتيق من المكتبة الوطنية في باريس (الرقم: 6151 arabe ) ,
يأتي على وجه الكتاب:
كتاب العتق الأول من المسائل المستخرجة من الأسمعة مما ليس في المدونة استخراج محمد بن أحمد العتبي رواية محمد بن عبد العزيز عنه مما عني بتبويبه وترسيمه عبد الله بن أبي زيد الفقيه.
يأتي بعد ذلك بخط مغاير ذكر تحبيس الكتاب انّ هذا الدفتر من الكتب المحبسة على طلبة العلم بمدينة القيروان ....
يأتي بعد ذلك مباشرة في سطر جديد وبخط آخر:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على جميع المرسلين
هذا الكتاب النادر الوجود وهو كتاب العتق من المسائل المستخرجة من الأسمعة مما ليس في المدونة ومستخرجه محمد العتبي ومؤلفه عبد الله بن أبي زيد القيرواني ,
قد أهداه عائلة السيد بيقوني لخزانة الدولة يوم 11 ماي عام 1904.
كاتبه الحفناوي بن الشيخ.
انتهى.
لقد بحثت بالقيروان عن اسم هذه العائلة (بيقوني ــ بثلاث نقط على ق ـــ) بلا جدوى , فيبدو لي كأنّ الاسم ليس قيروانيا غير أنّ اسم الكاتب قيرواني أصيل.
أما ذكر خزانة الدولة فهي المكتبة الوطنية في باريس اليوم.
هذا , وفي آخر الكتاب الذي كتب بخط قيرواني عتيق على الرقّ ملحق على ورق وهو رسالة بخط يد المستشرق الفرنسي Fagnan وجهها الي المكتبة الوطنية بتاريخ شهر يونيو 1904 من الجزائر العاصمة , وهو يشرح فيها أهمية هذا الكتاب.
خلاصة القول أنه استلم هذا المخطوط بالقيروان من العائلة المذكورة اهداء للمكتبة.
مما لا شك فيه على الاطلاق أن هذا المخطوط كغيره من المخطوطات لهذا الكتاب كان محفوظا (أو بعبارة أصح وأدق: غير محفوظ!) أصلا في مجموعة المخطوطات النفيسة المودعة في مقصورة الجامع الكبير بالقيروان (جامع عقبة بن نافع).
وهناك يتساءل المرء بالحق: كيف صار هذا المخطوط الى حوزة العائلة المذكورة ومتى اخرج من المقصورة؟
وبهذه المناسبة لا يسعني الا أن أنتهز الفرصة لكي أشير الى المحاضرة التي ألقاها العالم الفاضل السيد محمد بك بيرم في الجمعية الجغرافية المصرية في شهر مارس عام 1897 (أي سبعة أعوام قبل هذا *الاهداء *) والتي نشرت في مجلة المقتطف , ج 4 و سنة 21 (شوال 1314) تحت العنوان: مدينة القيروان
(ص 241 وما بعدها).
جاء في هذه المحاضرة:
وفي هذه المقصورة أيضا خزانتان كبيرتان مملوءتان برزم من الورق مربوطة بالحبال والأمراس مختلطة بعضها ببعض اختلاط الحابل بالنابل يعلوها الغبار والتراب ونسخ العنكبوت وهي كل ما بقي من مكتبة القيروان التي اعتنى سلاطينها بجمعها. واذا نظر اليها الناظر لم يخطر على باله ما فيها من الكنوز الثمينة .... وقد عبثت بها الأيام فجمعت في هذه الرزم بلا ترتيب ولا نظام , الكبير مع الصغير والصغير مع الكبير صفحة من هذا المصحف وصفحة من ذاك مع صفحات من كتب أخرى في مواضيع مختلفة , وهلّم جرّا. رأيت هذه الرزم وفككتها وقلّبتها وقد انصدع فؤادي لما حلّ بها. ثم فارقتها متحسرا عليها متأسفا على بقائها في مكان تضيع فيه ويجهل قدرها.
نعم , في بداية أبحاثي عام 1982 بالقيروان وجدت هذه المخطوطات على حالها تقريبا كما وصفها محمد بك بيرم عام 1897 اذ لم يطرأ على حالها تغيير يذكر. جمع بعضها في ظروف ودوسيهات ورقية في غير ترتيب ما.
مجرّد مودتي تجاه هذا التراث دفعتني منذ مدة , حيث رأيت اليأس الكبير الذي أحاط بالمخطوطات في المكتبات المختلفة , الى القول انّ Napoleon قد ارتكب خطأ فاحشا عندما نقل كثيرا من الآثار المصرية القديمة الى فرنسا وأهمل تلك المخطوطات! ولو نقلها أو كثيرا منها الى باريس لكانت كل ورقة منها في تداول الجميع ولم تضع أو *لم يختف * منها شيء كما حدث ذلك أخيرا عندما انتقلت دار الكتب المصرية من مكانها القديم في رملة بلاق الى مكانه الحديث ..... والله المستعان!
ـ[موراني]ــــــــ[25 Feb 2005, 11:49 م]ـ
اضافة سريعة الى ما جاء ذكره أعلاه:
من المخطوطات المصورة في مكتبتي الخاصة مثلا:
كتاب الفتن لنعيم بن حماد. مخطوط في المكتبة البريطانية , الرقم 9449
في بداية الكتاب التسجيل التالي:
Bought of M. Nahman
1924, 14 June
أي بشراء فلان .... تأريخ
وكذلك المخطوط بالرقم 9810 وهو السماع لابن القاسم العتقي برواية سحنون (أصلا في مكتبة القيروان وفقا لما جاء فيه من التحبيس!)
Bought of J.L. Wilson
1927; July 9
وغيرهما. وهذا التسجيل متواصل في المكتبة: أنظر الفهارس الداخلية المكتوبة بخط أيدي الموظفين تسجيلا الاقتناءات الجديدة للمكتبة.
المخطوطات الكثيرة التي قرأت فيها في هذه المكتبة كلها مجلدة تجليدا حديثا بعناية المكتبة.
وهذا تعليق آخر الى مسألة * اعادة المخطوطات العربية الى أصحابها *.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المازني]ــــــــ[26 Feb 2005, 09:26 ص]ـ
دكتور موراني: تحية خاصة.
بالنسبة للعتبية، هل لها نص مخطوط مستقل متكامل، غير ما نقله ابن رشد في البيان والتحصيل؟
وهل يوجد للبيان والتحصيل مختصر؟ أشكركم مرة أخرى.
ـ[الباجي]ــــــــ[26 Feb 2005, 09:34 ص]ـ
حضرة الدكتور موراني: إثبات وصول مجموعة من المخطوطات عن طريق الشراء أو الإهداء للمكتبات الغربية، لا يعني أن كل ما في تلك الخزائن وصل إليها بنفس الطريقة، فالحديث عن الآف المخطوطات وليس عن عشرة أو عشرين.
والإهمال الموجود في بعض الدور العربية الخاصة بحفظ تلك المخطوطات - إضافة على أنه أمر قديم والحال اليوم في معظمها غيره بالأمس - فإنه ليس مبررا إطلاقا لبقاء تلك المخطوطات العلمية هناك في الغرب، أو مبررا لأخذها من أول مرة أصلا.
فأجدادنا لم يمنعوا طلبة العلم من الوافدين من أوروبا لدراسة العلم من طلبه لأنهم كانوا في ظلام آنذاك، ولا حجبوا عنهم مصادره لأنهم لم يكونوا يحسنون فهمها أو حتى حسن المحافظة عليها.
فكان اللآئق بالغربيين أن يرشدوا أصحاب هذا الموروث لكيفية حفظه والإهتمام به، بدل أن يأخذوه غنيمة إلى بلادهم، ثم يتعللوا بما تدلي به من حجج.
الحديث عن رجوع تلك المسروقات د: موراني ليس حديث حماسة، وإن وصفته أنت بذلك، نحن نراه بحق حديثا عن رجوع حقوق لأصحابها، ولن يتحول بكلامك إلى حديث حماسة.
وأنا أرى حال هذا التراث الذي يقبع هناك مثل حال الأسير الذي وقع تحت ذل الأسر ينتظر بكل شوق لحظة الرجوع إلى داره وأهله، ليستنشق رحيق الشرق العطر، وينعم بمجاورة من هم أهله وذووه، وإن كان يوما منهم تقصير في حقه، وإهمال له، بسبب جهل أو شغل صدر ممن لا خلاق لهم من ولاة أمر المسلمين، فإن علماءنا وأهل الفضل منا لم ينسوا أهمية هذا التراث، ولكن لم يكن لهم في الأمر حيلة، فقد بيعت الأمة وتراثها وأرضها بثمن بخس، وستأتي لحظة العودة أوالإعادة إلى الأصل قريبا، وإنا لمنتظرون، فلا تشك في هذا دكتور.
وأنا أعلم جيدا أن هذا الحديث لا يعجبك د: موراني لأنك قد ألفت تلك المخطوطات وأحببتها، وأن مجرد شعورك بفقدها يؤلمك، ولكن تذكر أن هناك أناسا هم أشد منك ألما لفقدانهم لتلك الكنوز، قد قضى منهم من قضى، ومنهم بقية تزيد ولا تنقص حملت تلك الآلآم (والحماسة) تسعى لإعادة تلك الموروثات لأهلها، وأنت لو سألت ما بين يديك من تلك المخطوطات - وكان لها لسان يجيب - لأجابتك بكل ذرة منها، مكاني هناك حيث نشأ وترعع من كتبني ومن خطني، ومن سهر على وضع عقله وفكره وشعوره فيّ، وأحفادهم هم أعرف الناس بي - وإن أهملوني زمنا - وأحبهم إلىّ، وإن قصروا في حقي.
لاتزعل دكتور مني، فهذه الحقيقة كما أراها، سمها عاطفة حماسة أو ما شئت، ولكنها تبقى هي الحقيقة عندي وعند كل مسلم، وسيرثها عنا كل من يأتي بعد من أبنائنا، إلى أن يأتي المخلص.
ملاحظة الباجي = الفهم الصحيح.
ـ[موراني]ــــــــ[26 Feb 2005, 01:52 م]ـ
@ المازني: أشكر لك على هذا السؤال الهام.
هناك السجل القديم للمكتبة العتيقة نشره ابراهيم شبوح في مجلة معهد المخطوطات العربية ,
ج 2 , عام 1956 , ص 339 وما بعدها.
جاء هناك الذكر لعشرة دفاتير للمستخرجة .....
وما بين يدينا اليوم ليس الا أوراق متفرقة متبقية من هذا الجزء وذاك أشرت اليها في دراسات في مصادلا الفقه المالكي .... فأين الباقي؟ في *غنيمة* الاستعمار؟ اقرأ ما جاء في المحاضرة لمحمد بك بيرم مرة أخرى ......
لم يكن هناك نسخة متكاملة مستقلة للكتاب اذ جمعه القدماء في أجزاء وحسب المواد الفقهية كما جمعوا أيضا المدونة في رزم. رزمة فيها كتب الصلاة , رزمة فيها كتب البيوع ... الخ.
هناك جزء كامل للكتاب الحج من المستخرجة (والجزء الكامل في العتق المشار اليه أعلاه)
لقد سبق لي أن قارنت نص كتاب الحج من المستخرجة بما جاء في كتاب الحج في البيان والتحصيل فاذا النص هو هو! ما عدا ترتيب الفقرات في الكتابين.
من هنا يمكن أن ننطلق افتراضيا من أنّ ما ذكره أبو الوليد بن رشد في البيان هو النص الأصلي في المستخرجة , ربما لم يذكر كل ما جاء في العتبية , الا أنّ مقابلتي للنصين من كتاب الحج تؤكد ذلك.
ليس عندي علم بمختصر للبيان والتحصيل.
ـ[موراني]ــــــــ[26 Feb 2005, 03:00 م]ـ
@ الباجي المحترم ,
لا أصف حديثك الا أنه حديث الحماسة والعواطف عندما تتمنى , بل ربما تطلب , اعادة التراث الى أصحابه.
حسن! هل تطلب اعادة المخطوطات من السليمانية الى * أصحابها*؟
هل تطلب اعادة المخطوطات التي اشتراها الخواص والتي دخلت في مجموعات الخواص مثل ناصر د. خليلي؟
ألق نظرة الى بيت القرآن في البحرين , هل كل ما هناك ملكية أصلية للبحرين؟
وبعد , تذكر أصحاب التراث , من هم؟
الأمة الاسلامية أم من؟ الى أين تعاد المخطوطات مثلا من مكتبة برلين؟
أنت تقول: الى أهلها! من هو هذا الأهل؟
ألا ترى أن هذا الطلب خال من كل جدية وواقعية؟
هل يعقل هذا الطلب باعادة التراث الي حيث لا عناية به كما هو مسلّم به , الى حيث يضيع ويجهل أمره , كما هو الواقع بصورة عامة الى يومنا هذا , اللهم الاّ في القليل النادر جدا .... ؟
هناك أمثلة كثيرة تؤيد الآراء في عدم اعادة هذا التراث.
أرجوك ألا تكون متفائلا في تحقيق هذه الأغراض , بل عندما ستدخل مكتبة مثل مكتبة برلين والمكتبة البريطانية أو غيرهما ترى مستوى العناية بهذا التراث وربما تكون ممن يشكر ويثني على هذه الخدمة التي بذلها أجيال من المتخصصين للحفاظ عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[26 Feb 2005, 03:21 م]ـ
بارك الله في الباجي وأصلح باله وقد أثلجت كلماتك صدري ويعلم الله كم يتحسر القلب على هذا التراث المغتصب. وإن القارئ للردود التي أوردها الدكتور موراني يستشف أن الغرب والمستشرقين قد أنقذوا هذا التراث من الضياع ويقول الدكتور المحترم
مجرّد مودتي تجاه هذا التراث دفعتني منذ مدة , حيث رأيت اليأس الكبير الذي أحاط بالمخطوطات في المكتبات المختلفة , الى القول انّ Napoleon قد ارتكب خطأ فاحشا عندما نقل كثيرا من الآثار المصرية القديمة الى فرنسا وأهمل تلك المخطوطات! ولو نقلها أو كثيرا منها الى باريس لكانت كل ورقة منها في تداول الجميع ولم تضع أو *لم يختف * منها شيء كما حدث ذلك أخيرا عندما انتقلت دار الكتب المصرية من مكانها القديم في رملة بلاق الى مكانه الحديث ..... والله المستعان
الله أكبر فتح الله ونصر!
أولا يا دكتور لم ينقل نابليون المجرم بل سرق وغصب!!! ولكن الغرب اجتهد في تزييف الحقائق و تغيير المصطلحات بحيث سمي الإحتلال استعمارا و حماية وغيرهامن المسميات. أما الآثار فلا حاجة لنا بها أما المخطوطات فستنقل إلى أصحابها كما نقلت إلى الغرب بإذن الله
المخطوطات يا دكتور هي صورة من صور الإحتلال والوصاية التي ما زلتم تفرضونها على العالم الإسلامي منذ زمن. حارب المستعمر الجامعات الإسلامية لأنه عرف دورها في المجتمع مثل الأزهر والقرويين وغيرها.وحارب العلماء وطلبة العلم وقتلهم! وسعى إلى تمييع المفاهيم وطمس الهوية الإسلامية. الموظف الذي يأكل الطعمية كما تقول والمخطوطات التي أكلها التراب هي نتاج سياستكم الإمبريالية لاغير
وبعد هذا كله يقول الدكتور المحترم أن هذه المخطوطات قد تم شراؤها أوإنقاذها.
صدقني يا دكتور أن الأمة الإسلامية أعلم بمصلحتها وهي قادرة على معالجة مشاكلها بشرط أن لا يتدخل الغرب في قضاياها. وهي قادرة على الحفاظ على تراثها ومن تم الحفاظ على تلك المخطوطات وأهم من هذا كله العمل بمافي تلك المخطوطات ولكن هل يرضى الغرب بذلك؟
وهناك تعليق آخر حول قضية عدم اجتماع كلمة المسلمين في ألمانيا فأقول أن
كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة
هذه قاعدة مهمة لا بد من تحقيقها أما الإجتماع على شعارات كاذبة وحقائق مزيفة ومميعة فأولى تركه والله أعلم
ـ[موراني]ــــــــ[26 Feb 2005, 03:39 م]ـ
أنا لا أسوق حوارا مع أحد أساسه الغضب المستعر والاتهام
ودمت بخير وعافية
ـ[الباجي]ــــــــ[26 Feb 2005, 05:25 م]ـ
د: موراني.
عندي جواب لكل ما ذكرتَ - بإذن الله - ولكن دعنا من ذلك، فهو حديث جرت إليه المناسبة، المهم فيه أن يعلم أن ما هناك ملك للمسلمين، وأعلم يقينا كما قلت لك سابقا أنك تحب هذا التراث ولا يمكن أن تتخيل مفارقته، وحق لك ذلك، فكل من عرفه أسره.
وحدثنا - مشكورا - عن مشروع المكتبة الرقمية للتراث المالكي، إلى أين وصلتم، وما هي أهم أسماء عناوين الكتب التي تشتغلون عليها، وهل يدخل ضمنها ما طبع من تحقيقك من كتب، مثل تفسير ابن وهب، وكتاب المحاربة و ... أم هذه غير المشروع؟
ـ[موراني]ــــــــ[26 Feb 2005, 06:06 م]ـ
لقد جرى الحديث حول المكتبة الرقمية للتراث المالكي بالتفصيل في هذا اللقاء.
عليك أن تفهم أن جميع المحاولات لاعادة التراث فشلت الا اذا ثبتت ملكية التراث ــ مهما كان ـــ
وفقا للقانون الدولي العام. هناك اتفاقيات سياسية وثقافية وغيرها بين الدول ثنائية كانت أو على مستوى المنظمات الدولية ,وليس فيها *ملك المسلمين*. هذا , ولم أكن أتوقع أن أجد اجابة منك على الاسئلة التي طرحتها.
ـ[الباجي]ــــــــ[26 Feb 2005, 10:07 م]ـ
د: موراني، مساء الخير.
ليس هناك حديث مفصل عما سألتُ عنه حول المكتبة الرقمية – وإنما هناك أشياء تحتاج إلى تعليق فيها تعميمات واطلاقات لا تنبغي - كل ما هناك ذكر المدونة والمختلطة ومختصر ابن أبي زيد، هل هناك غير هذه؟ أريد بعض العناوين الأخرى التي تشتغل عليها غير ما ذكر، وغير ما حققته من الواضحة، وهل ما خرج من تحقيقات يتبع هذه المكتبة الرقمية؟
كثيرا ما تشير في كلامك إلى المدونة والمختلطة بطريقة يفهم منها أنهما مختلفان، فهل ذكرت لنا - سراعا – حقيقة هذين الاسمين، وعلى ما يدلان؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إجابة ما تقدم أهم عندي من إجابة ما يأتي، فلا تنسى، ثم إني لا أريد أن أخرج بالنقاش عن مساره، والأمر كما قلت لك: إنما هو تعليق جرت إليه كلمات.
وقد فهمتُ – والحمد لله – أن هناك محاولات لإرجاع أملاكنا إلينا، ولعله يكون قريبا – إن شاء الله -.
والأصل ملكية هذا التراث لنا، ومن حازه الآن هو الذي عليه أن يثبت حيازته بطريق شرعي، فمن كان يتكلم أو يكتب بالعربية في ألمانيا وفرنسا وهولندا ... ، بل من كان يعرف تلك العلوم الطبية والهندسية ... فضلا عن الإلهية والشرعية في ذلك الوقت الذي كتبت فيه، لقد كانت أوروبا في ظلام دامس آنذاك.
والقوانين وضعت لحماية مصالح من وضعها، وهذا أمر بدهي.
والمعاهدات تلزم الحكومات التي وقعتها فقط، ولا تلزم الحكومات في كل زمان.
أما حديثي فسمه حماسة أو عاطفة كما قلتُ لك سابقا، وأنا أسميه حقيقة ومطلبا شرعيا سيتحقق يوما ما، أراه أمام عيني كما أرى كلماتك الآن، بل وكما أرى من خلالها الخوف من تحقق ذلك.
و ما في السليمانية يعد في دولة شعبها مسلم، وتمت ملكيته بطريق شرعي من قبل السلطان المسلم.
و كذا ما ملكه الأفراد بطريق شرعي فهو ملك لهم.
وما عندكم ملك لكل المسلمين، وإذا ثبت بطريق شرعي أن ملكيته تعود لأناس خاصين فهو حقهم يرجع لهم، والباقي يعود إلى المكتبات التي سلب منها، وهذا معروف تجده في التحبيسات والتملكات، كما وجدت الاهداءات والتملكات على بعض ما اقتناه الغربيون من تراثنا.
وعموما هذه مشكلتنا نحلها نحن المسلمون، المهم سلموا لنا أملاكنا فمن استلمها من حكام المسلمين فنحن به راضون.
ومطلبي هذا واقعي وجدي، ولن يضيع التراث بين أيدينا، وخاصة الآن، ولم يجهل المسلمون يوما قيمة تراثهم وعلم أجدادهم، وإنما هي تهمة تريدون أن تلبسوها لنا لتبرير استحواذكم على ما ليس لكم.
وهذه الآراء التي تؤيد بقاء هذا التراث هناك، هي من قبيل: إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
وأنا على يقين – ولست متفائلا فقط - من عودة وإعادة هذا التراث – قريبا – إلى حيث مكانه الطبيعي وإلى حيث ينتسب.
ولو شكرتُ القائمين على المحافظة على هذا التراث – لمصلحتهم الخاصة – فلن أعذرهم في سلبه من مكانه، والذهاب به إلى هناك.
ـ[موراني]ــــــــ[26 Feb 2005, 10:29 م]ـ
الباجي ... مساء النور ,
أولا: لي تعليق سريع وملخص على ما قلت حول ملكية التراث وحول اعادته.
يتبين لي من خلال حديثك العاطفي أنك , مع علمك الواسع في الدراسات الاسلامية ,
أنك لا تفهم شيئا عما هو المسلم به في القوانين الدولية العامة.
هذا من جانب.
من جانب آخر: من يتطلب باعادة التراث والى من؟
فتقول:
ما في السليمانية يعد في دولة شعبها مسلم، وتمت ملكيته بطريق شرعي من قبل السلطان المسلم.
أنظر في كتب التأريخ بتعمق فسترى أنّ الدولة العثمانية نقلت من البلدان العربية الأخرى التي سيطرت عليها عبر القرون
هذا التراث الى عاصمتها .... بغير حق , بل بحق المسطير فحسب.
وفي ختام هذا النقاش غير المثمر أرجوك أن تتساءل منطلقا من الافتراض التالي:
في حوزتي مخطوطات وأنا على استعداد لاعادتها: الى من أرسل بهذه المخطوطات؟
انني أخشى أن الحوار حول هذا الموضوع لن يسفر عن شيء يذكر.
أما رأيك:
ولم يجهل المسلمون يوما قيمة تراثهم وعلم أجدادهم
وفي هذا الكلام نظر فلا أود أن أضيف ملاحظات أخرى تنبثق مما شاهدت أثناء زياراتي الكثيرة في شتى مكتبات .....
أما المشروع المذكور فسأعطيك معلومات أخرى حوله حسب أسئلتك.
ـ[المازني]ــــــــ[27 Feb 2005, 08:43 ص]ـ
الإخوة الكرام في هذا الملتقى: السلام عليكم ورحمة الله: ما هو النهج المقترح لإعادة المخطوطات العربية الموجودة في خزائن العالم؟
ماذا لو تشكلت لجنة من هذه الملتقى وتبنت الموضوع، ثم طرح على محامين في القانون الدولي،أو حتى من محامين غربيين منصفين، بشرط أن يلقى الموضوع دعما من الدول أو الجهات المسئولة،؟ ون أما مجرد الكلام فهو وإن كان يريح البال لكنه لا يحقق الآمال، والدكتور موراني أول من سيرجع ما عنده؛ لأنه وعد بذلك إذا وجد من يستلم منه (ابتسامة)، ولا أحسب أن هناك طريقة أخرى متاحة الآن غير هذه، آمل المشاركة وفتح النقاش في الموضوع.وشكرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Feb 2005, 09:10 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
تعليقاً على موضوع إعادة المخطوطات:
أولاً: أشكركم جميعاً على ما تفضلتم به، وأخص الإخوة أمين نور شريف، وفهد الناصر، والمازني، والباجي ففي كلامهم عاطفة صادقة، وأدب ووقار في الحوار.
ثانياً: أشكر الدكتور موراني على أجوبته، ومتابعته.
ثالثاً: أن هذا الموضوع موضوع أكبر من أن يناقش في مثل هذا الحوار، لتعدد أبعاده من جهة، وطول الوقت الذي تشكلت فيه هذه القضية. وأنا شخصياً مع اتفاقي مع المطالبين بإعادة المخطوطات للمكتبات الإسلامية في البلاد الإسلامية باعتبار أن هذا التراث يخص الأمة بمجموعها، إلا أنني أتفق مع الدكتور موراني من جهة أن البلاد الإسلامية والأفراد المسلمين قد فرطوا - وما زالوا - في هذا التراث تفريطاً ظاهراً على مدى قرون. وأسباب هذا التفريط كثيرة، ولكن النتيجة واحدة في نهاية المطاف.
أرجو أن يكون هذا بداية جادة لاستعادة ما يمكن استعادته بثمنه إن كان أخذ بالثمن، والنظر في الطرق القانونية المناسبة لاسترجاعه إن كان هناك قوانين مسنونة لمثل هذا. ويبقى هذا الجرح كغيره من جراح الأمة الإسلامية الكثيرة في حاجة إلى علاج ما بقي على الأرض مسلمون يريدون استرجاع هويتهم وتراثهم، وإن كان الواقع المنظور لا يبعث على الأمل كثيراً والله المستعان، ولكننا متفائلون على الرغم من كل ذلك.
والحقيقة أن ما أشار إليه الدكتور موراني من عناية الغرب بالمخطوطات الإسلامية فيه جانب كبير من الصواب، وهذا هو الواقع بغض النظر عن الأهداف من أخذ هذه المخطوطات. لكن لا بد من قول كلمة الحق هنا، وقارن بين أي دار من دور المخطوطات في العالم العربي وتلك المكتبات في برلين ولندن وأسبانيا ودبلن وغيرها. ولن أطيل ...
أرجو أن نترك النقاش في هذا الموضوع الآن فلعله يكون له مجال آخر، ويتكرم الدكتور موراني بالإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالموضوع بحسب ما يراه ثم نغلق الحوار على أمل اللقاء في حوار علمي قادم بإذن الله على صفحات هذا الملتقى العلمي. وقد كان حواراً طريفاً وممتعاً ولله الحمد.
ـ[الباجي]ــــــــ[27 Feb 2005, 09:32 ص]ـ
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ....
أخي الفاضل المازني - نفع الله بك - لا نريد أن نكثر على الدكتور في هذا، فهو - أبدا - لا يحب هذا الكلام، وصدق إذ وصف النقاش في هذا الأمر بغير المثمر، والقوم اليوم في شغل عنا وعن المخطوطات، وادع الله أن لا يسلموا بقية ما في أيديهم إلى الغرب، فالأمر اليوم شديد، والكرب عظيم، واسم الإسلام فقط - مجردا - أصبح يثير أكثر من استفهام، فما بالك لو ذهبت تطالب بما نتحدث عنه، فما أظنك إلا وقد رميت بأعظم من تهمة الإر .. ، وأصدق من كل أقوالنا كلمة عمر الفاروق - رضي الله عنه - لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.
وسيأتي المخلص لأسرانا قريبا - إن شاء الله -.
د: موراني جهلي بالمسلم به في القانون الدولي - مع أني لا أجهل ذلك - يسميه علماؤنا: جهل لا يضر، لأني ...
عموما دكتور كما أخبرتك سابقا أنا أكبر فيك حبك لهذا التراث، وأقدر أنك لا تصبر على مفارقته، وأعلم أنه أصبح جزءا من نفسك، وراحتك وسعادتك في وجودك بينه، ولكن الحق أكبر من ذلك كله ... وفي بني عمي من أهل الإسلام من هو أشد بكثير منك في هذا، مع رابطة الدين والدم الذي تربطه بمن كتبوا ودونوا تلك الأسفار الغوالي.
وأنا لا أحب الحديث في أعمق من هذا بالنسبة لهذا الأمر، لأني مثلك لا أحب الحديث في السياسة، وقد بدأنا ندخل أعماقها، ولسنا على الساحل.
د: موراني سألتني سؤالا أجيبك عنه بكل صراحة أمام الملأ: لم يسبق لي أن طلبت مخطوطا من إحدى المكتبات الغربية، ولو كنت أحسن لغة أجنبية لكان لي طلب كل أسبوع، إن لم يكن كل يوم، ولا أريد أن أرهق غيري.
وما سمعته عن حسن استجابتهم في هذا الأمر كثير، وعن محافظتهم على هذا التراث أكثر ...
ولكن هذا لا يمنع من المطالبة بالحق.
من أخذ ابنك أو أباك عنوة مهما أحسن إليه وأكرمه يبقى أسيرا، وتطالب بعودته إليك، وإلا حسبت عاقا أو مضيعا، ولن يرحمك الناس والتاريخ، فكذلك نحن نعتب على من مضى، ونلوم الحاضرين على تقصيرهم، وندعوا أن يأتي - قريبا - المخلص.
د: موراني: كم هي المخطوطات ... المحجوبة التي لا يدري عنها طلبة العلم شيئا في الخزائن الأوربية فقط؟ إن كنت على يقين أجب د، وإن لم تكن .. فالسكوت أسلم.
إذا كانت المخطوطات المعروفة من خزائن المغرب قدر الربع - كما سمعته من في العلامة أبو خبزة حفظه الله - فما بالك بما عندكم، أرجو أن تكون فهمت ما أعنيه.: أنا في انتظار اجابتك عن أسئلتي حول التراث المالكي، وربما عندي غيرها.
تحياتي.
ـ[الباجي]ــــــــ[27 Feb 2005, 09:45 ص]ـ
د: موراني.
يبدو أن أجل الحوار قارب على الانتهاء - وإن كان بيني وبينك لن ينقطع بإذن الله أليس كذلك دكتور؟ - فأستغل الفرصة، وأسأل عن بعض كتابات المستشرقين حول الفقه المالكي وعن مصادره، وعن أعلامه، فلا شك د: موراني أنه بحكم اهتمامك، أنك وقفت على كتابات بعضهم حول ما نتحدث عنه، فهلا ذكرت لنا أسماء بعض تلك الدراسات، وحبذا لو خصصت الباجي (الحقيقي) بشئ من ذلك، أظن أن المستشرقين الإسبان لهم بعض الدراسات حوله أكثر من غيرهم، فلعلي أراسل بيدرو منتابت، أو اقناثيو نياكي في هذا، ولكن لا غنى لي عن فوائدك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[27 Feb 2005, 12:48 م]ـ
لكي نغلق الحوار حول الموضوع * اعادة المخطوطات الى أصحابها* أودّ أن أضرب مثلا واحدا سيعيه
كل من يهتم باعادتها , بل يشتاق اليه.
بين يدي مصورا على سبيل المثال: كتاب الكمال في تأريخ الرجال للمقدسي (غير كامل) ,وتذهيب التهذيب للذهبي (كاملا) كلاهما في مكتبة برلين.
السؤال: من أين هذا المخطوط أصلا؟ من الخزانة الخدوية سابقا , أي من دار الكتب المصرية اليوم؟
ان كان الأمر كذلك فعلى دار الكتب المصرية كالطرف الطالب أن ترفع دعواه وأن تأتي (من طريق الدولة) بالدلائل القاطعة أنّ هذه الكتب كانت في حوزتها مؤكّدة بذلك صحة طلبها لاعادة هذه الكتب ..... وغيرها ... وهلم جرا!
أما الحديث أن هذا التراث هو تراث المسلمين فليس في محله في هذه القضية قانونيا لمجرد عدم وجود طرف طالب بعينه.
انني شخصيا لا أخشى أنني يجب أن *أفارق* هذه المخطوطات المحفوظة في المكتبات الغربية في يوم ما , اذ ذكرت في بداية الحوار حول هذا الموضوع أنّ هذه المخطوطات تراث للبشرية كلها ولا لجزء منها , وكذلك ننعى به ونحافظ عليه.
أتمنى أن أكون قد بلغت الغاية في توضيح هذا الأمر وأرجو أن يتأمل المشاركون عليه بموضوعية أكثر منه عاطفيا وبعيدا عن تكذيب الطرف الآخر في الحوار.
ـ[موراني]ــــــــ[27 Feb 2005, 02:26 م]ـ
لقد سمّيت هذا المشروع بـ (احياء أمهات الكتاب المالكية ونشرها. المكتبة الرقمية للتراث المالكي)
الهدف المنشود لهذا المشروع هو احياء الكتب المخطوطة للمذهب المالكي ونشرها في سلسلة من الكتب المحققة تحقيقا علميا ودراستها دراسة تحليلية في الكليات للدراسات الاسلامية في العالم الاسلامي.
يسعى المشروع أولا الى ترتيب هذه المخطوطات حتى نهاية القرن الخامس الهجري كما يسعى الى حفاظ عليها وتسجيلها في مصورات رقمية وتخزينها في الحاسوب الآلي.
في المرحلة الاعدادية تم تصوير عدد كبير من المخطوطات في رصيد المكتبة العتيقة بالقيروان تصويرا رقميا كما تم ادخالها في الحاسوب Macintosh وترتيبها وفقا لأسماء الكتب وتأريخ تأليفها. يشتمل هذا العمل على الأجزاء الكاملة وغير الكاملة من الكتب الفقهية التي قد نسخت في افريقيا والمغرب الاسلامي حتى نهاية القرن الخامس الهجري.
انّ البحث عن هذه النوادر وتصويرها قد تم في اطار التعاون العلمي والمثمر والقائم منذ عدة أعوام بين الجهات المعنية بالقيروان والمشروع (تأريخ المذهب المالكي حسب نوادر المخطوطات بالقيروان والمغرب الاسلامي ـــ جامعة بون ــ تحت اشرافي. ونظرا الى ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين والتزاما به طيلة الأعوام السابقة فان جميع الحقوق لنشر هذه المخطوطات المصورة محفوظة لدى المشروع وصاحبه.
غير أن لي جميع الحقوق في التعاون والاستشارة مع جهات أخرى التي تلبّي بتنبّي هذا المشروع.
لم يخرج المشروع الى الآن من مرحلته الأولى وهي التمهيدية: جمع المخطوطات المعنية على الرق في مكتبات القيران وفاس والرباط وتصويرها رقميا بما في ذلك تصوير الحواشي تصويرا خاصا وادخال المصورات في الحاسوب وترتيب الكتب حسب موادها: العبادات والبيوع والنكاح .... الخ.
وفي هذه المرحلة التمهيدية ينوي المشروع القاء سلسلة من المحاضرات حول هذه المخطوطات التي سيلقيها أعضاء المشروع ومحققو المخطوطات , ومن هنا فللمشروع أيضا أبعاده التربوية والثقافية والتعليمية من خلال لقاءات مع الجيل الجديد المهتم باحياء التراث.
وفي المرحلة الثانية سيتم توزيع المصورات على أقراص على أعضاء المشروع من أجل:
النسخ الاعدادي وتحضير المسودات
ادخال النسخ الاعدادية في الحاسوب بما في ذلك الحواشي كحواش بالترقيم.
تحقيق النصوص في الحاسوب: مقارنة النص المحقق بالأصل من طريق اعادة النظر في المصورات على الأقراص
تخريج أهم الشواهد .... الخ.
تم ترتيب المخطوطات التالية في الحاسوب على مصورات رقمية:
(اختصار)
مختصر المدونة والمختلطة لابن أبي زيد القيرواني , 25 جزء كتب أغلبها عام 402 الى 404 هـ بالقيروان
المدونة لسحنون , 12 جزء بعضها من منتصف القرن الرابع الهجري ومن حلقات القابسي بروايات أصحاب سحنون.
سيضاف الى هذه المجموعة المخطوطات في فاس والرباط بحواشيها النادرة.
المختلطة لسحنون , 13 جزء , ويضاف اليها الأجزاء في فاس.
كتب أشهب بن عبد العزيز (العتق , كتب الحج , الدعوى والبينات , مجالس أشهب) على بعضها سماع مؤرخ على عام 297 هـ!
جزء من الأمالي لمحمد بن سحنون
تفسير كتاب الحج لابن مزين
كتاب الزكاة من كتب ابن أبي الغمر (في آخرخ سماع من عام 272!
كتب عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون (من الحج , الطلاق والبيوع في جزء مبتور وفي جزء كامل)
كتاب في اختلاف المذاهب ربما يضاف الى كتب محمد بن سحنون
كتب عبد الملك بن حبيب القرطبي: الواضحة والسماع , ثم تحقيق جميع الكتب الموجودة من كتب الصلاة والحج من الواضحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[27 Feb 2005, 08:22 م]ـ
الدراسات حول الفقه المالكي ليست كثيرة.
نشر المستشرق الأمريكي J. E. Brockopp دراسة مفصلة حول ابن عبد الحكم وكتابه المختصر في الفقه وهو المستشرق الوحيد الذي زار المكتبة القيروانية ـ باقتراحي ـ واستفاد فيها من القطع المتبقية من المختصر الكبير والمختصر الصغير. نشر هذه الدراسة بالعنوان:
Early Maliki Law. Ibn 'Abd al-Hakam and his Major Compedmium of Jurisprudence. Leiden/Brill 2000
وفي عام 1999 نشر المستشرق الألماني Christian Mueller دراسة حول القضاء في مدينة قرطبة في القرن الخامس الهجري واعتمد فيها على كتاب الأحكام لابن سهل , وعلى الونشريسي وغيرهما.
الكتاب باللغة الألمانية , صدر أيضا عن بريل في ليدن.
بهذه المناسبة أود أن أشير الى قطعة صغيرة وجدتها بمكتبة القيروان على الكاغذ.
(الكاغذ كلمة صينية تسربت الى العربية حينما أخذ العرب صناعة الورق من الصين. وكان يصنع بالقيروان ويالأندلس من الخرقة والقماش.) بعد بحث طويل استغرق أكثر من نصف عام تبين لي أن هذه الأوراق المتبقية جزء من كتاب أحكام زياد , وهو القاضي أحمد بن محمد بن زياد , قاضي الجماعة بقرطبة.
تحتوي هذه الأوراق على نوازل أندلسية لها شواهد عند ابن سهل والونشريسي. وسبق لي أن نشرت دراسة حول هذه الأوراق استخراجا بعد فقرات منها في مجلة المستشرقين الألمان عام 1998.
وللمستشرقين الاسبان نشاط كبير في هذا الميدان ولهم مجلة خاصة تنشر دراساتهم فيها , وهي مجلة القنطرة al-Qantara , في الغالب باللغة الاسبانية.
ـ[الباجي]ــــــــ[28 Feb 2005, 01:20 ص]ـ
أشكر الدكتور موراني على إجابته، وأنتظر المزيد.
ـ[الباجي]ــــــــ[28 Feb 2005, 01:27 ص]ـ
حقا د: موراني قبل أن أنسى - ولو أننا سندخل حديثا في حديث - ما حقيقة المدعو (كريستوفر لكسمبورغ) وكتابه عن اللغة الآرامية .. وما علاقة كلامه بالقرآن الكريم؟
وقد أخبرني أحد المتتبعين أن جماعة من المستشرقين ردوا عليه، ومن أقواهم ردا باحث أمريكي نسيت اسمه الآن.
ـ[موراني]ــــــــ[28 Feb 2005, 01:36 ص]ـ
هل يمكنك أن تكتب الاسم بحروف لاتنية؟
ـ[الباجي]ــــــــ[28 Feb 2005, 09:47 ص]ـ
نعم دكتور: LUXENBERG. CHRISTObHER.
واسم الكتاب (قراءات في الآرامية والسريانية في القران).
صدر عن: مكتبة دار الكتاب العربي. بألمانيا، للمستعرب: هانس شيلر. وهذا مشهور عندكم.
وما كان من خطأ فصلح من عندك دكتور.
أرجو أن لا يشغلك هذا عن الحديث عن المالكية ومصادر الفقه المالكي: المدونة. المختلطة. الباجي ..
ولي بعدُ سؤال أو أكثر ربما.
تحياتي
ـ[موراني]ــــــــ[28 Feb 2005, 11:20 ص]ـ
Luxenberg................
هذا اسم مستعار كما سمعت , ولا يكتب باسمه الحقيقي.
أنا شخصيا لا أغمس لساني فيما يكتب ......
أكتب اسمه في جوجل في البحث هكذا فتجد نقاش حوله وآراءه مرفوضة تماما في الاستشراق.
كما سمعت هذا الشخص ينشر كتاباته على نفقاته .....
ـ[الباجي]ــــــــ[28 Feb 2005, 04:33 م]ـ
شكرا د: موراني. وإنما كان يهمني من جوابك قولك: (وآراءه مرفوضة تماما في الاستشراق).
الرجاء الاستمرار في الحديث عن المدونة. المختلطة ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Mar 2005, 01:28 م]ـ
مما له صلة بهذا اللقاء.
وصلتني دعوة على الفاكس من مركزالملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لحضور ندوة علمية بعنوان:
ألمانيا والثقافة العربية
وذلك بالتعاون مع السفارة الألمانية بالمملكة.
وموعد الندوة اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء 20 - 21 /محرم /1426هـ تبدأ الساعة السابعة مساء بقاعة المحاضرات التابعة للمركز. وسيشارك في الندوة عدد من المعنيين بهذا الموضوع من الباحثين من العرب والألمان. وقد وجدت خبراً عن هذه الندوة على موقع المركز تجده هنا.
ندوة: المانيا والثقافة العربية ( http://www.kfcris.com/news/details.asp?num=43)
ولكن لم يذكر في الموقع تفاصيل مضمون هذه الندوة، غير أنه في الدعوة المرسلة بالفاكس ذكروا أن هذه الندوة تشتمل على ثلاث جلسات:
الجلسة الأولى بعنوان: (تطور المعرفة الألمانية للثقافة العربية) من 8 - 10 مساءً اليوم الأول. وفيها:
- الدراسات العربية والإسلامية في ألمانيا للدكتور إشقيفان لير
- المناهج الألمانية في دراسة الثقافة العربية - تجربة خاصة للدكتور فالح العجمي.
- دراسات حول الشرق الأوسط المعاصر للدكتور توماس فيليب.
- صورة العرب في العلوم الاجتماعية في ألمانيا للدكتور عبدالقادر عرابي.
الجلسة الثانية: العلاقات العربية الألمانية - نحو حوار فاعل. وفيها:
- المعايير والقيم والحوار بين الثقافات للدكتور غودرون كريمر.
- التعاون الثقافي العربي الألماني للدكتور عبدالراضي محمد عبدالمحسن.
- المبادرات الألمانية في الحوار بين الثقافات - موقع القنطرة في الانترنت أنموذجاً (دراسة وتحليل) للدكتور مازن مطبقاني.
الجلسة الثالثة: الجهود الألمانية في دراسة الثقافة العربية، ومما فيها:
- مساهمة المستشرقين الألمان في نشر أعمال التراث العربي للدكتور فؤاد فرسوقي.
- جهود الاستشراق الألماني في دراسة اللهجات المحكية للدكتور سعد الصويان.
وهناك معرض مصاحب لهذه الندوة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الباجي]ــــــــ[01 Mar 2005, 01:31 م]ـ
د: موراني.
أين أنت؟ لا زلت أنتظر بقية جوابك عن دلالة اسم المدونة والمختلطة، هل هما اسمان لشئ واحد، أم لشيئين متغايرين، أم ماذا؟ وذلك من خلال ما عندك من مخطوطات لهما، وتحليلك لما فيهما من أقوال.
ولو ذكرت لنا - متفضلا - أي خبر عن الأسدية، هل وجدت لها نسخا؟ وهل عليها تعليقات لعلماء المالكية يصححون ما فيها من نقول؟ أم هي على ما دونها عليه الإمام أسد - رحمه الله -.
ـ[موراني]ــــــــ[01 Mar 2005, 06:57 م]ـ
@الباجي
نقاش هذا الموضوع يفرض علينا توسيع الحوار في هذا اللقاء , ما لم يكن مقصودا منه أصلا.
أهم النقاط في الموضوع: المختلطة ليست الأسدية من قريب أو بعيد , كما يزعم ذلك البعض. لا ذكر فيها لأسد. المسائل كلها لابن القاسم برواية سحنون.
هذا مؤكّد اليوم.
فعند اخراج المدونة اخراجا علميا لا بد من مقابلة هذه النسخ بالنسخ الأخرى الكثيرة للمدونة والاّ
يقبى الحال كما هو: ليس لدينا حتى اليوم (المدونة لسحنون) محققا علميا معتمدا. أنا أدعو منذ عام 1991 الى تنفيذ هذا العمل بلا جدوى ....
أشكرك على اهتمامك.
ـ[الباجي]ــــــــ[02 Mar 2005, 01:43 ص]ـ
طيب دكتور حدثنا عن أهم ما تمتاز به المدرسة القيروانية في الفقه المالكي عن مدرسة العراق ومدرسة الأندلس خلال القرون الثالث والرابع والخامس.
ـ[المازني]ــــــــ[02 Mar 2005, 09:07 ص]ـ
دكتور موراني: بعد التحية، هل لكم موقع خاص على الشبكة باللغة العربية يمكن التواصل فيه في حال انتهاء الحوار في ملتقى التفسير؟، وما هو بريدكم اللإلكتروني؟ مع خالص الشكر.
ـ[المازني]ــــــــ[02 Mar 2005, 09:10 ص]ـ
أخي العزيز الباجي: لا تنس المدرسة المصرية في المذهب، فربما يكون لها من الخصائص والميزات ما ليس لغيرها. أليس منها أشهب وابن القاسم وابن عبد الحكم وابن وهب وغيرهم؟ وشكرا
ـ[موراني]ــــــــ[03 Mar 2005, 07:22 م]ـ
وعلم الحجازيين بالمغرب ينتهي الى خير من فيهم وأطيبهم خبرا
وأقومهم طرا لسنّة أحمد وأعظمهم لله في دينه نصرا
وأوسعهم علما وأصدقهم تقى وأورعهم جهرا وأورعهم سرا
فذاك الرضى سحنون فالزمه تستفد به البر والتقوى وتجتنب العسرا
رغبة بعدم توسيع الموضوع الأصلي لهذا اللقاء
نكتفي بهذا حول المذهب المالكي , فربما نجد مناسبة أخرى لاجراء الحديث حول المذهب وخصائصه ومزاياه في الأقطار الاسلامية في القرون الأولى الهجرية.
ـ[الباجي]ــــــــ[03 Mar 2005, 07:57 م]ـ
دكتور موراني:
بعد هذا الانتظار الذي افتقدناك فيه، ولا جواب (ابتسامة).
وإنما كان يكفينا منك ما يسد الرمق، ولو بالإشارة، وكنت أود أن أتبع ذلك بسؤال عن (التطور) كما تراه في نصوص المذهب، من خلال دراستك وتحليلك لها من خلال الموطأ و المدونة وما بعدهما ...
ـ[موراني]ــــــــ[03 Mar 2005, 08:37 م]ـ
اذا , يا الباجي
المنهوم في الكتب لا يشبع ...... (كما قال ابن أبي زيد القيرواني في ختام رسالته في طلب العلم)
لقد استخلصت من مقابلة بعض الأبواب والفقرات في كل من المدونة (مطبعة السعادة) من جانب وفي نسخ المختلطة (التي يظهر على الورقة الأولى منها هذا العنوان) من جانب آخر , أنّ المختلطة لا تذكر الأحاديث التي علقها سحنون في المدونة عادة في آخر الأبواب المعنية. أما الأسئلة التي وجهها الى ابن القاسم فهي هي. أما أسد فلا علاقة له بالمختلطة من قريب أو بعيد. بل هناك فقرات في نسخ المختلطة ونسخ المدونة التي لا ترد في المطبوع. هناك أيضا نسخ للمختلطة لا تبويب فيها الا على الهامش بخط مغاير. والعكس أيضا صحيح! اذا نظرت في كتاب الصيد والذبائح والضحايا فلا تجد فيها بابا واحدا. أما في المختلطة ففيها عدة أبواب في هذه الكتب الثلاثة.
ومعنى ذلك أن سحنونا لم يترك مؤلفا كاملا باخراجه بل ترك عدة نسخ رتبها ورسّمها بأبوابها الأجيال من بعده بزيادات ونقص , بتأخير وتقديم. وهذا الأمر بالذات دفع الفقيه القابسي في أواخر القرن الرابع أن يقوم في حلقاته بمقابلة النسخ التي كانت بين يديه , وذكر في آخر نسخه تلك النسخ التي اعتمده عليها كما ذكر رواياتها أيضا. وهذه مقابلات مسجلة ومعروفه وهي من كنوز المدرسة القيروانية!
تتميز نسخ المدونة والمختلطة بالمغرب من أواخر القرن الخامس الهجري بصفات أخرى: لم يهتم طلبة العلم بمقارنة النصوص , بل أضافوا تعليقاتهم على المدونة باحالتهم على كتب فقه أخرى ضاعت أغلبها غير أنهم ذكروها هذه المؤلفات اسما ورواية في آخر الكتب! قد سبق لي أن قابلت بعض هذه التعلقيات بالنتبيهات المستنبطة للقاضي عياض فوجدت لها شواهد عنده بكثرة وبنفس روايات.
نهاية المطاف ملخصا: المدونة التي بين يدينا يجب أن نعتمد عليها غير أنّ التحقيق الجديد العلمي لا بد أن يرجع الى هذه النصوص لكل من المدونة والمختلطة ليتم مقارنة بعضها ببعض كما فعل القابسي في حلقاته , ولا نصل الى نص محقق تحقيقا علميا الا من هذا الطريق الشاق.
أنا أذيع هذا الاقتراح على الجهات في العالم العربي منذ 1991 بالضبط. بلا جدوى للأسف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Mar 2005, 10:03 م]ـ
نكتفي بهذا من النقاشات حول هذا اللقاء العلمي، ونشكر الدكتور موراني على أجوبته، ولعلنا نقوم بإعادة صياغة هذه المداخلات ودمجها باللقاء الأصلي إن شاء الله. وإلى لقاء قادم بإذن الله. وصلى الله وسلم علي سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ليلة الجمعة 23/ 1/1426هـ
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[24 Mar 2005, 10:02 م]ـ
الأستاذ الدكتور ميكلوش مورانى، بعد التحية:
دعانى الأستاذ عبد الرحمن الشهرى المشرف العام على موقع "شبكة التفسير والدراسات القرآنية" ( tafsir.net) بمبادرة كريمة منه، بعد تعارفنا منذ أيام قلائل من خلال البريد المشباكى، إلى أن أشترك فى الملتقى العلمى للشبكة المذكورة، لافتًا نظرى إلى الحوار الذى أجرته الشبكة مع سيادتك، فقرأتُه مستمتعًا بالأسلوب العربى المستقيم الناصع الذى صيغ فيه، مما كان مدار حديثى فى محاضرة لى هذا الأسبوع بجامعة قطر تعليقا على ملاحظة إحدى الطالبات بأنه فى الوقت الذى يُحْسِن فيه بعضُ الأجانب لغتَنا نجد أن كثيرا من المتعلمين العرب لا يتقنون لسانهم القومى بشبهة أنه صعب التعلم، فانتهزتُها فرصةً وأخبرت الطالبات أننى مشغول هذه الأيام بحوارٍ أجراه أحد المواقع الإسلامية مع مستشرق ألمانى يكتب اللغة العربية أفضل من كثير من المثقفين العرب أنفسهم. وقد أثارت إجاباتك على أسئلة الحوار عقلى فأخذت أقلب الفكر فيه وأتصور أننى جالس معك أناقلك الرأى وأبادلك الحجة فنختلف تارة ونتفق أخرى. ثم بدا لى أن أكتب هذا الذى دار فى ذهنى ثم أنشره على الناس فى هيئة رسالة تطالعها سيادتك مع سائر القراء، وإن كنتَ أنت صاحب الفضل الأول فى كتابتها والمقصود رقم واحد بها. وهاهى ذى الرسالة المذكورة بين يديك، ولسوف ترى أنى ركزت هنا على نقطتين لا غير، والسبب فى ذلك أنى لم أجد تقريبا فى باقى كلامك ما يمكن أن يكون موضع أخذ ورد بيننا، أو على الأقل: لن يكون حوله خلاف كبير.
وقد جاء فى كلامك أن "المستشرق هو الباحث الذي يُحاول دراسةَ الحضارات الشرقية وتفهُّمَها على المستوى الجامعي الأكاديمي. وما نحن بصدده في هذا المَجال هو الاستشراقُ بمعناه الأصلي والأكاديمي: دراسة الحضارة الإسلامية بصورة عامة، ودراسة العلوم الإسلامية باعتبارها أَساسًا لهذه الحضارة على جَميع مستويات الحياة العامة. إذاً فإِنَّ هذا المجالَ واسعٌ، يشمل جميع فروع العلم: الفلسفة، الأدب على مختلف فنونه، الشعر من العصر الجاهلي إلى الشعر الحديث، الطب وعلومه وغير ذلك. ولن يتأَتى للمستشرق الوصول إلى تائج سليمة وعلمية في هذا المضمار ما لم يُتقن لغات هذه الحضارة العظيمة: العربية، وهي اللغة الأساسية والمنطلق الرئيس للدراسات الإسلامية والعربية، وأيضًا اللغة الفارسية واللغة العثمانية التركية. وإلى جانب ذلك هناك تخصصات في الاستشراق تتطلب معرفةَ اللغة الحبشية واليمنية القديمة ولهجاتها. ومَنْ تخصَّصَ في الفلسفة والكلام فعليه دراسة اللغة اليونانية القديمة، ويُمكن دراسة جميع هذه اللغات في مختلف المعاهد الاستشراقية في ألمانيا حسب تخصصها. وكثيرًا ما يستخدم الإعلامُ مصطلح "المستشرق" في غير موضعه، فيزعمُ أَنَّ كلَّ فردٍ يُدْلي برأيه في شؤون العالم العربي والإسلاميِّ، أو يُدْلي بدلوهِ في الأمور السياسيةِ في الشرق الأوسط يُعتبرُ مُستشرقًا حتى ولو كان صَحفيًّا، أو عالمًا في العلوم الاجتماعية، أو سياسيًّا غير ناطقٍ باللغة العربية، وهذا غير صحيح".
والآن اسمح لى أن أختلف معك فى تحديدك للمستشرق، إذ أراك تشترط أن يكون أستاذا جامعيا، مع أن هذا ليس بلازم، فضلا عن أن الواقع خلاف ذلك. والمهم أن يكون محور اهتمام الباحث هو دراسة الشرق لغةً ودينًا وسياسةً واقتصادًا وتاريخًا وجغرافيةً وأدبًا وعاداتٍ وتقاليدَ وزعماءَ وعلماءَ ... إلخ، ثم لا عليه بعد هذا إن كان أستاذا فى الجامعة أو صحافيا أو سفيرا أو وزيرا أو رحالة أو فنانا أو حتى جاسوسا. المهم أن يكون مهتما بالشرق وبدراسة الشرق ماضيا أو حاضرا أو مستقبلا، وأن يقرأ عن الشرق ويعرف ما كُتِبَ عنه ويحتك به ... وهكذا، مع ملاحظة أن الشرق فى حالتنا الآن هو الشرق الإسلامى بطبيعة الحال. أما إذا ضيَّقنا واسعا وحَجَّرْنا ما جعله الله ليِّنا، فأين نضع
(يُتْبَعُ)
(/)
أشخاصا كواشنطن إرفنج أو جورج سيل أو إدوارد لين أو ريتشارد بيرتون أو جرترود بل أو بلنت أو كرومر أو محمد أسد أو أسد بك أو مارمادوك بكثال أو مارتن لنجز أو ديزموند ستيوارت أو مراد هوفمان أو روجيه جارودى أو روبرت فيسك أو الجنرال دوتى أو إتيين دينيه أو جينو أو موريس بوكاى على سبيل المثال؟ إن كلامك لا يعنى إلا أن فى الأستاذ الجامعى سرًّا إلهيًّا لا يتوفر لغيره، مع أن الذكاء والعلم والاهتمام والمقدرة على الإنجاز فى هذا المجال متاحة للجميع كما يقول الواقع والتاريخ. بل إن المؤلفات التى خلّفها وراءه هذا النوع غير الأكاديمى من المستشرقين لا تقل أهيمة عن الاستشراق الأكاديمى فى التعريف بالشرق، إن لم تزد. ذلك أن الشرق ليس كتبا قديمة أو تاريخا ماضيا أو أدبا فقط، وهذا بافتراض أن المستشرق الصحفى مثلا لا يهتم بهذه الأشياء، بل هو شوارعُ وأبنيةٌ وملابسُ وأطعمةٌ، وتعاملاتٌ يوميةٌ من كل لون، ٍ وأحداثٌ حيّةٌ معاصرةٌ، وآمالٌ وتطلعاتٌ وتخطيطاتٌ للمستقبل ... مما لا يهتم به المستشرق الجامعى عادة، بخلاف المستشرق الرحالة أو المستشرق السياسى وأمثالهما. من الممكن أن نقول إن هناك استشراقا جامعيا، واستشراقا سياسيا، واستشراقا صحفيا ... وهلم جرا، أما أن نقول إن الاستشراق لا يكون إلا جامعيا، فماذا نفعل إذن يا ترى بغير الجامعيين ممن يكتبون عن الشرق ويهتمون به، ولهم نتاجٌ مهمٌّ يلقى الضوء على الشرق ويبحث فى ثقافته وتاريخه وحاضره وأوضاعه وسائر قضاياه؟ كذلك اسمح لى أن أنبه القراء إلى أن العربية والفارسية والتركية، رغم أهميتها وتفوقها فى مجال الاستشراق على غيرها من لغات المنطقة، ليست هى كل ما يحتاجه المستشرق الإسلامى، إذ هناك الأوردية والبنغالية واللغات الإفريقية التى يتكلمها المسلمون من غير الشعوب التى تتحدث وتكتب باللغات الثلاث المذكورة. إننى قد أفهم اقتصارك فى حديثك هنا على أنه رغبة فى اختصار الكلام، ولا أظنك تقصد أن اللغات الأخرى التى يتكلمها ويكتب بها المسلمون الآخرون لا تهم المستشرق فى شىء، وإلا فهل يُعْقَل أن يهمل أىُّ مستشرقٍ جادٍّ التراثَ الذى تركه علماء كأبى الأعلى المودودى أو مولانا عبد الماجد دريابادى أو مولانا أبو الكلام أزاد أو حتى كاتبة كتسليمة نسرين؟ لكننى رغم هذا أوافقك تماما فى الإنكار على من يزعمون أن "كلَّ فردٍ يُدْلي برأيه في شؤون العالم العربي والإسلامي، أو يُدلي بدلوهِ في الأمور السياسيةِ في الشرق الأوسط يُعتبرُ مُستشرقًا، حتى ولو كان صَحفيًّا أو عالمًا في العلوم الاجتماعية أو سياسيًّا غير ناطقٍ باللغة العربية"، وهذا نص كلامك. إلا أن هذا غير ذاك كما ترى!
وجوابًا على السؤال التالى:"كيف يمكن تلخيص طبيعة الفهم الاستشراقى للقرآن الكريم، وتوثيق القرآن عند المستشرقين؟ وهل يختلف هذا الفهم عن الفهم للقرآن عند الباحثين المسلمين؟ " قلتَ إن "الفهم الاستشراقيّ للقُرآنِ يختلفُ كُلَّ الاختلافِ عنهُ عندَ المسلمين عامةً، والباحثين المسلمين خاصةً، وذلك ما أَثارَ تَوتُّرًا، بل حقدًا إنْ صحَّ التعبيرُ، بينَ الطرفين الإسلاميِّ والأُوروبيِّ. إنَّ المستشرقَ الذي يدرسُ نصَّ القرآنِ وعُلومَه لا ينطلقُ من الحقيقةِ المطلقةِ لدى المسلمين أَنَّّ هذا النصَّ وحيٌ مُنَزَّل، أَي لا يدرسهُ مِن زاويةِ الإيمانِ، بل مِنْ زاوية العلمِ المنفصلِ مِن جَميع ما يدخلُ في باب الإيمان والعقيدةِ. الاستشراقُ يُعالج النصَّ القرآنيَّ وِفقًا لِمَعاييرِ علومِ الدياناتِ العامةِ، وَوفقًا لعلوم التأريخ، فمِن هنا يُمكنُ القولُ: إِنَّ نصَّ القرآنِ في رأي الاستشراقِ ليس إِلاَّ وثيقة تاريخية ثَمينة، باعتباره مبدأً أساسيًّا في إيمان المسلمين وعقيدتهم. وهذا ما ينبغي على الباحث المسلم مراعاته عند القراءة في دراسات المستشرقين أو مناقشتهم حتى لا يحصل الخلل في الفهم والنتائج".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولى هنا تعليق أرجو أن يتسع صدرك له، ألا وهو أن الباحثين المسلمين لا تفوتهم هذه الملاحظة أبدا، وإلا فهل تستطيع أن تتذكر أن أحدهم مثلا قد عرض عليك ذات مرة الدخول فى الإسلام؟ لا أظن أن هذا قد حصل، وحتى لو كان حصل فهو أمر نادر بل شاذ لا يقاس عليه كما تعرف. ومعنى هذا أنهم يسلِّمون باختلاف وجهات النظر، وهذا راجع فى الأساس إلى ما جاء فى القرآن الكريم من أن كل أهل دين أو شريعة أو مذهب حتى الذين ضلَّ سَعْيُهم فى الحياة الدنيا "يحسبون أنهم يحسنون صنعا" (الكهف/ 104)، ومن أن كل أمة قد زُيِّنَ لها عملها: "ولا تسُبّوا الذين يَدْعُون من دون الله فيسُبّوا اللهَ عَدْوًا بغير علم. كذلك زيَّنّا لكل أمةٍ عملهم. ثم إلى ربهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون" (الأنعام/ 108)، وإلى قوله سبحانه مخاطبا نبيّه: "ولو شاء ربك لآمن مَنْ فى الأرض كلُّهم جميعا. أفأنت تُكْرِه الناسَ حتى يكونوا مؤمنين؟ " (يونس/ 99)، "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة. ولا يزالون مختلفين* إلا مَنْ رَحِمَ ربُّك، ولذلك خلقهم" (هود/ 119) ... إلخ. كما أنهم مأمورون من دينهم ألا يحاولوا فرضه على أحد.
على أن هذا لا يمنع أنهم يفرحون بمن يعتنق دينهم، وهو شعور بشرى فطرى لا غبار عليه، وكل منا يحس بالحُبُور حين ينجح فى كسب الآخرين إلى صفه فى أية قضية، بله أن تكون هذه القضية هى الدين! وفى كلامك فى هذا الحوار الذى نحن بصدده ما يشى بفرحتك لأنك استطعت أن تؤثر على الدارسين العرب الذين يشتغلون معك حتى لقد أصبحوا ينظرون إلى الحضارة الإسلامية من زاوية علمانية غير دينية. وهذا نصّ ما قلتَ: "ما هي الفائدةُ التي تترتب على هذه البعثات والدراسات في الكليات الأوروبية؟! وهل هناك حاجة تدعو إلى هذه البعثات من الدول الإسلامية؟! نعم، إِنَّنا لسعداءُ أَن نقبلَ ونُضيفَ طلبةَ العلمِ من الدول العربية لكي يشاركونا في الدراسات الإسلاميةِ، وهي في الغالب تختلفُ من حيث المنهجية عن الدراسات في الجامعات الإسلاميةِ كُلَّ الاختلاف. إنَّ الإقامةَ والدراسة في المعاهد الاستشراقية قد تكونُ مفيدةً لِمَن يستطيع التمييزَ بين المنهجينِ العِلميينِ: الإسلاميِّ كما في بعض الدول العربية والإسلامية، والعَلمانيّ كما هي عندنا في أوربا. لقد شاركني بعض الإخوة من الدول العربية في أبحاثي، وقد استفدتُ من علمهم لأَنَّهم كانوا من المتخرجين من جامعاتٍ إسلاميةٍ، ولديهم إلمامٌ بدرجةٍ ما، وهم في الآنِ نفسهِ تعلّموا مِنّا الاقترابَ اللاديني من هذه الحضارة الإسلامية، التي لا يَشكُّ في عَظَمتِها أَحدٌ من المستشرقينَ المنصفين على المستوى الأكاديمي. والفائدة من هذه البعثات قد تكونُ الحوارَ المتبادلَ الجِدِّيَّ في مسائلِ البحث العلمي من أجلِ المعرفةِ، لا مِنْ أجلِ إقناعِ الطرفِ الآخرِ بأَولويةِ مَعاييرِ دِينه".
لكن أترانى أريد أن أقول إن المسلمين لا يضيقون حين يَرَوْن المستشرقين والمبشرين يهاجمون القرآن؟ أكون كاذبا إذا أجبت بالإيجاب، إذ هم يضيقون بالفعل ضيقًا شديدًا من جرّاء هذا، لكن لا لأنهم يريدون من المستشرق أو المبشر أن يشاركهم الاعتقاد بأن هذا القرآن من عند الله، بل لأنهم يَرَوْن أنهما لا يراعيان، فى كتاباتهما عنه، قواعد العلم والتفكير المنهجى السليم، وأنهما قد دخلا ميدان الدراسات القرآنية بنيّةٍ جاهزة هى التخطئة والانتقاد أيا كان الوضع! هذا هو السبب، ولا سبب غيره فى حدود علمى وملاحظتى. وفى كلامك ذاته ما يومئ بقوةٍ إلى صدق ما ذكرتُ، فأنت تقول إن "الاستشراق يُعالج النصَّ القرآنيَّ وِفقاً لِمَعاييرِ علومِ الدياناتِ العامةِ، وَوفقاً لعلوم التأريخ، فمِن هنا يُمكنُ القولُ: إِنَّ نصَّ القرآنِ في رأي الاستشراقِ ليس إِلاَّ وثيقة تاريخية ثَمينة، باعتباره مبدأً أساسيًّا في إيمان المسلمين وعقيدتهم". معنى ذلك أنك تدخل الميدان، وفى ذهنك أن هذا النص غير مقدس ولا يمكن أن يكون مقدسا، على حين أن الحيادية العلمية تقتضيك أن تدخل بقلب محايد يمكن أن يغير اتجاهه فى أى وقت تبعا لما يتكشف له من الحقيقة أو ما يرى مخلصًا أنه الحقيقة، اللهم إلا إذا قلتَ إن العلم قد انتهى انتهاء مطلقا لا رجعة عنه ولا مثنوية فيه إلى أن الأديان، أو على الأقل: إلى أن الإسلام لا يمكن أن يكون صوابا. فهل يمكنك
(يُتْبَعُ)
(/)
بوصفك رجلا عالما أن تجزم بهذا؟ وحتى لو كان بعض العلماء الطبيعيين يقولونه، بل لو افترضنا المستحيل وقلنا إن جميع العلماء الطبيعيين يقولون به، أوَيمكنك أنت أو غيرَك أن تقطع بأن هذه هى الحقيقة المطلقة، وضميرك مطمئن؟ إن الأمر فى أسوإ حالاته لهو أمرٌ خلافىّ! وعلى كل حال فليس هناك ما يقطع بأن الرسول محمدا لم يكن فعلا رسولا من عند رب العالمين. وبطبيعة الحال أنا لا أتكلم هنا عن كل المستشرقين بل على قطاع منهم، وإن لم يكن هذا القطاع صغيرا بالمناسبة.
ثم إن كثيرا من العلماء الغربيين يدخلون الإسلام رغم كل الهوان والخزى الذى يحيط بالمسلمين من كل جانب فى هذا العصر العجيب! فلم لا يضع المستشرق من هؤلاء فى ذهنه منذ البداية أنه مقبل على دراسة دين يمكن، رغم كل شىء، أن يتضح أنه دين حق! ونحن، والحمد لله، أكبر من أن نتصور أن سَبْق محمد لنا فى التاريخ وانتماءه إلى مجتمع بدوى متخلف أشواطا هائلة عن مجتمعاتنا المعاصرة، وبخاصة المجتمعات الغربية الصناعية، يسوّغان النظر باستهانة إلى التعاليم والعقيدة والقيم التى أتى بها، فما هكذا يفكر العلماء! وإلا لَنَأَى واحد مثلى بعِطْفه عن دين محمد جانبا (وعن الأديان الأخرى من باب الأولى)، وشمخ بأنفه عاليا، لأنه تعلم تعليما جامعيا راقيا، وسافر إلى أوربا ودرس فى أحسن جامعاتها حتى حصل على الدكتورية، ثم ترقَّى إلى الأستاذية بعد ذلك، وقرأ آلاف الكتب، ويعرف بعض اللغات، وله عدد غير قليل من الكتب ... إلى آخر هذا الكلام الذى لا يؤكّل "عَيْشًا" ولا يجوز إلا فى عقول الحمقى والمغفلين الذين أعوذ بالله أن أكون واحدا منهم! فمحمد، إذا كان رسولا حقا، فـ"طُظْ" وأَلْف "طُظْ" فى الشهادات الجامعية والألقاب العلمية والمعارف المختلفة التى حصّلها الإنسان إذا أوعزت إليه الكِبْر على دين الله والكُفْر برسوله. لكن فلنَعُدْ إلى ما كنا بسبيله، وإلا ظُنَّ أنى أنتهز الفرصة لأدخل فى فاصل من العزف الدِّعائى المنفرد، مع أنى لا أحسن الدعوة إلى الدين رغم أنه شرف، وأى شرف! وعلى كل حال فلست أذكر، كما أشرتُ من قبل، أن أحدا من الباحثين، أو حتى المثقفين، العرب أو المسلمين بوجه عام قد فكر فى دعوة نظير له إلى اعتناق دين الرسول الكريم، اللهم إلا المرحوم أحمد حسين زعيم "مصر الفتاة"، الذى وجه رسالة مفتوحة فيما أذكر إلى "الحاج محمد هتلر" شيخ عموم قبائل جرمانيا العظمى، الذى صنّف أمم العالم فكان كرمًا ولطفًا منه أنْ لم ينزل بالعرب إلى مستوى الحيوانات، بل وضعهم هم واليهود قبل الكلاب وسائر العجماوات بدرجة! والله فيه الخير! ولذلك لا ترانا ننبح مثل الكلاب كما لعلك لاحظت أثناء دراستك فى مصر عندما كنت تترك المحاضرات فى الجامعة وتحتكّ بالناس فى الشوارع والدكاكين كى تتأكد أن عدم النباح ليس مقصورا على المتعلمين وحدهم، بل يشمل كذلك العامةَ خارج المعاهد العلمية! ولقد استطاع اليهود أن يأخذوا حقهم ثالثًا ومثلّثًا من الألمان وما زالوا وسوف يظلّون يستنزفون الألمان ودم الأمان إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا، أما نحن فناسٌ على نياتنا: كلمة تؤدّينا، وكلمة تجىء بنا! أو بالبلدى: ناسٌ هُبْل (مقلوب "بُلْه" كما يقولون)!
ما علينا من هذا كله! نعود لما كنا فيه مرة أخرى: كنا نقول إن الباحثين العرب والمسلمين، حين يعيبون المستشرقين لانتقادهم القرآن، لا يفعلون ذلك لأنهم يريدون منهم أن يؤمنوا بأنه كتاب سماوى مثلما يؤمنون هم، بل لأنهم يرون أنهم إنما يدخلون الميدان وقد شمروا عن ساعد التخطئة بأية وسيلة، على طريقة الذئب الذى خرج إلى جدول الماء، وهو مصمم ألا يرجع إلى أولاده إلا باثنين ثلاثة كيلو ضأن. وأنت تعرف باقى القصة، فلا داعى للمضى فيها. ستقول لى: أبدا، فأقول لك بدورى: أَبَدَيْن اثنتين لا أَبَدًا واحدة، وهاك الدليل، ومن كلامك ذاته هذه المرة أيضا!
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد قلتَ إن نولدكه المستشرق الألمانى "ما يزال يُعتبَر حتى اليوم من كبار المستشرقين المتخصصين في العلوم القرآنية. ولم يكن اقترابُ نولدكه من القرآن اقترابًا مضادًّا للوحي، بل قام بدراسات تحليلية ومنطقية ولغوية للنص نفسه، وأشار إلى ما جاء في النص القرآني من المزايا اللغوية والخصائص. كما أشار إلى بعض الظواهر اللغوية التي لا تتماشى برأيه مع قواعد اللغة المسلّم بها نظرًا لمعرفتهِ باللغات الساميَّةِ الأُخرى: العِبرْانية، السيريانية، الحبشية، واليمنية القديمة". وإنى سائلك سؤالا بسيطا جدا: ولماذا لم نر مستشرقا، نولدكه أو غير نولدكه، يخطِّئ امرأ القيس مثلا أو طرفة أو حسان بن ثابت كما يخطئون القرآن لو كانت المسألة هى أن رصيفك الألمانى قد حلل أسلوب القرآن وخرج بأنه لا يتماشى مع القواعد اللغوية المسلَّم بها؟ لماذا تخطئة القرآن فحسب؟ فليكن القرآن من عند محمد أو من عند الشيطان نفسه، أيمكن نولدكه أن يزعم أنه يعرف لغة محمد خيرا مما كان محمد يعرفها؟ ولنفترض أنه قد ركبه العناد والغرور، بل بالحَرَى: الجنون، وقال: نعم، أنا أذكى من محمد وأَعْرَف منه بلغة قومه، وأستطيع أن أكتشف أخطاءه الأسلوبية، أَوَتظنّ أنت أن هذا موقف علمى سليم بعد أن لم نر أحدا من العرب المعاصرين لمحمد، مَنْ آمن منهم به ومَنْ لم يؤمن، يخطِّئه فى لغته؟ إن أقصى ما بدر منهم، فى قمة حِرَانهم وردّهم على تأكيده لهم أنهم أعجز من أن يأتوا بسورة من مثله، أن قالوا: "لو نشاء لقلنا مثل هذا"! ثم إنهم لم يقولوا مثل هذا ولا أفضل من هذا! أما الطنطنة باللغات السامية وغيرها فما دخلها فى الأمر؟ أترى العرب لم يكونوا يتكلمون بشىء من لغتهم إلا بعد الرجوع إلى "مجمع اللغات السامية المقارن" فى سوق عكاظ وأخذ الإذن منه مُوَقَّعًا من نولدكه ومختومًا بخاتمه؟ إننى أحتكم هنا إلى ضميرك العلمى: أهذا الذى حاولتَ الدفاع به من تحت لتحت عن نولدكه كلام منطقى وليس حذلقة علمية يراد بها بصراحة، ودون لف أو دوران، الإيهام بوجود أخطاء فى لغة القرآن؟ فهذا، يا دكتور مورانى، هو الذى يضايق الباحثين العرب والمسلمين، إذ يَرَوْن المستشرقين يخرجون على مناهج العلم وقواعد المنهج عند دراستهم لكتاب الله!
ثم كيف عرف نولدكه يا ترى قواعد اللغة المسلَّم بها؟ هل استقصى كل جوانب اللغة العربية ومضى فطاف بقبائل العرب فى الجاهلية وصدر الإسلام مَضْرِبًا مَضْرِبًا وسجَّل كل شىء فاهوا به وتأكد أنه لم يترك شاردة ولا واردة من لغتهم إلا غذّى بها حاسوبه، ثم تأكد مرة ثانية أن محمدا قد خرج على ما كانت العرب تنطق به؟ وحتى لو افترضنا المستحيل وقلنا إن نولدكه قد استطاع هذا فعلا، أليس من حق محمد، بوصفه ابنا من أبناء تلك اللغة، أن يشارك فى صنعها وتطويرها مثلما يفعل أى أديب أو كاتب فى أية لغة من لغات العالم قديما وحديثا ومستقبلا؟ ألا يعرف نولدكه أن ما يقوله محمد وأمثاله هو المعيار اللغوى الذى ينبغى أن يقاس عليه لا العكس، وبخاصة أن العرب لم يكونوا قد استخلصوا قواعد لغتهم بعد؟ إننى لا أستطيع أن أنسى كيف كنت فى صغرى سريعا إلى تخطئة ما كنت، لسذاجتى، أحسب أنه هو اللغة الصحيحة الوحيدة، وكيف أنى كلما كبرت واتسع إدراكى اللغوى والأسلوبى اتضح لى أن ما نجهله من اللغة أضعاف أضعاف أضعاف أضعاف أضعاف ... ما نعرفه. ثم إن اللغة لا يحكمها المنطق الصارم دائما، بل فيها ما فى الحياة من مورانٍ وغليانٍ وتأبٍّ على القوالب الجامدة فى غير قليل من الأحيان. ولا أنسى مثلا أن د. رمضان عبد التواب قد خطّأنى ذات مرة فى ثمانينات القرن الماضى حين رآنى أدافع عن تكرير "بين" مع اسمين ظاهرين، قائلا إن هذا الاستعمال لم يرد فى القرآن، فما كان منى إلا أن رددتُ عليه بعفوية شاب يظن أنه يستطيع أن يفكر أحيانا ويشغّل مخه: ومن قال إن القرآن يستوعب كل الإمكانات اللغوية فى لسان العرب؟ فعاد يقول إن العلماء متفقون على تخطئة تكرار "بين" فى هذا السياق. وبدورى عدت فقلت له: لكن هناك استعمالات تقتضى الكاتب هذا التكرار منعا للَّبس. ثم أعطيته مثالا سريعا خطر لى آنذاك. وانتهت المناقشة دون أن نتفق على شىء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتصادف أنى كنت أقرأ فى أحد كتب التفسير بعدها بفترة قصيرة (ولعله تفسير البيضاوى) فألفيته يقول إن هذا الاستعمال صحيح، وإن لم يكن حسنا. فكتبت هذا النص وأعطيته له. ثم تصادف مرة أخرى بعدها بشهور طويلة أن كنت أقرأ فى تفسير الطبرسى حين وقعتُ على بيتين جاهليين تكررت فيهما "بين" فى هذا السياق أيضا، فكتبتهما وزوّدته بهما. لكنى فوجئت بطلابى يقولون بعدها بقليل إن سيادته يؤكد لهم أن هذا الاستعمال خاطئ تماما، وهو ما اضطرنى إلى أن أحكى لهم، وأنا أضحك، القصة كلها من "طق طق" لـ"سلام عليكم"، لكنهم لم يقتنعوا. "طُظْ" فيهم وفى عدم اقتناعهم! ثم مرت الأيام، وذهبتُ فى إعارة للسعودية، وبينما كنت أكتب فصلا هناك عن "معجم البلدان" لياقوت الحموى، خطر لى بعد الفراغ من البحث أن أراجع الأبيات الشعرية التى كان الشعراء الجاهليون والإسلاميون يحدّدون فيها أطلال حبائبهم مستخدمين كلمة "بين" لأفاجأ بأنهم كانوا يكررونها أحيانا مع الاسمين الظاهرين. وقد وضعت يدى وقتها على نحو ثلاثين شاهدا من عصور الاحتجاج اللغوى، وأوردت معظمها فى كتابى "من ذخائر المكتبة العربية"، وحكيت القصة باختصار ودُون ذكر أسماء فى الفصل الخاص بكتاب ياقوت. لكن المضحك أكثر أننى عندما عدت من السعودية وأطلعت الأستاذ الدكتور على الشواهد التى وصلتُ إليها كان رده: وهل راجعتَها فى دواوين الشعراء أنفسهم؟ فقلت له: كلا. ولكن لماذا؟ فكان جوابه أن ياقوتا كثيرا ما كان يخترع مثل هذه الأبيات!!! فقلت له: وهل تظن يا دكتور أن ياقوتا كان يضع فى ذهنه منذ ذلك التاريخ أنك ستكون من الذين يقولون بخطإ هذا الاستعمال، فاخترع كل تلك الأبيات كى يغيظك مقدما، ثم سكت عليه العلماء طوال هاتيك القرون فلم يفضحوا تدليسه؟ وعلى أية حال هأنذا أسوق هنا للقراء الكرام بعض الشواهد على هذا التركيب من شعر عصور الاحتجاج، وأغلبيتها الساحقة شواهد جديدة. من ذلك قول الأخطل:
وَكَأَنَّما نَسِيَتْ كُلَيبٌ عَيْرَها ** بَينَ الصَريحِ وَبَينَ ذي العُقّالِ
وقول الأعشى:
هُوَ الواهِبُ المُسمِعاتِ الشُّرو ** بَ بَينَ الحَريرِ وَبَينَ الكَتَنوقول الشَّنْفَرَى:
خَرَجْنا مِنَ الوادي الَّذي بَينَ مِشْعَلٍ ** وَبَينَ الجَبا. هَيهاتَ أَنشَأتُ سُرَبتيوقول العجير السَّلُولِىّ:
أَبلِغ كُلَيْبًا بأنَّ الفَجَّ بينَ صَدَىً ** وبينَ برقةِ هُولي غيرُ مسدودِ * * *
وَلِلعادِياتِ القَهْقَرى بينَ رِيِّهِ ** وبينَ الوِحافِ مِن كُماتٍ وَمِن شُقْرِوقول الفرزدق:
وَطِئَتْ جِيادُ يَزيدَ كُلَّ مَدينَةٍ ** بَينَ الرُدومِ وَبَينَ نَخلِ وَبارِوقول النمر بن تولب:
بَينَ البَدِيِّ وَبَينَ بُرقَةِ ضاحِكٍ ** غَوثُ اللَهيفِ وَفارِسٌ مِقدامُ * * *
يا وَيلَ صُهْبى قُبَيلَ الريحِ مُهذِبَةً ** بَينَ النِجادِ وَبَينَ الجَزْعِ ذي الصوحِوقول النميرى:
تَراءَت لَنا يَومَ فَرعِ الأَرا ** كِ بَيْنَ العِشاءِ وَبَيْنَ الأَصلْوقول امرئ القيس:
قَعَدتُ لَهُ وَصُحبَتي بَينَ ضارِجٍ ** وَبَينَ تِلاعِ يَثلُثٍ فَالعَريضِوقول بشار:
بَينَ أَبي جَعفَرٍ وَبَينَ أَبي الـ ** عَبّاسِ ذاكَ الشِتا وَذا المَطَرُ * * *
بَينَ أَبي جَعفَرٍ وَبَينَ أَبي الـ ** عَبّاسِ مِثلُ الرِئبالِ مُحتَجِبا * * *
فَشَتّانَ بَينَ العامِرِيِّ اِبنِ واقِدٍ ** وَبَينَ اِبنَةِ الزَيدِيِّ إِذ كامَها عَفدا * * *
فَلَهُ زَفرَةٌ إِلَيكِ وَشَوقٌ ** حالَ بَينَ الهَوى وَبَينَ الهُجودِوقول توبة بن الحميّر:
وقسورةَ الليلِ الذي بينَ نصفهِ ** وبين العِشاء قد دأبتُ أسيرُهاوقول حاتم الطائى:
أَيُّها المُوعِدي، فَإِنَّ لَبُوني ** بَينَ حَقلٍ وَبَينَ هَضبٍ ذُبابِوقول حسان بن ثابت:
نَغدو بِناجودٍ وَمُسمِعَةٍ لَنا ** بَينَ الكُرومِ وَبَيْنَ جَزْعِ القَسطَلِوقول عامر بن الطفيل:
وَسَعَّت شُيوخُ الحَيِّ بَينَ سُوَيقَةٍ ** وَبَينَ جَنوبِ القَهرِ ميلَ الشَمائِلِوقول عبيد بن الأبرص:
إِلى ظُعُنٍ يَسلُكنَ بَينَ تَبالَةٍ ** وَبَينَ أَعالي الخَلِّ لاحِقَةِ التاليوقول عدى بن يد:
وَجاعِلُ الشَمسِ مِصْرًا لا خَفاءَ بِهِ ** بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَّيلِ قَد فَصَلاوقول عمر بن أبى ربيعة:
حَيِّ المَنازِلَ قَد تُرِكنَ خَرابا ** بَينَ الجُرَيْرِ وَبَينَ رُكنِ كُساباوقول قيس بن الخطيم:
(يُتْبَعُ)
(/)
بَينَ بَني جَحْجَبي وَبَينَ بَني ** كُلفَةَ أَنّى لِجارِيَ التَلَفُ؟ وقول كعب بن مالك:
فلْيأتِ مَأْسدَةً تُسَنُّ سُيُوفُها ** بينَ المذادِ وبين جِزعِ الخَنْدقِوقول لبيد بن ربيعة:
بَينَ اِبنِ قُطْرَةَ وَاِبنِ هاتِكِ عَرشِهِ ** ما إِن يَجودُ لِوافِدٍ بِخِطابِ * * *
فَالتَفَّ صَفْقُهُما وَصُبْحٌ تَحتَهُ ** بَينَ التُرابِ وَبَينَ حِنْوِ الكَلكَلِوقول يزيد بن معاوية:
مُقابِلَةً بَينَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ ** وَبَينَ عَلِيٍّ وَالجَوادِ اِبنُ جَعفَرِوقول أوس بن حجر:
أَم مَن لِقَومٍ أَضاعوا بَعضَ أَمرِهِمِ ** بَينَ القُسوطِ وَبَينَ الدينِ دَلْدالِ؟ * * *
عَلاةٍ كِنازِ اللَحمِ ما بَينَ خُفِّها ** وَبَينَ مَقيلِ الرَحلِ هَولٌ نَفانِفُ
ثم مثال آخر وأخير على ما أقول: فقد قرأ د. صلاح كَزّارة (زميلى السورى هنا بجامعة قطر) منذ عامين كتابى "معركة الشعر الجاهلى بين الرافعى وطه حسين"، وهو عالم مدقق (ومن تلامذة الدكتور فشر، ويثنى كسائر تلاميذ هذا المستشرق عليه ثناء شديدا)، وإذا قرأ شيئا أمسك تلقائيا بقلم رصاص وأخذ يدون ملاحظاته على ما يقابله، فوجد لى هذه الجملة: "من هنا فإننا من الوجهة التاريخية الموثقة نجد أنفسنا، كلما اقتربنا من هذه المسألة، نصطدم بالصمت"، فما كان منه إلا أن صححها فى الهامش إلى "اصطدمنا" قائلا إن من غير المقبول استعمال المضارع فعلاً أو جوابًا لـ"كلما". فقلت له: غريبة أنى استخدمت المضارع هنا رغم أنى لم أكن على وعى بهذا الذى تقول، إذ أشعر أن هذه ليست طريقتى فى الكتابة. ثم عدت فنظرت فى التركيب فوجدت أنه، حتى لو سلّمنا بما يقول، فإن المضارع فيه لم يأت جوابا لـ"كلما"، بل هو خبرٌ للفعل "نجد"، على حين أن "”كلما” وفِعْلها" عبارة اعتراضية. وزِدْتُ على ذلك أَنْ أوردتُ له من أحد المعاجم النحوية شاهدا على مجىء جواب "كلما" فعلا مضارعا، لكنه قال إن هذا الشاهد، فيما يبدو، من الشعر الحديث لا القديم، ومن ثَمَّ لا يجوز الاحتجاج به. فسكتّ، وماذا كان بإمكانى أن أصنع؟ ثم مضت الأيام، وهززت رأسى، وهى حركة ذات دلالة خطيرة، إذ تعنى أننى شرعت أفكر تفكيرا مستقلا، ويمكننى إذن أن أصل إلى شىء جديد. وقد كان، فقد رجعت للموسوعة الشعرية القُرْصِيّة وبحثت فيها، فإذا ببنت الحلال (أى الموسوعة، فلا يذهبنّ ذهن القراء بعيدا) تقدّم لى فى دقيقة أكثر من عشرة شواهد من الشعر القديم على استعمال المضارع مع "كلما". وقد أخذتُ الشواهد فى اليوم التالى إلى الزميل المذكور الذى لم يُحْوِجْنى إلى طويل جدال، بل سلّم من الوهلة الأولى قائلا ببساطة عظيمة: "إذن فما كنا نقرؤه عن خطإ هذا الاستعمال لا أصل له"! فهذا، يا دكتور مورانى المحترم، هو الموقف العلمى السليم لا الطيران إلى تخطئة القرآن الكريم بحجة أن نولدكه كان يعرف اللغات السامية! وها أنذا أورد بعض تلك الشواهد التى عثرت عليها من عصور الاحتجاج على استعمال المضارع مع "كلما". فمن ذلك قول أبى نواس:
صَهباءُ تَبني حَباباً كُلَّما مُزِجَت ** كَأَنَّهُ لُؤلُؤٌ يَتلوهُ عِقيانُ
وقول الأخطل:
يَخْشَيْنَهُ كُلَّما ارتَجَّت هَماهِمُهُ ** حَتّى تَجَشَّمَ رَبْوًا مُحْمِشَ التَعَبِ
وقول الأعشى:
تَخالُ حَتْمًا عَلَيها كُلَّما ضَمَرَتْ ** مِنَ الكَلالِ بِأَن تَستَوفِيَ النِّسعا
وقول الفرزدق:
إِذا حارَبَ الحَجّاجُ أَيَّ مُنافِقٍ ** عَلاهُ بِسَيفٍ كُلَّما هُزَّ يَقْطَعُ
وقول الكُمَيْت بن زيد:
تكاد العُلاة الجَلْس منهن كلما ** ترمرمُ تُلقِي بالعَسِيب قَذَالَها
وقول جرير:
بانَ الخَليطُ بِرامَتَينِ فَوَدَّعوا ** أَو كُلَّما رَفَعوا لِبَينٍ تَجزَعُ؟
وقول حُمَيْد بن ثور:
وَما لِفؤادي كُلَّما خَطَرَ الهَوى ** عَلى ذاكَ فيما لا يواتيهِ يَطمَع؟ ُ
وقول خفاف بن ندبة السلمى:
جُلْمودُ بصرٍ إِذا المِنقارُ صادَفَهُ ** فَلَّ المُشَرْجَعُ مِنها كُلَّما يَقَعُ
وقول عمر بن أبى ربيعة:
إِذا زُرتُ نُعْمًا لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ ** لَها كُلَّما لاقَيْتُها يَتَنَمَّرُ
* * *
كُلَّما توعِدُني تُخْلِفُني ** ثُمَّ تَأتي حينَ تَأتي بِعُذُر
* * *
يَجري عَلَيها كُلَّما اغتَسَلَتْ بِهِ ** فَضْلُ الحَميمِ يَجولُ كَالمَرْجانِ
وقول كعب بن زهير:
(يُتْبَعُ)
(/)
أَلا لَيتَ سَلمى كُلَّما حانَ ذِكرُها ** تُبَلِّغُها عَنّي الرِياحُ النَوافِحُ
وقول لبيد بن ربيعة:
نَعْلوهُمُ كُلَّما يَنمي لَهُم سَلَفٌ ** بِالمَشرَفِيِّ وَلَولا ذاكَ قَد أَمِروا
وقول مجنون ليلى:
فَلَو كانَت إِذا احْتَرَقَتْ تَفانَتْ ** وَلَكِن كُلَّما اِحتَرَقَتْ تَعودُ
* * *
فَيا لَيتَ أَنّي كُلَّما غِبتُ لَيلَةً ** مِنَ الدَهرِ أَو يَوْمًا تَراني عُيونُها
* * *
وَطالَ امتِراءُ الشَوقِ عَينِيَ كُلَّما ** نَزَفتُ دُموعًا تَسْتَجِدُّ دُموعُ
المهم بالنسبة لما نحن فيه الآن أنها قد أصبحت تقليعة بين طائفة من المستشرقين أن يأخذوا فى تخطئة القرآن أسلوبيا ولغويا بغشمٍ مضحكٍ يذكِّرنى بما تهكم به الشدياق على أمثالهم فى بعض كتبه. ومن هؤلاء ريجى بلاشير، الذى وقفتُ فى الفصل الرابع من الباب الأول من كتابى: "المستشرقون والقرآن" إزاء ما قاله فى هذا الصدد، وبينتُ مقدار السخف والتنطع فى تخطئاته للقرآن. ثم لم يفت محمد أركون الجزائرىَّ العربىَّ لسانا رغم أصله البربرى أن يجرب حظه هو أيضا فى هذا المجال حتى لا يُتَّهَم بأنه مقصِّر فى الهجوم على كتاب الإسلام! فوجدناه يردد ما قاله بلاشير فى ترجمته للقرآن المجيد من أن قوله تعالى (أو قول محمد إذا أحببتَ) فى سورة "الكهف": "ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائةٍ سنين، وازدادوا تسعا" هو خروج على الاستعمال الصحيح للأعداد مع التمييز ... إلخ مما دفعنى إلى تبيين جهله للقراء وأنه يهرف بما لا يعرف رغم الطنطنة الدعائية التى يحاط بها لتسويقه بين العرب والمسلمين بوصفه أستاذا جهبذا عبقريا لم تلده ولاّدة (ليست ولاّدة بنت المستكفى كما لا أحتاج إلى توضيح، بل الولاّدة التى تولِّد السيدات). وهذا نص ما كتبتُه عن هذا الموضوع ضمن دراسة لى تناولتْ ما قاله ذلك العبقرى فى القرآن بعنوان "المهزلة الأركونية فى المسألة القرآنية: القرآن مخيال جماعى أم وحى إلهى؟ ": "كذلك يقف أركون يفرك يديه ابتهاجا ساذجا إزاء قوله تعالى فى الآية الخامسة والعشرين من السورة ذاتها عن المدة التى بقيها أصحاب الكهف فى كهفهم: "ولبثوا فى كهفهم ثلاثَمائةٍ سنين وازدادوا تسعا"، وَهْمًا منه، وممن يردد كلامهم بعَبَله دون أن يتوقف ليتثبت منه قبل ترديده، أن فيها شذوذا لغويا، إذ كان ينبغى أن يكون الكلام فى رأيهم هكذا: "ثلاثَمائة ِسنةٍ" لا "ثلاثمائةٍ سنين"، وهو ما يرتبون عليه افتراض "العديد من الافتراضات حول شروط أو ظروف تثبيت النص" كما يقول بلاشير (القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الدينى/ 148). ثم يضيف درويشه المتيَّم هاشم صالح فى الهامش قائلا إن "النقد الفيلولوجى يكشف عن أشياء مذهلة ويطرح تساؤلات عديدة، ولكن من دون أن يستطيع القطع بشىء". يقصد أن منهج المستشرقين السابقين لم يكن يساعدهم على الاستفادة من النتائج التى يتوصلون إليها، بخلاف أركون ومنهجه الذى يسوِّل له أن يطير بكل شبهة سخيفة مطنطنا بها ومخطِّئا القرآن دون تبصر أو مراجعة! … إن بلاشير، وأركون مِنْ ورائه، يتصوران أن اللغة العربية لا تعرف إلا وضعا واحدا لكل حالة من حالات التمييز، ومن هنا فإنهم لا يتخيلون أن من الممكن أن يجىء تركيب الكلام فى تمييز "ثلاثمائة" وأمثالها إلا هكذا: "ثلاثمائةِ سنةٍ، ستمائةِ امرأةٍ، تسعمائةِ كتابٍ" بإفراد التمييز وخفضه على الإضافة كما ترى. لكن هذا، وإن كان هو ما يعرف التلاميذ، ليس كل شىء، إذ كان العرب أيضا يجمعون المعدود فى هذه الحالة مع الإضافة أو قطعها، وإن لم يشتهر الجمعُ اشتهار الإفراد. وما دام هذا الاستعمال قد ورد فى القرآن فمعنى ذلك أنه صحيح، حتى لو كان محمد هو مؤلف القرآن، بل حتى لو قلنا إن القرآن قد تعرض لتدخل من العرب بعد وفاة الرسول حسبما يزعم الزاعمون السخفاء. إن القول بغير هذا هو العَتَه بعينه لأنه لا يحدث فى أية لغة فى العالم، إلا أن الحقد المجنون يريد أن يلغى لنا عقولنا فنردد حماقاته دون تبصر، والعياذ بالله! وفى المثال الذى نحن بصدده من سورة "الكهف" يمكننا أن نركِّب الكلام على أكثر من وضع فنقول: "ثلاثَمائةِ سنةٍ، ثلاثَمائةٍ من السنين، سنين ثلاثَمائةٍ، ثلاثمائةٍ سنين، ثلاث مئاتٍ من السنين"، ولكلٍّ نكهتها وظلالها الإيحائية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأحب أن أقف عند التركيب الذى ظن بلاشير ومقلّده أركون أنه هو وحده لا سواه التركيب الصحيح، ثم أُقَفِّىَ بالكلام عن التركيب الذى اعترضا عليه، أو بالأحرى اعترض عليه بلاشير فاعترض معه آليا د. أركون. فأما التركيب المعتاد فهو يشير إلى "عدد الثلاثمائة" وأنه سنون، والخطاب فيه موجَّه إلى من لا يرى فى العدد ولا فى تمييزه ما يدعو إلى الاستغراب أو الاستنكار. ولذلك فنحن نستخدم هذا التركيب عادة عندما لا نريد أن نعبر عن أى شىء آخر غير هذا المعنى العام. أما إن كان المخاطَب متشككا فيما نقوله له أو يستهوله، كأن يستبعد أن يكون العدد ثلاثمائة أو أن يكون التمييز سنوات لا أياما مثلا، فعندئذ يكون هناك موضع للتركيب القرآنى، فكأن المتكلم يريد أن يقول: نعم، العدد ثلاثمائة، وهذه الثلاثمائة هى سنوات لا أيام ولا أسابيع ولا حتى شهور. إنها سنوات " كلّ سنةٍ تنطح الأخرى" بالتعبير المصرى الدارج. فـ"سنين" فى هذا التركيب الأخير هى بدل من "الثلاثمائة"، أى أن السنين ليست مجرد تمييز لها، بل هى الثلاثمائة نفسها عدًّا وإحصاءً. إن المفسرين ومُعْرِبى القرآن لا يتوقفون طويلا أمام هذا التركيب لأنهم ببساطة لا يجدون فيه شيئا، بخلاف الذين لا علم لديهم ويعترضون على ما يجهلون، فهم يعملون من الحبة قبة! أما أنا فلم أشأ أن أردد فقط ما قاله النحويون فى إعراب الآية، بل أردت أن أضيف لما يقولون ما لعله يكشف شيئا مما وراء ظاهر التعبير من أسرار النفس وأغراض البلاغة. ومثل هذا القلب الذى يقابلنا فى هذه الجملة (إذ هى فى الواقع محولة عن "سنين ثلاثمائة" لا عن "ثلاثمائة سنة") له نظائر فى اللغة كثيرة، فنحن نقول مثلا: "ضُرُوبًا من المنى، وأفانينَ من اللذات" على حين يقول ابن زيدون فى نونيته العبقرية: "مُنًى ضُروبًا ولذّاتٍ أفانينا" فيضفى على العبارة العادية حيوية مدهشة لم تكن لها. كما أننا نقول: "عدةَ سنوات" و"سنواتٍ عدة"، وفى هذه ما ليس فى تلك: فالأولى تعنى "عددا من السنوات"، أما الأخرى فتعنى "عددا كبيرا من هذه السنين" ... وهكذا…
وعلى ذلك فإننى أسوق الشواهد الشعرية التالية التى جاء فيها المعدود مجموعا لا مفردا، أو مقطوعا لا متصلا، أو الاثنين كليهما، فمن ذلك قول علقمة الفحل:
فكان فيها ما أتاك وفى ** تسعين أسرى مقرنين وصُفَّد
وقول عمرو بن كلثوم:
رددت على عمرو بن قيس قلادة ** ثمانين سُودًا من ذُرَى جبل الهضب
وقول ربيعة بن ضبع الفزارى:
إذا عاش الفتى مائتين عامًا ** فقد ذهب اللذاذة والفتاءُ
وقول عمر بن أبى ربيعة:
أَبْرَزُوها مثلَ المهاة تَهَادَى ** بين خمسٍ كواعبٍ أترابِ
وقول السيد الحِمْيَرى:
ثلاثة آلافٍ ملائك سلّموا ** عليه فأدناهم وحَيّا ورحَّبا
وقول الوليد بن يزيد:
بَينَ خَمْسٍ كَواعِبٍ ** أَكرَمُ الجِنسِ جِنسُها
وقول أبان اللاحقى:
يُجْرِى على أولاده خمسةً ** أرغفةً كالريش طيارة
وقول ابن المعتز:
وأجّلونى خمسةً أياما ** وطوّقونى مثلكم إنعاما
وقول ابن أبى الحديد:
عام ثلاث ثم أربعينا ** من بعد ستمائةٍ سنينا
وقول إبراهيم الحضرمى:
وخمس مثين بعد خمسين درهما
وقول أحمد بن مأمون البلغشى:
من عام خمسة وأربعينا ** بعد ثلاث عشرةٍ مئينا
وقول أحمد بن على بن مشرف:
إلى ثلاثمائةٍ سنينا ** يخادعون الله والذينا
غير أنى لا أكتفى بهذا على كفايته، بل أُضِيفُ إليه الشواهد التالية مما يسمَّى: "الكتاب المقدس"، وقد يبدو ذلك غريبا، فالمفروض أن أربأ بالقرآن عن أن يكون أىُّ شىء آخر حاكمًا عليه، إلا أن المسألة لا تتعلق بى، بل بخصومٍ سخفاءَ لا يعجبهم العجب. لهذا رأيت أن أستشهد بالكتاب المقدس، فهو كتابٌ نصرانىٌّ كتبه نصارى، ومن ثم لا يمكن أن يقال إنهم يقلدون أسلوب القرآن أو يريدون الدفاع عنه. جاء فى الترجمة الكاثوليكية التى راجعها ونقّح أسلوبها الأديب والعالم اللغوى الشهير الشيخ إبراهيم اليازجى، الذى كان يتشدد فى مسألة السلامة اللغوية تشددا مرهقا: "هذه عشائر القهاتيين بإحصاء كل ذكرٍ من ابن شهر فصاعدا ثمانية آلافٍ وستمائةٍ قائمون بحراسة القدس" (العدد/ 4/ 28)، "وإخوتهم ورؤوس بيوت آبائهم ألفٌ وسبعمائةٍ وستون جبابرةُ بأسٍ لعمل خدمة بيت الله" (أخبار الأيام الأول/ 9/ 13)، "ومن الحبرونيين حَشَبْيا وإخوتُه ألفٌ وسبعمائةٍ ذوو بأس" (أخبار الأيام
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول/ 26/ 30)، "وإخوته ألفان وسبعمائةٍ ذوو بأس" (أخبار الأيام الأول/ 26/ 32)، وفى الترجمة اليسوعية: "فجعل منهم سبعين ألف حمّالٍ وثمانين ألف قطّاعٍ على الجبل وثلاثة آلافٍ وكلاءَ لتشغيل الشعب" (أخبار الأيام الثانى/ 2/ 18) ".
وبالنسبة لقولك، يا دكتور مورانى، عن بُوهْل ودعواه بتحريف القرى: "وأَمَّا بحث Buhl حول تحريف القرآنِ فلم أَجدِ المصدرَ المذكور إلى الآن، لأَنَّ ما بأيدينا هو "دائرة المعارف الإسلامية" الجديدة، وليس فيها هذا"، فقد رجعتُ إلى مادة "قرآن" التى كتبها هذا المستشرق فى " Shorter Encyclopaedia of Islam" ( بريل ولوزاك/ 1961م)، فوجدته يقول إن الوحى الذى كان محمد يتلقاه ليس هو القرآن الذى نقرؤه الآن، إذ يدَّعِى أن ذلك الوحى قد أعيدت صياغته بحيث أخذ الشكل الحالىّ المسجوع (ص 273/ النهر الأول). كما جاء أيضا فى مادة "محمد" بنفس الموسوعة وبقلمه هو نفسه كذلك أن ما كان محمد يسمعه من وحى ليس هو ما نراه اليوم فى القرآن، إذ كان لا يتلقى إلا الأساسيات، التى كان يتوسع فيها فيما بعد (393/ 2، و394/ 1). فهل هذا كلام علمى؟ أم هو، كما ينبغى أن نصفه دون أدنى تردد، كذب وتدليس واختراع حاقد سخيف؟ وإلا فكيف عرف بوهل بما كان يحدث؟ أكان يتجسس على محمد من ثَقْب الباب فيراه وهو يبدّل ويحوّل فى النص القرآنى، وقد تصبب العرق من جبهته، وزوجته تسعفه بأكواب عصير الليمون البارد "لزوم ترويق الدم" حتى يستطيع أن يُتِمّ المهمة الشاقة؟ إن ذلك لو كان حدث كما يزعم بوهل لشنّع به الكفار تشنيعا رهيبا على النبى الكريم ولأبدى المسلمون استغرابهم على الأقل وتساءلوا عن السبب الذى حدا به إلى تغيير نصوص الوحى على هذا النحو! ثم هل عثر بُوهْل على شىء من نصوص الوحى الأصلية حسب زعمه الأخرق جَعَله يقول ما قال؟ أم على الأقل هل هناك رواية فَهِم سيادته منها هذا؟ إنه لا هذا ولا ذاك، لكن الشياطين لا يستحون! وإلا فما الذى يمكن قوله فى رجل يأتى بعد أربعة عشر قرنا فيدَّعى حدوث أشياء قبل هذه القرون المتطاولة لم يذكرها أحد أيا كان، ولا أثارها أحد أيا كان؟
إن العجيب أن يقول بوهل عن القرآن إنه، عند نزوله، لم يكن ذا فواصل، مع أن المستشرقين، ومنهم بوهل نفسه، يتهمونه صلى الله عليه وسلم بأنه كان يسجع فى القرآن (أى منذ بداية الدعوة) تقليدا للكهان (المرجع السابق/ 293/ 2، و27/ 2). فأىّ تناقض هذا؟ ألا يرى القارئ أن الإساءة إليه صلى الله عليه وسلم هى المقصودة فى الحالتين؟ ثم أليست هذه، يا دكتور مورانى، وأرجو ألا تغضب منى، هى السفاهة بذاتها وعينها وقضّها وقضيضها؟ يا أستاذ بوهل، أنت حرٌّ فى كفرك بمحمد، لكنك (ثلاثة أيمان بالله العظيم) لستَ حرًّا فى هذه المزاعم الكاذبة التى لا يقبلها العلم فى أى مكان أو زمان وتحت أىّ مسوِّغ! وأرجو مرة أخرى ألا تغضب منى يا دكتور مورانى! لاحظ أننى لم أطالب بُوْهل بالإيمان بالقرآن، وكذلك لن أطالبه أبد الآبدين، على الأقل لأنه مات منذ وقت طويل وشبع موتا! ويمكن القراءَ الكرامَ أن يرجعوا، بغية المزيد من التفصيل فى هذه النقطة، إلى كتابىَّ: "مصدر القرآن- دراسة لشبهات المستشرقين والمبشرين حول الوحى المحمدى" (مكتبة زهراء الشرق/ القاهرة/ 1417هـ- 1997م/ 190 - 196)، و"دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" (مكتبة البلد الأمين/ القاهرة/ 1491هـ- 1989م/ 7 - 9).
كذلك يكذب بوهل حين يزعم أن علماء النفس يوافقون المؤلفين البيزنطيين الذين اتهموا الرسول عليه السلام بأنه لم يكن ينزل عليه وحى ولا يحزنون، بل كان مصابا بالصَّرْع، وإن حاول المستشرق الماكر بعد هذا أن يتظاهر بالحياد والتواضع قائلا: "إن علينا بطبيعة الحال أن نترك لأولئك المحللين مهمة تحديد الطبيعة الدقيقة لحالته" (393/ 2)، وذلك دون أن يذكر لنا أسماء هؤلاء المحللين النفسانيين المزعومين، ولا على أى أساس قالوا ذلك إن كانوا قالوه فعلا، وهل عُرِضَتْ عليهم أعراض الوحى التى كانت تنتاب الرسول عليه الصلاة والسلام حين نزول القرآن عليه عرضًا أمينًا. وقد كان جيبون حاسما فى وصف هذا الاتهام للرسول عليه السلام بالصَّرْع بأنه "ادعاء سخيف من اليونانيين" ( Gibbon, The Decline and Fall of the Roman Empire, William Benton, Chicago- London, 1978,
(يُتْبَعُ)
(/)
Vol. II, P. 243)، كما رفض وليم موير تفسير ظاهرة الوحى بالصَّرْع قائلا إن نوبة الصَّرْع تمنع المصروع من تذكر ما مر به أثناءها ( Sir William Muir, Life of Mohammad, John Grant, Edinburgh, 1912, PP. 14- 29). ولقد استقصيت بنفسى أعراض الصَّرْع فى أحد المعاجم الطبية الإنجليزية وفى "دائرة المعارف البريطانية" فلم أجد شيئا منها ينطبق على حالة النبى الكريم، مما يعزز ما قلتُه فى بوهل حين وصفت ما صنعه بأنه كذب! ومن الممكن للقارئ أن يراجع ما كتبتُه فى هذا الصدد بالتفصيل فى كتابى: "دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية- أضاليل وأباطيل" (ص 28 - 32).
أترى ما فعله بوهل يا دكتور مورانى هو من العلم فى شىء؟ إننا لا نطالبه هو ولا غيره بالإيمان بأن القرآن وحى إلهى، بل نستسمحه ونقبّل رأسه حتى يقبل ألا يكذب، على الأقل ألا يكذب هذا اللون من الكذب المفضوح الذى لا يمكن تجميله! أترى هذا شرطا تحكميا من جانبا؟ وهأنتذا ترى، يا دكتورنا العزيز، أن الخلاف بيننا وبين بوهل، وما بوهل إلا مثال، هو خلاف فى تطبيق المنهج العلمى والالتزام بالقيم العلمية، وهذا كل ما هنالك! إننا لم نقل له مثلا إن محمدا رسول من عند رب العالمين، ومن ثم لا ينبغى أن تتهمه بالصَّرْع، بل قلنا له إن أعراض الصرع لا تصدق على حالته، وإنك حين زعمت أن المحللين النفسانيين قد أثبتوا أن حالته هى فعلا حالة المصاب بهذا المرض كنت تكذب، فضلا عن أنك سرعان ما فضحت نفسك حين قلت: فلندعْهم يقررون بأنفسهم طبيعة حالته بدقة، وهو ما يعنى بكل صراحة أنهم لم يقولوا بعد شيئا فى هذا الموضوع! وفى النهاية أحب أن أذكر أن كتّاب مادة " MOHAMMED" فى " JewishEncyclopedia.com" يتهمون هم أيضًا الرسول عليه السلام بأنه كان يعانى منذ صغره من الإصابة بالصَّرْع، أى أن ما يسمَّى بنزول الوحى عليه لم يكن إلا نوباتٍ صَرْعِيّةً تعتريه!
شىء آخر يفعله المستشرقون بالقرآن ولا يتفق مع المنهج العلمى، وليس فى انتقادنا له أدنى دلالة على أننا نحن المسلمين نريد منهم أن يعاملوه بوصفه كتابًا سماويًّا، وهو ما يُقْدِم عليه بعضهم من ترتيب القرآن ترتيبا يقولون إنه ترتيب تاريخى. ووجه مخالفة هذا الصنيع للمنهج العلمى أن مؤلف "ذلك الكتاب" (كما تسمون الرسول الكريم) قد وضعه على الترتيب الذى أمامنا الآن، وعلينا نحن الدارسين أن نحترم ترتيبه. ثم لماذا لم نر أحدا منكم أتى للكتاب المقدس ورتبه تاريخيا مثلما يفعل بعضكم مع القرآن؟ وممن فعل هذا بكتاب الله داود ورودويل وبلاشير فى الطبعة الأولى من ترجمته للقرآن. وهذه مجرد أمثلة.
وما دمنا نتكلم عن بلاشير، أيصحّ فى نظر العلم أن يُقْدِم هذا الرجل على إضافة جملتَىْ: "إنهن الغرانيق العُلَى* وإن شفاعتهن لَتُرْتَجَى" إلى ترجمته لسورة "النجم"، وهما الجملتان اللتان تمدحان أوثان قريش واللتان يقال فى إحدى الروايات إن الشيطان قد ألقاهما فى القرآن ثم حُذِفَتا فى الحال؟ أنا لا أريد الآن أن أجادل فى مدى صحة هاتين الجملتين من الناحية القرآنية، بل سأفترض أنهما كانتا فعلا جزءا من القرآن! لكن ألم يحذف مؤلف القرآن (كما تسمون النبى محمدا) هاتين الجملتين من كتابه؟ وعلى هذا ألم يكن من الواجب الالتزام بالنص كما انتهى إلينا؟ أليس هذا هو ما يطالبنا به العلم؟ ثم إن كان الدكتور بلاشير لا يطيق سكوتا على هذه المسألة، ويرى أن الدنيا لن يصلح حالها إلا بالإشارة إلى ما كان رغم أنه ليس إلا رواية واحدة من روايات فى هذا الصدد، فضلاً عن أنها رواية لا تدخل العقل كما سيتضح حالا، لقد كان له فى الهامش مندوحة يقول فيها ما يشاء دون أن يسىء إلى النص أو إلى أمانة العلم! ( Blachere, Le Coran, Librairie Orientale et Americaine, Paris, 1957, P.561)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تناول عدد من علماء المسلمين قديما وحديثا الروايات التى تتعلق بهاتين الآيتين المزعومتين وبينوا أنها لا تتمتع بأية مصداقية. والحقيقة إن النظر فى سورة "النجم" ليؤكد هذا الحكم الذى توصل إليه أولئك العلماء، فهذه السورة من أولها إلى آخرها عبارة عن حملة مدمدمة على المشركين وما يعبدون من أصنام بحيث لا يُعْقَل إمكان احتوائها على هاتين الآيتين المزعومتين، وإلا فكيف يمكن أن يتجاور فيها الذم العنيف للأوثان والمدح الشديد لها؟ ترى هل يمكن مثلا تصوُّر أن ينهال شخص بالسب والإهانة على رأس إنسان ما، ثم إذا به فى غمرة انصبابه بصواعقه المحرقة عليه ينخرط فجأة فى فاصل من التقريظ، ليعود كرة أخرى فى الحال للسب والإهانة؟ هل يُعْقَل أن يبلع العرب مثل هاتين الآيتين اللتين تمدحان آلهتهم، وهم يسمعون عقب ذلك قوله تعالى: " ألكم الذَّكَر وله الأنثى؟ * تلك إذن قسمةٌ ضِيزَى * إن هى إلا أسماءٌ سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان. إن تتَّبعون إلا الظن وما تَهْوَى الأنفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى"؟ إن هذا أمر لا يمكن تصوره! كما أن وقائع حياته صلى الله عليه وسلم تجعلنا نستبعد تمام الاستبعاد أن تكون عزيمته قد ضعفت يوما، فقد كان مثال الصبر والإيمان بنصرة ربه له ولدعوته. ومواقفه من الكفار طوال ثلاثة وعشرين عاما وعدم استجابته فى مكة لوساطة عمه بينه وبينهم رغم ما كان يشعر به من حب واحترام عميق نحوه، وكذلك رفضه لما عرضوه عليه من المال والرئاسة، هى أقوى برهان على أنه ليس ذلك الشخص الذى يمكن أن يقع فى مثل هذا الضعف والتخاذل!
هذا، وقد أضفت طريقةً جديدةً للتحقق من أمر هاتين الآيتين هى الطريقة الأسلوبية، إذ نظرت فى الآيتين المذكورتين لأرى مدى مشابهتهما لسائر آيات القرآن فوجدت أنهما لا تمتان إليها بصلةٍ البتة. كيف ذلك؟ إن الآيتين المزعومتين تجعلان الأصنام الثلاثة مناطا للشفاعة يوم القيامة دون تعليقها على إذن الله، وهو ما لم يسنده القرآن فى أى موضع منه إلى أى كائن مهما تكن منزلته عنده سبحانه. ولن نذهب بعيدا للاستشهاد على ما نقول، فبعد هاتين الآيتين بخمس آيات فقط نقرأ قوله تعالى: "وكم مِنْ مَلَكٍ فى السماوات لا تُغْنِى شفاعتُهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويَرْضَى". فكيف يقال هذا عن الملائكة فى ذات الوقت الذى تؤكد إحدى الآيتين المزعومتين أن شفاعة الأصنام الثلاثة جديرة بالرجاء من غير تعليق لها على إذن الله؟ ثم إنه قد ورد فى الآية الثانية من آيتى الغرانيق كلمة "تُرْتَجَى"، وهى أيضا غريبة على الأسلوب القرآنى، إذ ليس فى القرآن المجيد أى فعل من مادة "ر ج و" على صيغة "افتعل". أما ما جاء فى إحدى الروايات من أن نص الآية هو: "وإنّ شفاعتهن لَتُرْتَضَى"، فالرد عليه هو أن هذه الكلمة، وإن وردت فى القرآن ثلاث مرات، لم تقع فى أى منها على "الشفاعة"، وإنما تُسْتَخْدَم مع الشفاعة عادةً الأفعال التالية: "تنفع، تغنى، يملك ".
كذلك فقد بدأتْ مجموعةُ الآيات التى تتحدث عن اللات والعُزَّى ومناة بقوله عَزَّ شأنُه: "أ (فـ) ـرأيتم ... ؟ "، وهذا التركيب قد تكرر فى القرآن إحدى وعشرين مرة كلها فى خطاب الكفار، ولم يُسْتَعْمَل فى أى منها فى ملاينة أو تلطف، بل ورد فيها جميعا فى مواقف الخصومة والتهكم وما إلى ذلك بسبيل كما فى الشواهد التالية: "قل: أرأيتم إن أتاكم عذابُه بَيَاتًا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون؟ " (يونس/ 50)، "قل: أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزقٍ فجعلتم منه حلالا وحراما؟ قل: آللهُ أَذِنَ لكم أم على الله تفترون؟ " (يونس/ 59)، "قل: أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشَهِد شاهدٌ من بنى إسرائيل على مِثلِْه فآمن واستكبرتم؟ إن الله لا يهدى القوم الظالمين" (الأحقاف/ 10)، " أفرأيتم الماء الذى تشربون؟ * أأنتم أنزلتموه من المُزْن أم نحن المُنْزِلون؟ * لو نشاء جعلناه أُجَاجًا، فلولا تشكرون" (الواقعة/ 68– 70). فكيف يمكن إذن أن يجىء هذا التركيب فى سورة "النجم" بالذات فى سياق ملاطفة الكفار ومراضاتهم بمدح آلهتهم؟ وفوق هذا لم يحدث أن أُضيفت كلمة "شفاعة" فى القرآن الكريم (فى حال مجيئها مضافة) إلا إلى الضمير "هم" على خلاف ما أتت عليه فى آيتى الغرانيق من إضافتها إلى الضمير "هنّ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وفضلا عن ذلك فتركيب الآية الأولى من الآيتين المزعومتين يتكون من "إنّ (وهى مؤكِّدة كما نعرف) + ضمير (اسمها) + اسم معرّف بالألف واللام (خبرها) "، وهذا التركيب لم يُسْتَعْمَل لـ "ذات عاقلة" فى أى من المواضع التى ورد فيها فى القرآن الكريم (وهى تبلغ العشرات) إلا مع زيادة التأكيد لاسم "إنّ" بضميرٍ مثله كما فى الأمثلة التالية: "ألا إنهم هم المفسدون/ ألا إنهم هم السفهاء/ إنه هو التواب الرحيم/ إنك أنت السميع العليم/ إنك أنت التواب الرحيم/ إنه هو السميع العليم/ إنه هو العليم الحكيم/ إنه هو الغفور الرحيم/ إنى أنا النذير المبين/ إنه هو السميع البصير/ إننى أنا الله/ إنك أنت الأعلى/ إنا لنحن الغالبون/ إنه هو العزيز الحكيم/ وإنا لنحن الصافّون/ وإنا لنحن المسبِّحون/ إنهم لهم المنصورون/ إنك أنت الوهاب/ إنه هو السميع البصير/ إنه هو العزيز الرحيم/ إنك أنت العزيز الكريم/ إنه هو الحكيم العليم/ إنه هو البَرّ الرحيم/ ألا إنهم هم الكاذبون/ فإن الله هو الغنى الحميد". أما فى المرة الوحيدة التى ورد التركيب المذكور دون زيادة التأكيد لاسم "إنّ" بضميرٍ مثله (وذلك فى قوله تعالى: "إنه الحق من ربك"/ هود/ 17) فلم يكن الضمير عائدا على ذات عاقلة، إذ الكلام فيها عن القرآن. ولو كان الرسول يريد التقرب إلى المشركين بمدح آلهتهم لكان قد زاد تأكيد الضمير العائد عليها بضميرٍ مثله على عادة القرآن الكريم بوصفها "ذواتٍ عاقلةً " ما داموا يعتقدون أنها آلهة. وعلى ذلك فإن التركيب فى أُولَى آيَتَىِ الغرانيق هو أيضا تركيب غريب على أسلوب القرآن الكريم.
مما سبق يتأكد لنا على نحوٍ قاطعٍ أن الآيتين المذكورتين ليستا من القرآن، وليس القرآن منهما، فى قليل أو كثير. بل إنى لأستبعد أن تكون كلمة "الغرانيق" قد وردت فى أى من الأحاديث التى قالها النبى عليه الصلاة والسلام. وينبغى أن نضيف إلى ما مرّ أن كُتُب الصحاح لم يرد فيها أى ذكر لهذه الرواية، ومثلها فى ذلك ما كتبه ابن هشام وأمثاله فى السيرة النبوية.
ولقد قرأت فى كتاب "الأصنام" لابن الكلبى (تحقيق أحمد زكى/ الدار القومية للطباعة والنشر/ 19) أن المشركين كانوا يرددون هاتين العبارتين فى الجاهلية تعظيما للأصنام الثلاثة، ومن ثم فإنى لا أستطيع إلا أن أتفق مع ما طرحه سيد أمير على من تفسير لما يمكن أن يكون قد حدث، بناءً على ما ورد من روايات فى هذا الموضوع، إذ يرى أن النبى، عندما كان يقرأ سورة "النجم" وبلغ الآيات التى تهاجم الأصنام الثلاثة، توقَّع بعضُ المشركين ما سيأتى فسارع إلى ترديد هاتين العبارتين فى محاولة لصرف مسار الحديث إلى المدح بدلا من الذم والتوبيخ ( Ameer Ali, The Spirit of Islam, Chatto and Windus, London, 1978, P.134). وقد كان الكفار فى كثير من الأحيان إذا سمعوا القرآن أحدثوا لَغْطًا ولَغْوًا كى يصرفوا الحاضرين عما تقوله آياته الكريمة (فُصِّلَتْ/ 26)، فهذا الذى يقوله الكاتب الهندى هو من ذلك الباب. ولتقريب الأمر أمثِّل لهذه الطريقة بواقعة كنت من شهودها، إذ كان رئيسٌ ومرؤوسه يتعاتبان منذ أعوام فى حضورى أنا وبعض الزملاء، وكان الرئيس يتهم المرؤوس المسكين بأنه يكرهه، والآخر يحاول أن يبرئ نفسه عبثا لأنه كان معروفا عنه خوضه فى سيرة رئيسه فى كل مكان. وفى نوبة يأس أسرع قائلا وهو يؤكد كلامه بكل ما لديه من قوة: "إن ما بينى وبينك عميق! "، فما كان من زميلٍ معروفٍ بحضور بديهته وسرعة ردوده التى تحوِّل مجرى الحديث من وجهته إلى وجهة أخرى معاكسة إلا أن تدخل قائلا فى سرعة عجيبة كأنه يكمل كلاما ناقصا: "فعلا! عميقٌ لا يُعْبَر". وهنا أمسك الرئيس بهذه العبارة وعدَّها ملخِّصةً أحسن تلخيص للموقف ولمشاعر مرؤوسه المزنوق الذى يحاول التنصل مما يُنْسَب إليه! ومن ذلك أيضا ما كان بعض أصدقائنا المدرسين يعابث به تلميذاته إذا رآهن قد أسرفن فى التحمس لقاسم أمين وإبراز أهمية الدور التى تؤديه المرأة فى الحياة، إذ كان، كلما ردّدن أمامه العبارة المشهورة فى هذا السياق من أن "وراء كل عظيم امرأة"، يجيبهن مرة: "طبعا وراءه لا أمامه، فهو صاحب الصدارة والتفوق، أما هى فتابعة له"، ومرة: "فعلا وراءه، والزمان طويل"، ومرة: "وراءه مسوِّدة عيشته" ... وهكذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك زعم "بلاشير" أن سورة "الكهف" قد خضعت لتحويرات أخرى بعد أن اكتشف أن الآيات 9 - 25 من سورة "الكهف" ينبغى أن يعاد النظر فى ترتيبها، بل إنه رتبها فعلا، فجعل مجموعة الآيات من 9 إلى 16 مضافًا إليها الآيتان 24 - 25، ومجموعة الآيات من 13 إلى 16، عبارة عن روايتين لشىء واحد، أى أنهما نصٌّ واحدٌ أُورِدَ بروايتين مختلفتين. وهو ما يعنى أن إحدى المجموعتين زائدة لا لزوم لها ( Blachere, Le Coran, PP. 318- 319). من الذى أفتى لبلاشير بهذا؟ لا أحد بالطبع إلا شيطان السخف! وهَبْه كان مقتنعا فعلا بهذا الذى يزعم، أولم يكن ينبغى أن يورد النص القرآنى كما هو بما وقع فيه من عبث أو اضطراب على حسب أوهامه، ثم فَلْيُعَلِّقْ فى الهامش بما يعنّ له؟ لكن هذا ليس هو المراد، ولن يحقق له أهدافه الإبليسية، فالمقصود هو إيقاع الشك والارتياب فى النص القرآنى لإفقاده قدسيته وجلاله فيتعود القارئ على أن يتعامل معه على أنه نص عادى من النصوص التى يصنعها البشر بما يمكن أن يصيبه ما يصيب أى نص بشرى من عبث ونسيان وإضافة وحذف وتقديم وتأخير ... إلخ. وهذا الهدف لا يتم على الوجه الناجع إلا إذا تقدم أحدهم ونفذه على أرض الواقع، ولم يكتف بالكلام النظرى الذى لا يمكن أن يكون فى قوة التطبيق العملى. ومن هنا أراد بلاشير أن يكون هو "الفأر الزردوق" الذى يعلّق الجُلْجُل فى رقبة القط ويحصل له الشرف، شرف الإساءة إلى العلم والحق، بل إلى الشرف نفسه!
وهاتان هما المجموعتان المشار إليهما من آيات سورة "الكهف"، أضعهما تحت بصر القارئ كى يرى بنفسه الرقاعة البلاشيرية: "أم حسبتَ أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا؟ /9* إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا: ربنا، آتنا من لدك رحمة وهَئِّ لنا من أمرنا رشدا/10* فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عددا/11* ثم بعثناهم لنعلم أىُّ الحزبين أَحْصَى لما لبثوا أمدا/12* ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعا/ 24* قل: الله أعلم بما لبثوا. له غيب السماوات والأرض. أَبْصِرْ به وأَسْمِعْ! ما لهم من دونه من ولىٍّ، ولا يشرك فى حكمه أحدا/25" (مج 1) - "نحن نقصّ عليك نبأهم بالحق. إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى/13* وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا: ربُّنا ربُّ السماوات والأرض. لن ندعو من دونه إلها. لقد قلنا إذن شططا/14* هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة. لولا يأتون عليهم بسلطانٍ بيِّن؟ فمن أَظْلَمُ ممن افترى على الله كذبا؟ /15* وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فَأْوُوا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهئِّ لكم من أمركم مِرْفَقا/16" (مج2). والآن أيمكن أن يكون لهذا الكلام التافه أية قيمة؟ أويمكن أن المجموعتين كانتا، كما يفترى هذا الأعجمى الخبيث، نصًّا واحدًا لكنه ورد بروايتين مختلفتين؟ إن كلا من النصين يتناول الموضوع من زاوية مختلفة ويورد تفاصيل مختلفة عما ينظر منه ويورده الآخر، وهذا من الوضوح بمكان إلا بالنسبة لمن أعمى الله قلبه وجعل على بصره غشاوة، فهو لا يهتدى للحق سبيلا!
والآن نحب أن ننظر فى أمر بلاشير لنرى مدى تمكنه من اللغة التى يتجرأ ذلك التجرؤ العجيب على كتابها المقدس كى نعرف هل تؤهِّله معرفته إياها لمثل هذا التجرؤ أو لا، وسوف يكون فَحْصِى لقدرته من خلال ترجمته لهذا الكتاب ذاته ومدى فهمه له: إنه مثلا يترجم "ألا" الاستفتاحية فى كل مواضعها من القرآن المجيد على أن معناها: "أليس ... ؟ "، فمثلا "ألا إنهم هم السفهاء! " (البقرة/ 11) تتحول على يديه المباركتين إلى "أليسوا هم السفهاء؟ "، و"ألا لعنة الله على الظالمين" (الأعراف/ 21) تصبح "أليست لعنة الله على الظالمين؟ " ... وهلم جرا. أما كلمة "كبيرة" فى قوله تعالى عن أولئك الذين لم يستطيعوا أن يستوعبوا مغزى تحويل القبلة فى المدينة من الشَّمال ناحيةَ بيت المقدس إلى الجنوب جهةَ الكعبة المشرفة: "وإنْ كانت (أى مسألة تحويل القبلة) لَكبيرةً إلا على الذين هَدَى الله" (البقرة/ 143)، أى أمرًا كبيًرا لا يفهمون بعقولهم الغبية العنيدة مغزاه ولا يسهل على نفوسهم فيه تقبل حكم الله، فإنه بذكائه الحاد يترجمها على أساس أن معناها: " كبيرة من الكبائر". وفى قوله سبحانه من نفس الآية: "وما كان الله لِيُضِيع إيمانكم"، أى لا يمكن أن يظلمكم، يترجمها السيد السَّنَد بمعنى "إن الله لا يستطيع أن يضيع إيمانكم". أى أنه فى الوقت الذى تنفى فيه الآية عن الله الظلم، ينفى بلاشير عنه سبحانه الاستطاعة! كما أنه فى قوله تعالى: "قل: يا أهل الكتاب، تعالَوْا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم: ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله. فإن تَوَلَّوْا فقولوا:اشهدوا بأنا مسلمون" (آل عمران/ 64)، يترجمه بما يجعل معناه: "تعالوا إلى كلمة سواء: أننا، مثلَكم، لن نعبد إلا الله"، محوِّلاً الآية هكذا من التبكيت للنصارى ودعوتهم إلى نبذ التثليث واتباع سنة الإسلام فى التوحيد الذى جاء به المسيح عليه السلام، إلى العمل على استرضائهم وجعلهم هم الأصل الذى يتعهد الرسولُ بأن يضعه نصب عينيه ويحتذيه! كذلك ففى قوله سبحانه مخاطبا الرسول: "وإمّا يُنْسِيَنَّك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" (الأنعام/ 68)، بمعنى أنه إن حدث أيها المؤمنون أن نسيتم فلم تغادروا المجالس التى يستهزئ فيها المشركون بآيات الله، فلا تكرروها بعد ذلك، نراه يترجمها بـ"ولسوف ينسيك الشيطان هذا النهى بكل تأكيد ... " ... إلخ. ويستطيع القارئ أن يجد أمثلة أخرى لهذه الأخطاء البلاشيرية العبقرية فى كتابى "المستشرقون والقرآن- دراسة لترجمات نفر من المستشرقين الفرنسيين للقرآن وآرائهم فيه" (دار القاهرة/ 1423هـ- 2003م/ 55 - 66). والغريب بعد ذلك كله أن نجد لبلاشير كتابا فى النحو العربى (بالاشتراك مع ديمومبين)، فكيف يكون الحال لو لم يكن مؤلفا لمثل هذا الكتاب؟
هذا ما عنّ لى أن أكتب به إليك، والآن أتركك فى رعاية المولى وحفظه، مع تمنياتى الطيبة، والسلام!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[09 Apr 2005, 12:16 م]ـ
إجابة على بعض ما تفضَّل بتقديمه وتوضيحه د. إبراهيم عوض.
قرأتُ رسالتَكم الطويلةَ المُمتعة بِما فيها من الملاحظات الثمينةِ، والأفكار الجيدة بِمنتهى الانتباه. وسأركز في إجابتي على القضايا المطروحة والملحة، بحيث لا أخرج عن الإطار الذي حدده المشرفون على الملتقى في عنوان هذا اللقاء. وذلك حتى لا يتشعب بنا الحديث ويخرج إلى ما لا علاقةله بالموضوع الرئيس في هذا الحوار المتوازن المتعادل في جَميع جوانبه.
ولا يسعني إلاّ أَن أشكركم على اهتمامكم ببعض الأفكار والقضايا التي لمسناها طيلة ما يقرب من شهرٍ كامل على هذه الصفحات، مع اختلاف المواقف بين أصحاب المشاركات القيمة مِمَّا تَمَّ تقديمهُ من جانبي المتواضع. ولكي أَكونَ منصفاً أَودُّ أن أَذكرَ مشرفي هذا الملتقى العلمي، الذين تفضلوا بتصحيحِ أَجوبتي لغوياً، وتحريرها كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وأشكرهم على ذلك.
لقد قرأت الصفحات التسع عشرة لردكم مطبوعةً، واعياً لما فيها بمنتهى الانتباه كما قلت، فأعجبني أسلوب رسالتكم المفتوحة حيناً، واستغربت من بعض أساليبها حيناً آخر، وعقولُ الرجالِ في أطرافِ أقلامها.
فيما يتعلق بتحديد الاستشراق , أو قل: من هو المستشرق فتختلف معي في هذا الأمر وهو من حقكَ، وأود أن أفهم الدوافع التي أَدَّت بكم إلى هذا الرأي إلا أنني لا أجد سبيلا إلى ذلك. لو كان الأمر كما تقولون لكان كلُّ من هَبَّ ودَبَّ مستشرقاً، ونحن نشاهد هذا الاتجاه يومياً،كما نشاهد أيضاً ما يسفر عنه من النتائج السلبية في الإعلام.
أما الأستاذ الجامعي فلا، ليس له سِرٌّ إلهي كما تقول، بل يملك التربية الأكاديمية التي تختلف كل الاختلاف عن تربية (المستشرق الصحفي ... السياسي الاقتصادي وهلمَّ جرا. وأَغلبُ الصحفيين إن لم يكن كلهم , الموفدين إلى البلاد العربية الإسلامية والذين يَخبروننا يومياً بِما يَجري في تلك المناطق اجتماعياً أو سياسياً أو حضارياً (وهذا الأخير في القليل النادر للأسف , لا يستطيعون أن يفرقوا بين قُبةِ الصخرةِ والمسجد الأقصى بِما فيه المسجد (المرواني)، غير أَنَّهم مقيمون في البلاد منذ أعوام على حساب من يدفع الرسوم السنويةَ للإذاعة لكي لا يتجاوز القانون.
لكي لا نَخرج من إطار الاستشراق كما أَفهمه أَنا ورسَمتهُ في هذا اللقاء اسمح لي أَنْ أَضرب لكم مثلاً واحداً.
كثيراً ما طُرحت الأسئلةُ حول الحدود في القرآن ومنها خاصة حدّ السرقة فيقول القائل إنّ تلك الحدود القطع غير إنساني , بل هي عمليةٌ وحشية في المجتمع المعاصر المتطور، ومن هنا لا يجوز تطبيقها. . . إلى آخر هذا الكلام وما إليه من الزيادة: ومن يزيد فلا يحسن بالضرورة وبصفتي مستشرقاً أَكاديِمياً كيف أجيبُ على هذه الاتهامات إن كنت مستشرقاً حسبَ وصفكَ لِهذا الصنف من العلوم؟
هل يعلم المستشرقُ (الصحفي والاقتصادي. . . الخ) أنَّ هناك شيء ما تذكره الشريعة بـ (النصاب) أو (بالضرورة) يا دكتور إبراهيم؟ ولا علم له بهذه التفاصيل، وأنتم ما زلتم تعتبرونهم مستشرقين، غير أَنَّهم درسوا الصحافةَ، وكان لهم الحظ أن يَحتلوا منصباً ما في الشرق الأوسط، وتعمَّقوا هناك , أَو قبل ذلك بقليلٍ اذا دعت الحاجةُ اليه , بدراسةِ اللغة العريبة لِمدةِ عامٍ واحدٍ أو أقلّّ منه لكي يفهموا العناوين الرئيسية للأخبار على الصفحةِ الأولى من الصحف اليومية. لقد ذكرت في رسالتك الممتعة عدةَ أَسماءٍ لم أستطع التعرف عليها لكتابتك لها بالحروف العربية. وكم من مرةٍ ناشدت الطلبة عندنا أن يكتبوا الأسماءَ الأجنبية بالحروفِ اللاتينية وبالعربية معاً إن شاؤوا لكي نعرف مَن نَحن بصدده. وفي هذه القائمة الطويلة قد ذكرتم أسماءَ ليس لهم علاقةٌ بالاستشراق من قريبٍ أو بعيدٍ، بل بعضهم دخيلٌ فيه من تلقاء نفسه، وهو ليس
(يُتْبَعُ)
(/)
صريحاً. أما الاستشراق السياسي فهو أمر عظيم لا أغمس لساني فيه، وهو موجود في جميع الدول، إلاّ أنه ليس على المستوى الأكاديمي الجامعي بل له علاقة بالعلوم السياسية والاجتماعية أكثر منها باللغة العربية والحضارة الإسلامية وما نحن بصدده في هذا الملتقى. وهؤلاء وأولئك جميعاً لا صلة لهم بالاستشراق بمعناه الأصيل , فكيف يكون هذا وذاك مستشرقاً ولم يقرأ سطراً في صحيح البخاري ولا سطراً في كتب التفسير معاصرةً كانت أو بقلم القدماء ذوي الخبرة والنباهة. لقد ذكرت في اللقاء اللغات الرئيسية المعتمدة قبل غيرها، ولم أقصد تجاهل
اللغات الأخري التي لها صلة بالحضارة الإسلامية كالفارسية وما ذكرتم أنتم من اللغات الأخرى إلاّ أنّ اللغات الإفريقية التي لا تحصى، وحضارات الناطقين بها جنوب الصحراء الكبرى تابعةٌ للعلومِ الأفريقيةِ لا الاستشراقية بالضرورة كما ترون لم يزل الاختلاف قائماً بيننا في تعريف الاستشراق , فليكن! وفي الاختلاف رحمة.
نعم , يعتبرُ الاستشراقُ - قديماً وحديثاً- القرآنَ مصدراً أساسياً للدراسات الاسلامية، بل حتى لدراسة المجتمع العربي في الجاهلية (مثلاً من خلال آيات التحدي في فجر الاسلام، ولا يرى فيه وحياً مُنَزَّلاً من الخالق؛ إِذْ الباحثُ لا يهتم بالخالق ولا بصفاتهِ , فمن هنا أنتم في وادٍ، وأنا في وادٍ آخر فلا بأس بذلك عند توفر الاحترام المتبادل بين الجانبين، وعدم مسّ معتقدات الآخرين بكلمة سوءٍ، وهذا الموقف اللاديني أو قل: العلماني ليس إلاّ حَجَرَ عثرةٍ في جَميع الميادين.
أما قولكم متسائلاً ولى هنا تعليق أرجو أن يتسع صدرك له، ألا وهو أنَّ الباحثين المسلمين لا تفوتهم هذه الملاحظة أبداً، وإلا فهل تستطيع أن تتذكر أن أحدهم مثلا قد عرض عليك ذات مرة الدخول فى الإسلام؟ لا أظنُّ أن هذا قد حصل، وحتى لو كان حصل فهو أمر نادر، بل شاذ لا يقاس عليه كما تعرف). يا د. إبراهيم! إنني لا أظنكم تعيشون في عزلةٍ مطلقةٍ ـ مع ما فيها من فضائلٍ أوقات الفتنة ـ وبعيداً عن الوقائع!
لم أقض يوماً في البلاد العربية بصفةٍ رسميةٍ بغير أَن عَرَضَ عليَّ هذا أو ذاك الإسلام، ودعاني إلى الدخول فيه! حصل هذا عدةَ مراتٍ، وعلى مستوياتٍ مختلفة، وعلى صيغته المختلفة أيضا: من الوزير والأستاذ الجامعي الكريم إلى طالب العلم المتحمس حتى إلى سائق سيارة الأجرةِ الماهر.
فيما يتعلق بتخطئة القرآن - كما تقولون- فأودّ أن أقتصر على ما هو الأهم، كان هناك مشروع في النص القرآني قبل الحرب العالمية الثانية، وجَمعَ تلاميذُ نولدكه المشهورون المتخصصون في القراءات نسخاً للقُرآنِ بغرض تحقيقِ النصِّ القرآنيِّ تَحقيقاً علميَّاً كما تُحقَّقُ كتبُ التراث. إذ ما بين يدينا مطبوعاً هو النص المتفق عليه وليس نصاً مُحقَّقاً بِمعنى التحقيق. ويقال: إِنَّ هذه المَجموعة من النسخ قد فُقِدت أثناءَ الحربِ ولا أحدَ يعلمُ بوجُودِها، إلاَّ أَنَّ هناك مَن يَزعمُ أَنَّها في المكتبة الدوليةِ في مِونيخ، والله أعلم.
لدينا اليوم عدةُ نُسخٍ ثَمينةٍ ونادرةٍ، مثل المصاحف التي في جامع صنعاء وفي غيرها في المكتبات. بعضها على البَردي، وبعضها الآخر على الرَّقِّ أو الكاغد، لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا العَمَلِ الضخم من أجل إخراج النصِّ القرآنيِّ على منهج الدراسة المقارنة الإجمالية للنصِّ synopsis لَما كانَ هناك مجالٌ للجدال حول تخطئةِ (القرآن). رُبَّما يترتب على ذلك ترتيبٌ آخر , حتى ولو كان جزئي , للآيات
كما قد نحصل على كلمةِ نَقصٍ هنا، وكلمةِ زيادةٍ هناكَ الخ، وهذه الأمور كلها واردة عند الدراسة المقارنة للنص.
حدث ذلك ـ نعم! ـ عند دراسة النصوص في الإنجيل، وإذا كانت هذه الكتب المواد الأولى لتطبيق هذا المنهج على النص حيث وضع الباحثون النصوص القِبطيَّةَ أيضاً في اعتبارهم، على غير رضى الكنيسة الكاثوليكية، فأين الباحث من الكنيسة عندما يبحث؟ لقد تمَّ الترتيب التأريخي للنصوص مقارناً بعضها ببعض فإذا هناك في بعض النصوص القبطية أَنَّ عيسى لم يَمُتْ على صَليبٍ، بل هو ينظرُ من عند ربهِ على مَنْ صُلِبَ مَكانَهُ! هل هذا مفاجأة؟ كلا و هو نتيجة البحث العلمي، ومعاملة النصوص معاملة علميةً بدون القيودِ الاعتقادية. ومن هنا اسمح لي أَن أتساءَلَ بكلِّ رِفقٍ وهُدوءٍ عَن صحةِ قولك وما دام هذا الاستعمال قد ورد في القرآن فمعنى ذلك أنه صحيح).
فلا علاقة لهذا الموقفِ مِمَّا تسمونه بالحقدِ المَجنونِ، إذ يجب ألا تنسى أنّ هناك بحثاً علمياً أكاديمياً منصفاً بغير آراء مسبقةٍ على نتائج البحث.
وفي الختام تعليق قصيرٌ على ما ذكرت حول نولدكه وأعماله وأسرفتم فيه - حسب رأيي - يجب ألا ننسى أنَّ اللغة لا تعيش في عزلةٍ، بلا تأثير خارجي، وتطورٍ داخلي , وللغة دائماً قواعدها الثابتة عرفها العرب وشعراؤهم جيداً وجاوزوا هذه القواعد حيناً (ما يجوز للشاعر لا يجوز لغيره) وتمسكوا بها حيناً آخر وهم أسوة لغوية لنا، والقرآن كذلك. ومن هنا منطلق نولدكه العلمي في تأملاته في النص , وليس على أساس أَنَّه قرآن، بل على أساسِ ما جاء فيه كنصٍّ , وهنا أعيد قولي حول مسألة تحقيق النص. ولك الخير والعاقية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:47 م]ـ
ما قول المستشرق ضيف المنتدى الدكتور موراني في مقولة ان العقل المسلم لم يتحدث عن الاخلاق؟ و كل ما كتبوه عن الاخلاق منقول اما من الحضارة الفارسية او من افكار الفلسفة اليونانية؟ و الاستشهاد بعدم وجود كلمة ضمير في الكتابات الاسلامية على غياب مفهوم واضح للاخلاق عند المسلمين
لقد استطاع الدكتور محمد عبدالله دراز رحمه الله أن يجيب على هذه المقولة بكتابه (دستور الأخلاق في القرآن الكريم)، وقد اعترف المستشرقون في كثير من كتاباتهم بأن هذا الكتاب قد صحح ذلك الاعتقاد الخاطئ بأن القرآن والإسلام لم يخصص الأخلاق بتشريع متكامل.
وأنصحك أخي العزيز أن تقرأ هذا الكتاب بعناية وستجد فيه علماً غزيراً وأدباً جماً.(/)
تعريف بكتاب: الغارة على القرآن الكريم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Mar 2005, 09:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الغارة على القرآن الكريم
للدكتور عبد الراضي محمد عبد المحسن
أ. د. خليل أبو ذياب
يعدّ هذا الكتاب من زمرة الكتب التي عُنِيَ فيها مؤلفوها بالتصدي للهجمات المسعورة التي تستهدف الطعن في القرآن الكريم واتهامه بمختلف التهم الكاذبة والملفقة بغية صرف الناس من غير المسلمين خاصة عنه، ومحاولة وقف تيار الدعوة الإسلامية التي تحرص على كشف زيف وأباطيل التوراة والإنجيل، وتحديد مظاهر التحريف التي لحقت بهما؛ ومن هنا كانت غاية المؤلف من كتابه تنشيط حركة الدعوة إلى القرآن والإسلام، وضرورة تنويع الجهود المبذولة في هذا المجال وتثقيف الدعاة، والدعوة إلى إنشاء مؤسسات متخصصة لهذا الغرض، وتكريس العمل الجماعي المنظم لمواجهة الجهود التنصيرية الشرسة للطعن في القرآن الكريم وتدمير قداسته ــ خابت مساعيهم ورُدَّ كيدهم إلى نحورهم وذلّوا وخسروا خسرانا مبينا؛ وكيف لا وقد قال ربنا جلّ وعزّ: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر9؛ وهكذا جاء الكتاب ليسجل حربا شرسة على القرآن الكريم شنها نفر من القساوسة والرهبان عبر الافتراء على القرآن وقذفه بمختلف الأباطيل، وتجنيد كافة الطاقات لصرف النصارى واليهود عنه!
وقد نشطت الجهود النصرانية لإظهار القرآن / الإسلام في صورة العدو الحالي والمستقبلي والذي يمثل إمبراطورية الشر بالنسبة للغرب خصوصا بعد انهيار المعسكر الشيوعي!
وقد استهدفت الغارة التنصيرية على القرآن أصالته وصحة تلقي الرسول (ص) له عن طريق الوحي!
ومن هنا كانت وراء هذا الكتاب دوافع متعددة منها كثرة الافتراءات والشبهات التي أثارتها الجدليات التنصيرية وضعف مستوى الردود الإسلامية التي قوبلت بها لانعدام التخصص المنهجي والعلمي المناسب لأصحابها، وذلك لأن هذا النوع من الدراسات يتطلب إلماما بجوانب معرفية عديدة مثل تاريخ الأديان ومعتقدات أهل الكتاب ومضمون كتبهم المقدسة ومناهج النقد العلمي .. وقد كان طبيعيا أن يتلافى المؤلف مظاهر القصور التي تردى فيها الآخرون وهو يخوض تجربة الرد على أصحاب هذه الغارة الشرسة ودفع شبهاتهم ودحض افتراءاتهم ليكون درسا عمليا تطبيقيا للدعاة وتوجيههم إلى الطريقة المثلى في الرد عليهم، وتعينهم كذلك في الدعوة إلى الله وتصحيح المفاهيم التي روجها المنصرون حول القرآن الكريم لصرف أتباعهم عنه!
وقد جاءت الدراسة في ثلاثة فصول أفرد لكل منها عددا من المباحث: وقد رصد الفصل الأول حركة الجدل التنصيري ضدّ أصالة القرآن الكريم، ثم أتبعه بتفنيد مزاعمهم حول هذه القضية في الفصل الثاني .. وأفرد الفصل الثالث لمظاهر الإعجاز القرآني ووجوهه المتعددة ..
أما الفصل الأول فقد عرض فيه لحركة الجدل التنصيري حول أصالة القرآن بدءا من البحث عن حقيقة التنصير وصلته بالتبشير لافتا النظر إلى أن الإرساليات والبعثات النصرانية ليست للمسلمين وحدهم، وإنما هي موجهة أيضا إلى طوائف النصارى الشرقيين من أرمن وقبط وأرثوذكس .. كما رصد حركة التحول في الغارة النصرانية على القرآن بعد فشل المواجهة الكلامية أو الجدل إلى المواجهة الحربية .. كما رصد دوافع الجدل النصراني ضد القرآن وأهمها صرف الأنظار عنه وإخفاء مواقفه من التوراة والإنجيل وكشف ما أصابها من تحريف وتزييف حتى لا تنكشف لأتباعهم، ومحاولة إبطال معجزة القرآن!
كذلك حرص المؤلف على رصد المراحل التاريخية للجدل التنصيري ضد القرآن وهي: مرحلة التأسيس (جدليات المشرقيين أمثال يوحنا الدمشقي والرهاوي والكندي والأنطاكي وغيرهم، ومرحلة الجدل البيزنطي ومرحلة الأندلس والحروب الصليبية التي تميزت برموز جدلية بارزة منها بطرس وبيكون ووليم الطرابلسي وغيرهم، ثم مرحلة التنصير المؤسسي التي أعقبت الحروب الصليبية في محاولة لتحقيق ما عجزت عنه .. وقد تزيّت بزيّ التبشير الذي كان يهدف إلى القضاء على القرآن عن طريق تأليف الكتب وإنشاء المؤسسات الدينية " الكليات اللاهوتية " ومؤسسات الاستشراق التي تأسست وفق قانون كنسي يهدف إلى ردّ العرب إلى النصرانية ونشرها بين المسلمين على ما بين هاتين المؤسستين التبشيرية والاستشراقية من فوارق في أدوات العمل
(يُتْبَعُ)
(/)
التنصيري ومجالاته!
وقد وقف الباحث عند طرق التنصيريين لإبطال أصالة القرآن عن طريق الترجمة التي شغلت بها الكنيسة لتزويد المنصرين بسلاح خطير عبر تزييفه بسبب تشويه الترجمة وإضافة المقدمات والتعليقات والملاحق التفسيرية إليها، ثم عن طريق البحوث التنصيرية التي وضعت حول القرآن تتناول مصادره وتاريخه، وكذلك إصدار الدوريات والقواميس ودوائر المعارف المتخصصة في دراسة القرآن لتأكيد تزييفه وتشويهه .. ثم الحرص على ترويج تلك المزاعم وإثارة الشبهات التي اختلقوها حول القرآن باعتبارة " هرطقة مسيحية "، وأنه مجرد تلفيق من التوراة والإنجيل وتكرار لقصص التوراة متجاهلين الأساليب الفكرية التي قررها القرآن لتأكيد صدقه وأنه منزل من عند الله سبحانه على الرسول مثل أسلوب التحدي بالإتيان بمثله أو بمثل عشر سور منه أو بسورة واحدة .. وكذلك أسلوب المقارنة بين القرآن وغيره من الكتب السماوية لتأكيد صدقه وكشف زيفها وكذبها .. وكذلك أسلوب النقد التاريخي من خلال تقرير أمية الرسول العربي وأعجمية من اتهموهم بتعليمه القرآن في زعمهم!
وجاء الفصل الثاني لتفنيد مزاعم الجدل التنصيري للطعن في صدق القرآن الكريم وأصالته؛ وقد ابتدأها بسرد وجوه تهافت الادعاء بأن القرآن تلفيق من اليهودية والنصرانية كاشفا عن حدود العلاقة بين القرآن وبين التوراة والإنجيل، وهي علاقة هيمنة عليها وتصديق لها وتفصيل لما أجملته مع التأكيد على ما أصابها من تحريف وتزييف .. كما وقف عند ادعاء المنصرين أخذ الرسول القرآن عن بعض الشخصيات النصرانية مثل بحيرا الراهب وورقة بن نوفل .. ويدحض هذه المزاعم كون العهد القديم والجديد لم يكتبا بالعربية في ذلك العصر حتى يفيد منهما الرسول العربي الأمي، بل كتبا بعد عدة قرون، فضلا عن اختلاف كتب العهد القديم نفسه: توراة السامرة، والترجمة السبعينية وتوراة العبرانيين (ص67) .. ومثل ذلك اختلاف نسخ العهد الجديد باختلاف الكنائس: نسخة الأرثوذكس والبروتستانت والكاثوليك والأقباط والأرمن .. ثم يقف المؤلف عند قضية الاختلاف بين اليهودية والمسيحية وافسلام في أصول الإيمان: الألوهية والنبوة واليوم الآخر والكتب السماوية والملائكة والقدر .. وكذلك مواقفها الأخلاقية: المعرفة والتربية والسلوك والمجتمع والعلم .. كما ناقش قضية تأثير الإسلام في اليهودية والنصرانية من حيث المبادئ والأفكار التي تأثرت بها حركات الإصلاح عندهم ..
كما عرض وجوه تهافت الادعاء بأن القصص القرآني تكرار لقصص التوراة والإنجيل وأهمها: اختلاف منهج القصص القرآني عما في العهدين القديم والجديد من حيث المصدر والخيال القصصي والتشخيص البياني والتصريح والتلميح والتجريد والتنويع وخواتيم القصص؛ وكذلك تباين أهداف القصص بينهما وبين القرآن؛ كما أن القرآن ذكر بعض القصص التي لم تذكر في التوراة والإنجيل وهي إما قصص كاملة، وإما تفاصيل دقيقة .. ومن هذه المقارنة يتضح تهافت الجدل التنصيري في ادعائه تكرار القرآن لقصص العهد القديم والجديد .. ولكي يؤكد هذه النتيجة استعرض نماذج من تلك القصص المشتركة بينها وهي: قصة خلق العالم، وقصة الطوفان، وقصة يوسف عليه السلام ..
أما الفصل الثالث فقد أفرده لعرض مظاهر ووجوه الإعجاز القرآني التي قررها كثير من العلماء والباحثين في القرآن وهي: الإعجاز البياني أو البلاغي الذي يقوم على اللفظ والمعنى والنظم والتصوير الفني؛ ثم الإعجاز الإخباري الذي يتناول قصص الأمم الغابرة، وكذلك الغيبيات والتنبؤات؛ ثم الإعجاز التشريعي وما يتسم به من مرونة وشمولية ويسر؛ ثم الإعجاز العقلي حيث عُنِي القرآن بمخاطبة العقل الإنساني مستخدما الأدلة المنطقية والبراهين المقنعة وهو يقرر كثيرا من القضايا بعيدا عن الوهم والظن والهوى .. وهذا ما جعل العقل المنصف يتبين خلوّ القرآن من التناقض والاختلاف .. كما يذكر وجها آخر للإعجاز القرآني عند بعضهم وهو الإعجاز القلبي وهو ما يتركه القرآن في نفس قارئه أو سامعه من آثار داخلية بالغة .. وإن كان هذا الأمر ذاتيا ولا يخضع للتعليل أو التوصيف والقياس فضلا عن عموميته ثم الإعجاز العلمي من خلال اشتمال القرآن على كثير من القضايا التي تنتمي إلى علوم الفلك والطب والجيولوجيا والزراعة والنبات والحيوان والتناسل والاقتصاد والتجارة والتاريخ والحضارة والبحار .. وقد شغل نفر من المفسرين والباحثين بهذا الجانب من الإعجاز القرآني وكشف مظاهره في مصنفاتهم من أمثال الرازي والجوهري وعبد الرزاق نوفل ومصطفى محمود والغمراوي والفندي وأحمد زكي وغيرهم .. وقد عرض المؤلف بعض الشواهد الدالة على هذا الإعجاز العلمي من مثل خلق العالم وبعض القضايا الفلكية والجيولوجية وخلق الإنسان والتي تساقطت في القرآن إشارات دالة عليها .. وإن كان يجب ألا يغيب عن البال كون القرآن كتاب هداية وتشريع في المقام الأول، وأن ما وجد فيه من قضايا العلم المتنوعة إنما هي تبع للجانب الدعوي فيه!
ولا يسعنا في الختام إلا التأكيد على أهمية هذا الكتاب وجدارته بالقراءة والتأمل
منقول من هنا ( http://www.aswat.4t.com/P0202.htm)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Mar 2005, 09:21 ص]ـ
وللفائدة؛ هذا حوار مع مؤلف الكتاب الدكتور عبد الراضي محمد عبد المحسن
حوار مع د/ عبد الراضي عبد المحسن عن الاستغراب ( http://www.aresalah.com/html/modules.php?name=News&file=article&sid=16)
ـ[النجدية]ــــــــ[11 Jun 2010, 10:39 ص]ـ
جزاكم الرحمن الجنة؛ وبارك في جهودكم
وهذا رابط الكتاب بالصيغة المصورة؛ يمكنك التحميل من أي رابط شئت ( http://alex.wikiwebia.com/files/algharh-aly-alqran-alkrem-abd-ar_PTIFF.pdf)
للأمانة؛ منقول من مشاركة للأخ الفاضل (علاء الزبيدي) - منتديات مكتبتنا العربية ( http://www.almaktabah.net/vb/showthread.php?p=178346#post178346)
ـ[النجدية]ــــــــ[11 Jun 2010, 10:44 ص]ـ
وللفائدة؛ هذا حوار مع مؤلف الكتاب الدكتور عبد الراضي محمد عبد المحسن
حوار مع د/ عبد الراضي عبد المحسن عن الاستغراب ( http://www.aresalah.com/html/modules.php?name=News&file=article&sid=16)
أود التنبيه إلى أن رابط الحوار الذي تكرمتم به؛ لا يستجيب، ولا يفتح معي!
أعانكم المولى على الخيرات
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[11 Jun 2010, 12:30 م]ـ
الغارة على القرآن الكريم
في الحقيقة إن عنوان هذا الكتاب قد استوقفني قبل أن أفكر في الدخول الى ما فيه. وأنا أظن لو أن الكاتب اختار عنواناً أدق من هذا لكان أفضل. فالعنوان له دلالاته التي ينبغي للمؤلف أن لا يغفل عنها. بل إن من من اهم عوامل نجاح الكتاب هو الإختيار الناجح للعنوان. والدقة في انتقائه. فينبغي أن يراعى فيه عامل التشويق والاختصار. ومن هنا فإني أضع هذه الملاحظات على هذا العنوان لعل الكاتب في المرات القادمة يكون أكثر انتباهاً لانقاء العنوان الذي يريده وبارك الله به وبعلمه:
فعل غار يغير تعني المباغته في الهجوم. والذي يباغت في الهجوم غالباً ما يكون منتصراً. فتقول العرب: أغار الجند على الأعداء. أي باغتوهم. والذي يباغت أيضاً فإن من خلال مباغتته أو غارته فإنه ينال من العدو ولو شيئاً يسيراً. ولذلك سميت الغارة الجوية بهذا الاسم لأنه مخطط لها من قبل واضحة الأهداف والإحداثيات.والمباغتة أيضاً أو الغارة غالباً ما تكون لبواطن الضعف للمهجوم عليه أو للمواطن التي تضعف العدو وتوهنه وتبدد قوته من خلال الهجوم على فواصل الاقتصاد أو مكامن الطاقة أو الموارد الانتاجية. فيقضي عليها من خلال غارته ويضعفها. والقرآن الكريم ليس هكذا ولله الحمد فإنه يتعرض لهجمات مختلفة كثيرة من أعداء مختلفين ولكنها أثبتت فشلها كلها ولم تنجح أي منها بفضل من الله ومنّة. ولذلك فإن كلمة غارة لا تخدم المصلحة العليا التي ذهب اليها الكتاب وهي فشل محاولات النيل من القرآن على شراستها وقوتها. فلو سمّى الكتاب بطريقة توصل الى هذا المعنى لكان أجمل وأدق كأن يقول (محاولات النيل من القرآن) أو ما شابه ذلك من عناوين ربما يكون الكاتب فيها أقدر على الوصول الى الفكرة الرئيسية التي يتمحور عليها الكتاب. أسأل الله تعالى أن يوفق الكاتب ويفتح عليه لعناوين ومواضيع تكون في موازين عمله يوم القيامة. فأنا أعلم الجهد المبذول الكبير الذي ينفقه المؤلف لإخراج الكتاب وتهذيبه وتنقيحه وتدويره وطباعته. والله تعالى أسأل أن يوفق الدكتور عبد الراضي الى كل خير. والحمد لله رب العالمين
ـ[حمود العمري]ــــــــ[09 Jul 2010, 01:33 م]ـ
وفقك الله شيخنا وحبذا لو تزودنا بمعلوماتٍ عن طبعة الكتاب ومكان وجوده(/)
إعجاز قرآنى علمى أم مجرد ملاحظات ساذجة يعرفها كل أحد؟ للدكتور إبراهيم عوض
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Mar 2005, 10:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنتُ أَعِسّ (بتعبير ابنى) فى أرجاء المشباك منذ أيام فإذا بى أجد نفسى فى أحد المواقع وجهًا لوجهٍ أمام معجمٍ فرنسىٍّ عنوانه: " Dictionnaire des religions et des mouvements philosophiques associés"، فقلت: أَدْخُل وأُلْقِى نظرة لعلى أستفيد شيئا، فوجدت عنوانا جذبنى إليه هو: " Coran et Sience" بقلم كاتبٍ اسمه yohanfrais لم يسبق أن سمعت به، فوقفت أحملق قليلا فى العنوان، ثم استجمعت عزيمتى وتوكلت على الله وشرعت أقرأ، فألفيت أن الكاتب يتناول النصوص القرآنية التى يرى العلماءُ المسلمون أنها تتحدث عن موضوعات علمية، واقفا أمام كل نص من هذه النصوص محللا إياه لينتهى من التحليل إلى أنْ ليس فى القرآن أىّ نص مما يمكن أن يقال عنه بحق إنه يتحدث عن موضوعٍ علمى. وفكرتُ فى ترجمة أحد الموضوعات التى عالجها الكاتب تحت العنوان المذكور والتعليق عليه، واخترتُ الموضوع الخاص بما تتحدث عنه بعض آيات القرآن بشأن التقاء البحرين مع وجود برزخ يمنعهما أن يبغى أحدهما على الآخر.
للاطلاع على المقال كاملاً ... انظر هنا ( http://tafsir.net/index.php?subaction=showfull&id=1111158646&archive=&start_from=&ucat=1&maqal=full)(/)
محاور ندوة (القرآن في الدراسات الاستشراقية) بمجمع الملك فهد-رحمه الله - لطباعة المصحف
ـ[الراية]ــــــــ[25 Mar 2005, 10:58 ص]ـ
صدرت الموافقة على تنظيم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة - ندوة بعنوان: (القرآن في الدراسات الاستشراقية) وذلك في مقر المجمع في المدينة المنورة خلال الفترة المقبلة، إن شاء الله تعالى:
وأبان الوزير أن هذه الندوة امتداد للندوات الثلاث السابقة التي سبق أن نظمها المجمع خلال السنوات الماضية،
الأولى منها عن (عناية المملكة بالقرآن الكريم وعلومه)،
والثانية بعنوان: (ترجمة معاني القرآن الكريم - تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل)،
والثالثة بعنوان: (عناية المملكة بالسنة والسيرة النبوية).
وقال الوزير: إن الندوة سيشارك فيها عدد من المهتمين بقضايا الاستشراق في داخل المملكة وخارجها تهدف إلى دراسة أهداف المستشرقين حول القرآن الكريم دراسة تقويمية، وبيان مناهج المستشرقين في دراساتهم للقرآن الكريم وعلومه، ودراسة النظريات الغربية المعاصرة، والاتجاهات الحديثة في دراسة القرآن الكريم وتقويمها، وحصر دراسات المستشرقين، وجهودهم حول القرآن الكريم وعلومه قديماً وحديثاً، والتعريف بجهود علماء المسلمين في تقويم كتابات المستشرقين المعنية بالقرآن الكريم، وإزالة العوائق الفكرية التي تحول بين دارسي الإسلام، والفهم السليم للقرآن الكريم.
وقال: إن من أهداف الندوة التنبيه على أخطار تحريف مقاصد القرآن الكريم في تشويه صورة الإسلام، كما أن من أهدافها خدمة كتاب الله تعالى من خلال دراسات علمية منهجية، وإثراء الساحة العلمية بكتابات نقدية جادة تتصل بالدراسات الاستشراقية، وتشجيع البحث العلمي في مجال الدراسات القرآنية، وتنمية الوعي العلمي الناقد للاستشراق ومدارسه، وتنمية أوجه التعاون المثمر بين المعنيين والمهتمين بالدراسات الاستشراقية، إلى جانب إبراز جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في خدمة القرآن الكريم وعلومه.
صحيفة الرياض/ الجمعة 15 صفر 1426هـ
http://www.alriyadh.com/2005/03/25/article50818.html
http://www.qurancomplex.org/Shared/images/Banners/arb/banner-2.gif
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Aug 2005, 05:24 م]ـ
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد لله القائل (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الهدى وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فقد كان لظاهرة الاستشراق توجهات عديدة في ظل مدارسها ودراساتها المتنوعة حول الإسلام وبخاصة القرآنُ الكريم وعلومُه؛ إذ قام المستشرقون على مر القرون بترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغات متعددة، وقدموا عنه الدراسات الواسعة التي أثَّرت في العقلية الغربية وغيرها في فهمها للإسلام.
وانطلاقاً من تفرُّد المملكة العربية السعودية بين دول العالم الإسلامي بنيل شرف الريادة في خدمة القرآن الكريم وعلومه، وتشجيع الدراسات الموضوعية الجادة حوله.
وانطلاقاً من اهتمامات وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالعناية بالقرآن الكريم وعلومه، ممثلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
وإدراكاً لأهمية دراسة ما كتبه المستشرقون حول القرآن الكريم وعلومه وترجمة معانيه، دراسة علمية موضوعية.
ونظراً لما للبحوث الجادة، والتعاون والتواصل بين المتخصصين في مجال الدراسات الاستشراقية المعنية بالقرآن الكريم وعلومه من أهمية.
يطيب لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أن يعقد ندوة متخصصة لتقويم الدراسات الاستشراقية المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه، بعنوان:
(القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية) يشارك فيها عدد من المهتمين بقضايا الاستشراق من داخل المملكة وخارجها.
[ line] أهداف الندوة
1 - دراسة آراء المستشرقين حول القرآن الكريم دراسة تقويمية.
2 - بيان مناهج المستشرقين في دراساتهم للقرآن الكريم وعلومه.
3 - دراسة النظريات الغربية المعاصرة، والاتجاهات الحديثة في دراسة القرآن الكريم وتقويمها.
4 - حصر دراسات المستشرقين وجهودهم حول القرآن الكريم وعلومه قديماً وحديثاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - التعريف بجهود علماء المسلمين في تقويم كتابات المستشرقين المعنيَّة
بالقرآن الكريم.
6 - إزالة العوائق الفكرية التي تحول بين دارسي الإسلام، والفهم السليم
للقرآن الكريم.
7 - التنبيه على أخطار تحريف مقاصد القرآن الكريم في تشويه صورة الإسلام.
8 - خدمة كتاب الله تعالى من خلال دراسات علمية منهجية.
9 - إثراء الساحة العلمية بكتابات نقدية جادة تتصل بالدراسات الاستشراقية.
10 - تشجيع البحث العلمي في مجال الدراسات القرآنية، وتنمية الوعي العلمي الناقد للاستشراق ومدارسه.
11 - تنمية أوجه التعاون المثمر بين المعنيين والمهتمين بالدراسات الاستشراقية.
[ line] محاور الندوة
المحور الأول
تاريخ الدراسات القرآنية عند المستشرقين
موضوعاته:
1 - نشأة الدراسات القرآنية عند المستشرقين.
2 - أهداف الدراسات القرآنية عند المستشرقين ودوافعها.
3 - موضوعات الدراسات القرآنية عند المستشرقين.
4 - علامات بارزة في تاريخ الدراسات القرآنية عند المستشرقين.
5 - تطور الدراسات القرآنية عند المستشرقين في العصر الحديث.
[ line] المحور الثاني
مناهج المستشرقين في دراسة القرآن الكريم
موضوعاته:
1 - المناهج البحثية (التاريخي، التحليلي، الإسقاطي، الأثر والتأثير، المطابقة والمقابلة، الوضعي، التشكيك والنفي، مناهج أخرى) [1].
2 - المدارس الاستشراقية (اليهودية، النصرانية، العلمانية، المادية، مدارس أخرى) [2].
3 - منهج شخصية استشراقية مثل: (نولدكه، بلاشير، أربري، ريتشارد بل، كنث كراج، يوليوس قلهاوزن، إجناس جولدتسيهر، جاك بيرك، آرثر جفري، إندريوربون، ميشيل كوك، نيل روبنسون، شخصية أخرى) [3].
[ line] المحور الثالث
الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم
موضوعاته:
1 - تاريخ الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم.
2 - أهداف الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم ودوافعها.
3 - مناهج المستشرقين في الترجمات.
4 - أخطاء المستشرقين في الترجمات.
5 - دراسة إحدى الترجمات الاستشراقية ونقدها.
6 - جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في دراسة الترجمات الاستشراقية وتقويمها.
[ line] المحور الرابع
دراسة آراء المستشرقين حول القرآن الكريم
موضوعاته:
1 - مفهوم الوحي.
2 - مصدر القرآن الكريم.
3 - ترتيب القرآن الكريم وجمعه ورسمه.
4 - المكي والمدني.
5 - الناسخ والمنسوخ.
6 - الأحرف السبعة والقراءات القرآنية.
7 - التشريع في القرآن الكريم.
8 - القصص والأمثال في القرآن الكريم.
9 - تفسير القرآن الكريم.
10 - لغة القرآن الكريم وأساليبه.
11 - الغيبيات في القرآن الكريم.
12 - موضوعات أخرى.
[ line] المحور الخامس
القرآن الكريم في دوائر المعارف الاستشراقية
موضوعاته:
1 - القرآن الكريم في دائرة المعارف الإسلامية.
2 - القرآن الكريم في دوائر المعارف اليهودية.
3 - القرآن الكريم في دوائر المعارف النصرانية.
4 - القرآن الكريم في دوائر المعارف العامة مثل: (دائرة المعارف البريطانية، وغيرها).
5 - القرآن الكريم في دوائر معارف تاريخ الأديان، والديانات المقارنة
[ line] المحور السادس
الاتجاهات الحديثة في الدراسات القرآنية عند المستشرقين
موضوعاته:
1 - الدراسات القرآنية عند مؤرخي الأديان في الغرب.
2 - الدراسات القرآنية عند علماء اللغة، والدراسات اللغوية المقارنة في الغرب.
3 - الدراسات القرآنية عند علماء نقد " الكتاب المقدس " في الغرب.
4 - الدراسات القرآنية عند علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا (علم الإنسان) المتخصصين في الدين.
5 - تأثير الاتجاهات الحديثة في الدراسات القرآنية عند بعض الباحثين المسلمين.
[ line] المحور السابع
المستشرقون ونتاجهم حول القرآن الكريم ترجمة وتأليفاً وتحقيقاً (عرض ببليوغرافي)
موضوعاته:
1 - الترجمة.
2 - التحقيق، والنشر.
3 - المعاجم.
4 - الكتب.
5 - البحوث والمقالات.
6 - البرامج الحاسوبية، ومواقع الإنترنت.
[ line] المحور الثامن
جهود علماء المسلمين في دراسة الكتابات الاستشراقية حول القرآن الكريم وعلومه وتقويمها
موضوعاته:
1 - جهود العلماء المسلمين في دراسة الكتابات الاستشراقية حول القرآن الكريم (حصر ببليوغرافي).
2 - الرسائل الجامعية، والكتب، والدراسات، حول ما كتبه المستشرقون عن القرآن الكريم (دراسة وتقويم).
3 - الأقسام العلمية، والمراكز البحثية، والمؤسسات، والهيئات التي اهتمت بدراسة ما كتبه المستشرقون عن القرآن الكريم (عرض وتقويم).
4 - توظيف التقنية الحديثة في دراسة ما كتبه المستشرقون عن القرآن الكريم (عرض وتقويم).
5 - الدراسات النقدية لجهود الباحثين المسلمين في دراسة ما كتبه المستشرقون عن القرآن الكريم (عرض وتحليل).
* هوامش *
ـــــــــــــــــــ
(1) للباحث أن يختار منهجاً أو أكثر.
(2) للباحث أن يختار مدرسة أو أكثر.
(3) للباحث أن يختار أحد هؤلاء المستشرقين أو غيرهم.
المصدر ( http://www.qurancomplex.org/Nadwa/Nadwa.asp?l=arb&NadwaID=2218&Page=1&SubItemID=0&TabID=0¬Menu=true)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[16 Aug 2005, 08:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبد الرحمن
هل نجد مادة الندوة مفرغة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Aug 2005, 12:09 م]ـ
هذه الندوة سوف تعقد في النصف الأول من شهر ربيع الثاني عام 1427هـ إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2005, 11:46 ص]ـ
مواصفات البحث وشروطه:
- أن يتميز بالأصالة والعمق.
- أن يتميز بدقة التوثيق.
- أن يكتب بلغة عربية أو انجليزية سليمة.
- أن يكون خاصاً بهذه الندوة.
- ألا يزيد عن ستين صفحة.
- أن يرافق البحث ملخص له باللغتين: العربية والانجليزية.
- تخضع البحوث للتحكيم.
- لا يعاد البحث للباحث سواء أجيز أم لم يجز.
- أن يرافق النسخة الورقية للبحث نسخة الكترونية مدخلة بواسطة برنامج (مايكوسوفت وورد) الإصدار 2000 أو أحدث، وتزود مع القرص المعلومات الخاصة بالتشغيل.
- تراعى الأمور التالية عند الطباعة:
- هوامش الصفحة: علوي 5 سم، سفلي 4 سم، أيسر 4 سم، أيمن 4 سم، رأس الصفحة 4.24 سم، تذييل الصفحة 3.66 سم.
- العناوين الرئيسية، الخط Monotype Kofi بحجم 18
- العناوين الفرعية، الخط Simplified Arabic بحجم 17 مسود.
- متن البحث: الخط Traditional Arabic بحجم 17 غير مسود، ما عدا الآيات القرآنية.
- الآيات القرآنية Traditional Arabic بحجم 17 مسود، وتكون بين أقواس قرآنية.
- اسم السورة ورقم الآية تكون بعد الآية مباشرة، وليس في الحواشي، وبحجم 12
- الحواشي السفلية: الخط Traditional Arabic بحجم 12 غير مسود، وتوضع أرقام الحواشي بين قوسين.
- تثبت حواشي كل صفحة في الصفحة نفسها.
- ترتب المراجع في آخر البحث أبجدياً.
- تخريج الأحاديث يكون في الحواشي السفلية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2005, 12:15 م]ـ
آخر موعد لقبول البحوث هو 30/ 10/1426هـ. ويمكن الاستفسار عما يتعلق بالبحوث على هاتف الأخ الكريم الدكتور مصطفى حلبي وفقه الله وهو:
0096648615600
تحويلة 1981
ـ[د. عبدالمجيد إحدادن]ــــــــ[18 Sep 2005, 02:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هل يمكن معرفة العنوان الذي ترسل إليه البحوث؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Sep 2005, 08:54 م]ـ
العنوان الذي ترسل إليه البحوث:
السعودية - المدينة المنورة
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
الأمانة العامة
ص. ب 6262
الهاتف: 8615600 - 4 - 966+
الناسوخ: 8615495 - 4 - 966+
ندوة القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية
ويمكن مراسلة الدكتور مصطفى حلبي وفقه الله على بريده
mustafa1381@msn.com
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Mar 2006, 11:52 م]ـ
هل من خبر عن موعد انعقاد المؤتمر بالضبط؟
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[24 Mar 2006, 05:23 ص]ـ
آخر موعد لقبول البحوث هو 30/ 10/1426هـ. ويمكن الاستفسار عما يتعلق بالبحوث على هاتف الأخ الكريم الدكتور مصطفى حلبي وفقه الله وهو:
0096648615600
تحويلة 1981
ندوة مهمة جداً.
هل انتهى الوقت حقاً لتقديم البحوث؟ أم أن هناك خطأً في التاريخ. لعل المقصود 1427 هـ؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Mar 2006, 05:34 ص]ـ
حياكم الله يا دكتور أحمد.
الموعد صحيح، والإعلان عن المؤتمر منذ مدة طويلة، والندوة في شهر ربيع الثاني القادم حسب علمي، ولكن لا أدري متى بالضبط، ولذلك سألت لعلك الدكتور مصطفى حلبي يجيبنا على هذا أو من يعرف الجواب من أهل المدينة وفقهم الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Mar 2006, 06:26 ص]ـ
في اتصال هاتفي يوم أمس (الإثنين 27/ 2/1427هـ) مع الدكتور مصطفى حلبي أخبرني بأنه تم تأجيل موعد انعقاد المؤتمر حوالي أربعة أشهر لأسباب تتعلق بمقر انعقاد المؤتمر.
وأما بحوث المؤتمر فقد انتهى المجمع من طباعتها وتهيئتها على أن المؤتمر سيعقد في موعده المحدد، فلم يعد هناك مجال لاستقاب المزيد.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[28 Mar 2006, 09:49 ص]ـ
وا أسفاه على عدم المشاركة
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[06 Jun 2006, 01:34 م]ـ
لا تأسف يا دكتور جمال
فقد تعبت ما يزيد على 5 أشهر في كتابة بحث في جمع الجهود وتقييمها
واخيرا كان الاعتذار بسبب الحجم، علما أنني قد اختزلته ليصبح بالحجم المطلوب لكن على ما يبدو كانت هنالك مشكلة في الإرسال ولم يصلهم في الموعد المطلوب.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jun 2006, 04:25 م]ـ
تقرر عقد المؤتمر إن شاء الله في 15/ 10/ 1427هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jul 2006, 10:29 ص]ـ
هذا هو إعلان التأجيل بدقة كما في موقع مجمع الملك فهد على الانترنت ..
يسر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أن يتقدم بالشكر الجزيل لجميع من تقدموا بالمشاركة بأبحاثهم وتواصلوا مع المجمع وتفاعلوا معه في ندوة (القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية) ويفيدهم في الوقت نفسه بأنه تحدد موعد انعقاد الندوة من
يوم الثلاثاء 16/ 10/1427هـ إلى يوم الخميس 18/ 10/1427هـ
الموافق 7 نوفمبر 2006م إلى 9 نوفمبر 2006م
المصدر ( http://www.qurancomplex.com/News/NewsItem.asp?l=arb&CatLang=0&CatID=3&NewsID=510)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الراية]ــــــــ[28 Oct 2006, 08:22 م]ـ
في ندوة (القرآن في الدراسات الاستشراقية) .. منتصف الشهر الجاري بالمدينة المنورة:
علماء ومفكرون وباحثون يناقشون في 9 جلسات 33 بحثاً عن مناهج المستشرقين وأساليبهم ومواقفهم من القرآن الكريم
* المدينة المنورة - الجزيرة:
تناقش ندوة: (القرآن في الدراسات الاستشراقية) التي سينظمها - بإذن الله تعالى - مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة اعتباراً من يوم الثلاثاء السادس عشر وحتى يوم الخميس الثامن عشر من شهر شوال ومن خلال تسع جلسات (33) بحثاً، وذلك في القاعة الرئيسة بفندق ميريديان المدينة.
ففي اليوم الأول للندوة
ستعقد الجلسة الأولى من الساعة الرابعة وحتى الخامسة والنصف مساءً
برئاسة معالي الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين
ومقررها الدكتور عبدالله بن عمر العبدالكريم،
وستناقش ثلاثة بحوث هي:
الأول: بحث (مصادر القرآن الكريم عند المستشرقين) (عرض ونقد) للدكتور محمد بن السيد راضي جبريل،
والثالث: (مصدر القرآن الكريم) للدكتور عبدالودود بن مقبول حنيف.
أما الجلسة الثانية، فستعقد من الساعة الثامنة وحتى التاسعة والنصف مساءً،
ويرأسها معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الفالح،
ومقرر الجلسة الدكتور علي بن عتيق الحربي،
وستناقش أربعة بحوث هي:
الأول: (مناهج المستشرقين البحثية في دراسة القرآن الكريم) للدكتور حسن بن إدريس عزوزي،
والثاني: (مناهج المستشرقين الألمان في ترجمات معاني القرآن الكريم في ضوء نظريات الترجمة الحديثة) للدكتور محمود بن محمد حجاج رشيدي،
والثالث: (منهج الإسقاط في الدراسات القرآنية عند المستشرقين) (دراسة تحليلية منهجية) للدكتور محمد عامر بن عبدالمجيد مظاهري،
والرابع: (الخطاب الاستشراقي والقرآن الكريم - التشريعات المالية في القرآن الكريم نموذجاً) للدكتور عبدالرزاق بن عبدالمجيد ألارو.
--------------------
وفي اليوم الثاني الأربعاء السابع عشر من الشهر تعقد - إن شاء الله -
أربع جلسات (الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة)،
وستكون الجلسة الثالثة من الساعة الثامنة وخمسة وأربعين دقيقة صباحاً وحتى العاشرة والربع صباحاً،
ويرأسها معالي الشيخ الدكتور صالح ابن عبدالله العبود
ومقررها الدكتور عبدالرحيم بن محمد المغذوي،
وستناقش ثلاثة بحوث هي:
الأول: (آراء المستشرقين حول مفهوم الوحي) (عرض ونقد) للدكتور إدريس ابن حامد محمد،
والثاني: (الوحي القرآني في الفكر اللاهوتي) (دراسة تحليلية نقدية) للدكتور عبدالراضي بن محمد عبدالمحسن،
والثالث: (كتاب القرآن وعالمه) للمستشرق الروسي يفيم ريزفان للدكتور إلمير ابن رفائيل كولييف.
وتعقد الجلسة الرابعة من الساعة العاشرة والنصف صباحاً وحتى الثانية عشرة،
برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالرحمن المحيميد،
ومقررها الدكتور عوض بن أحمد الشهري،
وستناقش أربعة بحوث هي:
الأول (علم المكي والمدني في عيون المستشرقين) (عرض ونقد) للدكتور زيد بن عمر العيص،
والثاني: (مواقف المستشرقين من جمع القرآن ورسمه وترتيبه) للدكتور أبو بكر الطيب كافي،
والثالث: (الرؤية الاستشراقية للأحرف السبعة والقراءات القرآنية) (عرض ونقد) للدكتور رجب بن عبدالمرضي عامر، والرابع: (الدخيل من اللغات القديمة على القرآن الكريم من خلال كتابات بعض المستشرقين) للدكتور مساعد بن سليمان الطيار.
أما الجلسة الخامسة فتعقد من الساعة الرابعة مساءً وحتى الخامسة والنصف،
ويرأسها معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق،
ومقررها الدكتور محمد بن يعقوب تركستاني،
وستناقش أربعة بحوث هي:
الأول: (موقف المستشرقين من القرآن الكريم: دراسة في بعض دوائر المعارف الغربية) للدكتور عدنان بن محمد الوزان،
والثاني: (القرآن الكريم في دائرة المعارف الإسلامية) للدكتور حميد بن ناصر الحميد،
والثالث: (الدراسات الاستشراقية للقرآن الكريم في رؤية إسلامية) للدكتور إدريس مقبول،
والرابع: شعبة الاستشراق في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة طيبة (جهود وتطلعات) للدكتور مصطفى عمر حلبي.
وتعقد الجلسة السادسة، في اليوم ذاته من الساعة الثامنة مساءً وحتى التاسعة والنصف،
ويرأسها معالي الأستاذ الدكتور منصور بن محمد النزهة
ومقررها الدكور عماد ابن زهير حافظ،
وتناقش أربعة بحوث هي:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول (أساليب المستشرقين في ترجمة معاني القرآن الكريم: دراسة أسلوبية لترجمتي سيل وآربري لمعاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية) للدكتور حسن بن سعيد غزالة،
والثاني: (أهداف الترجمات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم ودوافعها) للدكتور محمد أشرف للقرآن الكريم) للدكتور بوشعيب راغين،
البحث الرابع دراسة نقدية لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية للمستشرق ج. م. رودويل للدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الخطيب.
---------------------------
وفي اليوم الثالث لفعاليات الندوة يوم الخميس الثامن عشر من الشهر
تعقد ثلاث جلسات (السابعة، والثامنة، والتاسعة)
حيث ستكون الجلسة السابعة من الساعة الثامنة وخمسة وأربعين دقيقة صباحاً وحتى العاشرة والربع،
ويرأسها معالي الشيخ الدكتور عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان،
ومقررها الدكتور طلال بن عبدالله ملوش،
وستناقش أربعة بحوث هي:
الأول: (دراسات القرآن الكريم الاستشراقية (مسح تاريخي) للدكتور محمد مهر علي،
والثاني: (جهود العلماء المسلمين في دراسة الكتابات الاستشراقية حول القرآن الكريم رصد وراقي (بيليوجرافي) للدكتور علي بن إبراهيم النملة،
والثالث: (ثبت مراجع حول ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة في إسبانيا) (حصيلة ستة قرون) للدكتور سيف الإسلام بن عبدالنور الهلالي،
والرابع: ملاحظات على مساهمات المستشرقين في الدراسات القرآنية) للدكتور شتيفان فيلد.
وتعقد الجلسة الثامنة من الساعة العاشرة والنصف صباحاً وحتى الثانية عشرة،
ويرأسها معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة،
ومقررها الدكتور مازن بن صلاح مطبقاني،
وستناقش أربعة بحوث هي:
الأول: (إشكالية تأثر القرآن الكريم بالأناجيل في الفكر الاستشراقي الحديث) للدكتور عبدالحكيم فرحات،
والثاني: (الأثر الاستشراقي في موقف محمد أركون من القرآن الكريم) للدكتور محمد بن سعيد السرحاني،
والثالث: (دراسة القرآن الكريم عند المستشرقين في ضوء علم نقد الكتاب المقدس) للدكتور محمد خليفة حسن
والرابع: (نقض دعوى المستشرقين بتحريف القرآن الكريم من خلال المقارنة مع كتب أهل الكتاب) للدكتور أحمد معاذ علوان حقي.
أما الجلسة التاسعة، فستعقد من الساعة الرابعة مساءً وحتى الخامسة والنصف،
ويرأسها معالي الشيخ الدكتور أحمد بن علي سير المباركي
ومقررها الدكتور عبدالله بن محمد العتيبي،
وستناقش ثلاثة لبحوث هي:
الأول: (ترجمة أوري روبين لمعاني القرآن الكريم بالعبرية (عرض وتقويم) للدكتور محمد بن محمود أبو غدير،
والثاني: (سورة طه في الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم (دراسة نقدية) للدكتور عامر الزناتي الجابري،
والثالث: (المستشرق القسيس إيليجا كولا أكنلادي ومنهجه في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اليوربا) للدكتور عبدالغني أكوريدي عبدالحميد.
وعند الساعة الثامنة مساء الخميس يقام الحفل الختامي للندوة حيث يتخلله إعلان البيان الختامي وتوصيات الندوة.
صحيفة الجزيرة
الجمعة 05 شوال 1427 هـ 27 أكتوبر 2006 م العدد 12447
http://213.136.192.26/2006jaz/oct/27/is4.htm
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Oct 2006, 10:20 م]ـ
شكراً جزيلاً أخي الراية على هذه التفاصيل. وجزاك الله خيراً.
ـ[الراية]ــــــــ[29 Oct 2006, 12:05 ص]ـ
وإياك شيخنا الكريم
ولقد سعدت جدا بمشاركة الدكتور مساعد الطيار
بارك الله في الجميع ونفع بهم وبعلمهم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[20 Nov 2006, 04:01 م]ـ
تم بحمد الله عقد هذا المؤتمر , وللإستزادة أنظر:
متابعة ندوة (القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية) 16 - 18/ 10/1427هـ ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6781)(/)
النص القرآني بين تجاوز الحداثيين وسقطات كتب التراث الإسلامي" دعوة لنقد الذات "
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 Mar 2005, 09:34 ص]ـ
لم يتفق المهتمون بالحداثة على تعريف لها مما يولد لدينا تصورا بأن الحداثة مفهوم غامض يفسره كل شخص أو كل مجموعة أشخاص حسب ميولهم واتجاههم ورغم ذلك سوف أعمد إلى عدد من التعريفات والتعليقات المتعلقة بالحداثة في نظر المهتمين بها إيجابا وسلبا. يقول الدكتور جابر عصفور - وهو أحد المحسوبين على الاتجاه الحداثى -: الحداثة تعني الصياغة المتجددة للمبادئ والأنظمة التي تنتقل بعلاقات المجتمع من مستوى الضرورة إلى الحرية، ومن الاستغلال إلى العدالة، ومن التبعية إلى الاستقلال ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن سطوة القبيلة أو العائلة أو الطائفة إلى الدولة الحديثة، ومن الدولة التسلطية إلى الدولة الديموقراطية. والحداثة تعني الإبداع الذي هو نقيض الاتباع، والعقل الذي هو نقيض النقل.
ويُعَرّفها أحد الباحثين بأنها: مفهوم متعدد المعاني والصور، يمثل رؤية جديدة للعالم مرتبطة بمنهجية عقلية مرهونة بزمانها ومكانها. ويذكر بعض الحداثيين أن " معالم الحداثة تتحدد بعلاقتها التناقضية مع ما يسمى بالتقليد أو التراث أو الماضي، فالحداثة هي حالة خروج من التقاليد وحالة تجديد " ومن أهم خصائص الحداثة في نظر الحداثيين ما يلي:
1. أنها تعني سيادة العقل.
2. أنها تتعارض مع كل ما هو تقليدي، فهي تنفي كل الثقافات السابقة عليها.
3. أنها تعني التغيير المستمر، وإن كان هذا التغيير يؤدي في كثير من الأحوال إلى أزمات داخل المجتمعات التي تجد نفسها مضطرة إلى مراجعة القديم على أساس من العقلانيّة، والعقلانية هي التي تؤدي إلى الحداثة وليس العكس.
4. تقرر الحداثة أنّ الحقائق تستمد قيمتها من كونها نتاجاً للعقل البشري، وتقرر أيضا حرية الاختيار للقيم والأساليب، ومن ثم فهي تُحل العلم محل الإله.
والحاصل أن الحداثة تبرز في أهم خصائصها في الثورة على القديم الموروث أيًا كان مصدره وأيًّا كانت قيمته، ولو كانت هذه الثورة انتقائية لقلنا: مرحبا بالحداثة لكن الحداثيين أساءوا إليها حين مَسُّوا بفكرهم ثوابت الأمة وهويتها وأرادوا أن يطبقوا أفكارهم الحداثية على القرآن الكريم حيث نظروا إليه على أنه مجرد نص لغوي لهم أن يفهموه في ضوء حداثتهم فهما يناقض فهم الأولين له، ويتعارض مع الأسس الإسلامية الثابتة، ولا يتفق ومقاصد الشريعة، وذلك لأن الحداثة تمخضت حتى اشتد أوارها في بلاد الغرب التي تختلف عنا تمام الاختلاف عقديا واجتماعيا وأخلاقيًّا .... إلخ
بين الحداثة وتفسير القرآن الكريم:
بين الحين والآخر ينبري من يطالب بإعادة قراءة التراث مُخفيا حول مطالبته بذلك أهدافه أو معلنا بها، وهي في أكثر أحوالها تنطوي على نوايا سيئة تتعدى البحث المجرد والدراسة إلى مهاجمة التراث عامة بما يحويه من موروثات دينية يفعلون ذلك تقليدا للغرب ونسوا أنه ليس كل ما يصلح للغرب تجاه موروثاتهم يصلح لنا لأن موروثنا يندرج فيه الكتاب والسنة الصحيحة، ومن ثَم فليس من حقنا التعامل معه على إطلاقه كما يتعامل الغرب مع موروثه، فالموروث الغربي لا قدسية له لأنه من صنع البشر والتراث الإسلامي يحتاج إلى تفصيل فما كان مصدره الوحي فله كامل التقديس وما كان من عند غير الله فليست له قدسية ويمكن إخضاعه لقوانين الحداثة.
وفي مجال التفسير يزعم الحداثيون أنّ النص القرآني ليس حكراً على الإسلاميين، وأن بإمكان كل إنسان أن يفسر القرآن، وأن يجتهد في الدين.
ولهم في النظريات الغربية التي افترضت موت المؤلف، وما يعرف بالنص المفتوح ما يجترئون به على دراسة النص القرآني بمعزل عن القواعد التي مضى عليها علماء التفسير والتي تعتمد إلهية النص القرآني.
ويزعم الحداثيون أيضا أن النص القرآني جاء لزمن معين، ومن ثم فإنه ينبغي أن نفسره على ضوء الواقع التاريخي، هكذا يزعمون ولا شك أنهم يقصدون بذلك أن يترك لهم مطلق الحرية لإسقاط آرائهم ووجهات نظرهم على النص، فيكون لهم حرية تأويله بعيداً عن دلالات النصوص القطعيّة والظنيّة، فإذا ما كانت هذه نظرتهم إلى النص القرآني الذي هو في نظرهم مجرد نص لغوي، فكيف يؤتمنون على تفسيره؟ وكيف نقبل منهم انحرافاتهم في تفسير القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا ما بان لنا سوء نية الحداثيين في إقحامهم آراءهم في تفسير القرآن الكريم وبان لنا أيضًا فساد منهجهم الذي يعتمد على أصول لا تتفق وقدسية القرآن الكريم أقول: إذا ما بان لنا ذلك وضح أن هذا المنهج الحداثي لا يصلح لتفسير القرآن الكريم فما فسد أصله فسد فرعه.
ولا يعني رفضنا لإقحام الفكر الحداثي في التفسير أن ننحى بعيدا عن كل محاولة لتجديد التفسير وتحديثه في ضوء الأصول الإسلامية فهناك فرق بين حداثة التفسير التي تعني استعمال الفكر الحداثي الغربي في تفسير القرآن الكريم، وبين تحديث التفسير الذي يؤكد حقيقة أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان، وأن كلَّ مؤهل في كل عصر يستطيع أن يستنبط من آيات القرآن الكريم ما لم يسبقه به من قبله. وقد دلّل على ذلك أيما تدليل أولئك المخلصون من علماء الطبيعة والفلك والطب والجيولوجيا وغيرهم ممن اشتغلوا بالتفسير العلمي للقرآن الكريم، وبإبراز هذا الجانب الذي لم يكن الأوائل يعرفون عنه شيئا،وإن كنا نمقت في هذا الجانب تلك المغالاة التي بدأت تضيع معها هيبة كلمة " إعجاز " حيث راح كل مانبرت له فكرة أو طرأ على ذهنه فهم يطلق عليه إعجازا.
تساهل كتب التراث الإسلامي
" دعوة لنقد الذات "
حق على كل مسلم غيور على دينه أن تثور ثائرته وتغلي دماغه ويتزلزل كيانه حينما يقف على تجاوزات الحداثيين في نظرتهم التجريدية للقرآن الكريم من كينونته المقدسة ومصدره الإلهي وهم وإن كانوا ينطلقون من مفهوم قد استقر لديهم هو بشرية القرآن وكونه – على حد زعمهم وتعبيرهم – نصا ثقافيا تاريخيا قد تجاوزه حاضر الناس وتفوق عليه التقدم الذي نالته البشرية الحديثة بابتعادها عن قيود الدين وتخلصها من تأثير تخديره للعقول.
غير أننا لا نتسامح مطلقا عندما نجد في كتب التراث من الأقوال ما يشتم منه من قريب أو بعيد رائحة تسلب القرآن الكريم شيئا من مكانته فضلا عن أن توحي للآخر بما يؤيد نظريته ونظرته للقرآن المجيد.
ولست أكتم سرا كما لا أبوح بجور عندما أعلن إعجابي بكتابات بعض الحداثيين والجهد المبذول في خدمة قضيتهم وكيف أنهم يتعبون وينظرون ويستنتجون حيث يديرون المسائل ويسوسنها للوصول إلى غاية هم يريدونها بينما نرى في كتابات الإسلاميين فرارا واستسهالا فكل ما يرجوه كثيرون من كتابنا هو وصولهم إلى قال فلان وارتأى علان ورد عليه فلان آخر وأين كاتبنا من ذلك كله؟
لقد اكتفى من القافلة بجرعة ماء وكسرة خبز.
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً} النساء: 104
إن تراثنا غال عال لكنه بحاجة إلى تنقية، وعلماؤنا أجزل الله مثوبتهم لم يقصروا لكنهم في كثير من أفكارهم راعوا عصورهم وزمانهم وأعيانهم وجغرافيتهم وأين نحن من ذلك كله؟
هل يعقل على سبيل الثال أن يُستمَر في التمثيل للوطء بشبهة ويُكتفَى بهذا المثال الذي يتردد من لدن بدايات كتابة الفقه حتى عصرنا الحاضر وهو دخول رجل غرفة نومه فوجد امرأة أخرى نائمة فظنها زوجته فجامعها فهل يعد هذا زنا أم وطئا بشبهة؟
هل يعقل أن يظل هذا المثال جاثما على الصدور وقد تجاوزه الزمن حيث صار الضوء يشعل بالغرفة بمجرد الضغط على زر؟
وكأنه قد عدمنا فقها من التمثيل بأمثلة فرضية يقبلها العقل ويستسيغها الذوق في عصرنا هذا.
لماذا نصر على أن نعيش في زمن غير الزمن وعصر غير العصر؟
وذات الأسى يعتريني عندما أقرأ هذا المثال الرئيس لفقه الضرورة وهو أنه لو تاه أحد في الصحراء وفقد الماء ولم يجد إلا خمرا فهل يشربه ليقيم حياته أم يحجم فيهلك؟
هذه أمثلة موجودة في كتب التراث وكانت مقبولة لزمانه لأنها تتلاءم مع ظروف المجتمع الذي قيلت فيه وله، لكن أن تعقم العقول عن افتراض أمثلة تمضي مع نفس الفكرة على صورة تتلاءم مع زماننا فهذا قصور لا يغتفر لعلماء المسلمين في عصرنا.
أقول هذا لأنني استمعت منذ عدة أيام لعالم كبير ومفت لدولة إسلامية يتناول بعض هذه الأحكام ممثلا بنفس الأمثلة التي كتبت قبل ما يزيد على ألف سنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي مجال علوم القرآن نقرأ في أهم كتب التراث عبارات لا تتفق وقدسية القرآن الكريم تحتاج إلى مراجعة الباحثين للتنبيه عليها وأكتفي هنا ببعض الأمثلة التي أهدف من ورائها إلى لفت الأنظار إلى ضرورة مراجعة كتب التراث لتنقيتها مما لا يتفق وقدسية القرآن الكريم.
1 - قال صاحب الإتقان وهو بصدد الحديث عن نزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤدي إلى سلب القرآن أخص خصائصه وهو كونه منزلا من عند الله لفظا ومعنى قال:
في المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به.
وذكر بعضهم أن أحرف القرآن في اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وأن تحت كل حرف منها معاني لا يحيط بها إلا الله.
(جبل قاف هو الجبل الأسطوري الذي نقلت لنا سقيم الروايات أنه يحيط بالأرض قال القرطبي: قال ابن زيد وعكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء أخضرت السماء منه، وعليه طرفا السماء والسماء عليه مقبية، وما أصاب الناس من زمرد كان مما تساقط من ذلك الجبل)
والثاني: أن جبريل إنما نزل بالمعاني خاصة وأنه صلى الله عليه وسلم علم تلك المعاني وعبر عنها بلغة العرب وتمسك قائل هذا بظاهر قوله تعالى " نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ " الشعراء: 193، 194
والثالث: أن جبريل ألقى غليه المعنى وأنه عبر بهذه الألفاظ بلغة العرب وأن أهل السماء يقرءونه بالعربية ثم إنه نزل به كذلك بعد ذلك.
والسيوطي ينقل ذلك متابعا البرهان للزركشي فهل يليق أن يدون هذا الكلام في أهم كتب التراث؟ ثم هل يليق بنا أن نقرأ هذا الكلام ولا ننبه على ما فيه من خطورة ثم نعلمه لطلابنا وهم بدورهم سيعلمونه لطلابهم وهلم جرا؟
2 - ونقل السيوطي وهو بصدد الحديث عن الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم عن الخويبي ما يوحي بأن هذه الحروف ليست مقصودة لذاتها بل قصد بها إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم وتنبيهه لسماع القرآن والتهيؤ له وقال في ذلك:
وقال الخويبي: القول بأنها تنبيهات جيد لأن القرآن كلام عزيز وفوائده عزيزة فينبغي أن يرد على سمع متنبه فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كون النبي صلى الله عليه وسلم في عالم البشر مشغولًا فأمر جبريل بأن يقول عند نزوله: الم، والر، وحم، ليسمع النبي بصوت جبريل فيقبل عليه ويصغي إليه قال: وإنما لم يستعمل الكلمات المشهورة في التنبيه كألا، وأما لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم والقرآن كلام لا يشبه الكلام فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد لتكون أبلغ في قرع سمعه أ. هـ
ناهيكم عن موضوعات أخرى تحتاج إلى إعادة قراءتها من جديد بفهم ووعي مستساغ ينزه القرآن الكريم عما لا يليق به، ويقصي عنه ما لا فائدة فيه ككلام العلماء عما تكرر نزوله وما تأخر حكمه عن نزوله، والمبالغة الواضحة في عرض قضايا النسخ، والإسهاب المفرط في سرد المنسوخ من الآيات حتى ألفينا في هذا الباب كتبا ضخمة تحمل عنوان " الناسخ والمنسوخ في القرآن "، وكذلك تلك الروايات السقيمة التي يأباها إيماننا وثقتنا بالكتاب العزيز التي ذكرها العلماء في باب جمع القرآن، وسقوط بعض العلماء في القول بالسجع المقصود ونحو ذلك.
كل هذا يحتاج إلى مراجعة من الباحثين المتخصصين، فهل تلقى دعوتنا هذه قبولا لدى أساتذتنا وإخواننا في الملتقى لقراءة كتب التراث قراءة ناقدة؟
وما الرأي لو اقترح كتاب كالإتقان للسيوطي ليكون محلا لهذه الدراسة؟
والمقترح أن تتهيأ للقيام بذلك ورشة عمل، فنحن بحاجة ماسة إلى العمل الجماعي الذي يكمل فيه بعضنا بعض ويشد فيه بعضنا أزر بعض، وذلك بأن يدون كل باحث ما يراه غير مقبول في هذا الكتاب (الإتقان للسيوطي) وما لا يتفق وقدسية الكتاب العزيز، ليكون هذا النقد تحت عين وبصر الأساتذة الكرام بالملتقى.
فهل نأمل أن نرى قريبا عنوانا بالملتقى يدعو إلى قراءة كتاب الإتقان قراءة ناقدة؟
دمتم وفي أمان الله
ـ[الجندى]ــــــــ[26 Mar 2005, 11:38 ص]ـ
حمدا لله على سلامتك يا شيخ وعودتك للمشاركة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Mar 2005, 01:13 م]ـ
شكر الله لك، وجزاك خيراً على هذه الغيرة يافضيلة الدكتور أحمد سعد الخطيب
وحياك الله مرة أخرى في ملتقى التفسير
وليتك تتناول الأقوال المنكرة في كتب علوم القرآن بالجمع والدراسة من أجل التحذير منها.
وكنت قد اقترحتُ في الموضوعات المقترحة للرسائل العلمية كتابة موضوع: الأقوال الشاذة والمنكرة في علوم القرآن - جمعاً ودراسة.
فعسى أن يهيأ الله له من يقوم ببحثه ونشره
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:36 م]ـ
عودًا حميدًا يا شيخنا الحبيب الخطيب:)
كتاب الإتقان بالذات من الكتب التي تحوي كل الآراء ففيها الغث و فيها الثمين، أو كما قال فضيلة الشيخ خالد السبت في الدرس الأول من سلسلة المهمات (فيه كل ما هب و دب و درج) .. لهذا السبب يجب أن يكون تلقي العلم الشرعي عن طريق الشيوخ و العلماء في المقام الأول لا عن طريق الكتب .. و كما قال أهل العلم (لا تأخذ العلم عن صحفي).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 Mar 2005, 06:44 م]ـ
أحبتي الكرام الجندي، د أبو مجاهد العبيدي، ودهشام عزمي، وجميع الإخوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فعلا لقد كنت في شوق إلى مشاركتكم جهدكم المبارك الذي تقومون به عبر المنتديات، لكن ظروف الإدارة شغلتني عما هو بنظري أهم لكن {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}
شكر الله لكم وبارك فيكم(/)
سؤال للدكتور إبراهيم عوض وعلماء الملتقى عن التفكيك
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[27 Mar 2005, 03:26 م]ـ
الأستاذ الجليل المتخصص بالننقد الأدبي الحديث د/ إبراهيم عوض
قرأنا عن التفكيكية ومن قبل ذلك عن البنيوية بما يحتاج من أمثالكم إلى زيادة إيضاح فهل يمكننا أن نفهم منكم هاتين النظريتين اللتين يتغنى بهما كثيرون، وما أثر ذلك على القرآن الكريم لو حاولوا إخضاعه للنظريتين؟ مع مراعاة تدعيم ذلك بأمثلة فبالمثال يتضح الحال كما يقولون.
شكراً لكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 01:45 م]ـ
أخي الكريم عابر سبيل وفقه الله
الدكتور إبراهيم عوض قد تعرض لهذه النظرية وغيرها من النظريات النقدية الحديثة في كتابه (المرايا المشوهة- دراسة حول الشعر العربي في ضوء الاتجاهات النقدية الجديدة). وقد تعرض للاتجاه التشريحي أو التفكيكي من ص117 إلى 176 وطبَّقَهُ على كتابٍ لأحدِ المتبنينَ لهذا الاتجاه في ذلك الكتاب. وقد أَخْبَرني الدكتور إبراهيم عوض بعد قراءته لسؤالك هذا بأَنَّ هذا الكتاب مِنْ كتبهِ لا يوجد لديهِ الآن على هيئةٍ الكترونيةٍ ليضعه في الملتقى جواباً لسؤالك، فلعلَّه يتيسر لأحد الأعضاء الفضلاء من الإخوة والأخوات أن يقوم بكتابة هذا الجزء من الكتاب ليعرف رأي الدكتور إبراهيم عوض الذي طلبته في سؤالك إن لم تكن تملك الكتاب. وإن كان سؤالك محدداً وهو (عن أثر ذلك على التفسير) وهو ما أرجو أن يتكرم الدكتور إبراهيم عوض ببسط الجواب فيه مشكوراً.
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[31 Mar 2005, 05:19 م]ـ
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ الجليل عبد الرحمن الشهري
لكنك لم تخبرنا عن طبعة هذا الكتاب ومع ذلك فلن نعفي - تفضلا لا أمرا - فضيلة الدكتور إبراهيم عوض من الجواب عن السؤال لينتفع به سائر الرواد خصوصا وأنني لا أمتلك هذا الكتاب ولست أدري أين أجده وأعتقد أن الكثيرين من رواد الملتقى يشاركونني في هذا
عموما اتمنى من الدكتور الفاضل ألا يحرمنا عن هذا السؤال جوابا وجزاه الله عنا كل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Mar 2005, 05:31 م]ـ
أخي العزيز وفقكم الله
الكتاب الذي ذكرته لكم طبع عام 1419هـ ونشرته مكتبة زهراء الشرق - 116 محمد فريد - القاهرة. ويقع في 205 صفحات من القطع العادي.
وأضم صوتي لصوتك في مطالبة الدكتور إبراهيم عوض ببسط القول في أثر هذا المنهج النقدي (العقدي في الواقع) في تفسير القرآن والتعامل معه من قبل كثير من الكتاب المعاصرين. وإن كنت أنصحك أخي الفاضل بالاطلاع إن أمكنكم على ما كتبه الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي في كتابه (الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها). فقد تعرض لخطر مثل هذه المناهج المستوردة على القرآن والعقيدة حديثاً متفرقاً جديراً بالجمع والتدبر. هذا طبعاً إن لم تكن خبيراً بهذا الكتاب كما أحسبك وفقك الله.
موضوع له صلة:
- خطورة ما يسمى بالنص المفتوح وعلاقته بتفسير القرآن الكريم ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1706&highlight=%CE%D8%E6%D1%C9).
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[31 Mar 2005, 11:32 م]ـ
كتب الدكتور إبراهيم عوض غير متوافرة في المكتبات .. في الواقع، نحن نعاني كثيرًا للحصول على أي كتاب من كتبه لأنه قد توقف عن طبعها من زمن بعيد.
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[01 Apr 2005, 11:36 م]ـ
الفاضل الدكتور إبراهيم عوض.
منك الصدود ومني بالصدود رضا
نحن في الانتظار لأهمية الموضوع
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[17 Apr 2005, 04:18 م]ـ
يرفع للمتابعة
ـ[عابر سبيل]ــــــــ[18 May 2005, 03:32 م]ـ
للرفع والنظر من العلماء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Feb 2006, 03:51 م]ـ
أخي عابر سبيل.
لعل فيما كتبه الدكتور أحمد الطعان عن التفكيكية في مقاله:
القرآن الكريم والتأويلية العلمانية أو النص واللعب الحر ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4708).
ما يفي بالغرض حتى يتسنى للدكتور إبراهيم عوض المشاركة إن شاء الله، أو للدكتور أحمد الطعان الإفاضة في بيان هذا المنهج وأثره.
ـ[كرم]ــــــــ[10 Sep 2006, 11:57 م]ـ
بإذن الله قريبا سأصور لكم هذا الكتاب بالإسكانر مع ملاحظة أن هناك بعض كتب للدكتور إبراهيم عوض تجدونها علي هذا الرابط
http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=26478#post26478
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[12 Sep 2006, 09:02 م]ـ
لك من اسمك نصيبك , نحن بالانتظار , شكر الله لك.
ـ[كرم]ــــــــ[14 Sep 2006, 06:52 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذان هما الفصلان اللذان يدور الكلام فيهما عن البنيوية و التفكيكية كما هو طلب الأخ عابر سبيل من الدكتور إبراهيم عوض وقد قمت بتصوير هذين الفصلين فقط مؤقتا لانشغالي بأمر آخر وبعد الانتهاء منه بإذن الله سأقوم بتكملة تصوير هذا الكتاب
مع ملاحظة أن الدكتور إبراهيم هو من طلب إلي تصوير هذين الفصلين تلبية لطلب الأخ الكريم ما يعني أن الدكتور لم يكن منه صدود كما ظن الأخ ولكنه عامل الوقت فقط
رابط الملف
http://www.karam.al-maktabeh.com/ibrawa/maraya.rar(/)
عندما يصبح "اعجاز القرآن "لا معنى له ..
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[27 Mar 2005, 10:01 م]ـ
مصطلح "الإعجاز"يحتاج الى تنقيح ....
لا ابالغ ان قلت ان مصطلح الاعجاز من ابعد مصطلحات علوم القرآن عن التنقيح والضبط ....... بل يصل الامر الى ان يفقد معناه اللغوى نفسه فى بعض استعمالات الكاتبين ...
"العجز"مصدر يدل على عدم استطاعة أمر ما .. و"الإعجاز"مصدر مزيد فيه .. وفعله "أعجز"والهمزة لها دلا لة على الجعل والتصيير .. يقال: أعجزه الأمر، إذا حاول القيام به فلم تسعه قدرته وأعجزت فلاناً: إذا وجدته عاجزاً أو جعلته عاجزاً ... أو نسبته الى العجز ...
وبديهي ان وصف القرآن بالاعجاز ... معناه عدم استطاعة الثقلين معارضته والاتيان بمثله ... لكن اين هذا المعنى فى استعمال المعاصرين؟
خذ مثلا من حديث القوم عن الإعجاز العددي:
هم يستظهرون تناسبات عددية ... وأرقاما يزعمون انها .. تفسر نظاما خفيا كامنا فى القرآن (الرياضي الوثني اليوناني فيثاغوراس ... بنى قديما فلسفة صوفية ... مبنية على ان الكون يخضع لنظام الاعداد ... ) فعلى افتراض ان تلك التناسبات صحيحة ... وافتراض ان الرقم 19 او 29 أو ما شئت من ذوات التسع .. تمثل قاسمات ... او مضاعفات .. لكلمات او حروف .... فإن الاعجاز غير وارد ...... لماذا؟ لأنه بامكان اي انسان ... أن يؤلف كتابا ... خاضعا لنظام حسابي ... فلا يستحيل عادة ولا شرعا ... كتابة نص خاضع ... لسلطة رقم ما ... فبامكان البهائي او القرمطي .. ان يكتب كتابا من 19 بابا .. فى كل باب 19 فصلا ... فى كل فصل 19 سطرا .. وفى كل سطر 19 كلمة ... فتكون الدقة الحسابية اوضح فى ما افتراه من القرآن نفسه .... (دع عنك الحاسوبات العملاقة فى زمننا وما قد تأتي به)
وليس الحروفيون بأسعد حظا من اخوانهم الرقميين .. فى سوء فهم واستعمال مصطلح الاعجاز ... وقد بلغني ... ان كاتبا فرنسبا .. كتب رواية كاملة بدون استعمال حرف e
مع ان هذا الحرف متردد بكثرة فى اللسان الفرنجي .. ويصعب تصور جملة واحدة بدونه .. فضلا عن رواية من عشرات الصفحات ..
ويقترب من هذا المثال ما نسبه الشيعة الى علي رضى الله عنه ... من خطبة بدون حرف الالف ... والالف فى لساننا العربي بمنزلةeالمهجور عند ذلك الكاتب الفرنسي ... فهل يعد كل هذا اعجازا ... اللهم لا .... اللهم ان معنى الاعجاز عند اهل الحروف والاعداد ... عبث ولا معنى له ... ولا يعجز احدا .. نعم ... ولا يعجز احدا ...
بيد ان هذا التعويم لمصطلح "الاعجاز"موجود ايضا في تراثنا القديم .. فهذا الامام عبد الرحمن السيوطي-رحمه الله- .. فى كتابه "معترك الاقران" ... يجعل كل شىء اعجازا ... حتى يصبح المصطلح بدون معنى ....
ولنتتبع بعض مظاهر اعجاز القرآن فى زعم السيوطي (نقتصر على بعض تراجم الوجوه):
الوجه السابع .. من وجوه اعجازه .. ورود مشكله حتى يوهم التعارض بين الآيات.
الوجه الثامن من وجوه اعجازه وقوع ناسخه ومنسوخه ...
الوجه الحادي عشر من وجوه اعجازه تقديم بعض الفاظه وتأخيرها فى مواضع ..
الوجه الثاني عشر من وجوه اعجازه افادة حصره واختصاصه ..
الوجه الرابع عشر من وجوه اعجازه عموم بعض أياته وخصوص بعضها ..
الوجه الثالث والعشرون من وجوه اعجازه وقوع الحقائق والمجاز فيه ...
غفر الله لامامنا السيوطي .... كاد يقول ومن وجوه اعجاز القرآن .. ورود الافعال والاسماء والحروف فى كل آياته .. !!!!!
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 Mar 2005, 01:12 ص]ـ
قال مطرف بن الشخير رحمه الله تعالى:
لو كانت الاهواء واحدا لقال القائل: لعل الحق فيه .... فلما تشعبت وتفرقت عرف كل ذي عقل ان الحق لا يتفرق ...
هذه القولة المنهجية الحكيمة ... تذكرتها وانا اتصفح ما كتبه بعض كهان الرقمين ...
والحمد لله بعضهم ينقض بعضا ...... فأما احدهما فيبني قصور اوهامه على الرقم 7 ويزعم ان القرآن مبني عليه ... ويحشد ادلته لنصرة رأيه .. وأما الثاني فيذهب الى تقديس الرقم 8 ولا تنقصه الادلة ......
اما الحكيم مطرف بن الشخير فيكفيه اختلافهما ليظهر باطلهما ... فالعقل يقول يستحيل ان يكون مركز الدائرة سبعة وثمانية فى وقت ومكان واحد ..
وهذه مقتطفات .. مما سطر ... صاحب السبعة ... وبعده ... صاحب الثمانية ... :
777777777777777777777777777777
البناء الكوني والبناء القرآني
والرقم (7)
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا الكون الواسع من حولنا بكل أجزائه ومجرّاته وكواكبه'.'. كيف تترابط وتتماسك أجزاؤُه'؟ من حكمة الله تعالى أنه اختار القوانين الرياضية المناسبة لتماسك هذا الكون', ومن هذه القوانين قانون التجاذب الكوني على سبيل المثال', هذا القانون يفسر بشكل علمي لماذا تدور الأرض حول الشمس ويدور القمر حول الأرض'.'.'., هذا بالنسبة لخلق الله تعالى فماذا عن كلام الله'؟
حتى نتخيل عظمة كلمات الله التي لا تحدها حدود يجب أن ننظر إلى كتاب الله على أنه بناء مُحكَم من الكلمات والأحرف والآيات والسور', وقد نظّم الله تعالى هذا البناء العظيم بأنظمة مُعجِزة'.
إذن خالق الكون هو منزِّل القرآن', والذي بنى السماوات السبع هو الذي بنى القرآن', وكما نرى من حولنا للرقم (7) دلالات كثيرة في الكون والحياة نرى نظاماً متكاملاً في هذا القرآن يقوم على الرقم (7) ', وهذا يدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى وأن القرآن هو كتاب الله عز وجلّ', ولكن ما هو هذا النظام'؟
ما هو النظام الرقمي'؟
كل شيء في هذا الكون يسير بنظام مُحكَم', وأفضل ما يعبّر عن حقيقة هذا النظام هي لغة الأرقام', لذلك استطاع العلم الحديث أن يعبِّر عن حركة الشمس والقمر والمسافات بين المجرات وغيرها باستخدام الأرقام'. وهكذا نستطيع أن نعرف اليوم بدقة متناهية متى سيحدث كسوف الشمس مثلاً بعد مئات السنوات'! إذن الشمس والقمر يسبحان في هذا الكون وفق نظام محكم يمكن للغة الأرقام أن تصِفَ هذا النظام سواءً في الماضي أو في المستقبل.
والآن نأتي إلى كلام الله تعالى ونسأل': كيف انتظمت أحرف هذا القرآن'؟ إن كلام الله لا يشبه كلام البشر', لذلك لغة الأرقام سوف نستخدمها في هذا البحث لنعبر بها عن دقة نَظْم كلمات القرآن لنستنتج أن كل شيء في هذا القرآن يسير بنظام دقيق'. إذن': كلمات القرآن رتّبها الله بنظام رقمي معجز ليؤكد لنا أننا إذا تدبرنا هذا القرآن سوف نكتشف أنه كتاب محكم', وأننا سوف نجد البراهين الثابتة على أنه لو كان هذا القرآن قول بشرٍ لرأينا فيه التناقضات والاختلافات.
وفي هذا البحث سوف نقوم بدراسة (3) أحرف من القرآن وهي الألف واللام والميم', لنجد أن هذه الأحرف الثلاثة قد رتبها البارئ عز وجل عبر كلمات كتابه بشكل مذهل'!
طريقة جديدة
بعد دراسة الكثير من آيات القرآن ونصوصه تبين أن الطريقة الدقيقة لكشف النظام الرقمي القرآني هي طريقة صَفّ الأرقام بجانب بعضها'.
ولكي نبسط الفكرة نستعين بمثال من كتاب الله تعالى أحببت
أن أبدأ به'. يقول الله في محكم الذكر: (إن الله يحب المحسنين)] آل عمران': 195] ', هذا مقطع من آية من سورة آل عمران التي بدأها الله تعالى بـ (الم) , لندرس كيف توزعت هذه الأحرف (ا ل م) عبر كلمات هذا المقطع'.
هذا المقطع مكون من (4) كلمات', نأخذ من كل كلمة ما تحويه من أحرف الألف واللام والميم', أي':
1ـ (إن) فيها حرف ألف', لذلك نعبِّر عنها بالرقم (1) '.
2ـ (الله) لفظ الجلالة فيه ألف ولام ولام, فيكون المجموع (3) '.
3ـ (يحبُّ) ليس فيها ألف ولا لام ولا ميم', لذلك نعبر عنها
بالصفر'.
4ـ (المحسنين) فيها ألف ولام وميم', أي المجموع (3) '.
ولكي نسهِّل رؤية هذه الأرقام نصفها في جدول', نكتب كلمات النص القرآني وتحت كل كلمة رقماً يمثِّل ما تحويه هذه الكلمة من [ا ل م] ':
النص القرآني إن الله يحب المحسنين
عدد أحرف [الم] في كل كلمة 1 3 0 3
والآن نقرأ العدد من الجدول كما هو دون جمعه أو إجراء أي تغيير عليه فيكون هذا العدد': (3031) ثلاثة آلاف وواحد وثلاثون', إن هذا العدد له علاقة مباشرة بالرقم (7) ', فهو يقبل القسمة على (7) تماماً ومن دون باقٍ'!
لنعبّر عن ذلك بلغة الأرقام':3031 = 7 × 433
وتجدر الإشارة إلى أننا عندما نصفّ الأرقام بجانب بعضها إنما نحافظ على تسلسل هذه الأرقام', وهنا تكمنُ معجزة القرآن العظيم'. مجموع أحرف الألف واللام والميم في هذا المقطع هو من الجدول السابق':1 + 3 + 0 + 3 = 7
في هذا البحث سوف نرى أن هذا النظام الرقمي الدقيق يشمل الكثير من نصوص القرآن وآياته (وربما كلها) '!
(الم) والنظام الرقمي
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد رتّب الله تعالى هذه الأحرف الثلاثة (الألف واللام والميم) بشكل مذهل في القرآن الكريم'. وفي هذا الفصل سوف نرى نماذج من هذا النظام الرقمي الذي سخّره الله تعالى لمثل عصرنا هذا ليكون دليلاً قوياً على عجز البشر أن يأتوا بمثل هذا القرآن'. وسوف نرى أن الرقم (7) هو أساس هذا النظام المذهل', وهذا يُثبت قدرة وعظمة خالق السماوات السبع عزّ وجلّ'.
88888888888888888
وقبل أن أزج بالقارئ في صلب هذه الظاهرة العددية الإعجازية أستفز ذاكرته العددية بهذا السؤال:
- ما هو العدد الذي تتخيل أو تتصور بالأصح أن يكون ظاهرة قرآنية وكونية معًا؟!
وحتى أساعدك فإن هذا العدد العجيب لا يخرج عن قائمة الأعداد من 1 إلى 9، كي لا يذهب بك الخيال بعيدا، مع الرجاء الانقطاع عن القراءة لتفكر من واحد إلى تسعة لمدة ثماني دقائق على الأقل!
والآن بعد هذه الدقائق الثماني، ألا ترى معي أيها القارئ بأن عبارة (من واحد إلى تسعة) تحمل الجواب؟!
أجل فبعبارة أخرى نستطيع القول: (واحد من تسعة) وبعبارة رياضية: (9 - 1) ماذا يساوي؟
هكذا أجبتك عن العدد العجيب، إنه عدد ثمانية (8)! إذن لماذا هذا العدد بالذات؟!
ألم تتأمل يوما في ساعتك الإلكترونية، وكيف تتشكل هذه الأرقام العجيبة والجميلة من الصفر حتى التسعة؟ ألم تلاحظ أن رقما معينا يكون مصدرا لجميع الأرقام في الساعة أو الحاسبة أو الميزان .. أو أي آلة إلكترونية تعمل بالأرقام؟!
وبعد تأملك طبعا – ستجد أن رقم (8) بتشكيلته الهندسية الإلكترونية هو مصدر جميع
الأرقام من 0 إلى 9!!
لا أريد أن ألخص ما قلته في الفصول السابقة لأني أريد أن أجعل من الخاتمة نافذة أخرى لهذا البحث، أما ما أريد قوله هنا: الآن عرفنا الظاهرة التي تكررت في الكتاب المنظور وتكررت في الكتاب المسطور، ولم نعرف حقيقة هذه الظاهرة:
لماذا رقم (8) يشكل جميع هذه الأرقام؟
ولماذا عنصر الأكسجين بالذات يحمل رقم (8)؟
ولماذا تدور ثمانية أقمار فقط حول الكوكب الثامن نبتون؟
وما السر في واو الثمانية في لغة القرآن؟
ولم جاءت التفاعيل ثمانيا فقط؟
ولم قسمت حروف الأبجدية إلى ثماني كلمات؟
ولماذا قسم أرسطو منطقه إلى كتب ثمانية؟
وهل جاءت مجموعة الثماني واتحدت اعتباطا؟
ولماذا حملة العرش ثمانية فقط لا أقل ولا أكثر؟
ولماذا أبواب الجنة ثمانية فقط لا أقل ولا أكثر؟
كلها أسئلة تلح عليّ، وقد اخترت الثوابت فقط التي جاءت لعدد ثمانية و امتنعت عن
المتغيرات حتى لا ينسف أحدهم حقيقة هذه الظاهرة: لأنه لا يمكن له أن يطوع رقما غير (8) لتشكيل كل الأرقام الإلكترونية، ولا يضيف أو ينقص إلكتروناً واحدا لذرة الأكسجين، وكذلك أقمار نبتون التي تذكرني دائماً بإلكترونات ذرة الأكسيجين لسر فيها لا يعلمهُ إلا الله و الراسخون في العلم مستقبلا، إلى غير ذلك من ثوابت (ثمانية)!
وموضوع هذا الهذيان هو القرآن الكريم فلا حول ولا قوة الا بالله .........
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Mar 2005, 08:44 ص]ـ
أخي أبا المعز
(مصطلح "الإعجاز"يحتاج الى تنقيح .... )
صدقت، وليت الإخوة في هذا الملتقى يفتحون باب الإعجاز ويتدارسون ما فيه بدءًا من إشكالية المصطلح، ونهايةً بمفردات مواضيع الإعجاز.
ومن عجائب البحث في الإعجاز اليوم أن السنة صارت معجزة كذلك، ولا أدري ما وجه الإعجاز فيها إذا كانت المعجزة هي الأمر الخارق للعادة المقرون بالتحدي ... كما عرَّفها العلماء السابقون.
لكن لتمييع مفهوم الإعجاز دورٌ في نسب الإعجاز للسنة، فبدلاً من مصطلح السابقين استُحدث مصطلح آخر خُصِّص به الإعجاز، وهو السبق، وأرادوا به سبق القرآن والسنة إلى ذكر حقيقة بعض مسائل العلوم التجريبية والطبيعية، فصرنا أما مصطلح خاصِّ والموضوع ذو شجون.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[28 Mar 2005, 06:14 م]ـ
شكر الله لك ابا المعز هذا الطرح المتميز , ولعل اقتراح الدكتور مساعد يجد صداه عند الأخوة فتتلاقح الأفكار ويكون هذا دأبنا في المواضيع المهمة وكذا المشكلة المتعلقة بالقرآن لنخرج بتصور جماعي عن جملة من المسائل المطروحة.
ـ[العبيدي]ــــــــ[31 Mar 2005, 09:14 م]ـ
جزاكم الله خير وأود من الأخ أبا المعز ومن الدكتور أبا عبدالملك مساعد الطيار زيادة في الرد وبيان أساس الأمر الذي يقوم عليو مثل أولئك الناس , وحبذا لو كان من أكثر من وجه جزاكم الله خير جميعا(/)
من يفيدني في تفسير هذه الاية؟؟؟ عاجل للأهمية في الرد على النصارى ...
ـ[أم عبدالرحمن]ــــــــ[12 Apr 2005, 12:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيث أنني كرست نفسي بإذن الله تعالى للرد على شبهات أعداء الإسلام، فإنني واجهت بالأمس مشكلة بأحد منتديات المسيحيين
والمليئة بكثير من المسلمين الذين هجروا الإسلام واعتنقوا النصرانية لما يقوم به هؤلاء المنصرين بإلقاء الشبهات م، وهناك آخرون كثيرون من المذبذبين من المسلمين والذين على وشك أن يقرروا إعتناق النصرانية،
وفي نقاش لي مع أحد المنصرين بالمنتدى بخصوص تفنيد حادثة الصلب، قال أن الرازي نفسه يقول بصلب والمسيح وكان دليله
الآتي > > > > >قال، قال الراوي في تفسيره: >" فكيفما كان ففي إلقاء شبهه علي الغير ستة إشكالات:
>الإشكال الأول: أنه إن جاز أن يقال أن الله تعالي يلقي شبه أنسان علي إنسان آخر فهذا يفتح باب السفسطه وأيضا يفضي إلي
القدح في التواتر. ففتح هذا الباب أوله سفسطه وآخره إبطال النبوات بالكلية. >الاشكال الثاني: إن الله أيده بروح
القدس جبريل فهل عجز هنا عن تأييده؟ وهو كان قادرا علي إحياء الموتي؟ فهل عجز عن حماية نفسه؟ >الاشكال الثالث:
>إنه تعالي كان قادرا علي تخليصه برفعه ىإلي السماء فما هي الفائدة في إلقاء شبهه علي غيره؟ فهل فيه إلا إلقاء مسكين في
القتل من غير فائدة إليه؟ >الاشكال الرابع: بالقاء الشبه علي غيره اعتقدوا (اليهود) أن هذا الغير هو عيسي- مع
انه ما كان عيسي - وهذا إلقاء في الجهل والتلبيس وهذا لا يليق بحكمة الله. >الاشكال الخامس: إن النصاري علي
كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة حبهم للمسيح وغلوهم في أمره. أخبروا أنهم شاهدوه مصلوبا فلو أنكرنا هذا كان
طعنا فيما ثبت بالتواتر والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسي وسائر الانبياء. >الاشكال السادس: ألا
يقدر المشبوه أن يدافع عن نفسه , أنه ليس بعيسي، والمتواتر أنه فعل ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعني. فلما لم
يوجد شئ من ذلك علمنا أن الأمر علي غير ما ذكرتم " >مفاتيح الغيب. الرازي. مجلد
6. طبعة دار الفكر. بيروت لبنان. ص 100 -
ولقد أعطاني أحد الإخوة الأفاضل هنا الوصلة التاليه للتأكد مما قاله الرازي في تفسيره لأتمكن من إيجاد الرد المناسب ولكن بعد
القراءة لم أستفد ولم أخرج بنتيجة مرضية حاسمة، ولا أريد أن أجازف برد يجعلني أخسر القضية وأكون سببا في إضلال كثيرين
ينتظرون الرد
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp
> فأرجو مساعدتي في الرد عليه بسرعة حيث أن الموضوع معلقا وينتظر الرد الكثيرين > >أرجو أثابكم الله الرد عليّ
بأسرع ما يمكنكم، جزاكم الله خيرا > >والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[الجندى]ــــــــ[12 Apr 2005, 08:11 م]ـ
عليك اختاه بمنتدى الجامع للرد على النصارى فهو مختص بالرد عليهم
http://www.aljame3.com/forums/index.php?act=idx
ـ[أم عبدالرحمن]ــــــــ[13 Apr 2005, 02:03 ص]ـ
بارك الله فيك أخي وجزاك خيرا
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[13 Apr 2005, 07:07 ص]ـ
الرازي اصيب- عفا الله عنه- بلوثة المتكلمين ... وطريقته فى ايراد الشبه ... وعدم الرد عليها .... معهود عنه .... كما فى هذا المثال .... وطريقة المتكلمين ..... ".لو كان لكان .... "رياضات ذهنية لا اقل ولا اكثر ولا فائدة فيها .... وافضل طريقة هو عدم اعتبار الرازي الناطق باسم المسلمين ... فهذا رأيه الشخصي ولا يلزم احدا ....
واذا كان ولا بد فهذا رد لبعض شبهه:
الإشكال الأول: أنه إن جاز أن يقال أن الله تعالي يلقي شبه أنسان علي إنسان آخر فهذا يفتح باب السفسطه وأيضا يفضي إلي
القدح في التواتر ...
لكن الله تعالى خلق التوائم متشابهة .... فأين السفسطة ... وما علاقة هذا بالتواتر ... وهل تواترما عند النصارى حجة .... اذن فليصحح عقيدة التثليث لانها متواترة عندهم .... والعجب ان هذا يصدر ممن هو ملقب "امام" عند اصحابه ..
الاشكال الثاني: إن الله أيده بروح
القدس جبريل فهل عجز هنا عن تأييده؟ وهو كان قادرا علي إحياء الموتي؟ فهل عجز عن حماية نفسه؟ .... يبدو ان الرازي هنا نسي مذهبه الجبري .....
والتحق بالاعتزال .... وصحح استقلال الانسان بالفعل والمشيئة ..... والعجب ان هذا الامام يورد الشبهة .. على غير اصوله ...
الاشكال الثالث:
إنه تعالي كان قادرا علي تخليصه برفعه ىإلي السماء فما هي الفائدة في إلقاء شبهه علي غيره؟ شبهة ابليسية لا تستحق الرد ... فالله لا يسال عما يفعل ...
ولو فتحنا هذه الاسئلة لما ارتحنا ابدا ... فلو امات الله لقلنا لم لم يبق وان ابقى قلنا لم لم يمت .... انظروا الى علم الكلام وما يفعله بفطر الناس ...
الاشكال الرابع: بالقاء الشبه علي غيره اعتقدوا (اليهود) أن هذا الغير هو عيسي- مع
انه ما كان عيسي - وهذا إلقاء في الجهل والتلبيس وهذا لا يليق بحكمة الله. .... ومتى كان الرازي الجبري يؤمن بالحكمة .... وهو يقول رادا على اهل السنة ... ان الله منزه عن الاغراض والابعاض .. ويقصد بالاغراض صفة الحكمة ....
ثم لم لا يلبس الله تعالى على اليهود .... الم يقل فى القرآن"وهو خادعهم""ويمكرون ويمكر الله" ...
الاشكال الخامس: إن النصاري علي
كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة حبهم للمسيح وغلوهم في أمره. أخبروا أنهم شاهدوه مصلوبا فلو أنكرنا هذا كان
طعنا فيما ثبت بالتواتر والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسي وسائر الانبياء .... سبق الرد على هذا الهذيان فلا اعادة ..
الاشكال السادس: ألا
يقدر المشبوه أن يدافع عن نفسه , أنه ليس بعيسي، والمتواتر أنه فعل ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعني. فلما لم
يوجد شئ من ذلك علمنا أن الأمر علي غير ما ذكرتم ...
لا رد الا ان نقول لا حول ولا قوة الا بالله .........
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أخوكم]ــــــــ[13 Apr 2005, 11:25 م]ـ
عُرف النصارى بعدم حبهم لمناقشة أهم نقاط الخلاف بينهم وبين المسلمين
وهي نقطة (توحيد الله وتبيين معايب الإشرك عقلا وفطرة)
لذا نجدهم يتهربون بعدة طرق من أكثرها شيوعا:
أنهم يفتحون عدة مواضيع متدافعة داخل الموضوع الرئيس
ولذا فلا شيء يؤلمهم مثل الاصرار على النقاش في نفس موضوع
_توحيد العبادة لإله واحد وذم صرفها لغيره _
فكم أتمنى من كثير ممن يناقشوهم أن لا تنطلي عليهم حيلتهم تلك
فإن قال النصارى لنا:
أنتم عاجزون أن تناقشونا في نقاطنا
فلنقل لهم بصوت واحد:
من يتهرب من الموضوع الاكبر والأهم والأضح ولا يريد أن يقتنع به
فكيف سيقتنع بالموضوع الأقل أهمية ووضوحا؟
o0o0o0o0o0
أما إيرادات الرازي فكلها ضعيفة ولعلي على عجالة أقف مع قوله:
( .. الاشكال الخامس: إن النصاري علي كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة حبهم للمسيح وغلوهم في أمره. أخبروا أنهم شاهدوه مصلوبا فلو أنكرنا هذا كان طعنا فيما ثبت بالتواتر ... )
إن النصارى في مشارق الأرض ومغاربها لم يحضروا صلب المسيح ولا شاهدوه كما يقول الرازي
وحتى القلة التي حضرت صلب المسيح فالعقل لا يمنع من وقوع شَبَهٍ بإنسان يجعل تلك القلة تنتقل من التواتر للشك
فتبين من هذا أن كل ما قاله الرازي ليس من المتواتر
بل هو مركب من شك وظنون
فلا ينبغي لإنسان تصديقه
ومن باب أولى فلا ينبغي لمسلم أن يصدقه ويكذب كلام ربه
أما إولائك الذين نتقلون من الإسلام إلى النصرانية ففي قلوبهم ميل للباطل فارتضوا به لأقل شبه
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
o0o0o0o0o0
ختاما:
كم من عامي ربما لا يقرأ ولا يكتب
ولكن بعلمه السهل اليسير
هو أرسخ علما من المتكلمين الفلاسفة
الذين قال الله فيهم:
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (غافر:83)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[13 Apr 2005, 11:52 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،
وضع البعض ردودًا على هذه الشبهة في ملتقى اهل الحديث على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29072
و هاهو نص ما كتبته في الرد:
-------------------------------------------------------------------------
الأخت الكريمة،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،
كنت قد عقبت على هذا الموضوع في منتدى الجامع لكني أود أن أفصل قليلاً في هذا الموضع إن شاء الله .. و الرد على هذه الشبهة في نقاط:
الأولى: أنه من الثابت عند المسلمين أن القرآن قد قالها صريحة قاطعة ((ما قتلوه و ما صلبوه)) ثم كررها ((و ما قتلوه يقينًا))، فلم يدع هناك مجالاً للشك في عدم وقوع القتل أو الصلب على المسيح عليه السلام .. فمن اعتقد أن عيسى بن مريم عليه السلام قتل و صلب فقد كذب القرآن، و من كذب القرآن فقد كفر.
الثانية: أن من لم يعلم نهج الرازي رحمه الله في تفسيره الكبير لم يجز له أن يقتبس منه بدعوى أن الرازي يرى هذا الرأي أو ذاك، فهو في تفسير كل آية من كتاب الله يذكر الإشكالات و اعتراضات المخالفين عليها ثم يكر على هذه الشبهات بالرد و التفنيد .. و هو قد ينشط للرد فيكون شاملاً ماتعًا، و قد يكسل فيكون مقتضبًا مختصرًا، لكن نهجه في إيراد الشبهات و ردها ثابت لا يتغير .. فلا يحل لأي شخص أن ينقل الشبهات من تفسيره دون الرد و يدعي أن هذا هو رأي الرازي أو أن الرازي يقول بصلب عيسى عليه السلام، فهذا من البهتان الذي لا يلجأ إليه إلا أهل الباطل .. و النصارى في الواقع أهل له.
الثالثة: أن هذا النص المنقول ليس من تفسير الرازي، بل هو ملخص ما ذكره عند تفسيره لسورة آل عمران آية 55 (بل أقول بثقة أنه ترجمة عربية رديئة لترجمة استشراقية تنصرية أعجمية أكثر رداءة لكلام الرازي) .. و نص كلام الرازي هو كالآتي:
((فكيفما كان ففي إلقاء شبهه على الغير إشكالات:
(يُتْبَعُ)
(/)
الإشكال الأول: إنا لو جوزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر لزم السفسطة، فإني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانياً فحينئذ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً ليس بولدي بل هو إنسان ألقي شبهه عليه وحينئذ يرتفع الأمان على المحسوسات، وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمداً صلى الله عليه وسلم يأمرهم وينهاهم وجب أن لا يعرفوا أنه محمد لاحتمال أنه ألقي شبهه على غيره وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع، وأيضاً فمدار الأمر في الأخبار المتواترة على أن يكون المخبر الأول إنما أخبر عن المحسوس، فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات كان سقوط خبر المتواتر أولى وبالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية.
والإشكال الثاني: وهو أن الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام بأن يكون معه في أكثر الأحوال، هكذا قاله المفسرون في تفسير قوله {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [المائدة: 110] ثم إن طرف جناح واحد من أجنحة جبريل عليه السلام كان يكفي العالم من البشر فكيف لم يكف في منع أولئك اليهود عنه؟ وأيضاً أنه عليه السلام لما كان قادراً على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود الذين قصدوه بالسوء وعلى إسقامهم وإلقاء الزمانة والفلج عليهم حتى يصيروا عاجزين عن التعرض له؟
والإشكال الثالث: إنه تعالى كان قادراً على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره، وهل فيه إلا إلقاء مسكين في القتل من غير فائدة إليه؟
والإشكال الرابع: أنه إذا ألقى شبهه على غيره ثم إنه رفع بعد ذلك إلى السماء فالقوم اعتقدوا فيه أنه هو عيسى مع أنه ما كان عيسى، فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله تعالى.
والإشكال الخامس: أن النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح عليه السلام، وغلوهم في أمره أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً، فلو أنكرنا ذلك كان طعناً فيما ثبت بالتواتر، والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوّة عيسى، بل في وجودهما، ووجود سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكل ذلك باطل.
والإشكال السادس: أنه ثبت بالتواتر أن المصلوب بقي حياً زماناً طويلاً، فلو لم يكن ذلك عيسى بل كان غيره لأظهر الجزع، ولقال: إني لست بعيسى بل إنما أنا غيره، ولبالغ في تعريف هذا المعنى، ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعنى، فلما لم يوجد شيء من هذا علمنا أن ليس الأمر على ما ذكرتم.
فهذا جملة ما في الموضع من السؤالات:
والجواب عن الأول: أن كل من أثبت القادر المختار، سلم أنه تعالى قادر على أن يخلق إنساناً آخر على صورة زيد مثلاً، ثم إن هذا التصوير لا يوجب الشك المذكور، فكذا القول فيما ذكرتم.
والجواب عن الثاني: أن جبريل عليه السلام لو دفع الأعداء عنه أو أقدر الله تعالى عيسى عليه السلام على دفع الأعداء عن نفسه لبلغت معجزته إلى حد الإلجاء، وذلك غير جائز.
وهذا هو الجواب عن الإشكال الثالث: فإنه تعالى لو رفعه إلى السماء وما ألقي شبهه على الغير لبلغت تلك المعجزة إلى حد الإلجاء.
والجواب عن الرابع: أن تلامذة عيسى كانوا حاضرين، وكانوا عالمين بكيفية الواقعة، وهم كانوا يزيلون ذلك التلبيس.
والجواب عن الخامس: أن الحاضرين في ذلك الوقت كانوا قليلين ودخول الشبهة على الجمع القليل جائز والتواتر إذا انتهى في آخر الأمر إلى الجمع القليل لم يكن مفيداً للعلم.
والجواب عن السادس: إن بتقدير أن يكون الذي ألقي شبه عيسى عليه السلام عليه كان مسلماً وقبل ذلك عن عيسى جائز أن يسكت عن تعريف حقيقة الحال في تلك الواقعة، وبالجملة فالأسئلة التي ذكروها أمور تتطرق الاحتمالات إليها من بعض الوجوه، ولما ثبت بالمعجز القاطع صدق محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر عنه امتنع صيرورة هذه الأسئلة المحتملة معارضة للنص القاطع، والله ولي الهداية)).
فهو رحمه الله لم يعتقد بصلب عيسى عليه السلام - و إلا كان كافرًا - بل ذكر الإشكالات و رد عليها و فندها .. فثبت بهذا أن المنصر كذاب مدلس ينقل من كتب قساوسته دون مراجعة للمصادر، و قد طالعنا من هذا الكثير في نقولات المنصرين عن علماء المسلمين بحيث صارت عادة لهم .. و هم يكذبون على علماء المسلمين و ينسبون أكاذيب لكتبهم الموجودة المحققة بين أيدي المسلمين، فما بالك بكتبهم المقدسة التي ضاعت أصولها و لم يبق منها إلا ترجمات عن ترجمات عن ترجمات؟
الخلاصة: أن الرازي رحمه الله لم يعتقد أبدًا بوقوع الصلب و القتل على عيسى عليه السلام، و أن من يعتقد بهذا فهو كافر و من لم يكفره فهو مثله.
و الله الموفق.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[14 Apr 2005, 01:05 ص]ـ
أحسنت يادكتور هشام، فلقد كنت أريد أن أرجع لتفسير الرازي، لكني نسيت، فكيف يترك مثل هذه الشبه الغريبة، وياليت من يُنقل له من أعدائه يتأكد بنفسه من نقلهم، فحال كثير منهم كما قال الدكتور هشام، وذلك لنصرت مذهبهم، فيُلبِّسون على المسلمين، وكذا الحال من الرافضة مع أهل السنة، ولقد سمعت منهم ما يعجب المرء منه من نسب أمور إلى كتب أهل السنة، وهي ليست فيها، والله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)